لسان الحكام

ابن الشِّحْنَة، لسان الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

{فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول} بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله الْعَادِل فِي حكمه القَاضِي بَين عباده بِعَمَلِهِ أَحْمَده على مَا حكم وَقضى واشكره على مَا أبرم وأمضى وَأشْهد أَن لَا اله إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الَّذِي من توكل عَلَيْهِ كَفاهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي اخْتَارَهُ على جَمِيع خلقه واصطفاه صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه الثِّقَات النقاه صَلَاة ينَال بهَا قَائِلهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة جَمِيع مَا يتمناه وَبعد فَلَمَّا ابْتليت بالقضا وَجرى الحكم وَمضى أَحْبَبْت أَن أجمع مُخْتَصرا فِي الْأَحْكَام منتخبا من كتب سَادَاتنَا الْعلمَاء الْأَعْلَام ذَاكِرًا فِيهِ مَا يكثر وُقُوعه بَين الْأَنَام على وَجه الإتقان والإحكام ليَكُون عونا للحكام على فصل القضايا وَالْأَحْكَام ورتبته على ثَلَاثِينَ فصلا الْفَصْل الأول فِي آدَاب الْقَضَاء وَمَا يتَعَلَّق بِهِ الْفَصْل الثَّانِي فِي أَنْوَاع الدَّعَاوَى والبينات الْفَصْل الثَّالِث فِي الشَّهَادَات الْفَصْل الرَّابِع فِي الْوكَالَة وَالْكَفَالَة وَالْحوالَة الْفَصْل الْخَامِس فِي الصُّلْح الْفَصْل السَّادِس فِي الْإِقْرَار الْفَصْل السَّابِع فِي الْوَدِيعَة الْفَصْل الثَّامِن فِي الْعَارِية الْفَصْل التَّاسِع فِي أَنْوَاع الضمانات الْفَصْل الْعَاشِر فِي الْوَقْف الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي الْغَصْب وَالشُّفْعَة وَالْقِسْمَة الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي الإكراء وَالْحجر الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي النِّكَاح الْفَصْل الرَّابِع عشر فِي الطَّلَاق الْفَصْل الْخَامِس عشر فِي الْعتاق الْفَصْل السَّادِس عشر فِي الْأَيْمَان الْفَصْل السَّابِع عشر فِي الْبيُوع الْفَصْل الثَّامِن عشر فِي الْإِجَارَات الْفَصْل التَّاسِع عشر فِي الْهِبَة الْفَصْل الْعشْرُونَ فِي الرَّهْن الْفَصْل الْحَادِي وَالْعشْرُونَ فِي الْكَرَاهِيَة الْفَصْل الثَّانِي وَالْعشْرُونَ فِي الصَّيْد والذبائح وَالْأُضْحِيَّة الْفَصْل الثَّالِث وَالْعشْرُونَ فِي الْجِنَايَات والديات وَالْحُدُود الْفَصْل الرَّابِع وَالْعشْرُونَ فِي الشّرْب والمزارعة وَالْمُسَاقَاة الْفَصْل الْخَامِس وَالْعشْرُونَ فِي الْحِيطَان وَمَا يتَعَلَّق بهَا الْفَصْل السَّادِس وَالْعشْرُونَ فِي السّير

الفصل الأول في آداب القضاء وما يتعلق به

الْفَصْل السَّابِع وَالْعشْرُونَ فِيمَا يكون إسلاما من الْكَافِر ومالا يكون وَمَا يكون كفرا من الْمُسلم ومالا يكون الْفَصْل الثَّامِن وَالْعشْرُونَ فِي الْوَصَايَا الْفَصْل التَّاسِع وَالْعشْرُونَ فِي الْفَرَائِض الْفَصْل الثَّلَاثُونَ فِي مسَائِل شَتَّى وَهُوَ الختام وَقد شرعت فِيهِ مستعينا بالحي الَّذِي لَا ينَام وَهُوَ الْمُوفق بمنه وَكَرمه للإتمام الْفَصْل الأول فِي آدَاب الْقَضَاء وَمَا يتَعَلَّق بِهِ أَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الْقَضَاء فِي اللُّغَة عبارَة عَن اللُّزُوم وَلِهَذَا سمي القَاضِي لِأَنَّهُ يلْزم النَّاس وَفِي الشَّرْع يُرَاد بِالْقضَاءِ فصل الْخُصُومَات وَقطع المنازعات وَيجوز تَقْلِيد الْقَضَاء من السُّلْطَان الْعَادِل والجائر أما الْعَادِل فَلِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث معَاذًا إِلَى الْيمن قَاضِيا وَولى عُثْمَان بن اسيد على مَكَّة أَمِيرا وَأما الجائر فَلِأَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم تقلدوا الْأَعْمَال من مُعَاوِيَة بعد أَن أظهر الْخلاف مَعَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ الْحق مَعَ عَليّ وَإِنَّمَا يجوز التَّقْلِيد من السُّلْطَان الجائر إِذا كَانَ يُمكنهُ من الْقَضَاء بِحَق وَأما إِذا كَانَ لَا يُمكنهُ فَلَا وَإِنَّمَا يتقلد الْقَضَاء من يكون عدلا فِي نَفسه عَالما بِالْكتاب وَالسّنة وَالِاجْتِهَاد وَشَرطه أَن يكون عَالما من الْكتاب وَالسّنة مَا يتَعَلَّق بِهِ الْأَحْكَام لَا المواعظ وَقيل إِنَّه إِذا كَانَ صَوَابه أَكثر من خطئه حل لَهُ الِاجْتِهَاد وَكَون القَاضِي مُجْتَهدا لَيْسَ بِشَرْط وَيَقْضِي بِمَا سَمعه أَو بفتوى غَيره وَأجْمع الْفُقَهَاء أَن الْمُفْتِي يجب أَن يكون من أهل الِاجْتِهَاد وَقَالَ الإِمَام أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا يحل لأحد أَن يُفْتِي بقولنَا حَتَّى يعلم من أَيْن قُلْنَا وَفِي الْمُلْتَقط إِذا كَانَ صَوَابه أَكثر من خطئه حل لَهُ الْإِفْتَاء وَإِن لم يكن مُجْتَهدا لَا يحل لَهُ الْفَتْوَى إِلَّا بطرِيق الْحِكَايَة فيحكي مَا يحفظه من أَقْوَال الْفُقَهَاء والمفتي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أفتى بقول الإِمَام رَحمَه الله أَو بقول صَاحِبيهِ رحمهمَا الله تَعَالَى وَعَن ابْن الْمُبَارك رَحمَه الله تَعَالَى يَأْخُذ بقول الإِمَام لَا غير وَإِن كَانَ مَعَه أحد صَاحِبيهِ أَخذ بقولهمَا لَا محَالة كَذَا ذكره الْبَزَّاز فِي جَامعه ثمَّ اخْتلفُوا فِي الدُّخُول فِي الْقَضَاء مِنْهُم من قَالَ يجوز الدُّخُول فِيهِ مُخْتَارًا وَمِنْهُم من قَالَ لَا يجوز الدُّخُول فِيهِ إِلَّا مكْرها أَلا ترى أَن الإِمَام الْأَعْظَم رَحمَه الله تَعَالَى دعى إِلَى الْقَضَاء ثَلَاث مَرَّات فَأبى حَتَّى أَنه ضرب فِي كل مرّة ثَلَاثِينَ سَوْطًا وَمُحَمّد رَحمَه الله تَعَالَى امْتنع فقيد وَحبس فاضطر فتقلد وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جعل على الْقَضَاء فَكَأَنَّمَا ذبح بِغَيْر سكين إِنَّمَا شبه بِهَذَا لِأَن السكين تعْمل فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن أما الْقَتْل بِغَيْر سكين فَهُوَ الْقَتْل بطرِيق الخنق وَالْغَم وَأَنه يُؤثر فِي الْبَاطِن دون الظَّاهِر وَالْقَضَاء كَذَلِك لَا يُؤثر فِي الظَّاهِر لِأَن ظَاهره جاه وحشمة لَكِن يُؤثر فِي الْبَاطِن فَإِنَّهُ سَبَب الْهَلَاك فَشبه بِهِ لهَذَا كَذَا فِي الملحقات وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من طلب الْولَايَة وكل إِلَيْهَا وَمن لم يطْلبهَا فَإِن الله تَعَالَى يُرْسل إِلَيْهِ ملكَيْنِ فيسد دانه وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام الْقَضَاء ثَلَاثَة قاضيان فِي النَّار وقاض فِي الْجنَّة الحَدِيث وَمعنى ذَلِك كُله التحذير عَن طلب الْقَضَاء وَالدُّخُول فِيهِ إِلَّا أَنه قد دخل فِي الْقَضَاء قوم صَالِحُونَ واجتنبه قوم صَالِحُونَ هَذَا كُله إِذا كَانَ فِي الْبَلدة قوم يصلحون للْقَضَاء أما إِذا لم يكن من يصلح للْقَضَاء فَإِنَّهُ يدْخل وَإِذا كَانَ فِي الْبَلدة قوم يصلحون فَإِذا امْتنع وَاحِد مِنْهُم لَا يَأْثَم وَإِذا لم يكن وَامْتنع يَأْثَم وَلَو كَانَ فِي الْبَلدة

قوم يصلحون فامتنعوا جَمِيعًا وَكَانَ السُّلْطَان لَا يسمع الْخُصُومَات بِنَفسِهِ يأثمون لِأَنَّهُ تَضْييع لأحكام الله تَعَالَى وَفِي التَّنْبِيه وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله إِذا كَانَ القَاضِي فَقِيرا أَو قَصده اسْتِعْمَال الْأَحْكَام لحركة يجوز لَهُ أَن يطْلب الْقَضَاء قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا يتْرك القَاضِي على الْقَضَاء الا سنة وَاحِدَة لِأَنَّهُ مَتى اشْتغل بذلك نسي الْعلم فَيَقَع الْخلَل فِي الحكم فَيجوز للسُّلْطَان أَن يعْزل القَاضِي بريبة وَبِغير رِيبَة وَيَقُول السُّلْطَان للْقَاضِي مَا عزلتك للْفَسَاد فِيك وَلَكِن أخْشَى عَلَيْك أَن تنسى الْعلم فادرس الْعلم ثمَّ عد الينا حَتَّى نقدلك ثَانِيًا وَلَا يسلم على القَاضِي فِي مجْلِس قَضَائِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جلس لفصل الْخُصُومَات لَا لرد السَّلَام وَأما الْأُمَنَاء الَّذين هم فِي مَجْلِسه هَل يسلم عَلَيْهِم الصَّحِيح أَنه إِن سلمُوا على النَّاس يسلم عَلَيْهِم وَيكرهُ للْقَاضِي أَن يُفْتِي فِيهِ فِي مجْلِس للْقَضَاء وَفِي غَيره اخْتلف الْمَشَايِخ قيل يكره لِأَن الْخُصُوم يدْخلُونَ عَلَيْهِ بالحيل الْبَاطِلَة وَهَذَا يَشْمَل الْمجْلس وَغَيره وَقيل يُفْتِي فِي الْعِبَادَات وَلَا يُفْتِي فِي الْمُعَامَلَات كَذَا فِي الْمُحِيط وَفِي المحلقات وَإِذا اخْتصم إِلَى القَاضِي اخوة أَو بَنو أعمام يَنْبَغِي لَهُ أَن يدافعهم قَلِيلا وَلَا يعجل بِالْقضَاءِ بَينهم لَعَلَّهُم يصطلحون لِأَن الْقَضَاء إِن وَقع بِحَق فَرُبمَا يَقع سَببا للعداوة بَينهم كَذَا ذكر هُنَا وَهَذَا لَا يخْتَص بالأقارب بل يَنْبَغِي أَن يفعل ذَلِك أَيْضا إِذا وَقعت الْخُصُومَة بَين الْأَجَانِب لِأَن مر الْقَضَاء يُورث الضغينة فيحترز عَنهُ مَا أمكن انْتهى قَالَ جلال الدّين أَبُو المحامد حَامِد بن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى فِي كتاب السجلات يجوز للْقَاضِي أَخذ الْأُجْرَة على كتبه السجلات والمحاضر وَغَيرهَا من الوثائق بِمِقْدَار أُجْرَة الْمثل وَذَلِكَ لِأَن القَاضِي إِنَّمَا يجب عَلَيْهِ الْقَضَاء وإيصال الْحق إِلَى مُسْتَحقّه فَحسب أما الْكِتَابَة فَزِيَادَة عمل يعمله للمقضى لَهُ وعَلى هَذَا قَالُوا لَا بَأْس للمفتي أَن يَأْخُذ شَيْئا على كِتَابَة جَوَاب الْفَتْوَى وَذَلِكَ لِأَن الْوَاجِب على الْمُفْتى الْجَواب بِاللِّسَانِ دون الْكِتَابَة بالبنان وَمَعَ هَذَا الْكَفّ عَن ذَلِك أولى احْتِرَازًا من القيل والقال وصيانة لماء الْوَجْه عَن الابتذال مَسْأَلَة لَا يصير الرجل أَهلا للْفَتْوَى مَا لم يكن صَوَابه أَكثر من خطئه وَذَلِكَ لِأَن صَوَابه مَتى كثر غلب والمغلوب فِي مُقَابلَة الْغَالِب سَاقِط كَذَا فِي الملتقطات وَذكر فِي الْبُسْتَان قَالَ الْفَقِيه كَانَ بَعضهم يكره الْفَتْوَى لما روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أجرأكم على النَّار أجرؤكم على الْفَتْوَى وَلَا يَنْبَغِي أَن يكون الْمُفْتِي جبارا فظا غليظا بل يكون متواضعا مَسْأَلَة أجر الْمثل فِي أَخذ الْأُجْرَة على كِتَابَة المحاضر والسجلات والوثائق فِي كل ألف دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم إِلَى الْعشْرَة وَالصَّحِيح أَنه يرجع فِي الْأُجْرَة إِلَى مِقْدَار طول الْكِتَابَة وقصرها وصعوبتها وسهولتها وَأما أَخذ القَاضِي الْأُجْرَة على الْأَنْكِحَة الَّتِي يُبَاشِرهَا مثل نِكَاح الصغار والأرامل اللَّاتِي لَا ولي لَهُنَّ لَا يحل لَهُ أَخذ شَيْء على ذَلِك كَذَا فِي كتاب السجلات وَفِي الغنية وَيَنْبَغِي أَن ينصب انسانا حَتَّى يقْعد النَّاس بَين يَدي القَاضِي ويقيمهم وَيقْعد الشُّهُود ويقيمهم ويزجر من أَسَاءَ الْأَدَب وَيُسمى صَاحب الْمجْلس والجلواز أَيْضا وَأَنه يَأْخُذ من الْمُدَّعِي شَيْئا لِأَنَّهُ يعْمل لَهُ بإقعاد الشُّهُود على التَّرْتِيب وَغَيره لَكِن لَا يَأْخُذ أَكثر من دِرْهَمَيْنِ وللوكلاء أَن يَأْخُذُوا مِمَّن يعْملُونَ لَهُ من المدعين وَالْمُدَّعى عَلَيْهِم وَلَكِن لَا يَأْخُذُوا لكل مجْلِس أَكثر من دِرْهَمَيْنِ والرجالة يَأْخُذُونَ أُجُورهم مِمَّن يعْملُونَ لَهُ وهم المدعون لكِنهمْ يَأْخُذُونَ فِي الْمصر نصف دِرْهَم إِلَى دِرْهَم وَإِذا خَرجُوا إِلَى الرساتيق

لَا يَأْخُذُونَ لكل فَرسَخ أَكثر من ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو أَرْبَعَة هَكَذَا وَضعه الْعلمَاء الأتقياء الْكِبَار وَهِي أجور أمثالهم وَأُجْرَة الْكَاتِب على من يكْتب لَهُ الْكَاتِب وَأُجْرَة البواب على القَاضِي وَإِذا بعث أَمينا للتعجيل فالجعل على الْمُدَّعِي كالصحيفة قَالَ مت مُؤنَة الرجالة على الْمُدَّعِي فِي الِابْتِدَاء فَإِذا امْتنع فعل الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَكَأن هَذَا اسْتِحْسَان مَال إِلَيْهِ للزجر فَإِن الْقيَاس أَن يكون على الْمُدَّعِي فِي الْحَالين المزكى يَأْخُذ الْأُجْرَة من الْمُدَّعِي وَكَذَا الْمَبْعُوث للتعديل قضى فِي ولَايَته ثمَّ اشْهَدْ على قَضَائِهِ فِي غير ولَايَته لَا يَصح الْإِشْهَاد انْتهى كَلَام الغنية روى أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لما أَمر بفصل الْقَضَاء نزلت السلسلة من السَّمَاء فَإِذا تقدم إِلَيْهِ الخصمان فالمحق مِنْهُمَا تنزل السلسلة لَهُ والمبطل مِنْهُمَا تتقلص عَنهُ السلسلة فَرفعت وَكَانَ سَبَب ذَلِك أَنه احتال بعض النَّاس وَذَلِكَ أَن رجلا أودع عِنْد رجل دَنَانِير ثمَّ جحد الْمُودع الدَّنَانِير وَكَانَ شَيخنَا مَعَه الْعَصَا فاختصما إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فاحتال الْمُودع وفقر الْعَصَا وَجعل الدَّنَانِير فِيهَا فَلَمَّا اخْتَصمَا قَامَ الْمُدَّعِي فَقَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ للْمُدَّعِي خُذ عصاي حَتَّى أنال السلسلة فَأَخذهَا فَكَانَ محقا فِي الْإِنْكَار فتحير دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَأخْبرهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بذلك فَقطع دَاوُد الْعَصَا فَأمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن يقْضِي بِبَيِّنَة الْمُدَّعِي وَيَمِين الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَذكر فِي الْوَاقِعَات أَن القَاضِي إِذا ارْتَدَّ وَالْعِيَاذ بِاللَّه أَو فسق ثمَّ صلح فَهُوَ على حَاله إِلَّا أَن مَا قضى بِهِ فِي حَال الارتداد وَالْفِسْق بَاطِل وبنفس الْفسق لَا يَنْعَزِل وَلَو حكم بالرشوة كَانَ قَضَاؤُهُ بَاطِلا وَفِي فُصُول الْعِمَاد القَاضِي إِذا أَخذ الرِّشْوَة ثمَّ بعث إِلَى شَافِعِيّ الْمَذْهَب أَو إِلَى رجل آخر ليسمع الْخُصُومَة بَين اثْنَيْنِ وَيحكم بَينهمَا لَا ينفذ قَضَاء الثَّانِي وَلَا حكمه لِأَن القَاضِي الأول عمل فِي هَذَا لنَفسِهِ حِين أَخذ الرِّشْوَة وَالْفَاسِق إِذا قلد الْقَضَاء يصير قَاضِيا وَمَا قضى بِهِ نفذ قَضَاؤُهُ إِلَّا أَن لقاض آخر أَن يُبطلهُ إِذا كَانَ من رَأْيه خلاف ذَلِك وَمَتى أبْطلهُ لَيْسَ لقاض آخر أَن ينفذهُ وَهَذَا قَول عُلَمَائِنَا قَاضِي كرخ وقاضي سرخس التقيا فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر إِن فلَانا أقرّ لفُلَان بِكَذَا لَا يجوز للْآخر أَن يقْضِي مَا لم يبْعَث إِلَيْهِ الرقعة يُرِيد بِهِ كتاب القَاضِي وَإِذا علم بِحَق الْإِنْسَان قبل تَقْلِيده الْقَضَاء فَإِنَّهُ لَا يقْضِي بِهِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله خلافًا لَهما وَأما إِذا علم بعد تَقْلِيده الْقَضَاء فِي الْمصر الَّذِي هُوَ قَاض فِيهِ أَو فِي مجْلِس الْقَضَاء فَإِنَّهُ يقْضِي فِي حُقُوق الْعباد وَلَا يقْضِي فِيمَا هُوَ خَالص حق الله تَعَالَى إِلَّا فِي السَّكْرَان إِذا وجد بِهِ أَمَارَات السكر فَإِنَّهُ يعزره لِأَن ذَلِك تَعْزِير لَيْسَ بِحَدّ وَأما إِذا علم فِي غير مجْلِس الْقَضَاء فَهُوَ على الْخلاف الَّذِي ذكرته فِي الْوَجْه الأول وَحكى عَن أبي بكر الْأَعْمَش أَن القَاضِي يَنْعَزِل بِالْفِسْقِ الْأَمِير لَا يَنْعَزِل لِأَن مبْنى الْقَضَاء على الْعدْل والإمارة على الْقَهْر وَالْغَلَبَة انْتهى رجل جَاءَ إِلَى القَاضِي وَقَالَ إِن لي على فلَان حَقًا فَإِذا كَانَ الْمَطْلُوب خَارج الْمصر وَكَانَ بِحَيْثُ لَو ابتكر من أَهله أمكنه أَن يحضر مجْلِس الْحَاكِم ويبيت فِي منزله فَإِنَّهُ يعديه اسْتِحْسَانًا فَإِنَّهُ كَمَا عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام أعدى ذَلِك الْأَعرَابِي فِي قَضِيَّة أبي جهل وَقَامَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِنَفسِهِ وَفِي الْقيَاس لَا يعديه حَتَّى يُقيم بَيِّنَة بِالْحَقِّ فِي جِهَته وَهَذِه الْبَيِّنَة لَيست للْحكم بل لكشف الْحَال فَإِذا حضر أعَاد الْبَيِّنَة وَقيل يحلف أَنه محق فِي الدَّعْوَى كَذَا فِي الْمُحِيط وَفِي الرَّوْضَة يجوز للْقَاضِي قبُول صلَة وَإِلَى بَلَده وإخوانه إِذا لم يكن ذَلِك لأجل الْقَضَاء

رجل جَاءَ بخصمه إِلَى القَاضِي فَقَالَ أحضر غَدا شهودي بذلك فَخذ كَفِيلا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يفعل ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة وَزفر رحمهمَا الله وَفِي أدب القَاضِي للخصاف لَا يمشي القَاضِي فِي السُّوق وَحده ويتخذ أعوانا بَين يَدَيْهِ وَلَا يَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يَبِيع وَيَشْتَرِي فِي غير مجْلِس الْقَضَاء مَا دَامَ قَاضِيا بل يولي غَيره مِمَّن يَثِق بِهِ ويروى عَن مُحَمَّد رَحمَه الله أَنه يَبِيع وَيَشْتَرِي فِي غير مجْلِس الْقَضَاء وَلَو كَانَت على الْخصم بَيِّنَة واختفى فَإِنَّهُ لَا يقْضى عَلَيْهِ كَذَا فِي واقعات عمر وَفِي البزازي وَلم يجوزوا الهجوم على بَيته ووسع فِي ذَلِك بعض أَصْحَابنَا وَفعل ذَلِك وَقت قَضَائِهِ وَصورته قَالَ الْخصم إِنَّه توارى وَطلب الهجوم بعث أمينين مَعَهُمَا أعوانه وَنسَاء فَيقوم الأعوان من جَانب السِّكَّة والسطح وَتدْخل النِّسَاء حرمه ثمَّ أعوان القَاضِي فيفتشون الغرف وَتَحْت السرير وَعَامة أَصْحَابنَا لم يجوزوا الهجوم اه وَلَو قضى القَاضِي بقول مرجوع عَنهُ جَازَ قَضَاؤُهُ وَكَذَا لَو قضى بقول يُخَالف قَول عُلَمَائِنَا وَهُوَ من أهل الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد وَلَو قضى بِشَاهِد وَيَمِين ثمَّ رفع إِلَى حَاكم لَا يرَاهُ جَازَ لَهُ إِبْطَاله فَإِن رفع قبل إِبْطَاله إِلَى حَاكم يرى جَوَازه فنفذه لَيْسَ لحَاكم آخر لَا يرَاهُ جَائِزا إِبْطَاله وعَلى هَذَا الِاعْتِبَار جَمِيع الْأَحْكَام الْمُخْتَلفَة وَإِن حكم بِخِلَاف مذْهبه وَلم يعلم بِهِ جَازَ فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجوز وَإِن كَانَ هَذَا غَلطا مِنْهُ وَفِي شرح أدب القَاضِي للخصاف قَاض قضى بِإِبْطَال حق رجل فِي دَار وَذَلِكَ أَنه أَقَامَ سِنِين لَا يبطل حَقه فَأبْطل القَاضِي حَقه من أجل ذَلِك ثمَّ رفع إِلَى قَاض آخر فَإِنَّهُ يبطل قَضَاء القَاضِي بذلك وَيجْعَل الرجل على حَقه فِي الدَّار لِأَن بعض الْعلمَاء وَإِن قَالَ من لَهُ دَعْوَى فِي دَار فِي يَد رجل فَلم يُطَالب ثَلَاث سِنِين وَهُوَ فِي الْمصر فقد بَطل حَقه لَكِن هَذَا القَوْل قَول مَجْهُول مهجور مُخَالف لقَوْل جُمْهُور من الْعلمَاء وَالْفُقَهَاء فَكَانَ خلافًا لَا اخْتِلَافا وَالْقَضَاء فِي مَوضِع الْخلاف لَا ينفذ فَإِذا رفع إِلَى قَاض آخر كَانَ لَهُ أَن يُبطلهُ وَالْفرق بَين الْخلاف وَالِاخْتِلَاف أَن الِاخْتِلَاف مَا كَانَ طريقهم وَاحِدًا وَالْمَقْصُود مُخْتَلف وَالْخلاف مَا كَانَ طريقهم مُخْتَلفا وَقعت لرجل مَسْأَلَة ثمَّ حكم الْحَاكِم بِغَيْر مَا أفتوا بِهِ فَإِنَّهُ يتْرك فَتْوَى الْفُقَهَاء إِلَى مَا يرَاهُ الْحَاكِم إِذا كَانَت الْمَسْأَلَة خلافية لِأَن الْفَتْوَى لَا تنفذ وَالْحكم ينفذ كَذَا فِي تَكْمِلَة التكملة وَذكر فِي الْمُحِيط إِذا زنى رجل بِأم امْرَأَته وَلم يدْخل بهَا فَرَأى القَاضِي أَن لَا يحرمها عَلَيْهِ فأقرها مَعَه وَقضى بذلك نفذ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ قَضَاء فِي مَحل مُجْتَهد فِيهِ ثمَّ نَفاذ هَذَا الْقَضَاء فِي حق الْمَحْكُوم عَلَيْهِ مُتَّفق عَلَيْهِ وَفِي حق المقضى لَهُ إِن كَانَ عَالما فَكَذَلِك عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله إِن كَانَ الْمَحْكُوم لَهُ يعْتَقد الْحُرْمَة وَقضى القَاضِي بِالْحلِّ لَا يتْرك رَأْي نَفسه بِإِبَاحَة القَاضِي كَذَا فِي الْعِمَادِيّ نوع فِيمَا يكون حكما من القَاضِي وَمَا لَا يكون إِذا قَالَ القَاضِي ثَبت عِنْدِي أَن لهَذَا على هَذَا كَذَا هَل يكون ذَلِك حكما مِنْهُ قَالَ بَعضهم يكون حكما وَكَانَ شمس الْأَئِمَّة مَحْمُود الأوزجندي يَقُول لَا بُد أَن يَقُول حكمت أَو قضيت أَو أنفذت عَلَيْك الْقَضَاء وَهَكَذَا ذكر الناطفي رَحمَه الله تَعَالَى فِي واقعاته وَالصَّحِيح أَن قَوْله حكمت أَو قضيت لَيْسَ بِشَرْط وَأَن قَوْله ثَبت عِنْدِي كَذَا يَكْفِي وَكَذَا إِذا قَالَ ظهر عِنْدِي أَو صَحَّ عِنْدِي أَو علمت فَهَذَا كُله حكم وَكَذَا قَوْله أشهد عَلَيْهِ يكون حكما مِنْهُ قَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي قَول القَاضِي ثَبت عِنْدِي يكون حكما وَبِه نَأْخُذ لَكِن الأولى أَن يبين أَن

الثُّبُوت بِالْبَيِّنَةِ أَو بِالْإِقْرَارِ لِأَن حكم القَاضِي بِالْبَيِّنَةِ يُخَالف الحكم بِالْإِقْرَارِ وَفِي الْعدة إِذا قَالَ القَاضِي للْمُدَّعِي عَلَيْهِ لَا أرى لَك حَقًا فِي هَذَا الْمُدَّعِي لَا يكون هَذَا حكما مِنْهُ وَكَذَا لَو قَالَ بعد الشَّهَادَة وَطلب الحكم سلم الْمَحْدُود إِلَى الْمُدَّعِي لَا يكون هَذَا حكما مِنْهُ وَقيل انه يكون حكما مِنْهُ لِأَن أمره إِلْزَام وَحكم إِذا كَانَ فِي الْمصر قاضيان كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي محلّة على حِدة فَوَقَعت خُصُومَة بَين رجلَيْنِ أَحدهمَا فِي محلّة وَالْآخر فِي محلّة أُخْرَى وَالْمُدَّعِي يُرِيد أَن يخاصمه إِلَى قَاضِي محلته وَالْآخر يأباه قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله الْعبْرَة للْمُدَّعِي وَقَالَ مُحَمَّد لَا بل الْعبْرَة للْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَكَذَا لَو كَانَ أَحدهمَا من أهل الْعَسْكَر وَالْآخر من أهل الْبَلَد فَإِن أَرَادَ العسكري أَن يخاصمه إِلَى قَاضِي الْعَسْكَر فَهُوَ على هَذَا وَلَا ولَايَة لقَاضِي الْعَسْكَر على غير الجندي وَمن كَانَ محترفا فِي سوق الْعَسْكَر فَهُوَ جندي أَيْضا وَفِي جَامع الْفَتَاوَى عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى قُضَاة أَمِير الْمُؤمنِينَ إِذا خَرجُوا مَعَ أَمِير الْمُؤمنِينَ لَهُم أَن يحكموا فِي أَي بَلْدَة نزل فِيهَا الْخَلِيفَة لأَنهم لَيْسُوا قُضَاة أَرض إِنَّمَا هم قُضَاة الْخَلِيفَة وَإِن خَرجُوا بِدُونِ الْخَلِيفَة لَيْسَ لَهُم الْقَضَاء وَذكر الْعَلامَة الشَّيْخ قَاسم بن قطلوا بغى الجمالي فِي مُؤَلفه مَا نَصه اعْلَم أَنه قد اخْتلف الْعَمَل فِي التَّنْفِيذ فتنفيذهم الْآن هُوَ أَن يشْهد شُهُود الْحَاكِم عِنْد قَاض آخر بِمَا نسب إِلَى الْحَاكِم فِي أسجاله وَهَذَا يُسمى فِي الْحَقِيقَة إِثْبَاتًا وَلَيْسَ فِيهِ حكم وَلَا مَا يساعد على الحكم فَلَا اثر لَهُ فِي الْقَضَاء الْمُخْتَلف فِيهِ كالقضاء على الْغَائِب وَنَحْوه لخلوه عَن الدَّعْوَى من الْخصم على الْخصم وَالْحكم وَلِهَذَا قَالَ فِي كتاب الْأَحْكَام تنفيذات الْأَحْكَام الصادرة عَن الْحُكَّام فِيمَا تقدم الحكم فِيهِ من غير المنفذ بِأَن يَقُول ثَبت عِنْدِي أَنه ثَبت عِنْد فلَان لحَاكم من الْحُكَّام كَذَا وَكَذَا وَهَذَا لَيْسَ حكما من المنفذ الْبَتَّةَ وَكَذَلِكَ فَيجب إِذا قَالَ ثَبت عِنْدِي أَن فلَانا حكم بِكَذَا وَهَذَا لَيْسَ حكما من هَذَا الْمُثبت بل لَو اعْتقد أَن ذَلِك الحكم على خلاف الْإِجْمَاع صَحَّ أم يَقُول ثَبت عِنْدِي أَنه ثَبت عِنْد فلَان كَذَا وَكَذَا لِأَن التَّصَرُّف الْفَاسِد وَالْحرَام قد يثبت عِنْد الْحَاكِم ليرتب عَلَيْهِ تَأْدِيب ذَلِك الْحَاكِم أَو نَحوه وَبِالْجُمْلَةِ لَيْسَ فِي التَّنْفِيذ حكم الْبَتَّةَ وَلَا يعْتَبر بِكَثْرَة الْإِثْبَات عِنْد الْحُكَّام فَهُوَ حكم وَاحِد وَهُوَ الأول إِلَّا أَن يَقُول الثَّانِي حكمت بِمَا حكم بِهِ الأول اه قلت وَلَا يَتَأَتَّى لَهُ أَن يَقُول حكمت بِمَا حكم بِهِ الأول إِلَّا بعد أَن يجْرِي بَين يَدَيْهِ خُصُومَة صَحِيحَة من خصم على خصم القَاضِي إِذا نصب وَصِيّا فِي تَرِكَة أَيْتَام وهم فِي ولَايَته والتركة لَيست فِي ولَايَته أَو كَانَت التَّرِكَة فِي ولَايَته والأيتام لم يَكُونُوا فِي ولَايَته أَو كَانَ بعض التَّرِكَة فِي ولَايَته وَالْبَعْض الآخر لم يكن فِي ولَايَته قَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي يَصح النصب على كل حَال وَيعْتَبر التظالم والاستعداء وَيصير الْوَصِيّ وَصِيّا فِي جَمِيع التَّرِكَة أَيْنَمَا كَانَت التَّرِكَة وَكَانَ ركن الْإِسْلَام على السغدي يَقُول مَا كَانَ من التَّرِكَة فِي ولَايَته يصير وَصِيّا فِيهِ ومالا يكون فَلَا وَقيل يشْتَرط لصِحَّة النصب كَون الْيَتِيم فِي ولَايَته وَلَا يشْتَرط كَون التَّرِكَة فِي ولَايَته وَلَو نصب القَاضِي مُتَوَلِّيًا فِي وقف وَلم يكن الْوَقْف وَالْمَوْقُوف عَلَيْهِ فِي ولَايَته قَالَ شمس الْأَئِمَّة إِذا وَقعت الْمُطَالبَة فِي مجْلِس صَحَّ النصب وَقَالَ ركن الْإِسْلَام لَا يَصح وَإِن كَانَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فِي ولَايَته وَلم تكن ضَيْعَة الْوَقْف فِي ولَايَته فَإِن كَانَت لطلبة الْعلم أَو رِبَاطًا أَو مَسْجِدا فِي مصره وَلم تكن ضَيْعَة الْوَقْف

فِي ولَايَته قَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي رَحمَه الله تَعَالَى يعْتَبر التظالم والاستعداء وَقَالَ ركن الْإِسْلَام إِذا كَانَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ حَاضرا يجوز وَذكر فِي مَجْمُوع النَّوَازِل قَاضِي سَمَرْقَنْد نصب قيمًا فِي مَحْدُود وقف ببخارى وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ بسمرقند صحت الدَّعْوَى والسجل وروى عَن بعض الْمَشَايِخ القَاضِي إِذا نصب وَصِيّا فِي تَرِكَة لَيست فِي ولَايَته لَا يجوز وَهُوَ فَتْوَى صَاحب الْفُصُول وفتوى مَشَايِخ مرو وَقَالَ الإِمَام شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي يجوز وَالْعبْرَة للخصومة وَذكر رشيد الدّين فِي فَتَاوَاهُ الْيَتِيم إِذا كَانَ من بُخَارى لَا يجوز نصب الْوَصِيّ من قَاضِي سَمَرْقَنْد وَلَو كَانَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ بسمرقند وَالْمُتوَلِّيّ وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ ببخارى صَحَّ حكم قَاضِي بُخَارى بِأَنَّهُ وقف على فلَان وَيكون الْمُتَوَلِي قَائِما مقَام الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَيكْتب إِلَى قَاضِي سَمَرْقَنْد ليسلم إِلَى الْمُتَوَلِي اه وَفِي الْوَلْوَالجيّ وَيقبل كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي فِي كل حق يسْقط بِشُبْهَة لِأَن كِتَابه كالخطاب فِي مجْلِس قَضَائِهِ بِخِلَاف رِسَالَة القَاضِي إِلَى القَاضِي فِي الْحُقُوق فَإِنَّهَا لَا تقبل لِأَن الرَّسُول ينْقل خطاب الْمُرْسل وَالنَّقْل اقْتصر على هَذَا الْموضع والمرسل فِي هَذَا الْموضع لَيْسَ بقاض وَقَول القَاضِي فِي غير مَوضِع قَضَائِهِ كَقَوْل وَاحِد من الرّعية وَفِي المنبع وَإِذا مَاتَ الْكَاتِب أَو عزل أَو خرج عَن أَهْلِيَّة الْقَضَاء بِأَن ارْتَدَّ أَو عمى أَو جن أَو فسق هَل يعْمل القَاضِي الْمَكْتُوب إِلَيْهِ بكتابه ينظر إِن كَانَ ذَلِك عرض لِلْكَاتِبِ قبل الْوُصُول إِلَى الْمَكْتُوب إِلَيْهِ أَو بعد الْوُصُول وَقبل الْقِرَاءَة لم يقْض بِهِ الثَّانِي عِنْدهمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي الأمالي يقْضِي بِهِ وَلَو وصل إِلَيْهِ ثمَّ عرضت لَهُ هَذِه الْأَشْيَاء يقْضِي بِهِ بِالْإِجْمَاع وَكَذَا لَو مَاتَ الْمَكْتُوب إِلَيْهِ أَو عزل قبل وُصُول الْكتاب إِلَيْهِ ثمَّ وصل إِلَى القَاضِي الَّذِي ولى مَكَانَهُ لم يعْمل بِهِ لِأَنَّهُ لم يكْتب إِلَيْهِ الا إِذا كتب إِلَى فلَان قَاضِي بلد كَذَا أَو إِلَى كل من يصل إِلَيْهِ من قُضَاة الْمُسلمين فَإِنَّهُ يجوز أَن يقْضِي بِهِ من قَامَ مقَام الْمَكْتُوب إِلَيْهِ لِأَن الْكَاتِب إِذا عرف الأول صحت كِتَابَة القَاضِي إِلَيْهِ وَلَو كتب ابْتِدَاء من فلَان قَاضِي بلد كَذَا إِلَى كل من يصل إِلَيْهِ من قُضَاة الْمُسلمين لَا يجوز عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يجوز تسهيلا لِلْأَمْرِ على النَّاس نوع فِي الْعَزْل تَعْلِيق عزل القَاضِي بِالشّرطِ جَائِز وَقَالَ ظهير الدّين المرغيناني وَنحن لَا نفتي بِصِحَّة تَعْلِيق الْعَزْل بِالشّرطِ أَرْبَعَة خِصَال إِذا حلت بِالْقَاضِي صَار معزولا ذهَاب الْبَصَر وَذَهَاب السّمع وَذَهَاب الْعقل وَالرِّدَّة وَإِذا عزل السُّلْطَان القَاضِي لَا يَنْعَزِل مَا لم يصر الْخَبَر إِلَيْهِ كَالْوَكِيلِ حَتَّى لَو قضى بقضايا قبل وُصُول الْخَبَر إِلَيْهِ تنفذ وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى إِنَّه لَا يَنْعَزِل وَإِن علم بعزله مَا لم يُقَلّد غَيره مَكَانَهُ وَيقدم صِيَانة لحقوق النَّاس ونعتبره بِإِمَام الْجُمُعَة إِذا عزل وَهَذَا إِذا حصل الْعَزْل مُطلقًا أما إِذا حصل مُعَلّقا بِشَرْط وُصُول الْكتاب إِلَيْهِ لَا يَنْعَزِل مَا لم يصل إِلَيْهِ الْكتاب علم بِالْعَزْلِ قبل وُصُول الْكتاب إِلَيْهِ أَو لم يعلم وَرِوَايَة أبي يُوسُف تتأتى هُنَا أَيْضا موت السُّلْطَان لَا يُوجب عزل القَاضِي حَتَّى لَو مَاتَ الْخَلِيفَة وَله أُمَرَاء وقضاة فهم على حَالهم وَلَيْسَ هَذَا كَالْوكَالَةِ وَكَذَا موت القَاضِي لَا يُوجب عزل النَّائِب وَلَو عزل السُّلْطَان القَاضِي يَنْعَزِل نَائِبه بِخِلَاف

مَا إِذا مَاتَ القَاضِي حَيْثُ لَا يَنْعَزِل نَائِبه هَكَذَا قيل وَيَنْبَغِي أَن لَا يَنْعَزِل النَّائِب بعزله القَاضِي لِأَنَّهُ نَائِب السُّلْطَان أَو نَائِب الْعَامَّة أَلا ترى أَنه لَا يَنْعَزِل بِمَوْت القَاضِي وَعَلِيهِ كثير من مَشَايِخنَا وَإِذا عزل السُّلْطَان نَائِب القَاضِي لَا يَنْعَزِل القَاضِي القَاضِي إِذا قَالَ عزلت نَفسِي أَو أخرجت نَفسِي عَن الْقَضَاء وَسمع السُّلْطَان يَنْعَزِل كَمَا فِي الْوَكِيل أما بِدُونِ سَماع السُّلْطَان فَلَا وَقيل لَا يَنْعَزِل القَاضِي بعزله نَفسه أصلا لِأَنَّهُ نَائِب عَن الْعَامَّة وَحقّ الْعَامَّة مُتَعَلق بِقَضَائِهِ فَلَا يملك عزل نَفسه كَذَا فِي الْفُصُول وَفِي جَامع الفتاوي كَانَ الْفَقِيه أَبُو جَعْفَر يَقُول كَانَ الْفَقِيه أَبُو بكر الاسكاف يَقُول تَوْلِيَة الْحُكَّام الْقُضَاة فِي دِيَارنَا غير صَحِيح لِأَن الْمولى لَا يواجههم بالتقليد وَفِي شرح الْوِقَايَة وَصَحَّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غير حد وقود اعْتِبَارا بشهادتها قلت الْجِهَة الجامعة بَينهمَا كَون كل وَاحِد مِنْهُمَا تَنْفِيذ القَوْل على الْغَيْر السُّلْطَان إِذا حكم بَين اثْنَيْنِ لَا ينفذ وَقيل ينفذ وَعَلِيهِ الْفَتْوَى بَاعَ الْمُدبر وَأم الْوَلَد ثمَّ ارتفعا إِلَى القَاضِي فَأجَاز بيعهمَا ثمَّ ارتفعا إِلَى قَاض آخر يمْضِي الْقَضَاء إِلَّا فِي أم الْوَلَد لِأَنَّهُ روى أَن عليا رَضِي الله عَنهُ رَجَعَ عَنهُ نوع فِي الْحَبْس يحبس بدانق وَفِي كل دين مَا خلا دين الْوَالِدين أَو الأجداد أَو الْجدَّات لوَلَده وَيحبس الْمُسلم بدين الذِّمِّيّ والمستأمن وَعَكسه وَإِذا حبس الْكَفِيل يحبس الْمَكْفُول عَنهُ مَعَه وَإِذا لوزم يلازمه لَو كَانَت الْكفَالَة بأَمْره وَإِلَّا لَا وَلَا يَأْخُذ المَال قبل الْأَدَاء دلّت الْمَسْأَلَة على جَوَاب الْوَقْعَة وَهُوَ أَن الْمَكْفُول لَهُ يتَمَكَّن من حبس الْأَصِيل وَالْكَفِيل وكفيل الْكَفِيل وَإِن كَثُرُوا وَإِذا خَافَ فراره قَيده وَلَا يخرج لجمعة وَلَا عيد وَلَا جَنَازَة وَلَا عِيَادَة مَرِيض وَيحبس فِي مَوضِع وَحش وَلَا يفرش لَهُ فرَاش وَلَا وطاء وَلَا يدْخل عَلَيْهِ من يسْتَأْنس بِهِ وَفِي الْأَقْضِيَة وَلَا يمْنَع من دُخُول الْجِيرَان عَلَيْهِ وَأَهله لاحتياجه إِلَى الشورى فِي الْقَضَاء وَلَا يمكنون من الْمكْث عِنْده طَويلا وَعَن مُحَمَّد أَنه يخرج فِي موت وَالِده وَولده لَا فِي غَيرهمَا إِذا لم يكن من يقوم عَلَيْهِمَا وَإِلَّا لَا وَذكر القَاضِي أَن الْكَفِيل يخرج لجنازة الْوَالِدين والأجداد والجدات وَالْأَوْلَاد وَفِي غَيرهم لَا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَقَالَ أَبُو بكر الاسكاف إِذا جن لَا يخرج وَلَو مرض فِي الْحَبْس واضناه وَلم يجد من يقوم عَلَيْهِ أخرجه كَذَا عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَهَذَا إِذا غلب عَلَيْهِ الْهَلَاك وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا يُخرجهُ والهلاك فِي الْحَبْس وَغَيره سَوَاء وَالْفَتْوَى على رِوَايَة مُحَمَّد وَإِنَّمَا يُطلقهُ إِذا أطلقهُ بكفيل وَإِن لم يجد كَفِيلا لَا يُطلقهُ وحضرة الْخصم بعد التكفيل للإطلاق لَيْسَ بِشَرْط وَلَا يخرج إِلَى الْحمام وَعَن الإِمَام رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يمْنَع عَن الْوَطْء بِخِلَاف الْأكل لِأَنَّهُ ضَرُورِيّ وَالظَّاهِر عدم الْمَنْع لَكِن تدخل عَلَيْهِ زَوجته أَو أمته حَتَّى يَطَأهَا فِي مَوضِع خَال قَالَ وَيمْنَع من الْكسْب فِي الْأَصَح وَإِن خَافَ أَن يفر من الْحَبْس حول إِلَى سجن اللُّصُوص وَإِذا حبس الْمَحْبُوس فِي السجْن مُتَعَنتًا لَا يُوفى المَال قَالَ الإِمَام الأرسابيدي يطين عَلَيْهِ الْبَاب وَيتْرك لَهُ ثقبة يلقى لَهُ مِنْهَا المَاء وَالْخبْز وَقَالَ القَاضِي الرَّأْي فِيهِ إِلَى القَاضِي وَيتْرك لَهُ دست من الثِّيَاب وَيُبَاع الْبَاقِي وَإِن كَانَت لَهُ ثِيَاب حَسَنَة بَاعهَا القَاضِي وَاشْترى لَهُ الْكِفَايَة وَصرف

الْفضل إِلَى الدّين وَيُبَاع مَالا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الْحَال حَتَّى اللبد فِي الصَّيف والنطع فِي الشتَاء وَلَو كَانَ لَهُ كانون من حَدِيد يُبَاع ويشترى لَهُ من الطين وَعَن شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى أَنه بَاعَ الْعِمَامَة وَلَو أفلس المُشْتَرِي إِن كَانَ قبل الْقَبْض يَبِيع القَاضِي الْمَبِيع للثّمن وَعند الامام رَحمَه الله تَعَالَى لَا يَبِيع الْعقار وَلَا الْعرُوض وَقَالَ عِصَام لَا يَبِيع الْعقار إِجْمَاعًا وَالْخلاف فِي الْمَنْقُول وَقيل يَبِيع الْعقار عِنْدهمَا وَهُوَ الْأَصَح وَفِي شرح الْقَدُورِيّ فِي المَال الْحَاضِر وَفِي الْغَائِب لَا يَبِيع الْعقار وَلَا الْعرُوض وَإِن ظفر بِالدَّنَانِيرِ وَله عَلَيْهِ دَرَاهِم فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ أَنه لَا يَأْخُذ وَفِي الصُّغْرَى أَنه يَأْخُذ قَالَ الْمَدْيُون أبيع عرضي وأوفي ديني أَجله القَاضِي ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا يحْبسهُ وَلَو كَانَ لَهُ عقار يحْبسهُ ليَبِيعهُ وَيَقْضِي الدّين وَلَو كَانَ بِثمن قَلِيل وَإِذا وجد الْمَدْيُون من يقْرضهُ ليقضي بِهِ دينه فَلم يفعل فَهُوَ ظَالِم وَإِن أَرَادَ الدَّائِن إِطْلَاقه بِلَا حُضُور القَاضِي لَهُ ذَلِك فَإِن كَانَ أَمر الْمَدْيُون ظَاهرا عِنْد النَّاس فَالْقَاضِي يقبل بَيِّنَة الْإِعْسَار ويخليه قبل الْمدَّة الَّتِي نذكرها وَإِن كَانَ أمره مُشكلا هَل تقبل الْبَيِّنَة قبل الْحَبْس فِيهِ رِوَايَتَانِ اخْتَار الإِمَام الفضلى الْقبُول وَعَامة الْمَشَايِخ عدم الْقبُول وَاخْتلفت الرِّوَايَات فِي تِلْكَ الْمدَّة الَّتِي يسْأَل القَاضِي عَنْهَا بعد الْحَبْس فقدردها الفضلى فِي كتاب الْكفَالَة بشهرين أَو ثَلَاثَة وَفِي رِوَايَة الْحسن بأَرْبعَة وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ بِنصْف الْحول وَالصَّحِيح تفويضه إِلَى رَأْي القَاضِي لِأَنَّهُ للضجر والتسارع إِلَى قَضَاء الدّين وأحوال النَّاس فِي ذَلِك مُتَفَاوِتَة وَلَا يشْتَرك فِي بَيِّنَة الْإِعْسَار حَضْرَة الْمُدَّعِي فَإِن برهن الْمَطْلُوب على الْإِعْسَار والطالب على الْيَسَار فَبَيِّنَة الطَّالِب أولى كبينة الْإِبْرَاء مَعَ بَيِّنَة الْإِقْرَار انْتهى وَلَا يشْتَرط بَيَان مَا بِهِ يثبت الْيَسَار وَذكر القَاضِي يسْأَل القَاضِي عَن الْمَحْبُوس بعد مُدَّة فَإِن أخبر بالإعسار أَخذ مِنْهُ كَفِيلا وخلاه إِن كَانَ صَاحب الدّين غَائِبا وَلَو كَانَ لمَيت على رجل دين وَله وَرَثَة صغَار وكبار لَا يُطلقهُ من الْحَبْس قبل الاستيثاق بكفيل الصغار وَقَالَ الْخصاف رَحمَه الله تَعَالَى يثبت الإفلاس بقول الشُّهُود هُوَ فقر لَا نعلم لَهُ مَالا وَلَا عرضا وَلَا مَا يخرج بِهِ عَن الْفقر وَعَن الصفار يشْهدُونَ أَنه مُفلس معدم لَا نعلم لَهُ مَالا سوى كسوته واختبرناه سرا وعلنا فَإِن لم يخبر أحد عَن حَاله لَكِن ادّعى الْمَدْيُون الْإِعْسَار والدائن الْيَسَار قَالَ فِي التَّجْرِيد لَا يصدق فِي كل دين لَهُ بدل كَثمن أَو قرض أَو حصل بِعقد أَو الْتِزَام كصداق أَو كَفَالَة وَفِي جَامع الصَّدْر رَحمَه الله لَا يصدق فِي الْمهْر الْمُعَجل وَيصدق فِي الْمُؤَجل وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَفِي الأَصْل لَا يصدق فِي الصَدَاق بِلَا فصل بَين مؤجله ومعجله وَفِي الْأَقْضِيَة وَكَذَا لَا يصدق فِي نفقات الْأَقَارِب والزوجات وارش الْجِنَايَات رب الدّين إِذا ادّعى أَن لَهُ مَالا بعد مَا برهن على الافلاس يحلف عِنْد الامام رَحمَه الله قَالَ الامام الْحلْوانِي لَو طلب الْمَحْبُوس يَمِين الطَّالِب أَنه لَا يعرف أَنه معدم يحلفهُ فَإِن نكل أطلقهُ وَإِن حلف أَبَد حَبسه وَيجوز الْجُلُوس فِي الْمَسْجِد لغير الصَّلَاة لملازمة الْغَرِيم وَقَالَ القَاضِي الْمَذْهَب عندنَا أَنه لَا يلازمه فِي الْمَسْجِد لِأَنَّهُ بني لذكر الله تَعَالَى وَبِه يُفْتى قَالَ هِشَام سَأَلت مُحَمَّدًا رَحمَه الله عَمَّن أخرج من السجْن عَن تفليس قَالَ يلازمه لِأَنَّهُ لَا علم لنا بِحَالهِ لَعَلَّه أخْفى مَاله فتخرجه الْمُلَازمَة ذكر الْمُلَازمَة واراد بِهِ الْحَبْس بِدَلِيل التفاريع قَالَ قلت لَهُ فَإِن كَانَت

الفصل الثاني في أنواع الدعاوى والبينات

الْمُلَازمَة أضرّ بالعيال لكَونه مِمَّن يتكسب بالسعي فِي الطرقات قَالَ آمُر رب الدّين أَن يُوكل غُلَاما لَهُ يكون مَعَه وَلَا أمْنَعهُ عَن طلب مَا يقوته وَعِيَاله يَوْمه وَإِن شَاءَ تَركه أَيَّامًا ثمَّ لَازمه على قدر ذَلِك قَالَ قلت لَهُ إِن كَانَ عَاملا يعْمل بِيَدِهِ قَالَ إِن كَانَ عملا يقدر أَن يعمله حَيْثُ يلازمه لَازمه وَإِن كَانَ عملا لَا يقدر مَعَه على الطّلب خرج وَطلب وَإِن كَانَ فِي ملازمته ذهَاب قوته وَعِيَاله أكلفه أَن يُقيم كَفِيلا بِنَفسِهِ ثمَّ نخلي سَبيله إِذا قَالَ الْمُدَّعِي لي بَيِّنَة وَطلب يَمِين خَصمه لَا يستحلفه القَاضِي لِأَنَّهُ يُرِيد أَن يُقيم عَلَيْهِ الْبَيِّنَة بعد الْحلف ويفضحه بذلك وَقد أمرنَا بالستر وَقَالا لَهُ أَن يحلفهُ قَالَ الامام الْحلْوانِي رَحمَه الله تَعَالَى إِن شَاءَ القَاضِي مَال إِلَى قَوْله وَإِن شَاءَ مَال إِلَى قَوْلهمَا كَمَا قَالُوا فِي التَّوْكِيل بِلَا رضَا الْخصم يَأْخُذ بِأَيّ الْقَوْلَيْنِ شَاءَ نقد الْمَحْبُوس الدّين والدائن غَائِب إِن شَاءَ القَاضِي أَخذ الدّين وَوَضعه عِنْد عدل وَأطْلقهُ وَإِن شَاءَ أطلقهُ بكفيل ثِقَة بِنَفسِهِ وبالمال وَفِي النَّوَازِل وَكَذَا لَو برهن الْمَحْبُوس على الإفلاس وَرب الدّين غَائِب وَاسْتحْسن بعض الْمُتَأَخِّرين أَن تحبس الْمَرْأَة إِذا حبس الزَّوْج وَكَانَ قَاضِي عَنْبَسَة يحبسها مَعَه صِيَانة لَهَا عَن الْفُجُور قَالَ الْمقْضِي عَلَيْهِ للْقَاضِي أخذت الرِّشْوَة من غريمي وقضيت عَليّ عزره وَمن أَخذ من السُّلْطَان مَالا حَرَامًا فَحق الْخُصُومَة فِي الْآخِرَة لصَاحب الْحق مَعَ السُّلْطَان وَمَعَ الْقَابِض إِن لم يخلطه السُّلْطَان وَبعد الْخَلْط عِنْد الامام رَحمَه الله تَعَالَى يكون مَعَ السُّلْطَان لَا غَيره إِذا أَرَادَ أَن يذهب مَعَ خَصمه إِلَى السُّلْطَان لَا إِلَى القَاضِي يجوز لَهُ ذَلِك شرعا وَلَا يُفْتى بِهِ لكنه إِن عجز عَن الإستيفاء عِنْد القَاضِي ذهب إِلَى السُّلْطَان القَاضِي إِذا قَاس مَسْأَلَة على مَسْأَلَة وَحكم ثمَّ ظَهرت رِوَايَة بِخِلَافِهِ فالخصومة للْمُدَّعِي عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة مَعَ القَاضِي وَالْمُدَّعِي أما مَعَ الْمُدَّعِي فَلِأَنَّهُ آثم بِأخذ المَال وَأما مَعَ القَاضِي فَلِأَنَّهُ آثم بِالِاجْتِهَادِ لِأَن أحدا لَيْسَ من أهل الِاجْتِهَاد فِي زَمَاننَا وَبَعض أذكياء خوارزم قَاس الْمُفْتِي على القَاضِي فأوردت عَلَيْهِ أَن القَاضِي صَاحب مُبَاشرَة الحكم والمفتي سَبَب للْحكم فَكيف يُؤَاخذ السَّبَب مَعَ الْمُبَاشر فَانْقَطع وَكَانَ لَهُ أَن يَقُول القَاضِي فِي زَمَاننَا ملْجأ إِلَى الحكم بعد الْفَتْوَى لِأَنَّهُ لَو ترك يلام لِأَنَّهُ غير عَالم حَتَّى يقْضى بِعِلْمِهِ كَذَا فِي البزازي الْفَصْل الثَّانِي فِي أَنْوَاع الدَّعَاوَى والبينات الْمُدَّعِي من لَا يجْبر على الْخُصُومَة إِذا تَركهَا وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ من يجْبر على الْخُصُومَة أَي على الْجَواب وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله فِي الأَصْل الْمُدَّعِي عَلَيْهِ هُوَ الْمُنكر وَإِنَّمَا اقْتصر عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا عرف الْمُدَّعِي عَلَيْهِ عرف الْمُدَّعِي وَلَو كَانَت الدَّعْوَى غير صَحِيحَة فَادّعى الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الدّفع هَل يسمع وَهل يُمكن إِثْبَات دَفعه من غير تَصْحِيح الدَّعْوَى اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ وَفِي كتاب الرُّجُوع عَن الشَّهَادَات مَا يدل على أَن الْمُدَّعِي للدَّفْع يُطَالب بتصحيح الدَّعْوَى كَذَا فِي المنبع وَفِي الْمُحِيط القَاضِي مُخَيّر إِن شَاءَ سَأَلَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ جَوَابه وَإِن شَاءَ نظر إِلَيْهِ وَإِذا سَأَلَهُ وَجب عَلَيْهِ الْجَواب وَإِذا وَجب عَلَيْهِ الْجَواب فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يقْرَأ وينكر أَو يسكت فَإِن أقرّ قضى القَاضِي على الْمُدَّعِي

عَلَيْهِ بِمُوجب إِقْرَاره لظُهُور صدق دَعْوَاهُ بِالْإِقْرَارِ وَإِن أنكر سَأَلَ القَاضِي من الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة المظهرة لصدق دَعْوَاهُ فَقَالَ أَلَك بَيِّنَة لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حِين اخْتصم الْحَضْرَمِيّ والكندي بَين يَدَيْهِ للْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَة فَقَالَ لَا فَقَالَ لَك يَمِينه فَإِن أحضرها قضى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَإِذا آتِي الْمُدَّعِي بِشَاهِد فقد ترجح جَانب جِهَة الصدْق بِهِ لَكِن عَارضه شَهَادَة الأَصْل فَإِن الذمم خلقت فِي الأَصْل بَريَّة وَعَن الْحُقُوق عرية فَلَا بُد من شَاهد آخر ليَكُون شغلها بِحجَّة قَوِيَّة اه وَفِي المنبع قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى إِذا قَالَ الْمُدَّعِي لَيْسَ لي بَيِّنَة على هَذَا الْحق ثمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَة على ذَلِك لم تقبل لِأَنَّهُ أكذب بَينته وَفِي الْبَدَائِع وَإِن قَالَ الْمُدَّعِي لَا بَيِّنَة لي ثمَّ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ هَل تقبل روى الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنَّهَا تقبل وروى عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنَّهَا لَا تقبل وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّة وَإِذا قَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ عِنْد سُؤال القَاضِي إِيَّاه عَن الدّفع لَا دفع لي ثمَّ جَاءَ بِالدفع فقد قيل يجب أَن تكون الْمَسْأَلَة على الْخلاف بَين أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى بِنَاء على هَذِه الْمَسْأَلَة وَلَا يحفظ عَن أبي يُوسُف رِوَايَة فِي هَاتين الْمَسْأَلَتَيْنِ وَكَذَلِكَ لَو قَالَ الْمُدَّعِي كل بَيِّنَة آتى بهَا فهم شُهُود زور وَكَذَلِكَ لَو قَالَ كل شَهَادَة يشْهد لي بهَا فَلَا وَفُلَان على فلَان بِهَذَا الْحق فَلَا حق لي فِيهَا ثمَّ ادّعى بعد ذَلِك شَهَادَتهمَا عَلَيْهِ وَجَاء بهما يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ فَهُوَ على هَذَا الْخلاف وَدفع الدَّعْوَى كَمَا هُوَ الصَّحِيح فَكَذَلِك دفع الدّفع وَكَذَلِكَ دفع دفع الدّفع فَصَاعِدا هُوَ الْمُخْتَار وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل ادّعى على رجل شَيْئا من الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وَالْعرُوض والضياع وَأنكر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ كُله وَأَرَادَ تَحْلِيفه فَالْقَاضِي يجمع الْكل ويحلفه يَمِينا وَاحِدًا وَفِي المنبع هَذَا إِذا حلف فَإِن نكل عَن الْيَمين وَلم يحلف يقْضِي القَاضِي بِالنّكُولِ فِي أول مرّة وَهُوَ الْمَذْهَب حَتَّى لَو قضى بِالنّكُولِ مرّة نفذ قَضَاؤُهُ فِي الصَّحِيح إِلَّا أَن الْخصاف قَالَ يَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يَقُول لَهُ إِنِّي أعرض عَلَيْك الْيَمين ثَلَاث مَرَّات فَإِن حَلَفت وَإِلَّا قضيت عَلَيْك وَفِي الْكَافِي وَفِي التَّقْدِير بِالثلَاثِ فِي عرض الْيَمين لَازم فِي الْمَرْوِيّ عَن أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَبِه قَالَ احْمَد وَلَكِن الْجُمْهُور على أَن الْعرض ثَلَاثًا بطرِيق الِاحْتِيَاط وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَذكر فِي الْمُحِيط وَلَو قَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بعد مَا نكل عَن الْيَمين ثَلَاث مَرَّات أَنا أَحْلف يحلفهُ قبل الْقَضَاء بِالنّكُولِ وَبعد الْقَضَاء لَا يحلفهُ وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى فعل لَا يقْضِي بِالنّكُولِ وَلَكِن ترد الْيَمين على الْمُدَّعِي وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَأحمد رحمهمَا الله تَعَالَى وَفِي الْمُحِيط وَيجوز رد الْيَمين على الْمُدَّعِي على وَجه الصُّلْح وَذكر فِي الْجَامِع الصَّغِير أَن الصُّلْح عَن الْيَمين جَائِز حَتَّى لَا يكون لَهُ أَن يستحلفه على ذَلِك أبدا فَلَمَّا جَازَ الصُّلْح جَازَ أَيْضا رد الْيَمين إِلَى الْمُدَّعِي على وَجه الصُّلْح وَفِي الذَّخِيرَة رجل لَهُ على آخر ألف دِرْهَم مُؤَجّلَة فَطلب رب الدّين من الْمَدْيُون كَفِيلا فَالْقَاضِي لَا يجْبرهُ على إِعْطَاء الْكَفِيل وَفِي ظَاهر الرِّوَايَة عَن أَصْحَابنَا رَحِمهم الله إِن لَهُ أَن يُطَالِبهُ بِإِعْطَاء الْكَفِيل وَإِن كَانَ الدّين مُؤَجّلا وَلَو طلب المُشْتَرِي من البَائِع كَفِيلا بالدرك لَو ظهر لَهُ ذَلِك فِي الدّين الْمُؤَجل أولى وَفِي الْمُنْتَقى قَالَ رب الدّين مديوني يُرِيد السّفر لَهُ التكفيل وَإِن كَانَ الدّين مُؤَجّلا وَفِي البزازي قَالَت زَوجي يُرِيد أَن يغيب فَخذ بِالنَّفَقَةِ كَفِيلا لَا يجبيها الْحَاكِم إِلَى ذَلِك لِأَنَّهَا لم تجب

بعد عَلَيْهِ وَاسْتحْسن الامام الثَّانِي رَحمَه الله تَعَالَى أَخذ الْكَفِيل رفقا بهَا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَيجْعَل كَأَنَّهُ كفل بِمَا ذاب لَهَا عَلَيْهِ وَفِي الْمُحِيط لَو أفتى بقول الإِمَام الثَّانِي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سَائِر الدُّيُون بِأخذ الْكَفِيل كَانَ حسنا رفقا بِالنَّاسِ عين فِي يَد رجل ادّعى آخر أَنَّهَا ملكه اشْتَرَاهَا من فلَان الْغَائِب وَصدقه ذُو الْيَد على ذَلِك فَالْقَاضِي لَا يَأْمر ذَا الْيَد بِالتَّسْلِيمِ إِلَى الْمُدَّعِي حَتَّى لَا يكون قَضَاء على الْغَائِب بِالشِّرَاءِ بِإِقْرَارِهِ كَذَا فِي الْعِمَادِيّ وَفِيه ايضا إِذا ادّعى على رجل أَنه كفل عَن فلَان بِمَا يذوب لَهُ عَلَيْهِ فَأقر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ وَأنكر الْحق فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة أَنه ذاب لَهُ على فلَان كَذَا فَإِنَّهُ يقْضِي لَهُ بهَا فِي حق الْكَفِيل الْحَاضِر وَفِي حق الْغَائِب جَمِيعًا حَتَّى لَو حضر الْغَائِب وَأنكر لَا يلْتَفت إِلَى إِنْكَاره قَالَ رجل لامْرَأَة رجل غَائِب إِن زَوجك وكلني أَن أحملك إِلَيْهِ فَقَالَت إِنَّه قد طَلقنِي ثَلَاثًا وأقامت الْبَيِّنَة على ذَلِك يقْضِي بقصر يَد الْوَكِيل عَنْهَا وَلَا يقْضِي بِالطَّلَاق على الْغَائِب حَتَّى لَو حضر الْغَائِب وَأنكر الطَّلَاق تحْتَاج الْمَرْأَة إِلَى إِقَامَة الْبَيِّنَة قَالَ لامْرَأَته إِن طلق فلَان امْرَأَته فَأَنت طَالِق ثمَّ ان امْرَأَة الْحَالِف ادَّعَت أَن فلَانا طلق امْرَأَته وَفُلَان غَائِب وَزوج المدعية حَاضر وأقامت الْبَيِّنَة لَا تقبل وَلَا يحكم بِوُقُوع الطَّلَاق عَلَيْهَا لِأَن بينتها على طَلَاق فلَان الْغَائِب لَا تصح لِأَن فِي ذَلِك ابْتِدَاء الْقَضَاء على الْغَائِب وَقد أفتى بعض الْمُتَأَخِّرين بِقبُول هَذِه الْبَيِّنَة وبوقوع الطَّلَاق إِلَّا أَن الأول اصح الانسان إِذا أَقَامَ بَيِّنَة على شَرط حَقه بِإِثْبَات فعل على الْغَائِب فَإِن لم يكن فِيهِ إبِْطَال حق الْغَائِب تقبل هَذِه الْبَيِّنَة وينتصب الْحَاضِر خصما عَن الْغَائِب وَإِن كَانَ فِيهِ إبِْطَال حق الْغَائِب من طَلَاق أَو عتاق أَو بيع أَو مَا أشبه ذَلِك أفتى بعض الْمُتَأَخِّرين أَنه يقبل وَيَقْضِي على الْحَاضِر وَالْغَائِب جَمِيعًا وَبِه أَخذ شمس الْأَئِمَّة الأوزجندي لَو طلب رب الدّين الْكَفِيل بِالدّينِ فَقَالَ الْكَفِيل الْمَدْيُون أَدَّاهُ والمديون غَائِب فَأَقَامَ الْكَفِيل بَيِّنَة على أَدَاء الدّين تقبل وينتصب الْكَفِيل خصما عَن الْمَدْيُون لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ دفع رب المَال إِلَّا بِهَذَا فينتصب خصما عَنهُ وَفِي الْمُحِيط وَسَائِر الْفَتَاوَى إِذا ادّعى انسان على آخر وَالْقَاضِي يعلم أَنه مسخر لَا شَيْء عَلَيْهِ لَا يجوز وَلَو حكم عَلَيْهِ لَا يجوز أَيْضا وَتَفْسِير المسخر أَن ينصب القَاضِي وَكيلا عَن الْغَائِب ليسمع الْخُصُومَة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو أحضر رجل غَيره عِنْد القَاضِي ليسمع الْخُصُومَة عَلَيْهِ وَالْقَاضِي يعلم أَن الْمحْضر لَيْسَ بخصم فَإِنَّهُ لَا يسمع الْخُصُومَة عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يجوز نصب الْوَكِيل عَن خصم اختفى فِي بَيته وَلم يحضر مجْلِس الحكم بعد مَا بعث القَاضِي أمناءه إِلَى دَاره وَنُودِيَ على بَاب دَاره وَذكر فِي شَهَادَات الْجَامِع رجل غَابَ فجَاء رجل فَادّعى على رجل ذكر أَنه غَرِيم الْغَائِب وَأَن الْغَائِب وَكله بِطَلَب كل حق لَهُ على غُرَمَائه بِالْكُوفَةِ وبالخصومة فِيهِ وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ يُنكر وكَالَته فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة على وكَالَته وَقضى القَاضِي عَلَيْهِ بِالْوكَالَةِ قَالَ صَاحب الْفُصُول هَذِه الْمَسْأَلَة دَلِيل على جَوَاز الحكم على المسخر وَفِي أدب القَاضِي أَن الحكم على المسخر يجوز وَقيل يَنْبَغِي أَن تكون هَذِه الْمَسْأَلَة على رِوَايَتَيْنِ وَإِذا قضى على وَكيل الْغَائِب أَو على وَصِيّ الْمَيِّت يقْضِي على الْغَائِب وعَلى الْمَيِّت وَلَا يقْضِي على الْوَكِيل

وَالْوَصِيّ وَيكْتب فِي السّجل أَنه قضى على الْغَائِب وعَلى الْمَيِّت بِحَضْرَة وَكيله وبحضرة وَصِيّه لِأَن هَذَا فِي الأَصْل قَضَاء على الْغَائِب وَفِي الْقَضَاء على الْغَائِب رِوَايَتَانِ عَن اصحابنا وَكَانَ ظهير الدّين المرغيناني يُفْتِي فِي الْقَضَاء على الْغَائِب بِعَدَمِ النَّفاذ وَفِي الْوَاقِعَات إِذا قضى بِالْبَيِّنَةِ وَغَابَ الْمقْضِي عَلَيْهِ وَله مَال عِنْد النَّاس لَا يدْفع إِلَى الْمقْضِي لَهُ حَتَّى يحضر الْغَائِب وَكَذَا ذكر فِي أَجنَاس الناطفي وَزَاد إِلَّا فِي نَفَقَة الْمَرْأَة وَالْأَوْلَاد الصغار والوالدين وَلَو أَن رجلا جَاءَ إِلَى القَاضِي وَقَالَ إِن هَذِه الدَّابَّة وَدِيعَة عِنْدِي وَقد غَابَ الْمَالِك وَلم يتْرك النَّفَقَة فمرني بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لأرجع بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ أَو قَالَ التقطت هَذِه الدَّابَّة أَو رددت هَذَا الْآبِق من مسيرَة سفر وَالْمَالِك غَائِب فَطلب مِنْهُ أَن يقْضِي بِالنَّفَقَةِ حَتَّى يرجع على الْمَالِك فَإِن القَاضِي يسْأَل مِنْهُ الْبَيِّنَة فَإِن أَقَامَهَا قضى بِالْبَيِّنَةِ على الْغَائِب فَإِذا حضر يرجع عَلَيْهِ وَفِي العمادى وَإِذ قَالَ الْغَرِيم للطَّالِب إِن لم أقضك مَالك الْيَوْم فامرأته كَذَا فتوارى الطَّالِب وخشي الْمَطْلُوب أَن لَا يظْهر الْيَوْم فَيحنث هُوَ فِي يَمِينه فَأخْبر القَاضِي الْقِصَّة فنصب عَن الْغَائِب وَكيلا وَأمر الْوَكِيل بِقَبض المَال من الْمَطْلُوب حَتَّى يبر فَقبض المَال وَحكم بِهِ حَاكم آخر فَإِن أَبَا يُوسُف قَالَ لَا يجوز كَذَا ذكره فِي آخر الْأَقْضِيَة وَهَذَا قَوْلهم وَإِن خص قَول أبي يُوسُف بِالذكر وَذكر الناطفي أَن القَاضِي ينصب وَكيلا عَن الْغَائِب وَيقبض مَاله وَلَا يَحْنَث الْمَطْلُوب قَالَ الناطفي وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَذكر رشيد الدّين فِي فَتَاوِيهِ ادّعى عينا فِي يَد رجل واراد إِحْضَاره لمجلس القَاضِي فَأنْكر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَن يكون فِي يَده فجَاء الْمُدَّعِي بِشَاهِدين شَهدا أَن هَذَا الْعين كَانَ فِي يَد الْمُدَّعِي عَلَيْهِ قبل هَذَا التَّارِيخ بِسنة هَل تسمع وَهل يجْبر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ على إِحْضَاره بِهَذِهِ الْبَيِّنَة أم لَا كَانَت وَاقعَة الْفَتْوَى يَنْبَغِي أَن تقبل لِأَنَّهُ أثبت يَده فِي الزَّمَان الْمَاضِي وَلم يثبت خُرُوجه من يَده وَقد وَقع الشَّك فِي زَوَال تِلْكَ الْيَد فَتثبت الْيَد مالم يُوجد المزيل قَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي وَمن المنقولات مَالا يُمكن إِحْضَاره عِنْد القَاضِي كالصبرة من الطَّعَام والقطيع من الْغنم وَالْقَاضِي فِيهِ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ حضر ذَلِك الْموضع لَو تيَسّر لَهُ ذَلِك وَإِن كَانَ لَا يتهيأ لَهُ الْحُضُور وَكَانَ مَأْذُونا بالاستخلاف يبْعَث خَلِيفَته إِلَى ذَلِك الْموضع وَهُوَ نَظِير مَا إِذا كَانَ القَاضِي يجلس فِي دَاره وَوَقعت الدَّعْوَى فِي جمل لَا يَسعهُ بَاب دَاره فَإِنَّهُ يخرج إِلَى بَاب دَاره أَو يَأْمر نَائِبه حَتَّى يخرج ليشير إِلَيْهِ الشُّهُود بِحَضْرَتِهِ وَفِي الْقَدُورِيّ إِذا كَانَ الْمُدَّعِي بِهِ شَيْئا يتَعَذَّر نَقله كالرحى فالحاكم فِيهِ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ حضر وَإِن شَاءَ بعث أَمينا قَالَ فَخر الاسلام على الْبَزْدَوِيّ وَإِذا كَانَت الْقيمَة مُخْتَلفَة فَيَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يُكَلف الْمُدَّعِي بِبَيَان الْقيمَة فَإِن كلفه وَلم يبين تسمع دَعْوَاهُ وَفِي الْمَبْسُوط رجل ترك الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة وَلم يكن لَهُ مَانع من دَعْوَى شَرْعِيَّة ثمَّ ادّعى بعد ذَلِك لَا تسمع دَعْوَاهُ لِأَن تَركه مَعَ التَّمَكُّن دَلِيل على عدم الْحق ظَاهرا وَذكر فِي الْمُحِيط رجل لَهُ على آخر فلوس أَو طَعَام فَاشْترى مَا عَلَيْهِ بِدَرَاهِم أَو دَنَانِير وتفرقا قبل نقد الثّمن كَانَ العقد بَاطِلا

قَالَ الْعِمَادِيّ وَهَذَا فصل يجب حفظه وَالنَّاس عَنهُ غافلون فَإِن الْعَادة فِيمَا بَين النَّاس أَن من كَانَ لَهُ على آخر حِنْطَة أَو شعير أَو مَا أشبه ذَلِك فصاحبها يَأْخُذ مِمَّن هِيَ عَلَيْهِ عِنْد غلاء السّعر خطا بِالذَّهَب أَو الْفضة بِثمن ذَلِك ويسمونه فِيهَا بَينهم تَقْوِيم الْحِنْطَة فَإِنَّهُ فَاسد لِكَوْنِهِمَا افْتَرقَا عَن دين بدين وَفِي الذَّخِيرَة رجل ادّعى دَارا أَو عقارا آخر أَو مَنْقُولًا فِي يَد رجل ملكا مُطلقًا واقام الْبَيِّنَة على الْملك الْمُطلق يقْضِي بِبَيِّنَة الْخَارِج عِنْد عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَة رَحِمهم الله تَعَالَى وَهَذَا إِذا لم يذكرَا تَارِيخا وَأما إِذا ذكرَاهُ إِن كَانَ سَوَاء فَكَذَلِك يقْضِي للْخَارِج وَإِن كَانَ تَارِيخ أَحدهمَا أسبق يقْضِي لأسبقهما تَارِيخا وَلَو ادّعى حمارا وَقَالَ فِي دَعْوَاهُ هَذَا الْحمار غَابَ عني مُنْذُ شهر فَقَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِنِّي أقيم الْبَيِّنَة أَن هَذَا الْحمار ملكي وَفِي يَدي مُنْذُ سنة أَو مَا أشبه ذَلِك يقْضِي للْمُدَّعِي وَلَا يلْتَفت إِلَى بَيِّنَة الْمُدَّعِي عَلَيْهِ لِأَن مَا ذكره الْمُدَّعِي من التَّارِيخ تَارِيخ غيبَة الْحمار عَن يَده لَا تَارِيخ ملكه فَكَانَ دَعْوَاهُ فِي الْملك مُطلقًا خَالِيا عَن التَّارِيخ وَصَاحب الْيَد ذكر التَّارِيخ إِلَّا أَن التَّارِيخ حَالَة الِانْفِرَاد لَا يعْتَبر عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ دَعْوَى صَاحب الْيَد دَعْوَى مُطلق الْملك كدعوى الْخَارِج فَيَقْضِي بِبَيِّنَة الْخَارِج اه وَفِي الْعِمَادِيّ الْخَارِج وَذُو الْيَد إِذا ادّعَيَا الشِّرَاء من وَاحِد وَأَقَامَا بَيِّنَة وَلم يؤرخا يقْضى لذِي الْيَد فَإِن أرخ الْخَارِج لَا يعْمل بِهِ لِأَن التَّارِيخ فِي حَقه خبر وَالْقَبْض فِي حق ذِي الْيَد معاين وَأَنه دَلِيل على سبق عقده والمعاينة أقوى من الْخَبَر إِلَّا إِذا أرخا وتاريخ الْخَارِج أسبق فَحِينَئِذٍ يقْضى للْخَارِج وَفِي شرح أدب القَاضِي للحسام الشَّهِيد وَإِن ادّعى أَن اباه مَاتَ وَهُوَ وَارثه وَلَا وَارِث لَهُ غَيره وَادّعى دَارا فِي يَد رجل أَنَّهَا كَانَت لِأَبِيهِ مَاتَ وَتركهَا مِيرَاثا لَهُ وَالَّذِي فِي يَده الدَّار يُنكر ذَلِك فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَن الدَّار كَانَت لِأَبِيهِ مَاتَ وَتركهَا مِيرَاثا لَهُ وَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ لِأَبِيهِ وَارِثا غَيره فَإِن الْحَاكِم يحكم لَهُ بِالدَّار لِأَنَّهُ أثبت سَبَب الْملك لنَفسِهِ بِالْحجَّةِ فَيَقْضِي لَهُ بِهِ قَالَ وَلَو أَن رجلا مَاتَ وَله وَرَثَة فَحَضَرَ وَاحِد مِنْهُم وَادّعى وَفَاة أَبِيه وَادّعى دَارا فِي يَد رجل أَنَّهَا كَانَت لِأَبِيهِ مَاتَ وَتركهَا مِيرَاث لَهُ ولسائر وَرَثَة أَبِيه وهم فلَان وَفُلَان وَالَّذِي فِي يَده الدَّار يجْحَد هَذَا كُله فَأَقَامَ الابْن شَاهِدين على وَفَاة أَبِيه وعدة ورثته وَأَن هَذِه الدَّار لِأَبِيهِ مَاتَ وَتركهَا مِيرَاثا لَهُم وَلم يحضر مِنْهُم وَارِث غَيره فَإِن القَاضِي يقبل ذَلِك وَيحكم بِالدَّار لِأَبِيهِ وَيدْفَع إِلَى هَذَا الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَة حِصَّته مِنْهَا لِأَن الْوَاحِد من الْوَرَثَة ينْتَصب خصما فِيمَا يثبت للْمَيت وعَلى الْمَيِّت وَأما حصص البَاقِينَ فَإِنَّهَا تتْرك فِي يَده فَكلما حضر وَاحِد مِنْهُم أَخذ حِصَّته مِنْهَا وَلَا يُكَلف إِعَادَة الْبَيِّنَة على أَنَّهَا كَانَت لِأَبِيهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو ويوسف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى يدْفع إِلَى الْمُدَّعِي حِصَّته مِنْهَا وينتزع الْبَاقِي من يَد الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَيجْعَل على يَد رجل عدل حَتَّى يحضر من بَقِي من الْوَرَثَة وَأَجْمعُوا على أَن الْمُدَّعِي عَلَيْهِ لَو كَانَ مقرا دفع إِلَى الْوَارِث الْحَاضِر نصِيبه وَالْبَاقِي يتْرك فِي يَد ذِي الْيَد إِذا حضر رجل وَادّعى دَارا فِي يَد رجل أَنَّهَا لِأَبِيهِ مَاتَ وَتركهَا مِيرَاثا لَهُ وَأقَام على ذَلِك بَيِّنَة وَلم يشْهدُوا على عدد الْوَرَثَة وَلم يعرفوهم وَلَكِن قَالُوا تَركهَا مِيرَاثا لوَرثَته فَإِنَّهُ لَا تقبل هَذِه الشَّهَادَة وَلَا يدْفع إِلَيْهِ شَيْء حَتَّى يُقيم بَيِّنَة على عدد الْوَرَثَة لأَنهم لما لم يشْهدُوا على عدد الْوَرَثَة لَا يصير نصيب هَذَا الْوَاحِد مَعْلُوما وَالْقَضَاء بِغَيْر الْمَعْلُوم مُتَعَذر وَهَا هُنَا ثَلَاث فُصُول الأول هَذَا وَالثَّانِي لَو شهد الشُّهُود أَنه ابْنه ووارثه وَلَا نعلم لَهُ وَارِثا غَيره

فَإِن القَاضِي يقْضِي بِجَمِيعِ التَّرِكَة لَهُ من غير تلوم الثَّالِث إِذا شهدُوا أَنه ابْن فلَان مَالك هَذِه الدَّار وَلم يشْهدُوا على عدد الْوَرَثَة وَلم يَقُولُوا فِي شَهَادَتهم لَا نَعْرِف لَهُ وَارِثا غَيره فان القَاضِي يتلوم فِي ذَلِك زَمَانا على قدر مَا يرى فَإِن حضر وَارِث غَيره قسم الدَّار بَينهم وَإِن لم يحضر دفع الدَّار إِلَيْهِ وَهل يَأْخُذ مِنْهُ كَفِيلا بِمَا دفع إِلَيْهِ قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَأْخُذ مِنْهُ كَفِيلا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَأْخُذ مِنْهُ كَفِيلا بِهِ ثمَّ قَالَ إِنَّمَا يدْفع إِلَى الْوَارِث الَّذِي حضر جَمِيع المَال بعد التَّلَوُّم إِذا كَانَ هَذَا الْوَارِث مِمَّن لَا يحجب بِغَيْرِهِ كَالْأَبِ وَالِابْن أما إِذا كَانَ مِمَّن يحجب بِغَيْرِهِ كالجد وَالْأَخ وَالْعم فَإِنَّهُ لَا يدْفع إِلَيْهِ المَال وَأما إِذا كَانَ مِمَّن لَا يحجب بِغَيْرِهِ وَلَكِن يخْتَلف نصِيبه كالزوج وَالزَّوْجَة فَإِنَّهُ يدْفع إِلَيْهِ أقل النَّصِيبَيْنِ وَقَالَ مُحَمَّد أوفر النَّصِيبَيْنِ النّصْف للزَّوْج وَالرّبع للْمَرْأَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف أقل النَّصِيبَيْنِ وَقَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى مصطرب فِي بَعْضهَا مثل قَول مُحَمَّد فِيمَا إِذا كَانَ الْمَيِّت امْرَأَة وَالْمُدَّعِي زوجا وَفِي بَعْضهَا مثل قَول أبي يُوسُف ثمَّ إِذا ثَبت عِنْد أبي يُوسُف أَنه يدْفع لَهُ اقل النَّصِيبَيْنِ فقد اخْتلفت الرِّوَايَات عَنهُ فِي ذَلِك أما إِذا كَانَ الْمَيِّت زوجا وَالْمُدَّعِي امْرَأَة فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي ظَاهر الرِّوَايَة عَنهُ يدْفع إِلَيْهَا ربع الثّمن لِأَنَّهُ قد يكون للزَّوْج أَربع نسْوَة فَيكون نصِيبهَا ربع الثّمن وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَن أبي يُوسُف أَنه يُعْطي لَهَا ربع الْمِيرَاث كَمَا ذكر عَن مُحَمَّد وَأما إِذا كَانَ الْمَيِّت امْرَأَة وَالْمُدَّعِي زوجا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ أَيْضا فِي ظَاهر الرِّوَايَة عَنهُ يدْفع إِلَيْهِ الرّبع انْتهى المساومة وَمَا يشبهها كالإيداع والاستعارة والاستئجار والاستيهاد إِقْرَار بِأَنَّهُ لذِي الْيَد ومانع من الدَّعْوَى لنَفس الْمسَاوِي وَلغيره طلب نِكَاح الْأمة مَانع من دَعْوَى تَملكهَا وَطلب نِكَاح الْحرَّة مَانع من دَعْوَى نِكَاحهَا وَفِي الْقنية بخ أحضر ابْن الْمَيِّت فَادّعى أَن اباك أَخذ مني كَذَا دِينَارا واشار إِلَى الابْن وَلم يذكر اسْم الْأَب وَنسبه أَو شهد الشُّهُود بِنَحْوِ مَا ذكر لَا يَصح وَيشْتَرط ذكر اسْمه وَنسبه وَفِيه أَيْضا قع قَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ للْمُدَّعِي لَا أعرفك فَلَمَّا ثَبت الْحق بِالْبَيِّنَةِ ادّعى الايصال لَا يسمع وَلَو ادّعى إِقْرَار الْمُدَّعِي الْوُصُول أَو الايصال يسمع نوع فِي كَيْفيَّة الْيَمين والاستحلاف وَيحلف الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بِاللَّه تَعَالَى لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا تحلفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِالطَّوَاغِيتِ فَمن كَانَ مِنْكُم حَالفا فليحلف بِاللَّه أَو ليذر وَفِي الْمَبْسُوط الْحر والمملوك وَالرجل وَالْمَرْأَة وَالْفَاسِق والصالح وَالْكَافِر وَالْمُسلم فِي الْيَمين سَوَاء وتغلظ الْيَمين بِذكر أَوْصَاف الله تَعَالَى بِأَن يَقُول لَهُ القَاضِي قل وَالله الَّذِي لَا اله الا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم الطَّالِب الْغَالِب الْمدْرك المهلك الَّذِي يعلم من السِّرّ مَا يعلم من الْعَلَانِيَة مَا لفُلَان هَذَا عَلَيْك وَلَا قبلك هَذَا المَال الَّذِي ادَّعَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَلَا شَيْء مِنْهُ وَالِاخْتِيَار فِي صفة التَّغْلِيظ إِلَى القَاضِي يزِيد مَا شَاءَ من أَسمَاء الله تَعَالَى وَصِفَاته وَينْقص مَا شَاءَ وَلَكِن يحْتَاط فِيهَا عَن الْوَاو العاطفة لِئَلَّا يتَكَرَّر عَلَيْهِ الْيَمين إِذْ الْمُسْتَحق يَمِين وَاحِدَة حَتَّى لَو قَالَ وَالله والرحمن الرَّحِيم تصير أيمانا ثمَّ اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ مِنْهُم من يَقُول القَاضِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ غلظ وَإِن شَاءَ لم يغلظ فِي كل مدعي بِهِ

وعَلى كل مدعي عَلَيْهِ وَمِنْهُم من يَقُول يعْتَبر حَال الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِن عرف بالصلاح اكْتفى بِذكر اسْم الله تَعَالَى وَإِن عرف بِغَيْر ذَلِك الْوَصْف غلط فِي الْيَمين وَمِنْهُم من يَقُول يعْتَبر حَال الْمُدَّعِي بِهِ إِن كَانَ مَالا عَظِيما يغلظ فِي الْيَمين وَإِن كَانَ حَقِيرًا اكْتفى بِذكر اسْم الله تَعَالَى وَلَا يحلف بِالطَّلَاق وَلَا بالعتاق لِأَن الْيَمين بهما يَمِين بِغَيْر الله تَعَالَى وَالْيَمِين بِغَيْر الله تَعَالَى لَا يجوز وَقيل فِي زَمَاننَا إِذا ألح الْخصم سَاغَ للْقَاضِي أَن يحلف بِالطَّلَاق وَالْعتاق لقلَّة مبالاة النَّاس بِالْيَمِينِ بِاللَّه تَعَالَى وَكثر الِامْتِنَاع عَن الْحلف بِالطَّلَاق وَالْعتاق كَذَا فِي الْهِدَايَة وَغَيرهَا وَفِي الْخُلَاصَة وَلَو حلفه القَاضِي بِالطَّلَاق فنكل وَقضى بِالْمَالِ لَا ينفذ قَضَاؤُهُ وَلَا تغلظ الْيَمين بِزَمَان وَلَا مَكَان عندنَا وَيحلف الْيَهُودِيّ بِاللَّه الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى وَالنَّصْرَانِيّ بِاللَّه الَّذِي أنزل الْإِنْجِيل على عِيسَى والمجوسي بِاللَّه الَّذِي خلق النَّار وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا يحلف أحد إِلَّا بِاللَّه خَالِصا وَلَا يحلف الوثني الا بِاللَّه فَإِن قيل مَا الْفرق بَين يَمِين الْمَجُوسِيّ والوثني حَيْثُ يجوز تَغْلِيظ الْيَمين فِي حق الْمَجُوسِيّ بِذكر النَّار وَلم يجز فِي حق الوثني بِذكر الصَّنَم فَقَوْل بِاللَّه الْعَظِيم الَّذِي خلق الصَّنَم قلت إِنَّا أمرنَا بإهانة الصَّنَم والوثن لأَنهم اتَّخَذُوهَا إِلَهًا فَأمرنَا بإهانتهما بِخِلَاف النَّار لأَنهم لم يتخذوها الها فَمَا أمرنَا باهانتها فَتَأمل كَذَا فِي المنبع وَسُئِلَ الشَّيْخ عبد الْوَاحِد الشَّيْبَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى عَن الْمَرْأَة إِذا كَانَت تعلم بِالنِّكَاحِ وَلَا تَجِد بَيِّنَة تقيمها لإِثْبَات النِّكَاح وَالزَّوْج يُنكر مَاذَا يصنع القَاضِي حَتَّى لَا تبقي هَذِه الْمَرْأَة معلقَة أَبَد الدَّهْر قَالَ يستحلفه القَاضِي وَيَقُول إِن كَانَت هَذِه الْمَرْأَة لَك فَهِيَ طَالِق حَتَّى يَقع الطَّلَاق بِالْيَمِينِ إِن كَانَت امْرَأَته لتخلص مِنْهُ وَتحل للأزواج وَفِي المنبع هَل يحلف على الْحَاصِل أَو على السَّبَب فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله يحلف على الْحَاصِل وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يحلف على السَّبَب وَقَالَ فَخر الْإِسْلَام يُفَوض إِلَى رَأْي القَاضِي وَذكر فِي النَّوَازِل أَنه يحلف الصَّبِي الْمَأْذُون وَيَقْضِي بِنُكُولِهِ وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَو حلف وَهُوَ صبي ثمَّ أدْرك لَا يَمِين عَلَيْهِ وَأَنه دَلِيل على أَن يَمِينه مُعْتَبرَة وَذكر فِي إِقْرَار الدَّعَاوَى والبينات أَن الصَّبِي التَّاجِر وَالْعَبْد التَّاجِر يسْتَحْلف وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالنّكُولِ وَيجوز الافتداء عَن الْيَمين بِالدَّرَاهِمِ وَكَذَا يجوز الصُّلْح عَن الْيَمين على الدَّرَاهِم حَتَّى لَا يكون للْمُدَّعِي أَن يحلف الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بعد ذَلِك لِأَن الافتداء عَن الْيَمين صلح على الْإِنْكَار وَبعد الصُّلْح على الْإِنْكَار لَا تسمع دَعْوَى الْمُدَّعِي فِيمَا وَقع الصُّلْح عَنهُ ادّعى على آخر مَالا فَأنْكر وَأَرَادَ الْمُدَّعِي استحلافه فَقَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِن الْمُدَّعِي قد حلفني على هَذِه الدَّعْوَى عِنْد قَاضِي بلد كَذَا وَأنكر الْمُدَّعِي ذَلِك فاقام الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بَيِّنَة على ذَلِك تقبل وَإِن لم يكن لَهُ بَيِّنَة وَأَرَادَ تَحْلِيف الْمُدَّعِي لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ يَدعِي إِيفَاء حَقه فِي الْيَمين وَلَو ادّعى الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَنه أبرأني عَن هَذِه الدَّعْوَى وَقَالَ القَاضِي حلفه إِنَّه لم يكن أبرأني عَن هَذَا لَا يحلفهُ القَاضِي لِأَن الْمُدَّعِي بِالدَّعْوَى اسْتحق الْجَواب على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَالْجَوَاب إِمَّا بِالْإِقْرَارِ أَو بالإنكار وَقَوله أبرأني عَن هَذِه الدَّعْوَى لَيْسَ بِإِقْرَار وَلَا إِنْكَار فَلَا يكون مسموعا من الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَيُقَال لَهُ أجب خصمك ثمَّ ادْع عَلَيْهِ مَا شِئْت وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو قَالَ أبرأني عَن هَذِه الْألف فَإِنَّهُ يحلف لِأَن دَعْوَى الْبَرَاءَة عَن المَال إِقْرَار بِوُجُوب المَال وَالْإِقْرَار جَوَاب وَدَعوى الْإِبْرَاء مسْقط فيترتب عَلَيْهِ الِاسْتِحْلَاف

وَمن الْمَشَايِخ من قَالَ الصَّحِيح أَنه يحلف الْمُدَّعِي على هَذِه الدَّعْوَى وَهِي دَعْوَى الْبَرَاءَة عَن الدَّعْوَى كَمَا يحلف الْمُدَّعِي على دَعْوَى التَّحْلِيف وَإِلَيْهِ مَال شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي وَعَلِيهِ أَكثر قُضَاة زَمَاننَا وَفِي الغنية ادّعى الْمَدْيُون الايصال فَأنْكر الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَة لَهُ فَطلب يَمِينه فَقَالَ الْمُدَّعِي اجْعَل حَقي فِي الْخَتْم ثمَّ استحلفني فَلهُ ذَلِك فِي زَمَاننَا اه إِذا أقرّ الْوَاهِب أَن الْمَوْهُوب لَهُ قبض الْمَوْهُوب فِي الْمجْلس أَو بعده بأَمْره ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك إِنَّه لم يقبض وَكنت أَقرَرت بِهِ كَاذِبًا وَسَأَلَ القَاضِي أَن يحلف الْمَوْهُوب لَهُ بِاللَّه لقد قَبضه عَن هَذِه الْهِبَة الَّتِي يَدعِي بهَا فعندهما لَا يحلفهُ لِأَن التَّحْلِيف إِنَّمَا يَتَرَتَّب على دَعْوَى صَحِيحَة وَالدَّعْوَى لم تصح هَا هُنَا لمَكَان التَّنَاقُض وعَلى قَول أبي يُوسُف يحلفهُ بِاللَّه لقد قَبضته بِحكم الْهِبَة الَّتِي تدعيها وعَلى هَذَا الْخلاف إِذا اشْترى شَيْئا وَأقر المُشْتَرِي بِقَبض المُشْتَرِي ثمَّ ادّعى أَنه لم يقبضهُ وَطلب من القَاضِي أَن يحلف البَائِع بِاللَّه لقد سلمته إِلَى المُشْتَرِي بِحكم هَذَا الشِّرَاء الَّذِي يَدعِيهِ وعَلى هَذَا الْخلاف إِذا اشْترى شَيْئا واقر البَائِع يقبض الثّمن ثمَّ ادّعى أَنه لم يقبضهُ وَأَرَادَ تَحْلِيف المُشْتَرِي وَرب الدّين إِذا أقرّ بِقَبض الدّين وَأشْهد عَلَيْهِ ثمَّ أنكر الْقَبْض يحلف الْمَدْيُون وَالْمقر على نَفسه بدين لرجل ثمَّ أنكر الدّين وَقَالَ لَا شَيْء لَهُ عَليّ وَإِنَّمَا أَقرَرت لَهُ بذلك كَاذِبًا وَطلب يَمِين الْمقر لَهُ الْكل على هَذَا الْخلاف أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول الْمُعْتَاد فِيمَا بَين النَّاس أَن البَائِع يقر بِقَبض الثّمن والمشترى يقبض الْمُشْتَرى للإشهاد وَإِن لم يكن قبض ثمنه حَقِيقَة وَكَذَلِكَ الْمُعْتَاد فِيمَا بَين النَّاس أَن الْمُسْتَقْرض يكْتب أَولا خطّ الْإِقْرَار وَيشْهد عَلَيْهِ قبل قبض المَال فَلَو كَانَ التَّنَاقُض مَانِعا من صِحَة الدَّعْوَى والاستحلاف لبطلت حُقُوق النَّاس قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَرْبَعَة أَشْيَاء يسْتَحْلف القَاضِي الْخصم فِيهَا قبل أَن يطْلب الْمُدَّعِي ذَلِك أَحدهَا الشَّفِيع إِذا طلب من القَاضِي أَن يقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَة يحلفهُ بِاللَّه لقد طلبت الشُّفْعَة حِين علمت بِالشِّرَاءِ وَإِن لم يطْلب المُشْتَرِي ذَلِك وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَعند أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى لَا يستحلفه القَاضِي الثَّانِي الْبكر إِذا بلغت واختارت الْفرْقَة وَطلبت التَّفْرِيق من القَاضِي يستحلفها بِاللَّه لقد اخْتَرْت الْفرْقَة حِين بلغت وَإِن لم يَدعه الزَّوْج وَالثَّالِث المُشْتَرِي إِذا أَرَادَ الرَّد بِالْعَيْبِ يحلفهُ القَاضِي إِنَّه لم يرض بِالْعَيْبِ وَلَا عرضته على البيع مُنْذُ رايته وَالرَّابِع الْمَرْأَة إِذا سَأَلت من القَاضِي أَن يفْرض لَهَا النَّفَقَة فِي مَال الزَّوْج الْغَائِب يحلفها بِاللَّه مَا أَعْطَاك نَفَقَتك حِين خرج وَيجب أَن تكون مَسْأَلَة النَّفَقَة فِي قَوْلهم جَمِيعًا ادّعى الشُّفْعَة بالجوار فَقَالَ القَاضِي للْمُدَّعِي عَلَيْهِ مَاذَا تَقول فِيمَا ادّعى فَقَالَ هَذِه الدَّار لَا بنى هَذَا الطِّفْل صَحَّ إِقْرَاره لِابْنِهِ لِأَن الدَّار فِي يَده وَالْيَد دَلِيل الْملك فَكَانَ إِقْرَار على نَفسه فَيصح فَإِن قَالَ الشَّفِيع للْقَاضِي حلفه بِاللَّه مَا أَنا شفيعها فَإِنَّهُ لَا يحلفهُ لِأَن إِقْرَار الْأَب بِالشُّفْعَة على ابْنه لَا يَصح فَلَا يُفِيد الِاسْتِحْلَاف وَهَذَا من جملَة الْحِيَل والمخارج فِي الْخُصُومَات وَإِن أَرَادَ الشَّفِيع أَن يُقيم الْبَيِّنَة على الشِّرَاء كَانَ الْأَب خصما وَتسمع الْبَيِّنَة عَلَيْهِ لِأَن الْأَب قَائِم مقَام الابْن وَلَو كَانَ الابْن كَبِيرا لَكَانَ خصما فَكَذَا هَذَا وَفِي الْمُحِيط الشَّهَادَة الْقَائِمَة على عتق العَبْد لَا تقبل بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْد أبي حنيفَة خلافًا لَهما وَتقبل الْبَيِّنَة على عتق الْأمة وَطَلَاق الْمَرْأَة حسبَة من غير الدَّعْوَى وَلَا يحلف على عتق العَبْد حسبَة بِدُونِ الدَّعْوَى بالِاتِّفَاقِ وَهل يحلف على عتق الْأمة وَطَلَاق الْمَرْأَة بِدُونِ الدَّعْوَى أَشَارَ مُحَمَّد فِي آخر كتاب التَّحَرِّي أَنه يحلف وَهَكَذَا ذكر فِي شرح الْقَدُورِيّ وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ أَنه لَا يحلف فَتَأمل عِنْد الْفَتْوَى

وَذكر فِي الْخُلَاصَة عبد فِي يَد رجل أَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه حر وَقَالَ ذُو الْيَد إِنَّه عبد فلَان أودعنيه أَو آجرنيه فَبَيِّنَة ذِي الْيَد أولى بِخِلَاف مَا إِذا أَقَامَ العَبْد الْبَيِّنَة على مَوْلَاهُ أَنه حر الأَصْل واقام مَوْلَاهُ الْبَيِّنَة أَنه عَبده فَبَيِّنَة العَبْد أولى لِأَن الْمولى يصلح خصما لإِثْبَات بَيِّنَة العَبْد بِالْحُرِّيَّةِ أما هَاهُنَا فالمودع لَيْسَ بخصم لَكِن يُحَال بَين العَبْد وَبَين ذِي الْيَد وَلَو قَالَ العَبْد أعتقني فلَان وَذُو الْيَد لم يقم الْبَيِّنَة على الْإِيدَاع وَالْإِجَارَة لَا يُحَال بَينه وَبَين العَبْد لِأَنَّهُ أقرّ بِالرّقِّ ثمَّ ادّعى الْعتْق وَلَو أَن رجلا قدم بَلْدَة وَمَعَهُ رجال وَنسَاء وصبيان يخدمونه وهم فِي يَده وَادّعى أَنهم أرقاؤه وَادعوا أَنهم أَحْرَار كَانُوا أحرارا مالم يقرُّوا لَهُ بِالْملكِ بِكَلَام أَو بِبيع أَو تقوم لَهُ بَيِّنَة وَإِن كَانُوا من أهل الْهِنْد أَو السَّنَد أَو التّرْك أَو الرّوم وَفِي الْجَامِع الصَّغِير غُلَام هُوَ فِي يَد رجل قَالَ أَنا حر وَقَالَ الَّذِي فِي يَده هُوَ عبد إِن كَانَ لَا يعبر عَن نَفسه فَالْقَوْل قَول ذِي الْيَد وَهُوَ كالمتاع وَإِن كَانَ بَالغا أَو صَغِيرا يعبر عَن نَفسه فَالْقَوْل قَول الْغُلَام وَلَو أَقَامَا الْبَيِّنَة هَذَا على الرّقّ وَهَذَا على الْحُرِّيَّة فَبَيِّنَة الْغُلَام أولى وَيجوز أَن يكون القَوْل قَوْله وَالْبَيِّنَة بَينته كَالْمُودعِ إِذا قَالَ رددت الْوَدِيعَة كَانَ القَوْل قَوْله وَلَو أَقَامَا الْبَيِّنَة فَالْبَيِّنَة بَينته وَفِي الْوَلْوَالجيّ وَلَو بَاعَ رجل رجلا وَقَبضه المُشْتَرِي وَهُوَ سَاكِت فَهُوَ إِقْرَار بِأَنَّهُ عَبده لِأَنَّهُ إِنْفَاذ لتصرف يخْتَص بِهِ المماليك تَصرفا يُوجب حَقًا فِي الْمحل وَهُوَ ملك الرَّقَبَة وَالْيَد والانقياد لمثل هَذَا التَّصَرُّف يكون إِقْرَارا بِالرّقِّ وَالْملك وَلَو عرض عبد أَو أمة على رجل وَهُوَ سَاكِت أَو هِيَ ساكتة وَلم يبع ثمَّ قَالَا نَحن حران صدقا عَلَيْهِ اه وَفِي أدب القَاضِي رجل قَالَ لآخر إِن فلَانا الْمَيِّت أوصى اليك وجعلك قيمًا فِي مَاله وَأنكر الْوَصِيّ فَلَا يَمِين عَلَيْهِ وَكَذَا لَو قَالَ إِن فلَانا وكلك بِطَلَب حُقُوقه ولي على موكلك مَال وَأنكر الْوَكِيل الْوكَالَة لَا يَمِين عَلَيْهِ وَإِذا ادّعى المُشْتَرِي إِيفَاء الثّمن وَالْبَائِع يُنكر يحلف البَائِع وَكَذَا الْمُسْتَقْرض إِذا ادّعى إِيفَاء الْقَرْض وَأنكر الْمقْرض يحلف الْمقْرض وَلَو ادّعى الْمضَارب أَو الشَّرِيك دفع المَال وَأنكر رب المَال أَو الشَّرِيك الْقَبْض يحلف الْمضَارب أَو الشَّرِيك الَّذِي كَانَ المَال فِي يَده لِأَن المَال فِي أَيْدِيهِمَا أَمَانَة وَالْقَوْل قَول الْأمين مَعَ الْيَمين وَإِذا ادّعى المُشْتَرِي إِيفَاء الثّمن وَأنكر البَائِع فَالْقَاضِي إِنَّمَا يحلفهُ إِذا طلب المُشْتَرِي يَمِينه وَلَو حلفه القَاضِي من غير طلبه ثمَّ أَرَادَ المُشْتَرِي تَحْلِيفه ثَانِيًا لَهُ ذَلِك ثمَّ إِذا حلف البَائِع أَنه لم يسْتَوْف الثّمن وَقَالَ المُشْتَرِي أَنا أجيء بِالْبَيِّنَةِ على الْإِيفَاء فَالْقَاضِي لَا يجْبر المُشْتَرِي على أَدَاء المَال بل يمهله ثَلَاثَة أَيَّام بِشَرْط أَن يَدعِي حُضُور الشُّهُود وَأما إِذا قَالَ شهودي غيب يقْضِي عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَلَا يمهله كَذَا فِي الْعِمَادِيّ وَفِي الغنية أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة فَقَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِن لي دفعا شَرْعِيًّا للْقَاضِي أَن يقْضِي عَلَيْهِ إِذا قَامَت الْبَيِّنَة العادلة وَلَا يلْتَفت إِلَى مثل هَذِه الْمقَالة وَقَالَ أَبُو حَامِد رَحمَه الله تَعَالَى يكلفه أَن يَأْتِي بِالدفع فَإِن أَبْطَأَ كَانَ لَهُ أَن يقْضِي ويبقي لَهُ حق الدّفع أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة وَطلب القَاضِي من الْمُدَّعِي عَلَيْهِ دفعا فعجز عَنهُ يقْضِي القَاضِي يَعْنِي لَا يُؤَخر قَالَ أَبُو حَامِد رَحمَه الله تَعَالَى يقْضِي وَالْقَاضِي ظَالِم فِي تَأْخِيره للْحكم وَقَالَ الْكَرَابِيسِي تَأْخِير الْقَضَاء بعد ثُبُوت الْحق ظلم أَتَى بِدفع صَحِيح وَقضى القَاضِي بِبُطْلَان دَعْوَى الْمُدَّعِي ثمَّ أعَاد الدَّعْوَى عِنْد قَاض آخر لَا يحْتَاج الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِلَى إِعَادَة الدّفع عِنْده وَلَا ينْقض الحكم بِهِ إِذا ثَبت ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ اه كَلَام الغنية

الْمَدْيُون إِذا حلف أَن لَا دين عَلَيْهِ ثمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة على الدّين فَعِنْدَ مُحَمَّد لَا يظْهر كذبه فِي الْحلف لِأَن الْبَيِّنَة حجَّة من حَيْثُ الظَّاهِر فَلَا يظْهر كذبه فِي يَمِينه وَعند أَبى يُوسُف يظْهر كذبه فِي يَمِينه وَلَا يَمِين فِي الْحُدُود سَوَاء كَانَ حدا هُوَ خَالص حق الله تَعَالَى نَحْو حد الزِّنَى وَشرب الْخمر وحد السّرقَة أَو كَانَ دائرا بَين حق الله تَعَالَى وَحقّ العَبْد نَحْو حد الْقَذْف حَتَّى إِن من ادّعى على آخر أَنه قذفه وَأنكر الْقَاذِف لَا يَمِين عَلَيْهِ فِيهِ وَأما فِي السّرقَة فَإِن السَّارِق يسْتَحْلف لأجل المَال إِذا أَرَادَ الْمَالِك أَخذ المَال دون الْقطع وَيُقَال لَهُ حِينَئِذٍ دع ذكر السّرقَة إِذا وادع تنَاول مَالك فَيكون لَك عَلَيْهِ الْيَمين وَفِي الْقصاص فِي النَّفس والأطراف يسْتَحْلف إِلَّا أَن فِي الطّرف يقْضِي بِالْقطعِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا يقْضِي بِالْمَالِ وَفِي النَّفس لَا يقْضِي بِالنّكُولِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَلَكِن يحبس حَتَّى يقر أَو يحلف وَعِنْدَهُمَا يقْضِي بِالدِّيَةِ ادّعى على آخر أَنه قَالَ لَهُ يَا مُنَافِق أَو يَا كَافِر أَو يَا زنديق أَو ادّعى أَنه ضربه أَو لطمه أَو مَا أشبه ذَلِك من الْأُمُور الَّتِي توجب التَّعْزِير واراد تَحْلِيفه فَالْقَاضِي يحلفهُ لِأَن التَّعْزِير مَحْض حق العَبْد وَلِهَذَا ملك العَبْد إِسْقَاطه بِالْعَفو والصغر لَا يمْنَع وُجُوبه كَذَا فِي الْعِمَادِيّ وَفِي فَتَاوَى قاضيخان لَو وَجب يَمِين على الْأَخْرَس فَإِنَّهُ يحلف وَصُورَة تَحْلِيفه أَن يَقُول لَهُ القَاضِي عَلَيْك عهد الله وميثاقه إِن كَانَ كَذَا وَكَذَا فَأَوْمأ بِرَأْسِهِ بنعم يصير حَالفا وَلَا يَقُول لَهُ بِاللَّه إِن كَانَ كَذَا وَكَذَا لِأَنَّهُ لَو أَشَارَ بِرَأْسِهِ بنعم فِي هَذَا الْوَجْه يصير مقرا بِاللَّه وَلَا يكون حَالفا رجل ادّعى أَنه وَكيل الْغَائِب بِقَبض الدّين أَو الْعين إِن برهن على الْوكَالَة وَالْمَال قبلت وَإِن أقرّ بِالْوكَالَةِ وَأنكر المَال لَا يصير خصما وَلَا تقبل الْبَيِّنَة على المَال لِأَنَّهُ لم يثبت كَونه خصما بِإِقْرَار الْمَطْلُوب لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحجَّة فِي حق الطَّالِب وَإِن أقرّ بِالْمَالِ وَأنكر الْوكَالَة لَا يسْتَحْلف على الْوكَالَة لِأَن التَّحْلِيف يَتَرَتَّب على دَعْوَى صَحِيحَة وَلم تُوجد لعدم ثُبُوت الْوكَالَة وَذكر الْخصاف أَنه يحلف على الْوكَالَة وَالْأول أصح وَفِي الْمُنْتَقى الْمَطْلُوب إِذا كَانَ مَرِيضا أَو امْرَأَة يبْعَث من يستحلفهما وَقَالَ الإِمَام رَحمَه الله تَعَالَى لَا يبْعَث من عَلَيْهِ الدّين الْمُؤَجل قدمه الدَّائِن إِلَى القَاضِي قبل الْحل وحلفه مَاله قبلك الْيَوْم شَيْء وجهله القَاضِي إِن كَانَ الْحَالِف لَا يَنْوِي إِتْلَاف حَقه لَا بَأْس بِهِ وَلَكِن لَيْسَ للْقَاضِي أَن يقبله مِنْهُ بل يحلفهُ بِاللَّه مَاله قبلك شَيْء قَالَ الْفَقِيه فِيهِ دَلِيل على أَن قَوْله لَيْسَ قبله الْيَوْم شَيْء إِقْرَار وَلَا يلْتَفت إِلَى قَول بعض الْحُكَّام إِنَّه إِقْرَار بِالدّينِ الْمُؤَجل فَيجب عَلَيْهِ المَال وَذكر الناطفي أَن من عَلَيْهِ دين مُؤَجل لَو أقرّ بِهِ وَادّعى الْأَجَل لَا يصدقهُ القَاضِي فحيلته أَن يَقُول القَاضِي سلة إِحَالَة أم مُؤَجّلَة إِن ادّعى الْحَالة يحلف بِاللَّه مَا عَلَيْهِ هَذِه الْألف الَّتِي يدعيها وَإِن حلف بِغَيْر هَذَا الطَّرِيق حنث وَفِي الْمُحِيط للْمَرْأَة إِثْبَات الْمهْر الْمُؤَجل وَإِن لم يكن لَهَا ولَايَة الْمُطَالبَة وَكَذَا الدّين الْمُؤَجل رجل أَخذ دَرَاهِمه مِمَّن هِيَ عَلَيْهِ ونقدها النَّاقِد ثمَّ وجد بَعْضهَا زُيُوفًا لَا ضَمَان على النَّاقِد وَترد إِلَى الدَّافِع وَيسْتَرد غَيرهَا وَإِن أنكر الدَّافِع أَن يكون ذَا مدفوعه فَالْقَوْل قَول الْقَابِض لِأَنَّهُ يُنكر أَخذ غَيرهَا وَهَذَا إِذا لم يقر بِاسْتِيفَاء حَقه أَو الْجِيَاد فَإِن كَانَ أقرّ لَا يرجع إِن أنكر الدَّافِع أَن يكون ذَا هُوَ

فِي الْقنية رجل طلب دينه من الْمَدْيُون فَأعْطَاهُ ألف من الْحِنْطَة وَلم يبعها مِنْهُ وَلم يقل إِنَّهَا من جِهَة الدّين فَهُوَ بيع بِالدّينِ وَإِن كَانَت قيمتهَا أقل من الدّين فَإِن كَانَ السّعر بَينهمَا مَعْلُوما يكون بيعا بِقدر قِيمَته من الدّين وَإِلَّا فَلَا بيع بَينهمَا وَفِي الْعِمَادِيّ وَلَو كَانَ لرجل على آخر دَنَانِير فَقَالَ أَنا أُعْطِيك بهَا دَرَاهِم فساوم بِالدَّرَاهِمِ وَلم يَقع بيع ثمَّ فَارقه عَن قبض وَلم يسْتَأْنف بيعا فَهَذَا جَائِز البياعة وبنحوه عَن مُحَمَّد رَحمَه الله قَالَ وَقد وَقعت وَاقعَة الْفَتْوَى فِي زَمَاننَا قلت وَصورتهَا بِالْفَارِسِيَّةِ لَكِن عربها بعض الْفُضَلَاء الْمجمع على خَيره وَدينه وَهُوَ رب الدّين إِذا توَافق مَعَ الْمَدْيُون على أَن يُعْطِيهِ من الذّرة بِمِقْدَار مَاله عِنْده من الدَّرَاهِم وَقد كَانَ ذَلِك الْقدر فِي ملكه والذرة فِي ذَلِك الْوَقْت كل مائَة من بِدِينَار إِلَّا أَن رب الدّين لم يقبض الذّرة فِي ذَلِك الْمجْلس ثمَّ بعد ايام جَاءَ وَقبض ذَلِك الْقدر من الْغلَّة وَقد تغير السّعر أينعقد البيع بَينهمَا فعلى قِيَاس مَا ذكر فِي مداينات الذَّخِيرَة يَنْبَغِي أَن ينْعَقد البيع بَينهمَا بِالْإِقْرَارِ السَّابِق وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم وَفِي فَتَاوَى الديناري رجل لَهُ عِنْد رجل حِنْطَة دينا فجَاء رب الدّين وَأخذ مِنْهُ قماشا من الخام بِحِسَاب الْحِنْطَة وَذَلِكَ الْيَوْم سعر الْحِنْطَة كل مائَة من بِدِينَار ثمَّ لما حَاسبه كَانَ السّعر يَوْم الْحساب كل خمسين مِنْهَا بِدِينَار فَإِن حصل بَينهمَا مواضعة بِأَن عين القماش الخام بِمِقْدَار من الْحِنْطَة يعْتَبر ذَلِك التَّعْيِين وَإِن لم يحصل بَينهمَا مواضعة يعْتَبر وَقت الْحساب لَا وَقت الخرج وَاعْتبر بعض الْمَشَايِخ وَقت الخرج مستدلا بِأَنَّهُ لَو استخرج رجل من سمان حبوبا وَأَعْطَاهُ أغلب ثمنهَا يعْتَبر وَقت الخرج قَالَ الديناري وَالْمُعْتَبر عندنَا وَقت الْحساب ادّعى الْمَدْيُون أَن الدَّائِن كتب على قرطاس بِخَطِّهِ إِن الدّين الَّذِي لي على فلَان بن فلَان أَبرَأته عَنهُ صَحَّ وَسقط الدّين لِأَن الْكِتَابَة المرسومة المعنونة كالمنطوق بِهِ وَإِن لم يكن كَذَلِك لَا يَصح الْإِبْرَاء وَلَا دَعْوَى الْإِبْرَاء وَلَا فرق بَين أَن تكون الْكِتَابَة بِطَلَب الدَّائِن وَبِغير طلبه وَلَو قَالَ تركت الدّين الَّذِي لي عَلَيْك لَا يكون إِبْرَاء وَيحمل على ترك الطّلب فِي الْحَال وَذكر فِي الخزانة الْأَكْمَل محالا على فَتَاوَى صاعد رجل كتب على نَفسه بِمَال مَعْلُوم وخطه مَعْلُوم بَين التُّجَّار وَأهل الْبَلَد ثمَّ مَاتَ فجَاء غَرِيمه يطْلب المَال من الْوَرَثَة وَعرض خطّ الْمَيِّت بِحَيْثُ عرف النَّاس خطه حكم بذلك فِي تركته وَقد جرت الْعَادة بَين النَّاس بِمثلِهِ حجَّة وَفِي جَامع الْفَتَاوَى وَلَو قَالَ تركت حَقي من الْمِيرَاث أَو بَرِئت مِنْهُ أَو من حصتي لَا يَصح وَهُوَ على حَقه لِأَن الْإِرْث جبري لَا يَصح تَركه قَالَ الْمُدَّعِي للْمُدَّعِي عَلَيْهِ بعد الْخُصُومَة وهبت وَتركت لَا يكون إِبْرَاء مَا لم يقل مِنْك بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أبرئني مِمَّا لَك عَليّ أَو هَب لي فَقَالَ وهبت أَو تركت أَو أبرأت لِخُرُوجِهِ مخرج الْجَواب قَالَ من كَانَ لي عَلَيْهِ شَيْء فَهُوَ فِي حل قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ على دَعْوَاهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ على دَعْوَاهُ فِي الْعين الْقَائِمَة لَا فِي الدّين أَبرَأَهُ عَن الدَّعَاوَى ثمَّ ادّعى عَلَيْهِ بِالْوكَالَةِ أَو الْوِصَايَة عَن غَيره صَحَّ وَفِي الْعِمَادِيّ رجل ادّعى على آخر مَالا فَأنْكر فَقَالَ الْمُدَّعِي إِنَّه كتب لي بذلك خطأ فَأنْكر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَن يكون خطه فَأمره القَاضِي أَن يكْتب على بَيَاض فَكتب وَكَانَ بَين الخطين مشابهة ظَاهِرَة دَالَّة على أَنَّهُمَا بِخَط كَاتب وَاحِد لَا يقْضِي عَلَيْهِ بِالْمَالِ الْمُدَّعِي بِهِ لِأَن هَذَا لَا يكون أَعلَى حَالا مِمَّا لَو كَانَ هَذَا خطي وَأَنا كتبته

وَلَكِن لَيْسَ على هَذَا المَال فهنالك القَوْل قَوْله وَلَا شَيْء عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ السَّيِّد الامام نَاصِر الدّين وَذكر مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى فِي كتاب الطَّلَاق وَلَو كتب الطَّلَاق على الرَّسْم فِي مثله ثمَّ قَالَ لم أنو بِهِ الطَّلَاق لَا يصدق فَكَذَا الاقرار وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالجيّ رجل ادّعى على رجل دَارا أَو عبدا ثمَّ قَالَ الْمُدَّعِي للْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَبْرَأتك عَن هَذِه الدَّار وَعَن خصومتي فِي هَذِه الدَّار أَو فِي دعواي فِي هَذِه الدَّار فَهَذَا كُله بَاطِل حَتَّى لَو ادّعى بعد ذَلِك تسمع وَلَو أَقَامَ الْبَيِّنَة تقبل بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ بَرِئت لَا تقبل بَينته بعد ذَلِك وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ أَنا بَرِيء من هَذَا العَبْد أَو خرجت عَنهُ فَلَيْسَ لَهُ أَن يَدعِي بعد ذَلِك لِأَن قَوْله أَبْرَأتك عَن خصومتي فِي هَذِه الدَّار خطاب للْوَاحِد فَلهُ أَن يُخَاصم غَيره فِي ذَلِك بِخِلَاف قَوْله بَرِئت لِأَنَّهُ أضَاف الْبَرَاءَة إِلَى نَفسه مُطلقًا فَيكون هُوَ بَرِيئًا نوع فِي الِاخْتِلَاف إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فِي قدر الثّمن أَو الْمَبِيع بِأَن ادّعى المُشْتَرِي ثمنا وَادّعى البَائِع أَكثر مِنْهُ أَو اعْترف البَائِع بِقدر من الْمَبِيع وَادّعى المُشْتَرِي وَأكْثر مِنْهُ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون لأَحَدهمَا بَيِّنَة أَو لَهما بَيِّنَة أَولا بَيِّنَة لَهما وَلَا لأَحَدهمَا فَإِن كَانَ لأَحَدهمَا بَيِّنَة قضى لمن قَامَت بِبَيِّنَتِهِ لِأَنَّهُ نور دَعْوَاهُ بِالْحجَّةِ وَإِن أَقَامَا الْبَيِّنَة فَالْبَيِّنَة المثبتة للزِّيَادَة أولى لِأَن الْبَينَات شرعت للإثبات وَإِن لم يكن لَهما وَلَا لأَحَدهمَا بَيِّنَة قيل للْمُشْتَرِي إِمَّا أَن ترْضى بِالثّمن الَّذِي ادَّعَاهُ البَائِع وَإِلَّا فسخنا البيع وَقيل للْبَائِع إِمَّا أَن تسلم مَال ادَّعَاهُ المُشْتَرِي من الْمَبِيع وَإِلَّا فسخنا البيع لِأَن الْغَرَض قطع الْخُصُومَة وَقد أمكن ذَلِك بِرِضا أَحدهمَا بِمَا يَدعِيهِ الآخر فَإِن لم يرضيا اسْتحْلف القَاضِي كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى الآخر وَيبدأ بِيَمِين المُشْتَرِي فِي الصَّحِيح ثمَّ إِذا حلف أَحدهمَا يسْتَحْلف الآخر فَإِن نكل أَحدهمَا ثبتَتْ الدَّعْوَى الآخر لِأَن النّكُول بذل أَو إِقْرَار ثمَّ إِذا تحَالفا هَل يَنْفَسِخ البيع بِنَفس التَّحَالُف أَو بِفَسْخ القَاضِي فقد اخْتلفُوا فِيهِ قَالَ بَعضهم يَنْفَسِخ البيع بِنَفس التَّحَالُف وَقَالَ بَعضهم لَا يَنْفَسِخ إِلَّا بِفَسْخ القَاضِي عِنْد طلبهما أَو طلب أَحدهمَا وَهُوَ الصَّحِيح هَذَا الْكَلَام فِيمَا إِذا اخْتلفَا فِي الْمَبِيع وَحده أوفى الثّمن وَحده وَأما إِذا اخْتلفَا فِي الْمَبِيع وَالثمن جَمِيعًا بِأَن قَالَ البَائِع بِعْت هَذَا العَبْد بألفي دِرْهَم وَقَالَ المُشْتَرِي بل اشْتريت هَذَا العَبْد بِأَلف دِرْهَم فَإِن لم يكن لَهما وَلَا لأَحَدهمَا بَيِّنَة تحَالفا وتفاسخا البيع على مَا بَيناهُ وَإِن كَانَ لأَحَدهمَا بَيِّنَة فَمن قَامَت بَينته أولى لما بَيناهُ وَإِن أَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة على مَا يَدعِيهِ فَبَيِّنَة البَائِع أولى فِي الثّمن لِأَنَّهَا أَكثر اثباتا وَبَيِّنَة المُشْتَرِي أولى فِي الْمَبِيع لِأَنَّهَا أَكثر إِثْبَاتًا وَإِن اخْتلفَا فِي الْأَجَل أَو فِي شَرط الْخِيَار أَو اسْتِيفَاء بعض الثّمن كَانَ القَوْل للْمُنكر مَعَ يَمِينه وَفِي الْمَبْسُوط فرق بَين هَذَا وَبَين الْأَجَل فِي السّلم فَإِن هُنَاكَ القَوْل من يَدعِي الْأَجَل من قبل أَن هُنَاكَ الْأَجَل من شَرط صِحَة العقد على مَا يَجِيء فِي بَابه اه كَذَا ذكر فِي المنبع إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فِي قدر الثّمن بعد قبض الْمَبِيع وهلاكه لَا تحالف فِيهِ عِنْد أبي حنيفَة وابي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى بل القَوْل فِيهِ للْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وَقَالَ مُحَمَّد وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله يَتَحَالَفَانِ وَيفْسخ البيع على قيمَة الْهَالِك وعَلى هَذَا الْخلاف إِذا خرج الْمَبِيع عَن ملكه أَو تغير وَصَارَ بِحَال لَا يقدر على رده بِالْعَيْبِ إِذا اشْترى عَبْدَيْنِ صَفْقَة وَاحِدَة وقبضهما ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا وَاخْتلفَا فِي مِقْدَار الثّمن فَقَالَ المُشْتَرِي اشتريتهما بِأَلف دلاهم وَقَالَ البَائِع اشتريتهما بألفي دِرْهَم قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يَتَحَالَفَانِ إِلَّا أَن يرضى البَائِع أَن يتْرك حِصَّة الْهَالِك فَحِينَئِذٍ يَتَحَالَفَانِ وَإِذا لم يرض البَائِع بترك حِصَّة الْهَالِك لَا يَتَحَالَفَانِ وَيكون القَوْل قَول

المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يَتَحَالَفَانِ فِي الْحَيّ وَيفْسخ العقد فِي الْحَيّ وَالْقَوْل للْمُشْتَرِي فِي حِصَّة الْهَالِك من الثّمن مَعَ يمنيه وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى يَتَحَالَفَانِ عَلَيْهِمَا وَيرد الْحَيّ وَقِيمَة الْهَالِك وَفِي المنبع إِذا وَقع الِاخْتِلَاف فِي مَتَاع لبيت فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الِاخْتِلَاف بَين الزَّوْجَيْنِ فِي حَال حياتهما وَإِمَّا أَن يكون بَين ورثتهما بعد وفاتهما وَإِمَّا أَن يكون فِي حَال حَيَاة أَحدهمَا وَمَوْت الآخر فَإِن كَانَ الِاخْتِلَاف فِي حَال حياتهما فإمَّا أَن يكون فِي حَال قيام النِّكَاح وَإِمَّا أَن يكون بعد زَوَاله بِالطَّلَاق فَإِن كَانَ فِي حَال قيام النِّكَاح فَمَا يصلح للرجل كالعمامة والقلنسوة وَالسِّلَاح وَغير ذَلِك فَالْقَوْل فِيهِ قَول الزَّوْج مَعَ يَمِينه لِأَن الظَّاهِر شَاهد لَهُ وَمَا يصلح للنِّسَاء كالخمار والملحفة والمغزل وَنَحْوهَا فَالْقَوْل فِيهِ للْمَرْأَة مَعَ الْيَمين لِأَن الظَّاهِر شَاهد لَهَا قَالَ الامام التُّمُرْتَاشِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَمَا يصلح للنِّسَاء فَالْقَوْل فِيهِ وللمرأة مَعَ الْيَمين إِلَّا إِذا كَانَ الرجل صائغا وَله أساور وخواتيم النِّسَاء وحلى وخلخال وأمثال ذَلِك فَحِينَئِذٍ لَا يكون مثل هَذِه الْأَشْيَاء للْمَرْأَة وَكَذَلِكَ إِذا كَانَت الْمَرْأَة تبيع ثِيَاب الرِّجَال كالعمامة والقوس والدرع والمنطقة انْتهى وَمَا يصلح لَهما كالآنية وَالذَّهَب وَالْفِضَّة والمنزل وَالْعَقار والمواشي وَغَيرهَا فَالْقَوْل فِيهِ قَول الزَّوْج وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى القَوْل قَول الزَّوْج فِي غير الْمُشكل كَمَا قَالَا وَأما فِي الْمُشكل فَالْقَوْل قَول الْمَرْأَة إِلَى قدر جهاز مثلهَا وَفِي الْبَاقِي القَوْل قَول الزَّوْج وَقَالَ زفر رَحمَه الله تَعَالَى الْمُشكل بَينهمَا نِصْفَانِ وَفِي قَول آخر وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى الْمَتَاع كُله بَينهمَا نِصْفَانِ وَقَالَ ابْن أبي لَيْلَة القَوْل قَول الزَّوْج فِي الْكل وَلها ثِيَاب بدنهَا وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِن كَانَ الْبَيْت بَيت الْمَرْأَة فالمتاع كُله لَهَا إِلَّا مَا على الزَّوْج من ثِيَاب بدنه وَإِن كَانَ الْبَيْت بَيت الزَّوْج فالمتاع لَهُ لِأَن يَد صَاحب الْبَيْت على مَا فِي الْبَيْت أقوى وَأظْهر من يَد غَيره وَهَذَا كُله إِذا اخْتلفَا فِي حَال قيام النِّكَاح وَأما إِذا اخْتلفَا بعد طَلاقهَا ثَلَاثًا أَو بَائِنا فَالْقَوْل قَول الزَّوْج لِأَنَّهَا صَارَت أَجْنَبِيَّة بِالطَّلَاق فَزَالَتْ يَدهَا هَذَا إِذا اخْتلف الزَّوْجَانِ قبل الطَّلَاق أَو بعده أما إِذا مَاتَا فَاخْتلف ورثتهما فَالْقَوْل قَول وَرَثَة الزَّوْج فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى القَوْل قَول وَرَثَة الْمَرْأَة إِلَى قدر جهاز مثلهَا وَفِي الْبَاقِي القَوْل قَول وَرَثَة الزَّوْج لِأَن الْوَارِث يقوم مقَام الْمُورث فصارا كالمورثين اخْتلفَا بأنفسهما وهما حَيَّان فِي حَال قيام النِّكَاح وَلَو كَانَ كَذَلِك كَانَ على هَذَا الْخلاف فَكَذَلِك بعد مَوْتهمَا وَإِن مَاتَ أَحدهمَا فَاخْتلف الْحَيّ مِنْهُمَا وورثة الْمَيِّت فَإِن كَانَ الْمَيِّت هُوَ الْمَرْأَة فَالْقَوْل قَول الزَّوْج عِنْد ابي حنيفَة وَمُحَمّد لِأَنَّهَا لَو كَانَت حَيَّة لَكَانَ القَوْل قَول الزَّوْج فَبعد مَوتهَا أولى وَعند ابي يُوسُف القَوْل قَول وَرَثَة الْمَرْأَة إِلَى قدر جهاز مثلهَا كَمَا هُوَ أَصله وَإِن كَانَ الْمَيِّت هُوَ الزَّوْج فَالْقَوْل قَوْلهَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْمُشكل وَعند أبي يُوسُف فِي قدر جهاز مثلهَا وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى القَوْل قَول وَرَثَة الزَّوْج وَهَذَا كُله إِذا كَانَ الزَّوْجَانِ حُرَّيْنِ أَو مملوكين أَو مكاتبين أما إِذا كَانَ أَحدهمَا حرا وَالْآخر مَمْلُوكا أَو مكَاتبا فاختلفا فِي حياتهما فَعِنْدَ أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى القَوْل قَول الْحر وَعِنْدَهُمَا إِن كَانَ الْمَمْلُوك مَحْجُورا فَكَذَلِك وَإِن كَانَ الْمَمْلُوك مَأْذُونا أَو مكَاتبا فَالْجَوَاب فِيهِ وَفِيمَا إِذا كَانَا حُرَّيْنِ سَوَاء وَقد تقدم جَوَاب الحرين بتفاصيلهما وَفِي الْمُحِيط رجل زوج ابْنَته فجهزها بجهاز فَمَاتَتْ الْبِنْت وَزعم أَبوهَا أَن الجهاز الْمَدْفُوع إِلَيْهَا كَانَ مَاله وَأَنه لم يملكهُ مِنْهَا وانما أَعَارَهُ لَهَا وَلم يَهبهُ لَهَا فَالْقَوْل قَول الزَّوْج وعَلى الْأَب الْبَيِّنَة لِأَن الظَّاهِر شَاهد للزَّوْج

وَلِأَن الانسان إِذا جهز بنته يدْفع إِلَيْهَا بطرِيق التَّمْلِيك ظَاهرا وَصَارَ كمن دفع ثوبا إِلَى قصار ليقصره وَلم يذكر أجرا حمل على الاجارة بِشَهَادَة الظَّاهِر فَكَذَا هَذَا وَالْبَيِّنَة الصَّحِيحَة أَن تشهد عِنْد التَّسْلِيم إِلَى الْمَرْأَة أَنه إِنَّمَا سلم إِلَيْهَا هَذِه الْأَعْيَان بطرِيق الْعَارِية أَو يكْتب نُسْخَة وَيشْهد الْأَب على إِقْرَارهَا أَن جَمِيع مَا فِي هَذِه النُّسْخَة مِنْك عَارِية بيَدي لَكِن هَذَا للْقَضَاء لَا للِاحْتِيَاط لجَوَاز أَنه اشْترى لَهَا بعض هَذِه الْأَشْيَاء فِي حَالَة الصغر فَبِهَذَا الْإِقْرَار لَا يصير للْأَب فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى فالاحتياط أَن يَشْتَرِي مِنْهَا مَا فِي هَذِه النُّسْخَة بِثمن مَعْلُوم ثمَّ الْبِنْت تبرئه عَن الثّمن انْتهى وَفِي الْعِمَادِيّ إِن كَانَ لرجل على انسان دينان من جنس وَاحِد فَأدى الْمَدْيُون شَيْئا من المَال فَالْقَوْل قَول الدَّافِع أَنه دفع بِأَيّ جِهَة فَيسْقط ذَلِك الدّين عَن ذمَّته وَلَو كَانَا من جِنْسَيْنِ بِأَن كَانَ أَحدهمَا من الذَّهَب وَالْآخر من الْفضة أَو أَحدهمَا من الْحِنْطَة وَالْآخر من الشّعير فَأدى الْفضة وَقَالَ أدّيت عوضا عَن الذَّهَب لَا يكون عوضا عَن الذَّهَب لِأَن الْمُعَاوضَة لَا تتمّ الا بالطرفين دلال بَاعَ شَيْئا ثمَّ ان المُشْتَرِي دفع عشرَة دَرَاهِم إِلَى الدَّلال وَقَالَ دفعت من الثّمن وَقَالَ الدَّلال دفعت دلالتي فَالْقَوْل قَول الدَّافِع مَعَ يَمِينه لِأَنَّهُ المملك رجل عَلَيْهِ ألف دِرْهَم من كَفَالَة وَألف دِرْهَم من ثمن مَبِيع فجَاء بِأَلف وَقَالَ أؤدي هَذِه من الْكفَالَة وَقَالَ الطَّالِب لَا آخذها إِلَّا من جَمِيع مَالِي عَلَيْك لَهُ ذَلِك وَحصل الْقَبْض عَن الْمَالَيْنِ وَيرجع بِمَا بَقِي على الْمَكْفُول عَنهُ وَإِن قبض وَلم يقل شَيْئا فللمطلوب أَن يَجعله من أَي الْمَالَيْنِ شَاءَ خياط يخيط ثوبا فِي دَار انسان اخْتلفَا فِي الثَّوْب فَالْقَوْل قَول صَاحب الدَّار وَلِأَن الثَّوْب وَإِن كَانَ فِي يَد الْخياط صُورَة فَهُوَ فِي يَد صَاحب الدَّار معنى حمال خرج من دَار رجل وعَلى عَاتِقه مَتَاع فَإِن كَانَ الْحمال يعرف بِبيع ذَلِك وَحمله فَهُوَ لَهُ وَكَانَ الظَّاهِر شَاهدا لَهُ وَإِن كَانَ لَا يعرف فَهُوَ لصَاحب الدَّار لِأَن الظَّاهِر شَاهد لَهُ وَكَذَلِكَ حمال عَلَيْهِ كارة وَهُوَ فِي دَار بزاز وَاخْتلفَا فِي تِلْكَ الكارة فَإِن كَانَت الدَّار مِمَّا يحمل فِيهَا فَالْقَوْل قَول الْحمال وَإِن كَانَت مِمَّا لَا يحمل فِيهَا فَالْقَوْل قَول صَاحب الدَّار رجلَانِ اصطادا طائرا فِي دَار رجل وَاخْتلفَا فِيهِ فَإِن اتفقَا على اصل الْإِبَاحَة وَلم يستول عَلَيْهِ قطّ فَهُوَ للصائد سَوَاء اصطاده من الْهَوَاء أَو من الشّجر أَو من الْحَائِط لِأَنَّهُ الْآخِذ دون صَاحب الدَّار إِذْ الصَّيْد لَا يعْتَبر بِكَوْنِهِ مأخوذا على حَائِطه أَو شَجَره وَقد قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الصَّيْد لمن أَخذه وَإِن اخْتلفَا فَقَالَ صَاحب الدَّار اصطدته قبلك أَو ورثته وَأنكر الصَّائِد فَإِنَّهُ ينظر إِن أَخذه من الْهَوَاء فَهُوَ لَهُ لِأَنَّهُ الْآخِذ إِذْ لَا يدْخلهُ على الْهَوَاء وَإِن أَخذ من جِدَاره أَو من شَجَره فَهُوَ لصَاحب الدَّار لِأَن الْجِدَار وَالشَّجر فِي يَده وَكَذَلِكَ إِذا اخْتلفَا فِي أَخذه من الْهَوَاء أَو من الْجِدَار فَالْقَوْل قَول صَاحب الدَّار لِأَن الأَصْل أَن مَا فِي دَار الانسان يكون فِي يَده هَكَذَا روى عَن أبي يُوسُف مَسْأَلَة الصَّيْد على هَذِه التفاصيل وَالله أعلم

الفصل الثالث في الشهادات

الْفَصْل الثَّالِث فِي الشَّهَادَات يفترض على الشَّاهِد أَدَاء الشَّهَادَة عِنْد الْحَاكِم إِذا طلب مِنْهُ الْمُدَّعِي الْأَدَاء وَلَا يَسعهُ كتمانها لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تكتموا الشَّهَادَة وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه} وَهُوَ صَرِيح فِي ذَلِك وَفِي الْمُحِيط رجل طلب مِنْهُ أَن يكْتب شَهَادَته أَو يشْهد على عقد هَل لَهُ أَن يمْتَنع ينظر إِن كَانَ الطَّالِب يجد غَيره فللشاهد هَذَا أَن يمْتَنع وَإِلَّا فَلَا يَسعهُ ذَلِك وَفِي نَوَادِر هِشَام عَن مُحَمَّد رجل لَهُ شُهُود كَثِيرَة فَدَعَا بَعضهم ليقيم الشَّهَادَة وَهُوَ يجد غَيره مِمَّن تقبل شَهَادَته وَلَكِن هَذَا الشَّاهِد مِمَّن تقبل شَهَادَته أسْرع لَا يَسعهُ الِامْتِنَاع عَن الْأَدَاء لما قُلْنَا وَفِي الْمُجْتَبى فِي تَفْسِير الفضلى وَتحمل الشَّهَادَة فرض على الْكِفَايَة وَإِلَّا لضاعت الْحُقُوق وَبَطلَت المواثيق وعَلى هَذَا الْكَاتِب إِذا ندب لذَلِك إِلَّا أَنه يجوز لِلْكَاتِبِ أَخذ الْأُجْرَة دون الشَّاهِد وَفِي النّصاب الْإِشْهَاد فِي الْمُبَايعَة والمداينة فرض على الْعباد لِأَنَّهُ يتْلف المَال لولاه إِلَّا إِذا كَانَ قَلِيلا أَو تلفهَا لَا يخَاف عَلَيْهِ نَحْو دِرْهَم لحقارته وَذكر فِي الذَّخِيرَة سُئِلَ نصر عَن الشَّاهِد إِذا دعِي إِلَى أَدَاء الشَّهَادَة وَهُوَ فِي الرستاق إِن كَانَ بِحَال لَو حضر إِلَى مجْلِس الحكم وَشهد يُمكنهُ الرُّجُوع إِلَى أَهله فِي يَوْمه يجب عَلَيْهِ الْحُضُور لِأَنَّهُ لَا ضَرَر عَلَيْهِ فِي الْحُضُور وَإِن كَانَ لَا يُمكنهُ الرُّجُوع إِلَى أَهله فِي يَوْمه لَا يجب عَلَيْهِ الْحُضُور وَإِن كَانَ الشَّاهِد شَيخا كَبِيرا لَا يقدر على الْمَشْي بالأقدام وَلَيْسَ عِنْده مَا يركبه يُكَلف الْمَشْهُود لَهُ بِدَابَّة يركبهَا ويحضر مَعَه مجْلِس الحكم فَلَا بَأْس بِهِ قَالَ وَهَذَا من إكرام الشُّهُود وَعَن أبي سُلَيْمَان الْجِرْجَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى رجل أخرج شُهُودًا إِلَى ضَيْعَة قد اشْتَرَاهَا واستأجر دَوَاب لَهُم فَرَكبُوا وذهبوا لم تقبل شَهَادَتهم وَفِيه نظر لِأَن الْعَادة جرت أَن من أخرج شَاهدا إِلَى الرستاق يُعْطِيهِ دَابَّة خُصُوصا إِذا لم يكن للشَّاهِد دَابَّة وَفِي شرح شيخ الاسلام رَحمَه الله تَعَالَى إِن فِي حُقُوق الْعباد إِذا طلب الْمُدَّعِي الشَّاهِد ليشهد لَهُ فَتَأَخر من غير عذر ظَاهر ثمَّ ادى لَا تقبل شَهَادَته وَكَذَلِكَ إِذا طلب أجرا على الْأَدَاء لَا تقبل كَذَا فِي المنبع وَفِي البزازي شَهدا على امْرَأَة لَا يعرفانها فَإِنَّهَا لَا تجوز حَتَّى تشهد جمَاعَة أَنَّهَا فُلَانَة وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يجوز إِذا شهد عَدْلَانِ أَنَّهَا فُلَانَة وَلَا يشْتَرط رُؤْيَة وَجههَا وَشَرطهَا فِي الْجَامِع الصَّغِير حَتَّى تشهد على مَعْلُوم لِأَن الشَّهَادَة على الْمَجْهُول بَاطِلَة وَقَالَ الإِمَام خُوَاهَر زَاده رَحمَه الله على أَنه لَا يشْتَرط رُؤْيَة شخصها أَيْضا وَغَيره على أَنه يشْتَرط رُؤْيَة شخصها وَفِي الْمُنْتَقى تحمل الشَّهَادَة على امْرَأَة ثمَّ مَاتَت فَشهد عِنْده عَدْلَانِ على أَنَّهَا فُلَانَة لَهُ أَن يشْهد عَلَيْهَا وَذكر الْخصاف رَحمَه الله تَعَالَى رجل فِي بَيت وَحده دخل عَلَيْهِ رجل وَرَآهُ ثمَّ خرج وَجلسَ على الْبَاب وَلَيْسَ للبيت مَسْلَك غَيره فَسمع إِقْرَاره من الْبَاب بِلَا رُؤْيَة وَجهه حل لَهُ أَن يشْهد بِمَا أقرّ

وَفِي الْعُيُون رجل أخْفى قوما لرجل ثمَّ سَأَلَهُ عَن شَيْء فَأقر وهم يسمعُونَ كَلَامه ويرونه وَهُوَ لَا يراهم جَازَت شَهَادَتهم وَإِن لم يروه وسمعوا كَلَامه لَا يحل لَهُم الشَّهَادَة وَلَا تجوز الشَّهَادَة بِالسَّمَاعِ إِلَّا فِي أَربع مَوَاطِن النّسَب وَالنِّكَاح وَالْقَضَاء وَالْمَوْت وَفِي الْوَقْف الصَّحِيح أَنَّهَا تقبل بِالتَّسَامُعِ على أَصله لَا على شَرَائِطه وَلَو شهد الشُّهُود على الْوَقْف من غير دَعْوَى تقبل لِأَن الْوَقْف حِكْمَة التَّصَدُّق بالغلة وَهُوَ حق الله تَعَالَى وَفِي حُقُوق الله تَعَالَى لَا تشْتَرط الدَّعْوَى كَذَا فِي المنبع وَفِي الصُّغْرَى الشَّهَادَة فِيمَا يقبل بِالتَّسَامُعِ على طَرِيقين بالشهرة الْحَقِيقِيَّة وَهُوَ أَن يسمع من قوم لَا يتَوَهَّم اتِّفَاقهم على الْكَذِب وَلَا يشْتَرط فِيهِ الْعَدَالَة وَلَفظ الشَّهَادَة الْحكمِيَّة وَهُوَ أَن يشْهد عِنْده رجلَانِ أَو رجل وَامْرَأَتَانِ عَدْلَانِ بِلَفْظ الشَّهَادَة وَلَا تجوز الشَّهَادَة بالشهرة فِي الْوَلَاء عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله تجوز وَلَا تجوز فِي الْعتْق وَالطَّلَاق إِجْمَاعًا قَالَ الْحلْوانِي رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا قَوْلهمَا وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله أَنه يجوز كَمَا فِي الْوَلَاء وَفِي الْمُنْتَقى الْأَصَح أَنه يشْهد فِي الْمهْر بِالتَّسَامُعِ رأى خطه وَلم يتَذَكَّر الْوَاقِعَة أَو رأى كِتَابَة الشَّهَادَة وَلم يتَذَكَّر المَال لَا يَسعهُ أَن يشْهد وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى يَسعهُ أَن يشْهد وَذكر الْخصاف رَحمَه الله تَعَالَى أَن الشَّرْط عِنْد الإِمَام رَحمَه الله تَعَالَى أَن يتَذَكَّر الْحَادِثَة والتاريخ ومبلغ المَال وَصفته حَتَّى لَو لم يتَذَكَّر شَيْئا مِنْهَا وتيقن أَنه خطه وخاتمه لَا يشْهد وَإِن شهد فَهُوَ شَاهد زور وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه إِن قطع أَنه خطه يشْهد بِشَرْط أَن يكون مستودعا لم يتَنَاوَلهُ الْأَيْدِي وَلم يكن فِي يَد صَاحب الصَّك من الْوَقْت الَّذِي كتب فِيهِ اسْمه وَإِلَّا لَا يشْهد وَإِذا شهد عِنْد القَاضِي يقبله لَكِن يسْأَله عَنهُ أَنه يشْهد عَن علم أَو عَن الْخط فَإِن شهد عَن علم قبله وَإِن شهد عَن الْخط لَا قَالَ الْحلْوانِي رَحمَه الله تَعَالَى يُفْتى بقول مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إِذا عرف خطه والخط فِي حرز وَنسي الشَّهَادَة عِنْدهَا لَهُ أَن يشْهد قَالَ الْفَقِيه وَبِه نَأْخُذ وَيَنْبَغِي للشَّاهِد إِذا شهد وَكتب أَن يُعلمهُ حَتَّى يكون بِحَالَة يعرفهُ بعده وَلَا يُمكن تَغْيِيره رجل كتب كتاب وَصيته وَقَالَ للْقَوْم اشْهَدُوا عَليّ بِمَا فِي الْكتاب لَا يجوز لَهُم أَن يشْهدُوا حَتَّى يقرأه عَلَيْهِم أَو يرونه يكْتب وهم يقرءُون مَا فِيهِ وَكَذَا الْوَصِيَّة المختومة وَهِي أَن الْمَرِيض إِذا كتب كتاب وَصيته وختمه وَقَالَ للشُّهُود هَذِه وصيتي وختمي فَاشْهَدُوا عَليّ بِمَا فِي هَذَا الْكتاب لَا يجوز لَهُم أَن يشْهدُوا بِمَا فِيهِ حَتَّى يعلمُوا مَا فِي الْكتاب بِأَن قرءوها أَو قُرِئت عَلَيْهِم وَكَذَا لَو شهدُوا على صك وَلم يقرءوه وَلم يعلمُوا مَا فِيهِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَان وَلَو كتب رِسَالَة عِنْد أُمِّيين لَا يقرآن وَلَا يكتبان وأمسكا الْكَاتِب عِنْدهمَا أَو شَهدا بِمَا لَا يجوز عِنْدهمَا وَعند ابي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يجوز كَذَا فِي الْخُلَاصَة رجل كتب صك وَصيته وَقَالَ لقوم اشْهَدُوا عَليّ بِمَا فِيهِ وَلم يقرأه عَلَيْهِم قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمهم الله تَعَالَى لَا تجوز الشَّهَادَة عَلَيْهِ وَقيل تجوز وَالْأول أصح

وَفِي المنبع وَأَجْمعُوا فِي الصَّك أَن الْإِشْهَاد لَا يَصح إِلَّا بإعلام الْكَاتِب مَا فِي الْكتاب فاحفظ هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِن النَّاس اعتادوا خلاف ذَلِك فَإِنَّهُ يشْهدُونَ بِمَا فِي الصَّك من غير قِرَاءَة الْحُرُوف وَغير ذَلِك القَاضِي إِذا أشهد جمَاعَة على السّجل وَلم يعلمُوا مَا فِيهِ وَلم يُخْبِرهُمْ القَاضِي بذلك لَا يجوز عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَهُوَ أحد الرِّوَايَتَيْنِ عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى سمع اقرار رجل بِحَق وَسعه أَن يشْهد عَلَيْهِ وَإِن لم يعاين السَّبَب وَإِن لم يقل لَهُ اشْهَدْ عَليّ بِمَا أَقرَرت توَسط بَين رجلَيْنِ فَقَالَا لَهُ لَا تشهد علينا بِمَا تسمع منا فَسمع إقرارهما أَو إِقْرَار أَحدهمَا لرجل بِشَيْء أَو قَالَ أَحدهمَا للْآخر بَقِي لَك عَليّ كَذَا لَهُ أَن يشْهد كَمَا سمع وَفِي الْمُحِيط شَهدا على امْرَأَة سمياها ونسباها وَكَانَت حَاضِرَة فَقَالَ القَاضِي أتعرفانها فَقَالَا لَا لَا تقبل شَهَادَتهمَا وَلَو قَالَا تحملنا هَذَا على الْمُسَمَّاة بفلانة بنت فلَان الْفُلَانِيَّة وَلَكِن لَا نَدْرِي أَنَّهَا هِيَ أم لَا صحت الشَّهَادَة وكلف الْمُدَّعِي أَن يَأْتِي بِآخَرين يَشْهَدَانِ أَنَّهَا فُلَانَة بنت فلَان اه وَفِي الْعِمَادِيّ وَلَو جَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدين فَشهد أَحدهمَا وَفسّر الشَّهَادَة على وَجههَا ثمَّ قَالَ الآخر أشهد بِمثل شَهَادَة صَاحِبي تقبل قلت وَفِيه تَفْصِيل وَهُوَ إِن كَانَ الشَّاهِد فصيحا يُمكنهُ بَيَان الشَّهَادَة على وَجههَا لَا يقبل مِنْهُ الْإِجْمَال وَإِن كَانَ أعجميا غير فصيح يقبل مِنْهُ الْإِجْمَال إِذا كَانَ بِحَال لَوْلَا حشمة مجْلِس الْقَضَاء يُمكنهُ أَن يعبر الشَّهَادَة بِلِسَانِهِ أما إِذا كَانَ بِحَال لَا يُمكنهُ أَن يعبر بِلِسَانِهِ أصلا فَإِنَّهُ لَا يقبل أَيْضا وَقَالَ الشَّيْخ الامام شمس الْأَئِمَّة ابو بكر مُحَمَّد بن أبي سهل رَحمَه الله الْمُخْتَار أَن يَجْعَل الْجَواب على التَّفْصِيل إِن أحس القَاضِي بخيانة من الشُّهُود بِشَهَادَة الزُّور يُكَلف كل شَاهد أَن يُفَسر شَهَادَته وَإِن لم يحس بِشَيْء من الْخِيَانَة لَا يُكَلف وَيحكم فِي ذَلِك بِرَأْيهِ وَذكر الشَّيْخ ظهير الدّين المرغيناني فِي شُرُوطه أَنه إِذا جرى بَين اثْنَيْنِ بيع أَو إِجَارَة أَو عقد آخر وأشهدا على ذَلِك جمَاعَة هَل يشْتَرط كِتَابَة معرفَة الشُّهُود الْمُتَبَايعين بوجههما وأسمائهما وأنسابهما كَانَ هِلَال وَأَبُو زيد لَا يكتبان ذَلِك وَغَيرهمَا من أَصْحَابنَا يَكْتُبُونَ أخذا بِالِاحْتِيَاطِ وَقَالَ ظهير الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدِي أَن الْمُتَبَايعين إِذا كَانَا معروفين عِنْد النَّاس مشهورين لَا حَاجَة إِلَى كِتَابَة معرفَة الشُّهُود للمتبايعين وَإِن كَانَا غير مشهورين فَلَا بُد مِنْهُ لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى أَدَاء الشَّهَادَة عَلَيْهِ بِمحضر مِنْهُ فَلَا بُد من مَعْرفَته بِوَجْهِهِ ليمكنهم أَدَاء الشَّهَادَة عَلَيْهِ وَعند غيبته أَو مَوته يحْتَاج إِلَى الشَّهَادَة باسمه وَنسبه فَلَا بُد من معرفتهم اسْمه وَنسبه وَلَا يجوز الِاعْتِمَاد على إِخْبَار الْمُتَبَايعين باسمهما ونسبهما فَعَسَى أَن يسميا وينتسب العاقدان باسم غَيرهمَا وَنسبه يُرِيد أَن يزورا على الشُّهُود حَتَّى يخرجَا الْمَبِيع من يَد مَالِكه فَلَو اعتمدوا على قَوْلهمَا نفذ تزويرهما وَبَطل أَمْلَاك النَّاس وَهَذَا فصل كثير من النَّاس عَنهُ غافلون فَإِنَّهُم يسمعُونَ لفظ الشِّرَاء وَالْبيع وَالْإِقْرَار والتقابض من رجلَيْنِ لَا يعرفونهما ثمَّ إِذا اسْتشْهدُوا من بعد موت صَاحب الْمَبِيع يشْهدُونَ على ذَلِك الِاسْم وَالنّسب وَلم يكن لَهُم علم بذلك فَيجب أَن يحْتَرز على مثل ذَلِك غَايَة الِاحْتِرَاز صِيَانة لنَفسِهِ عَن المجازفة ولأموال النَّاس عَن الضّيَاع قَالَ وَطَرِيق علم الشُّهُود بِالنّسَبِ أَن يشْهد عِنْدهم جمَاعَة لَا يتَصَوَّر تواطؤهم على الْكَذِب عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا شَهَادَة رجلَيْنِ كَاف كَمَا فِي سَائِر الْحُقُوق قَالَ وَإِذا لحقه الْحَرج فِي إِحْضَار الْجَمَاعَة

الَّتِي شَرط أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فَيَنْبَغِي أَن يشْهد عَدْلَانِ على شَهَادَتهمَا عُدُولًا آخَرين على النّسَب حَتَّى إِذا احتاجوا إِلَى أَدَاء الشَّهَادَة شهدُوا على شَهَادَتهمَا على النّسَب وعَلى مَا فِي الْكتاب بِمَا شهدُوا عَلَيْهِ نوع فِيمَن تقبل شَهَادَته وَمن لَا تقبل لَا تقبل شَهَادَة سِتَّة عشر العَبْد الْمُدبر الْمكَاتب أم الْوَلَد المجلود فِي الْقَذْف الشَّرِيك فِي شركته المفاوض الَّذِي يجر لنَفسِهِ نفعا بِشَهَادَتِهِ الَّتِي تقوم على النَّفْي شَهَادَة التهاتر شَهَادَة أهل الْكفْر على الْمُسلمين شَهَادَة الْمولى مأذونه ومكاتبه شَهَادَة الْأَعْمَى وَالْخُنْثَى الْمُشكل لَا تقبل شَهَادَته مَعَ رجل أَو امْرَأَة وَلَو كَانَ مَعَ رجل وَامْرَأَة تقبل وَمَتى ردَّتْ الْعلَّة ثمَّ زَالَت لَا تقبل إِلَّا فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع عبد ردَّتْ شَهَادَته ثمَّ عتق وَكَافِر أسلم وأعمى أبْصر وَصبي ردَّتْ شَهَادَته ثمَّ بلغ فَأَعَادُوا الْأَدَاء تقبل وَفِي خُلَاصَة النَّوَازِل لأبي اللَّيْث لَا تقبل شَهَادَة معلم الصّبيان لِأَن عقله نَاقص لكَونه بِالنَّهَارِ مَعَ الغلمان وبالليل مَعَ النسوان وَيَوْم الْجُمُعَة فِي الطاحون وَعَن عَلْقَمَة أَنه قَالَ عقل ثَمَانِينَ معلما كعقل امْرَأَة وَاحِدَة وَالصَّحِيح أَنه إِن كَانَ عدلا تقبل شَهَادَته وَحَدِيث عَلْقَمَة وابي اللَّيْث فِي معلم بِعَيْنِه وَفِي الْمَنْع لَا تقبل شَهَادَة الْآبَاء والأمهات والأجداد والجدات للْوَلَد وَولد الْوَلَد وَإِن سفل وَلَا شَهَادَة الْأَوْلَاد وَأَوْلَاد الْأَوْلَاد للآباء والأمهات والأجداد والجدات شَهَادَة الرجل لولد الِابْنَة لَا تقبل لِأَنَّهُ لَو قضى لَهُ لَا يجوز وَكَذَلِكَ لَا تقبل شَهَادَة الرجل على قَضَاء أَبِيه بِأَن يشْهد أَن أَبَاهُ قضى لفُلَان على فلَان بِكَذَا وَتجوز شَهَادَته على شَهَادَة أَبِيه رَوَاهُ الْحسن عَن أبي مَالك عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وروى أَيْضا عَن أبي حنيفَة أَنه لَا تجوز شَهَادَة الابْن على قَضَاء أَبِيه وَإِن كَانَ الْأَب قَاضِيا يَوْم الشَّهَادَة وَعَن مُحَمَّد أَنه تجوز شَهَادَة الابْن على قَضَاء أَبِيه مُطلقًا اه وَلَا تجوز شَهَادَة أحد الزَّوْجَيْنِ للْآخر وَلَا شَهَادَة الْأَجِير لمن اسْتَأْجرهُ وَالْمرَاد بِهِ الْأَجِير الْخَاص الَّذِي يعد ضَرَر أستاذه ضَرَرا لنَفسِهِ ونفعه نفعا لنَفسِهِ وَهُوَ معنى قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا شَهَادَة للقانع بِأَهْل الْبَيْت وَفِي الْمغرب قيل أَرَادَ بِهِ من يكون مَعَ الْقَوْم كالخادم وَالتَّابِع والأجير وَنَحْوه وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة السَّائِل يطْلب معاشه انْتهى وَفِي شرح منظومة ابْن وهبان شَهَادَة الْعَدو على عدوه هَل تقبل أَو لَا تقبل وَالصَّحِيح أَنَّهَا تقبل سَوَاء كَانَت الْعَدَاوَة دينية أَو دنيوية فَإِنَّهَا لَا تقدح فِي الْعَدَالَة وَقيل الْعَدَاوَة الدُّنْيَوِيَّة تُؤثر فِي الْعَدَالَة وتقدح فِيهَا فَلَا تقبل شَهَادَة الْعَدو على عدوه إِذا كَانَت الْعَدَاوَة دنيوية وَمِثَال الْعَدَاوَة الدُّنْيَوِيَّة أَن يشْهد الْمَقْذُوف على الْقَاذِف والمقطوع عَلَيْهِ الطَّرِيق على الْقَاطِع والمقتول وليه على الْقَاتِل والمجروح على الْجَارِح وَالزَّوْج يشْهد على امْرَأَته بالزنى فَإِن هَؤُلَاءِ تقبل شَهَادَتهم فِي قَول أَكثر أهل الْعلم كربيعة وَالثَّوْري وَإِسْحَاق وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَهُوَ الْمُصَرّح بِهِ فِي غَالب كتب أَصْحَابنَا وَالْمَشْهُور على أَلْسِنَة فقهائنا وَمِثَال الْعَدَاوَة الدِّينِيَّة الْمُسلم يشْهد على الْكَافِر والمحق من أهل السّنة يشْهد على المبتدع فَإِن شَهَادَة هَؤُلَاءِ غير مَرْدُودَة وَلَا قادحة فِي الْعَدَالَة

وَذكر صَاحب المغنى من الْحَنَابِلَة عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى إِن الْعَدَاوَة لَا تمنع الشَّهَادَة مُطلقًا وَذكر صَاحب الْقنية من أَصْحَابنَا فِي بَاب من تقبل شَهَادَته وَمن لَا تقبل مَا يُؤَيّد ذَلِك تَنْبِيه قد يتَوَهَّم بعض المتفقهة وَالشُّهُود أَن كل من خَاصم شخصا فِي حق أَو ادّعى عَلَيْهِ حَقًا أَنه يصير عدوه فَيشْهد بَينهمَا بالعداوة وَلَيْسَ كَذَلِك بل الْعَدَاوَة تثبت بِنَحْوِ مَا ذكرت نعم لَو خَاصم الشَّخْص آخر فِي حق لَا تقبل شَهَادَته عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْحق كَالْوَكِيلِ لَا تقبل شَهَادَته فِيمَا هُوَ وَكيل فِيهِ وَالْوَصِيّ لَا تقبل شَهَادَته فِيمَا هُوَ وَصِيّ فِيهِ وَالشَّرِيك لَا تقبل شَهَادَته فِيمَا هُوَ شريك فِيهِ وَنَحْو ذَلِك لَا أَنه إِذا تخاصم اثْنَان فِي حق لَا تقبل شَهَادَة أَحدهمَا على الآخر لما بَينهمَا من الْمُخَاصمَة فرع إِذا قُلْنَا إِنَّه لَا تجوز شَهَادَة الْعَدو على عدوه إِذا كَانَت الْعَدَاوَة دنيوية هَل الحكم فِي القَاضِي كَذَلِك حَتَّى لَا يجوز قَضَاء القَاضِي على من بَينه وَبَينه عَدَاوَة دنيوية لم اقف على هَذَا الْفَرْع فِي كتب أَصْحَابنَا وَيَنْبَغِي أَن يكون الْجَواب فِيهِ على التَّفْصِيل إِن كَانَ قَضَاؤُهُ عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ فَيَنْبَغِي أَن لَا ينفذ وَإِن كَانَ بِشَهَادَة الْعُدُول وبمحضر من النَّاس فِي مجْلِس الحكم بِطَلَب خصم شَرْعِي ودعواه فَيَنْبَغِي أَن يجوز وَرَأَيْت فِي الرَّافِعِيّ من كتب الشَّافِعِيَّة عَن القَاضِي الْمَاوَرْدِيّ أَنه يجوز قَضَاء الْعَدو على عدوه بِخِلَاف شَهَادَة الْعَدو على عدوه وَفرق بَينهمَا بِأَن قَالَ لِأَن أَسبَاب الحكم ظَاهِرَة واسباب الشَّهَادَة خافية اه مَا نقلته من شرح الْمَنْظُومَة وَفِي الْوِقَايَة وَلَا تقبل شَهَادَة مخنث يفعل الرَّدِيء ونائحة ومغنية ومدمن الشّرْب على اللَّهْو وَمن يلْعَب بالطيور أَو الطنبور أَو يُغني للنَّاس أَو يرتكب مَا يحد بِهِ أَو يدْخل الْحمام بِلَا إِزَار أَو يَأْكُل الرِّبَا أَو يقامر بالنرد أَو الشطرنج أَو تفوته الصَّلَاة بهما أَو يَبُول على الطَّرِيق أَو يَأْكُل فِيهِ أَو يظْهر سبّ السّلف وَفِي الذَّخِيرَة وَلم يرد بالنائحة الَّتِي تنوح فِي مصيبتها وَإِنَّمَا اراد الَّتِي تنوح فِي مُصِيبَة غَيرهَا اتَّخذت ذَلِك مكسبة وَفِي الْبَدَائِع وَأما من يضْرب شَيْئا من الملاهي فَإِنَّهُ ينظر إِن لم يكن مستبشعا كالقصب والدف وَنَحْوهمَا لَا بَأْس بِهِ وَلَا تسْقط عَدَالَته وَإِن كَانَ مستبشعا كالعود وَنَحْوه سَقَطت عَدَالَته لِأَنَّهُ لَا يحل بِوَجْه من الْوُجُوه قَوْله وَمد من الشّرْب المُرَاد بِهِ الادمان فِي النِّيَّة يَعْنِي يشرب وَمن نِيَّته أَن يشرب بعد ذَلِك إِذا وجده وَأما اللاعب بالطيور فَإِنَّهُ ينظر إِلَى العورات فِي السَّطْح وَغَيره وَذَا فسق هَذَا إِذا كَانَ يطيرها أما إِذا كَانَ يمسك الْحمام فِي بَيته ويستأنس بهَا وَلَا يطيرها فَهُوَ عدل لِأَن اقتناء الْحمام فِي الْبيُوت مُبَاح أَلا ترى أَن النَّاس يتخذون بروج الْحمام وَلم يمْنَع من ذَلِك أحد وَبِهَذَا تبين أَنه إِذا اتخذ الْحمام لحمل الْكتب كَمَا فِي الديار المصرية والشامية لَا يكون حَرَامًا لوُقُوع الْحَاجة إِلَيْهَا وَأما من ارْتكب كَبِيرَة فَإِنَّهُ ترد شَهَادَته وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي مَاهِيَّة الْكَبِيرَة وَالصَّغِيرَة قَالَ بَعضهم مَا فِيهِ حد فِي كتاب الله تَعَالَى فَهُوَ كَبِيرَة وَمَا لَا حد فِيهِ فَهُوَ صَغِيرَة قيل وَهَذَا لَيْسَ بسديد فَإِن شرب الْخمر وَأكل الرِّبَا من الْكَبَائِر وَلَا حد فيهمَا فِي كتاب الله تَعَالَى وَقَالَ بَعضهم مَا أوجب الْحَد فَهُوَ كَبِيرَة وَمَا لَا حد فَهُوَ صَغِيرَة وَهَذَا أَيْضا يبطل بِأَكْل الرِّبَا وَغَيره لِأَنَّهُ لَا حد فِيهِ مَعَ أَنَّهَا كَبِيرَة وَقَالَ بَعضهم مَا كَانَ حَرَامًا لعَينه فَهُوَ كَبِيرَة وَقيل هِيَ السَّبع الَّتِي ذكرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الْمَعْرُوف سبع من الْكَبَائِر لَا كَفَّارَة فِيهِنَّ الاشراك بِاللَّه والفرار من الزَّحْف وعقوق الْوَالِدين وَقتل النَّفس بِغَيْر حق وبهت الْمُؤمن والزنى وَشرب

الْخمر وَهَذَا قَول أهل الْحجاز واهل الحَدِيث وَزَاد بَعضهم على هَذِه السَّبع أكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حق وَأَصَح مَا يُقَال فِيهِ مَا هُوَ الْمَنْقُول عَن شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي رَحمَه الله تَعَالَى أَنه قَالَ مَا كَانَ شنيعا بَين الْمُسلمين وَفِيه هتك حُرْمَة اسْم الله تَعَالَى وَالدّين فَهُوَ حرَام من جملَة الْكَبَائِر يُوجب سُقُوط الْعَدَالَة وَفِي الْمُحِيط وَحكى أَبُو بكر الرَّازِيّ عَن أبي حسن الْكَرْخِي رحمهمَا الله تَعَالَى أَن من مَشى فِي السُّوق بسراويل وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيره لَا تقبل شَهَادَته لِأَنَّهُ تَارِك للمروءة وَكَذَلِكَ لَا تقبل شَهَادَة من يَأْكُل فِي السُّوق بَين يَدي النَّاس وَكَذَا من يمد رجلَيْهِ عِنْد النَّاس أَو يكْشف رَأسه فِي مَوضِع لاعادة فِيهِ وَمن يجن سَاعَة ويفيق سَاعَة فَشهد فِي حَالَة الصحو تقبل شَهَادَته لِأَن ذَلِك بِمَنْزِلَة الْإِغْمَاء وَالْإِغْمَاء لَا يمْنَع قبُول الشَّهَادَة وَقدره بعض مَشَايِخنَا بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ حَتَّى لَو جن يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ أَفَاق فشهادته جَائِزَة فِي حَال الصحو اه وَفِي الْقنية لَا تقبل شَهَادَة رب الدّين لمديونه إِذا كَانَ مُفلسًا وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي ووالد صَاحب الْمُحِيط تقبل شَهَادَة رب الدّين لمديونه وَإِن كَانَ مُفلسًا وَفِي شرح الْجَامِع للعتابي رب الدّين إِذا شهد لمديونه بعد مَوته بِمَال لَا تقبل شَهَادَته لتَعلق حَقه بِالتَّرِكَةِ وَكَذَا الْوَصِيّ لَهُ بِأَلف مُرْسلَة أَو بِشَيْء بِعَيْنِه لَا تقبل لِأَنَّهُ يزْدَاد بِهِ مَحل وَصيته أَو سَلامَة عينه وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة الأوزجندي رَحمَه الله تَعَالَى رجل شهد قبل أَن يستشهد تسمع شَهَادَته بعد ذَلِك وَلَا تقبل شَهَادَة العواني الَّذِي يَأْخُذ بِغَيْر حق لِأَنَّهُ يكون ظلما فَيكون فسقا وَلَو شهد الساكنان بِأَجْر أَو بِغَيْر أجر لرب الدَّار جَازَ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالا لَا تجوز فَإِن شهد المرتهنان للْمُدَّعِي على الرَّاهِن تقبل وَلَو شهد الراهنان لَا تقبل حَتَّى يفتك الرَّهْن عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لَا تقبل شَهَادَة الأقلف وَلَا تقبل صلَاته وَلَا تُؤْكَل ذَبِيحَته وَتقبل شَهَادَة الزَّوْج لصهره وَشَهَادَة الصّديق لصديقه وَلَا تقبل شَهَادَة من يَبِيع الأكفان إِذا ترصد لذَلِك لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يتَمَنَّى الْمَوْت والطاعون وَكَذَلِكَ لَا تقبل شَهَادَة النخاس والدلال لِأَنَّهُمَا يكذبان وَلَا يباليان شهد أَحدهمَا أَنه طَلقهَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْآخر بِالْفَارِسِيَّةِ لَا تقبل بِخِلَاف الْإِقْرَار وَفِي الْخُلَاصَة وَلَا تقبل شَهَادَة الخطابية لأَنهم يشْهدُونَ لبَعْضهِم بَعْضًا بالزور وَيَقُولُونَ إِن عليا هُوَ الاله الْأَكْبَر وجعفر الصَّادِق هُوَ الاله الْأَصْغَر تَعَالَى الله عَمَّا يَقُولُونَ علوا كَبِيرا لَا اله الا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَفِي الْمُحِيط شهد الشُّهُود بِحَق لرجل ثمَّ حلفوا لَا تقبل شَهَادَتهم للتُّهمَةِ وَلَو بَاعَ عينا ثمَّ شهد بهَا للْمُدَّعِي لَا تقبل وَتقبل شَهَادَة الْأَخ لِأَخِيهِ وَعَمه لِأَن الْأَمْلَاك وَالْمَنَافِع بَينهمَا متباينة كَذَا فِي الْهِدَايَة وَلَا تقبل شَهَادَة الْأَشْرَاف بالعراق لتعصبهم وَقَالَ بعض الْعلمَاء لَا تجوز شَهَادَة الْقَرَوِي وَتجوز شَهَادَة أهل الْأَمْصَار وَفِي الْعِمَادِيّ وَلَو شهد أَنه وقف على فُقَرَاء جِيرَانه وهما من جِيرَانه الْفُقَرَاء جَازَت شَهَادَتهمَا لِأَن الْجوَار لَيْسَ بِأَمْر لَازم وَكَذَا لَو شَهدا أَنه وَقفه على فُقَرَاء مَسْجده وهما من فُقَرَاء مَسْجده جَازَت شَهَادَتهمَا وَكَذَا لَو شهد أهل الْمدرسَة بوقف الْمدرسَة تقبل شَهَادَتهم لَكِن الْمَشَايِخ رَحِمهم الله تَعَالَى فصلوا الْجَواب فيهمَا فَقَالُوا فِي شَهَادَة أهل الْمدرسَة إِن كَانُوا يَأْخُذُونَ الْوَظَائِف من ذَلِك الْوَقْف لَا تقبل شَهَادَتهم وَإِن كَانُوا لَا يَأْخُذُونَ تقبل وَقيل فِي هَذِه الْمسَائِل كلهَا تقبل وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن كَون الْفَقِيه فِي الْمدرسَة لَيْسَ بِلَازِم بل ينْتَقل رجل قَالَ لآخر اكْتُبْ شهادتي فِي هَذَا الصَّك فَكتب الْمَأْمُور شهد بذلك لَا يكون إِقْرَارا من الْآمِر بِأَن هَذَا ملك البَائِع

وَذكر فِي أدب القَاضِي الْخصاف أَسبَاب الْجرْح كَثِيرَة مِنْهَا ركُوب بَحر الْهِنْد لانه مخاطر بِنَفسِهِ وَدينه وَمَاله وَمِنْهَا التِّجَارَة فِي قرى فَارس فَإِنَّهُم يُطْعِمُونَهُمْ الرِّبَا وهم يعلمُونَ قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى القَاضِي يقبل شَهَادَته ابنيه وَلَو شَهدا أَن أباهما قضى للْمُدَّعِي على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ لَا تقبل وَلَا تقبل شَهَادَة الْأَخْرَس لعَجزه عَن الْأَدَاء وَتقبل شَهَادَة الْخصي إِذا كَانَ عدلا وَأما ولد الزِّنَى فَاخْتلف الْعلمَاء فِي قبُول شَهَادَته قَالَ بَعضهم لَا تقبل مُطلقًا وَقَالَ بَعضهم تقبل فِي كل شَيْء إِلَّا فِي الزِّنَى وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ بَعضهم تقبل مُطلقًا إِذا كَانَ عدلا وَبِه أَخذ عُلَمَاؤُنَا رَحِمهم الله تَعَالَى شَهَادَة الرئيس والجابي فِي السِّكَّة الَّذِي يَأْخُذ الدَّرَاهِم والصراف الَّذِي يجمع عِنْده الدَّرَاهِم ويأخذها طَوْعًا لَا تقبل شَهَادَة أهل الذِّمَّة بَعضهم على بعض مَقْبُولَة سَوَاء اتّفقت مللهم كاليهودي مَعَ الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ مَعَ النَّصْرَانِي والمجوسي مَعَ الْمَجُوسِيّ أَو اخْتلف إِلَّا أَن يَكُونَا من أهل دارين مُخْتَلفين بِأَن يشْهد رومي على هندي أَو هندي على رومي وَتقبل شَهَادَة الذِّمِّيّ على الْمُسْتَأْمن وَلَا تقبل شَهَادَة الْمُسْتَأْمن على الذِّمِّيّ لِأَن الذِّمِّيّ أَعلَى حَالا مِنْهُ لكَونه من أهل دَارنَا حَتَّى لَا يُمكن من الرُّجُوع إِلَى دَار الْحَرْب بِخِلَاف الْمُسْتَأْمن وَتقبل شَهَادَة المستأمنين بَعضهم على بعض إِذا كَانُوا من أهل دَار وَاحِدَة فَإِن كَانُوا من أهل دارين كالرومي والتركي لَا تقبل لِأَن الْولَايَة فِيمَا بَينهم تخْتَلف باخْتلَاف المنعتين وَلِهَذَا لَا يجْرِي بَينهمَا التَّوَارُث بِخِلَاف دَار الاسلام فَإِنَّهَا دَار أَحْكَام فباختلاف المنعة لَا تخْتَلف الدَّار وَهَذَا بِخِلَاف أهل الذِّمَّة فَإِنَّهُم صَارُوا من أهل دَارنَا فَتقبل شَهَادَة بَعضهم على بعض وَإِن كَانُوا من منعات مُخْتَلفَة كَذَا فِي المنبع وَفِي البزازي ويكتفى بِشَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة حرَّة مسلمة عَاقِلَة بَالِغَة فِيمَا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال كالولادة وَالْعَيْب الَّذِي لَا ينظر إِلَيْهِ الرِّجَال وَلَا يشْتَرط لفظ الشَّهَادَة عِنْد مَشَايِخ الْعرَاق وَعند مَشَايِخنَا يشْتَرط وَعَلِيهِ اعْتمد الْقَدُورِيّ وَعَلِيهِ الْفَتْوَى والمثبت أحفظ وَالأَصَح أَنه تقبل شَهَادَة رجل وَاحِد فِيهِ أَيْضا وَيحمل على وُقُوع النّظر لَا عَن قصد أَو عَن قصد لتحمل الشَّهَادَة كَمَا فِي الزِّنَى وعَلى استهلال الصَّبِي فِي حق الْإِرْث لَا تقبل الا شَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَعِنْدَهُمَا تقبل شَهَادَة حرَّة مسلمة وعَلى حَرَكَة الْوَلَد بعد الْولادَة على هَذَا الْخلاف وَالشَّهَادَة على الْعَذْرَاء أَو الرتقاء على هَذَا الْخلاف أَيْضا جَاءَت الْمَنْكُوحَة بِولد وَقَالَت لبعلها الْوَلَد مِنْك فَأنْكر وِلَادَتهَا لَا يقبل قَوْلهَا بِلَا شَهَادَة الْقَابِلَة وبشهادتها يثبت النّسَب والثنتان أحوط وَإِن كَانَ يصدقها فبمجرد قَوْلهَا يثبت النّسَب شهد الابنان على أَبِيهِمَا بِطَلَاق أمهما إِن جحدت الطَّلَاق تقبل شَهَادَتهمَا وَإِن ادَّعَت الطَّلَاق لَا تقبل وَفِيه إِشْكَال فَإِن الطَّلَاق حق الله تَعَالَى وَيَسْتَوِي فِيهِ وجود الدَّعْوَى وَعدمهَا فَلَو انعدمت الدَّعْوَى تقبل فَكَذَا إِذا وجدت قُلْنَا نعم هُوَ حَقه تَعَالَى كَمَا ذكرت لَكِن يسلم لَهَا بضعهَا حَتَّى تملك الِاعْتِيَاض فَتعْتَبر الدَّعْوَى إِذا وجدت وَلَا تعْتَبر الْفَائِدَة إِذا عدمت الدَّعْوَى اه وَفِي العتابي الْوَكِيل بِقَبض الدّين تجوز شَهَادَته بِالدّينِ نوع فِي الِاخْتِلَاف فِي الشَّهَادَة الشَّهَادَة إِذا وَافَقت الدَّعْوَى كَانَت مَقْبُولَة وَإِن خالفتها لم تقبل

وَفِي الْبَدَائِع الشَّرَائِط الَّتِي ترجع إِلَى نفس الشَّهَادَة أَنْوَاع مِنْهَا لفظ الشَّهَادَة فَلَا تقبل بغَيْرهَا من الْأَلْفَاظ كلفظة الْإِخْبَار والإعلام وَغَيرهمَا وَمِنْهَا موافقتها للدعوى فالشهادة المنفردة عَن الدَّعْوَى فِيمَا يشْتَرط فِيهِ الدَّعْوَى غير مَقْبُولَة وَبَيَان ذَلِك فِي مسَائِل إِذا ادّعى ملكا بِسَبَب ثمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَة على ملك مُطلق لَا تقبل وبمثله لَو ادّعى ملكا مُطلقًا ثمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَة على الْملك بِسَبَب تقبل وَوجه الْفرق بَينهمَا ظَاهر فَتَأمل وَفِي المنبع الْمُوَافقَة كَمَا تشْتَرط بَين الشَّهَادَة وَالدَّعْوَى فَكَذَلِك تشْتَرط بَين شَهَادَة الشَّاهِدين فِيمَا يشْتَرط فِيهِ الْعدَد حَتَّى لَو وَقع الِاخْتِلَاف بَين شَهَادَتهمَا لم تقبل شَهَادَتهمَا وَهَذَا لِأَن اخْتِلَافهمَا اخْتِلَاف بَين الدَّعْوَى وَالشَّهَادَة وَفِي الْكَافِي وَلَو ادّعى الْغَرِيم الْإِيفَاء فَشهد أحد الشَّاهِدين على إِقْرَار الطَّالِب بِالِاسْتِيفَاءِ وَالْآخر انه أَبرَأَهُ أَو حلله أَو وهبه أَو تصدق عَلَيْهِ بِهِ لم تقبل لاختلافهما لفظا وَمعنى إِلَّا إِذا قَالَ شَاهد الْبَرَاءَة إِنَّه أقرّ أَنه بَرِيء إِلَيْهِ بالإيفاء وَلَو ادّعى الْإِبْرَاء فَشهد أَحدهمَا أَنه أَبرَأَهُ وَالْآخر أَنه وهبه أَو تصدق بِهِ عَلَيْهِ تقبل لِأَنَّهُمَا يستعملان فِي الْبَرَاءَة وَلَو ادّعى الْهِبَة فَشهد أَحدهمَا بِالْهبةِ وَالْآخر بِالْإِبْرَاءِ تقبل وَلَو شهد الآخر بِالصَّدَقَةِ لَا تقبل لِأَن الصَّدَقَة إِخْرَاج المَال إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالْهِبَة إِلَى العَبْد وَإِذا اخْتلف الشَّاهِدَانِ فِي الزَّمَان أَو الْمَكَان فِي البيع وَالشِّرَاء وَالطَّلَاق وَالْعتاق وَالْوكَالَة وَالْوَصِيَّة وَالرَّهْن وَالدّين وَالْقَرْض والبراءة وَالْكَفَالَة وَالْحوالَة وَالْقَذْف تقبل وَإِذا اخْتلفَا فِي الْجِنَايَة وَالْغَضَب وَالْقَتْل وَالنِّكَاح لَا تقبل وَفِي الذَّخِيرَة لَو شهد أَحدهمَا بِالْقَتْلِ وَالْآخر بِالْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ لَا تقبل لِأَن الْقَتْل فعل وَالْإِقْرَار قَول وَالْفِعْل غير القَوْل فَاخْتلف الْمَشْهُود بِهِ وَكَذَا لَو شَهدا بِالْقَتْلِ وَاخْتلفَا فِي الزَّمَان أَو فِي الْمَكَان لِأَن الْفِعْل الثَّانِي غير الْفِعْل الأول وَكَذَا إِذا اخْتلفَا فِي الْآلَة الَّتِي كَانَ بهَا الْقَتْل لَا تقبل وَلَو شَهدا بالْقَوْل وَاخْتلفَا فِي الزَّمَان أَو فِي الْمَكَان لَا يقْدَح فِي الشَّهَادَة وَلَو شَهدا بِالْفِعْلِ وَاخْتلفَا فِي الزَّمَان أَو فِي الْمَكَان لَا تقبل وَلَو شَهدا بِالْفِعْلِ وَالْقَوْل وَاخْتلفَا فِي الزَّمَان أَو فِي الْمَكَان بِأَن شَهدا بِالرَّهْنِ وَالْقَبْض وَاخْتلفَا فِي الزَّمَان أَو فِي الْمَكَان جَازَت الشَّهَادَة وَفِي الْقنية أمة اقامت بَيِّنَة أَن مَوْلَاهَا دبرهَا فِي مرض مَوته وَهُوَ عَاقل وأقامت الْوَرَثَة بَيِّنَة أَنه كَانَ مخلوط الْعقل فَبَيِّنَة الْأمة أولى وَكَذَا إِذا خَالع امْرَأَته ثمَّ أَقَامَ الزَّوْج بَيِّنَة أَنه كَانَ مَجْنُونا وَقت الْخلْع وأقامت بَيِّنَة أَنه كَانَ عَاقِلا حِينَئِذٍ أَو كَانَ مَجْنُونا وَقت الْخُصُومَة فاقام وليه بَيِّنَة أَنه كَانَ مَجْنُونا وَالْمَرْأَة على أَنه كَانَ عَاقِلا فَبَيِّنَة الْمَرْأَة أولى فِي الْفَصْلَيْنِ بَاعَ ضَيْعَة وَلَده فَأَقَامَ المُشْتَرِي بَيِّنَة أَنه بَاعهَا فِي صغره بِثمن الْمثل وَالِابْن اقام بَيِّنَة أَنه بَاعهَا فِي حَال بُلُوغه فَبَيِّنَة المُشْتَرِي أولى وَقَالَ برهَان الدّين صَاحب الْمُحِيط بَيِّنَة الابْن أولى وَلَو اقام البَائِع بَيِّنَة أَنِّي بعتها فِي حَال صغرى وَأقَام المُشْتَرِي بَيِّنَة أَنَّك بعتها بعد الْبلُوغ فَبَيِّنَة المُشْتَرِي أولى لِأَنَّهُ يثبت الْعَارِض ادّعى الزَّوْج بعد وفاتها أَنَّهَا كَانَت أَبرَأته من الصَدَاق حَال صِحَّتهَا واقام بَيِّنَة واقامت الْوَرَثَة بَيِّنَة أَنَّهَا أَبرَأته فِي مرض مَوتهَا فَبَيِّنَة الصِّحَّة أولى وَقيل بَيِّنَة الْوَرَثَة أولى وَفِي تَتِمَّة الصُّغْرَى وَالْمُحِيط لَو أقرّ لوَارث ثمَّ مَاتَ فَقَالَ الْمقر لَهُ أقرّ فِي الصِّحَّة وَقَالَ الْوَرَثَة فِي مَرضه فَالْقَوْل قَول الْوَرَثَة وَالْبَيِّنَة بَيِّنَة الْمقر لَهُ وَإِن لم يقم بَيِّنَة وَأَرَادَ استحلافهم لَهُ ذَلِك ادّعى على رجل أَنه أكرهني بالتخويف بِحَبْس الْوَالِي وَالضَّرْب على أَن يسْتَأْجر مِنْهُ حانوتا واقام بَيِّنَة

وَأقَام الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بَيِّنَة بِأَنَّهُ كَانَ طَائِعا فَبَيِّنَة الطواعية أولى وَلَو قضى القَاضِي بِبَيِّنَة الْإِكْرَاه ينفذ قَضَاؤُهُ إِن عرف الْخلاف وَقضى بِنَاء على الْفَتْوَى أَقَامَ المُشْتَرِي بَيِّنَة أَنه بَاعهَا مِنْهُ هَذَا الشَّيْء بيعا صَحِيحا واقام البَائِع بَيِّنَة أَنه بَاعه مكْرها فَبَيِّنَة الصِّحَّة أولى وَقَالَ أَبُو حَامِد رَحمَه الله تَعَالَى بَيِّنَة الْإِكْرَاه أولى وَفِي الْمُحِيط ادّعى أَحدهمَا البيع أَو الصُّلْح عَن طوع وَادّعى الآخر عَن كره فَبَيِّنَة مدعي الكره أولى وَكَذَا لَو ادّعى الْإِقْرَار عَن طوع وَالْآخر عَن كره فَبَيِّنَة مدعي الكره أولى اه الشَّهَادَة على الشَّهَادَة جَائِزَة فِي الأقارير والحقوق وأقضية الْقُضَاة وكتبهم وكل شَيْء إِلَّا فِي الْحُدُود وَالْقصاص وَذكر الناطفي فِي واقعاته أَن الشَّهَادَة على الشَّهَادَة فِي الْوَقْف لَا تجوز وَالصَّحِيح أَنَّهَا تجوز لما فِيهِ من إحْيَاء الْحُقُوق وَلَا تجوز على شَهَادَة رجل أقَال من شَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَأما كَيْفيَّة الْإِشْهَاد من الأَصْل أَن يَقُول شَاهد الأَصْل لشاهد الْفَرْع أشهد أَن لزيد على عَمْرو كَذَا فاشهد أَنْت على شهادتي بذلك أَو يَقُول أشهد أَنى أشهد أَن فلَان بن فلَان أقرّ عندى بِكَذَا أَو يَقُول أشهد أَنى سَمِعت فلَانا يقر لفُلَان بِكَذَا فاشهد أَنْت على شهادتي وَإِنَّمَا شَرط الْإِشْهَاد حَتَّى لَا يَصح تحمل الْفَرْع بِنَفس السماع بِدُونِ الاشهاد وَفِي الْمُحِيط والتحمل لَا يَصح الا بِالْأَمر وَلِهَذَا لَو نهى الْأُصُول وَالْفُرُوع عَن الشَّهَادَة وَبعد الْأَمر عمل بِالنَّهْي وَفِي التَّتِمَّة إِذا حكى الرجل شَهَادَة نَفسه عِنْد غَيره فِي حَادِثَة لرجل على رجل وَقَالَ لذَلِك الْغَيْر اشْهَدْ أَو قَالَ فاشهد وَلم يقل على شهادتي لم تجز وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى تجوز لِأَن مَعْنَاهُ فاشهد على شهادتي وَلَا تقبل شَهَادَة شُهُود الْفَرْع إِلَّا أَن يَمُوت شُهُود الأَصْل أَو يمرضوا مَرضا لَا يَسْتَطِيعُونَ حُضُور مجْلِس القَاضِي أَو يغيبوا مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها فَصَاعِدا وَعَن أبي يُوسُف أَنه لم يَجْعَل السّفر شرطا وَلكنه قَالَ إِن كَانَ غَائِبا عَن الْمصر فِي مَسَافَة لَو غَدا إِلَى القَاضِي لأَدَاء الشَّهَادَة لم يسْتَطع أَن يبيت بأَهْله صَحَّ الاشهاد لِأَن إحْيَاء الْحُقُوق وَاجِب مَا أمكن وَذكر القَاضِي إِمَام الدّين على السغدي وشمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ أَن عِنْد أبي يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى يَنْبَغِي أَن يجوز الاشهاد من غير عذر وَعند أبي حنيفَة رَحمَه الله لَا يجوز بِنَاء على أَن التَّوْكِيل من غير رضَا الْخصم لَا يجوز عِنْده إِلَّا بِعُذْر السّفر أَو الْمَرَض وَعِنْدَهُمَا يجوز إِلَّا أَن هَذَا غير ظَاهر فَلَا يُفْتى بِهِ وَفِي آخر شَهَادَات الْمُنْتَقى قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أقبل الشَّهَادَة على الشَّهَادَة والمشهود على شَهَادَته فِي الْمصر من غير مرض بِهِ وَلَا عِلّة إِذا شهد الرّجلَانِ عِنْد القَاضِي على شَهَادَة رجل وصححا الشَّهَادَة فَإِن كَانَ القَاضِي يعرف الْأُصُول وَالْفُرُوع بِالْعَدَالَةِ قضى بِشَهَادَتِهِم وَإِن عرف الْأُصُول بِالْعَدَالَةِ وَلم يعرف الْفُرُوع يسْأَل عَن الْفُرُوع وَإِن عرف الْفُرُوع بِالْعَدَالَةِ وَلم يعرف الْأُصُول بِالْعَدَالَةِ ذكر الْخصاف رَحمَه الله تَعَالَى أَن القَاضِي يسْأَل الْفُرُوع عَن الْأُصُول وَلَا يقْضِي قبل السُّؤَال فَإِن عدلوا أصولهم تثبت عَدَالَة الْأُصُول بِشَهَادَتِهِم فِي ظَاهر الرِّوَايَة

وَهُوَ الصَّحِيح وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لَا تثبت عَدَالَة الْأُصُول بتعديل الْفُرُوع للتُّهمَةِ لِأَن فِي تعديلهم مَنْفَعَة لَهُم حَيْثُ ينفذ قَوْلهم بعدالة الْأُصُول إِذا أنكر الْأُصُول شَهَادَتهم لم تقبل شَهَادَة الْفُرُوع لِأَن التحميل شَرط صِحَة شَهَادَة الْفُرُوع وَقد فَاتَ هَذَا الشَّرْط للتعارض بَين الْخَبَرَيْنِ فَيفوت الْمَشْرُوط وَهُوَ صِحَة الشَّهَادَة اه نوع فِي الرُّجُوع عَن الشَّهَادَة لَا يَصح الرُّجُوع إِلَّا فِي مجْلِس الْقَضَاء حَتَّى لَو رَجَعَ عِنْد غير القَاضِي لَا يَصح وَلَو ادّعى الْمَشْهُود عَلَيْهِ رجوعهما وَأَرَادَ يمينهما لَا يحلفان وَكَذَا لَا تقبل بَينته على الرُّجُوع لِأَنَّهُ ادّعى رُجُوعا بَاطِلا وَفِي التَّتِمَّة وَلَو ادّعى الرُّجُوع عِنْد القَاضِي وَلم يدع الْقَضَاء بِالرُّجُوعِ وبالضمان لَا يَصح لِأَن الرُّجُوع عِنْد القَاضِي إِنَّمَا يَصح إِذا اتَّصل بِهِ الْقَضَاء أما إِذا ادّعى الرُّجُوع عِنْد القَاضِي وَالْقَضَاء بذلك صَحَّ وَتقبل الْبَيِّنَة على ذَلِك وَلَو شهد عِنْد قَاض وَرجع عِنْد قَاض آخر يَصح وَيجب الضَّمَان عَلَيْهِ لَكِن إِذا قضى القَاضِي عَلَيْهِ وَمن الْمَشَايِخ من استبعد توقف صِحَة الرُّجُوع على الْقَضَاء بِالرُّجُوعِ أَو بِالضَّمَانِ وَإِذا أقرّ الشَّاهِدَانِ عِنْد القَاضِي أَنَّهُمَا رجعا فِي غير مجْلِس القَاضِي يَصح وَيجْعَل الْإِقْرَار بِمَنْزِلَة الْإِنْشَاء وَإِذا رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَن شَهَادَتهمَا قبل الحكم بهَا سَقَطت شَهَادَتهمَا عَن الْإِلْزَام على القَاضِي بالحكم لظُهُور التَّنَاقُض بَين كَلَامهمَا فَإِن رجعا بعد الحكم لم يفْسخ وضمنا مَا اتلفاه بِشَهَادَتِهِمَا وَإِن رَجَعَ أَحدهمَا ضمن نصفا وَالْعبْرَة للْبَاقِي لَا للراجع دقيقة فِي ايجاب الضَّمَان على الشَّاهِدين الشَّاهِدَانِ مَتى مَا ذكرا شَيْئا هُوَ لَازم للْقَضَاء ثمَّ ظهر بِخِلَافِهِ ضمنا وَمَتى مَا ذكرا شَيْئا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْقَضَاء ثمَّ تبين بِخِلَاف مَا قَالَا لَا يضمنَانِ شَيْئا حَتَّى أَن مولى الْمُوَالَاة إِذا مَاتَ فَادّعى رجل مِيرَاثه بِسَبَب الْوَلَاء فَشهد شَاهِدَانِ أَن هَذَا الرجل مولى هَذَا الَّذِي أسلم وَالَاهُ وعاقده وَأَنه وَارثه وَلَا نعلم لَهُ وَارِثا غَيره فَقضى لَهُ القَاضِي بميراثه فاستهلكه وَهُوَ مُعسر ثمَّ إِن رجلا آخر أَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه كَانَ نقض وَلَاء الأول ووالى هَذَا الثَّانِي وَأَنه توفى وَهَذَا الثَّانِي مَوْلَاهُ ووارثه لَا وَارِث لَهُ غَيره فَالْقَاضِي يقْضِي بِالْمِيرَاثِ للثَّانِي وَيكون الثَّانِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمن الشَّاهِدين الْأَوَّلين وَإِن شَاءَ ضمن الْمَشْهُود لَهُ الأول لِأَنَّهُ ظهر كذب الشَّاهِدين الْأَوَّلين فِيمَا للْحكم بِهِ تعلق وَبَيَان ذَلِك فِي مَسْأَلَة الْوَلَاء أَن قَوْلهمَا هُوَ وَارثه لَا وَارِث لَهُ غَيره أَمر لَا بُد مِنْهُ للْقَضَاء لَهُ بِالْمِيرَاثِ فَإِنَّهُم إِذا شهدُوا بِأَصْل الْوَلَاء وَلم يَقُولُوا إِنَّه وَارثه فَالْقَاضِي لَا يقْضِي لَهُ بِالْمِيرَاثِ وَإِنَّمَا أَخذ الأول الْمِيرَاث بقول الشَّاهِدين الْأَوَّلين إِنَّه مَوْلَاهُ ووارثه الْيَوْم وَقد ظهر كذبهما فضمنا بِخِلَاف مَسْأَلَة الشَّهَادَة فِي النِّكَاح فَإِنَّهُمَا إِذا شَهدا أَنه مَاتَ وَهِي امْرَأَته لَا يضمنَانِ لِأَن قَوْلهمَا مَاتَ وَهِي امْرَأَته زِيَادَة غير مُحْتَاج إِلَيْهَا فَإِنَّهُمَا لَو قَالَا كَانَت امْرَأَته فَإِن القَاضِي يقْضِي لَهَا بِالْمِيرَاثِ فَصَارَ وجود هَذِه الزِّيَادَة والعدم بِمَنْزِلَة وَاحِدَة فَلَو انعدمت هَذِه الزِّيَادَة لَكَانَ لَا يجب عَلَيْهِمَا شَيْء لِأَنَّهُمَا شَهدا بِنِكَاح كَانَ وَلم يظْهر كذبهما فِي ذَلِك وَلَو شهد أَن لفُلَان على هَذَا الرجل ألف دِرْهَم فَقضى القَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا وَأمر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بِدفع المَال وَهُوَ الْألف إِلَى الْمُدَّعِي ثمَّ اقام الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الْبَيِّنَة على الْبَرَاءَة فَإِن الشَّاهِدين يضمنَانِ وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ فِي تضمين الْمُدَّعِي أَو الشَّاهِدين لِأَنَّهُمَا حققا عَلَيْهِ ايجاب المَال فِي الْحَال فَإِذا أَقَامَ الْبَيِّنَة على الْبَرَاءَة فقد ظهر كذبهما فصارا خائنين فغرما بِخِلَاف الْفَصْل الأول لِأَنَّهُ ثمَّة لم يحققا المَال فِي الْحَال وَإِنَّمَا أخبر عَن شَيْء مَاض فَلم يظْهر كذبهما وأوضح مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى هَذِه الْمَسْأَلَة بِمَسْأَلَة الطَّلَاق فَإِن الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِذا أنكر

الفصل الرابع في الوكالة والكفالة والحوالة

المَال وَحلف ثمَّ شَهدا على إِقْرَاره بذلك لم يَحْنَث لما أَنه لم يحققا عَلَيْهِ الايجاب وَلَو حققا فِي الْحَال حنث فاتضح الْفرق كَذَا فِي الْعِمَادِيّ الْفَصْل الرَّابِع فِي الْوكَالَة وَالْكَفَالَة وَالْحوالَة شَرط صِحَة الْوكَالَة أَن يكون الْمُوكل مِمَّن يملك التَّصَرُّف لِأَن الْوَكِيل يَسْتَفِيد ولَايَة التَّصَرُّف من الْمُوكل وَيقدر عَلَيْهِ من قبله وَمن لَا يقدر على شَيْء كَيفَ يقدر غَيره عَلَيْهِ وَفِي الذَّخِيرَة هَذَا شَرط على قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَأما على قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فَلَا يشْتَرط أَن يكون الْمُوكل قَادِرًا على التَّصَرُّف بل الْوَكِيل يتَصَرَّف بأهلية نَفسه وَلِهَذَا جَازَ عِنْده تَوْكِيل الْمُسلم الذِّمِّيّ بشرَاء الْخمر وَالْخِنْزِير وتوكيل الْمحرم الْحَلَال بيبع الصَّيْد وَقيل المُرَاد بمالكية الْمُوكل للتَّصَرُّف وَقدرته عَلَيْهِ بِالنّظرِ إِلَى اصل التَّصَرُّف وَإِن امْتنع بِعَارِض وَبيع الْخمر يجوز للْمُسلمِ فِي الأَصْل وَإِنَّمَا امْتنع لعَارض النَّهْي وَفِي النتف الْوكَالَة على أَرْبَعَة أوجه أَحدهَا وكَالَة رجل لرجل آخر وَالثَّانِي وكَالَة رجلَيْنِ لرجل وَاحِد وَالثَّالِث وكَالَة رجل لِرجلَيْنِ وَالرَّابِع وكَالَة رجلَيْنِ لِرجلَيْنِ أَو أَكثر وَكلهَا جَائِزَة وَيجوز أَن يُوكل كل أحد إِلَّا ثَلَاثَة أَصْنَاف العَبْد الْمَحْجُور وَالصَّبِيّ الْمَحْجُور وَالْمَعْتُوه الَّذِي لَا يعقل رجل قَالَ لآخر أَنْت وَكيلِي فِي كل شَيْء يصير وَكيلا فِي الْبياعَات والمواضعات والهبات وَالْعتاق لِأَن اللَّفْظ عَام وروى عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يكون وَكيلا فِي المواضعات دون الهبات وَالْعتاق كَذَا ذكره فِي واقعات الناطفي وَفِي ادب القَاضِي للخصاف وَلَو قَالَ فلَان وَكيلِي فِي كل شَيْء فَهَذَا تَوْكِيل فِي الْحِفْظ لَا غير اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاس أَن لَا يصير وَكيلا وَلَو قَالَ فلَان وَكيلِي فِي كل شَيْء جَائِز أمره فَهَذَا وَكيل فِي الْحِفْظ وَالْبيع وَالشِّرَاء وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة والتقاضي لديونه وحقوقه وَغير ذَلِك لِأَنَّهُ فوض التَّصَرُّف إِلَيْهِ عَاما فَصَارَ بِمَنْزِلَة مَا لَو قَالَ مَا صنعت من شَيْء فَهُوَ جَائِز فَيملك جَمِيع أَنْوَاع التَّصَرُّفَات وَلَو طلق امْرَأَته يجوز قَالَ الصَّدْر الشَّهِيد رَحمَه الله تَعَالَى بِهِ يُفْتى حَتَّى يتَبَيَّن خِلَافه وَذكر الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث فِي النَّوَازِل أَن من قَالَ لآخر وَكلتك فِي جَمِيع أموري فَقَالَ الْوَكِيل طلقت امْرَأَتك أَو وقفت أَرْضك لَا يجوز لِأَنَّهُ يُرَاد بِهَذِهِ اللَّفْظَة التَّصَرُّف على سَبِيل الْمُبَادلَة وَهُوَ اخْتِيَار الْفَقِيه أبي اللَّيْث وَمَا ذَكرْنَاهُ قبل هُوَ اخْتِيَار الصَّدْر الشَّهِيد انْتهى وَفِي المنبع لَا خلاف أَن التَّوْكِيل بِالْخُصُومَةِ فِي إِثْبَات الدّين وَالْعين جَائِز وَإِنَّمَا الْخلاف فِي أَنه هَل يشْتَرط لصِحَّته رضَا الْخصم قَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يَصح التَّوْكِيل الا بِرِضا الْخصم إِلَّا أَن يكون الْمُوكل مَرِيضا أَو غَائِبا مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام أَو تكون الْمَرْأَة الموكلة مخدرة لم تخالط الرِّجَال بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا قَالَ فَخر الاسلام البزودي المخدرة هِيَ الَّتِي لَا يَرَاهَا أحد غير الْمحرم من الرِّجَال أما الَّتِي جليت على المنصة فيراها الْأَجَانِب لَا تكون مخدرة وَقَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ يلْزم التَّوْكِيل بِغَيْر رضَا الْخصم لِأَنَّهَا لَو حضرت

لَا تنطق بِحَقِّهَا لغَلَبَة الْحيَاء عَلَيْهَا فَيلْزم توكيلها وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى يَصح التَّوْكِيل بِغَيْر رضَا الْخصم وَبِه قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَالصَّحِيح أَن الْخلاف فِي اللُّزُوم لَا فِي الصِّحَّة فَعنده الْوكَالَة من غير رضَا الْخصم صَحِيحَة غير لَازِمَة حَتَّى ترد الْوكَالَة برد الْخصم وَلَا يلْزمه الْحُضُور وَلَا الْجَواب بخصومة التَّوْكِيل وَعِنْدَهُمَا صَحِيحَة لَازِمَة وَلَا ترد برده وَيلْزمهُ الْحُضُور وَالْجَوَاب بخصومة الْوَكِيل وبقولهما أَخذ أَبُو اللَّيْث وَأَبُو الْقَاسِم الصفار وَبَعض الْمُتَأَخِّرين اخْتَار أَن القَاضِي إِذا علم من خَصمه التعنت من إباء التَّوْكِيل يقبل التَّوْكِيل وَإِن علم من الْمُوكل الْقَصْد إِلَى إِضْرَار صَاحبه بالحيل من الْوَكِيل لَا يقبل التَّوْكِيل إِلَّا بِرِضا صَاحبه وَإِلَيْهِ مَال الامام السَّرخسِيّ والأوزجندي رحمهمَا الله وَفِي البزازي وكل أحد الْخَصْمَيْنِ من وكلاء المحكمة وَكيلا فَقَالَ الآخر لَيْسَ لي مَال اسْتَأْجر بِهِ من وكلاء المحكمة من يقاومه وَأَنا عَاجز عَن فَلَا أرْضى بالوكيل بل يتَكَلَّم بِنَفسِهِ معي فالراي فِيهِ إِلَى الْحَاكِم وَأَصله أَن التَّوْكِيل بِلَا رضَا خَصمه من الصَّحِيح الْمُقِيم طَالبا كَانَ أَو مَطْلُوبا وضيعا أَو شريفا إِذا لم يكن الْمُوكل حَاضرا فِي مجْلِس الحكم لَا يَصح عِنْد الامام رَحمَه الله تَعَالَى أَي لَا يجْبر خَصمه على قبُول الْوكَالَة وَعِنْدَهُمَا وَالشَّافِعِيّ رَحِمهم الله تَعَالَى يَصح أَن يجير على قبُوله لما مر وَفِي أدب القَاضِي لَا خلاف فِي صِحَّته بِلَا رضَا خَصمه لَكِن لَا يسْقط حق الْخصم فِي مُطَالبَته بالحضور مجْلِس الحكم وَالْجَوَاب لنَفسِهِ الا بِرِضا الْخصم أَو مرض الْمُوكل أَو مخدرة وَكَونه مَحْبُوسًا من الْأَعْذَار وَيلْزمهُ تَوْكِيله فعلى هَذَا لَو كَانَ الشَّاهِد مَحْبُوسًا لَهُ أَن يشْهد على شَهَادَته وَقَالَ البزازي إِن كَانَ فِي سجن القَاضِي لَا يكون عذرا لِأَنَّهُ يُخرجهُ حَتَّى يشْهد ثمَّ يُعِيدهُ وعَلى هَذَا يُمكن أَن يُقَال فِي الدَّعْوَى أَيْضا كَذَلِك بِأَن يُجيب عَن الدَّعْوَى ثمَّ يُعَاد اه وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل من الْأَشْرَاف وَقعت لَهُ خُصُومَة مَعَ رجل هُوَ دونه فَأَرَادَ أَن يُوكل وَكيلا وَلَا يحضر بِنَفسِهِ هَذِه الْمَسْأَلَة اخْتلف الْعلمَاء فِيهَا قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث رَحمَه الله تَعَالَى نَحن نرى أَن تقبل الْوكَالَة والشريف وَغير الشريف فِيهِ سَوَاء وَفِي المنبع قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى التَّوْكِيل بِالْخُصُومَةِ تَوْكِيل بِالْإِقْرَارِ فِي مجْلِس الحكم حَتَّى لَو أقرّ على مُوكله فِي غير مجْلِس الحكم لَا يَصح إِقْرَاره وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى آخر التَّوْكِيل بِالْخُصُومَةِ تَوْكِيل بِالْإِقْرَارِ فِي مجْلِس الحكم وَفِي غير مجْلِس الحكم فَإِن الْمُوكل أَقَامَ الْوَكِيل مقَام نَفسه مُطلقًا فَيَقْضِي أَن يملك مَا كَانَ الْمُوكل مَالِكًا وَالْمُوكل مَالك الْإِقْرَار بِنَفسِهِ فِي مجْلِس القَاضِي وَفِي غير مجْلِس القَاضِي فَكَذَا الْوَكِيل وَلأبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله أَن جَوَاب الْخُصُومَة مُخْتَصّ بِمَجْلِس الحكم حَتَّى لَا يسْتَحق على الْمَطْلُوب الْجَواب إِلَّا فِي مجْلِس الحكم وَالتَّوْكِيل بِجَوَاب الْخصم يتَقَيَّد فِي مجْلِس الحكم ضَرُورَة فَصَارَ تَقْدِير الْمَسْأَلَة وَكلتك لتجيب خصمي فِي مجْلِس الحكم وَلَو قَالَ هَكَذَا لَا يَصح إِقْرَار الْوَكِيل عَلَيْهِ فِي غير مجْلِس الحكم أقرّ بِالدّينِ وَأنكر الْوكَالَة فَطلب زاعم الْوكَالَة تَحْلِيفه على عدم علمه بِكَوْنِهِ وَكيلا فالإمام رَحمَه الله قَالَ لَا يحلفهُ وَقَالَ صَاحِبَاه يحلفهُ وَذكر فِي الْعِمَادِيّ محالا على الذَّخِيرَة فِي فصل إِثْبَات الْوكَالَة أَن فِي تَحْلِيف الْوَكِيل للْمُدَّعِي عَلَيْهِ اخْتِلَاف الْمَشَايِخ رَحِمهم الله تَعَالَى قَالَ بَعضهم هَذَا جَوَاب الْكل إِلَّا أَن الْخصاف خص قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد

بِالذكر لِأَنَّهُ لم يحفظ قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا لِأَن قَوْله بِخِلَاف قَوْلهمَا وَإِلَى هَذَا مَال شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي رَحمَه الله تَعَالَى وَمن ادّعى أَنه وَكيل الْغَائِب فِي قبض دينه فَصدقهُ الْغَرِيم أَمر بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ أقرّ على نَفسه فَإِن حضر الْغَائِب وَصدقه فَذَاك وَإِلَّا دفع الْغَرِيم الدّين إِلَيْهِ ثَانِيًا وَرجع بِهِ على الْوَكِيل إِن كَانَ بَاقِيا فِي يَده لِأَن غَرَضه من الدّفع بَرَاءَة ذمَّته مِنْهُ وَلم يحصل وَإِن ضَاعَ من يَده لم يرجع عَلَيْهِ لِأَن بتصديقه اعْترف أَنه محق بِالْقَبْضِ إِلَّا أَن يكون ضمنه عِنْد الدّفع لِأَن الْمَأْخُوذ ثَانِيًا مَضْمُون عَلَيْهِ فِي زعمهما وَهَذِه كَفَالَة أضيفت إِلَى حَالَة الْقَبْض فَتَصِح بِمَنْزِلَة الْكفَالَة بِمَا ذاب لَك على فلَان وَلَو كَانَ الْغَرِيم لم يصدقهُ على الْوكَالَة وَدفعه إِلَيْهِ على ادعائه فَإِن رَجَعَ صَاحب المَال على الْغَرِيم رَجَعَ الْغَرِيم على الْوَكِيل وَإِن ضَاعَ من يَده لِأَنَّهُ لم يصدقهُ فِي الْوكَالَة وَإِنَّمَا دفع إِلَيْهِ على رَجَاء الْإِجَازَة فَإِذا انْقَطع رجاؤه رَجَعَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَو دفع إِلَيْهِ على تَكْذِيبه إِيَّاه فِي الْوكَالَة وَهَذَا ظَاهر فِي الْوُجُوه كلهَا وَلَيْسَ لَهُ أَن يسْتَردّ الْمَدْفُوع حَتَّى يحضر الْغَائِب لِأَن الْمُؤَدِّي صَار حَقًا للْغَائِب وَفِي فَتَاوَى رشيد الدّين رجل قَالَ لمديونه ادْفَعْ مَا لفُلَان عَلَيْك إِلَيّ لأقبض لَعَلَّه يُجِيز فَدفع ذكر فِي الزِّيَادَات لَيْسَ لَهُ أَن يسْتَردّهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ تعلق بِهِ حق رب الدّين لِأَن الْقَابِض قبض لأَجله لَعَلَّه يُجِيز وَذكر فِي الْمُنْتَقى أَن لَهُ أَن يسْتَردّ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْمَدْيُون إِذا دفع قدر الدّين إِلَى رجل ليدفع إِلَى رب دينه ثمَّ أَرَادَ أَن يسْتَردّهُ سنه لَهُ ذَلِك وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَن الْوَكِيل يقبض الْعين إِذا صدقه صَاحب الْيَد يجْبر بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ كَالدّين وَذكر فِي وكَالَة غَرِيب الرِّوَايَة رجل فِي يَده مَتَاع فَقَالَ هَذَا لفُلَان وَهَذَا وَكيل بِالْقَبْضِ يجْبر على الدّفع فِي الْعين وَالدّين عِنْد أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ وَلَو ادّعى الْوكَالَة بِقَبض الْوَدِيعَة وَصدقه لَا يجْبر على التَّسْلِيم وَلَو كذبه أَو سكت لَا يجْبر أَيْضا وَلَو سلم لَا يتَمَكَّن من اسْتِرْدَاده فَإِن حضر الْمَالِك وَكذبه فِي الْوكَالَة فَفِي وَجه وَاحِد لَا يرجع الْمُودع على الْوَكِيل وَهُوَ مَا إِذا صدقه وَلم يشْتَرط عَلَيْهِ الضَّمَان وَفِي سَائِر الْوُجُوه يرجع عَلَيْهِ بِعَيْنِه إِن كَانَ قَائِما وبقيمته إِن كَانَ هَالكا وَمن ادّعى أَنه وصّى فلَان الْمَيِّت وَطلب الدّين وَصدقه الْغَرِيم فَإِنَّهُ لَا يُؤمر بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ بِخِلَاف الْوَكِيل فَإِن للْقَاضِي ولَايَة نصب الْوَصِيّ وَلَا يملك نصب الْوَكِيل وَلَو وكلت رجلا يُزَوّجهَا من فلَان يَوْم الْجُمُعَة فَزَوجهَا مِنْهُ يَوْم الْخَمِيس لَا يجوز لَان التَّفْوِيض تنَاول زَمَانا مَخْصُوصًا وَفِي الصُّغْرَى لَو قَالَ بِعْ عَبدِي الْيَوْم أَو طلق امْرَأَتي الْيَوْم فَفعل ذَلِك فِي غَد جَازَ وَيكون وَكيلا فِي الْيَوْم وَمَا بعده وَلَا يكون وَكيلا فِيمَا قبل ذَلِك رجل وكل رجلا بِقَبض دين على رجل فَقَبضهُ فَهُوَ وَدِيعَة عِنْد الْوَكِيل إِن سَافر بِهِ لم يضمن وَإِن استودعه غَيره ضمن وَإِن خَلفه فِي أَهله لم يضمن فَإِن وَضعه عِنْد امْرَأَته أَو خادمه أَو بعض عِيَاله لم يضمن وَالْوَكِيل بِالْبيعِ إِذا سَافر بِمَا أَمر بِبيعِهِ يضمن وَفِي مختلفات القَاضِي أبي عَاصِم العامري وَلَو وَكله بِقَبض وديعته فَقَالَ الَّذِي كَانَت فِي يَده قد دفعتها

إِلَى الْمُوكل أَو إِلَى وَكيله فَالْقَوْل قَوْله وَهُوَ مُصدق فِي بَرَاءَة نَفسه وَلَو وَكله بِقَبض وَدِيعَة أَو عَارِية فَمَاتَ الْمُوكل فقد خرج الْوَكِيل من الْوكَالَة فَإِن قَالَ الْوَكِيل قد كنت قبضتها فِي حَيَاته ودفعتها إِلَى الْمُوكل لم يصدق على ذَلِك الا بِبَيِّنَة رجل وكل رجلا بِقَبض كل حق لَهُ على النَّاس وَعِنْدهم وَمَعَهُمْ وَتَحْت أَيْديهم وبقبض مَا يحدث لَهُ من الْمُقَاسَمَة بَين شركائه وبحبس من يرى حَبسه وبالتخلية عَنهُ إِذا رأى ذَلِك وَكتب لَهُ بذلك كتابا وَكتب لَهُ فِي آخِره أَنه يُخَاصم ويخاصم ثمَّ إِن قوما يدعونَ قبل الْمُوكل مَالا وَالْمُوكل غَائِب فَأقر الْوَكِيل عَنهُ عِنْد القَاضِي أَنه وَكيله وَأنكر المَال فأحضر الْخُصُوم شهودهم على الْمُوكل لَا يكون لَهُم أَن يحبسوا الْوَكِيل لِأَن الْحَبْس جَزَاء الظُّلم وَلم يظْهر إِذْ لَيْسَ فِي هَذِه الشَّهَادَة أَمر بأَدَاء المَال وَلَا ضَمَان الْوَكِيل عَن مُوكله فَإِذا لم يجب على الْوَكِيل أَدَاء المَال من مَال الْمُوكل بِأَمْر الْمُوكل وَلَا بِالضَّمَانِ عَن مُوكله لَا يكون الْوَكِيل ظَالِما بامتناعه عَن أَدَاء المَال فَلَا يحبس فَهَذِهِ الْمَسْأَلَة تدل على أَن الْمَأْمُور بِقَضَاء الدّين من مَال الْآمِر يجْبر على قَضَاء الدّين إِذا شهدُوا على وكَالَة رجل فِي شَيْء وَالْوَكِيل يجْحَد الْوكَالَة فَإِن كَانَ الْوَكِيل الطَّالِب وَالْمَطْلُوب يَدعِي الْوكَالَة وَالْوَكِيل يجْحَد تقبل هَذِه الشَّهَادَة وَهل يجْبر على الْخُصُومَة مَعَ الطَّالِب إِن شهد الشُّهُود أَن الْمَطْلُوب وَكله بِالْخُصُومَةِ مَعَ الطَّالِب وَقبل الْوكَالَة وَإِن لم يشْهدُوا على الْقبُول لَا يجْبر وَكله بِطَلَب كل حق لَهُ وبالخصومة وَالْقَبْض لَيْسَ لَهُ أَن يطْلب شُفْعَة لِأَن الشُّفْعَة شِرَاء وَالْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ لَا يملك الشِّرَاء وَله أَن يقبض شُفْعَة قضى لمُوكلِه بهَا وَفِي البزازي رجل قَالَ لآخر وَكلتك بِطَلَب كل حق لي قبل فلَان يُقيد بِمَا عَلَيْهِ يَوْم التَّوْكِيل وَلَا يدْخل الْحَادِث بعد التَّوْكِيل وَفِي التَّوْكِيل بِطَلَب كل حق لَهُ على النَّاس أَو بِكُل حق لَهُ بخوارزم يدْخل الْقَائِم لَا الْحَادِث وَذكر شيخ الْإِسْلَام أَنه إِذا وَكله بِقَبض كل حق لَهُ على فلَان يدْخل الْقَائِم والحادث فيتأمل عِنْد الْفَتْوَى وَفِي الْمُنْتَقى وَكله بِقَبض كل دين لَهُ يدْخل الْحَادِث أَيْضا وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَكله بِطَلَب كل عقار لَهُ بخوارزم فَقدم الَّذِي فِي يَده الْعقار بخوارزم إِلَى بُخَارى لَهُ ذَلِك وَفِي الدّين إِذا وَكله بِطَلَب كل دين لَهُ على من بخوارزم فَقدم خوارزمي إِلَى بُخَارى وادعاه لَا يَصح وَلَو قَالَ فِي كل دين لي فِي بُخَارى فَقدم الْمُسْتَقْرض مِنْهُ فِي خوارزم إِلَى بُخَارى تصح دَعْوَاهُ وَكله بِطَلَب كل حق لَهُ وبالخصومة وَالْقَبْض فغصب مِنْهُ انسان شَيْئا بعد الْوكَالَة لَهُ طلبه وَعَن الامام رَحمَه الله تَعَالَى لَو قَالَ لآخر أَنْت وَكيلِي فِي قبض مَالِي على النَّاس لَا يَقع على الْحَادِث وَلَو وَكله بِكُل حق لَهُ وبالخصومة فِي كل حق لَهُ وَلم يعين المخاصم بِهِ والمخاصم فِيهِ جَازَ اه إِذا وَقعت الْمُنَازعَة بَين الْوَكِيل بالاستقراض وَبَين مُوكله فَالْقَوْل قَول الْمُوكل لِأَن الْوَكِيل يُرِيد أَن يغرمه مَا قَبضه من الْقَرْض وَلَيْسَ للْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ أَن يهب وَلَا يُصَالح لِأَنَّهُمَا ليسَا من الْخُصُومَة فِي شَيْء فَلم يدخلا تَحت التَّوْكِيل وَفِي الْوَلْوَالجيّ وَلَو أَن رجلا قَالَ لرجل أقرضت فلَانا ألف دِرْهَم وَقد وَكلتك بقبضها مِنْهُ وقبضت وَقَالَ الْمُسْتَقْرض قد دفعتها إِلَى الْوَكِيل وَأنكر الْوَكِيل فَالْقَوْل قَول الْمُوكل وَعَن أبي يُوسُف القَوْل قَول

الْوَكِيل لِأَنَّهُ أقرّ أَنه أَمِين وَالْقَوْل قَول الْأمين وَلَا يسْتَحْلف الْوَكِيل نَائِبه بِاللَّه مَا يعلم أَن رب الدّين قد استوفى الدّين لِأَن النِّيَابَة لَا تجْرِي فِي الْأَيْمَان بِخِلَاف الْوَارِث حَيْثُ يحلف على الْعلم لِأَن الْحق يثبت للْوَارِث فَكَانَ الْحلف بطرِيق الاصالة دون النِّيَابَة وَفِي المنبع الْوَكِيل بِالْبيعِ مُطلقًا يملك البيع بِمَا قل من الْأَثْمَان أَو كثر عِنْد ابي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَهَذَا إِذا لم يكن الثّمن مُسَمّى أما إِذا كَانَ الثّمن مُسَمّى بِأَن قَالَ بِعْ هَذَا العَبْد بِأَلف فَبَاعَهُ بِأَلف إِلَّا درهما لَا يجوز وَقَالا لَا يجوز أَن يَبِيعهُ إِلَّا بِنُقْصَان يتَغَابَن النَّاس فِي مثله وَهُوَ رِوَايَة الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَيملك البيع بالعروض أَيْضا كَمَا يملك البيع بالأثمان كالدراهم وَالدَّنَانِير وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالا لَا يملك إِلَّا البيع بالأثمان الْوَكِيل بإيجار الأَرْض وَكيل بإيجارها بِأَيّ عرض كَانَ سَوَاء آجرها بكيلي أَو وزني بِعَيْنِه أَو بِغَيْر عينه أَو بِالْعرضِ قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا عملا بِإِطْلَاق الْوكَالَة عِنْده كَالْوَكِيلِ بِالْبيعِ وَعِنْدَهُمَا لَا يجوز إِلَّا بِالدَّرَاهِمِ أَو بِالدَّنَانِيرِ أَو بِبَعْض مَا يخرج من الأَرْض يَعْنِي بِهِ الْمُزَارعَة حملا للإطلاق على الْمُتَعَارف وَعِنْدَهُمَا تجوز الْمُزَارعَة وَعِنْده لَا تجوز لِأَنَّهَا فَاسِدَة الْوَكِيل بِالْبيعِ الْمُطلق يملك البيع بِالنَّسِيئَةِ عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَفِي البزازي عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَن الْوَكِيل إِنَّمَا يملك البيع بِالنَّسِيئَةِ إِذا كَانَت الْوكَالَة للتِّجَارَة أما إِذا كَانَت للْحَاجة كَالْمَرْأَةِ تُعْطِي غزلها للْبيع لم يملك نَسِيئَة وَبِه يُفْتى وللوكيل بِالْبيعِ أَن يَبِيع بِالنَّسِيئَةِ وَيَأْخُذ رهنا وكفيلا أما الْإِقَالَة والحط وَالْإِبْرَاء والتجوز بِدُونِ حَقه يجوز عِنْدهمَا وَيضمن خلافًا لأبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وَالْوَكِيل بِالشِّرَاءِ لَا يملك الْإِقَالَة بِخِلَاف الْوَكِيل بِالْبيعِ وَالسّلم فَإِذا بَاعَ ثمَّ أقَال لزم الثّمن وَكَذَا الْأَخ وَالْوَصِيّ وَالْمُتوَلِّيّ كَالْأَبِ وَفِي التَّتِمَّة والحقائق ثمَّ على قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى يجوز البيع بِالنَّسِيئَةِ طَالَتْ الْمدَّة أَو قصرت وَعند صَاحِبيهِ لَا يجوز إِلَّا بِأَجل مُتَعَارَف فِي تِلْكَ السّلْعَة وَلَو وَكله بِالْبيعِ نَسِيئَة فَبَاعَهُ بِالنَّقْدِ جَازَ إِذا قَالَ الْمُوكل بِعْ هَذَا العَبْد فِي السُّوق فَبَاعَهُ فِي دَاره لم ينفذ البيع عِنْد زفر لِأَنَّهُ مُخَالف وَعند الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة ينفذ لِأَن هَذَا التَّقْيِيد غير مُقَيّد فَيلْغُو فَبَقيَ الْأَمر بِمُطلق البيع وَقد وجد فَينفذ نوع فِي الْعَزْل الْمُوكل إِذا عزل وَكيله وَهُوَ حَاضر انْعَزل وَكَذَا لَو كَانَ غَائِبا فَكتب إِلَيْهِ كتاب الْعَزْل فَبَلغهُ الْكتاب وَعلم مَا فِيهِ انْعَزل حَتَّى لَو عَزله الْمُوكل وَلم يعلم الْوَكِيل بعزله فَهُوَ على وكَالَته وتصرفه جَائِز فِي جَمِيع الْأَحْكَام حَتَّى يبلغهُ الْعَزْل الْوَكِيل لَو عزل نَفْيه بِدُونِ علم الْمُوكل لَا يَصح خلافًا للشَّافِعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَفِي الذَّخِيرَة وَتبطل الْوكَالَة بِمَوْت الْمُوكل وجنونه مطبقا وارتداده ولحاقه بدار الْحَرْب وَقد اخْتلف أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى فِي حد الْجُنُون المطبق فَقَالَ أَبُو يُوسُف حَده شهر لِأَنَّهُ يسْقط بِهِ الصَّوْم وَعنهُ أَكثر من يَوْم وَلَيْلَة لِأَنَّهُ يسْقط بِهِ الصَّلَوَات الْخمس وَعند مُحَمَّد حَده حول كَامِل وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن استمراره حولا مَعَ اخْتِلَاف فصوله آيَة استحكامه لِأَنَّهُ يسْقط بِهِ جَمِيع الْعِبَادَات كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَالزَّكَاة أما مَا دون الْحول فَلَا يمْنَع وجوب الزَّكَاة فَلَا يكون فِي معنى الْمَوْت

وَلَو وَكله بِقَبض الدّين ثمَّ إِن رب الدّين وهبه من الْغَرِيم وَالْوَكِيل لم يعلم بذلك فَقَبضهُ مِنْهُ وَهلك فِي يَده فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وللدافع أَن يَأْخُذ بِهِ الْمُوكل وَلَو مَاتَ العَبْد الْمَأْمُور بِبيعِهِ أَو الْمُوكل وَلم يعلم بِهِ الْوَكِيل فَبَاعَ وَقبض الثّمن وَهلك فِي يَده ضمن وَلم يرجع بِهِ على الْآمِر وَلَا فِي تركته إِن كَانَ هُوَ الْمَيِّت قَالَ صَاحب الْفُصُول وَالْفرق فِي الايضاح فَلْينْظر ثمَّة وَفِي الْوَلْوَالجيّ تَعْلِيق الْوكَالَة بِالشّرطِ يجوز فَإِنَّهُ نَص فِي الزِّيَادَات فِي بَاب الْخلْع امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا إِذا جَاءَ غَد فطلقني بِأَلف دِرْهَم جَازَ وَلَو نهت الزَّوْج عَن ذَلِك قبل مَجِيء الْغَد جَازَ نهيها حَتَّى لَو طلق الزَّوْج بعد ذَلِك وَقع بِغَيْر جعل لِأَنَّهُ عمل بنهيها فِي إِبْطَاله ولَايَة إِلْزَام المَال عَلَيْهَا لَا فِي الْحجر عَن الطَّلَاق فَدلَّ أَنه صَحَّ تَعْلِيق التَّوْكِيل بِالشّرطِ انْتهى نوع فِي الْكفَالَة الْكفَالَة فِي الشَّرِيعَة ضم الذِّمَّة فِي الْمُطَالبَة دون الْيَدَيْنِ وَقيل ضم الذِّمَّة إِلَى الذِّمَّة فِي الدّين فَيصير الدّين الْوَاحِد فِي حكم دينين أَو تصير الذمتان فِي حكم ذمَّة وَاحِدَة لِأَن الْكَفِيل مطَالب كالأصيل والمطالبة بإيفاء الدّين بِلَا دين محَال لِأَن الْمُطَالبَة فرع الدّين فَلَا يتَصَوَّر الْفَرْع بِدُونِ الاصل فَلَزِمَ من توجه الْمُطَالبَة إِلَى الْكَفِيل ثُبُوت الدّين فِي ذمَّته فَلَزِمَ تعدد الدّين ضَرُورَة وَلِهَذَا لَو وهب الدّين من الْكَفِيل صَحَّ وَلِهَذَا يرجع الْكَفِيل على الْأَصِيل فَلَو لم يكن الدّين ثَابتا على ذمَّة الْكَفِيل لما صَحَّ هِبته لِأَن هبة الدّين من غير من عَلَيْهِ الدّين لَا تصح وَلَا تصح الْكفَالَة إِلَّا مِمَّن يملك التَّبَرُّع لِأَن الْكفَالَة عقد تبرع فَتَصِح مِمَّن يملك التَّبَرُّع وَلَا تصح مِمَّن لَا يملكهُ فَلَا تَنْعَقِد كَفَالَة الْمَجْنُون وَالصَّبِيّ وَلَا تجوز كَفَالَة الْمكَاتب عَن الْأَجْنَبِيّ لِأَن الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم على لِسَان صَاحب الشَّرْع الشريف صلوَات الله تَعَالَى وَسَلَامه عَلَيْهِ وَسَوَاء أذن لَهُ الْمولى أَو لم يَأْذَن لِأَن إِذن الْمولى لم يَصح فِي حَقه وَصَحَّ فِي حق الْقِنّ حَتَّى يُطَالب بِهِ بعد الْعتْق وَلَو كفل الْمكَاتب أَو الْمَأْذُون عَن الْمولى جَازَ لِأَنَّهُمَا يملكَانِ التَّبَرُّع عَلَيْهِ كَذَا فِي المنبع وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل قَالَ لآخر أَنا ضَامِن بِمَعْرِِفَة فلَان فَلَيْسَ هَذَا بكفالة وروى عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى فِي غير رِوَايَة الأَصْل أَنه قَالَ هَذَا على مُعَاملَة النَّاس وَلَو قَالَ الْكَفِيل قد ضمنت بِهِ أَو قَالَ هُوَ عَليّ أَو الي فقد لَزِمته الْكفَالَة لِأَن هَذِه الْأَلْفَاظ عبارَة عَن الْكفَالَة وَلَو قَالَ كتبتها لَك عِنْدِي أَو قَالَ أثبتها لَك عندى فَهَذَا لَيْسَ بِضَمَان بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ كتبهَا لَك على أَو أثبتها لَك على لِأَن كلمة عندى لاتنبىء عَن الِالْتِزَام بِخِلَاف كلمة عَليّ تذكر للالتزام وَفِي الْمِنْهَاج للعقيلي وَتجوز الْكفَالَة بِأَن يَقُول أَنا كَفِيل بِمَا لَك عَلَيْهِ أَو ضَامِن أَو زعيم أَو قبيل أَو مَالك عَلَيْهِ فَهُوَ عَليّ أَو عِنْدِي أَو قبلي فَهَذَا كُله ضَمَان صَحِيح وَيجوز تَعْلِيق الْكفَالَة بِشَرْط بِأَن يَقُول مَا بَايَعت فلَانا فعلي أَو مَا يذوب لَك على فلَان فَهُوَ عَليّ انْتهى وَلَو قَالَ أَنا بِهِ زعيم أَو قبيل أَو ضمين لَزِمته الْكفَالَة لما قُلْنَا لِأَن الزعيم وَالْكَفِيل سَوَاء قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الزعيم غَارِم وَكَذَا الْقَبِيل والضمين وَلَو قَالَ أَنا ضَامِن لَك حَتَّى أدلك لَا يكون كَفِيلا كَمَا لَو قَالَ أَنا ضَامِن بمعرفته قيل مَكْتُوب على بَاب بلد الرّوم الْكفَالَة أَولهَا ملامة وأوسطها ندامة وَآخِرهَا غَرَامَة وَمن لم يصدق فليجرب ليعرف الْبلَاء من السَّلامَة

ثمَّ هِيَ تصح فِي الْأَعْيَان الْمَضْمُونَة وبالنفس عندنَا فَإِن كفل بِنَفسِهِ إِلَى شهر ثمَّ دفع إِلَيْهِ قبل شهر برىء وَفِي شرح الشافي يجب تَسْلِيمه بعد الشَّهْر كَمَا لَو بَاعَ بِثمن مُؤَجل كفل ثَلَاثَة أَيَّام لَا يبرأ بمضيها وَالثَّلَاثَة لتأخير الْمُطَالبَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى كفل إِلَى عشرَة أَيَّام فَهُوَ عَلَيْهِ أبدا حَتَّى يبرأ وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى كفل بِنَفسِهِ إِلَى شهر على أَنه بَرِيء إِذا مضى الشَّهْر فَهُوَ لَا يضمن شَيْئا قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث الْفَتْوَى على أَنه لَا يصير كَفِيلا وَفِي الْوَاقِعَات الْفَتْوَى على أَنه يصير كَفِيلا وَإِذا مَاتَ الْكَفِيل بِالدّينِ الْمُؤَجل حل الدّين فِي مَاله ثمَّ لوَارِثه الرُّجُوع على الْأَصِيل إِلَى أَجله وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ الْأَصِيل إِلَى أَجله وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ الْأَصِيل وَالْكَفِيل حَتَّى يحل الدّين فِي تَرِكَة الْأَصِيل وَيكون على الْكَفِيل إِلَى أَجله وَإِن مَاتَ رب الدّين بَقِي الدّين عَلَيْهِمَا إِلَى أَجله رجل كفل بِنَفس رجل وَهُوَ مَحْبُوس فَلم يقدر أَن يأتى بِهِ الْكَفِيل لَا يُطَالب الْكَفِيل بِهِ لِأَنَّهُ كفل مَالا يقدر على تَسْلِيمه فَلَا يَصح وَلَو كفله وَهُوَ مُطلق ثمَّ حبس الْكَفِيل يُطَالب الْكَفِيل بِهِ حَتَّى يَأْتِي بِهِ لِأَنَّهُ حَال مَا كفل بِهِ كَانَ قَادِرًا على إِتْيَانه وَلَو كفل بِنَفس أَو مَال والطالب غَائِب لَا يجوز عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى إِلَّا أَن الْمَرِيض إِذا قَالَ لوَارِثه اضمن عني دين فلَان وَهُوَ غَائِب فَإِنَّهُ يجوز وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله يجوز ذَلِك كُله لِأَن الْكفَالَة تصرف على نَفسه خَاصَّة فَيتم بِهِ كالإبراء رجل كفل عَن رجل على أَنه إِن لم يُسلمهُ إِلَيْهِ يَوْم كَذَا فَالْمَال عَلَيْهِ صَحَّ هَذَا الشَّرْط فَإِن توارى الْمَكْفُول لَهُ يرفع الْكَفِيل الْأَمر إِلَى القَاضِي لينصب وَكيلا عَن الطَّالِب ويسلمه إِلَيْهِ فَيبرأ وَكَذَلِكَ فِيمَن بَاعَ شَيْئا على أَن المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فتوارى البَائِع فَإِن المُشْتَرِي يرفع الْأَمر إِلَى الْحَاكِم فينصب عَنهُ وَكيلا فيسلمه إِلَيْهِ قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث هَذَا القَوْل بِخِلَاف قَول اصحابنا فِي الرِّوَايَات الظَّاهِرَة إِنَّمَا هُوَ فِي بعض الرِّوَايَات عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله وَلَو فعل القَاضِي هَكَذَا إِذا علم أَن الْخصم متعنت بذلك فَهُوَ حسن وَلَو كفل رجل بِنَفس رجل لرجل على أَنه إِن لم يواف بِهِ إِلَى كَذَا وَلم يواف بِهِ فَعَلَيهِ المَال الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ جَازَ وَلَو قَالَ إِن لم أوفك بِهِ غَدا فعلى ألف دِرْهَم وَلم يقل الَّتِي لَك عَلَيْهِ والطالب يَدعِي ألف دِرْهَم وَقَالَ الْكَفِيل لَيْسَ للطَّالِب عَلَيْهِ الف دِرْهَم وَلَهُم كَانَ إِقْرَار مني بِأَلف دِرْهَم مُعَلّقا بِالشّرطِ وَلم يكن كَفَالَة بِالْمَالِ وَقَالَ الطَّالِب لي عَلَيْهِ ألف دِرْهَم وَهُوَ الْآن علق الْكفَالَة بذلك المَال لعدم الموافاة لزمَه المَال فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لَا يلْزمه شَيْء وَإِن ادّعى رجل على رجل مَالا فَقَالَ لَهُ الْمَطْلُوب إِن لم آتِك غَدا فَهُوَ عَليّ لم يلْزمه ذَلِك وَإِن لم يَأْته لِأَن تَعْلِيق الْإِقْرَار بِالشّرطِ بَاطِل وَلَو قَالَ ذَلِك كفيله لزم الْكَفِيل مَا ثَبت عَلَيْهِ بِبَيِّنَة أَو إِقْرَار مِنْهُ لِأَن هَذَا تَعْلِيق الْكفَالَة بِالشّرطِ وَتَعْلِيق الْكفَالَة بِشَرْط عدم الموافاة إِذا اتَّحد الطَّالِب وَالْمَطْلُوب جَائِز وَلَو قَالَ إِن لم أوافك غَدا فَمَا تَدعِي بِهِ عَلَيْهِ فَهُوَ عَليّ لم يلْزم الْمَطْلُوب إِلَّا بِبَيِّنَة أَو إِقْرَار الْمَطْلُوب لِأَن إِقْرَار الْكَفِيل فِي حق الْمَطْلُوب لَيْسَ بِحجَّة وَيلْزم الْكَفِيل مَا ادّعى عَلَيْهِ إِن لم يَأْتِ بِهِ لِأَن الْكَفِيل لما علق الْكفَالَة الثَّابِتَة بِعَدَمِ الموافاة كَانَ هَذَا إِقْرَارا مِنْهُ وَلَيْسَ للْكَفِيل أَن يُطَالب الْمَدْيُون قبل الْأَدَاء وَإِن كَانَت الْكفَالَة بِالْأَمر وَمَعَ ذَلِك لَو أَدَّاهُ الْكَفِيل لَهُ أَن يسْتَردّ مَا لم يؤده الْمَكْفُول عَنهُ إِلَى الدَّائِن وَلَو وهب رب الدّين لأَحَدهمَا فَهَذَا وَأَدَاء المَال سَوَاء وَكَذَا لَو مَاتَ الطَّالِب فورثه أَحدهمَا

إِبْرَاء الاصيل يُبرئ الْكَفِيل لَا عَكسه لَو أخر عَن الْأَصِيل فَهُوَ تَأْخِير عَن الْكَفِيل لَا عَكسه وَإِن أَبْرَأ الْأَصِيل ورد الْإِبْرَاء صَحَّ رده فِي حق نَفسه وَيُطَالب بِهِ وَهل يَصح فِي حق الْكَفِيل اخْتلفُوا فِيهِ كَذَا فِي البزازي وَفِي الْوَلْوَالجيّ صَحَّ الرَّد من الْأَصِيل فِي حق نَفسه وَفِي حق الْكَفِيل جَمِيعًا حَتَّى تعود الْكفَالَة انْتهى وَالْكَفَالَة إِلَى الْحَصاد جَائِزَة ويتناول أول الْحَصاد وَلَو قَالَ إِلَى أَن تمطر السَّمَاء أَو تهب الرّيح لَا يجوز كفل عَن انسان بِمَال عَلَيْهِ إِلَى سنة يجب على الْكَفِيل مُؤَجّلا وَإِن كَانَ على الْأَصِيل حَالا وَإِن مَاتَ الْكَفِيل يُؤْخَذ من تركته حَالا وَلَا يرجع وَرَثَة الْكَفِيل على الْمَكْفُول عَنهُ قبل الْوَقْت الَّذِي وقته وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى فِيمَن قَالَ أَنا كفلت بِهِ على أَنِّي مَتى طولبت بِهِ أَو كلما طولبت بِهِ فلي أجل شهر صحت الْكفَالَة وَله أجل شهر من وَقت الْمُطَالبَة الأولى فَإِذا تمّ الشَّهْر من الْمُطَالبَة لزم التَّسْلِيم وَلَا يكون للمطالبة الثَّانِيَة تَأْجِيل رجل قَالَ لغريمه إِذا جَاءَ غَد فَأَنت بَرِيء من هَذَا المَال لَا يبرأ وَإِن كَانَ أصل المَال عَلَيْهِ من كَفَالَة يبرأ وَكَذَا إِذا قَالَ إِن قدم فلَان فَأَنت بَرِيء مِنْهَا وَكَذَا لَو شَرط الْكفَالَة على هَذَا فَهُوَ جَائِز رجل لَهُ على آخر ألف دِرْهَم بهَا كَفِيل عَنهُ فَصَالح الْكَفِيل الطَّالِب على مائَة على أَنه يبرا الْأَصِيل من الْألف وَالْكَفَالَة بأَمْره رَجَعَ الْكَفِيل على الْأَصِيل بِالْمِائَةِ لَا بِالْألف وَلَو صَالح على مائَة على أَن يهب الْكَفِيل الْبَاقِي رَجَعَ بِالْألف الطَّالِب إِذا أبرا الْكَفِيل فالكفيل لَا يرجع على الْأَصِيل وَذكر فِي الْعِمَادِيّ من لَهُ دين على آخر وَبِه كَفِيل فَاشْترى الطَّالِب من الْغَرِيم عقارا بيعا جَائِزا وتقاصا الثّمن أَو وَقعت الْمُقَاصَّة بِاعْتِبَار المجانسة هَل يبرأ الْكَفِيل أجَاب صَاحب الْهِدَايَة أَنه يبرأ قيل لَهُ وَلَو تفاسخا قَالَ لَا تعود الْكفَالَة وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل كفل بِنَفس رجل وَلم يقدر على تَسْلِيمه فَقَالَ لَهُ الطَّالِب ادْفَعْ الي مَالِي الْمَكْفُول عَنهُ حَتَّى تَبرأ من الْكفَالَة فَإِن أَرَادَ أَن يُؤَدِّيه على وَجه يكون لَهُ حق الرُّجُوع على الْمَطْلُوب فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِك أَن يدْفع الدّين إِلَى الطَّالِب ويهب الطَّالِب مَاله على الْمَطْلُوب إِلَيْهِ ويوكله بِقَبْضِهِ فَيكون لَهُ حق الْمُطَالبَة فَإِذا قَبضه يكون لَهُ حق الرُّجُوع لِأَنَّهُ لَو دفع المَال إِلَيْهِ بِغَيْر هَذِه الْحِيلَة يكون مُتَطَوعا وَلَو أدّى بِشَرْط أَن لَا يرجع عَلَيْهِ لَا يجوز وَفِي البزازي رجلَانِ فِي سفينة مَعَهُمَا مَتَاع وثقلت السَّفِينَة فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه ألق متاعك على أَن يكون متاعي بيني وَبَيْنك أنصافا قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا فَاسد وَضمن لمَالِك الْمَتَاع نصف قيمَة مَتَاعه رجل قضى دين غَيره بِغَيْر أمره جَازَ فَلَو انْتقض بِوَجْه من الْوُجُوه يعود إِلَى ملك قَاضِي الدّين لِأَنَّهُ مُتَطَوّع وَلَو قضى بأَمْره يعود إِلَى ملك من عَلَيْهِ الدّين وَعَلِيهِ للْقَاضِي مثلهَا وَفِي الْقنية رجل طلب دينه من الْمَدْيُون فَأعْطَاهُ مِقْدَارًا معينا من الْحِنْطَة وَلم يبعها مِنْهُ وَلم يقل إِنَّهَا من جِهَة الدّين فَهُوَ بيع بِالَّذِي يرَاهُ إِن كَانَت قيمتهَا أقل من الدّين فَإِن كَانَ السّعر بَينهمَا مَعْلُوما يكون بيعا بِقدر قِيمَته من الدّين وَإِلَّا فَلَا بيع بَينهمَا اه

كَفَالَة الْمَرِيض تصح من الثُّلُث وَلَا تجوز بِمَا لَا يُمكن اسْتِيفَاؤهُ نَحْو الْحُدُود وَالْقصاص إِذا كفل عَن المُشْتَرِي بِالثّمن جَازَ وَإِن كفل بِالْمَبِيعِ عَن البَائِع لَا يَصح وَذكر فِي شرح أدب الْقَضَاء للحسام الشهيدي وَإِن ادّعى الطَّالِب على الْمَطْلُوب حدا فِي قذف أَو دَمًا فِيهِ قصاص أَو جِرَاحَة فِيهَا قصاص فَقَالَ لي بَيِّنَة حَاضِرَة وَطلب كَفِيلا من الْمَطْلُوب فَإِنَّهُ يجْبر الْمَطْلُوب على إِعْطَاء الْكَفِيل ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى يحضر شهودهة عِنْد أبي يُوسُف وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجْبر لَكِن إِن أعْطى كَفِيلا جَازَ وَأَجْمعُوا أَن فِي الْحُدُود الْخَالِصَة لله تَعَالَى كَحَد الزِّنَا وَشرب الْخمر وَالسكر من النَّبِيذ إِذا قدمه إِلَى القَاضِي فَقَالَ الَّذِي قدمه لي بَيِّنَة حَاضِرَة وَطلب مِنْهُ كَفِيلا لَا يجْبر على إِعْطَاء الْكَفِيل وَإِن ادّعى سَرقَة لَا يجْبر على إِعْطَاء الْكَفِيل فِي حق الْقطع لِأَنَّهُ خَالص حق الله تَعَالَى لَكِن يجْبر على إِعْطَاء الْكَفِيل ثَلَاثَة أَيَّام بِالْمَالِ الْمَسْرُوق إِذا ادّعى الْمَسْرُوق مِنْهُ قبله المَال الَّذِي سَرقه وكل شَيْء يجب فِيهِ التَّعْزِير الْحر يقذف العَبْد أَو مثل الْحر يشْتم الْحر شتيمة يجب فِيهَا التَّعْزِير فَيَقُول الطَّالِب لي بَيِّنَة حَاضِرَة فَخذ لي مِنْهُ كَفِيلا فَإِنَّهُ يجْبر على إِعْطَاء الْكَفِيل ثَلَاثَة ايام لِأَن التَّعْزِير حق العَبْد يسْقط بعفوه ويستحلف فِيهِ أَنه يثبت بِشَهَادَة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال فَيجْبر الْمَطْلُوب على إِعْطَاء الْكَفِيل فِيهِ كالاموال الْكفَالَة بالعهدة بَاطِلَة وبالخلاص أَيْضا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالا تصح بالخلاص وبالدرك تجوز بالِاتِّفَاقِ رجل قَالَ لمن يلازم غَرِيمه خله فَأَنا أوافيك إِذا بدا لَك لم يكن كَفِيلا بِالنَّفسِ وَلَو قَالَ خله على أَن أوافيك فَفِي الْقيَاس كَذَلِك وَفِي الِاسْتِحْسَان يكون كَفِيلا بِالنَّفسِ وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ للطَّالِب ضمنت لَك مَا على فلَان إِنَّمَا أقبضهُ مِنْهُ وأدفعه اليك لَيْسَ هَذَا بكفالة وَمَعْنَاهُ أَن يتقاضاه لَهُ ويدفعه إِلَيْهِ إِذا قَبضه مِنْهُ على هَذَا مَعَاني كَلَام النَّاس إِن لم يواف بِهِ غَدا فَعَلَيهِ مَا عَلَيْهِ فَمَاتَ الْمَكْفُول عَنهُ لزمَه المَال لمضي الْغَد وَإِن مَاتَ الْكَفِيل قبل الْأَجَل إِن سلمه ورثته قبل الْأَجَل أَو الْمَكْفُول سلم نَفسه عَن جِهَة الْكَفِيل قبل مُضِيّ الْأَجَل بَرِيء وَقَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث رَحمَه الله تَعَالَى إِنَّمَا يَصح تَسْلِيمه عَن الْكَفِيل إِذا كَانَت الْكفَالَة بِأَمْر الْمَكْفُول لَهُ وَإِلَّا فَلَا كفل بِنَفسِهِ على أَنه مَتى طَالبه سلمه إِلَيْهِ فَإِن لم يُسلمهُ فَعَلَيهِ مَا عَلَيْهِ وَمَات الْمَطْلُوب وطالبه بِالتَّسْلِيمِ وَعجز لَا يلْزمه المَال لِأَن الْمُطَالبَة بِالتَّسْلِيمِ بعد الْمَوْت لَا تصح فَإِذا لم تصح الْمُطَالبَة لم يتَحَقَّق الْعَجز الْمُوجب للُزُوم المَال فَلَا يجب إِلَيْهِ أُشير فِي البزازي كفل بِنَفسِهِ على أَن الْمَكْفُول عَنهُ إِذا غَابَ فَالْمَال عَلَيْهِ فَغَاب الْمَكْفُول عَنهُ ثمَّ رَجَعَ وَسلمهُ إِلَى الدَّائِن لَا يبرأ لِأَن المَال بحلول الْمَشْرُوط لزم فَلَا يبرأ إِلَّا بِالْأَدَاءِ أَو الْإِبْرَاء وَكَذَا إِذا قَالَ الْكَفِيل إِذا غَابَ عَنْك وَلم أوافك بِهِ فَأَنا ضَامِن المَال الَّذِي عَلَيْهِ أما إِذا قَالَ إِن غَابَ فَلم أوافك بِهِ فَأَنا ضَامِن بِمَا عَلَيْهِ فَإِن هَذَا على أَن يوافي بِهِ بعد الْغَيْبَة وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ إِن لم يدْفع لَك مديونك مَالك أَو لم تقبضه فَهُوَ عَليّ ثمَّ إِن الطَّالِب تقاضى الْمَطْلُوب فَقَالَ الْمَدْيُون لَا أدفعه أَولا أقضيه وَجب على الْكَفِيل السَّاعَة

وَعنهُ أَيْضا إِن لم يعطك الْمَدْيُون دينك فَأَنا ضَامِن إِنَّمَا يتَحَقَّق الشَّرْط إِذا تقاضاه وَلم يُعْطه وَكَذَا إِذا مَاتَ الْمَطْلُوب بِلَا أَدَاء وَفِي الفتاوي إِن تقاضيت وَلم يعطك فَأَنا ضَامِن وَمَات قبل أَن يتقاضاه وَيُعْطِيه بَطل الضَّمَان وَلَو قَالَ بعد التقاضي أَنا أُعْطِيك فَإِن أعطَاهُ مَكَانَهُ أَو ذهب بِهِ إِلَى السُّوق أَو منزله وَأَعْطَاهُ جَازَ فَإِن طَال ذَلِك وَلم يُعْطه من يَوْمه لزم الْكَفِيل أقرّ بِمُوجب بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفسِ أَو ثَبت بِالْبَيِّنَةِ عِنْد الْحَاكِم قَالَ الْخصاف لَا يحْبسهُ فيهمَا أول مرّة وَفِي ظَاهر الرِّوَايَة كَذَلِك فِي الْإِقْرَار أما فِي الْبَيِّنَة يحْبسهُ وَلَو كَانَ أول مرّة غَابَ الْمَكْفُول إِن علم مَكَانَهُ أَو لَهُ خرجَة مفهومة فِي كل حِين إِلَى مَكَان أمْهل الْحَاكِم الْكَفِيل إِلَى أَن يذهب إِلَيْهِ وَيَأْتِي بِهِ إِذا أَرَادَ الْكَفِيل الذّهاب وَإِن أَبى حَبسه حَتَّى يَجِيء بِهِ وَإِن لم يعلم مَكَانَهُ واتفقا عَلَيْهِ لَا يحْبسهُ وَيجْعَل ذَلِك كموته وَفِي الخزانة يجْبرهُ الْحَاكِم على تَسْلِيم الْمَكْفُول بِهِ إِلَى الطَّالِب وَيُعْطى الْكَفِيل وَلَا يجْبرهُ على عَطاء الْكَفِيل فَإِن قَالَ لَا علم لي بمَكَان الْمَكْفُول بِهِ إِن صدقه الْمَكْفُول لَهُ سَقَطت الْمُطَالبَة وَلَا يحبس حَتَّى يظْهر عَجزه وَلَا يحلفهُ كفل على أَنه بِالْخِيَارِ إِلَى عشرَة ايام أَو أَكثر صَحَّ ذكره البزازي وَفِي الْقنية الْكَفِيل بِأَمْر الْأَصِيل أدّى المَال إِلَى الدَّائِن بعد مَا أدّى الْأَصِيل وَلم يعلم بِهِ لَا يرجع على الْأَصِيل إِذا غَابَ الْمَكْفُول عَنهُ فللدائن أَن يلازم الْكَفِيل حَتَّى يحضرهُ وَالْحِيلَة فِي فِي دَفعه أَن يَدعِي الْكَفِيل عَلَيْهِ ان خصمك غَابَ غيبَة لَا يدْرِي مَكَانَهُ فَبين لي مَوْضِعه فَإِن اقام بَيِّنَة على ذَلِك تنْدَفع عَنهُ الْخُصُومَة وَفِي المنبع لَو قَالَ أَنا ضَامِن لَك على أَن أدلك عَلَيْهِ أَو أوقفك عَلَيْهِ لَا يكون ذَلِك كَفَالَة وَفِي المنتفى يكون كَفِيلا وعَلى هَذَا مُعَاملَة النَّاس وَفِيه أَيْضا إِذا مَاتَ الرجل وَعَلِيهِ دُيُون وَلم يتْرك شَيْئا فتكفل عَنهُ رجل للْغُرَمَاء لم تصح الْكفَالَة عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَسَوَاء كَانَ ذَلِك الرجل الَّذِي تكفل للْغُرَمَاء ابْنه أَو أَجْنَبِيّا لم تصح عِنْده وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى تصح وَيلْزمهُ جَمِيع مَا تكفل بِهِ وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَلَو تبرع بِهِ إِنْسَان يَصح بِالْإِجْمَاع وَكَذَلِكَ لَو كَانَ بِهِ كَفِيل يبْقى كَذَلِك بِالْإِجْمَاع اه نوع فِي التَّسْلِيم سلمه إِلَى الطَّالِب بَرِيء قبل الطَّالِب أَولا كمن وضع الدّين بَين يَدَيْهِ يبرأ قبل أَولا شَرط الموافاة فِي الْمَسْجِد فوفاه فِي السُّوق أَو فِي مجْلِس الحكم فَدفعهُ فِي السُّوق يبرأ عِنْد الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة أبي حنيفَة وصاحبيه رَحِمهم الله أَجْمَعِينَ قَالَ السَّرخسِيّ كَانَ هَذَا فِي ذَلِك الزَّمَان أما فِي زَمَاننَا لَو شَرط الْمجْلس وَسلم فِي السُّوق لَا يبرأ لغَلَبَة الْفساد إِذْ لَا يعان على الْإِحْضَار إِلَى بَاب الْحَاكِم وَإِلَيْهِ ذهب الامام زفر رَحمَه الله وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَفِي التَّجْرِيد شَرط تَسْلِيمه فِي مجْلِس الحكم إِن سلمه فِي الْمصر فِي مَكَان يقدر على المحاكمة بِهِ بَرِيء

وَإِن كَانَ فِي بَريَّة لَا يبرأ وَإِن شَرط أَن يُسلمهُ فِي مصر كَذَا فسلمه فِي مصر آخر بَرِيء عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لَا يبرأ وَلَو سلمه فِي السوَاد أَو فِي مَوضِع لَا قَاضِي فِيهِ ثمَّة لَا يبرأ فِي قَوْلهم شَرط تَسْلِيمه عِنْد الْأَمِير مسلمه عِنْد القَاضِي أَو عزل ذَلِك الْأَمِير فسلمه عِنْد أَمِير قَامَ مَكَانَهُ جَازَ وَلَو سلمه إِلَيْهِ رَسُول الْكَفِيل أَو وَكيله أَو الْكَفِيل نَفسه عَن كَفَالَة الْمَطْلُوب جَازَ ضمن نفس رجل وَحبس فِي السجْن فَسلم لَا يبرا وَلَو ضمن وَهُوَ مَحْبُوس فسلمه فِيهِ يبرأ وَلَو أطلق ثمَّ حبس ثَانِيًا فَدفعهُ إِلَيْهِ فِيهِ إِن كَانَ الْحَبْس الثَّانِي من أُمُور التِّجَارَة وَنَحْوهَا صَحَّ الدّفع وَإِن كَانَ من أُمُور السُّلْطَان وَنَحْوهَا لَا حبس الطَّالِب الْمَطْلُوب ثمَّ طَالب الْكَفِيل بِهِ فَدفعهُ وَهُوَ فِي حَبسه قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى يبرأ وَلَو قَالَ الْمَطْلُوب دفعت اليك نَفسِي عَن كَفَالَة فلَان وَهُوَ فِي حَبسه جَازَ وبرىء الْكفَالَة بِالنَّفسِ تورث بِأَن مَاتَ الْمَكْفُول عَنهُ نَفسه وَلم يقل عَن كَفَالَة فلَان لَا يبرأة الْكَفِيل وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى حبس الْمَكْفُول بِالنَّفسِ بدين عَلَيْهِ ثمَّ إِن الطَّالِب خَاصم الْكَفِيل فِي طلبه فَأخْرجهُ القَاضِي لأَجله من الْحَبْس فَقَالَ الْكَفِيل دَفعته إِلَيْهِ لكفالتي وَرَسُول القَاضِي مَعَه وَهُوَ مُمْتَنع عَنهُ برَسُول القَاضِي لَا يبرأ وَلَو قَالَ قُدَّام القَاضِي وَهُوَ يُخَاصم دَفعته اليك يبرأ وَلَو كَانَ الْمَطْلُوب مَحْبُوسًا عِنْد غير القَاضِي الَّذِي تخاصما عِنْده يجْبر الْكَفِيل على تخليصه وإحضاره الْجُمْلَة من البزازي نوع فِي بَيَان أَحْكَام الْحِوَالَة صِحَة الْحِوَالَة تعتمد على قبُول الْمُحْتَال لَهُ والمحتال عَلَيْهِ وَلَا تصح الْحِوَالَة فِي غيبَة الْمُحْتَال لَهُ فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى كَمَا فِي الْكفَالَة إِلَّا أَن يقبل رجل الْحِوَالَة عَن الْغَائِب وَلَا يشْتَرط حَضْرَة الْمُحْتَال عَلَيْهِ لصِحَّة الْحِوَالَة حَتَّى لَو أَحَالهُ على رجل غَائِب ثمَّ علم الْغَائِب بهَا فَقبل صحت الْحِوَالَة وَكَذَا لَا يشْتَرط حَضْرَة الْمُحِيل حَتَّى لَو قَالَ رجل لصَاحب الدّين لَك على فلَان ألف دِرْهَم فاحتل بهَا على فرضى الطَّالِب بذلك وَأَجَازَ صحت الْحِوَالَة وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوع بعد ذَلِك وَلَو قَالَ رجل للمديون إِن لفُلَان ابْن فلَان عَلَيْك ألف دِرْهَم فأحل بهَا عَليّ فَقَالَ الْمَدْيُون أحلّت ثمَّ بلغ الطَّالِب فَأجَاز لَا يجوز فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَاخْتلف الْمَشَايِخ فِي أَن الْحِوَالَة نقل الدّين من ذمَّة إِلَى ذمَّة أَو نقل الْمُطَالبَة فَعِنْدَ الْبَعْض نقل الدّين وَعند الْبَعْض نقل الْمُطَالبَة وَالِاخْتِلَاف بَين أبي يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى نقل الدّين وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى نقل الْمُطَالبَة وَثَمَرَة الْخلاف تظهر فِيمَا إِذا أَبْرَأ الْمُحْتَال لَهُ الْمُحِيل عَن دين الْحِوَالَة فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى لَا يَصح لِأَنَّهُ انْتقل الدّين عَنهُ إِلَى الْمُحْتَال عَلَيْهِ وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى يَصح وَفِي التَّجْرِيد إِذا أَحَالهُ وَقبل الْحِوَالَة برىء الْمُحِيل عِنْد الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وكل دين جَازَت الْكفَالَة بِهِ فالحوالة بِهِ جَائِزَة كَذَا فِي الْخُلَاصَة قَالَ الطَّالِب مَاتَ الْمُحْتَال عَلَيْهِ بِلَا تَرِكَة وَقَالَ الْمُحِيل مَاتَ عَن تَرِكَة فَالْقَوْل للطَّالِب مَعَ حلفه الْمُحِيل والمحتال يملكَانِ النَّقْض وبالنقض يبرأ الْمُحْتَال عَلَيْهِ قَالَ الْمُحِيل مَاتَ الْمُحْتَال عَلَيْهِ بعد أَدَاء الدّين اليك فَقَالَ الْمُحْتَال لَا بل قيله وتوى حَقي فلي الرُّجُوع بِهِ عَلَيْك فَالْقَوْل للمحتال لتمسكه بِالْأَصْلِ وَلَو قضى الْمُحْتَال عَلَيْهِ الْمحَال لَهُ المَال بِأَمْر الْمُحِيل رَجَعَ على الْمُحِيل فَإِن قَالَ

الفصل الخامس

الْمُحِيل كَانَ لي عَلَيْك لم يصدق وَلم يكن قبُول الْحِوَالَة إِقْرَارا مِنْهُ بِشَيْء لِأَن الْأَدَاء حصل بأَمْره وَذَا مُثبت حق الرُّجُوع فَلَو بَطل إِنَّمَا يبطل بِكَوْن الدّين عَلَيْهِ ووالحوالة قد تكون على غير الْمَدْيُون كَمَا تكون على الْمَدْيُون فَلَا يبطل حق الرُّجُوع بِالشَّكِّ فَلَو قَالَ الْمُحِيل للمحتال كنت وَكيلِي فِي قبض الدّين من الْمُحْتَال عَلَيْهِ وَقَالَ الْمُحْتَال أحلتني عَلَيْهِ بدين لي عَلَيْك فَالْقَوْل قَول الْمُحِيل مَعَ يَمِينه إِلَّا أَن يَقُول الْمُحِيل اضمن هَذَا المَال عني انْتهى كَذَا فِي الْوَلْوَالجيّ وَفِي شرح الْوِقَايَة وَتكره السفتجة وَهِي أَن يدْفع إِلَى تَاجر مَالا بطرِيق الْإِقْرَاض ليدفعه إِلَى صديق لَهُ فِي بلد آخر لسُقُوط خطر الطَّرِيق وَإِنَّمَا سمي الْإِقْرَاض الْمَذْكُور بِهَذَا الِاسْم تَشْبِيها لَهُ بِوَضْع الدَّرَاهِم فِي السفاتج فِي الْأَشْيَاء المجوفة كَمَا تجْعَل الْعَصَا مجوفة ويخبأ فِيهَا المَال وَإِنَّمَا شبه بِهِ لِأَن كلا مِنْهُمَا احتال لسُقُوط خطر الطَّرِيق أَو لِأَن أَصْلهَا أَن الانسان إِذا أَرَادَ السّفر وَله نقد واراد إرْسَاله إِلَى صديقه فَوَضعه فِي سفتجة ثمَّ مَعَ ذَلِك خَافَ خطر الطَّرِيق فأقرض مَا فِي السفتجة إنْسَانا آخر فَأطلق السفتجة على إقراض مَا فِي السفتجة ثمَّ شاع فِي الْإِقْرَاض لسُقُوط خطر الطَّرِيق انْتهى كَلَام صدر الشَّرِيعَة وَفِي المنبع وَيكرهُ قرض يُسْتَفَاد بِهِ من أَمن الطَّرِيق صورته رجل دفع إِلَى تَاجر عشرَة دَرَاهِم قرضا ليدفعه إِلَى صديقه ليستفيد بِهِ سُقُوط خطر الطَّرِيق وَهُوَ معنى قَوْله وَتكره السفاتج وَهِي جمع سفتجة بِضَم السِّين وَفتح التَّاء وَإِنَّمَا يكره ذَلِك لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل قرض جر نفعا فَهُوَ رَبًّا وَإِنَّمَا قَالَ وَيكرهُ قرض الخ لِأَنَّهُ إِنَّمَا دَفعه على سَبِيل الْقَرْض إِلَيْهِ فجر نفعا وَهُوَ أَمن الطَّرِيق فَإِنَّهُ حرَام وَالله أعلم الْفَصْل الْخَامِس فِي الصُّلْح الصُّلْح على ثَلَاثَة أضْرب صلح مَعَ إِقْرَار وَصلح مَعَ إِنْكَار وَصلح مَعَ سكُوت وَهُوَ أَن يقر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَلَا يُنكر بل يسكت وَوجه الانحصار أَن الْمُدَّعِي عَلَيْهِ عِنْد دَعْوَى إِمَّا الْمُدَّعِي أَن يُجيب لدعواه أَو لَا يُجيب فَإِن أجَاب فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الْجَواب بِالْإِقْرَارِ أَو بالإنكار فَهُوَ الضَّرْب الأول وَالثَّانِي فَإِن لم يجب أصلا فَهُوَ السُّكُوت وكل ذَلِك جَائِز عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله لَا يجوز الصُّلْح مَعَ الْإِنْكَار وَالسُّكُوت وَصلح الْفُضُولِيّ جَائِز بِأَن يَقُول الْفُضُولِيّ أقرّ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ سرا عِنْدِي بأنك على حق فِي دعواك فصالحني على كَذَا وَضَمنَهُ صَحَّ وَطَرِيق الضَّمَان أَن يَقُول الْفُضُولِيّ صَالح من دعواك على كَذَا على أَنِّي ضَامِن أَو على مَالِي أَو صالحني من دعواك على فلَان على كَذَا وأضاف العقد إِلَى نَفسه أَو مَاله صَحَّ وطولب الْفُضُولِيّ بِالْبَدَلِ ثمَّ يرجع على الْمصَالح عَلَيْهِ إِن كَانَ الصُّلْح بأَمْره كَذَا ذكره فِي البزازي وَفِي الْوَلْوَالجيّ وَلَا يجوز صلح الدّين بِالدّينِ إِلَّا أَن يكون من جنسه وَهُوَ أَن يكون عَلَيْهِ عشرَة دَرَاهِم

إِلَى شهر فَصَالحه على خَمْسَة إِلَى شَهْرَيْن فَيجوز أما الأول فَلِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الكالئ بالكاليء وَأما الثَّانِي فَلِأَن ذَلِك لَيْسَ بصلح لِأَن الْمصَالح عَلَيْهِ عين حَقه الَّذِي كَانَ قبل الصُّلْح لكنه تبرع بشيئين بحط الْبَعْض وبالزيادة فِي الْأَجَل وَلَو صَالح من دينه على عبد يجوز وَلم يَبِعْهُ مُرَابحَة لِأَن مبْنى الصُّلْح على التَّجَوُّز بِدُونِ الْحق فَصَارَ بِالصُّلْحِ كَأَنَّهُ أَبرَأَهُ عَن بعض الدّين وَاشْترى العَبْد بِالْبَاقِي وَلَو كَانَ لَهُ على رجل ألف دِرْهَم فَصَالحه مِنْهَا على خَمْسمِائَة دِرْهَم جَازَ وَإِن فَارقه قبل أَن يُعْطِيهِ إِيَّاه لِأَن هَذَا الصُّلْح إِبْرَاء عَن النّصْف لِأَن الصُّلْح إِبْرَاء وَطلب لإيفاء النّصْف لِأَن الصُّلْح يجوز بِدُونِ الْحق والتجوز بِدُونِ الْحق إِبْرَاء للْبَعْض وَاسْتِيفَاء للْبَعْض وَذَلِكَ جَائِز وَلَو صَالحه من دينه على بعضه عَاجلا أَو آجلا كَانَ جَائِزا لِأَنَّهُ تبرع باسقاط الْبَعْض واسقاط الْمُطَالبَة عَمَّا بقى فِي يَده وَلَو صَالحه بِجِنْس آخر لَا يجوز لِأَنَّهُ مصارفة الدَّرَاهِم بِالدَّنَانِيرِ آجلا فَلَا يجوز رجل لَهُ على رجل ألف دِرْهَم دينا فَأنْكر الْمَطْلُوب ذَلِك فَصَالحه الطَّالِب على مائَة دِرْهَم فَقَالَ لَهُ صالحتك على مائَة دِرْهَم من الْألف الَّتِي عَلَيْك وابرأتك عَن الْبَقِيَّة أَو لم يقل فَذَلِك جَائِز وَيبرأ الْمَطْلُوب فِي الظَّاهِر وَلَا يبرأ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى لِأَنَّهُ مُضْطَر فِي هَذَا الصُّلْح معنى وَالرِّضَا شَرط جَوَاز الصُّلْح وَفِي الْقنية ادّعى عَلَيْهِ مَالا فَأنكرهُ وَحلف ثمَّ ادَّعَاهُ الْمُدعى عِنْد قَاض آخر فَأنكرهُ فصولح يَصح وَفِي الْأَسْرَار أَنه لَا يَصح وَكَذَا فِي نكت الشِّيرَازِيّ وَقيل يَصح وروى مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يَصح قَالَ وَرَأَيْت بِخَط عَلَاء الْأَئِمَّة الحمامي ادّعى على آخر حق التَّعْزِير أَو حد الْقَذْف وَأنكر الآخر وتوجهت عَلَيْهِ الْيَمين فَافْتدى يَمِينه بِمَال قَالَ الْحلْوانِي فِيهِ اخْتِلَاف الْمَشَايِخ قيل يحل أَخذ ذَلِك وَقيل لَا يحل وَلَو ادّعى حق الشّرْب وَالْمَسْأَلَة بِحَالِهَا فَالْأَصَحّ أَنه يجوز أَخذ المَال وَيجوز الافتداء رجل لَهُ على آخر ألف دِرْهَم إِلَى سنة فَصَالحه على أَن يُعْطي بهَا كَفِيلا ويؤرخها إِلَى سنة أُخْرَى يجوز وَكَذَا لَو كَانَ بهَا كَفِيل فَأعْطَاهُ كَفِيلا آخر وابرأ الْكَفِيل الأول واخرها سنة يجوز وَلَو صَالحه على أَن يعجل لَهُ نصف المَال على أَن يُؤَخر عَنهُ مَا بقى إِلَى سنة أُخْرَى مثل حُلُوله ثمَّ اسْتحق لم يرجع عَلَيْهِ حَتَّى يحل الْأَجَل وَكَذَا لَو وجدهَا زُيُوفًا أَو ستوقة وَإِن صَالحه على عبد فَوجدَ فِيهِ عَيْبا فَرده إِن عَاد إِلَيْهِ بِالْفَسْخِ يعود الْأَجَل وَإِن عَاد بالإقالة فَالْمَال حَال وَكَذَا لَو كَانَ بِالْمَالِ كَفِيل أَو رهن فِي يَد الْمُرْتَهن فالرهن وَالْكَفِيل على حَاله وَلَو جعل دينه حَالا فَهُوَ حَال وَلَيْسَ بصلح لِأَن الْأَجَل حق الْمَطْلُوب وَقد ابطله وَكَذَا لَو قَالَ أبطلت الْأَجَل أَو تركته أَو جعلته حَالا أما لَو قَالَ برأت من الْأَجَل بِالضَّمِّ لم يبطل أما إِذا قَالَ أَبْرَأتك أَو برأت بِالْفَتْح بَطل الْأَجَل وَلَو قَالَ لَا حَاجَة لي فِي الْأَجَل لَا يبطل الْأَجَل وَفِي الْخُلَاصَة رجل ادّعى على آخر ألف دِرْهَم فَأنْكر ثمَّ صَالحه على أَن يَبِيعهُ بهَا عبدا جَازَ وَهَذَا إِقْرَار مِنْهُ بِالدّينِ بِخِلَاف قَوْله صالحتك على هَذَا العَبْد فَإِنَّهُ لَا يكون إِقْرَارا مِنْهُ بِالدّينِ وَفِي الأَصْل إِذا كَانَ لرجل على آخر ألف دِرْهَم فَقَالَ لَهُ أبراتك عَن خَمْسمِائَة أَو حططت عَنْك خَمْسمِائَة على أَن تُعْطِينِي الْبَاقِي وَلم يُوَقت وقتا فَأعْطَاهُ الْبَاقِي فِي هَذَا الْيَوْم أَو لم يُعْطه بَرِيء مِنْهُ عَن خَمْسمِائَة وَفِي الْجَامِع الصَّغِير جعل الْمَسْأَلَة على ثَلَاثَة أوجه إِن قَالَ أد الي غَدا خَمْسمِائَة على أَنَّك بَرِيء من الْبَاقِي أَو على أَنَّك إِن لم تعطني خَمْسمِائَة فالألف عَلَيْك على حَالهَا فَالْأَمْر كَمَا قَالَ وَلَو قَالَ أد الي خَمْسمِائَة غَدا على

أَنَّك بَرِيء من الْفضل فَإِن أعطَاهُ بَرِيء مُطلقًا وَإِن لم يُعْطه فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى لَا يبرأ وَعند ابي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يبرأ وَلَو قَالَ أَبْرَأتك عَن خَمْسمِائَة على أَن تُعْطِينِي غَدا خَمْسمِائَة حصل الابراء مُطلقًا أَدَّاهُ الْخَمْسمِائَةِ غَدا أَو لم يؤد وَلَو قَالَ إِن أدّيت الي خَمْسمِائَة فَأَنت بَرِيء أَو مَتى أدّيت الي أَو إِن أدّيت أَو إِذا أدّيت لَا يبرأ لِأَن تَعْلِيق الْبَرَاءَة بِالشّرطِ بَاطِل صولح من دَعْوَى الدّين على دَرَاهِم وافتراقا قبل قبض بدل الصُّلْح يجوز لِأَنَّهُ إِن كَانَ عَن إِقْرَار فَافْتَرقَا عَن يَمِين بدين بزعمهما وَإِن كَانَ عَن إِنْكَار فَفِي زعم الْمُدَّعِي كَذَلِك وَفِي زعم الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بذل المَال لإِسْقَاط الْيَمين وَقبض الْبَدَل ينْعَقد الْإِسْقَاط لَا يشْتَرط كَمَا فِي الْخلْع وَالْعِتْق على مَال وَإِن وَقع عَن دَرَاهِم فِي الذِّمَّة على دَنَانِير أَو عَكسه فَيشْتَرط قبض الْبَدَل فِي الْمجْلس لِأَنَّهُ صرف وَإِن وَقع عَن دَنَانِير فِي الذِّمَّة على دَنَانِير أقل لَا يشْتَرط قَبضه فِيهِ لِأَنَّهُ إِسْقَاط بعض الْحق وَأخذ الْبَاقِي وَيجوز الِاعْتِيَاض عَن الْأَجَل بَين الْمكَاتب وَالْمولى حَتَّى لَو قَالَ لمَوْلَاهُ زِدْنِي فِي الْأَجَل حَتَّى أزيدك فِي الْبَدَل أَو قَالَ احطط عني من بدل الْكِتَابَة كَذَا حَتَّى أترك حَقي فِي الْأَجَل وَأعجل لَك الْبَدَل صَحَّ وَلَا يجوز الِاعْتِيَاض عَن الْأَجَل بَين الحرين وَلَا يجوز بيع الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ بَين الْمولى وَالْمكَاتب الصُّلْح عَن الشُّفْعَة بَاطِل وَتبطل الشُّفْعَة بِهِ ولقيم الْوَقْف أَن يُصَالح سَارِق الْقطن من أَرض الْوَقْف إِن كَانَ مقرا وَإِن كَانَ إِنَّمَا يُعْطِيهِ لأجل مَخَافَة هتك السّتْر وَنَحْو ذَلِك لم يجز وَفِي الْعِمَادِيّ ادّعى على رجل مَحْدُود أَنه وقف على كَذَا فَأنْكر فَصَالحه الْمُدَّعِي عَلَيْهِ على مَال لَا يَصح الصُّلْح لِأَن الصُّلْح بِمَنْزِلَة البيع وَلَيْسَ للمتولى ولَايَة البيع والاستبدال وَلَو دفع الْمُتَوَلِي شَيْئا إِلَى الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَأخذ الدَّار لأجل الْوَقْف يجوز إِن لم يكن لَهُ بَيِّنَة على إِثْبَات الْوَقْف وَالْمَوْقُوف عَلَيْهِ لَو فعل ذَلِك لَا يجوز لِأَنَّهُ لَيْسَ بخصم والفضولي لَو فعل ذَلِك يجوز لِأَن الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فعل ذَلِك ليَأْخُذ الدَّار أما الْفُضُولِيّ لَو فعل ذَلِك من مَال نَفسه لاستخلاص الْوَقْف يدْفع المَال وَلَا يَأْخُذ الدَّار وَلَو اشْترى دَارا فاتخذها مَسْجِدا ثمَّ ادّعى رجل فِيهَا دَعْوَى فَصَالحه الَّذِي بنى الْمَسْجِد أَو رجل من بَين أظهرهم لِلْمَسْجِدِ فَهُوَ جَائِز الْكَفِيل بِالنَّفسِ إِذا صَالح على مَال لاسقاط الْكفَالَة لَا يَصح أَخذ المَال وَهل تسْقط الْكفَالَة فِيهِ رِوَايَتَانِ وَلَو كَانَ كَفِيلا بِالنَّفسِ وَالْمَال فَصَالح بِشَرْط الْبَرَاءَة من الْكفَالَة بِالنَّفسِ بَرِيء رجل ادّعى دَارا فَصَالحه على بَيت مِنْهَا أَو على قِطْعَة مِنْهَا لم يجز لَا عِنْد الْإِنْكَار وَلَا عِنْد الْإِقْرَار لِأَن مَا قبض عين حَقه وَهُوَ على دَعْوَاهُ فِي الْبَاقِي وَالْوَجْه فِيهِ أحد أَمريْن إِمَّا أَن يزِيد درهما فِي بدل الصُّلْح فَيصير ذَلِك عوضا عَن حَقه فِيمَا بَقِي أَو يلْحق بِهِ ذكر الْبَرَاءَة عَن دَعْوَى الْبَاقِي وَإِن صَالحه على دَار أُخْرَى أَو على شَيْء آخر لَا تقبل دَعْوَاهُ بعد ذَلِك وَلَو كَانَت دَعْوَاهُ فِي الدّين فَصَالحه على بعض الدّين أَو على غَيره بطلت دَعْوَاهُ بِخِلَاف الْعين صَالح عَن دين على عين ثمَّ هَلَكت قبل التَّسْلِيم فَإِنَّهُ يعود الدّين وَلَو صَالحه من الدّين على شَيْء ثمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَة بِالدّينِ لم يكن لَهُ فسخ الصُّلْح وَصِيّ ادّعى على رجل ألفا للْيَتِيم وَلَا بَيِّنَة لَهُ فَصَالح بِخَمْسِمِائَة عَن الْألف عَن الْإِنْكَار ثمَّ وجد بَيِّنَة عادلة فَلهُ أَن يقيمها على الالف وَكَذَا إِذا وجد الصَّبِي بَيِّنَة بعد الْبلُوغ كَذَا فِي الْقنية وَفِي البزازي رجل ادّعى دينا أَو عينا على آخر وتصالحا على بدل وكتبا وَثِيقَة الصُّلْح وذكرا فِيهَا تصالحا عَن هَذِه الدَّعْوَى على كَذَا وَلم يبْق لهَذَا الْمُدَّعِي على هَذَا الْمُدَّعِي عَلَيْهِ دَعْوَى وَلَا خُصُومَة بِوَجْه من الْوُجُوه

ثمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي يَدعِي عَلَيْهِ بعد الصُّلْح دَعْوَى أُخْرَى بِأَن كَانَ الْمُدَّعِي مثلا امْرَأَة ادَّعَت دَارا وَجرى الْحَال كَمَا ذكرنَا ثمَّ جَاءَت تطلب من الْمُدَّعِي عَلَيْهِ دين الْمهْر لَا تسمع لِأَن الْبَرَاءَة عَن الدَّعْوَى ذكرت مُطلقًا وَلَا مَانع من أَن يَدعِي وَاحِدًا ويصالح عَنهُ وَعَن جَمِيع الدَّعَاوَى وَاخْتَارَ شيخ الاسلام رَحمَه الله تَعَالَى أَن الصُّلْح بعد الانكار عَن دَعْوَى فَاسِدَة لَا يَصح لِأَن الْمُدَّعِي زَعمه يَأْخُذهُ بَدَلا عَمَّا ادَّعَاهُ فَلَا بُد من صِحَة الدَّعْوَى وَفِي نظم الْفِقْه أَخذ سَارِقا فِي دَار غَيره فَأَرَادَ دَفعه إِلَى صَاحب المَال فَدفع لَهُ السَّارِق مَالا على أَن يكف عَنهُ يبطل وَيرد المبذول إِلَى السَّارِق لِأَن الْحق لَيْسَ لَهُ وَلَو كَانَ الصُّلْح مَعَ صَاحب السّرقَة بَرِيء من الْخُصُومَة بِأخذ المَال رجل اتهمَ بِسَرِقَة وَحبس فَصَالح ثمَّ زعم أَن الصُّلْح كَانَ خوفًا على نَفسه إِن كَانَ فِي حبس الْوَالِي تصح الدَّعْوَى لِأَن الْغَالِب على أَنه حبس ظلما وَإِن كَانَ فِي حبس القَاضِي لَا تصح لِأَن الْغَالِب على أَنه حبس بِحَق الصُّلْح الْفَاسِد كَالْبيع الْفَاسِد يتَمَكَّن كل مِنْهُمَا من الْفَسْخ ادّعى عَلَيْهِ ألفا فَأنْكر وَأَعْطَاهُ نصفهَا وَلم يقل شَيْئا ثمَّ أَرَادَ الْمُدَّعِي يَعْنِي الدَّافِع اسْتِرْدَاده لَهُ ذَلِك وَإِن كَانَ مَكَان النَّقْد عرض لَا يملك الِاسْتِرْدَاد فَالْحَاصِل أَن كل مَا كَانَ للْمُدَّعِي فِيهِ حق الْأَخْذ لَا يتَمَكَّن من اسْتِرْدَاد الْمُدَّعِي مالم يذكر لفظ الصُّلْح أَو تدل عَلَيْهِ الْقَرِينَة لِأَن فِي زعم الْمُدَّعِي أَنه أَخذ حَقه فَكيف يكون صلحا ومالا يتَمَكَّن الْمُدَّعِي من أَخذه كالعرض يكون صلحا بالتعاطي رجل ادّعى على آخر ألفا فَأنْكر فصولح على شَيْء ثمَّ برهن الْمُدَّعِي عَلَيْهِ على الْإِيفَاء أَو الْإِبْرَاء لَا يقبل وَإِن ادّعى عَلَيْهِ ألفا فَادّعى الْقَضَاء أَو الْإِبْرَاء وصولح ثمَّ برهن على أَحدهمَا تقبل وَيرد بدل الصُّلْح لِأَن الصُّلْح فدَاء الْيَمين وَالْيَمِين فِي الأولى كَانَت على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَفَدَاهُ بِالْمَالِ وَفِي الثَّانِيَة على الْمُدَّعِي فَلَا يتَصَوَّر أَن يكون الْفِدَاء عَنْهَا فَإِذا برهن على الْقَضَاء أَو الْإِبْرَاء يرد بدله رجلَانِ بَينهمَا أَخذ وَعَطَاء وتبرع وقرض وَشركَة تَصَادقا على ذَلِك وَلم يعرفا الْمِقْدَار فتصالحا على مائَة إِلَى أجل جَازَ لِأَن لفظ الصُّلْح دَلِيل على أَن الْحق أَكثر وَقد تبرع بالتأجيل فِيمَا بقى كمن لَهُ على آخر دَرَاهِم لَا يعرفان مقدارها صَالح على مائَة رجلَانِ لَهما على رجل دين فَأَرَادَ أَحدهمَا أَن يَأْخُذ نصِيبه على وَجه لَا يكون للشَّرِيك فِيهَا نصيب فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِك أَن يَبِيع من الْمَطْلُوب كفا من زبيب بِمِائَة دِرْهَم ويسلمه إِلَيْهِ ثمَّ يُبرئهُ عَن نصِيبه من الدّين ويطالبه بِثمن الزَّبِيب فَحِينَئِذٍ لَا يكون لشَرِيكه فِيهِ نصيب لِأَنَّهُ لَا شركَة فِي هَذَا الدّين وَإِن مبْنى الصُّلْح على التَّجَوُّز بِدُونِ الْحق فَصَارَ كَأَن الْمصَالح أَبرَأَهُ عَن بعض نصِيبه وَاسْتوْفى الْبَعْض وَلَا يجوز تَعْلِيق الصُّلْح بِالشّرطِ وَلَا اضافته إِلَى وَقت بِأَن قَالَ إِذا جَاءَ غَد فقد صالحتك على كَذَا أَو صالحتك غَدا على كَذَا لِأَن تَعْلِيق التمليكات بِالشّرطِ وإضافتها إِلَى الْوَقْت بَاطِل وَلِأَن الصُّلْح فِي الْأَعْيَان مُلْحق بِالْبيعِ فَكَمَا لَا يجوز تَعْلِيق البيع بِالشّرطِ وَلَا اضافته إِلَى الْوَقْت فَكَذَلِك الصُّلْح وَيجوز الصُّلْح عَن دَعْوَى نِكَاح وَهُوَ على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يَدعِي رجل على امْرَأَة نِكَاحا وَهِي تجحد فصالحته على مَال حَتَّى يتْرك الدَّعْوَى جَازَ وَكَانَ فِي معنى الْخلْع لِأَن الصُّلْح يجب اعْتِبَاره بأقرب الْعُقُود

الفصل السادس في الإقرار

إِلَيْهِ احتيالا لصِحَّته وَأخذ المَال على ترك الْبضْع خلع فَصَارَ بدل المَال مِنْهَا فِي حق الْمُدَّعِي فِي معنى الْخلْع بِنَاء على زَعمه وَالْخلْع بِلَفْظ الْبَرَاءَة صَحِيح وَفِي حَقّهَا لدفع الشغب وَالْخُصُومَة وتخليص النَّفس عَن الْوَطْء الْحَرَام وَفِي الْهِدَايَة قَالُوا لَا يحل لَهُ أَخذ المَال فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى إِذا كَانَ مُبْطلًا فِي دَعْوَاهُ وَقَالَ صَاحب المنبع هَذَا لَيْسَ بمختص بِهَذَا الْمقَام بل هُوَ عَام فِي جَمِيع أَنْوَاع الصُّلْح بِدَلِيل مَا ذكر فِي كتاب الْإِقْرَار أَن من أقرّ لغيره بِمَال وَالْمقر لَهُ يعلم أَنه كَاذِب فِي إِقْرَاره فَإِنَّهُ لَا يحل لَهُ ذَلِك فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى إِلَّا أَن يُسلمهُ بِطيب نَفسه فَيكون تَمْلِيكًا على طَرِيق الْهِبَة وَالثَّانِي أَن تَدعِي امْرَأَة نِكَاحا على رجل فصالحها على مَال لَا يجوز لِأَنَّهُ رشوة مَحْضَة من غير خُصُومَة ويلزمها ردهَا كَذَا فِي المنبع وَفِي الْوَلْوَالجيّ الْخَلِيفَة إِذا جعل غَيره ولي عَهده بعد مَوته ثمَّ مَاتَ يجب على النَّاس أَن يعلمُوا بِهِ وَيصير الثَّانِي خَليفَة كَمَا فعل أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَإِنَّهُ فوض الْأَمر فِي حَيَاته إِلَى عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَكَذَا للْمُوصي أَن يُوصي إِلَى غَيره بعد مَوته اه الْفَصْل السَّادِس فِي الْإِقْرَار الْإِقْرَار هُوَ إِخْبَار بِحَق لآخر عَلَيْهِ وَحكمه ظُهُور الْمقر بِهِ لَا إثْبَاته ابْتِدَاء فَيصح الْإِقْرَار بِالْخمرِ للْمُسلمِ حَتَّى يُؤمر بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ وَلَا يَصح الْإِقْرَار بِالطَّلَاق وَالْعتاق مكْرها وَلَو كَانَ انشاء يَصح مَعَ الاكراه لِأَن طَلَاق الْمُكْره وإعتاقه واقعان عندنَا وَاسْتدلَّ بعض على كَونه اخبارا بمسائل مِنْهَا إِذا أقرّ بِنصْف دَاره مشَاعا صَحَّ وَلَو كَانَ تَمْلِيكًا لم يَصح وَمِنْهَا إِذا أقرَّت بِالزَّوْجِيَّةِ صَحَّ وَلَو كَانَ تَمْلِيكًا لم يَصح الا بِمحضر من الشُّهُود وَمِنْهَا إِذا أقرّ الْمَرِيض بدين مُسْتَغْرق جَمِيع مَاله صَحَّ وَلَو كَانَ تَمْلِيكًا لم يَصح وَمِنْهَا إِذا أقرّ العَبْد الْمَأْذُون لرجل بِعَين فِي يَده صَحَّ وَلَو كَانَ تَمْلِيكًا لم يَصح وَاسْتدلَّ بعض على كَونه تَمْلِيكًا بمسائل مِنْهَا إِذا أقرّ لرجل فَرد إِقْرَاره ثمَّ قبل لَا يَصح وَلَو كَانَ إِخْبَارًا لصَحَّ وَمِنْهَا إِذا أقرّ الْمَرِيض لوَارِثه بدين لم يَصح وَلَو كَانَ إِخْبَارًا لصَحَّ وَمِنْهَا أَن الْملك الثَّابِت بِسَبَب الْإِقْرَار لَا يظْهر فِي حق الزَّوَائِد المستهلكة حَتَّى لَا يملك الْمقر لَهُ مطالبتها وَلَو كَانَ إِخْبَارًا لكَانَتْ مَضْمُونَة عَلَيْهِ وَفِي الذَّخِيرَة وَالْمُحِيط ادّعى عينا فِي يَد انسان أَنَّهَا لَهُ ثمَّ إِن صَاحب الْيَد أقرّ لَهُ بِهِ تصح هَذِه الدَّعْوَى عِنْد الْبَعْض وَعند عَامَّة الْمَشَايِخ لَا يَصح لِأَن نفس الْإِقْرَار لَا يصلح سَببا للاستحقاق فَإِن الاقرار كَاذِبًا لَا يثبت الِاسْتِحْقَاق للْمقر لَهُ وَعند من يَقُول يَصح لَو نكل فالفتوى على أَنه لَا يحلف على الْإِقْرَار وَإِنَّمَا يحلف على المَال قَالَ صَاحب الْفُصُول قَامَت على قَول من يَقُول من الْمَشَايِخ إِنَّه تمْلِيك فِي الْحَال يَنْبَغِي أَن تصح دَعْوَى المَال بِسَبَب الْإِقْرَار وعَلى قَول من يَقُول إِنَّه إِخْبَار لَا تصح وَأَجْمعُوا على أَنه لَو قَالَ هَذَا الْعين ملكي وَهَكَذَا أقرّ بِهِ صَاحب الْيَد تصح هَذِه الدَّعْوَى لِأَنَّهُ لم يَجْعَل الْإِقْرَار سَبَب الْوُجُوب الْجُمْلَة من شرح الْوِقَايَة لِابْنِ فرشته وَفِي المنبع وَلَا يَصح إِقْرَار الصَّبِي إِلَّا إِذا كَانَ مَأْذُونا بِالتِّجَارَة فَإِن إِقْرَاره جَائِز بدين لرجل أَو وَدِيعَة أَو عَارِية أَو مُضَارَبَة أَو غصب لِأَنَّهُ الْتحق بِسَبَب الاذن بالبالغ لدلَالَة الاذن على عقله وَلَا يَصح إِقْرَاره بِالْمهْرِ وَالْجِنَايَة وَالْكَفَالَة لِأَنَّهَا غير دَاخِلَة تَحت الاذن إِذْ التِّجَارَة مُبَادلَة المَال بِالْمَالِ وَالنِّكَاح مُبَادلَة مَا لَيْسَ بِمَال وَالْكَفَالَة تبرع من وَجه فَلم تكن تِجَارَة مُطلقَة وَكَذَلِكَ الْمَجْنُون لَا يَصح إِقْرَاره وَكَذَلِكَ العَبْد الْمَحْجُور

لَا يَصح إِقْرَاره بِالْمَالِ وَإِن كَانَ يَصح بالحدود وَالْقصاص لِأَن ذمَّته ضعفت برقه فانضمت إِلَيْهَا مَالِيَّة الرَّقَبَة وَالْكَسْب وَهِي ملك الْمولى فَلَا يَصح إِقْرَاره عَلَيْهِ بِخِلَاف العَبْد الْمَأْذُون فَإِن إِقْرَاره بالديون وَبِمَا فِي يَده صَحِيح لِأَن الْمولى رضى بِإِسْقَاط حَقه بالتسليط عَلَيْهِ والنائم والمغمى عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ وَإِقْرَار السَّكْرَان جَائِز بالحقوق كلهَا الا بالحدود الْخَالِصَة وَالرِّدَّة وتنفذ سَائِر التَّصَرُّفَات من السَّكْرَان كَمَا تنفذ من الصاحي وَسَيَجِيءُ تَمَامه فِي فصل الطَّلَاق إِن شَاءَ الله تَعَالَى وكما يَصح الْإِقْرَار بالمعلوم يَصح بِالْمَجْهُولِ بِخِلَاف الْجَهَالَة فِي الْمقر لَهُ فَإِنَّهُ يمْنَع صِحَة الاقرار بِلَا خلاف وَفِي الذَّخِيرَة جَهَالَة الْمقر لَهُ إِنَّمَا تمنع صِحَة الْإِقْرَار إِذا كَانَت متفاحشة بِأَن قَالَ هَذَا العَبْد لوَاحِد من النَّاس أما إِذا لم تكن متفاحشة لَا تمنع بِأَن قَالَ هَذَا العَبْد لأحد هذَيْن الرجلَيْن وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ رَحمَه الله تَعَالَى الْجَهَالَة تمنع أَيْضا فِي هَذِه الصُّورَة لِأَنَّهُ أقرّ للْمَجْهُول وَأَنه لَا يُفِيد لِأَن فَائِدَته الْجَبْر على الْبَيَان وَهَا هُنَا لَا يجْبر على الْبَيَان وَالأَصَح أَنه يَصح لِأَنَّهُ يُفِيد وَفَائِدَته وُصُول الْحق إِلَى الْمُسْتَحق وَطَرِيق الْوُصُول ثَابت لِأَنَّهُمَا لَو اتفقَا على أَخذه فَلَهُمَا حق الْأَخْذ فَالْحَاصِل أَن الْإِقْرَار للْمَجْهُول لَا يَصح إِذا كَانَت الْجَهَالَة متفاحشة وَإِذا لم تكن متفاحشة يجوز وَالْإِقْرَار بِمَجْهُول يَصح مُطلقًا مَعْلُوما كَانَ أَو مَجْهُولا وَأما الْإِبْرَاء عَن الْحُقُوق المجهولة يَصح بعوض وبدونه وَفِي المنبع الْإِبْرَاء عَن الْأَعْيَان لَا يَصح ثمَّ قَالَ وَفِي الْبَدَائِع لَو ابرأه عَن ضَمَان الْعين وَهِي قَائِمَة فِي يَده صَحَّ الابراء وَسقط عَنهُ الضَّمَان عِنْد أَصْحَابنَا الثَّلَاثَة وَقَالَ زفر لَا يَصح لِأَن الْإِبْرَاء إِسْقَاط وَإِسْقَاط الْأَعْيَان لَا يعقل فالتحق بِالْعدمِ وَبقيت الْعين مَضْمُونَة كَمَا كَانَت وَإِذا هَلَكت ضمن رجل فِي يَده دَار ادَّعَاهَا آخر فَقَالَ اشْتَرَيْتهَا مِنْك الْقيَاس أَن يُؤمر بِالدفع إِلَى الْمُدَّعِي إِلَى أَن يبرهن على الشِّرَاء مِنْهُ وَفِي الِاسْتِحْسَان يُمْهل ثَلَاثَة ايام بعد التكفيل عَلَيْهِ فَإِن برهن وَإِلَّا سلم إِلَى الْمُدَّعِي وعَلى الْقيَاس وَالِاسْتِحْسَان إِذا ادّعى الْمَدْيُون الْإِيفَاء وجحده الْمُدَّعِي فَلَا بُد من برهَان الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَكَانَ الامام ظهير الدّين يُفْتِي فِيهَا بِالْقِيَاسِ أقرّ أَنه اقْتضى من فلَان ألفا كَانَت لَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ فلَان لم يكن لَك عَليّ شَيْء يضمن الْمقر بعد مَا يحلف الْمقر لَهُ على أَنه لم يكن لَهُ عَلَيْهِ شَيْء قَوْله عِنْد دَعْوَى المَال عَلَيْهِ مَا قبضت مِنْك بِغَيْر حق لَا يكون إِقْرَارا وَلَو قَالَ دَفعته إِلَى أَخِيك بِأَمْرك إِقْرَار بِالْقَبْضِ فَلَا يبرأ بِلَا إِثْبَات الْأَمر بالإيصال والاتصال وَلَو قَالَ بِأَيّ سَبَب دَفعته الي قَالُوا يكون إِقْرَارا وَفِيه نظر قدمه قبل حُلُول الْأَجَل إِلَى الْحَاكِم وَطَلَبه بِهِ فَلهُ أَن يحلف مَا عَليّ الْيَوْم شَيْء وَهَذَا الْحلف لَا يكون إِقْرَارا بِالْمَالِ الْمُدَّعِي بِهِ ويسعه أَن يحلف بِهَذَا الْوَجْه إِن لم يقْصد بِهِ ذهَاب حَقه قَالَ الْفَقِيه لَا يلْتَفت إِلَى قَول من جعله إِقْرَارا بِوُجُوب المَال الْمُؤَجل وَكَذَلِكَ الْكَلَام إِذا حلف الزَّوْج عِنْد إِنْكَاره دَعْوَى زَوجته الصَدَاق فَإِن المهور فِي زَمَاننَا مُؤَجّلَة بِالْعَادَةِ قلت وَهَذَا دَلِيل على أَن الزَّوْجَة لَيْسَ لَهَا مُطَالبَة زَوجهَا بِالْمهْرِ الْمُؤخر بعد قبضهَا الْمُعَجل ودخوله بهَا الا بعد الْفِرَاق بِمَوْت أَو طَلَاق لِأَن

الْمُؤخر مُؤَجل عرفا لما مر وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم وَلَا بُد من نقل صَرِيح يعْتَمد عَلَيْهِ فِي ذَلِك فيا أَيهَا الطَّالِب لَا تجزم بِشَيْء فِي هَذِه الْمَسْأَلَة الا بعد النَّقْل الصَّرِيح والتأمل الصَّحِيح ادّعى عَلَيْهِ مَالا فَقَالَ قَبضته لكنه ملكي يُؤمر بِالرَّدِّ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَن يكون على الْقيَاس وَالِاسْتِحْسَان الَّذِي ذَكرْنَاهُ رجل قَالَ لآخر اقْضِ الْألف الَّتِي لي عَلَيْك أَو غلَّة عَبدِي فَقَالَ نعم أَو قَالَ غَدا أعطيكها أَو اقعد فاقبضها أَو وَزنهَا لَا على وَجه السخرية أَو قَالَ خُذْهَا أَو أرسل غَدا من يقبضهَا أَو يتزنها أَو لَا أزنها لَك الْيَوْم أَو لَا تأخذها مني الْيَوْم أَو حَتَّى يدْخل عَليّ مَالِي أَو يقدم على غلامي أَو قَالَ لم تحل أَو قَالَ صالحني عَنْهَا أَو قَالَ لَا أقضيكها أَو لَا أعطيكها أَو قَالَ أحل غرماءك عَليّ أَو بَعضهم أَو من شِئْت مِنْهُم أَو يحتال بهَا عَليّ أَو قَضَاهَا فلَان عني أَو أبرأتينها أَو أحللتنيها أَو وهبتنيها أَو تَصَدَّقت بهَا عَليّ أَو قَالَ مَالك عَليّ الا مائَة أَو سوى مائَة أَو غير مائَة أَو قَالَ اشْهَدُوا أَن لَهُ عَليّ ألف دِرْهَم فَإِنَّهُ إِقْرَار فِي ذَلِك كُله وَلَو ادّعى عَلَيْهِ ألفا فَقَالَ لَا أعطكيها أَو قَالَ مَا لفُلَان عَليّ شَيْء فَلَا تخبره أَن لَهُ عَليّ ألفا لَا يكون اقرارا وَلَو لم يبْدَأ بِالنَّفْيِ لَكِن قَالَ لَا تخبر فلَانا أَن لَهُ عَليّ ألف دِرْهَم أَو لَا تعلمه يكون اقرارا وَمن اصحابنا من قَالَ الصَّحِيح أَنه فِي الاخبار لَا يكون اقرارا وَلَو قَالَ لَا تشهدوا أَن لفُلَان عَليّ ألفا لَا يكون اقرارا وَذكر مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَن قَوْله لَا تخبره إِقْرَار وَلَا تشهد لَا يكون اقرارا وَفِي البزازي أَشَارَ إِلَى أَن قَوْله لَا تخبره لَا يكون اقرارا وَقَوله أخبرهُ يكون إِقْرَارا قَالَ الْكَرْخِي الصَّحِيح هَذَا وَالله أعلم وَمَا ذكر أَن قَوْله لَا تخبره إِقْرَار خطأ قَالَ مَشَايِخ بُخَارى هُوَ الصَّوَاب وَقَالَ فِي الْقنية وَهُوَ الصَّحِيح رجل قَالَ وجدت فِي كتابي أَن لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم أَو بخطي أَو كتبت بيَدي أَن لَهُ عَليّ ألفا فَهَذَا كُله بَاطِل وَإِذا قَالَ البَائِع وجدت بخطي أَن لفُلَان عَليّ كَذَا لزمَه ذَلِك قَالَ السَّرخسِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَكَذَا خطّ الصراف والسمسار فعلى هَذَا لَو قَالَ للصكاك اكْتُبْ خطا عَليّ لفُلَان بِأَلف دِرْهَم أَو اكْتُبْ خطا بِبيع هَذِه الدَّار بِأَلف دِرْهَم من فلَان أَو اكْتُبْ لامرأتي صك الطَّلَاق كَانَ إِقْرَارا بِالْمَالِ وَالْبيع وَالطَّلَاق وَحل لِلْكَاتِبِ أَن يشْهد بِمَا سمع سَوَاء كتب أَو لَا قَالَ لآخر لي عَلَيْك ألف فَقَالَ الآخر ولي عَلَيْك مثلهَا أَو قَالَ طلقت امْرَأَتك فَقَالَ وَأَنت طلقت امْرَأَتك أوقال أعتقت عَبدك فَقَالَ وَأَنت أعتقت عَبدك لَا يكون إِقْرَارا فِي ظَاهر الرِّوَايَة وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إِنَّه إِقْرَار وَبِه يُفْتى وَلَو جعلت زَوجهَا فِي حل يبرأ عَن الْمهْر كَمَا لَو أَبْرَأ غَرِيمه من الدّين الا إِذا كَانَ هُنَاكَ مَا يَخُصُّهُ رجل قَالَ أبرأت جَمِيع غرمائي لَا يَصح إِلَّا إِذا نَص على قوم مخصوصين قَالَ الْفَقِيه وَعِنْدِي أَنه يَصح الْإِقْرَار وَالْإِبْرَاء لَا يحتاجان إِلَى الْقبُول ويرتدان بِالرَّدِّ لَو قَالَ لفُلَان عَليّ ألف قرض أَو عِنْدِي ألف وَدِيعَة الا أَنِّي لم أَقبض لم يصدق وَلَو قَالَ أقرضتني أَو أودعتني أَو أَعْطَيْتنِي لكني لم أقبضهُ إِن وصل صدق اسْتِحْسَانًا وَإِلَّا لَا غصبت مِنْهُ هَذَا العَبْد أمس إِن شَاءَ الله تَعَالَى لَا يلْزم عَليّ ألف إِن شَاءَ فلَان فشاء فلَان لَا يلْزم

جَمِيع مَا فِي يَدي أَو يعرف بِي أَو ينْسب الي لفُلَان يكون إِقْرَارا وَلَو قَالَ جَمِيع مَالِي أَو مَا أملكهُ لفُلَان فَهُوَ هبة لَا يملك بِلَا تَسْلِيم وَقبُول انْتهى كَلَام البزازي وَفِي الْقنية اسْتَأْجر مِنْهُ دَارا فَهُوَ إِقْرَار لَهُ بِالْملكِ وَلَو أقرّ أَنه كَانَ يدْفع غلَّة هَذِه الدَّار إِلَى فلَان لم يكن إِقْرَارا بِالدَّار لَهُ وَلَو قَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ لَا أقرّ وَلَا أنكر فَهُوَ على صُورَة الْإِنْكَار وَقيل إِقْرَار لقَوْله لَا أنكر وَعند أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى يحبس وَلَا يحلف لِأَنَّهُ لم يظْهر مِنْهُ الْإِنْكَار وَعِنْدَهُمَا هُوَ مُنكر حَيْثُ قَالَ لَا أقرّ قَالَ الآخر لي عَلَيْك كَذَا فادفعه الي فَقَالَ استهزاء نعم أَحْسَنت فَهُوَ إِقْرَار ويؤاخذ بِهِ ادّعى عَلَيْهِ مَالا مَعْلُوما فَقَالَ مستهزئا بِهِ الْأَمر أَمرك أتفكر الْيَوْم فَهُوَ إِقْرَار بالمدعي إِذا مَاتَ الْمَدْيُون قبل تَمام الْأَجَل فطالب الدَّائِن ابْنه فَقَالَ اصبر حَتَّى يحل الاجل فَهُوَ إِقْرَار قَول النَّاس فِي الْعَادة جَمِيع مَا فِي يَدي حق وَملك لفُلَان فَهُوَ فِي عرفنَا مَحْمُول على وَجه الْكَرَامَة وانه حسن ادّعى على امْرَأَة نِكَاحا فأنكرت التَّزْوِيج ثمَّ طالبته بِالْمهْرِ فَهُوَ إِقْرَار بِهِ وَقَالَ مجد الْأَئِمَّة التركماني الْإِقْرَار بِالْمهْرِ لَا يكون إِقْرَارا بِالنِّكَاحِ وَالْإِقْرَار بِالْوَلَدِ من الْحرَّة إِقْرَار بِالنِّكَاحِ طلب رب الدّين الْكَفِيل بِالْمَالِ فَقَالَ لَهُ لم لَا تطالب الْأَصِيل فَقَالَ لَا شغل لي مَعَه لَا يكون إِقْرَارا بِالْإِبْرَاءِ لِأَنَّهُ مُحْتَمل وَذكر فِي الْوَلْوَالجيّ رجل أقرّ لامْرَأَته فِي مَرضه بِمهْر ألف دِرْهَم وَقد تزَوجهَا على ذَلِك ثمَّ اقامت الْوَرَثَة الْبَيِّنَة بعد الْمَوْت على أَن الْمَرْأَة وهبت مهرهَا لزَوجهَا فِي حَيَاة الزَّوْج هبة صَحِيحَة لَا تقبل هَذِه الشَّهَادَة وَالْمهْر لَازم بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ لما أقرّ فِي مَرضه وَتلك الْحَالة حَالَة تدارك مَا سبق فَهَذَا دَلِيل على أَن الْإِقْرَار لَازم فيؤاخذ بذلك رجل يمرض يَوْمًا وَيصِح يَوْمًا ويمرض يَوْمَيْنِ وَيصِح يَوْمًا أقرّ لِابْنِهِ بدين فِي ذَلِك الْمَرَض فَإِن صَحَّ بعد ذَلِك جَازَ مَا صنع لِأَن ذَلِك لَيْسَ بِمَرَض الْمَوْت فَإِن فعل ذَلِك فِي مرض ثمَّ لم يَصح بعد ذَلِك وَصَارَ صَاحب فرَاش حَتَّى اتَّصل بِالْمَوْتِ فَإِقْرَاره غير جَائِز لِأَن هَذَا إِقْرَار الْمَرِيض فِي مرض مَوته لبَعض ورثته فَيكون بَاطِلا لمَكَان التُّهْمَة وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا وَصِيَّة لوَارث اه رجل قَالَ لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم فِي علمي لم يلْزمه شَيْء فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَكَذَلِكَ فِيمَا علمت لم يلْزمه شَيْء عِنْدهمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يلْزمه ذَلِك وَفِي البزازي قَالَ لَهُ عَليّ دَرَاهِم أَو دريهمات فَثَلَاثَة لَو قَالَ دَرَاهِم كَثِيرَة فعلى قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى عشرَة وعَلى قَوْلهمَا مِائَتَا دِرْهَم ودنانير كَثِيرَة عِنْده عشرَة وَعِنْدَهُمَا عشرُون قَالَ مَال عَظِيم عِنْدهمَا نِصَاب الزَّكَاة مِائَتَان وَلم يذكر مَا عِنْده قيل ينظر إِلَى حَال الْمقر فَرب رجل يستعظم الْمِائَتَيْنِ وَرب آخر لَا يستعظم الْعشْرَة آلَاف قَالَ كَذَا دِينَارا يُقَال إِن كَذَا تسْتَعْمل فِي الْعدَد وَأَقل الْعدَد اثْنَان عَليّ مَال فدرهم عَليّ مَال لَا قَلِيل وَلَا كثير مِائَتَان عَليّ دَرَاهِم أضعافا مضاعفة أَو مضاعفة أضعافا ثَمَانِيَة عشر عِنْدهمَا عَليّ دَرَاهِم مضاعفة سِتَّة أَكثر الدَّرَاهِم عشرَة عِنْده مِائَتَان عِنْدهمَا شَيْء من الدَّرَاهِم أَو من الدَّنَانِير ثَلَاثَة أَمْوَال عِظَام سِتّمائَة مَا بَين عشرَة إِلَى دِرْهَم أَو مَا بَين دِرْهَم إِلَى عشرَة تِسْعَة عِنْده وَمَا بَين عشرَة إِلَى عشْرين تِسْعَة عشر عِنْده

وَعِنْدَهُمَا عشرَة فِي الأولى وَعِشْرُونَ فِي الثَّانِي مَا بَين دِرْهَم إِلَى دِرْهَم دِرْهَم عِنْد ابي حنيفَة وابي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى رجل قَالَ مَا فِي يَدي من قَلِيل وَكثير من عبيد وَغَيره أَو مَا فِي حانوتي لفُلَان صَحَّ لِأَنَّهُ عَام لَا مَجْهُول وَإِن تنَازعا فِي شَيْء أَنه كَانَ وَقت الْإِقْرَار فِي يَده أَو حانوته فَقَالَ الْمقر لَا بل حدث بعده القَوْل للْمقر رجل قَالَ هَذَا الْبَيْت وَمَا أغلق عَلَيْهِ بَابه لامرأتي وَفِيه مَتَاع فلهَا الْبَيْت وَالْمَتَاع بِخِلَاف مَا لَو كَانَ مَكَان الْإِقْرَار بيع فَإِن الْمَتَاع لَا يدْخل فِيهِ لِأَنَّهُ يصير كَأَنَّهُ بَاعَ الْبَيْت بحقوقه وَفِي الْمُنْتَقى لي عَلَيْك ألف فَقَالَ أخر عني دعواك شهرا أَو أخر الَّذِي ادعيت بِهِ لَا يكون إِقْرَارا وَكَذَا لَو قَالَ أخر دعواك حَتَّى يقدم مَالِي فأعطيكها وَلَو قَالَ بلَى فأعطيكها يكون إِقْرَارا عِنْد مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لي عَلَيْك مِائَتَان فَقَالَ قضيت مائَة بعد مائَة فَلَا حق لَك على لَا يكون إِقْرَارا وَكَذَا لَو قَالَ قضيت خمسين لَا يكون إِقْرَارا لي عَلَيْك ألف فَقَالَ حسبتها لَك أَو قضيتك أَو أحلتك بهَا أَو هبتها أَو أبرأتنى أَو أحللتنى قَالَ الناطفى كُله إِقْرَار رجل قَالَ لآخر أقرضتك الْفَا فَقَالَ مَا استقرضت من أحد سواك لَا يكون إِقْرَارا وَلَو قَالَ استقرضت مِنْك يكون إِقْرَارا وَذكر السَّرخسِيّ أَن قَوْله مَا استقرضت من أحد سواك إِذا كَانَ مجيبا لَهُ لِأَن مَعْنَاهُ استقرضت مِنْك لَا من غَيْرك وَلَو صرح بقوله استقرضت مِنْك لَا يكون إِقْرَارا ثمَّ قَالَ هَذَا من أعجب الْمسَائِل فَإِن إِقْرَاره بِفعل الْغَيْر أَعنِي قَوْله أقرضتني إِقْرَار وبفعل نَفسه أَعنِي قَوْله استقرضت مِنْك ابْتِدَاء لَا يكون إِقْرَارا وَفِي بعض الْفَتَاوَى استقرضت مِنْك فَلم تقرضني صَحَّ إِذا وصل وَإِلَّا لَا وَذكر شيخ الاسلام أَن تَعْلِيق الْإِقْرَار بِالشّرطِ بَاطِل وَقَوله إِذا جَاءَ رَأس الشَّهْر أَو إِذا جَاءَ الْأَضْحَى أَو إِذا أفطر النَّاس أَو إِذا مت لَيْسَ بتعليق بل تَأْجِيل إِلَى هَذِه الْأَوْقَات لصلوحه للتأجيل فَإِن الدّين بِالْمَوْتِ يحل وَلَا يصدق فِي دَعْوَى التَّأْجِيل بِخِلَاف قَوْله إِذا قدم فلَان إِلَّا إِذا ادّعى كَفَالَة معلقَة بقدوم فلَان الْإِشَارَة تقوم مقَام الْعبارَة وَإِن قدر على الْكِتَابَة كتب كتابا فِيهِ إِقْرَار بَين يَدي الشُّهُود فَهَذَا على اقسام الأول أَن يكْتب وَلَا يَقُول شَيْئا فَإِنَّهُ لَا يكون إِقْرَارا فَلَا تحل الشَّهَادَة بِأَنَّهُ إِقْرَار قَالَ القَاضِي النَّسَفِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِن كتب مصدرا مرسوما وَعلم الشَّاهِد حل لَهُ الشَّهَادَة على إِقْرَاره كَمَا لَو أقرّ كَذَلِك وَإِن لم يقل اشْهَدْ عَليّ بِهِ فعلى هَذَا إِذا كتب للْغَائِب على وَجه الرسَالَة أما بعد فعلي لَك كَذَا يكون إِقْرَارا لِأَن الْكِتَابَة من الْغَائِب كالخطاب من الْحَاضِر فَيكون متكلما وَعَامة الْمَشَايِخ على خِلَافه لِأَن الْكِتَابَة قد تكون للتجربة وَفِي حق الْأَخْرَس يشْتَرط أَن يكون معنونا مصدرا وَإِن لم يكن إِلَى الْغَائِب الثَّانِي كتب وَقَرَأَ عِنْد الشُّهُود لَهُم أَن يشْهدُوا وَإِن لم يقل اشْهَدُوا عَليّ الثَّالِث أَن يقرأه عَلَيْهِ عِنْدهم غَيره فَيَقُول الْكَاتِب هَذَا اشْهَدُوا عَليّ بِهِ الرَّابِع أَن يكْتب عِنْدهم وَيَقُول اشْهَدُوا عَليّ بِمَا فِيهِ إِن عمِلُوا بِمَا فِيهِ كَانَ إِقْرَار وَإِلَّا فَلَا

قَالَ أَعْطِنِي الْألف الَّتِي لي عَلَيْك فَقَالَ اصبر أَو سَوف تأخذها لَا يكون إِقْرَارا قَالَ مَال نَفِيس أَو كريم أَو حظير لَا رِوَايَة فِيهِ وَكَانَ الْجِرْجَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول مِائَتَان أُلُوف دَرَاهِم ثَلَاثَة آلَاف أُلُوف كَثِيرَة عشرَة آلَاف أَشْيَاء كَثِيرَة أَرْبَعُونَ إبل كَثِيرَة خَمْسَة وَعِشْرُونَ قَالَ لَهُ أَعطيتك مِقْدَار كَذَا فَقَالَ بِأَيّ سَبَب أَعْطَيْتنِي يكون إِقْرَارا بِالدفع إِلَيْهِ لِأَنَّهُ صرح بِالدفع إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ عَن السَّبَب قَالَ لي عَلَيْك كَذَا فَقَالَ صدقت يلْزمه إِذا لم يقلهُ على وَجه الِاسْتِهْزَاء وَيعرف ذَلِك بالنغمة إِذا أقرّ أَنه قبض مِنْهُ كَذَا قَالَ شيخ الاسلام لَا يلْزمه مالم يقل قَبضته بِغَيْر حق قبضا يُوجب الرَّد وَالْأَشْبَه أَنه يلْزم الرَّد لِأَن الْقَبْض الْمُطلق سَبَب يُوجب الرَّد وَالضَّمان كالأخذ فَإِنَّهُ نَص فِي الأَصْل أَنه إِذا قَالَ أخذت مِنْك ألفا وَدِيعَة وَقَالَ الْمقر لَهُ وَالْمقر ضَامِن مَعَ أَن الْمقر نَص على الْأَخْذ وَدِيعَة فَهَذَا أولى طلب الصُّلْح وَالْإِبْرَاء عَن الدَّعْوَى لَا يكون إِقْرَارا وَطلب الصُّلْح وَالْإِبْرَاء عَن المَال يكون إِقْرَارا ادّعى الْإِقْرَار فِي الصغر وَأنْكرهُ الْمقر لَهُ فَالْقَوْل للْمقر لاستناده إِلَى حَالَة معهودة مُنَافِيَة للضَّمَان أَخَذته مِنْك عَارِية وَقَالَ لَا بل بيعا فَالْقَوْل للآخذ لإنكاره البيع وَكَذَا لَو قَالَ أخذت الدَّرَاهِم مِنْك وَدِيعَة وَقَالَ لَا بل قرضا وَكَذَا الثَّوْب لَو قَالَ أَخَذته مِنْك عَارِية وَقَالَ بل أَخَذته بيعا فَلَا يكون إِقْرَارا وَهَذَا إِذا لم يلْبسهُ فَإِن كَانَ لبسه وَهلك ضمن صب دهنا لإِنْسَان عِنْد الشُّهُود فَادّعى مَالِكه ضَمَانه فَقَالَ كَانَ نجسا لوُقُوع فَأْرَة فِيهِ فَالْقَوْل للصاب لإنكاره الضَّمَان وَالشُّهُود يشْهدُونَ على الصب لَا على عدم النَّجَاسَة وَفِي المنبع إِذا قَالَ الْمقر فِي إِقْرَاره لَهُ عَليّ أَو قبلي ألف دِرْهَم فقد أقرّ بِالدّينِ وَلَو قَالَ عِنْدِي أَو معي أَو فِي بَيْتِي أَو فِي صندوقي أَو فِي كيسي فَهُوَ إِقْرَار بالأمانة فِي يَده لِأَن هَذِه الْمَوَاضِع إِنَّمَا تكون محلا للعين لَا للدّين إِذْ مَحَله الذِّمَّة رجل أقرّ لآخر بِأَلف دِرْهَم مُؤَجّلَة إِلَى شهر وَقَالَ الْمقر لَهُ بل هِيَ حَالَة فَالْقَوْل قَول الْمقر لَهُ عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد رحمهمَا الله تَعَالَى لزمَه مُؤَجّلا إِذا أقرّ بِمِائَة على نَفسه لرجل واشهد شَاهِدين ثمَّ أقرّ فِي مَوضِع آخر لذَلِك الرجل بِمِائَة أَو أقل أَو أَكثر أَو اشْهَدْ شَاهِدين فَعِنْدَ أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى هما مالان إِذا ادّعى الطَّالِب الْمَالَيْنِ وَعِنْدَهُمَا مَال وَاحِد إِلَّا إِذا تَفَاوتا فَيلْزمهُ الْأَكْثَر وَمحل الْخلاف فِي الْإِقْرَار الْمُجَرّد عَن السَّبَب وَعَن الصَّك إِذْ فِي الْمُقَيد بِالسَّبَبِ المتحد بِأَن قَالَ فِي الكرتين ثمن هَذِه الْجَارِيَة المَال وَاحِد مُتحد على كال حَال وَفِي الْمُقَيد بِالسَّبَبِ الْمُخْتَلف بِأَن قَالَ ثمن هَذِه الْجَارِيَة فِي الكرة الأولى وَثمن هَذَا العَبْد فِي الكرة الْأُخْرَى المَال مُخْتَلف على كل حَال وَكَذَا إِذا كَانَ الْإِقْرَار مُطلقًا عَن السَّبَب لَكِن مَعَ الصَّك فَإِن كَانَ بِهِ صك وَاحِد فَالْمَال وَاحِد سَوَاء كَانَ الْإِقْرَار وَالْإِشْهَاد فِي موطن وَاحِد أَو موطنين وَإِن كَانَ صكان فمالان فِي الْوَجْهَيْنِ وَكَذَا إِذا أقرّ بِمِائَة مُطلقًا وَكتب فِي صك ثمَّ أقرّ وَكتب فِي صك فهما مالان إِذا قَالَ لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم بل الْفَا دِرْهَم يلْزمه ألفا دِرْهَم عِنْد عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَة وَقَالَ زفر يلْزمه

ثَلَاثَة آلَاف لِأَنَّهُ أقرّ بِأَلف ثمَّ رَجَعَ وَأقر بِأَلفَيْنِ فصح الْإِقْرَار وَلم يَصح الرُّجُوع كَمَا فِي قَوْله أَنْت طَالِق وَاحِدَة لَا بل ثِنْتَيْنِ رجل قَالَ غصبنا من فلَان ألف دِرْهَم ثمَّ قَالَ وَكُنَّا عشرَة أنفس وَالْمقر لَهُ يعدعي أَنه هُوَ الْغَاصِب مِنْهُ الْألف وَحده لزمَه الْألف كَامِلا وَقَالَ زفر لَا يلْزمه إِلَّا عشر الْألف وعَلى هَذَا الْخلاف مَا لَو قَالَ أقرضنا أَو أودعنا أَو أعارنا رجل ادّعى على الْمَيِّت دينا لَا يزِيد على تركته وَله ابْنَانِ فَصدقهُ أَحدهمَا وَكذبه الآخر فعندنا يُؤْخَذ جَمِيع الدّين مِمَّا فِي يَد الْمُصدق إِن كَانَ وافيا بِالدّينِ وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى على الْمُصدق نصف الدّين لِأَنَّهُ أبعد عَن الضَّرَر وَلنَا أَنه أقرّ بِالدّينِ وَهُوَ مقدم على الْمِيرَاث فَمَا لم يقْض جَمِيع الدّين لَا تصير التَّرِكَة فارغة عَن الدّين فَلَا يكون لَهُ مِنْهَا شَيْء بِالْإِرْثِ وَفِي الْحَقَائِق قَالَ الْحلْوانِي قَالَ مَشَايِخنَا رَحِمهم الله تَعَالَى فِيمَا روينَا فِي ظَاهر رِوَايَة أَصْحَابنَا يحْتَاج إِلَى زِيَادَة شَيْء لم يشْتَرط فِي الْكتب وَهُوَ أَن يقْضِي عَلَيْهِ القَاضِي بِإِقْرَارِهِ وبمجرد الْإِقْرَار لَا يحل الدّين فِي نصِيبه ثمَّ قَالَ صَاحب الْحَقَائِق تحفظ هَذِه الزِّيَادَة انْتهى نوع فِي الِاسْتِثْنَاء وَمَا فِي مَعْنَاهُ الِاسْتِثْنَاء فِي الأَصْل نَوْعَانِ أَحدهمَا أَن يكون الْمُسْتَثْنى من جنس الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَالثَّانِي أَن يكون من خلاف جنسه فَالْأول على ثَلَاثَة أوجه اسْتثِْنَاء الْقَلِيل من الْكثير واستثناء الْكثير من الْقَلِيل واستثناء الْكل من الْكل أما اسْتثِْنَاء الْقَلِيل من الْكثير فَإِنَّهُ جَائِز بِلَا خلاف لِأَن الِاسْتِثْنَاء تكلم بِالْبَاقِي بعد الثنيا فَإِذا قَالَ لفُلَان عَليّ عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة يلْزمه سَبْعَة كَأَنَّهُ قَالَ لفُلَان عَليّ سَبْعَة لِأَن للسبعة اسْمَيْنِ أَحدهمَا سَبْعَة وَالْآخر عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة وَفِي الذَّخِيرَة محالا على الْمُنْتَقى قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَو قَالَ لفُلَان عَليّ مائَة دِرْهَم الا قَلِيلا فَعَلَيهِ أحد وَخَمْسُونَ درهما وَكَذَا فِي نَظَائِره نَحْو قَوْله إِلَّا شَيْئا لِأَن اسْتثِْنَاء الشَّيْء اسْتثِْنَاء الْأَقَل عرفا فأوجبنا النّصْف وَزِيَادَة دِرْهَم فقد اسْتثْنى الْأَقَل وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى لَو قَالَ عَليّ عشرَة إِلَّا بَعْضهَا فَعَلَيهِ أَكثر من النّصْف وَلَو قَالَ لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم إِلَّا مائَة أَو خمسين قَالَ أَبُو سُلَيْمَان عَلَيْهِ تِسْعمائَة وَخَمْسُونَ لِأَنَّهُ ذكر كلمة الشَّك فِي الِاسْتِثْنَاء فَيثبت أقلهما فَكَذَا فِي هَذَا وَفِي رِوَايَة أبي حَفْص يلْزمه تِسْعمائَة لِأَن الشَّك فِي الِاسْتِثْنَاء يُوجب الشَّك فِي الْإِقْرَار فَكَأَنَّهُ قَالَ عَليّ تِسْعمائَة أَو تِسْعمائَة وَخَمْسُونَ فَيثبت الْأَقَل قَالُوا وَالْأول أصح لِأَن الشَّك حصل فِي الِاسْتِثْنَاء ظَاهرا وَأما اسْتثِْنَاء الْكثير من الْقَلِيل بِأَن قَالَ لفُلَان عَليّ تِسْعَة إِلَّا عشرَة فَجَائِز فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَيلْزمهُ دِرْهَم إِلَّا مَا روى عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا يَصح وَعَلِيهِ الْعشْرَة الْحَد وَهُوَ مَذْهَب الْفراء لِأَن الْعَرَب لم تَتَكَلَّم بِهِ وَالصَّحِيح ظَاهر الرِّوَايَة وَأما اسْتثِْنَاء الْكل من الْكل فَبَاطِل بِأَن يَقُول لفُلَان عَليّ عشرَة إِلَّا عشرَة أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا فَيلْزم عشرَة وَيَقَع ثَلَاث لِأَنَّهُ لَا يُمكن فِيهِ معنى الِاسْتِثْنَاء لِأَنَّهُ تكلم بِالْبَاقِي بعد الثنيا فَمَا لم يبْق شَيْء بعد الِاسْتِثْنَاء لم يُمكن جعله متكلما بِمَا بقى فَلم يَصح فَبَقيَ كَلَامه الأول بَاقِيا على حَاله كَمَا كَانَ

وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّة لَو قَالَ لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم اسْتغْفر الله الا مائَة دِرْهَم كَانَ الِاسْتِثْنَاء بَاطِلا وَلَو قَالَ لفُلَان عَليّ مائَة دِرْهَم يَا فلَان الا عشرَة كَانَ الِاسْتِثْنَاء جَائِزا إِذا قَالَ لزيد عَليّ عشرَة الا تِسْعَة الا ثَمَانِيَة الا سَبْعَة الا سِتَّة الا خَمْسَة الا أَرْبَعَة الا ثَلَاثَة الا اثْنَيْنِ إِلَّا وَاحِدَة يلْزمه خَمْسَة فَالْأَفْضَل فِيهِ أَن يصرف كل اسْتثِْنَاء إِلَى مَا يَلِيهِ لكَونه أقرب الْمَذْكُور إِلَيْهِ فَيبْدَأ من الِاسْتِثْنَاء الْأَخير فيستثنى الْبَاقِي مِمَّا يَلِيهِ ثمَّ ينظر إِلَى الثَّانِي هَكَذَا إِلَى الِاسْتِثْنَاء الأول ثمَّ ينظر الْبَاقِي من الِاسْتِثْنَاء الأول فَيَسْتَثْنِي ذَلِك من الْجُمْلَة الملفوظة فَمَا بقى مِنْهَا فَهُوَ الْقدر الْمقر بِهِ فَالْحَاصِل أَن الاستثناءات إِذا تعدّدت لَا تَخْلُو من أَن تكون متعاطفة أَو لَا تكون متعاطفة فَإِن كَانَت متعاطفة يعود الْكل إِلَى الْجُمْلَة الْمَذْكُورَة فِي صدر الْكَلَام وَإِن لم تكن متعاطفة فَإِن استغرق الِاسْتِثْنَاء الثَّانِي الأول فَيَعُود الْكل إِلَى الْجُمْلَة الْمَذْكُورَة فِي صدر الْكَلَام ايضا وَإِن لم يسْتَغْرق فَيَعُود الآخر إِلَى مَا يَلِيهِ وهلم جرا وَفِيه طَرِيق آخر وَهُوَ أَن يُؤْخَذ الْمُثبت فِي الْيَمين والمنفي فِي الْيَسَار ثمَّ بعد الْجمع وفراغ الْإِقْرَار يسْقط المنفيات من المثبتات فَمَا بَقِي يكون مقرا بِهِ كَمَا فِي مثالك لفُلَان عَليّ عشرَة الا تِسْعَة الا ثَمَانِيَة إِلَى آخِره فالمثبتات عشرَة وَثَمَانِية وَسِتَّة وَأَرْبَعَة وَاثْنَانِ فالمجموع ثَلَاثُونَ والمنفيات تِسْعَة وَسَبْعَة وَخَمْسَة وَثَلَاثَة وَوَاحِد فالمجموع خَمْسَة وَعِشْرُونَ فَإِذا أسقطت المنفيات من المثبتات يبْقى خَمْسَة وَهُوَ الْجَواب قَالَ صَاحب المنبع ثمَّ إِنِّي تحيرت فِي ضبط إِعْرَاب هَذِه المستثنيات هَل تكون كلهَا وَاجِبَة النصب أَو مَا وَجب نَصبه هُوَ المنفيات لَا المثبتات فعرضت ذَلِك على فحول النُّحَاة فتحيروا وَمَا جسر أحدهم مِنْهُم على الرِّوَايَة غير أَن شَيخنَا قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي رَحمَه الله قد روى أَن وَالِده رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يلقنه هَذِه الْمَسْأَلَة بَعْضهَا مَنْصُوبًا وَبَعضهَا غير مَنْصُوب اه رجل قَالَ لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم إِن شَاءَ الله تَعَالَى بَطل إِقْرَاره لِأَنَّهُ علقه بِشَرْط وَإِنَّمَا يَصح التَّعْلِيق فِي الإنشاءات لَا الإخبارات وَالْإِقْرَار إِخْبَار فَلَا يحْتَمل التَّعْلِيق بِالشّرطِ وَلَو قَالَ اشْهَدُوا عَليّ أَن لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم إِن مت فَهِيَ عَلَيْهِ عَاشَ أَو مَاتَ لِأَن هَذَا لَيْسَ باستثناء وَلَا مخاطرة فَإِن مَوته كَائِن لَا محَالة ثمَّ اخْتلف أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى فِي أَن التَّعْلِيق بِمَشِيئَة الله تَعَالَى إبِْطَال أَو تَعْلِيق فَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعْلِيق وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إبِْطَال فعلى هَذَا قَوْله إِن شَاءَ الله تَعَالَى إِن كَانَ إبطالا لإِقْرَاره فقد بَطل وَلَا يجب شَيْء وَإِن كَانَ تَعْلِيقا فالإقرار لَا يحْتَمل التَّعْلِيق لما بَينا وَلِأَنَّهُ شَرط لَا يُوقف عَلَيْهِ واثر الشَّرْط فِي إعدام الحكم قبل وجوده وَهَذَا لَا يعلم وجوده فَيكون إعداما لَهُ من الأَصْل بِخِلَاف قَوْله لفُلَان عَليّ مائَة دِرْهَم إِذا مت أَو إِذا جَاءَ راس الشَّهْر أَو الْفطر لِأَنَّهُ أجل بَيَان الْمدَّة فَيكون تأجيلا لَا تَعْلِيقا أَلا ترى أَنه لَو كذبه فِي التَّأْجِيل يصير المَال حَالا نوع فِي الْإِقْرَار فِي الْمَرَض صَحِيح أقرّ بدين ثمَّ مرض فَأقر بدين يقدم دين الصِّحَّة على دين الْمَرَض عندنَا حَتَّى لَو مَاتَ من ذَلِك الْمَرَض يقْضِي دين غَرِيم الصِّحَّة أَولا فَإِن فضل شَيْء يقْضِي بِهِ دين غَرِيم الْمَرَض وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى تقسم تركته على دين الصِّحَّة وَالْمَرَض بِالنِّسْبَةِ وَفِي الْبَدَائِع إِقْرَار الْمَرِيض فِي الأَصْل نَوْعَانِ إِقْرَاره بِالدّينِ لغيره وَإِقْرَاره بِاسْتِيفَاء الدّين من غَيره أما إِقْرَاره بِالدّينِ فعلى وَجْهَيْن لأَجْنَبِيّ وَقد بَيناهُ أَو لوَارث بِالْعينِ أَو بِالدّينِ فَلَا يَصح إِلَّا بِتَصْدِيق البَاقِينَ

الفصل السابع في الوديعة

عندنَا وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يَصح فِي أحد قوليه وَأما إِقْرَاره بِاسْتِيفَاء دين الصِّحَّة أَو دين الْمَرَض فَإِن أقرّ بِاسْتِيفَاء دين وَجب لَهُ فِي حَال الصِّحَّة يَصح وَيصدق فِي إِقْرَاره حَتَّى يبرأ الْغَرِيم عَن الدّين أَي دين كَانَ وَإِن أقرّ الْمَرِيض بِاسْتِيفَاء دين وَجب لَهُ فِي حَال الْمَرَض فَإِن وَجب لَهُ بَدَلا عَمَّا هُوَ مَال لم يَصح إِقْرَاره وَلَا يصدق فِي حق غُرَمَاء الصِّحَّة وَيجْعَل ذَلِك تَبَرعا مِنْهُ بِالدّينِ لِأَنَّهُ لما مرض فقد تعلق حق الْغُرَمَاء بِالْبَدَلِ وَكَذَا لَو أتلف رجل على الْمَرِيض شَيْئا فِي مَرضه فَأقر الْمَرِيض بِقَبض الْقيمَة مِنْهُ لم يصدق على ذَلِك إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين الصِّحَّة لما ذكرنَا وَإِن وَجب لَهُ بَدَلا عَمَّا لَيْسَ بِمَال يَصح إِقْرَاره لِأَن بِالْمرضِ لَا يتَعَلَّق حق غُرَمَاء الصِّحَّة بِالْبَدَلِ لِأَنَّهُ لَا يحْتَمل التَّعْلِيق لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَال فَلَا يتَعَلَّق بالمبدل وَأما إِقْرَار الْمَرِيض بِالْإِبْرَاءِ بِأَن أقرّ أَنه كَانَ أَبْرَأ فلَانا من الدّين الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي صِحَّته لَا يجوز لِأَنَّهُ أقرّ بِقَبض الدّين وَأَنه لَا يملك إنْشَاء الْإِبْرَاء للْحَال فَلَا يملك الْإِقْرَار بِهِ بِخِلَاف الْإِقْرَار بِاسْتِيفَاء الدّين لِأَنَّهُ أقرّ بِقَبض الدّين وَأَنه يملك إنْشَاء الْقَبْض فَيملك الْإِخْبَار عَنهُ بِالْقَبْضِ انْتهى كَلَام الْبَدَائِع مَرِيض أقرّ بِمَال لأجنبية ثمَّ تزَوجهَا بعد الْإِقْرَار لم يبطل الْإِقْرَار عندنَا وَقَالَ زفر رَحمَه الله تَعَالَى يبطل لِأَنَّهُ طَرَأَ على الْإِقْرَار مَا ابطله مَرِيض مرض مرض الْمَوْت أقرّ بِأَلف دِرْهَم بِعَينهَا أَنَّهَا لقطَة عِنْده وَلَا مَال لَهُ غَيرهَا فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن تصدقه الْوَرَثَة أَو تكذبه فَإِن صدقته الْوَرَثَة تصدقوا بهَا اتِّفَاقًا وَإِن كذبوه فَهُوَ مَحل الْخلاف فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يتصدقون بثلثها بعد مَوته وَالْبَاقِي مِيرَاث لَهُم وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إِذا كذبوه فِي ذَلِك كَانَت كلهَا مِيرَاثا لَهُم وَفِي حيل الْخصاف امْرَأَة قَالَت فِي الْمَرَض لم يكن لي على زَوجي مهر أَو قَالَ فِي الْمَرَض لم يكن لي على فلَان شَيْء يبرأ عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ وَفِي الذَّخِيرَة قَوْلهَا فِي الْمَرَض لَا مهر لي عَلَيْهِ أَو لَا شَيْء لي عَلَيْهِ أَو لم يكن لي عَلَيْهِ مهر قيل لَا يَصح وَقيل يَصح وَالصَّحِيح أَنه لَا يَصح وَفِي الْقنية لَو قَالَ الْمَجْرُوح لم يجرحني فلَان ثمَّ مَاتَ لَيْسَ لوَرَثَة الْمَجْرُوح أَن يدعوا على الْجَارِح بِهَذَا السَّبَب قَالَ برهَان الدّين صَاحب الْمُحِيط وَهَذِه الْمَسْأَلَة على التَّفْصِيل إِن كَانَ الْجرْح مَعْرُوفا عِنْد القَاضِي أَو النَّاس لم يقبل إِقْرَار الْمَرِيض مَرِيض قَالَ فِي حَال مَرضه لَيْسَ لي فِي الدُّنْيَا شَيْء ثمَّ مَاتَ فلبعض الْوَرَثَة أَن يحلفوا زَوْجَة الْمُتَوفَّى وَابْنَته على أَنَّهُمَا لَا يعلمَانِ شَيْئا من تَرِكَة الْمُتَوفَّى انْتهى الْفَصْل السَّابِع فِي الْوَدِيعَة الْوَدِيعَة أَمَانَة تركت للْحِفْظ فَلَا يضمنهَا الْمُودع إِن هَلَكت بِلَا تعد مِنْهُ فيحفظها بِنَفسِهِ وبمن فِي عِيَاله كزوجته ووالده ووالدته وَعَبده وَأمته وأجيره الْخَاص الَّذِي اسْتَأْجرهُ مشاهرة أَو مسانهة وَكسوته وَطَعَامه على الْمُسْتَأْجر وَيجوز للْمُودع أَن يُسَافر بالوديعة قربت الْمسَافَة أَو بَعدت وَإِن كَانَت الْوَدِيعَة مِمَّا لَهُ حمل وَمؤنَة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى حَتَّى لَو هَلَكت لم تضمن عِنْده وَفِي الجلالية يجوز لَهُ السّفر وَإِن كَانَ لَهَا حمل وَمؤنَة عِنْده إِلَّا فِي مَوضِع وَاحِد وَهُوَ أَن تكون

الْوَدِيعَة طَعَاما كثيرا فَإِنَّهُ يضمن إِذا سَافر بِهِ لجَوَاز أَن تستغرقه الْمُؤْنَة فَيكون فِي معنى الْإِتْلَاف وَقَالا لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِذا كَانَ لَهُ حمل وَمؤنَة غير أَن عِنْد مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا إِذا بَعدت الْمسَافَة أما إِذا قربت فَلهُ ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ لَهُ أَن يُسَافر بهَا مُطلقًا وَالْخلاف فِيمَا إِذا كَانَ الطَّرِيق آمنا بِأَن لَا يَقْصِدهُ أحد غَالِبا وَلَو قَصده يُمكنهُ دَفعه بِنَفسِهِ وبرفقة السّفر وَلم يَنْهَهُ الْمُودع عَن المسافرة بهَا وَأما إِذا لم يكن الطَّرِيق آمنا أَو كَانَ الطَّرِيق آمنا لَكِن نَهَاهُ عَن السّفر بهَا فبالسفر يضمن بِلَا خلاف وَفِي البزازي وَله أَن يحفظها كَمَا يحفظ مَال نَفسه فِي دَاره وحانوته وَفِي النَّوَازِل قَالَ لَا تضعها فِي حانوتك فوضعها فَضَاعَت إِن كَانَ الْحَانُوت أحرز من الدَّار أَو لم يجد مَكَانا آخر لَا يضمن وَإِلَّا ضمن وَلَو كَانَت مِمَّا يمسك فِي الْبيُوت فَقَالَ لَا تدفعها إِلَى زَوجتك فَدفع لَا يضمن وَقيل لَو نَهَاهُ عَن الدّفع لبَعض عِيَاله فَدفع إِن لم يجد بدا مِنْهُ لَا يضمن وَإِلَّا ضمن وضع كيس الْوَدِيعَة فِي صندوقه وَله فِيهِ كيس فانشق واختلطا لَا يضمن واشتركا والهلاك والبقاء على قدر ماليهما وَلَو خلطهما أَجْنَبِي أَو بعض من فِي عِيَاله لَا يضمن الْمُودع وَيضمن الخالط صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا وَلَا يضمن أَبوهُ لأَجله دفن مَال الْوَدِيعَة فِي أَرض إِن علمه بعلامة لَا يضمن وَإِلَّا ضمن وَفِي الْمَفَازَة يضمن بِكُل حَال وَفِي الْكَرم لَو كَانَ حصينا لَهُ بَاب مغلق لَا يضمن وَإِن وَضعه بِلَا دفن فِي مَوضِع لَا يدْخل أحد فِيهِ بِلَا اسْتِئْذَان لَا يضمن توجه السراق فدفنها فِي الْجَبانَة خوفًا وفر ثمَّ جَاءَ وَلم يجدهَا إِن أمكنه أَن يَجْعَل عَلامَة وَلم يَجْعَل ضمن وَإِلَّا فَإِن جَاءَ على فَور الْإِمْكَان لَا يضمن وَإِلَّا ضمن جعل دَرَاهِم الْوَدِيعَة فِي الْخُف الْأَيْمن فَضَاعَت يضمن وَإِن كَانَت فِي الْأَيْسَر فَضَاعَت لَا يضمن لِأَنَّهَا إِن كَانَت فِي الْيُمْنَى كَانَت على شرف السُّقُوط عِنْد الرّكُوب وَقيل يضمن فيهمَا ربط دَرَاهِم الْوَدِيعَة بِطرف الْكمّ أَو الْعِمَامَة وضاعت لَا يضمن وَإِن وَضعهَا فِي دَاخل الْكمّ يتَأَمَّل عِنْد الْفَتْوَى وَفِي العمادى لَو شدّ دَرَاهِم الْوَدِيعَة فِي منديل ثمَّ وَضعهَا فِي كمه فَسَقَطت لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَكَذَا إِذا جعلهَا فِي جيبه وَحضر فِي مجْلِس الْفسق فسرقت مِنْهُ لَا يضمن وَعَن بعض الْأَئِمَّة لَو وضع دَرَاهِم الْوَدِيعَة فِي كمه وَهَلَكت يضمن وَلَو وَضعهَا فِي كيسه أَو شدها على التكة فَضَاعَت يَنْبَغِي أَن لَا يضمن الْمُودع إِذا مَاتَ فَقَالَ ورثته قد رد الْوَدِيعَة مورثنا فِي حَيَاته لم يقبل قَوْلهم وَالضَّمان وَاجِب فِي مَال الْمَيِّت لِأَنَّهُ مَاتَ مجهلا فَإِن أَقَامَ الْوَرَثَة الْبَيِّنَة على إِقْرَار الْمَيِّت أَنه قَالَ فِي حَيَاته رددت الْوَدِيعَة تقبل لِأَن الثَّابِت بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ مُعَاينَة الدَّابَّة الْوَدِيعَة إِذا أَصَابَهَا شَيْء فَأمر الْمُودع انسانا أَن يعالجها فعطبت من ذَلِك فَصَاحب الدَّابَّة بِالْخِيَارِ يضمن أَيهمَا شَاءَ فَإِن ضمن الْمُسْتَوْدع لم يرجع هُوَ على الَّذِي عالجها لِأَنَّهُ تبين أَنه عالج دَابَّته بأَمْره وَإِن ضمن الَّذِي عالجها هَل يرجع على الْمُسْتَوْدع إِن علم أَنَّهَا دَابَّة الْمُسْتَوْدع مِنْهُ أَو لم يعلم لَكِن لم يعلم أَنَّهَا لغيره يرجع لِأَن الْأَمر قد صَحَّ فِي الْوَجْه الأول فانتقل الْفِعْل إِلَيْهِ وَفِي الْوَجْه الثَّانِي كَذَلِك لِأَن الْيَد دَلِيل الْملك على الْمَنْقُول فصح الْأَمر أَيْضا

الفصل الثامن

القَاضِي إِذا قبض أَمْوَال الْيَتَامَى وَمَات وَلم يبين أَن وَضعهَا فِي بَيته وَلَا يدْرِي لمن المَال ضمن لِأَنَّهُ هُوَ الْمُودع وَقد مَاتَ مجهلا وَإِن دفع إِلَى قوم وَلَا يدْرِي لمن دفع لَهُ لَا يضمن لِأَن الْمُودع غَيره وَهُوَ لم يمت مجهلا الْمُودع إِذا قَالَ لرب الْوَدِيعَة قد رددت بعض الْوَدِيعَة وَمَات فَالْقَوْل قَول رب الْوَدِيعَة فِيمَا أَخذ مَعَ يَمِينه إِلَى الْوَدِيعَة صَارَت دينا ظَاهرا إِلَّا بِقدر مَا رد إِلَى رب الْوَدِيعَة وَإِن كَانَ الْآخِذ رب الْوَدِيعَة فَيكون القَوْل قَوْله فِي مِقْدَار الْمَأْخُوذ وَلَو أَن قَاضِيا أودع مَالا ليتيم أَو تَاجر فَجحد ذَلِك الْمُودع أَو مَاتَ وتوى ذَلِك المَال لم يكن على القَاضِي فِي ذَلِك شَيْء لِأَن القَاضِي أَمِين فِيمَا صنع والأمين لَا ضَمَان عَلَيْهِ كَذَا فِي الْوَلْوَالجيّ رجل لَهُ على آخر دين فَأرْسل الدَّائِن إِلَى مدينه رجلا ليقبضه فَقَالَ الْمَدِين دفعت الدّين إِلَى الرَّسُول وَصدقه الرَّسُول وَقَالَ دَفعته إِلَى الدَّائِن وَأنْكرهُ الدَّائِن فَالْقَوْل قَول الرَّسُول مَعَ يَمِينه دفع إِلَى دلال ثوبا للْبيع فَقَالَ ضَاعَ الثَّوْب مني وَلَا أَدْرِي كَيفَ ضَاعَ لَا يضمن وَلَو قَالَ لَا أَدْرِي فِي أَي حَانُوت وَضعته يضمن انْتهى وَسَيَجِيءُ تَمام مسَائِل هَذَا الْفَصْل فِي فصل أَنْوَاع الضمانات ان شَاءَ الله تَعَالَى الْفَصْل الثَّامِن فِي الْعَارِية الْعَارِية بِالتَّشْدِيدِ كَأَنَّهَا منسوبة إِلَى الْعَار لِأَن طلبَهَا عَار وعيب وَهِي أَمَانَة كَالْوَدِيعَةِ إِلَّا أَن الْعَارِية امانة فِيهَا تمْلِيك الْمَنْفَعَة وَلِهَذَا تَنْعَقِد بِلَفْظ التَّمْلِيك بِأَن يَقُول ملكت مَنْفَعَة دَاري هَذِه شهرا أَو جعلت لَك سُكْنى دَاري هَذِه شهرا وللمعير أَن يفْسخ العقد فِي كل سَاعَة لكَونهَا عقدا جَائِزا غير لَازم وَفِي الْبَدَائِع للعارية شَرَائِط مِنْهَا الْقَبْض من الْمُسْتَعِير مِمَّا يُمكن الِانْتِفَاع بِهِ بِدُونِ استهلاكه وَمِنْهَا الْعقل فَلَا تصح الاعارة من الْمَجْنُون وَالصَّبِيّ الَّذِي لَا يعقل وَأما الْبلُوغ فَلَيْسَ بِشَرْط عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى حَتَّى تصح عندنَا إِعَارَة الصَّبِي الْمَأْذُون وَكَذَا الْحُرِّيَّة فَلَيْسَتْ بِشَرْط فيملكها العَبْد الْمَأْذُون لِأَنَّهَا من تَوَابِع التِّجَارَة فَيملك تملك التِّجَارَة وَلَا تضمن بِلَا تعد إِن هَلَكت سَوَاء هَلَكت بِاسْتِعْمَالِهِ أَولا وَبِه قَالَ مَالك رَحمَه الله تَعَالَى وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى إِن هَلَكت من الِاسْتِعْمَال الْمُعْتَاد لم يضمن وَإِن هَلَكت لَا فِي حَال الِاسْتِعْمَال يضمن وَفِي الْمُحِيط وَلَو شَرط الضَّمَان فِي الْعَارِية قيل لَا تصح الْعَارِية وَذكر ابْن رستم فِي نوادره رجل قَالَ لآخر أعرني ثَوْبك فَإِن ضَاعَ فَأَنا ضَامِن لَا يضمن وَالشّرط لَغْو وَكَذَا لَو رهن فَقَالَ الْمُرْتَهن آخذه رهنا على أَنه إِن ضَاعَ ضَاعَ بِغَيْر شَيْء جَازَ الرَّهْن وَالشّرط بَاطِل وَإِن ضَاعَ ضَاعَ بِالْمَالِ وَيجوز للْمُسْتَعِير أَن يعير مَا استعاره عندنَا إِذا كَانَ مِمَّا لَا يخْتَلف باخْتلَاف الْمُسْتَعْمل وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ لَهُ أَن يعير وَفِي البزازي الْعَارِية لَا تؤاجر وَلَا ترهن وَهل تودع قَالَ مَشَايِخ الْعرَاق نعم لِأَنَّهَا دون الْإِعَارَة وَبِه أَخذ الْفَقِيه وَاخْتَارَهُ الصَّدْر وَقيل لَا لِأَنَّهُ لَو أرسلها على يَد أَجْنَبِي ضمن والوديعة لَا تودع وَلَا تعار وَلَا تؤاجر وَلَا ترهن فَإِن فعل شَيْئا مِنْهَا ضمن وَالْمُسْتَأْجر يعار ويودع ويؤاخر ويرهن وَلَيْسَ للْمُرْتَهن أَن يتَصَرَّف بِشَيْء يبطل الرَّهْن برهن الْمُسْتَعِير على ردهَا والمعير على هلاكها عِنْده بِالتَّعَدِّي فَبَيِّنَة الْمُعير أولى

الفصل التاسع في أنواع الضمانات الواجبة وكيفيتها وفي تضمين الأمين

اسْتعَار دَابَّة من انسان فأعارها فَنَامَ الْمُسْتَعِير فِي الْمَفَازَة ومقودها فِي يَده فَقطع السَّارِق المقود وَذهب بهَا لَا يضمن وَإِن جلب المقود من يَده وَلم يشْعر بِهِ وَذهب بهَا يضمن قَالَ الصَّدْر هَذَا إِذا نَام مُضْطَجعا وَإِن نَام جَالِسا لَا يضمن فِي الْوَجْهَيْنِ ربط الْحمار الْمُسْتَعَار إِلَى شَجَرَة فَوَقع الْحَبل فِي عُنُقه وانخنق لَا يضمن لِأَن الرَّبْط مُعْتَاد لَا التَّخْلِيَة بالحبل وَلَو اسْتعَار دَابَّة وسلك بهَا فِي غير طَرِيق الجادة وَهَلَكت يضمن اه كَلَام البزازي وَسَنذكر تَمَامه عقيب الْفَصْل الَّذِي يَلِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْفَصْل التَّاسِع فِي أَنْوَاع الضمانات الْوَاجِبَة وكيفيتها وَفِي تضمين الْأمين ذكر فِي الصُّغْرَى إِذا أَمر إنْسَانا يَأْخُذ مَال الْغَيْر فَالضَّمَان على الْآخِذ لِأَن الْآمِر لم يَصح أمره وَفِي كل مَوضِع لَا يَصح الْأَمر لَا يجب الضَّمَان على الْآمِر وَالسُّلْطَان لَو أَمر رجلا بِأخذ مَال الْغَيْر هَل يجب الضَّمَان على الْمَأْمُور ذكر فِي أول دَعْوَى الْوَجِيز رجل ادّعى على رجل أَنه أَمر فلَانا فَأخذ مِنْهُ كَذَا من المَال فَإِن كَانَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الْأَمر سُلْطَانا فالدعوى عَلَيْهِ مسموعة وَإِن كَانَ غير سُلْطَان فَلَا لِأَن أَمر السُّلْطَان إِكْرَاه على مَا يَجِيء فِي فصل الْإِكْرَاه إِن شَاءَ الله تَعَالَى رجل أَمر عبد غَيره بالإباق أَو قَالَ لَهُ اقْتُل نَفسك فَفعل تجب قيمَة العَبْد وَلَو قَالَ اتلف مَال مَوْلَاك فأتلف لَا يضمن الْآمِر من اسْتعْمل عبد الْغَيْر كَانَ بِمَنْزِلَة قَبضه حَتَّى لَو هلك من ذَلِك الْعَمَل يضمن وَكَذَا لَو أودع رجلا عبدا فَبَعثه الْمُودع فِي حَاجته صَار غَاصبا عبد بَين اثْنَيْنِ استخدمه أَحدهمَا فِي غيبَة صَاحبه فَمَاتَ فِي خدمته لَا يضمن وَفِي الدَّابَّة يضمن وَفِي نَوَادِر هِشَام أَنه يضمن فِي العَبْد أَيْضا وَذكر فِي بعض أصُول الْفِقْه أَن الترصف فِي الْجَارِيَة الْمُشْتَركَة لَا يُوجب الضَّمَان كالاستخدام وَإِن كَانَ لَا يحل لَهُ وَطْؤُهَا إِذا قَالَ لعبد الْغَيْر ارتق الشَّجَرَة وانثر ثَمَرَة المشمش لتأكله أَنْت فَسقط لَا ضَمَان على الْآمِر وَلَو قَالَ لتأكله أَنْت وَأَنا أفتى القَاضِي الامام فَخر الدّين رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يَنْبَغِي أَن يضمن قِيمَته كُله لِأَنَّهُ اسْتعْمل كُله فِي منفعَته غُلَام حمل كوز مَاء لينقل إِلَى بَيت مَوْلَاهُ باذنه فَدفع إِلَيْهِ رجل آخر كوزه ليحمل لَهُ مَاء من الْحَوْض بِغَيْر اذن مَوْلَاهُ فَهَلَك العَبْد فِي الطَّرِيق قَالَ صَاحب الْمُحِيط مرّة يضمن نصف قِيمَته ثمَّ قَالَ فِي الْمرة الآخرى يضمن كل قيمَة العَبْد لِأَن فعله صَار نَاسِخا لفعل الْمولى غُلَام جَاءَ إِلَى فصاد وَقَالَ افصدني ففصده فصدا مُعْتَادا فَمَاتَ من ذَلِك السَّبَب قَالَ يضمن قيمَة العَبْد عَاقِلَة الفصاد وَكَذَلِكَ الصَّبِي تجب دِيَته على عَاقِلَة الفصاد رجل كَانَ يكسر حطبا فجَاء غُلَام انسان وَقَالَ أَعْطِنِي الْقدوم حَتَّى أكسر أَنا فَأبى أَن يُعْطِيهِ فألح عَلَيْهِ

فِي ذَلِك وَأخذ مِنْهُ الْقدوم وَكسر بعض الْحَطب ثمَّ قَالَ ائْتِ بآخر حَتَّى أكسره فَأبى فَأتى الْغُلَام بحطب وكسره فَضرب بعض المكسور من الْحَطب على عينه وَذَهَبت عينه لَا يكون على صَاحب الْحَطب شَيْء لِأَنَّهُ لم يَأْمر الْغُلَام بِكَسْر الْحَطب وَلم يَسْتَعْمِلهُ فِي شَيْء وَإِنَّمَا فعله العَبْد بِاخْتِيَار نَفْيه فَلَا يكون الرجل ضَامِنا لشَيْء وَفِي التَّجْرِيد إِذا استخدم عبد رجل بِغَيْر اذنه أَو دَابَّة سَاقهَا أَو حمل عَلَيْهَا شَيْئا أَو ركبهَا بِغَيْر اذنه فَهُوَ ضَامِن إِن عطبت فِي تِلْكَ الْخدمَة أَو فِي غَيرهَا وَفِي الذَّخِيرَة ركب دَابَّة غَيره فَتلفت ضمن سَاقهَا أَو لم يسقها فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَفِي رِوَايَة الْحسن يضمن إِذا سَاقهَا وَفِي النَّوَازِل غصب عبدا ثمَّ رده وَقد عورت عينه عِنْده يضمن الْأَرْش ثمَّ بَاعه مَوْلَاهُ فانجلى الْبيَاض فِي يَد المُشْتَرِي رَجَعَ الْغَاصِب بِمَا دفع من أرش الْعين على البَائِع وَفِي فَتَاوَى الفضلى لَو غصب من صبي شَيْئا ثمَّ رده عَلَيْهِ إِن كَانَ الصَّبِي من أهل الْحِفْظ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَو غصب من عبد مَحْجُور شَيْئا ثمَّ رده عَلَيْهِ بَرِيء من ضَمَانه وَفِي فَوَائِد الْفَقِيه أبي جَعْفَر من وضع سكينا فِي يَد صبي فَقتل بهَا نَفسه لَا يضمن وَلَو عثر بهَا حَتَّى مَاتَ يضمن صبي قَائِم على سطح أَو حَائِط صَاح فِيهِ رجل فَفَزعَ الصَّبِي فَوَقع وَمَات يغرم الصائح دِيَته وَتلك على عَاقِلَته وَكَذَلِكَ لَو كَانَ على الطَّرِيق فمرت بِهِ دَابَّة فصاح فِيهَا رجل فوطئته الدَّابَّة فَمَاتَ يضمن الصائح دِيَته وهى على عَاقِلَته وَلَو بعث غُلَاما صَغِيرا بِغَيْر اذن أَهله إِلَى حَاجَة فارتقى فَوق بَيت مَعَ الصّبيان فَوَقع وَمَات يضمن وَفِي النَّوَازِل قَالَ أَبُو بكر رَحمَه الله تَعَالَى لَو رمى صبي سَهْما فَأصَاب امْرَأَة لَا ضَمَان على وَالِده وَإِنَّمَا يجب فِي مَاله وَإِن لم يكن لَهُ مَال فنظرة إِلَى ميسرَة قَالَ وَإِنَّمَا وَجب فِي مَاله لِأَنَّهُ لَا يرى للعجم عَاقِلَة وَهُوَ يَقُول الْعَاقِلَة للْعَرَب لأَنهم يتناصرون وَفِي الْعُيُون وَلَو أَدخل صَبيا أَو مغمى عَلَيْهِ أَو نَائِما فِي دَاره فَسقط الْبَيْت قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى يضمن فِي الصَّبِي والمغمى عَلَيْهِ وَلَا يضمن فِي النَّائِم سَكرَان ذَاهِب الْعقل وَقع ثَوْبه فِي الطَّرِيق فَأخذ الثَّوْب رجل ليحفظه فَهَلَك فِي يَده لم يضمن وَلَو كَانَ الثَّوْب تَحت رَأسه وَالْمَسْأَلَة بِحَالِهَا يضمن وَلَو كَانَت الدَّرَاهِم فِي كمه فَرَفعهَا وَالْمَسْأَلَة بِحَالِهَا يضمن أَيْضا وَذكر فِي الْعدة لَو أخرج خَاتم رجل من إصبعه وَهُوَ نَائِم ثمَّ أَعَادَهُ فِي أُصْبُعه فِي ذَلِك لنوم برىء وَفِي نوم آخر لَا يبرأ وَإِن اسْتَيْقَظَ ثمَّ نَام فَأَعَادَهُ لَا يبرأ غصب شَيْئا من الصاحي ثمَّ رده عَلَيْهِ وَهُوَ سَكرَان يبرأ وَهُوَ كالصاحي بِخِلَاف مالو آخذ مِنْهُ وَهُوَ يقظان ثمَّ رده عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِم فَإِنَّهُ لَا يبرأ إِذا تعلق بِرَجُل وخاصمه فَسقط من الْمُتَعَلّق بِهِ شَيْء يضمن الْمُتَعَلّق

وَمن هدم بَيت نَفسه فانهدم من ذَلِك منزل جَاره لَا يضمن لِأَنَّهُ غير مُتَعَدٍّ فِيهِ وَفِي الْعُيُون لَو ضرب رجلا فَسقط الْمَضْرُوب مغشيا عَلَيْهِ وَسقط مِنْهُ شَيْء وتوى قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى يضمن الضَّارِب المَال الَّذِي مَعَ الْمَضْرُوب لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَهْلك وَكَذَا يضمن ثِيَابه الَّتِي عَلَيْهِ لَو تلفت وَيَأْتِي فِي فصل الْغَصْب مَا يُخَالف هَذَا فَلْينْظر ثمَّة وَفِي فَتَاوَى رشيد الدّين رجل فر من الظَّالِم فَأَخذه إِنْسَان حَتَّى أدْركهُ الظَّالِم فَأَخذه وخسره أَو طلب ظَالِم رجلا ليقْبض مِنْهُ جباية فدله رجل عَلَيْهِ فَأخذ مِنْهُ مَالا فَفِي قِيَاس قَول مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى يضمن الْآخِذ لَهُ وَالدَّال عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تسبب لأخذ مَاله وَالْفَتْوَى على قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا يضمن وَكَذَا لَو تخاصم رجلَانِ فَضرب أَحدهمَا الآخر فَذهب الْمَظْلُوم إِلَى الْوَالِي فخسره لَا يضمن الْمَظْلُوم لِأَنَّهُ طلب الْغَوْث وَفِي فَوَائِد ظهير الدّين المرغيناني وَلَو قَالَ لغيره اسلك هَذَا الطَّرِيق فَإِنَّهُ آمن فسلكه وَأَخذه اللُّصُوص لَا يضمن وَلَو قَالَ إِن كَانَ مخوفا وَأخذ مَالك فَأَنا ضَامِن وَبَاقِي الْمَسْأَلَة بِحَالِهَا ضمن وَصَارَ الأَصْل أَن الْمَغْرُور إِنَّمَا يرجع على الْغَار إِذا حصل الْغرُور فِي ضمن عقد الْمُعَارضَة أَو ضمن الْغَار صفة السَّلامَة للمغرور نصا وَلَو قَالَ الطَّحَّان لصَاحب الْحِنْطَة اجْعَل الْحِنْطَة فِي الدَّلْو فَجَعلهَا فِي الدَّلْو فَذَهَبت من ثقب كَانَ بِهِ إِلَى المَاء والطحان كَانَ عَالما بِهِ يضمن لِأَنَّهُ صَار غارا فِي ضمن العقد بِخِلَاف الْمَسْأَلَة الأولى لِأَن ثمَّة مَا ضمن السَّلامَة بِحكم العقد وَهَا هُنَا العقد يَقْتَضِي السَّلامَة فَيصير مغرورا فَيضمن وَفِي فَتَاوَى ظهير الدّين سَأَلَ هِشَام مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى فِيمَن فتح بَاب قفص حَتَّى خرج مِنْهُ الطَّائِر أَو فتح الزق وَالسمن جامد فذاب وَخرج مِنْهُ السّمن قَالَ يضمن وَلَو حل قيد عبد فأبق العَبْد لَا يضمن لِأَن العَبْد لَهُ عَزِيمَة فَإِن كَانَ العَبْد ذَاهِب الْعقل يضمن وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يضمن فِي هَذَا كُله وَلَو شقّ زق دهن سَائل حَتَّى سَالَ يضمن وَكَذَا لَو قطع حَبل الْقنْدِيل يضمن وَفِي مختلفات الْمَشَايِخ قَالَ أَبُو حنيفَة وابو يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى إِذا فتح بَاب قفص أَو اصطبل حَتَّى طَار الطَّائِر أَو خرج الْحمار أَو حل قيد عبد فهرب فَإِنَّهُ لَا يضمن وقفُوا أَو لم يقفوا وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى يضمن وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى إِن وقف سَاعَة ثمَّ ذهب لَا يضمن وَإِن ذهب من سَاعَته يضمن وَلَو فتح بَاب دَار فَسرق آخر مِنْهَا مَتَاعا لَا يضمن الفاتح سَوَاء سرق عقيب الْفَتْح أَو بعده وَكَذَا إِذا حل رِبَاط دَابَّة فسرقها إِنْسَان أَو فتح بَاب قفص فَأخذ الطَّائِر انسان آخر لَا ضَمَان على الَّذِي حل وَفتح وَالْمُودع إِذا فتح بَاب القفص أَو حل قيد العَبْد أَو فتح بَاب الاصطبل حَتَّى ذهب يضمن بالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ الْتزم الْحِفْظ أَلا ترى أَنه إِذا دلّ الْغَاصِب أَو السَّارِق على الْوَدِيعَة ضمن وَغَيره لَا يضمن وَلَو نفر رجل طير انسان لَا يضمن وَلَو قصد تنفيره يضمن وَلَو دنا مِنْهُ وَقصد تنفيره يضمن وَلَو دنا مِنْهُ وَلم يقْصد تنفيره لَا يضمن وَفِي فَتَاوَى السَّمرقَنْدِي وَلَو نقب حَائِط انسان بِغَيْر اذنه ثمَّ غَابَ الناقب فَدخل انسان من ذَلِك النقب وسرق شَيْئا لَا ضَمَان على الناقب لِأَنَّهُ متسبب وَالسَّارِق مبَاشر وَكَانَ أَبُو نصر الدبوسي رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول يضمن الناقب لَكِن الْفَتْوَى بِعَدَمِ الضَّمَان إِذا قمط الرجل رجلا وألقاه فِي الْبَحْر وَتَركه حَتَّى مَاتَ فَإِن غرق من سَاعَته يضمن دِيَته وَإِن سبح سَاعَة ثمَّ غرق لم يكن عَلَيْهِ شَيْء

وَفِي شرح الطحاوى وَلَو القى حَيَّة أَو عقربا على قَارِعَة الطَّرِيق فلدغ رجلا فَالضَّمَان على الَّذِي ألْقى إِلَّا إِذا تحول من ذَلِك الْموضع إِلَى مَوضِع آخر فَحِينَئِذٍ ترْتَفع جِنَايَته وَلَو دخل رجل دَار قوم فعقره كلبهم فَلَا ضَمَان عَلَيْهِم لِأَنَّهُ لم يُوجد الإغراء والإشلاء مِنْهُم وَفِي التَّجْنِيس رجل لَهُ كلب عقور كلما مر عَلَيْهِ مار يعضه فعض انسانا هَل يجب عَلَيْهِ الضَّمَان إِن تقدمُوا إِلَى صَاحب الْكَلْب وعرفوه بذلك قبل العض يضمن وَإِن لم يتقدموا إِلَيْهِ قبل العض لَا يضمن بِمَنْزِلَة الْحَائِط المائل قَالَ قَاضِي خَان رَحمَه الله تَعَالَى وَيَنْبَغِي أَن لَا يضمن إِذا لم يكن من صَاحبه أشلاء وَلَو أغرى كَلْبا حَتَّى عقر رجلا لَا ضَمَان على المغرى عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى كَمَا إِذا أرسل طائرا فَأصَاب فِي فوره ذَلِك لَا يضمن بِالْإِجْمَاع رجل أَخذ هرة وَأَلْقَاهَا إِلَى حمامة انسان أَو دجَاجَة فَأكلت الْهِرَّة الْحَمَامَة قَالَ إِن أَخَذتهَا الْهِرَّة برميه وإلقائه إِلَيْهَا يضمن وَإِن أَخَذتهَا بعد الرَّمْي وَالْإِلْقَاء لَا يضمن قيل لَهُ وَلَو أشلى كَلْبه على انسان وأغراه عَلَيْهِ فعقره ايضمن المشلى قَالَ نعم لِأَنَّهُ بالإغراء لكلبه صَار آلَة لعقره كَأَنَّهُ ضربه بِحَدّ سَيْفه وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ من أرسل بَهِيمَة فاصابت فِي فورها شَيْئا ضمن وَكَذَلِكَ إِذا أرسلها وَلم يكن لَهَا قَائِد وَلَا سائق وَلَا زاجر فاصابت شَيْئا فِي ذَلِك الطَّرِيق فَإِنَّهُ يضمن وَلَو عطفت عَن ذَلِك الطَّرِيق وَكَانَ لَهَا طَرِيق آخر فأصابت شَيْئا فَإِنَّهُ لَا يضمن وَلَو عطفت وَلم يكن لَهَا طَرِيق غَيره فَذَلِك مَضْمُون على الْمُرْسل وَفِي الْمُلْتَقط وَلَا يجب الضَّمَان على صَاحب الْمَاشِيَة إِذا أتلفت شَيْئا لَيْلًا أَو نَهَارا إِذا لم يكن لَهَا سائق أَو قَائِد وَفِي الْعدة وَلَو أوقف الدَّابَّة فِي سوق الدَّوَابّ لَا ضَمَان على صَاحبهَا إِن أتلفت شَيْئا وَإِن أوقفها على بَاب السُّلْطَان يضمن مَا أَصَابَت وَكَذَا لَو أوقفها على بَاب الْمَسْجِد الْأَعْظَم أَو مَسْجِد آخر إِلَّا إِذا جعل الامام للْمُسلمين موضعا يوقفون دوابهم فِيهِ فَلَا يضمن وَفِي الْعُيُون غنم دخلت بستانا فأفسدته وصاحبها مَعهَا يَسُوقهَا ضمن مَا أفسدته وَإِذا لم يسقها لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَكَذَا الثور وَالْحمار وَمن وجد فِي زرعه أَو كرمه دَابَّة وَقد افسدت الزَّرْع فحبسها فَهَلَكت يضمن وَإِن أخرجهَا الْمُخْتَار أَنه إِن أخرجهَا وساقها فَهَلَكت يضمن وَإِن أخرجهَا وَلم يسقها لَا يضمن وَكَذَا لَو أخرج دَابَّة الْغَيْر من زرع الْغَيْر وَفِي التَّجْنِيس وَلَو سَاقهَا إِلَى مَكَان يَأْمَن مِنْهَا على زرعه لَا يضمن كَأَنَّهُ أخرجهَا عَن زرعه قَالَ أَبُو نصر وَقَالَ أَكثر مَشَايِخنَا إِنَّه يضمن وَعَلِيهِ الْفَتْوَى رجل بعث بقرته إِلَى بقار على يَد رجل فجَاء الرجل إِلَى البقار بهَا وَقَالَ إِن فلَانا بعث بقرته هَذِه اليك فَقَالَ البقار اذْهَبْ هَا إِلَى مَالِكهَا فَإِنِّي لَا أقبلها فَذهب بهَا فَهَلَكت فالبقار ضَامِن لِأَنَّهُ إِذا جَاءَ بهَا إِلَى البقار فقد انْتهى الْأَمر فَيصير البقار أَمينا وَلَيْسَ للْمُودع أَن يودع وَلَو نخس دَابَّة انسان فَأَلْقَت الرَّاكِب فَمَاتَ ان كَانَ باذن الرَّاكِب لَا يضمن الناخس وَإِن كَانَ بِغَيْر اذنه يضمن كَمَال الدِّيَة وَإِن ضربت الناخس فَمَاتَ فدمه هدر وَإِن أَصَابَت رجلا آخر بالذنب أَو بِالرجلِ أَو كَيْفَمَا أَصَابَته إِن نخسها بِإِذن الرَّاكِب فَالضَّمَان عَلَيْهِمَا وَإِلَّا فَعَلَيهِ وَفِي خُلَاصَة الْمُفْتِي وَمِمَّا يجرب بِهِ الْفَقِيه إِذا سُئِلَ عَن أَخذ حمَار غَيره بِغَيْر اذنه وَاسْتَعْملهُ ورده إِلَى الْموضع

الَّذِي أَخذ مِنْهُ وَكَانَ مَعَه جحش فَأَكله الذِّئْب هَل يضمن وَإِنَّمَا اسْتعْمل الأتان خَاصَّة جَوَابه إِن لم يتَعَرَّض للجحش بِشَيْء إِلَّا أَنه سَاق الْأُم فانساق الجحش مَعهَا ذَاهِبًا وجائيا لم يضمن وَإِن كَانَ حِين سَاق الأتان سَاق الجحش مَعهَا أَيْضا ضمن وَفِي فَتَاوَى ظهير الدّين رَحمَه الله تَعَالَى لَو وضع ثوبا فِي دَار رجل فَرَمَاهُ صَاحب الدَّار فأفسده ضمن وَلَو أَدخل دَابَّته فِي دَار غَيره فأخرجها صَاحب الدَّار إِن تلفت لَا يضمن لِأَن الدَّابَّة فِي الدَّار تضرها فَلهُ أَن يدْفع الضَّرَر بِالْإِخْرَاجِ وَأما الثَّوْب فِي الدَّار فَلَا يَضرهَا فَكَانَ إِخْرَاجه إتلافا وَلَو وجد دَابَّة فِي مربط فأخرجها فَهَلَكت يضمن وَفِي الْجَامِع الصَّغِير غصب مربطا وَشد فِيهِ دَابَّته فأخرجها مَالك المربط وَهَلَكت صَار ضَامِنا وَفِي فَوَائِد ابي الْحسن الرستغني غصب عجلا فاستهلكه ويبس لبن أمه يضمن الْغَاصِب قيمَة الْعجل ونقصان الْأُم وَإِن لم يفعل الْغَاصِب فِي الْأُم فعلا لمَكَان التَّسَبُّب وَفِي فَتَاوَى ظهير الدّين وَلَو أرسل دَابَّته فِي مرتع مُبَاح فجَاء آخر فَأرْسل إِلَيْهِ دَابَّته فعضت الثَّانِيَة الأولى إِن عضتها على الْفَوْر ضمن وَإِلَّا فَلَا وَإِن كَانَ ذَلِك فِي مربط لأَحَدهمَا لَا ضَمَان على صَاحب المربط وَذكر فِي الْعُيُون قَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى إِذا اسْتهْلك رجل حمَار غَيره أَو بغله بِقطع يَده أَو بذَبْحه إِن شَاءَ صَاحبه ضمنه وَسلمهُ إِلَيْهِ وَإِن شَاءَ حَبسه وَلَا يضمن شَيْئا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَلَو ضرب رجل الدَّابَّة حَتَّى صَارَت عرجاء فَهُوَ كالقطع وَمن ذبح شَاة غَيره فمالكها بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه قيمتهَا وَسلمهَا إِلَيْهِ وَإِن شَاءَ أَخذهَا وَضَمنَهُ النُّقْصَان وَكَذَا الْجَزُور وَكَذَا إِذا قطع يَدهَا وَفِي الْهِدَايَة وَلَو كَانَت الدَّابَّة غير مأكولة اللَّحْم فَقطع الْغَاصِب طرفها فللمالك أَن يضمنهُ جَمِيع قيمتهَا لوُجُود الِاسْتِهْلَاك من كل وَجه بِخِلَاف قطع طرف العَبْد الْمَمْلُوك حَيْثُ يَأْخُذهُ مَعَ أرش الْمَقْطُوع لِأَن الْآدَمِيّ يبقي مُنْتَفعا بعد قطع الطّرف وَلَو ذبح حمَار غَيره فَلَيْسَ لَهُ أَن يضمنهُ النُّقْصَان وَلكنه يضمنهُ جَمِيع الْقيمَة عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وعَلى قَول مُحَمَّد رَحمَه الله لَهُ أَن يمسِكهُ وَيضمن النُّقْصَان وَإِن شَاءَ ضمنه كل الْقيمَة وَلَا يمسك الْمَذْبُوح ذبح شَاة انسان بِحَيْثُ لَا يرجي حَيَاتهَا لَا يضمن اسْتِحْسَانًا الْأَجْنَبِيّ والراعي فِي ذَلِك سَوَاء وَفِي الْفرس والبغل يُفْتى بِالضَّمَانِ فِي الْأَجْنَبِيّ والراعي والبقار لَو ذبح الْبَقَرَة أَو الْحمار وَكَانَ لَا يُرْجَى حياتهما لَا يضمن وَإِذا ذبح شَاة لَا يُرْجَى حَيَاتهَا يضمن قيمتهَا يَوْم الذّبْح رجل مر بِشَاة الْغَيْر وَقد أشرفت على الْهَلَاك فذبحها يكون ضَامِنا وَذكر فِي النَّوَازِل أَنه لَا يضمن اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ مَأْذُون فِيهِ دلَالَة وَفِي الْمُحِيط وَلَو ذبح شَاة وعلقها لأجل السلخ فسلخها انسان ضمن لِأَن النَّاس يتفاوتون فِي السلخ دون الذّبْح وَلَو ألْقى قشور الرُّمَّان أَو الْبِطِّيخ على قَارِعَة الطَّرِيق فزلقت بهَا دَابَّة انسان فَتلفت يضمن لِأَنَّهُ غير مَأْذُون فِي هَذَا الْفِعْل وَمن فعل فعلا هُوَ غير مَأْذُون فِيهِ فَمَا تولد مِنْهُ يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ مر رجل فِي طَرِيق الْمُسلمين فَتعلق ثَوْبه بقفل حَانُوت رجل فتخرق قَالَ ابو الْقَاسِم الصفار رَحمَه الله تَعَالَى إِن كَانَ القفل فِي ملكه لَا يضمن وَإِن كَانَ فِي غير ملكه يضمن

وَهَاهُنَا زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا وَهِي أَنه إِذا تعلق ثَوْبه بذلك فجر ثَوْبه فتخرق بجره لَا يضمن صَاحب القفل لِأَنَّهُ إِذا جر الثَّوْب فَهُوَ الَّذِي خرقه رجل جلس على ثوب انسان وَهُوَ لَا يعلم حَتَّى قَامَ صَاحبه فانشق ثَوْبه من جُلُوسه ضمن النُّقْصَان وَلَو عض رجل يَد آخر فَأخْرج يَده من فَم العاض فَكسر اسنان العاض وَسقط من لحم يَد المعضوض شَيْء وجرح يَده لَا يجب مُوجب السن لِأَنَّهُ مُضْطَر فِي نزع الْيَد وَيجب على العاض أرش الْيَد لِأَنَّهُ جَان وَفِي فَوَائِد صدر الاسلام طَاهِر بن مَحْمُود رَحمَه الله تَعَالَى الحائك إِذا عمل لانسان ثوبا فَأَرَادَ مَالِكه أَخذه مِنْهُ فأبي الحائك أَن يَدْفَعهُ حَتَّى يَأْخُذ الْأُجْرَة فَمد صَاحب الثَّوْب الثَّوْب فتخرق من مد صَاحبه لَا يضمن الحائك شَيْئا وَإِن تخرق من مدهما ضمن الحائك نصف قيمَة النُّقْصَان وَلَو أَخذ يَد رجل فَمد ذَلِك الرجل يَده فشلت إِن أَخذ يَده لأجل التَّحِيَّة لَا يجب الضَّمَان وَإِن أَخذهَا لأجل العض تجب دِيَة الْيَد على الْآخِذ لِأَنَّهُ مُضْطَر فِي مد يَده رجل تشبث بِثَوْب آخر فَجَذَبَهُ المتشبث من يَد صَاحبه حَتَّى تخرق يضمن جَمِيع الْقيمَة فَإِن جذبه صَاحبه من يَد المتشبث ضمن المتشبث نصف الْقيمَة وَفِي الْمَبْسُوط غصب ثوب إِنْسَان ولبسه ثمَّ جَاءَ صَاحب الثَّوْب فَمد ثَوْبه وَالْغَاصِب لَا يعلم أَنه صَاحب الثَّوْب فتخرق الثَّوْب لَا ضَمَان على الْغَاصِب لِأَنَّهُ تخرق من مده وَلَو قَالَ صَاحب الثَّوْب رد عَليّ ثوبي فَمَنعه فَمد مدا لَا يمد مثله من شدته فتخرق الثَّوْب لَا ضَمَان على الْغَاصِب أَيْضا وَلَو مده كَمَا يمد النَّاس عَادَة فتخرق مِنْهُ ضمن الْغَاصِب نصف الْقيمَة لِأَنَّهُ من جنايتهما لِأَن إِمْسَاكه وَمنعه ثوب غَيره جِنَايَة وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيّ رَحمَه الله تَعَالَى سُئِلَ عَمَّن أوقد نَارا فِي ملك غَيره فتعدت إِلَى كدس حِنْطَة أَو شَيْء آخر من الْأَمْوَال فَأَحْرَقتهُ هَل يضمن قَالَ لَا وَلَو أحرقت شَيْئا فِي الْمَكَان الَّذِي أوقد فِيهِ ضمن قلت وَفرق أَصْحَابنَا رَحِمهم الله تَعَالَى بَين المَاء وَالنَّار قَالُوا لَو أوقد النَّار فِي أَرض نَفسه فتعدت إِلَى أَرض غَيره فأحرقت شَيْئا لَا يضمن وَلَو سَالَ المَاء إِلَى أَرض نَفسه فَسَالَ إِلَى أَرض غَيره وأتلف شَيْئا ضمن لِأَن من طبع النَّار الخمود والتعدي إِنَّمَا يكون بِفعل الرّيح وَنَحْوه فَلم يضف إِلَى فعل الموقد فَلم يضمن وَمن طبع المَاء السيلان فالائتلاف يُضَاف إِلَى فعله وَسُئِلَ صَاحب الْمُحِيط عَن مزارع أوقد نَارا فِي الأَرْض المملكة فِي يَوْم ريح فَاحْتَرَقَ الْحَشِيش وسرت النَّار إِلَى الأكداس فاحترقت هَل يضمن الموقد أجَاب رَحمَه الله تَعَالَى إِن كَانَت الرّيح وَقت الإيقاد ريحًا يذهب مثلهَا بِمثل تِلْكَ النَّار إِلَى تِلْكَ الأكداس يضمن وَالله تَعَالَى أعلم وَفِي فَتَاوَى ظهير الدّين رجل أوقد فِي تنوره نَارا وَألقى فِيهِ من الْحَطب مَالا يحْتَملهُ التَّنور فَاحْتَرَقَ بَيته وتعدت إِلَى دَار جَاره فأحرقتها يضمن صَاحب التَّنور وَلَو مر بِنَار فِي ملكه أَو فِي ملك غَيره فَوَقَعت شرارة مِنْهَا على ثوب انسان فَاحْتَرَقَ قَالَ مُحَمَّد بن الْفضل رَحمَه الله تَعَالَى يضمن وَهَكَذَا ذكر فِي النَّوَادِر عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ بعض الْعلمَاء إِن من مر بالنَّار فِي مَوضِع لَهُ حق الْمُرُور فِيهِ فَوَقَعت مِنْهُ شرارة فِي ملك انسان

أَو ألقتها الرّيح لَا يضمن فَإِن لم يكن لَهُ حق الْمُرُور فِي ذَلِك الْموضع فَالْجَوَاب على التَّفْصِيل إِن وَقعت مِنْهُ شرارة يضمن وَإِن هَب بِهِ الرّيح لَا يضمن وَهَذَا أظهر وَعَلِيهِ الْفَتْوَى حداد ضرب حَدِيدَة على حَدِيدَة أُخْرَى محماة فطارت شرارة من ضربه فَوَقَعت على ثوب انسان فَاحْتَرَقَ ثَوْبه ضمن الْحداد وَذكر الناطفي رَحمَه الله تَعَالَى إِذا جلس الْحداد فِي دكانه وَاتخذ فِي حانوته كورا يعْمل بِهِ والحانوت إِلَى جَانب طَرِيق الْعَامَّة فَأخْرج حَدِيدَة من كوره وضربها بِمِطْرَقَةٍ فتطاير شِرَارهَا فقتلت رجلا أَو فقأت عين انسان أَو أحرقت شَيْئا أَو قتلت دَابَّة كَانَ ضَمَان مَا تلف بذلك من المَال على الْحداد ودية الْقَتْل وَالْعين تكون على عَاقِلَته وَلَو لم يدق الْحداد وَلَكِن احتملت الرّيح بعض النَّار من كوره أَو الْحَدِيد المحماة فأخرجتها إِلَى طَرِيق الْعَامَّة فقتلت انسانا أَو أحرقت ثوب انسان أَو قتلت دَابَّة كَانَ هدرا وَفِي فَتَاوَى رشيد الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَلَو رش المَاء فِي الطَّرِيق فَسَقَطت بِهِ دَابَّة أَو انسان ذكر فِي الْكتاب أَنه يضمن مُطلقًا قلت وَهَذَا الْجَواب فِي الدَّابَّة يجْرِي على إِطْلَاقه أما فِي الْآدَمِيّ فَإِنَّهُ إِذا رش كل الطَّرِيق بِحَيْثُ لَا يجد طَرِيقا يمر فِيهِ فَإِنَّهُ يضمن الراش وَإِلَّا فَلَا وَمِمَّا يُؤَيّد مَا قُلْنَاهُ مَا ذكره أَبُو الْحسن الرستغنى فِي فَوَائده أَنه لَو لم يَتَعَدَّ فِي الرش ورش كَمَا يرش النَّاس عَادَة لدفع الْغُبَار لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَن ذَلِك لَيْسَ بِجِنَايَة وَإِن تعدى بالرش ضمن وَفِي الْمُحِيط من حفر بِئْرا وسد رَأسهَا فَفتح آخر رَأسهَا فَإِنَّهُ ينظر إِن كَانَ الأول كبسها بِالتُّرَابِ أَو الطين بِمَا يكبس بِهِ مثله من أَجزَاء الأَرْض ثمَّ حفرهَا الثَّانِي فَالضَّمَان على الثَّانِي وَإِن كَانَ الأول كبسها بِمَا لَا يكبس بِهِ الْبِئْر عَادَة كالدقيق وَالْحِنْطَة وَنَحْوهمَا فَالضَّمَان على الأول وَفِي فَتَاوَى ظهير الدّين من حفر بِئْرا فَغطّى رَأسهَا فَرفع آخر الغطاء فَتلف بهَا شَيْء ضمن الأول وَمن حفر فِي أَرض غَيره بِئْرا ضمن النُّقْصَان وَقَالَ بعض الْعلمَاء يُؤمر بالكبس وَلَا يضمن النُّقْصَان وَلَو هدم جِدَار غَيره لَا يجْبر على بنائِهِ وَالْمَالِك بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه قيمَة الْحَائِط وَالنَّقْص للضامن وَإِن شَاءَ أَخذ النَّقْص وَقِيمَة النُّقْصَان وَفِي فَتَاوَى قاضيخان من حفر بِئْرا فِي فنَاء مَسْجِد أَو هدم حَائِط الْمَسْجِد فَإِنَّهُ يُؤمر بالتسوية وَلَا يقْضى بِالنُّقْصَانِ وَكَذَا من حفر بِئْرا فِي فنَاء قوم يُؤمر بالتسوية الْغَاصِب إِذا حفر بِئْرا فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة ورضى بِهِ الْمَالِك فَأَرَادَ الْغَاصِب طمها لَيْسَ لَهُ ذَلِك عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَهُ ذَلِك سَوَاء ينْتَفع بهَا أَو لم ينْتَفع وَفِي بعض الْفَتَاوَى رجل نزح مَاء بِئْر انسان حَتَّى صَارَت يابسة لَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَن صَاحب الْبِئْر غير مَالك للْمَاء وَلَو صب مَاء انسان من الْجب يُقَال لَهُ املأه لِأَنَّهُ ملكه وَالْمَاء من ذَوَات الْأَمْثَال وَفِي فتاوي ظهير الدّين قطع أَشجَار كرم انسان يضمن الْقيمَة لِأَنَّهُ أتلف غير المثلى وَطَرِيق معرفَة ذَلِك أَن يقوم الْكَرم مَعَ الْأَشْجَار النابتة وَيقوم مَقْطُوع الْأَشْجَار ففضل مَا بَينهمَا قيمَة الْأَشْجَار وَبعد ذَلِك صَاحب الْكَرم بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع الْأَشْجَار المقطوعة إِلَى الْقَاطِع وَضَمنَهُ تِلْكَ الْقيمَة وَإِن شَاءَ أمسك الْأَشْجَار وَدفع من تِلْكَ الْقيمَة قيمَة الْأَشْجَار المقطوعة وَيضمنهُ الْبَاقِي

وَذكر الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث رَحمَه الله تَعَالَى مَسْأَلَة قطع الْأَشْجَار هَكَذَا ثمَّ قَالَ وَإِن كَانَت قيمَة الْأَشْجَار مَقْطُوعَة وَغير مَقْطُوعَة سَوَاء فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَفِي فَتَاوَى قاضيخان رجل أتلف على رجل أحد مصراعي بَاب أَو أحد زَوجي خف أَو مكعب كَانَ للْمَالِك أَن يسلم إِلَيْهِ المصراع الآخر أَو الزَّوْج الآخر وَيضمنهُ قيمتهمَا وَفِي الايضاح الْمَغْصُوب إِذا كَانَ قَائِما فِي يَد الْغَاصِب فالمغصوب مِنْهُ يَأْخُذهُ مثلِيا كَانَ الْمَغْصُوب أَو غير مثلى فِي الْوُجُوه كلهَا إِلَّا إِذا كَانَت قِيمَته فِي بَلْدَة الْخُصُومَة أقل من قِيمَته فِي بَلْدَة الْغَصْب فَحِينَئِذٍ يثبت للْمَغْصُوب مِنْهُ خيارات ثَلَاثَة إِن شَاءَ انْتظر وَإِن شَاءَ رَضِي بِهِ وَإِن شَاءَ أَخذ قيمَة الْمَغْصُوب فِي بلد الْغَصْب يَوْم الْخُصُومَة وَفِي المثلى الْجَواب على التَّفْصِيل إِن تَسَاوَت الْقيمَة فِي البلدتين يُطَالِبهُ برد الْمثل وَإِن كَانَت الْقيمَة فِي بَلْدَة الْخُصُومَة أَكثر فللمالك خيارات ثَلَاثَة رضى بِالْمثلِ وَإِن شَاءَ طَالبه بِقِيمَتِه فِي بَلْدَة الْغَصْب يَوْم الْخُصُومَة وَإِن شَاءَ انْتظر وَإِن كَانَ قِيمَته فِي بَلْدَة الْغَصْب أقل فالغاصب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعطَاهُ الْمثل وَإِن شَاءَ أعطَاهُ الْقيمَة فِي بَلْدَة الْغَصْب أَو فِي مَكَان الْغَصْب يَوْم الْخُصُومَة إِلَّا إِذا رَضِي الْمَالِك بِالتَّأْخِيرِ فَيكون لَهُ ذَلِك فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يذكر فِي دَعْوَى غصب الْمكيل وَالْمَوْزُون سوى الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير مَكَان الْغَصْب حَتَّى يعلم أَنه هَل لَهُ ولَايَة الْمُطَالبَة أَولا وَهَكَذَا ذكر فِي الذَّخِيرَة لَو ادّعى أَنه غصب مِنْهُ كَذَا قفيز حِنْطَة وَبَين الشَّرَائِط لَا بُد وَأَن يذكر مَكَان الْغَصْب وَذكر فِي عُمْدَة الْمُفْتِينَ إِذا ادّعى الْوَدِيعَة لَا بُد من ذكر مَوضِع الْإِيدَاع أَنه فِي أَي مصر سَوَاء كَانَ لَهُ حمل وَمؤنَة أَو لم يكن وَذكر فِي مَوضِع آخر أَنه إِذا لم يكن لَهُ حمل وَمؤنَة لَا يشْتَرط بَيَان مَوضِع الْغَصْب وَذكر فِي الْعدة من غصب مَنْقُولًا فَعَلَيهِ مثله وَإِن كَانَ مثلِيا وَإِن كَانَ من ذَوَات الْقيم فَعَلَيهِ قِيمَته يَوْم الْغَصْب وَفِي فَتَاوَى ظهير الدّين غصب شَاة فَسَمنت فِي يَده ثمَّ ذَبحهَا ضمن قيمتهَا يَوْم الْغَصْب لَا يَوْم الذّبْح غَاصِب الْغَاصِب إِذا رد على الْغَاصِب الأول يبرأ عَن الضَّمَان وَلَو هلك الْمَغْصُوب فِي يَد غَاصِب الْغَاصِب فَأدى الْقيمَة إِلَى الْغَاصِب الأول يبرأ أَيْضا حَتَّى لَا يكون للْمَالِك بعده أَن يضمن الثَّانِي لقِيَام الْقيمَة مقَام الْعين وَهَذَا إِذا كَانَ قبض الأول مَعْرُوفا بِقَضَاء القَاضِي أَو بِغَيْر قَضَائِهِ وَإِنَّمَا يصير مَعْرُوفا بِإِقَامَة الْبَيِّنَة أَو بِتَصْدِيق الْمَالِك فَأَما إِذا أقرّ الْغَاصِب بذلك فَإِنَّهُ لَا يصدق فِي حق الْمَالِك وَيصدق فِي حق نَفسه وَالْمَالِك بِالْخِيَارِ فِي تضمين أَيهمَا شَاءَ وَذكر رشيد الدّين رَحمَه الله تَعَالَى فِي فَتَاوِيهِ لَو بَاعَ غَاصِب الْغَاصِب وَأخذ الثّمن لَا يكون للْغَاصِب الأول أَن يَأْخُذ الثّمن مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالك وَلَيْسَ بنائب عَنهُ وَلَا يكون لَهُ إجَازَة البيع وللمغصوب مِنْهُ الْخِيَار فِي تضمين الْغَاصِب أَو غَاصِب الْغَاصِب رجل غصب عبدا فغصبه مِنْهُ آخر فَمَاتَ عِنْده فالمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمن الأول وَيتبع الأول الآخر وَإِن شَاءَ أَبْرَأ الأول وَاتبع الثَّانِي بِالْقيمَةِ وَلَا شَيْء لَهُ على الأول وَفِي النَّوَازِل رجل هشم إبريق فضَّة لإِنْسَان ثمَّ جَاءَ آخر وهشمه هشما زَاد فِي نقصانه بَرِيء الأول من الضَّمَان وَضمن الثَّانِي مثله

وَفِي الْمُحِيط الْمَالِك إِذا أجر الْمَغْصُوب من الْغَاصِب يبرأ من الضَّمَان بِنَفس العقد كَمَا لَو بَاعه مِنْهُ وَلَو أَعَارَهُ مِنْهُ لَا يبرأ حَتَّى لَو هلك قبل الِاسْتِعْمَال يكون مَضْمُونا على الْغَاصِب إِذا قَالَ الْمَالِك للْغَاصِب أودعتك الْمَغْصُوب ثمَّ هلك فِي يَده يضمنهُ لِأَنَّهُ لم يُوجد الْإِبْرَاء عَن الضَّمَان نصا وَالْأَمر بِالْحِفْظِ وَعقد الْوَدِيعَة لَا ينافيان ضَمَان الْغَصْب كَمَا إِذا خَالف الْمُودع يضمن وَإِن كَانَ العقد قَائِما وتوكيل الْمَالِك الْغَاصِب بِبيع الْمَغْصُوب لَا يُبرئهُ من ضَمَانه وَإِن بَاعه مالم يُسلمهُ وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ الْمَالِك الْمَغْصُوب لَا يخرج عَن ضَمَان الْغَاصِب مالم يُسلمهُ إِلَى المُشْتَرِي وَفِي التَّجْنِيس إِذا وضع الْمَغْصُوب بَين يَدي الْمَالِك يبرأ وَإِن لم يُوجد مِنْهُ حَقِيقَة الْقَبْض وَكَذَا الْمُودع بِخِلَاف مَا إِذا اسْتهْلك الْمَغْصُوب أَو الْوَدِيعَة ثمَّ جَاءَ بِالْقيمَةِ ووضعها بَين يَدي الْمَالِك فَإِنَّهُ لَا يبرأ مَا لم يُوجد حَقِيقَة الْقَبْض وَفِي النَّوَازِل جَارِيَة جَاءَت إِلَى نخاس بِغَيْر اذن مَوْلَاهَا طالبة للْبيع ثمَّ ذهبت وَلَا يدْرِي أَيْن ذهبت وَقَالَ النخاس رَددتهَا عَلَيْك فَالْقَوْل قَوْله وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَن الْجَارِيَة هِيَ الَّتِي أَتَت إِلَيْهِ فَكَانَت أَمَانَة عِنْده وَتَفْسِير ذَلِك أَن النخاس لم يَأْخُذ الْجَارِيَة حَتَّى يصير غَاصبا وَمعنى الرَّد أَن يأمرها بالذهاب إِلَى الْمنزل نوع فِي ضَمَان أحد الشَّرِيكَيْنِ بِسَبَب الْعين الْمُشْتَركَة ذكر القَاضِي ظهير الدّين رَحمَه الله تَعَالَى فِي فَتَاوَاهُ وَلَو اسْتعْمل عبدا مُشْتَركا بَينه وَبَين غَيره بِغَيْر اذن شَرِيكه يصير غَاصبا نصِيبه وَفِي أَجنَاس الناطفي رَحمَه الله تَعَالَى فِي اسْتِعْمَال العَبْد الْمُشْتَرك بِغَيْر اذن شَرِيكه رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَة هِشَام عَن مُحَمَّد يصير غَاصبا وَفِي رِوَايَة ابْن رستم عَنهُ لَا يصير غَاصبا وَفِي الدَّابَّة الْمُشْتَركَة يصير غَاصبا على الرِّوَايَتَيْنِ وَفِي الْعِمَادِيّ قَالَ سُئِلَ جدي رَحمَه الله تَعَالَى عَن الْمَوَاشِي الْمُشْتَركَة بَين اثْنَيْنِ وَغَابَ أحد الشَّرِيكَيْنِ فَدفع الشَّرِيك الْحَاضِر نصِيبه وَنصِيب الآخر إِلَى الرَّاعِي فَهَلَكت هَل يضمن نصيب صَاحبه أجَاب بِأَنَّهُ يضمن لِأَنَّهُ مُودع يُمكنهُ أَن يحفظها بيد أجيره فَلَا يصير مودعا غَيره رجلَانِ بَينهمَا دَار غَابَ أَحدهمَا فللحاضر أَن يسكن الدَّار كلهَا وَكَذَا الْخَادِم بِخِلَاف الدَّابَّة وَفِي الذَّخِيرَة بَيت أَو حَانُوت بَين شَرِيكَيْنِ سكنه أَحدهمَا لَا تجب عَلَيْهِ الْأُجْرَة وَإِن كَانَ معدا للِاسْتِغْلَال لِأَنَّهُ سكن بِتَأْوِيل الْملك وَفِي الْقنية رجل لَهُ سفينة فاشترك مَعَ أَرْبَعَة على أَن يعملوا فِي سفينته وآلاتها وَالْخمس لصَاحب السَّفِينَة وَالْبَاقِي بَينهم بِالسَّوِيَّةِ فَهِيَ فَاسِدَة وَالْحَاصِل لصَاحب السَّفِينَة وَعَلِيهِ أجر مثلهم لَهُم وَعَن عين الْأَئِمَّة الْكَرَابِيسِي رجل أقْرض لصَاحبه مائَة دِرْهَم وَدفعهَا إِلَيْهِ ثمَّ أخرج مائَة أُخْرَى وخلط الْمِائَتَيْنِ وَقَالَ للمستقرض خذهما واتجر بهما على الشّركَة فَهَذَا مختل لِأَنَّهُمَا لم يبينا الرِّبْح فَلَيْسَ بشركة وَفِي أَجنَاس الناطفي وَالرَّوْضَة قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى إِذا كَانَ دود القز من وَاحِد وورق التوت مِنْهُ أَيْضا وَالْعَمَل من آخر على أَن القز بَينهمَا نِصْفَيْنِ أَو اقل أَو أَكثر لم يجز وَكَذَا لَو كَانَ الْعَمَل مِنْهُمَا وَإِنَّمَا يجوز أَن لَو كَانَ الْبيض مِنْهُمَا وَالْعَمَل عَلَيْهِمَا وَإِن لم يعْمل صَاحب الأوراق لَا يضرّهُ

زرع أَرضًا مُشْتَركَة بَينه وَبَين غَيره هَل للشَّرِيك أَن يُطَالِبهُ بِالربعِ أَو بِالثُّلثِ بِحِصَّة نَفسه من الأَرْض كَمَا هُوَ عرف ذَلِك الْموضع أُجِيب بِأَنَّهُ لَا يملك ذَلِك وَلَكِن يغرمه نُقْصَان نصِيبه من الأَرْض إِن دخل فِيهَا النُّقْصَان الْمكيل أَو الْمَوْزُون إِذا كَانَ بَين حَاضر وغائب أَو بَين صبي وَبَالغ فَأخذ الْحَاضِر أَو الْبَالِغ نصِيبه فَإِنَّمَا تنفذ قسمته من غير خصم إِذا سلم نصيب الْغَائِب وَالصَّبِيّ حَتَّى لَو هلك مَا بَقِي قبل أَن يصل إِلَى الْغَائِب أَو إِلَى الصَّبِي كَانَ الْهَلَاك عَلَيْهِمَا ضَمَان الْمَأْمُور والدلال وَمَا يتَّصل بذلك رجل دفع إِلَى آخر غُلَاما مُقَيّدا بالسلسلة وَقَالَ اذْهَبْ بِهِ إِلَى بَيْتك مَعَ هَذِه السلسلة فهذب بِهِ بِدُونِ السلسلة فأبق العَبْد لَا يضمن لِأَنَّهُ أمره بشيئين وَقد أَتَى بِأَحَدِهِمَا وَلَو بعث انسانا إِلَى مَاشِيَة غَيره فَأخذ الْمَبْعُوث دَابَّة الْبَاعِث وركبها فَهَلَكت إِن كَانَ بَين الْآمِر والمبعوث انبساط فِي مثل ذَلِك فَلَا ضَمَان وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِن رجل أعْطى رجلا قوسا فمده فانكسر إِن أمره بِالْمدِّ لَا يضمن لِأَنَّهُ فعله بأَمْره وَإِن لم يَأْمُرهُ بذلك ضمن لِأَنَّهُ فعله بِغَيْر أمره وَفِي واقعات الناطفي رجل قَالَ لآخر بِعْت مِنْك دمي بفلس أَو بِأَلف فَقبله الآخر وَقَتله فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ الْقصاص وَلَو قَالَ اقتلني فَقتله لَا قصاص عَلَيْهِ وَتجب الدِّيَة فِي مَاله لِأَنَّهُ إِطْلَاق فَأفَاد شُبْهَة وروى عَن الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ ركن الاسلام أَبُو الْفضل الْكرْمَانِي رَحمَه الله تَعَالَى لَا تجب الدِّيَة فِي اصح الرِّوَايَتَيْنِ عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى بِخِلَاف مَا لَو قَالَ اقْطَعْ يَدي أَو رجْلي أَو اقْتُل عَبدِي فَفعل لَا شَيْء عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاع لِأَن الْأَطْرَاف لَا يسْلك بهَا مَسْلَك الْأَمْوَال فصح الْأَمر قَالَ الْعِمَادِيّ وَقد وَقعت ببخارى وَاقعَة وَهِي رجل قَالَ لآخر إرم السهْم الي حَتَّى آخذه فَرمى إِلَيْهِ بأَمْره فَأصَاب عينه فَذَهَبت قَالَ الامام فَخر الدّين قاضيخان رَحمَه الله تَعَالَى لَا يضمن وَهَكَذَا أفتى بعض الْمَشَايِخ وقاسوا ذَلِك على مَسْأَلَة الْقطع بِأَن قَالَ اقْطَعْ يَدي أَو رجْلي وَقد مرت وَفِي التَّجْرِيد رجل دفع إِلَى دلال ثوبا ليَبِيعهُ فَدفعهُ الدَّلال إِلَى رجل على سوم الشِّرَاء بِإِذن الدَّافِع ثمَّ نَسيَه لَا يضمن لِأَنَّهُ إِذا أذن صَاحب الثَّوْب بِالدفع للسوم لم يكن الدّفع تَعَديا وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيّ رجل دفع ثوبا إِلَى دلال ليَبِيعهُ فعرضه الدَّلال على صَاحب دكان وَتَركه عِنْده فهرب صَاحب الدّكان وَذهب بِهِ لَا ضَمَان على الدَّلال وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن هَذَا أَمر لَا بُد مِنْهُ فِي البيع وَفِي فَتَاوَى قاضيخان الدَّلال إِذا دفع الثَّوْب إِلَى من استلمه لينْظر فِيهِ ثمَّ يَشْتَرِيهِ فَأَخذه الرجل وَذهب وَلم يظفر بِهِ الدَّلال قَالُوا لَا يضمن الدَّلال لِأَنَّهُ مَأْذُون فِي هَذَا الدّفع ثمَّ قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدِي أَنه إِنَّمَا لم يضمن إِذا دفع الثَّوْب إِلَيْهِ وَلم يُفَارِقهُ أما إِذا فَارقه ضمن كَمَا لَو أودعهُ الدَّلال عِنْد صَاحب الدّكان فهرب بالمتاع يضمن الدَّلال وَلَيْسَ للْمُودع أَن يودع وَفِي فَتَاوَى ظهير الدّين الْوَكِيل بِالْبيعِ إِذا دفع الْمَبِيع إِلَى رجل ليعرضه على من أحب فهرب ذَلِك

الرجل بِالْمَبِيعِ أَو هلك فِي يَده أجَاب نجم الدّين رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا يضمن الْوَكِيل وَالصَّحِيح أَنه يضمن وَقَالَ بعض الْمَشَايِخ إِن كَانَ الَّذِي دفع إِلَيْهِ ثِقَة أَمينا لَا يضمن الْوَكِيل بِالْبيعِ إِذا قَالَ بِعته من رجل لَا أعرفهُ وسلمته وَلم أقدر عَلَيْهِ أفتى ظهير الدّين رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يضمن الْوَكِيل قَالَ وَمَسْأَلَة القمقمة بِخِلَاف هَذَا الْجَواب وَهِي إِذا دفع قمقمة إِلَى آخر وَقَالَ لَهُ ادفعها إِلَى من يصلحها وَلَا يعلم إِلَى من دفع إِلَيْهِ لَا ضَمَان عَلَيْهِ كَمَا لَو وضع الْوَدِيعَة فِي دَاره ونسيها وَقد هَلَكت لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَفِي الْعدة رجل غَابَ وَأمره تِلْمِيذه أَن يَبِيع السّلْعَة وَيسلم ثمنهَا إِلَى فلَان فَبَاعَ التلميذ السّلْعَة وَأمْسك الثّمن حَتَّى هلك لَا يضمن لِأَن الْوَكِيل لَا يلْزمه إتْمَام مَا تبرع بِهِ نوع فِي بَيَان مَا يصدق فِيهِ الْمُودع وَمَا لَا يصدق إِذا ادّعى الْمُودع أَنه دفع الْوَدِيعَة إِلَى أَجْنَبِي للضَّرُورَة كوقوع الْحَرِيق وَنَحْوه لَا يصدق الا بِبَيِّنَة عِنْد ابي حنيفَة وابي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَذكر فِي الْعدة إِن علم أَنه وَقع الْحَرِيق فِي بَيته قبل وَإِلَّا فَلَا وَذكر القَاضِي ابو الْيُسْر رَحمَه الله تَعَالَى إِذا قَالَ الْمُودع أودعتها عِنْد أَجْنَبِي ثمَّ ردهَا عَليّ فَهَلَكت عِنْدِي وَالْمُودع يكذبهُ فِي ذَلِك فَالْقَوْل قَول الْمُودع وَيضمن الْمُودع لِأَنَّهُ أقرّ بِوُجُوب الضَّمَان عَلَيْهِ ثمَّ ادّعى الْإِبْرَاء فَلَا يصدق الا بِبَيِّنَة يقيمها على مَا ادّعى وَحِينَئِذٍ لَا يضمن لِأَنَّهُ اثْبتْ بِالْبَيِّنَةِ ارْتِفَاع سَبَب وجوب الضَّمَان وَكَذَلِكَ لَو قَالَ بعثتها اليك على يَد أَجْنَبِي وَالْمُودع يُنكر ذَلِك فَالْقَوْل قَول الْمُودع وَكَذَلِكَ إِذا دَفعهَا إِلَى رَسُول الْمُودع فَأنْكر الْمُودع الرسَالَة ضمن الْمُودع وَالْقَوْل قَول الْمُودع وَلم يرجع الْمُودع على الرَّسُول إِن صدقه أَنه رَسُول الْمُودع وَلم يضمن لَهُ ضَمَان الدَّرك إِلَّا أَن يكون الْمَدْفُوع قَائِما فَيرجع وَلَو قَالَ رَددتهَا اليك على يَدي أَو على يَد من فِي عيالي وَكذبه الْمُودع فَالْقَوْل قَول الْمُودع مَعَ يَمِينه لِأَن حَاصله الِاخْتِلَاف فِي وجوب الضَّمَان وَهُوَ يُنكر فَيكون القَوْل قَوْله وَلَو أقرّ الْمُودع أَنه استعملها ثمَّ ردهَا إِلَى مَكَانهَا فَهَلَكت لَا يصدق فِي الرَّد الا بِبَيِّنَة لِأَنَّهُ أقرّ بِوُجُوب الضَّمَان ثمَّ ادّعى الْبَرَاءَة فَلَا يصدق الا بِبَيِّنَة فَالْحَاصِل أَن الْمُودع إِذا خَالف فِي الْوَدِيعَة ثمَّ عَاد إِلَى الْوِفَاق إِنَّمَا يبرأ عَن الضَّمَان إِذا صدقه الْمَالِك فِي الْعود وَإِن كذبه لَا يبرأ إِلَّا أَن يُقيم الْبَيِّنَة على الْعود إِلَى الْوِفَاق وَفِي الْمُنْتَقى إِذا قَالَ الْمُودع ضَاعَت الْوَدِيعَة مُنْذُ عشرَة أَيَّام واقام الْمُودع بَيِّنَة أَنَّهَا كَانَت عِنْده مُنْذُ يَوْمَيْنِ فَقَالَ الْمُودع وَجدتهَا فَضَاعَت يقبل هَذَا مِنْهُ وَلَا يضمن وَلَو قَالَ أَولا لَيست عِنْدِي ثمَّ قَالَ وَجدتهَا فَضَاعَت يضمن الْعقار هَل يضمن بالجحود أَو لَا وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ إِذا جحد الْوَدِيعَة فِي الْعقار لَا يضمن عِنْد ابي حنيفَة وابي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَمن الْمَشَايِخ من قَالَ الْعقار يضمن بالجحود بِلَا خلاف وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي فِي ضَمَان الْعقار بالجحود عِنْد ابي حنيفَة رَحمَه الله رِوَايَتَانِ نوع فِي ضَمَان الْمُسْتَعِير ذكر فِي الذَّخِيرَة رجل اسْتعَار دَابَّة أَو اسْتَأْجرهَا ليشيع جَنَازَة فركبها

ثمَّ نزل وَدفعهَا إِلَى إِنْسَان ليُصَلِّي صَلَاة الْجِنَازَة فسرقت لَا ضَمَان على الْمُسْتَعِير وَلَا على الْمُسْتَأْجر فَصَارَ الْحِفْظ فِي هَذَا الْوَقْت مُسْتَثْنى وَفِي فَتَاوَى ظهير الدّين لَو كَانَ يُصَلِّي فِي الصَّحرَاء وَنزل عَن الدَّابَّة وأمسكها فانفلتت مِنْهُ لَا ضَمَان عَلَيْهِ قلت وَهَذِه الْمَسْأَلَة دَلِيل على أَن الْمُعْتَبر أَن لَا يغيبها عَن بَصَره وَذكر فِي فَتَاوَى الفضلى عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى فِيمَا اسْتعَار دَابَّة فَحَضَرت الصَّلَاة فَدَفعهَا إِلَى غَيره ليمسكها فَضَاعَت قَالَ إِن كَانَ شَرط فِي الْعَارِية ركُوب نَفسه فَهُوَ ضَامِن وَإِلَّا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَو سلم الدَّابَّة إِلَى رجل ليسلمها إِلَى مَالِكهَا فَضَاعَت ضمن وَقَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا إِذا كَانَ شَرط أَن يحمل أَو يركب بِنَفسِهِ أما إِذا أطلق وَلم يبين فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَن الْعَارِية تودع وَفِي الْعدة لَو اسْتعَار فرسا حَامِلا ليرْكبَهَا إِلَى مَوضِع كَذَا فركبها وَأَرْدَفَ مَعَه آخر فَأسْقطت جَنِينا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الْجَنِين وَلَكِن إِذا نقصت الْأُم بِسَبَب ذَلِك فَعَلَيهِ نصف النُّقْصَان لِأَن النُّقْصَان حصل بركوبه وركوب غَيره وركوبه مَأْذُون فِيهِ فَلم يَصح سَببا للضَّمَان وركوب غَيره لَيْسَ بمأذون فِيهِ فأوجبنا عَلَيْهِ نصف الضَّمَان لهَذَا وَهَذَا إِذا كَانَ الْفرس بِحَال يُمكن أَن يركبه اثْنَان فَأَما إِذا كَانَ لَا يُمكن فَهُوَ اتلاف فَيضمن الْمُسْتَعِير جَمِيع النُّقْصَان وَلَو اسْتعَار دَابَّة وَفِي بَطنهَا ولد فزلقت من غير صنعه وأسقطت الْوَلَد لَا يضمن الْمُسْتَعِير وَلَو نخعها باللجام أَو فَقَأَ عينهَا يضمن وَفِي خُلَاصَة الْمُفْتِي رجل اسْتعَار دَابَّة فَقَالَ مَالِكهَا أعطكيها غَدا ثمَّ جَاءَ الْمُسْتَعِير فِي الْغَد وَأَخذهَا بِغَيْر اذن مَالِكهَا واستعملها وردهَا فَمَاتَتْ لَا يضمن وَفِي الذَّخِيرَة الْمُسْتَعِير إِذا قضى حَاجته من الدَّابَّة ثمَّ ردهَا على يَد بعض من فِي عِيَاله فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إِن عطبت هَذَا هُوَ الْعرف فِيمَا بَين النَّاس بِخِلَاف الْوَدِيعَة وَلَو ردهَا على يَد بعض عبد صَاحب الدَّابَّة وَهُوَ عبد يقوم عَلَيْهَا لَا يضمن وَكَذَلِكَ إِذا ردهَا على يَد عبد لَا تقوم عَلَيْهَا يبرأ أَيْضا فِي الصَّحِيح وَكَذَلِكَ لَو لم يجد صَاحب الدَّابَّة وَلَا خادمه فربطها على معلفها فِي دَار صَاحبهَا لَا يضمن وَفِي الْوَدِيعَة إِذا ردهَا على يَد عبد صَاحب الْوَدِيعَة وضاعت من يَده يضمن الْمُودع سَوَاء كَانَ العَبْد مِمَّن يقوم عَلَيْهَا أَو لَا يقوم وَهُوَ الصَّحِيح وَفِي الْعدة إِذا كَانَت الْعَارِية عقد جَوْهَر أَو شَيْئا نفيسا فَدفع ذَلِك إِلَى عبد الْمُعير أَو إِلَى أجيره يضمن وَالْمُسْتَأْجر فِي رد الْمُسْتَأْجر كالمستعير وَالْمُرْتَهن بِمَنْزِلَة الْمُودع وَفِي فَتَاوَى ظهير الدّين امْرَأَة استعارت ملاءة ووضعتها دَاخل الْبَيْت وَالْبَاب مَفْتُوح فَصَعدت السَّطْح فَهَلَكت الملاءة قيل تضمن وَقيل لَا تضمن وَلَو استعارت سَرَاوِيل لتلبسه فلبسته وَهِي تمشي فزلقت رجلهَا فتخرق السَّرَاوِيل لَا ضَمَان عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا صنع لَهَا فِيهِ وَفِي فَتَاوَى الديناري إِذا نقصت الْعين المستعارة فِي حَالَة الِاسْتِعْمَال لَا يجب الضَّمَان بِسَبَب النُّقْصَان إِذا استعملها اسْتِعْمَالا معهودا رجل دخل منزل انسان باذنه وَأخذ إِنَاء لينْظر إِلَيْهِ فَوَقع وانكسر لَا يضمن وَإِن أَخذه بِغَيْر اذنه بِخِلَاف مَا إِذا دخل فِي السُّوق الَّذِي يُبَاع فِيهِ الْإِنَاء فَأخذ إِنَاء بِغَيْر اذن مَالِكه فَسقط وانكسر يضمن

رجل ساوم قدحا ليشتريه من صَاحبه فَقَالَ أَرِنِي قدحك هَذَا فَدفعهُ إِلَيْهِ لينْظر فِيهِ فَوَقع مِنْهُ على الأقداح فانكسر الْقدح وأقداح أخر لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الْقدح الَّذِي ساومه وَيضمن الأقداح وَفِي النَّوَازِل لَو اسْتعْمل قصاع الْحمام فَسَقَطت قَصْعَة من يَده وانكسرت أَو أَخذ كوز فقاع ليشْرب فَسقط أَو أَخذ قدحا فَوَقع من يَده لَا يضمن لِأَنَّهُ عَارِية وَفِي تَجْرِيد أبي الْفضل رَحمَه الله تَعَالَى إِذا اخْتلف الْمُعير وَالْمُسْتَعِير فِي الْأَيَّام أَو فِي الْمَكَان أَو فِيمَا يحمل على الدَّابَّة الْعَارِية فَالْقَوْل قَول رب الدَّابَّة مَعَ يَمِينه ضَمَان الْمُرْتَهن الْمُرْتَهن إِذا ركب الدَّابَّة الْمَرْهُونَة ليردها على الْمَالِك فَهَلَكت فِي الطَّرِيق لَا يضمن إِن سلمت من ركُوبه وَلَكِن لَا يصدق الا بِبَيِّنَة على سلامتها وَلَو رهن عبدا فأبق سقط الرَّهْن فَإِن وجده صَار رهنا وَيسْقط من الدّين بِحِسَاب ذَلِك إِن كَانَ أول إباق وَإِن كَانَ أبق قبل ذَلِك فَلَا ينقص من الدّين شَيْء وَسَيَأْتِي تَمَامه فِي فصل الرَّهْن إِن شَاءَ الله تَعَالَى ضَمَان الْمُسْتَأْجر ذكر فِي شرح الطَّحَاوِيّ أَن فِي كل مَوضِع فِي الْإِعَارَة يضمن فِي الاجارة وَلَا يجب الْأجر وَفِي كل مَوضِع لَا يضمن فِي الاعارة لَا يضمن فِي الاجارة وَيجب الْأجر انْتهى وَفِي الْعدة الْحمار الْمُسْتَأْجر إِذا عمي أَو عجز عَن الْمَشْي فَبَاعَهُ الْمُسْتَأْجر وَأخذ ثمنه وَهلك فِي الطَّرِيق إِن كَانَ فِي مَوضِع لَا يصل إِلَى الْحَاكِم حَتَّى يَأْمُرهُ بِبيعِهِ لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الْحمار وَلَا فِي ثمنه وَإِن كَانَ فِي مَوضِع يقدر على ذَلِك أَو يَسْتَطِيع إِمْسَاكه أَو رده أعمى فَهُوَ ضَامِن لقيمته رجل اسْتَأْجر حمارا فَحمل عَلَيْهِ وَله حمَار آخر حمل عَلَيْهِ أَيْضا فَلَمَّا سارا بعض الطَّرِيق سقط حِمَاره واشتغل بِهِ فَذهب الْحمار الْمُسْتَأْجر وَهلك هَل يضمن قيل إِن كَانَ بِحَالَة لَو اتبع الْحمار الْمُسْتَأْجر يهْلك حِمَاره أَو مَتَاعه لَا يضمن وَإِلَّا فَيضمن وَفِي الذَّخِيرَة إِذا كَانَ الْمُسْتَأْجر اسْتَأْجر حِمَارَيْنِ فاشتغل بِحمْل أَحدهمَا فَضَاعَ الآخر إِن غَابَ عَن بَصَره فَهُوَ ضَامِن قلت فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يضمن فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي مرت إِن غَابَ الْحمار عَن بَصَره ثمَّ هلك رجل اسْتَأْجر حمارا ليذْهب بِهِ إِلَى مَوضِع مَعْلُوم فَأخْبر أَن فِي الطَّرِيق لصوصا فَلم يلْتَفت إِلَى ذَلِك فَأَخذه اللُّصُوص وذهبوا بالحمار إِن كَانَ النَّاس يسلكون ذَلِك الطَّرِيق مَعَ هَذَا الْخَبَر بدوابهم وَأَمْوَالهمْ فَلَا ضَمَان وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِن وَفِي فَتَاوَى قاضيخان اسْتَأْجر دَابَّة أَو عبدا فَإِن مُؤنَة الرَّد بعد الْفَرَاغ على صَاحب العَبْد وَالدَّابَّة وَكَذَا مُؤنَة رد الْمَرْهُون تكون على الرَّاهِن وَمؤنَة رد الْوَدِيعَة تكون على صَاحبهَا وَمؤنَة رد الْمُسْتَعَار تكون على الْمُسْتَعِير وَمؤنَة رد الْمَغْصُوب تكون على الْغَاصِب وَكَذَا مُؤنَة رد الْمَبِيع بيعا فَاسِدا بعد الْفَسْخ على الْقَابِض اسْتَأْجر مكاريا أَو حمالا يحمل لَهُ طَعَاما فِي طَرِيق كَذَا فَأخذ طَرِيقا آخر يسلكه النَّاس فَهَلَك الْمَتَاع لَا يضمن قَالُوا هَذَا إِذا كَانَ الطريقان متقاربين أما إِذا كَانَ بَينهمَا تفَاوت فَاحش فِي الطول وَالْقصر والسهولة والصعوبة فَيضمن وَذكر فِي الْعدة بقار لأهل قَرْيَة وَلَهُم مرعى ملتف بالاشجار لَا يُمكنهُ النّظر إِلَى كل بقرة فَضَاعَت بقرة

لَا يضمن وَلَو مرت بقرة على قنطرة فَدخلت رجلهَا فِي ثقب القنطرة فَانْكَسَرت أَو دخلت فِي مَاء عميق والبقار لَا يعلم فَلم يسقها ضمن إِذا أمكنه سوقها وَفِي الذَّخِيرَة أهل مَوضِع جرت الْعَادة بَينهم أَن البقار إِذا دخل السَّرْح فِي السكَك أرسل كل بقرة فِي سكَّة صَاحبهَا فَفعل الرَّاعِي كَذَلِك فَضَاعَت بقرة أَو شَاة قبل أَن تصل إِلَى صَاحبهَا لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَن الْمَعْرُوف كالمشروط ضَمَان الحارس رجل اُسْتُؤْجِرَ لحفظ خَان فَسرق من الخان شَيْء لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يحفظ الْأَبْوَاب فَقَط أما الْأَمْوَال فَهِيَ فِي يَد أَرْبَابهَا فِي الْبيُوت وروى عَن أَحْمد بن مُحَمَّد القَاضِي فِي حارس يحرس الحوانيت فِي السُّوق فَنقبَ حَانُوت وسرق مِنْهُ أَنه ضَامِن لِأَنَّهُ فِي معنى الْأَجِير الْمُشْتَرك لِأَن لكل وَاحِد حانوتا على حِدة فَصَارَ بِمَنْزِلَة من يرْعَى غنما لكل انسان شَاة وَنَحْو ذَلِك وَقَالَ الْفَقِيه أَبُو جَعْفَر والفقيه أَبُو بكر رحمهمَا الله تَعَالَى الحارس أجِير خَاص فَلَا يضمن إِذا نقب الْحَانُوت لِأَن الْأَمْوَال مَحْفُوظَة فِي الْبيُوت وَفِي يَد ملاكها وَهُوَ الصَّحِيح وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَاخْتَارَ الْفَقِيه أَبُو جَعْفَر أَنه يضمن مَا كَانَ خَارج السُّوق وَلَا يضمن مَا كَانَ دَاخل السُّوق وَذكر فِي التَّجْرِيد الدَّلال والنخاس أجِير مُشْتَرك حَتَّى لَو ضَاعَ شَيْء من يدهما من غير صنعهما فَلَا ضَمَان عَلَيْهِمَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى ضَمَان الْحمال وَلَو اسْتَأْجر حمالا يحمل لَهُ دن خل فعثر وانكسر يضمن لِأَنَّهُ تولد من عمله وَهَذَا إِذا انْكَسَرَ فِي وسط الطَّرِيق أما إِذا سقط من رَأسه أَو زلقت رجله بعد مَا انْتهى إِلَى الْمَكَان الْمَشْرُوط ثمَّ انْكَسَرَ الدن فَلهُ الْأجر وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حِين انْتهى إِلَى الْمَكَان الْمَشْرُوط لم يبْق الْحمل مَضْمُونا عَلَيْهِ وَفِي الْمُنْتَقى وَلَو اسْتَأْجر حمالا ليحمل لَهُ زقا من سمن فَحَمله صَاحبه والحمال ليضعاه على رَأس الْحمال فَوَقع وتخرق الزق لَا يضمن الْحمال لِأَنَّهُ لم يسلم إِلَيْهِ السّمن فَإِن السّمن فِي يَد صَاحبه بعد وَلَا ضَمَان على الْحمال بِدُونِ التَّسْلِيم وَذكر فِي النَّوَازِل ابْن سَمَّاعَة رَحمَه الله تَعَالَى وَلَو حمله ثمَّ وَضعه فِي بعض الطَّرِيق ثمَّ أَرَادَ رَفعه فاستعان بِرَبّ الزق فرفعاه ليضعاه على رَأس الْحمال فَوَقع وتخرق فالحمال ضَامِن لِأَنَّهُ صَار فِي ضَمَانه حِين حمله وَلم يبرأ مِنْهُ بعد لِأَنَّهُ لم يُسلمهُ إِلَى صَاحبه وَفِي الذَّخِيرَة إِذا سرق الْمَتَاع من رَأس الْحمال وَرب الْمَتَاع مَعَه لَا يضمن وَإِن لم يكن صَاحبه مَعَه لَا يضمن أَيْضا عِنْد ابي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى خلافًا لَهما وَإِذا انْقَطع حَبل الْحمال وَسقط الْحمل ضمن الْحمال بالِاتِّفَاقِ ضَمَان المكاري ذكر فِي الذَّخِيرَة لَو عثرت الدَّابَّة الْمُسْتَأْجرَة من سوق المكاري فَسقط الْحمل وَفَسَد الْمَتَاع وَصَاحب الْمَتَاع رَاكب على الدَّابَّة لَا يضمن الْأَجِير بِخِلَاف مَا إِذا عثرت الدَّابَّة الْمُسْتَأْجرَة وَسقط الْمَتَاع وَهلك وَصَاحب الْمَتَاع يسير مَعَه خلف الدَّابَّة فَإِن الْأَجِير يضمن لِأَن الْهَلَاك حصل من جِنَايَة يَده وَمحل الْعَمَل مُسلم إِلَيْهِ وَفِي فَتَاوَى أبي اللَّيْث رَحمَه الله تَعَالَى مكار حمل كرابيس إِنْسَان فَاسْتَقْبلهُ اللُّصُوص فَطرح الكرابيس

وَذهب بالحمار قَالَ إِن كَانَ يعلم أَنه لَو لم يطْرَح الكرابيس اخذوا الكرابيس وَالْحمار جَمِيعًا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يتْرك الْحِفْظ مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ ضَمَان النساج وَفِي فَتَاوَى الفضلى رَحمَه الله تَعَالَى إِذا دفع إِلَى نساج غزلا لينسجه كرباسا فَدفعهُ النساج إِلَى آخر لينسجه كرباسا فَدفعهُ النساج إِلَى آخر لينسجه فَسرق من بَيت الآخر إِن كَانَ أجِير الأول فَلَا ضَمَان على وَاحِد مِنْهُمَا وَإِن لم يكن أجِير الأول وَكَانَ أَجْنَبِيّا ضمن بِلَا خلاف وَلَا يضمن الآخر عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا رحمهمَا الله تَعَالَى يضمن وَهُوَ نَظِير الْمُودع إِذا دفع الْوَدِيعَة إِلَى أَجْنَبِي بِغَيْر اذن مَالِكهَا فعندهما صَاحب الْوَدِيعَة يضمن أَيهمَا شَاءَ وَعند أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى يضمن الأول وَلَيْسَ لَهُ أَن يضمن الثَّانِي قَالَ صَاحب الذَّخِيرَة وعَلى قِيَاس مَا ذكره الْقَدُورِيّ أَن كل صانع اشْترط عَلَيْهِ الْعَمَل بِنَفسِهِ لَيْسَ لَهُ أَن يسْتَعْمل غَيره وَإِنَّمَا لَا يضمن إِذا كَانَ الآخر أجِير الأول فِيمَا إِذا كَانَ أطلق لَهُ الْعَمَل أما إِذا شَرط عَلَيْهِ النسج بِنَفسِهِ يضمن بِالدفع إِلَى الآخر وَإِن كَانَ أجيره إِذا قَالَ صَاحب الثَّوْب للنساج اذْهَبْ بِالثَّوْبِ إِلَى مَنْزِلك حَتَّى إِذا رَجعْنَا من الْجُمُعَة سرت إِلَى منزلي فأوفى لَك أجرك فاختلس الثَّوْب من يَد الحائك فِي التَّوَجُّه قَالَ الْفَقِيه أَبُو بكر الْبَلْخِي رَحمَه الله تَعَالَى إِن كَانَ الحائك دفع الثَّوْب إِلَى صَاحبه أَو مكنه من الْأَخْذ ثمَّ دَفعه صَاحبه إِلَى الحائك ليوفي لَهُ الْأجر يكون الثَّوْب رهنا فَإِذا هلك هلك بِالْأَجْرِ وَإِن كَانَ صَاحب الثَّوْب دفع الثَّوْب إِلَيْهِ على وَجه الْوَدِيعَة لَا يضمن الحائك وَتَكون أجرته على صَاحب الثَّوْب وَلَو صنعه الحائك بِالْأَجْرِ قبل الدّفع اخْتلف الْعلمَاء فِيهِ فَإِن اصطلحا على شَيْء كَانَ حسنا كَذَا فِي فَتَاوَى قاضيخان رَحمَه الله تَعَالَى وَفِي الْعِمَادِيّ للحائك والقصار والصباغ وَلكُل صانع لعمله أثر فِي الْعين احتباس مَا استؤجروا على الْعَمَل فِيهِ حَتَّى يَأْخُذُوا الْأُجْرَة وَلَو هلك فِي يَده بعد الْحَبْس لَا يضمن عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَلَا أجر لَهُ بِهَلَاك الْمَعْقُود عَلَيْهِ قبل التَّسْلِيم حائك عمل بِالْأَجْرِ فَتعلق الْآجر بِهِ ليأخذه وابى الحائك أَن يدْفع حَتَّى يَأْخُذ الْأُجْرَة فتخرق من مد صَاحبه لَا ضَمَان على الحائك وَإِن تخرق من مدهما فعلى الحائك نصف الضَّمَان إِذا خَالف الحائك فِي النسج بِأَن أمره أَن ينسج لَهُ ثوبا سبعا فِي أَربع أَو سِتا فِي أَربع أَو أمره أَن ينسجه رَقِيقا فنسجه ثخينا أَو على الْعَكْس فَفِي الْفُصُول كلهَا صَاحب الْغَزل بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ترك الثَّوْب على النساج وَضَمنَهُ غزلا مثل غزله وَإِن شَاءَ أَخذ الثَّوْب وَأَعْطَاهُ الاجر الْمُسَمّى لَا يُزَاد فِي الزِّيَادَة وَلَا ينقص فِي النُّقْصَان لِأَنَّهُ مُتَبَرّع فِي الزِّيَادَة وَفِي النُّقْصَان نُقْصَان الْعَمَل وَذكر صَاحب الذَّخِيرَة هَذِه الْمَسْأَلَة هَكَذَا ثمَّ قَالَ اخْتلف الْمَشَايِخ هَل يُعْطِيهِ الْمُسَمّى أَو أجر الْمثل قَالَ بَعضهم يُعْطِيهِ أجر الْمثل على كل حَال لَا يُجَاوز بِهِ مَا سمى وَقَالَ بَعضهم يُعْطِيهِ مَا سمى إِذا أَخذ الثَّوْب ورضى بِالْعَيْبِ وَإِن أَخذ الثَّوْب وَلم يرض بِالْعَيْبِ يُعْطِيهِ أجر الْمثل على كل حَال لَا يُجَاوز بِهِ الْمُسَمّى ضَمَان الْخياط رجل قَالَ للخياط انْظُر إِلَى هَذَا الثَّوْب فَإِن كفاني قَمِيصًا فاقطعه بدرهم وخطه فَقَالَ الْخياط نعم وقطعه ثمَّ قَالَ بعد مَا قطعه إِنَّه لَا يَكْفِيك ضمن الْخياط قيمَة الثَّوْب لِأَنَّهُ إِنَّمَا أذن لَهُ بِالْقطعِ بِشَرْط الْكِفَايَة وَلَو قَالَ للخياط انْظُر أيكفيني قَمِيصًا فَقَالَ الْخياط نعم يَكْفِيك فَقَالَ صَاحب

الثَّوْب اقطعه فَقَطعه فَإِذا هُوَ لَا يَكْفِيهِ لَا يضمن الْخياط شَيْئا لِأَنَّهُ أذن بِالْقطعِ مُطلقًا وَإِن قَالَ الْخياط نعم فَقَالَ صَاحب الثَّوْب فاقطعه وَقَالَ اقطعه إِذن فَقَطعه كَانَ ضَامِنا إِذا كَانَ لَا يَكْفِيهِ لِأَنَّهُ علق ذَلِك الاذن بِالشّرطِ وَفِي الذَّخِيرَة رجل دفع إِلَى خياط كرباسا ليخيط لَهُ قَمِيصًا فخاطه لَهُ قَمِيصًا فَاسِدا وَعلم صَاحب الثَّوْب بِالْفَسَادِ ولبسه لَيْسَ لَهُ أَن يضمنهُ لِأَن اللّبْس يكون رضَا بالإفساد قَالَ وَيعلم من هَذِه الْمَسْأَلَة كثير من الْمسَائِل وَفِي الْمُنْتَقى إِذا دفع إِلَى خياط ثوبا وَقَالَ اقطعه حَتَّى يُصِيب الْقدَم أَو اجْعَل كمه خَمْسَة أشبار وَعرضه كَذَا فجَاء بِهِ نَاقِصا قَالَ إِذا كَانَ قدر أصْبع وَنَحْوه فَلَيْسَ بِشَيْء وَإِن كَانَ أَكثر مِنْهُ فَلهُ أَن يضمنهُ ضَمَان الْقصار الْقصار إِذا لبس ثوب القصارة ثمَّ نَزعه فَضَاعَ بعده لَا يضمن وَفِي الْعُيُون وَلَو دفع إِلَى قصار ثوبا ليقصره لَهُ بدانق فَجعل الْقصار بدقه فاستعان بِرَبّ الثَّوْب على دقه فدقه فتخرق الثَّوْب قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إِذا لم يعلم من أَيهمَا تخرق فَالضَّمَان على الْقصار لِأَنَّهُ قي يَده وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يضمن الْقصار نصف الْقيمَة وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد رحمهمَا الله تَعَالَى أَنه يجب كل الضَّمَان على الْقصار حَتَّى يعلم أَنه تخرق من دق صَاحبه وعَلى قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى يَنْبَغِي أَن لَا يضمن الْقصار أصلا مالم يعلم أَنه تخرق من دقه بِنَاء على أَن يَد الْأَجِير الْمُشْتَرك يَد أَمَانَة عِنْده يَد ضَمَان عِنْدهمَا وَإِذا لم يتخرق الثَّوْب هَل يسْقط من الْأجر مِقْدَار مَا يَخُصُّهُ من عمل الْمَالِك ذكر فِي الْمُحِيط عَن شمس الْأَئِمَّة أَن الْأَجِير إِن اسْتَعَانَ بالمستأجر لم ينْقل فعل الْمُسْتَأْجر إِلَى الْأَجِير حَتَّى يسْتَوْجب الْأجر وَكَذَلِكَ لَو جَاءَ صَاحب الثَّوْب وخاط بعض الثَّوْب فِي يَد الْخياط أَو نسج بعض ثَوْبه فِي يَد النساج فَإِنَّهُ يسْقط من الأحر بِحِصَّتِهِ لِأَن الْإِعَانَة لَا تجْرِي فِي الاجارة بِخِلَاف الْمُضَاربَة فَإِن الْإِعَانَة تجْرِي فِيهَا وَفِي الذَّخِيرَة لَو جفف الْقصار الثَّوْب فمرت بِهِ حمولة فتخرق لَا ضَمَان عَلَيْهِ عِنْد أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى لِأَن الْهَلَاك لم يكن من فعله وَعَمله وَعِنْدَهُمَا يضمن لِأَن هَذَا مِمَّا يُمكن الِاحْتِرَاز عَنهُ تلميذ الْقصار أَو أجيره الْخَاص إِذا أوقد نَارا بِأَمْر الْأُسْتَاذ أَو السراج فَوَقَعت شرارة على ثوب القصارة فَلَا ضَمَان على الْأَجِير وَإِنَّمَا الضَّمَان على أستاذه وَإِن لم يكن من ثِيَاب القصارة ضمن الْأَجِير وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إِذا أَدخل الْقصار سِرَاجًا فِي حانوته فَاحْتَرَقَ بِهِ ثوب غَيره بِغَيْر فعله ضمن لِأَن هَذَا مِمَّا يُمكن الِاحْتِرَاز عَنهُ فِي الْجُمْلَة وَإِنَّمَا لَا يضمن فِي الْحَرِيق الْغَالِب الَّذِي لَا يُمكن إطفاؤه وَهَذَا قَوْلهمَا فَأَما عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فَلَا يضمن مَا هلك بِغَيْر صنعه استفتيت أَئِمَّة بُخَارى عَن الْقصار إِذا شَرط عَلَيْهِ أَن يفرغ الْيَوْم من الْعَمَل فَلم يفرغ وَهلك فِي الْغَد هَل يضمن أم لَا أجابوا نعم يضمن وَلَو اخْتلفَا فِي الشَّرْط وَعَدَمه فَيَنْبَغِي أَن يكون القَوْل للقصار لِأَنَّهُ مُنكر للشّرط ثمَّ إِذا شَرط عَلَيْهِ أَن يفرغ الْيَوْم أَو نَحوه من الْعَمَل وَلم يفرغ فِيهِ وقصره بعد ايام هَل تجب الْأُجْرَة قَالَ صَاحب الْفُصُول كَانَت وَاقعَة الْفَتْوَى وَيَنْبَغِي أَن لَا تجب الْأُجْرَة لِأَنَّهُ لم يبْق عقد الاجارة بِدَلِيل وجوب الضَّمَان على تَقْدِير الْهَلَاك اه ضَمَان الصّباغ رجل دفع إِلَى صباغ إبْريسَمًا ليصبغه بِكَذَا ثمَّ قَالَ للصباغ لَا تصبغ إبريسمي ورده

عَليّ كَذَلِك فَلم يَدْفَعهُ ثمَّ هلك لم يضمن الصّباغ لِأَن الْإِجَارَة صحت الْمُسْتَأْجر لَا يتَمَكَّن من فسخ الاجارة بِغَيْر رضَا صَاحبه إِلَّا بِعُذْر فَيبقى حكم العقد بعد نهي الْمُسْتَأْجر وَمن حكم هَذَا العقد أَن تكون الْعين أَمَانَة فِي يَد الْأَجِير فَلَا يضمنهُ بِالْهَلَاكِ فِي يَده إِلَّا بالتقصير وَلم يُوجد وَفِي فَتَاوَى قاضيخان أَمر رجلا ليصبغ ثَوْبه بالزعفران أَو بالبقم فصبغه بصبغ من جنس آخر كَانَ لرب الثَّوْب أَن يضمنهُ قيمَة ثَوْبه أَبيض وَيتْرك الثَّوْب عَلَيْهِ وَإِن شَاءَ أَخذ الثَّوْب وَأَعْطَاهُ مثل أجر عمله لَا يُجَاوز بِهِ مَا سمى وَإِذا اخْتلف الصّباغ وَرب الثَّوْب فَقَالَ رب الثَّوْب أَمرتك أَن تصبغه بعصفر وَقَالَ الصّباغ أَمرتنِي أَن أصبغه بزعفران فَالْقَوْل لرب الثَّوْب مَعَ يَمِينه اه ضَمَان الغلاف والوراق فِي الذَّخِيرَة رجل دفع إِلَى رجل مُصحفا ليعْمَل فِيهِ وَدفع الغلاف مَعَه أَو دفع سَيْفا إِلَى صيقلي ليصقله وَدفع الغمد إِلَيْهِ أَيْضا فَسرق لَا يضمن الغلاف لِأَنَّهُ فِي الغلاف مُودع لَا أجِير وَالْمُودع لَا يضمن إِلَّا مَا جنت يَده وَفِي شرح الْقَدُورِيّ عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه قَالَ يضمن الْمُصحف والغلاف وَالسيف والغمد لِأَن السَّيْف لَا يَسْتَغْنِي عَن الغمد والمصحف عَن الغلاف فصارا كشيء وَاحِد وَإِن أعطَاهُ الْمُصحف ليعْمَل لَهُ غلافا أَو سكينا ليعْمَل لَهَا نِصَابا فَضَاعَ الْمُصحف أَو السكين لم يضمن لِأَنَّهُ اسْتَأْجرهُ على ايقاع الْعَمَل فِي غَيرهمَا لَا فيهمَا وهما ليسَا يتبع فِي ذَلِك الْعين قَالَ الْعِمَادِيّ صَاحب الْفُصُول وَفِي فَوَائِد جدي رَحمَه الله تَعَالَى دفع مُصحفا إِلَى وراق ليجلده فسافر بِهِ وَأَخذه اللُّصُوص هَل يضمن أجَاب نعم قَالَ عمي نظام الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَقد أجبْت أَنه لَا يضمن مُعْتَمدًا على ظَاهر الْفِقْه أَن الْمُودع إِذا سَافر بالوديعة لَا يضمن وَلَا يُقَال إِنَّه مُودع بِأَجْر فَيضمن لِأَنَّهُ لَيْسَ ثمَّة عقد حَتَّى يتَعَيَّن عَلَيْهِ مَكَان العقد للْحِفْظ وَفِي الْوَدِيعَة بِأَجْر إِنَّمَا يضمن لِأَنَّهُ تعين مَكَان العقد بِالْحِفْظِ وَهَاهُنَا مَا أمره بِالْحِفْظِ مَقْصُودا وَإِنَّمَا أمره بِالْحِفْظِ ضمنا فِي الِاسْتِئْجَار وَفِي الاجارة يعْتَبر مَكَان العقد فَكَذَا مَا فِي ضمنهَا ضَمَان الفصاد فِي فَتَاوَى ظهير الدّين رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ على الفصاد والبزاغ والحجام ضَمَان السَّرَايَة إِذا لم يقطعوا زِيَادَة على الْقدر الْمَعْهُود الْمَأْذُون فِيهِ فَإِن شَرط على هَؤُلَاءِ الْعَمَل السَّلِيم دون الساري لَا يَصح الشَّرْط لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وسعهم ذَلِك وَلَو شَرط على الفصاد الْعَمَل على أَن لَا يسرى يَصح لِأَنَّهُ فِي وَسعه وَسُئِلَ صَاحب الْمُحِيط عَن رجل فصد نَائِما وَتَركه حَتَّى مَاتَ من سيلان الدَّم قَالَ يجب عَلَيْهِ الْقصاص ضَمَان الحمامي فِي الذَّخِيرَة رجل دخل الْحمام وَقَالَ لصَاحب الْحمام احفظ الثِّيَاب فَلَمَّا خرج لم يجد ثِيَابه فَإِن قَالَ صَاحب الْحمام إِن غَيره رَفعهَا وَهُوَ يرَاهُ ويظن أَنه يرفع ثِيَاب نَفسه فَهُوَ ضَامِن لِأَنَّهُ ترك الْحِفْظ حَيْثُ لم يمْنَع القاصد وَهُوَ يرَاهُ وَإِن قَالَ إِنِّي رايت شخصا قد رفع ثِيَابك إِلَّا أَنِّي ظَنَنْت أَن الرافع أَنْت فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يصر تَارِكًا للْحِفْظ لما ظن أَن الرافع هُوَ وَإِن سرق وَهُوَ لَا يعلم بِهِ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إِن لم يذهب عَن ذَلِك الْموضع وَلم يضيع رجل دخل حَماما وَقَالَ للحمامي أَيْن أَضَع ثِيَابِي فَأَشَارَ الحمامي إِلَى مَوضِع فَوضع ثمَّة وَدخل الْحمام ثمَّ خرج رجل وَرفع الثِّيَاب وَلم يمنعهُ الحمامي لما أَنه ظَنّه صَاحب الثِّيَاب ضمن الحمامي لِأَنَّهُ استحفظ وَقد قصر فِي الْحِفْظ وَهَذَا قَول أبي سَلمَة وَأبي نصر الدبوسي رحمهمَا الله تَعَالَى وَكَانَ أَبُو الْقَاسِم رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول لَا ضَمَان على الحمامي وَالْأول أصح

الفصل العاشر في الوقف

رجل دخل بدابته خَانا وَقَالَ للخاني أَيْن أربطها فَقَالَ هُنَاكَ فربطها وَذهب فَلَمَّا رَجَعَ لم يجد دَابَّته فَقَالَ لَهُ صَاحب الخان إِن صَاحبك قد أخرج الدَّابَّة ليسقيها وَلم يكن لَهُ صَاحب ضمن الخاني لِأَن قَوْله أَيْن أربطها استحفاظ مِنْهُ لَهُ فَإِذا أَشَارَ لَهُ إِلَى مَوضِع الرَّبْط فقد أَجَابَهُ إِلَى الْحِفْظ فَصَارَ مودعا وَقد قصر فِي الْحِفْظ فَيضمن الْجُمْلَة منتخبة من الْعِمَادِيّ الْفَصْل الْعَاشِر فِي الْوَقْف قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يَزُول ملك الْوَاقِف عَن الْوَقْف إِلَّا أَن يحكم بِهِ الْحَاكِم أَو يعلقه بِمَوْتِهِ فَيَقُول إِذا مت فقد وقفت دَاري على كَذَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله يَزُول الْملك بِمُجَرَّد القَوْل وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لَا يَزُول حَتَّى يَجْعَل للْوَقْف وليا ويسلمه إِلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَة وَفِي جَامع الْفَتَاوَى الْوَقْف عِنْد الامام رَحمَه الله تَعَالَى على ثَلَاثَة أوجه فِي وَجه لَا يلْزم وَهُوَ مَا إِذا وقف فِي صِحَّته وَذكر شَرَائِط الصِّحَّة وَفِي وَجه لَا يلْزم فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَهُوَ مَا إِذا وقف فِي مرض مَوته فَهُوَ كالوقف حَال الصِّحَّة وروى الطَّحَاوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أَنه كالمضاف إِلَى مَا بعد مَوته وَالثَّالِث أَن يذكر شَرَائِط صِحَة الْوَقْف فِي حَيَاته ويجعله وَصِيَّة بعد مماته بِأَن يَقُول أوصيت بغلة دَاري هَذِه أَو أرضي هَذِه أَو يَقُول جعلت ملكي هَذَا وَقفا فتصدقوا بِهِ بعد وفاتي على كَذَا أَو يَقُول يُوقف ملكي هَذَا إِلَى كَذَا فَيجوز من الثُّلُث وَيلْزم وَعِنْدَهُمَا الْوَقْف جَائِز لَازم فِي صِحَّته ومرضه بِدُونِ هَذِه التكليفات قَالَ صَاحب المنبع وَفِي التَّتِمَّة والعيون والحقائق الْفَتْوَى على قَوْلهمَا وَالنَّاس لم يَأْخُذُوا بقول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي هَذَا للآثار الْمَشْهُورَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالصَّحَابَة وتعامل النَّاس وَكَانَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول أَولا بقول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لكنه لما حج مَعَ هَارُون الرشيد وَرَأى أوقاف الصَّحَابَة بِالْمَدِينَةِ ونواحيها رَجَعَ وافتى بِلُزُوم الْوَقْف وَقَالَ بَلغنِي حَدِيث عمر وَهُوَ مَا روى ابْن عمر أَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَت لَهُ أَرض تدعى ثمغ فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله إِنِّي اسْتَفَدْت مَالا وَهُوَ عِنْدِي نَفِيس أفأتصدق بِهِ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام تصدق بأصلها لَا يُبَاع وَلَا يُوهب وَلَا يُورث وَلَكِن توقف ثَمَرَته على الْمَسَاكِين قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى فَلهَذَا رجعت فَلَو بلغ هَذَا أَبَا حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لرجع قلت ذكر البزازي فِي جَامعه أَنه لَا حجَّة لَهُم فِي ذَلِك على الامام رَحمَه الله تَعَالَى فَإِنَّهُ نفى اللُّزُوم لَا الصِّحَّة فِي الْمَذْهَب الصَّحِيح والوجود لَا يدل على اللُّزُوم وَلَئِن سلم أَنه لَا يَصح عِنْده فَعدم الصِّحَّة غير مُسْتَغْرق لأفراده بل يَصح الْمُضَاف والمحكوم بِجَوَازِهِ فَلم لَا يجوز أَن يكون الْوَقْف الْمَوْجُود من تِلْكَ الْأَفْرَاد صَحِيحا فَكيف يَصح الطعْن على سيد التَّابِعين بِأَنَّهُ لم يُشَاهد الْأَوْقَاف فِي الْحَرَمَيْنِ مَعَ أَنه حج خمْسا وَخمسين حجَّة وَلَقي فِيهَا الصَّحَابَة وَبِذَلِك حكمنَا بِأَنَّهُ من التَّابِعين الَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَرَضوا عَنهُ فَأنى سَاغَ الطعْن بِعَدَمِ الْوُقُوف مَعَ ذَلِك العكوف انْتهى وَلَو وقف فِي مرض مَوته قَالَ الطَّحَاوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ بِمَنْزِلَة الْوَصِيَّة بعد الْمَوْت وَالصَّحِيح أَنه لَا يلْزم عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لِأَنَّهُ فِي الْمَرَض كَالْوَصِيَّةِ وَهِي لَا تجوز لوَارث دون وَارِث

وَعِنْدَهُمَا يلْزم إِلَّا أَنه يعْتَبر من الثُّلُث وَالْوَقْف فِي الصِّحَّة ينفذ من جَمِيع المَال ووقف الْمَتَاع جَائِز عِنْد أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز وَلَا يجوز وقف مَا ينْقل وَيجوز عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يجوز وقف مَا فِيهِ تعامل النَّاس من المنقولات كالفأس والمر والقدوم والمنشار والجنازة وثيابها والقدور والمراجل والمصاحف وَنَحْو ذَلِك وَعَن نصير بن يحيى رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يجوز وقف الْكتب إِلْحَاقًا لَهَا بالمصحف وَهَذَا صَحِيح لِأَن كل وَاحِد يمسك للدّين تَعْلِيما وتعلما وَقِرَاءَة وَأكْثر فُقَهَاء الْأَمْصَار على قَول مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَفِي البزازي وقف الْبناء بِدُونِ الأَرْض لم يجوزه هِلَال رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ الصَّحِيح قَالَ وَعمل أَئِمَّة خوارزم على خِلَافه وقف الكردار بِدُونِ الأَرْض لَا يجوز كوقف الْبناء بِلَا أَرض والكردار فَارسي مُعرب وَهُوَ كالبناء وَالْأَشْجَار وَإِذا كَانَ اصل الْقرْيَة وَقفا على جِهَة قَرْيَة فَبنى عَلَيْهَا رجل بِنَاء ووقف بناءها على جِهَة قَرْيَة أُخْرَى اخْتلفُوا فِيهِ فَأَما إِذا وقف الْبناء على جِهَة الْقرْيَة الَّتِي كَانَت الْبقْعَة وَقفا عَلَيْهَا فَيجوز بِالْإِجْمَاع وَيصير وَقفا تبعا للقرية هَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ فَتَاوَى أَئِمَّة خوارزم غرس شَجَرَة ووقفها إِن غرسها فِي أَرض مَمْلُوكَة لَهُ يجوز وَقفهَا تبعا للْأَرْض وَإِن وَقفهَا بِدُونِ أَصْلهَا لَا يجوز وَإِن كَانَت فِي أَرض مَوْقُوفَة إِن وَقفهَا على تِلْكَ الْجِهَة جَازَ كَمَا فِي الْبناء وَإِن وَقفهَا على جِهَة أُخْرَى فعلى الْخلاف الْمَذْكُور فِي وقف الْبناء وَلَا يجوز وقف الْبناء فِي أَرض عَارِية أَو إِجَارَة اه وَفِي الْبَدَائِع وَلَو وقف أشجارا قَائِمَة فَالْقِيَاس أَن لَا يجوز لِأَنَّهُ وقف الْمَنْقُول وَفِي الِاسْتِحْسَان يجوز لتعامل النَّاس بِهِ فِي ذَلِك وَمَا رَآهُ الْمُسلمُونَ حسنا فَهُوَ عِنْد الله حسن وَقَالَ الْعَلامَة الشَّيْخ شرف الدّين قَاسم رَحمَه الله تَعَالَى فعلى هَذَا إِذا جرى التَّعَامُل بوقف الْبناء يَنْبَغِي أَن يجوز وَلَكِن فِي أَرض نَفسه كَمَا تقدم أما على الأَرْض الْمُسْتَأْجرَة فَلَا يَصح لِأَنَّهُ لَا يملك استتباع مَا تَحت الْجدر فَيبقى العقد لِلْأَبَد واردا على التناهي فَلَا يَصح وَفِي قنية الْمنية اسْتَأْجر أَرضًا وَقفا وغرس فِيهَا وَبنى ثمَّ مَضَت مُدَّة الاجارة فللمستأجر أَن يبقيها بِأَجْر الْمثل إِذا لم يكن فِي ذَلِك ضَرَر قيل لَهما فَلَو أَبى الْمَوْقُوف عَلَيْهِم الا الْقطع فَهَل لَهُم ذَلِك فَقَالَا لَا انْتهى وَفِي الذَّخِيرَة ذكر الصَّدْر الشَّهِيد فِي واقعاته رجل مَاتَ وَترك ابْنَيْنِ فِي يَد أَحدهمَا ضَيْعَة يدعى أَنَّهَا وقف عَلَيْهِ من أَبِيه وَالِابْن الآخر يَقُول هِيَ وقف علينا كَانَ القَوْل قَوْله وَهِي وقف عَلَيْهِمَا هُوَ الْمُخْتَار لِأَنَّهُمَا تَصَادقا على أَنَّهَا كَانَت فِي يَد أَبِيهِمَا فَلَا ينْفَرد أَحدهمَا باستحقاقهما إِلَّا بِحجَّة اه وَإِذا صَحَّ الْوَقْف لم يجز بَيْعه وَلَا تَمْلِيكه وَهل تجوز قسمته فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يجوز بِنَاء على أَن الشُّيُوع فِي الْوَقْف غير مَانع من صِحَة الْوَقْف عِنْده فَتجوز الْقِسْمَة لِأَنَّهَا تَمْيِيز وإفراز ثمَّ إِن وقف نصِيبه من عقار مُشْتَرك بَينه وَبَين غَيره الْوَاقِف هُوَ الَّذِي يقاسم شَرِيكه لَا القَاضِي عِنْد من يَقُول بِجَوَاز الْقِسْمَة لِأَن الْولَايَة فِي الْوَقْف إِلَى الْوَاقِف فَإِن مَاتَ الْوَاقِف فلوصيه أَن يقاسم شَرِيكه ويفرز حِصَّة الْوَقْف لِأَنَّهُ قَائِم مقَامه وَإِن كَانَت الأَرْض كلهَا لَهُ فَوقف بَعْضهَا ثمَّ اراد الْقِسْمَة فوجهه أَن يَبِيع مَا بَقِي من رجل ثمَّ يقتسمان ثمَّ يَشْتَرِي مِنْهُ ذَلِك إِن شَاءَ لِأَن الْقِسْمَة إِنَّمَا تُجزئ بَين اثْنَيْنِ فَلَا يصلح الْوَاحِد مقاسما ومقاسما وَإِن لم يبع رفع الْأَمر إِلَى القَاضِي ليأمر إنْسَانا بِالْقِسْمَةِ مَعَه لتجري الْقِسْمَة بَين اثْنَيْنِ

وَفِي الْمُحِيط وَالْكَافِي إِذا قضى القَاضِي بِجَوَاز وقف الْمشَاع وَنفذ قَضَاؤُهُ صَار مُتَّفقا عَلَيْهِ كَسَائِر المختلفات إِذا اتَّصل بِهِ قَضَاء القَاضِي وَلَا تجوز قسمته فَلَو طلب بَعضهم الْقِسْمَة قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يقسم ويتهايئون وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى يفرز وَأَجْمعُوا على أَن الْكل لَو كَانَ وَقفا على الأرباب فأرادوا الْقِسْمَة لَا يقسم لَهما إِن الْقِسْمَة تَمْيِيز وإفراز لَا بيع وتمليك فَيجوز وَلأبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَن الْقِسْمَة بيع معنى لاشتمالها على الْإِفْرَاز والمبادلة وجهة الْمُبَادلَة راجحة فِي غير الْمِثْلِيَّات والوجب على من يتَوَلَّى أَمر الْوَقْف أَن يبْدَأ من غلَّة الْوَقْف بعمارته شَرط ذَلِك الْوَاقِف أَو لم يشرط لِأَن الْمَقْصُود من الْوَقْف التَّصَدُّق بالغلة على وَجه التَّأْبِيد وَلَا يتأبد إِلَّا بالعمارة وَمِمَّا توسع فِيهِ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا يشْتَرط التَّأْبِيد حَتَّى لَو وقف على جِهَة يتَوَهَّم انقطاعها بِأَن وقف على أَوْلَاده وَأَوْلَاد أَوْلَاده وَلم يَجْعَل آخِره للْفُقَرَاء لَا يَصح الْوَقْف عِنْد مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى لَا يشْتَرط ذَلِك وَإِذا انفرضوا يعود إِلَى ملكه أَو ملك ورثته وَالصَّحِيح أَن التَّأْبِيد شَرط على قَول الْكل وَلَكِن ذكر التَّأْبِيد لَيْسَ بِشَرْط عِنْد أبي يُوسُف حَتَّى إِذا مَاتَ أَوْلَاده وانقرضوا تصرف الْغلَّة حِينَئِذٍ إِلَى الْفُقَرَاء وَإِن لم يسمهم وَإِذا بنى مَسْجِدا لم يزل ملكه عَنهُ حَتَّى يفرز عَن ملكه بطريقه الشَّرْعِيّ وَيَأْذَن للنَّاس بِالصَّلَاةِ فِيهِ فَإِذا صلى فِيهِ وَاحِد زَالَ عَن ملكه عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يشْتَرط الصَّلَاة فِيهِ بِالْجَمَاعَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يَزُول ملكه بقوله جعلته مَسْجِدا لِأَن التَّسْلِيم عِنْده لَيْسَ بِشَرْط وَإِذا جعل الْوَاقِف غلَّة الْوَقْف لنَفسِهِ أَو جعل الْولَايَة إِلَيْهِ جَازَ عِنْد أبي يُوسُف وَلَا يجوز على قِيَاس قَول مُحَمَّد وَهُوَ قَول هِلَال الرازى وَفِي البزازي وقف على أُمَّهَات أَوْلَاده فَلَا شَيْء لمن يتَزَوَّج مِنْهُنَّ فَإِن طَلقهَا زَوجهَا فَلَا يعود حَقّهَا السَّاقِط إِلَّا إِذا كَانَ الْوَاقِف اسْتثْنى وَقَالَ من طلقت فلهَا أَيْضا قسط من الْوَقْف وَلَو وقف وَجعل الْبَعْض أَو الْكل لأمهات أَوْلَاده ومدبريه مَا داموا أَحيَاء فَإِذا مَاتُوا فَهُوَ للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فقد قيل يجوز بالِاتِّفَاقِ وَقد قيل هُوَ على الْخلاف أَيْضا وَهُوَ الصَّحِيح كَذَا فِي الْهِدَايَة قلت وَقد وَقعت بِالْقَاهِرَةِ مَسْأَلَة سُئِلَ عَنْهَا جدي شيخ الاسلام محب الدّين بن الشّحْنَة متع الله تَعَالَى بحياته الْكَرِيمَة صورتهَا مَا تَقول السَّادة الْعلمَاء أَئِمَّة الدّين رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ فِي رجل وقف وَقفا وَشرط فِيهِ شُرُوطًا من جُمْلَتهَا أَن يصرف لأم وَلَده شكر باي من ريع الْوَقْف الْمَذْكُور فِي سنة تمْضِي مبلغ عشرَة آلَاف دِرْهَم مَا دمت عزبة فَهَل إِذا تزوجت تسْتَحقّ الْمبلغ الْمَذْكُور أم لَا وَإِذا قُلْتُمْ أيدكم الله تَعَالَى لَا تسْتَحقّ فَهَل إِذا مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا أَو طَلقهَا واستمرت عزبة يعود الدَّوَام وتستحق الْمبلغ الْمَذْكُور أم لَا مَا الحكم فِي ذَلِك أجَاب جدي شيخ مَشَايِخ الاسلام المومي إِلَيْهِ بِدُونِ كِتَابَة بل بالْكلَام لَا تسْتَحقّ شكر باي الْمبلغ الْمَذْكُور لِأَن الدَّوَام قد انْقَطع بِالتَّزْوِيجِ فَلَا يعود وَأجَاب الشَّيْخ مُحي الدّين الكافيجي بِأَنَّهَا تسْتَحقّ الْمبلغ الْمَذْكُور وَيعود الدَّوَام كَمَا كَانَ بالفراق بِمَوْت أَو طَلَاق وَوَقع الْكَلَام فِي ذَلِك بَين يَدي السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر خشقدم بِحَضْرَة قَاضِي الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء والأمراء وأركان الدولة الشَّرِيفَة وَأظْهر سَيِّدي الْجد عدَّة نقُول من كتب جمة ناطقة بِمَا أفتى بِهِ فَرجع الْحَاضِرُونَ إِلَى فَتْوَى سَيِّدي الْجد بَعضهم بِالْكِتَابَةِ وَالْبَاقُونَ بالإذعان فَللَّه الْحَمد وَبِه الْمُسْتَعَان

وَمِنْهَا وَاقعَة الْفَتْوَى عَن وقف بكتمر الْحَاجِب وَشرط فِيهِ على أَن من مَاتَ مِنْهُم وَلم يتْرك ولدا وَلَا ولد ولدا انْتقل نصِيبه إِلَى اخوته وأخواته فَمَاتَ عبد الرَّحِيم عَن وَلَده عبد الرَّحْمَن فَأجَاب بعض الْمُفْتِينَ بِاسْتِحْقَاق عبد الرَّحْمَن نصيب أَبِيه عملا بِمَفْهُوم الْمُخَالفَة وَأجَاب الْعَلامَة الشَّيْخ قَاسم بِأَن هَذَا بَاطِل نقلا وعقلا أما نقلا فقد قَالَ الامام أَبُو بكر الْخصاف لَو قَالَ جعلت أرضي هَذِه صَدَقَة مَوْقُوفَة لله تَعَالَى أبدا على فلَان بن فلَان وَفُلَان بن فلَان وَمن بعدهمَا على الْمَسَاكِين فَمن مَاتَ مِنْهُمَا وَلم يتْرك ولدا كَانَ نصِيبه من ذَلِك للْبَاقِي مِنْهُمَا فَمَاتَ أَحدهمَا وَترك ولدا قَالَ يرجع نصِيبه إِلَى الْمَسَاكِين وَلَا يكون ذَلِك للْبَاقِي مِنْهُمَا من قبل أَن الْوَاقِف إِنَّمَا اشْترط أَن يرجع نصيب الَّذِي يَمُوت مِنْهُمَا إِلَى الْبَاقِي إِذا لم يتْرك الْمَيِّت وَارِثا وَهَذَا قد ترك وَارِثا وَهُوَ وَلَده قلت فَلم لَا تجْعَل نصيب الْمَيِّت مِنْهُمَا لوَلَده قَالَ من قبل أَن الْوَاقِف لم يَجْعَل ذَلِك لولد الْمَيِّت إِنَّمَا قَالَ من مَاتَ مِنْهُمَا وَلم يتْرك وَارِثا كَانَ ذَلِك للْبَاقِي فلهذه الْعلَّة لم يكن للْبَاقِي وَلَا لولد الْمَيِّت من ذَلِك شَيْء وَأما عقلا فَلِأَن الْمَفْهُوم لَيْسَ من الْمَدْلُول اللّغَوِيّ وَإِنَّمَا يكون بِاعْتِبَار التَّفَاوُت النَّفْسِيّ إِلَيْهِ وَهَذَا لَا يعلم من الْوَاقِف فَلَا يَصح الْعَمَل بِهِ وَمِنْهَا وَاقعَة الْفَتْوَى فِي وَظِيفَة ابْن الْعَطَّار تقرر فِيهَا بعض الْقُضَاة بمرسوم من السُّلْطَان وَبَعض الطّلبَة بتقرير النَّاظر بِشَرْط الْوَاقِف فَأجَاب فِي ذَلِك بعض الْمُفْتِينَ بِأَن للْإِمَام النّظر الْعَام وَأجَاب الْعَلامَة الشَّيْخ قَاسم فِيهَا بِأَنَّهُ فِيمَا لَا نَاظر لَهُ يَخُصُّهُ فقد قَالَ فِي فَتَاوَى الثَّوْريّ لَا تدخل ولَايَة السُّلْطَان على ولَايَة الْمُتَوَلِي فِي الْوَقْف اه وَفِي الملحقات رجل لَهُ ضَيْعَة تَسَاوِي عشْرين ألف دِرْهَم وَعَلِيهِ دُيُون ووقف الضَّيْعَة وَشرط صرف غلاتها إِلَى نَفسه قصدا مِنْهُ إِلَى المماطلة وَشهِدت الشُّهُود على إفلاسه جَازَ الْوَقْف وَالشَّهَادَة أما جَوَاز الْوَقْف فلمصادفته ملكه وَأما جَوَاز الشَّهَادَة فَلِأَنَّهَا صدق لِأَن بِالْوَقْفِ خرجت الضَّيْعَة عَن ملكه فَإِن فضل من قوته شَيْء من هَذِه الغلات فللغرماء أَن يَأْخُذُوا ذَلِك مِنْهُ لِأَن الغلات ملكه وَلَو وقف أَرضًا وفيهَا زرع لَا يدْخل الزَّرْع فِي الْوَقْف سَوَاء كَانَ لَهُ قيمَة أَو لم يكن لِأَن الزَّرْع لَا يدْخل تَحت البيع إِلَّا بِالشّرطِ فَكَذَا لَا يدْخل تَحت الْوَقْف إِلَّا بِالشّرطِ على مَا يَجِيء فِي فصل الْبيُوع إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَفِي المنبع إِذا خرب مَا حول الْمَسْجِد وَاسْتغْنى أهل الْمحلة عَن الصَّلَاة فِيهِ يبقي مَسْجِدا عِنْد أبي يُوسُف وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَمَالك وَلَا يعود إِلَى ملك بانيه إِن كَانَ حَيا وَلَا إِلَى ملك ورثته إِن كَانَ مَيتا وَعند مُحَمَّد يعود إِلَى ملك الْبَانِي لَو كَانَ حَيا وَإِلَى ملك ورثته لَو كَانَ مَيتا وَقَالَ احْمَد جَازَ نقضه وَصرف آلَته إِلَى مَسْجِد آخر وَعند أبي يُوسُف يتَحَوَّل إِلَى أقرب الْمَسَاجِد من ذَلِك الْمَسْجِد وَلَا يعود إِلَى ملك الْبَانِي وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّة سُئِلَ الْحلْوانِي عَن أوقاف الْمَسْجِد إِذا تعطلت وَتعذر استغلالها هَل للمتولي أَن يَبِيعهَا وَيَشْتَرِي مَكَانهَا أُخْرَى قَالَ نعم قيل إِن لم تتعطل وَلَكِن يُوجد بِثمنِهَا مَا هُوَ خير مِنْهَا هَل لَهُ أَن يَبِيعهَا قَالَ لَا وَمن الْمَشَايِخ من لم يجوز بيع الْوَقْف تعطل أَو لم يتعطل وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَمَالك رحمهمَا الله تَعَالَى وَكَذَا لم يجوزوا الِاسْتِبْدَال بِمَا هُوَ خير مِنْهَا وَفِي السّير الْكَبِير قَالَ أَبُو يُوسُف يجوز الِاسْتِبْدَال بالأوقاف وَفِي الْمُنْتَقى قَالَ هِشَام سَمِعت مُحَمَّدًا يَقُول الْوَقْف إِذا صَار بِحَيْثُ لَا ينْتَفع بِهِ الْمَسَاكِين فللقاضي أَن يَبِيعهُ وَيَشْتَرِي بِثمنِهِ غَيره وَلَيْسَ ذَلِك الا للْقَاضِي وَذكر فِي المنبع عَن أبي يُوسُف أَنه يجوز استبدال الأَرْض الْمَوْقُوفَة إِذا تعطلت لِأَن الأَرْض قد تخرب فَلَا تغل إِلَّا بمؤنة تربو على قيمتهَا

وغلتها وَفِي البزازي مَا هُوَ أَعلَى من هَذَا وَهُوَ مَا روى عَن مُحَمَّد أَن أَرض الْوَقْف لَو قل ريعها فللقيم أَن يَبِيعهَا وَيَشْتَرِي بِثمنِهَا أَرضًا أُخْرَى ريعها أَكثر نفعا للْفُقَرَاء فجوز استبدال الأَرْض بِالْأَرْضِ اه وَإِذا شَرط أَن يسْتَبْدل بِالْوَقْفِ مَتى شَاءَ الْوَاقِف مثل ذَلِك وَيكون وَقفا مَكَانهَا لَهُ ذَلِك وَالْوَقْف وَالشّرط جائزان عِنْد أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وَكَذَا إِذا شَرط أَن يَبِيعهُ وَيَشْتَرِي بِثمنِهِ مَا يكون وَقفا وَعند مُحَمَّد وهلال رحمهمَا الله تَعَالَى جَازَ الْوَقْف لَا الشَّرْط وَفِي وقف الْخصاف قلت أَرَأَيْت الرجل يقف الأَرْض على قوم ثمَّ من بعدهمْ على الْمَسَاكِين وَيشْتَرط فِي الْوَقْف أَن لَهُ أَن يزِيد من رأى زِيَادَته من أهل هَذَا الْوَقْف وَله أَن ينقص من رأى نقصانه مِنْهُم وَأَن يدْخل فيهم من رأى ادخاله وَأَن يخرج مِنْهُم من رأى اخراجه قَالَ الْوَقْف جَائِز على مَا اشْتَرَطَهُ قلت فَإِن زَاد وَاحِدًا مِنْهُم شَيْئا عَمَّا سمى لَهُ أَو نقص وَاحِدًا مِنْهُم مِمَّا سمى لَهُ أَو أخرج مِنْهُم أحدا أَو أَدخل فيهم أحدا هَل لَهُ بعد ذَلِك أَن ينقص من كَانَ زَاده أَو يزِيد من كَانَ نَقصه أَو يخرج من كَانَ أدخلهُ فِي الْوَقْف أَو يدْخل من كَانَ أخرجه مِنْهُم قَالَ إِذا فعل ذَلِك مرّة فَلَيْسَ لَهُ أَن يُغير ذَلِك لِأَن الرَّأْي إِنَّمَا هُوَ على فعل يرَاهُ فَإِذا رَآهُ وأمضاه فَلَيْسَ لَهُ بعد ذَلِك أَن يُغَيِّرهُ قلت فَإِذا أَرَادَ أَن يكون لَهُ ذَلِك أبدا مَا كَانَ حَيا يزِيد وَينْقص وَيدخل وَيخرج مرّة بعد مرّة قَالَ يشْتَرط فَيَقُول على أَن لفُلَان بن فلَان أَن يزِيد من رأى زِيَادَته من أهل هَذَا الْوَقْف وَينْقص مِنْهُم من رأى نقصانه مِمَّا جعل إِلَيْهِ وَيدخل فيهم من رأى ادخاله وَيُسمى لَهُ من الْأجر مَا يرى وَيخرج مِنْهُم من يرى اخراجه ويحرمه مِمَّا كَانَ جعل لَهُ من غلَّة هَذِه الصَّدَقَة وَمن زَاده فلَان شَيْئا من غلَّة هَذِه الصَّدَقَة على مَا جعل لَهُ فَلهُ أَن ينقصهُ بعد ذَلِك وَمن نَقصه فلَان شَيْئا مِمَّا كَانَ جعل لَهُ فَلهُ بعد ذَلِك زِيَادَته مَتى رأى وَمن أخرجه فلَان من هَذِه الصَّدَقَة فَلهُ بعد ذَلِك إِعَادَته فِيهَا وَمن أدخلهُ فلَان فِي هَذِه الصَّدَقَة فَلهُ بعد ذَلِك إِخْرَاجه مِنْهَا مَتى رأى فلَان أَن يفعل ذَلِك فعل فِي جَمِيع ذَلِك كُله بِرَأْي يمضيه على مَشِيئَته أبدا مَا كَانَ حَيا رَأيا بعد رَأْي ومشيئة بعد مَشِيئَة مُطلق لَهُ ذَلِك غير مَحْظُور عَلَيْهِ فِيهِ فَيكون لَهُ تَغْيِير ذَلِك أبدا كلما رأى فَإِذا فعل هَذَا كَانَ ذَلِك مُطلقًا لَهُ وَيكون الْوَقْف جَائِزا قلت فَمَا تَقول إِذا اشْترط الْوَاقِف هَذَا ثمَّ مَاتَ وَقد أحدث فِيهِ شَيْئا مِمَّا كَانَ اشْتَرَطَهُ قَالَ يكون جَارِيا على الْحَالة الَّتِي يكون عَلَيْهَا يَوْم يحدث عَلَيْهِ حدث الْمَوْت وَكَذَلِكَ إِن لم يحدث فِيهِ شَيْئا مِمَّا كَانَ اشْتَرَطَهُ حَتَّى مَاتَ قَالَ هُوَ جَار على مَا سبله عَلَيْهِ قلت فَهَل لوصيه أَو لوَلِيِّه فِي هَذِه الصَّدَقَة شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا يكون لوَلِيّ هَذِه الصَّدَقَة شَيْء مِمَّا كَانَ اشْتَرَطَهُ الْوَاقِف قلت فَمَا تَقول إِن كَانَ الْوَاقِف اشْترط هَذِه الْأَشْيَاء لإِنْسَان مَا كَانَ حَيا قَالَ اشْتِرَاطه ذَلِك جَائِز والشروط نَافِذَة لمن اشْترط لَهُ ذَلِك قلت أَرَأَيْت الْوَاقِف إِذا اشْترط فِي الْوَقْف أَن لَهُ أَن يقْضِي من غَلَّته دينا قَالَ ذَلِك جَائِز وَكَذَلِكَ إِن قَالَ إِن حدث عَليّ حَادث الْمَوْت وَعلي دين بديء من غلَّة هَذَا الْوَقْف بِقَضَاء مَا عَليّ من الدّين فَإِذا قضى ديني كَانَت غلَّة هَذَا الْوَقْف جَارِيَة على مَا سبلتها قَالَ ذَلِك جَائِز وَفِي البزازي رجل وقف محدودا ثمَّ بَاعه وَكتب القَاضِي شَهَادَته فِي صك البيع وَكتب فِي الصَّك بَاعَ فلَان بن فلَان منزل كَذَا أَو كَانَ كتب وَأقر البَائِع بِالْبيعِ لَا يكون حكما بِصِحَّة البيع وَنقض الْوَقْف وَلَو كتب بَاعَ بيعا صَحِيحا جَائِزا كَانَ حكما بِصِحَّة البيع وَبطلَان الْوَقْف وَإِذا أطلق الْحَاكِم وَأَجَازَ بيع وقف غير مسجل إِن أطلق ذَلِك للْوَارِث كَانَ حكما بِصِحَّة بيع الْوَقْف وَإِن أطلقهُ لغير الْوَارِث لَا يكون ذَلِك

نقضا للْوَقْف أما إِذا بيع الْوَقْف وَحكم بِصِحَّتِهِ قَاض كَانَ حكما بِبُطْلَان الْوَقْف وَفِي الْعِمَادِيّ رجل هيأ موضعا لبِنَاء مدرسة وَقبل أَن يَبْنِي وقف على هَذِه الْمدرسَة قرى بشرائط وَجعل آخِره للْفُقَرَاء وَحكم قَاض بِصِحَّتِهِ أفتى القَاضِي الإِمَام صدر الدّين السربلي أَن هَذَا الْوَقْف غير صَحِيح مُعَللا بِأَن هَذَا الْوَقْف قبل وجود الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَأفْتى غَيره من أهل زَمَانه بِصِحَّة هَذَا الْوَقْف وَهُوَ الصَّحِيح فَإِنَّهُ ذكر فِي النَّوَازِل رجل وقف أَرضًا لَهُ على أَوْلَاد فلَان وَجعل آخِره للْفُقَرَاء وَلَيْسَ لفُلَان أَوْلَاد فالوقف جَائِز وَتَكون الْغلَّة للْفُقَرَاء فَإِن حدث لفُلَان أَوْلَاد يصرف مَا يحدث من الْغلَّة من المستأنف إِلَى أَوْلَاد فلَان وَإِذا كَانَ هَذَا فِي الْوَقْف على الْأَوْلَاد فهاهنا يكون كَذَلِك بِالطَّرِيقِ الأولى وَتصرف الْغلَّة إِلَى الْفُقَرَاء فَإِذا بنيت الْمدرسَة يصرف إِلَيْهَا فِي الْمُسْتَقْبل وَفِي الملحقات عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إِذا خَافَ الْوَاقِف إِبْطَاله وَلم يَتَيَسَّر لَهُ الحكم بِأَن لم يُصَادف حَاكما يجوز أَن يكْتب فِي صك الْوَقْف أَنه قضى بِهِ قَاض من قُضَاة الْمُسلمين وَإِن لم يكن قضى بذلك قَاض لِأَن التَّصَرُّف وَقع صَحِيحا لَكِن للْقَاضِي أَن يُبطلهُ وَالْكَاتِب بِهَذِهِ الْكِتَابَة يمْنَع القَاضِي عَن الْإِبْطَال فَلم يكن بِهِ بَأْس وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل وقف ضَيْعَة على أَوْلَاده وَأَوْلَاد أَوْلَاده أبدا مَا تَنَاسَلُوا وَله أَوْلَاد أَوْلَاد يقسم بَينهم بِالسَّوِيَّةِ لَا تفضل الذُّكُور على الْإِنَاث لِأَنَّهُ أوجب الْحق لَهُم على السوَاء وَأَوْلَاد الْبَنَات هَل يدْخلُونَ فِي ذَلِك ذكر الْخصاف أَنهم يدْخلُونَ وَذكر فِي ظَاهر الرِّوَايَة أَنهم لَا يدْخلُونَ وَكَذَا لَو كَانَ مَكَان الْوَقْف وَصِيَّة وَالْفَتْوَى على ظَاهر الرِّوَايَة لِأَن أَوْلَاد الْبَنَات لَيْسُوا بأولاد أَوْلَاده لأَنهم منسوبون إِلَى الْأَب لَا إِلَى الْأُم وَفِي الْقنية الْأَوْقَاف ببخارى على الْعلمَاء لَا يعرف من الْوَاقِف شَيْء غير ذَلِك فللقيم أَن يفضل الْبَعْض وَيحرم الْبَعْض إِن لم يكن الْوَاقِف على قوم يُحصونَ وَكَذَا الْوَقْف على الَّذين يَخْتَلِفُونَ إِلَى هَذِه الْمدرسَة أَو على متعلمي هَذِه الْمدرسَة أَو على علمائها يجوز للقيم أَن يفضل الْبَعْض وَيحرم الْبَعْض إِن لم يبين الْوَاقِف قدر مَا يُعْطي كل وَاحِد الْأَوْقَاف الْمُطلقَة على الْفُقَهَاء التَّرْجِيح فِيهَا بِالْحَاجةِ أم بِالْفَضْلِ قَالَ الوبري رَحمَه الله تَعَالَى التَّرْجِيح فِيهَا بِالْحَاجةِ وَقَالَ البقالي رَحمَه الله تَعَالَى بِالْفَضْلِ قَالَ الْعَلَاء الترجماني وَبقول البقالي نَأْخُذ قَالَ وَكَانَ أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يُسَوِّي بَين النَّاس فِي الْعَطاء من بَيت المَال وَكَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يعطيهم على قدر الْحَاجة والعفة وَالْفضل وَالْأَخْذ بِمَا فعله عمر فِي زَمَاننَا أحسن فنعتبر الْأُمُور الثَّلَاثَة وَإِن كَانَ فِي أحدهم فضل مَعَ أصل حَاجته وعفته يرجح على من هُوَ أقل فضلا وَإِن كَانَ ذَلِك أحْوج وأعف فَهُوَ الْمَعْلُوم من غَرَض الواقفين فِي زَمَاننَا اسْتخْلف الامام فِي الْمَسْجِد خَليفَة ليؤم فِيهِ زمَان غيبته لَا يسْتَحق الْخَلِيفَة من أوقاف الامامة شَيْئا إِن كَانَ الامام أم أَكثر السّنة وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَان إِذا عرض للْإِمَام أَو للمؤذن عذر مَنعه الْمُبَاشرَة مُدَّة سِتَّة أشهر فللمتولي أَن يعزله ويولي غَيره وَإِن كَانَ للمعزول نَائِب وَفِي الْقنية قَالَ الْعَلَاء الترجماني للامام الْغَنِيّ أَخذ غلَّة الامامة وَقَالَ شرف الْأَئِمَّة إِمَام أَخذ غلَّة السّنة ثمَّ مَاتَ قبل تَمام السّنة وَهِي فِي يَده لوَرثَته إِمَام أم شهرا وَاسْتوْفى إِلَى السّنة ثمَّ نصب أهل الْمحلة إِمَامًا آخر لَيْسَ لَهُم أَن يستردوا مَا أَخذ وَكَذَا لَو انْتقل بِنَفسِهِ

وَفِي الْمُحِيط أَخذ الامام الْغلَّة وَقت الادراك ثمَّ انْتقل لَا تسترد مِنْهُ حِصَّة مَا بَقِي من السّنة كَالْقَاضِي إِذا مَاتَ وَقد أَخذ رزق السّنة وَيحل للامام أكل حِصَّة مَا بَقِي من السّنة إِن كَانَ فَقِيرا وَهَكَذَا الحكم فِي طلبة الْعلم فِي الْمدَارِس يَعْنِي إِذا كَانَ الْعَطاء مسانهة فَأَخذه المتعلم وَقت الْقِسْمَة ثمَّ ترك الْمدرسَة رجل قَالَ أرضي هَذِه صَدَقَة مَوْقُوفَة لله عز وَجل أبدا على وُجُوه سَمَّاهَا على أَن ولايتها فِي حَياتِي وَبعد وفاتي إِلَى أفضل وَلَدي قَالَ ذَلِك جَائِز قلت فَإِن كَانَ أَوْلَاده فِي الْفضل سَوَاء قَالَ يكون أكبرهم سنا قلت فَإِن قَالَ على أَن تكون ولَايَة هَذَا الْوَقْف إِلَى الْأَفْضَل فَالْأَفْضَل من وَلَدي فَأبى أفضلهم أَن يقبل ذَلِك قَالَ تكون الْولَايَة إِلَى الَّذِي يَلِيهِ قلت وَكَذَلِكَ إِن تولى ذَلِك أفضلهم ثمَّ مَاتَ قَالَ تكون الْولَايَة إِلَى الَّذِي يَلِيهِ قلت فَإِن كَانَ أفضلهم غير مَوضِع لولاية هَذِه الصَّدَقَة قَالَ يَجْعَل القَاضِي رجلا يقوم بِهِ قلت فَإِن صَار بعدذلك فيهم من يصلح للْقِيَام بِهِ قَالَ ترد ولَايَة هَذَا الْوَقْف إِلَيْهِ قلت فَإِن قَالَ على أَن ولَايَة هَذِه الصَّدَقَة إِلَى الْأَفْضَل فَالْأَفْضَل من وَلَدي وتولاها أفضلهم ثمَّ صَار فِي وَلَده من هُوَ أفضل من الَّذِي تولاها قَالَ تكون ولايتها إِلَى الَّذِي صَار أفضل من الَّذِي تولاها الأول اه كَذَا فِي وقف الْخصاف وَفِي البزازي إِذا مَاتَ الْمُتَوَلِي والواقف حَيّ فَالرَّأْي فِي النصب إِلَى الْوَاقِف لَا إِلَى الْحَاكِم وَبعد موت الْوَاقِف إِلَى وَصِيّه لَا إِلَى الْحَاكِم وَإِن لم يكن لَهُ وَصِيّ فَالرَّأْي إِلَى لحَاكم لِأَن الْعين وَإِن زَالَت بِالْوَقْفِ عَن ملكه حَقِيقَة فَهِيَ بَاقِيَة على ملكه حكما لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَصدقَة جَارِيَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَفِي الأَصْل الْحَاكِم لَا يَجْعَل الْقيم من الاجانب مَا دَامَ فِي أهل بَيت الْوَاقِف من يصلح لذَلِك فَإِذا لم يجد فيهم من يصلح وَنصب من غَيرهم ثمَّ وجد فيهم من يصلح صرفه عَنهُ إِلَى من يصلح من أهل بَيت الْوَاقِف وقف وَلم يشْتَرط الْولَايَة لنَفسِهِ وَلَا لغيره قَالَ هِلَال رَحمَه الله تَعَالَى الْولَايَة إِلَيْهِ وَقَالَ قوم لَا تثبت الْولَايَة بِلَا شَرط لنَفسِهِ قَالَ مَشَايِخنَا الْأَشْبَه أَن يكون هَذَا قَول مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لِأَن التَّسْلِيم لما كَانَ شرطا عِنْده وَبِه تَنْقَطِع ولَايَته قَالَ أَبُو اللَّيْث بِالتَّسْلِيمِ إِلَى الْمُتَوَلِي تَنْقَطِع ولَايَته عِنْد مُحَمَّد فَلَا يملك عزل الْمُتَوَلِي إِذا لم يشْتَرط حَال الْوَقْف ولَايَة الْعَزْل لنفسيه وَقَالَ أَبُو يُوسُف يملكهُ شَرط أَو لم يشرط وَإِذا كَانَ الْوَاقِف غير مَأْمُون وَقد شَرط الْولَايَة لنَفسِهِ يُخرجهُ الْحَاكِم عَن الْولَايَة وينزعه مِنْهَا وَكَذَا لَو اجْتمع عِنْده من غلَّة الْوَقْف مَا يَكْفِي للعمارة وَالْوَقْف مُحْتَاج إِلَيْهَا وَامْتنع الْوَاقِف عَنْهَا يَأْمُرهُ الْحَاكِم بالعمارة فَإِن فعل وَإِلَّا يَنْزعهُ مِنْهُ وَإِن كَانَ شَرط أَن لَا يَنْزعهُ مِنْهُ أحد فَالشَّرْط بَاطِل لمُخَالفَة الشَّرْع إِذْ الْحَاكِم نَاظر لمصْلحَة الْوَقْف فَإِن كَانَ فِي نَزعه مصلحَة يجب عَلَيْهِ اخراجه دفعا للضر عَن الْوَقْف وقف وَأشْهد وَكتب الصَّك وقرىء عَلَيْهِ وَقفه وَقفا صَحِيحا ثمَّ قَالَ وقفت بِشَرْط أَن لي ولَايَة بَيْعه مَتى شِئْت لَكِن الْكَاتِب لم يَكْتُبهُ وَلم أعلم بِهِ إِن كَانَ فصيحا يعرف اللُّغَة الَّتِي كتب بهَا الصَّك وقرىء عَلَيْهِ لَا يقبل قَوْله وَإِن كَانَ أعجميا لَا يعرف اللُّغَة الَّتِي كتب بهَا الصَّك يقبل قَوْله وَإِن شهدُوا أَنه قرىء عَلَيْهِ بلغته وَفهم كل مَا فِيهِ لَا يقبل قَوْله أَيْضا وَكَذَا فِي البيع والاجارة إِذا قَالَ البَائِع والآجر لم أعلم الْمَكْتُوب فِي صك البيع والاجارة

شَرط أَن لَا يؤاجره وَإِلَيْهِ فَإِن آجره فَهُوَ خَارج عَن الْولَايَة أَو لَا يَدْفَعهَا مُسَاقَاة فَإِن فعل فَهُوَ خَارج عَن الْولَايَة وَفُلَان يكون واليها أَو شَرط وَقَالَ من نَازع فِي هَذِه الصَّدَقَة متوليها أَو قَالَ من نَازع متوليها فِي إبِْطَال هَذِه الصَّدَقَة فَهُوَ خَارج عَن هَذِه الصَّدَقَة يجوز شَرطه وَيعْمل على حسب مَا شَرطه الْوَاقِف قيم الْوَقْف أنْفق من مَاله فِي الْوَقْف ليرْجع فِي غَلَّته لَهُ الرُّجُوع إِن شَرطه وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا الْوَصِيّ فِي مَال الْمَيِّت لَكِن لَو ادّعى ذَلِك لَا يكون القَوْل قَوْله اشْترى بِمَال الْوَقْف دَارا ثمَّ بَاعهَا يجوز إِن وجدت ضالتي فَللَّه عَليّ أَن أَتصدق بأرضي هَذِه على ابْن السَّبِيل فَوَجَدَهَا يجوز أَن يقف أرضه على من يجوز لَهُ وضع الزَّكَاة فِيهِ وَلَا يجوز على من لَا يجوز لَهُ دفع زَكَاة مَاله لِأَن هَذَا نذر فَيعْتَبر بِإِيجَاب الله تَعَالَى وَإِن وقف على وَلَده جَازَ ونذره بَاقٍ إِن مت من مرضِي هَذَا فأرضي وقف فبرأ من مَرضه وَبَاعَ أرضه جَازَ وَإِن مَاتَ من مَرضه هَذَا لَا تكون وَقفا وَتَعْلِيق الْوَقْف بِالشّرطِ لَا يَصح وَلَو قَالَ إِذا مت فاجعلوا أرضي هَذِه وَقفا يجوز كَمَا لَو قَالَ إِن دخلت الدَّار فأرضي وقف لَا يجوز وَلَو قَالَ إِن دخلت فاجعلوا أرضي وَقفا يجوز وَقَالَ السَّرخسِيّ والقدوري تَعْلِيق الْوَقْف بِالشّرطِ جَائِز وَذكر فِي وقف الْخصاف قَالَ أرضي هَذِه صَدَقَة مَوْقُوفَة لله تَعَالَى على النَّاس أَو على بني آدم أَو على أهل بَغْدَاد ابدا فَإِذا انقرضوا فعلى الْمَسَاكِين أَو العميان أَو الزمني فالوقف بَاطِل وَذكر فِي مَوضِع آخر قَالَ الْغلَّة للْمَسَاكِين لَا لَهما وَلَو وقف على قِرَاءَة الْقُرْآن والفقراء فالوقف بَاطِل وَذكر هِلَال الْوَقْف على الزمنى والمنقطعين صَحِيح وَقَالَ الْمَشَايِخ الْوَقْف على معلم الْمَسْجِد الَّذِي يعلم الصّبيان غير صَحِيح وَقيل يَصح لِأَن الْفقر غَالب فيهم قَالَ شمس الْأَئِمَّة فعلى هَذَا إِذا وقف على طلبة علم بَلَده يجوز لِأَن الْفقر غَالب فيهم فَكَانَ الِاسْم مَبْنِيا على الْحَاجة فَالْحَاصِل أَنه مَتى ذكر مصرفا فِيهِ نَص على الْفقر وَالْحَاجة فالوقف صَحِيح يُحصونَ أم لَا وَقَوله يُحصونَ إِشَارَة إِلَى أَن التَّأْبِيد لَيْسَ بِشَرْط وَمَتى ذكر مصرفا يَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيّ وَالْفَقِير إِن كَانُوا يُحصونَ صَحَّ بطرِيق التَّمْلِيك وَإِن كَانُوا لَا يُحصونَ فَهُوَ بَاطِل إِلَّا أَن يكون فِي لَفظه مَا يدل على الْحَاجة كاليتامى فَحِينَئِذٍ إِن كَانُوا يُحصونَ فالأغنياء والفقراء سَوَاء وَإِن كَانُوا لَا يُحصونَ فالوقف صَحِيح وَيصرف إِلَى فقرائهم لَا إِلَى أغنيائهم وَكَذَا لَو وقف على الزمنى فَهُوَ على فقرائهم وَلَو وقف على أَصْحَاب الحَدِيث لَا يدْخل فيهم شَافِعِيّ الْمَذْهَب إِذْ لم يكن فِي طلب الحَدِيث وَيدخل الْحَنَفِيّ كَانَ فِي طلبه أَو لَا وَذكر بكر أَن الْوَقْف على أقرباء سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى أهل بَيته يجوز وَإِن كَانَ لَا تجوز الصَّدَقَة عَلَيْهِم وَفِي الْفَتَاوَى إِنَّه لَا يجوز وَلَا يصير وَقفا لعدم جَوَاز صرف الصَّدَقَة لبني هَاشم لَكِن فِي جَوَاز الْوَقْف وَصدقَة النَّقْل عَلَيْهِم رِوَايَتَانِ الْوَقْف على الصُّوفِيَّة لَا يجوز وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة يجوز وَأخرج الامام على السغدي رِوَايَة من وقف الْخصاف أَنه لَا يجوز على الصُّوفِيَّة والعميان فَرجع الْكل إِلَى جَوَابه اه كَلَام البزازي

وَفِي وقف الْخصاف يَنْعَزِل النَّاظر بالجنون المطبق إِذا دَامَ سنة لَا إِن دَامَ أقل وَلَو عَاد إِلَيْهِ عقله وبرأ من علته عَاد إِلَيْهِ النّظر نوع فِي اجارة الْوَقْف وَالدَّعْوَى فِيهِ وَالشَّهَادَة عَلَيْهِ وَفِي المنبع الْمُتَوَلِي إِذا آجر الْوَقْف سِنِين مَعْلُومَة بِأُجْرَة مثله ينظر إِن كَانَ الْوَاقِف اشْترط أَن لَا يُؤَاجر أَكثر من سنة لَا يجوز لِأَن شَرط الْوَاقِف يجب مراعاته وَلَا يتَجَاوَز عَمَّا شَرطه وَإِن لم يشْتَرط ذَلِك قَالَ المتقدمون من مَشَايِخنَا إِنَّه يجوز ذَلِك لِأَن الْوَاقِف فوض الْأَمر إِلَى الْمُتَوَلِي فَنزل الْمُتَوَلِي منزلَة الْوَاقِف وللواقف أَن يُؤجر سِنِين كَثِيرَة فَكَذَا من يقوم مقَامه وَقَالَ الْمُتَأَخّرُونَ من مَشَايِخنَا لَا يجوز أَكثر من سنة وَاحِدَة لِأَنَّهُ لَو جَازَ ذَلِك يخَاف على الْوَقْف أَن يتَّخذ ملكا لِأَنَّهُ بِمُضِيِّ مُدَّة مديدة تندرس سمة الْوَقْف ويتسم بسمة الملكية خُصُوصا فِي زَمَاننَا لِأَن الظلمَة المتغلبة مستحلة متأكلة وَكَانَ الشَّيْخ الامام أَبُو حَفْص الْكَبِير رَحمَه الله تَعَالَى يُجِيز الاجارة فِي الضّيَاع ثَلَاث سِنِين لِأَنَّهُ لَا يرغب فِي أقل من ذَلِك وَلَا يُجِيز فِي غير الضّيَاع أَكثر من سنة وَاحِدَة إِلَّا إِذا كَانَت الْمصلحَة فِي الضّيَاع فِي عدم جَوَاز اجارتها ثَلَاث سِنِين أَو فِي غير الضّيَاع جَوَاز اجارتها أَكثر من سنة وَاحِدَة فَهُوَ أَمر يختف باخْتلَاف الْموضع وَالزَّمَان وَهُوَ الْمُخْتَار للْفَتْوَى وَكَذَلِكَ الْمُزَارعَة والمعاملة وَالْوَجْه فِي تَصْحِيح الاجارة الطَّوِيلَة فِي الْوَقْف أَن يعْقد عقودا مترادفة كل عقد على سنة بِأَن اسْتَأْجر ثَلَاثِينَ سنة بِثَلَاثِينَ عقدا كل عقد على سنة من غير أَن يكون بَعْضهَا شرطا فِي العقد فَيكون العقد الأول لَازِما لِأَنَّهُ ناجز وَالثَّانِي غير لَازم لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَى الْمُسْتَقْبل وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أَن الْإِجَارَة المضافة لَازِمَة فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيح وَذكر هَذِه الْحِيلَة فِي الذَّخِيرَة ثمَّ قَالَ وَلَكِن هَذِه الْحِيلَة عِنْدِي ضَعِيفَة لِأَن من لم يجوز الاجارة الطَّوِيلَة فِي الْوَقْف إِنَّمَا لم يجوز صِيَانة للْوَقْف عَن الْبطلَان فَإِن الْوَقْف إِذا بَقِي فِي يَد الْمُسْتَأْجر مُدَّة طَوِيلَة وَالنَّاس يرونه يتَصَرَّف فِيهِ تصرف الْملاك يَقع فِي قُلُوبهم أَنه ملكه فَيَشْهَدُونَ لَهُ بِالْملكِ لَو ادَّعَاهُ يَوْمًا من الدَّهْر فَيبْطل الْوَقْف وَفِي حق هَذَا الْمَعْنى لَا فرق بَين أَن تكون الاجارة معقودة بِعقد وَاحِد وَبَين أَن تكون معقودة بعقود مُتَفَرِّقَة هَذَا هُوَ الحكم فِي الاجارة الطَّوِيلَة فِي الْأَوْقَاف فَأَما الاجارة الطَّوِيلَة فِي الأقطاع والأملاك فستأتي فِي فصل الاجارات ان شَاءَ الله تَعَالَى وَلَا يجوز إِجَارَة الْوَقْف الا بِأَجْر الْمثل وَلَا تنقض إِن زَادَت الْأُجْرَة لِكَثْرَة الرغبات لِأَن الْمُعْتَبر فِي أجر الْمثل وَقت العقد وَوقت العقد كَانَ الْمُسَمّى أجر الْمثل وَلَا مُعْتَبر لما بعده لِأَن تِلْكَ حالات لَا تضبط وَفِي الْعِمَادِيّ اسْتَأْجر عَرصَة مَوْقُوفَة من الْمُتَوَلِي مُدَّة بِأَجْر الْمثل وَبنى عَلَيْهَا باذن الْمولى فَلَمَّا مَضَت الْمدَّة زَاد آخر على أجر تِلْكَ الْمدَّة للمدة الْمُسْتَقْبلَة فَرضِي صَاحب السُّكْنَى بِتِلْكَ الزِّيَادَة هَل هُوَ أولى قَالَ كَانَت وَاقعَة الْفَتْوَى أُجِيب نعم إِنَّه أولى وَالله أعلم وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ إِذا كَانَت الأَرْض وَقفا اسْتَأْجرهَا من الْمُتَوَلِي مُدَّة طَوِيلَة فَإِنَّهُ ينظر إِن كَانَ السّعر بِحَالهِ لم يَزْدَدْ وَلم ينقص عَمَّا كَانَ وَقت العقد فَإِنَّهُ يجوز وَإِن غلا أجر مثلهَا فَإِنَّهُ يفْسخ ذَلِك العقد وَيحْتَاج إِلَى عقد جَدِيد ويجددان العقد على مَا ازْدَادَ ثَانِيًا وَكَذَلِكَ لَو اسْتَأْجرهَا بِأُجْرَة مَعْلُومَة إِلَى سنة فَلَمَّا مضى من الْمدَّة نصف السّنة غلا سعرها وازداد أجر مثلهَا فَإِنَّهُ يفْسخ ذَلِك العقد فِيمَا بقى من الْمدَّة

وَفِيمَا مضى من الْمدَّة يجب الْمُسَمّى بِقَدرِهِ وَبعد ذَلِك يجدد العقد ثَانِيًا على أُجْرَة مَعْلُومَة وَلَيْسَ للْمَوْقُوف عَلَيْهِ إِذا لم يكن مُتَوَلِّيًا على الْوَقْف وَلَا نَائِبا من جِهَة القَاضِي أَن يؤاجره لِأَنَّهُ لَا يملك ذَلِك وَإِنَّمَا يملك الْغلَّة دون الْعين وَالتَّصَرُّف بالاجارة إِلَى من لَهُ الْولَايَة فِي ذَلِك إِذا آجر الْمُتَوَلِي أَو نَائِبه ثمَّ مَاتَ لم تَنْفَسِخ الاجارة بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عَن الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَمَوْت الْوَكِيل لَا يُوجب فسخ عقوده وَفِي وقف الْخصاف إِذا آجر الْوَاقِف الأَرْض سنة وَلم يحط من الْأجر شَيْئا قَالَ فَالْإِجَارَة جَائِزَة قلت فَلهُ أَن يقبض الاجر ويفرقه فِي الْوُجُوه الَّتِي سبل فِيهَا قَالَ نعم قلت فَإِن قَالَ قد قبضت الْأجر من الْمُسْتَأْجر ودفعته إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين وقفت ذَلِك عَلَيْهِم وَجحد الْقَوْم قبض ذَلِك قَالَ فَالْقَوْل قَوْله وَلَا شَيْء عَلَيْهِ قلت وَكَذَلِكَ إِن قَالَ قَبضته وَضاع مني أَو سرق قَالَ فَالْقَوْل قَوْله فِي ذَلِك وَفِي الْقنية محالا على وقف الناصحي إِذا آجر الْوَاقِف أَو قيمه أَو وصّى الْوَاقِف أَو القَاضِي أَو أَمِينه ثمَّ قَالَ قد قبضت الْغلَّة فَضَاعَت أَو فرقتها على الْمَوْقُوف عَلَيْهِم وأنكروا فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه الْوَاقِف إِذا آجر الأَرْض الْمَوْقُوفَة من أَبِيه أَو من ابْنه أَو عَبده أَو من مكَاتبه قَالَ أَبُو بكر الْخصاف أما فِي مَذْهَب أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فَإِن الاجارة لَا تجوز من أحد هَؤُلَاءِ وَأما مَذْهَب أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى فَإِن الاجارة من أَبِيه وَابْنه جَائِزَة وَأما من عَبده ومكاتبه فَإِن الاجارة لَا تجوز وَفِي العمادى الدَّعْوَى فِي دَار الْوَقْف على مُتَوَلِّي الْوَقْف تجوز أما القَاضِي لَو أَمر انسانا بِأَن يُؤَاجر دَار الْوَقْف مشاهرة فَهُوَ لَيْسَ بخصم لِأَنَّهُ وَكيل من القَاضِي بالاستغلال وَلَيْسَ بمأذون فِي الْخُصُومَة فَلَا تصح خصومته الا إِذا كَانَ مَأْذُونا فِيهَا من جِهَة القَاضِي والمأذون فِي الاستغلال لَيْسَ بمتول وَالْمُتوَلِّيّ من يَلِي التَّصَرُّف فِي الْوَقْف وَكَذَا لَا تصح الدَّعْوَى على أكار الْوَقْف وَغير الْوَقْف وَكَذَا على غلَّة دَار الْوَقْف وَغير الْوَقْف إِذا ثَبت أَنه أكار أَو غلَّة دَار ادّعى الْمَحْدُود لنَفسِهِ ثمَّ ادّعى أَنه وقف الصَّحِيح من الْجَواب إِن كَانَت دَعْوَى الوقفية بِسَبَب التَّوْلِيَة يحْتَمل التَّوْفِيق لِأَنَّهُ فِي الْعَادة يُضَاف إِلَيْهِ بِاعْتِبَار ولَايَة التَّصَرُّف وَالْخُصُومَة كَمَا فِي الْوَكِيل إِذا ادّعى لنَفسِهِ ثمَّ ادّعى أَنه لفُلَان وَكله فِي الْخُصُومَة فِيهِ تقبل وَلَا يكون متناقضا وَلَو ادّعى الدَّار ملكا لنَفسِهِ ثمَّ ادّعى أَنَّهَا وقف وَقفهَا فلَان على مَسْجِد كَذَا لَا تسمع دَعْوَى الْوَقْف للتناقض رجل بَاعَ دَارا ثمَّ ادّعى أَنه كَانَ وَقفهَا أَو قَالَ وقف عَليّ لَا تصح هَذِه الدَّعْوَى وَلَيْسَ لَهُ أَن يحلف المُشْتَرِي أما لَو قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة قبلت كَمَا لَو شهدُوا على عتق الْأمة تقبل من غير الدَّعْوَى وَذكر فِي النَّوَازِل إِذا أَقَامَ بَيِّنَة على أَنه وَقفهَا قبل البيع تقبل وَيبْطل القَاضِي البيع وَلَيْسَ للْمُشْتَرِي أَن يحبس الأَرْض بِالثّمن وَإِن لم تكن بَيِّنَة فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي وَلَو اقام المُشْتَرِي الْبَيِّنَة أَن هَذِه الدَّار كَانَت وَقفا على أَوْلَاد فلَان أَو على مَسْجِد كَذَا أَو على الْفُقَرَاء وَأَن فلَانا وَقفهَا وَسلمهَا إِلَى المتولى فدعوى الْوَقْف لَا تصح من المُشْتَرِي لأنع ساع فِي نقض مَا تمّ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بخصم فِي دَعْوَى الوقفية عَن الْمَوْقُوف عَلَيْهِ ادّعى الْمُتَوَلِي على المُشْتَرِي أَن هَذِه الدَّار وقف على أَوْلَاد فلَان وَأثبت الِاسْتِحْقَاق على المُشْتَرِي

فَأَرَادَ المُشْتَرِي أَن يرجع بِالثّمن على بَائِعه فَقَالَ البَائِع بلَى كَانَت وقف فلَان على أَوْلَاد فلَان لَكِن لما مَاتَ الْوَاقِف رفع ورثته الْأَمر إِلَى القَاضِي حَتَّى قضى بِبُطْلَان الْوَقْف وَكنت وَارِثا للْوَاقِف فقسمنا التَّرِكَة وَوَقعت الدَّار فِي نَصِيبي وبيعي وَقع صَحِيحا قَالَ صَاحب الْفُصُول ينْدَفع بِهَذَا دَعْوَى الوقفية وَيبقى فِي يَد المُشْتَرِي ادّعى الْمُتَوَلِي أَن هَذِه الدَّار وقف على مَسْجِد كَذَا وَلم يذكر الْوَاقِف قَالَ مَشَايِخ بَلخ كَأبي جَعْفَر وَغَيره رَحِمهم الله تسمع وَقَالَ غَيرهم لَا تسمع مالم يذكر الْوَاقِف عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَفِي فَتَاوَى ظهير الدّين ادّعى وَقفا وشهدوا على وَقفه وَلم يذكرُوا الْوَاقِف ذكر الْخصاف رَحمَه الله تَعَالَى أَن دَعْوَى الْوَقْف وَالشَّهَادَة على الْوَقْف يصحان من غير بَيَان الْوَاقِف وَذكر رشيد الدّين أَن الشَّهَادَة على الْوَقْف لَا تقبل مالم يبينوا الْوَاقِف وَذكر فِي الْعدة وَلَو شهدُوا أَن هَذَا وقف على كَذَا وَلم يبينوا الْوَاقِف يَنْبَغِي أَن تقبل إِذا كَانَ قَدِيما وَتقبل الشَّهَادَة على الشَّهَادَة فِي الْوَقْف وَكَذَا شَهَادَة الرِّجَال مَعَ النِّسَاء وَكَذَا الشَّهَادَة بِالتَّسَامُعِ وَإِن صرحا بِهِ وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه وقف نصفهَا مشَاعا وَشهد الآخر أَنه وقف نصفهَا مفروزا مُمَيّزا فالشهادة بَاطِلَة وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه وَقفهَا يَوْم الْخَمِيس وَشهد الآخر أَنه وَقفهَا يَوْم الْجُمُعَة قبلت الشَّهَادَة قيل هَذَا على قَول أبي يُوسُف أما على قَول مُحَمَّد فَلَا تقبل هَذِه الشَّهَادَة وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه وَقفهَا وَقفا صَحِيحا فِي صِحَّته وَشهد الآخر أَنه وَقفهَا وَقفا مُضَافا إِلَى مَا بعد الْمَوْت فَلَا تقبل هَذِه الشَّهَادَة وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه وَقفهَا وَقفا صَحِيحا فِي صِحَّته وَشهد الآخر أَنه وَقفهَا فِي الْمَرَض قبلت الشَّهَادَة فَتكون جَمِيع الأَرْض وَقفا إِن كَانَت تخرج من الثُّلُث وَإِن كَانَت لَا تخرج من الثُّلُث يصير ثلثهَا وَقفا وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه جعلهَا صَدَقَة مَوْقُوفَة على الْفُقَرَاء وَشهد الآخر أَنه جعلهَا صَدَقَة مَوْقُوفَة على الْمَسَاكِين قبلت لِأَنَّهُمَا اتفقَا على الْفُقَرَاء فَإِن من قَالَ أرضي هَذِه صَدَقَة مَوْقُوفَة كَانَت مَوْقُوفَة على الْفُقَرَاء فَهَذَا معنى قَوْلنَا لِأَنَّهُمَا اتفقَا على الْفُقَرَاء اه وَإِن جحد الْوَاقِف الْوَقْف فَجَاءَت بَيِّنَة يشْهدُونَ عَلَيْهِ بِالْوَقْفِ وبمقدار حِصَّته من الأَرْض أَو من الدَّار وَسموا ذَلِك قبل القَاضِي ذَلِك وَحكم بِالْوَقْفِ وَإِن شهدُوا على الْوَاقِف بِإِقْرَارِهِ وَلم يعرفوا مَاله من الأَرْض أَو من الدَّار يَأْمُرهُ القَاضِي بِأَن يُسمى مَاله من ذَلِك فَمَا سمي من شَيْء فَالْقَوْل قَوْله فِيهِ وَيحكم بوقفية ذَلِك وَإِن كَانَ الْوَاقِف قد مَاتَ فوارثه يقوم مقَامه فِي ذَلِك وَإِن شهدُوا على إِقْرَار الْوَاقِف أَنه وقف جَمِيع حِصَّته من هَذِه الأَرْض وَذَلِكَ الثُّلُث مِنْهَا فَكَانَت حِصَّته النّصْف أَو أَكثر من الثُّلُث قَالَ تكون حِصَّته كلهَا نصفا كَانَت أَو أَكثر وَقفا نوع فِي غصب الْوَقْف وَحكمه وَفِي أجره وَفِي بَيَان حكم وقف الْمَرْهُون والمؤاجر مُتَوَلِّي الْوَقْف إِذا أسكن رجلا دَارا الْوَقْف بِغَيْر أجر ذكر هِلَال رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا شَيْء على السَّاكِن وَعَامة الْمُتَأَخِّرين على أَن عَلَيْهِ أجر الْمثل سَوَاء كَانَت الدَّار معدة للِاسْتِغْلَال أَو لم تكن صِيَانة للْوَقْف عَن أَيدي الظلمَة وقطعا للأطماع الْفَاسِدَة وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَكَذَا الرجل إِذا أسكن دَار الْوَقْف بِغَيْر أَمر الْوَاقِف وَبِغير أجر الْقيم كَانَ عَلَيْهِ أجر الْمثل بَالغا مَا بلغ

الفصل الحادي عشر في الغصب والشفعة والقسمة

وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَان رجل غصب أَرض الْوَقْف أَو أَرضًا لصغير قَالَ بَعضهم يضمن الْغَاصِب أجر الْمثل للْوَقْف وللصغير وَفِي ظَاهر الرِّوَايَة لَا يضمن فَلَو أَن هَذَا الْغَاصِب أجر الأَرْض الْمَغْصُوبَة من غَيره يجب على الْمُسْتَأْجر الْأجر الْمُسَمّى وَذكر فِي التَّجْنِيس أَن الْفَتْوَى فِي غصب العقارات والدور الْمَوْقُوفَة بِالضَّمَانِ كَمَا أَن الْفَتْوَى فِي غصب مَنَافِع الْوَقْف بِالضَّمَانِ رجل رهن ضَيْعَة من رجل على مَال أَخذه مِنْهُ ثمَّ إِنَّه وقف هَذِه الضَّيْعَة وَقفا صَحِيحا هَل يجوز هَذَا الْوَقْف قَالَ الْخصاف رَحمَه الله تَعَالَى إِن افتكها من الرَّهْن فالوقف جَائِز وَإِن لم يَفْتكهَا فالرهن صَحِيح لَا يبطل وَلَا تخرج هَذِه الضَّيْعَة من الرَّهْن بايقاف مَالِكهَا أَلا ترى أَن رجلا لَو رهن ضَيْعَة لَهُ ثمَّ بَاعهَا أَن من قَول أَصْحَابنَا إِن افتكها فَالْبيع صَحِيح نَافِذ وَإِن أجَاز أَيْضا الْمُرْتَهن البيع فَالْبيع جَائِز وَكَذَلِكَ الحكم أَيْضا فِي الرَّهْن رجل آجر ضَيْعَة لَهُ سِنِين ثمَّ إِنَّه جعلهَا بعد ذَلِك صَدَقَة مَوْقُوفَة لله تَعَالَى أبدا على سَبِيل سَمَّاهَا ثمَّ بعد ذَلِك تكون غَلَّتهَا للْمَسَاكِين أبدا حَتَّى يَرث الله الأَرْض وَمن عَلَيْهَا قَالَ الإِمَام أَبُو بكر الْخصاف رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ لصَاحب الأَرْض أَن يبطل مَا عقد من الْإِجَارَة فَإِذا انْقَضتْ مُدَّة الاجارة كَانَت الضَّيْعَة وَقفا قلت وَلم أجزت هَذِه الصَّدَقَة وَهِي السَّاعَة لَا تكون وَقفا قَالَ هِيَ السَّاعَة وقف وَإِن كَانَت مَشْغُولَة بالاجارة أَلا ترى أَنه لَو قَالَ كنت وقفت هَذِه الضَّيْعَة على كَذَا وَكَذَا قبل أَن أؤاجرها وَإِنَّمَا آجرتها للْوَقْف وأجرها مَصْرُوف فِي سَبِيل الْوَقْف إِنَّا نلزمه إِقْرَاره بِالْوَقْفِ وَيكون الْأجر الَّذِي آجرها بِهِ مصروفا فِي السَّبِيل الَّذِي وَقفهَا فِيهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهَا تكون وَقفا بعد انْقِضَاء الاجارة لِأَنَّهَا هِيَ وقف إِلَّا أَن فِي هَذَا الْوَقْت لَيْسَ لَهُ أَن يبطل اجارة الْمُسْتَأْجر أَلا ترى أَنه لَو آجرها ثمَّ بَاعهَا من رجل فَإِنَّهُ يُقَال للْمُشْتَرِي إِن شِئْت فاصبر حَتَّى تَنْقَضِي الاجارة فتأخذها بِالشِّرَاءِ وَإِن شِئْت فَأبْطل شراءك فَإِن اخْتَار الشِّرَاء صَبر قَالَ وَلَيْسَ لَهُ أَن يبطل الشِّرَاء إِلَّا عِنْد القَاضِي أَو عِنْد السُّلْطَان وَهَذَا قَول الْحسن بن زِيَاد رَحمَه الله تَعَالَى الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي الْغَصْب وَالشُّفْعَة وَالْقِسْمَة حكم الْغَصْب نَوْعَانِ أَحدهمَا مَا يرجع إِلَى الْآخِرَة وَهُوَ الاثم وَاسْتِحْقَاق الْمُؤَاخَذَة وَالثَّانِي مَا يرجع إِلَى الدُّنْيَا وَهُوَ أَنْوَاع بَعْضهَا يرجع إِلَى حَال قيام الْعين وَبَعضهَا يرجع إِلَى حَال هلاكها وَبَعضهَا يرجع إِلَى حَال نقصانها وَبَعضهَا يرجع إِلَى حَال زيادتها أما الَّذِي يرجع إِلَى حَال قيام الْعين فَهُوَ وجوب رد الْعين إِلَى مَالِكهَا فِي مَكَان غصبه لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على الْيَد مَا أخذت حَتَّى ترد ثمَّ الرَّد هُوَ الْمُوجب الْأَصْلِيّ على مَا قَالُوا ورد الْقيمَة مخلص خلفا عِنْده لِأَنَّهَا قَاصِرَة والكمال فِي رد الصُّورَة وَالْمعْنَى وَقيل الْمُوجب الْأَصْلِيّ الْقيمَة ورد الْعين بدل عَنْهَا وَلِهَذَا يعْتَبر فِي غير ذَوَات الْأَمْثَال قيمَة الْمَغْصُوب يَوْم غصبه وَيظْهر ذَلِك فِي بعض الْأَحْكَام مِنْهَا إِذا غصب جَارِيَة قيمتهَا ألف وَله ألف دِرْهَم وَقد حَال عَلَيْهِ الْحول فَإِنَّهُ لَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة عَن الْألف لِأَنَّهُ مديون وَالزَّكَاة غير وَاجِبَة عَلَيْهِ مِنْهَا إِذا أَبْرَأ

الْغَاصِب عَن الضَّمَان مَعَ قيام الْعين يَصح حَتَّى لَو هَلَكت بعد ذَلِك لَا يجب الضَّمَان فلولا أَن الْمُوجب الْأَصْلِيّ هُوَ الْقيمَة وَإِلَّا لما صَحَّ الْإِبْرَاء لِأَن الْإِبْرَاء عَن الْأَعْيَان لَا يَصح وَمِنْهَا صِحَة الرَّهْن وَالْكَفَالَة بالمغصوب حَال قيام الْعين إِذْ لَو كَانَ رد الْعين أصلا لما صَحَّ الرَّهْن وَالْكَفَالَة لِأَن الرَّهْن وَالْكَفَالَة بالأعيان لَا يَصح وَفِي الجلالية وعَلى قَول من يَقُول الْمُوجب الْأَصْلِيّ رد الْعين لَا يَصح الْإِبْرَاء وَالرَّهْن وَالْكَفَالَة حَال قيام الْعين وَفِي الْمُحِيط وَلَو غصب دَرَاهِم أَو دَنَانِير فالمالك يَأْخُذهَا مِنْهُ حَيْثُ وجده وَلَيْسَ لَهُ أَن يُطَالِبهُ بِالْقيمَةِ وَإِن اخْتلف السّعر لِأَنَّهَا أَثمَان وَمعنى الثمنية لَا يخْتَلف باخْتلَاف الْمَكَان وَإِذا هلك الْمَغْصُوب يجب ضَمَان مثله إِن كَانَ مثلِيا كالمكيلات والموزنات والمعدودات المتقاربة وَإِن لم يكن مثلِيا كالمزروعات والمعدودات الْغَيْر المتقاربة والحيوانات يجب ضَمَان قِيمَته يَوْم الْغَصْب لِأَن ضَمَان الْغَصْب ضَمَان اعتداء وَضَمان الاعتداء لم يشرع الا بِالْمثلِ قَالَ الله تَعَالَى {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم} والمثل الْمُطلق هُوَ الْمثل صُورَة وَمعنى وَلَو كَانَت الْقيمَة فِي مَكَان الْخُصُومَة أَكثر فالغاصب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعْطى مثله حَيْثُ خَاصم وَإِن شَاءَ أعْطى قِيمَته حَيْثُ غصب مِنْهُ إِلَّا أَن يرضى الْمَغْصُوب مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ فَإِن الْغَاصِب لَا يلْزمه دفع الضَّمَان فِي مَكَان الْغَصْب بل اينما لقِيه أَخذه وَإِن كَانَت الْقيمَة فِي المكانين سَوَاء فللمالك أَن يُطَالِبهُ بِالْمثلِ لِأَنَّهُ لَا يتَضَرَّر بِهِ وَاحِد مِنْهُمَا اه وَإِذا نقص الْمَغْصُوب فِي يَد الْغَاصِب ضمن النُّقْصَان لِأَن الْوَاجِب عَلَيْهِ أَن يردهُ على الْوَصْف الَّذِي غصبه بِهِ بِخِلَاف الْمَبِيع فَإِنَّهُ إِذا نقص فِي يَد البَائِع لَا يجب فِي مُقَابلَته شَيْء وَلَكِن يُخَيّر المُشْتَرِي بَين أَن يَأْخُذهُ بِكُل الثّمن أَو يتْركهُ لِأَنَّهُ ضَمَان عقد وَالْعقد يرد على الْأَعْيَان لَا على الْأَوْصَاف أما ضَمَان الْغَصْب فمتعلق بِالْفِعْلِ على مَا بَينا إِذا غصب رجل ثوب انسان فصبغه الْغَاصِب بصبغ نَفسه أَحْمَر أَو أصفر فَصَاحب الثَّوْب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ الثَّوْب من الْغَاصِب وَأَعْطَاهُ مَا زَاد الصَّبْغ فِيهِ وَإِن شَاءَ ضمنه قيمَة ثوب أَبيض يَوْم الْغَصْب وَقيل لَهُ خِيَار ثَالِث وَهُوَ قَول أبي عصمَة إِن شَاءَ رب الثَّوْب بَاعَ الثَّوْب على حَاله وَيقسم الثّمن على قدر حصتهما كَمَا إِذا انصبغ لَا بِفعل أحد لِأَن الثَّوْب ملك الْمَغْصُوب مِنْهُ والصبغ ملك الْغَاصِب والتمييز مُتَعَذر فصارا شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْب فَيُبَاع الثَّوْب وَيقسم الثّمن بَينهمَا على قدر حصتهما وَهَذَا حسن لِأَنَّهُ طَرِيق لايصال حق كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه معنى وَإِنَّمَا خيرنا صَاحب الثَّوْب دون الْغَاصِب مَعَ أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحب حق لِأَن صَاحب الثَّوْب صَاحب أصل وَالْغَاصِب صَاحب وصف فَكَانَ إِثْبَات الْخِيَار لصَاحب الأَصْل أولى وَفِي البزازي رجل غصب حانوتا واتجر فِيهِ وَربح يطيب لَهُ الرِّبْح لِأَنَّهُ حصل بِالتِّجَارَة وَلَو مر فِي أَرض الْغَيْر إِذا وجد طَرِيقا ثمَّة لَا يحل وَإِن لم يجد طَرِيقا لَهُ ذَلِك مالم يمنعهُ صَاحب الأَرْض فَإِذا مَنعه حرم عَلَيْهِ الْمُرُور لِأَن الصَّرِيح يبطل الدّلَالَة وَهَذَا إِذا كَانَ الْمَار وَاحِدًا فَإِن كَانُوا جمَاعَة فَلَا يُبَاح والمرور فِي الطَّرِيق الْحَادِث إِن كَانَ مَالِكه جعله طَرِيقا يجوز وَإِن لم يعلم أَو علم أَنه غصب فَهَذَا بِنَاء

على أَن الْمُرُور فِي أَرض الْغَيْر بِغَيْر اذنه هَل يُبَاح اخْتلفُوا فِيهِ قَالَ الْفَقِيه إِن علم أَن الْمَالِك أحدثه حل وَإِن علم أَنه غصب حرم وَعَن الامام الْأَعْظَم رَحمَه الله تَعَالَى أَنه إِذا كَانَ لَهُ حَائِط أَو حَائِل لَا يحل الْمُرُور وَلَا النُّزُول فِيهِ وَإِن لم يكن فَلَا بَأْس بِهِ وَعَن أبي الْقَاسِم رَحمَه الله تَعَالَى إِذا خَفِي عَلَيْهِ الطَّرِيق يمشي فِي الأَرْض المزروعة وَلَا يطَأ الزَّرْع وَفِي المنبع رجل غصب جَارِيَة فحبلت فِي يَده إِن كَانَ الْحَبل من الْمولى أَو الزَّوْج فَلَا شَيْء على الْغَاصِب وَإِن كَانَ الْحَبل من زنى أَخذهَا الْمولى وَضَمنَهُ النُّقْصَان وَالْكَلَام فِي قدر الضَّمَان قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله ينظر إِلَى مَا نَقصهَا الْحَبل وَإِلَى أرش عيب الزِّنَى فَيضمن الْأَكْثَر وَيدخل الْأَقَل فِيهِ وَهَذَا اسْتِحْسَان وَفِي الْقيَاس أَن يضمن الْأَمريْنِ جَمِيعًا وروى عَن مُحَمَّد أَنه أَخذ بِهِ لِأَن الْحَبل والزنى كل وَاحِد مِنْهُمَا عيب على حِدة فَكَانَ النُّقْصَان الْحَاصِل بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا نُقْصَانا على حِدة فيفرز بِضَمَان على حِدة وَمن غصب أمة فزنى بهَا هُوَ أَو غَيره فحبلت عِنْده فَردهَا إِلَى الْمَالِك فَهَلَكت بِالْولادَةِ أَو فِي النّفاس ضمن الْغَاصِب قيمتهَا يَوْم علقت وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الْحرَّة اتِّفَاقًا وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يضمن فِي الْأمة شَيْئا أَيْضا وَالصَّحِيح أَن عَلَيْهِ ضَمَان نُقْصَان الْحَبل عِنْدهمَا وَهل يجب على الْغَاصِب حد الزِّنَى أم لَا لم يتَعَرَّض لهَذَا الحكم فِي الْهِدَايَة وَلَا فِي شرح الْجَامِع الصَّغِير لَكِن ذكر الشَّيْخ حسام الدّين السغناقي رَحمَه الله تَعَالَى فِي نهايته أَنه يجب الْحَد لِأَن ضَمَان الْغَصْب يُوجب الْملك دون ضَمَان الْجِنَايَة وَلِهَذَا لَو زنى بِجَارِيَة ثمَّ قَتلهَا يحد عِنْدهم لِأَنَّهُ لَا يملكهَا بِالضَّمَانِ حَتَّى يصير شُبْهَة بِخِلَاف مالو غصب جَارِيَة فزنى بهَا فَقَتلهَا ثمَّ ضمن قيمتهَا لم يحد لِأَن ضَمَان الْغَصْب يُوجب الْملك وَلَو غصب أمة فزنى بهَا فَمَاتَتْ قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى الْأَصَح أَنه تجب الْقيمَة وَلَا يجب الْحَد فعلى هَذَا إِن وجوب ضَمَان الْجِنَايَة مَعَ وجوب الْحَد يَجْتَمِعَانِ وَأما وجوب ضَمَان الْغَصْب مَعَ وجوب الْحَد فَلَا يَجْتَمِعَانِ وَفِي العمادى إِذا حبس رجلا حَتَّى ضَاعَ مَاله لَا يضمن وَلَو حبس المَال من الْمَالِك وَضاع يضمن إِذا حَال بَين رجل وأملاكه حَتَّى تلفت لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَو فعل ذَلِك فِي الْمَنْقُول ضمن رجل وقف بِجنب دَابَّة انسان وَمنع صَاحبهَا عَنْهَا حَتَّى هَلَكت لَا يضمن وأوضح من هَذَا إِذا قَاتل صَاحب المَال وَقَتله وَلم يَأْخُذهُ حَتَّى تلف المَال لَا يضمن وَقد مر فِي فصل أَنْوَاع الضمانات مَا يُخَالف هَذِه الْمَسْأَلَة وَسُئِلَ مَوْلَانَا الشَّيْخ عَلَاء الدّين وَالشَّيْخ نظام الدّين عَن صَاحب العمادى تغمدهم الله برحمته عَن رجل ختم مَاء أرز آخر حَتَّى هلك الْأرز هَل يضمن أجَاب مَوْلَانَا الشَّيْخ عَلَاء الدّين أَنه يضمن وَفِي التَّجْنِيس رجل أَرَادَ أَن يسْقِي زرعه فَمَنعه إِنْسَان حَتَّى فسد زرعه لَا يضمن قلت وَهَذِه الْمَسْأَلَة تخَالف مَا قبلهَا وَالله أعلم وَفِي الْقنية إِذا منع الْآجر أَو صَاحب الأَرْض الْمُسْتَأْجر من نقل مَتَاعه إِلَى أَن يُعْطي مَا عَلَيْهِ من الْخراج فَهَلَك من مطر أَو غَيره لَا يضمن إِذا اخْتلف الْغَاصِب وَالْمَغْصُوب مِنْهُ فِي الْقيمَة فَالْقَوْل فِي قيمَة الْمَغْصُوب قَول الْغَاصِب مَعَ الْيَمين إِلَّا أَن يُقيم الْمَالِك الْبَيِّنَة بِأَن الْقيمَة أَكثر مِمَّا قَالَه الْغَاصِب فَحِينَئِذٍ يعْمل بِبَيِّنَتِهِ لِأَنَّهُ نور دَعْوَاهُ بِالْحجَّةِ الملزمة وَفِي الذَّخِيرَة وَإِن لم يكن لرب الثَّوْب بَيِّنَة وَجَاء الْغَاصِب بِبَيِّنَة أَن قيمَة ثَوْبه كَذَا وَكذبه رب الثَّوْب

وَسَأَلَ يَمِين الْغَاصِب فَإِنَّهُ يحلف على دَعْوَاهُ وَلَا تقبل بَينته لِأَن بَينته لنفي الزِّيَادَة وَالْبَيِّنَة على النَّفْي لَا تقبل قَالَ بعض مَشَايِخنَا رَحِمهم الله تَعَالَى يَنْبَغِي أَن تقبل بَيِّنَة الْغَاصِب لاسقاط الْيَمين عَن نَفسه وَقد تقبل الْبَيِّنَة لاسقاط الْيَمين أَلا ترى أَن الْمُودع إِذا ادّعى رد الْوَدِيعَة يقبل قَوْله وَلَو اقام الْبَيِّنَة على ذَلِك قبلت بَينته وَطَرِيقه مَا قُلْنَاهُ وَبَعض مَشَايِخنَا قَالُوا يَنْبَغِي أَن يكون فِي كل فصل رِوَايَتَانِ وَكَانَ القَاضِي أَبُو عَليّ النَّسَفِيّ رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول هَذِه الْمَسْأَلَة مشكلة وَمن الْمَشَايِخ من فرق بَين مَسْأَلَة الْوَدِيعَة وَبَين هَذِه الْمَسْأَلَة وَاعْلَم أَن ذكر الْجِنْس وَالصّفة وَالْقيمَة لَيْسَ بِشَرْط فِي دَعْوَى الْغَصْب بِخِلَاف سَائِر الدَّعْوَى لِأَن مُحَمَّدًا ذكر فِي الأَصْل إِذا ادّعى على رجل أَنه غصب مِنْهُ جَارِيَة وَأقَام على ذَلِك بَيِّنَة يحبس الْمُدَّعِي عَلَيْهِ حَتَّى يَجِيء بهَا ويردها على مَالِكهَا قَالَ شمس الْأَئِمَّة يَنْبَغِي أَن تحفظ هَذِه الْمَسْأَلَة لِأَنَّهُ قَالَ أَقَامَ بَيِّنَة أَنه غصب جَارِيَة وَلم يبين جِنْسهَا وصفتها وَقيمتهَا وَمن الْمَشَايِخ من شَرط بَيَان الْجِنْس وَالصّفة وَالْقيمَة وَأول كَلَام مُحَمَّد على هَذَا وَقَالَ ابو بكر الْأَعْمَش رَحمَه الله تَعَالَى تَأْوِيلهَا أَن الشُّهُود شهدُوا على إِقْرَار الْغَاصِب أَنه غصب مِنْهُ جَارِيَة فَثَبت غصب الْجَارِيَة بِإِقْرَارِهِ فِي حق الْجِنْس وَالْقيمَة فَأَما الشَّهَادَة على فعل الْغَصْب فَلَا تقبل مَعَ جَهَالَة الْمَغْصُوب لِأَن الْقَضَاء بِالْمَجْهُولِ غير مُمكن وَالصَّحِيح أَن هَذِه الدَّعْوَى وَالشَّهَادَة مَقْبُولَة بِدُونِ ذكر الْجِنْس وَالصّفة وَالْقيمَة للضَّرُورَة فَإِن الْغَاصِب يكون مُمْتَنعا من إِحْضَار الْمَغْصُوب عَادَة وَحين غصب انما يَتَأَتَّى من الشُّهُود مُعَاينَة فعل الْغَاصِب دون الْعلم بأوصاف الْمَغْصُوب وَسقط اعْتِبَار علمهمْ بالأوصاف لأجل التَّعَذُّر وَثَبت بِشَهَادَتِهِم فعل الْغَاصِب فِيمَا هُوَ مَال مُتَقَوّم فَصَارَ ثُبُوت ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ كثبوته بِالْإِقْرَارِ فَيحْبس كَذَا فِي المنبع رجل اشْترى بِالنَّقْدِ الْمَغْصُوب جَارِيَة أَو ثوبا أَو تزوج بِهِ امْرَأَة حل لَهُ وَطْء الْمَرْأَة وَلبس الثَّوْب وَلَو اشْترى بِالثَّوْبِ الْمَغْصُوب لَا يحل لَهُ وَلَو تزوج على الثَّوْب الْمَغْصُوب يحل غصب ألفا وَاشْترى بهَا جَارِيَة فَبَاعَهَا بِأَلفَيْنِ تصدق بِالرِّبْحِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى لَا يتَصَدَّق بِهِ أَصله الْمُودع إِذا ربح فِي الْوَدِيعَة بِالتَّصَرُّفِ يطيب لَهُ الرِّبْح وَعند الامام الْأَعْظَم وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى لَا يطيب لَهُ ذَلِك وَلَو غصب ألفا وَاشْترى بهَا طَعَاما يُسَاوِي أَلفَيْنِ فَأَكله أَو وهبه لَا يتَصَدَّق بِالرِّبْحِ اجماعا رجل وَجه جَارِيَة إِلَى نخاس للْبيع فَبعثت امْرَأَة النخاس الْجَارِيَة إِلَى حَاجَتهَا فهربت فَالضَّمَان على امْرَأَة النخاس لَا غير لِأَن النخاس أجِير مُشْتَرك وَمن مَذْهَب الامام رَحمَه الله تَعَالَى أَن الْأَجِير الْمُشْتَرك لَا يضمن مَا تلف فِي يَده بِغَيْر فعله وَقَالا يُخَيّر صَاحب الْجَارِيَة بَين تضمين النخاس وَزَوجته جَاءَ الْغَاصِب بِثَوْب وَقَالَ الْمَغْصُوب هَذَا وَقَالَ الْمَالِك لَا بل غَيره فَالْقَوْل للْغَاصِب وَتَمام هَذَا الْفَصْل تقدم شَرحه فِي فصل أَنْوَاع الضمانات فَينْظر ثمَّة نوع فِي الشُّفْعَة دَار بِيعَتْ بِجنب دَار الْوَقْف لَا شُفْعَة للْوَقْف حَتَّى لَا يَأْخُذهَا الْقيم لِأَن الشُّفْعَة تجب بِحَق الْملك والموقوفة لَيست بمملوكة لأحد فِي الْحَقِيقَة قلت وَفِي البزازي مَا يُخَالف هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِنَّهُ قَالَ تثبت الشُّفْعَة بجوار دَار الْوَقْف اه

رجل اشْترى دَارا لِابْنِهِ الصَّغِير وَالْأَب شفيعها فَأَرَادَ أَن يَأْخُذهَا بِالشُّفْعَة كَانَ لَهُ ذَلِك لِأَن الْأَب لَو اشْترى دَار ابْنه يجوز فَكَذَا هَذَا وَإِذا أَخذ كَيفَ يَأْخُذ يَقُول اشْتريت فَأخذت بِالشُّفْعَة وَلَو كَانَ مَكَان الْأَب وَصِيّ يجب أَن يكون الْجَواب فِيهِ كالجواب فِي شِرَاء الْوَصِيّ مَال الْيَتِيم على قَول من يملك الشِّرَاء فَهُوَ كَالْأَبِ وعَلى قَول من لَا يملك لَهُ الشُّفْعَة أَيْضا لَكِن يَقُول اشْتريت وَطلبت الشُّفْعَة ثمَّ يرفع الْأَمر الى القاذي حَتَّى ينصب قيمًا عَن الصَّبِي فَيَأْخُذ الْوَصِيّ مِنْهُ بِالشُّفْعَة وَيسلم الثّمن إِلَيْهِ ثمَّ هُوَ يسلم الثّمن إِلَى الْوَصِيّ كَذَا فِي الْوَلْوَالجيّ وَفِي البزازي الْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَالْمكَاتب والمأذون ومعتق الْبَعْض سَوَاء فِيهَا وَلَا شُفْعَة فِي المنقولات وَإِذا ملك الْعقار بِلَا عوض كَالْهِبَةِ وَالصَّدَََقَة وَالْوَصِيَّة وَالْمِيرَاث أَو بعوض لَيْسَ بِمَال كالمهر وَبدل الْخلْع وَالصُّلْح عَن دم عمدا وَجعله أُجْرَة فَلَا شُفْعَة فِيهَا وَلَا شُفْعَة فِي الْبناء وَالْأَشْجَار إِذا بِيعَتْ بِدُونِ الْعَرَصَة لِأَنَّهُ نقلي وَلَو كَانَ الْبناء بِمَكَّة جَازَ أَن يُؤْخَذ بِالشُّفْعَة وَتُؤْخَذ الشُّفْعَة بِهِ كَذَا روى عَن أبي يُوسُف وَهِي رِوَايَة الْحسن عَن أبي حنيفَة كَذَا ذكره ابْن وهبان فِي شَرحه وَهِي لثَلَاثَة الشَّرِيك فِي الْمَبِيع وَهُوَ الَّذِي لم يقاسم والخليط وَهُوَ المقاسم الَّذِي بَقِي لَهُ خلْطَة فِي الطَّرِيق أَو الشّرْب وَالْجَار الملاصق وَلَا شُفْعَة للْجَار الْمُقَابل إِذا كَانَت الْمحلة نَافِذَة وَتجب الشُّفْعَة إِذا كَانَت غير نَافِذَة وَالشَّفِيع فِي الطَّرِيق أَحَق من الْجَار قَالَ مَشَايِخنَا لِأَنَّهُ لم يرد بِهِ طَرِيقا عَاما لِأَنَّهُ غير مَمْلُوك لأحد وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مَا يكون فِي سكَّة غير نَافِذَة وَإِن لم تكن نَافِذَة حَتَّى كَانَ الطَّرِيق مُشْتَركا بَين أَهلهَا فَإِن كَانَ فِي أَسْفَل السِّكَّة مَا يتَعَلَّق بِهِ حق الْعَامَّة كالمسجد وَنَحْوه فَلَيْسَ لأحد من أهل السِّكَّة شُفْعَة بِالشّركَةِ فِي الطَّرِيق وَإِن كَانَ الْمَسْجِد وسط السِّكَّة فَمن بَيته فِي وَسطهَا أَو مدخلها فَلَيْسَ لَهُ شُفْعَة وَإِن بِيعَتْ دَار فِي الْأَسْفَل فلشركاء الْأَسْفَل فِي الطَّرِيق حق الشُّفْعَة وَالْجَار مَعَ الشَّرِيك شَفِيع حَتَّى إِن سلم الشَّرِيك يَأْخُذهَا الْجَار فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَعَن أبي يُوسُف أَنه لَا يَأْخُذ وَالْجَار إِذا سلم مَعَ الشريط صَحَّ حَتَّى إِذا سلمهَا الشَّرِيك لَا يَأْخُذهَا الْجَار وَبعد تَسْلِيم الشَّرِيك إِنَّمَا يَأْخُذهَا الْجَار إِذا كَانَ بِأحد الطلبين بِأَن يَقُول اني قد طلبتها إِن لم يَأْخُذهَا الشَّرِيك أَخذهَا وَلم يذكر فِي الْكتاب أَن من لَا يرى الشُّفْعَة بالجوار إِذا جَاءَ إِلَى حَاكم يرى الشُّفْعَة بالجوار وطلبها قيل لَا يقْضِي لَهُ بهَا لِأَنَّهُ يزْعم بطلَان دَعْوَاهُ وَقيل يقْضِي بهَا لِأَن الْحَاكِم يرى وُجُوبهَا وَقيل يُقَال لَهُ هَل تعتقد وُجُوبهَا إِن قَالَ نعم حكم لَهُ بهَا وَإِن قَالَ لَا لَا يصغي إِلَى كَلَامه قَالَ الْحلْوانِي رَحمَه الله تَعَالَى وَهَذَا احسن الْأَقَاوِيل وَيحلف فِي دَعْوَى الشُّفْعَة على من يَرَاهَا بِاللَّه مَا لهَذَا قبلك شُفْعَة فِي هَذِه الدَّار وعَلى قَول من يَرَاهَا بالجوار لَا يحلف بِاللَّه مَا لهَذَا قبلك شُفْعَة فِي هَذِه الدَّار لِأَنَّهُ لَو حلف على هَذَا الْوَجْه يحلف بِمَاء على مذْهبه فيتوى حَقه وَلَو قضى حَنَفِيّ لشافعي بالجوار هَل يحل بَاطِنا فِيهِ وَجْهَان ذكرهمَا فِي الْوَسِيط وَفِي أدب الْقَضَاء لقَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين السَّرخسِيّ إِذا بلغ الشَّفِيع الْخَبَر وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ

من يشهده فَإِنَّهُ يَقُول أَنا مطَالب بِالشُّفْعَة حَتَّى لَا يسْقط طلبه فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَالْغَائِب إِذا علم بِالشُّفْعَة هُوَ بِمَنْزِلَة الْحَاضِر فِي الطّلب وَبعد مَا يشْهد لَهُ من الْأَجَل مِقْدَار الْمسَافَة فَإِن لم يقدم وَلم يُوكل من يَأْخُذ لَهُ بِالشُّفْعَة بطلت شفعته قَالَ طلبت الشُّفْعَة لَا تبطل وَلَو قَالَ أطلبها أَو أَنا طَالب لَهَا تبطل وَالصَّحِيح لَا تبطل وَفِي الْمُحِيط إِذا طلب بِأَيّ لفظ كَانَ مَاضِيا أَو مُسْتَقْبلا جَازَ سمع الْيَهُودِيّ بِالْبيعِ يَوْم السبت فَلم يشْهد بطلت الشَّفِيع بالجوار إِذا خَافَ أَنه لَو طلب الشُّفْعَة عِنْد قَاض لَا يرى الشُّفْعَة بالجوار فَلم يطْلب فَهُوَ على شفعته لِأَنَّهُ ترك الْعذر وَإِذا لم يكن للصَّبِيّ من يَأْخُذ شفعته وقف على بُلُوغه لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْتَظر الشَّفِيع إِذا كَانَ غَائِبا وَتَسْلِيم الْأَب وَالْوَصِيّ على الصَّبِي جَائِز خلافًا لمُحَمد وَزفر رحمهمَا الله تَعَالَى أكره على إِسْقَاط الشُّفْعَة أَو الْإِبْرَاء عَن دين لم يجز وَلم تبطل شفعته وَلَا يَصح تَسْلِيم الشُّفْعَة مَعَ الْهزْل وَلَو سد فَمه مكْرها وَلم يتْركهُ ينْطق لم تبطل شفعته وَفِي البزازي الْحِيلَة بعد ثُبُوتهَا تكره بالِاتِّفَاقِ نَحْو أَن يَقُول المُشْتَرِي للشَّفِيع اشتره مني وَإِن كَانَ قبل الثُّبُوت لَا بَأْس بِهِ عدلا كَانَ أَو فَاسِقًا فِي الْمُخْتَار لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِبْطَال وعَلى هَذَا حِيلَة الزَّكَاة وَدفع الرِّبَا وَالْحِيلَة على وُجُوه إِمَّا أَن يهب بَيْتا من دَار من رجل ثمَّ يَبِيع بقيتها مِنْهُ أَو يكون داران متلاصقتان تصدق صَاحب احدى الدَّاريْنِ بِالْحَائِطِ الَّذِي يَلِي جَاره على رجل وَقَبضه ثمَّ بَاعَ مِنْهُ مَا بَقِي من الدَّار أَو يَشْتَرِي عشرَة بِثمن كثير أَو سَهْما من مائَة سهم وَالْبَاقِي بِثمن قَلِيل فَللشَّفِيع الشُّفْعَة فِي الأول لَا فِي الْبَاقِي وَلَو خَافَ البَائِع أَن يفْسخ المُشْتَرِي البيع يَبِيع الْبَاقِي على خِيَار ثَلَاثَة ايام وَلَو خَافَ المُشْتَرِي أَنه إِذا اشْترى الْقَلِيل بِالثّمن الْكثير لَا يَبِيع مِنْهُ الْبَاقِي بِالثّمن يَشْتَرِي السهْم الْوَاحِد على خِيَار ثَلَاثَة أَيَّام فَلَو أَرَادَ الشَّفِيع أَن يحلفهُ بِاللَّه مَا أردْت إبِْطَال الشُّفْعَة لم يكن لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ لَو أقرّ بِهِ لَا يلْزمه شَيْء وَلَو حلفه أَن البيع الأول لم يكن تلجئة لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ ادّعى معنى لَو أقرّ بِهِ للزمه فَيكون خصما وَفِي الكروم وَالْأَشْجَار إِن أَرَادَ الْحِيلَة بَاعَ الْأَشْجَار أَو وَهبهَا بأصلها ثمَّ يَشْتَرِي الأَرْض لِأَنَّهُ صَار شَرِيكا قبل الشِّرَاء فَيقدم على الْجَار أَو يَقُول المُشْتَرِي لَهُ أَنا أبيعها مِنْك بالمأخوذ وَلَا فَائِدَة لَك فِي طلبَهَا فَإِذا قَالَ الشَّفِيع نعم أَو اشْتريت بطلت وَإنَّهُ مَكْرُوه اجماعا قَالَه بكر وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة رَحمَه الله تَعَالَى إِنَّه لَا يكره لِأَنَّهُ لم يقْصد بِهِ الاضرار بالشفيع وَقيل إِن كَانَ الْجَار فَاسِقًا يتَأَذَّى بِهِ فَلَا يكره وَإِلَّا يكره فِي الْأَحْوَال كلهَا أَو يَبِيع الْبناء بِثمن قَلِيل وَلَا شُفْعَة فِيهِ ثمَّ يَبِيع الساحة بِثمن كثير فَلَا يرغب فِي الساحة لِكَثْرَة ثمنهَا الْجُمْلَة منتخبة من البزازي وَالله موفق لطريق الرشاد نوع فِي الْقِسْمَة لَا يقسم حمام وحائط وَبَيت ودكان صَغِير لِأَنَّهُ لَو قسم لَا يبْقى لكل فَائِدَة وانتفاع فِيمَا يَخُصُّهُ وَإِن بَقِي فَائِدَة يقسم بَينهمَا والحوض لَا يقسم عشرا فِي عشر أَو أقل وَكَذَا الْخَشَبَة الْوَاحِدَة لَو كَانَ فِي قطعهَا ضَرَر وَلَا يقسم بِئْر ونهر وقناة الا إِذا كَانَت مَعَ أَرض فتقسم وتترك الْبِئْر والقناة على الشّركَة الثَّوْب الْوَاحِد لَا يقسم الا بِالتَّرَاضِي

وَفِي الْوَلْوَالجيّ دَار بَين اثْنَيْنِ انْهَدَمت فَقَالَ أَحدهمَا أبني وأبى الآخر قسمت بَينهمَا وَفِي الملتقطات دَار بَين اثْنَيْنِ لأَحَدهمَا الْقَلِيل وَللْآخر الْكثير وَصَاحب الْقَلِيل لَا ينْتَفع بِنَصِيبِهِ بعد الْقِسْمَة فَطلب صَاحب الْكثير الْقِسْمَة وابى صَاحب الْقَلِيل قسمت بالِاتِّفَاقِ وَإِذا كَانَ على الْعَكْس قَالَ أَبُو الْحسن الْكَرْخِي فِي مُخْتَصره لَا تقسم وَإِلَيْهِ ذهب الاسبيجابي والفقيه أَبُو اللَّيْث وَأَبُو بكر وَمُحَمّد بن أبي سهل السَّرخسِيّ وَجعلُوا هَذَا قَول أَصْحَابنَا وَذكر الْحَاكِم الشَّهِيد أَنَّهَا تقسم وَإِلَيْهِ ذهب خُوَاهَر زَاده وَعَلِيهِ الْفَتْوَى لِأَن الطَّالِب رَضِي بِالْقِسْمَةِ وَهَذِه الْقِسْمَة لَا تَتَضَمَّن الضَّرَر على الآبي صبرَة مُشْتَركَة بَين الدهْقَان والمزارع قَالَ الدهْقَان أقسمها وأفرز حصتي فَقَسمهَا الْمزَارِع فِي غيبَة الدهْقَان وَحمل حِصَّته إِلَيْهِ فَلَمَّا رَجَعَ وجد حِصَّة الْمزَارِع قد تلفت فالهلاك عَلَيْهِمَا وَإِن ترك حِصَّة الدهْقَان مفرزة وَحمل حِصَّته إِلَى منزله فَلَمَّا رَجَعَ وجد حِصَّة الدهْقَان قد تلفت فالهلاك على الدهْقَان وَفِي واقعات السَّمرقَنْدِي إِذا تلفت حِصَّة الدهْقَان قبل قَبضه ينقضها وَيرجع على الأكار بِنصْف الْمَقْبُوض وَإِن تلفت حِصَّة الأكار لَا تنقض لِأَن تلفهَا بعد قَبضه وَالْغلَّة كلهَا فِي يَده والاصل أَن هَلَاك حِصَّة من الْمكيل فِي يَده قبل قبض الآخر نصِيبه لَا يُوجب انْتِقَاض الْقِسْمَة وهلاك حِصَّة من لم يكن الْمكيل فِي يَده قبل قبض حِصَّته يُوجب انتقاضها وَذكر شيخ الاسلام رَحمَه الله تَعَالَى أَن الْمكيل وَالْمَوْزُون لَو كَانَ بَين اثْنَيْنِ فاقتسماه وَقبض أَحدهمَا حِصَّته للْآخر حَتَّى تلف نصيب الآخر تنقض الْقِسْمَة وَيكون التَّالِف وَالْبَاقِي على الشّركَة وتأويله إِذا لم يكن الْمَقْسُوم فِي يَد أَحدهمَا والمقبوض بِالْقِسْمَةِ الْفَاسِدَة تثبت يَد الْمَالِك فِيهِ وَفِي المنبع إِذا طلب أحد الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَة وأبى الآخر فَأمر القَاضِي قاسما ليقسمه بَينهمَا فالأجرة على الطَّالِب كَذَا روى الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الْأُجْرَة عَلَيْهِمَا وَفِي الذَّخِيرَة سُئِلَ ابو جَعْفَر عَن سُلْطَان غرم أهل قَرْيَة فأرادوا قسْمَة الغرامة وَاخْتلفُوا فِيمَا بَينهم فَقَالَ قَالَ بَعضهم يقسم على قدر الْأَمْلَاك وَقَالَ بَعضهم يقسم ذَلِك على عدد الرؤوس وَقَالَ بَعضهم إِن كَانَت الغرامة لتحصين أملاكهم تقسم على قدر الْأَمْلَاك وَإِن كَانَت الغرامة لتحصين الْأَبدَان يقسم ذَلِك على عدد الرؤوس وَلَا شَيْء على النسوان وَالصبيان فِي ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يتَعَرَّض لَهُم وارثان فِي يدهما عقار ومعهما غَائِب أَو صبي وبرهنا على الْوَفَاة وَعدد الْوَرَثَة قسم الْعقار بطلبهما وَنصب القَاضِي عَن الْغَائِب وَكيلا وَعَن الصَّبِي وَصِيّا يقبض نصيبهما وَلَا بُد من اقامة الْبَيِّنَة فِي هَذِه الصُّورَة ثمَّ اعْلَم أَن هَاهُنَا مَسْأَلَة لَا بُد من مَعْرفَتهَا وَهِي أَن القَاضِي إِنَّمَا ينصب وَصِيّا عَن الصَّغِير إِذا كَانَ الصَّغِير حَاضرا أما إِذا كَانَ غَائِبا فَلَا ينصب عَنهُ وَصِيّا وَالْفرق أَن الصَّغِير إِذا كَانَ حَاضرا تتَوَجَّه الدَّعْوَى عَلَيْهِ فلصحة الدَّعْوَى ينصب عَنهُ من يُجيب عَنهُ وَأما إِذا كَانَ الصَّغِير غَائِبا لم تصح الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَلَا يحْتَاج إِلَى نصب من يُجيب عَنهُ فَلم تقع الضَّرُورَة على نصب الْوَصِيّ فَافْتَرقَا كَذَا فِي المنبع وَفِي البزازي أَنه لَا يشْتَرط حَضْرَة الصَّغِير بل يشْتَرط أَن يكون فِي ولَايَته وَأَن يكون الْحَاكِم الناصب عَالما بِوُجُودِهِ وحاله اه

الفصل الثاني عشر في الإكراه

الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي الْإِكْرَاه وَهُوَ عبارَة عَن تهديد الْقَادِر غَيره على مَا هدده بمكروه على أَمر بِحَيْثُ يَنْتَفِي بِهِ الرِّضَا وَفِي المنبع الْإِكْرَاه نَوْعَانِ نوع يرجع إِلَى الْمُكْره وَنَوع يرجع إِلَى الْمُكْره أما الَّذِي يرجع إِلَى الْمُكْره فَهُوَ أَن يكون الْمُكْره قَادِرًا على تَحْقِيق مَا هدد بِهِ لِأَن الضَّرُورَة لَا تتَحَقَّق إِلَّا عِنْد الْقُدْرَة على الايقاع فَإِنَّهُ إِذا لم يكن قَادِرًا على الْإِكْرَاه يكون هذيانا وَفِي هَذَا الْمَعْنى لَا فرق بَين السُّلْطَان وَغَيره هَذَا على مَذْهَبهمَا ظَاهر لتحَقّق الْإِكْرَاه من السُّلْطَان وَغَيره وَأما على مَذْهَب أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فقد قيل إِنَّه لَا يتَحَقَّق الْإِكْرَاه الا من السُّلْطَان أَي من السُّلْطَان الْأَعْظَم لِأَن الْقُدْرَة لَا تتَحَقَّق الا من السُّلْطَان وَقيل انه يتَحَقَّق مِمَّن يملك الْحُدُود وَالصَّحِيح أَن الِاخْتِلَاف فِي ذَلِك اخْتِلَاف عصر وزمان لَا حجَّة وبرهان لِأَن زمَان أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لم يكن لغير السُّلْطَان من الْقُوَّة مَا يتَحَقَّق بِهِ الْإِكْرَاه فَأفْتى على حسب مَا عاين وَفِي زمانهما ظهر الْفساد وَصَارَ الْأَمر إِلَى كل متغلب فتحقق الْإِكْرَاه من الْكل وَفِي البزازي نفس الْأَمر من السُّلْطَان بِلَا تهديد إِكْرَاه لِأَنَّهُ لَو لم يمتثل يُعَاقِبهُ وَقَالا إِن كَانَ الْمَأْمُور يعلم أَنه لَو لم يفعل مَا قَالَه السُّلْطَان يُعَاقِبهُ كَانَ أمره لَهُ بِالْفِعْلِ إِكْرَاها وَفِي الْبَدَائِع الْبلُوغ وَالْعقل والتمييز الْمُطلق لَيْسَ بِشَرْط لتحَقّق الاكراه حَتَّى يتَحَقَّق من الصَّبِي الْعَاقِل إِذا كَانَ مُطَاعًا مسلطا وَمن الْبَالِغ الْمُخْتَلط الْعقل إِذا كَانَ مُطَاعًا مسلطا للقدرة على الايقاع وَأما النَّوْع الَّذِي يرجع إِلَى الْمُكْره فَهُوَ أَن يكون فِي غَالب رَأْيه أَنه لَو لم يجب إِلَى مَا دعِي إِلَيْهِ تحقق مَا أوعد بِهِ لِأَن غَالب الرَّأْي حجَّة يعْمل بِهِ خُصُوصا عَنهُ تعذر الْوُصُول إِلَى الْيَقِين حَتَّى لَو كَانَ فِي أكبر رَأْيه أَن الْمُكْره لَا يُحَقّق مَا أوعده بِهِ لَا يثبت حكم الاكراه شرعا وَإِن وجدت صُورَة الإيعاد لِأَن الضَّرُورَة لم تتَحَقَّق وَمثله لَو أمره بِفعل وَلم يوعده عَلَيْهِ وَلَكِن فِي أكبر رَأْي الْمُكْره أَنه لَو لم يفعل يتَحَقَّق مَا أوعد بِهِ فَثَبت حكم الاكراه لتحَقّق الضَّرُورَة وَلِهَذَا لَو كَانَ فِي أكبر رَأْيه أَنه لَو امْتنع عَن تنَاول الْميتَة وصبر إِلَى أَن يلْحقهُ الْجُوع المهلك لأزيل عَنهُ الاكراه لَا يُبَاح لَهُ التَّنَاوُل فِي الْحَال وَإِن كَانَ فِي أكبر رَأْيه أَنه لَو صَبر إِلَى تِلْكَ الْحَالة لَا يَزُول عَنهُ الاكراه يُبَاح لَهُ التَّنَاوُل فِي الْحَال فَدلَّ أَن الْعبْرَة لغالب الرَّأْي وأكبر الظَّن دون صُورَة الإيعاد وَفِي الْهِدَايَة وَإِذا أكره على بيع مَاله أَو شِرَاء سلْعَة أَو على أَن يقر لرجل بِأَلف أَو يُؤجر دَاره فأكره على ذَلِك بِالْقَتْلِ أَو بِالضَّرْبِ الشَّديد أَو بِالْحَبْسِ فَبَاعَ أَو اشْترى فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أمضى البيع وَإِن شَاءَ فَسخه وَرجع بِالْمَبِيعِ لِأَن من شَرط صِحَة هَذِه الْعُقُود التَّرَاضِي قَالَ الله تَعَالَى {إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم} وَالْإِكْرَاه بِهَذِهِ الْأَشْيَاء بِعَدَمِ الرِّضَا فتفسد بِخِلَاف من إِذا أكره بِضَرْب سَوط أَو حبس يَوْم أَو قيد يَوْم لِأَنَّهُ لَا يُبَالِي بهَا بِالنّظرِ إِلَى الْعَادة فَلَا يتَحَقَّق بِهِ الاكراه الا إِذا كَانَ رجلا صَاحب منصب يعلم أَنه يتَضَرَّر بِهِ فَإِنَّهُ يفوت الرِّضَا وَفِي الْوَلْوَالجيّ إِذا كَانَ الرجل من الْأَشْرَاف أَو من الأجلاء أَو من كبراء الْعلمَاء أَو الرؤساء بِحَيْثُ يستنكف عَن ضرب سَوط أَو حبس سَاعَة لم يجز إِقْرَاره لِأَن مثل هَذَا الرجل يُؤثر ألف دِرْهَم

على مَا يلْحقهُ من الهوان بِهَذَا الْقدر من الْحَبْس والقيد فَكَانَ مكْرها وَكَذَا الْإِقْرَار حجَّة لترجح جَانب الصدْق فِيهِ على جَانب الْكَذِب وَعند الْإِكْرَاه يحْتَمل أَنه يكذب لدفع الْمضرَّة وَفِي الذَّخِيرَة وَلَو هدد بِضَرْب سَوط أَو سوطين فَهُوَ لَا يعْتَبر إِلَّا أَن يَقُول لأضربنك على عَيْنَيْك أَو على المذاكير وَفِي الْبَدَائِع الْإِكْرَاه يمْنَع صِحَة الْإِقْرَار سَوَاء كَانَ الْمقر بِهِ مِمَّا يحْتَمل الْفَسْخ أَو لَا يحْتَمل وَسَوَاء كَانَ مِمَّا يسْقط بِالشُّبُهَاتِ كالحدود وَالْقصاص أَو لَا وَلَو أكره على الْإِقْرَار بذلك ثمَّ خلى سَبيله فَهَذَا على وَجْهَيْن إِمَّا أَن يتَوَارَى عَن بصر الْمُكْره حينما خلى سَبيله وَإِمَّا أَن لَا يتَوَارَى عَن بَصَره حَتَّى بعث من أَخذه ورده إِلَيْهِ فَإِن كَانَ قد توارى عَن بَصَره ثمَّ أَخذه فَأقر إِقْرَارا مستأنفا جَازَ إِقْرَاره لِأَنَّهُ لما خلى سَبيله حَتَّى توارى عَن بَصَره فقد زَالَ الْإِكْرَاه عَنهُ فَإِذا أقرّ بِهِ من غير إِكْرَاه جَدِيد فقد أقرّ طَائِعا فصح وَإِن كَانَ لم يتوار عَن بَصَره بعد حَتَّى رده إِلَيْهِ فَأقر بِهِ من غير تَجْدِيد الْإِكْرَاه لم يَصح لِأَنَّهُ لما لم يتوار عَن بَصَره فَهُوَ على الْإِكْرَاه الأول وَلَو أكرهه على الْإِقْرَار بِالْقصاصِ فَأقر بِهِ فَقتله حَيْثُمَا أقرّ بِهِ من غير بَيِّنَة فَإِن كَانَ الْمقر مَعْرُوفا بالدعارة يدْرَأ عَنهُ الْقصاص اسْتِحْسَانًا وَإِن لم يكن مَعْرُوفا بهَا يجب الْقصاص وَالْقِيَاس أَن يجب الْقصاص على الْمُكْره كَيْفَمَا كَانَ لِأَن الْإِقْرَار بِالْإِكْرَاهِ لما لم يَصح شرعا كَانَ وجوده وَعَدَمه بِمَنْزِلَة وَاحِدَة ح فَصَارَ كَمَا لَو قَتله ابْتِدَاء وَنَظِيره مَا إِذا دخل رجل على آخر فِي منزله فخاف صَاحب الْمنزل أَنه داعر دخل عَلَيْهِ ليَقْتُلهُ وَيَأْخُذ مَاله فبادر وَقَتله فَإِن كَانَ الدَّاخِل مَعْرُوفا بالدعارة لَا يجب الْقصاص على صَاحب الْمنزل وَإِن لم يكن مَعْرُوفا بالدعارة يجب الْقصاص على صَاحب الْمنزل كَذَا هَذَا وَإِذا لم يجب الْقصاص يجب الْأَرْش لِأَن سُقُوط الْقصاص للشُّبْهَة وَإِنَّهَا لَا تمنع وجوب المَال وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَنه لَا يجب الْأَرْش أَيْضا إِذا كَانَ مَعْرُوفا بالدعارة انْتهى كَلَام الْبَدَائِع وَفِي البزازي وَلَو أكره على شرب الْخمر بإكراه يخَاف مِنْهُ التّلف أَو تلف عُضْو أَو قَالَ لأحبسنك أَو لأضربنك بالسياط يحل لَهُ شربه وَلَو امْتنع يَأْثَم أكره على الْهِبَة فوهب وَسلم طَائِعا لَا يكون ملكا للْمَوْهُوب لَهُ وَالْإِكْرَاه على الْهِبَة إِكْرَاه على التَّسْلِيم بِخِلَاف البيع فَإِن الْإِكْرَاه على البيع لَا يكون إِكْرَاها على التَّسْلِيم أكره على البيع بِأَلف فَبَاعَهُ بِأَقَلّ لَا يجوز فِي الِاسْتِحْسَان أكره على البيع فوهب جَازَ أكره على البيع وَلم يسم المُشْتَرِي فَبَاعَهُ من إِنْسَان لَا يجوز طالبوه بِمَال بَاطِل وأكره على أَدَائِهِ فَبَاعَ جَارِيَته بِلَا إِكْرَاه على البيع جَازَ البيع لِأَنَّهُ غير مُتَعَيّن لأدائه وَهَذَا عَادَة الظلمَة إِذا صادروا رجلا أَن يتحكموا بِالْمَالِ وَلَا يذكرُوا بيع شَيْء من مَاله وَالْحِيلَة لَهُ فِيهِ أَن يَقُول من أَيْن أعطي وَلَا مَال لي فَإِذا قَالَ الظَّالِم لَهُ بِعْ جاريتك فقد صَار مكْرها على بيع الْجَارِيَة فَلَا ينْعَقد بيعهَا أكره على الْإِبْرَاء عَن الْحُقُوق أَو الْكفَالَة بِالنَّفسِ أَو تَسْلِيم الشُّفْعَة أَو ترك طلبَهَا كَانَ بَاطِلا

رجل ضرب زَوجته حَتَّى أقرَّت بِاسْتِيفَاء مهرهَا جَازَ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لِأَن الْإِكْرَاه لَا يتَحَقَّق إِلَّا من السُّلْطَان قَالَ أَي البزازي وَالزَّوْج سُلْطَان زَوجته فَيتَحَقَّق مِنْهُ الاكراه وَلم يذكر الْخلاف قلت وَسِيَاق اللَّفْظ يدل على الْوِفَاق وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم وَفِي المنبع إِذا أكره انسان رجلا بِالْإِكْرَاهِ التَّام على أَن يُطلق امْرَأَته أَو يعْتق عَبده فَفعل وَقع الطَّلَاق وَالْعِتْق عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ وَإِذا أكره على التَّوْكِيل بِالطَّلَاق وَالْعتاق فَفعل الْوَكِيل فالتوكيل جَائِز اسْتِحْسَانًا وَقد تصرف الْوَكِيل وَالْقِيَاس أَن لَا تصح الْوكَالَة مَعَ الْإِكْرَاه لِأَن كل عقد يُؤثر فِيهِ الْهزْل يُؤثر فِيهِ الْإِكْرَاه ومالا يُؤثر فِيهِ الْهزْل لَا يُؤثر فِيهِ الْإِكْرَاه لِأَنَّهُمَا ينفيان الرِّضَا وَالْوكَالَة تبطل بِالْهَزْلِ فَكَذَا بِالْإِكْرَاهِ وَفِي جَامع الفتاوي أكره على أَن يكْتب على قرطاس امْرَأَته أَو أمرهَا بِيَدِهَا لم يَصح إِلَّا إِذا نوى وَلَو أكره على أَن يقر بِالطَّلَاق فَأقر لَا يَقع كَذَا ذكره السَّرخسِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي أدب الْقَضَاء أكره على نذر أَو حد أَو قطع أَو نسب فَأقر لَا يلْزمه شَيْء وَفِي الْمُحِيط من الْمَشَايِخ من قَالَ بِصِحَّة الْإِقْرَار بِالسَّرقَةِ مكْرها وَعَن الْحسن بن زِيَاد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يحل ضرب السَّارِق حَتَّى يقر وَقَالَ مالم يقطع اللَّحْم أَو يظْهر الْعظم أمره بقتل رجل وَلم يقل إِن لم تقتله لأَقْتُلَنك لَكِن يعلم أَنه إِن لم يقْتله يَقع مَا يهدد بِهِ كَانَ مكْرها الْكَافِر إِذا أكره مُسلما على الْكفْر وَله امْرَأَة مسلمة فارتكب وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان لم تبن امْرَأَته لِأَنَّهُ لَا يحكم بِكُفْرِهِ بإجراء الْكَلِمَة على لِسَانه فَإِن قَالَت الْمَرْأَة قد كفرت وَقد بنت مِنْك وَقَالَ الزَّوْج أظهرت ذَلِك بِعُذْر الْإِكْرَاه وقلبي مطمئن بِالْإِيمَان فَالْقَوْل قَوْله اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاس أَن يكون القَوْل قَوْلهَا وَيحكم بالفرقة أكره على الاسلام فَأسلم صَحَّ وَلَو ارْتَدَّ يحبس وَلَا يقتل اسْتِحْسَانًا وَفِي الْعِمَادِيّ رجل سعى إِلَى سُلْطَان ظَالِم حَتَّى غرم رجلا جملَة من المَال إِن كَانَت السّعَايَة بِحَق بِأَن كَانَ يُؤْذِيه وَلَا يُمكنهُ دفع الْأَذَى عَن نَفسه إِلَّا بِالدفع إِلَيْهِ أَو كَانَ فَاسِقًا لَا يمْتَنع بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ فَفِي مثل هَذَا الْموضع لَا يضمن السَّاعِي وَلَو قَالَ إِن فلَانا وجد كنزا أَو لقطَة وَقد ظهر أَنه كَاذِب ضمن إِلَّا إِذا كَانَ السُّلْطَان عادلا لَا يغرم بِمثل هَذِه السّعَايَة أَو قد يغرم وَقد لَا يغرم فَلَا يضمن السَّاعِي وَفِي الْقنية سعى بِرَجُل إِلَى السُّلْطَان فَأخذ مِنْهُ مَالا ظلما يضمن السَّاعِي روى هَذَا عَن زفر وَبِه قَالَ كثير من مَشَايِخنَا لمصْلحَة الْعَامَّة وَفِي شرح الصباغي إِن كَانَت السّعَايَة بِحَق كَمَا لَو أَذَاهُ أَو دَامَ على الْفسق وَلَا يتعظ بالعظة فَأخْبر السُّلْطَان فغرمه مَالا لَا يضمن وَفِي فتاوي قاضيخان رجل ادّعى على آخر سَرقَة وَقدمه إِلَى السُّلْطَان وَطلب مِنْهُ أَن يضْربهُ حَتَّى يقر فَضَربهُ مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو حَبسه فخاف الْمَحْبُوس من التعذيب وَالضَّرْب فَصَعدَ السَّطْح لينفلت فَسقط عَن السَّطْح فَمَاتَ وَقد كَانَت لحقته غَرَامَة فِي هَذِه الْحَادِثَة فظهرت السّرقَة على يَد غَيره كَانَ للْوَرَثَة أَن يَأْخُذُوا صَاحب السّرقَة بدية أَبِيهِم وبالغرامة الَّتِي أَدَّاهَا إِلَى السُّلْطَان

وَفِي الذَّخِيرَة الْمَضْرُوب إِذا شكا إِلَى السُّلْطَان وَأخذ مَالا من الضَّارِب لَا ضَمَان على الْمَضْرُوب وَفِي الْقنية رجل أخبر الظلمَة أَن لفُلَان حِنْطَة فِي مطمورة فَأَخَذُوهَا مِنْهُ فَلهُ أَن يرجع بهَا على الْمخبر وَكَذَا إِذا علمهَا الظَّالِم لَكِن أمره السَّاعِي بِالْأَخْذِ يضمن وَلَو قَالَ النمام للظالم لفُلَان فرس جيد فَأَخذه الظَّالِم مِنْهُ فالنمام هُنَا ضَامِن اه نوع فِي الْحجر وَسَببه الصغر وَالْجُنُون وَالرّق فَلم يَصح طَلَاق صبي وَمَجْنُون غلب على عقله وعتقهما وإقرارهما وَصَحَّ طَلَاق العَبْد وَإِقْرَاره فِي حق نَفسه لَا فِي حق سَيّده فَلَو أقرّ بِمَال آخر إِلَى عتقه وبحد وقود عجل وَمن عقد مِنْهُم وَهُوَ يعقله أجَاز وليه أَو رد وَإِن أتلفوا شَيْئا ضمنُوا كَذَا فِي الْوِقَايَة وَفِي الْهِدَايَة قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا أحجر على الْحر الْعَاقِل الْبَالِغ السَّفِيه وتصرفه فِي مَاله جَائِز وَإِن كَانَ مبذرا مُفْسِدا يتْلف مَاله فِيمَا لَا غَرَض لَهُ فِيهِ وَلَا مصلحَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يحْجر عَلَيْهِ وَيمْنَع من التَّصَرُّف فِي مَاله وَإِذا حجر القَاضِي عَلَيْهِ ثمَّ رفع إِلَى قَاض آخر فَأبْطل حجره وَأطلق عَنهُ جَازَ لِأَن الْحجر مِنْهُ فَتْوَى وَلَيْسَ بِقَضَاء أَلا ترى أَنه لم يُوجد الْمقْضِي لَهُ والمقضي عَلَيْهِ وَلَو كَانَ قَضَاء فَنَفْس الْقَضَاء مُخْتَلف فِيهِ فَلَا بُد من الْإِمْضَاء حَتَّى لَو رفع تصرفه بعد الْحجر إِلَى القَاضِي الحاجر أَو إِلَى غَيره فَقضى بِبُطْلَان تصرفه ثمَّ رفع إِلَى قَاض آخر نفذ إِبْطَاله لاتصال الْإِمْضَاء بِهِ فَلَا يقبل النَّقْض بعد ذَلِك ثمَّ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى إِذا بلغ الْغُلَام غير رشيد لم يسلم إِلَيْهِ مَاله حَتَّى يبلغ خمْسا وَعشْرين سنة فَإِن تصرف فِيهِ قبل ذَلِك نفذ تصرفه فَإِذا بلغ خمْسا وَعشْرين سنة سلم إِلَيْهِ مَاله وَإِن لم يؤنس مِنْهُ الرشد وَقَالا لَا يدْفع إِلَيْهِ مَاله أبدا حَتَّى يؤنس مِنْهُ الرشد وَلَا يجوز تصرفه فِيهِ لِأَن عِلّة الْمَنْع السَّفه فيبقي مَا بقيت الْعلَّة وَصَارَ كَالصَّبِيِّ وَلَا يحْجر على الْفَاسِق المصلح لمَاله خلافًا للشَّافِعِيّ لِأَن الْحجر عَلَيْهِ زجر وعقوبة كَمَا فِي السَّفِيه وَلِهَذَا لم يَجْعَل أَهلا للشَّهَادَة وَالْولَايَة عِنْده وَلنَا أَنه مصلح لمَاله فَيكون الرشد مأنوسا مِنْهُ فَيدْفَع مَاله إِلَيْهِ لقَوْله تَعَالَى {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا فادفعوا إِلَيْهِم أَمْوَالهم} وَقد علق الرشد بإيناس رشد وَاحِد لِأَنَّهُ نكرَة فِي الاثبات والرشد فِي المَال مُرَاد بقول ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فَلَا يكون الرشد فِي الدّين مرَادا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يكون مُعَلّقا برشدين وَتخرج الزَّكَاة من مَال السَّفِيه لِأَنَّهُ وَاجِب عَلَيْهِ وَينْفق على أَوْلَاده وَزَوجته وَمن يجب عَلَيْهِ نَفَقَته من ذَوي أرحامه لِأَن إحْيَاء وَلَده وَزَوجته من حَوَائِجه والإنفاق على ذَوي الرَّحِم وَاجِب عَلَيْهِ حَقًا لقريبه والسفه لَا يبطل حق النَّاس إِلَّا أَن القَاضِي يدْفع قدر الزَّكَاة إِلَيْهِ ليصرفها إِلَى مصرفها لِأَنَّهُ لَا بُد من نِيَّته لكَونهَا عبَادَة لَكِن يبْعَث أَمينا مَعَه كي لَا يصرفهَا فِي غير وَجههَا وَفِي النَّفَقَة تدفع إِلَى أَمِينه ليصرفها لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعبَادة فَلَا يحْتَاج إِلَى نِيَّته وَإِن أَرَادَ حجَّة الاسلام لم يمْنَع مِنْهَا لِأَنَّهُ وَاجِب عَلَيْهِ بِإِيجَاب الله تَعَالَى من غير صنعه وَلَا يسلم القَاضِي النَّفَقَة إِلَيْهِ ويسلمها إِلَى ثِقَة من الْحَاج ينفقها عَلَيْهِ فِي طَرِيق الْحَج كي لَا يتلفها فِي غير هَذَا الْوَجْه اه كَلَام الْهِدَايَة

الفصل الثالث عشر في النكاح

وَفِي نِصَاب الذرائع وَلَا يحْجر على الْمَدْيُون عِنْده وَلَكِن يحبس بِالدّينِ إِن كَانَ لَهُ مَال حَتَّى يقْضِي دينه وَالْقَاضِي يقْضِي دينه بدراهمه ودنانيره بِغَيْر أمره لِأَنَّهَا معدة لقَضَاء الدّين وَقَالا يحْجر عَلَيْهِ بِطَلَب الْغُرَمَاء الْحجر وَيبِيع مَاله لقَضَاء دينه بِدَرَاهِم وَيقسم ثمن مَا بَاعَ من مَاله بَين غُرَمَائه بِالْحِصَصِ وَينْفق عَلَيْهِ من مَاله كَمَا ينْفق من مَال السَّفِيه لِأَن الْإِنْفَاق لَا بُد مِنْهُ دفعا للهلاك نوع فِي معرفَة حد الْبلُوغ وَفِي العمادى الْبلُوغ يكون تَارَة بِالسِّنِّ وَتارَة يكون بالعلامة والعلامة فِي الْجَارِيَة الْحيض والاحتلام وَالْحَبل وَأدنى الْمدَّة تسع سِنِين هُوَ الْمُخْتَار والعلامة فِي الْغُلَام الِاحْتِلَام والإحبال وَأدنى الْمدَّة اثْنَتَا عشرَة سنة وَأما السن فِي الْغُلَام فَهُوَ إِذا دخل فِي التَّاسِعَة عشر وَفِي الْجَارِيَة إِذا دخلت فِي السَّابِعَة عشر وَفِي بعض الرِّوَايَات عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه اعْتبر نَبَات الشّعْر وَهُوَ قَول مَالك رَحمَه الله تَعَالَى وَفِي الْهِدَايَة وَإِذا راهق الْغُلَام أَو الْجَارِيَة وأشكل أَمرهمَا فِي الْبلُوغ فَقَالَا قد بلغنَا فَالْقَوْل قَوْلهمَا وأحكامهما أَحْكَام الْبَالِغين لِأَنَّهُ معنى لَا يعرف الا من جهتهما ظَاهرا فَإِذا أخبرا بِهِ وَلم يكذبهما الظَّاهِر قبل قَوْلهمَا كَمَا يقبل قَول الْمَرْأَة فِي الْحيض وَفِي فتاوي قاضيخان امْرَأَة وهبت مهرهَا من زَوجهَا وَقَالَت أَنا مدركة ثمَّ قَالَت لم أكن مدركة وكذبت فِيمَا قَالَت قَالُوا إِن كَانَت تشبه المدركات فِي ذَلِك الْوَقْت أَو كَانَت بهَا عَلامَة المدركات لَا تصدق لِأَنَّهَا لم تكن مدركة وَإِن لم تكن كَذَلِك فَإِن القَوْل قَوْلهَا وَفِي فتاوي النَّسَفِيّ سُئِلَ عَن قوم اصْطَلحُوا على شَيْء وَفِيهِمْ مراهق وَأقر الْمُرَاهق عِنْد الصُّلْح أَنه بَالغ ثمَّ قَالَ بعض الْوَرَثَة بعد ذَلِك إِنَّه لم يكن بَالغا وَلم يَصح هَذَا الصُّلْح قَالَ القَوْل قَول الصَّبِي بِالْبُلُوغِ بِشَرْط أَن يكون ابْن ثَلَاث عشرَة سنة لِأَن الْأَقَل من ذَلِك نَادرا الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي النِّكَاح اخْتلف أَصْحَابنَا رَحمَه الله تَعَالَى فِيهِ قَالَ بَعضهم إِنَّه مَنْدُوب ومستحب وَإِلَيْهِ ذهب الْكَرْخِي وَقَالَ بَعضهم فرض كِفَايَة إِذا قَامَ بِهِ الْبَعْض سقط عَن البَاقِينَ كالجهاد وَصَلَاة الْجِنَازَة وَقَالَ بَعضهم إِنَّه وَاجِب على سَبِيل الْكِفَايَة كرد السَّلَام وَقَالَ بَعضهم إِنَّه وَاجِب عينا لَكِن عملا لَا اعتقادا على طَرِيق التَّعْيِين كصدقة الْفطر وَالْوتر وَالْأُضْحِيَّة وَفِي الْمجمع قَالَ يسن حَالَة الِاعْتِدَال وَيجب فِي التوقان وَيكرهُ لخوف الْجور وَفِي الْهِدَايَة وَينْعَقد بالايجاب وَالْقَبُول بلفظين يعبر بهما عَن الْمَاضِي لِأَن الصِّيغَة وَإِن كَانَت للإخبار وضعا فقد جعلت للإنشاء شرعا دفعا للْحَاجة وَينْعَقد بلفظين يعبر بِأَحَدِهِمَا عَن الْمَاضِي وبالآخر عَن الْمُسْتَقْبل مثل أَن يَقُول زَوجنِي فَيَقُول زَوجتك لِأَن هَذَا تَوْكِيل بِالنِّكَاحِ وَالْوَاحد يتَوَلَّى طرفِي النِّكَاح وَينْعَقد بِلَفْظ النِّكَاح وَالتَّزْوِيج وَالْهِبَة وَالتَّمْلِيك وَالصَّدَََقَة وَالْبيع وَلَا ينْعَقد بِلَفْظ الاجارة فِي الصَّحِيح وَلَا بِلَفْظ الْإِحْلَال وَالْإِبَاحَة وَالْإِجَارَة وَالْوَصِيَّة وَلَا ينْعَقد نِكَاح الْمُسلمين إِلَّا بِحُضُور شَاهِدين حُرَّيْنِ عاقلين بالغين مُسلمين أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ عُدُولًا كَانُوا أَو غير عدُول أَو محدودين فِي قذف

وَينْعَقد النِّكَاح بِشَهَادَة الأعميين عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ لِأَن الْبَصَر شَرط لإِظْهَار النِّكَاح عِنْده وَعِنْدنَا بصر الشَّاهِد لَيْسَ بِشَرْط وَفِي الذَّخِيرَة وَلَا ينْعَقد النِّكَاح بِشَهَادَة النائمين اللَّذين لَا يسمعان كَلَام الْمُتَعَاقدين والأصمين وَذكر القاضيان الإسبيجاني والسغدي أَن النِّكَاح ينْعَقد بِشَهَادَة الأصمين وَنَصّ الْقَدُورِيّ على أَن سَماع الشُّهُود كَلَام الْمُتَعَاقدين هَل هُوَ شَرط لانعقاد النِّكَاح فقد اخْتلف فِيهِ فَقَالَ بَعضهم لَيْسَ بِشَرْط وَإِنَّمَا الشَّرْط حضرتهما فَينْعَقد النِّكَاح بِشَهَادَة الأصمين وَقَالَ بَعضهم لَا بُد من السماع فَلَا ينْعَقد بِشَهَادَة الأصمين وَفِي الْمُحِيط رجل تزوج امْرَأَة بِحَضْرَة السكارى وهم يعْرفُونَ أَمر النِّكَاح غير أَنهم لَا يذكرُونَهُ بعد مَا صحوا انْعَقَد النِّكَاح لِأَن هَذَا نِكَاح بِحَضْرَة الشُّهُود وَفِي البزازي لقنت امْرَأَة بِالْعَرَبِيَّةِ زوجت نَفسِي من فلَان وَلَا تعرف ذَلِك وَقَالَ فلَان قبلت وَالشُّهُود يعلمُونَ أَو لَا يعلمُونَ صَحَّ النِّكَاح قَالَ فِي النّصاب وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَفِي النَّوَادِر رجل وَامْرَأَة أقرا بِالنِّكَاحِ بَين يَدي شَاهِدين عَدْلَيْنِ فَقَالَ الرجل هَذِه امْرَأَتي وَقَالَت الْمَرْأَة هَذَا زَوجي فَإِنَّهُ يَصح النِّكَاح وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَفِي فتاوي قاضيخان رجل لَهُ بنت وَاحِدَة اسْمهَا عَائِشَة فَقَالَ الْأَب وَقت العقد زوجت مِنْك بِنْتي فَاطِمَة لَا ينْعَقد النِّكَاح بَينهمَا وَلَو كَانَت الْمَرْأَة حَاضِرَة فَقَالَ الْأَب زَوجتك بِنْتي فَاطِمَة هَذِه واشار إِلَى عَائِشَة وَغلط فِي اسْمهَا فَقَالَ الزَّوْج قبلت جَازَ وَفِي الْخُلَاصَة أَبُو الصَّغِيرَة إِذا قَالَ زوجت بِنْتي فُلَانَة من ابْن فلَان بِكَذَا وَقَالَ فلَان قبلت لِابْني وَلم يسم الْأَب الابْن إِن كَانَ لَهُ ابْنَانِ أَو أَكثر لَا يجوز وَإِن كَانَ لَهُ ابْن وَاحِد صَحَّ وَلَو ذكر أَبُو الْبِنْت اسْم الابْن وَقَالَ زوجت بِنْتي من ابْنك فلَان فَقَالَ أَبُو الابْن قبلت صَحَّ وَإِن لم يقل قبلت للِابْن وَلَو قَالَ قبلت لأجل ابْني إِن سَمَّاهُ جَازَ ايضا وَإِن لم يسمه إِن كَانَ لَهُ ابْن وَاحِد جَازَ وَإِن كَانَ أَكثر لَا يجوز وَفِي الْمُحِيط لَو قَالَ زوجت بِنْتي مِنْك وَلم يزدْ على هَذَا وَله بنت وَاحِدَة جَازَ وَلَو كَانَ لَهُ بنتان اسْم الْكُبْرَى عَائِشَة وَاسم الصُّغْرَى فَاطِمَة فَقَالَ زوجت بِنْتي فَاطِمَة مِنْك ينْعَقد النِّكَاح على الصُّغْرَى وَإِن كَانَ يُرِيد تَزْوِيج الْكُبْرَى وَلَو قَالَ زوجت بِنْتي الْكُبْرَى فَاطِمَة يجب أَن لَا ينْعَقد النِّكَاح على إِحْدَاهمَا امْرَأَة لَهَا اسمان اسْم سميت بِهِ فِي الصغر وَاسم سميت بِهِ فِي الْكبر وَصَارَت مَعْرُوفَة بِهَذَا الِاسْم تزوج بِالِاسْمِ الَّذِي سميت بِهِ فِي الْكبر وَقَالَ الامام ظهير الدّين الْأَصَح الْجمع بَين الاسميين وَبِه يُفْتى وَفِي البزازي رجل لَهُ بنتان متزوجة وَغير متزوجة وَقَالَ عِنْد الشُّهُود زوجت بِنْتي مِنْك وَلم يسم اسْم الْبِنْت وَقَالَ الْخَاطِب قبلت صَحَّ وَانْصَرف إِلَى الفارغة أجَاب صَاحب الْهِدَايَة فِي امْرَأَة زوجت نَفسهَا بِأَلف من رجل عِنْد الشُّهُود فَلم يقل الزَّوْج شَيْئا لَكِن أَعْطَاهَا الْمهْر فِي الْمجْلس أَنه يكون قبولا قَالَ البزازي وَأنْكرهُ صَاحب الْمُحِيط وَقَالَ لَا مالم يقل بِلِسَانِهِ قبلت بِخِلَاف البيع فَإِنَّهُ ينْعَقد بالتعاطي وَالنِّكَاح لخطره لَا ينْعَقد حَتَّى يتَوَقَّف على الشُّهُود وَبِخِلَاف إجَازَة نِكَاح الْفُضُولِيّ بِالْفِعْلِ لوُجُود القَوْل ثمَّة

وَإِذا تزوج مُسلم ذِمِّيَّة بِشَهَادَة ذميين جَازَ عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز وَيحرم على الرجل نِكَاح أُصُوله أَي الْأُم وَالْأَب والأجداد والجدات وَإِن علوا وفروعه أَي الْوَلَد وَولد الْوَلَد وَولد ولد الْوَلَد وَإِن سفلوا وفروع أُصُوله أَي الاخوة وَالْأَخَوَات وَأَوْلَادهمْ وَأَوْلَاد أَوْلَادهم وَإِن نزلُوا والأعمام والعمات والأخوال والخالات وَنِكَاح أم امْرَأَته دخل بهَا أم لَا وَزَوْجَة أَبِيه وأجداده وَكَذَا يحرم عَلَيْهِ نِكَاح امْرَأَة ابْنه وَبني أَوْلَاده وَيحرم عَلَيْهِ نِكَاح أمه من الرَّضَاع وَأُخْته من الرضَاعَة وَلَا يحل لَهُ أَن يجمع بَين أُخْتَيْنِ بِنِكَاح وَلَا بِملك يَمِين استمتاعا وَلَا بَأْس بِأَن يجمع بَين امْرَأَة وَابْنَة زوج كَانَ لَهَا من قبل لِأَنَّهُ لَا قرَابَة بَينهمَا وَلَا رضَاع وَقَالَ زفر رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز لِأَن ابْنة الزَّوْج لَو قدرتها ذكرا لَا يجوز لَهُ التَّزَوُّج بِامْرَأَة أَبِيه قُلْنَا امْرَأَة الْأَب لَو صورتهَا ذكرا جَازَ لَهُ التَّزَوُّج بِهَذِهِ الشُّرُوط أَن يصور ذَلِك من كل جَانب وَمن زنى بِامْرَأَة حرمت عَلَيْهِ أمهَا وابنتها وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى الزِّنَى لَا يُوجب حُرْمَة الْمُصَاهَرَة وَأَجْمعُوا على أَنه لَا يجوز للْأُم أَن تتَزَوَّج ابْنهَا من الزِّنَى وَمن مسته امْرَأَة بِشَهْوَة حرمت عَلَيْهِ أمهَا وابنتها وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تحرم ثمَّ الْمس بِشَهْوَة أَن تَنْتَشِر الْآلَة أَو تزداد انتشارا هُوَ الصَّحِيح وَالْمُعْتَبر النّظر إِلَى الْفرج الدَّاخِل وَلَا يتَحَقَّق ذَلِك إِلَّا عِنْد اتكائها وَلَو مس فَأنْزل فقد قيل يُوجب الْحُرْمَة وَالصَّحِيح أَنه لَا يُوجِبهَا لِأَنَّهُ بالإنزال تبين أَنه غير مفض إِلَى الْوَطْء وعَلى هَذَا إتْيَان الْمَرْأَة فِي دبرهَا لَا يُوجِبهَا وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته طَلَاقا بَائِنا أَو رَجْعِيًا لم يجز لَهُ أَن يتَزَوَّج بأختها حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَلَا يتَزَوَّج الْمولى أمته وَلَا الْمَرْأَة عَبدهَا وَيجوز تزوج الكتابيات لَا المجوسيات وَيجوز تزوج الصابئات إِن كَانُوا يُؤمنُونَ بِنَبِي ويقرون بِكِتَاب وَيجوز للْمحرمِ والمحرمة أَن يتزوجا فِي حَالَة الاحرام وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا ينْكح الْمحرم وَلَا ينْكح وَلنَا مَا روى أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج مَيْمُونَة رَضِي الله عَنْهَا وَهُوَ محرم وَمَا رَوَاهُ مَحْمُول على الْوَطْء وَلَا يتَزَوَّج أمة على حرَّة وَيجوز تزوج الْحرَّة عَلَيْهَا فَإِن تزوج أمة على حرَّة فِي عدَّة من طَلَاق بَائِن لم يجز عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَيجوز عِنْدهمَا وللحر أَن يتَزَوَّج أَرْبعا من الْحَرَائِر وَالْإِمَاء وَلَيْسَ لَهُ أَن يتَزَوَّج أَكثر من ذَلِك لقَوْله تَعَالَى {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} والتنصيص على الْعدَد يمْنَع الزِّيَادَة عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَا يتَزَوَّج إِلَّا أمة وَاحِدَة لِأَنَّهُ ضَرُورِيّ عِنْده وَالْحجّة عَلَيْهِ مَا تلونا إِذْ الْأمة الْمَنْكُوحَة يتضمنها اسْم النِّسَاء كَمَا فِي الظِّهَار وَلَا يجوز للْعَبد أَن يتَزَوَّج أَكثر من اثْنَيْنِ وَقَالَ مَالك رَحمَه الله تَعَالَى يجوز لِأَنَّهُ فِي حق النِّكَاح بِمَنْزِلَة الْحر عِنْده حَتَّى ملكه بِغَيْر اذن الْمولى وَلنَا أَن الرّقّ منصف فَيَتَزَوَّج العَبْد اثْنَتَيْنِ وَالْحر أَرْبعا إِظْهَارًا لشرف الْحُرِّيَّة فَإِن طلق الْحر احدى الْأَرْبَع طَلَاقا بَائِنا لم يجز لَهُ أَن يتَزَوَّج رَابِعَة حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا خلافًا للشَّافِعِيّ وَهُوَ نَظِير نِكَاح الْأُخْت فِي عدَّة الْأُخْت فَإِن تزوج حُبْلَى من زنى جَازَ النِّكَاح وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تضع حملهَا وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله النِّكَاح فَاسد وَإِن كَانَ الْحمل ثَابت النّسَب فَالنِّكَاح بَاطِل بِالْإِجْمَاع

وَنِكَاح الْمُتْعَة بَاطِل وَهُوَ أَن يَقُول لامْرَأَة أتمتع بك كَذَا مُدَّة بِكَذَا من المَال وَقَالَ مَالك هُوَ جَائِز وَالنِّكَاح الْمُؤَقت بَاطِل مثل أَن يتَزَوَّج امْرَأَة بِشَهَادَة شَاهِدين عشرَة ايام وَقَالَ زفر هُوَ صَحِيح لَازم وَيبْطل التَّوْقِيت نوع فِي الْأَوْلِيَاء والأكفاء وَينْعَقد نِكَاح الْحرَّة الْعَاقِلَة الْبَالِغَة بِرِضَاهَا وَإِن لم يعْقد عَلَيْهَا بولِي بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا ينْعَقد إِلَّا بولِي وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى ينْعَقد مَوْقُوفا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى لَا ينْعَقد النِّكَاح بِعِبَارَة النِّسَاء أصلا ثمَّ فِي ظَاهر الرِّوَايَة لَا فرق بَين الْكُفْء وَغير الْكُفْء إِلَّا أَن للْوَلِيّ حق الِاعْتِرَاض فِي غير الْكُفْء وَعَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى أَنه لَا يجوز فِي غير الْكُفْء لِأَنَّهُ كم من وَاقع لَا يرفع وَفِي الْحَقَائِق الْمُطلقَة ثَلَاثًا إِذا زوجت نَفسهَا من غير كفؤ وَدخل بهَا الزَّوْج ثمَّ طَلقهَا لَا تحل للزَّوْج الأول على مَا هُوَ الْمُخْتَار قلت وَهَذَا مِمَّا يجب حفظه وَلَا يجوز للْوَلِيّ إِجْبَار الْبكر الْبَالِغ على النِّكَاح خلافًا للشَّافِعِيّ وَإِذا استأذنها فَسَكَتَتْ أَو ضحِكت فَهُوَ اذن وَقيل إِذا ضحِكت كالمستهزئة بِمَا سَمِعت لَا يكون رضَا وَإِذا بَكت بلاصوت لم يكن ردا وَقيل هَذَا إِذا خرج الدمع بِلَا صَوت كالعويل لِأَنَّهَا تحزن على مُفَارقَة بَيت أَبَوَيْهَا فَأَما إِذا كَانَ لبكائها صَوت كالعويل فَإِنَّهُ يكون ردا وَفِي فتاوي قاضيخان أَنه يمْتَحن الدمع فَإِن كَانَ بَارِدًا فَهُوَ رضَا وَإِن كَانَ حارا فَلَيْسَ بِرِضا وَيجوز نِكَاح الصَّغِير وَالصَّغِيرَة إِذا زَوجهمَا الْوَلِيّ بكرا كَانَت الصَّغِيرَة أَو ثَيِّبًا وَالْوَلِيّ هُوَ الْعصبَة فَإِن زَوجهمَا الْأَب وَالْجد فَلَا خِيَار لَهما بعد بلوغهما لِأَنَّهُمَا كَامِلا الرَّأْي وافرا الشَّفَقَة فَيلْزم العقد بمباشرتهما وَإِن زَوجهمَا غير الْأَب وَالْجد فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا الْخِيَار إِذا بلغ إِن شَاءَ أَقَامَ على النِّكَاح وَإِن شَاءَ فسخ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى لَا خِيَار لَهما اعْتِبَارا بالاب وَالْجد وَذكر الناطفي فِي روضته إِذا عضل الْأَب بنته الصَّغِيرَة عَن التَّزْوِيج فَزَوجهَا القَاضِي قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يجوز وَلَا يلْتَفت إِلَى الْأَب القَاضِي إِذا زوج الصَّغِيرَة من نَفسه فَهُوَ نِكَاح بِلَا ولي لِأَن القَاضِي رعية فِي حق نَفسه وَكَذَا إِذا زوج من ابْنه لَا يجوز لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الحكم وَحكم القَاضِي لِابْنِهِ بَاطِل بِخِلَاف غَيره من الْأَوْلِيَاء حَيْثُ يجوز لِابْنِ الْعم أَن يُزَوّج بنت عَمه من نَفسه أَو ابْنه وَإِذا غَابَ الْوَلِيّ الْأَقْرَب غيبَة مُنْقَطِعَة جَازَ لمن هُوَ أبعد مِنْهُ فِي الْولَايَة أَن يُزَوّج وَيلْزم تَزْوِيجه حَتَّى لَو جَاءَ الْأَقْرَب لَا يبطل مَا عقده الْأَبْعَد والغيبة المنقطعة أَن يكون فِي بلد لَا تصل القوافل إِلَيْهِ فِي السّنة الا مرّة وَاحِدَة وَهُوَ اخْتِيَار الْقَدُورِيّ وَقيل أدنى مُدَّة السّفر وَهُوَ اخْتِيَار بعض الْمُتَأَخِّرين وَقيل إِذا كَانَ بِحَال يفوت الكفؤ الْخَاطِب استطلاع رَأْيه وَهَذَا أقرب إِلَى الْفِقْه لِأَنَّهُ لَا نظر فِي إبْقَاء ولَايَته حِينَئِذٍ نوع فِي الْكَفَاءَة وَفِي الْهِدَايَة الْكَفَاءَة تعْتَبر فِي النّسَب لِأَنَّهُ يَقع بِهِ التفاخر فقريش بَعضهم أكفاء لبَعض وَالْعرب بَعضهم أكفاء لبَعض وَأما الموَالِي فَمن كَانَ لَهُ أَبَوَانِ فِي الاسلام فَصَاعِدا فَهُوَ من الْأَكفاء

يَعْنِي لمن كَانَ لَهُ آبَاء فِيهِ وَمن أسلم بِنَفسِهِ أَو لَهُ أَب وَاحِد فِي الاسلام لَا يكون كُفؤًا لمن لَهُ أَبَوَانِ فِي الاسلام لِأَن تَمام النّسَب بالاب وَالْجد وَمن أسلم بِنَفسِهِ لَا يكون كُفؤًا لمن لَهُ أَب وَاحِد فِي الاسلام وَتعْتَبر أَيْضا فِي الدّين أَي الدّيانَة وَتعْتَبر فِي المَال وَهُوَ أَن يكون مَالِكًا للمهر وَالنَّفقَة وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي ظَاهر الرِّوَايَة حَتَّى أَن من لَا يملكهما أَو لَا يملك أَحدهمَا لَا يكون كُفؤًا وَفِي البزازي العجمي الْعَالم كفؤ للعربي الْجَاهِل لِأَن شرف الْعلم اقوى وارفع وَكَذَا الْعَالم الْفَقِير كُفؤًا للغني الْجَاهِل وَكَذَا الْعَالم الَّذِي لَيْسَ بقرشي كفؤ للجاهل الْقرشِي والعلوي الْمَجْهُول النّسَب لَا يكون كُفؤًا لمعروف النّسَب امْرَأَة زوجت نَفسهَا من رجل وَلم تعرف أَنه حر أَو عبد فَإِذا هُوَ عبد مَأْذُون بِالنِّكَاحِ لَيْسَ لَهَا الْفَسْخ وَلَا لأوليائها طلبه وَلَا يَنْفَسِخ بِلَا فسخ القَاضِي وَيكون فرقة من غير طَلَاق حَتَّى أَنه لَو لم يدْخل بهَا لَا يلْزمه شَيْء تَزْوِيج الْفُضُولِيّ مَوْقُوف ينفذ بِالْإِجَازَةِ وَيبْطل بِالرَّدِّ لصدور الرُّكْن من الْأَهْل مُضَافا إِلَى الْمحل وَلم ينْعَقد قبل الاجازة لعدم الْولَايَة وَكَذَا نِكَاح العَبْد وَالْأمة بِغَيْر اذن الْمولى وَإِن تزوج العَبْد باذن مَوْلَاهُ فالمهر دين فِي رقبته يُبَاع فِيهِ لِأَنَّهُ دين وَجب عَلَيْهِ لوُجُود سَببه من أَهله فقد ظهر فِي حق مَوْلَاهُ لاذنه بِهِ فَيتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ كديون التِّجَارَة وأنكحة الْكفَّار بَعضهم من بعض جَائِزَة وَقَالَ مَالك فَاسِدَة لنا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ولدت من نِكَاح لَا من سفاح وَيجوز لِلنَّصْرَانِيِّ أَن يتَزَوَّج بالمجوسية لِأَن الْكفْر كُله مِلَّة وَاحِدَة ذمِّي تزوج مسلمة يفرق بَينهمَا ويعزران لِأَنَّهَا مَعْصِيّة وَيُعَزر المزوج أَيْضا وَإِذا اسْلَمْ الذِّمِّيّ لم يتْرك على النِّكَاح لِأَنَّهُ وَقع فَاسِدا كَذَا ذكره السرُوجِي فِي آدَاب الْقَضَاء نوع فِي الْمهْر يَصح عقد النِّكَاح بِغَيْر تَسْمِيَة الْمهْر لِأَن النِّكَاح عقد انضمام وازدواج لُغَة فَيتم بالزوجين ثمَّ الْمهْر وَاجِب شرعا ابانة لشرف الْمحل فَلَا يحْتَاج إِلَى ذكره لصِحَّة النِّكَاح واقل الْمهْر عشرَة دَرَاهِم وَلَو سمى أقل من عشرَة فلهَا الْعشْرَة وَقَالَ زفر رَحمَه الله لَهَا مهر الْمثل لِأَن تَسْمِيَة مَالا يصلح مهْرا كانعدامه وَلَو طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا يجب خَمْسَة عِنْد عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَة وَعِنْده تجب الْمُتْعَة كَمَا إِذا لم يسم شَيْئا وَمن سمى مهْرا عشرَة فَمَا زَاد فَعَلَيهِ الْمُسَمّى إِن دخل بهَا أَو مَاتَ عَنْهَا وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا وَالْخلْوَة فلهَا نصف الْمُسَمّى لقَوْله تَعَالَى {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} الْآيَة وَشَرطه أَن يكون قبل الْخلْوَة لِأَنَّهَا كالدخول بهَا عِنْد نَا وَإِن تزَوجهَا وَلم يسم لَهَا مهْرا أَو تزَوجهَا على أَن لَا مهر لَهَا فلهَا مهر مثلهَا إِن دخل بهَا أَو مَاتَ عَنْهَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجب شَيْء فِي الْمَوْت وَأَكْثَرهم على أَنه يجب فِي الدُّخُول وَلَو طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا فلهَا الْمُتْعَة لقَوْله تَعَالَى {ومتعوهن على الموسع قدره وعَلى المقتر قدره} الْآيَة ثمَّ هَذِه الْمُتْعَة وَاجِبَة رُجُوعا إِلَى الْأَمر وَفِيه خلاف مَالك رَحمَه الله تَعَالَى والمتعة لَا تزيد على نصف مهر مثلهَا وَلَا تنقص عَن خَمْسَة دَرَاهِم وَتعْتَبر بِحَالهِ فِي الصَّحِيح وَهِي درع وخمار وَمِلْحَفَة

وَإِذا زوج الرجل بنته على أَن يُزَوجهُ الآخر بنته أَو أُخْته ليَكُون أحد الْعقْدَيْنِ عوضا عَن الآخر فالعقدان جائزان وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا مهر مثلهَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يبطل العقدان وَإِن تزوج حر امْرَأَة على خدمته سنة أَو على تَعْلِيم الْقُرْآن فلهَا مهر مثلهَا وَقَالَ مُحَمَّد لَهَا قيمَة خدمته وَمهر مثلهَا يعْتَبر بأخواتها وعماتها وَبَنَات أعمامها فَإِن لم يُوجد مِنْهُم أحد فَمن الْأَجَانِب أَي يعْتَبر مهر مثلهَا من قَبيلَة مثل قَبيلَة أَبِيهَا وَلَا يعْتَبر بأمها وخالتها إِذا لم يَكُونَا من قبيلتها فَإِن كَانَت الْأُم من قوم أَبِيهَا بِأَن كَانَت بنت عَمه فَحِينَئِذٍ يعْتَبر بمهرها وَيعْتَبر فِي مهر الْمثل أَن تتساوى الْمَرْأَتَانِ فِي السن وَالْجمال وَالْمَال وَالْعقل وَالدّين والبلد وَالْعصر والعفة قَالُوا وَيعْتَبر التَّسَاوِي أَيْضا فِي الْبكارَة والثيوبة وللمرأة أَن تمنع نَفسهَا حَتَّى تَأْخُذ الْمهْر الْمُعَجل وتمنعه أَن يُخرجهَا أَي يُسَافر بهَا وَلَيْسَ للزَّوْج أَن يمْنَعهَا من السّفر وَالْخُرُوج من منزله وزيارة أَهلهَا حَتَّى يوفيها الْمهْر كُله أَي الْمُعَجل وَلَو كَانَ الْمهْر كُله مُؤَجّلا فَلَيْسَ لَهَا أَن تمنع نَفسهَا لإِسْقَاط حَقّهَا بالتأجيل كَمَا فِي المنبع وَلَو كَانَ الْمهْر حَالا فأخرته شهرا فَلَيْسَ لَهَا أَن تمنع نَفسهَا عِنْدهمَا وَعند أبي يُوسُف لَهَا ذَلِك لِأَن هَذَا تَأْجِيل طاريء فَكَانَ حكمه حكم التَّأْجِيل الْمُقَارن وَلَو قَالَ نصفه معجل وَنصفه مُؤَجل وَلم يذكر الْوَقْت للمؤجل اخْتلف الْمَشَايِخ رَحِمهم الله تَعَالَى فِيهِ قَالَ بَعضهم لَا يجوز الْأَجَل وَيجب حَالا كَمَا إِذا قَالَ تَزَوَّجتك على ألف مُؤَجّلَة وَقَالَ بَعضهم يجوز وَيَقَع ذَلِك على وَقت وُقُوع الْفرْقَة بِالْمَوْتِ أَو بِالطَّلَاق وروى عَن أبي يُوسُف مَا يُؤَيّد هَذَا القَوْل وَهُوَ أَن رجلا كفل لامْرَأَة عَن زَوجهَا نَفَقَة كل شهر يلْزمه نَفَقَة شهر وَاحِد فِي الِاسْتِحْسَان وَذكر عَن أبي يُوسُف أَنه يلْزمه نَفَقَة أكل شهر مَا دَامَ النِّكَاح بَينهمَا قَائِما فَكَذَلِك هَاهُنَا وَمن تزوج امْرَأَة ثمَّ اخْتلفَا فِي الْمهْر فَالْقَوْل قَول الْمَرْأَة فِي مهر مثلهَا وَالْقَوْل قَول الزَّوْج فِيمَا زَاد على مهر الْمثل وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا فَالْقَوْل قَوْله فِي نصف الْمهْر وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله القَوْل قَوْله قبل الطَّلَاق وَبعده إِلَّا أَن يَأْتِي بِشَيْء قَلِيل وَمَعْنَاهُ مَالا يتعارف مهْرا لَهَا وَهُوَ الصَّحِيح وَلَو كَانَ الِاخْتِلَاف فِي أصل الْمُسَمّى فَيجب مهر الْمثل بالاجماع وَمن بعث إِلَى امْرَأَته شَيْئا فَقَالَت هُوَ هَدِيَّة وَقَالَ الزَّوْج هُوَ مهر فَالْقَوْل قَوْله لِأَنَّهُ هُوَ المملك فَكَانَ أعرف بِجِهَة التَّمْلِيك كَيفَ وَأَن الظَّاهِر أَنه يسْعَى فِي إِسْقَاط الْوَاجِب قَالَ إِلَّا فِيمَا هيء للْأَكْل كالحلوى وَالْخبْز والفاكهة مِمَّا لَا يعْطى فِي الْمهْر عَادَة فَإِن القَوْل فِيهِ قَوْلهَا وَلَا يكون مهْرا بِحَال لِأَن الظَّاهِر يكذبهُ وَأما سَائِر الْأَمْوَال فقد يكون مهْرا وَقد يكون هَدِيَّة فإليه الْبَيَان وَلَو لم يكن مُهَيَّأ للْأَكْل نَحْو شَاة أَو حِنْطَة أَو لوز مِمَّا يبقي مثلهَا شهرا فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَفِي الذَّخِيرَة رجل زوج ابْنَته وجهزها بجهاز فَمَاتَتْ ثمَّ زعم أَن الَّذِي دَفعه إِلَيْهَا أَمَانَة وَأَنه لم يَهبهُ لَهَا وَإِنَّمَا هُوَ عَارِية فَالْقَوْل قَول الزَّوْج إِنَّه ملك الزَّوْجَة وعَلى الْأَب الْبَيِّنَة أَنه عَارِية لِأَن الْعَارِية لَا تثبت بِمُجَرَّد دَعْوَاهُ لَهَا من لم يبرهن هُوَ لِأَن الظَّاهِر شَاهد للزَّوْج وَحكى عَن القَاضِي الامام على السغدي رَحمَه الله تَعَالَى أَن القَوْل قَول الْأَب لِأَن الْيَد استفيدت من جِهَته فَيكون القَوْل قَوْله بِأَيّ جِهَة أثبتها وَبِه أَخذ بعض مَشَايِخنَا وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ فِي السّير الْكَبِير هَكَذَا إِن القَوْل قَول الْأَب وَقَالَ لِأَن الْعَارِية تبرع وَالْهِبَة تبرع وَالْعَارِية أدناها فَتحمل على الْأَدْنَى قَالَ الصَّدْر الشَّهِيد وَالْمُخْتَار

للْفَتْوَى أَنه إِن كَانَ الْعرف مستمرا أَن الْأَب يدْفع إِلَيْهَا جهازا لَا عَارِية كَمَا فِي دِيَارنَا فَالْقَوْل قَول الزَّوْج وَإِن كَانَ الْعرف مُشْتَركا فَالْقَوْل للْأَب قَالَ قاضيخان رَحمَه الله إِن كَانَ الْجَواب فِيهِ دلّ على التَّفْصِيل إِن كَانَ الْأَب من الْأَشْرَاف والكرام لَا يقبل قَوْله إِن الجهاز عَارِية وَإِن كَانَ مِمَّن لَا يُجهز الْبَنَات بِمثل ذَلِك قبل قَوْله وَفِي الْعِمَادِيّ رجل غر رجلا وَقَالَ أزوج بِنْتي مِنْك وأجهزها جهازا عَظِيما وَمَا تدفع الي من الْمُعَجل أرده اليك مَعَ ثَلَاثَة أَمْثَاله فَتزَوج الرجل وَدفع النَّقْد إِلَى أبي الْمَرْأَة بِقدر وَسعه ثمَّ إِن أَبَا الْبِنْت لم يجهزها وَلم يدْفع إِلَى الزَّوْج شَيْئا هَل للزَّوْج أَن يرجع عَلَيْهِ بِمَا زَاد على نقد مثلهَا لَا رِوَايَة فِيهِ إِلَّا أَن صدر الاسلام الْبَزْدَوِيّ وعماد الدّين النَّسَفِيّ وجمال الاسلام الشريف والصدر الْكَبِير برهَان الدّين ومشايخ بُخَارى رَحِمهم الله تَعَالَى أفتوا أَن الزَّوْج يُطَالب أَبَا الْمَرْأَة بالتجهيز فَإِن جهزوا لَا يسْتَردّ مَا زَاد على نقد مثلهَا وَقد قدرُوا الجهاز بِالنَّقْدِ فَالْقَاضِي الامام صدر الاسلام الْبَزْدَوِيّ وعماد الدّين النَّسَفِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى قدرا لكل دِينَار من النَّقْد ثَلَاثَة دَنَانِير من الجهاز أَو أَرْبَعَة دَنَانِير فالزوج يُطَالِبهُ بِهَذَا الْقدر وَلَا يسْتَردّ مَا زَاد على نقد مثلهَا قَالَ رَحمَه الله وَقد استفتيت من بعض مَشَايِخ بُخَارى كَالْقَاضِي جلال الدّين وَالشَّيْخ الْأَجَل برهَان الدّين فَأَجَابُوا كَمَا كتبنَا وَقَالُوا إِن اخْتِيَار مَشَايِخ بُخَارى هَكَذَا وَفِي فتاوي ظهير الدّين المرغيناني الصَّحِيح أَنه لَا يرجع على أبي الْمَرْأَة بِشَيْء لِأَن الْمَالِيَّة فِي بَاب النِّكَاح لَيست بمقصود أُصَلِّي وَفِي فَوَائِد صدر الاسلام طَاهِر بن مَحْمُود تزوج امْرَأَة وَدفع إِلَيْهَا النَّقْد وَلم تأت بالجهاز إِلَى بَيت زَوجهَا هَل تجبر على ذَلِك قَالَ القَاضِي الامام جلال الدّين رَحمَه الله تَعَالَى للزَّوْج أَن يطالبها بالجهاز بِمِقْدَار مَا أَعْطَاهَا من النَّقْد على عرف النَّاس وعاداتهم تزوج امْرَأَة على أَنَّهَا بكر فَإِذا هِيَ غير بكر وَقد أَعْطَاهَا الْمُعَجل هَل لَهُ أَن يرجع عَلَيْهَا بِمَا زَاد على نقد مثلهَا فعلى قِيَاس مَا اخْتَارَهُ صدر الاسلام الْبَزْدَوِيّ وَمن وَافقه من مَشَايِخ بُخَارى فِي مَسْأَلَة الجهاز يَنْبَغِي أَن يكون لَهُ ذَلِك وَفِي فتاوي ظهير الدّين المرغيناني أَنه لَا رُجُوع لَهُ بِشَيْء لِأَن مَا دَفعه إِلَيْهَا لَيْسَ هُوَ فِي مُقَابلَة الْبضْع وَإِنَّمَا هُوَ للاستمتاع بهَا وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِذا نعى إِلَى امْرَأَة بِمَوْت زَوجهَا فاعتدت وَتَزَوَّجت بآخر وَولدت ثمَّ جَاءَ الأول حَيا فَعِنْدَ أبي حنيفَة رَحمَه الله الْوَلَد للزَّوْج الأول سَوَاء جَاءَت بِهِ لأَقل من سِتَّة أشهر أَو لأَقل من سنتَيْن أَو أَكثر لِأَنَّهُ صَاحب الْفراش الصَّحِيح وَالثَّانِي صَاحب الْفراش الْفَاسِد فَصَارَ كمن زوج أمته فَجَاءَت بِولد فَإِنَّهُ يثبت النّسَب من الزَّوْج دون الْمولى وَلَو ادعياه ذكر الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث رَحمَه الله تَعَالَى فِي حجَّة أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى إِن اتفقَا أَن الأول لَو كَانَ حَاضرا أَو كَانَ متغيبا مختفيا فَالْوَلَد للْأولِ هَكَذَا ذكر أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى فِي الأمالي فِي هَذَا الْفَصْل اتِّفَاقًا وَإِن نفى الأول وَالْآخر الْوَلَد أَو نَفَاهُ أَحدهمَا فَهُوَ للْأولِ على كل حَال وَلَا حد عَلَيْهِ وَلَا لعان وروى عبد الْكَرِيم والجرجاني عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه رَجَعَ عَن هَذَا القَوْل وَقَالَ يثبت النّسَب من زوج الثَّانِي وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن جَاءَت بِهِ لأَقل من سِتَّة أشهر مُنْذُ تزَوجهَا الثَّانِي فَهُوَ للْأولِ وَإِن جَاءَت بِهِ لسِتَّة شهر فَصَاعِدا مُنْذُ تزَوجهَا فَهُوَ للثَّانِي سَوَاء ادعياه أَو نفياه وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إِن جَاءَت بِهِ لأَقل من

سنتَيْن مُنْذُ دخل بهَا الثَّانِي فَهُوَ للْأولِ وَإِن جَاءَت بِهِ لأكْثر من سنتَيْن مُنْذُ دخل بهَا الثَّانِي فَهُوَ للثَّانِي قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث وَقَول مُحَمَّد أصح وَبِه نَأْخُذ وَلَو سبيت الْمَرْأَة وَتَزَوجهَا رجل من أهل الْحَرْب وَولدت فعلى هَذَا الْخلاف وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل سُئِلَ نجم الدّين النَّسَفِيّ عَمَّن تزوج امْرَأَة صَغِيرَة بتزويج أَبِيهَا ثمَّ مَاتَ الْأَب وَالزَّوْج غَائِب فكبرت الْبِنْت وَتَزَوَّجت رجلا فَحَضَرَ الْغَائِب وادعاها فأنكرت وَلم يكن لَهُ بَيِّنَة فَلم يقْض لَهُ بهَا وَقضى بهَا للثَّانِي فَولدت مِنْهُ بِنْتا وَللزَّوْج الأول ابْن من امْرَأَة لَهُ أُخْرَى هَل يجوز النِّكَاح من هَذَا الابْن بِهَذِهِ الْبِنْت قَالَ رَحمَه الله إِن كَانَ فِي حَال صغر الابْن لَا يجوز لِأَن فِي زعم أَبِيه أَن أم الْبِنْت زَوجته وَالْبِنْت ولدت على فرَاشه فَهِيَ بنته فَأَما إِذا كبر الابْن وَأَرَادَ أَن يتَزَوَّج الْبِنْت بِنَفسِهِ فَيَنْبَغِي أَن يجوز لِأَن إِقْرَار الْأَب لم ينفذ على غَيره قَالَ صَاحب الْعِمَادِيّ وَسُئِلَ جدي شيخ الاسلام عَن صَغِيرَة زَوجهَا أَبوهَا من صَغِير قبل عَنهُ أَبوهُ فَمَاتَ الأبوان ثمَّ بلغا وَلم يعلمَا بِهِ يَعْنِي النِّكَاح وَتَزَوَّجت الْمَرْأَة بآخر وَولدت مِنْهُ أَوْلَادًا ثمَّ إِن الرجل علم بذلك وَادّعى النِّكَاح وَلم يُمكنهُ إثْبَاته ثمَّ أَرَادَ أَن يُزَوّج وَلَدهَا من وَلَده هَل يحل ذَلِك فَأجَاب رَحمَه الله تَعَالَى لَا يحل وَالله أعلم وَفِي فتاوي قاضيخان وَلَو تزوج امْرَأَة لَهَا زوج وَوَطئهَا لَا يجب الْحَد عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَإِن لم يدع الْحل نوع فِي الْقسم وَالرّضَاع وَفِي الْهِدَايَة إِذا كَانَ للرجل امْرَأَتَانِ حرتان فَعَلَيهِ أَن يعدل بَينهمَا فِي الْقسم بكرين كَانَتَا أَو ثيبين أَو كَانَت إِحْدَاهمَا بكرا وَالْأُخْرَى ثَيِّبًا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ وَمَال إِلَى أَحدهمَا فِي الْقسم جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَشقه مائل أَي مفلوج وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعدل بَين نِسَائِهِ فِي الْقسم وَكَانَ يَقُول اللَّهُمَّ هَذَا قسمي فِيمَا أملك فَلَا تؤاخذني فِيمَا لَا أملك يَعْنِي زِيَادَة الْمحبَّة وَلَا فصل فِيمَا روينَاهُ والقديمة والحديثة والمسلمة والكتابية سَوَاء لإِطْلَاق مَا روينَا وَلِأَن الْقسم من حُقُوق النِّكَاح وَلَا تفَاوت بَينهُنَّ فِي ذَلِك وَالِاخْتِيَار فِي مِقْدَار الدّور إِلَى الزَّوْج لِأَن الْمُسْتَحق هُوَ التَّسْوِيَة دون طَرِيقه والتسوية الْمُسْتَحقَّة فِي البيتوتة لَا فِي المجامعة لِأَنَّهَا تنبني على النشاط وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله يُقيم الزَّوْج عِنْد الْبكر الجديدة سبعا وَالثَّيِّب ثَلَاثًا ثمَّ يسْتَأْنف لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تزوج بكرا على امْرَأَة عِنْده يُقيم مَعهَا سَبْعَة ايام وَإِن تزوج ثَيِّبًا يُقيم عِنْدهَا ثَلَاثَة أَيَّام وَمعنى مَا رَوَاهُ الدّور على السَّبع وَالثَّلَاث فِي الْقسم بالتسوية بَينهُنَّ جَمِيعًا بَين الْحَدِيثين وَإِن كَانَت إِحْدَاهمَا حرَّة وَالْأُخْرَى أمة فللحرة الثُّلُثَانِ من الْقِسْمَة وللأمة الثُّلُث فَأَما فِي الْمَأْكُول والمشروب والملبوس فَإِنَّهُ يَسْتَوِي بَينهمَا لِأَن ذَلِك من الْحَاجَات اللَّازِمَة فتستوي فِيهِ الْحرَّة وَالْأمة وَالْمُكَاتبَة والمدبرة وَأم الْوَلَد كالأمة لقِيَام الرّقّ فِيهِنَّ وَلَا قسم للملوكة بِملك الْيَمين أَي لَا لَيْلَة لَهَا وَإِن كثرن وَفِي الْقنية رجل لَهُ زَوْجَة وَجَارِيَة يبيت عِنْد الزَّوْجَة خمس لَيَال من الْأُسْبُوع وليلتين عِنْد الْجَارِيَة أَو فِي المطالعة فَلهُ ذَلِك إِذا لم يقْصد الْإِقْرَار بهَا وَلَا قسم فِي السّفر فيسافر بِمن شَاءَ مِنْهُنَّ والقرعة

أولى يَعْنِي يسْتَحبّ أَن يقرع بَينهُنَّ ليسافر بِمن خرجت قرعتها تطييبا لقلوبهن وَإِن تركت قسمهَا لضرتها صَحَّ وَإِن رجعت جَازَ اه وَفِي المنبع الرَّضَاع قَلِيله وَكَثِيره سَوَاء فِي اثبات الْحُرْمَة عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله لَا تثبت الْحُرْمَة بِمُطلق الرَّضَاع بل بِخمْس رَضعَات قيل فِي تَفْسِير الْخمس أَن يَكْتَفِي الصَّبِي بِكُل وَاحِدَة مِنْهَا ثمَّ مُدَّة الرَّضَاع عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى ثَلَاثُونَ شهرا وَعِنْدَهُمَا رحمهمَا الله تَعَالَى سنتَانِ وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَاحْمَدْ رحمهمَا الله تَعَالَى وَعند زفر رَحمَه الله تَعَالَى ثَلَاث سِنِين وَقَالَ بَعضهم أَربع سِنِين وَقَالَ بَعضهم عشر سِنِين وَقَالَ بَعضهم خَمْسَة عشر سنة وَقَالَ بَعضهم عشرُون سنة وَقَالَ بَعضهم أَرْبَعُونَ سنة وَقَالَ بَعضهم مُدَّة الرَّضَاع جَمِيع الْعُمر وَفِي الذَّخِيرَة مُدَّة الرَّضَاع ثَلَاث أَوْقَات أدنى وأوسط وأقصى فالأدنى حول وَنصف حول والأوسط حولان والأقصى حولان وَنصف حول فَلَو كَانَ الْوَلَد يَسْتَغْنِي دون الْحَوْلَيْنِ ففطمته أمه فِي حول وَنصف يحل بالاجماع وَلَا إِثْم وَلَو لم يسْتَغْن عَنْهَا بحولين يحل لَهَا أَن ترْضِعه بعد ذَلِك عِنْد عَامَّة الْعلمَاء إِلَّا عِنْد خلف بن أَيُّوب فَالْحَاصِل أَن مُدَّة الرَّضَاع إِذا مَضَت لَا يتَعَلَّق بهَا التَّحْرِيم وَلَكِن ذَلِك على حسب اخْتلَافهمْ فِي مُدَّة الرَّضَاع كَمَا مر فَلَا نعيده ثَانِيًا وَقَالَ بعض النَّاس تثبت الْحُرْمَة بارتضاع الْكَبِير وَلَا يعْتَبر الْفِطَام قبل الْمدَّة حَتَّى لَو فطم الصَّغِير قبل الْحَوْلَيْنِ ثمَّ ارضع فِي مُدَّة ثَلَاثِينَ شهرا عِنْده وحولين عِنْدهمَا فَهُوَ رضَاع يُوجب الْحُرْمَة لوُجُود الارضاع فِي الْمدَّة وَذكر الْخصاف رَحمَه الله أَنه ينظر إِن كَانَ الصَّبِي يَسْتَغْنِي بِالطَّعَامِ عَن اللَّبن لَا تثبت الْحُرْمَة وَإِن كَانَ لَا يَسْتَغْنِي تثبت الْحُرْمَة وَهُوَ رِوَايَة عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله قلت وَهَذِه الرِّوَايَة لَا تخَالف الرِّوَايَة الأولى من حَيْثُ الْمَعْنى لِأَنَّهُ إِذا لم يُوجد الِاسْتِغْنَاء لم يكن الْفِطَام مُعْتَبرا وَفِي الْغَايَة وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله أَنه إِذا فطم الصَّغِير وَكَانَ يَكْتَفِي بِالطَّعَامِ فأرضعته امْرَأَة لم يكن رضَاعًا وَإِن كَانَ لَا يَكْتَفِي بِالطَّعَامِ عَن اللَّبن فَإِن كَانَ أَكثر الَّذِي يتَنَاوَلهُ هُوَ اللَّبن دون الطَّعَام يكون رضَاعًا وَإِن كَانَ الْأَكْثَر هُوَ الطَّعَام لَا يكون رضَاعًا وَفِي الْهِدَايَة قيل لَا يُبَاح الارضاع بعد مُدَّة الرَّضَاع لِأَن إِبَاحَته ضَرُورِيَّة لكَونه جُزْء الْآدَمِيّ وَيحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب للْحَدِيث الْمَشْهُور إِلَّا أم أُخْته من الرَّضَاع فَإِنَّهُ يجوز أَن يَتَزَوَّجهَا وَلَا يجوز أَن يتَزَوَّج أم أُخْته من النّسَب لِأَنَّهَا تكون أمه أَو موطوأة أَبِيه بِخِلَاف الرَّضَاع وَيجوز أَن يتَزَوَّج أُخْت ابْنه من الرَّضَاع وَلَا يجوز ذَلِك من النّسَب لِأَنَّهُ لما وطيء أمهَا حرمت عَلَيْهِ وَلم يُوجد هَذَا الْمَعْنى فِي الرَّضَاع وَلبن الْفَحْل يتَعَلَّق بِهِ التَّحْرِيم وَهُوَ أَن ترْضع الْمَرْأَة صبية فَتحرم هَذِه الصبية على زَوجهَا وعَلى آبَائِهِ وأبنائه وَيصير الزَّوْج الَّذِي نزل لَهَا مِنْهُ اللَّبن أَبَا للمرضعة وَفِي أحد قولي الشَّافِعِي لبن الْفَحْل لَا يحرم وَفِي الْمُحِيط وَلَو زنى بِامْرَأَة فَولدت مِنْهُ فأرضعت بِهَذَا اللَّبن صبية تحرم على الزَّانِي وفروعه وأصوله

الفصل الرابع عشر

لِأَنَّهَا بنت الزَّانِي رضَاعًا وكما لَا يجوز للزاني أَن يَتَزَوَّجهَا فَكَذَا لهَؤُلَاء ولعم الزَّانِي وخاله أَن يتَزَوَّج بِهَذِهِ الصبية كَمَا يجوز لَهُ أَن يتَزَوَّج بالمولودة من الزِّنَى لِأَنَّهُ لم يثبت نسب ولد الزِّنَى من الزَّانِي فَلَنْ تثبت بَينهمَا الْقَرَابَة الْمُحرمَة للزوجية فروع ذكرت فِي الْغَايَة وَلَو أَن امْرَأَة لَهَا بنُون وَأُخْرَى لَهَا بَنَات فأرضعت الَّتِي لَهَا بَنَات ابْنا من بني الْأُخْرَى فَإِن بناتها تحرم على ذَلِك الابْن بِعَيْنِه وَلَا تحرم وَاحِدَة من بناتها على سَائِر بني الْمَرْأَة لعدم اجْتِمَاعهم على ثدي امْرَأَة وَاحِدَة فَلَو كَانَت أرضعت بِنْتا حرمت على جَمِيع بنيها وَغَيرهَا من بناتها يحل لِابْنِ الْمُرضعَة فَلَو كَانَت أم الْبَنَات أرضعت أحد الْبَنِينَ وَأم الْبَنِينَ أرضعت إِحْدَى الْبَنَات لم يكن للِابْن المرتضع من أم الْبَنَات أَخ يتَزَوَّج وَاحِدَة مِنْهُنَّ ولاخوته أَن يتزوجوا بَنَات الْأُخْرَى إِلَّا الْبِنْت الَّتِي رضعت من أمّهم وَحدهَا لِأَنَّهَا أختهم من الرَّضَاع وَفِي الْمَبْسُوط إِذا أرضعت بِنْتا لم يكن لأحد من أَوْلَاد الْمُرضعَة مِمَّن كَانَ قبل الرَّضَاع وَبعده أَن يتَزَوَّج تِلْكَ الْمُرضعَة وَعند بعض الْعلمَاء لَا تثبت الْحُرْمَة فِيمَن انفطموا قبل الرَّضَاع وَإِنَّمَا تثبت فِيمَن حدث بعده انْتهى وَلَا يثبت الرَّضَاع الا بِشَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَهل يثبت الرَّضَاع بِشَهَادَة النِّسَاء منفردات فعندنا لَا يثبت خلافًا لمَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد رَحِمهم الله وَفِي الرَّافِعِيّ يثبت الرَّضَاع بِشَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَكَذَا بِشَهَادَة أَربع نسْوَة وَقبل احْمَد شَهَادَة الْمُرضعَة وَحدهَا كَذَا فِي المنبع الْفَصْل الرَّابِع عشر فِي الطَّلَاق اعْلَم أَن الطَّلَاق يَنْقَسِم إِلَى أحسن الطَّلَاق وَإِلَى طَلَاق السّنة وَإِلَى طَلَاق الْبِدْعَة فأحسنه أَن يُطلق الرجل امْرَأَته طَلْقَة وَاحِدَة فِي طهر لم يُجَامِعهَا وَيَتْرُكهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَأما طَلَاق الْبِدْعَة فَهُوَ أَن يُوقع ثِنْتَيْنِ أَو ثَلَاثًا دفْعَة وَاحِدَة فِي طهر وَاحِد فَإِذا فعل ذَلِك وَقع الطَّلَاق وَكَانَ عَاصِيا عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ وَأما طَلَاق السّنة فَهُوَ أَن يُطلق الْمَدْخُول بهَا ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَة أطهار وَقَالَ مَالك هَذَا بدعي وَلَيْسَ طَلَاق السّنة إِلَّا أَن يطلقهَا وَاحِدَة ويصبر حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا ثمَّ طَلَاق السّنة على نَوْعَيْنِ سنة من حَيْثُ الْعدَد وَسنة من حَيْثُ الْوَقْت فَالْأول يَسْتَوِي فِيهِ الْمَدْخُول بهَا وَغير الْمَدْخُول بهَا وَالثَّانِي يخْتَص بالمدخول بهَا وَهُوَ أَن يطلقهَا وَاحِدَة فِي طهر لم يُجَامِعهَا فِيهِ وَهَذَا لَا يتَصَوَّر إِلَّا فِي الْمَدْخُول بهَا خَاصَّة كَذَا ذكره قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين الْعَيْنِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي شَرحه على الْمجمع وَفِي الْهِدَايَة وَيَقَع طَلَاق كل زوج إِذا كَانَ بَالغا عَاقِلا فَلَا يَقع طَلَاق الصَّبِي وَالْمَجْنُون والنائم وَفِي الْعِمَادِيّ طَلَاق الْمَعْتُوه غير وَاقع كَطَلَاق الْمَجْنُون وَتَكَلَّمُوا فِي الْفَاصِل بَين الْمَجْنُون وَالْمَعْتُوه قَالُوا الْمَجْنُون من لَا يَسْتَقِيم كَلَامه وأفعاله إِلَّا نَادرا والعاقل ضِدّه وَالْمَعْتُوه من يخْتَلط كَلَامه وأفعاله فَيكون ذَلِك غَالِبا أَو هَذَا غَالِبا أَو كَانَا سَوَاء وَقَالَ بَعضهم الْمَجْنُون من يفعل الْأَفْعَال القبيحة لَا عَن قصد والعاقل من يفعل مَا يَفْعَله المجانين فِي الْأَحَايِين لَكِن

يفعل ذَلِك عَن قصد وَإِنَّمَا يفعل مَا يَفْعَله المجانين فِي الْأَحَايِين على ظن الصّلاح وَالْمَعْتُوه من يفعل مَا يَفْعَله المجانين فِي الْأَحَايِين لَكِن يفعل ذَلِك عَن قصد مَعَ ظُهُور الْفساد المصروع إِذا طلق امْرَأَته فِي حَالَة الصرع لَا يَقع طَلَاقه كَذَا أجَاب صَاحب الْمُحِيط رَحمَه الله طلق امْرَأَته وَهُوَ صَاحب برسام فَلَمَّا صَحَّ قَالَ طلقت امْرَأَتي ثمَّ قَالَ إِنِّي لست أَظن أَن الطَّلَاق فِي تِلْكَ الْحَالة كَانَ وَاقعا قَالَ مَشَايِخنَا رَحِمهم الله حينما أقرّ بِالطَّلَاق إِن رده إِلَى حَالَة البرسام وَقَالَ قد طلقت امْرَأَتي فِي حَالَة البرسام فالطلاق غير وَاقع وَإِن لم يردهُ إِلَى حَالَة البرسام فَهُوَ مؤاخذ بذلك فِي الْقَضَاء وَطَلَاق الْمُكْره وَاقع خلافًا للشَّافِعِيّ رَحمَه الله وَطَلَاق السَّكْرَان وَاقع وَاخْتَارَ الْكَرْخِي والطَّحَاوِي أَنه لَا يَقع وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي وَطَلَاق الْأَخْرَس وَاقع بالاشارة لِأَنَّهَا صَارَت معهودة فأقيمت مقَام الْعبارَة دفعا للْحَاجة وَطَلَاق الْأمة ثِنْتَانِ حرا كَانَ زَوجهَا أَو عبدا وَطَلَاق الْحرَّة ثَلَاث حرا كَانَ زَوجهَا أَو عبدا وَقَالَ الشَّافِعِي عدد الطَّلَاق يعْتَبر بِحَال الرِّجَال دون النِّسَاء وَكَذَلِكَ عِنْد الامام مَالك رَحمَه الله تَعَالَى وَإِذا تزوج العَبْد امْرَأَة وطلق وَقع طَلَاقه وَلَا يَقع طَلَاق مَوْلَاهُ على امْرَأَته لِأَن ملك النِّكَاح حق العَبْد فَيكون الاسقاط إِلَيْهِ دون الْمولى نوع فِي الصَّرِيح وَالْكِنَايَة الطَّلَاق على ضَرْبَيْنِ صَرِيح وكناية فالصريح قَوْله أَنْت طَالِق ومطلقة وطلقتك فَهَذَا يَقع بِهِ الطَّلَاق الرَّجْعِيّ لِأَن هَذِه الْأَلْفَاظ مستعملة فِي الطَّلَاق وَلَا تسْتَعْمل فِي غَيره فَكَانَ صَرِيحًا وَأَنه تعقبه الرّجْعَة بِالنَّصِّ وَلَا يفْتَقر إِلَى النِّيَّة لِأَنَّهُ صَرِيح فِيهِ لغَلَبَة الِاسْتِعْمَال وَكَذَا إِذا نوى الابانة لِأَنَّهُ قصد تَنْجِيز مَا علقه الشَّرْع بِانْقِضَاء الْعدة فَيرد عَلَيْهِ وَلَو نوى الطَّلَاق عَن وثاق لَا يدين فِي الْقَضَاء لِأَنَّهُ خلاف الظَّاهِر ويدين فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى لِأَنَّهُ يحْتَملهُ وَلَو نوى بِهِ الطَّلَاق عَن الْعَمَل لم يدين فِي الْقَضَاء وَلَا فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يدين فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَو قَالَ أَنْت مُطلقَة بتسكين الطَّاء لَا يكون طَلَاقا الا بِالنِّيَّةِ وَإِذا قَالَ أَنْت الطَّلَاق أَو أَنْت طَالِق الطَّلَاق أَو أَنْت طَالِق طَلَاقا فَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة أَو نوى وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَة رَجْعِيَّة وَإِن نوى ثَلَاثًا فَثَلَاث وَلَو قَالَ يدك طَالِق أَو رجلك طَالِق لم يَقع الطَّلَاق وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى يَقع وَكَذَا الْخلاف فِي كل جُزْء معِين لَا يعبر بِهِ عَن جَمِيع الْبدن وَإِن طَلقهَا نصف تَطْلِيقَة أَو ثلثهَا كَانَت تَطْلِيقَة وَاحِدَة لِأَن الطَّلَاق لَا يتَجَزَّأ وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاث أَنْصَاف تَطْلِيقَتَيْنِ فَهِيَ طَالِق ثَلَاثًا لِأَن نصف التطليقتين تَطْلِيقَة فَإِذا جمع بَين ثَلَاث أَنْصَاف تَطْلِيقَة يكون ثَلَاث تَطْلِيقَات ضَرُورَة وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاث أَنْصَاف تَطْلِيقَة قيل يَقع تَطْلِيقَتَانِ لِأَنَّهَا طَلْقَة وَنصف فتتكامل وَقيل يَقع ثَلَاث تَطْلِيقَات لِأَن كل نصف يتكامل فِي نَفسه فَيصير ثَلَاثًا وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق من وَاحِدَة إِلَى ثِنْتَيْنِ أَو مَا بَين وَاحِدَة إِلَى ثِنْتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَة وَلَو قَالَ من وَاحِدَة إِلَى ثَلَاث أَو مَا بَين وَاحِدَة إِلَى ثَلَاث فَهِيَ ثِنْتَانِ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالا يَقع فِي الأول ثِنْتَانِ وَفِي الثَّانِي ثَلَاث وَقَالَ زفر رَحمَه الله فِي الأولى لَا يَقع شَيْء وَفِي الثَّانِيَة يَقع وَاحِدَة وَهُوَ الْقيَاس وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة فِي ثِنْتَيْنِ وَنوى الضَّرْب والحساب أَو لم يكن لَهُ نِيَّة فَهِيَ وَاحِدَة وَقَالَ زفر رَحمَه الله تَعَالَى يَقع ثِنْتَانِ لعرف الْحساب وَهُوَ قَول الْحسن بن زِيَاد رَحمَه الله تَعَالَى وَإِن نوى وَاحِدَة وثنتين فَهِيَ ثَلَاث وعَلى هَذَا الْخلاف إِذا قَالَ لفُلَان عَليّ عشرَة دَرَاهِم فِي عشرَة دَرَاهِم يلْزمه عشرَة عِنْد عُلَمَائِنَا

الثَّلَاثَة رَحِمهم الله تَعَالَى وَعند زفر يلْزمه مائَة دِرْهَم وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق من هَاهُنَا إِلَى الشَّام فَهِيَ وَاحِدَة يملك الرّجْعَة وَقَالَ زفر هِيَ بَائِنَة وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق بِمَكَّة أَو فِي مَكَّة فَهِيَ طَالِق فِي الْحَال فِي كل الْبِلَاد وَكَذَا قَوْله أَنْت طَالِق فِي الدَّار لِأَن الطَّلَاق لَا يتخصص بمَكَان دون مَكَان وَإِن عني بِهِ إِذا دخلت مَكَّة يصدق ديانَة وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق إِذا دخلت مَكَّة وَلم تطلق حَتَّى تدخل مَكَّة لِأَنَّهُ علقه بِالدُّخُولِ وَفِي المنبع وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق غَدا وَقع الطَّلَاق عَلَيْهَا بِطُلُوع الْفجْر وَلَا يَقع فِي الْحَال الا أَن يكون القَوْل قبل طُلُوع الْفجْر انْتهى رجل قَالَ عَليّ طَلَاق امْرَأَتي لَا يَقع وَفِي أدب الْقَضَاء للسروجي رجل قَالَ لامْرَأَته طَلَاقك عَليّ فرض لَازم أَو قَالَ طَلَاقك عَليّ حتم لَازم الصَّحِيح أَنه يَقع الطَّلَاق فِي الْكل بِخِلَاف الْعتْق لِأَنَّهُ مِمَّا يجب فَجعل إِخْبَارًا وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل قَالَ لامْرَأَته الطَّلَاق عَلَيْك لَا يَقع الطَّلَاق إِلَّا أَن يُرِيد الْإِيقَاع لِأَن هَذَا اللَّفْظ يَسْتَعْمِلهُ النَّاس للإيقاع رجل قَالَ لامْرَأَته ثَلَاث تَطْلِيقَات عَلَيْك تطلق ثَلَاثًا لِأَنَّهُ أوقع الثَّلَاث عَلَيْهَا وَلَو قَالَ لَا نِكَاح بَيْننَا فَإِنَّهُ يَقع اجماعا وَقَالَ فِي المنبع جحود النِّكَاح لَا يكون طَلَاقا وَالله أعلم قَالَ جَمِيع نسَاء أهل الدُّنْيَا طَوَالِق تطلق امْرَأَته لِأَنَّهَا من حِسَاب الْعَالم قَالَ لامْرَأَته إِن لم أشبعك من الْجِمَاع فَأَنت طَالِق قَالَ بَعضهم لَا يعرف شبعها حَتَّى تَقول بلسانها وَقيل إِن جَامعهَا وَلم يفارقها حَتَّى أنزلت فقد أشبعها وَلم يَقع الطَّلَاق وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل لَهُ أَربع نسْوَة فَقَالَ أَنْت ثمَّ أَنْت ثمَّ أَنْت ثمَّ أَنْت طَالِق طلقت الرَّابِعَة لَا غير لِأَنَّهُ لم يذكر الْجَزَاء إِلَّا للرابعة وَلَو قَالَ لأَرْبَع نسْوَة لَهُ بينكن تَطْلِيقَة طلقت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ تَطْلِيقَة لِأَنَّهَا تَنْقَسِم عَلَيْهِنَّ فَيُصِيب كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ ربعهَا وَأَنه لَا يتَجَزَّأ فيكمل وَلَو قَالَ لامْرَأَته كوني طَالقا عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه قَالَ أرَاهُ وَاقعا وَكَذَا لَو قَالَ لأمته كوني حرَّة لِأَنَّهُ صَرِيح فِي الطَّلَاق وَالْعتاق رجل قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق عدد مَا فِي الْحَوْض من السّمك وَلَيْسَ فِي الْحَوْض سمك يَقع وَاحِدَة وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أَنْت طَالِق بِعَدَد كل شَعْرَة على جَسَد ابليس لَعنه الله تَعَالَى يَقع وَاحِدَة لَا غير رجل قَالَت لَهُ امْرَأَته لست لي بِزَوْج فَقَالَ الزَّوْج صدقت وَهُوَ يَنْوِي بذلك طَلَاقا فَهَذَا وَمَا لَو قَالَ الرجل لامْرَأَته لست لي بِامْرَأَة وَنوى الطَّلَاق سَوَاء وثمة يَقع الطَّلَاق عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله كَذَا هُنَا رجل قَالَ لامْرَأَته لَا حَاجَة لي فِيك أَو قَالَ مَا أريدك وَهُوَ يَنْوِي الطَّلَاق لم يكن طَلَاقا لِأَن اللَّفْظ لَا يحْتَملهُ وَفِي المنبع رجل قَالَ لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا ثمَّ طَلقهَا ثَلَاثًا مُنجزا ثمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ بعد زوج آخر فَدخلت الدَّار لم يَقع شَيْء عِنْد عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَة رَحِمهم الله تَعَالَى وَهُوَ قَول مَالك ذكره فِي الْمُدَوَّنَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد وَأحمد بن حَنْبَل رَحِمهم الله تَعَالَى وَقَالَ زفر يَقع الطَّلَاق الثَّلَاث

رجل قَالَ لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ثمَّ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى وَلحق بدار الْحَرْب ثمَّ عَاد مُسلما وَتَزَوجهَا فَدخلت الدَّار لم تطلق عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا تطلق الْبَائِن لَا يلْحق الْبَائِن إِلَّا إِذا تقدم سَببه بِأَن قَالَ لَهَا إِن دخلت الدَّار فَأَنت بَائِن وَنوى بِهِ الطَّلَاق ثمَّ أَبَانهَا ثمَّ دخلت الدَّار وَهِي فِي الْعدة فَحِينَئِذٍ يلْحقهُ وَقَالَ زفر رَحمَه الله الْبَائِن لَا يلْحق الْبَائِن مُطلقًا والصريح يلْحقهُ الصَّرِيح والبائن حَتَّى إِن الْمُطلقَة الرَّجْعِيَّة لَو طَلقهَا زَوجهَا أَو أَبَانهَا يَقع بالاجماع لقِيَام الزَّوْجِيَّة والوصلة والبائن يلْحقهُ الصَّرِيح وَلَا يلْحقهُ الْبَائِن حَتَّى إِن المبتوتة المختلعة لَو أَبَانهَا لَا يَقع لِأَن محلهَا الوصلة والوصلة قد انْقَطَعت بِالْخلْعِ والابانة وَلَو طَلقهَا فِي الْعدة يَقع عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قلت وَقد نظم بَيْتا فِي هَذَا الْمَعْنى شَيخنَا الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين للديري الْحَنَفِيّ تغمده الله تَعَالَى برحمته وَهُوَ ... وكل طَلَاق بعد آخر وَاقع ... سوى بَائِن مَعَ مثله لم يعلق ... وَفِي الذَّخِيرَة لَو قَالَ لمختلعة اعْتدي يَنْوِي بِهِ الطَّلَاق أَو قَالَ استبرئي رَحِمك أَو قَالَ لَهَا أَنْت وَاحِدَة يَقع عَلَيْهَا تَطْلِيقَة عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى لَا يَقع بهَا شَيْء لِأَنَّهَا من جملَة الْكِنَايَات وَلِهَذَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى النِّيَّة كَسَائِر الْكِنَايَات وَلَهُمَا أَن هَذِه الْأَلْفَاظ فِي حكم الصَّرِيح على معنى أَن الْوَاقِع بهَا رَجْعِيّ وَلَو قَالَ كلما تَزَوَّجتك فَأَنت طَالِق فَتَزَوجهَا فِي يَوْم وَاحِد ثَلَاث مَرَّات وَدخل بهَا فِي كل مرّة فَعِنْدَ مُحَمَّد رَحمَه الله تطلق ثَلَاثًا وَعَلِيهِ أَرْبَعَة مُهُور وَنصف مهر وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ قِيَاس قَول أبي حنيفَة تطلق ثِنْتَيْنِ وَعَلِيهِ مهر وَنصف مهر وَإِذا اخْتلف الزَّوْجَانِ فِي وجود الشَّرْط فَقَالَ الزَّوْج علقت طَلَاقك بِدُخُول الدَّار فَلم يُوجد الدُّخُول وَقَالَت الْمَرْأَة بل دخلت وَوَقع الطَّلَاق فَالْقَوْل قَول الزَّوْج لِأَنَّهُ متمسك بِالْأَصْلِ إِذا الأَصْل عدم الشَّرْط وَالْقَوْل لمن يتَمَسَّك بالاصل لِأَن الظَّاهِر شَاهد لَهُ وَلِأَنَّهُ يُنكر وُقُوع الطَّلَاق وَالْمَرْأَة تدعيه وَالْقَوْل للْمُنكر إِلَّا أَن تقيم الْمَرْأَة بَيِّنَة لِأَنَّهَا نورت دَعْوَاهَا بِالْحجَّةِ وَفِي البزازي قَالَ لغيره طَلقهَا إِن شَاءَت لَا يكون توكيلا مالم تشأ وَلها الْمَشِيئَة فِي مجْلِس علمهَا وَبعد الْمَشِيئَة يصير وَكيلا فَلَو طَلقهَا الْآن يَقع وَلَو قَامَ الْوَكِيل عَن مَجْلِسه بطلت الْوكَالَة فَلَا يَقع الطَّلَاق بعده قَالَ الامام الْحلْوانِي رَحمَه الله تَعَالَى وَهَذَا يحفظ فَإِن الزَّوْج يكْتب إِلَى من يَثِق بِهِ أَنَّهَا إِذا شَاءَت الطَّلَاق فَطلقهَا والوكلاء يؤخرون الايقاع عَن مجْلِس الْمَشِيئَة وَلَا يَدْرُونَ أَنه لَا يَقع نوع فِي الِاسْتِثْنَاء وَالشّرط إِنَّمَا يَصح لَو اتَّصل وَلَو تنفس بَين التَّصَرُّف وَالِاسْتِثْنَاء وَوجد من التنفس بدا أَولا وَلكنه وَصله يَصح الِاسْتِثْنَاء كَذَا عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله وَفِي الْأَجْنَاس سكت سكَّة قبل التنفس ثمَّ اسْتثْنى لَا يَصح الِاسْتِثْنَاء إِلَّا أَن تكون سكتة التنفس وَيبْطل الِاسْتِثْنَاء بأَرْبعَة بالسكتة وبالزيادة على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ مثل أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا أَرْبعا وبالمساواة وباستثناء بعض الطَّلَاق مثل أَنْت طَالِق طَلْقَة الا نصفهَا وَلَو قَالَ كل امْرَأَة لي طَالِق الا هَذِه وَلَيْسَ لَهُ سواهَا لَا تطلق لِأَن الْمُسَاوَاة فِي الْوُجُود لَا تمنع صِحَّته إِن عَم وضعا لِأَنَّهُ تصرف صيغي

قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق وَاحِدَة وثنتين وَثَلَاثًا وأربعا إِن كلمت فلَانا تعلق الْكل بِتَكْلِيم فلَان حَتَّى لَا يَقع فِي الْحَال شَيْء وَلَو قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق فَجرى على لِسَانه الاستئناء بِلَا قصد الِاسْتِثْنَاء لَا تقع وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق فَجرى على لِسَانه أَو غير طَالِق لَا يَقع قَالَ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَأَنت طَالِق لَا يَقع قَالَ وَالله لَا أكلم فلَانا اسْتغْفر الله إِن شَاءَ الله تَعَالَى كَانَ اسْتثِْنَاء ديانَة لَا قَضَاء أَرَادَ أَن يحلف رجلا وَيخَاف أَن يَسْتَثْنِي عقبه سرا يَأْمُرهُ بِأَن يَقُول عقب حلفه مُتَّصِلا سُبْحَانَ الله أَو كلَاما آخر لِأَن الْيَمين حَقه فَلهُ الْمَنْع عَن إِبْطَاله قَالَ أَنْت طَالِق إِن شَاءَ الله أَنْت طَالِق فالاستثناء ينْصَرف إِلَى الأول وَيَقَع الثَّانِي عندنَا خلافًا لزفَر رَحمَه الله تَعَالَى فَإِنَّهُ ينْصَرف إِلَيْهِمَا عِنْده وَلَا يَقع شَيْء كتب الطَّلَاق وَاسْتثنى بِلِسَانِهِ أَو طلق بِلِسَانِهِ وَاسْتثنى بِالْكِتَابَةِ يَصح ادّعى الِاسْتِثْنَاء أَو الشَّرْط فَالْقَوْل قَوْله وَلَو شهدُوا أَنه طلق أَو خَالع بِلَا اسْتثِْنَاء أَو شهدُوا بِأَنَّهُ لم يسْتَثْن تقبل وَهَذِه الْمَسْأَلَة مِمَّا تقبل فِيهَا الْبَيِّنَة على النَّفْي لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنى أَمر وجودي وَلِأَنَّهُ عبارَة عَن ضم الشفتين عقيب التَّكَلُّم بِالْمُوجبِ وَلَو قَالُوا طلق وَلم تسمع مِنْهُ غير كلمة الْخلْع وَالزَّوْج يَدعِي الِاسْتِثْنَاء فَالْقَوْل قَوْله لجَوَاز أَنه قَالَه وَلم يسمعوه وَالشّرط سَمَاعه لَا سماعهم وَفِي الصُّغْرَى إِذا ذكر الْبَدَل فِي الْخلْع لَا تسمع دَعْوَى الِاسْتِثْنَاء وَذكر الأوزجندي رَحمَه الله تَعَالَى إِنَّمَا تصح دَعْوَى الِاسْتِثْنَاء إِن ثَبت الطَّلَاق بِإِقْرَارِهِ وَلَو ثَبت بِالْبَيِّنَةِ لَا تقبل وَإِن ظهر مِنْهُ مَا يدل على صِحَة الْخلْع كقبض الْبَدَل وَنَحْوه لَا تصح دَعْوَى الِاسْتِثْنَاء وَلَو قَالَ لعَبْدِهِ أَعتَقتك أمس وَقلت إِن شَاءَ الله أَو لامْرَأَته طَلقتك أمس وَقلت إِن شَاءَ الله وَأنْكرت فَالْقَوْل قَوْله وَذكر النَّسَفِيّ رَحمَه الله تَعَالَى ادّعى الزَّوْج الِاسْتِثْنَاء وَأنْكرت فَالْقَوْل قَوْلهَا وَلَا يصدق الزَّوْج الا بِبَيِّنَة وَإِن ادّعى تَعْلِيق الطَّلَاق بِالشّرطِ وَادعت الْإِرْسَال فَالْقَوْل قَوْله وَفِي الْهِدَايَة وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته فِي مرض مَوته طَلَاقا بَائِنا فَمَاتَ وَهِي فِي الْعدة ورثته وَإِن مَاتَ بعد انْقِضَاء عدتهَا فَلَا مِيرَاث لَهَا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تَرث فِي الْوَجْهَيْنِ نوع فِي الرّجْعَة إِذا طلق الرجل امْرَأَته تَطْلِيقَة رَجْعِيَّة أَو تَطْلِيقَتَيْنِ فَلهُ أَن يُرَاجِعهَا فِي عدتهَا رضيت بذلك أَو لم ترض لقوه تَعَالَى {فأمسكوهن بِمَعْرُوف} الْآيَة من غير فصل وَلَا بُد من قيام الْعدة لِأَن الرّجْعَة اسْتِدَامَة الْملك وَالرَّجْعَة أَن يَقُول رَاجَعتك أَو راجعت امْرَأَتي وَهُوَ صَرِيح فِي الرّجْعَة وَلَا خلاف فِيهِ بَين الْأمة أَو يَطَأهَا أَو يقبلهَا أَو يَمَسهَا بِشَهْوَة أَو ينظر إِلَى فرجهَا بِشَهْوَة وَهَذَا عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله لَا تصح الرّجْعَة إِلَّا بالْقَوْل مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ وَيسْتَحب أَن يشْهد على الرّجْعَة شَاهِدين وَإِن لم يشْهد صحت الرّجْعَة وَإِذا انْقَضتْ الْعدة فَقَالَ قد كنت رَاجَعتك فِي الْعدة فصدقته فَهِيَ رَجْعَة وَإِن كَذبته فَالْقَوْل قَوْلهَا وَإِذا قَالَ الزَّوْج رَاجَعتك فَقَالَت مجيبة لَهُ قد انْقَضتْ عدتي لم تصح الرّجْعَة عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا تصح الرّجْعَة والمطلقة الرَّجْعِيَّة تتشوف أَي تتزين بِأَن تجلو وَجههَا وتصقل خديها لِأَنَّهَا حَلَال للزَّوْج إِ ذالنكاح

قَائِم بَينهمَا وَيسْتَحب للزَّوْج أَن لَا يدْخل عَلَيْهَا حَتَّى يؤذنها أَو يسْمعهَا خَفق نَعْلَيْه وَلَيْسَ لَهُ أَن يُسَافر بهَا حَتَّى يشْهد على رَجعتهَا وَالطَّلَاق الرَّجْعِيّ لَا يحرم الْوَطْء وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله يحرمه اه وَإِذا كَانَ الطَّلَاق بَائِنا دون الثَّلَاث فَلهُ أَن يَتَزَوَّجهَا فِي الْعدة وَبعد انْقِضَائِهَا لِأَن حل الْمَحَلِّيَّة بَاقٍ وَإِن كَانَ الطَّلَاق ثَلَاثًا فِي الْحرَّة أَو ثِنْتَيْنِ فِي الْأمة لم تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره نِكَاحا صَحِيحا وَيدخل بهَا ثمَّ يطلقهَا أَو يَمُوت عَنْهَا وَالشّرط الايلاج دون الْإِنْزَال وَفِي المشكلات من طلق امْرَأَته الْغَيْر الْمَدْخُول بهَا ثَلَاثًا فَلهُ أَن يتَزَوَّج بهَا بِلَا تَحْلِيل وَأما قَوْله تَعَالَى {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} فَفِي حق الْمَدْخُول بهَا وَالصَّبِيّ الْمُرَاهق فِي التَّحْلِيل كَالْبَالِغِ لوُجُود الدُّخُول فِي نِكَاح صَحِيح وَهُوَ الشَّرْط بِالنَّصِّ وَمَالك يخالفنا وَالْحجّة فِيهِ عَلَيْهِ وَإِذا تزَوجهَا بِشَرْط التَّحْلِيل فَالنِّكَاح مَكْرُوه لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الله الْمُحَلّل والمحلل لَهُ وَهَذَا هُوَ محمله الْمَرْأَة إِذا أَرَادَت أَن تتَزَوَّج بِزَوْج لتحل للْأولِ وخافت أَن لَا يطلقهَا يَنْبَغِي أَن تبتديء بالايجاب فَتَقول تَزَوَّجتك على أَن يكون أَمْرِي بيَدي بعد يَوْم أَو شهر فَإِذا قبل الزَّوْج على ذَلِك كَانَت متمكنة من تطليق نَفسهَا فِي ذَلِك الْوَقْت وَفِي الفتاوي الظَّهِيرِيَّة الْمُطلقَة ثَلَاثًا إِذا زوجت نَفسهَا من غير كفؤ وَدخل بهَا حلت للزَّوْج الأول عِنْد أبي حنيفَة وَزفر رحمهمَا الله تَعَالَى وَذكر ابْن فرشتة فِي شَرحه على الْوِقَايَة لَو ادَّعَت دُخُول الْمُحَلّل صدقت وَإِن أنكر هُوَ وَكَذَا على الْعَكْس وَإِن تزوجت بمجبوب ينزل فحبلت مِنْهُ تحل للْأولِ وَإِن لم ينزل لَا تحل وَلَو كَانَت الْمَرْأَة مفضاة لَا تحل للْأولِ إِلَّا إِذا حبلت من الثَّانِي لوُجُود الوقاع من قبلهَا وَلَو وَطئهَا فِي الْحيض حلت للْأولِ وَلَو لف قضيبه بِخرقَة فجامعها وَهِي لَا تمنع من وُصُول حرارة فرجهَا إِلَى ذكره تحل للْأولِ وَفِي فتاوي الوبري الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لَا يقدر على الْجِمَاع لَو أولج ذكره بمساعدة يَده لَا تحل للْأولِ انْتهى نوع فِي الْخلْع ذكر فِي المنبع إِذا تشاق الزَّوْجَانِ وتخالفا وخافا أَن لَا يُقِيمَا حُدُود الله تَعَالَى فَلَا بَأْس أَن تَفْتَدِي نَفسهَا مِنْهُ بِمَال يخلعها بِهِ فَإِذا فعل ذَلِك وَقع تَطْلِيقَة بَائِنَة ولزمها المَال لقَوْله تَعَالَى {فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله} الْآيَة أَي إِن خِفْتُمْ أَن لَا يُقِيمَا مَا يلْزمهُمَا من مُوجب الزَّوْجِيَّة بالنشوز فَلَا جنَاح على الزَّوْج فِيمَا أَخذ وَلَا على الْمَرْأَة فِيمَا أَعْطَتْ وَالْخلْع مُعَاوضَة فِي حَقّهَا لِأَن الْخلْع من جَانبهَا تمْلِيك مَال بعوض فَيصح رُجُوعهَا قبل قبُول الزَّوْج وَلَو شَرط الْخِيَار لَهَا بِأَن قَالَ خالعتك بِأَلف على أَنَّك بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَقبلت صَحَّ فَإِن ردَّتْ الطَّلَاق بَطل وَإِن اختارته وَقع وَوَجَب الْألف للزَّوْج عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا الطَّلَاق وَاقع وَالْمَال لَازم وَالْخيَار بَاطِل لِأَن الْخلْع من جَانِبه فِي معنى تَعْلِيق الطَّلَاق بِقبُول المَال وَهُوَ يَمِين وَالْيَمِين لَا يقبل الْفَسْخ فَكَذَا شَرطهَا وَهُوَ الْقبُول من زَوجهَا ويقتصر على الْمجْلس إِذْ

كَانَ الايجاب من قبلهَا فَلَا بُد من قبُول الزَّوْج فِي الْمجْلس فَإِذا كَانَ الايجاب من جِهَته لَا يَصح رُجُوعه قبل قبُول الْمَرْأَة فَيصح قبُولهَا بعده وَشرط الْخِيَار أَيْضا وَلَا يقْتَصر على الْمجْلس وَيسْقط الْخلْع والمبارأة كل حق لكل مِنْهُمَا على الآخر بِأَن يَقُول هُوَ لامْرَأَته برأت من نكاحك بِكَذَا وَتقبل هِيَ وَلَا يبْقى لأَحَدهمَا دَعْوَى فِي الْمهْر مَقْبُوضا كَانَ أَو غير مَقْبُوض قبل الدُّخُول أَو بعده وَلَا فِي النَّفَقَة الْمَاضِيَة أما نَفَقَة الْعدة فَلَا تسْقط الا بِالذكر وَهَذَا كُله عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لَا يسْقط بهما شَيْء الا مَا سمياه وَأَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وَافق أَبَا حنيفَة بالمبارأة ومحمدا فِي الْخلْع وَلَو خَالعهَا على نَفَقَة الْعدة صَحَّ وَلَا تجب النَّفَقَة وَلَو أبرأت الزَّوْج عَن النَّفَقَة حَال قيام النِّكَاح لَا يَصح الابراء وَتجب النَّفَقَة لِأَن النَّفَقَة فِي النِّكَاح تجب شَيْئا فَشَيْئًا على حسب حُدُوث الزَّمَان يَوْمًا فيوما فَكَانَ الابراء عَنْهَا ابراء قبل الْوُجُوب فَلم يَصح وَأما نَفَقَة الْعدة فَإِنَّهَا تجب عِنْد الْخلْع واسقاط النَّفَقَة مَانع من وُجُوبهَا وَيصِح الْخلْع على مُؤنَة السُّكْنَى بِلَا خلاف وَلَا يَصح الْخلْع على السُّكْنَى والابراء عَنهُ لِأَن السُّكْنَى فِي الْبَيْت حَال الْعدة حق الله تَعَالَى قَالَ الله تَعَالَى {لَا تخرجوهن من بُيُوتهنَّ وَلَا يخْرجن} الْآيَة فَلَا يملك العَبْد اسقاطه وَلَا يَصح الابراء عَن نَفَقَة الْوَلَد وَالرّضَاع بِالشّرطِ لِأَنَّهَا لم تجب لَهَا فَإِن شَرط الْبَرَاءَة مِنْهَا فِي الْخلْع وَوقت وقتا بِأَن قَالَ إِلَى سنة أَو سنيتن سَقَطت فَإِن مَاتَ الْوَلَد قيل تَمام الْوَقْف يرجع الْأَب عَلَيْهَا بِمَا بَقِي من أجر مثل الرَّضَاع إِلَى تَمام الْمدَّة وَالْحِيلَة فِي أَن لَا يرجع عَلَيْهَا أَن يَقُول الزَّوْج خالعتك على أَنِّي بَرِيء من نَفَقَة ولدك إِلَى سنتَيْن فَإِن مَاتَ فِي بعض الْمدَّة فَلَا رُجُوع لي عَلَيْك وَإِن خلع صغيرته بمالها لم يجب عَلَيْهَا شَيْء وَبَقِي مهرهَا وَتطلق فِي الْأَصَح لِأَنَّهُ علق الطَّلَاق بِقبُول الْأَب وَوجد الشَّرْط فَيَقَع الطَّلَاق وَلَكِن لَا يجب الْبَدَل لِأَن بدل الْخلْع تبرع وَمَال الصَّبِي لَا يقبل التَّبَرُّع وَفِي رِوَايَة لَا يَقع الطَّلَاق وَالْأول أصح فَإِن خلعها أَي أَب الصَّغِيرَة على ألف على أَنه ضَامِن لَهُ الْألف صَحَّ وَعَلِيهِ المَال لِأَن الْأَب لَا يكون أدنى حَالا من الْأَجْنَبِيّ وَاشْتِرَاط بدل الْخلْع على الْأَجْنَبِيّ صَحِيح فعلى الْأَب أولى وَإِن شَرط المَال عَلَيْهَا تطلق بِلَا شَيْء إِن قبلت أَي إِن كَانَت من أهل الْقبُول بِأَن كَانَت تعقل العقد وَلَا يجب عَلَيْهَا المَال لِأَنَّهَا لَيست من أهل الغرامة وَالله أعلم نوع فِي الْعنين وَهُوَ من لَا يقدر على الْجِمَاع لمَرض أَو لكبر سنّ أَو لسحر أَو يصل إِلَى الثّيّب دون الْبكر أَو لَا يصل إِلَى امْرَأَة بِعَينهَا ثمَّ إِن أقرّ أَنه لم يصل إِلَى زَوجته أَجله الْحَاكِم سنة قمرية فِي الصَّحِيح وَهُوَ ظَاهر الْمَذْهَب وَهِي ثَلَاثمِائَة وَأَرْبَعَة وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَفِي الذَّخِيرَة يُؤَجل سنة شمسية وَهِي زَائِدَة على القمرية بِأحد عشر يَوْمًا وجزء من مائَة وَعشْرين جُزْءا من الْيَوْم فَيجوز أَن يُوَافق طبعه فِي هَذِه الزِّيَادَة وَهُوَ رِوَايَة عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى ومختار بعض الْمُتَأَخِّرين ورمضان وايام حَيْضهَا مِنْهَا أَي مَعْدُودَة من السّنة لِأَن السّنة لَا تخلوا عَنْهَا لَا مُدَّة مَرضه ومرضها فَإِن لم يصل إِلَيْهَا أَي فِي السّنة فرق القَاضِي بَينهمَا إِن طلبت أَي الْمَرْأَة التَّفْرِيق لِأَنَّهُ حَقّهَا وَلَو وَطئهَا مرّة ثمَّ عجز لَا خِيَار لَهَا وَلَو سَأَلَ الزَّوْج القَاضِي أَن يُؤَجل سنة أُخْرَى أَو شهرا أَو أَكثر لَا يَفْعَله إِلَّا بِرِضَاهَا فَإِن رضيت ثمَّ رجعت فلهَا ذَلِك وَإِن كَانَ الزَّوْج عنينا وَالْمَرْأَة رتقاء لم يكن لَهَا حق الْفرْقَة لوُجُود الْمَانِع من قبلهَا وَتبين بِطَلْقَة يَعْنِي

تكون الْفرْقَة طَلْقَة بَائِنَة لِأَن فعل القَاضِي أضيف إِلَى الزَّوْج فَكَأَنَّهُ طَلقهَا بِنَفسِهِ وَلها كل الْمهْر إِن خلا بهَا لِأَن خلْوَة الْعنين صَحِيحَة وَتجب الْعدة وَإِن اخْتلفَا أَي الزَّوْج وَالْمَرْأَة فِي الْوُصُول إِلَيْهَا وَكَانَت ثَيِّبًا أَو بكرا فَنظر النِّسَاء فَقُلْنَ ثيب حلف الزَّوْج لِأَنَّهُ يُنكر حق الْفرْقَة فَإِن حلف بَطل حَقّهَا وَإِن نكل أَو قُلْنَ بكر أجل سنة أُخْرَى لظُهُور كذبه وَلَو أجل الْعنين سنة ثمَّ اخْتلفَا أَي قَالَ الزَّوْج جامعتها فِي السّنة وَأنْكرت فالتقسيم هُنَا كَمَا مر والخصي كالعنين فِيهِ أَي فِي التَّأْجِيل فِي السّنة وَفِي الْمَجْبُوب يفرق بَينهمَا فِي الْحَال لِأَنَّهُ لافائدة فِي الِانْتِظَار بطلبها أَي بِطَلَب زَوجته وَفِي الْقنية رجل لَهُ آلَة قَصِيرَة لَا يُمكنهُ ادخالها دَاخل الْفرج لَيْسَ لزوجته حق الْمُطَالبَة بِالتَّفْرِيقِ وَلَا يتَخَيَّر أَحدهمَا بِعَيْب الآخر يَعْنِي إِذا كَانَ بِالزَّوْجَةِ عيب لَا خِيَار للزَّوْج لِأَن الْمُسْتَحق بِالْعقدِ الْوَطْء والعيوب كالجذام وَغَيره لَا يفوت الْمُسْتَحق بِالْعقدِ غير أَنَّهَا توجب نفرة الطَّبْع وَذَا لَا يُوجب الرَّد كالقروح الْفَاحِشَة وَإِذا كَانَ بِالزَّوْجِ جُنُون أَو جذام أَو برص فَلَا خِيَار لَهَا لِأَن عدم الرِّضَا إِنَّمَا يُوجب الرَّد فِي عقد شَرط فِيهِ الرِّضَا وَلُزُوم النِّكَاح لَا يعْتَمد تَمام الرِّضَا انْتهى الْجُمْلَة من شرح الْوِقَايَة نوع فِي الْعدة وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته طَلَاقا بَائِنا أَو رَجْعِيًا أَو وَقعت الْفرْقَة بَينهمَا بِغَيْر طَلَاق وَهِي حرَّة مِمَّن تحيض فعدتها ثَلَاثَة أَقراء لقَوْله تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} والفرقة إِذا كَانَت بِغَيْر طَلَاق فَهِيَ فِي حكم الطَّلَاق لِأَن الْعدة وَجَبت للتعريف عَن بَرَاءَة الرَّحِم فِي الْفرْقَة الطارئة على النِّكَاح وَهَذَا يتَحَقَّق فِيهَا والاقراء الْحيض عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى الاطهار وَإِن كَانَت لَا تحيض من صغر أَو كبر فعدتها ثَلَاثَة أشهر لقَوْله تَعَالَى {واللائي يئسن من الْمَحِيض} الْآيَة وَفِي المنبع الاياس فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَة أَنه غير مُقَدّر بِمدَّة وَهُوَ ظَاهر الرِّوَايَة وَفِي رِوَايَة مُقَدّر بِمدَّة قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله فِي الروميات خمس وَخَمْسُونَ سنة وَفِي المولدات سِتُّونَ سنة لِأَن الروميات أسْرع تكسرا وَعنهُ سَبْعُونَ سنة وَعَن أبي حنيفَة من خمس وَخمسين سنة إِلَى سِتِّينَ سنة وَقَالَ ابْن الْمُبَارك وسُفْيَان الثَّوْريّ وَابْن مقَاتل والزعفراني حد الاياس خَمْسُونَ سنة لما روى عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت إِذا بلغت الْمَرْأَة خمسين سنة لَا ترى قُرَّة عين أَي لَا تَلد وَهُوَ رِوَايَة الْحسن وَبِه أَخذ النَّصْر بن يحيى وابو اللَّيْث وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَفِي الفتاوي الظهرية الْمُخْتَار فِي مُدَّة الاياس خمس وَخَمْسُونَ سنة رُومِية كَانَت أَو تركية وَإِن كَانَت حَامِلا فعدتها أَن تضع حملهَا وَإِن كَانَت أمة فعدتها حيضتان وَإِن كَانَت لَا تحيض فعدتها شهر وَنصف وعدة الْحرَّة فِي الْوَفَاة أَرْبَعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام وعدة الْأمة شَهْرَان وَخَمْسَة أَيَّام لِأَن الرّقّ منصف وَفِي البزازي طَلقهَا ثَلَاثًا وَوَطئهَا فِي الْعدة مَعَ الْعلم بِالْحُرْمَةِ لَا تسْتَأْنف الْعدة وتنقضي الْعدة بِثَلَاث حيض ويرجمان إِذا علما بِالْحُرْمَةِ وَوجدت شَرَائِط الاحصان وَلَو كَانَ غَائِبا فَطلق أَو مَاتَ فَمن وَقت الطَّلَاق أَو الْمَوْت وَإِن لم تعلم وللمعتدة أَن تمتشط بالأسنان المفلوجة لَا بالطرف الآخر

نوع فِي ثُبُوت النّسَب والحضانة وَفِي المنبع أقل مُدَّة الْحمل سِتَّة أشهر بِإِجْمَاع الْعلمَاء سلفا وخلفا لقَوْله تَعَالَى {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} جعل الله تَعَالَى ثَلَاثِينَ شهرا مُدَّة الْحمل والفصال جَمِيعًا ثمَّ جعل الفصال وَهُوَ الْفِطَام عَاميْنِ بقوله {وفصاله فِي عَاميْنِ} فيبقي الْحمل سِتَّة أشهر وَهَذَا الِاسْتِدْلَال مَنْقُول عَن حبر الْأمة عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَقيل إِن عبد الْملك بن مَرْوَان ولد لسِتَّة أشهر وَأما أَكثر مُدَّة الْحمل فقد اخْتلفُوا فِيهِ فَقَالَ عُلَمَائِنَا رَضِي الله عَنْهُمَا سنتَانِ وَقَالَ الشَّافِعِي أَربع سِنِين وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك وَأحمد وَقَالَ عبَادَة بن العواد خمس سِنِين وَقَالَ الزُّهْرِيّ سِتّ سِنِين وَقَالَ ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن سبع سِنِين وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة لَا حد لأقصاه وَمن قَالَ إِن تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق فَتَزَوجهَا فَولدت ولدا لسِتَّة أشهر من يَوْم تزَوجهَا فَهُوَ ابْنه وَعَلِيهِ الْمهْر وَيثبت نسبه ولد الْمُطلقَة الرَّجْعِيَّة إِذا جَاءَت بِهِ لِسنتَيْنِ أَو أَكثر يثبت نسبه مالم يقر بِانْقِضَاء عدتهَا فَإِن جَاءَت بِهِ لأَقل من سنتَيْن بَانَتْ من زَوجهَا لانقضاء الْعدة وَيثبت نسبه لوُجُود الْعلُوق بِهِ فِي النِّكَاح أَو فِي الْعدة وَلَا يصير مراجعا لِأَنَّهُ يحْتَمل الْعلُوق قبل الطَّلَاق وَيحْتَمل بعده فَلَا يصير مراجعا بِالشَّكِّ وَإِن جَاءَت بِهِ لأكْثر من سنتَيْن كَانَت رَجْعِيَّة والمبتوتة يثبت نسب وَلَدهَا إِذا جَاءَت بِهِ لأَقل من سنتَيْن وَإِن جَاءَت بِهِ لتَمام سنتَيْن من وَقت الْفرْقَة لم يثبت لِأَن الْحمل حَادث بعد الطَّلَاق وَإِذا تزوج الرجل امْرَأَة فَجَاءَت بِولد لأَقل من سِتَّة أشهر من يَوْم تزَوجهَا لم يثبت نسبه لِأَن الْعلُوق سَابق على النِّكَاح فَلَا يكون مِنْهُ فَإِن جحد الْولادَة يثبت بِشَهَادَة امْرَأَة أُخْرَى وَقيل يثبت بِشَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة تشهد بِالْولادَةِ حَتَّى لَو نَفَاهُ الزَّوْج يُلَاعن لِأَن النّسَب يثبت بالفراش الْقَائِم وَاللّعان إِنَّمَا يجب بِالْقَذْفِ وَلَيْسَ من ضَرُورَته وجود الْوَلَد فَإِنَّهُ يَصح بِدُونِهِ فَإِن ولدت ثمَّ اخْتلفَا فَقَالَ الزَّوْج تَزَوَّجتك مُنْذُ أَرْبَعَة أشهر وَقَالَت من مُنْذُ سِتَّة أشهر فَالْقَوْل قَوْلهَا لِأَن الظَّاهِر شَاهد لَهَا لِأَنَّهَا تَلد ظَاهرا من نِكَاح لَا من سفاح وَلم يذكر الِاسْتِحْلَاف وَهُوَ على الْخلاف الْمَذْكُور فِي الْأَشْيَاء السِّتَّة المفصلة فِي المنبع فَلْتنْظرْ ثمَّة وَفِي المنبع وَإِن تَصَادقا على أَنه تزَوجهَا من مُنْذُ أَرْبَعَة أشهر لم يثبت النّسَب مِنْهُ وَإِن قَامَت الْبَيِّنَة بعد التصادق على تزَوجه اياها مُنْذُ سِتَّة أشهر قبلت قلت وَهَذَا الْجَواب صَحِيح مُسْتَقِيم فِيمَا إِذا أَقَامَ الْوَلَد الْبَيِّنَة بعد مَا كبر أما إِذا كَانَ قيام الْبَيِّنَة حَال صغر الْوَلَد فَاخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ قَالَ بَعضهم لَا تقبل الْبَيِّنَة مَا لم ينصب القَاضِي خصما عَن الصَّغِير لِأَن النّسَب حق الصَّغِير فينصب عَنهُ خصما لتَكون الْبَيِّنَة قَائِمَة مِمَّن هُوَ خصم وَقَالَ بَعضهم لَا حَاجَة إِلَى هَذَا التَّكَلُّف فَالْقَاضِي يسمع الْبَيِّنَة من غير أَن ينصب عَنهُ خصما بِنَاء على أَن الشَّهَادَة على النّسَب تقبل حسبَة بِدُونِ الدَّعْوَى اه وَمن قَالَ لامْرَأَته إِذا ولدت فَأَنت طَالِق فَشَهِدت امْرَأَة على الْولادَة لم تطلق عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالا تطلق لِأَن شهادتها حجَّة فِي ذَلِك وَإِن كَانَ الزَّوْج قد أقرّ بالحبل طلقت من غير شَهَادَة عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا يشْتَرط شَهَادَة الْقَابِلَة لِأَنَّهُ لَا بُد من حجَّة لدعواها الْحِنْث وشهادتها حجَّة فِيهِ على مَا بَيناهُ

وَمن قَالَ لأمته إِن كَانَ فِي بَطْنك ولد فَهُوَ مني فَشَهِدت على الْولادَة امْرَأَة فَهِيَ أم وَلَده وَمن قَالَ لغلام هُوَ ابْني ثمَّ مَاتَ وَجَاءَت أم الْغُلَام وَقَالَت أَنا امْرَأَته فَهِيَ امْرَأَته وَهُوَ ابْنه ويرثانه وَفِي الفتاوي الظَّهِيرِيَّة رجل زنى بِامْرَأَة فعلقت مِنْهُ فَلَمَّا تبين حملهَا تزَوجهَا الَّذِي زنى بهَا فَالنِّكَاح جَائِز فَإِن جَاءَت بِولد بعد النِّكَاح لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا ثَبت النّسَب مِنْهُ وَإِن جَاءَت بِهِ لأَقل من سِتَّة أشهر لَا يثبت النّسَب مِنْهُ إِلَّا أَن يَقُول هَذَا الْوَلَد مني وَلم يقل من الزِّنَى انْتهى الْحَضَانَة وَفِي المنبع أَحَق النِّسَاء بحضانة الْوَلَد الصَّغِير حَال قيام النِّكَاح أَو بعد الْفرْقَة الْأُم إِلَّا أَن تكون مرتدة أَو فاجرة غير مَأْمُونَة لما رُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن امْرَأَة جَاءَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله إِن ابْني هَذَا كَانَ بَطْني لَهُ وعَاء وحجري لَهُ حَوَّاء وثديي لَهُ سقاء وَزعم أَبوهُ أَنه يَنْزعهُ مني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْت أَحَق بِهِ مالم تنكحي رَوَاهُ ابو دَاوُد وروى أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي مُصَنفه أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ طلق جملَة بنت عَاصِم ابْن ثَابت بن أبي الأقلح فَتزوّجت فَأخذ عمر ابْنه عَاصِمًا فَأَدْرَكته الشموس ابْنة أبي عَامر الْأَنْصَارِيَّة وَهِي أم جميلَة فَأَخَذته فَتَرَافَعَا إِلَى أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى وَأَنه حكم على عمر بن الْخطاب وَقضى بعاصم لأمه وَقَالَ هِيَ أعطف وألطف وأرق وَأحب وأرحم وَفِي الْمَبْسُوط قَالَ لَهُ أَبُو بكر رِيحهَا خير لَهُ من سمن وَعسل عنْدك يَا عمر فَدَعْهُ عِنْدهَا حَتَّى يثبت وَلِأَن الْأَطْفَال لما عجزوا عَن النّظر لأَنْفُسِهِمْ وَالْقِيَام بحوائجهم جعل الشَّرْع الْولَايَة إِلَى من هُوَ مُشفق عَلَيْهِم فَجعل حق التَّصَرُّف فِي الْأَمْوَال ثمَّ فِي الْعُقُود إِلَى الْآبَاء لقُوَّة رَأْيهمْ مَعَ الشَّفَقَة وَالتَّصَرُّف يَسْتَدْعِي قُوَّة الرَّأْي وَجعل حق الْحَضَانَة إِلَى الْأُمَّهَات لرفقهن فِي ذَلِك مَعَ الشَّفَقَة وقدرتهن على ذَلِك بِلُزُوم الْبيُوت وَالظَّاهِر أَن الْأُم أرْفق وأشفق على الْوَلَد من الْأَب فتتحمل من المشاق مَالا يتحمله الْأَب انْتهى وَفِي الْهِدَايَة وَلَا تجبر الْأُم عَلَيْهَا لِأَنَّهَا عَسى أَن تعجز عَن الْحَضَانَة فَإِن لم تكن أم فَأم الْأُم أولى وَإِن بَعدت لِأَن هَذِه الْولَايَة تستفاد من قبل الْأُمَّهَات فَإِن لم تكن فَأم الْأَب أولى من الْأَخَوَات لِأَنَّهَا من الْأُمَّهَات فَإِن لم تكن جدة فالأخوات أولى من العمات والخالات لِأَنَّهُنَّ بَنَات الْأَبَوَيْنِ وَفِي رِوَايَة الْخَالَة أولى من الْأُخْت لأَب وَتقدم الْأُخْت لأَب وَأم على الْأُخْت لأَب لِأَنَّهَا أشْفق ثمَّ الْأُخْت من الْأُم ثمَّ الْأُخْت من الْأَب ثمَّ قرَابَة الْأُم ثمَّ العمات وكل من تزوجت من هَؤُلَاءِ سقط حَقّهَا الا الْجدّة إِذا كَانَ زَوجهَا الْجد لِأَنَّهُ قَامَ مقَام أَبِيه وَكَذَا كل زوج هُوَ ذُو رحم محرم مِنْهُ لقِيَام الشَّفَقَة نظرا إِلَى الْقَرَابَة الْقَرِيبَة وَمن سقط حَقّهَا بِالتَّزْوِيجِ يعود إِذا ارْتَفَعت الزَّوْجِيَّة لِأَن الْمَانِع قد زَالَ وَإِن لم يكن للصَّبِيّ امْرَأَة من أَهله واختصم فِيهِ الرِّجَال فأولاهم بِهِ أقربهم تعصيبا لِأَن الْولَايَة للأقرب وَقد عرف التَّرْتِيب فِي مَوْضِعه غير أَن الصَّغِيرَة لَا تدفع إِلَى عصبَة غير محرم كمولى الْعتَاقَة وَابْن الْعم تَحَرُّزًا عَن الْفِتْنَة وَالأُم وَالْجدّة أَحَق بالغلام حَتَّى يَأْكُل وَحده وَيشْرب وَحده ويلبس وَحده ويستنجي وَحده وَفِي الْجَامِع الصَّغِير حَتَّى يَسْتَغْنِي وَإِذا اسْتغنى يحْتَاج إِلَى التَّأْدِيب والتخلق بآداب الرِّجَال وأخلاقهم وَالْأَب أقدر على التَّأْدِيب والتثقيف والخصاف قدر الِاسْتِغْنَاء بِسبع سِنِين اعْتِبَارا بالغالب

وَالأُم وَالْجدّة أَحَق بالجارية حَتَّى تحيض لِأَن بعد الِاسْتِغْنَاء تحْتَاج إِلَى معرفَة آدَاب النِّسَاء وَالْمَرْأَة على ذَلِك أقدر وَبعد الْبلُوغ تحْتَاج إِلَى التحصين وَالْحِفْظ وَالْأَب فِيهِ أقوى وَأهْدى وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنَّهَا تدفع إِلَى الْأَب إِذا بلغت حد الشَّهْوَة لِأَنَّهُ تحققت الْحَاجة إِلَى الصيانة وَمن سوى الْأُم وَالْجدّة أَحَق بالجارية حَتَّى تبلغ حدا تشْتَهي فِيهِ وَفِي الْجَامِع الصَّغِير حَتَّى تَسْتَغْنِي وَالْأمة إِذا أعْتقهَا مَوْلَاهَا وَأم الْوَلَد إِذا عتقت كَالْحرَّةِ فِي حق الْوَلَد وَلَيْسَ لَهما قبل الْعتْق حق فِي الْوَلَد والذمية أَحَق بِوَلَدِهَا الْمُسلم مالم يعقل الْأَدْيَان وَيخَاف عَلَيْهِ أَن يألف الْكفْر للنَّظَر قبل ذَلِك وَاحْتِمَال الضَّرَر بعده وَلَا خِيَار للغلام وَالْجَارِيَة عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي لَهما الْخِيَار لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيره وَلنَا أَنه لقُصُور عقله يخْتَار من عِنْده الدعة لتخليته بَينه وَبَين اللّعب فَلَا يتَحَقَّق النّظر وَقد صَحَّ أَن الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم مَا خيروا وَإِذا أَرَادَت الْمُطلقَة أَن تخرج بِوَلَدِهَا من الْمصر فَلَيْسَ لَهَا ذَلِك لما فِيهِ من الْإِضْرَار بِالْأَبِ إِلَّا أَن تخرج بِهِ إِلَى وطنها وَقد كَانَ الْأَب تزَوجهَا فِيهِ لِأَنَّهُ الْتزم الْمقَام فِيهِ عرفا وَشرعا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تأهل ببلدة فَهُوَ مِنْهُم وَلِهَذَا يصير الْحَرْبِيّ بِهِ ذِمِّيا وَإِذا أَرَادَت الْخُرُوج بِهِ إِلَى مصر غير وطنها وَقد كَانَ التَّزَوُّج فِيهِ أَشَارَ صَاحب الْهِدَايَة إِلَى أَنه لَيْسَ لَهَا ذَلِك وَذكر فِي الْجَامِع الصَّغِير أَن لَهَا ذَلِك وَالْأول أصح هَذَا إِذا كَانَت الْمسَافَة بَين البلدين بعيدَة وَأما إِذا كَانَت قريبَة بِحَيْثُ يقدر الْأَب أَن يزور الْوَلَد وَيعود إِلَى منزله قبل اللَّيْل فلهَا ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يلْحق الْأَب ضَرَر كثير بِالنَّقْلِ كالنقل إِلَى أَطْرَاف الْبَلَد وَأما أهل السوَاد فَالْحكم فِي السوَاد كَالْحكمِ فِي الْمصر فِي جَمِيع الْفُصُول الا فِي فصل وَاحِد وَبَيَانه أَن النِّكَاح إِذا وَقع فِي الرستاق فَأَرَادَتْ الْمَرْأَة أَن تنقل وَلَدهَا إِلَى قريتها فَإِن كَانَ النِّكَاح وَقع فِيهَا فلهَا ذَلِك كَمَا فِي الْمصر وَإِن وَقع فِي غَيرهَا فَلَيْسَ لَهَا أَن تنقل وَلَدهَا إِلَى قريتها وَلَا إِلَى الْقرْيَة الَّتِي وَقع النِّكَاح فِيهَا إِذا كَانَت بعيدَة كَمَا فِي الْمصر وَإِذا كَانَت على التَّفْسِير الَّذِي ذَكرْنَاهُ فلهَا ذَلِك كَمَا فِي الْمصر وَإِن كَانَ الْأَب مستوطنا فِي الْمصر وأرادت نقل الْوَلَد إِلَى الْقرْيَة فَإِن كَانَ تزَوجهَا فِيهَا وَهِي قريتها فلهَا ذَلِك وَإِن كَانَت بعيدَة عَن الْمصر لما ذَكرْنَاهُ فِي الْمصر وَإِن لم تكن قريتها فَإِن كَانَت قريبَة وَوَقع أصل النِّكَاح فِيهَا فلهَا ذَلِك كَمَا فِي الْمصر وَإِن لم يَقع النِّكَاح فِيهَا فَلَيْسَ لَهَا ذَلِك وَإِن كَانَت قريبَة من الْمصر بِخِلَاف المصريين لِأَن أَخْلَاق أهل السوَاد لَا تكون مثل أَخْلَاق أهل الْمصر بل تكون أجفى فيتخلق الصَّبِي بأخلاقهم فيتضرر بِهِ لوم يُوجد من الْأَب دَلِيل الرِّضَا بِهَذَا الضَّرَر إِذا لم يَقع أصل النِّكَاح فِي الْقرْيَة وَلَيْسَ للْمَرْأَة أَيْضا أَن تنْتَقل بِوَلَدِهَا إِلَى دَار الْحَرْب وَإِن كَانَ قد تزَوجهَا هُنَاكَ وَكَانَت حربية بعد أَن يكون زَوجهَا مُسلما أَو ذِمِّيا وَإِن كَانَ كِلَاهُمَا حربيين فلهَا ذَلِك بِأَن كَانَا مستأمنين لِأَن الصَّبِي تبع لَهما وهما من أهل دَار الْحَرْب كَذَا فِي المنبع وَفِيه أَيْضا إِذا أَرَادَ أحد الْأَبَوَيْنِ السّفر غير سفر وَإِقَامَة فَالْوَلَد يكون عِنْد الْمُقِيم مِنْهُمَا حَتَّى يعود من سَفَره وَإِذا مرض أحد الْأَبَوَيْنِ لَا يمْنَع الصَّغِير من عيادته وحضوره عِنْد مَوته وَالذكر وَالْأُنْثَى فِي ذَلِك سَوَاء وَإِن مرض الصَّغِير عِنْد الْأَب فالأم أَحَق بتمريضه فِي بَيتهَا انْتهى نوع فِي النَّفَقَة النَّفَقَة وَاجِبَة للزَّوْجَة على زَوجهَا مسلمة كَانَت أَو كَافِرَة إِذا سلمت نَفسهَا

فِي منزله فَعَلَيهِ نَفَقَتهَا وكسوتها وسكناها وَيعْتَبر فِي ذَلِك حَالهمَا جَمِيعًا قَالَ صَاحب الْهِدَايَة وَهَذَا اخْتِيَار الْخصاف وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَتَفْسِيره أَنَّهُمَا إِن كَانَا موسرين تجب نَفَقَة الْيَسَار وَإِن كَانَا معسرين تجب نَفَقَة الْإِعْسَار وَإِن كَانَ مُعسرا وَهِي موسرة فنفقة الاعسار وَإِن كَانَت معسرة وَالزَّوْج مُوسر فنفقتها دون نَفَقَة الموسرات وَفَوق نَفَقَة المعسرات وَقَالَ الْكَرْخِي يعْتَبر حَال الزَّوْج وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَحمَه الله وَإِن امْتنعت من تَسْلِيم نَفسهَا حَتَّى يُعْطِيهَا مهرهَا فلهَا النَّفَقَة وَإِن نشزت فَلَا نَفَقَة لَهَا حَتَّى تعود إِلَى منزله وَإِن كَانَت صَغِيرَة لَا يسْتَمْتع بهَا فَلَا نَفَقَة لَهَا وَإِن سلمت إِلَيْهِ نَفسهَا وَإِن كَانَ الزَّوْج صَغِيرا لَا يقدر على الْجِمَاع وَهِي كَبِيرَة فلهَا النَّفَقَة فِي مَاله وَفِي المنبع وَلَو كَانَا صغيرين لَا يطيقان الْجِمَاع أَو كَانَ مجبوب تزوج صَغِيرَة لَا تجامع لَا نَفَقَة لَهَا لِأَن الْمَنْع لِمَعْنى من جِهَتهَا وَإِذا حبست الْمَرْأَة فِي دين فَلَا نَفَقَة لَهَا قَالَ الحسام الشَّهِيد رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا إِذا كَانَ الْحَبْس من قبل الْمَرْأَة وَإِن كَانَ الْحَبْس من قبله فَعَلَيهِ النَّفَقَة وَكَذَا إِذا غصبهَا رجل كرها فَذهب بهَا وَعَن أبي يُوسُف أَن لَهَا النَّفَقَة وَالْفَتْوَى على الأول وَكَذَا إِذا حجت مَعَ محرم لِأَن فَوت الاحتباس مِنْهَا وَعَن أبي يُوسُف أَيْضا أَن لَهَا النَّفَقَة وَلَكِن يجب عَلَيْهِ نَفَقَة الْحَضَر دون السّفر وَلَو سَافر مَعهَا الزَّوْج تجب النَّفَقَة بالاجماع لِأَن الاحتباس قَائِم لقِيَامه عَلَيْهَا وَتجب نَفَقَة الْحَضَر دون السّفر وَلَا يجب الْكِرَاء وَإِن مَرضا فِي منزل الزَّوْج فلهَا النَّفَقَة وَالْقِيَاس أَن لَا نَفَقَة لَهَا إِذا كَانَ مَرضا يمْنَع من الْجِمَاع وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله أَنَّهَا إِذا سلمت نَفسهَا ثمَّ مَرضت تجب النَّفَقَة لتحَقّق التَّسْلِيم كَذَا فِي الْهِدَايَة وَفِي البزازي إِذا كَانَ الزَّوْج ذَا طَعَام ومائدة تتمكن من الْأكل كفايتها لَيْسَ لَهَا الْمُطَالبَة بِفَرْض النَّفَقَة وَإِن لم يكن فيفرض لَهَا إِذا طلبت النَّفَقَة وَالْكِسْوَة مَا يصلح للنِّسَاء فِي الشتَاء والصيف فبقاء النَّفس بالمأكول والملبوس وَذَا يخْتَلف باخْتلَاف الْأَوْقَات والأمكنة وَالزَّوْج هُوَ الَّذِي يَلِي الانفاق الا إِذا ظهر مطله فَحِينَئِذٍ يفْرض القاصي النَّفَقَة ويأمره أَن يُعْطِيهَا مَا تنفقه على نَفسهَا نظرا إِلَيْهَا فَإِن أَبى حَبسه وَذكر الحسام الشَّهِيد فِي شَرحه على أدب الْقَضَاء وَإِذا فرض لَهَا نَفَقَة يُعْطِيهَا فِي كل شهر بِقدر مَا تحْتَاج إِلَيْهِ على قدر طَاقَة الرجل على قدر يسره وعسره فَينْظر إِلَى قدر مَا يكفيها من الدَّقِيق والأدم والدهن وحوائج الْمَرْأَة الَّتِي تكون لمثلهَا فَيقوم ذَلِك بِدَرَاهِم ويفرض عَلَيْهِ ذَلِك فِي كل شهر ويأمره القَاضِي بِدفع ذَلِك إِلَيْهَا وَذكر عَن شريك رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ شاهدت ابْن أبي ليلى حِين فرض على لَيْث بن أبي سليم لامْرَأَته سِتَّة دَرَاهِم ولخادمها ثَلَاثَة دَرَاهِم فِي الشَّهْر قلت وَهَذَا يدل على أَن نَفَقَة الْخَادِم دون نَفَقَة الْمَرْأَة وَالله أعلم وَلَا تسْقط وتؤمر بالاستدانة حَتَّى ترجع عَلَيْهِ بِالثّمن وتحيل البَائِع على الزَّوْج بِلَا رِضَاهُ وَإِن طلبت نَفَقَة كل يَوْم كَانَ لَهَا ذَلِك عِنْد الْمسَاء وَفِي الْمجمع وَيقبل قَوْله فِي اعساره عَنْهَا أَي عَن النَّفَقَة وَهَكَذَا ذكر الْخصاف لِأَن الْعسر أصل واليسار طَارِئ وَالْقَوْل قَول من يتَمَسَّك بالاصل وَذكر مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى فِي الزِّيَادَات أَن القَوْل قَول الْمَرْأَة مَعَ يَمِينهَا لِأَن الْإِقْدَام على الدُّخُول بهَا

وَالْعقد عَلَيْهَا دَلِيل على الْيَسَار وَمِنْهُم من ينظر إِلَى زِيّ الْمَطْلُوب وَإِن قَامَت الْبَيِّنَة فَلَا يَخْلُو فَإِن قَامَت من جِهَتهَا على الْيَسَار قبلت بينتها وَإِن قَامَت الْبَيِّنَة من جِهَته على الْإِعْسَار فِيهِ رِوَايَتَانِ وَفِي الْمُحِيط وَهل تسمع الْبَيِّنَة على الْإِعْسَار قبل الْحَبْس فِيهِ رِوَايَتَانِ على مَا مر فِي فصل الْقَضَاء وَإِن أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة فَالْبَيِّنَة بينتها مثبتة وَبَيِّنَة الزَّوْج لَا تثبت شَيْئا فَالْحَاصِل أَن القَوْل قَوْله وَالْبَيِّنَة بينتها وَلَو أخبر القَاضِي عَدْلَانِ أَنه مُوسر يقبل وَلَو لم يتلفظا بِالشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا شَبيهَة بالصلة فَكَانَت حسبَة من وَجه وَلَيْسَت من حُقُوق الْعباد الْمَحْضَة فشرطنا فِيهَا الْعدَد دون لفظ الشَّهَادَة كَمَا فِي أُمُور الدّين المترددة بَين حق الله تَعَالَى وَحقّ الْعباد وَإِن قَالَا سمعنَا أَنه مُوسر لَا تقبل لِأَنَّهُمَا قد يسمعان الْكَذِب كَمَا يسمعان الصدْق فَلَا يحصل لَهما الْعلم بالمشهود بِهِ هَذَا مِمَّا يطلع عَلَيْهِ الشُّهُود فَلَا يُؤْخَذ فِيهِ بالاستفاضة والشهرة وتفرض نَفَقَة الْخَادِم لَكِن لَا تبلغ نَفَقَة المخدومة بل بِقدر الْكِفَايَة كَمَا يفْرض على الزَّوْج الْمُعسر بِقدر الْكِفَايَة وَفِي المنبع الْمَرْأَة إِذا كَانَت من بَنَات الْأَشْرَاف وَلها خدم يجْبر الزَّوْج على نَفَقَة خادمين وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنَّهَا إِذا كَانَت فائقة بنت فائق زفت إِلَى زَوجهَا مَعَ جوَار كَثِيرَة اسْتحقَّت نَفَقَة الخدم كلهم وَبِه أَخذ الطَّحَاوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَإِن قَالَ لامْرَأَته لَا أنْفق على أحد من خدمك وَلَكِن أعطي خَادِمًا من خدمي ليخدمك فَأَبت يجْبر على نَفَقَة خَادِم من خدامها فَرُبمَا لَا يتهيأ لَهَا اسْتِخْدَام خدمه وَإِن لم يكن لَهَا خَادِم لَا يفْرض لَهَا نَفَقَة الْخَادِم فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَهَذَا كُله إِذا كَانَ الزَّوْج مُوسِرًا فَإِن كَانَ الزَّوْج مُعسرا لَا يفْرض عَلَيْهِ نَفَقَة الْخَادِم فِي رِوَايَة الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَإِن كَانَ لَهَا خَادِم خلافًا لمُحَمد رَحمَه الله تَعَالَى وَفِي الفتاوي الظَّهِيرِيَّة النَّفَقَة الْوَاجِبَة الْمَأْكُول والملبوس والمسكن أما الْمَأْكُول فالدقيق وَالْمَاء وَالْملح والحطب والدهن فَإِن قَالَت لَا أطبخ وَلَا أخبز يُفْتِي بِأَن تطبخ وتخبز وَلكنهَا لَا تجبر على ذَلِك إِن أَبَت وَيجب على الزَّوْج أَن يَأْتِيهَا بِطَعَام مُهَيَّأ وَلَو اسْتَأْجرهَا للطبخ وَالْخبْز لم يجز وَلَا يجوز لَهَا أَخذ الاجرة على ذَلِك لِأَنَّهَا لَو أخذت الاجرة على ذَلِك لأخذتها على عمل وَاجِب عَلَيْهَا فِي الْفَتْوَى فَكَانَ فِي معنى الرِّشْوَة والرشوة حرَام وَذكر الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث رَحمَه الله تَعَالَى إِنَّمَا يجب على الزَّوْج أَن يَأْتِيهَا بِطَعَام مُهَيَّأ إِذا كَانَت من بَنَات الْأَشْرَاف وَلَا تخْدم نَفسهَا فِي أَهلهَا أَو لم تكن من بَنَات الْأَشْرَاف لَكِن بهَا عِلّة تمنعها عَن الطَّبْخ وَالْخبْز أما إِذا لم تكن كَذَلِك فَلَا يجب على الزَّوْج أَن يَأْتِيهَا بِطَعَام مُهَيَّأ وَفِي البزازي الزَّوْج إِذا كَانَ من المحترفة يفْرض عَلَيْهِ نَفَقَة كل يَوْم لِأَنَّهُ لَا يقدر على الزِّيَادَة وَإِن كَانَ من التُّجَّار فشهر وَإِن كَانَ من المزارعين فَسنة فَينْظر إِلَى مَا هُوَ أيسر عَلَيْهِ ويفرض الإدام وَأَعلاهُ اللَّحْم وأوسطه الزَّيْت وَأَدْنَاهُ اللَّبن وَقيل الادام يفْرض بِخبْز الشّعير وَلَا تفرض الْفَاكِهَة وَلم يذكر الْخُف والإزار فِي كسْوَة الْمَرْأَة وذكرهما فِي كسْوَة الْخَادِم وَذَلِكَ فِي دِيَارهمْ بِحكم الْعرف وَفِي دِيَارنَا يفْرض الْإِزَار والمكعب وَمَا تنام عَلَيْهِ وَلَا يجب عَلَيْهِ الملاءة والخف وَفِي الشُّرُوح لَا يجب عَلَيْهِ خفها لِأَنَّهَا منهية عَن الْخُرُوج بِخِلَاف خف أمتها الْحَطب والصابون والأشنان عَلَيْهِ وَمَاء الْوضُوء عَلَيْهَا إِن كَانَت غنية وَإِن كَانَت فقيرة لَا إِمَّا أَن ينْقل الزَّوْج إِلَيْهَا أَو يَدعهَا تنقل بِنَفسِهَا وَإِن كَانَت غنية تستأجر من ينْقل وَلَا تنقل بِنَفسِهَا وَثمن مَاء الِاغْتِسَال عَلَيْهِ غنية كَانَت أَو فقيرة وَفِي الْخُلَاصَة جعله عَلَيْهَا إِن طهرت من حَيْضهَا وأيامها عشرَة فَإِن كَانَت أقل من عشرَة فَحِينَئِذٍ تكون على الزَّوْج وَكَذَا لَو كَانَ الْغسْل عَن الْجَنَابَة وَأُجْرَة الْقَابِلَة عَلَيْهَا

إِن استأجرتها وَلَو اسْتَأْجرهَا الزَّوْج فَعَلَيهِ وَإِن حضرت بِلَا اجارة فلقائل أَن يَقُول على الزَّوْج لِأَنَّهُ من مُؤنَة الْوَطْء وَلقَائِل أَن يَقُول على الْمَرْأَة لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أُجْرَة الطَّبِيب للزَّوْجَة طلب النَّفَقَة من الزَّوْج قبل الزفاف إِذا لم يُطَالب الزَّوْج بالزفاف وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَكَذَا لَو منعت نَفسهَا بِحَق وَفِي شرح آدَاب الْقَضَاء للحسام الشَّهِيد ويفرض القَاضِي الْكسْوَة على الزَّوْج للْمَرْأَة إِن كَانَ فَقِيرا قَمِيصًا ومقنعة وَمِلْحَفَة على قدر مَا يحْتَملهُ مثله وَإِن كَانَ مُوسِرًا فرض لَهَا أَجود من ذَلِك مِمَّا يحْتَملهُ مثله أَيْضا لِأَن الْكسْوَة مثل النَّفَقَة ثمَّ فِي النَّفَقَة يعْتَبر حَالهمَا وَقيل حَال الزَّوْج وَهُوَ اخْتِيَار الْكَرْخِي وَقد مر ذَلِك قَرِيبا قلت وَهَذِه الْمَسْأَلَة إِنَّمَا تَأتي على قَول الْكَرْخِي وَالله أعلم قَالَ وَهَذَا لَهَا فِي الصَّيف وَأما فِي الشتَاء فَإِنَّهُ يفْرض لَهَا مَعَ ذَلِك جُبَّة وَسَرَاويل وَلم يذكر الْخصاف فِي جملَة كسْوَة الصَّيف السَّرَاوِيل وَذكره فِي جملَة كسْوَة الشتَاء وَهَذَا فِي عرف دِيَارهمْ بالعراق فَإِنَّهُم لَا يتمكنون من لبس السَّرَاوِيل لشدَّة الْحر فِي زمَان الصَّيف ويتمكنون مِنْهُ فِي زمَان الشتَاء وَأما فِي عرف دِيَارنَا فَإِن القَاضِي يقْضِي لَهَا بالسراويل وبثياب الْحر وَبِمَا تحْتَاج إِلَيْهِ فِي الشتَاء قَالَ وَإِن طلبت لحافا فِي الشتَاء أَو قطيفة إِن لم يحْتَمل لحافا وَطلبت فراشا تنام عَلَيْهِ ألزمهُ القَاضِي من ذَلِك مَا يلْزم مثله لِأَن النّوم على الأَرْض رُبمَا يؤذيها ويمرضها وَهُوَ مَنْهِيّ عَن الحاق الضَّرَر والأذى بهَا وَفِي المنبع ويفرض لَهَا الْكسْوَة كل سِتَّة أشهر مرّة لتجدد الْحَاجة إِلَيْهَا فِي كل حر وَبرد وَفِي الذَّخِيرَة وَلَو وفرت كسوتها وَكَانَت تلبسها يَوْمًا دون يَوْم يفْرض لَهَا كسْوَة أُخْرَى وَكَذَا النَّفَقَة وَلَو ضَاعَت الْكسْوَة وَالنَّفقَة أَو سرقت لم يجدد غَيرهمَا حَتَّى يمْضِي الْفَصْل بِخِلَاف الْمحرم إِذا فرض لَهَا النَّفَقَة ثمَّ سرقت فلهَا نَفَقَة أُخْرَى وَالْفرق أَن نَفَقَة الْمَحَارِم مقدرَة بِالْحَاجةِ وَالْحَاجة بعد ضيَاع النَّفَقَة قَائِمَة بَاقِيَة بِخِلَاف الزَّوْجَة وَلِهَذَا لَا يفْرض للمحارم مَعَ غناهم بِخِلَاف الزَّوْجَة فَإِنَّهَا لَا تجب بِسَبَب الْحَاجة بل لاحتباسها بِالزَّوْجِ فَتكون كالأجرة وَلِهَذَا تجب وَإِن كَانَت موسرة فَجَاز أَن لَا تفرض وَإِن بقيت الْحَاجة وَفِي البزازي فرض لَهَا الْكسْوَة فتخرقت قبل نصف الْعَام إِن لبست لبسا مُعْتَادا أَو علم أَن ذَا لم يكفها فيجدد لَهَا الْكسْوَة لِأَنَّهُ تبين خَطؤُهُ فِي التَّقْدِير وَإِن تخرقت بخرق اسْتِعْمَالهَا لَا يفْرض أُخْرَى وَمُدَّة كسْوَة الصّبيان أَرْبَعَة اشهر رجل دفع إِلَى زَوجته دَرَاهِم الْكسْوَة لَهُ أَن يجبرها على شِرَاء الْكسْوَة لِأَن الزِّينَة حَقه وَأفْتى بَعضهم بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِك لِأَن الدَّرَاهِم صَارَت حَقًا لَهَا فتعمل بهَا مَا شَاءَت وَفِي الْهِدَايَة وَمن أعْسر بِنَفَقَة امْرَأَته لم يفرق بَينهمَا وَيُقَال لَهَا استديني عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يفرق بَينهمَا وَإِذا قضى لَهَا بِنَفَقَة الاعسار ثمَّ أيسر فَخَاصَمته تمم لَهَا نَفَقَة الْمُوسر وَإِذا مَضَت مُدَّة لم ينْفق الزَّوْج عَلَيْهَا وطالبته بذلك فَلَا شَيْء لَهَا إِلَّا أَن يكون القَاضِي فرض لَهَا النَّفَقَة أَو صالحت الزَّوْج على مقدارها فَيَقْضِي لَهَا بِنَفَقَة مَا مضى وَإِذا مَاتَ الزَّوْج بعد مَا قضى عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ وَمَضَت شهور سَقَطت النَّفَقَة وَكَذَا إِذا مَاتَت الزَّوْجَة لِأَن النَّفَقَة صلَة والصلة تسْقط بِالْمَوْتِ كَالْهِبَةِ تبطل بِالْمَوْتِ قبل الْقَبْض وَفِي الْوَلْوَالجيّ قَالَ أَبُو يُوسُف يجْبر الزَّوْج على كفن زَوجته وَالْأَصْل فِيهِ أَن من يجْبر على نَفَقَته فِي حَال حَيَاته يجْبر على كَفنه بعد مَوته

كذوي الْأَرْحَام وَالْعَبْد مَعَ الْمولى وَالزَّوْج مَعَ الزَّوْجَة وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجْبر الزَّوْج على كفنها وَالصَّحِيح قَول أبي يُوسُف وَأَجْمعُوا على أَن من لَا يجْبر على نَفَقَته فِي حَال حَيَاته لَا يجْبر على تكفينه بعد مَوته كأولاد الْأَعْمَام والعمات والأخوال والخالات وَإِن أسلفها نَفَقَة السّنة أَي عجلها ثمَّ مَاتَ قبل تَمام السّنة لم يسترجع مِنْهَا شَيْء وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله يحْتَسب لَهَا بِنَفَقَة مَا مضى وَمَا بَقِي للزَّوْج وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وعَلى هَذَا الْخلاف الْكسْوَة وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنَّهَا إِذا قبضت نَفَقَة الشَّهْر أَو مادونه لَا يسترجع مِنْهَا شَيْء لِأَنَّهَا يسير فَصَارَ فِي حكم الْحَال وَإِذا تزوج العَبْد حرَّة فنفقتها دين عَلَيْهِ يُبَاع فِيهَا وَمَعْنَاهُ إِذا تزوج باذن الْمولى لانه دين وَجب فِي ذمَّته لوُجُود سَببه وَقد ظهر وُجُوبه فِي حق الْمولى فَيتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ كَدين التِّجَارَة فِي حق العَبْد التَّاجِر وَله أَن يفْدِيه لِأَن حَقّهَا فِي النَّفَقَة لَا فِي عين الرَّقَبَة فَلَو مَاتَ العَبْد سَقَطت وَكَذَا إِذا قتل فِي الصَّحِيح لِأَنَّهُ صلَة وَإِذا تزوج الْحر أمة فبوأها مَوْلَاهَا مَعَه منزلا فَعَلَيهِ النَّفَقَة لِأَنَّهُ تحقق الاحتباس وَإِن لم يبوئها فَلَا نَفَقَة لَهَا لعدم الاحتباس والتبوئة أَن يخلي بَينهَا وَبَينه فِي منزله وَلَا يستخدمها وَلَو استخدمها بعد التبوئة سَقَطت النَّفَقَة لِأَنَّهُ فَاتَ الاحتباس وعَلى الزَّوْج أَن يسكنهَا فِي دَار مُفْردَة لَيْسَ فِيهَا أحد من أَهله إِلَّا أَن تخْتَار ذَلِك لِأَن السُّكْنَى من كفايتها فَتجب لَهَا كَالنَّفَقَةِ وَإِذا وَجَبت حَقًا لَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَن يُشْرك غَيرهَا فِيهِ لِأَنَّهَا تتضرر بِهِ فَإِنَّهَا لَا تأمن على متاعها ويمنعها ذَلِك من المعاشرة مَعَ زَوجهَا وَمن الِاسْتِمْتَاع إِلَّا أَن تخْتَار ذَلِك لِأَنَّهَا رضيت بِإِسْقَاط حَقّهَا وَإِن كَانَ لَهُ ولد من غَيرهَا فَلَيْسَ لَهُ أَن يسكنهُ مَعهَا وَلَو أسكنها فِي بَيت مُفْرد من دَار لَهَا غلق كفاها لِأَن الْمَقْصُود قد حصل وَله أَن يمْنَع والديها وَوَلدهَا من غَيره وَأَهْلهَا من الدُّخُول عَلَيْهَا وَلَا يمنعهُم من النّظر إِلَيْهَا وكلامها فِي أَي وَقت اخْتَارُوا لما فِيهِ من قطيعة الرَّحِم وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِك ضَرَر وَقيل لَا يمنعهُم من الدُّخُول وَالْكَلَام ويمنعهم من الْقَرار لِأَن الْفِتْنَة فِي اللّّبْث وَتَطْوِيل الْكَلَام وَقيل لَا يمْنَعهَا من الْخُرُوج إِلَى الْوَالِدين وَلَا يمنعهما من الدُّخُول عَلَيْهَا فِي كل جُمُعَة وَفِي غَيرهمَا من الْمَحَارِم التَّقْدِير بِسنة وَهُوَ الصَّحِيح وَفِي الْمُحِيط امْرَأَة لَهَا أَب زمن وَلَيْسَ لَهُ من يقوم عَلَيْهِ غير الْبِنْت ومنعها الزَّوْج من تعهده جَازَ أَن تَعْصِي زَوجهَا وتطيع اباها مُؤمنا كَانَ الْأَب أَو كَافِرًا لِأَن الْقيام عَلَيْهِ فرض عَلَيْهَا فِي هَذِه الْحَالة وَفِي الْوَلْوَالجيّ امرأت أَبَت أَن تسكن مَعَ ضَرَّتهَا أَو مَعَ أقراب زَوجهَا من أمه أَو غَيرهَا فَإِن كَانَ فِي الدَّار بيُوت وَفرغ لَهَا بَيْتا مِنْهَا وَجعل لبيتها غلقا على حِدة لم يكن لَهَا أَن تطلب من الزَّوْج بَيْتا على حِدة وَإِن لم يكن فِيهَا الا بَيت وَاحِد كَانَ لَهَا الْمُطَالبَة بِبَيْت آخر لِأَنَّهُ يكره أَن يُجَامِعهَا وَمَعَهُ أحد فِي الْبَيْت وَلِهَذَا قَالُوا لَو جَامعهَا وَهُنَاكَ نَائِم أَو صبي أَو مَجْنُون أَو مغمى عَلَيْهِ يكره وَلِهَذَا لَو أَخذ بيد جَارِيَته وأدخلها فِي بَيت وأغلق الْبَاب وَالنَّاس يعلمُونَ أَنه يُرِيد جِمَاعهَا يكره وَلِهَذَا كره أهل بُخَارى النّوم على السطوح من غير حصن

امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا لَا أسكن مَعَ أمتك وأرادت بَيْتا آخر لَيْسَ لَهَا ذَلِك لِأَن الْأمة بِمَنْزِلَة مَتَاع الْبَيْت ودوابه وَكَذَا لَو قَالَت لَا أسكن مَعَ أم ولدك اه وَإِذا غَابَ الرجل وَله مَال فِي يَد رجل معترف بِهِ وبالزوجية فرض القَاضِي فِي ذَلِك المَال نَفَقَة لزوجته أَي زَوْجَة الْغَائِب وحشمه وَأَوْلَاده الصغار ووالديه وَكَذَا إِذا علم القَاضِي ذَلِك وَلم يعْتَرف بِهِ لِأَنَّهُ لما أقرّ بِالزَّوْجِيَّةِ والوديعة فقد أقرّ أَن حق الْأَخْذ لَهَا لِأَن لَهَا أَن تَأْخُذ من مَال الزَّوْج حَقّهَا من غير رِضَاهُ وَإِقْرَار صَاحب المَال مَقْبُول فِي حق نَفسه لَا سِيمَا هَاهُنَا فَإِنَّهُ لَو أنكر أحد الْأَمريْنِ لَا تقبل بَيِّنَة الْمَرْأَة فِيهِ لِأَن الْمُودع لَيْسَ بخصم فِي حق إِثْبَات الزَّوْجِيَّة عَلَيْهِ وَلَا الْمَرْأَة خصم فِي إِثْبَات حُقُوق الْغَائِب وَإِذا ثَبت فِي حَقه تعدِي إِلَى الْغَائِب وَكَذَا إِذا كَانَ كَانَ المَال فِي يَد مضاربه وَكَذَا الْجَواب فِي الدّين وَهَذَا كُله إِذا كَانَ المَال من جنس حَقّهَا دَرَاهِم أَو دَنَانِير أَو طَعَاما أَو كسْوَة من جنس حَقّهَا أما إِذا كَانَ من خلاف جنسه فَلَا تفرض النَّفَقَة فِيهِ لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى البيع وَلَا يُبَاع مَال الْغَائِب بالِاتِّفَاقِ وَيَأْخُذ مِنْهَا كَفِيلا بِهِ نظرا للْغَائِب لِأَنَّهَا رُبمَا استوفت النَّفَقَة أَو طَلقهَا الزَّوْج وَانْقَضَت عدتهَا فرق بَين هَذَا وَبَين الْمِيرَاث إِذا قسم بَين وَرَثَة حُضُور بِالْبَيِّنَةِ وَلم يَقُولُوا لَا نعلم لَهُ وَارِثا آخر حَيْثُ لَا يُؤْخَذ مِنْهُم الْكَفِيل عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لِأَن هُنَاكَ الْمَكْفُول لَهُ مَجْهُول وَهَاهُنَا مَعْلُوم وَهُوَ الزَّوْج ويحلفها بِاللَّه مَا أَعْطَاهَا النَّفَقَة نظرا إِلَى الْغَائِب وَلَا يقْضِي بِنَفَقَة فِي مَال الْغَائِب إِلَّا لهَؤُلَاء وَلَو لم يعلم القَاضِي بذلك وَلم يكن مقرا بِهِ فأقامت الْبَيِّنَة على الزَّوْجِيَّة أَو أَنه لم يخلف مَالا فأقامت الْبَيِّنَة ليفرض القَاضِي نَفَقَتهَا على الْغَائِب ويأمرها بالاستدانة لَا يقْضِي القَاضِي بذلك لِأَن فِي ذَلِك قَضَاء على الْغَائِب وَقَالَ زفر رَحمَه الله تَعَالَى يقْضِي لَهَا لِأَن فِيهِ نظرا لَهَا وَلَا ضَرَر فِيهِ على الْغَائِب لِأَنَّهُ لَو حضر وصدقها فقد أخذت حَقّهَا وَإِن جحد يحلف فَإِن نكل فقد صدق وَإِن اقامت بَيِّنَة فقد ثَبت حَقّهَا وَإِن عجزت يضمن الْكَفِيل أَو الْمَرْأَة وَعمل الْقُضَاة الْيَوْم على هَذَا أَنه يقْضِي بِالنَّفَقَةِ على الْغَائِب لحَاجَة النَّاس وَهُوَ مُجْتَهد فِيهِ وَفِي الْوِقَايَة لمطلقة الرَّجْعِيّ والبائن والفرقة بِلَا مَعْصِيّة كَخِيَار الْعتْق وَالْبُلُوغ والتفريق لعدم الْكَفَاءَة النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَالسُّكْنَى لَا لمعتدة الْمَوْت وَالسُّكْنَى فَقَط لمعتدة الْفرْقَة بِمَعْصِيَة كالردة وتقبيل ابْن الزَّوْج قَالَ ابْن فرشتة وَلَو خلعها على أَن لَا سُكْنى لَهَا وَلَا نَفَقَة تسْقط النَّفَقَة دون السُّكْنَى وَلَو كَانَت الْفرْقَة بِمَعْصِيَة من قبل الزَّوْج فلهَا النَّفَقَة إِن كَانَت مَدْخُولا بهَا وَنَفَقَة الابْن الصَّغِير فَقِيرا على أَبِيه لَا يشركهُ أحد كَنَفَقَة أَبَوَيْهِ وعرسه وَلَيْسَ على أمه إرضاعه إِلَّا إِذا تعيّنت ويستأجر الْأَب من ترْضِعه عِنْدهَا وَلَو اسْتَأْجرهَا مَنْكُوحَة أَو مُعْتَدَّة من رَجْعِيّ لترضعه لم يجز وَفِي المبتوتة رِوَايَتَانِ وَهِي أَحَق من الْأَجْنَبِيَّة إِلَّا إِذا طلبت زِيَادَة أُجْرَة وَفِي المنبع إِذا اسْتَأْجر امْرَأَته أَو معتدته لترضع وَلَده مِنْهَا لم يجز وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يجوز اه وعَلى الرجل أَن ينْفق على أَبَوَيْهِ واجداده وجداته إِذا كَانُوا فُقَرَاء وَإِن خالفوه فِي دينه

وَفِي الذَّخِيرَة وَلَا فرق بَين أَن يكون الْأَب قَادِرًا على الْكسْب أَو لم يكن فَإِنَّهُ تجب نَفَقَته على الْوَلَد بعد أَن يكون مُحْتَاجا وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ رَحمَه اله تَعَالَى أَن الْأَب إِذا كَانَ كسوبا وَالِابْن أَيْضا كسوبا يجْبر الابْن على الْكسْب وَالنَّفقَة على الْأَب وَذكر شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي رَحمَه الله أَنه لَا يجْبر الابْن على نَفَقَة الْأَب إِذا كَانَ الْأَب كسوبا قَادِرًا بِكَسْبِهِ واعتبره بِذِي الرَّحِم الْمحرم فَإِنَّهُ لَا يسْتَحق النَّفَقَة فِي كسب قَرِيبه وَلَا على قَرِيبه الْمُوسر إِذا كَانَ كسوبا وَنَفَقَة كل ذِي رحم محرم سوى الْوَالِدين وَالْولد وَاجِبَة على قدر الْمِيرَاث كالاخوة وَالْأَخَوَات والأعمام والعمات والأخوال والخالات إِذا كَانَ صَغِيرا فَقِيرا أَو كَانَت امْرَأَة بَالِغَة فقيرة أَو كَانَ ذكرا فَقِيرا زَمنا أَو أعمى وَهَذَا عندنَا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى لَا تجب نَفَقَة هَؤُلَاءِ غير أَن مَالِكًا قَالَ لَا تجب الا نَفَقَة الْأَب الْأَدْنَى وَالأُم الدانية وَالْولد الصلبي فَلَا تجب نَفَقَة ولد الْوَلَد وَلَا نَفَقَة الْجد وَلَا نَفَقَة الْجد عِنْده وَفِي المنبع وَتجب نَفَقَة الْبِنْت الْبَالِغَة وَالِابْن الزَّمن على الْأَبَوَيْنِ أَثلَاثًا على الْأَب الثُّلُثَانِ وعَلى الْأُم الثُّلُث لِأَن ميراثهما على هَذَا الْقدر قَالَ صَاحب الْهِدَايَة رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا الَّذِي ذكره رِوَايَة الْخصاف وَالْحسن وَفِي ظَاهر الرِّوَايَة كل النَّفَقَة على اأب لقَوْله تَعَالَى {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ} فصارا كَالْوَلَدِ الصَّغِير اه هَذَا إِذا كَانَ الْأَب مُوسِرًا فَإِن كَانَ مُعسرا وَالأُم موسرة أمرت بِأَن تنْفق من مَالهَا على الْوَلَد وَيكون ذَلِك دينا على الْأَب إِذا أيسر وَيجب على الْأَب نَفَقَة زَوْجَة ابْنه إِذا كَانَ صَغِيرا فَقِيرا أَو كَبِيرا زَمنا لِأَن ذَلِك من كِفَايَته وَفِي الْمُحِيط وَيجْبر الابْن على نَفَقَة زَوْجَة أَبِيه ذكره هِشَام عَن أبي يُوسُف وَفِي الْبَزَّاز قَالَ الْحلْوانِي وَإِذا كَانَ الابْن من أَبنَاء الْكِرَام وَلَا يستأجره النَّاس فَهُوَ عَاجز وَكَذَا طلبة الْعلم إِذا كَانُوا عاجزين عَن الْكسْب لَا يَهْتَدُونَ إِلَيْهِ لَا تسْقط نفقاتهم عَن آبَائِهِم إِذا كَانُوا مشتغلين بالعلوم الشَّرْعِيَّة لَا بالخلافيات الرَّكِيكَة وهذيانات الفلاسفة وبهم رشد وَإِلَّا لَا تجب وَلَا تجب نَفَقَة مَعَ اخْتِلَاف الدّين لبُطْلَان أَهْلِيَّة الْإِرْث فَلَا بُد من اعْتِبَاره وَلَا تجب على الْفَقِير لِأَنَّهَا صلَة وَهُوَ يَسْتَحِقهَا على غَيره فَكيف تسْتَحقّ عَلَيْهِ بِخِلَاف نَفَقَة الزَّوْجَة وَولده الصَّغِير لِأَنَّهُ التزمها بالإقدام على العقد إِذْ الْمصَالح لَا تنتظم دونهَا وَلَا يعْمل فِي مثلهَا الْإِعْسَار ثمَّ الْيَسَار مُقَدّر بالنصاب فِيمَا روى عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله أَنه مُقَدّر بِمَا يفضل عَن نَفَقَة نَفسه وَعِيَاله شهرا أَو بِمَا يفضل عَن ذَلِك من كَسبه الدَّائِم كل يَوْم لِأَن الْمُعْتَبر فِي حُقُوق الْعباد إِنَّمَا هُوَ الْقُدْرَة دون النّصاب فَإِنَّهُ للتيسير وَالْفَتْوَى على الأول لَكِن النّصاب نِصَاب حرمَان الصَّدَقَة وَإِذا كَانَ للِابْن الْغَائِب مَال قضى فِيهِ بِنَفَقَة أَبَوَيْهِ وَإِذا بَاعَ أَبوهُ مَتَاعه فِي نَفَقَته جَازَ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَهَذَا اسْتِحْسَان وَإِن بَاعَ الْعقار لم يجز وَفِي قَوْلهمَا لَا يجوز ذَلِك كُله وَإِذا قضى القَاضِي للْوَلَد والوالدين وَذَوي الْأَرْحَام بِالنَّفَقَةِ فمضت مُدَّة سَقَطت لِأَن نَفَقَة هَؤُلَاءِ تجب كِفَايَة للْحَاجة وَلَا تجب

الفصل الخامس عشر في الإعتاق

مَعَ الْيَسَار وَقد سَقَطت بِمُضِيِّ الْمدَّة بِخِلَاف نَفَقَة الزَّوْجَة إِذا قضى بهَا القَاضِي فَإِنَّهَا تجب مَعَ يسارها كَمَا مر فَلَا تسْقط بِحُصُول الِاسْتِغْنَاء عَنْهَا فِيمَا مضى إِلَّا أَن يَأْذَن القَاضِي فِي الِاسْتِدَانَة عَلَيْهِ لِأَن للْقَاضِي ولَايَة عَامَّة فَصَارَ اذنه كأمر الْغَائِب فَيصير دينا فِي ذمَّته فَلَا يسْقط بِمُضِيِّ الْمدَّة وعَلى الْمولى أَن ينْفق على عَبده وَأمته لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي المماليك إِنَّهُم إخْوَانكُمْ جعلهم الله تَعَالَى تَحت أَيْدِيكُم أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وألبسوهم مِمَّا تلبسُونَ وَلَا تعذبوا عباد الله فَإِن امْتنع وَكَانَ لَهما كسب اكتسبا وأنفقا لِأَن فِيهِ نظرا للجانبين وَإِن لم يكن لَهما كسب بِأَن كَانَ عبدا زَمنا أَو جَارِيَة لَا يُؤَاجر مثلهَا أجبر الْمولى على بيعهمَا لِأَنَّهُمَا من أهل الِاسْتِحْقَاق وَفِي البيع إبْقَاء حَقّهمَا وإبقاء حق الْمولى بالخلف بِخِلَاف نَفَقَة الزَّوْجَة لِأَنَّهَا تصير دينا فَكَانَ تَأْخِيرا على مَا ذَكرْنَاهُ وَنَفَقَة الْمَمْلُوك لَا تصير دينا فَكَانَ ابطالا وَبِخِلَاف سَائِر الْحَيَوَانَات لِأَنَّهَا لَيست من أهل الِاسْتِحْقَاق فَلَا يجْبر على نَفَقَتهَا إِلَّا أَنه يُؤمر بهَا فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن تَعْذِيب الْحَيَوَان وَفِيه ذَلِك وَنهى عَن اضاعة المَال وَفِيه اضاعة وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يجْبر على الانفاق فِي الْبَهَائِم وَهُوَ قَول الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَالأَصَح مَا قُلْنَاهُ أَولا لِأَن إِجْبَار القَاضِي على الْإِنْفَاق يكون عِنْد الطّلب وَالْخُصُومَة من صَاحب الْحق وَلَا خصم فَلَا جبر لفَوَات شَرط الْقَضَاء وَلَكِن تجب فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى كَمَا قَالَه أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وَفِي المنبع وَلَو كَانَت دَابَّة بَين رجلَيْنِ فَطلب أَحدهمَا من القَاضِي أَن يَأْمُرهُ بِالنَّفَقَةِ حَتَّى لَا يكون مُتَطَوعا فَالْقَاضِي يَقُول للآبي إِمَّا أَن تبيع نصيبك مِنْهَا أَو تنْفق عَلَيْهَا هَكَذَا ذكر الْخصاف وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ أَنه لَا يجْبر وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم الْفَصْل الْخَامِس عشر فِي الْإِعْتَاق الْإِعْتَاق تصرف مَنْدُوب إِلَيْهِ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا مُسلم أعتق مُؤمنا أعتق الله بِكُل عُضْو مِنْهُ عضوا مِنْهُ من النَّار وَلِهَذَا استحسنوا أَن يعْتق الرجل العَبْد وَالْمَرْأَة الْأمة لتحَقّق مُقَابلَة الْأَعْضَاء بالأعضاء الْعتْق يَصح من الْحر الْعَاقِل الْبَالِغ فِي ملكه شَرطه الْحُرِّيَّة لِأَن الْعتْق لَا يَصح الا فِي الْملك وَلَا ملك للمملوك وَالْبُلُوغ لِأَن الصَّبِي لَيْسَ من أَهله لكَونه ضَرَرا ظَاهرا وَلِهَذَا لَا يملكهُ الْمولى عَلَيْهِ وَالْعقل لِأَن الْمَجْنُون لَيْسَ بِأَهْل للتَّصَرُّف وَلِهَذَا لَو قَالَ الْبَالِغ أعتقت وَأَنا صبي فَالْقَوْل قَوْله وَكَذَا لَو قَالَ الْمُعْتق أعتقت وَأَنا مَجْنُون وجنونه كَانَ ظَاهرا لوُجُود الاسناد إِلَى حَالَة مُنَافِيَة وَكَذَا إِذا قَالَ الصَّبِي كل مَمْلُوك أملكهُ حر إِذا احْتَلَمت لَا يَصح لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْل لقَوْل مُلْزم وَلَا بُد أَن يكون العَبْد فِي ملكه حَتَّى لَو أعتق عبد غَيره لَا ينفذ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا عتق فِيمَا لَا يملك ابْن آدم وَإِذا قَالَ لعَبْدِهِ أَو أمته أَنْت حر أَو مُعتق أَو عَتيق أَو مُحَرر أَو حررتك أَو أَعتَقتك فقد عتق نوى بِهِ الْعتْق أَو لم ينْو لِأَن هَذِه الْأَلْفَاظ صَرِيح فِيهِ وَلَو قَالَ عنيت بِهِ الاخبار الْبَاطِل أَو أَنه حر من الْعَمَل صدق ديانَة لِأَنَّهُ يحْتَملهُ وَلَا يدين قَضَاء لِأَنَّهُ نوى خلاف الظَّاهِر وَلَو قَالَ لَا ملك لي عَلَيْك

وَنوى بِهِ الْحُرِّيَّة عتق وَإِن لم ينْو لم يعْتق كَذَا فِي الْهِدَايَة وَفِي المنبع إِذا قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت لله أَو أَنَّك لله أَو أَنْت خَالص لله لم يعْتق عِنْد أبي حنيفَة مُطلقًا فِي رِوَايَة وَفِي رِوَايَة أُخْرَى إِن نوى بِهِ الْعتْق عتق وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِنَّه يعْتق مُطلقًا وَفِي رِوَايَة عَنْهُمَا يتَوَقَّف الْعتْق على النِّيَّة وَلَو قَالَ أَنْت عبد الله لَا يعْتق إِذا قَالَ لعَبْدِهِ هَذَا مولَايَ أَو يَا مولَايَ أَو قَالَ لأمته هَذِه مولاتي أَو يَا مولاتي عتق وَإِن لم يكن لَهُ فِيهِ وَقَالَت الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة إِنَّهَا كِنَايَة فَلَا بُد من النِّيَّة وَفِي الْوَاقِعَات رجل قَالَ لعَبْدِهِ يَا سَيِّدي أَو يَا سيد إِن نوى بِهِ الْعتْق عتق وَإِن لم ينْو قيل يعْتق وَقيل لَا يعْتق وَقيل يعْتق فِي يَا سَيِّدي وَلَا يعْتق فِي يَا سيد وَقَالَ نصير الدّين رَحمَه الله تَعَالَى لَا يعْتق فيهمَا إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَو قَالَ لعَبْدِهِ يَا أبي أَو يَا ابْني أَو يَا أخي أَو يَا عمي أَو يَا خَالِي أَو لأمته يَا أُمِّي أَو يَا بِنْتي أَو يَا أُخْتِي أَو يَا عَمَّتي أَو يَا خَالَتِي لَا يعْتق فِي هَذِه الْفُصُول كلهَا من غير نِيَّة وَفِي الْهِدَايَة ويروي عَن أبي حنيفَة شاذا أَنه نِيَّة يعْتق فيهمَا أَي فِي يَا ابْني أَو يَا أخي وَهُوَ رِوَايَة الْحسن عَنهُ وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل قَالَ عبيد أهل بَلخ أَحْرَار وَلم ينْو عَبده أَو قَالَ كل عبد ببلخ حر أَو قَالَ كل عبد بِبَغْدَاد حر أَو قَالَ كل عبيد أهل بَغْدَاد أَحْرَار وَلم ينْو عَبده أَو قَالَ كل عبد فِي الأَرْض أَو قَالَ كل عبيد أهل الدُّنْيَا أَو كَانَ مَكَان الْإِعْتَاق طَلَاق اخْتلف فِيهِ المتقدمون والمتأخرون أما المتقدمون فَقَالَ ابو يُوسُف فِي نوادره لَا يعْتق وَقَالَ مُحَمَّد يعْتق وَأما الْمُتَأَخّرُونَ فَقَالَ عِصَام ابْن يُوسُف لَا يعْتق وَلَو قَالَ ولد آدم كلهم أَحْرَار لَا يعْتق عَبده بالِاتِّفَاقِ وَلَو قَالَ كل عبد فِي هَذَا الدَّار حر عتق عَبده وَالْفَتْوَى على قَول أبي يُوسُف وعصام الدّين رجل قَالَ لعَبْدِهِ إِن شتمتك فَأَنت حر ثمَّ قَالَ لَهُ لَا بَارك الله فِيك لَا يعْتق لِأَنَّهُ لَيْسَ بشتم بل دُعَاء عَلَيْهِ وَفِي الْقنية قرعت الْبَاب فَقَالَت أمتها من أَنْت فَقَالَت أمك الفاعلة عتقت أعتق الْمَحْجُور عَلَيْهِ عبدا لَا يعْتق عَلَيْهِ وسعى العَبْد عِنْد أبي يُوسُف آخرا لِأَنَّهُ لَو سعى إِنَّمَا يسْعَى لمعتقه وَلَو قَالَ إِن مت من مرضِي هَذَا فغلامي حر فَقتل لَا يعْتق لِأَنَّهُ مَا مَاتَ بل قتل وَلَو قَالَ إِن مت فِي مرضِي هَذَا فغلامي حر فَقتل يعْتق لِأَنَّهُ مَاتَ فِي مَرضه قَالَ لعَبْدِهِ وَعبد غَيره أَحَدكُمَا حر يعْتق عَبده وَلَو قَالَ لعبد وحر أَحَدكُمَا حر عتق العَبْد عِنْد أبي حنيفَة خلافًا لَهما وروى عَن أبي يُوسُف أَن الْأَب إِذا وطيء جَارِيَة وَلَده فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ لَا يثبت نسبه كجارية مكَاتبه قَالَ لمَوْلَاهُ بِعني نَفسِي فَبَاعَهُ عتق وَلَزِمَه الثّمن وَالْوَلَاء لمَوْلَاهُ قَالَ لعَبْدِهِ إِذا سقيت الْحمار فَأَنت حر فأسقاه وَلم يشرب فَالْعَبْد حر وَكَذَا إِذا قَالَ إِن شربت المَاء كُله من الْكوز فَأَنت حر فشربه فَالْعَبْد حر وَفِي الْهِدَايَة وَمن ملك ذَا رحم محرم مِنْهُ عتق عَلَيْهِ وَلَا فرق بَين مَا إِذا كَانَ الْمَالِك مُسلما أَو كَافِرًا فِي دَار الاسلام

وَعتق الْمُكْره والسكران وَاقع لصدور الرُّكْن من الْأَهْل فِي الْمحل كَمَا فِي الطَّلَاق وَقد بَيناهُ من قبل فِي فصل الطَّلَاق وَإِن أعتق حَامِلا عتقت وَعتق حملهَا تبعا لَهَا إِذْ هُوَ مُتَّصِل بهَا وَإِن أعتق الْحمل خَاصَّة عتق دونهَا وَولد الْأمة من مَوْلَاهَا حر لِأَنَّهُ مَخْلُوق من مائَة فَيعتق عَلَيْهِ وَإِذا أعتق الْمولى بعض عَبده عتق ذَلِك الْقدر وَيسْعَى فِي بَقِيَّة قِيمَته لمَوْلَاهُ عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يعْتق كُله واصله أَن الْإِعْتَاق يتَجَزَّأ عِنْده فَيقْتَصر على مَا أعتق وَعِنْدَهُمَا لَا يتَجَزَّأ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَإِذا كَانَ العَبْد بَين شَرِيكَيْنِ فَأعتق أَحدهمَا نصِيبه عتق فَإِن كَانَ مُوسِرًا فشريكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ ضمن شَرِيكه قيمَة نصِيبه وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فَإِن ضمنه رَجَعَ الْمُعْتق على العَبْد وَالْوَلَاء للْمُعْتق وَإِن أعتق أَو استسعى فَالْولَاء بَينهمَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَإِن كَانَ الْمُعْتق مُعسرا فالشريك بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَالْوَلَاء بَينهمَا فِي الْوَجْهَيْنِ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالا لَيْسَ لَهُ إِلَّا الضَّمَان مَعَ الْيَسَار أَو السّعَايَة مَعَ الْإِعْسَار وَلَا يرجع الْمُعْتق على العَبْد وَالْوَلَاء للْمُعْتق وَمن أعتق عَبده على مَال فَقبل العَبْد عتق وَذَلِكَ مثل أَن يَقُول أَنْت حر على ألف دِرْهَم أَو بِأَلف دِرْهَم وَإِنَّمَا يعْتق بقبوله لِأَنَّهُ مُعَاوضَة المَال بِغَيْر المَال إِذْ العَبْد لَا يملك نَفسه وَمن قَضِيَّة الْمُعَاوضَة ثُبُوت الحكم وَثُبُوت الحكم بِقبُول الْعِوَض فِي الْحَال كَمَا فِي البيع فَإِذا قبل صَار حرا وَمَا شَرط دين عَلَيْهِ حَتَّى تصح الْكفَالَة بِهِ وَمن قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر بعد موتِي على ألف دِرْهَم فالقبول بعد الْمَوْت لإضافة الايجاب إِلَى مَا بعد الْمَوْت فَصَارَ كَمَا لَو قَالَ أَنْت حر غَدا على ألف دِرْهَم بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ أَنْت مُدبر على ألف دِرْهَم حَيْثُ يكون الْقبُول إِلَيْهِ فِي الْحَال لِأَن ايجاب التَّدْبِير فِي الْحَال إِلَّا أَنه لَا يجب المَال لقِيَام الرّقّ قَالُوا لَا يعْتق فِي مَسْأَلَة الْكتاب وَإِن قبل بعد الْمَوْت مالم يعتقهُ الْوَارِث لِأَن الْمَيِّت لَيْسَ بِأَهْل لِلْعِتْقِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح إِذا قَالَ الْمولى لمملوكه إِذا مت فَأَنت حر أَو أَنْت حر عَن دبر مني أَو أَنْت مُدبر وَقد دبرتك فقد صَار مُدبرا لَا يُبَاع وَلَا يُوهب ويستخدم ويستؤجر وَالْأمة تُوطأ وَتنْكح وَإِذا مَاتَ الْمولى عتق الْمُدبر من ثلث مَاله لِأَن التَّدْبِير وَصِيَّة فتنفذ من الثُّلُث حَتَّى لَو لم يكن لَهُ مَال غَيره سعى فِي ثُلثَيْهِ وَإِن كَانَ على الْمولى دين سعى فِي كل قِيمَته لتقدم الدّين على الْوَصِيَّة وَلَا يُمكن نقض الْعتْق فَيجب رد قِيمَته وَولد الْمُدبرَة مُدبر وَإِن علق التَّدْبِير بِمَوْتِهِ على صفة مثل أَن يَقُول إِن مت من مرضِي أَو سَفَرِي أَو من مرض كَذَا فَلَيْسَ بمدبر وَيجوز بَيْعه لِأَن السَّبَب لم ينْعَقد فِي الْحَال لتردده فِي تِلْكَ الصّفة بِخِلَاف الْمُدبر الْمُطلق لِأَنَّهُ تعلق عتقه بِمُطلق الْمَوْت وَهُوَ كَائِن لَا محَالة وَإِن مَاتَ الْمولى على الصّفة الَّتِي ذكرهَا عتق كَمَا يعْتق الْمُدبر وَمَعْنَاهُ من الثُّلُث لِأَنَّهُ يثبت حكم التَّدْبِير فِي آخر جُزْء من أَجزَاء حَيَاته لتحَقّق تِلْكَ الصّفة فَلهَذَا يعْتَبر من الثُّلُث

وَمن الْمُقَيد أَن يَقُول إِن مت إِلَى سنة أَو إِلَى عشر سِنِين لما ذكرنَا بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ إِلَى مائَة سنة وَمثله لَا يعِيش إِلَيْهَا فِي الْغَالِب لِأَنَّهُ كالكائن لَا محَالة وغذا ولدت الْأمة من مَوْلَاهَا فقد صَارَت أم ولد لَهُ لَا يجوز بيعهَا وَلَا تمليكها لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْتقهَا وَلَدهَا وَله وَطْؤُهَا واستخدامها وإجارتها وتزويجها لِأَن الْملك قَائِم فِيهَا فَأَشْبَهت الْمُدبرَة وَلَا يثبت نسب وَلَدهَا إِلَّا أَن يعْتَرف بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله يثبت نسبه مِنْهُ وَإِن لم يَدعه لِأَنَّهُ لما ثَبت النّسَب بِالْعقدِ فَلِأَن يثبت بِالْوَطْءِ أولى وَلنَا أَن وَطْء الْأمة يقْصد بِهِ قَضَاء الشَّهْوَة دون الْوَلَد لوُجُود الْمَانِع مِنْهُ فَلَا بُد من الدَّعْوَى بِمَنْزِلَة ملك الْيَمين من غير وَطْء بِخِلَاف العقد لِأَن الْوَلَد يتَعَيَّن مَقْصُودا مِنْهُ فَلَا حَاجَة إِلَى الدَّعْوَى فَإِن جَاءَت بعد ذَلِك بِولد ثَبت نسبه بِغَيْر اقرار وَمَعْنَاهُ بعد اعْتِرَاف مِنْهُ بِالْوَلَدِ الأول لِأَنَّهُ بِدَعْوَى الأول تعين الْوَلَد مَقْصُودا مِنْهَا فَصَارَت فراشا كالمعقود عَلَيْهَا إِلَّا أَنه إِذا نَفَاهُ يَنْتَفِي بقوله لِأَن فراشها ضَعِيف حَتَّى يملك نَقله بِالتَّزْوِيجِ بِخِلَاف الْمَنْكُوحَة حَيْثُ لَا يَنْتَفِي الْوَلَد بنفيه إِلَّا بِاللّعانِ لتأكد الْفراش حَتَّى لَا يملك إِبْطَاله بِالتَّزْوِيجِ وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ حكم الْقَضَاء فَأَما الدّيانَة فَإِن كَانَ وَطئهَا وحصنها وَلم يعْزل عَنْهَا يلْزمه أَن يعْتَرف بِهِ ويدعيه لِأَن الظَّاهِر أَن الْوَلَد مِنْهُ وَإِن عزل عَنْهَا وَلم يحصنها جَازَ لَهُ أَن يَنْفِيه لِأَن هَذَا الظَّاهِر يُقَابله ظَاهر آخر هَكَذَا روى عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَفِيه رِوَايَتَانِ أخريان عَن ابي يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى ذكرهمَا صَاحب الْهِدَايَة فِي كِفَايَة الْمُنْتَهى فَلْينْظر ثمَّة وَإِذا وَطْء جَارِيَة ابْنه فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ ثَبت مِنْهُ وَصَارَت أم وَلَده وَعَلِيهِ قيمتهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ عقرهَا وَلَا قيمَة وَلَدهَا وَإِن وَطئهَا أَبُو الاب مَعَ بَقَاء الْأَب لَا يثبت النّسَب مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا ولَايَة للْجدّ حَال قيام الْأَب وَلَو كَانَ الْأَب مَيتا ثَبت النّسَب من الْجد كَمَا يثبت من الْأَب لظُهُور ولَايَته عِنْد فقد الْأَب وَكفر الْأَب ورقه بِمَنْزِلَة مَوته لِأَنَّهُ قَاطع للولاية وَفِي الْعِمَادِيّ وَقد يكون الْوَلَد حرا من زَوْجَيْنِ رقيقين فَيعتق من غير إِعْتَاق وَلَا وَصِيَّة وَصورته إِذا كَانَ للْحرّ ولد وَهُوَ عبد لأَجْنَبِيّ يتَزَوَّج الْأَب جَارِيَة من وَلَده بِرِضا مَوْلَاهُ فَولدت الْجَارِيَة ولدا فَهُوَ حر لِأَنَّهُ ولد ولد الْمولى وَفِي الْمُحِيط لَا تقبل الْبَيِّنَة على عتق العَبْد بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله خلافًا لَهما وَتقبل الْبَيِّنَة على عتق الْأمة وَطَلَاق الْمَرْأَة حسبَة بِدُونِ الدَّعْوَى وَلَا يحلف على عتق العَبْد حسبَة بِدُونِ الدَّعْوَى بالِاتِّفَاقِ وَهل يحلف على عتق الْأمة وَطَلَاق الْمَرْأَة حسبَة بِدُونِ الدَّعْوَى أَشَارَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى فِي آخر كتاب التَّحَرِّي إِلَى أَنه يحلف وَقَالَ شمس الائمة لَا يحلف فيتأمل عد الْفَتْوَى وَذكر رشيد الدّين فِي فَتَاوَاهُ أَن الشَّهَادَة على حريَّة الأَصْل فِي العَبْد تقبل بِدُونِ دَعْوَى العَبْد إِذا كَانَت أم العَبْد حَيَّة لِأَنَّهَا شَهَادَة على تَحْرِيم الْفرج وَتَحْرِيم الْفرج حق الله تَعَالَى فَقبل الشَّهَادَة فِيهِ حسبَة بِدُونِ الدَّعْوَى وَإِن كَانَت الْأُم ميتَة لَا تقبل لِأَن فِي الْميتَة لَا يتَصَوَّر تَحْرِيم الْفرج وَقيل تقبل الشَّهَادَة على حريَّة الأَصْل من غير الدَّعْوَى من غير هَذَا التَّفْصِيل اه وَقد كتبنَا جِنْسا من هَذَا الْفَصْل فِي فصل أَنْوَاع الدعاوي والبينات فَلْينْظر ثمَّة

الفصل السادس عشر في الأيمان

وَإِذا كَانَت الْجَارِيَة بَين شَرِيكَيْنِ فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ أَحدهمَا ثَبت نسبه مِنْهُ وَصَارَت أم ولد لَهُ وَإِن ادعياه مَعًا ثَبت نسبه مِنْهُمَا وَصَارَت أم ولد لَهما مَعْنَاهُ إِذا حملت على ملكهمَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يرجع إِلَى قَول الْقَافة لِأَن إِثْبَات النّسَب من شَخْصَيْنِ مَعَ علمنَا أَن الْوَلَد لَا يتخلق من ماءين مُتَعَذر فعملنا بالشبه قلت وَيجوز أَن يتخلق الْوَلَد من مَاء ذكر وَأُنْثَى أَلا ترى أَن الكلبة تعلق من كلاب جمة لِأَن الرَّحِم لَا يجوز أَن يستد بوصول مَاء أَحدهمَا إِلَّا بعد مُدَّة ثمَّ يصل مَاء الآخر إِلَيْهِ أُشير إِلَيْهِ فِي أدب الْقَضَاء للسروجي الْفَصْل السَّادِس عشر فِي الْأَيْمَان الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى تَنْقَسِم على ثَلَاثَة أضْرب غموس ولغو ومنعقدة فالغموس هُوَ الْحلف على اثبات شَيْء أَو نَفْيه فِي الْمَاضِي أَو فِي الْحَال بتعمد الْكَذِب فِيهِ وَإِنَّمَا سمي غموسا لانغماس صَاحبهَا فِي الاثم ثمَّ فِي النَّار وَلَيْسَ عَلَيْهِ الا التَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار وَلم تجب فِيهِ الْكَفَّارَة عندنَا وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد رحمهمَا الله وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِيهِ الْكَفَّارَة وَأما يَمِين اللَّغْو فَهُوَ الْحلف على أَمر فِي الْمَاضِي أَو فِي الْحَال وَهُوَ يظنّ أَنه كَمَا قَالَ وَالْأَمر بِخِلَافِهِ فاللغو فِي الْمَاضِي أَن يَقُول وَالله مَا دخلت الدَّار أَو وَالله لقد دخلت الدَّار وَهُوَ يظنّ أَنه لم يدخلهَا أَو دَخلهَا وَالْأَمر بِخِلَاف ذَلِك وَفِي الْحَال كمن رأى شخصا من بعيد فَقَالَ وَالله إِنَّه لزيد يَظُنّهُ زيدا وَهُوَ عَمْرو أَو رأى طائرا فَقَالَ وَالله إِنَّه لغراب فَظَنهُ غرابا وَهُوَ حدأة فَهَذَا تَفْسِير اللَّغْو عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ مَا يجْرِي بَين النَّاس من قَوْله لَا وَالله وبلى وَالله لَا على قصد الْيَمين سَوَاء كَانَ فِي الْمَاضِي أَو فِي الْحَال أَو فِي الْمُسْتَقْبل أما عندنَا فَلَا لَغْو فِي الْمُسْتَقْبل بل الْيَمين على أَمر فِي الْمُسْتَقْبل يَمِين منعقدة وفيهَا الْكَفَّارَة إِذا حنث قصد الْيَمين أَولا وَإِنَّمَا اللَّغْو فِي الْمَاضِي وَالْحَال فَقَط وَأما الْيَمين المنعقدة فَهُوَ أَن يحلف الانسان على أَمر فِي الْمُسْتَقْبل نفيا أَو اثباتا وَذَلِكَ إِمَّا أَن يكون على فعل وَاجِب وَإِمَّا أَن يكون على ترك فعل وَاجِب وَإِمَّا أَن يكون على ترك مَنْدُوب وَإِمَّا أَن يكون على فعل مُبَاح أَو تَركه فَإِن كَانَت الْيَمين على فعل وَاجِب بِأَن قَالَ وَالله لأصلين الظّهْر الْيَوْم أَو لأصومن رَمَضَان فَإِنَّهُ يحب عَلَيْهِ الْوَفَاء بِهِ وَلَا يجوز لَهُ الِامْتِنَاع وَلَو امْتنع يَأْثَم وَيحنث وَتلْزَمهُ الْكَفَّارَة وَإِن كَانَ على ترك وَاجِب بِأَن قَالَ وَالله لَا أُصَلِّي صَلَاة الظّهْر أَولا أَصوم رَمَضَان أَو وَالله لأشربن الْخمر أَو لأزنين أَو لأقتلن فلَانا أَو لَا أكلم وَالَّذِي أَو نَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ فِي الْحَال الْكَفَّارَة بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَار كَسَائِر الْجِنَايَات ثمَّ يجب عَلَيْهِ أَن يَحْنَث نَفسه بذلك وَيكفر بِالْمَالِ لِأَن عقد هَذِه الْيَمين مَعْصِيّة فَيجب تكفيرها بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَار كَسَائِر الْجِنَايَات الَّتِي لَيْسَ لَهَا كَفَّارَة معهودة وَإِن كَانَ الْيَمين على ترك مَنْدُوب بِأَن قَالَ وَالله لَا أُصَلِّي نَافِلَة أَو لَا أَصوم تَطَوّعا أَو لَا أَعُود مَرِيضا أَو لَا أشيع جَنَازَة أَو نَحْو ذَلِك فالافضل لَهُ أَن يفعل وَيكفر عَن يَمِينه وَالْقسم الرَّابِع أَن يكون على مُبَاح فعلا أَو تركا كدخول الدَّار وَنَحْوه فَالْأَفْضَل لَهُ الْبر قَالَ الله تَعَالَى {واحفظوا أَيْمَانكُم} أَي عَن الْحِنْث وَله أَن يَحْنَث وَيكفر وَيجب بِالْحِنْثِ الْكَفَّارَة إِن شَاءَ أعتق رَقَبَة أَو كسا عشرَة مَسَاكِين كلا مِنْهُم ثوبا شَامِلًا

لبدنه فَمَا زَاد وَهُوَ مَا تجوز فِيهِ الصَّلَاة أَو أطْعمهُم كالفطرة وَلَو أطْعم مِسْكينا وَاحِدًا عشرَة أَيَّام جَازَ عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز إِلَّا عَن يَوْم وَاحِد اعْتِبَارا لصورة الْعدَد وَنحن اعْتبرنَا الْمَعْنى لِأَنَّهُ صَار فِي كل يَوْم مصرفا فصح مَا صرف إِلَيْهِ عَن كَفَّارَته كَمَا لَو صرف إِلَى شخص آخر عَن الْكَفَّارَة لِأَن صَيْرُورَته مصرفا بِاعْتِبَار حَاجته والحوائج تتعد بِتَعَدُّد الايام وَالْمَقْصُود بالايجاب دفع عشر حاجات لَا دفع عشرَة أشخاص وَإِن عجز عَن أَدَاء الْكَفَّارَة بِإِحْدَى الْخِصَال الثَّلَاث الْإِطْعَام وَالْكِسْوَة والتحرير صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ مُخَيّر ان شَاءَ تَابع وَإِن شَاءَ فرق وَقد أجمع الْعلمَاء على أَن الْبلُوغ وَالْعقل وَفهم الْخطاب فِي الْحَالِف شَرط لصِحَّة كَونه حَالفا فَلَا يَصح الْيَمين من الصَّبِي وَالْمَجْنُون والنائم وَهل يشْتَرط اسلام الْحَالِف فَهُوَ مَحل خلاف فعندنا يشْتَرط فَلَا يَصح يَمِين الْكَافِر حَتَّى لَو حلف كَافِر بِاللَّه تَعَالَى ثمَّ حنث فِي حَال كفره أَو بعد اسلامه لم يكن عَلَيْهِ كَفَّارَة عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى الاسلام لَيْسَ بِشَرْط حَتَّى تجب الْكَفَّارَة عَلَيْهِ إِذا حنث فِي حَال الْكفْر لكنه بِالْمَالِ لَا بِالصَّوْمِ وَيَسْتَوِي الْعَامِد وَالنَّاسِي وَالْمكْره فِي الْيَمين وَفِي فعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث جدهن جد وهزلهن جد النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْيَمِين فَعلم أَن الرِّضَا وَالْقَصْد لَيْسَ بِشَرْط والامام الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يخالفنا فِي ذَلِك فِي أحد قوليه وَيَقُول لَا تَنْعَقِد يَمِين الْمُكْره وَالنَّاسِي والخاطئ وَلَا يَحْنَث بِفعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ نَاسِيا أَو مكْرها كَذَا فِي المنبع وَفِي الْهِدَايَة وَالْيَمِين بِاللَّه تَعَالَى أَو باسم من اسمائه تَعَالَى كالرحمن والرحيم أَو بِصفة من صِفَاته الَّتِي يحلف بهَا عرفا كعزة الله وجلاله وكبريائه لِأَن الْحلف بهَا مُتَعَارَف إِلَّا قَوْله وَعلم الله فَإِنَّهُ لَا يكون يَمِينا لِأَنَّهُ غير مُتَعَارَف وَلَو قَالَ وَغَضب الله وَسخطه لم يكن حَالفا وَكَذَا رَحْمَة الله لِأَن الْحلف بهَا غير مُتَعَارَف وَمن حلف بِغَيْر الله تَعَالَى لم يكن حَالفا كالنبي والكعبة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ مِنْكُم حَالفا فليحلف بِاللَّه أَو ليذر وَكَذَا لَو حلف بِالْقُرْآنِ لِأَنَّهُ غير مُتَعَارَف قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى مَعْنَاهُ أَن يَقُول وَالنَّبِيّ والكعبة وَالْقُرْآن وَأما قَوْله أَنا بَرِيء مِنْهُ يكون يَمِينا على مَا سَيَجِيءُ عَقبهَا ان شَاءَ الله تَعَالَى وَذكر البزازي فِي جَامعه لَو قَالَ وَوجه الله يكون يَمِينا إِلَّا إِذا قصد بِهِ الْجَارِحَة فَلَا يكون يَمِينا إِلَّا إِذا نوى لِأَنَّهُ لم يذكر اسْم الله تَعَالَى إِلَّا إِذا أعْربهَا بِالْكَسْرِ وَقصد الْيَمين بِاللَّه بِالنّصب وَالرَّفْع والتسكين سَوَاء وَكَذَا بِدُونِ حرف الْقسم وَللَّه إِن عَنى بِهِ يَمِينا فيمين وَمن الْمَشَايِخ من قَالَ هَذَا إِذا جر أما إِذا سكن أَو رفع أَو نصب لَا يكون يَمِينا لِأَنَّهُ لم يَأْتِ بِحرف الْيَمين وَلَا إعرابه وَمِنْهُم من أجراه على الاطلاق وَحقّ الله لَا يكون يَمِينا فِي الصَّحِيح لَا اله الا الله لَا أفعل كَذَا أَو سُبْحَانَ الله لَا يكون يَمِينا إِلَّا أَن ينويه وَكَذَا بِبسْم الله لَا يكون يَمِينا إِلَّا إِذا نوى بِهِ وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يَمِين فَلْيتَأَمَّل عِنْد الْفَتْوَى وَفِي الْوَلْوَالجيّ إِذا اسْتحْلف الرجل وَهُوَ مظلوم فاليمين على مَا نوى وَإِن كَانَ ظَالِما فاليمين على نِيَّة من استحلفه وَبِه أَخذ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَهَذَا إِذا كَانَ الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى أما إِذا كَانَ بِالطَّلَاق أَو بالعتاق فاليمين على نِيَّة الْحَالِف سَوَاء كَانَ الْحَالِف ظَالِما أَو مَظْلُوما لِأَن الْحَالِف هُوَ

رجل قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا بَرِيء من الله تَعَالَى أَو من هَذِه الْقبْلَة أَو من صَوْم رَمَضَان أَو من الصَّلَاة فَهَذَا كُله يَمِين لِأَن الْبَرَاءَة من هَذِه الْأَشْيَاء كفر هَكَذَا ذكره أَبُو اللَّيْث فِي نوازله وَلَو قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا بَرِيء من الْكتب الْأَرْبَعَة فَفعل فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة لِأَنَّهَا يَمِين وَاحِدَة وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من التَّوْرَاة وبريء من الانجيل وبريء من الزبُور وبريء من الْقُرْآن فَعَلَيهِ أَربع كَفَّارَات لِأَنَّهَا أَرْبَعَة ايمان وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من الله وَرَسُوله فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة إِن حنث لِأَنَّهَا يَمِين وَاحِدَة وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من الله وبريء من رَسُوله فَعَلَيهِ كفارتان إِن حنث لِأَنَّهُمَا يمينان وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء مِمَّا فِي الْمُصحف فَحنث فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة لِأَنَّهَا يَمِين وَاحِدَة لِأَن مَا فِي الْمُصحف قُرْآن وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من كَلَامه فِي الْمُصحف فَحنث فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة لِأَنَّهَا يَمِين وَاحِدَة وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من كل آيَة فِي الْمُصحف فَحنث فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة لِأَنَّهَا يَمِين وَاحِدَة رجل قَالَ الطَّالِب الْغَالِب إِن فعلت كَذَا فَفعل كَفَّارَة وَاحِدَة لِأَن هَذَا يَمِين وَقد تعارف أهل بَغْدَاد الْحلف بِهَذَا رجل قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا بَرِيء من الله وبريء من رَسُوله وَالله وَرَسُوله بريئان مِنْهُ فَفعل فَعَلَيهِ أَربع كَفَّارَات لِأَنَّهَا أَرْبَعَة أَيْمَان رجل رفع كتابا من كتب الْفِقْه أَو دفتر حِسَاب مَكْتُوبًا فِيهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَ أَنا بَرِيء مِمَّا فِيهِ إِن دخلت الدَّار فَدخل تلْزمهُ الْكَفَّارَة لِأَنَّهُ يَمِين بِاللَّه تَعَالَى رجل قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا بَرِيء من الْحجَّة الَّتِي حججْت أَو من الصَّلَاة الَّتِي صليت ثمَّ فعل لَا يلْزمه شَيْء بِخِلَاف الْبَرَاءَة من الْقُرْآن لِأَنَّهُ كفر وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من شهر رَمَضَان إِن أَرَادَ بِهِ الْبَرَاءَة من فَرْضه يكون كالبراءة من الايمان وَإِن أَرَادَ بِهِ الْبَرَاءَة من أجره لَا يكون يَمِينا وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة فَلَا يكون يَمِينا فِي الحكم وَفِي الِاحْتِيَاط يكون يَمِينا وَفِي البزازي لَو قَالَ بِحقِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يكون يَمِينا لَكِن حَقه عَظِيم بِحرْمَة شهد الله وآمن الرَّسُول وَلَا اله الا الله لَا يكون يَمِينا وَفِي النِّهَايَة لَو قَالَ برشتوا يَعْنِي بِحَق رَأسك إِن اعْتقد أَنه حلف وَأَن الْبر بِهِ وَاجِب يكفر انْتهى وَالله يعلم أَنِّي مَا فعلت كَذَا وَقد فعل فالعامة على أَنه يكفر هُوَ يَهُودِيّ إِن فعل كَذَا فَإِن اعْتقد أَنه يَمِين فيمين لَا غير وَإِن اعْتقد أَنه كفر يكون كفرا وَكَذَا هُوَ بَرِيء من الله تَعَالَى مر على رجل فَأَرَادَ أَن يقوم فَقَالَ وَالله لَا تقم فَقَامَ لَا يلْزم الْمَار شَيْء لَكِن عَلَيْهِ تَعْظِيم اسْم الله تَعَالَى رجل قَالَ هَذَا الثَّوْب عَليّ حرَام يَحْنَث بلبسه وَلَو قَالَ إِن أكلت الطَّعَام فَهُوَ عَليّ حرَام لَا يَحْنَث بِأَكْلِهِ وَكَذَا لَو قَالَ لقوم إِن أكلت عنْدكُمْ طَعَاما فَهُوَ عَليّ حرَام لَا يَحْنَث بِالْأَكْلِ وَفِي الْمُنْتَقى قَالَ كل طَعَام آكله فِي مَنْزِلك فَهُوَ عَليّ حرَام فَالْقِيَاس لَا يَحْنَث وَفِي الِاسْتِحْسَان يَحْنَث امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا أَنا عَلَيْك حرَام أَو حرمتك صَار يَمِينا حَتَّى لَو جَامعهَا طَائِعَة أَو مُكْرَهَة تَحنث بِخِلَاف مَا لَو حلف لَا يدْخل هَذِه الدَّار فَأدْخل فِيهَا مكْرها لَا يَحْنَث وَمَعْنَاهُ أَدخل مَحْمُولا وَلَو أكره على الدُّخُول فَدخل مكْرها حنث

قَالَ لَهَا لَا تخرجي من الدَّار إِلَّا باذني فَإِنِّي حَلَفت بِالطَّلَاق فَخرجت لَا يَقع لعدم ذكره حلفه بِطَلَاقِهَا فَيحْتَمل الْحلف بِطَلَاقِهَا وَيحْتَمل الْحلف بِطَلَاق غَيرهَا فَالْقَوْل لَهُ وَفِي الْقنية قَالَ صَاحب الْمُحِيط رجل دَعَتْهُ جمَاعَة لشرب الْخمر فَقَالَ إِنِّي حَلَفت بِالطَّلَاق أَنِّي لَا أشْرب الْخمر وَكَانَ كَاذِبًا ثمَّ شرب طلقت وَقَالَ يَعْنِي صَاحب التُّحْفَة لَا تطلق ديانَة وَفِي الولواجي إِذا قَالَ إِن فعلت كَذَا فألف دِرْهَم من مَالِي صَدَقَة فَفعل وَالرجل لَا يملك الا مِقْدَار مائَة دِرْهَم لم تلْزمهُ الصَّدَقَة إِلَّا بِمَا يملك وَهُوَ الْمِائَة رجل قَالَ إِن فعلت كَذَا فألف دِرْهَم من مَالِي صَدَقَة لكل مِسْكين دِرْهَم فَحنث وَتصدق بذلك كُله على مِسْكين وَاحِدًا جَازَ لِأَنَّهُ ايجاب العَبْد يعْتَبر بايجاب الله تَعَالَى وَثمّ يجوز الصّرْف إِلَى صنف وَاحِد من ذَلِك الصِّنْف فَكَذَا هُنَا رجل قَالَ إِن فعلت هَذَا ونجوت من هَذَا الْغم فَللَّه عَليّ أَن أَتصدق بِهَذِهِ الدَّرَاهِم خبْزًا ثمَّ أَرَادَ أَن يتَصَدَّق بِثمنِهِ وَلَا يتَصَدَّق بالخبز جَازَ لِأَن دفع الْقيمَة فِي حُقُوق الله تَعَالَى جَائِز رجل قَالَ لله عَليّ ثَلَاثُونَ حجَّة كَانَ عَلَيْهِ بِقدر عمره لِأَنَّهُ يصير بِمَنْزِلَة من قَالَ لله عَليّ أَن أحج سِتا وَعشْرين فَمَاتَ قبل ذَلِك لَا يلْزمه شَيْء لِأَن ايجاب الْفِعْل بعد الْمَوْت لَا يتَصَوَّر إِن جعل لله تَعَالَى على نَفسه أَو يَقُول أشهد على شهادتي أَنِّي أشهد أَن فلَان أقرّ عِنْدِي بِكَذَا أَو يَقُول أشهد أَنِّي سَمِعت فلَان وَلم تجزه كَفَّارَة الْيَمين هَذَا جَوَاب ظَاهر الرِّوَايَة لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من نذر وسمى فَعَلَيهِ الْوَفَاء بِمَا سمى وروى عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه رَجَعَ عَن هَذَا وَقَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخرج عَنهُ بِعَين مَا سمى وَإِن شَاءَ أخرج عَنهُ بكفارة ومشايخ بَلخ رَحِمهم الله تَعَالَى يفتون بِهَذَا وَكَذَا بعض مَشَايِخ بُخَارى وَهُوَ اخْتِيَار شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ وَاخْتِيَار الإِمَام الْأَجَل برهَان الدّين وَهَذَا إِذا كَانَ النّذر مُعَلّقا بِشَرْط لَا يُرِيد كَونه أما إِذا كَانَ مُعَلّقا بِشَرْط يُرِيد كَونه إِمَّا لجلب مَنْفَعَة أَو لدفع مضرَّة بِأَن قَالَ إِن شفي الله تَعَالَى مريضي أَو رد الله تَعَالَى غائبي أَو مَاتَ عدوي فعلي صَوْم سنة فَإِذا وجد لزمَه الْوَفَاء بِمَا قَالَ وَلَا يخرج عَنهُ بِالْكَفَّارَةِ وَجه هَذِه الرِّوَايَة قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام النّذر يَمِين وكفارته كَفَّارَة يَمِين فَيحمل هَذَا الحَدِيث على التَّعْلِيق بِشَرْط لَا يُرِيد كَونه والْحَدِيث الأول على التَّعْلِيق بِشَرْط يُرِيد كَونه ليَكُون جمعا بَين الْحَدِيثين هَكَذَا أوردهُ الصَّدْر الشَّهِيد فِي أَيْمَان الْكَافِي وَكَذَا لَو قَالَ عَليّ الْمَشْي إِلَى بَيت الله تَعَالَى وَإِلَى الْكَعْبَة أَو إِلَى مَكَّة فَيلْزمهُ احرام وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أحرم بِالْحَجِّ وَإِن شَاءَ أحرم بِالْعُمْرَةِ لِأَن هَذِه اللَّفْظَة سَارَتْ كنابة عَن ايجاب الاحرام عرفا كَمَا لَو قَالَ لله عَليّ أَن أضْرب بثوبي حطيم الْكَعْبَة فَإِنَّهُ يكون نذرا بِالصَّدَقَةِ مجَازًا من حَيْثُ الْعرف فَكَذَا هَذَا وَلَو قَالَ عَليّ الْمَشْي إِلَى مَدِينَة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى لَا يلْزمه شَيْء لِأَن الْعرف المنعقد فِي الْمَشْي إِلَى بَيت الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يدل على الِانْعِقَاد فِي الْمَشْي إِلَى مَدِينَة الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَإِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى لِأَن حرمتهما دون حُرْمَة بَيت الله تَعَالَى حَتَّى حل دخولهما من غير احرام ثمَّ إِذا لزمَه حجَّة أَو عمْرَة فَإِن شَاءَ اعْتَمر أَو حج مَاشِيا وَإِن شَاءَ ركب وَذبح لركوبه شاه

وَلَو قَالَ عَليّ الْمَشْي إِلَى الْحرم أَو إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يلْزمه شَيْء قطّ وَقَالا يلْزمه رجل حلف أَن لَا يتَزَوَّج امْرَأَة فَزَوجهُ أَبوهُ امْرَأَة لَا يَحْنَث رجل حلف أَن لَا يتَزَوَّج امْرَأَة فَزَوجهُ رجل امْرَأَة بِغَيْر اذنه فَبَلغهُ فَأجَاز بالْقَوْل أَو بِالْفِعْلِ كسوق الْهدى وَغَيره اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ فَمنهمْ من قَالَ يَحْنَث فِي الْوَجْهَيْنِ وَمِنْهُم من قَالَ يَحْنَث فِي الْوَجْه الأول وَلَا يَحْنَث فِي الْوَجْه الثَّانِي رجل حلف أَن لايتزوج امْرَأَة كَانَ لَهَا زوج ثمَّ طلق امْرَأَته ثمَّ تزَوجهَا لَا يَحْنَث لِأَن الْيَمين على غَيرهَا أَلا ترى أَنه لَو حلف أَن لَا يطَأ امْرَأَة وَطأهَا رجل كَانَ لَهُ أَن يطَأ نِسَاءَهُ وجواريه حلف ليتزوجن سرا فَأشْهد شَاهِدين سرا يَحْنَث لِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر بِدُونِ الشَّاهِدين فَإِن أشهد ثَلَاثَة فَهُوَ عَلَانيَة رجل وكل رجلا أَن يُزَوجهُ امْرَأَة أَو يعْتق عَبده أَو يُطلق امْرَأَته ثمَّ حلف الْمُوكل أَن لَا يتَزَوَّج وَلَا يعْتق وَلَا يُطلق ثمَّ فعل الْوَكِيل مَا وَكله بِهِ حنث الْمُوكل فِي يَمِينه لِأَن الْوَكِيل فِي هَذِه الْعُقُود نَائِب من كل وَجه فَجعل عِبَارَته كعبارة الْمُوكل بِنَفسِهِ بِخِلَاف البيع وَالشِّرَاء لِأَن حُقُوق العَبْد تتَعَلَّق بِهِ دون الْمُوكل فَلَا يصير الْحَالِف بِفعل وَكيله بَائِعا وَلَا مُشْتَريا هَذَا إِذا كَانَ الْحَالِف مِمَّن يَلِي البيع وَالشِّرَاء بِنَفسِهِ وَلَو كَانَ مِمَّن يُفَوض أمره إِلَى غَيره كالسلطان وَنَحْوه يَحْنَث فِي يَمِينه وَإِن كَانَ مِمَّن يُفَوض مرّة ويباشر أُخْرَى فَالْحكم للْغَالِب وَفِي الْخُلَاصَة رجل أَرَادَ أَن يتَزَوَّج امْرَأَة وَله امْرَأَة أُخْرَى فَأبى أهل الْمَرْأَة أَن يَتَزَوَّجهَا لمَكَان تِلْكَ الْمَرْأَة فاحتبسها فِي الْمقْبرَة ثمَّ قَالَ كل امْرَأَة لي سوى الْمَرْأَة الَّتِي فِي هَذِه الْمقْبرَة فَهِيَ طَالِق فَحَسبُوا أَن لَيْسَ لَهُ امْرَأَة فِي الْأَحْيَاء لَا يَحْنَث وَهِي الْحِيلَة فِي الْعتاق أَيْضا وَفِي الْبَزَّاز رجل قَالَ لأجنبية مَا دمت فِي نِكَاحي فَكل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق ثمَّ تزَوجهَا وَتزَوج عَلَيْهَا امْرَأَة لَا يَقع وَلَو قَالَ إِن تَزَوَّجتك مَا دمت فِي نِكَاحي فَكل امْرَأَة اتزوجها فَهِيَ طَالِق فَتَزَوجهَا ثمَّ تزوج غَيرهَا تتطلق لصِحَّة التَّعْلِيق هُنَا فِي الأول فَفرض الْمَسْأَلَة فِي الْأَجْنَبِيَّة وَكلمَة مَا دَامَ وَمَا زَالَ وَمَا كَانَ غَايَة تَنْتَهِي الْيَمين بهَا فَإِذا حلف لَا يفعل كَذَا مَا دَامَ ببخارى انْتهى الْيَمين بِالْخرُوجِ فَلَو فعل بعد الْعود لَا يَحْنَث وَكَذَا إِذا حلف لَا يشرب النَّبِيذ مَا دَامَ ببخارى فَخرج وَعَاد وَشرب لَا يَحْنَث والفقيه أَبُو اللَّيْث شَرط الْخُرُوج بأَهْله ومتاعه كَمَا فِي قَوْله وَالله لَا أُكَلِّمك مَا دمت فِي هَذِه الدَّار وَلم يشرطه الإِمَام الفضلى رَحمَه الله تَعَالَى قلت وَهَذَا يُؤَيّد مَا أفتى بِهِ جدي شيخ الْإِسْلَام فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي مرت فِي فصل الْوُقُوف فَانْظُر رَحِمك الله تَعَالَى فِي ذَلِك وَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ الصَّحِيح وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجلَانِ حلف كل وَاحِد مِنْهُمَا أَن لَا يدْخل على صَاحبه فدخلا فِي الْمنزل مَعًا لَا يحنثان وَلَو حلف لَا يدْخل من بَاب هَذِه الدَّار فَدخل من غير الْبَاب لَا يَحْنَث وَإِن نقب بَابا آخر فَدخل حنث لِأَنَّهُ دخل من بَابه وَإِن نوى ذَلِك الْبَاب بِعَيْنِه لم يدين فِي الْقَضَاء

الفصل السابع عشر في البيوع

رجل حلف بِطَلَاق امْرَأَته أَن لَا تخرج امْرَأَته بِغَيْر علمه فَخرجت وَهُوَ يَرَاهَا فَمنعهَا أَو لم يمْنَعهَا لَا يَحْنَث لِأَنَّهَا خرجت بِعِلْمِهِ رجل قَالَ لامْرَأَته إِن خرجت من بَاب هَذِه الدَّار فَأَنت طَالِق فَصَعدت السَّطْح وَنزلت فِي دَار الْجَار قيل ذَلِك من الْحِيَل وَأَنه لَا يَحْنَث وَالصَّحِيح أَنه يَحْنَث رجل أَخذ لقْمَة فوضعها فِي فَمه فَقَالَ لَهُ رجل امْرَأَته طَالِق إِن أكلتها وَقَالَ آخر امْرَأَته طَالِق إِن أخرجتها من فِيك فَأكل الْبَعْض وَأخرج الْبَعْض لم يَحْنَث لِأَن شَرط الْحِنْث أكل الْكل رجل قَالَ لامْرَأَته إِن لم تتعشي اللَّيْلَة فَعَبْدي حر فَأكلت لقْمَة وَاحِدَة يَحْنَث لِأَن اللُّقْمَة الْوَاحِدَة لَا تكون عشَاء وَلَو قَالَ لامْرَأَته إِن لم تطبخي فِي قدر فِيهِ منوان من الْملح وَلَا ملوحة فِي الْمَطْبُوخ فَأَنت طَالِق تطبخ بَيْضَة فِي منوين من الْملح رجل حلف لَا يسكن هَذِه الدَّار وَهُوَ سَاكن فشق عَلَيْهِ التَّحْوِيل من الْأَمْتِعَة فَإِنَّهُ يَبِيع الْمَتَاع من غَيره وَيخرج بِنَفسِهِ فَلَا يَحْنَث وَلَو حلف بِطَلَاق امْرَأَته أَنه لَا يَصُوم شهر رَمَضَان فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَن يُسَافر وَلَا يَصُوم حلف ليغدينه الْيَوْم بِأَلف دِرْهَم فَاشْترى لَهُ رغيفا بِأَلف دِرْهَم فغداه لَا يَحْنَث لِأَنَّهُ تحقق شَرط الْبر وَكَذَا لَو قَالَ إِن لم أعتق مَمْلُوكا بِأَلف دِرْهَم فعلي كَذَا فَاشْترى مَمْلُوكا بِأَلف دِرْهَم يُسَاوِي شَيْئا قَلِيلا فَأعْتقهُ بر لِأَنَّهُ تحقق شَرط الْبر حلف لَا يقرب امْرَأَته فاستلقى على قَفاهُ فَجَاءَت الْمَرْأَة فقضت حَاجَتهَا لَا يَحْنَث لِأَن شَرط الْحِنْث الْوَطْء وَهُوَ فِي هَذِه الْحَالة لَا يُسمى واطئا هَكَذَا قَالَ بعض الْمَشَايِخ وَذكر بَعضهم أَنه يَحْنَث وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَلَو حلف لَا يكلم فلَانا فَكتب إِلَيْهِ أَو أرسل لم يَحْنَث لِأَن الْكَلَام على المشافهة رجل هرب وَدخل فِي دَار رجل فَحلف صَاحب الدَّار أَنه لَا يدْرِي أَيْن هُوَ إِن اراد بِهِ أَنه لَا يدْرِي فِي أَي مَكَان هُوَ من الدَّار لَا يَحْنَث لِأَنَّهُ بار انْتهى كَلَام الْوَلْوَالجيّ الْفَصْل السَّابِع عشر فِي الْبيُوع البيع ينْعَقد بالايجاب وَالْقَبُول إِذا كَانَا بِلَفْظ الْمَاضِي مثل أَن يَقُول أَحدهمَا بِعْت وَيَقُول الآخر اشْتريت لِأَن البيع انشاء تصرف والإنشاء يعرف بِالشَّرْعِ والموضع للإخبار قد اسْتعْمل فِيهِ فَينْعَقد بِهِ وَلَا ينْعَقد بلفظين أَحدهمَا لفظ الْمُسْتَقْبل بِخِلَاف النِّكَاح وَقَوله رضيت أَو أَعطيتك بِكَذَا أَو خُذْهُ بِكَذَا فِي معنى قَوْله بِعْت واشتريت لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ وَالْمعْنَى هُوَ الْمُعْتَبر فِي هَذِه الْعُقُود وَفِي الْقنية رجل دفع إِلَى بَائِع الْحِنْطَة خَمْسَة دَنَانِير ليَأْخُذ بهَا مِنْهُ حِنْطَة وَقَالَ لَهُ بكم تبيعها فَقَالَ كل مائَة من بِدِينَار فَسكت المُشْتَرِي ثمَّ طلب مِنْهُ الْحِنْطَة ليأخذها فَقَالَ البَائِع غَدا أدفعها اليك وَلم يجر بَينهمَا بيع وَذهب المُشْتَرِي وَجَاء فِي غَد ليَأْخُذ الْحِنْطَة وَقد تغير السّعر فَلَيْسَ للْبَائِع أَن يمْنَعهَا مِنْهُ بل عَلَيْهِ أَن يَدْفَعهَا بالسعر الأول قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى وَلِهَذَا ينْعَقد بالتعاطي فِي النفيس والخسيس وَهُوَ الصَّحِيح وَفِي المنبع انْعِقَاد البيع تَارَة يكون بالْقَوْل وَتارَة يكون بِالْفِعْلِ من غير قَول بِأَن يكون بالإعطاء

وَالْأَخْذ وَهَذَا يُسمى بيع التعاطي وَفِي الذَّخِيرَة اخْتلف الْمَشَايِخ رَحِمهم الله تَعَالَى أَن الْإِعْطَاء من الْجَانِبَيْنِ شَرط فِي بيع التعاطي أَو من أَحدهمَا يَكْفِي فاشار مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْجَامِع الصَّغِير أَن تَسْلِيم الْمَبِيع يَكْفِي وَفِي الْمُجْتَبى قَالَ بكم تبيع قفيز حِنْطَة قَالَ بدرهم فَقَالَ اعزله فَعَزله فَبيع وَكَذَا لَو قَالَ مثله للقصاب فوزنه وَهُوَ سَاكِت ثمَّ امْتنع من دفع الثّمن وَأخذ اللَّحْم أَو دفع الدَّرَاهِم وَامْتنع القصاب من وزن اللَّحْم أجبرهما القَاضِي عَلَيْهِ فَثَبت بِهَذَا ان بيع التعاطي كَمَا يثبت بتقابض الْبَدَلَيْنِ يثبت بِقَبض أَحدهمَا أَيهمَا كَانَ على وَجه الشِّرَاء وَاتفقَ صدر الْقُضَاة وَغَيره على أَن بيع التعاطي بيع وَإِن لم يُوجد تَسْلِيم الثّمن اه وَإِذا أوجب أحد الْمُتَعَاقدين البيع فالآخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ قبل فِي الْمجْلس وَإِن شَاءَ رد وَلَيْسَ لَهُ أَن يقبل فِي بعض الْمَبِيع وَلَا أَن يقبل المُشْتَرِي بِبَعْض الثّمن لعدم رضَا الآخر بتفريق الصَّفْقَة إِلَّا إِذا بَين ثمن كل وَاحِد لِأَنَّهُ صفقتان معنى وَأيهمَا قَامَ عَن الْمجْلس قبل القَوْل بَطل الايجاب لِأَن الْقيام دَلِيل الاعراض وَالرُّجُوع فَلهُ ذَلِك على مَا ذَكرْنَاهُ وَإِذا حصل الايجاب وَالْقَبُول لزم البيع وَلَا خِيَار لأَحَدهمَا إِلَّا من عيب أَو من عدم رُؤْيَة وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يثبت لكل وَاحِد مِنْهُمَا خِيَار الْمجْلس وَيجوز البيع بِثمن حَال ومؤجل إِذا كَانَ الْأَجَل مَعْلُوما رجل بَاعَ شَيْئا معينا لآخر بِثمن مُؤَجل إِلَى سنة وَلم يسلم الْمَبِيع حَتَّى انْقَضتْ السّنة ثمَّ سلم الْمَبِيع فَلِلْمُشْتَرِي سنة أُخْرَى بعد تَسْلِيم الْمَبِيع وَقَالا لَيْسَ لَهُ الا السّنة الْمَاضِيَة وَمن أطلق الثّمن فِي البيع كَانَ على غَالب نقد الْبَلَد لِأَنَّهُ الْمُتَعَارف فَإِن كَانَت النُّقُود مُخْتَلفَة فَالْبيع فَاسد إِلَّا أَن يبين أَحدهمَا وَهَذَا إِذا كَانَ الْكل فِي الزواج سَوَاء لِأَن الْجَهَالَة مفضية إِلَى الْمُنَازعَة إِلَّا أَن نرفع الْجَهَالَة بِالْبَيَانِ أَو يكون أَحدهمَا أغلب وأروج فَحِينَئِذٍ يصرف إِلَيْهِ تحريا للْجُوَاز وَهَذَا إِذا كَانَت مُخْتَلفَة فِي الْمَالِيَّة فَإِن كَانَت سَوَاء فِيهَا كالثنائي والثلاثي جَازَ البيع إِذا أطلق اسْم الدَّرَاهِم وينصرف إِلَى مَا قدر بِهِ من أَي نوع كَانَ لِأَنَّهُ لَا مُنَازعَة وَلَا اخْتِلَاف فِي الْمَالِيَّة كَذَا فِي الْهِدَايَة وَفِي البزازي ساومه ثوبا بِعشْرَة فَقَالَ البَائِع بِعشْرين فَذهب بِهِ المُشْتَرِي وَلم يقل شَيْئا فَإِن كَانَ الثَّوْب فِي يَد المُشْتَرِي فَالْبيع بِعشْرين وَإِن كَانَ فِي يَد البَائِع وَدفعه إِلَيْهِ فبعشرة وَقيل بآخرهما كلَاما إِذا مضيا على العقد بعد اخْتِلَاف كلمتهما ينظر إِلَى آخرهما كلَاما فَيحكم بذلك وَيجوز بيع الْحُبُوب المتنوعة جزَافا وَكيلا وبإناء وَحجر مجهولي الْمِقْدَار وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَن البيع يفْسد فيهمَا قَالَ صَاحب الْهِدَايَة وَالْأول أصح وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه فرق بَين الْإِنَاء الْقَابِل للزِّيَادَة وَغير الْقَابِل فَأجَاز البيع فِيمَا لَا يقبلهَا كالطشت مثلا وافسده فِيمَا يقبلهَا كالزنبيل وَأَجَازَ بِوَزْن هَذَا الْحجر لَا بِوَزْن هَذِه البطيخة اشْترى أَرضًا وَذكر حُدُودهَا لَا ذرعها طولا وعرضا جَازَ وَإِذا عرف المُشْتَرِي الْحُدُود لَا الْجِيرَان يَصح وَإِن لم يذكر الْحُدُود وَلم يعرفهَا المُشْتَرِي جَازَ البيع إِذا لم يَقع بَينهمَا تجاحد وَجَهل البَائِع بِالْمَبِيعِ لَا يمْنَع وَجَهل المُشْتَرِي يمْنَع

بِعْتُك نَصِيبي من هَذِه الدَّار وَلم يُعلمهُ بِهِ البَائِع وَعلم بِهِ المُشْتَرِي جَازَ إِذا أقرّ البَائِع أَنه كَمَا يَقُول المُشْتَرِي وَإِن لم يعلم المُشْتَرِي لَا يجوز عِنْد الامام وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى علم البَائِع أم لَا وَمَعَ ذَلِك لَو قبض وَبَاعَ صَحَّ كَالْبيع الْفَاسِد قلت وَصَاحب المنبع أوضح الْمَسْأَلَة وَفصل الْخلاف فِيهَا حَيْثُ قَالَ رجل بَاعَ نصِيبه من هَذِه الدَّار وَهُوَ لَا يعلم مِقْدَار نصِيبه وَالْمُشْتَرِي أَيْضا لَا يعلم ذَلِك فَالْبيع فَاسد فِي رِوَايَة عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وروى عَنهُ أَيْضا أَنه يجوز مُطلقًا سَوَاء علم الْمُتَبَايعَانِ ذَلِك أَو لم يعلمَا وَهُوَ قَول أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وروى عَنهُ أَيْضا أَنه يشْتَرط علم المُشْتَرِي لَا غير وَهُوَ قَول مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ ظَاهر الرِّوَايَة فَإِن قلت مَا فَائِدَة وضع الْمَسْأَلَة فِي الدَّار هَل يكون لمُجَرّد بَيَان التَّصْوِير أَو للِاحْتِرَاز عَن الْمَنْقُول ليَكُون الحكم فِيهِ خلاف الحكم فِي الدَّار قلت مَا رَأَيْت فِيهِ نقلا صَرِيحًا وَلَكِن الظَّاهِر أَنه لَا فرق بَين الدَّار وَالْمَنْقُول وَذكر فِي الْفَتَاوَى أَنه إِذا بَاعَ نَصِيبا لَهُ من أَشجَار بِغَيْر اذن الشَّرِيك بِغَيْر أَرض فَإِن كَانَت الْأَشْجَار قد بلغت أَو ان قطعهَا فَالْبيع جَائِز وَإِن لم تبلغ لم يجز اه قَالَ المُشْتَرِي فِي يَدي لَك أَرض خراب لَا تساواي عشرَة فبعها مني بِسِتَّة فَقَالَ بعتها وَلم يعرفهَا البَائِع وَهِي تَسَاوِي أَكثر من ذَلِك جَازَ رجل اشْترى ثيابًا فِي جراب أَو زيتا فِي زق أَو حِنْطَة فِي جوالق فَلم يره يجوز وَله الْخِيَار إِذا رَآهُ وَفِي الذَّخِيرَة صُورَة الْمَسْأَلَة أَن يَقُول بِعْت مِنْك الثَّوْب الَّذِي فِي كمي هَذَا وَصفته كَذَا أَو لم يذكر الصّفة أَو يَقُول بِعْت مِنْك هَذِه الْجَارِيَة المنتقبة وَأما إِذا قَالَ بِعْت مِنْك مَا فِي كمي هَذَا هَل يجوز هَذَا البيع أم لَا لم يذكرهُ فِي الْمَبْسُوط قَالَ عَامَّة مَشَايِخنَا رَحِمهم الله إِطْلَاق الْجَواب يدل على جَوَازه عندنَا بَعضهم قَالَ لَا يجوز لجَهَالَة الْمَبِيع وَفِي الْمَبْسُوط الاشارة إِلَيْهِ أَو إِلَى مَكَانَهُ شَرط الْجَوَاز حَتَّى إِذا لم يشر إِلَيْهِ أَو إِلَى مَكَانَهُ لَا يجوز بالاجماع إِذا بَاعَ شَيْئا لم يره بِأَن ورث شَيْئا فَبَاعَهُ قبل الرُّؤْيَة لزم البيع وَلم يتَخَيَّر وَكَانَ أَبُو حنيفَة أَولا يَقُول لَهُ الْخِيَار اعْتِبَارا بِخِيَار الْعَيْب وَالشّرط ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا خِيَار لَهُ وَفِي المنبع وَإِذا اشْترى شَيْئا لم يره ثمَّ قَالَ لغيره إِنِّي اشْتريت سلْعَة فَاذْهَبْ فَانْظُر إِلَيْهَا فَإِن كَانَت تصلح فارض بهَا وخذها فَذهب وَرَضي بهَا ذكر شيخ الاسلام فِي بَاب الْخِيَار بِغَيْر شَرط أَن هَذَا لَا يجوز وَرَأَيْت فِي مَوضِع آخر أَن هَذَا لَا يجوز عِنْد أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأما عِنْد أبي حنيفَة فَإِن قيل يجوز فَلهُ وَجه وَإِن قيل لَا يجوز فَلهُ وَجه دَار بَين اثْنَيْنِ بَاعَ أَحدهمَا نصفهَا ينْصَرف إِلَى نَفسه أما لَو عين نصفا وَقَالَ بِعْت مِنْك هَذَا النّصْف فَلَا يجوز رجل مَاتَ وَترك بنتين فباعت احدى البنتين نصِيبهَا من الْبِنْت الْأُخْرَى إِن كَانَ نصِيبهَا مَعْلُوما لَهَا لَا يجوز وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ إِن باعت نصِيبهَا من كل شَيْء يجوز أما إِذا عينت عينا وباعته لَا يجوز وَفِي الْمُحِيط رجلَانِ بَينهمَا دَار فَبَاعَ أَحدهمَا نصف بَيت شَائِعا وَالْبَيْت مَعْلُوما قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز لِأَن شَرِيكه يتَضَرَّر بذلك عِنْد الْقِسْمَة

وَلَو كَانَ بَين رجلَيْنِ عشرَة من الْغنم أَو عشرَة أَثوَاب هروية مِمَّا تقسم بَاعَ أَحدهمَا نصف ثوب بِعَيْنِه قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا جَائِز سكَّة غير نَافِذَة اجْتمع أَهلهَا فباعوا السِّكَّة لَا يجوز وَكَذَا لَو اقتسموها رجل اشْترى قَرْيَة وَلم يسْتَثْن مِنْهَا الْمَسْجِد والمقبرة فسد البيع هَذَا إِذا كَانَ الْمَسْجِد معمورا فَإِن خرب مَا حوله وَاسْتغْنى النَّاس عَنهُ لَا يفْسد العقد وَفِي الْخُلَاصَة وَلَو ضم الْوَقْف مَعَ الْملك وباعهما أجَاب شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي أَنه لَا يجوز كالمسجد وَقَالَ ركن الاسلام على السغدي يجوز فِي الْملك ثمَّ رَجَعَ شمس الْأَئِمَّة إِلَى قَول ركن الاسلام وَفِي الْقنية رجل بَاعَ أَرضًا فِيهَا مَقَابِر صَحَّ البيع فِيمَا رواء الْمَقَابِر وَفِي أدب الْقَضَاء لقَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين السرُوجِي بَاعَ قَرْيَة بِغَيْر اسْتثِْنَاء الْمقْبرَة وَالْمَسْجِد جَازَ فِي الْملك فِي الْأَصَح لِأَن الْوَقْف مصون قلت وَلِأَنَّهُ مُسْتَثْنى شرعا وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم رجل اشْترى عَبْدَيْنِ صَفْقَة وَاحِدَة فَإِذا أَحدهمَا حر فَالْبيع فِي العَبْد فَاسد سمى ثمن كل وَاحِد مِنْهُمَا أَولا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا إِن لم يسم فسد وَإِن سمي جَازَ فِي الْقِنّ وَكَذَا إِذا بَاعَ دنين من الْخلّ فَإِذا أَحدهمَا خمرًا أَو جمع بَين ذبيحتين فَإِذا احدهما ميتَة أَو متروكة التَّسْمِيَة عمدا وَهَذَا إِذا قَالَ بعتهما وَإِن جمع بَين عبد وحر وَقَالَ بِعْت أَحدهمَا فَقبل الآخر صَحَّ فِي الْقِنّ تَصْحِيحا لتصرفه بِخِلَاف الْمَسْأَلَة الأولى لِأَنَّهُ جعل قبُول العقد فِي الْحر شرطا للْعقد فِي العَبْد وَهَذَا شَرط فَاسد فَيفْسد وَكَذَا فِي قَوْله أعتقت أَحدهمَا أَو طلقت بِخِلَاف قَوْله أَحدهمَا حر لِأَنَّهُ إِخْبَار وَهَذَا إنْشَاء وَإِذا بَاعَ عَبده وَعبد غَيره بِأَلف كل وَاحِد مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَة وَلم يجز ذَلِك الْغَيْر جَازَ فِي عَبده وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم نوع فِي الأوراق وَالْأَشْجَار والزروع وَالثِّمَار رجل اشْترى أوراق التوت إِن اشْترى على أَنه ياخذها من سَاعَته يجوز وَلَو اشْتَرَاهَا مُطلقًا فَأَخذهَا الْيَوْم جَازَ وَإِن مضى الْيَوْم فسد البيع لِأَن مَا يحدث بعد البيع بِمُضِيِّ السَّاعَات لَا يُمكن الِاحْتِرَاز عَنهُ فَجعل عفوا وَإِن اشْتَرَاهَا على أَن يَأْخُذهَا شَيْئا فَشَيْئًا لَا يجوز لِأَنَّهُ يزْدَاد فيختلط الْمَبِيع بِغَيْر الْمَبِيع وَكَذَا لَو اشْتَرَاهَا على أَن يَتْرُكهَا على الشّجر وَالْحِيلَة أَن يَشْتَرِي الشَّجَرَة بأصلها فَيَأْخُذ الأوراق ثمَّ يَبِيع الشّجر من البَائِع وَلَو ذهب وَقت الأوراق فَأَرَادَ الرُّجُوع بِالثّمن إِن اشْتَرَاهَا مَعَ الأغصان وَبَين مَوضِع الْقطع لَا يرجع وَهل لِلْعَامِلِ من الأغصان وأوراق الشّجر حِصَّة يَأْتِي فِي فصل الْمُزَارعَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَفِي فتاوي قَاضِي خَان رجل اشْترى رطبَة من الْبُقُول أَو قثاء أَو شَيْئا يَنْمُو سَاعَة فساعة لَا يجوز كَمَا لَا يجوز بيع الصُّوف والوبر على ظُهُور الْغنم إِلَّا أَن يجزها من سَاعَته وَالْقِيَاس فِي بيع قَوَائِم الْخلاف كَذَلِك وَإِنَّمَا جَازَ لمَكَان التَّعَامُل فِيهِ وَفِي البزازي قَالَ الامام الفضلي رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز بيع القوائم أَيْضا بِلَا بَيَان مَوضِع الْقطع رجل بَاعَ الْحَشِيش الَّذِي أَنْبَتَهُ بسقيه بِأَن سقى الأَرْض لينبت فِيهَا الْحَشِيش يجوز وَلَو بَاعَ الزَّرْع قبل أَن يصير بقلا لَا يجوز وَبعد مَا صَار بقلا بِشَرْط الْقطع أَو على أَن يُرْسل فِيهِ دَابَّته يجوز لَا بِشَرْط التّرْك للإدراك وَكَذَا الرّطبَة والبقول

وَلَو كَانَ الزَّرْع مُشْتَركا بَين اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحدهمَا نصِيبه من غير شَرِيكه بِلَا اذن الآخر قبل أَن يدْرك الْحَصاد لَا يجوز وَبعد الادراك يَصح وَلَو بَاعَ من شَرِيكه يَصح مُطلقًا وَكَذَا الشّجر وَلَو بَاعَ من غير شَرِيكه وَلم يفْسخ البيع حَتَّى أدْرك صَحَّ لزوَال الْمَانِع كَمَا إِذا بَاعَ جذعا من سقف وَنزع وَسلم وَلَو كَانَ الزَّرْع وَالْأَرْض مُشْتَركا فَبَاعَ نصفهَا مَعَ نصفه من الشَّرِيك أَو أَجْنَبِي جَازَ وَإِن لم يرض بِهِ الآخر وناب المُشْتَرِي عَن البَائِع وَعَن مُحَمَّد أَنه لَا يجوز وَعنهُ أَيْضا بَاعَ قصيلا أَو ثمرا فِي أول مَا يطلع إِن جزه المُشْتَرِي فِي الْحَال فالعشر على البَائِع وَإِن تَركه باذن البَائِع وجزه بعد الادراك فعلى المُشْتَرِي وَعند ابي يُوسُف عشرهَا بِقدر الطّلع والبقل على البَائِع وَالزَّائِد على المُشْتَرِي وَفِي التَّجْرِيد بيع الثَّمَرَة وَالزَّرْع الْمَوْجُود قبل كَونه زرعا مُنْتَفعا بِهِ جَائِز بِلَا شَرط التّرْك وَبِه يفْسد وَإِن تناهى الْعظم فبشرط التّرْك لَا يفْسد عِنْد مُحَمَّد وَهُوَ الِاسْتِحْسَان خلافًا لَهما وَإِن اشْترى مُطلقًا وَترك إِن تناهى عظمهما أَو لم يتناه لكنه باذن البَائِع طَابَ لَهُ وَإِن لم يتناه وَالتّرْك بِلَا اذن تصدق بِمَا زَاد وَلَو أخرجت الثَّمَرَة ثَمَرَة أُخْرَى قبل جذاذ الأولى فَهِيَ للْبَائِع وَإِن جزها البَائِع طَابَ لَهُ وَإِن اخْتَلَط بالموجود حَتَّى لم يعرف إِن كَانَ قبل التَّخْلِيَة فسد وَإِن كَانَ بعْدهَا اشْتَركَا وَالْقَوْل فِي الْمِقْدَار قَول المُشْتَرِي وَإِن اشْترى ثَمَرَة بدا صَلَاح بَعْضهَا وَصَلَاح الْبَاقِي مُتَقَارب وَشرط التّرْك جَازَ عِنْد مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَإِن كَانَ يتَأَخَّر إِدْرَاك الْبَاقِي كثيرا لَا يجوز فِيمَا لم يدْرك وَجَاز فِي الْمدْرك والبطيخ والباذنجان يجوز بيع مَا ظهر لَا مالم يظْهر وَلَو بَاعَ الْأُصُول بِمَا فِيهَا من الثِّمَار جَازَ فِي الْكل وَذكر شمس الْأَئِمَّة رجل اشْترى ثمار الْكَرم وَقد خرج بَعْضهَا قَالَ الْكَرْخِي رَحمَه الله لَا يجوز وَهُوَ ظَاهر الْمَذْهَب وَقَالَ ابْن الفضلى وجدت عَن مُحَمَّد أَن بيع الْورْد جملَة يجوز وَمَعْلُوم أَن الْورْد يتلاحق وَأفْتى الْحلْوانِي فِي الباذنجان والبطيخ وَالثِّمَار وَغَيرهَا بِالْجَوَازِ وَجعل الْمَوْجُود أصلا وَمَال السَّرخسِيّ إِلَى قَول الْكَرْخِي وَإِن اسْتَأْجر الْأَشْجَار ليترك عَلَيْهَا الثِّمَار لَا يجوز لكنه لَو ترك بِنَاء على الاجارة تطيب لَهُ الزِّيَادَة وَلَا يجب لَهُ الْأجر وَلَو اشْترى قصيلا واستأجر الأَرْض وَترك القصيل لَا تطيب لَهُ الزِّيَادَة لِأَن إِجَارَة الأَرْض مُتَعَارَف وَإِن بَين الْمدَّة تصح واستئجار الْأَشْجَار لم يتعارف فَلَا يَصح وَإِن بَين الْمدَّة فَاعْتبر مُجَرّد الاذن فطاب لَهُ وَلم يجب أجر الْمثل لعدم الاجارة رَأْسا وَالْحِيلَة أَن يَقُول المُشْتَرِي للْبَائِع جعلت لَك جُزْءا من ألف جُزْء من هَذِه الثَّمَرَة على أَن تعْمل فِيهَا بالمساقاة وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَى الايفاء قبل التناهي وَحِينَئِذٍ تجوز الْمُسَاقَاة وَبيع نصف الثِّمَار مشَاعا قبل بَدو الصّلاح من شَرِيكه جَائِز لَا من غَيره كَبيع نصف الزَّرْع من شَرِيكه وافتى السغدي بِأَنَّهُ لَا يجوز من شَرِيكه وَلَا غَيره أَيْضا وَبيع التِّبْن قبل الكدس لَا يجوز لِأَنَّهُ مَعْدُوم وَبيع الكدس قبل التذرية يجوز وَلَو بَاعَ رجل عِنَب كرمه وَهُوَ حصرم جَازَ لِأَنَّهُ مَال مَقْدُور التَّسْلِيم اشْترى قصيلا وَلم يقبضهُ حَتَّى صَار حبا بَطل البيع عِنْد الامام وَقَالَ لَا لَا يبطل وَشِرَاء قصيل الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ كَيْلا وجزافا يجوز لِأَن هَذَا بيع الْحَشِيش بِالْحِنْطَةِ فَيصح كَيْفَمَا كَانَ بَاعَ أَرضًا فِيهَا زرع لَا يدْخل الزَّرْع نبت أم لَا وَفِي التَّجْنِيس الزَّرْع إِذا لم يكن لَهُ قيمَة يدْخل

فِي بيع الأَرْض نبت أم لم ينْبت وَهُوَ الصَّوَاب وَكَذَا لَو بَاعَ شَجرا عَلَيْهِ ثَمَر لَا قيمَة لَهُ يدْخل فِي بيع الشّجر لإن بَيْعه مُنْفَردا لَا يجوز وَأفْتى أَبُو بكر الاسكاف وَأَبُو نصر الْفَقِيه بِأَن الْبذر إِن كَانَ قد فسد فِي الأَرْض أَو نبت لكنه بِحَال لَا قيمَة لَهُ يكون للْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَا يجوز بَيْعه بِانْفِرَادِهِ فَصَارَ جُزْءا من الأَرْض وَإِن لم يفْسد فِي الأَرْض أَو نبت وَصَارَ بِحَال لَهُ قيمَة يكون للْبَائِع وَأفْتى أَبُو الْقَاسِم بِأَنَّهُ للْبَائِع فِي الْأَحْوَال كلهَا وَبِه نَأْخُذ وَاخْتَارَ فِي الصُّغْرَى دُخُول الثَّمر وَالزَّرْع إِذا لم يكن لَهَا قيمَة فِي بيع الأَرْض بِلَا ذكر وَكَذَا الشّجر مثمرا كَانَ أَو غير مثمر وَلَا يدْخل الثَّمر فِي بيع الشّجر بِلَا ذكر وَإِن كَانَ مَوْجُودا وَقت البيع وَكَذَا قَوَائِم الْخلاف على مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْمُنْتَقى أذن لَهُ فِي زراعة ارضه فاراد أَن يُخرجهَا بعد الزِّرَاعَة لَيْسَ لَهُ ذَلِك وَلَو كَانَ لَهُ فِيهَا زرع فَبَاعَ الزَّرْع لَا الأَرْض ترك الزَّرْع على البَائِع بِأَجْر الْمثل إِلَى الْحَصاد وَلَو كَانَ فِي الزَّرْع مَالا ينْتَفع بِهِ كمالتبن الَّذِي يَنْبَغِي أَن يسْتَثْنى فَيجوز البيع وَقَالَ السَّيِّد الامام أَبُو الْقَاسِم يَنْبَغِي أَن يجوز البيع بِشَرْط التّرْك إِلَى الادراك لِأَنَّهُ ينْتَفع بِهِ فِي الْمَآل كالمهر والجحش وَإِن كَانَ لَا على تَقْدِير التّرْك يَنْبَغِي أَن لَا يجوز وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة فِي شِرَاء ثَمَرَة بُسْتَان ظهر بَعْضهَا الْأَصَح عِنْدِي عدم جَوَاز البيع لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَة إِلَيْهِ لِإِمْكَان شِرَاء الْأُصُول فَيكون الْمُتَوَلد على ملكه وَإِن كَانَ لَا يسْتَحق بِهِ نفس الْمَبِيع فَإِن الْمُشْتَرى يَشْتَرِي الْمَوْجُود بِبَعْض الثّمن وَيُؤَخر العقد فِي الْبَاقِي أَو يَشْتَرِي الْمَوْجُود بِكُل الثّمن وَيحصل الْمَقْصُود بِهَذَا فَلَا حَاجَة إِلَى بيع الْمَعْدُوم وَعَن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد رجل اشْترى أَنْوَاع الثِّمَار فِي بُسْتَان أدْرك الْبَعْض وَلم يدْرك الْبَعْض وَلَيْسَ لَهَا قيمَة إِذا كَانَ الْأَكْثَر لَهُ قيمَة يجوز لِأَن الْأَقَل يتبع الْأَكْثَر وَمَا لَيْسَ لَهُ قيمَة كالخوخ وَالرُّمَّان والتين فيشتري الْمُتَقَوم بِكُل الثّمن ويبيح لَهُ البَائِع الْبَاقِي فيتناوله بِالْإِبَاحَةِ اه وَفِي الْمُلْتَقط بيع الثِّمَار كالحصرم والتفاح وَنَحْوه قبل الادراك يجوز وَنَحْو الخوخ والكمثري لَا يجوز قبل الادراك الا إِذا أدْرك بَعْضهَا فَيجوز فِيمَا أدْرك وَمَا لم يدْرك على ذَلِك الشّجر فَلَا وَبيع ورق التوت قبل أَن يخرج لَا يجوز وَلَكِن إِن بَاعَ الأغصان ليقطعها ثمَّ أذن لَهُ فِي التّرْك حَتَّى خرج الْوَرق جَازَ وَكَانَ الْوَرق تبعا وَقد مر جنسه بَاعَ دَارا بعيدَة وَقَالَ سلمتها اليك وَقَالَ المُشْتَرِي قبضتها لَا يكون قبضا وَإِن كَانَت قريبَة فَقبض لِأَن التَّخْلِيَة أُقِيمَت مقَام الْقَبْض عِنْد التَّمَكُّن وَبِه قَالَ الْحلْوانِي قلت وَالنَّاس عَن هَذَا غافلون فَإِنَّهُم يشْتَرونَ الضَّيْعَة فِي السوَاد ويقرون بِالْقَبْضِ وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَصح بِهِ الْقَبْض وَإِن كَانَ يقر بِهِ يصير قَابِضا وَفِي الْمُحِيط يصير قَابِضا بِالتَّخْلِيَةِ والاذن وَإِن بعد الْمَعْقُود عَلَيْهَا وَفِي النَّوَادِر اشْترى عقارا فَقَالَ البَائِع سلمته اليك وَقَالَ المُشْتَرِي قبلت وَالْعَقار غَائِب عَن حضرتهما كَانَ قبضا فِي قَول الامام وَقَالا إِن كَانَ يقدر على إِعْلَامه ودخوله فَقبض وَإِلَّا لَا

وَلَو اشْترى بقرة فِي السَّرْح فَقَالَ لَهُ البَائِع اذْهَبْ فاقبضها فَإِن كَانَ بِحَيْثُ يُمكنهُ الاشارة يكون قبضا وَكَذَا إِذا بَاعَ خلا فِي دن فِي منزل البَائِع وخلى بَينه وَبَين مُشْتَرِيه فختم عَلَيْهِ المُشْتَرِي فَهُوَ قبض على مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى كمن اشْترى طَعَاما وَقَالَ للْبَائِع كُله فِي غرارتك فكال فِيهَا صَار قَابِضا خلافًا لمُحَمد تسلم مِفْتَاح الدَّار وَلم يذهب إِلَى الدَّار فَإِن كَانَ يَتَيَسَّر لَهُ الْفَتْح بِلَا كلفة فَقبض وَإِن كَانَ لَا يَتَيَسَّر لَهُ الْفَتْح بِلَا اعانة لَا يكون قبضا اشْترى بقرة مَرِيضَة وخلاها فِي منزل البَائِع قَائِلا إِن هَلَكت فمني وَمَاتَتْ فَمن البَائِع لعدم الْقَبْض وَكَذَا لَو قَالَ للْبَائِع سقها إِلَى مَنْزِلك فَاذْهَبْ فتسلمها فَهَلَكت حَال سوق البَائِع فَإِن ادّعى البَائِع التَّسْلِيم فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي وَلَو كَانَ المُشْتَرِي اشْترى عبدا أَو أمة وَقَالَ امش معي فتخطى مَعَه فَهُوَ قبض وَقَول البَائِع لَهُ خُذْهُ تخلية إِذا كَانَ يصل إِلَى أَخذه فَهُوَ قبض وَإِن كَانَ لَا يصل إِلَى أَخذه فَلَا قبض نقض المُشْتَرِي بعض الثّمن ثمَّ قَالَ للْبَائِع تركته عنْدك رهنا لباقي الثّمن أَو وَدِيعَة لَا يكون قبضا قَالَ المُشْتَرِي للْعَبد اعْمَلْ كَذَا أَو قَالَ للْبَائِع مره أَن يعْمل كَذَا فَعمل فَعَطب العَبْد هلك على المُشْتَرِي لِأَنَّهُ قبض وَلَو قَالَ المُشْتَرِي للْبَائِع لَا أعتمدك على الْمَبِيع فسلمه إِلَى فلَان يمسِكهُ حَتَّى أدفَع لَك الثّمن فَفعل البَائِع وَهلك عِنْد فلَان يهْلك على البَائِع لِأَن الْإِمْسَاك كَانَ لأَجله وهلاك الْمَبِيع قبل قَبضه عِنْد البَائِع على البَائِع وَيلْزمهُ رد عين الثّمن الْمَقْبُوض وَبعد الاقالة يلْزمه رد مثل الثّمن الْمَقْبُوض وَفِي فتاوي سَمَرْقَنْد عِنْد بعض الْمَشَايِخ أَن مَا يهْلك من الْعقار قبل قَبضه مَحْسُوب على المُشْتَرِي وَعَامة الْمَشَايِخ على أَنه على البَائِع إِذا اشْترى دَارا لَا يجْبر البَائِع على إِعْطَاء الصَّك وَلَا على الْخُرُوج إِلَى الشُّهُود فَإِن كتب المُشْتَرِي الصَّك وأتى بالشهود يجْبر على الاشهاد وَإِن أَبى يرفع إِلَى القَاضِي وَكَذَا لَا يجْبر الزَّوْج على صك الْمهْر وَكَذَا لَا يجْبر على دفع الصَّك الْقَدِيم وَلَكِن يُؤمر البَائِع بإحضار الصَّك الْقَدِيم حَتَّى ينْسَخ مِنْهُ المُشْتَرِي نُسْخَة وَتَكون فِي يَده للاحتياج وَأُجْرَة ناقد الثّمن على البَائِع إِن زعم المُشْتَرِي جودة الثّمن وَالصَّحِيح أَنه على المُشْتَرِي مُطلقًا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَفِي الفتاوي قَالَ المُشْتَرِي الثّمن جيد فَالْقَوْل لَهُ وَإِن زعم البَائِع خِلَافه فالانتقاد عَلَيْهِ وَالْوَزْن على المُشْتَرِي اشْترى حِنْطَة مكايلة فالكيل والصب فِي وعَاء المُشْتَرِي على البَائِع فِي الْمُخْتَار وَجعل فِي الْمُنْتَقى إِخْرَاج الطَّعَام من السفن على المُشْتَرِي نوع فِي الْعَيْب وَالرَّدّ بِهِ وَمَا يتَّصل بذلك الزَّوْج وَالزَّوْجَة عيب للْعَبد وَالْأمة وجده سَارِقا أَو كَافِرًا أَو مخنثا فِي الرَّدِيء من الْأَفْعَال رده أما الَّذِي لَهُ رعونة وَلَيْسَ فِي صَوته لين وتكسر فِي مَشْيه إِن قل لَا وَإِن كثر رد

والزنى عيب فِيهَا وَفِيه إِن كَانَ مرّة أَو مرَّتَيْنِ لَا وَإِن تكَرر رد وَيشْتَرط المعاودة عِنْد المُشْتَرِي فِي كل الْعُيُوب إِلَّا فِي الزِّنَى وَفِي الْجُنُون أَيْضا عِنْد أبي يُوسُف وَالدّين فِي الْجَارِيَة وَالْعَبْد عيب إِلَّا أَن يقْضى البَائِع أَو يبريء الْغَرِيم والإباق مِمَّا دون مُدَّة السّفر وَالسَّرِقَة مِمَّا دون النّصاب عيب وَهل يشْتَرط فِي الْإِبَاق الْخُرُوج من الْبَلدة قيل يشْتَرط وَقيل لَا وسرقة النَّقْد مُطلقًا عيب وسرقة الْمَأْكُول للْأَكْل من الْمولى لَا وَمن غَيره لَا للْأَكْل بل للْبيع عيب سَوَاء كَانَ من الْمولى أَو من غَيره بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ من كل عيب أَو حق صَحَّ عندنَا وَدخل فِيهِ الْحَادِث بعد البيع قبل الْقَبْض عِنْد أبي يُوسُف خلافًا لمُحَمد رحمهمَا الله تَعَالَى وبالبراءة من كل عيب بِهِ لَا يدْخل الْحَادِث اجماعا وَظُهُور الْعَيْب شَرط الْخُصُومَة ولظهوره طرق إِمَّا بالمشهادة كالأصبع الزَّائِدَة أَو قَول الْأَطِبَّاء الحذاق كداء فِي الْبَاطِن أَو بقول النِّسَاء أَو بالْخبر فَإِن كَانَ بالمشهادة صحت خُصُومَة المُشْتَرِي فِي الْعَيْب فَإِن كَانَ قبل الْقَبْض لَهُ الرَّد وَفسخ العقد بِمُجَرَّد قَوْله رددت بِلَا رِضَاء وَقَضَاء وَفِي أدب القَاضِي الَّذِي يرجع فِيهِ إِلَى الْأَطِبَّاء لَا يثبت فِي حق توجه الْخُصُومَة مالم يتَّفق عَدْلَانِ بِخِلَاف مَالا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال حَيْثُ يثبت بقول الْمَرْأَة الْوَاحِدَة فِي حق الْخُصُومَة لَا فِي حق الرَّد وَفِي الزِّيَادَات عدم الْبكارَة لَا يثبت الا بقول البَائِع لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يقر بِالْوَطْءِ وَأَنه يمْنَع الرَّد أَو بقول النِّسَاء وَأَنه لَا يكون حجَّة فِي حق الرَّد وَإِن كَانَ يعلم بقول النِّسَاء فالواحدة تَكْفِي والثنتان أحوط فَإِن أخْبرت بِعَدَمِ الْعَيْب فَلَا خُصُومَة لِأَن وجوده شَرط توجه الْخُصُومَة وَيرجع فِي الدَّاء إِلَى الْأَطِبَّاء وَفِي الْحَبل إِلَى النِّسَاء وَفِي دَعْوَى الْحَبل إِنَّمَا يصدق فِي رِوَايَة إِذا كَانَ من حِين شِرَائهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشر فَإِن كَانَ أقل لَا وَفِي رِوَايَة تسمع دَعْوَى الْحَبل بعد شَهْرَيْن وَخَمْسَة أَيَّام وَعَلِيهِ عمل النَّاس وسيلان الدمع من عين العَبْد وَالْجَارِيَة عيب وَالْخَال على شفة الْجَارِيَة عيب اشْتَرَاهَا على أَنَّهَا بكر فَعلم بِالْوَطْءِ عدم الْبكارَة فَلَمَّا علم نزع من سَاعَته من غير لبث رد وَإِن لبث بعد الْعلم لَا وَفِي المنبع كَثْرَة الْأكل فِي الْجَوَارِي عيب خلافًا للشَّافِعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى رجل اشْترى طَعَاما فَأكل بعضه ثمَّ وجد بِهِ عَيْبا قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يرد مَا بَقِي مِنْهُ وَلَا يرجع بِالنُّقْصَانِ فِيمَا أكل وابو يُوسُف وَمُحَمّد اتفقَا على انْتِفَاء رُجُوع المُشْتَرِي بِالنُّقْصَانِ فِي قدر مَا أكله وَإِنَّمَا اخْتلفَا فِيمَا بَينهمَا فِي الْبَاقِي فَقَالَ أَبُو يُوسُف يرد الْبَاقِي إِن رَضِي البَائِع بِهِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بنقصانه أَيْضا وَقَالَ مُحَمَّد للْمُشْتَرِي أَن يرد الْبَاقِي على البَائِع رَضِي بذلك أَو لم يرض وَقَالَ بعض الْعلمَاء يرد الْبَاقِي وَإِن لم يرض البَائِع فِي الْكل دون الْبَعْض فَيتَوَقَّف على رِضَاهُ هَذَا فِي أكل الْبَعْض أما لَو بَاعَ الْبَعْض فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْهُمَا فِي رِوَايَة لَا يرجع بِشَيْء وَلَا يرد كَمَا هُوَ قَول أبي حنيفَة وَفِي رِوَايَة يرد مَا بَقِي وَفِي فتاوي البخارى لَو أكل بعضه يرجع بِنُقْصَان عَيبه وَيرد مَا بَقِي عَلَيْهِ وَبِه يُفْتى

وَلَو أطْعم ابْنه الصَّغِير أَو الْكَبِير أَو امْرَأَته أَو مكَاتبه أَو ضَيفه لَا يرجع بِشَيْء وَلَو أطْعم عَبده أَو مدبره أَو أم وَلَده يرجع لِأَن ملكه بَاقٍ رجل اشْترى دَقِيقًا فخبز بعضه وَظهر أَنه مر رد مَا بَقِي وَرجع بِنُقْصَان مَا خبز وَهُوَ الْمُخْتَار وَلَو كَانَ سمنا ذائبا فَأَكله ثمَّ أقرّ البَائِع أَنه كَانَ وَقعت فِيهِ فَأْرَة رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ عِنْدهمَا وَبِه يُفْتى وَفِي الْكِفَايَة كل تصرف يسْقط خِيَاره يسْقط خِيَار الْعَيْب إِذا وجد فِي ملكه بعد الْعلم بِالْعَيْبِ وَلَا رد وَلَا أرش لِأَنَّهُ كالرضا بِهِ اشْترى عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَة وَاحِدَة فَوجدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبا قبل الْقَبْض لَا يردهُ وَحده عِنْد عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَة بل يردهما مَعًا أَو يقبضهما مَعًا وَقَالَ زفر لَهُ أَن يرد الْمَعِيب خَاصَّة لقِيَام الْعَيْب بِهِ خَاصَّة وَصَارَ كَمَا إِذا وجد الْعَيْب بِأَحَدِهِمَا بعد الْقَبْض اشْترى مَكِيلًا أَو مَوْزُونا فَوجدَ بعد الْقَبْض عَيْبا بِبَعْضِه رده كُله أَو أَخذه كُله لِأَن الْمكيل إِذا كَانَ من جنس وَاحِد فَهُوَ كشيء وَاحِد لِاتِّحَاد اسْمه كالبر وَنَحْوه وَقيل هَذَا إِذا كَانَ فِي وعَاء وَاحِد فَإِن كَانَ فِي وعاءين فَهُوَ بِمَنْزِلَة عَبْدَيْنِ يرد الْوِعَاء الَّذِي وجد فِيهِ الْعَيْب دون الآخر وَفِي المنبع رجل اشْترى جَارِيَة ثَيِّبًا فَوَطِئَهَا ثمَّ وجد بهَا عَيْبا قَدِيما لَا يردهَا بِالْعَيْبِ لَكِن لَهُ الرُّجُوع على البَائِع بِالنُّقْصَانِ وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَطْء الثّيّب لَا يمْنَع الرَّد بِالْعَيْبِ وَفِي البزازي لَو خَاصم البَائِع فِي الْعَيْب ثمَّ ترك الْخُصُومَة زَمَانا وَزعم أَن التّرْك كَانَ لينْظر هَل هُوَ عيب أم لَا لَهُ الرَّد وَطْء الثّيّب يمْنَع الرَّد بِالْعَيْبِ وَالرُّجُوع بِالنَّقْصِ وَكَذَا التَّقْبِيل والمس بِشَهْوَة لِأَنَّهُ دَلِيل الرِّضَا بِهِ سَوَاء كَانَ قبل الْعلم بِالْعَيْبِ أَو بعده والاستخدام مرّة لَا يكون رضَا إِلَّا إِذا أكره على الْخدمَة لِأَنَّهُ مُخْتَصّ بالملاك وَلم يَجعله السَّرخسِيّ دَلِيل الرِّضَا مُطلقًا وَالزِّيَادَة الْمُتَّصِلَة لَا تمنع الرَّد مُطلقًا اجماعا وَهل تمنع الِاسْتِرْدَاد على قَول مُحَمَّد لَا وعَلى قَوْلهمَا نعم وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالجيّ رجل اشْترى غُلَاما فَوَجَدَهُ غير مختون فَإِن كَانَ صَغِيرا لَيْسَ لَهُ أَن يرد لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْب وَإِن كَانَ بَالغا فَالْمَسْأَلَة على وَجْهَيْن إِن كَانَ مولدا لَهُ أَن يردهُ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ عيب وَإِن كَانَ جلبا لَا يردهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْب اشْترى عبدا على أَنه فَحل فَإِذا هُوَ خصي كَانَ لَهُ أَن يردهُ لِأَنَّهُ وجده معيبا وَلَو كَانَ على الْعَكْس لَا يرد لِأَنَّهُ شَرط الْعَيْب فَوَجَدَهُ سليما رجل اشْترى برذونا وخصاه بعض الْقَبْض وَذَلِكَ لَا ينقصهُ ثمَّ وجد بِهِ عَيْبا فَلهُ أَن يردهُ لِأَن ذَلِك لَيْسَ بِعَيْب رجل اشْترى دهنا فِي إِنَاء مسدود الرَّأْس ففتحه بعد ايام فَوجدَ فِيهِ فَأْرَة ميتَة فَزعم المُشْتَرِي كَونهَا فِيهِ وَقت البيع وَالْبَائِع يَدعِي حُدُوث الْوُقُوع فَالْقَوْل للْبَائِع لِأَنَّهُ يُنكر وجود الْعَيْب اخْتلفَا فِي الطوع وَالْإِكْرَاه فَالْقَوْل لمن يَدعِي الْجَوَاز وَلَو أَقَامَا بَيِّنَة فَلِمَنْ يَدعِي الكره وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَلَو ادّعى أَحدهمَا صِحَة العقد وَالْآخر بُطْلَانه بِأَن ادّعى البيع بالميتة فَالْقَوْل لمُدعِي الْبطلَان لِأَنَّهُ يُنكر

العقد لِأَن البيع بالميتة بَاطِل كَذَا ذكره البزازي فِي كتاب البيع قلت وَذكر بعد ذَلِك فِي أَوَاخِر كتاب الاجارة مَا يُخَالف ذَلِك فَإِنَّهُ قَالَ إِذا اخْتلفَا فِي مِقْدَار الْأجر فَالْقَوْل للدافع ادّعى الْمُسْتَأْجر أَنه اسْتَأْجر الأَرْض فارغة وَادّعى الآخر أَنه آجرها وَهِي مَشْغُولَة بزرعه يحكم على ذَلِك بِحكم الْحَال وَقَالَ الفضلى القَوْل قَول المؤاجر مُطلقًا بِخِلَاف الْمُتَبَايعين وَإِذا ادّعى أَحدهمَا فَسَاد العقد وَالْآخر جَوَازه فَالْقَوْل لمُدعِي الصِّحَّة وَهنا القَوْل للمؤاجر لِأَنَّهُ يُنكر العقد اه رجل اشْترى دهنا فِي قَارُورَة فَنظر فِي القارورة وَلم يصب على رَاحَته يَعْنِي على كَفه أَو اصبعه مِنْهُ شَيْئا فَهَذَا لَيْسَ بِرُؤْيَة عِنْد ابي حنيفَة وَعند مُحَمَّد فِيهِ رِوَايَتَانِ وَلَو اشْترى نافجة مسك فَأخْرج الْمسك مِنْهَا لَيْسَ لَهُ أَن يردهُ بِخِيَار الرُّؤْيَة وَلَا بِخِيَار الْعَيْب لِأَن الاخراج يدْخل عَلَيْهِ عَيْبا ظَاهرا حَتَّى لَو لم يدخلهَا كَانَ لَهُ أَن يردهُ بِخِيَار الْعَيْب والرؤية جَمِيعًا وَعَن الامام أبي اللَّيْث لَا يحل للرجل أَن يشْتَغل بِالْبيعِ وَالشِّرَاء مالم يحفظ كتاب الْبيُوع وَقيل لمُحَمد أَلا تصنف كتابا فِي الزّهْد قَالَ حسبكم كتاب الْبيُوع وعَلى كل تَاجر يحْتَاط لدينِهِ أَن يستصحب فَقِيها دينا يشاوره فِي معاملاته فَإِن ملاك الْأَمر وَالدّين المأكل والملبس قَالَ الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْعَزِيز {كلوا من الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا} وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم نوع فِي الِاسْتِبْرَاء قَالَ صَاحب المنبع اعْلَم أَن الِاسْتِبْرَاء نَوْعَانِ نوع هُوَ مَنْدُوب إِلَيْهِ وَنَوع هُوَ وَاجِب أما الْمَنْدُوب إِلَيْهِ فَهُوَ اسْتِبْرَاء البَائِع إِذا وطئ جَارِيَته وَأَرَادَ بيعهَا أَو يُخرجهَا عَن ملكه بِوَجْه من الْوُجُوه عِنْد عَامَّة الْعلمَاء رَحِمهم الله تَعَالَى وَقَالَ مَالك اسْتِبْرَاء البَائِع جَارِيَته وَاجِب رجل رأى امْرَأَة تَزني ثمَّ تزَوجهَا لَهُ أَن يَطَأهَا من غير اسْتِبْرَاء وَقَالَ مُحَمَّد أحب الي أَن لَا يَطَأهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا وَيعلم فرَاغ رَحمهَا وَأما الِاسْتِبْرَاء الْوَاجِب فَكل من ملك جَارِيَة بِبيع أَو هبة أَو صَدَقَة أَو قسْمَة أَو صلح عَن دم عمد أَو خلع أَو كِتَابَة على جَارِيَة أَو أعتق عَبده على جَارِيَة فَإِنَّهُ يجب الِاسْتِبْرَاء فِي هَذِه الْمَوَاضِع بِحَيْضَة بكرا كَانَت الْجَارِيَة أَو ثَيِّبًا ملكهَا من صَغِير أَو كَبِير أَو عنين وَفِي البزازي أَنَّهَا لَو كَانَت بكرا أَو أحَاط علم المُشْتَرِي بِأَنَّهَا لم تُوطأ لَا يلْزمه الِاسْتِبْرَاء عِنْد ابي يُوسُف وَكَذَا لَو وهب لِابْنِهِ الصَّغِير جَارِيَة وَمَكَثت فِي ملكه مُدَّة ثمَّ استبرأها الْأَب لنَفسِهِ بِالْقيمَةِ لَا يلْزم عِنْد أبي يُوسُف وَعند أبي حنيفَة يلْزم وَلَو حَاضَت قبل الْقَبْض عِنْد البَائِع ثمَّ قبضهَا المُشْتَرِي يلْزم خلافًا لأبي يُوسُف وَقدر بِحَيْضَة فِي ذَوَات الْأَقْرَاء وبشهر فِي حق الآيسة وَالصَّغِيرَة وبوضع الْحمل فِي حق الْحَامِل وَقدر الثَّانِي يَعْنِي أَبَا يُوسُف فِي ممتدة الطُّهْر بِثَلَاثَة أشهر وَهُوَ رِوَايَة عَن الامام رَحمَه الله تَعَالَى وَعَن الامام فِي أُخْرَى بِأَكْثَرَ مُدَّة الْحمل وَفِي رِوَايَة عَن مُحَمَّد قدر عدَّة الْوَفَاة فِي حق الْحرَّة وَفِي أُخْرَى قدرهَا فِي حق الْأمة وَالْعَمَل الْيَوْم على الْأُخْرَى أَو على الْأَخير وَيحرم الْوَطْء والدواعي وَعَن مُحَمَّد أَنه لَا يحرم الدَّوَاعِي فِي المسبية كَذَا فِي الْقنية وَفِي فتاوي قاضيخان اخْتلف فِيمَن أنكر وجوب الِاسْتِبْرَاء هَل يكفر وَقيل يكفر لِأَنَّهُ أنكر اجماع الْمُسلمين وَقَالَ عَامَّة الْمَشَايِخ لَا يكفر لِأَن ظَاهر قَوْله تَعَالَى {أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} يَقْتَضِي إِبَاحَة الْوَطْء مُطلقًا وَعرف وجوب الِاسْتِبْرَاء بالْخبر فَلَا يكفر جاحده

الفصل الثامن عشر في الاجارة

وَفِي الظَّهِيرِيَّة فِي كتاب الْحِيَل إِذا زَوجهَا المُشْتَرِي عبدا لَهُ قبل أَن يقبضهَا ثمَّ قبضهَا ثمَّ طَلقهَا العَبْد قبل أَن يدْخل بهَا وَقبل أَن تحيض فَلِلْمُشْتَرِي أَن يَطَأهَا من غير اسْتِبْرَاء قَالَ شمس الْأَئِمَّة وَهَذَا صَحِيح وتزويجه إِيَّاهَا قبل الْقَبْض صَحِيح كالإعتاق اه وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل اشْترى جَارِيَة واحتال فِي إِسْقَاط الِاسْتِبْرَاء إِن كَانَ البَائِع وَطئهَا ثمَّ بَاعهَا قبل أَن تحيض لَا يحل للْمُشْتَرِي أَن يحتال للإسقاط لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لِرجلَيْنِ يؤمنان بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يجتمعا على امْرَأَة وَاحِدَة فِي طهر وَاحِد وَإِن بَاعهَا البَائِع بعد أَن حَاضَت عِنْده وطهرت وَلم يقربهَا فِي ذَلِك الطُّهْر يحل لَهُ أَن يحتال للإسقاط لِانْعِدَامِ هَذَا النَّهْي ثمَّ الْحِيلَة أَن يَتَزَوَّجهَا المُشْتَرِي قبل الشِّرَاء إِن لم يكن عِنْده امْرَأَة حرَّة أَو يُزَوّجهَا البَائِع غَيره ثمَّ يَشْتَرِيهَا بعد ذَلِك وَإِن كَانَ عِنْده امْرَأَة أُخْرَى حرَّة زَوجهَا البَائِع غَيره ثمَّ يَشْتَرِيهَا هُوَ بعد ذَلِك ويقبضها ثمَّ يطلقهَا الزَّوْج أَو يَشْتَرِيهَا أَولا ثمَّ يُزَوّجهَا من رجل قبل أَن يقبضهَا ثمَّ يقبضهَا ثمَّ يطلقهَا الزَّوْج وَإِن خَافَ البَائِع أَن يَتَزَوَّجهَا المُشْتَرِي وَلَا يَشْتَرِيهَا وَلَا يطلقهَا فَالْحِيلَةُ أَن يَقُول البَائِع زوجتها مِنْك على أَن أمرهَا بيَدي فِي التطليقتين أطلقها مَتى شِئْت أَو يَقُول زوجتها مِنْك على أَنَّك إِن لم تشترها مني الْيَوْم بِكَذَا فَهِيَ طَالِق ثِنْتَيْنِ فَقبل المُشْتَرِي النِّكَاح على ذَلِك وَكَذَلِكَ الْحِيلَة إِذا خيف على الْمُحَلّل وَقد مر فِي فصل الطَّلَاق فَانْظُرْهُ ثمَّة رجل بَاعَ أَقْوَامًا ثمَّ مَاتَ وَله عَلَيْهِم دُيُون وَلَا وَارِث لَهُ مَعْرُوف فَأخذ السُّلْطَان دُيُونه ثمَّ ظهر وَارثه لَا يبرأ الْغُرَمَاء وَعَلَيْهِم أَن يؤدوا إِلَيْهِ ثَانِيًا لِأَنَّهُ تبين أَنه لَيْسَ للسُّلْطَان ولَايَة الْأَخْذ صَاحب الدّين إِذا ظفر بِالدَّنَانِيرِ وَحقه فِي الدَّرَاهِم كَانَ لَهُ أَن يمد يَده وَيَأْخُذ الدَّنَانِير لِأَن الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير جعلا كشيء وَاحِد فِي حق الْبياعَات وَلِهَذَا لَو استبدل الذَّهَب بِالْفِضَّةِ فِي خلال الْحول لَا يَنْقَطِع حكم الْحول كَمَا لَو استبدل الذَّهَب بِالذَّهَب أَو الْفضة بِالْفِضَّةِ اه وَالله أعلم الْفَصْل الثَّامِن عشر فِي الاجارة اعْلَم أَن الاجارة قد شهد لجوازها الْكتاب وَالسّنة والاجماع أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} وَقَوله تَعَالَى {لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} وَقَوله تَعَالَى فِي قصَّة مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام {على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج} وَشَرِيعَة من قبلنَا لَازِمَة علينا إِذا قصّ الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير إِنْكَار مالم يقم دَلِيل على انتساخه وَأما السّنة فَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أعْطوا الاجير أجرته قبل أَن يجِف عرقه وَمن اسْتَأْجر أَجِيرا فليعلمه أجره وَأما الاجماع فقد انْعَقَد كل عصر وكل مصر على صِحَّتهَا إِلَّا مَا حكى عَن عبد الرَّحْمَن الْأَصَم أَنه قَالَ لَا يجوز ذَلِك لِأَنَّهُ غرر يَعْنِي يعْقد على مَنَافِع لم تخلق وَهَذَا لِأَن الْقيَاس يَأْبَى جَوَازهَا لِأَن العقد يرد على الْمَعْدُوم وَهِي الْمَنْفَعَة الَّتِي تُوجد فِي مُدَّة الاجارة والمعدوم لَيْسَ بِمحل للْعقد لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْء وَهَذَا كُله وَجه الْقيَاس وَالْقِيَاس وَإِن كَانَ يَأْبَى جَوَازهَا لَكِن الْقيَاس فِي مُقَابلَة النَّص والاجماع لَا يعْتَبر فجوزناها عملا بِالْكتاب وَالسّنة والاجماع لحَاجَة النَّاس إِلَيْهَا

فالفقير مُحْتَاج إِلَى مَال الْغَنِيّ والغني مُحْتَاج إِلَى عمل الْفَقِير وحاجة النَّاس أصل فِي شرع الْعُقُود فشرعت لترتفع الْحَاجة ثمَّ الاجارة لَهَا أَرْكَان وشرائط أما أَرْكَانهَا فالإيجاب وَالْقَبُول وَذَلِكَ بِأَلْفَاظ دَالَّة عَلَيْهِمَا وَهُوَ لفظ الاجارة والاستئجار والإكراء والاكتراء وتنعقد بِلَفْظ الْمَاضِي وَلَا تَنْعَقِد بلفظين يعبر بِأَحَدِهِمَا عَن الْمُسْتَقْبل نَحْو أَن يَقُول آجرني فَيَقُول الآخر آجرتك وَلَو قَالَ أعرتك هَذِه الدَّار شهرا بِكَذَا أَو قَالَ كل شهر بِكَذَا أَو هَذَا الشَّهْر بِكَذَا تَنْعَقِد وَفِي التَّتِمَّة تَنْعَقِد الاجارة بِلَفْظ الاعارة وَلَا تَنْعَقِد الاعارة بِلَفْظ الاجارة حَتَّى لَو قَالَ آجرتك هَذِه الدَّار بِغَيْر عوض لَا تكون اعارة وَفِي الْقنية قَالَ لآخر هَذِه الدَّار بِدِينَار فِي كل سنة هَل رضيته فَقَالَ نعم وَدفع إِلَيْهِ الْمِفْتَاح فَهُوَ اجارة وَفِي البزازي الاجارة الطَّوِيلَة لَا تَنْعَقِد بالتعاطي لِأَن الْأُجْرَة فِيهَا غير مَعْلُومَة لِأَنَّهَا تكون فِي كل سنة دانقا أَو أقل أَو أَكثر واستخرج الاجارة الطَّوِيلَة الامام مُحَمَّد بن الفضلى البُخَارِيّ فقبلها الْبَعْض لَا الْبَعْض وَهِي على وَجْهَيْن الأول أَن يُؤَاجر الأَرْض أَو الْكَرم وفيهَا زرع فيبيع الْأَشْجَار أَو الزَّرْع بأصولها مِمَّن أَرَادَ الاجارة بِثمن مَعْلُوم وَيسلم ثمَّ يُؤَاجر الأَرْض مِنْهُ مُدَّة مَعْلُومَة ثَلَاث سِنِين أَو أَكثر غير ثَلَاثَة ايام من كل سنة أَو نصفهَا بِمَال مَعْلُوم على أَن يكون أُجْرَة كل سنة من السنين سوى الايام المستثناة كَذَا وَبَقِيَّة مَال الاجارة يَجْعَل بِمُقَابلَة السّنة الْأَخِيرَة وَلكُل مِنْهُمَا ولَايَة الْفَسْخ فِي مُدَّة الْخِيَار وَالثَّانِي أَن يدْفع الْأَشْجَار والزروع الْقَائِمَة على الأَرْض مُعَاملَة إِلَى الَّذِي يُرِيد الاجارة على أَن يكون الْخَارِج على مائَة سهم للدافع وَالْبَاقِي لِلْعَامِلِ ثمَّ يُوكل الْعَامِل فِي صرف قسطه إِلَى مَا يُريدهُ ثمَّ يُؤَاجر مِنْهُ الأَرْض مُدَّة مَعْلُومَة على الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ من غير أَن يكون أحد الْعقْدَيْنِ شرطا فِي الآخر وَبَعض أَئِمَّة بخارا أَنْكَرُوا الأول وَقَالُوا بيع الْأَشْجَار والزروع بيع تلجئة لَا بيع رَغْبَة حَتَّى لَا يملك الْمُسْتَأْجر قطع الْأَشْجَار وَعند فسخ الاجارة يَنْفَسِخ البيع بِلَا فسخ والتلجئة لَا تزيل ملك البَائِع وَإِن قبض الْمَبِيع وَلما بقيا على ملكه لم تصح اجارة الأَرْض وَبَعض جوزه وَقَالَ إِنَّه بيع رَغْبَة لِأَنَّهُمَا قصدا بِهِ صِحَة الاجارة وَلَا طَرِيق إِلَيْهِ الا بِهِ وَلَا يُنَافِي عدم جَوَاز الْقطع مَعَ كَونهَا ملكا كالمرهون لَا يملك الرَّاهِن قطع الْأَشْجَار وَقيل إِن بَاعَ الزَّرْع وَالشَّجر بِثمن الْمثل فَبيع رَغْبَة وَإِلَّا لَا وَهَذَا لَا يَصح فَإِن الْإِنْسَان قد يَبِيع مَاله عِنْد الْحَاجة بِثمن قَلِيل رجل قَالَ لآخر بِعْت مِنْك عَبدِي بمنافع دَارك هَذِه سنة وَقبل فَهُوَ اجارة وَالْأُجْرَة تجب بالتمكن من اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة حَتَّى أَن من اسْتَأْجر دَارا مُدَّة مَعْلُومَة وعطلها مَعَ التَّمَكُّن من الِانْتِفَاع يجب الْأجر وَإِن لم يتَمَكَّن بِأَن مَنعه الْمَالِك أَو الْأَجْنَبِيّ لَا يجب وَفِي المنبع إِذا غصب الدَّار غَاصِب من يَد الْمُسْتَأْجر سقط الْأجر لفَوَات التَّمَكُّن إِذْ هُوَ الْفِعْل المستلزم للمكنة وَلَا مكنة مَعَ الْغَصْب قَالَ صَاحب الْكَافِي وَهل يَنْفَسِخ العقد ذكر الفضلى وَالْقَاضِي فَخر الدّين فِي الْفَتَاوَى أَنه لَا تنْتَقض الاجارة وَلَكِن يسْقط الْأجر مَا دَامَت فِي يَد الْغَاصِب وَفِي الْهِدَايَة إِن العقد يَنْفَسِخ وَإِن وجد الْغَصْب فِي بعض الْمدَّة سقط من الْأجر بِقَدرِهِ لِأَن السُّقُوط بِقدر الْمسْقط انْتهى

ثمَّ إِعْلَام الْمَنْفَعَة بطرق ثَلَاثَة إِمَّا بَيَان الْمدَّة كاستئجار الدَّار للسُّكْنَى وَالْأَرْض للزِّرَاعَة فَيصح العقد على مُدَّة مَعْلُومَة أَي مُدَّة كَانَت طَوِيلَة أَو قَصِيرَة لِأَن الْمَنَافِع تحدث شَيْئا فَشَيْئًا فبمقدارها يصير مَعْلُوما بِبَيَان الْمدَّة إِذا كَانَت الْمَنْفَعَة لَا تَتَفَاوَت إِلَّا فِي الْأَوْقَات فَإِن الْمدَّة لَا تزيد على ثَلَاث سِنِين فِي الصَّحِيح كَمَا تقدم فِي فصل الْوَقْف وَأما الإقطاع فَهَل قَالَ أحد من الْعلمَاء بِجَوَاز إِجَارَته أم لَا قلت وَقد وقفت على عدَّة مصنفات فِي ذَلِك لبَعض عُلَمَائِنَا الْمُتَأَخِّرين رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ مِنْهُم شيخ الاسلام برهَان الدّين ابراهيم بن عبد الْحق وَسَيِّدنَا الشَّيْخ الامام الْعَلامَة شمس الدّين القونوي وَشَيخنَا شيخ الاسلام وَالْمُسْلِمين سعد الدّين الديري وَالشَّيْخ الْعَلامَة الْحَافِظ زين الدّين قَاسم بن قطلو بغا الجمالي متع الله بحياته فاستفدنا مِنْهَا فَوَائِد جمة مِنْهَا القَوْل بِجَوَاز إِجَارَة الاقطاع وَقد أطنبوا الْكَلَام فِي ذَلِك وسلكوا فِيهِ أحسن المسالك وَقد سُئِلَ شَيخنَا شيخ الاسلام سعد الدّين الديري الْمشَار إِلَيْهِ فِيمَن آجر إقطاعه سِنِين ثمَّ أخرج الامام الْأَعْظَم الإقطاع عَنهُ لغيره قبل مُضِيّ الْمدَّة فَقَالَ نعم يجوز للجندي أَن يُؤجر إقطاعه حَيْثُ كَانَ يتَضَمَّن إقطاعه لَهُ ملك الْمَنْفَعَة وَالتَّصَرُّف فِيهِ فِي الْعرف الْعَام بِمَا يرَاهُ وَلَيْسَ هَذَا نَظِير الْمُسْتَعِير وَتَكون الاجارة من المقطع صَحِيحَة لَازِمَة حَيْثُ كَانَت مُشْتَمِلَة على شُرُوطهَا شرعا وَلَا تَنْفَسِخ بِالْمَوْتِ وَلَا بإقطاعه غَيره فَإِن الامام جعله كَالْوَكِيلِ عَنهُ فِي ذَلِك وَتبقى بِالْمُسَمّى الَّذِي وجد فِيهِ شَرط اللُّزُوم وَيشْهد لذَلِك قَوَاعِد عُلَمَائِنَا رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَالْحَالة هَذِه وَالله أعلم وَصُورَة السُّؤَال الَّذِي سُئِلَ عَنهُ شيخ الاسلام برهَان الدّين بن عبد الْحق سَأَلَهُ قوم عَن إِجَارَة الجندي مَا أقطعه الامام لَهُ من الْمزَارِع والقرى والعقارات هَل يَصح إيجاره ذَلِك وَيكون عقد الاجارة فِيهِ صَحِيحا لَازِما إِذا سمى فِيهِ مَا يتَوَقَّف فِيهِ صِحَة الاجارة على التَّسْمِيَة أَو غير صَحِيح وَلَا لَازم وَكَذَلِكَ عقد الْمُسَاقَاة الصَّادِر فِيهِ وطلبوا بَيَان الحكم فِي ذَلِك على قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَهل الحكم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَنْصُوص عَلَيْهِ عِنْدهم أَو لَا وَذكروا أَن الضَّرُورَة دَاعِيَة إِلَى معرفَة الْجَواب فِي ذَلِك تنصيصا أَو قِيَاسا على نظيرها من أصُول الْمسَائِل فَقَالَ أما تنصيص الاصحاب على الحكم فِي ذَلِك فَلم أَقف عَلَيْهِ بعد مَا تطلبته مُدَّة وَلم أعلم لَهُ فِي عينهَا نِصَابا بِالْجَوَازِ وَلَا بضده وَلَكِن قِيَاس قَوْلهم فِي نظيرها يَقْتَضِي القَوْل بجوازها ولزومها أما النظير الأول فقد نَص أَصْحَابنَا على أَن من صولح على خدمَة عبد سنة كَانَ للْمصَالح أَن يؤاجره وَمَعْلُوم أَن الْمُصَالحَة إِنَّمَا ملك الْمَنْفَعَة دون الرَّقَبَة فِي مُقَابلَة مَا صولح عَلَيْهِ من حَقه الَّذِي يَدعِيهِ وَإِن كَانَ الْمصَالح يُنكر ذَلِك وَيَزْعُم أَنه لَاحق لَهُ فالمنفعة الْمَمْلُوكَة بِالصُّلْحِ ملكت بِمُقَابلَة عوض فِي زعم الْمُدَّعِي وَبِغير مُقَابلَة عوض فِي زعم الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَكَانَ فِيهِ شَائِبَة العوضية فَصَارَت الْمَنْفَعَة الْمصَالح عَلَيْهَا مَالا نظرا إِلَى زعم أَحدهمَا وَهُوَ الْمُدَّعِي وَغير مَال نظرا إِلَى زعم الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بِعقد الاجارة فَوَجَبَ جَوَاز مثله فِي الاقطاع وَذَلِكَ لِأَن مَنَافِع الاقطاع ملكهَا الْجند لاحتباسهم أنفسهم واستعدادهم لما يعرض للْمُسلمين من الْمصَالح يندبهم الامام للْقِيَام بهَا من قتال أَعدَاء الاسلام وردع المفسدين وقمع الخارجين وصون الْأَمْوَال والأنفس عَن التَّعَرُّض إِلَيْهَا بِغَيْر حق فرقبة الاقطاع بَاقِيَة على ملك بَيت المَال ومنافعه مَمْلُوكه لَهُم عوضا عَمَّا حبسوا أنفسهم لَهُ فملكوا تمليكها بِعقد الاجارة بل أولى فَإِن المجوز لتمليك الْمَنَافِع الْمَمْلُوكَة بِعقد الاجارة من حَيْثُ هِيَ كَونهَا ملكت بعوض وَملك الْمَنْفَعَة فِي مَسْأَلَة الصُّلْح بعوض إِنَّمَا هُوَ فِي زعم المتملك لَا فِي زعم

المملك أما فِي مَسْأَلَة الاقطاع فالمنافع ملكت بعوض فِي زعم المملك وَهُوَ الامام وَفِي زعم المتملك وهم الأجناد فَيكون معنى الْعِوَض فِي تمليكها آكِد فَكَانَ تمليكها بِعقد الاجارة أقوى فِي الْجَوَاز وَأما النظير الثَّانِي وَهُوَ أَن الْمُسْتَأْجر يملك إِجَارَة مَا اسْتَأْجرهُ وَإِن كَانَ لَا يملك مِنْهُ الا الْمَنْفَعَة فَقَط دون الرَّقَبَة لَكِن لما ملكهَا بعوض ملك أَن يملكهَا بعوض أَيْضا وَهُوَ الْأُجْرَة فَكَذَلِك مَا أقطعه الجندي لما ملك مَنْفَعَة الاقطاع بِمُقَابلَة استعداده لما أعد لَهُ كَانَ مَالِكًا للمنفعة بعوض فَملك تمليكها بعوض وَهُوَ عقد الاجارة أَيْضا وَأما النظير الثَّالِث فَهُوَ مَا ذكره صَاحب الْمُحِيط فِيمَا إِذا وقف وَقفا على أَن غَلَّته لفُلَان كَانَ على الصَّحِيح لفُلَان أَو يؤاجره وَذَلِكَ لِأَن الْمُسْتَحق لَهُ غلَّة الْوَقْف وَالْغلَّة مَال فَيصح اجارة الاقطاع قِيَاسا عَلَيْهِ وَأما النظير الرَّابِع فَالْعَبْد الماذون لَهُ فِي التِّجَارَة يملك أَن يُؤَاجر من مَال التِّجَارَة مَا يجوز لَهُ فِيهِ عقد الاجارة فَوَجَبَ أَن يجوز مثل ذَلِك فِي الاقطاع من الجندي وَأما النظير الْخَامِس فَأم الْوَلَد يجوز للسَّيِّد أَن يؤاجرها مَعَ أَنه لَا يملك مِنْهَا سوى مَنْفَعَتهَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ الْقَدُورِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي بَاب مَا يحرم بَيْعه فِي غصب أم الْوَلَد وَأما أم الْوَلَد فَلَا تضمن عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى بِالْغَصْبِ لِأَن الْمولى لَا يملك مِنْهَا الا الْمَنْفَعَة أَلا ترى أَنَّهَا لَا تسْعَى بعد الْمَوْت للْوَرَثَة وَلَا للْغُرَمَاء وغصب الْمَنْفَعَة لَا يتَعَلَّق بِهِ ضَمَان فَإِذا كَانَ الْمولى يملك إيجارها وَهُوَ لَا يملك رقبَتهَا وَإِنَّمَا ملك مَنْفَعَتهَا وَجب أَن يكون كَذَلِك المقطع لِأَنَّهُ لَا يملك الرَّقَبَة وَإِنَّمَا يملك الْمَنْفَعَة فَقَط وَأما النظير السَّادِس فَهُوَ إِنَّمَا أقطع الجندي من الْقرى والمزارع فِي الممالك الاسلامية لينْتَفع بهَا وَلَا يُمكن ذَلِك إِلَّا بالكراب والزراعة وَغير ذَلِك من الكلف ومباشرة أَعمال الفلاحة من سقِِي مَا يسْقِي وحصاده ودياسه وَمَا أشبه ذَلِك من الْأُمُور الَّتِي يتَوَقَّف استغلال تِلْكَ الْأَرَاضِي عَلَيْهَا وَذَلِكَ لَا يحصل إِلَّا بالمزارعة أَو بالاجارة لمن يقوم بِهَذِهِ الْأَعْمَال فَإِن جند لَو أمروا بذلك لصاروا فلاحين وتعطل الْمَعْنى الْمَطْلُوب مِنْهُم من الاستعداد وَالْقِيَام بِمَا أعدُّوا لَهُ من مصَالح الْمُسلمين ومنعهم من الاستعداد للْقِيَام لردع الْأَعْدَاء عَنْهُم وَالْأَصْل فِي الاقطاع من الامام أَنه ثَبت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أقطع وَعَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أَنهم أقطعوا قَالَ أنس ابْن مَالك رَضِي الله عَنهُ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَنْصَار ليقطع لَهُم بِالْبَحْرَيْنِ الحَدِيث وَعَن عَلْقَمَة بن وَائِل الْحَضْرَمِيّ يحدث عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقطعه أَرضًا لَا أعلم أَنه قَالَ إِلَّا بحضرموت وَعَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقطع الزبير فَأجرى فرسه حَتَّى قَامَ ثمَّ رمى سَوْطه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطوهُ حَيْثُ بلغ السَّوْط وَغير ذَلِك من الْأَحَادِيث والْآثَار الَّتِي يطول ذكرهَا هَذَا مَا دلّت عَلَيْهِ مسَائِل أَصْحَابنَا وَأما غير عُلَمَائِنَا فَذكر ابْن أبي مُوسَى الْهَاشِمِي فِي رُؤُوس الْمسَائِل مَا يدل على أَن قَول الْحَنَابِلَة كَقَوْلِنَا فَقَالَ يجوز اجارة الْمَنَافِع الْمُسْتَحقَّة بِالْوَصِيَّةِ فَنَقُول مَتى جَازَ ذَلِك جَازَ اجارة الاقطاع قِيَاسا عَلَيْهِ اه وَأما التَّصْرِيح عَن الشَّافِعِيَّة فَفِي فتاوي الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ مَسْأَلَة إِذا أقطع السُّلْطَان جنديا أَرضًا فَهَل يجوز لَهُ اجارتها الْجَواب نعم يجوز لَهُ لِأَنَّهُ مُسْتَحقّ لمنفعتها وَلَا يمْنَع من ذَلِك كَونهَا معرضة لِأَن يستردها مِنْهُ بِمَوْتِهِ أَو غَيره كَمَا يجوز للزَّوْجَة أَن تؤاجر الأَرْض الَّتِي فِي صَدَاقهَا قبل

الدُّخُول وَإِن كَانَت معرضة لِأَن تسترد مِنْهَا بانفساخ النِّكَاح وَقد اقتصرت على هَذَا الْقدر فِي هَذَا الْبَاب إِذْ لَو كتبت جَمِيع مَا فِي مصنفات الْمشَار إِلَيْهِم لضاق عَنهُ الْكتاب ثمَّ جِئْنَا إِلَى مَا كُنَّا فِيهِ من إِعْلَام الْمَنْفَعَة بطرق ثَلَاثَة وَقد ذكرنَا الطَّرِيق الأول وَهُوَ بَيَان الْمدَّة على مَا فصلناه قبيله فَلَا فَائِدَة فِي تكراره وَأما بَيَان الْعَمَل بِأَن يبين مَحل الْعَمَل كمن اسْتَأْجر رجلا على صبغ ثَوْبه أَو خياطته أَو اسْتَأْجر دَابَّة ليحمل عَلَيْهَا مِقْدَارًا مَعْلُوما أَو يركبهَا مَسَافَة سَمَّاهَا لِأَنَّهُ إِذا بَين الثَّوْب ولون الصَّبْغ وَقدر مَا يصْبغ بِهِ إِذا كَانَ مِمَّن يخْتَلف وجنس الْخياطَة وَقدر الْمَحْمُول وجنسه والمسافة صَارَت الْمَنْفَعَة مَعْلُومَة بِتَسْمِيَة ذَلِك فَيصح العقد وَأما بالاشادة كمن اسْتَأْجر رجلا لينقل لَهُ هَذَا الطَّعَام إِلَى مَوضِع مَعْلُوم لِأَنَّهُ إِذا أرَاهُ مَا يَنْقُلهُ والموضع الَّذِي يحمل إِلَيْهِ تصير الْمَنْفَعَة مَعْلُومَة فَتَصِح ثمَّ مَا صلح أَن يكون ثمنا فِي البيع كالنقود والمكيل وَالْمَوْزُون صلح أَن يكون أُجْرَة فِي الاجارة لِأَن الاجارة بيع الْمَنْفَعَة وَالْأَجْر ثمن الْمَنْفَعَة بِثمن الْمَبِيع ومالا يصلح ثمنا لَا يصلح أُجْرَة أَيْضا كالأعيان مثل العبيد وَالثيَاب لِأَن الْأُجْرَة عوض مَالِي فَكل مَا صلح عوضا صلح أُجْرَة كَذَا فِي الْمَنْع وَفِيه أَيْضا إِذا اسْتَأْجر ارضا للزِّرَاعَة يشْتَرط أحد شَيْئَيْنِ إِمَّا تعْيين المزروع أَو تَعْمِيم المزروع بِأَن يَقُول يزرع مَا شَاءَ لِأَن الأَرْض تَارَة تستأجر للزِّرَاعَة وَتارَة للْبِنَاء وَالْغَرْس وَغَيرهمَا وَمَا يزرع فِيهَا متفاوت فقد تستأجر لزراعة الْبر أَو الشّعير أَو الذّرة أَو الْأرز وَغَيرهَا وَبَعضهَا يضر بِالْأَرْضِ فَمَا لم يبين شَيْئا من ذَلِك لَا يصير الْمَعْقُود عَلَيْهِ مَعْلُوما وإعلام الْمَعْقُود عَلَيْهِ شَرط جَوَاز العقد إِلَّا أَن يَقُول على أَن يزرع فِيهَا مَا شَاءَ لِأَن الْجَهَالَة ارْتَفَعت بتفويض الْخيرَة إِلَيْهِ وَيدخل الشّرْب وَالطَّرِيق فِي الاجارة تبعا للْأَرْض وَإِن لم يشترطهما بِخِلَاف مَا إِذا اشْترى الأَرْض فَإِن الشّرْب وَالطَّرِيق لم يدخلا بِلَا ذكر لِأَن الْمَقْصُود من الاجارة الِانْتِفَاع حَتَّى لَا يَصح اجارة مَالا يُمكن الِانْتِفَاع بِهِ فِي الْحَال كاجارة الْمهْر للرُّكُوب وَغير ذَلِك وَفِي الذَّخِيرَة اسْتَأْجر أَرضًا وَلم يذكر أَنه يَزْرَعهَا فَالْإِجَارَة فَاسِدَة لجَهَالَة الْمَعْقُود عَلَيْهِ لِأَن الأَرْض تصلح للزِّرَاعَة وَالْغَرْس وَالْبناء وَلَا رُجْحَان للْبَعْض على الْبَعْض فَمَا لم يبين لَا يصير الْمَعْقُود عَلَيْهِ مَعْلُوما وَكَذَلِكَ إِذا ذكر أَنه يَزْرَعهَا إِلَّا أَنه لم يذكر أَي شَيْء يَزْرَعهَا فالاجارة فَاسِدَة لجَهَالَة الْمَعْقُود عَلَيْهِ وَفِي البزازي رجل اسْتَأْجر دَوَاب إِلَى سَمَرْقَنْد من خوارزم يَكْفِي لوُجُوب الْأُجْرَة تَسْلِيم الدَّوَابّ وَلَا يُؤمر رب الدَّوَابّ بإرسال الْغُلَام مَعهَا وَذكر مُحَمَّد أَنه يُؤمر بإرسال الْغُلَام مَعهَا وَذكر مَوْلَانَا شيخ الاسلام أَنه يُخَيّر وَلَا يجْبر اسْتَأْجر رجلا ليحمل لَهُ غلَّة من مطمورة عينهَا فَذهب فَلم يجده وَرجع قسم الْأجر الْمُسَمّى على ذَهَابه وَحمله ورجوعه وَلَزِمَه أجر الذّهاب لِأَن الذّهاب كَانَ لَهُ وَإِن كَانَ لم يسم المطمورة لَا يتَجَاوَز عَن قسط الْمُسَمّى للذهاب وَله أجر الْمثل قَالَ للخياط استأجرتك لتخيط هَذَا الثَّوْب فخاطه غُلَامه اسْتحق الْأجر وَإِن قَالَ بيد نَفسك لَا يسْتَحق اسْتَأْجر رجلا ليحفر عشرَة فِي عشرَة فحفر خمْسا فِي خمس لَهُ ربع الْأجر لِأَن الأولى مائَة ذِرَاع والمحظور خمس وَعِشْرُونَ ذِرَاعا رب الدَّار امْتنع عَن تَفْرِيغ بَيت الْخَلَاء لَا يجْبر لَكِن للساكن أَن يفْسخ للخلل فِي الِانْتِفَاع وَكَذَا لَا يجْبر على إصْلَاح الْمِيزَاب وتطيين السَّطْح

اسْتَأْجر دَارا فِيهَا بِئْر مَاء أَن يسْقِي مِنْهَا لِأَن لَهُ الاستقاء قبلهَا فَكَذَا بعْدهَا وَإِن اخْتَلَّ مَاء الْبِئْر لَيْسَ على احدهما إصلاحها وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَو اسْتَأْجر دَابَّة ليرْكبَهَا مُدَّة وَانْقَضَت الْمدَّة وأمسكها فِي منزله وَلم يَجِيء مَالِكهَا ليأخذها حَتَّى تلفت الدَّابَّة عِنْده لَا ضَمَان على الْمُسْتَأْجر لِأَنَّهُ لَا يجب على الْمُسْتَأْجر الرَّد وَمَعَ ذَلِك لَو سَاقهَا للرَّدّ الى مَالِكهَا فَضَاعَت لَا يضمن وَإِن اسْتَأْجرهَا ليرْكبَهَا فِي الْمصر فَذهب الْمَالِك الى مصر آخر فأخرجها الْمُسْتَأْجر اليه وَهَلَكت فِي الطَّرِيق ضمن لصيرورته غَاصبا بِالْإِخْرَاجِ وَفِي الْمُنْتَقى رجل اكترى دَارا سنة بِأَلف فَلَمَّا مَضَت قَالَ رَبهَا إِن فرغتها الْيَوْم وَإِلَّا عَلَيْك ألف كل يَوْم وَالْمُسْتَأْجر مقرّ أَن الدَّار لَهُ وَلم يفرغ لزمَه قَالَ هِشَام قلت لمُحَمد هلا يَجْعَل لَهُ أجر مثلهَا الى أَن يتَمَكَّن من التفريغ وَبعد التَّمْكِين عَلَيْهِ مَا قَالَه الْمُؤَجّر قَالَ هَذَا حسن وَفِي الولولجي وَلَو آجر دَاره إِجَارَة مُضَافَة بِأَن يَقُول آجرتك دَاري هَذِه شهر شَوَّال وهما فِي رَمَضَان ثمَّ بَاعه من آخر فَالْبيع مَوْقُوف على إجَازَة الْمُسْتَأْجر وَلَو دخل شَوَّال فَلهُ أَن يسكن الدَّار لِأَن العقد مُنْعَقد وَإِن كَانَ لَا يجب عَلَيْهِ تَسْلِيم الدَّار مالم يَجِيء ذَلِك الْوَقْت وَذكر فِي بعض الْمَوَاضِع أَنه إِذا آجر دَاره إِجَارَة مُضَافَة مثلا فِي صفر وَهُوَ بعد محرم فَبَاعَ قبل مَجِيء ذَلِك الْوَقْت فَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى رِوَايَتَانِ وَالْفَتْوَى على أَنه ينْعَقد وَتبطل الْإِجَارَة المضافة هَذَا هُوَ الظَّاهِر لِأَن لَهُ ولَايَة الْفَسْخ وَالْبيع دلَالَة الْفَسْخ وَفِي البزاري آجره دَاره إِجَارَة مُضَافَة بِأَن قَالَ فِي شهر ربيع الأول آجرتكها رَجَب فَبَاعَهَا فِي جُمَادَى الأولى ذكر شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي أَن البيع لَا ينفذ فِي رِوَايَة عَن مُحَمَّد لِأَن حق الْمُسْتَأْجر إِن لم يثبت فَحق أَن يثبت وَبِه يلوح كَلَام السَّرخسِيّ حَيْثُ قَالَ الْأَصَح أَن الْإِجَارَة المضافة لَازِمَة وَفِي رِوَايَة ينفذ لِأَنَّهُ لَاحق للْمُسْتَأْجر حَالا وَتبطل الْإِجَارَة قلت وَبِه يُفْتى وَالله أعلم فَائِدَة اعْلَم أَن جملَة مَا يَصح مُضَافا أَرْبَعَة عشر الْإِجَارَة وفسخها والمزارعة والمعاملة وَالْمُضَاربَة وَالْوكَالَة وَالْكَفَالَة والإيصاء وَالْوَصِيَّة وَالْقَضَاء والإمارة وَالطَّلَاق وَالْعتاق وَالْوَقْف ومالا يَصح مُضَافا عشرَة البيع وَإِجَارَة الْمَبِيع وفسخه وَالْقِسْمَة وَالشَّرِكَة وَالْهِبَة وَالنِّكَاح وَالرَّجْعَة وَالصُّلْح عَن مَال وَالْإِبْرَاء عَن الدّين وَفِي العمادى وَلَو أقرّ بِالدَّار الْمُسْتَأْجرَة لغيره فَإِن إِقْرَاره يَصح فِي حق نَفسه وَلَا يَصح فِي حق الْمُسْتَأْجر فَإِذا مَضَت الْمدَّة يقْضِي بهَا للْمقر لَهُ وَفِي الْقنية أُجْرَة الْمُؤَدب والختان فِي مَال الصَّبِي إِذا كَانَ لَهُ مَال وَإِلَّا فعلى أَبِيه وَأُجْرَة الْقَابِلَة على من دَعَاهَا من أحد الزَّوْجَيْنِ وَلَا يجْبر الزَّوْج على اسْتِئْجَار الْقَابِلَة لِأَنَّهَا كالطبيب وَلَا يجب أجر الطَّبِيب عَلَيْهِ وَأُجْرَة سجان سجن القَاضِي لَا يجب على الْمَحْبُوس وَقيل فِي زَمَاننَا أُجْرَة السجان تجب على رب الدّين لِأَنَّهُ يعْمل لَهُ وَقَالَ برهَان الدّين صَاحب الْمُحِيط رَحمَه الله تَعَالَى على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ لِأَن الْحَبْس عُقُوبَة اسْتحقَّهَا لمَنعه حق غَيره من دَفعه والعقوبة لَا يَسْتَحِقهَا الا الْجَانِي المتمرد وَذكر القَاضِي بديع الدّين أَن أُجْرَة المسجل على الْمُدَّعِي وَقَالَ برهَان الدّين صَاحب الْمُحِيط على

الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَقَالَ قاضيخان على من اسْتَأْجرهُ وَإِلَّا فعلى من أَخذ السّجل وَيجوز للمفتي أَخذ الْأُجْرَة على كِتَابَة الْجَواب بِقَدرِهِ وَقد تقدم الْكَلَام على ذَلِك فِي الْفَصْل الأول من هَذَا الْكتاب فَانْظُرْهُ ثمَّة وَفِي الْوِقَايَة وَلَا تصح الْإِجَارَة على الْأَذَان والإمامة وَالْحج وَتَعْلِيم الْقُرْآن وَالْفِقْه والغناء وَالنوح والملاهي وعسب التيس ويفتي الْيَوْم بِصِحَّتِهَا لتعليم الْقُرْآن وَالْفِقْه وَيجْبر الْمُسْتَأْجر على دفع مَا قيل لَهُ وَيحبس بِهِ وعَلى الحلوة المرسومة قلت وَهِي بِفَتْح الْحَاء غير الْمُعْجَمَة هَدِيَّة تهدي الى المعلمين على رُؤُوس بعض سور الْقُرْآن سميت بهَا لِأَن الْعَادة إهداء الْحَلْوَى وَهِي لُغَة يستعملها أهل مَا وَرَاء النَّهر وَفِي البزازي رجل آجر نصف دَاره وَالدَّار تحْتَمل الْقِسْمَة أَولا أَو قَالَ آجرتك نَصِيبي مِنْهَا وَلم يعلم نصِيبه لَا يَصح وَلَو سكن يجب أجر الْمثل وَقَالا لَا يجوز وَلَو كَانَ من شَرِيكه جَازَت إِجْمَاعًا وَإِجَارَة الْبناء بِدُونِ الأَرْض لَا تجوز لِأَنَّهُ فِي معنى إِجَارَة الْمشَاع وَبِه قَالَ أَبُو نصر رَحمَه الله فأورد عَلَيْهِ جَوَاز إِجَارَة الْفسْطَاط فَلم يكن لَهُ الْفرق وَاخْتَارَ الامام البُخَارِيّ الْخَوَارِزْمِيّ رَحمَه الله أَنه إِذا كَانَ الْبناء مرتفعا كالجدران مَعَ السّقف يُفْتِي بِجَوَاز إِجَارَة الْبناء وَإِلَّا لَا وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى جَوَازه فَإِنَّهُ قَالَ من اسْتَأْجر أَرضًا فَبنى فِيهَا بِنَاء ثمَّ آجرها مِنْهُ صَاحبهَا اسْتوْجبَ من الْأجر حِصَّة الْبناء فلولا جَوَاز إِجَارَة الْبناء لما اسْتحق الْأجر وقاسه على الْفسْطَاط قَالَ الامام أَبُو عَليّ رَحمَه الله وَبِه كَانَ يُفْتِي مَشَايِخنَا وَلَو كَانَ الْبناء ملكا والعرصة وقف وآجر الْمُتَوَلِي باذن مَالك الْبناء فالأجر يَنْقَسِم على الْبناء والعرصة لَهُ بِنَاء فِي أَرض الْغَيْر فآجر الْبناء لَا من صَاحب الأَرْض الْفَتْوَى على أَنه لَا يجوز ذكره الْحلْوانِي وَلَو آجر الْبناء من مَالك الأَرْض جَازَ وقوفا وَلَو آجر الْعَرَصَة لَا الْبناء جَازَت وَذكر ابْن وهبان فِي شرح الْمَنْظُومَة لَو آجر بِنَاء مَكَّة زَادهَا الله تَعَالَى شرفا يَنْبَغِي أَن يجوز وَيدل على ذَلِك مَا ذكره صَاحب الذَّخِيرَة عَن الْمَبْسُوط قَالَ روى أَبُو يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ أكره إِجَارَة الْبيُوت مَكَّة فِي أَيَّام الْمَوْسِم قَالَ وَهَكَذَا روى هِشَام عَن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة رَحِمهم الله تَعَالَى وَكَانَ يَقُول ينزل عَلَيْهِم فِي دُورهمْ لقَوْله تَعَالَى {سَوَاء العاكف فِيهِ والباد} قَالَ فِي الذَّخِيرَة ثمَّ هَذِه الْمَسْأَلَة دَلِيل على جَوَاز إِجَارَة الْبناء دون الأَرْض لِأَن الْإِجَارَة هُنَا لَا ترد على الأَرْض عِنْد أبي حنيفَة كَالْبيع وَإِنَّمَا ترد على الْبناء وَإِنَّمَا رخص فِيهَا فِي أَيَّام الْمَوْسِم وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَيْضا قَول صَاحب الْهِدَايَة فِي الِاسْتِدْلَال على مَذْهَب الامام فِي عدم جَوَاز بيع ارْض مَكَّة قَالَ مَا نَصه اسْتدلَّ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى بقوله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام مَكَّة حرَام لَا يُبَاع رباعها وَلَا يُورث وَلِأَنَّهَا حرَّة مُحْتَرمَة لِأَنَّهَا فنَاء الْكَعْبَة وَقد ظهر التَّعْظِيم فِيهَا حَتَّى لَا ينفر صيدها وَلَا يختلي خَلاهَا وَلَا يعضد شَوْكهَا فَكَذَلِك فِي حق البيع بِخِلَاف الْبناء لِأَنَّهُ خَالص ملك الْبَانِي وَاسْتدلَّ لَهما بِأَنَّهَا مَمْلُوكَة لَهُم لظُهُور الِاخْتِصَاص الشَّرْعِيّ بهَا فَصَارَ كالبناء وَفِي خزانَة الْأَكْمَل لَو آجر أَرض مَكَّة لَا يجوز لِأَن رَقَبَة الأَرْض غير مَمْلُوكَة اه وَمَفْهُومه مَا يدل على جَوَاز إِجَارَة الْبناء وَالله سُبْحَانَهُ أعلم وَطَرِيق جَوَاز إِجَارَة الْمشَاع أَن يلْحق الْقَضَاء أَو يُؤَاجر الْكل ثمَّ يفْسخ فِي الْبَعْض ومسائل الشُّيُوع سبع البيع وَالْإِجَارَة والإعارة وَأَنَّهَا جَائِزَة وَالْوَقْف وهبته فِيمَا لَا يحْتَمل الْقِسْمَة جَائِزَة وَفِيمَا يحْتَمل لَا يجوز وَلَو كَانَ من شَرِيكه أَو من أَجْنَبِي وَالصَّدَََقَة كَالْهِبَةِ فِي رِوَايَة الأَصْل

وَفِي الْجَامِع الصَّغِير جَوَاز الصَّدَقَة وَفِي الشَّائِع لَا يجوز عِنْد مُحَمَّد وَرهن الْمشَاع لَا يجوز مُطلقًا وَفِي الطَّارِئ رِوَايَتَانِ وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل اسْتَأْجر ليزرعها فزرعها فَأصَاب الزَّرْع آفَة فَهَلَك أَو غرق فَلم ينْبت فَعَلَيهِ الاجر تَاما لانه قد زرع وَلَو غرقت قبل أَن يزرع فَلَا اجْرِ عَلَيْهِ لانه لم يتَمَكَّن من الِانْتِفَاع بهَا قَالَ صَاحب الْمُحِيط وَالْفَتْوَى على أَنه إِذا بَقِي بعد هَلَاك الزَّرْع مُدَّة لَا يتَمَكَّن من إِعَادَة الزِّرَاعَة لَا يجب الْأجر على الْمُسْتَأْجر وَإِلَّا يجب إِذا تمكن من زراعته مثل الأول أَو دونه فِي الضَّرَر وَكَذَا لَو مَنعه غَاصِب كَمَا مر اسْتَأْجر أَرضًا للزِّرَاعَة فزرعها وَكَانَت تسقى بالمطر فَلم تمطر إِن لم يجد المَاء للسقي فيبس الزَّرْع سقط الْأجر اسْتَأْجرهَا بشربها أَو لَا كَمَا لَو اسْتَأْجر الرَّحَى فَانْقَطع المَاء وَكَذَا لَو خرب النَّهر الْأَعْظَم وَلم يقدر على سقيها كَذَا اخْتَارَهُ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث وَفِي المنبع وَلَو انْقَطع مَاء الرَّحَى وَالْبَيْت مِمَّا ينْتَفع بِهِ لغير الطَّحْن فَعَلَيهِ من الْأجر بِحِصَّتِهِ وَلَو نقص المَاء عَن الرَّحَى فَإِن كَانَ النُّقْصَان فَاحِشا فللمستأجر حق الْفَسْخ وَإِن كَانَ غير فَاحش فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخ قَالَ الْقَدُورِيّ فِي شَرحه إِذا صَار يطحن أقل من نصف مَا طحنه فَهُوَ فَاحش اسْتَأْجرهَا للزِّرَاعَة فَقل مَاؤُهَا أَو انْقَطع لَهُ أَن يُخَاصم حَتَّى يفْسخ القَاضِي العقد وَبعد مَا يفْسخ يتْرك القَاضِي الأَرْض فِي يَده بِأَجْر الْمثل الى أَن يدْرك الزَّرْع فَإِن سقِِي زرعه كَانَ ذَلِك رِضَاء وَلم تنْتَقض الْإِجَارَة قلت وَكَانَت وَاقعَة الْفَتْوَى بِالْقَاهِرَةِ وَصورتهَا رجل اسْتَأْجر حَماما يجْرِي اليها المَاء من عين فَانْقَطع المَاء عَن الْحمام لتعطيل الْعين فَهَل يسْتَحق الْمُسْتَأْجر أُجْرَة مُدَّة انْقِطَاع المَاء وتعطيل الْعين أم لَا فَأجَاب جدي شيخ مَشَايِخ الْإِسْلَام محب الدّين متع الله تَعَالَى بحياته الْكَرِيمَة انْقِطَاع مَاء الْحمام عيب تَنْفَسِخ بِهِ الْإِجَارَة وَقيل لَا تَنْفَسِخ فَإِن أزالة المؤاجر سقط خِيَار الْمُسْتَأْجر وَإِلَّا فَلَا وَلَا تلْزمهُ الْأُجْرَة فِي مدَّته إِلَّا أَن يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَة مَعَ الْعين وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم مِنْهَا وَاقعَة الْفَتْوَى أَيْضا رجل اسْتَأْجر جِهَات وقف من نَاظر شَرْعِي وَعمر فِيهَا وَلم يكن النَّاظر أذن لَهُ فِي شَيْء من ذَلِك فَهَل تلْزم الْعِمَارَة جِهَة الْوَقْف حَيْثُ لم يَأْذَن النَّاظر لَهُ فِي ذَلِك أم لَا وَهل للنَّاظِر الرُّجُوع بذلك على الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَمَا الحكم فِي ذَلِك فَأفْتى سَيِّدي الْجد شيخ مَشَايِخ الْإِسْلَام الْمشَار اليه بِأَن الْعِمَارَة الْمَذْكُورَة لَا تلْزم جِهَة الْوَقْف والناظر مُخَيّر بَين أَن يتملكها لجِهَة الْوَقْف بِقِيمَتِهَا مقلوعة أَو يُكَلف الْمُسْتَأْجر قلعهَا وتسوية الْوَقْف فيفعل الأنفع للْوَقْف وَالله أعلم اسْتَأْجر حَماما فِي قَرْيَة فَوَقع الْجلاء وَنَفر النَّاس سقط الْأجر وَإِن نفر بعض النَّاس لَا يسْقط آجر دَاره إِجَارَة طَوِيلَة وَهُوَ مديون وَطلب الدَّائِن من القَاضِي أَن يجْبرهُ على بيع الدَّار وَقِيمَة الدَّار مستغرقة لمَال الْإِجَارَة لَيْسَ للْقَاضِي أَن يجْبرهُ على ذَلِك وَبِه أفتى القَاضِي بديع الدّين وَصَاحب الْمُحِيط وَالدِّرْهَم دين فادح يفْسخ لَهُ الْإِجَارَة وَقيل مِنْهُ لَا وَفِي الْوَلْوَالجيّ آجره دَاره من رجل ثمَّ أَرَادَ أَن ينْقض الْإِجَارَة وَيبِيع الدَّار لنفقته وَنَفَقَة أَهله وَعِيَاله لكَونه مُعسرا لَهُ ذَلِك كَمَا إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين فادح لَهُ أَن ينْقض الْإِجَارَة قَالَ البزازي وَإِن كذبه الْمُسْتَأْجر فِي إِقْرَاره بِالدّينِ يجوز إِقْرَاره عِنْد الامام خلافًا لَهما

وَعَن صَاحب الْمُحِيط الطَّرِيق فِي فسخ الْإِجَارَة لأجل الدّين أَن يَبِيع الدَّار الْمُسْتَأْجرَة أَولا لرب الدّين ثمَّ المُشْتَرِي يطْلب تَسْلِيم الدَّار فَيَقُول المؤاجر التَّسْلِيم غير وَاجِب عَليّ لِأَنَّهَا فِي إِجَارَة فلَان بن فلَان فَيحكم القَاضِي بِصِحَّة البيع وتنفسخ الْإِجَارَة ضمنا وَفِي الْقنية ماطل الْمُسْتَأْجر فِي أَدَاء الْغلَّة فَأخذ المؤاجر مِنْهُ الْمِفْتَاح فَبَقيت الدَّار مغلقة شهرا لَا يسْقط الْأجر لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكنًا من الِانْتِفَاع بِوَاسِطَة أَدَاء الْغلَّة اسْتَأْجر حانوتا ليتجر فِيهِ فِي السُّوق ثمَّ كسد السُّوق حَتَّى لَا يُمكنهُ التِّجَارَة فَلهُ فسخ الْإِجَارَة لِأَنَّهُ عذر وَقيل لَا وَفِي المنبع رجل اسْتَأْجر حانوتا ليتجر فِيهِ فافتقر فَهَذَا عذر وَله أَن ينْقض بِهِ الْإِجَارَة وَكَذَا لَو اسْتَأْجر دَابَّة ليسافر عَلَيْهَا ثمَّ بدا للْمُسْتَأْجر أَن لَا يُسَافر فَإِنَّهُ عذر وَأما إِذا بدا للمكاري فَلَيْسَ بِعُذْر لِأَنَّهُ يُمكنهُ أَن يبْعَث دوابه على يَد غَيره أَو أجيره وَإِن مرض المؤاجر فَقعدَ فَلَيْسَ بِعُذْر أَيْضا على رِوَايَة الأَصْل لِأَنَّهُ يُمكنهُ أَن يبْعَث رَسُولا يتبع الدَّابَّة وروى الْكَرْخِي أَنه عذر وَفِي البزازي قَالَ الْمُسْتَأْجر أُرِيد السّفر وَكذبه المؤاجر حلف الْمُسْتَأْجر على أَنه عزم على السّفر ذكره الْكَرْخِي والقدوري والانتقال من الْبَلدة عذر إِلَّا أَن الْخُرُوج يحْتَمل أَن يكون حِيلَة للتوصل الى الْفَسْخ فَيحلف وَإِن وجد منزلا أرخص مِنْهُ أجرا أَو اشْترى منزلا فَأَرَادَ التَّحَوُّل اليه لَا يكون عذرا بِخِلَاف مَا إِذا تكارى إبِلا الى مَكَّة ثمَّ اشْترى إبِلا لَهُ الْفَسْخ وَالْفرق أَن إكراء الدَّار يُمكن لَا إكراء الدَّابَّة لِأَنَّهَا تخْتَلف باخْتلَاف السَّاكِن وَالرُّكُوب يخْتَلف باخْتلَاف الرَّاكِب بِخِلَاف مَا إِذا تكارى إبِلا إِلَى مَكَّة ثمَّ بدا لَهُ أَن يُسَافر على الْبَغْل لَا يكون عذرا وَفِي الذَّخِيرَة لَو أظهر الْمُسْتَأْجر فِي الدَّار الشَّرّ والفتنة كشرب الْخمر وَأكل الرِّبَا والزنى واللواطة وإيذاء الْجِيرَان يُؤمر بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ للمؤاجر وَلَا لجيرانه أَن يخرجوه من الدَّار بذلك وَلَا يصير عذرا فِي فسخ الْإِجَارَة وَلَا خلاف فِيهِ للأئمة الْأَرْبَعَة وَفِي الْجَوَاهِر إِن رأى السُّلْطَان بِأَن يُخرجهُ فعل وَقَالَ ابْن حبيب الْمَالِكِي لَو أظهر الْفسق فِي دَار نَفسه وَلم يمْتَنع بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَيَقُول دَاري أَنا آتِي فِيهَا مَا شِئْت تبَاع عَلَيْهِ دَاره وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل اسْتَأْجر حَانُوت وقف من الْمُتَوَلِي بِأُجْرَة مَعْلُومَة ثمَّ مَاتَ الْمُتَوَلِي قبل انْقِضَاء الْمدَّة لَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة لِأَن الْمُتَوَلِي نَائِب عَن الْمُسْتَحقّين وبموت الْمُتَوَلِي لَا يفْسد العقد كَالْقَاضِي لَا يَنْعَزِل بِمَوْت السُّلْطَان لِأَنَّهُ نَائِب عَن الْعَامَّة وَقد مر فِي فصل الْقَضَاء وبموت الْمُوكل تَنْفَسِخ الْإِجَارَة لِأَن الْإِجَارَة تَنْعَقِد سَاعَة فساعة قَالَ البزازي وبموت الْوَكِيل لَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة وَقَالَ الْعِمَادِيّ يَنْبَغِي أَن تَنْفَسِخ لِأَن من عقد لَهُ الْإِجَارَة بَاقٍ وَهُوَ الْمُوكل مُتَوَلِّي الْأَوْقَاف إِذا آجر الْوَقْف بِدُونِ أجر الْمثل يلْزمه تَمام ذَلِك عِنْد بعض عُلَمَائِنَا وَكَذَا الْأَب ذَا آجر منزل ابْنه الصَّغِير لدوّنَ أجر الْمثل يلْزم الْمُسْتَأْجر تَمام أجر الْمثل

الفصل التاسع عشر في الهبة

وَفِي شرح منظومة ابْن وهبان لَو آجر دَار لطفل أَو أرضه أَو حانوته أَبوهُ أَو وَصِيّه أَو جده ثمَّ بلغ الطِّفْل فَإِنَّهُ لَا يملك فسخ الْإِجَارَة وَلَو كَانَ أَبُو الطِّفْل أَو وَصِيّه أَو جده آجر الطِّفْل نَفسه لرجل فَبلغ الطِّفْل فَإِنَّهُ يتَخَيَّر إِن شَاءَ فسخ الْإِجَارَة وَإِن شَاءَ اسْتمرّ بهَا مُتَوَلِّي الْوَقْف إِذا آجر أَرض الْوَقْف بِأُجْرَة مثله يجوز فَإِن زَاد أجر مثلهَا بِتَغَيُّر سعرها فَإِنَّهُ يفْسخ ذَلِك العقد وَيحْتَاج الى تَجْدِيد العقد ثَانِيًا وَفِيمَا مضى من الْمدَّة يجب الْمُسَمّى بِقَدرِهِ وَبعد ذَلِك يجدد العقد على أُجْرَة مَعْلُومَة كَمَا زَادَت كَذَا فِي الْوَلْوَالجيّ قلت وَفِي أدب القَاضِي للسروجي مَا يُخَالف ذَلِك فَإِنَّهُ قَالَ لَيْسَ لَهُ فسخ الْإِجَارَة لِأَن أُجْرَة الْمثل إِنَّمَا تعْتَبر حَالَة العقد وَفِي النَّوَادِر لَيْسَ لَهُ فسخ الْإِجَارَة إِذا كَانَت الْأُجْرَة أُجْرَة الْمثل حَال العقد وَإِن ازدادت بذرة اه وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل اسْتَأْجر بَعِيرًا الى مَكَّة فَهَذَا على الذّهاب دون الْمَجِيء وَلَو اسْتعَار بَعِيرًا فَهُوَ على الذّهاب والمجيء جَمِيعًا لِأَن فِي الْإِجَارَة مُؤنَة الرَّد على الْأَجِير دون الْمُسْتَأْجر وَفِي الْعَارِية على الْمُسْتَعِير قَالَ وَحمل الْبَعِير مِائَتَان وَأَرْبَعُونَ منا لِأَن الْعلمَاء تكلمُوا فِي معرفَة الصَّاع قَالُوا ثَمَانِيَة أَرْطَال وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن الوسق حمل بعيرة فِي كَلَام الْعَرَب وَحمل الْبَعِير مِائَتَان وَأَرْبَعُونَ منا والوسق سِتُّونَ صَاعا قلت والصاع ثَمَانِيَة أَرْطَال برطل الْعرَاق وَهُوَ بالحلبي نَحْو رَطْل وَأَرْبع أَوَاقٍ فَحِينَئِذٍ يكون حمل الْبَعِير تَقْرِيبًا ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ رطلا بالحلبي وَالله أعلم الْفَصْل التَّاسِع عشر فِي الْهِبَة وتنعقد الْهِبَة بالايجاب وَالْقَبُول لِأَنَّهَا عقد فتفتقر الى الايجاب وَالْقَبُول كَسَائِر الْعُقُود وَفِي الْبَدَائِع ركن الْهِبَة الايجاب من الْوَاهِب فَأَما الْقبُول من الْمَوْهُوب لَهُ فَلَيْسَ بِرُكْن اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاس أَن يكون ركنا وَبِه قَالَ زفر رَحمَه الله تَعَالَى وتتم بِالْقَبْضِ الْكَامِل فالقبض الْكَامِل فِي الْمَنْقُول مَا يُنَاسِبه وَفِي الْعقار مَا يُنَاسِبه فَقبض مِفْتَاح الدَّار قبض لَهَا وَالْقَبْض الْكَامِل فيا يحْتَمل الْقِسْمَة يكون بِالْقِسْمَةِ حَتَّى يَقع الْقَبْض على الْمَوْهُوب بطرِيق الْأَصَالَة من غير أَن يكون الْقَبْض بتبعية قبض الْكل وَفِيمَا لَا يحْتَمل الْقِسْمَة بتبعية الْكل وَفِي المنبع إِذا قبض الْمَوْهُوب لَهُ فِي مجْلِس عقد الْهِبَة بِغَيْر اذن الْوَاهِب جَازَ اسْتِحْسَانًا وَإِن قبض بعد الِافْتِرَاق لم يجز إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ الْوَاهِب فِي الْقَبْض وَهُوَ الْقيَاس فِي الأول لِأَن الْقَبْض تصرف فِي ملك الْوَاهِب وَالتَّصَرُّف فِي ملك الْغَيْر لَا يجوز الا باذنه وَمن شَرَائِط الْهِبَة الافراز فَلم تصح فِي مشَاع يحْتَمل الْقِسْمَة وَصحت فِيمَا لَا يحتملها وهب دَارا من رجلَيْنِ لم يجز عِنْدهمَا خلافًا لمُحَمد وَلَو قَالَ وهبت الدَّار ثلثيها لهَذَا وثلثها لهَذَا لَا يجوز عِنْد أَبى حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى يجوز وَالصَّدَََقَة على فقيرين على هَذَا الْقيَاس رجل قَالَ لآخر وهبت حصتي من هَذَا العَبْد لَك والموهوب لَهُ لَا يعلم حكم حِصَّته تصح الْهِبَة وهب الْبناء لَا الأَرْض يجوز والشيوع الطَّارِئ فِيهَا لَا يُبْطِلهَا بِخِلَاف الرَّهْن إِلَّا فِي رِوَايَة عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى

وهب نصِيبه مِمَّا يقسم كَالدَّارِ وَالْأَرْض والمكيل وَالْمَوْزُون من غير شَرِيكه لَا يجوز عِنْد الْكل وَإِن كَانَ من شَرِيكه لَا يجوز عندنَا خلافًا لِابْنِ أبي ليلى وهب نصف عَبده من رجل أَو ثلثه وَسلمهُ اليه يجوز لِأَنَّهُ يجوز فِيمَا لَا يحْتَمل الْقِسْمَة وَكَذَا لَو هَب عَبده من رجلَيْنِ أَو رجلَانِ عبدا لَهما وَمن أَرَادَ أَن يهب نصف دَاره مشَاعا يَبِيع مِنْهُ نصف الدَّار بِثمن مَعْلُوم ثمَّ يُبرئهُ عَن الثّمن وهب أَرضًا فِيهَا زرع أَو نخيل أَو نخلا عَلَيْهِ ثَمَر أَو وهب الزَّرْع بِدُونِ الأَرْض أَو النّخل بِلَا أَرض أَو نخلا بِدُونِ الثَّمر لَا يجوز لِأَن الْمَوْهُوب مُتَّصِل بِغَيْرِهِ اتِّصَال خلقَة مَعَ إِمْكَان الْقلع فَقبض أَحدهمَا غير مُمكن فِيمَا لَهُ الِاتِّصَال فَيكون بِمَنْزِلَة الْمشَاع الَّذِي يحْتَمل الْقِسْمَة وَالْهِبَة الْفَاسِدَة مَضْمُونَة بِالْقَبْضِ كَذَا فِي البزازي اه ثمَّ اعْلَم أَن جَمِيع مسَائِل الشُّيُوع سَبْعَة أَقسَام بيع الشَّائِع وَإِجَارَة الشَّائِع وإعارة الشَّائِع وَرهن الشَّائِع وَهبة الشَّائِع وَصدقَة الشَّائِع ووقف الشَّائِع فقد جمعت لَك أَيهَا الطَّالِب هَذِه الْأَقْسَام هُنَا إِعَانَة لَك على الاستحضار لتعرف أَحْكَامهَا فِي أَبْوَابهَا بِالتَّأَمُّلِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقد تقدم الْكَلَام على غَالب هَذِه الْأَقْسَام فِي فصل الْإِجَارَات من مجموعنا هَذَا فَانْظُرْهُ ثمَّة وَفِي الملتقطات رجل لَهُ دَار فِيهَا أَمْتعَة فوهب الدَّار لرجل لَا يجوز لِأَن الْمَوْهُوب مَشْغُول بِمَا لَيْسَ بموهوب فَلَا يَصح التَّسْلِيم وَلَو وهبت الْمَرْأَة دارها من زَوجهَا وَهِي سَاكِنة فِيهَا بأمتعتها صَحَّ لِأَن الْمَرْأَة وَمَا فِي يَدهَا فِي الدَّار فِي يَد زَوجهَا فَكَانَت الدَّار مَشْغُولَة بِالزَّوْجِ وَعِيَاله فَلَا يمْنَع من صِحَة قَبضه رجل قَالَ لامْرَأَته قولي وهبت الْمهْر مِنْك فَقَالَت وهبت وَهِي لَا تعلم الْعَرَبيَّة لَا يَصح بِخِلَاف الطَّلَاق وَالْعتاق لِأَن الرِّضَا شَرط جَوَاز الْهِبَة لَا شَرط وُقُوع الطَّلَاق وَالْعتاق وَلِهَذَا لَو أكره على الْهِبَة فوهب لَا تصح وَقَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث لَا يقعان أَيْضا إِذا عرف بِالْجَهْلِ رجل قَالَ لآخر هَب لي هَذَا الشَّيْء على وَجه المزاح فَقَالَ وهبت فَقبله وَسلمهُ جَازَ وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل قَالَ جَمِيع مَا أملكهُ لفُلَان فَهَذَا هبة حَتَّى لَا يجوز بِدُونِ الْقَبْض فرق بَين هَذَا وَبَين مَا إِذا قَالَ جَمِيع مَا يعرف بِي أَو ينْسب إِلَيّ لفُلَان حَيْثُ يكون إِقْرَارا وَالْفرق أَن فِي الْمَسْأَلَة الأولى لما قَالَ جَمِيع مَا أملكهُ فَهَذَا للْملك الْقَائِم حَقِيقَة وَالْملك الْقَائِم لَهُ لَا يصير لغيره الا بالتمليك فَيكون هبة وَفِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة قَالَ جَمِيع مَا يعرف بِي أَو ينْسب إِلَيّ وَمَا يعرف بِهِ أَو بِنسَب اليه يجوز أَن يكون ملك غَيره فَيكون إِقْرَارا وَفِي البزازي رجل قَالَ لآخر وهبت مِنْك هَذَا الْعين فَقَبضهُ الْمَوْهُوب لَهُ بِحَضْرَة الْوَاهِب وَلم يقل قبلت صَحَّ وَلَو لم يقبض ذَلِك لكنه قَالَ قبضت فَإِن الْمَوْهُوب لَهُ يصير قَابِضا عِنْد مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى خلافًا لأبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وَفِي الْعِمَادِيّ هبة الدّين من غير من عَلَيْهِ الدّين لَا تصح الا إِذا وهبه وَإِذن لَهُ فِي الْقَبْض فَقَبضهُ جَازَ وَذكر فِي الْعدة وَإِن لم يَأْمُرهُ بِالْقَبْضِ لَا يجوز وَالْبِنْت لَو وهبت مهرهَا من أَبِيهَا أَو الْمَرْأَة وهبت مهرهَا

الَّذِي على زَوجهَا لابنها الصَّغِير من هَذَا الزَّوْج إِن أَمرته بِالْقَبْضِ صحت وَإِلَّا لَا لِأَنَّهُ هبة الدّين من غير من عَلَيْهِ الدّين وَبيع الدّين من غير من عَلَيْهِ لَا يجوز وَلَو بَاعه من الْمَدْيُون أَو وهبه جَازَ اه وهب دَارا فِيهَا مَتَاع الْوَاهِب ثمَّ وهب الْمَتَاع بعد ذَلِك إِن وهب الدَّار وَلم يُسَلِّمهَا حَتَّى وهب الْمَتَاع وَسلمهَا اليه جملَة جَازَ وَإِن وَهبهَا وَسلمهَا ثمَّ وهب الْمَتَاع لم يجز وهب الرجل ثيابًا فِي صندوق وَسلمهَا مَعَ الصندوق فَلَيْسَ بِقَبض تصدق على ابْن صَغِير لَهُ بدار وَله فِيهَا مَتَاع وَهُوَ ساكنها بعياله أَو فِيهَا سَاكن بِلَا أجر وَلم يفرغها جَازَت الصَّدَقَة وَإِن كَانَ فِيهَا سَاكن بِأَجْر لم تجز الصَّدَقَة وهب لِابْنِهِ الصَّغِير دَارا وفيهَا مَتَاع الْوَاهِب أَو تصدف لِابْنِهِ الصَّغِير بدار وفيهَا مَتَاع الْأَب أَو الْأَب ساكنها يجوز وَعَلِيهِ الْفَتْوَى غرس لِابْنِهِ الصَّغِير كرما إِن قَالَ جعلته لَهُ يكون هبة وَإِن قَالَ جعلته باسمه لَا وَلَو قَالَ اغرس باسم ابْني أمره مُتَرَدّد والى الصِّحَّة أقرب وهبته من ابْنه الصَّغِير تتمّ بِلَفْظ وَاحِد وَيكون الابْن قَابِضا بِكَوْنِهِ فِي يَده أَو فِي يَد مودعه أَو مستعيره لَا بِكَوْنِهِ فِي يَد غاصبه أَو مرتهنه أَو المُشْتَرِي مِنْهُ شِرَاء فَاسِدا وَهَذَا إِذا أعلمهُ واشهد عَلَيْهِ الْإِشْهَاد للتحرز عَن الْجُحُود بعد مَوته والإعلام لَازم لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْقَبْض وَإِن كَانَ بَالغا يشْتَرط قَبضه وَلَو كَانَ فِي عِيَاله وَالْوَصِيّ كَالْأَبِ وَالأُم كَذَلِك لَو كَانَ صَغِيرا فِي عيالهما إِن وهب لَهُ تملك الْأُم بِالْقَبْضِ وَهَذَا إِذا لم يكن للصَّبِيّ أَب وَلَا جد وَلَا وصيهما وَلَا وَصِيّ من قبل القَاضِي وَذكر الصَّدْر إِن عدم الْأَب فَقبض الْأُم لَيْسَ بِشَرْط وَذكر فِي الأَصْل الرجل إِذا زوج ابْنَته الصَّغِيرَة من رجل فَزَوجهَا بِملك قبض الْهِبَة لَهَا وَلَا يجوز قبض الزَّوْج قبل الزفاف وَبعد الْبلُوغ وَفِي التَّجْرِيد قبض الزَّوْج يجوز إِذا لم يكن الْأَب حَيا فَلَو أَن الْأَب أَو وَصِيّه وَالْجد أَو وَصِيّه غَابَ غيبَة مُنْقَطِعَة جَازَ قبض الَّذِي يَتَوَلَّاهُ وَلَا يجوز قبض غير هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة مَعَ وجود وَاحِد مِنْهُم سَوَاء كَانَ الصَّغِير فِي عِيَاله أَو لَا وَسَوَاء كَانَ ذَا رحم محرم أَو أَجْنَبِيّا وَإِن لم يكن وَاحِد من هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة جَازَ قبض من كَانَ الصَّبِي فِي حجره وَلم يجز قبض من لم يكن فِي عِيَاله فَإِنَّهُ ذكر فِي الأَصْل من عَال يَتِيما وَهُوَ لَيْسَ بوصي وَلَا بَينهمَا قرَابَة وَلَيْسَ لهَذَا الصَّبِي أحد سواهُ جَازَ قبض مَا وهب لَهُ اسْتِحْسَانًا وَلَو أَرَادَ أَجْنَبِي النزع مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك ويسلمه فِي تَعْلِيم الْأَعْمَال وَلَا فرق بَين أَن يعقل الصَّبِي أَولا وَكَذَا لَو كَانَ فِي عِيَال الْأَخ وَالْعم وَإِن قَبضه الصَّبِي وَهُوَ يعقل جَازَ وَإِن كَانَ أَبوهُ حَيا نوع الْأَفْضَل فِي هبة الابْن وَالْبِنْت التَّثْلِيث كالميراث وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى التنصيف وَهُوَ الْمُخْتَار وَلَو وهب جَمِيع مَاله من ابْنه جَازَ وَهُوَ آثم نَص عَلَيْهِ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَلَو خص بعض أَوْلَاده لزِيَادَة رشده فَلَا بَأْس بِهِ وَإِن كَانُوا سَوَاء فِي الرشد لَا يَفْعَله وَإِن أَرَادَ أَن يصرف مَاله إِلَى الْخَيْر وَابْنه فَاسق فالصرف إِلَى الْخَيْر أفضل من تَركه لَهُ لِأَنَّهُ إِعَانَة على الْمعْصِيَة وَكَذَا لَو كَانَ ابْنه فَاسِقًا لَا يُعْطِيهِ أَكثر من قوته

وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل اتخذ وَلِيمَة للختان فأهدى النَّاس هَدَايَا ووضعوها بَين يَدي الْوَلَد فَهَذَا على وَجْهَيْن إِن قَالَ هَذَا الْوَلَد وَلم يقل للْأَب وَإِن كَانَت الْهَدِيَّة تصلح للصَّبِيّ مثل ثِيَاب الصّبيان أَو شَيْء يَسْتَعْمِلهُ الصّبيان فَهُوَ هَدِيَّة للصَّبِيّ لِأَن هَذَا تمْلِيك من الصَّبِي وَإِن كَانَ شَيْئا لَا يصلح للصَّبِيّ كالدراهم وَالدَّنَانِير ومتاع الْبَيْت وَالْحَيَوَان ينظر الى الْمهْدي إِن كَانَ من أقرباء الْأَب أَو معارفه فَهُوَ للْأَب لِأَن التَّمْلِيك مِنْهُ عرفا وَإِن كَانَ من أقرباء الْأُم أَو معارفها فَهُوَ للْأُم لِأَن التَّمْلِيك مِنْهَا عرفا فَكَانَ التعويل على الْعرف حَتَّى لَو وجد سَبَب أَو جِهَة يسْتَدلّ بِهِ على غير مَا قُلْنَا يعْتَمد على ذَلِك وَكَذَا لَو اتخذ الْوَلِيمَة لزفاف ابْنَته الى بَيت زَوجهَا فأهدى أقرباء الزَّوْج أَو أقرباء الْمَرْأَة هَذَا كُله إِذا لم يقل الْمهْدي أهديت للْأَب أَو للْأُم فِي الْمَسْأَلَة الأولى وَللزَّوْج أَو الْمَرْأَة فِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة بِأَن تعذر الرُّجُوع الى قَول الْمهْدي أما إِذا عينه الْمهْدي فَالْقَوْل قَوْله لِأَنَّهُ هُوَ المملك قدم من السّفر وَجَاء بالتحف الى من نزل عِنْده وَقَالَ اقْسمْ هَذَا بَين أولادك وامرأتك ونفسك إِن أمكن الرُّجُوع الى بَيَان الْمهْدي فَالْقَوْل قَوْله وَإِن تعذر فَمَا يصلح للرِّجَال فَلهُ وَمَا لَهُنَّ فلهَا وَمَا لكليهما ينظر الى معارف الْأَب وَالأُم وَفِي الملتقطات إِذا وهب للصَّغِير شَيْء من المأكولات هَل يُبَاح لوَالِديهِ أَن يأكلا مِنْهُ روى عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يُبَاح وَشبهه بدعوة العَبْد الْمَأْذُون لَهُ وَأكْثر مَشَايِخ بُخَارى على أَنه لَا يُبَاح وَفِي البزازي إِذا عمل الصَّبِي حَسَنَات قبل الْبلُوغ فثوابه لَهُ لَا لِأَبَوَيْهِ وَلَهُمَا ثَوَاب التَّعْلِيم إِن علماه وَقيل ثَوَاب الطَّاعَة لَهُ مَعَ أَبَوَيْهِ رجل تصدق عَن ميت ودعا لَهُ يصل الثَّوَاب الى الْمَيِّت لِأَنَّهُ روى فِي بعض الْأَخْبَار أَن الْحَيّ إِذا تصدق على الْمَيِّت ودعا لَهُ بعث ذَلِك الى الْمَيِّت على طبق من نور وَالله سُبْحَانَهُ وتعلى أعلم نوع فِي هبة الْمَرِيض وَغَيره وهب فِي مَرضه وَلم يُسلمهُ حَتَّى مَاتَ بطلت الْهِبَة لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ وَصِيّه حَتَّى اعْتبر فِيهِ الثُّلُث فَهُوَ هبة حَقِيقَة فَيحْتَاج الى الْقَبْض وهب الْمَرِيض عبدا لَا مَال لَهُ غَيره ثمَّ مَاتَ وَقد بَاعه الْمَوْهُوب لَهُ لَا ينْتَقض البيع وَيضمن ثُلثَيْهِ وَإِن أعْتقهُ الْمَوْهُوب لَهُ والواهب مديون وَلَا مَال لَهُ غَيره جَازَ قبل مَوته وَبعد موت الْوَاهِب لَا يجوز لِأَن الْإِعْتَاق فِي الْمَرَض وَصِيَّة وَهِي لَا تعْمل حَال قيام الدّين وَإِن أعْتقهُ الْوَاهِب قبل مَوته وَمَات لَا سِعَايَة على العَبْد لجَوَاز الاعتاق وَلعدم الْملك يَوْم الْمَوْت وهب الْمَرِيض شَيْئا لَا يخرج من الثُّلُث يرد الْمَوْهُوب لَهُ مَا زَاد على الثُّلُث بِلَا خِيَار وَفِي البيع يُخَيّر المُشْتَرِي امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا الْمَرِيض إِن مت من مرضك هَذَا فَأَنت فِي حل من مهري أَو قَالَت فمهري عَلَيْك صَدَقَة بَطل لِأَنَّهُ مخاطرة وَتَعْلِيق وَفِي الْوَلْوَالجيّ امْرَأَة حُبْلَى أَرَادَت أَن تهب مهرهَا من زَوجهَا على وَجه إِن مَاتَت يبرأ الزَّوْج وَإِن لم تمت يكن الْمهْر لَهَا بَاقِيا فَالْحِيلَةُ أَن تشتري بمهرها من الزَّوْج ثوبا فِي منديل وتقبضه فَإِن مَاتَت لم يبْق لَهَا عَلَيْهِ شَيْء وَإِن سلمت ترد عَلَيْهِ بِخِيَار الرُّؤْيَة فَيبقى الْمهْر كَمَا كَانَ

وَفِي خزانَة الْأَكْمَل قَالَ أَبُو الْعَبَّاس الناطفي رَأَيْت بِخَط بعض مَشَايِخنَا رَحِمهم الله تَعَالَى رجل جعل لأحد بنيه دَارا بِنَصِيبِهِ على أَن لَا يكون لَهُ بعد موت الْأَب مِيرَاث جَازَ وَأفْتى بِهِ الْفَقِيه أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد ابْن الْيَمَانِيّ أحد أَصْحَاب مُحَمَّد بن شُجَاع الْبَلْخِي وَحكى ذَلِك عَن أَصْحَاب احْمَد بن أبي الْحَارِث وَأبي عمر والطبري انْتهى إِذا قَالَ الطَّالِب لمديونه إِذا مت فَأَنت بَرِيء من الدّين الَّذِي عَلَيْك جَازَ وَيكون وَصِيَّة من الطَّالِب للمطلوب وَلَو قَالَ إِن مت فَأَنا بَرِيء من ذَلِك الدّين لَا يبرأ وَهُوَ مخاطرة كَقَوْلِه إِذا دخلت الدَّار فَأَنا بَرِيء مِمَّا لي عَلَيْك لَا يبرأ قَالَ لحنته هَذِه الأَرْض لَك فَاذْهَبْ وازرعها فَقبل الختن وَزرع فالأرض للختن وَإِن لم يقل قبلت لَا يكون لَهُ قَالَ لآخر وهبت عَبدِي مِنْك وَهُوَ حَاضر بِحَيْثُ لَو مد يَده لَنَالَهُ فَقَالَ قَبضته جَازَت من غير قَوْله قَوْله قلت وَيصير قَابِضا عِنْد مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى لَا يصير قَابِضا مَا لم يقبض وَإِن كَانَ العَبْد غَائِبا فَقَالَ وهبت مِنْك عَبدِي فلَانا فَاذْهَبْ واقبضه فَذهب وَقَبضه جَازَ وَإِن لم يقل قبلت وَبِه نَأْخُذ وَلَو قَالَ هُوَ لَك إِن شِئْت وَدفعه اليه فَقَالَ شِئْت عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يجوز دفع اليه دَرَاهِم فَقَالَ أنفقها فَفعل فَهُوَ قرض كَمَا لَو قَالَ اصرفها الى حوائجك وَلَو دفع اليه ثوبا وَقَالَ البسه فَفعل يكون هبة لَا قرضا لِأَن قرض الثَّوْب بَاطِل وَفِي الملتقطات رجل قَالَ لآخر حللني من كل حق لَك عَليّ فَفعل إِن كَانَ صَاحب الْحق عَالما بِمَا عَلَيْهِ بَرِيء حكما وديانة وَإِن لم يكن عَالما بَرِيء حكما وَهل يبرا ديانَة عِنْد مُحَمَّد لَا يبرأ وَعند أبي يُوسُف يبرأ وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَفِي الْقنية غصب عينا فحلله مَالِكه من كل حق هُوَ لَهُ قبله قَالَ أَئِمَّة بَلخ التَّحْلِيل يَقع على مَا هُوَ وَاجِب فِي الذِّمَّة لَا على عين قَائِم وَالله أعلم نوع فِي الرُّجُوع عَن الْهِبَة وَيكرهُ الرُّجُوع فِي الْهِبَة وَإِن كَانَ جَائِزا فِي الحكم إِذا لم يكن عَلَيْهِ حق وَاجِب لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام الْعَائِد فِي هِبته كالعائد فِي قيئه وَلِأَنَّهُ من بَاب الخساسة والدناءة وَسُوء الْخلق وَلِهَذَا شبهه بأقبح أَحْوَال الْكَلْب وَهَذَا لِأَن التَّشْبِيه فِي معنى الاستقباح والاستقذار لَا فِي حُرْمَة الرُّجُوع كَمَا قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى أَلا ترى أَنه صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ فِي رِوَايَة أُخْرَى كَالْكَلْبِ يقي ثمَّ يعود فِي قيئه وَفعل الْكَلْب يُوصف بالقبح لَا بِالْحُرْمَةِ وَبِه نقُول إِنَّه يستقبح وَيجوز الرُّجُوع فِيهَا عندنَا وَإِن كَانَ مَكْرُوها إِذا كَانَ ذَلِك بتراضيهما أَو بِحكم الْحَاكِم لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام الْوَاهِب أَحَق بهبته مالم يثب عَنْهَا أَي مالم يعوض وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز الرُّجُوع إِلَّا فِي الْأَب يهب لوَلَده ثمَّ يرجع فِيهِ قَالَ صدر الشَّرِيعَة وَنحن نقُول بِهِ أَي لَا يَنْبَغِي أَن يرجع بهَا إِلَّا الْوَالِد فَإِنَّهُ يَتَمَلَّكهُ للْحَاجة وَمنعه أَي الرُّجُوع الزِّيَادَة الْمُتَّصِلَة كبناء وغرس وَسمن لَا الْمُنْفَصِلَة

الفصل العشرون في الرهن

وَهِي مثل الْوَلَد وَمَوْت أحد الْمُتَعَاقدين وَعوض أضيف اليها وَلَو من أَجْنَبِي بِنَحْوِ خُذْهُ عوض هِبتك فَقبض فَلَو وهب وَلم يضف رَجَعَ كل بهبته وخروجها عَن ملك الْمَوْهُوب لَهُ والزوجية وَقت الْهِبَة فَلَو وهب لَهَا فنكحها رَجَعَ وَلَو وهب فأبان لَا وقرابة الْمَحْرَمِيَّة وهلاك الْمَوْهُوب وضابطها حُرُوف دمع خرقه فالدال الزِّيَادَة وَالْمِيم الْمَوْت وَالْعين الْعِوَض وَالْخَاء الْخُرُوج وَالزَّاي الزَّوْجِيَّة وَالْقَاف الْقَرَابَة وَالْهَاء الْهَلَاك كَذَا فِي الْوِقَايَة وَشَرحهَا وَفِي البزازي وَلَو زعم الْمَوْهُوب لَهُ هلاكها صدق بِلَا يَمِين وَلَو قَالَ الْوَاهِب الْعين هَذِه وَأنكر الْمَوْهُوب لَهُ حلف الْمُنكر الْمَوْهُوب لَهُ وهب الْمَوْهُوب لآخر ثمَّ رَجَعَ الْوَاهِب الأول لَهُ أَن يرجع أَيْضا داوي الْمَرِيض حَتَّى برأَ أَو كَانَ أعمى فأبصر بَطل الرُّجُوع وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل وهب من رجل تَمرا بِبَغْدَاد فَحَمله الْمَوْهُوب لَهُ الى بَلخ لَيْسَ للْوَاهِب أَن يرجع فِيهِ رجل وهب لرجل جَارِيَة فعلمها الْقُرْآن أَو الْكِتَابَة أَو الْمشْط لَيْسَ لَهُ أَن يرجع فِيهَا هُوَ الْمُخْتَار لِأَن هَذِه زِيَادَة مُتَّصِلَة رجل وهب لرجل سويقا فلته بِالْمَاءِ يرجع الْوَاهِب لِأَنَّهُ بَقِي الِاسْم وَهَذَا نُقْصَان كمن وهب لرجل حِنْطَة فلتها بِالْمَاءِ بِخِلَاف مَا إِذا وهب لرجل تُرَابا فلته بِالْمَاءِ حَيْثُ لَا يرجع وَالْفرق أَن هَاهُنَا اسْم يبل التُّرَاب لم يبْق فَلم يبْق الْمَوْهُوب وَلَو وهب دَارا أَو أَرضًا فَبنى فِي طَائِفَة مِنْهَا بِنَاء أَو غرس شَجَرَة أَو كَانَت جَارِيَة صَغِيرَة فكبرت وازدادت خيرا أَو كَانَ غُلَاما فَصَارَ رجلا فَلَا رُجُوع لَهُ فِي شَيْء من ذَلِك انْتهى الْفَصْل الْعشْرُونَ فِي الرَّهْن وَينْعَقد بالايجاب وَالْقَبُول وَيتم بِالْقَبْضِ ويكتفي فِيهِ بِالتَّخْلِيَةِ فِي الْأَصَح فَإِذا قَبضه الْمُرْتَهن محوزا مفرغا عَن الشواغل مُمَيّزا تمّ العقد فِيهِ وَمَا لم يقبضهُ يتَخَيَّر الرَّاهِن فِيهِ بَين التَّسْلِيم وَالرُّجُوع وَلَا يَصح الرَّهْن إِلَّا بِأحد أَمريْن إِمَّا بالديون أَو بالأعيان الْمَضْمُونَة بأنفسها أما الدّين فَلِأَن حكم الرَّهْن ثُبُوت يَد الِاسْتِيفَاء والاستيفاء يَتْلُو الْوُجُوب فِي الذِّمَّة وَفِي الْبَدَائِع يجوز الرَّهْن بالديون بِأَيّ سَبَب وَجَبت من الْإِتْلَاف وَالْغَصْب وَالْبيع وَنَحْوهَا لِأَن الدُّيُون كلهَا وَاجِبَة على اخْتِلَاف أَسبَاب وُجُوبهَا فَكَانَ الرَّهْن بهَا رهنا بمضمون فَيصح وَهل يجوز الرَّهْن بِبَدَل الْكِتَابَة وَالدية فعلى إِطْلَاق هَذَا الْكَلَام يجوز وَسَوَاء كَانَ مِمَّا يحْتَمل الِاسْتِبْدَال قبل الْقَبْض أَو لَا يحْتَملهُ كرأس مَال السّلم وَبدل الصّرْف وَالْمُسلم فِيهِ وَفِيه خلاف زفر وَأما الْأَعْيَان فعلى أَنْوَاع مِنْهَا مَا لم يكن مَضْمُونا كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِية وَمَال الْمُضَاربَة والبضاعة وَالشَّرِكَة وَالْمُسْتَأْجر وَنَحْوهَا فَلَا يجوز الرَّهْن بهَا لِأَنَّهَا لَيست بمضمونة أصلا وَمِنْهَا مَا هُوَ مَضْمُون وَهُوَ على نَوْعَيْنِ مَضْمُونَة بغَيْرهَا كَالْبيع فَإِنَّهُ لَا يَصح الرَّهْن بِهِ ومضمونة بِنَفسِهَا وَهُوَ مَا يُوجب الْمثل أَو الْقيمَة بهلاكها

كالمغضوب فِي يَد الْغَاصِب وَالْمهْر فِي يَد الزَّوْج وَبدل الْخلْع فِي يَد الْمَرْأَة وَبدل الصُّلْح عَن دم الْعمد فِي يَد الْعَاقِلَة فَإِن الرَّهْن بهَا جَائِز بِالْإِجْمَاع وللمرتهن أَن يحبس الرَّهْن حَتَّى يسْتَردّ الْعين وَإِن هلك الرَّهْن فِي يَده قبل اسْتِرْدَاد الْعين وَالْعين قَائِمَة يُقَال حِينَئِذٍ للرَّاهِن سلم الْعين الى الْمُرْتَهن وَخذ مِنْهُ الْأَقَل من قيمَة الرَّهْن وَمن الْعين لِأَن الْمَرْهُون عندنَا مَضْمُون بذلك وَإِذا وصل اليه الْعين يجب عَلَيْهِ رد قدر الْمَضْمُون الى الرَّاهِن وَإِن هَلَكت الْعين وَالرَّهْن قَائِم صَار الرَّهْن بهَا رهنا بِقِيمَتِهَا حَتَّى لَو هلك الرَّهْن بعد ذَلِك يهْلك مَضْمُونا بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن قيمَة الْعين لِأَن قيمَة الْعين بدلهَا وَبدل الشَّيْء قَائِم مقَامه كَأَنَّهُ هُوَ وَيجوز الرَّهْن بالمقبوض على سوم الشِّرَاء والمقبوض فِي البيع الْفَاسِد لِأَنَّهُمَا من الْأَعْيَان الْمَضْمُونَة بأنفسها كَمَا فِي المنبع وَفِي البزازي الْقَبْض شَرط جَوَازه وَقَالَ بكير لُزُومه وَالْأول أصح وَشَرطه أَن يكون مقسوما فَلم يَصح رهن الْمشَاع فِيمَا يحْتَمل الْقِسْمَة لَا من شَرِيكه وَلَا من أَجْنَبِي طارئا أَو مُقَارنًا فِي الصَّحِيح وَذكر الصَّدْر أَن فِيهِ رِوَايَتَيْنِ بِخِلَاف مَا إِذا رهن اثْنَان من وَاحِد أَو بعكسه حَيْثُ يجوز مَا لم ينص على الإبعاض بِأَن يَقُول رهنت من هَذَا النّصْف وَمن هَذَا النّصْف لنصه على الإبعاض وَفِي المنبع لَا يجوز رهن ثَمَرَة بِدُونِ نخلها وَبِالْعَكْسِ وَلَا نخل بِدُونِ الأَرْض وَبِالْعَكْسِ لِأَن الْمَرْهُون إِذا كَانَ مُتَّصِلا بِمَا لَيْسَ بمرهون لم يجز الرَّهْن كرهن الْمشَاع إِذْ لَا يُمكن قبض الْمَرْهُون وَحده وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَن رهن الأَرْض بِدُونِ الْأَشْجَار يَصح لِأَن اسْم الشّجر يَقع على النَّابِت على الأَرْض وَلِهَذَا يُسمى بعد الْقطع جذعا لَا شَجرا وَكَأَنَّهُ اسْتثْنى الْأَشْجَار بمواضعها من الأَرْض فَكَانَ عقد الرَّهْن مثنا وَلَا مَا سوى ذَلِك الْموضع من الأَرْض وَهُوَ معِين مَعْلُوم غير مشَاع بِخِلَاف مَا لَو رهن الدَّار دون الْبناء حَيْثُ لَا يَصح لِأَن الْبناء اسْم للمبنى دون مَكَانَهُ من الأَرْض فَصَارَ راهنا جَمِيع الأَرْض وَهِي مَشْغُولَة بِملك الرَّاهِن الْعدْل إِذا سلط على بيع الرَّهْن كَيفَ شَاءَ فَبَاعَ نصفه يبطل الرَّهْن فِي النّصْف الْبَاقِي للشيوع وَذكر القَاضِي إِن اسْتحق بعض الرَّهْن شَائِعا يبطل وَإِن كَانَ مفروزا يبْقى الرَّهْن الْبَاقِي للشيوع وقرض الْمشَاع جَائِر بِأَن أعطَاهُ ألفا وَقَالَ نصفهَا عنْدك مُضَارَبَة بِالنِّصْفِ وَنِصْفهَا قرض وَالْمُضَاربَة مَعَ الشُّيُوع جَائِزَة وَاخْتلفُوا فِي أَن رهن الْمشَاع هَل يُوجب سُقُوط الدّين عِنْد هَلَاكه أم لَا قَالَ الْكَرْخِي رَحمَه الله تَعَالَى لَا يسْقط وَفِي الْجَامِع رهن أم الْوَلَد أَو مَالا يجوز بَيْعه لَهُ أَن يسْتَردّهُ قبل قَضَاء الدّين لبُطْلَان الرَّهْن لِأَنَّهُ عقد ايفاء وَفِيه معنى البيع فَكَانَ مَحَله مَا يقبل البيع بِخِلَاف رهن الْمشَاع لِأَنَّهُ مَحل الرَّهْن لكَونه مَحل البيع فَكَانَ الرَّهْن منعقدا بِصفة الْفساد فَيلْحق بالجائز وَهَذَا على خلاف مَا قَالَه الْكَرْخِي رَحمَه الله تَعَالَى زَوَائِد الرَّهْن عندنَا كَالْوَلَدِ وَالثَّمَر إِذا بقيت الى وَقت الفكاك وهلاك الزَّوَائِد قبل الفكاك لَا يسْقط شَيْئا وغلة الأَرْض وَالدَّار وَالْعَبْد لَا يصير رهنا وَلَا يبطل الرَّهْن بِمَوْت الرَّاهِن أَو الْمُرْتَهن أَو بموتهما وَيبقى رهنا عِنْد الْوَرَثَة وَفِي الْوَلْوَالجيّ الرَّهْن إِذا كَانَ حَيَوَانا فنفقته على الرَّاهِن وَكَذَلِكَ كسوته لِأَن مُعظم النَّفَقَة فِي إمْسَاك

الرَّهْن للرَّاهِن فَكَانَت الْمَنْفَعَة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ شربه وَكَذَلِكَ كسْوَة الرَّقِيق وَأُجْرَة ظئر ولد الرَّهْن وَسقي الْبُسْتَان وتلقيح نخيله جذاده وَالْقِيَام بمصالحه وَأُجْرَة الرَّاعِي وَسَوَاء كَانَ بِالرَّهْنِ فضل أَو لم يكن لِأَن يَده على الصُّورَة أَمَانَة فَيكون بِمَنْزِلَة الْمُودع وَجعل الْآبِق على الْمُرْتَهن إِذا كَانَت قيمَة الرَّهْن وَالدّين سَوَاء لِأَن الْمحل مَضْمُون فَيحْتَاج الى الْإِعَانَة ليَرُدهُ على الْمَالِك وَإِن كَانَت قيمَة الرَّهْن أَكثر من الدّين كَانَ على الرَّاهِن مِقْدَار الزِّيَادَة لِأَن يَده على الزِّيَادَة كيد الْمُودع فَلَا يلْحقهُ الضَّمَان لخلاف أُجْرَة الْمسكن لِأَن حق الْحَبْس فِي الْكل ثَابت حَقًا للْمُرْتَهن وَكَذَلِكَ مداواة الْجِرَاحَات والقروح والأمراض فتنقسم على قدر الْأَمَانَة وَالضَّمان كجعل الْآبِق وَفِي البزازي ثمن الدَّوَاء وَأُجْرَة الطَّبِيب على الْمُرْتَهن وَذكر الْقَدُورِيّ أَن كل مَا كَانَ من حِصَّة الْأَمَانَة فعلى الرَّاهِن وَمن الْمَشَايِخ من قَالَ ثمن الدَّوَاء على الْمُرْتَهن لَا يلْزم أَن لَو حدثت الْجراحَة فِي يَده فَلَو عِنْد الرَّاهِن فَعَلَيهِ وَقَالَ بَعضهم على الْمُرْتَهن بِكُل حَال وَقَالَ الْفَقِيه الْحَارِث مَا كَانَ عِنْد الْمُرْتَهن يجب عَلَيْهِ ثمن دوائه وَأُجْرَة طبيبه وَمَا كَانَ عِنْد الرَّاهِن إِن لم يزدْ عِنْد الْمُرْتَهن حَتَّى احْتَاجَ الى زِيَادَة المداواة فالمداواة على الْمُرْتَهن وَلَكِن لَا يجْبر عَلَيْهِ لِأَن الرَّاهِن لَا يجْبر على المداواة وَإِن أجبر على النَّفَقَة فالمرتهن أولى وَلَكِن يُقَال لَهُ هَذَا قد حدث عنْدك فَإِن كنت تُرِيدُ إصْلَاح مَالك فدواه وَمَا أنْفق الْمُرْتَهن على الرَّاهِن حَال غيبَة الرَّاهِن فمتطوع فِيهِ وَإِن كَانَ بِأَمْر الْحَاكِم وَجعله دينا على الرَّاهِن فَهُوَ دين عَلَيْهِ كَذَا قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَهَذَا الْكَلَام إِشَارَة الى أَنه بِمُجَرَّد أَمر الْحَاكِم لَا يصير دينا عَلَيْهِ مَا لم يَجعله دينا عَلَيْهِ كَمَا صرح بِهِ وَأكْثر الْمَشَايِخ على هَذَا لِأَن هَذَا الْأَمر لَيْسَ للإلزام حتما بل للنَّظَر وَهُوَ مُتَرَدّد بَين الْأَمريْنِ بَين الْأَمر حسبَة وَبَين الْأَمر ليَكُون دينا والأدنى أولى مَا لم ينص على الْأَعْلَى وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه إِذا أنْفق عَلَيْهِ حَال غيبَة الرَّاهِن بِأَمْر الْحَاكِم يرجع وَإِن كَانَ بِحَضْرَتِهِ بِالْأَمر لَا يرجع وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يرجع فيهمَا وَذكر الناطفي وَمَا يجب على الرَّاهِن إِذا فعله الْمُرْتَهن أَو مَا على الْمُرْتَهن إِذا فعله الرَّاهِن فَهُوَ مُتَطَوّع إِذا أَخذ السُّلْطَان الْخراج وَالْعشر من الْمُرْتَهن لَا يرجع على الرَّاهِن لِأَنَّهُ إِن تطوع فَهُوَ مُتَبَرّع وَإِن كَانَ مكْرها فقد ظلمه السُّلْطَان والمظلوم لَا يرجع الا على الظَّالِم انْتهى وَيبِيع مَا يخَاف الْفساد عَلَيْهِ باذن الْحَاكِم وَيكون رهنا فِي يَده وَالْخَرَاج على الرَّاهِن خَاصَّة لِأَنَّهُ مُؤنَة الْملك فَيكون على الْمَالِك وَفِي الملتقطات الْأَب إِذا رهن من مَال الصَّغِير شَيْئا بدين على نَفسه ذكر أَنه يجوز وَإِن كَانَ الرَّاهِن أَكثر قيمَة من الدّين فَهَلَك الرَّهْن ضمن الْأَب قدر الدّين دون الزِّيَادَة بِخِلَاف الْوَصِيّ فَإِنَّهُ يضمن قِيمَته وَالْفرق أَن للْأَب أَن ينْتَفع بِمَال الصَّغِير عِنْد الْحَاجة وَلَا كَذَلِك الْوَصِيّ وَفِي البزازي رهن الْأَب مَتَاع الصَّغِير وَأدْركَ الابْن وَمَات الْأَب لَيْسَ للِابْن أَخذه قبل قَضَاء الدّين لِأَن تصرف الْأَب لَازم كتصرف الابْن نَفسه وَيرجع الابْن فِي مَال الْأَب إِن كَانَ رَهنه لنَفسِهِ لِأَنَّهُ مُضْطَر فِيهِ كمعير الرَّهْن

الفصل الحادي والعشرون في الكراهية

رهن الْوَصِيّ مَال الْيَتِيم وَالْوَرَثَة كبار لَا يجوز إِذا كَانَ الدّين على الْوَرَثَة الْكِبَار لتصرفه فِيمَا هُوَ مَمْنُوع من التَّصَرُّف فِيهِ وَلَو كَانَ الدّين على الْمَيِّت جَازَ وَقيل لَا يجوز وَلَو كَانَ على الْمَيِّت أَيْضا لِأَن فِيهِ إِتْلَاف مَال التَّرِكَة وَأَنه غير جَائِز وَإِذا هلك الرَّهْن سقط الدّين إِذا كَانَت قيمَة الرَّهْن وَالدّين سَوَاء وَإِن كَانَت قيمَة الرَّهْن أَكثر فَالزِّيَادَة تملك أَمَانَة وَإِن كَانَت قِيمَته أقل من الدّين فَهَلَك سقط من الدّين بِقَدرِهِ وَيرجع على الْمُرْتَهن بالفاضل من الدّين وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى الرَّهْن أَمَانَة فَإِذا هلك لَا يسْقط من الدّين شَيْء وَفِي الْقنية رجل آجر دَاره وَسلمهَا الى الْمُسْتَأْجر ثمَّ رَهنهَا مِنْهُ انْفَسَخت الْإِجَارَة وَصَارَت رهنا وَيجوز أَن يُسَافر بِالرَّهْنِ وَإِن كَانَ لَهُ حمل وَمؤنَة إِذا كَانَ الطَّرِيق أمنا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى كَالْوَدِيعَةِ وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ لَهُ أَن يُسَافر بِالرَّهْنِ وبالوديعة أَيْضا إِذا كَانَ لَهُ حمل وَمؤنَة قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَلَو أَرَادَ ذَلِك يرفعهُ الى القَاضِي حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يَأْمُرهُ بذلك اسْتعَار شَيْئا ليرهنه فرهن جَازَ وَله أَن يَأْمُرهُ بِقَضَاء الدّين واسترداده وَكَذَا إِذا رهن شَيْئا ثمَّ أقرّ بِالرَّهْنِ لغيره لَا يصدق فِي حق الْمُرْتَهن وَيُؤمر بِقَضَاء الدّين ورده الى الْمقر لَهُ وَلَو رهن دَار غَيره فَأجَاز صَاحبهَا جَازَ كَمَا لَو أعارها ابْتِدَاء رده معيبا قِيمَته خَمْسَة وَقَالَ كَذَلِك قَبضته وَقَالَ الرَّاهِن بل قَبضته سليما قِيمَته عشرَة وَأَقَامَا الْبَيِّنَة فَبَيِّنَة الرَّاهِن أولى وَقَالَ برهَان الدّين صَاحب الدّين أولى وَلَو قَالَ شَاهد الرَّهْن لَا أَدْرِي بكم رَهنه لَا تقبل شَهَادَته وَقَالَ ظهير الدّين المرغيناني تقبل اخْتلفَا فِي الرَّهْن فَقَالَ الرَّاهِن الرَّهْن غير هَذَا وَقَالَ الْمُرْتَهن بل هَذَا هُوَ الَّذِي رهنته عِنْدِي فَالْقَوْل للْمُرْتَهن انْتهى كَلَام الْقنية وَفِي البزازي ألْقى الْمُرْتَهن الْخَاتم الْمَرْهُون فِي كيسه المنخرق وَضاع بالسقوط يضمن كل الْفَاضِل من الدّين أَيْضا قَالَ للْمُرْتَهن أعْطه للدلال ليبيع وَخذ حَقك فَدفعهُ الى الدَّلال وَهلك فِي يَده لَا يضمن الْمُرْتَهن وَلَو بَاعَ الْمُرْتَهن مَا يخَاف عَلَيْهِ الْفساد من الْمُتَوَلد من الرَّهْن كاللبن وَالثَّمَرَة وَكَذَا نفس الرَّهْن إِذا كَانَ مِمَّا يخَاف عَلَيْهِ الْفساد بِإِذن القَاضِي وَيكون ثمنه رهنا وَإِن بَاعه بِلَا إِذن القَاضِي ضمن وَلَيْسَ للْحَاكِم بيع الرَّهْن إِذا كَانَ الرَّاهِن مُفلسًا عِنْد الامام رَحمَه الله تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يرى الْحجر على الْحر الْمَدْيُون وَفِي الْقنية للْمُرْتَهن بيع الرَّهْن بِإِجَازَة الْحَاكِم وَأخذ دينه إِذا كَانَ الرَّاهِن غَائِبا لَا يعرف مَوته وَلَا حَيَاته انْتهى وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم الْفَصْل الْحَادِي وَالْعشْرُونَ فِي الْكَرَاهِيَة الْمَكْرُوه عِنْد مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى حرَام وَلم يتَلَفَّظ بِهِ لعدم الْقَاطِع فنسبه الْمَكْرُوه الى الْحَرَام كنسبة الْوَاجِب الى الْفَرْض وَعند أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى لَيْسَ بِحرَام لكنه الى الْحَرَام أقرب لِأَنَّهُ إِذا تعَارض دَلِيل الْحل بِدَلِيل الْحُرْمَة يغلب جَانب الْحُرْمَة على جَانب الْحل لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام

إِذا اجْتمع الْحَلَال وَالْحرَام يغلب الْحَرَام على الْحَلَال وَهَذَا هُوَ الْمَكْرُوه كَرَاهَة تَحْرِيم وَأما الْمَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه فَإلَى الْحَلَال أقرب كَذَا فِي الْوِقَايَة وَشَرحهَا وَفِي الْجَامِع الصَّغِير قَالَ وَيكرهُ أكل لُحُوم الأتن وَأَلْبَانهَا لما روى عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام حرم لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة يَوْم خَيْبَر وَإِذا ثَبت حكم اللَّحْم ثَبت حكم اللَّبن لِأَنَّهُ متولد مِنْهُ وَالْمرَاد بِالْكَرَاهَةِ هُنَا التَّحْرِيم وَكَذَلِكَ أَبْوَال الْإِبِل وَلحم الْفرس وَقَالا لَا بَأْس بأبوال الْإِبِل وَلحم الْفرس وَتَأْويل قَول أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى فِي أَبْوَال الْإِبِل أَنه لَا بَأْس بهَا للتداوي لما فِي حَدِيث جَابر أَنه قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة واذن فِي لُحُوم الْخَيل وَلأبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله تَعَالَى {وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها} وَلِأَنَّهُ آلَة لإرهاب الْعَدو فَيكْرَه أكله للاحترام وَفِي الْوِقَايَة الْأكل فرض إِن دفع بِهِ هَلَاكه ومأجور عَلَيْهِ إِذا تمكن من صلَاته قَائِما وَمن صَوْمه ومباح الى الشِّبَع لتزيد قوته وَحرَام فَوْقه الا لقصده صَوْم الْغَد أَو لِئَلَّا يستحي ضَيفه وَالْأكل وَالشرب والأدهان والتطيب من إِنَاء ذهب وَفِضة حرَام للرِّجَال وَالنِّسَاء وَحل من إِنَاء رصاص وبلور وزجاج وعقيق وَمن إِنَاء مفضض وجلوسه على مفضض متقيا مَوضِع الْفضة وَلَا يلبس رجل حَرِيرًا الا بِقدر أَرْبَعَة أَصَابِع ويتوسده ويفترشه قَالَ صدر الشَّرِيعَة هَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لما روى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام جلس على مرفقة حَرِير وَقَالا يكره قلت المرفقة بِكَسْر الْمِيم وسَادَة الاتكاء وَالله تَعَالَى أعلم ويلبس مَا سداه ابريسم وَلحمَته غَيره وَعَكسه فِي حَرْب فَقَط وَفِي الْقنية عَن برهَان الدّين صَاحب الْمُحِيط قَالَ لبس الْحَرِير فَوق الدثار إِنَّمَا لَا يكره عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لِأَنَّهُ اعْتبر حُرْمَة اسْتِعْمَال الْحَرِير إِذا كَانَ يتَّصل بِبدنِهِ صُورَة وَأَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى اعْتبر الْمَعْنى يَعْنِي اللّبْس قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى فَهَذَا تنصيص وَبِه قلت يَعْنِي بِهِ الشَّيْخ برهَان الدّين صَاحب الْمُحِيط على أَن عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يكره لبس الْحَرِير إِذا لم يتَّصل بجلده حَتَّى لَو لبسه فَوق قَمِيص من غزل أَو نَحوه لَا يكره عندنَا فَكيف إِذا لبسه فَوق قبَاء أَو شَيْء آخر محشو أَو كَانَت جُبَّة من حَرِير بطانتها لَيست بحرير وَقد لبسهَا فَوق قَمِيص غزل وَفِي هَذَا رخصَة عَظِيمَة فِي مَوضِع عَمت فِيهِ الْبلوى وَلَكِن تطلبت هَذَا القَوْل عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي كثير من الْكتب فَلم أجد سوى هَذَا وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي وَمن النَّاس من يَقُول إِنَّمَا يكره إِذا كَانَ الْحَرِير يمس الْجلد وَمَا لَا فَلَا وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه كَانَ عَلَيْهِ جُبَّة من حَرِير فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أما ترى الى مَا يَلِي الْجَسَد وَكَانَ تَحْتَهُ ثوب من قطن ثمَّ قَالَ بديع الدّين إِلَّا أَن الصَّحِيح مَا ذكرنَا أَن الْكل حرَام وَفِي شرح الْجَامِع الصَّغِير للبزدوي رَحمَه الله تَعَالَى وَمن النَّاس من أَبَاحَ لبس الْحَرِير والديباج للرِّجَال وَمِنْهُم من قَالَ هُوَ حرَام على النِّسَاء أَيْضا وَعَامة الْفُقَهَاء على أَنه يحل للنِّسَاء دون الرِّجَال اه وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم وَهَذَا آخر مَا انْتهى اليه تأليف مُصَنفه رَحمَه الله تَعَالَى ويليه تكملته إِن شَاءَ الله تَعَالَى

بسم الله الرحمن الرحيم

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله المتصف بالكمال المنزه عَن النَّقْص فِي صِفَات الْجلَال وَأفضل الصَّلَاة وَأتم السَّلَام على نبيه النبيه الْبَدْر التَّمام وعَلى آله وَصَحبه الْأَئِمَّة الْأَعْلَام صَلَاة وَسلَامًا أَرْجُو بفضلهما حسن الختام أما بعد فَيَقُول العَبْد الْعَاجِز الْفَقِير الى مَوْلَاهُ الْغَنِيّ الْقَدِير برهَان الدّين ابراهيم الخالفي الْحلَبِي الْعَدوي الْحَنَفِيّ عَامله الله بِلُطْفِهِ الْخَفي لما رَأَيْت الْكتاب الْمُحكم الْأَحْكَام الْمُسَمّى بِلِسَان الْحُكَّام مَشْهُورا فِي بِلَاد الْإِسْلَام ومقبولا عِنْد الْعلمَاء الْأَعْلَام وَقد توفّي مُؤَلفه قبل الْإِتْمَام عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك العلام وَكَانَ النَّاقِص من فصوله الثَّلَاثِينَ تِسْعَة فُصُول فَأَحْبَبْت أَن أجمعها من كتب الْأَئِمَّة الفحول من غير أَن أتصرف بِنَقْض حرف وَلَا زِيَادَة عَمَّا هُوَ الْمَكْتُوب فِي كتب السَّادة وصرخت فِي كل فصل من الْفُصُول بِالْأَصْلِ الَّذِي هُوَ عَنهُ مَنْقُول طَالبا من الله تَعَالَى الغفران وسائلا الدُّعَاء بِخَير من الإخوان وَستر مَا يعثرون عَلَيْهِ من الزلل وَإِصْلَاح مَا يَجدونَ فِي الْخط من الْخلَل الْفَصْل الثَّانِي وَالْعشْرُونَ من الْفُصُول الثَّلَاثِينَ فِي الصَّيْد والذبائح وَالْأُضْحِيَّة = كتاب الصَّيْد رمى مُسلم سَهْما فَأصَاب سَهْمه وَسَهْم رَمَاه مُسلم آخر فَأصَاب الصَّيْد فَقتله إِن كَانَ يعلم أَن سهم الرَّامِي الأول لَا يبلغ الصَّيْد لَوْلَا إِصَابَة السهْم الثَّانِي فالصيد للثَّانِي وَهُوَ حَلَال وَإِن كَانَ يعلم أَنه يُصِيبهُ كَانَ للْأولِ وَكَذَا إِذا رمى الْمَجُوسِيّ بعد رمي الْمُسلم فَإِن زَاد قُوَّة وَلم يقطع عَن سنَنه فالصيد للْمُسلمِ وَهُوَ مَكْرُوه وَمَا لَا يحل صيد البندقة والمعراض وَالْحجر والعصا فِي الأَصْل نوع آخر رجل رمى صيدا فَوَقع عِنْد مَجُوسِيّ فَأخذ صَاحبه وَلم يكن من الْوَقْت مَا يقدر على ذبحه يُؤْكَل هُوَ الْمُخْتَار وَفِي الأَصْل هَذَا رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَأما فِي ظَاهر الرِّوَايَة فَلَا يحل لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة وُقُوعه عندنَا نوع آخر رمى صيدا فغشى عَلَيْهِ سَاعَة من غير جِرَاحَة ثمَّ ذهبت عَنهُ تِلْكَ الآفة فَأَخذه آخر فَهُوَ للآخذ بِخِلَاف مَا اذا جرحه جِرَاحَة لَا يَسْتَطِيع مَعهَا النهوض فَلبث كَذَلِك مَا شَاءَ الله ثمَّ بَرِيء وَرمى آخر حَيْثُ كَانَ الصَّيْد للْأولِ وَالْفرق أَن فِي الْمَسْأَلَة الأولى لم يَأْخُذهُ الأول فَصَارَ بِمَنْزِلَة من نصب شبكة فَوَقع فِيهَا الصَّيْد وَالْمَالِك غَائِب ثمَّ تخلص من الشبكة فَرَمَاهُ رجل فَأَخذه فَهُوَ لَهُ وَفِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة أَخذه الأول بِبَقَاء أثر فعله فملكه رجل رمى أسدا أَو ذئبا أَو خنزيرا أَو مَا أشبه ذَلِك مِمَّا لَا يقْصد بِهِ الِاصْطِيَاد وسمى فَأصَاب صيدا مَأْكُول اللَّحْم وَقَتله أكله وَقَالَ زفر لَا يحل وَإِن رمى جَرَادًا أَو سمكًا وَترك التَّسْمِيَة فَأصَاب صيدا عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى رِوَايَتَانِ روى ابْن رستم عَنهُ أَنه لَا يحل مَا أَصَابَهُ بِدُونِ التَّسْمِيَة وَالْمُخْتَار أَنه يُؤْكَل

وَلَو رمى الى آدَمِيّ أَو بقر أَو ابل أَو شَاة أَو معز أهل سمى فَأصَاب صيدا مَأْكُول اللَّحْم لَا رِوَايَة لهَذَا فِي الأَصْل وَلأبي يُوسُف رَحمَه الله قَولَانِ فِي قَول يحل وَفِي قَول لَا يحل واليه أَشَارَ فِي الأَصْل وَلَو أرْسلهُ الى صيد وَهُوَ يظنّ أَنه شجر أَو انسان فَإِذا هُوَ صيد يُؤْكَل وَفِي الأَصْل سمع حسا فَظن أَنه حس صيد فَرَمَاهُ أَو أرسل كَلْبه فَأصَاب صيدا إِن كَانَ ذَلِك الْحس حس صيد لَا بَأْس بِهِ وَإِن كَانَ حس إِنْسَان أَو غَيره من الأطيار لَا يحل وَفِي الفتاوي دجَاجَة لرجل انفلتت وتعلقت بشجرة لَا يصل اليها صَاحبهَا فَرَمَاهَا إِن خَافَ عَلَيْهَا الْمَوْت تُؤْكَل وَإِن لم تكن بِهَذِهِ المثابة لَا تُؤْكَل وأصل هَذَا فِي صيد الأَصْل مَا توحش من الأهليات يحل بِمَا يحل بِهِ الصَّيْد حَتَّى لَو ند الْبَعِير أَو الْبَقَرَة فَرَمَاهُ بِآلَة جارحة وأصابت الْجَارِحَة ثنياتها فَمَاتَ مِنْهَا حل وَفِي الشَّاة خَارج الْمصر تحل وَفِي الْمصر لَا تحل وَفِي الفتاوي فِي بَاب النُّون رجل لَهُ حمامة فَرَمَاهَا غَيره أَو رَمَاهَا فَهَذَا على وَجْهَيْن إِن كَانَت لَا تهتدي الى منزله أَو كَانَت تهتدي فَفِي الْوَجْه الأول يحل أكلهَا أصَاب المذبح أَو أصَاب موضعا آخر لِأَنَّهُ عجز عَن الذَّكَاة الاختيارية وَفِي الْوَجْه الثَّانِي إِن أصَاب المذبح حل وَفِي مَوضِع آخر قيل يحل مُطلقًا وَالشَّاة لَو سَقَطت فِي بِئْر فطعنت تحل وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد لَا تحل وَذكره فِي فتاوي القَاضِي الإِمَام مُطلقًا من غير ذكر الْخلاف وَقَالَ المتردي فِي الْبِئْر إِذا رَمَاه فأدماه حل أكله وَإِن أصَاب السهْم ظلفها أَو قرنها فأدمى حلت وَلَو أصَاب مَوضِع اللَّحْم وَلم يخرج الدَّم إِن كَانَت الْجراحَة كَبِيرَة حلت وَإِن كَانَت صَغِيرَة قيل تحل وَقيل لَا تحل نوع فِي السّمك وَفِي الأَصْل السّمك الَّذِي مَاتَ فِي المَاء بِغَيْر آفَة وَهُوَ الطافي لَا يُؤْكَل وَإِن مَاتَ بِآفَة وَهُوَ أَن ينحسر عَنهُ المَاء أَو طفا على وَجه الأَرْض أَو وجد فِي بطن طير أَو سمك أَو ربطه آخر فِي المَاء واضطر الصيادون جمَاعَة مِنْهَا الى مضيق فتراكم فَهَلَك أَو لدغته حَيَّة أَو أَصَابَته حَدِيدَة أَو ألْقى فِي المَاء شَيْء فَأَكله وَمَات يُؤْكَل وَلَا يحل أكل مَا فِي المَاء الا السّمك وَفِي الفتاوي إِذا قَتله حر المَاء أَو برده لَا يُؤْكَل عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى كالطافي وَعند مُحَمَّد يُؤْكَل وَهَذَا أرْفق بِالنَّاسِ وَفِي التَّجْرِيد لم يذكر الْخلاف وَلكنه قَالَ فِيهِ رِوَايَتَانِ سَمَكَة بَعْضهَا فِي المَاء وَبَعضهَا فِي الأَرْض ميتَة فَإِن كَانَ الرَّأْس خَارج المَاء أكلت وَإِن كَانَ فِي المَاء إِن كَانَ مَا على الأَرْض قدر النّصْف أَو أقل لم تُؤْكَل وَإِن كَانَ مَا على الأَرْض أَكثر من النّصْف أكلت السَّبَب إِذا رمى بِهِ الرجل فِي المَاء فتعلقت بِهِ سَمَكَة إِن رمى بِهِ خَارج المَاء فِي مَوضِع يقدر على أَخذه فاضطربت فَوَقع فِي المَاء ملكه وَإِن انْقَطع الْحَبل قبل أَن يُخرجهُ من المَاء لَا يملكهُ وعَلى هَذَا إِذا أرسل الْكَلْب أَو رمى يعرف من هَذَا الْفَصْل نوع فِيمَا يُؤْكَل وَفِيمَا لَا يُؤْكَل وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ لَا يُؤْكَل ذُو نَاب من السبَاع بَيَانه الْأسد وَالذِّئْب والنمر والفهد والثعلب والضبع وَالْكَلب والسنور الأهلي والبري والفيل وسباع الْهَوَام أَيْضا بَيَانه الضَّب واليربوع وَابْن عرس والسنجاب والفنك والسمور والدلق والهوام الَّتِي سكناهَا فِي الأَرْض بَيَانه الْفَأْرَة والوزغة والقنفذ والحيات وَجَمِيع هوَام الأَرْض الا الأرنب فَإِنَّهُ يحل أكله وَذُو المخلب من الطُّيُور بَيَانه الصَّقْر وَالْعِقَاب والبازي والشاهين وَمَا أشبه ذَلِك

الفصل الأول

وَفِي الفتاوي الصُّغْرَى مَا لَا دم لَهُ كالزنبور وَنَحْوه لَا يُؤْكَل الا السّمك وَالْجَرَاد والعقعق وَنَحْوه يُؤْكَل وَيكرهُ الْغُرَاب وَهُوَ الَّذِي يُؤْكَل الْجِيَف والنجاسات وَفِي فتاوي الْوَلْوَالجيّ أكل الهدهد لَا بَأْس بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِذِي مخلب من الطُّيُور وَفِي فتاوي القَاضِي الامام وَلَا يُؤْكَل الخفاش لِأَنَّهُ ذُو نَاب وَلَا بَأْس بالخطاف والقمري والسودانية والزرزور والعصافير والفاختة وَالْجَرَاد وكل مَا لَيْسَ لَهُ يخطف مخلب وحمار الْوَحْش يُؤْكَل بِخِلَاف الأهلي والبغل لَا يركل وَيكرهُ لحم الْخَيل عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَفِي الْكَرَاهَة رِوَايَتَانِ وَالأَصَح كَرَاهَة التَّحْرِيم ولبنه كلحمه وَمَا يتَّصل بِهَذَا كالجلالة وَيكرهُ أكل لُحُوم الْإِبِل الْجَلالَة وَفِي النَّوَازِل لَو أَن جديا غذي بِلَبن الْخِنْزِير فَلَا بَأْس بِأَكْلِهِ فعلى هَذَا قَالُوا لَا بَأْس بِأَكْل الدَّجَاج الَّذِي يخلط وَلَا يتَغَيَّر لَحْمه وَالَّذِي روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ تحبس الدَّجَاجَة ثَلَاثَة أَيَّام كَانَ للتنزيه وَإِنَّمَا يشْتَرط ذَلِك فِي الْجَلالَة الَّتِي لَا تَأْكُل الا الْجِيَف وَأما مَا يخلط كَمَا اذا تنَاول النَّجَاسَة والجيف ويتناول غَيرهَا على وَجه لَا يظْهر أثر ذَلِك فِي لَحمهَا فَلَا بَأْس بِأَكْلِهِ وَفِي شرح الشافي فِي الْإِبِل تحبس شهرا وَفِي الْبَقر عشْرين يَوْمًا وَفِي الشَّاة عشرَة أَيَّام وَفِي الدَّجَاجَة ثَلَاثَة أَيَّام وَقَالَ الامام السَّرخسِيّ الْأَصَح أَنَّهَا تحبس الى أَن تَزُول الرَّائِحَة المنتنة وَفِي الْمُنْتَقى الْمَكْرُوه الْجَلالَة الَّتِي تقرب وَيُوجد مِنْهَا ريح مُنْتِنَة فَلَا يُؤْكَل لَحمهَا وَلَا يشرب لَبنهَا وَالْعَمَل عَلَيْهَا وَتلك حالتها وَيكرهُ بيعهَا وهبتها وَفِي فتاوي البقالي عرقها نجس وَالله أعلم = كتاب الذَّبَائِح وَهُوَ مُشْتَمل على فصلين الأول فِي مسَائِل الذّبْح وَالثَّانِي فِي مسَائِل التَّسْمِيَة الْفَصْل الأول وَفِي مُخْتَصر الْقَدُورِيّ ذَبِيحَة الْمُسلم والكتابي حَلَال وَلَا تُؤْكَل ذَبِيحَة الْمَجُوسِيّ وَالْمُرْتَدّ والمرتدة والوثني وَالْمحرم من الصَّيْد وَفِي الأَصْل تهود الْمَجُوسِيّ أَو تنصر حلت ذَبِيحَته الْمَوْلُود بَين الْكِتَابِيّ والمجوسي ذَبِيحَته حَلَال وَلَو كَانَ حَرْبِيّا وَفِي فتاوي القَاضِي الامام ذَبِيحَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ حَلَال وَإِن كَانَ حَرْبِيّا إِلَّا أَن يسمع مِنْهُ أَنه يُسمى عَلَيْهِ الْمَسِيح فَإِذا سمع مِنْهُ ذَلِك لَا تحل لِأَنَّهُ أهل بِهِ لغير الله وَقَالَ بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي رَحمَه الله إِنَّهَا تحل وَلَا تحل ذَبِيحَة الْمُرْتَد وَإِن ارْتَدَّ الى دين أهل الْكتاب وَالْمَرْأَة كَالرّجلِ فِي الذّبْح وَالصَّبِيّ الَّذِي يعقل ويضبط كَالْبَالِغِ وَيسْتَحب توجيهها فِي الذّبْح الى الْقبْلَة وَيكرهُ أَن تنخع الشَّاة إِذا ذبحت وَلَا بَأْس بِأَكْل الذَّبِيحَة مِنْهَا

لما روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى أَن تنخع الشَّاة إِذا ذبحت قبل أَن تسكن وَقبل أَن تبرد وَقيل هُوَ أَن يُبَالغ فِي الذّبْح حَتَّى يبلغ النخاع وَهُوَ عرق فِي الْعُنُق فَيكْرَه لِأَنَّهُ فِيهِ زِيَادَة مشقة من غير حَاجَة وَيكرهُ أَن يجرها الى مذبحها وَأَن يحدد الشَّفْرَة بعد مَا أضجعها جنس آخر وَفِي الْجَامِع الصَّغِير لَا بَأْس بِالذبْحِ فِي الْحلق كُله أَعْلَاهُ وأوسطه وأسفله وَلَا بَأْس بِأَكْل الْجَزُور إِذا ذبح ذبحا وَلم ينْحَر وَالشَّاة وَالْبَقَرَة إِذا نحرتا وَلم يذبحا يكره ذَلِك وَفِي بعض النّسخ لَا يسْتَحبّ وَفِي فتاوي القَاضِي الامام السّنة فِي الْإِبِل النَّحْر وَهُوَ قطع الْعُرُوق من أَسْفَل الْعُنُق عِنْد الصَّدْر وَالسّنة فِي الشَّاة وَالْبَقر الذّبْح فَإِن ذبح الْإِبِل وَنحر الشَّاة وَالْبَقَرَة جَازَ أَيْضا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أنهر الدَّم وأفرى الْأَوْدَاج فَكل ذبحت من قفاها إِن قطع الْحُلْقُوم والاوداج والمريء قبل أَن تَمُوت الشَّاة لابأس بأكلها وَإِن ذبح شَاة ذبح الشَّاة بسن أَو ظفر غير منزوع لَا يحل أكلهَا وَإِذا ذبحت بظفر منزوع أَو سنّ منزوعة أَو قرن أَو عظم فأنهر الدَّم وأفرى الْأَوْدَاج يحل عندنَا شَاة ذبحت فَقطع مِنْهَا نصف الْحُلْقُوم وَنصف المريء لَا تُؤْكَل وَإِن قطع الْأَكْثَر من الْحُلْقُوم والأوداج والمريء تُؤْكَل وَاخْتلفُوا فِي تَفْسِير الْأَكْثَر فَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله إِذا قطع الثَّلَاثَة من الْعُرُوق الْأَرْبَعَة أَي ثَلَاثَة كَانَت تحل وَإِن ترك قطع وَاحِد مِنْهَا لَا تحل وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله إِن قطع الْحُلْقُوم والمريء وَأحد الودجين تحل وَالله تَعَالَى أعلم جنس آخر قَالَ الامام السَّرخسِيّ لَو ذبح الشَّاة من المذبح فَلم يسل مِنْهَا الدَّم اخْتلف الْمُتَأَخّرُونَ قَالَ أَبُو الْقَاسِم الصفار لَا تحل وَقَالَ أَبُو بكر الاسكاف لَا بَأْس بِهِ وَفِي النَّوَازِل رجل ذبح شَاة أَو بقرة إِن تحركت بعد الذّبْح وَخرج مِنْهَا دم مسفوح تحل وَكَذَا إِن تحركت وَلم يخرج الدَّم أَو خرج الدَّم وَلم تتحرك فَإِن لم تتحرك وَلم يخرج الدَّم لَا تحل هَذَا اذا لم يعلم حَيَاتهَا وَقت الذّبْح فَإِن علمت حلت وَإِن لم تتحرك وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ خُرُوج الدَّم لَا يدل على الْحَيَاة الا اذا كَانَ يخرج كَمَا يخرج من الْحَيّ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَهُوَ ظَاهر الرِّوَايَة رجل ذبح شَاة مَرِيضَة وَلم يَتَحَرَّك مِنْهَا شَيْء إِلَّا فمها قَالَ مُحَمَّد بن سَلمَة إِن فتحت فاها لَا تُؤْكَل وَإِن ضمته تُؤْكَل وَكَذَا فِي الْعين إِن فتحتها لَا تُؤْكَل وَإِن ضمتها تُؤْكَل وَفِي الرجل إِن قبضت رجلهَا تُؤْكَل وَإِن مدَّتهَا لَا تُؤْكَل وَإِن نَام شعرهَا تُؤْكَل وَإِن قَامَ لَا تُؤْكَل هَذَا اذا لم يعلم حَيَاتهَا وَقت الذّبْح وَلم يخرج الدَّم وَلم تتحرك أما اذا وجد خُرُوج الدَّم وَالْحَرَكَة فقد ذَكرْنَاهُ الصَّيْد اذا بَقِي فِيهِ من الْحَيَاة قدر مَا يبْقى فِي الْمَذْبُوح بعد الذّبْح فهاهنا أَربع مسَائِل إِحْدَاهَا مَا ذَكرْنَاهُ وَالثَّانيَِة الذِّئْب إِذا قطع بطن شَاة وَبَقِي فِيهَا من الْحَيَاة مَا يبْقى فِي المذبوحة وَالثَّالِثَة الْكَلْب الْمعلم اذا اخذ الصَّيْد وجرحه وَبَقِي فِيهِ مَا يبْقى فِي الْمَذْبُوح بعد الذّبْح وَالرَّابِعَة إِذا رمى صيدا فَأَصَابَهُ وَبَقِي فِيهِ من الْحَيَاة قدر مَا يبْقى فِي الْمَذْبُوح بعد الذّبْح الأولى وَالثَّانيَِة عِنْدهمَا لَا يقبلان الذَّكَاة حَتَّى لَو ذكاهما لَا يحل

الفصل الثاني في التسمية

وَاخْتلف الْمَشَايِخ على قَول أبي حنيفَة وَالأَصَح أَنَّهُمَا يقبلان الذَّكَاة حَتَّى لَو ذكاها يحل ذكره الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث فِي مختلفاته وَالثَّالِثَة وَالرَّابِعَة لَا يقبلان الذَّكَاة يَعْنِي يحل حَتَّى لَو وجده الْمَالِك فَلم يذكه لَا يحرم وَأَبُو حنيفَة رَحمَه الله فرق بَين الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة وَبَين الأولى وَالثَّانيَِة وَذكر الامام السَّرخسِيّ اذا علم أَنَّهَا كَانَت حَيَّة حِين ذبحت حل أكلهَا سَوَاء كَانَت الْحَيَاة فِيهَا يتَوَهَّم بَقَاؤُهَا أَو لَا يتَوَهَّم بَقَاؤُهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله إِن كَانَ يتَوَهَّم أَنَّهَا تعيش يَوْمًا أَو أَكثر تحل رجل شقّ بطن شَاة فَأخْرج وَلَدهَا وَذبح ثمَّ ذبح الشَّاة إِن كَانَت الشَّاة لَا تعيش من الشق لَا تحل وَإِن كَانَت تعيش تحل بقرة عسر عَلَيْهَا الْولادَة فَأدْخل رجل يَده فِي مَوضِع الْولادَة فذبح الْوَلَد أَو جرح فِي غير مَوضِع الذّبْح إِن ذبح يحل وَلَا يشكل وَإِن جرحه إِن كَانَ لَا يقدر على ذبحه يحل رجل لَهُ شَاة حَامِل أَرَادَ ذَبحهَا إِن تقاربت الْولادَة يكره ذَبحهَا وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله بِنَاء على أَن الْجَنِين لَا يذكي بِذَكَاة الْأُم عِنْده قصاب ذبح شَاة فِي لَيْلَة مظْلمَة فَقطع الْأَعْلَى من الْحُلْقُوم أَو أَسْفَل مِنْهُ يحرم وَفِي مَحل الذَّكَاة قد ذَكرْنَاهُ الْفَصْل الثَّانِي فِي التَّسْمِيَة وَفِي الْجَامِع الصَّغِير يكره أَن يذكر اسْم الله تَعَالَى مَعَ اسْم غَيره عِنْد الذّبْح وَهِي على ثَلَاثَة أوجه مِنْهَا مَا يحرم وَمِنْهَا لَا يحرم وَيكرهُ وَمِنْهَا مَالا يحرم وَلَا يكره أما الأول فَهُوَ أَن يذكر اسْم الله تَعَالَى وَاسم غَيره على وَجه الْعَطف وَالشَّرِكَة نَحْو أَن يَقُول بِسم الله وَاسم فلَان أَو بِسم الله وَمُحَمّد رَسُول الله وَالْمَكْرُوه أَن يذكر اسْم الله وَغير الله مَقْرُونا فِي الظَّاهِر من غير حرف عطف وَلَا شركَة نَحْو أَن يَقُول بِسم الله مُحَمَّد رَسُول الله وَأما الَّذِي لَا يكره وَلَا يحرم فنحو أَن يكون مُنْفَصِلا عَنهُ صُورَة أَو معنى قبله أَو بعده بِأَن يَقُول اللَّهُمَّ تقبل عَن فلَان وَفِي الفتاوي لَو قَالَ بِسم الله وَمُحَمّد رَسُول الله بالخفض لَا تحل وبالرفع يحل وَلم يذكر النصب وَفِي رَوْضَة الزندوستن النصب كالخفض لَا تحل وَلَو قَالَ بِسم الله صلى الله على مُحَمَّد يحل وَالْأولَى أَن لَا يفعل وَلَو قَالَ بِسم الله وَصلى الله على مُحَمَّد مَعَ الْوَاو يحل وَلَو قَالَ بِسم الله وَاسم فلَان أَو باسم فلَان لَا يحل هُوَ الْمُخْتَار وَفِي الرَّوْضَة لَو قَالَ بِسم الله ينَام فلَان قَالَ أَبُو بكر يجوز مُطلقًا ذبح وَلم يظْهر الْهَاء فِي بِسم الله إِن قصد ذكر اسْم الله يحل وَإِن لم يقْصد وَقصد ترك الْهَاء لَا يحل نوع آخر رجل سمى عِنْد الذّبْح إِن أَرَادَ بِهِ التَّسْمِيَة على الذّبْح يحل وَإِن أَرَادَ بِهِ التَّسْمِيَة على غير الذّبْح لَا يحل كَالرّجلِ اذا سمع الْأَذَان فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذّن الله أكبر قَالَ هُوَ الله أكبر وَشرع فِي الصَّلَاة لَا يصير شَارِعا فِي الصَّلَاة وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة فِي التَّسْمِيَة تحل وَكَذَا اذا ترك التَّسْمِيَة نَاسِيا

وتشترط التَّسْمِيَة فِي ذبح الْحمار للطَّهَارَة وَفِي الأَصْل التَّسْمِيَة عِنْد الذّبْح شَرط وَفِي الِاصْطِيَاد عِنْد الْإِرْسَال وَالرَّمْي وَإِذا نصب الحديدة لأخذ الظبي تشْتَرط التَّسْمِيَة عِنْد الْوَضع وَقد ذكر صَاحب الْمُحِيط نصب منجلا لصيد حمَار الْوَحْش ثمَّ وجده مجروحا بِهِ مَيتا لَا يحل قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله وَهَذَا الْجَواب إِنَّمَا يحمل على مَا اذا قعد عَن الطّلب لما أَنه فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى اعْتبر التَّسْمِيَة عِنْد النصب وَلَو أضجع شَاة وَأخذ السكين وسمى ثمَّ تَركهَا وَذبح شَاة أُخْرَى وَترك التَّسْمِيَة عَامِدًا لَا يحل وَلَو رمي سَهْما الى صيد وسمى فَأصَاب آخر أَو أرسل كَلْبه الى صيد وسمى وَترك الْكَلْب ذَلِك الصَّيْد وَأخذ غَيره يحل وَلَو ذبح تِلْكَ الشَّاة ثمَّ ذبح بعْدهَا أُخْرَى فَظن أَن تِلْكَ التَّسْمِيَة تَكْفِي لَا تحل والسهم إِذا أصَاب الصَّيْد وَغَيره أَو أَخذ الْكَلْب ذَلِك الصَّيْد وَغَيره حل الْكل وَلَو نظر الى قطيع من الْغنم فَأخذ السكين وسمى ثمَّ أَخذ مِنْهَا شَاة وذبحها بِتِلْكَ التَّسْمِيَة لَا تحل وَلَو أرسل كَلْبه الى جمَاعَة من الصيود وسمى فَأخذ أَحدهَا تحل وَلَو قَالَ مَكَان التَّسْمِيَة الْحَمد لله أَو سُبْحَانَ الله يُرِيد التَّسْمِيَة أَجزَأَهُ وَلَو قَالَ الشُّكْر لله لَا يجوز كَمَا فِي مَسْأَلَة الْأَذَان وَقد ذَكرْنَاهُ وَلَو اضجع شَاة ليذبحها ثمَّ أكل وَشرب أَو تكلم ثمَّ ذبح إِن طَال فَقطع الْغَوْر حرم وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الأَصْل وَذكر فِي الأَصْل أَنه إِن طَال الْفَصْل وَلم يذكر جدد وَرَأَيْت فِي مَوضِع ثِقَة أَن التَّطْوِيل مَا يستكثره النَّاظر وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي إِذا حدد الشَّفْرَة تَنْقَطِع التَّسْمِيَة من غير فصل وَهَذَا لَو تقلبت الشَّاة وَقَامَت من مضجعها ثمَّ أَعَادَهَا الى مضجعها انْقَطَعت التَّسْمِيَة = كتاب الْأُضْحِية وَفِي نُسْخَة الامام السَّرخسِيّ الْأُضْحِية وَاجِبَة وَذكر الطَّحَاوِيّ أَن هَذَا قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله أما عِنْدهمَا فَهِيَ سنة وَفِي نظم الزندوستي الْأُضْحِية أحب الي من التَّصَدُّق بِمثل قيمتهَا وَفِي الْمُوسر وَاجِبَة عَلَيْهِ فِي ظَاهر الرِّوَايَة وشرائط وُجُوبهَا الْغنى وَأَن يكون مُقيما فِي مصر أَو قَرْيَة وَأَن لَا يكون مُسَافِرًا وَأَن يكون فِي الْوَقْت وَفِي أَجنَاس الناطفي قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله الْمُوسر الَّذِي لَهُ مِائَتَا دِرْهَم أَو عرض يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم سوى الْمسكن وَالْخَادِم وَالثيَاب الَّتِي تلبس ومتاع الْبَيْت الَّذِي يحْتَاج اليه وَهَذَا اذا بَقِي لَهُ الى أَن يذبح الْأُضْحِية وَفِي الهارونيات إِن جَاءَ يَوْم الْأَضْحَى وَله مِائَتَا دِرْهَم وَلَا مَال لَهُ غَيره فَهَلَك لم تجب الْأُضْحِية عَلَيْهِ وَكَذَا لَو نقص عَن الْمِائَتَيْنِ وَلَو جَاءَ يَوْم الْأَضْحَى وَلَا مَال لَهُ ثمَّ اسْتَفَادَ مِائَتي دِرْهَم وَلَا دين عَلَيْهِ وَجَبت عَلَيْهِ الْأُضْحِية الْفقر والغنى وَالْمَوْت إِنَّمَا يعْتَبر فِي حق الْأُضْحِية آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَأَيَّام النَّحْر وَلَو كَانَ لَهُ عقار مستغل اخْتلف الْمُتَأَخّرُونَ فَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي يعْتَبر قِيمَته لَا دخله حَتَّى لَو كَانَت قِيمَته مِائَتي دِرْهَم فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَقَالَ أَبُو عَليّ الدقاق يعْتَبر دخله لَا قِيمَته تَفْسِيره إِن كَانَ يدْخل من ذَلِك قوت سنة فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَصدقَة الْفطر وَقَالَ غَيره قوت شهر فَإِن فضل عَن ذَلِك مِائَتَا دِرْهَم فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَصدقَة الْفطر

وَفِي أول أضاحي الزَّعْفَرَانِي إِن كَانَت غلَّة المستغل تكفيه وَعِيَاله فَهُوَ مُوسر وَإِلَّا فَهُوَ مُعسر عِنْد مُحَمَّد وَعند أبي يُوسُف هُوَ مُوسر وَلَو كَانَت الضّيَاع وَقفا وَلها غلَّة إِن وَجب لَهُ فِي أَيَّام النَّحْر قدر مِائَتي دِرْهَم فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَإِلَّا فَلَا وَإِن كَانَ خبازا وَعِنْده حِنْطَة قيمتهَا قدر مِائَتي دِرْهَم أَو ملح قِيمَته مِائَتَا دِرْهَم أَو قصارا عِنْده أشنان أَو صابون قِيمَته مِائَتَا دِرْهَم فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَلَو كَانَ لَهُ مصحف أَو كتب الْفِقْه أَو الحَدِيث إِن كَانَ يحسن أَن يقْرَأ مِنْهَا وَقيمتهَا مِائَتَا دِرْهَم فَلَا أضْحِية عَلَيْهِ وَإِن كَانَ لَا يحسن فَعَلَيهِ الْأُضْحِية الْكل من الْأَجْنَاس وَفِي الفتاوي الصُّغْرَى الْفَقِيه بالكتب لَا يصير غَنِيا إِلَّا أَن يكون لَهُ من كل كتاب اثْنَان وهما بِرِوَايَة وَاحِدَة عَن مُحَمَّد وَإِن كَانَ أَحدهمَا بِرِوَايَة الامام أبي حَفْص وَالْآخر بِرِوَايَة أبي سُلَيْمَان لَا يصير بِهِ غَنِيا وَلَا يصير الانسان غَنِيا بكتب الْأَحَادِيث والتفاسير وَإِن كَانَ لَهُ من كل اثْنَان وَصَاحب كتب الطِّبّ والنجوم وَالْأَدب غَنِي بهَا إِذا صَارَت قيمتهَا مِائَتي دِرْهَم وَفِي الْأَجْنَاس رجل بِهِ زمانة اشْترى حمارا يركبه وَيسْعَى فِي حَوَائِجه وَقِيمَته مِائَتَا دِرْهَم فَلَا أضْحِية عَلَيْهِ وَلَو كَانَ فِي دَار بكرَاء فَاشْترى قِطْعَة أَرض بِمِائَتي دِرْهَم فَبنى فِيهَا دَارا ليسكنها فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَلَو كَانَ لَهُ دَار فِيهَا بيتان شتوي وَصَيْفِي وفرش صَيْفِي وشتوي لم يكن بهما غَنِيا وَإِن كَانَ لَهُ فِيهَا ثَلَاثَة أَبْيَات وَقِيمَة الثَّالِث مِائَتَا دِرْهَم فَعَلَيهِ الْأُضْحِية وَكَذَا الأفراس يعْتَبر الْفرس الثَّالِث والغازي لَا يكون بفرسين غَنِيا وبالثالث يكون غَنِيا وَلَا يكون الْغَازِي بالأسلحة غَنِيا إِلَّا أَن يكون لَهُ من كل سلَاح اثْنَان وَأَحَدهمَا يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم وَفِي الفتاوي الدهْقَان لَيْسَ بغني بفرس وَاحِد وبحمار وَاحِد فَإِن كَانَ لَهُ فرسَان أَو حماران وَأَحَدهمَا يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم فَهُوَ نِصَاب الْأُضْحِية والزراع بثورين وَآلَة الفدان لَيْسَ بغني وَبِبَقَرَةٍ وَاحِدَة غَنِي وبثلاثة ثيران إِذا سَاوَى أَحدهمَا مِائَتي دِرْهَم صَاحب نِصَاب وَصَاحب الثِّيَاب لَيْسَ بغني بِثَلَاثَة أَثوَاب أَحدهَا للبدلة وَالْآخر للمهنة وَالثَّالِث للأعياد وَهُوَ غَنِي بالرابع وَصَاحب الْكَرم غَنِي إِذا سَاوَى مِائَتي دِرْهَم وَالْمَرْأَة تعْتَبر موسرة بِالْمهْرِ الْمُعَجل الَّذِي لَهَا على الزَّوْج إِن كَانَ مَلِيًّا عِنْدهمَا وَعند أبي حنيفَة لَا يعْتَبر قَالَ رَحمَه الله وَرَأَيْت فِي مَوضِع ثِقَة رِوَايَة ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَنه لَا تجب الْأُضْحِية إِلَّا على من لَهُ مِائَتَا دِرْهَم فَصَاعِدا فعلى هَذِه الرِّوَايَة سوى بَين غَنِي الْأُضْحِية وغني الزَّكَاة بَيَان وَقت الْأُضْحِية وَفِي الأَصْل أَيَّام النَّحْر أَولهَا أفضلهَا وَيجوز التَّضْحِيَة فِي الليلتين المتخللتين وَيكرهُ إِذا طلع الْفجْر الثَّانِي من يَوْم النَّحْر فلأهل السوَاد أَن يضحوا وَأهل الْمصر لَا يضحون إِلَّا بعد صَلَاة الْعِيد وَفِي الْأَجْنَاس لَو ذبح أضحيته بعد صَلَاة الإِمَام قبل الْخطْبَة جَازَ فِي إملاء مُحَمَّد رَحمَه الله وَلَو لم يشتر أضحيته حَتَّى مَضَت أَيَّام النَّحْر تصدق بِقِيمَة مَا يصلح للأضحية وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي إِذا صلى الإِمَام يَوْم الْعِيد ثمَّ تذكر أَنه صلى على غير وضوء أَو كَانَ جنبا وَقد ذبح الرجل أضحيته بعد صَلَاة الامام وَقد تفرق النَّاس لَا تُعَاد الصَّلَاة وَتجوز الْأُضْحِية وَإِن لم يتفرق النَّاس حَتَّى علم يُعِيد الصَّلَاة وأجزأت الْأُضْحِية لِأَن من الْعلمَاء من قَالَ لَا يُعِيد النَّاس الصَّلَاة وَيُعِيد الامام

وَحده وَلَو علم الامام بذلك نَادَى بِالصَّلَاةِ ليعيدها فَمن ذبح قبل أَن يعلم بذلك أَجزَأَهُ وَمن علم بذلك لم يجزه الذّبْح إِذا ذبحه قبل زَوَال الشَّمْس وَبعد الزَّوَال يُجزئهُ وَفِي الْأَجْنَاس لَو تبين أَن هَذَا الْيَوْم التَّاسِع من ذِي الْحجَّة يُؤمر بِإِعَادَة الصَّلَاة وَالْأَضَاحِي كَذَا ذكره فِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي وَقَالَ فِي الفتاوي إِن شهد عِنْده شُهُود على هِلَال ذِي الْحجَّة جَازَت الصَّلَاة وَالْأُضْحِيَّة وَإِن لم يشْهد عِنْده الشُّهُود لَا تجوز اه نوع فِيمَا يجوز من الْأُضْحِية ومالا يجوز وَفِي الأَصْل الْأُضْحِية من أَرْبَعَة أَصْنَاف من الْحَيَوَان الأول الْإِبِل وَالْأُنْثَى مِنْهَا أفضل وَلَا يجوز مِنْهَا الا الثنى وَهِي الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا خَمْسَة أَحْوَال وطعنت فِي السَّادِسَة وَفِي الطّلبَة مَا تمّ لَهَا أَرْبَعَة أَحْوَال وَالثَّانِي الْبَقر وَالْأُنْثَى مِنْهَا أفضل وَلَا يجوز مِنْهَا الا الثني وَهِي الَّتِي عَلَيْهَا سنتَانِ وطعنت فِي الثَّالِثَة وَالثَّالِث الْغنم وَالذكر مِنْهَا أفضل إِذا كَانَ خَصيا والثني مِنْهَا فَصَاعِدا جَائِز وَلَا يجوز مَا دون ذَلِك من كل شَيْء الا الْجذع الْعَظِيم من الضَّأْن والثني من الْغنم الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا سنة وطعنت فِي الثَّانِيَة والجذع الثني أَتَى عَلَيْهِ سِتَّة أشهر وَطعن فِي الشَّهْر السَّابِع وَفِي الْأَجْنَاس الْجذع من الضَّأْن مَا تمّ لَهُ ثَمَانِيَة أشهر وَطعن فِي التَّاسِع وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي مَا تمت لَهُ سَبْعَة أشهر وَطعن فِي الثَّامِن ثمَّ قَالَ فِي الْأَجْنَاس إِنَّمَا يجوز الْجذع إِذا كَانَ عَظِيم الْجِسْم أما إِذا كَانَ صَغِيرا فَلَا يجوز الا إِذا تمّ لَهُ سنة وَطعن فِي الثَّانِيَة وَالرَّابِع الْمعز وَالذكر مِنْهُ أفضل وَلَا يجوز مِنْهُ الا الثني وَهُوَ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ سنة وَطعن فِي الثَّانِيَة كالغنم والعناق من الْمعز كالجذع من الضَّأْن وَهُوَ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ أَكثر الْحول الْكل فِي الأَصْل وَفِي نظم الزندوستي الْمَوْلُود بَين الوحشي والأهلي إِذا كَانَت أمه وحشية لَا يجوز وَلَو نزا كلب على شَاة فَولدت قَالَ عَامَّة الْعلمَاء لَا يجوز وَقَالَ الامام الخيزخرني إِن كَانَ يشبه الْأُم يجوز وَلَو نزا ظَبْي على شَاة قَالَ عَامَّة الْعلمَاء يجوز وَقَالَ الامام الخيزاخزي الْعبْرَة للمشابهة الجاموس يجوز فِي الضَّحَايَا والهدايا اسْتِحْسَانًا ثمَّ الْإِبِل أفضل من الْبَقر ثمَّ الْغنم أفضل من الْمعز وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي قَالَ الامام الحومني وَالْبَقَرَة أفضل من الشَّاة إِذا اسْتَويَا فِي الْقيمَة وَاللَّحم وَالْأَصْل فِيهِ أَنَّهُمَا إِذا اسْتَويَا فِي الْقيمَة وَاللَّحم فأطيبهما لَحْمًا أفضل وان اخْتلفَا فِي الْقيمَة فالفاضل أولى حَتَّى أَن الْفَحْل بِعشْرين أفضل من الْخصي بِخَمْسَة عشر وَالْبَقَرَة أفضل من سِتّ شِيَاه إِذا اسْتَويَا فِي الْقيمَة وَسبع شِيَاه أفضل من الْبَقَرَة وَفِي الفتاوي شِرَاء شَاة وَاحِدَة للأضحية بِثَلَاثِينَ درهما أفضل من شِرَاء شَاتين بِعشْرين وَفِي أصُول التَّوْحِيد للْإِمَام الصفار التَّضْحِيَة بالديك والدجاجة فِي أَيَّام الْأُضْحِية مِمَّن لَا أضْحِية عَلَيْهِ لإعساره تَشْبِيها بالمضحين مَكْرُوه لِأَنَّهُ من شيم الْمَجُوس وَفِي الفتاوي لَو ضحى بِشَاة وَاحِدَة يَكْفِيهِ وَلَو ضحى بِأَكْثَرَ من وَاحِدَة تقع الْوَاحِدَة فَرِيضَة وَالزِّيَادَة تطوع عِنْد عَامَّة الْعلمَاء وَالْجَزُور وَالْبَقر يُجزئ عَن سَبْعَة إِذا أَرَادَ الْكل الْقرْبَة اخْتلفت جِهَة الْقرْبَة أَو اتّحدت وَلَو نوى أحدهم اللَّحْم بَطل الْكل

وَالْبَعِير وَالْبَقر يُجزئ عَن سَبْعَة إِذا كَانُوا يُرِيدُونَ بِهِ وَجه الله تَعَالَى اتّفقت جِهَة الْقرْبَة أَو اخْتلفت كالأضحية وَالْقرَان والتمتع وَالتَّقْدِير بالسبع لمنع الزِّيَادَة لَا لمنع النُّقْصَان حَتَّى لَو كَانَ الشِّرَاء فِي الْبَدنَة أَو الْبَقَرَة ثَمَانِيَة لم يجزهم وَلَو كَانُوا أقل من ثَمَانِيَة إِلَّا أَن نصيب وَاحِد مِنْهُم أقل من السَّبع لَا يجوز أَيْضا بَيَانه مَاتَ الرجل وَترك امْرَأَة وابنا وبقرة فضحيا بهَا لَا يجوز عَنْهُمَا أَي فِي حَقّهمَا وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي اشْترك ثَلَاثَة نفر فِي بقرة على أَن يدْفع أحدهم أَرْبَعَة دَنَانِير وَالْآخر ثَلَاثَة دَنَانِير وَالْآخر دِينَارا واشتروا بهَا بقرة على أَن تكون الْبَقَرَة بَينهم على قدر رُؤُوس أَمْوَالهم فضحوا بهَا لَا يجوز وَلَو كَانَت الْبَدنَة أَو الْبَقَرَة بَين اثْنَيْنِ فضحيا بهَا اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ وَالْمُخْتَار أَنه يجوز وَنصف السَّبع تبع فَلَا يصير لَحْمًا قَالَ الصَّدْر الشَّهِيد وَهَذَا اخْتِيَار الامام الْوَالِد وَهُوَ اخْتِيَار الْفَقِيه أبي اللَّيْث وَفِي الأَصْل سَبْعَة اشْتَركُوا فِي بَدَنَة أَو بقرة ثمَّ مَاتَ بَعضهم قبل أَن ينحروا فَقَالَ ورثته انحروها عَنْكُم وَعَن فلَان الْمَيِّت يجزئهم اسْتِحْسَانًا وَكَذَا لَو كَانَ أحد الشُّرَكَاء ضحى عَن وَلَده الصَّغِير أَو عَن أم وَلَده سَبْعَة ضحوا ببقرة وَأَرَادُوا أَن يقتسموا اللَّحْم بَينهم إِن اقتسموها وزنا جَازَ وَإِن اقتسموها جزَافا إِن جعلُوا مَعَ اللَّحْم شَيْئا من السقط كالرأس والأكارع يجوز وَإِن لم يجْعَلُوا لَا يجوز وَإِن فعلوا مَعَ هَذَا وحللوا الْفضل بَينهم بَعضهم لبَعض لم يجز وَلَو بَاعَ درهما بدرهم وَأَحَدهمَا أَكثر وزنا فحلل صَاحبه الآخر يجوز لِأَن هبة الْمشَاع فِيمَا لَا يحْتَمل الْقِسْمَة يجوز وَفِي الأولى يحْتَمل الْقِسْمَة وَالْفرق أَن تَحْلِيل الْفضل هبة وَفِي مَسْأَلَة اللَّحْم وهب الْمشَاع فِيمَا يحْتَمل الْقِسْمَة وَهُوَ اللَّحْم فَلم يجز وَفِي مَسْأَلَة الدِّرْهَم الْوَاحِد لَا يحْتَمل الْقِسْمَة جَازَ وَلَو جعلُوا اللَّحْم والشحم سَبْعَة أسْهم وقسموها بَينهم جزَافا جَازَت الْقِسْمَة هَكَذَا فِي الفتاوي وَفِي الْمُنْتَقى لَو غصب أضْحِية غَيره وذبحها عَن نَفسه وَضمن الْقيمَة لصَاحِبهَا أَجزَأَهُ مَا صنع لِأَنَّهُ ملكهَا بسابق الْغَصْب وَفِي نظم الزندوستي خَمْسَة أَشْيَاء إِذا أَخذهَا من ملك الْغَيْر تجوز بهَا الْأُضْحِية وَضمن قيمتهَا أَولهَا غصب شَاة وضحى بهَا وَالثَّانِي لَو سرق شَاة وضحى بهَا وَالثَّالِث لَو غصب من وَلَده الصَّغِير أَو الْكَبِير وَالرَّابِع لَو غصب من عَبده الْمَأْذُون الْمَدْيُون دينا مُسْتَغْرقا وَالْخَامِس الشِّرَاء الْفَاسِد قَالَ وَسِتَّة لَا تجوز أَولهَا الْمُودع إِذا ضحى بِشَاة الْوَدِيعَة وَالْمُسْتَعِير والمستبضع وَالْمُرْتَهن وَالْوَكِيل بشرَاء الشَّاة وَالْوَكِيل بِحِفْظ مَاله إِذا ضحى بِشَاة مُوكله وَالسَّادِسَة الزَّوْج وَالزَّوْجَة إِذا ضحى كل بِشَاة صَاحبه بِغَيْر إِذْنه وَالْأُضْحِيَّة تدخل فِي ضَمَانه بِالذبْحِ وَلَو لم يتَقَدَّم ملكه على وَقت الْمُبَاشرَة نوع فِي الْعُيُوب وَفِي نظم الزندوستي خَمْسَة عشر من الْآفَات لَا تمنع جَوَاز الْأُضْحِية مِنْهَا أَن الَّتِي لَا أَسْنَان لَهَا إِن كَانَت تعلف لَا تجوز فِي ظَاهر الْأُصُول وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى إِن بَقِي من الاسنان مَا تعتلف بِهِ يجوز وَفِي الْأَجْنَاس لَا يجوز مُطلقًا وَالَّتِي لَا لِسَان لَهَا فِي الْغنم يجوز وَفِي الْبَقر لَا والجرباء إِن كَانَت سَمِينَة تجوز وَالَّتِي لَا قرن لَهَا من الأَصْل تجوز فَإِن انْقَطع أَو انْكَسَرَ بعض قرنها تجوز إِلَّا إِذا بلغ المخ وصغيرة الْأذن وَالَّتِي بأذنها ثقب أَو شقّ من الْأَعْلَى الى الْأَسْفَل فَإِن لم يكن لَهَا أذن خلقَة لَا تجوز وَكَذَا إِذا لم يكن لَهَا إِحْدَى الْأُذُنَيْنِ

وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله إِن لم يخلق لَهَا أذن تجوز وَهَكَذَا روى عَن مُحَمَّد رَحمَه الله والتولاء وَهِي الْمَجْنُونَة إِن كَانَت سَمِينَة والعرجاء إِن كَانَت تمشي بِثَلَاث قَوَائِم وتجافي الرَّابِعَة عَن الأَرْض لَا تجوز وَإِن كَانَت تضع الرَّابِعَة على الأَرْض وتستعين بهَا الا أَنَّهَا تتمايل مَعَ ذَلِك وتضعها وضعا خَفِيفا تجوز والمجبوب الْعَاجِز عَن الْجِمَاع وَالَّتِي فِيهَا سعال والعاجزة عَن الْولادَة لكبر سنّهَا وَالَّتِي بهَا كي وَالَّتِي لَا ينزل لَهَا لبن من غير عِلّة وَالَّتِي لَهَا ولد تجوز وَفِي الْأَجْنَاس إِن كَانَ للشاة ألية صَغِيرَة خلقت شبه الذَّنب تجوز وَإِن لم يكن لَهَا ألية خلقت كَذَلِك قَالَ مُحَمَّد لَا تجوز وَفِي المنبع من الْعُيُوب مَا لَا يجوز مِنْهَا العمياء والعوراء فَإِن كَانَ الذَّاهِب بعض عينهَا الْوَاحِدَة أَو بعض أذنها أَو بعض أسنانها فَفِي رِوَايَة الْأَجْنَاس إِن كَانَ أَكثر من النّصْف لَا تجوز بِالْإِجْمَاع وَإِن كَانَ أقل من الثُّلثَيْنِ تجوز بِقدر الثُّلُث وَمَا كَانَ دون النّصْف فَهُوَ قَلِيل عِنْدهمَا وبقدر النّصْف ظَاهر مَذْهَبهمَا أَنه كثير وَفِي شرح الْجَامِع للصدر الشَّهِيد فِي النّصْف عَنْهُمَا رِوَايَتَانِ وَالظَّاهِر عَنْهُمَا أَن النّصْف كثير وَفِي مُخْتَلف الرِّوَايَات إِن كَانَ أَكثر من الثُّلُث لَا يجوز عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وبقدر الثُّلُث يجوز وَعَلِيهِ اعْتمد فِي الْجَامِع الصَّغِير وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنه لَا يجوز وَهل تجمع الخروق فِي الْأذن من الْأُضْحِية اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ فِي كتاب الصَّلَاة من الْأَجْنَاس وَلَو كَانَت صَحِيحَة الْعَينَيْنِ فعورت عِنْده بعد إِيجَابه إِيَّاهَا على نَفسه أَو كَانَت سَمِينَة فَصَارَت عِنْده عجفاء أَو عرجاء وَإِن كَانَ مُوسِرًا لَا يجوز لَهُ أَن يُضحي بهَا وَإِن كَانَ فَقِيرا جَازَ لَهُ ذَلِك وَهَذَا فِي رِوَايَة أبي سُلَيْمَان وَفِي رِوَايَة أبي حَفْص يجوز مُعسرا كَانَ أَو مُوسِرًا وَلَو أصابتها آفَة فَكسرت رجلهَا أَو ذهبت عينهَا فِي معالجة الذّبْح إِن لم يرسلها جَازَ وَإِن أرسلها بعد إِصَابَة الآفة ثمَّ ضحى بهَا فِي وَقت آخر فِي يَوْمه أَو فِي يَوْم آخر لَا رِوَايَة لَهَا فِي الْأُصُول وَفِي الْعُيُون والمنتقى وأضاحي الزَّعْفَرَانِي عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله أَنه يجوز وَقَالَ الزَّعْفَرَانِي فِي كِتَابه إِنَّه لَا يجوز وَبِه قَالَ بعض الْعلمَاء وَلَا نَأْخُذ بِهِ والعجفاء الَّتِي لَا شَحم لَهَا لَا تجوز ومقطوعة رُؤُوس ضروعها وَإِن ذهب من وَاحِد أقل من النّصْف فعلى مَا ذكرنَا من الْخلاف فِي الْعين وَالْأُذن وَفِي الشَّاة والمعز إِذا لم يكن لَهَا إِحْدَى حلمتيها خلقَة أَو ذهبت بِآفَة وَبقيت أُخْرَى لم تجز وَفِي الْإِبِل وَالْبَقر إِن ذهبت وَاحِدَة يجوز وَإِن ذهب اثْنَتَانِ لَا يجوز وَالله أعلم نوع فِي الِانْتِفَاع بالأضحية وَفِي الأَصْل يكره أَن تحلب الْأُضْحِية ويجز صوفها قبل الذّبْح وَينْتَفع بِهِ فَإِن فعل ذَلِك تصدق بِهِ وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ هَذَا فِي الشَّاة الَّتِي أوجبهَا على نَفسه وَيجوز الِانْتِفَاع بجلد الْأُضْحِية وهدي الْمُتْعَة والتطوع بِأَن يَتَّخِذهُ فروا أَو بساطا أَو جرابا أَو غربالا وَله أَن يَشْتَرِي بِهِ مَتَاع الْبَيْت كالجراب والغربال والخف وَلَا يَشْتَرِي بِهِ الْخلّ وَالزَّيْت وَاللَّحم وَلَا بَأْس بِبيعِهِ بِالدَّرَاهِمِ ليتصدق بهَا وَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيعهَا بِالدَّرَاهِمِ لينفقها على نَفسه وَلَو فعل ذَلِك يتَصَدَّق بِثمنِهِ وَإِذا اشْترى بقرة أَو بَعِيرًا وأوجبه أضْحِية يكره لَهُ ركُوبه واستعماله فَإِن فعل ذَلِك أَو بعضه تصدق بِمَا نَقصه وَإِن آجره تصدق بأجره وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي فَإِن ولدت ولدا ذَبحهَا وَوَلدهَا مَعهَا نوع فِي التَّضْحِيَة عَن الْغَيْر وَفِي التَّجْرِيد يُضحي الْغَنِيّ عَن نَفسه وَأما عَن وَلَده الصَّغِير فَفِيهِ

الفصل الثالث والعشرون في الجنايات والديات والحدود

رِوَايَتَانِ وَأما عَن أَوْلَاده الْكِبَار فَلَا يُضحي عَنْهُم وَأما ابْن الابْن فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فَإِن كَانَ للصَّغِير مَال يُضحي عَنهُ أَبوهُ أَو وَصِيّه عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَعند مُحَمَّد وَزفر يُضحي من مَال نَفسه وَفِي الأَصْل قَالَ الامام السَّرخسِيّ زعم بعض مَشَايِخنَا أَن على الْأَب أَن يُضحي من مَال الصَّغِير وَكَذَلِكَ الْوَصِيّ على قِيَاس صَدَقَة الْفطر عِنْد أبي حنيفَة وَالأَصَح أَنه لَيْسَ لَهُ ذَلِك وَلِهَذَا لَا يملك عتق عَبده وَهبة مَاله وَالْقَاضِي فِي مَال الصَّغِير على هَذَا وَالْمَجْنُون كَالصَّبِيِّ وعَلى الْأَب أَن يُؤَدِّي خراج الأَرْض الَّتِي للصَّبِيّ وَعشرَة وَيُؤَدِّي دينه وَفِي الفتاوي الْوَصِيّ إِذا ضحى عَن الصَّغِير بِمَالِه يَعْنِي بِمَال الصَّغِير وَلم يتَصَدَّق جَازَ فَإِن تصدق ضمن وَفِي النَّوَازِل لَو ضحى بِشَاة نَفسه على غَيره بأَمْره أَو بِغَيْر أمره لَا يجوز بِخِلَاف الْعتْق عَن غَيره فَإِنَّهُ لَو أعتق عَبده عَن كَفَّارَة رجل بأَمْره يجوز وَذكر بعد هَذَا فِي النَّوَازِل سُئِلَ نصير عَن رجل ضحى عَن الْمَيِّت مَاذَا يصنع بِهِ قَالَ يَأْكُل مِنْهُ ويصنع بِهِ مَا يصنع بأضحيته فَقيل لَهُ أيصير عَن الْمَيِّت فَقَالَ الْأجر لَهُ وَالْملك لهَذَا فَقيل لَهُ فَإِن ضحى عَن الصَّبِي فَقَالَ الْأجر لَهُ وَالْملك لهَذَا الرجل وَقَالَ مُحَمَّد بن سَلمَة مثل هَذَا وَقَالَ مُحَمَّد بن مقَاتل مثل ذَلِك وَأَبُو مُطِيع مثله وَقَالَ عِصَام بن يُوسُف يتَصَدَّق بِالْكُلِّ وَفِي الرَّوْضَة إِن أوصى أَن يُضحي عَنهُ من ثلث مَاله كل عَام جَازَ وَفِي أضاحي الزَّعْفَرَانِي لَو ضحى ببقرة عَن نَفسه وَعَن سِتَّة من أَوْلَاده إِن كَانُوا صغَارًا جَازَ وأجزأهم وَفِي الْكِبَار بأمرهم جَازَ وَبِغير أَمرهم لَا يجوز هَذَا مَا يسر الله نَقله من الْخُلَاصَة وَالله الْمُوفق الْفَصْل الثَّالِث وَالْعشْرُونَ فِي الْجِنَايَات والديات وَالْحُدُود تعمد الْقَتْل على خَمْسَة أوجه عمد وَشبه عمد وَخطأ وَمَا جرى مجْرى الْخَطَأ وَالْقَتْل بِسَبَب فالعمد مَا تعمد ضربه بسلاح أَو مَا جرى مجْرى السِّلَاح فِي تَفْرِيق الْأَجْزَاء كالمحدد من الْخشب وَالْحجر وَالنَّار وبموجب ذَلِك الْإِثْم والقود الا أَن يعْفُو الْأَوْلِيَاء وَلَا كَفَّارَة فِيهِ وَشبه الْعمد عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله أَن يتَعَمَّد الضَّرْب بِمَا لَيْسَ بسلاح وَلَا مَا جرى السِّلَاح وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله إِذا ضرب بِحجر عَظِيم أَو بخشبة عَظِيمَة فَهُوَ عمد لِأَنَّهُ لَا يقْصد بِهِ الا الْقَتْل وَمُوجب ذَلِك على الْقَوْلَيْنِ الْإِثْم وَالْكَفَّارَة وَلَا قَود فِيهِ وَفِيه دِيَة مُغَلّظَة على الْعَاقِلَة وَالْخَطَأ على وَجْهَيْن خطأ فِي الْقَصْد وَهُوَ أَن يَرْمِي شخصا يَظُنّهُ صيدا فَإِذا هُوَ آدَمِيّ وَخطأ فِي الْفِعْل وَهُوَ أَن يَرْمِي غَرضا فَيُصِيب آدَمِيًّا وَمُوجب ذَلِك الْكَفَّارَة وَالدية على الْعَاقِلَة وَلَا إِثْم فِيهِ وَأما مَا جرى مجْرى الْخَطَأ فَمثل النَّائِم يَنْقَلِب على رجل فيقتله فَحكمه حكم الْخَطَأ وَأما الْقَتْل بِسَبَب فكحافر الْبِئْر وَوَاضِع الْحجر فِي غير ملكه وموجبه إِذا تلف فِيهِ آدَمِيّ الدِّيَة على الْعَاقِلَة وَلَا كَفَّارَة فِيهِ وَالْكَفَّارَة فِي شبه الْخَطَأ عتق رَقَبَة مُؤمنَة فَإِن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين وَلَا يُجزئ فيهمَا الْإِطْعَام لقَوْله تَعَالَى {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} وَيقتل الذِّمِّيّ بالذمي وَيقتل الْوَاحِد بِالْجَمَاعَة وَتقتل الْجَمَاعَة بِالْوَاحِدِ فَإِذا قتل جمَاعَة وَاحِدًا عمدا تقتل الْجَمَاعَة بِالْوَاحِدِ لإِجْمَاع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم

وروى أَن سَبْعَة قتلوا وَاحِدًا بِصَنْعَاء فَقَتلهُمْ عمر رَضِي الله عَنهُ جَمِيعًا وَقَالَ لَو تمالأ أَي لَو اجْتمع عَلَيْهِ أهل صنعاء لقتلتهم جَمِيعًا وَلِأَن الْقَتْل بطرِيق التَّعَاقُب غَالب وَالْقصاص شرع لحكمة الزّجر فَيجْعَل كل وَاحِد مِنْهُم كالمنفرد بِهَذَا الْفِعْل فَيجب الْقصاص تَحْقِيقا لِمَعْنى الْإِحْيَاء من الْكل وَذكر بعض شرَّاح القدروي إِنَّمَا يقْتَصّ من جَمِيعهم إِذا وجد من كل وَاحِد مِنْهُم جرح لإزهاق الرّوح فَأَما إِذا كَانُوا مُعينين بِالْأَخْذِ والإمساك فَلَا قصاص عَلَيْهِم الْكل من شرح الْكَنْز وَلَا يجوز اسْتِيفَاء الْقصاص إِلَّا بِالسَّيْفِ أَو السكين حَتَّى إِن من أحرق رجلا بالنَّار أَو قطع طرف لِسَانه فَمَاتَ أَو شجه وَكَانَ يضْرب علاوته فَمَاتَ يقتل بِالسَّيْفِ لَا غير وَلَا يقتل الْوَالِد بولده وَلَا الْجد من قبل الرِّجَال وَالنِّسَاء وَإِن علا وَلَا بِولد الْوَلَد وَإِن سفل وَلَا وَالِدَة بِوَلَدِهَا وَلَا جدة من قبل الْأَب وَالأُم وَإِن علت أَو سفلت وَيقتل الْوَلَد بالوالد وَلَا يقتل الْمولى بِعَبْدِهِ ملك كُله أَو بعضه وَيقتل العَبْد بمولاه وَلَو جن الْقَاتِل بعد الْقَتْل لَا يقتل وينقلب مَالا وَيقتل سليم الْجَوَارِح بناقص الْأَطْرَاف والبالغ والعاقل بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُون وَلَا قصاص بَين الْأَحْرَار وَالْعَبِيد وَلَا بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث فِيمَا دون النَّفس الْكل من خزانَة الفتاوي وَلَو غرق صَبيا أَو بَالغا فِي الْبَحْر لَا قصاص عَلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَعِنْدَهُمَا يجب وَالْحجر الْعَظِيم على هَذَا رجل قمط صَبيا وَطَرحه فَقتله سبع لم يكن عَلَيْهِ قَود وَلَا دِيَة وَلَكِن يُعَزّر وَيحبس حَتَّى يَمُوت وعَلى عَاقِلَته الدِّيَة وَلَو قمط رجلا فَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْر حَتَّى رسب فغرق تجب الدِّيَة وَلَو سبح ثمَّ غرق لَا دِيَة عَلَيْهِ رجل قتل آخر وَهُوَ فِي النزع قتل وَإِن كَانَ يعلم أَنه يعِيش وَلَو قتل رجلا بالإبرة فَلَا قَود عَلَيْهِ إِلَّا إِذا غرزها فِي المقتل وَلَو قَالَ اقتلني فَقتله لَا يجب الْقصاص وَتجب الدِّيَة وَفِي التَّجْرِيد لَا تجب الدِّيَة فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَفِي رِوَايَة تجب وَلَو قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدي فَقطع لَا شَيْء عَلَيْهِ خزانَة الفتاوي وَلَو أَن رجلا أَخذ رجلا فقيده وحبسه فِي بَيت حَتَّى مَاتَ جوعا قَالَ مُحَمَّد أوجعهُ عُقُوبَة وَالدية على عَاقِلَته وَالْفَتْوَى على قَول أبي حنيفَة فِي أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن دَفنه فِي قبر حَيا فَمَاتَ يقتل بِهِ لِأَنَّهُ قَتله عمدا وَهَذَا قَول مُحَمَّد وَالْفَتْوَى على أَن على عَاقِلَته الدِّيَة وَإِذ طين رجل على رجل بَيْتا حَتَّى مَاتَ جوعا أَو عطشا لم يضمن فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالا عَلَيْهِ الدِّيَة غنية الفتاوي رجل نَائِم رَآهُ قوم صَحِيح الْبدن فذبحه إِنْسَان وَقَالَ ذبحته وَهُوَ ميت فَإِنَّهُ يقتل قِيَاسا وَفِي الِاسْتِحْسَان تجب الدِّيَة أَخذ بيد رجل فجذب الرجل يَده فَانْقَلَبت يَده إِن كَانَ أَخذ يَده للمصافحة لَا شَيْء عَلَيْهِ من أرش الْيَد وَإِن كَانَ غمزها فتأذى فجذبها فَأَصَابَهُ ذَلِك ضمن أرش الْيَد وَلَو أَن صَبيا فِي يَد أَبِيه جذبه انسان وَالْأَب ممسكه حَتَّى مَاتَ فديَة الصَّبِي على من جذبه ويرثه أَبوهُ وَإِن جذبه الْأَب وجذبه الرجل حَتَّى مَاتَ فعلَيْهِمَا الدِّيَة وَلَا يَرِثهُ أَبوهُ غنية الفتاوي رجل ضرب رجلا بِالسَّيْفِ فِي غمده فخرق السَّيْف الغمد وَقَتله فَلَا قصاص عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله

من الغنية

وَقَالَ مُحَمَّد إِن كَانَ بالغمد وضربه بِهِ وَحده قتل بهَا وَهُوَ بِنَاء على الْقَتْل بالمثقل وَلَو غزه رجل بإبرة أَو بِمَا يشبهها مُتَعَمدا فَقتله لَا قَود فِيهِ وَلَو كَانَ بمسلة فَفِيهِ الْقود بجنسها رجل ضرب رجلا بصخرة فَمَاتَ لَا يجب الْقصاص عَلَيْهِ قيل لأبي حنيفَة رَحمَه الله أَرَأَيْت لَو كَانَت الصَّخْرَة عَظِيمَة قَالَ وَإِن ضربه بجبل أَبَا قبيس لَا يجب عَلَيْهِ الْقصاص فَهِيَ مَسْأَلَة الْقَتْل بالمثقل وَهَذَا اللَّفْظ مِمَّا أَخذه بعض الْجِدَال على أبي حنيفَة فِي علم الْإِعْرَاب فَقَالَ الصَّوَاب بجبل أبي قبيس قَالَ الْقَدُورِيّ لم يثبت هَذَا عنأبي حنيفَة وَلم يُوجد فِي كِتَابه وَإِن ثَبت ذَلِك عَنهُ فَهُوَ لُغَة بعض الْعَرَب قَالَ الْقَائِل ... إِن أَبَاهَا وَأَبا أَبَاهَا ... قد بلغا فِي الْمجد غايتاها ... من الغنية وَلَو ألْقى رجلا فِي مَاء بَارِد فِي يَوْم الشتَاء فسكن سَاعَة ثمَّ أَلْقَاهُ فَمَاتَ فَعَلَيهِ الدِّيَة وَكَذَا لَو جرده من ثِيَابه فَجعله فِي سطح فِي يَوْم شَدِيد الْبرد فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى مَاتَ من الْبرد وَكَذَلِكَ لَو قمطه فَجعله فِي الثَّلج من الغنية وَلَو أَن رجلا طرح رجلا من سفينة فِي الْبَحْر أَو فِي دجلة وَهُوَ لَا يحسن السباحة فرسب لَا يقتل بِهِ عِنْد أبي حنيفَة وَعَلِيهِ الدِّيَة وَإِن ارْتَفع سَاعَة وَسبح ثمَّ غرق وَمَات فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ لَيْسَ فِيهِ قصاص وَلَا دِيَة من الغنية وَلَو أَن رجلا أَدخل رجلا فِي بَيت وَأدْخل مَعَه سبعا وأغلق عَلَيْهِمَا الْبَاب فَأخذ السَّبع الرجل فَقتله لم يقتل بِهِ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَكَذَا لَو نهشته حَيَّة أَو لدغته عقرب لم يكن فِيهِ شَيْء سَوَاء أَدخل الْحَيَّة وَالْعَقْرَب مَعَه أَو كَانَا فِي الْبَيْت وَإِن فعل ذَلِك بصبي فَعَلَيهِ الدِّيَة قَالَ فِي الهارونيات وفيهَا قَول آخر أَن فِيهَا الدِّيَة من الغنية رجل أقرّ أَنه قتل فلَانا بحديدة أَو قَالَ بِسيف ثمَّ قَالَ إِنَّمَا أردْت غَيره فَأَصَبْته درئ عَنهُ الْقَتْل وَلَو قَالَ ضربت فلَانا بحديدة فَقتلته ثمَّ قَالَ أردْت غَيره فأصابته لم يقبل ذَلِك مِنْهُ وَيقتل وَفِي الْمُنْتَقى إِذا قطع عنق رجل وَبَقِي شَيْء من الْحُلْقُوم وَفِيه الرّوح فَقتله رجل لَا قَود عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ميت وَلَو مَاتَ ابْنه بعد ذَلِك وَهُوَ على تِلْكَ الْحَالة وَرثهُ ابْنه وَلم يَرث هُوَ ابْنه من الغنية صفان التقيا صف الْمُسلمين وصف من الْمُشْركين فَاقْتَتلُوا فَقتل رجل من الْمُسلمين رجلا من أَصْحَابه ظَنّه مُشْركًا فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة وَالدية وَلَا قَود عَلَيْهِ قيل هَذَا إِذا كَانَ الْمَقْتُول فِي صف الْمُسلمين وَأما إِذا كَانَ الْمَقْتُول فِي صف الْمُشْركين فَلَا يجب عَلَيْهِ شَيْء غنية وَعمد الصَّبِي وخطؤه سَوَاء عندنَا حَتَّى تجب الدِّيَة فِي الْحَالين وَيكون ذَلِك فِي حَالَة فعل الْعمد وَفِي الزِّيَادَات الدِّيَة فِي فعل الْعمد على الْعَاقِلَة أَيْضا وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ فِي الْخَطَأ وَلَا يحرم الْمِيرَاث وَالْمَعْتُوه كَالصَّبِيِّ وَلَو أَمر غَيره أَن يقطع يَده أَو يفقأ عينه فَفعل لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ من الغنية وَلَو قَالَ اقْتُل أخي فَقتله والآمر وَارثه قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله أستحسن أَن آخذ الدِّيَة من الْقَاتِل وَلَو قتل العَبْد الْمَرْهُون فِي يَد الْمُرْتَهن لم يكن لوَاحِد مِنْهُمَا أَن ينْفَرد بِالْقصاصِ فَإِذا اجْتمعَا كَانَ للرَّاهِن أَن يَسْتَوْفِي الْقصاص قَالَ الشَّيْخ الامام أَبُو الْفضل الْكرْمَانِي وجدت رِوَايَة أَنه لَا يثبت لَهما حق الْقصاص وَإِن اجْتمعَا وَهُوَ أقرب الى الْفِقْه من الغنية

ويستوفي الْكَبِير حق الْقصاص قبل كبر الصَّغِير قودا هَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا لَيْسَ للكبير ولَايَة الْقصاص حَتَّى يدْرك الصَّغِير لِأَنَّهُ حق مُشْتَرك كَمَا إِذا كَانَ بَين الكبيرين وَأَحَدهمَا غَائِب صدر الشَّرِيعَة رجلَانِ مدا شَجَرَة فَوَقَعت عَلَيْهِمَا فماتا فعلى عَاقِلَة كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف دِيَة الآخر وَلَو مَاتَ أَحدهمَا كَانَ على عَاقِلَة الآخر نصف الدِّيَة رجل دفع الى صبي سكينا فَضرب الصَّبِي نَفسه أَو غَيره بِغَيْر إِذن الدَّافِع لَا يضمن الدَّافِع شَيْئا من الغنية حر بَالغ أَمر صَبيا بقتل رجل فَقتله كَانَ على عَاقِلَة الصَّبِي الدِّيَة ثمَّ ترجع عَاقِلَة الصَّبِي على عَاقِلَة الْآمِر وَلَو أَن بَالغا أَمر صَبيا بحرق مَال إِنْسَان أَو بقتل دَابَّته فضمان ذَلِك على الصَّبِي ثمَّ يرجع بذلك على الْآمِر غنية وَلَو وطيء جَارِيَة إِنْسَان بِشُبْهَة وأزال بَكَارَتهَا على قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد ينظر الى مهر مثلهَا غير بكر والى نُقْصَان الْبكارَة فَأَيّهمَا كَانَ أَكثر يجب ذَلِك وَيدخل الْأَقَل فِي الْأَكْثَر وَلَو كَانَ صَبيا زنى بصبية فَأذْهب عذرتها كَانَ عَلَيْهِ الْمهْر بِإِزَالَة الْبكارَة من الغنية وَلَو قتل الرجل عمدا وَله ولي وَاحِد لَهُ أَن يقتل الْقَاتِل قصاصا سَوَاء قضى القَاضِي أَو لم يقْض ويقتله بِالسَّيْفِ وَلَو أَرَادَ أَن يقتل بِغَيْر السَّيْف يمْنَع عَن ذَلِك وَلَو فعل يُعَزّر خزانَة الفتاوي نوع فِي الْجَنِين الْغرَّة خَمْسمِائَة دِرْهَم وَهِي نصف عشر الدِّيَة أَو عبد أَو فرس قِيمَته خَمْسمِائَة دِرْهَم ذكرا كَانَ الْجَنِين أَو أُنْثَى وَفِي جَنِين الْمَمْلُوك نصف عشر قِيمَته إِن كَانَ ذكرا أَو عشر قِيمَته إِن كَانَ أُنْثَى وهما فِي الْمِقْدَار سَوَاء من حَيْثُ الشَّرْع لقِيَام قيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا مقَام الدِّيَة وَعند أبي حنيفَة رَحمَه الله لَا يعْتَبر بالتفاوت وَإِنَّمَا سمي غرَّة لِأَن غرَّة الشَّيْء أَوله وَمِنْه غرَّة الشَّهْر أَي أَوله وَأول مقادير الدِّيات خَمْسمِائَة دِرْهَم فَلذَلِك سمى غرَّة وَهِي تجب فِي سنة وَاحِدَة منية الْجَنِين إِذا وجد قَتِيلا فِي محلّة فَلَا قسَامَة وَلَا دِيَة رجل ضرب بطن امْرَأَة فَأَلْقَت جنينين أَحدهمَا ميت وَالْآخر حَيّ فَمَاتَ الْحَيّ بعد الِانْفِصَال من ذَلِك الضَّرْب كَانَ على الضَّارِب فِي الْمَيِّت مِنْهُمَا غرَّة وَفِي الْحَيّ دِيَة كَامِلَة من الغنية وَإِن انْفَصل الْجَنِين مَيتا لم يَرث لأَنا شككنا فِي حَيَاته وَقت موت الْأَب لجَوَاز أَنه كَانَ مَيتا لم ينْفخ فِيهِ الرّوح ولجواز أَنه كَانَ حَيا فَلَا يَرث بِالشَّكِّ وَفِي الذَّخِيرَة ثمَّ الْجَنِين إِذا خرج مَيتا لَا يَرث إِذا خرج بِنَفسِهِ وَأما إِذا أخرج حَيا فَهُوَ من جملَة الْوَرَثَة بَيَانه إِذا ضرب إِنْسَان بطن امْرَأَة فَأَلْقَت جَنِينا إِن انْفَصل مَيتا فَإِنَّهُ لَا يَرث وَلَا يُورث وَإِن انْفَصل حَيا فَهُوَ من جملَة الْوَرَثَة تتارخانية نوع فِي الصَّبِي وَالْمَجْنُون صبيان اجْتَمعُوا فِي مَوضِع يَلْعَبُونَ ويرمون فَأصَاب سهم أحدهم عين امْرَأَة وَذَهَبت وَظهر الصَّبِي ابْن تسع سِنِين أَو نَحوه قَالَ الْفَقِيه أَبُو بكر أرش عين الْمَرْأَة يكون فِي مَال الصَّبِي وَلَا شَيْء على الْأَب وَإِن لم يكن لَهُ مَال فنظرة الى ميسرَة قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث إِنَّمَا وَجَبت الدِّيَة فِي مَال الصَّبِي لِأَنَّهُ لَا يرى للعجم عَاقِلَة ثمَّ إِنَّمَا تجب الدِّيَة إِذا ثَبت رميه بِشَهَادَة الشُّهُود لَا بِإِقْرَار الصَّبِي وَلَا بِوُجُود سَهْمه فِيهَا لِأَن إِقْرَاره على نَفسه بَاطِل غنية

رجل حمل صَبيا على دَابَّة فَقَالَ لَهُ أمْسكهَا لي وَلم يكن يسير مَعَه فَسقط عَن الدَّابَّة وَمَات كَانَ على عَاقِلَة الَّذِي حمله الدِّيَة سَوَاء كَانَ الصَّبِي مِمَّن يركب مثله أَو لَا يركب فَإِن سير الصَّبِي الدَّابَّة فوطئت إنْسَانا فَقتلته وَالصَّبِيّ مستمسك عَلَيْهَا فديَة الْقَتِيل تكون على عَاقِلَة الصَّبِي وَلَا شَيْء على عَاقِلَة الَّذِي حمله عَلَيْهَا لِأَن الصَّبِي أَخذ فِي السّير بِغَيْر إِذن الرجل لَهُ وَإِن كَانَ الصَّبِي مِمَّن لَا يسير لصغره وَلَا يسْتَمْسك عَلَيْهَا فدم الْقَتِيل هدر لِأَن الصَّبِي إِذا كَانَ لَا يسْتَمْسك عَلَيْهَا كَانَت الدِّيَة بِمَنْزِلَة المتغلبة وَإِن سقط الصَّبِي عَن الدَّابَّة وَالدَّابَّة تسير فَمَاتَ الصَّبِي كَانَت دِيَة الصَّبِي على عَاقِلَة الَّذِي حمله على كل حَال سَوَاء سقط الصَّبِي بعد مَا سَارَتْ الدَّابَّة أَو قبل ذَلِك وَسَوَاء كَانَ الصَّبِي يسْتَمْسك على الدَّابَّة أَو لَا يسْتَمْسك وَلَو كَانَ الرجل رَاكِبًا فَحمل صَبيا مَعَه على الدَّابَّة وَمثل هَذَا الصَّبِي لَا يصرف الدَّابَّة وَلَا يسْتَمْسك عَلَيْهَا فوطئت الدَّابَّة انسانا قَتله كَانَت الدِّيَة على عَاقِلَة الرجل لِأَن الصَّبِي إِذا كَانَ لَا يسْتَمْسك يكون بِمَنْزِلَة الْمَتَاع فَيكون سير الدَّابَّة مُضَافا الى الرجل فَتجب الدِّيَة على عَاقِلَة الرجل وَعَلِيهِ كَفَّارَة بِمَنْزِلَة الْمُبَاشرَة وَإِن كَانَ هَذَا الصَّبِي يصرف الدَّابَّة ويستمسك عَلَيْهَا فديَة الْقَتِيل على عاقلتهما جَمِيعًا لِأَن سير الدَّابَّة يُضَاف اليهما وَلَا يرجع عَاقِلَة الصَّبِي على عَاقِلَة الرجل لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة جِنَايَة الصَّبِي بِيَدِهِ غنية وَإِذا كَانَ الرجل يجن ويفيق فَقتل رجلا فِي حَال إِفَاقَته ذكر فِي الأَصْل أَنه وَالصَّحِيح سَوَاء فَإِن جن بعد ذَلِك هَل يسْقط الْقصاص لم يذكر مُحَمَّد هَذَا فِي الأَصْل قَالَ شيخ الْإِسْلَام خُوَاهَر زَاده إِن بعض مَشَايِخنَا فصلوا فِيهِ تَفْصِيلًا فَقَالُوا إِن كَانَ الْجُنُون مطبقا يسْقط الْقصاص وَإِن كَانَ غير مطبق لَا يسْقط غنية وَلَو أَن عبدا حمل صَبيا حرا على دَابَّة فَوَقع الصَّبِي عَنْهَا وَمَات فديَة الصَّبِي تكون فِي عنق العَبْد يَدْفَعهُ الْمولى بهَا أَو يفدى وَإِن كَانَ العَبْد مَعَ الصَّبِي على الدَّابَّة فساقها فوطئت الدَّابَّة انسانا وَمَات فعلى عَاقِلَة الصَّبِي نصف الدِّيَة وَفِي عنق العَبْد نصفهَا غنية رجل قتل رجلا عمدا ثمَّ صَار معتوها وَشهد عَلَيْهِ الشُّهُود بِالْقَتْلِ وَهُوَ معتوه فَإِنِّي أستحسن أَن لَا أَقتلهُ وَأَجْعَل الدِّيَة فِي مَاله وَالْمَسْأَلَة فِي الْمُنْتَقى وَذكر فِي مَوضِع آخر فِي الْمُنْتَقى روى ابراهيم عَن مُحَمَّد فِي رجل قتل رجلا ثمَّ جن الْقَاتِل لَا يقتل وَلَو قضى عَلَيْهِ بالقود ثمَّ جن فَالْقِيَاس أَن لَا يقتل وَقَالَ أَبُو يُوسُف يقتل إِذا كَانَ قد قضى عَلَيْهِ وَفِي مَوضِع آخر إِذا قضى القَاضِي بِالْقصاصِ على الْقَاتِل أفقبل أَن يدْفع الى ولي الْقَتِيل جن الْقَاتِل لَا قصاص اسْتِحْسَانًا وَتجب الدِّيَة وَإِن جن بعد الدّفع اليه لَهُ أَن يقْتله غنية مَجْنُون شهر على رجل سِلَاحا فَقتله الْمَشْهُور عَلَيْهِ لَزِمته الدِّيَة وَالْكَفَّارَة أَرَادَ أَن يكره غُلَاما أَو امْرَأَة على الْفَاحِشَة فَلم يستطيعا د فعه الا بِالْقَتْلِ فدمه هدر نوع فِي الْقَتْل تسببا وَلَو عثر رجل بِحجر فَوَقع فِي بِئْر حفرهَا فَإِن كَانَ الْحجر وَضعه انسان على الطَّرِيق فَالضَّمَان على وَاضع الْحجر لِأَن التردي بأثر فعله وَإِن كَانَ الْحجر لم يَضَعهُ أحد لكنه حميل السَّيْل فَالضَّمَان على الْحَافِر وَلَو حفر بِئْرا فِي فلاة من الأَرْض فَلَا ضَمَان على الْحَافِر لِأَن الفلاة مَوضِع مُبَاح فَلَا يكون الْحفر عُدْوانًا

رجل حفر بِئْرا فِي ملك غَيره فَوَقع فِيهَا انسان فَقَالَ صَاحب الأَرْض أَنا أَمرته بذلك وَأنكر أَوْلِيَاء الْوَاقِع فَالْقِيَاس أَن لَا يصدق صَاحب الأَرْض وَفِي الِاسْتِحْسَان يصدق لِأَنَّهُ أخبر عَمَّا يملك إنشاءه غنية رجل اسْتَأْجر رجلا ليحفر لَهُ بِئْرا فِي الطَّرِيق فتردى فِيهَا انسان فَإِن كَانَت فِي فنَاء دراه فَالضَّمَان على الْمُسْتَأْجر دون الْأَجِير وَإِن لم يكن فِي فنائه فَإِن علم الْأَجِير بذلك فَالضَّمَان على الْأَجِير دون الْمُسْتَأْجر وَإِن لم يعلم فَالضَّمَان على الْمُسْتَأْجر لِأَنَّهُ غره غنية سقَاهُ سما حَتَّى مَاتَ فَهُوَ على وَجْهَيْن إِن دفع اليه السم حَتَّى أكل وَلم يعلم بِهِ فَمَاتَ لَا يجب الْقصاص وَلَا الدِّيَة وَيحبس وَيُعَزر وَلَو أخبرهُ إِخْبَارًا تجب الدِّيَة على عَاقِلَته وَإِن دفع اليه شربة فَشرب وَمَات لَا تجب الدِّيَة لِأَنَّهُ شرب بِاخْتِيَارِهِ إِلَّا أَن فِي الدّفع خدعة فَلَا يجب التَّعْزِير وَالِاسْتِغْفَار غنية رجل قَالَ أَنا ضربت فلَانا بِالسَّيْفِ فَقتلته قَالَ أَبُو يُوسُف هُوَ خطأ حَتَّى يَقُول عمدا رجل قتل رجلا فِي النزع فَإِنَّهُ يقتل بِهِ وَإِذا شهد الشُّهُود على رجل بالزنى والإحصان فَزُكِّيَتْ فحبسه القَاضِي ليرجمه غَدا أَو بعد أَيَّام فَقتله رجل عمدا لَا قصاص عَلَيْهِ غنية الفتاوي رجل قتل رجلا فَعَفَا بعض ورثته عَن الْقَاتِل ثمَّ قَتله بَاقِي الْوَرَثَة إِن علمُوا أَن عَفْو الْبَعْض يسْقط الْقصاص لَزِمَهُم الْقود وَإِن لم يعلمُوا بِهَذَا الحكم فَلَا قَود عَلَيْهِم وَإِن علمُوا بِالْعَفو غنية الْمعلم إِذا ضرب الصَّبِي أَو المحترف التلميذ فَمَاتَ إِن كَانَ ضربه بِأَمْر أَبِيه أَو وَصِيّه لَا يضمن إِن كَانَ فِي الْموضع الْمُعْتَاد غنية صبي على حَائِط صَاح بِهِ رجل فَوَقع فَمَاتَ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَزفر لَا شَيْء عَلَيْهِ أطلق الْجَواب هُنَا وفصله فِي نَوَادِر رستم فَقَالَ إِذا صَاح بِهِ فَقَالَ لَا تقع فَوَقع لَا يضمن وَلَو قَالَ وَقع فَوَقع يضمن وَالْفَتْوَى على هَذَا من الغنية صبية بنت سِتّ سِنِين جنت وَكَانَت جالسة جنب النَّار فَخرجت الْأُم الى بعض الْجِيرَان فاحتقرت الصبية فَمَاتَتْ لَا قَود على الْأُم لَكِن إِذا كَانَت ملية يُعجبنِي أَن تعْتق رَقَبَة مُؤمنَة وَإِلَّا صَامت شَهْرَيْن مُتَتَابعين وَتَكون على ندامة واستغفار لَعَلَّ الله أَن يعْفُو عَنْهَا وَهَذَا اسْتِحْسَان غنية صبي مَاتَ فِي المَاء أَو وَقع من سطح فَمَاتَ إِن كَانَ مِمَّن يحفظ نَفسه كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَة الْبَالِغ وَإِن كَانَ مِمَّن لَا يحفظ نَفسه فعلى أَبَوَيْهِ الدِّيَة وَالْكَفَّارَة لِأَن حفظه عَلَيْهِمَا فَوَجَبت الْكَفَّارَة عَلَيْهِمَا إِن كَانَ فِي حجرهما وَإِن كَانَ فِي حجر أَحدهمَا فالكفارة عَلَيْهِ وَاخْتَارَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث أَنه لَا كَفَّارَة على أَحدهمَا إِلَّا أَن يقسط من يَده وَالْفَتْوَى على مَا اخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْث من الغنية نوع فِي الْعَفو وَالصُّلْح الْوَارِث إِذا عَفا عَن الْقَاتِل هَل يبرأ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قَالَ هُوَ بِمَنْزِلَة الدّين على رجل لرجل فَمَاتَ الطَّالِب وأبرأته الْوَرَثَة فَإِنَّهُ يبرأ فِيمَا بَقِي أما عَن ظلمه الْمُتَقَدّم فَلَا يبرأ وَكَذَا الْقَاتِل عَن ظلمه وعدوانه وَيبرأ عَن الْقصاص وَذكر الْكَرْخِي فِي مُخْتَصره أَن الْعَفو عَن الْقَاتِل أفضل لقَوْله تَعَالَى {فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} وَاخْتلف أهل الْعلم فِي تَأْوِيله قَالَ قوم هُوَ كَفَّارَة للْقَاتِل وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ كَفَّارَة للعافي وَهُوَ أولى التَّأْويلَيْنِ عِنْدِي من الغنية

رجل قتل عمدا وَله وليان فَصَالح أَحدهمَا الْقَاتِل عَن جَمِيع الدَّم على خمسين ألفا جَازَ الصُّلْح فِي نصِيبه بِخَمْسَة وَعشْرين ألفا وَللْآخر نصف الدِّيَة خَمْسَة آلَاف وروى عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَن الصُّلْح على أَكثر من الدِّيَة بَاطِل وَوَجَب لكل وَاحِد مِنْهُمَا نصف الدِّيَة وَهُوَ خَمْسَة آلَاف وَالرِّوَايَة الْمَشْهُورَة هِيَ الأولى وَلَو كَانَ الْقصاص بَين أَخَوَيْنِ أَحدهمَا غَائِب فَادّعى الْقَاتِل أَن الْغَائِب قد عَفا عَنهُ وَأقَام الْبَيِّنَة على ذَلِك فَإِنَّهُ تقبل بَينته وَيثبت الْعَفو عَن الْغَائِب فَلَو جَاءَ الْغَائِب لَا يُكَلف الْقَاتِل بِإِعَادَة الْبَيِّنَة هَذَا إِذا أَقَامَ الْقَاتِل الْبَيِّنَة على مَا ادّعى من عَفْو الْغَائِب وَإِن لم يكن لَهُ بَيِّنَة على مَا ادّعى وَأَرَادَ أَن يسْتَخْلف الْحَاضِر يُؤَخر حَتَّى يقدم الْغَائِب هَكَذَا ذكر مُحَمَّد وَأطلق الْجَواب إطلاقا قَالَ بعض مَشَايِخنَا يُرِيد مُحَمَّد بقوله يُؤَخر حَتَّى يقدم الْغَائِب تَأْخِير استحلاف الْبَتَات لِأَن الْحَاضِر لَا يسْتَحْلف على الْبَتَات أما إِذا أَرَادَ استحلاف الْحَاضِر على الْعلم بِاللَّه مَا يعلم أَن الْغَائِب قد عَفا عَنهُ فَإِنَّهُ يسْتَحْلف على ذَلِك غنية وَفِي الذَّخِيرَة رجل قتل عمدا وعَلى الْمَقْتُول دُيُون ثمَّ إِن ولي الْقَتِيل صَالح الْقَاتِل على مَال يقْضِي من ذَلِك دُيُون الْمَقْتُول وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمَقْتُول أوصى بوصايا تنفذ من ذَلِك وَصَايَاهُ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ للمقتول أَوْلِيَاء عَفا بعض الْأَوْلِيَاء عَن الْقَاتِل حَتَّى انْقَلب نصيب البَاقِينَ مَالا يقْضِي من ذَلِك المَال دُيُون الْمَقْتُول وتنفذ وَصَايَاهُ وَزعم بعض مَشَايِخنَا أَن الْعمد إِذا انْقَلب مَالا فِي الِابْتِدَاء فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْقَتْل الْخَطَأ من الِابْتِدَاء أَلا ترى أَنه يقْضِي من ذَلِك دُيُون الْمَيِّت وتنفذ وَصَايَاهُ وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا زَعَمُوا أَلا ترى أَن الْحر إِذا قتل رجلا عمدا وللمقتول أَوْلِيَاء عَفا عَنهُ بعض الْأَوْلِيَاء حَتَّى انْقَلب نصيب البَاقِينَ مَالا يجب ذَلِك فِي مَال الْقَاتِل وَلَو كَانَ خطأ فِي الِابْتِدَاء يجب على عَاقِلَة الْقَاتِل من التتار خَانِية وَلَو عَفا عَن الْجِنَايَة أَو عَن الْقطع وَمَا يحدث مِنْهُ فَهُوَ عَفْو عَن النَّفس وَالْخَطَأ من ثلث مَاله والعمد من كُله أَي إِذا كَانَت الْجِنَايَة خطأ وَقد عَفا عَنْهَا فَهُوَ عَفْو عَن الدِّيَة فَيعْتَبر من الثُّلُث لِأَن الدِّيَة مَال فِي حق الْوَرَثَة فَحق الْوَرَثَة يتَعَلَّق بهَا فالعفو وَصِيَّة فَتَصِح من الثُّلُث وَأما الْعمد فموجبه الْقود وَهُوَ لَيْسَ بِمَال فَلم يتَعَلَّق بِهِ حق الْوَرَثَة فَيصح الْعَفو عَنهُ على الْكَمَال صدر الشَّرِيعَة وتقضي دُيُون الْمَيِّت من الدة وَبدل الصُّلْح كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّة نوع فِي المتفرقات وَلَو أَن رجلَيْنِ كَانَا فِي بَيت لَيْسَ مَعَهُمَا ثَالِث وجد أَحدهمَا مذبوحا قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله يضمن الآخر الدِّيَة وَقَالَ مُحَمَّد لَا أضمنه وَالْعَبْد الْمَرْهُون إِذا وجد قَتِيلا فِي دَار الْمُرْتَهن أَو الرَّاهِن فَالْقيمَة على رب الدَّار دون الْعَاقِلَة هَكَذَا روى عَن أبي يُوسُف وَلَو وجد الرجل قَتِيلا فِي دَار بَين رجلَيْنِ لأَحَدهمَا ثلثهَا وَللْآخر ثلثاها فَالدِّيَة على عاقلتهما نِصْفَانِ من الغنية رجل فَقَأَ عين عبد أَو بعير أَو شَاة أَو دجَاجَة فَفِي الشَّاة والدجاجة وَنَحْوهمَا يجب مَا نقص من الْقيمَة وَأما فِي العَبْد فَعَلَيهِ نصف الْقيمَة رجل جرح فَقَالَ قتلني فلَان ثمَّ مَاتَ فَأَقَامَ وَارثه الْبَيِّنَة على رجل آخر أَنه قَتله لم تقبل بَينته لِأَن هَذَا حق الْوَرَثَة وَقد كذب الْبَيِّنَة بقوله قتلني فلَان من الغنية رجل أَمر رجلا أَن يضع حجرا فِي الطَّرِيق فَوَضعه فَعَطب بِهِ الْآمِر فضمانه على الْوَاضِع وَكَذَا إِذا قَالَ اشرع جنَاحا من دَارك أَو ابْن دكانا على بابك تنْتَفع بِهِ فَفعل فَعَطب بِهِ الْآمِر أَو عَبده أَو دَابَّته وَكَذَا الْآمِر إِذا بنى ذَلِك للْمَأْمُور بأَمْره ثمَّ عطب بِهِ الْآمِر وَكَانَ الْمَأْمُور هُوَ الَّذِي بنى ذَلِك من الغنية

وَلَو ازْدحم النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَقتلُوا رجلا وَلَا يدْرِي من قَتله فديته على بَيت المَال من الغنية وَلَو أَن رجلا أَرَادَ أَن يضْرب انسانا بِالسَّيْفِ فَأخذ سَيْفه ذَلِك الانسان بِيَدِهِ فجذب صَاحب السَّيْف سَيْفه من يَده فَقطع بعض أَصَابِعه فَإِن كَانَ الْقطع من المفاصل فَعَلَيهِ الْقود لِأَنَّهُ عمد وَإِن لم يكن الْقطع من المفاصل فَعَلَيهِ الدِّيَة من الغنية هَذَا مَا يسر الله لنا نَقله من مَجْمُوع المرحوم مؤيد زادة وَالله تَعَالَى أعلم نوع فِيمَا يتَعَلَّق بالديات وَفِي التَّجْرِيد حكم الْخَطَأ الدِّيَة وَالْكَفَّارَة وحرمان الْمِيرَاث وَلَا خلاف فِي أَن تَقْدِير الدِّيَة من الابل مائَة وَمن الدَّنَانِير ألف وَمن الدَّرَاهِم عشرَة آلَاف وَعِنْدَهُمَا من الْبَقر مائَة بقرة وَمن الشياه ألف شَاة وَمن الْحلَل مائَة حلَّة ودية الْمَرْأَة نصف ذَلِك ودية الذِّمِّيّ والمستأمن كدية الْمُسلم عندنَا ودية الْخَطَأ أَخْمَاس عشرُون بنت مَخَاض وَعِشْرُونَ ابْن مَخَاض وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ جَذَعَة ودية شبه الْعمد أَربَاع خمس وَعِشْرُونَ بنت مَخَاض وَخمْس وَعِشْرُونَ بنت لبون وَخمْس وَعِشْرُونَ حقة وَخمْس وَعِشْرُونَ جَذَعَة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَفِي فتاوي القَاضِي الامام وَاخْتلفُوا فِي تَفْسِير حُكُومَة الْعدْل قَالَ بَعضهم ينظر الى الْمَجْنِي عَلَيْهِ أَنه لَو كَانَ مَمْلُوكا كم ينتقص من قِيمَته بِهَذِهِ الْجِنَايَة إِن كَانَت تنقص عشر قِيمَته فَفِي الْحر تجب عشر الدِّيَة قَالَ وَالْفَتْوَى على هَذَا وَهَذَا مَا يسر الله نَقله من الْخُلَاصَة وَفِي النَّفس الدِّيَة وَكَذَا الْأنف وَالذكر والحشفة وَالْعقل والشم والذوق والسمع وَالْبَصَر وَاللِّسَان وَبَعضه إِذا منع الْكَلَام والصلب إِذا منع الْجِمَاع وَكَذَا إِذا أفضاها فَلم تسْتَمْسك الْبَوْل وَمن قطع يَد رجل خطأ ثمَّ قَتله قبل الْبُرْء خطأ فَفِيهِ دِيَة وَاحِدَة وَمَا فِي الْبدن اثْنَان ففيهما الدِّيَة وَفِي أَحدهمَا نصف الدِّيَة وَمَا فِيهِ أَرْبَعَة فَفِي أَحدهمَا ربع الدِّيَة وَفِي كل أصْبع عشر الدِّيَة وتقسم على مفاصلها والكف تبع المفاصل وَفِي كل سنّ نصف عشر الدِّيَة فَإِن قلعهَا فَنَبَتَتْ أُخْرَى مَكَانهَا سقط أَرْشهَا وَفِي شعر الرَّأْس إِذا حلق فَلم ينْبت الدِّيَة وَكَذَا اللِّحْيَة والحاجبان والأهداب وَالْيَد إِذا شلت وَالْعين إِذا ذهب ضوءها وَفِي الشَّارِب ولحية الكوسج وثدي الرجل وَذكر الْخصي والعنين ولسان الْأَخْرَس وَالْيَد الشلاء وَالْعين العوراء وَالرجل العرجاء وَالسّن السَّوْدَاء والاصبع الزَّائِدَة وَعين الصَّبِي وَلسَانه وَذكره إِذا لم تعلم صِحَّته حُكُومَة وَإِذا قطع أصبعا فشلت أُخْرَى فَفِيهَا الْأَرْش وَعمد الصَّبِي وَالْمَجْنُون خطأ وَقد تقدم والشجاج عشرَة الْجَارِحَة وَهِي الَّتِي تشق الْجلد ثمَّ الدامعة وَهِي الَّتِي تخرج مَا يشبه الدمع ثمَّ الدامية وَهِي الَّتِي تخرج الدَّم ثمَّ الباضعة وَهِي الَّتِي تبضع اللَّحْم ثمَّ المتلاحمة وَهِي الَّتِي تَأْخُذ فِي اللَّحْم أَكثر ثمَّ السمحاق وَهِي جلدَة فَوق الْعظم اتَّصَلت اليها الشَّجَّة ثمَّ الْمُوَضّحَة وَهِي الَّتِي توضح الْعظم ثمَّ الهاشمة وَهِي الَّتِي تهشم الْعظم ثمَّ المنقلة وَهِي الَّتِي تنقله ثمَّ الآمة وَهِي الَّتِي تصل الى أم الدِّمَاغ فَفِي الْمُوَضّحَة الْقصاص إِن كَانَ عمدا وَفِي الْبَاقِي حُكُومَة عدل وَلَا قصاص فِي شَيْء مِنْهَا وَإِن كَانَت عمدا وروى فِي الْمُوَضّحَة وَفِيمَا قبلهَا الْقصاص دون بعْدهَا وَفِي الْمُوَضّحَة الْخَطَأ نصف عشر الدِّيَة وَفِي الهاشمة الْعشْر وَفِي المنقلة عشر وَنصف وَفِي الآمة الثُّلُث وَكَذَا الْجَائِفَة فَإِذا نفذت فثلثان والشجاج تخْتَص بِالْوَجْهِ وَالرَّأْس والجائفة بالجوف وَالْجنب وَالظّهْر وَمَا سوى ذَلِك جراحات فِيهَا حُكُومَة عدل وَقد تقدم بَيَان حُكُومَة الْعدْل

وَمن شج رجلا فَذهب عقله أَو شعر رَأسه دخل فِيهِ أرش الْمُوَضّحَة وَإِن ذهب سَمعه أَو بَصَره أَو كَلَامه لم يدْخل وَلم يقْتَصّ من الْمُوَضّحَة والطرف حَتَّى يبرأ وَلَو شجه فالتحمت وَنبت الشّعْر سقط الْأَرْش وَالله تَعَالَى أعلم وَهَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من الْمُخْتَار على وَجه الِاخْتِصَار بَاب الْقسَامَة الْقَتِيل كل ميت بِهِ أثر إِذا وجد فِي محلّة لَا يعلم قَاتله وَادّعى وليه الْقَتْل على أَهلهَا أَو على بَعضهم عمدا أَو خطأ وَلَا بَيِّنَة لَهُ يخْتَار بَينهم خمسين رجلا يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا علمنَا لَهُ قَاتلا ثمَّ يقْضِي بِالدِّيَةِ على أهل الْمحلة وَكَذَلِكَ إِذا وجد بدنه أَو أَكْثَره أَو بعضه مَعَ الرَّأْس فَإِن لم يكن فيهم خَمْسُونَ رجلا كررت الْأَيْمَان عَلَيْهِم لتتم خمسين وَمن أَبى مِنْهُم يحبس حَتَّى يحلف وَيَقْضِي بِالدِّيَةِ للْوَلِيّ وَلَا يدْخل فِي الْقسَامَة صبي وَلَا مَجْنُون وَلَا عبد وَلَا امْرَأَة وَإِن ادّعى الْوَلِيّ الْقَتْل على غَيرهم سَقَطت عَنْهُم الْقسَامَة وَلَا تقبل شَهَادَتهم على ذَلِك وَإِن وجد على دَابَّة يَسُوقهَا إِنْسَان فالقسامة عَلَيْهِ وعَلى عَاقِلَة السَّائِق وَكَذَا الْقَائِد والراكب وَإِن وجد فِي دَار انسان فالقسامة عَلَيْهِ وعَلى عَاقِلَته إِن كَانُوا حضورا وَإِلَّا كررت الْأَيْمَان عَلَيْهِ وَالدية على عَاقِلَته وَإِن وجد بَين قريتين فعلى أقربهما إِذا كَانُوا يسمعُونَ الصَّوْت وَلَو وجد فِي السَّفِينَة فالقسامة على الملاحين والركاب وَفِي مَسْجِد محلّة فعلى أَهلهَا وَفِي الْجَامِع والشارع الْأَعْظَم الدِّيَة فِي بَيت المَال وَلَا قسَامَة وَإِن وجد فِي بَريَّة أَو فِي وسط الْفُرَات فَهدر وَإِن كَانَ محتبسا بالشاطئ فعلى أقرب الْقرى مِنْهُ إِن كَانُوا يسمعُونَ الصَّوْت وَالله تَعَالَى أعلم هَذَا مَا يسر الله نَقله من الْمُخْتَار وَلَو وجد فِي دَار نَفسه تدي عَاقِلَة ورثته عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَعند زفر لَا شَيْء فِيهِ وَبِه يُفْتى الْقسَامَة على أهل الخطة لَا على السكان وَلَا على المشترين فَلَو بَاعَ كلهم فعلى المشترين وجد قَتِيل فِي دَار بَين قوم لبَعْضهِم أَكثر فَهِيَ على الرؤوس وَفِي سوق مَمْلُوك فعلى الْمَالِك وَفِي غير الْمَمْلُوك والسجن لَا قسَامَة وَالدية على بَيت المَال وَلَو وجد فِي معسكر فِي فلاة غير مَمْلُوكَة فَفِي الْخَيْمَة والفسطاط على ساكنيهما هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من الدُّرَر وَالْغرر وَالله الْمُوفق لسبيل الرشاد بَاب المعاقل وَهِي جمع معقلة وَهِي الدِّيَة والعاقلة الَّذين يؤدونها وَتجب عَلَيْهِم كل دِيَة وَجَبت بِنَفس الْقَتْل فَإِن كَانَ الْقَاتِل من أهل الدِّيوَان فهم عَاقِلَته تُؤْخَذ من عطاياهم فِي ثَلَاث سِنِين سَوَاء خرجت فِي أقل أَو أَكثر وَإِن لم يكن من أهل الدِّيوَان فقبيلته يسْقط عَلَيْهِم فِي ثَلَاث سِنِين لَا يُزَاد الْوَاحِد على أَرْبَعَة دَرَاهِم وَينْقص مِنْهَا فَإِن لم تسع الْقَبِيلَة ذَلِك ضم اليها أقرب الْقَبَائِل نسبا وَإِن كَانَ مِمَّن يتناصرون بالحرف فَأهل حرفته وَإِن تناصروا بِالْحلف فأهله وَيُؤَدِّي الْقَاتِل كأحدهم وَلَا عقل على الصّبيان وَالنِّسَاء وَلَا بعقل الْكَافِر عَن الْمُسلم وَلَا بِالْعَكْسِ وَإِن كَانَ للذِّمِّيّ عَاقِلَة فَالدِّيَة عَلَيْهِم وَإِلَّا فَفِي مَاله فِي ثَلَاث سِنِين وعاقلة الْمُعْتق قَبيلَة مَوْلَاهُ وعاقلة مولى الْمُوَالَاة مَوْلَاهُ وقبيلته وَولد الْمُلَاعنَة تعقل عَنهُ عَاقِلَة أمه فَإِن ادَّعَاهُ الْأَب بعد ذَلِك رجعت عَاقِلَة الْأُم على عَاقِلَة الْأَب وَتحمل الْعَاقِلَة خمسين دِينَارا فَصَاعِدا وَمَا دونهَا فِي مَال الْجَانِي وَلَا تعقل الْعَاقِلَة مَا اعْترف بِهِ الْجَانِي إِلَّا أَن يصدقوه وَإِذا جنى الْحر على العَبْد خطأ فعلى عَاقِلَته وَهَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من الْمُخْتَار وَالله الْمُوفق لسبيل الرشاد

فصل في المسألة المتعلقة بالحدود

فصل فِي الْمَسْأَلَة الْمُتَعَلّقَة بالحدود رجل زنى بِامْرَأَة ميتَة لَا حد عَلَيْهِ وَعَلِيهِ التَّعْزِير لما روى أَن بهْلُول النباش فعل ذَلِك على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام فَلم يقم عَلَيْهِ الْحَد وَنزل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة} الْآيَة وَقبلت تَوْبَته من غير حد وَلَو أَتَى امْرَأَة أَو غُلَاما فِي الْموضع الْمَكْرُوه وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ حد الزِّنَا وَلكنه يُسْتَتَاب بالتعزير وَالْحَبْس وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الْحَد وَفِي رَوْضَة الزندوستي إِن الْخلاف فِي الْغُلَام أما لَو أَتَى فِي الْموضع الْمَكْرُوه مِنْهَا يحد بِلَا خلاف وَلَو فعل هَذَا بِعَبْدِهِ أَو أمته أَو منكوحته لَا يحد بِلَا خلاف قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله فِي الأَصْل إِذا زنى بِامْرَأَة خرساء لَا حد على وَاحِد مِنْهُمَا وَجعل الْجَواب فِي الخرساء كالجواب فِيمَا إِذا كَانَت الْمَرْأَة ناطقة وَادعت الْمَرْأَة النِّكَاح بِخِلَاف مَا إِذا كَانَت مَجْنُونَة أَو صبية يُجَامع مثلهَا كَانَ على الرجل الْحَد وَبِخِلَاف مَا إِذا كَانَت الْمَرْأَة غَائِبَة وَأقر الرجل أَنه زنى بهَا أَو شهد عَلَيْهِ الشُّهُود فَإِنَّهُ يُقَام عَلَيْهِ الْحَد من الغنية عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام من وجدتموه يعْمل عمل قوم لوط فَاقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ وَقَالَ من أَتَى بَهِيمَة فَاقْتُلُوهُ واقتلوها مَعَه وَعَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام إِن أخوف مَا أَخَاف على أمتِي عمل قوم لوط مصابيح وَلَو لَاطَ بامرأته أَو عَبده لَا يجب الْحَد وَفِي جَامع ظهير الدّين اللواطة فِي عَبده وَفِي الْأَجْنَبِيّ والأجنبية فيهمَا أَشد التَّعْزِير والرأي فيهمَا الى الإِمَام إِن شَاءَ قَتله إِن اعْتَادَ ذَلِك وَإِن شَاءَ ضربه وحبسه وَقَالا فيهمَا الْحَد وَقَالَ أَبُو بكر يحرق بالنَّار وَعَن الشّعبِيّ يرْجم فِي الْأَحْوَال كلهَا وَعَن الْبَعْض يهدم عَلَيْهِ جِدَار وَلَو جرد امْرَأَة وعانقها أَو قبلهَا أَو جَامعهَا فِيمَا دون الْفرج حَتَّى أنزل فَعَلَيهِ التَّعْزِير رجل وَجب عَلَيْهِ الْحَد وَهُوَ ضَعِيف الْخلقَة يخَاف عَلَيْهِ التّلف إِذا ضرب يجلد قدر مَا يحْتَمل خزانَة الفتاوي رجل زنى بصغيرة لَا تتحمل الْجِمَاع فأفضاها لَا حد عَلَيْهِ فِي قَوْلهم جَمِيعًا ثمَّ ينظر فِي اللإفضاء إِن كَانَت تسْتَمْسك الْبَوْل كَانَ عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ وَثلث الدِّيَة بالإفضاء وَإِن كَانَت لَا تسْتَمْسك الْبَوْل كَانَ عَلَيْهِ جَمِيع الدِّيَة وَلَا مهر عَلَيْهِ فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ الدِّيَة وَالْمهْر أَيْضا وَلَا يحرم عَلَيْهِ أمهَا وَلَا بنتهَا بِهَذَا الْوَطْء فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف تحرم من الغنية رجل زنى بِجَارِيَة مَمْلُوكَة وقتلها بِفعل الْجِمَاع ذكر فِي الأَصْل أَن عَلَيْهِ قيمتهَا وَلم يذكر فِيهَا خلافًا وَذكر أَبُو يُوسُف فِي الأمالي عَن أبي حنيفَة أَن عَلَيْهِ الْحَد وَالْقيمَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِ الْقيمَة وَلَا حد عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيح وَلَو زنى بِامْرَأَة فَقَتلهَا بِفعل الْجِمَاع كَانَ عَلَيْهِ الْحَد وَالدية وَلَو أقرَّت الْمَرْأَة فَقَالَت زَنَيْت بِهَذَا الرجل وَأنكر الرجل لَا حد على وَاحِد مِنْهُمَا فِي قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا تحد الْمَرْأَة وَكَذَا لَو قَالَ الرجل زَنَيْت بِهَذِهِ الْمَرْأَة وَأنْكرت الْمَرْأَة الزِّنَا لَا حد عَلَيْهِ فِي قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالَ صَاحِبَاه يحد وَلَو قَالَ الرجل زَنَيْت بِهَذِهِ الْمَرْأَة وَقَالَت لَا بل تزَوجنِي فَإِنَّهُ يحد وَعَلِيهِ الْمهْر

لَهَا وَكَذَا لَو أقرَّت هِيَ بِالزِّنَا أَربع مَرَّات فِي مجَالِس مُخْتَلفَة وَقَالَ الرجل لَا بل تَزَوَّجتهَا لَا حد عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْمهْر لَهَا من الغنية أَرْبَعَة شهدُوا على رجل بِالزِّنَا بِامْرَأَة فنظروا اليها فَإِذا هِيَ بكر فَإِنَّهُ لَا حد عَلَيْهِ وَلَا على الشُّهُود حد الْقَذْف وَلَو أقرّ الرجل أَربع مَرَّات فِي مجَالِس مُخْتَلفَة أَنه زنى بِامْرَأَة وَلم يعين الْمَرْأَة حد الرجل من الغنية إِذا أقرّ الْمَجْبُوب بِالزِّنَا أَو شهد عَلَيْهِ الشُّهُود لَا يحد وَلَو أقرّ الْخصي بِالزِّنَا أَو شهد عَلَيْهِ الشُّهُود حد وَكَذَلِكَ الْعنين وَلَو أقرّ الْأَخْرَس بِالزِّنَا أَربع مَرَّات فِي كتاب كتبه أَو إِشَارَة لَا يحد وَلَو شهد عَلَيْهِ الشُّهُود بِالزِّنَا لَا تقبل غنية زنى بِجَارِيَة الْغَيْر ثمَّ اشْتَرَاهَا أَو بحرة ثمَّ تزَوجهَا فَإِنَّهُمَا يحدان فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله فِي رِوَايَة لَا حدان والحرة إِذا زنت بِعَبْد ثمَّ اشترته فَإِنَّهُمَا جَمِيعًا غنية وَلَو وطئ جَارِيَة ابْنه أَو جَارِيَة امْرَأَته وَادّعى الشُّبْهَة يجب لكل وَطْء مهر الْعَاقِلَة الْبَالِغَة طاوعت من صبي أَو مَجْنُون لَا حد عَلَيْهِمَا وَزَاد فِي النّظم وَعَلَيْهَا الْعدة وَلَا مهر لَهَا الْمَرْأَة إِذا أكرهت على الزِّنَا فمكنت لم تحد بِالْإِجْمَاع وَلَا تأثم بالتمكين إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَمعنى الكره على الْوَطْء أَن تكون مُكْرَهَة الى وَقت الايلاج أما لَو أكرهت حَتَّى اضجعت ثمَّ مكثت قبل الايلاج كَانَت مطاوعة فَيجب عَلَيْهَا الْكَفَّارَة فِي رَمَضَان خزانَة وَلَو قَالَ لآخر يَا زاني فَقَالَ لَا بل أَنْت يحدان الصَّبِي إِذا زنى بصبية لَا حد عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْمهْر فِي مَاله لِأَنَّهُ مؤاخذ بأفعاله وإذنها لَهُ لم يَصح رجل أقرّ بِالزِّنَا أَربع مَرَّات ثمَّ قَالَ وَالله مَا أَقرَرت درئ عَنهُ الْحَد خزانَة وَلَا يجب الْحَد على واطئ جَارِيَة وَلَده وَإِن سفل مَعَ الْعلم بحرمته لشُبْهَة وجدت فِي الْمحل والشبهة إِذا ثبتَتْ فِي الْمَوْطُوءَة يثبت فِيهَا الْملك من وَجه وَلم يبْق مَعَه اسْم الزِّنَا فَلم يجب مَعَ علمه بِحرْمَة الْوَطْء لقِيَام دَلِيل يدل على حلّه وَإِن تخلف هُنَا لمَانع فأورث بذلك شُبْهَة وَيُسمى هَذَا النَّوْع شُبْهَة الْمحل وَيثبت النّسَب مَعَ هَذِه الشُّبْهَة عِنْد الدَّعْوَى لعدم كَونه زنا خَالِصا وَهِي تثبت فِي مَوَاضِع مِنْهَا وَطْء الرجل جَارِيَة ابْنه وَدَلِيل حلّه قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنْت وَمَالك لأَبِيك ثمَّ إِن حبلت وَولدت يثبت النّسَب من الْأَب وَلَا يجب الْمهْر لتملكه اياها بِالْقيمَةِ سَابِقًا على الْوَطْء وَإِن لم تحبل فَعَلَيهِ الْمهْر لِأَن التَّمْلِيك ثمَّة لصيانة مائَة من الضّيَاع وَلَا حَاجَة هُنَا فَلَا يثبت الْملك وَمِنْهَا وَطْء مطلقته الْبَائِن وَالدَّلِيل فِيهِ أَن بعض الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم جعل الْكِنَايَة رَجْعِيَّة وَمِنْهُم عمر رَضِي الله عَنهُ وَمِنْهَا وَطْء الْمولى لِلْجَارِيَةِ الْمَبِيعَة أَو الممهورة قبل التَّسْلِيم وَالدَّلِيل فِيهَا أَنَّهَا فِي يَده فضمانه يعود الى ملكه بِالْهَلَاكِ وَكَذَا وَطْء الْمَبِيعَة بِالْبيعِ الْفَاسِد قبل التَّسْلِيم أَو بعده أَو بِشَرْط الْخِيَار لِأَن لَهُ فِيهَا حق الْملك وَمِنْهَا وَطْء جَارِيَة مكَاتبه وَعَبده الْمَأْذُون الْمُسْتَغْرق بِالدّينِ لِأَن لَهُ حَقًا فِي كَسبه وَمِنْهَا وَطْء الْجَارِيَة الْمُشْتَركَة لِأَن ملكه فِي الْبَعْض ثَابت حَقِيقَة وَمِنْهَا وَطْء الْجَارِيَة الْمَرْهُونَة فِي رِوَايَة لِأَن سَبَب الْملك العقد لَهُ وَلِهَذَا عِنْد هلاكها يكون استوفيا لدينِهِ فَصَارَت كالمشتراة بِشَرْط الْخِيَار للْبَائِع شرح الْمجمع

فصل فيما يظهر في الزنى

فصل فِيمَا يظْهر فِي الزِّنَى أَرْبَعَة شهدُوا على امْرَأَة بِالزِّنَا وأحدهم زَوجهَا فَإِن لم يكن الزَّوْج قَذفهَا قبلت شَهَادَتهم وحدت الْمَرْأَة وَإِن كَانَ الزَّوْج قَذفهَا أَولا وَالْمَسْأَلَة بِحَالِهَا فهم قذفة يحدون وعَلى الزَّوْج اللّعان لِأَن شَهَادَته لم تقبل لمَكَان التُّهْمَة لِأَنَّهُ بِشَهَادَتِهِ سعي فِي دفع اللّعان عَن نَفسه من الغنية وَالزَّانِي إِذا ضرب الْحَد لَا يحبس وَالسَّارِق إِذا قطع يحبس الى أَن يَتُوب لِأَن الزِّنَا جِنَايَة على نَفسه فَلَو حبس حبس لأجل نَفسه وَأما السقرقة فَهِيَ جِنَايَة على غَيره من وَجه فَلَو حبس حبس لغيره وَهُوَ جَائِز رجل أَتَى بِفَاحِشَة ثمَّ تَابَ وأناب الى الله تَعَالَى فَإِن القَاضِي لَا يعلم النَّاس بالفاحشة لإِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ لِأَن السّتْر مَنْدُوب اليه غنية الفتاوي التقادم يمْنَع الشَّهَادَة على الزِّنَا وَالسَّرِقَة وحد التقادم بَعضهم قدره بِشَهْر وَهُوَ قَوْلهمَا وَبَعْضهمْ قدره بِسِتَّة أشهرا وَبَعْضهمْ فوضه الى رَأْي القَاضِي وَفِي الأَصْل لم يُوَقت أَبُو حنيفَة وَعنهُ ثَلَاثَة أَيَّام وَعنهُ لَا يقبل بعد سِتَّة أشهر وَقيل لَا يقبل بعد ثَلَاثَة أَيَّام اليه أَشَارَ مُحَمَّد خزانَة فصل فِيمَا يصير شُبْهَة بالإحصان رجل زنى بِامْرَأَة ثمَّ تزَوجهَا أَو بِأمة ثمَّ اشْتَرَاهَا ذكر فِي ظَاهر الرِّوَايَة يحد وروى عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنه يسْقط الْحَد وَذكر أَصْحَاب الْإِمْلَاء عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله أَن من زنى بِامْرَأَة ثمَّ تزَوجهَا أَو بِجَارِيَة ثمَّ اشْتَرَاهَا لَا حد عَلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَعَلِيهِ الْحَد فِي قَول أبي يُوسُف وَذكر ابْن سَمَّاعَة فِي نوادره على عكس هَذَا وَقَالَ على قَول أبي حنيفَة عَلَيْهِ الْحَد فِي الْوَجْهَيْنِ وَفِي قَول أبي يُوسُف لَا حد عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله إِذا زنى بِأمة ثمَّ اشْتَرَاهَا فَلَا حد عَلَيْهِ وَإِن زنى بحرة ثمَّ تزَوجهَا فَعَلَيهِ الْحَد وَالْفرق بَين النِّكَاح وَالشِّرَاء أَنه يملك عينهَا وَملك الْعين فِي مَحل الْحل بِسَبَب الْملك للْحلّ فَيجْعَل الطَّارِئ قبل الِاسْتِيفَاء كالمقدر بِالسَّبَبِ كَمَا فِي بَاب السّرقَة فَإِن السَّارِق إِذا ملك الْمَسْرُوق يمْتَنع الْقطع فَأَما فِي النِّكَاح فَلَا يملك عين الْمَرْأَة وَإِنَّمَا يثبت لَهُ ملك الِاسْتِيفَاء وَلِهَذَا لَو وطِئت الْمَنْكُوحَة بِالشُّبْهَةِ كَانَ الْعقر لَهَا فَلَا يُورث ذَلِك شُبْهَة فِيمَا تقدم اسْتِيفَاء مِنْهَا فَلَا يسْقط الْحَد عَنهُ من الغنية وَيَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يسْأَل شُهُود الْإِحْصَان عَن الْإِحْصَان مَا هُوَ فَإِن قَالُوا فِيمَا وصفوا تزوج امْرَأَة وَدخل بهَا فعلى قَول أبي يُوسُف رَحمَه الله يَكْتَفِي بقَوْلهمْ وَدخل بهَا وَعند مُحَمَّد لَا يَكْتَفِي بِهِ مالم يَقُولُوا جَامعهَا وَأَجْمعُوا على أَنه لَا يَكْتَفِي بقَوْلهمْ مَسهَا أَو لمسها وَأَجْمعُوا على أَنه يَكْتَفِي بقَوْلهمْ جَامعهَا باضعها وَفِي البقالي أَنه يَكْتَفِي بقَوْلهمْ اغْتسل مِنْهَا غنية وَلَو خلا بِامْرَأَة ثمَّ طَلقهَا فَقَالَ الزَّوْج وطئتها وَقَالَت الْمَرْأَة لم يطأني فَإِن الزَّوْج يكون مُحصنا بِإِقْرَارِهِ وَالْمَرْأَة لَا تكون مُحصنَة لإنكارها رجل أقرّ عِنْد القَاضِي بِالزِّنَا أَربع مَرَّات فَأمر القَاضِي برجمه ثمَّ قَالَ وَالله مَا أَقرَرت بِشَيْء يدْرَأ عَنهُ الْحَد هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من مَجْمُوع مؤيد زَاده شَارِح الطَّحَاوِيّ لَا يحل شرب الْخمر إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة للعطش يشرب قدر مَا يدْفع الْعَطش فَلَو أَنه شرب الْخمر مِقْدَار مَا يرويهِ فَسَكِرَ لَا حد عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ضَرُورَة فَيُبَاح هَذَا الْمِقْدَار لدفع الْعَطش فَقَط وَمن شرب مِنْهَا

قدر مَا يصل الى جَوْفه يحد ثَمَانِينَ جلدَة إِن كَانَ حرا أَو أَرْبَعِينَ إِن كَانَ عبدا وَمن وجد فِي فِيهِ رَائِحَة الْخمر أَو قاء حمرا لَا يحد شرب البنج للتداوي لَا بَأْس بِهِ فَإِن ذهب بِهِ عقله لم يحد فَإِن سكر مِنْهُ لَا يحد عِنْدهمَا خلافًا لمُحَمد رَحمَه الله تَعَالَى وَمن زنى فِي رَمَضَان فَادّعى شُبْهَة تسْقط الْحَد عزّر وَحبس هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من الْخُلَاصَة وَالله تَعَالَى الْمُوفق لسبيل الرشاد نوع فِي حد الْقَذْف وَفِي جنايات النَّوَازِل رجل قَالَ لآخر يَا خَبِيث لَا يَقُول لَهُ بل أَنْت وَالْأَحْسَن أَن يكف عَنهُ وَلَا يُجيب وَلَو رفع الْأَمر إِلَى القَاضِي ليؤدبه يجوز وَلَو أجَاب مَعَ هَذَا لَا بَأْس بِهِ وَلَو قَالَ لآخر يَا ديوث أَو يَا فَاجر أَو يَا فَاسق أَو يَا يَهُودِيّ أَو يَا مخنث لَا يجب الْحَد وَلَكِن يعْذر يَعْنِي اذا قَالَ لصالح أما اذا قَالَ لِلْفَاسِقِ يَا فَاسق أَو قَالَ للص يَا لص لَا يجب شَيْء وَاخْتِيَار التَّعْزِير الى القَاضِي من وَاحِد الى تسع وَثَلَاثِينَ وَهَذَا عِنْدهمَا وَهَذَا فِي الفتاوي وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ فِي كتاب الْحُدُود التَّعْزِير على أَربع مَرَّات تَعْزِير أَشْرَاف الْأَشْرَاف كالعلماء والعلوية وتعزير الْأَشْرَاف كالدهاقنة وتعزير أوساط النَّاس وتعزير الخسائس فتعزير الْأَشْرَاف الْإِعْلَام لَا غير وَهُوَ أَن يَقُول القَاضِي بَلغنِي أَنَّك تَقول كَذَا أَو تفعل كَذَا وتعزير غير الْأَشْرَاف الْإِعْلَام والجر إِلَى بَاب القَاضِي وتعزير الأوساط وهم السوقة الْإِعْلَام والجر الى بَاب القَاضِي وَالْحَبْس وتعزير الخسائس الْإِعْلَام والجر الى بَاب القَاضِي وَالضَّرْب وَالْحَبْس بعد ذَلِك قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله سَمِعت من ثِقَة أَن التَّعْزِير بِأخذ المَال إِن رأى القَاضِي أَو الْوَلِيّ جَازَ وَمن جملَة ذَلِك رجل لَا يحضر الْجَمَاعَة يجوز تعزيره بِأخذ المَال وَمِمَّا يتَّصل بِهَذَا العَبْد إِذا أَسَاءَ الْأَدَب فللمولى أَن يعزره ويؤدبه وَلَا يُجَاوز الْحَد بِهِ وَكَذَا امْرَأَته قَالَ الله تَعَالَى {واضربوهن} أَبَاحَ تَعْزِير النِّسَاء عِنْد الْحَاجة اليه السَّاحر إِذا ادّعى أَنه خَالق مَا يفعل إِن لم يتب يقتل والساحرة تقتل بردتها إِن كَانَت تعتقد ذَلِك وَإِن كَانَت الْمُرْتَدَّة لَا تقتل وَلَكِن الساحرة تقتل بالأثر وَهُوَ مَا يروي عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه كتب عماله أَن اقْتُلُوا السَّاحر والساحرة رجل يتَّخذ لعبة للنَّاس وَيفرق بَين الْمَرْء وزوجه بِتِلْكَ اللعبة فَهَذَا سَاحر وَيحكم بارتداده وَيقتل هَكَذَا ذكر مُطلقًا وَهُوَ مَحْمُول على مَا اذا كَانَ يعْتَقد أَن لَهُ أثرا رجل علم أَن فلَانا يتعاطى المناكر هَل لَهُ أَن يكْتب الى أَبِيه ذَلِك إِن وَقع فِي قلبه أَن أَبَاهُ يقدر على أَن يُغير على ابْنه يحل لَهُ أَن يكْتب بِهِ الى أَبِيه وَإِن لم يَقع فِي قلبه أَنه لَا يقدر لَا يكْتب وَكَذَا بَين الْمَرْء وزوجه وَكَذَا بَين السُّلْطَان والرعية اه هَذَا مَا يسر الله نَقله من الْخُلَاصَة وَالله الْمُوفق لسبيل الرشاد بَاب السّرقَة ركنها أَخذ الشَّيْء خُفْيَة ومحلها مَال مُحرز ومملوك وَهُوَ شَرط ونصابها قدر عشرَة دَرَاهِم مَضْرُوبَة وَحكمهَا الْقطع فَإِن سرق مُكَلّف حر أَو عبد قدر النّصاب محرزا بِلَا شُبْهَة بمَكَان كبيت أَو صندوق أَو بحافظ كجالس فِي الطَّرِيق أَو مَسْجِد عِنْده مَال وَأقر بهَا مرّة أَو شهد رجلَانِ بِأَن سَأَلَهُمَا الامام كَيفَ هِيَ أَو مَا هِيَ وَمَتى هِيَ وَأَيْنَ هِيَ وَكم هِيَ وَمِمَّنْ سرق وبيناها قطع وَإِن تشارك جمع فِيهَا فَأصَاب قدر نِصَاب قطعُوا وَإِن أَخذه بَعضهم

فصل في جناية البهيمة والجناية عليها

وَقطع بالساج وبالأبنوس والصندل والفصوص الْخضر والياقوت والنبرجد والإناء وَالْبَاب وَلَا يقطع فِيمَا وجد مُبَاحا فِي دَارنَا كخشب وحشيش وقصب وسمك وطير وزرنيخ ومغرة ونورة وَلَا بِمَا يفْسد سَرِيعا كلبن وَلحم وَفَاكِهَة رطبَة وثمر على شجر وبطيخ وَزرع لم يحصد لعدم الْحِرْز وَلَا فِي أشربة مطربة وآلات لَهو وصليب ذهب أَو فضَّة وشطرنج ونرد ومصحف وَصبي حر وَلَو محليين وَعبد ودفتر الْحساب وَلَا فِي كلب وفهد وزيت وتبن وَمَال عَامَّة فِي بَيت المَال وَمَال لَهُ فِيهِ شركَة وَمثل حَقه حَالا أَو مُؤَجّلا وَلَو يزِيد وَمَا قطع فِيهِ وَهُوَ بِحَالهِ لَا إِن تغير وسرق ثَانِيًا قطع كغزل قطع فِيهِ ثمَّ نسج فَسرق وَلَا من سرق من ذِي محرم مِنْهُ بِخِلَاف مَال فِي بَيت غَيره وَمَال مرضعته وَلَا من الزَّوْج وعرس وَلَا من مَال خَاص لَهُ من سَيّده وعرسه وَزوج سيدته وَلَا من مكَاتبه ومبعضه ومغنم وحمام وَبَيت أذن فِي دُخُوله أَو سرق شَيْئا وَلم يُخرجهُ من الدَّار أَو دخل بَيْتا وناول من هُوَ خَارج أَو ثقب بَيْتا وَأدْخل يَده فِيهِ وَأخذ شَيْئا أَو طر صرة خَارِجَة من كم غَيره أما الإطرار وَحل الرِّبَاط فَإِن طر الرِّبَاط من خَارج فَلَا قطع وَإِن حل الرِّبَاط أَو سرق أَو حل جملا من قطار أَو حملا قطع إِن حفظه ربه أَو أَنَام عَلَيْهِ أَو شقّ الْحمل فَأخذ مِنْهُ شَيْئا أَو أَدخل يَده فِي صندوق غَيره أَو كمه أَو جيبه أَو أخرج من مَقْصُورَة دَار فِيهَا مقاصير الى خَارج أَو سرق رب مَقْصُورَة من مَقْصُورَة أُخْرَى فِيهَا أَو ألْقى شَيْئا من حرز الطَّرِيق ثمَّ أَخذه وَحمله على حمَار فساقه وَأخرجه من الْحِرْز هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من صدر الشَّرِيعَة فصل فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا ضمن الرَّاكِب فِي طَرِيق الْعَامَّة مَا وطِئت دَابَّته وَمَا أَصَابَت بِيَدِهَا أَو رجلهَا أَو رَأسهَا أَو كدمت أَي عضت بِمقدم أسنانها أَو خبطت أَي ضربت بِيَدِهَا أَو صدمت أَي ضربت بِنَفسِهَا شَيْئا فَلَو حدثت هَذِه الْأَشْيَاء وَهِي تسير فِي ملكه لم يحرم الْمِيرَاث وَيلْزمهُ الْكَفَّارَة وَلَو حدثت فِي ملك غَيره فَلَو كَانَ سَيرهَا بِإِذْنِهِ كَانَ كملكه وَإِلَّا ضمن مَا تلف مُطلقًا إِلَّا مَا نفحت برجلها أَو ذنبها سائرة إِذْ لَا يُمكنهُ الِاحْتِرَاز عَنْهَا مَعَ سَيرهَا أَو عطب بِمَا راثت أَو بَالَتْ فِي الطَّرِيق سائرة فَلَو أوقفها لغيره ضمن إِلَّا فِي مَوضِع أذن الامام بإيقافها فِيهِ وَإِن أَصَابَت بِيَدِهَا أَو رجلهَا حَصَاة أَو نواة أَو أثارت غبارا أَو حجرا صَغِيرا ففقأ عينا أَو أفسد ثوبا لَا يضمن السَّائِق للدابة والقائد كالراكب فِي الضَّمَان وَعَلِيهِ أَي الرَّاكِب الْكَفَّارَة لِأَنَّهُ مبَاشر وَحكم الْمُبَاشر أَن لَا يَرث إِن كَانَ الْمَقْتُول مُوَرِثه بخلافهما أَي السَّائِق والقائد حَيْثُ لَا كَفَّارَة عَلَيْهِمَا ويرثان لِأَنَّهُمَا متسببان وَالْكَفَّارَة وحرمان الْإِرْث لَيْسَ من أَحْكَام التَّسَبُّب ضمن عَاقِلَة كل حر فَارس أَو راجل دِيَة الآخر إِن اصطدما وَمَاتَا وَلم يَكُونَا من الْعَجم وَكَانَ الاصطدام خطأ وَلَو عمدا فنصفها أَي الدِّيَة وَلَو عَبْدَيْنِ فيهدر دمهما وَلَو كَانَ أَحدهمَا حرا وَالْآخر عبدا فعلى عَاقِلَة الْحر الْمَقْتُول قيمَة العَبْد فِي الْخَطَأ وَنِصْفهَا فِي الْعمد ويضمنها عَاقِلَته سائق دَابَّة سقط بعض أداتها على رجل فَمَاتَ وقائد قطار وطيء بعير مِنْهُ رجلا فَمَاتَ لَو مَعَه سائق فِي جَانب الابل ضمنا وَأما إِذا لم يكن فِي جَانب الابل بل بوسطها وَأخذ زِمَام وَاحِد مِنْهَا ضمن وَحده قتل بعير ربطه على قطار يسير بِلَا علم قائده رجلا ضمن على عَاقِلَة الْقَائِد الدِّيَة وَرَجَعُوا بهَا على عَاقِلَة الرابط فَلَو ربطها والقطار وَاقِف ضمنهَا أَي الدِّيَة عَاقِلَة الْقَائِد بِلَا رُجُوع كَذَا إِذا علم الْقَائِد انْتهى

الفصل الرابع والعشرون في الشرب والمزارعة والمساقة كتاب الشرب

هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من الدُّرَر وَالْغرر وَقد تقدم فِي فصل الضمانات مَا يتَعَلَّق بالجنايات فَليُرَاجع وَالله الْمُوفق لسبيل الرشاد الْفَصْل الرَّابِع وَالْعشْرُونَ فِي الشّرْب والمزارعة والمساقة = كتاب الشّرْب وَفِي فتاوي القَاضِي الامام الأَصْل فِيهِ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام النَّاس شُرَكَاء فِي ثَلَاث المَاء والكلأ وَالنَّار وَلم يرد بِهِ شركَة الْملك وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الاباحة فِي المَاء الَّذِي لم يحرز فِي الْحِيَاض والعيون والآبار والأنهار فَلِكُل أحد أَن يشرب مِنْهَا ويسقي دوابه وَإِن فِيهِ انْقِطَاع ذَلِك المَاء وَلَا يسْقِي بهَا أرضه وَلَا زرعه وَفِي الأَصْل الْمِيَاه ثَلَاثَة الأول فِي نِهَايَة الْعُمُوم كالأنهار الْعِظَام كدجلة والفرات وجيحون وسيحون وَهِي لَيست بمملوكة لأحد وَلكُل أحد أَن يَسْتَسْقِي مِنْهَا ويسقي دَابَّته وأرضه ويشربه وَيتَوَضَّأ بِهِ وَلكُل أحد نصب الطاحون والساقية والدالية واتخاذ المشرعة واتخاذ النَّهر الى أرضه بِشَرْط أَن لَا يضر بالعامة فَإِن أضرّ يمْنَع من ذَلِك فَإِن لم يضر فعل ذَلِك وَلم يمْنَع وَإِن أضرّ وَفعل فَلِكُل وَاحِد من أهل الدَّار مُسلم أَو ذمِّي أَو امْرَأَة أَو مكَاتب مَنعه الثَّانِي فِي نِهَايَة الْخُصُوص كَمَاء الْحبّ والكوز وَلَيْسَ لأحد أَن ينْتَفع بِهِ الا باذن صَاحبه وَفِي الفتاوي فِي كتاب الصَّلَاة لَو صب مَاء حب إِنْسَان يُقَال لَهُ املأه فَإِن اضْطر اليه فَحِينَئِذٍ ينْتَفع بِغَيْر اذن صَاحبه الثَّالِث الْمُتَوَسّط وَهُوَ مَاء الْأَنْهَار والآبار الْمَمْلُوكَة والحياض وَلكُل وَاحِد أَن يسْقِي دَابَّته إِلَّا إِذا كَانَ لَهُ جمال وأبقر كَثِيرَة يخَاف صَاحب النَّهر فَسَاد المسناة وتخريب النَّهر فَحِينَئِذٍ لَهُ مَنعه هَكَذَا فِي الفتاوي وَإِن كَانَ الْحَوْض فِي دَار رجل أَو فِي بستانه فاستقى آخر مِنْهُ لَيْسَ لصَاحب الدَّار أَو الْبُسْتَان أَن يَأْخُذ ذَلِك مِنْهُ إِلَّا أَن لصَاحب الْملك أَن يمنعهُ من الدُّخُول فِي ملكه وَلكُل وَاحِد أَن يَقُول لي حق فِي دَارك فإمَّا أَن توصلني اليه أَو تمكنني من الدُّخُول وَهَذَا اذا كَانَ لَهُ مستقي غير ذَلِك فَإِن لم يكن فَلهُ أَن يدْخل دَاره بِغَيْر اذنه الْكل فِي نُسْخَة الامام السَّرخسِيّ وَفِي فتاوي القَاضِي نهر لقوم ولرجل أَرض بجنبه لَيْسَ لَهُ شرب مِنْهُ من هَذَا النَّهر كَانَ لصَاحب الأَرْض الَّذِي لَيْسَ لَهُ شرب مِنْهُ أَن يشرب وَيتَوَضَّأ ويسقي دوابه من هَذَا النَّهر وَلَيْسَ لَهُ أَن يسْقِي أَرضًا مِنْهُ أَو شَجرا أَو زرعا وَلَا أَن ينصب دولابا على هَذَا النَّهر لأرضه وَإِن أَرَادَ أَن يرفع المَاء مِنْهُ بِالْقربِ والأواني ويسقي زرعه أَو شَجَره اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ وَالأَصَح أَنه لَيْسَ لَهُ ذَلِك وَلأَهل النَّهر أَن يمنعوه وَفِي شرح الشافي لَا يجوز بَيْعه وَلَيْسَ لأحد نصب الطاحونة وَلَا غَيرهَا على الْأَنْهَار الْمُشْتَركَة لأقوام مخصوصين وَلَيْسَ للسُّلْطَان أَن يَأْذَن لَهُم بذلك وَإِن أذن لم يعْتَبر إِذْنه نهر بَين قوم عَلَيْهِ أرضون لم يعرف كَيفَ كَانَ أَصله اخْتلفُوا فِيهِ يقسم بَينهم على قدر أراضيهم فَإِن كَانَ الْأَعْلَى لَا يشرب حَتَّى يسكر النَّهر لم يكن لَهُ ذَلِك إِلَّا بِرِضا الآخرين وَالْمُخْتَار أَنه اذا لم يُمكنهُ سقِِي

فصل في مسائل الماء

أرضه من غير سكر رفع الْأَمر الى القَاضِي حَتَّى يَأْمُرهُم بالمهايأة فَإِن اصْطَلحُوا على أَن يسكر كل شَارِب يَوْمًا جَازَ وَلَيْسَ لأحد أَن يكْرِي مِنْهُ نَهرا إِلَّا بِرِضا الآخرين وَكَذَا نصب الرَّحَى إِلَّا أَن يكون مَوضِع الرَّحَى فِي أرضه وَلَا يضر بالنهر وَلَا بِالْمَاءِ وَمن كَانَ لَهُ شرب فِي أرضه فِي أَسْفَل النَّهر فَفتح ذَلِك فِي أَعْلَاهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك وَمن جعل بَاب دَاره فِي أَعلَى حَائِطه لَهُ ذَلِك كَذَا فِي مُخْتَصر عِصَام وَقِسْمَة شرح الطَّحَاوِيّ وَفِي كتاب الشّرْب للْإِمَام خُوَاهَر زَاده فَلَو أَرَادَ أَن يَجْعَل شربه أَسْفَل أَو أَعلَى لَهُ ذَلِك وَهَكَذَا فِي نُسْخَة الامام السَّرخسِيّ وَذكر الصَّدْر الشَّهِيد فِي كتاب الْحِيطَان وَلَو أَرَادَ أَن يَسُوق شربه الى أَرض أُخْرَى لم يكن لَهَا شرب فِيمَا مضى لم يجز وَهَذَا كطريق بَين قوم أَرَادَ أحدهم أَن يفتح فِيهِ طَرِيقا لممر دَار أُخْرَى لم يجزه الْكل فِي الأَصْل وَفِي الْعُيُون نهر مُشْتَرك بَين قوم أذنوا لرجل فِي السَّقْي مِنْهُ الا رجلا فَإِنَّهُ لم يَأْذَن لَهُ لَيْسَ لَهُ أَن يسْقِي حَتَّى يأذنوا كلهم كَذَا روى هِشَام عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله وَفِي مُزَارعَة النَّوَازِل عَن مُحَمَّد بن مقَاتل فِي رجل سرق مَاء فساقه الى أرضه أَو كرمه فَإِنَّهُ يطيب لَهُ مَا خرج وَهُوَ بِمَنْزِلَة رجل غصب شَعِيرًا أَو تبنا وَسمن دَابَّته فَعَلَيهِ قيمَة الْعلف وَمَا زَاد فِي الدَّابَّة فَهُوَ طيب لَهُ قَالَ رَحمَه الله فعلى قِيَاس هَذَا لَو سرق أوراق التوت وَأعْطى دود الصلق فالإبريسم يطيب لَهُ وَعَلِيهِ قيمَة الأوراق فصل فِي مسَائِل المَاء فِي فتاوي القَاضِي الامام رجل أَرَادَ سقِِي أرضه أَو زرعه من مجْرى لَهُ فجَاء رجل وَمنعه المَاء ففسد زرعته قَالُوا لَا شَيْء عَلَيْهِ كَمَا لَو منع الرَّاعِي حَتَّى ضَاعَت الْمَوَاشِي رجل لَهُ نوبَة مَاء فِي يَوْم معِين من الْأُسْبُوع فجَاء رجل وَسقي أرضه فِي نوبَته ذكر الشَّيْخ الامام عَليّ الْبَزْدَوِيّ أَن غَاصِب المَاء يكون ضَامِنا وَفِي متفرقات الْفَقِيه أبي جَعْفَر رجل سقِِي أرضه فتعدى المَاء الى أَرض جَاره إِن أجْرى المَاء إِجْرَاء لَا يسْتَقرّ فِي أرضه بل يسْتَقرّ فِي أَرض جَاره يضمن وَقد تقدم مثل هَذَا فِي الضمانات وَالله أعلم نوع فِي الأَرْض الْموَات وَفِي الأَصْل من أَحْيَا أَرضًا ميتَة باذن السُّلْطَان ملكهَا وَبِدُون الاذن لَا وَعِنْدَهُمَا يملكهَا بِدُونِ اذن السُّلْطَان وَالْأَرْض الْميتَة كل أَرض من أَرَاضِي السوَاد وَالْجِبَال لَا يبلغهَا مَاء الْأَنْهَار وَلَيْسَ لأحد فِيهَا ملك وأراضي بخارا لَيست بموات لِأَنَّهَا دخلت فِي الْقِسْمَة وَتصرف الى أقْصَى مَالك أَو بَائِع فِي الاسلام أَو الى ورثته وَإِن لم يعلم ورثته فَحِينَئِذٍ التَّصَرُّف للْقَاضِي وَقَالَ رَحمَه الله هَكَذَا قَالَ الامام ظهير الدّين المرغيناني وَتَفْسِير الْإِحْيَاء أَن يَبْنِي عَلَيْهَا أَو يغْرس أَو يكريها أَو يسقيها وَهَكَذَا فِي مُزَارعَة النَّوَازِل هَذَا مَا يسر الله نَقله من الْخُلَاصَة فصل فِي الْمُزَارعَة قَالَ فِي الأَصْل إِذا دفع الْمزَارِع الأَرْض الى آخر مُزَارعَة فالمزارعة فَاسِدَة عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَكَذَا الْمُعَامَلَة وَالْخَارِج لصَاحب الأَرْض إِن كَانَ الْبذر مِنْهُ وللعامل إِن كَانَ الْبذر مِنْهُ وَإِن كَانَ من رب الأَرْض فَعَلَيهِ أجر مثل عمل الْعَامِل وكما يجب أجر الْمثل فِي عمل الْعَامِل يجب أجر مثل الأَرْض فِي الْمُزَارعَة الْفَاسِدَة وَيجب أجر مثل الْبَقر

وَالْمرَاد من قَوْله يجب أجر مثل الأَرْض وَالْبَقر يَعْنِي يجب أجر مثل الأَرْض مكروبة أما الْبَقر فَلَا يجوز أَن يسْتَحق بِعقد الْمُزَارعَة وَأجر الْمثل يجب بَالغا مَا بلغ عِنْد مُحَمَّد وَعند أبي يُوسُف لَا يُزَاد على الْمَشْرُوط والمزارعة جَائِزَة على قَوْلهمَا وَالْفَتْوَى على قَوْلهمَا ثمَّ إِن أَبَا حنيفَة إِنَّمَا فرع الْمسَائِل على قَول من جوز الْمُزَارعَة لعلمه أَن النَّاس لَا يَأْخُذُونَ بقوله ثمَّ للزِّرَاعَة شَرَائِط وركن وَحكم وَصفَة أما ركنها فالإيجاب وَالْقَبُول وَأما شرائطها فَمن جملَة ذَلِك كَون الأَرْض صَالِحَة للزِّرَاعَة وَكَون رب الأَرْض وَالْعَامِل من أهل العقد وَبَيَان الْمدَّة سنة أَو سنتَيْن شَرط فِي الزِّرَاعَة وَفِي الْمُعَامَلَة تجوز من غير بَيَان الْمدَّة اسْتِحْسَانًا وَتَقَع على أول ثَمَرَة تخرج فِي تِلْكَ السّنة وَفِي النَّوَازِل عَن مُحَمَّد بن سَلمَة الْمُزَارعَة من غير بَيَان الْمدَّة جَائِزَة أَيْضا وَتَقَع على سنة وَاحِدَة يَعْنِي على زرع وَاحِد وَبِه أَخذ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث وَقَالَ إِنَّمَا شَرط أهل الْكُوفَة بَيَان الْوَقْت لِأَن وَقت الْمُزَارعَة عِنْدهم متفاوت وابتداؤها وانتهاؤها مَجْهُول وَوقت الْمُعَامَلَة مَعْلُوم فأجازوا الْمُعَامَلَة وَتَقَع على أول سنة وَلم يجيزوا الْمُزَارعَة أما فِي بِلَادنَا فوقت الْمُزَارعَة مَعْلُوم فَيجوز وَإِن لم يُوَقت كالمعاملة وَلَو دفع أرضه مُزَارعَة خَمْسمِائَة سنة فَهِيَ فَاسِدَة وَمن شرائطها التَّخْلِيَة حَتَّى لَو شَرط فِي العقد مَا يتَعَذَّر بِهِ التَّخْلِيَة مثل عمل رب الأَرْض تفْسد الْمُزَارعَة وَمن شرائطها بَيَان مَا يزرع فِي الأَرْض قِيَاسا وَفِي الِاسْتِحْسَان لَيْسَ بِشَرْط وَمن شرائطها بَيَان من عَلَيْهِ الْبذر وَعَن بعض أَئِمَّة بَلخ إِن كَانَ بَينهم عرف ظَاهر أَن الْبذر يكون على أَحدهمَا بِعَيْنِه لَا يشْتَرط بَيَان من عَلَيْهِ الْبذر وَمن شرائطها بَيَان النَّصِيب على وَجه لَا يقطع الشّركَة بَينهمَا فِي الْخَارِج بِأَن يَقُول بِالنِّصْفِ أَو الثُّلُث أَو الرّبع أَو مَا أشبه ذَلِك فَإِن بَينا نصيب أَحدهمَا ينظر فَإِن بَينا نصيب من لَا بذر من جِهَته جَازَت الْمُزَارعَة قِيَاسا واستحسانا وَإِن بَينا نصيب من كَانَ الْبذر من جِهَته جَازَت الْمُزَارعَة اسْتِحْسَانًا وَمن الشَّرَائِط فِي الْمُعَامَلَة أَن يكون العقد وَاقعا على مَا هُوَ فِي حد النمو بِحَيْثُ يزِيد فِي نَفسه بِسَبَب عمل الْعَامِل حَتَّى لَو عقدا عقد الْمُعَامَلَة على مَا يتناهى عظمه وَصَارَ بِحَال لَا يزِيد فِي نَفسه بِسَبَب عمل الْعَامِل لَا تصح الْمُعَامَلَة وَأما بَيَان حكمهَا فَنَقُول حكمهَا ثُبُوت الْملك فِي مَنْفَعَة الأَرْض إِذا كَانَ الْبذر من جِهَة الْمزَارِع وَالشَّرِكَة فِي الْخَارِج وَأما بَيَان صفة الْمُعَامَلَة والمزارعة فَنَقُول الْمُعَامَلَة لَازِمَة من الْجَانِبَيْنِ وَلَو أَرَادَ أَحدهمَا السّفر لَيْسَ لَهُ الْفَسْخ إِلَّا بِعُذْر والمزارعة لَازِمَة من قبل من لَا بذر مِنْهُ حَتَّى لَا يملك الْفَسْخ إِلَّا بِعُذْر لَكِن غير لَازِمَة من قبل من لَهُ الْبذر قبل إِلْقَاء الْبذر فِي الأَرْض حَتَّى يملك الْفَسْخ من غير عذر لِأَن فِيهِ إِتْلَاف مَاله وَهُوَ الْبذر والانسان لَا يجْبر على إِتْلَاف مَاله بِخِلَاف الْمُعَامَلَة فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْوَفَاء بِمَا يُؤَدِّي الى تلف المَال على أَحدهمَا فَيلْزمهُ الْمُضِيّ فِيهَا الا بِعُذْر والعذر أَن يمرض الْعَامِل أَو يلْحق صَاحب النّخل دين فيضطر الى بَيْعه لِأَن فِيهِ ضَرَرا ظَاهرا أما ترك السّفر فَلَيْسَ فِيهِ ضَرَر ظَاهر فَافْتَرقَا وَبعد مَا يلقى الْبذر فِي الأَرْض تصير لَازِمَة من الْجَانِبَيْنِ قَالَ فِي شرح الشافي بعد هَذَا الْمُزَارعَة على سَبْعَة أوجه أَحدهَا أَن تكون الأَرْض من أَحدهمَا وَالْبَقر وَالْعَمَل وَالْبذْر من الآخر وَهَذَا الْعَمَل جَائِز وَصَاحب الْبذر مُسْتَأْجر للْأَرْض الثَّانِي أَن يكون

فصل في أعمال المزارعة ما يكون على المزارع ومالا يكون

الْعَمَل من أَحدهمَا وَالْبَاقِي من الآخر وَهَذَا جَائِز أَيْضا وَصَاحب الْبذر مُسْتَأْجر لِلْعَامِلِ ليعْمَل بِهِ الثَّالِث أَن تكون الأَرْض وَالْبذْر من أَحدهمَا وَالْبَقر وآلات الْعَمَل وَالْعَمَل من الآخر وَهَذَا جَائِز أَيْضا الرَّابِع أَن يكون الْبذر من الْعَامِل وَالْبَقر من قبل رب الأَرْض وَهَذَا فَاسد فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَعَن أبي يُوسُف أَنه يجوز الْخَامِس أَن يكون الْبَقر من أَحدهمَا وَالْبَاقِي من الآخر السَّادِس أَن يكون الْبذر وَالْبَقر من وَاحِد وَالْبَاقِي من الآخر السَّابِع أَن يكون الْبذر من وَاحِد وَالْبَاقِي من الآخر فالمزارعة فَاسِدَة فِي هَذِه الْوُجُوه الثَّلَاثَة رجل دفع أَرضًا أَو نخلا يَزْرَعهَا الْمزَارِع على أَن يقوم على النّخل بِالنِّصْفِ فَهَذِهِ مُزَارعَة شرطت فِيهَا الْمُعَامَلَة فَينْظر إِن كَانَ الْبذر من الْمزَارِع فَسدتْ الْمُزَارعَة والمعاملة لِأَنَّهُ صَفْقَة فِي صفقتين فَإِن كَانَ من رب الأَرْض جَازَ كِلَاهُمَا لِأَنَّهُ أُجْرَة وَإِن كَانَت الْمُعَامَلَة معطوفة على الْمُزَارعَة بِأَن يَقُول أدفَع اليك هَذِه الأَرْض فتزرعها ببذرك وأدفع اليك مَا فِيهَا من النّخل معالمة جَازَ مُطلقًا وَفِي النَّوَازِل رجل لَهُ أَرض أَرَادَ أَن يَأْخُذ بذرا من رجل حَتَّى يَزْرَعهَا وَيكون ذَلِك بَينهمَا فَالْحِيلَةُ أَن يَشْتَرِي نصف الْبذر ويقبضه ويبرئه البَائِع من الثّمن ثمَّ يَقُول لَهُ ازرعها على أَن الْخَارِج بَيْننَا نِصْفَانِ فَمَا خرج فَهُوَ بَينهمَا لِأَن الْبذر مِنْهُمَا وَفِي النَّوَازِل أَيْضا رجل دفع الى رجل أَرضًا مُزَارعَة سنة فزرعها فَرفع ثَمَرَتهَا ثمَّ زرع السّنة الثَّانِيَة بِغَيْر اذن رب الأَرْض فنبت الزَّرْع أَو لم ينْبت فَبلغ ذَلِك رب الأَرْض فَلم يجز إِن كَانَت الْعَادة بَين أهل تِلْكَ الْقرْيَة أَنهم يزرعون الْمرة بعد الْأُخْرَى بِغَيْر مُزَارعَة جَدِيدَة فَذَلِك جَائِز وَفِي فتاوي النَّسَفِيّ رجل زرع أَرض الْغَيْر بِغَيْر أمره ينظر الى الْعرف إِن كَانَت مُنَاصَفَة يكون بَينهمَا نِصْفَيْنِ قَالَ رَحمَه الله وَهَذَا اذا كَانَت معدة لذَلِك بِأَن كَانَ صَاحب الأَرْض مِمَّن لَا يزرع بِنَفسِهِ وَيدْفَع مُزَارعَة وَفِي أول مُزَارعَة النَّوَازِل رجل زرع أَرض غَيره بِغَيْر أمره فَعَلَيهِ نُقْصَان الأَرْض هَذَا قَول نصير وَقَالَ مُحَمَّد بن سَلمَة ينظر بكم تستؤجر قبل اسْتِعْمَالهَا وبكم تستؤجر بعد اسْتِعْمَالهَا فَيجب عَلَيْهِ نُقْصَان ذَلِك رجل زرع أَرض غَيره بِغَيْر اذنه ثمَّ قَالَ لرب الأَرْض ادْفَعْ الي بذري فَأَكُون أكارا لَك إِن كَانَ الْبذر مُسْتَهْلكا لَا يجوز وَإِن كَانَ قَائِما يجوز وَالله أعلم فصل فِي أَعمال الْمُزَارعَة مَا يكون على الْمزَارِع ومالا يكون الأَصْل إِن كَانَ عمل لَا بُد للمزارعة مِنْهُ لتَحْصِيل الزَّرْع المرغوب فِيهِ من الأَرْض المدفوعة اليه فَإِن الْمزَارِع يجْبر عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ ذَلِك مَشْرُوطًا فِي العقد أَو لم يكن كالسقي والتبذير وكل عمل لَيْسَ للمزارع مِنْهُ بُد فِي تَحْصِيل الزَّرْع إِلَّا أَنه عمل يزِيد فِي جودة الْخَارِج إِن كَانَ مَشْرُوطًا فِي عقد الْمُزَارعَة يجْبر عَلَيْهِ وحفر الْبِئْر وَإِصْلَاح المسناة على صَاحب الأَرْض أَيْضا وَفتح فَوجه النَّهر الصَّغِير من النَّهر الْكَبِير على الْعَامِل إِلَّا أَن يبعد أَو يكون فِي مَوضِع وَثمّ ظلمَة يمْنَعُونَ المَاء فَحِينَئِذٍ يكون على رب الأَرْض قَالَ هَكَذَا أفتى الشَّيْخ الامام ظهير الدّين وَحفظ الزَّرْع على الْمزَارِع الى وَقت الْإِدْرَاك وَبعد ذَلِك عَلَيْهِمَا وَإِن شَرط الْحِفْظ على الْمزَارِع بعد الادراك أَو شَرط مُؤنَة المَاء على الْمزَارِع يَنْبَغِي أَن لَا تفْسد الْمُزَارعَة

فصل فيما يكون عذرا في فسخ المزارعة

وَإِذا أدْرك الباذنجان والبطيخ فالحمل والالتقاط عَلَيْهِمَا وَإِذا صَار الزَّرْع قصيلا فأرادا أَن يفصلاه ويبيعاه كَذَلِك فالفصل عَلَيْهِمَا وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم فصل فِيمَا يكون عذرا فِي فسخ الْمُزَارعَة وَفِي الأَصْل السّفر وَالْمَرَض عذر من قبل الْمزَارِع وَلَو كَانَ الْمزَارِع سَارِقا يخَاف على الزَّرْع وَالثَّمَر مِنْهُ فَهَذَا عذر وَلَو أَرَادَ صَاحب الأَرْض البيع بِعُذْر الدّين وَالْبذْر من الْمزَارِع إِن عمل الْمزَارِع فِي الأَرْض من الكراب وتسوية المسناة وَأَشْبَاه ذَلِك إِلَّا أَنه لم يَزْرَعهَا فَلصَاحِب الأَرْض أَن يَبِيعهَا وَلَا شَيْء لِلْعَامِلِ على رب الأَرْض وَإِن كَانَ الْمزَارِع قد زرع الأَرْض وَنبت الزَّرْع فَلَيْسَ لرب الأَرْض أَن يَبِيعهَا حَتَّى يستحصد الزَّرْع فَلَو حَبسه القَاضِي بِالدّينِ خلى سَبيله وَلَو زرع الْمزَارِع وَلم ينْبت الزَّرْع حَتَّى لحق رب الأَرْض دين فادح اخْتلف الْمَشَايِخ فِي جَوَاز البيع وَفِي مُزَارعَة النَّوَازِل رجل دفع لرجل أرضه مُزَارعَة فزرع الأَرْض ثمَّ إِن رب الأَرْض بَاعَ الأَرْض مزروعة فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون بَاعهَا بِرِضا الْمزَارِع أَو بِغَيْر رِضَاهُ وَإِمَّا أَن يكون الْبذر من جِهَة رب الأَرْض أَو من جِهَة الْعَامِل فَإِن بَاعهَا بِرِضَاهُ وَلم يكن نبت الزَّرْع وَالْبذْر من قبل رب الأَرْض فَلَا شَيْء للمزارع من الثَّمر لِأَنَّهُ إِنَّمَا يثبت لَهُ الْحق بعد النَّبَات أما قبله فَلَا حق لَهُ فِيهِ وَإِن كَانَ الْبذر من قبل الْمزَارِع نابتا فَإِن أجَاز الْمزَارِع جَازَ وَنصِيب الْمزَارِع فِيهِ قَائِم وَإِن كَانَ ذَلِك بِغَيْر رِضَاهُ فللمزارع أَن يبطل البيع وَكَذَلِكَ لَو دفع الْكَرم مُعَاملَة ثمَّ بَاعه إِن لم يكن خرج مِنْهُ شَيْء فَلَا شَيْء لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهِ حق فَإِن خرج وَأَجَازَهُ جَازَ ونصيبه فِيهِ قَائِم وَإِن كَانَ بِغَيْر رِضَاهُ فَلهُ أَن يبطل البيع وَإِذا مَاتَ رب الأَرْض بعد مَا نبت الزَّرْع قبل أَن يستحصد وَالْبذْر من الْمزَارِع يبقي العقد الى أَن يستحصد الزَّرْع اسْتِحْسَانًا وَلَا يجب شَيْء من الْأجر على الْمزَارِع هَذَا إِذا قَالَ الْمزَارِع أَنا لَا أقلع الزَّرْع فَإِن قَالَ أَنا أقلع الزَّرْع فَإِنَّهُ لَا يبْقى عقد الْمُزَارعَة وَإِن اخْتَار الْمزَارِع الْقلع فلورثة رب الأَرْض خيارات ثَلَاث إِن شَاءُوا قلعوا الزَّرْع والمقلوع بَينهم وَإِن شَاءُوا أَنْفقُوا على الزَّرْع بِأَمْر القَاضِي حَتَّى يرجِعوا على الْمزَارِع بِجَمِيعِ النَّفَقَة وَإِن شَاءُوا غرموا حِصَّة الْمزَارِع من الزَّرْع والمزروع لَهُم وَإِن مَاتَ قبل الزِّرَاعَة بعد مَا عمل فِي الأَرْض بِأَن كرب الأَرْض وحفر الْأَنْهَار انتقضت الْمُزَارعَة وَلَا يغرم وَرَثَة رب الأَرْض للمزارع شَيْئا وَلَو مَاتَ بعد الزِّرَاعَة قبل النَّبَات اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ وَلَو لم يمت لَكِن الْمزَارِع آخر الزِّرَاعَة حَتَّى انْقَضتْ السّنة وَالزَّرْع بقل فَأَرَادَ رب الأَرْض أَن يقْلع الزَّرْع وأبى الْمزَارِع فَلَيْسَ لرب الأَرْض أَن يقْلع الزَّرْع وَتثبت بَينهمَا إِجَارَة فِي نصف السّنة حكما حَتَّى يستحصد وَالْعَمَل عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ حَتَّى يستحصد وَهَذَا اذا لم يرد الْمزَارِع الْقلع فَإِن أَرَادَ الْقلع فلرب الأَرْض خيارات ثَلَاث على مَا ذكرنَا وَإِذا أنْفق بعد انْتِهَاء الزَّرْع بِأَمْر القَاضِي رَجَعَ على الْمزَارِع بِنصْف النَّفَقَة وَلَو انْقَضتْ مُدَّة الْمُعَامَلَة وَالثَّمَر لم يدْرك وأبى الْعَامِل الْغرم يتْرك بِغَيْر اجارة فِي يَده وَإِذا هرب الْمزَارِع فِي وسط السّنة وَالزَّرْع بقل فأنفق عَلَيْهِ رب الأَرْض حَتَّى استحصد رَجَعَ على الْعَامِل بِمَا أنْفق بَالغا مَا بلغ وَالْقَوْل قَول الْمزَارِع فِي قدر النَّفَقَة مَعَ يَمِينه على عمله وَإِن مَاتَ الْمزَارِع وَالزَّرْع بقل فَقَالَت وَرَثَة الْمزَارِع نَحن نعملها على حَالهَا حَتَّى نستحصدها فَذَلِك لَهُم وَلَو قَالُوا نقلع الزَّرْع وَلَا نعمل لَا يجبرون على الْعَمَل

فصل في المزارع يدفع الى آخر مزارعة

فصل فِي الْمزَارِع يدْفع الى آخر مُزَارعَة وَفِي الأَصْل إِذا كَانَ الْبذر من الْمزَارِع لَهُ أَن يدْفع الى آخر مُزَارعَة وَإِن لم يَأْذَن لَهُ رب الأَرْض أصلا فَلَو دفع الْمزَارِع مُزَارعَة بِالنِّصْفِ الى آخر على أَن يعْمل ببذره وَالشّرط فِي الْمُزَارعَة الأولى أَيْضا النّصْف فالخارج بَين رب الأَرْض والمزارع الثَّانِي نِصْفَانِ وَلَا شَيْء للمزارع الأول الْكل فِي الأَصْل هَذَا مَا يسر الله نَقله من الْخُلَاصَة وَالله الْمُوفق = كتاب الْمُسَاقَاة الْمُسَاقَاة هِيَ فِي الأَصْل دفع الشّجر الى من يصلحه بِجُزْء من ثمره وَهِي كالمزارعة حكما وَخِلَافًا وشروطا فَإِن حكم الْمُسَاقَاة حكم الْمُزَارعَة وَإِن الْفَتْوَى على صِحَّتهَا وَفِي أَنَّهَا بَاطِلَة عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله خلافًا لَهما وَفِي أَن شُرُوطهَا كشروطها وَفِي كل شَرط يُمكن وجوده فِي الْمُسَاقَاة كأهلية الْعَاقِدين وَبَيَان نصيب الْعَامِل والتخلية بَين الْأَشْجَار وَالْعَامِل وَالشَّرِكَة فِي الْخَارِج فَأَما بَيَان البذور وَنَحْوه فَلَا يُمكن فِي الْمُسَاقَاة وَعند الشَّافِعِي الْمُسَاقَاة جَائِزَة والمزارعة إِنَّمَا تجوز فِي ضمن الْمُسَاقَاة لِأَن الأَصْل هُوَ الْمُضَاربَة وَالْمُسَاقَاة أشبه بهَا لِأَن الشّركَة فِي الرِّبْح فَقَط وَفِي الْمُزَارعَة لَا تجوز الشّركَة فِي مُجَرّد الرِّبْح وَهُوَ مَا زَاد على الْبذر إِلَّا الْمدَّة فَإِنَّهَا تصح بِلَا ذكرهَا اسْتِحْسَانًا فَإِن لإدراك الثَّمر وقتا مَعْلُوما وَيَقَع على أول ثَمَرَة تخرج وَإِدْرَاك بذر الرّطبَة كإدراك الثَّمر الرّطبَة بِالْفَارِسِيَّةِ سبست فَإِنَّهُ اذن دفع الرّطبَة مُسَاقَاة وَلَا يشْتَرط بَيَان الْمدَّة فتمتد الى إِدْرَاك بذر الرّطبَة فَإِنَّهُ كإدراك الثَّمر فِي الشّجر أَقُول الْغَالِب أَن الْبذر فِيهَا غير مَقْصُود بل تحصد فِي كل سنة سِتّ مَرَّات أَو أَكثر وَإِن أُرِيد الْبذر تحصد مرّة وتترك مرّة ثَانِيَة الى أَن يدْرك الْبذر فَفِيمَا لَا يُوجد الْبذر يَنْبَغِي أَن تقع على السّنة الأولى وَذكر مُدَّة لَا يخرج الثَّمر فِيهَا يُفْسِدهَا وَذكر مُدَّة قد تبلغ فِيهَا وَقد لَا تبلغ تصح فَلَو خرج فِي وَقت مُسَمّى فعلى الشَّرْط وَإِلَّا فللعامل أجر الْمثل أَي يعْمل الى إِدْرَاك الثَّمَرَة وَيصِح فِي الْكَرم وَالشَّجر والرطاب وأصول الباذنجان وَالنَّخْل إِن كَانَ فِيهِ ثَمَر إِلَّا مدْركا كالمزارعة هَذَا عندنَا وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله لَا تصح إِلَّا فِي الْكَرم وَالنَّخْل وَإِنَّمَا تصح فيهمَا بِحَدِيث خَيْبَر وَفِي غَيرهمَا بَقِي على الْقيَاس وَعِنْدنَا تصح فِي جَمِيع مَا ذكر لحَاجَة النَّاس ثمَّ إِذا صحت تصح إِذا استحصد لَكِن إِجَارَة الأَرْض لَا تصح إِلَّا أَن تكون خَالِيَة عَن زرع الْمَالِك فَإِن مَاتَ أَحدهمَا أَو مَضَت مدَّتهَا والثمرنيء يقوم الْعَامِل عَلَيْهِ أَو وَارثه وَإِن كره الدَّافِع أَو ورثته أَي إِن مَاتَ الْعَامِل وَالثَّمَر نيء يقوم وَرَثَة الْعَامِل عَلَيْهِ وَإِن كره الدَّافِع وَإِن مَاتَ الدَّافِع يقوم الْعَامِل كَمَا كَانَ وَإِن كره وَرَثَة الدَّافِع اسْتِحْسَانًا دفعا للضَّرَر وَلَا تفسخ إِلَّا بِعُذْر وَكَون الْعَامِل مَرِيضا لَا يقدر على الْعَمَل أَو سَارِقا يخَاف على سعفه أَو ثمره مِنْهُ عذر وَلَو دفع فضاء مُدَّة مَعْلُومَة ليغرس وَيكون الشّجر وَالْأَرْض بَينهمَا لَا يَصح لاشْتِرَاط الشّركَة فِيمَا هُوَ حَاصِل قبل الشّركَة وَالثَّمَر وَالْغَرْس لرب الأَرْض وَللْآخر قيمَة غرسه وَأجر عمله لِأَنَّهُ فِي معنى قفيز الطَّحَّان لِأَنَّهُ اسْتِئْجَار بِبَعْض مَا يخرج من عمله وَهُوَ نصف الْبُسْتَان وَإِنَّمَا لَا يكون الْغِرَاس لصَاحبه لِأَنَّهُ غرس بِرِضَاهُ ورضى صَاحب الأَرْض فَصَارَ تبعا للْأَرْض وحيلة الْجَوَاز أَن يَبِيع نصف الْغِرَاس بِنصْف الأَرْض ويستأجر صَاحب الأَرْض الْعَامِل ثَلَاث سِنِين مثلا بِشَيْء قَلِيل ليعْمَل فِي نصِيبه هَذَا مَا يسر الله نَقله من صدر الشَّرِيعَة وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم

الفصل الخامس والعشرون في الحيطانوما يتعلق

الْفَصْل الْخَامِس وَالْعشْرُونَ فِي الحيطانوما يتَعَلَّق جِدَار بَين شَرِيكَيْنِ أَرَادَ أَحدهمَا أَن يزِيد فِي الْبناء عَلَيْهِ لَا يكون لَهُ ذَلِك إِلَّا بِإِذن الشَّرِيك أضرّ بالشريك ذَلِك أَو لم يضر جِدَار بَين دارين انْهَدم ولأحدهما بَنَات ونسوة فَأَرَادَ صَاحب الْعِيَال أَن يبنيه وأبى الآخر قَالَ بَعضهم لَا يجْبر الآبي وَقَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث فِي زَمَاننَا يجْبر لِأَنَّهُ لَا بُد أَن يكون بَينهمَا ستْرَة قَالَ الامام فَخر الدّين قاضيخان يَنْبَغِي أَن يكون الْجَواب على التَّفْصِيل إِن كَانَ أصل الْجِدَار يحْتَمل الْقِسْمَة وَيُمكن لكل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يَبْنِي فِي نصِيبه ستْرَة لَا يجْبر الآبى على الْبناء وَإِن كَانَ أصل الْحَائِط لَا يحْتَمل الْقِسْمَة على هَذَا الْوَجْه يجْبر الآبي على الْبناء غنية الفتاوي جِدَار بَين رجلَيْنِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا عَلَيْهِ حمولات فوهي الْجِدَار فرفعه أَحدهمَا وبناه بِمَال نَفسه وَمنع الآخر عَن وضع الحمولات على مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الزَّمن الْقَدِيم قَالَ الْفَقِيه أَبُو بكر الإسكاف ينظر إِن كَانَ عرض الْجِدَار بِحَال لَو قسم بَينهمَا أصَاب كل وَاحِد مِنْهُمَا مَوضِع فيمكنه أَن يَبْنِي عَلَيْهِ حَائِطا يحْتَمل حمولاته على مَا كَانَ فِي الأَصْل كَانَ الْبَانِي مُتَبَرعا بِالْبِنَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَن يمْنَع صَاحبه عَن وضع الحمولات عَلَيْهِ وَإِن كَانَ بِحَال لَو قسم لَا يُصِيبهُ ذَلِك لَا يكون مُتَبَرعا وَله أَن يمْنَع شَرِيكه عَن وضع الحمولات على هَذَا الْوَجْه حَتَّى يضمن لَهُ نصف مَا أنْفق فِي الْبناء غنية جِدَار بَين رجلَيْنِ لأَحَدهمَا حمولة وَلَيْسَ للْآخر حمولة فَأَرَادَ الَّذِي لَا حمولة لَهُ أَن يضع عَلَيْهِ حمولة مثل حمولة شَرِيكه اخْتلفُوا فِيهِ قَالَ الْفَقِيه أَبُو بكر الْبَلْخِي إِن كَانَت الحمولة الشَّرِيك محدثة فلآخر أَن يضع وَقَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث للْآخر أَن يضع عَلَيْهِ مثل حمولته إِن كَانَ الْحَائِط يحْتَمل ذَلِك وشريكه مقرّ بِأَن الْحَائِط بَينهمَا غنية وَذكر فِي كتاب الصُّلْح إِذا كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا عَلَيْهِ جُذُوع أَو جُذُوع أَحدهمَا أَكثر فللآخر أَن يزِيد فِي جذوعه إِن كَانَ الْحَائِط يحْتَملهُ وَعَن الْفَقِيه أبي بكر الْبَلْخِي جِدَار بَين رجلَيْنِ لأَحَدهمَا عَلَيْهِ بِنَاء فَأَرَادَ أَن يحول جذوعه الى مَوضِع آخر قَالَ إِن كَانَ يحول من الْأَيْمن الى الْأَيْسَر أَو من الْأَيْسَر الى الْأَيْمن لَيْسَ لَهُ ذَلِك وَإِن أَرَادَ أَن يسفل الْجُذُوع فَلَا بَأْس لِأَن هَذَا يكون أقل ضَرَرا بِالْحَائِطِ وَإِن أَرَادَ أَن يَجعله أرفع عَمَّا كَانَ لَا يكون لَهُ ذَلِك لِأَن هَذَا يكون أَكثر عَمَّا كَانَ فَإِن رَأس الْحَائِط لَا يحْتَمل مَا يحْتَملهُ أساس الْحَائِط فَإِنَّهُ يمْنَع وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله إِن كَانَ الْحَائِط الْمُشْتَرك قدر قامة الرجل فَأَرَادَ أحد الشَّرِيكَيْنِ أَن يزِيد فِي طوله لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِلَّا بِإِذن شَرِيكه غنية وَفِي فتاوي أبي اللَّيْث رجل أذن لَهُ جَاره فِي وضع الْجُذُوع على حَائِطه أَو حفر سرداب تَحت دَاره ثمَّ بَاعَ دَاره فَلِلْمُشْتَرِي رفع الْجُذُوع والسرداب إِلَّا إِذا اشْترط فِي البيع ترك ذَلِك فَحِينَئِذٍ لَا يكون لَهُ ذَلِك وَذكر قاضيخان مسَائِل من جنس ذَلِك الى أَن قَالَ إِن كَانَ أحدث بِنَاء أَو غرفَة فِي سكَّة غير نَافِذَة برضى أَهلهَا فَاشْترى رجل من غير أهل تِلْكَ السِّكَّة دَارا مِنْهَا فَلهُ أَن يَأْمُرهُ بِرَفْع الغرفة حاوي

جِدَار بَينهمَا أَرَادَ أَحدهمَا أَن يَبْنِي عَلَيْهِ سقفا آخر أَو غرفَة يمْنَع وَكَذَا إِذا أَرَادَ أَحدهمَا وضع السّلم يمْنَع إِلَّا إِذا كَانَ فِي الْقَدِيم كَذَلِك بَزَّازِيَّة جِدَار مُشْتَرك بَين اثْنَيْنِ انْهَدم فَظهر أَنه ذُو طاقين متلاصقين فَأَرَادَ أَحدهمَا أَن يرفع الْحَائِط الَّذِي هُوَ فِي جَانِبه ويكتفي بالطاق الَّذِي هُوَ من جَانب شَرِيكه ستْرَة وأبى الشَّرِيك ذَلِك قَالَ الْفَقِيه أَبُو بكر الْبَلْخِي إِذا كَانَا أقرا قبل ظُهُور مَا ظهر أَن هَذَا الْحَائِط بَينهمَا فَلَيْسَ لأَحَدهمَا أَن يحدث فِيهِ شَيْئا بِغَيْر أَمر الشَّرِيك وَإِن كَانَا أقرا أَن كل حَائِط لمن يَلِيهِ فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يحدث فِيهِ مَا أحب غنية حَائِط بَين رجلَيْنِ لأَحَدهمَا عَلَيْهِ جُذُوع فَأَرَادَ الآخر أَن يضع عَلَيْهِ جذوعا مثل جُذُوع صَاحبه فَمَنعه الآخر لِأَن الْجِدَار لَا يحْتَمل ذَلِك قَالَ الشَّيْخ الامام أَبُو الْقَاسِم يُقَال لصَاحب الْجُذُوع إِن شِئْت فحط عَنهُ مَا يُمكن لشريكك من الْحمل وَإِن شِئْت فارفع حملك حَتَّى تستويا لِأَن صَاحب الْحمل إِن كَانَ وضع بِغَيْر إِذن الشَّرِيك فَهُوَ ظَالِم وَإِن وضع بِإِذْنِهِ فَهُوَ عَارِية وَالْعَارِية غير لَازِمَة قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث وَعَن أبي بكر خلاف هَذَا وَبقول أبي الْقَاسِم نَأْخُذ غنية جِدَار بَين رجلَيْنِ لأَحَدهمَا عَلَيْهِ حمولة وَلَيْسَ للْآخر عَلَيْهِ شَيْء فَمَال الْجِدَار الى الَّذِي لَا حمولة لَهُ فاشهد على صَاحب الحمولة فَلم يرفعهُ حَتَّى سقط فأضر بالشريك قَالَ أَبُو الْقَاسِم إِذا ثَبت الاشهاد وَكَانَ محفوفا وَتمكن من رَفعه بعد الاشهاد يضمن الْمَشْهُود عَلَيْهِ نصف قيمَة مَا فسد من سُقُوطه غنية حَائِط بَين رجلَيْنِ انْهَدم فبناه أَحدهمَا فِي غيبَة الشَّرِيك قَالَ أَبُو الْقَاسِم إِن بناه بِنَقْض الْحَائِط الأول يكون مُتَبَرعا وَلَا يكون لَهُ أَن يمْنَع شَرِيكه من الْحمل عَلَيْهِ وَإِن بناه بِلَبن أَو خشب من قبل نَفسه لم يكن للشَّرِيك أَن يحمل على الْحَائِط حَتَّى يُؤَدِّي نصف قيمَة الْحَائِط غنية حَائِط بَين رجلَيْنِ لأَحَدهمَا عَلَيْهِ جذع وَاحِد وَللْآخر عَلَيْهِ عشرَة قَالَ فِي الْكتاب لصَاحب الْجذع مَوضِع جذعه وكل الْحَائِط للْآخر اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقيَاس يكون جَمِيع الْحَائِط بَينهمَا وَبِه كَانَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله يَقُول أَولا ثمَّ رَجَعَ الى الِاسْتِحْسَان وَهُوَ قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله غنية الفتاوي حَائِط مُشْتَرك بَين رجلَيْنِ وَهِي وَيخَاف ضَرَر بسقوطه فَأَرَادَ أَحدهمَا النَّقْض وَامْتنع الآخر قَالَ الشَّيْخ الامام أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْفضل يجْبر على مَا نقضه وَعنهُ إِذا أَرَادَ أَحدهمَا نقض جِدَار مُشْتَرك وأبى الآخر فَقَالَ لَهُ صَاحبه أَنا أضمن لَك كل مَا ينهدم من بَيْتك وَضمن ثمَّ نقض الْجِدَار بِإِذن الشَّرِيك فانهدم من منزل الْمَضْمُون لَهُ شَيْء لَا يلْزمه ضَمَان ذَلِك غنية هدم بَيته وَلم يبن وَالْجِيرَان يتضررون بذلك كَانَ لَهُم جبره على الْبناء إِذا كَانَ قَادِرًا وَالْمُخْتَار لَيْسَ لَهُم ذَلِك طاحونة أَو حمام مُشْتَرك انْهَدم بعضه وأبى الشَّرِيك عَن الْعِمَارَة يجْبر أما إِذا انْهَدم الْكل وَصَارَ صحراء لَا يجْبر وَإِن كَانَ الشَّرِيك مُعسرا يُقَال لَهُ أنْفق حَتَّى يكون دينا على الشَّرِيك وَلَو أنْفق أَحدهمَا فِي مرمتها بِغَيْر إِذن الشَّرِيك لَا يكون مُتَبَرعا خزانَة الفتاوي هَذَا مَا يسر الله نَقله من مَجْمُوع مؤيد زَاده وَالله أعلم وَفِي صلح النَّوَازِل رجل أَرَادَ أَن يتَّخذ دَاره بستانا لَيْسَ لجاره أَن يمنعهُ من ذَلِك إِذا كَانَت الأَرْض صلبة لَا يتَعَدَّى ضَرَر المَاء الى جِدَاره وَإِن كَانَت رخوة يتَعَدَّى الى جِدَاره لَهُ أَن يمنعهُ وعَلى هَذَا إِذا جعل دكانه طاحونة أَو جعله للقصارة وعَلى هَذَا لَو أَرَادَ أَن يَبْنِي حَماما أَو اصطبلا

الفصل السادس والعشرون في السير

وَفِي صلح الفتاوي إِذا كَانَ لرجل نَخْلَة فِي ملكه فَخرج سعفها الى ملك غَيره فَأَرَادَ الآخر قطعهَا لَهُ ذَلِك وَفِي بُيُوع النَّوَازِل رجل لَهُ دَار قد تدلت أَغْصَان شَجَرَة لرجل وَأخذت هَوَاء دَاره فَقطع صَاحب الدَّار الأغصان إِن أمكن صَاحب الشَّجَرَة أَن يفرغ هَوَاء دَاره من غير أَن يقطع بِأَن يجمع الأغصان ويشدها بِحَبل ضمن وَإِن كَانَت غلاظا لَا يُمكن وقطعها من الْموضع الَّذِي يقطعهَا الْحَاكِم مِنْهُ لَو رفع اليه لَا يضمن وَإِن قطع أَكثر مِمَّا يقطعهُ الْحَاكِم يضمن كَذَا فِي غصب الفتاوي وَفِي فتاوي الفضلى فِي كتاب الدَّعْوَى رجل بني السّقف الْأَعْلَى فِي منزل امْرَأَته ثمَّ أَرَادَ رَفعه إِن بناه بأمرها لَيْسَ لَهُ الرّفْع وَالْبناء لَهَا وَكَذَا كل من بنى دَار غَيره بِغَيْر أمره يكون لَهُ وَإِن بنى بِغَيْر أمرهَا لَهُ أَن يرفع إِلَّا أَن يضر فَحِينَئِذٍ يمْنَع وَفِي الْوَصَايَا إِن بنى لَهَا يكون لَهَا وَفِي فَوَائِد الفضلى رجل هدم منزل امْرَأَته بِرِضَاهَا ثمَّ بناه بنقضه وَنَفَقَته وبخشب آخر اشْتَرَاهُ بِمَالِه إِن بنى لامْرَأَته لم يكن لَهُ فِي الْبناء حق وَذكر فقيهنا أَبُو اسحاق أَنه إِن أشهد وَقت الْبناء أَنه يَبْنِي ليرْجع عَلَيْهَا كَانَ الْبناء لَهَا وَإِن لم يشْهد كَانَ الْبناء لَهَا وَلَا يرجع عَلَيْهَا بِشَيْء وعَلى هَذَا الْعِمَارَة فِي كرمها انْتهى هَذَا مَا يسر الله نَقله من الْخُلَاصَة وَالله الْمُوفق الْفَصْل السَّادِس وَالْعشْرُونَ فِي السّير أَمَان الذِّمِّيّ وَالْمَرْأَة لَا يَصح إِلَّا إِذا حكم بِأَن لَهُم ذمَّة فَحِينَئِذٍ يجوز وَكَذَا حكم العَبْد والمحدود وَالْأَعْمَى لَا يجوز وَلَو سَأَلُوا أَن ينزلُوا على حكم أَسِير فِي أَيْديهم فللإمام أَن يُجِيبهُمْ الامام إِذا أَمنه على قرَابَته يدْخل الْوَالِدَان فِي حق الْأمان اسْتِحْسَانًا بِخِلَاف الْوَصِيَّة لِقَرَابَتِهِ السُّلْطَان إِذا أَمن الْكفَّار بِشَرْط عدم النهب لَا يَصح أَمَانه حَتَّى لَو ظهر عَلَيْهِم فهم فِي عوان أَمنهم مُطلق فاشتغلوا فِي النهب انْتقض أمانهم وَهَذَا إِذا كَانُوا كثيرين بِحَيْثُ يكون لَهُم قُوَّة وشوكة أما الْوَاحِد من المستأمنين إِذا قطع الطَّرِيق لَا ينْقض أَمَانه وَكَذَا الِاثْنَان وَالثَّلَاثَة الْكَافِر إِذا أسلم قبل الْأسر بعد مَا وَقعت الدائرة على الْكفَّار لَا يكون فَيْئا وَهُوَ حر وَمَاله لَهُ فصل فِي مسَائِل البيع وَالْملك وَفِي الفتاوي طَائِفَتَانِ من الْكفَّار بَينهمَا موادعة دخلُوا دَار الْإِسْلَام وَبينهمْ وَبَين الْمُسلمين موادعة أَيْضا ثمَّ تنازعوا فِيمَا بَينهم واقتتلوا وَوَقعت الدائرة على احدى الطَّائِفَتَيْنِ واستولوا على المقهورين وباعوهم من الْمُسلمين قبل الاحراز بدار الْحَرْب لَا يجوز الشِّرَاء مِنْهُم وَلَو أَن أهل الْهِنْد وَأهل التّرْك استولوا على طرق من الرّوم وأحرزوها بدار الْهِنْد ثَبت الْملك لأهل الْهِنْد وَكَذَا يثبت الْملك لأهل التّرْك والإحراز بدار الْحَرْب شَرط أما بدارهم فَلَا وَلَو بَاعَ وَاحِد مِنْهُم شَيْئا من هَذِه الْجُمْلَة يجوز أهل بَلْدَة يدعونَ الْإِسْلَام فيصلون وَيَصُومُونَ ويقرؤون وَمَعَ ذَلِك يعْبدُونَ الْأَوْثَان فَأَغَارَ عَلَيْهِم

فصل في الحظر والاباحة

الْمُسلمُونَ وسبوهم فَأَرَادَ انسان أَن يَشْتَرِي من تِلْكَ السبايا إِن كَانُوا يقرونَ بالعبودية لملكهم لم يجز الشِّرَاء وَإِن لم يَكُونُوا مقرين بالعبودية لملكهم جَازَ شِرَاء الصّبيان وَالنِّسَاء دون الْكِبَار مُسلم دخل دَار الْحَرْب بِأَمَان فجَاء انسان من أهل الْحَرْب بِأُمِّهِ أَو بِأم وَلَده أَو بعمته أَو بخالته قد قهرها وَأَرَادَ بيعهَا من الْمُسلم الْمُسْتَأْمن فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِيهَا مِنْهُ هَذَا قَول أَكثر الْمَشَايِخ وَقَالَ الْكَرْخِي إِن كَانُوا لَا يرَوْنَ جَوَاز البيع لَا يجوز وَإِن كَانُوا يرَوْنَ جَوَاز البيع يجوز وَإِذا بَطل البيع على القَوْل الأول أَو على القَوْل الثَّانِي إِن كَانُوا يرَوْنَ البيع فَإِذا خَرجُوا إِلَى دَار الْإِسْلَام تكلمُوا فِيهِ قَالَ بَعضهم يملكهُ بالقهر وَإِن كَانَ البيع بَاطِلا وَالصَّحِيح أَن البَائِع إِن رأى جَوَاز البيع ملكه مُطلقًا وَإِن كَانَ لَا يرى جَوَاز البيع إِن اشْتَرَاهُ وَذهب بِهِ كرها ملكه قَالَ المُصَنّف وَفِي سير الأَصْل فِي بَاب صلح الْمُلُوك وَالْمُوَادَعَة مَسْأَلَة تدل على أَنه يجوز البيع إِذا رأى البَائِع جَوَازه وَإِن قهر حَرْبِيّ بعض أحرارهم ثمَّ بَاعه من الْمُسلم الْمُسْتَأْمن إِذا كَانَ الحكم عِنْدهم أَن من قهر مِنْهُم صَاحبه ملكه جَازَ الشِّرَاء وَإِن كَانَ الحكم عِنْدهم على خلاف هَذَا لَا يجوز مُسلم تزوج امْرَأَة فِي دَار الْحَرْب وَكَانَت كَافِرَة تركية وَأعْطى الْأَب صَدَاقهَا وأضمر فِي قلبه أَنه يَبِيعهَا فَخرج بهَا الى دَار الْإِسْلَام وَأَرَادَ بيعهَا فَالْبيع بَاطِل وَهِي حرَّة يُرِيد بِهِ إِذا خرجت مَعَه طَوْعًا لعدم الْقَهْر الْحَرْبِيّ إِذا دخل دَارنَا بِأَمَان مَعَ الْوَلَد فَبَاعَ الْوَلَد لَا يجوز بَيْعه لِأَن الْوَلَد دَاخل تَحت الْأمان وَفِي إجَازَة البيع نقض الْأمان ملك من الْمُلُوك الَّذين فِي دَار الْحَرْب أهْدى الى رجل من الْمُسلمين هَدِيَّة من أحرارهم أَو من بعض أَهله فَإِن كَانَ الَّذِي أهْدى اليه لَيْسَ بَينهم وَبَيِّنَة قرَابَة كَانَ مَمْلُوكا لمن أهداه اليهم وَإِن كَانَ ذَا رحم محرم أَو امْرَأَة قد ولدت مِنْهُ لم يكن مَمْلُوكا للَّذي أهْدى اليه هَذَا مَا يسر الله نَقله من الْخُلَاصَة وَالله سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُوفق فصل فِي الْحَظْر والاباحة رجل سيب دَابَّة ضَعِيفَة فأصلحها انسان ثمَّ جَاءَ صَاحبهَا وَأَرَادَ أَخذهَا فَأقر وَقَالَ قلت حِين خليت سَبِيلهَا من أَخذهَا فَهِيَ لَهُ وَأنكر فأقيمت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة أَو اسْتحْلف فنكل فَهِيَ للواجد مِنْهُمَا وَإِن كَانَ حَاضرا يسمع هَذِه الْمقَالة أَو غَائِبا فَبَلغهُ الْخَبَر قَالَ الصَّدْر الشَّهِيد وَهُوَ اختيارنا فِيمَن أرسل صَيْده وَإِن لم يكن من هَذَا الْكتاب وَإِن اخْتلفَا فَالْقَوْل قَول صَاحبهَا مَعَ يَمِينه أَنه لم يقل هِيَ لمن أَخذهَا رجل قَالَ لآخر ادخل كرمي وَخذ من الْعِنَب فَلهُ أَن يَأْخُذ قدر مَا يشْبع بِهِ انسان وَاحِد رجل قَالَ أَذِنت للنَّاس فِي ثَمَر نخلي وَمن أَخذ شَيْئا فَهُوَ لَهُ فَبلغ النَّاس وَأخذُوا من ذَلِك شَيْئا كَانَ لَهُم ذَلِك وَفِي الْأَجْنَاس رجل قَالَ لآخر أَنْت فِي حل من مَالِي فَهَذَا على الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَلَو أَخذ فَاكِهَة أَو إبِلا أَو غنما مِنْهُ لَا يحل وَفِي الفتاوي لَو قَالَ لآخر أَنْت فِي حل مِمَّا أَكلته من مَالِي أَو أخذت أَو أَعْطَيْت حل لَهُ الْأكل وَلَا يحل لَهُ الْأَخْذ والإعطاء رجل قَالَ لآخر من كل حق هُوَ لَك عَليّ فَفعل وأبرأه إِن كَانَ صَاحب الْحق عَالما بِهِ بَرِيء

الفصل السابع والعشرون

حكما وديانة وَإِن لم يكن عَالما بِهِ بَرِيء حكما بِالْإِجْمَاع وَأما ديانَة فَعِنْدَ مُحَمَّد لَا يبرأ ديانَة وَعند أبي يُوسُف يبرأ وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَفِي صلح الأَصْل فِي بَاب الصُّلْح فِي الْعقار للْإِمَام السَّرخسِيّ أَن الابراء عَن الْحُقُوق المجهولة جَائِز مُطلقًا سَوَاء كَانَ الابراء بعوض أَو بِغَيْر عوض رجل قَالَ لآخر جعلتك فِي حل للساعة وَفِي الدَّاريْنِ صَحَّ ذَلِك الْإِحْلَال رجل قَالَ لمديونه إِن لم تقض مَالِي عَلَيْك حَتَّى تَمُوت فَأَنت فِي حل فَهُوَ بَاطِل لِأَنَّهُ تَعْلِيق والبراءة لَا تحْتَمل التَّعْلِيق وَكَذَا لَو قَالَ رب الدّين إِذا مت فَأَنت فِي حل لِأَن هَذِه وَصِيَّة وَكَذَا لَو قَالَت لزَوجهَا الْمَرِيض إِذا مت فِي مرضك هَذَا فَأَنت فِي حل من مهري أَو قَالَت فمهري عَلَيْك صَدَقَة فَهُوَ بَاطِل لِأَن هَذِه مخاطرة وَتَعْلِيق وَلَو قَالَ لمديونه إِن مت فَأَنت بَرِيء من الدّين الَّذِي عَلَيْك جَازَ وَيكون وَصِيَّة من الطَّالِب وَالْمَطْلُوب وَفِي وَاقعَة الفتاوي وَلَو قَالَ لآخر لَا أخاصمك وَلَا أطلب مِنْك شَيْئا مِمَّا لي قبلك فَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من فُصُول الْعِمَادِيّ وَالله الْمُوفق الْفَصْل السَّابِع وَالْعشْرُونَ فِيمَا يكون إسلاما من الْكَافِر وَمَا لَا يكون وَمَا يكون كفرا من الْمُسلم ومالا يكون وَفِي شرح الْقَدُورِيّ إِذا قَالَ الْكَافِر الَّذِي يجْحَد الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كعبدة الْأَوْثَان أَو يقر بالباري ويشرك بِهِ غَيره كالثنوية فَإِنَّهُم إِذا قَالُوا لَا اله الا الله كَانَ مِنْهُم إسلاما وَكَذَا إِذا قَالُوا أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله لأَنهم يمتنعون عَن كل وَاحِدَة من الْكَلِمَتَيْنِ فَإِذا شهدُوا بهَا فقد انتقلوا عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ فَيحكم بِإِسْلَامِهِمْ وَفِي السّير إِذا حمل على مُشْرك ليَقْتُلهُ فَقَالَ لَا اله الا الله وَهُوَ مِمَّن لَا يَقُول ذَلِك فَهُوَ مُسلم يَنْبَغِي أَن يكف عَنهُ وَكَذَا إِذا شهدُوا برسالة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو قَالُوا إِنَّا على دين الْإِسْلَام أَو قَالُوا على الحنيفية وَلَو رَجَعَ يقتل وَفِي التَّجْرِيد مِنْهُم من يقر بِالتَّوْحِيدِ ويجحد الرسَالَة فَإِذا قَالَ لَا اله الا الله لَا يصير مُسلما وَإِذا قَالَ مُحَمَّد رَسُول الله يصير مُسلما والمجوسي إِذا قَالَ خداي يَك است وهمة بيغمبر ان حق يحكم بِإِسْلَامِهِ وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل مَجُوسِيّ قَالَ صل على مُحَمَّد لَا يكون إسلاما وَقَالَ مُحَمَّد بن مقَاتل سَمِعت مُحَمَّد بن الْحسن يَقُول الذِّمِّيّ إِذا قَالَ أسلمت فَهُوَ إِسْلَام وَهَكَذَا قَالَ غَيره من الْعلمَاء لِأَن الْمُشرك إِذا قَالَ أَنا مُسلم وَهُوَ مِمَّن لَا يَقُول ذَلِك كعبدة الْأَوْثَان فَهُوَ عندنَا مُسلم وَلَو قَالَ أردْت مِنْهُ التَّعَوُّذ حَتَّى لَا يقتلني لَا يقبل مِنْهُ هَكَذَا فِي الْأَجْنَاس وَفِي الرَّوْضَة لَو قَالَ الْكَافِر آمَنت بِاللَّه أَو بِمَا آمن بِهِ الرُّسُل صَار مُسلما وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل إِذا قَالَ الْكَافِر الله وَاحِد يصير بِهِ مُسلما

فصل فيما يكون كفرا من المسلم ومالا يكون

وَلَو قَالَ للْمُسلمِ دينك حق لَا يصير مُسلما وَقيل يصير مُسلما إِلَّا إِذا قَالَ حق لَكِن لَا أومن بِهِ وَفِي نَوَادِر ابْن رستم قَالَ مُحَمَّد فِي يَهُودِيّ مَرِيض قَالَ أسلمت وَقطع هِمْيَانه لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ إِن مَاتَ وَلَو قَالَ بَرِئت من ديني وَدخلت فِي دين الْإِسْلَام يكون مُسلما وَفِي التَّجْرِيد لَو قَالَ الْيَهُودِيّ أَو النَّصْرَانِي لَا اله الا الله وتبرأ عَن الْيَهُودِيَّة أَو عَن النَّصْرَانِيَّة أَو كل وَاحِد مِنْهُمَا فَإِن ذَلِك لَيْسَ بِإِسْلَام وَلَو قَالَ مَعَ ذَلِك وَأدْخل فِي دين الْإِسْلَام أَو دين مُحَمَّد عَليّ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ مُسلما وَفِي الْأَجْنَاس كَافِر أذن قَالَ يكون مُسلما وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل لَو أذن فِي وَقت الصَّلَاة يجْبر على الْإِسْلَام أما لَو قَرَأَ الْقُرْآن وتعلمه لَا يكون إسلاما وَفِي الْأَجْنَاس لَو شهدُوا أَنهم رَأَوْهُ يُصَلِّي الصَّلَوَات الْخمس مَعَ الْمُسلمين فِي الْجَمَاعَة كَانَ ذَلِك إسلاما 2 وَفِي الرَّوْضَة الْكَافِر إِذا صلى وَحده فَهُوَ مِنْهُ إِسْلَام أَيْضا وَهَكَذَا فِي الْأَجْنَاس وَمِمَّا يتَّصل بِهَذَا ايمان اليائس غير مَقْبُول وتوبة اليائس الْمُخْتَار أَنَّهَا مَقْبُولَة إِذا أكره على الْإِسْلَام فَأجرى كلمة الْإِسْلَام على لِسَانه يكون مُسلما فَإِن عَاد إِلَى الْكفْر لَا يقتل وَيجْبر على الْإِسْلَام وَفِي نَوَادِر ابْن رستم السَّكْرَان إِذا أسلم يكون إسلاما فَإِن رَجَعَ عَن الْإِسْلَام يجْبر على الْعود وَلَا يقتل وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجْبر على الْإِسْلَام وَفِي السّير الْكَبِيرَة يُصَلِّي الْمُسلمُونَ على الْمَيِّت بقول وَاحِد بعد أَن يكون عدلا وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل ذمِّي دخل دَار الْحَرْب وسرق صَبيا وَأدْخلهُ دَار الْإِسْلَام يحكم بِإِسْلَامِهِ وَلَو اشْترى الصَّبِي لَا يحكم بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ ملكه بِالشِّرَاءِ الرافضي إِذا كَانَ يسب الشَّيْخَيْنِ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ويلعنهما يكون كَافِرًا وَإِن كَانَ يفضل عليا على أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَجْمَعِينَ لَا يكون كَافِرًا لكنه يكون مبتدعا والمعتزلي مُبْتَدع إِلَّا إِذا قَالَ باستحالة الرُّؤْيَة فَحِينَئِذٍ هُوَ كَافِر وَفِي الْمُنْتَقى سُئِلَ أَبُو حنيفَة عَن مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فَقَالَ أَن تفضل الشَّيْخَيْنِ وتحب الختنين وَترى الْمسْح على الْخُفَّيْنِ وَتصلي خلف كل بر وَفَاجِر وَالله أعلم فصل فِيمَا يكون كفرا من الْمُسلم ومالا يكون وَيَنْبَغِي للْمُسلمِ أَن يتَعَوَّذ من ذَلِك وَيذكر هَذَا الدُّعَاء صباحا وَمَسَاء فَإِنَّهُ سَبَب للعصمة من هَذِه الورطة بوعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ هَذَا اللَّهُمَّ اني أعوذ بك أَن أشرك بك شَيْئا وَأَنا أعلم وأستغفرك مِمَّا لَا أعلم وَمِنْهَا اذا كَانَ فِي الْمَسْأَلَة وُجُوه توجب التَّكْفِير وَوجه وَاحِد يمْنَع فعلى الْمُفْتِي أَن يمِيل الى ذَلِك الْوَجْه الْجَاهِل اذا تكلم بِكَلِمَة الْكفْر وَلم يدر أَنَّهَا كفر قَالَ بَعضهم لَا يكون كَافِرًا ويعذر بِالْجَهْلِ وَقَالَ بَعضهم يصير كَافِرًا وَمِنْهَا من أَتَى بِلَفْظَة الْكفْر وَلم يعلم أَنَّهَا كفر الا أَنه أَتَى بهَا عَن اخْتِيَار يكفر عِنْد عَامَّة الْعلمَاء خلافًا للْبَعْض وَلَا يعْذر بِالْجَهْلِ أما إِذا أَرَادَ أَن يتَكَلَّم فَجرى على لِسَانه كلمة الْكفْر

وَالْعِيَاذ بِاللَّه من غير قصد لَا يكفر وَمِنْهَا أَن من خطر بِبَالِهِ مَا يُوجب الْكفْر لَو تكلم بِهِ وَهُوَ كَارِه لذَلِك فَذَلِك مَحْض الايمان وَمِنْهَا اذا عزم على الْكفْر وَلَو بعد سنة يكفر فِي الْحَال بِخِلَاف الاسلام حَيْثُ لَا يصير الْكَافِر مُسلما بالعزم على الاسلام وَمِنْهَا أَن من اعْتقد الْحَرَام حَلَالا أَو على الْقلب يكفر أما لَو قَالَ لحرام هَذَا حَلَال لتزويج السّلْعَة أَو بِحكم الْجَهْل لَا يكون كفرا رجل قَالَ هَذَا بِتَقْدِير الله فَقَالَ ظَالِم أَنا أفعل بِغَيْر تَقْدِير الله يكفر وَفِي فتاوي القَاضِي الامام رجل حلف وَقَالَ الله يعلم أَنِّي مَا فعلت هَذَا وَهُوَ يعلم أَنه قد فعل اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ حكى عَن الشَّيْخ الامام اسماعيل الزَّاهِد أَنه قَالَ وجدت رِوَايَة فِي هَذَا أَنه يكفر كَذَا لَو صلى مَعَ الامام الى غير الْقبْلَة عمدا وَقَالَ بَعضهم إِذا قَالَ يعلم أَنِّي لم أفعل كَذَا وَهُوَ يعلم أَنه قد فعل لَا يكون كفرا وَالْأول أصح وَفِي الفتاوي رجل قَالَ إِن قلت كَذَا فَأَنا كَافِر أَو يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ على الِاسْتِقْبَال يكفر وَلَيْسَ هَذَا بِيَمِين وَذهب بعض عُلَمَائِنَا الى أَنه يَمِين عندنَا وَقد تقدم ذَلِك فِي الايمان رجل كفر بِاللِّسَانِ طَائِعا وَقَبله مطمئن بالايمان يكون كَافِرًا عندنَا وَيكون عِنْد الله مُؤمنا رجل قَالَ أثقله أَمر أردْت أَن أكفر يصير كَافِرًا وَلَو ادّعى رجل النُّبُوَّة فَطلب رجل مِنْهُ المعجزة قَالَ بَعضهم يكفر وَقَالَ بَعضهم إِن كَانَ غَرَضه إِظْهَار عَجزه وافتضاحه لَا يكفر وَفِي الفتاوي رجل قَالَ أَنا مُؤمن إِن شَاءَ الله تَعَالَى يكفر إِن قَالَ ذَلِك من غير تَأْوِيل وَلَو قَالَ لَا أَدْرِي أخرج من الدُّنْيَا مُؤمنا أَولا لَا يكفر كَافِر جَاءَ إِلَى رجل وَقَالَ اعْرِض على الْإِسْلَام وَقَالَ الرجل اذْهَبْ إِلَى فلَان الْعَالم يكفر وَقَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث لَا يكفر رجل قَالَ لآخر يَا يَهُودِيّ فَقَالَ لبيْك أَو قَالَ جهود كَبِير يكفر وَلَو قَالَ لآخر قبض الله روحك على الْكفْر عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله أَنه لَا يكفر واليه مَال الصَّدْر القَاضِي برهَان الدّين رجل علم امْرَأَة الرِّدَّة لتبين من زَوجهَا تكفر وَيكفر الْمعلم يَعْنِي من علمهَا أَو أمرهَا بذل وَفِي النَّوَازِل رجل قَالَ أَنا ملحد يكفر وَلَو قَالَ النَّصْرَانِيَّة خير من الْيَهُودِيَّة يكفر وَيَنْبَغِي أَن يَقُول الْيَهُودِيَّة شَرّ من النَّصْرَانِيَّة رجل وضع قلنسوة الْمَجُوس على راسه قَالَ بَعضهم يكفر وَقَالَ بَعضهم لَا يكفر وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين إِنَّه إِن كَانَ لضَرُورَة الْبرد أَو لِأَن الْبَقَرَة لَا تعطيه اللَّبن لَا يكفر رجل تصدق بالحرام ويرجو الثَّوَاب يكفر وَلَو علم الْفَقِير ودعا لَهُ وَأمن الْمُعْطِي كفراه وَلَو قَالَ لآخر كل من الْحَلَال فَقَالَ الْحَرَام أحب الي كفر وَكَذَا فَاسق يشرب الْخمر فجَاء أقرباؤه ونئروا الدَّرَاهِم عَلَيْهِ كفرُوا وَلَو قَالَ حُرْمَة الْخمر لم تثبت بِالْقُرْآنِ يكفر وَفِي النّصاب من ابغض عَالما بِغَيْر سَبَب ظَاهر خيف عَلَيْهِ الْكفْر وَفِي نُسْخَة الخسرواني رجل يجلس على مَكَان مُرْتَفع ويسألون مِنْهُ مسَائِل بطرِيق الِاسْتِهْزَاء وهم يضربونه بالوسائد وَيضْحَكُونَ يكفرون جَمِيعًا

وَفِي النّصاب رجل قَرَأَ على ضرب الدُّف أَو الْقصب يكفر لاستخفافه بِالْقُرْآنِ رَجَب يدْخل آيَة الْقُرْآن فِي الْوِعَاء أَو يمْلَأ قدحا وَيَقُول وكاسا دهاقا أَو قَالَ خانه بالكردة أست جون وَالسَّمَاء والطارق قَالَ الامام أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْفضل اسحاق يكفر الْعَالم دون الْجَاهِل وَلَو قَالَ لما فِي الْقدر والباقيات الصَّالِحَات يكفر وَفِي نُسْخَة الخسرواني رجل شرب الْخمر وَقَالَ بِسم الله أَو قَالَهَا عِنْد الزِّنَا يكفر وَكَذَا لَو أكل الْحَرَام وَقَالَ بعد أكل الْحَرَام الْحَمد لله اخْتلفُوا فِيهِ وَفِي نُسْخَة الخسرواني قيل لآخر صل وَهُوَ فِي وَقت الصَّلَاة فَقَالَ لَا اصلي يكفر وَلَو قَالَ لَا اصلي بِأَمْرك لَا يكفر وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل وَلَو قَالَ لآخر دع الدُّنْيَا لتنال الْآخِرَة فَقَالَ أترك النَّقْد بِالنَّسِيئَةِ يكفر وَفِي الفتاوي سُلْطَان عطس فَقَالَ لَهُ رجل يَرْحَمك رَبك الله فَقَالَ لَهُ رجل لَا يُقَال للسُّلْطَان هَكَذَا يكفر وَمن قَالَ إِن السُّلْطَان فِي زَمَاننَا عَادل يكفر لِأَنَّهُ جَائِز وَمن سمى الْجور عدلا يكفر كَذَا قَالَ الامام علم الْهدى أَبُو الْمَنْصُور الماتريدي وَقَالَ بَعضهم لَا يكفر إِذا قيل للْمُسلمِ اسجد للْملك وَإِلَّا قتلناك فَالْأَفْضَل أَن لَا يسْجد لِأَنَّهُ كفر وَالْأَفْضَل أَن لَا يَأْتِي بِمَا هُوَ كفر صُورَة وَفِي الْأَجْنَاس قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا يُصَلِّي على غير الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة اللَّعْن على يزِيد بن مُعَاوِيَة لَا يَنْبَغِي أَن يفعل وَكَذَا على الْحجَّاج قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى سَمِعت عَن الشَّيْخ الامام الزَّاهِد قوام الدّين الصفار أَنه كَانَ يَحْكِي عَن أَبِيه أَنه يجوز ذَلِك وَيَقُول لَا تَلْعَنُوا مُعَاوِيَة وَأما اللَّعْن على يزِيد فَلَا بَأْس هَذَا مَا يسر الله نَقله من الْخُلَاصَة وَالله الْمُوفق للصَّوَاب الْفَصْل الثَّامِن وَالْعشْرُونَ فِي الْوَصَايَا وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ الْأَفْضَل لمن كَانَ لَهُ مَال قَلِيل أَن لَا يُوصي بِشَيْء اذا كَانَ لَهُ وَرَثَة وَالْأَفْضَل لمن كَانَ لَهُ مَال كثير أَن لَا يتَجَاوَز عَن الثُّلُث فِيمَا لَا مَعْصِيّة فِيهِ ويوصي فِيمَا لَا مَعْصِيّة فِيهِ وَعَن الامام الفضلى إِذا كَانَت الْوَرَثَة صغَارًا فَترك الْوَصِيَّة أفضل قَالَ هَكَذَا روى عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله وَإِن كَانُوا بالغين إِن كَانُوا فُقَرَاء وَلَا يستغنون بِثُلثي التَّرِكَة فَترك الْوَصِيَّة أفضل وَإِن كَانُوا أَغْنِيَاء ويستغنون بالثلثين فَالْوَصِيَّة أفضل وَقدر الِاسْتِغْنَاء عَن أبي حنيفَة إِذا ترك لكل وَاحِد من الْوَرَثَة أَرْبَعَة آلَاف دون الْوَصِيَّة وَعَن الفضلى عشرَة آلَاف وَفِي الْموضع الَّذِي اراد أَن يُوصي اليه يَنْبَغِي أَن يبْدَأ بالواجبات فَإِن لم يكن عَلَيْهِ شَيْء من الْوَاجِبَات يبْدَأ بِالْقَرَابَةِ وَإِن كَانُوا أَغْنِيَاء فالجيران نوع مِنْهُ وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ ثمَّ الْوَصِيَّة يشْتَرط فِيهَا الْقبُول وَذَلِكَ بِالصَّرِيحِ أَو بِالدّلَالَةِ وَذَلِكَ بِأَن يَمُوت الْمُوصي لَهُ بعد موت الْمُوصي وَفِي التَّجْرِيد وَالدّلَالَة أَن يَمُوت الْمُوصي لَهُ قبل الْقبُول وَالرَّدّ

بعد موت الْمُوصي فَيكون مَوته قبولا للْوَصِيَّة وَيكون ذَلِك مِيرَاثا لوَرثَته وَقبُول الْمُوصي لَهُ ورده قبل موت الْمُوصي لَا يعْتَبر ثمَّ الْوَصَايَا على أَرْبَعَة أوجه مِنْهَا مَا يجوز أجازت الْوَرَثَة اَوْ لم يجيزوا بِأَن أوصى لأَجْنَبِيّ بِثلث مَاله أَو بِكُل مَاله وَلَا وَارِث لَهُ وَمِنْهَا مَا لَا يجوز وَإِن أجازت الْوَرَثَة وَهِي الْوَصِيَّة للحربي بِخِلَاف الْمُسْتَأْمن وَالذِّمِّيّ فَإِنَّهُ يجوز لَهما الْوَصِيَّة اسْتِحْسَانًا وَمِنْهَا مَا يجوز إِن أجازت الْوَرَثَة بِأَن أوصى باكثر من ثلث مَاله لأَجْنَبِيّ أَو أوصى لوَاحِد من الْوَرَثَة لَا يجوز إِلَّا بِالْإِجَازَةِ من الْوَرَثَة لَا يجوز إِلَّا بِالْإِجَازَةِ من الْوَرَثَة إِذا كَانُوا بالغين وَمِنْهَا مَا يكون مُخْتَلفا فِيهِ وَهِي الْوَصِيَّة للْقَاتِل وإجازه الْوَرَثَة عِنْدهمَا تجوز وَعند أبي يُوسُف لَا تجوز ثمَّ فِي كل مَوضِع تشْتَرط الْإِجَازَة فِيهِ إِنَّمَا يجوز إِذا كَانَ الْمُجِيز من أهل الْإِجَازَة بِأَن كَانَ عَاقِلا بَالغا صَحِيحا فَإِذا أجَاز فالموصي لَهُ يملكهُ من الْمُوصي لَا من الْمُجِيز هَكَذَا فِي التَّجْرِيد وَفِي فتاوي القَاضِي الامام رجل أوصى بِجَمِيعِ مَاله للْفُقَرَاء أَو لرجل بِعَيْنِه لَا يجوز ذَلِك إِلَّا من الثُّلُث فَإِن أجازت الْوَرَثَة فِي حَيَاة الْمُوصي لَا تعْتَبر إجازتهم وَكَانَ لَهُم الرُّجُوع فَإِن أَجَازُوا بعد مَوته صحت الاجازة ثمَّ الْوَصِيَّة على ثَلَاثَة أَنْوَاع فِي وَجه يكون الْمُوصي لَهُ كَالْمُودعِ وَالْوَصِيَّة فِي يَد الْمُوصي أَو فِي يَد الْوَرَثَة كَالْوَدِيعَةِ نَحْو لَو هلك من غير تعد يضمن وَفِي وَجه إِن أوصى بِعَين مَال قَائِم وَذَلِكَ يخرج من الثُّلُث حَتَّى لَو هلك من غير تعد لَا يضمن وَفِي وَجه يكون الْمُوصي لَهُ كالشريك مَعَ الْوَرَثَة نَحْو إِن أوصى بِثلث مَاله أَو بِربع مَاله يكون مَال الْمَيِّت مُشْتَركا حَتَّى إِن مَا هلك يهْلك بِالْحِسَابِ وَمَا بَقِي يبْقى بِالْحِسَابِ جنس آخر وَفِي فتاوي الفضلى مَرِيض لَا يقدر على الْكَلَام لضَعْفه فأوصى واشار براسه وَيعلم أَنه يعقل إِن مَاتَ قبل أَن يقدر على النُّطْق جَازَت وَصيته وَقَالَ فِي النَّوَازِل هَذَا قَول مُحَمَّد بن مقَاتل وَأَنه لَا يجوز عِنْد اصحابنا وَفِي واقعات الناطفي إِذا اصابه فالج فَذهب لِسَانه فَلم يقدر على الْكَلَام فاشار بِشَيْء أَو كتب وَقد تقادم وَطَالَ وازداد بِهِ مُدَّة سنة فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْأَخْرَس وَفِي النَّوَازِل قيل للْمَرِيض أوصى بِشَيْء فَقَالَ ثلث مَالِي وَلم يزدْ على ذَلِك إِن قَالَ على أثر سُؤَالهمْ ثلث مَاله للْفُقَرَاء وَقَالَ مُحَمَّد بن سَلمَة ثلث مَاله للْفُقَرَاء وَلم يذكر هَذَا التَّفْصِيل قَالَ وَهَذَا مُوَافق لما يَأْتِي بعد هَذَا فَإِنَّهُ قَالَ لَو قَالَ ثُلثي لفُلَان أَو سدسي أَو ربعي لفُلَان فِي الِاسْتِحْسَان هَذِه وَصِيَّة جَائِزَة وَكَذَا لَو قَالَ بعد موتِي بِخِلَاف مَا لَو قَالَ فِي صِحَّته ثلث مَالِي وَلَو ذكره فِي خلال الْوَصَايَا أَو اضافه الى مَا بعد الْمَوْت وَكَانَ ذَلِك فِي الصِّحَّة يكون وَصِيَّة وَفِي الْمَرَض على هَذَا وَكَذَا لَو قَالَ فِي مَرضه أخرجُوا ألف دِرْهَم من مَالِي أَو لم يقل من مَالِي وَلم يزدْ على هَذَا إِن كَانَ فِي ذكر الْوَصِيَّة جَازَ وَيصرف الى الْفُقَرَاء وَلَو قَالَ ثلث مَالِي وقف وَلم يزدْ على هَذَا إِن كَانَ مَاله دَرَاهِم أَو دَنَانِير فَهَذَا القَوْل بَاطِل وَإِن كَانَ ضيَاعًا صَار وَقفا على الْفُقَرَاء الْكل من النَّوَازِل وَفِي نَوَادِر هِشَام لَو قَالَ ثلث مَالِي لله تَعَالَى فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَعند مُحَمَّد تصرف الى وُجُوه الْبر وَلَو قَالَ انْظُرُوا الى مَا يجوز إِعْطَاؤُهُ فَأَعْطوهُ فَهَذَا على الثُّلُث رجل أوصى بِأَن يتَّخذ الطَّعَام بعد مَوته ليطعم النَّاس ثَلَاثَة ايام فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة هُوَ الْأَصَح أوصى

بِالثُّلثِ فِي وُجُوه الْخَيْر يصرف الى القنطرة أَو بِنَاء الْمَسَاجِد أَو طلبة الْعلم رجل أوصى لوَارِثه وللأجنبي فللأجنبي نصف الْوَصِيَّة وَبَطلَت الْوَصِيَّة للْوَارِث وَلَو أوصى لحي وميت فَجَمِيع الْوَصِيَّة للحي وَالْمَرِيض إِذا أقرّ لوَارِثه وللأجنبي بدين بَطل ذَلِك كُله جنس مِنْهُ وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل الْوَصِيَّة للْعَبد بِعَين من أَعْيَان مَاله لَا تصح أما لَو أوصى بِثلث مَاله مُطلقًا يَصح وَيكون وَصِيَّة بِالْعِتْقِ إِن خرج من الثُّلُث قيمَة العَبْد عتق كُله بِغَيْر سِعَايَة وَإِن خرج بعضه عتق وسعى فِي بَقِيَّة قِيمَته وَفِي الْجَامِع الصَّغِير رجل أوصى بِثلث مَاله لأمهات أَوْلَاده وَهن ثَلَاث وللفقراء وَالْمَسَاكِين يقسم الثُّلُث بَينهم على خَمْسَة أسْهم سهم للْفُقَرَاء وَسَهْم للْمَسَاكِين وَثَلَاثَة لأمهات أَوْلَاده وَعند مُحَمَّد يقسم الثُّلُث بَينهم على سَبْعَة أسْهم لأمهات الْأَوْلَاد ثَلَاثَة وَاثْنَانِ للْفُقَرَاء وَاثْنَانِ للْمَسَاكِين وَتجوز الْوَصِيَّة لما فِي الْبَطن وَبِمَا فِي بطن الْجَارِيَة وَلَا تجوز الْهِبَة للجنين وَالْوَصِيَّة لأهل الْحَرْب بَاطِلَة حَرْبِيّ دخل دَار الاسلام بِأَمَان فأوصى بِمَالِه كُله لمُسلم أَو ذمِّي صَحَّ وَصِيَّة الذِّمِّيّ فِيمَا زَاد على الثُّلُث لَا تجوز وَصَايَا الذِّمِّيّ على وُجُوه أَرْبَعَة أَحدهَا لَو أوصى بِمَا هُوَ قربَة عندنَا وَعِنْدهم كالصدقات وَعتق الرّقاب والإسراج فِي بَيت الْمُقَدّس وَأَن يغزى بِهِ التّرْك والديلم صحت سَوَاء أوصى لقوم بأعيانهم أَو لم يسموا كمل لَو فعل فِي صِحَّته وَالثَّانِي لَو أوصى بِمَا هُوَ مَعْصِيّة عندنَا وَعِنْدهم كالصدقة للمغنية والنائحة إِن أوصى لقوم بأعيانهم صحت الْوَصِيَّة وَيكون تَمْلِيكًا وَإِن أوصى لقوم لَا يُحصونَ لَا تصح وَالثَّالِث إِذا أوصى بِمَا هُوَ طَاعَة عندنَا ومعصية عِنْدهم كَالْوَصِيَّةِ بِبِنَاء الْمَسْجِد أَو بإسراجه أَو بِالْحَجِّ فَإِن سمي لقوم بأعيانهم صحت فَيكون تَمْلِيكًا مِنْهُم وَتبطل الْجِهَة الَّتِي عينهَا إِن شاؤوا فعلوا ذَلِك وَإِن شَاءُوا تركُوا وَإِن كَانُوا لَا يُحصونَ لَا تصح الرَّابِع إِذا أوصى بِمَا هُوَ مَعْصِيّة عندنَا طَاعَة عِنْدهم كَالْوَصِيَّةِ بِبِنَاء الْبيعَة والكنيسة إِن كَانَت لقوم بأعيانهم صحت بالاجماع وَإِن كَانَت لقوم لَا يُحصونَ تصح عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَعِنْدَهُمَا لَا تصح وَالذِّمِّيّ لَو جعل دَاره بيعَة أَو كَنِيسَة فِي حَيَاته فَهِيَ مِيرَاث عِنْدهمَا عَنهُ أما عِنْد أبي حنيفَة فَإِنَّهُ كالوقف عِنْده فِي حق الْمُسلم وَأما عِنْدهمَا فَلِأَن وَصِيَّة الذِّمِّيّ بِمَا لَا يكون قربَة عندنَا لَا يجوز وَالله أعلم بِالصَّوَابِ جنس آخر فِي الرُّجُوع عَن الْوَصِيَّة وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ إِذا أوصى بالأمة لرجل ثمَّ بَاعهَا الْمُوصي أَو أعْتقهَا أَو دبرهَا أَو كاتبها أَو بَاعهَا من نَفسهَا فَهَذَا كُله يكون إبطالا للْوَصِيَّة بِخِلَاف مَا اذا أوصى بِبَيْعِهَا من فلَان فَإِنَّهُ لَا يكون رُجُوعا وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل كَذَا لَو أخرجهَا عَن ملكه باي طَرِيق كَانَ بطلت الْوَصِيَّة وَلَو عَادَتْ الى ملكه لَا تصح الْوَصِيَّة ثمَّ الْوَصِيَّة على أَرْبَعَة أوجه فِي وَجه يحْتَمل الْفَسْخ بالْقَوْل وَالْفِعْل وَفِي وَجه يحْتَمل الْفَسْخ بالْقَوْل وَفِي وَجه لَا يحْتَمل بهما وَفِي وَجه يحْتَمل بِأَحَدِهِمَا دون الآخر أما الْوَجْه الَّذِي يحْتَمل الْفَسْخ بالْقَوْل وَالْفِعْل فَهُوَ الْوَصِيَّة بِالْعينِ لرجل وَالْفَسْخ بالْقَوْل بِأَن يَقُول رجعت عَن تِلْكَ الْوَصِيَّة وبالفعل بِأَن يُخرجهُ عَن ملكه وَأما الْوَجْه الَّذِي لَا يحْتَمل الْفَسْخ بالْقَوْل وَالْفِعْل فَهُوَ التَّدْبِير وَأما الْوَجْه الَّذِي يجوز الرُّجُوع فِيهِ بالْقَوْل دون الْفِعْل فَهُوَ الْوَصِيَّة بِثلث مَاله أَو ربع مَاله إِن رَجَعَ عَنْهَا بالْقَوْل صَحَّ وَإِن أخرجه عَن ملكه

بِالْبيعِ لَا تبطل الْوَصِيَّة وتنفذ من الثُّلُث الْبَاقِي وَأما الْوَجْه الَّذِي يجوز الرُّجُوع عَنهُ بِالْفِعْلِ دون القَوْل فَهُوَ التَّدْبِير الْمُقَيد إِن رَجَعَ بالْقَوْل لَا يَصح وَلَو بَاعَ الْمُدبر الْمُقَيد صَحَّ الْكل من شرح الطَّحَاوِيّ وَفِي التَّجْرِيد لَو اوصى بِثَوْب ثمَّ قطعه وخاطه أَو بِقطن فغزله أَو بغزل فنسجه أَو بحديد فصنعه إِنَاء أَو بِقطن ثمَّ حشي بِهِ أَو ببطانة فبطن بهَا أَو بِشَاة فذبحها أَو بقميص فقصه وَجعله قبَاء بطلت الْوَصِيَّة فِي جَمِيع ذَلِك وَلَو أوصى بدار فَهَدمهَا فَهَذَا لَيْسَ بِرُجُوع وَلَو أوصى بِعَبْدِهِ وَهُوَ يخرج من ثلثه ثمَّ أوصى بِهِ لآخر فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ وَلَو قَالَ العَبْد الَّذِي أوصيت بِهِ لفُلَان فَهُوَ لفُلَان يكون رُجُوعا قَالَ أَبُو يُوسُف إِذا اوصى بِوَصِيَّة ثمَّ قَالَ لَا أعرف هَذِه الْوَصِيَّة أَو قَالَ لم أَرض بهَا فَهُوَ رُجُوع وَقَالَ مُحَمَّد لَا يكون رُجُوعا وَفِي الْجَامِع الْكَبِير لَو قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي لم أوص بِشَيْء لم يكن رُجُوعا وَلَو قَالَ كل وَصِيَّة أوصيت بهَا لفُلَان فَهِيَ بَاطِلَة فَهُوَ رُجُوع وَلَو قَالَ حرَام أَو رَبًّا لَيْسَ بِرُجُوع اه وَالله أعلم نوع فِي الْوَصِيَّة بِالْكَفَّارَةِ وَفِي التَّجْرِيد إِذا اجْتمعت الْوَصَايَا وَالثلث يضيق عَن الْجَمِيع إِن كَانَت مُتَسَاوِيَة يبْدَأ بِمَا يبْدَأ بِهِ الْمَيِّت وَاخْتلفت الرِّوَايَات عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله فِي الْحَج وَالزَّكَاة وَفِي رِوَايَة يبْدَأ بِالْحَجِّ وَفِي رِوَايَة يبْدَأ بِالزَّكَاةِ وَالْحج وَالزَّكَاة يقدمان على الْكَفَّارَات وَالْكَفَّارَات مُقَدّمَة على صَدَقَة الْفطر وَصدقَة الْفطر مُقَدّمَة على النذور وَالنُّذُور وَالْكَفَّارَات مُقَدّمَة على الاضحية وَالْوَاجِب يقدم على النَّافِلَة وَفِي النَّوَازِل يقدم فِيهَا مَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّت وَأما الْوَصَايَا بِالْعِتْقِ فَإِن كَانَت فِي كَفَّارَة فَحكمهَا حكم الْكَفَّارَات وَإِن كَانَت فِي غير وَاجِب فَحكمهَا حكم النَّفْل فَإِن كَانَ مَعَ شَيْء من هَذِه الْوَصَايَا الثَّانِيَة حق لله تَعَالَى وَوَصِيَّة لآدَمِيّ صرف مَا أوصى بِهِ وَجعلت كل جِهَة من جِهَات الْقرْبَة مُنْفَرِدَة بِالصرْفِ نَحْو أَن يَقُول ثلث مَالِي فِي الْحَج وَالزَّكَاة وَالْكَفَّارَات ولزيد سهم من أَرْبَعَة اسهم وَفِي النَّوَازِل وَلَو أوصى بالاطعام عَن فوائت صلَاته يطعم لكل صَلَاة نصف صَاع من الْحِنْطَة وَهُوَ الْأَصَح جنس آخر وَفِي الْعُيُون رجل أوصى بِثلث مَاله للْمَسَاكِين وَهُوَ فِي بلد ووطنه فِي بلد آخر إِن كَانَ مَعَه مَال يصرف ذَلِك الى فُقَرَاء هَذَا الْبَلَد وَمَا كَانَ فِي وَطنه يصرف الى فُقَرَاء وَطنه كَمَا فِي الزَّكَاة وَلَو أوصى أَن يتَصَدَّق بِثلث مَاله على فُقَرَاء بَلخ فَالْأَفْضَل أَن يصرف اليهم وَإِن أعْطى غَيرهم جَازَ وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجوز وَكَذَا لَو اوصى بِأَن يتَصَدَّق على فُقَرَاء الْحَاج فَيتَصَدَّق على غَيرهم وَفِي النَّوَازِل لَو أوصى بِأَن يتَصَدَّق فِي عشرَة أَيَّام فَتصدق فِي يَوْم جَازَ رجل أوصى لأهل السجون أَو الزمني أَو الْيَتَامَى أَو الأرامل أَو الغارمين أَو ابناء السَّبِيل فَإِنَّهُ يُعْطي فقراؤهم دون أغنياءهم وَلَو أوصى بِثلث مَاله للرباط قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث إِن كَانَ هُنَاكَ دلَالَة يعرف أَنه أَرَادَ بِهِ المقيمين فِي الرِّبَاط صرف اليهم وَإِن لم يكن هُنَاكَ دلَالَة صرف الى الْعِمَارَة وَأما الْوَصِيَّة لمَسْجِد كَذَا أَو لقنطرة كَذَا فجائزة وَهُوَ لمرمتها وإصلاحها كَذَا روى عَن مُحَمَّد وَعَن أبي يُوسُف أَنَّهَا بَاطِلَة إِلَّا أَن يَقُول ينْفق على الْمَسْجِد وَلَو قَالَ لبيت الْمُقَدّس ينْفق على الْمَسْجِد فِي إسراجه

وَنَحْو ذَلِك وَلَو قَالَ لبيت الْمُقَدّس بِثلث مَالِي أَو الى الْكَعْبَة فَهُوَ جَائِز وَيُعْطِي لمساكين مَكَّة هَكَذَا فِي الْعُيُون وَلَو اوصى بِأَن يخرج ثلث مَاله لمجاوري مَكَّة وهم لَا يُحصونَ فَالْوَصِيَّة جَائِزَة وَيصرف الى أهل الْحَاجة مِنْهُم وَإِن كَانُوا يُحصونَ قسم على رؤوسهم وَلَو قَالَ أوصيت لفُلَان بِثلث مَالِي وَهُوَ ألف دِرْهَم وَالثلث أَكثر فَلهُ الثُّلُث بَالغا مَا بلغ وَفِي الفتاوي الصُّغْرَى فِي تَنْفِيذ الْوَصِيَّة فِي الثُّلُث الْقيمَة وَقت الْقِسْمَة نوع فِي الْوَصِيَّة للاقارب وَالْجِيرَان وَفِي الزِّيَادَات لَو أوصى بِثلث مَاله لأقربائه فَعِنْدَ أبي حنيفَة رَحمَه الله يعْتَبر لاسْتِحْقَاق هَذِه الْوَصِيَّة شَرَائِط ثَلَاث إِحْدَاهَا لَا يُعْطي كل الْوَصِيَّة لوَاحِد الثَّانِيَة الْمَحْرَمِيَّة كَمَا فِي نَفَقَة الْأَقَارِب الثَّالِثَة الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب وَلَا شَيْء للابعد مَعَ الْأَقْرَب كالميراث وَلَا يدْخل فِي هَذِه الْوَصِيَّة من كَانَ وَارِثا وَلَا يدْخل وَالِده ولد الصلب وَيدخل فِيهِ الْجد وَالْجدّة وَولد الْوَلَد وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَنه لَا يدْخل وَفِي التَّجْرِيد لَو أوصى لِذَوي قرَابَته وَله عمان وخالان فَعِنْدَ أبي حنيفَة الثُّلُث للعمين وَعِنْدَهُمَا يقسم أَربَاعًا وَلَو كَانَ لَهُ عَم وخالان فللعم نصف الثُّلُث وَالنّصف للخالين عِنْد أبي حنيفَة وَلَو كَانَ لَهُ عَم وَاحِد كَانَ لَهُ نصف الثُّلُث وَلَو أوصى لذِي قرَابَته فَجَمِيع الثُّلُث كُله للعم وَفِي الزِّيَادَات الْمَرْأَة إِذا أوصت بِنصْف مَالهَا أَو كل مَالهَا للزَّوْج المَال كُله لَهُ النّصْف بِحكم الْإِرْث وَالنّصف بِحكم الْوَصِيَّة نوع فِي الْوَصِيَّة بالدفن والكفن وَمَا يتَّصل بهما وَفِي النَّوَازِل رجل أوصى لقارئ القرأن يقْرَأ عِنْد قَبره بِشَيْء فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة سُئِلَ أَبُو بكر عَن رجل أَمر بِأَن يحمل بعد مَوته الى مَوضِع كمذا ويدفن هُنَاكَ وَيَبْنِي هُنَاكَ رِبَاط من ثلث مَاله فَمَاتَ وَلم يحمل الى هُنَاكَ قَالَ الْوَصِيَّة بالرباط جَائِزَة وبحمله الى هُنَاكَ بعد مَوته بَاطِلَة وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِم عَن رجل دفع الى ابْنَته خمسين درهما وَقَالَ إِن مت فعمري قَبْرِي وَخَمْسَة دَرَاهِم لَك وَاشْترى بِالْبَاقِي حِنْطَة وَتصدق بهَا قَالَ أما الْخَمْسَة لَهَا فَلَا تجوز وَينظر الى الْقَبْر الَّذِي أمرت بعمارته إِن كَانَ يحْتَاج فِي عِمَارَته للتجصيص عمرت بِقدر ذَلِك أما الزِّيَادَة على ذَلِك يَعْنِي للتزيين فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة وَتَتَصَدَّق بِالْبَاقِي على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَفِي النَّوَازِل الْوَصِيَّة بتطيين الْقَبْر وَأَن يضْرب على قَبره قبَّة بَاطِلَة وَلَو أوصى بِأَن يدْفن فِي مَقْبرَة كَذَا بِقرب فلَان الزَّاهِد تراعى شَرَائِط الْوَصِيَّة وَلَو أوصى بِأَن يقبر مَعَ فلَان فِي قبر وَاحِد لَا تراعي شُرُوطهَا وَفِي النَّوَازِل لَو أوصى بِأَن يدْفن فِي بَيته لَا يَصح ويدفن فِي مَقَابِر الْمُسلمين وَلَو أوصى بِأَن تدفن كتبه لَا يجوز إِلَّا أَن يكون فِيهَا شَيْء لَا يفهمهُ أحد وفيهَا فَسَاد فَيَنْبَغِي أَن تدفن وَلَو أوصى بِأَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فلَان صَلَاة الْجِنَازَة فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة هُوَ الْأَصَح نوع فِي الايصاء والعزل عَن أبي مُطِيع الْبَلْخِي أَنه قَالَ أفتى مُنْذُ نَيف وَعشْرين سنة فَمَا رَأَيْت عَمَّا عدل فِي مَال ابْن أَخِيه وَهَذَا يدل على أَنه إِذا لم يقبل الْوَصِيَّة فَهُوَ اسْلَمْ

إِذا عرفنَا هَذَا جِئْنَا الى الْمسَائِل فَنَقُول فِي فَتَاوَى النَّسَفِيّ رجل قَالَ لآخر تيمار دَاري فرر يدان بمردماريش برش أَو قَالَ بِالْعَرَبِيَّةِ تعهدهم أَو قُم بأمرهم أَو مَا يجْرِي مجْرَاه يصير وَصِيّا وَفِي النَّوَازِل لَو قَالَ الْمَرِيض لرجل اقْضِ ديوني يصير وَصِيّا عِنْد أبي حنيفَة وَعند مُحَمَّد إِذا قَالَ الرجل لغيره إئت وصيي فَهَذِهِ وَصِيَّة بعد الْمَوْت رجل قَالَ لآخر استأجرتك بِمِائَة دِرْهَم لتنفذ وصاياي فالمائة صلَة لِأَن هَذِه اجارة بعد الْمَوْت والاجارة بعد الْمَوْت بَاطِلَة وَهِي من الثُّلُث وَهُوَ وَصِيّ رجل قَالَ لآخر لَك أجر مائَة دِرْهَم على أَن تكون وَصِيّا فَالشَّرْط بَاطِل وَالْمِائَة وَصِيَّة لَهُ وَهُوَ وَصِيّ وَلَو خَاطب الْمَرِيض قوما اجْتَمعُوا عِنْده وَقَالَ لَهُم افعلوا كَذَا بعد موتِي من الْأَعْمَال الَّتِي يصير الرجل بهَا وَصِيّا فَالْكل أوصياء وَلَو سكتوا حَتَّى مَاتَ الْمَرِيض ثمَّ قبل بَعضهم دون بعض إِن كَانَ الْقَابِل اثْنَيْنِ صَار وصيين وَإِن كَانَ وَاحِدًا يرفع الْأَمر الى القَاضِي حَتَّى يضم اليه آخر كَأَنَّهُ أوصى الى رجلَيْنِ لَا ينْفَرد أَحدهمَا إِلَّا فِي أَشْيَاء مُتعَدِّدَة الْمسَائِل فِي النَّوَازِل جنس آخر فِي الْعَزْل وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ الأوصياء البالغون الْأَحْرَار على ثَلَاث مَرَاتِب أما الأول أَن يكون الْوَصِيّ قَوِيا أَمينا يُمكنهُ الْقيام على مَال الْمَيِّت فَلَيْسَ للْحَاكِم عَزله الثَّانِي إِن كَانَ أَمينا لَكِن لَا يُمكنهُ الْقيام على مَاله من التَّصَرُّف وَغَيره فللقاضي أَن يضم اليه ثِقَة آخر وَلَا يعزله الثَّالِث أَن يكون خائنا وَتظهر خيانته فللقاضي أَن يعزله وَفِي التَّجْرِيد لَو لم يعلم القَاضِي أَن لَهُ وَصِيّا فنصب لَهُ وَصِيّا فَلَيْسَ هَذَا الْفِعْل إخراجا لَهُ من الْوَصِيَّة وللوصي أَن يُوصي الى آخر عِنْد الْمَوْت وَفِي نُسْخَة الامام خُوَاهَر زَاده الْوَصِيّ إِذا كَانَ عدلا كَافِيا لَا يَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يعزله لَكِن مَعَ هَذَا لَو عَزله يَنْعَزِل وَهَكَذَا فِي الفتاوي الصُّغْرَى أَنه يَنْعَزِل وَفِي الْأَقْضِيَة ذكر فِيهِ اخْتِلَاف الْمَشَايِخ وَفِي قسْمَة الفتاوي الْوَصِيّ إِذا عجز عَن الْقيام بِأَمْر الْمَيِّت فَأَقَامَ الْحَاكِم قيمًا آخر لَا يَنْعَزِل الأول الْوَصِيّ إِذا ادّعى دينا على الْمَيِّت لَا يُخرجهُ القَاضِي من الْوَصِيَّة وَلَو ادّعى شَيْئا من الْأَعْيَان يُخرجهُ قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث الْمُخْتَار فِي الدّين أَيْضا أَن يَقُول لَهُ القَاضِي إِمَّا أَن تقيم الْبَيِّنَة على الدّين أَو تبرئه من الدّين أَو يخْرجك عَن الْوَصِيَّة فَإِن أَبرَأَهُ وَإِلَّا أخرجه عَن الْوِصَايَة وَجعل مَكَانَهُ آخر الْوَصِيّ لَا يقْرض مَال الْيَتِيم على مَا يذكر وَلَو أقْرض مَعَ هَذَا لَا يكون هَذَا خِيَانَة حَتَّى لَا يسْتَحق الْعَزْل نوع فِي تَصَرُّفَات الْوَصِيّ وَفِي وكَالَة الأَصْل للْوَصِيّ أَن يُوكل بِالْخُصُومَةِ أما الْوَكِيل هَل يُوكل أم لَا قد ذكرنَا فِي كتاب الْوكَالَة الْوكَالَة يَبِيع الْوَصِيّ مَال الصَّبِي وَقد ذكرنَا فِي كتاب الْبيُوع الْوَصِيّ لَا يقْرض مَال الْيَتِيم وَالْقَاضِي يقْرض مَال الْيَتِيم وَتَكَلَّمُوا فِي الْأَب وَالأَصَح أَنه كالوصي هَكَذَا فِي الْجَامِع الصَّغِير من كتاب الْقَضَاء وَفِي أدب القَاضِي للخصاف القَاضِي إِنَّمَا يملك الْإِقْرَاض إِذا لم يجد من يدْفع اليه مُضَارَبَة أَو يَشْتَرِي شَيْئا وَالْوَصِيّ يملك بيع مَال الْيَتِيم نَسِيئَة إِذا كَانَ لَا يخَاف الْجُحُود وَالْوَصِيّ لَو اسْتقْرض لنَفسِهِ يضمن وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله أَنه لَا يضمن وَفِي رهن الأَصْل يضمن

وَالْمُتوَلِّيّ إِذا أقْرض مَا فضل من الْوَقْف صَحَّ اذا كَانَ أحرز من الامساك وَإِن اسْتقْرض إِن شَرط الْوَاقِف فَلهُ ذَلِك وَإِلَّا يرفع الْأَمر الى القَاضِي ان احْتَاجَ وَالْعَبْد الْمَأْذُون وَالْمكَاتب لَا يقرضان وَإِذا آجر الْوَصِيّ الصَّبِي أَو عَبده أَو مَاله جَازَ وَإِذا بلغ الصَّغِير لَهُ أَن يفْسخ الاجارة الَّتِي عقدهَا لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَن يفْسخ الاجارة الَّتِي عقدهَا على مَاله وَالْوَصِيّ اذا آجر نَفسه للصَّبِيّ لم يجز لَهُ وَفِي النّصاب الْوَصِيّ إِذا اراد أَن يسْتَأْجر دَار الصَّبِي وَلَا يكون غَاصبا يُؤَاجر الدَّار من امْرَأَته ثمَّ يسكنهَا فِيهَا ويهب من مَاله مِقْدَار الْأُجْرَة فتؤدي الْمَرْأَة الْأُجْرَة الْوَصِيّ إِذا رهن مَال الْيَتِيم بدين نَفسه جَازَ اسْتِحْسَانًا وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله لَا يجوز قِيَاسا واستحسانا وَأَجْمعُوا على أَنه لَو اراد أَن يُوفي دينه من مَال الصَّغِير لَيْسَ لَهُ ذَلِك وَفِي أدب القَاضِي الْوَصِيّ يودع مَال الْيَتِيم ويعير ويبضع الْوَصِيّ إِذا أَخذ أَرض الْيَتِيم مُزَارعَة قَالَ الفضلي إِن كَانَ الْبذر على الْيَتِيم لَا يجوز وَلَو جعله الْوَصِيّ على نَفسه فعلى قِيَاس مَا قَالَ أَبُو حنيفَة فِي جَوَاز بيع الْوَصِيّ مَال الْيَتِيم من نَفسه يَنْبَغِي أَن يجوز وَفِي الْجَامِع الصَّغِير مقاسمة الْوَصِيّ الْمُوصي لَهُ على الْوَرَثَة جَائِزَة ومقاسمة الْوَصِيّ الْوَرَثَة على الْمُوصي لَهُ بَاطِلَة وَتَفْسِير الْمَسْأَلَة إِذا كَانَ الْوَارِث غَائِبا فقاسم الْوَصِيّ الْمُوصي لَهُ بِالثُّلثِ فصرف الثُّلُث الى الْمُوصي لَهُ وَأمْسك الثُّلثَيْنِ للْوَارِث فَهَلَك شَيْء من الثُّلثَيْنِ هلك من مَال الْوَارِث وَلَو كَانَ الْمُوصي لَهُ غَائِبا فقاسم الْوَصِيّ الْوَارِث وَصرف الثُّلثَيْنِ للْوَارِث وَأمْسك الثُّلُث للْمُوصي لَهُ فَضَاعَ الثُّلُث فِي يَده لَا يهْلك من مَال الْمُوصي لَهُ وَله أَن يُشَارك للْوَارِث فَيَأْخُذ ثلث مَا بَقِي فِي يَده رجل وقف وَقفا وَلم يَجْعَل لَهُ قيمًا فوصيه وصّى قَائِما على أوقافه الْوَصِيّ مَتى يدْفع المَال الى الْيَتِيم قَالَ اذا بلغ وَظهر مِنْهُ الرشد جنس آخر أحد الْوَصِيّين لَا ينْفَرد بِالتَّصَرُّفِ إِلَّا فِي ثَمَانِيَة مَوَاضِع تجهيز الْمَيِّت وَشِرَاء مَا لَا بُد مِنْهُ للصَّغِير كالطعام وَالْكِسْوَة وَبيع مَا يخْشَى عَلَيْهِ التّلف وتنفيذ الْوَصِيَّة الْمعينَة وَقَضَاء دين الْمَيِّت من جنسه وَالْخُصُومَة ورد الْمَغْصُوب والودائع وَقبُول الْهِبَة وَجمع الْأَمْوَال الضائعة وَفِيمَا عدا هَذِه الْمَوَاضِع على الْخلاف فَعِنْدَ أبي يُوسُف ينْفَرد وَعِنْدَهُمَا لَا ينْفَرد وَسَوَاء أوصى اليهما أَو على التَّعَاقُب هُوَ الْأَصَح هَكَذَا فِي الْجَامِع الصَّغِير وَفِي الايضاح إِذا مَاتَ الرجل وَفِي يَده ودائع لقوم شَتَّى وَعَلِيهِ دين وَأوصى الى رجلَيْنِ فَقبض أَحدهمَا المَال والودائع من منزل الْمَيِّت بِغَيْر أَمر صَاحبه أَو قبض ذَلِك بعض الْوَرَثَة بِغَيْر أَمر الْوَصِيّين أَو بِغَيْر امْر سَائِر الْوَرَثَة وَهلك فِي يَده فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ قَالَ لِأَن أحد الْوَصِيّين ينْفَرد بِقَضَاء الدّين ورد الودائع وَكَذَا أحد الْوَرَثَة وَلَو لم يكن على الْمَيِّت دين فَقبض أحد الْوَصِيّين التَّرِكَة فَضَاعَت فِي يَده لَا يضمن وَلَو أَخذهَا أحد الْوَرَثَة ضمن حِصَّة اصحابه من الْمِيرَاث وَلَو كَانَ المَال فِي مَوضِع يخَاف عَلَيْهِ الضَّيْعَة اسْتحْسنَ أَن لَا يضمن وَاحِد من الْوَرَثَة لَو قبض دينا للْمَيت على رجل أَو وَدِيعَة عِنْد رجل فَضَاعَ عِنْده يضمن وَالله تَعَالَى أعلم

فصل في الضمان

فصل فِي الضَّمَان وَفِي أدب القَاضِي للخصاف السُّلْطَان إِذا طمع فِي مَال الْيَتِيم فَصَالح الْوَصِيّ بِبَعْض مَال الْيَتِيم لدفع ظلمه إِن أمكنه دفع ظلمه من غير أَن يُعْطي شَيْئا فَأعْطِي لَا يضمن وَفِي النَّوَازِل وَإِن خَافَ الْوَصِيّ على نَفسه الْقَتْل أَو اتلاف عُضْو فَدفع لَا يضمن وَإِن خَافَ على نَفسه الْحَبْس أَو الْقَيْد فَأعْطى ضمن وَإِن خَافَ أَن يَأْخُذ من مَاله لَو لم يدْفع اليه مَال الْيَتِيم إِن علم الْوَصِيّ أَنه يَأْخُذ بعض مَاله وَيبقى من مَاله كِفَايَة لَا يَسعهُ أَن يدْفع مَال الْيَتِيم فَإِن دفع ضمن وَإِن خشِي أَخذ مَاله كُله فَأعْطى لَا يضمن وَهَذَا اذا كَانَ الْوَصِيّ هُوَ الَّذِي دفع اليه فَإِن كَانَ السُّلْطَان هُوَ الَّذِي بسط يَده وَأخذ لَا ضَمَان على الْوَصِيّ رجل مَاتَ وَخلف بنتين وعصبة فَطلب السُّلْطَان التَّرِكَة وَلم يقر بالعصبة فغرم الْوَصِيّ للسُّلْطَان دَرَاهِم من التَّرِكَة بِأَمْر البنتين حَتَّى ترك السُّلْطَان التَّعَرُّض قَالَ إِذا لم يقدر على تحصين التَّرِكَة إِلَّا بِمَال غرم للسُّلْطَان فَذَلِك مَحْسُوب من جَمِيع الْمِيرَاث وَلَيْسَ لَهما أَن يجعلا ذَلِك من نصيب الْعصبَة خَاصَّة هَذَا فِي قَول أبي جَعْفَر وَفِي إجارات فتاوي الفضلى الْوَصِيّ إِذا أنْفق على بَاب القاصي فَمَا أعطي على وَجه الاجارة لَا يضمن قدر أجر الْمثل وَمَا أعطي على وَجه الرِّشْوَة ضمن وَمِمَّا يتَّصل بِهَذَا مَسْأَلَة المصادرة سُئِلَ الامام النَّسَفِيّ عَمَّن صودر فَقَالَ لرجل ادْفَعْ إِلَيْهِ والى أعوانه شَيْئا عني فَدفع اليه هَل يرجع عَلَيْهِ قَالَ لَا قَالَ رَحمَه الله وَعَامة الْمَشَايِخ إِنَّه لَا يرجع بِدُونِ شَرط الرُّجُوع وَفِي النَّوَازِل قوم وَقعت المصادرة بَينهم فَأمروا رجلا بِأَن يستقرض لَهُم مَالا وَينْفق فِي هَذِه المؤنات فَفعل فالمقرض يرجع على الْمُقْتَرض والمستقرض هَل يرجع على الْآمِر إِن شَرط الرُّجُوع يرجع وبدونه هَل يرجع اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ وَالله الْمُوفق لسبيل الرشاد هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من كتاب الْخُلَاصَة وَالله تَعَالَى أعلم الْفَصْل التَّاسِع وَالْعشْرُونَ فِي الْفَرَائِض الْحَمد لله حق حَمده وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على مُحَمَّد رَسُوله وَعَبده قَالَ الشَّيْخ الامام الْأَجَل الْكَبِير الزَّاهِد الْأُسْتَاذ برهَان الْملَّة وَالدّين شيخ مَشَايِخ الاسلام وَالْمُسْلِمين أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي بكر بن عبد الْجَلِيل الرشداني المرغيناني غفر الله لَهُ ولوالديه وَأحسن اليهما واليه هَذَا مَجْمُوع يلقب بالعثماني قد رغب فِيهِ القاصي والداني وَإِنِّي قرأته على الْمَشَايِخ مرَارًا وحاورت فِيهِ أولى هَذِه الصَّنْعَة صغَارًا وكبارا ووقفت عَلَيْهِ صَرِيحًا وإضمارا وَلما أعرض المُصَنّف عَن ذكر الرَّد وَذَوي الْأَرْحَام وَمَا عداهما من تفريعات الْأَحْكَام ذكرت بعد انتهائه زَوَائِد وأدرجت فِي أَثْنَائِهِ فَوَائِد من عدَّة كتب وَجدتهَا للْمُتَقَدِّمين وعدة نكت استفدتها من الْمُتَأَخِّرين على وَجه يَلِيق بِهَذَا الْكتاب وَإِن لم يكن محيطا بأقصى الْبَاب راجيا الْجَزَاء من الْملك الْقَادِر وَالدُّعَاء من كل نَاظر عاذل أَو عاذر

أول مَا يبْدَأ بِهِ من تَرِكَة الْمَيِّت تَجْهِيزه وَدَفنه ثمَّ قَضَاء دُيُونه ثمَّ تَنْفِيذ وَصَايَاهُ ثمَّ قسْمَة الْبَاقِي بَين ورثته وَكِتَابنَا هَذَا لبَيَان الْمَوَارِيث فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق يحرم الارث بقتل ورق وَاخْتِلَاف دين وَيسْتَحق برحم وَنِكَاح وَوَلَاء وَالْوَلَاء على ضَرْبَيْنِ وَلَاء عتاقة وَوَلَاء مُوالَاة ثمَّ السِّهَام فِي الْفَرَائِض سِتَّة نصف وَربع وَثمن على التَّضْعِيف والتنصيف ثلثان وَثلث وَسدس كَذَلِك واصحاب هَذِه السِّهَام السِّتَّة اثْنَا عشر نَفرا سِتَّة لَهُم حَال وَاحِدَة سهم لَا غير زوج وَزَوْجَة وَأم وَجدّة وَأَخ وَأُخْت لأم وَسِتَّة لَهُم حالان سهم وتعصيب أَب وجد بنت وَبنت ابْن أُخْت لأَب وَأم وَأُخْت لأَب فتصيب الزَّوْج النّصْف مَعَ كل الْوَرَثَة إِلَّا مَعَ الْوَلَد أَو ولد الابْن فَلهُ مَعَهم الرّبع بِكُل حَال وَنصِيب الزَّوْجَة الرّبع مَعَ كل الْوَرَثَة إِلَّا مَعَ الْوَلَد أَو ولد الابْن فلهَا مَعَهم الثّمن بِكُل حَال وَاحِدَة أَو أَكثر يشتركن فِي ذَلِك وَنصِيب الْأُم الثُّلُث مَعَ كل الْوَرَثَة إِلَّا مَعَ الْوَلَد أَو ولد الابْن أَو الِاثْنَيْنِ من الاخوة وَالْأَخَوَات فَصَاعِدا فلهَا مَعَهم السُّدس بِكُل حَال إِلَّا فِي فريضتين زوج وابوان أَو زَوْجَة وابوان فللأم فِي هَاتين الفريضتين ثلث مَا يبْقى بعد نصيب الزَّوْج أَو الزَّوْجَة وَذَلِكَ فِي الثلثيات لَا فِي السدسيات وَنصِيب الْجدّة السُّدس لأم كَانَت أَو لأَب وَاحِدَة كَانَت أَو أَكثر يشتركن فِي ذَلِك بعد أَن كن مستويات فِي الدرجَة غير فاسدات والفاسدة هِيَ الَّتِي فِي نسبتها ذكر بَين انثيين كَأُمّ أَب الْأُم كُلهنَّ يسقطن بِالْأُمِّ وبالأب الأبويات خَاصَّة وتصوير أَربع جدات مستويات من الصِّنْفَيْنِ أَو تبنى الْقَاعِدَة الأولى أُميَّة على عدد الْمسَائِل ثمَّ ترَتّب الأبويات عَلَيْهَا مِثَاله أم أم أم الْأُم وَأم أم أم الْأَب وَأم أم أَب الْأَب وَأم أَب أَب الْأَب وتصوير أَربع جدات أبويات لَا غير أَن تزيد على عدد الْمسَائِل أَبَا ثمَّ ترَتّب الأبويات عَلَيْهَا مِثَاله أم أم أم أم الْأَب وَأم أم أم أَب الْأَب وَأم أم أَب أَب الْأَب وَأم أَب أَب أَب الْأَب ثمَّ الامية وَإِن بَعدت تشارك الأبوية وَإِن قربت عِنْد الشَّافِعِي وَعِنْدنَا الأبوية الْقُرْبَى تحجب الأمية البعدي وَلَو كَانَت الْقُرْبَى من جَانِبه محجوبة بِهِ فذكلك عِنْد الاكثرين وَعند أبي حنيفَة رَحمَه الله بِخِلَافِهِ ثمَّ الَّتِي من جدات الْأَب لَا تَرث مَعَ الْأَب قطّ وَمَعَ الْجد تَرث وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَهِي الاولى فِي تصويرنا وَمَعَ أَب الْجد تَرث ثِنْتَانِ وهما الأولى فِي تصويرنا وَالَّتِي تَلِيهَا وَمَعَ جد الْجد تَرث ثَلَاث وَهن الأولى فِي تصويرنا وَالَّتِي تَلِيهَا وَالَّتِي تلِي من يَليهَا فقس على هَذَا وَكلما زِدْت بعدا فِي دَرَجَة الأجداد زِدْت توريثا فِي عدد الْجدَّات ثمَّ الْجدّة إِن كَانَت ذَات جِهَتَيْنِ وَالْأُخْرَى ذَات جِهَة وَاحِدَة قَالَ ابو يُوسُف رَحمَه الله السُّدس بَينهمَا نِصْفَانِ وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله أَثلَاثًا وَصورته امْرَأَة زوجت بنت بنتهَا من ابْن ابْنهَا فولد لَهما ولد فَهَذِهِ الْمُزَوجَة أم أم الْوَلَد وَأم أَب أَبِيه فَهِيَ ذَات جِهَتَيْنِ وَأم أم أَبِيه ذَات جِهَة وَاحِدَة وَنصِيب ولد الْأُم السُّدس إِن كَانَ وَاحِدًا وللاثنين فصادعا الثُّلُث وَالذكر والانثى فِيهِ سَوَاء ويسقطون بأَرْبعَة بِالْوَلَدِ وَولد الابْن وَإِن سفل وبالأب وَالْجد وَإِن علا وَأما الْأَب فَهُوَ عصبَة إِلَّا مَعَ الْوَلَد أَو ولد الابْن فَيصير ذَا سهم وسهمه السُّدس بِكُل حَال وَقد يجْتَمع الحالان فِيهِ مثل أَب وَبنت فالنصف لَهَا وَالْبَاقِي لَهُ فرضا وعصوبة وَأما الْجد فَهُوَ كَالْأَبِ إِذا لم يكن الْأَب إِلَّا فِي ثَلَاث مسَائِل وَفِي الرَّابِعَة اخْتِلَاف زوج وأبوان أَو زَوْجَة وأبوان فللأم فِي هَاتين الفريضتين ثلث مَا يبْقى بعد نصيب الزَّوْج أَو الزَّوْجَة وَمَعَ الْجد لَهَا الثُّلُث كَامِلا إِلَّا فِي رِوَايَة أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة رحمهمَا الله فَإِن لَهَا ثلث مَا يبْقى مَعَ الْجد

أَيْضا وَالثَّالِثَة وَهِي أَن الْجدّة أم الْأَب لَا تَرث مَعَ الْأَب وَمَعَ الْجد تَرث وَالرَّابِعَة الخلافية وَهِي أَن الاخوة والاخوات لأَب وَأم أَو لأَب لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَب وَمَعَ الْجد كَذَلِك فِي قَول أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَبِه أَخذ أَبُو حنيفَة وَقَالَ زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ يقاسمون الْجد وَبِه أَخذ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَكَيْفِيَّة الْمُقَاسَمَة على مَذْهَب زيد رَضِي الله عَنهُ هِيَ أَن الْجد مَعَ الاخوة وَالْأَخَوَات لأَب وَأم أَو لأَب إِذا انفردوا عَن ذَوي السِّهَام فَلهُ خير الْحَالين من الْمُقَاسَمَة وَمن ثلث جَمِيع المَال وَلَا ينقص حَقه من الثُّلُث واذا اختلطوا بذوي السِّهَام فَلهُ خير أَحْوَال ثَلَاث من الْمُقَاسَمَة وَمن ثلث مَا يبْقى وَمن سدس جَمِيع المَال وَلَا ينقص حَقه من السُّدس إِلَّا فِي الْمَسْأَلَة الأكدرية وَهِي زوج وَأم وجد وَأُخْت لأَب وَأم أَو أُخْت لأَب سميت أكدرية لِأَنَّهَا تكدرت على اصحاب الْفَرَائِض وَقيل بل كدرت على زيد مذْهبه قَالَ فِيهَا زيد رَضِي الله عَنهُ فِيمَا رَوَاهُ عَنهُ ابْنه خَارِجَة للزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ الثُّلُث وللجد السُّدس وَللْأُخْت النّصْف ثمَّ يضم الْجد نصِيبه الى نصيب الْأُخْت فيقسمانه أَثلَاثًا ثُلُثَاهُ للْجدّ وَثلثه للْأُخْت أَصْلهَا من سِتَّة وتعول الى تِسْعَة وَتَصِح من سَبْعَة وَعشْرين وَقَالَ قبيصَة بن ذُؤَيْب وَالله مَا قَالَ زيد فِي الأكدرية شَيْئا وَلَو كَانَ مَكَان الْأُخْت أَخ فَلَا عول وَلَا أكدرية وَلَا مِيرَاث للْأَخ لِأَن الْأَخ عصبَة وَالْأُخْت صَاحِبَة سهم وَلَو كَانَ أَخ وَأُخْت فَلَا أكدرية أَيْضا وَكَذَلِكَ إِذا كَانَتَا أُخْتَيْنِ لِأَن حق الْأُم يرد من الثُّلُث الى السُّدس فَلَا ضَرُورَة الى اعتبارهما صَاحِبَتي سهم فَيكون للزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ السُّدس وللجد سهم من سِتَّة وَالْبَاقِي بَين الْأُخْتَيْنِ نِصْفَيْنِ أَو بَين الْأَخ وَالْأُخْت للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ ثمَّ ولد الْأَب يُعَاد ولد الْأَب وَالأُم فِي مقاسمة الْجد ومزاحمته حَتَّى اذا خرج الْجد من الْوسط عَاد كل الى أَصله كَأَن لم يكن الْجد صورته جد وَأَخ لاب وَأم وَأَخ لأَب فَالْمَال بَينهم أَثلَاثًا للْجدّ سهم وَلكُل أَخ سهم ثمَّ يسْتَردّ الْأَخ لاب وَأم مَا فِي يَد الْأَخ لأَب وَيخرج بِغَيْر شَيْء جد وَأَخ لأَب وَأم وَأَخَوَانِ لأَب فللجد هَا هُنَا الثُّلُث خير وَالْبَاقِي للْأَخ لأَب وَأم فقد اتّفق الْجَواب فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعَ اخْتِلَاف التَّخْرِيج جد وَأُخْت لأَب وَأم وَأُخْت لأَب فَالْمَال بَينهم أَربَاعًا للْجدّ سَهْمَان وَلكُل أُخْت سهم ثمَّ تسترد الْأُخْت لأَب وَأم مَا فِي يَد الْأُخْت لاب فَتخرج من غير شَيْء جد وَأُخْت لأَب وَأم وأختان لأَب فَالْمَال بَينهم أَخْمَاسًا للْجدّ سَهْمَان وَلكُل أُخْت سهم ثمَّ تسترد الْأُخْت لأَب وَأم مَا فِي يَد الْأُخْتَيْنِ لأَب الى تَمام النّصْف وَالْبَاقِي لَهما نصف سهم أَصْلهَا من خَمْسَة وَتَصِح من عشْرين جد وَأُخْت لأَب وَأم وَأَخ لأَب فَهَذِهِ وَالرَّابِعَة سَوَاء إِلَّا أَنَّهَا تصح من عشرَة وَلِهَذَا سميت عشرِيَّة زيد إِذْ للْأَخ عِنْده عشر المَال جد وجدتان أم الْأُم وَأم الْأَب وَأُخْت لأَب وَأم وتسع أَخَوَات لأَب فللجدتين السُّدس وللجد ثلث مَا يبْقى لِأَنَّهُ خير أَحْوَاله الثَّلَاث ثمَّ للْأُخْت لأَب وَأم نصف جَمِيع المَال يبْقى للأخوات ثلث السُّدس أَصْلهَا من سِتَّة وتنتقل الى ثَمَانِيَة عشر وَتَصِح من ثَلَاثمِائَة وَأَرْبَعَة وَعشْرين

وَأما الْبَنَات فذوات السِّهَام إِلَّا أَن يَقع فِي درجتهن ذكر فيصرن عصبَة بِهِ فَإِذا كن ذَوَات السِّهَام فللواحدة من الصلب النّصْف وللاثنتين فَصَاعِدا الثُّلُثَانِ وَلَا يزدن على الثُّلثَيْنِ وَإِن كثرن وَإِن كَانَت وَاحِدَة من الصلب وَمَعَهَا وَاحِدَة من الابْن أَو أَكثر فللتي من الصلب النّصْف وللتي من الابْن السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ وَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ من الصلب فَلَا سهم للَّتِي من الابْن وَإِن كَانَ وَاحِد من الصلب فَلَا شَيْء للَّتِي من الابْن وَإِن لم يكن وَاحِد وَلَا وَاحِدَة من الصلب فالتي من الابْن كَالَّتِي من الصلب ثَلَاث بَنَات ابْن بَعضهنَّ أَسْفَل من بعض صورته بنت ابْن وَبنت ابْن ابْن وَبنت ابْن ابْن ابْن جملتهن الْعليا وتفصيلها عليا الْعليا ووسطى الْعليا وسفلى الْعليا وَثَلَاث بَنَات ابْن ابْن أخر بَعضهنَّ أَسْفَل من بعض صورته بنت ابْن ابْن وَبنت ابْن ابْن ابْن وَبنت ابْن ابْن ابْن ابْن جملتهن الْوُسْطَى وتفصيلها عليا الْوُسْطَى ووسطى الْوُسْطَى وسفلى الْوُسْطَى وَثَلَاث بَنَات ابْن ابْن ابْن أخر بَعضهنَّ أَسْفَل من بعض صورته بنت ابْن ابْن ابْن وَبنت ابْن ابْن ابْن ابْن وَبنت ابْن ابْن ابْن ابْن ابْن جملتهن السُّفْلى وتفصيلها عليا السُّفْلى ووسطى السُّفْلى وسفلى السُّفْلى فللعليا من الْفَرِيق الأول النّصْف وللتي تَلِيهَا من الْعليا من الْفَرِيق الثَّانِي السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ وَلَا شَيْء للباقيات وَإِن كَانَ مَعَ إِحْدَى الْبَاقِيَات غُلَام يُورث من بحذائه وَمن فَوْقه مِمَّن لم يسْتَوْف فَرْضه من الثُّلثَيْنِ وَلَا يُورث من دونه وَأما الْأَخَوَات فذوات السِّهَام إِلَّا أَن يَقع فِي درجتهن ذكر فيصرن عصبَة بِهِ وَإِذا كن ذَوَات السِّهَام فللواحدة من الْأَب وَالأُم النّصْف وللبنتين فَصَاعِدا الثُّلُثَانِ وَلَا يزدن على الثُّلثَيْنِ وَإِن كثرن وَلَو كَانَت وَاحِدَة من الْأَب وَالأُم وَمَعَهَا وَاحِدَة من الْأَب فللتي من الْأَب وَالأُم النّصْف وللتي من الْأَب السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ وَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ من الْأَب وَالأُم فَلَا سهم للَّتِي من الْأَب وَإِن كَانَ وَاحِد من الْأَب وَالأُم فَلَا شَيْء للَّتِي من الْأَب وَإِن لم يكن وَاحِد وَلَا وَاحِدَة من الْأَب وَالأُم فالتي من الْأَب كَالَّتِي من الْأَب وَالأُم وَهن يسقطن بأَرْبعَة بالابن وَابْن الابْن وَإِن سفل وبالأب وَالْجد وَإِن علا على اخْتِلَاف قد مضى وَهن مَعَ الْبَنَات عصبَة لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَاجْعَلُوا الْأَخَوَات مَعَ الْبَنَات عصبَة ثمَّ الْمُشْتَركَة وَتسَمى الحمارية وَهِي زوج وَأم وَأَخ وَأُخْت لأم وَأَخ وَأُخْت لأَب وَأم وجوابها عندنَا وَهُوَ قَول أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَعَن سَائِر الصَّحَابَة أَجْمَعِينَ إِن للزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ السُّدس وللأخ وَالْأُخْت لأم الثُّلُث ثمَّ المَال وَلَا شَيْء للْأَخ وَالْأُخْت لأَب وَأم لِأَنَّهُمَا عصبَة وَلَا بَاقِي وَبِه كَانَ يَقُول عمر رَضِي الله عَنهُ حَتَّى قَالَ لَهُ أَوْلَاد الْأَب وَالأُم هَب أَن أَبَانَا كَانَ حمارا أما كَانَت أمنا وَاحِدَة فتوقف عمر رَضِي الله عَنهُ وشركهم فِي الثُّلُث بَينهم بِالسَّوِيَّةِ لَا فضل للذّكر على الْأُنْثَى وَهُوَ قَول عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَبِه أَخذ مَالك وَالشَّافِعِيّ والاوزاعي رَحِمهم الله وَأما الْعَصَبَات فأقربهم الابْن ثمَّ ابْن الابْن وَإِن سفل ثمَّ الاب ثمَّ الْجد وَإِن علا على اخْتِلَاف قد مضى ثمَّ الْأَخ لأَب وَأم ثمَّ الاخ لأَب ثمَّ ابْن الاخ الْأَب كَذَا بنوهما وَإِن سفلوا ثمَّ الْعم لأَب وَأم ثمَّ الْعم لأَب ثمَّ ابْن الْعم لأَب وَأم ثمَّ ابْن الْعم لأَب وَكَذَا بنوهما وَإِن سفلوا ثمَّ عَم الْأَب لأَب وَأم ثمَّ عَم الْأَب لأَب ثمَّ ابْن عَم الْأَب لأَب وَأم ثمَّ ابْن عَم الْأَب لأَب هَكَذَا عمومة الاجداد وَإِن علوا وَأَوْلَادهمْ الذكران وَإِن سفلوا ثمَّ الْمُعْتق ومعتق الْمُعْتق ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى ثمَّ عصبتهما وَفِيه اخْتِلَاف تمت الْفَرَائِض بعون الله وَحسن توفيقه على مَحْض ذَوي السِّهَام وهم السِّتَّة الأول وعَلى مَحْض ذَوي الْحَالين وهم السِّتَّة الْأُخَر وعَلى مَحْض الْعَصَبَات وهم هَؤُلَاءِ

ثمَّ الْأُصُول الَّتِي مِنْهَا يَصح خُرُوج هَذِه السِّهَام السِّتَّة المتفرقة سَبْعَة وثامنها التَّصْحِيح من اثْنَيْنِ من ثَلَاثَة من أَرْبَعَة من سِتَّة من ثَمَانِيَة من اثْنَي عشر من أَرْبَعَة وَعشْرين ثَلَاثَة مِنْهَا تعول من سِتَّة الى عشرَة وترا وشفعا وَمن اثْنَي عشر تعول الى سَبْعَة عشر وترا لَا شفعا وَمن أَرْبَعَة وَعشْرين تعول الى سَبْعَة وَعشْرين دفْعَة وَاحِدَة وَطَرِيقَة تخريجها أَنه مَتى جَاءَك من هَذِه السِّهَام السِّتَّة المتفرقة أحاد آحَاد فمخرج كل جُزْء سميه الا النّصْف فَهُوَ من اثْنَيْنِ وَمَتى جَاءَك مثنى وَثَلَاث نظر إِن كَانَا من جنس وَاحِد فالاكثر يُغْنِيك ويجزئك وَإِن كَانَا من جِنْسَيْنِ مُخْتَلفين نظر إِن اخْتَلَط النّصْف من هَذَا بِكُل الآخر أَو بِبَعْضِه فَهُوَ من سِتَّة وَإِن اخْتَلَط الرّبع من هَذَا بِكُل الآخر أَو بِبَعْضِه فَهُوَ من اثْنَي عشر وَإِن اخْتَلَط الثّمن من هَذَا بِكُل الآخر أَو بِبَعْضِه فَهُوَ من أَرْبَعَة وَعشْرين يبقي الأَصْل الثَّامِن وَهُوَ التَّصْحِيح فَلَا بُد لَهُ من تقدمة وَهِي معرفَة الوفق بَين الْجَانِبَيْنِ الْمُخْتَلِفين وَهُوَ أَن تقسم الْأَكْثَر على الْأَقَل أَي تطرح من الْأَكْثَر بِمِقْدَار الْأَقَل من الْجَانِبَيْنِ حَتَّى يتَّفقَا فِي دَرَجَة وَاحِدَة فَإِن اتفقَا فِي وَاحِد فَلَا وفْق وَإِن اتفقَا فِي أَكثر فموافقة فَفِي الِاثْنَيْنِ بِالنِّصْفِ وَفِي الثَّلَاثَة بِالثُّلثِ وَهَكَذَا الى الْعشْرَة وَفِي الْعشْرَة بالعشر وَفِي أحد عشر بِجُزْء من أحد عشر وَفِي اثْنَي عشر بِجُزْء من اثْنَي عشر وَهَكَذَا الى حَيْثُ يَنْتَهِي الْحساب فنسبتها الى آخر أَجزَاء مَا اتفقَا فِيهِ ثمَّ التَّصْحِيح إِذا انْكَسَرت السِّهَام والرؤوس طلبنا الوفق بَين السِّهَام والرؤوس فَإِن لم نجد أَخذنَا كل الرؤوس وَإِن وجدنَا أَخذنَا وفْق الرؤوس وَهَكَذَا يفعل بِالثَّانِي وَالثَّالِث أخذا بِلَا ضرب ثمَّ عمل آخر بَين رُؤُوس ورؤوس طلبنا الوفق بَين رُؤُوس ورؤوس إِن لم نجد ضربنا كل أَحدهمَا فِي كل الآخر وَإِن وجدنَا ضربنا وفْق أَحدهمَا فِي كل الآخر وَهَكَذَا يفعل بالثالث وَالرَّابِع وَإِن تماثلت الْأَعْدَاد اكتفينا بِأَحَدِهِمَا وَإِن تداخلت الْأَعْدَاد اكتفينا بأكثرها ثمَّ مَا اجْتمع فِيهِ فَهُوَ مبلغ الرؤوس ومجموعها حفظناها لإفراز الْأَنْصِبَاء وضربناها فِي أصل الْفَرِيضَة مَعَ عولها إِن كَانَت عائلة فَمَا بلغ فَمِنْهَا تصح الْمَسْأَلَة نصيب كل فريق مَا هُوَ نصِيبهم فِي الِابْتِدَاء مَضْرُوبا فِيمَا ضربنا فِي أصل الْفَرِيضَة وَنصِيب كل وَاحِد مِمَّن لم ينكسر عَلَيْهِم مَا هُوَ نصِيبه فِي الِابْتِدَاء مَضْرُوبا فِيمَا ضربنا فِي أصل الْمَسْأَلَة وَأما من انْكَسَرَ عَلَيْهِم فَإِذا أردنَا إِفْرَاز نصيب كل وَاحِد مِنْهُم نحتاج فِيهِ الى أَربع مُقَدمَات الأولى أَن نوفق رُؤُوس طائفته أَو وفقها وناخذ سِهَامهمْ أَو وفقها وَالثَّانيَِة أَن نطلب الوفق بَين حَاصِل رُؤُوس طائفته وَبَين حَاصِل رُؤُوس كل طَائِفَة وَرَاءَهَا مِمَّن انْكَسَرَ عَلَيْهِم فنأخذ الوفق من كل مُوَافق وَالْكل من كل مباين وَالثَّالِثَة أَن نطلب الوفق بَين مَا أَخذنَا من حَاصِل رُؤُوس الطوائف سوى الطَّائِفَة الْمَوْقُوفَة فَنَضْرِب بَعْضهَا فِي بعض بعد طلب الْمُوَافقَة وَالرَّابِعَة أَن نَنْظُر الى مَا اجْتمع من حَاصِل رُؤُوس الطوائف بعد ضرب بَعْضهَا فِي بعض فنضربه فِيمَا أَخذنَا من سِهَام الطَّائِفَة الْمَوْقُوفَة فَمَا بلغ فَهُوَ نصيب كل وَاحِد من الْفَرِيق الْمَوْقُوف هَذَا اذا كَانَ الْكسر من جَوَانِب فَإِن كَانَ من جانبين لَا نحتاج الى الْمُقدمَة الثَّالِثَة وَإِن كَانَ من جَانب وَاحِد نحتاج الى الْمُقدمَة الأولى فَحسب وَإِن شِئْت أخرجت الانصباء بطرِيق النِّسْبَة وَهُوَ أَن تنْسب سِهَام كل طَائِفَة الى رؤوسها وَتَأْخُذ بِتِلْكَ النِّسْبَة من مبلغ الرؤوس فَمَا بلغ فَهُوَ نصيب كل وَاحِد من تِلْكَ الطَّائِفَة وَإِن شِئْت نسبت الى رُؤُوس كل طَائِفَة وَاحِدًا مِنْهَا وَأخذت مبلغ الرؤوس بِتِلْكَ النِّسْبَة وضربته فِي سِهَامهمْ فَمَا خرج فَهُوَ نصيب كل وَاحِد مِنْهُم ثمَّ اذا أردْت قسْمَة التَّرِكَة فَاضْرب سِهَام كل وَارِث فِي التَّرِكَة ثمَّ اقْسمْ مَا اجْتمع على مَا صحت مِنْهُ الْفَرِيضَة فَمَا يخرج بِسَهْم فَهُوَ نصِيبه هَذَا اذا كَانَ

بَين التَّصْحِيح والتركة مباينة فَإِن كَانَ بَينهمَا مُوَافقَة فَاضْرب سِهَام كل وَارِث فِي وفْق التَّرِكَة ثمَّ اقْسمْ مَا اجْتمع على وفْق التَّصْحِيح وَمن صولح على شَيْء يَأْخُذهُ بميراثه فأسقط سهامه من الْفَرِيضَة ثمَّ اقْسمْ بَاقِي التَّرِكَة على سِهَام البَاقِينَ ثمَّ الرَّد وَهُوَ أَنا إِذا أعطينا ذَوي السِّهَام سِهَامهمْ وَبَقِي سهم لَا مُسْتَحقّ لَهُ يرد عَلَيْهِم بِقدر سِهَامهمْ إِلَّا الزَّوْج وَالزَّوْجَة وَهَذَا قَول عمر وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا وَبِه أَخذ عُلَمَاؤُنَا وَقَالَ زيد رَضِي الله عَنهُ يوضع الْفَاضِل فِي بَيت المَال وَبِه أَخذ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْأَصْل فِي تَصْحِيح مسَائِله أَنه اذا لم يكن فِي الْمَسْأَلَة من لَا يرد عَلَيْهِ فالقسمة على سِهَام من يرد عَلَيْهِم فَإِن كَانَ فيهم من لَا يرد عَلَيْهِ أعطينا نصِيبه من أقل مخارجه ثمَّ نَظرنَا الى الْبَاقِي إِن استقام على سِهَام من يرد عَلَيْهِم فِيهَا وَإِلَّا ضربنا من يرد عَلَيْهِم فِي مخرج نصيب من لَا يرد عَلَيْهِ فَمَا بلغ فَمِنْهَا تصح السِّهَام فَإِن وَقع الْكسر بعد ذَلِك فالسبيل مَا قدمْنَاهُ وَإِن كَانَ من يرد عَلَيْهِم صنفا وَاحِدًا فهم بِمَنْزِلَة الْعَصَبَات يعْطى كل من لَا يرد عَلَيْهِ فَرْضه من أقل مخارجه وَالْبَاقِي لَهُم فرضا وردا فَإِن وَقع الْكسر صححنا الْمَسْأَلَة كَمَا نصححها إِذا كَانَ فِيهَا ذُو سهم وعصبات طَرِيق آخر فِي تَصْحِيح الْمسَائِل الردية وَهُوَ أَن تصحح فَرِيضَة من يرد عَلَيْهِم كَمَا لَو انفردوا وتعطى من لَا يرد عَلَيْهِ نصِيبه من أقل مخارجه وتصحيحه عَلَيْهِ ثمَّ تنظر الى الْبَاقِي بعد نصيب من لَا يرد عَلَيْهِ من تَصْحِيحه فَإِن استقام على سِهَام من يرد عَلَيْهِم فِيهَا وَإِلَّا طلبنا الوفق بَين تَصْحِيح من يرد عَلَيْهِم وَبَين الْبَاقِي بعد نصيب من لَا يرد عَلَيْهِ من تَصْحِيحه لَا إِن لم نجد ضربنا كل تَصْحِيح من يرد عَلَيْهِم فِي مبلغ تَصْحِيح من لَا يرد عَلَيْهِ فَمَا بلغ فَمِنْهَا تصح الْمَسْأَلَة فنصيب من لَا يرد عَلَيْهِ مَضْرُوب فِي تَصْحِيح من يرد عَلَيْهِم أَو فِي وَفقه وَنصِيب كل وَاحِد مِمَّن يرد عَلَيْهِم مَضْرُوب فِي الْبَاقِي بعد نصيب من لَا يرد عَلَيْهِ من تَصْحِيحه أَو فِي وفْق ذَلِك ثمَّ المناسخة ومبناها على التَّصْحِيح وَهُوَ أَن تصحح فَرِيضَة الْمَيِّت الأول على ورثته وَتحفظ من ذَلِك مَا أصَاب الْمَيِّت الثَّانِي لطلب الوفق ثمَّ تصحح فَرِيضَة الْمَيِّت الثَّانِي على ورثته ثمَّ تطلب الوفق بَين مَا فِي يَده وتصحيحه إِن لم نجد ضربنا كل هَذَا التَّصْحِيح فِي كل التَّصْحِيح الأول وَإِن وجدنَا ضربنا وفْق هَذَا التَّصْحِيح فِي كل التَّصْحِيح الأول ثمَّ نبتدئ بِالْقِسْمَةِ فَمن كَانَ لَهُ نصيب من الْفَرِيضَة الأولى فمضروب فِي الْفَرِيضَة الثَّانِيَة وَمن كَانَ لَهُ نصيب من الْفَرِيضَة الثَّانِيَة فمضروب فِي نصيب الْمَيِّت الثَّانِي وَمن كَانَ لَهُ نصيب من الفريضتين فَمَا لَهُ من الْفَرِيضَة الأولى فمضروب فِي الْفَرِيضَة الثَّانِيَة وَمَاله من الْفَرِيضَة الثَّانِيَة فمضروب فِي نصيب الْمَيِّت الثَّانِي هَذَا اذا عدم الوفق أما إِذا وجد الوفق فَيضْرب فِي مَوَاضِع الضَّرْب فِي وفقها ويحفظ من ذَلِك مَا أصَاب الْمَيِّت الثَّالِث لطلب الوفق ثمَّ تصحح فَرِيضَة الْمَيِّت الثَّالِث على ورثته ثمَّ تطلب الوفق بَين مَا فِي يَده وتصحيحه إِن لم نجد ضربنا كل هَذَا التَّصْحِيح فِي كل التصحيحين الْأَوَّلين وَإِن وجدنَا ضربنا وَفقه ثمَّ نبتدئ بِالْقِسْمَةِ ونثني ونثلث ونربع ونخمس وعَلى هَذَا جَمِيع هَذَا الْوَجْه وَقِيَاسه وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق ثمَّ يجب أَن تعلم أَن الْمُوَافقَة أَيْنَمَا اتّفقت فلهَا نتائج وثمرات وَإِذا خرجنَا مَسْأَلَة من المناسخة أَو غَيرهَا وأعطينا كل ذِي حق حَقه وأوفيناه حَظه ثمَّ ألغينا الْأَنْصِبَاء كلهَا توَافق بَعْضهَا بَعْضًا فِي جُزْء من الاجزاء

فصل في ذوي الأرحام

الصَّحِيحَة فَمن ثَمَرَة هَذِه الْمُوَافقَة أَن نقتصر من كل نصيب على جُزْء الْوِفَاق وَتخرج الْمَسْأَلَة من وفقها وعَلى هَذَا يَدُور كثير من الْمسَائِل فاحفظه فصل فِي ذَوي الْأَرْحَام وهم خَمْسَة أَصْنَاف أَوَّلهمْ أَوْلَاد الْبَنَات وَأَوْلَاد بَنَات الابْن وَالثَّانِي الجدود الْفَاسِدَة والجدات الفاسدات وَالثَّالِث أَوْلَاد الْأَخَوَات لأَب وَأم أَو لأَب وَأَوْلَاد الاخوة وَالْأَخَوَات لأم وَبَنَات الاخوة وَالرَّابِع الأخوال والخالات والعمات كُلهنَّ والأعمام لأم وَبَنَات الْأَعْمَام وَأَوْلَاد هَؤُلَاءِ وَالْخَامِس عمات الْآبَاء والأمهات وأخوالهم وخالاتهم وأعمام الْآبَاء لأم وأعمام الْأُمَّهَات كلهم وَأَوْلَاد هَؤُلَاءِ وَأَوْلَادهمْ بِالْمِيرَاثِ أَوَّلهمْ ثمَّ ثانيهم ثمَّ ثالثهم ثمَّ رابعهم ثمَّ خامسهم فِي رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وروى عَن أبي حنيفَة أَن الْجد الْفَاسِد أولى بِالْمَالِ من أَوْلَاد الْبَنَات وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أَوْلَاد الاخوات وَبَنَات الاخوة أولى من الْجد الْفَاسِد أَب الْأُم وكل وَاحِد أولى من وَلَده وَولده أولى من أَبَوَيْهِ عِنْدهمَا وهم لَا يَرِثُونَ مَعَ ذِي سهم وَلَا عصبَة سوى أحد الزَّوْجَيْنِ فصل فِي الصِّنْف الأول فأولاهم بِالْمِيرَاثِ أقربهم فَإِن اسْتَووا فِي الْقرب فولد الْوَارِث أولى وَاخْتلفُوا فِي ولد ولد الْوَارِث وَالصَّحِيح أَنه لَيْسَ بِأولى مِثَاله بنت الْبِنْت أولى من بنت بنت الْبِنْت لِأَنَّهَا أقرب وَبنت بنت الابْن أولى من بنت بنت الْبِنْت لِأَنَّهَا ولد الْوَارِث بنت بنت بنت الْبِنْت وَبنت بنت بنت الابْن فَالْمَال بَينهمَا فِي الصَّحِيح وَالْقِسْمَة على أبدانهم إِن اتّفقت أصولهم وَإِن اخْتلفت فَكَذَلِك عِنْد أبي يُوسُف رَحمَه الله وَهُوَ رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَعند مُحَمَّد وَهُوَ أشهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن أبي حنيفَة الْقِسْمَة على أول خلاف مَعَ اعْتِبَار صفة الْأُصُول فِي الْفُرُوع وَاعْتِبَار عدد الْفُرُوع فِي الْأُصُول ثمَّ كل شَيْء جعلته لأصل ينْقل ذَلِك الى فَرعه مِثَاله بنت ابْن بنت وَبنت بنت بنت فَعِنْدَ أبي يُوسُف المَال بَينهمَا نِصْفَانِ بِاعْتِبَار الْأَبدَان وَعند مُحَمَّد أَثلَاثًا سَهْمَان لبِنْت ابْن الْبِنْت وَسَهْم لبِنْت بنت الْبِنْت كَأَنَّهُ مَاتَ عَن ابْن وَبنت فينقسم المَال بَينهمَا أَثلَاثًا ثمَّ مَا اصاب ابْن الْبِنْت فلولده وَمَا اصاب بنت الْبِنْت فلولدها بِنْتا ابْن بنت وَبنت بنت بنت فَعِنْدَ أبي يُوسُف المَال بَينهُنَّ اثلاثا بِاعْتِبَار الْأَبدَان وَعند مُحَمَّد خمس المَال لبِنْت بنت الْبِنْت وَأَرْبَعَة أخماسه لبنتي ابْن الْبِنْت كَأَنَّهُ مَاتَ عَن ابْني بنت وَبنت بنت فَيقسم المَال بَينهم أَخْمَاسًا فَمَا أصَاب بنت الْبِنْت فلولدها وَمَا أصَاب بِنْتي الْبِنْت فلولديهما هَذَا هُوَ اعْتِبَار عدد الْفُرُوع فِي الْأُصُول وَالْأول اعْتِبَار صفة الْأُصُول فِي الْفُرُوع بنت ابْن بنت وَابْن بنت بنت فَعِنْدَ أبي يُوسُف ثلث المَال لبِنْت ابْن الْبِنْت وثلثاه لِابْنِ بنت الْبِنْت اعْتِبَارا للأبدان دون الْأُصُول وَعند مُحَمَّد ينعكس الْجَواب فَابْن بنت الْبِنْت لَهُ ثلث المَال وَبنت ابْن الْبِنْت لَهَا الثُّلُثَانِ إِذْ هُوَ يعْتَبر الاصول دون الْأَبدَان وَإِن اخْتلف بطن ثمَّ اخْتلف بطن فعلى قَول أبي يُوسُف يعْتَبر الْأَبدَان وَعند مُحَمَّد يقسم على أول بطن اخْتلف وَيجْعَل من يُدْلِي بِالذكر فريقا على حِدة وَمن يُدْلِي بالانثى فريقا على حِدة ثمَّ يقسم على

فصل في الصنف الثاني

الثَّانِي ثمَّ على الثَّالِث الى أَن يَنْتَهِي مِثَاله بنت بنت بنت وَبنت ابْن بنت وَابْن ابْن بنت فَعِنْدَ أبي يُوسُف يعْتَبر الْأَبدَان وَعند مُحَمَّد خمس المَال لبِنْت بنت الْبِنْت وَثلثا أَرْبَعَة الْأَخْمَاس لِابْنِ ابْن الْبِنْت وَثلث اربعة الْأَخْمَاس لبِنْت ابْن الْبِنْت وَلَو كَانَ مَعَهم ابْن بنت بنت أَيْضا فَعِنْدَ مُحَمَّد ثلث الثُّلثَيْنِ لبِنْت ابْن الْبِنْت وَثلثا الثُّلثَيْنِ لِابْنِ ابْن الْبِنْت وَثلث الثُّلُث لبِنْت بنت الْبِنْت وَثلثا الثُّلُث لِابْنِ بنت الْبِنْت وَكَذَا الْبَنَات فاذا كَانَت قرَابَته من جِهَتَيْنِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد من كَانَ لَهُ قرابتان من ذَوي الارحام يَرث من القرابتين جَمِيعًا وَهِي رِوَايَة عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله وَعنهُ أَنه لَا يَرث الا من جِهَة وَاحِدَة كَمَا فِي الْجدّة ذَات الْجِهَتَيْنِ عِنْده مِثَاله ابْن ابْن بنت هُوَ ابْن بنت بنت وَبنت بنت بنت صورته رجل لَهُ بنتان ماتتا وخلفت إِحْدَاهَا ابْنا وَالْأُخْرَى بِنْتا فَتزَوج الابْن الْبِنْت فَولدت لَهُ ابْنا ثمَّ تزَوجهَا رجل آخر فَولدت لَهُ بِنْتا فالمولود أَولا ابْن ابْن بنت وَهُوَ ابْن بنت بنت والمولودة ثَانِيًا بنت بنت بنت فَلَو مَاتَ الزَّوْجَانِ ثمَّ مَاتَ الْجد فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله فِي رِوَايَة المَال بَينهمَا أَخْمَاسًا خمس المَال لبِنْت بنت الْبِنْت وَأَرْبَعَة أخماسه لذِي القرابتين وَعنهُ فِي رِوَايَة يقسم المَال بَينهمَا أَثلَاثًا سَهْمَان لذِي القرابتين لمَكَان الذُّكُورَة وَسَهْم لبِنْت بنت الْبِنْت وَعند مُحَمَّد سدس المَال لبِنْت بنت الْبِنْت وَخَمْسَة أسداسه لذِي القرابتين فصل فِي الصِّنْف الثَّانِي وهم الجدود الْفَاسِدَة والجدات الفاسدات أولاهم بِالْمِيرَاثِ أقربهم الى الْمَيِّت فَإِن اسْتَووا فِي الْقرب فَمن يُدْلِي بوارث فَهُوَ أولى عِنْد الْبَعْض وَلَا تَفْضِيل لَهُ عِنْد الآخرين فَإِن اسْتَووا فِي الْقرب وَلَيْسَ فيهم من يُدْلِي بوارث نظر فَإِن كَانُوا من جَانب وَاحِد من جَانب الْأَب أَو من جَانب الْأُم واتفقت صفة من يدلون بهم فالقسمة على أبدانهم إِن كَانُوا ذُكُورا أَو إِنَاثًا فبالسوية وَإِن كَانُوا مختلطين فالذكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِن اخْتلفت صفة من يدلون بهم يقسم على أدنى بطن الى الْمَيِّت اخْتلف كَمَا فِي الصِّنْف الأول وَإِن كَانُوا من جانبين يَجْعَل الثُّلُثَانِ لقرابة الاب وَالثلث لقرابة الْأُم ثمَّ مَا اصاب كل فريق يقسم فِيمَا بَينهم كَمَا لَو انفردوا ومثاله أَب أم أَب الْأَب وَأب أَب أم الْأَب فهما جدان من قبل الْأَب وَأب أم أَب الْأُم وَأب أَب أم الْأُم فهما جدان من قبل الْأُم فَيقسم المَال أَولا أَثلَاثًا ثُلُثَاهُ لقرابة الْأَب وَالثلث لقرابة الْأُم ثمَّ مَا اصاب قرَابَة الْأَب يقسم أَثلَاثًا ثُلُثَاهُ لجده من قبل أَبِيه وَهُوَ أَب أم الْأَب وَثلثه لجده من قبل أمه وَهُوَ أَب أَب أم الْأَب وَمَا أصَاب قرَابَة الْأُم فَكَذَلِك ثُلُثَاهُ لجدها من قبل ابيها وَهُوَ أَب أم أَب الْأُم وَثلثه لجدها من قبل أمهَا وَهُوَ أَب أَب أم الْأُم وَهَذَا الْجَواب على قَول من لَا يعْتَبر المدلي بالوارث وَأما من يعْتَبر الإدلاء بالوارث فَعنده المَال كُله للْجدّ الْمَذْكُور أَولا وَهُوَ أَب أم اب الْأَب فصل فِي الصِّنْف الثَّالِث فَالْكَلَام فِي أَوْلَاد الْأَخَوَات وَبَنَات الاخوة لأَب وَأم أَن أولاهم اقربهم وَعند الاسْتوَاء فِي الْقرب من كَانَ ولد الْوَارِث أولى فالقسمة على أبدانهم إِذا اتّفقت أصولهم وَإِن اخْتلفت فَهُوَ على اخْتِلَاف قد مر فِي الصِّنْف الأول مِثَاله بنت الْأُخْت أولى من بنت بنت الْأُخْت لِأَنَّهَا أقرب وَبنت ابْن الْأَخ أولى من بنت بنت الْأَخ لِأَنَّهَا ولد الْوَارِث بنت أُخْت وَابْن أُخْت فَالْمَال بَينهمَا للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ

فصل في الصنف الرابع

بنت ابْن أُخْت وَابْن بنت اخ وَبنت بنت أَخ فَعِنْدَ ابي يُوسُف يعْتَبر الْأَبدَان وَعند مُحَمَّد خمس المَال لبِنْت ابْن الْأُخْت وَثلثا أَرْبَعَة الْأَخْمَاس لِابْنِ بنت الْأَخ وَثلث أَرْبَعَة الْأَخْمَاس لبِنْت بنت الْأَخ ابْن أُخْت لأَب وَأم وَبنت أَخ لأَب وَأم فَأَبُو يُوسُف رَحمَه الله يعْتَبر الْأَبدَان دون الْأُصُول فَعنده ثلث المَال لبِنْت الْأَخ لأَب وَأم وثلثاه لِابْنِ الْأُخْت لأَب وَأم وَمُحَمّد رَحمَه الله يعْتَبر الْأُصُول دون الْأَبدَان فَعنده ثلث المَال لِابْنِ الْأُخْت لأَب وَأم وثلثاه لبِنْت الْأَخ لأَب وَأم وَالْكَلَام فِي أَوْلَاد الْأَخَوَات وَبَنَات الاخوة لأَب كَالْكَلَامِ فِي الْفَرِيق الأول عِنْد عدمهم وَأما الْكَلَام فِي أَوْلَاد الاخوة والاخوات لأم فَهُوَ أَن أولاهم أقربهم وَلَا يفضل الذّكر على الْأُنْثَى إِلَّا فِي رِوَايَة شَاذَّة عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله مِثَاله بنت أَخ لأم وَابْن أُخْت لأم فعندهما المَال بَينهمَا كالأصول نِصْفَانِ وَعند أبي يُوسُف على تِلْكَ الرِّوَايَة أَثلَاثًا بِخِلَاف الْأُصُول وَإِذا اجْتمع ثَلَاثَة أَوْلَاد أَخَوَات متفرقات أَو ثَلَاث بَنَات اخوة مُتَفَرّقين واستووا فِي الْقرب والدرجة فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله وَهُوَ رِوَايَة عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله يعْتَبر الْأُصُول مِثَاله بنت أُخْت لأَب وَأم وَبنت أُخْت لأَب وَبنت أُخْت لأم فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله المَال كُله لبِنْت الْأُخْت لأَب وَأم وَعند مُحَمَّد خمس المَال لبِنْت الْأُخْت لأم وخمسه لبِنْت الْأُخْت لأَب وَثَلَاثَة أخماسه لبِنْت الْأُخْت لأَب وَأم بنت أَخ لأَب وَأم وَبنت أَخ لأم فَعِنْدَ ابي يُوسُف رَحمَه الله المَال كُله لنت الْأَخ لأَب وَأم وَعند مُحَمَّد سدس المَال لبِنْت الْأَخ لأم وَالْبَاقِي لبِنْت الْأَخ لأَب وَأم وَإِذا اجْتمعت ثَلَاث بَنَات أَخَوَات متفرقات وَثَلَاث بَنَات اخوة مُتَفَرّقين فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله المَال كُله بَين بنت الْأَخ لأَب وَأم وَبَين بنت الْأُخْت لأَب وَأم نِصْفَانِ وَعند مُحَمَّد ثلث المَال بَين بنت الْأَخ لأم وَبَين بنت الْأُخْت لأم نِصْفَانِ وَثلثا المَال بَين بنت الْأَخ لأَب وَأم وَبَين بنت الْأُخْت لأَب وَأم أَثلَاثًا كَمَا فِي الْأُصُول وَكَذَا ولد الاخوة وَالْأَخَوَات إِذا كَانَت قرَابَته ذَات جِهَتَيْنِ فَهُوَ على اخْتِلَاف قد مر فِي الصِّنْف الأول مِثَاله ابْن أَخ لأم هُوَ ابْن أُخْت لأَب وَبنت أُخْت لأَب وَأم فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله المَال كُله لبِنْت الْأُخْت لأَب وَأم وَعند مُحَمَّد المَال كُله على خَمْسَة ثَلَاثَة أخماسه لبِنْت الْأُخْت لأَب وَأم وخمساه لِابْنِ الْأَخ لأم الَّذِي هُوَ ابْن الْأُخْت لأَب فصل فِي الصِّنْف الرَّابِع وهم الْأَعْمَام لأم وَمن فِي معناهم من كَانَ لأَب وَأم أولى مِمَّن كَانَ لأَب وَمن كَانَ لأَب كَانَ أولى مِمَّن كَانَ لأم مِثَاله عمَّة لأَب وام فَهِيَ أولى من الْعمة لأَب وَالَّتِي من الْأَب أولى من الَّتِي لأم خَالَة لأَب وَأم وَخَالَة لأَب فَالْأولى أولى خَال لأَب وخال لأم فالخال للاب أولى وَإِنَّمَا يعْتَبر هَذَا التَّرْجِيح فِي جنس وَاحِد وَلَا يعْتَبر فِي جِنْسَيْنِ إِلَّا فِي رِوَايَة شَاذَّة عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله مِثَاله عمَّة لأَب وَأم وَخَالَة لأَب فَالْمَال بَينهمَا أَثلَاثًا ثُلُثَاهُ للعمة وَثلثه للخالة وَعند أبي يُوسُف على تِلْكَ الرِّوَايَة المَال كُله للعمة وَإِذا اجْتمع العمات والأخوال والخالات فالثلثان للعمات بَينهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ وَالثلث للأخوال والخالات بَينهم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَالْكَلَام فِي أَوْلَاد هَؤُلَاءِ وَبَنَات الْأَعْمَام أَن أولاهم أقربهم فَإِن اسْتَووا فِي الْقرب فَمن كَانَ لأَب وَأم

فصل في الصنف الخامس

أولى مِمَّن كَانَ لأَب وَمن كَانَ لأَب أولى مِمَّن كَانَ لأم ثمَّ ولد الْوَارِث أولى فَإِن كَانَ أَحدهمَا ولد الْوَارِث غير أَنه ذُو قرَابَة وَاحِدَة وَالْآخر ولد ذِي الرَّحِم لَكِن ذُو قرابتين اخْتلفُوا فِيهِ وَالصَّحِيح أَن ذَا القرابتين أولى مِثَاله بنت ابْن عَم لأَب وَابْن ابْن عمَّة لأَب وَأم فَالثَّانِي أولى فصل فِي الصِّنْف الْخَامِس وهم أقرباء الْأَبَوَيْنِ أولاهم أقربهم مِثَاله عمَّة الْأَب أولى من عمَّة الْجد لِأَنَّهَا أقرب وَإِذا اجْتمعت قرابتا الْأَب وقرابتا الْأُم فالثلثان لقرابتي الْأَب وَالثلث لقرابتي الْأُم ثمَّ مَا أصَاب قَرَابَتي الْأَب يقسم بَينهم أَثلَاثًا ثُلُثَاهُ لِقَرَابَتِهِ من قبل أَبِيه وَالثلث لِقَرَابَتِهِ من قبل أمه وَمَا اصاب قَرَابَتي الْأُم فَكَذَلِك ثُلُثَاهُ لقرابتها من قبل أَبِيهَا وَالثلث لقرابتها من قبل أمهَا مِثَاله عمَّة الْأَب وخالته وعمة الْأُم وخالتها وَالْكَلَام فِي أَوْلَاد هَؤُلَاءِ كَالْكَلَامِ فِي أَوْلَاد الْبَنَات وَأَوْلَاد الْأَخَوَات فِيمَا يتفقون ويختلفون فصل فِي لواحق الْكتاب قد ذكرنَا أَن الْوَلَاء على ضَرْبَيْنِ وَلَاء عتاقة وَوَلَاء مُوالَاة فمولى الْعتَاقَة كل من أعتق عبدا أَو مَاتَ عَن مُدبر وَخرج من الثُّلُث أَو مَاتَ عَن أم ولد أَو استوفى كِتَابَة عبد أَو ملك ذَا رحم محرم مِنْهُ فَعتق عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يكون مولى لَهُ يَرِثهُ إِذا مَاتَ وَلَا يَرث الْمُعْتق مِنْهُ وَإِن أعْتقهَا على أَن لَا وَلَاء لَهُ فَالشَّرْط بَاطِل وَالْوَلَاء ثَابت وَالْوَلَاء لَا يُورث وَيكون لأَقْرَب عصبَة الْمُعْتق مِثَاله مَاتَ الْمُعْتق عَن ابْن وَبنت فَالْولَاء كُله للِابْن وَإِن مَاتَ عَن ابْن وَأب فَالْولَاء كُله للِابْن عِنْد ابي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف سدس الْوَلَاء للْأَب وَالْبَاقِي للِابْن فَإِن مَاتَ عَن جد وَأَخ فَالْولَاء كُله للْجدّ عِنْد ابي حنيفَة وَعِنْدَهُمَا الْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَانِ وَعند الشَّافِعِي الْوَلَاء كُله للْأَخ فِي أصح قوليه كل مَمْلُوك عتق على ملك مَالِكه لَا يتَحَوَّل وَلَاؤُه عَنهُ أبدا مِثَال رجل زوج أمته من عبد غَيره ثمَّ أعتق أمته فَجَاءَت بِولد لأَقل من سِتَّة أشهر ثمَّ أعتق العَبْد لَا يجر وَلَاء الْوَلَد الى نَفسه لِأَنَّهُ عتق على ملك مُعتق الْأُم وَلَو جَاءَت بِولد لتَمام سِتَّة أشهر فَصَاعِدا ثمَّ أعتق العَبْد جر وَلَاء الْوَلَد الى نَفسه وَلَيْسَ للنِّسَاء من الْوَلَاء إِلَّا مَا اعتقن أَو أعتق من أعتقن أَو كاتبن أَو كَاتب من كاتبن أَو دبرن أَو دبر من دبرن أَو جر وَلَاء معتقهن وَأما مولى الْمُوَالَاة فمجهول النّسَب إِذا قَالَ لآخر أَنْت مولَايَ ترثني إِذا مت وتعقل عني اذا جنيت وَقَالَ الآخر قبلت صَحَّ عندنَا وَيكون الْقَابِل مولى لَهُ يَرِثهُ إِذا مَاتَ وَيعْقل عَنهُ اذا جنى وَإِن شَرط من من الْجَانِبَيْنِ فعلى مَا شرطا وَيدخل فِي هَذَا العقد أَوْلَاده الصغار وَمن يُولد لَهُ بعد ذَلِك وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة إِذا عقدت عقد الْمُوَالَاة صَحَّ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وللعاقد فَسخه مالم يعقل عَنهُ هَذَا الْقَابِل وللقابل فَسخه إِلَّا أَن يَرث بولائه وَمولى الْمُوَالَاة مُؤخر عَن ذَوي الْأَرْحَام مقدم على بَيت المَال وَيَرِث مَعَ أحد الزَّوْجَيْنِ وللرق من أَسبَاب الحرمان وافرا كَمَا فِي الْقِنّ وناقصا كَمَا فِي الْمُدبر وَأم الْوَلَد وَالْمكَاتب إِذا مَاتَ

عَاجِزا فَهُوَ عبد وَإِن مَاتَ عَن وَفَاء أَو عَن مَوْلُود فِي الْكِتَابَة يُؤَدِّي كِتَابَته وَيحكم بحريَّته فِي آخر جُزْء من أَجزَاء حَيَاته فيتبين أَنه مَاتَ حرا والمستسعي بِمَنْزِلَة حر مديون عِنْدهمَا وَعند أبي حنيفَة رَحمَه الله هُوَ عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم هَذَا اذا كَانَ يسْعَى لفكاك رقبته كمعتق الْبَعْض أما اذا كَانَ يسْعَى بِحَق فِي رقبته كَالْعَبْدِ الْمَرْهُون إِذا أعْتقهُ الرَّاهِن فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْأَحْرَار يَرث وَيُورث عَنهُ وَالْقَتْل من أَسبَاب الحرمان وكل قتل يتَعَلَّق بِهِ وجوب الْقصاص أَو الْكَفَّارَة فَإِنَّهُ يمْنَع الْمِيرَاث وكل قتل لَا يتَعَلَّق بِهِ وجوب الْقصاص وَلَا الْكَفَّارَة فَإِنَّهُ لَا يمْنَع الْإِرْث أما الْقَتْل الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ وجوب الْقصاص فَهُوَ أَن يقتل مُوَرِثه عمدا بالحديد أَو بِمَا يعْمل عمل الْحَدِيد وَأما الَّذِي يُوجب الْكَفَّارَة فَهُوَ أَن يقْتله بِالْمُبَاشرَةِ خطأ أَو أوطأ دَابَّته مُوَرِثه وَهُوَ راكبها أَو انْقَلب فِي النّوم على مُوَرِثه فَقتله أَو سقط عَلَيْهِ من السَّطْح فَقتله أَو سقط حجر من يَده عَلَيْهِ فَقتله فَهَذَا كُله قتل بطرِيق الْمُبَاشرَة فَتجب فِيهِ الْكَفَّارَة وَيُوجب حرمَان الْمِيرَاث إِن كَانَ مورثا وَالْوَصِيَّة إِن كَانَ أَجْنَبِيّا وَأما الْقَتْل الَّذِي لَا يتَعَلَّق بِهِ وجوب الْقصاص وَلَا الْكَفَّارَة فَهُوَ أَن الصَّبِي أَو الْمَجْنُون إِذا قتل مُوَرِثه أَو غير الصَّبِي وَالْمَجْنُون إِذا قتل مُوَرِثه بالتسبب كَمَا اذا أشرع جنَاحا على قَارِعَة الطَّرِيق فَسقط على مُوَرِثه فَمَاتَ أَو حفر بِئْرا على قَارِعَة الطَّرِيق فَوَقع مُوَرِثه فِيهَا فَمَاتَ أَو ألْقى حجرا على قَارِعَة الطَّرِيق فَتعلق بِهِ مُوَرِثه فَمَاتَ أَو صب مَاء أَو بَال أَو تَوَضَّأ فزلق بِهِ الْمُورث فَمَاتَ اَوْ سَاق دَابَّة أَو قادها فأوطأت مُوَرِثه فَمَاتَ أَو قَتله قصاصا أَو رجما أَو دفعا لقتاله أَو كَانَ مكْرها على قَتله أَو سقط حَائِطه المائل على مُوَرِثه بعد مَا اشْهَدْ عَلَيْهِ فَمَاتَ أَو وجد مُوَرِثه قَتِيلا فِي دَاره فَإِنَّهُ يجب الْقسَامَة وَالدية على الْعَاقِلَة وَلَا يمْنَع الْإِرْث وَكَذَا الْعَادِل إِذا قتل الْبَاغِي وَهُوَ مُوَرِثه لم يمْنَع الْإِرْث فِي هَذِه الْمَوَاضِع كلهَا وَإِن بَاشر لِأَنَّهُ لَا يُوجب الْقصاص وَلَا الْكَفَّارَة وَأما اذا قتل الْبَاغِي الْعَادِل وَهُوَ مُوَرِثه فَهَذَا على وَجْهَيْن إِن قَالَ قتلته وَأَنا على الْبَاطِل والآن أَيْضا على الْبَاطِل فَإِنَّهُ لَا يَرِثهُ بِالْإِجْمَاع وَإِن قَالَ قتلته وَأَنا على الْحق والآن على الْحق أَيْضا يَرِثهُ فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد لِأَنَّهُ قتل لَا يُوجب الْقصاص وَلَا الْكَفَّارَة وَعند أبي يُوسُف لَا يَرِثهُ لِأَنَّهُ قتل بِغَيْر حق الابْن إِذا قتل أَبَاهُ عمدا أَو خطأ لَا يَرِثهُ يجب الْقصاص فِي الْعمد وَالْكَفَّارَة فِي الْخَطَأ وَكَذَا الْأَب إِذا قتل ابْنه خطأ يمْنَع الارث وَهَذَا لَا يشكل لِأَن الْكَفَّارَة تجب بقتْله أَبَاهُ خطأ أما اذا قَتله عمدا فَإِنَّهُ يُوجب حرمَان الْمِيرَاث أَيْضا وَإِن كَانَ لَا يجب الْقصاص وَلَا الْكَفَّارَة وَهَذَا يشكل على الأَصْل الَّذِي ذَكرْنَاهُ إِلَّا أَنا نقُول وَجب الْقصاص هَاهُنَا لكنه سقط بِحرْمَة الْأُبُوَّة الْأَب إِذا أدب ابْنه اجترم جريمة سَرقَة أَو غَيرهَا وعنف فِي الضَّرْب فَمَاتَ يُوجب حرمَان الْمِيرَاث وَعند ابي يُوسُف لَا يُوجِبهُ الْمعلم إِذا أدب ولد انسان وَهُوَ وَارثه فَمَاتَ لَا يُوجب حرمَان الْمِيرَاث وَكَذَلِكَ الْأَب إِذا بط قرح ابْنه أَو ختنه أَو حجمه من غير أَن يعنف فِي ذَلِك فَمَاتَ وَالزَّوْج إِذا عزّر زَوجته بِأَن لم تطعه فِي الْفراش فَمَاتَتْ فَإِنَّهُ يُوجب حرمَان الْمِيرَاث الْكفْر كُله مِلَّة وَاحِدَة عندنَا يَرث بَعضهم بَعْضًا فالنصراني يَرث الْيَهُودِيّ واليهودي يَرث الْمَجُوسِيّ

إِلَّا إِذا كَانَت دُورهمْ مُخْتَلفَة متباينة مثل نَصْرَانِيّ مَاتَ وَله ابْن فِي الرّوم وَابْن فِي الْهِنْد لَا يَرث وَاحِد مِنْهُمَا وَلَو مَاتَ مُسلم وَله ابْن مُسلم فِي الْهِنْد فَإِنَّهُ يَرِثهُ لِأَنَّهُ لم تتباين الدَّار حكما وَالْمُرْتَدّ لَا يَرث من وَاحِد وَكَذَا الْمُرْتَدَّة وَهل يَرث الْمُسلم مِنْهُ قَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ كسبا اكْتَسبهُ فِي حَال الرِّدَّة يكون فَيْئا وَإِن كَانَ كسبا اكْتَسبهُ فِي حَال الاسلام يكون لوَرثَته الْمُسلمين وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله الكسبان لوَرثَته الْمُسلمين وَقَالَ الشَّافِعِي الكسبان جَمِيعًا فَيْء فَإِن لحق بدار الْحَرْب مُرْتَدا يقسم القَاضِي مَاله بَين ورثته كَأَنَّهُ ميت الْمَجُوسِيّ يَرث بِالنّسَبِ وَالْوَلَاء وبنكاح يقر عَلَيْهِ بعد الاسلام وَالنّسب فِيمَا بَينهم يثبت بالأنكحة الْفَاسِدَة وَمن يُدْلِي الى الْمَيِّت بنسبين إِن كَانَ أَحدهمَا لَا يحجب الآخر ورث بهما جَمِيعًا وَإِن كَانَ يحجب ورث بالحاجب مِثَاله إِذا ترك ابْني عَمه أَحدهمَا أَخُوهُ لأمه فَلهُ السُّدس بِالْفَرْضِ وَالْبَاقِي بَينهمَا بالعصوبة لِأَن إِحْدَى جهتي قرَابَته لَا تحجب الْجِهَة الْأُخْرَى فورث بهما فَإِن ترك بِنْتي خَالَته وإحداهما أُخْته لِأَبِيهِ فلهَا المَال كُله فرضا وردا لِأَن إِحْدَى جهتي قرابتها تحجب الْأُخْرَى فورثت بالحاجبة ثمَّ المحجوب عَن الْمِيرَاث يحجب غَيره كمن مَاتَ وَله أَبَوَانِ وَأَخَوَانِ فالأخوان يردان الْأُم من الثُّلُث الى السُّدس وَإِن كَانَا لَا يرثان إِذْ هما بالاب محجوبان والمحروم من الْمِيرَاث لَا يحجب كالمحروم بِالْقَتْلِ أَو الرّقّ أَو اخْتِلَاف الدّين لَا حجب الحرمان وَلَا حجب النُّقْصَان إِلَّا فِي قَول عبد الله بن مَسْعُود فَإِنَّهُ أفتى فِيمَا زعم النَّخعِيّ أَن المحروم لَا يحجب حجب الحرمان وَلكنه يحجب حجب النُّقْصَان وَعِنْده تعول الْمَسْأَلَة الى احدى وَثَلَاثِينَ بِنَاء على هَذَا الأَصْل صورتهَا زَوْجَة وَأم وَأَخَوَانِ لأم وأختان لاب وَأم وَابْن هُوَ محروم بِأحد أَسبَاب الحرمان فَعِنْدَ عَامَّة الصَّحَابَة تعول هَذِه الْمَسْأَلَة إِلَى سَبْعَة عشر وَأَصلهَا من اثنى عشر لِأَن الزَّوْجَة فَرضهَا الرّبع عِنْدهم إِذْ الابْن المحروم لَا ينقصها حَقّهَا وَعند ابْن مَسْعُود أَصْلهَا من أَرْبَعَة وَعشْرين لِأَن الزَّوْجَة فَرضهَا الثّمن عِنْده إِذْ الابْن المحروم ينقصها حَقّهَا فعالت الى احدى وَثَلَاثِينَ الْمَفْقُود لَا يَرث وَلَا يُورث عَنهُ مالم يثبت مَوته بِبَيِّنَة أَو بِمُضِيِّ مُدَّة يعلم يَقِينا أَنه لَا يعِيش أَكثر من ذَلِك وَوقت فِي ذَلِك أَبُو حنيفَة رِوَايَة الْحسن عَنهُ بِمِائَة وَعشْرين سنة من وَقت وِلَادَته وَعَن أبي يُوسُف بِمِائَة سنة وَقدره بَعضهم بتسعين وَبَعْضهمْ بسبعين وَقَالَ بَعضهم إِنَّه موكول الى رَأْي القَاضِي فَإِذا انْقَضتْ تِلْكَ الْمدَّة وَرثهُ من كَانَ حَيا من ورثته وَلَا يَرِثهُ من مَاتَ قبل مُضِيّ الْمدَّة وَلَو مَاتَ مُوَرِثه فِي خلال فَقده وَله وَارِث سَوَاء إِن كَانَ لَا يحجب بِهِ لكنه ينتقص حَقه يُعْطي أقل النَّصِيبَيْنِ وَيُوقف الْبَاقِي وَإِن كَانَ يحجب بِهِ لَا يعْطى أصلا وَيُوقف للْحَمْل نصيب اربعة بَنِينَ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَعند مُحَمَّد مِيرَاث ابْنَيْنِ وَهُوَ رِوَايَة عَن أبي يُوسُف وَعنهُ أَنه يُوقف مِيرَاث ابْن وَاحِد وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَلَو كَانَ مَعَه وَارِث آخر لَا يسْقط بِحَال وَلَا يتَغَيَّر بِهِ يعْطى كل نصِيبه وَإِن كَانَ مِمَّن يسْقط بِهِ لَا يعْطى أصلا وَإِن كَانَ مِمَّن يتَغَيَّر بِهِ يعْطى الْأَقَل مِيرَاث ولد اللّعان من جِهَة الْأُم لَا غير وَأَنَّهَا كَسَائِر الْأُمَّهَات وَلَا يكون عصبَة لَا توارث بَين الغرقى والحرقي والهدمى وَيجْعَل كَأَنَّهُمْ مَاتُوا مَعًا

الفصل الثلاثون وهو تمام الفصول في مسائل شتى

الْخُنْثَى يَرث من حَيْثُ يَبُول فَإِن بَال مِنْهُمَا فَالْحكم للأسبق وَإِن كَانَا مَعًا فَهُوَ مُشكل عِنْد أبي حنيفَة وَعِنْدَهُمَا يعْتَبر الْأَكْثَر وَإِن اسْتَويَا فَهُوَ مُشكل أَيْضا عِنْدهمَا ثمَّ الْخُنْثَى الْمُشكل يَرث أقل النَّصِيبَيْنِ وَهُوَ نصيب الْبِنْت عِنْد عَامَّة الصَّحَابَة إِلَّا أَن يكون أَسْوَأ حَاله أَن يكون ذكرا وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله وَقَالَ الشّعبِيّ يعْتَبر فِيهِ الحالان حَالَة الذُّكُورَة وَحَالَة الْأُنُوثَة بَيَانه إِذا مَاتَ الرجل عَن ابْن وَولد خُنْثَى قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله ثلثا المَال للِابْن وَالثلث للخنثى وَاخْتلف أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد على قَول الشّعبِيّ قَالَ مُحَمَّد للخنثى خَمْسَة من اثْنَي عشر وللابن الْمُتَيَقن سَبْعَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف للخنثى ثَلَاثَة من سَبْعَة وللابن الْمُتَيَقن أَرْبَعَة وَالله أعلم بِالصَّوَابِ وَيجْزِي كلا مِنْهُم ويثاب طَرِيق معرفَة مَا هُوَ الْأَقَل مِمَّا أعطَاهُ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أَن يضْرب الثَّلَاثَة الَّتِي يُعْطِيهِ أَبُو يُوسُف فِي الاثنى عشر مخرج مَا يُعْطِيهِ مِنْهُ مُحَمَّد والخمسة الَّتِي يُعْطِيهِ مِنْهَا مُحَمَّد فِي سَبْعَة مخرج مَا يُعْطِيهِ مِنْهُ أَبُو يُوسُف فَيكون الأول سِتَّة وَثَلَاثِينَ وَالثَّانِي خَمْسَة وَثَلَاثِينَ وَسِتَّة وَثَلَاثُونَ ثَلَاث مَرَّات اثْنَا عشر يُعْطِيهِ مُحَمَّد من كل اثنى عشر خَمْسَة فَصَارَت جملَة مَا يُعْطِيهِ مُحَمَّد خَمْسَة عشر من سِتَّة وَثَلَاثِينَ وَخَمْسَة وَثَلَاثُونَ خمس مَرَّات سَبْعَة يُعْطِيهِ أَبُو يُوسُف من كل سَبْعَة ثَلَاثَة وَخمْس مَرَّات ثَلَاثَة خَمْسَة عشر فيعطيه أَبُو يُوسُف خَمْسَة عشر من خَمْسَة وَثَلَاثِينَ وَمُحَمّد من سِتَّة وَثَلَاثِينَ وَخَمْسَة عشر من خَمْسَة وَثَلَاثِينَ أَكثر مِنْهَا من سِتَّة وَثَلَاثِينَ هَكَذَا برهنوا لذَلِك فِي كتبهمْ وَفِي هَذَا نوع تعسير وتكسير والأوضح الأسلم أَن تَقول فَاضْرب مخرج مَا يُعْطِيهِ مِنْهُ أَبُو يُوسُف وَذَلِكَ سَبْعَة فِي مخرج مَا يُعْطِيهِ مِنْهُ مُحَمَّد وَذَلِكَ اثْنَا عشر تصير الْجُمْلَة بعد الضَّرْب أَرْبَعَة وَثَمَانِينَ فأعطه من هَذَا الْمبلغ بعد الضَّرْب بِالطَّرِيقِ الَّذِي ذكرنَا فِي المناسخات لإفراز الْأَنْصِبَاء أَعنِي خُذ ثَلَاثَة واضربها فِيمَا ضربت السَّبْعَة فِيهِ وَذَلِكَ اثْنَا عشر وَثَلَاثَة فِي اثْنَي عشر سِتَّة وَثَلَاثُونَ هَذَا هُوَ الَّذِي يُعْطِيهِ أَبُو يُوسُف من أَرْبَعَة وَثَمَانِينَ ثمَّ اضْرِب خَمْسَة فِي السَّبْعَة الَّتِي ضربت الاثْنَي عشر فِيهَا يصير خَمْسَة وَثَلَاثِينَ هَذَا هُوَ الَّذِي يُعْطِيهِ مُحَمَّد من أَرْبَعَة وَثَمَانِينَ فازداد مَا يُعْطِيهِ أَبُو يُوسُف على مَا يُعْطِيهِ مُحَمَّد هَكَذَا اتَّضَح فِي بعض فكري بتسهيل الله تَعَالَى وبتيسيره وَهُوَ الميسر لكل عسير نعم الْمولى وَنعم النصير هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من فُصُول العمادى وَالله الْهَادِي الى طَرِيق الرشاد الْفَصْل الثَّلَاثُونَ وَهُوَ تَمام الْفُصُول فِي مسَائِل شَتَّى وَفِي النَّوَازِل لأبي اللَّيْث السَّمرقَنْدِي فِي بَاب مسَائِل شَتَّى مُتَفَرِّقَة قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن أَخْبرنِي رجل من أَصْحَابنَا عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه سُئِلَ عَن رجل أَتَى رجلا ايحل لَهُ أَن يتَزَوَّج ابْنَته فَقَالَ سُبْحَانَ الله أَو يكون هَذَا قَالَ نعم فوصفوا لَهُ رجلا مخنثا كَانَ فعل ذَلِك بِهِ فَقَالَ لَا يحرم ذَلِك شَيْئا قَالَ مُحَمَّد وَبِه نَأْخُذ وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِم عَن دارين متلاصقتين فَجعل صَاحب احدى الدَّاريْنِ فِي دَاره إصطبلا وَكَانَ فِي الْقَدِيم مسكنا وَفِي ذَلِك ضَرَر على صَاحب الدَّار الْأُخْرَى هَل لَهُ أَن يمنعهُ عَن ذَلِك أم لَا قَالَ ان كَانَت وُجُوه الدَّوَابّ الى جِدَار دَاره فَلَيْسَ لَهُ أَن يمنعهُ وَإِن كَانَت حوافرها الى الْجِدَار فَلهُ مَنعه وَسُئِلَ الْفَقِيه أَبُو جَعْفَر عَن نواويس بِجنب أَرض رجل فاراد أَن يجرها الى أرضه قَالَ إِن لم يكن

لَهَا قيمَة فَلَا بَأْس وَإِن كَانَ لَهَا قيمَة فَإِن كَانَت من نواويس الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ بِمَنْزِلَة أَرض الْموَات وَإِن كَانَت من نواويس كَانَت بعد الْإِسْلَام فَهُوَ بِمَنْزِلَة اللّقطَة يُبَاع وَيصرف ثمنه الى بعض مصَالح الْمُسلمين وَكَذَلِكَ كل لقطَة يعلم أَنَّهَا كَانَت كَذَا يَنْبَغِي أَن لَا يتَصَدَّق بِهِ وَلَكِن سَبِيلهَا أَن تصرف الى بَيت المَال لنوائب الْمُسلمين وَسُئِلَ عَن رجل قَالَ لامْرَأَته وَفِي يَدهَا قدح من مَاء إِن شربت المَاء فَأَنت طَالِق وَإِن حسبتيه فَأَنت طَالِق وَإِن دفعتيه الى انسان أَو وضعتيه فَأَنت طَالِق قَالَ ترسل فِيهِ ثوبا حَتَّى ينشف المَاء وَسُئِلَ عَن رجل قَالَ لامْرَأَته إِن لم أجامعك على هَذَا الرمْح فَأَنت طَالِق قَالَ ينقب السّقف وَيخرج رَأس الرمْح من السَّطْح قَلِيلا ثمَّ يُجَامِعهَا عَلَيْهِ وَسُئِلَ عَن رجل قَالَ لامْرَأَته إِن كلمتك أَولا فَأَنت طَالِق ثمَّ قَالَت لَهُ امْرَأَته إِن كلمتك أَولا فَعَبْدي حر قَالَ يتَكَلَّم الرجل وَلَا يَحْنَث لِأَنَّهُ قد خرج عَن يَمِينه بِكَلَام الْمَرْأَة وَسُئِلَ عَن رجل قَالَ وَالله لَا أشْرب الْخمر إِلَّا لأجد خيرا من ذَلِك ثمَّ انه شرب الْخمر من غير اضطرار قَالَ يَحْنَث فِي يَمِينه وأخاف عَلَيْهِ الْكفْر بِهَذِهِ الْكَلِمَة وَسُئِلَ أَبُو بكر عَن رجل حلف أَن لَا يَأْكُل هَذَا اللَّحْم فَأَكله غير مطبوخ قَالَ لَا يَحْنَث كَرجل حلف لَا يَأْكُل هَذَا الدَّقِيق فَأَكله على حَاله لم يَحْنَث كَذَلِك وَهَذَا مَا قَالَ الْفَقِيه وَعِنْدِي أَنه يَحْنَث وَسُئِلَ عَن سَكرَان قَالَ لامْرَأَته إِن لم تكن فُلَانَة أوسع دبرا مِنْك فَأَنت طَالِق قَالَ هَذَا شَيْء غير مَفْهُوم وَلَا مَقْدُور على مَعْرفَته فَلَا يَقع فِيهِ الْحِنْث وَسُئِلَ عَن رجل حلف أَن لَا ينَام على الْفراش مَا دَامَ فِي الغربة فَتزَوج امْرَأَة فِي بَلْدَة هَل يجوز لَهُ أَن ينَام على الْفراش قَالَ إِذا تزوج امْرَأَة لَا على نِيَّة أَن يطلقهَا أَو على نِيَّة أَن يطلقهَا أَو لَا نِيَّة أَن يذهب بهَا فقد خرج عَن أَن يكون غَرِيبا وَإِذا تزَوجهَا على أَن يطلقهَا أَو على نِيَّة النقلَة بهَا فَهُوَ يعد غَرِيبا وَسُئِلَ سُفْيَان الثَّوْريّ عَن رجل وهب لرجل ثوبا ثمَّ اختلسه مِنْهُ فاستهلكه قَالَ على الْوَاهِب قِيمَته وَلَيْسَ الارتجاع الا عِنْد القَاضِي قَالَ الْفَقِيه وَهَذَا قَول أَصْحَابنَا وَبِه نَأْخُذ وَلَو وهب لرجل دَرَاهِم ثمَّ استقرضها مِنْهُ فأقرضها جَازَ وَلَيْسَ للْوَاهِب أَن يرجع أبدا لِأَن الْهِبَة صَارَت مستهلكة وَصَارَت دينا على الْوَاهِب وَسُئِلَ نصير بن يحيى عَن الْكسْب فَرِيضَة هُوَ أم لَا قَالَ الْكسْب وَالْعَمَل فَرِيضَة بِمِقْدَار مَا لَا بُد مِنْهُ لِأَن من الْفَرَائِض مَالا يُسْتَطَاع إِلَّا بِأَدَائِهِ كَالصَّلَاةِ لَا تجوز إِلَّا بِالْوضُوءِ فَعَلَيهِ تكلّف المَاء وَطَلَبه ليقيم بِهِ الْفَرِيضَة وَعَلِيهِ أَن لَا يلبس الثِّيَاب لإِقَامَة الصَّلَاة وَلَا يرْتَفع ذَلِك الا بِالْعَمَلِ لِأَنَّهُ لم ينسج النساج ويخيط الْخياط وَلَا يحْتَاج أَن يزرع قبل ذَلِك لسِتَّة أشهر إِلَّا لأجل ذَلِك وَقد جعل الله تَعَالَى أهل الْجنَّة بِلَا مُؤنَة وتكلف وَأما فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ بالتكلف قَالَ الله تَعَالَى لآدَم {فَلَا يخرجنكما من الْجنَّة فتشقى} يَعْنِي بالكد فِي الْمَعيشَة لَا تَأْكُل الا بعرق جبينك وَقَالَ عز وَجل لِمَرْيَم {وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة تساقط عَلَيْك رطبا جنيا} وَقَالَ تَعَالَى {أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} وَقَالَ تَعَالَى {فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض وابتغوا من فضل الله} يَعْنِي الْكسْب وَقَالَ تَعَالَى {وَآخَرُونَ يضْربُونَ فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ من فضل الله}

قَالَ وبلغنا عَن بعض الْعلمَاء أَنه قَالَ لَا يقوم الدّين وَالدُّنْيَا إِلَّا بِأَرْبَع بالعلماء والأمراء وَالْجهَاد وَالْكَسْب وَقَالَ نصير حَدثنَا صَالح بن مُحَمَّد عَن الْمُعَلَّى عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام طلب الْحَلَال جِهَاد وَقَالَ نصير حَدثنَا بعض أَصْحَابنَا عَن عَليّ بن يحيى عَن الشبلي عَن عبَادَة بن كثير عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلب الْحَلَال فَرِيضَة بعد أَدَاء الْفَرَائِض قَالَ وَحدثنَا احْمَد بن يُونُس الربعِي عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ نجارا وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بالبز فَإِن أَبَاكُم كَانَ بزازا يَعْنِي ابراهيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يَقُول يَا معشر العراة ارْفَعُوا رؤوسكم وَاتَّجرُوا فقد وضح الطَّرِيق وَلَا تَكُونُوا عيالا على النَّاس وَقَالَ نصير حَدثنَا يحيى بن الْمُبَارك عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن مَالك بن أنس عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ادخر قوت سنة وَقَالَ نصير سَمِعت شَقِيق بن ابراهيم يَقُول فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَو بسط الله الرزق لِعِبَادِهِ لبغوا فِي الأَرْض} لَو أَن الله تَعَالَى رزق من غير كسب لبغوا فِي الأَرْض وَقَالَ لَو أَن الله تَعَالَى رزق عباده من غير كسب لبغوا فِي الأَرْض وتفاسدوا وَلَكِن شغلهمْ بِالْكَسْبِ حَتَّى لَا يتفرغوا للْفَسَاد وَقَالَ نصير حَدثنَا أَبُو أُمَامَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ كَانَ سُلَيْمَان بن دَاوُد صلوَات الله عَلَيْهِمَا وَسَلَامه يخْطب النَّاس على الْمِنْبَر وَفِي يَده الخوص يعْمل بِهِ فَإِذا فرغ نَاوَلَهُ إنْسَانا وَقَالَ لَهُ اذْهَبْ بِهِ فبعه وَقَالَ نصير حَدثنِي بعض أَصْحَابنَا أَن دَاوُد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يخرج متنكرا ليسأل عَن سيرته فِي مَمْلَكَته فَعرض لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي صُورَة آدَمِيّ فَقَالَ لَهُ دَاوُد يَا فَتى مَا تَقول فِي دَاوُد قَالَ نعم العَبْد هُوَ غير أَن فِيهِ خصْلَة قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ يَأْكُل من بَيت مَال الْمُسلمين وَمَا فِي الْعباد أحب الى الله تَعَالَى من عبد يَأْكُل من كد يَده فَعَاد الى محرابه متضرعا الى الله تَعَالَى يَقُول يَا رب عَلمنِي صَنْعَة بيَدي تغنيني بهَا عَن مَال الْمُسلمين فَعلمه تَعَالَى صَنْعَة الدروع وألان لَهُ الْحَدِيد حَتَّى كَانَ فِي يَده بِمَنْزِلَة الْعَجِين وَكَانَ إِذا فرغ من عمل وَاحِدَة بَاعهَا وعاش هُوَ وَعِيَاله من ثمنهَا وَقَالَ نصير حَدثنِي مكي بن ابراهيم عَن فتح عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ بَلغنِي أَن الْعِبَادَة عشرَة تِسْعَة فِي طلب الْمَعيشَة وَوَاحِدَة فِي الْعِبَادَة قَالَ وَحدثنَا شَدَّاد بن حَكِيم عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن ابراهيم قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ الَّذِي يعْمل بِيَدِهِ أفضل من التَّاجِر والتاجر أفضل من الْجَالِس قَالَ الْفَقِيه وَحدثنَا الثِّقَة عَن أبي الْقَاسِم عَن نصير ابْن يحيى بِهَذِهِ الْأَحَادِيث الَّتِي ذَكرنَاهَا قَالَ الْفَقِيه وَسمعت أبي بكر بِإِسْنَادِهِ عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ رأى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ

كرم الله وَجهه الله جلّ ذكره تَعَالَى عَنهُ نَاسا من أهل الْيمن فَقَالَ مَا أَنْتُم يَا أهل الْيمن قَالُوا نَحن متوكلون على الله تَعَالَى فَقَالَ كَذبْتُمْ بل أَنْتُم متأكلون أَلا أخْبركُم بالمتوكل رجل ألْقى حَبَّة فِي الأَرْض وتوكل على الله تَعَالَى انْتهى هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من كتاب النَّوَازِل للسمرقندي وَالله الْمُوفق الى سَبِيل الرشاد وَعَلِيهِ التَّوَكُّل والاعتماد وَكَانَ الْفَرَاغ من جمعهَا ثَالِث عشرى صفر الْخَيْر سنة 1015 فَلَمَّا يسر الله تَعَالَى بالتمام وَسَأَلته بمنه حسن الختام سميتها غَايَة المرام فِي تَتِمَّة لِسَان الْحُكَّام وَالْحَمْد لله وَحده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم

§1/1