لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ
ابن فهد
مقدمة
مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم ترجمة الحافظ أبي الفضل تقي الدين بن فهد المكي: "ابن فهد" بيت كبير بمكة من رواة الحديث. منهم: والد المترجم "النجم محمد" بن أبي الخير محمد بن عبد الله، وابناه التقي محمد -صاحب الترجمة- وعطية، وابنا أولهما أبو بكر وعمر، وبنو ثانيهما حسن وحسين؛ فأبو بكر له عبد الرحمن وأبو القاسم، ولأبي القاسم عبد الرحمن، وعمر له يحيى وعبد العزيز، ثم لعبد العزيز جار الله -ناسخ الأصول المترجم في آخر الذيول- ويحيى بن عبد الرحمن بن أبي الخير، وابنه عبد القادر، كلهم يعرف بـ"ابن فهد". أما صاحب الترجمة منهم فهو محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن فهد تقي الدين أبو الفضل بن نجم الدين أبي النصر بن جمال الدين أبي الخير ابن العلامة أقضى القضاة جمال الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله الأصفوني، ثم المكي الشافعي العلوي المنتهي نسبه إلى محمد ابن الحنفية نجل سيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. ولد عشية الثلاثاء خامس ربيع الثاني سنة سبع وثمانين وسبعمائة بأصفون من صعيد مصر الأعلى بالقرب من إسنا، وكان والده سافر إليها لاستخلاص جهات موقوفه على أمه خديجة ابنة العلامة نجم الدين بن عبد الرحمن بن يوسف الأصفوني الفقيه الشافعي فتزوج هناك بابنة عم جده لأمة العلامة المذكور وهي فاطمة بنت أحمد بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم القرشية المخزومية فوُلد له منها صاحب الترجمة هناك. ثم انتقل به أبوه في سنة خمس وتسعين إلى بلده مكة فحفظ بها القرآن والعمدة والقنية وألفية النحو والحديث وعرض على جماعة، وسمع الأبناسي والجمال ابن ظهيرة، وحبب إليه هذا الشأن، وأول طلبه سنة أربع وثمانمائة فسمع الكثير من شيوخ بلده والقادمين إليها وكتب عمن دب ودرج فكان ممن سمع عليه ابن صديق والزين المراغي وأبو اليمن الطبري وقريبه الزين الشمس الغراقي والشريف عبد الر حمن الفاسي وأبو الطيب السحولي والجمال عبد الله الفرياني ورقيه بنت يحيى بن مزروع، ولقي باليمن المجد اللغوي صاحب القاموس والموفق علي بن أبي بكر الأزرق وآخرين فسمع منهم وكان دخوله بها مرتين الأولى في سنة 805 والثانية في سنة 816، وأجاز له خلق كثير منهم العراقي والهيثمي وعائشة بنت عبد الهادي. وانتفع في
هذا الشأن بالجمال بن ظهيرة والصلاح خليل الأقفهسي وغيرهما واشتغل بالفقه على ابن ظهيرة والشمي الغراقي وابن سلامة، وأذنا له وكذا الشمس بن الجزري المقرئ في التدريس والإفتاء وسمع من ابن حجر أيضًا لما لقيه بمكة وتميز في هذا الشأن، وعرف العالي والنازل وشارك في فنون الأثر وكتب بخطه الكثير وجمع المجاميع وانتقى وخرج لنفسه ولشيوخه فمن بعدهم، وصار المعول في هذا الشأن ببلاد الحجاز قاطبة عليه وعلى ولده النجم عمر بدون منازع. واجتمع له من الكتب ما لم يكن في وقته عند غيره من أهل بلده، وكثر انتفاع المقيمين والغرباء بها فكان ذلك أعظم قربة لا سيما وقد حبسها لله بعد موته، قال السخاوي: أكثر من المسموع والشيوخ وجدَّ في ذلك وجمع له ولده معجمًا وفهرستًا استفدت منهما كثيرًا ا. هـ. وله مؤلفات عديدة منها "نهاية التقريب وتكميل التهذيب بالتذهيب" جمع فيه بين تهذيب الكمال ومختصرَيْه للذهبي وابن حجر وغيرهما. قال السخاوي: وهو كتاب حافل لو ضم إليه ما عند مغلطاي من الزوائد في مشايخ الراوي والآخذين عنه لم يصل إلى مكة إذ ذاك ا. هـ. ومنها "النور الباهر الساطع من سيرة ذي البرهان القاطع" في السيرة النبوية و"الجُنة بأذكار الكتاب والسنة" و"المطالب السنية العوالي بما لقريش من المفاخر والمعالي" و"بهجة الدماثة بما ورد في فضل المساجد الثلاثة" و"بشرى الورى مما ورد في حرا" و"اقتطاف النور مما ورد في نور" و "الإبانة مما ورد في جعرانة" و"طرق الإصابة بما جاء في الصحابه" و"نخبة العلماء الأتقياء بما جاء في قصص الأنبياء "و"وسيلة الناسك في المناسك" و"الزوائد على حياة الحيوان للدميري" و"تقريب البعيد فيما ورد في يومي العيد" و"غاية القصد والمراد من الأربيعن العالية الإسناد" و"عمدة المنتحل وبلغة المرتحل" تحتوي على أربعين حديثًا من أربعين كتابًا لأربعين إمامًا عن أربعين شيخًا متصلين بأربعين صحابيًّا منهم العشرة والعبادلة على الاختلاف فيهم ورتبهم على حروف الهجاء مع إخراج حديث كل من أصحاب المذاهب الأربعة والكتب السنة مردفة بأحاديث عالية وحكايات وأشعار. ومنها "لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ" وهو الذي نشر ضمن هذا المجموع، وقد أجاد فيه حيث استوفى الكلام في حق المترجمين إلى حد أن تكون مراتبهم في العلم مائلة أمام عين المطالع، وتوسع في ذكر الوفيات ممن وافقوا المترجمين في سنة الوفاة مع العناية بذكر أحوالهم على الاختصار إغناءً عن تطلبها في غير كتابه بل قد لا توجد في غيره، وضبط في كتابه بعض الأسماء والأنساب مما رآه موضع ارتياب، وتفنن في ذكر أسانيد الأحاديث المروية بطريق المترجمين موافقة وبدلًا وعلوًّا مما يهم المشتغلين بالأسانيد وأهل العلم بالحديث، وجلة القول أن ذيل ابن فهد جليل الفوائد غزير الأبحاث غير قاصر نفعه على طائفة دون طائفة. وله غير ذلك.
قال السخاوي: "ولم ينفك عن المطالعة والكتابة والقيام بما يهمه من أمر عاليه واهتمامه بكثرة الطواف والصوم والاستمرار على الشرب من ماء زمزم بحيث يحمله معه إذا خرج من مكة غالبًا، وبرّه بأولاده وأقاربه وذوي رحمه مع سلامة صدره وسرعة بادرته، ورجوعه وكثرة تواضعه وبذل همته مع من يقصده وامتهانه لنفسه وغير ذلك، وتصدى للإسماع فأخذ عنه الناس من سائر الآفاق الكثير وكنت لقيته فحملت عنه بالمجاورة الأولى الكثير وطالع في مجاورتي الثانية كثيرًا من تصانيفي حتى في مرض موته. مات وأنا هناك في صبيحة يوم السبت سابع ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وثمانمائة، وصلّى عليه بعد صلاة العصر عند باب الكعبة ثم دفن بالمعلاة عند مصلب ابن الزبير -رضي الله عنهما- وكنت ممن شهد الصلاة عليه ودفنه والتردد إلى قبره. وقال المقريزي في عقوده في صاحب الترجمة: إنه قرأ عليَّ "الإمتاع" -من أكبر ما ألف في السير للمقريزي- وحصل منه نسخة بخط ولده الفاضل عمر وهما محدثا الحجاز وأرجو أن يبلغ ابنه عمر في هذا العلم مبلغًا عظيمًا لذكائه واعتنائه بالجمع والسماع والقراءة -بارك الله له فيما آتاه" انتهى ما نقله السخاوي عنه، وهو ممن ترجمه الشمس بن طولون بين مشايخ مشايخه الأربعين في كتابه أربعين الأربعين -رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
طبقات لحظ الألحاظ
طبقات لحظ الألحاظ: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. قال الشيخ جار الله بن فهد: أخبرنا الشيخان الحافظان الإمام القدوة شيخ السنة شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي نزيل الحرمين الشريفين والعلامة الرحلة شيخ المحدثين عز الدين أبو فارس عبد العزيز بن عمر بن محمد بن فهد الهاشمي المكي الشافعيان -رحمهما الله تعالى- شفاهًا عن الإمام الحافظ الرحلة تقي الدين أبي الفضل محمد بن النجم محمد بن محمد بن فهد الهاشمي العلوي المكي الهاشمي إذنا إن لم يكن سماعًا ولو لبعضه، فقال: أما بعد حمد الله -سبحانه وتعالى- الواحد القهار وشكره آناء الليل والنهار والإقرار له -جلَّ جلالُه- بالوحدانية في كل الأطوار، ولصفيه سيدنا محمد بالنبوة والرسالة إلى كافة الخلق بجميع الأقطار وصلى الله وسلم عليه صلاةً وسلامًا أرجح بها الفوز بالجنة والنجاة من النار ورضي الله عن آله وعترته وأزواجه وأصحابه السادة الأطهار ومن تبعهم بإحسان من الأئمة الأبرار فهذه تراجم جماعة عدة مقدمًا من مات منهم قبل الآخر بمدة مذيل بهم على ما ذيل له الحافظ أبو المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة العلوي الحسيني الدمشقي الشافعي على طبقات الحفاظ للعلامة الإمام حافظ الأنام أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي الهمام -رحمة الله تعالى ورضوانه عليهما بالغداة والعشي- وسميته "لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ" والله سبحانه وتعالى جل وعلا أسأله التوفيق للصواب والعفو والغفران والتجاوز في الحساب. وقد استدركت على الذهبي اثنتي عشرة ترجمة وعلى السيد الحسيني ثماني غير مبهمة فالأول منهم في الطبقة الخامسة عشرة، والستة بعد في الطبقة العشرين، والخمسة بعدهم في الحادي والعشرين، والثالث عشر في الثانية والعشرين، والخمسة بعده في الثالثة والعشرين، والاثنان بعدهم -وهم الأخيران- في الرابعة والعشرين فرأيت أن أبدأ بهم ثم أسرد ما أذيل به بعدهم والله سبحانه وتعالى أسأل المعونة والإتمام وأن يختم لي بخير في عافية بلا محنة بمنه وكرمه ويدخلني الجنة دار السلام ويعيذني من النار ويغفر لي الآثام، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المصطفى المبعوث إلى جميع الأنام وعلى آله وذريته وأزواجه وأصحابه السادة الكرام ومن تبعهم بإحسان في سائر الليالي والأيام وحسبنا الله وكفى ربنا الملك العلام.
ابن السمرقندي ذكره الحافظ أبو عبد الله الذهبي في كتاب "العبر بأخبار من غبر" فيمن توفي في سنة ست وثلاثين وخمسمائة1 فقال: وإسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث أبو القاسم بن السمرقندي الحافظ ولد بدمشق سنة أربع وخمسين وسمع بها من الخطيب وعبد الدائم بن الهلالي وابن طلاب والكبار، وببغداد من الصريفيني فمن بعده وقال: أبو العلاء الهمذاني: ما أعدل به أحدًا من شيوخ العراق توفي في ذي القعدة انتهى. قلت: وممن سمع منه أبو محمد2 عبد الله بن سبعون3 بن أحمد بن محلي السلمي4 القيرواني وأبو نصر فتوح بن عبد الله الحميدي وأحمد بن محمد بن النقور البزار والقاضي أبو الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم بن الحكاك المكي، روى عنه أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد وأبو حامد عبد الله بن مسلم بن زيد بن جوالق5 النحاس. وفي سنة ست وثلاثين وخمسمائة مات الفقيه الواعظ شرف الإسلام عبد الوهاب بن أبي الفرح عبد الرحمن6 بن محمد الأنصاري الشيرازي ثم الدمشقي الحنبلي في صفر، والمحدث أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر المازري مؤلف "المعلم في شرح مسلم" في شهر ربيع الأول عن ثلاث وثمانين سنة، ومازر بفتح الزاي وكسرها بليدة بجزيرة صقلية، وأمام جامع نيسابور أبو محمد الجبار بن محمد بن أحمد
الخُواري1 الشافعي في شعبان وله إحدى وتسعون سنة، وأبو محمد يحيى بن علي بن الطراح المدير2 في شهر رمضان، وشيخ الصوفية ابن برجان أبو الحكم عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال اللخمي الإفريقي ثم الإشبيلي -شارح أسماء الله تعالى الحسنى- غريقًا بمراكش3 وقُبر بإزاء قبر ابن العريق، وإمام جامع دمشق أبو محمد هبة الله بن طاوس البغدادي -رحمهم الله تعالى. أخبرنا العلامة الحافظ فقيه الحجاز قاضي القضاة أبو حامد محمد بن عبد الله المخزومي سماعًا وسيدي والدي المرحوم نجم الدين أبو النصر محمد بن محمد بن عبد الله بن فهد بن حسن الهاشمي -سقى الله ثراه وجعل الجنة مأواه شفاهًا قالا: أخبرنا الحافظ بها الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل العثماني قال والدي في كتابه: ح وقرأت على القاضي الأصيل الفقيه جلال الدين أبو أحمد جار الله بن صالح بن أحمد الشيباني بقرية أرض خالد من بطن مرو قال والدي أيضًا: وابن ظهيرة أخبرنا أبو عبد الله محمد بن سالم بن إبراهيم الحضرمي قال: والدي كتابة قالا: أخبرنا الحافظ أبو عمرو عثمان بن محمد بن عثمان التوزري قال: أخبرنا عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى ابن خطيب المزة ح وكتب لنا بعلو درجة المعمر أبو الربيع سليمان بن خالد4 الإسكندري منها أن علي بن أحمد المقدسي أخبره في الإذن العام قالا: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر الدارقَزِي5 قال: المقدسي إجازة إن لم يكن سماع قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم
إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الصريفيني وأحمد بن محمد بن أحمد بن النقور البزار قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن إسحاق بن حبان1 قال الصريفيني: تلقينًا2 زاد فقال: وأبو حفص عمر بن إبراهيم الكناني المقري كذلك قالا: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثنا طالوت بن عباد قال: حدثنا فضالة بن جبير3 قال: سمعت أبا أمامة الباهلي -رضي الله عنه- يقول: سمعت سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة: إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا أؤتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، غضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم" ويقع لنا هذا الحديث بهذا العلو متصلا بالسماع فيما سمعته على الحافظ أبي حامد القرشي قال: أخبرنا عمر بن الحسن ومحمد بن أحمد بقراءتي على كل منهما ح وأنبأنا به أعلى من هذا سليمان قالوا: أخبرنا علي قال -شيخنا عمومًا- قال: أخبرنا أبو المعالي بن أبي القاسم والخضر بن كامل وعمر بن محمد وداود بن أحمد قال عمر: أخبرنا أبو الفضل الأرموي زاد عمر فقال: وأبو بكر بن دحروج وأبو غالب بن قريش4 وأبو بكر بن الحاسب وأبو بكر بن شقير 5 ح وقال الخضر: وأبو المعالي أخبرنا أبو الدر ياقوت قالوا: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني قال: حدثنا أبو طاهر المُخلِّص6 املاءً ح وقل الأرموي أخبرنا أبو الحسن ياسين7 قال: أخبرنا
أبو حفص الكناني قال: والمخلص أخبرنا أبو القاسم البغوي فذكره غريب من هذا الوجه قال أبو حاتم: طالوت بن عباد صدوق وقال الذهبي في كتابه: الميزان شيخ معمر لا بأس به، قال ابن الجوزي: ضعفه علماء أهل النقل وتعقبه الذهبي بقوله: وإلى الساعة أفتش فما وقعت بأحد ضعفه وقال -أعني الذهبي فضالة بن جبير- قال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة وقال -أعني الذهبي-: روى عنه طالوت بن عباد ومحمد بن عرعرة وعبد الرزاق بن غياث قال: أبو حاتم لا يحل الاحتجاج به بحال يروي أحاديث لا أصل لها، والله تعالى أعلم. القطب بن القسطلاني 1 محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن الميمون التوزري الأصل المكي الدار القاهري المنزل والوفاة الإمام العلامة الحافظ أبو بكر عمدة السالكين وقدوة الناسكين بقية العلماء العاملين: أحد من جمع العلم والعمل والورع والهيبة نظر في فنون من العلم فبرع فيها وعني بهذا الشأن فحصل جملة بالسماع والإجازة ولد بمكة المشرفة في سن أربع عشرة وستمائة وسمع بها من والده وعلي بن البناء الشهاب السهروردي ولبس منه خرقه التصوف وغيرهم من شيوخها والقادمين إليها، ورحل في سنة تسع وأربعين وستمائة فسمع ببغداد ومصر والشام والجزيزة جمعًا جمًّا من أصحاب ابن عساكر والسلفي وغيرهم، تفقه وأفتى وطلب إلى القاهرة من مكة وتولى بها مشيخة دار الحديث الكاملية، ذكر الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس في أحفظ من لقيه في أجوبته عن مسائل ابن أبيك فقال: فيما كتب به إليَّ. الشيخ المعمرم أبو عبد الله محمد بن حسين2 بن علي القرشي الفَرسيسي3 المصري منها في سنة سبع وثمانمائة4 وشافهتني به المسندة الأصيلة أم محمد رقية ابنة يحيى بن مزروع المدنية بها
في شوال سنة اثنتي عشرة وثمانمائة قال: الفرسيسي -إن لم يكن سماعًا: إنه كان ممن نظر في العلوم فبرع في علائها بحرًا وطلع في سمائها بدرًا وشارك في فروع الفقه وأصوله وخاض في معقول العلم ومنقوله وعني بطلب الحديث أحسن عناية فحصل بالسماع والإجازة على كثير من الرواية، وكلف بالأدب فدرت عليه ديمته وجادت له بما شاء شيمته، ثم أخذ في طرق التصوف والتسلك والتعرف بأرج سلفه الصالح والتمسك فقاضت عليه عوارفها فاجتنى غروسها يانعة واجتلى شموسا طالعة وجمع في ذلك مجموعات وأوضح في مجلسه موضوعات، إلى أن قال: ولي دار الحديث الكاملية فقام بها أحسن قيام ولم يزل معظما عند الخاص والعام متصديًّا لإبلاغ السنن وإسباغ المنن قائما بقضاء الحاج على أحسن منهاج من إرفاد مسترقد وإنجاد مستنجد والتفريج عن مكروب والتعريج على أكرم مطلوب، تلقاه بما شئت من أريحية وسجية سخية باٍد فضلها وطريقة مثلى لم يُرَ مثلها إلى أن تم حمامه وانقطع من الحياة زمامه فقضى وغص بجنازته الفضا، ولم يشهد الناس مثل يومه مشهدًا ولا وردوا كثرة مثل نعيه موردًا، وذلك في ليلة الثامن والعشرين من المحرم سنة ست وثمانين وستمائة، ودفن -رحمة الله تعالى عليه- بسفح المقطم، حضرت جنازته والصلاة عليه انتهى. وفي هذه السنة توفي بمصر قاضي القضاة برهان الدين أبو محمد الخضر بن الحسن بن علي السنجاري الزرزاري الشافعي في صفر، وبدمشق أحد ظرفاء العالم الأديب شرف الدين سليمان بن نتيمان بن أبي الجيش الإربلي الشاعر المشهور في عاشر صفر عن تسعين سنة1 ومسند الوقت عز الدين أبو العز عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن نصر بن الصيقل الحراني في رابع عشر شهر رجب وقد جاوز التسعين، وشهاب الدين أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن حمزة بن علي بن الحُبوبي2 البعلي3 الدمشقي الشاهد في شهر رجب، وبمصر الخطيب4 الحاذق الأديب عماد الدين أبو
عبد الله محمد بن عباس بن أحمد الريفي1 الدنيصري2 في ثامن صفر ومولده ببلبيس3 سنة ست وستمائة، وبدر الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الجياني الدمشقي في ثامن المحرم ولم يتكهل، وجمال الدين أبو صادق محمد بن يحيى بن علي القرشي العطار المصري في شهر ربيع الثاني وله بضع وستون سنة. شافهتني المسندة أم محمد رقية بنت يحيى بن مزروع المدنية بها وكتب إلى المعمر أبو عبد الله محمد بن حسن بن علي القرشي الفَرسيسي المصري منها قالا: أنبأنا الحافظ أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله اليعمري قال: أخبرنا الإمام قطب الدين أبو محمد أحمد القسطلاني قال: أخبرنا المشايخ الحافظ أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج محمد بن علي الحضري4 وابنه أبو عبد الرحمن محمد أبو المحاسن فضل الله وأبو صالح نصر ابنا ابن عبد القادر الجيلي5 وأبو السعادات عبد الله بن عمر بن أحمد بن كرم البُندَنيجي6 بقراءتي عليهم ببغداد سوى الأول والرابع فإجازة قالوا: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن شاقيل7 سماعًا إلا عبد الرحمن فقال -حضورًا في الثالثة- قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن الباقلاني قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن مالك البزار قال: أخبرنا
أبو الأحوص محمد بن الهيثم بن حماد العكبري قال: أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال: سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب" رواه أبو داود في سننه عن أحمد بن إبراهيم عن محمد بن كثير به فوقع لنا بدلًا منه ولله الحمد. أبو اليمن ابن عساكر عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن محمد بن هبة الله ابن عبد الله بن الحسين بن عساكر الإمام العلامة الحافظ الزاهد أمين الدين الدمشقي ثم المكي: مولده في سنة أربع عشرة وستمائة وكان قوي المشاركة في العلوم لطيف الشمائل بديع النظم خيرا صالحا صاحب صدق وتوجه، اعتنى من صغره بالعلم خصوصا الحديث، وأخذ عن جده والحسين الزبيدي والمرفق بن قدامة وغيره وأجاز له جمع منهم عبد الرحيم بن السماني والمؤيد الطوسي وأبو روح الهروي، وله التآليف الحسنة منها الخلق الداثر والمقيم السائر وفضائل أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- وجزء فيه أحاديث عبد الفطر وجزء في فضل شهر رمضان وجزء في فضل حراء، انقطع بمكة المشرفة نحوًا من أربعين سنة ومات بالمدينة الشريفة -على الحالِّ بها أفضل الصلاة والسلام- في جمادى الأولى سنة ست وثمانين وستمائة -رحمه الله تعالى. أخبرنا سيد والدي المرحوم أبو النصر محمد بن أبي الخير محمد بن فهد الهاشمي -رحم الله تعالى مثواه وبلغه من ثواب أعماله الصالحة مأواه: وجمع مشافهة وكتابة عن الإمام أبي العباس أحمد بن علي بن يوسف الحنفي أن الحافظ أبا اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب أنبأه قال: قال قرأت على الشيخ أبي محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي وآخرين بالقاهرة المعزية وأبي العباس أحمد بن عبد الله المقدسي عرف بصاحب البدوي بيت المقدس، وقرأت بعلو درجة على الخطيب أبي بكر بن الحسن الأرموي1، قلت له: أخبرك الخطيب أبو الفتح محمد بن إبراهيم البكري؟ قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب الحسيني وأبو الفضل عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى الموصلي قالوا: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر الدارقَزّي قال الموصلي -وأنا حاضر- قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني قال: أخبرنا أبو طلب محمد بن إبراهيم بن غيلان البزار قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال: أخبرنا محمد بن عبيد الله هو ابن إدريس قال: حدثنا يزيد
قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: "ل اتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي والمسجد الحرام والمسجد الأقصى" 1 حديث صحيح اتفق الشيخان على إخراجه في صحيحيهما ووقع لنا عاليًا ولله الحمد. ابن قريش إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن المخرومي المصري تاج الدين أبو الطاهر الإمام العالم الجليل: كان ذا معرفة وفهم روى عن ابن المُقير2 وجعفر الهمداني وطبقتهما، وصفه الحافظ ابن سيد الناس في أجوبته لابن أيبك لما سأله عن أحفظ من لقي فقال: وممن روينا عنه من أهل هذا الشأن ممن سمع وكتب وجدّ في الطلب، ثم قال: كان ممن حصل الرواية والدراية والإسناد واجتهد في ذلك أي اجتهاد! كتب الكثير بخطة ولا بأس بمقابلته وضبطه وله معرفة بهذا الشأن وتقدم فيه على بعض الأقران، إلى أن قال: كان هذا الشيخ ممن قنع بالكفاف وأنف عن تناول الصدقات والأوقاف له بغلة ملكه غني عن التقلب في طلب الرزق والعنا، لم يزل حلف بيته يفيد السنة والأثر إلى أن مضي لسبيله مشكور السعي محمود الأثر، انتهى -وذلك فجأة- في السابع والعشرين من شهر رجب سنة 694 ودفن بالقرافة -رحمه الله تعالى. ومات في هذه السنة غير من تقدم في ترجمة المحب الطبري الفقيه المحقق الجمال أبو العباس أحمد بن عبد الله الدمشقي في شهر رمضان وله قريب من ستين سنة وكان فقيهًا ذكيًّا مناظرًا بصيرًا بالطب، وأبو القاسم عبد الصمد ابن الخطيب عماد الدين عبد الكريم ابن القاضي جمال الدين بن الحرستاني3 في شهر ربيع الآخر عن خمس وسبعين سنة، وشيخ الأطباء خطيب النيرب مجد الدين أبو محمد عبد الوهاب بن أحمد بن سحنون الحنفي في ذي القعدة، وبمصر أبو الحسن علي بن عثمان بن يحيى الصنهاجي اللمتوني4 الشواء أمين السجن في ذي القعدة وقد جاوز التسعين، وأبو الخطاب محفوظ بن عمر بن أبي بكر بن خليفة بن الحامض5 البغدادي التاجر في يوم الأضحى، وبمكة قاضيها جمال الدين محمد
ابن الحافظ محب الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الطبري الشافعي، وبنابلس قاضيها جمال الدين محمد بن سالم بن يوسف بن صاعد القرشي المقدسي الشافعي في شهر ربيع الآخر وله أربع وسبعون سنة، وبحماة الصاحب جمال الدين أبو غانم محمد بن الصاحب كمال الدين عمر بن أحمد بن العقيلي الكاتب الحلبي في أول أيام التشريق عن ستين سنة1، وباليمن ملكها المظفر يوسف بن المنصور إلياس بن محمد بن سعيد الرسعني الحنبلي -رحمه الله تعالى. الفاروثي أحمد بن إبراهيم بن عمر بن الفرج الواسطي الشافعي المقري الصوفي الإمام العلامة شيخ العراق عز الدين أبو العباس: ولد بفاروث2 في سادس عشر ذي القعدة سنة أربع عشرة وسبعمائة وكان إماما عالما متقنا متضلعا من العلوم والآداب حسن التربية للمريدين، قرأ القرآن على أصحاب ابن الباقلاني وروى عن عمر بن كرم وأبي حفص عمر بن محمد البكري السهروردي ولبس منه الخرقة ومن أبيه وطبقتهما وعن عدة من أصحاب أبي الفتح بن البطي وأبي الوقت وأمثالهما كالإمام أبي طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي وأبي القاسم علي بن أبي الفرج بن الجوزي وأبي الحسن علي بن أبي الفرج بن معالي بن كُبَّة3 البصري وأبي محمد الأنجب ابن أبي السعادات الحمامي وأبي طالب عبد اللطيف بن محمد بن علي بن القبيطي وأبي الخير كاتب يحيى بن سليمان بن أبي البركات الصواف وزهرة بنت محمد بن أحمد بن حاضر، جاور بمكة مدة ثم انتقل منها في سنة إحدى وتسعين إلى دمشق فروى بها الكثير وأقرأ القراآت وولي بها الخطابة بالجامع الأموي مدة ثم صرف عنها فسافر مع الحاج ودخل العراق وأجاز له جمع منهم الشريف أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي وأبو الفضل محمد بن الحسن بن السباك4 وأبو محمد الحسين بن علي بن رئيس الرؤساء وأبو منصور سعيد بن محمد بن تاشين، ذكره الحافظ أبو الفتح محمد بن سيد الناس في من لقيه من الحفاظ فيما أجاب به ابن أبيك قال: ثم دخلت دمشق في حدود سنة تسعين وستمائة فألفيت بها الشيخ الإمام شيخ المشايخ ومن له في كل فضل اليد الطولى والقدم الراسخ، إلى أن قال: كان ممن قرأ القرآن بالحروف وازدحم الناس على القراءة عليه والفوز بما لديه وطلب الحديث قديما ولم يزل لذلك مديما وللسنة النبوية
خديمًا حتى لقد سمعت بقراءته بدمشق على ابن مؤمن وابن الواسطي قطعة كبيرة من المعجم الكبير لأبي القاسم الطبراني وربما قرأت عليه وعلى ابن الواسطي شيئا مما اشتركا فيه من الروايات العراقيات عن عمر بن كرم والسهروردي وأمثالهما ثم قال: ولم يرزق في سماعه القديم حصولًا على الغرض ولا وصولًا إلى العالي بطريق العرض ومع ذلك فكانت عنده فوائد غريبة ومرويات من العوالي كثيرة، إلى أن قال: وكان في التذكير مقدما وبالمواعظ الحسنة مُعلِّمًا تنسلي1 إليه معاني الأدب في مواعظة وغيرها من كل حدب، سجية عراقية تمازج النسيم وتعطر أسحارها من أشجارها على كل شميم يرتجلها كيف يشاء ولا يؤجل الأشياء، ناولته يومًا استدعاء إجازة ليكتب عليه فكتب مرتجلًا: أجزت لهم رواية كل شيء ... سماعا كان لي أو مستجازا وما نُوْوِلْته أيضًا إذا ما ... توخوا في روايته احترازا وما قد قلته نظما ونثرًا ... فقد أضحى الجميع لهم مجازا وكان -رحمه الله تعالى- كبير الإيثار لا يبقى معه درهم ولا دينار، بلغني أن تاجرًا يعرف بابن السويقي كان يبعث إليه كل عام ألف دينار فيفرقها في أيسر زمان ينفقها قبل أن تستقر في الفقراء والإخوان، إلى أن قال: ولم يزل على منهاج ليس له من هاج حتى مضى لسبيله وقضى -ولم يترك مثله في جيله- وذلك في مستهل ذي الحجة سنة أربع وتسعين وستمائة بواسط القصب من أرض العراق -رحمه الله تعالى. أخبرنا الشيخ المسند بدر الدين أبو عبد الله محمد بن حسن بن علي القرشي وشافهتني المسندة أم الخير رقية بنت يحيى بن عبد السلام بطابة2 أن الحافظ أبا القاسم محمد بن محمد بن محمد أباح لهما قال: أخبرنا الإمام أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن عمر الواسطي بقراءتي عليه قال: أخبرنا الإمام أبو حفص عمر بن محمد السهروردي وجماعة سماعا وأبو الفضل محمد بن محمد بن الحسن السباك وغيره إجازة ح وشافهنا عاليًا بدرجة المعمر مسند الآفاق إبراهيم بن محمد أبو إسحاق عن أحمد بن أبي طالب3 سماعًا قال:
أخبرنا ناصر بن مسعود بن قطلو وعدة أذنا أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي البانياسي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت المحبر1 قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي قال: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا أبو خالد عن يزيد بن سنان عن أبي المنذر عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: أحبوا المساكين؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في دعائه: "اللهم أحيني مسكينًا وأمتني مسكينًا واحشرني في زمرة المساكين" أخرجه ابن ماجه في الزهد من سننه عن أبي سعيد الأشج وأبي بكر كليهما عن أبي خالد كما سقنا فوقع لنا موافقة له وبدلًا عاليًا ولله تعالى الحمد والمنة. عز الدين الحسيني نقيب الأشراف أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسيني الحلبي ثم المصري عز الدين أبو القاسم الإمام الحافظ النسابة المفيد: ولد في آخر ليلة العشرين من شوال سنة ست وثلاثين وستمائة وكان ذا فضل وأدب مؤرخًا حافظًا عني بهذا الشأن وبالغ فلقي عدة من أصحاب البوصيري وأكثر عنهم وروى عن فخر القضاة أحمد بن الجباب2، ذكره الذهبي في العبر فقال: الحافظ المؤرخ وقال ابن سيد الناس في أجوبته لمسائل ابن أبيك: السيد الإمام الحافظ النسابة ثم قال: ممن جمع بين التالد والطارف وتفرد من فنون هذا الشأن بمعارف وردت بحره وحاضرته في عنفوان الشبيبة غير مرة، سمع من فخر القضاة ابن الجباب2، إلى أن قال: وحدّث أيضًا عن أبيه وكان ذا قدر نبيه. سمع منه ابن الظاهري وغيره يعرف بتاج الشرعية ثم نال في صناعة الحديث من ذوي الطول حسن الحظ صادق القول ذيل على وفيات شيخه المنذري3 فأجاد وسبق إلى أمد الإحسان سبق الجواد.
ولم يزل للمذاكرة بالعلم متصديًا وللثقة والأمانة متحريًا ولي نقابة السادة الأشراف والنظر على مالهم من الأوقاف، وكان محمود الأثر مشكور الورد والصدر وكان بأنسابهم عالما وبضبط أحوالهم قائما، أخبرني والدي -رحمه الله تعالى- أنه كان جالسًا معهم حين ورد عليه المرسوم بهذه التولية فأنشده ارتجالًا على سبيل التهنئة: أنصف الدهر غاية الإنصاف ... فهنيئا للسادة الأشراف بإمام حوى فنون المعالي ... من بني هاشم بن عبد مناف وذكر لي أبياتًا لم يبقَ على ذهني منها إلا ما أثبته. انتهى. مات في ليلة الثلاثاء السادس من المحرم سنة خمس وتسعين وستمائة وكان الجميع في الصلاة عليه متوافرين ودفن بقرافة سارية رحمه الله تعالى. وفي هذه السنة توفي بالقاهرة في صفر شيخ الفقهاء الحنابلة العلامة الكبير نجم الدين أبو عبد الله أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان الحراني الحنبلي عن اثنتين وتسعين سنة، والمقري أبو الفضائل أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الحسيني الدمشقي خادم المصحف بمشهد علي بن الحسين في ذي الحجة، والشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الهادي1 الصعيدي في أوائل السنة وله ثلاث وثلاثون سنة2، وتاج الدين الحسن بن أحمد بن بندار الهمذاني الصوفي مع الشريف عز الدين في الليلة التي توفي فيها وصلى عليه من الغد، وقاضي الحنابلة الإمام شرف الدين الحسن بن عبد الله ابن الشيخ أبي عمر بن قدامة المقدسي في شوال عن سبع وخمسين سنة، والزاهدة أم محمد زينب بنت علي بن أحمد بن فضل الواسطي في المحرم وقد ناطحت التسعين، والتقي شبيب بن حمدان3 بن شبيب بن حمدان الحراني الكحال الطبيب الشاعر، وسحنون العلامة أبو القاسم عبد
الرحمن بن عبد الحليم بن عمران الأوسي الدكَّالي1 في رابع شوال وقد ناطح الثمانين، وقاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن القاضي الفاضل في شهر رجب مقارنًا للسبعين2، ومحيي الدين عبد الرحيم بن عبد المنعم بن الدميري المصري في المحرم عن تسعين سنة؛ وهو آخر أصحاب الحافظ علي بن المفضل وأبي طالب بن حديد بالسماع، والإمام رضي الدين عبد الله بن محمد بن نصر بن رزين3 في شهر رجب، والكمال أبو محمد عبد الله بن محمد بن نصر بن قوام بن وهب الرصافي ثم الدمشقي فجأة في ذي القعدة عن ثمانين سنة، والقاضي الجلال عبد المنعم بن أبي بكر بن أحمد الأنصاري الشافعي في شهر ربيع الآخر، والفقيه أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سلطان التميمي الحنفي الإمام بمسجد البياطرة في شهر ربيع الأول عن ثلاث وثمانين سنة، والإمام تاج الدين محمد بن عبد السلام بن المطهر بن عبد الله بن أبي سعد بن أبي عصرون التميمي الشافعي وله خمس وثمانون سنة في شهر ربيع الأول، والشيخ شرف الدين محمد بن عبد الملك بن عمر اليونيني، والصاحب العلامة محيي الدين أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن أسد بن النحاس الحلبي عن إحدى وثمانين سنة وشهرين في آخر السنة، وشيخ القراء والصوفية الموفق أبو عبد الله محمد بن أبي العلاء بن علي بن مبارك الأنصاري النصيبي الشافعي في ذي الحجة مقاربًا للتسعين، والشيخ شرف الدين محمود بن أحمد بن محمد المقري، والعلامة زين الدين أبو البركات المنجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي الدمشقي الحنبلي في شعبان وله أربع وستون سنة، والمحدث الوجيه موسى بن محمد المقري4 في جمادى الثانية، وأبو الفتوح نصر الله بن محمد بن
عباس1 بن حامد الصالحي السكاكيني في سلخ شوال عن تسع وسبعين سنة، والعلامة رضي الدين أبو بكر بن عمر بن علي بن سالم القسطنطيني 2 الشافعي في رابع عشر ذي الحجة وله ثمان وثمانون سنة، وأبو الغنائم بن محاسن بن أحمد بن مكارم الحراني عن إحدى وثمانين سنة في ذي الحجة. أخبرنا الشيخ المعمر بدر الدين محمد بن حسن ب علي القرشي ويعرف بالفرسيسي وغيره كتابة عن الإمام الحافظ أبي الفتح محمد بن محمد اليعمري المصري قال: أخبرنا الإمامان الحافظان أبو القاسم أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسيني وأبو العباس أحمد بن محمد الظاهري وغيرهما بقراءتي على كل منهم قالوا: أخبرنا فخر القضاة أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الجباب ح وشافهنا عاليًا بدرجة إبراهيم بن محمد بن إسحاق الصوفي عن أحمد بن أبي طالب الحجار أن جعفر بن علي المقري أنبأه قالوا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: جعفر أذنا إن لم يكن سماعًا قال: أخبرنا أبو مطيع محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز المصري بأصبهان قال: أخبرنا أبو سعيد الحسن بن علي بن سهيل الغزنوي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا أبو خالد الأحمر عن سعيد3 بن طارق عن ربعي عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: "أتى الله عز وجل بعبد من عباد الله جل وعلا أتاه الله عز وجل مالًا فقال له: ماذا عملت في الدينا؟ قال: ولا يكتمون الله حديثًا. قال: يارب آتيتني مالًا فكنت أبايع الناس، وكان من خلقي الخوار 4 فكنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر فقال الله عز وجل: أنا أحق به منك تجاوزوا عن عبدي" 5 فقال عقبة بن عمرو -رضي الله عنه- هكذا سمعناه من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخرجاه في الصحيح ولله الحمد.
الغرّافي علي بن أحمد بن عبد المحسن بن أبي العباس الحسيني الإسكندري السيد الشريف الإمام العلامة تاج الدين أبو الحسن: كان فقيهًا إمامًا عالمًا ثقة مولده بعد العشرين وستمائة1 روى عن جماعة منهم أبو الحسن القطيعي وابن عمار وابن مهروز، تفرد ورحل إليه، قال الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس في أجوبته لمسائل ابن أيبك عن أحفظ من لقي في وصفه: ثم دخلت الإسكندرية وكتبت بها في رحلتي الأولى وما بعدها عن زهاء مائة شيخ لم يكن منهم من يشار بالعلم إليه ويعول في المعرفة عليه إلا السيد الشريف الإمام العالم المحدث المفيد تاج الدين، إلى أن قال: فإنه كان ذا معرفة وإتقان وتقدم بين الأقران له أسانيد عليه ونظر في الفقه وأهلية، كان أبوه تاجرًا فرحل به صغيرًا وأسمعه كثيرًا وحصل له علما غزيرا بنقله من بلد إلى بلد ويسمعه خيار ما وجد عن أعيان ذوي السن والسند لعمري كان أبوه من أهل الاتفاق في الانتقاء والمعرفة بتلك التي ترقيه أعلى مرتقى أسمعه ببغداد وحلب ودمشق ومصر والقاهرة والإسكندرية وغير ذلك من البلاد ولم يفته عوالي الإسناد وأفاد من كل ذلك خيار ما ألفاه هنالك، ثم روى هو بعد ذلك وكتب ولم يخلُ من بعض الطلب وإنما انتفع بإسناده الأول ولم يكن له على غيره معول، كان شيخًا بدار الحديث البهية2 على طريقة من الثقة والعدالة المرضية كتب عنه شيخنا أبو الفتح محمد بن علي القشيري وجماعة من الأكابر. انتهى. وكانت وفاته بالإسكندرية في السابع من ذي الحجة الحرام سنة أربع وسبعمائة وله ست وسبعون سنة. وفيها مات بدمشق المعمر ركن الدين أحمد بن عبد المنعم بن أبي الغنائم الطاووسي كبير الصوفية في جماد الأولى وله مائة وسنتان وأشهر تسعة، وبالمدينة الشريفة -على الحالِّ بها أفضل الصلاة والسلام- سلطانها عز الدين بن جماز بن شيحة العلوي الحسيني وقد أضر وشاخ وبمصر عالمها العلم العراقي عبد الكريم بن علي الأنصاري المصري الشافعي المفسر وله نيف وثمانون سنة، وشيخ المغار3 الضيا عيسى بن أبي محمد عبد الرزاق المغاري في شهر ربيع
الثاني وله ثمانون سنة، وبقاسيون الحاج محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن فضل الواسطي وله ثمانون سنة، وبدمشق كبير الذهبيين التقي أبو عبد الله وأبو الفضل محمد بن يوسف بن يعقوب الإربلي ثم الدمشقي سقط من السلم فمات في غزة رمضان، ومحمد بن الباجربقي ضربت عنقه بكفريات شهد عليه جماعة بها عند المالكي فحكم بقتله وإن تاب1 وبقرية أم عبيدة المعمر شيخ البطايحية تاج الدين بن الرفاعي وله شهرة كبرة وسن عالية. ابن رُشيْد بضم الراء 2 محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن أويس 3 الفهري السبتي الإمام العلامة الحافظ عبد الله عالم الغرب: سمع ببلده ثم ارتحل فسمع في رحلته بالإسكندرية من الشرف محمد بن عبد الخالق بن طرخان جامع الترمذي وبمصر من العز عبد العزيز بن عبد المنعم الحرّاني غالب البخاري بقراءته وباقيه سماعًا بقراءة غيره وغير ذلك عليه وعلى غيره، وبالشام من الفخر بن البخاري وعدة، وبالحجاز مكة والمدينة من جامعة، ذكره الذهبي في العبر فقال: عالم الغرب الحافظ العلامة. انتهى. توفي في المحرم سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وله أربع وستون سنة. وفي هذه السنة مات بدمشق المسن بهاء الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن نوح المقدسي الدمشقي في جمادى الثانية عن اثنتين وثمانين سنة، وبمصر الرئيس تاج الدين أحمد بن علي بن شجاع العباسي4 في جمادى الأولى عن تسع وسبعين سنة، وبالفيوم الخطيب الرئيس مجد الدين أحمد بن أبي بكر الهمداني المالكي صهر الوزير تاج
الدين بن حنا، وبجَوْبر الشيخ مجد الدين إسماعيل بن الحسين بن أبي التائب الأنصاري الكاتب، وبتعز ملك اليمن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن عمر التركماني في ذي الحجة، وبمكة الشيخ نجم الدين عبد الله بن محمد بن محمد الأصبهاني تلميذ الشيخ أبي العباس المرسي في جمادى الثانية وله ثمان وسبعون سنة، ومرو المعمر1 عبد الله بن أبي الطاهر بن محمد خاتمة من سمع من الحافظ الضياء، وبدمشق المسند علاء الدين علي بن يحيى بن علي بن الشاطبي الشروطي الدمشقي في رمضان وله خمس وثمانون سنة، وكبير الحجاب زين الدين كتبغا رأس النوبة، وبمصر المحدث تقي الدين محمد بن عبد الحميد بن محمد الهمداني المهلبي ثم المصري عن نيف وتسعين سنة، وبدمشق الشيخ شمس الدين محمد بن عثمان بن المشرق2 بن رزين الدمشقي الكتاني ثم الخشاب المعمار في ذي الحجة وله اثنتان وتسعون سنة، وشيخ الشعية وقاضيهم3 محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم السكاكيني الهمداني ثم الدمشقي في صفر عن ست وثمانين سنة، وكان لديه فضائل ولم يكن يسب ولا يغلو وله نظم، وبالصالحية مسند الوقت سعد الدين يحيى4 بن محمد بن المقدسي في ذي الحجة عن تسعين سنة وأشهر، وتفرد بإجازة ابن الصلاح. الرضي الطبري 5 إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم
المكي الشافعي شيخ الإسلام رضي الدين أبو إسحاق وأبو أحمد مسند الحجاز وإمام الشافعية بالمسجد الحرام بمقام الخليل عليه الصلاة والسلام: ولد في جمادى الثاينة أو في شهر رجب سنة ست وثلاثين وستمائة، وكان صاحب إخلاص وتأله وذا عناية بالحديث والفقه اختصر شرح السنة للبغوي وخرج لنفسه تساعيات حدث بها وبغالب مسموعاته وتفرد بأشياء سمع ابن الجميزي وشعيبًا الزعفراني وعبد الرحمن بن أبي حرمي والشرف المرسي وجماعة، وأجاز له عدة بمكة والغرباء والواردون إليها وغيرهم، منهم السخاوي وابن المقير وشيخ الحرم بشير التبريزي، روى عنه الحافظ صلاح الدين العلائي وفضّله على كل شيوخه فقال: لم أروِ عن أجل في عيني منه. انتهى. مات بمكة المشرفة بعد صلاة الظهر من نهار السبت الثامن من المحرم أو من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة ودفن في صبيحة الغد يوم الأحد بالمعلاة بعد أن صُلِّيَ عليه بعد صلاة الغداة بالمسجد الحرام -رحمه الله تعالى وإيانا. وفي هذه السنة توفي الزاهد جلال الدين إبراهيم بن محمد بن أحمد بن القلانسي الدمشقي في ذي القعدة وله ثمانون سنة، والمعمرة أم محمد زينب بنت أحمد بن عمر بن سكر1 القدسية في ذي الحجة ولها أربع وتسعون سنة تفردت بأشياء من مسموعاتها كمسند عبد والدارمي والثقفيات، والرئيس زين الدين2 عبد الرحمن بن صالح بن رواحة بن علي بن الحسين بن مظفر بن نصر بن رواحة الأنصاري الحموي الشافعي عن أربعة وتسعين سنة وأشهر، وشمس الدين هبة الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن نوح المقدسي في ذي القعدة عن بضع وخمسين سنة، والمحدث محيي الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن مخلوف بن جماعة بن رجاء الربيعي المالكي في يوم التروية عن ثلاث وتسعين سنة، والصدر الكبير نصير الدين عبد الله ابن الوجيه محمد بن علي بن سويد التكريتي ثم الدمشقي وله نحو السبعين سنة 3، والزاهد المحدث عتيق بن عبد الرحمن بن أبي الفتح اليعميري4 في ذي القعدة، والشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد
الرحمن بن علي البجدي1 في صفر وله بضع وثمانون سنة، والسيد الإمام محيي الدين محمد بن عدنان بن حسن الحسيني الدمشقي وله ثلاث وتسعون سنة، والمسند أبو عبد الله محمد بن المحب علي2 بن أبي الفتح بن السنجاري الدمشقي الموقت في رمضان عن إحدى وثمانين سنة، والعلامة أبوعبد الله محمد بن محمد بن علي بن حريث العبدري البلنسي بمكة في جمادى الثانية وله إحدى وثمانون سنة، والمحدث مجد الدين محمد بن محمد بن علي الصيرفي سبط بن الحُبوبي3 في رمضان عن إحدى وستين سنة. قرأت على الشيخين جمال الدين أبي عبد الله بن أبي بكر بن علي وشهاب الدين أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن أبي نصر4 -شُهر كل منهما بالمرشدي- مجتمعَيْن بالمسجد الحرام والأختين الأصيلتين أم الحسن فاطمة وأم محمد علماء ابنتي الإمام أبي اليمن محمد بن أحمد بن إبراهيم الطبري مجتمعتين بمنزلهما بالسويقة بمكة قالوا: أخبرتنا الأختان الفاطمتان أم الحسن وأم الحسين ابنتا الإمام أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبري مجتمعتين بمنزلهما بالسويقة بمكة قالوا: أخبرنا الطبري ح وشافهني سيدي والدي المرحوم أبو النصر محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم ابن الهاشمي والحافظ أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة المخزومي وغير واحد عن المعمر الفقيه أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد المعطي الأنصاري -قال ابن ظهيرة: سماعًا عليه بقراءتي وقال الآخرون: إجازة إن لم يكن سماعًا- والحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل العثماني والحاكم أبي العباس أحمد بن الرضي إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبري والفقيه أبي عبد الله محمد بن سالم بن إبراهيم بن علي الحضرمي ثم المكي والقاضي تقي الدين أبي اليمن محمد بن أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الحرازي5 والضياء أبي الغنايم محمد بن عبد الله بن
محمد بن أبي المكارم الحموي ثم المكي والعلامة ولي الله عفيف الدين أبي محمد عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان بن ملاح1 اليمني ثم المكي قالوا: أخبرنا الإمام الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبري قال: أخبرنا الشيخ صائن الدين أبو الحسن محمد بن الأنجب البغدادي -قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا الشيخ المعالي عبد المنعمم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي2 إجازة قال: أخبرنا أبو بكر الشِيرُوي3 قال: أخبرنا أبو سعيد الصيرفي قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال: حدثنا محمد بن هشام بن ملاس قال: حدثنا مروان بن معوية الفزاري قال: حدثنا حميد قال: قال أنس -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، قيل: يا رسول الله كيف أنصره ظالمًا؟ قال: "تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه" 4. وأخبرنا عاليًا عن هذا بدرجتين عشاري الإسناد المسند العالم أبو العباس أحمد بن أحمد بن محمد بن ناصر العقبي ثم المحلي5 بقراءتي عليه بها والخطيب أبو الفضل محمد بن أحمد بن ظهيرة المخزومي سماعًا عليه بمنزله بمكة المشرفة أن أبا علي حسن بن أحمد بن هلال الدقاق وأبا حفص عمر بن حسن بن مزيد المزي وأبا عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم المقدسي فيما كتبوا لهما -زاد الثاني فقال: وجمعًا غيرهم- ح وأذن لي بعلو درجة تساعي الإسناد أبو الربيع سليمان بن خالد الإسكندري فيها قالوا: أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي قال شيخنا عمومًا: ح وكتب لنا الحافظ أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي والمسند محمد بن محمد بن محمد الحنفي قالا: وشيخنا أبو الفضل بن ظهيرة أخبرنا أبو الحرم محمد بن محمد بن محمد القلانسي وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن إسماعيل الفارقي قال ابن ظهيرة في كتابهما:
قالا: أخبرتنا دار إقبال1 مونسة خاتون بنت أبي بكر بن أيوب قالت: وأبو الحسن المقدسي أنبأتنا أم هانئ عفيفة بنت أحمد بن عبد الله الفارقانية وأم حبيبة عائشة، زاد المقدسي فقال: وأخوها أبو عبد الله محمد أنبأ الحافظ معمر2 بن عبد الواحد بن الفاخر القرشي وأسعد بن محمد بن خلف العجلي وأبو القاسم عبد الواحد بن القاسم بن الفضل الصيدلاني، وزادت مونسة فقالت: وأسعد بن سعيد بن روح الفاخر وأحمد بن محمد بن أبي نصر قالوا: أخبرتنا أم الفضل فاطمة بنت عبد الله بن أحمد الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الحافظ قال: حدثنا أبو مسلم الأنصاري3 عن حميد عن أنس -رضي الله عنه- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" فقلت: يا رسول الله أنصره مظلومًا فكيف أنصره ظالما؟! قال -عليه الصلاة والسلام: "ترده عن الظلم؛ فإن ذلك نصرة منك له". الدُّقوقي 4 محمود بن علي بن محمود بن مقبل بن سليمان بن داود البغدادي محدثها وحافظها وشيخ المستنصرية بها الإمام تقي الدين أبو الثناء: ولد في بكرة يوم الاثنين السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وستمائة، سمع الكثير بإفادة والده ثم بنفسه غيرهم، روى عن عبد الصمد5 وابن أبي الدم وابن الساعي وغيرهم وكان مقدمًا على أقرانه فردًا في زمانه له المؤلفات الحسنة والتخاريج المفيدة واليد الطولى في الوعظ
والأدب والنظم الرائق والنثر الفائق وكان يجتمع عليه إذا قرأ الحديث خلق لا يحصون يبلغون ألوفًا وكان له جلاله عجيبة وإفادة للغاية. مات -رحمه الله تعالى- في يوم الاثنين العشرين من المحرم سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة ببغداد وكانت جنازته مشهودة حضرها الجم الغفير وحملت على الرؤوس إلى برية الإمام أحمد1 بن حنبل -رضي الله عنه- فدفن بها ولم يخلف شيئًا -رحمه الله وإيانا. وفي هذه السنة توفي الرئيس تاج الدين أحمد بن إدريس بن محمد بن مُزَيْر2 الحموي بحماة في رمضان عن تسعين سنة وشهرين، ومفتي المسلمين الشهاب أحمد بن يحيى بن جميل3 الشافعي بدمشق في جمادى الثانية وله ثلاث وستون سنة، والمعمرة أم محمد أسماء بنت محمد بن سالم بن صصري بدمشق في ذي الحجة عن خمس وتسعين سنة، والإمام الولي القدوة الشيخ علي بن أبي الحسين الواسطي4 الشافعي محرما وله ثمانون سنة، والمحدث شمس الدين محمد بن إبراهيم بن غنائم بن المهندس الصالحي الحنفي5 في شوال عن ثمان وستين سنة. البدر بن جماعة 6 محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن حازم بن صخر الكناني الحموي ثم المصري الشافعي بدر الدين أبو عبد الله شيخ الإسلام وقاضي القضاة
بمصر والشام: ولد في عشية الجمعة الرابع من شهر ربيع الثاني سنة تسع وثلاثين وستمائة بحماة، اشتغل وحصل وشارك في فنون من العلم فتبحر فيها وتميز في التفسير والفقه وعني بالرواية فجمع وصنف واشتهر وبعد صيته، ولي قضاء الإقليمين فحمدت سيرته، روي عن شيخ الشيوخ حضورًا والرشيد العطار وابن عزون وابن أبي اليسر والرضي بن البرهان وابن البخاري وابن مضر1 والنجيب الحراني وخلق سماعًا وأجاز له جماعة منهم ابن سلمة وابن البرادعي ومكي بن غيلان2، وكان ذا دين وتعبد ونزاهة أُضِرّ بآخره فانقطع للعبادة حتى مات في ليلة الاثنين العشرين أو الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة بمصر ودفن بالقرافة عن أربع وتسعين سنة وشهر -رحمه الله تعالى. شافهني سيدي والدي أبو النصر محمد بن محمد بن محمد بن فهد الهاشمي -تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جناته- وقرأت على الحافظ أبي حامد عبد الله بن ظهيرة المخزومي وسمعت على ابن عمه الخطيب أبي الفضل محمد بن أحمد قالوا: أخبرنا الحافظ أبو عمر عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم الشافعي ح وأنبأنا عاليًا بدرجة أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الدمشقي قالا: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمدح بن إبراهيم بن سعد الله الحموي قال الدمشقي كتابة قال: أخبرنا أبو الطاهر إسماعيل بن عبد القوي بن عزون وأخبرنا أبوعبد الله أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية حضورًا ح قال الحافظ أبو عمر: وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحيم المقدسي ح وأباح لنا ابن الرسام3 عن إسحاق بن يحيى الآمدي قالوا: أخبرنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قالا سوى
ابن ساعد إجازة قال الآمدي: إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي زيد بن أحمد1 الكرّاني وأبو جعفر محمد بن إسماعيل بن محمد الطرسوسي قالا: أخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل بن محمد الصيرفي زاد الطرسوسي فقال: وأبو نهشل عبد الصمد بن أحمد بن الفضل العنبري قال: والجوزدانية، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة الضبي ح وقال الصيرفي: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن فادشاه قالا: أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب الحافظ أبو القاسم اللخمي قال: حدثنا محمد بن محمد التمار قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا عكرمة بن همام2 قال: حدثني الهرماس بن زياد -رضي الله عنه- قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا رديف أبي وهو -عليه الصلاة والسلام- على ناقته العضباء يوم الأضحي وأناس حوله فقلت لأبي: ما يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قال: يقول -عليه الصلاة والسلام: "ارموا الجمار بمثل حصي الخذف". الجمال المطري 3 محمد بن أحمد بن محمد بن خلف4 بن عيسى بن عساس بن بدر بن يوسف بن علي بن عثمان الأنصاري السعدي العبادي المدني العلامة أقضى القضاة جمال الدين أبو عبد الله: مولده في سنة إحدى أو ثلاث وسبعين وستمائة وكان إماما له مشاركة وتبحر في فنون من العلم منها الحديث والفقه والتاريخ ولي نيابة القضاء والإمامة والخطابة بالمدينة النبوية -على الحالِّ بها أفضل الصلاة والسلام- وألف لها تاريخا سماه "التعريف بما أنست الهجرة من معالم دار الهجرة" وكان ذا خلق حسن جامعا للفضائل والمحاسن صدرا من الصدور، وكان رئيس المؤذنين بالحرم الشريف النبوي، روي عن أبي اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب بن عساكر والحافظ شرف الدين الدمياطي والتاج علي بن أحمد الغرافي والأمين محمد بن القطب القسطلاني والإمام عفيف الدين عبد السلام بن محمد بن مزروع والشيخ أبي محمد عبد الله بن عمران السكري وأبي المعالي أحمد بن إسحاق بن المؤيد الأبرقوهي وتقي الدين الحسين بن علي بن ظافر بن أبي المنصور المالكي والعز الفارقي، وحدث بالحرمين الشريفين، مات -رحمه الله تعالى- بالمدينة
الشريفة -على الحالِّ بها أفضل الصلاة والسلام- في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ودفن بالبقيع. وفيها مات الإمام برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن هلال الزرعي ثم الدمشقي الحنبلي في سادس عشر من رجب وله بضع وخمسون سنة، وأبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف بن سنان الزرزاري القطبي في سادس من ذي القعدة، وأبو العباس أحمد بن محمد بن أزدمر بن عبد الله بن صاحب الصهيون العزيزي الجريري1 في صفر عن بضع وسبعين سنة والشيخ الزاهد خالد المجاور لدرا الطعم2 كان صاحب كلمة نافذة وحال وكشف، والمعمرة الخيرة أم محمد صفية بنت أحمد بن أحمد بن عبد الله3 المقدسية عن سن عالية، ومحيي الدين عبد القادر بن محمد بن الفخر البعلبكي وله اثنتان وخمسون سنة في شهر رجب، والمعمر بهاء الدين علي بن عيسى بن المظفر بن إلياس بن الشيرجي الدمشقي في ذي القعدة وله ثمان وثمانون سنة، والمعمر بهاء الدين عيسى بن عبد الكريم بن عساكر بن سعد بن أحمد بن مكتوم القيسي بدمشق في ليلة الثلاثاء الحادي عشر من ذي القعدة عن ثلاث وثمانين سنة، والعلامة شمس الدين محمد بن أحمد بن إبراهيم بن حيدرة بن القماح الشافعي في شهر ربيع الثاني وله بضع وثمانون سنة، والشيخ الزاهد أبو عبد الله محمد بن أحمد بن تمام بن حسان المتوفى بصالحية دمشق في ثالث عشر من شهر ربيع الأول وله إحدي وتسعون سنة، والبدر محمد بن أحمد بن خالد بن محمد بن أبي بكر القارقي في العاشر من ذي القعدة، ومحمد بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف أخو الحافظ جمال الدين المزي في شهر رمضان عن بضع وسبعين سنة، والإمام المحدث بدر الدين محمد بن علي بن محمد بن غانم4 الشافعي بدمشق، والمعمر أبو عبد الله
محمد بن علي بن محمود بن الدقوقي وله خمس وسبعون سنة، ومحمد بن عالي بن النجم الدمياطي وله إحدي وتسعون سنة، والملك الناصر أبو الفتح محمد بن قلاوون الصالحي بالقاهرة عن بضع وخمسين سنة، والإمام شمس الدين محمد بن يحيى بن محمد القرشي الكاتب والشيخ وجيه الدين محمد البادسي ببغداد. شافهني المشايخ الثلاثة سيدي والدي أبو النصر محمد بن فهد الهاشمي والحاكمان أبو بكر بن الحسين الأرموي1 وأبو حامد بن عبد الرحمن العبادي2 أن العفيف عبد الله بن محمد بن أحمد الأنصاري أخبرهم قال ابن الحسين: سماعا وقال الآخران: كتابة قال ابن أخيه: إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا أبو محمد بن أحمد السعدي قال: أخبرنا الحافظ أبو اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب بن عساكر قال: قرأت على الإمام أبي محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي بالمعزية في آخرين وأبي العباس أحمد بن عبد الله المقدسي ح وقرأت بعلو درجتين على عبد الله بن الحسين قلت له: أخبرك الخطيب محمد بن محمد بن إبراهيم؟ قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن معمر المكتب قال الموصلي: وأنا حاضر قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد قال: أخبرنا أبو طالب بن محمد البزاز قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الشافعي قال: حدثنا أحمد بن عبد الله هو ابن إدريس قال: حدثنا يزيد قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي والمسجد الحرام والمسجد الأقصي" 3 اتفقا على تصحيحه فأخرجاه في كتابيهما. عُليان 4 علي بن أيوب بن منصور بن وزير بن راشد بن معن بن عبد العالي بن محمد ابن الشيخ إبراهيم الخواص المقدسي علاء الدين أبو الحسن: ولد في سنة بضع وستين وستمائة برع في علم الفقه والعربية واللغة وكان أحد فقهاء الشافعية ومدرس الصلاحية بالقدس الشريف، عني بهذا الشأن فسمع الكتب الكبار المطولة وتفقه بالشيخ تاج
الدين1 وأخذ عن عدة مشايخ منهم ابن اليونيني أبو الحسن علي2 وابن سباع الفزاري عبد الرحمن بن إبراهيم وابن البخاري الفخر علي بن أحمد، روى عنه ابن فضل الله العلامة أحمد بن يحيى ومحمد بن عمر المكي ويحيى بن الرحبي والحسيني محمد بن علي بن الحسن وغيرهم، وكان ثقة عمدة3 اختلط قبل موته بمدة، مات في منتصف رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بالقدس. وفيها مات غير من تقدم في ترجمة الذهبي تقي الدين إبراهيم بن قاسم بن الحميد بن أحمد بن العجمي في ثالث من شعبان، وإبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن خولان الصالحي في ذي الحجة، وإبراهيم بن محمد بن محمد البكري، وأحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي، وأحمد بن سليمان بن عابد الماكسيني في شهر ربيع الثاني، وأحمد بن عبد المؤمن بن خلف الدمياطي في العشرين من شوال، وأحمد بن عمر بن إبراهيم القَيمُري4 الحيري في ذي القعدة، والشيخ نجم الدين أبو الفتح أحمد5 بن العلامة أحمد بن العلامة شمس الدين محمد بن أبي الفتح البعلي ثم الدمشقي بها في تاسع من رجب وكان مولده في سنة سبعين وستمائة، وكان مغفلًا، وبدر الدين أبو علي حسن بن إبراهيم بن أسد بن أبي الفرج بن ذراع اليمني في شهر رجب، وبدر الدين الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن
أبي البركات بن أبي الفوراس بن السديد الإربلي، وعمدة الدين1 عبد العزيز بن الصاحب عز الدين حمزة بن القلانسي في شهر رمضان ودفن بقاسيون، ونجم الدين عبد العزيز بن عبد القادر بن أبي الكرم الربعي البغدادي بالقاهرة في يوم الجمعة عاشر من رمضان، والفقيه الشيخ العارف أبو الحسن علي بن عبد الله بن الطواشي2 اليمني الشافعي شيخ سيدي عبد الله اليافعي كان صاحب أحوال وكرامات، والأمير سيف الدين قلاوون الناصري بحمص، والفقيه الإمام الزاهد الشيخ جمال الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهيبي البصال باليمن لبس منه سيدي الشيخ عبد الله اليافعي خرقة التصوف وأخذ عنه. الوادي آشي 3 محمد بن جابر بن محمد بن القاسم بن حسان القيسي الإمام المقري الحافظ أبو عبد الله: ولد في سنة ثلاث وسبعين وأخذ عن أبيه والدلاصي4 وأبي العباس البطرني وسمع من القاضي أبي العباس بن الغماز وأبي محمد بن هارون وعدة، روى عنه جمع من مشايخنا وغيرهم، قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في طبقات القراء: دخل أقصي المغرب وعبر إلى الأندلس وأقرأ القراآت بتلك البلاد فاشتهر اسمه وكان من مشاهير القراء والمحدثين قرأت عليه التيسر وأفادني أشياء نفيسة وكان تاجرًا نبيلًا مقصودًا حج وجاوز غير مرة وعمل أربعين بلدانية، وذكره شيخنا الحافظ زين الدين العراقي في ذيله على العبر فيمن مات في سنة تسع وأربعين وسبعمائة فقال: وممن توفي ببلاد المغرب الحافظ أبو عبد الله محمد بن جابر بن محمد القيسي الوادي آشي سمع من ابن الغماز وابن هارون وغيرهما، وحدث بمصر والشام والحجاز وبلاد المغرب وكان قد انفرد بالديار المصرية بعلو الموطأ من رواية يحيى بن يحيى ثم سافر إلى بلاد المغرب فمات بها كما قيل في شهر ربيع الأول انتهى. ثم في هذه السنة كان الطاعون العام في عدة بلدان وقع في أثناء صفر وامتد إلى أواخر المحرم من العام القابل فمات فيه أمم لا يحصيهم إلا الله -عز وجل- يقال: إنه مات بالقاهرة ومصر في اليوم الواحد قريب من أحد عشر ألف نفس! وفي دمشق في اليوم أربعمائة نفس! فممن مات من المشهورين غير من تقدم من ترجمة أحمد بن أيبك الدمياطي بدمشق
إبراهيم بن إدريس بن يحيى بن يونس الأردني في شهر رجب، وإبراهيم بن أيوب بن أحمد بن علي بن عثمان مولده في صفر سنة ست وستين وستمائة، وإبراهيم بن حسين بن علي بن محمد بن العماد الكاتب ومولده في سنة تسع وثمانين وستمائة، وبالقاهرة أو مصر العلامة برهان الدين إبراهيم بن عبد الله الحكري، والأديب برهان الدين إبراهيم بن علي بن إبراهيم المعمار، والإمام برهان الدين إبراهيم بن علي بن هبة الله بن علي الدمنهوري سبط الشيخ أبو الحسن الشاذلي، وبدمشق كاتب الحكم بها برهان الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الجزري، وبمصر أو القاهرة العلامة برهان الدين إبراهيم بن لاجين بن عبد الله الرشيدي، وبطريق الحجاز القاضي الإمام جمال الدين إبراهيم العبدلاوي1 وهو متجه إلى الحج، وبدمشق أحمد بن إبراهيم بن عبد العزيز إبراهم رضوان بن إلياس الحنفي في جمادى الأولى ولد في صفر سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وشهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن بن عبد المنعم العطار في شهر رجب، وبالإسكندرية تقي الدين أحمد بن عبد الزراق بن عبد العزيز بن موسى اللخمي الإسكندري، وبالقاهرة أو مصر الإمام تاج الدين أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم القيسي الحنفي، والإمام الرباني علاء الدين أحمد بن عبد المؤمن السبكي ثم النووي2 والإمام أحمد بن مالك ... 3، والإمام شهاب الدين أحمد بن محمد بن جبارة الكندي، والإمام نجم الدين أحمد بن محمد بن عبد العليم الأصفوني4، وبالإسكندرية مسندها شهاب الدين أحمد بن محمد بن فتوح التجيبي الإسكندري، وبمصر أو القاهرة الشيخ الإمام فقيه القاهرة والإسكندرية شهاب الدين أحمد بن محمد بن قيس الأنصاري، وبالإسكندية أو دمياط وهو الظاهر أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن أبي القاسم بن عبد الله الصقلي، وبالإسكندرية أحد الشعراء المفلقين الأديب العلامة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن مسعود بن ممدود الضرير، وبالقاهرة أو مصر المحدث شهاب الدين أحمد بن يحيى بن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن عساكر، وبدمشق نائب
الخطابة بها الإمام شهاب الدين أحمد بن يوسف بن داود بن الحسن بن الحسين بن كابوره مولده في سنة ست وتسعين وسبعمائة1، والمقري الصيت أحمد بن الرقام، والأديب أحمد سميكة، وبمصر أو القاهرة الإمام شهاب الدين أحمد الشاذلي البندقداري، والإمام الرباني أحمد بن الميلق الإسكندري الغافقي، وبدمشق إسماعيل بن إبراهيم بن أبي بكر بن إبراهيم الجزري في جمادى الثانية، وبالقاهرة أو بمصر إمام خانقاه سرياقوس الشيخ عماد الدين إسماعيل بن المقري العجمي، وبدمشق التاجر الكبير شمس الدين أفريدون العجمي واقف الأفريدونية، وبالقاهرة أو مصر الإمام كمال الدين جعفر بن تغلب2 بن جعفر بن علي الأدفوي الشافعي، والشيخ الإمام نجم الدين حسين بن الزنكلوني، وأوحد الفضلاء المحدثين حمزة بن أحمد بن عمر الهكاري، وبحلب الإمام صدر الدين سليمان بن عبد الحكيم3 المالكي، وبمصر أو القاهرة القاضي علم الدين صالح بن عبد القوي الأسنائي، وتقي الدين صالح بن أبي بكر بن إبراهيم بن أبي بكر السنجاري القرشي وقيل بالإسكندرية، والمحدث المفيد شرف الدين صالح القيمري، وبدمشق عبد الرحمن بن الحافظ أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المزي في يوم الأحد سابع عشري جمادى الأولى ومولده في ويوم عيد الفطر سنة سبع وثمانين وستمائة، وبمصر أو القاهرة الشيخ المسند زين الدين عبد الرحمن بن عبد الحميد بن محمد4 بن عبد الهادي المقدسي، وأحد فضلاء الحنفية الإمام عز الدين عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الفرات5 والفقيه سعد الدين عبد الرحيم بن علي بن عثمان بن التركماني، وأخوه أحد الفضلاء الإمام العالم عز الدين بن عبد العزيز6، وبدمشق خطيبها تاج الدين عبد الكريم.
ابن القاضي جلال الدين القزويني، وبالقاهرة أو مصر الإمام الرباني أبو محمد عبد الله بن سليمان المنوفي المالكي، وبالإسكندرية جمال الدين عبد الله بن أحمد بن هبة الله بن البوري، وأحد فضلاء الشافعية الإمام بدر الدين عبد الله بن محمد بن عبد العزيز الميموني، وبدمشق رئيس المؤذنين بالجامع الأموي فخر الدين عثمان بن عمر بن عثمان الحرستاني في شهر ربيع الأول وله اثنتان وثمانون سنة، وعلاء الدين علي بن إبراهيم بن فلاح الإسكندري، وبالإسكندرية الشريف تقي الدين علي بن أحمد بن أحمد أبي الحسن علي بن عبد الله الشاذلي ومولده في ثالث عشر من جمادى الأولى سنة ست وسبعين وستمائة، وبمصر أو القاهرة أحد الفضلاء الشيخ نور الدين علي بن الحسن بن علي التفهني، والإمام نور الدين علي بن سبيب الحنفي، وبالإسكندرية جلال الدين علي بن عبد الوهاب بن حسن بن إسماعيل بن مظفر بن الفرات الجريري بضم الجيم، وبالقاهرة أو مصر أحد فضلاء الشافعية الإمام علي بن محمد بن محمد الأخنائي الشافعي، وبحلب زاهدها الشيخ علي نبهان، وبمصر أو القاهرة الشيخ الإمام علاء الدين علي بن يوسف بن أحمد بن عبد الدائم الحنفي، وبدمشق الشيخ الواعظ ركن الدين عمر بن الشيخ ناصر الدين محمد بن الشيخ إبراهيم بن معضاد الجعبري، وبالقاهرة أو مصر شيخ خانقاه سعيد السعداء الشيخ سراج الدين عمر بن الصفدي، وبالإسكندرية ست التجار فاطمة بنت محمد بن أبي القاسم بن عبد الله الصقلي، وبحلب مدرس الناصرية فرج الإردبيلي الشافعي شارح منهاجي النواوي والبيضاوي، وبمصر أو القاهرة الشيخ زين الدين محمد بن ظهير القليوبي، والعلامة الرباني شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد المؤمن بن اللبان الأسعردي ولد في سنة تسع وسبعين وستمائة، وشيخ الشافعية محمد بن أحمد بن عثمان بن عدلان، وبدمشق عماد الدين أبو المعالي محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن عمر الشيرازي الدمشقي في شعبان وله تسع
وستون سنة، والصدر النيل شمس الدين محمد بن أحمد بن محمد بن أبي العزم الحراني ثم الدمشقي عرف بابن العناب ومولده في سنة أربع وسبعين وستمائة، وبالقاهرة أو مصر أحد الأعلام الشيخ عماد الدين محمد بن إسحاق البلبيسي، والإمام الرباني شمس الدين محمد بن صديق بن عتيق الحُسباني1 الشافعي، والإمام شمس الدين محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم الأسيوطي2 والد العلامة إبراهيم، والعلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن الصائغ الأموي، وعز الدين محمد بن عبد المحسن بن عبد اللطيف بن رزين، وبدمشق محتسب الصالحية شمس الدين محمد بن عبد الهادي المقدسي، وبالإسكندرية تاج الدين محمد بن عثمان بن عمر بن كامل البلبيسي الكارمي في ليلة الثامن والعشرين من صفر، وبمصر أوالقاهرة الإمام المحدث عماد الدين محمد بن علي بن جرير3 الدمياطي، والقاضي شمس الدين محمد بن عيسى بن دقيق العيد4، والعلامة بدر الدين محمد بن قاسم 5 بن عبد الله بن علي المرادي المصري المالكي ويعرف بابن أم قاسم شارح الألفية، والقاضي زين الدين محمد بن الحارث بن مسكين الزهري، والإمام بهاء الدين محمد بن محمد بن حمويه الضرير، وبالإسكندرية قاضيها شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عطاء الله المالكي الإسكندري، وعز
الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن يوسف بن حسن بن عثمان بن علي بن منصور التميمي وبحلب الإمام بدر الدين محمد بن محمد بن الصائغ الشافعي، وبالقاهرة أو مصر الإمام الفقيه المحدث محمد بن محمد بن أبي بكر بن العطار العسقلاني، وشاهد الخزانة القاضي جلال الدين محمد بن محمد علاء الدين الجوجري1 وعمه ناظر الخزانة تقي الدين محمد علاء الدين، وشيخ الحنابلة بدر الدين محمد بن عبد الله2 بن أبي الفرج بن أبي الحسن بن أبي إسرائيل بن وليد بن الحباب الحنبلي، وابن قاضي بِبَا3 الإمام تقي الدين محمد بن الببائي، والأديب شمس الدين محمد بن الفوية4، وبالإسكندرية زاهدها أبو البركات محمد بن أبي عبد الله بن موسى المالكي الفاسي الإسكندري، وبدمشق شمس الدين محمد بن الصلاح الشهرزوري مدرس القيمرية، والمقري الصيت شمس الدين محمد الطحان، والمقري الصيت الرئيس شمس الدين محمد البكتمري، ومن الفقراء الشيخ محمد الفيومي، والشيخ محمد القصار، ومن الوعاظ الشيخ محمد الزركشي الشافعي، وبمصر أو القاهرة العلامة شمس الدين محمود بن أبي القاسم بن أحمد5 بن محمد بن أبي بكر بن علي الأصفهاني، وبها ولد في سنة أربع وسبعين وستمائة في شعبان، والإمام سعد الدين مسعود بن الميموني أحد فقهاء الشافعية، وبدمشق أخت ابن الخباز6 نفيسة بنت إبراهيم بن سالم بن
ركاب الأنصارية في جمادى الثانية، والواعظ الشيخ يوسف بن مساور، وبالقاهرة أو مصر الإمام المقري جمال الدين يوسف بن عمر بن موسى النحوي العباسي1، وأبو بكر بن قاسم بن أبي بكر الرحبي ومولده في شهر ربيع الأول سنة ست وسبعين وستمائة، وأبو بكر بن يوسف بن أحمد بن عبد الدائم الحلبي، والشيخ الإمام السبكي المقري شارح مختصر ابن الحاجب، والعلامة الفوسابادي، وأحد فضلاء الشافعية الإمام جمال الدين الخطيب الأبناسي، وشيخ خانقاه أقبغا جمال الدين الملطي، وبحلب الفقيه العلامة زين الدين بن الوردي، وبمصر أو القاهرة أحد فقهاء المصريين سديد الدين الأقفاصي2 وخليفة الحكم القاضي شرف الدين ابن بنت أبي سعيد3، وشيخ الخانقاه البيبرسية الإمام شرف الدين الواسطي، وشيخ الشيوخ بدر الدين ... 3 شيخ الخانقاه الناصرية بسرياقوس، وعالم الأطباء بالقاهرة الشيخ شمس الدين بن الأكفاني4، وإمام الجامع الأزهري الشيخ عز الدين الحراني، وبدمشق القاضي الإمام عز الدين بن الأقصرائي الحنفي، وبالقاهرة أو مصر إمام جامع المارداني قوام الدين الكاكي، وبالجامع الأزهر الشيخ قوام الدين الكرماني5، وخليفة الحكم بالجامع الصالحي القاضي نجم الدين القزويني الحنفي. أخبرن الإمام العلامة برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن أيوب الأبناسي قراءة عليه وأنا أسمع بالمسجد الحرام قدم علينا في ذي القعدة من سنة إحدي وثمانمائة قال: أخبرنا الحافظ أبوعبد الله محمد بن جابر القيسي قال: أخبرنا محمد عبد الله بن هارون الطائي قال: أخبرنا أبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الحق الخزرجي6 قالا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفرج مولي ابن الطلاع
قال: أخبرنا أبو الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث الصفار قال: أخبرنا أبو عيسى يحيى بن عبد الله الليثي قال: أخبرنا عم أبي أبو مروان عبيد الله بن يحيى قال: أخبرنا أبي يحيى بن يحيى قال: أخبرنا الإمام مالك بن أنس الأصبحي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى أحدكم فليطول ما شاء" 1. وقرأته عاليا بدرجتين على الإمام أبي الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري الشافعي بالمسجد الحرام، قدم علينا في سنة ثلاث وعشرين قلت له: أخبرك الرئيس أبو عبد الله محمد بن موسى بن سليمان الأنصاري ح وأنبأنا عاليا عن هذا بدرجة المعمر أبو الربيع سليمان بن خالد الإسكندري منها قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن البخاري أحمد بن عبد الواحد المقدسي قال شيخنا في إذنه العام قال: أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي وأبو حفص عمر بن محمد بن معمر الدارقزي قالا: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماشي2 البزار وأنا حاضر قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم عن عبد الله بن مسلم الكجي قال: حدثنا القعنبي -يعني عبد الله بن مسلمه- قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن أبي الوليد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إذا أممتم الناس فخففوا؛ فإن فيهم الكبير والصغير والضعيف" صحيح رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، وأبو دادود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة ثلاثتهم عن مالك به فوقع لنا بدل منهم في روايتنا الأولى ووقع لنا عاليًا من روايتنا الثانية، ولله الحمد والمنة. ابن التركماني 3 علي بن عثمان بن إبراهيم بن مصطفى المارديني الحنفي قاضي القضاة الإمام العلامة الحافظ علاء الدين: سمع من خلائق منهم الأبرقوهي والدمياطي وابن القسم4 وابن الصواف وشهاب المحسني، ولي قضاء الحنفية بالديار المصرية ودرس بعدة تداريس لجماعة الحنفية روى عنه شخينا الحافظ أبو الفضل العراقي5 سمع عليه صحيح
البخاري، وله تآليف حسنة مفيدة منها "تخريج أحاديث الهداية" و"الدر النقي في الرد على البيهقي" وكتاب في علوم الحديث اختصر فيه كتاب ابن الصلاح اختصارًا حسنًا مستوفًى، ذكره شيخنا زين الدين العراقي في ذيله على ذيل العبر للذهبي فيمن توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة1 فقال: وشيخنا الإمام العلامة الحافظ قاضي القضاة علاء الدين علي بن مصطفى بن عثمان التركماني وذكر له ترجمة -رحمة الله تعالى. أبو الفتح بن المحب 2 أحمد بن عبد الله بن أحمد الإمام الحافظ شهاب الدين أبو الفتح: ذكره الحافظ أبو المحاسن الحسيني في ذيله على ذيل العبر الذهبي فيمن توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة فقال: والحافظ شهاب الدين أبو الفتح أحمد ابن شيخنا المحب عبد الله بن أحمد بن المحب المقدسي حدث عن عيسى المطعم وغيره3. ابن الواني 4 عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد الحنفي الإمام الحافظ المفيد شرف الدين مدرس العلمية: ذكره الإمام أبو المحاسن الحسيني فيمن مات سنة تسع وأربيعن وسبعمائة فيما ذيل به على العبر للذهبي وذكره في ذيله على طبقات الحفاظ في ترجمة أحمد بن أيبك الدمياطي فيمن توفي معه في العام فقال: والحافظ شرف الدين عبد الله ابن الحافظ أمين الدين محمد بن إبراهيم الواني الحنفي شابًّا حدثنا عن عيسى المعطم وغيره. ابن البابا أحمد بن أبي الفرج بن البابا شهاب الدين الشافعي 5 الإمام العلامة الحافظ
شهاب الدين: سمع على جماع منهم الحافظ أبو محمد الدمياطي وقاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد وأبو المعالي محمد بن إسحاق الأبرقوهي1، كان جامعًا لعلوم شتى منها الحديث والفقه والأصول والكلام والنحو والطب والموسيقى، كتب بخطه المليح وقرأ وأفاد ودرس بقية بيبرس درس الحديث لجماعة المحدثين، وتصدر بأماكن منها الجامع الأزهر وحدث، قرأ عليه شيخنا الحافظ أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي الإلمام لابن دقيق العبد إلا يسيرا من آخره، وذكره في ذيله على ذيل العبر للذهبي فيمن مات في سنة تسع وأربعين وسبعمائة فقال: والشيخ الإمام العلامة الحافظ شهاب الدين أحمد بن أبي الفرج بن البابا الشافعي أحد العلماء الأعلام في العشر الأخر من شوال وذكر له ترجمة. الزيلعي 2 عبد الله بن يوسف بن محمد بن أيوب بن موسى الحنفي الفقية الإمام الحافظ جمال الدين: ولد في ... 3 وتفقه وبرع وأدام النظر والاشتغال وطلب الحديث واعتنى به فانتقى وخرج وألف وجمع وسمع على جماعة من أصحاب النجيب الحراني ومن بعدهم كالشهاب أحمد بن محمد بن فتوح التجيبي مسند الإسكندرية والشهاب أحمد بن محمد بن قيس الأنصاري فقيه القاهرة والإسكندرية والشمس محمد بن أحمد بن عثمان بن عدلان شيخ الشافعية وشهاب الدين أحمد بن محمد بن فتوح التجيبي وجلال الدين أبو الفتوح علي بن عبد الوهاب بن حسن بن إسماعيل بن مظفر بن الفرات الجريري بضم الجيم وتقي الدين بن عبد الرزاق بن عبد العزيز بن موسى اللخمي الإسكندري وتاج الدين محمد بن عثمان بن عمر بن كامل البلبيسي الكارمي الإسكندري وجمال الدين عبد الله بن أحمد بن هبة الله بن البوري الإسكندري، وله المؤلفات4 الحسنة منها تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري وتخريج أحاديث الهداية في مذهبه، وكانت وفاته -رحمه الله تعالى- في اليوم الحادي عشر من المحرم الحرام سنة اثنتين وستين وسبعمائة. وفيها مات بمصر موفق الدين أحمد بن أحمد بن عبد المحسن بن الرفعة بن أبي المجد
العلوي1 قال ابن رافع: ورد كتاب أبي من مصر في جمادى الأولى بموته، قال شيخنا الحافظ ولي الدين أبو زرعة: ولا أعرف هذا المذكور والذي أعرفه علي بن أحمد بن أحمد بن أحمد2 وقد ذكر والدي وفاته في سنة ... 3 انتهى، وأحمد بن سُنقر بن عبد الله الجندي في أوائلها، وبمكة المسند شهاب الدين أحمد بن عبد الله الشريفي المكي أحد الفراشين بالمسجد الحرام في ليلة الثالث من شوال، وبدمشق الزاهد المعمر أبو العباس أحمد الزرعي4 الحنبلي في المحرم وكان أمَّارًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر قوي النفس في ذلك أبطل مظالم وفيه إقدام على الملوك والسلاطين وكان يتكلم في الفراسة تفقه على التقي ابن تيمية وصحبه زمانًا، وبالقاهرة الشيخة أم أحمد أسماء ابنة الإمام المحدث شرف الدين يعقوب بن أحمد بن يعقوب بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الصابوني، وبمكة أميرها الشريف ثقبة بن رُميثة بن أبي نمي5 الحسني، وبالقاهرة الحجيج المعمار الصالحي مهندس السلطان بالقاهرة، ونقيب الأشراف بالديار المصرية الشريف شهاب الدين أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين ويعرف بأبي الركب بضم الراء المهملة وفتح الكاف الحسني6 الشافعي في سادس عشر من شعبان عن أربع وستين سنة، وزينب ابنة المحدث شمس الدين محمد بن إبراهيم بن غنائم بن المهندس في المحرم، وبمظاهر دمشق
الشيخة الصالحة أم محمد عائشة1 بنت نصر الله بن أبي محمد بن محمد السلامي في ليلة الأربعاء ثالث عشري شهر ربيع الثاني، وبدمشق أحد وكلاء الحكم بها عبد الرحمن بن رزق الله بن عبد الرحمن بن رزق الله الرسعني الدمشقي في ليلة الأربعاء الثاني أو الثالث من جمادى الأولى، وبالقاهرة صدر الدين عبد الكريم بن علي بن إسماعيل القونوي ومولده بدمشق في سنة تسع وعشرين وسبعمائة، ومدرس الحديث بخانقاه وشيخه والخطيب بجامعه الشيخ جمال الدين عبد الله الزولي الحنفي في حادي عشر من المحرم على ما ذكره شيخنا الحافظ ولي الدين أبو زرعة العراقي وعلى ما ذكره والده شيخنا الحافظ زين الدين أبو الفضل في ذي الحجة من السنة بعدها2 سنة إحدى وستين، وبحلب كان الحكم بها تاج الدين عبد الوهاب بن العز إبراهيم بن صالح بن هاشم بن العجمي الحلبي وله بضع وخمسون سنة، ونقيب العلويين بحلب الشريف علاء الدين علي بن حمزة بن علي بن الحسن بن زهرة الحسيني، وبالقاهرة القاضي المحدث علاء الدين المسند السيد أبو بكر بن السيف الحراني بالمارستان المنصوري، والمسند الأصل الشيخ شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الوهاب بن أبي القاسم خلف بن أبي الثناء محمود ابن بنت الأعز، والعلامي3 بتخفيف اللام نسبة إلى قبيلة من لخم في يوم الخميس4 من عشري شهر ربيع الثاني، وببلبيس أو سرياقوس من ضواحي القاهرة الشريف جمال الدين محمد بن الشرف أحمد بن يعقوب أو فضل5 بن طرخان الجعفري الزينبي في شهر ربيع الأول وبه بضع وخمسون سنة، وبحماة الأديب شمس الدين محمد بن علي بن أبي طرطور6 الغزي عن سبع وسبعين سنة، وبدمشق الرئيس شمس الدين محمد بن عيسى بن عبد الوهاب7 ابن قاضي شهبة، والصدر الكبير عماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الكريم شُهر بابن الزملكاني الأنصاري الدمشقي، والمعمر أبو عبد الله بن أبي بكر بن خليل بن محمد الأعزازي
الصالحي بها عن سن عالية كذا وذكره شيخنا الحافظ أبو الفضل. وفاته1 في ذي الحجة من السنة قبلها سنة إحدى وستين، والكاتب المجود الأديب شمس الدين محمد بن الوزان، وبالمعرة القاضي شرف الدين موسى بن سنان بن مسعود بن شبل الجعفري السلمي وله نيف وستون سنة، وبالقدس الشيخ الصالح محيي الدين أبو زكريا يحيى بن عمر بن الذكي بن عمر بن أبي القاسم الكركي2 الشافعي في العشر الأول من ذي القعدة، ومولده في سنة تسع وتسعين وستمائة، وبالقاهرة الشيخ الصالح الفاضل ... 3 بن المجد المالكي في صفر بالمدرسة الصالحية. مغلطاي 4 بن قليج بن عبد الله البَكْجَري 5 علاء الدين أبو عبد الله الإمام العلامة الحافظ المحدث المشهور: مولده فيما ذكره الحافظ تقي الدين بن رافع في سنة تسعين وفيما ذكره الصلاح الصفدي بعد التسعين وستمائة، وسأله شيخنا الحافظ زين الدين العراقي عن مولده فقال له: إنه في سنة تسع وثمانين وأنه أجاز له الفخر بن البخاري قال شيخنا: فذكرت ذلك لشيخنا العلامة تقي الدين السبكي فاستبعده وقال: إنه عرض عليّ كفاية المتحفظ سنة خمس عشرة وهو أمرد بغير لحية. انتهى. وكان أبوه في صباه يرسله ليرمي بالنشاب فيخالفه ويذهب إلى حلق أهل العلم لا سيما الأنساب فلم يكن يتقن من متعلقات الحديث خيرًا منها وله بما عداها معرفة متوسطة وعني بهذا الشأن فقرأ بنفسه وأكثر جدًّا وكان جلُّ طلبه في العشر الثاني بعد السبعمائة فأكثر من شيوخ هذا العصر وسمع جماعة منهم التاج أحمد بن دقيق العيد والواني والحسن بن عمر الكردي والخُتني66 وابن الطباخ وابن قريش
والدبوسي والحجار1 وعبد الرحمن المنشاوي، قال شيخنا الحافظ أبو الفضل العراقي: سألته عن أول سماعه فقال: دخلت بعد السبعمائة إلى الشام فقلت له: فماذا سمعت إذًا ذاك؟ قال: سمعت شعرًا فقلت له: فأول سماعك للحديث متى؟ فسكت فلقنته في سنة خمس عشرة؟ فقال: نعم ثم ادعى أنه سمع عن علي بن أبي الحسين الصواف راوي النسائي المتوفى سنة 12 فسألته كيف سمعت عليه؟ فقال: سمعت عليه أربيعن حديثًا انتقاء نور الدين الهاشمي من النسائي فحصلت عندي فيه وقفة، ثم بعد مدة أخرج جزءًا منتقًى من النسائي بخطة ليس عليه طبقة ألبتة لا بخط غيره ولا بخطه وذكر أنه قرأه بنفسه على ابن الصواف سنة اثنتي عشرة فقويت الوقفة. انتهى. وكان أول سماعه الصحيح للحديث في سنة سبع عشرة وسبعمائة غير أنه ادعى السماع من جماعة قدماء ماتوا قبل هذا كالدمياطي وابن دقيق العيد وابن الصواف ووزيرة بنت المنجا، وتكلم فيه الجهابذة من الحفاظ لأجل ذلك ببراهين واضحة قد تقدم بعضها، فالله تعالى يغفر لنا وله2، وقد خرج لنفسه جزءًا عنهم وعن غيرهم وذكر فيه أنه سمع الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد يقول بدرس الكاملية سنة اثنتين وسبعمائة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" 3 قال شيخنا الحافظ زين الدين العراقي: فذكرت ذلك لشيخنا العلامة تقي الدين السبكي فاستبعد ذلك جدًّا وقال: إن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد ضعف من أواخر سنة إحدى وسبعمائة ولم يحضر درسًا في
سنة اثنتين ولم يكن بالكاملية وإنما خرج إلى بستان خارج باب الخرق1 فأقام به إلى أن توفي في أوائل صفر سنة اثنتين وسبعمائة، ثم سألت عن ذلك تاج الدين عبد الرزاق شاهد الخزانة وكان مخصوصًا بخدمة الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد فذكر نحو ذلك وأن الشيخ أقام ضعيفًا مدة شهرين أو أكثر إلى أن توفي بالبستان، وقد تكلم الحافظ صلاح الدين العلائي على هذا الجزء في جزء لطيف أنكر فيه سماعه على جماعة ممن ادعى أنه سمعه عليه، سمعه منه شيخنا الحافظ أبو الفضل العراقي، قال -أعني العراقي: وذكر لي أنه وجد سماعا له على الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد لحديث مسند فسألته من أي كتاب؟ فقال لي: من سنن أبي مسلم الكشي، قلت له: فالطبقة بخط من؟ قال: بخط الشيخ تقي الدين نفسه، فسألته أن أقف على ذلك، فتعلل بأن النسخة في بيت الكتب الأسفل بالظاهرية فتحينته إلى أن وجدته في بيت الكتب المذكور فدخلت إليه فسألته أن أقف على سنن أبي مسلم الذي عليه سماعه على الشيخ فتغير وقال لي: ليس هو هنا فغلب على ظني أن ما ادّعاه من السماع عله لا أصل له، فالله يغفر له ويسامحه، ثم رأيت في تركته نسخة من سنن أبي مسلم وقد سمع شيئًا منه على الشيخ تقي الدين بن دقيق العبد2 وليس له فيها سماع على ابن دقيق العيد ألبتة، والله تعالى أعلم. انتهى، وانتقى وخرج وأفاد وكتب الطباق وتخرج بالحافظ أبي الفتح ابن سيد الناس3 وله عدة تآليف مفيدة في الحديث واللغة وغير ذلك منها "شرح البخاري" في عشرين مجلدًا وسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- مختصرة وزوائد ابن حبان على الصحيحين مجلد وترتيبه -أعني صحيح ابن حبان- وكتاب ذيل به على تهذيب الكمال للمزي 4 وفيه فوائد غير أن فيه تعصبًا كثيرًا في أربعة عشر مجلدًا ثم اختصره في مجلدين مقتصرًا فيه على المواضع التي زعم أن الحافظ المزي غلط فيها وأكبر ما غلطه فيه لا يرد عليه وفي بعضه كان الغلط منه هو فيها، ثم اختصر المختصر في مجلد لطيف وذيل على المشتبه لابن نقطة وكذا على كتاب الضعفاء لابن الجوزي وعلى كتاب ليس في اللغة وعلى كتابي الصابوني وابن سليم في المؤتلف والمختلف ووضع شيئًا على الروض الأنف للسهيلي سماه "الزهر
الباسم" وكتاب في الأحكام مما اتفق عليه الأئمة الستة وكتاب في ترتيب الوهم والإيهام لابن القطان وقد تقدمه في ذلك صدر الدين بن المرحل وكتاب ... 1 وله شرح على سنن أبي دواد لم يكمل وكذا على طائفة من سنن ابن ماجه و"الواضح المبين في ذكر من استشهد من المحبين" فحصل له بسببه محنة2 عُزِّرَ واعتقل فيها ومنع أهل سوق الكتب من بيعه، وكان يحفظ كفاية المحتفظ والفصيح لثعلب وله اتساع في نقل اللغة وفي الاطلاع على طرق الحديث، وكان دائم الاشتغال منجمعًا عن الناس، وقد ولي التدريس بأماكن منها الظاهرية وليها بعد شيخه ابن سيد الناس وجامع القلعة والمدرسة الصرغتمشية والجامع الصالحي وقبة خانقاه بيبرس والمدرسة المجدية بالشارع والمدرسة النجمية، قال الحافظ تقي الدين ابن رافع: طلب الحديث وقرأ قليلًا وجمع السيرة النبوية وقال الصلاح الصفدي: كان جامد الحركة كثير المطالعة والدأب والكتابة وعنده كتب كثيرة جدًّا ولم يزل يدأب ويكتب إلى أن مات في شعبان في سنة اثنتين وستين وسبعمائة. انتهى. وذلك في يوم الثلاثاء الرابع والعشرين في المهدية خارج باب زويلة من القاهرة بحارة حلب ودفن بالزيدانية وتقدم في الصلاة عليه القاضي عز الدين بن جماعة. أخبرنا الإمامان العلامتان الحافظان عمدة الحفاظ أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي المصريان في كتابيهما منها أن الحافظ أبا عبد الله مغلطاي بن قليج عبد الله البكجري الحنفي أخبرهما سماعًا عليه بقراءة الأول في يوم الخمسين رابع عشر من صفر سنة أربع وخمسين وسبعمائة في منزله بجوار المدرسة الظاهرية من القاهرة قال: أخبرنا الإمام تاج الدين أبو العباس أحمد3 بن علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القُشيري سماعًا عليه في يوم الاثنين الأول من شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة وسبعمائة بالمدرسة الكاملية من القاهرة المعزية ح أخبرنا بعلو درجة الشيخ الصالح الإمام أمين الدين أبو اليمن محمد بن أحمد بن إبراهيم الطبري سماعا عليه في يوم الثلاثاء العشرين من شهر ... 4 وثمانمائة بمكة
المشرفة في منزله من السويقة. إن أبا زكريا يحيى بن يوسف بن ... 1 "ومحمد بن أحمد المصري"2 قالا: أخبرنا الإمام أبو الحسن علي بن هبة الله بن سلامة اللخمي قال ابن المصري: أذنًا وقال الآخر: سماعًا في يوم الأحد الثاني عشر من شوال سنة خمس وأربعين وستمائة بالمشهد ظاهر مدينة قوص قال: أخبرنا الفقيه أبو طالب أحمد بن المسلم بن رجاء اللخمي بقراءتي عليه بالإسكندرية سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الأزجي3 العدل قراءة عليه قال: أخبرنا الشيخ أبو محمد بن عبد أحمد بن عيسى السعدي بمصر قال: أخبرنا أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثنا كامل بن طلحة أبو يحيى الجحدري قال: حدثنا عباد بن عبد الصمد قال: حدثنا راعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أخبرني رسول الله -صلى عليه وسلم- قال: "بَخٍ بَخٍ بخمس ما أثقلهن في الميزان" قلت: وما هي يا رسول الله؟ قال: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والولد الصالح يُتوفى يحتسبه والداه" أخرجه النسائي في اليوم والليلة من سننه الكبرى عن عمرو بن عثمان الحمصي وعيسى بن مساور البغدادي كلاهما عن الوليد بن مسلم عن عبد الله بن العلاء بن زبر كلاهما عن أبي سلام عن أبي سلمى وهو راعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدلف واسمه حريث -رضي الله عنه- فوقع لنا عاليًا فيما رويناه من طرق النسائي بدرجتين من طريق النسائي بدرجتين عن طريقنا الثانية، ولله تعالى الحمد والمنة.
الطبقة الخامسة والعشرون
الطبقة الخامسة والعشرون ... ومن هنا أوائل الطبقة الخامسة والعشرين: العفيف المطري1 عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن خليف بن عيسى بن عساس بن يوسف بن بدر بن علي بن عثمان الأنصاري السعدي العبادي الإمام العلامة الحافظ عفيف الدين أبو السيادة رئيس المؤذنين بالحرم الشريف النبوي: ولد في رابع عشر من شوال سنة ثمان وتسعين وستمائة بالمدينة النبوية، اشتغل وحصل وطلب الحديث فاعتني به وبالتواريخ فحصل منها جملة صالحة، سمع بعدة بلاد منها مكة على الفخر التوزري والرضي الطبري وغيرهما، وبالمدينة الشريفة على جماعة منهم أبوه وبدمشق على أبي بكر بن الشيرازي والقاسم بن عساكر والحجار وعدة وببيت المقدس على جمع منهم زينب بنت سكر، وبمصر على علي بن يوسف الختني2 وأبي الحسن الواني ويونس الدبوسي وغيرهم وببغداد على جمع، وحدث وسمع منه جماعة من الفضلاء منهم شيخنا أبو بكر بن الحسين وسمع من شيخنا الحافظ أبوعبد الله الذهبي وانتقى عليه جزءًا من مروياته وذكره في معجمه فقال: له فهم وذكاء ورحلة ولقاء وأفادني أشياء حسنة مهمة وذكره أيضًا في المعجم المختص فقال: العالم الفاضل المحدث ارتحل في سماع الحديث إلى الحرم ومصر والشام وبغداد وكتب وحصل أفادني أشياء حسنة سمعت منه وانتقيت له جزءًا، امتحن في سنة اثنتين وأربيعن وسبعمائة ونُهبت دارة وأخذ منها ما يبلغ مائة ألف درهم فيما قيل وحبس ثم أطلق ولطف الله تعالى به وقتل خصمه، وقال شيخنا الحافظم أبو زرعة بن العراقي: طلب الحديث وعني به وبالتورايخ وحصل منها جملة صالحة وإنه من أهل الصلاح والتقوى وكرم النفس والإحسان إلى الخلق والإيثار وتلقي أهل الصلاح الواردين إلى المدينة على أتم الوجوه. انتهى3. توفي
في شهر ربيع الأول سنة خمس وستين وسبعمائة رحمه الله تعالى1. وفيها مات بدمشق ظهير الدين إبراهيم بن علي بن محمد الجزري في المحرم، والشرف الإمام مجد الدين أبو العباس أحمد بن الحسن بن علي بن خليفة الحسيني التاجر في ليلة الأربعاء رابع عشري شهر رمضان ومولده في سنة إحدى وتسعين وستمائة، وبحلب الأمير شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر بن العديم الحلبي وله بضع وستون سنة، والأمير شهاب الدين أحمد بن يعقوب بن عبد الكريم الحلبي2 وكان له نظم حسن، وبدمشق المسند المعمر إسماعيل بن أبي بكر بن أحمد الحراني ثم الدمشقي المشهور بابن سيف في يوم الخميس ثاني جمادى الثانية، وبحلب الأديب عز الدين أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن العباسي شُهر بابن البناء وله نحو من تسعين سنة، وبدمشق الشيخة ست الفقهاء ابنة أحمد بن محمد بن علي العباسي الأصبهاني في شعبان، وبالقاهرة طولوباي الناصريةزوج السلطان حسن ثم الأمير يلبغا، وبدمنهور المحدث علم الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن نصر الله بن أبي القاسم بن عبد الله بن محمد بن طلايع بن القاسم الكناني الدمنهوري في أواخر المحرم، وشيخ قاسيون الإمام شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي الصالحي الحنبلي3 في يوم الخميس الثاني في جمادى الثانية، بحماة قاضيها نجم الدين عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله البارزي الحموي4، وبالمدينة النبوية -على الحالّ بها أفضل الصلاة والسلام- الإمام أبو محمد عبد السلام بن سعيد بن عبد الغالب القيرواني في المحرم وببغداد الشيخ الأديب جمال الدين أبو أحمد عبد الصمد بن إبراهيم بن خليل البغدادي ويعرف بابن الحصري5 في رمضان، وبالقاهرة القاضي صلاح الدين عبد الله بن عبد الله بن إبراهيم عرف بابن البُرُلْسي6.
المالكي في ليلة السبت خامس عشري صفر ومولده في سنة تسع وتسعين وستمائة، وبدمشق الشريف أبو بكر عبد المنعم بن محمد بن محمد الحسني في ثالث عشر جمادى الثانية ومولده في سنة أربع وثمانين وستمائه، وبداريا1 أبو عمرو عثمان بن نصر الداراني في رجب، والشيخ عز الدين أبو عمرو عثمان بن الأنباري في مستهل جمادى الأولى، وبالنيرب من غوطة دمشق المسند أبو حفص عمر بن محمد بن أبي بكر بن أبي النور الشحطبي في ليلة الجمعة خامس عشري شوال، وبالمدينة الشريفة -على الحالّ بها أفضل الصلاة والسلام- الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد العزيز شُهر بحده الجبرتي2 ثم المدني كان مباشرا بالحرم النبوي ثم جعل به ناظرا، وبظاهر دمشق المسند ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن أزبك الخازندار الحنفي3 في يوم الثلاثاء تاسع عشر من رجب، وبالقاهرة القاضي تاج الدين محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن السلمي المناوي في سادس من ربيع الثاني، وبسفح قاسيون الأصيل عز الدين أبو المفاخر محمد بن سالم بن أبي الدرر عبد الرحمن الدمشقي في ثاني عشري صفر، وبالإسكندرية ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي عمرو الإسكندري ناصر الدين أبو المحرم، وبدمشق بدر الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن مظفر الهمذاني ثم الدمشقي في ليلة الخميس سابع شوال، وبالصالحية الشيخ أمين الدين محمد بن عبد القادر بن بركات بن أبي الفضل البعلي الصالحي في يوم الجمعة تاسع عشري شهر رجب، وبالقاهرة القاضي شمس الدين محمد بن عبد المعطي بن سالم عرف بابن السبع الشافعي، وبطرابلس الشيخ محب الدين محمد بن علي بن مسعود عرف بابن الملاح الطرابلسي.
الشافعي، وببيت الآبار1 الخطيب شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عمر بن عبد الله بن عمر الآباري في ليلة الاثنين مستهل شهر رمضان وله سبعون سنة، وبالقاهرة المسند المكثر فتح الدين أبو الحرم محمد بن محمد بن أبي الحرم بن أبي طالب بن عبد الجبار القلانسي الحنبلي في ليلة الرابع من جمادى الأولى ومولده في العشر الأخير من ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين وستمائة، والشيخ الصالح محمد بن وفا الشاذلي صاحب الأتباع والمعتقدين في العشر الأخير من ربيع الثاني، وبسفح قاسيون الإمام نور الدين محمد بن أبي بكر بن عمر بن أبي بكر 2 بن قوام البالسي3 الصالحي في سلخ ربيع الآخر أو مستهل جمادى الأولى ومولده في سنة سبع عشرة وسبعمائة. أخبرنا سيدي والدي أبو النصر محمد بن محمد بن العلوي -رحمة الله تعالى عليه- مشافهة والإمام العلامة شمس الدين محمد بن محمود بن محمد بن عمر بن فخر الدين الخوارزمي الحنفي أنه لم يكن سماعًا وغير واحد قالوا: أخبرنا أبو السعادة عبد الله بن محمد بن أحمد الأنصاري ح وأخبرنا عاليًا بدرجة إبراهيم بن محمد بن أبي بكر المؤذن قالا: أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب الدمشقي بها قال: المؤذن وأنا حاضر، زاد الأنصاري فقال: والمعمرة أم محمد زينب بنت أحمد بن سكر ببيت المقدس. قالا: أخبرنا عبد الله بن عمر الحريمي4 قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا العلاء بن موسى الباهلي قال: حدثنا الليث بن سعد بن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه" 5.
الشهاب المقدسي 1 أبو محمود أحمد بن محمد بن إبراهيم بن هلال بن تميم بن سرور المقدسي الإمام الحافظ شهاب الدين: ولد في سنة أربع عشرة وسبعمائة، وسمع الكثير من أصحب ابن عبد الدائم وابن علاق والنجيب والطبقة وعني بهذا الشأن فجمع وضبط وبرع ورحل وأفاد ودرس بعد العلائي بالتنكزية وحدث، وسمع منه جماعة من الفضلاء، ذكره الذهبي في معجمه المختص فقال: الإمام المحدث طالب مفيد سريع القراءة سمع الكثير وقرأ كتبًا بالقدس ومصر ودمشق، قرأ عليَّ كتاب ابن ماجه وقال شيخنا الحافظ أبو زرعة: أخذ عن والدي بالقاهرة وله عشرون سنة2 في سنة خمس وأربعين وسبعمائة. انتهى. توفي في بيت المقدس في سنة خمس وستين وسبعمائة3. كتب إلى الإمام المحدث برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن إبراهيم المقدسي قال: أخبرنا أبو الحافظ أبو محمود ح وشاقهنا بعلو درجة القاضي أبو الخير محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد المكي بها قالا: أخبرنا المقري أبو العباس أحمد بن علي بن حسن الحنبلي قال شيخنا كتابة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الهادي بن يوسف سماعًا عليه في الرابعة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو سعد الحسين بن الحسن العائذي وأبو مسلم عبد الرحمن بن عمر السمعاني ومحمد بن عبد الملك وأبو الحسن المبارك بن عبد الجبار بن الطيوري قالوا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب العباداني قال: حدثنا علي بن حرب الطائي قال: حدثنا سفيان -يعني ابن عيينة- ووكيع قال: حدثنا وقال ابن عيينة: عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله -عز وجل- لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلماء فإذا لم يبقَ عالم اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسُئِلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" 4 حديث صحيح متواتر عن هشام بن عروة رواه عنه جمع كثير يبلغ ستمائة فيما حكاه بعضهم، والله سبحانه وتعالى أعلم. أبو المحاسن الحسيني 5 محمد بن علي بن الحسن بن حمزة بن محمد بن
ناصر بن علي بن الحسين بن إسماعيل بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الدمشقي الشافعي شمس الدين أبو المحاسن: مولده في شعبان سنة خمس عشرة وسبعمائة وسمع من جماعة من الأعيان منهم محمد بن أبي بكر بن عبد الدائم ومحمد وزينب ولدا إسماعيل بن إبراهيم الخباز والمزي والذهبي وعدة من أصحاب ابن عبد الدائم وغيره منهم أبو الفتح الميدومي وأحمد بن علي الجزري وزينب بنت الكمال وخلق يجمعم معجمه الذي خرجه لنفسه، وكان رضي النفس حسن الأخلاق من الثقات الأثبات إمامًا مؤرخا- حافظًا له قدر كبير طلب بنفسه فقرأ وبرع وتميز وحفظ وأفاد وكتب بخطه الكثير وخرج وانتقى، وجمعت له مؤلفات حسنة مطولة ومختصرة منها "العرف الذكي في النسب الزكي" و"الاكتفاء في الضعفاء" و"الإلمام في دخول الحمام" وأسامي رجال الكتب الستة، ومسند الإمام أحمد، وذيل على العبر للذهبي وكذا على طبقات الحفاظ له واختصر الأطراف للمزي1؛ وكان شاهد المواريث بدمشق، ذكره الذهبي في معجمه المختص وأثنى عليه، مات -رحمه الله تعالى- بدمشق في يوم الأحد سلخ شعبان أو مستهل شهر رمضان المعظم قدره سنة خمس وستين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون. ابن المجد 2 محمد بن محمد بن عيسى بن محمود بن عبد الضيف بن أبي عبد الله الأنصاري الشافعي البعلبكي قاضيها وابن قاضيها تقي الدين أبو الفضل: ولد في شهر رجب سنة إحدى وسبعمائة، دأب واجتهد في الطلب وكان من العلماء الراسخين والأئمة الحفاظ المعتبرين وتفقه وبرع وتميز وأفتى ودرس، وولي قضاء طرابلس وحمص وبعلبك، وعبر إلى بغداد ومصر تاجرًا، روى عن محمد بن شرف وعيسى المطعم والقاضي سليمان وأبي بكر بن عبد الدائم وإسماعيل بن مكتوم ووزيرة، وجمع، وخرج له بعض الطلبة مشيخة، روى عنه الحافظ أبو المحاسن الحسيني وأبو محمد بن الشرايحي والعماد إسماعيل بن بردس وجماعة، توفي ببعلبك في ثالث عشر أو سابع عشر من المحرم سنة ثمان وستين وسبعمائة. وفيها مات بدمشق الإمام معين الدين سليمان بن علي بن أحمد بن القونوي الحنفي في ليلة الاثنين الثالث عشر من ذي القعدة، وبالقاهرة الإمام نجم الدين عبد
الجليل بن سالم بن عبد الرحمن الرويسوني1 -وهي من أعمال نابلس- الحنبلي في شهر ربيع الأول، والشيخ سراج الدين عبد اللطيف بن محمد بن عبد الباقي شُهر بابن الشامية له تسع وستون سنة، وبمكة الإمام العارف شيخ الوقت صاحب الأحوال والكرامات عفيف الدين أبو السيادة وأبو محمد عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان بن فلاح اليافعي اليمني المكي الشافعي2 في ليلة الأحد والعشرين من جمادى الآخرة ومولده تقريبًا في سنة ثمان وتسعين وستمائة ببلاد اليمن، وبحماة قاضيها أمين الدين عبد الوهاب بن أحمد بن وهبان الدمشقي الحنفي عن نحو من أربعين سنة، وبدمشق المحدث الزاهد نور الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن علي شُهر بالبناء المصري في ليلة الأربعاء ثالث شوال، وبالقاهرة الشيخ الصالح أبو الحسن علي الدميري في العشرين من المحرم، والقاضي شرف الدين عيسى بن الزنكلوني الشافعي في سابع عشري شهر رمضان وكان مُعَمَّرًا ولد في سنة ثلاث وثمانين وستمائة والعلامة إمام أهل الأدب جمال الدين أبو بكر محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن صالح بن علي بن يحيى بن طاهر بن محمد بن الخطيب أبي يحيى عبد الرحيم بن نباتة الفارقي الجزامي3 المصري بالبيمارستان المنصوري في ليلة الثلاثاء محمد بن عبد الله شهر بابن المهتار الدمشقي في ليلة الجمعة ثالث ذي القعدة، والشيخ عز الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن سعد الله بن أبي محمد بن محمد السلام بن عمر الحافظ تقي الدين بظاهر دمشق في يوم الأربعاء الرابع عشر من ذي الحجة، وبالقاهرة الأمير الكبير سيف الدين يلبغا الخاصكي مقتولًا في يوم الأربعاء الثاني من ربيع الثاني، وبالقرافة من مصر الشيخ يوسف بن عبد الله بن عمر بن علي بن
خضر الكردي شهر بالعجمي وبالكُوراني1 في يوم الأحد النصف من جمادى الأولى وفخر الدين الزويغة2 وزيز يلبغا السابق ذكره في العشر الأخير من جمادى الآخرة بعد عقوبة شديدة، وبحلب القاضي جمال الدين أبو بكر بن عمر بن عبد العزيز بن أبي جرادة الحلبي الحنفي في المحرم وله نيف وستون سنة، وبوادي الأخضر على مرحلتين من تبوك الشيخ الصالح أبو الحسن بن محمد بن إبراهيم الدمشقي البياني القطان في سابع المحرم، وببغداد الإمام محيي الدين محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن حماد بن ثابت بن العاقولي البغدادي الشافعي في رابع عشري شهر رمضان وأم عبد الرحيم بنت السلطان الملك العاقولي الناصر محمد بن قلاوون زوج الأمير منكلي بغا الفخري. أبو ذر بن الخطيب 3 محمد بن محمد بن عبد الرحيم بن عبد الوهاب بن علي بن أحمد بن عقيل السلمي البعلبكي الإمام الحافظ تقي الدين: ولد في سنة تسع وسبعمائة، وكان إمامًا متفننًا ذا عربية ولغة كاتبًا مع صلاح ودين، سليم القلب حسن المعاشرة حدث عن جماعة منهم والده4 وأبو بكر بن عنترة وأبو العباس الحجار وأسماء بنت صصري وسمع من المزي والذهبي وجمع من المحدثين، ناب في الحكم ببلده وخطب بجامعها وكتب الكثير بخطه المنسوب، مات ببعلبك في يوم الجمعة السابع من ذي القعدة الحرام سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة ودفن بمقبرة باب سطحا. وفيها توفي بنابلس المسند المعمر برهان الدين إبراهيم بن عبد الله بن أحمد الزيباوي النابلسي في رجب أو شعبان، وبالقاهرة برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم بن العراقي في رجب ومولده في العشر الأخير من شهر رمضان سنة تسع وأربيعن وسبعمائة، وبصالحية دمشق الفاضل الأصيل شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن عمر بن عوض شهر بابن
المحب1 المقدسي الصالحي في ليلة الاثنين مستهل رجب ومولده في سنة أربع وتسعين وستمائة، وبثغر الإسكندرية شهاب الدين أحمد بن محمد عرف بابن نبيه العمري الحنفي في رجب أو شعبان وقد قارب السبعين وفي أيام منى العدل شهاب الدين أحمد بن يحيى بن إسحاق شهر بابن قاضي زرع الشيباني الدمشقي، وبدمشق الأمير سيف الدين جرجي في ليلة الأحد سلخ صفر، وبالقاهرة الإمام بدر الدين حسن بن محمد بن صالح القدسي النابلسي الحنفي2 في شهر جمادى الثانية، وبدمشق الشيخ رضي الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن عرف بابن الرحبي الدمشقي الحنفي في يوم الثلاثاء سادس المحرم، وبالقاهرة شيخ الشافعية العلامة جمال الدين أبو محمد عبد الرحيم بن الحسين3 بن علي بن عمر بن علي بن إبراهيم الأموي الإسنوي الشافعي في ليلة الأحد الثاني عشر من جمادى الأولى، وبدمشق الشيخ جمال الدين عبد الله بن عمر بن عامر بن الخضر بن ربيع المشهور بابن قاضي الكرك العامري الغزي الشافعي وله نيف وخمسون سنة، وبالصالحية المدرس الأصيل فخر الدين أبو عمر وعثمان بن عبد الكريم يحيى بن محمد بن علي المعروف بابن المزكي القرمسي الدمشقي في ليلة الأربعاء الرابع عشر من ربيع الأول، وبظاهر دمشق المسند أبو الحسن علي بن إسماعيل بن العباس بن قريش4 البعلبكي في ليلة عيد الفطر، وبالصالحية المسند الأصيل أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن عبد الرحمن بن مؤمن5 الصوري ثم الصالحي في العشر الأخير من جمادى الثانية، وبالمدينة النبوية القاضي نور الدين أبوالحسن علي بن يوسف بن الحسن بن محمد بن محمود الزرندي الحنفي في السابع من ذي الحجة وبالقاهرة نائب السلطنة بها الأمير علاء الدين على المارديني الناصري وله بضع وستون سنة، والشيخ سراج الدين أبو حفص عمر بن الحسن بن محمد بن عبد العزيز عرف بابن الفرات وله ست وثمانون سنة، وبالصالحية الخطيب شرف الدين قاسم بن محمد بن غازي.
شُهر بابن الحجازي التركماني الصالحي في يوم الأحد الثالث والعشرين من صفر، وبحلب الشيخ الجليل نور الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن بشر الحراني ثم الحلبي في سابع عشر المحرم ومولده في سنة ست وسبعمائة، وبدمشق المسند المعمر شمس الدين محمد بن حمد بن عبد المنعم بن حمد بن البيع الحراني ثم الدمشقي في العشر الأوسط ويقال: في النصف من شهر ربيع الآخر، وببيت لِهْيا1 من نواحي دمشق الخطيب شمس الدين محمد بن عبد الله بن مالك بن مكنون العجلوني في ليلة الأحد الثامن عشر من جمادى الأولى، وبدمشق الإمام بدر الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن إبراهيم المشهور بابن الكردي الدمشقي الشافعي في يوم الثلاثاء الحادي عشر من شهر رمضان، والشيخة وسناء بنت "عبد الرحمن المقدسي" في سابع عشر جمادى الأولى، وبظاهر دمشق نقيب المتعممين شرف الدين أبو بكر بن عبد الدايم بن عبد الحميد بن أبي القاسم الدُّنَيْسِري2 المارديني ثم الدمشقي في يوم الأربعاء الثامن من شهر رمضان، وولد في سنة أربع وتسعين وستمائة بدمشق المحروسة. عبد القادر القرشي 3 عبد القادر بن محمد بن محمد بن نصر الله بن سالم بن أبي الوفاء القرشي الحنفي الإمام العلامة الحافظ محيي الدين أبو محمد: مولده في العشرين من شعبان سنة ست وتسعين وستمائة وسمع من أبي الحسن بن الصواف والعماد بن السكري وأبي العباس الحجار وأم محمد وزيرة والشريف عز الدين الحسيني والرشيد بن المعلم والحسن بن عمر الكردي والواني والختني والعلم محمد بن النصير بن أمين الدولة والشريف علي بن عبد العظيم المرسي والكمال عبد الرحيم المنشاوي وأبي الحسن بن قريش والرضي الطبري وخلق، أجاز له الحافظ الدمياطي وتفقه وبرع وأفتى ودرس، وصنف وجمع، من ذلك "طبقات الفقهاء الحنفية" و"تخريج أحاديث الهداية"4 وحدث وسمع منه الحفاظ والفضلاء ومات بالقاهرة سنة خمس وسبعين وسبعمائة.
وفيها في البحر المالح بجزيرة قريبة من السويس أو الطور قاضي المدينة الشريفة بدر الدين إبراهيم بن أحمد بن عيسى بن الخشاب وله سبع وسبعون سنة، وبمصر الأمير ألجاي اليوسفي زوج أم الأشرف صاحب مصر غريقًا، وباليمن الأمير فخر الدين زياد بن أحمد الكاملي غيلة، وبظاهر دمشق زينب بنت قاسم بن أحمد الدبابيسي ولها نحو من تسعين سنة بتقديم التاء، وبعدن قاضيها الفقيه جمال الدين محمد بن عيسى اليافعي، وبالقاهرة العلامة أرشد الدين أبو الثنا محمود بن قطلوشاه السرائي الحنفي وله ست وثمانون سنة. أخبرنا الحافظ أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة المخزومي فيما قرئ عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا الإمام أبو محمد عبد القادر بن محمد القرشي قال: أخبرنا الشريق أبو الحسن علي بن عبد العظيم بن سليمان الزينبي1 ح أنبأنا عاليًا بدرجة الإمام أبو اليمن محمد بن أحمد الطبري عن يحيى بن يوسف قالا: أخبرنا المسند عبد الوهاب بن ظافر بن علي قال ابن يوسف أذنا قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسين بن أحمد الكرجي فيما قرأته عليه ببغداد غير مرة قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن بكر النجار المقري قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري المزكي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن وكيع بن الشرقي قال: حدثنا محمد بن أسلم قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا همام عن قتادة عن صفي بنت شيبة عن عائشة -رضي لله عنهما- قالت: "كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يتوضأ بمقدار المد ويغتسل بقدر الصاع" حديث رجاله محتج بهم في الصحيحين أخرجه ابن ماجه في كتابه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون فوقع لنا بدلا له عاليًا ولله الحمد والمنة. السرمري 2 يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد بن علي بن إبراهيم العبادي ثم
العقيلي نزيل دمشق الحنبلي الإمام العلامة الحافظ جمال الدين أبو المظفر: ولد بسرمرا في سابع عشري شهر رجب سنة ست وتسعين وستمائة وأخذ عن الأئمة والمسندين من شيوخ العراق كالصفي عبد المؤمن بن عبد الحق وأبي الثناء محمود بن علي الدقوقي وغيرهما وسمع بدمشق من جماعة وأجاز له أبو العباس أحمد بن أبي طالب الحجار وعدة سواه. روى عنه جماعة منهم ابنه إبراهيم وكان عمدة ثقة ذا فنون إمامًا علامة له مصنفات عدة في أنواع كثيرة نثرا ونظما خرج وأفاد وأملى رواية وعلما، ومن مؤلفاته "غيث السحابة في فضل الصحابة" و"عمدة الدين في فضل الخلفاء الراشدين" و"عنقود1 اللآلي في الأمالي" و"نشر القلب الميت بنشر فضل أهل البيت" و"تخريج الأحاديث الثمانيات" و"عجائب الاتفاق وغرائب ما وقع في الآفاق" و"الأربعون الصحيحة فيما دون أجر المنيحة" و"شفاء الآلام في طب أهل الإسلام" وغير ذلك2 مات -رحمه الله- في يوم السبت الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة ست وسبعين وسبعمائة. وفيها مات بحلب الرئيس كمال الدين إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن المنعم شُهر بابن أمين الدولة3 الحلبي في ليلة الأحد ثامن شهر جمادى الأولى ومولده فيه من سنة خمس وتسعين وستمائة، وبالقاهرة الشيخ إبراهيم الزبيدي، والفقيه المسند شهاب الدين أحمد بن حسن بن أبي بكر الرهاوي الحنفي فجأة، وبدمشق قاضي القضاة شرف الدين أبو العباس أحمد بن الحسين بن سليمان بن فزارة الكفري4 الحنفي عن خمس
وثمانين سنة، وبحماة قاضي القضاة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد اللطيف بن أيوب الحموي الشافعي وله بضع وسبعون سنة، وبدمشق الإمام أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن علي الأصبحي العفاني1 عن بضع وستين سنة، وبالقاهرة الإمام الأديب شهاب الدين أبو العباس أحمد بن يحيى بن أبي بكر بن عبد الواحد عرف بابن أبي حجلة التلمساني2 في مستهل ذي الحجة الحرام ومولده في سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وبتبريز القان أويس ابن الشيخ حسن بن حسين بن آقيغا بن أيلكان ابن بنت أرغون بن أبغا بن هولاكو صاحب تبريز وبغداد وله نيف وثلاثون سنة، وبالقاهرة الأمير عز الدين أيدمر الدوادار الناصري عن نيف وستين سنة، والإمام بدر الدين حسن بن علي بن إسماعيل القونوي المصري الشافعي في سابع عشر من شعبان، وبنواحي سلمية كبير آل الفضل الأمير حيار بكسر الحاء المهملة وفتح الياء آخر الحروف ابن مهنا بن عيسى بن مهنا بن ماتع بن حديثة بن غضية بن فضل بن ربيعة وله بضع وستون سنة، وبالقاهرة الشيخة زيبت بنت عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الحموي، والمسندة سكينة بنت علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي، وبحلب الشيخ أبو طالب عبد الرحمن بن عبد الكريم بن محمد بن العجمي في ثالث عشر من صفر، وبالقاهرة مسندها أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن هارون عرف بابن القاري3 الثعلبي بالثاء المثلثة والعين المهملة في النصف من ذي القعدة، وبدمشق السيد الفاضل جمال الدين أبو محمد
عبد الله بن محمد بن أحمد الحسني النيسابوري الشافعي وهو من أبناء السبعين، وقاضي القضاة علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن أبي الفتح بن هاشم الكناني الحنبلي في أواخر السنة وله بضع وستون سنة، وبالقاهرة الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن عمر ويعرف بالأيوبي الأصبهاني، وبدمشق القاضي علاء الدين أبو الحسن علي بن عثمان بن أحمد الزرعي الشافعي وله خمس وثمانون سنة، وبالقاهرة الشيخ سراج الدين أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني ومولده بمصر في سنة عشرين وسبعمائة، وسراج الدين عمر بن البابا، وبدمشق القاضي أمين الدين محمد بن إبراهيم بن علي بن أحمد بن علي بن يوسف بن إبراهيم1 شهر بابن عبد الحق الدمشقي الحنفي وله بضع وستون سنة، وبمكة مسندها الشيخ الصالح جمال الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المعطي بن مكي بن طراد الأنصاري الخزرجي في تاسع عشر من شهر رجب ومولده بها في سادس من صفر سنة اثنتين وسعبمائة، وبدمشق شيخ القراء الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن علي عرف بابن اللبان عن نيف وستين سنة، وبالقاهرة القاضي علم الدين محمد بن أحمد بن محمد أبي بكر الأخنائي، والشيخ محب الدين محمد بن إسماعيل بن أبي بكر الزنكلوني، وبدمشق العلامة جمال الدين أبو عبد الله محمد بن الحسن بن محمد بن عمار شهر بابن قاضي الزبداني الحارثي الدمشقي في سنة ثمان وثمانين وستمائة، وبالقاهرة العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن علي عرف بابن الصايغ الحنفي في ثاني عشر شعبان، والشيخ كمال الدين2 محمد بن عبد الرحيم بن عبد الباقي السبكي الشافعي، وبحلب الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الله بن عبد الحق الحلبي الصوفي3 في يوم الخميس خامس عشر شعبان ومولده قبل السبعمائة، وبالقاهرة القاضي تقي الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن علي بن عبد القادر عرف بابن الأطرباني وولد في سنة اثنتين وسعبمائة، وقاضي القضاة صدر الدين محمد بن عبد الله بن
علي بن عثمان بن مصطفى المعروف بابن التركماني المارديني الحنفي في ليلة الجمعة ثالث ذي الحجة ومولده في رابع عشر شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، والقاضي فتح الدين أبو الفتح محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الظاهربن نشوان بن عبد الظاهر بن بجدة السعدي الجزامي المصري، والقاضي شرف الدين محمد بن محمد بن أحمد أحد موقعي الإنشاء، ومحمد بن محمد بن محمد بن عبد القوي الكناني الموقت في يوم الثلاثاء خامس عشري شهر رمضان، وولد في خامس عشري جمادى الثانية سنة ثلاث وتسعين وستمائة، والمسند نور الدين محمد بن محمد بن محمد بن يوسف عرف بابن العلاف، ومقدم المماليك السلطانية الأمير سابق الدين مثقال الأنوكي، ونائب السلطنة بالديار المصرية الأمير سيف الدين منجك1 في التاسع عشر من ذي الحجة وله بضع وستون سنة، ورئيس التجار بمصر ناصر الدين2 بن مسلم الكارمي المالكي، وبظاهر القاهرة الشيخ الإمام أبو القاسم اليمني الشافعي، وبالقاهرة شرف الدين يحيى بن أبي جابر المغربي السابق ذكر أبيه آنفًا، وأحد موقعي الإنشاء تاج الدين ... 3 بن الموصلي، والقاضي عز الدين ابن قاضي القضاة تقي الدين أحمد المقدسي الحنبلي، وفتح الدين بن النبيه القُطُوري4 والشيخ الفاضل سعد الدين العجمي الشافعي، وفخر الدين بن البرلسي أحد موقعي الإنشاء4 التبريزي الشافعي.
الطبقة السادسة والعشرون
الطبقة السادسة والعشرون: ابن بَرْدِس 1 إسماعيل بن محمد بن بردس بن نصر بن بردس بن رسلان الحنبلي البعلبكي حافظها الإمام علاء الدين أبو الفدا: مولده بها في الثامن عشر من جمادى الثانية سنة عشرين وسبعمائة حدث عن والده وأبي الفتح اليونيني ومحمد بن الخباز وسمع من جمع من المسندين وأجاز له أحمد بن علي بن مسعود وأبو العباس الحجار والقاسم بن عساكر ومحمد بن الزراد وعدة، روى عنه طائفة منهم ابنه العلامة تاج الدين والحافظ أبو حامد بن ظهيرة والجلال محمد بن أحمد الخطيب وعلي بن محمد بن خليل، وكان إماما عالما حافظا مكثرا صالحا كثير الديانة حسن الخلق لطيف البشر غزير المروءة مع الصاينة مفيدا انتفع به جمع كثير، وله المؤلفات الحسنة2 منها نظم نهاية ابن الأثير، ونظم طبقات الحفاظ للذهبي، مات في سنة ست وثمانين وسعبمائة ببعلبك. وفيها مات بطرابلس برهان الدين إبراهيم بن عيسى الخليلي3 مفيد البادرائية، وبالقاهرة قاضيها علم الدين سليمان بن خالد بن نعيم البساطي المالكي، وبالقدس الأمير قشتمر4 الدوادار الأشرفي، وبالقاهرة القاضي تقي الدين عبد الرحمن بن محمد بن يوسف ناظر الجيش بمصر في ذي الحجة وكاتب السر بها أوحد الدين عبد الواحد بن إسماعيل الحنفي، وبمكة قاضيها الإمام كمال الدين أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد العزيز العقيلي النويري وهو متوجه من الطائف إلى مكة وبها ولد في شعبان سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، وبالقاهرة الشمس محمد بن صديق بن محمد التبريزي المعروف بصائم الدهر، وبدمشق القاضي نور الدين محمد بن عبد الله بن أحمد الهكاري الشافعي، والمحدث أمين
الدين محمد بن علي بن الحسن شهر بالأَنَفي1 المالكي في شوال، وبالقاهرة قاضيها صدر الدين محمد بن علي بن منصور الدمشقي الحنفي في شهر ربيع الأول، والعلامة الشيخ أكمل الدين محمد بن محمود الحنفي2 شيخ الشيخونية ومدرسها في رمضان، وبدمشق الشمس محمد بن مكي العراقي المقيم بجويرة الرافضي مقتولًا على الرفض3 وشيخ الشافعية ببغداد العلامة شمس الدين ويدعى شمس الأئمة محمد بن يوسف بن علي الكرماني البغدادي في المحرم. قرئ على الحافظ أبي حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة المخزوي وأنا أسمع قيل له: أخبرك الإمام أبو محمد إسماعيل بن محمد بن بردس الحنبلي وابو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر الكردي بقراءتك عليهما ببعلبك؟ فأقر به قالا: أخبرنا أبو الفتح موسى بن محمد بن أحمد اليونيني قراءة عليه قال الكرماني وأنا في الرابعة4 قال: أخبرنا أبي ح وشافهنا عاليا بدرجة المعمر ملحق الأحفاد بالأجداد إبراهيم بن محمد الصوفي بالمسجد الحرام غير مرة عن أبي الحسن علي بن إسماعيل بن إبراهيم المخزومي قال: أخبرنا أبو العشائر فراس بن علي العسقلاني قالا: أخبرنا أبو طاهر بركات بن إبراهيم الخشوعي5 قال: أخبرنا هبة الله بن أحمد بن محمد الأكفاني قال: أخبرنا محمد بن مكي بن عثمان الأزدي قال: أخبرنا أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي البغدادي الكاتب قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا أبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز النسائي التمار قال: حدثنا حماد بن سلمة عن أبي الورقاء عن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم، ح وأخبرنا بهذا لعلو وأحسن متصلًا بالسماع الحاكم أبو عبد الله القرشي قال: أخبرنا عمر بن الحسن المزي قال: أخبرنا ابو عبد الله محمد بن عبد المؤمن
قال: أخبرتنا شرف النساء بنت أحمد بن علي بن عبد الله سماعا عليها ببغداد قالت: أخبرني أبو الحسن الآبنوسي حضورا قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن الحسن بن أبي عثمان الدقاق قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى قال: أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي املاءً قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا السهمي قال: حدثنا فائد أبو الورقاء عن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحدًا صمدًا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد كتب الله له ألف ألف حسنة" زاد السهمي فقال: "ومن زاد زاده الله تعالى" أبو الورقاء هو فائد قال الذهبي في الميزان: تركه أحمد والناس وروى عباس عن يحيى ضعفه وقال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه والله تعالى أعلم. ابن عشائر 1 محمد بن علي بن محمد بن محمد بن هاشم بن عبد الواحد بن أبي حامد عبد الله بن أبي المكارم عبد المنعم السلمي الحلبي الشافعي الإمام العلامة الحافظ المتقن رئيس حلب وخطيبها ومؤرخها وحافظها ناصر الدين أبو المعالي: سمع بها من جماعة منهم الصلاح عبد الله بن المهندس وارتحل إلى دمشق فسمع بها من متأخري أصحاب الفخر علي بن البخاري أحمد وغيرهم في سنة سبع وستين، وله ذيل على تاريخ حلب لابن العديم وله نظم رائق، ذكره شيخنا الحافظ أبو زرعة فيمن أخذ عن والده من الحفاظ فقال: والحافظ ذو الفنون ناصر الدين أبو المعالي محمد بن علي بن عشائر. انتهى2. مات -رحمه الله تعالى- بمصر في ليلة الأربعاء سادس عشري شهر ربيع الثاني سنة تسع وثمانين وسبعمائة ودفن من الغد بتربة الصوفية. وفي هذه السنة توفي بدمشق الشهاب أبو بكر أبو أحمد بن أحمد بن أبي بكر بن طرخان بن محمود الأسدي السويدي ثم الصالحي في سلخ شعبان، وبالقاهرة الفقيه شهاب الدين أحمد بن أبي القاسم بن شعيب الإخميمي المصري الشافعي، وبصالحية دمشق خليل بن فرج بن سعيد الإسرائيلي المعروف بالقلعي، وبدمشق عائشة بنت عبد الرحيم بن محمد بن إبراهيم بن جماعة في شهر ربيع الأول، وبحلب قاضيها أبو زيد عبد
الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الحفيد الشهير بابن رشد1 السجلماسي المالكي، وبطيبة القاضي تاج الدين عبد الواحد بن عمر بن عباد المدني المالكي المعروف بالخراز أو في التي بعدها، والأديب فخر الدين2 علي بن الحسين بن علي المعروف بالعز الموصلي صاحب البديعية المشهوة، وبدمشق المسند أبو الحسين3 علي بن عمر بن عبد الرحيم بن بدر الجزري الصالحي ويكنى أيضًا بأبي الهول وبه اشتهر في يوم السبت تاسع عشر ربيع الأول، وببعلبك الشريف علاء الدين4 بن محمد بن أبي الحسن البعلي، وبالقاهرة الشمس محمد بن علي بن عمر بن خالد بن عبد المحسن بن نشوان بن عبد الله المخزومي المعروف بابن الخشاب المصري في ثاني شعبان وبها ولد في شهر رمضان سنة عشر وسبعمائة، والشيخ أمين الدين محمد البلقاوي5 المعروف بالجلوني، وقاضي العسكر بها شمس الدين محمد المشهور بالقرمي، وبمكة بركتها الشيخ موسى بن عبد الصمد6 المراكشي المالكي نزيل الحرمين الشريفين في المحرم. أنشدنا حافظ الحجاز شيخ الإسلام به الجمال محمد بن عبد الله القرشي قال: أنشد الإمام أبو المعالي محمد بن علي بن محمد السلمي لنفسه وكتب بهما إلى القاضي شرف الدين الحنبلي -رحمه الله تعالى-: أيا سيدًا لولاه في أرض جلق ... لما راقني فرع بدوحتها أصلا ولولا اشتراك بين نفسك والذي ... تسلمي له ما ارتحت للشرف الأعلى وبه قال: وأنشدني أيضًا لنفسه وكتب بهما إلى القاضي نجم الدين المعري -رحمة الله عليهما- وقد طلب منه الكمال لعبد الغني: مولاي أطراف ما حويتم ... تهذيبه مفخر الرجال
لا زلت من فضلك المرجى ... بي احتياج إلى الكمال وبه قال: وأنشدني أيضًا لنفسه يخاطب الشيخ عليًّا البناء المحدث -رحمه الله تعالى: يا أيها الصالح بين الورى ... لو قارن الأعمال إخلاص حاضر ودع فكري وشيطانه ... فالفكر يا بناء غواص الياسوفي 1 سليمان بن يوسف بن مفلح بن أبي الوفاء المقدسي الدمشقي الشافعي الإمام العلامة الحافظ الناقد الفقيه جمال الحفاظ والمحدثين وأوحد الأعلام الفقهاء السابقين ذو الفنون في العلوم صدر الدين أبو الربيع وأبو الفضل: قرأ القرآن العظيم بمدرسة الشيخ أبي عمر بسفح قاسيون وحفظ التنبيه وبرع في المذهب وقرأ في المعقول واشتغل في علم الحديث فبرع فيه وكان يتوقد ذكاءً، حفظ مختصر ابن الحاجب الأصلي في مدة يسيرة كل يوم دائمًا مائتي سطر، سمع بدمشق من محمد بن أبي بكر بن السيوفي2 وابن أميلة3 وست العرب بنت محمد بن الفخر علي بن البخاري وعدة، وبحلب والقاهرة، وعني بهذا الشأن فبرز فيه على الأقران، جمع وخرج وأفاد وتكلم على الرجال فأجاد وخرج لكل من ابن أميلة والصلاح بن أبي عمر مشيخة ولغيرهما، وكان -رحمه الله تعالى- عالما بجميع الأنواع العالي والنازل وأسماء الرجال وطبقاتهم والجرح والتعديل مع الزهد والقناعة بالكفاف والإيثار لإخوانه، ناظرا في العواقب حريصا على إسداء الجميل مثابرا على فعل الخير يلوذ به الكثير من أهل الديانة ويلجأ إليه طلبة العلم، وكان -رحمة الله عليه- من محاسن الدهر لم تر العيون في بابه مثله قضى عمره في عبادة الله -سبحانه وتعالى- وطاعته، ولي التدريس بعدة أماكن ثم أعرض عن غالبها، وكان -تغمده الله برحمته- سهل العارية للكتب
كثير الضيافات وإطعام الطعام، محسنا لجميع الناس خصوصا طلبة الحديث والعلم والغرباء لا سيما الحجازيين بالمال والكتب والجاه، قال شخينا الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي: ذاكرت الإمام شهاب الدين المَلْكاوي1 بكتاب المهمات للإسنوي فأخبرني أن الشيخ صدر الدين الياسوفي يكتب من رأسه خيرا من هذا أو مثله، الشك من شيخنا، وقال شيخنا الحافظ أبو زرعة في ترجمة والده، ومن الآخذين عنه الحافظ مفيد الشام صدر الدين أبو الربيع سليمان بن يوسف الياسوفي انتهى، امتحن في آخر عمره بسبب الإحسان إلى الغرباء وذلك أن أبا هاشم أحمد بن البرهان محمد بن إسماعيل "الظهاري"2 كان بدمشق وكان الشيخ صدر الدين يحسن إليه ويعظمه فأفتى على السلطان برقوق وكان يتكلم في سلطنته ويحرض الناس على اتباع أمر الخليفة فنمَّ به إلى نائب القلعة فأمر بالقبض عليه فأُخذ وأقر أنه كان عنده من طلبة العلم وسئلوا: من تألفون؟ فقالوا: الشيخ صدرالدين يعرفنا وهو يحسن إلينا فطلب من مجلس الحديث وصعد به إلى القلعة فاعتقل بها ولم يزل بها حتى مات في ليلة السبت الثالث والعشرين من شعبان المكرم سنة تسع وثمانين وسبعمائة3 وصُلِّي عليه بعد الزوال من الغد في دمشق ودفن بمقابر الصوفية ولم يخلف بدمشق بعده في مجموعه مثله -رحمه الله تعالى- وإيانا. ابن سند 4 محمد بن موسى بن محمد بن سند بن تميم اللخمي المصري ثم الدمشقي المالكي الإمام الحافظ شمس الدين أبو عبد الله: ولد بدمشق في يوم الخميس الثامن من شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وسبعمائة وسمع بها من محمد بن عمر السلاوي وعبد الرحيم بن أبي اليسر والبدر أحمد بن محمد بن الجوخي والحافظ أبي عبد الله الذهبي وأحمد بن المظفر النابلسي ومحمد بن إسماعيل بن الخباز وأخته زينب وعمتها نفيسة وفاطمة بنت العز وعدة، وارتحل إلى مصر فسمع بها من مظفر العطار وأبي الفتح الميدومي وابن الوضاح وطائفة واشتغل فحصل وتميز وبرع، أجازه الحفاظ صلاح الدين العلائي بالإفتاء وأخذ العربية عن التاج المراكشي وأذن له في إقرائها، وكان رحمه الله تعالى إماما مفتيا جهد في هذا الشأن واجتهد5 وحرر الرجال وأسماءهم وانتقى وانتقد،
كتب بخطه الكثير فأحسن وخرج لنفسه ولغيره فأجاد وأتقن ورتب أجزاءً على حروف الهجاء من أسماء أصحابها، وله محاضرات فكهة لطيفة وأخلاق حسنة شريفة، وحدث سمع منه شعبان بن علي المقري وعمر بن يوسف النابلسي والشيخ مساعد وجماعة، ناب في القضاء، وولي مشيخة الحديث بمواضع وابتلي بآخره بنسيان واختلاط وذلك من قبل النساء فيما قيل1 نسأل الله تبارك وتعالى السلامة والعافية، وكانت وفاته بدمشق في ليلة الاثنين السادس من صفر سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة -رحمه الله تعالى. وفيها مات بدمشق الخواجا برهان الدين إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن حماد الحراني الأصل ثم الدمشقي في شهر ربيع الآخر، وبمكة قاضيها العلامة شهاب الدين أحمد بن ظهيرة المخزومي الشافعي في شهر ربيع الأول، وبطابة قاضيها أبو العباس أحمد بن عبد الله بن فرحون المالكي وبزبيد الفقيه شهاب الدين أبو العباس أحمد بن موسى بن علي، وبدمشق الشيخ شرف الدين إسماعيل بن حاجي الأردني2 الحنفي نزيل دمشق وزين الدين عبد الرحمن ابن الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي، وغزة قاضيها علاء الدين أبو الحسن علي بن خلف بن كامل3 بن عطاء الله الغزي في شهر ربيع الثاني أو في جمادى الأولى ومولده في سنة تسع وسبعمائة، والإمام زين الدين عمر بن مسلم بن سعيد القرشي خطيب دمشق معتقلا في ذي الحجة، وبالقاهرة شمس الدين محمد بن أحمد المصري عرف بالرفَّاء4 وبدمشق المسند فخر الدين محمد بن أحمد بن عمر بن محبوب الصالحي في ربيع الأول، وباليمن قاضيه العلامة جمال الدين محمد بن عبد الله بن أبي بكر الرَّيمي5 الشافعي وبالقاهرة المسند صلاح الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عمر البلبيسي في النصف الأول من المحرم أو في سابع شهر
رمضان ومولده بمصر في سنة خمس وسبعمائة، وبدمشق الإمام شمس الدين محمد الصرخدي، والقاضي شرف الدين يعقوب الأقصرائي1 الحنفي في ذي الحجة، وبحلب الشرف أبو بكر محمد بن يوسف الحراني ثم الحلبي في العشر الأول من ذي الحجة وولد بها في شهور سنة خمس عشرة وسبعمائة. أخبرنا الحافظ أبو حامد محمد بن عبد الله المكي بها عن الحافظ أبي عبد الله محمد بن موسى ح وقرأت بعلو درجة على الحاكم أبي بكر بن الحسين المدني بمكة المشرفة قالا: أخبرنا الخطيب أبو الفتح محمد بن محمد المصري بها قال: أخبرنا ابو الفضل عبد الرحيم بن يوسف الموصلي وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن مناقب الحسيني قالا: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قراءة عليه ونحن نسمع قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد الشيباني قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن إبراهيم البزار قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا محمد بن موسى القرشي قال: حدثنا عبد الملك بن عمر وقال: حدثنا عبد الله بن جعفر عن سعد بن إبراهيم قال: سألت القاسم عن رجل له ثلاثة مساكن فأوصى بثلث كل مسكن فقال: لا يجمع له في سكن واحد؛ أخبرتني عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من عمل عملًا ليس له أمرنا فهو ردٌّ" أخرجاه في الصحيحين فرواه مسلم عن عبد بن حميد وإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن عبد الملك بن عمرو فوقع لنا بدل منه عاليا ولله المنة. ابن رجب 2 عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن عبد الرحمن بن الحسن 3 بن محمد بن أبي البركات مسعود البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي الإمام الحافظ الحجة والفقيه العمدة أحد العلماء الزهاد والأئمة العباد مفيد المحدثين واعظ المسلمين شهاب الدين أبو العباس 4 أو أبو الفرج: سمع خلقًا منهم أبو الحرم محمد بن محمد بن محمد القلانسي
ومحمد بن إسماعيل الخباز وإبراهيم بن داود العطار1 وأبو الفتح محمد بن إبراهيم الميدومي2 وجماعة، حدث فروى عنه جماعة، له المؤلفات السديدة والمصنفات المفيدة3 منها شرح على صحيح البخاري لم يكمل وصل فيه إلى كتاب الجنائز وعلى الجامع للحافظ أبي عيسى الترمذي وذيل على كتاب طبقات الفقهاء الحنابلة للقاضي أبي الحسين4 محمد بن الفراء، كان -رحمه الله تعالى- إماما ورعا زاهدا مالت القلوب بالمحبة إليه وأجمعت الفرق عليه كانت مجالس تذكيره الناس عامة نافعة وللقلوب صادعة مات -رحمه الله تعالى- في شهر رجب أو شهر رمضان سنة خمس وتسعين وسبعمائة بدمشق5 قال الحافظ شمس الدين محمد بن أبي بكر الدمشقي: حدثني من حفر لحده أنه جاءه قبل أن يموت بأيام فقال: احفر لي لحدا وأشار إلى البقعة التي دفن فيها فحفرت له فلما فرغت نزل في القبر واضطجع فيه فأعجبه وقال: هذا جيد ثم خرج فوالله ما شعرت بعد أيام إلا وقد أُتيَ به ميتا محمولًا في نعشه فوضعته في ذلك اللحد وواريته فيه -رحمه الله وإيانا6.
وفي سنة خمس وتسعين مات ببعلبك الصارم أبو إسحاق إبراهيم بن خليل بن عبد الله بن محمود بن يوسف بن تمام البعلي الشرايحي شهر بابن شمول1 في النصف من المحرم، وبدمشق الإمام شهاب الدين أحمد بن إبراهيم الكتبي الصالحي الحنفي، وقاضيها الإمام شهاب الدين أحمد بن صالح بن أحمد المعروف بالزهري في ثامن المحرم، والشهاب أبو العباس أحمد بن عبد الغالب بن محمد بن عبد القاهر بن محمد بن ثابت بن عبد الغالب بن هامان بن علي بن عيسى الماكِسيني2 الأنصاري في يوم الثلاثاء التاسع من شهر ربيع الأول وبها ولد في شهر رمضان سنة عشر وسبعمائة3، والإمام شهاب الدين أحمد بن عمر عرف بابن هلال الإسكندري المصري في صفر وببيت المقدس أم محمد أسماء ابنة الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي في النصف الثاني من شوال، وأختها أَمة الرحيم زينب في تاسع من شوال، وبدمشق الحاج سلميان بن داود بن سليمان المزي ويعرف بالعاشق في صفر، وبالقاهرة علاء الدين علي بن قاضي المدينة محمد بن عبد المعطي عرف بابن السبع الكناني في رمضان، والشيخ الإمام علاء الدين علي بن محمد الأقفهسي المصري الشافعي في شوال، وببلد الخليل الشيخ عمر بن محمد بن يعقوب4 البغدادي عرف بالمجرد5 في ذي الحجة، وبدمشق فاطمة بنت تقي الدين الجعبري الدمشقية، وبالقاهرة الخطيب نجم الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن جماعة في ذي القعدة، وبمكة إمام مقام
إبراهيم الخليل محب الدين أبو البركات بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم1 بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الطبري في ذي القعدة وبها مولده في سنة سبع وعشرين، وبدمشق القاضي أمين الدين محمد بن محمد بن أحمد بن علي الدمشقي الحنفي عرف بابن الأدمي فجأة، وبالقاهرة الشيخ صلاح الدين محمد بن محمد بن سالم الحنبلي ويعرف بالأعمى2 مدرس الظاهرية الحديثة بالقاهرة، والصلاح محمد بن محمد بن علي الزفتاوي3 المصري في صفر عن اثنتين وتسعين سنة، وبالرملة القاضي شمس الدين محمد بن يحيى بن سليمان المالكي في المحرم، وبدمشق الشيخ شرف الدين محمود بن جمال الدين أبي بكر بن كمال الدين أحمد شهر بابن الشَّرِيشي4 الشافعي مدرس البادرائية في صفر، وببلد الخليل موسى بن أحمد بن منصور العبدري5 المغربي المالكي في جمادى الآخرة، وبالقاهرة قاضي القضاة ناصر الدين نصر الله بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح بن هاشم بن إسماعيل بن إبراهيم بن نصر الله الكناني العسقلاني الحنبلي في شعبان، والأديب زين الدين أبو بكر بن عثمان بن عبد الله بن العجمي وبتعز قاضي الأقضية ركن الدين أبو بكر بن يحيى بن عجيل.
الطبقة السابعة والعشرون
الطبقة السابعة والعشرون: المنصفي 1 بضم أوله محمد بن خليل بن محمد بن طوغان بن عبد الله التركي الدمشقي الحنبلي الحريري الشيخ الزاهد الصالح العابد الحافظ المفيد العلامة شمس الدين أبو عبد الله: ولد في سنة ست وأربعين وسبعمائة واشتغل كثيرا حتى صار عالما بالفقه على مذهب الإمام أحمد وكان إماما علامة فقيها حافظا متقنا نبيها، سمع على خلائق منهم بعض أصحاب الفخر فمن بعدهم فسمع على محمود بن خليفة المنبجي في سنة ثلاث وستين وعلى عثمان بن يوسف بن عزيز2 والحافظ أبي بكر بن المحب أخذ عنه الكثير، وحرر في الشأن أيما تحرير! أفاد وخرج وأملى على بعض المشايخ، تخرج بالحافظين أبي بكر بن المحب وعبد الرحمن بن رجب، وأجاز له عدة منهم ابن الخباز محمد بن إسماعيل حدث عنه بالقليل من مسموعاته وكانت كثيرة، أفتى مع الانجماع والتقشف وحصل عليه محنة بسبب ما أفتى به ابن تيمية في مسألة الطلاق قال شيخنا الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجي: كان فقيها محدثا حافظا قرأ الكثير وحرر وأتقن وألف وجمع، وقال صاحبنا الحافظ شهاب الدين بن حجر: اجتمعت به في دمشق وأعجبني سمته. انتهى. وكانت وفاته عقيب فتنة التتار من عقوبة حصلت له منهم وحريق بالنار بقلعة دمشق فاستمر متألما إلى أن وافاه حمامه في شعبان من سنة ثلاث وثمانمائة -رحمه الله تعالى. وفيها مات بدمشق القاضي برهان الدين إبراهيم بن النقيب العماد إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الحنبلي، والقاضي برهان الدين إبراهيم بن علي السلاوي المالكي3 في
جمادى الأولى، والقاضي بدر الدين أو برهان الدين إبراهيم ابن القاضي شمس الدين محمد بن مفلح الصالحي الحنبلي في شعبان، والشيخ إبراهيم بن القماح الحيسوب، وأحمد بن إبراهيم بن مغيرة1 الكردي الصالحي الهكاري، والشهاب أحمد بن أقبرص2 بن بلغاق بن كنجك الخوارزمي الصالحي3 ومفتي الشام شهاب الدين باب أحمد بن راشد بن طرخان الشافعي شهر بالمَلْكاوي4 في شهر رمضان والسيد شهاب الدين أبو العباس أحمد بن علي بن يحيى بن تميم الحسيني في ربيع الثاني ومولده بها في سنة ست عشرة وسبعمائة، وبالإسكندرية تاج الدين أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الإسكندري ويعرف بابن الخراط، وبالقدس المحدث شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد المقدسي شهر بالمهندس5، وبالقاهرة قاضي القضاة موفق الدين أحمد بن نصر الله بن أحمد الكناني الحنبلي في رمضان، وبدمشق الشيخ شهاب الدين أحمد بن يوسف البانياسي الدمشقي المقري، وبالقاهرة قاضي القضاة شهاب الدين أحمد التحريري، وبدمشق المقري شهاب الدين أحمد بن6 الأشرف إسماعيل بن الأفضل
العباس في يوم السبت الثامن عشر من ربيع الأول. وبدمشق الشيخ إسماعيل المغربي المالكي نائب الحكم بها، وأم أبي بكر1 تتر ابنة القاضي عز الدين محمد بن أحمد بن المنجا التنوخية، وبدرالدين حسن بن البهاء محمد بن محمد بن أبي الفتح البعلي والقاضي شرف الدين حسين بن علي بن سرور عرف بابن خطيب الحديثة، والمعمرة أم القاسم خديجة بنت إبراهيم بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن سلطان التغلبية2، وأم يوسف خديجة ابنة الإمام بدر الدين محمد بن أبي بكر بن محمد بن قوام البالسية الصالحية، وخديجة بنت أبي بكر بن علي بن أبي بكر بن عبد الملك الكردي3 الصالحية، والمعمر نجم الدين داود بن أحمد بن علي بن حمزة البقاعي، وبالقاهرة القاضي بهاء الدين أبو الفتح رسلان بن أبي بكر بن رسلان4 البلقيني في جمادى الثانية، وبدمشق أم أحمد رقية بنت علي بن محمد بن أبي بكر بن مكي الصفدي الصالحية، وزينب بنت العماد أبي بكر بن أحمد5 بن محمد بن
جعوان الأنصاري في شعبان، وبمكة أم الحسين ست الكل بنت أحمد بن محمد الزين القسطلاني في المحرم، وبدمشق المفتي شرف الدين شعبان بن علي بن إبراهيم المصري الدمشقي، وبالقاهرة أم محمود عائشة بنت محمد بن أحمد بن عمر بن سلمان البالسي، وأم صلاح الدين عائشة بنت أبي بكر بن أبي عبد الله بن محمد بن عمر بن قوام البالسي الصالحية، وبدمشق العادل زين الدين عبد الرحمن بن التقي عبد الله بن محمد بن الفخر عبد الرحيم البعلي1، وبالقاهرة زين الدين عبد الرحمن بن محمد بن البرهان إبراهيم الرشيدي المصري وعبد العزيز بن محمد بن محمد بن الخضر الطيبي2 موقع الحكم في ثالث عشر المحرم ولد بها في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وسبعمائة، وبدمشق عبد القادر بن محمد بن علي بن عمر بن نصر الله شهر بابن قمر الدمشقي الفراء سبط الحافظ أبي عبد الله الذهبي، وبالقاهرة القاضي تقي الدين عبد اللطيف بن أحمد بن عمر الإسنوي في ربيع الثاني، وبدمشق التقي عبد الله بن محمد بن أحمد بن الشيخ شمس الدين عبد الله3 المقدسي الصالحي، وعلاء الدين علي بن أحمد بن محمد المرداوي الصالحي في رمضان، والشيخ علي بن أيوب الماحُوزي4 النساج، والشيخ علي بن محمد بن علي الكفرسوسي5 وبالقاهرة الشيخ علاء الدين علي بن محمد بن علي الحنبلي شهر بابن اللحام6 في يوم عيد الأضحى، وبعدن رئيس التجار بدر الدين علي بن يحيى بن جميع في ليلة عيد الفطر، وباللجون قرب صفد القاضي نور الدين علي بن الجلالي يوسف الدميري7
المصري المالكي، وبدمشق عمر ابن الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي في شعبان، وأبو حفص عمر بن محمد بن أحمد بن عمر البالسي الصالحي المكفوف1، والمقري زين الدين عمران بن إدريس بن معمر2 الجلجولي3 ومولده بجلجوليا في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، ومسندة الدنيا أم أحمد فاطمة بنت العز محمد بن أحمد بن محمد بن عثمان بن المنجا التنوخية خاتمة أصحاب القاضي سليمان وطبقته بالإجازة في أحد الربيعين ولها تسعون سنة أو قريب منها، والمعمرة أم محمد فاطمة ابنة المحتسب محمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي الصالحية في شعبان وقد عدت الثمانين، وبالقاهرة المفتي زين الدين قطلوبغا الحنفي في جمادى الأولى، وبنهر الفرات غريقا وهو في الأسر قاضي القضاة بمصر صدر الدين محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن المناوي4 ومولده بالقاهرة في شهر رمضان سنة 742، وبدمشق المحدث شمس الدين محمد بن الظهير بن إبراهيم بن محمد الجزري في شوال، والواعظ شمس الدين وقيل محب الدين محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن المحب عبد الله المقدسي، ومحمد بن عبد الرحمن بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي في جمادى الأولى قتيلا ظلما، وبالرملة المحدث بدر الدين أبو البقاء محمد ابن الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي في ربيع الآخر، وبدمشق القاضي ناصر الدين محمد ابن القاضي تقي الدين عمر ابن القاضي نجم الدين محمد شهر بابن أبي الطيب كاتب السر بدمشق، وبحلب أمين الدين محمد بن عماد الدين أبو بكر بن أحمد بن أبي الفتح السراج الدمشقي، والقاضي محمد بن بهادر المسعودي الأوحدي الصالحي5، والشمس محمد بن حسن بن عبد الرحيم الصالحي الدقاق، وبغزة المحدث
شمس الدين محمد بن عثمان بن عبد الله بن شُكر1 شهر بالنبجالي2 البعلي الحنبلي في رمضان وبدمشق الشمس محمد بن علي بن إبراهيم بن أحمد عرف بابن البزاعي3 الصالحي، وبالقاهرة القاضي شمس الدين محمد بن محمد بن المكين إسماعيل المصري المالكي في شهر ربيع الأول، وقاضي القضاة بدر الدين محمد بن أبي البقاء محمد بن عبد البر السبكي الشافعي المصري في شهر ربيع الثاني، وبالإسكندرية قاضيها شرف الدين محمد بن المعين محمد بن البهاء عبد الله بن أبي بكر بن محمد المخزومي شهر بابن الدماميني الإسكندري المالكي، وبتونس عالمها أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة4 الوَرْغَمي5 التونسي المالكي في جمادى الثانية أو في شهر رجب ومولده بها في سنة ست عشرة وسبعمائة ولم يخلف بعده بها مثله، وبدمشق المعمر بدر الدين محمد بن محمد بن محمد بن عمر بن أبي بكر بن قوام البالسي الصالحي في شعبان، وبالمدينة القاضي بدر الدين محمد بن محمد بن محمد بن مقلد المقدسي الحنبلي، وبالقاهرة القاضي عز الدين محمد بن القطب محمد بن محمد عرف بالشارِمساحي6 المصري، وبدمشق المعمر محب الدين محمد بن محمد بن محمد الصالحي شهر بالوراق، والقاضي تقي الدين محمد بن
محمد الصالحي الحنفي ويعرف بابن الخراز، وبجب حنين الشمس محمد بن محمود بن محمد بن محمود البزار الصالحي ويعرف بابن الزرندي1 وبدمشق قاضي الحنفية تقي الدين محمد ابن القاضي جمال الدين يوسف بن أحمد بن الحسين الحنفي المشهور بابن الكبري في ذي الحجة، والشيخ شمس الدين محمد الزيلعي الكاتب، وبحلب قاضيها شرف الدين موسى بن محمد بن محمد بن جمعة الأنصاري الشافعي في شهر رمضان، وبالقاهرة قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن موسى بن محمد الحلبي الحنفي ويعرف بالملطي في شهر ربيع الثاني وبدمشق أبو بكر بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر عرف بالفرائضي الصالحي، وأبو بكر بن إبراهيم بن معتوق الهكاري الكردي الصالحي، وبالقاهرة شرف الدين أبو بكر ابن الحافظ عبد العزيز ابن القاضي بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني في جمادى الأولى، وبدمشق العماد أبو بكر بن عبد الله بن العماد، وأبو بكر بن أحمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي الصالحي2, والشيخ تقي الدين أبو بكر بن الجندي الساعاتي الحيسوب، وبحلب الشيخ شرف الدين أبو بكر الداديخي3 الحلبي أحد فضلائها. ابن زريق 4 محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن القاضي تقي الدين سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر ابن أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة بن مقدام بن نصر بن فتح بن محمد بن حديثة بن محمد بن يعقوب بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن محمد بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العمري المقدسي الصالحي الحنبلي الإمام الحافظ ناصر الدين أبو عبد الله: تفقه وطلب الحديث فمهر في فنونه وتخرج بالحافظ أبي بكر بن المحب وسمع العالي والنازل وانتقى وخرج وأفاد، سمع من الصلاح بن أبي عمر ومن بعده، قال صاحبنا الحافظ أبو الفضل ابن حجر:
استفدت منه كثيرا وسمع معي على الشيوخ بالصالحية وغيرها ولم أر في دمشق من يستحق اسم الحافظ غيره. انتهى. رتب المعجم الأوسط للطبراني على الأبواب وكذا صحيح ابن حبان، مات في ثالث عشر شهر من رمضان سنة ثلاث وثمانمائة -رحمه الله تعالى. ابن الملقن عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله: عرف بابن النحوي لأن أباه كان عالما به أخذه عنه الأسنائي وغيره فلهذا كان يكتب بخطه عمر بن أبي الحسن النحوي فاشتهر بذلك، في بلاد اليمن الأنصاري الوادي آشي الأندلسي الأصل ثم المصري نزيل القاهر الشافعي الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام وعلم الأئمة الأعلام عمدة المحدثين وقدوة المصنفين سراج الدين أبو علي خرج والده من بلدة الأندلس إلى بلد التكرور فعلَّم به أهله القرآن العظيم فأنعموا عليه بدنيا طائلة وارتحل إلى القاهرة فاستوطنها وتأهل بها فولد له بها ابنه هذا في يوم السبت الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة ومات عنه وهو ابن سنة فأوصى به إلى الشيخ عيسى المغربي وكان خيرا صالحا يلقن القرآن العظيم بجامع ابن طولون فتزوج بأمه وتربى في حجره بحيث إنه نسب إليه حتى صار يعرف بابن الملقن وصار علما عليه إلى أن مات فحصل له من جهته خير كثير، أقرأه القرآن ثم عمدة الأحكام وأراد أن يُقرئه في مذهب الإمام مالك فأشار عليه بعض بني جماعته بأن يُقرئه المنهاج1 ففعل وأسمعه على الحافظين أبي الفتح بن سيد الناس والقطب الحلبي واستجيز له من عدة من مصر ودمشق منهم الحافظ المزي، وطلب الحديث في صِغره بنفسه قأقبل عليه وعني به لتوفر الدواعي وتفرغه فإن أنشأ له ربعا أنفق عليه قريبا من ستين ألف درهم فكان يغل له جملة صالحة فسمع الكثير بمصر من جماعة من أصحاب ابن عبد الدائم والنجيب منهم أبو عبد الله بن السراج الكاتب ومحمد بن غالي وعبد الرحمن بن عبد الهادي وأحمد بن كشتغدي والحسن بن السديد وأحمد بن محمد بن عمر الحلبي وأحمد بن علي المشتولي2 ومحمد بن أحمد الفارقي وأبو القاسم الميدومي وإبراهيم بن علي الزرزاري3 وزين الدين أبو بكر بن قاسم الرحبي ولازمه فتخرج به وبالحافظ علاء الدين مغلطاي. وارتحل في سنة سبعين إلى دمشق فسمع بها من متأخري أصحاب الفخر بن
البخاري، وكانت عنده عوال كثيرة بحيث ذكر عنه أنه قال: سمعت ألف جزء حديثية، وله الخط المنسوب جود فيه على ابن السراج، تفقه واشتغل في فنون فبرع ودرس وأفتى وصنف وجمع، يقال: إنه قرأ في كِبره كتابا في كل مذهب وإنه أذن له بالإفتاء فيه، وفي رحلته إلى دمشق نوه بذكره التاج السبكي وقرظ له على جزء من تخريج أحاديث الرافعي أطنب في مدحه وكذا على تخريج أحاديث المنهاج واستكتب له عليه الحافظ عماد الدين بن كثير وارتفع قدره واشتهر ذكره وبعد صيته فأشغل الناس قديما ودرس عدة سنين وتصدى للإفتاء دهرا وناب في القضاء عمرا فلما كان من سنة ثمانين تعرض لطلب قضاء القضاة فامتحن بسبب ذلك؛ لأنه في أيام بركة وبرقوق كان مختصا بصحبة برقوق فعينه لقضاء الشافعية فخدع حتى كتب خطه بمال فغضب عليه برقوق وسلمه لشاد الدواوين ثم سلمه الله تعالى ونجاه فخلص فانقطع عن الناس وأقبل على شأنه فأخذ في التصنيف وأكب عليه فكان فريد الدهر في كثرة التصانيف وحسنها بعبارة جليلة حسنة. وكان يكتب في كل فن سواء أتقنه أو لم يتقنه وكتب الكثير من ذلك بحيث إنه كان أكثر أهل زمانه تأليفا، بلغت مصنفاته في الحديث والفقه وغير ذلك قريبا من ثلاثمائة مؤلف منها "شرح البخاري" في عشرين مجلدا وهو في أوله أقعد منه في آخره بل هو من نصفه الثاني قليل الجدوى1 "والبدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير" في ست مجلدات أجاد فيه "وخلاصة البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير" و"شرح عمدة الأحكام" و"شرح الأربعين النواوية" و"المقنع" في علم الحديث وكذا "الكافي" له لم يكن فيه بالمتقن ولا له ذوق أهل الفن و"غاية السول في خصائص الرسول" -صلى الله عليه وسلم- و"أفراد مسلم وأبي داود"2 و"مختصر تهذيب الكمال مع التذييل عليه" من رجال ستة كتب وهي مسند أحمد وصحيح ابن خزيمة وابن حبان ومستدرك الحاكم والسنن للدراقطني والبيهقي "وطبقات المحدثين" و"طبقات القراء" و"طبقات الفقهاء الشافعية" و"طبقات الصوفية" وشرحان للتنبيه كبير وصغير و"تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج" في ثمانية مجلدات "ونهاية المحتاج فيما يستدرك على المنهاج" و"عجالة المحتاج في شرح المنهاج" مجلد و"شرح منهاج البيضاوي" وقد سار بجملة منها رواة الأخبار واشتهر ذكرها في الأقطار.
وكان -رحمة الله تعالى عليه- له فوائد جمة ويستحضر غرائب وهو من أعذب الناس لفظا وأحسنهم خلقا وأجملهم صورة وأفكههم محاضرة كثير المروءة والإحسان والتواضع والكلام الحسن لكل إنسان كثير المحبة للفقراء والتبرك بهم مع التعظيم الزائد لهم، عقد مجلسا للإملاء فأملى المسلسل بالأولية ثم عدل إلى أحاديث خراش وأضرابه من الكذابين فرحا بعلو الإسناد وهذا مما يعيبه أهل الإسناد، يرون أن الهبوط أولى من العلو إذا كان من رواية الكذابين لأنه كالعدم، وقد وصفه الأئمة بالحفظ، من ذلك أن الحافظ صلاح الدين العلائي كتب له على كتابه "جامع التحصيل في رواية المراسيل" من تأليفه: قرأ عليّ هذا الكتاب الشيخ الفقيه الإمام العالم المحدث الحافظ المتقن سراج الدين شرف الفقهاء والمحدثين فخر الفضلاء، وكتب شيخنا الحافظ أبو الفضل العراقي طبقة في آخر فوائد تمام فيها: وسمع الشيخ الإمام الحافظ سراج الدين، ووقف صاحبنا الحافظ أبو الفضل بن حجر على ترجمة صاحبنا الحافظ أبي الطيب الفاسي له وفيها: وليس في علم الحديث كالماهر فانتقد ذلك وكتب ما يدل على مهارته فيه، وذكره قاضي صفد العثماني في "طبقات الفقهاء" فقال: أحد مشايخ الإسلام صاحب المصنفات التي ما فتح على غيره بمثلها في هذه الأوقات، وقال شيخنا الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي: حفاظ مصر أربعة أشخاص وهم من مشايخي البلقيني وهو أحفظهم لأحاديث الأحكام والعراقي وهو أعلمهم بالصنعة والهيثمي وهو أحفظهم للأحاديث من حيث هي وابن الملقن وهو أكثرهم فوائد في الكتابة على الحديث. انتهى. ومن العجيب أن كلًّا منهم ولد قبل الآخر بسنة سوى الهيثمي فإن مولده بعدهم بمدة ومات كلٌّ منهم قبل الآخر بسنة فأولهم ابن الملقن1 ثم البلقيني ثم العراقي ثم الهيثمي. قال شيخنا الحافظ برهان الدين: وحُكي لي أن الشيخ بهاء الدين بن عقيل حكى له عن قيم مسجد النارنج2 بالقرافة أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام كان يخرج إلى المسجد المذكور يوم الأربعاء ومعه "نهاية إمام الحرمين" فيمكث بالمسجد يوم الأربعاء ويوم الخميس ويوم الجمعة إلى قبيل الصلاة فينظر في هذا الوقت النهاية قال: الشيخ بهاء الدين وأنا أستبعد ذلك فقال الشيخ سراج الدين البلقيني: ولا أستبعد لأن الشيخ عز الدين لا يشكل عليه منها شيء ولا يحتاج إلى أن يتأمل منها إلا شيئا قليلا أو ما هذا معناه وأنا أنظر مجلدا في يوم واحد، قال شيخنا برهان الدين: فذكرت هذه الحكاية لشيخنا سراج الدين بن الملقن فقال لي عقيب ذلك: أنا نظرت مجلدين من الأحكام للمحب الطبري في يوم
واحد، وحدث ابن الملقن بالكثير من مروياته، سمع منه الأئمة والفضلاء وكان كثير الكتب جدا فاحترق غالبها قبل موته وكان ذهنه سليما عند ذلك1 فحجبه ولده الإمام نور الدين علي إلى أن مات في ليلة الجمعة السادس عشر من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانمائة بالقاهرة -رحمة الله تعالى عليه. وفيها مات بمصر المسند المكثر شهاب الدين أحمد بن حسن بن محمد بن محمد بن زكريا شهر بالسويداوي المقدسي ثم المصري في تاسع شهر من ربيع الآخر وله ثمانون سنة، وبدمشق قاضي الحنابلة تقي الدين أحمد بن صلاح الدين محمد بن شرف الدين محمد بن زين الدين التنوخي الحنبلي، وبالقاهرة القدوة شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد عرف بابن الناصح المصري في رمضان، وبدمشق المسندة أم عبد الله وأم أحمد أسماء بنت أحمد بن محمد بن عثمان الحلبي الصالحي في المحرم، وخليل بن أحمد المعروف بابن زبا2 شاهد القيمة، وبالقدس القاضي تقي الدين صالح بن خليل بن سالم الغزي، وبدمشق التقي عبد اللطيف ابن الحافظ قطب الدين3 عبد الكريم بن عبد النور بن منبه الحلبي المصري في شهر ربيع الثاني والمقرئ عبد الله البشيتي4 ومقرئ القاهرة فخر الدين عثمان الضرير5 وبدمشق علاء الدين علي بن عبيد بن داود المرداوي الحنبلي في جمادى الثانية ونور الدين علي بن غازي بن علي بن أبي بكر بن عبد الملك شهر بالكوري6 الصالحي في شوال، وناصر الدين محمد بن إبراهيم بن محمد الأرموي الصالحي، وبمصر نجم الدين محمد بن علي بن نجم الدين محمد بن عقيل البالسي ثم
المصري، وبالقاهرة المحدث شمس الدين أبو جعفر محمد بن محمد بن عمر السكري1 المدني في جمادى الثانية، وبدمشق الشيخ جمال الدين يوسف بن حسين الكردي نزيل دمشق، وبمصر أبو البركات الخطيب المالكي -رحمة الله تعالى عليهم. قرأت على الإمام العلامة أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد بن سلامة وسمعت على شيخ الإسلام الحافظ أبي حامد محمد بن عبد الله المخزومي المكيان قالا: أخبرنا الإمام أبو علي عمر بن علي بن أحمد والعلامة بهاء الدين أبو البقاء محمد بن عبد الله بن2 يحيى الأنصاريان ح وشافهنا بعلو درجة الشيخ المعمر الداعي إلى الله تعالى إبراهيم بن محمد الدمشقي بالمسجد الحرام غير مرة قالوا: أخبرنا أبو المحاسن يوسف بن محمد بن نصر بن قاسم العدني3 قال شيخنا في كتابه قال: أخبرنا أبو عيسى عبد الله بن عبد الواحد بن علاق الأنصاري قال: أخبرتنا أم عبد الكريم فاطمة بنت سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري قالت: أخبرنا الحافظ أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي قال: أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد جعفر4 بن حمدان الفقيه الحنفي قراءة عليه في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة قال: أخبرنا أبو بكر هو محمد بن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا أبو يزيد هارون بن عيسى بن المسكين البلدي بها قال: حدثنا
الحسين بن عرفة1 قال: حدثنا عبدة بن سليمان الكلابي قال: حدثنا صالح بن صالح الهمداني عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: أتيت صفوان بن عال المرادي -رضي الله عنه- فقال لي: ما جاء بك؟ فقلت: أطلب العلم فقال: إن الملائكة لتبسط أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يعمل وسألته عن المسح على الخفين فقال: كنا نمسح على عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر وللمقيم يوم وليلة. وأخبرناه عاليا بدرجتين أبو حامد الحافظ سماعا قال: أخبرنا محمد بن عبد الغني قال: أخبرنا علي بن عيسى قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم ح وأنبأناه بعلو درجة عن هذا وعن الذي قبله بثلاث العلامة أبو بكر العثماني وغيره إذنا عن أحمد بن نعمة أن جعفر بن علي أنبأه قالا: أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ قال جعفر أذنا إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا القاسم بن الفضل قال: أخبرنا علي بن محمد بن بشران قال: حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثنا سعدان بن نصر ح قال القاسم: وأخبرنا الفضل بن عبيد الله قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا محمد بن عاصم قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول عن عاصم ين أبي النجود عن زر بن حبيش قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي فقال: لي: ما جاء بك؟ قلت: جئت ابتغاء العلم. قال: فإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يطلب. قلت: حاكَ في صدري أو في نفسي المسح على الخفين بعد الغائط والبول وكنتَ امرأً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهل سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك شيئا؟ قال: نعم، كان -عليه الصلاة والسلام- يأمرنا إذ كنا سفرا أو مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط أو بول أو نوم للمسافر وللمقيم يوم وليلة. أخرجه الترمذي بتمامه عن محمد بن يحيى بن أبي عمر وقال: حسن صحيح والنسائي قصة المسح فقط عن قتيبة وكذا ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ثلاثتهم عن سفيان به فوقع لنا بدلا لهم عاليا ولله الحمد. البُلْقيني 2 عمر بن رسلان بن نصير بن صالح- وهو أول من سكن بلقين 3 من
أجداده- ابن أحمد بن أحمد بن محمد بن شهاب بن عبد الخالق بن محمد بن مسافر الكناني العسقلاني الشافعي إمام الأئمة وعلم الأمة: حاز كل الفخر وهو أعجوبة الدهر خاتمة المجتهدين ومن دان لفضله كل عالم من أئمة الدين شيخ الوقت وحجته وإمامه ونادرته فقيه الزمان بالاتفاق وشيخ الإسلام على الإطلاق أعلم أهل عصره بجميع العلوم وأدراهم بالمنطوق والمفهوم مفتي الأنام وملك العلماء الأعلام عون الإسلام والمسلمين وحجة الله تعالى على خلقه أجمعين أبو حفص سراج الدين مولده في ليلة الجمعة الثاني عشر من شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة بغربي أرض مصر ببلقينة فنشأ بها وحفظ القرآن العظيم وله من العمر سبع سنين وحفظ في الفقه المحرر وفي الأصول مختصر ابن الحاجب وفي القراآت الشاطبية وفي النحو الكافية لابن مالك، وقدم مصر في سنة سبع وثلاثين مع والده وله اثنتا عشرة سنة فعرض بها محفوظاته على علماء الوقت فبهرهم بذكائه وسرعة إدراكه وعاد إلى بلده فلما كان في سنة ثمان وثلاثين رجع مع أبيه غلى القاهرة وقد ناهز الاحتلام فاستوطنها وسكن الكاملية مدة. وكان في أول قدومه طلب من ناظرها بيتا فاعتل عليه ولم يعطه شيئا فقرئت قصيدة في مدح الناظر وهو حاضر فلما انتهت قراءتها أعاد عليه السؤال في البيت مما أنعم1 له به فقال له: قد حفظت هذه القصيدة من المنشد في مرة وأطلب بيتا فلا أجاب إليه! فقال الناظر له: إن كنت حفظتها أعطيتك البيت فسردها في الحال فبادر له ببيت في الدور الثاني فوق باب الميضأة وأقام به مدة ثم انتقل إلى بيته المعروف به بقرب الصهريج الذي بها وولي بها عند القاضي عز الدين بن جماعة نقابة الحديث وواظب على حضور الدرس بالقاهرة وأكب على الاشتغال في فنون العلم والفقه والأصول والفرائض والنحو حتى فاق رفقاءه ثم أقبل على الحديث وحفظ متونه ورجاله فحاز من ذلك علما جما حتى أربى على أقرانه وصار أحفظ أهل زمانه لمذهب الشافعي -رضي الله عنه- فاشتهر بذلك، وطبقة شيوخه متوفرة ولم تر العيون أحفظ منه خصوصا لأحاديث الأحكام والفقه، وطلب الحديث فسمع منه الكثير غالبه بغير اعتناء من ذلك على أحمد بن محمد بن عمر الحلبي آخر أصحاب الكمال الضرير وأبي الحسن بن السديد2 ومحمد بن عالي وأحمد بن كشتغدي والخطيب أبي
الفتح الميدومي والعلامة شمس الدين محمد بن القماح وأبي إسحاق بن القطبي والأستاذ أبي حيان وإسماعيل بن إبراهيم التفليسي وابن شاهد الجيش وشمس الدين بن عدلان ونجم الدين الأسواني وزين الدين الكناني1 وأبي الحرم القلانسي وشمس الدين الأصبهاني وعبد الرحمن بن يوسف المزي وأبي نعيم أحمد بن عبيد الأسعردي وغازي وعيسى ابن الملك المغيث عمر بن العادل أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن أيوب وأحمد بن عبد المؤمن الدمياطي وعبد العزيز بن عبد القادر بن أبي الدر الربعي وغيرهم. وأجاز له من دمشق عدة منهم الحافظان المزي والذهبي ومحمد بن محمد بن الحسن بن سلمة وأبو العباس أحمد بن علي الجزري ومحمد بن إسماعيل بن إبراهيم ومحمد بن بُصْخان2 وكان كثير البحث في وقت السماع بحيث إنه لم يخل وصفه في غالب الطباق بأنه كان كثير الحديث في السماع وصار هذا له ديدنًا حتى إن مجالس تسميعه لا تخلو من ذلك، وتفقه وبرع وتفنن في علوم، حضر دروس شيخ الإسلام تقي الدين السبكي في الفقه وبحث معه فيه وأخذ عن شيوخ عصره كالشيخ شمس الدين بن عدلان ونجم الدين بن الأسواني والإمام العلامة بهاء الدين بن عقيل وانتفع به كثيرا وتزوج بابنته وناب عنه في القضاء واختص به. وقرأ في الأصول والمعقولات على الشيخ شمس الدين الأصبهاني وأذن له بالإفتاء هو وجماعة غيره وأخذ النحو والتصريف والأدب عن الأستاذ أبي حيان، وحج في سنة أربعين وزار المسجد الأقصى ثم حج في سنة تسع وأربعين وتصدر للإقراء فقرأ عليه خلائق وانتفعوا به حتى أن أكثر الفضلاء بالديار المصرية الآن من الفقهاء الشافعية وتلامذته وتلامذة تلامذته، وكان أول ما ولي من المناصب إفتاء دار العدل رفيقا للإمام بهاء الدين السبكي في شهر ربيع الثاني سنة خمس وستين ولما أنشئت الحجازية والبديرية درس بهما وكذا البدرية الخروبية جعله صاحبها متصدرا بها فاستمر في جميع ذلك وولي تدريس الخشابية المشهورة
بزاوية الإمام الشافعي -رضي الله عنه- بجامع عمرو بن العاص -رضي الله عنه- من مصر نحوا من ثلاثين سنة مع المنازعة فيها فاستمرت معه، وتولى قضاء دمشق عوضا عن التاج السبكي فقدمها على البريد بكرة نهار الأحد ثامن عشري شهر رجب سنة تسع وستين فصلى بالناس الظهر بجامع بني أمية وتوجه منها إلى العادلية ومعه الناس فلما كان صبح يوم الاثنين لبس الخلعة ومضى إلى جامع بني أمية فقُرئ تقليده بالمقصورة ورجع إلى العادلية فقضى فيها بين الناس وفي أول يوم من شعبان درس وفي ثالثه يوم الجمعة خطب بجامع بني أمية وصلى إمامًا الجمعة وفي سادسه يوم الاثنين حضر دار الحديث الأشرفية فتكلم في عدة فنون بعبارة فصيحة بليغة كلاما مفيدا محررا كثيرا بصوت عال عجيب وأسلوب غريب بحيث إنه أبهر من معه من فضلاء المصريين والشاميين مما سمعوا منه ومن جودة إيراده وإصداره مع تودد وتأدب حسن فلم ينازعه واحد منهم في منطوق ولا مفهوم وأقروا له بالتقدم في العلوم، ودمشق إذ ذاك غاصة بالأئمة الفضلاء، واستمر على قضائها إلى أن طلب إلى الديار المصرية فتوجه إليها في عامه يوم الاثنين التاسع من ذي القعدة ومعه جمع ممن شنع على التاج السبكي ليحاققوه عند السلطان ثم كر راجعا إلى دمشق فقدمها في أول يوم من صفر سنة سبعين. وقدم التاج السبكي وقد تولى خطابة الجامع وعدة تداريس فأنف البلقيني من ذلك وتوجه في عاشر الشهر على البريد إلى القاهرة فصرف عن قضاء دمشق في سابع عشر ربيع الثاني بالتاج السبكي وتولى بجامع ابن طولون تدريس المالكية والتفسير وكذا المدرسة الظاهرية البرقوقية لما فتحت وغير ذلك لما كان في شعبان سنة ثلاث وسبعين تولى قضاء العساكر بحكم وفاة البهاء السبكي ثم تركه لولده بدر الدين محمد1 في شعبان سنة تسع وسبعين وذلك أن الأمير طشتمر الدوادار عينه لولاية القضاء بالديار المصرية بعد قتل الملك الأشرف شعبان ولم يبق إلا أن يلبس فبذل بدر الدين بن أبي البقاء مالًا وتولى فأنف البلقيني من الجلوس تحته لحداثة سنه وأقبل على الإفتاء والتدريس وعمل الميعاد فعظم عند الخاصة العامة بذلك قدره وبعد صيته وانتشر في الآفاق ذكره بحيث إن السلطان لم يكن يعقد مجلسا إلا به ويقتدي برأيه وإشارته ودارت عليه الفتوى بحيث إنها كانت تأتيه من أقطار الأرض البعيدة وكان موفقا فيها يجلس للكتابة عليها من بعد صلاة العصر إلى الغروب من رأس القلم2 غالبا إلى أن صار يضرب به المثل في العلم ولا تركن النفس إلا إلى فتواه
وكان لا يأنف من تأخير الفتوى عنده إذا أشكل عليه منها شيء إلى أن يحقق أمرها من مراجعة الكتب لئلا يلام في الفتوى1 بأن قيل يغير رأيه عما يفتي به وما ذاك إلا لسعة علمه، رحل إليه الطلبة من الآفاق الشاسعة للقراءة عليه فانتفعوا به وتخرج به خلائق لا يحصون. وخضع له الأئمة من المفسرين والمحدثين والفقهاء والأصوليين والنحويين وتلمذوا له لما بدا لهم من كثرة محفوظه لا سيما لنصوص الشافعي -رضي الله عنه- والمعرفة التامة بهذه العلوم مع الذهن السليم والذكاء الذي على كبر السن لا يريم ولولا أن نوع الإنسان مجبول على النسيان لكان معدوما فيه فلم يكن في الحفظ وقلة النسيان من يماثله بل ولا من يدانيه بحيث إنه لم يمت حتى كان قصارى الماهر في العلم أن ينسب نفسه إليه ويتبجح بالقراءة عليه وكان عظيم القراء وعين أهل الإسلام وعالمهم وإمامهم ومعلمهم ويعولون عليه في كل المهمات الدينية ولا يستغنون عنه في الأمور الدنيوية يفزع إليه في حل المشكلات فيحلها ويقصد لكشف المعضلات فيكشفها ولا يمهلها، كان الشيخ بهاء الدين بن عقيل يقول: أحق الناس2 والفتيا في زمانه وقد كتب له الأستاذ أبو حيان وله من العمر دون العشرين: قرأ عليّ الشيخ الفقيه العالم المفن سراج الدين عمر البلقيني جميع الكافية في النحو قراءة بحث وتفهم وتنبيه على ما أغفله الناظم فكان يبادر إلى حل ما قرأه عليّ من مشكل وغيره فصار بذلك إماما ينتفع به في هذا الفن العربي مع ما منحه الله تعالى من علمه بالشريعة المحمدية بحيث نال في الفقه وأصوله الرتبة العليا وتأهل للتدريس والقضاء والفتيا على مذهب ابن إدريس -رضي الله عنه. وقال شيخنا الحافظ برهان الدين سبط بن العجمي: كان فيه من قوة الحافظ وشدة الذكاء ما لم يشاهد في مثله، أخبرني في رحلتي الأولى إلى القاهرة بمدرسته أنه لما قدم شرف الدين ابن قاضي الجبل الحنبلي نزل في قصر بشتك فدعاه شخص إلى الجيزة وحضرت معه في جماعة من علماء القاهرة منهم بدر الدين الزركشي وابن العنبري والطُنبذي3 فلما صلينا العشاء قال لي شرف الدين ابن قاضي الجبل: يا سراج الدين أينا أحفظ أنا أم أنت؟ فقلت له: سبحان الله! أنتم كذا وكذا -أتواضع له- فقال: استحضر أنا
وأنت فقلت له: إن أنا استحضرت شيئا يعني حديثا تذكر له طرقه وكذا بالعكس لكن اذكر أنت على حدة وأنا كذلك. فقال ابن قاضي الجبل: اذكر أنت. فأخذت أذكر أحاديث معللة1 من أول أبواب الفقه وما زلت أذكر إلى أن طلع الفجر وقد وصلت إلى كتاب النكاح، فقام ابن قاضي الجبل وقبل بين عيني وقال: يا سراج الدين ما رأيت بعد الشيخ -يعني شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية- أحفظ منك2. وقال شيخنا الحافظ برهان الدين الحلبي أيضًا: ذكر لي يوما أنه كان يحفظ صفحة من المحرر في الفقه للرافعي وهو كتابه من وقت ابتداء فلان الأعمى لشخص سماه بصلاة العصر إلى فراغه منها قال: وكانت صلاة خفيفة لم يكن يطول فيها، وقال أيضًا: لما كنا نسمع عليه بالقاهرة سنن الدراقطني أو سنن ابن ماجه -الشك مني- سألني شخص بحضوره عن حديث مر في القراءة أهذا صحيح أم لا فقلت للقارئ اذكر السند فذكره فإذا فيه عطية العوفي فقلت له: اتفقوا على تضعيف هذا فقال: الشيخ ليس كذلك فذكرت أنا قول الذهبي فيه فقال الشيخ: قد حسن له الترمذي حديثا فقلت: له أين؟ فقال: بعد ... 3 في حديث: "يا عليّ لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك" ثم قام في المجلس فجاء بمختصر المنذري لسنن أبي داود فكشف منه شيئا ثم قال: أنا أحفظ هذا الكتاب ثم قال: هو دبوس شافٍ. وحكى ولده قاضي القضاة جلال الدين أن والده كان يلقي الحاوي دروسا في أيام يسيرة من أعجبها أنه ألقاه في ثمانية أيام، وذكر بعض فضلاء الشام عنه أنه قال: إذا كان أخذ يدرس بالقاهرة أبقى ثلاث ليال وأربع ليال ما أنام أطالع على المكان الذي يدرس فيه. انتهى. وكان -رحمه الله تعالى- واسع العلم بحرا لا يجارى ولا تكدره الدلاء وحافظا لا يكاد يفوته من علوم البشر إلا ما لا خير فيه، دينا خيرا وقورا حليما مهابا4 سريع البادرة قريب الرجوع كثير التلطف سريع البكاء في الميعاد مع الخشوع لا يفتر عن الاشتغال والإشغال وكان يسرد مناسبة أبواب الفقه في قريب الكراس ويطرز ذلك بشواهد وفوائد بحيث إن سامعه يقضي أنه مستحضر فروع المذهب جميعا، اجتهد في آخر عمره واختار مسائل فانفرد بعلوم شتى ودارت عليه الفتوى وكانت العلماء في جميع الأقطار يعترفون له بالعلم والحفظ مع كثرة
الاستحضار وأنه طبقة وحده يفوق جميع العلماء الكائنين في زمانه بل إن بعضهم يفضله على بعض من تقدمه من الشافعية وقد وصفه بالتفرد قديما محمد بن عبد الرحمن العثماني قاضي صفد في طبقاته فقال: هو شيخ الوقت وإمامه وحجته انتهت إليه. شيخ الفقه في وقته وعلمه كالبحر الزاخر ولسانه أحجم الأوائل والأواخر. وقد مات العثماني قبله بعدة أعوام، ومع سعة علمه لم يرزق ملكة في التأليف. قال شيخنا الحافظ برهان الدين الحلبي: اجتمعت به في رحلتي الأولى إلى القاهرة في سنة ثمانين فرأيته إماما لا يجاري أكثر الناس استحضارا لكل ما يلقي من العلوم وقد حضرت عنده عدة دروس مع جماعة من أرباب المذاهب الأربعة فيتكلم على الحديث الواحد من بعد طلوع الشمس وربما أذن الظهر في الغالب وهو لم يفرغ من الكلام عليه ويفيد فوائد جليلة لأرباب كل مذهب خصوصا المالكية وكان بعض فضلائهم يقرأ عليه في مختصر مسلم للقرطبي وممن كان يحضر عنده الإمام نور الدين بن الجلال1 وكان أفقه أهل القاهرة يومئذ في مذهب مالك وكان يستفيد منه وكذا جمع سواه من أرباب المذاهب الأربعة واستفدت منه فوائد جمة في التفسير والحديث والفقه والأصول وعلقت من فوائده أشياء وهو أجل من أخذت عنه العلم وسمعت عليه الحديث وكان بي حفيًّا. انتهى. حدث بالكثير من مروياته. والذي وجد من مؤلفاته: قطعة على البخاري بلغ فيها إلى أثناء كتاب الإيمان أطال النفس فيه جدا جاء في مجلد فلو قدر إكماله لبلغ مائتي مجلد لكنه لا يسلم من تكرير وشرحان على الترمذي أحدهما صناعة والآخر فقه و"ترتيب كتاب الأم" وليس فيه كبير أمر لم يتعب عليه و"محاسن الإصلاح وتضمين علوم الحديث لابن الصلاح" وليس هو على قدر رتبته في العلم و"الفوائد المحضة على الرافعي والروضة" كتب منه كثيرا ولم يوجد منه متواليا غير مجلدين وتصحيح على الربع الأخير من المنهاج في خمس مجلدات توسع فيه جدا وأطال النفس وكان من حقه أن يكون شرحا فلما فرغ منه شرع في الربع الثالث وكتب عليه مجلدا واحدا واختصر اللباب للمحاملي بلغ فيه إلى النفقات وزاد عليه استدراك ضوابط وتصحيح مسائل فجاء الربع الثاني منه قدر الأول مرتين ولو كمل الثالث لكان قدر الأولين. وله تصانيف عدة لطاف نحو من عشرين منها "فتح الله تعالى بما لديه في بيان المدعي والمدعى عليه" و"الفتح الموهب في الحكم بالصحة والموجب" و"إظهار المستند في تعدد الجمعة في البلد" و"طي العبير لنشر الضمير" و"الجواب الوجيه في تزويج الوصي السفيه".
و"التدريب" وله حواشٍ على الروضة جمعها شيخنا الحافظ ولي الدين العراقي في مجلدين و"الأجوبة المرضية عن المسائل المكية" سأله عنها شيخنا الحافظ أبو حامد بن ظهيرة، وكان -رحمه الله تعالى- يتعانى نظم الشعر ولم يكن بذلك الناهض لقلة وزنه وركاكته وكان ينشده في مواعيده وكان من اللائق به الإعراض عنه صيانة لمجلسه منه وأن ينسب إليه، وله همة عالية في مساعدة أتباعه وأصحابه وسعد بسعادته جماعة من أقاربه، وأنجب أولاده البدر ثم الجلال ثم العلم وانتشرت ذريته ومات -رحمة الله عليه- قبل صلاة العصر بنحو ثلثي ساعة من نهار الجمعة العاشر من ذي القعدة الحرام سنة خمس وثمانمائة بالقاهرة ولم يخلف بعده مثله. وفيها مات بمكة الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عثمان الخليلي المقدسي المقري1 في صفر، وبدمشق التقي أحمد بن محمد بن عيسى بن حسن الياسوفي الدمشقي المعروف بالثوم2 وبالقاهرة القاضي تاج الدين أبو البقاء بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز الدميري المالكي في جمادى الآخرة، وببلد الخليل قاضيه سعد الدين بن إسماعيل بن يوسف3 النووي الشافعي الدمشقي في جمادى الأولى، وبدمشق الشيخ سلمان بن عبد الحميد بن محمد بن مبارك البغدادي الدمشقي الحنبلي، وبمكة السيد الشريف وجيه الدين عبد الرحمن بن أبي الخير محمد بن أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسني الفاسي المالكي في ذي القعدة، وبدمشق التقي عبد الله بن خليل بن الحسن بن طاهر4 الحرستاني الصالحي المؤذن، وبمكة الشيخ تاج الدين عبد الوهاب ابن الشيخ عبد الله بن أسعد بن علي اليافعي في يوم الأحد رابع شهر رجب ومولده في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة5، وبدمشق المسندة أم عمر كلثوم ابنة الحافظ تقي الدين
محمد بن رافع بن أبي محمد السلامي المصري الدمشقي، وقاضي الحنابلة بها شمس الدين محمد بن محمد بن محمود الصالحي الحنبلي1 وبمكة الشيخ غياث الدين محمد بن إسحاق بن أحمد الأبرقوهي الشيرازي في يوم الاثنين تاسع عشري جمادى الأولى ومولده في خمس وعشرين وسبعمائة، وبدمشق قاضيها علم الدين محمد بن القاضي شمس الدين محمد عرف بابن القصبي2 الدمشقي المالكي في المحرم، وبالإسكندرية الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الإسكندري المالكي، وبالقاهرة الأديب نور الدين محمود بن محمد بن إبراهيم الدمشقي عرف بابن هلال الدولة3، وبمصر رحلتها ومسندتها أم عيسى مريم ابنة الإمام شهاب الدين أحمد ابن قاضي القضاة شمس الدين محمد بن إبراهيم الأذرعي الحنفي4 في جمادى الأولى ولها خمس وثمانون سنة تقريبا، وبالقاهرة الشيخ نور الدين أبو بكر الحنفي عرف بالتاجر. أخبرنا فقيه الحجاز وحافظه الحاكم أبو أحمد بن أبي عمر القرشي قال: أخبرنا عمر بن رسلان الشافعي شيخ الإسلام بقراءتي عليه بالقاهرة قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سنان قراءة عليه وأنا أسمع ح وقرأت عاليا بدرجة على الإمام أبي اليمن محمد بن أحمد الطبري قلت له: أنبأك عدة منهم أبو الطاهر إسماعيل بن إبراهيم بن أبي بكر التفليسي
قالوا: وابن سنان أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن يوسف الدمشقي سماعا عليه قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود البوصيري قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القرشي1 المديني قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن الطفال2 قال: أخبرنا أبو الحسين3 محمد بن عبد الله بن زكريا قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الحافظ قال: أخبرنا محمد بن منصور قال: حدثنا سفيان هو ابن عيينة قال: حدثنا الزهري عن سعيد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم الأول فالأول فإذا فرغ الإمام طويت الصحف واستمعوا الخطبة فالمهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة والذي يليه كالمهدي بقرة ثم الذي يليه كالمهدي كبشًا" ثم ذكر الدجاجة والبيضة كذا في هذه الرواية: "فإذا فرغ الإمام"، الصواب ما ورد في غيرها وهو: "فإذا جلس الإمام" وفي بعضها "فإذا خرج الإمام" يعني من بيته إلى المسجد أو الجامع، والحديث صحيح أخرجه مسلم عن عمرو الناقد ويحيى بن يحيى وابن ماجه عن سهل بن أبي سهل وهشام بن عمار أربعتهم عن سفيان بن عيينة به فوقع لنا بدلا لهما عاليا ولله الحمد والمنة. العراقي عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم الكردي الرازياني ثم المصري الشافعي الإمام الأوحد العلامة الحجة الحبر الناقد عمدة الأنام حافظ الإسلام فريد دهره ووحيد عصره من فاق بالحفظ والإتقان في زمانه وشهد له بالتفرد في فنه أئمة عصره وأوانه زين الدين أبو الفضل: قدم أبوه من بلده رازيان من عمل إربل إلى القاهرة صغيرا فنشأ بها وخدم عدة من الفقراء منهم الشيخ تقي الدين القنائي4 وكان مختصا
بخدمته فشاهد منه كرامات جمة ومكاشفات عدة منها أنه لما تأهل وحملت زوجته ربما كانت تشتهي الشيء فتستحي من ذكره له فكان الشيخ تقي الدين يأمره به فيأتي به إليه فيتناول منه القليل ثم يرسل به إليها فلما جاءها المخاض واشتد بها الطلق جاءه يسأله الدعاء وإقامة خاطره معها فقال: لا بأس عليها تلد عبد الرحيم أو ولدت عبد الرحيم فكر إليها راجعا فوجدها قد تخلصت ووضعته، وكان ذلك في اليوم الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وسبعمائة بين مصر والقاهرة بمنشأة المهراني على شاطئ النيل المبارك. وكان يحضر إلى الشيخ تقي الدين1 فيلاطفه ويبره ويكرمه فتوفي والده وهو في الثالثة من عمره2 وكان كثير الكون بعد ذلك عند الشيخ وكان يتوقع أن يكون حضر عليه شيئا تبعا لبعض أهل الحديث فإنهم كانوا يترددون إليه للسماع عليه لأنه كان سمع على أصحاب السلفي لكنه لم يقف على شيء من ذلك وقصارى ما حضره قديما على قاضي القاضاة تقي الدين الإخنائي3 المالكي والأمير سنجر الجاولي وغيرهما في صغره قبل طلبه بنفسه ساعات نازلة وحفظ القرآن العظيم وله من العمر ثماني سنين وأقدم ما وجد له من السماع في سنة سبع وثلاثين وحفظ التنبيه واشتغل في العلوم وكان أول اشتغاله في القراآت والعربية فأول من أخذ عنه ذلك جماعة منهم الشيخ ناصر الدين محمد بن سمعون والشيخ برهان الدين إبراهيم بن لاجين الرشيدي والشهاب أحمد بن يوسف السمين والسراج عمر بن محمد الدمنهوري وكان متشوقا للأخذ عن الأستاذ أبي حيان والاجتماع به فبلغه عنه سوء خلق وحط على الفقراء فغير عزمه عن ذلك غيرة للفقراء لصحبته إياهم وخدمته لهم فحصل له بذلك العناية التامة وانهمك في علم القراآت حتى نهاه عن ذلك قاضي القضاة عز الدين بن جماعة فقال له: إنه علم كثير التعب قليل الجدوى وأنت متوقد الذهن
فينبغي صرف الهمة إلى غيره وأشار عليه بالاشتغال في علم الحديث فأقبل حينئذ عليه وطلب بنفسه وذلك في سنة اثنتين وأربعين. وكان أول من قرأ عليه الشهاب أحمد بن البابا ثم أخذ علم الحديث عن الشيخ علاء الدين بن التركماني الحنفي وبه تخرج انتفع فسمع عليه وعلى ابن شاهد الجيش صحيح البخاري وعلى ابن عبد الهادي صحيح مسلم وعلى أبي الفتح الميدومي جملة وهو أعلى من أخذ عنه مع أنه كان يمكنه أن يسمع من عدة من أصحاب النجيب ممن هو أكثر سماعا من الميدومي وأخذ عن جماعة من مشايخ مصر والقاهرة كمحمد بن علي القطرواني ومحمد بن إسماعيل ابن الملوك وابن الأكرام محمد بن عبد الله بن أبي البركات النعماني وابني الرفعة وعلي بن أحمد بن عبد المحسن1 ومحمد بن أبي القاسم الفارقي ومظفر العطار وأحمد بن محمد الرصدي والقاضي فخر الدين بن مسكين وأبي الحرم القلانسي وأبي الحسن العُرْضي2 ومحمد بن أحمد بن أبي الربيع الدَّلاصي3 وأبي القاسم أخي الحافظ أبي الفتح اليعمري وجمع من أصحاب الفخر بن البخاري ونحوهم، ورحل فسمع بعدة بلاد من ذلك بدمشق عن عدة من لقي بها أحمد بن عبد الرحمن المرداوي ومحمد بن إسماعيل الحموي وابن الخباز محمد بن إسماعيل قرأ عليه صحيح مسلم في ستة مجالس متوالية قرأ في آخر مجلس منها أكثر من ثلث الكتاب وذلك بحضور الحافظ زين الدين بن رجب وهو معارض بنسخته ومحمد بن موسى الشقراوي4 وابن قيم الضيائية عبد الله بن محمد بن إبراهيم المقدسي وأبي بكر بن عبد العزيز بن أحمد بن رمضان ومحمد بن محمد بن عبد الغني الحراني ويحيى بن عبد الله بن مروان الفارقي وحديثه عزيز وشيخ الإسلام تقي الدين السبكي وأخذ عنه علم الحديث فذكره في درسه معظما له على شأنه
ونوه بذكره ووصفه بالمعرفة والإتقان والفهم فقال له الحافظ عماد الدين بن كثير: أنا أستبعد منه تخريج حديث ابن عباس -رضي الله عنه- ما في الوضوء بالشمس1 ومن تعظيمه له أنه لما قدم القاهرة في سنة ست وخمسين أراد أهل الحديث السماع عليه فامتنع من ذلك وقال: لا أسمع إلا بحضوره وكان غائبا في الإسكندرية فمات قبل أن يصل ولم يحدثهم. وفي هذه الرحلة كتب2 عنه الحافظ عماد الدين بك كثير، وبحلب على الإمام جمال الدين إبراهيم بن الشهاب محمود وسلميان بن إبراهيم بن المطوع وعبد الله بن محمد بن المهندس وعدة وبحماة جماعة منهم قاضيها عبد الرحيم بن إبراهيم بن البارزي3 وعبد الله بن داود بن سليمان السلمي وبحمص من عمر بن أحمد بن عمر النقبي وغيره، وبطرابلس من جمع منهم عثمان الأعزازي4 والعلامة صدر الدين محمد بن أبي بكر بن عباس الخابوري، وبصفد من عمر بن حمزة بن يونس وست الفقهاء بنت أحمد بن محمد العباسي وغيرهما، وببعلبك من خلق منهم أحمد بن عبد الكريم بن أبي بكر وعبد القادر بن علي بن السبع وأحمد بن علي بن الحسن بن عمرون، وبنابلس من إبراهيم بن عبد الله بن أحمد الزيباوي ومحمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة وغيرهما، وببيت المقدس من جماعة منهم طاهر بن أحمد وقاسم بن سليمان الأذرعي وإبراهيم الزيبوي أيضًا والحافظ صلاح الدين العلائي فانتفع به ولازمه وأخذ عنه علم الحديث فنوه بذكره وعظم شأنه ووصفه بالفهم والمعرفة والإتقان والحفظ، وبالخليل من القيمري خليل بن عيسى المقري وغيره، وبغزة من جماعة منهم محمد
وسليمان ابنا سالم بن عبد الناصر، وبالإسكندرية من محمد بن محمد بن أبي الليث وابن البوري1 محمد بن أحمد بن عبد الله2 وعدة، وبمكة المشرفة من الإمام خليل المالكي والفقيه أحمد بن قسام بن عبد الرحمن الحرازي والشهاب الحنفي أحمد بن علي بن يوسف وغيرهم، وبالمدينة المنورة من العفيف المطري عبد الله بن محمد بن أحمد وجماعة. وهم بالرحلة إلى تونس لسماع الموطأ رواية يحيى بن يحيى على روايته3 بعلو خطيب الزيتونة بها فلم يتفق له ذلك، وقد خرج لنفسه أربعين بلدانية لم تكمل بلغ بها ستة وثلاثين بلدا قرأ عليه العشرة الأول منها شيخنا الحافظ أبو حامد بن ظهيرة في سنة أربع وسبعمائة4 ومن وقت أن ارتحل إلى الشام في سنة أربع وخسمين مكث مدة لا تخلو له سنة في الغالب من الرحلة في الحج أو طلب الحديث ففي سنة خمس وخمسين جاور مكة في الرجبية وحج واجتمع بالعلائي أيضًا ولازمه وفي سنة ست وخمسين ارتحل إلى الإسكندرية وفي سنة ثمان وخمسين ارتحل إلى دمشق ثم رحل إليها ثالثا في سنة تسع وخمسين وفي هذه النوبة جال في طلب الحديث غالب البلاد التي بها الرواية حتى وصل إلى حلب وهم بالارتحال منها إلى بغداد فعاقه عن ذلك خوف الطريق مع قلة الرواة هنالك، وفي سنة خمس وستين رحل بأولاده إلى الشام فأسمعهم بها وفي مدة إقامته في وطنه لم يكن لهم هم سوى السماع والتصنيف والإفادة فتوغل في ذلك حتى إن غالب أوقاته أو جميعها لا يصرفها في غير الاشتغال في العلوم وكان -رحمه الله تعالى- إماما مِفَنًّا حافظا ناقدا متقنا، قرأ بالروايات السبع وبرع بالحديث متنا وإسنادا وشارك في الفضائل وصار المشار إليه في الديار المصرية بالحفظ والإتقان والمعرفة تفقه بعدة منهم الشيخ عماد الدين محمد بن إسحاق البلبيسي والإمام جمال الدين عبد الرحيم بن الحسين5 الإسنوي وعنه
أخذ علم الأصول وعن الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد المؤمن بن اللبان وكان الإسنوي يستحسن كلامه في ذلك ويصغي إلى مباحثه فيه ويقول: إن ذهنه صحيح لا يقبل الخطأ، وكان يثني على فهمه ويمدحه بذلك وذكره في ترجمة الحافظ أبي الفتح ابن سيد الناس فقال: وشرح قطعة من الترمذي -يعني ابن سيد الناس- في نحو مجلدين وقد شرع في إكماله حافظ الوقت زين الدين العراقي إكمالا مناسبا لأصله. انتهى. وحضر دروس الشيخ شمس الدين محمد بن عدلان شيخ الشافعية في زمانه وتميز في ذلك ووضع شيئا على الحاوي وكان قد حفظ أكثره في اثني عشر يوما ثم مله فتركه وقيل إنه حفظ جميعه في خمسة عشر يوما وحبب إليه هذا الفن فانهمك فيه وصرف أوقاته إليه حتى غلب عليه وصار مشهورا به فتقدم فيه وانتهت إليه رياسته في البلاد الإسلامية مع المعرفة والإتقان والحفظ بلا ريب ولا ميرة بحيث إنه لم يكن له فيه نظير في عصره شهد له بالتفرد فيه عدة من حفاظ عصره منهم السبكي والعلائي والعز بن جماعة وابن كثير والإسنائي فكانوا يبالغون في الثناء عليه بالمغفرة، وقد سبق كلام بعضهم وكان لديه فنون من العلم منها القراآت والفقه وأصوله والنحو واللغة والغريب وكان له ذكاء مفرط وسرعة حافظة من الإلمام أربعمائة سطر في يوم واحد. قال القاضي عز الدين بن جماعة: كل من يدعي الحديث في الديار المصرية سواه فهو مدّعٍ، وكان يراجعه فيما يهمه ويشكل عليه ومصنفه في تخريج أحاديث الرافعي مشحون في حواشيه بخطه يسأل من الشيخ عبد الرحيم عنه، وقال: الحافظ تقي الدين بن رافع وهو بمكة في سنة ثلاث وستين وقد مر به الشيخ عبد الرحيم: ما في القاهرة محدث إلا هذا والقاضي عز الدين بن جماعة، فلما بلغه وفاة القاضي عز الدين وهو بدمشق قال: ما بقي الآن بالقاهرة محدث إلا الشيخ زين الدين العراقي، وكان الشيخ جمال الدين الأسنائي يحث الناس على الاشتغال عليه وعلى كتابة مؤلفاته وينقل عنه في مصنافته فمن ذلك أنه قال في كتابه: "الهداية إلى أوهام الكفاية" في كتاب الصداق عقيب كلام له: وسألت عنه صحابنا الشيخ زين الدين العراقي حافظ العصر، وقال ولده شيخنا الحافظ أبو زرعة: إنه حكي له أن الإمام جمال الدين بن هشام سأله عن شيء من علم الحديث فقال له: كأنه كذا ثم إنه لقيه بعد ذلك فقال: الذي سألتموني عنه هو كما ذكرت لكم فقال له: من حين قلت لي كأنه كذا تحققته، وحضر بدرسه في ألفية الحديث1 من أولها إلى آخرها الإمام شهار الدين أحمد بن النقيب بعد
كتابته لها في شرحها1 له أنه قال: إن الحافظ أبا محمود المقدسي سمع منه شيئا في سنة خمس وأربعين وولع بتخريج أحاديث الإحياء وله من العمر قريب من العشرين سنة. وكان -رحمه الله تعالى- صالحا خيرا دينا ورعا عفيفا صينا متواضعا حسن النادرة والفكاهة منجمعا ذا أخلاق حسنة منور الشيبة جميل الصورة كثير الوقار قليل الكلام إلا في محل الضرورة فإنه يكثر الانتصار تاركا ما لا يعنيه طارحا للتكلف شديد الاحتراز في الطهارة بحيث إنه يناله بسببها مشقة شديدة لا يصده عن ذلك مرض ولا غيره، وكان لا يلبس إلا ما يتيقن طهارته بأن يطهره بيده أو يطهره له صاحبه شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيثمي لا يعتمد في ذلك أصلا على غيره، وله في ذلك أحوال عجيبة لا يخل في حضر ولا سفر ولا في صحة ولا مرض ولم يكن يخرجه الاحتياط في ذلك إلى الوسوسة وكان -رحمه الله تعالى- شديد التواضع لا يرى له على أحد فضلا كثير الحياء ليس بينه وبين أحد شحناء حليما واسع الصدر طويل الروح لا يغضب إلا لأمر عظيم ويزول في الحال، ليس عنده حقد ولا غش ولا حسد لأحد ولا يواجه أحدا بما يكره ولو آذاه وعاداه مع صدعه بالحق وقوة نفسه فيه لا يأخذه في الله لومة لائم، إذا قام في أمر لا يرده عنه أحد لا يقوم شيء دونه، لا يهاب سلطانا ولا أميرا في قول الحق وإن كان مرًّا، يتشدد في موضع الشدة ويلين في موضع اللين وكان -رحمه الله تعالى- كثير التلاوة إذا ركب وافر الحرمة والمهابة نقي العرض ماشيا على طريقة السلف الصالح في المواظبة على قيام الليل وصيام الأيام البيض من كل شهر والست من شوال والجلوس في محله بعد صلاة الصبح مع الصمت إلى أن ترتفع الشمس فيصلي الضحى وعلى الإسماع والإقراء والتدريس والتصنيف، وكان -رحمه الله تعالى- له وظائف من تدريس وتصدير وخطابة ومواعيد وغير ذلك بالقاهرة وحج مرات وجاور بالحرمين الشريفين وولي القضاء والخطابة مع الإمامة في المدينة الشريفة -على الحالِّ بها أفضل الصلاة والسلام. وكان -رحمه الله تعالى- ذو فضائل جمة من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم والآداب ذا وضاءة ظاهرة وشكالة حسنة كأن في وجهه مصباحا من رآه علم أنه رجل صالح، له المؤلفات المفيدة المشهورة في علم الحديث والتخاريج الحسنة من ذلك "إخبار الأحياء بأخبار الإحياء" في أربع مجلدات فرغ من تسويده في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة قرأ عليه شيئا من الحافظ عماد الدين بن كثير وقد بيض منه نحوًا من خمسة وأربعين كراسا
وصل فيها إلى أواخر الحج. قرأ عليَّ1 ذلك ابنه شيخنا الحافظ أبو زرعة أحمد وينتهي ذلك إلى قوله الحديث الثامن والعشرين وقال -صلى الله عليه وسلم: "لم يصبر على شدتها ولأوائها أحد إلا كتب له2 شفيعا يوم القيامة" وبعد ذلك خمس ورقات من التبييض لم يقرأها ثم اختصره في مجلد ضخم سماه "المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار" فاشتهر وكتب منه نسخ عديدة وسارت به الركبان إلى الأندلس وغيرها من البلدان فبسبب ذلك تباطأ الشيخ عن إكمال تبييض الأصل وشرع قبل ذلك في مصنف متوسط بين المطول والمختصر فذكر فيه أشهر أحدايث الباب سماه "الكشف المبين عن تخريج أحياء علوم الدين" كتب منه شيئا يسيرا وحدث ببعضه قرأه عليه شيخنا نور الدين الهيثمي و"تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد" في الأحكام ثم اختصره في نحو نصف حجمه وشرح قطعة صالحة من الأصل في رقيب من مجلد ثم أكمله ولده شيخنا الحافظ أبو زرعة بعده والألفية المسماة بالتبصرة والتذكرة" في علم الحديث. وشرع في شرح مطول عليها كتب منه نحوًا من ست كراريس ثم تركه وعمل عليها شرحا متوسطا شاع في أيدي الناس وذاع و"التقييد والإصلاح3 لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح" و"النجم الوهاج في نظم المنهاج" يعني في الأصول للبيضاوي أَلْف بيتٍ وثلاثمائة وسبع وستين بيتا وله نكت عليه بيّن فيها حكمة مخالفته لعبارة المنهاج والتنبيه على دقائق ذلك بلغ فيه إلى أثناء الباب الخامس في الناسخ والمنسوخ وقد شرح هذا النظم كاملا ابنه شيخنا الحافظ ولي الدين ومنظومة في غريب القرآن العزيز ألف بيت "والدرر السنية في نظم السير الزكية" ألف بيت ونظم الاقتراح لابن دقيق العيد في أربعمائة وسبعة وعشرين بيتا وشرح منه مواضع متفرقة ابنه شيخنا الحافظ أبو زرعة وذيل على الميزان ثم لم يبيضه وذيل على ذيل العبر للذهبي من سنة إحدى وأربعين إلى سنة ثلاث وستين وذيل عليه ابنه شيخنا الحافظ ولي الدين و"الأحاديث المخرجة في الصحيحين التي تكلم فيها بضعف وانقطاع" لم يبيضه لكونه ذهب من المسودة كراسان "وإحياء القلب الميت بدخول البيت" و"المورد الهني في المولد السني" و"محجة القرب إلى محبة العرب" وكتاب في المرسل سماه "الإنصاف" وهو من آخر ما صنف قرأه عليه الحافظ شهاب الدين بن حجر و"قرة العين بوفاء الدين" وهو آخر مؤلفاته حدث به مرارا و"الاستعاذة بالواحد من إقامة جمعتين في مكان واحد" و"ترجمة الإسنائي" و"تفضيل زمزم على كل ماء قليل زمزم" ومسألة الشرب
قائمًا والجواب عن سؤال يتضمن تاريخ تحريم الربا و"فضل حراء" و"طرق حديث: "من كنت مولاه فعلي مولاه" و"الكلام على حديث التوسعة يوم عاشوراء" و"الكلام على صوم ست من شوال" و"مسالة قص الشارب" و"أجوبة ابن العربي" و"الكلام على حديث الموت كفارة لكل مسلم" و"الكلام على الأحاديث التي تكلم فيها بالوضع وهي في مسند الإمام أحمد" و"الكلام على مسألة السجود لترك القنوت" و"مشيخة القاضي ناصر الدين بن التونسي" و"ذيل مشيخة القاضي أبي الحرم القلانسي" تخريج ابن رافع و"أربعون تساعية للميدومي" و"أربعون عشارية" لنفسه أملاها بالمدينة بين القبر والمنبر وهي أول أماليه و"مشيخة لابن القاري عبد الرحمن" و"تخريج أحاديث منهاج البيضاوي" و"أربعون بلدانية انتخبها من صحيح ابن حبان و"معجم مشتمل على تراجم جماعة من أهل القرن الثامن" غالبهم شيوخ شيوخه وفيهم من شيوخه و"أربعون تساعية" و"عشرون ثمانية" كلاهما من رواية البياني1 و"الكلام على الحديث الوارد في أقل الحيض وأكثره" و"ترتيب من له ذكر تخريج أو تعديل في بيان الوهم والإيهام" لابن القطان على حروف المعجم، وما لم يكمل "تكملة شرح جامع الترمذي" لابن سيد الناس وهي من باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام إلى قوله في أثناء كتاب البر والصلة باب ما جاء في الستر على المسلمين ثلاثة عشر مجلدا خرج من ذلك إلى أثناء الصيام قريبا من ست مجلدات، قرأ عليه ابنه شيخنا الحافظ أبو زرعة من ذلك بحثا وتدبرا بحضرة جماعة نحوا من خمس مجلدات انتهاؤها في أثناء باب ما جاء في الصوم بالشهادة و"أطراف صحيح ابن حبان" بلغ فيه إلى أول النوع الستين من القسم الثالث وكذا رجاله سوى ما في التهذيب بلغ فيه نظير أطرافه و"رجال سنن الدارقطني" سوى ترجمة ما في التهذيب بلغ فيه2. الكل مسودة و"أربعون بلدانية" لم تكمل بقي عليه منها أربعة بلدان قرأها عليه الحافظ3 أبو حامد ابن ظهيرة، وشرع في الإملاء من سنة خمس وتسعين إلى أن مات فأملى أولًا أشياء مفرقة ثم على الأربعين للنواوي ثم على أمالي الرافعي ثم شرع يملي من تخريج المستدرك فكتب منه إلى أثناء كتاب الصلاة قريبا من مجلد ثلاثمائة مجلس ومجلس
واحد، وذلك من أول السادس عشر بعد المائة إلى آخر السادس عشر بعد الأربعمائة لكن الثامن بعد الأربعمائة أملاه فيما يتعلق بغلاء السعر وتغيير السكة وغير ذلك مما كان حدث وذلك في شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانمائة والثالث عشر بعده أملاه فيما يتعلق بطول العمر وختمه بقصيدة تزيد على عشرين بيتا منها قوله: بلغت في ذا اليوم سن الهرم ... تهدم العمر كسيل العرم والرابع عشر والخامس عشر أملاهما من الأحاديث العشاريات الستين التي خرجها له الحافظ أبو الفضل ابن حجر من مسموعاته صلة للأربعين التي خرجها هو لنفسه والسادس عشر فيما يتعلق بالاستسقاء ختمه بقصيدة أولها: أقول لمن يشكو توقف نيلنا ... سلِ الله يمدده بفضل وتأييد وآخرها: وأنت فغفار الذنوب وساتر الـ ... ـعيوب وكشاف الكروب إذا نودي وفي أثناء ذلك استسقى به أهل الديار المصرية فصلى بهم وخطبهم بخطبة بليغة ضمنها أحاديث المجلس المذكور وغيرها فرأوا البركة بعد ذلك من تراجع الأشياء بعد اشتدادها ولم تظل حياته بعد ذلك، وقد انتهت إليه رياسة الحديث ودرس بعدة أماكن وأفتى وحدث كثيرا بالحرمين ومصر والشام وأفاد وتكلم على العلل والإسناد ومعاني المتون وفقهها فأجاد وقُصد من مشارق الأرض ومغاربها فرحل إليه للأخذ عنه والسماع الجمّ الغفير الكبير منهم والصغير فلازموه وانتفعوا به وكتب عنه جميع الأئمة من العلماء والأعلام والحفاظ ذوي الفضل والانتقاد مع الدين والورع والصيانة والعفاف والتواضع والعبادة والمروءة، ومحاسنه جمة توفي -تغمده الله برحمته- في ليلة أو يوم الأربعاء ثامن من شعبان المكرم سنة ست وثمانمائة بالقاهرة المعزية. وفيها مات بمكة مسند الدنيا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق بن إبراهيم بن يوسف الدمشقي الصوفي المؤذن شهر بالرسام1 في ليلة ... 2 سادس عشر من شوال وله ست وثمانون سنة، وبصالحية دمشق أبو العباس أحمد بن داود بن إبراهيم بن داود القطان في شهر رجب، وبمصر المسند شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد بن علي بن ضرغام شهر بابن سكر3 البكري الحنفي، وفي زبيد شيخ الصوفية بها الشيخ إسماعيل بن إبراهيم
الجبرتي، وبصالحية دمشق عبد الله بن عثمان عرف بابن1 وبطابة الشيخ عبد الله بن المغربي المالكي وشهر بالدكالي2 المدرس بالمسجد النبوي، وبالقاهرة قاضي القضاة الحنابلة نور الدين علي بن خليل عرف بالحكري المصري، وبمصر شمس الدين أبو بدر الدين محمد بن حسين3 بن علي شهر بالفرسيسي المصري الصوفي في شهر رجب وله سبع وثمانون سنة4، وأبو حيان محمد بن فريد الدين حيان ابن الأستاذ أبي حيان محمد بن يوسف، وبطيبة السيد أبو الخير محمد بن الشريف عبد الرحمن بن أبي الخير الفاسي، وبالقاهرة قاضي القضاة ناصر الدين محمد بن محمد بن عبد الرحمن شهر بابن الصالحي5 المصري الشافعي في المحرم، وبمصر سعد الدين محمد بن محمد بن محمد بن حسن المصري الصوفي، وبالقاهرة المحدث شرف الدين أبو الفضل محمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز عرف بالقدسي في شوال، وبطرابلس شمس الدين محمد6 ابن الشيخ يوسف بن إبراهيم بن عبد الحميد القدسي، وبالقاهرة أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطي الخزرجي المكي نزيل مصر7، وبعدن قاضهيا رضي الدين أبو بكر بن محمد عرف بالحبيشي العدني الشافعي معزولًا عن القضاء. كتب لنا حافظ الوقت زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن المصري منها وسمعت على الإمام أبي حامد محمد بن عبد الله المخزومي بمكة قالا: أنبأنا الحافظ العلامة أبو سعيد خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي: قال الأول مشافهة إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي بقراءتي قال: أخبرنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المزي قال: أخبرنا محمد بن
عبد الخالق بن محمد بن طرخان قال: أخبرنا الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي ح وأذن لنا عاليا بثلاث درجات المعمر أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق عن المعمر أبي العباس أحمد بن أبي طالب بن نعمة أن أبا الفضل جعفر بن علي أنبأه قالا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي: قال جعفر أذنا قال: أخبرنا الحافظ أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا الحافظ أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا ح وشافهنا عاليا عن هذا بدرجتين وعن الذي قبله بخمس درجات الفقيه العلامة أبو بكر الحسين1 بن عمر المدني بالمسجد الحرام عن أحمد بن إدريس بن محمد بن مزيز أن صفية بنت عبد الوهاب بن علي القرشي أذنت له عن أبي الفرج مسعود بن الحسين بن القاسم2 بن الفضل الثقفي قال: أنبأنا وقال ابن ماكولا: حدثني الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي قال: حدثني الحافظ أبو حازم العبدُوّي3 قال: حدثنا أبو عمرو بن مطر قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف الهسنجاني4 قال: حدثنا أبو الفضل بن زياد صاحب أحمد بن حنبل يعني قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا علي بن المديني قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص عن أبي سلمة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأخذن من رؤوسهن حتى يكون كالوفرة". وأذن لنا عاليا عن هذه الرواية بأربع درجات وعن الأولى بتسع درجات الحافظ العلامة أبو الفضل عبد الرحيم من مصر في كتابه وأبو بكر العثماني سماعا عليه بالمسجد الحرام قالا: أخبرنا
أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي المقدسي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن صدقة الحراني قال: أخبرنا أبوعبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي الفُراوي1 قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عيسى بن محمد الجَلودي2 قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري ح وشافهنا بعلو درجة عن هذه وعن الطريق الأولى بعشر درجات إبراهيم بن محمد عن أبي النون يونس بن عبد القوي [عن ابن المقير عن محمد بن ناصر السلامي] أن أبا القاسم عبد الرحمن بن [أبي عبد الله محمد بن منده] أنبأه عن الحافظ [أبي بكر محمد بن عبد الله الجوزقي] أن أبا الحسن مكي بن عبدان النيسابوري أنبأه: قالا: حدثنا أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري قال: وحدثني عبد الله بن معاذ العنبري3 قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: دخلت على عائشة وأنا أخوها من الرضاعة فسألتها4 عن غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- من الجنابة فدعت بإناء قدر الصاع فاغتسلت وبيننا وبينها ستر فأفرغت على رأسها ثلاثا قالت -رضي الله عنها: "وكان أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يأخذن من رؤوسهن حتى يكون كالوفرة" حديث صحيح اتفق الشيخان عليه من حديث شعبة بن الحجاج فرواه مسلم كما سقناه والبخاري عن عبد الله بن محمد عن عبد الله بن عبد الصمد وأخرجه النسائي
عن محمد بن عبد الأعلى عن خالد كلاهما عن شعبة فوقع لنا بدلا لهما في شيخي شيخيهما وموافقة لمسلم في روايته الأولى وقد وقع لنا فيها مسلسلا بالأئمة الحفاظ وفيه لطيفة من رواية الأقران بعضهم عن بعض، والله سبحانه وتعالى أعلم. أبو الحسن الهيثمي 1 علي بن أبي بكر بن سليمان بن أبي بكر بن عمر بن صالح المصري الشافعي الإمام الأوحد الزاهد الحافظ نور الدين أبو الحسن: ولد في شهر رجب سنة خمس وثلاثين وسبعمائة فلما كان قبيل الخمسين صحب الحافظ أبا الفضل العراقي ولازمه أشد ملازمة إلى أن بلغ حمامه فخدمه وانتفع به وصاهره على ابنته فرزق منها أولادا وحصل له بركته فسمع معه غالب مسموعاته وكتب الكثير من مصنفاته وربما سمع الشيخ أحيانا بقراءته، وأشار عليه بجمع ما في مسند الإمام أحمد من الأحاديث الزائدة على الكتب الستة فأعانه بكتبه وأرشده إلى التصرف في ذلك فلما فرغ من تسويده حرر له2 الشيخ وهو كبير الفائدة وسماه "غاية المقصد في زوائد أحمد" ثم حبب إليه هذا التخريج فخرج "البحر الزخار في زوائد البزار" و"المقصد في زوائد أبي يعلى" الموصلي و"مجمع البحرين في زوائد المعجمين" و"البدر المنير في زوائد المعجم الكبير" ثم جمع الكل محذوف الإسناد في الكلام عليها بالصحة والضعف في مؤلف واحد وسماه "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" وله أيضًا "موراد الظمآن لزوائد ابن حبان" و"بغية الباحث عن زوائد الحارث" ورتب ثقات ابن حبان ترتيبا جيدا على ما فيها من الخلل وثقات العجلي والأحاديث المسندة في حليلة الأولياء للحافظ أبي نعيم فمات وهي مسودة فبيض نحو ربعها الحافظ أبو الفضل ابن حجر. وكان -رحمه الله تعالى- عليه إماما عالما حافظا ورعا زاهدا متقشفا متواضعا خيرا هينا لينا سالكا3 سليم الفطرة شديد الإنكار للمنكر كثير الاحتمال محبا للغرباء وأهل الدين والعلم والحديث كثير التودد إلى الناس مع العبادة والاقتصاد والتعفف وكان -رحمه الله تعالى- من محاسن القاهرة ومن أهل الخير، غالب أوقاته في اشتغال وكتابة كثير التلاوة بالليل والتهجد وكان تغمده الله تعالى برحمته استحضاره كثيرا للمتون يجيب عنها بسرعة فيعجب ذلك شيخنا الحافظ زين الدين العراقي وربما رجح في حفظ المتون عليه، سمع بالقاهرة الخطيب أبا الفتح الميدومي ومحمد بن إسماعيل ابن الملوك وأحمد بن الرصدي وعبد الرحمن بن عبد الهادي ومحمد بن عبد الله النعماني وجماعة، وارتحل إلى دمشق مصاحبا للحافظ أبي الفضل
العراقي فسمع بها أحمد بن عبد الرحمن المرداوي ومحمد بن إسماعيل الخباز وعدة وسمع ببيت المقدس والإسكندرية، توفي رحمة الله تعالى عليه في ليلة الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر رمضان المعظم قدره سنة سبع وثمانمائة بالقاهرة ولم يخلف بعده مثله. وفي هذه السنة مات بدمشق محيي الدين أبو اليسر أحمد بن التقي عبد الله ابن قاضي القضاة بدر الدين محمد الأنصاري الصالحي عرف بابن الصائغ، والمحدث بدر الدين أبو حمزة أنس بن علاء الدين علي بن محمد بن أحمد بن سعيد الأنصاري الدمشقي في رجب، وبالقاهرة الرئيس كريم الدين عبد الكريم بن أحمد بن عبد العزيز المشهور بحده1 المصري، ومسندها جمال الدين أبو المعالي عبد الله بن عمر بن علي بن مبارك عرف بالحلاوي2 الهدي في صفر عن تسع وسبعين سنة، والخطيب جمال الدين عبد الله بن محمد بن برهان الدين إبراهيم بن عبد الله بن لاجين شهر بالرشيدي المصري في رجب، وقاضي العسكر عبد الله الأردبيلي3، وقاضي حلب عبد الله النحريري المالكي، والمفتي شرف الدين عبد المنعم البغدادي الحنبلي، والقاضي نور الدين علي ابن الشيخ سراج الدين عمر بن أبي الحسن علي بن أحمد الأنصاري، وعلي بن محمد بن وفا الشاذلي الصوفي، وعيسى بن حجاج الشاعر، والضياء محمد بن الجمال محمد بن سالم بن علي بن إبراهيم الحضرمي المكي في شعبان، وناصر الدين محمد بن صلاح الدين صالح بن السفاح الحلبي، وبصفد شمس الدين محمد بن عبد الرحمن المشهور بالصيني4 المدني الشافعي، وبالقاهرة العدل المؤرخ ناصر الدين محمد بن عبد الرحيم بن علي بن الحسن عرف بابن
الفرات1 المصري الحنفي في ليلة عيد الفطر، وبمكة المشرفة المسند أبو الطيب محمد بن عمر بن علي بن عمر السحولي2 المكي في يوم التروية، وبالقاهرة سراج الدين أبو الطيب محمد بن عز الدين أبي اليمن محمد بن عبد اللطيف بن الكويك الربعي، وبدمشق القاضي شمس الدين محمد بن3 شهر بابن عباس الغزي الشافعي. أذن لنا الإمام الحافظ نور الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي المصري في كتابه منها والعلامة أبو الطاهر محمد بن يعقوب اللغوي الشيرازي مشافهة وسمعت على العلامة الحاكم أبي حامد محمد بن عبد الرحمن الأنصاري المدني ويعرف بالمطري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز الأنصاري قال: أبو حامد أذنا زاد والأول فقالا: والخطيب أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي البكري قال: أبو حامد كتابة قال: أخبرنا أبو الفرح عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي الحراني ح وقال ابن الخباز: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي حضورا: قالا: أخبرنا أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب الحراني ببغداد قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا إسماعيل بن عباس عن محمد بن زياد الألهاني4 عن أبي راشد الحُبْراني5 قال: أتيت عبد الله بن عمرو -رضي الله
عنهما- فقلت له: حدثنا بما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فألقى إليّ صحيفة وقال: هذا ما كتب لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنظرت فإذا فيها: "أن أبا بكر الصديق -رضوان الله عليه- قال: يا رسول الله علمني ماذا أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت. فقال -عليه الصلاة والسلام: "يا أبا بكر، قل: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءًا أو أجره إلى مسلم" أخرجه الترمذي في جامعه عن الحسن بن عرفة العبدي فوافقناه بعلو ولله الحمد والمنة.
طبقة أخرى صغرى
طبقة أخرى صغرى: ابن الحُسباني 1 أحمد بن إسماعيل بن خليفة بن عبد العال الدمشقي الشافعي الإمام العلامة الحافظ شهاب الدين أبو العباس: مولده في أواخر سنة تسع وأربعين وسبعمائة بدمشق اشتغل وحصل وتفقه بجماعة منهم والده2 وأجيز بالفتوى وبرع في علم العربية أخذه عن أبي العباس العناني3 وطلب الحديث بنفسه فقرأ وسمع وكتب الكثير عن شيوخ بلده وغيرهم وتقدم على أقرانه في عدة من فنون العلم وهو شاب مع الذكاء المفرط والذهن الثاقب يستحضر كثيرا، سمع بمدمشق من عدة من أصحاب الفخر بن البخاري وغيرهم منهم ابن الهبل4 وابن أميلة والصلاح بن أبي عمر وأخذ عن الحافظين ابن كثير وابن رافع بمصر من البهاء محمد بن أبي اليسر وجويرية ابنة الهكاري ولم يزل يسمع حتى سمع ممن هو دون شيوخه ومسموعاته جمعة لا تحصر لكن غاب عنه أكثرها، وكان -رحمه الله تعالى- أحد الأئمة العلماء الأمجاد والحفاظ الجلة النقاد فقيه دمشق ومفتيها وحافظها، درس قديم بالأمينية وولي درس الحديث بالأشرفية وناب في الحكم مدة بدمشق ثم اشتغل بقضائها5، دأب في التأليف واجتهد في التصنيف خصوصا في التفسير وتكلم على الرجال بالتحرير
كتب الكثير وحدث باليسير وجمع من الكتب والأصول في مَصره ما لم يكن عند أحد من أهل عصره لكنها في الفتنة1 بادت وكأنها ما كانت، ذكره قاضي صفد محمد بن عبد الرحمن العثماني فيمن كان بدمشق في العشر الثامن من القرن الثامن من أعيان الفقهاء الشافعية فقال في حقه شيخ دمشق وابن شيخها العلامة شهاب الدين: له حلقة بالجامع الأموي وغيره. انتهى. ومما ألفه "جامع التفاسير" أجاد في تهذيبه وجمع فيه فأوعى و"شافي العي في تخريج أحاديث الرافعي" و"الدر المنظوم في سيرة النبي المعصوم" و"طبقات الشافعية" و"ترتيب طبقات القراء للذهبي" و"تعليق على الحاوي" و"شرح ألفية ابن مالك"، قال الحافظ شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن ناصر الدين: لم يكمل فيما أعلم تأليفا ولا رأيت له تصنيفا. انتهى. قلت لعل موجب ذلك تلافها في الفتنة، سمع منه جمع من الأئمة الفضلاء والحفاظ النبلاء وكتب لي بالإجازة وكان بعد الوقعة اللنكية العظمى قد فتر عن الاشتغال وفتن بحب ولده تاج الدين فوقع في الإدبار وصرف عن الإقبال وألقاه في مهاوي المهالك حتى ضاقت عليه المسالك2 إلى أن مات بالصالحية في يوم الأربعاء العاشر من شهر ربيع الثاني سنة خمس عشرة وثمانمائة تغمده الله برحمته. وفيها مات بالبيت المقدس الإمام شهاب الدين أحمد بن محمد بن عماد شهر بابن الهائم المصري في جمادي الثانية، وبزبيد فقيهها القاضي شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن علي الناشري في المحرم، وبدمشق الملك بنت إبراهيم بن خليل3 بن محمود
وعرف والدها بالشرايحي في شهر ربيع الثاني، وبالقاهرة الجلال جار الله بن صالح بن أحمد بن عبد الكريم بن أبي المعالي الشيباني في أواخر ذي الحجة، وبعده بسبعة أيام ابنه جمال الدين محمد، وبطابة المسندة أم محمد رقية بنت يحيى بن العفيف عبد السلام بن محمد بن مزروع في صفر ولها تسع وثمانون سنة1، وبدمشق المسند طنبغا بن عبد الله التركي2، والمسندة أم علي عائشة بنت علي بن محمد بن عبد الغني بن منصور الذهبي3 في شهر رمضان، وجمال الدين عبد الله بن محمد بن عثمان4 المصري الشافعي مقتولًا، وبمكة الشيخ نور الدين علي بن محمد بن أبي بكر الشيبي، وسراج الدين عمر الهندي الحنفي ويعرف بالفافا5 وزين الدين أبو الخير محمد بن أحمد بن محمد ابن الحافظ محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري في السادس عشر من شهر رمضان المكرم وله سبع وسبعون سنة، وبدمشق بهاء الدين محمد بن أحمد إمام المشهد6 الشافعي، وبمكة الأديب جمال الدين محمد بن حسين7 بن عيسى
شهر بابن العليف1 الحُلوي2 وبحلب قاضيها محب الدين أبو الوليد محمد بن محمد الشهير بابن الشحنة الحنفي في شهر ربيع الآخر، وبمكة شمس الدين محمد بن مسعود النحريري، وبدمشق شرف الدين محمود بن عمر بن محمود الأنطاكي3 النحوي في شعبان، وبشيراز ذو التصانيف السائرة عالمها الشريف الجرجاني واسمه علي بن محمد بن علي وقيل: علي بن علي بن حسين4 وعمره سبعة وسبعون سنة. ابن حِجّي أحمد بن حجي- بكسر الحاء المهملة والجيم الثقيلة- ابن موسى بن أحمد بن سعد بن غشم بن غزوان بن علي بن شرف بن تركي السعدي الحسباني 5 الدمشقي الشافعي: يقال: إنه من عطية أبي محمد السعدي6 الصحابي المشهور من بني سعد بن بكر نزل الشام وكان له أولاد بالبلقاء وقد انتسب إليه فقال فيما وجد بخطه في ترجمة والده من معجمه بعد أن ذكر نسبه إلى تركي فقال: من ولد عطية أبي محمد السعدي ظنًّا. انتهى. وهو الحافظ العلامة الإمام حافظ الشام ومؤرخ الإسلام شهاب الدين أبو العباس ولد في أوائل المحرم سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وسمع على محمد بن موسى بن سليمان الشيرجي وحسن بن الهبل ومحمد بن المحب عبد الله بن محمد المقدسي وأحمد بن محمد بن عمر شهر بزُغْنُش7
وعمر بن حسن بن أميلة ويوسف بن محمد بن محمد بن علي الصيرفي ومحمد بن عبد القاهر بن عبد الرحمن الشهروزوري والصلاح محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أبي عمر وقريبه أحمد بن النجم إسماعيل وزينب بنت قاسم ومحمد بن عبد الله الصفوي وابن السيوفي وابن النقي1 وعثمان بن يوسف بن غدير والحافظ تقي الدين بن رافع وعدة لا يحصون بطلبه واعتنائه، وأجاز له في سنة تسع وخمسين باستدعاء ابن سند الحافظ خلائق منهم ابن الجوخي وابن القيم وعمر بن عثمان بن سالم وإبراهيم بن محمد التونسي والحافظ أبو سيد العلائي والجمال بن نباتة والزيباوي وإسماعيل بن سنجر ومحمد بن محبوب والقاضي تقي الدين بن المجد وعبد القادر بن سبع ومحمود بن أبي بكر بن محمد وباستدعائه أيضًا في سنة إحدى وستين من مكة الشهاب أحمد بن علي بن يوسف الحنبلي2 وأم الهدي عائشة ابنة الخطيب تقي الدين عبد الله حفيدة المحب الطبري وطائفة سواهما. وأجاز له أيضًا فيما كتب بخطه من أصحاب ابن البخاري حفيده وست العرب3 بنت محمد ومحمد بن أبي بكر الأعزازي ومحمد بن إبراهيم البياني لكن قال: يحرر هذا وإسماعيل بن محمد الأرموي، والده شيخ البلاد الشامية نحوًا من عشرين سنة وتفقه به وبغيره من ذوي العلوم المرضية كالقاضي أبي البقاء السبكي وابن قاضي شهبة محمد بن عمر وغيرهما من الأئمة فحصل فنونا من العلوم جمة ومهر في علم الحديث والفقه وأفتى ودرس مع الصيانة والديانة، ولي الخطابة بجامع بني أمية في دمشق وناب في القضاء ثم تركه ولزم بيته فجمع نفسه للإفادة والاشتغال وعرض عليه القضاء فامتنع واشتهر ذكره وبعد صيته وكان لهجا بعلم التاريخ والمواقيت، وقدم القاهرة رسولا من المؤيد شيخ في سنة ثمان وثمانمائة، وبخط صاحبنا الحافظ أبي الحرم الأقفهسي أنه سمعه يقول: رأيت في النوم4 فعرفت أنه
ميت فقلت له: كيف أنت؟ قال: إني طيب، بعد أن تبسم، فقلت: أيما أفضل الاشتغال بالفقه أو الحديث؟ قال: الحديث بكثير، وله تآليف حسنة1 مفيدة منها تاريخ من عاصرهم وتعليق على الألغاز للإسنوي، وكان -رحمه الله تعالى- أحد مشايخ الحديث والفقه عديم المثل لطيف الشكل مع الخلق الحسن والإحسان علامة الزمان وأحد أئمة هذا الشأن معرفة وإتقانا للوقائع وتراجم الرجال والدولة وتقلب الأحوال مع فتاويه المحررة المهذبة، وحدث سمع منه عدة من الأئمة والطلبة، كتب لي خطه بالإجازة، ومات -رحمه الله تعالى- في سادس المحرم سنة ست عشرة وثمانمائة بدمشق المحروسة. وفي هذه السنة مات بها برهان الدين إبراهيم بن أحمد بن خضر الحنفي والشيخ برهان الدين إبراهيم بن محمد المشهور بابن زُقَّاعة2 وقاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن ناصر بن خليفة الباعوني3 والقاضي أبو العباس أحمد المشهور بابن السبتية4، وبتعز الشيخ حسام الدين حسن بن علي الأَبِيَورْدي5 في جمادى الثانية، وأم عبد الهادي الصالحية ولها ثلاث وتسعون سنة، وبمكة الشيخ عبد القوي بن محمد بن عبد القوي البِجائي6 المغربي، وبالقاهرة الإمام فخر الدين عثمان بن إبراهيم بن أحمد البرماوي، وبدمشق القاضي صدر الدين علي بن أمين الدين محمد بن محمد عرف بابن الأَدْمي7 الدمشقي في رمضان، وبالقاهرة القاضي نور الدين علي القرافي، وشمس الدين محمد بن أحمد بن خليل الغراقي8 -بالغين المعجمة- وبتعز قاضيها جمال الدين محمد بن عمر
المشهور بالعوادي1 الشافعي، وبدمشق القاضي شمس الدين محمد بن محمد الإخنائي في شهر رجب، والقاضي شرف الدين موسى بن أحمد بن موسى الرمثاوي، وبطيبة قاضهيا العلامة زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغي2 العثماني في مستهل ذي الحجة وله بضع وثمانون سنة، وبعدن خطيبها رضي الدين أبو بكر بن يوسف بن أبي الفتح شهر بابن المستأذن العدني. أنشدنا الحافظ أبو العباس أحمد بن حجي الحسباني في كتابه قال: أنشدنا الإمام العالم البارع الأديب الأوحد أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الكريم بن الموصلي الطرابلسي من لفظه لنفسه: إن كان إثبات الصفات جميعها ... من غير كيف موجبا لومي وأصير تيميا بذلك عندكم ... فالمسلمون جميعهم تيمي ابن ظهيرة محمد بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق بن محمد بن علي بن عليان بن هاشم بن حزام بن علي بن راجح بن سليمان بن عبد الرحمن بن حرب بن إدريس بن جعفر بن هاشم بن قاسم بن الوليد بن جندب بن عبد الله بن الحارث بن عبد الله بن الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم: كذا نقلت هذا النسب من خط بعض أقاربه وذكر أنه نقله من خط أخيه عمر بن عبد الله بن ظهيرة المخزومي الشافعي الإمام العلامة الحافظ قاضي مكة وخطيبها وناظر حرمها وأوقافها ولاحسبة بها وشخيها في الفتوى والتدريس وعليه بها دارت الفتوى على مذهب ابن إدريس حافظ الحجاز وفقيهه وشيخ الإسلام بن جمال الدين أبو حامد مولده في ليلة عيد الفطر سنة إحدى وخمسيبن وسبعمائة بمكة المشرفة فنشأ بها على عفة وصيانة ونزاهة وكان إماما علامة حافظا متقنا مفَنًّا ذا دين وعبادة وصلاح واشتغال وإفادة مع رفعة القدر والرتبة والسيادة اشتغل في صغره وطلب بنفسه فحصل فنونا من العلم وقرأ بالروايات السبع على التقي البغدادي وغيره وتفقه على فقهاء بلده كعمه العلامة قاضي القضاة شهاب الدين أحمد وشيخ الإسلام قاضي القضاة بمكة العلامة كمال الدين أبي الفضل النويري
وأجازه بالإفتاء والتدريس ولازمهما وانتفع بهما وسمع بها الحديث على عبدة منهم الإمام ضياء الدين أبو الفضل محمد المدعو بخليل بن عبد الرحمن المالكي وهو أقدم شيوخه سماعا والجمال محمد بن أحمد بن عبد لمعطي الأنصاري والعلامة ولي الله تعالى عفيف الدين أبو محمد عبد الله بن أسعد اليافعي، وأحمد بن سالم بن ياقوت المكي المؤذن وغيره من القادمين إليها. وارتحل إلى مصر فسمع بها من جماعة كابن القاري وابن الشيخة والبهاء بن خليل والقاضي عز الدين بن جماعة وتفقه بشيخ الإسلام سراج الدين البلقيني وأجازه بأربعة علوم الحديث والفقه وأصوله والعربية وبابن الملقن وأجازه بالفتوى والتدريس ولازم شيخ الإسلام بهاء الدين أبا البقاء السبكي وحضر دروسه وتفقه به وهو أجل شيوخه وصحبه إلى دمشق فسمع بها من ابن أميلة وأحمد بن النجم إسماعيل بن أبي عمر وقريبه الصلاح محمد بن أحمد بن إبراهيم وجمع وسمع بعدة من بلاد الشام كبيت المقدس وبعلبك وحلب وغيرها. ورحل إلى الإسكندرية فسمع بها من جماعة منهم التقي بن عزام وغير ذلك من الأقطار، وشيوخه خلائق يجمع غالبهم معجمه الذي خرجه له صاحبنا الحافظ أبو الحرم خليل بن محمد الأقفهسي حدث به وبغالب مسموعاته فسمعته منه والكثير من مروياته، وقد جمعت أسانيد مسموعاته في مجلد ضخم مرتب على حروف المعجم مع تراجم أصحاب الكتب والأجزاء وقد برع في علوم عدة منها الحديث والفقه وتصدر بعد السبعين بمكة المشرفة للإفادة بضعا وأربعين عاما فازدحم عليه الطلبة منها ومن الغرباء القادمين إليها فأخذوا عنه وانتفعوا به وكثرت تلامذته، حضرت دروسه في الفقه والحديث وغير ذلك ولازمته مدة سنين من أول القرن إلى حين مات فانتفعت به وتخرجت، سمع منه الأئمة والحفاظ وانتفع به جماعة وكان -رحمه الله تعالى- منجمعا عن الناس ساكنا متواضعا صالحا دينا مع الوقار والسمت الحسن وسلامة الصدر له أوراد وعبادة لا يقطعها في طول الزمن، كتب بخطه الكثير وله تعاليق وفوائد، خرج لنسفه جزءا أوله المسلسل بالأولية وجزءا فيما يتعلق بزمزم حدث بهما غير مرة وكتب شرحا على مواضع من الحاوي الصغير وله الشعر الحسن سمعت عليه أساميه1، ذكره شيخنا الحافظ أبو زرعة العراقي في ترجمة والده فيمن أخذ عنه فقال: والحافظ شيخ الحجاز الآن جمال الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة انتهى وكانت وفاته تغمده الله برحمته بمكة المشرفة ليلة الجمعة السادس عشر من شهر رمضان المعظم قدره سنة سبع عشرة وثمانمائة بمكة المشرفة ولم يخلف بها بعده مثله.
وفي هذه السنة مات بالقدس قاضيه بدر الدين حسن بن موسى بن مكي1 الشافعي، والفقيه وجيه الدين عبد الرحمن بن أحمد الحصري الربعي2، وبطابة قاضيها زين الدين عبد الرحمن بن علي بن يوسف الزرندي3 الحنفي في شهر ربيع الأول، وبمكة قاضيها عفيف الدين عبد الله بن صالح بن أحمد بن عبد الكريم الشيباني المكي الشافعي، وبالقاهرة مسندها جمال الدين عبد الرحيم4 بن علي بن محمد الكناني العسقلاني وله سبع و5 سنة، وبدمشق شمس الدين محمد بن محمد بن محمد عباس6 الخريفي 7 التاجر
في شهر رمضان، وبالطور فتح الدين محمد بن محمد المخزومي المصري، وبزبيد قاضيها العلامة اللغوي مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد الفيروزآبادي الشافعي مؤلف القاموس في ليلة العشرين من شوال وله بضع وثمانون سنة، وبمكة شيخ الحجبة فاتح بيت الله تعالى أبو بكر بن محمد بن أبي بكر الشيبي الحجبي. أخبرنا الفقيه الإمام الحافظ جمال الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة المخزومي سماعا عليه بالمسجد الحرام عودا على بدء قال: أخبرنا الفقيه الإمام المحدث تقي الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عزام الريغي1 الشافعي الإسكندري بقراءتي عليه بها غير مرة ح وشافهنا بعلو درجة أبو إسحاق إبراهيم بن محمد قال: حدثنا الفقيه الإمام2 الحافظ بدر الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الشافعي قال شيخنا في كتابه: زاد ابن عزام فقال: والفقيهان العلم محمد بن أبي بكر بن عيسى السعدي والشريف محمد بن محمد بن يوسف عرف بابن القاح الأنصاري الشافعيان قالا: أخبرنا الفقيه الإمام الحافظ تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن دقيق العيد القشيري قال شيخنا ابن ظهيرة: وأخبرنا المسند شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الكريم بن الحسين البعلبكي بقراءتي عليه بها قال: أخبرنا الحافظ الشريف أبو الحسين علي بن محمد بن أحمد اليونيني ح وأخبرنا بعلو درجة عن هذا المعمر أبو إسحاق المؤذن
مشافهة عن عبد الله بن يوسف بن إسحاق الدلاصي وغيره قالوا واليونيني وابن دقيق العيد: أخبرنا الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري الشافعي قال الدلاصي وغيره أذنا وقال ابن دقيق العيد بقراءتي عليه ح وقال ابن جماعة: أخبرنا الفقيه الإمام أبو حفص عمر بن عبد الله بن صالح السبكي المالكي بقراءتي عليه قال: أخبرنا الفقيه الإمام الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل بن علي1 المقدسي المالكي ح وأنبأنا بعلو درجة أخرى الفقيه الإمام أبو بكر الحسين بن عمر الأرموي2 وغيره عن أحمد بن طالب الصالحي أن جعفر بن علي بن أبي البركات الهمداني أنبأه: قالا: أخبرنا الفقيه الإمام الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني الشافعي: قال الهمداني أذنا إن لم يكن سماعا وقال ابن المفضل من لفظه قال: حدثنا الفقيه الإمام أبو طاهر الحسين بن علي بن محمد بن علي الطبري الشافعي من لفظه ببغداد قال: أخبرنا إمام الحرمين الفقيه أبو المعالي عبد الملك الشافعي قال: أخبرنا والدي الفقيه الإمام أبو محمد عبد الله بن يوسف الجويني الشافعي ح وعلا لنا بدرجتين عن هذه فيما رواه أحمد بن أبي طالب الصالحي المذكور آنفا عن أبي عبد الله الحسين بن المبارك الحنبلي إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو الحسن مكي بن منصور بن علان الكرخي3 قال: أخبرنا القاضي الفقيه أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري4 الشافعي قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي قال: حدثنا الإمام الشافعي محمد بن إدريس -رضي الله عنه- عن الإمام مالك عن نافع عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار" صحيح متفق عليه أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن
يحيى وأبو داود عن القعنبي1 والنسائي عن محمد بن سلمة جميعهم عن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- به فوقع لنا بدلا لهم عاليا وقد تسلسل لنا بالفقهاء الأئمة بعضهم عن بعض ولله الحمد والمنة. وبه قال الحافظ أبو محمد المنذري وقد روينا عن ابن المبارك أنه ليس جودة الحديث قرب الإسناد؛ جودة الحديث صحة الرجال. وبه إلى الحافظ السلفي قال: وهذا الإسناد جليل بسبب ما اجتمع فيه من الفقهاء الأئمة بعضهم عن بعض قال: وقلت للقاضي أبي بكر المَرَندي2 المعيد وقد وقع لي هذا الحديث بعلو من حديث الأصم كأني سمعته من أبي محمد الجويني شيخ شيخ شيوخنا وهذا الطريق النازل أعز عندي من ذلك الطريق العالي إذ هو مسبك بالجوهر فبلغ إليه هذا الكلام فأعجبه وأعاده للأصحاب والفقهاء فقال: ولعمري لقد صدقت إذ ليس فيه إلا إمام أو فقيه وقلما يوجد مثله في الروايات قال: وإن الإمام أبا الحسن الكيا قال عقب هذا الحديث: إذ بدت رايات النصوص في ميادين الكفاح طاحت أعلام المقاييس في مدارج الرياح. ابن الشرايحي عبد الله بن إبراهيم بن خليل بن عبد الله بن محمود بن يوسف بن تمام الزبيدي السحولي السنجاري الأصل البعلبكي الدمشقي الشافعي الإمام الحافظ المفيد جمال الدين أبو محمد: ولد ببعلبك في يوم الثلاثاء التاسع من شهر رجب الفرد سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ونشأ أميًّا لا يقرأ ولا يكتب وكان حافظا لا يدانى في معرفة الأجزاء والعوالي وآية في حفظ الرواة المتأخرين يذاكر فيهم مذاكرة دالة على حافظة باهرة مع حظ من معرفة الرجال المتقدمين وغريب الحديث وكان اعتماده في ذلك على حفظه، وكان يستعين بمن يقرأ له وهو بهذه المثابة أعجوبة زمانه في المحاضرة اللطيفة والنوادر الطريفة، وسمع باعتناء أبيه وشيخه إسماعيل بن بردس عليهما وعلى جمع كثير منهم إسماعيل بن السيف أبي بكر بن إسماعيل الحراني وأبو الطاهر محمد بن أحمد بن أحمد بن عبد الغني بن الفراء وأحمد بن محمد الجوخي ومحمد بن موسى الشيرجي ويعقوب بن يعقوب الحريري وعمر بن حسين3 بن أميلة ومحمد بن أحمد بن إبراهيم بن أبي عمر وزينب بنت قاسم الدمياميني ومحمود بن خليفة المنبجي ويوسف بن عبد الله الحبال وأبو
المحاسن يوسف بن محمد بن محمد الصيرفي1 وأحمد بن النجم إسماعيل بن أبي عمر ومحمد بن محمد بن عوض وحسن بن علي الكلابي وخليل بن2 الحافظي ومحمد بن أحمد بن أبي راجح وأحمد بن عبد الكريم البعلي والقطب عبد اللطيف "بن عبد الكريم الحلبي"3 وعبد الرحمن بن محمد بن الأستاذ وعثمان بن حيى بن حولان وخلائق لا يحصون من أصحاب الفخر ثم من أصحاب ابن عساكر وابن القواس ثم من أصحاب القاضي سليمان ثم من أصحاب أبي العباس الحجار ثم من أصحاب ابنة الكمال زينب، وأكثر من المسموع جدا حتى سمع على أقرانه ومن هو دونه على ضعف بصره مع مشاركة أوحد الحفاظ المفيدين، قدم القاهرة بعد اللنك في سنة ثلاث وثمانمائة فاستوطنها مدة وحدث بها بجملة من مسموعاته وخرج للقِمَني4 مشيخة ولجماعة من أقرانه ومن هو دونهم5، ثم عاد إلى دمشق فأقام بها زمانا منفردا إلى أن وافاه حمامه في أواخر سنة تسع عشرة وثمانمائة، وقد اتفق على ذلك الحفاظ الثلاثة ابن حجر والفاسي وابن ناصر الدين، ثم إن ابن حجر تعقب ذلك بأن قال: ثم تحرر لي أنه مات في ثالث المحرم من سنة عشرين وثمانمائة انتهى. وكان آخر ما حدث في صحيح مسلم عاش بعد ختمه يوما وليلة ومات رحمة الله تعالى عليه. وفي سنة تسع عشرة مات بمكة المشرفة الشريف شهاب الدين أبو العباس أحمد بن علي بن محمد الفاسي6 في حادي عشري من شوال، وبدمشق القاضي شهاب الدين أحمد بن محمد بن نشوان الشافعي، وبأم القرى مكة الشيخ الصالح أحمد بن يوسف بن عبد الرحمن
المشهور بالأهدل وقد عد السبعين، وبالقاهرة المحدث حميد الدين حماد بن عبد الرحيم بن علي بن عثمان بن التركماني المصري الحنفي، وبمكة المشرفة المعمر الأصيل ظهير الدين أبو بكر ظهيرة بن حسين بن علي بن أحمد بن ظهيرة في صفر، وبدمشق المسند عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الرحمن بن محمد بن سليمان بن حمزة المقدسي الحنبلي الصالحي وله تسع وسبعون سنة، وبالقاهرة الشيخ زين الدين أبو هريرة عبد الرحمن بن أبي أمامة محمد بن علي بن عبد الواحد عرف بابن النقاش المصري، وبدمشق الواعظ زين الدين عبد الرحمن بن يوسف الكردي الدمشقي، وبالقاهرة القاضي أمين الدين عبد الوهاب بن محمد بن أحمد بن أبي بكر الحنفي في شهر ربيع الأول وغانم بن محمد بن محمد بن يحيى الخشبي1 وله ثمان وسبعون سنة، وبأم القرى العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن عمر المعروف بالوانّوعي2 التونسي، وبالقاهرة العالم همام الدين محمد بن أحمد الخوارزمي3 الشافعي في شهر ربيع الأول، والقاضي شمس الدين محمد بن علي بن معبد المقدسي المدني المالكي في شهر ربيع الأول، والقاضي ناصر الدين محمد بن عمر بن إبراهيم بن العديم الحلبي في شهر ربيع الثاني، وبمكة قاضيها كمال الدين أبو البركات محمد بن أبي السعود محمد بن حسين بن ظهيرة المخزومي، وبالقاهرة فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن عبد الدائم الباهي4 وعالمها عز الدين محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن جماعة في شهر ربيع الثاني، وبدمشق نور الدين محمد المشهور بابن قوام البالسي الصالحي، والزاهد المحدث سعد الدين مساعد بن شاري بن مسعود الهواري، وبمكة الفقيه مسعود بن هاشم بن علي بن غزوان الهاشمي في جمادى الأولى، وبالقاهرة القاضي تقي الدين أبو بكر عرف بابن الجيتي5 الحنفي.
الأقفهسي خليل بن محمد بن محمد بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن المصري الشافعي الإمام الأوحد الحافظ صلاح الدين وغرس الدين أبو الحرم وأبو سعد وأبو الصفاء الأشقر: ولد في عشر السبعين سنة بضع وستين وسبعمائة، اشتغل في الفقه وجلس للتكسب يتحمل الشهادة في حانوت الشهود وحبب إليه الحديث فطلب لنفسه وجد فيه في حدود السبعين1 فسمع بمصر والقاهرة من الكتب والأجزاء الكثير على الجم الغفير كتقي الدين بن حاتم وعزيز الدين المليحي والصلاح الزفتاوي2 خاتمة أصحاب الحجار ووزيرة بديار مصر، ثم حج في سنة خمس وتسعين وجاور بمكة المشرفة في سنة ست فسمع بها من البرهان بن صديق وشمس الدين بن سكر3 وغيرهما وخرج جزء حديث لجماعة من شيوخها كالإمام أبي اليمن الطبري وأخيه المحب قراءة4 على بعضهم فلما حج في سنة ست وسبعين5 رحل منها إلى دمشق فأدرك بها جماعة من جلة مشايخها منهم المفتي شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن العز الصالحي آخر أصحاب القاضي سليمان بالسماع وعلي بن محمد بن أبي المجد وأبو هريرة عبد الرحمن ابن الحافظ أبي عبد الله الذهبي وعدة من أصحاب الحجار قرأ عليهم جملة من الكتب والأجزاء، ورحل إلى بيت المقدس في أوائل سنة ثمان وتسعين فزار المسجد الأقصى وسمع على من بالبلد من الشيوخ وتوجه منه إلى القاهرة فلازم السماع على الشيوخ، وخرج للقاضي مجد الدين الحنفي6 مشيخة في ثمانية أجزاء ثم
قصد مكة المشرفة في البحر المالح في آخر سنة تسع وتسعين فلم يدرك الحج وجاور بها سنة ثمانمائة والتي بعدها إلى أن حج فرحل منها صحبة الحاج الشامي إلى دمشق فدخلها في سنة اثنتين واستفاد فيها شيئا من المرويات والشيوخ ما لم يكن استفاده في رحلته الأولى فلما كان في أوائل سنة ثلاث توجه إلى مصر وأقام بها إلى أن سافر الحاج سنة أربع فصحبه إلى مكة فحج وجاور بها نحو سبع سنين متوالية خرج بها لحافظها العلامة أبي حامد بن ظهيرة معجمًا في مجلد أجاد فيه سمعته عليه بقراءته وهو عندي بخطه غير أنه عدم منه بعض الجزء الأول وللشيخ قاسم السملي قراءة عليه1 سمعته وكتبت منه نسخة وفي مجاورته هذه زار المدينة النوبية مرات والطائف مرة وأقبل على العبادة والخير والتخريج والإفادة مع حسن الخلق وخدمة الأصحاب بحيث إن من جالسه لا يمله، ولما حج في سنة إحدى عشرة عول عليه بعض أصحابه من التجار في أن يتوجه إلى صوب بلاد العجم في حاجة له فيما وسعه مخالفته وتوجه مع قافلة عقيل إلى المدينة الشريفة ثم إلى الحسا والقطيف وتوجه من ثم إلى هرموز وسافر منها في البحر إلى كنباية ثم عاد إليها فصار يتردد منها إلى بلاد العجم للتجارة فدخل شيراز وهراة وسمرقند. وكان رحمة الله تعالى عليه دينا خيرا ورعا زاهدا لا تأخذه في الله لومة لائم إماما حافظا بارعا في فنون من العلم الحديث والفقه والأصول والفرائض والحساب والعربية والعروض والأدب مع المروءة والتواضع ولم يزل منذ طلبه في ازدياد، له النثر الفائق والنظم الرائق أكثر منه في غربته يتشوق إلى أصحابه ووطنه وأحبابه وكان قبل ذلك ينظم قليلا وله تعاليق حسنة وفوائد جمة خرج لنفسه أربعين حدثيًا متباينة الإسناد وأكملها خمسين
ثم بلغ بها السبعين1 صحبته كثيرا فانتفعت به وسمعت عليه من لفظه السيرة لابن سيد الناس وشرح ألفية العراقي في الحديث وكذا نكته على ابن الصلاح وغير ذلك وأنشدني جملة من شعره، وخلف جملة أجزاء وعدة كتب صار غالبها للحافظ شهاب الدين بن حجر فانتفع بها وبثبته لأنه كان قبل سفره من مكة أوصى بأن يسلم جميع ذلك إليه2 وكانت وفاته رحمة الله عليه غريبا بمدينة يزد من بلاد العجم فجأة بمسلخ الحمام عندما خرج منه في أواخر سنة عشرين وثمانمائة3. وفيها مات بمصر الشيخ شهاب الدين أحمد الفراوي4، والقاضي تاج الدين عبد الوهاب بن نصر الله الحنفي، وبمكة المشرفة قاضيها عز الدين محمد بن أحمد العقيلي النويري الشافعي في ليلة الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول، وبمصر الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن جعفر البلالي5 شيخ خانقاه سعيد السعداء، وبزبيد الرئيس جمال الدين محمد المصري بن أبي بكر بن علي بن يوسف الذُّروي6، وبأم القرى الشيخ موسى بن علي بن علي المناوي7 المصري في شعبان. المراكشي محمد بن موسى بن علي بن عبد الصمد بن محمد بن عبد الله المكي
الشافعي سبط سيدي الشيخ عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي الإمام الأديب الفقيه الحافظ شمس الدين أبو عبد الله: وُلد في ليلة الأحد الثالث من شهر رمضان المعظم قدره سنة سبع وثمانين1 وسبعمائة بمكة المشرفة ونشأ بها فحفظ القرآن العزيز وكتبًا عدة منها التنبيه والمنهاج في الفقه والعمدة في الحديث والألفية في النحو وكتبًا أُخر في علوم شتى وعرضها واشتغل في الحديث والفقه والعربية والعروض والأدب فظهرت نجابته واشتهرت نباهته وكان يتوقد ذكاء تفقه بشيخ الإسلام جمال الدين بن ظهيرة والشيخ شمس الدين الغراقي وغيرهما وأخذ علم العربية عن الشيخ شمس الدين المعيد والشيخ خليل بن هارون وغيرهما، وأقبل على هذا الشأن بهمة عالية فأخذه عن الحافظ أبي حامد وغيره وطلب بنفسه فسمع من جماعة بمكة المشرفة الكثير من الكتب والأجزاء على مشايخها والقادمين إليها منهم البرهان بن صديق والحافظ أبو حامد بن ظهيرة والإمام أبو اليمن الطبري ووجيه الدين وأصيل الدين عبد الرحمن بن حيدر الدهقلي2 والقاضي رضي الدين أبو حامد المطري، ورحل إلى المدينة الشريفة -على الحالِّ بها أفضل الصلاة والسلام- فقرأ بها الكثير على قاضيها العلامة أبي بكر بن الحسين العثماني وأم محمد رقية بنت يحيى بن مزروع وغيرهما ثم رحل إلى الشام في سنة خمس عشرة فأدرك بها جماعة من مشايخها الجلة كابن طولوبغا عبد الرحمن وعائشة بنت محمد بن عبد الهادي وعبد القادر الأرموي وإبراهيم بن محمد القرشي وجمع، ثم رحل إلى بعلبك فسمع بها من عدة منهم محمد بن إسماعيل بن بردس وبحمص ونابلس وغزة وحماة وحلب وغيرهما ثم كر راجعا إلى دمشق، ورحل منها إلى بيت المقدس فسمع بها من إبراهيم بن أبي محمود ومحمد بن أبي بكر بن كريم وغيرهما وبالخليل من أحمد بن موسى الجبراوي وغيره وتوجه إلى مصر فسمع بها من جماعة منهم المسند أبو الطهار محمد بن أبي اليمن بن الكويك وعبد الله بن علي العسقلاني الحنبلي ومحمد بن علي الزراتيتي3 وبالإسكندرية من عبد الله بن محمد بن خير ومحمد بن محمد بن التنسي ومحمد بن عمر الدماميني وغيرهم.
وأجاز له في سنة ثمان وثمانين وما بعدها -باستدعاء- المحدث شمس الدين بن سكر وكثيرون منهم القاضي ولي الدين بن خلدون والشيخ أبو عبد الله بن عرفة وعبد الله النشاوري1 وإبراهيم الأَبْناسي2 وإبراهيم بن فرحون وناصر الدين بن الميلق وأبو الفتح بن حاتم وعزيز الدين المليحي ولاعراقي والهيثمي وصدر الدين المناوي، وكان إماما حافظا يقظا ماهرا حسن الأخلاق قليل الكلام ذا مروءة وسماحة وقناعة باذلا كسبه وفوائده وكتبه، له الخلق الحسن المتقن قل أن يوجد فيه سقطة أو لحنة كتب به الكثير لنفسه ولغيره، وله تعاليق جمة وفوائد نفيسة صار غالبها إلى صاحبنا الإمام جمال الدين محمد بن أبي بكر الخياط وله اليد الطولى فيما يؤلفه ويخرجه من العبارة الحسنة وصوغ الكلام بعضه إلى بعض دخل اليمن مرارا فحصل له الحظ الوافر عند ملكها الناصر أحمد ومدحه بقصائد فائفة فأجازه بجوائز سنية وكان في كل عام يتردد إليه حتى إنه عز على الإقامة به، رحلت أنا وهو في سنة ست عشرة إليه لنسمع على القاضي مجد الدين الفيروزآبادي مشيخة خرجها له فلم يتيسر له قراءتها واجتهدت أنا حتى قرأت عليه ما فيها من الأحاديث جميعها والآثار والشعر من غير كلام مخرجها من المسودة وألبسني خرقة التصوف وحرصت على تحصيل نسخة من المشيخة فلم يتيسر لي ذلك غير أني كتبت أحاديث من أولها ولم أظفر بالمشيخة بعد موته لأنه قال: احتمل جملة كتبه إلى زبيد فلما عزم على الحج تركها عند زوجته فمات بمكة بعد قضاء نسكه واستولت الزوجة على الكتب وكان استعار مني عدة كتب فلولا حسن نيتي ما جمعها الله تعالى عليّ وذهبت سائر كتبه شذر مذر وذهب جميع ما جمعه وألفه وأتعب نفسه عليه لم ينتفع به، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وخرج لجماعة من مشايخه من ذلك العلامة زين الدين أبو بكر بن الحسين الأموي مشيخة سمعتها عليها بقراءته وكتبت منها نسخة وأربعين حديثا منها عشرون موافقات وعشرون أبدال لجماعة من المشايخ سمعتها على بعضهم وتراجم لجماعة من شيوخنا أجاد فيها عندي من ذلك نسخ ومشيخة للشيخ جمال الدين محمد بن إبراهيم المرشدي3 كتب له بها نسخة وقرأه عليه وهي عند بعض ورثته الآن وضاع تعبه لديه فإنه غير ما مر بعد
وفاته شرع يتنقصه بقلة المعرفة وما ذاك إلا من سوء الطبع فالله تعالى يجازي كُلا بفعله، وقد خرج لنفسه أربعين متباينة موافقات لكنه تساهل فيها بالإجازة وقد ذهبت فيما عدم، وله النثر الفائق والنظم الرائق يغوص فيه على المعاني الدقيقة، واتفق له أنه لما توجه من اليمن إلى الحج في سنة ثلاث وعشرين ضاق عليه الوقت فخرج من أبعد مرسى في السفينة1 هو وجماعة واكترى جملا مع شخص فلما تراءت لهم جبال عرفة أخذ الجمال جمله وذهب فتوجه هو وصاحب له يقال له: ابن ميمون نحو عرفة لإدراك الوقوف فكان -رحمه الله- يقسم أنه حصل بأرض عرفة في ليلة النحر مدركا للوقفة وعجز عن المشي فتركه ابن ميمون وجاءنا إلى منى في يوم النحر فأخبرني بخبره فتجردت في أطمار وأخذت معي أخاه لأمه عبد الهادي ومعنا دليل وتوجهنا في طلبه فوجدناه في ناحية السقيا2 قريبا من المزدلفة وهو يزحف على استه وقد تلف من الجوع والعطش وكان معنا شيء من الزاد والماء فأعطيناه إياه فاستعمل منه قليلا وردت إليه روحه فحملناه على دابة وأتينا به منى فأقام بها أيام التشريق فلما انقضت نزل إلى مكة وأقام بها متوجها فلما كان صبح يوم الجمعة الثامن والعشرين من ذي الحجة قضى نحبه رحمه الله تعالى فصلى عليه من يومه عند باب الكعبة خطيب المسجد الحرام كمال الدين أبو الفضل النويري بعد فراغه من الصلاة ودفن بالمعلاة على والده وكان له مشهد عظيم رحمة الله تعالى عليه وتألم لموته جمع من الأخيار وتأسفوا لفقده فنسأل الله تعالى خير هذه المصيبة. وقد رثاه صاحبنا الأديب الإمام قطب الدين أبو الخير محمد بن عبد القوي البجائي المكي بقصيدة سمعناها منه أنشدت بحضرته بالمعلاة في اليوم الثالث من وفاته في ملأ من المسلمين ثم قرأتها عليه بعد ذلك وهي هذه: من للمحابر والأقلام والكتب ... بعد ابن موسى ومن للعلم والأدب من للرواية أو من للدراية أو ... من للقراءة من للجد في الطلب من لليراعة أو من للبراعة أو ... من للوراعة من للهدى والقرب من للعقائد أو من للقواعد أو ... من للفوائد من للجمع والنسب من للتفاسير من للفقه ينشره ... من للأصول وللتدريس والنخب من للأسانيد يرويها مصححة ... من للصناعة يعريها عن الكذب
من للفرائض أو من للحساب بها ... من للتواريخ من للنحو والنسب من للعلوم التي تعيى العقول بها ... من للتناظر إذ يجثى على الركب من للبحوث التي دقت مآخذها ... من منه عنها جلاء الشك والريب من للتصانيف يسديها محررة ... من للفتاوى ومن للكشف في الكتب من للبلاغة من للشعر ينظمه ... من للغات التي تعزى إلى العرب من للتآويل يدري حل مشكلها ... من للأقاويل في الآداب والخطب من للسكون وبل من للوقار وبل ... من للحفاظ إذا ما طاش ذو شغب من للطروس التي خطت أنامله ... سلاسلا صاغها التجويد من ذهب أين الهمام الذي في العلم همته ... تعلقت بعرى الأفلاك والقطب أين التيقظ والإتقان يطلبه ... أين الذكاء الذي ينشي عن اللهب أين الجبين الذي أثر السجود به ... كأنه الشمس إذ تبدو من الحجب أين الذي في التقى والخير منشأه ... من خير أم أتى أيضًا وخير أب لليافعي ابن موسى من خلائفه ... حبرا صلاح أقرا السر في العقب سعت إليه شعوب في كهولته ... بضع الثلاثين ما في ذاك من عجب هوت بجهبذنا طرا أكملنا ... نهى وأسبقنا للفضل في القصب إلى ضريح فسيح مونق خضل ... مرونح نير مستأنس رحب يا حافظ الوقت ضيعنا الحفاظ لما ... نلنا بحفظك تحت الترب والنصب أضحت مغانيك بعد العين مذكرة ... أسنى معانيك يالله من نصب وأصبح الفضل مذعورا عليك أسى ... من بعد ما احتل في أثوابه القشب تكدرت بعدك الدنيا وساكنها ... جوى عليك فما في العيش من أرب غيبت عنا فكاد اللحد من أسف ... يبكي لطوفان نوح نوح منتحب بلغت يا أرض بحرا ماله طرف ... فأقلعي يا سماء الفضل والحسب يا قرة العين ما للعين من حلل ... تبكي عليك طوال الدهر من وصب ما أنت في الهلك فردا يستكان له ... إليك فالكل في هلك وفي عطب فالله يعظم فيك الأجر منه كما ... عظمت رزءا بذي الأيام والحقب مثوى للحدك لا تعدو أعاديه ... بمرزم نوءه يقضي على السحب فأنت قبر بأرض في السماء غدا ... مثامنا لعداد السبعة الشهب
ثم الصلاة على المختار من مضر ... ما غرد الورق في الأفنان والقضب وهذه مكاتبة رقمها في مرضه الذي مات فيه وقرأها علي وسألني في أن أذهب بها إلى شيخنا الإمام أبي الخير ابن الجزري الشافعي وآتيه بجوانبها فأجبت سؤاله وهذا نصها: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم يقول مسطرها العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن موسى بن علي بن عبد الصمد بن محمد بن عبد الله المراكشي المكي خادم مقام مولانا وسيدنا شيخ الإسلام أوحد من دار عليه الفلك من الأيام في كل فصل ومقام شمس الدين قاضي قضاة ممالك المسلمين محمد بن محمد بن محمد بن الجزري الشافعي أدام الله تعالى على الوجود ظله وأعلى بل زاد في الخافقين رفعته ومحله متهجما ما نصه: يا شمس أفق بلاد الشرق كم شهدت ... بشارة بعلاها سرت في البشر يا سابق العلما في كل مشكلة ... وكل علم أمنت السبق فانتظر مددت أبحر علم لا تطاق فمذ ... جزرت رفقا دعاك الناس بالجزري نداء ذي علة قالت على نبأ ... البحر عذب هنا أغنى عن المطر ها قد قصدتك أبغي بالإجازة تشـ ... ـريفا لديك بفتوى العلم والخبر حققتم معنيي لفظ الإجازة للـ ... ـطلاب لكن بلا رد لمنتظر وقد أسفت على تلك الفضائل لمـ ... ـما كان تسليمها التوديع للسفر طلعت عاما علينا والشموس كذا ... تسير عاما فسر بالعز والظفر آمين آمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين. وكتب له مجيبا بعد أن سمعتها من لفظه ونقلتها من خطه: يا عالما ماله في الناس من شبه ... وناظما جوهرا قد زين بالدرر ويا إماما له بالخط أي يد ... فاق الألى سلفوا في غابر العصر شرفتني بقريض لا نظير له ... بسيط بحر أتي صفوا بلا كدر نعم أجزتك ما أروي ومالي من ... نظم ونثر وأن يفتي مع الحذر وعلمنا بك يغني عن تفقده ... بشرطه فارو ما تبغي بلا خطر واعذر ضعيفا بعيد الدار مرتحلا ... قد قالها وهو مختار على سفر وأنت أصبحت فردا في الحديث وفي ... أنواع فضل وأفضال بلا نظر والله يبقيك في خير وكاتبه ... محمد وهو المشهور بالجزري
ومولدي عام إذن1 في دمشق وذا ... قد قلت عام "أضاحجي"2 على الكبر والحمد لله ربي والصلاة على ... محمد المصطفى المبعوث من مضر وفي سنة ثلاث وعشرين سنة وفاته مات بمكة المشرفة الشيخ تغري برمش بن يوسف التركماني الحنفي3 وبالقاهرة قاضيها كمال الدين عبد الله بن مقدار الأقفهسي المالكي في جمادى الأولى، وجمال الدين بعد الله السمهودي4 وبالمدينة الشريفة على الحال بها أفضل الصلاة والسلام قاضيها نور الدين علي بن أبي علي يوسف الزرندي الحنفي، وبعدن قاضيها تقي الدين عمر بن محمد بن عيسى اليافعي في يوم عيد الفطر وبمكة المشرفة الشريف أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن أبي الخير الفاسي5، وأبو الفضل محمد بن البهاءمحمد بن عبد المؤمن بن خليفة الدكالي6 في جمادى الأولى، ومحمد المدعو بكمال بن الضياء7 محمد بن محمد بن سعيد الهندي الصاغاني الحنفي. ابن البلقيني عبد الرحمن بن عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن أحمد بن محمد بن شهاب بن عبد الخالق أو عبد الحق بن محمد بن مسافر الكناني العسقلاني المصري الشافعي الإمام العلامة الأوحد شيخ الإسلام جلال الدين أبو الفضل سبط الشيخ بهاء الدين بن عقيل: ولد في جمادى الآخرة أو في شهر رمضان سنة ثلاث وستين وارتحل به
أبوه معه في سنة تسع وستين إلى الشام لما ولي قضاءها فلو وجد من يعتني به حينئذ لأدرك الإسناد العالي ولم يكن لأبيه في تسميعه عناية وإنما سمع اتفاقا شيئا من السنن الكبرى للبيهقي بنزول على الشيخ علي بن أيوب وسمع مع أبيه1 غالب الكتب الستة بغير شرط السماع لما كان يقع في غضون ذلك من كثرة اللغط في البحث المفرط المخل لصحة السماع لكن قد استجاز له الحافظ أبو العباس بن حجي جماعة منهم ابن أميلة والصلاح بن أبي عمرو الحافظ عماد الدين بن كثير والنجم أحمد بن إسماعيل النقبي وأحمد بن عبد الكريم والطبقة2، أخرج له عنهم الحافظ أبو الفضل بن حجر فهرسا بالكتب المشهورة فكان يحدث منها، وقد خرجت أربعين حديثا عن أربعين شيخا من روايته وجماعة من مشايخنا قرأتها على بعضهم، اشتغل الكثير على أبيه وعلى غيره القليل وكان قوي الحافظة لديه ذكاء وفطنة، حفظ مختصرات، وولي توقيع الدست ثم قضاء العسكر ودرس بعدة أماكن فاشتهر اسمه وطار ذكره وانتهت إليه رياسة الفتوى لا سيما بد وفاة والده وولي القضاء بالديار المصرية عدة مرات إلى أن مات وهو متولٍ. وكان -رحمة الله تعالى عليه- عفيفا نزها حسن البشر والود محبا في العلم ماهرا في الفقه كثير المطالعة في كتب الحديث، قال الحافظ شهاب الدين بن حجر: كان يحب فنون الحديث محبة مفرطة وتأسف على ما ضيع منها ويحب أن يشغل فيها وقال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين في كتاب "التبيان لبديعة البيان" شرح ألفيته في الحفاظ: كان عين أعيان الأمة خلف والده في الاجتهاد والحفظ وعلوم الإسناد رايته يناظر أباه في دروسه ويناقشه فيما يلقيه من نفسه3 مع لزوم حرمة الآباء وحفظ مراتب العلماء، وله على صحيح البخاري تعليقات نفيسات ومنها بيان ما وقع فيه من المبهمات وله نظم ونثر وعدة مصنفات. قلت منها في التفسير والفقه ومجالس الوعظ وله حواش على نسخته من الروضة جردها بعض طلبته في مجلد ضخم وجمع له فتاوى أيضًا وتعليقه على البخاري سماه "الإفهام لما في البخاري من الإبهام" أجازني بما له روايته وليس هو من شرط كتابنا هذا وإنما ذكرته تبعا لشيخنا الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين فإنه ذكره في كتابه المسمى "بديعة البيان عن موت الأعيان" ومات تغمده الله تعالى برحمته مسموما فيما قيل أو بعلة
القولنج ثم الصرع في العاشر من شوال سنة أربع وعشرين وثمانمائة بالقاهرة المعزية ودفن على أبيه في مدرسته التي أنشأها. وفي هذه السنة مات بطريق عدن الفقيه حسين بن أحمد بن ناصر1 الهندي المكي الحنفي، والقاضي شرف الدين حسين بن علي بن جراح وبدمشق قاضيها تاج الدين عبد الوهاب بن أحمد بن صالح الزهري الشافعي في ثالث من شهر ربيع الأول، وبالقاهرة شمس الدين محمد بن جامع البوصيري2، وبمكة المشرفة الشريف أبو حامد محمد بن عبد الرحمن بن أبي الخير الفاسي3 في النصف من شهر ربيع الثاني، وبالقاهرة الشيخ يوسف الصفي4 المصري. ابن العراقي أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم الكردي الرازياني ثم المصري الشافعي الإمام العلامة الفريد الحافظ ولي الدين أبو زرعة: مولده في الثالث من ذي الحجة الحرام سنة اثنتين وستين وسبعمائة اعتنى به أبوه فبكر به وأحضره على أبي الحرم القلانسي ومن في عصره وأسمعه الكثير ببلده، وأول ما طعن في الثالثة رحل به إلى دمشق في سنة خمس وستين فأحضره الكثير على الجم الغفير من أصحاب الفخر بن البخاري وابن عساكر وغيرهما، ثم لما ترعرع حبب إليه السماع فطلب بالقاهرة ومصر بنفسه فأكثر عن مشايخ عصره، قرأ بنفسه عليهم الكثير، ورحل ثانيا إلى دمشق بعد موت الطبقة الأولى فسمع بها من أصحاب القاضي سليمان والمطعم وابن الشيرازي وغيرهم فشيوخه بالقاهرة ومصر: والده سمع عليه جملة من مصنفاته ومروياته، والمعمر أبو الحرم محمد بن محمد بن محمد القلانسي، وعلي بن إسماعيل بن فراس والقاضي ناصر الدين محمد بن محمد بن أبي القاسم التونسي، ومحمد بن إبراهيم بن أبي
بكر البياني وأحمد بن يوسف الخلاطي وجويرية بنت أحمد بن موسى الهكاري والجمال محمد بن محمد بن محمد بن نباتة وناظر الحيش محب الدين ومحمد بن محمد بن أبي بكر العسقلاني وعبد الرحمن القاري وعبد القادر الحنفي والبهاء عبد الله بن خليل المكي والقاضي عز الدين بن جماعة والبهاء محمد بن محمد بن المفسر والقاضي بهاء الدين أبو البقاء السبكي والعلامة جمال الدين االإسنوي وخليل بن طرنطاي والبهاء بن عقيل والموفق الحنبلي وعبد الله بن علي الباجي وعبد الله البسيوني ومحمد بن محمد بن محمد بن الشامية والقاضي برهان الدين بن جماعة والعز إبراهيم بن محمد بن عبد الله السِّمربائي1 وإبراهيم بن محمد بن أبي بكر الأخنائي وشهاب الدين بن النقيب وأحمد بن محمد البهوتي وأحمد ابن النظام محمد بن محمد بن محمد بن القوصي ومحمد بن أحمد العسجدي ومحمد بن أحمد بن عمر السلمي ومحمد بن أحمد بن مرزوق ومحمد بن حبيب الله بن خليل ومحمد بن علي الخشاب وجمع، وبدمشق يعقوب بن يعقوب الحريري ومحمد بن المحب عبد الله بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي وأحمد بن أبي بكر بن أبي عمر المقدسي ومحمود بن خليفة المنبجي وعمر بن حسن بن أميلة وأحمد بن النجم إسماعيل بن أبي مر ومحمد بن أحمد بن عبد المنعم الحراني وست العرب بنت محمد بن الفخر علي بن البخاري وحسن بن الهبل وعمر بن محمد بن أبي بكر الشحطبي ومحمد بن إسماعيل بن جهبل وعلي بن عمر بن أحمد بن عبد الرحمن الصوري ومحمد بن أبي بكر السيوفي2 ومحمد بن الحسين بن علي بن بشارة ومحمد بن محمد بن سلامة الماكسيني وعمر بن محمد بن إبراهيم بن جملة والحافظ تقي الدين بن رافع ومحمد بن إبراهيم بن علي بن المظفر الحسيني وعدة، وببيت المقدس إبراهيم بن عبد الله الزيباوي ومحمد بن حامد ومحمد بن سالم بن عبد الناصر، وبمكة المشرفة محمد بن أحمد بن عبد المعطي وأحمد بن سالم بن ياقوت وأم الحسن فاطمة بنت أحمد بن قاسم الحرازي والجمال إبراهيم بن محمد الأسيوطي3 وأحمد بن محمد بن محمد القسطلاني وأم الحسن وأم الحسين ابنتا أحمد بن الرضي إبراهيم الطبري والتقي الواسطي والكمال محمد بن عمر بن حبيب، وبالمدينة الشريفة عبد الله بن فرحون وغيرهم بعدة من البلاد. واشتغل بالفقه وتقدم فيه على جماعة منهم البلقيني وابن الملقن والأبناسي وفي أصوله
على الشيخ ضياء الدين وكذا في المعاني والبيان وفهم العربية وظهرت نجابته واشتهرت نباهته وأجيز وهو شاب بالإفتاء والتدريس وصار يزداد فضلا مع ذكائه وتواضعه وحسن شكله وشرف نفسه وسلامة باطنة فأقبل عليه الناس وساد بجميع ذلك في حياة والده واشتهر بالفضل مع الدين المتين والانجماع وحسن الخلق والخلق قل أن ترى العيون مثله، ثم ولي جهات والده قبل موته وهو على طريقته، وجلس للإملاء في أوائل شوال سنة أربع وعشرين فسار سيرة محمودة1، باشر ذلك بعفة ونزاهة وحرمة وشهامة إلا أنه استولى عليه بعض صهورته ممن ليس سيرته كسيرته فلزق به اللوم فوثب عليه وتعصب2 حتى صرف عن القضاء في سادس من ذي الحجة سنة خمس وعشرين فاستمر على الاشتغال والتدريس والجمع في حلقته متوافر، دروسه من محاسن الدروس يجري فيها من غير تلعثم ولا تحريف3. أكثر أيامه يستغل ويشغل ويصنف فألف جملة منها "البيان والتوضيح لمن خرج له في الصحيح وقد مس بضرب من التجريح" وهو أول ما صنف و"المستفاد من مبهمات المتن والإسناد" و"تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل" و"ذيل الكاشف" أضاف إليه رجال مسند الإمام أحمد و"ذيل على تذييل والده على ذيل العبر للذهبي" و"الأطراف بأوهام الأطراف" للمزي و"الدليل القويم على صحة جمع التقديم" و"الأجوبة المرضية عن الأسئلة المكية" التي سألته عنها و"تحفة الوارد بترجمة الوالد" و"فضل الخيل وما فيها من الخير والنيل" و"شرح الصدر بذكر ليلة القدر" و"الأربعون الجهادية" محذوفة الأسانيد و"كشف المدلسين" و"جمع طرق المهدي"4، و"التحرير لما في منهاج الأصول من المنقول والمعقول" و"تحرير الفتاوى على التنبيه والمنهاج والحاوي" و"شرح البهجة الوردية" وشرح
نظم والده المسمى "النجم الوهاج في نظم المنهاج" واختصر المهمات وأضاف إليها حواشي البلقيني على الروضة وأفرد الحواشي المذكورة في مجلدين واختصر شرح جمع الجوامع للزركشي والكشاف للزمخشري، هذا ما كمل، وتمم شرح والده على "ترتيب المسانيد وتقريب الأسانيد" وأحكاما على ترتيب السنن لأبي داود وكتب فيها مجلدا وشيئا وشرح قطعا متفرقة من نظم الاقتراح لوالده وقطعا مفرقة من كتاب "الدقائق في الرقائق" أبوابا على حروف المعجم ومواضع مفرقة على الرافعي نحو ستة مجلدات، وتفرد بغالب ما حضره وحدث بكثير من مسموعاته، ورد إلى مكة المشرفة في موسم سنة اثنتين وعشرين فسمعت عليه المجلس الأول من أماليه إملاء واستمليت عليه وقرأت أحاديث عشاريات انتقاها الإمام رضوان من أماليه، وكان حصل له طحال فتداوى بشرب الخل كل يوم فعوفي وحج، ولما عزل عاد إليه وجع فظنه الطحال فتداوى بالخل فإذا به وجع الكبد فحمي كبده وعالجه الأطباء أزيد من شهرين ثم عرض له وعك وحمى عظيمة إلى أن آل أمره إلى الإسهال فأفرطه إلى أن مات في يوم الخميس سابع عشر من شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة تغمده الله تعالى برحمته وأسكنه فسيح جنته، وبالجملة فلم يخلف له بعده في مجموعه مثله. وفي هذه السنة مات بالمدينة الشريفة على الحال بها أفضل الصلاة والسلام الشيخ خليل بن هارون المالكي1 في شهر رمضان، وقاضيها ناصر الدين عبد الرحمن بن محمد بن صالح المدني الشافعي في صفر وبدمشق مسندها المعمر الرحالة زين الدين عبد الرحمن بن المحدث محمد بن طولوبغا السيفي الناصري التنكزي الدمشقي، وبمكة المشرفة الفقيه نور الدين علي بن هاشم بن غزوان الهاشمي2 في شهر ربيع الثاني وبدمشق مدرس الأمينينة تاج الدين محمد بن أحمد بن إسماعيل الحسباني وبمكة رئيس المؤذنين بها جمال الدين محمد بن حسين بن عبد المؤمن في شهر ربيع الأول. حدثنا الإمام الحافظ ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين المصري
وقرأته عليه استملاء في يوم الجمعة الرابع من ذي الحجة الحرام سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة في المسجد الحرام لما قدم علينا حاجا قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل سماعا عليه بقراءة والدي رحمة الله تعالى عليهما قال: أخبرني أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن العجمي بقراءتي عليه ح وشافهنا عاليا بدرجة المعمر أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الدمشقي بالمسجد الحرام عن إسحاق بن يحيى الآمدي قالا: أخبرنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي ح وأنبأنا بعلو درجة أخرى سليمان بن خالد الإسكندري منها عن علي بن أحمد بن عبد الواحد عموما قالا: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد الأصبهاني قال ابن عبد الواحد كتابة قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أخبرنا عبد الله أبو جعفر بن فارس قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود الطيالسي قال: حدثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال: تذاكرنا ليلة القدر في نفر من قريش فأتيت أبا سعيد -رضي الله عنه- وكان لي صديقا فقال: ألا تخرج بنا إلى النخل؟ فخرجنا وعليه خميصة له فقلت: أخبرني عن ليلة القدر هل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر ليلة القدر؟ فقال: نعم اعتكفنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العشر الأواخر من رمضان فخطبنا صبيحة عشرين فقال -عليه الصلاة والسلام: "إني رأيت ليلة القدر وإني أُنسِيتُها أو نَسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في وتر؛ فمن كان اعتكف مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليرجع ورأيت كأني أسجد في ماء وطين" فرجعنا وما نرى في السماء قزعة وجاءت سحابة فمطرنا حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل وأقيمت الصلاة فرأيته -صلوات الله وسلامه عليه- يسجد في ماء وطين حتى رأيت الطين في جبهة رسول الله -صلى الله عليه وسلم" -أو قال: "أثر الطين في جبهة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". حديث صحيح اتفقا على إخراجه فرواه البخاري عن معاذ بن فضالة ومسلم بن إبراهيم ومسلم عن محمد بن المثنى عن أبي عامر العقدي والنسائي عن محمد بن عبد الأعلى عن خالد بن الحارث أربعتهم عن هشام الدستوائي به فوقع لنا بدلا للبخاري عاليا وللآخرين في شيخي شيخيهما عاليا ولله تعالى الحمد والمنة والفضل والشكر. الفاسي محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن عبد الملك بن سعيد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علي بن حمزة بن 1 بن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن
إدريس بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب كذا نقلته من خط أخيه عبد اللطيف الحسني المكي المالكي سبط قاضي القضاة كمال الدين أبي الفضل النويري الإمام الحافظ المؤرخ قاضي المالكية بمكة المشرفة ومؤرخها تقي الدين أبو الطيب: ولد في ليلة الأحد العشرين من شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وسبعمائة بمكة المشرفة، وسافر إلى المدينة الشريفة على الحال بها أفضل الصلاة والسلام صحبة أمه فحفظ بها القرآن العظيم والأربعين للنووي مع باب الإشارات ورسالة ابن أبي زيد وعرضها وسمع بها الحديث على أم الحسين فاطمة بنت أحمد قاسم الحرازي وهو أقدم سماع له وبعد ذلك على القاضي برهان الدين بن فرحون وعبد القادر الحجار وزين الدين أبي بكر بن الحسن العثماني وغيرهم، ثم عاد مع أمه إلى مكة فحفظ بها العمدة ومختصر ابن الحاجب في الفقه وعرضهما، وكان يحضر مجالس قريبه الشريف عبد الرحمن الفاسي1 في الفقه وقرأ في التنقيح للعراقي2 بحثا على الشيخ شمس الدين القليوبي وحضر دروسه في العربية وغيرها وحبب إليه سماع الحديث فطلب بنفسه واعتنى بهذا الشأن، ورحل إلى الديار المصرية والشامية واليمنية مرارا وسمع جملة على عدة من المشايخ من ذلك بمكة على شيوخها والقادمين إليها منهم عم أمه القاضي نور الدين النويري وخاله القاضي محب الدين والحافظ أبو حامد بن ظهيرة قرأ عليه جملة من مسموعاته والشيخ شهاب الدين بن الناصح المصري القراني والعلامة برهان الدين الأبناسي والشيخ شمس الدين بن سكر والبرهان بن الصديق وعدة وبمصر على البرهان إبراهيم بن أحمد الشامي وابن الشيخة الزين عبد الرحمن بن أحمد وشيخ الإسلام البلقيني والسراج بن الملقن والحافظان العراقي والهيثمي وأبي المعالي عبد الله بن عمر الحلاوي والسويداوي وأحمد بن حسن3 وأم عيسى مريم بنت أحمد بن
محمد بن إبراهيم الأذرعي وغيرهم، وبدمشق من علي بن أبي المجد وأبي هريرة بن الذهبي سمع عليه كثيرا وغيرهما، وببيت المقدس على الشهاب أحمد بن الحافظ صلاح الدين العلائي وغيره، وبغزة على أحمد بن محمد بن عثمان الخليلي وغيره، وباليمن على الشيخ أصيل الدين عبد الرحمن بن حيدر الدهقلي، وأجاز له قديما أبو بكر بن المحب وإبراهيم بن أبي بكر بن السلار ومحمد بن محمد بن عمر بن عوض وجماعة وشيوخه بالسماع والإجازة يقاربون خمسمائة شيخ، وكان له اعتناء بالفقه وغيره وقرأ على الحافظ زين الدين العراقي شرحه على ألفيته في علم الحديث بحثا وفهما وأذن له في إقراء فن الحديث. ووصفه بالحفظ جماعة منهم الحافظ أبو زرعة العراقي، وأجازه بالإفتاء والتدريس على مذهب الإمام مالك بن أنس جماعة منهم قريبه الشريف عبد الرحمن بن أبي الخير الحسني وخلف بن أبي بكر المخزومي وبهرام بن عبد الله الدميري1 والشيخ أبو عبد الله الوانوغي2 بعد أن أخذ عن كل منهم جانبا من الفقه، جمع وألف وخرج وصنف جملة مصنفات من ذلك عدة في أخبار بلده مكة المشرفة أكبرها "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام" مجلدان جمع فيه ما ذكره الأزرقي وزاد فيه أشياء سود غالبه ثم اختصره في مجلد وسماه "تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام" ثم اختصره في مجلد لطيف وسماه "تحصيل المرام" ثم اختصره في مجلد وسماه "هادي ذوي الأفهام إلى تاريخ البلد الحرام" ثم اختصره في كراريس سماه "الزهور المقتطفة من تاريخ مكة المشرفة" ثم اختصره في كراريس وسماه "ترويح الصدور بطيبات الزهور" ثم اختصره في عدة أوراق، وله تاريخ كبير في أربعة مجلدات سماه "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" يشتمل بعد الخطبة على الزهور المقتطفة ثم سيرة نبوية مختصرة من السيرة لمغلطاي مع زيادات عليها جمة مفيدة ثم تراجم على حروف المعجم لجماعة من الصحابة من قريش وحلفائها وكنانة وخزاعة وثقيف وجماعة من ولاة مكة وقضاتها وخطبائها وأئمتها ومؤذنيها وجمع من العلماء والرواة والقاطنين بها والواردين إليها ومن وسع المسجد الحرام وعمره ومن عمر بها شيئا من الأماكن المباركة كالمساجد والمواليد وغير ذلك، انتهى في تسويده إلى أثناء الياء آخر الحروف ثم ألف غالبا من تراجمه على هذا النمظ وانتهى فيه إلى حرف القاف من الكنى غير أنه لم يذكر فيه إلا قدرا يسيرا من الصحابة
ثم اختصره وكمل الكنى منه والنساء ثم اختصره ثم زاد في هذا المختصر جماعة عدة من الصحابة بلغ فيما زاد من تراجم الصحابة -رضي الله عنهم- إلى أثناء حرف العين المهملة ثم شرع في اختصار العقد الثمين على نمطه وسماه "عجالة القرى للراغب في تاريخ أم القرى" لم يكمله. وجمع ذيلا على كتاب النبلاء للذهبي مجلدين وكذا ذيل على تقييد ابن نقطة أجاد فيه ثم اختصره مختصرين كبير وصغير وكذلك على الإشارة للذهبي سماه "بغية أهل البصارة في ذيل الإشارة" وكذا على الأعلام للذهبي سماه "إرشاد ذوي الأفهام إلى تكميل كتاب الإعلام بوفيات الأعلام" وله تاريخ بسط فيه تراجم بغية أهل البصارة التي ليست مبسوطة فيه و"المقنع من أخبار الملوك والخلفاء وولاة مكة الشرفاء" ثم اختصره ثم اختصر المختصر وكتاب في الأخريات مسود غالبه1 و"تذكرة ذوي النباهات لجملة من الأذكار والدعوات" واختصر كتاب حياة الحيوان للدميري سماه "مطلب اليقظان من حياة الحيوان" وله في الفقه عدة تصانيف منها في المناسك ثلاثة أحدها "إرشاد الناسك إلى معرفة المناسك على مذهب الإمامين الشافعي ومالك" وخرج في سنة ست وتسعيين لشمس الدين الحبيشي2 جزء حديث حدث به وكذا للمحدث شمس الدين محمد بن علي بن سكر البكري في سنة تسع وتسعين ولنفسه أربعين حديثا متباينة المتن والإسناد وفهرسا مشتملا على جملة مروياته بالسماع والإجازة وصارت جميعها كالعدم لأنه وقفها وشرط أن لا تعار لمكي وأسند وصيته في ذلك وغيره إلى أخيه لأمه الخطيب أبي اليمن النويري فكان من شأنه إذا قصده آفاقي لاستعارة شيء منه يعتذر له بالمعاذير التي ليست بلائقة بالجهال فكيف بمن ينسب نفسه إلى طلب العلم والورع والصلاح؟! فإذا ثقل عليه أحد في ذلك وكان ممن يخشاه أو يحترمه من ذوي الوجاهات من الغرباء أعاره بعض التصنيف وتعلل عليه في باقيه بالزور من القول فالله تعالى يهديه إلى الصواب وبالله العظيم. لقد كان رحمة الله عليه كثيرا ما يسألني في تحصيلها وكتابتها وآخر ما كان ذلك في الشهر الذي مات فيه فالله تعالى يغفر له ويسامحه، وكان رحمة الله تعالى عليه مكثرا سماعا وشيوخا وتصانيف له اليد الطولى في الحديث والتواريخ والسير عني بهذا الشان فجمع وأفاد وكتب الكثير، أخذ الناس عنه وانتفعوا به الكبير منهم والصغير فكان يملي من حفظه المجلدات في معرفة أسماء الرجال وتراجمهم وطبقاتهم
وأما التواريخ فإنه كان سيردها سرد الفاتحة لا يتلعثم في ذلك حدث بجملة من مسموعاته ونبذ من مؤلفاته، قرأت عليه المتباينة له كرتين و"تحصيل المرام من تاريخ البلد الحرام" وتراجم من "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" وكلاهما من تأليفه وحدثت معه بصحيح مسلم وبالسنن للنسائي وابن ماجه، ولي قضاء الماليكة بمكة المشرفة المعظمة في أواخر سنة سبع وثمانمائة وهو أول من وليه بها استقلالا واستمر فيه نحوا من عشرين سنة غير أنه في سنة سبع عشرة صرف عنه بقريبه الشريف أبي حامد بن عبد الرحمن قريبا من بضعة عشر يوما ثم أعيد إليه فاستمر إلى أن صرف عنه ثانيا في آخر سنة عشرين ثم ضعف بصره جدًّا فصرف في أواخر سنة ثمان وعشرين فسافر في أوائل سنة تسع وعشرين إلى القاهرة واستفتى فضلاء المالكية فأفتوه بأن العمى لا يقدح إذا طرأ على القاضي المتأهل للقضاء حتى إن بعضهم أفتى بأنه لا يضر تولية الأعمى ابتداء، واستنابه القاضي شمس الدين البِساطي1 فحكم بالصالحية فأنهى محبوه أمره إلى السلطان وأثنوا عليه فأعاده إلى منصبه فتوجه إلى بلده وأقام بها مدة فسعي عليه فصرف واستمر معزولا إلى أن مات رحمة الله تعالى عليه في النصف الثاني من ليلة الأربعاء الثالث من شوال سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة ولم يخلف بالحجاز مثله. وفي هذه السنة مات في ليلة الثلاثاء ثالث عشر من المحرم الشيخ الصالح شمس الدين محمد بن إبراهيم بن أحمد الصوفي الضرير، وفي يوم الاثنين سابع من شهر صفر أمام السلطان الأشرف الشيخ محمد بن سعيد سويدان2، وفي ليلة الأحد حادي عشر من ربيع الآخر ناصر الدين محمد بن عبد الوهاب بن محمد البارَنباري3 بدمياط، وفي يومها محمد بن عبد الله بن حسين بن الخراز4، وفي ليلة الاثنين سادس عشريه شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الله الشطنوفي5 وفي يوم الخميس سادس عشر من شهر ربيع الآخر
الأديب نور الدين علي بن عبد الله شهر بابن عامر1 وفي ليلة الأحد سابع عشري جمادى الآخرة القاضي بدر الدين محمد بن محمد بن أحمد بن مزهر الدمشقي، وفي ليلة الثلاثاء شيخ2 وكيل بيت المال نور الدين علي بن ... 3 السفطي4 وفي ذي الحجة أمير المدينة الشريف عجلان بن نغير بن منصور بن جماز بن منصور بن جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا بن حسين بن مهنا بن داود بن قاسم بن عبيد الله بن طاهر بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب مقتولا، وكذا ابن عمه الشريف خشرم بن دوغان بن جعفر بن عبد الله بن جماز بن منصور بن جماز بن شيحة الحسيني، وفي يوم الجمعة ثامن عشر من شهر رجب الواعظ البليغ المعروف بالشاب التائب أحمد بن عمر5 السفطي. ابن الغرابيلي محمد بن محمد بن محمد بن مسلم 6 - بفتح المهملة واللام المشددة- ابن علي بن أبي الجود السالمي المصري المولد الكركي الأصل والمنشأ ثم المقدسي الشافعي سبط القاضي عماد الدين الكركي 7 الإمام الحافظ تاج الدين: ولد في سنة ست ومدرس المدرسة الصلاحية بالقدس إلى أن توفي به في سنة 801 عن ستين سنة. وقد خرج له الوالي أبو زرعة العراقي مشيخة وحدث بها سمعها عليه الحافظ ابن حجر وغيره. "الطهطاوي".
وتسعين وسبعمائة بالقاهرة ونقله أبوه إلى الكرك فنشأ بها ثم انتقل إلى القدس الشريف فاشتغل وحفظ عدة مختصرات وتخرج بجماعة منهم النظام قاضي العسكر وعمر المليجي1 وابن الديري ثم اشتغل بهذا الشأن وأقبل على طلب الحديث فسمع الكثير وبرع جدا في معرفة العالي والنازل والأسماء، وله مصنفات حسنة منها مؤلف جمع فيه بين المنقول والمعقول أبان فيه عن فضل كبير ونظر واسع ذكر فيه ما ورد في الحمام من الأخبار والآثار مع أقوال العلماء في دخوله وما يتعلق بالعورة واستعمال الماء فيه والاستياك والوضوء والغسل وقدر المكث فيه وحكم الصلاة فيه وأفضل الحمامات وأحسنها وما يتعلق بذلك من الطيب وحكم أجرة الحمام وغير ذلك وهو نهاية في الجودة وله تعاليق وفوائد وخرج لشيخنا عبد الرحمن القنائي2 جزءا من روايته. وكان -رحمه الله تعالى- لديه فصاحة لسان وقوة جنان وشرف نفس وقاعة ومعرفة بالأمور ومروءة والتودد إلى أصحابه والقيام معهم، رحل إلى القاهرة فصحب بها الحافظ أبا الفضل بن حجر وحرر "تحرير المشتبه"3 له ولازمه إلى أن أدركه أجله بها فمات في يوم
السبت ثالث عشر من جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وثمانمائة تغمده الله تعالى برحمته، ودفن بتربة الصوفية الصلاحية بالقاهرة بعد أن صلى عليه حافظ العصر الحافظ أبو الفضل ابن حجر وحضر جنازته جمع وكان له مشهد حفل وعظم عليه الأسف ووقف على قبره بعد الفراغ من دفنه عدة من الأئمة منهم قاضي القضاة الشافعي ابن حجر وقاضي الحنفية سعد الدين بن الديري وقاضي الحنابلة محب الدين بن نصر الله البغدادي والشيخ تقي الدين المقريزي ساعة زمانية يسألون الله تعالى له التثبيت. وفي هذا السنة مات السطان حسين بن جلال الدولة1 بن القان أحمد بن أويس، وعيسى بن محمد بن عيسى الأقفهسي في ليلة الجمعة سادس عشري جمادى الثانية، وأحمد بن صلاح الدين صالح بن أحمد بن عمر بن السفاح2 الحلبي في ليلة الأربعاء رابع عشر من شهر رمضان، والصاحب علم الدين أبو عمر يحيى بن ... 3 الأسلمي في ليلة
الخميس ثاني عشريه وسلطان قبرس حينوس بن ملك بن سرو بن أنكون بن حينوس والمحدث شهاب الدين أحمد بن عثمان بن محمد الكلوتاتي1 وشهاب الدين أحمد ... 2 ابن هشام النحوي، وشيخ النحاة زين الدين ... 3 البصروي بدمشق، والقاضي زين الدين عبد الرحمن بن التفهني4 في ليلة الأحد من شوال. ابن الخياط محمد بن أبي بكر بن محمد بن صالح الهمداني الجبلي -بكسرالجيم وإسكان الباء الموحدة- التعزي 5 الشافعي الإمام العلامة الحافظ جمال الدين أبو عبد الله وكان أبوه يلقبه بالباقر: مولده بجبلة من بلاد اليمن في سنة سبع وثمانين وسبعمائة فنشأ بها على عفة ونزاهة واشتغل فحصل فنونا من العلم وتفقه على جماعة منهم والده6 وأجازه
بالإفتاء والتدريس واعتنى بهذا الشأن فتيقظ ومهر فسمع ببلده على جماعة محدثها الإمام نفيس الدين أبو الربيع سليمان بن إبراهيم العلوي وقاضي الأقضية بها مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي، وورد إلى مكة المشرفة مرتين فحج وزار النبي -صلى الله عليه وسلم- وقرأ بمكة على حافظ الحجاز العلامة أبي حامد بن ظهيرة شيئا من عواليه وعلى الإمام أبي الحسن بن سلامة المسلسل بالأولية بطرقه وما يتلوه من ... 1 في أول مشيخته تخريجي له وغير ذلك وسمع في طيبة مسند الدنيا العلامة زين الدين أبي بكر بن الحسين المراغي وغيرهم وقرأ على العلامة شمس الدين بن الجزري بعض مروياته لما ورد عليهم اليمن في سنة ثمان وعشرين وأجاز له عدة من مصر والشام والإسكندرية والحرمين وغيرهما باستدعاء صاحبنا الحافظ أبي عبد الله محمد بن موسى المراكشي وغيره منهم أبو الطاهر محمد بن أبي اليمن بن الكويك وعائشة بنت محمد بن عبد الهادي ورقية بنت يحي بن مزروع وحصل له النفع التام بصحبته أعني ابن موسى لا سيما بعد موته فإن غالب كتبه وأجزائه صارت إليه، وكان له وجاهة عند صاحب اليمن الملك الناصر أحمد بن إسماعيل واتصال، ولما دخلت اليمن في سنة ست عشرة وثمانمائة قرأ علي بجبلة في خلوته من جامعها الحديث الأول من البخاري سماعي له من ابن صديق وحدثني هو به بروايته عن والده وبيني بينه صحبة وتودد ومكاتبات منها كتاب فيه تعزيه بابني أبي زرعة محمد -رحمه الله تعالى ورضي عنه- فمنه بعد صدر الكتاب: وننهي بعد تأدية واجب السلام ورحمة الله وبركاته صدورها في رابع عشر من ذي القعدة الحرام والخاطر عند سيدي والشوق إليه متوافر والمودة له متأكدة والدعاء مستمر ولسان الحال والمقال ينشد: لست أنسى تلك الحقوق ولكن ... لست أدري بأيهن أكافي ولله تعالى يمن بتعجيل رؤيته ويتولى مكافاة صنائعه ولا يخلي من أنسه وبركاته ومن موجب تسطيرها تعريف الخاطر الكريم بما لحق من الحزن والاحتراق بما بلغنا من وفاة سيدي الولد العزيز الحبيب ابن الحبيب وما حملناه من الهم بذلك فإنا لله وإنا إليه راجعون فمما أكد ذلك ما سمعناه عنه من النجابة والإقبال على الاشتغال ولزوم مجالس أهله عوضه الله تعالى عن ذلك الرفيق الأعلى في مقعد الصدق وأحسن الخلافة لسيدي ووفر له الأجر والذخر وخير هذه الصدمة لما يتبعها من الأجر والمخدوم لا يحتاج إلى تنبيه على فضل الصبر وليفوض إلى من بيده الخلق والأمر والله سبحانه قد اختار له ما لديه وكان له خير
جار فاختاروا له ما اختار الله تعالى واسلوه بما تسلى به الإمام أبو الوفاء بن عقيل عن ولده فقصته في كتاب الثبات عند الملمات من تصانيف ابن الجوزي وسيدي هو الذي أفادني النظر فيه والانتفاع به ولله در القائل: جاورت أعدائي وجاور ربه ... شتان بين جواره وجواري والشعر لأبي الحسن التهامي من مراثي ولده أبي الهيجاء ويقال: إنه رئي بعد موته فقال: غفر لي بهذا الشعر فالحمد لله رب العالمين وإنا لله وإنا إليه راجعون اللهم ارفع درجته في عليين واخلفه في عقبه وعد عليه وعلينا بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين والله تعالى يعلم أن الحزن مشترك والعزاء واحد وأرجو أن الله سبحانه وتعالى قد أعظم لكم الأجر ووفر الذخر وأقر أعينكم له بما هو خير له إن شاء الله تعالى. ثم وقفت له على مكاتبات بليغة إلى صاحبنا الفقيه موفق الدين علي بن إبراهيم الأبي منها جواب عن كتاب كتبه إليه يذكر له مرض زوجه وأنها على خطر فكتب: قد والله عز علي ما ذكرتم من مرض الأهل حتى قلتم لم يبق تعني قول الشاعر: لم يبق إلا نفس هافت ... ومقلة إنسانها باهت الحمد لله على هذا وإليه تصير الدنيا وأهلها على كل حال ما للإنسان بد من الله ولا فضل خير إلا من الله تعالى وما يكره الإنسان الموت إلا لمن ألف من هذه الهوى وإلا فما يكره الإنسان بالوصول إلى من لا يجد الخير إلا منه فالله تبارك وتعالى يجعل الموت راحة لنا من كل شر ويوصلنا به إلى كل خير وما أحسن الدعوة الشريفة النبوية اليوسفية حين بلغ أقصى مطالب الدنيا فأتاحت نفسه إلى المطلب الأسنى فقال -عليه الصلاة والسلام: "اللهم توفني مسلما وألحقني بالصالحين" وأظنه والله سبحانه وتعالى أعلم يعني بالصالحين الرفيق الأعلى الذي سأله إياه سيد المرسلين عند انقضاء نصيبه من الدنيا وحين أصيبت به الأحياء فقال: "الرفيق الأعلى" فنسألك الله أن تلحقنا بذلك الرفيق وتجعلنا من خير فريق. ومنها كتاب يصف فيه حاله وقد زهد في صحب الملك وأعوانه لما قدموا عليه من قال فيه الطغرائي: تقدمتني أناس كان سعيهم ... وراء خطوبي إذ أمشي على مهل وقد نالوا منه قولا من الزور وحسدوه على كثير من "عمله المبرور" ونصره الله تبارك وتعالى عليهم وجمل أحواله وصارت الرعية مراعية أقواله وأفعاله فكان من جملة مكاتبته أن قال: والله ما يسوء في ذلك لعلمي بما لي عند الله عز وجل وما الله أشك أن ذلك لما علمه الله تعالى من تقصيري فأراد الله سبحانه وتعالى إثبات حسنات لم أعملها بما سبق من إحسانه كما فعل ذلك لأوليائه هذا حالي مع من الدنيا في يده والأسباب والرياسة مع أني قنعت بلا شيء وما زاحمت على شيء من وظائفهم ولا أرزاقهم وبالله يا أخي إذا دعوت الله
تعالى فادع إن كان ما قالوه حقا أن يأخذ سبحانه مني أخذه من أعدائه وإن كان محض الزورأن يعوضني ما اقتضاه فضله وإحسانه فهكذا كنت أدعو على فلان وسماه هو عبد الرحمن الحداد كان يؤذيه ويسعى في أذيته عند الملك فرد الله تعالى كيده في نحره وسلط عليه جور وسمل عينيه وأحوجه الله تبارك وتعالى إليه وصار في بيته عوله عليه فسبحان المعز المذل اللهم أنت الحكم بين البرايا والعدل في القضايا إلى أن قال: ووالله ما مضى لأقل العبيد زمان أضيف من هذا الزمان بالنسبة إلى نفقة المعتاد وما مضى والله ولله الحمد وقت القلب فيه أشرح والنفس فيه أقنع من هذا الوقت فوالله ما للعبد سعادة أسعد من حاجته إلى ربه ولا حال أفضل من الحال الذي اختاره صاحب الشرع -صلوات الله وسلامه عليه- في قوله -صلى الله عليه وسلم- "أجوع يوما وأشبع يوما" عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله: ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه إلى الأنصار والخول ولو لم يكن في ذلك إلا حصول الحرية من الحاجة إلى زيد وعمرو وإنزال الحاجة بالمخلوق الذي ليس في يده مثقال ذرة من الأمر ولله در السيد الخليل أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهذلي -رضي الله عنه- حيث يقول في طلب الرجل الحاجة من أخيه فتنة؛ فإنه إن أعطي حمد من لا يعطيه وإن منع ذم إلى من لم يمنعه، إشارة إلى حقيقة التوحيد فنسأل الله تعالى أن يلحقنا به عرفه فاستغنى به وعرف الخلق فعذرهم وأعظم ما يتمحص منه الخاطر قول العدو: فعل فلان وقال فلان، وصدر منه مما لم يعلم الله سبحانه وتعالى مثقال ذرة، ووقوع الإنسان بين غدر جاهل وعاقل مضاغن وما والله يؤانسني إلا أني كلما تأثر الخاطر من عظيم ما أسمع استحضرت إطلاع الله عز وجل على البراءة من مثقال الذرة من ذلك وأستحضر قوله -صلى الله عليه وسلم: "ألا تنظرون كيف يوقع الله عز وجل شتم قريش ولعنهم يلعنون مذمما ويشتمون مذمما وأنا محمد" -صلى الله عليه وسلم- إشارة إلى أن الذم يتعلق بالصفة لا بالمنسوب إليه إذا عري عن تلك الصفة. ومنها جواب كتاب كتبه إليه يعتب على بعض أصحابه ويشكوه إليه من أمر أمر الله تعالى فيه فلم ينهض بقضائه فكمل من جملة ما كتب به أن قال: رأيت لبعض علماء الأولياء وأولياء العلماء في قوله -صلى الله عليه وسلم: "أطيب ما أكل الرجل من كسب يده" أن كسب يده أن بيضت وجهه ويرفع يديه إلى الله عز وجل في حوائجه بشيء ثم قال: فهذا الكسب هو حاصل أموالنا ونطلب الذي لا يغيض ولا يزال يفيض إن شاء الله تعالى فاعتمدوه أكثر من عادتكم تقبل الله تعالى منكم في الدنيا والآخرة انتهى، وهو أبقاه الله تعالى من الفقهاء المعتبرين بالقطر اليماني والمنفردين بالحفظ به الآن بالإجماع والمرجع إليه به في هذا الفن عند النزاع فالله تعالى يبقيه ويكفيه الأسواء ويقيه، انتقل بالوفاة إلى رحمة الله تعالى في ليلة
الجمعة سابع من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثمانمائة بتعز من بلاد اليمن ودفن صبيحتها في ... 1 بعد أن صلي عليه في ... 1 تغمده الله تعالى برحمته وأسكنه فسيح جنته. وفي هذه السنة مات قاضي الحنفية بالديار المصرية2 السيد ركن الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الحسيني ويعرف بعرجان3 في ليلة الأحد سابع عشر من المحرم، وصاحب مدينتي آمد وماردين الأمير قرايلوك عثمان ابن4 في خامس من صفر، وسلطان تونس بلاد إفريقية المستنصر أبو عبد الله محمد بن أبي عبد الله محمد بن أبي فارس في يوم الخميس حادي عشري صفر، والأمير التاج بن سبقا5 القازاني ثم الشوبكي في ليلة الجمعة حادي عشري شهر ربيع الأول، ونائب الشام الأمير قصروه في ليلة الأربعاء ثالث من شهر ربيع الآخر بدمشق، وفي هذا الشهر بكلبرجه سلطانها المظفر أحمد شاه بن ... 6، وزمام الدار بمصر الطواشي خشقدم في يوم الخميس عاشر من جمادى الأولى بالقاهرة، وأمير المدينة الشريفة ماتع بن علي ين عطية بن منصور بن جماز بن شيحة الحسيني خرج إلى
ظاهر المدينة يتصيد فوثب عليه حيدر بن دوغان بن حعفر بن هبة بن جماز بن شيحة فقتله بدم أخيه أمير المدينة خشرم بن دوغان في عاشر من جمادى الآخرة، وفي أخريات هذا الشهر قتل الشريف كبيش بن جماز الحسيني بقرب القاهر، وابن الأمانة القاضي بدر الدين1 محمد بن أحمد بن عبد العزيز القاهري بها في ليلة الثلاثاء سابع عشر من شعبان، وحفيد تيمور أحمد جوكي بن شاه رخ2، والشيخ أبو بكر بن محمد بن علي الحافي3 ثم الهروي بالقاهرة في يوم الخميس ثالث من شهر رمضان في الوباء الحادث بها، وزوج السلطان الأشرف خوند جلبان الجركسية في يوم الجمعة ثاني شوال، وفيه صاحب مدينة تلمسان والغرب السلطان أحمد بن موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى التلمساني. سبط بن العجمي إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي ثم الحلبي وجده لأمه هو عمر بن محمد بن الموفق أحمد بن هاشم بن أبي حامد عبد الله بن العجمي الإمام العلامة برهان الدين أبو الوفاء: ولد بالجلوم من حلب في الثامن والعشرين من شهر رجب سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة ومات والده وهو طفل جدا وكفلته أمه وتحولت به إلى دمشق فأقام معها وحفظ بعض القرآن العزيز بها ثم رجعت إلى حلب وهو في صحبتها فنشأ بها وأدختله مكتب الأيتام فحفظ به القرآن العظيم وصلى به بخانقاه جده لأمه الشمس أبو بكر أحمد بن العجمي والد والدته الموفق4 أحمد السابق ذكره وقرأ من أول القرآن الكريم إلى
أثناء سورة براءة لأبي عمرو علي الماجدي بعد أن كان قرأ عدة ختمات تجويدا على غيره ثم قرأ لقالون إلى أول سورة المزمل على الإمام شهاب الدين أحمد بن أبي الرضي الحموي الشافعي وقرأ ختمتين لأبي عمرو وثالثة بلغ فيها إلى أول يس لعاصم على الشيخ عبد الأحد الحراني الحنبلي ثم قرأ بعض القرآن الشريف لأبي عمرو وابن عامر ونافع وابن كثير على الإمام أبي عبد الله محمد بن ميمون البَلَوي1 الأندلسي. وأخذ علم الحديث بدمشق عن الإمام صدر الدين سليمان بن يوسف الياسوفي الشافعي وبمصر عن الحافظ أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسني العراقي وشيخ الإسلام أبي حفص مر بن رسلان البلقيني والإمام سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن الملقن وتفقه بحلب على جماعة منهم العلامة كمال الدين أبو حفص عمر بن إبراهيم بن عبد الله بن العجمي الحلبي الشافعي والإمام علاء الدين علي بن عيسى البابي والإمام نور الدبن محمود بن علي العطار الحراني وابنه تقي الدين محمد وأبو البركات الأنصار والعلامة شهاب الدين بن الرضي وحضر عند الإمام شهاب الدين الأذرعي دروسا في الفقه منها في كتاب المنهاج للنواوي وكذا الشيخ شهاب الدين أحمد الحنبلي، وبالقاهرة على شيخ الإسلام البلقيني والعلامة سراج الدين بن الملقن والإمام شمس الدين محمد الصفدي وغيرهم، وأخذ علم النحو بحلب عن الإمام كمال الدين إبراهيم بن عمر الحلاوي وأبي عبد الله وأبي جعفر الأندلسيين والإمام زين الدين عمر بن أحمد بن عبد الله بن المهاجر وبالقاهرة عن الإمام زين الدين أبي بكر التاجر الحنفي، واللغة عن القاضي مجد الدين بن يعقوب الشيرازي وطرفا من البديع عن الأستاذ أبي عبد الله الأندلسي وطرفا من التصريف عن الإمام جمال الدين يوسف الملطي الحنفي، وكان طلبه للحديث بنفسه بعد أن كبر فأقدم سماع له في سنة تسع وستين وسبعمائة وكتب الحديث في جمادى الثانية من سنة سبعين فسمع وقرأ الكثير ببلدة حلب جاء على غالب مروياتها2، وشيوخه بها قريب من سبعين شيخا منهم الكمال عمر بن إبراهيم العجمي وخاله هاشيم بن محمد بن الموفق بن العجمي3 والكمال محمد بن عمر بن حبيب وأخوه بدر الدين الحسن والبدر أبو عبد الله
محمد بن أحمد بن بشر الحراني والظهير محمد بن عبد الله بن العجمي وسليمان بن محمد بن حمد1 بن محاسن النيربي2 وأحمد بن عبد العزيز بن المرحل ومحمد بن علي بن نبهان الجبريني وفخر الدين عثمان بن محمد بن أبي بكر بن حسن الحراني والقاضي كمال الدين الحربي والقاضي كمال الدين بن العديم وفخر الدين بن المغربل وأبو عبد الله بن جابر الضرير ورفيقه ابن مالك3 وناصر الدين بن عشائر والشهاب الأديب وابن عبد الباقي وشهاب الدين بن النصيبي وموسى بن فياض وطلحة بن المعلم وابن قطلو الحلبي والشيخ شهاب الدين الأذرعي وإبراهيم بن أمين الدولة. ثم رحل في سنة ثمانين وسبعمائة فسمع بحماة وحمص وببعلبك ودمشق فأدرك بها خاتمة أصاحب الفخر بن البخاري الصلاح محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أبي عمر ولم يسمع من أحد من أصحابه سواه وسمع بها على عدة نحو الأربعين شيخا منهم أبو الهول وابن الخباز وابن المحب الصامت وابن عوض وابن السلار وابن محبوب وابن أخي المزي ومحيي الدين الرحبي وابن عبد الغالب وابن عزار والشيخ حسن الكناني الصالح وابن الناصح وابن الفخر البلعي وأخته زينب وابن الصيرفي والفخر بن محبوب والحسباني المؤذن، ورحل منها إلى القدس الشريف فسمع به وببلد الخليل ثم رحل إلى القاهرة فسمع بها على بضع ثلاثين شيخا منهم عبد الله بن علي الباجي وابن ظافر وابن حسب الله والطنتدائي والقاضي ناصر الدين الحنبلي ومحمد بن علي الخشاب والبهوتي4 وصلاح الدين البلبيسي وجويرية، ورحل منها إلى الإسكندرية فسمع بها وقرأ على أربعة مشايخ5 ابن الدماميني والقروي وابن فتح الله6 وجماعة، ثم عاد إلى
حلب فسمع في طريقه ببلبيس ودمياط وغزة سمع بها من قاضيها علاء الدين بن خلق وغيره وببلد الخليل سمع به من الشيخ عمر المجرد وببيت المقدس سمع به من جلال الدين القادم وصلاح الدين الطوري وشمس الدين بن حامد وغيرهم ونابلس ودمشق وحمص وحماة وأقام بحلب أعواما ثم رحل ثانيا فسمع بحماة وحمص وبعلبك ودمشق ونابلس وبيت المقدس وغيره والقاهرة ومصر ودمياط وبلبيس وأكثر جدا من العالي والنازل عن خلق، وثبته بخطه الدقيق المليح في مجلد ضخم وهو كبير الفوائد، ومشايخه بالسماع قريب المائتين، ,أجازه من أصحاب الفخر بن البخاري بن أميلة وابن الهبل وجمع من غيرهم، وشيوخه بالسماع والإجازة يجمعهم معجمه الذي خرجه له ابني نجم الدين أبو القاسم محمد المدعو بعمر نفعه الله تعالى ونفع به سماه "مورد الطالب الظمي من مرويات الحافظ سبط بن العجمي" بمكة المشرفة المبجلة لما قدم من رحلته أرسل به إليه صبحة الحاج الحلبي في موسم سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، عني بهذا الشأن واشتغل في علوم وجمع وصنف مع حسن السيرة والانجماع عن التردد إلى ذوي الوجاهات والتخلق بجميع الصفات والإقبال على القراءة بنفسه ودوام الإسماع والإشغال وهو إمام حافظ علامة1 ورع دين وافر العقل حسن الأخلاق جميل المعاشرة متواضع محب للحديث وأهله كثير النصح والمحبة لأصحابه كثير الإنصاف والبشر لمن يقصده للأخذ عنه خصوصا الغرباء ساكن منجمع عن الناس طارح للتكلف سهل في التحديث صبور على الإسماع ربما أسمع اليوم الكامل من غير ملل ولا ضجر كثير التلاوة بكتاب الله عز وجل. وعورض عليه قضاء الشافعية بحلب كرتين فامتنع وأصر على الامتناع فسئل عن أن يعين من يصلح فعين القاضي أبا جعفر بن العجمي فولي فسار فيهم على السنن المستقيم فلم تطق الرعية ذلك فصرف وولي عليهم زين الدين عبد الرحمن بن الكركي فسار سيرة غير حميدة فضجوا منه وشكوا فسئل الشيخ في أن يعين لهم قاضيا فأشار إلى القاضي علاء الدين بن خطيب الناصرية فسدد وقارب، ومن مؤلفات الشيخ أدام الله تعالى علوه "تعليق على صحيح البخاري" في مجلدين بخطه وفي أربعة مجلدات بغير خطه سماه "التنقيح لفهم قارئ الصحيح" و"نور النبراس على سيرة ابن سيد الناس" في مجلدين و"حواش على سنن ابن ماجه" مجلد و"نقد النقصان في معيار الميزان" مجلد و"غاية السول في رجال الستة الأصول" و"المقتفى على ألفاظ الشفا" للقاضي عياض و"الكشف الحثيث
عمن رمي بوضع الحديث" مجلد لطيف وحواش على صحيح مسلم وعلى السنن لأبي داود وعلى تجريد الصحابة للذهبي وعلى المراسيل للعلائي وعلى الكاشف للذهبي وذيل على الميزان له وحواش على تلخيص المستدرك له و"التبيين لأسماء المدلسين" كراس و"تذكرة الطالب المعلم لمن يقال: إنه مخضرم" كراس و"الاغتباط بمن رمي بالاختلاط" ولخص مبهمات ابن بَشْكُوال1 وله عدة إملاآت على البخاري كتبها عنه جمع من الطلبة، حدث بجملة من مروياته وهو الآن شيخ البلاد الحلبية والمشار إليه فيها بلا نزاع وبقية حفاظ الإسلام بالإجماع، اجتمعت به لما ورد إلى مكة المشرفة صبحة الحاج الحلبي مؤديا لحجة الإسلام بالإجماع، اجتمعت به لما ورد إلى مكة المشرفة صحبة الحاج الحلبي مؤيدا لحجة الإسلام في موسم سنة ثلاث عشرة وثمانمائة كرات واستفدت منه شيئا وسمعت عليه بمنى المعظم المائة المنتقاة من مشيخة الفخر بن البخاري الظاهرية والحديث بآخرها من الذيل عليها وأجازني بماله من مروياته مشافهة وكتابة غير مرة فالله تعالى يبقيه ويمتع الإسلام ويديم النفع به الأنام بجاه المصطفى سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، ثم إنه درج بالوفاة إلى كرم الله تعالى ورحمته في سادس عشر من شوال سنة إحدى وأربعين وثمانمائة بحلب وصلى عليه بين صلاتي الظهر والعصر في الجامع الكبير ودفن بمقبرة أهله بني العجمي بالجبيل داخل سور حلب تغمده الله تعالى وإيانا برحمته وجميع المسلمين آمين. في هذه السنة توفي بالطاعون ناظر الخاص سعد الدين إبراهيم بن عبد الكريم بن بركة الشهير بابن كاتب جكم2 بالقاهرة يوم الاثنين سابع عشر من شهر ربيع الأول، والأمير جانبك الصوفي في يوم الجمعة خامس عشري شهر ربيع الآخر، والأمير تمراز المؤيدي في ثالث عشري جمادى الآخرة، وشمس الدين محمد بن الخضر المصري3 في خامس
عشري شهر رجب، والأمير جانبك الحاجب المجرد على المماليك إلى مكة المشرفة في حادي عشر من شعبان، والشيخ علاء الدين محمد بن محمد بن محمد البخاري1 الحنفي في خامس من شهر رمضان، وعلاء الدين علي بن موسى بن إبراهيم الرومي في يوم الأحد العشرين منه، ونائب غزة الأمير آق بردي، وناصر الدين محمد بن حسن الفاقوسي في ليلة الاثنين تاسع عشر من شوال، والأمير دولات خجا الظاهري في يوم السبت أول من ذي القعدة، وفي ليلة الأربعاء خامسها القاضي صلاح الدين محمد بن حسن بن نصر الله، وفي ليلة الاثنين عاشرها أحمد بن علي بن قرطاي، وفيها سلطان تبريز إسكندر بن قرا يوسف، وفي يوم الجمعة ثاني عشر من ذي الحجة وكيل بيت المال وناظر المارستان نور الدين علي بن مفلح، وفي يوم السبت ثالث عشرها السلطان الأشرف برسباي، وفي يوم السبت العشرين منها الأمير يودون بن عبد الرحمن وهو مسجون بدمياط. ابن ناصر الدين محمد بن أبي بكر بن عبد الله 2 بن محمد بن أحمد بن مجاهد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن علي القيسي الدمشقي الشافعي الإمام العلامة الأوحد الحجة الحافظ مؤرخ الديار الشامية وحافظها شمس الدين أبو عبد الله: ولد في العشر الأول من المحرم سنة سبع وسبعين وسبعمائة بدمشق طلب الحديث بنفسه فسمع وقرأ على جماعة منهم إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن عمر بن مسلم وأحمد بن أقبرص بن بلغاق الكنجكي وأبو اليسر أحمد بن عبد الله بن محمد بن الصائع وأحمد بن علي بن محمد بن علي بن عبد الحق الحنفي وأحمد بن علي بن يحيى بن تميم والحسن بن محمد بن محمد بن أبي الفتح البعلبكي وأم محمد جميلة بنت عمر بن محمد بن الحسن بن العقاد الدمشقية وداود بن أحمد البقاعي ورسلان بن
أحمد الذهبي وزينب بنت عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية وزينب بنت عثمان بن لؤلؤ الحلبي وزينب بنت أبي بكر بن أحمد بن عوان1 وسعيد بن عبد الله النوبي عتيق البهاء السبكي وسوملك بنت عثمان بن غانم وشمس الملوك بنت محمد بن إبراهبم بن شادي وعائشة بنت محمد بن عبد الهادي وعبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل الذهبي وعبد الرحمن بن أحمد بن هبة الله بن مقداد القيسي وعبد الرحمن بن الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي وعبد الرحمن بن محمد بن طولوبغا التنكزي2 وعبد الله بن خليل الحرستاني وعبد الله بن يوسف بن أحمد فزارة3 وعثمان بن محمد بن عثمان العبادي الأنصاري وعلي بن أحمد بن محمد بن عبد الله المرداوي وعلي بن عثمان بن لؤلؤ الحلبي الأتابكي وعلي بن غازي بن علي بن أبي بكر الكوري الملقن وعلي بن محمد بن سعيد بن زيان وعلي بن محمد بن محمد بن أبي المجد وعلي بن أبي بكر بن يوسف الداراني وشيخ الإسلام عمر بن رسلان البلقيني وعمر بن محمد بن أحمد بن عبد الهادي وعمر بن محمد بن أحمد بن عمر بن سليمان البالسي وفاطمة بنت محمد بن عبد الهادي ومحمد بن أحمد بن عبد الحميد بن غشم4 والحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن قوام ومحمد بن محمد بن عثمان المعظمي5 ومحمد بن محمد بن محمد بن عمر بن قوام ومحمد بن محمد بن منيع الوراق ومحمد بن محمود بن علي ... 6 ومحمد بن يوسف بن عبد الحميد المقدسي وهند بنت محمد بن علي الأرموي والعماد أبو بكر بن إبراهيم بن العز محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر وأبو بكر بن أحمد بن عبد الهادي وأبو بكر بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر.
وهو أبقاه الله تعالى مكثر سماعا كبير المداراة شديد الاحتمال حسن السيرة لطيف المحاضرة والمحادثة لأهل مجالسه قليل الوقعية في الناس كثير الحياء قل أن يواجه أحدا بما يكره ولو آذاه، إمام حافظ مجيد1 وفقيه مؤرخ مفيد له الذهن السالم الصحيح والخط الجيد المليح على طريقة أهل الحديث النبوي المحاكي لخط الحافظ الذهبي كتب به الكثير وعلق وحشي وأثبت وطبق، برز على أقرانه وتقدم وأفاد كل من إليه يمم، وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية بدمشق في أوائل سنة سبع وثلاثين وثمانمائة فأملى بها وهو مستمر إلى الآن جمع وألف وخرج وصنف فمن ذلك "المولد النبوي" في ثلاثة أسفار و"توضيح المشتبه" و"افتتاح القاري لصحيح البخاري" و"مورد الصادي في مولد الهادي" و"منهاج السلامة في ميزان يوم القيامة" وكتاب "الأخبار بوفاة المختار" و"برد الأكباد عن فقد الأولاد" و"الرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر" و"النكت الأثرية على الأحاديث الجزرية" وبديعةالبيان عن موت الأعيان" نظم وشرحها "التبيان لبديعة البيان" و"اللفظ المكرم بفضل عاشوراء المحرم" و"بواعث الفكرة في حوادث الهجرة" نظم و"عقود الدرر في علوم الأثر" وشرحه ومختصر الأصل سماه "حل عقود الدرر" أو "علوم الأثر" و"اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق" و"الإعلام بما وقع في مشتبه الذهبي في الأوهام" و"رفع الملام عن من خفف والد البخاري محمد بن سلام"2 و"ربع الفرع في شرح حديث أم زرع" و"السراج الوهاج في ازدواج المعراج" وخرج أربعين متباينة المتن والإسناد له أناشيد رائقة وأمال جمة فائقة منها مجلس يسمى "الإتحاف لحديث فضل الإنصاف" وآخر "تنوير الفكرة لحديث بهز بن حكيم في حسن العشرة" وآخر "الترجيح لحديث صلاة التسبيح" وغير ذلك مما لا يحصى كثرة3 وقد أجاز لي غير مرة فالله تعالى يبقيه في خير
ونعمة شاملة وأفراح بلا كدر كاملة بمحمد وآله، ثم أتاه حمامه في صبيحة يوم الجمعة سابع عشري من شهر ربيع الثاني سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة بدمشق شهيدا في بعض قراها عند خروجه مع جماعة لقسمها1 وصلي عليه "في جامع التوبة" ودفن بمقبرة باب الفراديس عند والده برد الله تعالى مثواه وجعل الجنة مأواه وإيانا وجميع المسلمين. وفي هذه السنة مات السيد الشريف شهاب الدين أحمد بن حسن بن عجلان الحسني بزبيد ووصل خبره لمكة في تاسع عشر من جمادى الأولى فيها، وفي يوم الأربعاء عشري جمادى الأولى الزمام جوهر الطواشي، وفي يوم الاثنين ثاني عشر من جمادى الثانية ضربت عنق الأمير قرقماس الشعباني الظاهري بالإسكندرية، وفي سابع من شهر رمضان قاضي عدن جمال الدين محمد بن سعيد كنن2، وفي عاشره قاضي الأقضية ببلاد اليمن جمال الدين محمد بن علي الطيب الناشري3 بزبيد، وفي يوم الأربعاء خامس عشريه نائب الحكم بالقاهرة القاضي علم الدين أحمد بن التاج محمد بن العلم محمد بن الكمال محمد4 بن العلم محمد بن أبي بكر بن عيسى بدران الأخنائي المالكي، وفي شوال موفق الدين علي بن محمد بن فخر5 بزبيد، وفي يوم الأربعاء حادي عشر من ذي القعدة قاضي المالكية
بدمشق محيي الدين يحيى بن حسن بن محمد الحيحاني المغربي، وفي يوم الجمعة ثالث عشرها قتلت عامة دمشق شيخ كرك نوح1 محمد بلبان وولده، وفي يوم الثلاثاء سابع عشرها قاضي المالكية بمكة ولي الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد النويري2 وفي ليلة الاثنين ثالث عشريها قتل بدمشق الأمير إينال الجكمي، وفي يوم الجمعة ثامن من ذي الحجة قتل بالإسكندرية الأمير يخشى بك المؤيدي3 وفي يوم الأحد سابع عشرها قتل بحلب الأمير تغري برمش واسمه حسين، وفي شهر رجب صاحب اليمن الظاهر يحيى بن الأشرف إسماعيل4 بن العباس الشهير بابن رسول، وفي شعبان الشرف موسى بن علي بن يحيى بن جميع العدني رئيس التجار بها.
ابن حجر أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن أحمد بن العسقلاني المصري الشافعي الإمام العلامة الحافظ فريد الوقت مفخر الزمان بقية الحافظ علم الأئمة الأعلام عمدة المحققين خاتمة الحفاظ المبرزين والقضاة المشهورين أبو الفضل شهاب الدين: ولد في مصر ثالث عشر من شعبان المكرم سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، مات عنه والده وهو طفل في شهر رجب سنة سبع وسبعين فأدخل الكتاب بعد إكمال خمس سنين وكان لديه ذكاء وسرعة حافظة بحيث إنه حفظ سورة مريم في يوم واحد وكان يحفظ الصحيفة من الحاوي الصغير من مرتين الأولى تصحيحا والثانية قراءة في نفسه ثم يعرضها حفظا في الثالثة، وحج في أواخر سنة أربع وثمانين وجاور بمكة في السنة التي بعدها وهي سنة خمس فسمع بها اتفاقا على العفيف الشوري1 صحيح البخاري وهو أول شيخ سمع عليه الحديث وبحث في عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي وعلى عالم الحجاز الحافظ أبي حامد2 محمد بن ظهيرة وصلى التروايح بالمسجد الحرام بالقرآن العظيم في هذه السنة ثم في سنة ست سمع صحيح البخاري بمصر على عبد الرحيم بن رزين وسمع بها بعد التسعين فطلبه من جماعة من شيوخها والقادمين إليها من ذوي الإسناد العالي كابن أبي المجد والبرهان الشامي وعبد الرحمن بن الشيخة والحلاوي والسويداوي ومريم بنت الأذرعي، ورحل إلى دمشق في سنة اثنتين وثمانمائة فأدرك بها بعض أصحاب القسم ابن عساكر والحجار ومن أجاز له التقى سليمان بن حمزة وأشباهه ومن قرب منهم، وحج مرات وسمع بعدة من البلاد كالحرمين والإسكندرية وبيت المقدس والخليل ونابلس والرملة وغزة وبلاد اليمن وغيرهما على جمع من الشيوخ، ومسموعاته ومشايخه كثيرة جدا لا توصف ولا تدخل تحت الحصر وقد أفرد جملة من مروياته في مؤلف وكذا غالب
شيوخه، اشتغل ودأب فحصل فنونا من العلم وأول ما كان نظره في الأدب والتاريخ ففاق في فنونهما وقال: الشعر الحسن الذي هو أرق من النسيم وطارح الأدباء أخذ علم الحديث عن شيخنا الحافظ زين الدين أبي الفضل عبد الحرمين بن الحسين العراقي وانتفع به وهو أول من أذن له في إقرائه، وتفقه على جماعة منهم شيخ الإسلام سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان البلقيني وهو أول من أذن له بالإفتاء والتدريس والشيخ سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن الملقن والشيخ برهان الدين إبراهيم بن موسى الأبناسي وأخذ الأصول عن نصرة الإسلام العز عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن جماعة1، وجد في طلب العلوم فبلغ الغاية القصوى، ولي مشيخة الحديث وتدريس الفقه بأماكن من الديار المصرية وولي بها نيابة القضاء مدة ثم أعرض عنه وفوض إليه الملك المؤيد القضاء بالمملكة الشامية مرارا فأبى وأصر على الامتناع، فلما كان في المحرم سنة سبع وعشرين فوض إليه الملك الأشرف برسباي القضاء بالقاهرة وما معها فباشر ذلك بعفة ونزاهة فلما كان في ذي القعدة من السنة صرف نفسه ولو استمر على ذلك لكان خيرا له في دينه ودنياه ففي أول من رجب من سنة ثمان وعشرين أعيد للقضاء واستمر إلى صفر من سنة ثلاث وثلاثين فصرف ثم أعيد في جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين ثم صرف في خامس من شوال سنة أربعين ثم أعيد في سادس من شوال سنة إحدى وأربعين ثم عزل عنه في تاسع من ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين بحضرة السلطان لكلام جرى بينه وبين قاضي القضاة سعد الدين الديري الحنفي فأعاده السلطان إلى وظيفة القضاء وجدد له ولاية ثانية وأضاف إليه ما خرج عنه في الأيام الأشرفية من نظر الأوقاف ثم صرف. وكان يتخلله في غضون ذلك من الملك قلة رضى ويشاع صرفه فيهدي إليه ما يليق به من المال فيرده في المنصب فلو تنزه عنه ولزم الاشتغال بالعلم ليلا ونهارا وحج إلى البيت
الله وزار قبر نبيه -صلى الله عليه وسلم- وجاور بالحرمين الشريفين لازداد بذلك رفعة ووجاهة عند الله تعالى والمسلمين لكنه عجن قلبه بمحبة ذلك وفتن فيه بولده فأوقعه في المهالك فالله تعالى يلهمه طريقة الخير ويصرف عنه كل ضير ويديم تقاه ويحفظه من جميع الأسواء ويتولاه وكان أحسن الله تعالى إليه في حال طلبه مفيدا في زي مستفيد إلى أن انفرد في الشبوبية بين علماء زمانه بمعرفة فنون الحديث لا سيما رجاله وما يتعلق بهم فألف التآليف المفيدة المليحة الجليلة السائرة الشاهدة له بكل فضيلة الدالة على غزارة فوائده والمعربة عن حسن مقاصده جمع فيها فأوعى وفاق أقرانه جنسا ونوعا، التي تشنفت بسماعها الأسماع وانعقد على كمالها لسان الأجماع فرزق فيها الحظ السامي عن اللمس وسارت بها الركبان سير الشمس فأولاها بالتعظيم وأولها في التقديم "فتح الباري في شرح البخاري" في بضعة عشر مجلدا ومقدمته في مجلد ضخم أو مجلدين تشتمل على جميع مقاصد الشرح سوى الأسئلة فإنها حدفت وسماها "هدي الساري لمقدمة فتح الباري" وكتاب "تعليق التعليق" وصل فيه ما ذكره البخاري في صحيحه معلقا ولم يفته من ذلك إلا القليل وقد كمل في حياة كبار الشيوخ وشهدوا بأنه لم يسبق إلى أمثاله وهو له مفخرة وقدره كقدر المقدمة ثم اختصره وسماه "التشويق إلى وصل المهم من التعليق" في مجلد لطيف ثم اختصره واقتصر فيه على ذكر الأحاديث التي لم تقع في الأصل إلا معلقة ثم توصل في مكان منه آخر وسماه "التوفيق بتعليق التعليق" في مجلد لطيف و"تهذيب التهذيب" وهو يشتمل على اختصار تهذيب الكمال للمزي مع زيادات كثيرة عليه تقرب من ثلث المختصر دمجتها مع زيادات الذهبي في تذهيبه وما زدته في التهذيب في كتاب "نهاية التقريب وتكميل التهذيب بالتذهيب"1 وخرج كله أعني التهذيب مع ذلك في قدر ثلث الأصل في ستة مجلدات ولخصه في مجلد سماه "تقريب التهذيب" و"الإصابة في تمييز الصحابة" أربعة مجلدات و"إتحاف المهرة بأطراف العشرة2" وهي الموطأ ومسند الشافعي وأحمد والدارمي وابن خزيمة ومنتقى ابن الجارود وابن حسان والمستخرج لأبي عوانة والمستدرك للحاكم وشرح معاني الآثار للطحاوي والسنن للدارقطني ثمانية أسفار مسودة وإنما زاد العدد واحدا لأن صحيح ابن خزيمة لم يوجد سوى قدر ربعه وأفرد منه أطراف مسند أحمد وسمي "المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي" في مجلدين و"المطالب العالية في زوائد الثمانية" وهي
مسند الطيالسي ومسدد والحميدي وإسحاق بن راهويه وابن أبي عمر وأبي بكر بن أبي شيبة وأحمد بن منيع وعبد بن حميد والحارث بن أبي أسامة وأبي يعلى الموصلي، وإنما زاد في العدد اثنين لأن مسند إسحاق بن راهويه لا يوجد منه إلا النصف ومسند أبي يعلى لم يخرج إلا رواية ابن المقري. وأما رواية ابن حمدان فقد أفرد زوائدها الحافظ نور الدين الهيثمي، "لسان الميزان" في مجلدين و"تبصير المنتبه بتحرير المشتبه" مجلد ضخم و"نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر" في نصف كراس وشرحها في مجلد لطيف سماه "نزهة الفكر في توضيح نخبة الفكر"1 و"المجمع المؤسس بالمعجم المفهرس" و"فهرست مروياته" وغير ذلك وقد جمعها أبقاه الله تعالى في كراس، وأملى من حفظه أربعين حديثًا متباينة الأسانيد بشرط السماع وكثيرًا من عشاريات الأشياخ وجمع المجاميع واختصر وانتقى وخرج لجماعة من شيوخه مشيخات وأجزاء وأربعينات وانتفع به كثير من الشيوخ والأقران وتخرج به عد من الطلبة الحديثة الأسنان، حدث بجملة من مسموعاته ومؤلفاته، سمعت من لفظه المسلسل بالأولية بطرق علية وقرأته عليه بطرق أكثر منها ومجلسًا من أماليه وقصيدة من نظمه أولها: ما زلت في سفن الهوى تجري بي ... لا نافعي عقلي ولا تجريبي وشيئًا من ترجمة البخاري من المقدمة وجزءًا في الحج تخريجه و"نخبة الفكر" و"تخريج أحاديث الأربعين للنووي" والكلام على حديث القضاة، الجميع من تخريجه وقرأن عليه "الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع" وهو متعه الله تعالى بطول بقائه إمام علامة حافظ محقق متين الديانة حسن الأخلاق لطيف المحاضرة حسن التعبير عديم النظير لم تر العيون مثله ولا رأى هو مثل نفسه جد في طلب العلوم وبلغ -كان الله تعالى له- الغاية القصوى في الكتابة والكشف والقراءة فمن ذلك أنه قرأ البخاري في عشرة مجالس من بعد صلاة الظهر إلى العصر ومسلم في خمسة مجالس في نحو يومين وشطر يوم والنسائي الكبير في عشرة مجالس كل مجلس منها قريب من أربع ساعات، وأغرب ما وقع له في الإسراع أنه قرأ في رحلته الشامية المعجم الصغير للطبراني في مجلس واحد فيما بين صلاة الظهر والعصر. وفي مدة إقامته بدمشق -وكانت شهران وثلث شهر- قرأ فيها قريبًا من مائة مجلد مع ما يعلقه ويقضيه من أشغاله، وأملى أبقاه الله تعالى قريبًا من نحو مائة مجلس أو أزيد ثم إن
عزمه فتر عن ذلك فلما كان في صفر سنة سبع وعشرين عاد إلى الإملاء فأكمل في إملائه "تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب" الأصلي في مجلدين وشرع في "تخريج أحاديث الأذكار للنووي" وهو مستمر إلى الآن فيه فالله تبارك وتعالى يبقيه في خير وعافية ونعم عن الأكدار صافية، فلما كان في أثناء ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة حصل له إسهال مع رمي دم واستمر به ذلك إلى أن وافاه حمامه بعيد صلاة العشاء الآخرة من ليلة السبت المسفرة عن اليوم الثامن والعشرين من ذي الحجة الحرام من السنة وصُلي عليه قبيل صلاة الظهر بمصلى المؤمنين بالرميلة خارج القاهرة وكان له مشهد عظيم حضر الصلاة عليه السلطان الملك الظاهر جقمق وأتباعه1 ونقل نعشه إلى القرافة الصغرى فدفن فيها بتربة بني الخروبي2 بين تربة الإمام الشافعي -رضي الله تعالى عنه- والشيخ مسلم السلمي -رحمه الله تعالى- وهي مقابلة الجامع الديلمي. وكان ممن حمل نعشه السلطان فمن دونه من الرؤساء والعلماء ولم يخلف بعده مثله في الحفظ والإتقان -رحمه الله تعالى رحمة واسعة وغفر له مغفرة جامعة. وفي أواخر مرضه بأيام يسيرة عاده قاضي القضاة سعد الدين بن الديري الحنفي فسأله عن حاله فأنشده أربعة أبيات من قصيدة للإمام أبي القاسم الزمخشري وهي: قرب الرحيل إلى ديار الآخره ... فاجعل إلهي خير عمري آخره وارحم مبيتي في القبور ووحدتي ... وارحم عظامي حين تبقى ناخره فأنا المسيكين الذي أيامه ... ولت بأوزار غدت متواتره فلئن رحمت فأنت أكرم راحم ... فبحار جودك يا إلهي زاخره وقد رثاه جماعة من الفضلاء والأدباء النبلاء منهم الأديب شهاب الدين أبو الطيب أحمد بن محمد بن علي بن حسن عرف بالحجازي الأنصاري وضمن مرثيته هذه الأبيات فقال: كل البرية للمنية صائره ... وقفولها شيئًا فشيئًا سائره والنفس إن رضيت بذا ربحت وإن ... لم ترض كانت عند ذلك خاسره وأنا الذي راضٍ بأحكام مضت ... عن ربنا البر المهيمن صادره
لكن سئمت العيض من بعد الذي ... قد خلف الأفكار منا حائره هو شيخ الإسلام المعظم قدره ... من كان أوحد عصره والنادره قاضي القضاة العسقلاني الذي ... لم ترفع الدنيا خصيمًا ناظره وشهاب الدين الله ذي الفضل الذي ... أربى على عدد النجوم مكاثره لا تعجبو لعلوه فأبوه من ... قبل علا في الدنا والآخره هو كيمياء العلم كم من طالب ... بالكسر جاء له فأضحى جابره لا بدع إن عادت علوم الكيميا ... من بعد ذا الحجر المكرم بائره لهفي على من أورثتني حسرة ... رأس الرءوس عليه إذ هي حاسره لهفي على المدح استحال إلى الرثا ... وقصور أبياتي غدت متقاصره لهفي عليه عالمًا بوفاته ... درست دروس والمدارس داثره لهفي على الإملاء عطل بعده ... ومعاهد الإسماع إذ هي شاغره لهفي عليه حافظ العصر الذي ... قد كان معدودًا لكل مناظره لهفي على الفقه المهذب والمحر ... رحاوي المقصود عند محاضره لهفي على النحو الذي تسهيله ... مغني اللبيب مساعد لمذاكره لهفي على اللغة الغريبة كم أرا ... نا معربًا بصحاحها المتظاهره لهفي على علم العروض تقطعت ... أنسابه بفواصل متغايره لهفي عليه خزانة العلم التي ... كانت بها كل الأفاضل ماهره لهفي على شيخي الذي سعدت به ... صحب وأوجه ناظريه ناضره لهفي على التقصير مني حيث لم ... أملأ النواحي بالنواح مبادره لهفي على عذري عن استيفاء ما ... يحوي وعدزي ان أعد مآثره لهفي على لهفي وهل ذا مسعدي ... أو كان ينفعني شديد محاذره لهفي على من كل عام للهنا ... تأتي الوفود إلى حماه مبادره والآن في ذا العام جاءوا للعزا ... فيه وعادوا بالدموع الهامره قد خلف الدنيا خرابًا بعده ... لكنما الأخرى لديه عامره وبموته شعر الفؤاد وأعلم الـ ... ـعين انثنت في حالتيها شاعره ولي المحاجر طابقت إذ للرثا ... أنا ناظم وهي المدامع ناثره فكأنه في قبره سر غدا ... في الصدر والأفهام عنه قاصره
وكأنه في اللحد منه ذخيرة ... أعظم بها درر العلوم الفاخره وكأنه في رمسه سيف ثوى ... في الغمد مخبوءًا ليوم مآثره وكأنه سبق القضاء له فإن ... قربت منيته أفاض محاجره وغدا بأبيات الدنا متمثلا ... وحبا بها بعض الصحاب وسارره ونعى بها من قبل ذلك نفسه ... أكرم بها يا صاح نفسًا طاهره ولصاحب الكشاف يعزي نظمها ... والعد منها أربع متفاخره وأنا الذي ضمنتها مرثيتي ... جهرًا وأولها بغير مفاكره قرب الرحيل إلى ديار الآخره ... فاجعل إلهي خير عمري آخره وارحم مبيتي في القبور ووحدتي ... وارحم عظامي حين تبقى ناخره فأنا المسيكين الذي أيامه ... ولت بأوزار غدت متواتره فلئن رحمت فأنت أكرم راحم ... فبحار جودك يا إلهي زاخره هذا لعمري آخر الأبيات إذ ... هي أربع كلمت تراها باهره وأنا أعود إلى رثائي عودة ... تحلو لسامعها بغير منافره غرتني الأيام فيه فليتني ... في مصر مت وما رأيت القاهره هجرتني الأحلام بعدك سيدي ... واحر قلبي قد رمي بالهاجره من شاء بعدك فليمت أنت الذي ... كانت عليك النفس قدمًا حاذره وسهرت مذ صدح النعي بزجره ... فإذا هم من مقلتي بالساهره عزيت فيه فليت أني لم أكن ... أو ليت أني قد سكنت مقابره فعزا جميع الناس فيه واحد ... طوبى لنفس عند ذلك صابره يا نوم عني لا تُلمّ بمقلتي ... فالنوم لا يأوي لعين ساهره يا دمع واسقي تربة ولو أنها ... بعلومه جرت البحار الزاخره يا صبري ارحل ليس قلبي فارغا ... سكنته أحزان غدت متكاثره يا نار شوقي بالفراق تأججي ... يا أدمعي بالمزن كوني ساجره يا قبر طب قد صرت بيت العلم أو ... عينًا به إنسان قطب الدائره يا موت إنك قد نزلت بذي الندى ... ومذ استضفت حباك نفسًا حاضره يا رب فارحمه واسق ضريحه ... بسحائب من فيض فضلك غامره يا نفس صبرًا فالتأسي لائق ... بوفاة أعظم شافع في الآخره
المصطفى زين النبيين الذي ... حاز العلا والمعجزات الباهره صلى عليه الله ما جال الردى ... فينا وجرد للبرية باتره وعلى عشيرته الكرام وآله ... وعلى صحابته النجوم الزاهره وفي هذه السنة أعني سنة اثنتين وخمسين توفي الشيخ برهان الدين إبراهيم بن فتح الدين صدقة بن إبراهيم بن إسماعيل المقري1: القاهري وعرف والده بالصائغ البزار، والقاضي برهان الدين أبو الوفاء إبراهيم ابن المحدث جمال الدين عبد الله ابن الحافظ شهاب الدين أبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم2 بن صالح بن هاشم الفُرِّياني3 والإمام الأوحد المفيد زين الدين أبو النعيم رضوان4 بن محمد بن يوسف بن سلامة بن البهاء بن سعيد العقبي –بضم العين المهملة وسكون القاف بعدها موحدة- والإمام زين الدين أبو محمد عبد الرحمن بن تاج الدين محمد بن محمد بن يحيى السنديسي5 الشافعي، والقاضي كمال الدين أبو البركات محمد بن علي بن أحمد بن علي بن عبد العزيز6 بن القاسم بن عبد الرحمن الشهيد الناطق بن القاسم بن عبد الله.
العقيلي الهاشمي النويري، والأديب شاعر مكة خير الدين أبو الخير محمد بن عبد القوي بن محمد بن عبد القوي بن أحمد بن محمد بن علي بن معمر بن سليمان بن عبد العزيز بن أيوب بن علي البجائي ثم المكي المالكي الضرير ذي الحجة وقد جاوز السبعين ووزير المغرب أبو زكريا يحيى بن زيان1 الوطاسي المريني2 الفاسي وكان عادلاً وجماعة آخرون.
الخاتمة
الخاتمة ... جاء في خاتمة الأصل: هذا آخر ما وجد من كتاب "لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ" تأليف الإمام الحافظ الرحلة شيخ السنة ببلد الله الأمين أبي الفضل محمد تقي الدين بن النجم محمد بن أبي الخير محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن فهد الهاشمي العلوي المكي الشافعي تغمده الله تعالى برحمته وأسكنه فسيح جنته بمحمد وآله والحمد لله أولاً وآخرًا وباطنًا وظاهرًا، وكتب من خط مؤلفه على يد حفيده ابن ابن ولده الفقير إلى ربه وكرمه الملتجى إلى بيته وحرمه محمد المدعو جار الله بن عبد العزيز بن عمر بن تقي الدين محمد بن فهد الهاشمي المكي الشافعي خادم الحديث الشريف بحرم الله المظهر المنيف لطف الله به وبالمسلمين أجمعين، وكانت كتابته في مجالس عديدة بدئ بها بالمسجد الحرام وختمت تجاه بيت الله الملك العلام من جهة ميزاب سحب الإنعام قريبًا من باب السلام وقت إحرام بباب الكعبة الشريفة في يوم الخميس خامس عشري من ذي القعدة المعظمة المنيفة عام أربع وأربعين وتسعمائة، والحمد لله وحده، وصلى الله على من لا نبي بعده، وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير نعم المولى ونعم الوكيل.