كشف الخفاء ت هنداوي

العجلوني

المجلد الأول

المجلد الأول مقدمة المحقق: الحمد لله الذي أنزل الكتاب على رسوله -صلى الله عليه وسلم-, وجعل سنته -صلى الله عليه وسلم- مبينة له، فقال عز من قائل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} 1. وأمرنا سبحانه باتباع سنته -صلى الله عليه وسلم- وامتثال أمره ونهيه فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} 2. وأخبر أنه -صلى الله عليه وسلم- باقٍ فينا بسنته وهديه ما لهج المسلمون بحديثه فقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ} 3. وأخبر سبحانه أن الهداية في طاعته فقال حاثًّا على طاعة أمره واتباع سنته: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} 4. وبين سبحانه أنه اتباع سنته -صلى الله عليه وسلم- هي السبيل الأوحد لمحبة الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 5 ثم أمر سبحانه بطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- مع طاعته تعالى, وبين أن من تولى عن طاعته وطاعة رسوله فهو من الكافرين فقال: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} 6. وجعل سبحانه طاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- طاعة مستقلة بنفسها، ولم يجعل لأحد من أولي الأمر طاعة مستقلة, بل جعل طاعتهم تبعًا لطاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فإن أمروا بأمره وسنته أطيعوا، وإلا فلا طاعة لهم، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ

_ 1 النحل: 44. 2 الحشر: 7. 3 الحجرات: 7. 4 النور: 54. 5 آل عمران: 31. 6 آل عمران: 32.

مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} 1. فانظر كيف كرر الأمر بالطاعة في حق الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يكرره مع أولي الأمر، ثم انظر كيف جعل مرد النزاع إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- على السواء؛ وذلك لأنه لا تعارض بين كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- إذ كانت مبينة لكتاب الله تعالى، ومفصلة له. ولم لا, وقد أوتي -صلى الله عليه وسلم- القرآن ومثليه معه من السنة الشريفة كما صح عنه -صلى الله عليه وسلم-, وقد تكاثرت الآيات والأحاديث في وجوب اتباع حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- والعمل به ما دام قد اتصل إسناده إلينا بنقل العدول الضابطين من المسلمين عن النبي الأمين -صلى الله عليه وسلم-. ولكني أحببت أن أصدر هذا الكتاب الخادم لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، الذاب عنها ما انتحله المنتحلون، وكذب فيه الكاذبون والوضاعون -أحببت أن أصدره بتلك الآيات الآمرة باتباع حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ولزوم سنته؛ نظرًا لتواكب زمن تحقيقي لهذا الكتاب مع اطلاعي على بعض ما يوجهه المغرضون من أعداء هذا الدين من طعون وسهام إلى سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وصد عنها. ولا غرابة في أن يصدر هذا من أعداء الإسلام الذين لا ينتسبون إليه، ولكن ما فَتَّ في كبدي هو صدور تلك السهام وذلك الصد من أناس ينتسبون في الظاهر إلى هذا الدين، ويتمسحون في كتابه وينتسبون إليه فيزعمون أنهم قرآنيون، لا يتبعون غير كتاب الله تعالى، مستغنين به عن سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهم قد استعصى عليهم تمييز صحيحها من سقيمها بزعمهم. ولعمر الله, إنهم لكذابون أفاكون! فما هم بقرآنيين ولا يعرفون القرآن ولا يقرءونه، ولو قرءوه وعرفوه وطالعوا تلك الآيات التي صدرت بها هذه المقدمة, لعرفوا أن القرآن يأمرهم بوجوب اتباع حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ولزوم سنته، وأنهم لا يفقهون القرآن ولا يعرفون تفصيل مجمله، ولا بيان مشكله، ولا إيضاح خفيه إلا من السنة المطهرة التي حفظها الله تعالى بجهود هؤلاء الأئمة الذين بذلوا حياتهم للذب عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ونفي الدخيل عنها، وبيان ما يصح نسبته إليه -صلى الله عليه وسلم- مما كذبه عليه الكذابون الأفاكون.

_ 1 النساء: 59.

وهذا الكتاب الذي بين أيدينا هو واحد من هذه الكتب التي تصدت لهذه المهمة العظيمة, وهي الذب عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتطهيرها من الدخيل عليها. وقد بذل فيه مؤلفه جهدًا عظيمًا في بيان حال ما اشتهر على ألسنة الناس مما ينسب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكثير من هذه الأحاديث قد لا تصح نسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لكونه من وضع الوضاعين أو كذب الكذابين، ولكن الله تعالى يقيض لهؤلاء الكذابين من يكشف باطلهم وينبه عليه, حتى تظل سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- محفوظة مطهرة بغير تبديل ولا تحريف؛ وذلك لأنه بضياع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- يضيع فهم القرآن, فكان من تمام حفظ الله تعالى لكتابه أن حفظ سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- التي جعلها الله تعالى مبينة لكتابه، ومفصلة له، وصدق الله تعالى حيث قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 1. وقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} 2 فسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هي المبينة لكتاب الله تعالى، وإذا كان الله تعالى قد تكفل بحفظ كتابه، فمن تمام حفظه حفظ سنته التي هي مبينة لكتابه. وقد كان هذا الحفظ بتسخير هؤلاء الأئمة الأعلام الذين عنوا بحفظ حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وجمع طرقه ورواياته ومعرفة أسانيده وحفظها وتلقيه ممن سمعوه عن الثقات عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهذا الكتاب الذي بين أيدينا سِفْرٌ جامع, جمع بين طرفيه قرابة ثلاثة آلاف ومائتي حديث، بَيَّن فيه مؤلفه ما يصح منها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وما لا يصح نسبته إليه، وقد جمع تلك الأحاديث من الكتب التي سبقته في هذا الباب, وقد اعتمد بالأخص على أوثق ما كُتب في هذا الباب وهو كتاب "المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة" للحافظ السخاوي. وقد ذكر ذلك المصنف في مقدمته, وذكر مصادره الأخرى التي اعتمد عليها في تصنيف كتابه.

_ 1 سورة الحجر: الآية: 9. 2 سورة النحل: الآية: 44.

عملنا في تحقيق الكتاب

عملنا في تحقيق الكتاب: 1- تم ضبط متن الكتاب على عدد من النسخ المطبوعة مع مراجعة نسخة دار الكتب المصرية فيما أشكل، وقد اهتدينا بفضل الله تعالى إلى تصحيح كثير من الأخطاء الفاحشة -لا سيما في حديث النبى- وقد وقع في تلك الأخطاء جميع طبعات الكتاب المتداولة؛ وذلك لكون هذه الطبعات ناقلة عن بعضها البعض بغير تصحيح ولا تنقيح. 2- تم بيان درجة أغلب أحاديث الكتاب من صحيح الجامع وضعيفه وغيرهما من كتب فضيلة الشيخ الألباني حفظه الله، وقد اكتفينا بذكر رقم الحديث في الصحيح أو الضعيف على سبيل الاختصار دون ذكر اسم المصدر؛ وذلك لتنبيهنا عليه في أول الكتاب فأهملنا ذكره بعد تجنبًا للتكرار والإطالة؛ وما كان في غير صحيح الجامع وضعيفه بيناه، وما ظهر من كلام المصنف صحته بأن رواه الشيخان مثلًا، أو نص على ضعفه تركنا الكلام عليه اختصارًا. 3- تم تخريج الآيات القرآنية التي اشتمل عليها الكتاب. 4- قمت بالتعليق على بعض ما وقع فيه المصنف من المزالق, سواء ما يتعلق بالعقيدة أو الحديث أو غير ذلك. 5- أثبتُّ فهرسًا للكتاب في آخره على حروف المعجم بفصول الكتاب هذا، والله أسأل أن يجزل لنا المثوبة على هذا العمل، وأن يجعله ذخرًا لنا يوم لقائه، وأن يجزل المثوبة كذلك لكل من ساعد في إخراجه، لا سيما الأخ الفاضل محمد بن عبد الوهاب، ولله المرجع والمآب. وكتب عبد الحميد بن أحمد بن يوسف بن هنداوي المدرس بكلية دار العلوم - جامعة القاهرة الجيزة في الرابع عشر من المحرم 1420هـ - 1999/ 4/ 30م.

حياة المصنف مختصرة من سلك الدرر للمرادي

حياة المصنف مختصرة من سلك الدرر للمرادي: هو إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي بن عبد الغني الشهير بالجراحي "نسبة إلى أبي عبيدة بن الجراح أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم" الشافعي، العجلوني المولد، الدمشقي المنشأ والوفاة, الشيخ العالم الهمام الحجة الرحلة العمدة الوَرِع العلامة. كان عالما بارعا صالحا مفيدا محدثا مبجلا قدوة سندا خاشعا، له يد في العلوم لا سيما الحديث والعربية وغير ذلك مما يطول شرحه ولا يسع في هذه السطور وصفه، له القدم الراسخ في العلوم واليد الطولى في دقائق المنطوق والمفهوم. ولد بعجلون في سنة سبع وثمانين بعد الألف تقريبًا، وسماه والده أولًا باسم محمد مدة من الزمان لا تزيد على سنة، ثم غير اسمه إلى مصطفى نحو ستة أشهر, ثم غير اسمه بإسماعيل واستقر الأمر بهذا الاسم. ثم لما بلغ سن التمييز شرع في قراءة القرآن العظيم حتى حفظه عن ظهر قلبه في مدة يسيرة، ثم قدم إلى دمشق وعمره نحو ثلاث عشرة سنة تقريبًا لطلب العلم, وذلك في منتصف شوال سنة ألف ومائة، واشتغل على جماعة أجلاء بالفقه والحديث والتفسير والعربية وغير ذلك إلى أن تميز عن أقرانه بالطلب. ومن أسباب توجهه لطلب العلم أنه لما كان في بلاده وكان صغيرًا يقرأ في المكتب رأى في عالم الرؤيا أن رجلًا ألبسه جوخة خضراء مركبة على فرو أبيض في غاية الجودة والبياض, وقد غمرته لكونها سابغة على يديه ورجليه. فأخبر والده بالمنام فحصل له بذلك السرور التام, وقال له: إن شاء الله يجعل لك يا ولدي من العلم الحظ الوافر, ودعا له بذلك. قلت: ومشايخه كثيرون والكتب التي قرأها لا تعد لكثرتها, ما بين كلام وتفسير وحديث وفقه وأصول وقراءات وفرائض وحساب وعربية بأنواعها ومنطق, وغير ذلك. وقد ألف ثبتًا سماه حلية أهل الفضل والكمال باتصال الأسانيد بكمل الرجال. وترجم مشايخه به؛ فمن مشايخه الشيخ أبو المواهب مفتي الحنابلة بدمشق, والشيخ محمد الكاملي الدمشقي, والشيخ إلياس الكردي نزيل دمشق، والأستاذ الشيخ

عبد الغني النابلسي الدمشقي، والشيخ يونس المصري نزيل دمشق، والشيخ عبد الرحمن المجلد الدمشقي، ومفتيها الشيخ إسماعيل الحائك, والشيخ نور الدين الدسوقي الدمشقي، والشيخ عثمان القطان الدمشقي، والشيخ عثمان الشمعة الدمشقي، والشيخ عبد القادر التغلبي الحنبلي، والشيخ عبد الجليل أبو المواهب المذكور، والشيخ عبد الله العجلوني نزيل دمشق، ومن غير الدمشقيين الشيخ محمد الخليلي المقدسي، والشيخ محمد شمس الدين الحنفي الرملي، وأجازه الشيخ عبد الله بن سالم المكي البصري، والشيخ تاج الدين القلعي مفتي مكة، والشيخ محمد الشهير بعقيلة المكي، والشيخ محمد الوليدي, والشيخ محمد الضرير الإسكندراني المكي، والشيخ يونس الدمرداشي المصري ثم المكي, والشيخ أبو طاهر الكوراني المدني، والشيخ أبو الحسن السندي ثم المدني، والشيخ ابن عبد الرسول البرزنجي الحسيني المدني، والشيخ أحمد النجلي المكي، والشيخ سليمان بن أحمد الرومي واعظ أيا صوفية. وارتحل إلى الروم في سنة تسع عشرة ومائة وألف, فلما كان بها أنحل تدريس قبة النسر بالجامع الأموي عن شيخه الشيخ يونس المصري بموته فأخذه صاحب الترجمة وجاء به إلى دمشق, وكان والي دمشق إذ ذاك الوزير يوسف باشا القبطان عارضًا به إلى شيخه الشيخ محمد الكاملي وألزم القاضي بعرض على موجب عرضه وأنه يعطي ما صرفه شيخه الشيخ أحمد الغزي مفتي الشافعية بدمشق للقاضي, وكان مراد الغزي أولًا التدريس، فحين وصول العروض إلى دار الخلافة قسطنطينية للدولة العلية ما وجهوا التدريس لشيخه الكاملي ووجهوه للمترجم واستقام بهذا التدريس إلى أن مات. ومدة إقامته من ابتداء سنة عشرين إلى أن مات إحدى وأربعون سنة, وهو على طريقة واحدة مبجلًا بين العال والدون, ودرس بالجامع الأموي وفي مسجد بني السفرجلاني ولزمه جماعة كثيرون لا يحصون عددًا. وألف المؤلفات الباهرة المفيدة منها: 1- كشف الخفا ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس. 2- الفوائد الدراري بترجمة الإمام البخاري. 3- إضاءة البدرين في ترجمة الشيخين. 4- تحفة أهل الإيمان فيما يتعلق برجب وشعبان ورمضان.

5- نصيحة الإخوان فيما يتعلق برجب وشعبان ورمضان. 6- عرف الزرنب1 بترجمة سيدي مدرك والسيدة زينب. 7- الفوائد المحررة بشرح مسوغات الابتداء بالنكرة. 8- الأجوبة المحققة عن الأسئلة المفرقة. 9- الكواكب المنيرة المجتمعة في تراجم الأئمة المجتهدين الأربعة. 10- أربعون حديثًا كل حديث من كتاب. 11- عقد الجوهر الثمين بشرح الحديث المسلسل بالدمشقيين. وهذه الكتب كاملة وأقلها نحو الكراستين وأكثرها نحو العشرين، ومنها التي لم تكمل وهي كثيرة أيضًا؛ منها أسنى الوسائل بشرح الشمائل، ومنها استرشاد المسترشدين لفهم الفتح المبين على شرح الأربعين النووية لابن حجر المكي، ومنها عقد اللآلي بشرح منفرجة الغزالي، ومنها إسعاف الطالبين بتفسير كتاب الله المبين, ومنها فتح المولى الجليل على أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي، ومنها وهو أجلها شرحه على البخاري المسمى بالفيض الجاري بشرح صحيح البخاري, وقد كتب من مسوداته مائتين واثنتين وتسعين كراسة وصل فيها إلى قول البخاري باب مرجع النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم من المغازي, ولو كمل هذا الشرح لكان من نتائج الدهر. وكان صاحب الترجمة حليما، سليم الصدر, سالما من الغش والمقت, صابرا على الفاقة والفقر، ملازما للعبادات والتهجد، والاشتغال بالدروس العامة والخاصة، كافًّا لسانه عما لا يعنيه مع وجاهة نيرة، ولم يزل مستقيمًا على حالته الحسنة المرغوبة إلى أن مات. قرأ عليه الوالد مدة ولازمه وأخذ عنه وأجازه، ولما حج الوالد في سنة سبع وخمسين ومائة وألف كان هو أيضًا حاجًّا في تلك السنة فأُقرئ كتاب صحيح البخاري في الروضة المطهرة وأعاد له الدرس الوالد, وقد أجاز الوالد نثرًا ونظمًا فالنظم قوله:

_ 1 الزرنب: طيب أو شجر طيب الرائحة، كما في القاموس.

أجزت نجل العارف المرادي ... أعني عليًّا فاز بالمراد وهو الشريف اللوذعي الكامل ... الأريب والمفضال ذو الأيادي أجزته بكل ما أخذته ... عن الشيوخ الفضل الأطواد أجزته بكل ما صنفته ... كالفيض والكشف مع الإرشاد أجزته بكل ما في ثبتنا ... الجامع النوعين بالسداد أجزته إجازة بشرطها ... عند أولي التحديث والنقاد أجزته في الروضة الفيحاء ... بطيبة المختار طه الهادي صلى عليه ربنا وسلما ... وآله وصحبه الأمجاد ما غردت قمرية فأطربت ... وأمطرت سحب وسال واد وكان ينظم الشعر, وشعره شعر علماء؛ لأنهم لا يشغلون أنفسهم به كما قال ابن بسام: إن شعر العلماء ليس فيه بارقة تسام, وجعل الشهاب أن أحسن بعض أشعارهم من قبيل دعوة البخيل أو حملة الجبان. وقال الأمين في نفحته: قلت: علة ذلك أنهم يشغلون أفكارهم بمعنى يعنى، والشعر وإن سموه ترويح الخاطر لكنه مما لا يثمر فائدة ولا يغني "هذه تسلية العلماء، وحديث: "إن من الشعر حكمة" محفوظ عند الجميع" وشتان بين من تعاطاه في الشهر مرة, وبين من أنفق في تعاطيه عمره. وقد ترجمه الشيخ سعيد السمان في كتابه وقال في وصفه: خاتمة أئمة الحديث ومن ألقت إليه مقاليدها بالقديم والحديث اقتدح زناده فيه فأضاء وشاع حتى ملأ الفضاء آخذًا بطرفي العلم والعمل متسنمًا ذروة عن غيره بعيدة الأمل, يقطع آناء الليل تضرعًا وعبادة, ويوسع أطراف النهار قراءة وإفادة, لا يشغله عن ترداده النظر في دفاتره مرام, ولا عن نشر طيبها نقض ولا إبرام. ولصاحب الترجمة أشعار غير التي ذكرناها, وبالجملة فهو أحد الشيوخ الذين لهم القدم العالية في العلوم والرسوخ. وكانت وفاته بدمشق في محرم الحرام, افتتاح سنة اثنتين وستين ومائة وألف، ودفن بتربة الشيخ أرسلان -رحمه الله تعالى1.

_ 1 في الأصل: "رضى الله عنه" والأولى قصر الترضية على أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم.

مقدمة المؤلف

مقدمة المؤلف: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي حفظ السنة المصطفوية بأهل الحديث، والصلاة والسلام على نبينا محمد المرسل بأصدق الكلام والحديث, وعلى آله وأصحابه الذين أعزوا دينه الصحيح بسيرهم في نصرته السير الحثيث, وعلى التابعين لهم بإحسان وسائر المؤمنين في القديم والحديث. أما بعد, فيقول العبد الفقير إلى مولاه الفتاح, إسماعيل العجلوني بن محمد جَرَّاح: إن الأحاديث المشتهرة على الألسنة قد كثرت فيها التصانيف، وقلما يخلو تصنيف منها عن فائدة لا توجد في غيره من التآليف، فأردت أن ألخص مما وقفت عليه منها مجموعًا تقر به أعين المنصفين؛ ليكون مرجعًا لي ولمن يرغب في تحصيل المهمات من المستفيدين، ولما أخرجه ابن ماجه وابن خزيمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مما يلحق المؤمن من حسناته بعد موته علمًا نشره" 1 وهو شامل للتصنيف والتعليم، وهو في التصنيف أظهر؛ لأنه أطول استمرارًا وأكثر انتشارًا. وأنص -إن شاء الله تعالى- في هذا المجموع على بيان الحديث من غيره، وتمييز المقبول منه السالم من ضَيْرِه2، إذ من النصيحة في الدين كما قال الحافظ ابن حجر في خطبة كتابه "اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة" التنبيه على ما يشتهر بين الناس مما ألفه الطبع، وليس له أصل في الشرع، قال: وقد صنف الإمام تاج الدين الفزاري كتابًا في فقه العوام، وإنكار أمور اشتهرت بين الأنام لا أصل لها أجاد فيها الانتقاد، وصان الشريعة أن يدخل فيها ما يخل بالاعتقاد، قال: وقد رأيت ما هو أهم من ذلك، وهو تبيين الأحاديث المشتهرة على ألسنة العوام وكثير من الفقهاء الذين لا معرفة لهم

_ 1 حسن: أخرجه ابن ماجه "242"، وابن خزيمة "2490"، وانظر صحيح ابن ماجه "ح198" وتمامه: "وولدًا صالِحًا تركه، ومصحفًا ورثه، أو مسجدًا بناه, أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، يلحقه من بعد موته". 2 الضير: المضرة، والمقصود تمييز الحديث السالم الصحيح من الضعيف الذى يضر به.

بالحديث، وهي إما أن يكون لها أصل يتعذر الوقوف عليه لغرابة موضعه، أو لذكره في غير مظنته، وربما نفاه بعضهم لعدم اطلاعه عليه, والنافي له كمن نفى أصلًا من الدين, وضل عن طريقه المبين، وإما لا أصل لها البتة, فالناقل لها يدخل تحت ما رواه البخاري في ثلاثياته من قوله صلى الله عليه وسلم: "من نقل عني ما لم أقل, فليتبوأ مقعده من النار" 1 انتهى. ثم نقل فيها بسنده إلى أبي قتادة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "هلاك أمتي في ثلاث: في القدرية، والعصبية، والرواية من غير تثبت"2 لكنه منكر. وبسنده أيضا إلى ابن المبارك أنه قيل له في هذه الأحاديث الموضوعة فقال: يعيش لها الجهابذة. وبسنده إلى الإمام أحمد أنه قال: "إن للناس في أرباضهم3 وعلى باب دورهم أحاديث يتحدثون بها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم نسمع نحن بشيء منها". ولذلك وجبت العناية بما وصل العلم إليه ووقع الاطلاع عليه، قال الربيع بن خيثم: إن للحديث ضوءًا كضوء النهار يعرف، وظلمة كظلمة الليل تنكر. وقال ابن الجوزي: الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب، وينفر منه قلبه في الغالب, وروى أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة رفعه: "إن لله تعالى عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليًا من أوليائه يذب عن دينه"4 انتهى. وإن من أعظم ما صنف في هذا الغرض وأجمع ما ميز فيه السالم من العلة والمرض، الكتاب المسمى بالمقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، المنسوب للإمام الحافظ الشهير أبي الخير شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي، لكنه مشتمل على طول بسوق الأسانيد التي ليس لها كبير فائدة إلا للعالم الحاوي. ومن

_ 1 أخرجه البخارى في "العلم"، 243/ 1, "ح109"، ولفظه: "من يقل علي...." ولعل المذكور هنا تصحيف عن لفظه في الصحيح. 2 أورده العلامه الشوكاني في "الفوائد المجموعة"، 620/ 2، وقال: "رواه العقيلي عن ابن عباس مرفوعًا وهو موضوع، والمتهم به ابن سمعان"، وانظر كلام الشيخ الألباني عليه في "ظلال الجنة في تخريج كتاب السنة" لابن أبي عاصم "ح326". 3 أرباض: جمع ربض، هو ما يكون حول الدار خارجًا عنها، وفي الحديث: "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة"، وهو بفتح الباء: ما حولها خارجًا عنها، تشبيهًا بالأبنية التي تكون حول المدن والقلاع. النهاية 185/ 2. 4 موضوع: وانظر الضعيف الجامع "ح1949"، وراجع الكلام عليه في "الضعيفة"، "ح869".

ثم لخصته في هذا الكتاب مقتصرا على مخرج الحديث وصحابيه رومًا للاختصار، غير مخل إن شاء الله تعالى بما اشتمل عليه مما يستطاب أو يستحسن عند أئمة الحديث الأخيار, وضامًّا إليه مما في كتب الأئمة المعتبرين كاللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة لأمير الحفاظ والمحدثين من المتأخرين الشهاب أحمد بن حجر العسقلاني، بلغنا الله وإياه في الدارين الأماني. واعلم أني حيث أقول: قال في اللآلئ أو ذكر فيها فالمراد به كتاب الحافظ العسقلاني المذكور، وحيث أقول: قال في الأصل أو في المقاصد فمرادي به المقاصد الحسنة المذكورة، وحيث أقول: قال في التمييز فمرادي الكتاب المسمى بتمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث للحافظ عبد الرحمن بن الديبع تلميذ الإمام السخاوي، فإنه اختصر المقاصد الحسنة لشيخه المذكور، لكنه أخل بأشياء مما فيه مسطور، وحيث أقول: قال في الدرر فالمراد الكتاب المسمى بالدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة للحافظ جلال الدين السيوطي، وهي نسختان صغرى وكبرى، وحيث أقول: رواه أبو نعيم فمرادي في الحلية، وحيث أقول: رواه الشيخان أو اتفقا عليه أو متفق عليه فالمراد أنه في الصحيحين لشيخي الحديث البخاري ومسلم، وإن كان في أحدهما قلت: رواه البخاري أو مسلم، وحيث أقول: رواه أحمد فالمراد الإمام أحمد في مسنده، وحيث أقول: رواه البيهقي فالمراد في الشعب، وحيث أقول: رواه الأربعة فالمراد أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه في سننهم، وحيث أقول: رواه الستة فالمراد هؤلاء الأربعة والشيخان في الكتب الستة, وكذا إذا أفردت واحدًا منهم فالمراد في كتابه أحد السنن الستة، وحيث أقول: قاله النجم فالمراد شيخ مشايخنا العلامة محمد نجم الدين الغزي في كتابه المسمى إتقان ما يحسن من الأخبار الدائرة على الألسن، وحيث أقول: قال القاري فالمراد به الملا علي القاري في كتابه الموضوعات المسماة بالأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة وهي صغرى وكبرى, وقد نقلت منهما، وحيث أقول: قاله الصغاني فالمراد به العلامة حسن بن محمد الصغاني مؤلف المشارق، وما لم يكن كذلك في جميع ما مر فأنص على الكتاب الذي رواه مؤلفه فيه, وربما تعرضت لحديث ليس من المشهورات لمناسبة أو غيرها من المقاصد الصحيحات. هذا والحكم على الحديث بالوضع أو الصحة أو غيرهما, إنما هو بحسب الظاهر للمحدثين باعتبار الإسناد أو غيره, لا باعتبار نفس الأمر والقطع لجواز أن يكون

الصحيح مثلا -باعتبار نظر المحدث- موضوعا أو ضعيفا في نفس الأمر, وبالعكس ولو لما في الصحيحين على الصحيح, خلافًا لابن الصلاح كما أشار إلى ذلك الحافظ العراقي في ألفيته بقوله: واقطع بصحة لما قد أسندا ... كذا له وقيل ظنا ولدي محققيهم قد عزاه النووي ... وفي الصحيح بعض شيء قد روي نعم المتواتر مطلقًا قطعي النسبة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- اتفاقًا، ومع كون الحديث1 يحتمل ذلك فيعمل بمقتضى ما يثبت عند المحدثين ويترتب عليه الحكم الشرعي المستفاد منه للمستنبطين, وفي الفتوحات المكية2 ما حاصله: فرب حديث يكون صحيحا من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف أنه غير صحيح لسؤاله لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيعلم وضعه ويترك العمل به وإن عمل به أهل النقل لصحة طريقه، ورب حديث ترك العمل به لضعف طريقه من أجل وضاع في رواته يكون صحيحًا في نفس الأمر لسماع المكاشف له من الروح حين إلقائه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انتهى3. واعلم أن الحافظ جلال الدين السيوطي قال في خطبة جامعه الكبير ما حاصله: كل ما كان في مسند أحمد فهو مقبول؛ فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن، وكل ما كان في كتاب الضعفاء للعقيلي ولابن عدي في الكامل وللخطيب البغدادي ولابن عساكر في تاريخه وللحكيم الترمذي في نوادر الأصول وللحاكم في تاريخه ولابن النجار في تاريخه وللديلمي في مسند الفردوس

_ 1 أي: مع احتمال أن يكون الصحيح عن المحدثين ضعيفًا في نفس الأمر. 2 في متن الكتاب في هذا الموضع: "للشيخ الأكبر -قدس الله سره- الأنور" وقد حذفت ذلك من المتن؛ لإجماع محققي أهل السنة على تكفير ابن عربي صاحب الفتوحات هذا، وأثبتُّه في الهامش للأمانة العلمية. 3 هذا كلام باطل مؤداه هدم الشريعة واتباع منامات الصوفية وخرافاتهم، والحق الذى عليه عامة أهل العلم من أهل السنة هو أنه إذا صح إسناد الحديث إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بلا معارض له، ولا قادح فقد وجب العمل به، ولا يصح أن يكون المعارض للحديث أو القادح فيه منامًا أو غيره مما يسميه مخرفو الصوفية منامات، فالشريعة لا تثبت بتلك المنامات والرؤى الباطلة، ولا يلبسن عليك ملبس بحديث: "من رآنى في المنام فقد رآنى حقًّا؛ فإن الشيطان لا يتمثل بي" فالجواب عنه: أن الشيطان لا يتمثل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في صورته وهيئته الحقيقية، فمن رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في صورته وهيئته الحقيقية فقد رآه حقا لأن الشيطان لا يتمثل به في صورته الحقة، ولكن قد يتمثل الشيطان في صورة أخرى غير صورة النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يلقي في نفس النائم أنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ ثم يكذب على أتباعه ما يشاء فيحل ما يشاء مما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, ويحرم ما شاء مما أحل الله ورسوله، ويكذب الصحيح الثابت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويصحح الضعيف المكذوب عليه صلى الله عليه وسلم، فما أدرى هذا المخرف المتبع لضلالات إبليس أن الذي رآه في المنام هو النبى -صلى الله عليه وسلم-؟؟!.

فهو ضعيف، فيستغنى عن بيان حاله بالعزو إليها أو إلى أحدها انتهى؛ لكنه مقيد بما لم يجبر بتعدد طرقه، وإلا فيصير حسنًا لغيره فيعمل به، ولعل ما ذكره أغلبي، وإلا فيبعد كل البعد أنه لا يكون في كتاب منها حديث حسن أو صحيح فتأمل. وسميت ما جمعته من ذلك "كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس" ورتبته على حروف المعجم كأصله؛ ليكون أسهل في المراجعة لنقله، لكن لا أرمز بحروف إلى المخرجين كالنجم، بل أصرح بأسمائهم دفعًا للبس والوهم، جعله الله خالصًا لوجهه الكريم، وسببًا للفوز بجنات النعيم، وهذا أوان الشروع في المقصود, بعون الله الملك المعبود.

حرف الهمزة

حرف الهمزة: 1- "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله, ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " 1. رواه الشيخان عن عمر بن الخطاب، وكذا رواه غيرهما من أصحاب الكتب المعتمدة، حتى مالك، لكن في غير الموطأ، وقول ابن دحية: إن مالكًا رواه في موطئه، وَهَّمَهُ في ذلك المحدثون، لكن قال الحافظ السيوطي في شرحه الصغير على الموطأ أنه موجود في الموطأ من رواية محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، قال: وبذلك يتبين صحة قول من عزا روايته إلى الموطأ ووهم من خطأه في ذلك، انتهى فاعرفه. ورواه البخاري في صحيحه عن عمر في سبعة مواضع بألفاظ مختلفة، بيناها وغيرها في الفيض الجاري بشرح صحيح البخاري منها: إن الأعمال بالنية، وإن لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى ما هاجر إليه، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه. وهذه الرواية ليست في الصحيحين، بل خرجها ابن الجارود في المنتقى من طريق يحيى بن سعيد، وقد روي حديث: إنما الأعمال بالنيات عن نحو سبعة عشر صحابيًّا، لكنه لم يصح إلا من طريق عمر رضي الله عنه، فهو فرد غريب باعتبار أول سنده، مشهور باعتبار آخره. قال الكرماني وغيره: قال الحافظ: لا تصح روايته عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا من جهة عمر، ولا عن عمر إلا من جهة علقمة، ولا عن علقمة إلا من جهة محمد بن إبراهيم، ولا عن محمد إلا من جهة يحيى بن سعيد وعنه انتشر، إذ رواه عنه أكثر من مائتي مسند, فهو مشهور باعتبار آخره، غريب باعتبار أوله, لكنه مجمع على صحته, انتهى. وهو أحد الأحاديث الأربعة

_ 1 صحيح متفق عليه. ننبه القارئ إلى أننا سوف نهمل التعليق فيما بعد على ما ذكر المصنف أنه مروي في الصحيحين أو أحدهما؛ وذلك لاستغناء المروي في الصحيح عن بيان حكمه.

التي عليها مدار الدين، وقد نظمها طاهر بن مفوز الإشبيلي -وقيل الإمام الشافعي- بقوله: عمدة الدين عندنا كلمات ... أربع من كلام خير البرية اتق الشبهات, وازهد, ودع ما ... ليس يعنيك, واعملن بنية وقد أشبعنا الكلام عليه في الفيض الجاري, فراجعه. 2- آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك. رواه أحمد ومسلم وعبد بن حميد عن أنس -رضي الله عنه-. 3- آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر1. رواه ابن مردويه في تفسيره عن ابن عباس والخطيب2 لكن بلفظ من الشهر، وقال السيوطي في الجامع الكبير: رواه وكيع في الغرر، وابن مردويه في تفسيره عن ابن عباس، وفيه مسلمة بن الصلت متروك، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، ورواه الطيوري من وجه آخر عن ابن عباس موقوفًا, انتهى؛ وقال ابن رجب: لا يصح، ورواه الطبراني بسند ضعفه بلفظ: يوم الأربعاء يوم نحس مستمر، وهو محمول على الحديث المقيد بآخر أربعاء جمعًا بينهما، وفي السيرة الحلبية ما حاصله تحمل الأحاديث الواردة بمدح يوم الأربعاء على غير آخر أربعاء في الشهر كالحديث الضعيف: خلق الله يوم الأربعاء الأنهار والأشجار، وأما الأحاديث الواردة بذمه فهي محمولة على آخر أربعاء في الشهر كالحديث المرفوع: يوم الأربعاء نحس مستمر، وفيه ولد فرعون، وفيه ادعى الإلهية، وفيه أهلكه الله تعالى، وكالحديث الآخر: يوم الأربعاء لا أخذ ولا عطاء، والحديث الذي روي بسند ضعيف: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باجتناب الحجامة يوم الأربعاء؛ فإنه اليوم الذي أصيب فيه أيوب -عليه السلام- بالبلاء، وما يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء وليلة الأربعاء؛ وكذا ما جاء في حديث من النهي عن قص

_ 1 موضوع: ضعيف الجامع رقم3. وننبه القارئ إلى أننا سوف نكتفي بعد ذلك ببيان حكم الحديث وذكر رقمه دون بيان المصدر، حيث إن المصدر هو صحيح الجامع إن كان صحيحًا، وضعيف الجامع إن كان ضعيفًا. 2 "والخطيب" مستدركة من بعض النسخ.

الأظفار في يوم الأربعاء وأنه يورث البرص، وما ذكر عن ابن الحاج المالكي أنه قص أظفاره يوم الأربعاء فلحقه برص فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في نومه فشكا له فقال: ألم تسمع نهيي عن ذلك؟! فقال: يا رسول الله, لم يصح عندي الحديث عنك، فقال: يكفيك أن تسمع، ثم مسح بيده الشريفة على بدنه، فزال البرص جميعًا، فليتأمل هذا الجمع, انتهى1. وذكر المناوي قصة ابن الحاج، وزاد أنه قال: فجددت مع الله تعالى توبة أن لا أخالف ما سمعت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبدًا. تكميل: أخرج أبو يعلى عن ابن عباس، وكذا ابن عدي، وتمام في فوائده عن أبي سعيد مرفوعًا: يوم السبت يوم مكر وخديعة، ويوم الأحد يوم غرس وبناء، ويوم الاثنين يوم سفر وطلب رزق, ويوم الثلاثاء يوم حديد وبأس، ويوم الأربعاء لا أخذ ولا عطاء، ويوم الخميس يوم طلب الحوائج والدخول على السلطان، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح. قال السخاوي: سنده ضعيف، وذكر برهان الإسلام عن صاحب الهداية أنه ما بدئ شيء يوم الأربعاء إلا وتم؛ فلذلك كان المشايخ يتحرون ابتداء الجلوس فيه للتدريس لأن العلم نور، فبدئ به يوم خلق النور, انتهى. ويمكن حمله على غير أربعاء آخر الشهر2، وذكر السيوطي في الإسفار عن قلم الأظفار أنه اشتهر على الألسنة أبيات لا يُدرى قائلها، ولا هي صحيحة في نفسها, وهي: في قص الأظفار يوم السبت آكلة ... تبدو, وفيما يليه يذهب البركه وعالم فاضل يبدو بتلوهما ... وإن يكن في الثلاثا فاحذر الهلكه ويورث السوء في الأخلاق رابعها ... وفي الخميس الغنى يأتي لمن سلكه والعلم والرزق زِيدا في عروبتها ... عن النبي روينا فاقتفوا نسكه وقال المناوي نقلًا عن السهيلي: نحوسته على من تشاءم وتطير، بأن كانت عادته التطير وترك الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في تركه، وهذه صفة من قل توكله، فذلك الذي تضر نحوسته في تصرفه فيه، ثم قال المناوي: والحاصل أن توقي يوم الأربعاء على

_ 1 بينت في تعليقي على مقدمة الكتاب أن هذا ونحوه من الأباطيل؛ لأن الشريعة لا تثبت بالمنامات ولا المكاشفات وغيرها من شطحات الصوفية ودعاواهم الباطلة، فراجع تعليقنا على المقدمة لزامًا. 2 لا يصح شيء من الأحاديث في التفاؤل أو التشاؤم بيوم الأربعاء ولا غيره من الأيام, سواء كان أول الشهر أو آخره.

وجه الطيرة وظن اعتقاد المنجمين حرام شديد التحريم؛ إذ الأيام كلها لله تعالى لا تضر ولا تنفع بذاتها وبدون ذلك لا ضير ولا محذور، ومن تطير حاقت به نحوسته، ومن أيقن بأنه لا يضر ولا ينفع إلا الله لم يؤثر فيه شيء من ذلك, قال: تعلم أنه لا طير إلا على متطير وهو الثبور، وفي حديث رواه ابن ماجه عن ابن عمر مرفوعًا وخرجه الحاكم من طريقين: "لا يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء"1، وكره بعضهم العيادة يوم الأربعاء, وعليه قيل: لم يؤت في الأربعاء مريض ... إلا دفناه في الخميس ثم قال المناوي: وقفت على أبيات بخط الحافظ الدمياطي، وقال: إنها تعزى إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-2 وهي: لنعم اليوم يوم السبت حقّا ... لصيد إن أردت بلا امتراء وفي الأحد البناء فإن فيه ... تبدى الله في خلق السماء وفي الاثنين إن سافرت فيه ... سترجع بالنجاح وبالثراء وإن ترد الحجامة فالثلاثا ... ففي ساعاته هرق الدماء وإن شرب امرؤ يومًا دواء ... فنعم اليوم يوم الأربعاء وفي يوم الخميس قضاء حاج ... فإن الله يأذن بالقضاء وفي الجمعات تزويج وعرس ... ولذات الرجال مع النساء وهذا العلم لا يدريه إلا ... نبي أو وصي الأنبياء وسيأتي زيادة على ذلك في آخر الكتاب, في حديث: يوم الأربعاء يوم نحس مستمر. 4- "آخر ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ, فاصنع ما شئت" 3. رواه ابن عساكر عن ابن مسعود البدري، وكذا رواه عنه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وكذا أحمد عن حذيفة، لكن بلفظ: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولي, إذا لم تستح فاصنع ما شئت. ورواه البخاري عن ابن مسعود البدري أيضًا بلفظ: هؤلاء, لكن بإسقاط لفظ الأولى فاعرفه، وما أحسن ما قيل:

_ 1 لا يصح شيء من ذلك كما سبق بيانه. 2 لا يصح ذلك عن علي -رضي الله عنه-. 3 صحيح الجامع رقم "2".

إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ولم تستح, فاصنع ما تشاء فلا والله ما في العيش خير ... ولا الدنيا, إذا ذهب الحياء 5- آخر ما تكلم به إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- حين ألقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل1. رواه الخطيب البغدادي بسند ضعيف عن أبي هريرة وقال الخطيب: غريب، والمحفوظ عن ابن عباس موقوفًا، وسيأتي في حرف الحاء المهملة: حسبي الله ونعم الوكيل مع الكلام عليه بأبسط. 6- آخر من يدخل الجنة رجل يقال له: جهينة, فيقول أهل الجنة: عند جهينة الخبر اليقين2. رواه الخطيب في رواة مالك عن ابن عمر رضي الله عنهما، وفي رواية عن ابن عمر رفعه بلفظ: إن آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة يقال له: جهينة, الحديث. ورواه الدارقطني في غريب مالك بزيادة في آخره وهي: سلوه هل بقي من الخلائق أحد يعذب؟ فيقول: لا، وحكى السهيلي أنه جاء أن اسمه هناد. 7- آخر الطب الكي3. قال في الأصل: هو من كلام بعض الناس، وليس بحديث، والمراد أنه بعد انقطاع طرق الشفاء يعالج بالكي؛ ولذا حمل العلماء قوله صلى الله عليه وسلم: "وأنهى أمتي عن الكي" على ما إذا وجد طريق غيره مرجو للشفاء، وقال القاري في موضوعاته الكبرى: والمشهور كما قال العسقلاني في أمثلة العرب: آخر الداء الكي, والمعنى: آخر الشفاء من الداء الكي. 8- أوتيت جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصارًا. رواه العسكري في الأمثال عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلًا بهذا اللفظ، لكن في سنده من لم يعرف، ورواه الديلمي بلا سند عن ابن عباس رفعه بلفظ: "أعطيت جوامع

_ 1 موضوع: رقم "5". 2 موضوع: رقم "6". 3 هو من كلام بعض الناس.

الكلم واختصر لي الكلام اختصارًا" ورواه الشيخان لكن بلفظ: "بعثت بجوامع الكلم" وفي خبر أحمد: "أوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه" , وروى البيهقي عن عمر بن الخطاب أنه مر برجل يقرأ كتابًا من التوراة, فذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إنما بُعثت فاتحًا وخاتمًا، وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه، واختصر لي الحديث اختصارًا". ولأبي يعلى عن خالد بن عرفط قال: كنت عند عمر فجاء رجل فذكره، وفيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس, أوتيت جوامع الكلم وخواتمه، واختصر لي الكلام اختصارًا"، وفي رواية ابن سيرين عن أبي هريرة: "أعطيت فواتح الكلم" وفي أخرى: "أعطيت مفاتيح الكلم"، وفي أخرى: "أعطيت جوامع الكلم"، وفي حديث أبي موسى: "أعطيت فواتح الكلم وخواتمه"، قلنا: يا رسول الله, علمنا مما علمك الله, فعلمنا التشهد، ورواه أيضًا في المختارة عن عمر بن الخطاب بلفظ آخر مع بيان سبب وروده، قال عمر: فانطلقت أنا فانتسخت كتابًا من أهل الكتاب، ثم جئت به في أديم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا في يدك يا عمر؟ " قلت: يا رسول الله, كتاب نسخته لنزداد به علمًا إلى علمنا، فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى احمرت وجنتاه، ثم نودي بالصلاة جامعة فقالت الأنصار: أغضب نبيكم، السلاح السلاح, فجاءوا حتى أحدقوا بيمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس, إني أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه, واختصر لي الكلام اختصارًا, ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية, فلا تتهوكوا, ولا يغرنكم المتهوكون "، قال عمر: فقمت، فقلت: رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبك رسولًا، ثم نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انتهى. والمتهوكون: جمع متهوك بتشديد الواو مكسورة وبالكاف، قال في القاموس: المتهوك المتحير كالهواك كشداد، والساقط في هوة الردى. 9- ائتدموا بالزيت، وادهنوا به؛ فإنه يخرج من شجرة مباركة1. رواه الترمذي في العلل، وقال: مرسل، وابن ماجه والحاكم وقال على شرطهما، والبيهقي والدارقطني في الأفراد، وأبو يعلى وعبد بن حميد عن ابن عمر, ورواه الطبراني في الأوسط عن ابن عباس بلفظ: ائتدموا من هذه الشجرة -يعني: الزيت- ومن عرض عليه طيب فليصب منه، وقد رمز السيوطي في جامعه لضعفه.

_ 1 حسن: رقم "18".

10- ائتدموا ولو بالماء1. رواه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم والخطيب وتمام عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال ابن الجوزي: لا يصح، فيه مجهول, وآخر ضعيف، وقال البيهقي2: فيه عريك بن سنان لم أعرفه, وبقية رجاله ثقات. 11- "آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة " 3. رواه أحمد وأبو يعلى عن ابن عباس مرفوعًا من حديث، صدره: إنه لم يكن نبي إلا له دعوة قد تنجزها في الدنيا، وإني قد اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي، وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، آدم فمن دونه يوم القيامة تحت لوائي ولا فخر، ورواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري بلفظ: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر، وما من نبي يومئذٍ, آدم فمن دونه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، قال أبو العباس المرسي قدس سره: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم ولا فخر أي: ولا أفتخر بالسيادة, وإنما فخري بالعبودية قال: لا تدعني إلا بيا عبدها ... فإنه أشرف أسمائي ونقل عن الشيخ الأكبر قدس سره الأنور4 أنه روى الحديث بلفظ: ولا فخز، بالزاي بدل الراء، أي: ولا تكبر. 12- الآدمي كالنخلة, إذا قطع رأسه مات. انظر هل هو حديث أم لا5؟ وذكره في شرح الأزهرية مثالًا للكاف الجارة، ولم يتعرض له الحلبي في شرحه، وهو من القلب6 على حد قوله: كما طينت بالفدن السياعا.

_ 1 ضعيف: رقم "24". 2 في نسخة: "الهيثمي" بدل "البيهقي". 3 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح1468". 4 نبهنا فيما سبق على إجماع محققي أهل السنة على كفر ابن عربي, الذى يدعوه الصوفية بالشيخ الأكبر. 5 كذا في النسخ, ولعل مراده أنه لا يزال في بحثه هل هو حديث أم لا؟. 6 أي: النخلة كالآدمي، والفدن: القصر المشيد، والسياع: الطين بالتبن اهـ القاموس أي: كما طينت بالسياع الفدن اهـ.

13- آفة الكذب النسيان. قال في التمييز: أورده جمع من الحفاظ في مصنفاتهم بسند فيه ضعف وانقطاع وقال في الأصل: رواه القضاعي والديلمي عن علي مرفوعًا بلفظ: "آفة الحديث الكذب, وآفة العلم النسيان"، وسنده ضعيف لكنه صحيح المعنى، ورواه الدارمي والعسكري عن الأعمش مرفوعًا معضلًا أو مرسلًا بلفظ: آفة العلم النسيان، وإضاعته أن تحدث به غير أهله, ورواه الخلعي في فوائده عن رؤبة بن العجاج أنه قال: قال لي النسابة البكري: "للعلم آفة ونكد وهجنة، فآفته نسيانه, ونكده الكذب فيه، وهجنته نشره عند غير أهله" وعزاه النجم بلفظ الترجمة لابن عدي في الكامل، وعن القاسم بن محمد قال: أعاننا الله على الكذابين بالنسيان، وله عن عبد الله بن المختار قال: "آفة العلم الكذب، وآفته النسيان" والذي في المرفوع: "آفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان" أخرجه ابن عدي والقضاعي والديلمي بسند ضعيف، ورواه البيهقي عن ابن مسعود موقوفًا بلفظ: "آفة الحديث النسيان، وفي سنده انقطاع، وأقول: رواه القضاعي مطولًا بلفظ: "آفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة الفترة، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحسب الفخر، وآفة الظرف1 الصلف، وآفة الجود السرف، وآفة الدين الهوى". 14- آفة الدين ثلاثة: فقيه فاجر، وإمام جائر، ومجتهد جاهل2. قال في الجامع الكبير: رواه الديلمي عن ابن عباس. 15- "آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد " 3. رواه ابن سعد بسند حسن وأبو يعلى عن عائشة، وفي رواية البيهقي عن يحيى بن أبي كثير مرسلًا بزيادة: فإنما أنا عبد، ورواه هناد في الزهد كما في ذيل الجامع عن عمرو بن مرة مرسلًا بلفظ: آكل كما يأكل العبد، فوالذي نفسي بيده, لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرًا كأسًا.

_ 1 الظرف: الكياسة والذكاء، والصلف: التكبر والادعاء اهـ مصححه. 2 موضوع: رقم "8". 3 صحيح: رقم "7".

16- آل القرآن آل الله1. رواه الخطيب في رواة مالك عن أنس، قال في الميزان: هو خبر باطل، وأقول: لكن يشهد له ما أخرجه أبو عبيدة والبزار وابن ماجه عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " إن لله تعالى أهلين من الناس " , قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: "أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته ". 17- آل محمد كل تقي2. قال السيوطي: لا أعرفه، وقال في الأصل: رواه الديلمي وتمام بأسانيد ضعيفة، فلفظ تمام عن أنس: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من آل محمد؟ فقال: كل تقي من أمة محمد، ولفظ الديلمي: آل محمد كل تقي, ثم قرأ: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} 3 ولكن شواهده كثيرة، منها ما في الصحيحين من قوله -صلى الله عليه وسلم: "إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالحو المؤمنين "، وقال الشيخ محمد الزرقاني في مختصر المقاصد الحسنة: هو حسن لغيره, انتهى. وقال النجم: وفي لفظ: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من آل محمد؟ فقال: كل تقي، قال: وروي عن علي -رضي الله عنه- وأنه السائل، وأسانيده ضعيفة، ولكن له شواهد، قال: ورأيته في بعض كتب النحو بلفظ: آلي كل مؤمن تقي، ويستشهد به على إضافة الآل إلى الضمير انتهى، وقد بين السخاوي شواهده في كتابه ارتقاء الغرف، وقد حمل الحليمي الحديث على كل تقي من قرابته خاصة دون عموم المؤمنين، لحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا ضحى أتى بكبشين فذبح أحدهما عن أمته من شهد لله بالتوحيد وشهد له بالبلاغ، وذبح الآخر عن محمد وآل محمد انتهى، وأقول: ينبغي حمل هذه الأحاديث وما أشبهها على الكاملين من آله، وإلا فلا شك أن من صحت نسبته إليه فهو من آله وإن لم يكن تقيًّا حيث كان مؤمنًا؛ لأن العقوق لا يقطع النسب، ومحبتهم لكونهم من آله متحتمة على كل مؤمن لشرفهم بالانتساب إليه -صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} 4 وفي هذا مع زيادة قلت:

_ 1 موضوع: رقم "11". 2 ضعيف جدًّا: رقم "12". 3 الأنفال: 34. 4 الشورى: 23.

لقد حاز آل المصطفى أشرف الفخر ... بنسبتهم للطاهر الطيب الذكر فحبهم فرض على كل مؤمن ... أشار إليه الله في محكم الذكر ومن يدعى من غيرهم نسبة له ... فذلك ملعون أتى أقبح الوزر وقد خص منهم نسل زهراء الأشرف1 ... بأطراف تيجان من السندس الخضر ويغنيهم عن لبس ما خصهم به ... وجوه لهم أبهى من الشمس والبدر ولم يمتنع من غيرهم لبس أخضر ... على رأي من يعزى لأسيوط ذي الخبر وقد صححوا عن غيره حرمة الذي ... رآه مباحًا, فاعلم الحكم بالسبر 18- آمين خاتم رب العالمين على لسان عباده المؤمنين2. رواه ابن عدي والطبراني في الدعاء عن أبي هريرة، ورمز في الجامع الصغير لضعفه. 19- آمن شعر أمية بن أبي الصلت وكفر قلبه3. رواه أبو بكر بن الأنباري في كتاب المصاحف، والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس، قال المناوي: ما حاصله وسند الحديث ضعيف، ورواه أيضًا عن ابن عباس الفاكهي وابن مندة، وسبب ذكره أن الفارعة بنت أبي الصلت أخت أمية أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأنشدته من شعر أمية أخيها فذكره، وروى مسلم عن عمر بن الشريد قال: ردفت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هل معك من شعر أمية؟ قلت: نعم، فأنشدته مائة بيت، فقال: لقد كاد أن يسلم في شعره، ومنه: مليك على عرش السماء مهيمن ... لعزته تعنو الوجوه وتسجد ومنه: والشمس تطلع كل آخر ليلة ... حمراء يصبح لونها يتورد تأتي فما تطلع لنا في رسلها ... إلا معذبة وإلا تجلد وأعترض عليه في قوله: إلا معذبة وإلا تجلد فقال ابن عباس: والذي نفسي بيده, ما طلعت الشمس قط حتى ينخسها سبعون ألف ملك فيقولون لها: اطلعي فتقول: لا أطلع

_ 1 كان الملك الأشرف خص نسل فاطمة بلبس الأخضر. 2 ضعيف: رقم "16". 3 ضعيف: رقم "15".

على قوم يعبدونني من دون الله تعالى، فيأتيها ملك فتشعل لضياء بني آدم، فيأتيها شيطان يريد أن يصدها عن الطلوع فتطلع بين قرنيه، فيحرقه الله تعالى تحتها, انتهى. إلى غير ذلك من الشعر العجيب، لكنه مات كافر القلب كما قال نبينا -عليه السلام- قالوا: وعاش أمية إلى أن أدرك وقعة بدر، ورثى من مات بها من الكفار، ومات كافرًا أيام حصار الطائف انتهى. ومن شعره أيضًا: يا رب لا تجعلني كافرًا أبدا ... واجعل سريرة قلبي الدهر إيمانا ومنه أيضًا قوله عند قرب موته: كل عيش وإن تطاول دهرًا ... صائر أمره إلى أن يزولا ليتني كنت قبل ما قد بدا لي ... في رءوس الجبال أرعى الوعولا إن يوم الحساب يوم عظيم ... شاب فيه الوليد يومًا ثقيلا 20- آية الكرسي ربع القرآن1. قال السيوطي في الجامعين: رواه أبو الشيخ في الثواب عن أنس، ورمز في الصغير لحسنه. 21- آية من كتاب الله تعالى خير من محمد وآله. قال في الأصل: لم أقف عليه كشيخي من قبلي، قال: لكن رأيته بخط بعض طلبته من أصحابنا في هامش تسديد القوس مجردًا عن العزو لصحابي، وذلك لا أعتمده من مثله، وزاد فيه لأن القرآن كلام الله غير مخلوق، نعم في جامع الترمذي عن سفيان بن عيينة في تفسير حديث ابن مسعود: ما خلق الله سبحانه من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي، آية الكرسي كلام الله، وكلام الله أعظم خلق الله من السماء والأرض، وفي نسخة: "أعظم مما فيه السماوات والأرض" انتهى. وفي فتاوى ابن حجر المكي الحديثية حديث: "لآية من كتاب الله خير من محمد وآل محمد" قال الحافظ السيوطي: لم أقف عليه انتهى، وفي أثر ابن مسعود من قوله: إذا قرأ الرجل آية قال: لهي خير مما طلعت عليه الشمس، وما على الأرض من شيء، وفي لفظ: كان إذا علم الآية، قال: خذها

_ 1 ضعيف: رقم "20".

فلهي خير من الدنيا وما فيها، وعزاه بعضهم له موهمًا رفعه بلفظ: آية من كتاب الله خير من الدنيا وما فيها، لكن في مسند الفردوس عن علي رفعه: القرآن أفضل من كل شيء دون الله، وفيه أيضًا عن أنس مرفوعًا: لقراءة آية من كتاب الله أفضل مما تحت العرش، وفيه أيضًا عن صهيب مرفوعًا: لقراءة آية من كتاب الله أفضل من كل شيء دون العرش، ولا يخفى ما في أحاديث الفردوس، وفي الإحياء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من شفيع أعظم عند الله منزلة من القرآن, لا نبي ولا ملك ولا غيره" لكنه مرسل كما في تخريج العراقي، وقال النجم: وأخرجه الطبراني عن ابن مسعود موقوفًا بلفظ: "كل آية من كتاب الله خير مما في السماء والأرض" انتهى، والمشهور على الألسنة: "حرف من تبت خير من محمد وآل محمد". 22- "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان". متفق عليه عن أبي هريرة, وورد بروايات في الصحيحين وغيرهما، منها: "أربع من كن فيه فهو منافق خالص, وإن صام وصلى وزعم أنه مؤمن: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإذا خاصم فجر "، وفي رواية: "وإذا عاهد غدر"، وقال بعضهم: غاية ما قيل في علامات المنافق الواردة سبع, نظمها بقوله: تعد علامات المنافق سبعة ... كما صح عن خير الخلائق في الخبر إذا قال لم يصدق, ويخلف وعده ... وإن يؤتمن أبدى الخيانة والضرر وعند اصفرار الشمس يغدو مصليًا ... ويبغض من آوى النبي ومن نصر ويترك إتيان الصلاة لجمعة ... ثلاثًا وإن خاصمت ذاك الشقي فجر انتهى, وبقي عليه ثامنة ففي حديث رواه البخاري في تاريخه الكبير والحاكم وابن ماجه عن ابن عباس وقال الحافظ ابن حجر فيه: إنه حديث حسن بلفظ: آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من ماء زمزم، وذلك أن رجلًا جاء إلى ابن عباس فقال له: من أين جئت؟ قال: من زمزم، قال: فشربت منها كما ينبغي؟ قال: وكيف؟ قال: إذا شربت منها فاستقبل البيت، واذكر اسم الله، وتنفس ثلاثًا، وتضلع منها، فإذا فرغت فاحمد الله، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من ماء زمزم"، وقد نظمت هذه الثامنة بقولي:

وثامنها أن لا تضلع فاعلمن ... لما زمزم قد جاء عن سيد البشر وأصل أن لا تضلع: أن لا تتضلع بمثناتين فوقيتين, فحذفت إحداهما تخفيفًا وعليه فاللام المشددة مفتوحة، ويحتمل أنه مصدر فاللام مضمومة. 23- "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره ". رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عمر -رضي الله عنه-. 24- الإيمان عقد بالقلب, وإقرار باللسان، وعمل بالأركان1. رواه ابن ماجه عن علي بن أبي طالب يرفعه، قال ابن الجوزي: موضوع، أورده في الدرر، فقال: لم يصب في حكمه عليه بالوضع، وفي مسند الفردوس لما دخل علي بن موسى الرضا لنيسابور على بغلة شهباء فخرج علماء البلد في طلبه, منهم: يحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حرب ومحمد بن رافع، فتعلقوا بلجام دابته، فقال له إسحاق: بحق آبائك الطاهرين، حدثنا بحديث سمعته من آبائك فقال: حدثنا العبد الصالح أبو موسى بن جعفر إلى آخر سنده عن أهل البيت وذكر هذا الحديث، ومن لطائف إسناده رواية الأبناء عن الآباء في جميعه. 25- الإيمان يزيد وينقص. رواه أحمد عن معاذ بن جبل، قال القاري نقلًا عن الفيروزآبادي أنه قال في كتابه الصراط المستقيم: الحديث المشهور: أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وكذا حديث: الإيمان لا يزيد ولا ينقص، كل ذلك غير صحيح انتهى، وأقول: لكن معنى الأول صحيح، وجرى عليه المحدثون، حتى قال البخاري: كتبت عن ألف شيخ وثمانين ليس فيهم إلا صاحب حديث كلهم يقولون: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص انتهى، وهو مذهب الأشعري، وأما حديث: الإيمان لا يزيد ولا ينقص, فقد رواه محمد بن كدام عن سفيان بن عيينة وعن الزهري عن ابن عمر لكنه موضوع، فقد نقل الزركشي عن البخاري أنه سئل عنه، فكتب على ظهر كتاب ابن كدام: من حدث بهذا استوجب

_ 1 موضوع: رقم "2308".

الضرب الشديد والحبس المديد انتهى، لكن جرى عليه كثيرون كالحنفية، وجعلوا في حديث: الإيمان يزيد وينقص, الزيادة إشراقًا، والنقصان ضده. 26- "الإيمان بضع وسبعون شعبة, أفضلها: قول لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" 1. رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة. 27- الإيمان عريان, فلباسه التقوى, وزينته الحياء، وثمرته العلم. هو موضوع كما قال الصغاني، وعزاه النجم لرواية ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا, عن وهب بن منبه من قوله، لكن بإبدال قوله: "وثمرته العلم" بقوله "وماله الفقه"، ثم قال: ورواه ابن عساكر عن علي رفعه بلفظ: يا علي, إن الإسلام عريان، لباسه التقوى، ورياشه الهدى، وزينته الحياء، وعماده الورع، وملاكه العمل الصالح، وأساس الإسلام حبي وحب أهل بيتي.

_ 1 صحيح: رقم "2800".

حرف الهمزة مع الباء الموحدة

حرف الهمزة مع الباء الموحدة: 28- ابتغوا الخير عند حسان الوجوه1. رواه الدارقطني في الأفراد عن أبي هريرة، وسيأتي فيه روايات في: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه مع ما فيه من النظم. 29- الأب أحق بالطاعة، والأم أحق بالبر. قال النجم: هو من كلام ابن المبارك, كما أخرجه الأصبهاني في الترغيب عن حبان بن موسى، قال: سألت عبد الله بن المبارك عن الوالد والوالدة إذا أمرا بشيء، فذكره.

_ 1 موضوع: رقم "36".

30- "أبخل الناس من بخل بالسلام" 1. رواه البيهقي في الشعب بسند رجاله رجال الصحيح عن أبي هريرة، والطبراني عنه وعن عبد الله بن معقل. 31- "ابدأ بمن تعول". رواه الطبراني عن حكيم بن حزام، ورواه الشيخان عن أبي هريرة في حديث: "وابدأ بمن تعول". 32- ابدءوا بما بدأ الله به2. يعني: الصفا، فيقدم وجوبًا على المروة في السعي بينهما؛ لأن الله تعالى قدمه بقوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} 3، ولذا يجب الترتيب في الوضوء عند الشافعي، وليس من الواو؛ لأنها لا تفيد الترتيب عند الجمهور من النحاة، والحديث رواه الدارقطني عن جابر بلفظ: أمر الجماعة، وفي بعضها بالإفراد، ورواه مسلم عن جابر بلفظ مضارع المتكلم وحده. 33- ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل شيء عن ذي قرابتك فهكذا وهكذا. رواه مسلم والنسائي وآخرون عن جابر قال: أعتق رجل من بني عذرة عبدًا له عن دبر4 فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ألك مال غيره؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم, فجاء بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدفعها إليه، ثم قال: ابدأ بنفسك ... الحديث، ورواه في الدرر بلفظ: ابدأ بنفسك ثم بمن يليك، وقال فيها وفي الطبراني من حديث جابر بن سمرة: إذا أنعم الله على عبد نعمة فليبدأ بنفسه وأهل بيته انتهى، ورواه مسلم عن جابر بن سمرة بلفظ: إذا أعطى الله أحدكم خيرًا فليبدأ بنفسه وأهل بيته، ورواه الطبراني عن معاذ كما في الجامع الكبير, وفي ذيل الصغير بلفظ: ابدأ بأمك وأبيك،

_ 1 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح1519". 2 ضعيف: رقم "36". 3 البقرة: "158". 4 أي: بعد موته، ويسمى المدبر.

وأختك وأخيك، والأدنى فالأدنى، ولا تنسوا الجيران وذا الحاجة انتهى، وقال في الجامع الكبير أيضًا: رواه ابن حبان عن جابر بلفظ: ابدأ بنفسك فتصدق عليها ثم على أبويك، ثم على قرابتك، ثم هكذا ثم هكذا، وقال النجم في ابدأ بنفسك: رواه الطيالسي عن ابن عمر وأنه -صلى الله عليه وسلم- قال له: يا عبد الله, ابدأ بنفسك فاغذها1 وجاهدها ... الحديث، ثم قال: ولابن أبي شيبة عن سعيد بن سيار قال: جلست إلى ابن عمر، فذكرت رجلًا، فترحمت عليه، فضرب صدري وقال: ابدأ بنفسك. 34- أبدِ المودة لمن وادك؛ فإنها أثبت2. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان, والحارث بن أبي أسامة في مسنده, والطبراني وأبو الشيخ في الثواب عن حميد الساعدي. 35- الأبدال في هذه الأمة ثلاثون مثل إبراهيم خليل الرحمن، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلًا3. عزاه في اللآلئ لمسند أحمد عن عبادة بن الصامت مرفوعًا، وفي لفظ له عنه: الأبدال في هذه الأمة ثلاثون رجلًا قلوبهم على قلب إبراهيم خليل الرحمن إلى آخر ما تقدم بلفظه، ثم قال فيها: وحكى عبد الله بن أحمد عن أبيه أنه منكر, تفرد به الحسن بن ذكوان، قال ابن كثير: وهو كما قال, ووثق البخاري الحسن المذكور، وضعفه الأكثرون، حتى قال أحمد: أحاديثه أباطيل، ثم قال فيها أيضًا: ولا يخفى ما فيه من التحامل، فإن رجال الحديث مختلف فيهم, فهو حسن على رأي جماعة من الأئمة، وقال الزركشي أيضًا: هو حسن، وقال في التمييز تبعًا للأصل: له طرق عن أنس مرفوعًا بألفاظ مختلفة وكلها ضعيفة, انتهى. وأقول: لكنه يتقوى بتعدد طرقه الكثيرة, منها ما في الحلية عن ابن عمر رفعه: خيار أمتي في كل قرن خمسمائة، والأبدال أربعون، فلا الخمسمائة ينقصون، ولا الأربعون، كلما مات رجل أبدل الله مكانه آخر، وهم في الأرض كلها، وفي رواية: الأبدال

_ 1 أي: ربها. 2 ضعيف: رقم "34". 3 ضعيف: رقم "2269".

بالشام، والنجباء بمصر، وفي رواية: الأبدال من الشام، والنجباء من أهل مصر. ومنها ما رواه الخلال في كرامات الأولياء عن أنس بلفظ: الأبدال أربعون رجلًا وأربعون امرأة، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلًا، وإذا ماتت امرأة أبدل الله مكانها امرأة. ومنها كما في شرح المواهب للزرقاني ما رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في الخلق ثلاثمائة قلوبهم على قلب آدم، ولله في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى، ولله سبعة في الخلق قلوبهم على قلب إبراهيم، ولله في الخلق خمسة قلوبهم على قلب جبريل، ولله في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل، ولله في الخلق واحد قلبه على قلب إسرافيل، فإذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الثلاثة، وإذا مات من الثلاثة أبدل الله مكانه من الخمسة, وإذا مات من الخمسة أبدل الله مكانه من السبعة, وإذا مات من السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين، وإذا مات من الأربعين أبدل الله مكانه من الثلاثمائة، وإذا مات من الثلاثمائة أبدل الله مكانه من العامة، فبهم يحيي ويميت ويمطر وينبت ويدفع البلاء، قيل لابن مسعود: وكيف بهم يحيي ويميت؟ قال: لأنهم يسألون الله إكثار الأمم، ويدعون على الجبابرة فيقصمون، ويستسقون فيسقون، ويسألون فتنبت الأرض، ويدعون فيدفع الله بهم أنواع البلاء انتهى. ومنها ما في الحلية أيضًا عن ابن مسعود رفعه: لا يزال أربعون رجلًا من أمتي قلوبهم على قلب إبراهيم, يدفع الله بهم عن أهل الأرض يقال لهم: الأبدال, أنهم لم يدركوها بصلاة ولا بصوم ولا بصدقة، قال: فبِمَ أدركوها يا رسول الله؟ قال: بالسخاء, والنصيحة للمسلمين. ومنها ما رواه المنذري في أربعينه وتبعه أبو عبد الله المسلمي في تخريجها عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أبدال أمتي لن يدخلوا الجنة بالأعمال، ولكن دخلوها برحمة الله تعالى وسخاوة النفس وسلامة الصدر والرحمة لجميع المسلمين" انتهى، وإلى ذلك أشرت ضمن قصيدة بقولي: إن أبدال الرجال الأتقيا ... من صفت نياتهم والأسخيا لم ينالوا ذا المقام الأعظما ... في صلاة أو صيام أخفيا بل بما قد قر في أنفسهم ... منحوا ذا من كريم معطيا وبما قد رحموا من خلقه ... فجزوا منه المقام العاليا

ومنها وهو أحسنها ما رواه أحمد من حديث شريح يعني ابن عبيد قال: ذكر أهل الشام عند علي -كرم الله وجهه- وهو بالعراق، فقالوا: العنهم يا أمير المؤمنين قال: لا, إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "البدلاء يكونون بالشام وهم أربعون رجلًا, كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلًا. يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم البلاء", وفي رواية بدله: "العذاب". ورجاله من رواة الصحيح إلا شريحًا لكنه ثقة، وقال الضياء المقدسي في رواية صفوان بن عبد الله عن علي من غير رفع: لا تسبوا أهل الشام جَمًّا غفيرًا، فإن بها الأبدال, قاله ثلاثًا. ومنها ما رواه الطبراني في الأوسط عن علي بن أبي طالب بسند فيه عمرو بن واقد ضعفه الجمهور وبقية رجاله رجال الصحيح بلفظ: لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم الأبدال، وفي رواية زيادة: فبهم تنصرون وبهم ترزقون. ومنها ما رواه ابن عدي عن أبي هريرة بلفظ: البدلاء أربعون: اثنان وعشرون بالشام، وثمانية عشر بالعراق، كلما مات منهم واحد أبدل الله مكانه آخر، فإذا جاء الأمر قبضوا كلهم، فعند ذلك تقوم الساعة. ومنها ما نقله الحلبي في سيرته عن الفضل بن فضالة أنه قال: الأبدال بالشام: في حمص خمسة وعشرون رجلًا، وفي دمشق ثلاثة عشر، وفي بيسان ثلاثة. ومنها ما في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي عن الكتاني قال: النقباء ثلاثمائة، والنجباء سبعون، والأبدال أربعون، والأخيار سبعة، والعمد أربعة، والغوث واحد، فمسكن النقباء المغرب، ومسكن النجباء مصر، ومسكن الأبدال الشام، والأخيار سياحون في الأرض، والعمد في زوايا الأرض، ومسكن الغوث مكة، فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء ثم النجباء ثم الأبدال ثم الأخيار ثم العمد، فإن أجيبوا، وإلا ابتهل الغوث، فلا تتم مسألته حتى تجاب دعوته، قال الزرقاني في شرح المواهب: والمراد بالعمد -بضمتين- الأوتاد، وبالغوث القطب المفرد الجامع، والمراد: يكون الأبدال مسكنهم الشام أكثرهم، فلا يخالف ما ورد أن ثمانية عشر بالعراق -إن صح- ثم المراد: أن محل إقامتهم بها, فلا ينافي تصرفهم في الأرض كلها, وقيل: إن الغوث مسكنه اليمن، والأصح أن إقامته لا تختص بمكة ولا بغيرها، بل هو جوال، وقلبه طواف في حضرة الحق تعالى وتقدس لا يخرج من حضرته أبدًا، ويشهده في كل جهة ومن كل جهة انتهى. وقد أفرد الأبدال بالتأليف السخاوي وسماه نظم اللآل، وكذا السيوطي وسماه القول الدال.

"فائدة" للأبدال علامات: منها ما ورد في حديث مرفوع: ثلاث من كن فيه فهو من الأبدال: الرضا بالقضاء, والصبر عن المحارم، والغضب لله. ومنها ما نقل عن معروف الكرخي أنه قال: من قال: اللهم ارحم أمة محمد في كل يوم, كتبه الله من الأبدال، وهو في الحلية لأبي نعيم بلفظ: من قال في كل يوم عشر مرات: اللهم أصلح أمة محمد, اللهم فَرِّجْ عن أمة محمد, اللهم ارحم أمة محمد كتب من الأبدال، ومنها ما نقل عن بعضهم أنه قال: علامة الأبدال أنهم لا يُولَد لهم، وروي في مرفوع معضل: علامة أبدال أمتي أنهم لا يلعنون شيئًا. 36- أبردوا بالطعام؛ فإن الطعام الحار غير ذي بركة1. قال في التمييز تبعًا للأصل: أخرجه الطبراني بسند ضعيف, وزاد في الأصل وذكره الديلمي عن ابن عمر رفعه بلفظ: أبردوا بالطعام؛ فإن الحار لا بركة فيه، ورواه أحمد والطبراني وابن حبان والحاكم عن أسماء بنت أبي بكر بلفظ: أبردوا بالطعام؛ فإنه أعظم للبركة، ورواه أبو نعيم في الحلية عن أنس قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكره الكي والطعام الحار، ويقول: عليكم بالبارد؛ فإنه ذو بركة، ألا وإن الحار لا بركة له، وروى الطبراني عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أُتِي بصحفة تفور، فرفع يده منها، وقال: إن الله -عز وجل- لم يطعمنا نارًا، وقال الشعراني في طبقاته الوسطى: وكان -صلى الله عليه وسلم- لا يأكل الطعام الحار، ويقول: أبردوه ثم كلوه، فإن الله لم يطعمنا نارًا، وفي رواية: إن الحار غير ذي بركة، انتهى. ونقل النجم أن أحمد والطبراني وأبا نعيم رووه عن عروة أن أسماء -رضي الله عنها- كانت إذا ثردت غطت بشيء حتى يذهب فوره, ثم تقول: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: هو أعظم للبركة، والمشهور على الألسنة البركة في البارد واللذة في الحار. 37- أبردوا بالظهر؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم. رواه البخاري وأحمد وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري، ورواه الطبراني وتمام وابن عساكر عن عمرو بن عنبسة، ورواه النسائي عن أبي موسى الأشعري، ورواه في الجامع الكبير بألفاظ مختلفة، وطرق كذلك.

_ 1 ضعيف: رقم "37".

38- أبغض الخلق إلى الله تعالى من كانت ثيابه ثياب الأنبياء، وعمله عمل الجبارين1. رواه العقيلي والديلمي عن عائشة مرفوعًا. 39- أبغض الحلال إلى الله الطلاق2. قال في اللآلئ: أخرجه أبو داود وابن ماجه عن ابن عمر، وأخرجه الحاكم عن ابن عمر أيضًا بلفظ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما أحل الله شيئًا أبغض إليه من الطلاق، قال: وهذا حديث صحيح الإسناد لم يخرجاه. وقال في التمييز تبعًا للأصل: روي موصولًا ومرسلًا، وصحح البيهقي إرساله، وكذا أبو حاتم، وقال الخطابي: إنه المشهور، وزاد في الأصل وله شاهد عند الدارقطني عن معاذ مرفوعًا بلفظ: يا معاذ, ما خلق الله شيئًا أحب إليه من العتاق، ولا خلق الله شيئًا على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق. فإذا قال الرجل لمملوكه: أنت حر -إن شاء الله- فهو حر لا استثناء له، وإذا قال لامرأته: أنت طالق -إن شاء الله- فله استثناؤه, ولا طلاق عليه، انتهى. وأقول: لينظر قوله: "فإذا قال الرجل ... إلخ" هل هو من الحديث أو لا؟ وعلى كُلٍّ, فيشكل الحكم بأنه يقع العتق مع التعليق بالمشيئة دون الطلاق، مع أن المقرر فيهما أنه لا وقوع مع التعليق بالمشيئة فليراجع، إلا أن يحمل في الأول على التبرك والثاني على التعليق, فتدبر. ورواه الديلمي عن معاذ بلفظ: إن الله يبغض الطلاق ويحب العتاق, لكنه ضعيف بانقطاعه. وروى الديلمي أيضًا عن علي رفعه بسند ضعيف: تزوجوا ولا تطلقوا؛ فإن الطلاق يهتز منه العرش، وجاء عن علي أيضًا أنه قال: يا أهل العراق, لا تزوجوا الحسن، يعني ابنه، فإنه مِطْلَاق، فقال له رجل: والله لنزوجنه، فما رضي أمسكه وما كره طلق. وعن أبي موسى رفعه: ما بال أحدكم يلعب بحدود الله يقول: قد طلقت, قد راجعت. ولعل

_ 1 موضوع: رقم "46". 2 ضعيف: رقم "44".

ذلك حيث لم يوجد ما يقتضيه، وعليه يحمل قولهم: "الطلاق يمين الفساق" أو لعله محمول على الزجر، وإلا فليس الطلاق مفسقًا على إطلاقه, فتأمل. 40- "أبغض الرجال إلى الله تعالى الألد الخصم". رواه الشيخان بزيادة "إن" في أوله, في رواية البخاري. 41- أبقِ للصلح موضعًا. رواه أبو نعيم عن سفيان بن عيينة بلفظ: كان ابن عياش المنتوف يقع في عمر بن ذر يشتمه، فلقيه عمر بن ذر فقال: يا هذا, لا تفرط في شتمنا, وأبقِ للصلح موضعًا؛ فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله. ورواه أبو نعيم أيضًا عن أبي عمر بن خلاد قال: شتم رجل عمر بن ذر فقال: لا تغرق في شتمنا ودع للصلح موضعًا؛ فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه، والمشهور على الألسنة: خَلِّ للصلحِ موضعًا. 42- ابكوا, فإن لم تبكوا فتباكوا1. رواه ابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص. 43- أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته، فإنه من أبلغ -وفي رواية: فمن أبلغ- سلطانًا حاجة من لا يستطيع إبلاغها؛ ثبت الله قدميه على الصراط يوم القيامة2. قال في التمييز تبعًا للأصل: أخرجه البيهقي والطبراني والترمذي في الشمائل، يعني: عن علي وزاد في الأصل عن هند بن أبي هالة التميمي أنه قال في أثناء حديث طويل في صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: "ليبلغ الشاهد الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته"، ورواه الفقيه نصر المقدسي في فوائده عن علي بلفظ: "أبلغوني"، ورواه الطبراني عن عائشة وابن عمر بلفظ: "من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في تبليغ بر أو تيسير عسير؛ أعانه الله على إجازة الصراط عند دحض الأقدام"، قال في الأصل: ووهم الديلمي في عزوه لفظ الترجمة للطبراني عن أبي الدرداء، وإنما الذي فيه حديث عائشة وابن عمر بلفظ: "رفعه الله في الدرجات العلا من الجنة"،

_ 1 ضعيف، انظر ضعيف ابن ماجه "ح918". 2 ضعيف: رقم "48".

وعزاه في الدرر للطبراني وأبي الشيخ عن أبي الدرداء بلفظ: أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته، فمن أبلغ سلطانًا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه على الصراط, وزاد في الجامع الصغير عنه من طريق الطبراني فقط آخره: يوم القيامة ورمز السيوطي لحسنه، ولعله لاعتضاده، وإلا فقد ذكر المناوي أن فيه إدريس بن يوسف الحراني لا يعرف. 44- "ابن أخت القوم منهم". متفق عليه عن أنس أنه كما في التمييز كالأصل, وزاد في الأصل من رواية الديلمي عن أبي موسى وغيره: "يا معشر قريش, إن ابن أخت القوم منهم أو من أنفسهم"، ورواه أحمد بن أبي شيبة والترمذي عن أنس وكذا الحاكم عن عمر أنه قال له صلى الله عليه وسلم: "اجمع لي صناديد قريش" , فجمعهم، ثم قال: أتخرج إليهم أم يدخلون؟ فقال: "أخرج"، فخرج -عليه السلام- فقال: "يا معشر قريش, هل فيكم من غيركم؟ " قالوا: لا إلا ابن أختنا، فذكره ثم قال: "يا معاشر قريش إن أولى الناس بي المتقون، فانظروا لا يأتي الناس بالأعمال يوم القيامة وتأتون بالدنيا تحملونها فأصد عنكم بوجهي". تنبيه: مثل ابن أخت القوم حليفهم ومولاهم كما في حديث رواه في ذيل الجامع عن الشافعي وأحمد عن رفاعة بن رافع الزرقي، ولفظه: "ابن أختكم منكم، وحليفكم ومولاكم منكم، إن قريشًا أهل صدق وأمانة، فمن بغاها العواثر كَبَّه الله في النار على وجهه". ورواه البغوي في معجمه عن أبي عبيد الزرقي بلفظ: ابن أختنا منا, وحليفنا منا، ومولانا منا، يا معشر قريش, إن أوليائي منكم المتقون، فإن تكونوا أنتم فأنتم، يا أيها الناس من بغى قريشًا العواثر كب على منخريه، ولينظر معنى قول الشاعر: وإن ابن أخت القوم مصغي إناءه ... إذا لم يزاحم خاله باب جلمد 45- ابن آدم, أطع ربك تُسَمَّ عاقلًا, ولا تعصه فتسمى جاهلًا1. رواه أبو نعيم عن أبي هريرة, وأبي سعيد الخدري.

_ 1 موضوع: رقم "49".

46- ابن آدم أولك نطفة، وآخرك جيفة، وأنت بين ذلك لا تملك ضرًّا ولا نفعًا. رواه الديلمي عن ابن عباس, والمشهور على الألسنة ابن آدم أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة. 47- ابن آدم خلق من التراب, وإليه يصير. رواه الديلمي عن أبي هريرة في حديث أوله: ويح ابن آدم. 48- ابن آدم, عندك ما يكفيك وأنت تطلب ما يطغيك، ابن آدم لا بقليل تقنع ولا من كثير تشبع، ابن آدم إذا أصبحت معافًى في بدنك, آمنًا في سربك, عندك قوت يومك, فعلى الدنيا العفاء1. رواه ابن عدي والبيهقي عن ابن عمر, كذا في الجامع الصغير في ابن آدم، ورواه أيضًا في إذا من رواية البيهقي عن أبي هريرة بلفظ: إذا أصبحت آمنًا في سربك, معافًى في بدنك, عندك قوت يومك, فعلى الدنيا العفاء. قال المناوي: ورواه أيضًا الخطيب وأبو نعيم وابن عساكر وابن النجار وفي سنده كذاب متهم بالوضع انتهى، لكن معناه صحيح. 49- "أبو بكر في الجنة, وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة, وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة، رضي الله عنهم أجمعين " 2. رواه أحمد والضياء عن سعيد بن زيد, والترمذي عن عبد الله بن عوف، وقد نظم أسماءهم الحافظ ابن حجر العسقلاني, لكن لا على ترتيبهم في الفضيلة فقال: لقد بشر الهادي من الصحب عشرة ... بجنات عدن كلهم قدره علي عتق سعيد سعد عثمان طلحة ... زبير ابن عوف عامر عمر علي

_ 1 موضوع: رقم "50". 2 صحيح: رقم "50".

50- "أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين, ما خلا النبيين والمرسلين " 1. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي جحيفة، وأبو يعلى والضياء وابن عساكر عن أنس، وروي عن غيرهم، وقد رمز في الجامع الصغير لصحته: أبو بكر وعمر سراجا أهل الجنة، الديلمي عن جابر: أبو بكر وعمر مني بمنزلة السمع والبصر, والترمذي والطبراني من حديث عبد الله بن حنطب، قال الترمذي: لا صحبة له، ورواه أبو نعيم من رواية ابن وهب عن ابن عباس: أبو بكر خير أمتي وأرحمها، وعمر أغيرها، وعثمان أحياها، وعلي أبهاها. قال في تخريج الحافظ على الديلمي: أخرجه أبو محمد من رواية سلمان عن ابن عمر, وفي سنده محمد بن الحارث. 51- أبو بكر خير الناس بعدي إلا أن يكون نبي2. رواه ابن عدي والطبراني والديلمي والخطيب في المتفق والمفترق, بسندهم إلى سلمة بن الأكوع، وقال ابن عدي: هذا الحديث أحد ما أنكر على عكرمة. 52- أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار, فاعرفوا ذلك له، فلو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، سدوا كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر3. رواه ابن الإمام أحمد في زوائده, وابن مردويه والديلمي عن ابن عباس. 53- أبو حنيفة سراج أمتي. قال القاري في موضوعاته الكبرى: هو موضوع باتفاق المحدثين، وقال العلامة ابن حجر المكي في كتابه المسمى بالخيرات الحسان في مناقب أبي حنيفة النعمان نقلًا عن الحافظ السيوطي وغيره: إن الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لو كان الإيمان عند الثريا" -وفي لفظ: "لو كان العلم معلقًا عند الثريا- لتناوله رجال من أبناء فارس" محمول على أبي حنيفة وأضرابه، وبه يستغنى

_ 1 صحيح: رقم "51". 2 ضعيف رقم: "55". 3 ضعيف: رقم "56".

عن أن يستشهد على فضله بحديث أطبق المحدثون على أنه موضوع، ثم أورده بروايات أطال في بيانها ورد النقاد لها، وقال: إنها كلها موضوعات لا تروج على من له أدنى إلمام بنقد الحديث. قال: فمن الروايات الموضوعة: سيأتي رجل من بعدي يقال له: النعمان بن ثابت، ويكنى أبا حنيفة يحيا دين الله وسنتي على يديه، وفي رواية عن ابن عباس: يطلع بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدر على جميع خراسان, يكنى بأبي حنيفة، انتهى ملخصًا. ومن ذلك الموضوع ما ذكره بعضهم بقوله: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن سائر الأنبياء تفخر بي، وأنا أفتخر بأبي حنيفة، وهو رجل تقي عند ربي، وكأنه جبل من العلم، وكأنه نبي من أنبياء بني إسرائيل, فمن أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني"، قال ابن الجوزي: إنه موضوع. ورد بما في الضياء المعنوي بأنه تعصب؛ لأنه روي بطرق مختلفة، انتهى. وأقول: لعلها لا تصلح وإن تعددت، كما قالوا في حديث: من حفظ على أمتي أربعين حديثًا فإنه ضعيف وإن تعددت طرقه، ومن الموضوع أيضًا ما روي: أن آدم افتخر بي، وأنا أفتخر برجل من أمتي اسمه النعمان، وكنيته أبو حنيفة, هو سراج أمتي. ومثله ما رواه الجرجاني في مناقبه بسنده لسهل بن عبد الله التستري أنه قال: لو كان في أمة موسى وعيسى مثل أبي حنيفة لما تهودوا, ولما تنصروا. ومثله ما افتراه أحمد بن مأمون لما قيل له: ألا ترى إلى الإمام الشافعي ومن تابعه بخراسان, بقوله: حدثنا أحمد بن عبد الله, حدثنا عبد الله بن معدان الأزدي عن أنس مرفوعًا: يكون في أمتي رجل يقال له: محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس، ورجل يقال له: أبو حنيفة هو سراج أمتي، ذكره المناوي في شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر. 54- "ابناي هذان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما " 1. رواه ابن عساكر عن ابن عمر وعلي -رضي الله عنهما.

_ 1 صحيح: رقم "47".

55- إبليس طلاع, رصاد, صياد. قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الديلمي: أسنده في حديث أوله: اتقوا الدنيا, واتقوا النساء؛ فإن إبليس طلاع ... إلخ, انتهى وستأتي روايته له عن معاذ. 56- "أَبِنْ القدح عن فيك, ثم تنفس" 1. رواه البيهقي في شعب الإيمان وسمويه عن أبي سعيد الخدري. 57- ابنوا المساجد, وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله بيتًا بنى الله له بيتًا في الجنة، قيل: يا رسول الله وهذه المساجد التي تبنى في الطريق؟ قال: نعم، إخراج القمامة منها مهور الحور العين2. ورواه الطبراني وابن النجار والضياء في المختارة عن أبي قرصافة، ورواه الديلمي عن علي بن أبي طالب بلفظ: ابنوا مساجدكم جَمَّا, وابنوا مداينكم مشرفة، وعزاه في الجامع الصغير لابن أبي شيبة عن ابن عباس. 58- أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يعلم. قال في التمييز تبعًا للأصل: أخرجه الديلمي من حديث أبي هريرة, من رواية عمر بن راشد وهو ضعيف جدًّا، وقال البيهقي: ضعيف بالمرة، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، وزاد في الأصل ورواه القضاعي في مسنده فقال: اجتمع أبو بكر وعمر وأبو عبيدة فتماروا في شيء, فقال لهم علي: انطلقوا بنا إلى رسول الله، فلما وقفوا عليه قالوا: يا رسول الله, جئنا نسألك عن شيء فقال: "إن شئتم فاسألوا، وإن شئتم خبرتكم بما جئتم له، فقال لهم: جئتم تسألونني عن الرزق من أين يأتي, وكيف يأتي؟ " فذكر: أبى الله ... الحديث المذكور, ورواه الديلمي كما في الدرر عن أبي هريرة بلفظ: أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب، رواه العسكري وابن ماجه بسند ضعيف عن علي رفعه: إنما تكون الصنيعة إلى ذي دين أو حسب، وجهاد الضعفاء الحج، وجهاد المرأة حسن التبعل لزوجها، والتودد نصف الإيمان، وما علل3 أمر على

_ 1 صحيح: رقم "46". 2 ضعيف: رقم "53". 3 لعل الصواب: ما عال امرؤ.

اقتصاد، واستنزلوا الرزق بالصدقة، وأبى الله إلا أن يجعل أرزاق عباده المؤمنين من حيث لا يحتسبون. قال النجم: ولا يصح شيء منها, انتهى. وأقول: الحديث بطرقه معناه صحيح وإن كان ضعيفًا, ففي التنزيل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} 1 والمعنى كما قال البيهقي وغيره: أبى الله أن يجعل أرزاق عباده من حيث يحتسبون، وهو كذلك فإن الله تعالى يرزق عباده من حيث يحتسبون تارة كالتجارة والحراثة، وتارة يرزقهم من حيث لا يحتسبون كالرجل يصيب معدنًا أو ركازًا أو يرث قريبًا له يموت أو يعطيه أحد مال من غير استشراف نفس ولا سؤال, وآية {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} ليس فيها حصر, فليتأمل. 59- أبى الله أن يصح إلا كتابه. أورده القاري في الموضوعات بلفظ: أبى الله إلا أن يصح كتابه، وقال في التمييز تبعًا للأصل: لا أعرفه، وزاد في الأصل ولكنه قال الله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} 2 ولذا قال الشافعي -رضي الله عنه-: لقد ألفت هذه الكتب، ولم آل جهدًا فيها، ولا بد أن يوجد فيها الخطأ؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} فما وجدتم في كتبي هذه مما يخالف الكتاب أو السنة فقد رجعت عنه، أخرجه عبد الله بن شاكر في مناقبه ولبعضهم: كم من كتاب قد تصفحته ... وقلت في نفسي: أصلحته حتى إذا طالعته ثانيًا ... وجدت تصحيفًا فصححته 60- أبى الله أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى يدع بدعته3. رواه ابن ماجه وأبو نصر السجزي وابن النجار عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. 61- "أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة" 4. رواه الطبراني والضياء في المختارة عن أنس.

_ 1 الطلاق: "2، 3". 2 النساء: "82". 3 ضعيف، انظر ضعيف ابن ماجه "ح5". 4 صحيح، انظر الصحيحة "ج689".

62- اتبعوا العلماء؛ فإنهم سرج الدنيا ومصابيح الآخرة1. رواه الديلمي عن أنس -رضي الله عنه- قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديثه: في سنده قاسم بن إبراهيم المطلبي انتهى, أي: وهو ضعيف كما قاله المناوي. 63- اتبعوا ولا تبتدعوا, فقد كفيتم. قال في التمييز تبعًا للأصل: رواه الدارمي عن ابن مسعود من قوله، قال النجم: وسنده صحيح، وأخرجه الديلمي في مسنده وكذا ابن عدي والطبراني عن ابن مسعود، وأدلته كثيرة. 64- اتخذوا هذه الحمام المقاصيص في بيوتكم؛ فإنها تلهي الجن عن صبيانكم2. رواه الشيرازي في الألقاب، والخطيب في تاريخه، والديلمي عن ابن عباس، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وغيره، ورواه ابن عدي عن أنس بلفظ: اتخذوا الحمام المقصصة في بيوتكم. 65- اتخذوا الديك الأبيض؛ فإن دارًا فيها ديك أبيض لا يقربها شيطان, ولا ساحر, ولا الدويرات حولها3. رواه الطبراني عن أنس، وفي سنده كذاب كما قاله الحافظ الهيثمي. 66- اتخذوا السودان؛ فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة: لقمان, والنجاشي, وبلال4. رواه الطبراني عن ابن عباس، وعزاه في الجامع الصغير للطبراني، ولابن حبان في الضعفاء عن ابن عباس بلفظ: اتخذوا السودان؛ فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة: لقمان الحكيم, والنجاشي, وبلال المؤذن انتهى، وجاء زيادة مهجع, وقد نظم بعضهم الجميع فقال: سادة السودان أربع ... هكذا قال المشفع النجاشي وبلال مع ... لقمان ومهجع

_ 1 موضوع: رقم "82". 2 موضوع: رقم "95". 3 موضوع: رقم "91". 4 ضعيف: رقم "93".

67- "اتخذوا الغنم؛ فإنها بركة" 1. رواه الطبراني بسند حسن والخطيب عن أم هانئ, ورواه ابن ماجه عنها بلفظ: اتخذي غنمًا؛ فإن فيها بركة, ورواه أحمد عنها أيضًا بلفظ: اتخذي غنمًا؛ فإنها تروح بخير وتغدو بخير. 68- اتخذوا عند الفقراء أيادي؛ فإن لهم دولة يوم القيامة2. رواه أبو نعيم عن الحسين بن علي بسند ضعيف, وذكره في المقاصد في الترجمة باللفظ المذكور ولكن بزيادة: فإذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: سيروا إلى الفقراء, فيعتذر إليهم كما يعتذر أحدكم إلى أخيه في الدنيا. وقال في التمييز تبعًا للأصل: قال الحافظ ابن حجر: لا أصل له وزاد في التمييز: قال شيخنا يعني السخاوي بعد إيراد أحاديث بمعناه: وكل هذا باطل, وسبقه الذهبي وابن تيمية وغيرهما للحكم بذلك, انتهى. وعزاه النجم للحلية باللفظ المذكور في الترجمة, لكن بلفظ: يدًا بالإفراد بدل أيادي ثم نقل عن السخاوي أنه قال: لم أجده في النسخة التي عندي من الحلية. وعزاه في الدرر لأبي نعيم في الحلية عن الحسين بن علي بلفظ: اتخذوا عند الفقراء أيادي؛ فإن لهم دولة يوم القيامة. وذكره النرسي في قضاء الحوائج بسند فيه غير واحد من المجهولين, عن أبي عبد الرحمن السلمي التابعي رفعه مرسلًا بلفظ: اتخذوا عند الفقراء أيادي؛ فإن لهم دولة. قيل: يا رسول الله, وما دولتهم؟ قال: ينادي منادٍ يوم القيامة: يا معشر الفقراء قوموا, فلا يبقى فقير إلا قام حتى إذا اجتمعوا قيل: ادخلوا إلى صفوف أهل القيامة, فمن صنع إليكم معروفًا فأوردوه الجنة قال: فجعل يجتمع على الرجل كذا وكذا من الناس فيقول له الرجل منهم: ألم أكسك؟ فيصدقه فيقول له الآخر: يا فلان, ألم أكلم لك؟ قال: ولا يزالون يخبرونه بما صنعوا إليه, وهو يصدقهم بما صنعوا إليه حتى يذهب بهم جميعًا

_ 1 صحيح: رقم "82". 2 موضوع: رقم "94".

فيدخلهم الجنة. فيقول قوم لم يكونوا يصنعون المعروف: يا ليتنا كنا نصنع المعروف حتى ندخل الجنة. وبسند رواه عن ميمون بن مهران, عن ابن عباس أن للمساكين دولة قيل: يا رسول الله, وما دولتهم؟ قال: إذا كان يوم القيامة قيل لهم: انظروا من أطعمكم في الله لقمة وكساكم ثوبًا أو سقاكم شربة فأدخلوه الجنة، وكل هذا باطل انتهى, واقتصر في الجامع الصغير على صدره من رواية أبي نعيم عن الحسين بن علي, لكن اعترضه المناوي أن بقية الحديث أيضًا عند مخرجه المذكور, ثم نقل عن العراقي أن سنده ضعيف جدًّا, ثم نقل عن السيوطي وغيره أنهم قالوا: ومن المقطوع بوضعه حديث: اتخذوا عند الفقراء أيادي قبل أن تجيء دولتهم. 69- اتخذوا السراويلات؛ فإنها من أستر ثيابكم، وحصنوا بها نساءكم إذا خرجن1. رواه العقيلي وابن عدي والبيهقي في الأدب عن علي, ورمز السيوطي لضعفه. 70- أترعوا الطُّسوس, وخالفوا المجوس2. رواه البيهقي وضعفه والخطيب عن ابن عمر، والطُّسوس بضم الطاء: جمع طَسّ بفتحها بمعنى: طست، وأترعوا بقطع الهمزة فمثناة فوقية ساكنة بمعنى: املئوا. 71- اتركوا الدنيا لأهلها؛ فإنه من أخذ منها فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر3. رواه الديلمي وهو حسن لغيره. 72- "اتركوا الترك ما تركوكم" 4. قال الزرقاني: حسن, وقال في الأصل: رواه أبو داود عن رجل من الصحابة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بلفظ: "دعوا الحبشة ما دعوكم, واتركوا الترك ما تركوكم" ,

_ 1 موضوع: رقم "92". 2 ضعيف جدًّا: رقم "102". 3 ضعيف: رقم "106". 4 حسن: رقم "3384".

رواه النسائي بأطول من هذا وكذا الطبراني في الكبير والأوسط عن ابن مسعود رفعه بلفظ: اتركوا الترك ما تركوكم؛ فإن أول ما يسلب أمتي ملكهم وما خولهم الله بنو قنطورا. ورواه الطبراني أيضًا عن معاوية بن أبي سفيان مرفوعًا بطرق يشهد بعضها لبعض, وحينئذٍ فلا يسوغ معها الحكم عليه بالوضع، ولابن مردويه من طريق السدي، قال: الترك سرية من سرايا يأجوج ومأجوج خرجت تغير، فجاء ذو القرنين فبنى السد فبقوا خارجًا. وقال ابن طولون في الشذرة في الأحاديث المشتهرة, ولابن أبي حاتم عن قتادة قال: يأجوج ومأجوج اثنتان وعشرون قبيلة، بنى ذو القرنين السد على إحدى وعشرين، وكانت منهم قبيلة غائبة في الغزو، وجمع الحافظ الضياء المقدسي جزءًا في خروج الترك سمعته، وعززته بثانٍ في خروج الأروام. 73- اتقوا البرد؛ فإنه قتل أخاكم أبا الدرداء. ذكره في المواهب بإسقاط أخاكم, وقال في الأصل تبعًا للحافظ ابن حجر: لا أعرفه، فإن كان واردًا فيحتاج إلى تأويل، فإن أبا الدرداء عاش بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- دهرًا أي: فيئول قتل بمعنى سيقتل, وعبر بالماضي لتحقق وقوعه كقوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} 1 وكقوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل قتيلًا فله سلبه"، لكن فيه أنه يحتاج أن يثبت أن أبا الدرداء مات بالبرد فافهم. 74- اتقوا البول؛ فإنه أول ما يحاسب به العبد في القبر2. رواه الطبراني عن أبي أمامة, وفي لفظ: فإن عامة عذاب القبر منه. 75- "اتقوا دعوة المظلوم" 3. رواه أحمد وأبو يعلى عن أنس مرفوعًا بزيادة: وإن كانت من كافر, فإنه ليس بينها وبين الله تعالى حجاب.

_ 1 النحل: "1". 2 ضعيف: رقم "112". 3 صحيح: أرقام "117، 118، 119".

ورواه الطبراني عن خزيمة رفعه بزيادة: فإنها تحمل على الغمام, ويقول الله جل جلاله: وعزتي وجلالي, لأنصرنك ولو بعد حين. ورواه الحاكم وقال: إنه على شرط مسلم، والضياء في المختارة عن ابن عمر مرفوعًا بزيادة: "فإنها تصعد إلى السماء كأنها الشرار"، ورواه الحاكم عن ابن عمر بلفظ: "اتقوا دعوة المظلوم؛ فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة". ورواه أبو يعلى عن أبي سعيد مرفوعًا بلفظ: "اتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله تعالى حجاب " , واتفق الشيخان بهذا اللفظ عن ابن عباس مرفوعًا. ورواه الخطيب عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: اتق دعوة المظلوم، فإنما يسأل الله حقه، وإن الله لم يمنع ذا حق حقه. 76- "اتقوا الدنيا, واتقوا النساء" 1. رواه الديلمي عن معاذ، وزاد: فإن إبليس طلاع رصاد, وما هو بشيء من فخوخه بأوثق لصيده في الأتقياء من النساء، وعند مسلم عن أبي سعيد: "اتقوا فتنة الدنيا وفتنة النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء"، وفي الصحيح: "اتقوا الله واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء"، وروي: "ما يئس الشيطان من ابن آدم إلا أتاه من قِبَل النساء ". ورواه الحكيم عن عبد الله بن بشر المازني، وابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي الدرداء والرهاوي مرسلًا بلفظ: "اتقوا الدنيا, فوالذي نفسي بيده إنها لأسحر من هاروت وماروت"، وما أحسن قول إمامنا الشافعي رضي الله عنه: ومن يأمن الدنيا فإني طعمتها ... وسيق إلينا عذبها وعذابها فما هي إلا جيفة مستحيلة ... عليها كلاب همهن اجتذابها فإن تجتنبها كنت سلمًا لأهلها ... وإن تجتذبها نازعتك كلابها "تنبيه" الدنيا والنساء أحد الأمور الأربعة المحذر منها، وقد جمعها بعضهم بقوله: إني بُليت بأربع ما سلطت ... إلا لأجل شقاوتي وعنائي إبليس والدنيا ونفسي والهوى ... كيف الخلاص وكلهم أعدائي

_ 1 صحيح: رواه مسلم نحوه.

إبليس يسلك في طريق مهالكي ... والنفس تأمرني بكل بلائي وأرى الهوى تدعو إليه خواطري ... في ظلمة الشبهات والآراء وزخارف الدنيا تقول: أما ترى ... حسني وفخر ملابسي وبهائي 77- اتقوا ذوي العاهات. قال في المقاصد: لم أقف عليه، يعني بهذا اللفظ وإلا فقد روى البخاري في التاريخ عن أبي هريرة ما يدل له في الجملة، وهو: "اتقوا المجذوم كما يتقى الأسد" , وهو في الصحيحين بلفظ: "فِرَّ من المجذوم فرارَك من الأسد". وفي طبقات ابن سعد عن عبد الله بن جعفر: اتقوا صاحب الجذام كما يتقى السبع، إذا هبط واديًا فاهبطوا غيره, ثم قال في المقاصد: ولكن سيأتي من كلام الشافعي في حديث: "إياك والأشقر ما يناسب مجيئه هنا". وروى البخاري وغيره عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا عدوى ولا هامة ولا صفر, واتقوا المجذوم كما يتقى الأسد"؛ والمعنى: فر من المجذوم فرارك من الأسد كما ورد في بعض ألفاظ الحديث، وهو متفق عليه عن أبي هريرة مرفوعًا بمعناه, فيمكن أن يكون المعنى: باتقاء ذوي العاهات الفرار منها خوفًا من العدوى لا كما تتوهمه العامة يعني من عدم معاملتهم، ثم إن هذا في حق ضعيف اليقين, وإلا فقد ورد لا يعدي شيء شيئًا, ولا عدوى ونحو ذلك, انتهى. وقال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة نقلًا عن ابن الصلاح: ووجه الجمع بينهما أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها, لكن الله جعل مخالطة المريض للصحيح سببًا لإعدائه, ثم قد يتخلف ذلك. ثم قال: والأولى: الجمع أن نفيه -صلى الله عليه وسلم- للعدوى باقٍ على عمومه، وقد صح قوله: "لا يعدي شيء شيئًا" وقوله لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون في الإبل الصحيحة فيخالطها فتجرب فرد عليه: "فمن أعدى الأول؟ " يعني: أن الله هو الذي ابتدأ ذلك في الثاني كما ابتدأه في الأول. وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع؛ لئلا يتفق للشخص الذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله ابتداءً، لا بالعدوى المنفية, فيظن أن ذلك بسبب مخالطته، فيعتقد صحة العدوى فيقع في الجرح, فأمر بتجنبه حسمًا للمادة, انتهى.

78- اتقوا زلة العالم1. قال في التمييز تبعًا للأصل: رواه العسكري والديلمي عن عمرو بن عوف مرفوعًا بزيادة: وانتظروا فيئته، وهو كما قال المناوي: ضعيف إن لم يكن موضوعًا، لكنه بمعنى ما رواه البيهقي عن ابن عمر مرفوعًا: إن أشد ما أتخوف على أمتي ثلاثة: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، ودنيا تقطع أعناقكم فاتهموها على أنفسكم. زاد في الأصل ورواه الطبراني عن أبي الدرداء مرفوعًا بلفظ: "أخاف على أمتي زلة عالم, وجدال منافق". وروى الديلمي عن زياد بن جرير قال: قال لي عمر: تهدم الإسلام زلة العالم. ورواه ابن ماجه عن ابن عمر أو ابن عمرو بلفظ: "أشد ما أخاف على أمتي ثلاث: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن, ودنيا تقطع أعناقكم فاتهموها على أنفسكم". ورواه ابن المبارك في الزهد عن عبد الله بن جعفر أنه قال: قيل لعيسى: يا روح الله وكلمته, من أشد على الناس فتنةً؟ قال: زلة عالم إذا زل؛ زل بزلته عالم كثير، والمشهور على الألسنة: زلة العالِم زلة العالَم. 79- "اتقوا الشح؛ فإنه أهلك من كان قبلكم". رواه مسلم عن جابر, وسيأتي من روايته في أثناء حديث: اتقوا الظلم. 80- اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور الله2. قال في الدرر: رواه الطبراني والترمذي من حديث أبي أمامة, وأخرجه الترمذي أيضًا من حديث أبي سعيد، وقال في التمييز تبعًا للأصل: رواه الترمذي وقال: غريب وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الديلمي بعد أن عزاه للترمذي عن أبي سعيد قال: وزاد بعضهم: وينطق بتوفيق الله قلت: لم أقف على الزيادة, انتهى. وقال في الأصل: ورواه الطبراني وأبو نعيم والعسكري عن ثوبان رفعه بلفظ: احذروا دعوة المسلم وفراسته؛ فإنه ينظر بنور الله, وينظر بتوفيق الله.

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "125". 2 ضعيف: رقم "127".

ورواه العسكري عن أبي الدرداء موقوفًا بلفظ: اتقوا فراسة العلماء؛ فإنهم ينظرون بنور الله, إنه شيء يقذفه الله في قلوبهم وعلى ألسنتهم. ورواه عن أبي الدرداء بلفظ: اتقوا فراسة العلماء, فوالله إنه لحق يقذفه الله في قلوبهم ويجعله على أبصارهم، وطرقه كلها ضعيفة، وبعضها متماسك، فلا يليق مع وجوده الحكم على الحديث بالوضع، لا سيما ورواه الطبراني والبزار وأبو نعيم بسند حسن عن أنس رفعه: إن لله عبادًا يعرفون الناس بالتوسم، ونحوه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمران بن حصين وقد أخذ بطرف عمامته من ورائه: واعلم أن الله يحب الناظر الناقد عند مجيء الشبهات, وفي مستدرك الحاكم عن عروة مرسلًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن لكل قوم فراسة وإنما يعرفها الأشراف, قيل: والمراد بهم المؤمنون جمعًا بين الأحاديث، وحكم عليه الصغاني بالوضع، لكن لفظه عنده: اتقِ بالإفراد فاعرفه وقال النجم: ورواه البخاري في التاريخ والترمذي والعسكري والخطيب وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد وزاد ثم قرأ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} 1 إن لله عبادًا يعرفون الناس بالتوسم انتهى، ورأيته في شرح مثلثة قطرب للشيخ برهان الدين اللخمي بلفظ: احذروا فراسة المؤمن فيكم فإنه ينظر بنور الله انتهى. والفِراسة بكسر الفاء، قال في الصحاح: الفراسة بالكسر: الاسم من قولك: تفرست فيه خيرًا، وهو يتفرس أي: يتثبت وينظر, وتقول منه: رجل فارس النظر, وفي الحديث: اتقوا فراسة المؤمن. والفَراسة بالفتح مصدر قولك: رجل فارس على الخيل بين الفراسة، والفروسة: الفروسية، وقد فرُس بالضم يفرس فروسة وفراسة أي: حذق أمر الخيل, انتهى. 81- "اتقوا النار ولو بشق تمرة" 2. قال في الأصل: رواه الشيخان عن عدي بن حاتم، والحاكم عن ابن عباس وأحمد عن عائشة -رضي الله عنها-. زاد فيه: فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة، وهو كذلك عند الشيخين في رواية، وكذا الديلمي عن الصديق بزيادة: فإنها تقيم التعوج وتسد الخلل وتدفع ميتة السوء، وتقع من الجائع موقعها من الشبعان، وقال في الدرر: وورد أيضًا من حديث أبي بكر وأبي هريرة، وقال النجم: ورواه البزار عن أبي بكر بلفظ: فاتقوا النار ولو بشق تمرة؛ فإنها تقيم العوج, وتمنع من الجائع ما تمنع من الشبعان.

_ 1 الحجر: "75". 2 صحيح: رقم "114".

82- "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها, وخالق الناس بخلق حسن" 1. رواه أحمد والحاكم, وقال على شرطهما, والبيهقي والترمذي عن أبي ذر ومعاذ، وقال الترمذي: حسن صحيح، ورواه ابن عساكر عن أنس -رضي الله عنه- بلفظ: "اتق الله في عسرك ويسرك"، ورواه أبو قرة الزبيدي في سننه عن طليب بن عرفة. 83- "اتق الله ولا تحقرن من المعروف شيئًا, ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، وأن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط، وإياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة، ولا يحبها الله، وإن امرؤ شتمك وعيرك بأمر ليس هو فيك فلا تعيره بأمر هو فيه ودعه يكون وباله عليه وأجره لك، ولا تسبن أحدً ا" 2. رواه الطيالسي وابن حبان عن جابر بن سليم الهجيمي. 84- اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يبروكم3. رواه الطبراني عن النعمان بن بشير. 85- "اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا، وأَحِبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا، ولا تكثر الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب" 4. رواه أحمد والترمذي عن أبي هريرة بسند ضعيف. 86- اتق شر من أحسنت إليه. وفي لفظ: من تحسن إليه، قال في الأصل: لا أعرفه، ويشبه أن يكون من كلام بعض السلف، قال: وليس على إطلاقه, بل هو محمول على اللئام دون الكرام، ويشهد له ما في المجالسة للدينوري عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: الكريم يلين إذا استعطف، واللئيم يقسو إذا لطف، وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: ما وجدت

_ 1 حسن: رقم "97". 2 صحيح: رقم "98". 3 ضعيف: رقم "121". 4 حسن: رقم "100".

لئيمًا قط إلا قليل المروءة, وفي التنزيل: {وَمَا نَقَمُوا إِلّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} 1 وقال أبو عمرو بن العلاء يخاطب بعض أصحابه: كن من الكريم على حذر إذا أهنته ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن العاقل إذا أحرجته، ومن الأحمق إذا رحمته، ومن الفاجر إذا عاشرته، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك، أو تسأل من لا يجيبك، أو تحدث من لا ينصت لك. وفي الإسرائيليات يقول الله عز وجل: من أساء إلى من أحسن إليه فقد بدل نعمتي كفرًا، ومن أحسن إلى من أساء إليه فقد أخلص لي شكرًا. وعند البيهقي في الشعب عن محمد بن حاتم المظفري قال: اتق شر من يصحبك لنائلة, فإنها إذا انقطعت عنه لم يعذر ولم يبال بما قال وما قيل فيه. 87- اتقوا شرار النساء, وكونوا من خيارهن على حذر. هو من كلام بعضهم وهو صحيح المعنى، ففي الكشاف عن بعض العلماء: إني أخاف من النساء أكثر مما أخاف من الشيطان؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} 2 وقال في النساء3: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} 4. 88- اتقوا مواضع التهم. ذكره في الإحياء, وقال العراقي في تخريج أحاديثه: لم أجد له أصلًا لكنه بمعنى قول عمر: من سلك مسالك الظن اتهم. ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق مرفوعًا بلفظ: من أقام نفسه مقام التهم, فلا يلومن من أساء الظن به. وروى الخطيب في المتفق والمفترق عن سعيد بن المسيب قال: وضع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ثماني عشرة كلمة، كلها حكم، وهي: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شرًّا وأنت تجد لها في الخير محملًا، ومن عرض نفسه

_ 1 التوبة: "74". 2 النساء: "76". 3 يوسف: "28". 4- هذا الكلام فيه نظر؛ لأن قوله تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} جاء مقارنًا بكيد الله، فلذلك كان ضعيفًا، وقال في كيد النساء: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ,} ؛ لأنه جاء مقارنًا بكيد الرجال، فلذلك كان عظيمًا، فالسياق من المقيدات فتنبه.

للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن، ومن كتم سره كانت الخيرة في يده, وعليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم, فإنهم زينة في الرخاء عدة في البلاء، وعليك بالصدق وإن قتلك، ولا تعرض لما لا يعني، ولا تسأل عما لم يكن فإن فيما كان شغلًا عما لم يكن ولا تطلبن حاجتك إلى من لا يحب نجاحها لك، ولا تهاون بالحلف الكاذب فيها فيهلكك الله، ولا تصحب الفجار فتتعلم من فجورهم, واعتزل عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من خشي الله تعالى، وتخشع عند القبور, وذل عند الطاعة, واستعصم عند المعصية, واستشر في أمرك الذين يخشون الله, فإن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} 1 وما أحسن قول الحريري: عليك بالصدق ولو أنه ... أحرقك الصدق بنار الوعيد فابغ رضا المولى فأغبن الورى ... من أسخط المولى وأرضى العبيد 89- "أتموا الوضوء, ويل للأعقاب من النار" 2. رواه ابن ماجه عن خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص -رضي الله عنهم-. 90- "أتاني جبريل فقال: بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة, فقلت: وإن زنى وإن سرق؟ فقال: وإن زنى وإن سرق". اتفقا عليه عن أبي ذر, رواه في الجامع بألفاظ أخر فراجعه. 91- أتاني جبريل فقال: يا محمد لولاك ما خلقت الجنة، ولولاك لما خلقت النار. رواه الديلمي عن ابن عمر3. 92- أتاني آتٍ من ربي عز وجل, فقال: من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات, ورد عليه مثلها. رواه أحمد وابن أبي شيبة عن أبي طلحة، رمز السيوطي لحسنه, وسببه كما في مسند أحمد عن أبي طلحة، أنه قال: دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأسارير وجهه

_ 1 فاطر: "28". 2 صحيح: رقم "124". 3 إسناده واهٍ، كما في الضعيفة "451/ 1".

تبرق، فقلت: ما رأيتك أطيب ولا أظهر بشرًا من يومك, فقال: "وما لي لا تطيب نفسي ويظهر بشري, ثم ذكر" الحديث. 93- "أتاكم شهر رمضان, شهر خير وبركة" 1. رواه ابن النجار عن ابن عمر. 94- "أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة, وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين, وفيه ليلة هي خير من ألف شهر, من حرم خيرها فقد حرم" 2. رواه الإمام أحمد والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة. 95- "أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدةً وألين قلوبًا, الإيمان يمان, والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم". رواه الشيخان عن أبي هريرة. 96- "اتقوا الظلم؛ فإنه ظلمات يوم القيامة" 3. رواه الإمام أحمد والطبراني وابن ماجه عن ابن عمر, وأخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، ومسلم عن جابر بزيادة: "واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم". 97- "اتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله". رواه مسلم, قيل: والمراد بكلمة الله ما ورد في كتابه من نحو: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} 4 ومن نحو: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} 5 ولعل المراد بها العقد. 98- اتقوا اليهود والهنود, ولو سبعين بطنًا. موضوع كما قاله الصغاني.

_ 1 رواه الطبراني في الكبير بنحوه، وفيه محمد بن أبي قيس، قال في المجمع "142/ 3": "ولم أجد من ترجمه". 2 "صحيح"، انظر صحيح الجامع "ح55". 3 صحيح: رقم "101". 4 النساء: "3". 5 الأحزاب: "37".

حرف الهمزة مع الثاء المثلثة

حرف الهمزة مع الثاء المثلثة: 99- أثردوا, ولو بالماء1. رواه الطبراني في الأوسط وابن حبان عن أنس, ورمز السيوطي لضعفه. 100- "أثقل ما يوضع بالميزان: الخلق الحسن" 2. رواه أبو داود والترمذي عن أبي الدرداء، ورواه ابن حبان عن أبي الدرداء أيضًا بلفظ: "أثقل شيء في الميزان: الخلق الحسن" , ورواه البيهقي عن أبي الدرداء أيضًا بلفظ: "أثقل شيء في ميزان المؤمن: خلق حسن، إن الله يبغض الفاحش المتفحش البذيء"، وبهذه الطرق يتبين أنه حسن أو صحيح. 101- اثنان فما فوقهما جماعة3. أخرجه أحمد وابن ماجه والدارقطني والحاكم وغيرهم عن أبي أمامة وأبي موسى وغيرهما بهذا اللفظ، قال في التمييز: ضعيف انتهى، ولعله أراد باعتبار ذاته، وإلا فقد روى الإمام أحمد أنه -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلًا يصلي وحده، فقال: "ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه" , فقام رجل فصلى معه فقال: "هذان جماعة"، واستعمله البخاري ترجمة وأورد في الباب ما يؤدي معناه, حيث روى بسنده إلى مالك بن الحويرث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما ثم ليؤمكما أكبركما" , صريح في أن الاثنين جماعة فما فوقهما بالأولى, وعزاه النجم للإمام أحمد وابن عدي عن أبي أمامة, ولابن ماجه والدارقطني وأبي يعلى عن أبي موسى، ولابن ماجه عن أنس, والدارقطني عن ابن عمر، والبغوي في معجمه, وابن سعد في طبقاته عن الحكم بن عمير.

_ 1 ضعيف: رقم "135". 2 رواية البيهقي في صحيح الجامع برقم "135". 3 ضعيف: رقم "137".

102- اثنان لا ينظر الله إليهما يوم القيامة: قاطع الرحم, وجار السوء1. رواه الديلمي عن أنس, ورمز في الجامع الصغير لوضعه. 103- "اثنان يعجلهما الله في الدنيا: البغي, وعقوق الوالدين". رواه البخاري في التاريخ والطبراني عن أبي هريرة, وما أحسن ما قيل: لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا ... جنوده ضاق عنها السهل والجبل 104- "اثنتان يكرههما ابن آدم: يكره الموت, والموت خير له من الفتنة, ويكره قلة المال, وقلة المال أقل للحساب" 2. رواه أحمد وسعيد بن منصور عن محمود بن لبيد، وهذا محمول على حالة, وطلب بقائه على حالة أخرى, كما أشرت إلى ذلك بقولي: طول الحياة حميدة إن ... راقب الرحمن عبده وبضدها فالموت خير ... والسعيد أتاه رشده

_ 1 موضوع: رقم "138". 2 صحيح: رقم "139".

الهمزة مع الجيم

الهمزة مع الجيم: 105- "اجتمعوا على طعامكم, واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه" 1. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه, وابن حبان والحاكم عن وحشي، ورواه في الإحياء عنه، لكن بإسقاط: واذكروا اسم الله عليه, وسنده حسن كما في التخريج للعراقي. 106- اجتمعوا وارفعوا أيديكم، فاجتمعنا ورفعنا أيدينا, ثم قال: اللهم اغفر للمعلمين ثلاثًا كيلا يذهب القرآن, وأعز العلماء كيلا يذهب الدين. قال في اللآلئ وتبعوه: موضوع, وكذا قال فيها: اللهم اغفر للمعلمين, وأطل أعمارهم, وبارك لهم في كسبهم.

_ 1 حسن: رقم "142".

107- اجتنبوا الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر1. رواه الحاكم والبيهقي عن ابن عباس، ورواه الطبراني عن النعمان بن بشير بلفظ: اجتنبوا كل مسكر، وكذا رواه أيضًا بهذا اللفظ عن عبد الله بن مغفل. 108- "اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله, والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات". رواه الشيخان والنسائي عن أبي هريرة. 109- "اجتنبوا الوجوه, لا تضربوها"2. رواه ابن عدي عن أبي سعيد. 110- اجتماع الخضر وإلياس -عليهما الصلاة والسلام- في كل عام في الموسم بمنى. قال في الدرر: أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده بسند ضعيف عن أنس، وأخرجه أبو إسحاق الزكي في جزء له عن ابن عباس، وقال في التمييز تبعًا للأصل كشيخه الحافظ ابن حجر: منكر لا يثبت فيه شيء، وزاد في الأصل وأخرجه الدارقطني عن ابن عباس ولا أعلمه إلا مرفوعًا قال: "يلتقي الخضر وإلياس كل عام بالموسم بمنى، فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه، ويتفرقان عن هؤلاء الكلمات: باسم الله ما شاء الله, لا قوة إلا بالله, ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله، ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله", وفي زوائد الزهد لعبد الله ابن الإمام أحمد من حديث عبد العزيز بن أبي رواد بسند معضل أنه قال: "يجتمع الخضر وإلياس -عليهما الصلاة والسلام- ببيت المقدس في شهر رمضان من أوله إلى آخره, ويفطران على الكرفس ويوافيان الموسم كل عام"، ومثله ما يروى عن الحسن البصري أنه قال: "وكل إلياس بالفيافي والخضر بالبحور, وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى، وإنهما يجتمعان في الموسم"، إلى غير ذلك مما هو كله ضعيف مرفوعًا وغيره، وأودع شيخنا في الإصابة لأكثره, وهو لا يثبت منه شيء انتهى، ورواه أيضًا السيوطي في الدر

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "142". 2 ضعيف: رقم "143".

المنثور بزيادة مع تغيير في الأصل عن ابن عباس بلفظ: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يلتقي الخضر وإلياس كل عام بالموسم بمنى, فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه، ويتفرقان عن هذه الكلمات: باسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله، ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله, ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله, ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله"، رواه الدارقطني، ثم قال في الدر المنثور: قال ابن عباس: "من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات؛ أمنه الله من الغرَق والحرَق1 والسرَق2, ومن الشيطان, ومن السلطان, ومن الحية والعقرب"، انتهى. 111- الاجتماع مقدر. لم أقف على أنه حديث، وإنما قيل: إنه من كلام أويس القرني -رضي الله عنه-. 112- "الأجر على قدر النصب". متفق عليه من حديث عائشة -رضي الله عنها-. قال النجم: وربما قيل: "على قدر المشقة" , وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة بعد اعتمارها: "أجرك على قدر نفقتك أو نصبك"، وفي لفظ: "أو تعبك"، وفي آخر: "إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك" , بالواو. وروى ابن الإمام أحمد في زوائده عن ابن المبارك عن سفيان من قوله: إنما الأجر على قدر الصبر، قال الإمام النووي: وظاهره أن الثواب والفضل في العبادة بكثرة النصب والنفقة. قال الحافظ ابن حجر: وهو كما قال لكنه ليس بمطرد, فقد يكون بعض العبادة أحق من بعض وهي أكثر فضلًا وثوابًا بالنسبة للزمان كقيام ليلة القدر بالنسبة لقيام رمضان, وبالنسبة للمكان كصلاة ركعتين في المسجد الحرام بالنسبة لصلاة ركعات في غيره، وإلى شرف العبادة المالية والبدنية كصلاة الفريضة بالنسبة إلى أكثر من عدد ركعاتها وأطول من قراءتها ونحو ذلك من صلاة النافلة، وكدرهم من الزكاة بالنسبة إلى أكثر من التطوع, أشار إلى ذلك ابن عبد السلام في القواعد وقال أيضًا: وقد كانت الصلاة قرة عين النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي شاقة على غيره، وليست صلاة غيره مع مشقتها مساوية لصلاته مطلقًا, والله أعلم.

_ 1 لهب النار. 2 أي: السرقة, والثلاثة بفتح الراء.

113- "أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار"1. رواه ابن عدي عن عبد الله بن جعفر مرسلًا. 114- "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا". رواه الشيخان وأبو داود عن ابن عمر. 115- "اجلس بنا نؤمن ساعة". رواه أحمد بإسناد حسن, قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تعال نؤمن ساعة" , فقاله ذات يوم لرجل فغضب الرجل فجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله, ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله ابن رواحة, إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة" , ورواه ابن الجوزي في صفوة الصفوة عن الأسود بن هلال أنه قال: كنا نمشي مع معاذ فقال: اجلسوا نؤمن ساعة, وأورده البخاري معلقًا بلفظ الترجمة. 116- "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم, ولا تتخذوها قبورًا". رواه الشيخان وأحمد وأبو داود عن ابن عمر, ورواه أبو يعلى والروياني والضياء عن زيد بن حارثة عن عائشة.

_ 1 ضعيف: رقم "147".

الهمزة مع الحاء المهملة

الهمزة مع الحاء المهملة 117- "أحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله, وعبد الرحمن". رواه مسلم وأبو داود والترمذي عن ابن عمر مرفوعًا. 118- أحب الأسماء إلى الله ما عبد وحمد1. قال في الأصل فيما سيأتي: "ما عبد وما حمد" ما علمته.

_ 1 لا أصل له، انظر الضعيفة "ج411".

119- أحب الأسماء إلى الله ما تعبد له, وأصدق الأسماء همام وحارث1. رواه الطبراني عن ابن مسعود, قال في فتح الباري: في إسناده ضعف. 120- "أحب البقاع إلى الله مساجدها, وأبغض البلاد إلى الله أسواقها" 2. رواه مسلم عن أبي هريرة لكن بلفظ: البلاد بدل البقاع، وسبب إيراده كما رواه أحمد وغيره أنه لما سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن خير البقاع وشرها، فقال: لا أدري حتى نزل جبريل فأعلمه, قال في الأصل: وفي الباب عن واثلة بلفظ: شر المجالس الأسواق والطرق, وخير المجالس المساجد، وإن لم تجلس في المسجد فالزم بيتك. ورواه الطبراني وابن حبان والحاكم وصححه الأخيران عن ابن عمر بلفظ: خير البقاع المساجد, وشر البقاع الأسواق. ولأبي نعيم في كتاب حرمة المساجد عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: أبغض البقاع إلى الله الأسواق, وأبغض أهلها إلى الله أولهم دخولًا وآخرهم خروجًا, ولمسلم في صحيحه عن سلمان أنه قال: لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها؛ فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته، وذكر حديثًا، وما أحسن ما قيل: وإذا تأملت البقاع وجدتها ... تشقى كما تشقى الرجال وتسعد 121- "أحب الدين إلى الله تعالى الحنيفية السمحة"3. قال في الأصل: هكذا ترجم البخاري في صحيحه، وساقه في الأدب المفرد عن ابن عباس بلفظ: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأديان أحب إلى الله؟ قال: "الحنيفية السمحة". قال النجم: والذي رواه أحمد والطبراني عن ابن عباس بلفظ: "أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة " , ورواه الديلمي عن عائشة في حديث الحبشة ولعبهم ونظر عائشة إليهم قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليعلم اليهود أن في ديننا فسحة, وأني بعثت بالحنيفية السمحة" , ورواه أحمد في مسنده بسند حسن عن عائشة أيضًا لكن بلفظ: إني أرسلت بالحنيفية السمحة, وهو في معنى قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} 4.

_ 1 موضوع: رقم "156". 2 صحيح: رقم "167". 3 صحيح: رقم "160". 4 الحج: "78".

122- "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل". رواه الشيخان عن عائشة, وله ألفاظ أخرى. 123- "أحب الصيام إلى الله صيام داود: كان يصوم يومًا ويفطر يومًا, وأحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود: كان ينام نصف الليل, ويقوم ثلثه, وينام سدسه". رواه الشيخان وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر، وسببه أن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- كان يسرد الصيام والقيام, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لجسدك عليك حقًّا" , الحديث ثم ذكره. 124- "أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيادي" 1. رواه أبو يعلى وابن حبان وابن ماجه عن جابر, والمشهور: الأيادي بالجمع. 125- "أحب الكلام إلى الله تعالى ما اصطفاه الله لملائكته: سبحان ربي وبحمده ثلاثًا" 2. رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي ذر، وفي مسلم والترمذي أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الكلام أفضل؟ قال: "ما اصطفاه الله لملائكته: سبحان الله وبحمده". وفي لفظ عند مسلم وأحمد والترمذي: "أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد: سبحان الله وبحمده" , وأخرجه مسلم وأحمد أيضًا عن سمرة بلفظ: "أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر, لا يضرك بأيهن بدأت" , والمراد: أن ما ذكر أحب إلى الله بعد لا إله إلا الله، ففي الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيثمي, وصح في الحديث: "أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده, أي بعد قول: لا إله إلا الله" , وصح أيضًا: "أحب الكلام: سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر". 126- "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس" 3. رواه الطبراني وابن أبي الدنيا عن ابن عمر بزيادة: "وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة, أو تقضي عنه ديْنًا, أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع

_ 1 حسن: رقم "171". 2 صحيح: رقم "175". 3 حسن: رقم "176".

أخي في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه, ملأ الله قلبه رضًا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل ". 127- أحب العباد إلى الله عز وجل: الأتقياء, الأخفياء, الذين إذا غابوا لم يفتقدوا, وإذا شهدوا لم يعرفوا, أولئك أئمة الهدى ومصابيح العلم1. رواه أبو نعيم عن معاذ. 128- "أحب العباد إلى الله أنفعهم لعياله" 2. رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد الزهد عن الحسن مرسلًا. 129- "أحب للناس ما تحب لنفسك" 3. رواه البخاري في التاريخ وأبو يعلى والطبراني والبيهقي والحاكم عن زيد بن أسيد، ورواه الأربعة إلا أبا داود عن أنس بلفظ: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. 130- "أحبب حبيبك هونًا ما، عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما, عسى أن يكون حبيبك يومًا ما" 4. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة, والطبراني عن ابن عمر وابن عمرو، والدارقطني وابن عدي والبيهقي عن عليٍّ موقوفًا, والبخاري في الأدب المفرد، وفي معناه قول بعضهم: لا يكن حبك كلفًا، ولا بغضك تلفًا. وأخرج الخرائطي عن الحسن: تنقوا الإخوان والأصحاب والمجالس، وأحبوا هونًا وأبغضوا هونًا؛ فقد أفرط أقوام في حب أقوام فهلكوا, وأفرط أقوام في بغض أقوام فهلكوا، وإن رأيت دون أخيك سترًا فلا تكشفه، وقد رمز السيوطي لحسنه، ولعله لاعتضاده، وإلا فقد تكلموا في كثير من رجاله، وما أحسن ما أخرجه الرافعي عن أبي إسحاق السبيعي من أنه قال: كان علي بن أبي طالب يذاكر أصحابه وجلساءَهُ في حسن الأدب بقوله:

_ 1 ضعيف: رقم "162". 2 حسن: رقم "172". 3 "حسن" انظر الصحيحة "ح72". 4 صحيح: رقم "178".

وكن معدنًا للخير, واصفح عن الأذى ... فإنك راءٍ ما عملت وسامع وأحبب إذا أحببت حبًّا مقاربًا ... فإنك لا تدري متى أنت نازع وأبغض إذا أبغضت بغضًا مقاربًا ... فإنك لا تدري متى الحب راجع 131- "أحب عباد الله إلى الله تعالى أحسنهم خلقًا" 1. رواه الطبراني عن أسامة بن شريك الذبياني، قال: كنا جلوسًا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- كأنما على رءوسنا الطير, ما يتكلم منا متكلم، إذ جاءه أناس فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله؟ فذكره. وهو حسن كما قاله السيوطي, بل صحيح كما قاله المناوي. 132- أحبوا البنين؛ فإن البنات يحببن في أنفسهن أو بأنفسهن. نقل ابن حجر الهيثمي في الفتاوى الحديثية عن الحافظ السيوطي أنه قال: هذا لا يعرف, قال: ولم أقف عليه في شيء من كتب الحديث, انتهى. 133- أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي, والقرآن عربي, وكلام أهل الجنة عربي2. وفي لفظ: وكلام أهل الجنة في الجنة عربي، قال في الأصل: رواه الطبراني والحاكم والبيهقي وآخرون عن ابن عباس مرفوعًا بسند فيه ضعيف جدًّا, ورواه الطبراني أيضًا عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: أنا عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي، وهو مع ضعفه أقوى من حديث ابن عباس، وأخرجه أبو الشيخ بسند ضعيف أيضًا عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: أحبوا العرب وبقاءَهم؛ فإن بقاءَهم نور في الإسلام، وإن فناءهم ظلمة في الإسلام، ورواه الدارقطني عن ابن عمر بلفظ: حب العرب إيمان وبغضهم نفاق، ورواه الدارقطني أيضًا عن علي بلفظ: من لم يعرف حق عترتي والأنصار والعرب فهو لأحد ثلاث؛ إما منافق, وإما لريبة، وإما لغير طهور، يعني: حملت به أمه في الحيض، أو هو ولد زنا, وقد وردت أخبار كثيرة في حب العرب يصير الحديث بمجموعها حسنًا، وقد أفردها بالتأليف جماعة منهم الحافظ العراقي, ومنهم صديقنا الكامل السيد مصطفى البكري، لا زالت علينا عوائد الأفضال تجري، فإنه ألف بذلك رسالة نحو العشرين

_ 1 صحيح: رقم "179". 2 موضوع: رقم "173".

كراسة, جمعت غرر الفوائد وجواهر القلائد, سماها: الفرق المؤذن بالطرب، في الفرق بين العجم والعرب، وقد وقفت عليها وقرضت له عليها بأبيات, هي قولي: رسالة أذنت بالفضل للعرب ... سلافة أطربتنا غاية الطرب وقد حوت لبديع القول رافلة ... بثوب فضل بلا فخر ولا عجب وأومأت لمزيد العلم مع شرف ... لمنشئ صاغها تسمو على الذهب لِمَ لا, وصائغها الفرد الذي ثبتت ... له المزايا, ومن كل الكمال حبي سبط النبي, ونجل للعتيق, فمن ... له يضاهيه في العلياء والنسب لا زال يكلؤه المولى ويمنحه ... حتى يفوز بوصل غير مكتسب ثم الصلاة مع التسليم يتبعها ... على نبي سما في سائر الرتب والآل والصحب ثم التابعين لهم ... ما حاك للشعر أهل الفضل والأدب وما شذا نجل جراح فأورثه ... ذكر الأحبة منهم غاية الطرب 134- احترسوا من الناس بسوء الظن1. قال في الأصل: رواه أحمد في الزهد والبيهقي وغيرهما من قول مطرف بن الشخير أحد التابعين, زاد البيهقي وكذا الطبراني في الأوسط والعسكري أنه روي عن أنس مرفوعًا، وأخرجه تمام في فوائده عن ابن عباس رفعه بلفظ: من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته, ورواه الديلمي عن علي من قوله بلفظ: الحزم سوء الظن, وجميع طرقه ضعيفة يتقوى بعضها ببعض، ثم قال: وقد أفردته في جزء أوردت فيه الجمع بينها وبين قوله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} 2 وما أشبهها مما في الحديث كحديث عائشة: من أساء بأخيه الظن فقد أساء بربه؛ لأن الله تعالى يقول: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} الآية، وقد يجاب بحمل الحديث: احترسوا ونحوه على أهل التهمة ونحوهم, والآية ونحوها على خلافهم, ولابن أبي حيان النحوي المغربي: وأوصاني الرضي وصاة نصح ... وكان مهذبًا شهمًا أبيَّا بأن لا تحسنن ظنًّا بشخص ... ولا تصحب حياتك مغربيَّا

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "182". 2 الحجرات: "12".

135- "احثوا في وجوه المداحين التراب". رواه مسلم وأحمد وأبو داود وغيرهم عن المقداد بن الأسود مرفوعًا، وكان هو يحمله على ظاهره كابن عمر، وحمله الأكثر على عدم إعطائهم، وقال المناوي: أو المراد أعطوهم ما طلبوه, فإن كل ما فوق التراب تراب انتهى، ورواه الترمذي عن أبي هريرة وابن عساكر عن عبادة بن الصامت بلفظ: "احثوا في أفواه المداحين التراب"، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وأبو داود بلفظ: "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب"، ورواه الطبراني في الكبير والبيهقي في الشعب عن ابن عمر بن الخطاب, وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن عطاء بن أبي رباح أن رجلًا كان يمدح رجلًا عند ابن عمر, فجعل ابن عمر يحثو التراب نحو وجهه بأصابعه, وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في أفواههم التراب". 136- "أَحِّدْ, أَحِّدْ" 1. رواه أبو داود والنسائي وأبو يعلى والحاكم وصححه والضياء عن سعد بن أبي وقاص قال: مر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا أدعو بأصبعي, فذكره مكررًا. ورواه الإمام أحمد عن أنس بلفظ: أحد يا سعد. ورواه النسائي والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة، وقال الترمذي: إنه حسن غريب، والمشهور على الألسنة: "وحد, وحد" بالواو. 137- "أحد جبل يحبنا ونحبه". رواه البخاري عن سهل بن سعد, والترمذي والطبراني عن أنس, وأحمد والطبراني والضياء عن سويد بن عامر الأنصاري, وليس له غيره. ورواه الطبراني في الأوسط عن أبي عبس بن جبر بلفظ: "أحد هذا جبل يحبنا ونحبه, على باب من أبواب الجنة, وهذا عير يبغضنا ونبغضه, وإنه على باب من أبواب النار". ورواه الطبراني عن سهل بن سعد بلفظ: "أحد ركن من أركان الجنة"، ورواه الطبراني في الأوسط عن أنس بلفظ: "أحد جبل يحبنا ونحبه, فإذا جئتموه فكلوا من شجره, ولو من عضاهه".

_ 1 صحيح: رقم "189".

138- "احذروا صفر الوجوه؛ فإنه إن لم يكن من علة أو سهر, فإنه من غل في قلوبهم للمسلمين"1. قال في الأصل: رواه الديلمي بسنده إلى ابن عباس مرفوعًا ثم قال: وأورده هو وأبوه بلا سند عن أنس مرفوعًا بلفظ: "إذا رأيتم الرجل أصفر الوجه من غير مرض ولا عبادة, فذلك من غش للإسلام في قلبه". ورواه في الدرر بلفظ: "احذروا صفر الوجوه من غير علة". ورواه أبو نعيم في الطب من حديث حماد بن المبارك عن أنس مرفوعًا بمثل هذا, وقال الحافظ ابن حجر: لم أقف له على أصل عنه, وإن ذكره ابن القيم في الطب النبوي, فإنه بلا سند, وأخرج الدينوري عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} 2 أنه صفرة الوجوه والخشوع. وروى الثعلبي وغيره عن علي أنه قال في وصف أولياء الله تعالى: صفر الوجوه من السهر, عمش العيون من العبر, خمص البطون من الطوى, يبس الشفاه من الذوى. 139- احذروا الدنيا؛ فإنها أسحر من هاروت وماروت3. رواه ابن أبي الدنيا، ومن طريقه البيهقي عن أبي الدرداء، قال الذهبي: لا ندري من أبو الدرداء انتهى، وأقول: الظاهر: إنه الصحابي فليتأمل، ثم رأيت النجم قال: رواه البيهقي عن أبي الدرداء الرهاوي مرسلًا انتهى، فإن ثبت فهو غير الصحابي قطعًا، ووصله بعضهم عن رجل من الصحابة، والحديث ضعيف كما قال المناوي، ورواه أحمد في الزهد عن مصعب بن سعد مرسلًا بلفظ: احذروا الدنيا؛ فإنها خضرة حلوة. 140- الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه فإنه يراك. رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عمر، وروي من غير حديثه أيضًا. 141- "احصوا هلال شعبان لرمضان" 4. رواه الترمذي والحاكم وصححه عن أبي هريرة، والدارقطني عن رافع بن خديج بلفظ: "احصوا عدة شعبان لرمضان"، ورواه الدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة بلفظ:

_ 1 موضوع: رقم "195". 2 الفتح: "29". 3 موضوع: رقم "191". 4 حسن: رقم "198".

"احصوا هلال شعبان لرمضان، ولا تخلطوا برمضان إلا أن يوافق ذلك صيامًا كان يصومه أحدكم "، "وصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته, فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يومًا؛ فإنها ليست تعمى عليكم العدة". 142- "أحفوا الشوارب, وأعفوا اللحى". رواه الشيخان وأبو داود والنسائي عن ابن عمر، ومسلم عن أبي هريرة بلفظ: "جزوا الشوارب, وأرخوا اللحى, خالفوا المجوس"، وعنه بلفظ: "قصوا الشوارب, وأعفوا اللحى"، وله عن أبي أمامة قلنا: يا رسول الله, إن أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "قصوا سبالكم, ووفروا عثانينكم, وخالفوا أهل الكتاب"، والعثانين جمع عثنون: اللحية كما في القاموس، وفيه: السُّبال بضم السين: الشارب، ورواه ابن حبان عن ابن عمر بلفظ: إن المجوس يوفرون سبالهم, ويحفون لحاهم، فخالفوهم. ورواه الطبراني عن الحكم بن عمير بلفظ: "قصوا الشوارب مع الشفاه"، وفي الباب عن أنس وغيره. من ذلك ما رواه أبو داود والنسائي والترمذي في الشمائل عن المغيرة بلفظ: نظر إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد طال شاربي فقال: "تعال فقصه لي على سواك"، فذكره ومن ذلك ما رواه الطحاوي عن أنس بسند ضعيف كما قال السيوطي بلفظ: "أحفوا الشوارب, وأعفوا عن اللحى, ولا تشبهوا باليهود". 143- "احفظ عورتك إلا من زوجتك, أو ما ملكت يمينك" 1. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم والبيهقي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده زاد قيل: إذا كان القوم بعضهم في بعض، قال: "إن استطعت أن لا يراها أحد فلا ترينها"، قيل: إذا كان أحدنا خاليًا, قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس, وسببه ما رواه معاوية بن حيدة القشيري قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ فذكر الحديث. قال الترمذي والحاكم: صحيح وأقره الذهبي ورواه البخاري معلقًا. 144- احفظ ما بين لحييك, وما بين رجليك2. رواه أبو يعلى وابن قانع وابن مندة وابن عساكر والضياء عن صعصعة قال: قلت: يا رسول الله أوصني فذكره.

_ 1 حسن: رقم "203". 2 ضعيف: رقم "209".

145- احفظ ود أبيك لا تقطعه؛ فيطفئ الله نورك1. رواه البخاري في الأدب ورواه الطبراني في الأوسط والبيهقي عن ابن عمر. 146- "أحل ما أكل الرجل من كسب يمينه, وكل بيع مبرور" 2. ذكره الغزالي وغيره, ورواه بمعناه أحمد عن رافع بن خديج, ورواه البزار والحاكم عن البراء بن عازب قيل: يا رسول الله, أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور، وفي رواية: وكل عمل مبرور. 147- "أحل الذهب والحرير لإناث أمتي, وحرم على ذكورها" 3. رواه أحمد والنسائي والترمذي، وقال: حسن صحيح عن أبي موسى الأشعري، وصححه البغوي أيضًا. 148- "أحلت لنا ميتتان: السمك والجراد, ودمان: الكبد والطحال" 4. رواه الشافعي وأحمد وابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي عن ابن عمر مرفوعًا وموقوفًا, قال ابن عمر: قلت: فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال، قال الدارقطني وأبو زرعة وأبو حاتم: إن الموقوف أصح، ومع ذلك فحكمه الرفع، قال ابن الرفعة: قول الفقهاء السمك والجراد لم يرد, وإنما الوارد الحوت والجراد, ورده الحافظ ابن حجر بأنه وقع في رواية ابن مردويه في التفسير بلفظ: يحل من الميتة اثنان, ومن الدم اثنان, فأما الميتة فالسمك والجراد, وأما الدم فالكبد والطحال. 149- "أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله تعالى". رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس في قصة اللديغ الذي رقاه ابن مسعود بفاتحة الكتاب على قطيع من الغنم فبرئ فأخذها، وكره منه أصحابه ذلك, وقالوا له: أخذت على كتاب الله أجرًا حتى قدموا المدينة فقالوا: يا رسول الله, أخذ على كتاب الله أجرًا فذكره وعلته في الإجارة جازما به، وفي الطب بصيغة التمريض عن ابن عباس كما تقدم، وإنما أورده كذلك مع إيراده الحديث في صحيحه متصلًا لروايته له بالمعنى

_ 1 ضعيف: رقم "210". 2 رواه أحمد والطبراني بنحوه في الكبير والأوسط، وفيه المسعودى وهو ثقة، ولكنه اختلط وبقية رجال أحمد رجال الصحيح، كما في المجمع "60/ 4". 3 صحيح: رقم "209". 4 صحيح: رقم "210".

كما قاله العراقي، ورواه أبو نعيم عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "من أخذ أجرًا على القرآن، فذاك حظه من القرآن", والديلمي وأبو نعيم أيضًا عن ابن عباس بلفظ: "فقد تعجل حسناته في الدنيا"، قيل: فيحمل إن ثبت على من تعين عليه التعليم فتدبر. 150- أحيا أبوي النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى آمنا به. أورده العسكري عن عائشة وقال في التمييز تبعًا للمقاصد: أورده الخطيب في السابق واللاحق وكذا السهيلي عن عائشة وقال: في إسناده مجاهيل وقال ابن كثير: إنه منكر جدًّا، وإن كان ممكنًا بالنظر إلى قدرة الله تعالى، ولكن ثبت في الصحيح ما يعارضه انتهى، وأقول: الترجمة المذكورة ليست بلفظ الحديث، وإنما لفظه ما سيأتي, وقوله: ثبت في الصحيح ما يعارضه هو ما رواه مسلم عن أنس بلفظ: إن رجلًا قال: يا رسول الله أين أبي؟ قال: في النار فلما قفى دعاه فقال: إن أبي وأباك في النار. وكذا ما رواه مسلم أيضًا وأبو داود عن أبي هريرة أنه -صلى الله عليه وسلم- استأذن في الاستغفار لأمه فلم يؤذن له، وقد وقع في كلام بعض المفسرين عند تفسير قوله تعالى: {وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} 1 ما لا يليق أخذًا بظاهر ما في الصحيح المار, ويمكن الجواب بأن ما في الصحيح كان أولًا ثم أحياهما الله تعالى حتى آمنا به -صلى الله عليه وسلم- معجزة له وخصوصية لهما في نفع إيمانهما به بعد الموت، على أن الصحيح عند الشافعية من الأقوال أن أهل الفترة ناجون، وقد ألف كثير من العلماء في إسلامهما -شكر الله سعيهم- منهم الحافظ السخاوي، فإنه قال في المقاصد: وقد كتبت فيه جزءًا، والذي أراه الكف عن هذا إثباتًا ونفيًا وقال في الدرر: أخرجه بعضهم بإسناد ضعيف، وما أحسن قول حافظ الشام ابن ناصر الدين: حبا الله النبي مزيد الفضل ... على فضل وكان به رءوفا فأحيا أمه وكذا أباه ... لإيمان به فضلًا لطيفا فسلم فالقديم بذا قدير ... وإن كان الحديث به ضعيفا2 ومنهم الحافظ السيوطي, فإنه ألف في ذلك مؤلفات عديدة منها مسالك الحنفا في إسلام والدي المصطفى، وحاصل ما ذكره في ذلك ثلاثة مسالك:

_ 1 البقرة: "119". 2 هذا من العجب العجاب أن يقرر هؤلاء الصوفية الدراويش ضعف الحديث, ثم يطالبونا باعتقاده والتسليم بما ثبت بطلانه نقلًا، وهو من أمور الغيب التي لا دخل للعقل في إثباتها، بل لا تثبت إلا بنص صحيح عن المعصوم.

المسلك الأول: أنهما ماتا قبل البعثة ولا تعذيب قبلها لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} 1 وقد أطبقت الأشاعرة من أهل الكلام والأصول، والشافعية من الفقهاء على أن من مات ولم تبلغه الدعوة يموت ناجيًا، وأنه لا يقاتل حتى يُدعى إلى الإسلام، وأنه إذا قتل يضمن بالدية والكفارة كما نص عليه الشافعي وسائر الأصحاب، بل قال بعضهم: إنه يجب في قتله القصاص، لكن الصحيح خلافه؛ لأنه ليس بمسلم حقيقي، وشرط القصاص المكافأة. المسلك الثاني: أنهما لم يثبت عنهما شرك بل كانا على الحنيفية دين جدهما إبراهيم -عليه السلام- كما كان على ذلك طائفة من العرب كزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل، وذهب إلى هذا المسلك طائفة منهم الإمام الرازي, بل قالوا: إن سائر آبائه -صلى الله عليه وسلم- لهم هذا الحكم, فليس فيهم كافر, وأما آذر فليس بوالد إبراهيم بل عمه على الصحيح. المسلك الثالث: أن الله أحيا له أبويه -صلى الله عليه وسلم- حتى آمنا به, وهذا المسلك مال إليه طائفة كثيرة من حفاظ المحدثين وغيرهم منهم ابن شاهين والحافظ أبو بكر البغدادي والسهيلي والقرطبي والمحب الطبري وغيرهم، واستدلوا لذلك بما أخرجه ابن شاهين والخطيب البغدادي والدارقطني وابن عساكر بسند ضعيف عن عائشة قالت: حج بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع، فمر بي على عقبة الحجون وهو باكٍ حزين مغتم، فنزل فمكث عني طويلًا، ثم عاد إلي وهو فرح متبسم، قلت له فقال: ذهبت لقبر أمي فسألت الله أن يحييها فأحياها, فآمنت بي وردها الله، وهذا الحديث ضعيف باتفاق الحفاظ، بل قيل: إنه موضوع، لكن الصواب ضعفه وأورده السهيلي في روضه بسند فيه مجهولون عن عائشة بلفظ: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سأل ربه أن يحيي أبويه, فأحياهما له ثم آمنا به ثم أماتهما. قال السهيلي بعد إيراده: والله قادر على كل شيء وليس تعجز رحمته وقدرته عن شيء, ونبيه -صلى الله عليه وسلم- أهل أن يختص بما شاء من فضله, وينعم عليه بما شاء من كرامته. وقال القرطبي: لا تعارض بين حديث الإحياء وحديث النهي عن الاستغفار، فإن إحياءهما متأخر عن الاستغفار لهما بدليل حديث عائشة أن ذلك كان في حجة الوداع، ولذلك جعله ابن شاهين ناسخًا لما ذكر من الأخبار.

_ 1 الإسراء: "15".

وقال العلامة ابن المنير المالكي في المقتفى في شرف المصطفى: قد وقع لنبينا -صلى الله عليه وسلم- إحياء الموتى نظير ما وقع لعيسى ابن مريم إلى أن قال: وجاء في حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما منع من الاستغفار للكفار دعا الله أن يحيي له أبويه, فأحياهما له فآمنا به وصدقاه, وماتا مؤمنين. وقال القرطبي: فضائل النبي -صلى الله عليه وسلم- لم تزل تتوالى، وليس إحياؤهما وإيمانهما به ممتنع عقلًا ولا شرعًا، فقد ورد في القرآن إحياء قتيل بني إسرائيل وإخباره بقاتله، وكان عيسى -عليه السلام- يحيي الموتى، وكذلك نبينا -صلى الله عليه وسلم- أحيا الله على يديه جماعة من الموتى، وإذا ثبت هذا فما يمنع من إيمانهما بعد إحيائهما زيادة في كرامته وفضيلته -صلى الله عليه وسلم-. وقال ابن سيد الناس بعد ذكر قصة الإحياء: والأحاديث الواردة في التعذيب ذكر بعض أهل العلم في الجمع بين هذه الروايات ما حاصله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يزل راقيًا في المقامات السنية, صاعدًا في الدرجات العلية إلى أن قبض الله روحه الطاهرة إليه وأزلفه إلى ما خصه لديه من الكرامة حين القدوم عليه, فمن الجائز أن تكون هذه درجة حصلت له -صلى الله عليه وسلم- بعد أن لم تكن، وأن يكون الإحياء والإيمان متأخرين عن تلك الأحاديث، فلا تعارض انتهى. ثم قال السيوطي: وقد سئلت أن أنظم هذه المسألة أبياتًا أختم بها هذا التأليف، فقلت: إن الذي بعث النبي محمدًا ... نجى به الثقلين مما يجحف ولأمه وأبيه حكم شائع ... أبداه أهل العلم فيما صنفوا فجماعة أجروهما مجرى الذي ... لم يأته خبر الدعاة المسعف والحكم فيمن لم تجئه دعوة ... أن لا عذاب عليه حكم يؤلف فبذاك قال الشافعية كلهم ... والأشعرية ما بهم متوقف وبسورة الإسراء فيها حجة ... وبنحو ذا في الذكر آي تعرف ولبعض أهل الفقه في تعليله ... معنى أرق من النسيم وألطف إذ هم على الفطر التي ولدوا ولم ... يظهر عناد منهم وتخلف ونحا الإمام الفخر رازي الورى ... معنى به للسامعين تشنف قال الأُلى ولدوا النبي المصطفى ... كل على التوحيد إذ يتحنف من آدم لأبيه عبد الله ما ... فيهم أخو شرك ولا مستنكف

فالمشركون كما بسورة توبة ... نجس وكلهم بطهر يوصف وبسورة الشعراء فيه تقلب ... في الساجدين فكلهم متحنف هذا كلام الشيخ فخر الدين في ... أسراره هطلت عليه الذرف فجزاه رب العرش خير جزائه ... وحباه جنات النعيم تزخرف فلقد تدين في زمان الجاهلية ... فرقة دين الهدى وتحنفوا زيد بن عمرو وابن نوفل هكذا ... الصديق ما شرك عليه يعنف قد قرر السبكي بذاك مقالة ... للأشعري وما سواه مزيف إذ لم تزل عين الرضا منه على ... الصديق وهو بطول عمر أحنف عادت عليه صحبة الهادي فما ... في الجاهلية للضلالة يعرف فلأمه وأبوه أحرى سيما ... وارت من الآيات ما لا يوصف وجماعة ذهبوا إلى إحيائه ... أبويه حتى آمنا لا خوف وروى ابن شاهين حديثًا مسندًا ... في ذاك لكن الحديث مضعف هذي مسالك لو تفرد بعضها ... لكفى فكيف بها إذ تتألف وبحسب من لا يرتضيها صمته ... أدبًا ولكن أين من هو منصف صلى الإله على النبي محمد ... ما جدد الدين الحنيف محنف انتهى. وقال الشهاب الخفاجي في آخر كتابه "المجالس": لما قرأت ما قاله علماء الحديث في الخصائص النبوية، أنه لا تلج النار جوفًا فيه قطرة من فضلاته -عليه الصلاة والسلام-، فقال: من كان عندنا إذا كان هذا, فكيف تعذب أرحام حملته؟! فأعجبني كلامه ونظمته بقولي: لوالدي طه مقام علي ... في جنة الخلد ودار الثواب فقطرة من فضلات له ... في الجوف تنجي من أليم العقاب فكيف أرحام له قد غدت ... حاملة, تصلى بنار العذاب انتهى.

الهمزة مع الخاء المعجمة

الهمزة مع الخاء المعجمة: 151- أخبر, تقله1. الطبراني وأبو يعلى والعسكري من حديث بقية عن أبي الدرداء رفعه، وكذا ابن عدي بلفظ: "وجدت الناس: أخبر, تقله". ورواه أيضًا الطبراني والعسكري من حديث أبي حيوة عن أبي الدرداء بلفظ: "إنه كان يقول: ثق بالناس رويدًا ويقول: أخبر, تقله". قال في المقاصد: وكلها ضعيفة، ورواه في الجامع الكبير عن أبي يعلى والطبراني وابن عدي وأبي نعيم عن أبي الدرداء بلفظ: أخبر تقله, وثق بالناس رويدًا، ورواه العسكري عن مجاهد أنه قال: وجدت الناس كما قيل: "أخبر من شئت تقله". ومن شواهده ما اتفق عليه الشيخان عن ابن عمر مرفوعًا: "الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة". والمراد من الحديث وجدت الناس مقولًا فيهم هذا القول -من القلى، بكسر القاف وفتحها: البغض, وقال الجوهري: إذا فتحت مددت- يعني: جرب الناس، فإنك إذا جربتهم قليتهم وتركتهم؛ لما يظهر لك من بواطن سرائرهم. وقيل: لفظه الأمر ومعناه الخبر, أي من جربهم وخبرهم، أبغضهم وتركهم. والهاء في تقله للسكت، وعلى زيادة: "من شئت" فالهاء ضمير راجع إليه. وأخرج الطبراني عن ابن عمر مرفوعًا: "يا أبا بكر, تنق وتوق". ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث يحيى بن المختار أنه قال: "تنقوا الإخوان والأصحاب والمجالس، وأحبوا هونًا وأبغضوا هونًا"، فقد أفرط أقوام في حب أقوام فهلكوا، وأفرط أقوام في بغض أقوام فهلكوا؛ إن رأيت دون أخيك سترًا فلا تكشفه. وقد تقدم قريبًا في أحبب". تنبيه: تقله بضم اللام وكسرها كما ضبطه المناوي، ويجوز فتح اللام في لغة.

_ 1 ضعيف: رقم "222".

152- اختضبوا؛ فإن الملائكة يستبشرون بخضاب المؤمن1. كذب, موضوع كما نقله ابن حجر المكي عن السيوطي. 153- اختلاف أمتي رحمة2. قال في المقاصد: رواه البيهقي في المداخل بسند منقطع عن ابن عباس بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لأحد في تركه، فإن لم يكن في كتاب الله فسنة مني ماضية، فإن لم تكن سنة مني فما قاله أصحابي؛ إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء، فأيما أخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة". ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني والديلمي بلفظه وفيه ضعف, وعزاه الزركشي وابن حجر في اللآلئ لنصر المقدسي في الحجة مرفوعًا من غير بيان لسنده ولا لصاحبيه، وعزاه العراقي لآدم بن أبي إياس في كتاب العلم والحكم بغير بيان لسنده أيضًا بلفظ: اختلاف أصحابي رحمة لأمتي, وهو مرسل وضعيف. وبهذا اللفظ أيضًا ذكره البيهقي في رسالته الأشعرية بغير إسناد، وفي المدخل له عن القاسم بن محمد عن قوله: اختلاف أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- رحمة لعباد الله. وفيه أيضًا عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقول: ما سرني لو أن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لم يختلفوا؛ لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة. وفيه أيضًا عن يحيى بن سعيد أنه قال: أهل العلم أهل توسعة, وما برح المفتون يختلفون فيحلل هذا ويحرم هذا, فلا يعيب هذا على هذا. ثم قال في المقاصد أيضًا: قرأت بخط شيخنا، يعني الحافظ ابن حجر، أنه حديث مشهور على الألسنة، وقد أورده ابن الحاجب في المختصر في مباحث القياس بلفظ: اختلاف أمتي رحمة للناس، وكثر السؤال عنه، وزعم الكثير من الأئمة أنه لا أصل له، لكن ذكره الخطابي في غريب الحديث مستطردًا، فقال: اعترض هذا الحديث رجلان أحدهما ماجن، والآخر ملحد، وهما إسحاق الموصلي وعمرو بن بحر الجاحظ, وقالا: لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق عذابًا، ثم تشاغل الخطابي برد كلامهما، ولم

_ 1 موضوع: رقم "239" بلفظ: "أخضبوا لحاكم". 2 موضوع: رقم "230".

يشف في عزو الحديث, لكنه أشعر بأن له أصلًا عنده، ثم قال الخطابي: والاختلاف في الدين ثلاثة أقسام: الأول: في إثبات الصانع ووحدانيته, وإنكاره كفر. والثاني: في صفاته ومشيئته, وإنكارهما بدعة. والثالث: في أحكام الفروع المحتملة وجوهًا، فهذا جعله الله رحمة وكرامة للعلماء، وهو المراد بحديث: اختلاف أمتي رحمة, انتهى. وأقول: وهذا بلفظ الترجمة. وقال النووي في شرح مسلم: ولا يلزم من كون الشيء رحمة أن يكون ضده عذابًا، ولا يلتزم هذا ويذكره إلا جاهل أو متجاهل، وقد قال الله تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} 1* فسمى الليل رحمة, ولا يلزم من ذلك أن يكون النهار عذابًا, انتهى. ومثله يقال فيما رواه ابن أبي عاصم في السنة عن أنس مرفوعًا: "لا تجتمع أمتي على ضلالة". ورواه الترمذي عن ابن عمر بلفظ: "لا يجمع الله أمتي على ضلالة, ويد الله مع الجماعة". ورواه أحمد والطبراني في الكبير عن أبي نصر الغفاري في حديث رفعه سألت ربي أن لا تجتمع أمتي على ضلالة فقد قيل: مفهومه أن اختلاف هذه ليس رحمة ونعمة لكن فيه ما تقدم نظيره عن النووي وغيره. وفي الموضوعات للقاري أن السيوطي قال: أخرجه نصر المقدسي في الحجة، والبيهقي في الرسالة الأشعرية بغير سند, ورواه الحليمي والقاضي حسين وإمام الحرمين وغيرهم ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا، ثم قال السيوطي عقب ذكره لكلام عمر بن عبد العزيز: وهذا يدل على أن المراد اختلافهم في الأحكام الفرعية وقيل في الحرف والصنائع: والأصح الأول، فقد أخرج الخطيب في رواة مالك عن إسماعيل بن أبي المجالد قال: قال هارون الرشيد لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله تكتب هذه الكتب -يعني مؤلفات الإمام مالك- وتفرقها في أفاق الإسلام لتحمل عليها الأمة. قال: يا أمير المؤمنين, إن اختلاف العلماء رحمة من الله تعالى على هذه الأمة كل يتبع ما يصح عنده, وكل على هدى وكل يريد الله تعالى. وفي مسند الفردوس عن ابن عباس مرفوعًا: اختلاف أصحابي لكم رحمة.

_ 1 القصص: "73". * سقطت "النهار" من النسخ التي بين أيدينا.

وذكر ابن سعد في طبقاته عن القاسم بن محمد أنه قال: كان اختلاف أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- رحمة للناس. وأخرجه أبو نعيم بلفظ: كان اختلاف أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رحمة لهؤلاء الناس. 154- "أخذنا فألك من فيك" 1. أبو الشيخ عن ابن عمر, ورواه أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع كلمة فأعجبته، فذكره، وروى الترمذي والحاكم عن أنس قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجبه إذا خرج لحاجة أن يسمع: يا راشد, يا نجيح، وروى العسكري والخلعي عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعجبه الفأل الحسن, فسمع عليًّا -رضي الله عنه- يومًا يقول: هذه خضرة، فقال: "يا لبيك قد أخذنا فألك من فيك، فاخرجوا بنا إلى خضرة"، فقال: فخرجوا إلى خيبر فما سل فيها سيف إلا سيف علي بن أبي طالب، زاد العسكري: حتى فتحها الله -عز وجل-، وله شاهد عند البزار والديلمي عن ابن عمر مرفوعًا أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه الفأل، ورواه الطبراني عن عائشة بزيادة: ويكره الطيرة، ورواه مسلم وأحمد عن أبي هريرة بلفظ: "لا طيرة، وخيرها الفأل"، قالوا: وما الفأل؟ قال: "الكلمة الطيبة الصالحة يسمعها أحدكم"، وفي لفظ عند مسلم: "لا عدوى ولا هامة ولا طيرة وأحب الفأل الحسن"، قال العسكري: إن العرب كانت تتفاءل بالكلمة الحسنة مثل قولهم للمضل: يا واجد, وللمسافر: يا سالم فلما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخرج إلى خيبر وسمع المقالة من علي تفاءل؛ لأنه كان يعجبه الفأل الصالح، وروى الشيخان عن أنس في حديث: ويعجبني الفأل الصالح الكلمة الحسنة، وأنشد ابن الأعرابي: ألا ترى الظباء في أصل السلم ... والنعم الرتاع في جنب العلم سلامة ونعمة من النعم وفي كلام بعض الصوفية: "ألسنة الخلق أقلام الحق"، وقول العامة: "مصر بأقوالها".

_ 1 صحيح: رقم "225".

155- "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" 1. رواه مسلم عن ابن عمر, ورواه أبو يعلى والحاكم في الكنى، وأبو نعيم وابن عساكر عن أبي عبيدة بلفظ آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرجوا يهود الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب، واعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. 156- أخروهن من حيث أخرهن الله تعالى. يعني: النساء، قال في المقاصد نقلًا عن الزركشي: عزوه للصحيحين غلط, وكذا من عزاه لدلائل النبوة للبيهقي مرفوعًا ولمسند رزين، لكنه في مصنف عبد الرزاق, وأخرجه من طريقه الطبراني من قول ابن مسعود في حديث صدره: كان الرجل والمرأة في بني إسرائيل يصلون جميعًا، ثم كانت المرأة إذا كان لها خليل تلبس القالبين فيطول لها لخليلها، فألقى الله عليهن الحيض، فكان ابن مسعود يقول: أخروهن من حيث أخرهن الله تعالى قلنا: ما القالبين؟ قال: رقيصان من خشب، وفي الباب أحاديث أخرى أشار الحافظ ابن حجر لبعضها في تخريج أحاديث الهداية، ونقل القاري في الموضوعات عن ابن همام أنه قال في شرح الهداية: لا يثبت رفعه فضلًا عن شهرته, والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود، وقال في اللآلئ: رأيت من عزاه للصحيحين، وهو غلط، وهو في مصنف عبد الرزاق من قوله. 157- اخشوشنوا, وتمعددوا، واجعلوا الرأس رأسين. رواه أبو عبيد في الغريب عن عمر موقوفًا وسيأتي مبسوطًا في تمعددوا، والمشهور على الألسنة: "اخشوشنوا؛ فإن النعم لا تدوم" فليراجع. 158- "اخسأ, فلن تعدو قدرك". رواه البخاري وأحمد وأبو داود عن ابن عمر, والبخاري عن ابن عباس، ومسلم عن ابن مسعود رفعه، قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لابن صياد.

_ 1 صحيح: رقم "232".

159- أخفوا الختان, وأعلنوا النكاح. قال السخاوي: لا أصل للأول، واستحباب الوليمة له يشهد لما روي فيه من الإعلام، وكذا قول سالم: ختنني أبي -يعني ابن عمر- أنا ونعيمًا، فذبح علينا كبشًا، فلقد رأيتنا وإنا لنجذل به على الصبيان أن ذبح علينا كبشًا، وبوب له البخاري في الأدب المفرد بالدعوة في الختان وباللهو في الختان وذكر أحاديث تشهد للإعلان به، وروى البيهقي عن جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه عق عن الحسنين وختنهما لسبعة أيام، ونقل ابن الحاج في مدخله اختصاص الإخفاء بالإناث ويشهد له المعنى والعرف، ولكن ورد عن عائشة -رضي الله عنها- إظهاره فيهن أيضًا. وأما الثاني فإنه وردت فيه أحاديث للإعلان سيأتي بعضها في "أعلنوا النكاح". 160- "أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان" 1. رواه ابن عدي عن عمر. 161- أخوف ما أخاف على أمتي الهوى, وطول الأمل2. رواه ابن عدي عن جابر: أخاف عليكم ستًّا: إمارة السفاه، وسفك الدم، وبيع الحكم، وقطيعة الرحم, ونشوًا يتخذون القرآن مزامير, وكثرة الشرط. رواه الطبراني في الكبير عن عوف بن مالك. 162- أخوك البكري ولا تأمنه3. قال في المقاصد: رواه أبو داود وأحمد والعسكري وغيرهم مرفوعًا، وقال المناوي: أخوك البكري -بكسر الموحدة- أي: الذي ولده أبواك أولًا، وهذا على سبيل المبالغة في التحذير أي: أخوك شقيقك احذره ولا تأمنه فضلًا عن الأجنبي، وهذه كلمة جاهلية تمثل بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال المناوي: رمز المؤلف لحسنه ولعله لاعتضاده، ولفظ أبي داود عن المسور بن مخرمة قال: دعاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان ليقسمه في قريش بمكة بعد الفتح فقال: التمس صاحبًا، قال: فجاءني عمرو بن أمية الضمري فقال: بلغني أنك تريد الخروج

_ 1 صحيح: رقم "239". 2 ضعيف جدًّا: رقم "246". 3 ضعيف: رقم "247".

تلتمس صاحبًا قال: قلت: أجل قال: أنا لك صاحب قال: فجئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: قد وجدت صاحبًا فقال: من؟ قلت: عمرو بن أمية الضمري قال: إذا هبطت بلاد قومه فاحذره؛ فإنه قد قال القائل: أخوك البكري ولا تأمنه، فخرجنا حتى إذا كنت بالأبواء قال: إني أريد حاجة إلى قومي بودان فتلبث بي, قلت راشدًا: فلما ولى ذكرت قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فشددت على بعيري حتى إذا كنت بالأصافر إذا هو يعارضني في رهط، قال: وعارضته فسبقته، فلما رآني قذفته انصرفوا وجاءني، فقال: كانت لي إلى قومي حاجة قلت: أجل ومضينا حتى قدمنا مكة فدفعت المال لأبي سفيان انتهى، والأصافر -بالصاد المهملة- جمع أصفر: ثنايا سلكها النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بدر، وقيل: جبال مجموعة تسمى بذلك. 163- "إخوانكم خولكم, جعلهم الله تعالى تحت أيديكم". الحديث رواه الشيخان وأبو داود والنسائي والحاكم عن أبي ذر بزيادة: فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه من طعامه وليلبسه من لباسه ولا يكلفه ما يغلبه, فإن كلفه ما يغلبه فليعنه، ورواه هؤلاء عن أبي هريرة بلفظ: إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه قد كفاه علاجه ودخانه فليجلسه معه, فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين، ورواه الترمذي عن أبي ذر وقال: حسن صحيح بزيادة: فتية قبل قوله: تحت أيديكم كما في الجامع الصغير، وروى أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن أبي ذر: من لا يحكم من خدمكم فأطعموهم مما تأكلون, وألبسوهم مما تلبسون, ومن لا يلائمكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله، وروى الشيخان عن أنس أنه كان آخر وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين حضره الموت: "الصلاة الصلاة, وما ملكت أيمانكم".

الهمزة مع الدال المهملة

الهمزة مع الدال المهملة: 164- أدبني ربي فأحسن تأديبي1. قال في الأصل: رواه العسكري عن علي -رضي الله عنه- قال: قدم بنو نهد بن زيد على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: أتيناك من غورى تهامة وذكر خطبتهم

_ 1 ضعيف: رقم "249".

وما أجابهم به النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فقلنا: يا نبي الله, نحن بنو أب واحد, ونشأنا في بني سعد بن بكر، وسنده ضعيف جدًّا، وإن اقتصر شيخنا -يعني الحافظ ابن حجر- على الحكم عليه بالغرابة في بعض فتاويه؛ ولكن معناه صحيح، وجزم به ابن الأثير في خطبة النهاية، وأخرج ابن السمعاني بسند منقطع عن ابن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله أدبني فأحسن تأديبي، ثم أمرني بمكارم الأخلاق فقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} 1 الآية. وأخرج ثابت السرقسطي في الدلائل بسند واهٍ أن رجلًا من بني سليم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله, أيدالك الرجل امرأته؟ قال: "نعم إذا كان ملفحًا". قال: فقال له أبو بكر: يا رسول الله، ما قال لك وما قلت له؟ قال: "قال لي: أيماطل الرجل امرأته؟ قلت: نعم، إذا كان مفلسًا". قال: فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما رأيت أفصح منك فمن أدبك يا رسول الله؟ قال: "أدبني ربي, ونشأت في بني سعد". ثم قال: وبالجملة فهو كما قال ابن تيمية: لا يعرف له إسناد ثابت، لكن قال في الدرر: صححه أبو الفضل بن ناصر. وقال في اللآلئ: معناه صحيح, لكن لم يأت من طريق صحيح. وذكره ابن الجوزي في الأحاديث الواهية فقال: لا يصح، ففي إسناده ضعفاء لا مجاهيل. وأسنده سبطه في مرآة الزمان بطرق كلها تدور على السدي عن علي بن أبي طالب أنه قال: يا رسول الله, كلنا من العرب فما بالك أفصحنا؟ فقال: أتاني جبريل بلغة إسماعيل وغيرها من اللغات فعلمني إياها. قال السبط: والسدي اسمه عبد الرحمن، إمام كل فن، وعنه نقل التفسير والقصص وغيرهما، قال: وقد ذكره جدي في زاد المسير وعامة كتبه، وكذا عامة العلماء، ووثقه الترمذي في السنن, وقد تكلم على الحديث الأصمعي وأبو عمرو بن العلاء والأزهري, وصححه أبو الفضل بن ناصر وجعله من معجزات نبينا، وختم به جدي كتابه المسمى بالمنتخب, وتكلم عليه. انتهى.

_ 1 الأعراف: "199".

165- "أدوا إلى كل ذي حق حقه"1. رواه الطبراني عن أبي مسعود بزيادة: "والولد للفراش وللعاهر الحجر, ومن تولى غير مواليه أو ادعى إلى غير مواليه؛ فعليه لعنة الله تعالى والملائكة والناس أجمعين, لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا". 166- "ادرءوا الحدود بالشبهات"2. قال في الأصل: رواه الحارثي في مسند أبي حنيفة عن ابن عباس مرفوعًا، وأخرجه ابن السمعاني عن عمر بن عبد العزيز فذكر قصة طويلة فيها قصة شيخ وجدوه سكرانًا فأقام عليه عمر الحد ثمانين، فلما فرغ قال: يا عمر, ظلمتني فإنني عبد، فاغتم عمر ثم قال: إذا رأيتم مثل هذا في سمته وهيئته وعلمه وفهمه وأدبه فاحملوه على الشبهة، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ادرءوا الحدود بالشبهات، قال شيخنا -يعني الحافظ ابن حجر-: وفي سنده من لا يعرف, انتهى. وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث مسند الفردوس: اشتهر على الألسنة والمعروف في كتب الحديث أنه من قول عمر بن الخطاب بغير لفظه، انتهى. وعزاه في الدرر إلى الترمذي بلفظ: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم, فإن وجدتم للمسلم مخرجًا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة، وأخرجه ابن أبي شيبة عن عمر بلفظ: لأن أخطئ في الحدود بالشبهات أحب إليَّ من أن أقيمها بالشبهات, وأخرجها ابن حزم في الإيصال بسند صحيح، وأخرجه مسدد عن ابن مسعود أنه قال: ادرءوا الحدود عن عباد الله عز وجل. ورواه البيهقي عن عاصم بلفظ: ادرءوا الحدود بالشبهات وادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم وقال: إنه أصح ما فيه، وأخرجه الترمذي والحاكم والبيهقي وأبو يعلى عن عائشة مرفوعًا بلفظ: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله, فإن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة، ثم قال في المقاصد: ورويناه عن علي مرفوعًا بلفظ: ادرءوا الحدود، ولا ينبغي للإمام أن يعطل الحدود، وفيه المختار بن نافع منكر الحديث، وأخرجه ابن ماجه بسند ضعيف عن أبي هريرة مرفوعًا: ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعًا.

_ 1 رواه الطبراني، وفيه من لا يعرف، كذا قال الهيثمي في "المجمع": "15/ 5". 2 رواية ابن عدي عن ابن عباس في ضعيف الجامع رقم "258".

وقال النجم: ورواه ابن عدي في جزء له من مصر والجزيرة عن ابن عباس بزيادة: وأقيلوا الكرام عثراتهم إلا في حد من حدود الله تعالى، ثم قال: وقال عمر بن الخطاب: لأن أخطئ في الحدود بالشبهات أحب إلي أن أقيمها بالشبهات, انتهى. 167- "ادفع الشك باليقين". قال في الأصل: ليس بحديث وهو من قواعد الفقهاء الجارية على ألسنتهم، لكن يشهد له الحديث الصحيح: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، ورواه أبو نعيم عن الثوري بزيادة: عليك بالزهد يبصرك الله عورات الدنيا, وعليك بالورع يخفف حسابك, ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك, وادفع الشك باليقين يسلم لك دينك انتهى. والمشهور على الألسنة: ارفع الشك باليقين -بالراء-. 168- "ادفع بالتي هي أحسن". هكذا اشتهر على الألسنة ولا أدري حاله, والظاهر أنه اقتباس من قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ,} 1. 169- "ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين؛ فإن الميت يتأذى بجار السوء كما يتأذى الحي بجار السوء"2. وفي رواية قيل: يا رسول الله, وهل ينفع الجار الصالح في الآخرة؟ قال: "هل ينفع في الدنيا؟ " قالوا: نعم قال: "كذلك ينفع في الآخرة"، ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال في المقاصد: رواه أبو نعيم والخليلي من حديث سليمان بن عيسى عن أبي هريرة مرفوعًا، وسليمان متروك، بل اتهم بالوضع، ولكن لم يزل عمل السلف والخلف على هذا, انتهى. ومما يشهد له ما أخرجه ابن عساكر عن علي, أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ندفن موتانا وسط قوم صالحين؛ فإن الموتى يتأذون بالجار السوء كما يتأذى به الأحياء، قال: وأما ما روي من أن الأرض المقدسة لا تقدس أحدًا، إنما يقدس المرء عمله فلا ينافيه، واعترض المناوي الشاهد بأنه كحال الأصل.

_ 1 فصلت: 34. 2 موضوع: رقم "263".

170- "أَدِّ الأمانةَ إلى من ائتمنك, ولا تَخُنْ من خانك" 1. رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة, وقال الترمذي: حسن غريب، وأخرجه الدارمي في مسنده والدارقطني والحاكم وقال على شرط مسلم، ورواه الطبراني عن جماعة من الصحابة برجال ثقات، لكن قد أعل ابن القطان والبيهقي حديث أبي هريرة، وقال أبو حاتم: منكر، وقال الشافعي: ليس بثابت، وقال أحمد: باطل لا أعرفه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من وجه صحيح، وقال ابن ماجه: له طرق ستة كلها ضعيفة، وقال في الأصل: لكن بانضمامها يقوى الحديث، وقال النجم في معناه ما أخرجه العسكري عن ابن عباس أن عيسى -عليه السلام- قام في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل, لا تظلموا ظالمًا، ولا تكافئوا ظالمًا فيبطل فضلكم عند ربكم انتهى. ومثله في المقاصد، لكن عزاه لمحمد بن كعب عن ابن عباس رفعه، ثم قال: وعن قتادة في قوله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} 2 قال: هذا فيما يكون بين الناس من القصاص، فأما لو ظلمك رجل لم يحل لك أن تظلمه أخرجه العسكري، وقال: هذا مذهب الحسن, وخالفه الشافعي فحمل النهي على ما إذا أخذ زائدًا على حقه، ومن هذه مسألة الظفر, انتهى ملخصًا. 171- "أد ما افترض الله عليك تكن من أعبد الناس، واجتنب ما حرم الله عليك تكن من أورع الناس، وارضَ بما قسم الله لك تكن من أغنى الناس"3. رواه ابن عدي عن ابن مسعود، قال الدارقطني: رفعه وهم، والصواب وقفه. 172- "أدمان في إناء: لا آكله ولا أحرمه"4. رواه الطبراني والحاكم عن أنس، وقال الحاكم: صحيح، لكن رده الذهبي بأنه منكر واهٍ, وأشار البخاري إلى تضعيفه، فزعم صحته خطأ، وسببه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أُتِيَ بقعب فيه لبن وعسل فذكره.

_ 1 صحيح: رقم "240". 2 الشورى: "41". 3 ضعيف: رقم "253". 4 ضعيف: رقم "264".

173- "أدوا حق المجالس: اذكروا الله كثيرًا، وأرشدوا السبيل، وغضوا الأبصار". وسببه كما قال: راويه سهل بن حنيف أن أهل العالية قالوا: يا رسول الله لا بد لنا من مجالس فذكره، وفي سنده أبو بكر بن عبد الرحمن تابعي لا يعرف حاله، وبقية رجاله ثقات، ورمز بعضهم لحسنه. 174- "أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن؛ فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبياء الله وأصفيائه". رواه أبو النصر عبد الكريم بن محمد الشيرازي في فوائده, وابن النجار في تاريخه عن علي -رضي الله عنه- رفعه، قال المناوي: ضعيف.

الهمزة مع الذال المعجمة

الهمزة مع الذال المعجمة: 175- "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة". رواه مسلم والأربعة عن أبي هريرة. 176- "أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة، ولا تناموا عليه تغفل قلوبكم"1. رواه الطبراني في الأوسط وابن السني. 177- "إذا آخى الرجلُ الرجلَ، فليسأل عن اسمه واسم أبيه وممن هو؛ فإنه أوصل للمودة"2. قال في المقاصد: رواه الترمذي عن يزيد بن نعامة السهمي موقوفًا، وقال: إنه غريب ولا نعرف ليزيد سماعًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وجزم أبو حاتم بأنه لا صحبة له ولم يسلم للبخاري إثباتها، وقال ابن حبان: له صحبة، وقال البغوي: اختلف

_ 1 موضوع: رقم "842" وفيه: فتقسو قلوبكم. 2 ضعيف: رقم "269".

فيها، وقال الترمذي: يروى عن ابن عمر نحوه مرفوعًا ولا يصح إسناده، ولفظه: "إذا آخيت رجلًا فاسأله عن اسمه واسم أبيه فإن كان غائبًا حفظته وإن كان مريضًا عدته وإن مات شهدته"، وسببه أن ابن عمر قال: رآني النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا ألتفت فقال: "ما لك تلتفت؟ " قلت: آخيت رجلًا، فذكره. أخرجه البيهقي في الشعب عنه، وقال: تفرد به مسلمة بن علي وليس بالقوي، وقال النجم: رواه الخرائطي عن ابن عمر بلفظ: "إذا آخيت أحدًا فسله عن اسمه واسم أبيه ومنزله وعشيرته، فإن كان مريضًا عدته وإن كان مشغولًا أعنته"، ورواه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس رفعه بلفظ: ثلاثة من الجفاء، وذكر منها: عدم معرفة المرء اسم من يؤاخيه. 178- "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر؛ عوضته عنهما الجنة". رواه البخاري في صحيحه عن أنس، وسببه ما أخرجه البيهقي عن أنس أيضًا بلفظ قال: مر بنا ابن أم مكتوم فسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أحدثكم بما حدثني جبريل؟ إن الله يقول: حق علي من أخذت كريمتيه أن ليس له جزاء إلا الجنة"، ورواه البيهقي عن أنس أيضًا بلفظ: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حدثني جبريل عن رب العالمين أنه قال: جزاء من أخذت كريمتيه الخلود في داري والنظر إلى وجهي"، والمراد بحبيبتيه عيناه, ومما يناسب المقام قول ابن عباس لما عمي في آخر عمره: إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي فؤادي وقلبي منهما نور قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل ... وفي فمي صارم كالسيف مشهور 179- "إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علمًا يقربني إلى الله تعالى, فلا بُورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم"1. رواه ابن عدي والطبراني وأبو نعيم عن عائشة بسند ضعيف. 180- "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه" 2. قال في المقاصد: رواه ابن ماجه بسند ضعيف عن ابن عمر مرفوعًا، ورواه أبو داود عن الشعبي مرسلًا بسند صحيح.

_ 1 موضوع: رقم "285". 2 حسن: رقم "269".

وروى الطبراني بسند ضعيف عن جرير البجلي قال: لما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- أتيته فقال: ما جاء بك؟ قلت: جئت لأسلم, فألقى إلي كساءه وذكره. وروى البزار بسند ضعيف أيضًا عن جرير قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فبسط لي رداءه وقال: اجلس على هذا فقلت: أكرمك الله كما أكرمتني فذكره النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورواه الحاكم عن جرير أيضًا بأبسط من هذا، ولفظه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل بعض بيوته فدخل عليه أصحابه حتى غص المجلس بأهله وامتلأ فجاء جرير البجلي فلم يجد مكانًا فقعد على الباب فنزع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رداءه, فألقاه على وجهه وجعل يقبله ويبكي ورمى به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: ما كنت لأجلس على ثوبك, أكرمك الله كما أكرمتني, فنظر النبي -صلى الله عليه وسلم- يمينًا وشمالًا فذكره، وروى الحكيم الترمذي وابن مندة والعسكري وآخرون بسند مجهول عن أبي عبد الله بن ضمرة أنه قال: بينما أنا قاعد عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جماعة من أصحابه إذ قال: سيطلع عليكم من هذه الثنية خير ذي يمن، فإذا هو بجرير بن عبد الله فذكر قصة طولها بعضهم, وفيها فقالوا: يا نبي الله, لقد رأينا منك ما لم نره لأحد قط فقال: نعم، هذا كريم قوم فإذا أتاكم كريم قوم فأكرموه، وروى العسكري بسند ضعيف عن عدي بن حاتم أنه لما دخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- ألقى إليه وسادة وجلس على الأرض فقال: أشهد أنك لا تبغي علوًّا في الأرض ولا فسادًا وأسلم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم ... الحديث، وللدولابي في الكنى عن عبد الرحمن بن عبد قال: قدمت على النبي -صلى الله عليه وسلم- في مائة راجل من قومي فذكر حديثًا فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكرمه وأجلسه وكساه رداءه ودفع إليه عصاه وأنه أسلم فقال له رجل من جلسائه: إنا نراك أكرمت هذا الرجل فقال: إن هذا شريف قومه وإذا أتاكم شريف قوم فأكرموه، وفي الباب عن جابر وابن عباس ومعاذ وأبي قتادة وأبي هريرة وأنس بن مالك وغيرهم، وبهذه الطرق يتقوى وإن كانت مفرداتها ضعيفة؛ ولذا انتقد الحافظ ابن حجر وشيخه العراقي الحكم عليه بالوضع، ويقرب من هذا ما رواه ابن عمر وأبو هريرة في حديث: وإذا كانت عندك كريمة قوم فأكرمها.

181- "إذا أثنى عليك جيرانك أنك محسن فأنت محسن, وإذا أثنى عليك جيرانك أنك مسيء فأنت مسيء" 1. وسببه ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه عن ابن مسعود أنه قال: قال رجل: يا رسول الله, متى أكون محسنًا؟ ومتى أكون مسيئًا؟ فذكره، ورواه الحاكم في المستدرك بمعناه عن أبي هريرة أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: دلني على عمل إذا أنا عملت به دخلت الجنة قال: "كن محسنًا" قال: كيف أعلم أني محسن؟ قال: " سل جيرانك، فإن قالوا: إنك محسن, فأنت محسن, وإن قالوا: إنك مسيء، فأنت مسيء" , قال الحاكم على شرط الشيخين، ورمز السيوطي لحسنه. 182- "إذا أحببتموهم فأعلموهم، وإذا أبغضتموهم فتجنبوهم". قال النجم: ليس بحديث وصدره في معنى ما بعده، وقال في المقاصد: أما الشق الأول فهو معنى الحديث الذي بعده, وكذا قوله -صلى الله عليه وسلم: "لمعاذ: إني أحبك" , وأما الشق الثاني فلا أعلمه وليس بصحيح على الإطلاق. 183- "إذا أخذ ما أوهب, أسقط ما أوجب". معناه صحيح, ولينظر هل هو حديث أم لا؟. 184- "إذا أحب الرجل أخاه, فليخبره أنه يحبه" 2. رواه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود واللفظ له والترمذي والنسائي وآخرون كلهم عن المقدام بن معد يكرب مرفوعًا, ولفظ البخاري: إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه أحبه، ولفظ الترمذي: فليعلمه إياه، وقال النسائي: فليعلمه ذلك، وصححه ابن حبان والحاكم، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، زاد بعضهم: ثم ليزره ولا يكونن أول قاطع، وفي لفظ للطبراني والبيهقي عن ابن عمر: فليخبره، فإنه يجد مثل الذي يجد له, وفي لفظ عند بعضهم عن أبي ذر: فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد أيضًا في حديث مجاهد قال: لقيني رجل من الصحابة بمنكبي من ورائي وقال: "أما إني أحبك" قلت: أحبك الذي أحببتني له وقال: لولا أن رسول الله

_ 1 صحيح: رقم "277". 2 صحيح: رقم "279".

-صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه" ما أخبرتك قال: ثم أخذ يعرض على الخطبة فقال: أما عندنا جارية إلا أنها عوراء. 185- "إذا أحب الله قومًا ابتلاهم" 1. رواه الطبراني وابن ماجه والضياء في المختارة عن أنس، ورواه أحمد عن محمود بن لبيد بزيادة: "فمن صبر فله الصبر, ومن جزع فله الجزع"، وأقول: الجاري على الألسنة: "فمن رضي فله الرضا, ومن سخط فله السخط" , ورواه أحمد والديلمي عن أبي هريرة بلفظ: "إذا أحب الله أحدًا ابتلاه ليسمع تضرعه"، ورواه الطبراني عن أبي عنبسة الخولاني بلفظ: "إذا أحب الله عبدًا ابتلاه, وإذا أحبه الحب البالغ اقتناه, لا يترك له مالًا ولا ولدًا"، وللطبراني أيضًا عن أنس: "إذا أحب الله عبدًا صب عليه البلاء صبًّا وثجه ثجًّا"، ورواه البيهقي عن سعيد بن المسيب مرسلًا: "إذا أحب الله عبدًا ألصق به البلاء"، ورواه ابن أبي الدنيا عن أبي سعيد أن رجلًا قال: يا رسول الله, ذهب مالي وسقم جسدي فقال: "لا خير في عبد لا يذهب ماله, ولا يسقم جسده، إن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه, وإذا ابتلاه صبره"، وفيه غير ذلك. 186- إذا أراد الله أن ينزل إلى السماء الدنيا نزل عن عرشه بذاته. قال القاري: محدثه دجال. 187- "إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله قبل موته, قالوا: وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح فبل موته, ثم يقبضه إليه" 2. وأوله عند أحمد: لا تعجبوا لعمل عامل حتى تنظروا بما يختم له وهو على شرط الشيخين, وأخرج أحمد والطبراني وأبو الشيخ عن أبي عيينة الخولاني مرفوعًا: "إذا أراد الله بعبد خيرًا عسله" , قيل: وما عسله؟ قال: "يفتح له عملًا صالحًا بين يدي موته". وروى العسكري عن أنس مرفوعًا: "لا يضركم أن لا تعجبوا من أحد حتى تنظروا بما يختم له"، وروى عن معاوية عن قرة أنه قال: بلغني أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- كان يقول: اللهم اجعل خير عمري آخره, وخير عملي خواتمه, وخير أيامي يوم ألقاك، بل هو من دعائه -صلى الله عليه وسلم-كما للطبراني عن أنس.

_ 1 صحيح: رقم "285". 2 صحيح: رقم "305".

188- "إذا أراد الله بقوم خيرًا, أمطروا ليلهم وأصحى نهارهم". كذا في رموز الكنوز للدميري من غير عزو. 189- "إذا أراد الله بعبد خيرًا, صير حوائج الناس إليه"1. رواه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس. 190- "إذا أراد الله بعبد خيرًا, جعل له واعظًا من نفسه يأمره وينهاه"2. رواه الديلمي في مسند الفردوس عن أم سلمة، وفي رواية: من قِبَله بدل: من نفسه. 191- "إذا أراد الله بعبد خيرًا, فقهه في الدين, وزهده في الدنيا, وبصره عيوبه"3. رواه البيهقي عن أنس, ورواه البزار عن ابن مسعود بلفظ: إذا أراد الله بعبد خيرًا, فقهه في الدين وألهمه رشده. 192- "إذا أردت أن تذكر عيوب غيرك, فاذكر عيوب نفسك"4. رواه الرافعي في تاريخ قزوين عن ابن عباس. 193- إذا أردت أن أخرب الدنيا, بدأت ببيتي فخربته, ثم أخرب الدنيا. رواه في الإحياء, قال العراقي: في تخريجه لا أصل له. 194- "إذا أراد الله قبض روح عبد بأرض, جعل له فيها حاجة" 5. قال في الدرر: رواه الترمذي عن مطر بن عكاش، والطيالسي عن أبي غرة الهذلي، ورواه عنه أحمد والطبراني وأبو نعيم بلفظ: إذا أراد الله تعالى قبض عبد بأرض, جعل له بها حاجة.

_ 1 موضوع: رقم "430". 2 ضعيف: رقم "429". 3 ضعيف: رقم "434". 4 ضعيف: رقم "448". 5 صحيح: رقم "311".

195- "إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره, سلب ذوي العقول عقولهم, حتى ينفذ فيهم قضاؤه وقدره"1. رواه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس وعلي -رضي الله عنهما- بزيادة: "فإذا أمضى أمره رد عقولهم ووقعت الندامة"، وقال في الدرر: رواه الديلمي والخطيب عن ابن عباس بسند ضعيف، وقال في المقاصد: رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ومن طريقه الديلمي في مسنده عن ابن عباس مرفوعًا، وكذا الخطيب وغيره بسند فيه لاحق بن حسين كذاب وضاع بلفظ: "إن الله إذا أحب إنفاذ أمر سلب ذوي العقول عقولهم"، وروى البيهقي من قول ابن عباس بلفظ: "إن القدر إذا جاء حال دون البصر"، قاله جوابًا عن قول نافع بن الأزرق في معناه: أرأيت الهدهد كيف يجيء فينقر الأرض فيصيب موقع الماء, ويجيء إلى الفخ وهو لا يبصره حتى يقع في عنقه؟ ورواه أبو عبد الرحمن السلمي في سنن الصوفية عن جعفر عن جده بلفظ: "إن الله إذا أراد إمضاء أمره نزع عقول الرجال حتى يمضي أمره, فإذا أمضاه رد إليهم عقولهم ووقعت الندامة"، ورواه ابن أبي شيبة والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس أنه قيل له: "كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير؟ " قال: "إن سليمان نزل منزلًا فلم يدر ما بعد الماء وكان الهدهد يدل سليمان على الماء, فأراد أن يسأله عنه فتفقده" قيل: "كيف ذاك والهدهد ينصب له الفخ ويلقى عليه التراب ويضع له الصبي الحبالة فيغيبها فيصيده"، فقال: "إذا جاء القضاء ذهب البصر"، ورواه الترمذي بلفظ: "إذا جاء القدر عمي البصر", "وإذا جاء الحين غطى العين"، رواه الحاكم عن ابن عباس بلفظ: "إذا نزل القضاء عمي البصر"، ورواه الخطيب بلفظ: "إن الله إذا أراد إنفاذ أمر", وفي لفظ له أيضًا: "إن الله إذا أحب إنفاذ أمر سلب كل ذي لب لبه", ورواه الديلمي عن ابن عمر وعلي -رضي الله عنهم- بلفظ الترجمة, وزاد: "فإذا قضى أمره رد عليهم عقولهم وبعث الندامة"، وأنشد غلام ثعلب لنفسه: إذا أراد الله أمرًا بامرئ ... وكان ذا رأي وعقل وبصر وحيلة يعملها في كل ما ... يأتي به محتوم أسباب القدر أغواه بالجهل وأعمى عينه ... فسله عن عقله سل الشعر حتى إذا أنفذ فيه حكمه ... رد عليه عقله ليعتبر

_ 1 ضعيف: رقم "421".

وروى سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم عن يوسف بن ماهك أن ابن عباس ذكر يومًا الهدهد فقال: يعرف بعد مسافة الماء في الأرض، فقال نافع بن الأزرق: قف قف يا ابن عباس, كيف تزعم أن الهدهد يرى الماء من تحت الأرض, وهو ينصب له الفخ فيذر عليه التراب فيصاد؟! فقال ابن عباس: لولا أن يذهب هذا فيقول كذا وكذا, لم أقل له شيئًا, إن البصر ينفع ما لم يأت القدر، فإذا جاء القدر حال دون البصر، فقال ابن الأزرق: لا أجادلك بعدها في شيء، والمشهور على الألسنة: إذا جاء القضاء, عمي البصر. 196- "إذا أراد الله بقوم خيرًا أهدى إليهم هدية"، قالوا: يا رسول الله, وما تلك الهدية؟ قال: "الضيف ينزل برزقه ويرتحل, وقد غفر الله لأهل المنزل"1. أخرجه الديلمي عن أبي ذر رفعه بلفظ: "الضيف يأتي برزقه ويرتحل بذنوب القوم, يمحص عنهم ذنوبهم"، ورواه أيضًا عن أبي الدرداء مرفوعًا، لكن بلفظ: أهل البيت بدل: القوم، وفي رواية: "يرتحل وقد غفر لأهل المنزل"، وللديلمي أيضًا عن ابن عباس رفعه: "أكرموا الضيف وأقروا الضيف؛ فإنه أول ما يقوم برزقه جبريل مع رزق أهل البيت"، وللدارقطني عن عائشة مرفوعًا: "إذا نزل الضيف بقوم نزل برزقه" لكنه قال: غريب، ورواه الديلمي عن أنس بلفظ: "إذا دخل الضيف على قوم دخل برزقه, وإذا خرج خرج بمغفرة ذنوبهم". 197- "إذا استقر أهل الجنة في الجنة, اشتاق الإخوان إلى الإخوان، فيسير سرير هذا إلى سرير هذا, فيلتقيان فيتحادثان ما كان بينهما في دار الدنيا، فيقول: يا أخي, تذكر يوم كذا في مجلس كذا فدعونا الله فغفر لنا"2. رواه البزار بسنده عن أنس وقال: لا نعلمه يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بهذا السند تفرد به أنس، قال الزين العراقي: وفيه الربيع بن صبيح ضعيف جدًّا، ورواه الأصفهاني في الترغيب والترهيب مرسلًا انتهى، وفي الغنية لسيدي عبد القادر

_ 1 ضعيف: رقم "440". 2 ضعيف: رقم "458".

الكيلاني -نفعنا الله ببركاته- ما نصه: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: يشتاق الرجل إلى أخ له, كان يحبه لله -عز وجل- في الدنيا فيقول: يا ليت شعري ما فعل أخي فلان -شفقة عليه- أن يكون قد هلك, فيطلع الله -عز وجل- على ما في قلبه، فيوحي إلى الملائكة أن سيروا بعبدي هذا إلى أخيه، فتأتيه الملائكة بنجيبة عليها رحلها من مياثر النور، قال: فتسلم عليه فيرد عليهم السلام ويقولون له: قم فاركب فانطلق إلى أخيك قال: فيركب عليها فتسير في الجنة مسيرة ألف عام أسرع من أحدكم إذا ركب نجيبة فسار عليها فرسخين، قال: فلا يكون شيء حتى يبلغ منزل أخيه فيسلم عليه فيرد عليه السلام ويرحب به، قال: فيقول: أين كنت يا أخي؟ لقد كنت أشفقت عليك, قال: فيعتنق كل واحد منهما صاحبه، ثم يقولان: الحمد لله الذي جمع بيننا فيحمدان الله -عز وجل- بأحسن أصوات سمعها أحد من الناس قال: فيقول الله -عز وجل- لهما عند ذلك: يا عبادي ليس هذا حين عمل, ولكن هذا حين تحية ومسألة, فاسألا أعطكما ما شئتما, فيقولان: يا رب, اجمع بيننا في هذه الدرجة، قال: فيجعل الله تلك الدرجة مجلسهما في خيمة مجوفة بالدر والياقوت, ولأزواجهما منزل سوى ذلك، قال: فيأكلون ويشربون ويتنعمون, انتهى بحروفه. 198- "إذا أسأت فأحسن" 1. رواه الحاكم والبيهقي عن ابن عمر. 199- "إذا استشاط السلطان تسلط الشيطان"2. رواه أحمد والطبراني عن عطية السعدي. 200- "إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا، وإذا سمعتم برجل زال عن خلقه فلا تصدقوا, فإنه يصير إلى ما جبل عليه"3. رواه الإمام أحمد عن أبي الدرداء.

_ 1 حسن: رقم "417". 2 ضعيف: رقم "455". 3 ضعيف: رقم "655".

201- "إذا أصبحت آمنًا في سربك, معافًى في بدنك, عندك قوت يومك, فعلى الدنيا العفاء"1. رواه البيهقي عن أبي هريرة, وتقدم في حديث ابن عمر في ابن آدم، وأخرجه عبد الله بن أحمد عن شميط من قوله، وزاد: وعلى كل من يحزن عليها. 202- "إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي؛ فإنها من أعظم المصائب" 2. رواه ابن عدي بسند ضعيف والبيهقي عن ابن عباس, والطبراني عن سابط الجمحي. 203- "إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من حياتك لموتك, ومن صحتك لسقمك". رواه البخاري عن ابن عمر موقوفًا، ورفعه ابن حبان قاله النجم، وأقول: الذي في الأربعين النووية من رواية البخاري عن ابن عمر: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح, وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء, وخذ من صحتك لمرضك, ومن حياتك لموتك". قال ابن حجر المكي: وقد ورد في معنى هذه الوصية منه -صلى الله عليه وسلم- من عدة طرق، منها خبر الحاكم أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل وهو يعظه: "اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك". 204- "إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا، فقد أفطر الصائم". عزاه الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث مسند الفردوس إلى الشيخين عن عمر بن الخطاب، وأقول: الذي رأيته في صحيح البخاري في كتاب الصيام عن عمر بزيادة: "وغربت الشمس قبل فأفطر الصائم"، ومنه عن عبيد الله بن أبي أوفى بلفظ: "إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا فقد أفطر" , وفي لفظ عنه: "إذا رأيت الليل قد أقبل من ههنا, فقد أفطر الصائم"، انتهى. والخطاب فيه بالإفراد لبلال فاعرفه.

_ 1 ضعيف جدًّا: "479". 2 صحيح: رقم "347".

205- "إذا أكلتم فأفضلوا"1. قال في التمييز: ترجمه شيخنا ولم يتكلم عليه، قلت: وما في صحيح البخاري من شربه -صلى الله عليه وسلم- الفضلة من اللبن في حديث أبي هريرة، وكذا حديث القصعة الذي في الصحيح يؤيده, انتهى. وفي التأييد مما ذكر خفاء, إذ لا يلزم من وجود فضلة اللبن طلب إبقائها، ثم رأيت القاري قال: لكن يوافقه حديث: لا خير في طعام ولا شراب ليس له سؤر، وحديث: إذا شربتم أسئروا, ذكرهما عياض وابن الأثير؛ الثاني: فالجمع بأنه يجوز استئصاله والأفضل إبقاؤه شيئًا، لكن قدرًا ينتفع به غيره، وإلا فالأفضل إنقاؤه كما يقال: بقوا ونقوا، قال النجم: لم أجده حديثًا، بل في الحديث ما يعارضه كحديث مسلم عن جابر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بلعق الأصابع والصفحة وقال: إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة، اللهم إلا أن يحمل على ما لو كان له خادم ونحوه, فلا بأس أن يفضل له إن لم يكن قد أطعمه منه, انتهى, وأقول: لو قال: فينبغي أن يفضل له ... إلخ؛ لكان أولى من قوله: فلا بأس ... إلخ فتأمل. وفي طبقات الحنابلة لابن رجب في ترجمة الوزير ابن هبيرة ما نصه قوله عليه السلام: إذا شربتم فأسئروا قال هذا في الشرب خاصة, وأما في الأكل فمن السنة لعق القصعة والأصابع، وإنما خص الشرب بذلك؛ لأن التراب والأقذار ترسخ في أسفل الإناء، فاشتفاف ذلك يوجب شرب ما يؤذي، انتهى فتدبر. 206- "إذا التقى المسلمان بسيفيهما, فالقاتل والمقتول في النار"، وفي لفظ: "فقتل أحدهما صاحبه, فالقاتل والمقتول في النار"، قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه". رواه الشيخان وأحمد وأبو داود والنسائي عن أبي بكرة، وابن ماجه عن أبي موسى الأشعري.

_ 1 لا يصح.

207- "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل" 1. رواه أحمد والترمذي والنسائي عن عائشة، وفي رواية: "إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل"، ورواه الطبراني عن أبي أمامة ورافع بن خديج، وذكره الحنفية في كتبهم بزيادة، من ذلك قول الأكمل في العناية شرح الهداية: ولنا قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى الختانان, وتوارت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل" انتهى، وعزاه في الجامع الكبير للعقيلي عن ابن عمر بلفظ: "إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل "، وعزاه فيه للطبراني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: "إذا التقى الختانان وغابت الحشفة, فقد وجب الغسل, أنزل أو لم ينزل " , انتهى. 208- "إذا أمَّ أحدكم الناس فليخفف". رواه الشيخان وأحمد وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة بزيادة: "فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة, وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء"، وسيأتي في الميم بلفظ: "من أم فليخفف ... " الحديث. 209- "إذا انتصف شعبان, فلا صوم حتى رمضان" 2. وفي لفظ: "فلا تصوموا حتى يكون رمضان " , قال السخاوي: رواه أحمد والأربعة والدارمي وصححه ابن حبان وأبو عوانة والدينوري في المجالسة عن أبي هريرة مرفوعًا، وله شاهد عند الطبراني والبيهقي والدارقطني عن عبد الرحمن والد العلاء. 210- "إذا بلغ الماء قلتين؛ لم يحمل الخبث " 3. رواه أحمد والأربعة والدارقطني والبيهقي وابن حبان عن ابن عمر، لكن لفظ ابن ماجه: "إذا بلغ الماء قلتين؛ لم ينجسه شيء"، ورواه الدارقطني عن أبي هريرة: "إذا بلغ الماء قلتين فما فوق ذلك؛ لم ينجسه شيء".

_ 1 صحيح: رقم "385". 2 صحيح: رقم "397". 3 صحيح: رقم "416".

211- "إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا". قال السخاوي: يأتي فيمن أتى من هذه القاذورات شيئًا فينبغي للعبد أن يتوب منها، ولا يظهرها للناس حيث سترها الله عليه، وهذا الحديث رواه البيهقي والحاكم عن ابن عمر وقال: إنه على شرطهما بلفظ: "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم منها بشيء فليستتر بستر الله وليَتُبْ إلى الله؛ فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله", قاله -صلى الله عليه وسلم- بعد رجم ماعز -رضي الله عنه. 212- "إذا بُويع لخليفتين, فاقتلوا الآخر منهما". رواه مسلم وأحمد عن أبي سعيد الخدري عن علي والعباس معًا، قال الدميري في شرح منهاج النووي: ولا يجوز نصب إمامين في وقت واحد, وإن تباعد الإقليمان بهما. وحكى أبو القاسم الأنصاري في الغنية عن الأستاذ أبي إسحاق أنه يجوز نصبهما في إقليمين؛ لأنه قد يحتاج إلى ذلك وهو اختيار الإمام، وإذا عقدت البيعة لاثنين معًا فالبيعتان باطلتان، وإن ترتبتا بطلت الثانية؛ لما روى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا بويع للخليفتين فاقتلوا الآخر منهما" -بالتاء المثناة من فوق من القتل- ومعناه: أبطلوا دعوته واجعلوه كمن مات، وروي بالياء المثناة من تحت أي: لا تطيعوه. 213- "إذا تحيرتم في الأمور, فاستعينوا من أصحاب القبور"1. كذا في الأربعين لابن كمال باشا. 214- "إذا تزوج فقد استكمل نصف الدين, فليتق الله في النصف الباقي" 2. رواه البيهقي عن أنس, وسيأتي بلفظ: "من تزوج فقد استكمل ... " الحديث. 215- "إذا تأنيت أصبت أو كدت تصيب، وإذا استعجلت أخطأت أو كدت تخطئ"3. رواه البيهقي عن ابن عباس.

_ 1 منكر، قبح الله من وضعه. 2 حسن: رقم "430". 3 ضعيف: رقم "521".

216- "إذا جئت يا معاذ أرض الحصيب -يعني من اليمن- فهرول؛ فإن بها الحور العين". قال السخاوي: لا أعرفه انتهى. وفي القاموس في باب الحاء المهملة: والحصيب كزبير: بلد باليمن، فاقت نساؤه حسنًا ومنه: إذا أدخلت أرض الحصيب فهرول، ونقل القاري عن المنوفي أنه قال: بل الحكم عليه بالوضع ظاهر. 217- "إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه, وما لا فلا تتبعه نفسك". رواه البخاري عن عمر -رضي الله عنه. 218- "إذا جلس المتعلم بين يدي العالم فتح الله عليه سبعين بابًا من الرحمة، ولا يقوم من عنده إلا كيوم ولدته أمه, وأعطاه الله بكل حرف ثواب سبعين شهيدًا، وكتب الله له بكل حرف عبادة سنة". قال القاري نقلًا عن الزيلي: إنه موضوع. 219- "إذا حج رجل بمال من غير حله، فقال: لبيك اللهم لبيك, قال الله عز وجل: لا لبيك ولا سعديك, هذا مردود عليك"1. قال في المقاصد: رواه الديلمي وابن عدي عن حديث دجين عن عمر مرفوعًا، ودجين ضعيف، وله شاهد عند البزار بسند ضعيف أيضًا عن أبي هريرة مرفوعًا: "من أَمَّ هذا البيت من الكسب الحرام شخص في غير طاعة الله، فإذا أهل ووضع رجله في الغرز أو الركاب, وانبعثت به راحلته, وقال: لبيك اللهم لبيك, نادى منادٍ من السماء: لا لبيك ولا سعديك, كسبك حرام وراحلتك حرام وزادك حرام، فارجع مأزورًا غير مأجور وأبشر بما يسوءك ... " الحديث، وهو عند الخلعي من هذا الوجه بلفظ: "من تيمم بكسب حرام حاجًّا كان في غير طاعة الله, حتى إذا وضع رجله في الغرز وبعث راحلته

_ 1 ضعيف: رقم "559".

وقال: لبيك اللهم لبيك, ينادي منادٍ من السماء: لا لبيك ولا سعديك, كسبك حرام وثيابك حرام وراحلتك حرام وزادك حرام، فارجع مذمومًا غير مأجور, وأبشر بما يسوءك ... " الحديث، والمشهور على الألسنة: "حجك مردود عليك" بدل هذا. 220- "إذا حدثتم عني بحديث يوافق الحق فصدقوه وخذوا به, حدثت به أو لم أحدث". قال السخاوي: رواه الدارقطني في الأفراد والعقيلي في الضعفاء وأبو جعفر بن البحتري في فوائده عن أبي هريرة مرفوعًا، والحديث منكر جدًّا، وقال العقيلي: ليس له إسناد يصح، ومن طرقه ما عند الطبراني عن ابن عمر مرفوعًا: سئلت اليهود عن موسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وسئلت النصارى عن عيسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا, وإنه ستفشو عني أحاديث, فما أتاكم من حديثي فاقرءوا كتاب الله واعتبروا، فما وافق كتاب الله فأنا قلته، وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله، قال: وقد سئل شيخنا -يعني الحافظ ابن حجر- عن هذا الحديث فقال: إنه جاء من طرق لا تخلو عن مقال، وقد جمع طرقه البيهقي في كتاب المدخل انتهى، وقال الصغاني: إذا رويتم, ويروى: إذا حدثتم عني حديثًا فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق فاقبلوه، وإن خالف فردوه، قال: هو موضوع, انتهى. 221- "إذا حدث الرجل بالحديث -وفي رواية: بحديث- ثم التفت فهي أمانة" 1. قال السخاوي: رواه أحمد وأبو داود والترمذي والعسكري وابن أبي الدنيا وأبو يعلى وأبو الشيخ عن جابر بن عبد الله مرفوعًا، وألفاظهم متقاربة، وحسنه الترمذي، وكأنه لشواهده، منها ما رواه العقيلي والخطيب عن علي رفعه: المجالس بالأمانة، ومنها ما رواه ابن أبي الدنيا عن ابن شهاب مرسلًا بلفظ: الحديث بينكم أمانة، ونقل النجم أن أبا داود رواه عن جابر بلفظ: المجالس بالأمانة إلا ثلاثة: مجالس سفك دم حرام، أو اقتطاع مال بغير حق، أو فرج حرام، ومنها وهو في اللآلئ أيضًا بهذا اللفظ, لكن بنقص، أو فرج حرام.

_ 1 حسن: رقم "486".

222- "إذا ذكر الصالحون فحيهل بعمر". ذكره القاضي عياض في الإكمال من قول ابن مسعود، وكذا القرطبي وابن الأثير، وظاهر كلام العراقي في الذخيرة في الأذان أنه حديث، ولعله أراد به أنه حديث، ولعله أراد به موقوفًا كذا في الموضوعات الكبرى للقاري. 223- "إذا حدثت أن جبلًا زال عن مكانه فصدق, وإذا حدثت أن رجلًا زال عن خلقه فلا تصدق"1. رواه أحمد بسند صحيح عن أبي الدرداء، وتقدم آنفًا بلفظ: إذا سمعتم. 224- "إذا حضر الماء بطل التيمم". لا أعلمه حديثًا, وإن كان معناه صحيحًا في الجملة. 225- "إذا حضر العشاء والعشاء، فابدءوا بالعشاء". قال في المقاصد: قال العراقي في شرح الترمذي: لا أصل له بهذا اللفظ، وقال تلميذه شيخنا -يعني ابن حجر- في شرح البخاري: لكن رأيت بخط الحافظ قطب الدين يعني الحلبي أن ابن أبي شيبة رواه عن أم سلمة مرفوعًا: "إذا حضر العشاء وحضرت العشاء فابدءوا بالعشاء"، فإن كان ضبطه فذاك، وإلا فقد رواه أحمد بلفظ: وحضرت الصلاة، قال: ثم راجعت مصنف ابن أبي شيبة فرأيت الحديث فيه كما أخرجه أحمد، وأصل الحديث في المتفق عليه بلفظ: "إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء"، ولما ذكره الصغاني في مشارقه حكى أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في منامه وسأله عن صحته وقال: نعم هو صحيح، ورواه أحمد وأبو داود عن ابن عمر بلفظ: "إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه"، وقال في الدرر: وهم من عزاه لمصنف ابن أبي شيبة انتهى، وأقول: كون الحكم عامًّا في سائر الصلوات وليس خاصًّا بالعشاء، يرجح رواية أحمد ومن وافقه ومنهم الشيخان.

_ 1 ضعيف: رقم "655".

226- إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين. كلام يجري على ألسنة الناس وليس بحديث، قال النجم: لكن معناه في الحديث، فقد روى البغوي في شرح السنة بسند صحيح عن أبي هريرة: أن رجلًا سب أبا بكر عند النبي -صلى الله عليه وسلم- والنبي جالس لا يقول شيئًا, فلما سكت ذهب أبو بكر يتكلم، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- واتبعه أبو بكر، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يسبني وأنت جالس، فلما ذهبت أتكلم قمت، قال: إن الملك كان يرد عنك، فلما تكلمت ذهب الملك، ووقع الشيطان فكرهت أن أجلس، وأخرجه البيهقي في الشعب عنه بلفظ: فقال أبو بكر: أوجدت علي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزل ملك من السماء ليكذبه بما قال, فلما انصرف وقع الشيطان فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان قال: ففيه إشارة إلى أن الملك والشيطان لا يجتمعان، وذهاب الملك في قصة أبي بكر ليس لحضور الشيطان؛ بل لما انتصر أبو بكر لنفسه، ارتفع عن المجلس الملك الذي نزل للرد عنه، فلما ذهب الملك وقع الشيطان. 227- إذا دخل الضيف على قوم دخل برزقه، وإذا خرج خرج بمغفرة ذنوبهم1. قال السخاوي: رواه الديلمي بسند ضعيف عن أنس مرفوعًا، وله شاهد عند أبي الشيخ عن أبي قرصافة. 228- إذا دخلتم بلدة وبيئة فخفتم وباءها, فعليكم ببصلها. لم أره إلا في رسالة مجهولة الاسم والمؤلف، وذكره فيها مرفوعًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- من غير عزو، وقال فيها أيضًا: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وشكا إليه قلة الولد، فأمره بأكل البصل، وذكر فيها أيضًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أحضروا موائدكم البقل، فإنه مطردة للشيطان مع التسمية، وعليه كسابقه إمارة الوضع فليراجع. 229- "إذا دبغ الإهاب فقد طهر". رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس، وكذا رواه الشافعي وأبو داود عنه، وكذا رواه عبد الرزاق عن عطاء مرسلًا بلفظ: إذا دبغ جلد الميتة فجسته، قال: فلينتفع به.

_ 1 ضعيف: رقم "585".

230- إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة, وغلقت أبواب النيران, وصفدت الشياطين. رواه الشيخان عن أبي هريرة، وله طرق وألفاظ أخر ذكرناها في تحفة أهل الإيمان، منها ما رواه ابن ماجه والحاكم والبيهقي وابن حبان عن أبي هريرة: إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن, وغلقت أبواب النيران فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب, وينادي منادٍ كل ليلة: يا باغي الخير أقبل, ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة. 231- "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلتجبه، وإن كانت على ظهر قتب" 1. رواه البزار عن زيد بن أرقم, ورواه الترمذي والبيهقي عن طلق بن علي بلفظ: إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته, وإن كانت على التنور. 232- إذا ذلت العرب ذل الإسلام2. رواه أبو يعلى عن جابر. 233- إذا رأيت القارئ يلوذ بالسلطان فاعلم أنه لص، وإذا رأيته يلوذ بالأغنياء فاعلم أنه مراء، وإياك أن تخدع، ويقال ترد مظلمة وتدفع عن مظلوم، فإن هذه خدعة إبليس اتخذها القراء سلمًا. قال القاري: هو من قول الثوري، وكذا من قوله: إني لألقى الرجل أبغضه فيقول لي: كيف أصبحت فيلين له قلبي، فكيف بمن أكل ثريدهم ووطئ بساطهم، ومن ثم ورد اللهم لا تجعل لفاجر عندي نعمة يرعاه قلبي، وقيل: ما أقبح أن يطلب العالم فيقال: هو بباب الأمير. 234- إذا رأيتم الحريق فكبروا؛ فإنه يطفئه3. وفي لفظ: فإن التكبير يطفئه، قال السخاوي: رواه الطبراني عن عمرو بن شعيب، ورواه البيهقي بلفظ: استعينوا على إطفاء الحريق بالتكبير، ورواه الطبراني أيضًا عن

_ 1 صحيح: رقم "533". 2 موضوع: رقم "594". 3 ضعيف: رقم "603".

أبي هريرة رفعه بلفظ: أطفئوا الحريق بالتكبير، ويشهد له ما رواه ابن السني عن أنس وجابر مرفوعًا: إذا وقعت كبيرة أو هاجت ريح عظيمة فعليكم بالتكبير، فإنه يجلي العجاج الأسود. 235- إذا رأيتم الرجل يتعاهد - وفي لفظ يعتاد- المساجد, فاشهدوا له بالإيمان, فإن الله يقول: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّه} الآية1. قال السخاوي: رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والدارمي وابن منيع وابن مردويه عن أبي سعيد مرفوعًا، وقال الترمذي: حسن غريب، وصححه ابنا خزيمة وحبان والحاكم، وفي لفظ له: إذا رأيتم الرجل يلزم المسجد, فلا تحرجوا أن تشهدوا له أنه مؤمن. 236- إذا رأيتم الرجل أصفر الوجه من غير مرض ولا علة, فذلك من غش للإسلام في قلبه2. رواه ابن السني وأبو نعيم في الطب عن أنس. 237- "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب" 3. رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن المقداد بن الأسود، والطبراني وابن حبان عن ابن عمر, والحاكم في الكنى عن أنس. 238- إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عمر، بزيادة: ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله, وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة.

_ 1 ضعيف: رقم "608". 2 ضعيف: رقم "606". 3 صحيح: رقم "569".

239- إذا سميتم محمدًا فلا تضربوه ولا تحرموه1. رواه البزار عن أبي رافع، ورواه الخطيب عن علي بلفظ: إذا سميتم الولد محمدًا فأكرموه وأوسعوا له في المجالس, ولا تقبحوا له وجهًا. 240- إذا شهر المسلم على أخيه سلاحًا, فلا تزال ملائكة الله تعالى تلعنه حتى يشيمه عنه2. رواه البزار عن أبي بكرة. 241- إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فآتوها، فإن فيها خليفة الله المهدي3. رواه أحمد والحاكم عن ثوبان. 242- "إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم" 4. رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي الدرداء، ووقفه ابن المبارك في الزهد وابن أبي الدنيا في المصاحف على أبي الدرداء. 243- "إذا زنى العبد خرج منه الإيمان, كان على رأسه كالظلة، فإذا أقلع رجع إليه" 5. رواه أبو داود والحاكم عن أبي هريرة، ويشهد له ما في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ... الحديث. 244- إذا سميتم فعبدوا6. قال السخاوي: رواه الديلمي عن معاذ مرفوعًا، ورواه الحاكم في الكنى بإسناد معضل، ورواه الطبراني بسند ضعيف عن ابن مسعود رفعه بلفظ: أحب الأسماء إلى الله

_ 1 ضعيف: رقم "660". 2 رواه البزار، وفيه سويد بن إبراهيم ضعفه النسائي، ووثقه أبو زرعة وهو لين، كما في المجمع "291/ 7"، ويشيمه: يغمده، وهي من الأضداد. 3 ضعيف: رقم "605". 4 حسن: رقم "585". 5 صحيح: رقم "586". 6 ضعيف جدًّا: "658".

ما تعبد له، وتقدم في أحب أن مسلمًا رواه عن ابن عمر رفعه: أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وقد رواه مسلم بلفظ رواية الطبراني، ثم قال السخاوي: وأما ما يذكر على الألسنة من قولهم: خير الأسماء ما عبد وما حمد فما علمته، وقال النجم: وأما ما يذكر على الألسنة: خير الأسماء ما حمد أو عبد فباطل. 245- إذا سلمت الجمعة سلمت الأيام، وإذا سلم رمضان سلمت السنة1. رواه ابن عدي والدارقطني وأبو نعيم والبيهقي وضعفه عن عائشة، بل ذكره ابن الجوزي في الموضوعات. 246- إذا صدقت المحبة سقطت شروط الأدب. قال السخاوي: هو من كلام المبرد لكن بلفظ: إذا صحت المودة سقط التكلف والتعمل ذكره الخطابي، وعزاه في رسالة القشيري للجنيد بلفظ: سقطت شروط أدبها، ويقال: سقط الأدب، وقال أبو عثمان الجيزي: إذا صحت المحبة تأكدت على المحب ملازمة الأدب، وذكر الجمع بينهما في منبر التوحيد للنجم الغزي فليراجع، والمشهور على الألسنة: إذا وجدت الألفة سقطت الكلفة. 247- أذل الله من أذل نفسه. لينظر. 248- "الأذنان من الرأس" 2 رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث حماد بن زيد عن أبي أمامة الباهلي قال: توضأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فغسل وجهه ثلاثًا ويديه ثلاثًا ومسح رأسه وقال: الأذنان من الرأس، ثم قال البيهقي: وكان حماد يشك في رفعه فيقول: لا أدري أهو من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- أم من قول أبي أمامة؟! وقد توهم في البيهقي التحامل بسبب اختصاره على حديث أبي أمامة والاشتغال بالتكلم فيه مع أن في الباب حديث عبد الله بن زيد أخرجه ابن ماجه, وحديث ابن عباس أخرجه الدارقطني.

_ 1 موضوع: رقم "649". 2 صحيح: رقم "2765".

249- "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها, دخلت الجنة" 1. رواه أحمد عن عبد الرحمن بن عوف والبزار عن أنس والطبراني عن عبد الرحمن بن حسنة بن المطاع وعبد الرحمن أخو شرحبيل صحابي. 250- إذا صليتم علي فعمموا. قال السخاوي: لم أقف عليه بهذا اللفظ, ويمكن أن يكون بمعنى حديث: صلوا علي وعلى أنبياء الله، فإن الله بعثهم كما بعثني، وقيل: المعنى إذا صليتم علي فأدخلوا معي آلي وأصحابي، ورواه ابن عساكر عن وائل بن حجر بلفظ: صلوا على النبيين إذا ذكرتموني؛ فإنهم قد بعثوا كما بعثت، ورواه البيهقي عن أبي هريرة والخطيب عن أنس بلفظ: صلوا على أنبياء الله ورسله؛ فإن الله بعثهم كما بعثني. 251- "إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة" 2. رواه الترمذي وعبد الله ابن الإمام أحمد وغيرهما عن مطر بن عكانس مرفوعًا, وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرف لمطر غيره، ورواه الترمذي أيضًا عن أبي عزة رفعه بلفظه إلا أن الراوي تردد هل قال إليها أو بها؟، وصححه الحاكم وهو عنده عنه بلفظين: أولهما إذا قضى الله لرجل موتًا ببلدة جعل له بها حاجة, وثانيهما ما جعل الله أجل رجل بأرض إلا جعلت له فيها حاجة، ورواه أحمد والطيالسي بلفظ: إن الله عز وجل إذا أراد قبض عبد بأرض جعل له بها حاجة، ولفظ أحمد: إذا أراد الله قبض روح عبد بأرض جعل له فيها حاجة, أو قال: بها حاجة، ورواه البيهقي عن عروة بن مضرس رفعه بلفظ: إذا أراد الله قبض عبد بأرض جعل له إليها حاجة، وأخرجه الحاكم أيضًا عن ابن مسعود بلفظ: إذا كان أجل أحدكم بأرض أوثبته إليها حاجة، فإذا بلغ أقصى أثره فتوفاه تقول الأرض يوم القيامة: يا رب هذا ما استودعتني، وبلفظ: وجعلت له إليها حاجة فتوفاه الله بها فتقول الأرض ... الحديث، وبلفظ: إذا كانت منية أحدكم بأرض أتيح له الحاجة, فيقصد إليها فتكون أقصى أثر منه, فيقبض فيها فتقول الأرض يوم القيامة: هذا ما استودعتني،

_ 1 صحيح: رقم "661". 2 صحيح: رقم "735".

وروى الدينوري في المجالسة من طريق أبي قلابة الجرمي ما يشهد لذلك قال: كان رجل يقول: اللهم صلِّ على ملك الشمس فيكثر من ذلك, فاستأذن ملك الشمس ربه -عز وجل- أن ينزل إلى الأرض فيزوره, فنزل إلى الأرض ثم أتى الرجل فقال: إني سألت الله النزول إلى الأرض من أجلك فما حاجتك؟ قال: بلغني أن ملك الموت صديق لك، فاسأله أن ينسئ في أجلي ويخفف عني الموت، قال: فحمله معه فأقعده مقعده من الشمس وأتى ملك الموت فأخبره فقال: من هو؟ فقال: فلان ابن فلان فنظر ملك الموت في اللوح فقال: إن هذا لا يموت حتى يقعد مقعدك من الشمس فقال: فقد قعد مقعدي من الشمس فقال: لقد توفته رسلنا وهم لا يفرطون فرجع ملك الشمس فوجده قد مات. 252- "إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه" 1. قال في التمييز: متفق عليه. 253- إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب, فقد لغوت. رواه الشيخان عن أبي هريرة وفي لفظ لمسلم: أنصت يوم الجمعة، وعزاه في الجامع الصغير لمالك وأحمد والشيخين وأبي داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة، بلفظ: إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت، وروى ابن خزيمة وأبو داود وغيرهما عن عبد الله بن عمر رفعه بزيادة: ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرًا، وروى أحمد عن علي رفعه: من قال: صه فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له، وذكره ابن هشام بلفظ: إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب صه فقد لغوت، قال: كما جاء في بعض الطرق انتهى، قال السخاوي: وقد غفل المبتدع بإيراده بين يدي الخطيب مع إدراجه فيه أنصتوا وليس في جامع الترمذي: ومن لغا فلا جمعة له خلافًا لما نقل عن ابن دقيق العيد انتهى، وأقول: لا غفلة من المبتدع المذكور؛ لأن أمره بالإنصات قبل شروع الخطيب في الخطبة فافهم، وقال النجم: ويدرج المرقون فيه: أنصتوا رحمكم الله وهو من قول المرقي قطعًا ولا يعرف في شيء من روايات الحديث، وترقية الخطيب ورواية المرقي لهذا الحديث بين يديه كلاهما لم يكن في الصدر الأول، وإنما هو من

_ 1 صحيح: رقم "703".

البدع واستحسنه بعضهم انتهى، وأقول: قال ابن حجر المكي في التحفة: كلامهم صريح في أن اتخاذ مرق للخطيب يقرأ الآية والخبر المشهورين بدعة وهو كذلك؛ لأنه حدث بعد الصدر الأول قيل: لكنها حسنة1 لحث الآية على ما يندب لكل من إكثار الصلاة والسلام عليه، لا سيما في هذا اليوم ولحث الخبر على تأكيد الإنصات المفوت تركه لفضل الجمعة, بل والموقع في الإثم عند كثيرين من العلماء انتهى, وأقول: يستدل لذلك أيضًا بأنه -صلى الله عليه وسلم- أمر من يستنصت له الناس عند إرادة خطبة منى في حجة الوداع, فقياسه أنه يندب للخطيب أمر غيره بأن يستنصت له الناس وهذا شأن المرقي فلم يدخل ذكره للخبر في حيز البدعة أصلًا انتهى ما في التحفة، وقال الرملي: وأما ما جرت به العادة في زماننا من اتخاذ مرق يخرج بين يدي الخطيب يقول: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} 2 الآية، ثم يأتي بالحديث فليس له أصل في السنة، كما أفتى به الوالد ولم يفعل بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا الخلفاء الثلاثة بعده، قال: فاعلم أن هذا بدعة حسنة1, انتهى ملخصًا. 254- إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر, فقد باء بها أحدهما. رواه البخاري عن ابن عمر وأبي هريرة. 255- إذا كبر ولدك واخيه. لم يرد بهذا اللفظ, والمعنى: اتخذه أخًا وعامله معاملة الأخ، وقال النجم: هو من كلام العامة، وقولهم: واخيه لحن، وصوابه: واخه انتهى، وأقول: يمكن تخريجه على مذهب من يرى أن إثبات أحرف العلة في المضارع المجزوم لغة فليتأمل، وقال في المقاصد: رواه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في المعرفة والدارقطني في الأفراد عن أبي هبيرة بن الضحاك بسند ضعيف رفعه بلفظ: الولد سبع سنين سيد وأمير وسبع سنين عبد وأسير وسبع سنين أخ ووزير، فإن رضيت مكانته وإلا فاضرب على جنبه فقد أعذرت فيما بينك وبينه، وللبيهقي في الشعب عن خالد بن معدان قال: من حق الولد على والده أن يحسن أدبه وتعليمه، فإذا بلغ اثنتي عشرة سنة فلا حق له وقد وجب حق الوالد على ولده، فإن هو أرضاه فليتخذه شريكًا، وإن لم يرضه فليتخذه عدوًّا، رواه الدارقطني في

_ 1 قلت: ما ثبتت بدعيته لا يوصف بالحسن؛ لعموم التضليل لكل بدعة في قول النبى صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة". 2 الأحزاب: "56".

الأفراد وغيره عن أبي رافع بلفظ: قلت: يا رسول الله, لأولادنا حق كحقنا؟ فذكر من حقهم على آبائهم تعليم كتاب الله, والرمي, والسباحة. 256- إذا كتب أحدكم إلى أحد فليبدأ بنفسه1. رواه الطبراني في الكبير عن النعمان بن بشير، وفي الأوسط عن أبي الدرداء بلفظ: إذا كتب أحدكم إلى إنسان فليبدأ بنفسه, وإذا كتب فليترب كتابه؛ فهو أنجح. ورواه البيهقي عن أنس بلفظ: ما كان أحد أعظم حرمة من النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان أصحابه إذا كتبوا بدءوا بأنفسهم، وروى أبو داود عن أبي هريرة: العجم يبدءون بكبارهم, فإذا كتب أحدكم فليبدأ بنفسه. 257- إذا كتب أحدكم كتابًا فليتربه؛ فإنه أنجح للحاجة2. رواه الترمذي عن جابر رفعه، وفي لفظ: أتربوا الكتاب؛ فإن التراب مبارك وقال: منكر كذا في اللآلئ والدرر بعد أن ذكراه بلفظ: إذا كتب أحدكم كتابًا فتربه، فإنه أنجح للحاجة والتراب مبارك، وأخرجه ابن ماجه عن أبي الزبير بلفظ: تربوا صحفكم؛ فإنه أنجح لها إن التراب مبارك، وهو منكر كما قال الإمام أحمد، وروى الخطيب عن عبد الوهاب الحجبي قال: كنت في مجلس بعض المحدثين ويحيى بن معين إلى جنبي فكتبت كتابًا فذهبت لأتربه فقال لي: لا تفعل فإن الأرضة تسرع إليه قال: فقلت له الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: تربوا الكتاب، فإن التراب مبارك وهو أنجح للحاجة قال: ذاك في إسناده لا يساوي فلسًا، وروى ابن معين وأبو نعيم وابن قانع بسند ضعيف عن الحجاج بن يزيد عن أبيه رفعه: تربوا الكتاب أنجح له, والطبراني عن أبي الدرداء رفعه: إذا كتب أحدكم إلى إنسان فليبدأ بنفسه, وإذا كتب فليترب كتابه فهو أنجح وهو ضعيف. 258- إذا كتب أحدكم كتابًا فلا يكتب عليه بلغ، فإنه اسم شيطان ولكن يكتب عليه لله. وهو موضوع كما في اللآلئ.

_ 1 ضعيف: رقم "771". 2 ضعيف: رقم "774".

259- إذا كان الفيء ذراعًا ونصفًا إلى ذراعين فصلوا الظهر1. باطل كما في الموضوعات الكبرى للقاري. 260- إذا كثرت همومك نم. ليس بحديث، وينبغي لمن ذكر أن يشتغل بالعبادة؛ لعله يزول همه. 261- إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائم. الشيخان ومالك وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة, وفي لفظ: الصوم جنة, فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ... الحديث. 262- إذا كان يوم القيامة دفع إلى كل مسلم يهودي أو نصراني, وقيل: يا مسلم, هذا فداؤك من النار. رواه مسلم. 263- إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من وراء الحجب: يا أهل الجمع, غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وسلم-, ورضي عنها حتى تمر2. رواه الحاكم عن علي, ورواه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن أبي هريرة بلفظ: إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش: يا أهل الجمع نكسوا رءوسكم, وغضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة إلى الجنة. 264- "إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: من عمل عملًا لغير الله فليطلب ثوابه ممن عمل له" 3. رواه ابن سعد في طبقاته عن ابن أبي فضالة، وعند أحمد والبيهقي عن محمود بن لبيد, وهو ممن رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ورجاله ثقات، ورواه الطبراني عن

_ 1 موضوع: رقم "744". 2 موضوع: رقم "767". 3 حسن: رقم "782".

رافع بن خديج بلفظ: إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء, يقول الله عز وجل يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا, فانظروا هل ترون عندهم الجزاء؟!. 265- إذا كانت الدنيا في بلاء وقحط, كانت الشام في رخاء وعافية. رواه ابن عساكر عن أبي عبد الملك الجزري من قوله، وزاد: وإذا كانت الشام في بلاء وقحط كانت فلسطين في رخاء وعافية, وإذا كانت فلسطين في بلاء وقحط كان بيت المقدس في رخاء وعافية، وقال: الشام مباركة وفلسطين مقدسة وبيت المقدس قدس ألف مرة، قال النجم: ولا أصل له في المرفوع. 266- "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه". رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن جابر مرفوعًا، وعزاه في الدرر لمسلم عن جابر بلفظ: إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه، ورواه الحارث بن أبي أسامة وابن منيع عن أبي الزبير بلفظ: إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه؛ فإنهم يبعثون في أكفانهم ويتزاورون في أكفانهم. ورواه السجزي عن أبي الزبير أيضًا بلفظ: أحسنوا أكفان موتاكم، فإنهم يتباهون ويتزاورون, وأخرجه الترمذي من حديث ابن سيرين عنه رفعه: إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه, وقال: حسن غريب، وأخرجه سعيد بن منصور عن عمر ومعاذ موقوفًا بلفظ: أحسنوا أكفان موتاكم، فإنهم يبعثون فيها يوم القيامة، ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث وبين ما في الصحيح أنهم يحشرون عراة، بأنهم يقومون من القبور بثيابهم ثم عند الحشر يكونون عراة, على أن البيهقي جوز حمل الحديث: إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها على العمل. 267- إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم. رواه الطبراني بإسناد حسن عن ابن مسعود. 268- إذا كنتم ثلاثة, فلا يتناجَ اثنان دون الثالث؛ فإن ذلك يحزنه. رواه الشيخان ومالك عن ابن عمر, وفي لفظ: إذا كانوا ثلاثة ... الحديث، ورواه الشيخان ومالك أيضًا والترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود بلفظ: إذا كنتم ثلاثة, فلا يتناجَ رجلان دون الثالث.

269- إذا كنت على الماء فلا تبخل بالماء. قال في التمييز: قال شيخنا: لم أقف عليه، قلت: وما في صحيح البخاري من حديث: ورجل كان على فضل ماء فمنعه فيقول الله اليوم: أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك يشهد له انتهى، وقال في المقاصد: لم أقف عليه ولكن في المعجم الأوسط للطبراني عن عائشة مرفوعًا: من سقى مسلمًا شربة من ماء حيث يوجد الماء فكأنما أعتق رقبة, أو في موضع لا يوجد فيه الماء فكأنما أحياه, ونحوه الدارقطني في الأفراد عن أنس مرفوعًا بلفظ: من سقى الماء في موضع يقدر فيه على الماء فكأنما أعتق رقبة، وأخرجه الخطيب عن أنس بلفظ: إذا كثرت ذنوبك فاسق الماء على الماء, تتناثر ذنوبك كما يتناثر الورق من الشجر في الريح العاصفة. 270- إذا لم تستح فاصنع ما شئت. رواه البخاري عن ابن مسعود, ورواه بعضهم عن حذيفة مرفوعًا لكن بلفظ: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت, ورواه الطبراني في الأوسط عن أبي الطفيل مرفوعًا بلفظ: كان يقال: إن مما أدرك الناس ... الحديث، ورواه ابن عدي عن ابن عباس وكذا الدمياطي عنه وقال: غريب، وتقدم في حديث آخر ما أدرك الناس من كلام النبوة وكذا ما فيه من أبيات. 271- "إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة، أو حائط ثم لقيه فليسلم عليه" 1. رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي عن أبي هريرة. 272- "إذا لقيتم المشركين في الطريق, فلا تبدءوهم بالسلام, واضطروهم إلى أضيقها" 2. رواه ابن السني عن أبي هريرة.

_ 1 صحيح: رقم "789". 2 صحيح: رقم "791".

273- إذا مات العالم انثلم في الإسلام ثلمة, لا يسدها شيء إلى يوم القيامة. رواه الزبير بن بكار من قول علي معضلًا, وله شواهد منها ما رواه ابن لال عن جابر مرفوعًا: موت العالم ثلمة في الإسلام, لا تسد ما اختلف الليل والنهار، ورواه الطبراني عن أبي الدرداء رفعه: موت العالم مصيبة لا تجبر وثلمة لا تسد, وموت قبيلة أيسر من موت عالم، وهو نجم طمس، ومنها ما أخرجه الديلمي عن ابن عمر بلفظ: ما قبض الله عالمًا إلا كان ثغرة في الإسلام لا تسد، ومنها ما رواه البزار عن عائشة: موت العالم ثلمة لا تسد ما اختلف الليل والنهار، وثبت في صحيح الحاكم عن ابن عباس في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} 1 قال: موت علمائها وفقهائها، ومنها ما رواه البيهقي عن أبي جعفر أنه قال: موت عالم أحب إلى إبليس من موت سبعين عابدًا. 274- إذا مدح المؤمن في وجهه ربا الإيمان في قلبه2. رواه الطبراني والحاكم عن أسامة بسند ضعيف. 275- إذا مدح الفاسق غضب الرب, واهتز لذلك العرش3. رواه أبو يعلى والبيهقي عن أنس, ورواه ابن عدي عن أبي بريدة. 276- إذا مات صاحب بدعة, فقد فتح في الإسلام فتح4. رواه الديلمي عن أنس وكذا الخطيب عنه, لكنه منكر كما في الجامع الكبير. 277- "إذا مات ابن آدم -وفي رواية: الإنسان- انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له" 5. رواه أبو داود والترمذي والنسائي والبخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة، وزاد بعضهم على ذلك أشياء وردت في أحاديث, ونظم الجميع الجلال السيوطي بقوله:

_ 1 الرعد: "41". 2 ضعيف: رقم "795". 3 ضعيف: رقم "794". 4 موضوع: رقم "793". 5 صحيح: رقم "793".

إذا مات ابن آدم ليس يجري ... عليه من خصال غير عشر علوم بثها ودعاء نجل ... وغرس النخل والصدقات تجري وراثة مصحف ورباط ثغر ... وحفر البئر أو إجراء نهر وبيت للغريب بناه يأوي ... إليه أو بناء محل ذكر وتعليم لقرآن كريم ... فخذها من أحاديث بحصر 278- إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا, قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر1. رواه أحمد والترمذي والبيهقي عن أنس، قال في الجامع الكبير: وهو حسن غريب، وعند الترمذي عن أبي هريرة: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا, قيل: وما رياض الجنة؟ قال: المساجد, قيل: وما الرتع؟ قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ورواه الطبراني عن ابن عباس بلفظ: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا, قيل: يا رسول الله, وما رياض الجنة؟ قال: مجالس العلم. وقال في الجامع الكبير: ورواه ابن شاهين عن أبي هريرة بلفظ: إذا مررتم برياض الجنة فاجلسوا إليهم. قالوا: يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: أهل الذكر. 279- "إذا مس أحدكم ذكره, فليتوضأ" 2. رواه مالك وابن حبان عن بسرة بنت صفوان، ورواه ابن حبان عنها بلفظ: إذا مس أحدكم فرجه فليتوضأ والمرأة مثل ذلك، ورواه ابن ماجه عن جابر بلفظ: إذا مس أحدكم ذكره فعليه الوضوء، ورواه سعيد بن منصور عن بسرة بلفظ: إذا مس أحدكم ذكره, فلا يصلِّ حتى يتوضأ. 280- "إذا مرض العبد أو سافر, كتب الله له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا" 3. رواه البخاري وأحمد وابن حبان عن ابن أبي موسى -رضي الله عنه-.

_ 1 ضعيف: رقم "799". 2 صحيح، انظر الإرواء "ح116". 3 صحيح: رقم "799".

281- إذا نزل القضاء عمي البصر. رواه الحاكم عن ابن عباس, وتقدم الكلام فيه مستوفًى في: إذا أراد الله إنفاذ أمر. 282- "إذا وزنتم فأرجحوا" 1. رواه ابن ماجه والضياء في المختارة عن جابر مرفوعًا، بل أصله في الصحيح في قصة بعير جابر "وزن لي فأرجح"، وفي لفظ: "وزن لي دراهم فأرجحها"، وفي أخرى: "فقضاني وزادني". وروى الأربعة وآخرون عن سويد بن قيس، قال: جلبت أنا ومخرمة العبدي بزًّا من هجر فجاءنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فساومنا سراويل وعندنا وزان يزن بالأجر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا وزان, زن وأرجح، قال الترمذي: حسن صحيح، وقال النسائي: إنه أشبه بالصواب من حديث شعبة، ورواه شعبة عن أبي صفوان مالك بن عميرة قال: بعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سراويل قبل الهجرة فوزن لي فأرجح، وقال الحاكم: إن أبا صفوان كنية سويد بن قيس وهو صحابي من الأنصار، والحديث صحيح على شرط مسلم، قال في المقاصد والرواية: المسمى فيها مالك بن عميرة ترد عليه، فالمعتمد أنهما متغايران. 283- إذا وسع الله فأوسعوا. رواه البخاري عن أبي هريرة مرفوعًا، ثم قال: إن رجلًا سأل عمر بن الخطاب فذكره، وهو عند مسلم من حديث إسماعيل بن علي مقصرًا على المرفوع، ورواه أبو نعيم وابن لال وغيرهما عن ابن عمر مرفوعًا: إن المؤمن أخذ عن الله أدبًا حسنًا، إذا وسع عليه وسع على نفسه، وإذا أمسك عليه أمسك، ورواه ابن حبان عن أبي هريرة بلفظ: إذا وسع عليكم فأوسعوا على أنفسكم ... الحديث، ومما يناسب المقام قولي: لئن قالوا قبضت يديك بخلًا ... ولم تنفق كإنفاق الرجال أقول لهم أخلائي ذروني ... فإنفاقي على مقدار حالي 284- إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة, فابدءوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه. اتفقا عليه، وكذا أحمد وأبو داود عن ابن عمر وتقدم الكلام عليه مبسوطًا في: إذا حضر العشاء.

_ 1 صحيح: رقم "825".

285- إذا وعد أحدكم فلا يخلف1. رواه أحمد بن منيع والحسن بن سفيان وأبو يعلى في مسانيدهم وآخرون، منهم الحاكم عن أنس مرفوعًا قال السخاوي: وله طرق بينتها في جزء التماس السعد. 286- إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، ثم لينزعه, فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء. رواه البخاري وابن ماجه عن أبي هريرة, وأبو داود وابن حبان نحوه, وزاد: "فإنه يتقى بجناحه الذي فيه الداء". ورواه أحمد والنسائي والحاكم عن أبي سعيد بلفظ: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله فيه، فإن في أحد جناحيه سمًّا وفي الآخر شفاء، وإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء". قال القاري: وحديث: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه" صحيح. قال: أما "فامقلوه ثم انقلوه" فمصنوع وموضوع على ما في المغرب. ورواه في المواهب عن أبي هريرة، رفعه بلفظ: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء". قال: وفي رواية أبي داود: "فإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء فليغمسه كله" ثم نقل عن الحافظ ابن حجر أنه قال: لم يقع في شيء من الطرق تعيين الجناح الذي فيه الشفاء من غيره، لكن ذكر بعض العلماء أنه تأمله فوجده يتقي بجناحه الأيسر, فعرف أن الأيمن هو الذي فيه الشفاء انتهى. 287- إذا ولى أحدكم أخاه, فليحسن كفنه. رواه مسلم عن جابر وتقدم. 288- إذا وقع القضاء عمي البصر. تقدم مبسوطًا في: إذا أراد الله إنفاذ أمر. 289- إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه. قال السخاوي: رواه البخاري والنسائي عن أبي هريرة مرفوعًا، ورواه أبو داود بلفظ: فليتق الوجه، والطبراني عن أبي هريرة بلفظ: إذا ضربتم فاتقوا الوجه، فإن الله خلق آدم

_ 1 رواه بنحوه أبو يعلى، وفيه يزيد الرقاشى، وهو ضعيف، كما في المجمع "107/ 1".

على صورته, وابن منيع عن أن أبي هريرة بلفظ: إذا ضربتم المملوكين فلا تضربوهم على وجوههم. 290- إذا طبخت مرقة, فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك. قال في التمييز: رواه مسلم في صحيحه، ورواه ابن أبي شيبة بلفظ: إذا طبختم اللحم, فأكثروا المرق؛ فإنه أوسع وأبلغ للجيران. 291- إذا طلع النجم صباحًا رفعت العاهة عن كل بلدة, وفي لفظ عن البلد1. قال السخاوي: رواه أبو داود عن أبي هريرة رفعه، وكذا الطبراني عنه بلفظ: إذا ارتفع النجم رفعت العاهة عن كل بلدة، وكذا له في الأوسط من حديثه أيضًا: إذا طلعت الثريا أمن الزرع من العاهة، وروي عن عطاء بلفظ: ما طلع النجم صباحًا قط وبقوم عاهة إلا رفعت أو خفت، وفي لفظ عنه أخرجه أحمد: ما طلع النجم قط وفي الأرض من العاهة شيء إلا رفع، والنجم: الثريا، وروى أحمد والبيهقي عن ابن عمر قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمار, حتى يؤمن عليها العاهة, قيل: ومتى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا طلعت الثريا وطلوعها صباحًا يقع في أول فصل الصيف، وذلك عند نضج الثمار وهو المعتبر في الحقيقة وطلوع النجم علامة، وقد بينه في الحديث، بقوله: ويتبين الأصفر من الأحمر. 292- إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني, وليصل عليَّ, وليقل: ذكر الله بخير من ذكرني2. وفي لفظ زيادة: بخير بعد ذكرني أيضًا, وفي رواية إسقاط بخير من الأول. رواه الطبراني وابن السني والخرائطي وآخرون عن أبي رافع مرفوعًا، وسنده ضعيف، بل قال العقيلي: لا أصل له، لكن قال الزرقاني كالمناوي، وتعقب بأن الحافظ نور الدين الهيثمي قال: إسناد الطبراني في الكبير حسن، وقد رواه ابن خزيمة في صحيحه عن

_ 1 لفظ الطبرانى في الأوسط، ضعيف الجامع: رقم "684". 2 ضعيف: رقم "685".

أبي رافع، وهو ممن التزم الصحيح وبه شنعوا على ابن الجوزي في زعمه أنه موضوع، انتهى. ونحوه ما عزاه السهيلي وغيره للدارقطني عن عائشة مرفوعًا: إن الله أعطاني نهرًا يقال له الكوثر في الجنة, لا يدخل أحد إصبعيه في أذنيه، إلا سمع خرير ذلك النهر، قالت: فقلت: يا رسول الله, وكيف ذلك؟ قال: أدخلي إصبعيك في أذنيك وسدي، فالذي تسمعين منها من خرير الكوثر، وذكره ابن جرير في تفسيره عن عائشة من قولها قالت: من أحب أن يسمع خرير نهر الكوثر فليجعل أصبعيه في أذنيه، وهذا مع وقفه منقطع، لكن يقوي الرفع ما رواه الدارقطني عن عائشة بلفظ: إذا جعلت أصبعيك في أذنيك سمعت خرير الكوثر، قال ابن كثير: ومعناه من أحب أن يسمع خرير الكوثر أي نظيره، أو ما يشبهه، لا أنه يسمعه بعينه، بل شبهت دويه بدوي ما يسمع إذا وضع الإنسان أصبعيه في أذنيه، ومنه فإن شدة الحر من فيح جهنم، أي: "من جنسها" لا "منها" فهو على حذف مضاف فمن ليست تبعيضية بل لبيان الجنس. 293- "إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله بهلاكها" 1. رواه الطبراني, ورواه الطبراني أيضًا والحاكم عن ابن عباس بلفظ: إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله. 294- إذا ظلم أهل الذمة كانت الدولة دولة العدو، وإذا كثر الربا -وفي لفظ الزنا- كثر السبأ، وإذا كثر اللوطية رفع الله يده عن الخلق, ولا يبالي في أي وادٍ هلكوا2. رواه الطبراني عن جابر. 295- إذا ظننتم فلا تحققوا، وإذا حسدتم فلا تبغوا, وإذا تطيرتم فامضوا وعلى الله فتوكلوا، وإذا وزنتم فأرجحوا3. ابن ماجه عن جابر.

_ 1 صحيح: رقم "679". 2 ضعيف: رقم "686". 3 ضعيف: رقم "687".

296- إذا سرق العبد فبعه, ولو بنش1* رواه البخاري في التاريخ وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 297- إذا سمعت الرجل يقول: هلك الناس, فهو أهلكهم. رواه مالك وأحمد ومسلم وأبو داود والبخاري في التاريخ عن أبي هريرة، وفي لفظ: إذا قال الرجل: هلكت الناس, فهو أهلكهم. 298- إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوا عليها، وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها فرارًا منه. رواه الشيخان وأحمد والنسائي عن أسامة بن زيد. 299- إذا عظمت أمتي الدينار والدرهم نزع منها هيبة الإسلام، وإذا تركوا الأمر بالمعروف حُرموا بركة الوحي2. أي: القرآن كما في الإحياء، قال مخرجه الحافظ العراقي: رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الأمر بالمعروف معضلًا من حديث الفضيل بن عياض، قال: ذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. 300- إذا غسلت المرأة ثياب زوجها كتب الله لها ألفي حسنة, وغفر لها ألفي سيئة, واستغفر لها كل شيء طلعت عليه الشمس, ورفع لها ألفي درجة. قال ابن حجر المكي في فتاواه الحديثية نقلًا عن الحافظ السيوطي أنه كذب موضوع, لا يحل روايته إلا لبيان أنه كذب مفترًى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: وكذا ما نسب لعائشة -رضي الله عنها- من أنها قالت: ضرس مغزل المرأة يعدل التكبير في سبيل الله، والتكبير في سبيل الله أثقل من السماوات والأرض، وأيما امرأة كست زوجها من غزلها كان لها بكل سدى أو لحمة مائة ألف حسنة، وكذا حديث: من

_ 1 ضعيف: رقم "645". * النش: نصف الأوقية وهو عشرون درهمًا. 2 ضعيف: رقم "696".

اشترى لعياله شيئًا، ثم حمله بيده إليهم حط الله عنه ذنب سبعين سنة, وكذا حديث: من فرح أنثى فكأنما بكى من خشية الله تعالى، وكذا حديث: البيت الذي فيه البنات ينزل فيه كل يوم ثنتا عشرة رحمة من السماء، ولا تقطع زيارة الملائكة من ذلك البيت, يكتبون لأبويهن كل يوم عبادة سنة، قال: فكل ذلك كذب وموضوع، انتهى. 301- "إذا عاد المسلم أخاه أو زاره في الله, يقول الله عز وجل: طبت وطاب ممشاك, وتبوأت في الجنة منزلًا" 1. أخرجه ابن ماجه والترمذي وأبو حاتم والبغوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال السلمي: وقد رويناه في الترمذي عن علي -رضي الله عنه- بلفظ: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ما من مسلم يعود مسلمًا غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي, ولا يعوده مساء إلا صلى عليه ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة, انتهى. 302- "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم, فليغسله سبعًا, إحداهن بالتراب"2. رواه البزار بإسناد حسن عن أبي هريرة، ورواه أحمد والنسائي بلفظ: أولاهن بالتراب، ورواه مسلم وأبو داود بلفظ: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات, أولاهن بالتراب، وعند الشافعي بلفظ: أولاهن أو أخراهن بالتراب، وعند أبي داود نحوه وقال: السابعة بالتراب، وعند مسلم والنسائي في رواية بلفظ: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم يغسله سبع مرات ولم يذكر التراب، وعند النسائي وابن ماجه بلفظ: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات، وعند الدارقطني بسند ضعيف عن علي بلفظ: فليغسله سبع مرات إحداهن بالبطحاء، وعند مسلم وأحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه عن عبد الله بن مغفل: إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات, وعفروه الثامنة بالتراب. 303- اذكروا الله عند كل حجر وشجر. رواه أحمد في الزهد عن عطاء مرسلًا.

_ 1 حسن، انظر صحيح ابن ماجه "ح1184". 2 صحيح: رقم "843".

304- اذكروا محاسن موتاكم, وكفوا عن مساويهم1. رواه أبو داود والترمذي والطبراني والحاكم عن ابن عمر رفعه، وقال الترمذي: غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وروى البخاري عن عائشة مرفوعًا: لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا، وروى أبو داود أيضًا عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا: إذا مات صاحبكم فدعوه, لا تقعوا فيه، وروى أبو داود والطيالسي عن عائشة قالت: ذكر عند النبي -صلى الله عليه وسلم- هالك بسوء فقال: لا تذكروا هلكاكم -وفي رواية موتاكم- إلا بخير، وإسناده جيد، وروى أحمد والترمذي عن المغيرة: لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء، والطبراني عن سهل بن سعد بلفظ: ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين, وإذا مات أحد منهم فقولوا فيه خيرًا, وفي الباب عن غير واحد من الصحابة. 305- اذكروا الفاجر بما فيه, يحذره الناس. رواه ابن أبي الدنيا وابن عدي والطبراني والخطيب عن معاوية بن حيدة وقال في التمييز: أخرجه أبو يعلى وغيره ولا يصح, ويأتي بأبسط من هذا في "لا غيبة لفاسق" وزاد في الدرر وابن عدي عن عائشة. 306- "أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي, لا شفاء إلا شفاؤك, شفاء لا يغادر سقمًا" 2. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن مسعود، وأحمد وابن ماجه عن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتى المريض فدعا له قال: أذهب البأس ... الحديث، ورواه الشيخان وغيرهما عنها بلفظ: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: اللهم رب الناس أذهب البأس, اشف وأنت الشافي, لا شفاء إلا شفاؤك, شفاء لا يغادر سقمًا, وفي رواية: كان يرقى ويقول: امسح البأس رب الناس, بيدك الشفاء لا كاشف له إلا أنت، وروى البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن أنس أنه قال لثابت البناني: ألا أرقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى. قال: اللهم رب الناس مذهب البأس اشف أنت الشافي, لا شافي إلا أنت, شفاء لا يغادر سقمًا.

_ 1 ضعيف: رقم "839". 2 صحيح: رقم "855".

وروى ابن أبي الدنيا عن علي قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل على مريض عَوَّذه بنحو هذا, وله عن محمد بن حاطب قال: تناولت شيئًا من قدر فاحترقت ظهر كفي, فذهبت بي أمي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فجعل يرقي وينفث ويقول: "أذهب البأس رب الناس، اشف وأنت خير شافٍ" وشك شعبة هل قال: "شفاء لا يغادر سقما"؟. وله عن أنس: كانت فاطمة -رضي الله عنها- ترقي أباها -صلى الله عليه وسلم- إذا وجد تكسرًا في عطفه أو فترة: "باسم الله وبالله, أذهب البأس رب الناس, واشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا, يا أرحم الراحمين". وكانت تنفخ ولا تتفل. وللحديث طرق أخرى.

حرف الهمزة مع الراء

حرف الهمزة مع الراء 307- "الأرض أرض الله, والعباد عباد الله، من أحيا مواتًا فهو له" 1. رواه الطبراني عن فضالة بن عبيد، قال الله تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ,} 2. 308- "أربع من السعادة: المرأة الصالحة, والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء، وأربع من الشقاوة: المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق" 3. رواه الحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي عن سعد.

_ 1 حسن: رقم "2766". 2 العنكبوت: "56". 3 صحيح: رقم "887".

309- أربع لا يشبعن - وفي لفظ لا تشبع- من أربع: أرض من مطر, وأنثى من ذكر، وعين من نظر، وعالم من علم1. رواه الحاكم في تاريخ نيسابور، وأبو نعيم عن أبي هريرة مرفوعًا، وزاد في الدرر كالزركشي وابن عدي عن عائشة وقال: منكر انتهى، وأورده العقيلي في الضعفاء، وابن الجوزي في الموضوعات؛ لأنه روي من طرق فيها كذاب ومتروك الحديث ومنكر، وقال المنوفي: الأشبه ما في المشهور أنه من كلام الحكماء، وقال النجم: واشتهر على كثير من الألسنة بلفظ: وسمع من خبر بدل وعالم من علم ولا أصل له، لكن لبعضه شواهد كحديث: منهومان لا يشبعان: طالب علم وطالب دنيا، وكحديث: لا يشبع عالم من علم حتى يكون منتهاه الجنة. 310- أربع من سعادة المرء: أن تكون زوجته صالحة, وأولاده أبرارًا, وخلطاؤه صالحين, وأن يكون رزقه في بلده2. رواه ابن عساكر والديلمي عن سهل, وابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان. 311- ارجعن مأزورات غير مأجورات3. رواه ابن ماجه عن علي، وأبو يعلى عن أنس، وفيه الاتباع، إذ قياسه موزورات بالواو؛ لأنه من الوزر وهو الإثم, لا من الأزر بالفتح وهو القوة، لكنه همز اتباعا لمأجورات، على حد قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} 4 على قراءة: يبدئ بضم أوله. 312- "أرحنا بها يا بلال " 5. يعني: الصلاة, رواه أبو داود عن سالم بن أبي الجعد قال: قال رجل: ليتني صليت فاسترحت، فكأنهم عابوا ذلك عليه فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها، ولأبي داود عن محمد بن الحنفية أنه قال: انطلقت أنا وأبي إلى صهر لنا في الأنصار نعوده فحضرت الصلاة، فقال لبعض أهله: يا جارية, ائتوني

_ 1 موضوع: رقم "863". 2 ضعيف جدًّا: رقم "859". 3 ضعيف: رقم "873". 4 الروم: "11". 5 صحيح: رقم "7892".

بوضوء لعلي أصلي وأستريح قال: فأنكرنا ذلك عليه فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: قم يا بلال فأرحنا بالصلاة. 313- "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر, وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ولكل أمة أمين, وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" 1. رواه الترمذي بسند فيه ضعيف عن أنس مرفوعًا وقال: غريب، لكن قال الدارقطني والترمذي عن أنس أيضًا مرفوعًا وقال: حسن صحيح, انتهى. وهذا الاختلاف مبني على اختلاف السند كما في النجم. ورواه أبو يعلى وابن عدي عن ابن عمر بلفظ: أرأف أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي, وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينًا, وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح. ورواه الطبراني عن جابر بلفظ: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأرفق أمتي لأمتي عمر، وأصدق أمتي حياء عثمان، وأقضى أمتي علي بن أبي طالب، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل يجيء يوم القيامة أمام العلماء، وأقرأ أمتي أبي بن كعب، وأفرضها زيد بن ثابت، وقد أوتي عويمر عبادة -يعني أبا الدرداء. ورواه العقيلي عن أبي سعيد بلفظ: أرحم هذه الأمة بها أبو بكر، وأقواهم في دين الله عمر، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأصدقهم حياءً عثمان بن عفان، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأبو هريرة وعاء من العلم، وسلمان عالم لا يُدْرَك، ومعاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله وحرامه، وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. وعزاه في المقاصد للترمذي عن أنس بلفظ: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل, وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي، ولكل أمة أمين, وأمين هذه الأمة أبو عبيدة، وقال في الدرر: رواه أحمد عن أنس بلفظ: أرحم أمتي أبو بكر, وأشدهم عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم أبي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ, ورواه عبد الرزاق عن قتادة مرسلًا. ومن الوجه الثاني أخرجه أحمد والطيالسي والنسائي وابن ماجه والضياء وابن حبان وصححه والحاكم، وفي لفظ له: "وأفرض أمتي زيد" والحديث أُعِلَّ

_ 1 صحيح: رقم "895".

بالإرسال، وسماع أبي قلابة من أنس صحيح لكنه قيل: لم يسمع منه هذا، وذكر الدارقطني في العلل الاختلاف فيه على أبي قلابة، ورجح هو والبيهقي والخطيب أن الموصول منه ذكر أبي عبيدة والباقي مرسل, ورجح ابن المواق وغيره رواية الموصول وليس عند واحد منهم "وأقضاهم علي" وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب عن محجن أو أبي محجن. 314- "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" 1. روي يرحمكم مرفوعًا على الاستئناف البياني ويجوز جزمه لوقوعه في جواب الأمر، لكن ذكر في الإسعاف أن الرواية بالرفع، وكذا نقله البيلوني عن العمادي على أن الجملة دعائية فاعرفه، وهذا الحديث رواه البخاري في الأدب المفرد وأحمد وأبو داود والترمذي وآخرون عن عبد الله بن عمرو بن العاص, وقال الترمذي: حسن صحيح وصححه الحاكم لما له من الشواهد، منها ما رواه الشيخان في صحيحيهما عن أسامة بن زيد بلفظ: إنما يرحم الله من عباده الرحماء. ومنها ما روياه عن أبي هريرة أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: من لا يرحم لا يرحم، وفي هذين الفعلين أربعة أوجه: رفعهما وجزمهما ورفع الأول وجزم الثاني وبالعكس، ومنها ما رواه أحمد عن جابر بلفظ: من لا يرحم لا يرحم, ومن لا يغفر لا يغفر له، ورواه الطبراني عن جرير بهذا اللفظ، وزاد: ومن لا يتب لا يتب عليه، ومنها ما روياه عن جرير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله، ومنها ما رواه الطبراني بإسناد جيد عن جرير مرفوعًا: من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء، ومن شواهده أيضًا ما رواه أحمد وعبد بن حميد في مسنديهما والطبراني وغيرهم بسند جيد عن ابن عمر وأيضًا مرفوعًا: ارحموا ترحموا, واغفروا يغفر لكم, ويل لأقماع القول, ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون, وغير ذلك مما ذكره السخاوي في بعض تصانيفه، وهذا الحديث مسلسل بالأولية إلى سفيان بن عيينة بزيادة: الراحمون يرحمهم الرحمن في أوله كما رواه البخاري في الجنائز، وفي مسالك الأبرار لشيخ مشايخنا الشيخ إبراهيم الكوراني نقلًا عن الزين العراقي أنه قال: والمشهور أن التسلسل في هذا الحديث إلى ابن عيينة دون بقية الإسناد، وقد رويناه في جزء جمعه ابن الصلاح في جملة طرق هذا الحديث، وأوصل التسلسل فيه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن لا يصح إسناده انتهى.

_ 1 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح896" بلفظ الإفراد.

وأقول: الذي يدل عليه كلامهم أن المسلسل بالأولية إنما هو الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى, ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وأما شواهده الواردة بألفاظ مختلفة فليست منه فليراجع، وقد نظمه الحافظ ابن حجر عاقدًا له بقوله: إن من يرحم أهل الأرض قد ... آن أن يرحمه من في السما فارحم الخلق جميعًا إنما ... يرحم الرحمن منا الرحما ولغيره: من يرحم الخلق فالرحمن يرحمه ... ويكشف الله عنه الضر والباسا ففي صحيح البخاري جاء متصلًا ... لا يرحم الله من لا يرحم الناسا وقلت كالغير في البيتين ومشيرًا إلى الحديث المسلسل بالأولية في البيت الثالث فافهم: كن يا أخي رحيم القلب طاهره ... يرحمك مولاك, بل يؤنسك إيناسا ففي الصحيحين ما معناه متصلًا ... لا يرحم الله من لا يرحم الناسا والراحمون روى الأشياخ مرتفعًا ... بالأولية في التحديث نبراسا ولشيخنا العارف عبد الغني: لقد أتانا حديث عن مشايخنا ... مسلسلًا أوليًّا قد رويناه قال النبي: صلاة الله دائمة ... مع السلام عليه عند ذكراه الراحمون هم الرحمن يرحمهم ... برحمة منه نرويه بمعناه من كان يرحم من في الأرض يرحمه ... من في السماء تعالى الراحم الله ولصديقنا وخريجنا السيد أحمد البهنسي: روينا عن مشايخنا حديثًا ... إلى ابن عيينة بالأولية عن المختار صلى الله ربي ... عليه في الغداة مع العشية إذا نحن رحمنا أهل أرض ... فيرحمنا برحمته السنية وذا معنى الحديث فكن رحيمًا ... تنل من فضله الرتب العلية 315- الأرواح جنود مجندة, فما تعارف منها ائتلف, وما تناكر منها اختلف1. قال في التمييز: متفق عليه رواه الشيخان كما في اللآلئ، وكذا رواه أبو داود عن أبي هريرة، قال البيهقي: سألت الحاكم أبا عبد الله الحافظ عن معناه فقال: المؤمن والكافر

_ 1 صحيح: رقم "2768".

لا يسكن قلبه إلا إلى شكله انتهى، وقال في المقاصد: رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة مرفوعًا، وهو عند البخاري في الأدب المفرد عن [سهيل بل علَّقَه] في صحيحه عن عائشة أنها سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورواه أبو داود عن عمرة قالت: كانت امرأة مكية بطالة تضحك النساء وتغني وكانت امرأة بالمدينة مثلها، فقدمت المكية المدنية فتعارفتا, فدخلتا على عائشة فتعجبت من اتفاقهما فقالت عائشة للمكية: عرفت هذه؟ قالت: لا ولكنا التقينا فتعارفنا فضحكت عائشة وقالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "الأرواح جنود ... " الحديث، وأخرجه أبو يعلى نحوه، والزبير بن بكار عن عائشة أن امرأة كانت بمكة تدخل على نساء قريش تضحكهن، فلما هاجرن ووسع الله دخلت المدينة، قالت عائشة: فدخلت علي، فقلت لها: فلانة، ما أقدمك؟ قالت: إليكن. قالت: فأين نزلت؟ قالت: على فلانة امرأة كانت تضحك بالمدينة، قالت عائشة: ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "فلانة المضحكة عندكم! " قالت عائشة: نعم فقال: "فعلى من نزلت؟ " قالت: على فلانة المضحكة. قال: "الحمد لله رب العالمين, إن الأرواح جنود مجندة ... " الحديث, وأفادت هذه الرواية بيان سبب الحديث، وفي الباب سلمان وابن عباس وابن عمر وعمر وعلي وأبو الفضل وابن مسعود لكن لفظ ابن مسعود عند العسكري مرفوعًا: الأرواح جنود مجندة تلتقي فتشامّ كما تشامّ الخيل فما تعارف منها ائتلف, وما تناكر منها اختلف، فلو أن رجلًا مؤمنًا جاء إلى مجلس فيه مائة منافق, وليس فيهم إلا مؤمن واحد لجاء حتى يجلس إليه، ولو أن منافقًا جاء إلى مجلس فيه مائة مؤمن وليس فيه إلا منافق لجاء حتى جلس إليه, وأخرجه الديلمي بلا سند عن معاذ مرفوعًا بلفظ: لو أن رجلًا مؤمنًا دخل مدينة فيها ألف منافق ومؤمن واحد لشم روحه روح ذلك المؤمن وعكسه, ويشهد له ما سيأتي من حديث: المرء على دين خليله، وما في الحلية في ترجمة أويس لما اجتمع بهرم بن حيان العبدي، ولم يكن لقيه وخاطبه أويس باسمه، قال له هرم: من أين عرفت اسمي واسم أبي؟ فوالله ما رأيتك قط؛ ولا رأيتني! قال: عرفت روحي روحك حيث كلمت نفسي نفسك؛ لأن الأرواح لها أنفس كأنفس الأجساد، وإن المؤمنين يتعارفون بروح الله وإن نأت بهم الدار ووفت بهم المنازل، وما أحسن ما قال الشهاب بن أسعد التنوخي: إن القلوب لأجناد مجندة ... قول الرسول فمن ذا فيه يختلف فما تعارف منها فهو مؤتلف ... وما تناكر منها فهو مختلف

وما أحسن ما قيل أيضًا: بيني وبينك في المحبة نسبة ... مستورة عن سر هذا العالم نحن اللذان تحاببت أرواحنا ... من قبل خلق الله طينة آدم تنبيه: اختلفوا هل الأرواح خلقت قبل الأجساد أم معها؟ والراجح الأول، بل ادعى فيه ابن حزم الإجماع، واستدل بحديث ضعيف جدًّا، ولفظه: إن الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فما تعارف منها ائتلف, وما تناكر منها اختلف وقيل: خلقت مع الأجساد وجرى عليه جماعة، واستدلوا بما رواه الشيخان من حديث ابن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفةً ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل الله الملك فينفخ فيه الروح، وأجيب بأن نفخ الروح غير خلقها فهي موجودة أولًا فإذا خلقت الأجساد نفخت الأرواح فيها فتأمل، وقال ابن حجر المكي في فتاواه الحديثية: ما روي عن ابن عباس أن الله خلق الأرواح قبل الأجساد بأربعة آلاف سنة, وخلق الأرزاق قبل الأرواح بأربعة آلاف سنة لا أصل له، وأيضًا خبر: خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ضعيف جدًّا، فلا يعول عليه قال: نعم صح أن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وذلك شامل للأرزاق, انتهى. 316- "الأرضون سبع، في كل أرض نبي كنبيكم" 1. رواه البيهقي في الأسماء والصفات بسند صحيح كما قال الحاكم عن ابن عباس في قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} 2 قال: سبع أرضين, في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدمكم ونوح كنوح وإبراهيم كإبراهيم وعيسى كعيسى، وفي لفظ: كآدمكم وكنوحكم وكإبراهيمكم وكعيساكم، قال البيهقي في الشعب: هو شاذ بالمرة، قال السيوطي: هذا من البيهقي في غاية الحسن، فإنه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن، لاحتمال صحة الإسناد مع أن في المتن شذوذًا أو علة تمنع صحته.

_ 1 قال ابن الديبع نقلًا عن ابن كثير بعد عزوه لابن جرير: هو محمول -إن صح نقله عن ابن عباس- أنه أخذه من الإسرائيليات، وذلك وأمثاله إذا لم يخبر به، ويصح سنده إلى معصوم، فهو مردود على قائله. التمييز "110". 2 الطلاق: "12".

وقيل: هل آدم ومن بعده المذكورون فيما عدا الأرض الأولى من الأنس أو من غيرهم؟ وهل هم متعبدون بمثل من تعبد في الأرض الأولى؟ وهل هم مقارنون لهم في زمنهم؟ قال ابن حجر الهيثمي في فتاويه: إذا تبين ضعف الحديث، أغنى ذلك عن تأويله؛ لأن مثل هذا المقام لا تقبل فيه الأحاديث الضعيفة. وقال: يمكن أن يؤول الحديث على أن المراد بهم النذر الذين كانوا يبلغون الجن عن أنبياء البشر، ولا يبعد أن يسمى باسم النبي الذي بلغ عنه، انتهى، فتدبر، فإنه لو صح في نبينا لم يستقم في غيره. وقال ابن كثير بعد عزوه لابن جرير بلفظ: "في كل أرض من الخلق مثل ما في هذه، حتى آدم كآدمكم وإبراهيم كإبراهيمكم": هو محمول إن صح عن ابن عباس، على أنه أخذه من الإسرائيليات، وذلك وأمثاله إذا لم يصح سنده إلى معصوم فهو مردود على قائله، انتهى. تنبيه: ورد في الحديث أن بين كل أرض وأرض مسيرة خمسمائة عام كما بين كل سماء وسماء، فقد أخرج الحافظ ابن رجب في كتاب التخويف من النار بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأرضين سبع، بين كل أرض إلى التي تليها مسيرة خمسمائة عام، فالعليا منها على ظهر حوت، قد التقى طرفاه في سماء، والحوت على صخرة، والصخرة بيد ملك. والثانية مسجن الريح، فلما أراد أن يهلك عادًا، أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحًا تهلك عادًا. قال: يا رب، أرسل عليهم من الريح قدر منخر الثور. قال له الجبار تبارك وتعالى: إذًا تكفأ الأرض ومن عليها، ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم. فهي التي قال الله تعالى في كتابه: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ،} 1. والثالثة فيها حجارة جهنم. والرابعة فيها كبريت جهنم. قالوا: يا رسول الله، للنار كبريت؟ قال: نعم والذي نفسي بيده إن فيها لأودية من كبريت لو أرسلت فيها الجبال الرواسي لانماعت. والخامسة فيها حياة جهنم، وإن أفواهها كالأودية تلسع الكافر اللسعة فلا يبقى منه لحم على وضم. والسادسة فيها عقارب، وإن أدنى عقرب منها

_ 1 الذاريات: "42".

كالبغال الموكفة تضرب الكافر ضربة، ضربتها حر جهنم. والسابعة سقر، وفيها إبليس مصفد بالحديد، يد أمامه ويد خلفه، فإذا أراد الله أن يطلقه لما يشاء من عباده أطلقه. أخرجه الحاكم في آخر المستدرك وقال: تفرد به أبو الشيخ والحديث صحيح، لكن رفعه منكر ولعله موقوف، انتهى. وأقول: لعل سمك كل أرض مسيرة خمسمائة عام كسمك السماوات، كما ورد بذلك الحديث عن سيد السادات فتدبر. ومما يناسب إيراده هنا ما رواه الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: بينا النبي -صلى الله عليه وسلم- جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب. فقال: "هل تدرون ما هذا؟ ". قالوا: "الله ورسوله أعلم". قال: "هذا العناق، هذه زوايا الأرض يسوقها الله تعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه". ثم قال: "هل تدرون ما فوقكم؟ ". قالوا: "الله ورسوله أعلم". قال: "فإنها الرفيع، سقف محفوظ وموج مكفوف". ثم قال: "هل تدرون ما بينكم وبينها؟ ". قالوا: "الله ورسوله أعلم". قال: "بينكم وبينها خمسمائة عام". ثم قال: "هل تدرون ما فوق ذلك؟ ". قالوا: "الله ورسوله أعلم". قال: "إن فوق ذلك سماءين، بعد ما بينهما خمسمائة سنة". ثم قال كذلك، حتى عد سبع سماوات، ما بين كل سماءين ما بين السماء والأرض. ثم قال: "هل تدرون ما فوق ذلك؟ ". قالوا: "الله ورسوله أعلم". قال: "إن فوق ذلك العرش، وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين".

ثم قال: "هل تدرون ما تحتكم؟ ". قالوا: "الله ورسوله أعلم". قال: "إنها الأرض". ثم قال: "هل تدرون ما تحت ذلك؟ ". قالوا: "الله ورسوله أعلم". قال: "إن تحتها أرضًا أخرى، بينهما مسيرة خمسمائة سنة". ثم عد سبع أرضين، ثم قال: "والذي نفس محمد بيده، لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى، لهبط على الله" ثم قرأ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ,} "1. وقال الترمذي: قراءته -صلى الله عليه وسلم- الآية تدل أنه لهبط على علم الله وقدرته. 317- الأرض في البحر كالإصطبل في البر. قال القاري في الموضوعات: لم يوجد له أصل، لكن ذكره بلفظ: "الأرض في البحر كالإصطبل في الأرض". 318- ارحموا من الناس ثلاثة: عزيز قوم ذل، وغني قوم افتقر، وعالمًا بين جهال. رواه العسكري وابن حبان بسند فيه منكر عن أنس، ورواه الخطيب بسند فيه مجهول عن أنس مرفوعًا مثله، لكن بلفظ: وفقيهًا يتلاعب به الصبيان الجهال، ورواه القضاعي عن ابن مسعود رفعه بلفظ: وعالمًا يلعب به الحمقى والجهال، ورواه ابن حبان في تاريخه بسند فيه كذاب عن ابن عباس وأبي هريرة مرفوعًا بلفظ: وعالم يتلاعب به الصبيان، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال: إنما يعرف من كلام الفضيل بن عياض وساقه من جهة الحاكم عن الفضيل بن عياض أنه قال: ارحموا عزيز قوم ذل, وغنيًّا افتقر, وعالمًا بين جهال، وقال في الدرر: وأخرجه ابن حبان في تاريخه من حديث ابن عباس والديلمي في حديث أبي هريرة بأسانيد واهية, والسلماني في الضعفاء عن أنس وضعفه هذا, والمشهور على الألسنة إسقاط لفظ: من الناس ثلاثة.

_ 1 الحديد: "3".

319- ارض من الدنيا بالقوت؛ فإن القوت لمن يموت كثير. رواه العسكري والديلمي عن سمرة مرفوعًا بلفظ: "يا ابن آدم ارض من الدنيا ... " الحديث. وفي معناه قول الخليل بن أحمد: يكفي الفتى خلق وقوت، ما أكثر القوت لمن يموت. 320- الأرز مني, وأنا من الأرز. موضوع كما في المقاصد وغيرها, وكذا من أكل من الأرز أربعين يومًا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه كما قال الصغاني, وكذلك قولهم: خلق الأرز من بقية نفسي، وقال النجم: ومن الباطل المكذوب ما رواه الديلمي عن علي بن أبي طالب بلفظ: الأرز في الطعام كالسيد في القوم, والكراث في البقول بمنزلة الخبز, وعائشة كالثريد, وأنا كالملح في الطعام. وقال الحافظ السيوطي في شرح التقريب: ومن الموضوع أحاديث الأرز والعدس والباذنجان والهريسة، وسيأتي له تتمة في: لو كان الأرز رجلًا. 321- الأرض لا تقدس أحدًا، وإنما يقدس الإنسان عمله. روى مالك أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي أن هلم إلى الأرض المقدسة, فكتب إليه سلمان الأرض المقدسة ... إلخ وهو موقوف ومنقطع وذكره الدينوري عن عبد الله بن هبيرة بزيادة: وأرض الجهاد عقب إلى الأرض المقدسة، ونقل القاري في الموضوعات الكبرى عن ابن ملك أنه ذكر في شرح خطبة المشارق عن والده أنه كان يقول حاكيًا عن مشايخه: إن من دفن بمكة ولم يكن لائقًا بها تنقله الملائكة, ولكني لم أجد فيه رواية انتهى. 322- الأرمد لا يعاد. سيأتي: "ثلاث لا يعاد صاحبهن: الرمد، وصاحب الضرس، وصاحب الدمل" رواه الطبراني والبيهقي وضعفه عن أبي هريرة رفعه. ورواه البيهقي أيضًا عن يحيى بن أبي كثير على أنه من قول أبي هريرة، وهو الصحيح، فقد قال زيد بن أرقم: رمدت فعادني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن ثبت النهي, إما أن يقال: إنها لكونها من الآلام التي لا ينقطع صاحبها غالبًا بسببها, بل ومع المخالطة قد لا يفطن لمزيد ألمه، والرمد بفتحتين بدل من ثلاث مع صاحب ... إلخ المعطوف, ويكون صاحب مقحمًا، ويحتمل أن المبدل منه صاحبهن لكونه مفردًا مضافًا فيعم ويحتاج إلى تقدير صاحب في الرمد فتأمل.

قال في اللآلئ: وفي سنده مسلمة بن علي متروك، وإنما يروى من كلام يحيى بن كثير، وقال البيهقي في الشعب: مسلمة بن علي ضعيف. وقال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام: ولع بعض العوام أن الأرمد لا يعاد، وقد روى أنه -صلى الله عليه وسلم- عاد زيد بن أرقم، وعاد -صلى الله عليه وسلم- في بيت جابر في حالة إغمائه حتى فاق. رواه أبو داود بسند رجاله ثقات.

حرف الهمزة مع الزاي

حرف الهمزة مع الزاي 323- "ازهد في الدنيا يحبك الله, وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك" 1. هكذا وقع في الأصل وتبعه في التمييز، والمعروف: "وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس". ورواه النووي في أربعينه بلفظ: ازهد فيما عند الناس يحبك الناس، ثم قال: حديث حسن, رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة. وقال في الأصل: رواه ابن ماجه والطبراني وأبو نعيم وابن حبان والحاكم والبيهقي وآخرون من حديث خالد بن عمرو القرشي عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس، فقال: ازهد وذكره. قال الحاكم: صحيح الإسناد، وليس كذلك، فخالد مجمع على تركه، بل نسب إلى الوضع لكن رواه غيره عن الثوري، وأخرجه أبو نعيم من طريق مجاهد عن أنس مرفوعًا، لكن في سماع مجاهد من أنس نظر، وقد رواه الثقات فلم يجاوزوا به مجاهدًا. وكذا يروى عن الربيع بن خيثم، رفعه مرسلًا. وبالجملة فقد حسن الحديث النووي ثم العراقي، وكلام شيخنا الحافظ ابن حجر ينازع فيه كما بينته في تخريج الأربعين. انتهى. ورواه السيوطي في ذيل جامعه من طريق أبي نعيم عن أنس بلفظ: "ازهد في الدنيا يحبك الله، وأما الناس فانبذ إليهم هذا، يحبوك".

_ 1 صحيح: رقم "922" بلفظ: "يحبك الناس".

324- أزهد الناس في العالم أهله وجيرانه1. رواه أبو نعيم عن أبي الدرداء وابن عدي عن جابر، ورواه الشعراني في كتابه العقود بلفظ: وروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: أزهد الناس في العالم بنوه ثم قرابته ثم جيرانه يقولون: هو عندنا متى شئنا يناولنا علمه. وإنما مثل العالم كمثل عين يأتيها الناس فيأخذون من مائها، فبينما هم كذلك, إذ غارت فذهبت فندموا. 325- أزهد الناس في الأنبياء وأشدهم عليهم الأقربون2. رواه ابن عساكر عن أبي الدرداء. 326- أزهد الناس من لم ينسَ القبر والبلاء، وترك أفضل زينة الدنيا، وآثر ما يبقى على ما يفنى، ولم يعد غدًا من أيامه، وعد نفسه من الموتى3. رواه البيهقي عن الضحاك مرسلًا.

_ 1 موضوع: رقم "896". 2 موضوع: رقم "895". 3 ضعيف: رقم "913".

حرف الهمزة مع السين المهملة

حرف الهمزة مع السين المهملة 327- الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله, وتقيم الصلاة, وتؤتي الزكاة, وتصوم رمضان, وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا. رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عمر، وروي عن غيره. 328- استعن بيمينك1. رواه الترمذي عن أبو هريرة قال: كان رجل من الأنصار يجلس إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيسمع منه فيعجبه ولا يحفظ، فشكا ذلك إليه فقال: يا رسول الله، إني

_ 1 ضعيف: رقم "913".

أسمع منك الحديث فيعجبني ولا أحفظه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استعن بيمينك" وأومأ بيده للخط, وقال عقبة إسناده: ليس بذلك القائم, وأخرج البيهقي في المدخل عن أبى هريرة أن رجلًا شكا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- سوء الحفظ فقال: "استعن بيمينك"، قال: ورواه حصيب بن جحدر وهو ضعيف يعنى: بالكذب عن أبى صالح عن أبى هريرة وهو من جهته كذلك عند البزار والعسكري والطبراني عنه قال رجل: يا رسول الله، إني لا أحفظ شيئًا فقال: "استعن بيمينك على حفظك"، وفي لفظ له شكا رجل إلى -صلى الله عليه وسلم- سوء الحفظ فقال: "استعن بيمينك" أي: اكتب بها، وكذا هو عند الطبراني عن أنس، وفي فضل العلم للمرهبي بسند رواه عن أبي رافع قال: قلت: يا رسول الله, إنا نسمع منك أحاديث فأستعين بيدي على قلبي؟ قال: "نعم وكانت له صحيفة تسمى الصادقة"، وعن الزهري مرسلًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أذن أن تكتب الأحاديث، وبالجملة: ففي الإذن في الكتابة أحاديث، منها ما عند الطبراني وأبي نعيم وغيرهما عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: قيدوا العلم بالكتابة، وعند العسكري عن أنس مرفوعًا: ما قيد العلم بمثل الكتابة، ثم قال: ما أحسبه من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- بل من قول أنس، فقد روى عبد الله بن المثنى عن ثمامة أنه قال: كان أنس يقول لبنيه: يا بنيَّ، قيدوا العلم بالكتابة, فهذا علة الحديث. 329- استعيذي بالله من شر هذا، فإنه الغاسق إذا وقب. قاله لعائشة حين أراها القمر مشيرًا إليه. رواه الترمذي وصححه من حديثها، وبه انتقد تضعيف النووي له، ورواه البغوي بسنده إلى عائشة قالت: أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بيدي فنظر إلى القمر فقال: "يا عائشة استعيذي بالله من شر غاسق إذا وقب"، وقال ابن عباس: الغاسق: الليل إذا أقبل بظلمته من المشرق، وقال ابن زيد: الثريا إذا سقطت، يقال: إن الأسقام تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها. انتهى مختصرًا. 330- استعينوا بطعام السحر على صيام النهار, وبالقيلولة على قيام الليل1. رواه ابن ماجه وابن أبي عاصم والحاكم عن ابن عباس، رفعه والطبراني ومحمد بن نصر عن زمعة بلفظ: استعينوا بقائلة النهار على قيام الليل, وبأكلة السحر على صيام النهار، وأورده الضياء في المختارة والحاكم وصححه, لكن فيه زمعة ضعيف لخطئه،

_ 1 ضعيف: رقم "916".

وإن كان صدوقًا، وأورده في اللآلئ والدرر من رواية البزار عن ابن عباس بلفظ: استعينوا على قيام الليل بقيلولة النهار، وعلى صيام النهار بأكلة السحر انتهى، وروى البزار كما في اللآلئ من حديث قتادة: سمعت أنسًا يقول: ثلاث من أطاقهن أطاق الصوم: من أكل قبل أن يشرب، وتسحر, وقال: يعني نام بالنهار وقت القيلولة، وكذا جاء الأمر بالقيلولة عند الطبراني عن أنس مرفوعًا بلفظ: قيلوا فإن الشياطين لا تقيل، ولمحمد بن نصر من حديث مجاهد قال: بلغ عمران عاملًا له لا يقيل، فكتب إليه: أما بعد: فقل فإن الشيطان لا يقيل، ومن حديث إسماعيل بن عياش عن أبي فروة أنه قال: القائلة من عمل أهل الخير وهي مجمة للفؤاد مقواة على قيام الليل، وعن خوات بن جبير أنه قال: نوم أول النهار حمق، ووسطه خلق، وآخره خرق، ولمحمد بن نصر أيضًا عن الفضل بن الحسن، وقد مر بقوم في السوق فرأى منهم ما رأى أنه قال: أما يقيل هؤلاء؟ قالوا: لا, قال: إني لأرى ليلهم ليل سوء. 331- "استوصوا بالنساء خيرًا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه -وفي لفظ: وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه- فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا". رواه الشيخان عن أبي هريرة، وفي رواية لمسلم: "إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها"، ورواه الترمذي وقال: حسن صحيح عن عمرو بن الأحوص الجشمي -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع يقول في أثناء خطبته: "ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوانٍ عندكم، ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربًا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا، ألا إن لكم على نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا، فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون, ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن"، وعوج بفتح العين المهملة وبكسرها وبفتح الواو، وعوان بكسر النون منونة كجوار، قال النووي: جمع عانية: أسيرات، والعاني: الأسير, شبه -صلى الله عليه وسلم- النساء في دخولهن تحت حكم أزواجهن بالأسيرات.

332- استفتحوا بالصدقات أو بقضاء الدين. قال في الموضوعات الكبرى نقلًا عن ابن الديبع: يدور على الألسنة ولم أره بهذا اللفظ انتهى، وأقول: لم أره في التمييز له لكن رأيت ما قد يدل له في مسند الفردوس بلفظ: استعينوا على الرزق بالصدقة، رواه عن عبد الله بن عمرو المزني انتهى فتدبر، واشتهر على الألسنة بلفظ: ما خاب من استفتح بصدقة أو بوفاء دين، وبعضهم يروي المشهور بلفظ: من استفتح بصدقة أو بوفاء دين كفاه الله شر ذلك اليوم. 333- "استوصوا بالمعزى خيرًا، فإنها مال رقيق، وهو في الجنة، وأحب المال إلى الله الضأن، وعليكم بالبياض، فإن الله خلق الجنة بيضاء، فليلبسه أخياركم، وكفنوا فيه موتاكم، وإن دم الشاة البيضاء أعظم عند الله من دم السوداء" 1. قال ابن حجر في الفتاوى الحديثية: رواه الطبراني, ولم يبين رتبته ولا صحابيه. 334- أسفروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر2. رواه الترمذي والنسائي وابن حبان عن رافع بن خديج، ورواه الديلمي عن أنس بلفظ: أسفروا بالفجر يغفر لكم. 335- أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم. رواه الشيخان عن أبي هريرة. 336- استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع، ومن طمع يهدي إلى غير مطمع، ومن طمع حيث لا مطمع3. رواه أحمد والطبراني والحاكم عن معاذ بن جبل.

_ 1 رواه الطبرانى في الكبير من حديث ابن عباس، وفيه حمزة النصيبي، وهو متروك، كما في المجمع "66/ 4". 2 رواية الديلمى عن أنس: ضعيف، رقم "945". 3 ضعيف: رقم "915".

337- استفرهوا ضحاياكم، فإنها مطاياكم على الصراط1. رواه الديلمي بسند ضعيف جدًّا عن أبي هريرة رفعه، ووقع في نهاية إمام الحرمين، ثم في وسيط الغزالي ووجيزه بلفظ: "عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم" قال إمام الحرمين: معناه: إنها تكون مراكب للمضحين، وقيل: إنها تسهل الجواز على الصراط، لكن قال ابن الصلاح: هذا الحديث غير معروف ولا ثابت فيما علمناه، وقال أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي: ليس في الأضحية حديث صحيح, ومنه: إنها مطاياكم إلى الجنة. 338- استاكوا عرضًا، وادهنوا غبًّا، واكتحلوا وترًا. قال النووي في شرح المهذب: هذا الحديث ضعيف غير معروف انتهى، ونقل في اللآلئ عن ابن الصلاح وأقره أنه قال: بحثت عنه فلم أجد له أصلًا، وليس له ذكر في شيء من كتب الحديث، وعقد البيهقي بابًا في الاستياك عرضًا، ولم يذكر فيه حديثًا يحتج به انتهى، ومثله في المقاصد، إلا أنه زاد وروى أبو داود مرسلًا عن عطاء بن أبي رباح قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شربتم فاشربوا مصًّا، وإذا استكتم فاستاكوا عرضًا، وعند البيهقي أيضًا والبغوي وابن عدي وابن مندة وابن قانع والطبراني بسند فيه ضعف وانقطاع عن بهز بن حكيم قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستاك عرضًا وبشرب مصًّا ويتنفس ثلاثًا، ويقول: هو أهنأ وأمرأ وأبرأ، ورواه علي بن ربيعة القرشي عن سعيد بن المسيب عن ربيعة بن أكثم بدل بهز، وأخرجه البيهقي والعقيلي عنه أيضا بسند ضعيف جدًّا بل قال ابن عبد البر: ربيعة قتل بخيبر فلم يدركه ابن المسيب، وقال في التمهيد: لا يصحان من جهة الإسناد، وروى أبو نعيم معنى الجملة، وروى أبو نعيم معنى الجملة الأولى عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستاك عرضًا ولا يستاك طولًا، وفي سنده عبد الله بن حكيم متروك، وروى معنى الجملة الثانية أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي مما صححه هو وابن حبان عن عبد الله بن مغفل قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الترجل إلا غبًّا، وفي الشمائل بإسناد حسن عن صحابي لم يسم أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يترجل غبًّا, وروى معنى الجملة الثالثة أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه: من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج.

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "924".

339- استعينوا على إطفاء الحريق بالتكبير. تقدم الكلام عليه في: إذا رأيتم الحريق فكبروا. 340- استعينوا على كل صنعة بصالح أهلها. قال في الأصل: قد يستأنس له بقوله صلى الله عليه وسلم: ما كان من أمر دنياكم فإليكم، وقال في التمييز: ويشهد له ما ثبت في سنن أبي داود عن سعد قال: مرضت مرضًا فأتاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني فوضع يده بين ثدييَّ حتى وجدت بردها على فؤادي وقال لي: إنك رجل مفئود، فأتِ الحارث بن كلدة من ثقيف؛ فإنه رجل يطبب. الحديث. 341- استعينوا على النساء بالعري، فإن المرأة إذا عريت لزمت بيتها1. الطبراني في الأوسط عن أنس، وفي الباب علي بن أبي طالب، وفي رواية ابن عدي عن أنس بلفظ: استعينوا على النساء بالعري؛ فإن إحداهن إذا كثرت ثيابها وأحسنت زينتها, أعجبها الخروج. 342- "استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان؛ فإن كل ذي نعمة محسود" 2. رواه الطبراني وأبو نعيم بسند ضعيف عن معاذ بن جبل رفعه، وكذا البيهقي وابن أبي الدنيا والعسكري والقضاعي بسند فيه سعيد بن سلام كذبه أحمد، وأخرجه العسكري أيضًا من غير طريقه بسند ضعيف، وفيه انقطاع بلفظ: استعينوا على طلب حوائجكم بكتمانها، فإن لكل نعمة حسدة, ولو أن امرأً كان أقوم من قدح لكان له من الناس غامز، وله طريق أخرى عند الخلعي في فوائده عن علي رفعه: استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان لها، ويستأنس له بما أخرجه الطبراني عن ابن عباس مرفوعًا: إن لأهل النعم حسادًا فاحذروهم، وذكر الزيلعي في سورة الأنبياء من تخريجه جماعة روى الحديث عنهم والأحاديث الواردة في التحدث بالنعم محمولة على ما بعد وقوعها، فلا تكون معارضة لهذه، نعم إن ترتب على التحدث بها حسد بعده، فالكتمان أولى.

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "919". 2 صحيح: رقم "943".

343- "استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك" 1. رواه البزار والطبراني والعسكري والقضاعي بسند رجاله ثقات عن ابن عباس رفعه، ورواه العسكري مرفوعًا بلا إسناد بلفظ: استغنوا عن الناس ولو بقضمة سواك، والأحاديث الواردة في التعفف عن سؤال الناس مفردة بالتأليف، ومن أقربها لهذا الحديث الحديث الصحيح: "لأن يأخذ أحدكم حبلًا فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها نفسه خير له من أن يسأل الناس, أعطوه أو منعوه" وما أحسن قول إمامنا الشافعي رضي الله عنه: لنقل الصخر من قلل الجبال ... أحب إليَّ من منن الرجال وقالوا لي بأن الكسب عار ... فقلت العار في ذل السؤال 344- "أسلمت على ما أسلفت من خير" 2. رواه مسلم عن حكيم بن حزام، وسببه كما فيه عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت أمورًا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة أو صلة رحم، أفيها أجر؟ فذكره. وفي رواية أخرى: قلت: فوالله لا أدع شيئًا صنعته في الجاهلية إلا فعلت في الإسلام مثله. 345- "استفتِ قلبك, وإن أفتاك الناس وأفتوك" 3. رواه أحمد والطبراني وأبو يعلى وأبو نعيم عن وابصة مرفوعا، وفي الباب النواس وواثلة وغيرهما. 346- اسجد للقرد في زمانه. قال في الموضوعات: أورده السيوطي عن أبي نعيم في الحلية عن طاوس، قال: كان يقال: اسجد للقرد في زمانه انتهى، وأقول: المشهور يرقص للقرد في دولته.

_ 1 صحيح: رقم "947". 2 صحيح: رقم "972". 3 رواية البخارى في التاريخ عن وابصة: استفت نفسك, وإن أفتاك المفتون. صحيح: رقم "948".

347- استفقاد الله لعبده طيب. قال النجم: هذا الكلام يجري على ألسنة الناس في المرض ومعناه: أنه تعالى يذكر عبده بالمرض ليثيبه، ويؤيده ما رواه ابن أبي الدنيا في المرض عن حبيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: "أتحبون أن لا تمرضوا؟ " قالوا: والله يا رسول الله, إنا لنحب العافية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما ضر أحدكم أن لا يذكره الله"، ويذكر بالتشديد من التذكير، والمشهور على الألسنة الآن استفقاد الله رحمة. 348- أسأل الله العظيم رب العرش العظيم, أن يعافيك ويشفيك. قال في المقاصد: رواه أحمد وابن منيع وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان والحاكم وقال: هو على شرط البخاري، أخرجوه كلهم عن ابن عباس رفعه بلفظ: من عاد مريضًا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك, إلا عافاه من ذلك المرض، وليس عند أحد منهم أن يعافيك وهي مستفيضة على الألسنة، بل ربما يقتصر عليها ولم أرها في شيء من هذه الكتب، نعم في الدعاء للطبراني بلفظ: من دخل على مريض فقال: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يعافيك, إلا عُوفي ما لم يحضر أجله، ورواه أبو نعيم في عمل اليوم والليلة مقتصرًا على أن يعافيك دون أن يشفيك، وقد وقعتا مجتمعتين في نسخة واحدة من عدة الحصن الحصين لابن الجزري، لكن يعافيك ملحقة بالهامش، وجوز بعضهم غلطها؛ لأنها ليست في أصل الحصن الحصين، وقال النجم: وروى ابن أبي الدنيا عن علي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاد عليًّا فقال: ما من مريض لم يقض أجله تعوذ بهؤلاء الكلمات, إلا خفف الله عنه: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك, سبع مرات يرددها، والمشهور على الألسنة تقديم أن يشفيك على يعافيك. 349- "أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك" 1. رواه الترمذي وصححه وأبو داود والنسائي عن ابن عمر، يقال هذا الكلام عند توديع المسافر، وفي رواية: زودك الله التقوى, ويسر لك الخير حيث كنت, وغفر لك ذنبك.

_ 1 صحيح: رقم "957".

350- استتمام المعروف أفضل من ابتدائه1. رواه الطبراني في الصغير عن جابر، وعزاه في الدرر للطبراني في الأوسط عن جابر أيضا بسند فيه عبد الرحمن بن قيس الضبي متروك، ورواه عن مسلم بن قتيبة بلفظ: تمام المعروف أشد من ابتدائه؛ لأن ابتداءَه نافلة وتمامه فريضة، وعن العباس: لا يتم المعروف إلا بتعجيله، فإنه إذا عجله هنأه، ورواه القضاعي عن جابر رفعه بلفظ: استتمام المعروف خير من ابتدائه، واشتهر أيضا: المعروف بالتمام، واشتهر أيضا: الإحسان بتمامه. 351- استحيوا من الله حق الحياء: احفظوا الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، واذكروا الموت والبلاء، فمن فعل ذلك كان ثوابه جنة المأوى2. رواه الطبراني وأبو نعيم عن الحكم ين عمير، وورد بألفاظ أخر منها ما رواه أحمد والترمذي والحاكم والبيهقي عن ابن مسعود بلفظ: استحيوا من الله تعالى حق الحياء، من استحيا من الله حق الحياء, فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلاء، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء. 352- استكثروا من الإخوان؛ فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة3. رواه ابن النجار في تاريخه عن أنس. 353- استكثروا من قول: لا إله إلا الله, والاستغفار. رواه أبو يعلى والديلمي عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-. 354- استكثروا من لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها تدفع تسعة وتسعين بابًا من الضر, أدناها الهم4. رواه العقيلي عن جابر.

_ 1 ضعيف: رقم "902". 2 ضعيف جدا: رقم "905". 3 ضعيف: رقم "927". 4 ضعيف: رقم "929".

355- اسمع من مبكياتك, ولا تسمع من مضحكاتك. قال النجم: يجري على ألسنة الناس وأصله من كلام الحسن, أخرجه أحمد في الزهد بمعناه. 356- اسمعوا وأطيعوا, وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة. رواه البخاري وأحمد وابن ماجه وابن حبان عن أنس مرفوعا، ومسلم عن أبي حصين. 357- "أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصًا مخلصًا من قلبه". رواه البخاري عن أبي هريرة مرفوعا. 358- "أسوأ الناس الذي يسرق صلاته؛ لا يتم ركوعها ولا سجودها، وأبخل الناس من بخل بالسلام" 1. رواه الطبراني في الأوسط عن عبد الله بن مغفل. 359- "أسوأ الناس سرقةً الذي يسرق من صلاته، قالوا: يا رسول الله وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها". رواه الحاكم عن أبي قتادة، وفي رواية زيادة: "ولا خشوعها"، ورواه الدارمي وابن خزيمة، وصححه الحاكم وقال: إنه على شرطهما عن أبي قتادة مرفوعًا بزيادة "إن" في أوله، وكذا رواه بها أحمد عن أبي هريرة وأبي قتادة. 360- أسحر من هاروت وماروت2. كلام يضرب به المثل في استجلاب القلوب المتنافرة, وهو بعض حديث تقدم في: اتقوا الدنيا، فوالذي نفسي بيده إنها لأسحر من هاروت وماروت.

_ 1 بنحوه صحيح: رقم "986". 2 انظر: "76".

361- أسفروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر1. رواه الترمذي والنسائي وابن حبان عن رافع بن خديج، ورواه أبو داود الطيالسي عنه أيضًا بلفظ: أسفر بالفجر فإنه أعظم للأجر، ورواه الديلمي في مسنده عن أنس بلفظ: أسفروا بالفجر يغفر لكم، وأما ما اشتهر بلفظ: اركعوا الفجر فإنه أعظم للأجر, فلم أره فليراجع. 362- "الإسلام يعلو ولا يعلى" 2. رواه الدارقطني والضياء في المختارة والروياني عن عائذ بن عمرو المزني رفعه والطبراني والبيهقي عن معاذ رفعه، وعلقه البخاري في صحيحه، والمشهور على الألسنة زيادة: عليه آخرًا، بل هي رواية أحمد، والمشهور أيضا على الألسنة: الحق يعلو ولا يعلى عليه. 363- "الإسلام يَجُبُّ ما قبله" 3. رواه ابن سعد في طبقاته عن الزبير وجبير بن مطعم، ورواه أحمد والطبراني عن عمرو بن العاص. 364- اسمح يسمح لك4. رواه أحمد والطبراني والبيهقي بسند رجاله ثقات عن ابن عباس، وحسنه العراقي، وخطئوا من حكم عليه بالوضع، ورواه عبد الرزاق عن عطاء مرسلًا بلفظ: اسمحوا يسمح لكم، وروى الشيخان وأحمد عن أسماء بنت أبي بكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أنفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك"، وعندهم أيضا عن أبي هريرة أنه قال: قال الله: "أنفق أنفق عليك"، وفي معناه ما في المجالسة من طريق عون أنه قال: أخذ الحسن شعره، فأعطى الحجام درهمين فقيل له: يكفيه دانق فقال: "لا تدنقوا فيدنق عليكم انتهى".

_ 1 انظر: "334". 2 حسن: رقم "2778". 3 صحيح: رقم "2777". 4 صحيح: رقم "982".

365- اسمعي يا جارة. هو بعض مثل ما قاله الحجاج لأنس بن مالك حين شكا منه، وهو إنما مثلي ومثلك كقول الذي قال: إياكم أعني واسمعي يا جارة.

الهمزة مع الشين المعجمة

الهمزة مع الشين المعجمة 366- "اشتدي أزمة تنفرجي1". رواه العسكري والديلمي والقضاعي بسند فيه كذاب عن علي، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله، والأزمة: الشدة وسنة القحط والمجاعة، وأصل الأزمة: الحمية والإمساك بالأسنان بعضها على بعض، ومنه قيل للفرس قد أزم على اللجام، والمعنى: أبلغي يا شدة في الشدة النهاية حتى تنفرجي، وذلك أن العرب كانت تقول: إن الشدة إذا تناهت انفرجت، قال النجم: وكذب من قال: إنه اسم امرأة أخذها الطلق فقيل لها ذلك، نقله أبو موسى المديني في ذيل الفرس عن بعض الجهال، وقال: هذا باطل، وقال السخاوي: زاد بعضهم أن الذي قال لها ذلك هو النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قلت: وهذا باطل بلا شك في الأصل، لا يجوز ذكره إلا للتنبيه على أنه باطل، موضوع انتهى. وقال في الأصل: وقد عمل أبو الفضل يوسف بن محمد المعروف بابن النحوي لفظ هذا الحديث مطلع قصيدة في الفرج بديعة في معناها, وشرحها بعض المغاربة في مجلد حافل، ولخص منه غير واحد من العصريين شرحًا، وعارضها الأديب أبو عبد الله محمد التجاني لكن ابتدأها بقوله: لا بد لضيق من فرج ... بخواطر علمك لا تهج ولشيخنا العارف عبد الغني النابلسي قصيدة أولها: ما الشدة إلا للفرج ... وستأتي أنواع الفرج وللإمام العارف أبي حامد الغزالي قصيدة أولها: الشدة أودت بالمهج ... يا رب فعجل بالفرج

_ 1 صحيح: رقم "982".

367- أشهد أني رسول الله. قال الرافعي: المنقول أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في تشهد الصلاة: وأشهد أني رسول الله، وقال الحافظ ابن حجر في تخريجه: ولا أصل لذلك بل ألفاظ التشهد متواترة عنه -صلى الله عليه وسلم- وأنه كان يقول: "وأشهد أن محمدًا رسول الله, أو عبده ورسوله"، وللأربعة من حديث ابن مسعود في خطبة الحاجة: "وأشهد أن محمدًا رسول الله"، نعم في البخاري عن سلمة بن الأكوع لما خفت أزواد القوم فذكر الحديث في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الله تعالى يكثر لهم الزاد قال: "أشهد أن لا إله إلا الله, وأني رسول الله" وله شاهد عند مسلم عن أبي هريرة بلفظ: "أشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أني رسول الله، لا يلقى الله عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة"، وفي مغازي ابن عقبة معضلًا كما رواه البيهقي في دلائل النبوة أن الوفد قالوا: يأمرنا رسولك أن نشهد أنه رسول الله ولا يشهد به في خطبته، فلما بلغه قولهم قال: "فإني أول من شهد أني رسول الله"، وفي البخاري من الأطعمة في قصة جداد نخل جابر واستيفاء غرمائه, وفضل له فضلة فبشره جابر بذلك فقال صلى الله عليه وسلم: "أشهد أني رسول الله". 368- "اشفعوا تؤجروا". رواه الشيخان عن أبي موسى قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال: "اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء"، وفي لفظ لأبي داود: "اشفعوا كي تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء"، وهي بمعنى رواية الصحيحين، ولأبي داود والنسائي عن معاوية -رضي الله عنه- أنه قال: إن الرجل ليسألني الشيء وأمنعه كي تشفعوا فتؤجروا، وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اشفعوا تؤجروا"، وروى البيهقي عن الشافعي أنه قال: الشفاعات زكاة المروءات. 369- اشتد غضب الله على من ظلم من لا يجد ناصرًا غير الله1. رواه القضاعي والديلمي بسند فيه كذاب عن علي رفعه، وعزاه في الدرر للطبراني عن علي، وقال النجم: وفي لفظ أخرجه الطبراني وابن عساكر يقول الله: اشتد غضبي على من ظلم من لا يجد له ناصرًا غيري، قال: ووقعت هذه العبارة: اشتد غضب الله في عدة أحاديث, روى الشيخان وأحمد عن أبي هريرة والطبراني والحارث بن أبي أسامة عن

_ 1 ضعيف جدا: رقم "961".

ابن عباس: اشتد غضب الله على من زعم أنه ملك الأملاك لا ملك إلا الله، والبزار: اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم ولدًا ليس منهم يطلع على عوراتهم ويشركهم في أموالهم، وابن أبي شيبة في عواليه والديلمي عن أنس: اشتد غضب الله على الزناة، والديلمي أيضا عن أبي سعيد: اشتد غضب الله على من آذاني في عترته. 370- أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل1. رواه الطبراني والبيهقي عن ابن عباس. 371- أشراف المجالس ما استقبل به القبلة2. رواه الطبراني عن ابن عباس. 372- "أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل" 3. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلي الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلاه الله على حسب دينه"، وفي لفظ: "ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة"، ورواه النسائي وابن ماجه والدارمي وأحمد وابن منيع وأبو يعلى من حديث عاصم ومالك وآخرين, وابن حبان والحاكم وصححاه، ورواه الطبراني من حديث فاطمة مرفوعًا: "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون الأمثل فالأمثل"، وأورده في الإحياء بلفظ: "البلاء موكل بالأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل"، ورواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا والحاكم واللفظ له عن أبي سعيد أنه قال: يا رسول الله من أشد الناس بلاءً؟ قال: "الأنبياء" , قال: ثم من؟ قال: "العلماء"، قال: ثم من؟ قال: "الصالحون كان أحدهم يبتلى بالقمل حتى يقتله، ويبتلى أحدهم بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يلبسها، ولأحدهم كان أشد فرحًا بالبلاء من أحدكم بالعطاء"، وفي الباب عن غير واحد من ذلك ما رواه ابن ماجه وأبو يعلى والحاكم عن أبي سعيد الخدري بلفظ: "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون، لقد كان أحدهم يبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يجدها فيلبسها, ويبتلى بالقمل حتى يقتله, ولأحدهم كان أشد فرحًا بالبلاء من أحدكم بالعطاء"،

_ 1 موضوع: رقم "972". 2 ضعيف: رقم "976". 3 صحيح: رقم "994".

ونقل الشعراني في اليواقيت والجواهر عن الجلال السيوطي أنه قال في كتابه التحدث بالنعمة: وللحاكم في المستدرك بلفظ: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم العلماء ثم الصالحون انتهى، وقال السيوطي في كتابه كشف المغمى في فضل الحمى: أخرج هناد بن السري وابن أبي الدنيا وأبو نعيم والبيهقي من طريق أبي عبيدة بن حذيفة عن عمته أنها دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد حُمَّ، فأمر بسقاء فعلق على شجرة، ثم اضطجع تحته فجعل يقطر على فؤاده، فقلت: ادعُ الله فيكشف عنك فقال: إن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم انتهى، وقال النجم: وفي رواية ابن حبان: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل, يبتلى الناس على قدر دينهم, فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه، ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه، وإن الرجل ليصيبه البلاء حتى يمشي في الأرض ما عليه خطيئة. 373- أشقى الناس عاقر ناقة ثمود، وابن آدم الذي قتل أخاه1. رواه الطبراني والحاكم عن ابن عمر بزيادة: ما سفك على الأرض من دم إلا لحقه منه؛ لأنه أول من سن القتل. 374- أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون. رواه الإمام أحمد عن ابن عمر بزيادة: يقال لهم: أحيوا ما خلقتم، ورواه الشيخان وأحمد والنسائي عن عائشة بلفظ: أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله، وفي بعض الروايات: إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون، وخرج عند الجمهور على حذف ضمير الشأن، وجوز الكسائي وجماعة زيادة: من في الإثبات. 375- أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة2. رواه الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد، ورواه أبو الشيخ في الثواب عن أبي سعيد بلفظ: أشقى الأشقياء من اجتمع عليه عذاب الدنيا وعذاب الآخرة. 376- أشد الناس عذابًا عالم لم ينفعه علمه3. رواه الطبراني وابن عدي وابن ماجه عن أبي هريرة.

_ 1 ضعيف: رقم "978". 2 موضوع: رقم "977". 3 ضعيف جدا: رقم "968".

حرف الهمزة مع الصاد

حرف الهمزة مع الصاد المهملة 377- أصدق الحديث ما عطس عنده1. رواه الطبراني في الأوسط، وكذا أبو يعلى والحكيم الترمذي عن أنس -رضي الله عنه-. 378- "أصدق كلمة قالها الشاعر, كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل". رواه الشيخان عن أبي هريرة, وفي رواية عند أحمد والترمذي عن أبي هريرة: أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد، وتتمته: وكل نعيم لا محالة زائل. 379- أصف النية, ونم في البرية. قال في التمييز وغيره: ليس بحديث، وأقول: لكن يشهد له عموم حديث نقله السيوطي في عقود الجمان من غير عزو بلفظ مكتوب في الإنجيل: اتق الله ثم نم حيث شئت, انتهى فتأمل. 380- أصل كل داء البردة2. رواه أبو نعيم والمستغفري والدارقطني في العلل بسند فيه تمام بن نجيح, ضعفه الدارقطني ووثقه ابن معين وغيره عن أنس رفعه، وفي رواية عند المستغفري كما في النجم: أصل كل داء البردة، ولأبي نعيم أيضًا عن ابن عباس مرفوعًا مثله، ومن حديث عمر بن الحارث عن أبي سعيد رفعه: أصل كل داء من البردة، ومفرداته ضعيفة، وقال الدارقطني كغيره: الأشبه بالصواب أنه من قول الحسن البصري، وحكاه في الفائق من كلام ابن مسعود، قال الدارقطني: المحدثون يروونه بسكون الراء؛ ولذلك ضم إليه بعضهم "الحر" والصواب: فتحها بمعنى التخمة؛ لأنها تبرد حرارة الشهوة, أو لأنها ثقيلة على المعدة بطيئة الذهاب من برد: إذا ثبت وسكن, وقد أورد أبو نعيم أيضًا عن أبي هريرة رفعه: استدفئوا من الحر والبرد، وكذلك المستغفري مع ما رواه عن أنس

_ 1 موضوع: رقم "985". 2 ضعيف جدًّا: رقم "992".

أيضًا مرفوعًا: إن الملائكة لتفرح بارتفاع البرد عن أمتي، وروى أيضا كما مر: أصل كل داء البرد، وهما ضعيفان، وذلك منهما دليل على المحدثين الذين رووه بالسكون. 381- أصحابي كالنجوم، فبأيهم اقتديتم اهتديتم1. رواه البيهقي، وأسنده عن ابن عباس بلفظ: أصحابي بمنزلة النجوم في السماء, بأيهم اقتديتم اهتديتم. 382- أصل كل داء الرضا عن النفس. قال النجم نقلًا عن السخاوي: ليس بحديث واستأنس لمعناه بكلام الصوفية المتأخرين، قال ابن عطاء الله في الحكم: أصل كل معصية وغفلة وشهوة الرضا عن النفس، وقال في المقاصد: لكنه ورد في كلام السلف معناه بألفاظ مختلفة، منها ما أورده القشيري من قول أبي عمر بن بجيد: آفة العبد رضاه عن نفسه بما هو فيه, وقول ذي النون: علامة الإصابة مخالفة النفس والهوى، وقول ابن عطاء: أقرب شيء إلى مقت الله وبلائه النفس وأحوالها، وأشد من ذلك مطالعة الأعواض أي بأن يطلب العبد العوض من الله تعالى على فعلها، وقول أبي حفص: من لم يتهم نفسه على دوام الأوقات ولم يخالفها في جميع الأحوال ولم يجرها إلى مكروهها في سائر أيامه كان مغرورًا، ومن نظر إليها باستحسان شيء منها فقد أهلكها، وكيف يصح لعاقل الرضا عن نفسه والكريم ابن الكريم يقول: وما أبرئ نفسي؛ إن النفس لأمارة بالسوء. قال القشيري: وسئل المشايخ عن الإسلام, فقالوا: ذبح النفس بسيوف المخالفة، قال: وروي عن جابر مرفوعا: أخوف ما أخاف على أمتي اتباع الهوى فيضل عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة، وفي التنزيل: {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} 2 وسيأتي حديث: أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك، وفي رواية: زوجتك التي تضاجعك وما ملكت يمينك.

_ 1 موضوع، انظر الضعيفة: "ح58". 2 ص: الآية "38".

383- "أصبحنا وأصبح الملك لله" 1. رواه كما في الأذكار ابن السني عن عبد الله بن أبي أوفى بلفظ: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أصبح قال: "أصبحنا وأصبح الملك لله -عز وجل- والحمد لله, والكبرياء والعظمة لله، والخلق والأمر والليل والنهار وما سكن فيهما لله تعالى، اللهم اجعل أول هذا النهار صلاحًا, وأوسطه نجاحًا, وآخره فلاحًا يا أرحم الراحمين". 384- اصنع المعروف إلى من هو أهله وإلى من ليس أهله، فإن أصبت أهله فهو أهله, وإن لم تصب أهله فأنت من أهله2. رواه القضاعي مرسلٍا والدارقطني في المستجاد، ورواه الخطيب في رواة مالك عن ابن عمر، وابن النجار في تاريخه عن علي بلفظ: اصنع المعروف إلى أهله وإلى غير أهله، فإن أصبت أهله أصبت من هو أهله، وإذا لم تصب أهله كنت أنت من أهله، قال السخاوي: وقد أوردت من الأحاديث في هذا المعنى جملة في كتاب الجواهر المجموعة. 385- "اصنعوا ما بدا لكم، فما قضى الله تعالى فهو كائن، وليس من كل الماء يكون الولد" 3. رواه أحمد عن أبي سعيد.

_ 1 أخرجه مسلم "2723"، من حديث عبد الله بن مسعود. 2 ضعيف: رقم "993". 3 صحيح: رقم "1016".

الهمزة مع الضاد

الهمزة مع الضاد المعجمة: 386- أضف بطعامك من تحب في الله. رواه ابن مبارك في الزهد عن الضحاك مرسلًا.

387- اضمنوا لي ست خصال أضمن لكم الجنة: لا تظالموا عند قسمة مواريثكم، وأنصفوا الناس من أنفسكم، ولا تجبنوا عند قتال عدوكم، ولا تغلوا غنائمكم، وامنعوا ظالمكم من مظلومكم1. رواه الطبراني عن أبي أسامة -رضي الله عنه-. 388- "اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم, وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم, وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم" 2. رواه أحمد وابن حبان والطبراني والبيهقي والحاكم عن عبادة بن الصامت. 389- اضربوهن, ولا يضرب إلا شراركم3. رواه ابن سعد عن قاسم بن محمد مرسلًا.

_ 1 ضعيف: رقم "995". 2 حسن: رقم "1018". 3 ضعيف: رقم "994".

حرف الهمزة مع الطاء المهملة

حرف الهمزة مع الطاء المهملة: 390- أطعموا نساءكم في نفاسهن التمر، فإن من كان طعامها في نفاسها التمر, كان ولدها حليمًا. قال ابن حجر: رواه عبد الله بن المنذر بسند فيه كذاب، [ومن ثم أورده ابن عبد الله بن المنذر بسند فيه كذاب] 1، ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوعات, ويقرب منه ما رواه أبو نعيم في الطب بلفظ: أطعموا حبالاكم اللبان، فإن يكن في بطنها ذكر يكن زكي القلب، وإن يكن أنثى حسن خلقها وتعظم عجيزتها.

_ 1 وقع في تنبيهات بعض النسخ التي بين أيدينا أن هذه الجملة غير موجودة في "الشامية"، فلعلها مقحمة كما يظهر من السياق.

391- أطفئوا الحريق بالتكبير1. مر في: إذا رأيتم الحريق فكبروا. 392- "أطفال المؤمنين في جبل في الجنة، يكفلهم إبراهيم وسارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة" 2. رواه أحمد والحاكم والبيهقي في البعث عن أبي هريرة، كذا ذكره النجم, لكن رواه السيوطي في بشرى الكئيب عمن ذكر مع زيادة ابن أبي الدنيا وابن أبي داود عن أبي هريرة أيضًا بلفظ: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولاد المؤمنين في جبل في الجنة, يكفلهم إبراهيم وسارة حتى يردوهم لآبائهم يوم القيامة" انتهى، ومما يناسب إيراده هنا ما حكاه الأستاذ أبو الحسن البكري في نبذته المتعلقة بالكلام على ليلة النصف من شعبان عن الإمام ابن الجوزي في كتاب التوابين، قال: وروي عن مالك بن دينار أنه سئل عن سبب توبته، فقال: كنت شرطيًّا، ثم اشتريت جارية نفيسة ووقعت مني أحسن موقع، فولدت مني بنتًا، فشغفت بها، فلما دبت على الأرض ازدادت في قلبي حبًّا وألفتني وألفتها، فلما تم لها سنتان ماتت، فأكمدني حزنها، فلما كانت ليلة النصف من شعبان وكانت ليلة جمعة نمت فرأيت في منامي كأن القيامة قد قامت, ونفخ في الصور, وبعثر ما في القبور, وحشر الخلائق وأنا معهم، فسمعت حسًّا فالتفتُّ فإذا بتنين عظيم أسود أزرق قد فتح فاه مسرعًا نحوي، ففررت بين يديه هاربًا فزعًا مرعوبًا، فمررت في طريقي فإذا أنا بشيخ نقي الثياب طيب الرائحة، فسلمت عليه فرد السلام فقلت له: أيها الشيخ أجرني من هذا التنين -أجارك الله عز وجل-, فبكى وقال: أنا ضعيف وهذا أقوى مني، فوليت هاربًا على وجهي، فصعدت على شرف القيامة، فأشرفت على طبقات النيران، فكدت أهوي فيها من فزعي، فصاح صائح: ارجع فلست من أهلها، فاطمأننت ورجعت، ورجع التنين في طلبي، فأتيت الشيخ، فقلت: سألتك أن تجيرني من هذا التنين فلم تفعل، فبكى فقال: أنا ضعيف، ولكن سر إلى هذا الجبل فإن فيه ودائع للمسلمين, فإن لك فيه وديعة فتنصرك، فنظرت إلى جبل مستدير من فضة فيه طاقات مخرمة وستور معلقة، على كل طاقة مِصْرَاعان من الذهب الأحمر، مفصلة بالياقوت, مكفوفة بالدر، على كل مصراع ستر من الحرير، فلما نظرت إلى الجبل هرولتُ إليه والتنين من ورائي، حتى إذا قربت منه صاح بعض الملائكة: ارفعوا الستور, وافتحوا المصاريع وأشرفوا، فرأيت أطفالًا كالأقمار، وقرب التنين مني فحِرْتُ في أمري،

_ 1 انظر: "234". 2 صحيح: رقم "1023".

فقال بعض الأطفال: ويحكم أشرفوا كلكم، فقد قرب منه عدوه، فأشرفوا فوجًا بعد فوج, وإذا بابنتي التي ماتت قد نظرت إليَّ وبكت، وقالت: أبي والله، ثم وثبت في كفة من نور كرمية السهم حتى صارت عندي، ومدت يدها الشمال إلى يدي اليمين، فعلقت بها، ومدت يدها اليمين إلى التنين فولى هاربًا، ثم أجلستني وقعدت في حجري، وضربت بيدها اليمين إلى لحيتي، وقالت: يا أبت {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} ؟ 1 فبكيت، وقلت: أنتم تعرفون القرآن؟ فقالت: نحن أعرف به منكم أيها الأحياء، فقلت: فأخبريني عن التنين الذي أراد أن يهلكني، قالت: ذلك عملك السيئ قويته فأراد أن يغرقك في نار الجحيم، قلت: فالشيخ؟ قالت ذاك عملك الصالح أضعفته حتى لم يكن له طاقة بعملك السيئ، فقلت: يا بنية, ما تصنعون في هذا الجبل؟ قالت: أطفال المؤمنين قد سكنوا فيه إلى أن تقوم الساعة, ننتظركم تقدمون علينا فنشفع لكم، فانتبهت فزعًا مرعوبًا، فكسرت آلات المخالفة وتركت جميع ذلك, وعقدت مع الله توبة نصوحًا فتاب عليَّ سبحانه، أي: قبل توبتي. 393- "أطفال المشركين خدم أهل الجنة" 2. رواه الطبراني عن أنس، وسعيد بن منصور عن سلمان موقوفًا، ورواه البخاري في تاريخه الأوسط عن سمرة مرفوعًا، وفيهم عشرة أقوال: أصحها ما دل عليه الحديث من أنهم في الجنة، وذكرها الحافظ ابن حجر في شرح البخاري وغيره، ثانيها: أنهم في مشيئة الله تعالى، ثالثها: أنهم تبع لآبائهم في النار، رابعها: أنهم في سرح بين الجنة والنار، خامسها وعليه الأكثر: أنهم في النار، سادسها: أنهم سيصيرون ترابًا، سابعها: أنهم يمتحنون في الآخرة، فمن امتثل دخل الجنة وإلا فالنار، ثامنها: أنهم يبقون في المحشر، تاسعها: الوقف عاشرها: الإمساك، وفي الفرق بينهما دقة وخفاء فليتأمل. 394- اطلبوا الخير عند حسان الوجوه3. هذه رواية الأكثر عن أنس وجابر وابن عباس وعائشة وغيرهم، وفي رواية للطبراني من حديث يزيد بن خصيفة مرفوعًا بلفظ: التمسوا الخير، ورواه الدارقطني في الأفراد عن أبي هريرة بلفظ: ابتغوا الخير عند حسان الوجوه، وفي رواية القسملي: إذا طلبتم الحاجات فاطلبوها إلى حسان الوجوه، وفي لفظ: اطلبوا الحوائج والخير، وفي آخر: اطلبوا

_ 1 الحديد: آية "16". 2 صحيح: رقم "1024". 3 موضوع: رقم "1002".

الخير أو قال: العرف وكلاهما عند العسكري، وعند بعضهم من الزيادة: فإن قضى حاجتك قضاها بوجه طلق، وإن ردك ردك بوجه طلق، فرُبَّ حسن الوجه دميمه عند طلب الحاجة، ورب دميم الوجه حسنه عند طلب الحاجة، ونحوه قيل لابن عباس: كم من رجل قبيح الوجه قَضَّاء للحوائج، قال: إنما يعني حسن الوجه عند الطلب، وطرقه كلها ضعيفة، وبعضها أشد في ذلك من بعض، وأحسنها ما أخرجه تمام عن ابن عباس رفعه بلفظ: التمسوا الخير، وكذا ما أخرجه البخاري في تاريخه عن ابن عباس وقيل عن أبي هريرة بسند فيه متروك، وكذا ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس بسند رجاله موثقون إلا عبد الله بن خراش فقال ابن حبان: ربما أخطأ وإن كان ثقة، وضعفه غيره، ومع هذا فلا يتهيأ الحكم على الحديث بالوضع الذي قاله الصغاني وكثيرون كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر وغيره، وروى العسكري عن رجل من جهينة رفعه، وشر ما أعطي الرجل قلب سوء في صورة حسنة، وروى البزار عن بريدة رفعه: إذا أبردتم إلي بريدًا, فأبردوه حسن الوجه حسن الاسم، وله عن أبي هريرة: إذا بعثتم إلي رجلًا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم، وأحدهما يقوي الآخر، وفي رواية للخطيب: اطلبوا الخير عند صباح الوجوه، وسيأتي في: التمسوا الخير عند حسان الوجوه، وقد قيل فيه أشعار قديمًا وحديثًا على سبيل العقد للحديث، فمن الأشعار القديمة ما ورد عن ابن عباس أنه قال: قال الشاعر: ائت شرط النبي إذ قال يومًا ... فابتغوا الخير في صباح الوجوه ولابن رواحة أو حسان -رضي الله عنهما- كما رواه العسكري: وأنشد بعضهم: يدل على معروفه حسن وجهه ... وما زال حسن الوجه إحدى الشواهد وفيه عن الحسن بن عبد الرحمن: لقد قال الرسول وقال حقا ... وخير القول ما قال الرسول إذا الحاجات أبدت فاطلبوها ... إلى من وجهه حسن جميل ومن الأشعار الحديثة ما لشيخنا عبد الغني النابلسي رحمه الله تعالى: يا أخا البدر قد صفا لك ودي ... وغدا سالمًا من التمويه إن طلبت الوصال منك فجد لي ... وأنلني منك الذي أبتغيه وهو خير وفي الحديث روينا ... اطلبوا الخير من حسان الوجوه وأقول: لم أره بلفظ من، وقلت تشبهًا بهم منبهًا على أنه بالمعنى:

يا من سبى بالحسن كل فقيه ... واستجمعت عليا المكارم فيه جد لي بخير فهو خير قد أتى ... فيه حديث صالح نرويه ما إن معناه اطلبوا من خيركم ... الخير أعني: من حسان الوجوه 395- اطلبوا الله تجدوه. روى أحمد في الزهد عن قتادة معناه قال: مكتوب في الحكمة: اتق توقه، ابتغ تجد، اشرب تشبع، وعند ابنه في زوائده عن ابن حبس قال: قالت الحكمة: يا ابن آدم, تلتمسني وأنت تجدني في حرفين: تعمل بخير ما تعلم، وتدع شر ما تعلم. 396- اطلبوا الرزق في خبايا الأرض1. يعني الزراعة, رواه أبو يعلي والطبراني والبيهقي بسند ضعيف عن عائشة. 397- اطلبوا العلم ولو بالصين؛ فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم2. رواه البيهقي والخطيب وابن عبد البر والديلمي وغيرهم عن أنس، وهو ضعيف، بل قال ابن حبان: باطل، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، ونوزع بقول الحافظ المزي: له طرق ربما يصل بمجموعها إلى الحسن، ويقول الذهبي في تلخيص الواهيات: روي من عدة طرق واهية وبعضها صالح، ورواه أبو يعلى عن أنس بلفظ: اطلبوا العلم ولو بالصين فقط، ورواه ابن عبد البر أيضا عن أنس بسند فيه كذاب بلفظ: اطلبوا العلم ولو بالصين؛ فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يطلب، وستأتي الجملة الثانية بما فيها في الطاء معزوةً لابن ماجه وغيره. 398- اطلبوا العلم يوم الاثنين -وفي لفظ: في كل يوم اثنين- فإنه ميسر لطالبه3. رواه الديلمي وابن عساكر وأبو الشيخ بسند ضعيف عن أنس، ويشارك يوم الاثنين في ندب الطلب فيه يوم الخميس لحديث ابن عدي عن جابر بلفظ: اطلبوا العلم لكل اثنين وخميس؛ فإنه ميسر لمن طلب.

_ 1 ضعيف: رقم "1004". 2 موضوع: رقم "1005". 3 ضعيف: رقم "1007".

157 399- اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس؛ فإن الأمور تجري بالمقادير1. رواه تمام وابن عساكر بسند ضعيف عن عبد الله بن بسر، لكن يقويه ما رواه الطبراني وأبو نعيم من حديث أبي أمامة: إن روح القدس نفث في روعي: لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب. وفي لفظ: نفث في روعي روح القدس أن نفسًا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ورواه البزار عن حذيفة بلفظ: هذا روح القدس نفث في روعي: لن تموت ... الحديث، وفي الباب عن جابر كذا في تخريج أحاديث مسند الفردوس للحافظ ابن حجر. 400- اطلع في القبور, واعتبر بالنشور2. رواه البيهقي والديلمي بسند فيه متروك ومتهم بالوضع عن أنس، وسببه أن رجلًا شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قسوة قلبه, فذكره. 401- "اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء". رواه الشيخان وأحمد والترمذي عن ابن عباس، والبخاري والترمذي عن عمران بن حصين، وأحمد بأسانيد جيدة عن ابن عمر، إلا أنه قال فيه: واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها الأغنياء والنساء، والشيخان عن أسامة بلفظ: قمت على باب الجنة، فكان عامة من دخلها المساكين، وأصحاب الجد محبوسون غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار، وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء، والجد بفتح الجيم: الحظ والغنى. 402- أطيب الطيب المسك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد. 403- "أطيب الكسب عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور" 3. أحمد والطبراني وأبو الشيخ عن رافع بن خديج.

_ 1 ضعيف: رقم "1000". 2 موضوع: رقم "1011". 3 صحيح: رقم "1033".

404- "أطول الناس أعناقًا يوم القيامة المؤذنون" 1. رواه أحمد عن أنس. 405- اطلبوا المعروف من رحماء أمتي تعيشوا في أكنافهم، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم، فإن اللعنة تنزل عليهم، يا علي إن الله خلق المعروف وخلق له أهلًا، فحببه إليهم وحبب إليهم فعاله ووجه إليهم طلابه، كما وجه الماء في الأرض الجدبة لتحيا به ويحيا به أهلها، إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة2. الحاكم عن علي، ورواه ابن عساكر عن عبد الله بن بسر بلفظ: اطلبوا الفضل عند الرحماء من أمتي تعيشوا في أكنافهم، فإن فيهم رحمتي، ولا تطلبوا من القاسية قلوبهم، فإنهم ينتظرون سخطي، رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق عن أبي سعيد -رضي الله عنه-.

_ 1 صحيح: رقم "1031". 2 ضعيف: رقم "1009".

حرف الهمزة مع الظاء المشالة

حرف الهمزة مع الظاء المشالة: 406- إظلال الغمامة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-1. رواه القاضي عياض في الشفاء، وعزا الرواية: أن خديجة ونساءها رأينه حين قدم من سفره لبصرى وملكان يظللانه، فذكرت ذلك لميسرة غلامها، فأخبرها أنه رأى ذلك منذ خرج معه في سفره، وروي أن حليمة رأت غمامة تظلها وهو عندها، وروي ذلك عن أخيه من الرضاعة ومن ذلك أنه نزل في سفر له قبل مبعثه تحت شجرة يابسة، فاعشوشب ما حولها وأينعت هي، وتدلت عليه أغصانها بمحضر من رآه، وفي خبر آخر: مالت إليه الشجرة حتى أظلته, انتهى. وروى ابن إسحاق معضلًا أنه لما خرج مع عمه إلى الشام في جماعة نزلوا قريبًا من صومعة بحيرى وصنع لهم طعامًا كثيرًا؛ لأنه فيما يزعمون رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أقبل وغمامة تظله من بين

_ 1 صحيح، انظر الحديث بطوله في صحيح الترمذى "ح2862".

القوم، ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبًا منه، فنظر إلى الغمام حين أظلته الشجرة وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين استظل تحتها، ووصله البيهقي والخرائطي واللفظ له عن أبي موسى الأشعري قال: خرج أبو طالب إلى الشام ومعه النبي -صلى الله عليه وسلم- في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب يعني بحيرى -بفتح الموحدة وكسر الحاء المهملة مقصورًا-, واسمه جرجيس -بكسر الجيمين- هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب وكان قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت، قال: فنزل وهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم، حتى جاء فأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: هذا سيد العالمين، وزاد البيهقي: هذا رسول رب العالمين، هذا ابتعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أشياخ من قريش: وما علمك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من الثنية لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدًا، ولا يسجدان إلا لنبي، وأنه عرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، ثم رجع فصنع لهم طعامًا، فلما أتاهم به وكان هو في رعية الإبل، فقال: أرسلوا إليه، فأقبل وغمامة تظله فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى الشجرة، فلما جلس -صلى الله عليه وسلم- مال فيء الشجرة عليه فقال: انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه، فبينا هو قائم عليهم يناشدهم: أن لا تذهبوا به إلى الروم إذا رأوه عرفوه بصفته فقتلوه، فالتفت فإذا هو بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم، فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: جئنا إلى هذا النبي، وهو خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بعث إليه ناس، وإنا أخبرنا خبره، فبعثنا إلى طريقك هذا، قال: أفرأيتم أمرًا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا: لا قال: فبايعوه وأقاموا معه فأتاهم فقال: أيكم وليه؟ قال أبو طالب: أنا، فلم يزل يناشده حتى رده وبعث معه أبو بكر بلالًا، وزوده الراهب من الكعك والزيت، لكن هذا الحديث ضعفه الذهبي لقوله في آخره: "وبعث معه أبو بكر بلالًا" فإن أبا بكر لم يكن إذ ذاك اشترى بلالًا، وقال الحافظ ابن حجر: الحديث رجاله ثقات وليس فيه منكر سوى هذه اللفظة، فيحمل على أنها مدرجة مقتطعة من حديث آخر، وقال البيهقي: هذه قصة مشهورة عند أهل المغازي، وذكر الجلال السيوطي في الخصائص الكبرى لها شواهد، وقال النجم: رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه، وابن أبي شيبة والبيهقي وأبو نعيم والأصبهاني والخرائطي في الهواتف، وابن عساكر عن أبي موسى، ثم ذكر الحديث باللفظ المتقدم آخرًا، وقال الترمذي بعد ذكره الحديث: إنه حسن غريب لا نعرفه إلا من طريق أبي نوح قراد، واسمه عبد الرحمن بن غزوان وهو ممن خرج له البخاري ووثقه جماعة من الحفاظ وقد سمعه منه أحمد وابن

معين، وأبو موسى إما أن يكون تلقاه من النبي -صلى الله عليه وسلم- فيكون أبلغ، أو من بعض كبار الصحابة، أو كان مشهورًا فأخذه بطريق الاستفاضة، وقال السخاوي: وبالجملة فلم تذكر الغمامة في حديث أصح من هذا، ولم يكن تظليل الغمامة له -صلى الله عليه وسلم- إلا قبل البعثة، فلا ينافي ما جاء أنه ظلله أبو بكر برداء حين قدم المدينة في الهجرة لما أصابته الشمس، وأنه ظلل بثوب في الجعرانة، وأنهم كانوا إذا أتوا على شجرة ظليلة تركوها له -صلى الله عليه وسلم- وغير ذلك. 407- أظهروا النكاح، وأخفوا الخِطْبَة1. رواه الديلمي في الفردوس عن أم سلمة وسيأتي بلفظ: أعلنوا النكاح.

_ 1 ضعيف: رقم "1021".

حرف الهمزة مع العين المهملة

حرف الهمزة مع العين المهملة: 408- "أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام" 1. رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 409- أعروا النساء، يلزمن الحجاب2. رواه الطبراني عن مسلمة بن مخلد -رضي الله عنه-. 410- الإعادة سعادة. قال السخاوي: وتبعه في التمييز ما علمته في المرفوع، وصح أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا تكلم كلمة أعادها ثلاثًا لتفهم عنه، وفي لفظ للبخاري وأحمد والترمذي عن أنس بلفظ: حتى تفهم عنه، والمشهور على الألسنة: الإعادة إفادة، وقال القاري في الموضوعات الكبرى والمشهور على الألسنة: "الإفادة خير من الإعادة"، لكن الشمائل للترمذي كان -صلى الله عليه وسلم- يعيد الكلام ثلاثًا لمزيد الإفادة, انتهى.

_ 1 صحيح: رقم "1044". 2 ضعيف: رقم "1038".

وقال النجم: والذي سمعناه دائرًا على الألسنة: "في الإعادة إفادة"، وهو أقرب لمعنى الحديث. 411- أعدد ستًّا بين الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم مُوتانًا يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا، ثم فتنة لا يبقى من العرب بيت إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية, تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا. رواه البخاري عن عوف بن مالك. 412- أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك. رواه البيهقي في الزهد بإسناد ضعيف، وله شاهد من حديث أنس، ويجري على ألسنة كثيرين: أعدى عدويك -بالتثنية في الموضعين- ولا أصل له بهذا اللفظ، والمشهور على الألسنة: أعدى عدوك -بالأفراد في عدوك-, وما أحسن ما قيل: إني بليت بأربع ما سلطوا ... إلا لأجل شقاوتي وعنائي إبليس والدنيا ونفسي والهوى ... كيف الخلاص وكلهم أعدائي؟! 413- أعدى عدوك زوجتك التي تضاجعك, وما ملكت يمينك1. رواه الديلمي في مسند الفردوس عن أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه-. 414- اعتبروا الأرض بأسمائها، واعتبروا الصاحب بالصاحب2. رواه ابن عدي عن ابن مسعود والبيهقي عنه موقوفًا. 415- "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" 3. رواه ابن ماجه بإسناد جيد عن ابن عمر, وأبو يعلى عن أبي هريرة -رضي الله عنه-, والطبراني عن جابر, والحكيم الترمذي عن أنس، ورواه البيهقي عن أبي هريرة بزيادة: وأعلموه أجره وهو في عمله.

_ 1 ضعيف: رقم "1033". 2 ضعيف: رقم "1026". 3 حسن: رقم "1055".

416- أُعطي يوسف شطر الحسن. رواه أبو يعلى وكذا مسلم عن أنس، لكن في أثناء حديث الإسراء مرفوعًا، وفيه: فإذا أنا بيوسف إذا هو قد أعطي شطر الحسن، وأخرجه أبو نعيم بلفظ: أتيت على يوسف وقد أعطي شطر الحسن، وكذا رواه أحمد وابن أبي شيبة والحاكم عن أنس، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه, وقد علمت تخريج مسلم له في أثناء حديث الإسراء، وزاد بعضهم: وأمه شطر الحسن، وزاد آخر: ومن سواه شطره، ولإسحاق بن راهويه عن ابن مسعود: أُوتي يوسف وأمه ثلث الحسن وسنده صحيح، ورواه ابن جرير عن الحسن مرسلًا بلفظ: أُعطي يوسف وأمه ثلث حسن أهل الدنيا، وأُعطي الناس الثلثين. 417- أعطوا السائل ولو جاء على فرس1. رواه مالك في الموطأ مرسلًا عن زيد بن أسلم، قال ابن حجر في خطبة اللآلئ المنثورة: وهو أحد الأحاديث الخمسة التي قال فيها علي بن المديني: خمسة أحاديث يروونها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أصل لها عنه: حديث: لو صدق السائل ما أفلح من رده, وحديث: لا وجع إلا وجع العين ولا غم إلا غم الدين، وحديث: إن الشمس ردت على علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-, وحديث: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: أنا أكرم على الله من أن يدعني تحت الأرض مائتي عام، وحديث: أفطر الحاجم والمحجوم؛ إنهما كانا يغتابان، وهو أيضًا أحد الأحاديث الأربعة التي تدور على الألسنة في الأسواق عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس لها أصل على ما نقل ابن الصلاح عن الإمام أحمد, وهي: حديث من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة، وحديث: من آذى ذميًّا فأنا خصمه، وحديث: يوم نحركم يوم صومكم، وحديث: للسائل حق وإن جاء على فرس، لكن ناقش الحافظ ابن حجر في ثبوت ذلك عن أحمد بالنسبة لحديث السائل، ولحديث من آذى ذميًّا فإن لهما أصلًا، وسيأتي ما يتعلق بذلك في محالها. 418- "اعقلها وتوكل" 2. رواه الترمذي عن أنس وقال: غريب، ونقل عن يحيى بن سعيد القطان أنه منكر، والبيهقي وأبو نعيم وابن أبي الدنيا عن أنس أنه قال: قال رجل: يا رسول الله، أعقلها

_ 1 ضعيف: رقم "1043". 2 حسن: رقم "1068".

وأتوكل أو أطلقها وأتوكل؟ " قال: "اعقلها وتوكل" يعني: الناقة, وأخرجه ابن حبان وأبو نعيم أيضًا عن عمرو بن أمية الضمري أنه قال: قال رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم-, وقيل القائل عمرو: "أرسل ناقتي وأتوكل؟ " قال: "اعقلها وتوكل". ورواه الطبراني عن أبي هريرة بلفظ: "قيدها وتوكل". 419- "أعفوا اللحى، وجزوا الشوارب، وغيروا شيبكم، ولا تشبهوا باليهود والنصارى" 1. رواه أحمد عن أبي هريرة. 420- أعطيت جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصارًا2. رواه أبو يعلى عن عمر، وفي معناه ما رواه أبو يعلى والطبرانى عن أبي موسى بلفظ: أعطيت فواتح الكلم وجوامعه وخواتمه. 421- أعطوا العين حظها من العبادة, قيل: ما حظها يا رسول الله؟ قال: النظر في المصحف3. رواه الحكيم الترمذي في النوادر، والبيهقي عن أبي سعيد بسند ضعيف: أعطوا أعينكم حظها من العبادة, قالوا: يا رسول الله وما حظها؟ قال: النظر في المصحف, والتفكر فيه, والاعتبار عند عجائبه. 422- أعلنوا بالنكاح، واجعلوه في المساجد, اضربوا عليه بالدف -وفي رواية: بالدفوف. رواه الترمذي عن عائشة وضعفه، لكن له شواهد فيكون حسنًا لغيره بل صحيحًا على ما سيأتي، فمن الشواهد ما رواه ابن ماجه وابن منيع من حديث أنس وعائشة كما في اللآلئ والمقاصد وغيرهما وما في مسند أحمد عن ابن الزبير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أعلنوا النكاح"، قال السخاوي: وفي لفظ: "وأخفوا الخطبة"، وبه تمسك من أبطل نكاح السر، ومن الشواهد ما رواه ابن حبان والحاكم وصححاه

_ 1 صحيح: رقم "1067". 2 رواية أبي يعلى والطبراني: صحيح: رقم "1058". 3 رواية البيهقي: موضوع: رقم "1041".

والطبراني وأبو نعيم عن ابن الزبير ومنها ما رواه الطبراني عن هبار بن الأسود بلفظ: أشهروا النكاح وأعلنوه، وما رواه الديلمي عن أم سلمة بلفظ: أظهروا النكاح وأخفوا الخِطبة, وقال النجم: ومن شواهده ما أخرجه الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه عن محمد بن حاطب بلفظ: فصل ما بين الحلال والحرام ضرب الدف والصوت في النكاح. 423- "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين, وأقلهم من يجوز ذلك1". رواه الترمذي وابن ماجه وآخرون عن أبي هريرة مرفوعًا، وصححه ابن حبان والحاكم وقال: على شرط مسلم، وقال: حسن غريب من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة، ورواه الترمذي أيضًا من وجه آخر عن أبي هريرة رفعه بلفظ: عمر أمتي من ستين إلى سبعين، وقال فيه أيضا: حسن غريب من حديث أبي صالح، ورواه ابن عساكر والحكيم الترمذي عن أبي هريرة أيضا رفعه بلفظ: أقل أمتي أبناء السبعين، وفي لفظ لأحمد والترمذي وابن ماجه وأبي يعلى والعسكري والقضاعي والرامهرمزي وغيرهم: معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين، وفي لفظ لابن منيع والرامهرمزي: من عمره الله ستين سنة فقد أعذر إليه في العمر، يريد قوله تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} 2. ورواه البخاري عن أبي هريرة بلفظ: أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى يبلغ ستين سنة، وللعسكري عن محمد القرشي قال: قال رجل لعبد الملك بن مروان: كم تعد يا أمير المؤمنين؟ فبكى، وقال: أنا في معترك المنايا، هذه ثلاث وستون فمات لها، وللرامهرمزي عن وهب بن منبه في قوله تعالى: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} [مريم: 8] قال هذه المقالة وهو ابن ستين أو خمس وستين سنة، وأصل الحديث في البخاري من حديث سهل بن سعد، وفي لفظ: الذين يبلغون السبعين، ولفظ الآخر: حصاد أمتي ما بين الستين إلى السبعين، ورواه الترمذي والطبراني عن ابن عباس مرفوعًا: إذا كان يوم القيامة نودي: أين أبناء الستين؟ وهو العمر الذي قال الله تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} .

_ 1 صحيح: رقم "1073". 2 فاطر: آية "37".

424- "أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة" 1. رواه البخاري في الرقائق عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 425- أعظم الناس ذنبًا من وقف بعرفة فظن أن الله لم يغفر له2. قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: رواه الخطيب في المتفق والمفترق, والديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر بسند ضعيف, انتهى. 426- أعظم النساء بركةً أيسرهن مئونة3. رواه أحمد والحاكم والبيهقي عن عائشة، وفي رواية: مهورًا بدل مؤنة، وفي أخرى: صداقًا وسنده جيد. 427- أعمالكم عمالكم. قال النجم: لم أره حديثًا لكن ستأتي الإشارة إليه في كلام الحسن في حديث: كما تكونوا يولَّ عليكم، وأقول: رواه الطبراني عن الحسن البصري أنه سمع رجلًا يدعو على الحجاج، فقال له: لا تفعل, إنكم من أنفسكم أوتيتم، إنما نخاف إن عزل الحجاج أو مات أن يتولى عليكم القردة والخنازير, فقد روي: أن أعمالكم عمالكم, وكما تكونوا يولَّ عليكم. 428- "الأعمال بالخواتيم". رواه البخاري في أثناء حديث رواه عن سهل بن سعد الساعدي أن رجلًا من أعظم المسلمين غناءً غزا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-, فنظر النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه فقال: "من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل النار" وذكر الحديث, وفي آخره: إنما الأعمال بالخواتيم، ورواه أحمد عن جابر وابن حبان أيضًا عن عائشة بلفظ: "إنما الأعمال بالخواتيم"، وأخرجه ابن حبان أيضا عن معاوية قال: قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بخواتيمها، كالوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله، وإذا خبث أعلاه خبث أسفله"، وكذا أخرجه عنه ابن ماجه والعسكري بلفظ: إنما العمل كالوعاء, إذا طاب ... الحديث، وأخرجه الطبراني عن علي في حديث بلفظ: وصاحب

_ 1 صحيح: رقم "1047". 2 ضعيف: رقم "1061". 3 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "1061".

الجنة مختوم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل, الأعمال بخواتيمها، ورواه أحمد وابن منيع وأبو يعلى في مسانيدهم والترمذي وصححه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أنس مرفوعًا. 429- اعبد الله كأنك تراه، فإن تكن لا تراه فإنه يراك، واحسب نفسك من الموتى، واتق دعوة المظلوم؛ فإنها مستجابة. رواه أبو نعيم في الحلية عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه-. 430- "اعملوا, فكل ميسر لما خلق له" 1. رواه الطبراني عن ابن عباس، ومثله ما رواه الطبراني عن عمران بن حصين أيضًا بلفظ: اعملوا, فكل ميسر لما يهدى له من القول. 431- "الأعمال بالنيات". متفق عليه عن عمر لكن بزيادة: إنما, ورواه ابن حبان بدونها، وورد بألفاظ مختلفة بَيَّناها في أوائل الفيض الجاري, منها: العمل بالنية، ومنها: لا عمل إلا بالنية، وهو فرد باعتبار أوله؛ إذ لم يصح إلا عن عمر، مشهور باعتبار آخره. 432- أعينوا الشاري. قال في التمييز: لا أصل له بهذا اللفظ، وكذا قولهم: المشتري معان لا أصل له، وقال السخاوي: حديث: أعينوا الشاري لا أصل له بهذا اللفظ، نعم عند الديلمي عن أنس رفعه: ألا أبلغوا الباعة والسوقة أن كثرة الشؤم في بضائعهم من قلة الرحمة وقساوة القلب، ارحم من تبيعه, وارحم من تشتري منه؛ فإنما المسلمون إخوة، ارحم الناس يرحمك الله، من لا يَرحم لا يُرحم. 433- أعوذ بالله من عمامة صماء. أي: لا عذبة لها، قال الجلال السيوطي: لا أصل له. 434- أعوذ بالله من غضب الحليم. ليس بحديث كما زعمه بعضهم.

_ 1 صحيح: رقم "1074".

435- أعوان الظلمة كلاب النار. رواه أبو نعيم عن ابن عمر وهو ضعيف.

حرف الهمزة مع الغين المعجمة

حرف الهمزة مع الغين المعجمة: 436- "اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك, وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك" 1. رواه الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس قال: قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل وهو يعظه، وهو عند أحمد في الزهد والبيهقي عن عمرو بن ميمون مرسلًا. 437- اغدُ عالمًا أو متعلمًا أو مستمعًا أو محبًّا، ولا تكن الخامسة فتهلك2. رواه البيهقي وابن عبد البر من حديث عطاء بن مسلم الخفاف عن أبي بكرة مرفوعًا بسند ضعيف كما قال الحافظ أبو زرعة العراقي، وإن قال الهيثمي: رجاله موثقون، وفيه قال عطاء: قال لي مسعر: يا عطاء, زدتنا في هذا الحديث زيادة لم تكن في أيدينا، قال: أين الخامسة معاداة العلماء وبغضهم, ومن لم يحبهم فقد أبغضهم أو قارب، وفيه الهلاك؟ وعند البيهقي في آخره يا عطاء, ويل لمن لم يكن فيه واحدة منهن، وقال: إن عطاء تفرد به ويروى عن ابن مسعود وأبي الدرداء من قولهما ولفظ أبي الدرداء متبعًا بدل مستمعًا، والحديث عند أبي نعيم والطبراني وآخرين، وفي رواية في الجامع الكبير من غير عزو بلفظ: اغد عالمًا أو متعلمًا أو مستمعًا ولا تكن الرابعة فتهلك, والمشهور على الألسنة: كن عالمًا أو متعلمًا أو مستمعًا ولا تكن الرابعة فتهلك.

_ 1 صحيح: رقم "1077". 2 موضوع: رقم "1080".

438- أغلقوا أبوابكم، وخمروا آنيتكم، وأطفئوا سرجكم، وأوكئوا أسقيتكم، فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا، ولا يكشف غطاءً، ولا يحل وكاءً، وإن الفويسقة تضرم البيت على أهله. رواه أحمد ومسلم عن جابر -رضي الله عنه-. 439- اغدوا في طلب العلم؛ فإن الغدو بركة ونجاح1. الخطيب عن عائشة. 440- اغتنموا الدعاء عند الرقة؛ فإنها رحمة2. الديلمي في مسند الفردوس عن أبي بن كعب. 441- اغتنموا دعوة المؤمن المبتلى3. أبو الشيخ عن أبي الدرداء. 442- اغتنموا دعاء ضعفاء أمتي4. رواه في مسند الديلمي عن علي بن أبي طالب. 443- أغنى الناس حملة القرآن5. رواه ابن عساكر عن أنس, ورواه أيضًا عن أبي ذر بلفظ: أغنى الناس حملة القرآن, من جعله الله في جوفه.

_ 1 موضوع: رقم "1081". 2 ضعيف: رقم "1078". 3 ضعيف جدًّا: رقم "1079". 4 ذكره صاحب تنزيه الشريعة, وعزاه لابن عساكر في تاريخه، وفيه: الحكم بن ظهير، وهو متروك، رمي بالرفض، كما في التقريب "191/ 1". 5 ضعيف: رقم "1087".

حرف الهمزة مع الفاء

حرف الهمزة مع الفاء: 444- افتضحوا فاصطلحوا. هو من الأمثال السائرة وليس بحديث، وقد رواه الخطابي في العزلة من طريق محمد بن حاتم المظفري، قال النجم: وفي معناه: تعالوا نقتبح ساعة, ونصطلح. 445- أفرضكم زيد1. تقدم في أثناء حديث: أرحم أمتي، ورواه الحاكم عن أنس بلفظ: أفرض أمتي زيد بن ثابت. 446- "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقةً، فواحدة في الجنة، وسبعون في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين، فواحدة في الجنة, واثنتان وسبعون في النار" 2. رواه ابن أبي الدنيا عن عوف بن مالك، ورواه أبو داود والترمذي والحاكم وابن حبان وصححوه عن أبي هريرة بلفظ: "افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة, والنصارى كذلك, وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة"، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي"، ورواه الشعراني في الميزان من حديث ابن النجار وصححه الحاكم بلفظ غريب، وهو: ستفترق أمتي على نَيِّفٍ وسبعينَ فرقةً, كلها في الجنة إلا واحدة، وفي رواية عند الديلمي: الهالك منها واحدة، قال العلماء: هي الزنادقة انتهى. وفي هامش الميزان المذكور عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بلفظ: تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، كلها في الجنة إلا الزنادقة، قال: وفي رواية عنه أيضًا: تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة، إني أعلم أهداها: الجماعة انتهى. ثم رأيت ما في هامش الميزان مذكورًا في تخريج أحاديث مسند

_ 1 رواية الحاكم: صحيح: رقم "1084". 2 صحيح: رقم "1082".

الفردوس للحافظ ابن حجر، ولفظه: "تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، كلها في الجنة إلا واحدة" وهي الزنادقة، أسنده عن أنس، قال: وأخرجه أبو يعلى من وجه آخر عن أنس بلفظ: "أهداها فرقة الجماعة"، انتهى، فلينظر مع المشهور، ولعل وجه التوفيق أن المراد بأهل الجنة في الرواية الثانية ولو مآلًا فتأمل. وفي الباب عن معاوية وأبي الدرداء وابن عمرو وابن عباس وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وواثلة وأبي أمامة، ورواه الترمذي عن1 بلفظ: "ستفترق أمتي ثلاثًا وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة"، قيل: ومن هم؟ قال: "الذين هم على ما أنا عليه وأصحابي"، ورواه ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس بسنده إلى أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة, والنصارى مثل ذلك, وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وفيه أيضا بسنده إلى عبد الله بن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان فيهم من أمتي أمة علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي"، قال الترمذي: حديث حسن غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه، وفيه أيضا بسنده إلى أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن بني إسرائيل تفرقت إحدى وسبعين فرقة، فهلكت سبعون فرقة وخلصت فرقة واحدة، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة، يهلك إحدى وسبعون ويخلص فرقة"، قالوا: يا رسول الله ما تلك الفرقة؟ قال: "فرقة الجماعة"، وقال فيه أيضا: فإن قيل: وهل هذه الفرقة معروفة؟ فالجواب: إنا نعرف الافتراق وأصول الفرق, وإن كان كل طائفة من الفرق انقسمت إلى فرق, وإن لم نحط بأسماء تلك الفرق ومذاهبها، قال: وقد ظهر لنا من أصول الفرق: الحرورية, والقدرية، والجهمية، والمرجئة، والرافضة، والجبرية، وقد قال بعض أهل العلم: أصل الفرق هذه الست، وقد انقسمت كل فرقة منها اثنتي عشرة فرقة، فصارت اثنتين وسبعين فرقة انتهى، ثم فصلها وعرف كل فرقة منها فيه، وقد ذكرنا ذلك جميعه مع كلام الموافق وشرحه والملل والنحل مبسوطًا في رحلتنا المسماة بالبسط التام في الرحلة إلى بعض بلاد الشام, فراجعها.

_ 1 بياض في النسخ. وقد رواه الترمذي في كتاب الإيمان عن أبي هريرة وابن عمر.

447- أفتان أنت يا معاذ؟. رواه الشيخان عن جابر، قال: أقبل رجل بناضحين1 وقد جنح الليل، فوافق معاذًا يصلي، فترك ناضحيه وأقبل إلى معاذ، فقرأ سورة البقرة أو النساء فانطلق الرجل، وبلغه أن معاذًا نال منه، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فشكا إليه معاذًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفتان أنت؟ " أو "أفاتن أنت؟ " -ثلاث مرات- "فلولا صليت بسبح اسم ربك الأعلى, والشمس وضحاها, والليل إذا يغشى, فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة". وفي رواية أبي داود فقال: "يا معاذ, أنت فتان أنت فتان أنت فتان"، وللنسائي عن جابر: "أفتان أنت؟ أفتان أنت؟ لا تطول بهم، اقرأ سبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها"، ونحو هذا. وعند أحمد عن أنس: كان معاذ بن جبل يؤم، فدخل حرام وهو يريد أن يسقي نخله، فدخل المسجد مع القوم، فلما رأى معاذًا طول، تجوز في صلاته ولحق بنخله يسقيه، فلما قضى معاذ الصلاة قيل له ذلك، فقال: إنه لمنافق، أيعجل عن الصلاة من أجل سقي نخله؟! قال: فجاء حرام إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعاذ عنده فقال: يا نبي الله إني أردت أن أسقي نخلًا، فدخلت المسجد لأصلي مع القوم فلما طول، تجوزت في صلاتي، ولحقت بنخلي أسقيه، فزعم أني منافق! فأقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- على معاذ فقال: "أفتان أنت؟ لا تطول بهم، اقرأ بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها" , ونحوهما. 448- "أفشوا السلام بينكم تحابوا" 2. رواه الحاكم وقال: صحيح عن أبي موسى، وورد بلفظ: "أفش السلام، وأطعم الطعام، وصل الأرحام, وقم بالليل والناس نيام, تدخل الجنة بسلام"، رواه أحمد وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة، وورد بروايات كثيرة منها ما رواه ابن ماجه عن ابن عمر بلفظ: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وكونوا إخوانًا كما أمركم الله. 449- "أفضل الأعمال الصلاة لوقتها, وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله" 3. رواه الخطيب عن أنس، ومسلم والبيهقي عن ابن مسعود، ورواه عبد الرزاق والحاكم عن أم فروة بلفظ: أفضل الأعمال الصلاة في وقتها، ورواه الخطيب وابن النجار

_ 1 النواضح: الإبل التي يستقى عليها, واحدها: ناضح. النهاية. 2 صحيح: رقم "1086". 3 صحيح: رقم "1095".

عن أنس بلفظ: أفضل الأعمال الصلاة لوقتها، وخير ما أعطي الإنسان حسن الخلق، ألا وإن حسن الخلق من أخلاق الله عز وجل، وورد بألفاظ أخر. 450- أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس1. رواه الطبراني في مكارم الأخلاق عن أبي هريرة. 451- "أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورًا، أو تقضي عنه دَيْنًا، أو تطعمه خبزًا" 2. رواه البيهقي عن أبي هريرة, وابن عدي عن ابن عمر, وضعفه المنذري، لكنه حسن لشواهده كما في المناوي. 452- "أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله" 3. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححاه عن جابر، ومعنى أفضل الدعاء الحمد لله: أي مقدماته وتتماته، قال ابن حجر في الفتاوى الحديثية: وروى الديلمي: أفضل العمل لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء أستغفر الله. 453- "أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله". هو بعض الحديث الآتي قريبًا إن شاء الله تعالى. 454- أفضل الصدقة حفظ اللسان4. رواه الديلمي عن معاذ والحديث ضعيف, وما أحسن ما قيل: احفظ لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك؛ إنه ثعبان 455- أفضل الصدقة صدقة اللسان5. قيل: يا رسول الله, وما صدقة اللسان؟ قال: الشفاعة تفك بها الأسير، وتحقن بها الدم، وتجرّ بها المعروف إلى أخيك، وتدفع عنه كريهة، قال أبو عبد الله محمد السلمي في

_ 1 ضعيف: رقم "1097". 2 حسن: رقم "1096". 3 حسن: رقم "1104". 4 موضوع: رقم "1115". 5 ضعيف جدًّا: رقم "1111".

تخريج أحاديث الأربعين للحافظ عبد العظيم المنذري: رواه الطبراني في المكارم عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من صدقة أفضل من صدقة اللسان, قال: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: الشفاعة تحقن بها الدم، وتجر بها المنفعة إلى آخر، وتدفع بها المكروه عن آخر. 456- "أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله, وحده لا شريك له" 1. رواه مالك عن طلحة بن عبيد الله بن كريز مرسلًا, وأخرجه الترمذي وحسنه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وزاد: له الملك وله الحمد, وهو على كل شيء قدير، ورواه البيهقي عن أبي هريرة بلفظ: أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل قولي وقول الأنبياء قبلي لا إله إلا الله ... الحديث، وزاد بعد وله الحمد: يحيي ويميت, بيده الخير. 457- "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" 2. رواه أبو داود وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا، والترمذي عنه بلفظ: إن من أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر أو أمير جائر، وقال: حسن غريب، ورواه الخطيب كذلك وقال: وأمير جائر بواو العطف، وعند ابن ماجه عنه بلفظ أبي داود بدون: أو أمير، ورواه أيضًا ابن ماجه وأحمد والطبراني والبيهقي عن أبي أمامة قال: عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل عند الجمرة الأولى، فقال: يا رسول الله, أي الجهاد أفضل؟ فسكت عنه، فلما رمى الجمرة الثانية سأله فسكت عنه، فلما رمى جمرة العقبة ووضع رجله في الغرز ليركب قال: أين السائل؟ قال: أنا يا رسول الله، قال: "كلمة حق عند ذي سلطان جائر"، وأخرجه البيهقي والنسائي عن طارق بن شهاب قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الجهاد أفضل؟ قال: "كلمة عدل عند إمام جائر"، وطارق له رؤية فقط، فلذا كان حديثه مرسلًا، وروى الحديث عن واثلة وآخرين، وذكره في الدرر من رواية البيهقي في الشعب عن أبي أمامة بسند لين بلفظ: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.

_ 1 حسن: رقم "1102". 2 صحيح: رقم "1100".

458- أفضل طعام الدنيا والآخرة اللحم1. أخرجه أبو نعيم والعقيلي من طريق عمرو السكسكي عن ربيعة بن كعب رفعه، وعمرو المذكور ضعيف جدًّا، وقال العقيلي: لا يعرف هذا الحديث إلا به ولا يصح فيه شيء2، وأدخله ابن الجوزي في الموضوعات، وقال السخاوي: قال شيخنا: لم يتبين لي الحكم بالوضع على هذا المتن؛ فإن مسلمة غير مجروح وابن عطاء ضعيف، قلت: وقد أفردت فيه جزءًا ولأبي الشيخ من رواية ابن سمعان قال: سمعت من علمائنا يقولون: كان أحب الطعام إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللحم, ويقول وهو يزيد في السمع: وهو سيد الطعام في الدنيا والآخرة، ولو سألت ربي أن يطعمنيه كل يوم لفعل، وللترمذي في الشمائل عن جابر: أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في منزلنا فذبحنا شاة، فقال: كأنهم علموا أنا نحب اللحم فذكره، ورواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا بسند ضعيف بل موضوع بلفظ: سيد طعام أهل الدنيا وأهل الجنة اللحم، لكن له شواهد منها عن عليٍّ رفعه بلفظ: سيد طعام الدنيا اللحم ثم الأرز، ورواه الديلمي عن صهيب رفعه بلفظ: سيد الطعام في الدنيا والآخرة اللحم ثم الأرز, وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء، ورواه الطبراني عن يزيد مرفوعًا بلفظ: سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم، وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء، وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية، وكذا أبو نعيم لكن بلفظ: خير، وأبو عثمان الصابوني بلفظ: سيد، وكذا تمام بلفظ: سيد الإدام اللحم. ثم قال السخاوي: وأصح من هذا كله ما أخرجه البخاري وغيره من قوله صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" وفي قصة مجيء الخليل لزيارة ابنه إسماعيل -عليهما الصلاة والسلام- وأنه لم يجده ووجد زوجته، فسألها: "ما طعامكم؟ " قالت: اللحم. قال: "فما شرابكم؟ " قالت: الماء. قال: "اللهم بارك لهم في اللحم والماء". قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولم يكن لهم يومئذٍ حب، ولو كان لهم لدعا لهم فيه". قال: "فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه". وقال إمامنا الشافعي رضي الله عنه: إن أكله يزيد في العقل, انتهى.

_ 1 ضعيف جدا: رقم "1144". 2 في "انتقاد المغني" نص كلام العقيلي.

459- أفضل العبادات-وفي رواية بالإفراد- أحمزها. قال في الدرر تبعًا للزركشي: لا يعرف، وقال ابن القيم في شرح المنازل: لا أصل له، وقال المزي: هو من غرائب الأحاديث ولم يرو في شيء من الكتب الستة، وقال القاري في الموضوعات الكبرى: معناه صحيح لما في الصحيحين عن عائشة: الأجر على قدر التعب, انتهى. وذكر في اللآلئ عقبه: أن مسلمًا روى في صحيحه قول عائشة: إنما أجرك على قدر نصبك، وهو في نهاية ابن الأثير مروي عن ابن عباس بلفظ: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: أحمزها -وهو بالحاء المهملة والزاي-: أقواها وأشدها، وفي الفردوس عن عثمان بن عفان مرفوعًا: أفضل العبادة أخفها، وجمع بينهما على تقدير ثبوتها بأن القوة والشدة بالنظر لتمكن شروط الصحة ونحوها فيها, والخفة بالنظر لعدم الإكثار بحيث تمل، ولكن الظاهر أن لفظ الثاني العيادة بالتحتية لا بالموحدة، ويروى عن جابر مرفوعًا: أفضل العيادة أجرًا سرعة القيام من عند المريض، وفي فضائل العباس لابن المظفر من حديث هود بن عطاء أنه قال: سمعت طاوسًا يقول: أفضل العيادة ما خف منها، وروى الدينوري عن أبي هلال أنه قال: عاد قوم بكر بن عبد الله المزني فأطالوا الجلوس فقال لهم بكر: إن المريض ليعاد والصحيح يزار, يعني: والعيادة تخفف. 460- "أفضل الكلام: سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر" 1. رواه أحمد عن رجل، ورواه ابن أبي شيبة وابن حبان عن سمرة بن جندب بلفظ: "أفضل الكلام أربع لا يبالي بأيهن بدأت: سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر". قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وفي معناه ما أخرجه الحكيم الترمذي عن معاذ مرفوعًا: ألا أخبركم عن وصية نوح لابنه حين حضره الموت؟ قال: إني واهب لك أربع كلمات هن قيام السماوات والأرض, وهن أول كلمات دخولًا على الله, وآخر كلمات خروجًا من عنده، فاعمل بهن واستمسك حتى يلقاك، وهي أن تقول: سبحان الله وبحمده, ولا إله إلا الله, والله أكبر, والذي نفس نوح بيده لو أن السماوات والأرضين وما فيهن وزن بها لوزنتهن، قال الحكيم: فنعم الواهب ونعم الموهوب ونعمت المواهب.

_ 1 صحيح: رقم "1127".

461- "أفطر الحاجم والمحجوم" 1. علقه البخاري بصيغة التمريض عن الحسن البصري عن غير واحد مرفوعًا، ثم قال: وقال لي عياش: حدثنا عبد الأعلى, حدثنا يونس عن الحسن مثله, فقيل له: عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ورواه البخاري في تاريخه، وأخرجه البيهقي من جهته، وكذا أخرجه هو أيضًا والنسائي من حديث ابن المديني عن الحسن عن غير واحد من الصحابة بعينه، وقال ابن المديني: رواه يونس عن الحسن عن أبي هريرة، وقال البيهقي: رواه أشعث عن الحسن عن أسامة وقال ابن حجر: ورواه قتادة عن علي, ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وآخرون من حديث شداد وثوبان مرفوعًا، وقال أحمد والبخاري: إنه عن ثوبان أصح، ورواه الترمذي عن رافع بن خديج، ورواه غيرهم عن آخرين، وتأوله المرخصون في الحجامة على أنهما تعرضا للإفطار، أما المحجوم فللضعف، وأما الحاجم؛ فلأنه لا يأمن أن يصل إلى جوفه شيء بالمص فيفطر به لتقصيره، وقد جزم الشافعي وغيره بأنه منسوخ. 2 462- "أفضل الأعمال الكسب من الحلال"3. رواه ابن لال عن أبي سعيد. 463- أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله تعالى4. رواه أبو داود عن أبي ذر -رضي الله عنه-. 464- "أفضل الأيام عند الله يوم الجمعة" 5. رواه البيهقي عن أبي هريرة.

_ 1 صحيح: رقم "1136". 2 في "انتقاد المغني" نقلًا عن تخريج أحاديث خاتمة سفر السعادة: "وهو معارض بما روينا في صحيح البخاري عن ابن عباس أنه -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم, واحتجم وهو محرم، وقيل لأنس: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: لا، إلا من أجل الضعف, وأخرجه البخاري. وحديث: أفطر الحاجم والمحجوم متواتر على ما في نظم المتناثر والجامع الصغير". 3 ضعيف: رقم "1096". 4 ضعيف: رقم "1094". 5 صحيح: رقم "1098".

465- أفضل الإيمان أن تحب لله وتبغض لله، وتعمل لسانك في ذكر الله عز وجل، وأن تحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن تقول خيرًا، أو تصمت1. رواه الطبراني عن معاذ بن أنس. 466- أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنًى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول. رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي عن حكيم بن حزام. 467- "أفضل الصدقة سقي الماء" 2. رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم عن سعد بن عبادة، ورواه أبو يعلى عن ابن عباس. 468- أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح3. رواه الإمام أحمد والطبراني عن أبي أيوب وحكيم بن حزام. 469- أفضل الصدقة أن تشبع كبدًا جائعًا4. رواه البيهقي عن أنس -رضي الله عنه-. 470- "أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" 5. رواه النسائي والطبراني عن زيد بن ثابت. 471- أفضل العبادة انتظار الفرج، زاد في رواية: من الله تعالى6. رواه البيهقي والقضاعي عن أنس.

_ 1 ضعيف: رقم "1099". 2 حسن: رقم "1113". 3 صحيح: رقم "1110". والكاشح: العدو الذي يضمر عداوته، ويطوي عليها كشحه، أي: بطنه. 4 ضعيف: رقم "1113". 5 صحيح: رقم "1117". 6 ضعيف جدًّا: رقم "1123".

472- أفلح من رزق لُبًّا1. البخاري في التاريخ والطبراني عن قرة بن هبيرة. 473- "أفلح من هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافًا وقنع به" 2. رواه الطبراني والحاكم عن فضالة بن عبيد. 474- أفلح إن صدق. رواه البخاري عن طلحة بن عبيد الله من أثناء حديث في أواخر كتاب الإيمان, وذكره في الصوم عنه أيضًا بلفظ: "أفلح إن صدق"، أو دخل الجنة إن صدق بالشك من الراوي. وفاعل أفلح يرجع إلى الأعرابي في قوله. قيل: إن أعرابيًّا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-, واشتهر بلفظ: "أفلح الأعرابي إن صدق"، ولم أقف عليها في رواية وإن كان المعنى عليها كما علمت.

_ 1 ضعيف: رقم "1154". 2 صحيح: رقم "1138".

حرف الهمزة مع القاف

حرف الهمزة مع القاف: 475- اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة. رواه البخاري والنسائي عن ابن عباس. 476- الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة, والتودد إلى الناس نصف العقل, وحسن السؤال نصف العلم1. رواه البيهقي والعسكري وابن السني والديلمي والقضاعي عن ابن عمر مرفوعًا وضعفه البيهقي، لكن له شواهد، منها ما عزاها في الدرر لابن لال عن أنس بلفظ: الاقتصاد نصف العيش، ومنها ما عند العسكري عن أنس أيضا رفعه: الاقتصاد المعيشة, وحسن الخلق نصف الدين، ومنها عنده أيضًا: السؤال نصف العلم، والرفق نصف المعيشة، وما عال امرؤ في

_ 1 موضوع: رقم "2286".

اقتصاد، ومنها عند الديلمي عن أبي أمامة رفعه: السؤال نصف العلم، والرفق نصف المعيشة، وما عال من اقتصد، ومنها عند أحمد والطبراني والقضاعي عن ابن مسعود رفعه: ما عال من اقتصد، ومنها عند العسكري أيضا عن إبراهيم بن مسلم الهجري بلفظ: لا يعيل أحد على قصد، ولا يبقى على سرف كثير، وله عنده أيضا عن ابن عباس مرفوعًا: ما عال مقتصد، ومنها عند الطبراني عن عبد الله بن سرجس رفعه: التودد، والاقتصاد، والسمت الحسن جزء من أربعة وعشرين جزءًا من النبوة، ومنها عند البزار بسند ضعيف عن طلحة بن عبيد الله رفعه: من اقتصد أغناه الله، ومنها عند الديلمي عن أنس مرفوعًا: التدبير نصف المعيشة، والتودد نصف العقل، والهم نصف الهرم, وقلة العيال أحد اليسارين، ومنها عند البيهقي من قول ميمون بن مهران بلفظ: التودد إلى الناس نصف العقل, وحسن المسألة نصف الفقه، ورفقك في معيشتك يكفي عنك نصف المئونة، ومنها عند ابن حبان عن أبي ذر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "يا أبا ذر, لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق"، ومنها عند البيهقي والعسكري عن علي رفعه: التودد نصف الدين, وما عال امرؤٌ قط على اقتصاد, واستنزلوا الرزق بالصدقة, وأبى الله أن يجعل رزق عباده المؤمنين من حيث يحتسبون، ومنها عند العسكري عن أنس رفعه: رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس، وأهل التودد لهم درجه في الجنة، ونصف العلم حسن المسألة، والاقتصاد في المعيشة والرفق يكفي نصف المئونة, ومنها ما سيأتي عن أنس مرفوعًا: ما عال من اقتصد في حديث: ما خاب، فهذه الشواهد تقتضي حسن الحديث، وجاء في الاقتصاد أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم: السمت الحسن، والهدى, والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءًا من النبوة، وفي رواية: من ستة وأربعين, وقوله صلى الله عليه وسلم: "من فقه الرجل أن يصلح معيشته". 477- اقتلوا الفاعل والمفعول به1. هذا في اللواط, رواه أحمد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بزيادة: والبهيمة, والواقع على البهيمة, ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه، وفي لفظ له عنه: من أتى بهيمة فاقتلوه, واقتلوا البهيمة, قيل لابن عباس: فما شأن البهيمة؟ قال: ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها وقد عمل بها ذلك العمل، ويروى أنه قال في الجواب: "إنها ترى، فيقال:

_ 1 حسن، انظر تعليق الشيخ شاكر على "المسند"، "ح2727".

هذه التي فعل بها ما فعل"، وفي إسناد هذا الحديث كلام، قاله الحافظ في تخريج أحاديث الرافعي. 478- "إقامة حدٍّ من حدود الله خير من مطر أربعين -وفي رواية: ثلاثين- ليلة في بلاد الله" 1. رواه ابن ماجه عن ابن عمر وهو ضعيف, وفي رواية للنسائي عن جرير بلفظ: ثلاث ليالٍ. 479- "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء". رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة رفعه، ورواه البزار عن ابن مسعود بلفظ: "أقرب ما يكون العبد من الله وهو ساجد"، ورواه ابن النجار عن عائشة والطبراني عن ابن مسعود بلفظ: أقرب ما يكون العبد من الله إذا كان ساجدًا. 480- "أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحسنكم خلقًا" 2. رواه ابن النجار عن علي. 481- أقامها الله وأدامها, وجعلني من صالحي أهلها3. رواه أبو داود وابن السني عن أبي أمامة أو عن بعض الصحابة، وسببه أن بلالًا أخذ في الإقامة, فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فيسن قوله حينئذٍ اقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-. 482- "اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر" 4. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن حذيفة، زاد العقيلي: "واهتدوا بهدى عمار، وما حدثكم ابن مسعود فاقبلوه".

_ 1 حسن: رقم "1139". 2 حسن: رقم "1176". 3 ضعيف، انظر "الإرواء": "258/ 1". 4 صحيح: رقم "1142".

ورواه الروياني بلفظ: "اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدى عمار, وتعهدوا بعهد ابن مسعود" وبهذا اللفظ أخرجه الترمذي عن ابن مسعود والطبراني عن أنس وله من حديث أبي الدرداء: "اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر؛ فإنهما حبل الله الممدود، ومن تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها". 483- أقضوا الله تعالى؛ فالله أحق بالوفاء. رواه البخاري عن ابن عباس. 484- اقطعوا لسانه عني1. وسببه كما رواه الخطابي في الغريب عن ابن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما قسم غنائم حنين, فضل عيينة بن حصين والأقرع بن حابس في العطاء, فقال العباس بن مرداس: كانت نهابًا تلافيتها ... بكري على المهر بالأجرع فأصبح نهبي ونهب العبيد ... بين عيينة والأقرع وقد كنت في القوم ذا تدرأ ... فلم أعط شيئًا ولم أمنع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقطعوا لسانه عني". وروى فيه عن عكرمة قال: أتى شاعر النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا بلال اقطع لسانه عني" , فأعطاه أربعين درهمًا، فقال: قطعت لساني في الله، وهما مرسلان، قال الخطابي: ومعناه: أَعْطُوا ما يسليه ويرضيه، كنى باللسان عن الكلام. 485- أقيلوا السخي زلته, فإن الله آخذ بيده كلما عثر2. رواه الخرائطي عن ابن عباس، وهو عند الطبراني بلفظ: تجافوا عن زلة السخي، ورواه الطبراني أيضًا وابن أحمد عن ابن مسعود بلفظ: تجاوزوا عن ذنب السخي, فإن الله يأخذ بيده عند عثراته، وسنده ضعيف.

_ 1 ضعيف؛ لإرساله، وانظر "البداية والنهاية"، "360/ 4". 2 ضعيف: رقم "1181".

486- الأقربون أولى بالمعروف. قال السخاوي: ما علمته بهذا اللفظ, ولكن قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي طلحة: "أرى أن تجعلها في الأقربين". كما رواه البخاري في: باب -إذا وقف أو أوصى لأقاربه عن أنس، قال: وقال ثابت عن أنس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي طلحة: اجعلها لفقراء قرابتك، وفي التنزيل: {قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 215] ، {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 180] . وفي أسنى المطالب: اشتهر على الألسنة: الأقربون أولى بالمعروف، وليس بحديث خلافًا لمن زعمه، لكن يشهد له قصة أبي طلحة وقوله تعالى: {يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} الآية. 487- اقرءوا على موتاكم يس1. قال في التمييز: رواه أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار مرفوعًا وصححه ابن حبان, والمراد: من شارف الموت، ورواه أحمد أيضًا. 488- أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم2. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن عدي والعسكري والعقيلي عن عائشة مرفوعًا بزيادة: لا في الحدود. وعزاه في الدرر لأحمد عن عائشة بلفظ: أقيلوا ذوي الهيئات زلاتهم إلا الحدود، وقال العقيلي: له طرق لا يثبت منها شيء. لكن قال ابن حجر في التحفة: للحديث المشهور من طرق ربما يبلغ درجة الحسن بل صححه ابن حبان بغير استثناء وذكره، ثم قال: وفسرهم الشافعي بمن لم يعرف بالشر, وقيل: أراد أصحاب الصغائر وقيل: ممن يندم على الذنب ويتوب منه، وفي عثراتهم وجهان: صغيرة لا حد فيها، أو أول زلة ولو كبيرة صدرت من مطيع، وكلام

_ 1 ضعيف: رقم "1170". 2 صحيح بزيادة: "إلا الحدود": رقم "1158".

ابن عبد السلام صريح في ترجيح الأول انتهى، ورواه الشافعي وابن حبان والعسكري أيضًا بسند ضعيف، وابن عدي والبيهقي عن عائشة بلفظ: زلاتهم دون ما بعده. وتقدم آنفًا في أقيلوا السخي أن الطبراني رواه عن ابن مسعود مرفوعا بلفظ: تجاوزوا عن ذنب السخي, فإن الله يأخذ بيده عند عثراتهم. ورواه العسكري أيضًا عن عائشة رفعته بلفظ: تهادوا تزدادوا حبًّا, وهاجروا تورثوا أبناءكم مجدًا, وأقيلوا الكرام عثراتهم. وقال الشافعي: وسمعت من أهل العلم ممن يعرف الحديث يقول: يتجافى للرجل ذي الهيئة عن عثرته ما لم تكن حدًّا، وقال: وذو الهيئات الذين يقالون عثراتهم هم الذين لا يعرفون بالشر فيزل أحدهم الزلة, وقال الماوردي: المراد من عثراتهم وجهان: أحدهما الصغائر, والثاني أول معصية زل فيها مطيع. 489- أقضاكم علي. تقدم بمعناه في حديث: أرحم أمتي، ورواه البغوي في شرح السنة والمصابيح عن أنس. ورواه البخاري وابن الإمام أحمد عن ابن عباس بلفظ: قال، قال عمر بن الخطاب: علي أقضانا, وأبي أقرؤنا، والحاكم وصححه عن ابن مسعود بلفظ: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي، ورواه الملا في سيرته عن ابن عباس في حديث مرفوع أوله: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر". ورواه عبد الرزاق عن قتادة رفعه مرسلًا بلفظ: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر, وأشدهم في أمر الله عمر, وأصدقهم حياءً عثمان, وأقضاهم علي" الحديث، وهو موصول في فوائد ابن أبي نجيح عن أبي سعيد الخدري. وروى البغوي في المرفوع عن أنس أيضا: "أقضى أمتي علي" وعزاه الطبري في الرياض النضرة للحاكم بسند واهٍ عن معاذ بن جبل مرفوعا في حديث أوله: "يا علي, تخصم الناس بسبع" وذكر منها: "وأبصرهم بالقضية" لكن أوردها ابن الجوزي في الموضوعات، ونحوه عند أبي نعيم عن أبي سعيد: "يا علي, لك سبع خصال لا يحاجك فيها أحد" وأثبت منها كلها ما رواه الحاكم وابن ماجه والترمذي والبزار من طرق عن

علي أحسنها رواية البزار عنه بسند واهٍ أنه -صلى الله عليه وسلم- لما بعثه إلى اليمن قاضيًا قال: "يا رسول الله, بعثتني أقضي بينهم وأنا شاب لا أدري ما القضاء" فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صدره وقال: "اللهم اهده, وثبت لسانه"، قال: فوالذي فلق الحبة ما شككت في قضاء بين اثنين. وقد رواه ابن حبان عن ابن عباس عنه، وهذه الطرق يقوي بعضها بعضًا. نعم, روى البخاري في التفسير وأبو نعيم عن ابن عباس قال: قال عمر: "أقضانا علي, وأقرؤنا أبي" ونحوه عن أبي وآخرين. وللحاكم عن ابن مسعود قال: "كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي" وقال: صحيح، ومثل هذه الصيغة حكمها الرفع على الصحيح، وكذا قاله في الأصل, ونظر فيه القاري في الموضوعات؛ أي لأنه مما يمكن أن يكون للرأي فيه مجال, فليتأمل. 490- "أقل أمتي الذين يبلغون السبعين" 1. رواه الطبراني عن ابن عمر -رضي الله عنه-. 491- أقل من الذنوب يهن عليك الموت، وأقل من الدين تعش حرًّا2. رواه البيهقي عن ابن عمر -رضي الله عنه-. 492- أقلوا الدخول على الأغنياء؛ فإنه أحرى أن لا تزدروا نعم الله عز وجل3. رواه الحاكم والبيهقي عن عبد الله بن الشخير -رضي الله عنه-. 493- اقرءوا القرآن؛ فإن الله تعالى لا يعذب قلبًا وعى القرآن4. رواه تمام عن أبي أمامة.

_ 1 حسن: رقم "1183". 2 موضوع: رقم "1177". 3 ضعيف جدًّا: رقم "1178". 4 ضعيف: رقم "1166".

حرف الهمزة مع الكاف

حرف الهمزة مع الكاف: 494- "اكتحلوا بالإثمد؛ فإنه يجلو البصر وينبت الشعر" 1. رواه الترمذي وقال: حسن عن ابن عباس، ورواه الترمذي في الشمائل أيضًا وابن ماجه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اكتحلوا بالإثمد؛ فإنه يجلو البصر, ويجف الدمع، وينبت الشعر". وفي الشرح الكبير للمناوي عند الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالإثمد؛ فإنه منبتة للشعر، مذهبة للقذى، مصفاة للبصر. قال: وفي معنى هذا ما رواه الضحاك في كتاب الشمائل له عن علي مرفوعا: أمرني جبريل بالكحل، وأنبأني أن فيه عشر خصال: يحلو البصر، ويذهب بالهم، ويلحس البلغم، ويحسن الوجه، ويشد الأضراس، ويذهب النسيان، ويذكي الفؤاد. ورواه أحمد عن عبد الرحمن بن النعمان الأنصاري عن أبيه عن جده بلفظ: اكتحلوا بالإثمد المروح؛ فإنه ينبت الشعر. ورواه ابن النجار عن جابر بلفظ: اكتحلوا بالإثمد عند النوم؛ فإنه يجف الدمعة وينبت الشعر. 495- أكثر أهل الجنة البله2. رواه البيهقي والبزار والديلمي والخلعي بسند فيه لين عن أنس رفعه، وله شاهد عند البيهقي من حديث مصعب بن ماهان عن جابر؛ لكن قال عقبه: إنه بهذا الإسناد منكر، وقال القاري في الموضوعات وصححه في التذكرة وليس كذلك, بل قال ابن عدي: إنه منكر, انتهى. وقال فيها أيضًا: وروي بزيادة: وعليون لذوي الألباب ولم يوجد لها أصل كما قال العراقي, بل هي مدرجة من كلام أحمد بن أبي الحواري, انتهى.

_ 1 صحيح: رقم "1197". 2 ضعيف: رقم "1194".

وأقول: لكنه في التذكرة ذكرها من غير تعقب، وجاء عن سهل التستري في تفسير البله: بأنهم الذين ولهت قلوبهم وشغلت بالله عز وجل، وعن أبي عثمان: الأبله هو الأبله في دنياه, الفقيه في دينه. وروى البيهقي عن الأوزاعي أنه قال: هو الأعمى عن الشر البصير بالخير، ومثله قول القرطبي: هم البله عن معاصي الله، وقال في النهاية: البله هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور وحسن الظن بالناس؛ لأنهم أغفلوا أمر دنياهم فجهلوا حذق التصرف فيها, وأقبلوا على آخرتهم فشغلوا أنفسهم بها؛ فاستحقوا أن يكونوا أكثر أهل الجنة، فأما الأبله وهو الذي لا عقل له فغير مراد في الحديث, وأنشدوا: ولقد لهوت بطفلة ميالة ... بلهاء تطلعني على أسرارها 496- "أكثر من يموت من أمتي من بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالعين" -وفي رواية: "بالأنفس" 1. رواه البزار بسند رجاله ثقات عن جابر رفعه، وفسر البزار الأنفس بالعين، وعزاه في الدرر للديلمي عن جابر بلا إسناد بلفظ: أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين، ورواه الطبراني من حديث علي بن عروة لكنه كذاب عن أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: نصف ما يحفر لأمتي من القبور من العين. 497- أكثروا ذكر الله حتى يقولوا: مجنون -وفي رواية حتى يقال: إنه مجنون2. رواه أحمد وأبو يعلى والبيهقي عن أبي سعيد مرفوعًا وكذا ابن حبان والحاكم وصححاه، ورواه البيهقي عن أبي الجوزاء رفعه مرسلًا بلفظ: أكثروا ذكر الله حتى يقول المنافقون: إنكم مراءون. 498- أكثروا ذكر الله على كل حال؛ فإنه ليس عمل أحب إلى الله ولا أنجى لعبده من ذكر الله تعالى في الدنيا والآخرة3. رواه ابن أبي الدنيا, والبيهقي عن معاذ.

_ 1 حسن: رقم "1206". 2 رواية البيهقي عن أبي الجوزاء ضعيف: رقم "1205"، "1206". 3 موضوع: رقم "1207".

499- "أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها ولقنوها موتاكم" 1. رواه أبو يعلى وابن عدي والخطيب وابن عساكر والرافعي عن أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه الديلمي عن أنس بسند فيه مقال بلفظ: أكثروا في الجنازة قول: لا إله إلا الله. 500- "أكثروا ذكر هاذم اللذات" 2. يعني الموت، وهو بالذال المعجمة والمهملة، وإن قال السهيلي: الرواية بالمعجمة. رواه الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعا وابن حبان والحاكم وصححاه وابن السكن وابن طاهر، وأعله الدارقطني بالإرسال، ولفظه عند العسكري عنه: مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمجلس من مجالس الأنصار وهم يمرحون ويضحكون فقال: "أكثروا ذكر هاذم اللذات؛ فإنه لم يذكر في كثير إلا قلله ولا في قليل إلا أكثره, ولا في ضيق إلا وسعه ولا في سعة إلا ضيقها"، ورواه البيهقي عن أبي سعيد الخدري بلفظ: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسجد فرأى ناسًا يكشرون -بالشين المعجمة- أي: يضحكون فقال: "لو أكثرتم ذكر هاذم اللذات الموت, وإنه لم يأت على القبر يوم إلا وهو يقول: أنا بيت الوحدة وبيت الغربة، أنا بيت التراب، أنا بيت الدود"، ولفظه عنه عند العسكري: دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- مصلاه فرأى ناسا يكشرون فقال: "أما إنكم لو أكثرتم من ذكر هاذم اللذات لشغلكم عما أرى -الموت, فأكثروا ذكر هادم اللذات"، زاد النجم عقب اللذات "الموت" , "فإنه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيه فيقول: أنا بيت الغربة وأنا بيت الوحدة وأنا بيت التراب وأنا بيت الدود ... " الحديث, انتهى. وقال: رواه الترمذي وحسنه والبيهقي عن أبي سعيد، وأخرجه العسكري عن أنس بلفظ: أكثروا ذكر الموت؛ فإنكم إن ذكرتموه في غنًى كدره عليكم، وإن ذكرتموه في ضيق وسعه عليكم, الموت القيامة, إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته, يرى ما له من خير وشر.

_ 1 حسن: رقم "1212". 2 صحيح: رقم "1210".

وفي لفظ لأنس عند ابن أبي الدنيا بسند ضعيف جدا: أكثروا من ذكر الموت فإنه يمحص الذنوب, ويزهد في الدنيا. وفي لفظ له عند البيهقي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بقوم يضحكون ويمزحون فقال: أكثروا ذكر هادم اللذات. وفي لفظ لابن عمر مرفوعًا عند البيهقي أيضا: أكثروا ذكر هادم اللذات؛ فإنه لا يكون في كثير إلا قلله, ولا في قليل إلا كثره. وروي عن معبد الجهني أنه قال: ذكر الموت يطرد فضول الأمل, ويكف غرب التمني, ويهون المصائب, ويحول بين القلب وبين الطغيان. ورواه الديلمي عن أبي هريرة بلفظ: أكثروا ذكر الموت؛ فما من عبد أكثر ذكره إلا أحيا الله تعالى قلبه, وهون عليه الموت. 501- أكثروا الصلاة عليَّ في الليلة الزهراء واليوم الأغر؛ فإن صلاتكم تعرض عليَّ1. قال في الأصل: رواه الطبراني في الأوسط من حديث أبي مودود عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: تفرد به أبو مودود عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة، وله شواهد بينتها في القول البديع، منها: ما رواه ابن بشكوال بسند ضعيف عن عمر بن الخطاب مرفوعا بزيادة: فأدعوا لكم واستغفروا لليلة الزهراء ليلة الجمعة, واليوم الأغر يومها. وعزاها في الدرر للبيهقي في الشعب والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة بلفظ: أكثروا الصلاة علي في الليلة الغراء واليوم الأزهر؛ فإن صلاتكم تعرض علي. قال النجم: ورواه البيهقي أيضا عن ابن عباس بزيادة: ليلة الجمعة ويوم الجمعة، وعند أحمد وأبي داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححاه عن أوس بن أوس: "من أفضل أيامكم يوم الجمعة, فيه خلق آدم, وفيه قبض, وفيه النفخة, وفيه الصعقة, فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي, قالوا: يا رسول الله, وكيف تعرض

_ 1 بنحوه ضعيف: رقم "1203".

صلاتنا عليك وقد أرمت؟ 1 قال: إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء. ورواه البيهقي بإسناد جيد عن أبي أمامة: أكثروا علي من الصلاة في كل يوم جمعة؛ فإن صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة، فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة. وله عن أنس: أكثروا من الصلاة علي في يوم الجمعة وليلة الجمعة, فمن فعل ذلك كنت له شهيدًا أو شافعًا يوم القيامة. ورواه الطبراني بلفظ: أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة؛ فإنه أتاني جبريل آنفًا عن ربه فقال: ما على الأرض من مسلم يصلي عليك واحدة إلا صليت أنا وملائكتي عليه عشرًا. ورواه ابن ماجه بإسناد جيد عن أبي الدرداء: أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة؛ فإنه مشهود تشهده الملائكة, وأن أحدًا لم يصل علي إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها، قلت: وبعد الموت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء. ورواه الدارقطني عن ابن المسيب قال: أظنه عن أبي هريرة بلفظ: "من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة؛ غفر الله له ذنوب ثمانين سنة" , قيل: يا رسول الله، "كيف الصلاة عليك؟ " قال: "تقول: اللهم صلِّ على محمد, عبدك ونبيك ورسولك, النبي الأمي" , وتعقد مرة واحدة، وهو حسن كما قاله العراقي. 502- أكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها تدفع تسعة وتسعين بابًا من الضر, أدناها الهم2. رواه الطبراني عن جابر، ورواه العسكري والدارقطني في الأفراد عن أبي بكر بلفظ: أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها من كنوز الجنة، ومن أكثر منه نظر الله إليه، ومن نظر إليه فقد أصاب خيري الدنيا والآخرة. ورواه الطبراني عن ابن عمر بلفظ: أكثروا من غرس الجنة؛ فإنه عذب ماؤها طيب ترابها، فأكثروا من غراسها: لا حول ولا قوة إلا بالله.

_ 1 أي: بليت. 2 ضعيف: رقم "1219".

ورواه ابن عدي عن أبي هريرة بإسناد ضعيف بلفظ: أكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها من كنوز الجنة. 503- أكذب الناس الصباغون, والصواغون1. رواه ابن ماجه وأحمد وغيرهما بسند مضطرب عن أبي هريرة مرفوعًا، وأورده ابن الجوزي في العلل، وقال: لا يصح. وأورده الديلمي بسند ضعيف عن أبي سعيد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: أكذب الناس الصناع -أي: بضم الصاد المهملة وتشديد النون. ورواه إبراهيم الحربي في غريبه عن أبي رافع بلفظ: الصائغ -بالغين المعجمة والإفراد، قال: كان عمر يمازحني فيقول: أكذب الناس الصواغ, يقول اليوم وغدًا، فأشار إلى السبب في كونهم أكذب الناس أي: بالمطل والمواعيد الكاذبة. ورواه الديلمي عن أبي سعيد بلفظ: أكذب الناس الصباغ أي: بالإفراد فموحدة فغين معجمة آخره. ونحوه ما روي عن أبي هريرة أنه رأى قومًا يتعادون فقال: ما لهم؟ فقالوا: خرج الدجال فقال: كذبة كذبها الصواغون. ويروى الصياغون بالياء على لغة الحجاز كالديار والقيام, على أنه قيل: ليس المراد بالصواغين من يصوغ الحلي ولا بالصباغين من يصبغ الثياب، بل أراد الذين يصبغون الكلام ويصيغونه أي: يغيرونه ويزينونه يقال: صاغ شعرًا وصاغ كلامًا أي: وضعه وزينه، وإلى هذا جنح أبو عبيد القاسم بن سلام فقال: الصياغ الذي يصيغ الحديث أي: يزيد فيه من عنده ليزينه للناس. 504- إكرام الميت دفنه. قال في المقاصد: لم أقف عليه مرفوعًا، وإنما خرجه ابن أبي الدنيا من جهة أيوب السختياني قال: كان يقال: من كرامة الميت على أهله تعجيله إلى حفرته، وقد عقد البيهقي بابًا لاستحباب تعجيل تجهيزه إذا بان موته، وأورد فيه ما رواه أبو داود من حديث حصين بن وحوح مرفوعًا: لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله.... الحديث.

_ 1 موضوع: رقم "1221".

وللطبراني عن ابن عمر مرفوعا: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه, وأسرعوا به إلى قبره، ومن مات عشية فلا يبيتَنَّ إلا في قبره. ويشهد لهذا حديث: أسرعوا بالجنازة. وغالب الناس تاركون لهذه السنة, فإنهم يؤخرون الميت إلى وقت الظهر مثلًا وإن اتسع الوقت, انتهى ملخصًا. قال القاري في الموضوعات: وقد يعتذر عن التأخير بأنه لأجل اجتماع المسلمين في الصلاة وتتبع الجنازة, لا سيما في الأزمنة الحارة, وقد صح عن ابن مسعود مرفوعًا: ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن, انتهى. 505- أكرم المجالس ما استقبل به القبلة1. رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط بسند فيه حمزة بن أبي جمرة -متروك- عن ابن عمر رفعه. ورواه ابن عدي وأبو نعيم في تاريخ أصبهان، والطبراني في الكبير، والعقيلي بسند فيه أبو المقدام هشام بن زياد -متروك- عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: "إن لكل شيء شرفًا، وإن شرف المجالس ما استقبل به القبلة". ورواه الحاكم من جهة هشام المذكور ومن جهة مصادق بن زياد في حديث طويل وقال: إنه صحيح. ورواه الطبراني أيضًا في الأوسط من حديث أبي هريرة رفعه: "إن لكل شيء سيدًا، وإن سيد المجالس حيالة القبلة" وسنده حسن. لكن قال ابن حبان في كتابه "وصف الاتباع وبيان الابتداع": "إنه خبر موضوع" تفرد به أبو المقدام عن ابن عباس، وقد كانت أحواله -صلى الله عليه وسلم- في مواعظه أن يخطب مستدبرَ القبلة, انتهى. قال السخاوي: وما استدل به لا ينهض للحكم بالوضع؛ إذ استدباره للقبلة ليكون مستقبلًا لمن يعظه، لا سيما مع تعدد طرقه.

_ 1 ضعيف: رقم "1222".

506- أكرم الناس أتقاهم. رواه الشيخان عن أبي هريرة قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} 1. 507- أكرموا حملة القرآن؛ فمن أكرمهم فقد أكرمني؛ ومن أكرمني فقد أكرم الله عز وجل2. قال السخاوي: رواه الوائلي في الإبانة والديلمي عن عبد الله بن عمرو بلفظ قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله، وزاد الديلمي: ألا فلا تنقصوا حملة القرآن حقوقهم؛ فإنهم من الله بمكان, كاد حملة القرآن أن يكونوا أنبياء إلا أنهم لا يوحى إليهم، وقال: غريب جدا من رواية الأكابر عن الأصاغر، قال السخاوي: وفيه من لا يعرف وأحسبه غير صحيح. 508- "أكرموا الخبز" 3. قال في الأصل: رواه البغوي في معجم الصحابة وعنه المخلص من حديث عبد الله بن زيد عن أبيه مرفوعا بزيادة: فإن الله أنزل معه بركات من السماء وأخرج له بركات من الأرض, وفي لفظ له: فإن الله أنزله من بركات السماء، وكذا هو عند أبي نعيم عن عبد الله ابن أم حرام الأنصاري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذكره بلفظ: فإن الله سخر له بركات السماوات والأرض, ورواه البزار والطبراني وغيرهما من حديث أبي سكينة بزيادة: ومن يتبع ما يسقط من السفر؛ غفر له. وعزاه في الجامع الكبير للطبراني عن عبد الله ابن أم حرام بلفظ: أكرموا الخبز؛ فإنه من بركات السماء والأرض, من أكل ما يسقط من السفرة غفر له، قال في الأصل: وكل هذه الطرق ضعيفة مضطربة, وبعضها أشد ضعفًا من بعض وله طرق أيضا كذلك منها: ما رواه ابن قتيبة في كتاب تفضيل العرب من طريق ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: ولا أعلمه إلا رفعه بلفظ: أكرموا الخبز؛ فإن الله سخر له السماوات والأرض.

_ 1 الحجرات: آية "13". 2 موضوع: رقم "1233". 3 حسن: رقم "1219".

ويروي عن ابن عباس أيضا مرفوعا بلفظ ما استخف قوم بحق الخبز إلا ابتلاهم الله بالجوع، ومنها ما رواه تمام والمخلص عن أبي موسى الأشعري رفعه بلفظ أكرموا الخبز فإن الله سخر له بركات السماوات والأرض والحديد والبقر وابن آدم، قال ومنها غير ذلك مما أوردته واضحا معللا في جزء مفرد. وفي الجملة أحسن طرقه الإسناد الأول على ضعفه ولا يتهيأ الحكم عليه بالوضع مع وجوده لاسيما وفي المستدرك للحاكم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أكرموا الخبز، قال شيخنا فهذا شاهد صالح انتهى. وقال أيضا ومنه يكون القحط، وقال آخر الخبز يباس ولا يداس انتهى، ومن شواهده أيضا ما أخرجه الطبراني عن أبي سكينة بلفظ أكرموا الخبز فإن الله أكرمه فمن أكرم الخبز أكرمه الله، ومنها ما أخرجه الأصبهاني في ترغيبه عن أبي هريرة بلفظ أكرموا الخبز ولا تضيعوه فإنه ما ضيعه قوم إلا ابتلاهم الله بالجوع. ومنها ما رواه ابن أبي الدنيا عن عائشة أنها قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فرأى كسرة ملقاة فقال يا عائشة أحسني جوار نعم الله فإنها قلما نفرت عن أهل فكادت أن ترجع إليهم، ومنها كما في اللآلئ ما أخرجه ابن ماجه والحاكم عن عائشة بلفظ قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم البيت فرأى كسرة ملقاة فأخذها فمسحها ثم أكلها وقال: يا عائشة أكرمي كريمك فإنها ما نفرت عن قوم فعادت إليهم. وقال الغزالي في الخبر لا يستدير الرغيف ويوضع بين يديك حتى يعمل فيه ثلاثمائة وستون صانعا أولهم ميكائيل الذي يكيل الماء من خزائن الرحمة ثم الملائكة التي تزجر السحاب والشمس والقمر والأفلاك وملائكة الهواء ودواب الأرض وآخر ذلك الخباز {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} 1 انتهى. 509- أكرموا الشهود فإن الله يستخرج بهم الحقوق ويدفع بهم الظلم2. رواه العقيلي في الضعفاء والنقاش في كتاب القضاة والشهود، والديلمي في مسنده والبانياسي في جزئه عن ابن عباس مرفوعا، وفي لفظ فإن الله يحي بدل يستخرج، وقال العقيلي لا يعرف هذا الحديث إلا من رواية عبد الصمد، ثم قال أنه غير محفوظ بل

_ 1- إبراهيم: آية "34". 2- ضعيف: رقم "1226".

صرح الصغاني بأنه موضوع، لكن قال القاري في الموضوعات الكبرى قلت وقد قال الحاكم صحيح الإسناد. وذكر السيوطي في تعقباته على ابن الجوزي أن الذهبي لم يتعقبه على الحاكم. وقال في الدرر ورواه الديلمي عن ابن عباس وهو منكر. وقال ابن حجر في التحفة وخبر أكرموا الشهود فإن الله يدفع بهم الحقوق ويستخرج بهم الباطل ضعيف، بل قال الذهبي منكر انتهى. وبه يعلم ما في قول الصغاني المار آنفا وذكره ابن الملقن في شرح المنهاج بسنده بلفظ ما في الترجمة ثم قال هذا حديث غير محفوظ عن أحد ضعفه البرقاني. 510- أكرموا الضيف وأقروا الضيف فإنه أول من يقدم برزقه جبريل عليه الصلاة والسلام مع رزق أهل البيت. رواه الديلمي عن ابن عباس ومر مستوفي في-اذا دخل الضيف. 511- أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من فضلة طينة أبيكم آدم وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم ابنة عمران فأطعموا نساءكم الولد الرطب فإن لم يكن رطب فتمر1. رواه أبو نعيم والرامهرمزي في الأمثال عن على مرفوعا. وأخرجه أبو يعلى في مسنده عن ابن عباس، لكن بلفظ نزلت بدل ولدت وبلفظ فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم وليس من الشجر يلقح غيرها، وأخرجه عثمان الدارمى بلفظ أطعموا نفساءكم الرطب فإن لم يكن رطب فالتمر وهي الشجرة التي نزلت مريم ابنة عمران تحتها، وفي سنده ضعف وانقطاع، وفي خبر من كان طعامها في نفاسها تمرا جاء ولدها حليما. ورواه في الإصابة بلفظ أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطينة التي خلق منها آدم، قال: وفي سنده ضعف وانقطاع انتهى.

_ 1- موضوع: رقم "1234".

وقال في الدرر: رواه أبو يعلى وأبو نعيم عن ابن عباس بسند ضعيف بلفظ: أكرموا عمتكم النخلة؛ فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم، وفي لفظ لهما عن ابن عباس أيضا بلفظ: أكرموا النخلة؛ فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم. وفي الباب حديث: نعم المال النخل الراسخات في الوحل, المطعمات في المحل، وفي رواية ذكرها الشربيني في شرح الغاية بلفظ: أكرموا عماتكم النخل المطعمات في المحل, وإنها خلقت من طينة آدم، والنخل مقدم على العنب في جميع القرآن، وشبه -صلى الله عليه وسلم- النخلة بالمؤمن, فإنها تشرب برأسها وإذا قطع ماتت, وينتفع بجميع أجزائها انتهى, وفيه أنه قدم العنب على النخل في سورة الكهف. 512- أكرموا العلماء؛ فإنهم ورثة الأنبياء1. رواه ابن عساكر عن ابن عباس، ورواه الخطيب والديلمي بسند ضعيف عن جابر بزيادة: فمن أكرمهم فقد أكرم الله ورسوله. وفي تخريج أحاديث الديلمي للحافظ ابن حجر مسندًا لأبي الدرداء بلفظ: أكرموا العلماء ووقروهم، وأحبوا المساكين وجالسوهم، وارحموا الأغنياء وعفوا عن أموالهم. 513- أكرموا الغرباء؛ فإن لهم شفاعة يوم القيامة لعلكم تنجون بشفاعتهم. رواه الديلمي عن أبي سعيد في حديث أوله: الغريب في غربته كالمجاهد في سبيل الله. وله بلا سند عن ابن عباس بلفظ: من أكرم غريبًا في غربته وجبت له الجنة. وسيأتي في الغرباء بلفظ: أكرموا الغرباء؛ فإن لهم دولة. وهو ضعيف كما قال ابن الغرس. 514- أكرموا طهوركم. قال القاري في الموضوعات نقلًا عن ابن تيمية: إنه موضوع، وفي الذيل: هو كما قال, انتهى. 515- أكرموا الكاتب والخياط؛ فإنهما يأكلان بنور أبصارهما. لينظر، ولعله موضوع وغالب الصنائع كذلك.

_ 1 موضوع: رقم "1227".

516- أكرموا الهر؛ فإنه من الطوافين عليكم. قال النجم: لا يعرف بهذا اللفظ، لكن رواه مالك وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن كبشة بنت كعب بن مالك أن أبا قتادة أصغى لهرة إناء فيه ماء للوضوء حتى شربت فنظرت إليه فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقلت: نعم فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنها ليست بنجسة، وإنها من الطوافين عليكم والطوافات". وفي لفظ: "أو الطوافات". وروى أبو داود وابن ماجه عن داود بن صالح التمار عن أمه أن مولاتها أرسلتها بهريسة إلى عائشة فوجدتها تصلي فجاءت هرة فأكلت منها, فلما انصرفت أكلت حيث أكلت الهرة وقالت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إنها ليست بنجسة, إنها من الطوافين عليكم، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ بفضلها. وقال ابن الغرس: حديث أكرموا الهر والهرة؛ فإنهما من الطوافين عليكم -لم أر من ذكره بهذا اللفظ، لكن الشق الأول يشهد له فعله عليه الصلاة والسلام من أنه كان يصغي للهرة، ويشهد للثاني ما رواه أحمد بسند حسن عن أبي قتادة بلفظ: السنور من أهل البيت, وإنه من الطوافين والطوافات عليكم. 517- أكل النبي -صلى الله عليه وسلم- الرطب بالقثاء, واستعان بيديه جميعًا. رواه أحمد عن عبد الله بن جعفر قال: آخر ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إحدى يديه رطبات وفي الأخرى قثاء, يأكل من هذه ويعض من هذه. رواه الشيخان لكن بدون الاستعانة باليدين. وروى ابن أبي شيبة وابن عدي والطبراني والبيهقي عن أنس كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأخذ الرطب بيمينه والبطيخ بيساره, ويأكل الرطب بالبطيخ، وكان أحب الفاكهة إليه، لكن في سنده يوسف بن عطية الصفار مجمع على ضعفه. وروى أبو بكر الشافعي في فوائده بإسناد ضعيف عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكل يومًا الرطب بيمينه وكان يحفظ النوى بيساره, فمرت شاة فأشار إليها بالنوى, فجعلت تأكل من كفه اليسرى, ويأكل هو بيمينه حتى فرغ.

518- أكلتان في يوم سرف1. هكذا اشتهر، وهو قريب مما رواه البيهقي في الشعب عن عائشة بلفظ: أكثر من أكلة كل يوم سرف، وتمامه عند مخرجه البيهقي: والله لا يحب المسرفين. 519- أكل الطين حرام على كل مسلم2. أسنده الديلمي عن أنس مرفوعًا وساقه أيضًا بلا سند عن جابر مرفوعًا بلفظ: أكل الطين يورث النفاق، وله عن علي مرفوعا: أكل الطين وقلم الأظفار بالأسنان وقرض اللحية من الوسواس، وفي ذلك تصنيف لأبي القاسم بن منده، وله عن عائشة: يا حميراء, لا تأكلي الطين؛ فإن فيه ثلاث خصال: يورث الداء, ويعظم البطن, ويصفر اللون. ورواه الدارقطني عنها أيضًا بلفظ: يا حميراء, لا تأكلي الطين؛ فإنه يصفر اللون، وقال البيهقي: لا يصح في الباب شيء. وقال في الدرر تبعًا للزركشي: أحاديث أكل الطين وتحريمه صنف فيه بعضهم جزءًا وأحاديثه لا تصح, انتهى. لكن قال القاري في الموضوعات: قلت: لا يلزم من عدم صحته نفي حسنه أو ضعفه؛ فقد ذكر السيوطي في جامعه الصغير من رواية الطبراني عن أبي هريرة مرفوعًا: من أكل الطين فكأنما أعان على قتل نفسه انتهى، وأقول: لا يلزم من ذكره في الجامع الصغير أن يكون مقبولًا؛ فقد اعترضوا بعض أحاديثه بأنها موضوعة فتدبر. 520- الأكل في السوق دناءة3. رواه الطبراني وابن عدي عن أبي أمامة مرفوعًا وسنده ضعيف. ورواه عبد بن حميد وابن عدي والخطيب عن أبي هريرة. قيل: يعارضه ما أخرجه الترمذي وصححه وابن ماجه وابن حبان عن ابن عمر أنه قال: كنا نأكل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نمشي, ونشرب ونحن قيام, انتهى.

_ 1 بنحوه عن عائشة ضعيف: رقم "1199". 2 ضعيف جدًّا: رقم "1239". 3 ضعيف: رقم "2290".

وأقول: ليس في حديث ابن عمر ما يدل على المعارضة لمن تدبر, نعم الشرب قائمًا مكروه تنزيهًا. ومن ظريف ما يحكى أنه شوهد من يأكل في الطريق، فلِيم عليه، فقال: قد تاقت نفسي للأكل ومعي خبز, فلا أمطلها؛ لأن مطل الغني ظلم. 521- أكل الهريسة. لم يثبت فيها شيء, قال القاري في الموضوعات: حديث شكوت إلى جبريل ضعفي من الوقاع, فدلني على الهريسة، وفي رواية: فأمرني بأكل الهريسة موضوع، وقيل: ضعيف، وأما قول معاذ: هل أتيت يا رسول الله بطعام من الجنة؟ قال: "نعم، أتيت بهريسة فأكلتها, فزادت في قوتي أربعين ونكاح أربعين"، وكان معاذ لا يعمل طعامًا إلا بدأ بالهريسة -فقد وضعه محمد بن الحجام اللخمي وكان صاحب هريسة, وغالب طرق الحديث تدور عليه، وسرقه كذابون, انتهى. وفي شرح ابن حجر المكي لشمائل الترمذي أن الطبراني روى في الأوسط أن جبريل أطعمني الهريسة يشد بها ظهري لقيام الليل، ورد بأنه موضوع انتهى. وقال في فتاواه الحديثية: رواه ابن السني وأبو نعيم والخطيب بسند فيه كذاب؛ ومن ثم أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات, وفي المناوي عند شرح حديث: أتاني جبريل بقدر فأكلت منها, فأعطيت قوة أربعين رجلًا في الجماع ما نصه: ثم إنه لم يبين هنا المأكول الذي في القدر وبينه في خبر الدارقطني عن جابر وابن عباس مرفوعا: أطعمني جبريل الهريسة أشد بها ظهري, وأتقوى بها على الصلاة قال الذهبي: هو واهٍ وقال بعضهم: ضعيف جدًّا بل ألف الحافظ ابن ناصر الدين فيه جزءًا أسماه رفع الدسيسة عن أخبار الهريسة, انتهى. 522- "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا" 1. رواه أبو يعلى والحاكم في الكنى وابن أبي الدنيا عن أنس, وأحمد والدارمي وأبو داود وغيرهم عن أبي هريرة. وفي الباب غيره من ذلك ما رواه الترمذي والنسائي واللفظ له والحاكم وقال: رواته ثقات على شرط التخير بلفظ: أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا وألطفهم بأهله، ورواه

_ 1 صحيح: رقم "1230".

الطبراني عن أبي سعيد بلفظ: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، الموطئون أكنافًا، الذين يَألفون ويُؤلفون، ولا خير فيمن لا يَألف ولا يُؤلف". ورواه النسائي وقال: حسن صحيح وابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة بلفظ: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا, وخياركم خياركم لنسائهم". ورواه ابن النجار عن علي بلفظ: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا, وإنما المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده". 523- "أكبر الكبائر الإشراك بالله, وقتل النفس, وعقوق الوالدين, وشهادة الزور". رواه الشيخان عن أنس. 524- أكبر الكبائر حب الدنيا1. رواه الديلمي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- وهو ضعيف. 525- أكبر الكبائر سوء الظن بالله2. رواه الديلمي وابن مردويه عن ابن عمر بسند ضعيف. 526- "أكثر عذاب القبر من البول" 3. رواه الإمام أحمد وابن ماجه وسنده حسن, والبيهقي والحاكم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

_ 1 ضعيف: رقم "1185". 2 ضعيف: رقم "1186". 3 صحيح: رقم "1202".

حرف الهمزة مع اللام

حرف الهمزة مع اللام 527- التمسوا الخير عند حِسَانِ الوجوه1. رواه الطبراني وأبو يعلى عن يزيد بن حصيفة عن أبيه عن جده مرفوعًا، ورواه تمام في فوائده بإسناد جيد عن ابن عباس، ورواه البخاري في تاريخه عن عائشة، ولا عبرة بمن

_ 1 موضوع: رقم "1246".

قال: إنه موضوع كما قال ابن حجر، وله طرق عن أنس وجابر وعائشة وابن عباس وابن عمر وأبي بكرة وأبي هريرة ويزيد القسملي، ولفظ أكثرهم: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه، ولفظ القسملي: إذا طلبتم الحاجات فاطلبوها إلى الحسان الوجوه، وفي رواية: اطلبوا الحوائج والخير، وفي أخرى: اطلبوا الخير أو قال: العرف، وزاد بعضهم: فإن قضى حاجتك قضاها بوجه طلق، وإن ردك ردك بوجه طلق، فرب حسن الوجه ذميمه عند طلب الحاجة، ورب ذميم الوجه حسنه عند طلب الحاجة. ونحوه: ما قال ابن عباس جوابًا لمن قال: كم من رجل قبيح الوجه قَضَّاء للحوائج، فقال: إنما يعني حسن الوجه عند الطلب. ورواه العقيلي بلفظ: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه وتسموا بخياركم, وإذا أتاكم كريم قوم فأكرموه، وطرقه كلها ضعيفة وبعضها أشد ضعفًا، وأحسنها ما رواه تمام في فوائده وغيره عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: التمسوا الخير عند حسان الوجوه، وكذا البخاري في تاريخه بسند فيه متروك عن عائشة، وليس بموضوع كما نبه عليه السخاوي في المقاصد تبعًا لللآلئ؛ بل قال السيوطي في الدرر المصنوعة على ما نقل عنه الشيخ مرعي الحنبلي في رسالة له سماها تحسين الطرق والوجوه, في قوله صلى الله عليه وسلم: اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه بعد نقل طرقه: وهذا الحديث في نقدي حسن صحيح, انتهى. وقال النجم في طرقه: وكل منها يقوي الآخر، انتهى. فمن طرقه أيضا ما رواه ابن النجار في تاريخ بغداد عن علي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اطلبوا حوائجكم عند صباح الوجوه, وإذا بعثتم إلي بريدًا فابعثوه حسن الوجه، حسن الاسم". وما رواه الحافظ السلفي عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سألتم الحوائج فاسألوها الناس، قالوا: ومن الناس يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن، قالوا: ثم من يا رسول الله؟ قال: ثم أهل العلم، قالوا: ثم من يا رسول الله؟ قال: ثم صباح الوجوه". وما رواه أبو الشيخ عن عبد الله بن جواد وزيادة بن ربيعة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في الجنة شجرة تسمى السخاء, ولن يلج الجنة شحيح, فإذا ابتغيتم المعروف ففي حسان الوجوه من الرجال".

ومنها ما رواه البيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من آتاه الله وجهًا حسنًا واسمًا حسنًا, وجعله في موضع غير شان له, فهو من صفوة الله من خلقه". وقد قيل فيه أشعار قديما وحديثا، وقد قدمناها عند حديث: "اطلبوا الخير" فراجعه, ومما لم يذكر هناك ما لبعضهم: سيدي, أنت أحسن الناس وجهًا ... كن شفيعي في يوم هول كريه قد روى صحبك الكرام حديثًا ... اطلبوا الخير عند حسان الوجوه 528- التمسوا الرزق بالنكاح1. رواه الثعلبي في تفسيره والديلمي بسند فيه لين عن ابن عباس رفعه. لكن له شاهد أخرجه البزار والدارقطني في العلل والحاكم وابن مردويه عن عائشة مرفوعا: "تزوجوا النساء؛ فإنهن يأتين بالمال". وقال الدارقطني والبزار: يرويه سلم بن جنادة مرسلًا. قال في المقاصد: وهو كما قالا. وروى الثعلبي أيضًا عن ابن عجلان أن رجلًا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فشكا إليه الحاجة والفقر, فقال: "عليك بالباءة". وروى عبد الرزاق عن عمر أنه قال: عجبت لرجل لا يطلب الغنى بالباءة، والله تعالى يقول في كتابه: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} . وقال القفال في محاسن الشريعة: قد وعد الله على النكاح الغنى فقال: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ} 2 الآية. وفي معناه ما في صحيحي ابن حبان والحاكم عن أبي هريرة مرفوعًا: "ثلاثة حق على الله أن يغنيهم -وفي لفظ "عونهم"-: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف" وفي لفظ: "والناكح ليستعفف". ولابن منيع عن أبي هريرة رفعه: "حق على الله عون من نكح يريد العفاف عما حرم الله".

_ 1 ضعيف: رقم "1247". 2 {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} الآية: 32 من سورة النور.

وروى الديلمي عن أبي أمامة وجابر: "ثلاثة حق واجب على الله أن يؤدي عنهم" وذكر منهم: "متزوج ليستعف". وروى الحارث بن أبي الصامت في مسنده عن ابن عمر ورفعه: "ثلاثة من ادَّانَ فيهن ثم مات ولم يقض، قضى الله عنه" وذكر "ورجل يخاف على نفسه العنت في العزوبة، فاستعف بدَيْن". قال في التمييز: قلت: والذي يدور على ألسنة العوام معناه، وهو قولهم: "تزوجوا فقراء يغنكم الله" , انتهى. ولا يعارض هذا ما روي عن عائشة مرفوعا: "التمسوا الرزق في خبايا الأرض" يعني: الزرع. وكذا قال عروة بن الزبير: "عليكم بالزرع" وكان يتمثل بقوله: تتبع خبايا الأرض وادْعُ مليكها ... لعلك يومًا أن تُجاب فتُرْزَقا 529- التمسوا الرزق في خبايا الأرض1. رواه الدارقطني والبيهقي عن عائشة, وتقدم في اطلبوا. 530- التمسوها في العشر الأواخر. يعني: ليلة القدر، رواه مسلم عن ابن عمر, زاد: "فإن ضعف أو عجز أحدكم, فلا يغلبن عن السبع البواقي". ورواه مالك وأبو داود عن ابن عمر بلفظ: تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر. ورواه أحمد والطبراني والضياء في المختارة عن جابر بلفظ: "التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان في وتر, فإني قد رأيتها فنسيتها". ورواه أحمد والبخاري وأبو داود عن ابن عباس بلفظ: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان, في تاسعة تبقى, وفي سابعة تبقى, وفي خامسة تبقى". ورواه الطبراني عن عبادة بن الصامت بلفظ: "التمسوها في العشر الأواخر؛ فإنها في وتر في إحدى وعشرين, أو ثلاث وعشرين, أو خمس وعشرين, أو سبع وعشرين, أو تسع وعشرين, أو في آخر ليلة, فمن قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر".

_ 1 ضعيف: رقم "1248".

وهو عند أحمد بلفظ: أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ليلة القدر قال: هي في شهر رمضان في العشر الأواخر, ليلة إحدى وعشرين. وعند أحمد أيضًا عن ابن عمر بلفظ: "تحروا ليلة القدر, فمن كان متحريًا فليتحرها ليلة سبع وعشرين". ورواه أحمد أيضًا والترمذي والحاكم وابن ماجه عن أبي بكرة بلفظ: "التمسوها في العشر الأواخر؛ في تسع يبقين أو سبع يبقين أو ثلاث يبقين أو آخر ليلة". ورواه محمد بن نصر عن معاوية بلفظ: التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان. 531- التمسوا الرفيق قبل الطريق, والجار قبل الدار1. رواه الطبراني في الكبير وابن أبي خيثمة والعسكري في الأمثال والخطيب في الجامع عن رافع بن خديج رفعه، وسنده فيه متروك، لكن له شاهد رواه العسكري عن عليٍّ قال: خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذكر حديثًا طويلًا في آخره: "الجار ثم الدار, والرفيق ثم الطريق". ورواه الخطيب في جامعه عن علي أنه قال: "الجار قبل الدار, والرفيق قبل الطريق, والزاد قبل الرحيل". ورواه أيضًا عن خفاف بن ندبة أنه قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله على من تأمرني أن أنزل, على قريش أم على الأنصار أم أسلم أم غفار؟ فقال: "يا خفاف, ابتغ الرفيق قبل الطريق, فإن عرض لك أمر لم يضرك, وإن احتجت إليه رفدك". وكلها ضعيفة, لكن بانضمامها يقوى فيصير حسنًا لغيره, وفي قوله تعالى حكاية عن آسية: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} 2 ما يشير للجملة الثانية. ورواه القضاعي بلفظ: "التمسوا الجار قبل شراء الدار, والرفيق قبل الطريق", انتهى. 532- ألسنة الخلق أقلام الحق. قال في المقاصد: لا أصل له, نعم هو من كلام بعض الصوفية، ويمكن أن يكون معناه: الفأل موكل بالمنطق, وقد مضى في "أخذنا فالك من فيك". وقال النجم: قلت: رواه الطبراني عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه قال: ذكر الدجال عند عبد الله بن مسعود، فقال: لا تكثروا ذكره, فإن الأمر إذا قضي في السماء كان أسرع من نزوله إلى الأرض أن يطير على ألسنة الناس.

_ 1 ضعيف جدا: رقم "1245". 2 التحريم: آية "11".

533- اللهم اجعلنا من المفلحين1. وفي لفظ بإسقاط من والألف واللام من المفلحين، رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة، ومن طريقه الديلمي عن معاوية بن أبي سفيان بسند فيه متروك, قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سمع المؤذن يقول: حي على الفلاح, قال: "اللهم اجعلنا من المفلحين". وأخرج أحمد والطبراني عن عاصم أنه قال كما قال المؤذن إلى قوله: أشهد أن محمدًا رسول الله، وزاد الطبراني: ثم صمت، فظهر بذلك أن الزيادة لم يتابع عليها، والمشهور على الألسنة: اللهم اجعلنا من القوم الفالحين. 534- الله ولي من سكت. قال النجم: ليس بحديث، كقولهم: فم ساكت ورب كاف، ولعلهما مثلان، وذكرهما السخاوي في حرف اللام وهذا محله, ويشهد لمعناهما قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} 2، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} 3 انتهى. 535- اللهم آتنا في الدنيا حسنة, وفي الآخرة حسنة, وقنا عذاب النار. رواه الشيخان عن أنس قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم آتنا ... الحديث. 536- اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها, وأَجِرْنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة4. رواه أحمد والبخاري في تاريخه عن ابن أبي أرطاة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو فذكره، وهذا ما ورد من الدعاء بخاتمة الخير.

_ 1 في سنده أبو جزء القصاب، وهو متروك، كما في التمييز "203". 2 الزمر: آية "36". 3 الطلاق: آية "3". 4 رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد وأحد أسانيد الطبرانى ثقات، كما في "المجمع"، "178/ 10".

537- "اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي, وتوفَّنِي ما دامت الوفاة خيرًا لي" -وفي رواية: "وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي". رواه الشيخان عن أنس من أثناء حديث وهو: "لا يتمنيَنَّ أحدكم الموت لضر أصابه, فإن كان لا بد فاعلًا فليقل: اللهم أحيني ... إلخ" وفي لفظ لهما عن أبي هريرة: نزل به بدل: أصابه. 538- "اللهم أحيني مسكينًا, وأمتني مسكينًا, واحشرني في زُمْرَة المساكين" 1. رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري قال: أحبوا المساكين؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله في دعائه ... ، ورواه الطبراني عن عطاء بسند ضعيف بلفظ: "اللهم توفني إليك فقيرًا ولا توفني غنيًّا, واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة". وأخرجه الحاكم في مستدركه بزيادة: "وإن أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة" وقال: صحيح الإسناد. ورواه البيهقي في الشعب عن أبي سعيد بلفظ: يا أيها الناس, لا يحملنكم العسر على أن تطلبوا الرزق من غير حله؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول، وذكره بالزيادة المذكورة، وله شواهد فرواه الترمذي والبيهقي في الشعب بسند فيه منكر عند بعضهم, عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم أحيني مسكينًا, وأمتني مسكينًا, واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة" فقالت عائشة: لِمَ يا رسول الله؟ قال: "إنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفًا, يا عائشة لا تردي المسكين ولو بشق تمرة، يا عائشة أحبي المساكين وقَرِّبيهم؛ فإن الله يقربك يوم القيامة". وقال: إنه غريب. ورواه الطبراني في الدعاء بسند رجاله ثقات عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أحيني مسكينًا, وتوفني مسكينًا, واحشرني في زمرة المساكين"، ومع وجود هذه الطرق لا يحسن الحكم عليه بالوضع.

_ 1 صحيح: رقم "1261".

وقال في الدرر: رواه الترمذي عن أنس, وابن ماجه عن أبي سعيد عن أبي عبادة، وادعى ابن الجوزي وابن تيمية أنه موضوع، وليس كما قالا, انتهى. وقال ابن حجر في التحفة: إن الحديث ضعيف ومعارض بما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- استعاذ من المسكنة, وفسرت المسكنة المسئولة بسكون القلب، وفسر شيخ الإسلام زكريا هذا الحديث، فقال: معناه: طلب التواضع والخضوع, وأن لا يكون من الجبابرة المتكبرين والأغنياء المترفين. 539- اللهم ارزقني شهادةً في سبيلك, وموتًا في بلد رسولك -صلى الله عليه وسلم-. هو من كلام سيدنا عمر بن الخطاب. 540- اللهم إني أعوذ بك من أن أقول في الدين بغير علم. قال القاري: لم يوجد. 541- "اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة, فإن جار البادية يتحول" 1. رواه ابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة. 542- "اللهم استر عوراتِنا, وآمن روعاتِنا" 2. رواه أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله, هل من شيء تقوله فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال: "نعم" وذكره، قال: "فضرب الله وجوه أعدائه بالريح, وهزمهم بالريح". ورواه الطبراني بسند فيه مجهول عن رجل أنه قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اللهم" , وذكره بزيادة: "واقض ديني". ورواه البزار بسند ضعيف عن ابن عباس قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي"

_ 1 حسن: رقم "1290". 2 رواية الطبراني في الكبير عن خباب الخزاعى: حسن, رقم "1262".

وآمن روعتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي, وأعوذ بك اللهم أن أغتال من تحتي. وله شاهد عند أبي داود عن ابن عمر أنه قال: لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: "اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة, اللهم إني أسألك العفو". وذكره بزيادة: اللهم قبل احفظني، وبلفظ: "وأعوذ بعظمتك أن أغتال"، وفي لفظ بالجمع: "عوراتي وآمن روعاتي". وصححه الحاكم, وعند أبي نعيم في الحلية عن ثلاثة من الصحابة منهم الحسن بن علي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو يقول: "اللهم أقلني عثرتي, وآمن روعتي, واستر عورتي, وانصرني على من بغى علي, وأرني فيه ثأري". وروى الطبراني في الكبير عن خباب الخزاعي سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اللهم استر عورتي, وآمن روعتي, واقض عني دَيْني". وخباب هذا غير خباب بن الأرت، كما ذكر الطبراني وأبو نعيم. 543- اللهم أصلح الراعي والرعية. قال العراقي: لم أجده, وفسر في الإحياء الراعي بالقلب والرعية بالجوارح, انتهى. ولو فسر الراعي بالأمير والسلطان ونحوهما والرعية بمن تحتهما لكان وجيهًا أيضًا, فتدبر. 544- "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ومحمد, نعوذ بك من النار" 1. رواه الطبراني والحاكم عن والد أبي المليح. ورواه النسائي عن عائشة بلفظ: "اللهم رب جبريل وميكائيل ورب إسرافيل, أعوذ بك من النار ومن عذاب القبر". 545- اللهم صَلِّ على نبي قبلك. قال القاري: تقوله العامة عند تقبيل الحجر الأسود، ولا أصل له، ولا يتصور أن يكون له أصل بهذا اللفظ والمعنى؛ فإنه كفر بحسب المعنى. وقد صنف العلامة عبد الغني المغربي عالم الشام في زمانه مصنفًا في ذلك، وكَفَّر قائله.

_ 1 حسن: رقم "1304".

وأصل هذا الخطأ نشأ في العوام حيث سمعوا من بعض الأعلام: "اللهم صل على نبي قبله" وهو صحيح، وعن بعضهم: "صلى الله على من قبلك" وهو صحيح أيضًا. فخلطوا الكلمتين، وجمعوا بين العبارتين، فحصل هذا الفساد. وينبغي أن يحمل على "الالتفات" عند من قال به، فيجعل "قبلك" جملة مستأنفة، نحو قوله عليه الصلاة والسلام: "هل بلَّغتُ؟ " قالوا: "نعم" قال: "اللهم فاشهد" فالتفت عنهم في أثناء كلامه، وتوجه إلى الله تعالى لتمام مرامه، ولا يجعل صفة "نبي" لما قيل: إن شرط الالتفات أن يكون المتحدث عنه واحدًا. والأظهر في دفع الخلل أن يقدر مضاف فيقال: "قبل يمينك", انتهى. يعني؛ لأنه قد ورد "الحجر يمين الله في أرضه" وهو من المتشابه. 546- "اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: بأبي جهل أو بعمر ابن الخطاب". رواه أحمد في مسنده والترمذي في سننه وابن سعد في طبقاته والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر مرفوعًا، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، وصححه ابن حبان، وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر أو أبي جهل". وروى الترمذي عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر". قال: فأصبح فغدا عمر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسلم وقال: غريب، وفي سنده النضر يروي مناكير. وأخرج الحاكم عن ابن مسعود مرفوعًا: اللهم أَيِّدِ الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام، وقال: في مسنده مجالد, تفرد به عن الشعبي. وروى البيهقي عن عمر أنه قال: أتحبون أن أعلمكم كيف كان إسلامي؟ فذكر القصة، وفيها أنه جاء بيته وكان فيه أخته وزوجها ومعه آخران فاختفوا في البيت إلا أخته، فلما أسلم خرجوا إليه متبادرين وكبروا وقالوا: أبشر يا ابن الخطاب, فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا يوم الاثنين فقال: اللهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك؛ إما أبو جهل بن هشام وإما عمر بن الخطاب، وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأبشر.

وروى إسحاق بن يوسف الأزرق عن أنس نحوه، وذكر أنه كان في البيت أخته وزوجها وخباب, وأنه توارى منه فلما علم بإسلامه ظهر، وقال: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لك ليلة الخميس استُجِيبت, اللهم "أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام" ... الحديث. وروى البغوي في معجم الصحابة عن ربيعة رفعه: "اللهم أعز الدين بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب"، وروى ابن سعد في طبقاته عن سعيد بن المسيب مرسلًا أنه قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى عمر بن الخطاب أو أبا جهل بن هشام قال: "اللهم اشدد دينك بأحبهما إليك, فشد دينه بعمر بن الخطاب". وروي أيضًا عن داود بن الحصين والزهري أنهما قالا: أسلم عمر بعد أن دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم, وبعد أربعين أو نيف وأربعين بين رجال ونساء قد أسلموا قبله، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال بالأمس: "اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام"، فلما أسلم عمر نزل جبريل -عليه السلام- فقال: يا محمد, استبشر أهل السماء بإسلام عمر. وروى الحاكم في المستدرك عن ابن عباس رفعه: "اللهم أيد الدين بعمر بن الخطاب"، وفي لفظ له: "اللهم أعز الإسلام بعمر"، وقال: إنه صحيح الإسناد ثم قال: ساق له عنه شاهدًا عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة" , وقال: صحيح على شرط الشيخين، وروى ابن سعد عن الحسن رفعه مرسلًا: "اللهم أعز الدين بعمر" في طرق سوى هذه. قال في المقاصد: وما زعمه أبو بكر التاريخي من نقله عن عكرمة أنه سأل عن قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أيد الإسلام بعمر" قال: معاذ الله دين الإسلام أعز من ذلك, ولكنه قال: اللهم أعز عمر بالدين أو أبا جهل, فأحسبه غير صحيح، وقال في التمييز: وأما ما يدور على الألسنة من قولهم: اللهم أيد أو أعز الإسلام بأحد العمرين, فلا أعلم له أصلًا, انتهى. ونقل النجم عن السيوطي أنه قال: وقد اشتهر الآن على الألسنة بلفظ: بأحب العمرين, ولا أصل له من طرق الحديث بعد الفحص البالغ انتهى، يعني: بهذا اللفظ، وإلا فمعناه ثابت كما علم مما تقدم.

547- اللهم أعني على ديني بدنياي, وعلى آخرتي بتقواي. رواه الطبراني بسند فيه عبد الرحمن المدني القاص ضعفه الدارقطني وغيره، وأخرجه الديلمي بسند أضعف مما قبله مسلسلًا إلى علي -رضى الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا حزبه أمر دعا بهذا الدعاء, وذكره وفيه: "اللهم أعني على ديني بالدنيا, وعلى آخرتي بالتقوى". وعزاه في الدرر إلى الديلمي عن علي وجابر بلفظ: اللهم أعني على الدين بالدنيا, وعلى الآخرة بالتقوى. 548- "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" 1. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم عن معاذ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ بيده وقال: "يا معاذ والله إني لأحبك, أوصيك يا معاذ لا تدعن صلاة أن تقول" , وذكره. قال النجم: ورويناه مسلسلًا، وربما: ولا تجعلني من الغافلين, ولم أقف عليه في شيء من طرقه ولا بأس به، انتهى, وأقول: يزيد الناس الآن فيه: ولا تجعلني من الغافلين عن ذكرك يا الله, فليراجع. 549- "اللهم أَعْطِ منفقًا خلفًا, وممسكًا تلفًا" 2. رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق عن كعب الأحبار بلفظ قال: ما من صباح إلا وملكان يناديان, يقول أحدهما: يا باغي الخير هَلُمَّ، ويقول الآخر: يا باغي الشر أقصر, وملكان يناديان يقول أحدهما: اللهم عجل لمنفق خلفًا, والآخر يقول: اللهم عجل ممسكًا تلفًا، انتهى. وسيأتي في حرف الميم أن البخاري رواه عن أبي هريرة بلفظ: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان, فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا, ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا. وأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق كما في الحبائك عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: إن عن يمين العرش مناديًا ينادي في السماء السابعة: اللهم أعط منفقًا خلفًا, وعجل لممسك تلفًا.

_ 1 صحيح. انظر صحيح الجامع "ح7969". 2 أصله في البخاري، وسيأتي فى حرف الميم.

550- اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, والمسلمين والمسلمات, الأحياء منهم والأموات. قال النجم: رواه أبو الشيخ عن عامر الشعبي أنه قال: ما من دعوة أحب إلى الله عز وجل من أن أقول فذكره, ثم قال: فإني أرجو أن يرد الله عليه بكل مؤمن ومؤمنة في بطن الأرض أو على ظهرها. ورواه الطبراني عن سمرة, كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات، زاد في رواية: الأحياء منهم والأموات, انتهى. 551- اللهم أنت السلام, ومنك السلام, تباركت ذا الجلال والإكرام. رواه مسلم عن ثوبان قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا وقال: "اللهم أنت السلام" ... الحديث. قيل للأوزاعي أحد رواته: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: أستغفر الله, أستغفر الله، قال النجم: والناس يزيدون فيه: وتعاليت, انتهى. وأقول: يزيدون أيضًا بلفظ "يا" قبل ذا الجلال والإكرام. 255- اللهم اغفر للمتسرولات من أمتي1. رواه البيهقي في الأدب عن عليٍّ -رضي الله عنه-. 553- اللهم اغفر للحاج, ولمن استغفر له الحاج2. رواه البيهقي والحاكم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 554- اللهم بارك لنا في رجب وشعبان, وبلغنا رمضان3. رواه ابن أحمد والبيهقي عن أنس. وقال النجم: رواه ابن ماجه عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل رجب قال: "اللهم بارك لنا ... " الحديث، وزاد: وإذا كانت ليلة جمعة قال: "هذه ليلة غراء ويوم أزهر".

_ 1 موضوع: رقم "1276". 2 ضعيف: رقم "1275". 3 ضعيف، انظر تعليق الشيخ شاكر على "المسند"، "2346".

555- اللهم إنك أخرجتني من أحب البقاع إليّ, فاسكني أحب البلاد إليك, فأسكنه الله المدينة1. رواه الحاكم في مستدركه وابن سعد في شرف المصطفى -صلى الله عليه وسلم- عن أبي هريرة مرفوعا. قال الحاكم: ومسنده مدنيون في بيت أبي سعيد المقبري انتهى, وفي سنده عبد الله بن أبي سعيد المقبري ضعيف جدًّا، قال ابن عبد البر: لا يختلف أهل العلم في نكارته ووضعه، وقال ابن حزم: هو حديث لا يُسند، وإنما هو مرسل من جهة محمد بن الحسن بن زبالة, وهو هالك. 556- "اللهم بارك لأمتي في بكورها" 2. قال في المقاصد: رواه أصحاب السنن الأربعة وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان من حديث صخر بن وداعة الغامدي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال وذكره، وعزاه في فتح الباري في الجهاد للأربعة بلفظ: بُورك لأمتي في بكورها فلعل فيه روايتين، وزاد: وكان إذا بعث سرية أو جيشًا بعثهم أول النهار, وكان صخر تاجرًا, وكان يبعث في تجارته من أول النهار؛ فأثرى وكثر ماله. ورواه ابن ماجه عن أبي هريرة والطبراني في الأوسط عن عائشة مرفوعًا بلفظ: اللهم بارك لأمتي في بكورها يوم الخميس، ولفظ الطبراني في رواية عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغدوا في طلب العلم؛ فإني سألت ربي أن يبارك لأمتي في بكورها, ويجعل ذلك يوم الخميس. ورواه البزار عن ابن عباس وأنس بلفظ: اللهم بارك لأمتي في بكورها يوم خميسها، وفي لفظ للطبراني عن ابن عباس: باكر حاجتك, فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فذكره، قال في المقاصد: وكلها ما عدا الأول ضعاف. وفي الباب عن بريدة وجابر وعبد الله بن سلام وابن عمر وعلي وعمران بن حصين وأبي بكرة، قال شيخنا: منها ما يصح ومنها ما لا يصح, ومنها الحسن والضعيف, وقال في الفتح: وقد اعتنى بعض الحفاظ بجمع طرقه, فبلغ عدد من جاء منه من الصحابة نحو عشرين نفسًا, انتهى.

_ 1 في سنده عبد الله المقري، وهو ضعيف جدًّا، وهذا الحديث من منكراته، كما في التمييز "209". 2 صحيح: رقم "1300".

وقال ابن الملقن في شرح المنهاج في باب القضاء: وأما رواية: اللهم بارك لأمتي في بكورها سبتها وخميسها, فلا أصل له انتهى، يعني بهذا اللفظ. وقال النجم: وروى الخرائطي من حديث أبي هريرة: اللهم بارك لأمتي في بكورها يوم السبت، وعند البخاري عن كعب بن مالك: قلما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج إلى سفر إلا يوم الخميس، وثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- هاجر من مكة يوم الاثنين. فائدة: العقل بكرة النهار يكون أكمل منه, وأحسن تصرفًا منه في آخره، ومن ثَمَّ ينبغي التبكير لطلب العلم ونحوه من المهمات. وأخرج ابن أبي الدنيا في العقل عن أبي طوالة قال: إن للعقل جمامًا بالغدوات ليس له بالعَشِيِّ، والجمام بتثليث الجيم: المكيل إلى رأس المكيال, كنى بذلك عن استكمال العقل في الغدوات، والله أعلم. 557- اللهم بارك لنا في شامنا, وبارك لنا في يمننا1. رواه الترمذي وحسنه عن ابن عمر, وزاد: قالوا: وفي نجدنا؛ قال: اللهم بارك لنا في شامنا, وبارك لنا في يمننا قالوا: وفي نجدنا قال: هناك الزلازل وفتن, وبها -أو قال: ومنها- يخرج قرن الشيطان. 558- اللهم خِرْ لي, واختر لي2. رواه الترمذي والبيهقي في الشعب عن عائشة بسند فيه زنفل3 بن عبد الله ضعيف، قال النجم: روى الترمذي وأبو يعلى والبيهقي وضعفه عن أبي بكر الصديق أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد الأمر قال: اللهم خر لي واختر لي، قلت: ومما جربته كثيرًا أن يقال ذلك في الاستخارة سبع مرات, وما سبق إلى قلبي فعلته فيكون فيه النجاح والسداد, موافقة لما عند ابن السني عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا أنس, إذا هممتَ بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات, ثم انظر إلى الذي سبق إلى قلبك, فإن الخير فيه" , انتهى.

_ 1 أخرجه البخاري عن ابن عمر، كما في المشكاة "6271". 2 ضعيف لضعف زنفل بن عبد الله، كما في الفتح "156/ 11". 3 وقع فى النسخ التي بين أيدينا "زنغل" بالغين المعجمة، وهو تصحيف، والتصويب من مصدر التخريج.

559- اللهم لا تؤمنا مكرك, ولا تنسنا ذكرك, ولا تهتك عنا سترك, ولا تجعلنا من الغافلين1. رواه الديلمي في مسنده عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من قال عند منامه هذا الدعاء, بعث الله إليه ملكًا في أحب الساعات إليه فيوقظه وذكره بزيادة, وسقط: ولا تهتك عنا سترك في رواية. 560- اللهم لا خير إلا خيرك, ولا طير إلا طيرك, ولا إله غيرك2. رواه أحمد من حديث ابن عمر مرفوعًا: من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك, قالوا: يا رسول الله, ما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدكم: اللهم لا خير إلا خيرك ... الحديث، وعزاه في الدرر لأحمد عن ابن عمر بتقديم الطير على الخير, وأخرجه الطبراني وغيره وكذا البزار عن بريدة بلفظ: ذكرت الطير عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: من أصابه من ذلك شيء ولا بد فليقل: اللهم وذكره مقدمًا الجملة الثانية، وأخرجه البزار أيضا عن أبي هريرة بلفظ: لا طائر إلا طائرك, ثلاث مرات. 561- اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك. قال ابن حجر المكي نقلًا عن الحافظ السيوطي: إنه موضوع بل قد يقال: إن الدعاء به ممنوع، سمع أحمد رجلًا يقول: اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك فقال: هذا رجل تمنى الموت، قال: وفي ربيع الأبرار عن علي -رضي الله عنه- قال: سمعني النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا أقول: اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال: "لا تقل هكذا, ليس من أحد إلا وهو محتاج إلى الناس"، قلت: كيف أقول؟ قال: "قل: اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك"، قلت: يا رسول الله ومن شرار خلقه؟ قال: "الذين إذا أعطوا منعوا, وإذا منعوا عابوا". 562- اللهم لا رَادَّ لما قضيت. يقال في الذكر عقب الصلاة, سيأتي في الواو.

_ 1 هو في تذكرة الموضوعات برقم "59". 2 رواه أحمد والطبرانى وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات، كما في المجمع "105/ 5".

563- اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلًا, وأنت إذا شئت جعلت الحزن سهلًا. رواه ابن حبان والبيهقي والحاكم والديلمي وابن السني والعدني عن أنس رفعه، وكذا رواه القعنبي عن حماد بن سلمة لكنه لم يذكر أنسًا، ولفظه: وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلًا, ولا يؤثر في وصله، وكذا رواه الضياء في المختارة وصححه غيره. 564- اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين, ولا تنزع مني صالح ما أعطيتني1. رواه البزار عن ابن عمر. 565- اللهم لا تجعلني بدعائك شقيًّا, وكن بي رءوفًا رحيمًا, يا خير المسئولين, ويا خير المُعطِين. رواه الطبراني عن العباس -رضي الله عنه-. 566- "اللهم كما حسنت خَلْقي فحسن خُلُقي" 2. رواه أحمد عن أبي مسعود, والمشهور على الألسنة: اللهم حسن خلقي كما حسنت خلقتي، يقوله الناس عند النظر إلى المرآة. 567- "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة". رواه الشيخان عن أنس بزيادة: "فاغفر للأنصار والمهاجرة"، قاله -عليه الصلاة والسلام- لهم لما رأى ما بهم من النَّصَب والجوع وهم يحفرون الخندق فقالوا مجيبين له: نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا وفي رواية لهما عن أنس أيضًا أنهم ابتدءوا بقولهم: نحن الذين بايعوا محمدا إلى آخره، فأجابهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة, فبارك في الأنصار والمهاجرة, انتهى، وفي الحديث روايات أخرى.

_ 1 ضعيف: رقم "1315". 2 صحيح: رقم "1307".

568- اللهم من آمن بي وصدقني وعلم أن ما جئت به هو الحق من عندك, فأقلل ماله وولده, وحَبِّبْ إليه لقاءَكَ, وعجل له القضاء, ومن لم يؤمن بي ولم يصدقني ولم يعلم أن ما جئت به هو الحق من عندك, فأكثر ماله وولده, وأطل عمره1. قال ابن حجر في الفتاوى الحديثية: رواه ابن ماجه في سننه والطبراني بسند صحيح، ومن شواهده ما أخرجه سعيد بن منصور بلفظ: اللهم من أغضبني وعصاني فأكثر له من المال والولد، اللهم من أحبني وأطاعني فارزقه الكفاف، اللهم ارزق آل محمد الكفاف، اللهم رزق يوم بيوم انتهى. قال المناوي: ولا يعارضه حديث البخاري أنه دعا لأنس بكثرة ماله وولده؛ لأن فضل التقلل من الدنيا يختلف باختلاف الأشخاص كما يشير إليه الخبر القدسي: إن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ... الحديث، قال: فسقط قول الداودي: هذا الحديث باطل, انتهى. 569- اللهم اجعل في قلبي نورًا, وفي لساني نورًا, وفي بصري نورًا, وفي سمعي نورًا, وعن يميني نورًا, وعن يساري نورًا, ومن فوقي نورًا, ومن تحتي نورًا, ومن أمامي نورًا, ومن خلفي نورًا, واجعل في نفسي نورًا, وأعظم لي نورًا. رواه الإمام أحمد والشيخان والنسائي عن ابن عباس. 570- "اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء, ومن ليلة السوء, ومن ساعة السوء, ومن صاحب السوء, ومن جار السوء في دار المقامة" 2. زاد في رواية: فإن جار البادية يتحول، رواه الطبراني عن عقبة بن عامر ورجاله ثقات. 571- اللهم أعوذ برضاك من سخطك, وبمعافاتك من عقوبتك, وأعوذ بك منك, لا أحصي ثناءً عليك, أنت كما أثنيت على نفسك. رواه مسلم والأربعة عن عائشة -رضي الله عنها-.

_ 1 ضعيف: رقم "1313". 2 حسن: رقم "1299".

572- اللهم الطف بي في تيسير كل عسير؛ فإن تيسير كل عسير عليك يسير, وأسألك اليسر والمعافاة في الدنيا والآخرة1. رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة. 573- اللهم اعف عني, فإنك عفو كريم2. رواه الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد -رضي الله عنه-. 574- اللهم طهر قلبي من النفاق, وعملي من الرياء, ولساني من الكذب, وعيني من الخيانة, فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور3. رواه الحكيم الترمذي والخطيب عن أم معبد الخزاعية. 575- اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك, وبمعافاتك من عقوبتك, وأعوذ بك منك, لا أحصي ثناء عليك, أنت كما أثنيت على نفسك. رواه مسلم والأربعة عن عائشة. 576- اللهم إني أعوذ بك من خليل ماكر عيناه ترياني, وقلبه يرعاني, إن رأى حسنة دفنها, وإن رأى سيئة أذاعها4. رواه ابن النجار عن سعيد المقبري مرسلًا. 577- "اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع, وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بئست البطانة" 5. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة.

_ 1 ضعيف: رقم "1279". 2 ضعيف: رقم "1273". 3 ضعيف: رقم "1307". 4 ضعيف: رقم "1297". 5 حسن: رقم "1283".

578- اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع1 الدين وغلبة الرجال. رواه الإمام أحمد والشيخان عن أنس -رضي الله عنه-. 579- اللهم إني أسألك الهدى, والتقى, والعفاف, والغنى. رواه مسلم والترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود -رضي الله عنه-. 580- الله الله فيما ملكت أيمانكم, ألبسوا ظهورهم, وأشبعوا بطونهم, وألينوا لهم القول2. رواه ابن سعد والطبراني عن كعب بن مالك بسند ضعيف, انتهى. 581- الله الله فيما ليس له إلا الله3. رواه ابن عدي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وله شواهد منها عند العسكري عن علي -رضي الله عنه-, وكلها ضعيفة كما في ابن الغرس. 582- "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل, قاله عليه الصلاة والسلام لابن عباس" 4. كما رواه أحمد والطبراني عنه, لكن قال الحافظ ابن حجر: اشتهرت هذه اللفظة حتى نسبها بعضهم للصحيحين ولم يصب, انتهى. كذا في النجم، وفيه أيضًا, نعم أصل الحديث عند البخاري والترمذي عن ابن عباس قال: ضمني النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى صدره, وقال: اللهم علمه الحكمة, وفي رواية عند البخاري عنه: اللهم علمه الكتاب. 583- اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي, ورحمتك أرجى عندي من عملي5. رواه الحاكم عن جابر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: وا ذنوباه فقال هذا القول مرتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل:

_ 1 ضلع الدين، أى: ثقله. 2 ضعيف جدًّا: رقم "1260". 3 ضعيف: رقم "1261". 4 صحيح، انظر تعليق الشيخ شاكر على المسند "2397". 5 أخرجه الحاكم "543/ 1"، وقال: "رواته عن آخرهم مدنيون ممن لا يعرف واحد منهم بجرح, ولم يخرجاه وأقره الذهبى".

اللهم مغفرتك ... الحديث فقاله، ثم قال: عد, فعاد مرتين ثم قال له: قم, فقد غفر الله لك. 584- "اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك, ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك, ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا, ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا, واجعله الوارث منا, واجعل ثأرنا على من ظلمنا, وانصرنا علي من عادانا, ولا تجعل مصيبتنا في ديننا, ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا, ولا تسلط علينا من لا يرحمنا" 1. رواه الترمذي والحاكم عن ابن عمر.

_ 1 حسن: رقم "1268".

الهمزة مع الميم

الهمزة مع الميم: 585- أمرت أن أحكم بالظاهر, والله يتولى السرائر. قال في اللآلئ: هو غير ثابت بهذا اللفظ ولعله مروي بالمعنى من أحاديث صحيحة, ذكرتها في الأقضية من الذهب الإبريز. وقال في المقاصد: اشتهر بين الأصوليين والفقهاء بل وقع في شرح مسلم للنووي في قوله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم" ما نصه: معناه: "إني أمرت بالحكم بالظاهر, والله يتولى السرائر" كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- انتهى. قال: ولا وجود له في كتب الحديث المشهورة ولا الأجزاء المنثورة, وجزم الحافظ العراقي بأنه لا أصل له وكذا المزي وغيره، وقال: وممن أنكره الحافظ ابن الملقن في تخريج أحاديث البيضاوي، وقال الزركشي: لا يعرف بهذا اللفظ، وقال الحافظ عماد الدين بن كثير في تخريج أحاديث المختصر: لم أقف له على سند، نعم في صحيح البخاري عن عمر: إنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، وفي مسلم عن أبي سعيد رفعه: إني لم

أؤمر أن أنقب ... الحديث المار قريبًا، وفي المتفق عليه عن أم سلمة: إنكم تختصمون إليَّ, فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض, فأقضي له على نحو ما أسمع, فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئًا, فيؤخذ منه معناه كما قال ابن كثير, وترجم له النسائي باب: الحكم للظاهر. وقال الإمام الشافعي عقب إيراده في الأم: فأخبرهم -صلى الله عليه وسلم- بأنه إنما يقضي بالظاهر, وأن أمر السرائر إلى الله تعالى, ثم قال في المقاصد تبعًا لشيخه الحافظ: ظن بعض من لا يميز هذا حديثًا منفصلًا عن حديث أم سلمة فنقله كذلك ثم قلده من بعده، ولهذا يوجد في كتب كثيرين من أصحاب الشافعي دون غيرهم حتى ذكره الرافعي في القضاء, وقال الشافعي في الأم: وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: تولى الله منكم السرائر, ودرأ عنكم بالبينات. وقال ابن حجر المكي في التحفة بعد نقل ما تقدم وما سيأتي عن ابن عبد البر: وبهذا كله يتبين رد إطلاق أولئك الحفاظ بأنه لا أصل له، وقال قبله: جزم الحافظ العراقي بأنه لا أصل له, وكذا أنكره المزي وغيره، وقال: ولعله من حيث نسبت هذا اللفظ بخصوصه إليه -صلى الله عليه وسلم-، أما معناه فهو صحيح منسوب إليه -صلى الله عليه وسلم- أخذًَا من قول النووي في شرح مسلم: إني لم أؤمر أن أنقب ... الحديث المار انتهى. وقال السيوطي في الدرر: أمرت أن أحكم بالظاهر ... إلخ، هو من كلام الشافعي في الرسالة انتهى، وقال ابن عبد البر في التمهيد: أجمعوا على أن أحكام الدنيا على الظاهر, وأن أمر السرائر إلى الله تعالى، وأغرب إسماعيل صاحب إدارة الأحكام فيما نقل عن مغلطاي فقال: إن هذا الحديث ورد في قصة الكندي والحضرمي اللذينِ اختصما في الأرض فقال المقضي عليه: قضيت علي والحق لي, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أقضي بالظاهر والله يتولى السرائر، قال في المقاصد: قال شيخنا: ولم أقف على هذا الكتاب ولا أدري أساق له إسماعيل المذكور إسنادًا أم لا، وسيأتي في هذا حديث "المسلمون عدول" قول عمر: إن الله تولى عنكم السرائر, ودفع عنكم بالبينات, انتهى. وقال النجم والبخاري عن عمر: إنما كانوا يأخذون بالوحي على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإن الوحي قد انقطع, وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم. 586- "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله". رواه مسلم عن أبي هريرة، زاد: "فمن قال: لا إله إلا الله, فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه"، وفي لفظ عند الشيخين وأبي داود والترمذي: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى"

يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله, فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها, وحسابهم على الله, قال الحافظ السيوطي في الجامع الصغير: وهو متواتر. 587- أما بعد, فإن أصدق الحديث كتاب الله, وإن أفضل الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار. رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه عن جابر, واختلف في أول من نطق بـ "أما بعد" على أقوال: فقيل آدم، وقيل يعقوب، وقيل يعرب بن قحطان، وقيل سحبان بن وائل، وقيل كعب بن لؤي، وقيل قس بن ساعدة، وقيل داود وهو أقربها، وقد نظم ذلك بعضهم فقال: جرى الخلف "أما بعد" من كان ناطقا ... بها عد أقوال وداود أقرب 588- أمر الله على الرأس والعين. ليس بحديث, لكنه واجب الرضا به. 589- الأمر إلى الله. ليس بحديث, لكن معناه صحيح. 590- أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم. رواه مسلم تعليقًا في مقدمة صحيحه, فقال: ويذكر عن عائشة قالت: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... الحديث, ووصله أبو نعيم في المستخرج, وأبو داود وابن خزيمة والبزار وأبو يعلى والبيهقي في الأدب, والعسكري في الأمثال وغيرهم من حديث ميمون بن أبي شبيب أنه قال: جاء سائل إلى عائشة فأمرت له بكسرة, وجاء رجل ذو هيئة فأقعدته معها فقيل لها: لِمَ فعلت ذلك؟ قالت: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم. قال في اللآلئ: وأعله أبو داود بأن ميمونًا لم يدرك عائشة، ورد عليه بأن ميمونًا هذا كوفي قديم أدرك المغيرة, والمغيرة مات قبل عائشة، ومجرد المعاصرة كافٍ عند مسلم، وقد حكم الحاكم بصحته وتبعه ابن الصلاح في علومه, انتهى ما في اللآلئ.

ورواه أبو نعيم في الحلية بلفظ: إن عائشة كانت في سفر, فأمرت لناس من قريش بغداء, فمر رجل غني ذو هيئة فقالت: ادعوه, فنزل فأكل ومضى, وجاء سائل فأمرت له بكسرة فقالت: إن هذا الغني لم يجمل بنا إلا ما صنعناه به, وإن هذا السائل سأل فأمرت له بما يترضاه, وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرنا ... الحديث، ولفظ أبي داود: "أنزلوا الناس منازلهم" , وقد صححه الحاكم وغيره. قال في المقاصد: وتعقب بالانقطاع وبالاختلاف في رفعه ووقفه, كما بسطت ذلك في أول ترجمة شيخنا مع الإلمام بمعناه. وورد عن غير عائشة أيضًا كمعاذ, فروى حديثه مرفوعًا إلى الخرائطي في المكارم بلفظ: أنزل الناس منازلهم من الخير والشر, وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة, وكجابر فروى حديثه مرفوعًا في جزء الغسولي بلفظ: جالسوا الناس على قدر أحسابهم, وخالطوا الناس على قدر أديانهم, وأنزلوا الناس على قدر منازلهم, وداروا الناس بعقولكم، وكعلي فروى حديثه موقوفًا في تذكرة الغافلي بلفظ: من أنزل الناس منازلهم رفع المئونة عن نفسه, ومن رفع أخاه فوق قدره اجتز عداوته، وبالجملة: فحديث عائشة حسن، وقال في التمييز: وذكره الحاكم أبو عبد الله في كتابه معرفة علوم الحديث، وقال: حديث صحيح. 591- "أمك وأباك, وأختك وأخاك, وأدناك أدناك" 1. رواه البيهقي في الشعب عن ابن مسعود بلفظ: أن أعرابيًّا قال: يا رسول الله إني رجل موسر, وإن لي أبًا وأمًّا وأختًا وأخًا وعمًّا وعمةً وخالًا وخالةً, فأيهم أولى بصلتي؟ فذكره. ورواه أحمد والحاكم وابن ماجه عن أبي رمثة التيمي -تيم الرباب- قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يخطب ويقول: "يد المعطي العليا, أمك وأباك, وأختك وأخاك, ثم أدناك أدناك"، ورواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم عن معاوية بن حيدة, وقال الترمذي: حسن صحيح بلفظ: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب. 592- أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم. رواه الديلمي بسند ضعيف عن ابن عباس مرفوعًا، وفي اللآلئ بعد عزوه لمسند الفردوس عن ابن عباس مرفوعًا قال: وفي إسناده ضعيف ومجهول, انتهى.

_ 1 حسن: رقم "1400".

وقال في المقاصد: وعزاه الحافظ ابن حجر لمسند الحسن بن سفيان عن ابن عباس بلفظ: أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم, قال: وسنده ضعيف جدًّا. ورواه أبو الحسن التميمي من الحنابلة في العقل له عن ابن عباس من طريق أبي عبد الرحمن السلمي أيضًا بلفظ: بعثنا معاشر الأنبياء نخاطب الناس على قدر عقولهم, وله شاهد عن سعيد بن المسيب مرسلًا بلفظ: إنا معشر الأنبياء أمرنا, وذكره. ورواه في الغنية للشيخ عبد القادر -قدس سره- بلفظ: أمرنا معاشر الأنبياء أن نحدث الناس على قدر عقولهم، وفي صحيح البخاري عن علي موقوفًا: حدثوا الناس بما يعرفون, أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ ونحوه ما في مقدمة صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم, إلا كان لبعضهم فتنة، وروى العقيلي في الضعفاء وابن السني وأبو نعيم في الرياضة وغيرهم عن ابن عباس مرفوعًا: ما حدث أحدكم قومًا بحديث لا يفهمونه إلا كان فتنة عليهم، ورواه الديلمي أيضًا من طريق حماد بن خالد عن ابن عباس رفعه: لا تحدثوا أمتي من أحاديثي إلا ما تحمله عقولهم فيكون فتنة عليهم, فكان ابن عباس يخفي أشياء من حديثه ويفشيها إلى أهل العلم, وللديلمي أيضًا عن ابن عباس رفعه: يا ابن عباس, لا تحدث قوما حديثا لا تحتمله عقولهم. وروى البيهقي في الشعب عن المقدام بن معدي كرب مرفوعا: إذا حدثتم الناس عن ربهم, فلا تحدثوهم بما يعزب عنهم ويشق عليهم, وصح عن أبي هريرة: حفظت عن النبي -صلي الله عليه وسلم- وعاءين؛ فأما أحدهما فبثثته, وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم. وروى الديلمي عن ابن عباس مرفوعا: عاقبوا أرقاءكم على قدر عقولهم وأخرجه الدارقطني عن عائشة مثله، وروى الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين عن أبي ذر مرفوعًا: خالقوا الناس بأخلاقهم. وأخرج الطبراني وأبو الشيخ عن ابن مسعود: خالط الناس بما يشتهون ودينك فلا تكلمه، ونحوه عن علي رفعه: خالق الفاجر مخالقةً وخالص المؤمن مخالصةً, ودينك لا تسلمه لأحد، وفي حديث أوله: خالطوا الناس علي قدر إيمانهم.

593- أمة مذنبة ورب غفور. رواه ابن النجار في تاريخ بغداد والرافعي في تاريخ قزوين عن أنس: دخلت الجنة فرأيت في عارضتي الجنة مكتوبًا ثلاثة أسطر بالذهب؛ السطر الأول: لا إله إلا الله محمد رسول الله, والسطر الثاني: ما قدمنا وجدنا, وما أكلنا ربحنا, وما خلفنا خسرنا, والسطر الثالث: أمة مذنبة ورب غفور. 594- أمرنا بتصغير اللقمة في الأكل, وتدقيق المضغ. قال النووي: لا يصح وقال في المقاصد: ويرد شقه الثاني رغبة بعض السلف في السويق وقوله: بين شرب السويق ومضغ الفتيت قراءة خمسين آية في أشباه هذا, ويمكن أن يكون موافقًا للطب فيما يحتاج إلى المضغ، وقال النجم: لكن نقل العبادي في طبقاته عن الشافعي أنه قال: في الأكل أربع سنن: الجلوس على اليسرى, وتصغير اللقمة, والمضغ الشديد, ولعق الأصابع، قال ابن العماد: وهذا مخالف لما ذكر النووي، قلت: وفي سنن ابن ماجه عن المقدام بن معدي كرب سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطنه, حسب الآدمي لقيمات يقمن صلبه, فإن غلبت الآدمي نفسه, فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس. والحديث عند أحمد والترمذي وحسنه الحاكم وصححه ولفظ أكثرهم: أكلات، فإن تصغير لقمات دليل واضح على استحباب تصغير اللقمة، ثم رأيت أبا طالب المكي استدل بهذا الحديث, فحمدت الله على موافقته, انتهى. 595- امسح الباس رب الناس, بيدك الشفاء, لا كاشف له إلا أنت. رواه البخاري في صحيحه عن عائشة في الرقية. 596- أمير النحل علي1. قال في المقاصد: لا أصل له وإن وقع في كلام ابن سيده في المحكم: اليعسوب: أمير النحل, ثم كثر حتى سموا كل رئيس يعسوبًا، ومنه حديث علي: هذا يعسوب قريش، وكذا في الأمثال للرامهرمزي: علي يعسوب المؤمنين.

_ 1 بمعناه، ضعيف: رقم "3809".

ورواه الطبراني من حديث أبي ذر وسلمان، وعند الديلمي من حديث الحسن بن علي، وقال ثعلب: اليعسوب الذكر من النحل الذي يقدمها ويحامي عنها، قال علي: أنا يعسوب المؤمنين. وروى الديلمي عن الحسن مرفوعًا: يا علي, إنك لسيد المسلمين ويعسوب المؤمنين. قال النجم: وأخرج الخطابي في غريبه عن أسيد بن صفوان قال: لما مات أبو بكر قام علي على باب البيت الذي هو مسجًّى فيه فقال: كنت والله للدين يعسوبًا, أولًا حين نفر الناس عنه, وآخرًا حين فيلوا1 طرت بعبابها, وفزت بحبابها, وذهبت بفضائلها, كنت كالجبل لا تحركه العواصف, ولا تزيله القواصف، وفي ذلك دمغ لرءوس الروافض. 597- الإمام ضامن, والمؤذن مؤتمن2. رواه أبو داود وابن منيع والطيالسي وأبو يعلى عن أبي هريرة, وفي الباب عن عائشة وواثلة وسهل بن سعد، كذا في تخريج أحاديث مسند الفردوس للحافظ ابن حجر، وقال في فتح الباري: روى السراج بسند صحيح: الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن, اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين. 598- أمتي أمة مباركة, لا يدري أولها خير أو آخرها3. رواه ابن عساكر عن عمرو بن عثمان مرسلًا. 599- أمتي أمة مرحومة, مغفور لها, متاب عليها4. رواه الحاكم في الكنى عن أنس، وهو منكر كما قال المناوي. 600- "أمتي هذه أمة مرحومة, ليس عليها عذاب في الآخرة, إنما عذابها في الدنيا: الفتن والزلازل والقتل والبلايا" 5. رواه أبو داود والطبراني والحاكم والبيهقي عن أبي موسى -رضي الله عنه

_ 1 أي: حين فال رأيهم, فلم يستبينوا الحق. 2 رواية السراج في الفتح: صحيح: رقم "2787". 3 ضعيف: رقم "1375". 4 ضعيف: رقم "1376". 5 صحيح: رقم "1396".

601- أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين, ولا نكفت1 الثياب والشعر. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 602- أمسك عليك بعض مالك؛ فهو خير لك. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 603- "أمط الأذى عن الطريق؛ فإنه لك صدقة" 2. رواه البخاري في الأدب عن أبي برزة -رضي الله عنه-. 604- "املك عليك لسانك, وليسعك بيتك, وابكِ على خطيئتك" 3. رواه الترمذي عن ابن عامر. 605- "أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" 4. رواه أحمد عن خالد بن الوليد.

_ 1 أي: جمع الثوب باليدين عند الركوع والسجود. 2 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح1390". 3 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح1392". 4 صحيح: رقم "1406".

حرف الهمزة مع النون

حرف الهمزة مع النون: 606- أنا ابن الذبيحين1. كذا في الكشاف, قال الزيلعي وابن حجر في تخريج أحاديثه: لم نجده بهذا اللفظ، وقال في المقاصد: حديث ابن الذبيحين رواه الحاكم في المناقب من مستدركه من حديث عبيد الله بن محمد العتبي قال: حدثنا عبد الله بن سعيد عن الصنابجي قال:

_ 1 لا أصل له بهذا اللفظ، انظر الضعيفة "331".

حضرنا مجلس معاوية بن أبي سفيان فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق ابني إبراهيم -عليهم الصلاة والسلام- فقال بعضهم: الذبيح إسماعيل وقال بعضهم: بل إسحاق، فقال معاوية: سقطتم على الخبير, كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال أعرابي يشكو جدب أرضه: يا رسول الله خلفت البلاد يابسة والماء يابسًا هلك المال وضاع العيال, فعد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين, فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم ينكر عليه، فقلنا لمعاوية من الذبيحان يا أمير المؤمنين؟ فقال: إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل له أمرها أن ينحر بعض ولده, فأخرجهم وأسهم بينهم فخرج السهم لعبد الله, فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا له: أَرضِ ربك وافدِ ابنك، ففداه بمائة ناقة فهو الذبيح، وإسماعيل الثاني انتهى مع زيادة. وقال في المواهب وشرحها للزرقاني: وعند الحاكم في المستدرك وابن جرير وابن مردويه والثعلبي في تفاسيرهم عن معاوية بن أبي سفيان قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتاه أعرابي فقال: يا رسول الله, خلفت البلاد يابسة والماء يابسًا وفي نسخة: الكلأ يابسًا وخلفت المال عابسًا, هلك المال وضاع العيال فعد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين, فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم ينكر عليه، والحديث حسن بل صححه الحاكم والذهبي لتقوِّيه بتعدد طرقه انتهى. وأقول: فحينئذٍ لا ينافيه ما نقله الحلبي في سيرته عن السيوطي أن هذا الحديث غريب، وفي إسناده من لا يعرف انتهى، وفيه دليل على أن الذبيح إسماعيل وهو الصحيح، وفي الهدي لابن القيم: إسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم, وأما القول بأنه إسحاق فمردود بأكثر من عشرين وجهًا, ونقل عن الإمام ابن تيمية أن هذا القول متلقًّى من أهل الكتاب مع أنه باطل في كتابهم, فإن فيه: إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه بكره, وفي لفظ: وحيده، وقد حرفوا ذلك في التوراة التي بأيديهم "اذبح ابنك إسحاق". ولبعضهم وقد أجاد: إن الذبيح هديت إسماعيل ... نطق الكتاب بذاك والتنزيل شرف به خص الإله نبينا ... وأبانه التفسير والتأويل 607- أنا أعرفكم بالله, وأخوفكم منه. قال في المقاصد: قال شيخنا: صحيح، وقد ترجم البخاري في صحيحه بقوله صلى الله عليه وسلم: أنا أعلمكم بالله.

وأورد في الباب عن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أمرهم, أمرهم من الأعمال بما يطيقون. قالوا: إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله, إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر, فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه ثم يقول: إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا، ولفظ ترجمة البخاري لأبي ذر: أنا أعرفكم بالله، وكأنه مذكور بالمعنى بناء على ترادفهما وعليه البخاري، وله أيضًا في باب من لم يواجه الناس بالعتاب من الأدب, عن عائشة قالت: صنع النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئًا فترخص فيه فتنزه عنه قوم, فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فخطب فحمد الله ثم قال: "ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه! فوالله إني لأعلمهم بالله عز وجل, وأشدهم له خشيةً" , وللحاكم عن عائشة مرفوعًا في حديث: "قد علموا أني أتقاهم لله, وآداهم للأمانة". 608- أنا أكرم على الله من أن يتركني في التراب ألف عام. قال الصغاني: موضوع. 609- أنا أفصح من نطق بالضاد؛ بيد أني من قريش. قال في اللآلئ: معناه صحيح, ولكن لا أصل له كما قال ابن كثير وغيره من الحفاظ، وأورده أصحاب الغريب ولا يُعرَف له إسناد, ورواه ابن سعد عن يحيى بن يزيد السعدي مرسلًا بلفظ: أنا أعربكم, أنا من قريش, ولساني لسان سعد بن بكر. ورواه الطبراني عن أبي سعيد الخدري بلفظ: أنا أعرب العرب, ولدت في بني سعد, فأنى يأتيني اللحن؟!. كذا نقله في مناهل الصفا بتخريج أحاديث الشفا للجلال السيوطي، ثم قال فيه: والعجب من المحلي حيث ذكره في شرح جمع الجوامع من غير بيان حاله، وكذا من شيخ الإسلام زكريا حيث ذكره في شرح الجزرية، ومثله: أنا أفصح العرب؛ بيد أني من قريش، أورده أصحاب الغرائب ولا يعلم من أخرجه ولا إسناده انتهى. 610- أنا وأمتي براء من التكلف. قال في الدرر: قال النووي: لا يثبت، وروي البخاري عن عمر قال: "نهينا عن التكلف". وفي مسند الفردوس من حديث الزبير بن العوام: "إني بريء من التكلف، وصالحو أمتي" انتهى. وقال في اللآلئ بعد أن نقل عن النووي أنه ليس بثابت: قلت: روي البخاري عن أنس أنه قال: كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "نهينا عن التكلف".

611- أنا جليس من ذكرني. رواه الديلمي بلا سند عن عائشة مرفوعًا، وعند البيهقي في الشعب عن أبي بن كعب قال: قال موسى عليه الصلاة والسلام: يا رب, أقريب أنت فأناجيك, أو بعيد فأناديك؟ فقيل له: يا موسى, أنا جليس من ذكرني. ونحوه عند أبي الشيخ في الثواب عن كعب, والبيهقي أيضا في موضع آخر أن أبا أسامة قال لمحمد بن النضر: أما تستوحش من طول الجلوس في البيت؟! فقال: ما لي أستوحش وهو يقول: أنا جليس من ذكرني!. وأخرجه أبو الشيخ عن محمد بن نضر الحارثي أنه قال لأبي الأحوص: أليس تروي أنه قال: أنا جليس من ذكرني؟ فما أرجو بمجالسة الناس. وعند البيهقي معناه في المرفوع عن أبي هريرة أنه قال: سمعت أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله عز وجل قال: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه، ورواه الأوزاعي عن أبي هريرة موقوفًا ومرفوعًا والمرفوع أصح، ورواه الحاكم وصححه عن أنس بلفظ: قال الله تعالى: عبدي, أنا عند ظنك بي, وأنا معك إذا ذكرتني. 612- أنا رب الشام, من أرادها بسوء قصمته. هكذا اشتهر علي الألسنة كثيرًا، ولم أََرَ من ذكره وبين حاله. واشتهر أيضا: "ويك أم الجبابرة من أمك بسوء قصمته". والخطاب لدمشق ولعلهما من الإسرائيليات. ويؤيد الثاني ما ذكره ابن رجب في كتابه حماية الشام أن دمشق لما فتحت في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وجدوا حجرًا في جيرون مكتوبًا عليه باليونانية، فجاءوا برجل يوناني فقرأه فإذا فيه مكتوب: دمشق جبارة, لا يهم بها جبار إلا قصمه الله، الجبابرة تبني والقرود تخرب الأخراش إلى يوم القيامة, انتهى. ثم قال فيها أيضًا: وذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر بسنده عن يحيى بن حمزة قال: قدم عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس دمشق وحاصر أهلها, فلما دخلها هدم سورها فوقع منها حجر كان عليه مكتوب باليونانية:

ويك أم الجبابرة، من رامك بسوء قصمه الله، إذا وهى ميل جيرون الغربي من باب البريد، ويلك من الخمس أعين, نقض سورك على يديهم، بعد أربعة آلاف تعيشين رغدًا، فإذا وهى ميل جيرون الشرقي أزيل لك بمن تعرض لك. قال: فوجدنا الخمس أعين: عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب, انتهى. 613- أنا عند ظن عبدي بي. رواه الشيخان عن أبي هريرة رفعه، وللبيهقي عن أبي هريرة أيضًا رفعه بلفظ: أمر الله عز وجل بعبدين إلى النار, فلما وقف أحدهما على شفتها التفت فقال: أما والله, إن كان ظني بك لحسن فقال الله عز وجل: ردوه فأنا عند ظنك بي فغفر له، وفي لفظ: ردوه أنا عند حسن ظن عبدي بي، وعزاه ابن الجزري في الحصن الحصين للشيخين بلفظ: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني, فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي, وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه. وروى أبو الشيخ عن أبي هريرة أيضا مرفوعا بلفظ: العبد عند ظنه بالله، ولابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ: "يا أيها الناس, أحسنوا الظن برب العالمين؛ فإن الرب عند ظن عبده به". وقال النجم: رواه أحمد وابن حبان وابن ماجه عن واثلة بلفظ: قال الله تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي؛ إن ظن خيرًا فله, وإن ظن شرًّا فله" وتقدم آنفًا في حديث: "أنا جليس من ذكرني". عن أنس بلفظ: قال الله تعالى: "عبدي أنا عند ظنك بي, وأنا معك إذا ذكرتني". ولابن أبي الدنيا تأليف في حسن الظن بالله. 614- أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي. قال في المقاصد: ذكره في البداية للغزالي، وقال القاري عقبه: ولا يخفى أن الكلام في هذا المقام لم يبلغ الغاية. قلت: وتمامه "وأنا عند المندرسة قلوبهم لأجلي" ولا أصل لهما في المرفوع. انتهى. 615- أنا جد كل تقيٍّ1. تقدم في آل محمد كل تقي, أنه لا يعرف.

_ 1 انظر: "17".

616- "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة". رواه مسلم وأبو داود عن أبي هريرة من حديث وهو عند أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد في حديث بزيادة: "ولا فخر, وبيدي لواء الحمد ولا فخر, وما من نبي يومئذٍ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي, وأنا أول من تَنْشَقُّ عنه الأرض ولا فخر, وأنا أول شافع ومشفع ولا فخر". وعند الترمذي عن أنس: "أنا أول من تنشق عنه الأرض, فأُكسَى حلة من حلل الجنة, ثم أقوم عن العرش ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيري". وفي الفتوحات للشيخ الأكبر في الباب العاشر ما نصه: اعلم أنه ورد في الخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" -بالراء، وفي رواية بالزاي وهو التبجح بالباطل, انتهى فاعرفه. 617- "أنا سيد الناس يوم القيامة". رواه البخاري عن أبي هريرة، وروى البيهقي: أنا سيد العالمين. 618- أنا مدينة العلم, وعليٌّ بابها1. رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير وأبو الشيخ في السنة وغيرهم كلهم عن ابن عباس مرفوعًا مع زيادة: فمن أتى العلم, فليأتِ الباب. ورواه الترمذي وأبو نعيم وغيرهما عن علي بلفظ: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أنا دار الحكمة, وعلي بابها" وهذا حديث مضطرب غير ثابت كما قاله الدارقطني في العلل وقال الترمذي: منكر، وقال البخاري: ليس له وجه صحيح، ونقل الخطيب البغدادي عن يحيى بن معين أنه قال: إنه كذب لا أصل له، وقال الحاكم في الحديث الأول: إنه صحيح الإسناد, لكن ذكره ابن الجوزي بوجهيه في الموضوعات، ووافقه الذهبي وغيره وقال أبو زرعة: كم خلق افتضحوا فيه! وقال أبو حاتم ويحيى بن سعيد: لا أصل له, لكن قال في الدرر نقلًا عن أبي سعيد العلائي: الصواب أنه حسن باعتبار تعدد طرقه لا صحيح، ولا ضعيف، فضلًا أن يكون موضوعًا، وكذا قال الحافظ ابن حجر في فتوى له، قال: وبسطت كلامهما في التعقيبات على الموضوعات انتهى.

_ 1 موضوع: رقم "1416".

وقال في اللآلئ بعد كلام طويل: والحاصل أن الحديث ينتهي بمجموع طريقي أبي معاوية وشريك إلى درجة الحسن المحتج به, انتهى. وقال في شرح الهمزية لابن حجر المكي: قولهما *كم أبانت عن علوم* أنه حسن خلافًا لمن زعم وضعه انتهى. وقال في الفتاوى الحديثية: رواه جماعة وصححه الحاكم وحسنه الحافظان العلائي وابن حجر, انتهى. وقال ابن دقيق العيد: لم يثبتوه وقيل: إنه باطل وهو مشعر بتوقفه فيما قالوه من الوضع، بل صرح العلائي بذلك فقال: وعندي فيه نظر ثم بين ما يشهد لكون أبي معاوية حدث به عن ابن عباس وهو ثقة حافظ يحتج بأفراده كابن عيينة وأضرابه قال: فمن حكم على الحديث مع ذلك بالكذب فقد أخطأ، وليس هو من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول, بل هو كحديث: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، فليس الحديث بكذب لا سيما وقد أخرج الديلمي بسند ضعيف جدا عن ابن عمر أنه قال: "علي بن أبي طالب باب حطة, فمن دخل فيه كان مؤمنًا, ومن خرج منه كان كافرًا"، وأخرجه أيضا عن أبي ذر رفعه بلفظ: "علي باب علمي, ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي, حبه إيمان, وبغضه نفاق, والنظر إليه رأفة". ورواه أيضا عن ابن عباس رفعه: "أنا ميزان العلم, وعلي كفتاه, والحسن والحسين خيوطه". وروى الديلمي بلا إسناد عن ابن مسعود رفعه: "أنا مدينة العلم, وأبو بكر أساسها, وعمر حيطانها, وعثمان سقفها, وعلي بابها". وروي أيضا عن أنس مرفوعا: "أنا مدينة العلم, وعلي بابها, ومعاوية حلقتها" قال في المقاصد: وبالجملة فكلها ضعيفة وألفاظ أكثرها ركيكة، وأحسنها حديث ابن عباس بل هو حسن، وقال النجم: كلها ضعيفة واهية. وقد روى الترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم من حديث حبشي بن جنادة مرفوعا: "علي مني وأنا من علي, لا يؤدي عني إلا أنا أو علي" وليس في هذا كله ما يقدح في إجماع أهل السنة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم على أن أفضل الصحابة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- على الإطلاق أبو بكر ثم عمر وقد قال ابن عمر: كنا نقول ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حي: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وعثمان, فيسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا ينكره, بل ثبت عن علي نفسه أنه قال: خير الناس بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو

بكر ثم عمر ثم رجل آخر، فقال له ابنه محمد ابن الحنفية: ثم أنت يا أبتِ؟ فقال: ما أبوك إلا رجل من المسلمين. 619- أنا من الله والمؤمنون مني. هو كذب مختلق كما قاله الحافظ ابن حجر وقال بعض الحفاظ: لا يعرف بهذا اللفظ مرفوعا, بل الذي ثبت في الكتاب والسنة أن المؤمنين بعضهم من بعض، أما الكتاب ففي قوله تعالى: {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} 1 وأما السنة ففي قوله -صلى الله عليه وسلم- في حي الأشعريين: هم مني وأنا منهم, وقوله لعلي: أنت مني وأنا منك, وقوله للحسن: "هذا مني وأنا منه" وكله صحيح، وعند الديلمي بلا إسناد عن عبد الله بن جراد: "أنا من الله عز وجل والمؤمنون مني, فمن آذى مؤمنًا فقد آذاني ... الحديث" ويجري فيه ما قيل في الأول. 620- الأنبياء قادة, والفقهاء سادة, ومجالسهم زيادة2. قال القاري: هو موضوع كما في الخلاصة, انتهى. 621- أنا والأتقياء من أمتي بريئون من التكلف. قال النووي: ليس بثابت وأخرجه الدارقطني في الأفراد بسند ضعيف عن الزبير بن العوام مرفوعًا: "ألا إني بريء من التكلف، وصالحو أمتي" وذكره في الإحياء: "أنا وأتقياء أمتي براء من التكلف". وروى أحمد والطبراني في معجميه الكبير والأوسط وأبو نعيم في الحلية عن سلمان أنه قال لمن استضافه: لولا أنا نهينا عن التكلف لتكلفت لكم، وهذا حكمه الرفع على الصحيح. وإلى هذا أشار الحافظ ابن حجر بقوله: روي مرفوعًا من حديث سلمان والصحيح عنه من قوله, وقال عمر كما في البخاري عن أنس عنه: نهينا عن التكلف، وأخرجه ابن عساكر بلفظ: اللهم إني وصالحي أمتي براء من كل متكلف. وأخرجه أحمد وابنه والطبراني وغيرهم عن سلمان أنه قال لأضياف نزلوا به فقدم لهم ما تيسر ثم قال: لولا أَنَّا نهينا عن التكلف لتكلفت لكم، قال النجم: وليس المراد أن لا يهتم الإنسان بضيفه, بل أن لا يتكلف له ما لا يقدر عليه، فقد أخرج الخرائطي عن

_ 1 آل عمران: آية: "195". 2 موضوع: رقم "2301".

سلمان: لا يتكلفن أحد لضيفه ما لا يقدر عليه, وفى لفظ: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لا نتكلف للضيف ما ليس عندنا, وأن نقدم إليه ما حضرنا، وهو عند الطبراني بلفظ: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نتكلف للضيف ما ليس عندنا. وروى البيهقي عن أبى سعيد أنه قال: صنعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- طعامًا, فأتاني هو وأصحابه فلما وضع الطعام قال رجل من القوم: إني صائم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعاكم أخوكم وتكلف لكم ويقول أحدكم: إني صائم! " وعند الدارقطني من حديث جابر نحوه وكلاهما ضعيف. 622- أنا يعسوب المؤمنين. مر في: أمير النحل علي. 623- "أنا وكافل اليتيم في الجنة". هكذا رواه البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي عن سهل بن سعد. 624- "أنا النبي لا كذب, أنا ابن عبد المطلب". رواه الشيخان عن البراء بن عازب، ورواه الطبراني عن أبي سعيد بزيادة: "أنا أعرب العرب, ولدتني قريش ونشأت في بني سعد بن بكر, فأنى يأتيني اللحن؟!. 625- إنا لنبش في وجوه قوم, وقلوبنا تلعنهم1. 626- "إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة" 2. رواه أحمد وابن حبان عن الحسن بن علي، ورواه أيضًا أبو داود والنسائي والحاكم عن أبي رافع، وزاد فيه: "وإن مولى القوم من أنفسهم". 627- انتظار الفرج عبادة3. رواه الترمذي وابن أبي الدنيا في الفرج عن سعد بن أبي وقاص، وروياه أيضًا وأبو داود والنسائي والبيهقي في الشعب والعسكري في الأمثال والديلمي كلهم عن

_ 1 لم أجده بهذا اللفظ، وإنما وجدته بلفظ: "إنا لنكشر" وقال الألباني: لا أصل له مرفوعًا، ذكره البخاري "434/ 10" معلقًا موقوفًا، فقال: "ويذكر عن أبي الدرداء: إنا لنكشر". 2 صحيح: رقم "2280". 3 ضعيف: رقم "1427".

عن ابن مسعود مرفوعا بلفظ: "سلوا الله من فضله؛ فإن الله يحب أن يُسْأَلَ من فضله, وأفضل العبادة انتظار الفرج". وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في بعض حواشيه، لكن قال الترمذي عقبه: هكذا رواه حماد بن واقد وليس بالحافظ، وقال البيهقي: تفرد به حماد وليس بالقوي، ورواه أبو نعيم عن رجل عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. قال في المقاصد: وحديث أبي نعيم أشبه أن يكون أصح. وله طرق: منها ما رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي والديلمي عن علي رفعه: "انتظار الفرج من الله عبادة, ومن رضي بالقليل من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل". ومنها ما رواه العسكري والقضاعي عن ابن عمر رفعه: "انتظار الفرج بالصبر عبادة". ومنها ما رواه البيهقي عن الزهري رفعه: "انتظار الفرج من الله عز وجل عبادة". وقال: إنه مرسل ثم ساق عن بقية متصلًا بلفظ: "انتظار الفرج عبادة" وقال: الأول أولى. ومنها ما رواه البيهقي أيضًا عن ابن عباس رفعه: "أفضل العبادة توقع الفرج" وأخرجه القضاعي عن ابن عباس رفعه: "انتظار الفرج بالصبر عبادة". ومنها ما رواه الحكيم الترمذي في الأصل الثامن والخمسين: "الحياء زينة, والتقى كرم, وخير المركب الصبر, وانتظار الفرج من الله عبادة". 628- "أنت ومالك لأبيك" 1. رواه ابن ماجه عن جابر أن رجلًا قال: يا رسول الله, إن لي مالًا وولدًا, وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فذكره. ورواه عنه الطبراني في الأوسط والطحاوي، ورواه البزار عن هشام بن عروة مرسلًا, وصححه ابن القطان من هذا الوجه. وله طرق أخرى عند البيهقي في الدلائل والطبراني في الأوسط والصغير بسند فيه المكندر ضعفوه عن جابر, قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله, إن أبي أخذ مالي, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اذهب فأتني بأبيك" فنزل جبريل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إن الله عز وجل يقرئك السلام

_ 1 صحيح: رقم "1486".

ويقول لك: إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه" فلما جاء الشيخ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بال ابنك يشكوك, تريد أن تأخذ ماله؟ " قال: سله يا رسول الله هل أنفقته إلا على إحدى عماته أو خالاته أو على نفسي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إيه, دعنا من هذا, أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك" فقال الشيخ: والله يا رسول الله, ما يزال الله يزيدنا بك يقينًا، لقد قلت في نفسي شيئًا ما سمعته أذناي, فقال: قل وأنا أسمع, فقال: قلت: غذوتك مولودًا ومنتك يافعًا ... تعل بما أجني عليك وتنهل إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت ... لسقمك إلا ساهرًا أتململ كأني أنا المطروق دونك بالذي ... طرقت به دوني فعيني تهمل تخاف الردى نفسي عليك وإنها ... لتعلم أن الموت وقت مؤجل فلما بلغت السن والغاية التي ... إليها مدى ما كنت فيك أؤمل جعلت جزائي غلظة وفظاظة ... كأنك أنت المنعم المتفضل فليتكَ إذا لم تَرْعَ حَقَّ أبوتي ... فعلت كما الجار المجاور يفعل تراه معدًّا للخلاف كأنه ... برد على أهل الصواب موكل ويروى بدل البيت الأخير قوله -البيت-: فأوليتني حق الجوار فلم تكن ... علي بمال دون مالك تبخل قال: فحينئذٍ أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بتلابيب ابنه, وقال: "أنت ومالك لأبيك". وذكر في الكشاف في تفسير سورة الإسراء بلفظ: شكا رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أباه, وأنه يأخذ ماله فدعا به, فإذا شيخ يتوكأ على عصا فسأله فقال: إنه كان ضعيفًا وأنا قوي, وفقيرًا وأنا غني, فكنت لا أمنعه شيئًا من مالي, واليوم أنا ضعيف وهو قوي, وأنا فقير وهو غني, وهو يبخل عليَّ بماله, فبكى -عليه الصلاة والسلام- وقال: "ما من حجر ولا مدر يسمع هذا إلا بكى" ثم قال للولد: "أنت ومالك لأبيك" وقال مخرجه: لم أجده. وقال في المقاصد: قال شيخنا: أخرجه في معجم الصحابة من طريق وبيض له قال: قلت: وكأنه رام ذكر الذي قبله، والحديث عند البزار في مسنده عن عمر أن رجلًا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن أبي يريد أن يأخذ مالي فذكره, وهو منقطع

وأخرجه الطبراني في معاجمه الثلاثة عن ابن عمر قال: أتى رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعدي على والده قال: إنه أخذ مني مالي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما علمت أنك ومالك من كسب أبيك". وأخرج ابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن أبي اجتاح مالي, قال: "أنت ومالك لأبيك, إن أولادكم من أطيب كسبكم, فكلوا من أموالكم" وأخرجه أحمد عنه, وكذا ابن حبان عن عائشة في المقاصد, والحديث قوي. 629- "أنزلوا الناس منازلهم" 1. رواه مسلم وأبو داود عن عائشة، ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق عن معاذ بلفظ: "أنزلوا الناس منازلهم من الخير والشر, وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة" وتقدم في: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم بأبسط. 630- "أُنزل القرآن على سبعة أحرف" 2. رواه أحمد والترمذي عن أبي -رضي الله عنه- وأحمد عن حذيفة، وهو عند الطبراني من حديث ابن مسعود بزيادة: فمن قرأ على حرف منها, فلا يتحول إلى غيره رغبةً عنه، وفي رواية أخرى عنده: لكل حرف منها ظهر وبطن, ولكل حرف حد, ولكل حد مطلع. وعنده عن معاذ: "أنزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف, كلها كافٍ شافٍ". 631- "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا". رواه البخاري عن أنس مرفوعًا وبقيته قال: يا رسول الله, هذا ننصره مظلومًا فكيف ننصره ظالمًا؟! قال: "تأخذ فوق يديه" وفى لفظ: "تمنعه من الظلم, فذاك نصرك إياه" وهو أيضًا لفظ ترجمة البخاري، وأخرجه أيضًا في الإكراه وزاد: فقال رجل: يا رسول الله, أنصره إذا كان مظلومًا أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: "تحجزه أو تمنعه من الظلم, فإن ذلك نصره".

_ 1 قال الألباني، كما بهامش ح1344 في الضعيف: في هذا العزو نظر؛ فإن مسلمًا لم يحتج به في صحيحه, وإنما ذكره فى مقدمته 5/ 1 معلقًا بدون إسناد, مشيرًا لضعفه بقوله: "وقد ذكر عن عائشة". 2 صحيح: رقم "1495".

ورواه مسلم عن جابر، وفيه بيان سببه قال: اقتتل غلامان غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار, فنادى المهاجري: يا للمهاجرين ونادى الأنصاري: يا للأنصار, فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما هذا دعوى أهل الجاهلية"، قالوا: يا رسول الله ألا إن الغلامين اقتتلا, فكسع أحدهما الآخر، فقال: "لا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالمًا أو مظلومًا, فإن كان ظالمًا فلينهه فإنه له نصر, وإن كان مظلومًا فلينصره" , وأخرجه ابن عساكر والدارمي عن جابر بلفظ: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا, إن يك ظالمًا فاردده عن ظلمه, وإن يك مظلومًا فانصره". 632- أنصف من بالحق اعترف. قال في المقاصد: لم أعرفه هكذا، ولكن روى أحمد والحاكم عن الأسود بن سريع أنه قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأعرابي أسير فقال: أتوب إلى الله ولا أتوب إلى محمد, فقال صلى الله عليه وسلم: "عرف الحق لأهله". 633- انظروا إلى من أسفل منكم, ولا تنظروا إلى من فوقكم؛ فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم. متفق عليه من حديث الأعرج، ورواه مسلم من حديث همام وأبي صالح ثلاثتهم عن أبي هريرة مرفوعًا، وفي لفظ لمسلم: "إذا نظر أحدكم إلى من فضله الله عليه في المال والخلق, فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه". وروى أحمد وابن حبان في أثناء حديث عن أبي ذر: "أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- أن أنظر إلى من هو دوني, ولا أنظر إلى من هو فوقي". 634- "أَنفقْ, أُنفق عليك". متفق عليه عن أبي هريرة مرفوعًا قال: "قال الله عز وجل: أنفق, أنفق عليك" وقال: "يد الله ملأى لا يغيضها ... الحديث"، وفى رواية لمسلم عن أبي هريرة أيضا مرفوعًا: "إن الله قال لي: أنفق، أنفق عليك". 635- أنفق بلال, ولا تخشَ من ذي العرش إقلالًا1. رواه الطبراني في الكبير والقضاعي في مسنده عن ابن مسعود قال: دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على بلال, وعند صبرة من تمر فقال: "ما هذا يا بلال؟ " قال: يا

_ 1 صحيح: رقم "1512".

رسول الله ذخرته لك ولضيفانك, قال: "أما تخشى أن يفور لها بخار من جهنم, أنفق بلال ... الحديث"، وذكره النجم عن أبي هريرة أيضا بلفظ: "أما تخشى يا بلال أن ترى له بخارًا في نار جهنم". ورواه العسكري في الأمثال وكذا البزار في مسنده عن عائشة بلفظ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطعمنا بلال" فقال: يا رسول الله ما عندي إلا صبرة من تمر خبأته لك, فقال: "أما تخشى أن يقذف به في نار جهنم, أنفق ... " الحديث". وأخرجه البزار أيضًا عن أبي هريرة بلفظ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل على بلال وعنده صبرة من تمر فقال: ما هذا؟ قال: أدخره، فقال: "أما تخشى أن ترى له بخارًا في نار جهنم أنفق ... " الحديث. ورواه البيهقي في الشعب عن أبي هريرة مرفوعا، ورواه أيضا مرسلًا عن ابن سيرين، ورواه أبو يعلى بلفظ: "أنفق يا بلال, ولا تخافن من ذي العرش إقلالًا". قال في المقاصد: وما يحكى على لسان كثيرين في لفظ الحديث, وأنه "بلالًا" ويتكلفون في توجيهه بكونه نهيًا عن المنع وبغير ذلك فشيء لم أقف له على أصل انتهى. وأقول: مما قيل فيه: إن أصله أنفق بلا قولك لا، ومنه أنه مصدر بلَّ يبلُّ مشدد اللام، وقد وجهه الجلال السيوطي في الأشباه والنظائر النحوية بأنه من الإتباع وإن كان منادًى مفردًا علمًا، وعبارته فيها: ومنه إتباع كلمة في التنوين لكلمة أخرى منونة صحبتها كقوله تعالى: {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ} [النمل: 22] {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلًا وَأَغْلالًا} [الإنسان: 4] في قراءة من نون الجميع، وحديث: أنفق بلالًا ولا تخشَ من ذي العرش انتهت. وقال في "الهمع" أواخر الكتاب الخامس: روى البزار في مسنده وغيره أنفق بلالًا ولا تخش من ذي العرش إقلالًا, نون المنادى المعرفة ونصبه لمناسبة إقلالًا انتهى، وأقول: ظاهر كلامه في الكتابين أن الرواية بالنصب ومقتضى ما في المقاصد أنه بالضم فليراجع، وكلام السيوطي لا يفيد حصر الرواية بالنصب والإمام السخاوي نفى الوقوف فلا ينفي الورود، فمن حفظ حجة على من لم يحفظ فافهم, أي: فهما روايتان فلا منافاة. 636- إنما الأعمال بالنيات1. مر في الأعمال بالنيات في أول الكتاب.

_ 1 انظر: ح "1".

637- "إنما بعثت رحمة ولم أبعث عذابًا" 1. رواه البخاري في التاريخ عن أبي هريرة، وكذا في الأدب المفرد عنه بلفظ: إني لم أبعث لعانًا, وإنما بعثت رحمة. 638- "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" 2. رواه مالك في الموطأ بلاغًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-, وقال ابن عبد البر: هو متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره. ومنها ما رواه أحمد والخرائطي في أول المكارم بسند صحيح عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: " إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق". ومنها ما رواه الطبراني في الأوسط بسند فيه عمر بن إبراهيم القرشي وهو ضعيف عن جابر مرفوعًا بلفظ: "إن الله بعثني بتمام مكارم الأخلاق, وكمال محاسن الفعال". لكن معناه صحيح، ومنها ما عزاه الديلمي لأحمد في مسنده عن معاذ، لكن قال في المقاصد: وما رأيته فيه, والذي رأيته فيه: أبي هريرة -رضي الله عنه-. 639- "إنما أجرك على قدر نصبك". رواه مسلم عن عائشة -رضي الله عنها-. 640- "إنما بقي من الدنيا بلاء وفتنة". رواه أحمد والرامهرمزي في الأمثال، وأخرجه ابن ماجه عن معاوية، وصححه ابن حبان بلفظ: "لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة". 641- أنفق ما في الجيب, يأتك ما في الغيب. ليس بحديث لكنه يقرب من معنى الحديث المتقدم المتفق عليه "أنفق, أنفق عليك" وقوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39] والمشهور على الألسنة: يأتيك -بالياء- وله وجه في العربية، أخرج الخطيب في جزء له في الزهد عن يحيى بن معاذ الرازي أنه قال: بدأ أمري في سياحتي حيث خرجت من الري فوقع في قلبي شأن المئونة والنفقة, فتفكرت في نفسي فإذا بهاتف لي في قلبي: أخرج ما في الجيب, نعطك من الغيب.

_ 1 ضعيف: رقم "2053". 2 رواية الإمام أحمد، والخرائطى عن أبي هريرة: صحيح: رقم "2349".

قال القاري في الموضوعات: وأما قولهم أنفق أبو بكر ما معه حتى تخلل بالعباءة, فليس في المرفوع, لكن معناه صحيح انتهى. وقال النجم: أنفق أبو بكر ما معه حتى تخلل بالعباءة, ليس واردًا هكذا، ومعناه ثابت لقوله صلى الله عليه وسلم: واساني بنفسه وماله، ولقوله: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، وأسلم وله أربعون ألفًا فأنفقها في سبيل الله، وقالت عائشة: ما ترك دينارًا, ولا درهمًا. 642- "إنما البيع عن تراضٍ" 1. رواه ابن ماجه والضياء عن أبي سعيد الخدري. 643- "إنما جعل الإمام ليؤتمَّ به؛ فإذا كبر فكبروا, وإذا ركع فاركعوا, وإذا رفع فارفعوا, وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد, وإذا سجد فاسجدوا, وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون". رواه الشيخان ومالك وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس، ورواه الشيخان وأحمد عن عائشة, وله طرق وألفاظ أخرى. 644- إنما حر جهنم على أمتي كحر الحمام2. رواه الطبراني في الأوسط بسند رجاله موثقون إلا شعيب بن طلحة, فالأكثرون على توثيقه عن أبي بكر مرفوعًا، قال في المقاصد: ولم أره في "الوشي المعلم" ولا في "تلخيصه" ولا في الأفراد للدارقطني عن ابن عباس رفعه: "إن حظ أمتي من النار طول بلائها تحت التراب" وبيض له الديلمي في مسنده. 645- إنما السلطان ظل الله, ورمحه في الأرض. رواه أبو الشيخ والديلمي والبيهقي وآخرون عن أنس مرفوعًا بلفظ: "إذا مررت ببلدة ليس فيها سلطان فلا تدخلها؛ إنما السلطان ... الحديث". وفي لفظ للديلمي وأبي نعيم وغيرهما عن أنس مرفوعًا: "السلطان ظل الله ورمحه في الأرض, فمن نصحه ودعا له اهتدى, ومن دعا عليه ولم ينصحه ضلَّ" قال في المقاصد:

_ 1 صحيح، انظر صحيح ابن ماجه "ح1778". 2 موضوع: رقم "2056".

وهما ضعيفان، لكن في الباب عن أبي بكر وعمر وابن عمر وأبي بكرة وأبي هريرة وغيرهم كما بينتها واضحة في جزء رفع الشكوك في مفاخر الملوك انتهى، وسيأتي له طرق وألفاظ أخرى في: السلطان ظل الله, وقد ألف فيه السيوطي أيضًا كما قال النجم. 646- "إنما شفاء العي السؤال" 1. رواه ابن ماجه من طريق الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: سمعت ابن عباس يخبر أن رجلًا أصابه جرح -وفي رواية: في رأسه- على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم أصابه احتلام فأمر بالاغتسال, فاغتسل فمات, فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "قتلوه قتلهم الله، أَوَلَم يكن شفاء العي السؤال؟! "، قال عطاء: وبلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لو غسل جسده, وترك رأسه حيث أصابه الجرح به"، هكذا رواه بدون واسطة بين الأوزاعي وعطاء، وحكى ابن أبي حاتم إثبات إسماعيل بن مسلم بينهما وأثبت الواسطة أيضًا مع إبهامها محمد بن شعيب فقال: أخبرني الأوزاعي أنه بلغه عن عطاء. ورواه أبو داود عنه بلفظ: أصاب رجلًا جرحٌ في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم احتلم فأمر بالاغتسال, فاغتسل فمات, فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "قتلوه قتلهم الله, ألم يكن شفاء العي السؤال؟ ". ورواه أيضا أحمد والدارمي والدارقطني, ثلاثتهم عن الأوزاعي, وفي الباب أيضًا علي وجابر. 647- "إنما الصبر عند الصدمة الأولى". رواه الشيخان عن أنس, وسببه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بامرأة تبكي على صبي لها, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لها: "اتقي الله واصبري" فقالت: "إليك عني, فإنك لم تصب بمصيبتي" ولم تعرفه, فقيل لها: إنه النبي -صلى الله عليه وسلم-, فأتت بابه فلم تجد عنده بوابين, فقالت: لم أعرفك فذكره، وفي لفظ للبخاري: الصبر عند الصدمة الأولى, وفي لفظ له أيضا: إنما الصبر عند أول صدمة، والمعنى: إنما الصبر الكامل أو الذي تحمد عاقبته, عند الصدمة الأولى. 648- "إنما الماء من الماء". رواه مسلم وأبو داود عن أبي سعيد، ورواه أحمد والنسائي وابن ماجه عن أبي أيوب.

_ 1 صحيح: رقم "4366".

649- "إنما النساء شقائق الرجال" 1. رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن عائشة، ورواه البزار عن أنس، قال ابن القطان: هو من طريق عائشة ضعيف, ومن طريق أنس صحيح. 650- إنما الأمل رحمة من الله لأمتي؛ لولا الأمل ما أرضعت أمٌّ ولدًا، ولا غرس غارسٌ شجرًا2. رواه الخطيب عن أنس. 651- إنما الطلاق لمن أخذ بالساق3. رواه ابن ماجه من طريق ابن لهيعة عن ابن عباس قال: أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- رجلٌ فقال: يا رسول الله سيدي زوجني أمته, وهو يريد أن يفرق بيني وبينها قال: فصعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنبر فقال: "أيها الناس, ما بال أحدكم يزوج عبده أمته، ثم يريد أن يفرق بينهما". ورواه الدارقطني من طريق ابن لهيعة بدون ذكر ابن عباس، ولكن أخرجه بإثباته أبو الحجاج المهري عن موسى ولفظه: إنما يملك الطلاق من أخذ بالساق، وقال النجم: وأخرجه الطبراني عن عصمة بن مالك: إنما الطلاق بيد من أخذ بالساق. 652- "إنما العلم بالتعلم" 4. رواه الطبراني في الكبير, وأبو نعيم والعسكري عن أبي الدرداء رفعه بلفظ: "إنما العلم بالتعلم, والحلم بالتحلم, ومن يتحرَّ الخير يُعْطَه, ومن يتوقَّ الشر يُوقه؛ لم يسكن الدرجات العلا -ولا أقول لكم: من الجنة- من استقسم, أو تطير طيرًا يرده من سفره". وفى سنده محمد بن الحسن الهمذاني كذاب. ولكن رواه البيهقي في المدخل عن أبي الدرداء موقوفًا.

_ 1 صحيح: رقم "2333". 2 موضوع: رقم "2044". 3 سيأتي في حديث "1659". 4 حسن: رقم "2328".

وفي رواية للطبراني وكذا البيهقي عن أبي الدرداء بزيادة بعد قوله "يوقه": "ثلاث من كن فيه لم يسكن الدرجات العلا -ولا أقول لكم: الجنة-: من تكهن, أو استقسم, أو رد من سفر تطيرًا". وأخرجه العسكري عن أنس مرفوعًا، وعن معاوية مرفوعًا بلفظ: "يا أيها الناس, إنما العلم بالتعلم، والفقه بالتفقه، ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، وإنما يخشى الله من عباده العلماء". وأخرجه الطبراني في الكبير، وابن أبي عاصم في العلم عن معاوية أيضًا، وجزم البخاري بتعليقه فقال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" وقال: "إنما العلم بالتعلم". وأخرجه الدارقطني في الأفراد عن أبي هريرة والخطيب عن أبي هريرة وعن أبي الدرداء بلفظ: "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحرَّ الخير يُعطه، ومن يتقِ الشر يُوقه". وأخرجه أبو نعيم عن شداد بن أوس بلفظ: أن رجلًا قال: "يا رسول الله, ماذا يزيد في العلم؟ " قال: "التعلم"، وفى سنده كذاب وهو عمر بن صبيح. وأخرجه البزار بسند في حديث طويل رجاله ثقات عن ابن مسعود مرفوعًا، أنه كان يقول: "فعليكم بهذا القرآن؛ فإنه مأدبة الله، فمن استطاع منكم أن يأخذ من مأدبة الله فليفعل؛ فإنما العلم بالتعلم". وروى البيهقي في المدخل والعسكري في الأمثال, كلاهما عن أبي الأحوص أنه قال: "إن الرجل لا يُولَد عالمًا، وإنما العلم بالتعلم". وروى العسكري أيضًا عن حميد الطويل أنه قال: كان الحسن يقول: "إذا لم تكن حليمًا فتحَلَّمْ، وإذا لم تكن عالمًا فتعلَّمْ، فقلما تشبه رجل بقوم إلا كان منهم". وروى العسكري أيضًا من وجه آخر عن عمرو البجلي أنه قال: "الحسن هو والله أحسن منك رداءً, وإن كان رداؤك حبرة رجل رداؤُه الحلم, فإن لم يكن حلم -لا أبا لك- فتحلم؛ فإنه من تشبه بقوم لحق بهم". 653- إنما هي أعمالكم ترد عليكم. قال النجم: رواه أبو نعيم عن حسان بن عطية قال: "بلغني أن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا بني آدم, إنا قد أنصتنا لكم مذ خلقناكم فأنصتوا لنا, اليوم نقرأ عليكم أعمالكم,

فمن وجد خيرًا فليحمد الله, ومن وجد شرًّا فلا يلومن إلا نفسه, إنما هي أعمالكم ترد عليكم" وفى كتاب الله تعالى: {وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يس: 54] . 654- إنما يرحم الله من عباده الرحماء. متفق عليه عن أسامة بن زيد مرفوعًا، قال في المقاصد: وقد جمعت في هذا المعنى جزءًا, وتقدم الكلام عليه مبسوطا في "ارحموا من في الأرض". 655- إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل1. رواه العسكري في الأمثال بهذا اللفظ عن أنس قال: بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد إذ أقبل علي -رضي الله عنه- فسلم ثم وقف ينظر موضعًا يجلس فيه فنظر النبي -صلى الله عليه وسلم- في وجوه أصحابه "أيهم يوسع له" , وكان أبو بكر -رضي الله عنه- عن يمينه فتزحزح له عن مجلسه وقال: "هاهنا يا أبا الحسن" , فجلس بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين أبى بكر فعرف السرور في وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: يا أبا بكر, إنما يعرف الفضل ... الحديث. وهو عند الديلمي في مسنده عن أبي سعيد رفعه بلفظ: يا أبا بكر إنما يعرف الفضل لذوي الفضل أهل الفضل. وفي ترجمة العباس من تاريخ دمشق لابن عساكر عن عائشة أن النبي كان جالسًا مع أصحابه وبجنبه أبو بكر وعمر, فأقبل العباس, فأوسع له أبو بكر فجلس بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين أبي بكر فذكره، والحديثان ضعيفان، ولكن المعنى صحيح كما قاله السخاوي. وعزاه في الجامع الصغير للخطيب ولابن عساكر عن عائشة -رضي الله عنها- بلفظ: إنما يعرف الفضل لأهل الفضل, أهل الفضل. 656- إنما اليمين حنث أو ندم2. رواه أبو يعلى عن ابن عمر, سيأتي في حرف الحاء من رواية ابن ماجه عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: الحلف حنث أو ندم.

_ 1 لفظ ابن عساكر عن عائشة: موضوع: رقم "2067". 2 انظر: ح "1165".

657- "إنا أمة أمية, لا نكتب ولا نحسب". رواه الشيخان عن سعد بن أبي وقاص، وهما وأبو داود والنسائي عن ابن عمر، وزاد فيه عمن ذكر كما في الجامع الكبير: "الشهر هكذا وهكذا وهكذا" وعقد الإبهام في الثالثة: "والشهر هكذا وهكذا وهكذا"، يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين. 658- إني بعثت بالحنيفية السمحة. رواه الديلمي عن عائشة -رضي الله عنها- في حديث الحبشة ولعبهم ونظر عائشة إليهم بلفظ: لتعلم يهود أن في ديننا فسحة, وإني بعثت بالحنيفية السمحة. ورواه أحمد بسند حسن عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يومئذٍ ليعلم يهود أني أرسلت بالحنيفية السمحة"، وفي الباب عن أبي وجابر وابن عمر وأبي هريرة وغيرهم. وترجم البخاري في صحيحه بلفظ: "أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة" ورواه في الأدب المفرد عن ابن عباس بلفظ: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأديان أحب إلى الله؟ قال: "الحنيفية السمحة". وقال النجم: وحديث جابر أخرجه الخطيب بلفظ: "بعثت بالحنيفية السمحة"، وقال النجم: وحديث جابر أخرجه الخطيب بلفظ: "بعثت بالحنيفية, ومن خالف سنتي فليس مني". 659- إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن, أو من جانب اليمن. قال العراقي: لم أجد له أصلًا. 660- إنكم في زمان من ترك منكم عشر ما أمر به هلك, ثم يأتي زمان من عمل منهم بعشر ما أمر به نجا1. رواه الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

_ 1 ضعيف: رقم "2037".

661- إنكم لا تسعون الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه, وحسن الخلق1. رواه الحاكم والبزار وابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة. 662- "إنه ليغان2 على قلبي, وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة". رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي عن الأوزاعي. 663- إن التوبة تغسل الحوبة، وإن الحسنات يذهبْنَ السيئات3. رواه أبو نعيم عن شداد بن أوس, وزاد: "إذا ذكر العبد ربه في الرخاء أنجاه في البلاء" وذلك بأن الله تعالى يقول: "لا أجمع أبدًا لعبدي أمنين ولا أجمع له خوفين, إن هو أمنني في الدنيا خافني يوم أجمع فيه عبادي, وإن خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع فيه عبادي في حظيرة القدس, فيدوم له أمنه, ولا أمحقه فيمن أمحقه" انتهى. ورواه في الإحياء بلفظ: "إن الحسنات يذهبن السيئات, كما يذهب الماء الوسخ". لكن قال الزين العراقي في تخريجه: لم أجده بهذا اللفظ، وهو صحيح المعنى وبمعنى: أتبع السيئة الحسنة تمحها. 664- "إن أول ما يرفع من الناس الأمانة, وآخر ما يبقى الصلاة, ورب مُصَلٍّ لا خير فيه" 4. رواه البيهقي عن عمر, وسيأتي في أول ما يرفع. ورواه الحكيم الترمذي عن زيد بن ثابت بلفظ: "إن أول ما يرفع من الناس الأمانة, وآخر ما يبقى من دينهم الصلاة, ورب مصل لا خلاق له عند الله تعالى".

_ 1 ضعيف: رقم "2042". 2 الغين: الغيم، وغينت السماء تغان: إذا أطبق عليها الغيم. وقيل: الغين: شجر ملتف. أراد ما يغشاه من السهو الذي لا يخلو منه البشر؛ لأن قلبه أبدًا كان مشغولًا بالله تعالى، فإن عرض له وقتًا ما عارض بشيء يشغله عن أمور الأمة والملة ومصالحهما، عد ذلك ذنبًا وتقصيرًا، فيفزع إلى الاستغفار. كذا في النهاية. 3 موضوع: رقم "1426". 4 رواه الطبراني في الصغير وفيه حكيم بن نافع, وثقه ابن معين وضعفه أبو زرعة، وبقية رجاله ثقات، كما في المجمع "321/ 7".

665- إن التجار هم الفجار1. قال النجم: رواه الطبراني عن معاوية وأحمد والحاكم والبيهقي عن عبد الرحمن بن شبل, زاد فقيل: يا رسول الله, أليس قد أحل الله البيع؟ قال: "نعم, ولكنهم يحلفون فيأثمون, ويحدثون فيكذبون"، نعم يستثنى التاجر الصدوق الأمين؛ لأنه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين, كما أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي سعيد الخدري, انتهى. وقال ابن حجر المكي في فتاواه الحديثية رادًّا على بعض الحفاظ المورد له بلفظ: إن التجار هم الفجار إلا من قال بيده هكذا وهكذا, قال: صدر الحديث إلى الاستثناء وارد, بل صحيح كما قاله الترمذي, وهو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون فقال: يا معشر التجار, فاستجابوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه فقال: التجار يبعثون يوم القيامة فجارًا, إلا من اتقى الله وبر وصدق. وفي رواية صحيحة: إن التجار هم الفجار, فسئل: يا رسول الله, أليس قد أحل الله البيع؟ قال: بلى، ولكنهم يحدثون فيكذبون, ويحلفون فيأثمون، قال: وأما آخره وهو إلا من قال بيده هكذا وهكذا. فلم يرد في شيء من كتب الحديث بعد البحث عنه, انتهى. وأقول: ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما قد يشهد لهذا الخطيب حيث قال فيه: وفي رواية للبخاري عن أبي ذر بلفظ: "المكثرون هم الأخسرون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا ... الحديث" انتهى. وفي رواية لمسلم عن أبي ذر قال: انتهيت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني قال: "هم الأخسرون, ورب الكعبة". فقلت: يا رسول الله، فداك أبي وأمي, من هم؟ قال: "هم الأكثرون أموالًا، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا, من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، وقليل ما هم؛ ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم، لا يؤدي زكاتها، إلا جاءت يوم القيامة أعظم مما كانت وأسمنه، تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلما نفذت أخراها عادت عليه أولاها، حتى يقضى بين الناس" انتهى فتأمله.

_ 1 صحيح: رقم "1594".

666- إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون. رواه مسلم عن ابن مسعود. 667- "إن أبخل الناس من بخل بالسلام" 1. رواه أبو يعلى، وعن ابن حبان والإسماعيلي من طريقه البيهقي في الشعب عن أبي هريرة موقوفًا بلفظ: "إن أبخل الناس من بخل بالسلام, وأعجز الناس من عجز عن الدعاء" رواه الطبراني في الأوسط وفي الدعاء. والبيهقي في الشعب عن عاصم مرفوعًا بلفظ: أعجز الناس من عجز في الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام. ورجاله رجال الصحيح. وفي لفظ عن أبي هريرة: "البخيل كل البخيل...." وذكره. وأخرجه الطبراني في الدعاء عن عبد الله بن معقل رفعه بلفظ: "أعجز الناس من عجز عن الدعاء, وأبخل الناس من بخل بالسلام". وأخرجه العسكري بزيادة: "إن أسوأ الناس سرقةً الذي يسرق من صلاته". وأخرجه أحمد والبزار والبيهقي عن جابر بلفظ: إن رجلًا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إن لفلان في حائطي عذقًا، وإنه قد آذاني وشق علي مكان عذقه. فأرسل إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: بعني عذقك الذي في حائط فلان. قال: لا. قال: فهبه لي. قال: لا. قال: فبعنيه بعذق في الجنة. قال: لا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت الذي هو أبخل منك، إلا الذي يبخل بالسلام". وأخرجه أبو نعيم عن أنس، رفعه: بخيل الناس من بخل بالسلام. 668- إن تحت كل شعرة جنابة, فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشر2. رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة. 669- "إن الدال على الخير كفاعله" 3. رواه الترمذي عن أنس, وسيأتي فيه زيادة في حرف الدال.

_ 1 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح1519". 2 ضعيف: رقم "1847". 3 انظر حديث "1282".

670- إن الشمس ردت على عليِّ بن أبي طالب. قال الإمام أحمد: لا أصل له، وقال ابن الجوزي: موضوع، لكن خطئوه، ومن ثَمَّ قال السيوطي: أخرجه ابن منده وابن شاهين عن أسماء بنت عميس, وابن مردويه عن أبى هريرة, وإسنادهما حسن. وصححه الطحاوي والقاضي عياض، قال القاري: ولعل المنفي ردها بأمر علي، والمثبت بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-. وأقول في عمدة القاري للعيني، كفتح الباري للحافظ ابن حجر, أن الطبراني والحاكم والبيهقي في الدلائل أخرجوا عن أسماء بنت عميس أن النبي نام على فخذ عليٍّ حتى غابت الشمس, فلما استيقظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, قال علي رضي الله عنه: يا رسول الله, إني لم أصلِّ العصر, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم, إن عبدك عليًّا احتسب بنفسه على نبيك, فردها عليه". قالت أسماء: فطلعت الشمس حتى وقعت على الجبال وعلى الأرض, ثم قام علي فتوضأ وصلى العصر, وذلك بالصهباء. قال الطحاوي: وكان أحمد بن صالح يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم أن يتخلف عن حفظ حديث أسماء؛ لأنه من أجل علامات النبوة. قال: وهو حديث متصل, ورواته ثقات, وإعلال ابن الجوزي له لا يلتفت إليه, انتهى. وأقول: قد ذكرنا في الفيض الجاري في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "أحلت لكم الغنائم" أن قصة علي في رد الشمس بعد مغيبها، وأنها ردت لنبينا أيضا في وقعة الخندق حين شغل عن صلاة العصر حتى صلاها، وكذا ردت لسليمان بن داود -عليهما السلام- على قول بعضهم، وأما حبسها عن المغيب فقد وقع ليوشع بن نون، وقبله لموسى بن عمران، ووقع بعدهما لسليمان بن داود، وأيضا لنبينا عن الطلوع ليلة الإسراء، وإن كان في بعضها مقال، فراجعه فقد ذكرناه هناك مبسوطًا. 671- "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم, فضيقوا مجاريه بالجوع" 1. ذكره في الإحياء، قال العراقي: متفق عليه دون "فضيقوا مجاريه بالجوع" فإنه مدرج من بعض الصوفية.

_ 1 صحيح: رقم "1658" دون: فضيقوا مجاريه بالجوع.

672- إن العالم والمتعلم إذا مرا على قرية, فإن الله تعالى يرفع العذاب عن مقبرة تلك القرية أربعين يومًا. قال السيوطي: لا أصل له، ومثله ما أخرجه الثعلبي وكثير من المفسرين عن حذيفة رفعه بلفظ: "إن القوم ليبعث الله عليهم العذاب حتمًا مقضيًّا, فيقرأ الصبي من صبيانهم في الكتاب: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] فيسمعه الله تعالى فيرفع الله عنهم بذلك عذاب أربعين سنة, فإنه موضوع، كما قاله الحافظ العراقي وغيره، وقيل: إنه ضعيف, انتهى. 673- إن العبد لينشر له من الثناء ما بين المشرق والمغرب, وما يزن عند الله جناح بعوضة. ذكره في الإحياء، قال العراقي: لم أجده هكذا، وفي الصحيحين عن أبي هريرة: "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة, لا يزن عند الله جناح بعوضة". 674- إن ابن آدم لحريص على ما منع1. رواه الطبراني, ومن طريقه الديلمي بسند ضعيف عن ابن عمر رفعه. 675- إن أحدكم يأتيه الله برزق عشرة أيام في يوم واحد, فإن هو حبس عاش تسعة أيام بخير, وإن هو وسع وأسرف قتر عليه تسعة أيام2. رواه الديلمي عن أنس وقال الله تعالى: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] . 676- "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله" 3. أسنده البخاري في الطب عن ابن عباس رفعه في قصة اللديغ الذي رقاه أحد النفر من الصحابة, وهو ابن مسعود بفاتحة الكتاب على شاة شرطها فبرئ وكره أصحابه ذلك وقالوا له: أخذت على كتاب الله أجرًا حتى قدموا المدينة فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرًا فذكره.

_ 1 ضعيف جدا: رقم "1360". 2 ضعيف: رقم "1372". 3 صحيح: رقم "1548".

وعلقه البخاري في الإجارة جازمًا به فقال: وقال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله"، لكنه في الطب أيضا علقه بصيغة التمريض مع إيراده له متصلا في صحيحه لروايته له بالمعنى. وروى أبو نعيم عن أبي هريرة مرفوعًا: "من أخذ أجرًا على القرآن فذاك حظه من القرآن". وأما ما رواه أبو نعيم أيضا ومن طريقه الديلمي عن ابن عباس رفعه بلفظ: "فقد تعجل حسناته في الدنيا" , فيحمل إن ثبت على من تعين عليه التعليم. 677- "إن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم, فمن رضي فله الرضا, ومن سخط فله السخط" 1. رواه الترمذي عن أنس, ورواه أحمد عن محمود بن لبيد لكن بلفظ: "فمن صبر فله الصبر, ومن جزع فله الجزع". 678- "إن الله إذا استودع شيئًا حفظه" 2. رواه البخاري في الأدب المفرد والبيهقي عن ابن عمر، ومما يناسب إيراده هنا ما ذكره عن عز الدين بن جماعة في كتاب هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك بقوله: وليستودع ربه ما خلفه من أهل ومال وولد بإخلاص وصدق نية, فقد روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه استعرض الناس ذات يوم, فرأى رجلًا معه ابنه فقال: ما رأيت غرابًا أشبه بغراب منك بهذا, فقال: يا أمير المؤمنين, ما ولدته أمه إلا وهي ميتة, فقال عمر: حدثني قال: خرجت في غزاة وأمه حامل به مثقلة, فقلت لها حين ودعتها بإخلاص وصدق نية: أستودع الله ما في بطنك فغبت ثم قدمت, فإذا بابي مغلق فقلت: ما فعلت فلانة فقالوا: ماتت, فذهبت إلى قبرها فبكيت عنده فلما كان من الليل قعدت مع بني عم لي نتحدث وليس يسترنا من البقيع شيء, فارتفعت لي نار بين القبور فقلت لبني عمي: ما هذه النار؟ فتفرقوا عني حياء مني فأتيت أقربهم إلي فسألته فقال: يُرَى على قبر زوجتك كل ليلة نار, فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون, إن كانت والله فيما علمت لصوامة قوامة عفيفة مسلمة, انطلق بنا, فأخذت الفأس وجئت إلى قبرها, فإذا هو

_ 1 رواية أحمد: صحيح: رقم "1706". 2 صحيح: رقم "1708".

مفتوح, وإذا هذا يدب حولها ومنادٍ ينادي: ألا أيها المستودع ربه خذ وديعتك, أما والله لو استودعتنا أمه لوجدتها, فأخذته وانسد القبر, انتهى. 679- إن الله أمرني بمداراة الناس, كما أمرني بإقامة الفرائض1. رواه الديلمي عن عائشة -رضي الله عنها-. 680- إن الله أنزل الداء, والدواء2. رواه أبو داود عن أبي الدرداء، وزاد: وجعل لكل داء دواء. 681- "إن الله جعل الحق على لسان عمر, وقلبه" 3. رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن أبي ذر، وأحمد والترمذي عن ابن عمر، وأبو يعلى والحاكم عن أبي هريرة، والطبراني عن بلال ومعاوية، وابن سعد عن أيوب بن موسى مرسلًا، وزاد: وهو الفاروق, فرق الله به بين الحق والباطل. 682- "إن أدنى أهل الجنة درجةً لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم, بيد كل واحد صفحتان؛ واحدة من ذهب والأخرى من فضة" -الحديث. رواه الطبراني بإسناد قوي عن أنس، ورواه الترمذي عن أبي سعيد بلفظ: "أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة, وينصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية وصنعاء, وإن عليهم التيجان, وإن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب" , انتهى مفرقًا. 683- إن الأرض لتنجس من بول الأبعر أربعين يومًا. قال القاري: فيه داود الوضاع. 684- إن لم تكن العلماء أولياء الله, فليس لله ولي. قال السخاوي: لا أعرفه حديثًا, وكذا ما اتخذ الله من ولي جاهل، قال القاري: ليس بحديث بل هو من كلام أبي حنيفة والشافعي.

_ 1 ضعيف جدا: رقم "1567". 2 الحديث بزيادته: ضعيف: رقم "1569". 3 صحيح: رقم "1736".

وأخرجه البيهقي عن الشافعي بلفظ: إن لم تكن الفقهاء أولياء الله في الآخرة فما لله ولي، وكيف لا والشافعي يقول أيضًا: ما أحد أودع لخالقه من الفقهاء؟!. 685- إن الإيمان قول وعمل, ويزيد وينقص, والإيمان لا يزيد ولا ينقص. قال القاري: قال الفيروزآبادي: كله لا يصح، وأقول: المراد بالإيمان ثانيًا بمعنى التصديق القلبي, على القول بأنه لا يزيد ولا ينقص, فتأمل. 686- ... 1. 687- "إن الله جميل يحب الجمال" 2. رواه أحمد عن أبي ريحانة، ومسلم والترمذي عن ابن مسعود، وأبو يعلى عن أبي سعيد, والطبراني عن أبي أمامة وابن عمر وجابر، زاد في حديث جابر: ويحب معالي الأخلاق, ويكره سفسافها. ورواه البيهقي عن أبي سعيد، وزاد فيه: "ويحب أن يرى أثر نعمه على عبده, ويبغض البؤس والتبؤس" وابن عدي في الكامل عن ابن عمر، وزاد فيه: سخي يحب السخاء, نظيف يحب النظافة. 688- "إن الله طيب, لا يقبل إلا الطيب". رواه مسلم وأحمد وابن عدي والترمذي عن أبي هريرة، وعند الترمذي وغيره عن سعد بن أبي وقاص رفعه: "إن الله طيب يحب الطيب, نظيف يحب النظافة, كريم يحب الكرم, جواد يحب الجود, فنظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود". 689- إن الله سأل عن صحبة ساعة3. قال النجم: دائر في ألسنة الناس, وفي معناه ما أخرجه ابن جرير في قوله تعالى: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} [النساء: 36] عن رجل من الصحابة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل غيضة مع بعض أصحابه, فاجتنى منها سواكين أحدهما معوج, والآخر مستقيم, فدفع

_ 1 ليس لهذا الرقم حديث مقابل في جميع النسخ. 2 صحيح: رقم "1741". 3 موضوع، بنحوه في الضعيفة "ح124".

المستقيم إلى صاحبه فقال له: يا رسول الله كنت أحق بالمستقيم, فقال: "ما من صاحب يصحب صاحبًا ولو ساعة من نهار, إلا سئل عن صحبته: هل أقام منها حق الله تعالى, أم أضاعه؟ " انتهى. وأقول: المشهور على الألسنة الآن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل عن صحبة ساعة. 690- إن الله غيور يحب الغيور, وإن عمر غيور1. رواه رسته2 في كتاب الإيمان عن عبد الرحمن بن رافع مرسلًا، وعند الشيخين عن أبي هريرة: "إن الله تعالى يغار, وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله" زاد مسلم: "والمؤمن يغار" وعندهما عن المغيرة قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلًا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح3 فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه, والله أغير مني, ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن, ولا أحد أحب إليه العذر من الله؛ ومن أجل ذلك بعث المنذرين, ولا أحد أحب إليه المدح من الله؛ ومن أجل ذلك وعد الجنة". وفي الباب عن ابن مسعود وعائشة وغيرهما، ورواه الشيخان وابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ: "بَيْنَا أنا نائم ثم رأيتُني في الجنة, فإذا أنا بامرأة تتوضأ إلى جانب قصر, قلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب, فذكرت غيرته فوليت مدبرًا" , فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟!. ورواه أيضا الشيخان عن جابر بن عبد الله بلفظ: "رأيتني في الجنة فإذا أنا بالوميصاء امرأة أبي طلحة, وسمعت خشفة فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا بلال ورأيت قصرًا بفنائه جارية فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب, فأردت أن أدخله فذكرت غيرتك" , فقال: بأبي وأمي يا رسول الله, أعليك أغار؟! وروى أبو داود والترمذي وابن حبان عن جابر بن عتيك: "إن من الغيرة ما يحبه الله, ومنها ما يبغضه الله؛ فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في الريبة، والغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير الريبة" الحديث.

_ 1 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "ح1618". 2 رسته: هو عبد الرحمن بن عمر بن يزيد بن كثير الزهرى روى عنه ابن ماجه، انظر تهذيب الكمال 296/ 17. 3 يقال: أصفحه بالسيف: إذا ضربه بعرضه دون حده, فهو مصفح. كما في النهاية.

691- إن أحسن الحسن الخلق الحسن1. رواه المستغفري في المسلسلات وابن عساكر عن الحسن بن علي. 692- "إن أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته, قالوا: يا رسول الله وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها" 2. رواه أحمد والدارمي عن أبي قتادة مرفوعا، وفي لفظ بحذف "إن" وصححه ابن خزيمة والحاكم، وقال: إنه على شرطهما، ورواه أحمد أيضا والطيالسي عن أبي سعيد مرفوعًا، ورواه ابن منيع عن أبي هريرة, ورواه مالك عن النعمان بن مرة مرسلًا. 693- إن الأسود إذا جاع سرق, وإذا شبع زنى. رواه الطبراني في الأوسط وابن عدي عن عائشة مرفوعا بزيادة: "وإن فيهم لخلتين: صدق السماحة, والبخل". وأورده ابن الجوزي في الموضوعات بلفظ: "الزنجي إذا جاع سرق, وإذا شبع زنى". وله شاهد عند الطبراني في الكبير عن ابن عباس قال: قيل: يا رسول الله, ما يمنع حبش بني المغيرة أن يأتوك إلا أنهم يخشون أن تردهم. فقال: لا خير في الحبش, إذا جاعوا سرقوا، وإذا شبعوا زنوا, وإن فيهم لخصلتين حسنتين: إطعام الطعام، وبأس عند البأس. ورواه البزار بلفظ: "لا خير في الحبش: إن شبعوا زنوا, وإن فيهم لخصلتين: إطعام الطعام، وبأس عند البأس". وعند الطبراني في الكبير عن أم أيمن قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأسود لبطنه وفرجه". وعنده أيضًا عن ابن عباس بلفظ: ذكر السودان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "دعوني من السودان؛ فإن الأسود لبطنه وفرجه".

_ 1 موضوع: رقم "1373". 2 بنحوه صحيح: "رقم 986".

وبعضها يؤكد بعضًا، بل سند البزار حسن. ولأبي نعيم فيما أسنده الديلمي من طريقه عن أبي رافع، رفعه: "شر الرقيق الزنج: إن شبعوا زنوا". وقد اعتمد الحديث إمامنا الشافعي، فروى في مناقبه البيهقي عن المزني أنه قال: كنت مع الشافعي في الجامع، إذ دخل رجل يدور على النيام. فقال الشافعي للربيع: قم فقل: لك عبد أسود، مصاب بإحدى عينيه. قال الربيع: فقمت إليه، فقلت له، فقال: نعم. فقلت: تعاله! فجاء إلى الشافعي، فقال: أين عبدي؟ قال: مر، تجده في الحبس. فذهب الرجل، فوجده في الحبس. قال المزني: فقلت له: أخبرنا، فقد حيرتنا. فقال: نعم، رأيت رجلًا دخل من باب المسجد يدور بين النيام، فقلت: يطلب هاربًا. ورأيته يجيء إلى السودان دون البيض، فقلت: هرب له عبد أسود. ورأيته يجيء إلى ما يلي العين اليسرى، فقلت: مصاب بإحدى عينيه. قلنا: فما يدريك أنه في الحبس؟ فقال: ذكرت الحديث في العبيد: "إن جاعوا سرقوا, وإن شبعوا زنوا" فتأولت أنه فعل أحدهما، فكان كذلك. 694- إن أهل الجنة ليحتاجون إلى العلماء في الجنة, وذلك أنهم يزورون الله في كل جمعة فيقول: تمنوا علي ما شئتم, فيلتفتون إلى العلماء فيقولون: ماذا نتمنى على ربنا؟ فيقولون: تمنوا كذا وكذا -الحديث1. قال القاري: ذكر في الميزان أنه موضوع.

_ 1 موضوع: رقم "1832".

695- إن بلالًا كان يبدل الشين في الأذان سينًا1. قال في الدرر: لم يرد في شيء من الكتب، وقال القاري: ليس له أصل، وقال البرهان السفاقسي نقلا عن الإمام المزي: إنه اشتهر على ألسنة العوام ولم يرد في شيء من الكتب, وسيأتي الكلام عليه بأبسط من هذا في سين بلال عند الله شين. 696- "إن حسن العهد من الإيمان" 2. رواه الحاكم والديلمي عن عائشة -رضي الله عنها- وسيأتي الكلام عليه مبسوطًا في حسن العهد. 697- "إن رحمتي تغلب غضبي". متفق عليه عن أبى هريرة رفعه أنه قال: "لما قضى الله" -وفى لفظ لمسلم: "لما خلق الله الخلق- كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت" -وفي لفظ: "تغلب- غضبي". ورواه البخاري فقط من حديث مالك عن أبي هريرة أيضًا بلفظ: "إن رحمتي سبقت غضبي". ورواه مسلم من حديث أبي هريرة أيضا بلفظ: "قال الله: سبقت رحمتي غضبي" وفى لفظ لمسلم عن أبي هريرة: "إن الله كتب كتابًا قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي". 698- إن خرافة كان من عذرة أسرته الجن, فمكث فيهم دهرًا ثم ردوه إلى الإنس, فكان يحدث الناس بما رأى من الأعاجيب, فقال الناس حديث خرافة3. وروى الترمذي عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حدث ذات ليلة نساءه حديثًا فقالت امرأة منهن: هذا حديث خرافة، فقال: "أتدرون ما خرافة؟ إن خرافة ... " الحديث.

_ 1 انظر حديث "1520". 2 حسن: انظر "2056". 3 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "ح100".

699- "إن الدين النصيحة" -قاله ثلاثًا- قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولرسله ولأئمة المسلمين وعامتهم". رواه أحمد عن ابن عباس, وهو ومسلم وأبو داود والنسائي عن تميم الداري، والترمذي والنسائي عن أبي هريرة، والمشهور إسقاط "إن" في أوله وهو ما في صحيح البخاري في كتاب الإيمان معلقًا. 700- إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه1. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن ثوبان, وصححه بزيادة: "ولا يرد القدر إلا الدعاء, ولا يزيد في العمر إلا البر". 701- إن الزامر يأتي يوم القيامة بمزماره، وإن السكران يأتي بقدحه، وإن المؤذن يأتي يؤذن، وهكذا كل من مات على شيء يأتي عليه2. قال ابن حجر الهيثمي في فتاويه: ورد في الحديث ما يقتضي ذلك, وورد التصريح بأفراد منه, ونص عليه العلماء. أخرج مسلم: "يبعث كل عبد على ما مات عليه" والبيهقي: من مات على مرتبة من هذه المراتب, بعث عليها يوم القيامة، وعليه حمل العلماء "خبر يبعث الميت في ثيابه التي مات فيها" أي: الأعمال التي يموت عليها من خير وشر، وصح أن المجروح في سبيل الله يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب3 دمًا, وإن الميت محرمًا يبعث ملبيًا، وورد غير ذلك. وفى الدرة الفاخرة للغزالي: يبعث السكران سكرانَ يوم القيامة، والزامر زامرًا، وشارب الخمر والكوز معلق في عنقه، وكل أحد على الحال الذي صده في الدنيا عن سبيل الله. قال السيوطي بعد إيراده جميع ما مر: وفي هذا إشارة إلى تخصيص الحديث السابق بأن الحالة التي يأتي عليها في الآخرة، ما كان عليه في الدنيا، المراد بها حالة الطاعة أو المعصية، بخلاف المباحات فلا يأتي النجار بآلته ولا البناء ونحوهما، إلا إن استعملوها فيما لا يجوز شرعًا, انتهى.

_ 1 ضعيف: رقم "1452". 2 يصدق معنى هذا الحديث ما أخرجه مسلم بلفظ: "يبعث كل عبد على ما مات عليه". 3 يثعب: يجري.

702- إن شيطانًا بين السماء والأرض يقال له: الولهان, معه ثمانية أمثال ولد آدم من الجنود, وله خليفة يقال له: خنزب. نقل القاري عن ابن الجوزي أنه موضوع. 703- إن القصيرة قد تطيل. قال القاري: قال صاحب القاموس: إنه مثل وليس بحديث كما وهم فيه الجوهري، ومعنى قد تطيل: أي قد تلد ولدًا طويلًا انتهى. لكن الذي في القاموس بإسقاط "إن". 704- إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. رواه1 وأما حديث خلق الله الأرواح قبل الأجسام بألفي عام فضعيف جدًّا، فلا يعول عليه, وكذا قول ابن عباس: "خلق الله الأرواح قبل الأجسام بأربعة آلاف سنة, وخلق الأرزاق قبل الأرواح بأربعة آلاف سنة" فلم يثبت عن ابن عباس، بل هو باطل عنه، قاله ابن حجر المكي في فتاويه الحديثية. 705- "إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله" 2. رواه البيهقي وأبو الشيخ والعسكري عن أبي الدرداء رفعه، ورواه القضاعي عنه بلفظ: "الرزق أشد طلبًا للعبد من أجله" ورواه الدارقطني في علله مرفوعًا وموقوفًا, والصواب الموقوف كما قال البيهقي والدارقطني. قال: وروي عن أبي سعيد بمعناه مرفوعا وهو عند الطبراني في الأوسط عنه بلفظ: "لو فر أحدكم من رزقه, لأدركه كما يدركه أجله". ولأبي نعيم والعسكري عن جابر رفعه: "لو أن ابن آدم يهرب من رزقه كما يهرب من الموت, لادركه رزقه كما يدركه الموت". ورواه البيهقي عن جابر رفعه: "لا تستبطئوا الرزق؛ فإنه لم يكن عبد يموت حتى يبلغه آخر الرزق, فأجملوا في الطلب" ورواه البيهقي عن عمر من قوله بلفظ: "ما من امرئ إلا وله أثر هو واطئه, ورزق هو آكله, وأجل هو بالغه, وحتف هو قاتله, حتى لو أن رجلًا هرب من رزقه لاتبعه حتى يدركه كما أن الموت يدرك من هرب منه, ألا فاتقوا الله, وأجملوا في الطلب".

_ 1 بياض في النسخ. 2 بنحوه حسن: رقم "1630".

وللعسكري عن عمر رفعه: والذي بعثني بالحق إن الرزق ليطلب أحدكم كما يطلبه أجله, وله عن ابن مسعود في حديث سيأتي "إن الله لا يعذب بقطع الرزق والعمل, والرزق مقسوم وهو آتٍ ابن آدم على أي سيرة سارها, ليس تقوى تقي بزائده ولا فجور فاجر بناقصه, وبينه وبينه ستر وهو في طلبه". وبعض هذه الأحاديث يقوي بعضها, ومن الأحاديث الواهية ما رواه ابن عدي ومن جهته البيهقي عن ابن مسعود رفعه "ما بال أقوام يسترجون المترفين ويستخفون بالعابدين ويعملون بالقرآن ما وافق أهواءهم وما خالف أهواءهم تركوه, فعند ذلك يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض, ويسعون فيما يدرك بغير سعي من المقدور والأجل المكتوب والرزق المقسوم والتجارة التي لا تبور". قال البيهقي عقبه: والمراد به والله أعلم أن ما قدر للعبد من الرزق يأتيه فلا يجاوز الحد في طلبه، يعني كما في الحديث الآخر: اتقوا الله وأجملوا في الطلب. ورواه الديلمي بسند ضعيف عن جابر مرفوعا: إن للأرزاق حجبًا فمن شاء أن يهتك ستره بقلة حياء ويأخذ رزقه فعل, ومن شاء بقي حياؤه وترك رزقه محجوبًا عنه حتى يأتيه على ما كتب الله له, فعل. قال في المقاصد: وظاهر قوله في حديث ابن مسعود: ولا فجور فاجر بناقصه يعارضه ظاهر حديث "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" كما بينته مع الجمع في مكان آخر انتهى فليراجع. وقال النجم: وقد يجاب بأن ما يقضيه الله للعبد من أجل أو رزق أو بلاء تارة يكون مبرمًا وهذا لا يؤثر فيه ما ذكر، وتارة يكون معلقًا فهذا يؤثر فيه ما ذكر، أو تحمل المعصية على معصية مخصوصة انتهى ملخصًا. وسيأتي له تتمة بحث في حديث "إن الله لا يعذب بقطع الرزق" ومن شواهده ما أخرجه الإمام أحمد والبيهقي عن أنس رفعه: "إن الله يأتي برزق كل غد" وكذا قوله -صلى الله عليه وسلم- مخاطبا لاثنين: "لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رءوسكما؛ فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه شيء, ثم يرزقه الله". 706- إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه, ولا نزع من شيء إلا شانه. رواه مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعا، وفي رواية له من حديث شعبة عنها: ركبت عائشة بعيرًا, فكانت فيه صعوبة فجعلت تردده فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليك بالرفق؛ إن الرفق ... " الحديث.

وعزاه في اللآلئ لمسند أحمد عن عائشة وأخرجه البخاري في الأدب المفرد وأحمد وآخرون بلفظ: كنت على بعير فيه صعوبة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليك بالرفق فإنه لا يكون في شيء إلا زانه, ولا ينزع من شيء إلا شانه". ورواه العسكري عن عائشة بلفظ: "ما كان الرفق في قوم إلا نفعهم, ولا كان الخرق في قوم إلا ضرهم". وله من حديث حجاج بن سليمان الرعيني قال: قلت لابن لهيعة: كنت أسمع عجائز المدينة يقلن: إن الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة, فقال: حدثنيه محمد بن المنكدر عن جابر رفعه, وله أيضا عن عروة بن الزبير قال: مكتوب في التوراة: الرفق رأس الحكمة، وأثر عروة عند أبي الشيخ بلفظ: بلغني أنه مكتوب في التوراة: ألا إن الرفق ... إلخ. وأخرج الطبراني عن جرير مرفوعا: "الرفق زيادة بركة". وروى العسكري والقضاعي عن عائشة مرفوعا: "من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خيري الدنيا والآخرة, ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من خيري الدنيا والآخرة" وفي رواية للعسكري عنها بلفظ "إذا أراد الله بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق". ومثله للقضاعي عن أبي الدرداء مرفوعا، وروى العسكري عن أنس مرفوعًا "ما كان الرفق في شيء قط إلا زانه, ولا كان الخرق في شيء قط إلا شانه". ورواه عن جرير رفعه "من يحرم الرفق, يحرم الخير كله". وروى البيهقي في مناقب الشافعي عن ابنه محمد أنه قال: رآني أبي وأنا أعجل في بعض الأمر فقال: يا بني, رفقًا رفقًا؛ فإن العجلة تنقص الأعمال, وبالرفق تدرك الآمال, ثم ساق الشافعي سنده إلى أبي هريرة رفعه: "إن الله رفيق يحب الرفق, ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف". وقال النجم: وعند الطبراني عن ابن مسعود "الرفق يمن, والخرق شؤم". وهو عند البيهقي: "وإذا أراد الله بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق, فإن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه, وإن الخرق لم يكن في شيء قط إلا شانه".

وعند الدارقطني في الأفراد عن أنس: إذا أراد الله بأهل بيت خيرًا نفعهم في الدين, ووقر صغيرُهم كبيرَهم, ورزقهم الرفق في معيشتهم والقصد في نفقاتهم, وبصرهم عيوبهم فيتوبون منها، وإذا أراد بهم غير ذلك تركهم هملًا. 707- "إن روح القدس نفث في روعي: لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها, فاتقوا الله وأجملوا في الطلب" 1. رواه في مسند الفردوس عن جابر في حرف الهمزة، ورواه في حرف النون عنه بلفظ: "نفث في روعي روح القدس: أن نفسًا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل رزقها ... " الحديث. ورواه أبو نعيم والطبراني عن أبي أمامة والبزار عن حذيفة، وأخرجه أيضًا ابن أبي الدنيا وصححه الحاكم عن ابن مسعود كذا في فتح الباري. 708- إن لربكم في أيام دهركم نفحات, ألا فتعرضوا لها2. ذكره في الإحياء، وقال العراقي في تخريج أحاديثه: رواه الترمذي الحكيم في النوادر والطبراني في الأوسط من حديث محمد بن مسلمة، ولابن عبد البر في التمهيد نحوه من حديث أنس. ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الفرح من حديث أبي هريرة، واختلف في إسناده, انتهى، وسكت عليه. ورواه الطبراني في الكبير عن محمد بن مسلمة بلفظ: إن لربكم في أيام دهركم نفحاتٍ, فتعرضوا لها؛ لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقوا بعدها أبدًا. 709- إن لكل شيء قلبًا, وقلب القرآن يس, ومن قرأها كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات3. رواه الدارمي والترمذي عن أنس قال الترمذي: غريب، قيل: لأن فيه هارون بن محمد لا يعرف، وأجيب بأن غايته أنه ضعيف, وهو يعمل به في الفضائل.

_ 1 بنحوه صحيح: رقم "2085". 2 ضعيف: رقم "1915". 3 موضوع: رقم "1933".

ورواه ابن الجزري في الحصن الحصين بلفظ: "قلب القرآن يس, لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له, اقرءوها على موتاكم". قال شارحه القاري: وروى مرفوعا: "إن من قرأها وهو خائف أمن, أو جائع شبع, أو عارٍ كُسِي, أو عاطش سُقِي" في خلال كثيرة، وروى الحارث بن أبي أسامة: في سنده نظر لكن يشهد له أنه -صلى الله عليه وسلم- في ليلة اجتماع قريش على قتله خرج وهو يقرأ أوائلها, وذر عليهم التراب، مع أن الحديث يعمل به في الفضائل, انتهى. وقد يقال: قراءة أولها لخاصية فيها دون باقيها, فتدبر. 710- إن عليًّا -رضي الله عنه- حمل باب خيبر. أخرجه الحاكم عن جابر بلفظ: إن عليًّا لما انتهى إلى الحصن, اجتبذ أحد أبوابها فألقاه بالأرض, فاجتمع عليه بعدُ سبعون رجلًا فكان جهدهم أن أعادوا الباب. وأخرجه ابن إسحاق في سيرته عن أبي رافع, وأن السبعة لم يقلبوه. وقال في اللآلئ: زعم بعض العلماء أن هذا الحديث لا أصل له, وإنما روي عن رعاع الناس، وليس كما قال وذكر له طرقًا منها أن سبعة لم يقلبوه، ومنها أن سبعين لم يقلبوه، ومنها أن أربعين لم يقلبوه, انتهى ملخصًا. 711- "إن ساقي القوم آخرهم". رواه مسلم عن أبي قتادة مرفوعا في حديث طويل. ورواه أبو داود عن ابن أبي أوفى والبيهقي في الدلائل عن أبي معبد الخزاعي في قصة اجتياز النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه بخيمتي أم معبد بإسقاط "إن" في أوله وبزيادة "شربًا" في آخره. 712- إن في معاريض الكلام مندوحة عن الكذب1. رواه البخاري في الأدب المفرد عن مطرف بن عبد الله, قال: صحبت عمران بن حصين في الكوفة إلى البصرة, فما أتى عليه يوم إلا أنشدنا فيه شعرًا وقال: إن في معاريض ... الحديث.

_ 1 لفظ أبي نعيم عن علي: ضعيف: رقم "1902".

وعزاه في الدرر لابن السني عن عمران بن حصين، ولأبي نعيم عن علي بلفظ: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب. وأخرجه البيهقي في الشعب والطبراني في الكبير والطبري في التهذيب بسند رجاله ثقات، ورواه ابن السني بسند جيد. وقال البيهقي: رواه داود بن الزبرقان عن عمران مرفوعًا وموقوفًا والصحيح الموقوف. ووهى المرفوع ابن عدي, وروي من وجه آخر ضعيف جدًّا عن علي رفعه، وكذا عند أبي نعيم عن علي رفعه: إن في المعاريض ما يكفي الرجل العاقل عن الكذب، وبالجملة: فالحديث حسن كما قاله العراقي؛ ولذا رد على الصغاني حكمه عليه بالوضع. وروى البخاري في الأدب المفرد والبيهقي في الشعب عن عمران قال: أما في المعاريض ما يكفي المسلم من الكذب. قال في المقاصد: ورواه العسكري عن مجاهد قال: قال عمر بن الخطاب: إن في المعاريض لمندوحة للرجل المسلم الحر عن الكذب, وأشار إلى أن حكمه الرفع, انتهى فتدبر. 713- إن في الهند أوراقًا مثل آذان الخيل, فكلوا منها؛ فإن فيها منفعة. قال الصغاني: موضوع. 714- إن لإبراهيم الخليل, وأبي بكر الصديق لحيةً في الجنة. قال في المقاصد نقلًا عن شيخه ابن حجر: لم يصح أن للخليل في الجنة لحية ولا للصديق ولا أعرف ذلك في شيء من كتب الحديث المشهورة ولا الأجزاء المنثورة، ثم قال: وعلى تقدير ثبوت وروده فيظهر لي أن الحكمة في ذلك: أما في حق الخليل فلكونه منزلًا منزلة الوالد للمسلمين؛ لأنه الذي سماهم بالمسلمين وأمروا باتباع ملته، وأما في حق الصديق؛ فلأنه كالوالد الثاني للمسلمين, إذ هو الفاتح لهم باب الدخول إلى الإسلام. لكن أخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن مسعود: أهل الجنة جرد مرد، قال: إلا موسى -عليه الصلاة والسلام- فإن له لحية تضرب إلى سرته.

وقال النجم: أخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عباس قال: أهل الجنة جرد مرد إلا ما كان من موسى, فإن له لحية تضرب إلى صدره. وأخرج ابن أبي شيبة وابن عساكر عن جابر: ليس يدخل أحد الجنة إلا أجرد أمرد، إلا موسى بن عمران فإن لحيته تبلغ سرته، وليس أحد يكنى في الجنة إلا آدم, فإنه يكنى أبا محمد. وله عن كعب قال: ليس أحد في الجنة له لحية إلا آدم, وله لحية سوداء إلى سرته, وذلك أنه لم يكن له في الدنيا لحية وإنما كانت اللحى بعد آدم، وليس أحد يكنى في الجنة إلا آدم, يكنى فيها أبا محمد. وذكر القرطبي في تفسيره أن ذلك ورد في حق هارون أخي موسى أيضًا، ورأيت بخط بعض أهل العلم أنه ورد في حق آدم، ولا أعلم شيئًا من ذلك ثابتًا, انتهى. وأقول في الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيثمي: ليس في الجنة أحد غير آدم بلحية, وحديث "إن هارون" كذلك موضوع. وزاد بعضهم نوحًا عليه السلام. فغاية من قيل فيهم ذلك على ما فيه، ستة أشخاص, ونظم ذلك بعضهم فقال: وستة ليست لأهل الجنة ... لا بول, لا غائط, لا أجنه كذاك لا نوم ولا أسنانا ... ولا لحى أيضا كما أتانا وستة من أهلها قد خصوا ... بلحية قد جاء فيهم نص هم آدم, ونوح, وإبراهيم ... هارون, والصديق, والكليم وأقول: لم أر أنه لا أسنان لأهل الجنة إلا في هذا النظم فليراجع. 715- "إني لأمزح, ولا أقول إلا حقًّا" 1. رواه الطبراني عن ابن عمر والخطيب عن أنس -رضي الله عنه-. 716- إن لجواب الكتاب حقًّا كرد السلام2. رواه الديلمي والقضاعي وكذا ابن لال عن ابن عباس رفعه، وأخرج أبو نعيم ومن طريقه الديلمي عن أنس رفعه: رد جواب الكتاب حق كرد السلام، وليس بثابت رفعه،

_ 1 صحيح: رقم "2494". 2 ضعيف جدًّا: رقم "1913".

بل المحفوظ وقفه، وقال القضاعي: ليس بالقوي؛ ونقل ابن عبد البر عن الزبير بن بكار أنه قال: كتب إلي المغيرة يستبطئني كتبي، فكتبت إليه: ما غير النأي ودًّا كنت تعهده ... ولا تبدلت بعد الذكر نسيانَا ولا حمدت إخاء من أخي ثقة ... إلا جعلتك فوق الحمد عنوانَا 717- "إن لصاحب الحق مقالًا". رواه الشيخان عن أبي هريرة بلفظ: أن رجلًا تقاضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأغلظ له، فهَمَّ به أصحابه فقال: "دعوه, فإن لصاحب الحق مقالًا"، وهو من غرائب الصحيح, فإنه لا يروى عن أبي هريرة إلا بإسناد مداره على سلمة بن كهيل, وقد صرح بأنه سمعه من أبي سلمة بن عبد الرحمن بمنى حين حج. 718- إن الله أخذ الميثاق على كل مؤمن أن يبغض كل منافق, وعلى كل منافق أن يبغض كل مؤمن. قال القاري: لم يوجد. 719- إن الله إذا أحب إنفاذ أمر, سلب كل ذي لُبٍّ لُبَّه1. قال في اللآلئ: ذكره الحافظان أبو نعيم في تاريخ أصبهان, والخطيب في تاريخ مدينة السلام في ترجمة لاحق بن الحسين المقدسي البغدادي عن ابن عباس، ثم قال الخطيب: لاحق كان كذابًا يضع الحديث على الثقات, ويسند المراسيل عمن لم يسمع منهم. وله طريق أخرى ذكرها الديلمي من طريق محمد بن مسلم الطائفي, وهو ضعيف عن ابن عباس رفعه: إذا أراد الله عز وجل إنفاذ قضائه وقدره, سلب ذوي العقول عقولهم, حتى ينفذ فيهم قضاءه وقدره. زاد علي بن أبي طالب: فإذا مضى أمره رد إليهم عقولهم, ووقعت الندامة انتهى، وتقدم بأبسط في: إذا أراد الله. 720- "إن الله ليؤيد الدين بالرجل الفاجر" 2. رواه ابن أبي الدنيا في المداراة عن أبي هريرة.

_ 1 موضوع: رقم "1538". 2 صحيح: رقم "1813".

وروى البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لبلال: "يا بلال, قم فأذن: لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر". وروى الطبراني عن ابن عمرو: إن الله ليؤيد الإسلام برجال ما هم من أهله. وروى أحمد والطبراني عن أبي بكرة والنسائي وابن حبان وابن أبي الدنيا عن أنس: "إن الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم". وفي رواية عند ابن أبي الدنيا: ليؤيدن الله هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم. وفي أخرى: إن الله يؤيد هذا الدين بقوم لا خلاق لهم. ورواه البيهقي في الأوسط والكبير بسند ضعيف عن ميمون بن سنداد: قوام أمتي بشرارها. وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند. 721- "إن الله تعالى حرم على النار من قال: لا إله إلا الله, يبتغي بذلك وجه الله تعالى". رواه الشيخان عن عتبان بن مالك. 722- إن الله كتب الغيرة على النساء, والجهاد على الرجال, فمن صبر منهن كان لها مثل أجر الشهيد1. قال في الأصل: رواه الطبراني والبزار عن ابن مسعود قال: كنت جالسًا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه أصحابه, إذ أقبلت امرأة عريانة فقام إليها رجل من القوم فألقى عليها ثوبًا وضمها إليه, فتغير وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال بعض جلسائه: أحسبها امرأته, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحسبها غيرى, إن الله كتب الغيرة ... الحديث. قال البزار: لا نعلمه إلا من حديث عبيد بن صباح الكوفي, وليس به بأس لكن ضعفه أبو حاتم. لكن قال النجم: وسنده جيد بعد أن عزاه للطبراني عن ابن مسعود أيضًا بزيادة "إيمانًا واحتسابًا" بعد "فمن صبر منهن".

_ 1 ضعيف: رقم "1626".

723- إن الله لما خلق العقل قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقًا أشرف منك, فبك آخذ وبك أعطي. قال في المقاصد نقلا عن ابن تيمية وغيره: أنه كذب موضوع باتفاق. وفي زوائد عبد الله ابن الإمام أحمد على الزهد لأبيه بسند فيه ضعيف عن الحسن البصري مرفوعًا مرسلًا: لما خلق الله العقل قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، قال: ما خلقت خلقًا أحب إليَّ منك، بك آخذ وبك أعطي. وأخرجه داود بن المحبر في كتاب العقل له، وهو كذاب عن الحسن أيضا بزيادة: ولا أكرم علي منك؛ لأني بك أُعرَف, وبك أُعبَد. وفي الكتاب المذكور لداود من هذا النمط أشياءُ منها: أول ما خلق الله العقل وذكره, لكن ذكره في الإحياء. وقال العراقي في تخريج أحاديثه: أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط وأبو نعيم بإسنادين ضعيفين. وقال السخاوي والسيوطي: رواه ابن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن يرفعه، وهو مرسل جيد الإسناد, ولا يلزم من رواية ابن المحبر أن يكون موضوعًا، لا سيما وقد رواه الأئمة بغير إسناد ابن المحبر, فليس الحديث بموضوع. وقال الحافظ ابن حجر: والوارد في أول ما خلق الله حديث: أول ما خلق الله القلم, وهو أثبت من حديث العقل. وحاول الجمع بينهما البيضاوي في طوالعه بأن قال: يشبه أن يكون هو العقل لقوله: أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب ... الحديث فليتأمل. ويمكن أن يقال: الأولية فيهما نسبية وقال قبيل ذلك: إن العقول عند الحكماء أول المخلوقات, وإن العقل عندهم أعظم الملائكة وأول المبدعات. وفي كتاب المختار مطالع الأنوار للإمام محمد الغساني ما نصه: روي أن الله لما خلق العقل قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: اسكن فسكن, فقال: وعزتي وجلالي لأركبنك في أحب الخلق إليَّ، ولما خلق الله الحمق قال له: أقبل فأدبر، ثم قال له: أدبر فأقبل، ثم قال: اسكن فاضطرب، فقال: وعزتي وجلالي لأركبنك في أبغض الخلق إلي, انتهى، ولا أعلم له أصلًا.

تذييل: قال القاضي زكريا في شرح آداب البحث: روي عن عائشة أنها قالت: قلت: يا رسول الله, بِمَ يتفاضل الناس في الدنيا؟ قال: بالعقل، قلت: أليس إنما يجزون بأعمالهم؟ فقال: وهل عملوا إلا بقدر ما أعطاهم الله من العقل؟ فبقدر ما أعطوا منه كانت أعمالهم, وبقدر ما عملوا يجزون, انتهى. والقلم جسم نوراني خلقه الله تعالى وأمره بكتب ما كان, وما يكون إلى يوم القيامة, نمسك عن الجزم بتعيين حقيقته. وفي بعض الآثار: أول شيء خلقه الله القلم, وأمره أن يكتب كل شيء, وفي بعضها: أن الله خلق اليراع وهو القصب, ثم خلق منه القلم. وفي رواية: أول شيء كتبه القلم: أنا التواب, أتوب على من تاب, انتهى. 724- "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم". رواه أحمد والطبراني في الكبير وابن أبي شيبة وآخرون عن أبي وائل قال: اشتكى رجل داء في بطنه, فنعت له المسكر, فأتينا عبد الله بن مسعود فسألناه فذكره. وهو عند الحاكم في صحيحه من حديث الأعمش، ورواه الأعمش أيضا عن مسلم بن صبيح عن مسروق قال: قال ابن مسعود: لا تسقوا أولادكم الخمر؛ فإنهم ولدوا على الفطرة, فإن الله لم يجعل ... الحديث. ورواه إبراهيم الحربي في غريب الحديث له عن مسروق بنحوه، وطرقه صحيحة؛ ولذا علقه البخاري بصيغة الجزم فقال: وقال ابن مسعود في السكر: إن الله لم يجعل ... الحديث. وروى ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى وهو في مسنده بلفظ: "إن الله لم يجعل شفاءكم في حرام". ورواه البيهقي وأبو يعلى عن أم سلمة بلفظ: قالت: نبذت نبيذًا في كوز فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يغلي، فقال: "ما هذا؟ " قلت: اشتكت ابنة لي فنعت لها هذا، فقال: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم". 725- إن الله لينظر كل يوم إلى الغرائب ألف نظرة. قال ابن حجر المكي نقلًا عن السيوطي: إنه حديث موضوع, لا يحل روايته إلا لبيان أنه مفترًى كحديث: ارحموا اليتامى, وأكرموا الغرباء؛ فإني كنت في الصغر يتيمًا, وفي الكبر غريبًا, فإنه موضوع أيضًا.

726- "إن لكل أمة فتنة, وإن فتنة أمتي المال" 1. رواه الترمذي والحاكم وابن مردويه عن كعب بن عياض, وابن مردويه عن عبادة بن الصامت وعن عبد الله بن أبي أوفى, كلاهما بلفظ: لكل فتنة ... الحديث. 727- إن لكل مقام مقالًا. رواه الخرائطي والرامهرمزي في كتابه المحدث الفاضل عن قتادة قال: سألت أبا الطفيل عن شيء فذكره. وقال الناجي في المولد: رواه الخطيب البغدادي في كتاب الجامع من قول أبي الدرداء, والخرائطي في مكارم الأخلاق من قول أبي الطفيل، وزاد: ولكل زمان رجال, انتهى. 728- "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته". رواه الشيخان والترمذي وابن ماجه عن أبي موسى. وتمام الحديث في البخاري: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] . قال النجم: ولا يعارضه ما أخرجه ابن أبي شيبة عن قتادة في تفسير: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ} [الأعراف: 137] قال: إن الله لا يملي للكافر إلا قليلًا حتى يوقعه بعمله؛ لأن الدنيا وإن طالت مدتها قليلة, فمهما أملى للكافر أو الظالم فيها، فما أملى له فيها إلا قليلًا, انتهى. 729- إن الله نقل لذة طعام الأغنياء إلى طعام الفقراء. قال في المقاصد: حكم عليه شيخنا يعني: الحافظ ابن حجر, بالوضع. وذكر السيوطي في آخر الموضوعات أنه سئل عن حديث: إن الله نقل لذة طعام الأغنياء إلى طعام الفقراء, فأجاب بأنه موضوع. 730- إن الله وعد هذا البيت أن يحجه في كل سنة ستمائة ألف, فإن نقصوا كملهم الله تعالى بالملائكة, وإن الكعبة تحشر كالعروس المزفوفة كل من حجها يتعلق بأستارها, يسعون حولها, حتى تدخل الجنة فيدخلوا. ذكره في الإحياء، قال العراقي: لم أجد له أصلًا.

_ 1 صحيح: رقم "2148".

731- إن الله خلق الكعبة وعظمها وشرفها وكرمها, فلو أن رجلًا هدمها حجرًا حجرًا ثم أحرقها, ما بلغ جرم من استخف بولي، قالوا: يا رسول الله من الولي؟ قال: كل مؤمن. لينظر هل هو حديث؟ وما رتبته؟. 732- "إن الله وتر يحب الوتر "1. رواه أبو يعلى عن ابن مسعود -رضي الله عنه- بزيادة: فإذا استجمرت فأوتر. 733- إن الله ينتقم من الظالم بالظالم. قال النجم: لا يعرف بهذا اللفظ, لكن روى ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار قال: قرأت في الزبور: إني أنتقم بالمنافق من المنافق, ثم أنتقم من المنافقين جميعًا، وذلك في كتاب الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129] . 734- إن الله وكلني بقبض أرواح الخلق ما خلا روحك, وروح ابن عمك علي. قال ابن حجر المكي نقلا عن السيوطي: كذب مفترًى على النبي -صلى الله عليه وسلم-. 735- إن الله لا يعذب بقطع الرزق2. رواه بمعناه الطبراني في الصغير عن أبي سعيد رفعه: إن الرزق لا تنقصه المعصية, ولا تزيده الحسنة, وترك الدعاء معصية. وعند العسكري بسند ضعيف عن ابن مسعود رفعه: ليس أحد بأكسب من أحد, قد كتب الله النصب والأجل، وقسم المعيشة والعمل، والرزق مقسوم وهو آتٍ على ابن آدم, على أي سيرة سارها، ليس تقوى تقي بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، وبينه وبينه ستر وهو في طلبه. ورواه أبو علي عبد الرحمن بن محمد النيسابوري في فوائده عن ابن مسعود بلفظ: قال: الرزق يأتي العبد في أي سيرة سار، لا تقوى متقٍ بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، وبينه وبين العبد ستر والرزق طالبه، قال: وأنشدني أبو العتاهية لنفسه:

_ 1 صحيح: رقم "1830". 2 رواية الطبرانى "موضوعة"، انظر الضعيفة "ح181".

ورزق الخلق مجلوب إليهم ... مقادير يقدرها الجليل فلا ذو المال يرزقه بعقل ... ولا بالمال تنقسم العقول وهذا المال يرزقه رجال ... مناذيل قد اختيروا فسيلوا كما تسقى سباخ الأرض يومًا ... ويصرف عن كرائمها السيول وأصله عند ابن أبي الدنيا مرفوعًا: إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله. ويناسب هذا ما حُكي أن كسرى غضب على بعض مرازبته، فاستؤمر في قطع عطائه فقال: يحط عن مرتبته، ولا ينتقص من صلته؛ فإن الملوك تؤدب بالهجران, ولا تعاقب بالحرمان. وما روي عن الفضيل في قوله تعالى: {وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [المؤمنون: 72] قال: المخلوق يرزق، فإذا سخط قطع رزقه، والله تعالى يسخط ولا يقطع رزقه. تنبيه: ما ذكر في الحديث هنا برواياته قد يعارض بما ورد في الزنا أنه يورث الفقر كما سيأتي. وبما في النسائي وابن ماجه وأحمد وأبي يعلى وابن منيع والطبراني وغيرهم عن ثوبان مرفوعا في حديث: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. ورواه العسكري عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: إن الدعاء يرد القضاء, وإن البر يزيد العمر, وإن العبد ليحرم الرزق بذنب يصيبه. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ، وَلا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: 17-18] . وبما روي عن ابن مسعود رفعه: إن الرجل ليذنب الذنب فيحرم به الشيء من الرزق وقد كان هُيِّئ له، وإنه ليذنب الذنب فينسى به الباب من العلم قد كان علمه، وإنه ليذنب الذنب فيمنع به قيام الليل. وفي لفظ: إياكم والمعاصي، فإن العبد ليذنب ... وذكره. وبما في الحلية لأبي نعيم عن عثمان رفعه: إن الصبحة تمنع الرزق. وبما في طبقات الأصبهانيين عن أبي هريرة رفعه: الكذب ينقص الرزق. وبما في مسند الديلمي عن أنس رفعه: إذا ترك العبد الدعاء للوالدين؛ فإنه ينقطع عن الولد الرزق في الدنيا.

ويدل له أيضا قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52] وقوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10] وغير ذلك من الآيات. ونحو ذلك قول وهيب بن الورد لمن سأله: "أيجد طعم العبادة من عصى الله سبحانه؟ قال: لا، ولا من هَمَّ بالمعصية". قال في المقاصد: ومما اشتهر مما لم أقف عليه، ومعناه صحيح: المعاصي تزيل النعم، حتى قال أبو الحسن الكندي القاضي مما أسنده البيهقي من جهته: إذا كنت في نعمة فارْعَهَا ... فإن المعاصي تزيل النعم وقد يدل له ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- دخل على عائشة فرأى كسرة ملقاة فمسحها وقال: يا عائشة, "أحسني جوار نعم الله؛ فإنها ما نفرت عن أهل بيت, فكادت أن ترجع إليهم". وروي من حديث أنس وعائشة وغيرهما وتقدم في "أكرموا الخبز" قال: بل أوسعت الكلام عليها في جوابين, وجمعت بينها على تقدير تساويها, انتهى. وأقول: قال شيخ مشايخنا النجم الغزي تبعًا لغيره: وقد يجاب بأن ما يقضيه الله تعالى للعبد من أجل أو رزق أو بلاء، تارة يكون مبرمًا وهذا لا يؤثر فيه الدعاء والطاعة، وتارة يكون معلقًا على صفة، وقد سبق في القضاء وجودها، فهذا يؤثر فيه ما ذكره، ويكون ذلك من نفس القضاء. ولا محو ولا إثبات في المبرم -المتعلق به علم الله المعبر عنه بـ "أم الكتاب" أيضا- وإنما المحو والإثبات في اللوح المحفوظ -المكتوب فيه القضاء المعلق-، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] ، قال: وقد أشار إلى ذلك الجد الرضي في الدرر اللوامع بقوله: والمحو والإثبات في نص الكتاب ... في لوحه المحفوظ لا أم الكتاب وبهذا يرتفع الإشكال الوارد على مذهب أهل السنة، الناطق به الكتاب والسنة، من أن الأجل والرزق مقسومان، وأن كل شيء بقضاء وقدر, انتهى ملخصًا.

736- "إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش" 1. رواه أبو داود بسند حسن, ورواه أحمد عن أسامة بن زيد بلفظ: إن الله يبغض الفاحش المتفحش. 737- إن الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه. قال الشمس الرملي في شرح المنهاج للنووي: ضعيف. 738- إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم, ولكن ينظر إلى قلوبكم. رواه مسلم في صحيحه, وابن ماجه عن أبي هريرة. 739- إن الله لا يهتك عبده أول مرة2. رواه الديلمي في مسند الفردوس بلا سند عن أنس مرفوعًا بلفظ: إن الله لا يهتك ستر عبد فيه مثقال حبة من خير, وفي لفظ: مثقال ذرة من خير. وفي الستر أحاديث كثيرة منها: إني سترتها عليك في الدنيا, وأنا أغفرها لك اليوم. ونحوه ما أخرجه الديلمي عن أنس رفعه: يقول الله عز وجل: إني أعظم عفوًا من أن أستر على عبدي ثم أفضحه، وقال النجم: لا يعرف بهذا اللفظ. وفي معنى ما في الترجمة ما أخرجه ابن أبي الدنيا عن أبي رافع أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئِل: كم للمؤمن من ستر؟ قال: "هي أكثر من أن تحصى، ولكن المؤمن إذا عمل خطيئة هتك منها سترًا, فإذا تاب رجع إليه ذلك الستر وتسعة معه, وإذا لم يتب هتك منها سترًا واحدًا حتى لا يبقى عليه منها شيء، قال الله تعالى لمن شاء من ملائكته: إن بني آدم يعيرون ولا يغيرون, فحفوه بأجنحتكم, فيفعلون به ذلك, فإن تاب رجعت إليه تلك الأستار كلها, وإذا لم يتب عجبت منه الملائكة, فيقول الله تعالى: أسلموه فيسلمونه حتى لا تستر منه عورة". 740- "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" 3. رواه أبو داود عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

_ 1 لفظ رواية أحمد صحيح: رقم "1877". 2 ضعيف، بنحوه في ضعيف الجامع "ح1681". 3 صحيح: رقم "1874".

وأخرجه الطبراني في الأوسط عنه أيضًا بسند رجاله ثقات. وأخرجه الحاكم من حديث ابن وهب وصححه، وقد اعتمد الأئمة هذا الحديث. قال البيهقي في المدخل بسنده إلى الإمام أحمد: إنه كان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، وفي الثانية الشافعي، وزاد غيره: وفي الثالثة أبو العباس بن سريج، وقيل: أبو الحسن الأشعري، وفي الرابعة أبو الطيب سهل الصعلوكي، وأبو حامد الإسفراييني -أو الباقلاني- وفي الخامسة حجة الإسلام محمد الغزالي، وفي السادسة الفخر الرازي أو الحافظ عبد الغني، وفي السابعة ابن دقيق العيد، وفي الثامنة البلقيني أو الزين العراقي، قال في المقاصد: وفي التاسعة المهدي ظنًّا -أو المسيح -عليه السلام-، فالأمر قد اقترب والحال قد اضطرب، قال ابن كثير: وقد ادعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث، والظاهر والله أعلم أنه يعم حملة العلم من كل طائفة, وكل صنف من أصناف العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء ونحاة ولغويين إلى غير ذلك من الأصناف، ونظم السيوطي في رسالة له سماها تحفة المهتدين بأسماء المجددين, ختم بهم كتابه التنبئة فيمن يبعثه الله على رأس المائة, فقال فيها: وكان عند المائة الأولى عمر ... خليفة العدل بإجماع وقر والشافعي كان عند الثانية ... لما له من العلوم السارية وابن سريج ثالث الأئمة ... والأشعري عده من أمه والباقلاني رابع أو سهل أو ... الإسفراييني خلف قد حكوا والخامس الحبر هو الغزالي ... وعده ما فيه من جدال والسادس الفخر الإمام الرازي ... والرافعي مثله يوازي والسابع الراقي إلى المراقي ... ابن دقيق العيد باتفاق والثامن الحبر هو البلقيني ... أو الحافظ الإمام زين الدين وهذه تاسعة المئين قد ... أتت ولا يخلف ما الهادي وعد وقد رجوت أني المجدد ... فيها, ففضل الله ليس يجحد وآخر المئين فيها يأتي ... عيسى نبي الله ذو الآيات يجدد الدين لهذي الأمة ... وفي الصلاة بعضنا قد أمه مقرر لشرعنا ويحكم ... بحكمنا إذ في السماء يعلم وبعده لم يبق من مجدد ... ويرفع القرآن مثل ما بدي وتكثر الأشرار والإضاعة ... من رفعه إلى قيام الساعة

انتهى مع حذف أبيات. 741- إن الله يستحي أن ينزع السر من أهله. كلام يجري على ألسنة العامة, وليس بحديث انتهى. 742- إن الله يستحي أن يعذب شيبة شابت في الإسلام. هكذا ذكره الغزالي في الدرة الفاخرة. ورواه السيوطي في الجامع الكبير عن ابن النجار بسند ضعيف بلفظين آخرين: أحدهما: إن الله ليستحي من عبده وأمته يشيبانِ في الإسلام يعذبهما. ثانيهما: إن الله عز وجل يستحي من ذي الشيبة إذا كان مسددًا كرومًا للسنة, أن يسأله فلا يعطيه, انتهى. وذكر الغزالي في الدرة الفاخرة لذلك حكاية، قال فيها: روي عن يحيى بن أكثم القاضي أنه رُئِي في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: أوقعني بين يديه الكريمتين ثم قال: يا شيخ السوء, فعلت كذا وفعلت كذا وفعلت كذا وفعلت وفعلت فقلت: يا رب ما بهذا حدثت عنك, فقال: بِمَ حدثت عني يا يحيى؟ فقلت: حدثني معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة عن نبيك -صلى الله عليه وسلم- عن جبريل -عليه السلام- عنك يا ذا الجلال والإكرام أنك قلت: إني أستحي أن أعذب ذا شيبة شابت في الإسلام, فقال: يا يحيى صدقت, وصدق الزهري وصدق معمر وصدق عروة وصدقت عائشة وصدق نبيي وصدق جبريل وصدقت, اذهب فقد غفرت لك. 743- "إن الله يحب معالي الأمور, ويبغض سفسافها" 1. رواه الحاكم عن سهل بن سعد. ورواه أبو نعيم والطبراني وابن ماجه عن سهل أيضًا بلفظ: إن الله كريم يحب الكرم, ويحب معالي الأخلاق, ويكره سفسافها. ورواه ابن ماجه عن طلحة وأبو نعيم عن ابن عباس بلفظ: إن الله جواد يحب الجود, ويحب معالي الأخلاق, ويكره سفسافها. ورواه الطبراني عن الحسن بن علي بلفظ: إن الله يحب معالي الأمور وأشرفها, ويكره سفسافها.

_ 1 لفظ الطبراني عن الحسن بن علي بنحوه: صحيح: رقم "1890".

744- "إن الله يبغض السائل الملحف" 1. رواه أبو نعيم ومن طريقه الديلمي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه. ورواه الديلمي أيضا عن ابن عباس رفعه, وفي الباب عن أنس وابن عمر وأبي أمامة، وجاء في المرفوع أيضًا: لا يزال العبد يسأل وهو غني, حتى يخلق وجهه فما يكون له عند الله وجه، والمراد السائل للإنسان بالشرط المذكور, وإلا فالله يحب الملحين في الدعاء. 745- إن الله يتجلى للناس عامة, ولأبي بكر خاصة2. قال النجم: رواه الحاكم والخطيب وتعقبه عن جابر وابن مردويه عن أنس بلفظ: يا أبا بكر, إن الله أعطاك الرضوان الأكبر قال: وما الرضوان الأكبر؟ قال: إن الله يتجلى للخلق عامة, ويتجلى لك خاصة, انتهى. وأقول: رأيت في رسالة منسوبة لصاحب القاموس أنه عده من الموضوعات بلفظه الأول, فليراجع وليحرر. 746- "إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي؛ إن خيرًا فخير, وإن شرًّا فشر" 3. رواه ابن ماجه وأبو نعيم عن واثلة يرفعه. 747- "إن الله يحب إذا عمل أحدكم العمل أن يتقنه -وفى لفظ "عملًا" بالتنكير" 4. رواه أبو يعلى والعسكري عن عائشة ترفعه. ورواه العسكري أيضا بلفظ: أن يحكمه. ورواه البيهقي بلفظ: إن الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن. ورواه الطبراني عن عاصم بن كليب عن أبيه أنه خرج مع أبيه إلى جنازة شهدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا غلام أعقل, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يحب الله العامل إذا عمل أن يتقن".

_ 1 صحيح: رقم "1876". 2 موضوع، انظر الموضوعات "306/ 1، 307". 3 صحيح: رقم "1905". 4 صحيح: رقم "1880".

ورواه زائدة عن عاصم عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: خرجت مع أبي فذكره, وصنيع الأئمة يقتضي ترجيحها, فقد جزم أبو حاتم والبخاري وآخرون بأن كليبًا تابعي، وكذا ذكره أبو زرعة وابن سعد وابن حبان في ثقات التابعين, فذكر ابن عبد البر وغيره له في الصحابة فيه نظر، قال العسكري: فأخذه بعض المتقدمين فقال: وما عليك أن تكون أدلما1 ... إذا تولى عقد شيء أحكمَا ونسب إلى الأحنف قوله: وما عليك أن تكون أزرقا ... إذا تولى عقد شيء أوثقَا 748- إن الله يحب الشاب التائب2. رواه أبو الشيخ عن أنس مرفوعا, ورواه الديلمي عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: إن الله يحب الشاب الذي يفني شبابه في طاعة الله. وروى الطبراني في الأوسط عن أنس رفعه: خير شبابكم من تشبه بكهولكم, وشر كهولكم من تشبه بشبابكم. وروى تمام في فوائده والقضاعي في مسنده من حديث ابن لهيعة عن عقبة بن عامر رفعه: إن الله ليعجب من الشاب الذي ليست له صبوة، وكذا هو عند أحمد وأبي يعلى بسند حسن، لكن قال في المقاصد: وضعفه شيخنا في فتاويه لأجل ابن لهيعة، وكان السلف يعجبهم أن لا يكون للشاب صبوة. 749- إن الله يحب كل قلب حزين3. رواه الطبراني والقضاعي عن أبي الدرداء مرفوعًا. 750- إن الله يحب الملحين في الدعاء4. رواه الطبراني وأبو الشيخ والقضاعي عن عائشة مرفوعا، وما أحسن قول بعضهم: الله يغضب إن تركت سؤاله ... وبني آدم حين يسأل يغضب

_ 1 الأدلم: الآدم, والشديد السواد. 2 ضعيف جدًّا: رقم "1701". 3 ضعيف: رقم "1723". 4 موضوع: رقم "1710".

751- إن الله يحب العبد التقي, الغني الخفي. رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-. 752- "إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة, أن يرى أثر نعمته على عبده" 1. رواه البيهقي عن عمران بن حصين مرفوعًا. وفي لفظ: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده" , رواه الترمذي وحسنه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا. وقال النجم: رواه أحمد عن أبي هريرة, وابن أبي الدنيا عن علي بن زيد بن جدعان. 753- "إن الله يحب العطاس, ويكره التثاؤب" -زاد ابن أبي شيبة: "في الصلاة". رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة بزيادة: "فإذا عطس أحدكم فحمد الله, كان حقًّا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان, فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع, فإن أحدكم إذا قال "ها" ضحك منه الشيطان". 754- إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأمهاتهم؛ سترًا منه على عباده. رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس رفعه. وفي الباب عن أنس رفعه بلفظ: "يدعى الناس ... " الحديث. وعن عائشة -رضي الله عنها- كذلك وكلها ضعاف. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات. قال في المقاصد: يعارضه ما رواه أبو داود بسند جيد عن أبي الدرداء رفعه: إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم, فحسنوا أسماءكم. بل عند البخاري في صحيحه عن ابن عمر رفعه: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة, يرفع لكل غادر لواء فيقال: هذه غدرة فلان ابن فلان. نعم, حديث التلقين بعد الدفن، وأنه يقال له: "يا ابن فلانة" فإن لم يعرف اسمها فـ "يا ابن حواء" أو "يا ابن أمة الله" مما يستأنس به لهذا، كما بينت ذلك مع الجمع في "الإيضاح والتبيين عن مسألة التلقين" انتهى.

_ 1 بنحوه، صحيح: "1887" بدون "إذا أنعم على عبده نعمة".

755- "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" 1. رواه الترمذي بسند حسن, وكذا أحمد وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن ابن عمر رفعه. 756- إن الله لا يقبل دعاءً ملحونًا. نقل التقي السبكي أنه أثبت وروده، والأظهر أن المراد باللحن: الخطأ في الإعراب، وقيل: المراد به الدعاء بغير حق, انتهى. 757- إن الله ينزل الرزق على قدر المئونة, وينزل الصبر على قدر البلاء2. رواه ابن لال في المكارم عن أبي هريرة, والمشهور على الألسنة: المعونة على قدر المئونة وسيأتي بأبسط في: إن المعونة. 758- "إن الله يبغض الشيخ الغربيب" 3. رواه الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا، والغريب، بكسر الغين المعجمة، وسكون الراء، وبموحدتين بينهما تحتية: الذي لا يشيب، وقيل: الذي يسود الشعر. 759- إن الله تعالى يبغض المعبس في وجوه إخوانه4. رواه الديلمي عن علي -رضي الله عنه-، وقال الدارقطني: ضعيف. 760- إن الله يبغض الآكل فوق شبعه. رواه الديلمي عن أبي هريرة. 761- إن الله يبغض الحبر السمين. رواه البيهقي في الشعب وحسنه عن كعب من قوله بلفظ: يبغض، وزاد: أهل البيت اللحميين، قيل في معنى الجملة الزائدة أنهم الذين يكثرون أكل لحوم الناس، لكن ظاهرها الإكثار من أكل اللحوم, وقرنه بالجملة الأخرى كالدليل على ذلك.

_ 1 حسن: رقم "1903". 2 صحيح: رقم "1919" بلفظ "المعونة" بدلًا من "الرزق". 3 ضعيف: رقم "1688". 4 موضوع: رقم "1692".

وروى أبو نعيم عن مالك بن دينار أنه قال: قرأت في الحكمة: إن الله يبغض كل حبر سمين، وعبارة الإحياء للغزالي وفي التوراة مكتوب: إن الله ليبغض الحبر السمين، وفي الكشاف والبغوي وغيرهما في قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] أن مالك بن الصيف من أحبار اليهود ورؤسائهم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى هل تجد فيها: إن الله يبغض الحبر السمين وكان حبرًا سمينًا فغضب" وقال: ما أنزل الله على بشر من شيء، أخرجه الواحدي في أسباب النزول، وكذا الطبراني عن سعيد بن جبير مرسلًا، وعزاه القرطبي أيضا للحسن البصري. وروى أبو نعيم في الطب النبوي من طريق بشر الأعور قال: قال عمر بن الخطاب: إياكم والبطنة في الطعام والشراب؛ فإنها مفسدة للجسد, مورثة للفشل, مكسلة عن الصلاة, وعليكم بالقصد فيهما؛ فإنه أصلح للجسد, وأبعد عن السرف, وإن الله ليبغض الحبر السمين. ونقل الغزالي عن ابن مسعود أنه قال: إن الله يبغض القاري السمين، بل عزاه أبو الليث السمرقندي في بستانه لأبي أمامة الباهلي مرفوعًا، وقال في المقاصد: ما علمته في المرفوع. نعم, روى أحمد والحاكم والبيهقي في الشعب بسند جيد عن جعدة الجشمي أنه -صلى الله عليه وسلم- نظر إلى رجل سمين, فأومأ إلى بطنه وقال: "لو كان هذا في غير هذا لكان خيرًا لك"، ثم قال: وقد أفردت لهذا الحديث جزءًا فيه نفائس. وذكر البيهقي في مناقب الشافعي -رضي الله عنه- أنه قال: ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن، فقيل له: لم؟ فقال: لأنه لا يعدو العاقل إحدى حالتين: إما أن يهتم لآخرته ومعاده أو لدنياه ومعاشه والشحم مع الهم لا ينعقد، فإذا خلا من المعنيين صار في حد البهائم فينعقد الشحم، ثم قال الشافعي رضي الله عنه: كان ملك في الزمان الأول مثقلًا كثير اللحم لا ينتفع بنفسه, فجمع المتطببين وقال: احتالوا لي حيلة تخفف عني لحمي هذا قليلًا, فما قدروا له على صفة قال: فنعت له رجل عاقل أديب متطبب، فبعث إليه فأشخص، فقال: تعالجني ولك الغنى فقال: أصلح الله الملك, أنا رجل متطبب منجم، دعني أنظر الليلة في طالعك أي دواء يوافق طالعك فأسقيك، فغدا عليه فقال: أيها الملك الأمان، قال: لك الأمان، قال: قد رأيت طالعك يدل على أن عمرك شهر, فإن أحببت حتى أعالجك, وإن أردت بيان ذلك فاحبسني عندك, فإن كان لقولي حقيقة فخَلِّ عني وإلا فاقتص علي قال: فحبسه ثم رفع الملك الملاهي واحتجب

عن الناس وخلا وحده مغتمًّا ما يرفع رأسه, يعد أيامه كلما انسلخ يوم ازداد غمًّا, حتى هزل وخف لحمه ومضى لذلك ثمانية وعشرون يومًا فبعث إليه فأخرجه فقال: ما ترى؟ فقال: أعز الله الملك, أنا أهون على الله من أن أعلم الغيب، والله ما أعرف عمري فكيف أعرف عمرك؟! إنه لم يكن عندي دواء إلا الهم, فلم أقدر أجلب إليك الهم إلا بهذه الفعلة, فأذابت شحم الكلى؛ فاستحسن منه ما فعل, فأجازه وأحسن جائزته. 762- إن الله لما خلق آدم وأدخل الروح في جسده, أمرني أن آخذ تفاحة فاعصرها في حلقه, فعصرتها, فخلقك الله يا محمد من القطرة الأولى, ومن الثانية أبا بكر -الحديث. قال ابن حجر الهيثمي نقلًا عن السيوطي: كذب, موضوع. 763- إن الله يكره الرجل البطال. قال الزركشي: لم أجده انتهى, ومثله في اللآلئ وزاد, لكن روى ابن عدي عن سالم عن أبيه مرفوعًا: إن الله يحب المؤمن المحترف، وفي سنده أبو الربيع متروك, انتهى ملخصًا. وأقول: ورواه أيضا الطبراني والبيهقي، والحكيم الترمذي عن ابن عمر بلفظ: إن الله تعالى يحب العبد المؤمن المحترف، والمشهور على الألسنة إبدال "الرجل" بـ "العبد". وفي معناه ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه عن ابن مسعود من قوله: إني لأكره الرجل فارغًا, لا في عمل الدنيا ولا الآخرة. ورواه أحمد وابن المبارك والبيهقي وابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه قال: إني لأمقت الرجل أراه فارغًا, ليس في شيء من عمل دنيا ولا آخرة. وذكره الزمخشري في تفسيره سورة الانشراح عن عمر بلفظ: إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللًا, لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة. وفي الشعب للبيهقي عن عروة بن الزبير أنه قال: يقال: ما شر شيء في العالم؟ قال: البطالة. وأخرج الطبراني في معجميه الكبير والأوسط وابن عدي في كامله عن ابن عمر مرفوعًا بسند فيه ضعيف ومتروك أنه قال: إن الله يحب المؤمن المحترف. وروى ابن ماجه والطبراني عن عمران بن حصين مرفوعًا: إن الله يحب عبده المؤمن, الفقير المتعفف, أبا العيال.

وروى الديلمي عن علي رفعه: إن الله يحب أن يرى عبده تعبًا في طلب الحلال، قال في المقاصد: ومفرداتها ضعاف ولكن بانضمامها تتقوى، أي فيصير الحديث حسنًا، وقال ابن وهب: لا يكون البطال من الحكماء. 764- إن الله يكره الرجل الرفيع الصوت -أي عاليه- ويحب الرجل الخفيض الصوت1. رواه البيهقي عن أبي أمامة بلفظ: إن الله يكره من الرجال الرفيع الصوت، ويحب الخفيض من الصوت. ورواه الديلمي عن أبي هريرة بلفظ: إن الله يحب الرجل الرقيق الصوت ... الحديث. 765- إن الله يكره العبد المتميز على أخيه. قال في المقاصد: لا أعرفه، وسيأتي لا خير في صحبة من لا يرى لك من الود مثلما ترى له، ثم قال: رأيت في جزء تمثال النعل الشريف لأبي اليمن بن عساكر, روى أنه -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يمتهن نفسه في شيء، قالوا: "نحن نكفيك يا رسول الله، قال: قد علمت أنكم تكفونني, ولكن أكره أن أتميز عليكم، فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزًا على أصحابه"، والمشهور على الألسنة إبدال "أخيه" بـ "إخوانه". 766- إن الله يكره الرجل المطلاق, الذواق. قال في المقاصد: لا أعرفه كذلك، ولكن قد مضى حديث: أبغض الحلال إلى الله الطلاق، ويأتي حديث: لا أحب الذواقين والذواقات. ورواه الطبراني عن عبادة بن الصامت بلفظ: إن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات. 767- إن الله يحب الرجل المشعراني, ويكره المرأة المشعرانية. فلم أره بهذا اللفظ, لكنه بمعنى ما نقله السيوطي عن مجمع الغرائب للشيخ عبد القادر الفارسي حيث قال في الحديث: إن الله يحب الرجل الأزب وسكت عليه, ويبغض المرأة الزباء, انتهى.

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "1758" لفظ رواية البيهقي.

768- "إن لله أهلين من الناس"، قالوا: يا رسول الله, من هم؟ قال: "هم أهل القرآن, أهل الله وخاصته" 1. رواه النسائي وابن ماجه وأحمد والدارمي عن أنس مرفوعًا وصححه الحاكم، وقال: إنه روي من ثلاثة أوجه عن أنس، وهذا أمثلها. 769- إن لله عبادًا خصهم بالنعم لمنافع الناس -الحديث2. رواه الطبراني وأبو نعيم عن ابن عمر بزيادة: فإذا منعوها حولها عنهم, كذا في تخريج أحاديث مسند الفردوس للحافظ ابن حجر. 770- إن لله عبادًا يفزع الناس إليهم في حوائجهم، هم الآمنون يوم القيامة3. رواه أبو الشيخ عن ابن عباس، كذا في التخريج المذكور. 771- إن لله عز وجل ملكًا موكلًا بجمع الأشكال بعضها إلى بعض. رواه الدينوري في المجالسة عن الشعبي قال: يقال: إن لله فذكره، وعند الديلمي عن أنس: إن لله ملكًا موكلًا بتأليف الأشكال، والمشهور على الألسنة: إن لله ملائكة, تسوق الجنس إلى الجنس. 772- إن لله ملائكة تنقل الأموات. قال في المقاصد: لم أقف عليه, ولكن نقل إلينا عن العز يوسف الزرندي -أبي السادة الزرنديين المدنيين وهو ممن لم يمت بالمدينة- أنه رُئي في النوم وهو يقول للرائي: سلم على أولادي، وقل لهم: إني قد حملت إليكم ودفنت بالبقيع عند قبر العباس, فإذا أرادوا زيارتي فليقفوا هناك, ويسلموا ويدعوا. ونحوه ما حكاه البدر بن فرحون أن محمد بن إبراهيم المؤذن حكى له أنه حمل ميتًا في أيام الحج ولم يجد من يساعده عليه غير شخص واحد, قال: فحملناه ووضعناه في اللحد, ثم ذهب الرجل وجئت باللبن لأجل اللحد, فلم أجد الميت في اللحد, فذهبت وتركت القبر على حاله.

_ 1 صحيح: رقم "2165". 2 لا يصح، انظر تذكرة الموضوعات "64". 3 بنحوه عن ابن عمر ضعيف: رقم "1947".

وحكى ابن فرحون أيضا أن شخصًا كان يقال له: ابن هيلان, من المبالغين في التشيع بحيث يفضي إلى ما يستقبح في حق الصحابة مع الإسراف على نفسه, بينما هو يهدم حائطًا إذ سقط عليه فهلك, فدفن بالبقيع فلم يوجد ثاني يوم في القبر الذي دفن فيه, ولا التراب الذي ردم به القبر بحيث يستدل بذلك لنبشه, وإنما وجدوا اللبن على حاله حسبما شاهده الجم الغفير, حتى كان ممن وقف عليه القاضي جمال الدين المطري, وصار الناس يجيئون لرؤيته أرسالًا أرسالًا إلى أن اشتهر أمره, وعد ذلك من الآيات التي يعتبر بها من شرح الله صدره. وقال الشعراني أيضا في كتابه البدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير: قد ثبت وقوعه لطائفة منهم سيدي أبو الفضل الغريق, من أولاد السادات بني الوفاء, غرق في بحر النيل فوجدوه عند جده بالقرافة مدفونًا. وأما نقل الحديث فكثير, يتكلم الرجل بمصر فينتقل إلى مكة في ليلة, فيجده الناس هناك، انتهى. 773- "إن لله ملكًا ما بين شعري عينيه مسيرة خمسمائة عام" 1. قال القاري: لم يوجد له أصل. 774- إنكم في زمان ألهمتم فيه العمل، وسيأتي قوم يلهمون الجدل. كذا في الإحياء قال العراقي: لم أجده. 775- إن من تمام إيمان العبد أن ينشئ في كل حديث2. قال القاري: منكر، لكن معناه مأخوذ من قوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23] . 776- إن نسبة الفائدة إلى مفيدها من الصدق في العلم وشكره، وإن السكوت عن ذلك من الكذب في العلم وكفره. هو من كلام سفيان الثوري كما ذكر ابن جماعة في منسكه الكبير.

_ 1 في الصحيح برقم "854": "أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة". 2 وقد أتى بلفظ: يستثنى بدلًا من: ينشيء.

777- إن المسجد لينزوي1 من النخامة. قال القاري: لم يوجد. 778- إن لله مدينة تحت العرش, من مسك أذفر, على بابها ملك ينادي كل يوم: ألا من زار عالمًا فقد زار الرب, ومن زار الرب فله الجنة. كذب موضوع كما نقله ابن حجر المكي عن السيوطي, ولينظر ما نقله الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث مسند الفردوس عن أنس بلفظ: إن لله مدينة تحت العرش, من مسك أذفر, على بابها ملك ينادي كل يوم: ألا من زار العلماء فقد زار الأنبياء ... الحديث, انتهى. 779- "إن لله ملائكة في الأرض تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر" 2. رواه المحاملي في أماليه الأصبهانية، ومن طريقه الديلمي عن أنس قال: مرت جنازة فأثنوا عليها خيرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وجبت"، ثم مر بأخرى فأثنوا عليها شرًّا، فقال: "وجبت"، فسئل عن ذلك فذكره، وأخرجه الحاكم أيضا, وقال: إنه على شرط مسلم. 780- "إن من البيان سحرًا" 3. رواه أحمد وأبو داود عن ابن عباس، وهو عند مالك وأحمد والبخاري وأبي داود والترمذي عن ابن عمر بلفظ: "إن من البيان لسحرًا". وفي رواية البخاري قال: جاء رجلان من الشرق فخطبا، فقال صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحرًا". 781- إن المسافر وماله على قَلَتٍ. هو بفتح القاف واللام وبالمثناة الفوقية: الهلاك.

_ 1 بقيته "كما تنزوي الجلدة من النار" أي: ينضم وينقبض، وقيل: أراد أهل المسجد وهم الملائكة, النهاية. 2 صحيح: رقم "2175". 3 صحيح: رقم "2616".

قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات: ليس هذا خبرًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنما هو من كلام بعض السلف, فقيل له عن علي -رضي الله عنه-، فقال: ذكر ابن السكيت والجوهري أنه عن بعض الأعراب, انتهى. وروى الديلمي بلا إسناد عن أبي هريرة مرفوعًا: لو علم الناس رحمة الله بالمسافر, لأصبح الناس على سفر, إن المسافر ورحله على قلت إلا ما وقى الله. ورواه ابن الأثير في النهاية وهو ضعيف، وللديلمي أيضًا بسند ضعيف إلى أبي هريرة يرفعه: لو علم الناس ما للمسافر لأصبحوا وهم على ظهور سفر، إن الله بالمسافر لرحيم. 782- "إن المعونة تأتي من الله للعبد على قدر المئونة, وإن الصبر يأتي من الله للعبد على قدر المصيبة" 1. رواه البيهقي في الشعب, والعسكري في الأمثال، والبزار وابن شاهين عن أبى هريرة -رضي الله عنه-. ورواه البيهقي أيضا بلفظ: أنزل الله عز وجل المعونة على قدر المئونة, وأنزل الصبر عند البلاء. ورواه ابن الشخير بلفظ: أنزل المعونة مع شدة المئونة، وأنزل الصبر عند البلاء. ورواه عمر بن طلحة من حديث ابن الحواري, حدثنا عبد العزيز بن عمر أنه قال: أوحى الله عز وجل إلى داود عليه السلام: "يا داود, اصبر على المئونة تأتك المعونة، وإذا رأيت لي طالبًا فكن له خادمًا". 783- إن من الذنوب ذنوبًا لا تكفرها الصلاة ولا الصوم ولا الحج، ويكفرها الهم في طلب المعيشة2. رواه الطبراني وأبو نعيم عن أبي هريرة مرفوعًا, ورواه الخطيب في تلخيص المتشابه، وفي لفظ: عرق الجبين بدل الهم. وللديلمي عن أبي هريرة رفعه: إن في الجنة درجة لا ينالها إلا أصحاب الهموم. 784- إن من الذنوب ذنوبًا لا يكفرها إلا الوقوف بعرفة. كذا في الإحياء، قال مخرجه العراقي: لم أجد له أصلًا.

_ 1 صحيح: رقم "1952". 2 موضوع: رقم "1992".

785- "إن من الشعر حكمةً". رواه البخاري عن أبي بن كعب والترمذي عن ابن عباس رفعه بلفظ: إن من الشعر حكمًا، وأوله عند أبي داود بلفظ: جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فجعل يتكلم بكلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان سحرًا, وإن من الشعر حكمةً". وعند الطبراني عن ابن عباس زيادة وهي: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتمثل من الأشعار: ويأتيك بالأخبار من لم تزود قال: نعم. وعنده أيضا عن ابن عباس رفعه: إن من الشعر حكمًا، وإن من البيان سحرًا، ولأبي داود عن بريدة مرفوعا: إن من البيان سحرًا، وإن من الشعر حكمًا، وإن من القول عيلًا. قال العسكري: والمعنى أن من الشعر ما يحث على الحسن ويمنع من القبيح؛ لأن أصل الحكمة في اللغة المنع، ومنه حكمة الدابة؛ لأنها تمنعها أن تنصرف كيف شاءت، ثم قال: وفي بعض كتب المتقدمين احكموا سفهاءكم، أي: امنعوهم من القبيح. 786- إن من السرف أن تأكل كلما اشتهيت1. رواه ابن ماجه عن أنس. 787- "إن من الناس ناسًا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس ناسًا مفاتيح للشر مغاليق للخير, فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه" 2. قال في المقاصد: رواه ابن ماجه والطيالسي عن أنس رفعه. ورواه ابن ماجه أيضا بلفظ: إن لهذا الخير خزائن، ولتلك الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، وويل لعبد جعله الله مفتاحًا للشر مغلاقًا للخير، ولكن في سنده عبد الرحمن بن زيد ضعيف.

_ 1 موضوع: رقم "1993". 2 حسن، انظر الصحيحة "1332".

788- إن الميت يرى النار في بيته سبعة أيام. قال البيهقي في مناقب أحمد: إنه سئل عنه، فقال: باطل لا أصل له، وهو بدعة وينظر في معناه, انتهى. وأقول: لعل المراد ببيته قبره. وقال المنوفي: متنه مظلم, وواضعه مجرم -قبح الله من وضعه، ولا برد مضجعه-. وأخرج أبو داود عن عائشة قالت: لما مات النجاشي كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور. 789- إن الميت يؤذيه في قبره ما كان يؤذيه في بيته. رواه الديلمي بلا سند عن عائشة مرفوعا، ويشهد له ما أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما عنها، رفعته: كسر عظم الميت ككسر عظمه حيًّا. وقال النجم: عند الطبراني والحاكم وابن منده عن عُمارة بن حزم قال: رآني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالسًا على قبر، فقال: "يا صاحب القبر, انزل عن القبر، لا تؤذي صاحب القبر ولا يؤذيك"، ورواه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود، قال: أذى المؤمن في موته كأذاه في حياته. ورواه ابن منده عن القاسم بن مخيمرة قال: لأن أطأ على سنان محمى حتى ينفذ من قدمي أحب إلي من أن أطأ على قبر, وإن رجلًا وطئ على قبر، وإن قلبه ليقظان إذ سمع صوتًا: إليك عني يا رجل ولا تؤذني، انتهى. 790- إن نوحًا -عليه الصلاة والسلام- اغتسل، فرأى ابنه ينظر إليه، فقال: تنظر إلي وأنا أغتسل -خار الله لونك-، فاسوَدَّ فهو أبو السودان. رواه الحاكم عن ابن مسعود موقوفا وصحح إسناده. وقال في الدرر المنتثرة: رواه الحاكم عن ابن مسعود وصححه, انتهى. ولابن أبي حاتم والحاكم أيضا؛ لكن بسند ضعيف عن أبي هريرة رفعه: ولد لنوح سام وحام ويافث، فولد لسام العرب وفارس والروم, وولد لحام القبط والبربر والسودان، وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة. وزاد النجم وعند أحمد والترمذي والحاكم عن سمرة: سام أبو العرب, وحام أبو الحبش, ويافث أبو الروم.

791- إن من العصمة أن لا تجد. رواه ابن الإمام أحمد في زوائد الزهد عن عون بن عبد الله أنه كان يقول: إن من العصمة أن تطلب الشيء, فلا تجده. وهو في كلام الإمام الشافعي عن الصوفية، والمشهور على الألسنة: من العصمة بإسقاط "إن". 792- إن من القرف التلف. قال النجم: رواه أبو داود عن قرة بن معين، قال: قلت: يا رسول الله, أرض عندنا يقال لها: أرض أبين, هي أرض رفقتنا وميرتنا، وإنها وبيئة، أو قال: وباؤها شديد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعها, فإن من القرف التلف انتهى. وقال ابن كمال باشا في أربعينه نقلًا عن صاحب الغريبين: وفي الحديث أنه -عليه السلام- سئل عن أرض وبيئة، فقال: دعها, فإن من القرف التلف، قال: القرف مداناة المرض، وكل شيء قاربته فقد قارفته. وفي الصحاح للجوهري وفي الحديث، أن قومًا شكوا إليه وباء أرضهم فقال: تحولوا فإن من القرف التلف, انتهى. 793- "إن المؤمن لا ينجس". رواه أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة، لكن لفظ البخاري في كتاب الغسل بزيادة: سبحان الله في أوله, مع بيان سبب الحديث. ورواه أيضا أحمد ومسلم وغيره عن حذيفة والنسائي عن ابن مسعود والطبراني عن أبي موسى. 794- "إن المنبت لا ظهرًا أبقى, ولا أرضًا قطع" 1. رواه البزار عن جابر بلفظ: إن هذا الدين متين, فأوغل فيه برفق؛ فإن المنبت لا ظهرًا ... الحديث.

_ 1 لفظ رواية جابر: ضعيف: رقم "2020".

795- "إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه". رواه الشيخان عن ابن عمر بلفظ: إن حفصة بكت على عمر فقال: مهلًا يا بنيتي ألم تعلمي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فذكره. وفي رواية: لما طعن عمر أُغمي عليه فصيح عليه فلما أفاق، قال: أما علمتم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الميت ليعذب ببكاء الحي"، ولهما عن أنس أن عمر بن الخطاب لما طعن عولت عليه حفصة فقال: يا حفصة أما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "المعول عليه يعذب". وزاد ابن حبان قالت: بلى، قال: وعول عليه صهيب فقال عمر: يا صهيب, أما علمت أن المعول عليه يعذب. ولهما عن عمر: الميت يعذب في قبره ما نِيحَ عليه. وعنه: من يبك عليه يعذب، قال موسى بن طلحة: كانت عائشة تقول: إنما كان أولئك اليهود. ورواه الشيخان وأحمد والترمذي عن المغيرة بلفظ: من نيح عليه يعذب بما نيح عليه. ولفظ مسلم: فإنه يعذب بما نيح عليه. وتأولوا ذلك بوجوه منها: أن ذلك محمول على ما إذا أوصى به الميت من البكاء والنياحة وعليه الأكثرون، ومنها: أن المراد بالبكاء النياحة أيضًا؛ لكن المراد بالعذاب ما ينال من الأذى بمعصية أهله, وهذا القول اختيار ابن جرير الطبري في تهذيبه. قال الحافظ ابن حجر: واختار هذا جماعة من الأئمة من آخرهم ابن تيمية، ومنها: أنه ورد في قوم كفار من اليهود، وعند الشيخين عن ابن أبي مليكة قال: تُوفيت بنت لعثمان بن عفان فجئنا نشهدها, وحضرها ابن عمر وابن عباس فقال ابن عمر لعمرو بن عثمان: ألا تنهى عن البكاء؛ فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه؟ فقال ابن عباس: قد كان عمر يقول بعض ذلك فذكر ذلك لعائشة، فقالت: رحم الله عمر, والله ما حدث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أن الله يعذب ببكاء أحد، ولكن قال: إن الله يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه"، قال:

وقالت عائشة: حسبك القرآن: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] قال ابن أبي مليكة: فوالله ما قال ابن عمر شيئًا، قال: حدثني القاسم بن محمد، قال: لما بلغ عائشة قول عمر وابنه، قالت: إنكم لتحدثون عن غير كاذبين ولا مكذبين, ولكن السمع يخطئ. وللشيخين أيضا عن عمرة أنها سمعت عائشة وذكر لها أن ابن عمر يقول: إن الميت ليعذب ببكاء الحي, قالت عائشة: يغفر الله لأبي عبد الرحمن, أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ, إنما مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على يهودية يبكى عليها, فقال: "إنهم يبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها". 796- إن هذا العلم دين, فانظروا عمن تأخذون دينكم. رواه مسلم عن ابن سيرين من قوله، قال النجم: رواه أبو نعيم بلفظ: عمن يأخذونه. 797- إن الود يورث, والعداوة تورث1. رواه الطبراني عن عفير كذا في الجامع الصغير، وفي الكبير أيضًا. 798- إن الورد خلق من عرق النبي -صلى الله عليه وسلم- أو من عرق البراق. قال النووي: لا يصح. وقال الحافظ ابن حجر: موضوع، وسبقه ابن عساكر. وهو في مسند الفردوس للديلمي عن أنس رفعه بلفظ: الورد الأبيض خلق من عرقي ليلة المعراج, والورد الأحمر خلق من عرق جبريل, والورد الأصفر خلق من عرق البراق. وسنده فيه مكي الزنجاني, اتهمه الدارقطني بالوضع ورواه أبو الفرج النهرواني في كتابه الجليس الصالح عن أنس رفعه بلفظ: لما عرج بي إلى السماء بكت الأرض من بعدي تحن, فنبت اللصف من بكائها, فلما رجعتُ قطر من عرقي على الأرض فنبت وردٌ أحمر, ألا من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر, ثم قال أبو الفرج المذكور: اللصف: الكبر, انتهى.

_ 1 ضعيف: رقم "1807".

وأقول: اللصف بفتح اللام والصاد المهملة وبالفاء مبتدأ, خبره الكبر بفتح الكاف الموحدة وبالراء، قال في الصحاح في باب الراء: الكبر: اللصف، وقال في باب الفاء: اللصف بالتحريك: شيء ينبت في أصول الكبر كأنه خيارة, وهو أيضا جنس من التمر, انتهى فليتأمل. وقال أبو الفرج أيضا: وروينا معناه من طرق؛ لكن حضرنا هذا فذكرناه. ورواه أبو الحسين بن فارس اللغوي في الراح والريحان له عن مكي، وهو متهم بالوضع كما تقدم. ورواه ابن فارس أيضا عن عائشة مرفوعا: من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر, وقال الحافظ السيوطي في حسن المحاضرة. وروى فيه أحاديث كلها موضوعة، منها حديث علي مرفوعا" لما أسري بي إلى السماء سقط إلى الأرض من عرقي، فنبت منه الورد, فمن أحب أن يشم رائحتي فليشم الورد, رواه ابن عدي في كامله. ومنها حديث أنس مرفوعا وذكر الحديث المعزى لمسند الفردوس، ثم قال: والحديثان أوردهما ابن الجوزي في الموضوعات، ونص على وضع حديث أنس أيضا الحافظ الكبير القاسم ابن عساكر، وقال النجم: والحديث بجميع طرقه لا يصح, انتهى. ومن ذلك: خلق الله الورد من بهائه، وجعل رائحته رائحة أنبيائه، فمن أراد أن ينظر إلى بهاء الله تعالى ويشم رائحة أنبيائه, فلينظر إلى الورد، فاعرفه. 799- إن حدثت أن جبلًا زال عن مكانه فصدق, وإن حدثت أن رجلًا زال عن خليقته فلا تصدق1. رواه ابن وهب في القدر عن الزهري مرسلًا رفعه. وأخرجه أحمد من حديث الزهري عن أبي الدرداء قال: بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نتذاكر ما يكون؛ إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا, وإذا سمعتم برجل زال عن خلقه فلا تصدقوا؛ فإنه يصير إلى ما جبل عليه.

_ 1 ضعيف الجامع: رقم "655".

قال في المقاصد: وهو منقطع، إذ الزهري لم يدرك أبا الدرداء لكن له شواهد، منها: ما في الأمثال للعسكري عن أبي هريرة مرفوعا: إن تغير الخُلُق كتغير الخَلْق, إنك لا تستطيع أن تغير خلقه حتى تغير خلقه. ومنها ما في المعجم الكبير للطبراني من حديث عبد الله بن ربيعة قال: كنا عند ابن مسعود، فذكر القوم رجلًا فذكروا من خُلُقه، فقال ابن مسعود: أرأيتم لو قطعتم رأسه أكنتم تستطيعون أن تعيدوه؟ قالوا: لا، قال: فيده، قالوا: لا، قال: فرجله، قالوا: لا، قال: فإنكم لا تستطيعون أن تغيروا خلقه حتى تغيروا خلقه. ومنها ما في أنس العاقل لأبي النرسي عن يونس بن أبي إسحاق السبيعي أنه قال له ابنه أبو إسحاق: إن بلغك أن رجلا مات فصدق، وإن بلغك أن فقيرا أفاد مالًا فصدق، وإن بلغك أن أحمق أفاد عقلًا فلا تصدق. ومنها ما في الأفراد للدارقطني عن أبي هريرة رفعه: إن الله عز وجل مَنَّ على قوم فألهمهم فأدخلهم في رحمته، وابتلى قوما وذكر كلمة فلم يستطيعوا أن يرحلوا عما ابتلاهم فعذبهم، وذلك عدله فيهم. ومنها حديث ابن مسعود: فرغ من أربع: من الخَلْق والخُلُق كما سيأتي في جف القلم, وحديث: إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وما أحسن قول بعضهم: ومن تحلى بغير طبع ... يرد قسرًا إلى الطبيعة كخاضب الشيب في ثلاث ... تهتك أستاره الطليعة 800- إن كان الكلام من فضة, فالصمت من ذهب1. رواه ابن أبي الدنيا في الصمت عن الأوزاعي، قال: قاله سليمان بن داود -عليهما الصلاة والسلام-, وسئل ابن المبارك عن قول لقمان لابنه: إن كان الكلام من فضة, فإن الصمت من ذهب, فقال ابن المبارك: لو كان الكلام بطاعة الله من فضة, فإن الصمت عن معصية الله من ذهب, وذكر ابن المبارك أبياتًا آخرها: إن كان من فضة كلامك يا نفـ ... ـسي فإن السكوت من ذهب

_ 1 انظر الأسرار المرفوعة "135".

وفي كلام ابن المبارك إشارة إلى تأويله, وأوله بعضهم بأنه محمول على ما ليس فيه فائدة شرعية, وإلا فقد يكون النطق واجبًا وقد يكون مندوبًا. 801- إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن1. قال العراقي: لم أجد له أصلًا. 802- إن من أقل ما أوتيتم: اليقين وعزيمة الصبر، ومن أُعطي حظه منهما لم يبالِ ما فاته من قيام الليل وصيام النهار2. ذكره في الإحياء، قال العراقي: لم أقف له على أصل، وروى ابن عبد البر من حديث معاذ: ما أنزل الله شيئًا أقل من اليقين. 803- "انظروا إلى من هو أسفل منكم, ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم". رواه مسلم وأحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة. 804- "انهشوا اللحم؛ فإنه أهنأ وأمرأ وأبرأ" 3. رواه أحمد في مسنده والترمذي والطبراني عن صفوان بن أمية مرفوعا، ولفظ أحمد من طريق سفيان بن عيينة عن عبد الكريم: "فإنه أهنأ وأمرأ" أو "أشبع وأمرأ" قال سفيان: الشك مني أو منه, انتهى. وذكره في المسند بسند آخر عن صفوان المذكور قال: رآني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا آخذ اللحم عن العظم بيدي، فقال: يا صفوان، قلت: لبيك، قال: قرب اللحم من فيك؛ فإنه أهنأ وأمرأ. 805- أنين المذنبين أحب من زجل المسبحين. فلينظر.

_ 1 انظر تذكرة الموضوعات "101". 2 انظر الأسرار المرفوعة "130". 3 بنحوه ضعيف: رقم "2100".

حرف الهمزة مع الهاء

حرف الهمزة مع الهاء: 806- "أهل الجنة جرد مرد كحل، لا يفنى شبابهم, ولا تبلى ثيابهم" 1. الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 807- "أهل الشام سوط الله تعالى في الأرض، ينتقم بهم ممن يشاء من عباده، وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم، وأن يموتوا إلا همًّا وغمًّا وغيظًا وحزنًا" 2. رواه الإمام أحمد وأبو يعلى والطبراني والضياء عن خزيمة بن فاتك. 808- أهل الشبع في الدنيا هم أهل الجوع غدًا في الآخرة3. رواه الطبراني عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. 809- "اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ". رواه الشيخان عن جابر، وفي ذلك يقول حسان: وما اهتز عرش الله من أجل هالك ... سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو4 810- أهله في محله. كلام يجري على ألسنة العامة، وليس بحديث. 811- "أهل القرآن أهل الله وخاصته" 5. رواه ابن ماجه وأحمد عن أنس، وتقدم في: إن الله أهلين.

_ 1 حسن: رقم "2525". 2 ضعيف: رقم "2105". 3 ضعيف: رقم: "1836". 4 في "ط" عمر خطأ, وما أثبتناه من سير أعلام النبلاء "294/ 1": عمرو. 5 صحيح: رقم "2528".

812- "أهل القرى من أهل البلاء" 1. قال النجم: هو دائر على الألسنة بهذا اللفظ. وفي معناه ما عند البخاري في الأدب المفرد والبيهقي عن ثوبان: لا تسكنوا الكفور، فإن ساكن الكفور كساكن القبور، وفي أربعينيات ابن كمال باشا: أهل الكفور أهل القبور، وفي لفظ: هم أهل القبور، قاله في أهل القرى يشير بذلك إلى جهل أهل القرى غالبًا. 813- أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة2. رواه الطبراني عن سلمان، وأبو نعيم عن أبي هريرة. 814- أهن من هانك3. رواه الديلمي عن الحسين بن علي، وزاد: ولو كان حرًّا قرشيًّا. 815- "أهل اليمن أرق أفئدة, وألين قلوبًا" -الحديث4. رواه أحمد والطبراني عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه-.

_ 1 "حسن" بمعناه في صحيح الأدب المفرد "451". 2 بزيادة: "وإن أهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة" صحيح: رقم "2031". وبزيادة: "وإن أول أهل الجنة دخولًا هم أهل المعروف" ضعيف: رقم "1838". 3 لا يصح: انظر تذكرة الموضوعات "205". 4 بنحوه، حسن: رقم "2530".

817- "أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب". رواه الشيخان عن أنس -رضي الله عنه-. 818- أول تحفة المؤمن إذا مات أن يغفر الله عز وجل لكل من تبع جنازته1. رواه الديلمي عن أبي هريرة، وفي سنده عبد الرحمن بن قيس أبو معاوية، رُمي بالكذب بحيث حكم الحاكم عليه بالوضع لأجله. وللبزار والديلمي عن ابن عباس مرفوعا: أول ما يجازى به العبد بعد موته أن يغفر لجميع من تبع جنازته، وله طرق كلها ضعيفة، لكنها مشعرة بأن له أصلًا. 819- أُوتيتُ جوامع الكلم، واختُصر لي الكلام اختصارًا2. رواه العسكري عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلًا. ورواه النسائي عن ابن عباس بلفظ: أُعطيتُ، وله شواهد في الصحيح. 820- أوحى الله تعالى إلى داود أن قل للظلمة لا يذكروني، فإني أذكر من يذكرني, وإن ذكري إياهم أن ألعنهم3. رواه ابن عساكر عن ابن عباس. 821- أوحى الله إلى إبراهيم الخليل أن يا خليلي, حسن خلقك -الحديث4. رواه الديلمي عن أبي هريرة. 822- أول كرامة المؤمن أن يغفر لمن شهد جنازته, وفي رواية: لمشيعيه5. قال في المقاصد: رواه الحاكم في بعض تصانيفه، ورواه الدارقطني في الأفراد من حديث عبد الرحمن بن قيس عن أبي هريرة بلفظ: كرامة المؤمن أن يغفر لمشيعيه.

_ 1 بنحوه عن أنس، ضعيف: رقم "2132". 2 عن عمر بلفظ: أعطيت, ضعيف: رقم "1048" وله شاهد بصحيح الجامع بلفظ: أعطيت فواتح الكلم وجوامعه وخواتمه: رقم "1058". 3 ضعيف: رقم "2112". 4 "ضعيف" انظر ضعيف الجامع "ح2111". 5 سبق معناه والتعليق عليه في حديث "818".

823- أول ما خلق الله العقل فقال له: أقبل فأقبل، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقًا أشرف منك، فبك آخذ وبك أعطي, وبك أثيب وبك أعاقب1. قال الصغاني: موضوع باتفاق، وتقدم بأبسط في "إن الله لما خلق العقل". 824- "أول ما خلق الله القلم" 2. رواه أحمد والترمذي وصححه عن عبادة بن الصامت مرفوعا بزيادة: "فقال له: اكتب، قال: رب وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء". قال ابن حجر في الفتاوى الحديثية: قد ورد -أي: هذا الحديث- بل صح من طرق، وفي رواية: "إن الله خلق العرش فاستوى عليه، ثم خلق القلم فأمره أن يجري بإذنه، فقال: يا رب بِمَ أجري؟ قال: بما أنا خالق وكائن في خلقي من قطر أو نبات أو نفس أو أثر أو رزق أو أجل، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة"، ورجاله ثقات إلا الضحاك بن مزاحم فوثقه ابن حبان, وقال: لم يسمع من ابن عباس، وضعفه جماعة، وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفًا عليه: "إن أول شيء خلقه الله القلم"، فأمره أن يكتب كل شيء, ورجاله ثقات. وفي رواية لابن عساكر مرفوعة: "إن أول شيء خلقه الله القلم، ثم خلق النون -وهي الدواة- ثم قال له: اكتب ما يكون أو ما هو كائن ... " الحديث. وروى ابن جرير: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: {نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] قال: لوح من نور، وقلم من نور، يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة، انتهى. وفي النجم: روى الحكيم الترمذي عن أبي هريرة: أن أول شيء خلق الله القلم، ثم خلق النون وهي الدواة، ثم قال له: اكتب، قال: وما أكتب؟ قال: اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة, وذلك قوله تعالى: {نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} ثم ختم على فم القلم فلم ينطق ولا ينطق إلى يوم القيامة، ثم خلق الله العقل، فقال: وعزتي وجلالي لأكملنك فيمن أحببت, ولأنقصنك فيمن أبغضت، وقال اللقاني في شرح جوهرته:

_ 1 سبق برقم "723". 2 بنحوه صحيح: رقم "2018"، "2019".

القلم جسم نوراني, خلقه الله وأمره بكتب ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، ونمسك عن الجزم بتعيين حقيقته. وفي بعض الآثار: أول شيء خلقه الله القلم، وأمره أن يكتب كل شيء. وفي بعضها: إن الله خلق اليراع -وهو القصب- ثم خلق منه القلم. وفي رواية: أول شيء كتبه القلم: أنا التواب, أتوب على من تاب، انتهى. 825- "أولاد المؤمنين في جبل في الجنة، يكفلهم إبراهيم وسارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة" 1. رواه الحاكم، وقال: على شرط الشيخين، والديلمي عن أبي هريرة مرفوعا، وصححه ابن حبان، ورواه ابن مهدي وأبو نعيم عن الثوري موقوفا. وقال الدارقطني: إنه أشبه، وأصله عند البخاري عن سمرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه رأى في منامه جبريل وميكائيل أتياه, فانطلقا به، وذكر حديثًا طويلًا وفيه: وأما الشيخ الذي في أصل الشجرة فذاك إبراهيم، وأما الصبيان الذين رأيت فأولاد الناس. وفي رواية: فكل مولود مات على الفطرة وكل به إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- يربيهم إلى يوم القيامة. قال في المقاصد: وقد بسطته في ارتياح الأكباد، انتهى. وتقدم بأبسط في حديث: أطفال المؤمنين في جبل في الجنة ... الحديث. 826- "أول ما يحاسب به العبد الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء" 2. رواه النسائي عن ابن مسعود، وشطره الأخير عند الشيخين وأحمد وابن ماجه بزيادة: يوم القيامة. ورواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم عن تميم الداري، بلفظ: أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته؛ فإن كان أتمها كتبت له تامة، وإن لم يكن أتمها، قال الله

_ 1 سبق برقم: "392" وهو صحيح. 2 صحيح: رقم "2572".

تعالى لملائكته: انظروا, هل تجدون لعبدي من تطوع؟ فيكملون به فريضته ثم الزكاة كذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك. ورواه الطبراني بسند جيد عن عبد بن قرط بلفظ: أول ما يحاسب به العبد الصلاة؛ ينظر الله في صلاته، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله، وله أيضا عن أنس بلفظ: أول ما يحاسب به العبد ينظر في صلاته؛ فإن صلحت فقد أفلح, وإن فسدت خاب وخسر. 827- أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر -الحديث1. رواه عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله، بلفظ2: قال: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أخبرني عن أول شيء خلقه الله قبل الأشياء. قال: يا جابر، إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله, ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جني ولا إنسي، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء, فخلق من الجزء الأول القلم ومن الثاني اللوح ومن الثالث العرش ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء, فخلق من الجزء الأول حملة العرش ومن الثاني الكرسي ومن الثالث باقي الملائكة، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول السماوات ومن الثاني الأرضين ومن الثالث الجنة والنار، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء, فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين ومن الثاني نور قلوبهم وهى المعرفة بالله ومن الثالث نور إنسهم وهو التوحيد: لا إله إلا الله, محمد رسول الله ... الحديث. كذا في المواهب. وقال فيها أيضا: واختلف هل القلم أول المخلوقات بعد النور المحمدي, أم لا؟ فقال الحافظ أبو يعلى الهمداني: الأصح أن العرش قبل القلم، لما ثبت في الصحيح عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء". فهذا صريح في أن التقدير

_ 1 موضوع، انظر الضعيفة "474/ 1". 2 هذا الخبر من الأباطيل المكذوبة التي وضعها الصوفية إثباتًا لعقائدهم الفاسدة.

وقع بعد خلق العرش، والتقدير وقع عند أول خلق القلم, فحديث عبادة بن الصامت مرفوعًا: "أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: رب وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء" رواه أحمد والترمذي وصححه. وروى أحمد والترمذي وصححه أيضا من حديث أبي رزين العقيلي مرفوعا: إن الماء خلق قبل العرش. وروى السدي بأسانيد متعددة: إن الله لم يخلق شيئًا مما خلق قبل الماء، فيجمع بينه وبين ما قبله بأن أولية القلم بالنسبة إلى ما عدا النور النبوي المحمدي والماء والعرش, انتهى. وقيل: الأولية في كل شيء بالإضافة إلى جنسه، أي أول ما خلق الله من الأنوار نوري وكذا باقيها، وفي أحكام ابن القطان فيما ذكره ابن مرزوق عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كنت نورًا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام" , انتهى ما في المواهب. تنبيه: قال الشبراملسي: ليس المراد بقوله من نوره ظاهره من أن الله تعالى له نور قائم بذاته لاستحالته عليه تعالى؛ لأن النور لا يقوم إلا بالأجسام، بل المراد خلق من نور مخلوق له قبل نور محمد, وأضافه إليه تعالى لكونه تولى خلقه، ثم قال: ويحتمل أن الإضافة بيانية، أي: خلق نور نبيه من نور هو ذاته تعالى، لكن لا بمعنى أنها مادة خلق نور نبيه منها, بل بمعنى أنه تعالى تعلقت إرادته بإيجاد نور بلا توسط شيء في وجوده، قال: وهذا أولى الأجوبة نظير ما ذكره البيضاوي في قوله تعالى: {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} حيث قال: أضافه إلى نفسه تشريفًا وإشعارًا بأنه خلق عجيب, وأن له مناسبة إلى حضرة الربوبية, انتهى ملخصًا. 828- أول من جزع من الشيب إبراهيم حين رآه في عارضه، فقال: يا رب , ما هذه المشوهة التي شوهت بخليلك؟ فأوحى الله إليه: هذا سربال الوقار ونور الإسلام, وعزتي وجلالي ما ألبسته أحدًا من خلقي يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي, إلا استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزانًا وأنشر له ديوانًا وأعذبه بالنار، فقال: يا رب زدني وقارًا, فأصبح رأسه مثل الثغامة1 البيضاء. قال ابن حجر المكي نقلًا عن السيوطي: كذب موضوع.

_ 1 هو نبت أبيض الزهر والثمر، يشبه به الشيب، النهاية.

829- أول ما يوضع في الميزان الخلق الحسن1. رواه الطبراني وأبو الشيخ عن أم الدرداء: فتحسين الخلق مطلوب، وقد روى الديلمي عن أبي هريرة: أوحى الله إلى إبراهيم الخليل أن يا خليلي, حسن خلقك. 830- أول من أضاف الضيف إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-2. رواه مالك عن سعيد بن المسيب مرسلًا، والديلمي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 831- "أول من اختتن إبراهيم" -عليه الصلاة والسلام-. رواه الشيخان عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 832- أول من اختضب بالحناء والكتم3 إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-, وأول من اختضب بالسواد فرعون4. رواه الديلمي عن أنس. 833- أول من صُنِعت له النورة والحمام سليمان5. رواه الطبراني عن أبي موسى. 834- "أول من خط بالقلم إدريس" -الحديث. رواه أحمد عن أبي ذر -رضي الله عنه- في حديث طويل. 835- أول من قَصَّ شاربه إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-. رواه الديلمي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.

_ 1 ضعيف: رقم "2139". 2 مرسل، وانظر فردوس الأخبار للديلمي "57/ 1". 3 هو نبت يخلط مع الوسمة, ويصبغ به الشعر أسود. النهاية. 4 ضعيف: رقم "2144". 5 بنحوه ضعيف جدًّا: "2145".د

836- أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة. رواه الترمذي وابن حبان عن ابن مسعود رفعه وقال الترمذي: حسن غريب, وفي سنده موسى بن يعقوب الزمعي قال فيه النسائي: ليس بالقوي, لكن وثقه ابن معين وحسبك به, ووثقه أيضًا أبو داود وابن حبان وابن عدي وجماعة. ورواه البخاري في تاريخه الكبير, وذكر ابن الزمعي رواه عن ابن كيسان عن عقبة بن عبد الله عن ابن مسعود. قال في المقاصد: وفيه منقبة لأهل الحديث, فإنهم أكثر الناس صلاةً عليه كما بينته في القول البديع. 837- "أولم, ولو بشاة". رواه البخاري عن أنس قال: قدم عبد الرحمن بن عوف فآخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري, وعند الأنصاري امرأتان فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله, فقال: بارك الله لك في أهلك ومالك, دلوني على السوق, فأتى السوق فربح فيها شيئًا من أقط وسمن, فرآه النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أيام وعليه وضر2 من صفرة فقال: مَهْيَمْ يا عبد الرحمن؟ قال: تزوجت أنصارية, فقال: فما سقت لها؟ قال: وزن نواة من ذهب, قال: أولم ولو بشاة. وفي رواية عند البخاري: بارك الله لك, أولم ولو بشاة, وعلقه من حديث عبد الرحمن بن عوف.

_ 1 "ضعيف" كما في تخريج المشكاة "ح923". 2 أي: لطخ من خلوق أو طيب له لون. النهاية.

حرف الهمزة مع اللام ألف

حرف الهمزة مع اللام ألف: 838- "ألا إنه لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة" 1. رواه ابن ماجه عن معاوية.

_ 1 صحيح، انظر صحيح ابن ماجه "ح3260".

839- "ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ قل أعوذ برب الفلق, وقل أعوذ برب الناس" 1. رواه الطبراني في الأوسط عن عقبة بن عامر. 840- ألا أخبرك بتفسير لا حول ولا قوة إلا بالله؟ لا حول: عن معصية الله إلا بعصمة الله تعالى، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله، هكذا أخبرني جبريل يا ابن أم عبد2. رواه النجار عن ابن مسعود -رضي الله عنه-. 841- "ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب؟ الله الله ربي لا أشرك به شيئًا" 3. رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أسماء بنت عميس -رضي الله عنها-. 842- ألا أعلمك كلامًا إذا قلته أذهب الله تعالى همك, وقضى عنك دينك؟ قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن, وأعوذ بك من العجز والكسل, وأعوذ بك من الجبن والبخل, وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال4. رواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. 843- ألا قال تعالى: إذا أردت أن أخرب الدنيا بدأت ببيتي فخربته, ثم أخرب الدنيا. قال القاري نقلًا عن العراقي: لا أصل له.

_ 1 صحيح: رقم "2593". 2 ضعيف جدًّا: رقم "2153". 3 صحيح، انظر صحيح ابن ماجه "ح3260". 4 ضعيف: رقم "2168".

844- ألا لا تغالوا في صداق النساء؛ فإنها لو كانت مكرمة لكان أولاكم بها النبي -صلى الله عليه وسلم-1. ليس بحديث، وقال النجم: لكن أخرج أبو يعلى عن مسروق قال: ركب عمر منبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: أيها الناس ما إكثاركم في صداق النساء, وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إنما الصدقات بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك؟ ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو مكرمة لم تسبقوهم إليها، فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم! قال: ثم نزل، فاعترضته امرأة من قريش، فقالت: يا أمير المؤمنين, نهيتَ الناس أن يزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم، قال: نعم، فقالت: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن؟ قال: وأي ذلك؟ قالت: أما سمعت الله يقول: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20] ؟! قال: فقال اللهم غفرًا؛ كل الناس أفقه من عمر، قال: ثم رجع فركب المنبر فقال: أيها الناس, إني كنت نهيت أن تزيدوا النساء في صداقهن على أربعمائة درهم, فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب. قال أبو يعلى: وأظنه قال ممن طابت نفسه فليفعل, وسنده قوي. وهو عند البيهقي عن الشعبي، قال: خطب عمر الناس, فحمد الله وأثنى عليه وقال: ألا لا تغالوا في صداق النساء, فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو سيق إليه, إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال, ثم نزل فعرضت له امرأة من قريش، فقالت: يا أمير المؤمنين, أكتاب الله أحق أن يتبع أو قولك؟ قال: بل كتاب الله, قالت: نهيت الناس آنفًا أن لا يتغالوا في صداق النساء, والله يقول: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} ! فقال عمر: كل أحد أفقه من عمر -مرتين أو ثلاثًا- ثم رجع إلى المنبر، فقال للناس: إني كنت نهيتكم أن لا تغالوا في صداق النساء, ألا فليفعل رجل في ماله ما بدا له.

_ 1 صحيح إلى عمر -رضى الله عنه-، وأما ما يشاع على الألسنة من اعترض المرأة على عمر، وقولها: "نهيت آنفًا أن يغالوا في صداق النساء، والله تعالى يقول في كتابه: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} فقال عمر: كل أحد أفقه من عمر.." فهو ضعيف منكر، وأخرجه البيهقي "233/ 7" وقال: "هذا منقطع". وراجع الإرواء "1927".

وأخرجه عبد الرزاق عن أبي الجعفاء السلمي خطبنا عمر فذكر نحوه، وفيه فقال: إن امرأة خاصمت عمر فخصمته، وأخرجه ابن المنذر من طريقه بزيادة: قنطارًا من ذهب، قال: كذلك في قراءة ابن مسعود. ورواه الزبير بن بكار عن عمه مصعب بن عبد الله عن أبيه، قال: قال عمر: لا تزيدوا في مهور النساء, فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال, وذكر نحوه وفيه: فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ.

حرف الهمزة مع الياء التحتية

حرف الهمزة مع الياء التحتية: 845- أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم؛ فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله عنه وفضحه على رءوس الأولين والآخرين1. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة، رفعه وصححه ابن حبان. 846- أيكفر بي وأنا خالق العنب؟!. هكذا اشتهر على الألسنة أنه حديث قدسي، ولم أَدْرِ من ذكره. 847- الإيناس ثم الإمساس. ليس بحديث، وإنما هو من أمثال العرب، لكن بلفظ: الإيناس قبل الإبساس -بالباء الموحدة. فقد قال ابن عساكر في تاريخه في الجزء الأول في باب تبشير المصطفى -عليه السلام- بافتتاح الشام في حديث: ثم يجيء قوم يبسون بأهل المدينة، فقال: يقال: بَسَّ وأبَسَّ بمعنًى, يقال: أبسستَ بالناقة: دعوتَها للحلب. قال: وفي مثل العرب لا أفعل ذلك ما أبس عبد بناقة، وقال في مثل آخر: الإيناس قبل الإبساس, انتهى فاعرفه.

_ 1 ضعيف: رقم "2220".

848- أي شيء يخفى؟ قال: ما لا يكون1. قال في المقاصد: إن شيخه لا يعرف له أصلًا، ثم قال: نحوه حديث: من أخفى سريرة صالحة أو سيئة ألبسه الله منها رداء بين الناس يعرف به، فلو دخل المؤمن كوة في حائط, وعمل عملًا أصبح الناس يتحدثون به. وروينا عن يحيى بن معاذ الرازي أنه قال: من لم يخف الله في السر, هتك ستره في العلانية, وأنشد: إذا المرء أخفى الخير مكتتمًا له ... فلا بد أن الخير يومًا سيظهر ويكسى رداء بالذي هو عامل ... كما يلبس الثوب التقي المشهر قال: وقد كتبت فيه جزءًا, انتهى. وفي معناه ما اشتهر وهو: من أسر سريرة ألبسه الله رداءها، وما أحسن ما قيل: ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم 849- "أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه, أو أهله فهو عاهر" 2. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وابن حبان وصححه أيضا. 850- "الأئمة من قريش" 3. أخرجه أحمد والنسائي والضياء عن أنس، وزاد: "ولهم عليكم حق, ولكم مثل ذلك؛ ما إن استرحموا رحموا, وإن استحكموا عدلوا, وإن عاهدوا وفوا, فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, لا يقبل منه صرف ولا عدل". ورواه الحاكم والبيهقي عن علي وزاد: "أبرارها أمراء أبرارها, وفجارها أمراء فجارها, وإن أمَّرَت عليكم قريش عبدًا حبشيًّا مجدعًا فاسمعوا له وأطيعوا ما لم يخير أحدكم بين إسلامه وضرب عنقه, فإن خُيِّر بين إسلامه وضرب عنقه فليقدم عنقه". 851- إياكم والحسد؛ فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب4. رواه أبو داود عن أبي هريرة رفعه.

_ 1 نقل ابن الديبع في "التمييز"، "368" قول ابن حجر: "لا أعرفه له أصلًا". 2 "صحيح" انظر صحيح الجامع "ح2733". 3 صحيح: رقم "2758"، ورواية الحاكم والبيهقي في صحيحه: رقم "2757". 4 ضعيف: رقم "2196".

852- إياكم والدين؛ فإنه هَمٌّ بالليل, مَذَلَّةٌ بالنهار1. رواه الديلمي عن أنس. 853- "إياكم والشح؛ فإنما أهلك مَنْ كان مِنْ قبلكم بالشح أمرهم بالبخل فبخلوا, وأمرهم بالقطيعة فقطعوا, وأمرهم بالفجور ففجروا" 2. رواه أبو داود والحاكم عن ابن عمر. 854- إياك وقرين السوء؛ فإنك به تعرف3. رواه ابن عساكر عن أنس, وما أحسن ما قيل: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي 855- إياكم, وخضراء الدمن4. رواه الدارقطني في الأفراد والرامهرمزي والعسكري في الأمثال وابن عدي في الكامل والقضاعي في مسند الشهاب والخطيب في إيضاح الملبس والديلمي من حديث الواقدي عن أبي سعيد مرفوعًا لكن بزيادة: قيل: وماذا يا رسول الله؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء. قال عدي: تفرد به الواقدي، وذكره أبو عبيد في الغريب، وقال الدارقطني: لا يصح من وجه ومعناه: أنه كره نكاح ذات الفساد؛ فإن أعراق السوء تنزع أولادها، وأصله أن النبات ينبت على البعر في الموضع الخبيث، فيكون ظاهره حسنًا وباطنه قبيحًا فاسدًا, إذ الدمن جمع دمنة وهي البعر, وأنشدوا: وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هي ومعنى البيت: أن الرجلين قد يظهران الصلح أو المودة، وينطويان على البغضاء والعداوة كما ينبت المرعى على الدمن, وهذا أكثري أو كلي في زماننا, والله المستعان.

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "2198". 2 صحيح: رقم "2678". 3 موضوع: رقم "2189". 4 "ضعيف جدًّا" انظر الضعيفة "ح14".

وذكره السخاوي، وقال القاري: لا يكون موضوعًا سواء كان موقوفًا أو مرفوعًا، وذكره صاحب تحفة العروس عن عمر موقوفًا، بلفظ: إياكم وخضراء الدمن؛ فإنها تلد مثل أصلها، وعليكم بذات الأعراق؛ فإنها تلد مثل أبيها وعمها وأخيها, انتهى. 856- إياك والسجع يا ابن رواحة1. ذكره في الإحياء, قال العراقي: لم أجده هكذا. ورواه ابن السني وأبو نعيم عن عائشة بإسناد صحيح أنها قالت للسائب: إياك والسجع؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كانوا لا يسجعون. ولابن حبان: واجتنب السجع، وفي البخاري نحوه من قول ابن عباس, ثم السجع المذموم هو المتكلف كالصادر من نحو الكهان، وأما ما كان بمقتضى الطبع فلا منع منه، بل هو وارد عنه -صلى الله عليه وسلم- في أدعية نحو: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع, وقلب لا يخشع, ونفس لا تشبع, ودعاء لا يسمع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع". رواه أبو داود والترمذي عن ابن عمر بلفظ: "اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع, ومن دعاء لا يسمع, ومن نفس لا تشبع, ومن علم لا ينفع, أعوذ بك من هؤلاء الأربع". 857- إياكم وزي الأعاجم. سيأتي في "تمعددوا" أنه من قول عمر، واعتمده الإمام مالك حيث قال: أميتوا سنة العجم, وأحيوا سنة العرب. 858- إياكم والزنى؛ فإن فيه أربع خصال: يذهب البهاء عن الوجه, ويقطع الرزق, ويسخط الرحمن, ويوجب الخلود في النار2. رواه الطبراني في الأوسط وابن عدي عن ابن عباس. 859- إياكم والطمع؛ فإنه الفقر الحاضر3. قال في المقاصد: رواه الطبراني في الأوسط والعسكري عن جابر رفعه بزيادة: وإياكم وما يعتذر منه، وفيه ابن أبي حميد مجمع على ضعفه, لكن له شواهد منها ما رواه

_ 1 انظر الأسرار المرفوعة "140". 2 موضوع: رقم "2199". 3 ضعيف بزيادة العسكري: رقم "2201".

العسكري أيضا عن ابن عباس بلفظ: قال: قيل: يا نبي الله ما الغنى؟ قال: اليأس مما في أيدي الناس, وإياكم والطمع فإنه الفقر الحاضر. ورواه أبو بكر بن عياش عن ابن مسعود وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: ما الغنى؟ فقال: اليأس مما في أيدي الناس, ومن مشى منكم إلى الطمع فليمش رويدًا. ورواه تمام في فوائده عن أبي أمامة مرفوعا: أعوذ بالله من طمع يجر إلى طبع1, ومن طمع في غير مطمع, ومن طمع حيث لا مطمع. ورواه أحمد أيضا بهذا اللفظ عن معاذ بن جبل مرفوعًا. ورواه الطبراني بأسانيد, رجال أحدها ثقات مع اختلاف في بعضهم عن عوف بن مالك أنه خرج إلى الناس فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمركم أن تتعوذوا من ثلاث: من طمع حيث لا مطمع, ومن طمع يرد إلى طبع, ومن طمع إلى غير مطمع, انتهى. وما أحسن قول إمامنا الشافعي -رضي الله عنه- حيث قال: أمتُّ مطامعي فأرحت نفسي ... فإن النفس ما طمعت تهون وأحييت القنوع2 وكان ميتًا ... ففي إحيائه عرضي مصون إذا طمع يحل بقلب عبد ... علته مهانة وعلاه هون 860- إياكم والأشقر الأزرق؛ فإنه من تحت قرنه إلى قدمه مكر وخديعة وغدر3. رواه الديلمي عن ابن عمر رفعه وفي مناقب الشافعي للبيهقي أنه أمر صاحبه الربيع بن سليمان أن يشتري له عنبًا أبيض قال: فاشتريت له منه بدرهم فلما رآه استجاده قال: يا أبا محمد ممن اشتريت هذا؟ فسميت له البائع فنحى الطبق من بين يديه وقال لي: اردده عليه واشتر لي من غيره فقلت: وما شأنه؟ فقال: ألم أنهك أن تصحب أشقر أزرق؛ فإنه لا ينجب فكيف آكل من شيء يشترى لي ممن أنهى عن صحبته؟ قال الربيع: فرددته واعتذرت إليه, واشتريت له عنبًا من غيره.

_ 1 أي: يؤدى إلى شين وعيب. النهاية. 2 أي: الرضا. 3 ذكره ابن الديبع في "التمييز" "365"، وقال: ولم يسنده ولده.

وقال الربيع: وجه الشافعي رجلًا ليشتري له طيبًا فلما جاءه قال: اشتريته من أشقر كوسج فقال: نعم قال: عد فرده عليه، زاد حرملة عن الشافعي: فما جاءني خير قط من أشقر. وعن حرملة أيضا سمعت الشافعي يقول: احذروا الأعور والأحول والأحدب والأشقر والكوسج1 وكل من به عاهة في بدنه وكل ناقص الخلق فاحذره؛ فإنه صاحب التواء ومعاملتهم عسرة، وقال أيضا: فإنهم أصحاب خبث، قال ابن أبي حاتم: هذا إذا كان خُلُقيًّا، فأما من حدثت له هذه العلل فلا تضر مخالطته. وروى الحميدي عن الشافعي أنه قال: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها, ثم لما كان انصرافي مررت في طريقي برجل وهو محتبٍ بفناء داره أزرق العينين ناتئ الجبهة سناط -وهو الذي ليس في لحيته شعر- فقلت له: هل من منزل؟ قال: نعم -قال الشافعي: وهذا النعت أخبث ما يكون في الفراسة- فأنزلني فرأيته أكرم رجل بعث إلي بعشاء وطيب وعلف لدابتي وفراش ولحاف، قال: فجعلت أتقلب الليل أجمع ما أصنع بهذه الكتب؟ فلما أصبحت قلت للغلام: أسرج فأسرج فركبت ومررت عليه وقلت له: إذا قدمت مكة ومررت بذي طوى فاسأل عن منزل محمد بن إدريس الشافعي فقال لي: أمولًى كنت أنا لأبيك؟ قلت: لا. قال: فهل كانت لك عندي نعمة؟ فقلت: لا قال: فأين ما تكلفت لك البارحة؟ قلت: وما هو؟ قال: اشتريت لك طعامًا بدرهمين، وأدمًا بكذا وعطرًا بثلاثة دراهم، وعلفًا لدابتك بدرهمين، وكراء الفراش واللحاف درهمان، قال فقلت: يا غلام أعطه، فهل بقي من شيء؟ قال: نعم كراء المنزل، فإني وسعت عليك وضيقت على نفسي بتلك الكتب، فقلت له: هل بقي من شيء بعد ذلك؟ قال: لا. قلت: امض خزاك الله، فما رأيت قط شرًّا منك. 861- "إياكم وكثرة الضحك؛ فإنه يميت القلب, ويذهب بنور أهل الجنة" 2. رواه ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 862- "إياكم واللو؛ فإن اللو تفتح عمل الشيطان". رواه مسلم عن أبي هريرة.

_ 1 الكوسج: ناقص الأسنان، القاموس المحيط. 2 "حسن" ولفظه عند ابن ماجه: " ... إياك وكثرة الضحك؛ فإن كثرة الضحك فساد القلب". انظر صحيح الجامع "7833".

واللوّ، بتشديد الواو، بمعنى قول الشخص: "لو كان كذا أو لو فعلت كذا لم يحصل لي كذا". وقال الشاعر: أُلَامُ على لو ولو كنت عالمًا ... بأذناب لو لم تفتنى أوائله 863- إياكم والالتفات في الصلاة؛ فإنها هلكة1. رواه العقيلي عن ابن عباس. 864- إياكم والمزاح؛ فإنه يذهب بهاء المؤمن2. رواه الديلمي عن علي, والمراد كثرة المزاح وإلا فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ربما مزح ولا يقول إلا حقًّا. 865- إياكم والكذب؛ فإن الكذب مجانب للإيمان3. رواه أحمد وأبو الشيخ في التوبيخ وابن لال في مكارم الأخلاق عن أبي بكر الصديق, ورواه أصحاب السنن عن ابن مسعود بلفظ: إياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور. 866- "إياكم وكثرة الحَلِفِ في البيع؛ فإنه ينفق ثم يمحق" 4. رواه مسلم وأحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي قتادة. 867- إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث, ولا تجسسوا, ولا تحسسوا, ولا تنافسوا, ولا تحاسدوا, ولا تباغضوا, ولا تدابروا, وكونوا عباد الله إخوانًا, ولا يخطب الرجل على خِطْبة أخيه حتى ينكح أو يترك. متفق عليه عن أبي هريرة.

_ 1 ضعيف: رقم "2192". 2 في سنده أيوب بن أبي علاج وعنه ابنه، وهو متهم بالكذب ساقط، وابنه أوهى منه، انظر اللسان "544/ 1". 3 ضعيف: رقم "2209". 4 صحيح: رقم "2685".

868- إياك وما يسوء الأذن1. أحمد عن أبي الغادية، ورواه أبو نعيم عن عبد الله بن الحارث, وسيأتي له تتمة في الحديث بعده. 869- "إياك وما يُعتذَر منه" 2. رواه العسكري في الأمثال عن سعد بن أبي وقاص أن رجلًا قال: يا رسول الله أوصني وأوجز, فقال: عليك باليأس مما في أيدي الناس فإنه الغنى, وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر, وصَلِّ صلاتك وأنت مودع, وإياك وما يعتذر منه. ورواه الديلمي في مسنده عن أنس رفعه: اذكر الموت في صلاتك, فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحري أن تحسن صلاته، وصَلِّ صلاة رجل لا يظن أنه يصلي غيرها، وإياك وكل أمر يعتذر منه. قال في المقاصد: وقال شيخنا: إنه حسن. قال: وهو عند الديلمي أيضا في حديث أوله: اعمل لله رأي العين, فإن لم تكن تراه فإنه يراك, وأسبغ طهورك, وإذا دخلت المسجد فاذكر الموت ... الحديث. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أبي أيوب: أن رجلًا قال: يا رسول الله عظني وأوجز, قال: إذا كنت في صلاتك فصل صلاة مودع، وإياك وما يعتذر منه، واجمع اليأس مما في أيدي الناس. ورواه الطبراني في الأوسط عن جابر مرفوعا بلفظ: إياكم والطمع؛ فإنه هو الفقر, وإياكم وما يعتذر منه. وأخرجه القضاعي عن ابن عمر, أنه قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله حدثني حديثًا واجعله موجزًا لعلِّي أعيه, فقال صلى الله عليه وسلم: "صل صلاة مودع كأنك لا تصلي بعدها، وأَيِسْ مما في أيدي الناس تَعِشْ غنيًّا، وإياك وما يعتذر منه". ورواه الطبراني في الأوسط عن ابن عمر بلفظ: صل صلاة مودع؛ فإنك إن كنت لا تراه فإنه يراك.

_ 1 ضعيف: رقم "2190". 2 اللفظ بـ رواية الديلمي عن أنس: صحيح، رقم "2671".

وأخرجه الطبراني في الأوسط عن سعد بن عمارة وكانت له صحبة: أن رجلًا قال: عظني في نفسي يرحمك الله قال: إذا انتهيت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء؛ فإنه لا صلاة لمن لا وضوء له ولا إيمان لمن لا صلاة له، ثم إذا صليت فصل صلاة مودع, واترك طلب كثير من الحاجات فإنه فقر حاضر، واجمع اليأس مما عند الناس فإنه الغنى، وانظر ما يعتذر منه من القول والفعل فاجتنبه. وهو موقوف وأخرجه أحمد والطبراني بسند رجاله ثقات. ورواه عبد الله بن أحمد في زوائده من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي, سمعت العاص قال: خرج أبو الغادية وحبيب بن الحارث وأم الغادية مهاجرينَ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسلموا فقالت المرأة: أوصني يا رسول الله, قال: "إياك وما يسوء الأذن"، وهو مرسل إذ العاص لا صحبة له. وأخرجه ابن منده في المعرفة والخطيب في المؤتلف عن العاص عن عمته أم غادية قالت: خرجت مع رهط من قومي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما أردت الانصراف قلت: يا رسول الله أوصني, قال: "إياك وما يسوء الأذن". وأخرجه ابن سعد في طبقاته بزيادة: ثلاثًا، وتمام وإن كان ضعيفًا فبروايته يعتضد المرسل. وخرج ابن عساكر عن ميمون بن مهران قال: قال له عمر بن عبد العزيز: احفظ عني أربعًا: لا تصحب سلطانًا وإن أمرته بمعروف ونهيته عن منكر، ولا تخلون بامرأة ولو أقرأتها القرآن، ولا تصلن من قطع رحمه فإنه لك أقطع، ولا تتكلمن بكلام تعتذر منه غدًا. 870- "أيام التشريق أيام أكل وشرب وبعال" 1. رواه مسلم عن نبيشة، وأحمد وأبو يعلى وابن ماجه عن أبي هريرة, وفي لفظ: وقِرام بدل وبعال وهو بكسر القاف، الكل بمعنى السر يعني: الوطء والنكاح قال تعالى: {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] أي: نكاحًا, لكن لفظ التخريج للحافظ ابن حجر: أيام التشريق أيام أكل وشرب وقرام, أي: سر -قال: قرام بكسر القاف أي: سر. وفي النجم وعند أحمد ومسلم من حديث نبيشة الهذلي -ويقال له: نبيشة الخير-: أيام التشريق أيام أكل وشرب, زاد في رواية: وذكر الله، وعند ابن أبي شيبة وإسحاق بن

_ 1 صحيح بنحوه: رقم "2689".

راهويه وعبد بن حميد وأبي يعلى والطبراني عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أرسل أيام منى صائحًا يصيح: أن لا تصوموا هذه الأيام؛ فإنها أيام أكل وشرب وبعال قال: وبعال: وقاع النساء. وللنسائي عن مسعود بن الحكم عن أمه أنها رأت وهي بمنى في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- راكبًا يصيح يقول: يا أيها الناس, إنها أيام أكل وشرب ونساء وبعال وذكر الله, قالت: فقلت: من هذا؟ قالوا: علي بن أبي طالب, وله طرق صححها ابن حجر وغيره, انتهى. 871- "أيام منى أيام أكل وشرب" 1. ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 872- "الأَيِّمُ أحق بنفسها". رواه مالك ومسلم وأبو داود وغيرهم عن ابن عباس بزيادة: والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها, وفي لفظ عنه عند مسلم: الثَّيِّب أحق بنفسها من وليها, والبكر تستأذن وإذنها صماتها. ورواه أبو داود والنسائي وابن حبان بسند رواته ثقات عن ابن عباس: ليس للولي مع الثيب أمر, واليتيمة تستأمر, وإذنها إقرارها. ورواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة بلفظ: "لا تُنكَح البكر حتى تستأذن" قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: "أن تسكت". ولهما عن عائشة -رضي الله عنها- قلت: يا رسول الله, إن البكر تستحي قال: "فإذنها صماتها". 873- أي الرجال مهذب؟!. رواه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ثابت البناني قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد رأيتك في المنام تقول الشعر, فقال: وأي الرجال المهذب؟!.

_ 1 صحيح متواتر: رقم "2690".

حرف الباء الموحدة

حرف الباء الموحدة: 874- الباذنجان لما أكل له. قال في اللآلئ: حديث باطل لا أصل له، وقد لهج به العوام حتى سمعت قائلًا منهم يقول: هو أصح من حديث: ماء زمزم لما شرب له، وهذا خطأ قبيح، ومثله في الزركشي. قال في المقاصد: باطل لا أصل له وإن أسنده صاحب تاريخ بلخ، وقد قال شيخنا: لم أقف عليه لكن وجدت في بعض الأجزاء من رواية أبي علي بن زيرك: الباذنجان شفاء ولا داء فيه, ولا يصح، وسمعت بعض الحفاظ يقول: إنه من وضع الزنادقة، وأطال الناجي في كتابه قلائد المرجان في الوارد كذبًا في الباذنجان الكلام فيه، وقال: إنه باطل موضوع كذب، ونقل فيه أن شيخه ابن ناصر الدين قال: وهل عالم بل عاقل بل إنسان يذهب إلى صحة حديث الباذنجان الذي وضعه أهل الافتراء والطغيان, ويوهي الحديث المحكم الثابت في ماء زمزم؟!. وقال فيه: رواه الديلمي في الفردوس عن أبي هريرة مرفوعًا: كلوا الباذنجان؛ فإنها شجرة رأيتها في جنة المأوى، شهدت لله بالحق، ولي بالنبوة، ولعليٍّ بالولاية، فمن أكلها على أنها داء كانت داءً، ومن أكلها على أنها دواء كانت دواءً، ثم قال: وعلق في الكتاب أيضا عن أنس مرفوعا: كلوا الباذنجان وأكثروا منه؛ فإنها أول شجرة آمنت بالله عز وجل، ثم قال: وقد ولد الحديثين بعض الكذابين، وزعم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأكل الباذنجان، ويقول -وحاشاه من هذا-: من أكله على أنه داء كان داء، ومن أكله على أنه دواء كان دواء، ويقول: نِعْمَ البقلةُ هِيَ، لبنوه وزيتوه وكلوا منه وأكثروا؛ فإنها أول شجرة آمنت بالله، وإنها تورث الحكمة، وترطب الدماغ, وتقوي المثانة، وتكثر الجماع. قال شيخنا: وهذا كما ترى كذب مفترًى لا يحل ذكره مرفوعًا, إلا لكشف ستره وعده موضوعًا إلى آخر ما ذكر فيه فراجعه, ومثله في المقاصد أيضًا. وقد نقل البيهقي في مناقب الشافعي عن حرملة قال: سمعت الشافعي -رضي الله عنه- ينهى عن أكل الباذنجان بالليل، وكذا قال السيوطي في الدرر المنتثرة: إنه لا أصل له، وزاد: قلت لم أقف له على إسناد إلا في تاريخ بلخ، وهو موضوع.

وقال أيضا في فتاواه الحديثية: إن هذا القائل مخطئ أشد الخطأ؛ فإن حديث الباذنجان كذب باطل موضوع بالإجماع من أئمة الحديث, كما نبه على ذلك ابن الجوزي والذهبي وغيرهما، وحديث ماء زمزم مختلف فيه، فقيل: صحيح، وقيل: حسن، وقيل: ضعيف، ولم يقل أحد أنه موضوع, انتهى. وقال الصغاني: ومن الأحاديث الموضوعة ما ورد في فضائل البطيخ والباذنجان والكرفس والفوم والبصل, انتهى. وقال ابن الغرس: قال مجد الدين صاحب القاموس في كتابه سفر السعادة، ويسمى الصراط المستقيم أيضا: العدس والباقلاء والجبن والجوز والباذنجان والرمان والزبيب لم يصح فيها شيء، وإنما وضع الزنادقة في هذه الأبواب أحاديثَ, وأدخلوها في كتب المحدثين شينًا للإسلام -خذلهم المليك العلام-. 875- باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء. قال القاري: غير ثابت وإنما ذكره ابن الحاج في المدخل في صلاة العيدين، وذكره ابن جماعة في منسكه في طواف النساء من غير سند، ولفظه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء، ذكره دليلًا لقولهم: لا تَدْنُ النساءُ من البيت في الطواف؛ مخافةَ اختلاطهن بالرجال إن كانوا. 876- باكروا بالصدقة؛ فإن البلاء لا يتخطاها -وفي لفظ: فإن البلاء لا يتخطى الصدقة1. رواه أبو الشيخ في الثواب وابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن أنس مرفوعًا، وكذا رواه الصقر بن عبد الرحمن عن المختار، والصقر ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: إن له حديثًا منكرًا في الخلافة، وصدقه أبو حاتم الرازي، وكذبه مطين وصالح جزرة، قال في المقاصد نقلًا عن الحافظ ابن حجر: وليس الحديث بموضوع كما فعل ابن الجوزي، لا سِيِّما وفي معناه ما أورده الديلمي عن أنس رفعه: الصدقات بالغدوات تذهب بالعاهات. وما رواه الطبراني بسند فيه ضعيف عن علي بن أبي طالب رفعه مثله، وذكره رزين في جامعه، وكذا البيهقي عن أنس موقوفًا.

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "2316".

ونقل الحافظ ابن حجر أن المرفوع وهم؛ ولذا قال المنذري: إن الموقوف أشبه. وفي حديث آخر: تداركوا الغموم والهموم بالصدقات يكشفِ اللهُ ضركم. 877- البتيراء1. رواه عبد الحق في الأحكام بسند فيه عثمان بن محمد بن ربيعة -الغالب عليه الوهم- عن أبي سعيد الخدري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن البتيراء: أن يصلي الرجل واحدة يوتر بها، وقال النووي في الخلاصة: حديث محمد بن كعب في النهي عن البتيراء مرسل ضعيف. وللبيهقي في المعرفة عن أبي منصور مولى سعد بن أبي وقاص، قال: سألت ابن عمر عن وتر الليل، فقال: يا بنيَّ هل تعرف وتر النهار؟ قلت: نعم هو المغرب، قال: صدقت ووتر الليل واحدة, بذلك أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قلت: يا أبا عبد الرحمن, إن الناس يقولون هي البتيراء، قال: يا بني ليس تلك البتيراء, إنما البتيراء أن يصلي الرجل ركعة يتم ركوعها وسجودها وقيامها، ثم يقوم إلى الأخرى فلا يتم ركوعها ولا سجودها ولا قيامها, فتلك البتيراء. 878- "بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم؛ يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع أحدهم دينه بعَرَضٍ قليلٍ من الدنيا". رواه مسلم وأحمد والترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- لكن رواية مسلم بـ "أو" التي للشك. 879- باكروا في طلب الرزق والحوائج؛ فإن الغدو بركة ونجاح2. الطبراني وابن عدي عن عائشة -رضي الله عنها- ولفظ الطبراني: بادروا طلب الرزق. 880- البركة في صغر القرص, وطول الرشاء, وصغر الجدول يعني: النهر3. ذكره في المقاصد في حديث: صغروا الخبز، وقال: إنه باطل، قال: قال القاري: وكأنه تبع النسائي فيما نقل عنه أنه كذب، وإلا فحديث البركة المذكور قد ذكره السيوطي في الجامع الصغير عن ابن عباس، وذكره السلفي في الطوريات عن ابن عمر, انتهى.

_ 1 مرسل ضعيف، انظر التمييز "377". 2 ضعيف: رقم "2317" وبمعناه صحيح رقم: 1300، 2841 وسيأتي. 3 موضوع: رقم "2371" وفيه "قصر الجدول".

881- برمة الشرك لا تفور. نقله القاري عن ابن الديبع أنه ليس بحديث, انتهى. ولم أره في كتابه تمييز الطيب من الخبيث. 882- بارك الله في الرجل القبار، ولا بارك الله في المرأة القبارة. ليس بحديث، بل هو من كلام العوامِّ. 883- البحر هو جهنم1. رواه أحمد عن يعلى بن أمية رفعه، فقالوا ليعلى، فقال: ألا ترون أن الله عز وجل يقول: {نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29] ؟ قال: لا والذي نفسي بيده, لا أدخلها أبدًا حتى أعرض على الله عز وجل, ولا يصيبني منها قطرة حتى ألقى الله عز وجل. وعزاه في الدرر لأحمد عن يعلى بن منبه بلفظ: البحر طبق جهنم، والمشهور على الألسنة: البحر غطاء جهنم، وهو بمعنى ما قبله. ورواه الحاكم في الأهوال عنه بلفظ: "إن البحر" وقال: صحيح الإسناد, وتقدمت الرواية الصحيحة أن جهنم تحت الأرض السابعة، وعن عبد الله بن عمرو قال: إن تحت البحر نارًا، ثم ماءً ثم نارًا. أخرجه ابن أبي شيبة وأبو عبيدة، زاد أبو عبيدة: حتى عد سبعة أبحر، وزاد غيره: وسبعة نيران. 884- بخلاء أمتي الخياطون. قال في المقاصد: لم أقف عليه. وقال في التمييز: لا أصل له. قال القاري: فإن حديث: "عمل الأبرار من الرجال الخياطة، وعمل الأبرار من النساء الغزل" الذي رواه تمام في فوائده، وغيره عن سهل بن سعد، يرده. انتهى فتأمل. وذكر ابن الغرس أنه في بعض النسخ بالحاء المهملة والنون المشددة بمعنى بائع الحنطة.

_ 1 ضعيف: رقم "2365" والرواية: "من جهنم".

885- البخيل عدوُّ الله, ولو كان راهبًا. قال في التمييز تبعًا للمقاصد: لا أصل له، وتبعهما القاري، وزاد: وكذا لفظ: البخيل لا يدخل الجنة ولو كان عابدًا، والسخي لا يدخل النار ولو كان فاسقًا, انتهى. وسيأتي في حديث السخي مزيد كلام فيه. 886- "البخيل من ذُكِرْتُ عنده فلم يُصَلِّ عليَّ" 1. رواه أحمد والنسائي في الكبرى والبيهقي في الشعب والدعوات والطبراني في الكبير وآخرون عن الحسين بن عليٍّ مرفوعًا، زاد البيهقي: وأحمد في رواية: كل البخيل، وصححه ابن حبان، وقال: إنه أشبه شيءٍ روي عن الحسين. ورواه الحاكم والدارقطني ورجحه عنه، وأخرجه الحاكم أيضا عن علي بن الحسين عن أبي هريرة. ورواه الترمذي عن علي بن أبي طالب رفعه، وقال: حسن صحيح، زاد في نسخة: غريب، وروي عن جماعة آخرين بَيَّنَهم في القول البديع. وفي رواية لأحمد والترمذي وأبي يعلى عن الحسن بن علي بلفظ: "ألا أنبئكم بأبخل الناس؟ من ذكرت عنده فلم يصل علي". الخطيب في كتاب البخلاء عن أنس -رضي الله عنه-: البخل عشرة أجزاء؛ فتسعة في فارس وواحد في الناس. 887- "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود كما بدأ غريبًا، فطُوبَى للغرباء". رواه مسلم عن أبي هريرة, رفعه. ورواه أيضا عن طريق عاصم بن محمد العمري عن أبيه عن ابن عمر رفعه بلفظ: إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، وهو يأرز2 بين المسجدين كما تأرز الحية إلى جحرها. وعزاه في الدرر لمسلم عن ابن عمر بلفظ: بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ.

_ 1 صحيح: رقم "2878". 2 أي: ينقبض ويتجمع. القاموس.

وللبيهقي في الشعب عن شريح بن عبيد مرسلًا: إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا, فطوبى للغرباء، ألا إنه لا غربة على مؤمن، ما مات مؤمن في أرض غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض. ورواه ابن جرير، وابن أبي الدنيا كما في فتاوى ابن حجر المكي الحديثية، لكن من غير ذكر صحابيه، بلفظ: إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا، ألا لا غربة على مؤمن، ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: 29] ، ثم قال: إنهما لا يبكيان على كافر. انتهى. وأنشد الإمام أحمد: إذا خلف القرن الذي أنت فيهم ... وخلفت في قرن فأنت غريب ومثله بيت الطغرائي: هذا جزاء امرئٍ أقرانه درجوا ... من قبله, فتمنى فسحة الأجل قال النجم: وفي الباب عن أنس وجابر وسعد بن أبي وقاص وسهل بن سعد وسلمان وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وعمر وعلي وعمرو بن عوف وواثلة وأبي أمامة وأبي الدرداء وأبي سعيد وأبي موسى وغيرهم. قال: فهو مشهور أو متواتر. 888- البادئ بالشر أظلم. ليس بحديث، ومثله: البادئ بالشر خسران. 889- بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بصلاة ولا صيام، ولكن يدخلونها بصفاء الأنفس, وسلامة الصدر, والنصح للمسلمين -وفي لفظ: أن بدلاء أمتي1. وتقدم مبسوطا في "الأبدال ثلاثون". 890- البر وحسن الجوار عمارة الديار, وزيادة الأعمار. رواه ابن عبد البر عن أبي سعيد الخدري موقوفًا، وقيل: مرفوعًا، قال في المقاصد نقلًا عن ابن عبد البر: وفيه نظر، وتبعه الذهبي ثم شيخنا.

_ 1 انظر حديث "35" والتعليق عليه.

وقال النجم: قلت: وعند الديلمي عن ابن عباس: البر والصلة يطيلان الأعمار، ويعمران الديار، ويثريان الأموال، ويخففان سوء الحساب، وله شواهد. 891- البر شيء هين، وجه طليق وكلام لين. الأصفهاني في الترغيب وغيره عن ابن عمر موقوفًا من قوله. 892- البر بار بأهله. هو من كلام العامة كما قاله القاري. 893- البرد عدو الدين. قال القاري: ليس بحديث، بل هو من كلام سعيد بن عبد العزيز الدمشقي الإمام الكبير. وقال النجم: ليس بحديث، ولكن أخرجه أبو نعيم عن سعيد بن عبد العزيز. 894- البرد أساس كل علة. ليس بحديث. 895- "البركة تنزل وسط الطعام، فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه" 1. رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح عن ابن عباس رفعه. 896- البركة في البنات. قال القاري: روي عن ابن عباس أن رجلًا دعا على بناته بالموت، فقال عليه الصلاة والسلام: لا تدعُ، فإن البركة في البنات، وفي سنده من اتهم بالوضع وهو لا ينافي ما صح من أن موت البنات من المكرمات، فإن الحالات تختلف بتفاوت المقامات انتهى، وسيأتي لذلك مزيد في حديث: دفن البنات. 897- "البركة في نواصي الخيل". الشيخان وأحمد والنسائي عن أنس.

_ 1 صحيح: رقم "1591".

898- البركة عند تزاحم الأقدام. ليس بحديث. 899- البركة مع الجماعة1. كذا نقله ابن الغرس عن الفائق للزمخشري. وعن النهاية لابن الأثير بزيادة: عليكم بالجماعة؛ فإن يد الله على الفسطاط. 900- بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعفوا تعف نساؤكم2. رواه الطبراني عن ابن عمر، وله وللحاكم عن جابر: بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعفوا عن النساء تعف نساؤكم، ومن تنصل له فلم يقبل فلن يرد علي الحوض. 901- "البر حسن الخلق, والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس". أحمد والبخاري في "الأدب"3 المفرد، ومسلم والترمذي عن النواس بن سمعان. 902- البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت, فكن كما شئت، فكما تدين تدان4. أبو نعيم وابن عدي والديلمي عن ابن عمر ورواه عبد الرزاق في الزهد عن أبي قلابة مرسلًا، وأحمد عن أبي الدرداء موقوفا بلفظ: البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، اعمل ما شئت فكما تدين تدان. 903- "البركة مع أكابركم" 5. رواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما عن ابن عباس مرفوعًا.

_ 1 ورد بنحوه بلفظ: "البركة في ثلاثة: في الجماعة ... " رواه الطبراني، وفيه أبو عبد الله البصري، قال الذهبى: لا يعرف، وبقية رجاله ثقات, كما في المجمع "151/ 3". الفسطاط -بضم الفاء وكسرها-: المدينة التي فيها يجتمع الناس. 2 ضعيف: رقم "2328"، "2329". 3 سقطت من النسخ. 4 ضعيف: رقم "2368". 5 صحيح: رقم "2884".

ورواه الطبراني في الأوسط والديلمي وغيرهما عن ابن المبارك. قال ابن حبان: وليس هذا الحديث في كتب ابن المبارك مرفوعًا، ولم يحدث به بخراسان، إنما حدث به بطريق الروم، فسمعه منه أهل الشام. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، وتبعه ابن دقيق العيد في الاقتراح، وفي صحته نظر كما في اللآلئ؛ لإعلاله بمثل ما تقدم عن ابن حبان. نعم قال فيها: وله شواهد، منها حديث الصحيح أنه قال: "كبر كبر" أي ليتكلم الأكبر، وحديث: "فإن استويا في القرآن والسنة والهجرة, فليؤمهم أكبرهم سنًّا". ورواه البزار عن ابن المبارك بلفظ: الخير مع أكابركم. ورواه هشام بن عمار عن خالد مرفوعًا، وله شاهد رواه ابن عدي عن أنس مرفوعًا، وكذا أبو نعيم عن ابن مسعود رفعه: "لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم، فإذا أخذوا العلم عن أصاغرهم هلكوا". وللبيهقي في الشعب عن الحسن قال: "لا يزال الناس بخير ما تباينوا, فإذا استوَوْا فذلك هلاكهم". ورواه الطبراني عن أبي أمامة بلفظ: البركة في أكابرنا, فمن لم يرحم صغيرنا, ويجل كبيرنا, فليس منا. 904- باسم الله خير الأسماء1. رواه أبو الشيخ عن ابن عمر. 905- باسم الله في أول التشهد. رواه الديلمي عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول قبل أن يتشهد: باسم الله خير الأسماء، وكان ابن عمر يقوله، وفي سنده ثابت ضعفه ابن عدي، وله طريق أخرى عن عائشة، ورواه النسائي وابن ماجه والترمذي في العلل، والحاكم، وصححه عن جابر، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن: باسم الله وبالله, التحيات لله ... الحديث، ورجاله ثقات.

_ 1 في إسناده ثابت بن زهير, ضعفه ابن عدي كما في التمييز "388".

قال في المقاصد: ويروى في البسملة في التشهد غير ذلك، ولكن صرح غير واحد بعدم صحته كما أوضحه شيخنا في تخريج الرافعي انتهى، فلا تسن البسملة أولًا كما أوضحه شيخنا في تخريج الرافعي. 906- البشاشة خير من القِرَى. قال في المقاصد: لا أعرفه, وقال النجم: مَثَلٌ وليس بحديث، ونظمه عبد العزيز الديريني في أبيات: بشاشة وجه المرء خير من القرى ... فكيف الذي يأتي به وهو ضاحك وفي لفظ: فكيف إذا جاء القرى وهو يضحك, ولبعض العصريين مبينًا أنه لا أصل له, فقال: بشاشة وجه المرء خير من القرى ... حديث كما قال السيوطي مفترَى فقد أخطأ المختوم قلبًا بجهله ... فلا تستمع منه كلامًا مزورَا 907- بشر القاتل بالقتل. قال في المقاصد: لا أعرفه, انتهى, والمشهور على الألسنة بزيادة: والزاني بالفقر ولو بعد حين، ولا صحة لها أيضا وإن كان الواقع يشهد لذلك، ثم رأيته في الشهاب القضاعي بلفظ: الزناء يورث الفقر، وسيأتي في حرف الزاي، وقال النجم: وأحفظه بزيادة: والزاني بالفقر، وليس بحديث، ولكن يدل على معناه حديث ابن عمر: كما تدين تدان. وأخرجه ابن عدي والقضاعي، ولابن المبارك في الزهد عن وهب بن منبه قال: إني لأجد فيما أنزل تعالى في الكتاب أن الله تعالى يقول: لا تعجبن برحب اليدين بسفك الدماء، فإن له عند الله قاتلًا لا يموت، ولا تعجبن بامرئ أصاب مالًا من غير حله، فإن ما أنفق منه لم يبارك فيه، وما تصدق منه لم يقبله الله منه، وجعله زاده إلى النار، ولا تعجبن لصاحب نعمة بنعمة, فإنك لا تدري إلى ما يصير بعد الموت. ولأحمد في الزهد عن عبيد بن عمير: أن لقمان قال لابنه: يا بني لا تغبطن امرَأً رحب الذراعين بسفك دماء المؤمنين, فإن له عند الله قاتلًا لا يموت.

وأخرج ابن عساكر من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أوحى الله إلى موسى عليه السلام: يا موسى, إني قاتل القاتلين، ومفقر الزناة. 908- البطالة. تقدم في "إن الله يكره الرجل البطال" وقال ابن الغرس: حديث البطالة رواه البيهقي في الشعب من طريق عروة بن الزبير, قال: ما شر شيء؟ قال: البطالة في العالم -بفتح اللام- وهو ضعيف. 909- البَطْنَةُ تذهب الفطنة1. قال في المقاصد: هو بمعناه عن عمرو بن العاص وغيره من الصحابة فمن بعدهم, كما مر في "إن الله يكره الحبر السمين". 910- البطيخ قبل الطعام يغسل البطن غسلًا، ويذهب بالداء أصلًا2. ابن عساكر عن بعض عمات النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: شاذ لا يصلح. 911- البطيخ وفضائله. قال في المقاصد: صنف فيه أبو عمر النُّوقَاتِيّ3 جزءًا, وأحاديثه باطلة، وكذا قال الزركشي وقال القاري، أما فضائله فكذلك، وأما ما ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- أكله فثابت، لا سيما مع الرطب كما في الشمائل للترمذي وغيره. وقال أبو القاسم التيمي فيما أجاب به أبا موسى المديني: لا تزيده كثرة الطرق إلا ضعفًا. قال النووي: حديث أكل البطيخ والباقلاء والعدس والأرز ليس شيء منها بصحيح، وقال في الدرر: أحاديث البطيخ وفضائله, والباقلاء, والأرز ليس منها شيء ثابت.

_ 1 لا يصح، انظر الأسرار المرفوعة "153". 2 موضوع: رقم "2373". 3 بضم أوله ومثناة قبل ياء النسب، نسبة إلى نُوقَات، قرية من سجستان منها: الحافظ أبو عمر محمد بن أحمد بن عمر بن سليمان السّجزى النوقاتي، روى عن عبد المؤمن بن خلف النسفي وطبقته, وله تصانيف. تبصير المنتبه 143/ 1.

912- الباقلاء. قال في التمييز: ليس بثابت، وقال الزركشي: أحاديث الباقلاء والعدس باطلة، وقال النجم: لم يصح في الباقلاء شيء. 913- بُعِثْتُ بجوامع الكَلِمِ, واختُصِرَ لِيَ الكلامُ اختصارًا1. رواه البيهقي في الشعب وأبو يعلى عن عمر بن الخطاب، ومضى بأبسط في "أوتيت جوامع الكلم". وقال ابن شهاب فيما نقله البخاري في صحيحه: بلغني في جوامع الكلم أن الله يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله؛ الأمر الواحد والأمرين ونحو ذلك. وقال سليمان النوفلي: كان يتكلم بالكلام القليل, يجمع به المعاني الكثيرة. وقال بعضهم: يعني القرآن، بقرينة قوله: "بعثت"، والقرآن هو الغاية في إيجاز اللفظ واتساع المعنى. وقال آخرون: هو القرآن وغيره مما أُوتِيه في منطقه بتبين من غيره, بالإيجاز والإبلاغ والسداد، بدليل: كان يعلمنا جوامع الكلم وفواتحه. 914- بعثت بالحنيفية السمحة2. رواه الخطيب عن جابر بزيادة: ومن خالف سنتي فليس مني، ومر في: إني بعثت ... إلخ. 915- بعثت في زمن الملك العادل. قال النجم: باطل، وسيأتي في: إني ولدت في زمن الملك العادل. 916- "بعثت لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاق" 3. مر في: إنما بعثت.

_ 1 سبق في "أوتيت جوامع الكلم" برقم "819". 2 ضعيف: رقم "2335" بزيادة: الخطيب عن جابر. 3 سبق في "إنما بعثت" برقم "638".

917- بعثت من خير قرون بني آدم قرنًا فقرنًا، حتى كنت في القرن الذي كنت فيه. رواه البخاري عن أبي هريرة. 918- بعثت بمداراة الناس1. البيهقي عن جابر، والمشهور على الألسنة: أمرت بالمداراة. 919- البغض في الأهل، والحسد في الجيران. لم أقف عليه. 920- "بعثت أنا والساعة كهاتين". رواه الشيخان وأحمد عن أنس. 921- "بلوا أرحامكم ولو بالسلام" 2. رواه البزار والعسكري عن أنس رفعه، وعند الطبراني وابن لال عن أبي الطفيل وعن سويد بن عامر، وله طرق بعضها يقوي بعضًا. 922- بُنِيَ الدينُ على النظافة3. قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: لم أجده. وخرجه ابن حبان في الضعفاء عن عائشة بلفظ: تنظفوا؛ فإن الإسلام نظيف. والطبراني في الأوسط والدارقطني في الأفراد بلفظ: الإسلام نظيف، فتنظفوا؛ فإنه لا يدخل الجنة إلا نظيف. وعزاه الديلمي إلى الطبراني عن ابن مسعود رفعه بزيادة: والنظافة تدعو إلى الإيمان. قال العراقي: وسنده ضعيف جدًّا. ورواه الترمذي بسند فيه خالد بن إياس أو إلياس ضعيف عن سعد بن أبي وقاص بلفظ: إن الله نظيف يحب النظافة، قال: وهو غريب.

_ 1 موضوع: رقم "2336". 2 حسن: رقم "2838". 3 الأسرار المرفوعة "153".

وقال في الدرر: وأقرب منه ما أخرجه الترمذي عن سعد بن أبي وقاص مرفوعًا: إن الله نظيف يحب النظافة، فنظفوا أفنيتكم، انتهى. وروى الطبراني وأبو نعيم عن ابن عمر مرفوعًا: إن من كرامة المؤمن على الله عز وجل نقاء ثوبه, ورضاه باليسير. ولأبي نعيم عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلًا وسخةً ثيابُهُ، فقال: "أما وجد هذا شيئًا ينقي به ثيابه؟ " ورأى رجلًا أشعث الرأس، فقال: "أما وجد هذا شيئًا يسكن به شعره؟ وفي لفظ "رأسه". وروي في المرفوع: "نظفوا أفنيتكم، ولا تَشَبَّهوا باليهود: تجمع الأكباء في دورها"1. وروى الديلمي عن أنس رفعه: نظفوا أفواهكم؛ فإنها طرق القرآن. وأخرجه الرافعي عن أبي هريرة بلفظ: تنظفوا بكل ما استطعتم؛ فإن الله بنى الإسلام على النظافة، ولن يدخل الجنة إلا نظيف. ورواه الترمذي عن سعد بن أبي وقاص: "إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكريم، جواد يحب الجواد، فنظفوا" -أراه قال- "أفنيتكم"، وفي رواية: "أخبيتكم، ولا تشبهوا باليهود". وفي رواية الدارقطني عن جابر: إن الله يحب الناسك النظيف. 923- "بُورِكَ لأمتي في بكورها" 2. رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة، والمشهور على الألسنة: بورك لأمتي في بكورها؛ سبتها وخميسها، لا أصل له على ما مر بأبسط في: اللهم بارك لأمتي في بكورها. 924- البلاد بلاد الله, والعباد عباد الله, فأي موضع رأيتَ فيه رفقًا فأقم3. رواه الطبراني عن الزبير بسند ضعيف، وعزاه النجم أيضًا لأحمد والطبراني عن الزبير بسند ضعيف بلفظ: البلاد بلاد الله، والعباد عباد الله, فحيثما أصبتَ خيرًا فأقم.

_ 1 أي: الكناسة. 2 صحيح: رقم "2841". 3 ضعيف بنحوه: رقم "2380".

925- "البينة على المدعي, واليمين على من أنكر" 1. قال النووي في أربعينه: حديث حسن رواه البيهقي وغيره هكذا، وبعضه في الصحيحين، وأخرجه الدارقطني بلفظ: البينة على المدعي، واليمين على من أنكر إلا في القسامة، وفيه ضعف مع أنه مرسل، وفي رواية له: المدعى عليه أولى باليمين إلا أن تقوم بينة، وله عدة طرق متعددة لكنها ضعيفة. ورواه الإسماعيلي في صحيحه بلفظ: لو يعطى الناس بدعواهم, لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على الطالب واليمين على المطلوب, كذا في شرح أربعين النووي لابن حجر المكي فاعرفه. وقال النجم: رواه ابن ماجه عن ابن عمر, وكذا ابن عساكر عنه بلفظ: واليمين على المدعى عليه بدل: اليمين على من أنكر, وأسقط إلا في القسامة. ورواه ابن ماجه عن ابن عباس بلفظ: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء رجال وأموالهم، ولكن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، وهو عند الشيخين لكن زعم الأصيلي أن قوله: "لكن البينة ... إلخ" مدرج في الخبر من قول ابن عباس كما حكاه عياض. وقال ابن حجر المكي في شرح الأربعين: وقول الأصيلي: "لا يصح مرفوعا" مردود بتصريحهما بالرفع فيه من رواية ابن جريج، ورفعه أبو داود والترمذي وغيرهما. قال النووي: وإذا صح رفعه بشهادة البخاري ومسلم وغيرهما لم يضره من وقفه، ولا يكون ذلك تعارضًا ولا اضطرابًا، فإن الراوي قد يعرض له ما يوجب السكوت عن الرفع من نحو نسيان أو اكتفاء بعلم السامع، والرافع: عدل ثبت، فلا يلتفت إلى الواقف إلا في الترجيح عند التعارض كما هو مبين في الأصول, انتهى فتأمله. 926- البلاء موكل بالقول -وفي لفظ: "بالمنطق"2. رواه القضاعي عن حذيفة وعن علي مرفوعًا, ورواه ابن لال عن ابن عباس رفعه، وأوله: ما من طامة إلا وفوقها طامة، والبلاء ... إلخ. وذكره البيهقي في الدلائل عن ابن عباس في حديث عرض النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه على القبائل، من قول الصديق لما قال له علي: "لقد وقعت من الأعراب

_ 1 بنحوه في الصحيح: "واليمين على المدعى عليه": رقم "2897". 2 باللفظين، ضعيف: رقم "2376"، "2378".

على باقعة"1-، يعني الذي دقق عليه في سؤاله عن نسبه بعد أن كان دقق في سؤال واحد منهم عن نسبه- بلفظ: أجل يا أبا الحسن، ما من طامة إلا وفوقها طامة، والبلاء موكل بالقول. ورواه الديلمي عن ابن مسعود رفعه بلفظ الترجمة، وزاد: فلو أن رجلًا عَيَّر رجلًا برضاع كلبة، لرضعها. ورواه ابن أبي شيبة في الأدب المفرد عن ابن مسعود بلفظ: البلاء موكل بالمنطق، لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبًا. وعند الخرائطي في المكارم عن ابن مسعود من قوله: ولا تستشرفوا البلية؛ فإنها مولعة بمن يشرف لها، إن البلاء مولع بالكلم، فاتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم. ورواه الديلمي عن أبي الدرداء مرفوعًا بلفظ: البلاء موكل بالمنطق، ما قال عبد لشيء "والله لا أفعله" إلا ترك الشيطان كل شيء وولع به حتى يؤثمه. وأخرجه ابن أبي الدنيا عن إبراهيم النخعي أنه قال: إني لأجد نفسي تحدثني بالشيء، فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن أُبْتَلَى به. وأورده الصغاني بلفظ: البلاء موكل بالمنطق أو بالقول, وحكم عليه بالوضع، وأورده ابن الجوزي من حديثي أبي الدرداء وابن مسعود في الموضوعات. قال في المقاصد: ولا يحسن بمجموع ما ذكرناه الحكم عليه بالوضع، ويشهد لمعناه قوله صلى الله عليه وسلم: "هلم" للأعرابي الذي دخل عليه يعوده وقال له: "لا بأس"، فقال له الأعرابي: "بل حمى تفور ... " الحديث، قال: "فنعم إذا". وأنشد ابن بهلول: لا تنطقن بما كرهت فربما ... عبث اللسان بحادث فيكون ويروى: لا تعبثن بحادث فلربما، وأنشد غيره: لا تمزحن بما كرهت فربما ... ضرب المزاح عليك بالتحقيق 927- "بول الغلام ينضخ، وبول الجارية يغسل" 2. رواه ابن ماجه عن أم كرز.

_ 1 الباقعة: الداهية، ومنه الحديث: ففاتحته فإذا باقعة، أي: ذكي عارف لا يفوته شيء. النهاية. 2 صحيح: رقم "2842".

ورواه أحمد بن علي، وأبو يعلى عن أم سلمة بلفظ: بول الغلام يصب عليه الماء صَبًّا ما لم يطعم. 928- "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله, وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان". رواه الشيخان والترمذي والنسائي عن ابن عمر. 929- بيت المقدس أرض المحشر والمنشر1. رواه ابن ماجه عن ميمونة مولاة النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: قلت: يا رسول الله, أفتنا في بيت المقدس، قال: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه؛ فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره" الحديث. ورواه أيضا أبو علي بن السكن، وأبو داود، ومعاوية بن صالح. أقول: إن الصحيح: الصلاة فيه كخمسمائة صلاة في غيره. وقال ابن الغرس: ورأيت في كتاب خلاصة البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير للرافعي, لسراج الدين بن الملقن ما صورته: حديث "صلاة في مسجد إيليا تعدل ألف صلاة في غيره" رواه ابن ماجه من رواية ميمونة بإسناد حسن. فاستفدنا منه أن حديث الترجمة حسن, والله أعلم. 930- بيت المقدس طست من ذهب مملوء عقارب2. ذكره في أنس الجليل بلفظ: وما يقال من أن بيت المقدس طست من ذهب مملوء عقارب وأنه كأجمة الأسد، فداخله إما أن يسلم وإما أن يدركه العطب, فقد حمل ذلك على زمن بني إسرائيل الذين كانوا يعملون فيه بمعاصي الله، فإن اللفظ المذكور قيل: إنه مكتوب في التوراة, قال بعض العلماء: وظاهر الخطاب يدل على أنها -يعني العقارب- كانت موجودة في ذلك الوقت، ولو أراد أقوامًا من هذه الأمة لقال: املأوها عقارب حتى تكون للمستقبل، وأما اليوم فإنما فيه الطائفة المنصورة, انتهى.

_ 1 أوله ضعيف: برقم "2344". 2 ليس بحديث، انظر التمييز "404".

ورواه إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمير، بلفظ: مكتوب في التوراة: بيت المقدس كأس بدل طست, وليس بحديث بل منسوب إلى التوراة، وقد عضده ابن الغرس في منظومته بقوله: ما جاء أن القدس طست من ذهب ... قد قيل في التوراة ثم لا عجب إن صح ذا وإن شككت فاسكن ... فيه تجد عقاربًا لم تسكن 931- "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا, أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر". رواه البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عمر، ورواه أيضا أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ورواه أيضا ابن ماجه والحاكم عن سمرة مقتصرين على قوله: ما لم يتفرقا, والنسائي والحاكم والبيهقي بلفظ: حتى يتفرقا, ويأخذ كل منهما من البيع ما هوى ويتخايران ثلاث مرات. وعند أحمد والترمذي عن ابن عمر: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله". وعند الشيخين وأحمد وأبي داود والترمذي والنسائي عن حكيم بن حزام: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا, فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحِيت بركة بيعهما. 932- "بئس مطية الرجل: زعموا" 1. وفي رواية: "المؤمن" بدل "الرجل"، رواه الطحاوي عن أبي عبد الله، ومن طريقه القضاعي بسند صحيح عن أبي عبد الله أيضا رفعه بهذا. ورواه أحمد عن أبي مسعود. ورواه أبو داود وأحمد أيضا عن أبي قلابة، قال: قال أبو مسعود لأبي عبد الله، أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود: ما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في زعموا؟ فذكره -وأبو عبد الله المذكور هو حذيفة بن اليمان كما جزم به القضاعي- وقال: إنه كان مع أبي مسعود بالكوفة، وكانا يتجالسان ويسأل أحدهما الأخر؛ لكن نظر فيه الحافظ ابن حجر بأن أبا قلابة لم يدرك حذيفة مع أن أبا قلابة صرح بتحديث حذيفة له.

_ 1 صحيح: رقم "2846".

وأيده في المقاصد بأن ابن منده جزم بأنه غيره، وقد جزم ابن عساكر بأن أبا قلابة لم يسمع من أبي مسعود أيضا. ويستأنس له بما رواه الخرائطي في المساوئ عن أبي قلابة عن أبي المهلب، يعني: عمه، أن عبد الله بن عامر قال: يا أبا مسعود, ما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في "زعموا؟ " قال: سمعته يقول: "بئس مطية الرجل زعموا"، ورجاله موثقون فثبت اتصاله، وتأكد الجزم بأنه عن أبي مسعود. وفي الباب عن يحيى بن هانئ عن أبيه وهو أحد المخضرمين أنه قال لابنه: هب لي من كلامك كلمتين: "زعم" و "سوف". أخرجه الخرائطي في المساوئ مضافًَا للحديث، وترجم لهما، "كراهة إكثار الرجل من قوله زعموا". قال الخطابي: أصل هذا أن الرجل إذا أراد الظعن في حاجته والسير إلى بلد، ركب مطية وسار حتى يبلغ حاجته، فشبه النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يقدم الرجل أمام كلامه ويتوصل به إلى حاجته من قولهم "زعموا" بالمطية، وإنما يقال: "زعموا" في حديث لا سند له ولا يثبت، إنما هو شيء محكي على سبيل المبالغة، فذم النبي -صلى الله عليه وسلم- من الحديث ما هذا سبيله وأمر بالتوثيق فيما يحكيه والتثبت فيه، فلا يروي شيئًا حتى يكون معزوًّا إلى ثبت, انتهى. ويؤيده حديث: كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع، وسيأتي. 933- بئس البيت الحمام: ترفع فيه الأصوات، وتنكشف فيه العورات1. رواه ابن عدي عن ابن عباس, ورواه الطبراني عن عائشة بلفظ: البيت الحمام, بيت لا يستر, وماء لا يطهر. 934- "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة". رواه مسلم عن جابر بلفظ: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة، وفي رواية له عنه: إن بين الرجل ... إلخ. ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وقال الترمذي: حسن صحيح، وفي الباب ما سيأتي في: من ترك الصلاة، لكن لفظ الترمذي: بين الإيمان والكفر ترك الصلاة. ورواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي وغيرهم عن بريدة بلفظ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة, فمن تركها فقد كفر.

_ 1 ضعيف: رقم "2348".

ورواه الطبري عن ثوبان بإسناد صحيح: بين العبد وبين الكفر والإيمان الصلاة, فإن تركها فقد أشرك. 935- "بين كل أذانين صلاة, ثلاثًا لمن شاء". متفق عليه عن عبد الله بن مغفل مرفوعا، بل رواه عنه بقية الستة كأحمد وزاد النجم, وعند البزار عن بريدة: بين كل أذانين صلاة إلا المغرب. 936- "بيت لا تمر فيه جياع أهله". أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن عائشة -رضي الله عنها-. 937- البيت الذي فيه البنات ينزل فيه كل يوم ثنتا عشرة رحمة من السماء, ولا تقطع زيارة الملائكة من ذلك البيت، يكتبون لأبويهن كل يوم وليلة عبادة سنة. موضوع صرح بذلك السيوطي كما نقل عنه ابن حجر المكي في فتاواه الحديثية. ورواه الديلمي كما في تخريج الحافظ له عن سعد بلفظ: البيت الذي فيه البنات, ينزل عليه كل يوم وليلة اثنتا عشرة رحمة ... الحديث. 938- بيت لا صبيان فيه لا بركة فيه1. رواه أبو الشيخ عن ابن عباس بزيادة: وبيت لا تحل فيه فقار لأهله. 939- بالداخل دهشة، فتلقوه بـ "مرحبًا". رواه الديلمي عن [الحسن بن علي] 2 والمشهور على الألسنة: "لكل داخل دهشة". 940- بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا: البغي, والعقوق3. رواه الحاكم في تاريخه عن أنس، والمشهور على الألسنة: ذنبان تعجل عقوبتهما في الدنيا قبل الآخرة: البغي, وعقوق الوالدين.

_ 1 ضعيف: رقم "2345". وزيادة أبي الشيخ عن ابن عباس لم نجدها في غير هذا الكتاب، واختلفت نسخ الكتاب في لفظة "تحل" فقد وردت في بعضها "نحل" بالنون الموحدة، ولا أستبعد أن تكون مصحفة عن "نخل" لحديث: "بيت لا تمر فيه جياع أهله" السابق برقم 936، أما باللفظ المثبت "تحل" فالكلام عائد على الصبيان. 2 ما بين معقوفتين بياض في النسخ المطبوعة، والاستدراك من فردوس الأخبار للديلمى. 3 صحيح، انظر الصحيحة "1120".

حرف المثناة الفوقية

حرف المثناة الفوقية: 941- التاجر الصدوق تحت ظل عرش الرحمن يوم القيامة1. الديلمي عن أنس، ورواه الأصبهاني في ترغيبه والديلمي في مسند الفردوس عن أنس أيضا بلفظ: "التاجر الصدوق تحت ظل العرش" ورواه الترمذي والحاكم عن أبي جعيد عن أبي سعيد بلفظ: "التاجر الصدوق الأمين المسلم مع النبيين والصديقين والشهداء" ورواه ابن ماجه والحاكم عن ابن عمر بلفظ: "التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة" ورواه ابن النجار في تاريخه عن ابن عباس بلفظ: "التاجر الصدوق لا يحجب من أبواب الجنة". 942- التاجر الجبان محروم، والتاجر الجسور مرزوق2. رواه الديلمي والقضاعي عن أنس رفعه، قال المناوي: الأقرب إجراء الحديث على ظاهره، ولا مانع أن يجعل الله جسارة التاجر وإقدامه على البيع والشراء بقصد الاعتماد على الله تعالى في تحصيل الربح سببًا لسعة رزقه، ومن ثَمَّ قيل: لا تكونن للأمور هيوبًا ... فإلى خيبة يكون الهيوب 943- "التأني من الله, العجلة من الشيطان" 3. رواه ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن منيع والحارث بن أبي أسامة في مسانيدهم عن أنس رفعه، وأخرجه البيهقي عنه أيضا، وله شواهد عند الترمذي، وقال: حسن غريب بلفظ: "الأناة من الله والعجلة من الشيطان" والعسكري عن سهل بن سعد رفعه بلفظ: الأناة ... إلخ، لكن ضعفه بعضهم بأن فيه عبد المهيمن ضعيف، ورواه البيهقي أيضا عن ابن عباس رفعه بلفظ: "إذا تأنيتَ أصبتَ أو كدتَ تصيبُ، وإذا استعجلتَ أخطأتَ أو كدتَ تخطئُ" وفي سنده سعيد بن سماك متروك كما قال أبو حاتم، وللطبراني

_ 1 موضوع: رقم "2501". 2 ضعيف: رقم "2499". 3 حسن: رقم "3011".

والعسكري والقضاعي من حديث ابن لهيعة عن عقبة بن عامر رفعه: "من تأنى أصاب أو كاد، ومن عجل أخطأ أو كاد" وللعسكري فقط عن الحسن البصري مرسلًا: "التبين من الله، والعجلة من الشيطان, فتبينوا" والتبين: التثبت والتأني, كما قرئ بهما في قوله تعالى: {فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] ويشهد له ما أخرجه الشيخان عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأشج عبد القيس: إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة، وما أحسن ما قيل: قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل وقد ورد تقييد ذلك ببعض الأعمال؛ فروى أبو داود عن سعد بن أبي وقاص: "التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة" قال الأعمش: لا أعلم إلا أنه رفعه، وفي لفظ للحاكم وأبي داود والبيهقي عن سعد: "التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة" وللمزي في تهذيبه في ترجمة محمد بن موسى عن مشيخة من قومه1 مرسلًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الأناة في كل شيء, إلا في ثلاث: إذا صيح: يا خيل الله اركبي، وإذا نودي بالصلاة، وإذا كانت الجنازة" وللترمذي بسند حسن عن عليٍّ رفعه: "ثلاثة لا تؤخروها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤًا" وللغزالي عن حاتم الأصم قال: "العجلة من الشيطان إلا في خمسة, فإنها من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إطعام الطعام، وتجهيز الميت، وتزويج البكر، وقضاء الدين، والتوبة من الذنب". 944- التائب من الذنب كمن لا ذنب له2. رواه ابن ماجه والطبراني في الكبير والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود رفعه، قال في الأصل: ورجاله ثقات، بل حسنه شيخنا، يعني لشواهده، وإلا فأبو عبيدة بن عبد الله أحد رجاله لم يسمع من أبيه، ومن شواهده ما أخرجه البيهقي وابن عساكر عن ابن عباس بزيادة: "والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه، ومن آذى مسلمًا كان عليه من الإثم مثل كذا وكذا" وفي لفظ: "كان عليه من الذنوب مثل منابت

_ 1 في بعض النسخ المطبوعة: "شيخة من قومه"، وفي البعض الآخر: "مشيخة من فوقه"، والمثبت من تهذيب الكمال للحافظ المزي في ترجمة محمد بن موسى بن نفيع "531/ 26". 2 حسن رقم: "3008".

النخل" وسنده ضعيف بل الحديث موقوف على الراجح، ولأبي نعيم والطبراني في الكبير بسند ضعيف عن أبي سعيد الأنصاري مرفوعًا: "الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له" وللديلمي وابن النجار والقشيري في الرسالة عن أنس بلفظ الترجمة وزيادة: وإذا أحب الله عبدًا لم يضره ذنب، ولابن أبي الدنيا بلفظ الترجمة وزيادة: "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين". 945- "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة" 1. رواه الترمذي عن أبي ذر بزيادة: "وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة". رواه أحمد والترمذي وابن حبان عن أبي الدرداء. 946- "تبصر القذاة في عين أخيك، وتنسى الجذل في عينك" 2. رواه البيهقي في الشعب، والعسكري عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذع -أو الجذل- في عينيه". وعن الحسن البصري: "يا ابن آدم, تبصر القذاة في عين أخيك وتدع الجذع معترضًا في عينك". وللبيهقي في الشعب عن ابن عمر من قوله: "كفى من الغي ثلاث: أن تبصر من الناس ما يخفى عليك من نفسك، وأن تعيب عليهم فيما تأتي، وتؤذي جليسك بما لا يعنيك". وروي معناه عن عمر، وما أحسن ما قيل: أرى كل إنسان يرى عيب غيره ... ويعمى عن العيب الذي هو فيه ولا خير فيمن لا يرى عيب نفسه ... ويعمى عن العيب الذي بأخيه وقال النجم: روى عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة: 14] قال: إذا شئت رأيته بصيرًا بعيوب الناس, غافلًا عن عيب نفسه، قال: وكان يقال: مكتوب ي الإنجيل: "يا ابن آدم, أتبصر القذاة في عين أخيك, ولا تبصر الجذل المعترض في عينك؟! ".

_ 1 صحيح: رقم "2908". 2 بنحوه صحيح: رقم "8013".

947- التجلي لا يتكرر. يجري على الألسنة كثيرًا، وليس بحديث. 948- تحفة المؤمن الموت1. رواه ابن المبارك والطبراني والحاكم وأبو نعيم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وللديلمي عن الحسن: "الموت ريحانة المؤمن" وله عن مالك بن مغول: "بلغني أن أول سرور يدخل على المؤمن الموت؛ لما يرى من كرامة الله وثوابه" وله عن سفيان قال: كان يقال: الموت راحة العابدين، ورواه الديلمي عنه بلفظ: تحفة المؤمن في الدنيا الموت، ورواه بلفظ الترجمة الطبراني والحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عمر، وفي الفتوحات: الموت اليوم للمؤمن تحفة، والنعش له محفة؛ لأنه ينقله من الدنيا إلى محل لا فتنة فيه ولا بلوى، فليس بخاسر ولا مغبون من كان آملًا المنون؛ فإن فيه اللقاء الإلهي والبقاء الكوني، ولو علم المؤمن ماذا بعد الموت لقال في كل نفس: يا رب أمت, يا رب أمت, انتهى. 949- تجافوا عن ذنب السخي؛ فإن الله آخذ بيده كلما عثر2. قال الصغاني: موضوع, ورواه الطبراني وأبو نعيم والبيهقي وقال: إسناده ضعيف عن ابن مسعود بلفظ: تجاوزوا عن ذنب السخي؛ فإن الله تعالى آخذ بيده كلما عثر، وفيه أحاديث أخر, منها ما رواه الخطيب عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بلفظ: تجاوزوا عن ذنب السخي, وزلة العالم وسطوة السلطان العادل؛ فإن الله تعالى آخذ بيدهم كلما عثر عاثر منهم. 950- "تجدون من شر الناس ذا الوجهين: يأتي هؤلاء بوجه, وهؤلاء بوجه". متفق عليه عن أبي هريرة, وعزاه في الجامع الصغير للشيخين وأحمد في أثناء حديث بلفظ: "وتجدون شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين, الذي يأتي هؤلاء بوجه, ويأتي هؤلاء بوجه".

_ 1 ضعيف: رقم "2403". 2 ضعيف: رقم "2389".

951- تحت البحر نار1. رواه ابن أبي شيبة وأبو عبيد عن ابن عمرو، وقال: إن تحت البحر نارًا ثم ماءً ثم نارًا، زاد أبو عبيدة حتى عد سبعة أبحر، وغيره: وسبع نيران، وتقدم في البحر. 952- تحت كل شعرة جنابة2. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة رفعه، وضعفه أبو داود، وعزاه النجم لمن ذكر ولكن بلفظ: "إن تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر وأنقوا البشرة" ونقل أن الشافعي قال: ليس بثابت، وأن البيهقي قال: أنكره أهل العلم بالحديث؛ البخاري وأبو داود وغيرهما، وعند ابن ماجه عن أبي أيوب من حديث: "أداء الأمانة غسل الجنابة؛ فإن تحت كل شعرة جنابة" وإسناده ضعيف. 953- "التحدث بالنعمة شكر" 3. رواه أحمد والطبراني وغيرهما عن النعمان بن بشير رفعه، وقال النجم: رواه أحمد والطبراني وأبو نعيم عن النعمان بن بشير بسند ضعيف بلفظ: "التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، والجماعة بركة، والفرقة عذاب" وأخرج هؤلاء عن عائشة: من أُوتي معروفًا فليكافئ به، فإن لم يستطع فليذكره، فإن من ذكره فقد شكره. وأخرج أبو داود عن جابر: من أعطي عطاء فوجد فليجز به، فإن لم يجد فليثنِ به، فمن أثنى به فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره، وأخرج ابن جرير عن أبي نصرة قال: كان المسلمون يرون أن من شكر النعمة أن تحدث بها، وعن فضيل: كان يقال: من شكر النعمة أن تحدث بها, وعن قتادة: من شكر النعمة إفشاؤها, قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} 4.

_ 1 سبق في حديث "883". 2 ضعيف بلفظ النجم رقم "1847". 3 حسن بلفظ النجم: رقم "3014". 4 الضحى: 11.

954- تحية البيت الطواف. قال في المقاصد: لم أره بهذا اللفظ، ولكن في الصحيح عن عائشة قالت: أول شيء بدأ به النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف ... الحديث, وفيه أيضا قول عروة الراوي عنها أنه حج مع ابن الزبير، فأول شيء بدأ به الطواف، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلونه، وترجم عليه البخاري: "باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته ثم صلى ركعتين" وقال القاري: وذلك لأن كل من يدخل المسجد الحرام يسن له أن يبدأ بالطواف فرضًا أو نفلًا، ولا يأتي بصلاة تحية المسجد إلا إذا لم يكن من نيته أن يطوف لعذر وغيره, وليس معناه أن تحية المسجد ساقطة عن هذا المسجد كما توهم بعض الأغبياء من مفهوم هذه العبارة الصادرة من الفقهاء وغيرهم انتهى، وأقول: مذهبنا كذلك، لكن يكفي عنها ركعتا تحية الطواف كما يكفي ركعتا التحية عن ركعتي الطواف لو قصدهما بعده عن التحية كما بحثه ابن قاسم العبادي في حواشي التحفة، ولا تفوت تحية المسجد الحرام بطول القيام ولا بالإعراض عنها عند ابن حجر، وتفوت عند الرملي فيهما فاعرفه، وقال النجم: واشتهر أن أبا محمد الجويني لما حج فدخل المسجد الحرام, بدأ فصلى ركعتين تحية المسجد، فقال له رجل: يا شيخ تحية هذا المسجد الطواف، فقال له أبو محمد: هذه مسألة قررتها منذ كذا وكذا سنة والآن نسيت، قال النجم: وحدثت أنه وقع مثل ذلك لشيخ الإسلام شمس الدين الرملي مفتي مصر, شيخنا بالإجازة -رحمة الله عليه-. 955- "تحية المساجد -وفي لفظ: تحية المسجد- إذا دخلت أن تركع ركعتين". رواه أحمد في الزهد عن ميمون بن مهران أنه كان يقوله من قوله، قال النجم: وهذا الكلام يجري على ألسنة الفقهاء، ومن العجب أن بعض المتفقهين في العصر زعم أنه لا يقال تحية المسجد مع ورود مثل ذلك وجريانه على ألسنة الفقهاء قديمًا وحديثًا. 956- تختموا بالزبرجد؛ فإنه يسر لا عسر فيه. قال الحافظ ابن حجر: موضوع. 957- تختموا بالزمرد -وفي بعض الأصول: الزبرجد بالجيم- فإنه ينفي الفقر. رواه الديلمي عن ابن عباس، ولا يصح.

958- تختموا بالعقيق؛ فإنه ينفي الفقر1. رواه ابن عدي عن أنس قال ابن عدي: حديث باطل، ففيه الحسين بن إبراهيم مجهول؛ ولذا حكم ابن الجوزي بوضعه، وأقره السيوطي، ورواه العقيلي وابن لال والبيهقي والخطيب وابن عساكر والديلمي عن عائشة بلفظ: تختموا بالعقيق؛ فإنه مبارك, وقال في المقاصد: له طرق كلها واهية، فمنها ما رواه البيهقي في الشعب عن عائشة -رضي الله عنها- من طرق بألفاظ منها: اشتر له خاتمًا، وليكن فصه عقيقًا؛ فإنه من تختم بالعقيق لم يقض له إلا الذي هو أسعد، ومنها: أكثر تختم أهل الجنة بالعقيق، ومنها لابن عدي عن أنس مرفوعا بلفظ: "فإنه ينفي الفقر" بدل: فإنه مبارك، زاد: "واليمين أحق بالزينة" وجزم في الميزان بأنه موضوع، ورواه الديلمي عن عمر رفعه بلفظ: "تختموا بالعقيق؛ فإن جبريل أتاني به من الجنة، وقال لي: يا محمد تختم بالعقيق، وَأْمُرْ أمتك أن تتختم به" وهو موضوع على عمر فمن دونه إلى مالك، ومنها ما رواه علي بن مهرويه القزويني عن داود بن سليمان عن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه بلفظ: "تختموا بالخواتم العقيق؛ فإنه لا يصيب أحدكم غم ما دام عليه" وفي سنده داود بن سليمان الغازي الجرجاني كذبه ابن معين وله نسخة موضوعة بالسند المذكور، وفي جملتها أن الأرض تنجس من بول الأقلف2 أربعين يومًا، وهو في أمالي الحسين بن هارون الضبي عن جعفر بلفظ: من تختم بالعقيق ونقش فيه: وما توفيقي إلا بالله, وفقه الله لكل خير, وأحبه الملكان الموكلان به, وفي سنده أبو سعيد الحسن بن علي كذاب، ومنها لابن حبان في الضعفاء عن فاطمة مرفوعًا: "من تختم بالعقيق, لم يزل يرى خيرًا" وفي سنده أبو بكر بن شعيب لا يحل الاحتجاج بحديثه، ورواه الطبراني في الأوسط والدارقطني في الأفراد وأبو نعيم وغيره بطرق وكلها باطلة، ومن ثم قال العقيلي: لا يثبت في هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء. وذكره ابن الجوزي في الموضوعات ثم قال: وذكره حمزة بن الحسن الأصفهاني في كتابه التنبيه على حروف من التصحيف أن كثيرًا من رواة الحديث يروون أن النبي

_ 1 موضوع: رقم "2410"، وانظر الضعيفة "ح226-230". 2 الأقلف: هو الذي لم يختن.

-صلى الله عليه وسلم- ما قال: تختموا بالعقيق, وإنما قال: "تخيموا" -بالتحتية- وهو اسم وادٍ قرب المدينة أي: اسكنوا وأقيموا به، قال ابن الجوزي: وهو تأويل بعيد أحق أن ينسب إليه التصحيف؛ لما ذكرنا من الطرق، لكن قال شيخنا: حمزة معذور؛ فإن أقرب طرق هذا الحديث رواية يعقوب، ولفظه: تخيموا بالعقيق فإنه مبارك، وعزاه في الدرر لابن عدي بسند ضعيف عن عائشة -رضي الله عنها- بهذا اللفظ، وهذا الوصف ثبت لوادي العقيق في الحديث الذي أخرجه البخاري في الحج عن ابن عباس يقول: إنه سمع عمر يقول: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- بوادي العقيق يقول: "أتاني آتٍ من ربي، فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجة" انتهى، قال في المقاصد: ثم قال: وما روى المطرزي في اليواقيت عن إبراهيم الحربي أنه سئل عنه فقال: إنه صحيح، ويروى أيضا بالمثناة التحتية أي: اسكنوا العقيق وأقيموا به -فغير معتمد بل المعتمد بطلانه، ثم إن قوله في بعض رواياته: فإنه ينفي الفقر يروى في اتخاذ الخاتم الذي فصه من ياقوت، ولا يصح أيضا, قال ابن الأثير: يريد أنه إذا ذهب ماله باع خاتمه فوجد به غنًى، وقال غيره: بل الأشبه -إن صح الحديث- أن يكون لخاصية فيه كما أن النار لا تؤثر فيه ولا تغيره، وأن من تختم به أمن من الطاعون, ويسرت له أمور المعاش، ويقوى قلبه، ويهابه الناس، ويسهل عليه قضاء الحوائج، انتهى. وكل هذا ممكن بالعقيق إن ثبت، وقال في اللآلئ: رواه صاحب مسند الفردوس من طريق أنس بن مالك وعمر بن الخطاب وعائشة وعلي وغيرهم بأسانيد متعددة، ثم قال: وروي عن عبد خير عن علي قال: التختم بالياقوت ينفي الفقر, قال: وسمعته يقول: التختم بالعقيق بركة. 959- "تخليل الخمر". رواه مسلم عن أبي طلحة أنه قال: يا رسول الله أخللها؟ قال: "لا" , وفي اللآلئ حديث: نهى عن تخليل الخمر, قال الشيخ أبو حامد في باب الرهن: من تعليق أصحابنا يرونه حديثًا ولا أعرفه بهذا اللفظ إلا أن حديث أبي طلحة أخللها؟ قال: "لا"، أقوى من هذا وأوكد؛ لأنه لفظ النبي -صلى الله عليه وسلم-.

960- "تخيروا لنطفكم, وانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم" 1. رواه ابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعا، وكذا عن عمر بلفظ: "وانتجبوا المناكح, وعليكم بذات الأوراك فإنهن أنجب" رواه عنه الديلمي، ولا يصح، وفي لفظ عنده2: "تخيروا لنطفكم، وانظروا أين تضعونها" وفي لفظ عن عمر مرفوعا كما ذكره أبو موسى المدني في كتاب تضييع العمر والأيام في اصطناع المعروف إلى اللئام بلفظ: "فانظر في أي نصاب تضع ولدك؛ فإن العرق دساس" وكلها ضعيفة، وقال النجم: وعند ابن عدي وابن عساكر عن عائشة بلفظ: "تخيروا لنطفكم؛ فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن" وفي لفظ: "اطلبوا مواضع الأكفاء لنطفكم؛ فإن الرجل ربما أشبه أخواله" رواه أبو نعيم عن أنس بلفظ: "تخيروا لنطفكم واجتنبوا هذا السواد؛ فإنه لون مشوه" قال ابن الجوزي: في سنده مجاهيل وقال الخطيب: كل طرقه ضعيفة، وفي التحفة والنهاية: "تخيروا لنطفكم، ولا تضعوها في غير الأكفاء" صححه الحاكم واعترض, انتهى. وفي الشربيني على المنهاج: وأما حديث "تخيروا لنطفكم ولا تضعوها إلا في الأكفاء" فقال أبو حاتم الرازي: ليس له أصل، وقال ابن الصلاح: له أسانيد فيها مقال، ولكن صححه الحاكم. 961- "تداووا؛ فإن الذي أنزل الداء أنزل الدواء" 3. رواه القضاعي عن أبي هريرة رفعه، ورواه أحمد والأربعة وابن حبان والحاكم عن أسماء بنت شريك بلفظ: "تداووا عباد الله؛ فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء، غير داء واحد: الهرم"، قال في المقاصد: ولحديث أبي هريرة طرق بألفاظ مختلفة، منها: "إن الذي أنزل الداء أنزل معه الدواء" وبعضها في البخاري عن عطاء بن أبي رباح رفعه: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" وروى أصحاب السنن الأربعة وأحمد والطحاوي وصححه ابن حبان والحاكم عن أسامة بن شريك بلفظ: جاءت الأعراب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسألونه فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟ قال: "نعم، إن الله لم ينزل من داء إلا أنزل له شفاء, إلا الموت والهرم" ثم قال في المقاصد: وفي الباب عن أنس

_ 1 صحيح: رقم "2928". 2 في بعض النسخ المطبوعة: عنه. 3 صحيح، بنحوه في صحيح الجامع "ح2930".

وجابر وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وأبي الدرداء وأبي سعيد بينتها في الطب النبوي، انتهى. وأما ما اشتهر من: تداووا عباد الله بالمشي -فلم أعرف له أصلًا, فليراجع. 962- التدبير نصف المعيشة، والتودد نصف العقل، والغم نصف الهرم، وقلة العيال أحد اليسارين1. الديلمي عن أنس، ومر في "الاقتصاد"، ورواه القضاعي عن علي بلفظ: التدبير نصف العيش. 963- أتدري ما تمام النعمة؟ تمام النعمة دخول الجنة, والنجاة من النار2. الطبراني عن معاذ. 964- "تدرون من المفلس؟ إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، يأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه, أخذ من خطاياهم فطرحت عليه, ثم طرح في النار". رواه مسلم والترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 965- التراب ربيع الصبيان3. الطبراني عن سهل بن سعد مرفوعًا، والقضاعي عن ابن عمر، وكذا الخطيب في رواة مالك عنهما، وقال: المتن لا يصح, انتهى. 966- ترك الشر صدقة. ذكره في المواهب من غير عزو لأحد.

_ 1 ضعيف: رقم "2505". 2 "ضعيف" انظر ضعيف الجامع "ح2480". 3 موضوع: رقم "2507".

967- تربوا الكتاب1. تقدم في "إذا كتبت". 968- ترك العادة عداوة -وفي لفظ زيادة: مستفادة. لا أصل له كما في التمييز كالأصل, لكن روى البيهقي في مناقب الشافعي عنه أنه قال: ترك العادة ذنب مستحدث. 969- ترك العشاء مهرمة2. سيأتي في "تعشوا". 970- ترك السلام على الضرير خيانة3. الديلمي عن أبي هريرة وابن مسعود. 971- تارك الورد ملعون, وصاحب الورد ملعون. قال القاري: لا أصل له, انتهى. 972- تزوجوا فقراء4. تقدم في: التمسوا الرزق بالنكاح, قال في اللآلئ: ولعله روي بالمعنى من حديث في صحيح ابن حبان والحاكم: ثلاثة حق على الله أن يغنيهم: الناكح ليستعفَّ, قال تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} 5. وقال في الدرر: تزوجوا فقراء يغنكم الله -لا يعرف، لكن في صحيح ابن حبان والحاكم: "ثلاثة حق على الله أنه يغنيهم: الناكح ليستعف"، قلت: هذا تصحيف وإنما هو يعينهم -بالعين المهملة- من الإعانة، وأقرب منه ما أخرجه الديلمي عن عائشة رضي الله عنها: تزوجوا لنساء؛ فإنهن يأتين بالمال، ومن شواهده: التمسوا الرزق

_ 1 ضعيف: انظر حديث "257". 2 "ضعيف" انظر ضعيف الجامع "ح2446". 3 ضعيف: رقم "2424". 4 ضعيف، بمعناه في ضعيف الجامع "ح1247". 5 النور: 32.

بالنكاح أخرجه الديلمي عن ابن حبان انتهى ما في الدرر، والمشهور على الألسنة: والولد بعد المال، وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر أنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى، وتلا الآية، وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح، وتلا الآية. 973- تزوجوا ولا تطلقوا؛ فإن الطلاق يهتز له عرش الرحمن1. قال الصغاني: موضوع, لكن عزاه في الجامع الصغير لابن عدي بسند ضعيف عن علي بلفظ: تزوجوا ولا تطلقوا؛ فإن الطلاق يهتز منه العرش. وقال ابن الجوزي: حديث موضوع، ورواه الطبراني عن أبي موسى بلفظ: "تزوجوا ولا تطلقوا؛ فإن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات". وقال النجم: ورواه أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار بلفظ: "تزوجوا الودود الولود, فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى" قال: ورواه أحمد والطبراني وأبو نعيم عن أنس بلفظ: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكره التبتل, وينهى عنه نهيًا شديدًا، ويقول: "تزوجوا الودود الولود, فإني مكاثر بكم النبيين يوم القيامة". 974- "تزوجوا الودود الولود؛ إني مكاثر للأنبياء يوم القيامة" 2. رواه أحمد عن أنس رفعه، وصححه ابن حبان. 975- تستغفر القصعة للاحسها -في لفظ: "الصحفة"3. سيأتي في "من أكل" ولفظ الاستغفار كما في شرح المواهب للزرقاني: اللهم أجره من النار كما أجارني من لعق الشيطان. 976- "تسحروا؛ فإن في السحور بركة" 4. متفق عليه, ورواه ابن عساكر عن عبد الله بن سراقة بلفظ: "تسحروا ولو بالماء" ورواه أبو يعلى عن أنس بلفظ: "تسحروا ولو بجرعة ماء" ورواه ابن عدي عن علي بلفظ: "ولو شربه ماء, وأفطروا ولو على شربة من ماء".

_ 1 موضوع: رقم "2428". 2 بنحوه عن معقل بن يسار وأبي أمامة: صحيح: رقم "2940"، "2941". 3 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "ح5487". 4 صحيح: رقم "2943".

977- "التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء". رواه أحمد عن جابر، وهو متفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بزيادة: "في الصلاة". 978- "تسموا باسمي, ولا تكنوا بكنيتي". رواه أحمد والشيخان والنسائي وابن ماجه عن جابر وأنس، وفي لفظ عند مسلم: "تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي؛ فإني أنا أبو القاسم، أقسم بينكم". وعند أبي داود والترمذي وحسنه وابن حبان عنه: "من تسمى باسمي فلا يتكنَّ1 بكنيتي، ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمَّى باسمي2". ورواه أحمد وابن حبان عن أبي هريرة بلفظ: "لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي". 979- تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة3. رواه أبو داود والنسائي عن أبي وهب الجشمي -رضي الله عنه- رفعه. 980- تسرولوا وأنتم جلوس. لا أعلمه، لكن معناه صحيح، ويزيد بعضهم فيه: وتعمموا وأنتم وقوف. 981- تصدقوا ترزقوا. قال النجم تبعًا للمقاصد: معناه صحيح, وينظر لفظه، وفي كتاب الله: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} 4 وفي الصحيح: "أنفق، أنفق عليك".

_ 1 في سنن أبي داود: فلا يكتنى. 2 في بعض النسخ المطبوعة جزم ما بعد "من"، و"لا" والمثبت من ط. القدسي وهى قريبة من رواية أبي داود في السنن "ح4966" وعدم الجزم وجه في العربية بل صرح ابن مالك في أول شرح التسهيل بأن الرفع لغة قوم. انظر شرح الأشموني على الألفية مع حاشية الصبان "6/ 4"ط. فيصل عيسى الحلبي, والرسالة للإمام الشافعى بتحقيق العلامة أحمد شاكر ص275. 3 ضعيف: رقم "2434". 4 سبأ: 39.

982- "تصدقوا ولو بتمرة؛ فإنها تسد من الجائع، وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار" 1. رواه ابن المبارك عن عكرمة مرسلًا. 983- تصدقوا؛ فإن الصدقة فكاكُكُمْ مِنَ النار2. أبو الشيخ عن أنس. 984- تصدقوا مما رزقكم الله؛ فإن الصدقة لا تنقص لكن تزيد3. رواه الديلمي عن علي. 985- تصافحوا يذهب الغل عن قلوبكم4. رواه ابن عدي عن ابن عمر، وتقدم بأبسط في أثناء حديث "تهادوا". 986- تضحك ولعل أكفانك قد خرجت من عند القصار. رواه أبو نعيم عن عبد الله بن ثعلبة الحنفي من كلامه. 987- التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق5. رواه ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، ورواه أبو نعيم عن عبد الله بن ثعلبة الحنفي من كلامه. 988- التطير بمن يموت يوم السبت. ليس له أصل، بل هو من أخلاق الجاهلية، قال النجم: وبإجازتنا من الشيخ زين الدين بن سلطان عن المعمر بن طولون عن الخواجا6 المتصوف أحمد بن المعمر زين الدين الخالدي عن البرهان المصري أنه ما خرج ميت في نهار السبت إلا تبعه اثنان

_ 1 صحيح: رقم "2951". 2 ضعيف: رقم "2438". 3 أورده بمعناه الهيثمى في "المجمع"، "105/ 3" وقال: "رواه البزار وأشار إلى ضعفه". 4 ضعيف: رقم "2437". 5 موضوع: رقم "2513". 6 الخواجا: كلمة فارسية ترسم واوها ولا تقرأ, كواو الربوا والصلوة ومعناها الشيخ هامش ط. الرسالة.

من كبار البيت، وعزاه لبعض الأخيار قال: "وهذا الكلام سببه عزل البرهان هذا من كتاب السر بالقاهرة عقب موت زوجة السلطان يوم السبت سنة ستين وثمانمائة, بل كان عزله عقوبة له حيث اعتقد مثل هذا الاعتقاد الجاهلي". 989- تسليم الغزالة على النبي -صلى الله عليه وسلم-. اشتهر على الألسنة، وفي المدائح النبوية، وليس له -كما قال ابن كثير- أصل، ومن نسبه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كذب، وقال في المقاصد: لكن قد ورد في عدة أحاديث يتقوى بعضها ببعض, أوردها شيخنا في المجلس الحادي والستين من تخريج أحاديث المختصر، وذكر ابن السبكي أن تسليم الغزالة رواه أبو نعيم والبيهقي في الدلائل, وكذا ذكره الدارقطني والحاكم وشيخه ابن عدي. 990- "التشبيك في المسجد" 1. رواه أحمد والطيالسي في مسنديهما، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في سننهم، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وآخرون عن كعب بن عجرة أنه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا كعب إذا كنت في المسجد فلا تشبكن" إلى غيره من مرفوع وموقوف مع اختلاف في سنده أو ضعف، فهو مكروه تنزيهًا إذا كان في المسجد ينتظر الصلاة، ونقل عن مالك أنه لا بأس به في المسجد، وإنما يكره في الصلاة، وترجم البخاري تشبيك الأصابع في المسجد، وأورد قصة ذي اليدين، وفيها وشبك النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أصابعه، قال في الأصل: ولكن محل جوازه إذا كان لغرض صحيح كإراحة الأصابع، بخلاف ما يكون عبثًا؛ إذ التشبيك من الشيطان2 سيما وهو يجلب النوم. 991- "تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين ... " الحديث. رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ورواه الطبراني عن أسامة بن زيد بلفظ: تعرض الأعمال على الله تعالى يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر الله إلا ما كان من

_ 1 "صحيح"، انظر صحيح أبي داود "ح526"، ولفظه: "إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدًا إلى المسجد, فلا يشبكن يديه فإنه في صلاة". 2 روي في ذلك حديث أخرجه ابن أبي شيبة, لكن قال الحافظ ابن حجر في الفتح "675/ 1": "وفي إسناده ضعيف ومجهول".

متشاحنين أو قاطع رحم، ورواه الحكيم الترمذي عن والد عبد العزيز بلفظ: "تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس على الله تعالى, وتعرض على الأنبياء وعلى الآباء والأمهات يوم الجمعة, فيفرحون بحسناتهم وتزداد وجوههم بياضًا وإشراقًا, فاتقوا الله ولا تؤذوا موتاكم". 992- تعتري الحدة خيار أمتي1. الطبراني عن ابن عباس، والمشهور: الحدة تعتري خيار أمتي. 993- "تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة" 2. رواه أبو القاسم بن بشران في أماليه، وكذا القضاعي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ورواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس بلفظ: كنت رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فالتفت إلي، فقال: "يا غلام, احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله ... " الحديث، وفيه "قد جَفَّ القلم بما هو كائن، فلو أن الخلق كلهم جميعًا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه، أو أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه الله عليك لم يقدروا عليه" وفيه "واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا"، وأورده الضياء في المختارة وهو حسن، وله شاهد رواه عبد بن حميد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- رفعه بلفظ: "يا ابن عباس, احفظ الله يحفظك, واحفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة" وذكره مطولا بسند ضعيف، ورواه أحمد والطبراني وغيرهما بسند أصح رجالًا وأقوى، قال في المقاصد: وقد بسطت الكلام عليه في تخريج الأربعين. 994- "تَعِسَ عبدُ الدينار وعبد الدرهم ... " الحديث. رواه البخاري وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا، وفي لفظ للعسكري عنه أيضا مرفوعًا: لعن بدل: تعس، وعزاه في الجامع الكبير للبخاري وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ: "تعس عبد الدينار وعبد الدرهم"

_ 1 موضوع: رقم "2443". 2 صحيح: رقم "2961".

وعبد الحلة وعبد الخميصة، إن أُعطي رضي وإن لم يُعطَ سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع. 995- تعشوا ولو بكف من حشف؛ فإن ترك العشاء مهرمة1. وفي رواية: مسقمة بدل: مهرمة، رواه الترمذي عن أنس مرفوعا، وقال الترمذي: هذا الحديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي سنده ضعيف ومجهول، ورواه أبو نعيم عن أنس بلفظ: "لا تدعوا عشاء الليل ولو بكف من حشف؛ فإن تركه مهرمة" ورواه ابن ماجه عن جابر مرفوعا بلفظ: "لا تدعوا العشاء ولو بكف من تمر؛ فإن تركه مهرمة" ورواه في اللآلئ معزوًّا لابن ماجه عن جابر بلفظ: "لا تتركوا العشاء ولو على كف تمر؛ فإن تركه يهرم" قال: وفي سنده إبراهيم بن عبد السلام ضعيف يسرق الحديث، قال في المقاصد: وحكم عليه الصغاني بالوضع، وفيه نظر، ولما ذكر العسكري حديث: "ما ملأ آدمي وعاء شرًّا بطن" قال: قد حث -عليه الصلاة والسلام- بهذا على قلة المطعم، وما أكثر من يغلط في قوله عليه الصلاة والسلام: "تعشوا ولو بكف من حشف" ويتوهم أنه -صلى الله عليه وسلم- حث على الإكثار من المطعم وأنه أمر بالعشاء من ضره ونفعه، وهذا غلط شديد؛ لأن من أكل فوق شبعه فقد أكل ما لا يحل له، فكيف يأمره بذلك؟! وإنما معنى قوله عليه الصلاة والسلام: ترك العشاء مهرمة, أن القوم كانوا يخففون في المطعم ويدع المتغذي منهم الغذاء ولم يبلغ الشبع ويتواصون بذلك انتهى, وفي تعليله بما ذكره نظر؛ لأنه ليس في الأمر بالعشاء أنه يأكل فوق ما يحل له، بل المراد العشاء الشرعي فتدبر. 996- تعلموا العلم وعلموه الناس2. البيهقي عن أبي بكر.

_ 1 الحديث: ضعيف رقم "2446" والحشف: اليابس الفاسد من التمر, وقيل: الضعيف الذى لا نوى له. النهاية. 2 ضعيف، انظر الإرواء "105/ 6".

997- تعلموا الفرائض وعلموه الناس؛ فإنه نصف العلم، وهو ينسى، وهو أول شيء ينزع من أمتي1. رواه ابن ماجه والدارقطني والحاكم عن أبي هريرة رفعه بزيادة: "يا أبا هريرة تعلموا ... الحديث، وفيه متروك، وأخرجه أحمد من حديث أبي الأحوص عن ابن مسعود رفعه بلفظ: "تعلموا الفرائض وعلموها الناس؛ فإني امرؤ مقبوض، وإن العلم سيقبض، وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما" ورواه النسائي والدارقطني والحاكم والدارمي عن ابن مسعود بسند فيه انقطاع، والنصف هنا كما قال ابن الصلاح: عبارة عن مطلق القسم وإن لم يتساويا كقوله: إذا مت كان الناس نصفين شامت ... وآخر مثنٍ بالذي كنت أصنع وقال ابن عيينة: إنما قيل له نصف العلم؛ لأنه يبتلى به الناس كلهم. 998- "تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء". رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 999- "تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقامة؛ فإن الجار البادي يتحول عنك" 2. رواه النسائي والبيهقي عن أبي هريرة وأبي سعيد، وسنده صحيح كما قال العراقي، ويناسبه ما رواه البيهقي بسنده عن الحسن أن لقمان قال لابنه: "يا بني, حملت الجندل والحديد وكل ثقيل فلم أحمل شيئًا أثقل من جار السوء، وذقت المرار فلم أذق شيئًا أمر من الصب"، وأقول: المشهور على الألسنة: فإن جار البادية يتحول، انتهى. 1000- تعاد الصلاة من قدر الدرهم -يعني: من الدم. قال النووي في شرح خطبة مسلم: ذكره البخاري في تاريخه، وهو باطل لا أصل له عند أهل الحديث، انتهى.

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "2450". 2 صحيح: رقم "2967".

1001- تفترق أمتي على سبعين فرقة، كلهم في الجنة إلا فرقة واحدة، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: الزنادقة. قال في اللآلئ: لا أصل له أي بهذا اللفظ، وإلا فالحديث روي من أوجه مقبولة بغير هذا اللفظ، منها: تفترق أمتي ... الحديث، رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وأبو داود والحاكم وابن حبان والبيهقي وصححوه، ومنها ما رواه ابن ماجه عن أبي هريرة رفعه: "افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى كذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة"، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي" ورواه ابن حبان والحاكم بنحوه وقال الحاكم: إنه حديث كثير في الأصول ثم قال الزركشي: ورواه البيهقي وصححه من حديث أبي هريرة وغيره، ومنها ما رواه الأربعة عن أبي هريرة بلفظ: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفترق النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" وفي رواية للترمذي: "إن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة"، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي" وتقدم الحديث بأبسط في "افترقت اليهود" في الهمزة فراجعه، وقال في المقاصد: وروي عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر وعوف بن مالك وأنس وجابر وابن عمرو وابن مسعود وعلي وعمر ومعاوية وأبي الدرداء وغيرهم، قال: كما بينتها في كتابي في الفرق، وكما في تخريج الزيلعي من سورة الأنعام، انتهى. 1002- "تفقهوا قبل أن تسودوا". رواه البيهقي عن عمر من قوله، وعلقه البخاري جازمًا به، ثم قال: وبعد أن تسودوا، قيل: معناه قبل أن تزوجوا فتصيروا أرباب بيوت وسيادة، ولذا قال بعض العلماء: ضاع العلم بين أفخاذ النساء، ونحوه قول الخطيب: يستحب للطالب أن يكون عزبًا ما أمكن لئلا يشغله القيام بحقوق الزوجة عن كمال الطلب، والمشهور تفسيره بما هو أعم من ذلك، ولذا قال الثوري: من أسرع الرياسة أضر بكثير من العلم، ومن لم يسرع الرياسة كتب ثم كتب ثم كتب، يعني: كتب من العلم كثيرًا.

1003- تفقه ثم اعتزل. قال النجم: ليس بحديث، وإنما نقله في الإحياء عن النخعي، ورواه أبو نعيم الأصبهاني عن الربيع بن خيثم، ورواه أحمد في الزهد عن مطرف أنه قال: تفقهوا ثم اعتزلوا وتعبدوا. 1004- تفكر ساعة خير من عبادة سنة -وفي لفظ: ستين سنة1. ذكره الفاكهاني بلفظ: فكر ساعة، وقال: إنه من كلام سري السقطي، وفي لفظ: ستين سنة، وذكره في الجامع الصغير بلفظ: فكرة ساعة خير من عبادة ستين سنة، وورد عن ابن عباس وأبي الدرداء بلفظ: فكرة ساعة خير من عبادة ستين سنة، وقال النجم: إن العراقي قال في جزء له: روينا من حديث عبد الله بن سلام أنه -صلى الله عليه وسلم- خرج على قوم ذات يوم وهم يتفكرون, فقال: "ما لكم تتفكرون؟ " فقالوا: نتفكر في خلق الله عز وجل، قال: "فكذلك فافعلوا، تفكروا في خلقه ولا تتفكروا فيه؛ فإن لهذا المغرب أرضًا بيضاء نورها بياضها، أو بياضها نورها، مسيرة الشمس أربعين يومًا، بها خلق من خلق الله لم يعصوا طرفة عين" قالوا: يا رسول الله، فأين الشيطان عنهم؟ قال: "ما يدرون خلق الشيطان أم لا"، قالوا: من ولد آدم هم؟ قال: "لا يدرون خلق آدم أم لا". 1005- "تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله" 2. رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس -رضي الله عنهما-, ورواه ابن أبي شيبة في كتاب العرس له من قوله عن ابن عباس بلفظ: "تفكروا في كل شيء ولا تتفكروا في الله" رواه الأصبهاني في ترغيبه بهذا اللفظ، ولأبي نعيم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه -صلى الله عليه وسلم- خرج على أصحابه فقال: "ما جمعكم؟ " فقالوا: اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته، فقال: "تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله؛ فإنكم لن تقدروا قدره ... " الحديث، وللطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب عن ابن عمر مرفوعا: "تفكروا في آلاء الله, ولا تفكروا في الله" وروى أبو الشيخ في العظمة عن

_ 1 موضوع، وهو في ضعيف الجامع "ح3992"، بلفظ: "فكرة ساعة خير من عبادة ستين سنة". 2 حسن: رقم "2976".

ابن عباس: "تفكروا في كل شيء، ولا تفكروا في ذات الله، فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف سنة نورًا، وهو فوق ذلك" وفي رواية للديلمي عن ابن عباس زيادة: "وإن ملكًا من حملة العرش يقال له إسرافيل، زاوية من زوايا العرش على كاهله قد مرقت قدماه في الأرض السفلى، ومرق رأسه من السماء السابعة، والخالق أعظم من المخلوق" وروى أحمد مرفوعا والطبراني وأبو نعيم عن عبد الله بن سلام قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أناس من أصحابه وهم يتفكرون في خلق الله فقال لهم: "فِيمَ كنتم تتفكرون؟ " قالوا: نتفكر في خلق الله، فقال: "لا تتفكروا في الله، وتفكروا في خلق الله، فإن ربنا خلق ملكًا قدماه في الأرض السابعة السفلى، ورأسه قد جاوز السماء العليا, من بين قدميه إلى كعبيه مسيرة ستمائة عام، وما بين كعبيه إلى أخمص قدميه مسيرة ستمائة عام، والخالق أعظم" وأسانيدها ضعيفة، ولكن اجتماعها يكسبه قوة ومعناه صحيح، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رفعه: "لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله، فمن خلق الله؟ فمن وجد ذلك شيئًا فليقل: آمنت بالله" ومن شواهده ما رواه الحكيم الترمذي وابن لال عن ابن مسعود: رأس الحكمة مخافة الله. 1006- تفكهوا قبل الطعام. هذا مشهور على الألسنة، ولم أقف على أنه حديث أو أثر أو من كلام الناس، لكن ذكره شيخ مشايخنا الشيخ علي الأجهوري المالكي ناظمًا له على تفصيل فيه, فقال: قدم على الطعام توتًا خوخًا ... ومشمشًا والتين والبطيخا وبعده أجاص كمثرى عنب ... كذاك رمان ومثله الرطب ومعه الخيار والجميز ... قثا وتفاح كذاك اللوز 1007- تقوى الله رأس كل حكمة1. قال في المقاصد: عزاه الديلمي لأنس مرفوعًا بلا إسناد، وفي المرفوع عن معاذ بن جبل: يا أيها الناس اتخذوا تقوى الله تجارة يأتكم الربح بلا بضاعة، ثم قرأ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} 2 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله من أكرم

_ 1 "ضعيف" انظر ضعيف الجامع "ح2825"، بلفظ: "خشية الله". 2 الطلاق: 2.

الناس؟ قال: "أتقاهم لله" وألف ابن أبي الدنيا جزءًا في التقوى، وفيه عن عبد الرحمن بن صالح قال: كتب رجل من العباد إلى أخيه: أوصيك بتقوى الله؛ فإن في تقوى الله الخير كله والتيسير والفرج والرزق الطيب في الدنيا، وفيه النجاة وحسن الثواب في الآخرة، وفي التنزيل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3] {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} 1. وللعسكري عن سمرة رفعه: "من اتقى الله عاش قويًّا وسار في بلاد عدوه آمنًا" وروى البيهقي وأبو يعلى والطبراني وأبو نعيم والحاكم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعا: من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله، لكن قال البيهقي في الزهد: تكلموا في هشام بن زياد أحد رواة الحديث، وأخرج الواحدي والثعلبي والزمخشري في تفسير: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} من سورة الحجرات بلا سند عن يزيد بن شجرة، قال: مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سوق المدينة، فرأى غلامًا أسود ينادي: من يشتريني على شرط ألا يمنعني من الصلوات الخمس ... الحديث. 1008- تقربوا إلى الله ببغض أهل المعاصي2. رواه ابن شاهين عن ابن مسعود، وتمامه: والقوهم بوجوه مكفهرة، والتمسوا رضا الله بسخطهم، وتقربوا إلى الله بالتباعد عنهم، قال المناوي: وكما يطلب التقرب ببغض أهل المعاصي يطلب التقرب بمحبة أهل الطاعات، قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: أحب الصالحين ولست منهم ... لعلي أن أنال بهم شفاعة وأكره من بضاعته المعاصي ... وإن كنا جميعًا في البضاعة 1009- "تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا" 3. رواه البخاري وأبو داود والنسائي عن عائشة -رضي الله عنها-، وعند أحمد وابن ماجه عن سعد: تقطع اليد في ثمن الْمِجَنِّ.

_ 1 الطلاق: 5. 2 ضعيف: رقم "2472". 3 صحيح: رقم "2982".

1010- تقول النار للمؤمن يوم القيامة: جُزْ يا مؤمن, فقد أطفأ نورك لهبي1. رواه الطبراني في الكبير عن يعلى بن منبه رفعه، وفي سنده منصور بن عمار الواعظ ليس بالقوي، ورواه ابن عدي عن يعلى وقال: منكر، ورواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول له بلفظ: إن النار تقول: ... الحديث. 1011- التكبر على المتكبر صدقة. نقل القاري عن الرازي أنه كلام، ثم قال: لكن معناه مأثور, انتهى. والمشهور على الألسنة: حسنة بدل: صدقة. 1012- التكبير جزم2. قال في المقاصد: لا أصل له في المرفوع، مع وقوعه في الرافعي، وإنما هو من قول النخعي كما رواه الترمذي لكن بزيادة: "والتسليم جزم". ورواه أيضا سعد بن منصور بزيادة: "والقراءة جزم"، وفي لفظ عنه: "كانوا يجزمون التكبير". واختلف في لفظه ومعناه، فقال الهروي: عوام الناس يضمون الراء من "أكبر"، وقال المبرد: "الله أكبرْ" بالسكون، ويحتج بأن الأذان سمع موقوفًا غير معرب. وقال في النهاية: معناه أن التكبير والسلام لا يمدان، ولا يعرب التكبير بل يسكن آخره. وتبعه المحب الطبري، وهو مقتضى كلام ابن الرفعة، وعليه مشى الزركشي، وإن كان أصله الرفع بالخبرية. ورده الحافظ ابن حجر بأن استعمال الجزم في مقابل الإعراب اصطلاح حادث، فكيف يحمل عليه الألفاظ النبوية؟ يعني على تقدير ثبوته وإلا فلا أصل له. ثم اختار أن المراد بـ "حذف السلام وجزم التكبير" الإسراع به وعدم مده. قال الترمذي: وهو الذي استحبه أهل العلم. وقال الغزالي في الإحياء: ويحذف السلام ولا يمد مدًّا, فهو السنة.

_ 1 ضعيف: رقم "2473". 2 لا أصل له، انظر الضعيفة "ح71".

وقال ابن حجر في التحفة: "ويسن جزم الراء" إيجابه غلط، وحديث "التكبير جزم" لا أصل له، وبفرض صحته عدم مده كما حملوا عليه الخبر الصحيح "السلام جزم" انتهى. وسئل السيوطي عنه فقال: هو غير ثابت كما قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الشرح الكبير، وإنما هو من قول إبراهيم النخعي، ومعناه -كما قال جماعة منهم الرافعي وابن الأثير- أنه لا يمد. وأغرب المحب الطبري فقال: معناه لا يمد ولا يعرب آخره. وهذا الثاني مردود بوجوه: أحدها: مخالفته لتفسير الراوي عن النخعي، والرجوع إلى تفسيره أولى كما تقرر في الأصل, ثانيها: مخالفته لما فسره به أهل الحديث والفقه، ثالثها: إطلاق الجزم على حذف الحركة الإعرابية لم يكن معهودًا في الصدر الأول، وإنما هو اصطلاح حادث, فلا يصح الحمل عليه, انتهى. وقيل: معنى "التكبير جزم" إسماع الإمام به لئلا يسبقه المأموم. وقيل: معناه أنه حتم لا يجوز غيره، فجزم بالجيم والزاي المعجمة، وضبطه بعضهم بالحاء المهملة والذال المعجمة ومعناه سريع, فالحذم السرعة. ومنه قول عمر رضي الله عنه: إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحذم, أي أسرع، حكاه ابن سيد الناس وكذا السروجي من الحنفية، قال: والحذم في اللسان السرعة ومنه قيل للأرنب: حذمة، قال: وحديث "حذف السلام سنة" أخرجه أبو داود والترمذي وابن خزيمة والحاكم في صحيحيهما عن أبي هريرة رفعه من طريق أبي داود وابن خزيمة والحاكم مع حكايتهما الوقف, ووقفه الترمذي وقال: إنه حسن صحيح، ونقل عن أحمد وابن المبارك أنهما نهيا عن عزوه للنبي -صلى الله عليه وسلم-, قال أبو الحسن القطان: لا يصح مرفوعا ولا موقوفا. انتهى كما في المقاصد. 1013- التكلف حرام. قال في التمييز: لا أعلمه بهذا اللفظ، بل في صحيح البخاري عن عمر قال: نهينا عن التكلف وقال القاري بعده: والحاصل أن معناه ثابت، ويؤيده ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه عن الزبير بن العوام بلفظ: "اللهم إني وصالحي أمتي براء من التكلف" وأخرجه أيضا بلفظ: "أنا وأمتي برآء من التكلف" وعن الزبير ابن هالة وهي أخت خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: وما أنا من المتكلفين.

1014- تكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا1، "يبيع أقوام دينهم بعَرَض من الدنيا" 2. رواه الترمذي عن أنس. 1015- تكون لأصحابي زلة يغفرها الله لهم لسابقتهم معي3. ابن عساكر عن علي، كذا عده النجم في المشهورات، فليتأمل. 1016- تلقين الميت بعد الدفن4. قال في اللآلئ: حديث تلقين الميت بعد الدفن قد جاء في حديث أخرجه الطبراني في معجمه، وإسناده ضعيف، لكن عمل به رجال من أهل الشام الأولين مع روايتهم له، ولهذا استحبه أكثر أصحاب أحمد, انتهى. وأقول: وكذا أكثر أصحابنا كما يأتي، وقال في المقاصد: وروى الطبراني بسند ضعيف عن سعيد بن عبد الله الأودي أنه قال: شهدت أبا أمامة وهو في النزع فقال: إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصنع بموتانا؛ أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم على قبره, فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة، فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة فإنه يستوي قاعدًا، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة فإنه يقول: أرشد رحمك الله، ولكن لا تشعرون، فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا، وبالقرآن إمامًا، فإن منكرًا ونكيرًا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه يقول: انطلق، ما نقعد عند من لقن حجته! فيكون الله حجيجه دونهما". فقال رجل: يا رسول الله، فإن لم نعرف اسم أمه؟ قال: "فلتنسبه إلى حواء، فلان ابن حواء".

_ 1 وقع زيادة في بعض النسخ المطبوعة: "ويمسي مؤمنًا"، وليست من لفظ الحديث. 2 صحيح: رقم "2993". 3 رواه ابن عساكر عن علي، ضعيف: رقم "2476". 4 ضعيف، انظر المجمع "324/ 2"، والتلخيص "135/ 2".

وأورده إبراهيم الحربي في "إتباع الأموات" عن ابن عباس وابن شاهين في ذكر الموت، وآخرون. وضعفه ابن الصلاح ثم النووي وابن القيم والعراقي والحافظ ابن حجر في بعض تصانيفه وآخرون، لكن قواه الضياء في أحكامه، ثم الحافظ ابن حجر أيضا بما له من الشواهد، ونسب الإمام أحمد العمل به لأهل الشام، وابن العربي لأهل المدينة، وغيرهما لقرطبة, قال في المقاصد: وأفردت للكلام عليه جزءًا. وقال ابن حجر في التحفة: ويستحب تلقين بالغ عاقل أو مجنون سبق له تكليف, ولو شهيدًا بعد تمام الدفن لخبر فيه، وضعفُهُ اعتُضِدَ بشواهد على أنه من الفضائل، فاندفع قول ابن عبد السلام: إنه بدعة، وترجيح ابن الصلاح أنه قبل إهالة التراب مردود؛ لما في الصحيحين: "فإذا انصرفوا أتاه ملكان" فتأخره بعد تمامه أقرب إلى سؤالهما, انتهى. ومثله في الرملي غير أنه خالف في شهيد المعركة، قال: كما لا نصلي عليه كما أفتى به الوالد، وزاد قوله: والأصح أن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- لا يسألون، قال: ويقف الملقن عند رأس القبر. انتهى. وقال النووي في فتاواه: وأما التلقين المعتاد في الشام بعد الدفن فالمختار استحبابه، وممن نص على استحبابه من أصحابنا القاضي حسين والمتولي والشيخ نصر المقدسي والرافعي وغيرهم، وحديثه الذي رواه الطبراني ضعيف لكنه يستأنس به، وقد اتفق علماء الحديث على المسامحة في أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب, ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا في زمن من يقتدى به إلى الآن1 انتهى. 1017- تمام المعروف خير من ابتدائه2. رواه القضاعي عن جابر رفعه بلفظ: استتمام، وكذا الطبراني في الصغير، لكن بلفظ: أفضل بدل خير، وفيه عبد الرحمن بن قيس الضبي متروك، وعن سلم بن قتيبة:

_ 1 أما عن استحباب هذا التلقين فالذي رجحه الشيخ الألباني في أحكام الجنائز عدم مشروعيته؛ لأن الحديث الوارد فيه لا يصح. وأما المسامحة في أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب فليس على إطلاقه؛ إذ الخلاف مشهور في حكم العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال, بل الراجح عدمه, بل قال العلامة أحمد شاكر في الباعث الحثيث: "وأما ما قاله أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن المبارك: "إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا" فإنما يريدون به -فيما أرجح، والله أعلم- أن التساهل إنما هو في الأخذ بالحديث الحسن الذى لم يصل إلى درجة الصحة؛ فإن الاصطلاح في التفرقة بين الصحيح والحسن لم يكن في عصرهم مستقرًّا واضحًا". اهـ. كلامه -رحمه الله-. وانظر مقدمة ضعيف الجامع للشيخ الألباني -حفظه الله-. 2 ضعيف بلفظ: "استتمام": رقم "902".

تمام المعروف أشد من ابتدائه؛ لأن ابتداءَهُ نافلة وتمامه فريضة، وفي معناه ما جاء عن العباس -رضي الله عنه- أنه قال: لا يتم المعروف إلا بتعجيله؛ فإنه إذا عجله هناه. 1018- تمعددوا واخشوشنوا1. رواه الطبراني في معجمه الكبير، وابن شاهين في الصحابة، وأبو الشيخ وأبو نعيم في المعرفة عن القعقاع بن أبي حدرد رفعه: "تمعددوا واخشوشنوا واخلولقوا وانتضلوا وامشوا حفاة". وأخرجه البغوي أيضا في معجم الصحابة عن ابن أبي حدرد من غير تسمية له، وأخرجه الطبراني في الكبير أيضا عن عبد الله بن أبي حدرد وأخرجه أبو الشيخ أيضا عن أبي هريرة رفعه، ورواه الرامهرمزي في الأمثال عن أبي الأدرع الأسلمي رفعه بلفظ: تمعددوا واخشوشنوا وامشوا حفاة. وقال في المقاصد: فهذا ما فيه من الاختلاف، ومداره على عبد الله بن سعيد وهو ضعيف، ورواه أبو عبيد في الغريب عن عمر أنه قال: "اخشوشنوا وتمعددوا واجعلوا الرأس رأسين". ورواه ابن حبان في صحيحه من طريق أبي عثمان قال: أتانا كتاب عمر فذكر قصة فيها هذا، وقد بينته في الرمي بالسهام، وفيه: وإياكم وزي الأعاجم, انتهى. وقال ابن الغرس بعد أن ذكر رواية أبي الشيخ: وقلت في المنظومة: تمعددوا واخشوشنوا واخلولقوا ... وانتضلوا2 وامشوا حفاة أليق قال: فجاء بيتًا موزونًا، ثم قال قال المناوي: وروي "واخشوشبوا" بالباء الموحدة, انتهى. ومعنى تمعددوا: اتبعوا هدي ابن عدنان في الفصاحة، وقيل: تشبهوا بعيشه بالتقشف والغلظ, ودعوا التنعيم وزي العجم. ويقال: تمعدد الغلام: إذا شَبَّ وغلظ، ويشهد له ما في الحديث الآخر: عليكم باللبسة المعدية، أي: الزموا خشونة اللباس. وقيل: المعنى اقتدوا بمعد بن عدنان والبسوا الخشن من الثياب وامشوا حفاة، فهو حث على التواضع ونهي عن الإفراط في الترفه والتنعم.

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "2481". 2 انتضل القوم وتناضلوا أي: رموا للسبق. لسان العرب "نضل".

ومن شواهده ما رواه أحمد وأبو نعيم عن معاذ رفعه: إياكم والتنعم؛ فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين. وروى الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس رفعه: إذا سارعتم إلى الخيرات, فامشوا حفاة. 1019- تمرة خير من جرادة. هذا مشهور لا سيما على ألسنة النحاة، وقد استشهد به للابتداء بالنكرة للعموم. وروى ابن أبي شيبة عن القاسم قال: سئل ابن عباس عن المُحْرِم يصيد الجرادة فقال: تمرة خير من جرادة، وورد أيضا أن عمر بن الخطاب قاله لكعب الأحبار حيث قال: في الجرادة درهم، قال عمر أيضا لأهل حمص: ما أكثر دراهمكم يا أهل حمص, تمرة خير من جرادة. وقد استوفينا الكلام عليه في الفوائد المحررة بشرح مسوغات الابتداء بالنكرة. 1020- تمكث إحداكن شطر دهرها لا تصلي. قال في اللآلئ: قال أبو عبد الله بن منده: لا يثبت بوجه من الوجوه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقال في المقاصد: لا أصل له بهذا اللفظ. ونقل ابن دقيق العيد عن ابن منده أن بعضهم ذكر هذا الحديث قال: ولا يثبت بوجه من الوجوه. وقال البيهقي في المعرفة: ذكره بعض فقهائنا وتطلبته كثيرًا, فلم أجده في شيء من كتب الحديث، ولم أجد له إسنادًا. وقال ابن الجوزي في التحقيق: هذا اللفظ يذكره أصحابنا, ولا أعرفه. وقال أبو إسحاق في المهذب: لم أجده بهذا اللفظ إلا في كتب الفقهاء. وقال النووي في شرحه: باطل لا يعرف. وفي الخلاصة: باطل لا أصل له. وقال المنذري: لم أجد له إسنادًا. ثم قال في المقاصد: وأغْرَبَ الفخر ابن تيمية في شرح الهداية لأبي الخطاب، فنقل عن القاضي أبي يعلى أنه قال: ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم البستي في السنن له.

كذا قال، وابن أبي حاتم ليس بستيًّا وإنما هو رازي، وليس له كتاب يقال له السنن، ولكن معناه صحيح. نعم يقرب منه ما اتفقا عليه عن أبي سعيد رفعه: "أليس إذا حاضت لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ؟ فذاك من نقصان دينها". ورواه مسلم عن ابن عمر وأبي هريرة بلفظ: "تمكث الليالي ما تصلي, وتفطر في شهر رمضان, فهذا نقصان دينها". وفي المستدرك نحوه ولفظه: "فإن إحداكن تقعد ما شاء الله من يوم وليلة ولا تسجد لله سجدة". قال الحافظ ابن حجر: وهذا وإن كان قريبًا من معناه لكن لا يعطي المراد منه. 1021- تناكحوا, تناسلوا؛ أباهي بكم الأمم يوم القيامة1. رواه عبد الرزاق والبيهقي عن سعيد بن أبي هلال مرسلًا بلفظ: "تناكحوا تكثروا؛ فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة" قال في المقاصد: جاء معناه عن جماعة من الصحابة، فأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم عن معقل بن يسار مرفوعا: "تزوجوا الولود الودود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" ولأحمد وسعيد بن منصور والطبراني في الأوسط والبيهقي وآخرين عن أنس قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر بالباءة, وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا، ويقول: "تزوجوا الولود الودود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة". وصححه ابن حبان والحاكم, ولابن ماجه عن أبي هريرة رفعه: "انكحوا؛ فإني مكاثر بكم" قال: وقد جمعت طرقه في جزء, انتهى. وقال في المواهب: لم أقف عليه، وقال النجم: ورواه أحمد عن ابن عمر بلفظ: "انكحوا أمهات الأولاد؛ فإني أباهي بهم يوم القيامة" وفي الباب أيضا ما تقدم في "تزوجوا". 1022- "تنكح المرأة لمالها وجمالها وحسبها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك". متفق عليه عن أبي هريرة، وفي الجامع الصغير معزوٌّ للشيخين وأبي داود والنسائي وابن ماجه بلفظ: "تنكح المرأة لأربع: لمالها وحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" وقال النجم: وعند مسلم عن جابر أن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها, فعليك بذات الدين تربت يداك، ورواه ابن حبان والحاكم عن أبي سعيد:

_ 1 اللفظ برواية عبد الرزاق والبيهقي، ضعيف: رقم "2483".

"تنكح المرأة على إحدى ثلاث: جمالها ودينها وخلقها، فعليك بذات الدين والخلق" ورواه ابن أبي الدنيا والبزار وابن ماجه عن ابن عمر: "لا تنكحوا النساء لحسنهن فلعله يرديهن، ولا لمالهن فلعله يطغيهن، وانكحوهن للدين، ولأمة سوداء خرقاء ذات دين أفضل". 1023- "تهادوا تحابوا" 1. الطبراني في الأوسط، والحربي في الهدايا، والعسكري في الأمثال عن عائشة مرفوعًا بزيادة: "وهاجروا تورثوا أبناءَكم مجدًا، وأقيلوا الكرام عثراتهم" وفي لفظ تقدم في: "أقيلوا" "تهادوا تزدادوا حبًّا" وللطبراني في الأوسط عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا نساء المؤمنين, تهادين ولو فِرْسِن شاة؛ فإنه ينبت المودة ويذهب الضغائن" وللقضاعي عن عائشة مرفوعا: "تهادوا؛ فإن الهدية تذهب الضغائن" وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد والبخاري في الأدب المفرد والترمذي والنسائي والبيهقي في الشعب، وفي لفظ الترمذي: "تهادوا فإن الهدية تذهب وَحَرَ الصدر" 2، ورواه الطبراني في الكبير والديلمي وأبو يعلى عن أم حكيم بنت وداع مرفوعا بلفظ: "تهادوا فإن الهدية تُضَعِّف الحب وتذهب الغوائل" وفي رواية: بغوائل الصدر، وفي لفظ: "تزيد في القلب حبًّا" ورواه الطبراني في الأوسط عن أنس مرفوعا: "يا معشر الأنصار تهادوا؛ فإن الهدية تسل السخيمة، وتورث المودة، فوالله لو أهدي إليَّ كراع ... " الحديث، ورواه البزار بهذا اللفظ بدون "وتورث المودة" وفي لفظ للحربي: "تهادوا فإن الهدية قلت أو كثرت تورث المودة, وتسل السخيمة" وللديلمي بلا سند عن أنس رفعه: "عليكم بالهدايا؛ فإنها تورث المودة وتذهب الضغائن" وعزاه السيوطي في الجامع الصغير لأحمد والترمذي وضعفه عن أبي هريرة بلفظ: "تهادوا؛ إن الهدية تذهب وحر الصدر" -وفي لفظ: "وحر القلب، ولا تحقرن جارة لجارتها ولو شق فرسن3 شاة" وأخرجه مالك في الموطأ عن عطاء الخراساني مرسلا رفعه بلفظ: "تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء" قال في المقاصد: وهو حديث جيد، وقد بينت ذلك

_ 1 حسن: رقم "3004". 2 وحر الصدر وهو بالتحريك: غشه ووساوسه، وقيل: الحقد والغيظ. لسان العرب. 3 أي: ظلف شاة.

مع ما وقفت عليه من معناه في تكملة شرح الترمذي، قال الحاكم: "تحابوا" إن كان بالتشديد فمن المحبة, وإن كان بالتخفيف فمن المحاباة، لكن يشهد للأول رواية: "تزيد بالقلب حبًّا" وقال ابن الغرس: وينبغي للمهدي أن يقصد بها امتثال أمر الشارع وما ندب لأجله ولا يقصد بذلك الدنيا، قال حسان: إن الهدايا تجارات اللئام وما ... يبغي الكرام لما يهدون من ثمن 1024- التهنئة بالشهور والأعياد مما اعتاده الناس1. قال في المقاصد: مروي في العيد أن خالد بن معدان لقي واثلة بن الأسقع في يوم عيد فقال له: "تقبل الله منا ومنك" فقال له مثل ذلك، وأسنده إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن الأشبه فيه الوقف. وله شواهد عن كثير من الصحابة، بينها الحافظ ابن حجر في بعض الأجوبة، بل عند الديلمي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- رفعه: "من لقي أخاه عند الانصراف من الجمعة فليقل: تقبل الله منا ومنك". وروي في المرفوع: من جملة حقوق الجار إن أصابه خير هنأه، أو مصيبة عزاه، أو مرض عاده، إلى غيره مما في معناه. بل أقوى منه ما في الصحيحين في قيام طلحة لكعب -رضي الله عنهما- وتهنئته بتوبة الله عليه. وفي تاريخ قزوين للرافعي: أول من أحدث تهنئة العيدين بقزوين أبو قاسم سعيد بن محمد القزويني، وثبت أن آدم -عليه الصلاة والسلام- لما حج البيت الحرام قالت له الملائكة: بر حجك, قد حججنا قبلك. قال النجم: وألف السيوطي [في] 2 ذلك رسالة سماها "وصول الأماني في حصول التهاني" أجاد فيها, وذكر في آخرها الحديث المرفوع عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: "أتدرون ما حق الجار؟ إن استعان بك أعنته، وإن استقرضك أقرضته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته". وذكر الحديث في الجامع الكبير بأبسط من هذا.

_ 1 قال في التمييز "464": "لم يرد فيه شيء". 2 ما بين [] سقط من النسخ المطبوعة.

1025- التوكؤ على العصا من سنة الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-1. قال القاري: كلام صحيح، وليس له أصل صريح، وإنما يستفاد من قوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} 2 ومن فعل نبينا -صلى الله عليه وسلم- في بعض الأحيان كما بينه في رسالة، قال: وأما حديث: "من بلغ الأربعين ولم يمسك العصا فقد عصى" فليس له أصل, انتهى. وقال ابن حجر الهيثمي: روى ابن عدي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: التوكؤ على العصا من أخلاق الأنبياء, وكان -صلى الله عليه وسلم- يتوكأ عليها، ورواه الديلمي بسند عن أنس رفعه حديث: حمل العصا علامة المؤمن وسنة الأنبياء، وروي أيضا: كانت للأنبياء كلهم مخصرة يختصرون بها تواضعًا لله عز وجل، وأخرج البزار والطبراني بسند ضعيف حديث: "إن أتخذ العصا، فقد اتخذها أبي إبراهيم". وأخرج ابن ماجه عن أبي أمامة: خرج إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوكئًا على عصاه. انتهى. وأما حديث: من خرج في سفر ومعه عصا وارى3 فيه الله بكل سبع ضار، ومن بلغ أربعين سنة عَدَلَهُ ذلك من الكِبر والعُجْب. فقد قال فيه ابن حجر المكي في فتاواه -نقلا عن السيوطي-: إنه موضوع. 1026- توقوا برد الخريف؛ فإنه يورث داءً في أبدانكم. لا أعلمه حديثًا فضلًا عن صحته. 1027- التمر والرمان والتفاح والعنب من فضل طينة آدم4. وقال5 في رسالة لبعض مجهول: "بلا سند عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصل لذلك، وإنما ورد في شجر التمر أكرموا عمتكم النخلة؛ فإنها خلقت من فضلة طينة آدم" انتهى.

_ 1 موضوع، انظر الضعيفة "ح916". 2 سورة طه: 17. 3 هذه اللفظة في الحديث غير واضحة المعنى, وقد اختلفت روايات النص في النسخ التي بين أيدينا، وما نظن هذه الاضطرابات إلا من خطأ النساخ؛ لما ظهر لنا من تكرار ذلك خلال الكتاب وقد تداركناه ما استطعنا. 4 راجع الضعيفة "ح262، 263". 5 لعله يقصد به السخاوي, فإنه قد أشار إلى ذلك في مقدمة الكتاب من أنه لخص كتاب السخاوي -المقاصد الحسنة- في هذا الكتاب.

1028- التواضع لا يزيد العبد إلا رفعةً، فتواضعوا يرفعكم الله1. الديلمي عن أنس، ورواه ابن أبي الدنيا في ذم الغضب عن محمد بن كثير العبدي بزيادة: "والعفو لا يزيد العبد إلا عِزًّا، فاعفوا يعزكم الله، والصدقة لا تزيد المال إلا كثرةً, فتصدقوا يرحمكم".

_ 1 "ضعيف" بزيادة ابن أبي الدنيا، ضعيف الجامع: "2514".

حرف الثاء المثلثة

حرف الثاء المثلثة: 1029- "ثلاثة حق على الله أن يغنيهم: الناكح ليستعف ... " 1. رواه ابن حبان والحاكم عن أبي هريرة. قال في الدرر: هذا تصحيف، وإنما هو "يعينهم" من "الإعانة" انتهى. لم يذكر تمام الثلاثة، لكن تقدم في "التمسوا الرزق بالنكاح" ما يؤخذ منه تمامها. وروى الطبراني في الأوسط عن جابر رفعه: "ثلاث من فعلهن ثقة بالله كان حقًّا على الله أن يعينه: من سعى في فكاك رقبة، ومن تزوج, ومن أحيا أرضًا ميتةً". 1030- الثقة بكل أحد عجز. قال في المقاصد: لا أعرفه بهذا اللفظ، ولكن عند الخطابي في العزلة عن عبد الملك بن مروان أنه وجد حجرًا مكتوبًا فيه بالعبرانية، فبعث به إلى وهب بن منبه، فإذا فيه مكتوب: إذا كان الغدر في الناس طباعًا فالثقة بكل أحد عجز، وفيها أيضا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال لمحمد بن كعب القرظي: أي خصال الرجل أوضع له؟ قال: كثرة كلامه، وإفشاؤه سره، والثقة بكل أحد. وفي المجالسة للدينوري عن هشام بن إسماعيل قال: إن ملكًا من الملوك أمر بقتل رجل من أهل الإيمان بالله، فوجدوا معه كتابًا فيه ثلاث كلمات: إذا كان القدر حقًّا فالحرص باطل، وإذا كان الغدر في الناس طباعًا فالثقة بكل أحد عجز، وإذا كان الموت لكل أحد رصدًا فالطمأنينة إلى الدنيا حمق, انتهى. وقد وجد بخط النجم له في هامش كتابه نظم ما قاله عمر بن عبد العزيز بقوله: ثلاثة أوضع أوصاف الرجال ... إفشاء سره وكثرة المقال وثقة المرء بكل أحد ... لا تحسبن كل عثرة تقال 1031- ثلاث لا يعاد صاحبهن: الرمد, وصاحب الضرس، وصاحب الدمل2. رواه الطبراني في الأوسط, والبيهقي في الشعب، وضعفه عن أبي هريرة رفعه، ورواه البيهقي أيضا عن يحيى بن أبي كثير من قوله وهو الصحيح، وروى البيهقي أيضا أن

_ 1 انظر حديث "528" سبق. 2 موضوع: رقم "2565".

زيد بن أرقم قال: رمدت فعادني النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن ثبت النهي أمكن أنه لكونها من الآلام التي لا ينقطع صاحبها غالبًا بسببها فلا يعاد، بل قد لا يفطن لمزيد ألمه مع المخالطة، وقد أفرد السخاوي هذا الحديث بتأليف. 1032- الثبات نبات. قال النجم: ليس بحديث، ولعله مثل, انتهى. وقال في المقاصد له ذكر في "الحركات البركات". 1033- ثلاثة لا يركن إليها: الدنيا والسلطان والمرأة. قال في المقاصد: كلام صحيح لا نطيل فيه بالاستشهاد لوضوح أمره انتهى، يعني: وليس بحديث كما في التمييز وغيره. 1034- ثلاثة من كن فيه فهو منافق، وإن صام وصلى وحج واعتمر وقال إني مسلم: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتُمِنَ خان1. أبو الشيخ عن أنس, وتقدم بأبسط في "آية المنافق ثلاث". 1035- "ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوًى متبع، وإعجاب المرء بنفسه" 2. البزار والطبراني وأبو نعيم عن أنس بسند ضعيف، ورواه الطبراني في الأوسط عن ابن عمر بلفظ: "ثلاث مهلكات, وثلاث منجيات، وثلاث كفارات، وثلاث درجات؛ فأما المهلكات: فشح مطاع، وهوًى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وأما المنجيات: فالعدل في الغضب والرضا، القصد في الفقر والغنى، وخشية الله في السر والعلانية، وأما الكفارات: فانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في السبْرات3، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وأما الدرجات: فإطعام الطعام، وإفشاء السلام, والصلاة بالليل والناس نيام".

_ 1 ضعيف: رقم "2553" وصحيح: رقم "3043" بدون لفظ: "حج واعتمر". 2 لفظ الطبراني عن ابن عمر: حسن: رقم "3045". 3 السبرات: جمع سبرة -بسكون الباء- وهي شدة البرد. النهاية "سبر".

1036- ثلاثة يجلين البصر: النظر إلى الخضرة، وإلى الماء الجاري، وإلى الوجه الحسن1. الحاكم والديلمي عن ابن عمر رفعه، وروياه عن القاضي أبي البختري قال: كنت أدخل على الرشيد وابنه القاسم بين يديه، فكنت أدمن النظر إليه عند دخولي وخروجي، فقال لي بعض ندمائه: ما أظن أبا البختري لا يحب رأس الحملان، ففطن له، فما أن دخلت قال: أراك تدمن النظر إلى القاسم تريد أن تجعل انقطاعه إليك، قلت: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن ترميني بما ليس في، وإنما إدمان النظر إليه لأن جعفرًا الصادق حدث عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب مرفوعا: "ثلاث يزدن في قوة البصر: النظر إلى الخضرة، وإلى الماء الجاري، وإلى الوجه الحسن" لكن أبو البختري رمي بالوضع، وجعله الشعراني في البدر المنير من قول علي -رضي الله عنه-، نعم روى أبو نعيم في الطب عن عائشة مرفوعا: ثلاثة يجلين البصر: النظر في الماء الجاري، والنظر في الخضرة، والنظر إلى الوجه الحسن، وروى أيضا ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحب أن ينظر إلى الخضرة وإلى الماء الجاري، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ثلاثة يجلين البصر: النظر إلى الخضرة، والإثمد عند النوم، والوجه الحسن يزيد في البصر" روى القضاعي عن جابر مرفوعا: "النظر في وجه المرأة الحسناء والخضرة يزيدان في البصر" وللديلمي عن أنس رفعه: "ثلاث فاتنات: الشعر الحسن، والوجه الحسن، والصوت الحسن" وقد كان النسائي يلبس الأخضر من الثياب ويقول: إن الأخضر مما يراد لقوة البصر، وللديلمي أيضا عن أبي هريرة رفعه: "أديموا النظر إلى ثلاثة: الماء الجاري فإنه يذهب بالغم ... " وما أحسن ما قيل في المقام: ثلاثة تذهب عنا الحزن ... الماء والخضرة والشكل الحسن 1037- "الثلث, والثلث كثير". رواه الشيخان وأحمد والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وفي رواية لهم عن سعد بن أبي وقاص أنه مرض مرضًا أشرف منه على الموت، فأتى

_ 1 ضعيف بلفظ ثلاث: رقم "2567".

النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوده، فقال: يا رسول الله إن لي مالًا كثيرًا، وليس يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بالثلثين؟ قال: لا، قال: فالشطر؟ قال: "لا"، قال: فالثلث؟ قال: "الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" ورواه أحمد والشيخان وابن ماجه وابن أبي شيبة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: وددت أن الناس نقصوا من الثلث؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "والثلث كثير" وابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه: لأن أوصي بالخمس أحب إليَّ من أن أوصي بالربع، ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث، ومن أوصى بالثلث لم يترك، وله عن ابن عمر قال: ذكر عند عمر الثلث في الوصية، قال: الثلث وسط، لا بخس ولا شطط، وله عن معاذ: الثلث وسط لا بخس ولا شطط، وله عن معاذ: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم زيادة في حسناتكم، وعند الطبراني عنه وأحمد عن أبي الدرداء وعند ابن ماجه والبيهقي عن أبي هريرة: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في أعمالكم، ورواه الدارقطني والبيهقي عن أبي أمامة بلفظ: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة لكم في حسناتكم؛ ليجعل لكم زكاة في أموالكم, وهما ضعيفان. 1038- ثلاثة إن أكرمتهم أهانوك: المرأة, والعبد، والفلاح. قال النجم: هو من كلام الشافعي، وليس في المرفوع. 1039- ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله تعالى فوق الغمام, ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين1. رواه الترمذي عن أبي هريرة.

_ 1 ضعيف: رقم "2591".

1040- "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة, ولا يزكيهم, ولا ينظر إليهم, ولهم عذاب أليم: شيخ زانٍ, وملك كذاب، وعائل مستكبر". رواه مسلم والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ومثله ما رواه الطبراني والبيهقي عن سلمان بلفظ: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشمط زانٍ، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته: لا يشتري إلا بيمينه, ولا يبيع إلا بيمينه". 1041- "ثلاثة لا يمنعن: الماء، والكلأ، والنار" 1. رواه ابن ماجه عن أبي هريرة. 1042- "ثلاث لا ترد: الوسائد، والدهن، واللبن" 2. رواه الترمذي وأبو داود عن ابن عمر، وما أحسن ما قيل: قد كان من سيرة خير الورى ... -صلى عليه الله- طول الزمن أن لا يرد الطيب, والمتكا ... واللحم أيضا, يا أخي, واللبن ولبعضهم فيما لا ينبغي رده: عن المصطفى سبع يسن قبولها ... إذا ما بها قد أتحف المرء خلان دهان وحلوى ثم در وسادة ... وآلة تنظيف وطيب وريحان 1043- "ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة" 3. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقوله: جدهن جد -بكسر الجيم فيهما- ضد الهزل كما قال المناوي، ورواه القاضي أبو علي الطبري في الأربعين عن أبي هريرة بلفظ الترجمة لكن بإبدال "الرجعة" بـ "العتاق"، ورواه الطبراني عن فضالة بن عبيد بلفظ: "ثلاثة لا يجوز اللعب فيهن: الطلاق، والنكاح، والعتق"، وتحصل من هذه الأحاديث خمسة جدهن جد وهزلهن جد.

_ 1 صحيح: رقم "3048". 2 حسن: رقم "3046". 3 "حسن" انظر صحيح الجامع "3027".

1044- ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار. رواه الشيخان وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس. 1045- "ثلاثة لا يرد الله دعاءهم: الذاكر الله كثيرًا، ودعوة المظلوم، والإمام العادل" 1. رواه البيهقي. 1046- ثلاثة لا يُلَامون على سوء الخلق: المريض، والصائم، والإمام العادل2. رواه الديلمي عن أبي هريرة -رضى الله عنه-. 1047- ثلاثة من السعادة، وثلاثة من الشقاوة؛ فمن السعادة: المرأة الصالحة تراها فتعجبك، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق. ومن الشقاء: المرأة تراها فتسرك وتحمل لسانها عليك, وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون قطوفًا3 وإن ضربتها أتعبتك, وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك، والدار تكون ضيقة المرافق 4. 1048- ثمن الجنة لا إله إلا الله5. ابن عدي وغيره.

_ 1 "حسن" انظر صحيح الجامع "ح3064". 2 ذكره الشوكانى في "الفوائد المجموعة" وقال: فيه مجاشع بن عمرو، وهو يضع الحديث. وقال الذهبى في الميزان "436/ 3": قال البخاري: "مجاشع بن عمرو أبو يوسف منكر مجهول". 3 القطوف من الدواب هو البطيء. لسان العرب. 4 حسن: رقم "3056". 5 ضعيف: رقم "2615".

1049- "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأذنها أبوها في نفسها، وإذنها صماتها". رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وعند أحمد وابن ماجه عن عميرة الكندي: "الثيب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها". 1050- الثيب عجالة الراكب. ذكره الزمخشري في ربيع الأبرار عن عمر موقوفًا.

حرف الجيم

حرف الجيم: 1051- الجار قبل الدار، والرفيق قبل الطريق، والزاد قبل الرحيل1. الخطيب في جامعه عن علي ورافع بن خديج بأسانيد ضعاف كما في اللآلئ وغيره، وسبق في: التمسوا الرفيق قبل الطريق. 1052- "الجار أحق بسقبه". رواه البخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم عن أبي رافع، والنسائي وابن ماجه عن الشريد بن سويد، و"سقبه" بفتح السين المهملة والقاف الموحدة بمعنى: "الشفعة". 1053- "جار الدار أحق بالدار" 2. النسائي عن أنس مرفوعا وصححه ابن حبان ورواه الطبراني عن سمرة بلفظ: "جار الدار أحق بالشفعة" وقد ورد بألفاظ أخر. 1054- الجار إلى أربعين. أبو يعلى وابن حبان في الضعفاء معًا عن أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه بلفظ: "حق الجار إلى أربعين دارًا" هكذا وهكذا وهكذا وهكذا يمينًا وشمالًا وقدامًا وخلفًا، ورواه الديلمي عنه أيضا لكن بلفظ: "الجار ستون دارًا عن يمينه، وستون عن يساره، وستون خلفه، وستون قدامه" وسنده ضعيف، لكن للأول شاهد عن كعب بن مالك رفعه: "ألا إن أربعين دارًا جار" وسنده ضعيف أيضا، وروي عن عائشة أنها قالت: "يا رسول الله, ما حد الجوار؟ قال: أربعون دارًا". وفي رواية عنها: "أوصاني جبريل بالجار إلى أربعين دارًا، عشرة من هاهنا، وعشرة من هاهنا، وعشرة من هاهنا، وعشرة من هاهنا"4، قال البيهقي: وكلاهما ضعيف أيضا.

_ 1 ضعيف: رقم "2642". 2 بنحوه صحيح: رقم "3087"، "3088". 3 بنحوه ضعيف: رقم "2697". 4 ورد في بعض النسخ المطبوعة جملة "عشرة من هاهنا" سبع مرات, وما أثبتناه من سنن البيهقي "276/ 6".

والمعروف ما رواه أبو داود في مراسيله عن الزهري أن رجلًا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يشكو جاره، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينادي على باب المسجد: ألا إن أربعين دارًا جوارًا، وقال يونس بن زيد: فقلت لابن شهاب: كيف؟ قال: أربعون هكذا، وأربعون هكذا، وأربعون هكذا، وأربعون هكذا، وأومأ إلى أربع جهات. وهو مروي عن عائشة قالت: حق الجوار أربعون دارًا من كل جانب. وذكره البخاري في "الأدب المفرد" من قول الحسن البصري فقال: أربعون دارًا أمامه، وأربعون خلفه، وأربعون عن يمينه، وأربعون عن يساره. وكذا جاء عن الأوزاعي. 1055- الجيران ثلاثة: فجار له حق واحد وهو أدنى الجيران حقًّا، وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق: فأما الجار الذي له حق واحد فجار مشرك لا رحم له -له حق الجوار، وأما الذي له حقان فجار مسلم له حق الإسلام وحق الجوار، وأما الذي له ثلاثة حقوق فجار مسلم ذو رحم له حق الإسلام وحق الجوار وحق الرحم1. البزار وأبو الشيخ في الثواب وأبو نعيم عن جابر وهو ضعيف. 1056- الجفاء والبغي في الشام2. رواه ابن عدي وابن عساكر عن أنس. 1057- الجلوس مع الفقراء من التواضع، وهو من أفضل الجهاد3. الديلمي عن أنس، وفيه وضاع كما قال المناوي. 1058- الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون4. ابن ماجه والحاكم والدارمي وأبو يعلى وغيرهم بسند ضعيف عن عمر بن الخطاب رفعه، وفي ذم المحتكر أحاديث كثيرة.

_ 1 ضعيف: رقم "2673". 2 لا يصح، انظر تذكرة الموضوعات "120". 3 موضوع: رقم "2652". 4 ضعيف: رقم "2644".

1059- جالسوا العلماء، وسائلوا الكبراء، وخالطوا الحكماء1. قال في الأصل: رواه الطبراني والعسكري عن أبي جحيفة مرفوعًا. وروي أيضا عن أبي جحيفة موقوفًا قال: "كان يقال: جالس الكبراء، وخالط العلماء, وخالل الحكماء". وفي الباب ما رواه العسكري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قيل: يا رسول الله من نجالس؟ أو قال: أي جلسائنا خير؟ قال: "من ذكركم الله رؤيته، وزاد في علمكم منطقه، وذكركم الآخرة علمه". وروى العسكري عن ابن عيينة قال: قيل لعيسى: يا روح الله من نجالس؟ فقال: من يزيد علمكم منطقه، وتذكركم الله رؤيته، ويرغبكم في الآخرة علمه. ورواه الديلمي من طريق الطبراني عن أبي أمامة بلفظ: "جالسوا العلماء, وزاحموا بوابيكم". ورواه في الجامع الصغير للطبراني عن أبي جحيفة بلفظ: "جالسوا الكبراء, وسائلوا العلماء, وخالطوا الحكماء". 1060- جلساؤكم شركاؤكم في الهدية. قال ابن الملقن في شرح البخاري في باب الشرب وتبعه العيني, وقد روي أنه -عليه الصلاة والسلام- فذكره، قال: وإسناده فيه لين, انتهى. 1061- الجالس وسط الحلقة ملعون2. رواه أبو داود عن حذيفة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن من جلس وسط الحلقة، وروى الترمذي عن أبي مجلز أن رجلًا قعد وسط الحلقة فقال حذيفة: ملعون على لسان محمد أو لعن الله على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم- من قعد وسط الحلقة، وقال الترمذي: حسن صحيح، ورواه الحاكم بلفظ: رأى حذيفة إنسانًا قاعدًا وسط حلقة فقال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قعد وسط حلقة،

_ 1 بنحوه: ضعيف جدًّا: رقم "2622". 2 "ضعيف" انظر الضعيفة "ح638".

وقال: هو على شرط الشيخين، ولم يخرجاه, وأخرجه أحمد وأبو يعلى والضياء وآخرون بلفظ الترجمة, انتهى. 1062- الجبروت في القلب1. قال ابن الغرس: ضعيف, وقال في الأصل: رواه ابن لال عن جابر مرفوعًا، وروى أحمد بن منيع والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما عن علي مرفوعًا: "أن الرجل ليكتب جبارًا وما يملك غير أهل بيته" ومن كلامهم: "الظلم كمين في النفس، العجز يخفيه, والقدرة تبديه" والمشهور: والقدرة تظهره. 1063- جبلت القلوب على حب من أحسن إليها, وبغض من أساء إليها2. قال في المقاصد: رواه أبو نعيم في الحلية وابن حبان في روضة العقلاء والخطيب وآخرون أن الحسن بن عمارة بلغه أن الأعمش وقع فيه، فبعث إليه بكسوة، فمدحه، فقيل للأعمش: ذممته ثم مدحته، فقال: حدثني خيثمة عن ابن مسعود, فذكره. وأخرجه ابن عدي في كامله والبيهقي في شعبه عن ابن مسعود مرفوعًا وموقوفًا، قال البيهقي: وهو المحفوظ، وقال ابن عدي: وهو المعروف. ورواه ابن الجوزي في العلل المتناهية مرفوعًا وموقوفًا، وهو باطل من الوجهين. وقول ابن عدي والبيهقي: إن الموقوف معروف عن الأعمش, يحتاج إلى تأويل؛ فإنهما ذكراه بسند فيه متهم بالكذب والوضع يجل الأعمش عن مثله، فقد كان زاهدًا ناسكًا تاركًا للدنيا حتى وصفه بعضهم بقوله: ما رأيت الأغنياء والسلاطين عند أحد أحقر منهم عنده مع فقره وحاجته، بل كان صبورًا مجانبًا للسلطان ورعًا عالمًا بالقرآن. ورويا أنه لما ولي الحسن بن عمارة مظالم الكوفة بلغ الأعمش فقال: ظالم ولي مظالمنا، فبلغ الحسن، فبعث إليه بأثواب ونفقة، فقال الأعمش: مثل هذا ولي علينا، يرحم صغيرنا، ويعود على فقيرنا، ويوقر كبيرنا. فقال رجل: يا أبا محمد، ما هذا قولك فيه أمس! فقال: حدثني خيثمة، وذكره موقوفًا.

_ 1 موضوع: رقم "2645". 2 موضوع مرفوعا وموقوفا: رقم "2624".

وأخرجه القضاعي فقال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن القرشي أنه قال: كنت عند الأعمش، فقيل: إن الحسن بن عمارة ولي المظالم. فقال الأعمش: يا عجبًا من ظالم ولي المظالم، ما للحائك ابن الحائك والظالم ابن الظالم! فخرجت فأتيت الحسن فأخبرته، فقال: علي بمنديل وأثواب، فوجه بها إليه. فلما كان من الغد بكرت إلى الأعمش، فقلت: أجري الحديث قبل أن تجتمع الناس, فأجريت ذكره، فقال: بخ، بخ! هذا الحسن بن عمارة ولي العمل وما زانه. فقلت: بالأمس قلت ما قلت واليوم تقول هذا! فقال: دع عنك هذا، حدثني خثيمة عن ابن مسعود مرفوعا. قال في المقاصد: وربما يستأنس له بما روى: اللهم لا تجعل لفاجر عندي نعمة يرعاه بها قلبي، وبحديث "الهدية تذهب بالسمع والبصر" وهو ضعيف، والكلام عليه مبسوط في الأجوبة الحديثية, انتهى. 1064- الجبن داء, وأكله بالجوز شفاء. قيل: موضوع، ولم يوجد إلا في رسالة مجهولة ذكره فيها، كحديث: الجبن داء والجوز داء, فإذا اجتمعا صارا دواء, انتهى. وفيه أن الحافظ ذكر الثاني في تخريج أحاديث الديلمي، وقال: إن الديلمي أسنده عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مسلسلًا، ولكن بإبدال "دواء" بـ "شفاء" وسكت عليه. 1065- الجبن والجرأة غرائز يضعهما الله حيث يشاء1. البيهقي عن عمر بن الخطاب بلفظ: "الشجاعة والجبن غرائز في الناس، تلقى الرجل يقاتل عمن لا يعرف، وتلقى الرجل يفر عن أبيه" ورواه أبو يعلى ومن طريقه القضاعي في أثناء حديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا بلفظ: "كرم المؤمن تقواه، ومروءته خلقه، ونسبه دينه، والجبن والجرأة غرائز يضعهما الله حيث يشاء" وفيه معدي بن سليمان مختلف فيه، فوَهَّاه أبو زرعة، وضعفه بعضهم، وقال الشاذكوني: كان من أفضل الناس ويعد من الأبدال2، وصحح له الترمذي حديثا، وروى الدارقطني من

_ 1 أخرجه القضاعي من حديث معدي بن سليمان عن ابن عجلان بسنده عن أبي هريرة به مرفوعا، ومعدي هذا قال فيه أبو زرعة: واهي الحديث يحدث عن ابن عجلان بمناكير. انظر التمييز "479". 2 انظر ضعف أحاديث الأبدال في ضعيف الجامع 2265: 2270. والضعيفة 936.

حديثه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضا: الحسب المال, والكرم التقوى. وروى الخرائطي عن أبي هريرة مرفوعا: "كرم المرء دينه, ومروءته عقله، وحسبه خلقه، وأصله عقله". 1066- "الجدال في القرآن كفر" 1. رواه الحاكم عن أبي هريرة وقال: صحيح، وتورع في تصحيحه, انتهى. 1067- "الجرس مزامير الشيطان" 2. وفي رواية "مزمار" وفي رواية "من مزامير" كما في المناوي، رواه مسلم وأحمد وأبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ومزامير: جمع مزمور بضم الميم وفتحها، وله مفرد أيضا مزمار بكسر الميم، وصح الإخبار بمزامير عن الجرس وإن كان مفردًا؛ لأن المراد به الجنس, انتهى. 1068- جددوا إيمانكم، قيل: يا رسول الله, وكيف نجدد إيماننا؟ قال: أكثروا من قول: لا إله إلا الله3. رواه أحمد والحاكم والنسائي والطبراني بسند حسن عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 1069- جذبة من جذبات الحق توازي عمل الثقلين. كذا اشتهر, ولينظر حاله. 1070- الجزاء من جنس العمل. قال في التمييز: لم أقف عليه بهذا اللفظ، وقال في المقاصد: يشير إليه قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} 4 {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} 5 {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} 6 وكما تدين تدان, واسمح يسمح لك، وأشباهها وقع في كتب

_ 1 صحيح: رقم "3106". 2 صحيح: رقم "3107". 3 ضعيف، انظر الضعيفة "ح896". 4 النحل: 126. 5 الشورى: 40. 6 الرحمن: 60.

النحاة كشروح الألفية وتوضيحها: الناس مجزيون بأعمالهم: إن خيرًا فخير, وإن شراًّ فشر, انتهى. وبيض لمخرجه وصحابيه، ويستدل له أيضا بقوله تعالى: {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا1 كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} 2. 1071- "جف القلم بما هو كائن" 3. تقدم في "تعرف إلى الله في الرخاء" وقال في التمييز: رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وهو حسن, انتهى. ورواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ: "جف القلم بما أنت لاقٍ" وروى القضاعي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "جف القلم بالشقي والسعيد، وفرغ من أربع: من الخَلْق والخُلُق والأجل والرزق" وكذا الديلمي لكن بلفظ: "جرى" بدل "جف". 1072- "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" 4. رواه ابن ماجه عن أبي هريرة, ورواه أيضًا عن أبي ذر. 1073- جرى القلم بما حكم. الديلمي عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، وهو في معني ما قبله، فتدبر5. 1074- "الجماعة رحمة، والفرقة عذاب" 6. رواه الإمام أحمد والطبراني بسند ضعيف؛ لأن فيه الجراح أبا وكيع، قال الدارقطني فيه: ليس بشيء عن النعمان بن بشير، ورواه ابن الإمام أحمد في زوائده عن النعمان بن بشير بلفظ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر: "من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدث بنعمة الله شكر، وتركها

_ 1 تحرفت في بعض النسخ المطبوعة إلى: بما. 2 التحريم: 7. 3 حسن، انظر التمييز "484". 4 صحيح: رقم "3099". 5 فيه حفص بن عمر الأيلي وهو ضعيف، بل اتهم، لكن يتقوى بشواهده. انظر فردوس الأخبار للديلمي "176/ 2". 6 حسن: رقم "3109".

كفر، والجماعة رحمة والفرقة عذاب" قال: وقال أبو أمامة الباهلي: عليكم بالسواد الأعظم، فقال رجل: ما السواد الأعظم؟ فنادى أبو أمامة هذه الآية من سورة النور: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} 1 وهو عند القضاعي والديلمي، لكن اقتصر أولهما منه على الترجمة، وثانيهما على "من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير" وروى الديلمي أيضا عن جابر رفعه: "من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، وما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة، في الجماعة رحمة، وفي الفرقة عذاب" وسنده ضعيف لكن له شواهد، منها ما روى الترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- رفعه: "يد الله على الجماعة، اتبعوا السواد الأعظم، فإن من شذ شذ في النار" ومنها ما روى الطبراني عن أسامة بن شريك رفعه: "يد الله على الجماعة، فإذا شذ الشاذ منهم اختطفته الشياطين ... " الحديث. ومنها ما رواه أيضا عن عرفجة رفعه: "يد الله مع الجماعة، والشيطان مع من فارق الجماعة يركض" ومنها ما رواه الديلمي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا: "الشيطان يهم بالواحد والاثنين، فإذا كانوا ثلاثة لم يهم بهم". 1075- جمال الرجل فصاحة لسانه2. رواه القضاعي والعسكري والخطيب عن جابر -رضي الله عنه- مرفوعًا، ورواه الديلمي عن جابر أيضًا رفعه: "الجمال صواب المقال، والكمال حسن الفعال بالصدق" وروى العسكري عن العباس قال: قلت: يا رسول الله, ما الجمال في الرجل؟ قال: "فصاحة لسانه" وهو عن ابن لال بلفظ: "الجمال في الرجل اللسان" وفي إسناده محمد بن الغلابي ضعيف جدا، ورواه الحاكم عن علي بن الحسين قال: أقبل العباس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه حلتان وله ضفيرتان وهو أبيض، فلما رآه تبسم، فقال: يا رسول الله ما أضحكك؟! أضحك الله سنك، فقال: أعجبني جمال عم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال العباس: ما الجمال؟ قال: "اللسان" وهو مرسل، وقال ابن طاهر: إسناده مجهول، وروى العسكري عن ابن عمر أنه قال: مر عمر بقوم يرمون، فقال: بئس ما رميتم، فقالوا: إنا متعلمين فقال عمر: والله لذنبكم في لحنكم

_ 1 النور: 53. 2 ضعيف: رقم "2633".

أشد إلي من ذنبكم في رميكم، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "رحم الله امرأً أصلح لسانه" وذكر الرافعي هذا الحديث في الديات بلفظ: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الجمال فقال: "هو اللسان". 1076- الجمعة حج المساكين1. رواه القضاعي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- رفعه, وفي لفظ له: "الفقراء" بدل "المساكين" وفي سنده مقاتل ضعيف، وعزاه في الدرر لابن أبي أسامة في مسنده عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقال الصغاني: موضوع. وروى الديلمي عن ابن عمر رفعه: "الدجاج غنم فقراء أمتي، والجمعة حج فقرائها" ولابن ماجه بسند ضعيف عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأغنياء باتخاذ الغنم، وأمر الفقراء باتخاذ الدجاج، وقال: "عند اتخاذ الأغنياء الدجاج يأذن الله بهلاك القرى". 1077- جنبوا مساجدكم صبيانكم2. قال البزار: لا أصل له, وتعقبه في المقاصد بأن ابن ماجه رواه مطولًا عن واثلة رفعه بلفظ: "جنبوا مساجدكم صبيانكم, ومجانينكم, وشراءكم, وبيعكم, وخصوماتكم, ورفع أصواتكم، وإقامة حدودكم, وسل سيوفكم، واتخذوا على أبوابها المطاهر، وجمروها في الجمع" وسنده ضعيف، لكن له شاهد عند الطبراني في الكبير والعقيلي وابن عدي بسند فيه العلاء بن كثير ضعيف أيضا عن أبي أمامة وأبي الدرداء وواثلة قالوا: سمعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذكره بلفظ: "مساجدكم" لكن بدون "شراءكم وبيعكم" ولابن عدي عن أبي هريرة رفعه: "جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم" وفي سنده عبد الله بن مُحَرَّرٍ -بمهملات بوزن محمد- ضعيف، وفي الباب مما يستأنس به لتقويته أحاديث, منها: "من رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد أو ينشد ضالة ... " الحديث، رواه الطبراني وابن السني وابن منده عن أبي هريرة رضي الله عنه: "من رأيتموه ينشد شعرًا في المسجد فقولوا: فض الله فاك ثلاثًا، ومن رأيتموه ينشد ضالة في

_ 1 ضعيف: رقم "2658". 2 اللفظ برواية ابن ماجه: ضعيف: رقم "2635".

المسجد فقولوا: لا وجدتها ثلاثًا، ومن رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا ربح الله تجارتك". 1078- الجنة تحت أقدام الأمهات1. أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم عن معاوية بن جاهمة السلمي أن جاهمة جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله, أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: "فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها" قال الحاكم: صحيح الإسناد، وتعقب بالاضطراب، وأخرجه ابن ماجه أيضا عن معاوية بن جاهمة قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال: "ويحك أَحَيَّةٌ أمك؟ " قلت: نعم يا رسول الله، قال: "فارجع فبرها"، ثم أتيته من الجانب الآخر فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك, أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: "ويحك أحية أمك؟ " قلت: نعم يا رسول الله، قال: "فارجع فبرها" ثم أتيته من أمامه فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال: "ويحك أحية أمك؟ " قلت: نعم يا رسول الله، قال: "ويحك الزم رجلها فثَمَّ الجنة" وفي الباب أيضا ما أخرجه الخطيب في جامعه والقضاعي في مسنده عن أنس -رضي الله عنه- رفعه: "الجنة تحت أقدام الأمهات", وفيه منصور بن المهاجر وأبو النضر الأبار لا يعرفان، وذكره الخطيب أيضا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وضعفه، قال في المقاصد: وقد عزاه الديلمي لمسلم عن أنس، فلينظر! ومثله في الدرر، والمعنى: أن التواضع للأمهات وإطاعتهن في خدمتهن وعدم مخالفتهن إلا فيما حظره الشرع سببٌ لدخول الجنة. 1079- جهد البلاء أن تحتاجوا إلى ما في أيدي الناس فتمنعوا2. رواه الديلمي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.

_ 1 ضعيف: رقم "2665". 2 ضعيف: رقم "2638".

1080- جهد البلاء كثرة العيال مع قلة الشيء1. رواه الحاكم في تاريخه عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال ابن عباس: كثرة العيال أحد الفقيرين, وقلة العيال أحد اليسارين. 1081- جُهد المُقِلِّ دموعه. قيل: هو بمعنى خبر: "وأفضل الصدقة جهد المقل" الذي أخرجه أبو داود وغيره عن أبي هريرة مرفوعا، وأقول: في كونه بمعناه وقفة فتأمل! وقال النجم فيه: ليس بحديث، وقال أيضا تبعا للمقاصد: نعم، روى أبو داود والحاكم وابن خزيمة عن أبي هريرة قيل: يا رسول الله, أي الصدقة أفضل؟ قال: "جهد المقل وابدأ بمن تعول" قال: وأسنده الديلمي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن نملة تجر نصف شقها حملت إلى سليمان بن داود -عليهما السلام- نبقة جلوقية وضعتها بين يديه فلم يلتفت إليها، فرفعت رأسها فقالت: ألا كلنا يهدي إلى الله ماله ... وإن كان عنه ذا غنًى فهو قابله ولو كان يهدي للجليل بقدره ... لقصر أعلى البحر منه مناهله ولكننا نهدي إلى من نحبه ... ولم يَكُ في وجداننا ما يشاكله فأتاه جبريل -عليه الصلاة والسلام- فقال: إن الله -عز وجل- يقرئك السلام ويقول لك: اقبل هديتها؛ فإن الله تعالى يحب جهد المقل، وأسنده الديلمي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- رفعه: "خير الناس مؤمن فقير يعطي جهده" وما أحسن قول ابن الغرس: أرسلت دمعي للحبيب هدية ... ونصيب قلبي من هواه ولوعه قال اجتهد فيما يليق بقدرنا ... قلت اتئد جهد المقل دموعه وقال إبراهيم بن إسحاق العينوني: أنا المقل وحبي أذاب قلبي ولوعه ... أبكي عليه بجهدي جهد المقل دموعه

_ 1 ضعيف: رقم "2640".

1082- "الجنة تحت ظلال السيوف" 1. رواه الحاكم عن أبي موسى، وفي رواية للبخاري: "الجنة تحت بارقة السيوف" وفي رواية له عن ابن أبي أوفى مرفوعًا بلفظ: "اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف" ورواه مسلم عن أبي موسى بلفظ أنه قال بحضرة العدو: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف" فقام رجل رث الهيئة، فقال: يا أبا موسى, أنت سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول هذا؟! قال: نعم، قال: فرجع إلى أصحابه، فقال: أقرأ عليكم السلام، ثم كسر جفن سيفه وألقاه ثم مشى بسيفه إلى عدوه، فضرب به حتى قتل. 1083- الجنة دار الأسخياء2. رواه الخرائطي وابن عدي والخطيب والقضاعي عن عائشة -رضي الله عنها-، قال الدارقطني: لا يصح، وقال الذهبي: منكر, وعده ابن الجوزي في الموضوعات، وقال النجم: لكن أخرجه الدارقطني من طريق آخر ضعيف، وله شواهد انتهى. وأقول: ورواه أبو الشيخ والخطيب في كتاب البخلاء والديلمي عن أنس بلفظ الترجمة بزيادة: "والذي نفسي بيده، لا يدخل الجنةَ بخيلٌ, ولا عاقٌّ والديه, ولا منانٌ بما أعطى". 1084- الجود من الموجود. من كلام العامة، وقال الشاعر: ليس العطاء من الفضول سماحة ... حتى تجود وما لديك3 قليل وفي الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما: الجود من جود الله، فجودوا. 1085- جور الترك, ولا عدل العرب. قال في التمييز: كلام ساقط وليس بحديث، وقال القاري: بل كفر صريح ظاهره, حيث فَضَّلَ ظلم جماعة على عدل آخرين, مع أن أهل العدل أحسن أجناس الناس،

_ 1 صحيح: رقم "3117". 2 ضعيف: رقم "2667". 3 في هامش ط. القدسي: في الأصل: ذا لديك.

وأهل الجور أصلهم الأنجاس، وقال النجم: كلام ساقط مفترًى، وقد جعل الله النبوة والخلافة في قريش, وهم سادات العرب. 1086- الجوع حكمة. يجري على ألسنة الناس. 1087- الجوع كافر, وقاتله من أهل الجنة. قال في المقاصد: كلام يدور في الأسواق، أي وليس بحديث كما في التمييز، ورواه القاري بلفظ: "الجوع كافر، ولا يرحم على صاحبه في حاله، وقاتله من أهل الجنة" أي: دافعه عن مسلم مضطرمن أهل الجنة، ومعناه صحيح، وأما مبناه فكما قال ابن الديبع: إنه كان يدور في الأسواق، وليس بحديث انتهى. وقال النجم: ولعله من وضع السؤال انتهى. لكن قال في المقاصد: ويقرب من الشق الأول قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث: "اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع" ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-, وروى الطبراني في الأوسط عن عائشة مرفوعا في حديث: "اللهم إني أعوذ بك من الجوع ضجيعًا"، وأما الشق الثاني فأحاديث إطعام الجائع كثيرة مشهورة, أفردت بالتأليف كحديث "أفشوا السلام، وأحسنوا الكلام، وأطعموا الطعام تدخلوا الجنة بسلام" وكحديث "من أطعم كبدًا جائعة, أطعمه الله من أطيب طعام الجنة، ومن برد كبدًا عطشى ... " الحديث, وكحديث "من أطعم مؤمنًا حتى يشبعه, أدخله الله من باب من أبواب الجنة, لا يدخله إلا من كان مثله". 1088- الجيزة روضة من رياض الجنة، ومصر خزائن الله في أرضه. قال في الأصل نقلًا عن شيخه الحافظ ابن حجر: كذب موضوع، وهو في نسخة نبيط الموضوعة، وفي النهاية: أن الجيزة -بكسر الجيم وسكون الياء- قرية على النيل قبالة مصر.

حرف الحاء المهملة

حرف الحاء المهملة: 1089- "حبب إليَّ من دنياكم ثلاثٌ: النساء, والطيب، وجُعلت قرة عيني في الصلاة" 1. هكذا اشتهر على الألسنة، وترجم به النجم، لكن ذكره في المقاصد وكثيرون بدون "من دنياكم ثلاث" وقال: رواه الطبراني في الأوسط والصغير عن أنس رفعه، وكذا الخطيب في تاريخ بغداد مقتصرًا على جملة: جعلت ... إلخ، قال: ورواه النسائي عن أنس بلفظ الترجمة، والحاكم بدون "جعلت" وقال: صحيح على شرط مسلم، وأخرجه ابن عدي عن أنس بلفظ: "حبب إلي من الدنيا: النساء, والطيب, وجعل قرة عيني في الصلاة" وأخرجه أيضًا أحمد وأبو يعلى في مسنديهما, وأبو عوانة في مستخرجه، والطبراني في الأوسط، والبيهقي في سننه وآخرون قال: كما بينت ذلك موضحًا في جزء أفردته لهذا الحديث انتهى ملخصًا. ثم قال: ورواه الديلمي بلفظ: "حبب إلي كل شيء, وحببت إلي النساء ... إلخ" وذكر ابن القيم أن أحمد رواه في الزهد بزيادة وهي: أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن. قال: وأما ما اشتهر من زيادة "ثلاث" فلم أقف عليها إلا في موضعين من الإحياء، وفي تفسير آل عمران من الكشاف، وما رأيتها في شيء من طرق هذا الحديث بعد مزيد التفتيش، قال: وبذلك صرح الزركشي، بل قال: زيادتها محيلة للمعنى, فإن الصلاة ليست من الدنيا، وقد تكلم الإمام أبو بكر بن فورك على معناه في جزء مفرد ووجهها فيه، وهذا يسمى عندهم طيًّا، وهو أن يذكر جمع، ثم يؤتى ببعضهم ويسكت عن الباقي لغرض كالتكثير فتأمل، وأنشد الزمخشري عليه: كانت حنيفة أثلاثًا فثلثهم ... من العبيد وثلث من مواليها وقيل: الثالثة "وجعلت قرة عيني في الصلاة" فلا حذف. وقال في المواهب: وقع في الإحياء والكشاف وكثير من كتب الفقهاء "حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة" وقال ابن القيم

_ 1 صحيح: رقم "3124" بدون "ثلاث".

وغيره: من رواه "حبب إلي من دنياكم ثلاث" فقد وهم، ولم يقل -عليه السلام- ثلاث؛ إذ الصلاة ليست من أمور الدنيا التي تضاف إليها, بل هي عبادة محضة، نعم يصح أن تضاف إليها لكونها ظرفًا لوقوعها فيها. وكذا قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي تبعًا لأصله، والولي ابن العراقي في أماليه: إن لفظ "ثلاث" لم يقع في شيء من طرقه، بل هي مفسدة للمعنى, انتهى ملخصًا. وأقول: في قولهم: "بل هي مفسدة للمعنى" كقول الزركشي: "زيادة ثلاث محيلة للمعنى ... إلخ" نظر وإن أقروه، بل المحيل زيادة: "من دنياكم ثلاث" لا لفظ "ثلاث" فقط فتأمل. وقال الجلال السيوطي في تخريج أحاديث الشفاء: أخرجه النسائي والحاكم عن أنس بدون "ثلاث" , لكن عند أحمد عن عائشة: كان يعجب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الدنيا ثلاثة أشياء: النساء والطيب والطعام، فأصاب اثنتين ولم يصب واحدة، أصاب النساء والطيب، ولم يصب الطعام. إسناده صحيح إلا أن فيه رجلًا لم يُسَمَّ، انتهى. وأقول: يؤخذ منه أن الثالثة هي الطعام، على فرض ثبوت "ثلاث" فتأمل. وقال القاري: وأما صحته من جهة المعنى فلوقوعه قرة عينه في الدنيا جعل كأنه منها، ويؤيد ما جاء في رواية الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة، انتهى. وروى الديلمي عن أنس مرفوعا: "الجائع يشبع، والظمآن يروى، وأنا لا أشبع من حب الصلاة والنساء". والمراد بالصلاة العبادة المخصوصة فرضًا كانت أو نفلًا، وتردد القاري فقال: وهل المراد بالصلاة العبادة الموضوعة لسائر الأنام، أو الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام-, فيعني أنه حبب إليه -صلى الله عليه وسلم- الصلاة عليه من أمته؟. تنبيه: قال في المواهب: وهاهنا لطيفة، وروى أنه -عليه الصلاة والسلام- لما قال: "حبب إلي من دنياكم النساء, والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة" قال أبو بكر: وأنا يا رسول الله, حبب إلي من الدنيا النظر إلى وجهك، وجمع المال للإنفاق عليك، والتوسل بقرابتك إليك. وقال عمر: وأنا يا رسول لله، حبب إلي من الدنيا الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر، والقيام بأمر الله. وقال عثمان: وأنا يا رسول الله, حبب إلي من الدنيا

ثلاث: إشباع الجائع, وإرواء الظمآن، وكسوة العاري. وقال علي رضي الله عنه: وأنا يا رسول الله, حبب إلي من الدنيا الصوم في الصيف، وإقراء الضيف، والضرب بين يديك بالسيف. وقال الطبري: خرجه الجندي والعهدة عليه, انتهى. ونقل الشبراملسي في حاشيته على المواهب عن الذريعة لابن العماد أنه قال فيها: وعن الشيخ أبي محمد النيسابوري أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، قال: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: القعود بين يديك، والصلاة عليك، وإنفاق مالي لديك. فقال عمر رضي الله عنه: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة حدود الله. فقال عثمان رضي الله عنه: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام. فقال علي رضي الله عنه: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: الضرب بالسيف، والصوم بالصيف، وقرى الضيف. فنزل جبريل -عليه السلام- وقال: أنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: النزول على النبيين، وتبليغ الرسالة للمرسلين، والحمد لله رب العالمين أي الثناء عليه. ثم عرج ثم رجع فقال، يقول تعالى: وهو حبب إليه من عباده ثلاث: لسان ذاكر، وقلب شاكر، وجسم على بلائه صابر، وفي بعضها مخالفة لما في المواهب, انتهى. وفي المجالس للخفاجي بعض مخالفة وزيادة، وعبارته: قيل: إنه -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر هذا الحديث قال أبو بكر: وأنا يا رسول الله حبب إلي من الدنيا ثلاث: النظر إليك وإنفاق مالي عليك والجهاد بين يديك. وقال عمر: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة حدود الله. وقال عثمان: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام. وقال علي بن أبي طالب: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: إكرام الضيف، والصوم بالصيف، والضرب بالسيف، فنزل جبريل -عليه السلام- وقال: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: إغاثة المضطرين، وإرشاد المضلين، والمؤانسة بكلام رب العالمين. ونزل ميكائيل فقال: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: شاب تائب، وقلب خاشع، وعين باكية, انتهت. وفي كلام بعضهم أن أبا حنيفة لما وقف على ذلك قال: وأنا حبب إلي من دنياكم ثلاث: ترك الترفع والتعالي، وقلب من حبين خالي، والتهجد بالعلم في طول الليالي. وأن مالكًا لما وقف عليه أيضا قال: وأنا حبب إلي من دنياكم ثلاث: مجاورة تربة سيد

المرسلين، وإحياء علوم الدين، والاقتداء بالخلفاء الراشدين. وأن الشافعي -رضي الله عنه- لما وقف عليه أيضا قال: وأنا حبب إلي من دنياكم ثلاث: ترك التكلف، وعشرة الخلق بالتلطف، والاقتداء بطريق أهل التصوف. وأن أحمد لما وقف عليه قال: وأنا حبب إلي من دنياكم ثلاث: عطاء من غير منة، ونفس مطمئنة, والاتباع للسنة. 1090- حاسبوهم؛ فإنهم لا ذمة لهم. هو بمعنى حديث: حاكوا الباعة الآتي. 1091- الحاجة على قدر الرسول. قال النجم: ليس بحديث، لكن معناه مستعمل عند الناس, كما قيل: إذا كنت في حاجة مرسلًا ... فأرسل حكيمًا ولا توصه 1092 حارم وارثه من أهل النار1. بمعنى المشهور على الألسنة "من حرم وارثًا إرثه حرمه الله الجنة" وهو بمعنى ما سيأتي مما لم يصح أيضا وهو: من زوى ميراثًا عن وارثه, زوى الله عنه ميراثه من الجنة. 1093- حاكوا الباعة؛ فإنهم لا ذمة لهم2. قال الحافظ ابن حجر: ورد بسند ضعيف لكن بلفظ: "مَاكِسوا الباعة؛ فإنه لا خلاق لهم" قال: وورد بسند قوي عن الثوري أنه قال: كان يقال وذكره. وقال في الدرر: رأيت عن ابن حجر أن له أصلا، وقال في المقاصد: وهو عندنا في مشيخة أبي محمد الحسن بن علي الجوهري عن يزيد بن أبي الزرقاء أنه قال: كنت مع سفيان الثوري فمر به دَجَّاج يبيع الدجاج فقال له سفيان: بكم هذه الدجاجة؟ فقال له الرجل: شراؤها درهم ودانق، فقال له سفيان: تبيعها بخمسة دوانق؟ فقيل له: يا أبا عبد الله يخبرك: شراؤها درهم ودانق, فتقول له: تبيعها بخمسة دوانق؟! فقال سفيان: كان يقال: ماكسوا الباعة؛ فإنه لا خلاق لهم. وترجم الحافظ في كتابه المطالب العالية بمماكسة الباعة، ثم أورد عن أبي الشعثاء أنه كان لا يماكس في ثلاثة: في الكراء إلى مكة، وفي الرقبة, وفي الأضحية،

_ 1 لا يصح، انظر التمييز "1380" بنحوه. 2 لا أصل له بهذا اللفظ، انظر الضعيفة "ح666".

وفي الفردوس بلا سند عن أنس رفعه: أتاني جبريل فقال: يا محمد ماكس عن درهمك، فإن المغبون لا مأجور ولا محمود، وروى أبو يعلى في مسنده عن الحسين بن علي رفعه قال: "المغبون لا محمود ولا مأجور" وفي المجالسة للدينوري عن محمد بن سلام الجمحي قال: رئي عبد الله بن جعفر يماكس في درهم، فقيل له: تماكس في درهم وأنت تجود من المال بكذا وكذا؟ فقال: ذاك مال جدت به, وهذا عقلي بخلت به. وفي معجم البغوي عن أبي هاشم القناد قال: كنت أحمل المتاع من البصرة إلى الحسن بن علي، فكان يماكسني فيه، فلعلي لا أقوم من عنده حتى يهب عامته، فقلت: يا ابن رسول الله أجيئك بالمتاع من البصرة فتماكسني، فلعلي لا أقوم حتى تهب عامته؟ فقال: إن أبي حدثني يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "المغبون ... " وذكره. قال البغوي: وهذا وهم من رواية كامل عن أبي هاشم، فقد رواه غيره عنه قال: كنت أحمل المتاع إلى علي بن الحسين ... ورواه الطبراني في الكبير عن الحسن رفعه، وأبو هاشم قال: الذهبي لا يعرف، وخبره منكر لا سيما وقد اضطرب فيه، وللطبراني في الكبير بسند ضعيف جدًّا عن أبي أمامة: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "غبن المسترسل حرام". ورواه أحمد بلفظ: "ما زاد التاجر على المسترسل فهو ربا". وحاكّوا بتشديد الكاف، ورواه في اللآلئ "حاككوا" بفك الإدغام، وقال: لا أصل له, وفي الباب عن علي وأنس. 1094- الحكم ملح الأرض. ليس بحديث، لكن معناه صحيح، قال الله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} 1. 1095- حبك الشيء يعمي ويصم2. قال في المقاصد: رواه أبو داود والعسكري عن أبي الدرداء مرفوعا وموقوفا والوقف أشبه، وفي سنده ابن أبي مريم ضعيف، ورواه أحمد عن ابن أبي مريم فوقفه، والرفع أكثر, ولم يصب الصغاني حيث حكم عليه بالوضع، وكذا قال العراقي: إن

_ 1 البقرة: 251. 2 ضعيف: رقم "2687".

ابن أبي مريم لم يتهمه أحد بكذب، إنما سرق له حلي فأنكر عقله، وقال الحافظ ابن حجر تبعا للعراقي: ويكفينا سكوت أبي داود عليه فليس بموضوع ولا شديد الضعف، فهو حسن انتهى. وقال القاري بعد أن ذكر ما تقدم: فالحديث إما صحيح لذاته أو لغيره, مرتقٍ عن درجة الحسن لذاته إلى صحة معناه، وإن لم يثبت مبناه, انتهى. وفي الباب ما لم يثبت عن معاوية قال العسكري: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن من الحب ما يعميك عن طريق الرشد ويصمك عن استماع الحق، وإن كان الرجل إذا غلب الحب على قلبه ولم يكن له رادع من عقل أو دين؛ أصمه حبه عن العذل, وأعماه عن الرشد؛ ولذا قال بعضهم رحمه الله تعالى: وعين أخي الرضا عن ذاك تعمى وقال آخر: وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا وقال ثعلب: معناه أن العين تعمى عن النظر إلى مساويه، وتصم الأذن عن استماع العذل فيه, وأنشأ يقول: وكذبت طرفي فيك, والطرف صادق ... وأسمعت أذني فيك ما ليس تسمع وقيل: معناه يعمى ويصم عن الآخرة، والغرض النهي عن حب ما لا ينبغي، وعن الإغراق في حبه، ومثل هذا الحديث ما ذكره في الجامع الصغير عن ابن عباس "حب الثناء من الناس يعمي ويصم" وسنده ضعيف كما في المناوي, انتهى. 1096- الحبيب لا يعذب حبيبه. قال القاري نقلًا عن السخاوي: ما علمته في المرفوع، وقوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} 1 يشير إلى صحة معناه وإن لم يثبت مبناه، وقال النجم: قلت: وعند أحمد عن أنس, مر النبي -صلى الله عليه وسلم- في نفر من أصحابه وصبي في الطريق، فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ, فأقبلت تسعى وتقول: ابني ابني، فسعت فأخذته، فقال القوم: يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي ولدها في النار؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا والله ولا يلقي حبيبٌ

_ 1 المائدة: 18.

حبيبه في النار، وله في الزهد عن الحسن مرسلًا: والله لا يعذب الله حبيبه، ولكن قد يبتليه في الدنيا. 1097- "حبذا المتخللون من أمتي" 1. قال الصغاني: وضعه ظاهر وفسره بتخليل الأصابع واللحية في الوضوء، واعترضه القاري بأن وضعه غير ظاهر لثبوت الأحاديث في تخليل اللحية والأصابع حتى عدا من السنة المؤكدة انتهى. وأقول: ويحتمل أن يراد ما يشمل تخليل الأسنان من الطعام. 1098- "الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام". رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله، ورواه عن عائشة أيضا أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن هذه الحبة" بزيادة: "إن هذه" وبلفظ: "إلا من السام" , قلت: وما السام؟ قال: "الموت"، ورواه أبو نعيم بلفظ: "الشونيز دواء من كل داء إلا الموت" وهو بمعنى الحبة السوداء, ورواه البخاري من حديث خالد بن سعد بلفظ: "خرجنا ومعنا غالب بن أبحر فمرض في الطريق، فقدمنا المدينة وهو مريض، فعاده ابن أبي عتيق، فقال لنا: عليكم بهذه الحبة السوداء، فخذوا منها خمسًا أو سبعًا، فاسحقوها ثم اقطروها في أنفه بقطرات زيت في هذا الجانب وفي هذا الجانب؛ فإن عائشة حدثتني أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن هذه الحبة ... " الحديث. 1099- حب الدنيا رأس كل خطيئة2. رواه البيهقي في الشعب بإسناد حسن إلى الحسن البصري رفعه مرسلًا، وذكره الديلمي في الفردوس وتبعه ولده بلا سند عن علي رفعه، وقال ابن الغرس: الحديث ضعيف، ورواه البيهقي أيضا في الزهد وأبو نعيم من قول عيسى ابن مريم، وفي رواية لولد أحمد بلفظ: "رأس الخطيئة حب الدنيا, والنساء حبالة الشيطان، والخمر مفتاح كل شر", ولأحمد في الزهد عن سفيان، قال: كان عيسى ابن مريم يقول: "حب الدنيا أصل كل خطيئة، والمال فيه داء كثير, قالوا: وما داؤه؟ قال: لا يسلم صاحبه من الفخر

_ 1 حسن: رقم "3125"، وهو ضعيف بزيادة: "في الوضوء والطعام" انظر ضعيف الجامع "ح2686". 2 ضعيف: رقم "2681".

والخيلاء، قالوا: فإن سلم؟ قال: شغله إصلاحه عن ذكر الله تعالى" وعند ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان له أنه من قول مالك بن دينار، وعند ابن يونس في تاريخ مصر له من قول سعيد بن مسعود، وجزم ابن تيمية بأنه من قول جندب البجلي، قال في المقاصد: وبالأول يرد عليه وعلى غيره ممن صرح بالحكم عليه بالوضع أي: كالصغاني لقول ابن المديني: مرسلات الحسن إذا رواها عنه الثقات صحاح ما أقل ما يسقط منها، وقال أبو زرعة: كل شيء يقول الحسن فيه: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجدت له أصلًا ثابتًا، ما خلا أربعة أحاديث, وليته ذكرها، وقال في الدرر: قد عد الحديث في الموضوعات، وتعقبه شيخ الإسلام ابن حجر بأنه أثنى على مراسيل الحسن, انتهى. لكن في اللآلئ للحافظ المذكور: مراسيل الحسن عندهم تشبه الريح انتهى. وقال الدارقطني: في مراسيله ضعف، وللديلمي عن أبي هريرة رفعه: "أعظم الآفات تصيب أمتي حبهم الدنيا, وجمعهم الدنانير والدراهم، لا خير في كثير ممن جمعها إلا من سلطه الله على هلكتها في الحق" وفي تاريخ ابن عساكر عن سعيد بن مسعود الصدفي التابعي بلفظ: حب الدنيا رأس الخطايا. 1100- حب العرب إيمان1. تقدم في: أحبوا العرب. 1101- حب المؤمن من الإيمان. قال الصغاني: موضوع. 1102- حب الوطن من الإيمان. قال الصغاني: موضوع، وقال في المقاصد: لم أقف عليه، ومعناه صحيح، ورد القاري قوله ومعناه صحيح بأنه عجيب، قال: إذ لا تلازم بين حب الوطن وبين الإيمان، قال: ورد أيضا بقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ} الآية2, فإنها دلت على حبهم وطنهم، مع عدم تلبسهم بالإيمان؛ إذ ضمير عليهم للمنافقين، لكن انتصر له بعضهم بأنه ليس

_ 1 سبق، انظر حديث "133". 2 النساء: 66.

في كلامه أنه لا يحب الوطن إلا مؤمن، وإنما فيه أن حب الوطن لا ينافي الإيمان, انتهى. كذا نقله القاري ثم عقبه بقوله: ولا يخفى أن معنى الحديث حب الوطن من علامة الإيمان, وهي لا تكون إلا إذا كان الحب مختصًّا بالمؤمن، فإذا وجد فيه وفي غيره لا يصلح أن يكون علامة, قوله: ومعناه صحيح نظرًا إلى قوله تعالى حكاية عن المؤمنين: {وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا} 1 فصحت معارضته بقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا} الآية2 الأظهر في معنى الحديث إن صح مبناه أن يحمل على أن المراد بالوطن الجنة, فإنها المسكن الأول لأبينا آدم على خلاف فيه أنه خلق فيها أو أدخل بعدما تكمل وأتم، أو المراد به مكة فإنها أم القرى وقبلة العالم، أو الرجوع إلى الله تعالى على طريقة الصوفية, فإنه المبدأ والمعاد كما يشير إليه قوله تعالى: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} 3 أو المراد به الوطن المتعارف ولكن بشرط أن يكون سبب حبه صلة أرحامه، أو إحسانه إلى أهل بلده من فقرائه وأيتامه، ثم التحقيق أنه لا يلزم من كون الشيء علامة له اختصاصه به مطلقًا، بل يكفي غالبًا ألا ترى إلى حديث: حسن العهد من الإيمان, وحب العرب من الإيمان مع أنهما يوجدان في أهل الكفران انتهى. ومما يدل لكون المراد به مكة ما روى ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: لما خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} 4 قال: إلى مكة انتهى. وللخطابي في غريب الحديث عن الزهري قال: قدم أُصَيْلٌ -بالتصغير- الغفاري على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة قبل أن يضرب الحجاب، فقالت له عائشة: كيف تركت مكة؟ قال: اخضرَّت جنباتها، وابيضَّت بطحاؤها، وأغدق إذخرها، وانتشر سلمها ... الحديث، وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حسبك يا أصيل لا تحزني"، وفي رواية: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ويهًا يا أصيل! تدع القلوب تقر".

_ 1 البقرة: 246. 2 النساء: 66. 3 النجم: 42. 4 القصص: 85.

1103- حب الوطن قتال. قال النجم: ليس بحديث، وفي معناه ما رواه الدينوري في المجالسة عن الأصمعي قال: قالت الهند ثلاث خصال في ثلاثة أصناف من الحيوان: الإبل تحن إلى أوطانها وإن كان عهدها بعيدًا، والطير إلى وكره وإن كان موضعه مجدبًا، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر له نفعًا، وفيها أيضا عن الأصمعي سمعت أعرابيًّا يقول: إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى أوطانه، وتشوقه إلى إخوانه, وبكاؤه على ما مضى من زمانه. 1104- حب الهرة من الإيمان. قال القاري: موضوع كما قاله الصغاني وغيره، قال: وقد بسطت عليه الكلام في رسالة مستقلة لتحقيق المرام في تقريره من خصال أهل الإيمان وهو لا ينافي أنه من خصال بعض أهل الكفران كسائر مكارم الإحسان، ولا يعد من علامة الإيمان كما توهم السعد والسيد وأغرب الثاني حيث جعل إضافته من باب إضافة المصدر إلى مفعوله انتهى, وأقول: لا غرابة فيه فهو كقوله تعالى: {لا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} . 1105- الحجامة تكره في أول النهار، ولا يرجى نفعها حتى ينقص الهلال2. رواه عبد الملك بن حبيب في الطب النبوي عن عبد الكريم الحضرمي معضلًا، وقال الزركشي وتبعه في الدرر: لم أقف عليه، وقال السيد معين الدين الصفدي: ليس بثابت، وقيل: إنه من كلام بعض السلف، وقال النجم: ويعارضه ما رواه ابن السني والطبراني عن ابن عمر: الحجامة على الريق أمثل وفيها شفاء وبركة، وما رواه الديلمي عن أنس: "الحجامة على الريق دواء، وعلى الشبع داء". تنبيه: قال بعضهم: نقصان الهلال هنا بأن ينتصف الشهر، قال العلقمي: لأن الدم هاج في أول الشهر وفي آخره قد سكن.

_ 1 فصلت: 49. 2 ضعيف بلفظ: "تكره في أول الهلال", رقم "2753".

1106- الحجامة في نقرة الرأس تورث النسيان، فتجنبوا ذلك1. قال في المقاصد: رواه الديلمي عن أنس مرفوعا، وفي سنده عمر بن واصل اتهمه الخطيب بالوضع لا سيما وهي حكاية وقد احتجم النبي -صلى الله عليه وسلم- في يافوخه من وجع كان به، ويروى أنه كان يحتجم على هامته، أي على رأسه وبين كتفيه، لكن قال أبو داود: قال عمر: احتجمت فذهب عقلي، حتى كنت ألقن فاتحة الكتاب في صلاتي، وكان احتجم على هامته، وللطبراني في الكبير عن عبد الله بن عمر رفعه: "الحجامة في الرأس شفاء من الجنون والجذام والبرص والنعاس والضرس", وللحاكم بسند ضعيف عن ابن عمر مرفوعًا: "الحجامة على الريق أمثل, وهي شفاء وبركة، وهي تزيد في العقل وتزيد في الحفظ ... " الحديث، وفيه: احتجموا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي صرف الله عن أيوب فيه البلاء، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء، وأخرجه ابن ماجه بسند فيه مجهول عن نافع، وقد أفرد بعض الآخذين عن الحافظ ابن حجر أحاديث الحجامة في جزء, انتهى. ورواه كما في الجامع الصغير ابن ماجه والحاكم وابن السني وأبو نعيم عن ابن عمر بلفظ: "الحجامة على الريق أمثل, وفيها شفاء وبركة, وتزيد في الحفظ وفي العقل, فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس, واجتنبوا الحجامة يوم الجمعة والسبت ويوم الأحد, واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء؛ فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب من البلاء, واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء؛ فإنه اليوم الذي ابتلي فيه أيوب, وما يبدو جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء" وفي الحجامة أحاديث كثيرة فراجعها. 1107- "حجبت الجنة بالمكاره" 2. وفي لفظ: حجبت النار بالشهوات, وحجبت الجنة بالمكاره، وسيأتي في "حفت الجنة" وهو أشهر من حجبت. 1108- "الحجر الأسود من الجنة" 3. رواه النسائي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا، وزاد الترمذي والحاكم: وأنه يبعث يوم القيامة له عينان ... الحديث، ولأحمد بن منيع عنه أيضًا مرفوعًا: الحجر مروة

_ 1 فيه عمرو بن واصل، اتهمه الخطيب بالوضع، انظر التمييز "507". 2 بنحوه صحيح: رقم "3126". 3 صحيح: رقم "3174".

من مرو الجنة، وأصله عند أحمد والترمذي وللديلمي عن عائشة مرفوعًا: الحجر الأسود من حجارة الجنة، وله شواهد كثيرة. 1109- الحجر الأسود يمين الله في أرضه1. رواه الطبراني في معجمه وأبو عبيد القاسم بن سلام عن ابن عباس -رضي الله عنهما- رفعه، وذكر ابن أبي الفوارس في تاسع مخلصياته عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أيضا أنه قال: "الحجر يمين الله عز وجل في الأرض, فمن لم يدرك بيعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمسح الحجر؛ فقد بايع الله ورسوله", وكذا أخرجه الأزرقي في تاريخه، وأخرجه أيضا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "الركن يمين الله في الأرض, يصافح بها عباده كما يصافح أحدكم أخاه" وفي لفظ: "أن هذا الركن الأسود يمين الله عز وجل في الأرض, يصافح بها عباده مصافحة الرجل أخاه"، ورواه القضاعي أيضا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفا عليه، لكنه صحيح بلفظ: "الركن يمين الله عز وجل يصافح بها خلقه, والذي نفس ابن عباس بيده ما من مسلم يسأل الله عنده شيئًا إلا أعطاه إياه ومثله, مما لا مجال للرأي فيه"، وله شواهد فالحديث حسن وإن كان ضعيفًا بحسب أصله كما قال بعضهم: منها ما رواه الديلمي عن أنس بلفظ: "الحجر يمين الله, فمن مسحه بيمينه فقد بايع الله". ومنها ما رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن جابر بلفظ: "الحجر يمين الله في الأرض, يصافح بها عباده" ومعناه كما قال المحب الطبري: أن كل ملك إذا قدم عليه قبلت يمينه، ولما كان الحاج والمعتمر يسن لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك على سبيل التمثيل ولله المثل الأعلى؛ ولذلك من صافحه كان له عند الله عهد كما أن الملك يعطي العهد بالمصافحة. لطيفة: نقل المناوي عن السيوطي أنه قال في الساجعة: ورد في الأثر: ما بعث الله قط ملكًا ولا سحابًا إلا طاف بالبيت أولًا ثم مضى, انتهى. 1110- حجوا قبل أن لا تحجوا2. رواه عبد الرزاق وأبو نعيم والديلمي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا بزيادة: "تقعد أعرابها على أذناب أوديتها, فلا يدعون أحدًا يدخلها"، ورواه البيهقي عن

_ 1 بنحوه ضعيف: رقم "2771". 2 بزيادة عبد الرزاق وأبي نعيم والديلمي عن أبي هريرة, موضوع: رقم "2696".

أبي هريرة باللفظ المذكور لكن بإبدال آخره بلفظ: "فلا يصل إلى الحج أحد"، ورواه الدارقطني في سننه بلفظ: "حجوا قبل أن لا تحجوا قالوا: وما شأن الحج يا رسول الله؟ قال: تقعد أعرابها على أذناب أوديتها؛ فلا يصل إلى الحج أحد"، لكن في سنده عبد الله ومحمد مجهولان كما قال العقيلي، وأورده الزمخشري في كشافه بلفظ: "حجوا قبل أن لا تحجوا, قبل أن يمنع البر جائبه والبحر راكبه"، وكذا أورد فيه: "حجوا قبل أن لا تحجوا؛ فإنه قد هدم البيت مرتين ويرفع في الثالثة"، ورواه ابن أبي شيبة عن ابن عمر مرفوعا أنه قال: "تمتعوا من هذا البيت؛ فإنه قد يهدم مرتين ويرفع في الثالثة"، وفي الكشاف أيضا مما لم يقف عليه مخرجوه عن ابن مسعود مرفوعا "حجوا هذا البيت قبل أن تنبت شجرة في البادية لا تأكل منها دابة إلا نفقت" انتهى. قال النجم عقبه: قلت: لما حججت سنة أربع عشرة وألف مررنا في أرض البلقاء فرعت دواب الناس من كلأ, فمات في ذلك اليوم خيل كثيرة وبغال كثيرة من غير عي ولا تعب, وفي البادية الآن شجرة الدفلى تقتل الدواب, انتهى. وأقول: وقد وقع لنا أنا حين توجهنا لزيارة إبراهيم بن أدهم -قدس سره- سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف, قد أكلت دابة رفيق لنا من شجر الدفلى فماتت على جبل قرب طرابلس, بعد أن شربت من نهر هناك يقال له: نهر البارد حين نزلنا للاستراحة، وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد مرفوعا "ليحجن البيت وليعمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج" وفيه أيضا وقال عبد الرحمن عن شعبة يعني عن قتادة: لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت, وأخرجه أبو يعلى وغيره قال البخاري: والأول أكثر سمع قتادة عبد الله وهو سمع أبا سعيد، وقال النجم: رواه الحاكم وابن ماجه عن علي "حجوا قبل أن لا تحجوا, فكأني أنظر إلى حبشي أصمع1 أقرع, بيده معول, يهدمها حجرًا حجرًا". 1111- "حجرت واسعًا, وحظرت واسعًا" 2. رواه أحمد وأبو داود عن جندب بن عبد الله البجلي قال: جاء أعرابي فأناخ راحلته ثم عقلها ثم صلى خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم نادى: اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا تشرك في رحمتنا أحدًا, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد حظرت رحمة واسعة، إن الله خلق مائة رحمة, فأنزل رحمة تتعاطف بها الخلق: جنها وإنسها وبهائمها، وعنده تسع وتسعون رحمة" , انتهى.

_ 1 الأصمع: الصغير الأذن من الناس وغيره، وفى رواية "أصعل أصمع" أي: صغير الرأس, دقيق البدن, نحيله، كما يفهم من النهاية. 2 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح5130".

والمشهور في الحديث: "لقد حجرت واسعًا"، وفي سببه: "اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا". 1112- الحجون1 والبقيع يؤخذان بأطرافهما وينثران في الجنة، وهما مقبرتا مكة والمدينة2. ذكره في الكشاف, وبيض له الزيلعي في تخريجه وتبعه الحافظ ابن حجر, وسكت عليه السخاوي, وقال القاري: لا يعرف أصله. 1113- "الحج جهاد كل ضعيف" 3. رواه أحمد وابن ماجه والقضاعي عن أم سلمة مرفوعًا، ورجاله رجال الصحيح غير أن أبا جعفر منهم لا يعرف له سماع عن أم سلمة وإن أدرك ست سنين من حياتها، إذ مولده سنة ست وخمسين وموتها سنة اثنتين وستين على الراجح، وله شاهد عند القضاعي عن علي رفعه، وفيه: وجهاد المرأة حسن التبعل، لكن فيه ابن لهيعة، وعلق البخاري عن عمر: شدوا الرحال في الحج؛ فإنه أحد الجهادين" قال في المقاصد: وتساهل الصغاني فأدرجه في الموضوعات. 1114- "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" 4. رواه أحمد عن جابر, والطبراني عن ابن عباس، وعند مالك والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما, والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. 1115- "الحج عرفة" 5. رواه أحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وقال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم من الصحابة وغيرهم، وكذا رواه الدارقطني

_ 1 الجبل المشرف مما يلي شعب الجزارين بمكة, وهو بفتح الحاء. 2 ليس له أصل، انظر تذكرة الموضوعات "75". 3 حسن: رقم "3171". 4 حسن: رقم "3170". 5 صحيح: رقم "3172".

والبيهقي كلهم عن عبد الرحمن بن يعمر الديلمي قال: شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو واقف بعرفات وأتاه ناس من أهل نجد، فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ فقال: الحج عرفة، من جاء قبل صلاة الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه, هذا لفظ أحمد، وفي رواية لأبي داود: من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج، وألفاظ الباقين نحوه، وفي رواية للدارقطني والبيهقي تكرير: الحج عرفة, مرتين. 1116- الحج وفد الله1. اشتهر على الألسنة، وفي معناه ما رواه ابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ: "الحاج والغازي وفد الله عز وجل, إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم" وفي البيهقي عن أنس -رضي الله عنه- بلفظ: "الحجاج والعمار وفد الله, يعطيهم ما سألوه, ويستجيب لهم ما دعوا, ويخلف عليهم ما أنفقوا: الدرهم ألف ألف". 1117- حدث عن البحر ولا حرج. قال النجم: مثل وليس بحديث. 1118- "حدثوا الناس بما يعرفون, تريدون أن يكذب الله ورسوله؟ " رواه البخاري عن علي موقوفًا، ورفعه الديلمي, وتقدم بأبسط في: أمرنا أن نكلم الناس، وقال ابن الغرس: وخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن علي مرفوعا، قال: وإسناده واهٍ، بل قيل: موضوع. 1119- "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" 2. رواه أبو داود عن أبي هريرة، قال في المقاصد: وأصله صحيح، وفي لفظ لأحمد بن منيع عن جابر: "حدثوا عن بني إسرائيل, فإنه كانت فيهم أعاجيب". قال ابن الغرس: مثل ما روي أن ثيابهم كانت تطول، وأن النار كانت تنزل من السماء فتأكل القربان، وغير ذلك, انتهى فاعرفه. ورواه تمام في فوائده وزاد: وأنشأ -صلى الله عليه وسلم- يحدث قال: "خرجت طائفة من بني إسرائيل حتى أتوا مقبرة من مقابرهم، فقالوا: لو صلينا ودعونا الله

_ 1 بنحوه: ضعيف: رقم "2765" عن أنس. 2 صحيح: رقم "3131".

عز وجل يخرج لنا رجلًا ممن قد مات فنسأله عن الموت، ففعلوا, فبينما هم كذلك إذ أطلع رجل رأسه من قبر من تلك المقابر، خلاسئ1، بين عينيه أثر السجود، فقال: يا هؤلاء ما أردتم إليَّ؟ لقد مت من مائة عام فما سكنت عني حرارة الموت، فادعوا الله يردني كما كنت انتهى. وهذه الزيادة تكاد تكون مقيدة؛ لكون المأذون في التحديث به هو ما يكون من هذا النمط, لا فيما يرجع إلى الأحكام ونحوها لعدم اتصالها، قال: وأحسن من هذا أن الواو للحال، هذا وقال الحافظ ابن حجر في خطبة اللآلئ المنثورة: نقل البيهقي في المعرفة عن الشافعي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فرق بين الحديث عنه وبين الحديث عن بني إسرائيل، فقال: "حدثوا عني ولا تكذبوا علي" وأخرج النسائي بإسناد صحيح عن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج, وحدثوا عني ولا تكذبوا علي" وأخرجه مسلم عن أبي سعيد بغير هذا اللفظ، وأخرجه البخاري عن ابن عمرو بلفظ: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" , واختلف في أنه خطاب للمحدث عنهم، أو للمحدث، وعلى الأول فقيل: إنه خطاب إباحة بعد حظر؛ لأنه صح أن عمر أتاه بشيء من التوراة فغضب, وقال: أتتهودن فيها يا ابن الخطاب؟ فهذا نهي، فكأنه أباح الحديث عنهم بعد ذلك، وقيل: إنما قال: حدثوا فأتبعه بقوله: ولا حرج ليعلم أنه ليس بأمر وجوب، وحكى ابن الجوزي عن شيخه إبراهيم أنه قال: المعنى حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج إن لم تحدثوا، وقيل: إنه خطاب للمحدث فقيل: إن قوله: ولا حرج خبر بمعنى النهي أي: لا تخرج فيه سامعًا لكثرة العجائب فيهم، وقيل: معناه اقبلوا الحديث عن بني إسرائيل ممن يجهل حاله, ولا تقبلوه عني إلا ممن عرف صدقه, انتهى ملخصًا. 1120- الحدة تعتري خيار أمتي2. قال في المقاصد: رواه الطبراني وأبو يعلى عن ابن عباس، لكن في سنده سلام الطويل متروك، ورواه الحسن بن سفيان في مسنده عن ذويد بن نافع، قلت لأبي منصور الفارسي: يا أبا منصور لولا حدة فيك، فقال: ما يسرني حدتي كذا وكذا, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الحدة تعتري خيار أمتي" وأخرجه البغوي في معجم الصحابة، ووصفا أبا منصور في روايتهما بالصحبة، قال: ورواه المستغفري عن يزيد بن أبي منصور وكانت له

_ 1 ومنه صبى خلاسئ, إذا كان بين أبيض وأسود. 2 تقدم في حرف التاء: "تعترى الحدة خيار أمتى" وهو موضوع: رقم "2773".

صحبة بدلًا عن أبي منصور بلفظ الترجمة، والأول أكثر، قال: ورواه الطبري في الأوسط بسند فيه يغنم بن سالم كذاب عن علي رفعه: خيار أمتي أحِدَّاؤهم, وهم الذين إذا غضبوا رجعوا، ورواه البيهقي في شعبه، ورواه الديلمي عن أنس بلفظ "لا تكون -أي: الحدة- إلا في صالحي أمتي وأبرارها ثم تفيء" وفيه أيضا عن أنس بلفظ "ليس أحد أولى بالحدة من صاحب القرآن؛ لعز القرآن في جوفه" وفيه أيضا عن معاذ مرفوعا "الحدة تعتري جماعي القرآن في أجوافهم" ويشهد له ما رواه ابن عدي عن معاذ بلفظ "الحدة تعتري حملة القرآن؛ لعزة القرآن في أجوافهم" ويشهد له أيضا ما في الترمذي وحسنه عن أبي سعيد رفعه "ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى ... " الحديث، وفيه "ومنهم سريع الغضب سريع الفيء, فتلك بتلك", وأورده في الإحياء بلفظ "المؤمن سريع الغضب سريع الرضى" وقال مخرجه: لم أجده هكذا. ومحل مدح الحدة إذا لم تؤدِّ إلى ارتكاب محذور. 1121- الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش1. قال القاري نقلًا عن المختصر أنه لم يوجد انتهى. والمشهور على الألسنة: الكلام المباح في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وذكره في الكشاف باللفظ الأول. 1122- حذف السلام سنة2. تقدم في "التكبير جذم" وقال ابن القطان: لا يصح مرفوعًا ولا موقوفًا, لكن أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه, وابن خزيمة والحاكم وصححه، قيل: معناه إسراع الإمام به لئلا يسبقه المأموم، وأغرب بعض المالكية حيث قال: هو أن لا يكون فيه: ورحمة الله. 1123- الحرائر صلاح البيت, والإماء هلاك البيت3. رواه الثعلبي بسند فيه أحمد بن محمد اليماني متروك عن يونس بن مرداس خادم أنس -وهو مجهول- أنه قال: كنت بين أنس وأبي هريرة، فقال أنس: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من أحب أن يلقى الله طاهرًا مطهرًا فليتزوج الحرائر" فقال أبو هريرة: سمعته يقول: "الحرائر صلاح البيت، والإماء فساد البيت" أو قال: هلاك

_ 1 لا أصل له، انظر الضعيفة "ح4". 2 ضعيف: رقم "2702". 3 موضوع: رقم "2776".

البيت، وللجملة الأولى طريق أخرى في ابن ماجه عن أنس سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "الحرائر صلاح البيت، وما أَحْسَنَ ما قِيلَ": ومن لم يكن في بيته قهرمانة ... فذلك بيت لا أبا لك ضائع وقوله: إذا لم يكن في منزل المرء حرة ... تدبره ضاعت عليه مصالحه 1124- الحرام يذهب، ويذهب الحلال. لم أقف على أنه حديث. 1125- "حرم على النار كل هين, لين, سهل, قريب من الناس" 1. رواه أحمد بن مسعود، قال ابن الغرس: حديث ضعيف. 1126- "الحرب خدعة". متفق عليه عن أبي هريرة قال: سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- "الحرب خدعة"، وليس عند مسلم سمى ... إلخ، واتفقا أيضا عليه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحرب خدعة"، ورواه ابن ماجه عن عائشة أنها قالت: إن نعيم بن مسعود قال: يا نبي الله إني أسلمت ولم أعلم قومي بإسلامي فَأْمُرْني بما شئت، فقال: "إنما أنت فينا كرجل واحد، فخادع إن شئت؛ فإنما الحرب خدعة"، ورواه العسكري أيضا، وقال: أراد أن المماكرة في الحرب أنفع من المكاثرة، فهو كقول بعض الحكماء: إنفاذ الرأي في الحرب أنفع من الطعن والضرب، وكالمثل السائر: إذا لم تغلب فأخلب أي: اخدع، وقال بعض اللغويين: معنى خدع: أظهر أمرًا وأبطن خلافه، ومنه كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا غزا غزوة وَرَّى بغيرها، وخدعة مثلث الخاء والفتح أشهر, والدال ساكنة فيهن، ويجوز مع الضم فتح الدال، وعبارة القاموس: خدعة مثلثة وكهمزة, وروي بهن جميعًا انتهت. ونقل ابن الغرس عن الزركشي والسيوطي أنها بتثليث الخاء مع فتح الدال، قال: وأفصحها فتح الخاء مع سكون الدال, وأنها لغة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

_ 1 أخرجه أحمد "415/ 1"، وقال الشيخ شاكر في تعليقه على المسند "3938": "إسناده صحيح".

1127- "الحرير ثياب من لا خلاق له" 1. رواه الطبراني عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. 1128- الحريص الذي يطلب الكسب من غير حله2. الطبراني عن واثلة. 1129- الحزم سوء الظن3. قال في التمييز: أخرجه الديلمي في مسنده عن علي من قوله، وهو ضعيف، وروي مرسلًا عن عبد الرحمن بن عائذ رفعه, وهو ضعيف أيضا انتهى. وقال في الدرر: رواه أبو الشيخ بسند واهٍ جدًّا عن عليٍّ موقوفًا انتهى. وتقدم في: احترسوا من الناس، وما أحسن ما قيل: لا يكن ظنك إلا سيئًا ... إن سوء الظن من حسن الفطن 1130- الحسد في الجيران. قال النجم: من كلام بشر الحافي, وسيأتي في "العداوة في الأهل". 1131- الحسد يفسد الايمان كما يفسد الصبر العسل4. قال في المقاصد: رواه الديلمي عن معواية بن حيدة، وشهد له حديث أبي هريرة رفعه "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" ونحوه عن أنس, انتهى. 1132- الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب5. رواه ابن ماجه عن أنس بزيادة "والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، والصلاة نور المؤمن، والصيام جنة من النار".

_ 1 أصله في الصحيحين، بلفظ: "إنما يلبس الحرير من لا خلاق له". 2 ضعيف بنحوه: رقم "2777" بلفظ: "الحريص الذي يطلب المكسبة من غير حلها". 3 ضعيف: رقم "2778". 4 ضعيف: رقم "2781". 5 ضعيف: رقم "2780".

1133- الحسد عشرة أجزاء؛ تسعة في العرب، وواحد في سائر الناس1. رواه الديلمي عن أنس بن مالك. 1134- حسبي الله ونعم الوكيل2. رواه ابن أبي الدنيا في الذكر عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اشتد غمه, مسح بيده على رأسه ولحيته، ثم تنفس الصعداء، وقال: حسبي الله ونعم الوكيل. ذكره السيوطي في الدر المنثور في تفسير: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} 3. وفيه أيضا وأخرج أبو نعيم والديلمي عن شداد بن أوس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "حسبي الله ونعم الوكيل أمان كل خائف" انتهى. ومما يناسب إيراده هنا ما أخرجه الحكيم الترمذي عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال عشر كلمات عند دبر كل صلاة غداة وجد الله عندهن مكفيًا مجزيًا؛ خمس للدنيا، وخمس للآخرة: حسبي الله لديني، حسبي الله لما أهمني، حسبي الله لمن بغى علي، حسبي الله لمن حسدني، حسبي الله لمن كادني بسوء، حسبي الله عند الموت، حسبي الله عند المساءلة في القبر، حسبي الله عند الميزان، حسبي الله عند الصراط، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه أنيب" انتهى. 1135- حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا. قال النجم: رواه ابن السني والديلمي عن فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: "إذا أخذت مضجعك فقولي: الحمد لله الكافي، سبحان الله الأعلى، حسبي الله وكفى، ما شاء الله قضى, سمع الله لمن دعا، ليس من الله ملجأ، ولا وراء الله ملتجأ، توكلت على الله ربي وربكم، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} 4 الآية ما من مسلم يقرؤها عند منامه, ثم ينام وسط الشياطين والهوام فتضره" انتهى.

_ 1 موضوع، وهو جزء من حديث رواه الدارقطني في "الأفراد"، قال السيوطى: وجاء من طرق في كل منها من اتهم بالوضع, ثم ذكر هذه الطرق. وانظر تنزيه الشريعة 137/ 1. 2 ضعيف جدًّا، انظر الضعيفة "ج707". 3 آل عمران: 173. 4 الإسراء: 111.

1136- حسبي من سؤالي علمه بحالي. ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء بلفظ: وروي عن كعب الأحبار أن إبراهيم قال حين أوثقوه ليلقوه في النار: لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين، لك الحمد ولك الملك، لا شريك لك، ثم رموا به في المنجنيق إلى النار فاستقبله جبريل، فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، قال جبريل: فسل ربك، فقال إبراهيم: حسبي من سؤالي علمه بحالي, انتهى. وذكر البغوي في تفسير {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ} 1 أن إبراهيم -عليه السلام- قال: حسبي الله ونعم الوكيل حين قال له خازن المياه لما أراد النمرود إلقاءه في النار: إن أردت أخمدت النار، وأتاه خازن الرياح فقال له: إن شئت طيرت النار في الهواء، فقال إبراهيم: لا حاجة لي إليكم، حسبي الله ونعم الوكيل، انتهى. 1137- حسنات الأبرار سيئات المقربين2. هو من كلام أبي سعيد الخراز كما رواه ابن عساكر في ترجمته، وهو من كبار الصوفية, مات في سنة مائتين وثمانين، وعده بعضهم حديثًا، وليس كذلك، وقال النجم: رواه ابن عساكر أيضا عن أبي سعيد الخراز من قوله, وحكى عن ذي النون انتهى. وعزاه الزركشي في لقطته للجنيد، وقال شيخ الإسلام في شرحها: الفرق بين الأبرار والمقربين, أن المقربين هم الذين أخذوا عن حظوظهم وإرادتهم واستعملوا في القيام بحقوق مولاهم عبوديةً وطلبًا لرضاه، وإن الأبرار هم الذين بقوا مع حظوظهم وإرادتهم، وأقيموا في الأعمال الصالحة ومقامات اليقين ليجزوا على مجاهدتهم برفع الدرجات، انتهى. 1138- حسنوا نوافلكم؛ فبها تكمل فرائضكم3. قال في المقاصد: عزاه الفاكهاني لابن عبد البر في بعض تصانيفه، وتكملة الفرائض بالنوافل ثابت، كما أشار إليه ابن دقيق العيد في الكلام على الحديث الخامس من فضل

_ 1 الأنبياء: 68. 2 انظر الضعيفة "ح100". 3 قال القاري في "الأسرار المرفوعة" "186": "لا أصل له بهذا المبنى، وإن كان يصح من حيث المعنى".

الجماعة بقوله: قد ورد أن النوافل جابرة لنقصان الفرائض, وقرر فيه معنًى لطيفًا في السنن المشروعة قبل الفرائض وبعدها، وللديلمي من حديث عبد الله بن برقاء الليثي عن أبيه عن جده مرفوعًا: النافلة هدية المؤمن إلى ربه، فليحسن أحدكم هديته وليطيبها. وقال القاري: لا أصل له بهذا المعنى وإن كان يصح من حيث المعنى. 1139- "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" 1. رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري رفعه وقال: حسن صحيح, وهو عند أحمد وصححه ابن حبان والحاكم وفيه زيادة: "إلا ابني الخالة عيسى ويحيى", وروى هذا الحديث سويد بن سعيد عن أبي معاوية عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- لكن قال ابن معين: إنه باطل عن أبي معاوية, قال الدارقطني: فلم نزل نظن أنه كما قال ابن معين حتى دخلت مصر في سنة سبع وخمسين فوجدت الحديث في مسند إسحاق بن إبراهيم المنجنيقي وكان ثقة, رواه ابن أبي كريب عن أبي معاوية كما قال سويد, وروى ابن ماجه والحاكم عن ابن عمر مرفوعًا بزيادة "وأبوهما خير منهما", وصححه الحاكم من هذا الوجه أيضًا, وقال النجم: وزاد أحمد في رواية كما عند عبد الرزاق والخطيب والطبراني: إلا ابني الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا, وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران. 1140- "حسين مني، وأنا من حسين" 2. رواه الترمذي وحسنه عن يعلى بن مرة الثقفي مرفوعًا، ورواه أحمد وابن ماجه في سننه عن يعلى بن مرة باللفظ المذكور، وزاد: أحب الله من أحب حسينًا، حسين سبط من الأسباط. 1141- "الحسن مني, والحسين من علي" 3. ذكره الشعراني في البدر المنير بغير عزو، وقال فيه: قال العلماء: لأن الحسن كان الغالب عليه الحلم كجده -صلى الله عليه وسلم- انتهى.

_ 1 حسن: رقم "3180". 2 بنحوه حسن: رقم "3146". 3 حسن: رقم "3179".

وأقول: ذكره السيوطي في الجامع الصغير، ورواه أحمد وابن عساكر عن المقدام بن معدي كرب، قال المناوي: قال الديلمي: معناه الحسن يشبهني، والحسين يشبه عليًّا، انتهى. قال: وكان الغالب على الحسن الحلم والأناة, وعلى الحسين الجرأة وشدة البأس كعلي, فالشبه معنوي، وقيل: صوري. 1142- حسن السؤال نصف العلم1. رواه الديلمي عن ابن عمر وتقدم في "الاقتصاد". 1143- حسن الظن من حسن العبادة2. رواه الحاكم وأبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 1144- الحسن مرحوم. قال في المقاصد: ذكره الفاكهاني في كتاب مكة أنه من كلام أبي حازم التابعي انتهى، وأقول: الحسن بضم الحاء وسكون السين المهملتين مصدرًا، قال ابن الغرس في منظومته: أي صاحب الحسن إذا تنظره ... ترحمه طبعًا إذا تنصره والسر فيه مضمر يدريه ... رب الحجا ذوقًا ولا يرويه 1145- الحسود لا يسود. من كلام بعض السلف كما في رسالة القشيري، ويحكى عن ذي النون، قال في المقاصد: ومعناه صحيح، ففي المرفوع الذي رواه أبو داود: الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وإنه يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل، وإنه أحد خصال ثلاث أصل لكل خطيئة، وقال الأحنف بن قيس: لا راحة لحسود، وروى البيهقي في الشعب عن الخليل بن أحمد: ما رأيت من ظالم أشبه بمظلوم من حاسد: نفس دائم، وعقل هائم، وحزن لائم، وقال بعضهم: الحاسد جاحد؛ لأنه لا يرضى بقضاء الواحد، وفي بعض الكتب الإلهية: الحاسد عدو نعمتي، وما أحسن ما قيل:

_ 1 جزء من حديث موضوع، انظر ضعيف الجامع "ح2286". 2 ضعيف: رقم "2718".

ألا قل لمن كان لي حاسدًا ... أتدري على من أسأت الأدب أسأت على الله في فعله ... لأنك لم ترضَ لي ما وهب وفي الحقيقة الحسود إنما يضر نفسه، بل ربما كان سببًا لاشتهار المحسود كما قيل: وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود لولا اشتعال النار فيما جاورت ... ما كان يعرف طيب عرف العود وقد أفرد ذم الحسد بالتأليف، وفي الرسالة القشيرية وإحياء الغزالي ما يكفي, ويشفي. 1146- "حسن العهد من الإيمان" 1. رواه الحاكم والديلمي عن عائشة بلفظ: جاءت عجوز إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو عندي، فقال لها: "من أنتِ؟ " فقالت: أنا جثامة المزنية، قال: "أنت حسانة" -قوله: "جثامة" بفتح الجيم وتشديد المثلثة، وقوله: "حسانة" بفتح الحاء وتشديد السين المهملتين- "كيف أنتم, كيف حالكم, كيف كنتم بعدنا؟ " قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فلما خرجت قلت: يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال! قال: "إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان". وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وليس له علة، ورواه ابن عبد البر عن أبي عاصم وسمى المرأة الحولاء، فيحتمل أن يكون وصفًا أو لقبًا، ويحتمل التعدد على بعد لاتحاد الطريق، وللعسكري عن محمد بن زيد بن مهاجر بن قنفذ أن عجوزًا سوداءَ دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فحياها، وقال: "كيف أنت, كيف حالكم؟ " فلما خرجت قالت عائشة: يا رسول الله, ألهذه السوداء تحيي وتصنع ما أرى؟ فقال: "إنها كانت تغشانا في حياة خديجة, وإن حسن العهد من الإيمان". ونقل الزبير عن شيخ في مكة أنها أم ذفر ماشطة خديجة، وأقول: يمكن الجمع لمن تأمل. وروى البيهقي في شعبه بسند غريب عن عائشة قالت: كانت تأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة فيكرمها فقلت: يا رسول الله من هذه؟ فقال: "هذه كانت تأتينا على زمن خديجة, وإن حسن العهد من الإيمان". "تنبيه": العهد في اللغة بمعنى المراعاة واليمين والأمان والموثق والذمة والوصية والحفظ, وأظهرها هنا أولها.

_ 1 انظر حديث "696" وهو حسن.

1147- "حسن الصوت زينة القرآن" 1. قال ابن الغرس: عزاه في الجامع الصغير للطبراني عن ابن مسعود، وقال المناوي: ضعيف انتهى، وورد في تحسين القرآن بالصوت أحاديث؛ منها ما رواه الحاكم وغيره عن جابر بلفظ "حسنوا القرآن بأصواتكم؛ فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا". 1148- حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة, وأعدوا للبلاء الدعاء2. قال ابن الغرس: ضعيف، لكن ورد له شواهد وقال في المقاصد: رواه الطبراني وأبو نعيم والعسكري والقضاعي عن ابن مسعود مرفوعًا، وللطبراني في الدعاء عن عبادة بن الصامت قال: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو قاعد في ظل الحطيم بمكة، فقيل: يا رسول الله أتى على مال لي بسيف البحر فذهب به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بمنع الزكاة، فحرزوا أموالكم بالزكاة, وداووا مرضاكم بالصدقة, وادفعوا عنكم طوارق البلاء بالدعاء؛ فإن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، ما نزل يكشفه وما لم ينزل يحبسه"، وللبيهقي في الشعب عن أبي أمامة مرفوعًا: "حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء، لكن في سنده فضالة بن جبير صاحب مناكير"، ورواه الطبراني وأبو الشيخ عن سمرة بن جندب رفعه بلفظه إلا أنه قال: "وردوا نائبة البلاء بالدعاء" بدل الجملة الثانية, وفي سنده غياث مجهول، ورواه الديلمي عن ابن عمر رفعه بلفظ: "داووا مرضاكم بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة؛ فإنها تدفع عنكم الأعراض والأمراض"، قال البيهقي: إنه منكر بهذا الإسناد، وفي الباب أيضا مما رواه الديلمي عن أنس مرفوعًا: ما عُولِجَ مريضٌ بدواء أفضل من الصدقة، وغيره مما لا نطيل به. 1149- حصير في البيت خيرٌ من امرأة لا تلد3. قال ابن الغرس: روي عن عمر مرفوعًا وموقوفًا، والوقف أقوى، انتهى.

_ 1 حسن: رقم "3144". 2 ضعيف جدًّا: رقم "2723". 3 قال صاحب التمييز "536": "يروى عن النبى -صلى الله عليه وسلم-, ولا يصح رفعه، وإنما هو من قول عمر، ذكره أبو داود في سننه تعليقًا".

1150- حضور مجلس عالم أفضل من صلاة ألف ركعة1. ذكره في الإحياء عن أبي ذر، قال العراقي: ذكره ابن الجوزي في الموضوعات من حديث عمر, ولم أجده من طريق أبي ذر. 1151- الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر2. قال القاري: ليس بثابت هكذا، لكن رواه الخطيب في جامعه عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: حفظ الغلام الصغير كالنقش في الحجر، وحفظ الرجل بعد ما يكبر كالكتابة على الماء, انتهى. وقال ابن الغرس: ضعيف وذكره، وفي تخريج الحافظ ابن حجر لمسند الفردوس بلفظ: حفظ الغلام كالرسم في الحجر, الحديث أسنده الديلمي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- انتهى. 1152- "حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات". متفق عليه عن أبي هريرة، لكن للبخاري حجبت بدل حفت في الموضعين وتقدم في "حجبت" وعزاه في الدرر للشيخين عن أنس -رضي الله عنه-، والموجود فيهما عزوه لأبي هريرة بلفظ "حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره" وحجبت بمعنى حفت الواقع في رواية مسلم عن أنس، كما قاله النووي، وذكر أن المعنى: بينه وبينهما هذا الحجاب، فإذا فعله دخلهما. 1153- الحظ خير من مال مجموع. قال النجم: لم أجد له أصلًا في الحديث المرفوع، وعند أبي نعيم الأصبهاني عن ربيعة بن عبد الرحمن: شبر حظوة خير من باع علم. 1154- حفيظة رمضان3. ستأتي في: لا آلاء إلا آلاؤك.

_ 1 موضوع، انظر الفوائد المجموعة "366/ 2". 2 ضعيف، بنحوه في ضعيف الجامع "ح2726". 3 قال في التمييز "1565": حديث "لا آلاء آلاؤك يا الله, إنك سميع عليم محيط به علمك، كعسهلون، وبالحق أنزلناه وبالحق نزل". هذه ألفاظ اشتهرت في كثير من البلاد بأنها حفيظة رمضان، تحفظ من الغرق والسرق والحرق وسائر الآفات، ويكتب في آخر جمعة منه والخطيب يخطب على المنبر، وهى بدعة لا أصل لها، وكان ابن حجر ينكرها وهو قائم على المنبر حتى في أثناء الخطبة حين يرى من يكتبها.

1155- الحق ثقيل. رواه ابن عبد البر وزاد: فمن قصر عنه عجز، ومن جاوزه ظلم, ومن انتهى إليه فقد اكتفى، قال ابن عبد البر: ويروي هذا المجاشع بن نهشل، قال: وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الحق ثقيل، رحم الله عمر بن الخطاب: تركه الحق ليس له صديق" , نقله ابن مفلح في الآداب، وفي معناه ما في كتاب روح القدس في مناصحة النفس للشيخ الأكبر بلفظ: وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما ترك الحق لعمر من صديق"، هكذا لفظه من غير ذكر مخرجه وصحابيه فلينظر. 1156- "حق على الله أن لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه". رواه البخاري وأبو داود عن أنس قال: كانت ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العضباء لا تسبق، فجاء أعرابي بناقة فسبقتها، فشق ذلك على المسلمين، فقال عليه الصلاة والسلام: "إنه حق على الله أن لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه". 1157- الحكمة تزيد الشريف شرفًا، وترفع العبد المملوك حتى تجلسه مجلس الملوك1. رواه ابن عدي وأبو نعيم. 1158- الحكمة عشرة أجزاء؛ تسعة منها في العزلة، وواحد في الصمت2. رواه ابن عدي وابن هلال عن أبي هريرة. 1159- الحكمة ضالة المؤمن3. قال في المقاصد: رواه القضاعي في مسنده مرسلًا عن زيد بن أسلم رفعه بزيادة: "حيثما وجد المؤمن ضالته فليجمعها إليه"، ورواه الترمذي والعسكري والقضاعي أيضا عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وفي سندهم إبراهيم بن الفضل ضعيف, فلفظ العسكري والقضاعي: كلمة الحكمة ضالة كل حكيم, فإذا وجدها فهو أحق بها, ولفظ الترمذي

_ 1 ضعيف: رقم "2785". 2 ضعيف جدًّا: رقم "2786". 3 ضعيف جدًّا، بنحوه في ضعيف الجامع "ح4307".

الكلمة الحكيمة ضالة كل مؤمن, فحيث وجدها فهو أحق بها, وقال: غريب، ورواه العسكري أيضا عن أنس رفعه بلفظ "العلم ضالة المؤمن حيث وجده أخذه"، ورواه أيضا عن ابن عباس من قوله بلفظ: خذوا الحكمة ممن سمعتموها, فإنه قد يقول الحكمة غير الحكيم, وتكون الرمية من غير رامٍ، وهذا عند البيهقي في المدخل عن عكرمة بلفظ "خذ الحكمة ممن سمعت, فإن الرجل يتكلم بالحكمة وليس بحكيم, فيكون كالرمية خرجت من غير رامٍ" وعنده أيضا عن سعيد بن أبي بردة قال: كان يقال: الحكمة ضالة المؤمن، يأخذها حيث وجدها، وعن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كان يقال العلم ضالة المؤمن يغدو في طلبها، فإن أصاب منها شيئًا حواه حتى يضم إليه غيره، وفي معناه ما رواه الديلمي عن علي مرفوعًا: ضالة المؤمن العلم، كلما قيد حديثًا طلب إليه آخر، وللديلمي أيضا عن ابن عباس مرفوعا "نعم الفائدة الكلمة من الحكمة يسمعها الرجل فيبديها لأخيه" وله أيضا بلا سند عن ابن عمر رفعه "خذ الحكمة ولا يضرك من أي وعاء خرجت" ويروي نحو هذا من قول علي، وروى العسكري عن مبارك بن فضالة قال: خطب الحجاج فقال: إن الله أمرنا بطلب الآخرة وكفانا مئونة الدنيا، فليته كفانا مئونة الآخرة, وأمرنا بطلب الدنيا، قال: يقول الحسن ضالة المؤمن عند فاسق فليأخذها، وعن يوسف بن أسباط قال: كنت مع سفيان الثوري وخازم بن خزيمة يخطب فقال: إن يومًا أسكر الكبار وأشاب الصغار ليوم عسير شره مستطير، فقال سفيان: حكمة من جوف خرب، ثم أخرج شريحة يعني ألواحًا فكتبها، ونحوه فرُبَّ مبلغ أوعى من سامع، انتهى. 1160- الحق بعدي مع عمر حيث كان1. قال الصغاني: موضوع، انتهى. وأقول: رواه في الجامع الكبير عن الحكيم الترمذي، وابن عساكر عن الفضل بن عباس بلفظ: الحق بعدي مع عمر بن الخطاب حيث كان، انتهى. 1161- حكمي على الواحد حكمي على الجماعة. وفي لفظ "كحكمي على الجماعة" ليس له أصل بهذا اللفظ كما قال العراقي في تخريج أحاديث البيضاوي، وقال في الدرر كالزركشي: لا يعرف، وسئل عنه المزي والذهبي فأنكره، نعم يشهد له ما رواه الترمذي والنسائي من حديث أميمة بنت رقيقة،

_ 1 موضوع: رقم "2784".

فلفظ النسائي ما قولي لامرأة واحدة إلا كقولي لمائة امرأة، ولفظ الترمذي: إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة، وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني الشيخين بإخراجها لثبوتها على شرطهما، وقال ابن قاسم العبادي في شرح الورقات الكبير: حكمي على الجماعة لا يعرف له أصل بهذا اللفظ كما صرحوا به مع أنهم أولوه بأنه محمول على أنه يعم بالقياس، ويغني عنه ما رواه ابن ماجه وابن حبان والترمذي وقال: حسن صحيح من قوله -صلى الله عليه وسلم- في مبايعة النساء "إني لا أصافح النساء، وما قولي لامرأة واحدة إلا كقولي لمائة امرأة" انتهى. 1162- الحكم للغالب. قال النجم: ليس بحديث، بل هو من قواعد الفقهاء ما لم يعارضه أصل. 1163- الحكم ملح الأرض. ليس بحديث، بل هو كلام يجري على ألسنة الناس لكن معناه صحيح. 1164- الحكم لله. ليس بحديث، لكن معناه صحيح، ويزيد بعضهم بعده: الواحد القهار، انتهى. 1165- الحلف حنث أو ندم1. رواه ابن ماجه وأبو يعلى والطبراني عن ابن عمر رفعه بلفظ: إنما الحلف -إلا أبا يعلى فقال: إنما اليمين- حنث أو ندم، وفي لفظ أيضا: الحلف حنث أو مندمة. 1166- "الحلف منفقة للسلعة, ممحقة للبركة" -وفي رواية: "للكسب". رواه مسلم والبخاري عن أبي هريرة، والمشهور على الألسنة: الحلف منفق للسلعة, ممحق للبركة، وهو محمول كما قال ابن الغرس على اليمين الكاذبة دون الصادقة، قال: وإن استظهر المناوي التعميم.

_ 1 ضعيف: رقم "2787".

1167- "الحلال بين، والحرام بين، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك" 1. رواه بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط عن عمر2، ورواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن النعمان بن بشير بلفظ: "الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كراعٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" وفي بعض رواياته اختلاف من ذلك زيادة "إن" في أوله لمسلم وغير ذلك مما بيناه في الفيض الجاري بشرح صحيح البخاري فراجعه في كتاب الإيمان. 1168- حمل علي باب خيبر. قال في المقاصد: أورده ابن إسحاق في سيرته عن أبي رافع، وإن سبعة هو ثامنهم اجتهدوا أن يقلبوه فلم يستطيعوا، ومن طريقه أخرجه البيهقي في الدلائل، ورواه الحاكم والبيهقي عن جابر أن عليًّا حمل الباب يوم خيبر، وأنه جرب بعد ذلك، فلم يحمله أربعون رجلًا، لكن في سنده ليث ضعيف، والراوي عنه شيعي، وذكره البيهقي من جهة حرام بن عثمان عن جابر أن عليًّا لما انتهى إلى الحصن اجتبذ أحد أبوابه فألقاه بالأرض فاجتمع عليه بعده سبعون رجلًا، فكان جهدهم أن أعادوا الباب، وعلقه البيهقي مضعفًا له، وقال في المقاصد: وطرقه كلها واهية؛ ولذا أنكره بعض العلماء، انتهى. 1169- الحمية رأس الدواء3. سيأتي في: المعدة بيت الداء.

_ 1 بهذا اللفظ أخرجه الطبراني عن ابن عمر -وليس عن عمر- وإسناده حسن، كما في المجمع "74/ 4". 2 وقع في النسخ التي بين أيدينا "عن عمر"، والمثبت من مصدر التخريج. 3 "هو من كلام الحارث بن كلدة طبيب العرب، ولا يصح رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله غير واحد من الأئمة". انظر الضعيفة "ح252".

1170- "الحمى من فيح جهنم, فابردوها بالماء". رواه البخاري وأحمد عن ابن عباس، وهما ومسلم والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر، والشيخان والترمذي عن عائشة, ورافع بن خديج وهؤلاء وأحمد عن أسماء، وعند ابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ "الحمى كير من كير جهنم، فنحوها عنكم بالماء البارد"، ورواه أحمد عن أبي أمامة كما في الجامع الصغير بلفظ "الحمى كير من جهنم, فما أصاب المؤمن منها كان حظه من النار" وعند الطبراني عن أبي ريحانة "الحمى كير من جهنم, وهي نصيب المؤمن من النار" وعنده عن أنس "الحمى حظ أمتي من جهنم" ورواه البزار عن عائشة بلفظ "الحمى حظ كل مؤمن من النار" ورواه ابن أبي الدنيا عن عثمان بلفظ "الحمى حظ المؤمن من النار يوم القيامة" والبزار والحاكم عن سمرة بلفظ "الحمى قطعة من النار, فأطفئوها بالماء البارد" فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا حُمَّ دعا بقربة فأفرغها على رأسه, فاغتسل. تنبيه: همزة أبردها همزة وصل، والراء مضمومة على المشهور1. 1171- الحمى رائد الموت2. رواه أبو نعيم وابن السني في الطب عن أنس مرفوعًا بزيادة "وسجن الله في الأرض" ورواه أيضا عن الحسن مرسلا بلفظ "الحمى رائد الموت، وهي سجن الله في الأرض للمؤمن، يحبس بها عبده إذا شاء، ثم يرسله إذا شاء، ففتروها بالماء" وذكره ابن حجر المكي في فتاويه بلفظ "الحمى بريد الموت بالموحدة، أي رسوله لكنها لا تستلزمه" وفي الباب ما للبخاري في تاريخه وإسحاق في مسنده والحسن بن سفيان والبغوي وابن قانع عن عبد الرحمن بن المرقع، قال: لما فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- خيبر كان في ألف وثمانمائة, فقسمها على ثمانية عشر سهمًا، فذكر حديث الترجمة، ورواه الطبراني

_ 1 قال الحافظ في "الفتح" "185/ 10": والمشهور في ضبطها بهمزة وصل والراء مضمومة، وحكي كسرها يقال: بردت الحمى أبردها بردًا بوزن قتلتها أقتلها قتلًا، أي: أسكنت حرارتها. قال شاعر الحماسة: إذا وجدت لهيب الحب في كبدى ... أقبلت نحو سقاء القوم أبترد هبني بردت ببرد الماء ظاهره ... فمن لنار على الأحشاء تتقد 2 اللفظ بزيادة رواية أنس ضعيف: رقم "2796".

في الكبير، قال في المقاصد: وبالجملة فهو حديث حسن، وقال المناوي: ورواه العسكري وزاد بيان السبب، فقال: لما افتتح المصطفى -صلى الله عليه وسلم- خيبر وكانت مخضرة من الفواكه، وقع الناس فيها، فأخذتهم الحمى، فشكوا ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أيها الناس الحمى رائد الموت، وسجن الله تعالى في الأرض، وقطعة من النار. 1172- "حولها ندندن" 1. قال النجم: رواه أبو داود عن بعض الصحابة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل: "كيف تقول في الصلاة؟ " قال: أتشهد وأقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقاله النبي -صلى الله عليه وسلم- قال أبو داود: والدندنة أن تسمع من الرجل نغمة ولا تفهم ما يقول، انتهى. 1173- "حمى يوم كفارة سنة" 2. قال في المقاصد: رواه القضاعي في مسنده عن ابن مسعود مرفوعا في حديث بلفظ "وحمى ليلة تكفر خطايا سنة مجرمة" وله شاهد رواه ابن أبي الدنيا عن أبي الدرداء موقوفا بلفظ "حمى ليلة كفارة سنة"، ورواه تمام في فوائده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه بلفظ الترجمة، وزاد: "وحمى يومين كفارة سنتين، وحمى ثلاثة أيام كفارة ثلاث سنين"، ولابن أبي الدنيا عن الحسن مرسلًا رفعه "أن الله ليكفر عن المؤمن خطاياه كلها بحمى ليلة" وقال ابن المبارك عقب روايته له: إنه من جيد الحديث، ورواه ابن أبي الدنيا أيضا عن الحسن قال: كانوا يرجون في حمى ليلة كفارة لما مضى من الذنوب"، وله شواهد كثيرة يقوي بعضها بعضًا، انتهى. 1174- الحمى تَحُتُّ الخطايا كما تحتُّ الشجرة ورقها3. رواه ابن قانع عن أسد بن كرز.

_ 1 صحيح: رقم "3163". 2 قال في التمييز "546" نقلًا عن السخاوي: "شواهده كثيرة، وبعضها يؤكد بعضًا". 3 ضعيف: رقم "2793".

1175- الحمى حظ أمتي من جهنم1. الطبراني في الأوسط عن أنس، ورواه البزار عن عائشة بلفظ "الحمى حظ كل مؤمن من النار" ورواه ابن أبي الدنيا عن عثمان بلفظ "الحمى حظ المؤمن من النار يوم القيامة". فائدة: قال ابن القيم في الهدى: ومما جرب لذهاب الحمى قراءة هذين البيتين وهما: زارت مكفرة الذنوب وودعت ... تبًّا لها من زائر ومودع قالت وقد عزمت على ترحالها: ماذا تريد؟ فقلت: أن لا ترجعي وقال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة في ترجمة سليمان بن سنيد بن نشوان أنه حج أربعين حجة، فوقع له في آخرها أنه أخذته سِنَةٌ من النوم عند القبر الشريف, فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: يا فلان, كم تجيء وما بلغت مني شيئًا؟ هات يدك، فكتب في كفه شيئًا للحمى، فإذا لحسه المحموم برئ بإذن الله تعالى، وهو: استجرت بإمام ما حكم فظلم، ولا تبع من هزم، أخرجي يا حمى من هذا الجسد لا يلحقه ألم، تخرج نجاح. 1176- حلالها حساب, وحرامها عذاب. رواه في الإحياء، وقال مخرجه: لم أجده، ورواه ابن أبي الدنيا والبيهقي عن علي موقوفا بلفظ: "وحرامها النار" وسنده منقطع، وفي مسند الفردوس عن ابن عباس رفعه "يا ابن آدم ما تصنع بالدنيا؟! حلالها حساب، وحرامها عذاب" وقال النجم: أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن مالك بزيادة "قال: قالوا لعلي بن أبي طالب: يا أبا الحسن صف لنا الدنيا، قال: أطيل أو أقصر؟ قالوا: أقصر، قال: حلالها حساب وحرامها النار" وأسنده الشيخ محيي الدين -قدس سره- في مسامراته من طريق أبي هريرة -رضي الله عنه- انتهى فليراجع. 1177- الحياء يمنع الرزق. قال الصغاني: موضوع.

_ 1 ضعيف: رقم "2794" وله شاهدان صحيحان رقم "3186"، "3187".

1178- حياتي خير لكم, وموتي خير لكم1. رواه الديلمي عن أنس وعزاه في الجامع الصغير للحارث عن أنس، وفيه عند ابن سعد عن بكر بن عبد الله مرسلًا بلفظ "حياتي خير لكم، تحدثون ويحدث لكم، فإذا أنا مت كانت وفاتي خيرًا لكم، تعرض علي أعمالكم، فإن رأيت خيرًا حمدت الله, وإن رأيت شرًّا استغفرت لكم" وذكره ابن حجر الهيثمي في فتاواه، ولم يبين مخرجه ولا رتبته، وإنما ذكر معناه، فقال: الإشكال إنما يتأتى على تقدير خير أفعل تفضيل، وليس كذلك بل هو على حد قوله تعالى: {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ} 2 ففي كل من حياته, وموته -صلى الله عليه وسلم- خير. 1179- "الحياء خير كله". رواه الشيخان وأبو داود عن عمران بن حصين، ورواه مسلم والبخاري عنه أيضا بلفظ: "الحياء لا يأتي إلا بخير"، ورواه الطبراني عن أبي قرة بلفظ: "الحياء هو الدين كله". 1180- "الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه، وجعل له مخرجًا" 3. رواه أبو داود عن أبي أيوب. 1181- "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات" 4. رواه النسائي والطبراني عن عائشة -رضي الله عنها-. 1182- الحمد لله رداء الرحمن. قال القاري: لم يوجد له أصل. 1183- "الحياء من الإيمان". متفق عليه عن ابن عمر، ورواه مسلم عن أبي هريرة وفي الباب عن جماعة، وقال النجم: حديث ابن عمر أخرجه الترمذي، وحديث أبي هريرة أخرجه الترمذي والحاكم

_ 1 ضعيف: رقم "2746". 2 فصلت: 40. 3 صحيح، انظر صحيح أبي داود "3261". 4 حسن، انظر صحيح ابن ماجه "3066".

والبيهقي بزيادة "والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار" وأخرجه الطبراني والبيهقي عن عمران بن حصين، ورواه ابن عساكر عن أبي هريرة بلفظ: "الحياء من الإيمان، وأحيا أمتي عثمان" ورواه الترمذي عن أبي أمامة بلفظ "الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق" وورد الحديث بألفاظ أخر. 1184- حين تلقى تدري. هو مثل ذكره أبو عبيد وغيره بلفظ "حين تلقين تدرين" وقال في التمييز: ليس بحديث، ومعناه صحيح، ويشير إليه قوله تعالى: {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا} 1. ومثله في المقاصد, وزاد ويروى عن جابر قال: لما رجعت مهاجرة الحبشة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لهم: "ألا تحدثونني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟ " فقال فئة منهم: بلى يا رسول الله, بينما نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها, ثم دفعها فخرت على ركبتيها، فانكسرت قلتها, فلما ارتفعت التفتت إليه، فقالت: سوف تعلم يا غدر إذا وضع الله تعالى الكرسي وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدقت، كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟! " قال: وقد جمعت طرقه في الأجوبة الدمياطية، وقال ابن الغرس وقلت في المعنى: وحين تجازى كل نفس بكسبها ... لعمرك تدري ما عليها وما لها 1185- الحي أفضل من الميت. قال النجم: ليس بحديث، ولا يصح معناه على الإطلاق، بل إن أريد به الحي إذا تساوى مع الميت في فضله كالإسلام والعلم, كان الحي أفضل من الميت بما يكسبه بعده من الأعمال, فإن معناه صحيح، وهو الذي أراده النبي -صلى الله عليه وسلم- في

_ 1 الفرقان: 42.

حديث أحمد بإسناد حسن عن أبي هريرة: كان رجلان من بلى1 أسلما مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستشهد أحدهما، وتأخر الآخر سنة, قال طلحة بن عبيد: فرأيت المؤخر منهما أدخل الجنة قبل الشهيد، فتعجبت لذلك, فأصبحت فذكرت ذلك للنبي أو ذكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليس قد صام بعده رمضان, وصلى ستة آلاف ركعة, وكذا وكذا ركعة صلاة سنة"، وأخرجه ابن ماجه وابن حبان من حديث طلحة بنحوه لكنه أطول منه، وزاد في آخره: وكان بينهما أبعد مما بين السماء والأرض، وعند أحمد عن عبد الله بن شداد وأبي يعلى عنه عن طلحة، ورواتهما رواة الصحيح أن نفرًا من بني عذرة ثلاثة أتوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسلموا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يكفيهم؟ " قال طلحة: أنا، قال: فكانوا عند طلحة، فبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- بعثًا فخرج فيه أحدهم فاستشهد, ثم بعث بعثًا فخرج فيه آخر فاستشهد، ثم مات الثالث على فراشه، قال طلحة: فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة؛ فرأيت الميت على فراشه أمامهم، ورأيت الذي استشهد أخيرًا يليه، ورأيت أولهم آخرهم، قال: فدخلني من ذلك، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فقال: وما أنكرت من ذلك؟ ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر في الإسلام؛ لتسبيحه وتكبيره وتهليله. وعند مالك وأحمد بإسناد حسن والنسائي عن سعد بن أبي وقاص قال: كان رجلانِ أخوانِ هلك أحدهما قبل صاحبه بأربعين ليلة، فذكرت فضيلة الأول منهما عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم يك الآخر مسلمًا؟ " قالوا: بلى وكان لا بأس به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما يدريكم ما بلغت به صلاته، إنما مثل الصلاة كمثل نهر عذب يمر بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات، فما ترون ذلك يبقي من درنه؟ فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته". 1186- الحمد لله الذي بنعمته وجلاله تتم الصالحات2. النسائي والطبراني عن عائشة -رضي الله عنها

_ 1 بلى كرضى, قبيلة من قضاعة. 2 سبق برقم "1181".

1187- الحمد لله، دفن البنات من المكرمات1. الطبراني عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. 1188- "الحمد لله الذي أطعمنا, وسقانا, وآوانا". رواه مسلم عن أنس -رضي الله عنه-، ورواه أحمد بن منيع وأبو دواد من حديث أبي سعيد بلفظ "أطعمنا, وسقانا, وجعلنا مسلمين".

_ 1 موضوع: رقم "2791".

حرف الخاء المعجمة

حرف الخاء المعجمة: 1189- خاب قوم لا سفيه لهم1. قال في الأصل: رواه ابن أبي الدنيا في الحلم له عن سعيد بن المسيب بلفظ: إن رجلًا استطال على سليمان بن موسى فانتصر له أخوه، فذكره مكحول، لكن بلفظ: ذل من لا سفيه له، ورواه البيهقي في الشعب، بلفظ: لقد ذل من لا سفيه له، وله أيضا عن صالح بن جناح أنه قال: اعلم أن من الناس من يجهل إذا حلمت عنه، ويحلم إذا جهلت عليه، ويحسن إذا أسأت به، ويسيء إذا أحسنت إليه، وينصف إذا ظلمته، ويظلمك إذا أنصفته، فمن كان هذا خلقه فلا بد من خلق ينصف من خلقه، ثم فجة تنصر من فجته، وجهالة تفزع من جهالته ولا أبا لك؛ لأن بعض الحلم إذعان، فقد ذل من ليس له سفيه يعضده، وضل من ليس له حليم يرشده، ولابن أبي الدنيا عن ابن عمر أنه كان إذا خرج في سفر أخرج معه سفيهًا، فإن جاء سفيه رده عنه، وعن أبي جعفر القرشي قال: اعتلج فتية من بني تميم يتصارعون والأحنف ينظر إليهم فقالت عجوز من تميم: ما لكم أقل الله عددكم! فقال لها: مه، تقولين ذاك، لولا هؤلاء لكنا سفهاء، أي: أنهم يدفعون السفهاء عنا، وسيأتي "قوام أمتي بشرارها". وروى البيهقي في مناقب الشافعي عن الربيع المزني أنهما سمعا الشافعي يقول: لا بأس بالفقيه أن يكون معه سفيه يسافه عنه، ولكن قال المزني بعده: إن من أحوجك الدهر إليه فتعرضت له هنت عليه، وهو صحيح مجرب في السفهاء، وما أحسن ما قيل: ولا خير في حلم إذا لم تكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا وفي المجالسة للدينوري من حديث محمد بن المنذر بن الزبير بن العوام, وكان من سروات الناس أنه قال: ما قل سفهاء قوم قط إلا ذلوا، ومن حديث الأصمعي قال: قال المهلب: لأن يطيعني سفهاء قومي أحب إليَّ من أن يطيعني حلماؤهم. 1190- "خاب عبد وخسر لم يجعل له في قلبه رحمة للبشر" 2. رواه الحسن بن سفيان والدولابي والديلمي والحاكم عن عمر بن حبيب مرسلًا.

_ 1 هو من قول مكحول كما في التمييز "551". 2 بنحوه حسن، رقم "3205".

1191- "الخازن الأمين المعطي ما أمر به كاملًا موفرًا طيبًا به نفسه أحد المتصدقين". متفق عليه عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا. 1192- خازن القوت ممقوت. قال في المقاصد: قد يستأنس له بقصة سويبط مع النعيمان، وقال القاري تبعًا للتمييز: ليس بحديث، لكن معناه صحيح لحديث: المحتكر ملعون. 1193- "الخالة بمنزلة الأم". ثابت في الصحيحين وغيرهما عن البراء. 1194- "الخال وارث من لا وارث له" 1. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن المقدام بن معدي كرب الكندي رفعه, لكن بزيادة: يعقل عنه ويرثه، وفي لفظ لأبي داود والنسائي بهذا السند: "الخال مولى من لا مولى له، يرث ماله، ويفك عانه" 2, وعند النسائي أيضًا عن المقدام بلفظ: "الخال عصبة من لا عصبة له، يعقل عنه ويرثه"، وعنده أيضا عن المقدام أيضا بلفظ: "الخال ولي من لا ولي له، يفك عنه, ويرث ماله"، وعنده عن راشد رفعه معضلًا: "الخال ولي من لا ولي له، يرثه ويفك عنه"، هذا ما ذكره في المقاصد واللآلئ وغيرهما، لكن نقل بعضهم عن أطراف المزي أنه لم يرو هذا الحديث عن المقدام بن معدي كرب غير أبي داود فراجعه، وصحح الحاكم وابن حبان هذا الحديث، وقال أبو زرعة: حسن لكن أعله البيهقي بالاضطراب، ورجح وقفه كالدارقطني، ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي أمامة بن سهل قال: كتب عمر إلى أبي عبيدة وذكره مرفوعا، وقال البزار: إنه أحسن إسناد فيه، وأورد الديلمي بلا سند عن ابن عمرو رفعه: "الخال والد من لا والد له"، وللخرائطي في المكارم عن محمد بن عمير بن وهب خال النبي -صلى الله عليه وسلم-, قال: جاء -يعني عمير- والنبي -صلى الله عليه وسلم- قاعد، فبسط له رداءه، فقال: اجلس على ردائك يا رسول الله؟ قال: نعم، فإنما الخال والد، وفي سنده سعيد كذبه أحمد، وروى سعيد بن سلام عن عمير أنه قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فبسط له رداءه، وروى

_ 1 صحيح، رقم "3338". 2 أي: عانيه, وهو الأسير فحذف الياء ا. هـ نهاية.

ابن شاهين بسند ضعيف عن عائشة أن الأسود بن وهب خال النبي -صلى الله عليه وسلم- استأذن عليه فقال: يا خال ادخل، فبسط رداءه ... الحديث، قال في المقاصد: وعلى تقدير ثبوتها فلعل القصة وقعت لكل من الأسود وأخيه عمير. 1195- "خالد بن الوليد سيف من سيوف الله، صبه الله على الكفار" 1. قال الحافظ بن حجر في تخريج أحاديث الديلمي: رواه أبو يعلى عن خالد بن الوليد، قال: وفي الباب عن عبد الله بن أبي أوفى، ورواه ابن عساكر بلفظ: خالد بن الوليد سيف من سيوف الله على المشركين، وروي بألفاظ أخر. 1196- الخبر الصالح يجيء به الرجل الصالح2. رواه أحمد بن منيع عن أنس، وفي الباب عن أبي هريرة بلفظ: الرجل الصالح يحب الخبر الصالح, والرجل السوء يحب الخبر السوء، وعزاه في الجامع الصغير لأبي نعيم وابن عساكر, وسنده ضعيف. 1197- خذوها -يعني حجابة الكعبة- يا بني طلحة خالدة تالدة، لا ينزعها منكم إلا ظالم3. رواه الطبراني في الكبير والأوسط عن ابن عباس -رضي الله عنهما- رفعه بسند فيه عبد الله بن المؤمل, وثقه ابن معين في رواية، وابن حبان وقال: يخطئ, وضعفه آخرون، وعن مصعب بن الزبير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دفع إلى شيبة وعثمان بن طلحة مفتاح الكعبة، وقال: خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة، لا يأخذها منكم إلا ظالم. ولابن سعد عن عثمان بن طلحة أنه -عليه الصلاة والسلام- قال له يوم الفتح: يا عثمان ائتني بالمفتاح، فأتيته به فأخذه مني، ثم دفعه إليَّ، وقال: خذوها تالدة خالدة, لا ينزعها منكم إلا ظالم, يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته, فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف، وللأزرقي عن جده عن مجاهد في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] قال: نزلت في عثمان بن طلحة حين قبض النبي -صلى الله عليه وسلم- مفتاح الكعبة، ودخل به الكعبة يوم الفتح، فرجع النبي -صلى الله عليه وسلم-

_ 1 صحيح بنحوه، رقم "3207". 2 ضعيف بنحوه، رقم "2935". 3 انظر المجمع "285/ 3".

وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إلى المفتاح، وقال صلى الله عليه وسلم: خذوها يا بني طلحة بأمانة الله سبحانه، لا ينزعها منكم إلا ظالم. 1198- "خذوا شطر دينكم عن الحميراء" 1. قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث ابن الحاجب من إملائه: لا أعرف له إسنادًا، ولا رأيته في شيء من كتب الحديث إلا في النهاية لابن الأثير ذكره في مادة "ح م ر"، ولم يذكر من خرجه, ورأيته في الفردوس بغير لفظه وذكره عن أنس بغير إسناد بلفظ: خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء، وذكره ابن كثير2 أنه سأل الحافظين المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه، وقال السيوطي في الدرر: لم أقف ليه، لكن في الفردوس عن أنس: خذوا ثلث دينكم من بيت عائشة انتهى. وقال الحافظ عماد الدين في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب: هو حديث غريب جدا، بل هو منكر، سألت عنه شيخنا المزي فلم يعرفه، وقال: لم أقف له على سند إلى الآن، وقال شيخنا الذهبي: هو من الأحاديث الواهية التي لا يعرف لها سند انتهى. قال القاري: لكن في الفردوس من غير إسناد وخذوا ثلث دينكم من بيت عائشة، لكن معناه صحيح، ثم قال: وقد اشتهر أيضا حديث: كلمتين يا حميراء، وليس له أصل عند العلماء، وقال ابن الغرس: رأيت في الأجوبة على الأسئلة الطرابلسية لابن قيم الجوزية أن كل حديث فيه يا حميراء أو ذكر الحميراء, فهو كذب مختلق كحديث: يا حميراء لا تأكلي الطين؛ فإنه يورث كذا وكذا، وحديث: خذوا شطر دينكم عن الحميراء، والحميراء تصغير حمراء، وكانت عائشة بيضاء، والعرب تسمي الأبيض أحمر، ومنه حديث: بعثت إلى الأحمر والأسود انتهى ملخصًا، وأقول فيه: إن الحديث الذي رواه البيهقي والدارقطني وغيرهما عن عائشة في الماء المشمس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: لا تفعلي يا حميراء، فإنه يورث البرص ليس بكذب مختلق بل ضعيف، قال فيه الرملي: وهذا وإن كان ضعيفًا لكنه يتأيد بما روي عن عمر أنه كان يكره الاغتسال فيه، وقال: إنه يورث البرص, انتهى. 1199- خذ حقك في عفاف، واف أو غير واف3. حسن، وصححه الحاكم، وسيأتي في: كفى بالمرء كذبًا.

_ 1 انظر الفوائد المجموعة "491/ 2". 2 في الشامية "ابن الأثير" وهو خطأ؛ لعدم إمكان اجتماعه بهما، على ما في الشذرات وغيره. هامش ط. القدسي. 3 ضعيف: رقم "2816".

1200- خذ ما تيسر, واترك ما تعسر. ليس بحديث، لكن معناه صحيح كما يشير إليه قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} البقرة: 185. 1201- "خذوا من العمل ما تطيقون". الشيخان عن عائشة -رضي الله عنها- بزيادة: فإن الله لا يمل حتى تملوا، ويقرب منه ما رواه الطبراني عن أبي أمامة، بلفظ: خذوا من العبادة ما تطيقون؛ فإن الله لا يسأم حتى تسأموا. 1202- خذ الأمر بالتدبير, فإن رأيت في عاقبته خيرًا فامضِ، وإن خفت ضياعًا فأَمْسِكْ1. رواه عبد الرزاق وابن عدي والبيهقي عن أنس، قال البيهقي: ضعيف, انتهى. 1203- "خذ الحديقة وطلقها تطليقة". رواه البخاري عن ابن قيس، وفي شرح المنهج اقبل بدل خذ، وقال الشبراملسي: ولعله رواية. 1204- خذ من الدنيا ما شئت، وخذ بقدريها هَمًّا. هكذا اشتهر، ولم أره في كلام أحد سوى النجم، فإنه ذكره بلفظ: خذ ما تشاء من الدنيا، وخذ بقدره هما، وقال: لعله من كلام بعض الحكماء، وقد يستشهد له بحديث الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه: الزهد في الدنيا يريح القلب والجسد، قال المنذري: سنده مقارب, انتهى. 1205- "الخراج بالضمان" 2. رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة وحسنه الترمذي عن عائشة مرفوعًا، وقال النجم: رواه الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه

_ 1 ضعيف جدًّا، رقم "2814"، وفيه: "وإن خفت غيًّا فأمسك". 2 "حسن"، انظر الإرواء "1315".

وصححه عن عائشة -رضي الله عنها- أن رجلًا اشترى غلامًا في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمكث عنده ما شاء الله, ثم رده من عيب وجده فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برده بالعيب، فقال المقضي عليه: قد استعمله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخراج بالضمان"، قال ابن حجر: وصححه ابن قطان، وعند الشافعي والطيالسي والحاكم عن مخلد بن خفاف أنه ابتاع غلامًا، فاستعمله، ثم أصاب به عيبًا فقضى له عمر بن عبد العزيز برده ورد غلته، فأخبره عروة عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى في مثل هذا: أن الخراج بالضمان، فرد عمر قضاءه, وقضى لمخلد بالخراج. 1206- "خرجت من نكاح, ولم أخرج من سفاح" 1. رواه البخاري في الأدب والطبراني في الأوسط عن علي رفعه بزيادة: "من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي، لم يصبني من سفاح" الجاهلية شيء، وفي لفظ من رواية ابن سعد عن ابن عباس: "خرجت من لدن آدم من نكاح غير سفاح". 1207- خرافة2. رواه الترمذي وأبو يعلى وأحمد عن عائشة بلفظ: أن النبي حدث نساءه ليلة حديثًا، فقالت امرأة منهن: يا رسول الله هذا حديث خرافة، فقال عليه الصلاة والسلام: "أتدرون ما خرافة؟ إن خرافة كان رجلًا من عذرة أسرته الجن في الجاهلية، فمكث فيهم دهرًا، ثم ردوه إلى الإنس، فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب، فقال الناس حديث خرافة"، قال أبو الفرج النهرواني في الجليس الصالح له: عوام الناس يرون أن قول القائل هذه خرافة معناه أنه حديث لا حقيقة له ولا أصل له، وقد بين خلاف ذلك الصادق -صلى الله عليه وسلم-، ونحوه قول ابن الأثير في نهايته: أجروه على كل ما يكذبونه من الأحاديث، وعلى كل ما يستملح ويتعجب منه. ويروى عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "خرافة حق"، زاد النجم وأخرج الضبي في أمثاله عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: رحم الله خرافة إنه كان رجلًا صالِحًا، ومنه قول الناس: خرف فلان, فهو خرف.

_ 1 "حسن"، رقم "3224". 2 ضعيف، رقم "100".

1208- الخربز كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحبه1. قال في المقاصد: يروى عن أنس أنه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين الرطب والخربز, وسيأتي في البطيخ انتهى. وقال النجم كالأصل وهو البطيخ بالفارسية انتهى. لكن قال في القاموس: الخربز بالكسر: البطيخ عربي صحيح وأصله فارسي, وعليه يحمل قول النجم. 1209- خرقة الصوفية. ستأتي في "لبس الخرقة" من اللام. 1210- خشية الله رأس الحكمة2. هو معنى تقوى الله وقد مضى، وقال النجم: أخرجه القضاعى عن أنس بزيادة: والورع سيد العمل. 1211- خص البلاء بمن عرف الناس، وعاش فيهم من لم يعرفهم3. رواه القضاعي بسند ضعيف مع إرساله أو إعضاله، وأخرجه الديلمي عن ابن عمر موقوفًا، والمشهور على الألسنة: خص بالبلاء من عرفته الناس، وعبارة اللآلئ: خص البلاء بمن عرف الناس, وعاش فيهم من لا يعرفهم، أسنده صاحب مسند الفردوس من حديث عمر انتهى، وقال المناوي: لفظ الديلمي خص بالبلاء من عرف الناس، وفي رواية: خص بالبلاء من عرف الناس أو عرفه الناس انتهى. 1212- خصلتان لا تجتمعان في مؤمن: البخل, وسوء الخلق4. رواه الترمذي وأبو داود الطيالسي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه-، وفي الباب عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

_ 1 راجع الصحيحة "58". 2 ضعيف: رقم "2825". 3 ضعيف: رقم "2827". 4 ضعيف: رقم "2832".

1213- خصمي حاكمي. ليس بحديث كما قال النجم، وقال في المقاصد: كلام يشبه قول ابن أبي سلول المنافق لما لم يوافقه قومه على قوله للنبي صلى الله عليه وسلم: اجلس في بيتك، فمن جاءك منا ... القصة، وقد عارضه عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- بقوله: بلى يا رسول الله فأغثنا به، قال: متى ما يكن مولاك خصمك لم تزل ... تذل ويصرعك الذي تصارع وهل ينهض البازي بغير جناحه ... إن جز يومًا ريشه فهو واقع 1214- "خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد ... " الحديث. رواه أحمد ومسلم والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا، وتمام الحديث كما في النجم: وخلق الشجر يوم الاثنين, وخلق المكروه يوم الثلاثاء, وخلق النور يوم الأربعاء, وبث فيها الدواب يوم الخميس, وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق, في آخر ساعة من ساعات الجمعة, فيما بعد العصر إلى الليل. وعزاه لمن ذكر، وزاد البخاري في تاريخه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة وقال: أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بيدي وقال ... فذكره. وزاد الشعراني في كتابه البدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير فقال: وفي رواية للحاكم: خلق الله عز وجل أول الأيام يوم الأحد, وخلقت الجبال وشقت الأنهار وغرس في الأرض الأشجار يوم الاثنين, وقدر في كل أرض قوتها يوم الثلاثاء, ويوم الأربعاء: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ، فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} [فصلت: 11-12] يوم الخميس ويوم الجمعة, وكان آخر الخلق في آخر الساعات يوم الجمعة, فلما كان يوم السبت لم يكن فيه خلق, انتهى. وفي تاريخ ابن عساكر عن ابن عباس قال: أول ما خلق الله الأحد فسماه الأحد, ثم خلق الاثنين فسماه الاثنين, فخلق فيهما السماوات والأرض, ثم خلق الثلاثاء فسماه الثلاثاء, فخلق فيه الجبال فمن ثم يقول الناس: يوم ثقيل ثم خلق الأربعاء فسماه رابعًا فخلق فيه مواضع الأشجار والأنهار ثم خلق الخميس فسماه خامسًا, فخلق فيه البهائم والوحوش, ثم خلق الجمعة فخلق فيه آدم والأمهات وفرغ تبارك وتعالى يوم السبت ثم قرأ ابن عباس: {أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 9] الآية كلها, انتهى.

1215- "خلق الله آدم على صورته". رواه الشيخان وأحمد عن أبي هريرة بزيادة: "وطوله ستون ذراعًا"، ثم قال: "اذهب فسلم على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك"، فذهب فقال: "السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم في طوله ستون ذراعًا، فلم تزل الخلق تنقص بعده حتى الآن". 1216- خلق الله الخير وخلق له أهلًا، وخلق الشر وخلق له أهلًا، فطوبى لمن أجرى الله الخير على يديه، وويل لمن أجرى الله الشر على يديه1. هكذا اشتهر، ولم أقف على حكمه، ثم رأيت حديثًا في الجامع الصغير يشهد له، وهو ما رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس بلفظ: إن الله قال: أنا خلقت الخير والشر؛ فطوبى لمن قدرت على يده الخير, وويل لمن قدرت على يده الشر, فاعرفه. 1217- الخطب يسير. رواه مالك والشافعي والبيهقي عن أسلم أن عمر أفطر ذات يوم في رمضان في يوم ذي غيم، ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس، فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين, قد طلعت الشمس، فقال عمر: الخطب يسير, وقد اجتهدنا. 1218- "خذوا عني مناسككم". رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن جابر بلفظ: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: "لتأخذوا مناسككم" , فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه، وفي كتاب الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] وروى أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عبادة بن الصامت في قوله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] خذوا عني, خذوا عني، خذوا عني, قد جعل الله لهن سبيلًا: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم.

_ 1 ضعيف بنحوه في ضعيف الجامع "1619".

1219- خلقت المرأة من ضلع. متفق عليه عن أبي هريرة مرفوعًا في حديث بلفظ: فإن المرأة خلقت. وفي لفظ للبخاري: فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج. ورواه مسلم أيضا عن أبي هريرة رفعه بلفظ: إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة, فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها. وهو عند العسكري بلفظ: خلقت المرأة من ضلع, إن تقمها تكسرها، وإن تتركها تعش معها على عوجها، والمشهور على الألسنة زيادة أعوج بعد ضلع. وفي الباب عن أنس وعائشة وغيرهما والعسكري روى أن إبراهيم الخليل شكى إلى ربه عز وجل سوء خلق سارة، فأوحى الله إليه: إنما هي ضلع فارفق بها، أما ترضى أن تكون نصيبك من المكروه؟! وفي الحديث إشارة إلى ما روي أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر، ولسليمان بن يزيد العدوي قصيدة طويلة يذم فيها امرأة بقوله: هي الضلع العوجاء لست تقيمها ... ألا إن تقويم الضلوع انكسارها أتجمع ضعفًا واقتدارًا على الفتى ... أليس عجيبًا ضعفها واقتدارها؟! 1220- الخلق كلهم عيال الله، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله1. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وأبو النعيم في الحلية والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود مرفوعًا، ورواه أبو نعيم وأبو يعلى والطبراني والبزار وابن أبي الدنيا وآخرون عن أنس مرفوعا، والطبراني عن ابن مسعود بلفظ: فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله, ورواه الديلمي عن أنس رفعه بلفظ: الخلق كلهم عيال الله وتحت كنفه, فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله، وفي رواية للعسكري عن ابن عمر قال: قيل: يا رسول الله, أي الناس أحب إلى الله؟ قال: أنفع الناس للناس، وللطبراني عن زيد بن خالد مرفوعًا: خير العمل ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وخير الناس أنفعهم للناس، وعزاه في الدرر للبيهقي في الشعب وأبي يعلى عن أنس بسند ضعيف، ولابن عدي عن ابن مسعود بلفظ: الخلق كلهم عيال الله, وأحبهم إليه أنفعهم لعياله انتهى. وقال النووي في فتاواه

_ 1 بنحوه، ضعيف جدًّا، رقم "2945".

هو حديث ضعيف؛ لأن فيه يوسف بن عطية ضعيف باتفاق الأئمة، ورواه الحافظ عبد العظيم المنذري في أربعينه عن أنس رفعه بلفظ: الخلق كلهم عيال الله، فأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله، قال أبو عبد الله محمد السلمي في تخريجها: ومعنى عيال الله فقراء الله, فالخلق كلهم فقراء إلى الله، وهو الذي يعولهم انتهى. وله طرق بعضها يقوي بعضًا، قال العسكري: هذا الكلام على المجاز والتوسع كأن الله لما كان المتضمن بأرزاق العباد والكافل بهم, كان الخلق كالعيال له, ونحوه حديث: إن لله أهلين من الناس: أهل القرآن وهم أهل الله ... ، وما أحسن قول أبي العتاهية: عيال الله أكرمهم عليه ... أبثهم المكارم في عياله ولم نر مثنيًا في ذي فعال ... عليه قط أفصح من فعاله ولغيره: الخلق كلهم عيال الله تحت ظلاله ... فأحبهم طرًّا إليه أبرهم لعياله وللطيبي الصغير وأجاد: وخير عباد الله أنفعهم لهم ... رواه من الأصحاب كل فقيه وإن إله العرش جل جلاله ... يعين الفتى ما دام عون أخيه وقال ابن حجر المكي في الفتاوى الحديثية: حديث الخلق عيال الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله، ورد من طرق كلها ضعيفة، ولفظ بعضها: الخلق كلهم عيال الله وتحت كنفه، فأحب الخلق إلى الله من أحسن لعياله، وأبغض الخلق إلى الله من ضيق على عياله, انتهى. 1221- خلقهم من سبع, ورزقهم من سبع؛ فعبدوه على سبع. قال الصغاني: موضوع. 1222- خَلِّ للصلح موضعًا. رواه الدينوري في المجالسة عن إسماعيل بن زرارة، قال: شتم رجل عمر بن ذر فقال: يا هذا لا تغرق في شتمنا، ودع للصلح موضعًا، فإني أمت مشاتمة الرجال صغيرًا ولم أحْيِها كبيرًا، وإني لا أكافئ من عصى الله فيَّ بأكثر من أن أطيع الله تعالى فيه.

1223- خلقت النخلة من فضلة طينة آدم1. رواه ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال: سألنا الرسول صلى الله عليه وسلم: مماذا خلقت النخلة؟ قال: خلقت النخلة والرمان والعنب من فضلة طينة آدم، ومر حديث علي وابن عباس في "أكرموا عمتكم النخلة" وعند ابن أبي شيبة عن ابن النسيب قال: لما خلق الله آدم فضل من طينته شيء, فخلق منه الجراد. 1224- خللوا أصابعكم لا تخللها النار يوم القيامة2. رواه الدارقطني بسند واهٍ عن أبي هريرة مرفوعًا، وبسند ضعيف عن عائشة نحوه، نعم ورد الأمر بتخليل الأصابع في أحاديث قوية؛ منها ما أخرجه أحمد عن ابن عباس: خلل أصابع يديك ورجليك، ومنها ما أخرجه الدارقطني عن أبي هريرة: خللوا بين أصابعكم لا يخللها الله يوم القيامة في النار. 1225- "الخمر أم الخبائث" 3. رواه القضاعي بهذا اللفظ عن ابن عمرو بسند حسن، ورواه الدارقطني وغيره عن عمرو مرفوعًا بلفظ: "اجتنبوا الخمر أم الخبائث"، ورواه الطبراني في الأوسط بلفظ: "الخمر أم الفواحش"، ولابن أبي عاصم عن عثمان: اجتنبوا الخمر؛ فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سماها أم الخبائث, وللطبراني في الكبير والأوسط عن ابن عباس مرفوعا: "الخمر أم الفواحش وأكبر الكبائر, من شربها وقع على أمه وخالته وعمته". وله في الكبير عن ابن عمرو عن رجل رفعه في حديث: "إنها أكبر الكبائر وأم الفواحش"، وللعسكري عن أم أيمن مرفوعا: "إياك والخمر؛ فإنها مفتاح كل شر" , وله أيضا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: أوصاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لا أشرك بالله شيئًا، وأن أصل رحمي إن قُطعت، وأن لا أشرب خمرًا؛ فإنها مفتاح كل شر. ورواه النسائي والديلمي عن عقبة بن عامر بلفظ: "الخمر جماع الإثم"، وذكره رزين عن حذيفة بلفظ: "الخمر جماع الإثم، والنساء حبائل الشيطان، وحب الدنيا رأس كل خطيئة"، قال المنذري: ولم أره في

_ 1 ضعيف، بنحوه في ضعيف الجامع "2843". 2 لفظ الدارقطني ضعيف جدًّا رقم "2845". 3 حسن بزيادة فيه، رقم "3344".

شيء من أصوله عن حذيفة، وشواهد هذا المعنى كثيرة، وقد صنف في ذم المسكر ابن أبي الدنيا ثم الضياء وآخرون، ورواه في الجامع الصغير للطبراني عن الأوسط عن ابن عمرو بلفظ: الخمر أم الخبائث، فمن شربها لم تقبل صلاته أربعين يومًا, فإن مات وهي في بطنه مات مِيتةً جاهليةً. 1226- الخمول نعمة, وكلٌّ يأباها. ليس بحديث وإنما هو عن بعض السلف، ثم ثبت معناه عند أحمد ومسلم عن سعد مرفوعا: إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي، وسيأتي في "خير الذكر" قال القاري: وكذا حديث الخمول راحة، والشهرة آفة من كلام بعض المشايخ, انتهى. وقال ابن الغرس: وقد رأيت في بعض التعاليق زيادة: والشهرة نقمة، وكل يتوخاها، وقد جاء في السنة وفي كلام السلف ما يدل لهذه الزيادة أيضًا حتى إن إبراهيم بن أدهم كان يتحرى الخفاء ويهرب من الشهرة، ومن كلامه: حب لقاء الناس من حب الدنيا, وتركهم من ترك الدنيا، ولم يصدق الله في أعماله من أحب الشهرة. 1227- خيار أمرائكم الذين يحبون قراءكم، وشرار قرائكم الذين يحبون أمراءكم. رواه أبو نعيم عن قتادة من قوله، ويقرب من هذا قول بعضهم: إذا رأيت الأمير بباب الفقير, فنعم الأمير ونعم الفقير، وإذا رأيت الفقير بباب الأمير, فبئس الفقير وبئس الأمير. 1228- خيار أمتي أحداؤها -وفي لفظ: أحداؤهم- إذا غضبوا رجعوا1. رواه الطبراني في الأوسط عن علي وتقدم في "الحدة". 1229- خيار البر عاجله -وفي لفظ: خير البر عاجله. ليس بحديث, لكن روي بمعناه عن العباس كما مر في تمام البر، وقال القاري: لا يصح مبناه، وقد ورد عن العباس في معناه: لا يتم المعروف إلا بتعجيله، وشاع على الألسنة واشتهر أن الانتظار أشد من الموت، وقال النجم: نعم قال العباس: لا يتم البر إلا بتعجيله, فإنه إذا عجله هناه, رواه القضاعي.

_ 1 ضعيف الجامع "ح2863".

1230- خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والأظلة لذكر الله1. رواه الحاكم والطبراني وأبو نعيم عن ابن أبي أوفى مرفوعًا، وللطبراني عن أنس رفعه: لو أقسمت لبررت: إن أحب عباد الله إلى الله لرعاة الشمس والقمر-يعني المؤذنين, وإنهم ليعرفون يوم القيامة بطول أعناقهم، وقال ابن الغرس: قال شيخنا: حديث حسن صحيح، ورواه الطبراني والحاكم عن عبد الله بن أبي أوفى أيضا بلفظ: إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم والأظلة لذكر الله. 1231- "خيركم من طال عمره, وحسن عمله" 2. رواه أحمد والترمذي وصححه عن عبد الله بن بُسْر بلفظ: خير الناس من طال عمره وحسن عمله، ورواه أحمد والحاكم وصححه الترمذي بهذا اللفظ، وزاد عقبه: وشر الناس من طال عمره وساء فعله، وقد أشرت إلى ذلك فقلت: طول الحياة حميدة إن ... راقب الرحمن عبده وبضدها فالموت خير ... والسعيد أتاه رشده 1232- "خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر وينبت الشعر" 3. رواه الأربعة والحاكم وصححه عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. 1233- "خياركم أحسنكم قضاءً". رواه الشيخان والترمذي عن أبي هريرة، لكن بلفظ البخاري: إن خياركم أو فإن خياركم أو من خياركم للناس, ولفظ مسلم: خياركم محاسنكم أو خيركم أحسنكم، أو فإن من خيركم، أو خيركم، ورواه مسلم أيضا ومالك وأبو داود عن أبي رافع بلفظ: أعطه إياه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاءً, أو فإن خير عباد الله أحسنهم قضاءً. وقد عقد هذا الحديث كثيرون منهم الحافظ ابن حجر في أبيات أرسلها إلى البدر الدماميني مهنئًا له بعام تسعمائة وثمانية وتسعين لما كان الدماميني قاضيًا بالإسكندرية بقوله:

_ 1 ضعيف؛ لضعف إبراهيم السكسكي، وهو أحد رجال إسناده، انظر التعليق على شرح السنة "247/ 2". 2 صحيح بنحوه في صحيح الجامع "3262". 3 بعض حديث صحيح، رقم "3305".

أيا بدرًا سما فضلًا وأرضى ... رعيته وفي الظلما أضاءَا ويا أقضى القضاة ومرتضاها ... وأحسنها لما يقضي أداءَا تهن, العام أقبل في سرور ... وأبدى للهناء بكم هناءَا روى وأشار مقتبسًا إليكم ... خيار الناس أحسنهم قضاءَا ومنهم البدر الدماميني وكثير من العصريين، ومنهم حامد أفندي العمادي مفتي الشام مادحًا لي -حفظه الله تعالى- بأبيات منها: أيا بدرَ العلوم سما وأرضى ... ومَنْ عِلْمُ الحديث به أضاءَا ومن ألقت مقالدها إليه ... جهابذة الرواة له رضاءَا وعدتم بالقضاء لنا فأوفوا ... فخيرُ الناس أحسنهم قضاءَا فأجبته عاقدًا له بقولي: أيا شمسَ المعارف نلت حظًّا ... من الله المهيمن والرضاءَا ويا نجلَ العمادي من تباهى ... بك الإسلام, وازددنا ضياءَا عمادي أنتم, والشكر دأبي ... وحمدي دائمًا ملأ الفضاءَا أتاني منك ما قد نلت فخرًا ... به بالمدح منكم قد أضاءَا وزينتم حديثًا قد بناه ... خيار الناس أحسنهم قضاءَا وعقدته أيضًا في الفيض الجاري في باب: وكالة الشاهد الغائب جائزة, واستوفينا الكلام عليه بعض استيفاء بقولي: يا بدرُ واعدتني, والوصل يحسن بي ... أنجزه لي فحماك الله من كذب والوعد دين, وخير الناس أحسنهم ... له قضاءً, أتى عن سيد العرب 1234- "خياركم خياركم لنسائهم" 1. رواه ابن ماجه عن ابن عمرو مرفوعًا، وللترمذي عن عائشة مرفوعًا، ولابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وللطبراني عن معاوية بلفظ: "خيركم خيركم لأهله, وأنا خيركم لأهلي". ولأبي يعلى عن أبي هريرة بلفظ: لأهلي من بعدي، وللطبراني عن معاوية رفعه: خيركم خيركم لأهله، وزاد ابن عساكر عنه: ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم، ورواه البيهقي عن أبي هريرة بلفظ: "خيركم خيركم لنسائه وبناته"، وقد

_ 1 صحيح: رقم "3265".

وصنف الطبراني وغيره في معاشرة الأهل، وقال في التمييز: وأخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح عن أبي هريرة مرفوعًا في حديث لفظه: أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم. 1235- خيركم في رأس المائتين الخفيف الحاذ، قيل: يا رسول الله, ما الخفيف الحاذ؟ قال: من لا أهل له, ولا مال1. رواه أبو يعلى في مسنده عن حذيفة مرفوعًا، قال الخليلي: ضعفه الحفاظ بسبب رواد بن الجراح، وحكم عليه الصغاني بالوضع، لكن أورده بلفظ: خير الناس بعد المائتين الخفيف الحاذ, الذي لا أهل له ولا ولد، واشتهر بلفظ: خيركم بعد المائتين الخفيف الحاذ, الذي لا زوجة له ولا ولد. وقال في المقاصد في حديث الترجمة: فإن صح فهو محمول على جواز الترهب أيام الفتن، وفي معناه أحاديث كثيرة واهية: منها ما رواه الحارث بن أبي أسامة عن ابن مسعود مرفوعًا: سيأتي على الناس زمان تحل فيه العزبة، ولا يسلم لذي دين إلا من فر به من شاهق إلى شاهق، ومن جحر إلى جحر، كالطائر بفراخه وكالثعلب بأشباله، فأقام الصلاة وآتى الزكاة واعتزل الناس إلا من خير -الحديث. ومنها ما رواه الديلمي عن حذيفة مرفوعًا: خير نسائكم بعد ستين ومائة العواقر، وخير أولادكم بعد أربع وخمسين البنات، وفي الترمذي عن أبي أمامة مرفوعا: إن أغبط أوليائي عندي لمؤمن خفيف الحاذ, ذو حظ من الصلاة, أحسن عبادة ربه، وأطاعه في السر والعلانية, وكان غامضًا في الناس، لا يشار إليه بالأصابع، وكان رزقه كفافًا فصبر على ذلك، ثم نفض يده فقال: عجلت منيته، قلت بواكيه، قل تراثه، وأخرجه أحمد والبيهقي في الزهد، والحاكم وقال: هذا إسناد للشاميين صحيح عندهم، ولم يخرجاه، وأخرجه ابن ماجه عن أبي أمامة بلفظ: أغبط الناس عندي مؤمن خفيف الحاذ، وعزاه في الدرر لأبي يعلى عن حذيفة بن اليمان بلفظ: خيركم بعد المائتين كل خفيف الحاذ، قيل: يا رسول الله ومن الخفيف الحاذ؟ قال: من لا أهل له ولا مال, انتهى. وأورده في اللآلئ عن حذيفة بن اليمان بلفظ: خيركم في المائتين كل خفيف الحاذ، قيل: يا رسول الله من الخفيف الحاذ؟ قال: من لا أهل له ولا مال، ثم قال: والمعروف ما

_ 1 موضوع، بنحوه برقم "2918".

رواه الترمذي عن أبي أمامة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: أغبط أوليائي عندي لمؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من الصلاة ... الحديث، وإسناده ضعيف، و"الحاذ"1 بالذال المعجمة آخره، أصله: طريقة المتن وهو ما وقع عليه اللبد من متن الفرس، و"الحاذ" والحال واحد، ضربه النبي -صلى الله عليه وسلم- مثلًا لقلة ماله وعياله، وهذا الخبر -كما قال بعضهم- يشير إلى فضل التجرد حينئذٍ كما قيل لبعضهم: تزوج، فقال: أنا لتكليف نفسي أحوج مني إلى التزوج، وقيل لبشر الحافي: الناس يتكلمون فيك يقولون ترك السنة يعني التزوج، فقال: أنا مشغول عن السنة بالفرض, ولو كنت أعول دجاجة خفت أن أكون جلادًا على أبواب السلطان، ومن شواهده ما للخطيب وغيره عن ابن مسعود رفعه: إذا أحب الله العبد اقتناه لنفسه ولم يشغله بزوجة ولا ولد، وللديلمي عن أنس رفعه: يأتي على الناس زمانٌ لأن يربي أحدكم جرو كلب خير له من أن يربي ولدًا من صلبه. 1236- خيركن أيسركن صداقًا2. رواه الطبراني عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا بسندين ضعيفين، ورواه أحمد والبيهقي عن عائشة مرفوعًا بلفظ: إن أعظم النساء بركةً أيسرهن صداقًا، وفي لفظ: مئونة، وفي لفظ للقضاعي والطبراني: أخف النساء صداقًا أعظمهن بركةً، ورواه أحمد والبيهقي والطبراني بسند جيد عنها بلفظ: إن من يمن المرأة تيسير خِطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها، يعني: الولادة كما قال عروة، ورواه ابن حبان بلفظ: من يمن المرأة تسهيل أمرها وقلة صداقها، وروى القضاعي عن عقبة بن عامر مرفوعًا: خير النكاح أيسره، وللديلمي بلا سند عن عائشة مرفوعًا، وكذا عند أبي داود، وفي حديث: خيار نساء أمتي أحسنهن وجهًا وأرخصهن مهرًا، وعند أبي عمرو النوقاتي3 في معاشرة الأهل عنها بلفظ: إن اعظم النساء بركةً أصبحهن وجهًا وأقلهن مهرًا، وقد كان عمر بن الخطاب ينهى عن المغالاة فيه ويقول: ما تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا زوج بناته بأكثر من اثنتي عشرة أوقية، فلو كانت مكرمة لكان أحقكم وأولاكم بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، رواه أحمد والدارمي وأصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي:

_ 1 خفيف الحاذ: خفيف الظهر. والحاذان: لحمتان في ظاهر الفخذين تكونان في الإنسان وغيره. وضرب -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "مؤمن خفيف الحاذ" قلة اللحم مثلًا لقلة ماله وقلة عياله. لسان العرب "حوذ". 2 ضعيف، رقم "2930". 3 سبقت ترجمته في حديث رقم "911".

حسن صحيح، ورواه الحاكم عنه بزيادة: وأن الرجل ليغالي بصداق امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه؛ لكنه رجع عن هذا حين قالت له عجوز: أتنهى عن المغالاة في مهور النساء وقد قال تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} الآية [النساء: 20] ؟! فقال: كل الناس أفقه منك يا عمر، وقال: أيها الناس زوجوا بما شئتم. ونحو ما ورد عن عمر حديث عائشة رضي الله عنها: ما أصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحدًا من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقيةً. وفي لفظ عنها: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشًّا -وهو نصف أوقية- فذلك خمسمائة درهم، وهذا هو الأكثر وإلا فخديجة وجويرية كانتا أكثر صداقًا، وصفية كان عتقها صداقها، وأم حبيبة أصدقها عنه النجاشي أربعة آلاف درهم كما في أبو اود والنسائي أو أربعمائة دينار كما قال ابن إسحاق, وروى الطبراني عن أنس بسند ضعيف مائتي دينار على أنه أجيب بأن خديجة كان زواجها قبل البعثة، وجويرية كان القدر الذي كوتبت عليه فتضمن مع المهر المعونة, وبأن صفية وأم حبيبة غير واردتين، أي لما أن صفية ليس في صداقها مال، ولما أن أم حبيبة المصدق لها النجاشي. 1237- "خير الصداق أيسره" 1. قال في التمييز: رواه أبو داود عن عقبة بن عامر مرفوعًا بسند جيد, وصححه الحاكم. 1238- خير الصلح على الشطر. ليس بحديث، ذكره ابن بطال وغيره في كتاب الصلح في باب: هل يشير الإمام بالصلح؟ فقال: وهذا الحديث أصل لقول الناس: خير الصلح على الشطر, انتهى. 1239- خير العيادة أخفها2. قال النجم: رواه القضاعي عن عثمان، قال الحافظ ابن حجر: روى بالموحدة والمثناة التحتية. 1240- خير طعامكم الخبز, وخير فاكهتكم العنب3. رواه ابن عدي عن عائشة, ورواه عنها بلفظ: خير الفاكهة العنب, وخير الطعام الخبز، وسيأتي للشيخين: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام, انتهى.

_ 1 صحيح، انظر الإرواء "345/ 6". 2 موضوع، رقم "2893". 3 موضوع، رقم "2911".

1241- خير تجارتكم البز, وخير صنائعكم الخز. قال العراقي: لم أقف له على إسناد، وذكره صاحب الفردوس من حديث علي -رضي الله تعالى عنه-. 1242- "خيار ثيابكم البياض, فكفنوا فيها موتاكم" 1. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وعبارة النجم: خير ثيابكم البياض، رواه ابن ماجه والطبراني والحاكم عن ابن عباس، قال: وتمامه: وكفنوا فيها موتاكم وألبسوها أحياءكم، وخير أكحالكم الإثمد, ينبت الشعر ويجلو البصر, انتهى. 1243- "خير البقاع المساجد، وشر البقاع الأسواق" 2. رواه الطبراني، وابن حبان والحاكم وصححاه عن ابن عمر أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي البقاع خير, وأي البقاع شر؟ قال: "لا أدري حتى أسأل جبريل"، فسأل جبريل، فقال: "لا أدري حتى أسأل ميكائيل", فجاء فقال: "خير البقاع ... " الحديث. وقال النجم: رواه أحمد والبزار واللفظ له وأبو يعلى والحاكم وصححه عن جبير بن مطعم أن رجلًا قال: يا رسول الله أي البلدان أحب إلى الله , وأي البلدان أبغض إلى الله؟ قال: "لا أدري حتى أسأل جبريل -عليه السلام-"، فأتاه فأخبره جبريل "أن أحب البقاع إلى الله المساجد، وأبغض البقاع إلى الله الأسواق"، وفي لفظ آخر: "أحب البلاد"، ورواه الطبراني عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لجبريل عليه السلام: "أي البقاع خير؟ " قال: "لا أدري" قال: "فاسأل عن ذلك ربك عز وجل"، فبكى جبريل وقال: "يا محمد ولنا أن نسأله؟ هو الذي يخبرنا بما يشاء"، فعرج إلى السماء ثم أتاه فقال: "خير البقاع بيوت الله" قال: "فأي البقاع شر؟ " قال: "فعرج إلى السماء ثم أتاه" فقال: "شر البقاع الأسواق"، وفي رواية لابن عمر كما في تخريج أحاديث المختصر الأصولي للحافظ ابن حجر أنه قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أي البقاع خير؟ قال: "لا أدري"، قال: فأي البقاع شر؟ قال: "لا أدري"، فجاءه جبريل فسأله، فقال: "لا أدري"، قال: "فسل ربك"، فقال: "ما نسأله عن شيء"، وانتفض جبريل انتفاضة كاد يصعد منها روح محمد -صلى الله عليه وسلم- فلما صعد جبريل -عليه السلام- قال له ربه عز وجل: "سألك

_ 1 بعض حديث صحيح رقم "3305". 2 حسن، رقم "3271".

محمد عن البقاع؟ قال: نعم، قال: فحدثه أن خيرها المساجد وشرها الأسواق، قال: وهذا أخرجه ابن عبد الله عن جرير بطوله انتهى. ورواه أبو يعلى في كتاب حرمة المساجد عن ابن عباس رضي الله عنهما: أحب البقاع إلى الله المساجد، وأحب أهلها إليه أولهم دخولًا وآخرهم خروجًا، وأبغض البقاع إلى الله الأسواق، وأبغض أهلها إليه أولهم دخولًا وآخرهم خروجًا، وتقدم الحديث في: أحب البقاع إلى الله مساجدها. 1244- خير التجارة لا ربح ولا خسارة. ليس بحديث, بل هو من كلام العوامِّ. 1245- خير الأسماء ما حمد وعبد. قال النجم: لا يعرف، وفي معناه ما تقدم في "إذا سميتم" انتهى, وأقول: تقدم في الهمزة بلفظ: أحب الأسماء إلى الله ما عبد وحمد، وقال السيوطي: لم أقف عليه، وفي معجم الطبراني عن أبي زهير الثقفي: إذا سميتم فعبدوا، وأخرجه فيه بسند ضعيف عن ابن مسعود مرفوعا: أحب الأسماء إلى الله ما تعبد له، وروى أبو نعيم بسنده مرفوعا: قال الله تعالى: وعزتي وجلالي لا عذبت أحدًا تسمى باسمك في النار كذا ذكره القاري، وسيأتي أن ما ورد في فضل من تسمى بأحمد ومحمد لا أصل له. 1246- خير خير حين يسمع نعيق الغراب ونحوه. قال في التمييز: ليس بحديث، بل هو من الطيرة، واعترضه القاري بأنه من الفأل لا من التشاؤم والطيرة، وقال عكرمة: كنا عند ابن عمر وعنده ابن عباس -رضي الله عنهما- فمر غراب يصيح فقال رجل من القوم: خير خير، فقال ابن عباس: لا خير ولا شر, أي ليس واحد منهما بدائم على أحد، كما في المقاصد، وفي نحوه لبعض الشعراء: ولقد غدوت وكنت لا ... أغدو على وافٍ وحائم فإذا الأشائم كالأيامن ... والأيامن كالأشائم وكذاك لا خير ولا ... شر على أحد بدائم قيل: وخص الغراب غالبًا بالتشاؤم منه أخذًا بالاغتراب, حيث قالوا: غراب البين؛ لأنه بان عن نوح -عليه السلام- لما وجهه لينظر إلى الماء فذهب ولم يرجع؛ ولذا تشاءموا منه واستخرجوا من اسمه الغربة.

1247- خير الأمور أوسطها -وفي لفظ: أوساطها. قال ابن الغرس: ضعيف انتهى، وقال في المقاصد: رواه ابن السمعاني في ذيل تاريخ بغداد لكن بسند فيه مجهول عن علي مرفوعًا، وللديلمي بلا سند عن ابن عباس مرفوعًا: خير الأعمال أوسطها في حديث أوله: دوموا على أداء الفرائض، وللعسكري عن الأوزاعي أنه قال: ما من أمرٍ أَمَرَ الله به إلا عارض الشيطان فيه بخصلتين لا يبالي أيهما أصاب: الغلو أو التقصير، ولأبي يعلى بسند جيد عن وهب بن منبه قال: إن لكل شيء طرفين ووسطًا, فإذا أمسك بأحد الطرفين مال الآخر, وإذا أمسك بالوسط اعتدل الطرفان, فعليكم بالأوساط من الأشياء، ويشهد لكل ما تقدم قوله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: 29] وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] وقوله تعالى: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110] وقوله: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} -وهي الشابة- {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة: 98] وكذا حديث الاقتصاد, ولبعضهم ولقد أجاد: عليك بأوساط الأمور فإنها ... نجاة, ولا تركب ذلولًا ولا صعبَا وللآخر: حب التناهي غلط ... خير الأمور الوسط 1248- خير خلكم خل خمركم. رواه البيهقي في المعرفة عن المغيرة بن زياد وقال: ليس بالقوي, وحكم عليه بالوضع الصغاني كابن الجوزي، وقال ابن الغرس: ضعيف، ولا يعارضه حديث مسلم عن أبي طلحة أنه قال: أخللها؟ قال: لا؛ لحمل حديث الباب على ما تخلل بنفسه, وحديث مسلم على التخلل بمخالط, انتهى ملخصًا. 1249- خير دينكم أيسره, وأفضل العبادة الفقه1. قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: رواه ابن عبد البر من حديث أنس بسند ضعيف، قال: والشطر الأول عند أحمد من حديث محجن بن الأدرع بإسناد جيد، والشطر الثاني عند الطبراني من حديث ابن عمر بسند ضعيف, انتهى.

_ 1 ضعيف: رقم "2908".

1250- خير الذكر الخفي، وخير الرزق ما يكفي -وفي لفظ: وخير المال ما يكفي بدل: الرزق1. رواه أبو يعلى والعسكري وأبو عوانة وأحمد وابن حبان وصححه عن سعد بن أبي وقاص رفعه، لكن لفظ أحمد وابن حبان: خير الرزق ما يكفي وخير الذكر الخفي، وقال النووي في فتاواه: ليس بثابت، ورواه أحمد في الزهد عن زياد بن جبير مرسلًا بلفظ: خير الرزق الكفاف، ورواه ابن عدي والديلمي عن أنس بلفظ: خير الرزق ما يكون يومًا بيوم كفافًا، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة: "اللهم اجعل رزق آل محمد كفافًا" -وفي لفظ: "قوتًا"، قال في المقاصد: والمعنى أن إخفاء العمل وعدم الشهرة والإشارة إلى الرجل بالأصابع خير من ضده، وأسلم في الدنيا والدين، والقليل الذي لا يشغل عن الآخرة خير من الكثير الذي يلهي عنها، ولذا لما قال عمرو بن سعد بن أبي وقاص لأبيه: أرضيت أن تكون إعرابيًّا في غنمك, والناس يتنازعون في المال؟ ضرب سعد وجه ابنه المذكور وقال: دعني، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله يحب العبد الغني التقي الخفي"، رواه عنه أبو عوانة وغيره, وروي عن أنس مرفوعا: "طوبى لكل غني تقي ولكل فقير خفي، يعرفه الله ولا يعرفه الناس" انتهى، وأقول: تفسيره صدر الحديث بما ذكره من الإشارة إلى الرجل بالأصابع خلاف الظاهر، إذ المتبادر تفسيره بذكر العبد الله تعالى سرًّا دون إعلان لما فيه من البعد عن الرياء، وقيل: المراد بالذكر الخفي التفكير، ففي حديث أبي الشيخ في العظمة: فكر ساعة خير من عبادة ستين سنة، وحديثه أيضا: تفكروا في كل شيء, ولا تفكروا في ذات الله؛ فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور وفوق ذلك -كذا في الفتاوى الحديثية لابن حجر، قال فيها: وقد ورد أن عمر كان يجهر وأبو بكر كان يسر، فسألهما النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجابه كلٌّ بما ذكرته فأقرهما، أي أجاب أبو بكر بما ذكره أولًا من مجاهدة النفس وتعليمها طرق الإخلاص وإيثار الخمول، وأجاب عمر بأن الجهر لدفع الوساوس الردية وإيقاظ القلوب الغافلة وإظهار الأعمال الكاملة كما يفعله الصوفية من الجهر من بعضهم, والإسرار من الآخرين له أصل من السنة انتهى، وما أحسن ما قيل:

_ 1 ضعيف: رقم "2886".

عش خامل الذكر بين الناس وارض به ... فذاك أسلم للدنيا وللدين من خالط الناس لم تسلم ديانته ... ولم يزل بين تحريك وتسكين 1251- "خيركم من تعلم القرآن وعلمه". رواه البخاري والترمذي عن علي، وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن عثمان، ورواه ابن ماجه عن سعد بلفظ: خياركم من تعلم القرآن وعلمه، وفي معناه ما رواه ابن الضريس وابن مردويه عن ابن مسعود بلفظ: "خياركم من قرأ القرآن وأقرأه". 1252- "خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره" 1. رواه أبو يعلى عن أنس، وفي الباب عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 1253- خيركم من لم يدع آخرته لدنياه، ولا دنياه لآخرته، ولم يكن كلًّا على الناس2. رواه الديلمي عن أنس -رضي الله عنه-. 1254- "خير الناس من ينفع الناس" 3. لم أَرَ من ذكر أنه حديث أو لا فليراجع، لكن معناه صحيح، وفي أحاديث ما يشهد لذلك كحديث: الخلق عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله فافهم، ويشهد له ما رواه القضاعي عن جابر كما في الجامع الصغير بلفظ: خير الناس أنفعهم للناس, انتهى. 1255- خير الزاد التقوى4. رواه العسكري عن زيد بن خالد رفعه في حديث، ورواه أبو الشيخ عن ابن عباس مرفوعا بزيادة: وخير ما ألقي في القلب اليقين، وعن عقبة بن عامر كما سيأتي في "رأس الحكمة" فيتقوى بل صريح القرآن شاهد له.

_ 1 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح3320". 2 موضوع، انظر الضعيفة "ح501". 3 حسن بنحوه رقم "2891". 4 ضعيف جدًّا، رقم "2889".

1256- خير السودان ثلاثة: لقمان وبلال ومهجع مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-1. قال في التمييز: رواه البخاري في صحيحه انتهى، واعترض بأن الحديث ليس في البخاري, وبأن ما ذكر من أن مهجعًا مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سهو, فإنه مولى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وقال في المقاصد: رواه الحاكم وصححه عن واثلة بن الأسقع مرفوعًا، وروى الطبراني عن ابن عباس مرفوعا: اتخذوا السودان؛ فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة: لقمان والنجاشي وبلال، ورواه الحاكم عن الأوزاعي معضلا بلفظ: خير السودان أربعة: لقمان وبلال والنجاشي ومهجع, وروى الطبراني أيضا عن ابن عمر أنه قال: جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "سل واستفهم"، فقال: يا رسول الله فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة، أفرأيت إن آمنت بمثل ما آمنت به، وعملت بمثل ما عملت به, إني لكائن معك في الجنة؟ قال: "نعم"، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده, إنه ليرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام" -الحديث، وفي المحلى أنه لا يكمل حسن الحور العين في الجنة إلا بسواد بلال, فإنه يفرق سواده شامات في خدودهن انتهى ما في المقاصد ملخصا، قال المنوفي: ويعلم من الحديث أن مؤمني السودان لا يدخلون الجنة إلا بيضًا، وبه صرح ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري، وقد تلخص مما ذكر أن خير السودان أربعة، وقد نظم ذلك بعضهم بقوله: سادة السودان أربع ... هكذا قال المشفع النجاشي وبلال ... ثم لقمان ومهجع2 1257- "خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها". رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة والطبراني عن أبي أمامة, وعن ابن عباس.

_ 1 ضعيف، رقم "2891". 2 تقدم ذلك في "اتخذوا السودان".

1258- خير العمل ما نفع. رواه الطبراني عن زيد بن خالد مرفوعا، وله بقية تقدمت في: الخلق كلهم عيال الله. 1259- خير الغذاء بواكره، وأطيبه أوله وأنفعه1. رواه الديلمي عن أنس رفعه، وفي سنده ضعيف. 1260- "خير المجالس أوسعها" 2. رواه البخاري في الأدب المفرد أن أبا سعيد الخدري أوذن بجنازة، فكأنه تخلف حتى أخذ القوم مجالسهم، ثم جاء بعد، فلما رآه القوم تشرفوا عنه، وقام بعضهم عنه ليجلس في مجلسه، فقال: لا إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وذكره، ثم تنحى فجلس في مجلس واسع، وأورده أبو داود بسند على شرط البخاري, وكذا البيهقي في الشعب عن ابن أبي عمره، وعزاه في الدرر لأبي داود عن أبي سعيد الخدري. 1261- خير المجالس ما استقبل به القبلة3. رواه الطبراني عن ابن عمر وتقدم في: أكرم المجالس. 1262- "خير النساء التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره" 4. رواه أحمد والنسائي والحاكم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وعند الطبراني عن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- بلفظ: خير النساء من تسرك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك.

_ 1 موضوع، رقم "2874". 2 صحيح، رقم "3285". 3 انظر حديث "505". 4 صحيح، رقم "3298".

1263- خيار أمتي الذين إذا رءوا ذكر الله1. رواه الطبراني عن عبادة بن الصامت بزيادة: وشرار أمتي المشاءون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون البرآء العنت2 ورواه البيهقي عن عمر بلفظ: خياركم الذين إذا رءوا ذكر الله بهم، وباقيه كباقي المتقدم. 1264- "خير التابعين أويس" 3. رواه الحاكم عن علي رضي الله عنه. 1265- "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". متفق عليه عن ابن مسعود -رضي الله عنه- مرفوعا، وكذا عن عمران بن حصين لكن بلفظ: "خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"، وشك عمران في الثالث، وزاد: "ثم يكون بعدهم قوم يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن"، وورد الحديث بروايات أخر: منها ما رواه أحمد والترمذي عن ابن مسعود أيضا بلفظ: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام، تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته"، ومنها ما رواه الطبراني عن ابن مسعود بلفظ: "خير الناس قرني، ثم الثاني, ثم الثالث، ثم يجيء قوم لا خير فيهم"، ومنها ما رواه مسلم عن عائشة بلفظ: "خير الناس القرن الذي أنا فيه، ثم الثاني ثم الثالث"، ومنها ما رواه الطبراني والحاكم عن جعدة بن هبيرة بلفظ: "خير الناس قرني الذين أنا فيهم، ثم الذين يلونهم، والآخرون أرذال"، ومنها ما رواه أحمد والترمذي عن عمران بن حصين بلفظ: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم, ثم يأتي من بعدهم قوم يتسمنون ويحبون السمن، يعطون الشهادة قبل أن يسألوها".

_ 1 ضعيف، رقم "2864". 2 العنت: المشقة والفساد والهلاك والإثم والغلط والخطأ والزنى، كل ذلك قد جاء وأطلق العنت عليه، والحديث يحتمل كلها. والبرآء: جمع بريء, وهو والعنت منصوبان للباغين، يقال: بغيت فلانا خيرًا, وبغيتك الشيء: طلبته لك، وبغيت الشيء طلبته، كما في النهاية. 3 صحيح، رقم "3272".

1266- "الخير عادة والشر لجاجة" 1. رواه ابن ماجه والطبراني في الكبير وأبو نعيم وآخرون عن معاوية مرفوعا، زاد بعضهم فيه: ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين. 1267- الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة2. قال في المقاصد: قال شيخنا: لا أعرفه، ولكن معناه صحيح، يعني في حديث: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة"، وقال ابن حجر المكي في الفتاوى الحديثية: لم يرد بهذا اللفظ وإنما يدل على معناه الخبر المشهور: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق, لا يضرهم من خالفهم"، وفي لفظ: "من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك"، وفسر ذلك الأمر بريح لينة يرسلها الله لقبض أرواح المؤمنين، ثم لا يبقى على وجه الأرض إلا شرار أهلها فتقوم الساعة عليهم، كما في حديث: "لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول الله الله" , انتهى. 1268- الخير كثير، وفاعله قليل3. رواه الطبراني والعسكري عن عبد الله بن عمرو مرفوعا، وفي لفظ: ومن يعمله، وفي لفظ: ومن يعمل به قليل، وقال النجم: وأخرجه الخطيب بلفظ: وقليل فاعله، وهو أجرى على الألسنة من الأول. 1269- خير القبور الدوارس. هذا مشهور على الألسنة، وليس معناه بظاهره صحيحًا، فإنه يسن أن يجعل على القبر علامة ليعرف، فيزار، كما وضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجرًا عند رأس عثمان بن مظعون، وقال: أتعلم بها قبر أخي.

_ 1 حسن بالزيادة المذكورة، رقم "3348". 2 لا أصل له، انظر الضعيفة "ح30". 3 ضعيف، رقم "2952"، وهو عن ابن عمرو، وقد تصحفت في المطبوع إلى ابن عمر.

1270- "الخير مع أكابركم" 1. تقدم في "البركة". 1271- "الخير معقود بنواصي الخيل". متفق عليه من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر رفعه: "الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة"، وفي لفظ لهما أيضا ولغيرهما بلفظ الترجمة وزيادة: "معقود"، وفي لفظ للبخاري أيضا: "الخير معقود"، ولمسلم "معقود"، واتفقا على بنواصي الخيل إلى يوم القيامة، ولهما أيضا عن أنس مرفوعا بلفظ: "البركة في نواصي الخيل"، وقال النجم: حديث "الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة"، رواه الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه، زاد: "والمنفق على الخيل كالباسط كفه بالنفقة لا يقبضها"، وفي الباب عن جماعة منهم جابر بزيادة: وأهلها معانون عليها، ومنهم أسماء ابنة يزيد بلفظ: "معقود أبدًا إلى يوم القيامة"، وقد أفرده الجاحظ الدمياطي بالتأليف, انتهى. 1272- "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة". قال النجم: رواه أحمد والشيخان والنسائي وأبو داود وابن ماجه عن عروة بن الجعد، وهؤلاء ومالك عن ابن عمر، والبخاري عن أنس، ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة، ثم قال: وعند الطبراني عن جابر بلفظ: "الخيل معقود في نواصيها الخير واليمن إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها، قلدوها ولا تقلدوها الأوتار"، وهو عند أحمد بنحوه بزيادة: "فامسحوا بنواصيها، وادعوا لها بالبركة"، ولم يقل: واليمن، وفي لفظ للشيخين: "الخيل لثلاثة: هي لرجل أجر, ولرجل ستر، وعلى رجل وزر" -الحديث، ثم قال: ورواه الخطيب عن ابن عباس بلفظ: "الخيل في نواصي شقرها الخير" , انتهى، وللجلال السيوطي رسالة سماها جر الذيل في الخيل. 1273- الخيرة فيما اختاره الله. معناه صحيح، لكن لا أعرفه حديثًا ولا أثرًا. 1274- الخيرة في الواقع. ليس بحديث.

_ 1 انظر حديث "903".

1275- خير الفاكهة العنب، وخير الطعام الخبز1. قال النجم: رواه ابن عدي عن عائشة، وله لفظ آخر تقدم. 1276- خيرة الله للعبد خير من خيرته لنفسه. قال في التمييز: لم أجد عليه كلامًا وما علمته في المرفوع، ويستأنس له بقوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} -الآية [البقرة: 216] . وقال القاري: لم يعرف له أصل في مبناه وإن صح معناه كما يستفاد من قوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} -الآية. ومن هنا ورد الأمر بالاستخارة صلاة ودعاء، وورد ما خاب من استخار، وما ندم من استشار، وثبت في الدعاء: اللهم خر لي واختر لي ولا تكلني إلى اختياري، وهذا أصل ما اشتهر على ألسنة العامة: الخيرة فيما اختاره الله، والخيرة في الواقع. 1277- خالفوا اليهود فلا تصمموا؛ فإن تصميم العمائم من زي اليهود. قال في اللآلئ المنتثرة: لا أصل له انتهى، وأقول: أراد لا أصل له بهذا اللفظ وإلا فالعذبة للعمامة سنة، وقد ورد فيها كما في التحفة أحاديث كثيرة منها صحيح ومنها حسن.

_ 1 تقدم بلفظ آخر، برقم "1240".

حرف الدال المهملة

حرف الدال المهملة: 1278- الداخل له دهشة. يروى عن الحسن بن علي مرفوعا بزيادة: فتلقوه بالمرحبا، وسنده ضعيف, وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن سمرة بسند ضعيف مرفوعا بلفظ: للداخل دهشة فحيوه بمرحبا، واشتهر أيضا: لكل داخل دهشة. 1279- دارهم ما دمت في دارهم. قال في المقاصد: ما علمته، ولكن جاء في الزوجة فدارها تعش بها، وقال النجم: ليس بحديث وإنما هو شعر، وتمامه: وأرضهم ما دمت في أرضهم، قال: وروى الأصبهاني في الترغيب عن جابر: مداراة الناس صدقة، وعن زيد بن رفيع: أمرت بمداراة الناس كما أمرت بالصلاة المفروضة، وعن سعيد بن المسيب: رأس العقل بعد الإيمان مداراة الناس، وأخرجه البيهقي عن أبي هريرة بلفظ: رأس العقل المداراة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. 1280- دار الظالم خراب ولو بعد حين. قال في المقاصد: لم أقف عليه، ولكن يشهد له قوله تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} ، وزاد النجم: قال كعب لأبي هريرة: في التوراة من يظلم يخرب بيته, فقال أبو هريرة: وكذلك في كتاب الله: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} والمشهور على الألسنة: دار الظالمين بالجمع. 1281- الداعي والمؤمِّن في الأجر شريكان، والقارئ والمستمع في الأجر شريكان، والعالم والمتعلم في الأجر شريكان1. رواه الديلمي عن ابن عباس.

_ 1 موضوع، رقم "2996".

1282- "الدال على الخير كفاعله" 1. رواه العسكري وابن منيع والمنذري عن ابن عباس مرفوعا في حديث هو: كل معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله، والله يحب إغاثة اللهفان، ورواه العسكري أيضا عن بريده مرفوعا بلفظ الترجمة، وكذا رواه البزار عن أنس، وكذا الترمذي عنه وقال غريب، ورواه مسلم وأبو داود والترمذي وصححه عن أبي مسعود البدري بلفظ: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله"، وأخرجه مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي عن ابن مسعود قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: احملني، فقال: "ما أجد ما أحملك عليه، ولكن ائت فلانًا فلعله يحملك" , فأتاه فحمله، فقال صلى الله عليه وسلم: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله"، ورواه ابن عبد البر عن أبي الدرداء من قوله بلفظ: الدال على الخير وفاعله شريكان، وروى ابن النجار في تاريخه عن علي: دليل الخير كفاعله، ورواه الديلمي عن عبد الله بن جراد بلفظ: الآمر بالمعروف كفاعله، والمشهور على الألسنة: الدال على الخير كفاعله، وفاعله من أهل الجنة. 1283- داروا سفهاءكم. قال في التمييز: هو دائر على بعض الألسنة بزيادة: بثلث أموالكم، وقد سئل عنه الحافظ ابن حجر، فلم يتكلم عليه ولم أقف عليه مرفوعًا، وما أشبهه بالموضوع انتهى. وقال في المقاصد: وقد بيض له شيخنا حين سئل عنه، وفي الفردوس بلا سند عن أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه: داروا النساء تنتفعوا بهن؛ فإنهن لا يستوين لكم أبدًا، ويقرب منه ما اشتهر على الألسنة مما ليس بحديث: المداراة عن العرض حسنة، وتقدم في أمرنا في حديث: وداروا الناس بعقولكم، وفي لفظ: داروا الناس على قدر أحسابهم، وللديلمي عن أبي هريرة مرفوعا: ذبوا بأموالكم عن أعراضكم، قالوا: يا رسول الله كي؟ قال: تعطون الشاعر ومن يخاف لسانه، ولعبد الحميد الهلالي عن جابر مرفوعا: ما وقى به الرجل عرضه كتب له به صدقة، والأصل في حديث الباب حديث: من شر الناس؟ قال: من تركه الناس اتقاءَ فحشه.

_ 1 صحيح، رقم "3399".

وروى أحمد عن جابر: "الدجال أعور، وهو أحد الكذابين". ورواه أبو داود الطيالسي عن أبي بلفظ: "الدجال عينه خضراء كالزجاجة". وروى أبو يعلى عن أبي سعيد الخدري: "الدجال ممسوح العين اليمنى، واليسرى كأنها كوكب". وروى الطبراني والطيالسي عن ابن عباس: "الدجال هجان1، أعور، جعد الرأس". قال في المقاصد: وقد أُفرد بالتصنيف. وقال النجم: وأحاديث الدجال كثيرة ثابتة، قال: وفي الخبر: أنه لا يخرج حتى يدع الخطباء ذكره على المنابر. 1288- "دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها النساء". رواه البيهقي في البعث وابن عساكر عن جابر، ولا تنافي بينه وبين حديث: "اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء"؛ لإمكان حمل ذلك على الابتداء، وهذا على غيره، ولمسلم عن عمران بن حصين رفعه: "أقل ساكني الجنة النساء"، قال النجم: قلت أما كون هذا الحديث من الأحاديث الجارية على الألسنة ففيه نزاع، وإنما الجاري على الألسنة حديث: "اطلعت في النار"، وأما حمله على ما ذكر فإنه بعيد، إذ يبعد أن تدخل النساء الجنة قبل الرجال، أو لكون النساء الداخلات إلى الجنة في الابتداء أكثر من الرجال مع نقصهن في العقل والدين لاشتغالهن بالأحمرين2, والظاهر أن حديث جابر يشير إلى كثرة الحور في الجنة، كما دل عليه حديث الصحيحين عن أبي هريرة أنهم تذاكروا: الرجال أكثر في الجنة أم النساء؟ فقال: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما في الجنة أحدٌ إلا وله زوجتان إنه ليري مخ ساقها من وراء سبعين حلة, ما فيها عزب"، ثم رأيت أن الحمل على عكس ما فهمه السخاوي أولى، وهو أن تكون قلتهن في الجنة ابتداء وكثرتهن آخرًا, انتهى. وأقول لا يخفى أن مفهوم كلام السخاوي مثل ما فهمه النجم ورآه لكن ظن النجم أن مفهومه العكس فاعترضه فتدبر، ثم قال النجم: وأخرج الترمذي وصححه البزار عن أنس: "يزوج العبد في الجنة سبعين زوجة"، قيل: يا رسول الله أيطأهن؟ قال: "يعطى قوة مائة"، وروى ابن ماجه والبيهقي عن أبي أمامة الباهلي: "ما من

_ 1 الهجان: الأبيض. النهاية. 2 يعني الذهب والزعفران.

وروى أحمد عن جابر: "الدجال أعور، وهو أحد الكذابين". ورواه أبو داود الطيالسي عن أبي بلفظ: "الدجال عينه خضراء كالزجاجة". وروى أبو يعلى عن أبي سعيد الخدري: "الدجال ممسوح العين اليمنى، واليسرى كأنها كوكب". وروى الطبراني والطيالسي عن ابن عباس: "الدجال هجان1، أعور، جعد الرأس". قال في المقاصد: وقد أُفرد بالتصنيف. وقال النجم: وأحاديث الدجال كثيرة ثابتة، قال: وفي الخبر: أنه لا يخرج حتى يدع الخطباء ذكره على المنابر. 1288- "دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها النساء". رواه البيهقي في البعث وابن عساكر عن جابر، ولا تنافي بينه وبين حديث: "اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء"؛ لإمكان حمل ذلك على الابتداء، وهذا على غيره، ولمسلم عن عمران بن حصين رفعه: "أقل ساكني الجنة النساء"، قال النجم: قلت أما كون هذا الحديث من الأحاديث الجارية على الألسنة ففيه نزاع، وإنما الجاري على الألسنة حديث: "اطلعت في النار"، وأما حمله على ما ذكر فإنه بعيد، إذ يبعد أن تدخل النساء الجنة قبل الرجال، أو لكون النساء الداخلات إلى الجنة في الابتداء أكثر من الرجال مع نقصهن في العقل والدين لاشتغالهن بالأحمرين2, والظاهر أن حديث جابر يشير إلى كثرة الحور في الجنة، كما دل عليه حديث الصحيحين عن أبي هريرة أنهم تذاكروا: الرجال أكثر في الجنة أم النساء؟ فقال: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما في الجنة أحدٌ إلا وله زوجتان إنه ليري مخ ساقها من وراء سبعين حلة, ما فيها عزب"، ثم رأيت أن الحمل على عكس ما فهمه السخاوي أولى، وهو أن تكون قلتهن في الجنة ابتداء وكثرتهن آخرًا, انتهى. وأقول لا يخفى أن مفهوم كلام السخاوي مثل ما فهمه النجم ورآه لكن ظن النجم أن مفهومه العكس فاعترضه فتدبر، ثم قال النجم: وأخرج الترمذي وصححه البزار عن أنس: "يزوج العبد في الجنة سبعين زوجة"، قيل: يا رسول الله أيطأهن؟ قال: "يعطى قوة مائة"، وروى ابن ماجه والبيهقي عن أبي أمامة الباهلي: "ما من

_ 1 الهجان: الأبيض. النهاية. 2 يعني الذهب والزعفران.

أحد يدخله الله الجنة إلا زوجه اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، وسبعين من ميراثه من أهل النار ما منهن واحدة إلا ولها قبل شهي, وله ذكر لا ينثني، انتهى. 1289- الدرجة الرفيعة. المدرج فيما يقال في الدعاء بعد الأذان قال في المقاصد: لم أره في شيء من الروايات، وأصله عند أحمد والبخاري والأربعة عن جابر مرفوعا: من قال حين سمع النداء: "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة, آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة, وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته, حلت له شفاعتي يوم القيامة"، ورواه البيهقي في سننه، وزاد في آخره مما ثبت للكشميهني في صحيح البخاري: "إنك لا تخلف الميعاد"، وزاد البيهقي في أوله: "اللهم إني أسألك بحق هذه الدعوة"، وزاد ابن وهب في جامعه بسند فيه ابن لهيعة: "صلِّ على محمد عبدك ورسولك"، ولم يذكر الفضيلة، وزاد بدلها "الشفاعة يوم القيامة"، وقال: "حلت له شفاعتي"، ورواه أحمد وابن السني والطبراني وكثيرون بزيادة: "صَلِّ على محمد، وارضَ عنه رضًا لا سخط بعده، استجاب الله دعوته"، ثم قال في المقاصد: ورد عن جابر في بعض الروايات: وآتِهِ سؤله كما بينت ذلك في القول البديع مع ألفاظ أخر، وكأن من زادها اغتر بما في نسخة من الشفاء, ولم توجد في غيرها, انتهى. 1290- دخل إبليس العراق فقضى حاجته فيها، ثم دخل الشام فطردوه حتى دخل بيسان، ثم دخل مصر فباض فيها وفرخ1. رواه الطبراني وغيره، كذا في البدر المنير للشعراني من غير تعرض لحاله, ولا لصحابيه. 1291- "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها, فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض, حتى ماتت". رواه أحمد ومسلم وابن ماجه عن ابن عمر، والبخاري عنه، وعن أبي هريرة زاد مسلم بعده: "هزلًا"، وفي رواية البخاري: "حتى ماتت جوعًا"، وخَِشاش -بفتح الخاء المعجمة وكسرها- هي: حشرات الأرض وهوامها، وحكى النووي أنه روي بحاء مهملة، وغلط قائله، وورد بروايات مختلفة، منها ما في مسلم أيضا بلفظ: عذبت امرأة في هرة سجنتها,

_ 1 رواه الطبرانى من رواية ابن الأخنس عن ابن عمر، ولم يسمع منه، انظر المجمع "60/ 10".

وفي رواية له أيضا: أوثقتها، وفي رواية له أيضا: دخلت امرأة النار من جراء هرة لها, أو هرة ربطتها. 1292- الدعاء سلاح المؤمن1. رواه أبو يعلى من حديث علي مرفوعًا، وقال النجم: رواه أبو يعلى والحاكم عن علي، وتمامه: وعماد الدين، ونور السماوات والأرض، وعند أبي يعلى عن جابر بن عبد الله: ألا أدلكم على ما ينجيكم من عدوكم, ويدر لكم أرزاقكم؟ تدعون الله في ليلكم ونهاركم؛ فإن الدعاء سلاح المؤمن، لكن فيه -كما قال الهيثمي- محمد بن أبي حميد ضعيف، وقال ابن الغرس: قال شيخنا: صحيح، ولعله أراد باعتبار انجباره, فتدبر. 1293- الدفا عفا. ليس بحديث, بل هو من كلام العامة. 1294- الدعاء مخ العبادة2. رواه الترمذي عن أنس. 1295- الدعاء هو العبادة. رواه مسلم والطبراني عن ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن النعمان بن بشير بلفظ: الدعاء هو العبادة، وقال الترمذي: حسن صحيح. 1296- "الدعاء لا يُرَدُّ بين الأذان والإقامة" 3. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان عن أنس، ورواه أبو يعلى بلفظ: "الدعاءُ بين الأذان والإقامة مستجابٌ". 1297- الدعاء يرد البلاء4. رواه الطبراني وأبو الشيخ عن أبي هريرة وابن عباس مرفوعًا، ورواه الديلمي عنه بلفظ: "الدعاء يرد القضاء" في حديث أوله "بر الوالدين يزيد في العمر" ورواه الطبراني

_ 1 بعض حديث موضوع: رقم "3001". 2 ضعيف: رقم "3003". 3 صحيح، رقم "3408". 4 ضعيف: رقم "3005".

عن أنس رفعه بلفظ "ادعوا؛ فإن الدعاء يرد القضاء" والطبراني أيضا عن سلمان رفعه "لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر" والطبراني أيضا عن ثوبان رفعه بلفظ "لا يرد القدر إلا الدعاء, ولا يزيد في العمر إلا البر" والحاكم عن ثوبان أيضا بلفظ "الدعاء يرد القضاء، وإن البر يزيد في الرزق، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يذنبه" وفي لفظ "يصيبه" وروى أحمد والطبراني أيضا عن معاذ بن جبل مرفوعا "لن ينفع حذر من قدر، ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم بالدعاء عباد الله" وروى الطبراني عن عائشة مرفوعا "لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن الدعاء والبلاء ليعتلجانِ إلى يوم القيامة" وللترمذي عن ابن عمر مرفوعا "إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل" وأخرج أيضا حديث سلمان المار وقال حسن غريب, وأخرج أحمد حديث ثوبان، وصححه ابن حبان والحاكم وتقدم له طريق أخرى في "إن الله لا يعذب بقطع الرزق" وأخرج أحمد وابنه حديث معاذ، وأخرج العسكري حديث عائشة عنها مرفوعًا بلفظ "لا ينفع حذر من قدر، والدعاء يرد البلاء, وقرأ {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا} [يونس: 98] قال: دعوا" قالت: وإن كان شيء يرد الرزق، فإن الصُّبْحَة تمنع الرزق. وأرادت بالصبحة نوم الغداة لمن تعودها. 1298- دعاء المرء على حبيبه غير مقبول. قال النجم: لا يعرف بهذا، وهو عند الدارقطني عن ابن عمر بلفظ: إن الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه، قال في الأصل: رواه النقاش والدارقطني في الأفراد وغيرهما، ولكن قد صح أن دعاء الوالد على ولده لا يرد فلينظر الجمع بينهما، قال: وقد ثبت في آخر صحيح مسلم وفي أبي داود وغيرهما عن جابر رفعه: لا تدعوا على أنفسكم ولا أولادكم ولا أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب له انتهى. وأقول: في البدر المنير للشعراني ما نصه: دعاء المرء على حبيبه غير مقبول، ورواه الديلمي مرفوعا بلفظ: إني سألت الله أن لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه إلا الوالد على ولده لا يرد، قال: قلت: وفي بعض لفظه نكارة, انتهى. 1299- دعاء الوالد لولده كدعاء النبي لأمته1. رواه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس.

_ 1 موضوع: رقم "2976".

1300- "دعهن يبكين". رواه أحمد عن ابن عباس بزيادة: وإياكن ونعيق الشيطان، فإنه مهما كان من العين والقلب فمن الله ومن الرحمة، ومهما كان من اليد واللسان فمن الشيطان، ورواه أحمد والنسائي والحاكم وابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ: دعهن يا عمر؛ فإن العين دامعة والقلب مصاب والعهد قريب. 1301- "دعوه فإن لصاحب الحق مقالًا". رواه البخاري والترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، والترمذي والنسائي وغيرهم عن النعمان بن بشير مرفوعا وقال الترمذي: حسن صحيح. 1302- "دعوة الأخ لأخيه في الغيب مستجابة". رواه مسلم عن أبي الدرداء مرفوعا، ورواه الدارقطني في العلل بلفظ: "لا ترد" , ولأبي داود والترمذي وضعفه عن ابن عمر مرفوعا: إن أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب، بل في مسلم عن أبي الدرداء أيضا: "إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قال الملك: ولك بمثل ذلك"، ورواه أبو بكر في الغيلانيات عن أم كريب بلفظ: "دعوة الرجل لأخيه بظهر الغيب مستجابة، وملك عند رأسه يقول: آمين ولك بمثل ذلك"، وقال النجم: ورواه ابن عدي عن أبي هريرة: "إذا دعا الغائب لغائب قال له الملك: ولك مثل ذلك"، ورواه البزار عن عمران بن حصين بلفظ: "دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب لا يرد". 1303- "دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب". رواه الشيخان وأحمد والترمذي واللفظ له عن ابن عباس بلفظ: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث معاذًا إلى اليمن، فقال: "اتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب"، ورواه أحمد عن أبي هريرة بسند حسن بلفظ: "دعوة المظلوم مستجابة، وإن كان فاجرًا، ففجوره على نفسه"، ورواه أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن أبي هريرة بلفظ: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام, وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين"، وورد بلفظ آخر: منها ما رواه الترمذي بسند حسن: "ثلاث دعوات لا شك في إجابتهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده"، ومنها ما أخرجه أبو داود بتقديم وتأخير، ورواه الطبراني

بسند صحيح عن عقبة بن عامر: ثلاث تستجاب دعوتهم: "الوالد والمسافر والمظلوم"، وفي الباب ما تقدم في: "اتقوا دعوة المظلوم". 1304- "دعوا الناس في غفلاتهم, يرزق الله بعضهم من بعض". رواه مسلم في حديث أوله: لا يبع حاضر لبادٍ، وقوله: في غفلاتهم زادها ابن شهبة وعزاها لمسلم، واعترضه غيره بأنها ليست في مسلم، بل ولا في غيره، وقال ابن حجر المكي في التحفة للخبر الصحيح لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، قال: ووقع لشارح أنه زاد فيه: في غفلاتهم، ونسبه لمسلم وهو غلط؛ إذ لا وجود لهذه الزيادة في مسلم، بل ولا في كتب الحديث كما قضى به سبر ما بأيدي الناس منها, انتهى. 1305- "دعوا الحبشة ما ودعوكم". رواه الديلمي في مسند الفردوس عن بعض الصحابة، وتقدم في "اتركوا الترك ما تركوكم" ورواه أبو داود عن ابن عمر بلفظ: اتركوا الحبشة ما تركوكم؛ فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة. 1306- "دع قيل وقال, وكثرة السؤال، وإضاعة المال" 1. رواه الطبراني في الأوسط بسند فيه متروك عن ابن مسعود. 1307- "دع ما يريبك 2 إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة" 3. رواه أبو داود والطيالسي وأحمد وأبو يعلى في مسانيدهم والدارمي والترمذي والنسائي وآخرون عن الحسن بن علي، وليس عند النسائي: فإن الصدق ... إلخ، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، صححه ابن حبان، وهو طرف من حديث طويل، ولابن عمر من الزيادة فيه: "فإنك لن تجد فقد شيء تركته لله"، ورواه ابن قانع عن الحسن بلفظ الترمذي، وزاد: فإن الصدق ينجي.

_ 1 ضعيف: رقم "2972". 2 يوقعك في الشك. 3 صحيح: رقم "3378".

1308- دفن البنات من المكرمات1. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وابن عدي في الكامل والقضاعي والبزار عن ابن عباس أنه قال: لما عزي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بابنته رقية قال: الحمد لله وذكره، إلا أن البزار قال: موت بدل دفن وهو غريب، وبه رواه الصغاني وحكم عليه بالوضع، ورواه ابن الجوزي وغيره عن ابن عمر مرفوعا بلفظ الترجمة, ولابن أبي الدنيا في العزلة أن ابن عباس توفيت له ابنة وأتاه الناس يعزونه، فقال لهم: عورة سترها الله, ومئونة كفاها الله, وأجر ساقه الله, فاجتهد المهاجرون أن يزيدوا فيها حرفًا فما قدروا عليه، قال القاري: وأقول: ويمكن أن يقال الرابع: وأمر قضاه الله ولا حول ولا قوة إلا بالله, انتهى فتأمله, وللباخرزي في هذا المعنى: القبر أخفى سترة للبنات ... ودفنها يروى من المكرمات أما ترى الباري عز اسمه ... قد وضع النعش بجنب البنات ولغيره: لكل أبي بنت على كل حالة ... ثلاثة أصهار إذا ذكر الصهر فزوج يراعيها وخدر يصونها ... وقبر يواريها وخيرهم القبر وأشار بذلك إلى ما قيل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: نِعْمَ الصهرُ القبرُ, لكن قال بعض العلماء: لم أظفر به بعد التفتيش، وإنما ذكر صاحب الفردوس مما لم يسنده ابنه عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: نعم الكفؤ القبر للجارية، ورواه ابن السمعاني عن ابن عباس من قوله بلفظ: نعم الأختان القبر, والطبراني عنه أيضا مرفوعا: للمرأة ستران: القبر والزوج, قيل: فأيهما أفضل؟ قال: القبر، وهو ضعيف جدا، وللديلمي عن علي رفعه: للنساء عشر عورات؛ فإذا تزوجت المرأة ستر الزوج عورة, فإذا ماتت ستر القبر عشر عورات، قال في المقاصد: وأوردت أشياء مما قيل في معنى ذلك من الشعر ونحوه في ارتياح الأكباد, انتهى.

_ 1 موضوع: رقم "2990".

1309- "الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة". رواه الديلمي عن زيد بن ثابت، والمشهور على الألسنة: الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة. 1310- الدنيا ضرة الآخرة. قال النجم: ليس في المرفوع، وهو في معنى الدنيا والآخرة ضرتان، فإذا أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى، ذكره في الإحياء من كلام عيسى -عليه الصلاة والسلام-، وفي معناه أيضا ما عند أحمد ومسلم وابن حبان والحاكم وصححاه عن ابن موسى: من أحب دنياه أضر بآخرته، ومن أحب آخرته أضر بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى، وروى أحمد وابن حبان والحاكم وصححاه، والبيهقي وابن مردويه عن أبي بن كعب: بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والنصرة والتمكن في الأرض ما لم يطلبوا الدنيا بعمل الآخرة، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب، ولعبد الله بن أحمد في الزهد عن عمران بن سليمان بلغني أن عيسى ابن مريم -عليهما الصلاة والسلام- قال: يا بني إسرائيل, تهاونوا بالدنيا تهن عليكم الدنيا، وأهينوا الدنيا تكرم عليكم الآخرة، ولا تكرموا الدنيا فتهون الآخرة عليكم؛ فإن الدنيا ليست بأهل الكرامة، وكل يوم تدعون إلى الفتنة والخسارة. 1311- الدنانير والدراهم خواتيم الله في أرضه، من جاء بخاتم مولاه قضيت حاجته1. رواه الطبراني في الأوسط بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لا يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بهذا الإسناد، ونحوه ما رواه أيضا في الأوسط والصغير عن المقدام بن معدي كرب مرفوعا: يأتي على الناس زمانٌ, من لم يكن معه أصفر ولا أبيض لم يتهنَّ بالعيش، وهو غريب، ورواه أحمد بلفظ: يأتي على الناس زمان, لا ينفع فيه إلا الدرهم والدينار، وفيه قصة ومما قيل في ذلك: إذا أردت الآن أن تكرما ... فأرسل الدينار والدرهمَا فليس في الأرض وما فوقها ... أقضى لأمر يشتهى منهمَا

_ 1 ضعيف: رقم "3008".

وللديلمي عن جابر رفعه الموت تحفة المؤمن، والدرهم والدينار مع المنافق، وهما زاداه إلى النار، وللديلمي أيضا عن جابر بلفظ: الدرهم والدينار ربيع المنافق، في حديث له أوله: الموت تحفة المؤمن. 1312- "الدنيا خضرة حلوة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون". رواه مسلم والنسائي وآخرون عن أبي سعيد الخدري مرفوعا، ورواه ابن ماجه والترمذي وحسنه بلفظ: "إن الدنيا لأكثركم"، ورواه العسكري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه بلفظ: "الدنيا خضرة حلوة، من أخذها بحقها بُورِكَ له فيها، ورُبَّ متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة"، وعزا الديلمي حديث: "الدنيا خضرة حلوة" إلى البخاري عن خولة بتقديم "حلوة على خضرة"، وبزيادة: "وإن رجالًا يتخوضون"، وروي عن حكيم بن حزام أنه -صلى الله عليه وسلم- قال له: "يا حكيم، إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه ... " الحديث، ورواه الطبراني والرامهرمزي في الأمثال عن ابن عمر -رضي الله عنهما- بلفظ: "الدنيا حلوة خضرة"، وهو المشهور، وعزاه في الجامع الصغير للطبراني عن ميمونة بلفظ: "الدنيا حلوة خضرة"، قال المناوي: زاد مسلم: "وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء". 1313- الدنيا جِيفة، وطلابها كلاب. قال الصغاني: موضوع، أقول: وإن كان معناه صحيحًا لكنه ليس بحديث، وقال النجم: ليس بهذا اللفظ في المرفوع، وعند أبي نعيم عن يوسف بن أسباط قال: قال علي بن أبي طالب: الدنيا جيفة، فمن أرادها فليصبر على مخالطة الكلاب، وأخرجه ابن أبي شيبة عنه مرفوعا ورواه البزار عن أنس بلفظ: ينادي منادٍ: دعوا الدنيا لأهلها -ثلاثًا-, من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ حتفه وهو لا يشعر، وذكره السيوطي في الدرر بلفظ: الدنيا جيفة، والناس كلابها، رواه أبو الشيخ في تفسيره عن علي موقوفا، ثم قال: وأخرج الديلمي عن علي مرفوعا: أوحى الله إلى داود: يا داود مثل الدنيا كمثل جيفة جمعت عليها الكلاب يجرونها، أفتحب أن تكون مثلهم فتجرها معهم؟!. وقد نظم إمامنا الشافعي -رضي الله عنه- ذلك حيث قال وأجاد:

ومن يأمن الدنيا فإني طعمتها ... وسِيقَ إلينا عذبها وعذابها فما هي إلا جيفة مستحيلة ... عليها كلاب همهن اجتذابها فإن تجتنبها كنت سلمًا لأهلها ... وإن تجتذبها نازعتك كلابها 1314- الدنيا حرام على أهل الآخرة، والآخرة حرام على أهل الدنيا، والدنيا والآخرة حرام على أهل الله1. رواه الديلمي في الفردوس عن ابن عباس، قال المناوي: فيه جبلة بن سليمان, أورده الذهبي في الضعفاء، وقال ابن معين: ليس بثقة, انتهى. 1315- الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له2. رواه أحمد بسند رجاله ثقات عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعا، والمشهور على الألسنة إبدال "ومال من لا مال له" بقوله: "ولها يجمع من لا عقل له" وعزاه في الجامع الصغير لأحمد والبيهقي عن عائشة -رضي الله عنها- والبيهقي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- موقوفا بلفظ: الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له. قال المناوي: قال المنذري والعراقي: إسناده جيد، وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح غير دريد وهو ثقة، وذكره ابن حجر المكي في أسنى المطالب، وزاد: وعليها يعادي من لا علم عنده، وعليها يحسد من لا فقه له، ولها يسعى من لا يقين له انتهى. وعزاه الغزالي في الإحياء عن عائشة بلفظ: الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له, وعليها يعادي من لا علم عنده, وعليها يحسد من لا فقه له، ولها يسعى من لا يقين له, انتهى. قال العراقي في تخريجه: رواه أحمد من حديث عائشة -رضي الله عنها- مقتصرًا إلى آخر قوله "من لا عقل له" دون بقيته. 1316- الدنيا دار بلاء. رواه الديلمي عن معاوية.

_ 1 موضوع: رقم "3009". 2 اللفظ عن ابن مسعود، ضعيف: رقم "3012".

1317- الدنيا لا تصفو لمؤمن، كيف وهي سجنه وبلاؤه؟ 1. ابن لال عن عائشة، قال ابن الغرس نقلًا عن شيخه: حديث حسن لغيره. 1318- "الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر". رواه مالك ومسلم والترمذي عن أبي هريرة وقال الترمذي: حسن صحيح، وأما ما في الموضوعات للصغاني من أنه موضوع فلا يعول عليه، وروى الطبراني وأبو نعيم واللفظ له عن ابن عمر مرفوعا: "يا أبا ذر, الدنيا سجن المؤمن والقبر أمنه"، وفي لفظ بدله: "والقبر حصنه، والجنة مصيره، يا أبا ذر إن الدنيا جنة الكافر، والقبر عذابه، والنار مصيره، المؤمن من لم يجزع من ذل الدنيا ... " الحديث، وعند أحمد وأبي نعيم عن ابن عمر بلفظ: "الدنيا سجن المؤمن وسنته، فإذا فارق الدنيا فارق السجن والسنة"، قال في اللآلئ: والمراد بالسنة الجدب، وكذا أخرجه الطبراني باختصار والبغوي في شرح السنة وصححه الحاكم وعند العسكري عن ابن المبارك قال: كان الحسن يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر؛ فالمؤمن يتزود، والكافر يتمتع، والله إن أصبح فيها مؤمن إلا حزينًا، وكيف لا يحزن من جاءه عن الله أنه وارد جهنم ولم يأتِهِ أنه صادر عنها؟ " وقال النجم: وأخرجه ابن المبارك بلفظ آخر موقوفا: "إن الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن، وإنما مثل المؤمن حين تخرج نفسه كمثل رجل كان في سجن فأخرج منه، فجعل يتقلب في الأرض ويتفسح فيها"، وأخرجه ابن أبي شيبة موقوفا، ولفظه: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، فإذا مات المؤمن تخلى سربه يسرح حيث شاء، والسرب" -بفتح أوله-: الطريق، ولابن لال عن عائشة رضي الله عنها: "الدنيا لا تصفو لمؤمن، كيف وهي سجنه وبلاؤه؟! " تتمة: ذكر المناوي في شرح الجامع الصغير أن الحافظ ابن حجر لما كان قاضي القضاة مر يومًا بالسوق في موكب عظيم وهيئة جميلة، فهجم عليه يهودي يبيع الزيت الحار، وأثوابه متلطخة بالزيت، وهو في غاية من الرثاثة والشناعة، فقبض على لجام بغلته، وقال: يا شيخ الإسلام, تزعم أن نبيكم قال: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، فأي سجن أنت فيه, وأي جنة أنا فيها؟ " فقال: أنا بالنسبة لما أعد الله لي في الآخرة من النعيم كأني الآن في السجن، وأنت بالنسبة لما أعد لك في الآخرة من العذاب الأليم كأنك في جنة فأسلم اليهودي, انتهى.

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "3020".

1319- "الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة -وفي لفظ: الدنيا كلها متاع, وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة". رواه مسلم وأحمد والنسائي وابن ماجه وغيرهم عن ابن عمرو رفعه، قال ابن الغرس: وقد فسرت الصالحة في الحديث بقوله صلى الله عليه وسلم: "التي إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله". 1320- الدنيا مزرعة الآخرة. قال في المقاصد: لم أقف عليه مع إيراد الغزالي له في الإحياء، وقال القاري: قلت: معناه صحيح مقتبس من قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} وقال ابن الغرس: لا يعرف وأنشدوا: إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصدًا ... ندمت على التفريط في زمن البذر ورواه في الفردوس بلا سند عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: الدنيا قنطرة الآخرة -وذكره الصغاني بإسقاط الآخرة- فاعبروها ولا تعمروها، وفي الضعفاء للعقيلي ومكارم الأخلاق لابن لال عن طارق بن أشيم رفعه: نعمت الدار الدنيا لمن تزود منها لآخرته ... الحديث، وذكره الحاكم وصححه، لكن تعقبه الذهبي بأنه منكر، وراويه عبد الجبار لا يعرف، ولابن عساكر عن يحيى بن سعيد قال: كان عيسى -عليه الصلاة والسلام- يقول: اعبروا الدنيا ولا تعمروها، وحب الدنيا رأس كل خطيئة، والنظر يزرع في القلب الشهوة. 1321- "الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وعالمًا, ومتعلمًا" 1. رواه الترمذي وحسنه عن أبي هريرة مرفوعا، ورواه الطبراني في الأوسط عن ابن مسعود, ورواه أبو نعيم في الحلية والضياء عن جابر والترمذي, وحسنه عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ما كان منها لله عز وجل"، ورواه الطبراني عن أبي الدرداء بلفظ: "الدنيا ملعونة, ملعون ما فيها إلا ما ابتُغِيَ به وجه الله عز وجل". تنبيه: ذكر الله وما عطف عليه نصب على الاستثناء؛ لأنه من كلام تام موجب، قال المناوي: وروي بالرفع أيضا على التأويل كأنه قيل: الدنيا مذمومة لا يحمد فيها إلا ذكر الله, وعالم, ومتعلم.

_ 1 حسن: رقم "3414".

1322- دواء العين ترك مسها. قال الشعراني: هو من كلام بعضهم، وقال النجم: رواه ابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب عن أبي سعيد، قال: مثل أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- مثل العين, ودواء العين ترك مسها. 1323- الديك الأبيض صديقي، وصديق صديقي، وعدو عدوي1. عزاه في الدرر لابن أبي أسامة وأبي الشيخ عن أنس بلفظ: الديك الأبيض صديقي فقط، وقال وهو منكر، وقال في المقاصد: رواه أبو نعيم عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعا ورواه أيضا في الضعفاء بسند فيه أحمد بن محمد بن أبي بزة ضعفوه عن أنس رفعه: الديك الأبيض الأفرق حبيبي، وحبيب حبيبي جبريل، يحرس بيته وستة عشر بيتًا من جيرانه: أربعة عن اليمين، وأربعة عن الشمال، وأربعة من قدام، وأربعة من خلف، وللطبراني في الأوسط عن أنس رفعه: اتخذوا الديك الأبيض؛ فإن دارًا فيها ديك أبيض لا يقربها شيطان ولا ساحر ولا الدويرات حولها، وروى أبو نعيم بسند فيه عبد الله بن صالح وهو وإن كان صدوقًا في نفسه إلا أن في حديثه مناكير عن عبد الله بن عمر بلفظ: لا تسبوا الديك؛ فإنه صديقي وأنا صديقه, وعدوه عدوي، والذي بعثني بالحق لو يعلم بنو آدم ما في صوته لاشتروا لحمه وريشه بالذهب والفضة، وإنه ليطرد مدى صوته من الجن، وللواحدي في تفسير النمل عن ابن عمر رفعه بلفظ الترجمة, وبزيادة: قالوا: فما يقول إذا صاح؟ قال: يقول: اذكروا الله يا غافلين، وعند أبي نعيم عن أبي زيد الأنصاري مرفوعا: الديك الأبيض أخي وصديقي، وعدو عدو الله إبليس, وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبيته معه في البيت، ورواه الحارث بن أبي أسامة عن أبي زيد بزيادة: يحرس دار صاحبه وتسع دور حولها، وروى أبو شهاب الخياط بسند فيه طلحة بن زيد، قال الخطيب: ولا يصح من طريقه، ولكن لم يبلغ أمره إلى أن يحكم على حديثه بالوضع عن خالد بن معدان رفعه مرسلا بلفظ: الديك الأبيض صديقي, وعدو عدو الله، يحرس دار صاحبه وسبع آدر، وكان يبيته معه في البيت، ثم قال في المقاصد: قال شيخنا يعني الحافظ ابن حجر فيما تعقب به على ابن الجوزي في الموضوعات: لا يتبين لي الحكم على هذا المتن بالوضع، قلت: لكن في أكثر ألفاظه ركة لا رونق لها، وقد أفرد الحافظ أبو نعيم أخبار الديك في جزء, انتهى. وقد أفرد أيضا الحافظ السيوطي أخبار الديك في رسالة سماها الوديك في أخبار الديك، ثم رأيت ابن الغرس ذكر أن الحديث ضعيف أو

_ 1 ضعيف: رقم "3027".

موضوع وذكر أيضا ابن قيم الجوزية، قال في جواب الأسئلة الطرابلسية بعد سرده جملةً من أحاديث الديك، قال: وبالجملة فكل أحاديث الديك كذب إلا حديثًا واحدًا: إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله؛ فإنها رأت ملكًا، قال: ورأيت أيضا في سِفْر السعادة لصاحب القاموس أنه قال: لم يثبت في فضائل الديك الأبيض شيء، قال: والحديث المسلسل المشهور فيه: الديك الأبيض صديقي باطل, وموضوع. 1324- "الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". رواه مسلم عن تميم الداري مرفوعًا. وفي الباب عن جماعة. وعزاه في الجامع الصغير للبخاري في التاريخ عن ثوبان مقتصرًا على صدره. وللبزار عن ابن عمر بلفظ "الدين النصيحة" فقط، ونسبه النجم لأحمد عن ابن عباس. وله "أي أحمد" ولمسلم وأبي داود والنسائي عن تميم الداري. وللترمذي والنسائي عن أبي هريرة بلفظ: "إن الدين النصيحة -ثلاثًا- قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسله ولأئمة المسلمين وعامتهم". 1325- "الدين يسر, ولن يغالب -وفي رواية: ولن يشاد- الدينَ أحدٌ إلا غلبه" 1. رواه البيهقي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 1326- الدَّين شين الدِّين2. رواه أبو نعيم عن مالك بن عامر، والقضاعي وأبو الشيخ عنه عن معاذ، رواه الديلمي عن عائشة بلفظ: الدين ينقص من الدين والحسب. 1327- الدَّين ولو درهمًا، والعائلة ولو بنتًا، والسؤال ولو "كيف الطريق". قال في المقاصد: لا أستحضره في المرفوع، ومعناه صحيح.

_ 1 صحيح: رقم"3420". 2 ضعيف: رقم "3032".

وللديلمي والطبراني عن أبي المجبر -بالجيم أو الحاء- رفعه "من كانت له ابنة فقد فدح"، والذي رأيته في المعجم الكبير في الثلاث لا في الواحدة، والمفدوح المثقل بالدَّين، نعم لأبي الشيخ عن أنس رفعه "من كانت له ابنة فهو متعب". ولأحمد وابن منيع وغيرهما عن ابن عباس مرفوعا "من ولدت له أنثى فلم يوئدها ولم يهنها ولم يُؤْثِرْ عليها الذكور؛ أدخله الله بها الجنة". قال: والأحاديث بنحوه كثيرة، وأصحها ما اتفق عليه الشيخان عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعا "من ابتُليَ بشيء من هذه البنات فأحسن إليهن؛ كُنَّ له سترًا من النار". ولأبي داود والنسائي وغيرهما عن ثوبان رفعه "من يتكفل لي أن لا يسأل الناس شيئًا فأتكفل له بالجنة" فكان يسقط علاقة سوطه فلا يأمر أحدًا يناوله إياه، وينزل هو فيأخذه. قال القاري: والمشهور "والسؤال ذل ولو أين الطريق" انتهى. وذكره النجم بلفظ "الدين ولو درهمًا, والبنت ولو مريم، والسؤال ولو كيف الطريق" وقال: ليس بحديث وإنما هو مثل، وهو على حذف الخبر أي: الدين محذور أو مكروه، ثم قال: وروى الحاكم عن ابن عمر: "الدين راية الله في الأرض, فإذا أراد أن يذل عبدًا وضعها في عنقه". وروى القضاعي عن معاذ: "الدين شين الدين". وروى الديلمي عن عائشة رضي الله عنها: "الدين ينقص من الدين والحسب" وله عنها: "هَمٌّ بالليل ومَذَلَّةٌ بالنهار" وللطبراني وابن عدي عن جابر: "لا هم إلا هم الدين، ولا وجع إلا وجع العين" انتهى. ومعنى ما ذكر ما رواه البيهقي عن أنس: "إياكم والدين؛ فإنه هم بالليل ومذلة بالنهار". 1328- داومي قرع باب الجنة. قاله لعائشة، قالت: بماذا؟ قال: بالجوع رواه في الإحياء، قال العراقي: لم أجد له أصلًا. 1329- دخوله -عليه الصلاة والسلام- حمام الجحفة. لا يصح، فقد قال ابن حجر في شرح الشمائل: موضوع باتفاق الحفاظ، لكن قال القاري: ذكره الدميري في شرح المنهاج في الكلام على الماء المسخن، وذكر النووي في شرح المهذب أنه ضعيف جدا، فقول شيخنا ابن حجر المكي في شرح الشمائل من أنه -صلى الله عليه وسلم- دخل حمام الجحفة موضوع باتفاق الحفاظ, وإن وقع في كلام

الدميري وغيره ولم يعرف الحمام في بلادهم إلا بعد موته -صلى الله عليه وسلم- ليس في محله وكيف يكون موضوعًا باتفاق الحفاظ مع إثبات الحافظ الدميري له وتضعيف النووي؛ إذ لا يخفى التفاوت بين الضعيف والموضوع مع أن الإثبات مقدم على النفي المصنوع, انتهى. 1330- الدم مقدار الدرهم يغسل, وتعاد منه الصلاة1. قال في اللآلئ: فيه نوح كذاب. 1331- الدنيا ساعة، فاجعلها طاعة2. قال القاري: لا أصل لمبناه، ولكن يصح معناه لقوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} وهو لا ينافي ما ثبت أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة، فإن ما مضى كأنه في ساعة انقضى, انتهى.

_ 1 موضوع: رقم "3007". 2 لا يصح رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-, انظر التمييز "624".

حرف الذال المعجمة

حرف الذال المعجمة: 1332- ذبح العلم بين أفخاذ النساء. ليس بحديث، وفي معناه ما سيأتي في باب الضاد: ضاع العلم بين أفخاذ النساء. 1333- "ذبوا عن أعراضكم" 1. رواه الديلمي وابن لال عن عائشة والخطيب عن أبي هريرة بزيادة: بأموالكم، قال ابن الغرس: قال شيخنا حجازي: حديث حسن لغيره، ثم قال وتمامه عند مخرجه قالوا: يا رسول الله كيف نذب بأموالنا عن أعراضنا؟ قال: تعطون الشاعر ومن تخافون لسانه, انتهى. واشتهر: الذب عن العرض حسنة, وتقدم في: داروا سفهاءكم. 1334- "ذروا المراء". رواه مسلم وأحمد عن جابر، وفي الباب عن جماعة كثيرين، ولأبي داود عن أبي هريرة رفعه: "المراء في القرآن كفر"، ورواه أحمد ومسلم والديلمي في الفردوس عن جابر بلفظ: "ذروا المراء؛ فإن الشيطان قد أيس أن تعبدوه" -الحديث، ورواه الديلمي أيضا عن أبي الدرداء وأبي أسامة وأنس في حديث أوله: "يا أمة محمد ذروا المراء، فإن المماري لا أشفع له يوم القيامة". قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الديلمي بعد إيراد ما تقدم, ما نصه: وبه "ذروا المراء فإن نفعه قليل، ويهيج العداوة بين الإخوان"، وبه "ذروا المراء تأمنوا فتنة"، وبه "ذروا المراء فإن المراء يورث الشرك ويحبط العمل"، وبه "ذروا المراء فإن المراء لا يمارى"، وبه "ذروا المراء فإن المماري تمت خسارته"، وبه "ذروا المراء فإنه أول ما نهاني عنه ربي بعد عبادة الأوثان وشرب الخمر" , وبه "ذروا المراء فكفى بك إثمًا أن لا تزال مماريًا" , انتهى. 1335- "ذروني ما تركتكم". متفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وتمامه: "فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه، فإنما أهلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم".

_ 1 بنحوه في الصحيحة "1461".

1336- ذروا الحسناء العقيم، وعليكم بالسوداء الولود1. رواه ابن عدي والديلمي عن ابن مسعود -رضي الله عنه-. 1337- ذكاة الأرض يبسها. قال في المقاصد احتج به الحنفية، ولا أصل له في المرفوع، نعم ذكره ابن أبي شيبة موقوفًا عن الباقر وعن ابن الحنفية قال: إذا جفت الأرض فقد ذكت، ورواه عبد الرزاق عن أبي قلابة بلفظ: جفوف الأرض طهورها، ويعارضه حديث أنس في الأمر بصب الماء على بول الأعرابي، بل ورد فيه الحفر من طريقين مسندين وطريقين مرسلين، كما في الدارقطني مع بيان عللها، وقال في اللآلئ: لا أصل له وإنما هو قول محمد بن الحنفية، وروي عن عائشة مرفوعا وموقوفا، وجعله في الهداية مرفوعا، قال الحافظ ابن حجر: لم أره. وقال القاري ما حاصله: إن موقوف الصحابة حجة عندنا، وكذا الحديث المنقطع إذا صح سنده مع أن المجتهد إذا استدل بحديث على حكم فلا يتصور أن لا يكون صحيحا أو حسنا عنده، ويقوي المذهب ما في سنن أبي داود "باب طهور الأرض إذا يبست"، وأسند عن ابن عمر أنه قال: كنت أتيت المسجد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكنت فتًى، فكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد، ولم يغسلوه, مع العلم بأنهم يقومون فيه للصلاة وغيرها, فيكون هذا بمنزلة الإجماع على طهورها بالجفاف, انتهى. وفيه أنه لم يشاهدها تبول في المسجد, ولم يغسلوا بولها2.

_ 1 موضوع: رقم "3042". 2 كلام المصنف "وفيه أنه لم يشاهدها تبول في المسجد" لا يستقيم مع كلام ابن عمر نفسه حيث قال: إنه كان يبيت في المسجد، وفسر ذلك بأنه كان فتًى عزبًا، أي لا زوجة يضطر للرجوع إليها ليلًا. فهل يتصور من صحابي جليل أن يبيت في المسجد، ثم يروي تصريحًا أن الكلاب كانت تبول في المسجد دون أن يتحقق من ذلك أو يراه؟ ليس ذلك دأب أجلة الصحابة -رضي الله عنهم- والذين عنهم يؤخذ الورع والتثبت في القول، بل هو دأب الفاسقين قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} "سورة الحجرات 49، الآية: 6". ولو سلكنا هذا النحو مع أقوال الصحابة المماثلة, لرفضنا المئات بل الآلاف من الأحاديث. وهذا نص رواية الترمذي من كتاب الطهارة، باب: "في طهور الأرض إذا يبست" "382": حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب، حدثني حمزة بن عبد الله بن عمر قال: قال ابن عمر: =

1338- "ذكاة الجنين ذكاة أمه" 1. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن أبي سعيد مرفوعًا، وصححه ابن حبان. ورواه الحاكم عن ابن عمر بلفظ: "ذكاة الجنين إذا أشعر ذكاة أمه، ولكنه يذبح حتى ينصاب ما فيه من الدم". تنبيه: روي " ذكاة أمه" بالرفع والنصب، فالرفع على جعله خبر ذكاة المبتدأ، والنصب على تقدير "كذكاة أمه" فلما حذف الجار انتصب، أو على تقدير "يذكى ذكاة أمه". فعلى النصب يفيد أنه لا بد من ذكاة الجنين، وهو مذهب كثيرين من الحنفية؛ وأما على الرفع فيفيد أن ذكاة أمه كافية عن ذكاته، وهو مذهب الشافعي, فاعرفه. 1339- "الذهب والحرير حِلٌّ لإناث أمتي, وحرامٌ على ذكورها" 2. رواه الطبراني عن زيد بن أرقم، وفي الباب عن جماعة. 1340- ذهب صفو الدنيا وبقي الكدر -والمشهور: وبقي كدرها. رواه الحارث عن أبي جحيفة، وفي الباب عن ابن مسعود، زاد بعضهم: فالموت اليوم تحفة لكل مسلم. 1341- "ذهبت النبوة وبقيت المبشرات" 3. رواه ابن ماجه عن أم كرز، ورواه الطبراني عن حذيفة بن أسد بلفظ: ذهبت النبوة فلا نبوة بعدي إلا المبشرات؛ الرؤيا الصالحة يراها الرجل, أو تُرَى له. 1342- ذهب الناس وما بقي إلا النسناس. قال في المقاصد: لا أصل له في المرفوع ولكن عند أبي داود, ومن جهته الخطابي في العزلة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- من قوله: ذهب الناس وبقي النسناس فقيل له: وما

_ = كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكنت فتًى شابًّا عَزِبًا، وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد, فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك. هذا التعليق أثبتناه من تعليقات نسخة دار الحديث لأهميته. 1 صحيح: رقم "3431". 2 صحيح: رقم "3449". 3 صحيح: رقم "3439".

النسناس؟ قال: قوم يتشبهون بالناس وليسوا بناس، ورواه أبو نعيم عن ابن عباس من قوله بلفظ: ذهب الناس وبقي النسناس فقيل: وما النسناس؟ قال: الذين يتشبهون بالناس وليسوا بالناس، أي بالناس الكاملين، وفي المجالسة للدينوري عن الحسن البصري مثله بدون تفسير وزاد: لو تكاشفتم ما تدافنتم، وهو في غريب الهروي وفائق الزمخشري ونهاية ابن الأثير بدون زيادة ولا تفسير، وقال ابن الأثير: قيل: هم يأجوج ومأجوج، وقيل: خلق على صورة الناس أشبهوهم في شيء وخالفوهم في شيء, وليسوا من بني آدم. وقيل: هم من بني آدم ومنه الحديث: أن حيًّا من عاد عصوا رسولهم فمسخهم الله نسناسًا, لكل رجل منهم يد ورجل من شق واحد, ينقزون كما ينقز1 الطير ويرعون كما ترعى البهائم, ونونها الأولى مكسورة وقد تفتح, انتهى كلام ابن الأثير. ولأحمد في الزهد عن مطرف بن عبد الله، قال: عقول الناس على قدر منازلهم وقال: هم الناس والنسناس وأناس غمسوا في دماء الناس، قال الكريمي: سمعت أبا نعيم يقول كثيرًا: يعجبني ما نقلته عائشة عن لبيد من قوله: ذهب الذين يُعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب لكن أبا نعيم يقول: ذهب الناس واشتغلوا وصاروا ... خلفًا في أراذل النسناس في أناس يعدهم من بعيد ... فإذا فتشوا فليسوا بناس كلما جئت أبتغي النيل منهم ... بدروني قبل السؤال بياس وبكوني حتى تمنيت أني ... منهم قد فلت رأسًا براس وما أحسن ما قيل: مات الذين يعاش في أكنافهم ... وبقي الذين حياتهم لا تنفع وكذا ما قيل: مات الذين يعيش مثلي ... بينهم ويموت كربه وبقي الذي يقذي العيونَ ... حلاه والأسماعَ كذبه

_ 1 ينقز: أي يقفز ويثب, النهاية.

1343- "ذل من لا سفيه له". رواه الطبراني والبيهقي عن ابن شوذب قال: كنا عند مكحول ومعنا سليمان بن موسى, فجاء رجل فاستطال على سليمان وسليمان ساكت, فجاء أخ لسليمان فرد عليه, فقال مكحول: لقد ذل من لا سفيه له, ومر فيه غير ذلك في حديث: خاب قوم لا سفيه لهم. 1344- "ذللت طالبًا فعززت مطلوبًا". قال النجم: هذا لفظ مشهور عن ابن عباس -رضي الله عنهما-, أخرجه الدينوري بلفظ: ذللت طالبًا للعلم فعززت مطلوبًا. 1345- ذكر الله شفاء, وذكر الناس داء1. رواه البيهقي عن مكحول مرسلًا بلفظ: إن ذكر الله، ورواه الديلمي عن أنس بلفظ: ذكر الله شفاء القلوب، قال ابن الغرس: قال شيخنا: حديث حسن لغيره، قال: وكذا حديث: ذكر الأنبياء من العبادة, وذكر الصالحين كفارة -أي للذنوب- وذكر الموت صدقة, وذكر القبر يقربكم من الجنة, وذكر النار من الجهاد, وذكر القيامة يباعدكم من النار, وأفضل العبادة ترك الحيل، ورأس مال العالم ترك التكبر، وثمن الجنة ترك الحسد، والندامة من الذنوب التوبة الصادقة, انتهى. 1346- "ذاكر الله في الغافلين بمنزلة الصابر في الغازين". رواه مسلم وأحمد والترمذي عن العباس، ورواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر بلفظ: ذاكر الله في الغافلين مثل الذي يقاتل في الغازين, وذاكر الله في الغافلين كالمصباح في البيت المظلم, وذاكر الله في الغافلين كمثل الشجرة الخضراء وسط الشجر الذي قد تحاتَّ من الصريد2, وذاكر الله في الغافلين يعرفه الله مقعده في الجنة, وذاكر الله في الغافلين يغفر الله له بعدد كل فصيح وأعجمي.

_ 1 لفظ رواية الديلمي عن أنس ضعيف: رقم "3047". 2 الصريد: البرد، وفي رواية: الجليد.

1347- ذاكر الله في رمضان مغفور له, وسائل الله فيه لا يخيب1. رواه الطبراني والبيهقي عن عمر -رضي الله عنه-. 1348- "ذمة المسلمين واحدة, يسعى بها أدناهم". رواه الشيخان عن علي، وفي الباب عن أبي هريرة وأنس, ورواه الحاكم عن عائشة بلفظ: "ذمة المسلمين واحدة, فإن جارت عليهم جائرة فلا تحقروهم؛ فإن لكل غادر لواءً يعرف به يوم القيامة".

_ 1 موضوع: رقم "3038".

حرف الراء المهملة

حرف الراء المهملة: 1349- الرابح في الشر خاسر. قال في المقاصد: كلام صحيح، يعني: وليس بحديث كما قال القاري, بل هو من كلام بعض الحكماء ويدل لصحته نحو قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} -الآية ولله دَرُّ البستي حيث قال: زيادة المرء في دنياه نقصان ... وربحه غير محض الخير خسران وقال ابن الغرس: ومن كلام بعضهم: ما تسابَّ اثنان إلا غلب ألأمُهما، وفي الحديث: إياكم ومشارة الناس؛ فإنها تدفن العزة وتظهر المعرة أي: تستر المحاسن وتظهر العيوب. 1350- رأس الحكمة مخافة -وفي رواية: خشية- الله1. رواه البيهقي في الدلائل والعسكري في الأمثال والديلمي عن عقبة بن عامر قال: خرجنا في غزوة تبوك فذكر حديثًا طويلًا فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: أما بعد, فإن أصدق الحديث كتاب الله, وخير زادٍ التقوى, ورأس الحكمة مخافة الله, والخمر جماع الإثم، ورواه العسكري أيضا فقط من حديث عمرو بن ثابت عن أبيه قال: أعطى ابن أبي الدرداء عبد الملك بن مروان كتابًا ذكر أنه عن أبيه أبي الدرداء, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن أشرف الحديث كتاب الله, فذكر حديثا وفيه: رأس الحكمة مخافة الله, والخمر جوامع الإثم، وأخرج ابن لال عن أبي مسعود مرفوعًا الجملة الأخيرة فقط، ورواه القضاعي في مسنده عن زيد بن خالد الجهني، قال: تلقفت هذه الخطبة من فِي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرها, وفيه: الخمر جماع الإثم, ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل، ورواه البيهقي في شعبه عن ابن عباس موقوفا وضعفه بلفظ: كان يقول في خطبته: خير الزاد التقوى, ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل، وللطبراني والقضاعي عن أنس رفعه: خشية الله رأس كل حكمة, والورع سيد العمل، وعند أحمد في الزهد عن خالد بن ثابت الزمعي قال: وجدت فاتحة زبور داود أن رأس الحكمة خشية الرب.

_ 1 ضعيف: رقم "3066".

1351- "رأس العقل التحبب إلى الناس في غير ترك الحق" 1. رواه الديلمي عن ابن عباس، ورواه الطبراني في الأوسط عن علي -رضي الله عنه-. 1352- رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس2. قال في الأصل: رواه البيهقي في الشعب والعسكري والقضاعي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه، ورواه أبو نعيم عن أنس وعلي، ورواه البيهقي أيضا عن علي بن زيد مرسلًا، وزاد فيه: وما يستغني رجل عن مشورة, وإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة, وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، قال البيهقي: إنه المحفوظ، ورواه العسكري أيضا عن ابن جذعان بلفظ: ولن يهلك بدل: وما يستغني وقال الغداني: إن هشيمًا حدث به الرشيد؛ فأمر له بعشرة آلاف درهم، ورواه العسكري أيضا عن جابر بن عبد الله رفعه مثل الذي قبله, وزاد: وما سعد أحد برأيه ولا شقي عن مشورة, وإذا أراد الله بعبد خيرًا فقهه في دينه وبصره عيوبه، ويعضده عند القضاعي عن سهل بن سهل بن سعد مرفوعا بزيادة: وما شقي عبد قط بمشورة, ولا سعد باستغناء برأيه يقول الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} . وللديلمي في مسنده بسند ضعيف عن عائشة مرفوعًا: إن الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض، وفي الباب عن أنس وابن عباس وعلي يتقوى بعضها ببعض، وروى الخطابي في أواخر العزلة عن الحسن أنهم يقولون: المداراة نصف العقل, وأنا أقول: هي العقل كله، وقد أفرد ابن أبي الدنيا المداراة بالتأليف, انتهى ما في المقاصد ملخصًا. وقال ابن الغرس: قال شيخنا: حديث حسن لغيره. قلت: وأورده في الجامع الصغير من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وعزاه للبزار والبيهقي، زاد الطبراني من حديث علي: واصطناع الخير إلى كل بَرٍّ وفَاجِرٍ, وعند الطبراني من حديث علي أيضا بلفظ "رأس العقل بعد الإيمان التحبب إلى الناس" ورواه الديلمي عن ابن عباس بلفظ "رأس العقل التحبب إلى الناس في غير ترك الحق".

_ 1 انظر المجمع "28/ 8". 2 ضعيف: رقم "3071".

1353- "الربا سبعون حوبًا, أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه" 1. رواه ابن ماجه عن أبي هريرة، وله عن ابن مسعود: "الربا ثلاثة وسبعون بابًا"، زاد فيه الحاكم: "أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه, وأن أربى الربا عرض الرجل المسلم"، ورواه الطبراني عن البراء بلفظ: "الربا اثنان وسبعون بابًا, أدناها مثل إتيان الرجل أمه, وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه"، تنبيه: حوبًا بفتح الحاء المهملة فواو ساكنة فموحدة، قال المناوي: بفتح الحاء وتضم أي: ضربًا من الإثم، والحوب: الإثم، فقوله الربا أي: إثم الربا, قال الطيبي: ولا بد من هذا التقدير ليطابق قوله: "أيسرها أن ينكح الرجل أمه" , انتهى. ولعل حوبًا بمعنى بابًا، كما في الرواية الأخرى فتأمل. 1354- "الربا وإن كثُر فإن عاقبته تصير إلى قُلٍّ" 2. رواه الحاكم عن ابن مسعود، وفي كتاب الله عز وجل: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا} {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} . وروى ابن ماجه عن ابن مسعود: ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى أقل، تنبيه: قل بضم القاف وتشديد اللام من غير تاء، وهو بمعنى ما فيه التاء، قال المناوي: قل بالضم: القلة كالذل والذلة، أي: أنه وإن كان زيادة في المال عاجلًا يئول إلى نقص ومحق آجلًا, بما يفتح على المربي من المغارم والمهالك. 1355- ربط الخيط بالأصبع ليذكر الحاجة3. رواه أبو يعلى عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أشفق من الحاجة أن ينساها ربط في إصبعه خيطًا ليذكرها, وفي سنده سالم بن عبد الأعلى, رماه ابن حبان بالوضع, واتهمه أبو حاتم بهذا الحديث قال: هذا الحديث باطل، وروى ابن شاهين في الناسخ له النهي عنه ثم قال: وجميع أسانيده منكرة ولا أعلم شيئًا منها صحيحًا، ولابن عدي بسند ضعيف عن واثلة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد حاجة أوثق في خاتمه خيطًا، وللدارقطني في الأفراد عن رافع بن خديج قال: رأيت في يد النبي -عليه

_ 1 صحيح: رقم "3541"، وليس فيه "مثل". 2 صحيح: رقم "3542". 3 في إسناده سالم بن عبد الأعلى، رواه ابن حبان بالوضع، بل اتهمه أبو حاتم بهذا الحديث، كما في التمييز "649".

الصلاة والسلام- خيطًا فقلت: ما هذا؟ قال: أستذكر به، ورواه ابن سعد والحكيم عن ابن عمر بلفظ: كان إذا أشفق من الحاجة ينساها, ربط في خنصره أو في خاتمه الخيط. 1356- الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل. قال النجم: قال الفخر الرازي في مناقب الشافعي رضي الله عنه: هو من كلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين كتب إلى عبد الله بن قيس في آداب القضاء: لا يمنعنك قضاء قضيته فراجعت فيه عقلك فهديت لرشدك, أن ترجع إلى الحق؛ فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل. 1357- ربيع أمتي العنب والبطيخ1. رواه أبو عمر النوقاني عن ابن عمر كما في شرح الجامع الصغير قال المناوي كابن الجوزي: موضوع بل تقدم في حديث البطيخ أن جميع ما ورد في الفاكهة من الأحاديث موضوع. 1358- رجب شهر الله, وشعبان شهري, ورمضان شهر أمتي2. رواه الديلمي وغيره عن أنس مرفوعا, لكن ذكره ابن الجوزي في الموضوعات بطرق عديدة، وكذا الحافظ ابن حجر في كتاب تبيين العجب فيما ورد في رجب, ولأبي الشيخ عن أبي هريرة وأبي سعيد -رضي الله عنهما- مرفوعا بلفظ: إن شهر رمضان شهر أمتي -الحديث كما سيأتي في شعبان. 1359- "الرجل على دين خليله, فلينظر أحدكم من يخالل" 3. أبو داود والترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 1360- "الرجل في ظل صدقته حتى يقضي بين الناس" 4. رواه أحمد وأبو يعلى وغيرهما عن عقبة بن عامر مرفوعا, وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقال: على شرط مسلم, وأوله عند جميعهم أو أكثرهم: كل امرئ بدل الرجل, وكان أبو الخير لا يخطئه يوم حتى يتصدق فيه بشيء.

_ 1 موضوع: رقم "3093". 2 ضعيف: رقم "3094". 3 حسن: رقم "3545". 4 صحيح، انظر صحيح الجامع "ج4510".

1361- "الرجل مع رحله حيث كان". قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن قال له حين قدم المدينة في الهجرة ونقل رحله إلى دار أبي أيوب: أين تحل؟ فقال: "إن الرجل" وذكره، رواه البيهقي في الدلائل عن ابن الزبير، قال ابن الغرس: قلت: هو حديث وارد على سبب, وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قدم إلى المدينة الشريفة تلقاه الأنصار -رضي الله عنهم- وطلب كل بطن من بطونهم أن يكون عندهم وتعرضوا لناقته ليأخذوا بزمامها, فجعل -صلى الله عليه وسلم- يقول: "دعوها, فإنها مأمورة" , فلما وصلت إلى قريب من حجرته الشريفة بركت وسمي ذلك المكان مبرك الناقة, فتبادروا إليها فقال: "دعوها فإنها مأمورة" ثم قامت من مبركها وجاءت إلى موضع قبره الشريف فبركت وألقت جرانها, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هنا المنزل إن شاء الله تعالى" , ثم نزل هناك فبادر أبو طلحة -رضي الله عنه- وأخذ رحل النبي -صلى الله عليه وسلم- وذهب به إلى منزله فقيل له: أين تنزل يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل مع رحله" فذكره، والقصة فيها طول وهذا محصل المقصود منها. 1362- "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" , قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: "جهاد القلب". قال الحافظ ابن حجر في تسديد القوس: هو مشهور على الألسنة وهو من كلام إبراهيم بن عيلة، انتهى. وأقول: الحديث في الإحياء, قال العراقي: رواه بسند ضعيف عن جابر, ورواه الخطيب في تاريخه عن جابر بلفظ: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- من غزاة, فقال عليه الصلاة والسلام: "قدمتم خير مقدم, وقدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" , قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: "مجاهدة العبد هواه"، انتهى. والمشهور على الألسنة: رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر, دون باقيه ففيه اقتصار، انتهى. 1363- "ربي وربك الله". رواه ابن أبي شيبة عن النخعي قال: كانوا يستحبون أو يعجبهم إذا رأى الرجل الهلال أن يقوله.

1364- "رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره". رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة، ورواه الحاكم وأبو نعيم بلفظ: "رب أشعث أغبر تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبره"، ورواه البزار عن ابن مسعود بلفظ: "رب ذي طمرين, لا يؤبه به لو أقسم على الله لأبره"، ولأحمد عن حذيفة بلفظ: "ألا أخبركم بشر عباد الله؟ الفظ المستكبر، ألا أخبركم بخير عباد الله؟ الضعيف المستضعف ذو الطمرين لا يؤبه به, لو أقسم على الله لأبره"، وروى الشيخان وابن ماجه عن حارثة بن وهب: "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف مستضعف, لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ متكبر" , وعن معاذ: "ألا أخبركم بملوك الجنة؟ " قلت: بلى, قال: "رجل ضعيف مستضعف ذو طمرين لا يؤبه به, لو أقسم على الله لأبره" , وفي النجم عن أنس: "رب أشعث أغبر ذي طمرين مصفح عن أبواب الناس, لو أقسم على الله لأبره"، تنبيه: قال في المنن: من الأصفياء الشعث من يجاب دعاؤه كلما دعا، حتى إن بعض السوقة كان كل من دعا عليه مات لوقته, وأراد جماع زوجته فقالت: الأولاد متيقظون فقال: أماتهم الله فكانوا سبعة فصلوا عليهم بكرة النهار, فبلغ البرهان المتبولي فأحضره وقال: أماتك الله فمات, وقال: لو بقي لأمات خلقًا كثيرًا. 1365- "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع, ورب قائم ليس من قيامه إلا السهر" 1. رواه ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وأخرجه أحمد والطبراني والبيهقي عن ابن عمر بلفظ: "رب قائم حظه من قيامه السهر, ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش". 1366- "رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعًا" 2. رواه أبو داود والترمذي وابن حبان عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. 1367- رحم الله امرأً جب الغيبة عن نفسه.

_ 1 صحيح: رقم "3488". 2 حسن: رقم "3493".

1368- رحم الله امرأ أصلح من لسانه1. ابن عدي والخطيب عن عمر ولابن عساكر عن أنس، ورواه الديلمي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بلفظ عنهما: رحم الله من حفظ لسانه وعرف زمانه واستقامت طريقته، وقال ابن الغرس: قال شيخنا: حديث ضعيف. 1369- "رحم الله من عمل عملًا وأتقنه" 2. قال النجم: لا يعرف بهذا اللفظ لكن عند أبي نعيم عن عائشة -رضي الله عنها- "أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه". 1370- رحم الله أخي الخضر, لو كان حيًّا لزارني. قال الحافظ ابن حجر: لا يثبت مرفوعا, وإنما هو من كلام بعض السلف ممن أنكر حياة الخضر -عليه الصلاة والسلام- والصوفية وكثير من المحدثين والفقهاء على حياته. هذا الكلام فيه نظر. 1371- رحم الله من زار وخفف. كلام اشتهر بين الناس وليس بحديث, لكن يقرب منه حديث: أفضل العيادة أخفها كما تقدم. 1372- رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع, سمحًا إذا اشترى, سمحًا إذا قضى, سمحًا إذا اقتضى. رواه البخاري وابن ماجه, قال المناوي: وهو يحتمل الدعاء ويحتمل الخير. 1373- رحم الله من زارني وزمام ناقته بيده. قال الحافظ ابن حجر: لا أصل له بهذا اللفظ. 1374- "رحم الله من قال خيرًا أو صمت" 3. رواه الديلمي عن أنس رفعه بلفظ: "رحم الله امرأً تكلم فغنم, أو سكت فسلم" ورواه العسكري عن أنس أيضا لكن بلفظ: عبدًا، ورواه أيضا عن ابن مسعود أنه قال: يا لسان

_ 1 انظر تذكرة الموضوعات "205". 2 حسن، بنحوه في صحيح الجامع "1880". 3 حسن من رواية الديلمي عن أنس، انظر صحيح الجامع "ح3492".

قل خيرًا تغنم, واسكت تسلم قبل أن تندم" , فقيل له: تقوله أو سمعته؟ فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أكثر خطايا ابن آدم في لسانه"، ورواه ابن المبارك عن خالد بن عمران مرسلا بلفظ: "رحم الله عبدًا قال خيرًا فغنم, أو سكت عن سوء فسلم". 1375- الرحمة تنزل على الإمام, ثم على من يمينه, الأول فالأول1. رواه أبو الشيخ في الثواب عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 1376- "رحم الله والدًا أعان ولده على بره" 2. رواه أبو الشيخ في الثواب بسند ضعيف عن علي وابن عمر مرفوعا, وفي مسند الفردوس للديلمي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه: "يلزم الوالدين من البر لولدهما ما يلزم الولد يؤدبانه ويزوجانه"، وله أيضا عن معاذ بن جبل مرفوعا: "رب والدين عاقين, الولد يبرهما وهما يعقانه, فيكتبان عاقين"، وترجم البخاري في الأدب المفرد ببر الأب لولده، وروى بسنده عن ابن عمر أنه قال: "إنما سماهم الله أبرارًا؛ لأنهم بروا الآباء والأبناء فكما أن لوالدك عليك حقًّا كذلك لولدك عليك حق"، وفي المجالسة للدينوري من حديث المدائن أن رجلًا قال لأبيه: يا أبت, إن عظيم حقك علي لا يذهب صغير حقي عليك, والذي تمن به إلي أمن بمثله إليك, ولست أزعم أنا على سواء، وفيها أيضا من حديث الحماني أن زيد بن علي بن الحسن قال لابنه يحيى: إن الله تعالى لم يرضك لي فأوصاك بي, ورضيني لك فلم يوصني بك, انتهى. 1377- "رحم الله موسى, قد أوذي بأكثر من هذا فصبر". رواه الشيخان والإمام أحمد وأبو داود عن ابن مسعود، قال ابن الغرس عقبه: "رحم الله لوطًا كان يأوي" -وفي لفظ البخاري: "لقد كان يأوي- إلى ركن شديد" صحيح. وحديث: "رحم الله يوسف إن كان لذا أناة حليمًا, لو كنت أنا المحبوس ثم أرسل إلي لخرجت سريعًا" وإسناده حسن، ورواه أيضا بلفظ: "رحم الله أخي يوسف, لو أتاني الرسول بعد طول الحبس لأسرعت الإجابة حين قال: ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة؟ " قال المناوي: حسن وحديث "رحم الله أخي يحيي حين دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صغير فقال: ما للعب خلقت فكيف بمن أدرك الحنث من مقاله؟! ".

_ 1 ضعيف جدا: رقم "3154". 2 ضعيف: رقم "3118".

رواه ابن عساكر بإسناد ضعيف عن معاذ وقوله: فكيف بمن أدرك الحنث من مقاله؟! قال المناوي: ويجوز أن يكون من كلام سيدنا يحيى -عليه السلام-، أو من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-. 1378- رد دانق على أهله خير من عبادة سبعين سنةً. قال الحافظ ابن حجر: ما عرفت أصله، وقال في المقاصد: قاله يحيى بن عمر الأندلسي المالكي حين لِيمَ على ارتحاله من القيروان لقرطبة ليرد دانقًا كان عليه لبقال, وما عرفت أصله انتهى. قال ابن الغرس عقبه: كنت وقفت على أثر أو سمعته من مشايخي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: لأن أرد درهمًا من حرام خير من أن أتصدق بمائة ألف درهم ثم بمائة ألف درهم, ولم يزل يعد حتى بلغ ستمائة ألف درهم، قال: وفيه تأييد إن صح لما ذكر هنا انتهى. وروى ابن جماعة في منسكه الكبير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: رد دانق من حرام يعدل عند الله سبعين حجة، وأسنده الديلمي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- بلفظ: رد دانق من غير حله أفضل من سبعين حجة. 1379- رد الشمس على علي -رضي الله عنه-1. قال الإمام أحمد: لا اصل له وتبعه ابن الجوزي فأورده في الموضوعات، ولكن صححه الطحاوي وصاحب الشفا, وأخرجه ابن منده وابن شاهين عن أسماء بنت عميس، وابن مردويه عن أبي هريرة، وروى الطبراني في الكبير والأوسط بسند صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر الشمس فتأخرت ساعة من نهار، وكذلك ردت الشمس للنبي -صلى الله عليه وسلم- حين أخبر بالرفقة الذين رآهم ليلة الإسراء, وأنهم يجيئون يوم كذا, فأشرفت قريش تنظر وقد ولى النهار، ولم يجيئوا فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- فزيد له في النهار ساعة وحبست عليه الشمس قال الراوي لهذه: فلم تحبس على أحد إلا النبي -صلى الله عليه وسلم- يومئذٍ, وعلى يوشع حين قاتل الجبارين يوم الجمعة, فلما أدبرت الشمس خاف أن تغيب قبل أن يفرغ منهم ويدخل السبت فلا يحل له قتالهم فيه, فدعا الله تعالى فرد عليه الشمس حتى فرغ من قتالهم، كذا في المقاصد وفيه أن هاتين الصورتين وقفت الشمس فيهما, وحبست عن الغيبوبة، إلا أن يقال: إنه رد مجازًا فتأمل، وتقدم حديث "إن الشمس ردت" في باب الهمزة والنون.

_ 1 موضوع، انظر الفوائد المجموعة "444/ 2".

1380- رد جواب الكتاب حق كرد السلام1. ابن لال عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وأبو نعيم عن أنس -رضي الله عنه-، وتقدم في أن لجواب الكتاب حقًّا. 1381- "الرزق مقسوم, وكذا الرزق يطلب العبد كما يطلبه أجله" 2. رواه الطبراني عن أبي الدرداء، وتقدم في باب الهمزة حديث: "إن الله لا يعذب بقطع الرزق"، وحديث: "إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله". 1382- رزق الله أكثر من خلقه. قال النجم: هو كلام يجري على الألسنة كثيرًا وليس بحديث ولا يصح معناه؛ لأن الرزق بعض الخلق والبعض لا يكون أكثر من الكل، وصوابه: رزق الله أكثر من المرزوقين، انتهى. وأقول: المشهور رزقه أكثر من خلقه والضمير راجع إلى الله تعالى، لكن المراد من خلقه المخلوقين الذين يتنعمون بالرزق فلا يئول لما ذكره. 1383- رسول المرء دالٌّ على عقله. هو من قول يحيى بن خالد البرمكي كما في المجالسة للدينوري بلفظ: ثلاثة أشياء تدل على عقل أربابها: الكتاب والرسول والهدية. 1384- "الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر, فإذا عبرت وقعت" 3. رواه أبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه عن أبي رزين، كذا في الدرر، وزاد في اللآلئ قال: وأحسبه قال: "ولا يقصها إلا على وادٍ أو ذي رأي"، وقال الترمذي: صحيح، وقال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في آخر الاقتراح: إسناده على شرط مسلم، وقال في المقاصد: أخرجه أحمد والدارمي والترمذي بلفظ: "رؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة, وهي على رجل طائر ما لم يحدث بها وقعت" وقال: حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم وقال: إنه على شرط مسلم، وفي الباب عن أنس

_ 1 موضوع: رقم "3121". 2 انظر حديث "705". 3 صحيح، انظر صحيح الجامع "3535".

عند ابن ماجه من حديث الأعمش عن يزيد الرقاشي عنه مرفوعا في حديث: والرؤيا لأول عابر، وكذا أخرجه ابن منيع في مسنده والرقاشي ضعيف. 1385- "رؤيا الأنبياء وحي" 1. رواه الطبراني عن ابن عباس، وفي الباب عن ابن عمر، واشتهر على الألسنة: رؤيا المؤمن حق. 1386- "الرؤيا ثلاثة: منها تهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم, ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه, ومنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة". رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري، ومسلم عن ابن عمر وعن أبي هريرة, وقد وردت أحاديث كثيرة في الرؤيا. 1387- "الرسول لا يقتل" 2. رواه أحمد عن نعيم بن مسعود الأشجعي أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لرسولي مسيلمة: "لولا أن الرسول لا يقتل لضربت أعناقكما"، وأخرجه أبو داود عن نعيم المذكور أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لهما حين قرأ كتاب مسيلمة: "ما تقولان أنتما؟ " قالا: نقول كما قال, فقال: "أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما"، ورواه البيهقي عنه أيضا بلفظ: سمعت حين جاء رسولَا مسيلمة الكذاب بكتابه, ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لهما: "وأنتما تقولان مثل ما يقول؟ " فقالا: نعم فذكره، وقال الحاكم: إنه على شرط مسلم ورواه النسائي وأبن الجارود والبيهقي وصححه ابن حبان عن ابن مسعود بلفظ: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لابن النواحة: "لولا أنك رسول لقتلتك"، وعن ابن مسعود أيضا أنه قال: "مضت السنة أنه لا يقتل الرسول"، وفي الباب عن رافع القبطي في حديث مرفوع: "إني لا أخيس بالعهد3, ولا أحبس البرد ولكن أرجع إليهم, فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن فارجع" قال: فذهبت ثم أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسلمت، ورواه أحمد

_ 1 رواه الطبرانى -موقوفا على ابن عباس- عن شيخه عبد الله بن محمد بن أبي مريم وهو ضعيف، كما في المجمع، "176/ 7". 2 صحيح، انظر صحيح أبي داود "2399". 3 أي: لا أنقضه, النهاية.

وابن منيع والطبراني وغيرهم وصححه ابن حبان عن ابن مسعود أنه جاءه حارثة بن مضرب فقال له: ما بيني وبين أحد من العرب نسبة, وإني مررت بمسجد لبني حنيفة فإذا هم يؤمنون بمسيلمة, فأرسل إليهم عبد الله فجيء بهم فاستتابهم, ثم قال ابن مسعود لابن النواحة: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لولا أنك رسول لضربت عنقك, فأنت اليوم لست برسول فأمر قرظة بن كعب فضرب عنقه في السوق ثم قال: من أراد أن ينظر إلى ابن النواحة قتيلًا بالسوق فلينظر. 1388- الرضاع يغير الطباع1. رواه القضاعي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعا، ورواه أبو الشيخ عن ابن عمر أيضا قال ابن الغرس: ضعيف، وقال المناوي: منكر، وقال النجم: ذكر الخطابي في الغريب عن عمر: إياكم ورضاع السوء, فإنه لا بد أن ينتدم، أي يظهر أثره والندم الأثر، ومن أجل أن الرضاع يغير الطباع لما دخل الإمام المجمع على إمامته الشيخ أبو محمد الجويني بيته ووجد ابنه إمام الحرمين أبا المعالي يرتضع ثدي غير أمه اختطفه منها ثم نكس رأسه ومسح بطنه وأدخل أصبعه في فيه، ولم يزل يفعل ذلك حتى خرج ذاك اللبن، قائلا: "يسهل علي موته، ولا تفسد طباعه بشرب لبن غير أمه". ثم لما كبر الإمام كان إذا حصلت له كبوة في المناظرة يقول: هذه من بقايا تلك الرضعة. وقال الإمام الديريني: العادة جارية أن من ارتضع من امرأة فالغالب عليه أخلاقها من خير أو شر، ولذا جاء في الحديث: تخيروا لنطفكم. 1389- "رزقي تحت ظل رمحي" 2. رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني والبيهقي والحكيم الترمذي عن ابن عمر رفعه بلفظ: "بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له, وجعل رزقي تحت ظل رمحي, وجعل الذل والصغار على من خالف أمري, ومن تشبه بقوم فهو منهم". 1390- "رضا الرب في رضا الوالد, وسخط الرب في سخط الوالد" 3. رواه الترمذي عن ابن عمر رفعه, والأكثر علي وقفه على ابن عمر، قال ابن الغرس: قال شيخنا: حديث صحيح، وأورده في الجامع الصغير من حديث عمرو بن العاص

_ 1 ضعيف: رقم "3156". 2 صحيح، انظر صحيح الجامع "2831". 3 صحيح: رقم "3506".

وعزاه للترمذي والحاكم وغيرهم بلفظ "رضا الرب من رضا الوالدين, وسخطه من سخطهما". وعزاه في الدرر للترمذي عن ابن عمر بلفظ "رضا الله في رضا الوالدين, وسخطه في سخط الوالدين" ورواه الحاكم والطبراني والبيهقي والبزار وغيرهم موقوفًا. 1391- رضا الناس غاية لا تدرك. ليس بحديث، ورواه الخطابي في العزلة عن أكثم بن صيفي أنه قال، وزاد ولا يكره سخط من رضاه الجور، وفيه عن الشافعي -رضي الله عنه- أنه قال ليونس بن عبد الأعلى: يا أبا موسى, رضا الناس غاية لا تدرك, ليس إلى السلامة من الناس سبيل, فانظر ما فيه صلاح نفسك فالزمه, ودع الناس وما هم فيه. وقال النجم: وذكر أبو بكر بن العربي في كتاب الزكاة من عارضته أن هذا القول مثل كان مبتذلًا في الألسنة وهو كلام ساقط، بل لرضا الناس غاية مدركة وهي الحق, فمن طلبه من الناس فرضاه مدرك, ومن طلب غير الحق فلا يعتبر رضاه, قال: ولكن البطالين والمقصرين إذا ضيعوا الحقوق فلامهم الناس قالوا: رضا الناس غاية لا تدرك، وقال الزين العراقي: إنما يريد من أطلق ذلك أن إرضاء جميع الناس لا يدرك؛ لأن المختصمين في شيء رضا أحدهما سخط الآخر, قال: فليست هذه الكلمة ساقطة, بل هي كلمة حق قالها سفيان الثوري، وزاد في الحلية عنه: طلب الدنيا غاية لا تدرك, انتهى. وفي ابن الغرس قال الفضيل: من عرف الناس استراح، أي: من عرف أنهم لا يضرون ولا ينفعون استراح, قال: وقلت في هذا المعنى: من كان في الدنيا فلا بد أن ... يخالط الناس بلا مرية فمن يرد في دهره راحة ... منهم, وأن يأمن من خيفة يجعلهم ما دام في حيهم ... كحية ناهيك من حية وليحضر الترياق في جيبه ... وليحفظ الأسماء للرقية وبعد ذا إن ينجُ من شرهم ... هيهات كانت أسبغ النعمة 1392- "رضي مخرمة". قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- لمخرمة والد المسور -رضي الله عنهما- حين أعطاه القباء كما ثبت في صحيح البخاري وغيره، تنبيه: رضِي بكسر الضاد المعجمة فعل ماضٍ, ومخرمة بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة أسلم يوم الفتح وكان له علم بأيام الناس

ولا سيما بقريش, وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتقي لسانه، وعمي في آخر عمره, مات في المدينة عن مائة وخمس عشرة سنة. 1393- "رفع عن أمتي الخطأ, والنسيان, وما استكرهوا عليه". قال في اللآلئ: لا يوجد بهذا اللفظ وأقرب ما وجد ما رواه ابن عدي في الكامل عن أبي بكرة بلفظ: "رفع الله عن هذه الأمة ثلاثاً: الخطأ والنسيان والأمر يكرهون عليه"، قال: وعده ابن عدي من منكرات جعفر بن جسر، وأخرج ابن ماجه عن ابن عباس يرفعه قال: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"، ورواه ابن حبان عنه يرفعه وكذا الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين انتهى. وقال في المقاصد: وقع بهذا اللفظ في كتب كثير من الفقهاء والأصوليين حتى إنه وقع كذلك في ثلاثة أماكن في الشرح الكبير المسمى بالعزيز للإمام الرافعي، وقال غير واحد من مخرجيه وغيرهم: لم أظفر به ولكن قال محمد بن نصر المروزي في باب طلاق المكره: يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "رفع الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه"، وروى أبو النعيم في تاريخ أصبهان وابن عدي في الكامل بسند فيه جعفر بن جسر وهما ضعيفان عن أبي بكرة مرفوعا بلفظ: "رفع الله عن هذه الأمة ثلاثًا: الخطأ والنسيان والأمر يكرهون عليه"، لكن له شاهد جيد أخرجه أبو القاسم الفضل ابن جعفر التميمي المعروف بأخي عاصم في فوائده عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بلفظ: "رفع الله" والباقي بلفظ الترجمة، ورواه ابن ماجه وابن أبي عاصم والضياء في المختارة عن محمد بن المصفى، لكن بلفظ وضع بدل رفع, ورجاله ثقات وصححه ابن حبان، وأخرجه الطبراني والدارقطني والحاكم بلفظ تجاوز بدل وضع، ثم قال في المقاصد: وله طرق عن ابن عباس بل للوليد فيه إسنادان آخران عن ابن عمرو عن عقبة بن عامر, قال ابن أبي حاتم في العلل: سألت أبي عنها فقال: هذه أحاديث منكرة كأنها موضوعة، وقال في موضع آخر: لم يسمعه الأوزاعي من عطاء ولا يصح هذا الحديث ولا يثبت إسناده، وقال عبد الله بن أحمد في العلل: سألت أبي عنه فأنكره جدًّا وقال: ليس يروى هذا إلا عن الحسن عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

_ 1 صحيح، بلفظ: وضع، رقم "3515".

ونقل الخلال عن أحمد قال: من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع فقد خالف كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن الله أوجب في قتل النفس الخطأ الدية والكفارة, يعني: من زعم ارتفاعهما على العموم في خطاب الوضع أو التكليف، قال محمد بن نصر عقب إيراده: ليس له إسناد يحتج بمثله، ورواه العقيلي في الضعفاء وكذا البيهقي وقال: ليس بمحفوظ عن مالك، ورواه الخطيب عن مالك وقال: إنه منكر عنه والحديث يروى عن ثوبان وأبي الدرداء وأبي ذر، ومجموع هذه الطرق تظهر أن للحديث أصلًا لا سيما وأصل الباب حديث أبي هريرة في الصحيح عن زرارة بن أوفى يرفعه: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به، ورواه ابن ماجه بلفظ: عما توسوس به صدورها بدل ما حدثت به أنفسها، وزاد في آخره: وما استكرهوا، ويقال: إن هذه الجملة مدرجة في آخره، وصححه ابن حبان والحاكم وغيرهما، وقال النووي في الروضة والأربعين: إنه حسن وتكلم عليه الحافظ ابن حجر في تخريج المختصر، وبسط الكلام عليه السخاوي في تخريج الأربعين. 1394- "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ, وعن المُبتلَى حتى يبرأ, وعن الصبي حتى يكبر" 1. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم عن عائشة، وفي رواية لأحمد وأبي داود والحاكم عن علي وعمر بلفظ: "رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ, وعن النائم حتى يستيقظ, وعن الصبي حتى يحتلم". 1395- الرفق رأس الحكمة2. تقدم في "إن الرفق" أنه حديث حسن. 1396- الرفق يمن, والخرق شؤم3. عن ابن مسعود ورواه البيهقي عن عائشة بزيادة: وإذا أراد الله بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم باب الرفق؛ فإن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه, وإن الخرق لم يكن في شيء إلا شانه -الحديث.

_ 1 له شواهد بنحوه صحيحة: أرقام "2512، 3513، 3514". 2 ضعيف بهذا اللفظ: رقم "3159" وله شاهد صحيح برقم: "706". 3 ضعيف: رقم "3161".

1397- الرفيق قبل الطريق1. تقدم في: التمسوا الجار. 1398- "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها". رواه مسلم والترمذي والنسائي عن عائشة، وفي رواية للشيخين: "ركعتا الفجر أحب إليَّ من الدنيا جميعًا". 1399- ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك2. رواه ابن النجار والديلمي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وزاد الديلمي: ودعوة في السر أفضل من سبعين دعوة في العلانية, وصدقة في السر أفضل من سبعين صدقة في العلانية، ورواه الدارقطني في الأفراد عن أم الدرداء بلفظ: ركعتان بسواك خير من سبعين ركعة بغير سواك، ورجاله موثقون، ورواه الحميدي وأبو نعيم عن جابر وإسناده حسن، انتهى. 1400- رَوِّحُوا القلوب ساعة وساعة3. رواه الديلمي وأبو نعيم والقضاعي عن أنس رفعه، وفي رواية: القلب بالإفراد، ويشهد له ما في مسلم وغيره من قوله صلى الله عليه وسلم: يا حنظلة, ساعة وساعة، وفي المناوي قال أبو الدرداء: إني لأجم فؤادي ببعض الباطل -أي اللهو الجائز- لأنشط للحق, وقال علي رضي الله عنه: أجموا هذه القلوب؛ فإنها تمل كما تمل الأبدان، وذكر عند المصطفى -صلى الله عليه وسلم- القرآن والشعر, فجاء أبو بكر فقال: أقراءة وشعر؟! فقال: نعم, ساعة هذا وساعة ذاك. 1401- الرياء الشرك الأصغر4. رواه الطبراني بسند فيه ابن لهيعة عن شداد بن أوس قال: كنا نعد الرياء على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الشرك الأصغر، قال النجم: ورواه الطبراني عن

_ 1 حديث "531". 2 بزيادة الديلمى، موضوع: رقم "3127". 3 ضعيف "3140". 4 ضعيف، بنحوه في ضعيف ابن ماجه "863".

محمد بن رافع بن خديج رفعه بلفظ: إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر, قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء, يقول الله عز وجل يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا, فانظروا هل ترون عندهم الجزاء. 1402- ريح الولد من ريح الجنة1. رواه الطبراني في الأوسط والصغير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا. 1403- "الريح من روح الله تأتي بالرحمة, وتأتي بالعذاب" 2. رواه البخاري في الأدب وأبو داود والحاكم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بزيادة: "فإذا رأيتموها فلا تسبوها, واسألوا الله خيرها, واستعيذوا بالله من شرها"، وإسناده حسن، وفي رواية للديلمي عن ابن عمر بلفظ: "الريح تبعث عذابًا لقوم, ورحمة لآخرين". 1404- "الراحمون يرحمهم الرحمن -تبارك وتعالى-" 3. رواه أحمد وغيره عن ابن عمر, وتقدم مبسوطًا في: ارحموا من في الأرض. 1405- ريق المؤمن شفاء. ليس بحديث، ولكن معناه صحيح، ففي الصحيحين كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا اشتكى الإنسان الشيء إليه أو كانت به قرحة أو جرح قال بأصبعه -يعني سبابته بالأرض- ثم رفعها لهم وقال: "باسم الله تربة أرضنا, بريقة بعضنا, يشفي سقيمنا, بإذن ربنا"، وأما ما يدور على الألسنة من قولهم: سؤر المؤمن شفاء, فيصدق به ما رواه الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس رفعه: من التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه، كذا في المقاصد فما في موضوعات القاري من أنهما لا أصل لهما في المرفوع, لعله يريد بلفظه ثم رأيته في الكبرى قال في كل منهما: معناه صحيح فاعرفه، وسيأتي لذلك تتمة في: سؤر المؤمن شفاء. 1406- رهبانية أمتي القعود في المسجد. قال القاري: لم يوجد.

_ 1 ضعيف: رقم "3145". 2 بزيادة أبي داود والحاكم، صحيح: رقم "3564". 3 بعض حديث، صحيح: رقم "3522".

1407- "الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة". رواه البخاري عن أبي سعيد ومسلم عن ابن عمر وعن أبي هريرة، والطبراني عن ابن مسعود وأحمد والترمذي عن أبي رزين في حديثه المسند، وهو عند الشيخين عن أنس، وعن عبادة بن الصامت، وعن أبي هريرة لكنه بلفظ "رؤيا المؤمن" , وحديث عبادة أخرجه ابن ماجه، وتقدم للحديث تتمة في: "الرؤيا على رجل طائر". 1408- رمية من غير رامٍ. قال النجم: رواه البيهقي في المدخل عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفا أنه قال: خذ الحكمة ممن سمعت, فإن الرجل ليتكلم بالحكمة وليس بحكيم؛ فتكون كالرمية خرجت من غير رامٍ. 1409- رأيت ربي يوم النفر على جمل أورق, عليه جبة صوف, أمام الناس. قال القاري: موضوع لا أصل له في الدلائل، وقال السبكي: حديث رأيت ربي في صورة شاب أمرد هو دائر على ألسنة بعض المتصوفة، وهو موضوع مفترًى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, لكن في اللآلئ عن ابن عباس رفعه: رأيت ربي في صورة شاب له وفرة، وروي في صورة شاب أمرد، قال ابن صدقة عن أبي زرعة: حديث ابن عباس لا ينكره إلا معتزلي, وروي في بعضها بفؤاده والحديث إن حمل على رؤيا المنام فلا إشكال، وإن حمل على يقظة فأجاب عنه ابن الهمام أن هذا حجاب الصورة، قال القاري: كأنه أراد بهذا التجلي الصوري، ولله تعالى أنواع من التجليات بحسب الذات والصفات, لكنه تعالى منزهٌ عن الجسم والصورة بحسب الذات، وأما ما قاله السبكي في الحديث, فإن أراد أن في سنده ما يدل على وضعه فمسلم, وإلا فباب التأويل واسع, انتهى ملخصًا.

حرف الزاي

حرف الزاي: 1410- الزحمة رحمة. ليس بحديث وهو كلام صحيح المعنى بالنظر إلى الوقوف في الصلاة، قال في التمييز تبعًا للمقاصد وزاد: ولا ينافيه قول سفيان ينبغي أن يكون بين الرجلين في الصف قدر ثلثي ذراع فذلك في غيره، انتهى. وأقول: ويحتمل أنه بالنظر إلى الوقوف في الجهاد: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} ويحتمل إرادة الأعم ليشمل الرحمة في نحو مجالس العلم أيضا، ثم رأيت الشعراني في البدر المنير عمم كما قلنا فقال: هو كلام صحيح بالنظر لمواطن العبادات؛ كالوقوف في الصلاة وسد خلل الصفوف ونحو ذلك, انتهى. 1411- زامر الحي لا يطرب1. قال في المقاصد: هو كلام صحيح في الغالب, قال عروة بن الزبير لبنيه: يا بني, أزهد الناس في العالم أهله, فهلموا إلي فتعلموا مني فإنكم توشكون أن تكونوا كبار قوم -إلى آخر ما يأتي في صغار قوم كبار قوم آخرين، وقال أبو عبيدة اللغوي مخاطبًا لأهل مصر: إن البغاث بأرضكم يستنسر، أي يصير نسرًا بعد حقارته، يشير إلى أن الغريب ولو كان ناقصًا يصير بينهم ذا شأن، وقد انقرض أهل التمييز فلله الأمر: لا عيب لي غير أني من ديارهم ... وزامر الحي لا تطرب مزامره وقال آخر: يا أهل مصر أما تخشون نازلة ... تصيبكم يا بني الأقباط والوبش كل الخلائق منقوصون عندكم ... إلا اليهود ونسل الترك والحبش وعزا ابن الغرس البيت الأول بزيادة بيت قبله للقاضي عبد الوهاب البغدادي يخاطب أهل بغداد فقال: كم حكمة لي فيكم لو رميت بها ... لقعر بحر لجائتني جواهره لا عيب لي ... البيت.

_ 1 ليس بحديث، كما في التمييز "677".

1412- "زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا" 1. رواه البزار وأبو نعيم والعسكري في الأمثال والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة، وقال: في سنده طلحة غير قوي، وروي هذا الحديث بأسانيد أمثلها هذا، وفي بعضها قيل له: أين كنت أمس يا أبا هريرة؟ قال: زرت ناسًا من أهلي فقال: يا أبا هريرة, "زر غبًّا تزدد حبًّا"، ورواه العسكري أيضا عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة وذكره، ورواه ابن حبان في صحيحه عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة -رضي الله عنها- فقالت لعبيد: قد آن لك أن تزورنا فقال: أقول لك يا أمه كما قال الأول: زر غبا تزدد حبا, فقالت: دعونا من بطالتكم هذه، ورواه أيضا أنس وجابر وابن عباس وابن عمر وعلي وأبو الدرداء وأبو ذر وعائشة وغيرهم، حتى قال ابن طاهر: إن ابن عدي أورده في أربعة عشر موضعًا من كامله كلها معللة، وقال في الدرر: وضعفها كلها، وأفرد أبو نعيم طرقه، ثم الحافظ ابن حجر في الإنارة بطرق غب الزيارة، وقال في اللآلئ: رواه في مسند الفردوس عن ابن عمر -رضي الله عنهما- بلفظ: زوروا غبا تزدادوا حبا، وقال في المقاصد وتبعه النجم بعد ذكرهما طرقه: وبمجموعها يتقوى الحديث وإن قال البزار: إنه ليس فيه حديث صحيح، فهو لا ينافي ما قلناه, وما أحسن قول ابن دريد: عليك بإغباب الزيارة إنها ... إذا كثرت كانت إلى الهجر مسلكَا فإني رأيت الغيث يسأم دائبًا ... ويسأل بالأيدي إذا هو أمسكَا وقال غيره: أقلل زيارتك الصديق ... تكون كالثوب استجده وأمل شيء لامرئ ... أن لا يزال يراك عنده 1413- زر في الله؛ فإنه من زار في الله, شيعه سبعون ألف ملكٍ2. رواه أبو نعيم عن ابن عباس.

_ 1 صحيح: رقم "3568". 2 ضعيف: رقم "3171".

1414- زرقة العين يمن1. قال ابن الغرس: ضعيف، وذكر ابن القيم في جواب الأسئلة الطرابلسية أنه موضوع، وذكره في الجامع الصغير عن أبي هريرة بلفظ: الزرقة في العين يمن, قال المناوي: أي بركة في المرأة, فيندب تزوجها لخبر الديلمي عن أبي هريرة: تزوجوا الزرق فإن فيهن يمنًا، قال ابن الغرس عقبه: وبه يعلم أنه لا معارضة بينه وبين النهي عن الأشقر الأزرق؛ لأن ما هنا في النساء, وما هناك في الرجال أو يقال: المضر اجتماعهما, انتهى ملخصًا. 1415- زكاة الجاه إغاثة اللهفان. لم يعرف بهذا اللفظ، لكن ورد بمعناه أحاديث منها ما أخرجه الطبراني في الكبير والبيهقي في الشعب عن سمرة بن جندب قال: أفضل صدقة اللسان الشفاعة تفك بها الأسير, وتحقن بها الدماء, وتجر بها المعروف والإحسان إلى أخيك, وتدفع عنه المكروه. 1416- الزكاة قنطرة الإسلام2. رواه الطبراني في الأوسط والكبير عن أبي الدرداء مرفوعا لكن في سنده "بقية" أحد المدلسين بالعنعنة، ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده وفيه الضحاك بن حمزة ضعيف. 1417- زكاة الحلي عاريته. يقع في كلام بعض الفقهاء، ورواه البيهقي عن ابن عمر من قوله، ورواه أيضا عن سعيد بن المسيب أنه قال في زكاة الحلي: يعار ويلبس, ويذكر عن الإمام أحمد أنه قال: خمسة من الصحابة كانوا لا يرون في الحلي زكاة: ابن عمر وعائشة وأنس وجابر وأسماء, قال البيهقي في المعرفة: فأما ما يروى مرفوعا: ليس في الحلي زكاة, فباطل لا أصل له، وروى الدارقطني عن أسماء ابنة أبي بكر الصديق أنها كانت تحلي بناتها بالذهب نحوًا من خمسين ألفًا ولا تزكيه. 1418- "زمزم لما شرب له" 3. سيأتي في ماء زمزم لما شرب له, وأنه حسن لغيره.

_ 1 موضوع، بنحوه في ضعيف الجامع "3190". 2 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "3191". 3 انظر حديث "3168".

1419- "زوال الدنيا كلها أهون عند الله من قتل رجل مسلم" 1. رواه الترمذي عن عبد الله بن عمر وحسنه, قال في الفتح في باب الديات: وأخرجه النسائي بلفظ: لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا، انتهى. 1420- زيارة المريض بعد ثلاث3. رواه ابن ماجه عن أنس بلفظ: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يعود مريضًا إلا بعد ثلاث، وضعفه البيهقي في الشعب وأخرجه ابن عدي عن أبي هريرة وهو منكر، ورواه الطبراني عن ابن عباس -رضي الله عنهما- والبيهقي في الشعب وضعفه بلفظ: العيادة بعد ثلاث سُنَّةٌ. 1421- زمزم شفاء. رواه الفاكهي وحسنه ابن حجر عن معاوية موقوفا, وزاد: وهي لما شرب له. 1422- "زمزم طعام طعم, وشفاء سقم" 3. رواه ابن أبي شيبة والبزار عن أبي ذر -رضي الله عنه- ورجاله رجال الصحيح. 1423- "زادك الله حرصًا ولا تعد" -وروي: "ولا تعد بسكون العين". رواه أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي عن أبي بكرة أنه جاء والنبي -صلى الله عليه وسلم- راكع, فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف, فلما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاته قال: "أيكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف؟ " فقال أبو بكرة: أنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "زادك الله حرصا ولا تعد" , أي إلى الإحرام خلف الصف أو إلى التأخر في الصلاة، أو عن إتيانها مسرعًا, ويؤيده ما عند الطبراني في رواية أنه -عليه الصلاة والسلام- صلى الصبح فسمع نفسًا شديدًا أو بهرًا من خلفه, فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة قال لأبي بكرة: "أنت صاحب هذا النفس والبهر؟ " قال: نعم -جعلني الله فداك- خشيةَ أن تفوتني ركعة معك فأسرعت المشي فقاله -عليه الصلاة والسلام-.

_ 1 صحيح، انظر صحيح الترمذي "1126". 2 موضوع، انظر ضعيف ابن ماجه "ح302". 3 صحيح: رقم "3572".

1424- الزهد غنى الأبد. رواه الديلمي بلا سند عن الحسين بن علي -رضي الله عنهما-، سيأتي في الصبر. 1425- الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن, والرغبة فيها تكثر الهم والحزن, والبطالة تقسي القلب1. رواه القضاعي عن ابن عمر، وورد بألفاظ أخر. 1426- الزهرة. سيأتي في هاروت وماروت. 1427- الزنا يورث الفقر2. قال في المقاصد: رواه الديلمي والقضاعي وابن ماجه عن ابن عمر رفعه، وعنده أيضا من حديث ابن أبي الدنيا عن علي رفعه: في الزنا ست خصال؛ ثلاث في الدنيا -وذكر منها الفقر- وثلاث في الآخرة، انتهى، ولم يذكر بقية الست الخصال, وروي في الكشاف بلفظ: يا معشر الشبان, اتقوا الزنا؛ فإن فيه ست خصال, ثلاثة في الدنيا وثلاث في الآخرة؛ فأما اللاتي في الدنيا: فيذهب البهاء ويورث الفقر وينقص العمر, وأما اللاتي في الآخرة: فيوجب السخط وسوء الحساب والخلود في النار، انتهى. قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديثه: رواه البيهقي في الشعب وابن مردويه وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن حذيفة بلفظ: يا معشر الناس, وفي آخره ثم تلا: {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} انتهى، ثم قال: في إسناده ضعيف أو متروك ومجهول. 1428- الزاني بحليلة جاره لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه, ويقول له: ادخل النار مع الداخلين3. رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق والديلمي عن ابن عمر.

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "3197". 2 موضوع: رقم "3192". 3 ضعيف: رقم "3188".

1429- الزبانية أسرع إلى فسقة حملة القرآن منهم إلى عبدة الأوثان, فيقولون: يبدأ بنا قبل عبدة الأوثان؟! فيقال لهم: ليس من يعلم كمن لا يعلم1. رواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية عن أنس -رضي الله عنه-، والحديث منكر أو موضوع. 1430- "زنا اللسان الكلام" 2. أبو الشيخ عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 1431- "زنا العينين النظر" 3. ابن سعد والطبراني عن علقمة بن الحويرث, والمراد النظر بهما إلى محرم, وكذا الكلام فيما يحرم. 1432- الزنا يورث الفقر4. رواه البيهقي عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. 1433- "زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة" 5. رواه ابن ماجه عن أبي هريرة. 1434- "زوروا القبور ولا تقولوا هجرًا" 6. رواه الطبراني في الصغير عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-. 1435- الزنجي إذا جاع سرق7. تقدم في: إن الأسود.

_ 1 ضعيف: رقم "1389". 2 صحيح: رقم "3576". 3 صحيح: رقم "3575". 4 موضوع: رقم "3192". 5 صحيح: رقم "3577". 6 صحيح: رقم "3578". 7 انظر حديث "693".

1436- زوجوا الأكفاء, وتزوجوا الأكفاء1. رواه ابن حبان في الضعفاء عن عائشة بزيادة: واختاروا لنطفكم, وإياكم والزنج؛ فإنه خلق مشوه. 1437- زاد المحب يؤكل. ليس بحديث. 1438- الزيدية مجوس هذه الأمة2. قال في المقاصد: لم أره ولكنه عند أبي داود والطبراني وغيرهما عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: القدرية لا الزيدية، وباقيه: إن مرضوا فلا تعودوهم, وإن ماتوا فلا تشهدوهم، ورواه أبو نعيم عن أنس بلفظ: الزيدية مجوس العرب وإن صلوا وصاموا, وقال القاري نقلًا عن ابن الديبع: موضوع لا تحل روايته وحاشا الزيدية من هذه النسبة الردية، وقال أيضا: إن كانوا على مذهب القدرية فمعناه صحيح، ثم قال: وأما قول القزويني: حديث القدرية مجوس هذه الأمة, إن مرضوا فلا تعودوهم, وإن ماتوا فلا تشهدوهم موضوع، وكذا حديث: صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب: القدرية والمرجئة فخطأ منه؛ لأنا بينا مخرجيهما, انتهى ملخصًا من موضوعاته الكبرى. وأقول: الذي رأيناه في التمييز لابن الديبع ما قدمناه عن المقاصد من غير زيادة وحاشا الزيدية ... إلخ فتأمل. 1439- الزيتون سواكي وسواك الأنبياء من قبلي3. رواه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في كتاب السواك له عن معاذ رفعه بلفظ: نِعْمَ السواكُ الزيتون, من شجرة مباركة, يطيب الفم ويذهب الحفر, وهو سواكي وسواك الأنبياء قبلي, وقد ورد في السواك أحاديث كثيرة سيأتي بعضها في حرف السين وأولاه ما كان بالأراك، ثم بالنخيل، ثم بالزيتون، ثم بكل خشن، وتفاصيله في الفروع.

_ 1 بعض حديث موضوع: رقم "3178". 2 موضوع، كما قال ابن الديبع في التمييز "689". 3 رواه الطبرانى في الأوسط، قال الهيثمي: وفيه معلل بن محمد ولم أجد من ذكره، المجمع "100/ 2".

1440- "زينوا القرآن بأصواتكم" 1. رواه عبد الرزاق والحاكم عن البراء مرفوعا، ورواه الطبراني بسند حسن عن ابن عباس رفعه بهذا اللفظ، وفي رواية له: "حسنوا أصواتكم بالقرآن"، وعزاه ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي للطبراني عن ابن عباس بلفظ: "زينوا أصواتكم بالقرآن ", انتهى. واتفقت الطرق عن البراء على لفظ "زينوا القرآن بأصواتكم" إلا ما تقدم آنفًا, ورواه الحاكم عن البراء بلفظ: "زينوا القرآن بأصواتكم؛ فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا"، وأخرجه محمد بن نصر عن البراء بلفظ: "حسنوا القرآن بأصواتكم؛ فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا"، وهو عند الحاكم والدارمي كذلك، ورواه أبو نعيم عن علقمة قال: كنت رجلًا حسن الصوت بالقرآن, فكان ابن مسعود يبعث إلي فآتيه فيقول لي: رتل -فداك أبي وأمي- فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "حسن الصوت زينة القرآن" , وكلاهما مما يتأكد به رواية: "زينوا القرآن بأصواتكم" وإن كان الخطابي رجح اللفظ الأول، وعلقه البخاري بلفظ الترجمة جازمًا به في أواخر صحيحه، وأخرجه في خلق أفعال العباد، وكذا أبو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم بلفظ الثاني، وفي الباب عن جماعة من الصحابة وقال ابن الغرس بعد ذكره بلفظ الترجمة: قال شيخنا: صحيح، وقال العلقمي: معناه زينوا أصواتكم بالقرآن هكذا فسره غير واحد وزعموا أنه غير مقلوب، قال: وهو عجيب مع ورود رواية الحاكم: فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا, انتهى. 1441- زينوا أعيادكم بالتكبير2. رواه الطبراني في الأوسط والصغير بسند ضعيف عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا, وعزاه في الدرر للطبراني عن أنس ولأبي نعيم بسند فيه كذابان عن أنس رفعه: زينوا العيدين بالتهليل والتكبير والتحميد والتقديس، وقال ابن الغرس: قال شيخنا: حديث حسن، وأورده في الجامع الصغير وعزاه إلى أبي نعيم وإلى زاهر عن أنس بلفظ ما ذكرناه.

_ 1 صحيح: رقم "3580". 2 ضعيف: رقم "3182".

1442- زينوا موائدكم بالبقل؛ فإنه مطردة للشيطان مع التسمية1. أسنده الديلمي عن أبي أمامة، قال ابن الغرس بعد أن عزاه لابن حبان في الضعفاء: لكن ذكر ابن القيم في جواب الأسئلة الطرابلسية أنه موضوع، لكن بلفظ: أحضروا موائدكم البقل؛ فإنه مطردة للشيطان, ولبعضهم في المعنى: إذا الموائد مدت من غير خل وبقل كانت كشيخ كبير عديم فهم وعقل 1443- زينوا مجالسكم بالصلاة علي؛ فإن صلاتكم علي نور لكم يوم القيامة2. رواه الديلمي بسند ضعيف عن عائشة مرفوعا، وله شاهد عند النميري عن عائشة من قولها: زينوا مجالسكم بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وبذكر عمر بن الخطاب، واقتصر الديلمي على الجملة الثانية بلا سند، ولفظه كما في الديلمي: زينوا مجالسكم بذكر عمر, واقتصر الخطيب في تاريخه على الأولى عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقال ابن حجر الهيثمي في فتاواه الحديثية: هو حديث ضعيف، وقال: وأما حديث: زينوا مجالسكم بالصلاة علي؛ فإن صلاتكم تعرض علي أو تبلغني, فقطعة من حديث آخر ثابت قوي. 1444- زاد الواحد يكفي اثنين, وزاد الاثنين يكفي ثلاثة. لم أره بهذا اللفظ، لكنه بمعنى الحديث الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ: طعام الواحد يكفي الاثنين.

_ 1 موضوع: رقم "3185". 2 موضوع: رقم "3184".

حرف السين المهملة

حرف السين المهملة: 1445- سب أصحابي ذنب لا يغفر. نقل القاري عن ابن تيمية أنه كذب موضوع، ثم قال: وقد يوجه إن صح بأنه ذنب عظيم تعلق به حق الأصحاب، بل وحق سيد الأحباب ثم قال: وقد كتبت في المسألة رسالة مستقلة ولا يبعد أن يكون المعنى: سب أصحابي ذنب لا يغتفر, أي لا يسامح لحديث: من سب أصحابي فاضربوه, ومن سبني فاقتلوه. 1446- سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إبليس عن ضجيعه فقال: السكران, وعن جليسه قال: الذي يؤخر الصلاة عن وقتها, وعن ضيفه فقال: السارق, وعن أنيسه فقال: الشاعر. هذا الحديث كذب موضوع كما نقله ابن حجر المكي عن السيوطي. 1447- سبحان من زين الرجال باللحى, والنساء بالذوائب1. رواه الحاكم عن عائشة وذكره في تخريج أحاديث مسند الفردوس للحافظ ابن حجر في أثناء حديث بلفظ: ملائكة السماء يستغفرون لذوائب النساء ولحى الرجال, ويقولون: سبحان الذي زين الرجال باللحى, والنساء بالذوائب -أسنده عن عائشة. 1448- "سبحان الله, إن المؤمن لا ينجس" 2. تقدم في: إن المؤمن لا ينجس. 1449- سبحان الحي الذي لا يموت. قال في الأذكار: يستحب أن يقوله من أتى جنازة أو رآها، ولم يَعْزُه لمخرج ولا لصحابي. ومثله شارحه ابن علان، بل قال: أو يقول: "سبحان الملك القدوس" نقلهما في المجموع عن البندنيجي، انتهى.

_ 1 انظر تذكرة الموضوعات "160". 2 انظر حديث "793".

1450- سبحان من أودع في كل قلب ما أشغله. 1451- سبحان واهب العقل. لم أقف على أنه حديث كسابقه. 1452- "سبحان الملك القدوس" 1. رواه أبو داود والنسائي في إسناد صحيح عن أبي بن كعب بلفظ: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سلم من الوتر يقوله ثلاثًا. 1453- "سبحان ذي الملك والملكوت" -الحديث2. أسنده الديلمي عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-. 1454- "سبحان الذي يخرج الحي من الميت" 3. الطبراني عن أم خالد بن الأسود بن عبد يغوث. 1455- سافروا تربحوا, وصوموا تصحوا, واغزوا تغنموا4. رواه أحمد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا، ورواه الطبراني بلفظ "اغزوا تغنموا, وصوموا تصحوا, وسافروا تستغنوا" وفي رواية لابن نجيب "سافروا تربحوا وصوموا تصحوا واغزوا تغنموا" وأخرجه أبو نعيم في الطب مقتصرًا على "صوموا تصحوا" وفي موضع آخر منه "اغزوا تغنموا وسافروا تصحوا وتغنموا" وللطبراني والحاكم عن ابن عباس -رضي الله عنه- بلفظ "سافروا تصحوا وتغنموا" وبهذا اللفظ رواه أيضا القضاعي والطبراني عن ابن عمر رفعه، ورواه أبو نعيم في الطب أيضا عن ابن عمر رفعه بلفظ "سافروا تصحوا وتسلموا" ورواه أيضا عن أبي سعيد الخدري رفعه "سافروا تصحوا" ومثله في الدرر معزوًّا لأحمد عن أبي هريرة, والطبراني عن ابن عباس, والقضاعي عن ابن عمر، وعزاه في اللآلئ لمسند أحمد عن أبي هريرة بلفظ "سافروا تصحوا واغزوا تغنموا".

_ 1 صحيح. 2 أخرجه النسائي بلفظ: "سبحان ذي الجبروت والملكوت ... " بسند صحيح كما في تخريج المشكاة "882". 3 رواه الطبراني بسند حسن، كما في المجمع "264/ 9". 4 انظر ضعيف الجامع: أرقام "3209-3212".

1456- "ساقي القوم آخرهم شربًا". رواه مسلم في حديث طويل عن قتادة مرفوعا بلفظ: إن ساقي القوم آخرهم، من غير زيادة "شربًا"، وأخرجه أبو داود عن ابن أبي أوفى، وكذا البيهقي في الدلائل عن أبي معبد الخزاعي في قصة اجتياز النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه في الهجرة بخيمتي أم معبد. 1457- سبابة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت أطول من الوسطى. قال في المقاصد تبعا لشيخه ابن حجر: اشتهر على الألسنة كثيرًا، وسلف جمهور القائلين بذلك الدميري, وهو خطأ نشأ عن اعتماده رواية مطلقة رواها يزيد بن هارون عن ميمونة بنت كردم أخبرت أنها رأت أصابع النبي -صلى الله عليه وسلم- كذلك, فعين اليد منه لذلك بناءً على أن القصد منه ذكر وصف أختص به النبي -صلى الله عليه وسلم- فيجوز أن يريد سبابة رجله وأنه يطلق عليها سبابة مجازًا كما يأتي فليتأمل, ويدل لذلك أن الحديث في مسند الإمام أحمد عن ابن هارون المذكور مقيد بالرجل ولفظه: فما نسيت طول إصبع قدمه السبابة على سائر أصابعه, ولفظ رواية البيهقي في الدلائل من طريق يزيد المذكور عن ميمونة قالت: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة وهو على ناقة وأنا مع أبي, وبيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- درة كدرة الكتاب, فدنا منه أبي فأخذ بقدمه, فأقره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: فما نسيت طول أصبع قدمه السبابة على سائر أصابعه، وأعاده بعد بيسير بلفظ: كنت رديف أبي فلقي النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فقبضت على رجله فما رأيت شيئا أبرد منها, ولا يمنع من ذكرها كذلك مشاركة غيره من الناس له -صلى الله عليه وسلم- في التفضيل المذكور, إذ لا مانع أن يقال: رأيت فلانا وهو أبيض مثلًا مع العلم بمشاركة غيره له في ذلك, ويجوز أن يكون التفاوت زائدًا لظهور أن الناس متفاوتون فيه، وكذا لا يمنع من كون السبابة في اليد خاصة لجواز أن تسميتها بذلك فيها حقيقة, وفي القدم مجاز؛ لاشتراكها معها في التوسط بين الإبهام والوسطى، وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن السؤال عن قول القرطبي: إن مسبحة النبي -صلى الله عليه وسلم- أطول من الوسطى بقوله: هذا غلط ممن قاله، وإنما كان ذلك في أصابع رجليه.

1458- سأراه وأنا مستلقٍ على فراشي -يعني الهلال. هو من قول عمر بن الخطاب, قاله لما أعيا أن يراه كما في مسلم عن أنس قال: تراءينا الهلال فما من الناس أحد يزعم أنه رآه غيري، فقلت لعمر: يا أمير المؤمنين أما تراه؟ فجعلت أريه إياه, فلما أعيا أن يراه قال: سأراه ... إلخ. 1459- "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". متفق عليه عن ابن مسعود, وكذا رواه عنه الترمذي والنسائي، ورواه ابن ماجه عنه وعن أبي هريرة وعن سعد بن أبي وقاص، والطبراني عن ابن مسعود بزيادة: وحرمة ماله كحرمة دمه. 1460- "سبعة يظلهم الله في ظله, يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل, وشاب نشأ في عبادة الله, ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه, ورجلانِ تحابَّا في الله فاجتمعا على ذلك وافترقا عليه, ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين, ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه". رواه مالك والترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وأحمد والشيخان والنسائي عن أبي هريرة وأبي سعيد -رضي الله عنهما-، ورواه ابن زنجويه عن الحسن البصري مرسلا، وابن عساكر عن أبي هريرة بلفظ: "سبعة في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله: رجل ذكر الله ففاضت عيناه ورجل يحب عبده لا يحبه إلا لله ورجل قلبه معلق بالمساجد من شدة حبه إياها ورجل يعطي الصدقة بيمينه فيكاد يخفيها عن شماله وإمام مقسط في رعيته ورجل عرضت عليه امرأة نفسها, ذات منصب وجمال, فتركها لجلال الله ورجل كان في سرية مع قوم فلقوا العدو فانكشفوا, فحمى آثارهم حتى نجا ونجوا واستشهدوا". 1461- ست خصال تورث النسيان: أكل سؤر الفأر, وإلقاء القملة وهي حية, والبول في الماء الراكد, وقطع القطار, ومضغ العلك, وأكل التفاح الحامض, ويحل ذلك اللبان الذكر1. رواه ابن عدي في كامله في ترجمة عبد الله بن عبد الله الحكيم البابلي أنه روى بإسناد صحيح رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

_ 1 أورده ابن الجوزي في الموضوعات "34/ 3".

1462- سبعة لا ينظر الله إليهم: الناكح يده والفاعل والمفعول به ... الحديث1. أسنده الديلمي عن أنس وعن عمر -رضي الله عنهما-. 1463- "سبقت رحمتي غضبي". تقدم في: "إن رحمتي تغلب غضبي"، رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه الديلمي في مسند الفردوس عن عمرو بن عنبسة في حديث أوله: كتاب كتبه الله قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي وستمائة عام على ورقة آس: سبقت رحمتي غضبي. 1464- "سبقك بها عكاشة". متفق عليه عن ابن عباس -رضي الله عنهما-, قاله -صلى الله عليه وسلم- لبعض الصحابة لما ذكر السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب, وقال عكاشة: يا رسول الله, ادعُ الله أن يجعلني منهم قال: أنت منهم, وقال آخر: يا رسول الله, ادعُ الله أن يجعلني منهم فذكره، وللطبراني عن أم قيس بنت محصن قالت: أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي حتى أتينا البقيع فقال: "يا أم قيس يبعث من هذه المقبرة سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب" , فقام رجل فقال: أنا منهم؟ قال: "نعم" فقام آخر فقال: "سبقك بها عكاشة"، قال في المقاصد: والأول أصح ولا مانع من وقوع القصتين, وقد ضرب المثل بهذا فيقال لمن سبق في الأمر: سبقك بها عكاشة. 1465 ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا ويأتيك بالأخبار من لم تزود تمثل به -صلى الله عليه وسلم- كما رواه معمر عن قتادة قال: بلغني أن عائشة سئلت: هل كان -صلى الله عليه وسلم- يتمثل بشيء من الشعر؟ فقالت: لا إلا بيت طرفة, وذكرته فقالت: فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: من لم تزود بالأخبار، فقال أبو بكر: ليس هذا هكذا فقال صلى الله عليه وسلم: "إني لست بشاعر ولا ينبغي لي"، ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: قيل لعائشة: هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان أبغض الحديث إليه, غير أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يتمثل ببيت أخي بني قيس, فيجعل أوله آخره وآخره أوله, فقال أبو بكر: ليس هكذا يا رسول الله, فقال رسول الله: "إني والله ما أنا بشاعر, وما ينبغي لي"، ورواه ابن أبي حاتم وابن أبي

_ 1 ضعيف، في سنده مسلمة بن جعفر، قال الذهبى: "يجهل هو وشيخه"، وقال الأزدي: "ضعيف". انظر الإرواء "58/ 8".

جرير واللفظ له، وروى البخاري في الأدب المفرد عن عكرمة قال: سألتُ عائشة: هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتمثل شعرًا قط؟ فقالت: كان أحيانا إذا دخل بيته يقول -وذكره، ورواه البزار عن ابن عباس، وله طرق أيضا عن عائشة: فروى الإمام أحمد عنها قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا استراث الخبر تمثل ببيت طرفة: . . . . . . . . . . . . ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود وبعده: ويأتيك بالأخبار من لم تبع له ... بتاتًا ولم تضرب له وقت موعد ورواه النسائي في اليوم والليلة عن الشعبي، ورواه أحمد عن عائشة وقيل لها: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يروي شيئًا من الشعر؟ قالت: نعم, شعر عبد الله بن رواحة، ورواه الترمذي وقال: إنه حسن صحيح. وقال النجم: وعند ابن سعد وابن أبي حاتم والمرزباني في معجم الشعراء عن الحسن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتمثل بهذا البيت: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا فقال أبو بكر: يا رسول إنما قال الشاعر: كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا فأعاده كالأول، فقال أبو بكر: يا رسول الله، أشهد أنك رسول الله, ما هكذا الشعر وما ينبغي لك. 1466- ستفتح عليك الشام, فإذا خيرتم المنازل فيها فعليكم بمدينة يقال لها: دمشق؛ فإنها معقل المسلمين من الملاحم, وفسطاطها منها بأرض يقال لها: الغوطة1. رواه أحمد عن جبير بن نفيل قال: حدثنا أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- به، وقد ورد في فضل الشام عموما ودمشق خصوصا أحاديث كثيرة منها في عموم الشام ما سيأتي في حرف الشين المعجمة من حديث: الشام صفوة الله في بلاده, يجتبي إليها صفوته من خلقه، ومنها ما ذكرناه في أوائل كتابنا مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر الذي سميناه العقد المنظوم في مناقب أهل الكمال والمفاخر بتلخيص تاريخ دمشق للإمام ابن عساكر, فمن ذلك ما رواه ابن عساكر بسنده إلى عبد الله بن حوالة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستجندون أجنادًا؛ جندًا بالشام وجندًا بالعراق وجندًا باليمن

_ 1 أخرجه أحمد "160/ 4"، وفيه أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف، كما في "المجمع"، "289/ 7".

قال: فقمت فقلت: خر لي يا رسول الله, قال: عليك بالشام, فمن أبى فليحق بيمنه وليسق من غدره وغير ذلك مما ذكرنا في الباب العاشر وما بعده إلى السادس والعشرين، ومما ورد في خصوص دمشق ما ذكرناه في الباب السادس والعشرين بسند ابن عساكر إلى أبي أمامة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في هذه الآية: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} قال: هل تدرون أين هي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: هي بالشام بأرض يقال لها: الغوطة, مدينة يقال لها: دمشق هي خيرها، وذكر ذلك بأسانيد، ومنها ما ذكره في الباب السابع والعشرين بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربع مدائن من مدائن الجنة, وأربع مدائن من مدائن النار؛ فأما مدائن الجنة فمكة والمدينة وبيت المقدس ودمشق, وأما مدائن النار فالقسطنطينية وطبرية وأنطاكية المحترقة وصنعاء. 1467- سحاق النساء زناء بينهن1. رواه الطبراني وابن ماجه عن واثلة مرفوعًا، وقال ابن الغرس حديث السحاق زناء النساء، ورواه في الجامع الصغير بلفظ: السحاق بين النساء زناء بينهن, وهو من حديث واثلة وعزاه الطبراني قال شيخنا: حسن, وقال شارحه: أي هو مثل الزناء في الإثم والعار, وإن تفاوت المقدار ولا حد فيه بل التعزير, انتهى. 1468- السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة, بعيد من النار, والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار2. رواه الترمذي والعقيلي في الضعفاء وغيرهما عن أبي هريرة رفعه, وقال الترمذي: غريب وإنما يروى عن عائشة مرسلا، ورواه الطبراني في الأوسط بسند فيه سعيد بن محمد الوراق ضعيف عن عائشة، وقال ابن الجوزي في الموضوعات لما ذكر هذا الحديث عن الدارقطني قال: لهذا الحديث طرق لا يثبت منها شيء، قال الحافظ ابن حجر: ولا يلزم من هذه العبارة أن يكون موضوعا؛ إذ تصدق بالضعيف, فالحكم عليه بالوضع ليس بجيد، وقال النجم: وفيه زيادة عند الترمذي: والجاهل السخي أحب إلى الله من عبد بخيل، وزاد الدارقطني: وأدوأ الداء البخل انتهى. وقال في المقاصد: ومما يذكر على بعض الألسنة وليس له رونق: الكريم حبيب ولو كان فاسقًا, والبخيل عدو الله ولو كان راهبًا.

_ 1 ضعيف جدًّا: رقم "3262". 2 بزيادة الترمذي، ضعيف جدًّا: "3340".

1469- السخاء شجرة من أشجار الجنة, أغصانها متدليات في الدنيا, فمن أخذ بغصن قاده ذلك الغصن إلى الجنة, والبخل شجرة من شجر النار, أغصانها متدليات في الدنيا, فمن أخذ بغصن منها قاده ذلك الغصن إلى النار1. رواه الدارقطني في الأفراد والبيهقي عن علي، وابن عدي عن أبى هريرة. 1470- سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا, وشيء من الدلجة2, والقصد القصد تبلغوا. رواه البخاري عن أبي هريرة مرفوعا، واتفق الشيخان عليه عن عائشة مرفوعا، ولفظ البخاري: "سددوا وقاربوا وأبشروا؛ فإنه لا يدخل أحد الجنة بعمله" , قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بمغفرته ورحمته"، وعزاه في الدرر للشيخين عن عائشة بلفظ: "سددوا وقاربوا وأبشروا, واعلموا أنه لن يدخل أحدكم الجنة عمله" , قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته" , انتهى. 1471- السر -وفي لفظ: الأسرار- عند الأحرار، وكذا صدور الأحرار قبور الأسرار. كلام صحيح وليس بحديث, وفي معناه ما قاله أبو جعفر أحمد الرقشي: ومستودع عندي حديثًا يخاف من ... إذاعته في الناس أن ينفد العمر فقلت له: لا تخشَ مني فضيحة ... لسر غدا ميتًا, وصدري له قبر على أن من في القبر يرجى نشوره ... وسرك لا يرجى له أبدًا نشر وأبلغ من هذا القول قول عبد الله بن طاهر الوزير بن الحسين، وكان عمره نحو ست سنين لما أنشده أبوه قوله: ومستودع سرًّا تضمنت سره ... فأودعته من مستقر الحشا قبرَا وقال: وما السر عندي مثل ميت بحفرة ... لأني أرى المدفون ينتظر الحشرَا ولكنني أخفيه حتى كأنني ... من الدهر يومًا ما أحطت به خبرَا فقال له: أنت ابني حقًّا, ولبعض المشايخ:

_ 1 ضعيف: رقم "3339". 2 الدلجة: السير بالليل.

من أطلعوه على سر فَنَمَّ به ... لم يأمنوه على الأسرار ما عاشَا 1472- سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن1. أورده في تخريج الكشاف في تفسير لقمان وشواهده كثيرة، ولكن في طبقات ابن سعد عن أم سليمان الشفاء بنت عبد الله أن عمر كان إذا مشى أسرع، وهو في النهاية والفائق وغيرهما نعم هو محمود لمن يخشى من البطء في السير تفويت أمر ديني ونحوه، وقال النجم: إنه محمول على المبالغة في الإسراع، وقال ابن الغرس: حديث سرعة المشي تذهب بهاء الوجه، أورده في الجامع الصغير عن أبي هريرة -رضى الله عنه- وابن عمر وابن عباس -رضى الله عنهما- قال: لكن يعارضه ما ثبت في الشمائل للترمذي أنه -عليه الصلاة والسلام- كان ذريع المشي أي سريعه, قال: وجمعت بينهما في التيسير, انتهى ملخصًا فتدبر. وذكر المناوي في الحديث الأول عن الذهبي أنه حديث منكر جدًّا. 1473- السعادة كل السعادة طول العمر في طاعة الله2. رواه القضاعي والديلمي عن ابن عمر, وهو حديث حسن لغيره. 1474- السعد خير من مال مجموع. قال النجم: ليس بحديث. 1475- "السعيد من وعظ بغيره, والشقي من شقي في بطن أمه". رواه مسلم عن ابن مسعود، وكذا العسكري في الأمثال, والقضاعي عن ابن مسعود مرفوعا وأخرجه البيهقي في المدخل والبزلر في مسنده عن أبي هريرة مرفوعا، ولكن بلفظ: "السعيد من سعد في بطن أمه, والشقي من شقي في بطن أمه" وسنده صحيح، وأخرجه الطبراني في الصغير مقتصرًا على "السعيد من سعد في بطن أمه"، وروي من وجهين آخرين فيهما ضعيفان؛ لذا قال ابن الجوزي في أمثاله: إنه لا يثبت كذلك مرفوعا، لكن فيه أن الحافظ ابن حجر قال: إنه صحيح، وسبقه لذلك شيخه العراقي، هذا وفي الدرر للسيوطي ما نصه: السعيد من وعظ بغيره، رواه الرامهرمزي في الأمثال من حديث زيد بن خالد وعقبة بن عامر، قال ابن الجوزي: لا يثبت قلت: حديث عقبة طويل جدًّا، أخرجه الديلمي في مسنده، وقد ورد هذا اللفظ عن ابن مسعود موقوفًا

_ 1 ضعيف: رقم "3265". 2 ضعيف: رقم "3343".

أخرجه البيهقي في المدخل, انتهى. وقال في اللآلئ: قال أبو الفرج بن الجوزي في أمثاله: رويناه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يثبت. 1476- السلام تطوع والرد فريضة1. رواه الديلمي بسند ضعيف عن علي. 1477- السلام أمان الله في الأرض. رواه أبو نعيم والديلمي عن أنس. 1478- السلام على المؤمن صدقة. رواه الديلمي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 1479- "السفر قطعة من العذاب". رواه الشيخان عن أبي هريرة مرفوعا بزيادة: "يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه, فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله". وسئل إمام الحرمين حين جلس للتدريس موضع أبيه: لِمَ كان السفر قطعة من العذاب؟ فأجاب فورًا بقوله: لأن فيه فرقة الأحباب. كذا ذكر السخاوي, لكن اعترضه النجم الغزي فقال: هذا إنما هو مشهور عن الأستاذ أبي القاسم القشيري, انتهى. وأقول: وأما ما اشتهر من قولهم "السفر قطعة من سقر" فلا أصل له كما نبه على ذلك العيني في شرح البخاري. 1480- السفر يسفر عن أخلاق الرجال. وقال ابن الغرس تبعًا لابن الديبع: كلام صحيح وليس بحديث، ذكره في المقاصد من غير تبيان حاله، وقال النجم: هو من كلام الغزالي في الإحياء بلفظ: وإنما سمي السفر سفرًا؛ لأنه يسفر عن الأخلاق, ولذلك قال عمر للذي كان يُعَرّفُ عنده بعض الشهود: هل صحبته في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ فقال: لا, قال: ما أراك تعرفه, انتهى.

_ 1 ضعيف: رقم "3368".

ثم قال النجم أيضا: ولأثر عمر تتمة، فعند أبي قاسم البغوي بإسناد حسن والخطيب في الكفاية وغيرهم عن خرشة بن أبحر قال: شهد عند عمر بن الخطاب رجل شهادة، فقال له: لست أعرفك، ولا يضرك أن لا أعرفك، فَأْتِ بمن يعرفك. فقال رجل من القوم: أنا أعرفه. فقال: بأي شيء تعرفه؟ قال: بالعدالة والفضل. قال: فهو جارك الأدنى الذي تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه؟ قال: لا. قال: فمعاملك في الدينار والدرهم اللذين يستدل بهما على الورع؟ قال: لا. قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا. قال: لست تعرفه. ثم قال للرجل: ائت بمن يعرفك. ورواه ابن أبي الدنيا في الصمت بلفظ: أن عمر رأى رجلًا يثني على رجل فقال: أسافرت معه؟ قال: لا. قال: أخالطته؟ قال: لا. قال: والله الذي لا إله إلا هو, ما تعرفه. وروى الدينوري في المجالسة عن عبد الله العمري قال: قال رجل لعمر: إن فلانًا رجل صدق. فقال له: هل سافرت معه؟ قال: لا. قال: فهل كانت بينك وبينه معاملة؟ قال: لا. قال: فهل ائتمنته على شيء؟ قال: لا. قال: فأنت الذي لا علم لك به, أراك رأيته يرفع رأسه ويخفضه في المسجد, انتهى. ولا يعارضه: إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان, فتأمل. 1481- سفهاء مكة حشو الجنة1. قال في المقاصد: قال شيخنا -يعني الحافظ ابن حجر-: لم أقف عليه. ثم نقل فيها أنه اتفق بين عالمين في الحرم تنازعٌ في تأويله وسنده, فأصبح الطاعن فيه قد طعن أنفه واعوَجَّ, وقيل له -أي في المنام-: "إي والله، سفهاء مكة من أهل الجنة" ثلاثًا. فراعه ذلك، وخرج إلى خصمه، وأقر على نفسه بالكلام فيما لا يعنيه، وما لم يحط به خبرًا, انتهى. وقال النجم: مثل ذلك لا يثبت به حديث ولا حكم, انتهى. ويقال عن محمد بن أبي الصيف اليماني الشافعي، قال: إنما هو أسفاء مكة، أي: المحزونون فيها على تقصيرهم.

_ 1 انظر تذكرة الموضوعات "75".

1482- السلام على النبي -صلى الله عليه وسلم- في القنوت. قال في المقاصد: لم أقف عليه، وإن وقع في كلام جمع من الفقهاء كما بينته في القول البديع انتهى. وقال ابن الملقن في شرح المنهج نقلًا عن ابن فركاح: وأما ما وقع في بعض كتب أصحابنا من زيادة وسلم فلا أصل له, قال: وكذا ما يعتاده الأئمة الآن من ذكر الآل والأزواج والأصحاب في القنوت لا أصل له. 1483- السلام قبل الكلام1. رواه الترمذي والقضاعي وأبو يعلى عن جابر مرفوعا وزاد: ولا تدعُ أحدًا إلى الطعام حتى يسلم، وقال الترمذي: منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه, وفيه عنبسة ضعيف ذاهب الحديث ومحمد بن زادان منكر الحديث، قال في المقاصد: وله شاهد عند أبي نعيم وابن السني في عمل اليوم والليلة بسند فيه مدلس وفيه ضعيف -بسبب الإرجاء لكنه لا يقدح عند الجمهور إذا لم يكن داعية- عن عمر مرفوعًا: من بدأكم بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه، ورواه ابن النجار عن عمر بلفظ: السلام قبل السؤال, فمن بدأكم بالسؤال قبل السلام فلا تجيبوه، قال النووي في الروضة والأذكار: وأما الحديث الذي رويناه في كتاب الترمذي عن جابر -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السلام قبل الكلام فهو حديث ضعيف، وقال الترمذي: وهو منكر, انتهى. 1484- سلموا على اليهود والنصارى ولا تسلموا على يهود أمتي, قيل: ومن يهود أمتك؟ قال: تراك الصلاة. نقل القاري عن الحافظ السيوطي أنه قال: لم أقف عليه، وأورده في الفردوس بلفظ: ولا تسلموا على شارب الخمر، وبيض له ولده في مسنده من غير إسناد، وقال الصغاني: موضوع، وأورده بإفراد تارك الصلاة. 1485- سمعت الله فوق العرش يقول للشيء كن فيكون, فلا تبلغ الكاف والنون إلا يكون الذي يكون. قال القاري: موضوع بلا شك.

_ 1 موضوع: رقم "3372".

1486- السلامة في العزلة. قال القاري: ليس بحديث، وقال في المقاصد: وأسنده الديلمي معناه مسلسلًا عن أبي موسى رفعه بلفظ: سلامة الرجل في الفتنة أن يلزم بيته، وقال: كذا رويناه في مسلسلات أبي سعيد وابن الفضل وبينت حكمه في الجواهر المكللة ومعناه صحيح ثبت في عدة أحاديث، وروى الخطيب عن سعيد بن المسيب من قوله: العزلة عادة, وأفرد الخطابي في العزلة جزءًا وصح المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من ضده وقال فيه: والعزلة عند الفتنة سنة الأنبياء وعصمة الأولياء وسيرة الحكماء والألبَّاء فلا أعلم لمن عابها عذرًا, ولا أفهم لمن تجنبها فخرًا لا سيما في هذا الزمان القليل خيره الثكلى دره, فبالله نستعين من شره وريبه وضره وعيبه، ثم قال السخاوي: قلت: رحمه الله, كيف لو أدرك هذا الزمان الكثير الشر والمحن؟ ثم أنشده بعضهم فأحسن: كل رئيس له ملال ... وكل رأس به صداع لزمت بيتي وصنت عرضًا ... به من الذلة امتناع أشرب مما ادخرت كأسًا ... له على راحتي شعاع وأجتني من عقول قوم ... قد أقفرت منهم البقاع وما أحسن قول أبي حيان أيضا: أرحت نفسي من الإيناس بالناس ... لما غنيت عن الأكياس بالياس وصرت في البيت وحدي لا أرى أحدًا ... بنات فكرى وكتبي هن جلاسي وفي معناه لابن الوردي من أبيات: ولزمت بيتي قانعًا ومطالعًا ... كتب العلوم فذاك زين الدين ولغيرهم في هذا المعنى كثير. 1487- السلطان ظل الله في الأرض, يأوي إليه الضعيف وبه ينتصر المظلوم, ومن أكرم سلطان الله في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة1. رواه ابن النجار عن أبي هريرة، ورواه البيهقي والحاكم عن ابن عمر رفعه بلفظ: السلطان ظل الله في الأرض, يأوي إليه كل مظلوم من عباد الله, فإن عدل كان له الأجر

_ 1 ضعيف: رقم "3351".

وكان على الرعية الشكر, وإن جار أو خان أو ظلم كان عليه الوزر وعلى الرعية الصبر, وإذا جارت الولاة قحطت السماء, وإذا منعت الزكاة هلكت المواشي, وإذا ظهر الزنا ظهر الفقر, وإذا أخفرت الذمة أديل العدو، وقد ورد الحديث بألفاظ أخر: منها ما رواه ابن أبي شيبة عن أبي بكر الصديق بلفظ: السلطان العادل المتواضع ظل الله ورمحه في الأرض, يرفع له عمل سبعين صديقًا، قال النجم: وجمع السيوطي جزءًا وأقول: وكذلك السخاوي جمعها في جزء وسماه رفع الشكوك في مفاخر الملوك. 1488- "السلطان ولي من لا ولي له" 1. رواه أصحاب السنن إلا النسائي عن عائشة مرفوعًا في حديث, وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان، ورواه ابن ماجه عن ابن عباس وله طرق. 1489- السماح رباح, والعسر شؤم2. رواه القضاعي عن ابن عمر رفعه ورواه الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا، وله وللعسكري عن علي بن زيد عن سعيد بن جبير قال: ما كنت أحسبها إلا مقولة: اليسر يمن والعسر شؤم, حتى حدثني الثقة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول: اليسر يمن والعسر شؤم، والأحاديث كثيرة في السماح منها: اسمح يسمح لك. 1490- السنة بآذارها. ليس بحديث, وقال النجم: سئل عنه الإمام أحمد فقال: باطل، وآذار بمد الهمزة وبالذال المعجمة وهو الشهر السادس من الأشهر الرومية، قال في القاموس: وذلك لأن أولها تشرين وهما اثنان, وكانون اثنان, وأشباط, وآذار، وسيأتي عن العيني أن قوله: من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة, لا أصل له. 1491- سنة المغرب ترفع معها. رواه رزين في جامعه عن حذيفة مرفوعا بلفظ: عجلوا ركعتين بعد المغرب؛ فإنهما يرفعان من المكتوبة، ورواه البيهقي في الشعب عن حذيفة بلفظ: عجلوا الركعتين بعد المغرب ليرفعا مع العمل، قال المناوي: وسنده ضعيف.

_ 1 صحيح، انظر صحيح أبي دواد "ح1835". 2 ضعيف: رقم "3353".

1492- السؤال نصف العلم1. رواه ابن عساكر عن أنس, وزاد: والرفق نصف المعيشة, وما عال امرؤ في اقتصاد وتقدم "في الاقتصاد". 1493- السؤال ولو كيف الطريق2. تقدم في الدين ولو درهم. 1494- السواك يزيد الرجل فصاحة3. قال الصغاني: وضعه ظاهر وقال ابن الجوزي: لا أصل له، ولكن ذكره في الجامع الصغير، وقال المناوي: وفي سنده ضعيف، والحديث منكر. 1495- "السواك مطهرة للفم, مرضاة للرب" 4. رواه أحمد عن أبي بكر, والشافعي وأحمد وابن حبان والحاكم عن عائشة، ورواه الطبراني عن ابن عباس بزيادة: "ومجلاة للبصر"، وفي رواية: "السواك يطيب الفم, ويرضي الرب". تنبيه: نقل ابن الغرس عن العلقمي أن ابن هشام سئل عن هذا الحديث, كيف أخبر بالمؤنث عن المذكر؟ فأجاب: أن التاء في مطهرة ليست للتأنيث وإنما هي للكثرة، كقوله: الولد "مجبنة مبخلة" أي محل لكثرة الجبن والبخل. فقيل له: استدل به بعض أهل اللغة على أن السواك يجوز تأنيثه. فقال: هذا غلط وإلا يلزم أن يستدل "بمجبنة" و "مبخلة" على أن الولد يجوز تأنيثه، ولا قائل به, انتهى فتأمله. 1496- السواك سنة, فاستاكوا أي وقت شئتم5. الديلمي عن أبي هريرة.

_ 1 بنحوه في ضعيف الجامع "ح2286"، وأوله: "الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة". 2 انظر حديث "1327". 3 موضوع: رقم "3364". 4 صحيح: رقم "3695". 5 ضعيف: رقم "3358".

1497- السواك شفاء من كل داء إلا السام, والسام هو الموت1. الديلمي عن عائشة. 1498- سوء الخلق ذنب لا يغفر2. رواه الطبراني من حديث عائشة: ما من شيء إلا له توبة إلا صاحب سوء الخلق, فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شر منه وإسناده ضعيف، ورواه الحاكم في الكنى بلفظ: سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل. 1499- سوداء ولود خير من حسناء لا تلد3. ذكره في الإحياء، قال العراقي: أخرجه ابن حبان في الضعفاء ولا يصح, وذكره الأثير في النهاية بهذا اللفظ ورفعه الأزهري, وأخرجه غيره عن عمر موقوفًا. 1500- سؤر المؤمن شفاء. قال النجم: ليس بحديث، نعم رواه الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس بلفظ: "من التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه". قال النجم: ليس من هذا ما حدث الآن في أكثر البلدان، من طلب الشرب من القهوة البنية من الغلام الأمرد الذي يعد ساقيًا ويسمون ذلك زمزمة، بل هذا بما ينضم إليه من النظر والمس الحرام والإكباب عليه فسق. وقد وقع من بعض خطباء دمشق أني كنت وإياه في مجلس وطلب الساقي ليسقينا، فمنعت من ذلك، فقال لي هذا الخطيب: يا مولانا سؤر المؤمن شفاء. فقلت له: "حتى نرى المؤمن فنعد سؤره شفاء". على أن هذا ليس بحديث, وزعم أنه حديث، أو إيهام أنه حديث، كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فتبًّا لهذا الزمان وأهله، إلا من اتقى الله، وأين هم؟!. انتهى. وتقدم في: ريق المؤمن شفاء.

_ 1 ذكره الألباني في ضعيف الجامع ولم يحكم عليه, برقم "3359". 2 رواه الطبراني في الصغير، وفيه عمرو بن جميع، وهو كذاب، كما في المجمع "25/ 8". 3 بعض حديث ضعيف: رقم "3291".

1501- سورة الواقعة سورة الغنى, فاقرءوها وعلموها أولادكم1. رواه ابن مردويه عن أنس وهو عند الديلمي بلفظ: علموا نساءكم سورة الواقعة؛ فإنها سورة الغنى، وأبو يعلى والبيهقي وغيرهما عن ابن مسعود: من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدًا، وكذا أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس. 1502- سيد إدامكم الملح2. رواه ابن ماجه وأبو يعلى والطبراني والقضاعي عن أنس رفعه، وهو ضعيف؛ لأن في سنده مبهمًا أثبته بعضهم وحذفه آخرون، ورواه بعضهم بلفظ: سيد الإدام الملح, ورواه بعض آخر بلفظ: "عليكم بالملح؛ فإن فيه شفاء من سبعين داءً منها الجنون والجذام والبرص" ولعله موضوع، وقال ابن الغرس: وأما حديث عليكم بالملح؛ فإن فيه شفاء من سبعين داء, فقد نص ابن قيم الجوزية أنه موضوع، ومنها ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض: الماء والملح والنار والحديد، وروي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسعه3 إذا انقطع, ولا أعلم حاله، وقال النجم: وعند الطبراني والبيهقي وأبى نعيم في الطب عن بريدة: سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم, وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء, وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية4, وعند البيهقي عن أنس: خير الإدام اللحم وهو سيد الإدام. 1503- سيد الأيام يوم الجمعة, فيه خلق آدم -الحديث5. رواه أبو داود والنسائي عن أوس بن أوس, ورواه الشافعي وأحمد والبخاري في التاريخ عن سعد بن عبادة بلفظ: سيد الأيام عند الله يوم الجمعة أعظم من يوم النحر والفطر, وفيه خمس خلال: فيه خلق آدم وفيه أهبط من الجنة إلى الأرض وفيه تُوفي وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها الله شيئًا إلا أعطاه إياه ما لم يسأل إثمًا أو قطيعة رحم وفيه

_ 1 بمعناه في الضعيفة "ح289، 290، 291". 2 ضعيف: رقم "3315". 3 الشسع: أحد سيور النعل, النهاية. 4 الفاغية: نور الحناء أو يغرس غصن الحناء مقلوبًا فيثمر زهرًا أطيب من الحناء, فذلك الفاغية. القاموس. 5 ضعيف: رقم "3317".

تقوم الساعة وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا ريح ولا جبل ولا حجر إلا وهو مشفق من يوم الجمعة. 1504- سيد الشهور شهر رمضان, وأعظمها حرمةًً ذو الحجة1. رواه البزار والديلمي عن أبي سعيد الخدري رفعه، قال المناوي: رمز السيوطي لحسنه وليس كما قال؛ ففيه كما قال الهيثمي يزيد بن عبد الملك النوفلي ضعفوه فتأمل, لكن ابن حجر في التحفة للخبر الصحيح: رمضان سيد الشهور، وقال النجم: ورواه الديلمي عن علي بلفظ: سيد الناس آدم، وسيد العرب محمد، وسيد الروم صهيب، وسيد الفرس سلمان، وسيد الحبشة بلال، وسيد الجبال طور سيناء، وسيد الشجر السدر, وسيد الأشهر المحرم، وسيد الأيام الجمعة، وسيد الكلام القرآن، وسيد القرآن البقرة، وسيد البقرة آية الكرسي, أما إن فيها خمس كلمات, في كل كلمة خمسون بركة قال: ويمكن الجمع بينهما بأن سيادة رمضان من وجه وسيادة المحرم من وجه آخر؛ فرمضان لخصوص الصوم وليلة القدر, والمحرم لخصوص أول الشهور وجودًا وكان فيه يوم عاشوراء لخصوص توبة آدم, واستواء سفينة نوح ونجاة موسى وغير ذلك, انتهى. 1505- سلمان منا أهل البيت2. رواه الطبراني والحاكم عن عمرو بن عوف وسنده ضعيف, ومما يناسب إيراده في هذا المقام ما لبعضهم من النظام: لعمرك ما الإنسان إلا ابن دينه ... فلا تترك التقوى اتكالًا على النسب فقد رفع الإسلام سلمان فارس ... وقد وضع الشرك الحسيب أبا لهب 1506- "سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة" 3. رواه البخاري في التاريخ والحاكم عن عبد الله بن جعفر. ورواه أحمد والترمذي عن أبي بكر بلفظ: "سلوا الله العفو والعافية, فإن أحدًا لم يعط بعد اليقين خيرًا من العافية".

_ 1 ضعيف: رقم "3320". 2 ضعيف جدا: رقم "3272". 3 صحيح: رقم "3631".

وروى أحمد وأبو داود والنسائي عن ابن عمر قال: لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: "اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة, اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي". روى الترمذي وحسنه عن أبي بكر أنه قام على المنبر ثم بكى فقال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الأول على المنبر ثم بكى فقال: "سلوا الله العفو والعافية، فإن أحدًا لم يعط بعد اليقين خيرًا من العافية" , والله أعلم. 1507- سلوا الله من فضله؛ فإن الله يحب أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج1. رواه الترمذي عن ابن مسعود قال العراقي: ضعيف، وحسنه الحافظ ابن حجر. 1508- "سلوا عن الخير ولا تسلوا عن الشر" 2. قال الحافظ في تخريج الديلمي: الحديث رواه أبو نعيم في الحلية عن معاذ, انتهى. 1509- سماعك بالمعيدي خير من أن تراه. مثل وليس بحديث. 1510- سوء الخلق شؤم3. رواه ابن شاهين في الأفراد عن ابن عمر والخطيب عن عائشة بزيادة: وشراركم أسوأكم خلقًا, ورواه ابن منده عن الربيع الأنصاري بلفظ: سوء الخلق شؤم, وطاعة النساء ندامة, وحسن الملكة نماء، وفي لفظ: سوء الخلق ذنب لا يغفر، ورواه الطبراني بسند ضعيف عن عائشة بلفظ: ما من شيء إلا له توبة إلا صاحب سوء الخلق؛ فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شر منه، ورواه الحارث والحاكم في الكنى عن ابن عمر بلفظ: سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل.

_ 1 ضعيف: رقم "3278". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "242/ 1". 3 ضعيف: رقم "3286".

1511- "سيأتي ملك من الملوك العجم يظهر على المدائن كلها إلا دمشق" 1. أبو داود عن عبد الرحمن بن سليمان, قال الملا علي في شرح المشكاة: المدائن البلدان. 1512- سيد طعام أهل الدنيا والآخرة اللحم2. رواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا في إصلاح المال عن أبي الدرداء مرفوعا بلفظ: وأهل الجنة بدل والآخرة، قال في المقاصد: وسنده ضعيف وسليمان بن عطاء فيه قال فيه ابن حبان: يروي عن مسلمة الجزري أشياءَ موضوعةً ما أدري التخليط منه أو من مسلمة, وله شواهد منها ما أخرجه أبو نعيم في الطب النبوي عن علي رفعه بلفظ "سيد الطعام في الدنيا والآخرة اللحم ثم الأرز" وأخرجه الديلمي عن صهيب بلفظ "سيد الطعام في الدنيا والآخرة اللحم ثم الأرز, وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء"، ورواه الطبراني في الطب النبوي وأبو عثمان الصابوني عن يزيد مرفوعا بلفظ "سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم, وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء" ورواه بعضهم العسل بدل الماء، وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية، وكذا رواه أبو نعيم أيضا في الطب، لكن بلفظ خير بدل سيد في الكل، وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن ربيعة بن كعب رفعه بلفظ: أفضل طعام الدنيا والآخرة اللحم، لكن في سنده عمرو السكسكي ضعيف جدًّا، قال العقيلي: ولا يعرف هذا الحديث إلا به، ولا يصح فيه شيء، ومن ثم أدخله ابن الجوزي في الموضوعات، لكن قال الحافظ ابن حجر: لم يتبين لي الحكم بالوضع على هذا المتن، قال في المقاصد: قلت: وقد أفردت فيه جزءًا ولأبي الشيخ من رواية ابن سمعان قال: سمعت من علمائنا يقولون: كان أحب الطعام إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللحم ويقول: وهو يزيد في السمع وهو سيد الطعام في الدنيا والآخرة, ولو سألت ربي أن يطعمنيه كل يوم لفعل، وللترمذي في الشمائل عن جابر أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في منزلنا فذبحنا له شاة فقال صلى الله عليه وسلم: كأنهم علموا أنا نحب اللحم، وأصح من هذا كله قوله صلى الله عليه وسلم: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، وفي قصة مجيء الخليل لزيارة ولده إسماعيل -عليهما الصلاة والسلام- كما أخرجه البخاري, وأنه لم يجده ووجد زوجته, فسألها: ما طعامكم؟ قالت: اللحم, قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء, قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء, قال النبي صلى الله عليه وسلم: ولم يكن

_ 1 صحيح الإسناد مقطوع، انظر صحيح أبي داود "ح3877". 2 ضعيف جدًّا: رقم "3326".

لهم يومئذٍ حب, ولو كان لهم لدعا لهم فيه قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه، وقال الشافعي رضي الله عنه: إن أكله يزيد في العقل لكن قيل: لا ينبغي أن يداوم عليه أربعين يومًا فإن له ضراوة، وقال النجم: ولابن السني عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفا: أهبط آدم من الجنة بثلاثة أشياء: الآسة وهي سيدة ريحان الدنيا, والسنبلة وهي سيدة طعام أهل الدنيا, والعجوة وهي سيدة ثمار الدنيا، ويمكن الجمع بين هذا وما قبله بأن سيادة السنبلة وهي البر من وجه, وهو أنه يكتفى بها عن غيرها, وسيادة اللحم من وجه آخر, وهو أن فيه زيادة غذاء وأوجزوا في الحديث. 1513- سيد العرب عليٌّ1. رواه أبو نعيم عن الحسن، ورواه الحاكم عن ابن عباس مرفوعا بزيادة: أنا سيد ولد آدم, وعلي سيد العرب وقال: صحيح وله شواهد كلها ضعيفة: منها ما أخرجه الحاكم عن عائشة بلفظ: ادعوا لي سيد العرب قالت: فقلت: يا رسول الله ألست سيد العرب؟ فذكره، ومنها ما أخرجه أيضا عن جابر مرفوعا بهذا اللفظ، ومنها ما أخرجه أبو نعيم عن الحسن بن علي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: ادع لي سيد العرب -يعني عليا- قالت له عائشة: ألست سيد العرب؟ فقال: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب، بل جنح الذهبي إلى الحكم عليه بالوضع، وأخرجه ابن عساكر عن قيس بن حازم مرسلا بلفظ: أنا سيد ولد آدم, وأبوك سيد كهول العرب, وعلي سيد شباب العرب، وبهذا يعلم أن سيادته بالنسبة للشباب لا مطلقًا، وذكره في اللآلئ ولم يتعقبه والله أعلم. 1514- "السيد الله" 2. رواه أحمد وأبو داود عن عبد الله بن الشخير، وسببه كما في المناوي أن رجلًا جاء إلى المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فقال له: أنت سيد قريش؟ فقال: السيد الله قال: أنت أعظمها فيها طولًا وأعلاها قولًا, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس, قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان, أنا عبد الله ورسوله. 1515- سيد القوم خادمهم3. رواه أبو عبد الرحمن السلمي في آداب الصحبة له عن يحيى بن أكثم عن المأمون عن أبيه عن جده عن عقبة بن عامر رفعه، وفيه قصة ليحيى بن أكتم مع المأمون، وفي سنده

_ 1 أخرجه الحاكم "124/ 3"، وصححه، وفيه عمر بن الحسن، قال الذهبي: "أظن أنه هو الذي وضع هذا". 2 صحيح: رقم "3700". 3 ضعيف: رقم "3322".

ضعف وانقطاع، ورواه الخطيب عن يحيى بن أكثم عن المأمون عن أبيه عن جده عن عكرمة عن ابن عباس عن جرير مرفوعا، ورواه أبو نعيم في ترجمة إبراهيم بن أدهم بسند ضعيف جدا مع انقطاع عن أنس مرفوعا بلفظ: ويح الخادم في الدنيا هو سيد القوم في الآخرة، وأخرجه الديلمي في مسنده عن سهل بن سعد رفعه: سيد القوم في السفر خادمهم, فمن سبقهم بخدمة لم يسبقوه بعمل إلا الشهادة، وروى الطبراني ما بمعناه بسند ضعيف عن أبي هريرة رفعه: أفضل الغزاة في سبيل الله خادمهم ثم الذي يأتيهم بالأخبار, وأخصهم منزلة عند الله الصائم ومن استقى لأصحابه قربة في سبيل الله, سبقهم إلى الجنة بسبعين درجة أو بسبعين عامًا، وعند ابن دريد في المجتبى قوله صلى الله عليه وسلم: سيد القوم خادمهم في الكلمات التي تفرد بها -صلى الله عليه وسلم-، وقال في المقاصد: عزا الديلمي الحديث للترمذي وابن ماجه عن أبي قتادة فوهم واعترضه النجم بأن الوهم في الأول دون الثاني، ثم قال: وعند الطبراني في أربعينه الصوفية عن أنس: سيد القوم خادمهم وساقيهم آخرهم شربًا، وفي فتاوى ابن حجر المكي نقلا عن الجلال السيوطي: حديث أطعم -صلى الله عليه وسلم- أصحابه لقمة لقمة وقال: سيد القوم خادمهم كذب مفترًى على النبي -صلى الله عليه وسلم- انتهى. وأقول: مراده بقوله كذب ... إلخ بالنسبة إلى الجملة الأولى أو بالنسبة لكونه على هذا المنوال، وإلا فالحديث ضعيف كما علمت، على أنه قد يقال: إنه حسن لغيره؛ لتعدد طرقه كما مر فتدبر. 1516- سيد الاستغفار: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت, خلقتني وأنا عبدك, وأنا على عهدك ووعدك ما استعطت, أعوذ بك من شر ما صنعت, أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي, فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". من قالها في النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة, ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة, رواه أحمد والبخاري والنسائي عن شداد بن أوس. 1517- سيروا إلى الله عرجًا ومكاسيرَ؛ فإن انتظار الصحة بطالة. ليس بحديث نقله النجم عن الشافعي، قال: وفي معناه ما أخرجه أبو نعيم عن قتادة قال ابن آدم: إن كنت لا تريد أن تأتي الخير إلا بنشاط, فإن نفسك إلى السآمة وإلى الفترة وإلى الملل, ولكن المؤمن هو المتحامل والمؤمن المتقوي، فإن المؤمنين نعم العجاجون إلى الله بالليل والنهار، وما زال المؤمنون يقولون: ربنا ربنا في السر والعلانية, حتى يستجاب لهم.

1518- سيروا على سير أضعفكم1. قال في المقاصد: لا أعرفه بهذا اللفظ، ولكن معناه في قوله صلى الله عليه وسلم: أقدر القوم بأضعفهم؛ فإن فيهم الكبير والسقيم والبعيد وذا الحاجة، ورواه الشافعي في مسنده وكذا الترمذي وحسنه، وابن ماجه والحاكم وقال: على شرط مسلم، وابن خزيمة وصححه والحارث بن أبي أسامة عن أبي هريرة رفعه: يا أبا هريرة, إذا كنت إمامًا فقس الناس بأضعفهم، وفي لفظ: فاقتد بأضعفهم -الحديث، وقال القاري: لكن معناه في قوله صلى الله عليه وسلم: أم الناس واقتد بأضعفهم انتهى. وما أحسن قول ابن الفارض قدس سره: وسيروا على سيري؛ فإني ضعيفكم ... وراحلتي بين الرواحل ضالع وقال النجم: في معناه ما أخرجه الشافعي والترمذي وحسنه وابن ماجه والحاكم وابن خزيمة وصححاه عن عثمان بن أبي العاص بلفظ: أقدر القوم بأضعفهم؛ فإن فيهم الكبير والسقيم والبعيد وذا الحاجة، وعند أبي داود والنسائي بأسانيد صحيحة عنه قلت: يا رسول الله, اجعلني إمام قومي قال: أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا, انتهى. 1519- "السيف محاء للخطايا" وكذا "السيف لا يمحو النفاق". كلاهما سيأتي في "ما ترك القاتل على المقتول من ذنب" عن ابن عمر بلفظ: "إن السيف ... ". 1520- سين بلال عند الله تعالى شين. قال ابن كثير: ليس له أصل ولا يصح. وتقدم في: "إن بلالًا ... ". لكن قال ابن قدامة في مغنيه: روي أن بلالًا كان يقول "أسهد" يجعل الشين سينًا. والمعتمد الأول فقد ترجمه غير واحد بأنه كان أندى الصوت حسنه، فصيح الكلام، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لصاحب رؤيا الأذان عبد الله بن زيد: ألقِ عليه -أي على بلال- الأذان؛ فإنه أندى صوتًا منك، ولو كانت فيه لثغة لتوفرت الدواعي على نقلها، ولعابها أهل النفاق عليه المبالغون في التنقيص لأهل الإسلام, انتهى.

_ 1 انظر الأسرار المرفوعة للقاري "221".

وقال العلامة إبراهيم الناجي في مولده: وأشهد بالله ولله أن سيدي بلالًا ما قال أسهد بالسين المهملة قط, كما وقع لموفق الدين ابن قدامة في مغنيه, وقلده ابن أخيه الشيخ ابن عمر شمس الدين في شرح كتابه المقنع، ورد عليه الحفاظ كما بسطته في ذكر مؤذنيه، بل كان بلال من أفصح الناس وأنداهم صوتًا. 1521- سياسة الناس أشد من سياسة الدواب. ليس بحديث بل هو من حِكَمِ الإمام الشافعي، كما قاله النووي في تهذيب الأسماء واللغات. 1522- سيكذب علي. قال ابن الملقن في تخريج أحاديث البيضاوي: هذا الحديث لم أره كذلك, نعم في أوائل مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: يكون في آخر الزمان دجالون كذابون. 1523- سيماهم في وجوههم نور يوم القيامة. رواه الطبراني عن أبي بن كعب، والمشهور على الألسنة الاقتصار على: سيماهم في وجوههم, والله أعلم. 1524- سائل مجرب ولا تسائل حكيم. كلام يجري على ألسنة الناس, وليس بحديث. 1525- "سيحان وجيحان والفرات والنيل من أنهار الجنة". رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، وذكر ابن حجر المكي في شرح العباب عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله أنزل من الجنة خمسة أنهار: سيحون وهو نهر الهند, وجيحون وهو نهر بلخ, ودجلة والفرات وهما نهرا العراق, والنيل وهو نهر مصر, أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة, من أسفل درجاتها على جناحي جبريل, استودعها الجبال وأجراها في الأرض وجعل فيها منافع للناس في أصناف معايشهم, وذلك قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله تعالى جبريل فيرفع من الأرض القرآن

والعلم كله والحجر الأسود من ركن البيت ومقام إبراهيم وتابوت موسى بما فيه وهذه الأنهار الخمسة, فذلك قوله تعالى: {وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} فإذا رفعت هذه الأشياء فقد أهلها خير الدين والدنيا، وحديث أبي هريرة أولى بالاعتماد؛ لأنه في صحيح مسلم دون حديث ابن عباس، ثم نقل ابن حجر في الشرح المذكور عن شرح مسلم للنووي أن الذي صح أن سيحان وجيحان والفرات والنيل كلها من أنهار الجنة, وأن سيحان وجيحان غير سيحون وجيحون اتفاقا, وأن القاضي عياض وهم في جعلها مترادفة، قال: والصواب في سيحان وجيحان أنهما في بلاد الأرمن, فسيحان نهر المصيصة وجيحان نهر أدنة, انتهى.

فهرس الموضوعات

فهرس الموضوعات: مقدمة المحقق 3 حياة المصنف 7 مقدمة المؤلف 11 حرف الهمزة 17 حرف الباء الموحدة 318 حرف المثناة الفوقية 338 حرف الثاء المثلثة 371 حرف الجيم 378 حرف الحاء المهملة 391 حرف الخاء المعجمة 428 حرف الدال المهملة 457 حرف الذال المعجمة 476 حرف الراء المهملة 482 حرف الزاي 500 حرف السين المهملة 509

المجلد الثاني

المجلد الثاني حرف الشين المعجمة: 1526- الشام صفوة الله من بلاده يجتبي إليها صفوته من خلقه1. رواه الطبراني وغيره عن أبي أمامة مرفوعًا، وفي فضل الشام عمومًا، ودمشق خصوصًا أحاديث مرفوعة، وغيرها أفردت بالتأليف: فمنها ما أخرجه أبو الحسن بن شجاع الربغي في فضل الشام، عن أبي ذر بلفظ "الشام أرض المحشر والمنشر" قال ابن الغرس، قال شيخنا، والحديث حسن لغيره، ومنها ما للترمذي، عن زيد بن ثابت رفعه "طوبى للشام" الحديث، وفيه: ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها، وعن ابن عمر مرفوعًا في حديث "عليكم بالشام"، ولأحمد وأبي داود والبغوي والطبراني وآخرين، عن عبد الله بن حوالة رفعه "عليكم بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده، إن الله قد توكل لي بالشام وأهله"، ونحوه عن واثلة وابن عباس وغيرهما، وعزاه في الجامع الصغير للطبراني والحاكم، عن أبي أمامة بلفظ "الشام صفوة الله من بلاده إليها يجتبي صفوته من عباده؛ فمن خرج من الشام إلى غيرها فبسخطه، ومن دخلها من غيرها فبرحمته"، ورواه الطبراني عن واثلة بلفظ "عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله يسكنها خيرته من خلقه؛ فمن أبى فليلحق بيمنه وليسق من غدره، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله"، وروى البيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رفعه "الخلافة بالمدينة والملك بالشام"، وروي عن كعب الأحبار أنه قال "أهل الشام سيف من سيوف الله ينتقم الله بهم من عصاه"، وعن عروة قال "قرأت في بعض ما أنزل الله عز وجل على بعض أنبيائه أن الله يقول: الشام كنانتي فإذا غضبت على قوم رميتهم منها بسهمي". 1527- "الشاهد يرى ما لا يرى الغائب" 2. رواه أحمد عن علي قال: قلت يا رسول الله "إذا بعثتني أكون كالسكة المحماة أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب" فذكره، ورواه الضياء في المختار والعسكري في الأمثال، وأبو نعيم عن علي، ورواه العسكري أيضًا عن ابن مسعود، ورواه القضاعي بسند فيه ابن لهيعة عن أنس مرفوعًا.

_ 1 ضعيف: رقم "3425" وفيه زيادة. 2 صحيح: رقم "3728".

1528- الشام شامة الله في أرضه. لم أقف عليه، ولعله بمعنى ما قبله فليتأمل والله أعلم. 1529- شاوروهن وخالفوهن1. قال في المقاصد لم أره مرفوعًا؛ ولكن عند العسكري، عن عمر أنه قال "خالفوا النساء فإن في خلافهن بركة"، نعم، أخرج ابن لال ومن طريقه الديلمي بسند فيه ضعيف جدًا مع انقطاع، عن أنس مرفوعًا "لا يفعلن أحدكم أمرًا حتى يستشير، فإن لم يجد من يشيره؛ فليستشير امرأة ثم ليخالفها فإن في خلافها البركة"، وروى العسكري عن معاوية أنه قال "عودوا النساء لا فإنها ضعيفة إن أطعتها أهلكتك"، وقال بعض الشعراء: وترك خلافهن من الخلاف. وروى القضاعي والعسكري والديلمي وغيرهم بسند ضعيف عن عائشة مرفوعًا "طاعة النساء ندامة"، وأخرج ابن عدي عن زيد بن ثابت مرفوعًا "طاعة النساء ندامة"، وأخرج أحمد العسكري وغيرهما عن أبي بكرة مرفوعًا "هلكت الرجال حين أطاعت النساء"؛ فإدخال ابن الجوزي لحديث عائشة في الموضوعات ليس بجيد، كيف وقد استشار النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة في صلح الحديبية فصار دليلًا لاستشارة المرأة الفاضلة، ولفضل أم سلمة ووفور عقلها، حتى قال إمام الحرمين "لا يعلم امرأة أشارت برأي فأصابت إلا أم سلمة"، لكن اعترض عليه بابنه شعيب في أمر موسى عليهما الصلاة والسلام، وقال الرضى الغزي في "المراج في الزواج" قال عمر رضي الله عنه "خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة"، وقد قيل: شاوروهن وخالفوهن، وقال صلى الله عليه وسلم "تعس عبد الزوجة"؛ وذلك لأن الله تعالى ملكه الزوجة فملكها نفسه، وسمى الرجال قوامين وسمى الزوج سيدًا فقد خالف مقتضى ذلك وبدل نعمة الله كفرًا. 1530- الشباب شعبة من الجنون، والنساء حبالة الشيطان2. وفي رواية "حبائل" جمع حبالة بالكسر، وهي ما يصاد به من أي شيء كان، رواه أبو نعيم، عن ابن مسعود والديلمي، عن عبد الله بن عامر وعقبة بن عامر في حديث طويل، والتيمي في ترغيبه عن زيد بن خالد الجهني، كلهم مرفوعًا، ولا ينافيه ما جاء عن سفيان الثوري من قوله "يا معشر الشباب عليكم بقيام الليل، فإنما الخير في الشباب"،

_ 1 لا أصل له مرفوعًا، انظر الضعيفة "430". 2 ضعيف: رقم "3427".

لكونه محلا للقوة والنشاط غالبًا، ومن شواهد هذا الحديث حديث "عجب ربك من شاب ليست له صبوة"، وقال ابن الغرس "الحديث حسن"، وإنما جعله شعبة من الجنون لأن الجنون يزيل العقل، وكذلك الشباب قد يسرع إلى قلة العقل؛ لما فيه من الميل إلى الشهوات والإقدام على المضار؛ ولذا أنشدوا: سكرات خمس إذا سكر المر ... ء بها صار ضحكة للزمان سكرة الحرص والحداثة والعشـ ... ـق وسكر الشراب والسلطان 1531- شبيه الشيء منجذب إليه - وفي لفظ شبه. ليس بحديث، وقال السخاوي هو بمعنى "الأرواح جنود مجندة" وهو كقولهم "الجنس إلى الجنس أميل"، وفي لفظ "يميل"، وكقولهم "الجنسية علة الضم"، وقال النجم: هو من كلام الغزالي، وقال في الإحياء "قد تستحكم المودة بين اثنين من غير ملاحة في صورة وحسن في خلق وخلق، ولكن المناسبة باطنة توجب الألفة والموافقة، فإن شبه الشيء منجذب إليه بالطبع، والأشباه الباطنية خفية ولها أسباب دقيقة، ليس في قوة البشر الاطلاع عليها، وعنها عبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تنكر منها اختلف. فالتناكر نتيجة التباين، والائتلاف نتيجة التناسب" انتهى. وعن الديلمي عن أنس رفعه "أن لله ملكًا موكلًا بتأليف الأشكال". وهو ضعيف، انتهى. 1532- الشريعة أقوالي، والطريقة أفعالي، والحقيقة حالي، والمعرفة رأس مالي. لم أر من ذكره فضلًا عن بيان حاله، نعم ذكره بعضهم أنه رآه في كتب بعض الصوفية فليراجع. 1533- الشتاء ربيع المؤمن: طال ليله فقامه، وقصر نهاره فصامه1. رواه أبو يعلى والعسكري بتمامه، وأحمد وأبو نعيم بالاقتصار على "الشتاء ربيع المؤمن"، كلهم رووه عن أبي سعيد مرفوعًا، وفي سنده أبو الهيثم، ضعفه جماعة ووثقه آخرون كابن معين وأضرابه؛ على أن لهذا الحديث شواهد فيصير حسنا لغيره: منها ما رواه الطبراني وغيره بسند فيه سعيد بن بشير، ضعيف، عن أنس مرفوعًا "الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة"، وأخرجه البيهقي وأبو نعيم وعبد الله بن أحمد عن أبي

_ 1 ضعيف: رقم "3429".

هريرة موقوفًا "هو أصح"، ومنها ما أخرجه أحمد والترمذي وابن خزيمة والطبراني والقضاعي عن عامر بن مسعود رفعه بلفظ حديث أنس، كما أوضح ذلك السخاوي في أماليه، وعزاه في الجامع الصغير للبيهقي، عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه بلفظ "الشتاء ربيع المؤمن: قصر نهاره فصام وطال ليله فقام"، وفي رواية كما قال المناوي رحمه الله "فصامه وقامه"، وروى الديلمي عن ابن مسعود مرفوعًا "مرحبا بالشتاء، فيه تنزل الرحمة، أما ليله فطويل للقائم، وأما نهاره فقصير للصائم"، وللدينوري، عن قتادة "لم ينزل عذاب قط من السماء على قوم إلا عند انسلاخ الشتاء". 1534- الشح لا يأتي بخير: لم أر من خرجه بهذا اللفظ، ولكن معناه يفهم مما صح بلفظ "إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالبخل فبخلوا، أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا"، وبما صح "إياكم والشح فإنه دعا من كان قبلكم فسفكوا دماءهم، ودعاهم فاستحلوا محارمهم"، وجاء بسند جيد "شر ما في الرج شح هالع وجبن خالع". 1535- شرار أمتي العلماء الذين يأتون الأمراء، وخيار الأمراء الذين يأتون العلماء1. قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: رواه ابن ماجه بالشطر الأول نحوه من حديث أبي هريرة بسند ضعيف. 1536- شرار أمتي من يلي القضاء إن اشتبه عليه لم يشاور، وإن أصاب بطر، وإن غضب عنف، وكاتب السوء كالعامل به2. رواه الديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه، ونقل ابن الغرس عن شيخه حجازي أن الحديث حسن لغيره. 1537- "شرار أمتي الذين غذوا بالنعيم، الذين يأكلون ألوان الطعام، ويلبسون ألوان الثياب، ويتشدقون بالكلام" 3. رواه ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة، والبيهقي عن فاطمة الزهراء بسند ضعيف.

_ 1 انظر الفوائد المجموعة "371/ 2". 2 ضعيف جدًا: رقم "3383". 3 حسن: رقم "3705" وانظر في معناه ضعيف الجامع: رقم "3382".

1528- شراركم عزابكم1. رواه أبو يعلى والطبراني بسند فيه خالد المخزومي متروك عن أبي هريرة أنه قال "لو لم يبق من أجلي إلا يوم واحد للقيت الله بزوجة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: شراركم عزابكم"، ولهما أيضا بسند فيه ضعيف، عن عطية بن بشر المازني مرفوعًا في حديث "إن من سنتنا النكاح، شراركم عزابكم، وأراذل أمواتكم عزابكم"، إلى غير ذلك من الأحاديث التي لا تخلو عن ضعف واضطرب لكن لا يبلغ الحكم عليه بالوضع، وقال في الدرر: رواه أحمد، عن أبي ذر، والطبراني عن عطية بن بشر، وابن عدي عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأبو نعيم عن جابر، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات فأخطأ. انتهى، وأورده الصغاني بلفظ "شرار أمتي عزابها"، وعقد الحديث ابن العماد في منظومته المؤلفة في ذلك بقوله: شراركم عزابكم جاء الخبر ... أراذل الأموات عزاب البشر وللحفاظ ابن حجر العسقلاني من أبيات: أراذل الأموات عزابكم ... شراركم عزابكم يا رجال أخرجه أحمد والموصلي ... والطبراني والثقات الرجال من طرق فيها اضطراب ولا ... تخلو من الضعف على كل حال 1539- الشتاء شدة ولو كان رخاء. قال النجم: ليس بحديث، وظاهره يعارض الحديث قبله، وفي معناه "القر بؤس" كما سيأتي في حرف القاف. "والقر" بضم القاف وتشديد الراء: أي البرد. و"بؤس" بضم الموحدة وسكون الهمزة وبالسين المهملة: الشدة. 1540- شددوا فشدد الله عليهم. يعني بني إسرائيل في قولهم لموسى عليه الصلاة والسلام "ادعوا لنا ربك يبين لنا"، ورواه ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رفعه بلفظ "لولا أن بني إسرائيل قالوا {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} [البقرة: 70] ما أعطوا أبدًا، ولو أنهم اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم"، وورد مثل هذا المعنى في رهبان النصارى فعند أبي

_ 1 ضعيف: رقم "3385".

يعلى عن أنس "لا تشددوا على أنفسكم يشدد الله عليكم؛ فإن قومًا شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم؛ فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات: رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم"، لكن يفرق بين التشديدين فإن تشديد اليهود كان تعنتا على موسى عليه الصلاة والسلام، وتشديد النصارى كان تشديدًا في العبادة والاجتهاد، وكلاهما مذموم في شريعتنا، قاله النجم رضي الله عنه. 1541- "شر الأمور محدثاتها" 1. أسنده الديلمي عن عقبة بن عامر بزيادة "وشر العمى عمى القلب"، وشر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة يوم القيامة، وشر المأكل مال اليتيم، وشر المكاسب الربا. 1542- شراركم معلمو صبيانكم، أقلهم رحمة على اليتيم، وأغلظهم على المسكين. قال في اللآلئ: موضوع. وأقول: ويشهد لوضعه ما رواه البخاري والترمذي عن علي رفعه "خيركم من تعلم القرآن وعلمه". 1543- "شر البقاع الأسواق" 2. تقدم في أحب البقاع. 1544- شر الحياة ولا الممات. هو كما قال الحافظ ابن حجر من كلام بعض الحكماء المتقدمين، ثم قال: والمراد بشر الحياة ما يقع من الأعراض الدنيوية في المال والجسد والأهل وما أشبه ذلك، وحينئذ فهو كلام صحيح، فإن فرض أن القائل يقصد بشر الحياة أعم من ذلك حتى يشمل أمر الدين فهو مردود عليه، ويخشى في بعض صوره الكفر وفي بعضها الإثم، وما ورد في المسند من النهي عن تمني الموت علل بأنه إما أن يقلع وإما أن يعمل من الخير ما يقابل ذلك الشر" انتهى. وقال النجم "يصح معناه إذا حمل على حذف مضاف أي: ولا شر الممات" انتهى. وذكره في فتح الباري في كتاب المرضى ما يدل على أن قصر العمر قد يكون خيرًا للمؤمن؛ فمن ذلك حديث أنس الذي فيه الصحيح "اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا

_ 1 جزء من حديث أخرجه مسلم وغيره. 2 انظر حديث "120" في معناه.

لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي"، وهو لا ينافي حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم وأحمد "إن المؤمن لا يزيده عمره إلا خيرًا" إذا حمل حديث أبي هريرة على الأغلب، ومقابله على النادر. وذكر أيضًا أنه استشكل حديث مسلم وأحمد: بأن الإنسان قد يعمل السيئات فيزيد عمره شرًا، وأجبت بأجوبة: منها أن المؤمن بصدد أنه يفعل ما يكفر ذنوبه، ومنها أن يقيد ما أطلق في هذه الرواية، فتلخص من كلامه أن الحياة تكون تارة حميدة، وتارة بضدها، وعليه ما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم "طوبى لمن طال عمره وحسن عمله، وويل لمن طال عمره وساء عمله"، وفي هذا المعنى قلت: طول الحياة حميدة ... إن راقب الرحمن عبده وبضدها فالموت خير ... والسعيد أتاه رشده 1545- "شر الطعام طعام الوليمة: يدعى إليها الأغنياء وتترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله". متفق عليه، عن أبي هريرة موقوفًا، ورواه مسلم أيضًا مرفوعًا لكن بلفظ "يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها"، ومن يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله. وللطبراني عن ابن عباس بلفظ "شر الطعام طعام الوليمة: يدعى إليها الشبعان ويحبس عنها الجائع"، ورواه الطبراني عن ابن عباس بلفظ "يدعى إليه الشبعان، ويحبس عنه الجائع"، وعبارة التحفة لابن حجر المكي والنهاية لخبر مسلم أي: عن أبي هريرة بلفظ "شر الطعام طعام الوليمة تدعى إليها الأغنياء، وتترك الفقراء، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله" انتهى، قال الشبراملسي في حواشي الرملي، نقلا عن شرح ألفية السيوطي ناقلًا عن الحافظ ابن حجر في نكته عن ابن الصلاح أن قوله "ومن لم يجب الدعوة.. إلخ" من كلام أبي هريرة، لا من الحديث فاعرفه. 1546- شر الحمير الأسود القصير1. رواه العقيلي عن ابن عمر، أورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه السيوطي.

_ 1 موضوع: رقم "3389".

1547- "شر الناس منزلة يوم القيامة من يخاف للسانه أو يخاف شره"1. رواه ابن أبي الدنيا عن أنس، وهو حسن لغيره كما قال حجازي في الوعظ. 1548- شر الإنسان من اللسان. 1549- شر الناس ذو الوجهين2. تقدم في "تجدون" وهو متفق عليه. 1550- "شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس" 3. قال الصغاني: موضوع. انتهى. لكن ذكر في الجامع الصغير أنه رواه العقيلي والخطيب، عن أبي هريرة بلفظ "شرف المؤمن صلاته" وفي رواية "قيامه بالليل وعزه استغناؤه عما في أيدي الناس". وعزاه الحافظ بن حجر في تخريج أحاديث الديلمي باللفظ الثاني لأبي الشيخ وأبي نعيم عن سهل بن سعد، قال: وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس. فالحكم عليه بالوضع لا يخلو عن شيء فليتأمل وسيأتي في: المؤمن. 1551- شعبان شهري، ورمضان شهر الله، وشعبان المطهر، ورمضان المكفر4. رواه الديلمي عن عائشة مرفوعًا، قال ابن الغرس، قال شيخنا حجازي: ضعيف، ورواه أيضا الديلمي عن أبي سعيد الخدري رفعه بلفظ "شهر رمضان شهر أمتي يرمض5 فيه ذنوبهم، فإذا صامه عبد مسلم ولم يكذب، وفطره طيب خرج من ذنوبه كما تخرج الحية من سلخها"، وتقدم بعض ما يتعلق به في: رجب شهر الله- الحديث. 1552- الشعر أحد الجمالين6. رواه الديلمي عن علي بلفظ "إذا خطب أحدكم المرأة فليسأل عن شعرها كما يسأل عن جمالها فإن الشعر أحد الجمالين"، قال النجم: وروى زاهر بن طاهر في خماسياته عن أنس رضي الله عنه "الشعر الحسن أحد الجمالين يكسوه الله المرء المسلم".

_ 1 ضعيف: رقم "3394". 2 انظر حديث "950". 3 حسن: رقم "3710" برواية العقيلي والخطيب عن أبي هريرة. 4 بعض موضوع: رقم "3401". 5 يرمض: تحترق. 6 لفظ زاهر عن أنس، ضعيف: رقم "3435".

1553- "الشعر بمنزلة الكلام، فحسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام" 1. رواه البخاري في الأدب المفرد والطبراني عن ابن عمر وأبو يعلى عن عائشة. قال الهيثمي: إسناده حسن. وقال الحافظ ابن حجر بعدما عزاه للبخاري في الأدب المفرد: سنده ضعيف. 1554- "شفاء أمتي في ثلاث: شطرة محجم، أو شربة عسل، أو كية نار، وأنا أنهى أمتي عن الكي". رواه البخاري وابن ماجه عن ابن عباس بلفظ "الشفاء في ثلاث" الحديث. 1555- الشهرة في قصر الثياب. قال في التمييز ليس بحديث، وقال القاري في "الموضوعات": لا يصح حديثًا؛ لأن قصر الثياب من جملة أسباب الشهرة إذا كان يقصدها دون إرادة اتباع السنة، وقال الشعراني في "البدر المنير": هن من كلام أيوب السختياني كان يقول: الشهرة اليوم في تشمير الثياب. 1556- "شفاء العي السؤال" 2. رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما وتقدم في: إنما شفاء العي السؤال. 1557- "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " 3. رواه الترمذي والبيهقي عن أنس مرفوعًا، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، وقال البيهقي: إسناده صحيح، وأخرجه هو وأحمد وأبو داود وابن خزيمة عن أنس من وجه آخر، وهو وابن خزيمة من طريق آخر عن أنس أيضًا بلفظ الشفاعة لأهل الكبائر من أمتي، وهو وحده عن مالك بن دينار عن أنس بزيادة وتلا هذه الآية {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً} [النساء: 31] . وعن يزيد الرقاشي عن أنس بلفظ "قلنا يا رسول الله لمن تشفع؟ قال لأهل الكبائر من أمتي، وأهل العظائم، وأهل الدماء"، وعن زيادة النميري عن أنس بلفظ إن شفاعتي أو إن

_ 1 صحيح: رقم "3733". 2 انظر حديث "646". 3 صحيح: رقم "3714".

الشفاعة لأهل الكبائر، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي، عن جابر مرفوعًا بلفظ الترجمة، زاد محمد بن ثابت في رواية الطيالسي فقال جابر "فمن لم يكن من أهل الكبائر فما له وللشفاعة؟ " وزاد الوليد بن مسلم في روايته عن زهير فقلت: ما هذا يا جابر؟ قال: نعم يا محمد، إنه من زادت حسناته على سيئاته فذلك الذي يدخل الجنة بغير حساب، وأما الذي قد استوت حسناته وسيئاته فذلك الذي يحاسب حسابًا يسيرًا ثم يدخل الجنة، وإنما الشفاعة شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن أوبق نفسه وأغلق ظهره1، وأخرجه البيهقي في الشعب من طريق الشعبي عن كعب بن عجرة قال قلت: يا رسول الله الشفاعة قال "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي"، ورواه عبد الرزاق، عن طاووس رفعه كالترجمة بزيادة "يوم القيامة"، وقال هذا مرسل حسن، يشهد لكون هذه اللفظة شائعة بين التابعين، ثم روي عن حذيفة بن اليمان أنه سمع رجلًا يقول "اللهم اجعلني ممن تصيبه شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم" قال: إن الله يغني المؤمنين عن شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن الشفاعة للمذنبين المؤمنين أو المسلمين، ورواه الخطيب عن أبي الدرداء بلفظ: "شفاعتي لأهل الذنوب من أمتي وإن زنى وإن سرق على رغم أبي الدرداء". 1558- الشفقة على خلق الله تعظيم لأمر الله - وفي لفظ لوجه الله. قال في المقاصد لا أعرفه بهذا اللفظ، ولكن معناه صحيح، وقال القاري هو من كلام بعض المشايخ؛ حيث قال: مدار الأمر على شيئين: التعظيم لأمر الله، والشفقة على خلق الله. انتهى. وقال النجم: ليس بحديث. انتهى. 1559- الشقي من شقي في بطن أمه2. تقدم في السعيد. 1560- الشكوى لغير الله مذلة. لم أقف على أنه حديث وليس على إطلاقه.

_ 1 وأغلق ظهره: غلق ظهر البعير إذا أدبر وأغلقه صاحبه إذا أثقل حمله حتى يدبر، شبه الذنوب التي أثقلت ظهر الإنسان بذلك ا. هـ. نهاية 2 سبق تخريجه انظر حديث "1475".

1561- شموا النرجس، فإن في القلب حبة من الجنون والجذام والبرص، لا يقطعها إلا شم النرجس1. رواه الطبراني ... قال السيوطي في مقاماته الريحانية: حديث راويه غير معل ولا مفلس. 1562- الشكر في الوجه مذمة. قال في "التمييز": ليس بحديث، وقال في "المقاصد": كلام وليس على إطلاقه بصحيح؛ بل محمول على ما إذا لم يكن المشكور متصفًا به، أو كان يحصل له به زهو أو إعجاب، كما يشير إليه حديث: "ويحك قطعت عنق صاحبك"، وحديث "إذا مدح الفاسق اهتز له العرش"، وقال النجم: ليس بحديث، لكنه ليس على إطلاقه، ففي الحديث: "إذا مدح المؤمن في وجهه ربا الإيمان في قلبه"، أخرجه الطبراني والحاكم عن أسامة بن زيد. انتهى، واشتهر على الألسنة "الشكران في الوجه مذمة"، واشتهر أيضا "شكران الإنسان في وجهه مذمة". 1563- الشؤم سوء الخلق2. رواه أحمد بسند ضعيف عن عائشة مرفوعًا، وقال ابن الغرس: رواه أحمد عن عائشة، وكذا الطبراني في "الأوسط"، وأبو نعيم في "الحلية" من حديث جابر، ورواه الدراقطني في "الأفراد" عن جابر، قال: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما الشؤم؟ فذكره"، وقال شيخنا حجازي: "حديث صحيح لغيره". انتهى ملخصًا، لكن في الجامع الصغير عزو رواية أبي نعيم لعائشة، وقال المناوي: الحديث ضعيف. 1564- "الشؤم في ثلاث: المرأة، والدار، والفرس". رواه البخاري في صحيحه عن ابن عمر، لكن بإسقاط "في ثلاث"، ورواه أيضًا عن سهل بن سعد الساعدي بلفظ "إن كان -أي: الشؤم- في شيء؛ ففي الدار والمرأة والفرس، ورواه السيوطي في ذيل الجامع الصغير بلفظ الشؤم في ثلاث: في المرأة والمسكن والدار، وعزاه الترمذي والنسائي، عن ابن عمر رضي الله عنه، قال العسقلاني ونقل

_ 1 له طرق وألفاظ - راجعها في تنزيه الشريعة 276/ 2، والموضوعات لابن الجوزي 61/ 3. 2 ضعيف: رقم "3425".

أبو ذر الهروي عن البخاري "إن شؤم الفرس أن تكون حرونًا، وشؤم المرأة سوء خلقها، وشؤم الدار سوء جارها"، وقال غيره "شؤم الفرس أن لا يغزي عليها، وشؤم المرأة أن لا تلد، وشؤم الدار ضيقها"، وقيل "شؤم المرأة غلاء مهره ا"، وللطبراني من حديث أسماء: "إن من شفاء المرء في الدنيا سوء الدار، والمرأة، والدابة"، وفيه "سوء الدار ضيق ساحتها وخبث جيرانها، وسوء الدابة منعها ظهرها وسوء طبعها، وشؤم المرأة عقم رحمها وسوء خلقها"، وفي حديث سعد بن أبي وقاص عند أحمد مرفوعًا، وصححه ابن حبان والحاكم "من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء"، وفي رواية لابن حبان "المركب الهنيء والمسكن الواسع"، وفي رواية الحاكم "وثلاث من الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، والدابة تكون قطوفًا فإن ضربتها أتعبتك، وإن تركتها لم تلحقك أصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق". انتهى. 1565- شهادة المرء على نفسه بشهادتين. قال القاري: ليس بحديث، ولكنه صحيح المعنى بالنظر إلى الإقرار ومثله في النجم، وزاد: أقر رجل عند شريح ثم أنكر فقضى عليه، فقال من شهد علي؟ قال ابن أخت خالتك، ومثله: "شهادة المرء على نفسه بسبعين" لا أصل له، ويصح حمله على المبالغة. 156- شهادة البقاع للمصلى. أخرجه أبو الشيخ في الثواب، عن أبي الدرداء وغيره من الصحابة والتابعين، فقال أبو الدرداء اذكروا الله عند كل حجيرة وشجيرة؛ لعلها تأتي يوم القيامة تشهد لكم، وقال ابن عمر: "ما من مسلم يأتي روماة من الأرض أو مسجدًا بني بأحجار فيصلي فيه إلا قالت الأرض: سل الله في أرضه تشهد لك يوم تلقاه". ولابن المبارك عن عمر أنه قال: من سجد في موضع عند شجر أو حجر شهد له يوم القيامة عند الله. وقال النجم بعد ذكر أكثر ما مر: قلت في الحديث المرفوع ما هو أعم من ذلك، فروى أحمد والترمذي وصححه، والنسائي والحاكم وصححه، وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه في تفاسيرهم عن أبي هريرة قال: "قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزرلزلة: 4] فقال عليه السلام: "أتدرون ما أخبارها؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها؛ تقول عمل

كذا وكذا فذلكم أخبارها"، وروى الطبراني عن ربيعة الجرشي: "تحفظوا من الأرض؛ فإنها أمكم، وإنه ليس من أحد عمل عليها خيرًا أنو شرًا إلا وهي مخبرة"، وقال عطاء الخراساني: "ما من عبد يسجد لله سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له بها يوم القيامة، وبكت عليه يوم يموت"، وقال ثور بن زيد عن مولى الهذيل: "ما من عبد يضع جبهته في بقعة من الأرض ساجدًا إلا شهدت له يوم القيامة، وإلا بكت عليه يوم يموت"، والله أعلم. 1567- "شهادة خزيمة بشهادة رجلين" 1. رواه أبو داود وابن خزيمة عن عدة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "ابتاع فرسًا من أعرابي" الحديث، وفيه "فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- شهادة خزيمة بشهادة رجلين"، ورواه أحمد وأبو داود عن النعمان بن بشير، ورواه ابن أبي شيبة وأبو يعلى في مسنديهما، عن خزيمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترى فرسًا من سوار بن الحارث، فجحده، فشهد له خزيمة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ما حملك على الشهادة ولم تكن معنا حاضرًا؟ " قال: صدقتك بما جئت به، وعلمت أنك لا تقول إلا حقًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شهد له خزيمة أو شهد عليه فحسبه"، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه والطبراني عن محمد بن زرارة ورواه ابن أبي عمر العدني في مسنده عن خزيمة بلفظ: "فأجاز النبي -صلى الله عليه وسلم- شهادته رجلين حتى مات". وفي البخاري عن زيد بن ثابت أنه وجد آية من القرآن مع خزيمة الذي جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- شهادته بشهادتين. وفي لفظ عن زيد: "وكان خزيمة يدعى ذا الشهادتين، ولأبي يعلى عن أنس أنه افتخر الأوس والخزرج، فقالت الأوس منا من جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهادته بشهادة رجلين، وروى ابن أبي أسامة في مسنده عن النعمان بن بشير "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اشترى من أعرابي فرسًا، فجحده الأعرابي، فجاء خزيمة، فقال يا أعرابي أتجحد؟ أنا أشهد عليك أنك بعته، فقال الأعرابي: إن تشهد عليَّ خزيمة فأعطني الثمن، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا خزيمة إنا لم نشهدك، كيف تشهد؟ " قال أنا أصدقك على خبر السماء، ألا أصدقك على ذا الأعرابي؟ فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهادته بشهادة رجلين، فلم يكن في

_ 1 صحيح.

الإسلام من تجوز شهادته شهادة رجلين غير خزيمة"، قال في "المقاصد": وللدارقطني من طريق أبي حنيفة، عن خزيمة بن ثابت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل شهادته شهادة رجلين. ثم قال: ومما يستظرف قول بعض المحققين من شيوخنا: حديث خزيمة أخرجه ابن خزيمة، وروى حديث خزيمة أيضا عمر بن الخطاب. 1568- شاهد الزور مع العشار في النار1. رواه الديلمي عن المغيرة، ورواه أبو نعيم والحاكم عن ابن عمر بلفظ "شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يوجب الله له النار". 1569- "شاهت الوجوه". رواه مسلم عن سلمة بن الأكوع، والحاكم عن ابن عباس. 1570- شهوة النساء تضاعف على شهوة الرجال2. قال النجم: لا يعرف بهذا اللفظ، لكن عند الطبراني في الأوسط والبيهقي عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين من اللذة، ولكن الله ألقى عليهن الحياء. وقال النجم أيضًا، وعند الطبراني عن ابن عمرو: فضل ما بين لذة المرأة ولذة الرجل كأثر المخيط في الطين؛ إلا أن الله يسترهن بالحياء. 1571- شهادة المسلمين بعضهم على بعض جائزة، ولا تجوز شهادة العلماء بعضهم على بعض لأنهم حسد3. قال في "اللآلئ": ليس بحديث، وإسناده فاسد من وجوه كثيرة، وقال القاري: وعلى تقدير صحته فالمراد علماء الدنيا التاركون طريق العقبى، كما يشير إليه التعليل بقوله: فإنهم حسد؛ إذ المتبادر من الحسد ما ذمه الشارع، وروي هذا الحديث في الجامع الصغير عن الحاكم في تاريخه عن جبير بن مطعم.

_ 1 موضوع: رقم "3378". 2 لفظ الطبراني والبيهقي عن ابن عمر، ضعيف جدا: رقم "3985". 3 موضوع: رقم "3409".

قال المناوي في شرحه: وقضية كلام المصنف أن مخرجه الحاكم أخرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه؛ بل قال عقبه: ليس هذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإسناده فاسد من أوجه كثيرة: منها أن في إسناده مجاهيل، وضعفاء منهم: أبو هارون، فهو موضوع. انتهى. 1572- "شيبتني هود وأخواتها" 1. رواه ابن مردويه في تفسيره عن عمران بن حصين بلفظ "قيل يا رسول الله أسرع إليك الشيب! قال: "شيبتني هود والواقعة وأخواتها"، وقال في الدرر: رواه البزار عن ابن عباس، وصححه في "الاقتراح"، وأعله الدراقطني، وأنكره موسى بن هارون، وقال فيه: إنه موضوع، والصواب تحسينه، وقد استوفيت طرقه في التفسيره المسند. انتهى، وفي الترمذي و"الحلية" عن ابن عباس قال: "قال أبو بكر: يا رسول الله قد شبت! قال: "شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت"، وصححه الحاكم، وقال الترمذي: حسن غريب". وأخرجه ابن أبي شيبة في مسنده عن الأحوص، ورواه أبو يعلى عن عكرمة قال: قال أبو بكر "سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- ما شيبك؟ قال: "شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت"، وهو مرسل صحيح؛ لكنه موصوف بالاضطراب، وقد أطال الدراقطني في ذكر علله واختلاف طرقه أوائل كتاب "العلل". وقال "ابن دقيق العيد" في أواخر "الاقتراح": إسناده على شرط البخاري. ورواه البيهقي في الدلائل عن أبي سعيد قال: قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، لقد أسرع إليك الشيب! فقال: "شيبتني هود، وأخواتها: وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت". وأخرجه ابن سعد وابن عدي عن أنس وفيه الواقعة والقارعة وسأل سائل، وإذا الشمس كورت. ورواه الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح عن عقبة بن عامر "أن رجلا قال يا رسول الله قد شبت! قال: "شيبتني هود وأخواتها". ورواه أيضًا بسند عمرو بن ثابت -متروك- عن ابن مسعود "أن أبا بكر سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما شيبك يا رسول الله؟ قال: "شيبتني هود، وأخواتها: الواقعة، والحاقة، وإذا الشمس كورت".

_ 1 صحيح: رقم "3720" من رواية الطبراني عن عقبة بن عامر.

1573- "الشاة في البيت بركة، والدجاج في البيت بركة"1. رواه الحاكم في تاريخه، ورواه البخاري في الأدب المفرد بحذف: "والدجاج في البيت بركة "، وزيادة: "والشاتان بركتان، والثلاث ثلاث بركات". 1574- "الشيب نور المؤمن" 2. قيل: لا يعرف بهذا اللفظ، ورد بأن الحافظ ابن حجر قال في تخريج أحاديث "مسند الفردوس": رواه ابن منيع عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو. انتهى. وذكره في التخريج المذكور أنه رواه عن أنس بلفظ: "الشيب نور، من خلع الشيب فقد خلع نور الإسلام". انتهى. وسيأتي في: "من شاب في الإسلام"، وفي: "لا تنتفوا الشيب"، وعزاه في الجامع للبيهقي عن ابن عمرو بلفظ "الشيب نور المؤمن، لا يشيب رجل شيبة في الإسلام إلا كانت له بكل شيبة حسنة، ورفع له بها درجة". 1575- شيب وعيب. قال في "المقاصد": يأتي فيمن لم يرعو. وقال النجم: كلام يقال عند توبيخ الشيب وليس بحديث. وحكي عن أبي يزيد أنه رأى وجهه في المرآة، فقال: ظهر الشيب، ولم يذهب العيب، ولا أدري ما في الغيب. 1576- الشيخ في قومه كالنبي في أمته3. قال في "المقاصد": رواه ابن حبان في "الضعفاء"، وكذا الديلمي عن أبي رافع مرفوعًا، لكن بلفظ "الشيخ في أهله"، ورواه ابن حبان أيضًا في ترجمة عبد الله بن عمر الإفريقي عن ابن عمر، ثم قال: وهو موضوع. وقال الحافظ ابن حجر كابن تيمية: إنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ وإنما يقوله بعض أهل العلم، وربما أورده بعضهم بلفظ "الشيخ في جماعته كالنبي في قومه، يتعلمون من علمه، ويتأدبون من أدبه"،

_ 1 برواية البخاري في الأدب المفرد، ضعيف جدًا: رقم "3423". 2 برواية البيهقي عن ابن عمر، حسن: رقم "3748". 3 موضوع برواية الديلمي عن أبي رافع، رقم "3451".

وكل ذلك باطل، وروى الديلمي عن أنس مرفوعًا: "بجلوا المشايخ؛ فإن تبجيل المشايخ من إجلال الله -عز وجل- فمن لم يبجلهم فليس منا". لكن أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" عن أبي رافع مرفوعًا، وأسنده الديلمي عنه، رواه في "الجامع الصغير" بلفظ: "الشيخ في أهله كالنبي في أمته". ورواه أيضًا بلفظ: "الشيخ في بيته كالنبي في قومه "، ويقويه حديث "العلماء ورثة الأنبياء"؛ وإن كان ضعيفًا، ويؤيده قوله تعالى {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] . وقال في "المقاصد": وأصح من هذا كله: "ما أكرم شاب شيخًا لسنه إلا قيض الله له في سنه من يكرمه". 1577- شياطين الإنس تغلب شياطين الجن. قال القاري: هو من كلام مالك بن دينار، ولعله مقتبس من قوله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: 112] حيث قدم شياطين الإنس؛ ولأن شيطان الجن تذهب وسوسته بالتعوذ، ولأن قوة تأثير الصحبة في اتحاد الجنس. 1578- الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم - الحديث. رواه الشيخان عن صفية بنت حيي أم المؤمنين -رضي الله عنها-. 1579- "الشيخ والشيخة إذا زينا فارجموهما البتة، بما قضيا من اللذة" 1. رواه الطبراني وابن مندة في المعرفة عن ابن حنيف عن العجماء، قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذكره، ورواه النسائي وعبد الله بن أحمد في زوائد "المسند"، وصححه ابن حبان والحاكم، عن أبي بن كعب، ورواه أحمد عن زيد بن ثابت، واتفقا عليه عن عمرو، ورواه الشافعي والترمذي وآخرون، عن عمرو عن بعضهم أنه مما كان يتلى، ثم نسخ دون حكمه، وروى السيوطي الحديث في "الإتقان" عن زر بن حبيش قال: قال لي أبي بن كعب "كم آي تعد سورة الأحزاب؟ قلت: اثنتين وسبعين آية أو ثلاثًا وسبعين آية. قال: إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم. قلت: وما آية الرجم؟ قال: إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم". انتهى.

_ 1 متفق عليه من طريق ابن عباس عن عمر.

حرف الصاد المهملة

حرف الصاد المهملة: 1580- صاحب الحاجة أعمى. قال في "المقاصد": لا أعرفه، لكن أنشد أبو سليمان إدريس بن إسحاق البالسي لنفسه: صاحب الحاجة أعمى ... وهو ذو حال بصير فمتى يبصر فيها ... رشده أعمى فقير انتهى وأقول: المشهور على الألسنة الآن: صاحب الحاجة أعنى -بالنون أو الياء بعد العين لا بالميم- لا يروم إلا قضاءها، واشتهر أيضا: صاحب الحاجة أرعن لا يريد إلا قضاءها، وقال القاري: وقولهم الغريب كالأعمى لا يصح من جهة المبنى. انتهى، واشتهر أيضا صاحب الحاجة أعمى ولو كان بصيرًا. 1581- "صاحب الدابة أحق بصدرها" 1. رواه أحمد عن حبيب بن مسلمة أنه أتى قيس بن سعد فذكره في قصة، ورواه الطبراني عن قيس بن سعد مرفوعًا، ورواه ابن أبي خيثمة وابن قانع والإسماعيلي في "الصحابة" -كلهم- عن عروة بن مغيث: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن صاحب الدابة أحق بصدرها"، ورواه أبو زرعة في "مسند الشاميين"، ويعقوب بن سفيان في "تاريخه"، والدارقطني في "المؤتلف" عن عمر بن الخطاب، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" عن بريدة: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينما هو يمشي، فقال له رجل: اركب يا رسول الله. وتأخر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "صاحب الدابة أحق بصدرها إلا أن تجعلها لي"، قال فجعلها له، فركب -صلى الله عليه وسلم- "، وأخرجه أبو داود والترمذي بلفظ: "أنت أحق بصدر دابتك". وقال الترمذي: غريب، وهو عند أحمد والروياني في مسنديهما، ورواه حبيب بن الشهيد، عن عبد الله بن بريدة مرسلًا: أن معاذًا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بداية ليركبها فذكر معناه، وقال في "المقاصد": وقد استوفيت طرقه في أوائل تكملة تخريج أحاديث الأذكار، وقال ابن الغرس: حديث "صاحب الدابة أحق بصدرها إلا من أذن" قال شيخنا: حديث حسن. انتهى، وهو في الجامع الصغير عن بشير.

_ 1 صحيح: رقم "3750".

1582- صاحب الشيء أحق بحمله، إلا أن يكون ضعيفًا يعجز عنه؛ فيعينه أخوه المسلم1. رواه أبو يعلى والطبراني في "الأوسط" والدارقطني في "الإفراد" والعقيلي في "الضعفاء" عن أبي هريرة، لكن لفظ رواية أبي يعلى: "صاحب المتاع أحق بشيئه" الحديث. وذكره القاضي عياض في "الشقاء" بدون عزو، وهو ضعيف؛ بل بالغ ابن الجوزي فعده في الموضوعات، ورواه الديلمي عن الصديق رفعه: "من اشترى لعياله شيئا ثم حمله بيده إليهم حط عنه ذنب سبعين منه". وقال في "المقاصد": وأحسبه باطلًا. وقال النجم: رواه الطبراني وغيره، عن أبي هريرة بلفظ "صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله، إلا أن يكون ضعيفًا يعجز عنه؛ فيعينه عليه أخوه المسلم". قال: وله طرق كلها ضعيفة، وأخرجه البخاري في "الأدب" عن صالح بياع الأكسية عن جدته قالت: "رأيت عليًا -رضي الله عنه- اشترى تمرًا بدرهم، فحمله على ملحفة، فقلت له -أو قال له رجل-: أحمل عنك يا أمير المؤمنين؟ فقال: أبو العيال أحق أن يحمل"، وسبب الحديث؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل السوق، فاشترى سراويل فأراد أبو هريرة أن يحمله فذكره. 1583- صاحب البيت أدرى بالذي فيه. 1584- صاحب الورد ملعون، وتارك الورد ملعون. قال الصغاني: موضوع. 1585- صاحب القميصين لا يجد حلاوة العبادة - أو حلاوة الإيمان. موضوع كما قال الصغاني. 1586- الصائم لا ترد دعوته2. رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه عن أبي هريرة بزيادة، وتقدم بأبسط في: "ثلاثة لا ترد دعوتهم".

_ 1 لفظ الطبراني عن أبي هريرة، موضوع: رقم "3459". 2 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "ح2591".

1587- "الصائم المتطوع أمير -وفي رواية أمين بالنون- نفسه؛ إن شاء صام، وإن شاء أفطر" 1. رواه أحمد والترمذي والحاكم عن أم هانئ - حديث صحيح. 1588- الصحبة تمنع الرزق2. رواه عبد الله بن أحمد في زوائده، والقضاعي عن عثمان بن عفان مرفوعًا، وفي سنده ضعيف، وأورده ابن عدي من جهة إسحاق بن أبي فروة، وقال: إنه خلط في إسناده؛ فتارة جعله عن عثمان، وتارة عن أنس، وجعله في الأذكار من كلام بعض السلف، وقال الصغاني: موضوع، ورواه أبو نعيم عن عثمان، رفعه، وفي الباب عن عائشة كما مضى في الدعاء. والصبحة بضم الصاد: نوم أول النهار، فنهي عنه؛ لأنه وقت الذكر، ثم وقت طلب الكسب. وجوز الزمخشري في الفائق ضم صاد الصبحة وفتحها؛ وإنما نهي عنها لوقوعها وقت الذكر والمعاش، لكن قال في "المقاصد": ويشهد له حديث جعفر بن برقان، عن الأصبغ بن نباتة عن أنس رفعه: "لا تناموا عن طلب أرزاقكم فيما بين صلاة الفجر إلى طلوع الشمس"، فسئل أنس عن ذلك، فقال: تسبح وتهلل وتكبر وتستغفر سبعين مرة، فعند ذلك ينزل الرزق الطيب، أو قال يقسم - رواه الديلمي. وروى البغوي في شرح السنة عن علقمة بن قيس أنه قال: بلغنا أن الأرض تعج إلى الله من نومة العالم بعد صلاة الصبح. بل عند الديلمي بسند ضعيف عن علي مرفوعًا: ما عجت الأرض إلى ربها من شيء كعجيجها من دم حرام، أو غسل من زنا، أو نوم عليها قبل طلوع الشمس. وفي رابع عشر المجالسة للدينوري عن ابن الأعرابي قال: مر ابن عباس بابنه الفضل وهو نائم نومة الضحى، فركضه برجله، وقال له: قم؛ إنك لنائم الساعة التي يقسم الله فيها الرزق لعباده، أوما سمعت ما قالت العرب فيها؟ قال: وما قالت العرب يا أبت؟ قال: زعمت أنها مكسلة مهرمة منسأة للحاجة، ثم قال: "يا بني، نوم النهار على ثلاثة:

_ 1 صحيح: رقم "3854". 2 ضعيف جدا: رقم "3533".

نوم حمق وهو نومة الضحى، ونومة الخلق وهي التي تروى، قيلوا فإن الشياطين لا تقيل، ونومة الخرق وهي نومة بعد العصر لا ينامها إلا سكران أو مجنون. وروي أيضًا عن خوات بن جبير قال: "نوم أول النهار خرق، وأوسطه خلق، وآخره حمق"، زاد النجم عند البيهقي عن ابن عمرو: "النوم ثلاثة: نوم خرق، ونوم خلق، ونوم حمق، فأما نوم خرق فنومة الضحى، يقضي الناس حوائجهم وهو نائم، وأما نوم خلق فنومة القائلة نصف النهار، وأما نوم حمق فنومة حين تحضر الصلاة". 1589- الصبر كنز من كنوز الجنة. رواه في الإحياء، قال العراقي في تخريجه: لم أجده. 1590- الصبر مفتاح الفرج، والزهد غناء الأبد1. رواه الديلمي بلا إسناد عن الحسين بن علي مرفوعًا. ورواه القضاعي عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: "انتظار الفرج بالصبر عبادة". ورواه ابن أبي الدنيا في الفرج بعد الشدة، وأبو سعيد الماليني عن ابن عمر بلفظ: "انتظار الفرج عبادة". 1591- صدق الله ورسوله، إنما أموالكم وأولادكم فتنة - الحديث. مسلم عن ربيعة بن الحارث، رواه أحمد والترمذي عن بريدة، كذا في تخريج أحاديث "مسند الفردوس" لابن حجر العسقلاني. 1592- صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم2. قال في "المقاصد": هو كلام يقوله كثير من العامة عقب قول المؤذن في الصبح "الصلاة خير من النوم"، وهو صحيح بالنظر لكونه -صلى الله عليه وسلم- أقر بلالًا على قوله: "الصلاة خير من النوم" كما بينت ذلك في "القول المألوف"؛ بل ثبت أن والنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أبا محذورة بقوله ذلك، ولذا كان استحباب قوله وجهًا، لكن الراجح استحباب قوله "صدقت وبررت" فقط.

_ 1 ضعيف بلفظ: "انتظار الفرج عبادة" انظر ضعيف الجامع "1426". 2 ليس له أصل، انظر التمييز "769".

وقال القاري: "صدق رسول الله" ليس له أصل، وكذا قولهم عند قول المؤذن "الصلاة خير من النوم": "صدقت وبررت وبالحق نطقت" استحبه الشافعية، قال الدميري: وادعى ابن الرفعة أن خبرًا ورد فيه لا يعرف قائله. انتهى. وقال ابن الملقن في تخريج أحاديث الرافعي: لم أقف عليه في كتب الحديث. وقال الحافظ ابن حجر: لا أصل له. انتهى. وقال ابن حجر المكي في التحفة: وقول ابن الرفعة لخبر فيه رد بأنه لا أصل له، وقيل يقول صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. انتهى. وأجاب الشمس الرملي عن اعتراض الدميري على ابن الرفعة بأن "من حفظ حجة على من لم يحفظ". انتهى. وفيه إشارة إلى اختياره استحبابه فتأمل. وقال النجم في "صدقت وبررت": لا أصل لذلك في الأثر. قال: وكذلك قول كثير من العوام للمؤذن مطلقًا: "صدقت يا ذاكر الله في كل وقت": لا أصل له، فاعرفه. 1593- "صدقة السر تطفئ غضب الرب" 1. رواه الطبراني في "الصغير". ومن جهته القضاعي عن عبد الله بن جعفر أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله، وفي سنده أصرم بن حوشب ضعيف. لكن له شواهد: منها ما رواه أبو الشيخ في الثواب، والبيهقي في الشعب -وفي سنده الواقدي- عن ابن مسعود مرفوعًا مثله بزيادة: وصلة الرحم تزيد من العمر. ومنها ما أخرجه القضاعي عنه وعن أبي أمامة مرفوعًا بلفظ: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر". ومنها ما أخرجه الطبراني في "الكبير" بسند حسن عن معاوية بن حيدة مرفوعًا: أن صدقة السر تطفئ غضب الرب. ومنها ما رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" أيضًا والعسكري -وفي سنده صدقة بن عبد الله وثقه دحيم، وضعفه الجمهور- عن أم سلمة مرفوعًا: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكل

_ 1 صحيح: رقم "3759".

معروف صدقة وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف". ومنها ما رواه الطبراني في "الأوسط" بسند ضعيف عن أنس رفعه بلفظ الترجمة وزيادة: "وصدقة العلانية تقي ميتة السوء"، ورواه الترمذي عن أنس مرفوعًا: "إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء، من غير تقييد الصدقة بالسر والعلانية". وقال الترمذي: حسن غريب، وصححه ابن حبان. قال في "المقاصد": وفيه نظر؛ إذ عبد الله بن عيسى راويه عن يوسف، متفق على ضعفه، وقال النجم: وعند الطبراني عن رافع بن خديج "الصدقة تسد سبعين بابًا من السوء"، ورواه الخطيب عن أنس بلفظ: "الصدقة تمنع سبعين نوعًا من أنواع البلاء، أهونها الجذام والبرص". ورواه ابن المبارك في كتاب "البر" بلفظ "إن الله ليدرأ بالصدقة سبعين بابًا من ميتة السوء". وللديلمي عنه بلفظ "الصدقات بالغداوات، يذهبن بالعاهات"، ورواه الطبراني عنه موقوفًا ومرفوعًا "باكروا بالصدقة؛ فإن البلاء لا يتخطى الصدقة"، ذكر السيوطي أن البيهقي في الشعب أخرجه بهذا عن علي، وفي "جامع رزين" وليس في شيء من أصوله حديثه ولفظه: "باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها". 1594- الصدقة أوساخ الناس. مسلم عن ربيعة بن الحارث. 1595- "الصبر على المعسر صدقة" 1. قال النجم: اشتهر على الألسنة، ولم يرد، لكن ورد معناه؛ فعند الخطيب عن زيد بن أرقم "من أنظر معسرًا بعد حلول أجله كان له بكل يوم صدقة"، بل عند أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه البيهقي عن بريدة قال: قال -رسول الله صلى الله عليه وسلم- "من أنظر معسرًا كان له بكل يوم مثله صدقة". قال ثم سمعته يقول: من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثليه صدقة، فقلت: يا رسول الله إني سمعتك تقول فله مثله صدقة، وقلت الآن: فله بكل يوم مثليه صدقه، فقال: "أما إنه ما لم يحل فله بكل يوم مثله صدقة وإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة".

_ 1 صحيح بمعناه: "من أنظر معسرًا فله بكل يوم صدقة.. "انظر الصحيحة "86".

وروي أحمد عن عمران بن حصين: "من كان له على رجل حق فأخره كان له بكل يوم صدقة"، وأقول: المشهور: "الصبر على المعسر حسنة". 1596- صدقة القليل تدفع البلاء الكثير. قال في "التمييز": كالمقاصد معناه صحيح، وليس بحديث، وأقول: المشهور الألسنة "صدقة قليلة تدفع بلايا كثيرة"، وليس بحديث أيضًا، وبعضهم يزيد فيه: وصاحبها لا يعلم ولا يدري. 1597- صدور الأحرار قبور الأسرار. وهو من كلام ذي النون المصري، كما رواه أبو النعيم، قال النجم: ونبهت عليه لأنه اشتهر بين فقراء العجم، وأمثالهم ممن أعتاد أكل الحشيش والبرش، فهم أحدثوا اسم الأسرار، وحلموا عليه المذكور، ويرفعونه كثيرًا لجلهلهم الملقي لهم في الضلالة. 1598- صرير الأقلام عند الأحاديث يعدل عند الله التكبير الذي يكبر في رباط عسقلان وعبادان، ومن كتب أربعين حديثًا أعطى ثواب الشهداء الذي قتلوا بعبادان وعسقلان. قال الإمام الذهبي في الميزان: خبر باطل. 1599- الصراط كحد السيف، أو كحد الشعرة. رواه البيهقي في الشعب عن أنس مرفوعًا. وقال: إسناده ضعيف، وروي عن زيادة النميري عن أنس مرفوعًا: "الصراط كحد الشعرة، أو كحد السف. وقال: وهي رواية صحيحة، ورواه أحمد بسند فيه ابن لهيعة عن عائشة. 1600- صغار قوم كبار قوم آخرين. رواه الدارمي في مسنده، والبيهقي في مدخله، عن شرحبيل بن سعد قال: دعا الحسن بن علي بنيه وبني أخيه فقال: "يا بني وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يرويه -أو قال يحفظه- فليكتبه، وليضعه في بيته"، ورواه الإمام أحمد عن محمد بن أبان قال: قال الحسن بن علي لبنيه ولبني أخيه: "تعلموا العلم، فإنكم صغار قوم، وتكونون كبارهم غدًا، فمن لم يحفظ منكم فليكتب".

وروى البيهقي عن عبد الله عن عبيد بن عمير قال: كان في هذا المكان خلف الكعبة حلقة فمر عمرو بن العاص يطوف، فلما قضى طوافه جاء إلى الحلقة فقال: "ما لي أراكم نحيتم هؤلاء الفتيان عن مجلسكم؟ لا تفعلوا، أوسعوا لهم، وأدنوهم وأفهموهم الحديث، فإنهم اليوم صغار قوم يوشك أن يكونوا كبار آخرين، قد كنا صغار قوم فأصبحنا كبار آخرين". وروى البيهقي أيضًا، عن هشام بن عروة قال: كان أبي يقول: "إن كنا أصاغر قوم، ثم نحن اليوم كبار، وإنكم اليوم أصاغر، وستكونون كبارًا، فتعلموا العلم تسودوا به قومكم، ويحتاجوا إليكم، فوالله ما سألني الناس حتى لقد نسيت"، وعند ابن عبد البر، عن عروة أنه كان يقول، لبنيه: "يا بني أزهد الناس في العالم أهله، فهلموا إلي فتعلموا مني؛ فإنكم توشكون أن تكونوا كبار قوم، إني كنت صغيرًا لا ينظر إلي، فلما أدركت من السن ما أدركت جعل الناس يسألونني، وما شيء أشد على امرئ من أن يسأل عن شيء من أمر دينه فيجهله"، ولبعضهم مما هنو شبيه لهذا: قل لمن لا يرى المعاصر شيئًا ... ويرى للأوائل التقديما إن ذاك القديم كان حديثًا ... ويعود هذا الحديث قديما 1601- صغروا الخبز وأكثروا عدده يبارك لكم فيه1. وراه الديلمي عن عائشة مرفوعًا بسند واه بحيث ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" قال: وروري عن ابن عمر مرفوعًا "البركة في صغر القرص، وطول الرشاء، وصغر الجدول"، ونقل عن النسائي: أنه كذب، وكذا ما رواه الديلمي بلا سند عن ابن عباس بلفظ الترجمة أي فإنه باطل. وقال الزركشي كصاحب اللآلئ: حيث الأمر بتصغير اللقمة وتدقيق المضغة قال النووي: لا يصح، انتهى. نعم جاء عن الأوزاعي وغيره في معنى "قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه": إنه تصغير الأرغفة، فليتأمل. ونقل ابن الغرس عن الحافظ ابن حجر أنه قال: تتبعت هل كل خبز المصطفى -صلى الله عليه وسلم- صغيرًا أو كبيرًا فلم أر فيه شيئًا.

_ 1 موضوع: رقم "3471".

1602- "صلاتكم علي تبلغني أينما كنتم". رواه أبو داود والنسائي وغيرهما، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وآخرون من حديث أوس بن أوس مرفوعًا بلفظ: "إن صلاتكم معروضة علي". ورواه ابن أبي عاصم عن الحسن بن علي مرفوعًا بلفظ "إن صلاتكم وتسليمكم يبلغني حيثما كنتم". وفي لفظ لأبي يعلى "صلوا علي وسلموا؛ فإن صلاتكم وسلامكم يبغلني أينما كنتم". وفي لفظ للطبراني في الكبير وابن أبي عاصم أيضًا: "حيثما كنتم فصلوا علي؛ فإن صلاتكم تبلغني" رواه ابن عمر إلى آخر ما سيأتي. وله شواهد: منها عن علي مرفوعًا: "سلموا علي فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم". قال: وهو حديث حسن. 1603- الصلاة بخاتم تعدل سبعين صلاة بغير خاتم. قال في المقاصد نقلًا عن شيخه الحافظ ابن حجر: إنه موضوع. وكذا من الموضوع ما أورده الديلمي عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "صلاة بعمامة تعدل بخمس وعشرين، وجمعة بعمامة تعدل سبعين جمعة". ومن حديث أنس مرفوعًا: "الصلاة في العمامة بعشرة آلاف حسنة". وقال النجم بعد إيراد ما ذكر: لكن أورد السيوطي في "الجامع الصغير" عن جابر بلفظ "ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة من غير عمامة"، فهو غير موضوع؛ لأن "الجامع" المذكور جرده مؤلفه عن الموضع. 104- صلاة سواك خير من سبعين صلاة بغير سواك1. رواه البيهقي عن عائشة مرفوعًا، وقال: إنه غير قوي الإسناد. وساقه أيضًا من طويل الواقدي عن عائشة أيضا بلفظ: "الركعتان بعد السواك أحب إلي من سبعين ركعة قبل السواك". وضعفه الواقدي. وعزاه في الدرر للحاكم في مسنده ولأبي يعلى والحاكم عن عائشة، وللديلمي عن أبي هريرة -كلهم- بلفظ "صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بلا سواك". انتهى.

_ 1 ضعيف، انظر "ضعيف الجامع "ح3521".

ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده من رواية ابن لهيعة عن أبي الأسود بلفظ "صلاة على أثر سواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك". وأخرجه ابن خزيمة وغيره كأحمر والبزار والبيهقي من طريق ابن إسحاق. وقال: وذكره الزهري عن عروة بلفظ "فضل الصلاة التي يستاك لها على الصلاة التي لا يستاك لها سبعون ضعفًا"، وتوقف ابن خزيمة والبيهقي في صحته خوفًا من أن يكون من تدليسات ابن إسحاق، وأنه لم يسمعه من الزهري، لا سيما وقد قال الإمام أحمد: "إنه إذا قال وذكر لم يسمعه"، وانتقد بذلك تصحيح الحاكم له، وقوله: إنه على شرط مسلم. ورواه أبو نعيم من حديث الحميدي عن الزهري، ورجاله ثقات. ورواه ابن عدي في كامله عن أبي هريرة بلفظ "ركعتين في أثر سواك أفضل من خمس وسبعين ركعة بغير سواك". وعند أبي نعيم بسند جيد عن عباس بلفظ "لأن أصلي ركعتين بسواك أحب إلي من أن أصلي سبعين ركعة بغير سواك". قال في "المقاصد": وفي الباب عن أنس وجابر وابن عمر وأم الدرداء وجبير بن نفير مرسلًا كما بينته في بعض التصانيف، وبعضهم يعتضد ببعض، وأورده الضياء في المختارة عن هؤلاء. وقول ابن عبد البر في "التمهيد"، عن ابن معين: إنه حديث باطل هو بالنسبة لما وقع له من طرقه. انتهى. قال ابن الغرس: الذي فهمته من كلامهم أنه ضعيف أو حسن لغيره. 1605- صلاة في مسجدي هذا ولو وسع إلى صنعاء اليمن بألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام1. قال في "المقاصد": قال شيخنا: قد مر بي، ولا أستحضره الآن: هل هو بلفظه، أم بمعناه؟ ولا في أي الكتب هو؟ قلت: أخرجه ابن شبة في أخبار المدينة، والديلمي عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ "لو مد مسجدي هذا إلى صنعاء كان مسجدي"، وأخرجه أيضًا عن خباب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال يومًا وهو في مصلاه: "لو زاد مسجدنا وأشار بيده إلى القبلة". وهو منقطع، مع لين مصعب أحد رواته ولو ثبت لكان همه منزلًا منزلة فعله عند القائل بذلك.

_ 1 ضعيف، انظر التمييز "778".

ولابن شبة أيضًا عن عمر بن الخطاب قال: "لو مد مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- لكان منه"، وهو معضل، ولو ثبت لكان حكمه الرفع. وله أيضًا عن أبي عمرة أنه قال: زاد عمر -رضي الله عنه- في المسجد في شامية، ثم قال: لو زدنا فيه حتى يبلغ الجبانة لكان مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لكن في مسنده ابن أبي ثابت متروك الحديث، وبالجملة فليس فيها ما تقوم به الحجة، ولا مجموعها، ولذا صحح النووي اختصاص التضعيف بمسجده الذي كان، عملًا بالإشارة في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة بلفظ: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه؛ إلا المسجد الحرام"، والمروي في مسلم عن ابن عمر أيضًا دون ما زيد فيه، وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة والديلمي عن أبي هريرة من قوله: "والله لو مد هذا المسجد إلى باب داري ما غدوت أن أصلي فيه"، فمحتمل لذلك؛ لجواز عود الضمير في "فيه" إلى أصل المسجد، أو لباب داره، وإن كان الثاني بعيدا؛ مع أن الحديث ليس بثابت، وأخرجه أحمد وابن ماجه عن جابر -رضي الله عنه-، وزاد فيه: "وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه"، ورواه الطبراني عن أبي الدرداء، والبيهقي عن جابر بسند حسن بلفظ: "صلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وصلاة في مسجدي ألف صلاة، وصلاة في بيت المقدس خمسمائة صلاة"، ورواه البيهقي عن ابن عمر بلفظ "صلاة في مسجدي هذا كألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصيام شهر رمضان بالمدينة كصيام ألف شهر فيما سواها، وصلاة الجمعة بالمدينة كألف جمعة فيما سواها". 1606- صلاة المدل لا تصعد فوق رأسه. قال الملا علي: لم يوجد. 1607- صلى الله على نبي قبلك1. قال السخاوي: يقوله جمهور العوام عند تقبيل الحجر الأسود، قال: وهو كلام حسن، ولكن ما وردت به السنة أولى، والآن أكثر ما تقول العامة: اللهم صل على نبي قبلك، وهو باطل، بل قال بعضهم: يخشى أن يكون كفرًا، والخلاص من ذلك أن يقول "قبله" أو "صلى الله على نبي قبلك" بصيغة الماضي، لكن العامة لا يفرقون.

_ 1 سبق، انظر حديث رقم: "545".

قال النجم: ونظيره قول المرقي بين خطبتي الخطيب: "غفر الله لك، وأجاب دعاءك، وغفر لك، ولوالديك، ولعبدك، وفقيرك، واقف هذا المكان"، وقد أمرت بعضهم أن يقول: "اللهم واغفر لعبدك وفقيرك"، ففعل فخلص من المحذور. انتهى ملخصًا. وتقدم الكلام عليه في: "اللهم صل على نبي قبلك" مبسوطًا. 1608- "صلاة في مسجد قباء كعمرة" 1. رواه الترمذي وقال: حسن غريب، ورواه ابن ماجه والبيهقي عن أسيد بن ظهير، والنسائي عن سهل بن حنيف بلفظ: "من خرج حتى يأتي هذا المسجد -مسجد قباء- فيصلي فيه كان له كعدل عمرة"، وفي الباب عن ابن أسامة وآخرين، ورواه الحاكم في "صحيحه"، وزاد النجم: ورواه ابن حبان عنابن عمر بلفظ: "من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كانت كأجر" وفي لفظ: "كان كعدل عمرة". 1609- صلاة النهار عجماء. قال في "اللآلئ" كالمقاصد: قال النووي في شرح المهذب في الكلام على الجهر بالقراءة: إنه باطل لا أصل له، وقال الدارقطني لم يرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما هو من قول بعض الفقهاء وحكاه الروياني في بحره، وقال: المراد أن معظم الصلوات النهارية لا جهر فيها، فلا ترد الجمعة والعيدان والصبح، وذكر غيره أنه من كلام الحسن البصري، وذكره أبو عبيد في فضائل القرآن من قول أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وقال القاري: "وهو وإن كان باطلًا لكنه صحيح المعنى، كصلاة الرغائب، وأشهرها صلاة ليلة النصف من شعبان، لأنها ليست بموضوعة؛ بل ضعيفة". انتهى. وهذا على مذهب الحنيفة، وإلا فهي على الصحيح عند الشافعية باطلة وأحاديثها موضوعة، كما نبه على ذلك النووي، كالعز بن عبد السلام، ولابن أبي شيبة في "مصنفه" عن يحيى بن أبي كثير أنهم قالوا: يا رسول الله إن هنا قراء يجهرون بالقراءة في النهار فقال ارموهم بالبعر". وعجماء بالمد بمعنى لا جهر بالقراءة فيها.

_ 1 صحيح: رقم "3872" بلفظ: "الصلاة".

1610- الصلاة خلف العالم بأربعة آلاف وأربعمائة وأربعين صلاة. قال في "المقاصد": هو باطل كما قال شيخنا، ورواه الديلمي عن البزار رفعه بلفظ: "الصلاة خلف رجل ورع مقبولة". وقال النجم: وتمامه "والهدية إلى رجل ورع مقبولة، والجلوس مع رجل ورع من العبادة، والمذاكرة معه صدقة". وقال القاري: وهو باطل على ما في المختصر. وكذا قول صاحب "الهداية"؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام- "من صلى خلف تقي فكأنما صلى خلف نبي" غير معروف كما قال مخرجه. وقال السخاوي: "لم أقف عليه بهذا اللفظ"، قلت: لكن معناه صحيح، لما رواه الديلمي عن جابر مرفوعًا بلفظ: "قدموا خياركم تزك أعمالكم". 1611- صلوا خلف كل بر وفاجر، وصلوا على كل بر وفاجر، وجاهدوا مع كل بر وفاجر1. رواه البيهقي عن أبي هريرة، وفي سنده انقطاع. وأورده ابن حبان في الضعفاء. 1612- الصلاة قربان كل تقي2. رواه القضاعي عن علي رضي الله عنه، ورواه أبو يعلى عن جابر بلفظ: "الصلاة قربان، والصيام جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار". 1613- الصلاة نور المؤمن3. رواه القضاعي وابن عساكر عن أنس -رضي الله عنه، والحديث صحيح. 1614- "صلاة الوسطى صلاة العصر" 4. رواه أحمد والترمذي عن سمرة، وقال الترمذي حسن صحيح.

_ 1 ضعيف: رقم "3477". 2 ضعيف: رقم "3573". 3 ضعيف جدا: رقم "3577". 4 صحيح: رقم "3835".

1615- "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة". رواه مالك وأحمد والشيخان والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر، وفي لفظ لهم عن ابن عمر أيضًا بلفظ: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"، ورواه أحمد والبخاري وابن ماجه عن أبي سعيد بلفظ: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة". وورد بروايات أخر: منها ما رواه مسلم عن أبي هريرة بلفظ: "صلاة الجماعة تعدل خمسا وعشرين من صلاة الفذ" والله أعلم. 1616- "الصلاة خير موضوع، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر" 1. الطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة، ورواه أيضًا الطبراني عن أبي ذر بلفظ: "الصلاة خير موضوع، من شاء أقل، ومن شاء أكثر"، ورواه أحمد وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي ذر. 1617- الصلاة مفتاح كل خير، والنبيذ مفتاح كل شر. رواه الديلمي عن ابن عباس - رضي الله عنهما. 1618- الصلاة على النبي أفضل من عتق الرقاب. رواه التيمي في ترغيبه، وعنه أبو القاسم بن عساكر عن أبي بكر الصديق من قوله، ورواه النميري وابن بشكوال وغيرهما بلفظ: "السلام" بدل: "الصلاة". قال في "المقاصد": وأما قول شيخنا -يعني الحافظ ابن حجر في بعض فتاويه- عن هذا: "إنه كذب مختلق"؛ فمرداه به إضافته إلى النبي صلى الله عليه وسلم. زاد النجم: وإلا فهو ثابت عن أبي بكر موقوفًا. 1619- صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى. رواه مالك وأحمد والستة عن ابن عمر، وفيه روايات أخر: منها عند أحمد والأربعة عن ابن عمر بلفظ: صلاة الليل مثنى مثنى.

_ 1 حسن: رقم "3870".

1620- الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- لا ترد. هو كما أخرجه النميري من كلام أبي سلمة الداراني، ولفظه: "الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- مقبولة"، وفي لفظ له: إن الله يقبل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقال في "المقاصد": وفي الإحياء مرفوعًا ممالم أقف عليه وإنما هو عن أبي الدرداء من قوله: "إذا سألتم الله حاجة فابدؤوا بالصلاة علي، فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين، فيقضي إحداهما ويرد الأخرى". انتهى. ورواه عنه ابن الجزري في "حصنه" بلفظ "إذا سألت الله حاجة فابدأ بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ادع بما شئت ثم اختم بالصلاة عليه؛ فإن الله بكرمه يقبل الصلاتين، وهو أكرم من أن يدع ما بينهما". انتهى. 1621- الصلاة عماد الدين1. حديث، قال في "المقاصد": رواه البيهقي في "الشعب" بسند ضعيف من حديث عكرمة عن عمر مرفوعًا. ونقل عن شيخه الحاكم أنه قال: لم يسمع عكرمة من عمر. ومثله في تخريج العراقي لأحاديث "الإحياء"، وأقول: عزاه في "الجامع الصغير" للبيهقي عن ابن عمر، ولفظ البيهقي في "شعب الإيمان" كما في أوائل "شرح الموطأ" للسيوطي عن عمر -رضي الله عنه- قال: "جاء رجل فقال: يا رسول الله، أي شيء أحب عند الله في الإسلام؟ قال الصلاة لوقتها، ومن ترك الصلاة فلا دين له، والصلاة عماد الدين". انتهى. وأورده الغزالي في "الإحياء" بلفظ: "الصلاة عماد الدين فمن تركها فقد هدم الدين". وقال في "المقاصد" أيضًا: وأورده صاحب "الوسيط" فقال: قال -صلى الله عليه وسلم- "الصلاة عماد الدين"، ولم يقف عليه ابن الصلاح فقال في "مشكل الوسيط": إنه غير معروف، وقال النووي في "التلقيح": منكر باطل، قال المناوي: رده ابن حجر، أي لأن فيه ضعفًا وانقطاعًا فقط، وليس بباطل. نبه على ذلك العراقي في "حاشية الكشاف". ورواه الطبراني والديلمي عن علي رفعه بلفظ: "الصلاة عماد الدين، والجهاد سنام العمل، والزكاة بين ذلك". ورواه التيمي في "ترغيبه" بلفظ: "الصلاة عماد الإسلام"، وللقضاعي عن أنس رفعه: "الصلاة نور المؤمن"، وله أيضًا وللديلمي عن أبي سعيد رفعه: "علم الإيمان الصلاة".

_ 1 ضعيف: رقم "3568".

وأروده الزمخشري في تفسير سورة البقرة. وعزاه الطيبي لتخريج الترمذي عن معاذ. وفيه: "وعموده الصلاة"، ورواه أبو نعيم عن بلال بن يحيى قال: "جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأله عن الصلاة، فقال: "الصلاة عمود الدين"، وهو مرسل ورجاله ثقات. ورواه بعض الفقهاء بلفظ "الصلاة عماد الدين، فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين" -يعني دين نفسه. رواه الطبراني عن معاذ بلفظ: "رأس هذا الأمر الإسلام، ومن أسلم سلم، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ولا يناله إلا أفضلهم". 1622- صلاح البيوت الحرائر، وفساده الإماء1. كذا في تفسير البيضاوي. 123- الصمت حكمة، وقليل فاعله2. قال في "التمييز": أخرجه البيهقي في "الشعب" عن أنس مرفوعًا بسند ضعيف. وصحح أنه موقوف من قول لقمان الحكيم، وقال النجم: رواه الديلمي عن ابن عمر به. وعند البيهقي عن أنس بلفظ: "الصمت حكمه، ثلاثا". قال: والصحيح رواية ثابت عن أنس أن لقمان قال ذلك؛ ولذا أخرجه ابن حبان في "روضة العقلاء" بسند صحيح. انتهى. 1624- الصمت زين للعالم، وستر الجاهل3. قال في الجامع الصغير رواه أبو الشيخ عن محرز بن زهير. 1625- الصمت سيد الأخلاق، ومن مزح استخف به4. رواه الديلمي عن أنس، وفيه سعيد بن ميسرة، يروي الموضوعات كما قال الذهبي.

_ 1 لا يصح، انظر تذكرة الموضوعات "127". 2 ضعيف: رقم "2557" بلفظ "حكم" بدل "حكمة". 3 ضعيف: رقم "3558". 4 موضوع: رقم "3559".

1626- "صلة الرحم تزيد في العمر" 1. تقدم في: صدقة السر. 1627- "صل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك، وقل الحق ولو على نفسك" 2. ابن النجار. 1628- صلوا على كل ميت، وجاهدوا مع كل أمير3. رواه ابن ماجه والدارقطني، عن واثلة مرفوعًا، وللطبراني وأبي نعيم والدراقطني أيضًا بسندين مختلفين إلى ابن عمر مرفوعًا: "صلوا على من قال لا إله إلا الله، وصلوا خلف من قال لا إله إلا الله"، وأخرج أبو داود والدراقطني واللفظ له: "صلوا خلف كل بر وفاجر"، وكذا البيهقي لكن بزيادة: وجاهدوا مع كل أمير، كلهم عن أبي هريرة بسند منقطع، ورواه الدارقطني عن ابن مسعود وعن أبي الدرداء، وكذا ابن حبان في "الضعفاء"؛ وكل طرقه واهية كما صرح به غير واحد، وأصح ما فيه حديث مكحول عن أبي هريرة على إرساله. 1629- "صنائع المعروف تقي مصارع السوء" 4. تقدم في: صدقة السر، وفي لفظ "تمنع". 1630- "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" - الحديث. ورد من طرق بألفاظ مختلفة: منها ما رواه الشيخان والنسائي عن أبي هريرة، والنسائي عن ابن عباس، والبيهقي عن البراء، وتمامه "فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين". وورد بألفاظ أخر. 1631- صوموا تصحوا5. تقدم في سافروا.

_ 1 صحيح، بزيادة عن ابن مسعود: رقم "3766". 2 صحيح: رقم "3769". 3 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "3481". 4 بعض حديث صحيح: رقم "3796". 5 ضعيف، رقم "3506".

1623- صوم يوم عرفة يكفر عن سنتين: ماضية ومستقبلة. رواه أحمد ومسلم وأبو داود عن أبي قتادة بزيادة: "وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية"، وورد بألفاظ أخر: منها "صوم يوم عرفة كفارة السنة الماضية والسنة المستقبلة" رواه الطبراني في "الأوسط" عن أبي سعيد الخدري، وورد: أن صوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة؛ فقد روى مسلم عن ابن عباس أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله تعالى أن يكفر السنة التي قبله". والحكمة في تمييز عرفة لأنه يوم محمدي، فزيد في ثوابه، بخلاف عاشوراء فإنه يوم موسوي، انتهى. 1633- "الصوم جنة" 1. رواه أحمد والنسائي والقضاعي عن معاذ بن جبل مرفوعًا. واتفق الشيخان على روايته عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ: "الصيام جنة". ورواه أحمد والنسائي وابن ماجه، عن عثمان بن أبي العاص بلفظ: "الصيام جنة من النار كجنة أحدكم من القتال". انتهى. وعزاه السيوطي في ذيل الجامع لأحمد والبخاري، عن أبي هريرة بلفظ "الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها"، ورواه الطبراني عن أبي أمامة بلفظ "الصيام حصن من حصون المؤمن". 1634- "الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة". مضي في حديث: "الشتاء ريبع المؤمن" أنه رواه الطبراني بسند فيه ضعيف عن أنس. ورواه الديلمي عنه بلفظ "الصوم في الشتاء غنيمة العابدين". 1635- صاحب العلة أخبر من الطبيب2. ليس بحديث.

_ 1 صحيح: رقم "3865". 2 انظر الكلام على الحديث "1533".

حرف الضاد المعجمة

حرف الضاد المعجمة: 1636- ضاع العلم بين أفخاذ النساء. ليس بحديث. بل روى بمعناه عن بشر الحافي، فقال: "لا يفلح من ألف أفخاذ النساء"، وعن إبراهيم بن أدهم قال: "من ألف أفخاذ النساء لا يفلح". وقال ابن الغرس: وفي معناه قال بعضهم: اعص النساء فتلك السنة الحسنة ... فليس يفلح من أعطى النساء رسنه يبعدنه عن كثير من فضائله ... ولو غدا طالبًا للعلم ألف سنة 1637- "ضرس الكافر مثل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث". رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعًا. ورواه أحمد والطبراني والبيهقي عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "يعظم أهل النار في النار، حتى أن شحمه أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام، وإن غلظ جلده سبعون ذراعًا، وإن ضرسه مثل أحد". ورواه الترمذي عن أبي هريرة بلفظ: "ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد، وعرض جلده سبعون ذراعًا، وعضده مثل البيضاء 1 ومثل فخذه مثل ورقان 2 ومقعده من النار ما بيني وبين الربذة". 1638- ضالة المؤمن العلم3. تقدم في "الحكمة" وتمامه: كلما قيد حديثًا طلب إليه آخر -رواه أبو نعيم والديلمي عن علي- رضي الله عنه. 1639- "الضامن غارم" 4. رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وآخرون عن أبي أمامة مرفوعًا بلفظ: "الزعيم غارم"، وصححه ابن حبان، وقال القاري: لا يصح مبناه. وجاء في معناه عند أحمد

_ 1 البيضاء: جبل. 2 ورقان: جبل. 3 موضوع: رقم "3586". 4 صحيح، انظر الإرواء "ح1412".

وأصحاب السنن عن أبي أمامة مرفوعًا: "الزعيم غارم"، وصححه ابن حبان، وهو مقتبس من قوله تعالى: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] أي: كفيل. انتهى. وقال النجم: رواه الأربعة وأحمد عن أبي أمامة بلفظ: "العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم" صححه ابن حبان. 1640- الضرورات تبيح المحظورات. ليس بحديث، ومعناه صحيح. ونحوه. "لو كانت الدنيا دمًا عبيطًا لكان يكفي المؤمن منها قوته"، وفي لفظ "لأكل منها حلالًا". وقد اعتمده الفقهاء في إساغة اللقمة لمن خشي التلف، وبجرعة من خمر على حسب الحاجة. 1641- الضحك من غير عجب من قلة الأدب. رواه الديلمي عن أنس بلفظ: "الضحك من غير عجب مذهب للمروءة، ممحقة للبركة"، وفي رواية: "ممحق للرزق"، وقال النجم: "الضحك من غير عجب من قلة الأدب"، كلام شائع وليس بحديث، قال: وأخرج ابن المبارك وغيره عن عمران الكوفي أن عيسى -عليه الصلاة والسلام- قال في كلام له: "واعلموا أن فيكم خصلتين من الجهل؛ الضحك من غير عجب، والصيحة من غير سهم". وروى البيهقي عن يحيى بن أبي كثير قد قال سليمان بن داود -عليهما الصلاة والسلام- لابنه: "يا بني لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالشر من أجلك، ولا تكثر الضحك؛ فإن كثرة الضحك تسخف فؤاد الحكيم، وعليك بالخشية، فإنها غاية كل شيء". بل في المرفوع: "يا أبا هريرة كن ورعا تكن من أعبد الناس، وأرض بما قسم الله لك تكن من أغنى الناس، وأحب للمسلمين والمؤمنين ما تحب لنفسك وأهل بيتك تكن مؤمنًا، وجاور من جاورت بإحسان تكن مسلمًا، وإياك وكثرة الضحك، فإن كثرة الضحك فساد القلب"، وأخرجه ابن ماجه وفي لفظ: "تميت القلب"، وعند أحمد والشيخين والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس: " لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا"، وهو عند الحاكم عن أبي ذر، وزاد: "ولما ساغ لكم الطعام والشراب"، وعنده عن أبي هريرة: "لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا، ولضحكتم قليلًا، يظهر النفاق، وترتفع الأمانة، وتقبض الرحمة، ويتهم الأمين، ويؤتمن غير الأمين، وأناخ بكم الشرف الجون،

الفتن كأمثال الليل المظلم"، ورواه الطبراني والبيهقي والحاكم، وقال صحيح، وأقره الذهبي عن أبي الدرداء: "لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا، ولضحكتم قليلًا، ولخرجتم إلى الصعدات 1 تجأرون إلى الله تعالى، لا تدرون تنجون أو لا تنجون". 1642- ضعيفان يغلبان قويًا. ليس بحديث، لكن معناه في أحاديث: منها أن "الشيطان أبعد من الاثنين، وأقرب إلى الواحد وإنما يأخذ الذئب من الغنم القاصية، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب، ولو يعلم الناس ما في الوحدة ما سار راكب بليل وحده، والراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب"، قال النجم: هو مثل، أو شعر، وليس بحديث. 1643- الضيف يأتي برزقه، ويرتحل بذنوب القوم، يمحص عنهم ذنوبهم2. رواه بن أبي شيبة عن أبي الدرداء، وتقدم في: "إذا دخل الضيف". 1644- الضب وزيارته له صلى الله عليه وسلم. قيل موضوع، وقال المزي: لا يصح إسنادًا ولا متنًا؛ لكن رواه البيهقي بسند ضعيف، وذكره عياض في "الشفا"، فغايته الضعف لا الوضع. 1645- الضيافة على أهل الوبر، وليست على أهل الدار3. رواه القضاعي عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال القاري: لا أصل له، وقد قال عياض في أول شرح مسلم لما تكلم على حديث من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه إنه موضوع عند أهل المعرفة، وتبعه النووي. 1646- "الضيافة ثلاثة أيام فما زاد فهو صدقة" 4. رواه أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد، وقال ابن الغرس رواه البخاري في "صحيحه" ورواه غيره أيضًا لكن بلفظ البخاري؛ "فما كان وراء ذلك فهو صدقة"، زاد البزار: "وكل معرف صدقة".

_ 1 الصعدات: الطرقات. 2 موضوع: رقم "3606". 3 موضوع: رقم "3605". 4 صحيح: رقم "3901".د

حرف الطاء المهملة

حرف الطاء المهملة: 1647- طاب حمامكما1. قاله لأبي بكر وعمر -الحديث، ورواه الديلمي بلا سند عن ابن عمر مرفوعًا، لكن قال أبو سعيد المتولي: التحية عند الخروج من الحمام بأن يقول: "له طاب حمامك" لا أصل له، نعم روي أن عليًا قال لرجل خرج من الحمام: "طهرت فلا نجست"، وقال النووي في "الأذكار": هذا المحل لم يصح فيه شيء، ولو قال إنسان لصاحبه على سبيل المودة والمؤانسة واستجلاب الوداد: "أدام الله لك النعيم"، ونحو ذلك من الدعاء فلا بأس به، ومما يضعف هذا الخبر -كما قال السخاوي- أنه لم يكن إذ ذاك حمام، وكل ما جاء فيه ذكر الحمام محمول على الماء المسخن خاصة من عين أو غيرها. 1648- طاعة النساء ندامة2. وفيه ضعيف كما تقدم في "شاوروهن"، وذكر صاحب "تحفة العروس" عن الحسن البصري أنه قال: "ما أطاع رجل امرأة فيما تهواه إلا أكبه الله في النار"، وهو محمول على طاعتها فيما تهواه من المحرمات، وقيل فيما تهواه ولو من المباحات؛ لأنها تجره إلى المنكرات. 1649- طالب القوت ما تعدى. قال في "التمييز": بيض له شيخنا، فلم يتكلم عليه، قلت: وليس هو بحديث، بل من الأمثال السائرة. انتهى. قال ابن الغرس في المعنى: يا من غدا ما حبه غذائي ... فهو غذائي إذا تغدى جد لي بوصل فذاك قوتي ... وطالب القوت ما تعدى 150- الطبيخ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجمع بينه وبين الرطب فيأكله به3. رواه الحميدي على ما وقع في أصل من مسنده.

_ 1 قال ابن الديبع نقلًا عن النووي: "هذا المحل لم يصح فيه شيء"، التمييز 801". 2 ضعيف: رقم "3609". 3 صحيح، انظر الصحيحة "58".

ووقع في أصل آخر قديم بتقديم الباء على الطاء أي "البطيخ" كالجادة. كما رواه إسحاق بن أبي إسرائيل وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي وغيرهما عن ابن عيينة. ورواه ابن حبان في صحيحه عن أنس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأكل الطبيخ أو البطيخ بالرطب. بكسر أوله فيهما. ورواه أبو نعيم وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات "الطبيخ" بدون شك. ورواه الديلمي عن سهل بن سعيد أن النبي -صلى الله عليه وسل- كان يأكل الطبيخ بالرطب. وفي "التمييز" قال شيخنا -يعني السخاوي- بعد إيراد كلام كثير عليه: وبالجملة فقد ثبت الحديث بتقديم الطاء على الباء لغة في البطيخ، وحكماها صاحب المحكم. وأما كيفية ما كان يفعل، فيروى في حديث أنس أنه "كان يأخذ الرطب بيمينه والبطيخ بيساره، فيأكل الرطب بالبطيخ وكان أحب الفاكهة إليه"، أخرجه الطبراني في "الأوسط"، وأبو الشيخ في "الأخلاق النبوية"، وأبو عمر النوقاني في البطيخ، وعن عبد الله بن جعفر قال: "رأيت في يمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قثاء، وفي شماله رطبات، وهو يأكل من ذا مرة ومن ذا مرة" رواه الطبراني في "الأوسط"، وهما ضعيفان. انتهى. 1651- الطرق ولو دارت والبكر ولو بارت. ليس بحديث، قال في "المقاصد"، معناه صحيح، ويشهد للأول {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] ، وللثاني أحاديث كثيرة: منها في قصة جابر: "هلا بكرًا"، وأورد السلفي في "معجم السفر" عن أبي القاسم الدمشقي قال: "الطرق ولو دارت، والمدن ولو جارت"، وقال: لا أعرفه أهو من كلامه أو كلام غيره؟ قال ابن الغرس: ويدور الشق الثاني على ألسنة الناس بلفظ: وبنت الأجواد أي الأخيار ولو بارت، قال: وهذا أيضًا له شواهد: كحديث "تخيروا لنطفكم" ونحوه، وقال النجم: ويدور على ألسنة الناس بلفظ: "اتبع الطرق ولو دارت، وخذ -أو تزوج- البكر ولو بارت"، وليس بحديث. 1652- "الطعام الحار لا بركة فيه"1. تقدم في: أبردوا الطعام.

_ 1 سبق: انظر حديث "36".

1653- طعام البخيل داء، وطعام الجواد دواء1. رواه الدارقطني في "غرائب مالك"، والخطيب في المؤتلف، والديلمي في مسنده، وأبو علي الصدفي في عواليه، وابن عدي في كامله، عن ابن عمر مرفوعًا ولفظ الخطيب "طعام السخي دواء -أو قال شفاء- وطعام الشحيح داء"، ولفظ بعضهم: "طعام الكريم" بدل "السخي" وعزاه في الدرر لابن عدي عن ابن عمر وقال: لا يثبت، ورواه في "اللآلئ" عن عائشة بلفظ: "طعام البخيل داء، وطعام السخي شفاء"، ذكره عبد الحلق في "أحكامه" عن مالك -يعني في غرائبه لا في موطئه- فرواه ابو علي الصدفي، عن أبي العباس العذري، عن محمد بن نوح الأصبهاني، عن سليمان بن أيوب الطبراني، عن المقدام بن داود، عن عبد الله بن يوسف التنيسي، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكره، قال أبو علي: حديث غريب عجيب، ورجاله كلهم ثقات أئمة، وقال ابن القطان: رجاله مشاهير ثقات؛ إلا المقدام؛ لكن نقل السخاوي في "المقاصد" عن شيخه الحافظ ابن حجر أنه قال: حديث منكر. وقال الذهبي: كذب، وقال ابن عدي: باطل عن مالك، فيه مجاهيل وضعفاء ولا يثبت، ورواه في المواهب عن ابن عمر بلفظ "طعام البخيل داء، وطعام الأسخياء شفاء". قال ابن الغرس: ضعيف. ثم قال: وقد ذكره أبو الحجاج يوسف البلوي في كتابه بلفظ "طعام البخيل داء، وطعام السخي شفاء"، ثم قال أنشدني الحافظ السلفي لنفسه في هذا الخبر: لا تجب دعوة البخيل لأكل ... فطعام البخيل في الجوف داء وإذا ما دعاك شخص سخي ... فأجبه وكله فهو شفاء 154- طعام أول يوم حق -أي واجب يعني في الوليمة- وطعام يوم الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سمعة، ومن سمع، سمع الله به2. رواه الترمذي، عن ابن مسعود، وقد ضعفه الترمذي، ورواه الطبراني عن ابن عباس بلفظ: "طعام يوم في العرس سنة، وطعام يومين فضل، وطعام ثلاثة أيام رياء وسمعة".

_ 1 لفظة رواية ابن عدي عن ابن عمر، موضوع: رقم "3616". 2 ضعيف: رقم "3618".

1655- "طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة، وطعام الثلاثة يكفي الإربعة". متفق عليه عن أبي هريرة مرفوعًا بدون الجملة الأولى، ولكن ترجم البخاري بها، قيل: إشارة لرواية ليست على شرطه، ورواه مسلم فقط عن جابر مرفوعًا بلفظ: "طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية"، وفي لفظ لابن ماجه عن عمر: "طعام الواحد يكفي الاثنين، وإن طعام الاثنين يكفي الثلاثة والأربعة، وإن طعام الأربعة يكفي الخمسة والستة"، وفي لفظ: "طعام الرجل يكفي رجلين، وطعام رجلين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية"، وروى البزار عن سمرة نحوه، وزاد في آخره: "ويد الله على الجماعة" ووقع في حديث عبد الرحمن بن أبي بكر في قصة أضياف أبي بكر فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام لأربعة فليذهب بخامس أو سادس"، وروى الطبراني عن ابن عمر ما يرشد إلى العلة في ذلك، وأوله: "كلوا جميعا ولا تفرقوا؛ فإن طعام الواحد يكفي الاثنين"، ورواه الطبراني أيضًا عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه. 1656- "الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر" 1. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة، وقال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبي، ورواه أحمد وابن ماجه، عن سنان بن أبي شيبة بلفظ: "الطاعم الشاكر له بمثل أجر الصائم الصابر". 1657- الطاعون شهادة لكل مسلم. رواه أحمد والبخاري ومسلم عن أنس. 1658- "الطاعون وخز أعدائكم من الجن، وهو لكم شهادة" 2. رواه الحاكم عن أبي هريرة، واشتهر على الألسنة: "وخز إخوانكم من الجن"، وأورده الهروي في "الغريب" كذلك، وابن الأثير في "النهاية"، ونسبه الزركشي لرواية أحمد، وأنكره الحافظ ابن حجر، وقال: "قد تطلبته في كتب الحديث فلم أجده"، وورد حديث الطاعون

_ 1 صحيح: رقم "3942". 2 صحيح: رقم "3951" لكن برواية الحاكم عن أبي موسى.

بروايات أخر ذكرها في الجامع وغيره: منها ما رواه أحمد والبخاري عن عائشة بلفظ "الطاعون كان عذابًا يبعثه الله على من يشاء، إن الله تعالى جعله رحمة للمؤمنين، فليس من أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرًا محتسبًا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد". 1659- "الطلاق لمن أخذ بالساق" 1. عزاه في الدرر لابن ماجه عن ابن عباس بلفظ: "الطلاق بيد من أخذ بالساق"، وتقدم في: "إنما الطلاق". 160- الطلاق يمين الفساق2. قال في "التمييز": وقع في عدة من كتب المالكية، قال شيخنا: لم أقف عليه، وقال القاري: قال السخاوي: لم أقف عليه مرفوعًا، جازمًا به بلفظ: "لا تحلفوا بالطلاق، ولا بالعتاق، فإنهما من أيمان الفساق"؛ لكن نازع السخاوي في وروده فضلًا عن ثبوته، وأظنه مدرجًا، قلت: ويؤيده معنى حديث ما حلف بالطلاق مؤمن، ولا استحلف به إلا منافق، رواه ابن عساكر مروفوعًا. انتهى. 1661- طلب الاستقادة من النبي صل الله عليه وسلم3. رواه أبو داود والنسائي عن أبي سعيد قال: "بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقسم شيئا أقبل رجل، فأكب عليه، فطعنه بعرجون فجرحه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: تعال فاستقد، فقال: بل عفوت يا رسول الله، وللبيهقي في "الجنايات" من "سننه" عن أبي النضر وغيره: أنهم أخبروه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا متخلفا، فطعنه بقدح كان في يده، ثم قال: ألم أنهكم عن مثل هذا؟ فقال الرجل: يا رسول الله إن الله بعثك بالحق، وإنك قد عقرتني، فألقى إليه القداح وقال: استقد، فقال الرجل: إنك طعنتني وليس علي ثوب، وعليك قميص، فكشف له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بطنه، فأكب عليه فقلبه، وهو منقطع.

_ 1 لفظ ابن عباس، حسن: رقم "3958". 2 بمعناه في ضعيف الجامع "5057". 3 "ضعيف" أخرجه أبو داود "4536".

وعنده أيضًا بإسناد قوي كما قال الذهبي عن أبي ليلى قال كان أسيد بن حضير رجلًا ضاحكًا مليحًا، فبينا هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث القوم يضحكهم فطعنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأصبعه في خاصرته، فقال: أوجعتني قال: فاقتض، قال يا رسول الله إن عليك قميصًا ولم يكن علي قميص، قال: فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قميصه، قال فاحتضنه ثم جعل يقبل كشحه، وقال بأبي وأمي يا رسول الله ثم أردت هذا، وروى ابن إسحاق عن حبان بن واسع عن أشياخ من قومه "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عدل الصفوف يوم بدر، وفي يده قدح فمر سواد بن عزية، فطعن في بطنه، فقال: أوجعتني، فأقدني، فكشف عن بطنه فاعتنقه وقبل بطنه، فدعا له بخير". قال ابن عبد البر: ووجدت هذه القصة لسواد بن عمرو. انتهى. وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتحضر بعرجون فأصاب به سواد بن غزية"، وأخرجه البغوي عن سواد بن عمرو كان يصيب من الخلوق، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم ولقيه يومًا ومعه جويردة1، فطعنه في بطنه قال أقدني يا رسول الله فكشف عن بطنه، فقال له اقتص وألقى الجريدة، فطفق يقبله. قال الحسن حجزه الإسلام. 1662- طلب الحق غربة2. أخرجه الهروي في ذم الكلام، ومنازل السائرين له بسند صوفي إلى علي رفعه، وكذا الديلمي. وقال في "اللآلئ": رواه شيخ الإسلام الأنصاري في خطبه "منازل السائرين" من جهة الجنيد، عن السري، عن معروف الكرخي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب يرفعه، وقال: هذا حديث غريب، وأخرجه ابن عساكر به في تاريخه مسلسلًا بالصوفية أيضًا. وقال المناوي: ورواه أيضا من هذا الوجه الديلمي والهروي في "ذم الكلام"، و"منازل السائرين". وفي "الميزان": علام بن زيد الصوفي لعله واضع هذا الحديث. انتهى. لكن قال ابن الغرس: أورده في "الجامع الصغير" من حديث علي وعزاه لابن عساكر، قال شارحه: بإسناد ضعيف. انتهى.

_ 1 لعلها تصغير جريدة، وهي قضيب النخل. 2 موضوع: رقم "3620".

163- طلب خاتمة الخير. قال الشهاب بن أرسلان: لم أزل أسمع على ألسنة الناس "طلب خاتمة الخير"، ولم أجد له أصلًا يستند إليه، حتى ظفرت به في الحلية عن وهب بن منبه قال: "لما أهبط الله آدم إلى الأرض استوحش لفقد أصوات الملائكة، فهبط عليه جبريل -عليه الصلاة والسلام- فقال: يا آدم هلا أعلمك شيئًا تنتفع به في الدنيا والآخرة؟ قال بلى، قال: قل اللهم أدم لي النعمة حتى تهنئني المعيشة، اللهم اختم لي بخير حتى لا تضرني ذنوبي، اللهم اكفني مؤونة الدنيا وكل هول في القيامة، حتى تدخلني الجنة. قال في المقاصد: بل روي عن نبينا -عليه الصلاة والسلام- الدعاء بخاتمة الخير، وقد سلف عنه وعن أبي بكر بعض ذلك في: الأعمال بالخواتيم، منها ما أخرجه الطبراني عن أنس بلفظ: "اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك"، ويروى أن أبا بكر الصديق كان يقوله، ورأى بعض الصالحين النبي -صلى الله عليه وسلم- في النوم، فقال يا رسول الله ادع الله لي، قال: فحسر عن ذراعيه ثم دعا كثيرًا، ثم قال ليكن جل ما تدعو به اللهم اختم لنا بخير، ومما حكي بعض السادات أنه ينفع في ذلك قول: يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت أربعين مرة، ختم الله لنا بالوفاة على دين الإسلام1. وقال ابن الغرس: وقد رأيت في شرح ابن قيم الجوزية لمنازل السائرين لأبي عبد الله الهروي الأنصاري الحنبلي أن الإمام ابن تيمية كان يلازم على ذلك، ويزيد: "برحمتك أستغيث". والمشهور بين الصالحين أن محل هذا الذكر الشريف بين سنة الفجر وصلاة الفجر. وقال النجم: بعد ذكر حديث الترجمة وما يتعلق به: وروى أحمد والبخاري في "تاريخه"، وابن حبان والحاكم وصححاه عن بسر بن أرطاة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة. والطبراني عن أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو بهؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك فواتح الخير وخواتمه، وأوله وآخره، وظاهره وباطنه, والدرجات العلا من الجنة.

_ 1 ذكر الله بيا حي يا قيوم مع كلمة التوحيد ونحوه لا بأس به، وإنما الممنوع هو التزام عدد بعينه بغير دليل شرعي.

وابن عساكر عن ابن عمر أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: "اللهم عافني بقدرتك، وأدخلني في رحمتك، واقض أجلي في طاعتك، واختم بالخير عملي، واجعل ثوابه الجنة"، وأحمد في الزهد عن الحسن قال: بلغني أن أبا بكر كان يقول في دعائه: "اللهم إني أسألك الخير في عافية، اللهم اجعل الآخر ما تعطيني الخير، ورضوانك، والدرجات العلا من جنات النعيم"، ومما يناسب إيراده هنا ما نسب لبعضهم: قرب الرحيل إلى ديار الآخرة ... فاجعل إلهي خير عمري آخره فلئن رحمت فأنت أكرم راحم ... وبحار جودك يا إلهي زاخرة آنس مبيتي في القبور ووحدتي ... وارحم عظامي حين تبقى ناخرة فأنا المسكين الذي أيامه ... ولت بأوزار غدت متواترة يا رب فارحمني بجاه المصطفى1 ... كنز الوجود وذي الهبات الباهرة وبخير خلقك لم أزل متوسلًا1 ... ذي المعجزات وذي العلوم الفاخرة 1664- طالب العلم بين الجهال كالحي بين الأموات2. رواه الديلمي عن حسان بن أبي جابر، وعبارة الجامع الصغير: رواه العسكري في الصحابة وأبو موسى في الذيل عن حسان بن أبي سنان مرسلًا، فتأمل، قال المناوي: حسان أحد زهاد التابعين ثقة. 1665- "طلب العلم فريضة على كل مسلم" 3. رواه بن ماجه وابن عبد البر في العلم له في حديث حفص بن سليمان عن أنس مرفوعًا بزيادة "وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب"، قال في "المقاصد": وحفص ضعيف جدًا، بل اتهمه بعضهم بالوضع والكذب، لكن نقل عن أحمد أنه صالح، وله شاهد عن ابن شاهين وقال إنه غريب.

_ 1 الراجح في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وجاهه ونحو ذلك أنه لا يجوز، ولكن التوسل بمحبته واتباعه ونحو ذلك لأنه من كسب العبد الترسل. 2 ضعيف: رقم "3610". 3 صحيح: رقم "3913".

قال ورويناه في ثاني السمعونيات بسند رجاله ثقات عن أنس، بل يروي عن نحو عشرين تابعيًا كالنخعي وإسحاق بن أبي طلحة وسلام الطويل وقتادة والمثنى بن دينار والزهري وحميد -كلهم- عن أنس، ولفظ حميد عنه: "طلب الفقه حتم واجب على كل مسلم"، ورواه زياد عنه، وزاد: "والله يحب إغاثة اللهفان"، ولأبي عاتكة في أوله: "اطلبوا العلم ولو في الصين". وفي كل منها مقال، وكذا قال ابن عبد البر: إنه يروي عن أنس من وجوه كثيرة، كلها معلولة لا حجة في شيء منها عند أهل العلم بالحديث من جهة الإسناد. وقال البزار إنه روي عن أنس بأسانيد واهية، قال وأحسنها ما رواه إبراهيم بن سلام بسنده عن أنس مرفوعًا، ومع ذلك فإبراهيم بن سلام لا يعلم روي عنه إلا أبو عاصم. وفي الباب عن أبي وجابر وحذيفة والحسين بن علي وابن عباس وابن عمر وعلي وابن مسعود وأبي هريرة وعائشة وأم هانئ وآخرين. وبسط الكلام في ذلك العراقي في "تخريجه الكبير" على الإحياء. ومع ذلك كله قال البيهقي: متنه مشهور، وإسناده ضعيف, وروي من أوجه كلها ضعيفة. وسبقه إلى ذلك الإمام أحمد على ما نقله عنه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" إذا قال: لا يثبت عندنا في هذا الباب شيء، وكذا قال إسحاق بن راهويه وأبو علي النيسابوري. ومثل به ابن الصلاح للمشهور الذي ليس بصحيح. وتبع في ذلك الحاكم لكن قال العراقي: قد صحح بعض الأئمة بعض طرقه كما بينته في تخريج "الإحياء". وقال المزي: إن طرقه تبلغ رتبة الحسن. كذا في المقاصد. لكن قال الحافظ ابن حجر في "اللآلئ" بعد أن ذكر روايته عن علي وابن مسعود وأنس وابن عمر وابن عباس وجابر وأبي سعيد، من طرق فيها مقال، ورواه ابن ماجه في "سننه" عن أنس مرفوعًا بلفظ: "طلب العلم فريضة على كل مسلم، وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب". وهو حسن. وقال المزي: روي من طرق تبلغ رتبة الحسن، وأخرجه ابن الجوزي في "منهاج القاصدين" من جهة أبي بكر بن داود، وقال: ليس في حديث طلب العلم فريضة أصح من هذا، انتهى. أي: كلام ابن حجر.

ومعنى الحديث كما قال البيهقي في "المدخل": "العلم العام الذي لا يسع البالغ العاقل جهله، أو علم يطرأ له خاصة، أو المراد أنه فريضة على كل مسلم حتى يقوم به من فيه الكفاية"، ثم أخرج عن ابن المبارك أنه سئل عن تفسيره، فقال: "ليس هو الذي يظنون، إنما طلب العلم فريضة أن يقع الرجل في شيء من أمر دينه، فيسأل عنه حتى يعلمه"، ثم قال في "المقاصد": وقد ألحق بعض المحققين: "ومسلمة" بعد قوله "مسلم"، وليس لها ذكر في شيء من طرقه، وإن كانت صحيحة المعنى. ونقل في الدرر عن المزي أنه قال: هذا الحديث روي من طرق تبلغ رتبة الحسن، وأطال الكلام على ذلك، ثم قال وقد بينت مخارجها في الأحاديث المتواترة. 1666- الطنطنة. قال النجم: رواه ابن المبارك، ومن طريقه أحمد في الزهد، عن عبيد بن أم كلاب: أنه سمع عمر وهو يخطب الناس وهو يقول لا يعجبنكم من الرجل طنطنته، ولكن من أدى الأمانة، وكف عن أعراض الناس فهو الرجل. 1667- طوبى لمن تواضع في غير منقصة وذل نفسه في غير مسكنة، وأنفق من مال جمعه في غير معصية، وخالط أهل الفقه والحكمة، ورحم أهل الذل والمسكنة، طوبى لمن ذل نفسه، وطاب كسبه، وحسنت سريرته، وكرمت علانيته، وعزل عن الناس شره، طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله1. رواه البخاري في "التاريخ" والبغوي وابن قانع وغيرهم، ورمز السيوطي لحسنه، واعترضه المناوي فقال: وليس بحسن كما قال الذهبي، وقال في "الإصابة": حديث سنده ضعيف. "تتمة": قال الغزالي: "تمسك به الفقهاء فقلما ينفك أحدهم عن التكبر، ويتعلل بأنه ينبغي صيانة العلم وأن المؤمن منهي عن إذلال نفسه، فيعبر عن التواضع الذي أثنى عليه الله بالذل، وعن التكبر الممقوت المنهي عنه بغيرة الدين؛ تحريفًا للاسم، وإضلالًا للخلق".

_ 1 ضعيف: رقم "3644".

1668- "ظهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب" 1. رواه أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وتقدم في: "إذا ولغ الكلب"، بروايات. 1669- "الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله وبحمده تملآن ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها". رواه أحمد ومسلم والترمذي عن أبي مالك الأشعري. 1670- "الطواف بالبيت صلاة، ولكن الله أحل فيه المنطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير" 2. رواه الطبراني وأبو نعيم والحاكم، والبيهقي عن ابن عباس، وورد بألفاظ أخر من طرق: منها ما رواه الترمذي وابن حبان والحاكم واللفظ له، عن ابن عباس أيضا بلفظ: "الصلاة طواف إلا أن الله قد أحل لكم فيه الكلام، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير"، ومنها ما رواه الترمذي والحاكم، واللفظ له عن ابن عباس: "الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة، إلا أن الله أحل فيه المنطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير". 1671- طلب كسب الحلال فريضة بعد الفريضة. رواه البيهقي عن ابن مسعود وضعفه، الطبراني عن أنس، وسيأتي في: "كسب الحلال"، كما قال النجم، كذا أورده الزركشي والسخاوي، والوارد "طلب الحلال" كما مر، "وكسب الحلال" كما سيأتي. انتهى.

_ 1 انظر حديث "302". 2 صحيح: رقم "3954".

1672- "طوبى لمن تواضع في غير منقصة، وذل في غير مسكنة، وخالط أهل الفقه والحكمة، طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله". رواه البخاري في تاريخه، والعسكري والبغوي والبارودي، والطبراني وآخرون بسند ضعيف؛ حتى قال ابن حبان: لا يعتمد عليه؛ وإن قال ابن عبد البر: إنه حديث حسن فيه آداب لاشتماله على فوائد جليلة، والظاهر أنه قصد الحسن اللغوي، ورواه العسكري عن ركب المصري والله أعلم. 1673- "طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس" 1. رواه الديلمي عن أنس مرفوعًا. قال النجم: وتمامه "وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة، ولم يعدل عنها إلى البدعة"، وفي الباب عن الحسن بن علي وأبي هريرة، قال في "التمييز": وأخرجه البزار عن أنس مرفوعًا بإسناد حسن. 1674- "طوبى لمن طال عمره وحسن عمله" 2. رواه الطبراني بسند فيه بقية عن عبد الله بن بشر مرفوعًا، وأخرجه الترمذي عن أبي بكر بلفظ: "خير الناس من طال عمره وحسن عمله"، وقال حسن صحيح. ومفهوم الحديث: أن شر الناس من طال عمره وقبح عمله، وهو كذلك، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري في كتاب المرضى أحاديث تدل للأمرين، وجمع بينهما باختلاف الحالين. وقلت في ذلك: طول الحياة حميدة ... إن راقب الرحمن عبده وبضده فالموت خير ... والسعيد أتاه رشده 1675- "طوبى لمن ملك لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته" 3. رواه الطبراني في "الأوسط" عن ثوبان، وإسناده حسن، ومن ثم رمز السيوطي لحسنه.

_ 1 بعض حديث، ضعيف جدًا: رقم "3646". 2 صحيح: رقم "3928". 3 حسن: رقم "3929".

1676- طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة، ولم يعدل عنها إلى البدعة1. رواه البخاري في "التاريخ"، والبغوي وابن قانع وغيره، ورمز والسيوطي لحسنه، واعترضه المناوي، فقال: وليس بحسن كما قال الذهبي، في "الإصابة": حديث سنده ضعيف. 1677- طول اللحية دليل قلة العقل2. أسنده الديلمي عن عمرو بن العاص رفعه. وقال في التمييز أسنده الديلمي بسند واه بلفظ "اعتبروا عقل الرجل في ثلاث: في طول لحيته، وكنيته، ونقش خاتمه". وما أحسن ما قيل: إن كان بطول اللحى ... يستوجبون القضا فالتيس عدل مرتضى وفي لفظ: ليس بطول اللحى ... يستوجبون القضا إن كان هذا كذا ... فالتيس عدل رضا وروي: مكتبوب في التوراة "لا يغرنك طول اللحية، فإن التيس له لحية". وروي عن أبي دوس الأشعري أنه قال: كنا عند معاوية جلوسًا إذ أقبل رجل طويل اللحية، فقال معاوية: أيكم يحفظ حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في طول اللحية، فسكت القوم، فقال معاوية: لكني أحفظه، فلما جلس الرجل قال: له معاوية أما اللحية فلسنا نسأل عنها، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اعتبروا عقل الرجل في طول لحيته، ونقش خاتمه وكنيته"، فما كنيتك؟ قال أبو كوكب، قال فما نقش خاتمك؟ فقال: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} [النمل: 20] ، فقال معاوية: وجدنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حقًا. وسيأتي في باب الميم بلفظ: "من سعادة المري خفة لحيته".

_ 1 العلل المتناهية "344/ 2. 2 سنده واه، كما في التمييز "819".

1678- طينة المعتق من طينة المعتق1. رواه ابن لال والديلمي عن ابن عباس مرفوعًا، ورواه ابن شاهين، عن ابن عباس سمعت العباس، فذكره. وسنده منقطع كما قال الذهبي. قال الحافظ ابن حجر: فلعل المهدي أو المنصور الواقعين في نسده سمعه من شيخ كذاب فأرسله. وقال المناوي: سنده ضعيف وقيل باطل. وقال ابن الغرس: لكن الدائر على الألسنة "طينة العبد من طينة مولاه". انتهى. وأقول هو بمعنى المشهور على الألسنة "العبد من طينة مولاه". 1679- طي القماش يزيد في زيه2. رواه الديلمي عن جابر مرفوعًا "طي الثواب راحته". وفي لفظ له بلا سند: "إذا خلعتم ثيابكم فاطووها ترجع إليها أنفاسها"، ورواه الطبراني في "الأوسط" عن جابر رفعه بلفظ "اطووا ثيابكم ترجع إليها أرواحها، فإن الشيطان إذا وجد ثوبا مطويا لم يلبسه، وإذا وجده منشور لبسه". وقال لا يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بهذا الإسناد. وله في الأوسط أيضًا عن عائشة قالت: "كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثوبان يلبسهما في جمعته، فإذا انصرف طويناهما إلى مثله". وجميعها واهية، وكذا ما اشتهر على بعض الألسنة "اطووا ثيابكم بالليل لا يلبسها الجن تتوسخ"، بل قال في "المقاصد": لم أره. وفي كلام بعضهم "اطوني ليلًا أجملك نهارًا"، وفي رابع "المجالسة" من حديث بكر العابد قال: كان لسفيان الثوري عباءة يلبسها بالنهار ويرتدي بها؛ فكان إذا جاء الليل طواها، وجعلها تحت رأسه، وقال: بلغني أن الثوب إذا طوي رجع ماؤه إليه. 1680- "طوبى لمن رآني، وآمن بي مرة، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني ثلاث مرات" 3. رواه الطيالسي وعبد بن حميد، عن ابن عمر، ورواه أحمد عن أبي أمامة، وعن أنس بلفظ: " طوبى لمن رآني وآمن بي مرة، وطوبى لمن لم يرني وآمن بي سبع مرات"، وورد

_ 1 موضوع: رقم "3654". 2 لفظ رواية الديلمي عن جابر ضعيف: رقم "3655". 3 صحيح: رقم "3925".

بألفاظ أخر كما في "الجامع الصغير"، منها ما رواه الطبراني والحاكم عن عبد الله بن بسر بلفظ: "طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن رأى من رآني، ولمن رأى من رأى من رآني وآمن بي، طوبى لهم وحسن مآب". 1681- "طوبى لمن هدي للإسلام، وكان عيشه كفافًا، وقنع به" 1. رواه الترمذي والطبراني والحاكم عن فضالة بن عبيد. قال الحاكم، على شرط مسلم. 1682- "طوبى لمن وجد فقي صحيفته استغفارًا كثيرًا" 2. رواه ابن ماجه عن عبد الله بن بسر، وأبو نعيم في "الحلية" عن عائشة، وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء مرفوعًا، قال النووي: سنده جيد. 1683- "طوبى شجرة في الجنة مسيرة مائة عام، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها" 3. رواه أحمد وابن حبان عن أبي سعيد، وورد بألفاظ أخرى: منها ما رواه ابن جرير عن قرة بن إياس بلفظ: "طوبى شجرة في الجنة، غرسها الله بيده، ونفخ فيها من روحه، تنبت بالحلي والحلل، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة". والله أعلم. 1684- طوبى لمن رزقه الله الكفاف وصبر عليه4. رواه الديلمي في مسند الفردوس عن عبد الله بن حنطب، وفيه ضعف. 1685- الطيب لا يرد. لم أقف عليه حديثًا؛ لكنه بمعنى حديث: "من عرض عليه طيب فلا يرده؛ فإنه خفيف الحمل، طيب الرائحة"، وقد رواه مسلم وأبو داود وغيرهما عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه.

_ 1 صحيح: رقم "3931". 2 صحيح: رقم "3930". 3 حسن: رقم "3918". 4 ضعيف جدًا: رقم "3645".

1686- "طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه" 1. الطبراني والضياء عن أنس -رضي الله عنه.

_ 1 صحيح: رقم "3937".

حرف الظاء المعجمة

حرف الظاء المعجمة: 1687- الظالم عدل الله في الأرض، ينتقم به ثم ينتقم منه1. رواه الطبراني في "الأوسط" عن جابر رفعه بلفظ: "إن الله يقول: أنتقم ممن أبغض بمن أبغض، ثم أصير كلًا إلى النار"، وساقه الديلمي بلا إسناد عن جابر رفعه بلفظ: يقول الله -عز وجل: "أنتقم ممن أبغض بمن أبغض، ثم أصيرهما إلى النار"، وهو في "المجالسة" للدينوري عن ابن المنكدر أنه قال: يقول الله عز وجل: "أنتقم ممن أبغض بمن أبغض، ثم أصير كلًا إلى النار"، وقال الزركشي: حديث "الظالم عدل الله في الأرض، ينتقم من الناس، ثم ينتقم الله منه"، لم أجده. قال في "الدرر" عقبه: قلت في معناه ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" عن جابر مرفوعًا: "إن الله يقول أنتقم ممن أبغض بمن أبغض، ثم أصير كلًا إلى النار"، وسنده ضعيف. وذكر في الحلية في ترجمتة مالك بن دينار أنه قال: قرأت في الزبور "إني لأنتقم من المنافق بالمنافق، ثم أنتقم من المنافقين جميعًا"، ونظير ذلك في كتاب الله تعالى {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129] . وفي تاريخ دمشق لابن عساكر من ترجمة علي بن غنام أنه قال: كان يقال: "ما انتقم الله من قوم إلا بشر منهم"، قال في "المقاصد": وقرأت بخط شيخنا -يعني الحافظ ابن حجر- في بعض فتاويه هذا الحديث لا أستحضره الآن؛ ومعناه دائر على الألسنة، من الرواية بلفظ: "الظالم عدل الله" وأما قول القائل: كيف يجوز وصفه بالظلم وننسبه إلى أنه عدل من الله تعالى؛ فجوابه: أن المراد بالعدل هنا ما يقابل بالفضل، والعدل أن يعامل كل أحد بفعله إن خيرًا فخير، إن شرًا فشر، والفضل أن يعفو مثلًا عن المسيء. وهذا مذهب أهل السنة والجماعة، بخلاف المعتزلة فإنهم يوجبون عقوبة المسيء، ويدعون أن ذلك هو العدل، ومن ثم سموا أنفسهم أهل العدل والعدلية. وإلى ما ذهب إليه أهل السنة يشير قوله تعالى {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} [الأنبياء: 111] أي لا تمهل الظالم ولا تتجاوز عنه، بل عقوبته، لكن الله يمهل من يشاء، ويتجاوز عمن يشاء، ويعطي من يشاء،

_ 1 ضعيف، الأسرار المرفوعة "241".

لا يسأل عما يفعل. وسبقه إلى نفي وجوده أيضًا الزركشي؛ فقال: لم أجده لكن معناه مركب من حديثين صحيحين: أحدهما: "إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر"، وفي رواية النسائي: "بقوم لا خلاق لهم"، وثانيهما: "إن الله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته". وفي "حادي الأرواح" لابن القيم ما نصه: "وفي الأثر: أن الله -عز وجل- خلق خلقًا من غضبه، وأسكنهم بالمشرق، ينتقم بهم ممن عصاه". انتهى. زاد النجم: وفي المعنى ما هو دائر على الألسنة: "إن الله لينتقم بالظالم من الظالم، ثم يكب الجميع في النار"، ولم أقف عليه. قال وعند ابن أبي شيبة عن منصور بن أبي الأسود: سألت الأعمش عن قوله تعالى {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً} [الأنعام: 129] ما سمعتهم يقولون فيه؟ قال سمعتهم يقولون: "إذا فسد الناس أمر عليهم شرارهم، انتهى ملخصًا". 1688- "الظلم ظلمات يوم القيامة". متفق عليه عن ابن عمر مرفوعًا. ورواه مسلم وغيره عن جابر بلفظ: "اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة". والله أعلم. 1689- الظلم كمين في النفس؛ والعجز يخفيه، والقدرة تبديه -أو القوة تظهره- والعجز يخفيه. تقدم في: الجبروت في القلب، أنه ليس بحديث. وقال النجم لم أقف عليه، ولعله من كلام بعض الحكماء. ولعل منزعة من قوله تعالى {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} 1 وقوله تعالى {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34] ، انتهى. وفي الانتزاع خفاء فتدبر. 1690- الظلمة وأعوانهم في النار2. رواه الديلمي عن حذيفة بإسناد ضعيف.

_ 1 تحرفت الآية في النسخ إلى "وكان الإنسان ظلوما جهولا". 2 موضوع: رقم "3669".

1691- ظلم دون ظلم1. رواه أحمد في "الإيمان" له، والقاضي إسماعيل في "أحكام القرآن" له، عن عطاء في تفسير {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 44] قال: "كفر، دون كفر وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق". ورواه أحمد أيضًا، عن ابن عباس بمعناه: وبه ترجم البخاري في "صحيحه" ثم روي عن ابن مسعود أنه قال: لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] قال أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- أينا لم يظلم؟ فأنزل الله {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] . 1692- الظهور يقطع الظهور. ليس بحديث بل هو من كلام بعض الصوفية. 1693- الظلم وضع الشيء في غير موضعه. قال النجم: هو تفسير معنى الظلم ليس بحديث. 1694- ظهر المؤمن قبلة2. قال في "المقاصد": لا أعرفه، ومعناه صحيح بالنظر للاكتفاء به في السترة، كالاكتفاء بالصلاة إلى الراحلة، على ما صح به الخبر، وفعله ابن عمر. ونحوه حديث: "سترة الإمام سترة من خلفه". وروى العسكري عن عائشة بلفظ: "ظهر المؤمن حمى، إلا في حد من حدود الله، نظير المعاصي حمى الله تعالى". والمعنى لا يضرب ظهره إلا في حد من الحدود. ورواه كما في الجامع عن الطبراني عن عصمة بن مالك بلفظ ظهر المؤمن حمى إلا بحقه وهو ضعيف. والله أعلم.

_ 1 ليس بحديث. الدرر المنتثرة "111". 2 حديث عصمة بن مالك "ظهر المؤمن حمى إلا بحقه". ضعيف جدًا: رقم "3667".

حرف العين المهملة

حرف العين المهملة: 1695- "العارية مردودة" 1. كذا في الشرح الكبير للرافعي. قال الحافظ ابن حجر في تخريجه: لم أره بهذا اللفظ وإنما رواه أحمد وأصحاب السنن بلفظ: "العارية مؤداة". انتهى. وقال النجم: رواه أبو داود، عن أبي أمامة بلفظ: "العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي والزعيم غارم". ورواه الترمذي عنه وحسنه بلفظ: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في حجة الوداع: "العارية مؤداة والزعيم غارم والدين مقضي". 1696- العار خير من النار2. رواه ابن عبد البر في الاستيعاب، من قول الحسن بن علي حين قال له أصحابه يا عار المؤمنين لما أذعن لمعاوية خوفًا من قتل بعض المسلمين من الفريقين، وتصديقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: "ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين". وفي لفظ عنده أيضًا قيل له: يا مذل المؤمنين فقال: إني لم أذلهم؛ ولكني كرهت أن أقتلهم في طلب الملك. وقال القاري: وأما قول بعض العامة النار ولا العار فهو من كلام الكفار. إلا أن يراد بها نار الدنيا على المبالغة، وإلا فقد ورد فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، رواه الطبراني عن ابن عباس عن أخيه الفضل مرفوعًا، بل هو في التنزيل: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} [طه: 127] . انتهى. وأقول: لا يظهر حمله المذكور، فتأمله.

_ 1 رواية أحمد وأصحاب السنن: صحيح: رقم "4115"، ورواية أبي داود: صحيح: رقم "4116". 2 هو من قول الحسن بن علي، كما في التمييز "827".

1697- "العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه". متفق عليه، وكذا أبو داود والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس مرفوعًا. وورد بألفاظ أخر، منها عند أحمد والنسائي والبيهقي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده بلفظ: "لا يرجع أحد في هبته، والعائد في هبته كالعائد في قيئه". ومنها عند مسلم والنسائي وابن ماجه: "مثل الذي يتصدق ثم يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيء ثم يعود في قيئه فيأكله". ومنها عن أبي داود عن ابن عمرو: "مثل الذي يسترد ما وهب كمثل الكلب يقيء فيأكل قيأه". 1698- العبادة عشرة أجزاء: تسعة في الصمت وواحد في كسب الحلال. رواه الديلمي عن أنس. 1699- العبادة سبعون بابًا، أفضلها طلب الرزق الحلال. رواه الديلمي عن الحسن بن علي. 1700- العائلة ولو بنت. قال النجم ليس بحديث. وعن بشر بن الحارث: "لو كنت أعول ديكًا لخشيت أن أصبح شرطيًا على الحبس". وتقدم في: الدين ولو درهم. 1701- عالم قريش يملأ الأرض علمًا2. رواه أحمد بصيغة التمريض، ورواه الطيالسي في مسنده عن ابن مسعود مرفوعًا بلفظ: "لا تسبوا قريشًا؛ فإن عالمها يملأ الأرض علمًا اللهم إنك أذقت أولها عذابًا ووبالًا فأذق آخرها نوالًا". وفي سنده الجارود مجهول والراوي عنه مختلف فيه. لكن له شواهد: منها ما في تاريخ بغداد للخطيب عن أبي هريرة رفعه: "اللهم اهد قريشًا، فإن عالمها يملأ طباق الأرض علمًا اللهم كما أذقتهم عذابًا فأذقهم نوالًا، دعا بها ثلاث مرات". وفي سنده راوٍ ضعيف. ورواه أيضًا البيهقي في "المدخل" عن ابن عباس.

_ 1 انظر حديث "1327". 2 ضعيف جدًا، انظر الضعيفة "398".

ورواه الترمذي، وقال: حسن، والإمام أحمد بلفظ: "اللهم اهد قريشًا، فإن علم العالم منهم يسع طباق الأرض". وهو منطبق كما قال أحمد وغيره: على إمامنا الشافعي، ويؤيده قوله في "المدخل": إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرًا أخذت فيها بقول الشافعي؛ لأنه إمام، عالم، من قريش، وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: عالم قريش يملأ الأرض علمًا". انتهى. قال الحافظ العراقي: وليس بموضوع كما زعم الصغاني؛ إذ كيف يذكر الإمام أحمد حديثًا موضوعًا يحتج به أو يستأنس به للأخذ في الأحكام بقول شيخه الإمام الشافعي؟!؛ وإنما أورده بصيغة التمريض احتياطًا للشك في ضعفه؛ فإن إسناده لا يخلو عن ضعف. وقد جمع الحافظ ابن حجر طرقه في كتاب سماه: لذة العيش في طرق حديث الأئمة من قريش، وبه يعلم أنه حسن. وصرح بذلك الترمذي. ونقله النجم عن المدخل للبيهقي عند أحمد بلفظ "عالم قريش يطبق الأرض علمًا". ثم قال: ورواه الحاكم والأبدي كلاهما في المناقب عن علي بلفظ: "لا تؤموا قريشًا وأتموا بها، ولا تقدموا على قريش وقدموها، ولا تعلموا قريشًا وتعلموا منها؛ فإن أمانة الأمين من قريش تعدل أمانة اثنين من غيرهم، وإن علم عالم قريش يسع طباق الأرض". وفي رواية الأبدي: "فإن علم عالم قريش مبسوط على الأرض". ورواه القضاعي عن ابن عباس بلفظ: "اللهم اهد قريشا، فإن علم العالم منهم يسع طباق الأرض، اللهم أذقت أولها نكالًا فأذق آخرها نوالًا"، ورجاله رجال الصحيح إلا إسماعيل بن مسلم ففيه مقال. قال البيهقي وابن حجر: طرق هذا الحديث إذا ضمت بعضها إلى أفادت قوة، وعلم أن للحديث أصلًا. انتهى. 1702- العبد من طينة مولاه1. سبق في "طينة المعتق"، وقال النجم: وفي معناه حديث ابن عمر: "موالينا منا"، أخرجه الطبراني. قال: وفي البخاري عن أنس: "مولى القوم من أنفسهم". انتهى.

_ 1 انظر حديث "1678".

1703- العبد مجزي بعمله: إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر. قال النجم: يجري على ألسنة المعربين. وهو في معنى: "إنما هي أعمالكم ترد عليكم"، وتقدم. وفي حديث أبي ذر عند مسلم وغيره، وهو من الأحاديث القدسية: "إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أجازيكم بها؛ فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه". 1704- العبد محمول على نيته. قال النجم: وفي معناه: "إنما الأعمال بالنيات ... ". قال: وأخرج ابن المبارك عن محمد بن الحنفية قال: "من أحب رجلًا على عدل ظهر منه، وهو في علم الله من أهل النار؛ آجره الله كما لو كان من أهل الجنة، ومن أبغض رجلًا على جور ظهر منه، وهو في علم الله من أهل الجنة؛ آجره الله كما لو كان من أهل النار". 1705- العافية ما لها ثمن1. قال النجم: ليس بحديث، وتقدم في حديث: "سلوا الله العافية"، في حرف السين المهملة. 1706- العافية عشرة أجزاء: تسعة في طلب المعيشة، وواحد في سائر الأشياء2. الديلمي عن أنس -رضي الله تعالى عنه-، ورواه الديلمي عن ابن عباس بلفظ: "العافية عشرة أجزاء؛ تسعة في الصمت، والعاشرة في العزلة". 1707- العبيد إذا جاعوا سرقوا3. قال النجم استشهد به الشافعي، وتقدم في: "أن الأسود"، والله أعلم.

_ 1 انظر في معناه حديث "1506". 2 ضعيف: رقم "3839". 3 انظر في معناه حديث "693".

1708- العباد عباد الله والبلاد بلاد الله، فحيث وجدت خيرًا فأقم واتق الله1. قال النجم: رواه التيمي عن الزبير. وتقدم في الباء الموحدة بلفظ آخر. 1709- "عجب ربنا من شاب ليس له صبوة" 2. تقدم في: "إن الله يحب الشاب التائب". 1710- "عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل". رواه أحمد والبخاري وأبو داود عن أبي هريرة. وفي رواية للبخاري: "عجب الله من قوم يدخلون الجنة بالسلاسل"، ورواه الطبراني عن أبي أمامة، وأبو نعيم عن أبي هريرة، بلفظ: "عجبت لأقوام يساقون إلى الجنة بالسلاسل وهم كارهون". 1711- عجبت لمن يشتري المماليك بماله، ثم يعتقهم، كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه فهو أعظم ثوابًا3. رواه أبو الغنائم النرسي في قضاء الحوائج عن ابن عمر. 1712- عجر بجر. قال النجم: كلام يقوله الناس إذا سمعوا كلامًا مخلطًا فيه، وليس بحديث. وفي تهذيب الكمال للحافظ المزي قال مجاهد عن الشعبي: "رأى علي بن أبي طالب طلحة بن عبيد الله ملقي في بعض الأودية، وتحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجري وبجري". قال الأصمعي: عجري وبجري سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي. انتهى. وفي القاموس: عجره وبجره عيوبه وأحزانه، أو ما أبدى وما أخفى، انتهى. وفي حديث أم زرع في الصحيحين: وقالت الثانية: زوجي لا أبث خبره، إني أخاف أن لا أذره، أن أذكره أذكر عجره وبجره.

_ 1 انظر حديث "924". 2 انظر حديث "748". 3 ضعيف "3685".

1713- "العجلة من الشيطان" 1. رواه الترمذي عن سهل بن سعد مرفوعًا، وقال: حديث حسن. وتقدم في الحديث: "التأني من الله، والعجلة من الشيطان". 1714- العداوة في الأهل، والحسد في الجيران والمنفعة في الإخوان. قال في الأصل: لم أقف عليه حديثًا، وإنما رويناه في "شعب الإيمان" للبيهقي عن بشر بن الحارث من قوله بلفظ: "في القرابة" بدل: "الأهل". وقال النجم في معناه ما أخرجه العقيلي عن أبي موسى: "صلوا قراباتكم ولا تجاوروهم، فإن الجوار يورث بينكم الضغائن". ورواه أبو نعيم عن يحيى بن يمان قال: قال رجل لسفيان الثوري: إني أحبك، قال: كيف لا تحبني ولست بابن عمي ولا جاري! ومن هنا اشتهر على الألسنة أيضًا: "تباعدوا وتحابوا". 1715- عداوة العاقل، ولا صحبة المجنون. قال في "التمييز": ليس بحديث، وقال في "المقاصد": هو كلام صحيح؛ لكن يروى عن عمر بن الخطاب رفعه: "استعيذوا من ثلاث، وذكر منها: معاداة العاقل". 1716- العدو العاقل، ولا الصديق الجاهل. قال القاري: رواه وكيع في الغرر عن سفيان، قال أبو حازم: لأن يكون لي عدو صالح؛ أحب إلي من أن يكون لي صديق فاسق. انتهى. وفي معناه ما ذكر النجم أنه ليس بحديث: "عدو عاقل خير من صديق جاهل"، قال: وفي زوائد الزهد لعبد الله بن أحمد، ومن طريقه أبو نعيم عن أبي حازم أنه قال: "لأن يبغضك عدوك المسلم؛ خير لك من أن يحبك خليلك الفاجر"، قال: ولابن أبي الدنيا في العقل عن الحجاج بن يوسف أنه قال: "لأنا للعاقل المدبر أرجى مني للأحمق المقبل". انتهى والله أعلم. 1717- العدس. سيأتي في: قدس العدس، وقال النجم: لا يصح من أحاديثه شيء.

_ 1 انظر حديث رقم "943".

1718- عدو المرء من يعمل بعمله. قال في "المقاصد": ما علمته حديثًا؛ ولكن قد اعتمد معناه بعض العلماء في الشهادات، وقال القاري: ليس بحديث؛ وإنما رواه أبو نعيم عن سفيان بن عيينة أنه قدم مكة وفيها رجل من آل المنكدر يفتي، فقعد سفيان يفتي، فقال المنكدري: من هذا الذي قدم بلادنا يفتي؟ فكتب إليه سفيان "حدثني محمد بن دينار عن ابن عباس قال: مكتوب في التوراة "عدوي الذي يعمل بعملي"، فكف عنه المنكدري". انتهى. ومثله في الدرر، وما أحسن ما قيل: لا تأمنن مشاركًا في رتبة ... ولو انه الولد الذي لك يولد فلكل شيء آفة من جنسه ... حتى الحديد سطا عليه المبرد 1719- العدة دين1. رواه الطبراني في "الأوسط"، والقضاعي، وغيرهما عن ابن مسعود بلفظ: "قال لا يعد أحدكم صبيه ثم لا ينجز له؛ فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: العدة دين"، ورواه أبو نعيم عنه بلفظ: "إذا وعد أحدكم صبيه فلينجز له، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذكره" بلفظ: "عطية"، ورواه البخاري في الأدب المفرد موقوفًا، ورواه الطبراني والديلمي عن علي مرفوعًا بلفظ: العدة دين، ويل لمن وعد ثم أخلف، ويل له ثلاثًا، ورواه القضاعي بلفظ الترجمة فقط، وللديلمي أيضًا بلفظ: "الواعد بالعدة مثل الدين أو أشد، أي وعد الواعد"، وفي لفظ له: "عدة المؤمن دين، وعدة المؤمن كالأخذ باليد". وللطبراني في "الأوسط" عن قباث بن أشيم الليثي مرفوعًا: العدة عطية، وللخرائطي في "المكارم" عن الحسن البصري مرسلًا: "أن امرأة سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا فلم تجده عنده، فقالت عدني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن العدة عطية"، وهو في مراسيل أبي داود. وكذا في الصمت لابن أبي الدنيا، عن الحسن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "العدة عطية"، وفي رواية لهما عن الحسن أنه قال: "سأل رجل النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئًا، فقال: ما عندي ما أعطيك، فقال تعدني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: العدة واجبة".

_ 1 ضعيف: رقم "3857".

قال في "المقاصد" بعد ذكر الحديث وطرقه: "وقد أفردته مع ما يلائمه بجزء"، قال فيه وفي الأخلاق: لسانك أحلى من جنى النحل موعدًا ... وكفك بالمعروف أضيق من قفل تمني الذي يأتيك حتى إذا انتهى ... إلى أمد ناولته طرف الحبل وقال كعب: كانت مواعيد عرقوب لها مثلًا ... وما مواعيدها إلا الأباطيل وقال آخر: وعدت وكان الخلف منك سجية ... مواعيد عرقوب أخاه بيترب1 وقال النجم: ومما كتبته لبعضهم مستجيزًا: قد وعدتم بالجميل أنجزوا ... ما وعدتم فنجاز الوعد زين في حديث قد روينا لفظه ... عن ثقات العلماء الوعد دين 1720- "عد من لا يعودك، وأهد لمن لا يهدي إليك"2. رواه البخاري في "التاريخ"، والبيهقي عن أيوب بن ميسرة مرسلًا، سيأتي ما يعارضه: لا تعد من لا يعودك. 1721- عدل يوم واحد أفضل من عبادة ستين سنة. رواه الديلمي عن أبي هريرة، وأسنده من طريق أبي نعيم بلفظ: "عدل حكم ساعة خير من عبادة سبعين سنة". 1722- العدل حسن ولكن من الأمراء أحسن3. أسنده الديلمي عن علي. 1723- العرب سادات العجم. ليس بحديث، بل هو من كلام بعضهم، وهو صحيح بالنظر للجنس، وقال القاري: لا أصل له، ومعناه صحيح.

_ 1 يترب "كيمنع": موضع قرب اليمامة. وهو المراد بقوله: مواعيد عرقوب أخاه بيترب اهـ. قاموس. 2 ضعيف: رقم "3695"، واللفظ فيه: "لا يهدي إليك". 3 بعض حديث موضوع: رقم "3860".

1724- عرضت علي أعمال أمتي، فوجدت منها المقبول والمردود، إلا الصلاة علي. قال الحافظ السيوطي: لم أقف له على سند، وقال القاري: لكن معناه سبق عن أبي الدرداء، وأبي سليمان الداراني. 1725- عرفوا ولا تعنفوا1. رواه الآجري في "أخلاق حملة القرآن"، عن أبي هريرة، وعند البخاري في "الأدب المفرد"، عن عائشة: "عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش"، قال في "اللآلئ": ومن شواهده ما أخرجه مسلم عن أبي موسى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعثه ومعاذ إلى اليمن، وقال لهما: "يسرا ولا تعسرا، وعلما ولا تنفرا"، وقال في الدرر: ورواه الحارث والطيالسي في مسنديهما، والبيهقي في المدخل بلفظ: "علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف". انتهى. 1726- عذره أشد من ذنبه. قال القاري: ليس بحديث، والمشهور: عذره أقبح من ذنبه. وقال النجم عذره أقبح من فعله مثل سائر، وليس بحديث. وقال في المقاصد: "عذره أشد من ذنبه" هو من الأمثال، وقد قال عمر بن عبد العزيز - كما في المجالسة مما رواه ابن أبي الدنيا: "إن خصلتين خيرهما الكذب لخصلتا سوء، يريد الرجل يكذب ثم يعتذر من فعله". 1727- عرف الحق لأهله2. قال في المقاصد: رواه أحمد عن الأسود بن سريع مرفوعًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للأسير الذي قال: "اللهم إني أتوب إليك"، وفيه: "خلوا سبيله". انتهى. وقال النجم: قاله -صلى الله عليه وسلم- للأسير الذي قال: "أتوب إلى الله، ولا أتوب إلى محمد"، أخرجه أحمد والطبراني عن الأسود بن سريع وسنده ضعيف، وفي لفظ: "اللهم إني أتوب إليك، ولا أتوب إلى محمد".

_ 1 في سنده حميد بن أبي سويد، قال فيه ابن عدي: إنه منكر الحديث، كما في التمييز "867". 2 ضعيف: رقم "3707".

1728- "العرافة أولها ملامة، وآخرها ندامة، والعذاب يوم القيامة" 1. رواه الطيالسي عن أبي هريرة رضي الله عنه، واشتهر على الألسنة: "العرافة حق، العرفاء في النار". 1729- العرافة حق، ولا بد للناس من عريف، والعرفاء في النار2. قال في فتح الباري: أخرجه أبو داود من طريق المقدام بن معدي كرب رفعه. وروى أحمد وصححه ابن خزيمة عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "ويل للأمراء، ويل للعرفاء". انتهى. وفي "الجامع الصغير": "العرافة أولها ملامة، وآخرها ندامة، والعذاب يوم القيامة". رواه الطيالسي عن أبي هريرة. 1730- " العرق دساس" 3. رواه الديلمي والبيهقي عن ابن عباس مرفوعًا في حديث أوله: "الناس معادن، والعرق دساس، وأدب السوء كعرق السوء". وللمديني في كتاب "تضييع العمر والأيام في اصطناع المعروف إلى اللئام" عن أنس بلفظ: "تزوجوا في الحجر الصالح فإن العرق دساس". ذكره النجم، وسيأتي في حرف النون، وتقدم في: "تخيروا لنطفكم"، عن عمر وأنس. والمشهور على الألسنة: "العرق نزاع". 1731- "عز المؤمن استغناؤه عن الناس" 4. رواه الطبراني في الأوسط، والقضاعي والشيرازي في الألقاب، عن سهل بن سعد أنه قال: "جاء جبريل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي لفظ أتاني جبريل فقال يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس".

_ 1 حسن: رقم "4128". ووقع في النسخ، العرافة أولها سلامة. 2 قال الشيخ الألباني: "في الترهيب عن العرافة أحاديث أخرى عن جمع من الصحابة، لا تخلو أسانيدها من ضعف.." الصحيح "637/ 4". 3 انظر حديث "960". 4 انظر حديث "1550".

ورواه أبو الشيخ وأبو نعيم والحاكم وصحح إسناده، وحسنه العراقي، وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس؛ ولكن حديث ابن عباس موقوف، ولفظه: "شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عما في أيدي الناس"، وسيأتي، ورواه القضاعي عن سهل من قول -النبي صلى الله عليه وسلم-؛ لا حكاية عن جبريل، لكن بلفظ: "عز الناس". 1732- "العزلة راحة من خلاط السوء" 1. قال النجم: ترجم به البخاري، وذكر فيه حديث أبي سعيد، وسيأتي في الوحدة. 1733- العز مقسوم، وطلب العز غموم وأحزان2. وفي لفظ: "وطلب العز مقسوم"، قال في "المقاصد": في نسخة سمعان بن المهدي عن أنس مرفوعًا، ولا يصح لفظه. وقال ابن الغرس: أي لا يصح رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. وأما معناه فصحيح. 1734- عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به. تقدم آنفًا في حديث: "عز المؤمن". 1735- عاش نوح ألف سنة وأربعمائة سنة3. رواه الديلمي في مسند. الفردوس عن أنس بزيادة: وعاش عوج بن عنق ثلاثة آلاف سنة وسبعمائة سنة. 1736- عظموا مقداركم بالتغافل4. قال في الأصل: لا أعرفه وفي التنزيل {لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] ، وقال ابن الغرس: ومثله قولهم: "حشم نفسك"، وقد ذكرته شعراء العرب كقوله:

_ 1 انظر حديث "2893". 2 لا يصح، انظر التمييز "849". 3 قال السيوطي في الحاوي "341/ 2": حديث موضوع من وضع الزنادقة الذين قصدوا الاستهزاء والسخرية بالرسل وأتباعهم"، نقلا عن محقق "الفردوس"، "86/ 3". 4 ليس بحديث، انظر التمييز "852".

ولقد أمر على اللئيم يسبني ... فأعف ثم أقول لا يعنيني وقال المتنبي: ليس الغبي بسيد في قومه ... لكن سيد قومه المتغابي ولابن الوردي: وتغافل عن أمور إنه ... لم يفز بالحمد إلا من غفل وقال علي - رضي الله عنه: التغافل يرفع بلاء كثيرًا. 1737- العصمة أن لا تجد. قال في الأصل: ونحوه: "الفقر قيد المجرمين": لم يرد بهذا اللفظ، ويشير إليهما: "إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر" انتهى. والمشهور على الألسنة: "من العصمة" بزيادة: "من". 1738- عفوا تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم1. رواه الطبراني عن جابر والديلمي عن علي مرفوعًا: "لا تزنوا فتذهب لذة نسائكم، وعفوا تعف نساؤكم، إن بني فلان زنوا فزنت نساؤهم". وفي الباب عن غيرهما. وفي البدر المنير للشعراني بلفظ: "عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم"، رواه الطبراني وغيره مرفوعًا. وللعلامة المقري: عفوا تعف نساؤكم في المحرم ... وتجنبوا ما لا يليق بمسلم يا هاتكًا حرم الرجال وتابعًا ... طرق الفساد تعيش غير مكرم من يزن في قوم بألفي درهم ... في أهله يزنى بربع الدرهم إن الزنا دين إذا أقرضته ... كان الوفا من أهل بيتك فاعلم 1739- عفو الله أكبر من ذنوبكم2. رواه العسكري وأبو نعيم والديلمي عن عائشة أنها قالت: "قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- لحبيب بن الحارث".

_ 1 بعض حديث موضوع، رقم "3716". 2 ضعيف: رقم "3718" بلفظ "ذنوبك" بدل "ذنوبكم".

وقال العسكري: أخذه عبد الملك بن مروان فقال على المنبر: "اللهم إنه قد عظمت ذنوبي وكثرت، وإن عفوك لأعظم منها وأكثر". وأخذه الحسن بن هانئ المشهور بأبي نواس فقال: "يا كثير الذنوب عفو الله أكبر من ذنبك". وقال أيضًا ناظمًا لذلك: يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة ... فلقد علمت بأن عفوك أعظم إن كان لا يرجوك إلا محسن ... فمن الذي يدعو ويرجو المجرم أدعوك رب كما أمرت تضرعًا ... فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم مالي إليك وسيلة إلا الرجا ... وجميل عفوك ثم أني مسلم ونقل الدميري في حياة الحيوان أن أبا نواس رؤي في المنام بعد موته فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بتوبتي، وبأبيات قلتها في علتي، وهي هذه الأبيات المذكورة. انتهى. وقد خمستها وزدت عليها أصلا وتخميسًا، فالتخميس: يا رب إني تائب لك توبة ... تمحوا بها ذنبي وأرجو رحمة فأمنن علي بها وأيضا رأفة ... يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم يا رب إني سائل لك موقن ... إن النعيم مصير عبد يؤمن حقًا وأن هو بالخطايا يلعن ... إن كان لا يرجوك إلا محسن فمن الذي يدعو ويرجو المجرم يا رب إني قاصد لك مسرعا ... حتى أكون بباب جودك مشرعا ذنبي فأرجو ستره متضرعا ... أدعوك رب كما أمرت تضرعا فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم يا رب أنت المقتفى والمرتجى ... في كل أمر نبتغيه ويرتجى أنت الرحيم وعفو فضلك مرتجى ... مالي إليك وسيلة إلا الرجا وجميل عفوك ثم إني مسلم ...

والزيادة أصلًا وتخميسًا هي قولي: يا رب فارزقني حياة عابدا ... فيها لوجهك يا إلهي زاهدا حتى أكون مقربًا ومشاهدا ... يا رب قد أقبلت نحوك قاصدا أرجو بمنك أن يصير ترحم ... يا رب فارحمني فأنت المبتغى في كل هول هائل يوم الوغى ... وجميع أحوالي وسامح من طغى يا رب من يقصد سواك ويبتغي ... يوما يشيب الطفل بل والمجرم يا رب إني عاجز ومقصر ... من قبح أفعالي أنا متحير أدعو بفضلك أن يكون تستر ... يا رب فارحم لا يكون تكدر في كل أحوالي فأنت المنعم 1740- عقولهن في فروجهن - يعني النساء. قال في "المقاصد": لا أصل له، ولكن حكى القرطبي في التذكرة عن علي أنه قال: "أيها الناس لا تطيعوا النساء، ولا تدعوهن يدبرن أمرًا يسيرًا، فإنهن إن تركن وما يرين أفسدن الملك وعصين المالك، وجدناهن لا دين لهن في خلواتهن، ولا ورع لهن عند شهواتهن، اللذة بهن يسيرة، والحيرة بهن كثيرة، فأما صوالحهن ففاجرات، وأما طوالحهن فعاهرات، وأما المعصومات فهن المعدومات، فيهن ثلاث خصال من اليهود: يتظلمن وهن ظالمات، ويحلفن وهن كاذبات، ويتمنعن وهن راغبات، فاستعيذوا بالله من شرارهن، وكونوا على حذر من خيارهن". وفي المرفوع: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، و "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أسلب للب الرجل الحازم منكن"، وهن "مائلات مميلات". وما أحسن قول أبي الخطاب بن دحية: "تحفظوا عباد الله منهن، وتجنبوا عنهن، ولا تثقوا بودهن، ولا بوثيق عهدهن، ففي نقصان عقلهن وودهن ما يغني عن الإطناب فيهن". والله أعلم. 1741- علامة الإذن التيسير. قال في "التمييز": كذا ترجم له شيخنا -يعني السخاوي- ولم يتكلم عليه، وليس هو بحديث، وقال القاري وفي رواية: علامة الإجازة تيسير الأمر. انتهى.

وقال النجم: لعله من الحكم، ولا يعرف في المرفوع، وكذلك ما يجري على الألسنة: "إذا أراد الله أمرًا هيأ أسبابه"، نعم من دعائه -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم الطف بي في تيسير كل عسير، فإن تيسير كل عسير عليك يسير، وأسألك التيسير والمعافاة في الدنيا والآخرة"، أخرجه الطبراني عن أبي هريرة. وعند أبي يعلى عن عائشة "سلوا الله كل شيء حتى الشسع"1 فإن الله إن لم ييسره لم ييسر. انتهى. 1742- "علقوا السوط حيث يراه أهل البيت فإنه أدب لهم" 2. رواه الطبراني في "الكبير" عن ابن عباس بسند حسن، كما قال المناوي، وزاد في رواية: كي يرهب عنه الخادم، ورواه البزار عنه بلفظ: "ضع السوط حيث يراه الخادم"، ورواه البخاري في "الأدب المفرد" بسند فيه ابن أبي ليلى -ضعيف- عنه أيضا بلفظ: "علق سوطك حيث يراه أهلك"، ورواه أبو نعيم عن ابن عمر بلفظ الترجمة، ورواه أيضًا بسند فيه عباد بن كثير -ضعيف- عن جابر رفعه: "رحم الله رجلًا علق في بيته سوطًا يؤدب فيه أهله"، وزاد النجم: وعند أبي يعلى عن جابر "رحم الله امرأً علق في بيته سوطه يؤدب به أهله". 1743- علماء السوء جسور جهنم. قال النجم: رواه ابن المبارك في "الزهد" عن ابن عمر "أنه سئل عن شيء فقال: لا أدري ثم أتبعها فقال: أتريدون أن تجعلوا ظهورنا لكم جسورًا إلى جهنم، أن تقولوا أنبأنا بهذا ابن عمر". 1744- علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل. قال السيوطي في "الدرر": لا أصل له، وقال في "المقاصد": قال شيخنا -يعني ابن حجر-: لا أصل له، وقبله الدميري والزركشي، وزاد بعضهم: ولا يعرف في كتاب معتبر، وقد مضى في: "أكرموا حملة القرآن"، كاد حملة القرآن أن يكون أنبياء؛ إلا أنهم لا يوحى إليهم، ولأبي نعيم بسند ضعيف عن ابن عباس رفعه: "أقرب الناس من الدرجة النبوة أهل العلم والجهاد". انتهى.

_ 1 أحد سبور النعل. 2 حسن: رقم "4022".

وأنكره أيضًا الشيخ إبراهيم الناجي، وألف في ذلك جزءًا، وقال النجم: وممن نقله -جازم بأنه حديث مرفوع- الفخر الرازي، وموفق الدين بن قدامة، والإسنوي، والبارزي، واليافعي، وأشار إلى الأخذ بمعناه التفتازاني، وفتح الدين الشهيد، وأبو بكر الموصلي، والسيوطي في "الخصائص"، وله شواهد ذكرتها في "حسن التنبيه" لما ورد في التشبيه. انتهى، وقد يؤيده أنه الواقع. 1745- العلماء ورثة الأنبياء1. رواه أحمد والأربعة وآخرون عن أبي الدرداء مرفوعًا بزيادة: "إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا؛ إنما ورثوا العلم" الحديث، وصححه ابن حبان والحاكم وغيرهما، وحسنة حمزة الكتاني، وضعفه غيرهم؛ لاضطراب سنده، لكن له شواهد؛ ولذا قال الحافظ: له طرق يعرف بها أن للحديث أصلًا، ورواه الديلمي عن البراء بن عازب بلفظ الترجمة وبزيادة: "يحبهم أهل السماء، وتستغفر لهم الحيتان في البحر إذا ماتوا"، ورواه أيضًا بلا سند عن أنس بلفظها، وبزيادة: "وإنما العالم من عمل بعلمه"، وقال النجم: وروى أبو يعلى عن علي: "العلماء مصابيح الأرض، وخلفاء الأنبياء، وورثتي، وورثة الأنبياء". 1746- العلماء قادة، والمتقون سادة، ومجالستهم زيادة2. رواه ابن النجار عن أنس بسند رجاله ثقات. 1747- العلماء يحشرون مع الأنبياء، والقضاة مع السلاطين. قال الصغاني: موضوع. 1748- العلماء أمناء الرسل ما لم يخالطوا السلطان، ويداخلوا الدنيا، فإذا خالطوا السلطان وداخلوا الدنيا فقد خانوا الرسل، فاحذروهم3. وفي رواية للحاكم: "فاعتزلوهم" رواه الحسن بن سفيان، والعقيلي عن أنس، وورد بروايات أخر ذكرها المناوي في الكنوز.

_ 1 بعض حديث ضعيف: رقم "3893" بلا سند عن أنس. 2 موضوع: رقم "3891". 3 ضعف: رقم "3887".

1749- العلماء أمناء الله على خلقه1. رواه القضاعي وابن عساكر عن أنس، ورواه العقيلي في "الضعفاء". وقال العامري: حسن. 1750- العلماء أمناء أمتي2. رواه الديلمي عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-. 1751- العلماء مصابيح الأرض، وخلفاء الأنبياء، وورثتي وورثة الأنبياء3. رواه ابن عدي عن علي -رضي الله عنه-. وهو حديث صحيح كما قال المناوي. 1752- العافية عشرة أجزاء: تسعة في الصمت، والعاشرة في العزلة عن الناس4. رواه الديلمي عن ابن عباس. قال العراقي: حديث منكر. 1753- العافية عشرة أجزاء: تسعة في طلب المعيشة، وجزء في سائر الأشياء5. رواه الديلمي عن أنس -رضي الله تعالى عنه-. 1754- العلم خزائن، ومفتاحها السؤال6. وفي الدرر "ومفاتيحها" بالجمع، رواه أبو نعيم والعسكري بسند ضعيف عن علي مرفوعًا، وقال النجم: قلت: وزاد العسكري: "فسلوا يرحمكم الله؛ فإنه يؤجر فيه أربعة: السائل، والمعلم، والمستمع، والمحب لهم". انتهى.

_ 1 ضعيف: رقم "3888". 2 ضعيف: رقم "3889". 3 ضعيف: رقم "3892". 4 ضعيف: رقم "3838". 5 ضعيف: رقم 3839". 6 بزيادة العسكري، موضوع: رقم "3877".

1755- العلم خير من العبادة، وملاك الدين الورع1. قال النجم: رواه ابن عساكر عن أبي هريرة. وهو عند الخطيب وابن عبد البر عن ابن عباس بلفظ: "العلم أفضل من العبادة"، ورواه أبو الشيخ عن عبادة بلفظ: "العلم خير من العمل، والعالم من يعمل". 1756- العالم والمتعلم في الأجر سواء2. رواه ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد" عن أبي الدرداء موقوفًا بزيادة: "وسائر الناس همج لا خير فيهم". وهو عند الترمذي، وحسنه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 1757- العلم في الصغر كالنقش في الحجر. رواه البيهقي عن الحسن البصري من قوله، وأخرجه ابن عبد البر عنه بلفظ: "طلب الحديث في الصغر كالنقش في الحجر"، ورواه الطبراني في "الكبير" بسند ضعيف، عن أبي الدرداء مرفوعًا بلفظ: "مثل الذي يتعلم في صغره كالنقش على الحجر، ومثل الذي يتعلم في كبره كالذي يكتب على الماء". وللبيهقي في "المدخل" عن إسماعيل بن رافع رفعه: "من تعلم وهو شاب كان كوسم في حجر، ومن تعلم في الكبر كان كالكاتب على ظهر الماء"؛ لكنه منقطع؛ لأن إسماعيل ممن يروي عن سعيد المقبري وغيره من التابعين مع ضعفه، وأخرجه ابن عبد البر كالبيهقي في "المدخل" أيضًا من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "من تعلم القرآن في شبيبته اختلط القرآن بلحمه ودمه، ومن تعلمه في كبره فهو يتفلت منه، ويتركه؛ فله أجره مرتين". ولفظ البيهقي: "من قرأ القرآن"، والباقي نحوه، وروى البيهقي والديلمي عن ابن عباس: من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فهو ممن أوتى الحكم صبيًا. وثبت عنه موقوفًا أنه قال: "ما أوتي عالم علمًا إلا وهو شاب"، وروى ابن عبد البر عن علقمة أنه قال: "أما ما حفظت وأنا شاب فكأني أنظر إليه في قرطاس أو ورقة. ولبعضهم:

_ 1 ضعيف: رقم "3879". 2 بنحوه، ضعيف: رقم "3844" عن أبي الدرداء.

أراني أنسى ما تعلمت في الكبر ... ولست بناس ما تعلمت في الصغر وما العلم إلا بالتعلم في الصبا ... وما الحلم إلا بالتحلم في الكبر ولو فلق القلب المعلم في الصبا ... لأصبح فيه العلم كالنقش في الحجر وما العلم بعد الشيب إلا تعسف ... إذا كل قلب المرء والسمع والبصر وما المرء إلا اثنان عقل ومنطق ... فمن فاته هذا وهذا فقد دمر وهذا محمول على الغالب، وإلا فقد اشتغل جماعة بعد كبرهم ففاقوا في علمهم، وراقوا بمنظرهم، كالقفال والقدوري. ذكره في "المقاصد"، وقال ابن الغرس: لكنه قد يثبت في الكبير بالتكرار الكثير. وشاهده قول القائل: اطلب ولا تضجر من مطلب ... فآفة الطالب أن يضجرا أما ترى الحبل بتكراره ... في الصخرة الصماء قد أثرا 1758- العلم لا يحل منعه1. رواه الديلمي عن أبي هريرة، ورواه القضاعي عن أنس بلفظ: "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أي شيء لا يحل منعه؟ فقال بعضهم الملح، وقال آخر النار، فلما أعياهم قالوا الله ورسوله أعلم، قال ذاك العلم؛ لا يحل منعه"، وقال ابن الغرس: "العلم لا يحل منعه"، ضعيف أورده في الجامع الصغير من حديث أنس، وعزاه للديلمي، وقال النجم: ولنا في المعنى: العلم لا يحل منعه فمن ... يمنعه المحتاج فهو يأثم حاز الذي يحبسه لدرهم ... تجارة ما راج فيها درهم 1759- العلم يسعى إليه. قال ابن الغرس: هو من قول مالك، وقال في "المقاصد" هو معنى قول الإمام مالك: "العلم أولى أن يوقر ويؤتى"؛ قاله للمهدي العباسي حين استدعى به لولديه ليسمعا منه، ويروى بلفظ "العلم يزار ولا يزور ويؤتى ولا يأتي"، وأنه قال لهارون الرشيد -وفي لفظ أنه قال له-: "أدركت أهل العلم يؤتون ولا يأتون، ومنكم خرج العلم وأنتم أولى

_ 1 ضعيف: رقم "3886".

الناس بإعظامه، ومن إعظامكم له أن لا تدعوا حملته إلى أبوابكم". وقال له أيضا حين التمس منه خلوة للقراءة: "إن العلم إذا منع من العامة لأجل الخاصةلم تنتفع به الخاصة"؛ ذكر ذلك كله القاضي عياض في كتابه "المدارك" في ترجمة الإمام مالك. ونقل عن البخاري أنه قال: "العلم يؤتى ولا يأتي". وفي رواية: "العلم يصغى إليه". وفي أمثال العرب: في بيته يؤتى الحكم. 1760- العلم نقطة كثرها الجاهلون. ليس بحديث، بل من كلام بعضهم. 1761- العائد إلى الزاد كالعائد إلى رحمة الله. قال النجم: ليس بحديث، وإن تداوله كثير من الناس، والعود إلى الزاد بعد الشبع مكروه أو حرام قال تعالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31] . 1762- علموا بنيكم السباحة والرمي، ولنعم لهو المرأة مغزلها، وإذا دعاك أبوك وأمك فأجب أمك1. رواه ابن منده في "المعرفة"، والديلمي عن بكر بن عبد الله الأنصاري مرفوعًا، وسنده ضعيف. لكن له شواهد: فعند الديلمي عن بكر بن جابر مرفوعًا: "علموا أبناءكم السباحة والرمي، والمرأة الغزل" ... إلى غير ذلك مما بينه السخاوي في "القول التام في فضل الرمي بالسهام". 1763- علموا ولا تعنفوا2. تقدم في: عرفوا ولا تعنفوا. وله شواهد: منها ما رواه أحمد والبخاري في "الأدب المفرد" عن ابن عباس: "علموا، ويسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا، وإذا غضب أحدكم فليسكت". والله أعلم.

_ 1 ضعف بلفظ: علموا أبناءكم": رقم "3727". 2 ضعيف: رقم "3733" بزيادة "فإن المعلم خير من المعنف".

1764- على الخبير سقطت1. قال في المقاصد هو كلام يقوله المسئول عما يكون به عالما، وجاء عن جماعة منهم ابن عباس -أي وعائشة- مما صح عنه: حيث سئل عن البدنة إذا عطبت، وللبيهقي في "دلائل النبوة": أن أبا حاضر الحضرمي قاله حين سئل عنه وقال النجم قلت رواه أبو داود عن العلاء بن عبد الرحمن قال: "سألت أبا سعيد الخدري عن الإزار فقال على الخبير سقطت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إزرة المسلم إلى نصف الساق ولا حرج -أو لا جناح- فيما بينه وبين الكعبين، ما أسفل من الكعبين فهو في النار، من جر إزاره بطرًا لم ينظر الله إليه". انتهى. 1765- العلم علمان: علم الأديان وعلم الأبدان قال في "الخلاصة": موضوع وكذا ما روي في الذيل مسلسلًا عن الحسن عن حذيفة أنه قال: "سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن علم الباطن ما هو؟ فقال: سألت جبريل عنه فقال: هو سر بيني وبين أحبابي وأوليائي وأصفيائي أودعه في قلوبهم لا يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل"؛ فقد قال الحافظ ابن حجر: موضوع، ولم يلق الحسن حذيفة. ونقل السيوطي في أوائل خطبة كتاب "الطب النبوي" أنه من كلام الإمام الشافعي رضي الله عنه، فاعرفه. 1766- العلم ضالة المؤمن حيث وجده أخذه رواه ابن عساكر 1767- على كل خير مانع قال في التمييز ليس بحديث. ومعناه صحيح، وقال النجم وفي معناه: "على كل كنز مانع ولكل كنز مانع". انتهى، فتأمل. وقال في الأصل هو كلام صحيح بالنظر للشيطان ومكائده وحيله، وقد روى أحمد والنسائي وابن حبان، وصححه عن سبرة بن الفاكه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه فقعد له بطريق الإسلام؛ فقال: أتسلم وتذر دينك ودين آبائك؟ قال فعصاه

_ 1 هو من كلام عائشة رضي الله عنها، كما في صحيح مسلم. 2 انظر في معناه حديث "1159".

فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة؛ فقال: أتهاجر وتذر أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول، قال فعصاه؛ فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد؛ فقال هو جهاد النفس والمال فتقاتل وتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال قال؛ فعصاه، فجاهد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك منهم فمات كان حقًا على الله أن يدخله الجنة، أو قتل كان حقًا على الله أن يدخله الجنة، وإن عقر كان حقًا على الله أن يدخله الجنة، أو وقصته دابته كان حقًا على الله أن يدخله الجنة". انتهى. وقال الشعراني في "البدر المنير": ويؤيده قول الشيطان {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} . انتهى. 1768- "على اليد ما أخذت حتى تؤديه" 1. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم من حديث الحسن عن سمرة مرفوعًا، ورواه أبو داود والترمذي بلفظ "حتى تؤدي"، قال في "التمييز" وصححه الحاكم وحسنه الترمذي والحسن البصري رواية عن سمرة مختلف في سماعه منه، وزاد فيه أكثرهم: "ثم نسي الحسن فقال: هو أمينك لا ضمان عليه". 1769- العمر حصن حصين قال النجم لا يعرف في المرفوع؛ لكن روى أبو نعيم عن يحيى بن أبي كثير والعسكري أنه قيل لعلي: ألا نحرسك؟ قال حرس امرئ أجله. وما أحسن ما قيل: تحصن قوم بالسلاح وإنما بقية آجال الرجال سلاحها 1770- "العم والد" 2. قال النجم: رواه سعيد بن منصور عن عبد الله الوراق مرسلًا، والله أعلم. والمشهور: "العم أب". 1771- عن اللوح سمعت الله من فوق العرش يقول للشيء "كن فيكون" فلا تبلغ النون إلا يكون الذي يكون. قال القاري: موضوع.

_ 1 ضعيف: رقم "3739". 2 حسن،: رقم "4142".

1772- عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة. قال الحافظ ابن حجر: لا أصل له، وقال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث "الإحياء": ليس له أصل في المرفوع؛ وإنما هو من قول سفيان بن عيينة، لكن قال ابن الصلاح في "علوم الحديث": روينا عن أبي عمرو إسماعيل بن مجيد: "أنه ساير أبا جعفر أحمد بن حمدان وكانا عبدين صالحين فقال له: بأي نية أكتب الحديث؟ فقال: ألستم ترون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة؟ فقال: نعم، قال: فرسول الله صلى الله عليه وسلم رئيس الصالحين". انتهى. ولم ينبه على ذلك العراقي في نكته عليه، قال القاري: لكن اللفظ إن كان "تروون" بواوين من الرواية؛ فيدل في الجملة على أنه حديث، وله أصل، وإن كان "ترون" من الرؤية مجهولًا أو معلومًا؛ فلا دلالة فيه. انتهى. وقال الزمخشري في خطبه "رسالة في فضائل العشرة": ورد في صحيح الآثار المسندة عن العلماء الكبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة". انتهى، والله أعلم. 1773- "عليكم بألبان البقر وسمنانها وإياكم ولحومها؛ فإن ألبانها وسمنانها دواء وشفاء ولحومها داء" 1. رواه الحاكم عن ابن مسعود مرفوعًا قال في الأصل: وكتبت فيه جزءًا ومما أوردته فيه ما صح "أنه -صلى الله عليه وسلم- ضحى عن نسائه بالبقر"، ولكن قال الحليمي: هذا ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر ورطوبة لبنها وسمنها؛ فكأنه يرى اختصاص ذلك به، وقال في "التمييز"، وتساهل الحاكم في "تصحيحه"، وقد ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه بالبقر وكأنه لعدم تيسر غيره أو لبيان الجواز؛ وإلا فهو لا يتقرب إلى الله بالداء وقيل: إنما خصص ذلك بالبقر في الحجاز ليبسه ويبوسة لحم البقر ورطوبة ألبانها وسمنها، واستحسن هذا التأويل، وسيأتي في لحوم، وقال النجم في ابن السني وأبو نعيم -كلاهما- في "الطب" والحاكم عن ابن مسعود: "عليكم بألبان البقر؛ فإنها دواء وأسمانها فإنها شفاء، وإياكم ولحومها؛ فإن لحومها داء". ورواه أبو نعيم وابن السني عن صهيب بلفظ "عليكم بألبان البقر؛ فإنها شفاء وسمنها دواء ولحمها داء".

_ 1 في معناه حديث صحيح، رقم "4060".

1774- عليكم بدين العجائز1. قال في "المقاصد": لا أصل له بهذا اللفظ؛ ولكن عند الديلمي عن ابن عمر مرفوعًا "إذا كان آخر الزمان واختلفت الأهواء فعليكم بدين أهل البادية والنساء"، وفي سنده محمد بن البيلماني ضعيف جدًا، قال ابن حبان: حدث عن أبيه بنسخة منها مائتا حديث موضوعة؛ فلا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره إلا للتعجب وقال في الدرر: وسنده واه، وقال القاري: حديث موضوع وعند رزين في جماعة عن عمر بن الخطاب بن الخطاب أنه قال: "تركتكم على الواضحة ليلها كنهارها كونوا على دين الأعراب والغلمان والكتاب"، قال ابن الأثير في "جامع الأصول": أراد بقوله "دين الأعراب والغلمان" الوقوف عند قبول ظاهر الشريعة واتباعها من غير تفتيش وتنقير عن أقوال أهل الزيغ والأهواء، ومثله قوله عليكم بدين العجائز انتهى وحكم الصغاني على حديث "إذا كان آخر الزمان واختلفت الأهواء بالوضع" 1775- عليكم بحسن الخط فإنه من مفاتيح الرزق قال الصغاني: موضوع 1776- "عليك بالرفق وإياك والعنف والتفحش" 2. رواه البخاري في "الأدب"، عن عائشة، ورواه مسلم عن عائشة بلفظ "عليك بالرفق إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه" والخطاب لعائشة. 1777- عليك بأول السوم فإن الربح مع السماح. رواه ابن أبي شيبة وأبو داود في "مراسيله" والبيهقي عن الزهري مرسلًا أنه عليه الصلاة والسلام مر بأعرابي يبيع شيئًا فقال: "عليك بأول سوقه أو بأول السوم" الحديث. 1778- "عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواهًا وأنتق أرحامًا وأسخن أقبالا وأرضى باليسير من العمل" 3. رواه ابن السني وأبو نعيم في "الطب" عن ابن عمر بسند ضعيف.

_ 1 لا أصل له، انظر الضعيفة "53". 2 صحيح: رقم "4042". 3 حسن: رقم "4053".

1779- علي سيد العرب1. تقدم في "سيد العرب علي" الحديث. 1780- علي وفاطمة والحسن أهلي، وأبو بكر وعمر أهل الله، وأهل الله -عز وجل- أفضل من أهلي. الديلمي عن أنس رضي الله عنه. 1781- علي مثل الشمس فاشهد أو دع. رواه الحاكم والبيهقي عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ "إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع"، ورواه الديلمي عنه بلفظ "يا ابن عباس لا تشهد إلا على أمر يضيء لك كضياء الشمس"، ورواه الطبراني والديلمي أيضًا عن ابن عمر، وقال النجم بعد أن عزاه بلفظ الترجمة للسخاوي: لا يعرف بهذا اللفظ وأقول بل لا يظهر المراد منه، فتأمل، وزاد النجم: حديث "على مثلها فاشهد أو فدع" قال: أورده الرافعي بلفظ "أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الشهادة فقال للسائل ترى الشمس؟ قال نعم قال مثلها فاشهد أو فدع"، قال ابن الملقن: وهو غريب بهذا اللفظ. انتهى. 1782- عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة2. رواه البزار عن ابن عمر بسند ضعيف، وأبو نعيم بسند غريب، عن أبي هريرة وابن عساكر، عن الصعب بن جثامة، وعزاه الحافظ ابن حجر في تخريج "مسند الفردوس" للطبراني، عن أبي هريرة قال: وفي الباب عن ابن عمر. 1783- العمائم تيجان العرب3. قال في "المقاصد": رواه أبو نعيم، ومن جهته الديلمي، عن ابن عباس مرفوعًا بزيادة "والاحتباء حيطانها وجلوس المؤمن في المسجد رباطه"، ورواه القضاعي عن علي مرفوعًا.

_ 1 انظر حديث "1513". 2 موضوع: رقم "3810". 3 بعض حديث ضعيف: رقم "3895"، "3896".

وأخرجه البيهقي عن الزهري من قوله بلفظ: "العمائم تيجان العرب والحبوة حيطان العرب والاضطجاع في المساجد رباط المؤمنين"، ورواه الديلمي بلفظ الترجمة، عن ابن عباس بزيادة "فإذا وضعوها وضعوا عزهم"، وفي لفظ عنده: "العمائم وقار المؤمن وعز العرب؛ فإذا وضعت العرب عمائمها؛ فقد خلعت عزها". والله أعلم. ورواه البيهقي بلفظ الترجمة بزيادة "واعتموا تزدادوا حلمًا". قال في الأصل: وفي الباب مما يشبهه بلفظ تعمموا؛ تزدادوا حلمًا، والعمائم تيجان العرب وكله ضعيف ومنه للبيهقي في الشعب عن ابن عباس مرفوعًا: "عليكم بالعمائم فإنها سيما الملائكة وارخوها خلف ظهوركم". وهو عند الطبراني ثم الديلمي، عن ابن عمر ومما لا يثبت؛ ما أورده الديلمي في مسنده عن ابن عمر رفعه بلفظ: "صلاة بعمامة تعدل بخمس وعشرين صلاة، وجمعة بعمامة تعدل سبعين جمعة". وفيه: "إن الملائكة يشهدون الجمعة معتمين ويصلون على أهل العمائم حتى تغيب الشمس". وفي لفظ عنه أيضًا: "جمعة بعمامة أفضل من سبعين بلا عمامة". وعنه -أي: ابن عمر- وعن أبي هريرة معًا: "إن لله -عز وجل- ملائكة وقوفًا بباب المسجد يستغفرون لأصحاب العمائم البيض"، وعن جابر: "ركعتان بعمامة أفضل من سبعين من غيرها". وعن أبي الدرداء: "إن الله وملائكته يصلون على أصحاب العمائم يوم الجمعة"، وعن علي: "العمامة حاجز بين المسلمين والمشركين"، وعن ركانة: "فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس". وبعضه أوهى من بعض، وقد استطرد بعض الحفاظ ممن جمع في العذبة وسدل العمامة بخصوصها لما استحضره من هذا المعنى. 1784- العنب دودو يعني اثنين اثنين والتمر يك يعني واحدة واحدة. قال في المقاصد: هو مشهور بين الأعاجم ولا أصل له، نعم ورد النهي عن القران في التمر -يعني من أحد الشريكين- إلا أن يستأذن صاحبه.

1785- عند جهينة الخبر اليقين1 رواه الخطيب في الرواة عن مالك. ومن طريقه الديلمي عن ابن عمر رفعه: آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة، يقال له جهينة فيقول أهل الجنة: "عند جهينة الخبر اليقين"، وأخرجه الدارقطني في "غرائب مالك"، عن ابن عمر من وجهين، ثم قال هذا الحديث باطل 1786- عند كل ختمة دعوة مستجابة2 رواه أبو نعيم وابن عساكر عن أنس رضي الله تعالى عنه، قال المناوي: في سنده يحيى السمسار كذبه ابن معين وتركه النسائي. 1787- "عودوا المريض". رواه البخاري عن أبي موسى مرفوعًا، وورد في طلب عيادة المريض أحاديث: منها ما رواه الترمذي وقال حسن عن علي رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم يعود مسلمًا غدوة؛ إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية؛ إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة"، والخريف كما قال النووي: التمر المخروف، أي: المجتنى. ومنها ما رواه أحمد عن جابر وأنس رضي الله عنهما وكعب بن مالك وغيرهم -رضي الله عنهم- وهو متواتر بلفظ "من عاد مريضًا خاض في الرحمة حتى يجلس؛ فإذا جلس غمرته الرحمة". والله أعلم. 1788- عودوا كل بدن ما اعتاد وهو بمعنى المشهور عودوا كل جسد ما اعتاد وقال السيوطي في الدرر: رواه أبو محمد الخلال عن عائشة مرفوعًا بلفظ "عودوا بدنًا ما اعتاد". وسيأتي في "المعدة"، وترجم أبو نعيم بقوله: "تعاهدوا العادات"، وأورد فيه حديث "الخير عادة"، وحديث "تعشوا ولو بكف من حشف"، ويندرج فيه قوله صلى الله عليه وسلم في الضب حين أكله خالد بن الوليد دونه صلى الله عليه وسلم: "إنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه".

_ 1 سبق في معناه، انظر حديث رقم "6". 2 موضوع: رقم "3823".

1789- عودوا ألسنتكم خيرًا. قال النجم: لا أعرفه بهذا اللفظ في المرفوع، وقد قيل قديمًا: عود لسانك قول الخير وارض به ... إن اللسان لما عودت معتاد وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن أنس قال: "مر بعيسى بن مريم -عليه السلام- خنزير، فقال: مر بسلام، فقيل له: يا روح الله لهذا الخنزير تقول؟ قال: أكره أن أعود لساني الشر"، وفي الحديث "واخزن لسانك إلا من خير"، أخرجه الطبراني وأبو الشيخ، عن أبي سعيد، وعند الطبراني والحاكم نحوه عن أبي ذر. 1790- عورة سترت ومؤونة كفيت. تقدم في "دفن البنات" معناه، وهو ما رواه الديلمي عن علي مرفوعًا: "للنساء عشر عورات، فإذا تزوجت المرأة؛ ستر الزوج عورة، وإذا ماتت ستر القبر عشر عورات"، وما رواه ابن أبي الدنيا في "العزلة" عن قتادة "أن ابن عباس توفيت له ابنة وأتاه الناس يعزوه، فقال لهم: عورة سترها الله ومؤونة كفاها الله وأجر ساقه الله"، وغير ذلك مما تقدم فراجعه. 1791- عش ولا تغتر. قال النجم: رواه ابن المبارك في الزهد عن قتادة، قال: "سئل ابن عمر عن قول لا إله إلا الله، هل يضر معها عمل كما لا ينفع مع تركها عمل؟ فقاله"، ورواه أيضًا عن ابن الزبير وعبيد بن عمير. قال: وهذا في الأصل مثل يضرب في التوصية والاحتياط والأخذ بالحزم، أي: اجتنب الذنوب ولا ترتكبها اتكالًا على الإيمان". وأصله: أن رجلًا أراد أن يقطع -بفتح العين المهملة- بإبله مفازة ولم يعشها ثقة بما فيها من الكلأ، فقيل له: عش إبلك قبل الدخول فيها؛ فإن كان فيها كلأ لم يضرك، وإن لم يكن؛ قد أخذت بالحزم. انتهى. فقوله: فعش -بفتح العين المهملة وتشديد الشين المعجمة مكسورة- فعل أمر مبني على حذف الياء. والله أعلم. 1792- "العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان" 1. رواه الترمذي وابن السني في "عمل اليوم والليلة"، عن أبي هريرة، وتمامه "فإذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه، فإذا قال آه آه فإن الشيطان يضحك من جوفه، وإن الله

_ 1 بعض حديث، حسن: رقم "4130".

-عز وجل- يحب العطاس ويكره التثاؤب". وفي سنده ضعف كما جزم به في فتح الباري. 1793- العطاس عند الكلام شاهد صدق1. قال النجم: لا يعرف هكذا؛ وإنما أخرجه أبو نعيم، عن أبي هريرة بلفظ "العطاس عند الدعاء شاهد صدق". وللطبراني في "الأوسط"، عن أبي هريرة "من حدث بحديث فعطس عنده فهو حق". وعن أنس: "أصدق الحديث ما عطس عنده". وفي سندهما ضعف. انتهى. 1794- عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم2. ذكره إمام الحرمين في "النهاية"، ثم الغزالي في "الوسيط"، ثم الرافعي في "العزيز". قال ابن الصلاح: هذا حديث غير معروف ولا ثابت فيما علمناه. 1795- عيادة المريض بعد ثلاث3. رواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا، والبيهقي في "الشعب" -كلهم- بسند فيه مسلمة بن علي متروك، عن أنس، وقال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعود مريضًا إلا بعد ثلاث". ولأبي يعلى عن أنس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه؛ فإن كان غائبًا دعا له، وإن كان شاهدًا4 زاره، وإن كان مريضًا عاده". وفي سنده عباد بن كثير ضعيف، وللديلمي عن أنس رفعه في حديث "والعيادة بعد ثلاث"، وله أيضًا بلا سند عن أنس رفعه "المريض لا يعاد حتى يمرض ثلاثة". وللطبراني في "الأوسط"، عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يعاد المريض إلا بعد ثلاث"، وأخرج البيهقي في "الشعب"، وابن أبي الدنيا عن النعمان بن أبي عياش الزرقي -من أبناء الصحابة- أنه قال: "عيادة المريض بعد ثلاث"، وأخرج البيهقي عن الأعمش أنه قال: "كنا نقعد في المجلس فإذا فقدنا الرجل ثلاثة أيام سألنا

_ 1 موضوع، انظر ضعيف الجامع "3868". 2 لا أصل له بهذا اللفظ، انظر الضعيف "74". 3 موضوع، انظر ضعيف ابن ماجه "302". 4 شاهدًا: حاضرًا غير مسافر.

عنه، فإن كان مريضًا عدناه"، وهذا يشعر باتفاقهم على هذا، وبه جزم الغزالي في الإحياء؛ فقال: "لا يعاد المريض إلا بعد ثلاث"؛ لكن الصحيح أنه يعاد من أول يوم، ويدل له ما رواه الطبراني في "الأوسط" عن ابن عباس أنه قال: "عيادة المريض أول يوم سنة فما كان بعد ذلك فتطوع"، وكذا أخرجه البزار لكن بلفظ "فما زاد فهو له نافلة"، ومراده بالسنة: سنة النبي صلى الله عليه وسلمن كما هو الصحيح في المسألة. ولعله أراد أن الزيارة أول يوم متأكدة غاية التأكيد؛ وإلا فهي سنة مطلقًا، وفيها أحاديث: منها ما رواه الديلمي في "مسند الفردوس" عن ابن عمر بلفظ "عيادة المريض أعظم أجرًا من اتباع الجنائز"، ومنها ما رواه الطبراني عن أنس بلفظ "عودوا المرضى ومروهم فليدعوا لكم؛ فإن دعوة المريض مستجابة وذنبه مغفور". 1796- العين الرمدة لا تمس. رواه أبو نعيم عن أبي سعيد الخدري أنه قال: "مثل أصحاب محمد مثل العين، ودواء العين ترك مسها"، وهو ضعيف ، ورواه أيضًا عن سعيد بن المسيب أنه قال: "العين نطفة؛ فإن مسستها رتقت، وإن أمسكت عنها صفت"، وله أيضًا عن أبي إدريس الخولاني: أن أبا مسلم سمع أهل الشام وكادوا أن يتناولوا عائشة؛ فقال: "ألا أخبركم بمثلكم ومثل أمكم؟ كمثل عينين في رأس يؤذيان صاحبهما ولا يستطيع أن يعاقبهما إلا بالذي هو خير لهما". 1797- "العين حق: تدخل الجمل القدر والرجل القبر" 1. رواه أبو نعيم عن جابر مرفوعًا، وحديث "العين حق" -بدون الزيادة- متفق عليه، عن أبي هريرة، والزيادة ضعيفة، وفي رواية لأحمد عن أبي هريرة أيضًا بزيادة "ويحضرها الشيطان وحسد ابن آدم"، ورواه مسلم عن ابن عباس بزيادة "ولو كان شيء سابق القدر؛ سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغتسلوا" ورواه البزار بسند حسن، عن جابر رفعه "أكثر من يموت بعد قضاء الله وقدره بالعين" وعزى في "الدرر": "العين حق" بدون زيادة للبخاري عن ابن عباس، وعزى فيه لأبي نعيم عن جابر: "العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر" بدون لفظ "حق"، فاعرفه ، وفي "اللآلئ": وأما ما اشتهر "العين حق تدخل الجمل القدر والرجل القبر"؛ فرواه أبو نعيم عن جابر، ثم نقل عن ابن عدي أنه قال: بلغني أنه قيل لشعيب: ينبغي أن تمسك عن هذه الرواية فأمسك، وفي الباب عن

_ 1 في معناه حسن: رقم "4144".

ابن عمر وعائشة وآخرين، ولابن السني والبزار عن أنس رفعه "من رأى شيئًا فأعجبه فقال "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"؛ لم يضره"، وفي لفظ "لم تضره العين"، وفي حديث عامر بن ربيعة: "فليدع بالبركة"، وسيأتي في الفاتحة ما له تعلق بذلك. وللديلمي عن أنس رفعه: "شفاء العين الصائبة أن يقال على ماء في إناء نظيف وتسقيه منه ويغسله ويلقنه1: عبس عابس شهاب قابس ردت العين من المعين إليه وإلى أحب الناس عليه {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك: 3] الآية". قال السخاوي في "الأمالي": الثابت أمر المصيب بغسل أطرافه ومغابنه ثم صبه على المصاب، قال في الأصل: ومما جرب لمنع الإصابة من العين تعليق خشب السبستان وهو شجر المخيط؛ ولذا بلغني عن الولي العراقي أنه لم يكن يفارق رأسه، واقتفيت أثره فيه2. 1798- "العينان وكاء السه 3 فمن نام فليتوضأ" 4. رواه أحمد وابن ماجه عن علي، ورواه أحمد وابن ماجه بلفظ "العين" بالإفراد، ورواه البيهقي عن معاوية بلفظ "العين وكاء السه فإذا نامت العين استطلق الوكاء". 1799- "العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان والفرج يزني" 5. رواه أحمد والطبراني بسند جيد، عن ابن مسعود -رضي الله عنه.

_ 1 هذا لا يصح بحال. 2 لا عبرة بكون الشيء مجربا أو فعله فلان وفلان من الناس؛ فالأحكام لا تثبت بمثل ذلك، فالشرع لا يؤخذ إلا عن المعصوم صلى الله عليه وسلم. 3 السه: الدبر. 4 صحيح بلفظ الإفراد: رقم "4149". 5 صحيح: رقم "4150".

حرف الغين المعجمة

حرف الغين المعجمة: 1800- الغرباء ورثة الأنبياء ولم يبعث الله نبيًا إلا وهو غريب في قومه. قال في "التمييز" كالمقاصد: يروى عن أنس مرفوعًا وهو باطلن ويروى "أكرموا الغرباء؛ فإن لهم شفاعة يوم القيامة لعلكم تنجون بشفاعتهم" وبمعناه أحاديث؛ قال شيخنا: ولا يصح شيء من ذلك. انتهى. وقال القاري: ويرده ما في القرآن نحو {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ} [نوح: 1] ، {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً} [الأعراف: 73] ، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4] ، وحصول الغربة لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد الهجرة؛ لا يقتضي صحة الحديث. انتهى، فتأمل. وقال في "المقاصد" أيضًا: في نسخة سمعان بن المهدي روايته عن أنس مرفوعًا، وأخرجه الديلمي عن أبي سعيد مرفوعًا في حديث أوله "الغريب في غربته كالمجاهد في سبيل الله"، وله أيضًا عن ابن عباس رفعه "الغريب إذا مرض فنظر عن يمينه وعن شماله، وعن أمامه وعن خلفه فلم ير أحدًا يعرفه؛ غفر له ما تقدم من ذنبه"، وله أيضًا بلا سند عن ابن عباس رفعه "من أكرم غريبًا في غربته وجبت له الجنة"، ولا يصح شيء من ذلك، وللإمام أحمد بسند فيه ابن لهيعة، عن ابن عمرو مرفوعًا "الغرباء ناس قليلون صالحون". انتهى. ولفظ البدر المنير للشعراني: "الغرباء ناس صالحون قليلون في ناس سوء كثير من ينكرهم ممن يعرفهم". 1801- غبار المدينة شفاء من الجذام. رواه أبو نعيم في "الطب"، عن ثابت بن قيس بن شماس، ورواه ابن السني بلفظ: "يبرئ من الجذام"، ورواه الزبير بن بكار في أخبار المدينة، عن إبراهيم بلاغًا بلفظ "يطفئ الجذام"، وقال المناوي: جاء ذلك عن ابن عمر مرفوعًا، روى رزين عنه: "أنه لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك؛ تلقاه رجال من المخلفين فأثاروا غبارًا فخمروا، فغطى بعض من كان معه أنفه؛ فأزال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللثام عن وجهه وقال: "أما علمتم أن عجوة المدينة شفاء من السم، وغبارها شفاء من الجذام". 1802- غبر الوجوه لو لم يظلموا ظلموا. ليس بحديث؛ بل هو من كلام بعض الناس، وأراد بهم أهل القرى، وليس بصحيح معناه على إطلاقه.

1803- "غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها". رواه أحمد والشيخان عن أنس، والشيخان والنسائي عن سهل بن سعد، ومسلم وابن ماجه عن أبي هريرة، والترمذي عن سهل وابن عباس، وعد هذا الحديث السيوطي من المتواتر ورواه أحمد ومسلم والنسائي عن أبي أيوب بلفظ "غزوة في سبيل الله أو روحة؛ خير مما طلعت الشمس وغربت". 1804- "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" 1 رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد، قال النجم: وبالوجوب أخذ أبو حنيفة وغيره لنا حديث سمرة "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل" أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة في "صحيحه"، وحديث ابن مسعود "الغسل يوم الجمعة سنة" أخرجه الطبراني وأبو نعيم عن ابن مسعود. 1805- غسل الإناء وطهارة الفناء يورثان الغناء2 أورده الديلمي ثم ابنه بلا إسناد عن أنس مرفوعًا: كذا في الأصل، والتمييز، وأخرجه الخطيب وابن النجار في تاريخهما، وهو ضعيف، والمشهور على الألسنة: "لعق الإناء ولقط الفناء يورثان الغناء"، واشتهر أيضًا: "لعق الإناء ولقط الفناء وترك الزناء يورث الغناء" 1806- الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل. رواه الطبراني في "الكبير"، والبيهقي في "الشعب" بسند ضعيف من رواية بهز بن حكيم، عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة مرفوعًا، وفي لفظ للطبراني وأبي الشيخ عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده بلفظ "الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل"؛ لكن له شواهد: منها ما رواه الترمذي بسند ضعيف أيضًا عن أبي سعيد الخدري رفعه "الغضب جمرة في قلب ابن آدم"، ومنها ما رواه أبو داود عن عطية السعدي رفعه: "إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار"، ومنها ما رواه أبو نعيم بسند ضعيف عن معاوية بلفظ "الغضب من الشيطان والشيطان خلق من النار"، ومنها ما رواه أبو الشيخ عن أبي

_ 1 صحيح: رقم "4155". 2 موضوع: رقم "3915".

سعيد بلفظ "الغضب من الشيطان؛ فإذا وجده أحدكم قائمًا؛ فليجلس، وإن وجده جالسا؛ فليضطجع". 1807- الغلاء والرخص بيد الله1. الحديث رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وأبو يعلى، عن ابن عباس، وفي الباب عن أنس وأبي هريرة. 1808- الغناء واللهو ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب2. رواه الديلمي عن أنس مرفوعًا بزيادة "والذي نفسي بيده أن القرآن والذكر لينبتان الإيمان في القلب كما ينبت الماء العشب"، ولا يصح كما قاله النووي وعبارته في فتاويه: "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل"، أخرجه الديلمي عن أنس وأبي هريرة، وقال ابن الغرس: عزاه الغزالي للفضيل بن عياض، وقال أيضًا: نقل شيخنا المناوي عن بعضهم أن المراد بالغناء هنا في الحديث: غنى المال، قال ويؤيده قوله تعالى {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 7] 1809- الغنى غنى النفس. متفق عليه عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ "ليس الغنى في كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس". وللديلمي بلا سند عن أنس رفعه "الغنى غنى النفس والفقر فقر النفس" ، ورواه العسكري عن أبي ذر في حديث أوله "يا أبا ذر أترى أن كثرة المال هو الغنى؟ إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب" وفي النجم: وروى النسائي وابن حبان وابن عساكر عن أبي ذر: "يا أبا ذر أترى كثرة المال هو الغنى؟ إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب من كان الغنى في قلبه فلا يضره ما لقي من الدنيا ومن كان فقره في قلبه فلا يغنيه ما أكثر له في الدنيا؛ وإنما

_ 1 بنحوه عن أنس في الفوائد المجموعة 185/ 1، وبلفظ: "غلاء السعر ورخصه بيد الله" في المجمع "100/ 99/ 4" قال الهيثمي: رواه البزار، وفيه الأصبع بن نباتة، وثقه العجلي وضعفه الأئمة، وقال بعضهم: "متروك". وأما التخريج الذي ذكره المصنف فهو شبيه بتخريج حديث: "إن الله هو المسعر"؛ فلقد أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي، وابن ماجه والدارمي والبزار وأبو يعلى من طريق حماد بن سلمة عن ثابت وغيره عن أنس -بخلاف قول المصنف عن ابن عباس- ولأحمد وأبي داود من حديث أبي هريرة وعن ابن عباس في الطبراني الصغير. انظر تلخيص الحبير 14/ 3. 2 بلفظ: "البقل" عن ابن مسعود، وفي رواية "الزرع" عن جابر بدل "العشب" ضعيف: رقم "3940"، "3941".

يضر نفسه شحها". انتهى. وللعسكري أيضًا من حديث ابن عائشة قال: قال أعرابي: "يسار النفس أفضل من يسار المال، ورب شبعان من النعم عريان من الكرم". وأنشد ابن دريد لسالم بن وابصة: غنى النفس ما يغنيك من سد حاجة ... فإن زاد شيئًا عاد ذاك الغنى فقرا وأنشد يعقوب بن إسحاق الكندي لنفسه: أناف1 الدنايا على الأرؤس ... فغمض جفونك أو نكس وصائل سوادك واقبض يديك ... وفي قعر بيتك فاستجلس وعند مليكك فابغ العلو ... وبالوحدة اليوم فاستأنس فإن الغنى في قلوب الرجال ... وإن التعزز للأنفس وكائن ترى من أخي عسرة ... غني وذي ثروة مفلس ومن قائم شخصه ميت ... على أنه بعد لم يرمس 1810- الغيرة من الإيمان والمذاء من النفاق2. رواه الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا. وفيه: "فقال الرجل من الكوفة لزيد بن أسلم -أحد رجال السند- ما المذاء؟ قال الذي لا يغار على أهله يا عراقي". والمذاء -بالذال المعجمة- كسماء، جمع الرجال والنساء، أو هو الدياثة كالمماذاة فيهما؛ قاله في القاموس. وقال ابن الغرس: الحديث حسن، وروي المماذي، قال ابن الأعرابي: المماذي: القندع وهو من يقود على أهله. انتهى. وعزاه في الدرر للديلمي عن أبي سعيد بالاقتصار على الغيرة من الإيمان. وفي الغيرة أحاديث كثيرة صحيحة منها: "المؤمن يغار والله سبحانه وتعالى يغار وغيرته أن يأتي عبده ما حرم عليه". ومنها: "غيرتان إحداهما يحبها الله، والأخرى يبغضها الله؛ الغيرة في الريبة يحبها الله، والغيرة في غير ريبة يبغضها الله". ومنها: الغيرى لا تدري أعلى الوادي من أسفله، ومنها: "كلوا غارت أمكم" يعني عائشة

_ 1 جمع أنف. 2 ضعيف: رقم "3949".

1811- "الغيبة ذكرك أخاك بما يكره" 1. رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه ومسلم بلفظ "هل تدرون ما الغيبة؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال: إن كان فيه؛ فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقوله؛ فقد بهته". وروى الطبراني عن معاذ بسند ضعيف: "وذكر رجل عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: ما أعجزه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغتبتم صاحبكم"، قالوا يا رسول الله: قلنا ما فيه، قال: "إن قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه". 1812- الغيبة أشد من الزنا. قال الصغاني موضوع. لكن في تخريج أحاديث الديلمي للحافظ ابن حجر قال: أسنده عن جابر. ويشهد له ما في الديلمي عن معاذ بن جبل بلفظ "الغيبة أخو الزنا"، فتدبر. 1813- الغنيمة الباردة الصوم في الشتاء2. رواه الترمذي عن عامر بن مسعود، وقال: أنه مرسل؛ فإن عامر بن مسعود لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وتقدم في حرف الصاد المهملة، عن أنس بلفظ "الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة". 1814- الغناء رقية الزنا. قال القاري في "الموضوعات": هو من كلام الفضيل بن عياض رضي الله عنه. 1815- الغنى اليأس مما في أيدي الناس3. رواه أبو نعيم والقضاعي، عن ابن مسعود وسنده ضعيف.

_ 1 صحيح: رقم "4187". 2 ضعيف: رقم "3947". 3 ضعيف جدًا: رقم "3944".

حرف الفاء

حرف الفاء: 1816- " الفاتحة - وفي لفظ- فاتحة الكتاب لما قرئت له". وقال في اللآلئ: أخرجه البيهقي بإسناده في "شعب الإيمان"، وأصله في الصحيح. وفي مسند عبد بن حميد: "الفاتحة تعدل ثلثي القرآن". وعزا الزركشي ما في الترجمة للبيهقي في "الشعب" قال: وأصله في "الصحيح"، وتعقبه في "الدرر" بأنه لا وجود لهذا الحديث في "الشعب"؛ وإنما الذي فيه عن عبد الله بن جابر "فاتحة الكتاب شفاء من كل داء". وقال في "المقاصد": والذي رأيته في الشعب من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "يا جابر ألا أخبرك بخير سورة في القرآن؟ " قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: "فاتحة الكتاب"، قال راويه علي بن هشام: وأحسبه قال "فيها شفاء من كل داء". وسعيد بن منصور في "سننه" والبيهقي في "شعبه" عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "فاتحة الكتاب شفاء من السم". ورواه الديلمي عن أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعًا، وعنده عن عمران بن حصين مرفوعًا: "في كتاب الله ثمان آيات للعين" وذكر الفاتحة وآية الكرسي. ولأبي الشيخ في الثواب عن عطاء من قوله: "إذا أردت حاجة فاقرأ فاتحة الكتاب حتى تختمها تقضى إن شاء الله تعالى"، ويستأنس لذلك بحديث "خير الدواء القرآن" وما أشبهه. انتهى. وقال القاري: لا أصل له بهذا اللفظ، وكذا غالب فضائل السور التي ذكرها بعض المفسرين. وقال النجم: روى البزار، عن أنس: "إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب؛ فقد أمنت من كل شيء إلا الموت وهو ضعيف". وروى الديلمي عن عمران بن حصين: "فاتحة الكتاب وآية الكرسي لا يقرؤهما عبد في دار فيصيبهم ذلك اليوم عين من جن أو إنس".

وأخرج أحمد والأئمة الستة عن أبي سعيد قال: "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية في ثلاثين راكبًا، فنزلنا بقوم من العرب فسألناهم أن يضيفونا؛ فأبوا، فلدغ سيدهم فأتونا، فقالوا: أفيكم أحد يرقي من العقرب؟ فقلت نعم أنا ولكن لا أفعل حتى تعطونا شياهًا، قالوا فإنا نعطيك ثلاثين شاة، قال: فقرأنا عليها الحمد سبع مرات فبرأ، فلما قبضنا الغنم عرض في أنفسنا منها؛ فكففنا حتى أتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك؛ فقال: "أما علمت أنها رقية اقتسموها واضربوا لي بسهم". وأخرج الإمام أحمد والبخاري عن ابن عباس: "أن نفرًا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مروا بماء فيه لديغ أو سليم؛ فعرض لهم رجل من أهل الحي فقال: هل فيكم من راقٍ؟ إن في الماء رجلًا لديغًا أو سليمًا؛ فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء؛ فبرأ، فجاء بالشاة إلى أصحابه فكرهوا ذلك، قالوا أخذت على كتاب الله أجرًا؛ حتى قدموا المدينة، فقال: يا رسول الله أخذت على كتاب الله أجرًا، فقال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله". وأخرج أبو داود والنسائي وابن السني والحاكم وصححه البيهقي عن خارجة بن الصلت عن عمه أنه أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم أقبل راجعًا من عنده، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال أهله: أعندك ما تداوي به هذا؟ فإن صاحبكم -يعني النبي صلى الله عليه وسلم- قد جاء بخير، قال: فقرأت عليه فاتحة الكتاب ثلاثة أيام في كل يوم مرتين غدوة وعشية أجمع بزاقي ثم أتفل؛ فبرأ؛ فأعطوني مائة شاة، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فقال: "كل، فمن أكل برقية باطلة، فقد أكلت برقية حق". 1817- الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها1. قال النجم: رواه الرافعي في أماليه عن أنس، وعند نعيم بن حماد في كتاب "الفتن" عن ابن عمر بلفظ: "إن الفتنة راتعة في بلاد الله تطأ في خطامها، لا يحل لأحد أن يوقظها، ويل لمن أخذ بخطامها".

_ 1 ضعيف: رقم "4028".

1818- فداك أبي وأمي. قال النجم: قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- لسعد بن أبي وقاص، وقاله للزبير بن العوام كما في "صحيح البخاري" وغيره.. 1819- "الفار من الطاعون كالفار من الزحف" 1. رواه أحمد عن جابر، زاد "ومن صبر فيه كان له أجر شهيد"، وفي لفظ "والصابر فيه كالصابر في الزحف". 1820- فاز باللذة الجسور قال في "المقاصد": لا أعرفه، ويقرب من معناه "التاجر الجسور مرزوق"، وربما يتكلف لشبهه في الجملة، وكل الرزق بالحمق، والحرمان بالعقل والبلاء واليقين بالصبر، وأورده الديلمي بلا سند عن الحسين بن علي مرفوعًا. وقال النجم: هو بعض بيت لمسلم الخاسر وهو: من راقب الناس مات غمًا ... وفاز باللذة الجسور قال: وليس بحديث أصلًا، وعجبت من السخاوي في إيراده مع شهرته شعرًا. 1821- "فاز المخفون". رواه الحاكم وصحح إسناده، وتمام في فوائده "عن أم الدرداء أنها قالت: قلت: لأبي الدرداء ما يمنعك أن تبتغي لأضيافك ما تبتغي الرجال لأضيافهم؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أمامكم عقبة كؤود لا يجوزها المثقلون؛ فأنا أريد أنْ أتخفف لتلك العقبة"، ورواه ابن المظفر في فضائل العباس بزيادة "إن". ورواه الطبراني بسند صحيح عن أم الدرداء بلفظ "قالت: قلت له -تعني أبا الدرداء-: ما لك لا تطلب كما يطلب فلان وفلان، فقال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن وراءكم عقبة كئودًا"، وذكره ابن الأثير في "النهاية" بلفظ: "إن بين أيدينا عقبة كئودًا لا يجوزها إلا الرجل المخف"، ورواه الطبراني أيضًا عن أنس بلفظ "خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا وهو آخذ بيد أبي ذر، فقال: "يا أبا ذر أما علمت أن بين أيدينا عقبة كئودًا لا يصعدها إلا المخفون"، قال رجل: يا رسول الله أمن المخفين أنا أم من المثقلين؟ قال "عندك طعام يوم قال نعم وطعام غد قال نعم

_ 1 بزيادة أحمد، صحيح: رقم "4277".

وطعام بعد غد؟ "، قال: لا، قال: "لو كان عندك طعام ثلاث كنت من المثقلين"، وقال في "المقاصد": ويروى في الحلية لأبي نعيم "في قصة عمر بن الخطاب أنه مر بأويس، وعرض عليه نفقة؛ فأباها، وقال: يا أمير المؤمنين، إن بين يدي ويديك عقبة كؤودًا لا يجوزها إلا كل ضامر مخف"، وقال القاري: فاز المخفون، وفي لفظ "نجا المخفون وهلك المثقلون"، وهو معنى حديث أبي الدرداء رفعه "أمامكم عقبة" ... إلى آخر ما تقدم، وزاد "فأنا أريد أن أتخفف لتلك العقبة"، قال الحاكم: صحيح الإسناد. وما أحسن ما قيل: قالوا تزوج فلا دنيا بلا امرأة ... وراقب الله واقرأ آي ياسينا لما تزوجت طاب العيش لي وحلا ... وصرت بعد وجود الخير مسكينا جاء البنون وجاء الهم يتبعهم ... ثم التفت فلا دنيا ولا دينا هذا الزمان الذي قال الرسول لنا ... خفوا الرحال فقد فاز المخفونا وقال النجم لا يثبت بلفظه لكن بمعناه 1822- الفأل موكل بالمنطق1. ليس بحديث وتقدم في "أخذنا فألك من فيك". 1823- الفرار مما لا يطاق من سنن المرسلين. قال القاري: لا أصل له في مبناه؛ بل باطل باعتبار معناه؛ فإن من اعتقد أن النبي عليه الصلاة والسلام؛ فر فقد كفر، وأما قول موسى عليه الصلاة والسلام {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ} [الشعراء: 21] فهو حكاية عما وقع له قبل النبوة، أما هجرة نبينا فما كان بطريق الفرار؛ بل بطريق الأمر لله تعالى؛ مع أن الفرار لا يقال إلا بعد المغالبة والمقاتلة. والله أعلم. 1824- فضل شهر رجب على الشهور كفضل القرآن على سائر الكلام، وفضل شهر شعبان على الشهور كفضلي على سائر الأنبياء، وفضل شهر رمضان على الشهور كفضل الله على سائر العباد. هو موضوع كما قاله الحافظ ابن حجر في "تبين العجب".

_ 1 سبق في معناه: انظر حديث "154".

1825- فدى الله إسماعيل عليه الصلاة والسلام بالكبش ذكره النجم بحذف لفظ الجلالة وبناء "فدى" للمفعول، وقال: ليس بحديث لكنه كلام صحيح صادق وفي التنزيل {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} 1؛ على أنهم اختلفوا في المراد بالذبيح -بمعنى المذبوح- فقيل إسحاق، وعليه الأكثرون، والأصح، وعليه المحققون: أنه إسماعيل، وتوقف فيه بعضهم كالسيوطي. 1826- "فر من المجذوم فرارك من الأسد". رواه الشيخان عن أبي هريرة، وتقدم في: "اتقوا ذوي العاهات" مع الجمع بينه وبين حديث "لا عدوى". 1827- "فضل العلم خير من فضل العبادة" 2. سيأتي لفقيه واحد قال في "التمييز" لا يتكلم -أي: السخاوي- عليه في الترجمة التي أشار إليها، وأشعر أنه ضعيف، أو لا أصل له، وأقول رواه البزار والطبراني في الأوسط عن حذيفة والحاكم عنه، وعن سعد ابن أبي وقاص لكن بلفظ فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة، وخير دينكم الورع، قال النجم: وتقدم حديث "العلم خير من العبادة" قال: ومن شواهده الأحاديث الواردة في فضل العالم على العابد، قال: وعند ابن عبد البر في فضل العلم بسند ضعيف، عن أنس "قيل: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: "العلم بالله عز وجل"، فقيل: أي الأعمال تزيد؟ قال: "العلم بالله"، فقيل: نسأل عن العمل وتجيب عن العلم، فقال: "إن قليل العمل ينفع مع العلم، وإن كثير العمل لا ينفع مع الجهل". وأطال في ذلك". 1828- "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" 3. رواه الترمذي، وحسنه عن أبي أمامة مرفوعًا "قاله عليه الصلاة والسلام لي وعنده رجلان أحدهما عالم والآخر عابد"، ونقل النجم عن الترمذي أنه صحيح، وقال: وتمامه أن الله عز وجل وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير، وللحارث بن أبي أسامة، عن أبي سعيد "فضل العالم على العابد كفضلي على أمتي"، رواه الخطيب عن أنس: "فضل العالم على غيره

_ 1 الصافات: الآية "107". 2 بلفظ البزار والطبراني عن حذيفة، والحاكم عن سعد، صحيح: رقم "4214". 3 بزيادة الترمذي، صحيح: رقم "4213".

كفضل النبي على أمته"، وابن عساكر، عن ابن عباس "فضل المؤمن العالم على المؤمن العابد سبعون درجة"، رواه أبو يعلى عن عبد الرحمن بن عوف "فضل العالم على العابد بسبعين درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض"، وروى أبو يعلى وابن عدي، عن أبي هريرة: "بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين خطو الجواد المضمر سبعين سنة". 1829- فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة1. رواه الطبراني والقضاعي عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا، وقال العراقي: حديث منكر. 1830- الفطر مما دخل وليس مما خرج2. رواه أبو يعلى عن عائشة، وعلقه البخاري عن ابن عباس من قوله. 1831- "فاطمة بضعة مني". رواه الشيخان عن المسور بن مخرمة، زاد "فمن أغضبها أغضبني"، ورواه أحمد والحاكم والبيهقي عنه بلفظ "فاطمة بضعة" -وفي رواية مضغة بميم مضمومة وبغين معجمة- مني يقبضها ما يقبضني ويبسطني ما يبسطها، وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري". 1832- الفقر شين عند الناس وزين عند الله يوم القيامة3. رواه الديلمي عن أنس. 1833- الفقر راحة والغنى عقوبة والقتل والجهل ضلالة والموت خيمة والمعصية مصيبة. رواه الديلمي عن عائشة في حديث أوله "الموت غنيمة". 1834- الفقر للمؤمن خير من الغنى. أسنده الديلمي عن ابن عمر في حديث أوله "الموت للمؤمن" الحديث. والله أعلم.

_ 1 ضعيف: رقم "3990". 2 ضعيف، انظر التمييز "1547". 3 موضوع، رقم "4035".

1835- الفقر فخري وبه أفتخر. قال الحافظ ابن حجر: باطل موضوع، وقال في "التمييز" كالمقاصد، ومن الواهي في الفقر ما للطبراني، عن شداد بن أوس رفعه "الفقر أزين بالمؤمن من العذار الحسن على خد الفرس" وقال ابن تيمية: كذب، وسنده ضعيف، والمعروف أنه من كلام عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، كما رواه ابن عدي في كامله، والديلمي كمحمد بن خفيف الشيرازي في شرف الفقراء؛ كلاهما عن معاذ بن جبل رفعه: "تحفة المؤمن في الدنيا الفقر"، وسنده لا بأس به، ورواه الديلمي أيضًا عن ابن عمر بسند ضعيف جدًا. 1836- الفقر قيد المجرمين. تقدم في "العصمة أن لا تجد"، وقال النجم: ليس بحديث، وكذلك "القلة قيد الفراعنة"؛ وكأنهما مثلان لكن يدل على معناهما قوله تعالى {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} 1. 1837- الفقر سواد الوجه في الدارين. قال الصغاني: موضوع. 1838- الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا ويتبعوا السلطان؛ فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم2. رواه العسكري عن علي مرفوعًا بسند ضعيف. وقال النجم: وأخرجه العقيلي عن أنس بلفظ "العلماء أمناء الرسل؛ ما لم يخالطوا السلطان ويدخلوا الدنيا؛ فإذا خالطوا السلطان ودخلوا الدنيا؛ فقد خانوا الرسل فاحذروهم"، ورواه القضاعي وابن عساكر عنه بلفظ "العلماء أمناء الله على خلقه"، والديلمي عن عثمان بلفظ "العلماء أمناء أمتي"، وابن عبد البر عن معاذ بلفظ "العالم أمين الله تعالى في أرضه".

_ 1 سورة العلق: الآية "6". 2 ضعيف: رقم "4036".

1839- فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد1. رواه الترمذي وابن ماجه. 1840- فم ساكت رب كاف. ليس بحديث؛ ولكن معناه صحيح وكذا "الله ولي من سكت"؛ قاله في "التمييز" كالأصل. ووجهه القاري على صحة معناه: بأنه مأخوذ من حديث "من صمت نجا، ومن توكل على الله كفاه". ثم قال: قلت: ظاهر التركيب الأول كفر؛ إلا أن يقدر العاطف. انتهى. ويمكن أن يكون من التعداد؛ فلا يحتاج إلى تقدير العاطف. وهو موجود في بعض النسخ ولا كفر فتأمل. 1841- في آخر الزمان ينتقل برد الروم إلى الشام وبرد الشام إلى مصر. قال في الأصل يجري على الألسنة كثيرًا؛ حتى سمعت شيخنا يحكيه بقوله: يقال مع الإفصاح: بأنه لا أصل له. وقد راجعت أنس الشاتي في الزمن العاتي لأبي سعد ابن السمعاني لظني حكايته فيه عن أحد فما وجدته. 1842- الفقراء سراج الأغنياء في الدنيا والآخرة، ولولا الفقراء لهلكت الأغنياء ودولة الأغنياء لا بقاء لها، ودولة الفقراء في الآخرة لا فناء لها. هذا الحديث رواه بعضهم عن أربعين الطوسي. قال العلامة ابن حجر المكي في "الفتاوى الحديثية": وللطوسي من الجلالة ما يمنعه أن يضع في أربعينه حديثًا موضوعًا؛ لكن بلفظ الحديث الذي فيها "سراج الأغنياء في الدنيا والآخرة الفقراء، ولولا الفقراء لهلكت الأغنياء، مثل الفقراء كمثل العصا في يد الأعمى، دولة الأغنياء لا بقاء لها ودولة الفقراء يوم القيامة"، وله شاهد رواه بعضهم بسند ضعيف بلفظ "اتخذوا عند الفقراء أيادي؛ فإن لهم دولة يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة نادى مناد: "سيروا إلى الفقراء فاعتذروا إليهم كما يعتذر أحدكم إلى أخيه في الدنيا". انتهى. وأقول: تقدم عن كثيرين كالحافظ ابن حجر أن هذا لا أصل له

_ 1 موضوع: رقم "3991".

1843- في بيته يؤتى الحكم. قال في "المقاصد" هو من الأمثال الشهيرة لا الأحاديث المأثورة، وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن الشعبي قال "كان بين عمر وأبي بن كعب تدار أي تنازع في شيء، فجعلا حكما بينهما زيد بن ثابت؛ فأتياه في منزله؛ فلما دخلا عليه، قال له عمر: أتيناك لتحكم بيننا - وذكره ثم جلسا بين يديه فقضى بينهما". ومن هنا قيل العلم يسعى إليه كما تقدم في حرف العين. 1844- في الحركات البركات. وفي رواية بالأفراد فيهما. هو من كلام بعض السلف، ويعارضه قوله أيضًا: "الثبات نبات"؛ لكن يؤيد الأول قوله تعالى {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} 1، وقوله تعالى {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} 2، وقوله تعالى {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} 3، وغير ذلك. وفي رسالة للإمام القشيري: سمعت الأستاذ أبا علي -يعني الدقاق- يقول قوله "في الحركة البركة حركات الظواهر توجب بركات السرائر". انتهى. 1845- "في كل ذات كبد حرى أجر". رواه البخاري عن أبي هريرة مرفوعًا، وفي رواية "كل ذات كبد رطبه أجر". وفي الباب عن سراق عند البيهقي بلفظ "في الكبد الحارة أجر". 1846- في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد يستغفر الله إلا غفر له4. قال النجم رواه ابن السني عن أبي هريرة، وأصله في الصحيحين بلفظ "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر الجمعة فقال: "فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي إلا أعطاه وأشار بيده يقللها"، ورواه الترمذي وابن ماجه عن عمرو بن عوف المزني بلفظ "أن في الجمعة ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئًا إلا أعطاه إياه". وفي الباب عن أبي بردة وأنس وجابر وعبد الله بن سلام وأبي سعيد وغيرهم.

_ 1 سورة النساء: الآية "100". 2 سورة الجمعة: الآية "9". 3 سورة المائدة: الآية "48"، سورة البقرة: الآية "148". 4 ضعيف بهذا اللفظ: رقم "4000".

1847- "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام". رواه الشيخان وابن ماجه عن أبي موسى في حديث يأتي في "كان"، ورواه الخطيب عن أنس بلفظ: "فضل الثريد على الطعام كفضل عائشة على النساء". والله أعلم. 1848- "فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب" 1. رواه الأربعة عن أبي الدرداء، كذا في النجم. والذي في "الجامع الصغير" معزو لأبي نعيم عن معاذ بهذا اللفظ. 1849- "فيهما فجاهد". يعني: الوالدين، رواه أحمد والأئمة الستة، عن ابن عمرو: "جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستأذنه في الجهاد، فقال: "أحي والداك؟ " قال: نعم، قال: "فيهما فجاهد". وفي رواية عند مسلم "أقبل رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله، فقال: "هل من والديك أحد حي؟ " قال: نعم، كلاهما، قال: "فتبتغي الأجر من الله؟ " قال: نعم؛ "فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما"، وله عن أبي هريرة "جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأذنه في الجهاد، فقال: "أحي والداك؟ " قال: نعم، قال: "ففيهما فجاهد". وفي الباب غيره، منه ما رواه ابن ماجه والحاكم، وصححه عن معاوية بن جابر عن أبيه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستشيره في الجهاد، قال: "ألك والدة؟ " قلت: نعم، قال: "اذهب فالزمها؛ فإن الجنة عند رجليها"، ورواه الحاكم، وصححه البيهقي عن عبد الله بن عمرو بلفظ "جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يبايعه على الهجرة وترك أبويه يبكيان؛ فقال: "ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما". 1850- "فعل المعروف يقي مصارع السوء" 2. رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج عن أبي سعيد. 1851- "فناء أمتي بالطعن والطاعون" 3. رواه أحمد والطبراني عن أبي موسى.

_ 1 صحيح: رقم "4212". 2 صحيح: رقم "4226". 3 بعض الحديث صحيح: رقم "4231" عن أبي موسى، وابن عمر.

حرف القاف

حرف القاف: 1852- "القبر أول منزل من منازل الآخرة" 1. رواه أحمد والترمذي وحسنه، وابن ماجه والحاكم وصححه، وآخرون عن عثمان بن عفان مرفوعًا وفيه "أن عثمان -رضي الله عنه- كان إذا وقف على قبر بكى حتى تبتل لحيته، فيقال له: تذكر الجنة والنار ولا تبكي وتبكي من هذا، فيقول: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ... " وذكره. 1853- القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار. رواه الترمذي والطبراني عن أبي سعيد، ورواه الطبراني أيضًا، عن أبي هريرة، وكلاهما به مرفوعًا بسند ضعيف 1854- قبر إسماعيل في الحجر. رواه الديلمي بسند ضعيف عن عائشة مرفوعًا. 1855- قاتل الحسين في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل الدنيا. قال الحافظ بن حجر: ورد عن علي رضي الله عنه مرفوعًا من طريق واه. 1856- "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". رواه الشيخان، وأبو داود عن أبي هريرة، ورواه البيهقي عن أبي عبيدة رفعه "قاتل الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب". 1857- "قاتل الله اليهود: حرمت عليهم الشحوم فجملوها 2 ثم باعوها فأكلوا أثمانها". رواه الشيخان عن أبي هريرة وابن عباس، ورواه أحمد والشيخان، والأربعة عن جابر بلفظ "قاتل الله اليهود، إن الله عز وجل لما حرم عليهم الشحوم جملوها ثم باعوها فأكلوا أثمانها".

_ 1 حسن، انظر الصحيح الترمذي "1878". 2 جملت الشحم وأجملته إذا أذبته واستخرجت دهنه، وجملت أفصح من أجملت.

1858- قاتل الله امرأ القيس تكلم بالقرآن قبل أن ينزل. 1859- "قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا" 1. رواه النسائي وابن ماجه والضياء عن بريدة وسنده حسن ورواه ابن ماجه عن البراء بلفظ: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق". 1860- قدرة الشرك لا تغلي. من كلام بعضهم، وقال الشعراني في "البدر المنير": هو من كلام بعض السلف وذلك أغلبي. وفي التنزيل {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} 2، وقدرة بكسر القاف تجمع على قدور، والشرك بمعنى الاشتراك، ولا تغلي من الغليان، وتقدم في حرف الموحدة بلفظ: "برمة الشرك لا تغلي"، وقال النجم: هو من كلام، بعضهم وليس حديثًا وهو منتزع من قوله تعالى {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} 3. انتهى. فتدبره. 1861- "القدرية مجوس هذه الأمة" 4. رواه الطبراني وأبو داود وغيرهما عن ابن عمر مرفوعًا، والقدرية: نسبة إلى القدر بفتح الدال وسكونها، قال النووي في "شرح مسلم": يقال: القدر والقدر -بفتح الدال وسكونها- لغتان مشهورتان، وحكاهما ابن قتيبة عن الكسائي وغيره، قال الخطابي: إنما جعلهم مجوس هذه الأمة لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس من قولهم بالأصلين؛ النور والظلمة، يزعمون أن الخير من فعل النور والشر من فعل الظلمة؛ فصاروا ثنوية، وكذلك القدرية يضيفون الخير إلى الله عز وجل والشر إلى غيره خلقًا وإيجادًا. انتهى. والقدرية هم المعتزلة منسوبون إلى القدر؛ لإنكارهم له وهم فرقتان؛ فرقة زعمت أن الله سبحانه لم يقدر الأشياء ولم يتقدم علمه بها؛ وإنما يعلمها بعد وقوعها، قال النووي وغيره: وكذبوا على الله سبحانه وتعالى عن أقوالهم الباطلة علوًا كبيرًا، فسميت قدرية لإنكارهم القدر، وقد انقرضت هذه الفرقة، وصارت القدرية في الأزمان المتأخرة تعتقد إثبات القدر؛ ولكن تقول الخير من الله والشر من غيره. انتهى ملخصًا.

_ 1 صحيح: رقم "4361". 2 سورة الأنبياء: رقم "22". 3 سورة المائدة: الآية "64". 4 بعض حديث، حسن: رقم "4442" بزيادة: "إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم".

1862- "قدر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف عام". رواه مسلم عن ابن عمر مرفوعًا، وعزاه في "الدرر" لمسلم عن ابن عمر بلفظ "بخمسين ألف سنة". 1863- قدس العدس على لسان سبعين نبيًا آخرهم عيسى ابن مريم1. قال في "المقاصد": رواه الطبراني عن واثلة مرفوعًا، وأبو نعيم في "المعرفة"، ومن طريقه الديلمي، عن عبد الرحمن بن دلهم بزيادة "أنه يرقق القلب ويسرع الدمعة"، وفيه "وعليكم بالقرع فإنه يشد الفؤاد ويزيد في الدماغ". وقال إنه مجهول لا نعرف له صحبة. وفي الباب "عن علي ابن أبي طالب". قال الحافظ: ولا يصح شيء من ذلك؛ فقد حكى الخطيب في تاريخه: أن ابن المبارك سئل عنه فقال "ولا على لسان نبي واحد إنه لمؤذ منفخ من يحدثكم به؟ قالوا مسلم بن سالم قال عمن؟ قالوا عنك قال وعني أيضًا؟ " ونقل ابن الصلاح بطلانه عن ابن المبارك أيضًا "أرفع شيء في العدس أنه شهوة اليهود، ولو قدس فيه نبي واحد لكان من الأدواء؛ فكيف سبعين، وقد سماه الله تعالى أدنى، ونعى على من اختاره على المن والسلوى، وجعله قرين الثوم والبصل، أفترى أنبياء بني إسرائيل قدسوا فيه لهذه العلة، والمضار التي فيه من تهييج السوداء والنفخ والرياح الغليظة وضيق النفس والدم الفاسد وغيره ذلك من المضار المحسوسة؟ "، وقال أبو موسى المديني أيضًا: إنه باطل. وقال في "الدرر": رواه الطبراني من حديث واثلة بن الأسقع، وهو باطل، نص عليه جماعة من الحفاظ كابن المبارك والليث بن سعد وأبي موسى المديني. انتهى. وروي بغير إسناد عن ابن عباس رضي الله عنهما، وذكره بعضهم بحضرة الليث؛ فقال بارك عليه كذا وكذا نبي، وكان الليث يصلي؛ فلما فرغ التفت إليهم؛ فقال: ولا نبي واحد إنه لبارد، إنه ليؤذي. وذكره ابن الجوزي أيضًا في "الموضوعات". 1864- قدمت على كريم. قال النجم: رواه أبو نعيم، عن أحمد بن أبي الحواري، قال: سمعت العباس بن الوليد بن يزيد، وتغرغرت عيناه، وقال: ليت شعري إلى أي شيء تؤدينا هذه الأيام والليالي؟ قال: فحدثت به محمد بن كيسان، قال: تؤدينا إلى السيد الكريم. وقال القرطبي: رأيت على قبر مكتوبًا:

_ 1 باطل، انظر التمييز "933".

إذا ما صار فرشي من تراب ... وبت مجاور الرب الرحيم فهنوني أصيحابي وقولوا ... لك البشرى قدمت على كريم قدمت -بفتح التاء- تقوله الناس عند رؤية الجنازة. 1865- قدموا خياركم تزكو صلاتكم1. رواه الديلمي عن جابر مرفوعًا، ورواه الحاكم والطبراني بسند ضعيف، عن بن أبي مرفد الغنوي رفعه بلفظ "إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم". وفي رواية للطبراني "علماؤكم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم". وللدارقطني عن ابن عباس مرفوعًا: "اجعلوا أئمتكم خياركم؛ فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم". قال في الأصل وما وقع في الهداية للحنفية بلفظ "من صلى خلف عالم تقي فكأنما صلى خلف نبي". فلم أقف عليه بهذا اللفظ. 1866- قدموا قريشًا ولا تقدموها1. رواه الطبراني عن عبد الله بن السائب وأبو نعيم ثم الديلمي عن أنس وآخرون عن غيرهما -كلهم- رفعوه. انتهى. 1867- القر بؤس والحر أذى. رواه العسكري عن ابن عباس عن أبي هريرة، قال السخاوي حديث "الشتاء ربيع المؤمن أصح منه" وتقدم في "الشتاء شدة"، والقر -بضم القاف2 وتشديد الراء- البرد ويقابله الحر، والبؤس -بضم الموحدة وبالسين المهملة- الشدة. 1868- القرآن غنى لا فقر بعده ولا غنى بعده3. أبو يعلى والدارقطني عن أنس مرفوعًا، وقال الدارقطني: رواه أبو معاوية عن الحسن مرسلًا، قال في "المقاصد": وهو أشبه بالصواب.

_ 1 انظر تذكرة الموضوعات "40". 2 بعض أحاديث صحيحة، أرقام "4382"، "4383"، "4384". 3 ضعيف: رقم "4138" وفيه "ولا غنى دونه".

1869- القرآن كلام الله غير مخلوق؛ فمن قال بغير هذا فقد كفر1. قال في "المقاصد": رواه الديلمي عن الربيع بن سليمان. قال ناظر الشافعي حفصًا الفرد -أحد غلمان بشر المريسي- فقال في بعض كلامه: القرآن مخلوق، فقال له الشافعي: كفرت بالله العظيم. وقال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس رفعه قال: "القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال مخلوق؛ فاقتلوه فإنه كافر". قال الشافعي بسنده إلى رافع بن خديج وحذيفة بن اليمان وعمران بن حصين قالوا: "سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ آية، ثم قال: القرآن كلام غير مخلوق، فمن قال غير هذا فقد كفر". انتهى. وقال في "المقاصد": والمناظرة دون الحديث صحيحه، وتكفير الشافعي لحفص ثابت كما ذكره البيهقي في "مناقب الشافعي" و"معرفة السنن"، وغيرهما؛ ولكن الحديث من الوجهين -بل من جميع طرقه- باطل، والسندان مختلقان على الشافعي، قال البيهقي في "الأسماء والصفات": ونقل إلينا عن أبي الدرداء مرفوعًا: "القرآن كلام الله غير مخلوق، وروى ذلك أيضًا عن معاذ وابن مسعود وجابر، ولا يصح شيء من ذلك، ولا ينبغي أن يستشهد به، وسرد من الأدلة المرفوعة لمعنى كون القرآن كلام الله غير مخلوق ما فيه كفاية، وساق عن الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين ما فيه مقنع، وعلى هذا مضى صدر الأئمة لم يختلفوا في ذلك، ثم نقل عن جعفر الصادق في من قال أنه مخلوق: "إنه يقتل ولا يستتاب". وعن علي بن المديني والإمام مالك: "إنه كافر زاد مالك فاقتلوه". وعن ابن مهدي وغيره: "يستتاب، فإن تاب؛ وإلا ضربت عنقه". وقال البخاري في خلق أفعال العباد: "وتواترت الأخبار عن رسول الله أن القرآن كلام الله وأن أمر الله قبل مخلوقاته". قال: ولم يذكر عن أحد من المهاجرين والأنصار والتابعين خلاف ذلك، وهم الذين أدوا إلينا الكتاب والسنة قرنًا بعد قرن، ولم يكن بين أحد من أهل العلم فيه خلاف إلى زمن مالك والثوري وحماد وفقهاء الأمصار، ومضى على ذلك من أدركنا من علماء الحرمين والعراقين والشام ومصر وغيرها. وأطال أبو الشيخ وغيره بذكر الآثار في ذلك. ولكن الاختلاف في تكفير المتأولين المخطئين من أهل الأهواء شهير. وروي عن يحيى بن أبي طالب أنه قال: "من زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر، ومن زعم أن الإيمان مخلوق فهو مبتدع، والقرآن بكل جهة غير مخلوق". وعن عمرو بن دينار

_ 1 باطل مرفوعا من جميع طرقه، انظر التمييز "937".

قال أدركت الناس منذ سبعين سنة يقولون "كل شيء دون الله مخلوق ما خلى كلام الله فإنه منه وإليه يعود". انتهى ما في "المقاصد". وقد حكم بوضع هذا الحديث ابن الجوزي، وتبعه الصغاني. وقال النجم: يروى عن أنس وأبي الدرداء ومعاذ وابن مسعود وجابر بأسانيد مظلمة لا يحتج بشيء منها، كما قال البيهقي في "الأسماء والصفات": والأدلة على أن القرآن كلام الله غير مخلوق كثيرة. وعليه أطبق أهل السنة من السلف والخلف وكفر من قال بخلافه جماعة: منهم جعفر بن محمد الصادق ومالك وعلي بن المدني والشافعي، ومحنة الإمام أحمد فيه مشهورة، وهي في مناقبه مذكورة. انتهى. 1870- "القرآن هو الدواء"1. رواه القضاعي والسجزي عن علي مرفوعًا، وسنده حسن كما قال المناوي، وأخرجه ابن ماجه بلفظ "خير الدواء القرآن". وعند سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني، عن ابن مسعود موقوفًا وابن ماجه والحاكم وصححه البيهقي عنه مرفوعًا "عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن". 1871- "القرآن شافع مشفع" 2. رواه ابن حبان والبيهقي عن جابر، والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود، وزاد "أو ماحل مصدق من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار". وقوله "وماحل مصدق" أي: خصم عادل، أو ساع، ورواه أحمد وابن الأنباري والطبراني والحاكم عن ابن عمرو بلفظ "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول: الصيام أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم في الليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان". 1872- قراءة سورة القلاقل أمان من الفقر. قال في "المقاصد": لا أعرفه، والمراد بها: الكافرون والإخلاص والمعوذتان، وزاد القاري: خامسة وهي "قل أوحي".

_ 1 ضعيف: رقم "4139". 2 بزيادة ابن مسعود، صحيح: رقم "4443".

1873- القرض مرتان في عفاف خير من الصدقة مرة1. أسنده الديلمي عن ابن مسعود مرفوعًا، وفي الباب عن أنس مرفوعًا، ورواه ابن ماجه بسند ضعيف عن بريدة مرفوعًا "من أنظر معسرًا كان له مثل أجر كل يوم صدقة، ومن أنظره بعد أجله كان له مثله في كل يوم صدقة"، ورواه أحمد والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين. وذكره الغزالي في "الإحياء" بلفظ "من أقرض دينًا إلى أجل فله بكل يوم صدقة إلى أجله؛ فإذا حل الأجل فأنظره بعده؛ فله بكل يوم مثل ذلك الدين صدقة". ولابن ماجه بسند ضعيف عن أنس رفعه: "رأيت على باب الجنة مكتوبًا الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر"، وقد تكلم عليه البلقيني في بعض فتاويه فليراجع. 1874- القاص ينتظر المقت والمستمع إليه ينتظر الرحمة. رواه الطبراني والقضاعي عن العبادلة رضي الله عنهم مرفوعًا، وفيه "والتاجر ينتظر الرزق، والمحتكر ينتظر اللعنة، والنائحة ومن حولها من امرأة مستمعة؛ عليهن لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"، وأورده الصغاني بلفظ "القاص ينتظر اللعنة والمحتكر ينتظر اللعنة". وحكم عليه بالوضع، وقال المناوي: في إسناده وضاع. 1875- قص الأظفار. قال في "المقاصد": لم يثبت في كيفيته ولا في تعيين يوم له عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء، وما يعزى من النظم في ذلك لعلي -رضي الله عنه- ثم لشيخنا رحمه الله؛ فباطل عنهما، وقد أفردت لذلك مع بيان الآثار الواردة فيه جزءًا. انتهى. وقد ألف فيه أيضًا الجلال السيوطي، وسماه "الإسفار عن قلم الأظفار"، وأقول: قدمنا الأبيات في حديث آخر أربعاء وذكرناها أيضًا مع أبيات أخر في آخر تحفة أهل الإيمان.

_ 1 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "ح4090". 2 بعض حديث، موضوع: رقم "4132".

1876- "قصوا الشوارب وأعفوا عن اللحى" 1. رواه أحمد عن أبي هريرة، ورواه الطبراني عن الحكيم بن عمير بلفظ "قصوا الشوارب مع الشفاه". 1877- "قاض في الجنة وقاضيان في النار" 2. رواه البيهقي عن بريدة 1878- "القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاض في الجنة؛ قاض قضى بغير حق وهو يعلم فذاك في النار، وقاض قضى وهو لا يعلم فأهلك حقوق الناس فذاك في النار، وقاض قضى بالحق فهو في الجنة" 3. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والطبراني، واللفظ له عن أبي موسى مرفوعًا، وصححه الحاكم وغيره، وأفرد الحافظ ابن حجر طرقه، وهو عند الطبراني وغيره عن ابن عمر موقوفًا، وعند البيهقي أيضًا عن علي موقوفًا، وحكمه الرفع، وذكره في "الجامع الصغير" بلفظ "قاضيان في النار، وقاض في الجنة؛ قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، وقاض عرف الحق فجار متعمدًا، وقاض قضى بغير علم فهما في النار". قال المناوي في "الشرح الصغير": وتمامه "قالوا فما ذنب هذا الذي يجهل؟ قال ذنبه أن لا يكون قاضيًا حتى يعلم". انتهى. 1879- "قطع السدر" 4. رواه أبو داود والبيهقي عن عبد الله بن حبيش -رضي الله عنه- رفعه "من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار". وفي الباب عن جابر مرفوعًا بلفظه، وعن عائشة بلفظ: "أن الذين يقطعون السدر يصبون في النار على رؤوسهم صبًا"، وعن علي رضي الله عنه بلفظ: "لعن الله قاطع السدر"، وعن عمر بن أوس الثقفي بلفظ "من قطع السدر إلا من الزرع؛ صب الله عليه العذاب صبا". وعن عروة بن الزبير مرسلًا بلفظ:

_ 1 حسن: رقم "4392". 2 بنحوه، صحيح: رقم: "4298". 3 بنحوه، صحيح: رقم "4298". 4 بنحوه عن معاوية بن حيدة، صحيح: رقم "4299".

عائشة -المار آنفا-، وقد أخرجها كلها البيهقي، وقال: وكله منقطع وضعيف؛ إلا الأول مع أني لا أدري أسمعه سعيد من ابن حبيش أم لا؟ ثم قال وروي بإسناد آخر موصولا، ثم ساقه من حديث بهز بن حكيم، عن أبيه عن جده رفعه "قاطع السدر يصوب الله رأسه في النار". ولأبي داود عن حسان بن إبراهيم: "سألت هشام بن عروة عن قطع السدر وهو مستند إلى قصر عروة؛ فقال ترى هذه الأبواب والمصاريع؟ إنما هي من سدر عروة كان يقطعه من أرضه وقال لا بأس به"، زاد في رواية "يا عراقي جئتني ببدعة، قال: فقلت: إنما البدعة من قبلكم، سمعت من يقول بمكة: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قطع السدر"، وأشار البيهقي إلى اختصاصها -إن صحت- فنقل عن أبي داود "أنه لعن من قطع سدرة من فلاة يستظل بها ابن السبيل ظلمًا بغير حق". وقال المزني: وجهه أن يكون -صلى الله عليه وسلم- سئل عمن هجم على قطع سدر لقوم أو ليتيم أو لمن حرم الله أن يقطع عليه؛ فتحامل عليه؛ فقطعه، فأجاب بما قاله؛ فسمع من حضر الجواب، ولم يسمع المسألة، ويؤيد الحمل أن عروة أحد رواة النهي، كان يقطعه من أرضه. وقال أبو ثور: سألت الشافعي عن قطع السدر، فقال: لا بأس به؛ فقد روي "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اغسله بماء وسدر" أي: فلو كان حرامًا؛ لم يجز الانتفاع به إذ ورقه كأغصانه؛ فقد سوى النبي فيما حرم قطعه بين ورقه وغيره. وقد ثبت من حديث جرير عن أبي هريرة رفعه "مر رجل بغصن شجرة على ظهر الطريق، فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنة"، ومن حديث الأعمش عن أبي هريرة أيضًا رفعه "لقد رأيت رجلًا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس"، ومن حديث أبي رافع عن أبي هريرة أيضًا رفعه "أن شجرة كانت تؤذي المسلمين فجاء رجل فقطعها فدخل الجنة"، إلى غير ذلك، وورد في "تعزيل الأذى عن الطريق" ما يؤيد ذلك؛ ذكره في "المقاصد". انتهى. 1880- قال لجبريل: هل زالت الشمس؟ قال: لا نعم، قال: كيف؟ قلت لا نعم؟ فقال: من حين قلت لا إلى أن قلت نعم سارت الشمس مسيرة خمسمائة عام. قال القاري: لم يوجد له أصل.

_ 1 مفصل الكلام في ذلك في "رفع الخدر عن قطع السدر" من "الحاوي للفتاوى". نقلًا عن هامش ط. القدسي.

1881- قال لي جبريل: قال الله تعالى: إني قتلت بدم يحيى بن زكريا سبعين ألفًا، وإني قاتل بدم الحسين بن علي سبعين ألفًا وسبعين ألفًا1. رواه الحاكم في مستدركه عن ابن عباس مرفوعًا بأسانيد متعددة تدل على أن له أصلًا كما قال الحافظ ابن حجر. وعزاه النجم إلى الحاكم أيضًا، عن ابن عباس بلفظ: "قال الله لجبريل عليه السلام". 1882- قليل من التوفيق خير من كثير من العلم2. ذكره في "الإحياء"، وقال العراقي: لم أجد له أصلًا، وذكره صاحب الفردوس، عن أبي الدرداء لكن قال العقل بدل العلم، ولم يخرجه ولده في مسنده. انتهى. وقال القاري: وتعقبه بعض المتأخرين بأن ما ذكر في "الفردوس" رواه ابن عساكر، عن أبي الدرداء، ورواه الطبراني عن ابن عمرو بلفظ "قليل الفقه خير من كثير العبادة". 1883- قلب المؤمن حلو يحب الحلاوة3. رواه البيهقي في "الشعب"، والديلمي عن أبي أمامة وابن الجوزي في "الموضوعات"، عن أبي موسى، وقال في "التمييز": لكن ثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يحب الحلوى والعسل. انتهى. واعترضه القاري: بأن هذا صحيح معناه والكلام في ثبوت مبناه، ورواه الديلمي أيضًا عن علي رفعه بلفظ "المؤمن حلو يحب الحلاوة، ومن حرمها على نفسه فقد عصى الله ورسوله، لا تحرموا نعمة الله والطيبات على أنفسكم، وكلوا واشربوا واشكروا؛ فإن لم تفعلوا؛ لزمتكم عقوبة الله عز وجل"؛ لكنه واه. ونقل السيوطي عن البيهقي: أن المتن منكر، وفي سنده مجهول، وأقره، وروى ابن ماجه والطبراني وأبو الشيخ وغيرهم بسند ضعيف عن أنس رفعه "من لقم أخاه المؤمن لقمة حلوى لا يرجو بها ثناءه ولا يخاف بها من شره ولا يريد بها إلا وجهه؛ صرف الله عنه بها حرارة الموقف يوم القيامة"، وحكم ابن الجوزي على ما في الترجمة بالوضع، كما قاله القاري منظور فيه؛ لكن قال النجم وهو حديث موضوع وضعه ابن سليل -أحد رواته- كما نبه عليه الخطيب وغيره.

_ 1 لا يصح، انظر تذكرة الموضوعات "98". 2 لفظ رواية ابن عمرو، بعض حديث، ضعيف جدًا: رقم "4115". 3 موضوع: رقم "4110".

1884- القلب بيت الرب. قال الزركشي والسخاوي والسيوطي: لا أصل له، قال النجم: قلت: رواه ابن ماجه عن أبي عنبسة بلفظ "إن لله آنية من أهل الأرض، وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين، وأحبها إليه ألينها وأرقها". وهو شاهد لما هو دائر على ألسنة الصوفية وغيرهم "ما وسعني سمائي ولا أرضي، ووسعني قلب عبدي المؤمن"، وسيأتي. والله أعلم. 1885- القلب بيت الرب. ليس له أصل في المرفوع والقلب بيت الإيمان بالله ومعرفته ومحبته إلى غير ذلك، وقال في "الدرر" تبعًا للزركشي لا أصل له، وقال ابن تيمية: موضوع، وفي الذيل هو كما قال، وقال القاري: لكن له معنى صحيح كما سيأتي في حديث "ما وسعني أرضي"، وقال في اللآلئ: هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه مثل معنى ما وسعني سمائي ولا أرضي؛ ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن، وسيأتي أنه موضوع، وقيل: أنه إسرائيلي. 1886- قلب المؤمن عرش الله. قال الصغاني موضوع. 1887- قلب المؤمن دليله. ليس بحديث. 1888- قلة العيال أحد اليسارين وكثرته أحد الفقرين1. رواه القضاعي عن علي والديلمي عن عبد الله بن عمرو بن هلال المزني -كلاهما- بالشطر الأول مرفوعًا بسندين ضعيفين، واللفظ بتمامه في "الإحياء"، وقال ابن الغرس: وأوله: "التدبير نصف المعيشة، والتودد نصف العقل، والهم نصف الهرم، وقلة العيال أحد اليسارين". والله أعلم. 1889- قلة الحياء من قلة الدين. رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والشيرازي في الألقاب عن عقبة بن عامر.

_ 1 رواه ابن الغرس سبقت في حديث "926" هو ضعيف: رقم "2505".

1890- "قل الحق وإن كان مرًا". رواه أحمد عن أبي ذر مرفوعًا، وهو صحيح وله شواهد: منها ما أخرجه البيهقي عن جابر مرفوعًا بلفظ "ما من صدقة أحب إلى الله من قول الحق"، وقد صححه ابن حبان في حديث طويل، واشتهر على الألسنة "قل الحق ولو على نفسك" وإليه يشير قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} 1. 1891- "قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن". رواه مالك والشيخان وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد، ورواه البخاري عن قتادة بن النعمان، ورواه مسلم عن أبي الدرداء، والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة، وفي الباب غير ذلك؛ فهو متواتر كما قاله النجم. 1892- "قل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن" 2. رواه الطبراني والحاكم عن ابن عمر بلفظ: "قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وقل يا آيها الكافرون تعدل ربع القرآن. قال: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بهما في ركعتي الفجر، وقال: هاتان الركعتان فيهما رغب الدهر". ورواه أبو أحمد والحاكم في "الكنى" وابن مردويه عنه قال: "رمقت النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين صباحًا في غزوة تبوك يقرأ في ركعتي الفجر "قل يا أيها الكافرون" و"قل هو الله أحد" وهو يقول: نعمت السورتان تعدل واحدة بربع القرآن، والأخرى بثلث القرآن"، ورواه ابن مردويه عن أبي هريرة "من قرأ "قل يا أيها الكافرون" كانت له عدل ربع القرآن"، ورواه الطبراني والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص "من قرأ "قل يا أيها الكافرون" فكأنما قرأ ربع القرآن، ومن قرأ "قل هو الله أحد" فكأنما قرأ ثلث القرآن". 1893- "قل آمنت بالله ثم استقم". رواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه عن سفيان بن عبد الله الثقفي، قال: "قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: "قل.." فذكره. انتهى.

_ 1 سورة النساء: الآية "135". 2 بعض حديث، صحيح: رقم "4405".

1894- "قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" 1. رواه الطبراني وابن عدي والحاكم والبيهقي، عن واثلة به وفي لفظ "أنا عند ظن عبدي بي؛ إن ظن خيرًا فخير وإن ظن شرًا فشر"، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال الله تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني"، ورواه أحمد عنه قال الله تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي: إن ظن خيرًا فله وإن ظن شرًا فله"، ورواه الحاكم عن أنس قال الله تعالى: "عبدي أنا عند ظنك بي وأنا معك إذا ذكرتني". 1895- "قال الله تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" 2. رواه أبو نعيم وابن ماجه عن أبي هريرة، وهو عند مالك ولفظه "يقول الله تعالى: "من عمل عملًا أشرك فيه غيري فهو له كله، وأنا أغنى الأغنياء عن الشركة"، زاد ابن ماجه بعد قوله فهو له كله "وأنا منه بريء". 1896- قال الله تعالى: "أنا الرحمن، خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي؛ فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته" - وفي رواية ومن بتها بتته- " 3. رواه الإمام أحمد والبخاري في "الأدب المفرد" وأبو داود والترمذي، عن عبد الرحمن بن عوف، والحاكم عنه وعن أبي هريرة رضي الله عنه. 1897- قال الله تعالى: "إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا وإذا تقرب إلي ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإذا أتاني مشيًا أتيته هرولة"، وفي لفظ "مشي وأهرول". رواه البخاري عن أنس وعن أبي هريرة ورواه الطبراني عن سلمان. 1898- قال الله تعالى: من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي فليلتمس ربًا سوائي4. رواه الطبراني عن أبي هند الداري ورواه البيهقي عن أنس بلفظ من لم يرض بقضائي وقدري فليلتمس ربًا غيري.

_ 1 صحيح: رقم "4316". 2 صحيح: رقم "4313". 3 صحيح: رقم "4314" وليس فيه "الرحمن". 4 ضعيف، رقم "4058".

1899- قال الله تعالى: "الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النار" 1. وسيأتي في حرف الكاف. 1900- القناعة مال لا ينفد وكنز لا يفنى2. رواه الطبراني والعسكري عن جابر، وكذا عن القضاعي عن أنس لكن بدون "وكنز لا يفنى"، قال الذهبي: وإسناده واه، والمشهور: "القناعة كنز لا يفنى"، وفي القناعة أحاديث كثيرة: منها ما رواه ابن عمر مرفوعًا: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافًا وقنعه الله بما آتاه"، وعن علي في قوله تعالى {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} 3 قال: "القناعة"، وعن سعيد بن جبير قال: "لا نحوجه إلى أحد"، وقال بشر بن الحارث: "لو لم يكن في القنوع إلا التمتع بالعز لكفى صاحبه"، وقال بعض الحكماء: "انتقم من حرصك بالقناعة كما تنتقم من عدوك بالقصاص"، وكان من دعائه -صلى الله عليه وسلم- "اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه"، وللشافعي رضي الله عنه: عزيز النفس من لزم القناعة ... ولم يكشف لمخلوق قناعه أفادتني القناعة كل عز ... وأي غنى أعز من القناعة فصيرها لنفسك رأس مال ... وصيرها مع التقوى بضاعة وله أيضًا: أمت مطامعي فأرحت نفسي ... فإن النفس ما طمعت تهون وأحييت القنوع وكان ميتًا ... ففي إحيائه عرضي مصون إذا طمع يحل بقلب عبد ... علته مهانة وعلاه هون وقال الشاعر: ما ذاق طعم الغنى من لا قنوع له ... ولن ترى قانعًا ما عاش مفتقرا والعرف من مائة تحمد مغبته ... ما ضاع عرف وإن أوليته حجرا ولغيره:

_ 1 انظر حديث "1912". 2 لفظ رواية أنس، ضعيف جدا: رقم "4114". 3 سورة النحل: من الآية "97".

تسربلت أخلاقي قنوعًا وعفة ... فعندي بأخلاقي كنوز من الذهب فلم أر حصنًا كالقنوع لأهله ... وإن يجمل الإنسان ما عاش في الطلب 1901- "قوام أمتي بشرارها" 1. رواه البخاري في تاريخه وعبد الله بن أحمد والطبراني عن أبي المغيرة العجلي البصري، قال: كنت على باب الحسن فخرج رجل من الصحابة، فقال: يا أبا المغيرة، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: فذكره، وأخرجه ابن السكن عن أبي المغيرة المذكور قال: كنت عند الحسن، فلما خرجت من عنده لقيني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له ميمون بن سنباذ. فذكره؛ لكن في إسناده هارون بن دينار مجهول هو وأبوه، وقال ابن عبد البر ليس إسناد حديثه بالقائم؛ لكن أخرجه أبو نعيم من طريق خليفة بن خياط، عن معتمر بن سليمان عن أبيه قال: "كنا على باب الحسن فخرج علينا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويقال له ميمون بن سنباذ" فذكر الحديث بلفظ "ملاك هذه الأمة بشرارها". وأخرجه ابن عدي في "كامله" عن ميمون المذكور ويؤيده حديث "أن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر"، وحديث "أن الله يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم". 1902- قوتوا2 طعامكم3. رواه الطبراني عن أبي الدرداء بسند ضعيف وسيأتي في: كيلوا طعامكم. 1903- القوت لمن يموت كثير4. تقدم في "ارض من الدنيا بالقوت". 1904- "قوموا إلى سيدكم". رواه الشيخان عن أبي سعيد مرفوعًا، والمراد بسيدكم سعد بن معاذ الذي اهتز عرش الرحمن لموته، وفيه دليل على طلب القيام لأهل الفضل ونحوهم على سبيل الإكرام، وقد ألف الإمام النووي رسالة في ذلك أجاد فيها وأنشد فيها لبعضهم:

_ 1 حسن: رقم "4413". 2 عن الأوزاعي أنه تصغير الأرغفة. 3 ضعيف: رقم "4121" بزيادة: "يبارك لكم فيه". 4 سبق في حديث "319".

قيامي والعزيز إليك حق ... وترك الحق ما لا يستقيم فهل أحد له لب وعقل ... ومعرفة يراك ولا يقوم انتهى. وقلت: قيامي على الأقدام حق وسعيها ... للقياك يا فرد الزمان أكيد فقد أمر المختار أنصاره به ... لسعد الذي قد مات وهو شهيد 1905- "قيدها وتوكل" 1. تقدم في "اعقلها"، وقال ابن الغرس: وفي رواية "قيد وتوكل"، وسنده جيد. 1906- "قيدوا العلم بالكتابة" 2. تقدم في "استعن بيمينك". 1907- قيدوا النعمة بالشكر. قال النجم لا يعرف مرفوعًا؛ لكن روى ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: "قيدوا نعم الله بالشكر لله عز وجل، وشكر الله ترك معصيته"، ثم قال وعند ابن أبي شيبة عن ابن عباس في قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} 3 قال: "لا يغير ما بهم من النعمة حتى يعملوا بالمعاصي فيرفع الله عنهم النعم". انتهى. 1908- "قيلوا فإن الشياطين لا تقيل" 4. رواه البزار عن أنس ومر في "استعينوا بطعام السحر". 1909- قلوب الشعراء خزائن الله. قال الصغاني موضوع.

_ 1 حسن رقم: "4433". 2 صحيح: رقم "4434" بلفظ: "قيدوا العلم بالكتاب" وانظر ما سبق في حديث "328". 3 سورة الرعد: الآية "11". 4 حسن: رقم "4431".

1910- "قال سليمان بن داود: والله لأطوفن الليلة على مائة امرأة كلهن يأتين بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله، فطاف عليهن فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق إنسان، والذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركًا لحاجته ". رواه الشيخان وأحمد والترمذي عن أبي هريرة.

حرف الكاف

حرف الكاف: 1911- "كبر كبر". رواه الشيخان عن سهل بن أبي حثمة قال: "انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود بن زيد إلى خيبر -وهي يومئذ صلح- فتفرقا، فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلًا؛ فدفنه، ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل -يعني أخا المقتول- وحويصة ومحيصة ابنا مسعود -وهما ابنا عمهما- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذهب عبد الرحمن يتكلم -وهو أحدث القوم- فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: "كبر كبر فسكت فتكلما"، هذا لفظ البخاري. وأما لفظ مسلم فهو: "ثم أقبل محيصة وأخوه حويصة -وهو أكبر منه- وعبد الرحمن بن سهل فذهب محيصة ليتكلم -وهو الذي كان بخيبر- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له: "كبر كبر" يريد السن؛ فتكلم حويصة" الحديث. والأحاديث في فضل الكبير كثيرة كحديث "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا"، وفي لفظ "ويجل كبيرنا"، وفي آخر "ويوقر كبيرنا"، وكحديث "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم"، وكحديث "ما أكرم شاب شيخًا لسنه؛ إلا قيض الله له في سنه من يكرمه". وأوصى قيس بن عاصم عند موته بنيه: فقال: "اتقوا الله وسودوا أكبركم فإن القوم إذا سودوا أكبرهم خلفوا آباءهم، وإذا سودوا أصغرهم أزرى بهم ذلك في أكفائهم". إلى غير ذلك. ويحكى عن الليث بن أبي سليم أنه قال: "كنت أمشي مع طلحة بن مصرف؛ فتقدمني، وقال: لو علمت أنك أكبر مني بيوم ما تقدمتك". وترجم البخاري في "الأدب المفرد" بلفظ "إذا لم يتكلم الأكبر؛ هل للأصغر أن يتكلم"، وساق حديث ابن عمر: "اخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم"، وأنه منعه من الإعلام بما وقع في نفسه من كونها النخلة وجود أبي بكر وعمر وسكوتهما وقال له أبوه: "لو

قلتها كان أحب إلى.. من كذا وكذا، قال: ما منعني إلا أني لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما فكرهت". وكل هذا لا يمنع التنويه بفضيلة الصغير؛ ففي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه ممن علمتم، فدعاهم ذات يوم فأدخلني معهم، فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم" وذكر الحديث في "إذا جاء نصر الله والفتح"، وفي النجم، وروى الحاكم عن جابر قال: قدم وفد جهينة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقام غلام ليتكلم، فقال: النبي -صلى الله عليه وسلم- "مه فأين الكبير؟! ". وروى الحكيم الترمذي، عن زيد بن ربيع قال: "دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبريل وميكائيل وهو يستاك، فناول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبريل السواك فقال جبريل: كبر" أي: ناول السواك ميكائيل فإنه أكبر. 1912- "الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما ألقيته في النار". رواه مسلم وابن حبان وأبو داود وابن ماجه، عن أبي هريرة مرفوعًا "يقول الله: الكبرياء" الحديث، لكن لفظ ابن ماجه في جهنم وأبي داود: "قذفته في النار"، ومسلم: "عذبته"، ورواه الحاكم بلفظ: "الكبرياء ردائي؛ فمن نازعني ردائي قصمته"، وقال: صحيح على شرط مسلم، وممن أخرجه بلفظ الترجمة القضاعي، عن أبي هريرة بزيادة "يقول الله"، وللحكيم الترمذي عن أنس رفعه بلفظ "يقول الله عز وجل: لي العظمة والكبرياء والفخر والقدر سري؛ فمن نازعني واحدة منهن كببته في النار"، وروى ابن ماجه بلفظ: "الكبرياء ردائي والعز إزاري؛ من نازعني في شيء منهما عذبته". 1913- كبرت الملائكة على آدم أربعًا1. رواه الحاكم عن أنس، وأبو نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما.

_ 1 ضعيف: رقم "4164".

1914- "كتاب الله القصاص". رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أنس رضي الله تعالى عنه. 1915- "كثرة الضحك تميت القلب" 1. رواه القضاعي عن أبي هريرة مرفوعًا، وللعسكري عن أبي هريرة رفعه "اتق المحارم؛ تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك؛ تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك؛ تكن مؤمنًا، وأحب للناس ما تحب لنفسك؛ تكن مسلمًا، ولا تكثر الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب"، ورواه ابن ماجه، عن أبي هريرة بلفظ "لا تكثروا الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب"، وللديلمي عن ابن عمرو مرفوعًا "عليك بصلاة الليل ولو ركعة واحدة؛ فإن صلاة الليل منهاة عن الإثم، وتطفئ غضب الرب تبارك وتعالى، وتدفع عن أهلها حر النار يوم القيامة، وإن أبغض الخلق إلى الله تعالى ثلاثة: الرجل يكثر النوم بالنهار ولم يصل من الليل شيئًا، والرجل يكثر الأكل ولا يسمي الله على طعامه، ولا يحمده، والرجل يكثر الضحك من غير عجب؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب وتورث الفقر"، وللطبراني وابن لال عن أبي ذر: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "يا أبا ذر أوصيك بتقوى الله".. الحديث الطويل، وفيه "وإياك وكثرة الضحك، وعليك بالصمت"، زاد في رواية لغيرهما قول جبريل: "ما ضحكت منذ خلقت جهنم" وسبق في " أكثروا ذكر هادم اللذات": أنه صلى الله عليه وسلم قاله لقوم مر بهم وهم يضحكون ويمزحون. وسيأتي قول عمر: "من كثر ضحكه قلت هيبته"، وقال عبد الله بن ثعلبة: "أتضحك ولعل كفنك قد خرج من عند القصار وأنت لا تدري"، وقال يحيى بن أبي كثير: "قال سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام لابنه: يا بني لا تكثر الغيرة على أهلك؛ فترمي بالشر من أجلك وإن كانت بريئة، ولا تكثر الضحك؛ فإن كثرة الضحك تسخف فؤاد الرجل الحليم، وعليك بالخشية؛ فإنها غاية كل شيء"، وعن بشر الحافي أنه قال لرجل ضحك عنده: "احذر يا ابن أخي لا يؤاخذك الله على هذا"، وقال محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله تعالى {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49] ، قال: "الصغيرة الضحك"، وأوردها كلها البيهقي، ومن كلماتهم "الضحك بلا سبب من قلة الأدب"، ولبعضهم:

_ 1 لفظ العسكري عن أبي هريرة، حسن: رقم "100".

كلما أبديته مباحثة ... قابلني بالضحك والقهقهة إن كان المرء من فقهه ... فالذئب في الصحراء ما أفقهه 1916- كخ كخ. رواه الشيخان عن أبي هريرة بزيادة "ارم بها أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة". والله أعلم. 1917- كاد الحسد أن يغلب القدر1. رواه الطبراني عن أنس وسيأتي قريبًا. 1918- كاد الحكيم أن يكون نبيًا2. رواه الخطيب بسند ضعيف، والديلمي عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا. 1919- كاد الفقر أن يكون كفرًا3. رواه أحمد بن منيع عن الحسن أو أنس مرفوعًا بزيادة: "وكاد الحسد أن يسبق القدر"، وهو عند أبي نعيم في "الحلية" وابن السكن في "مصنفة" والبيهقي في "الشعب" وابن عدي في "الكامل" عن الحسن بلا شك، وفي لفظ عند أكثرهم "أن يغلب" بدل "أن يسبق"، وفي سنده يزيد الرقاشي ضعيف، ورواه الطبراني بسند فيه ضعيف عن أنس مرفوعًا بلفظ: "كاد الحسد أن يسبق القدر، وكادت الحاجة أن تكون كفرًا". وفي "الحلية" في ترجمة عكرمة: "أن لقمان قال لابنه: قد ذقت المرار؛ فليس شيء أمر من الفقر"، وللنسائي وصححه ابن حبان، عن أبي سعيد مرفوعًا: "أنه كان يقول: اللهم إني أعوذ من الكفر والفقر فقال رجل: ويعتدلان؟! قال: نعم"، وهذا أصحهما، وما قبله من المرفوع ضعيف الإسناد. 1920- الكذب يسود الوجه4. رواه البيهقي وأبو يعلى عن أبي برزة، زاد "والنميمة عذاب القبر". وهو بتمامه عند أبي نعيم والطبراني وابن حبان والبيهقي بلفظ: "ألا إن الكذب يسود الوجه". ومعنى

_ 1 في معناه بزيادة: ضعيف: رقم "4152". 2 ضعيف: رقم "4151"., 3 ضعيف بزيادة أنس: رقم "4152". 4 بزيادة أبي برزة، موضوع: رقم "4302".

الحديث شائع في الناس حتى في عوامهم؛ بحيث أن الطفل يزجر عن الكذب ويخوف بسواد الوجه، والمراد به في الآخرة كما قال تعالى {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} 1 ويجوز أن يكون في الدنيا لأن الكاذب يظهر كذبه في الغالب فينفضح؛ فيعبر عن الخجل والفضوح بسواد الوجه. 1921- الكذب مجانب للإيمان2. رواه ابن عدي عن أبي بكر مرفوعًا بلفظ "إياكم والكذب فإنه مجانب للإيمان"، وهو ضعيف، قال الدارقطني في "العلل": رفعه بعضهم ووقفه آخرون، وهو أصح، ولمالك في "الموطأ" عن صفوان بن سليم مرسلًا -أو معضلًا- "قيل يا رسول الله: المؤمن يكون جبانًا؟ قال: نعم قيل يكون بخيلًا؟ قال: نعم قيل يكون كذابًا؟ قال: لا"، ولابن عبد البر في "التمهيد" عن عبد الله بن حراد: "أنه سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- هل يزني المؤمن؟ قال: قد يكون ذلك، قال هل يكذب؟ قال لا"، ورواه ابن أبي الدنيا في "الصمت" مقتصرًا على الكذب، وجعل السائل أبا الدرداء. ولابن أبي الدنيا -في الصمت أيضًا- عن حسان بن عطية قال: "قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تجد المؤمن كذابًا". وللبزار وأبي يعلى، عن سعد بن أبي وقاص رفعه: "يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب". وفي الباب، عن ابن عمر وابن مسعود وأبي أمامة وغيرهم، وأمثلها حديث سعد لكن ضعف البيهقي رفعه، وقال الدارقطني: الموقوف أشبه بالصواب؛ لكن حكمه الرفع على الصحيح؛ لأنه لا مجال للرأي فيه، كذا في "المقاصد"، وقال النجم بعد أن ذكر فيه روايات: وروى ابن أبي الدنيا: "عن عمر قال: لا يكون المؤمن كذابًا". وفي التنزيل {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} 3. 1922- كراهة السفر في المحاق. ذكر ابن معين في جواب سؤالات الجنيد له بسنده إلى علي: أنه كان يكره أن يتزوج أو يسافر إذا نزل القمر في العقرب، وأخرجه الصولي في كتاب الأوراد، عن المأمون عن آبائه، عن ابن عباس "عن علي رضي الله عنهم أنه قال لا تسافروا في محاق الشهر، ولا

_ 1 الزمر: 60. 2 بزيادة أبي بكر، ضعيف: رقم "2209". 3 النحل: 105.

إذا كان القمر في العقرب". قال في الدرر: وهو إسناد صحيح إن احتج بالخلفاء منهم، وهم أربعة. 1923- كرم الكتاب ختمه1. رواه القضاعي عن ابن عباس مرفوعًا بزيادة "إني ألقي إلي كتاب كريم". وأخرجه الطبراني في "الأوسط"، عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا بسند فيه متروك. 1924- كرم المرء دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه2. رواه أبو يعلى والعسكري والقضاعي عن أبي هريرة مرفوعًا. وأورده الحافظ ابن حجر في زوائد تلخيصه لمسند "الفردوس" بلفظ: "حسب المرء دينه ومروءته خلقه"، ولم يذكر صحابيه ولا عزاه، وهو في "الموطأ" عن عمر من قوله. ورواه العسكري عن عمر بلفظ: "الكرم التقوى والحسب المال، لست بخير من فارسي ولا نبطي إلا بتقوى". وعنده وعند الخرائطي في "مكارم الأخلاق" من حديث محمد بن سلام أنه قال: "بينما عمر بن الخطاب يمشي ورجل يخطر بين يديه: أنا ابن بطحاء مكة كديها وكداها3، فقال عمر: إن يكن لك دين فلك كرم، وإن يكن لك عقل فلك مروءة، وإن يكن لك مال فلك شرف؛ وإلا فأنت والحمار سواء". ولابن أبي الدنيا في العقل "عن عمر بن الخطاب، أنه ذكر عنده الحسب فقال: حسب بالمرء دينه وأصله عقله ومروءته خلقة". 1925- الكريم إذا قدر عفا. قال في "المقاصد": رواه البيهقي في "الشعب"، عن أبي هريرة قال: "قال أعرابي: يا رسول الله من يحاسب الخلق يوم القيامة؟ قال: الله، قال: الله؟ قال: الله، قال: نجونا ورب الكعبة، قال: وكيف؟ قال لأن الكريم إذا قدر عفا".

_ 1 ضعيف: رقم "4172" بلفظ: "كرامة الكتاب ختمه". 2 ضعيف: رقم "4173". 3 كدي بالتصغير موضع بأسفل مكة. القاموس.

ثم قال البيهقي: وفيه محمد بن زكريا الغلابي متروك. ويشبه أن يكون موضوعًا؛ ولكنه مشهور -يعني بين الزهاد ونحوهم- وأنا أبرأ من عهدته؛ يعني لا أقول بوضعه ولا بثبوته. وأسند عن أبي سيف الزاهد أنه قال: "ما أحب أن يلي حسابنا غير الله لأن الكريم يجاوز". ومن طريق الثوري قال: "ما أحب أن حسابي جعل إلى والدي؛ ربي خير لي من والدي". وقال النجم: روى ابن أبي الدنيا في "حسن الظن" عن الحسن مرسلًا قال: "أتى أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله من يحاسب الخلق يوم القيامة؟ قال: "الله"، قال: أفلحت ورب الكعبة إذًا لا يأخذ حقه". 1926- الكريم حبيب الله ولو كان فاسقًا1. تقدم في "السخي" وأنه لا أصل له، وقال القاري: حديث "الكريم حبيب الله ولو كان فاسقًا، والبخيل عدو الله ولو كان راهبًا" لا أصل له؛ بل الفقرة الأولى موضوعة لمعارضتها لنص قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222] {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 57] أو {الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 32] . انتهى فليتأمل. 1927- "كسب الحجام خبيث" 2. رواه أحمد والترمذي عن رافع بن خديج، وخبثه لا يقتضي حرمته؛ فقد احتجم عليه الصلاة والسلام وأعطى الحجام أجرته. 1928- كسب المغنيات حرام. أبو يعلى عن علي رضي الله عنه. 1929- كسب الحلال فريضة بعد الفريضة3. رواه الطبراني والبيهقي في "الشعب" والقضاعي عن ابن مسعود مرفوعًا، وقال البيهقي: تفرد به عباد وهو ضعيف؛ لكن له شواهد كثيرة؛ منها ما رواه الطبراني في "الأوسط" عن أنس رفعه، والديلمي بلفظ "طلب الحلال واجب على كل مسلم". ورواه

_ 1 سبق في حديث "886". 2 أخرجه مسلم في "المساقاة". 3 ضعيف، بنحوه في ضعيف الجامع "ح3622".

القضاعي عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: "طلب الحلال جهاد"، ورواه أبو نعيم في "الحلية"، ومن طريقه الديلمي عن ابن عمر. 1930- "كسر عظم الميت ككسر عظم الحي" 1. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وللبيهقي عن عائشة مرفوعًا وحسنه ابن القطان، وقال ابن دقيق العيد: على شرط مسلم، ورواه الدارقطني عنها، وزاد "في الإثم"، وذكره مالك في "الموطأ" بلاغًا عن عائشة موقوفًا، ورواه ابن ماجه من حديث أم سلمة. 1931- كفارة الذنب الندامة2. رواه الطبراني والقضاعي عن ابن عباس مرفوعًا وكذا أسنده الديلمي من جهة الحاكم، قال النجم وتمامه: "ولو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون ليغفر لهم"، ومن شواهده ما عند الحاكم، عن عائشة "ما علم الله تعالى من عبد ندامة على ذنب؛ إلا غفر له قبل أن يستغفر منه". قال: وعند الطبراني والبيهقي عن ابن مسعود "من أخطأ خطيئة أو أذنب ذنبًا ثم ندم فهو كفارته". والله أعلم. 1932- كفارة من اغتبته أن تستغفر له3. رواه الخرائطي في "المساوي"، والبيهقي في "الشعب" والدينوري في "المجالسة" وابن أبي الدنيا وغيرهم عن أنس مرفوعًا ولفظ بعضهم "كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته"، وفي سنده عنبسة بن عبد الرحمن ضعيف جدًا، كما في "المقاصد"، ورواه الخرائطي من وجه آخر عن أنس مرفوعًا بلفظ "إن من كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته، تقول: اللهم اغفر لنا وله"، وهو ضعيف أيضًا لكن له شواهد: فعند أبي نعيم وابن عدي في "الكامل" عن سهل بن سعد مرفوعًا بلفظ "من اغتاب أخاه فاستغفر له؛ فهو كفارة له"، وفي سنده سليمان بن عمرو النخعي اتهم بالوضع، وعند الدارقطني بسند فيه حفص الأيلي ضعيف، عن جابر رفعه "من اغتاب رجلًا ثم استغفر له من بعد ذلك غفرت له غيبته". ورواه البيهقي عن أبي هريرة بلفظ "الغيبة تخرق الصوم، والاستغفار يرفعه؛ فمن استطاع منكم أن يجيء غدًا بصومه مرقعًا فليفعل". قال عقبة: موقوف وسنده

_ 1 بنحوه، صحيح: رقم "4478"، وبزيادة "في الإثم"، ضعيف: رقم "4175". 2 بعض حديث، ضعيف، رقم "4194". 3 موضوع: رقم "4195".

ضعيف. وعن ابن المبارك: "إذا اغتاب رجل رجلًا فلا يخبره؛ ولكن يستغفر له"، وعن محبوب قال: "سألت علي بن بكار عن رجل اغتبته ثم ندمت، قال لا تخبره فتغري قلبه؛ ولكن ادع له واثن عليه حتى تمحو السيئة بالحسنة". وللحاكم وصححه والبيهقي، وقال: إنه أصح مما قبله عن حذيفة قال: "كان في لساني ذرب1 على أهلي لم يعدهم إلى غيرهم، فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أين أنت عن الاستغفار يا حذيفة؟ إني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة"، قال في "المقاصد": وهو عند البيهقي بنحوه من حديث أبي موسى. وبمجموع هذه يبعد الحكم عليه بالوضع؛ وإن كان أصح منه حديث أبي هريرة رفعه: "من كانت عنده مظلمة لأخيه فليستحله منها". نعم روي: "عن ابن سيرين أنه قيل له: إن رجلًا قد اغتابك فتحله؟ قال ما كنت لأحل شيئًا حرمه الله تعالى"، وقال في "التمييز": حديث الترجمة ضعيف وله شواهد ضعيفة. 1933- كفى بالدهر واعظًا وبالموت مفرقًا2. رواه العسكري بسند فيه ابن لهيعة، وهو ضعيف عن أنس قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال إن فلانًا جاري يؤذيني، فقال: اصبر على أذاه وكف عنه أذاك، قال: فما لبث إلا يسيرًا إذ جاء فقال: يا رسول الله إن جاري ذاك مات". فذكره. ورواه الطبراني والبيهقي والقضاعي والعسكري أيضًا عن عمار بن ياسر رفعه بلفظ "كفى بالموت واعظًا، وكفى باليقين غنى، وكفى بالعبادة شغلًا". ولابن أبي الدنيا مرسلًا "كفى بالموت مفرقًا". وللطبراني والبيهقي بسند ضعيف، عن عمار بن ياسر، رفعه: "كفى بالموت واعظًا". وهو مشهور من قول الفضيل بن عياض قاله البيهقي في الزهد. خاتمة: نقش خاتم عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كفى بالموت واعظًا يا عمر. انتهى.

_ 1 الذرب بالتحريك: فساد اللسان وبذاءته. انظر القاموس. 2 ضعيف: رقم "4176".

1934- "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت" 1. عزاه صاحب الأصل لصحيح مسلم. واعترضه في "التمييز"؛ فقال الذي في صحيح مسلم "كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته". وأما لفظ الترجمة فرواه النسائي وأبو داود بسند صحيح. انتهى. وأقول: والمشهور بمعناه على الألسنة: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول". بل هي رواية الحاكم رضي الله عنه كما في النجم. 1935- كفى بالشيب واعظًا. رواه الديلمي عن ابن عباس، ويشير إليه قوله تعالى {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} 2 وما أحسن ما قيل: "كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيًا". 1936- "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع" 3. رواه مسلم في مقدمة "صحيحه" عن أبي هريرة مرفوعًا، وعن عمر "بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع"، وأخرجه القضاعي عن أبي أمامة رفعه بلفظ "كفى بالمرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع". وكذلك العسكري، عن أبي أمامة بهذا اللفظ. وزاد "وكفى بالمرء من الشح أن يقول آخذ حقي لا أترك منه شيئًا". وفي معناه ما رواه العسكري عن الأصمعي قال: "أتى أعرابي قومًا فقال لهم: هل لكم في الحق أو فيما هو خير منه؟ قالوا: وما خير من الحق؟ قال: التفضل والتغافل أفضل من أخذ الحق كله". وقال الأصمعي تقول العرب: "خذ حقك في عفاف وافيا أو غير واف". قال وأنشدني عمي بهذا الأثر: وقومي إن جهلت فسائليهم ... كفى قومي بصاحبهم خبيرا هل أعفو عن أصول الحق فيهم ... إذا عثرت وأقتطع الصدورا

_ 1 حسن: رقم "4481". 2 فاطر: 37. 3 بنحوه، صحيح: رقم "4480"، وفيه "إثمًا" بدلا من "كذبًا".

بل روي بسند حسن عن أبي هريرة مرفوعًا: "خذ حقك في عفاف وافيًا، وغير وافٍ"، وعن أنس مثله. وأوله "مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل يتقاضى دينه رجلًا، وقد ألح عليه في الطلب؛ فقاله النبي صلى الله عليه وسلم للطالب". وأخرجهما العسكري والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم، وصححه عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم بلفظ "من طلب حقًا فليطلبه في عفاف وافيًا أو غير وافٍ". والله أعلم. 1937- كفى بالمرء نصرة أن يرى عدوه يعصي الله. قال السيوطي: هو من كلام جعفر الأحمر. كما رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق. 1938- كفى بالمرء نصرًا أن ينظر إلى عدوه في معاصي الله عز وجل1. رواه في "مسند الفردوس" عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه. 1939- كفى بالمرء إثمًا أن يشار إليه بالأصابع2. رواه البيهقي عن عمران بن حصين بزيادة "إن كان خيرا، فهي مذلة -إلا من رحم الله- وإن كان شرًا؛ فهو شر"، وفي سنده ضعيف. 1940- كفى بالمرء من الشر أن يشار إليه بالأصابع3. قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث "مسند الفردوس": أسنده الديلمي عن ابن عمر وعن أنس، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" من حديث عمر أن ابن حصين بلفظ آخر. انتهى. 1941- كف عن الشر يكف الشر عنك4. قال القاري: لا يعرف له أصل؛ لكن قال في "المقاصد": ليس في المرفوع، ولكنه في "المجالسة" للدينوري عن عبد الله ابن جعفر الرقي قال: "وشى واشٍ برجل إلى الإسكندر.

_ 1 ضعيف: رقم "4188". 2 ضعيف جدًا، رقم "4180". 3 ضعيف جدًا، رقم "4186". 4 لفظ ابن أبي الدنيا عن أبي ذر، صحيح: رقم "4490".

فقال: أتحب أن نقبل منك ما قلت فيه على أن نقبل منه ما قال فيك؟ فقال: لا، فقال له ذلك". ورواه ابن أبي الدنيا، عن أبي ذر بلفظ "كف شرك عن الناس؛ فإنها صدقة منك على نفسك". وقال النجم: وفي معناه ما عند الدارقطني والخطيب، عن أبي هريرة والطبراني عن أبي الدرداء: "إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه ومن يتق الشر يوقه". 1942- كل آت قريب1. رواه ابن مردويه عن ابن مسعود مرفوعًا وموقوفًا ولفظه "ألا لا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم، ألا إن كل ما هو آت قريب، ألا إنما البعيد ما ليس بآت". وروى البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن شهاب مرسلًا: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خطب: كل ما هو آت قريب، لا بعد لما هو آت، لا يعجل الله لعجلة أحد ولا يخلف لأمر أحد، ما شاء الله لا ما شاء الناس، يريد الله أمرًا ويريد الناس أمرًا، وما شاء الله كائن ولو كره الناس، لا مبعد لما قرب الله، ولا مقرب لما بعد الله، ولا يكون شيء إلا بإذن الله". وعزاه في "المقاصد" للقضاعي، عن زيد الجهني قال: تلقنت هذه الخطبة من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرها وفيها: "كل ما هو آت قريب". 1943- الكلام صفة المتكلم2. قال في "المقاصد": كلام ليس على إطلاقه؛ فقد يخاطب المرء غيره بما يؤذيه ويستعيبه ويخرجه بما هو متصف به مما هو غير مرتكبه أو بصفة بالحفظ ونحوه مما ليس متلبسًا به؛ على أنه يحتمل أن يكون صفته ذم القبيح ومدح الحسن، ونحوه، كل إناء بما فيه يطفح. انتهى، وأقول المشهور: وكل إناء بالذي فيه ينضح 1944- الكلام على المائدة. قال في "المقاصد": لا أعلم فيه شيئًا نفيًا ولا إثباتًا، نعم جاءت أحاديث في تعليم أدب الأكل؛ من التسمية؛ والأكل مما يليه؛ والجولان باليد إن كان ألوانًا كالرطب ونحوه،

_ 1 ضعيف، انظر ضعيف ابن ماجه "ح3" مطولًا. 2 ليس بحديث، انظر التمييز "986".

وغير ذلك كإلقاء النوى بين يدي غير آكل ثمره، مما لعله لا يخلو عن كلام، وربما يلتحق به مؤانسة الضيف، سيما بالحض على الأكل؛ ولكن علل عدم استحباب السلام على الأكل بأنه ربما اشتغل بالرد فيحصل له ازورار. وفي آخر مناقب الشافعي للحاكم من قول الشافعي: إن من الأدب على الطعام قلة الكلام. انتهى كلام "المقاصد". وفي قوله كإلقاء النوى ... إلخ سيئ، وحقه أن يقول كعدم إلقاء النوى. فافهم. 1945- "كلكم حارث وكلكم همام". قال في "التمييز": ليس بحديث ويقرب منه "أصدق الأسماء حارث وهمام". وقال النجم تبعًا للمقاصد: ذكره الحريري في صدر مقاماته وجعله مقولة. والوارد ما عند البخاري في "الأدب" وأبي داود والنسائي عن أبي وهب الجشمي، وكانت له صحبة تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة. قال المنذري وإنما كان حارث وهمام أصدق الأسماء؛ لأن الحارث الكاسب والهمام الذي يهيم مرة بعد أخرى وكل إنسان لا ينفك عن هذين. والله أعلم. 1946- "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته". رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا. 1947- "الكلمة الطيبة صدقة" 1. رواه أحمد وأبو الشيخ والقضاعي وغيرهم عن أبي هريرة مرفوعًا وهو بعض الحديث، صححه ابن خزيمة وابن حبان. 1948- كلوا الباذنجان فإنه دواء لا داء فيه2. تقدم أن أحاديث الباذنجان موضوعة ولم أره في شيء من الكتب بهذا اللفظ سوى رسالة مجهولة ذكره مؤلفها عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير عزو لأحد ولا سند، وتقدم الكلام على ذلك مبسوطًا في الباذنجان، وإن أحاديثه موضوعة فراجعه.

_ 1 جزء من حديث، أخرجه في الصحيحين من حديث أبي هريرة. 2 سبق في حديث رقم: "874".

1949- كلوا الزبيب، فإنه ينشف المرة، ويذهب البلغم، ويشد العصب، ويحسن الخلق، وهو يطيب النفس، ويذهب الهم والغباوة. لم أره إلا في رسالة مجهولة مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر فيها "أن تميمًا الداري أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم طبقًا من زبيب، فلما وضع بين يديه قال لأصحابه: كلوا بسم الله، نعم الطعام الزبيب، يطفئ الغضب ويشد العصب ويصفي اللون ويذهب الوصب"، وذكر فيها أيضًا عن علي رضي الله عنه "أنه قال من أكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء لم ير في جسده شيئًا يكرهه". انتهى. ولوائح الوضع عليها ظاهرة فليراجع. 1950- كلوا العنب حبة حبة فإنه أهنأ وأمرأ1. الديلمي عن علي رضي الله عنه. 1951- "كلوا الثوم وتداووا به؛ فإن فيه شفاء من سبعين داء" - الحديث2. رواه أبو نعيم عن علي، وفي "الجامع الصغير": "كلوا الثوم نيئًا فلولا أني أناجي الملك لأكلته"، رواه أبو نعيم وأبو بكر في الغيلانيات عن علي رضي الله تعالى عنه. 1952- كلوا الخس فإنه يهضم الطعام - الحديث. الديلمي عن علي. 1953- "كلوا اليقطين" - الحديث. وفيه ذكر يونس "وإذا اتخذتم مرقًا فليكثر من الدباء فإنه يزيد في العقل". الديلمي عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما. 1954- "كلوا النبق فلو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذا". الحديث. رواه الديلمي عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه.

_ 1 تذكرة الموضوعات "152". 2 بنحوه، صحيح: رقم "4493".

1955- "كلوا الزيت وادهنوا به فإنه مبارك" 1. أحمد والترمذي وابن ماجه عن عمر، وفي الباب عن غيره، ومنه -كما في "الجامع الصغير" - ما رواه ابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة بلفظ: "كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة"، ومنه "كلوا الزيت وادهنوا به؛ فإن فيه شفاء من سبعين داء منها الجذام". رواه أبو نعيم في الطب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. 1956- كل ما شئت والبس ما شئت، ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة. هذا من كلام ابن عباس كما قال البيضاوي وغيره. وقال الخفاجي في حواشيه: حديث صحيح أخرجه ابن أبي شيبة وغيره. وقوله "كل ما شئت" أي: ما هو حلال، وهذا لا ينافي ما ذكره الثعالبي، وغيره من الأدباء، أنه ينبغي للإنسان أن يأكل ما يشتهي، ويلبس ما يشتهيه الناس كما قيل: نصيحة نصيحة قالت بها الأكياس كل ما اشتهيت والبسن ما تشتهيه الناس فإنه لترك ما لم يعتد بين الناس، وهذا لإباحة ترك ما اعتادوه. انتهى. 1957- كل ما أصميت ودع ما أنميت2. رواه الطبراني عن ابن عباس، وهو حديث حسن والمعنى: كل الصيد الذي رميته بسهم؛ فمات في مكانه، قبل أن يغيب عنك، واترك ما رميت بسهم؛ فأصابه، ثم غاب فمات. 1958- كل الناس أفقه منك يا عمر3. قاله رضي الله عنه موبخًا لنفسه تواضعًا، وسيأتي قريبًا لذلك حكاية في: كل أحد أفقه من عمر.

_ 1 لفظ الحاكم عن أبي هريرة، صحيح: رقم "4498"، وبزيادة "فإن فيه شفاء من سبعين داء، منها الجذام"، ضعيف: رقم "4207". 2 ضعيف جدًا، رقم "4201". 3 سيأتي، انظر الحديث "1960".

1959- "كل من يدخل الجنة على صورة آدم عليه السلام وطوله ستون ذراعًا". رواه الشيخان عن أبي هريرة، وروى الطبراني بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه: "يدخل أهل الجنة الجنة جردًا مردًا بيضًا مكحلين، أبناء ثلاث وثلاثين، وهم على خلق آدم طوله ستون ذراعًا في عرض سبعة أذرع"، وفي رواية للترمذي وغيره: "من مات من أهل الدنيا من صغير أو كبير يردون أبناء ثلاث وثلاثين سنة في الجنة لا يزيدون عليها أبدًا، وكذلك أهل النار". انتهى فتأمل. 1960- كل أحد أعلم -أو أفقه- من عمر1. قاله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعد أن خطب ناهيًا عن المغالاة في أصداق النساء، وأن لا يزدن على أربعمائة درهم؛ فقالت له امرأة من قريش: أما سمعت الله تعالى يقول: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً} 2. رواه أبو يعلى في "مسنده الكبير" عن مسروق قال: "ركب عمر منبر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أيها الناس ما إكثاركم في صدق النساء؟! كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الصداق بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك، فلو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو مكرمة لم تسبقوهم إليها؛ فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق على أربعمائة درهم، ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين، نهيت الناس أن يزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم؟ قال: نعم، فقالت: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن؟ قال: وأي ذلك؟ فقالت: أما سمعت الله يقول {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} ؟! 3 قال: فقال: اللهم عفوًا، كل الناس أفقه من عمر!.

_ 1 صح قول عمر رضي الله عنه: "لا تغالوا في صدقات النساء"، وأما اعتراض المرأة عليه بقولها: "نهيت الناس آنفًا أن يغالوا في صداق النساء، والله تعالى يقول في كتابه: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ} "؛ فهو ضعيف منكر، انظر الإرواء "347/ 6، 348". 2 النساء: 20. 3 النساء: 20.

ثم رجع فركب المنبر؛ فقال: يا أيها الناس، إني كنت نهيت أن تزيدوا النساء في صدقهن على أربعمائة درهم؛ فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب". قال أبو يعلى: وأظنه قال فمن طابت نفسه فليفعل. وسنده جيد. ورواه البيهقي في سننه بدون مسروق، وقال: إنه منقطع ولفظه: "خطب عمر الناس فحمد الله، وأثنى عليه فقال: ألا لا تغالوا في صدق النساء؛ فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو سيق إليه؛ إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال. ثم نزل فعرضت له امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين أكتاب الله أحق أن يتبع أو قولك؟ قال: بل كتاب الله، فما ذاك؟ قالت: نهيت الرجال آنفًا أن يتغالوا في صدق النساء والله يقول في كتابه {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً} ، فقال عمر: كل أحد أفقه من عمر -مرتين أو ثلاثا-، ثم رجع إلى المنبر فقال للناس: إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق النساء ألا فليفعل رجل في ماله ما بدا له". وأخرجه عبد الرزاق عن أبي العجفاء السلمي قال: "خطبنا عمر -فذكر نحوه- فقامت امرأة؛ فقالت له: ليس ذلك لك يا عمر، إن الله يقول {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً} 1. فقال: إن امرأة خاصمت عمر فخصمته". ورواه ابن المنذر بزيادة "قنطارًا من ذهب" وهي قراءة ابن مسعود. ورواه الزبير بن بكار عن عمه مصعب بن عبد الله عن جده قال: "قال عمر: لا تزيدوا في مهور النساء فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال". وذكر نحوه بلفظ "فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ". وللبيهقي بسند جيد، لكنه مرسل عن بكير قال: "قال عمر: لقد خرجت وأنا أريد أن أنهى عن كثرة مهور النساء؛ حتى نزلت {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً} ". وقال: مرسل جيد. وتقدم أصل الحديث في "خيركن أيسركن صداقًا"، وكذا تقدم آنفًا بلفظ: "كل الناس أفقه منك يا عمر".

_ 1 سورة النساء: 20.

1961- كل أحد يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم. هو من قول مالك؛ بل في الطبراني عن ابن عباس رفعه: "ما من أحد إلا يؤخذ من قوله أو يدع"، وذكره في "الإحياء" بلفظ: "ما من أحد إلا يؤخذ من عمله ويترك؛ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ومعناه صحيح كذا في "المقاصد". والله أعلم. 1962- كل أخوة ليست في الله تنقطع وتصير عداوة. الديلمي عن ابن عباس. 1963- كل الأعمال فيها المقبول والمردود إلا الصلاة علي فإنها مقبولة غير مردودة. قال في "المقاصد" قال شيخنا: إنه ضعيف جدًا. وقد سلف في الصاد أن الصلاة عليه مقبولة. 1964- "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله أقطع"2. رواه أبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعًا. وفي رواية لابن ماجه "بالحمد لله فهو أقطع". وألف فيه السخاوي جزءًا، وقال النجم: رواه عبد القادر الرهاوي باللفظ الأول. وزاد "الصلاة علي فهو أقطع أبتر ممحوق من كل بركة". ورواه أبو داود عن أبي هريرة بلفظ: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم؛ فهو أبتر". وفي لفظ "فهو أقطع". وفي لفظ "فهو أجذم"، والحديث حسن. 1965- "كل امرئ حسيب نفسه يشرب كل قوم فيما بدا لهم" 3. رواه أبو يعلى والقضاعي، عن أبي هريرة: أنه صلى الله عليه وسلم قاله لعبد القيس لما سألوه عن الأوعية.

_ 1 أي: حرف الصاد. 2 برواياته ضعيف: رقم "4221"، "4222"، "4223". 3 صحيح، انظر تعليق الشيخ شاكر على "المسند"، "ح8038".

1966- "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستر الله عليه، فيقول يا فلان: عملت كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، وهو يصبح يكشف ستر الله عليه". رواه الشيخان عن أبي هريرة. 1967- كل إناء بما فيه يطفح1. مضى في الكاف قريبًا. وقال القاري: وفي المشهور "كل إناء يترشح بما فيه". 1968- كل بني آدم ينتمون إلى عصبة أبيهم؛ إلا ولد فاطمة؛ فإني أنا أبوهم وأنا عصبتهم2. رواه الطبراني في "الكبير"، عن فاطمة الزهراء مرفوعًا، وأخرجه أبو يعلى، ومن طريقه الديلمي عن عثمان بن أبي شيبة بلفظ "لكل بني آدم عصبة ينتمون إليه إلا ولدا فاطمة؛ فأنا وليهما وعصبتهما"، ورواه الخطيب في "تاريخه" عن جرير بلفظ: "كل بني آدم ينتمون إلى عصبتهم إلا ولد فاطمة؛ فإني أنا أبوهم وأنا عصبتهم". وفي سنده ضعف وإرسال؛ لكن له شواهد عند الطبراني عن جابر مرفوعًا "أن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وإن الله جعل ذريتي في صلب علي ". قال في "المقاصد": ويروي أيضًا عن ابن عباس كما كتبته في ارتقاء الغرف وبعضها يقوي بعضًا. وقول ابن الجوزي في "العلل": لا يصح. ليس بجيد. وفيه دليل لاختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك كما أوضحته في بعض الأجوبة، وفي مصنفي في أهل البيت. انتهى. ورده أيضًا القاري فقال: ويرد عليه أنه رواه أبو يعلى بسند ضعيف، والحديث مرسل، وله شواهد عند الطبراني. وغايته: أنه ضعيف لا موضوع. انتهى. 1969- "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" 3. قال في "التمييز": أخرجه الترمذي وابن ماجه وسنده قوي، وقال: ابن الغرس صحيح، وقيل: ضعيف.

_ 1 ليس بحديث: انظر التمييز "997". 2 بنحوه ضعيف: رقم "4228"، "4229". 3 حسن: رقم "4515".

1970- "كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب؛ منه خلق، ومنه يركب الخلق يوم القيامة". رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة، ورواه عن أبي سعيد بلفظ: "يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه، قيل: وما هو يا رسول الله؟ قال مثل حبة خردل منه ينشؤون". 1971- "كل بدعة ضلالة" 1. رواه أبو داود والترمذي وصححه من حديث العرباض بن سارية مرفوعًا، وأما ما روي بلفظ: "كل بدعة ضلالة إلا بدعة في عبادة"؛ فقال القاري: في سنده كذاب ومتهم. انتهى. وأقول: ذكره الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث "مسند الفردوس"، ولم يتعقبه؛ لكن بلفظ "كل بدعة ضلالة إلا في عبادة". 1972- كل ثانٍ لا بد له من ثالث. قال في "التمييز": ولم يتكلم عليه شيخنا بعد أن ترجم له وكأنه سقط على الناسخ، وليس بحديث، زاد النجم: وكذا قولهم ما ثني شيء إلا وثلث. 1973- "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" 2. رواه البيهقي وأبو نعيم عن أبي بكر، قال المناوي: وسنده ضعيف، والمشهور على الألسنة "كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به". 1974- كل ذي نعمة محسود3. رواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا وابن عساكر عن معاذ، وتقدم في "استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان".

_ 1 أخرجه مسلم وغيره من حديث جابر، وانظر الإرواء "ح608". 2 صحيح: رقم "4519". 3 تقدم بعضه، انظر حديث "341".

1975- "كل شيء بقدر حتى العجز والكيس". رواه مسلم وأحمد عن ابن عمر مرفوعًا، ورواه غيره بلفظ: "كل شيء بقضاء وقدر؛ حتى العجز والكيس"، وفي "العجز والكيس" الرفع بالعطف على "كل" أو بالابتداء، والخبر محذوف، والجر على شيء، أو يجعل حتى جارة بمعنى: إلى، ورجح بأن المعنى يقتضي الغاية؛ لأن ظاهره أن إكساب العباد كلها بتقدير من خالقهم؛ حتى العجز المتأخر بصاحبه إلى عدم إدراك البغية، والكيس البالغ بصاحبه إليها. 1976- كل شيء يغيض؛ إلا الشر فإنه يزاد فيه1. رواه أحمد بن منيع والطبراني والعسكري، عن أبي الدرداء مرفوعًا، وهو حسن، كما قاله ابن الغرس، ويغيض -بفتح التحتية وبالغين والضاد المعجمتين- أي: ينقص قال تعالى: {وَغِيضَ الْمَاءُ} [هود: 44] ، وقال النجم: ورواه أحمد والطبراني بلفظ "ينقص" وهو الدائر على الألسنة، وكذا أورده السيوطي في الجامع الصغير. 1977- كل الصيد في جوف الفرا2. رواه الرامهرمزي في "الأمثال" عن نصر بن عاصم الليثي قال: "أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقريش وأخر أبا سفيان، ثم أذن له فقال: ما كدت أن تأذن لي حتى كدت أن تأذن لحجارة الجلهمتين3 قبلي! فقال: وما أنت وذاك يا أبا سفيان؟ إنما أنت كما قال الأول"..وذكره. وسنده جيد لكنه مرسل، ونحوه عند العسكري، وقال: في جوف أو جنب، قال في "المقاصد"، وقد أفردت فيه جزءًا فيه نفائس. انتهى. قال في القاموس في باب الهمزة: الفرأ: كجبل وسحاب حمار الوحش وفتيه، والجمع فراء وإفراء، ثم قال: كل الصيد في جوف الفرا أي: كله دونه. وقال في الصحاح: الجمع فراء مثل جبل وجبال، ثم قال: وقد أبدلوا من الهمزة ألفًا فقالوا: نكحنا الفرا فسترى. انتهى. والجلهمتان تثنية الجلهمة بضم الجيم وفتحها حافة الوادي وناحيته، وقال الدميري في حياة الحيوان: الفرا الحمار الوحش، والجمع الفراء مثل جبل والجبال وفي المثل كل الصيد

_ 1 ضعيف بلفظ "ينقص": رقم "4243". 2 سنده جيد؛ لكنه مرسل، كما في "التمييز". 3 قالوا أبو عبيد: أراد جانبي الوداع والمعروف الجلهتان. انظر الصحاح للرازي.

في جوف الفرا؛ قاله النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان بن الحارث، وقيل لأبي سفيان بن حرب، وقال السهيلي الصحيح أنه قاله لأبي سفيان بن حرب يتألفه به؛ وذلك لأنه "استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فحجب قليلًا، ثم أذن له، فلما دخل قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما كدت أن تأذن لي حتى كدت أن تأذن لحجارة الجلهمتين قبلي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا سفيان أنت كما قيل: كل الصيد في جوف الفرا"، ثم قال: وأصل هذا المثل أن جماعة ذهبوا للصيد فصاد أحدهم ظبيًا والآخر أرنبًا والآخر حمار وحش فاستبشر الأولان بما نالا فقاله الثالث، يعني أن ما رزقته يشتمل على ما عندنا. كما لأنه أعظم ثم اشتهر هذا المثل في كل شيء كان جامعًا لغيره، كما قال القائل: يقولون كافات الشتاء كثيرة ... وما هي إلا واحد غير مفترى إذا صح كاف الكيس فالكل حاصل ... لديك وكل الصيد في جوف الفرا انتهى. 1978- كل طويل اللحية قليل العقل1. قال النجم: ليس بحديث وتقدم في: طويل اللحية. والله أعلم. 1979- كل عام ترذلون. هو من كلام الحسن البصري، ومعناه في حديث رواه البخاري في "صحيحه" عن أنس مرفوعًا بلفظ: "لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم"، وفي لفظ له عن أنس: "اصبروا فإنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم"، وجعل ابن علان كل عام ترذلون حديثًا وأنشدوا: يا زمان بكيت منه فلما ... صرت في غيره بكيت عليه رواه المالقي في أربعينه عن أنس بلفظ: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يزداد الأمر إلا شدة والدنيا إلا إدبارًا والناس إلا شحًا، لا مهدي إلا عيسى بن مريم، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس"، وفي لفظ لغيره "لا يأتيكم عام" بدل "زمان"، ورواه الطبراني بسند جيد بهذا اللفظ، عن ابن مسعود من قوله: "ليس عام إلا والذي بعده شر منه". ورواه أيضًا بسند صحيح: "أمس خير من اليوم واليوم خير من غد،

_ 1 سبق بنحوه، انظر حديث "1677".

وكذلك حتى تقوم الساعة". ورواه أيضًا في الكبير عن أبي الدرداء مرفوعًا: "ما من عام إلا ينقص الخير فيه، ويزيد الشر"، ورواه الطبراني أيضًا عن أنس بلفظ "ما من عام إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم". وليعقوب بن أبي شيبة عن ابن مسعود يقول: "لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر من اليوم الذي قبله حتى تقوم الساعة، لست أعني رخاء من العيش، ولا ما لا يفيده؛ ولكن لا يأتي عليكم يوم إلا وهو أقل علمًا من اليوم الذي مضى قبله؛ فإذا ذهب العلماء استوى الناس فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر؛ فعند ذلك يهلكون". وليعقوب المذكور أيضًا من طريق الشعبي عن ابن مسعود أيضًا بلفظ: "لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر مما كان قبله، أما أني لا أعني أميرًا خيرًا من أمير ولا عامًا خيرًا من عام ولكن علماؤكم أو فقهاؤكم يذهبون، ثم لا تجدون منهم خلفًا، ويجيء قوم يفتنون برأيهم". وفي لفظ عنه من هذا الطريق "وما ذاك لكثرة الأمطار وقلتها؛ ولكن بذهاب العلماء، ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم فيثلمون الإسلام ويهدمونه". وأخرجه الدارمي من طريق الشعبي بلفظ: "لست أعني عامًا أخصب من عام، والباقي مثله، وزاد "وخياركم" قبل قوله "وفقهاؤكم". ورواه الطبراني في معجمه وسننه عن ابن عباس قال: "ما من عام إلا ويحدث الناس بدعة ويميتون سنة حتى تمات السنن وتحيا البدع". قال في "المقاصد": وقد سئل شيخنا عن لفظ الترجمة، وأن عائشة قالت: "لولا كلمة سبقت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لقلت: كل يوم ترذلون فقال إنه لا أصل له". بهذا اللفظ. وجاء عن ابن عباس أنه فسر قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} 1 حيث قال: "موت علمائها وفقهائها"، وعن أبي جعفر: "موت عالم أحب إلى إبليس من موت سبعين عابدًا"، ويقويه ما رواه الطبراني وابن عبد البر، عن أبي الدرداء: "لموت قبيلة أيسر من موت عالم".

_ 1 الرعد: 41.

1980- كل علم وبال على صاحبه إلا من عمل به1. رواه الديلمي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. 1981- كل ما هو آت قريب2. رواه القضاعي عن زيد بن خالد الجهني قال: "تلقفت هذه الخطبة من في رسول الله صلى الله عليه وسلم" فذكرها، وفيها هذا، وتقدم بلفظ "كل آت قريب". 1982- كل شيء أخرجته الأرض فيه شفاء وداء إلا الأرز فإنه شفاء لا داء فيه. قال ابن حجر المكي نقلًا عن السيوطي كذب موضوع. 1983- كل شاة معلقة بعرقوبها. قال النجم: هو مثل، وفي معناه قوله تعالى {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} 3 {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} 4 {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} 5. وروى ابن أبي الدنيا في العقوبات: "عن أبي هريرة أنه سمع رجلًا يقول: كل شاة معلقة برجلها فقال: لا والله، إن الطير لتهلك هزلًا في جو السماء بظلم ابن آدم نفسه"؛ فيه إشارة إلى أن الإنسان أو الدابة قد يستضران بظلم العبد، أو بقحط الأرض بسبب بعض الذنوب؛ فيعم الضرر الجميع في الدنيا، وأما في الدار الآخرة؛ فكل إنسان مطالب بعمله مجازى به؛ وإنما يحمل بعض أوزار بعض من يحمل أوزارهم؛ لكونه كان إمامًا لهم في الدنيا في سواد وداعية لهم إلى ضلالة، أو لظلمه إياهم؛ فلا يكون له حسنة يستوفونها فيؤخذ من سيئاتهم فيلقى عليه؛ فهو ما حمل إلا وزر نفسه في نفس الأمر. انتهى.

_ 1 رواه الطبراني في "الكبير"، من حديث واثلة، وفيه هانئ بن المتوكل، قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به بحال. انظر المجمع "164/ 1". 2 سبق بنحوه، انظر حديث "1942". 3 الإسراء: 13. 4 الأنعام: 164. 5 النجم: 39.

1984- كل فرج وناكحه، كل رجل وصنيعته. ليس بحديث؛ بل هو من كلام العرب، والواو للمعية، والخبر محذوف. 1985- كل قصير فتنة. قال النجم: ليس بحديث، ولا هو مطرد. انتهى. 1986- "كل معروف صدقة". رواه البخاري عن جابر، ومسلم عن حذيفة مرفوعًا، زاد ابن عدي والدارقطني في "المستجاد" والبيهقي في "الشعب" في حديث جابر "وكل ما أنفق الرجل على نفسه وأهله كتب له صدقة"، وزاد أبو يعلى في حديث جابر أيضًا "يصنعه أحدكم إلى غني أو فقير". وفي الباب عن جماعة كابن عمر وابن مسعود وغيرهم -كما بينها السخاوي في "الجواهر المجموعة في النوادر المسموعة". 1987- كل مدعٍ عاجز. 1988- كل ممنوع حلو1. في معناه ما تقدم في الهمزة أن ابن آدم لحريص على ما منع وهو ضعيف، وقال القاري: ليس بحديث، ويدل على صحة معناه ما ابتلي به آدم عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} 2. وفي "الإحياء للغزالي": "لو منع الناس من فت البعر لفتوه"، وقال مخرجه: لم أجده. 1989- "كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى" 3. رواه أحمد وأصحاب السنن عن سمرة مرفوعًا وصححه الترمذي. 1990- "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه.

_ 1 ليس بحديث، انظر التمييز "1019". 2 البقرة: 35. 3 صحيح: رقم "4541"، والرواية فيه "ويحلق رأسه".

1991- كل قرض جر نفعًا فهو ربًا1. رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن علي رفعه، قال في "التمييز": وإسناده ساقط، والمشهور على الألسنة "كل قرض جر نفعًا فهو ربًا". 1992- "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام". رواه مسلم عن ابن عمر بزيادة "ومن شرب الخمر في الدنيا، فمات وهو يدمنها لم يتب؛ لم يشربها في الآخرة". وعزاه النجم لأحمد ومسلم والأربعة، عن ابن عمر بهذا اللفظ؛ لكن بإبدال "وكل خمر حرام" بدل "وكل مسكر حرام"، وورد بألفاظ أخر مذكورة في الجامعين وغيرهما. انتهى. 1993- "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه". رواه مسلم عن أبي هريرة قال ابن الغرس: وأورده في الجامع الصغير بلفظ الترجمة من حديث أبي هريرة، وعزاه لأبي داود وابن ماجه، وأورده ابن حجر المكي في شرح الأربعين بلفظ "عرضه وماله ودمه، التقوى ههنا، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم"، وعزاه للترمذي. 1994- كل يوم لا أزداد فيه علمًا يقربني إلى الله تعالى؛ فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم. رواه الطبراني في "الأوسط"، وأبو نعيم في "الحلية"، وابن عبد البر في "جامع العلم"، وآخرون بسند ضعيف عن عائشة مرفوعًا. 1995- كلوا الزيت وادهنوا به فإنه مبارك2. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن عمر، وابن ماجه فقط عن أبي هريرة، وصححه الحاكم على شرطهما، وفي لفظ "فإنه من شجرة مباركة"، وفي الباب عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.

_ 1 ضعيف: رقم "4249"، والرواية فيه "جر منفعة". 2 تقدم في حديث "1955".

1996- " كما تدين تدان"1. رواه أبو نعيم والديلمي عن ابن عمر، رفعه في حديث بلفظ: "البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت؛ فكن كما شئت فكما تدين تدان". وأورده ابن عدي أيضًا في "الكامل" وفي سنده ضعيف. وقال في "اللآلئ" رواه البيهقي في كتاب "الزهد والأسماء والصفات" عن أبي قلابة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذنب لا ينسى والبر لا يبلى والديان لا يموت، وكما تدين تدان"، ثم قال في "اللآلئ": هذا مرسل. ورواه ابن عدي في الكامل من حديث محمد بن عبد الملك الأنصاري المدني، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ضعف محمد بن عبد الملك. وأخرجه عبد الرزاق في جامعه، عن أبي قلابة رفعه مرسلًا، ووصله أحمد في الزهد؛ لكن جعله من قول أبي الدرداء، ولابن أبي عاصم في السنة بسند فيه وضاع، عن أنس في حديث "أنه قال يا موسى كما تدين تدان". وفي الحلية عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني "أنه قال: مكتوب في التوراة كما تدين تدان وبالكأس الذي تسقي به تشرب"، وفي التنزيل {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} 2. وفي النجم، عن فضالة بن عبيد: "مكتوب في الإنجيل: كما تدين تدان، وبالمكيال الذي تكيل تكال". 1997- كما تكونوا يولى عليكم، أو يؤمر عليكم3. قال في الأصل: رواه الحاكم، ومن طريقه الديلمي عن أبي بكرة مرفوعًا، وأخرجه البيهقي بلفظ "يؤمر عليكم" بدون شك، وبحذف أبي بكرة؛ فهو منقطع. وأخرجه ابن جميع في معجمه، والقضاعي عن أبي بكرة بلفظ "يولى عليكم" بدون شك، وفي سنده مجاهيل. ورواه الطبراني بمعناه عن الحسن "أنه سمع رجلًا يدعو على الحجاج؛ فقال له: لا تفعل إنكم من أنفسكم أتيتم، إنا نخاف إن عزل الحجاج أو مات أن يتولى عليكم القردة والخنازير؛ فقد روي أن أعمالكم عمالكم، وكما تكونوا يولى عليكم".

_ 1 ضعيف: رقم "4279". 2 النساء: 123. 3 ضعيف: رقم "4280".

وفي فتاوى ابن حجر: وقال النجم: روى ابن أبي شيبة عن منصور بن أبي الأسود قال: "سألت الأعمش عن قوله تعالى {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً} 1 ما سمعتهم يقولون فيه؟ قال: سمعتهم: إذا فسد الناس أمر عليهم شرارهم". وروى البيهقي عن كعب قال: "إن لكل زمان ملكًا يبعثه الله على نحو قلوب أهله؛ فإذا أراد صلاحهم؛ بعث عليهم مصلحًا، وإذا أراد هلاكهم؛ بعث عليهم مترفيهم". وله عن الحسن: "أن بني إسرائيل سألوا موسى عليه الصلاة والسلام، قالوا: سل لنا ربك يبين لنا علم رضاه عنا، وعلم سخطه؛ فسأله؛ فقال أنبئهم أن رضائي عنهم أن أستعمل عليهم خيارهم، وإن سخطي عليهم أن أستعمل عليهم شرارهم". وفي فتاوى ابن حجر المكي رواه ابن جميع في معجمه. وذكر ابن الأنباري أن الرواية: "كما تكونوا" بحذف النون، وكما ناصبة حملًا على أن. وذكر السيوطي في فتاواه الحديثية أنه رواه البيهقي في "شعبه" وغيره وإن حذف النون على لغة من يحذفها بلا ناصب ولا جازم. وكما في حديث: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا"، أو أن حذفها على رأي الكوفيين الذين ينصبون بـ "كما". أو على أنه من تغيير الرواة؛ لكن هذا بعيد جدًا. انتهى. وأنشد بعضهم في المقام: بذنوبنا دامت بليتنا ... والله يكشفها إذا تبنا وفي المأثور من الدعوات: "اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا". 1998- كلمة الشح مطاعة. قال النجم: ليس بحديث، وعند ابن أبي شيبة في "التوبيخ"، والطبراني عن أنس بن مالك: "ثلاث منجيات: خشية الله في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الفقر والغنى، وثلاث مهلكات: هوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه". وفي الباب عن ابن عمر وغيره.

_ 1 الأنعام: 129.

1999- كلمة حق أريد بها باطل. رواه مسلم عن عبيد الله بن أبي رافع: "أن الحرورية لما خرجت وهم مع علي بن أبي طالب قالوا: لا حكم إلا لله، فقال علي: كلمة حق أريد بها باطل". قال النجم: ومعنى كلمة حق أريد بها باطل: ما في "الإحياء" في كتاب "عجائب القلب": "أن إبليس تمثل لعيسى عليه الصلاة والسلام فقال: قل لا إله إلا الله، فقال: كلمة حق، ولا أقولها الآن امتثالا لك وإنما أقولها من قبل نفسي عبودية وامتثالًا لربي عز وجل". انتهى. 2000- كلمة يسمعها الرجل خير له من عبادة سنة، وجلوس ساعة عند مذاكرة العلم خير من عتق رقبة1. قال القاري نقلًا عن الذيل: هو من كتاب العروس. 2001- كل ما شغلك عن الله عز وجل من مال أو ولد فهو عليك شؤم. رواه ابن الجوزي في صفوة الصفوة عن أبي سليمان الداراني من قوله. 2002- كل ناشف طاهر. قال النجم ليس بحديث؛ وإنما هو كلام يجري على ألسنة العوام، وليس بصحيح، نعم؛ لو لاصق شيء نجس شيئًا طاهرًا وهما ناشفان لا ينجس به. 2003- كم من نعمة لله في عرق ساكن. رواه العسكري عن قتادة مرفوعًا مرسلًا، وذكره في "الحلية" في ترجمة سفيان الثوري أنه بلغه مرفوعًا. 2004- كأنك بالدنيا ولم تكن وبالآخرة ولم تزل. قال السيوطي: لم أقف عليه مرفوعًا، وأخرجه أبو نعيم عن عمر بن العزيز رضي الله عنه.

_ 1 لا يصح، انظر تذكرة الموضوعات "20".

2005- كأنك من أهل بدر وحنين. قال في "التمييز": هو كلام يقال لمن يتسامح أو يتساهل فيه، وليس بحديث؛ ولكن وقع في سنده ضعف؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"، ولم يرد في أهل حنين ذلك مع مزيد من التفاوت بينهما في المسافة فحنين في نواحي عرفة وبدر معروفة. انتهى. وقال ابن الفارض قدس سره1: هم أهل بدر فلا يخشون من حرج 2006- كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث2. رواه ابن سعد عن قتادة مرسلًا. 2007- كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث2. قال في "المقاصد": رواه أبو نعيم في "الدلائل"، وابن أبي حاتم في تفسيره، وابن لال، ومن طريقه الديلمي عن أبي هريرة مرفوعًا، وله شاهد من حديث ميسرة الفخر. أخرجه أحمد والبخاري في "تاريخه"، والبغوي وابن السكن وأبو نعيم في "الحلية"، وصححه الحاكم بلفظ: "كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد". وفي الترمذي وغيره، عن أبي هريرة: "أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم متى كنت أو كتبت نبيًا؟ قال: "كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد". وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم أيضًا. وفي لفظ: "وآدم منجدل 3 في طينته". وفي صحيحي ابن حبان والحاكم، عن العرباض بن سارية مرفوعًا: "إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته". وكذا أخرجه أحمد والدارمي وأبو نعيم، ورواه الطبراني عن ابن عباس قال: "قيل يا رسول الله متى كنت نبيًا؟ قال: "وآدم بين الروح والجسد"، ثم قال السخاوي كغيره: وأما الذي يجري على الألسنة بلفظ "كنت نبيًا وآدم بين الماء والطين"؛ فلم نقف عليه بهذا اللفظ فضلًا عن زيادة

_ 1 سبق التنبيه مرارا على وقوع المصنف في الترضي والثناء والتبجيل لكثير من أئمة التصوف المنحرف الذين قطع الأئمة من أهل السنة بتكفيرهم أو تبديعهم لزيغ عقيدتهم وفسادها، كابن الفارض المذكور هنا، وابن عربي الذي فتن به المصنف وأغدق علبه الثناء مع كونه إمامًا في الزيغ والضلال. 2 ضعيف، راجع الضعيفة "ح661". 3 أي: ملقى على الجندلة: وهي الأرض. انظر النهاية.

"وكنت نبيًا ولا آدم ولا ماء ولا طين". وقال الحافظ ابن حجر في بعض أجوبته عن الزيادة: إنها ضعيفة، والذي قبلها أقوى، وقال الزركشي: لا أصل له بهذا اللفظ. قال السيوطي في "الدرر": وزاد العوام "ولا آدم ولا ماء ولا طين"؛ لا أصل له أيضًا، وقال القاري: يعني بحسب مبناه؛ وإلا فهو صحيح باعتبار معناه. وروى الترمذي أيضًا عن أبي هريرة: "أنهم قالوا: يا رسول الله متى وجبت لك النبوة؟ قال: وآدم بين الروح والجسد"، وفي لفظ: "متى كتبت نبيًا؟ قال: كتبت نبيا وآدم بين الروح والجسد". وعن الشعبي قال رجل: يا رسول الله، متى استنبئت؟ قال: وآدم بين الروح والجسد حين أخذ مني الميثاق. وقال التقي السبكي: فإن قلت: النبوة وصف لا بد أن يكون الموصوف به موجودًا؛ وإنما يكون بعد أربعين سنة فكيف يوصف به قبل وجوده وقبل إرساله؟ قلت: جاء أن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد؛ فقد تكون الإشارة بقوله: "كنت نبيًا إلى روحه الشريفة أو حقيقته"، والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها وإنما يعرفها خالفها ومن أمده بنور إلهي. ونقل العلقمي عن علي بن الحسين، عن أبيه عن جده مرفوعًا: "أنه قال كنت نورًا بين يدي ربي عزل وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام". انتهى. 2008- كنت أحتسب أن الرجلين يحملان البطن، وإن البطن يحمل الرجلين. رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، عن عمر بن سراقة الصحابي، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية، فجاع، فكان لا يستطيع أن يمشي؛ فضيفه حي من العرب؛ فمشى، فقال ذلك. كذا في "الدرر" للسيوطي رحمه الله تعالى. 2009- كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث1. رواه ابن سعد عن قتادة مرسلًا. والله أعلم. 2010- "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها؛ فإنها تذكر الآخرة". رواه مسلم عن بريدة، ورواه أيضًا عن أبي هريرة يرفعه بلفظ: "زوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت"، ورواه الحاكم عن أنس رفعه بلفظ: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور؛ ألا فزوروها؛ فإنها ترق القلب، وتدمع العين وتذكر الآخرة، ولا تقولوا هجرًا"، ورواه ابن ماجه عن ابن مسعود بلفظ: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروا القبور؛ فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة".

_ 1 تقدم برقم "2006".

2011- "كان الله ولا شيء معه" 1. رواه ابن حبان والحاكم وابن أبي شيبة عن بريدة، وفي رواية: "ولا شيء غيره"، وفي رواية "ولم يكن شيء قبله". قال القاري: ثابت؛ ولكن الزيادة وهي قوله "وهو الآن على ما عليه كان"؛ من كلام الصوفية. قال: ويشبه أن يكون من مفتريات الوجودية القائلين بالعينية. قال: وقد نص ابن تيمية كالحافظ العسقلاني على وضعها، أي هذه الزيادة: "وهو الآن على ما عليه كان"، وإن صحت؛ فتأويلها أنه تعالى ما تغير بحسب ذات الكمال وصفات الجلال عما كان عليه بعد خلق الموجودات انتهى ملخصًا. لكن قال النجم: ذكر ابن العربي في "الفتوحات": أنها مدرجة في الخبر"، ولفظه عن بريدة قال: "دخل قوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: جئنا نسلم على رسول الله ونتفقه في الدين، ونسأله عن بدء هذا الأمر، فقال رسول الله: "كان الله ولا شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق سبع سماوات". قال: "ثم أتاني آت: هذه ناقتك قد ذهبت، فخرجت والسراب يتقطع دونها، فلوددت أني كنت تركتها". ورواه أحمد والبخاري والترمذي وغيرهم عن عمران بن حصين قال: "قال يا رسول الله: أخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان؟ قال: "كان الله قبل كل شيء وكان عرشه على الماء، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء وخلق السماوات والأرض؛ فنادى منادٍ: ذهبت ناقتك يا ابن الحصين؛ فانطلقت؛ فإذا هي تقطع دونها السراب، فوالله لوددت أني كنت تركتها". انتهى. 2012- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب بيمينه والبطيخ بيساره، ويأكل الرطب بالبطيخ وكان أحب الفاكهة إليه2. كذا رأيته في رسالة مجهولة الاسم والمؤلف. وقال فيها: وقال عبد الله بن أوفى: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يأكل الرطب بالخبز، وقال صلى الله عليه وسلم: ليكن أول ما تأكل النفساء الرطب فإن الله عز وجل قال لمريم بنة عمران {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً} 3، قيل: يا رسول الله فإن لم يكن إبان الرطب؟

_ 1 أخرجه البخاري بلفظ: "كان الله ولم يكن شيء قبله". "ح7418". 2 ضعيف: رقم "4519". 3 مريم: 25.

قال: فسبع تمرات فإن الله تعالى قال: "وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا تأكل نفساء يوم تلد الرطب فيكون غلامًا إلا كان حليما، وإن كانت جارية كانت حليمة". وقال عليه السلام: أكل التمر أمان من القولنج". فلينظر حال هذه الأحاديث والظاهر عدم صحتها. والله أعلم. 2013- كان عليه الصلاة والسلام لا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفف صلاته وسأله عن حاجته؛ فإذا فرغ عاد إلى صلاته. ذكره القاضي عياض في الشفا. قال الحافظ السيوطي في "الوفا في تخريج أحاديث الشفا"، نقلا عن العراقي في تخريج أحاديث "الإحياء ": أنه لم يجد له أصلًا. 2014- كان وضوؤه عليه الصلاة والسلام لا يبل الثرى. قال في الأصل: رواه أبو داود عن ذي مخبر الحبشي: "أنه صلى الله عليه وسلم توضأ وضوءًا لم يبل منه التراب". وقال في "اللآلئ": أخرجه أبو داود في سننه عن ذي مخبر الحبشي في حديث "نومهم عن صلاة الصبح في الوادي"، قال: "فتوضأ -يعني النبي صلى الله عليه وسلم- وضوءًا لم يلت منه التراب، ثم أمر بلالًا فأذن"، وإسناده صحيح. انتهى. وقال النجم: لا يعرف بهذا اللفظ. 2015- كيف بكم وبزمان تغربل الناس فيه غربلة؟! 1. ذكره بعضهم، ولا أعلم حاله، ومعناه: كيف بكم إذا ذهب خياركم وبقي أرذالكم؛ أخذًا من الغربلة -وهي إدارة الحب في الغربال ليتنقى حبه من وسخه-. ومن كلام العرب: من غربل الناس نخلوه. أي: من فتش عن أصولهم وأحوالهم تركوه، وكأنهم جعلوه كالنخالة في عدم الالتفات إليه وطرحه. انتهى. 2016- كنت كنزا لا أعرف فأحببت أن أعرف فخلقت خلقًا، فعرفتهم بي؛ فعرفوني. وفي لفظ: "فتعرفت إليهم فبي عرفوني"؛ قال ابن تيمية: ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف له سند صحيح ولا ضعيف.

_ 1 انظر في معناه أول حديث رقم "4594" صحيح الجامع.

وتبعه الزركشي والحافظ ابن حجر في "اللآلئ"، والسيوطي وغيرهم. وقال القاري: لكن معناه صحيح مستفاد من قوله تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} 1 أي ليعرفوني، كما فسره ابن عباس رضي الله عنهما. والمشهور على الألسنة: "كنت كنزًا مخفيًا فأحببت أن أعرف فخلقت خلقًا فبي عرفوني". وهو واقع كثيرًا في كلام الصوفية، واعتمدوه وبنوا عليه أصولًا لهم. 2017- "كنت نبيًا وآدم بين الماء والطين " 2. تقدم قريبًا: إنه لم يوجد بهذا اللفظ؛ لكن قال العلقمي في "شرح الجامع الصغير": حديث صحيح. 2018- "كن عالمًا أو متعلمًا" 3. تقدم في "أغد عالما". 2019- كن من الخيرة منهن على حذر. يعني النساء، مضى عن علي: "عقولهن في فروجهن"، رواه في التذكرة عن علي في آخر كلام له طويل بلفظ: "استعيذوا بالله من شرارهن وكونوا على حذر من خيارهن". ورواه عبد الله بن الإمام أحمد في "زوائد الزهد"، عن إسماعيل بن عبيد قال: "قال لقمان لابنه: يا بني استعذ بالله من شرار النساء وكن من خيارهن على الحذر"، وفي لفظ: "هن إلى الشر أسرع"، وذكره النجم عن عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد"، عن أسماء بن عبيد الله بلفظ: "قال: قال لقمان لابنه: يا بني استعذ بالله من شرار النساء، وكن من خيارهن على حذر؛ فإنهن لا يسارعن إلى خير بل هن إلى شر أسرع". قال: وحكى القرطبي في التذكرة عن علي أنه قال: "أيها الناس لا تطيعوا النساء أمرًا ولا تدعوهن يدبرن أمر عشير؛ فإنهن إن تركن وما يردن أفسدن الملك وعصين الملك، وجدناهن لا دين لهن في خلواتهن، ولا ورع لهن عند شهواتهن، اللذة بهن يسيرة، والحيرة بهن كثيرة؛ فأما صوالحهن ففاجرات وأما طوالحهن فعاهرات، وأما المعصومات فهن

_ 1 الذاريات: 56. 2 تقدم، انظر حديث "2007". 3 تقدم، انظر حديث "437".

المعدومات، وبهن ثلاث خصال من اليهود: يتظلمن وهن الظالمات، ويحلفن وهن كاذبات، ويتمنعن وهن؛ راغبات فاستعيذوا بالله من شرارهن، وكونوا على حذر من خيارهن". انتهى. 2020- الكندر طيبي، وطيب الملائكة، وإنها مبعدة للشيطان مرضاة للرحمن. رواه الديلمي عن يزيد بن عبد الله معضلًا، ولا يصح، والكندر: هو اللبان الحاسكي والجاوي، وكان إمامنا الشافعي يكثر من استعماله لأجل الذكاء والفهم، كما نقله البيهقي في مناقبه، وعن ابن عبد الحكم عن الشافعي قال: "دمت على أكل اللبان -وهو الكندر- للفهم فأعقبني صب الدم سنة". 2021- كن خير آخذ. قال في الأصل: هو من قول غورث للنبي صلى الله عليه وسلم، ومضى ما يشبهه في "كفى بالمرء كذبًا". وقال ابن الغرس: هو ثابت في الصحيح من قول غورث -وقيل غويرث- للنبي صلى الله عليه وسلم. وقال النجم: رواه الحاكم، وصححه البيهقي عن جابر قال: "قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب خصفة ليحل؛ فرأوا من المسلمين غرة؛ فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحرث حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، فقال: من يمنعك مني؟ قال: الله؛ فسقط من يده السيف، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف، فقال: من يمنعك مني؟ قال: كن خير آخذ؛ فخلى سبيله، فأتى أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس". 2022- كن عبد الله المظلوم، ولا تكن عبد الله الظالم. ورد بمعناه عند الطبراني، عن خباب بن الأرت في حديث بلفظ: "فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل". ورواه أحمد والحاكم، عن خالد بن عرفطة بلفظ: "فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول لا القاتل؛ فافعل"، وبعضها يقوي بعضًا، ونحوه ما في مسلم عن حذيفة في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاه بقوله تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع. وعزاه الرافعي في الصيال من الشرح لحذيفة: "كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل"، وقال في "المقاصد":

_ 1 تصحف في النسخ المطبوعة إلى "ليحل"، والمثبت من المستدرك "29/ 3".

وتعقب بأنه لا أصل له من حديث حذيفة؛ وإن زعم إمام الحرمين في النهاية أنه صحيح؛ فقد تعقبه ابن الصلاح، وقال: لم أجده في شيء من الكتب المعتمدة. انتهى. وقال النجم: لم يرد بهذا اللفظ، وعند ابن سعد والطبراني عن خباب بن الأرت: "أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي؛ قال: "فإن أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل". انتهى. ثم قال النجم: ومراد ابن الصلاح بقوله: لم أجده في شيء من الكتب المعتمدة؛ أي: بهذا اللفظ؛ وإلا فقد صحح الحاكم عن حذيفة: "أنه قيل له: ما تأمرنا إذا اقتتل المصلون؟ قال: آمرك أن تبصر أقصى بيت في دارك فتلج فيه؛ فإن دخل عليك، فتقول تعال بؤ بإثمي وإثمك فتكون كابن آدم"، وقال قبل ذلك في "كن خير ابني آدم": "كن المقتول ولا تكن القاتل"؛ لم يرد بهذا اللفظ؛ ولكن روى ابن أبي شيبة عن ابن عمر: "أيعجز أحدكم إذا أتاه الرجل يقتله هكذا، وقال بإحدى يديه على الأخرى؛ فيكون كالخير من ابني آدم وإذا هو في الجنة وإذا قاتله في النار". ورواه البيهقي عن أبي موسى بلفظ: "اكسروا قسيكم -يعني في الفتنة- واقطعوا أوتاركم والزموا أجواف البيوت وكونوا فيها كالخير من ابني آدم". انتهى. وفي الباب غير ذلك. 2023- "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وعد نفسك في أهل القبور" 1. رواه البيهقي في الشعب والعسكري عن ابن عمر مرفوعًا، وأخرج البخاري عنه في صحيحه شطره إلى قوله: "أو عابر سبيل". وزاد أحمد والنسائي أوله: "أعبد الله كأنك تراه". وأخرجه البخاري عن مجاهد، ورواه الترمذي وآخرون، وزاد العسكري: "إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحتك لسقمك، ومن حياتك لموتك؛ فإنك لا تدري ما اسمك غدًا". وقال النجم: وفي معناه ما عند الحسن بن سفيان وأبي نعيم، عن الحكم بن عمير: "كونوا في الدنيا أضيافًا، واتخذوا المساجد بيوتًا، وعودوا قلوبكم الرقة، وأكثروا من التفكير والبكاء، ولا تختلفن بكم الأهواء؛ تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون".

_ 1 صحبح: رقم "4579".

2024- كن من تجار أول سوق. لم يرد كهذا، ولابن أبي شيبة عن الزهري مرسلًا: "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بأعرابي يبيع شيئًا فقال: عليك بأول سومة أو -بأول السوم- فإن الربح مع السماح. 2025- كن مع الحق حيث كان، وميز ما اشتبه عليك بعقلك؛ فإن حجة الله عليك وديعة فيك وبركاته عندك. رواه الديلمي عن علي قال: "قلت يا رسول الله: أخبرني عن الزهد ما هو؟ فقال: يا علي مثل الآخرة في قلبك، وكن مع الحق" الحديث وقال ابن الغرس: ضعيف. 2026- كن ذنبًا ولا تكن رأسًا. قال القاري: هو من كلام إبراهيم بن أدهم. وزاد: "فإن الرأس يهلك والذنب يسلم". ويقرب من معناه قول بعضهم: "كن وسطًا وامش جانبًا". وقال النجم: رواه الدينوري عن إبراهيم بن أدهم، وليس بحديث، وقد أوصى به بعض أصحابه. 2027- كأنك بالدنيا ولم تكن وبالآخرة ولم تزل. قال في الدرر: أخرجه أبو نعيم عن عمر بن عبد العزيز من قوله. انتهى. 2028- "الكواكب أمان لأهل السماء" 1. قال النجم: قلت رواه أبو يعلى عن سلمة بن الأكوع بلفظ: "النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي". وعند أبي يعلى عن أبي موسى: "النجوم أمنة لأهل السماء؛ فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي؛ فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي؛ فإذا ذهبت أصحابي أتى أمتي ما توعد".

_ 1 هو في صحيح مسلم بلفظ: "النجوم أمنة للسماء.."، "ح2531".

2029- "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله تعالى" 1. رواه أحمد وابن ماجه والحاكم والعسكري والقضاعي والترمذي، وقال: حسن، عن شداد بن أوس مرفوعًا. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. وتعقبه الذهبي بأن في سنده ابن أبي مريم واهٍ، وقال سعيد بن جبير: "الاغترار بالله المقام على الذنب ورجاء المغفرة". وفي الحديث رد على المرجئة وإثبات للوعيد، ورواه البيهقي عن أنس بلفظ: "الكيس من عمل لما بعد الموت، والعاري العاري من الدين اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة". انتهى. واشتهر في الرواية الأولى زيادة "الأماني" بعد "وتمنى على الله". بل هي رواية كما في المناوي. 2030- "كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه" 2. رواه أحمد والطبراني، عن أبي الدرداء والقضاعي، عن أبي أيوب -كلاهما- مرفوعًا، ورواه البزار عن أبي الدرداء بلفظ: "قوتوا"، وسنده ضعيف. وكذا أورده في "النهاية" بلفظ "قوتوا"، وحكي عن الأوزاعي أنه تصغير الأرغفة. وقال غيره: هو مثل "كيلوا" وحكاه البزار عن بعض أهل العلم، وقد أشار إلى ذلك في "فتح الباري" في "البيوع". 2031- كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فإن أخي موسى بن عمران ذهب ليقتبس نارًا فكلمه ربه عز وجل. رواه الديلمي عن ابن عمر وعزاه السيوطي في "الأرج" لعائشة. ولفظه: "أخرج الخطيب وابن عساكر عن عائشة قالت: لما لم ترج أرجى منك لما ترجو؛ فإن موسى بن عمران خرج يقتبس نارًا فرجع بالنبوة". وقال وهب بن ناجية المري:

_ 1 ضعيف: رقم "4310"، وفي آخره "وتمنى على الله الأماني". 2 صحيح: رقم "4600".

كن لما لا ترجو من الأمر أرجى ... منك يومًا لما له أنت راجي إن موسى مضى ليقبس نارًا ... من ضياء رآه والليل داجي فأتى أهله وقد حكم الله ... وناداه وهو غير مناجي وكذا الأمر ربما ضاق بالمرء ... فيتلوه سرعة الانفراج 2032- كان جار النبي صلى الله عليه وسلم يهوديًا. قال النجم: هذا يجري على ألسنة الناس كثيرًا، وقد أخرج التيمي في ترغيبه عن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد يهوديًا"، وفي "طبقات ابن سعد"، عن عائشة أنها قالت: "كنت بين شر جارين؛ بين أبي لهب، وعقبة ابن أبي معيط؛ إن كانا ليأتيان بالفروث فيطرحانها على بابي؛ حتى أنهم ليأتون ببعض ما يطرحون من الأذى فيطرحونه على بابي". 2033- كان عمر أشقر. قال النجم: هذا مشهور على الألسنة، ولا أصل له، وإنما كان أبيض، في لحيته صهوبة، وقيل آدم. وعند الطبراني بسند حسن عن ذر قال: "كنت بالمدينة؛ فإذا رجل آدم أعسر أشم ضخم، إذا أشرف على الناس؛ كأنه على دابة فإذا هو عمر". ورواه أحمد عن الأسود بن سريع قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني حمدت ربي تبارك وتعالى بمحامد ومدح وإياك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إن ربك تبارك وتعالى يحب المدح، هات ما امتدحت به ربك تبارك وتعالى"، فجعلت أنشده فجاء رجل فاستأذن آدم طوال أصلع أيسر أعسر، قال: فاستنصتني له رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج الرجل فتكلم ساعة ثم خرج، ثم أخذت أنشده أيضًا ثم رجع فاستنصتني رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا، فقلت يا رسول الله من ذا الذي استنصتني له؟ قال: "هذا رجل لا يحب الباطل هذا عمر بن الخطاب". رضي الله تعالى عنه. 2034- "كيف وقد قيل". رواه البخاري عن عقبة بن الحارث، وسببه أنه تزوج فأتته امرأة سوداء فقالت قد أرضعتكما. فسأل النبي صلى الله عليه وسلم. فذكره.

حرف اللام

حرف اللام: 2035- لبس خرقة الصوفية وكون الحسن البصري لبسها من علي. قال في "المقاصد": قال ابن دحية وابن الصلاح: باطل، ولم يسمع الحسن من علي حرفًا بالإجماع فكيف يلبسها منه؟!. وقال الحافظ ابن حجر: ليس فيه شيء من طرقها ما يثبت، ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لبعض أصحابه، ولا أمر أحدًا من الصحابة بفعل ذلك، وكل ما روي في ذلك صريحًا؛ فباطل. ثم قال إن من الكذب المفترى قول من قال: إن عليًا ألبس الخرقة الحسن البصري؛ فإن أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من علي رضي الله عنه سمعًا؛ فضلًا عن أن يلبسه الخرقة!. وقال في "اللآلئ" بعد أن ذكر ما تقدم: وسئل القاضي تقي الدين بن رزين عن لبس الخرقة التي يتداولها الصوفية؛ فأجاب: قد تداولها السلف، ولم يثبت فيها نقل على شرط الصحيح؛ لكن يكفي فيها التبرك بآثار الصالحين وآثارها صالحة في الغالب. انتهى. وقال في "التمييز": ولم ينفرد الحافظ ابن حجر بهذا؛ بل سبقه إليه جماعة، حتى من لبسها وألبسها، كالدمياطي والذهبي والهكاري وأبي حيان والعلائي والعراقي وابن الملقن والأنباسي والبرهان الحلبي وابن ناصر الدين، وذكرها في جزء مفرد فيها، وكذا غيره ممن توفي من أصحابنا. وقال في "المقاصد": وأوضحت ذلك كله مع طرقي بها في جزء مفرد، بل وفي ضمن غيره من تعاليقي مع إلباسي إياها لجماعة من أعيان الصوفية امتثالًا لإكرامهم لي بذلك حتى تجاه الكعبة المشرفة تبركًا بذكر الصالحين واقتفاء لمن أثبته من الحفاظ المعتمدين. انتهى. وقال السهروردي: لها أصل في السنة وهو: "أنه صلى الله عليه وسلم ألبس أم خالد خميصة سوداء ذات أعلام". انتهى.

وزاد القاري: "ورد لبسهم لها مع الصحة المتصلة إلى كهيل بن زياد وهو سجان علي اتفاقًا، وفي بعض الطرق اتصالها بأويس القرني، وهو قد اجتمع بعمر وعلي رضي الله عنهم". قال: وكذا نسبة التلقين المتعارف بين الصوفية لا أصل له، وكذا نسبة الخرقة إلى أويس وأنه عليه الصلاة والسلام أوصى له بخرقته -أي لأويس- وأن عمر وعليًا سلماها إليه، وأنها وصلت إليهم منه -وهلم جرا- فغير ثابت، ولو ذكره بعض المشايخ الكرام فالمدار على طريقة الصحة ومتابعة الكتاب والسنة. انتهى ملخصًا. 2036- اللبن لا يرد. سيأتي في "من عرض عليه طيب". 2037- للبيت رب يحميه. تقدم أنه من كلام عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم لأبرهة صاحب الفيل لما سأله أن يرد عليه ماله؛ فقال: سألتني مالك ولم تسألني عن الرجوع عن قصد البيت مع أنه شرفكم! فقال: إن للبيت ربا يحميه. 2038- لحوم البقر داء، وسمنها ولبنها دواء1. رواه أبو داود في مراسيله عن مليكة بنت عمرو الحصيب، وأنها وصفت للراوية عنها سمن بقر من وجع بحلقها، وقالت: "قال رسول صلى الله عليه وسلم: "ألبانها شفاء، وسمنها دواء، ولحومها داء". وأخرجه الطبراني في "الكبير" وابن مندة في "المعرفة" وأبو نعيم في "الطب" بنحوه؛ لكن الرواية عن مليكة لم تسم، وقد وصفها الراوي عنها -زهير بن معاوية أحد الحفاظ- بالصدق وأنها امرأته. وذكر أبي داود للحديث في مراسيله لتوقفه في صحبة مليكة ظنًا. وقد جزم بصحبها جماعة والحديث ضعيف؛ لكن في "المقاصد": وله شواهد: منها عن ابن مسعود رفعه: "عليكم بألبان البقر وسمنانها، وإياكم ولحومها؛ فإن ألبانها وسمنانها دواء وشفاء، ولحومها داء". وأخرجه الحاكم، وتساهل في تصحيحه له كما بسطته مع بقية طرقه في بعض الأجوبة، وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر وكأنه

_ 1 تقدم، انظر الحديث "1773".

لبيان الجواز أو لعدم تيسر غيره؛ وإلا فهو -صلى الله عليه وسلم- لا يتقرب إلى الله تعالى بالداء. على أن الحليمي قال كما أسلفته في "عليكم": أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال في البقر ذلك ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر، ورطوبة ألبانها وسمنانها. واستحسن هذا التأويل. انتهى. وذكره في "اللآلئ" معزوًا للحاكم وصححه عن ابن مسعود بلفظ: "لحومها داء ولبنها شفاء"، ثم قال منقطع. وفي صحته نظر؛ فإن الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر. وهو لا يتقرب بالداء. وروى ابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود مرفوعًا: "ما أنزل الله داء؛ إلا وأنزل له دواء؛ فعليكم بألبان البقر؛ فإنها ترم من كل الشجر " 1. ورواه الحاكم أيضًا من طرق، وقال: صحيح على شرط مسلم، وروى النسائي نحوه، ورأيت في "شعب الإيمان" للحليمي أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال في البقر: "لحومها داء ليبس الحجاز، ويبوسة لحم البقر فيه، ورطوبة ألبانها وسمنها". وهو تأويل حسن. انتهى. وتقدم الكلام عليه في "عليكم بألبان البقر". 2039- اللواء يحمله علي يوم القيامة. قال القاري: ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات". 2040- لئن يتصدق المرء في حياته بدرهم خير له من أن يتصدق بمائة عند موته2. رواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ورواه الترمذي بإسناد حسن، وصححه ابن حبان كما في فتح الباري. 2041- لدوا للموت وابنوا للخراب. رواه البيهقي في "الشعب" عن أبي هريرة والزبير مرفوعًا بلفظ: "إن ملكًا بباب من أبواب السماء".. فذكر حديثًا، وفيه "وإن ملكًا بباب آخر يقول: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم؛ فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإن ملكًا بباب آخر ينادي: يا بني آدم

_ 1 أي تأكل من كل الشجر. الصحاح للرازي. 2 ضعيف: رقم "4646".

لدوا للموت وابنوا للخراب". ورواه أحمد والنسائي في "الكبير" بدون الشاهد منه وصححه ابن حبان. ونقل القاري عن الإمام أحمد أنه قال: هو مما يدور في الأسواق، ولا أصل له. انتهى. ورواه البيهقي أيضًا عن أبي حكيم مولى الزبير، رفعه: "ما من صباح يصبح على العباد إلا وصارخ يصرخ: لدوا للموت واجمعوا للفناء وابنوا للخراب". وفي سنده ضعيفان وأبو حكيم مجهول. ورواه أبو نعيم عن أبي ذر موقوفًا منقطعًا: "أنه قال: تلدون للموت، وتبنون للخراب، وتؤثرون ما يفنى، وتتركون ما يبقى". وأخرج الثعلبي في تفسيره بإسناد واه جدًا، عن كعب الأحبار قال: "صاح ورشان عند سليمان بن داود فقال أتدرون ما يقول هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال: يقول: لدوا للموت وابنوا للخراب" فذكر قصة طويلة. وأخرج أحمد في "الزهد" عن عبد الواحد بن زياد أنه قال: "قال عيسى بن مريم: يا بني آدم، لدوا للموت وابنوا للخراب، تفنى نفوسكم وتبلى دياركم". وأنشد البيهقي بسنده إلى ثابت البربري من أبيات له: وللموت تغدوا الوالدات سخالها ... كما لخراب الدور تبنى المساكن ولغيره: له ملك ينادي كل يوم ... لدوا للموت وابنوا للخراب ولابن حجر: بني الدنيا أقلوا الهم فيها ... فما فيها يؤول إلى الفوات بناء للخراب وجمع مال ... ليفنى والتوالد للممات 2042- لسعت حية الهوى كبدي ... فلا طبيب لها ولا راقي إلا الحبيب الذي شغفت به ... فإنه علتي وترياقي قال ابن تيمية -كما في "المقاصد"-: ما اشتهر أن أبا محذورة أنشدهما بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه تواجد حتى وقعت البردة الشريفة عن كتفيه فتقاسمها فقراء الصفة وجعلوها رقعًا في ثيابهم. كذب باتفاق أهل العلم بالحديث. وما روى في ذلك؛ فموضوع؛ منه ما رواه أبو طاهر المقدسي وصاحب العوارف، عن أنس: "أنه عليه الصلاة والسلام أنشد بحضرته البيتان فتواجد عليه الصلاة والسلام وتواجد أصحابه

الكرام وسقط رداؤه عن منكبيه؛ فلما فرغوا؛ أوى كل واحد إلى مكانه، ثم قال عليه الصلاة والسلام: ليس بكريم من لم يهتز عند السماع، ثم قسم رداءه على من حضر أربعمائة قطعة"؛ فهذا موضوع، كان واضعه عمار بن إسحاق؛ فإن باقي إسناده ثقات. هكذا قاله الذهبي وغيره. فاعرفه. 2043- اللعب بالحمام مجلبة للفقر. قال في "المقاصد" رواه ابن أبي الدنيا في "الملاهي" بمعناه عن النخعي، ورواه البيهقي عن النخعي أيضًا بلفظ: "من لعب بالحمام الطيار لم يمت حتى يذوق ألم الفقر". وروى البخاري في "الأدب المفرد"، وأبو داود والبيهقي من حديث حماد بن سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يتبع حمامة، فقال شيطان يتبع شيطانة". ورواه أيضًا من حديث الحسن: "أنه قال: كان عثمان لا يخطب جمعة؛ إلا أمر بقتل الكلاب وذبح الحمام"؛ فاللعب به مكروه. لكن الكراهة -كما قال البيهقي- محمولة عند بعض أهل العلم على إدمان صاحب الحمام على إطارته والاشتغال به وارتقائه السطوح التي يشرف منها على بيوت الجيران وحرمهم. ومن الواهي ما رواه الدارقطني في "الأفراد"، والديلمي عن ابن عباس مرفوعًا: "اتخذوا هذه المقاصيص؛ فإنها تلهي الجن عن صبيانكم". وعن خالد الحذاء، عن رجل -يقال له أيوب- قال: "كان تلاعب آل فرعون الحمام"، وأخرج ابن أبي الدنيا عن الثوري قال: "سمعت أن اللعب بالحمام من عمل قوم لوط"، وزيادة "أو جناح" في حديث "لا سبق إلا في خف"؛ كذب موضوعة باتفاق المحدثين. انتهى. 2044- "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه". هو بعض حديث رواه البخاري وأحمد والنسائي وابن ماجه، عن أبي هريرة بلفظ: "كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله، قال الله عز وجل؛ إلا الصوم؛ فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك"، ورواه الترمذي عن أبي هريرة بلفظ: "للصائم فرحتان: فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى ربه"، وورد بغير ذلك.

2045- لعن الله الداخل فينا بغير نسب والخارج منا بغير سبب. قال في "المقاصد": بيض له شيخنا قال: وشواهده ثابتة أوردت الكثير منها في استجلاب ارتقاء الغرف. انتهى. وأقول: منها ما رواه البخاري بلفظ: "من أعظم الذنب أن يدعى الرجل إلى غير أبيه". وفي رواية له: "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام". ونقل في "الشفا" عن الإمام مالك: "أن من انتسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم -يعنى بالباطل- يضرب ضربًا وجيعًا ويشهر ويحبس حبسًا طويلًا؛ حتى تظهر توبته؛ لاستخفافه بحق النبي صلى الله عليه وسلم". 2046- لعن الله سهيلًا فإنه كان عشارًا1. سيأتي في "هاروت وماروت". 2047- "لعلك به ترزق" 2. قال في "التمييز" قاله: صلى الله عليه وسلم للمحترف الذي شكا إليه أخاه الذي لا يحترف، رواه الترمذي عن أنس مرفوعًا بسند صحيح على شرط مسلم. 2048- "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش" 3. رواه أحمد بن منيع عن ابن عمر، وسنده حسن، وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وعائشة وأم سلمة وآخرين. وروى الطبراني بسند صحيح عن ابن مسعود: "أنه قال: الرشوة في الحكم كفر، وهي في الناس سحت". ورواه أحمد والطبراني والبزار عن ثوبان بلفظ: "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما". 2049- لعن الله المغني والمغنى له. قال النووي: لا يصح وتبعه السخاوي والزركشي والسيوطي.

_ 1 انظر حديث رقم "2871". 2 صحيح: رقم "5084" بلفظ "لعلك ترزق به". 3 لفظ: "الراشي والمرتشي في الحكم"، صحيح رقم "5093"، ولفظ أحمد عن ثوبان ضعيف: رقم "4687".

2050- لعن الله الكذاب ولو كان مازحًا. قال في "المقاصد": ما علمته في المرفوع، نعم في "الأدب المفرد" للبخاري عن ابن مسعود أنه قال: "لا يصلح الكذب في جد ولا هزل، ولا أن يعد أحدكم ولده شيئًا ثم لا ينجز له"، ولأبي داود عن عبد الله بن عامر أنه قال: "دعتني أمي يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد بيننا فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما أردت أن تعطيه؟ قالت: أعطيه تمرًا فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنك لو لم تعطه شيئًا كتبت عليك كذبة". وأخرجه البخاري أيضًا في تاريخه، والإمام أحمد وابن سعد، والطبراني والديلمي بسند حسن؛ لكن نقل ابن سعد أن الواقدي قال: ما أرى هذا الحديث محفوظًا؛ مع أن عبد الله بن عامر المذكور كان عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس سنين، وقيل أربع؛ وأجاب الحافظ ابن حجر: بأنه يحتمل أن تكون أمه أخبرته بذلك، فأرسله هو. على أن كثيرًا من أئمة الحديث ذكروا عبد الله في الصحابة: فقال الترمذي: رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وسمع منه أحرفًا، وقال أبو حاتم الرازي: رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- لما دخل على أمه وهو صغير، وقال ابن حبان في "الصحابة": أتاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتهم وهو غلام. ورواه أبو يعلى من حديث واثلة، وأبو نعيم من وجه آخر -كلاهما- عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "يا أبا هريرة دع الكذب وإن كنت مازحا؛ تكن أعبد الناس". ورواه أحمد والطبراني عن أبي هريرة بلفظ: "لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاح، والمراء وإن كان صادقًا". 2051- لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له1. رواه أحمد والنسائي والترمذي، وصححه عن ابن مسعود مرفوعًا. 2052- "لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء". رواه البخاري وأبو داود والترمذي عن ابن عباس، وفي لفظ عند أحمد وأبي داود وابن ماجه: "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء". ولأبي داود عن عائشة: "لعن الله الرجلة من النساء"، والحاكم عن أبي هريرة: "لعن الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل".

_ 1 صحيح: رقم "5101" بلفظ: "لعن الله المحلل والمحلل له".

2053- "لعن الله العقرب ما تدع نبيًا ولا غيره إلا لدغته" 1. رواه البيهقي عن علي. 2054- لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد2. رواه البيهقي في "الشعب" والطبراني في "الأوسط" وأبو بكر الآجري في "فرض العلم" وأبو نعيم في "رياضة المتعلمين"، والدارقطني في "سننه"، والقضاعي بسند ضعيف، عن أبي هريرة مرفوعًا في حديث لفظه: "ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في دين؛ ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، ولكل شيء عماد، وعماد هذا الدين الفقه". ورواه البيهقي عن أبي هريرة أيضًا بلفظ: "لكل شيء دعامة ودعامة الإسلام الفقه في الدين، والفقيه أشد على الشيطان من ألف عابد". وللعسكري عن ابن عباس مرفوعًا: "الفقيه الواحد أشد على إبليس من ألف عابد"، رواه الترمذي وقال: غريب، وابن ماجه والبيهقي -ثلاثتهم- من وجه آخر عن ابن عباس بلفظ: "فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد"، وسنده ضعيف أيضًا؛ لكن يتقوى أحدهما بالآخر، وفي الديلمي بلا سند عن ابن مسعود رفعه: "لعالم واحد أشد على إبليس من عشرين عابدًا". وأخرجه ابن عدي بسند ضعيف عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "فضل المؤمن العالم على المؤمن العابد سبعون درجة". ولأبي يعلى وابن عدي أيضًا -من وجه آخر- عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "بين العالم والعابد مائة درجة؛ بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة"، وأخرجه أبو يعلى عن عبد الرحمن بن عوف، وأصحاب السنن الأربعة عن أبي الدرداء مرفوعًا بلفظ: "فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب". وما أحسن ما قيل: وإن فقيهًا واحدًا متعبدًا ... أشد على الشيطان من ألف عابد 2055- لقمة في بطن الجائع أفضل من عمارة ألف جامع. الظاهر أنه ليس بحديث.

_ 1 صحيح: رقم "5099" بلفظ: "إلا لدغتهم" في آخره. 2 لفظ القضاعي عن أبي هريرة، موضوع: رقم "5106".

2056- "لكل غد رزق". رواه أحمد في الزهد عن أنس بلفظ: "أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة طوائر؛ فأطعم خادمته طائرًا، فلما كان الغد أتته به فقال لها: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم أنهك أن ترفعي شيئًا لغد، فإن الله عز وجل يأتي برزق كل غدٍ". ومن كلام بعض الأولياء: "لكل غد طعام"، والمشهور على الألسنة "رزق غد لغد". 2057- لكل بلوى عون. قال في الأصل: ليس بحديث؛ لكنه صحيح المعنى، والصبر ينزل بقدر المصيبة، والمعونة بقدر المؤونة؛ كما بينته في ارتياح الأكباد. انتهى. ونقل ابن الغرس عن المشكاة: أنه من قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأقول: ويشهد لمعناه ما ورد: "لكل داء دواء"، وقال النجم: ليس بحديث؛ لكن سبق في الهمزة: أن الله ينزل المعونة على قدر المؤونة، وينزل الصبر على قدر البلاء، والمشهور على الألسنة: "على كل بلوى عون". 2058- لكل حجرة أجرة. قال في "التمييز": ليس بحديث، وهو صحيح المعنى أيضًا، وزاد في "المقاصد": فأجرة المثل ومهر المثل وقيمة المثل منظور إليها. قال القاري: وكأنة أراد: لكل بيت أجرة ولو من حجارة. انتهى. 2059- لكل داخل دهشة. رواه الخطابي في الغريب عن الكسائي قال: يروى عن ابن عباس أنه قال: "لكل داخل برقة". قال الخطابي: البرقة الدهشة، برق كفرح إذا بهت من فزع أو نحوه، فيبقى شاخصًا بصره. 2060- "لكل حق حقيقة". تقدم في "عرفت فالزم". 2061- لكل قادم نصيب. قال النجم: لا يعرف بهذا اللفظ؛ لكنه في معنى "الضيف يأتي برزقه" و "إذا دخل الرجل على قوم دخل برزقه". وقد سبق.

2062- لكل زمان رجال. والمشهور "لكل زمان دولة ورجال"، وسيأتي قريبًا في "لكل مقام مقال". وهو بمعنى قوله تعالى {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} 1. والله أعلم. 2063- لكل ساقطة لاقطة. قال في "المقاصد": هو من كلام السلف، وإليه يشير قوله تعالى {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} 2، ولكن الجاري على الألسنة لا يقصد به هذا المعنى. وكثيرًا ما علل به انتقاض الوضوء بمس العجوز الشوهاء وتحريم رؤيتها ونحو ذلك. انتهى. وكان وجه إشارة الآية إليه: أن الملك لما كان يكتب على المكلف ما يعمله؛ فكأنه لفظ ما فعله العبد الذي بمنزلة الساقط، والمنزل بمنزلة الساقطة. والمشهور عن الشافعي رضي الله تعالى عنه: "ما من ساقطة إلا ولها لاقطة". 2064- لكل شيء آفة وللعلم آفات3. قال القاري: هو من كلام بعض الأعلام، وأقول: قال النجم: "لكل شيء آفة" رواه الحارث بن أبي أسامة عن ابن مسعود بلفظ: "لكل شيء آفة تفسده، وآفة هذا الدين ولاة السوء". ورواه الديلمي عن أبي هريرة بلفظ: "لكل شيء آفة تفسده، وأعظم الآفات آفة تصيب أمتي؛ حبهم الدنيا وحبهم الدينار والدرهم، يا أبا هريرة لا خير في كثير من جمعها؛ إلا من سلطه الله على هلكتها في الحق". وتقدم في "آفة الكذب بأبسط". 2065- لكل مجتهد نصيب. قال القاري: هو من كلام بعضهم. وفي معناه: "من جد وجد، ومن لج ولج". قال ابن الغرس: ويؤيده قول بعض العارفين: الصدق ضامن لحصول المطلوب.

_ 1 آل عمران: 140. 2 ق: 18. 3 لفظ رواية ابن مسعود ضعيف جدًا: رقم "4721".

2066- لكل شيء أساس، وأساس الإسلام حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب أهل بيته. عزاه السيوطي في الدر المنثور لابن النجار في تاريخه عن أنس، ولم يبين حاله. 2067- "لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به". متفق عليه، عن أنس رفعه بلفظ: "لكل غادر لواء عند أسته يوم القيامة". ورواه أحمد عنه وعن أبي مسعود. وله عن أبي سعيد بلفظ: "لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم غدرًا من أمير عامة". ورواه مسلم: "ألا ولا غادر أعظم غدرًا من أمير عامة". 2068- "لكل غادر لواء عند أسته يوم القيامة". رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري. 2069- لكل مقام مقال. رواه الخطيب في الجامع عن أبي الدرداء، والخرائطي في المكارم، وابن عدي في الكامل عن أبي الطفيل موقوفًا، وزاد ابن عدي: "ولكل زمان رجال"، ويروى عن عوف بن مالك: "إن لكل زمان رجالًا؛ فخيارهم الذين يرجى خيرهم ولا يخاف شرهم، وشرارهم الذين يخاف شرهم ولا يرجى خيرهم، ولكل زمان نساء؛ فخيارهن الجوانيات العفيفات المتعففات، وشرارهن الزانيات المسرفات المترجلات". 2070- لكل شيء إقبال وإدبار. رواه ابن السني وأبو نعيم عن أمامة، زاد: "وإن من إقبال هذا الدين أن تفقه القبيلة كلها بأسرها حتى لا يوجد فيها إلا الرجل الجليف1، أو الرجلان، وإن من إدبار هذا الدين أن تجفو القبيلة كلها بأسرها؛ حتى لا يوجد فيها إلا الرجل الفقيه، أو الرجلان؛ فهما مقهوران ذليلان، لا يجدان على ذلك أعوانًا وأنصارًا".

_ 1 في القاموس: الجلف الرجل الجافي كالجليف.

2071- "لكل عامل شرة 1، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح" 2. رواه الطبراني عن ابن عمرو به، وأخرجه البيهقي ولفظه: "أن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة؛ فمن كانت فترته إلى سنتي؛ فقد اهتدى، ومن كانت إلى غير ذلك؛ فقد هلك". 2072- لكل فرحة ترحة. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الاعتبار" عن ابن مسعود موقوفًا. وزاد "وما من بيت ملئ فرحًا إلا ملئ ترحًا". وله فيه عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال لعلي وهو بوادي العقيق: "يا علي ما من حبرة 3 إلا ستتبعها عبرة، يا علي كل هم منقطع إلا هم النار، يا علي كل نعيم يزول إلا نعيم الجنة، يا علي عليك بالصدق وإن ضرك في العاجل كان فرجًا لك في الآجل". وفي لفظ: "يا علي، ما من أهل بيت كانوا في حبرة إلا سيتبعهم بعد ذلك عبرة". وقال لقمان: في كل عام أسقام ومع كل حبرة عبرة ومع كل فرحة ترحة. رواه ابن أبي الدنيا. 2073- للخير معادن4. هو بمعنى "الناس معادن". وسيأتي. 2074- للسائل حق وإن جاء على فرس5. رواه أحمد وأبو داود عن الحسين ابن علي مرفوعًا، وسنده جيد، كما قاله صاحب "المقاصد"، ومن يتبعه وسكت عليه أبو داود؛ لكن قال ابن عبد البر: ليس بالقوي. وقال في "التمييز": قال الإمام أحمد: حديثان يدوران في الأسواق لا أصل لهما ولا اعتبار: الأول للسائل حق وإن جاء على فرس والثاني يوم نحركم يوم صومكم. انتهى.

_ 1 في النهاية "لكل عابد شرة" أي نشاط ورغبة. 2 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح2152"، وفيه: "إن لكل عمل شرة..". 3 الحبرة بالفتح: النعمة وسعة العيش، وكذلك الحبور. النهاية. 4 سيأتي، انظر حديث "2793". 5 ضعيف: رقم "4749".

قيل: هذا لا يصح عن أحمد؛ فقد أخرج هذا الحديث في مسنده بسند رجاله ثقات، ورواه الطبراني بسند فيه عثمان بن فائد ضعيف، وأخرجه في "الموطأ" عن ابن عباس، وزيد بن أسلم رفعه مرسلًا بلفظ: " أعطوا السائل ولو جاء على فرس". وللدارقطني عن أبي هريرة رفعه: "لا يمنعن أحدكم السائل أن يعطيه، وإن كان في يده قلب من ذهب". وروى البخاري في "تاريخه" عن عمر بن عبد العزيز: أنه قال لبعض عماله، وقد أعطاه مالًا ليقسمه بالرقة فقال العامل: "إنك تبعثني إلى قوم لا أعرفهم وفيهم غني وفقير، فقال: يا هذا كل من مد يده إليك فأعطه". وفي النجم: روى أحمد في "الزهد": "قال عيسى بن مريم عليها السلام: إن للسائل حقًا؛ ولو أتاك على فرس مطوس بالذهب"، أي: مزين به. 2075- لما خلق الله العقل فقال له: أقبل فأقبل، قال له: أدبر فأدبر، فقال: ما خلقت خلقًا أشرف منك؛ فبك آخذ وبك أعطي2. قال الزركشي: كذب موضوع باتفاق. انتهى. لكن قال السيوطي في "الدرر" تابع الزركشي في ذلك ابن تيمية، قال: وقد وجدت له أصلًا صالحًا، أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، عن الحسن يرفعه قال: "لما خلق الله العقل قال له: أقبل فأقبل، ثم أدبر فأدبر، قال: ما خلقت خلقًا أحب إلي منك فبك آخذ وبك أعطي"، وهذا مرسل جيد الإسناد، وهو موصول. وفي معجم الطبراني في "الأوسط" من حديث أبي هريرة بإسنادين ضعيفين. انتهى. 2076- لم يكن مؤمن ولا يكون إلى يوم القيامة؛ إلا وله جار يؤذيه3. رواه أبو سعيد النقاش والأصبهاني وابن النجار عن علي -كرم الله وجهه- بسند ضعيف.

_ 1 القلب من السوار ما كان قلبًا واحدًا؛ أي مقتول من طاق واحد. انظر الصحاح للرازي. 2 موضوع، وكل ما روي في العقل من الأحاديث فلا يصح منها شيء؛ بل أطلق ابن تيمية عليها كلها بالوضع. انظر تخريج المشكاة "ح5064". 3 ضعيف: رقم "4765".

2077- لما غسلت النبي صلى الله عليه وسلم اقتلصت من مياه محاجر عينيه فشربته فورثت علم الأولين والآخرين. يحكى عن علي رضي الله عنه، وليس بصحيح، كما قاله الإمام النووي، وقال القاري: وكذا ما ذكره الشيعة: "أنه شرب من ماء اجتمع بسرته عليه الصلاة والسلام عند غسله؛ فلم يطل شاربه، ونحن لا نقص شواربنا اقتداء به. قال: وهذا كلام باطل أصلًا وفرعًا. 2078- "لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم" 1. رواه أبو داود والطبراني في الشاميين، عن أبي ثعلبة الخشني بسند صحيح مرفوعًا، ورواه أبو داود بمعناه عن سعد بن أبي وقاص. 2079- لن يغلب عسر يسرين2. رواه الحاكم والبيهقي في "الشعب" عن الحسن مرسلًا أن النبي صلى الله عليه وسلم: "خرج ذات يوم وهو يضحك وهو يقول: لن يغلب عسر يسرين، إن مع العسر يسرًا". ورواه الطبراني عن معمر والعسكري في "الأمثال"، وابن مردويه عن جابر بسند ضعيف. وفي الباب عن ابن عباس من قوله؛ ذكره الفراء. وقال في "الدرر": وأخرجه الحاكم من حديث ابن عباس، وأخرجه عبد الرزاق عن ابن مسعود موقوفًا بلفظ: "لو كان العسر في جحر ضب؛ لتبعه اليسر حتى يستخرجه، لن يغلب عسر يسرين "؛ بل للطبراني عن ابن مسعود أيضًا مرفوعًا: "لو دخل العسر جحرًا لدخل اليسر حتى يخرجه؛ فيغلبه، فلا ينتظر الفقير إلا اليسر، ولا المبتلى إلا العافية ولا المعافى إلا البلاء". ورواه ابن أبي الدنيا ومن طريق البيهقي في "الشعب" عن ابن مسعود: "لو أن العسر دخل في جحر لجاء اليسر حتى يدخل معه ثم قرأ {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} 3 "، وفي الموطأ بسنده: "أن عمر بن الخطاب بلغه أن أبا عبيدة حصر بالشام فكتب إليه كتابًا قال فيه: ولن يغلب عسر يسرين". وروى الحاكم من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه، وكذا ابن أبي الدنيا والبيهقي في "الشعب" عنه، قال في "المقاصد": وهذا أصح طرقه

_ 1 صحيح: رقم "5224". 2 بعض حديث ضعيف: رقم "4787"، بزيادة "إن مع العسر يسرًا إن مع العسر يسرًا". 3 الشرح: 6.

أن أبا عبيدة حصر فكتب إليه عمر يقول له: "مهما تنزل بامرئ شدة يجعل الله بعدها فرجًا، وإنه لن يغلب عسر يسرين، وإنه يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 1 ". وأخرجه البيهقي عن أنس أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا وحياله جحر، فقال: لو جاء العسر فدخل هذا الجحر لجاء اليسر فدخل عليه؛ فأخرجه، قال: فأنزل الله تعالى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} 2 ". وقد ألف التنوخي وابن أبي الدنيا وغيرهما في الفرج بعد الشدة، ومما ذكره ابن أبي الدنيا ومن طريقه البيهقي في "الشعب" عن إبراهيم بن مسعود قال: "كان رجل من كبار المدينة يختلف إلى جعفر بن محمد وهو حسن الحال فتغيرت حاله فجعل يشكو إلى جعفر فقال جعفر: فلا تجزع وإن أعسرت يومًا ... فقد أيسرت في الزمن الطويل ولا تيأس فإن اليأس كفر ... لعل الله يغنى عن قليل ولا تظنن بربك ظن سوء ... فإن الله أولى بالجميل قال الرجل: فخرجت من عند جعفر وأنا أغنى الناس". وذكر البيهقي أن عبد بن حميد قال لرجل يشكو إليه العسرة في أموره: ألا يا أيها الذي في عسره أصبح ... إذا اشتد بك الأمر فلا تنس ألم نشرح وفي النجم: وروى ابن مردويه عن جابر: "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ثلاثمائة أو يزيدون، علينا أبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح، وليس معنا من الحمولة إلا ما نركب فزودنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جرابين من تمر فقال بعضنا لبعض: قد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أين تريدون، وقد علمتم ما معكم من زاد، فلو رجعتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألتموه أن يزودكم؛ فرجعنا إليه، فقال: قد عرفت الذي جئتم له، ولو كان عندي غير الذي زودتكم لزودتكموه؛ فانصرفنا ونزلت {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} 3 فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم

_ 1 آل عمران: 200. 2 الشرح: 5، 6. 3 الشرح: 5، 6.

إلى بعضنا فدعاه فقال: أبشروا؛ فإن الله قد أوحى إلي {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} [الشرح: 6] ولن يغلب عسر يسرين. 2080- "لن يفلح قوم ولوْا أمرهم امرأة". رواه البخاري في "الفتن والمغازي"، عن أبي بكرة أنه قال: لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل قالها النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أنهم ملكوا ابنة كسرى. ورواه الحاكم وأحمد وابن حبان مطولًا، ولفظ الحاكم عن أبي بكرة: "عصمني الله بشيء سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن ملك ذي يزن توفي، فولوا أمرهم امرأة". وله طريق أخرى عند أحمد عن أبي بكرة بلفظ: "لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة"، وسيأتي من وجه آخر، عن أبي بكرة بلفظ: "هلكت الرجال حين أطاعت النساء". وعن عروة بن محمد بن عطية أنه قال: ما أبرم قوم قط أمرًا فصدروا إليه عن رأي امرأة إلا تبروا". 2081- "لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن شبابه فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به" 1. 2082- لن يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة2. رواه الترمذي، وحسنه عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا. 2083- لن ينفع حذر من قدر. رواه أحمد عن معاذ بن جبل، وتقدم في حديث في "الدعاء يرد البلاء". 2084- لأن يؤدب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع. قال الصغاني موضوع. 2085- لله ولي من سكت. تقدم في "فم ساكت".

_ 1 بنحوه صحيح: رقم "7300". 2 ضعيف: رقم "4786".

2086- لهدم الكعبة حجرًا حجرًا أهون من قتل المسلم1. قال في "المقاصد": لم أقف عليه بهذا اللفظ؛ ولكن معناه عند الطبراني في الصغير، عن أنس رفعه: "من آذى مسلمًا بغير حق فكأنما هدم بيت الله". ونحوه عن غير واحد من الصحابة: "أنه صلى الله عليه وسلم نظر إلى الكعبة؛ فقال: "لقد شرفك الله وكرمك وعظمك، والمؤمن أعظم حرمة منك". وسيأتي في حديث "المؤمن"، ويأتي حديث "ليس شيء أكرم على الله من المؤمن". قال: وقد أشبعت الكلام عليه فيما كتبته على الترمذي في باب "ما جاء في تعظيم المؤمن"، وأخرجه النسائي عن بريدة مرفوعًا بلفظ: "قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا". وابن ماجه عن البراء مرفوعًا بلفظ: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق"، والنسائي عن ابن عمر رفعه بمثله؛ لكن قال: "من قتل رجل مسلم"، والترمذي وقال: "روي مرفوعًا وموقوفًا، والله أعلم. 2087- لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه الله به. قال ابن تيمية: كذب، ونحوه قول الحافظ ابن حجر: لا أصل له، وفي معناه: "من بلغه عن الله شيء فيه فضيلة فعمل به إيمانًا به ورجاء ثوابه؛ أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك". قال في "المقاصد": ولا يصح أيضًا كما بينته في "القول البديع"، وسيأتي في "من بلغه"، وقال ابن القيم: هو من كلام عباد الأصنام الذين يحسنون ظنهم بالأحجار. والمشهور على الألسنة: "لو اعتقد أحدكم على حجر لنفعه". وعبارة النجم: "لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه الله به" أو "لو اعتقد أحدكم حجرًا نفعه الله به" أو "لنفعه": كذب لا أصل له، كما قال ابن تيمية وابن حجر وغيرهما. انتهى. 2088- "لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم" 2. رواه ابن ماجه عن أبي هريرة وسنده جيد.

_ 1 الفوائد المجموعة "212". 2 حسن: رقم "5235".

قال المنذري: ويشهد له ما رواه الترمذي وحسنه عن أنس، والطبراني عن ابن عباس، والبيهقي عن أبي ذر، وابن النجار عن أبي هريرة بلفظ: "قال الله تعالى: "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان 1 السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أنك أتيتني بقراب الأرض 2 خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة". 2089- لو أن أهل العلم صانوه ووضعوه عند أهله لسادوا به أهل زمانهم - الحديث. رواه ابن ماجه عن ابن عمر موقوفًا، ورواه البيهقي في الشعب، عن ابن مسعود من قوله أيضًا بلفظ: "لو أن أهل العلم صانوا العلم ووضعوه عند أهله؛ سادوا به أهل زمانهم، ولكن بذلوه لأهل الدنيا لينالوا من دنياهم؛ فهانوا على أهلها، سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: "من جعل الهم همًا واحدًا هم آخرته كفاه الله عز وجل ما همه من أمر دنياه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك". ومعناه في أبيات الجرجاني الشهيرة قال فيها: ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظما ولكن أهانوه فهان ودنسوا ... محياه بالأطماع حتى تصرما 2090- "لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت؛ لأدركه رزقه كما يدركه الموت" 3. رواه أبو نعيم عن جابر، وفي سنده ضعيف ولابن عساكر عن أبي الدرداء: "لو أن عبدًا هرب من رزقه؛ لطلبه رزقه كما يطلبه الموت".

_ 1 العنان بالفتح: السحاب، الواحد عنانة. الصحاح للرازي. 2 أي بما يقارب ملأها. انظر النهاية. 3 حسن: رقم "5240".

2091- "لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا" 1. رواه أحمد والطيالسي في مسنديهما، وابن ماجه عن عمر مرفوعًا، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، والحاكم، وحسنه الترمذي. وللعسكري عن وهب بن منبه أنه قال: "سئل ابن عباس عن المتوكل؛ فقال: الذي يحرث ويبذر ويذره بين المدر". وله أيضًا عن معاوية بن قرة أنه قال: "لقي عمر بن الخطاب ناسًا من أهل اليمن فقال: ما أنتم؟ فقالوا: متوكلون، فقال: كذبتم، أنتم متأكلون؛ إنما المتوكل رجل ألقى حبه في الأرض وتوكل على الله عزل وجل". وقد ألف في التوكل غير واحد كابن خزيمة وابن أبي الدنيا رضي الله عنهم. 2092- لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله2. رواه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا، وقال غريب. وفسره بعضهم فقال: لهبط على علم الله وقدرته وسلطانه. وهذه المذكورات في كل مكان؛ لأنه تعالى بصفاته مع العباد {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] . وقال الحافظ ابن حجر: معناه أن علم الله يشمل جميع الأقطار؛ فالتقدير: "لهبط على علم الله"، والله سبحانه منزه عن الحلول في الأماكن؛ فإنه تعالى كان قبل أن يحدث الأماكن. ونقل أن الشيخ الأكبر -قدس سره- نقله في أثناء أربعين حديثًا له وشرحه. 2093- لو اغتسل اللوطي بماء البحر لم يجئ يوم القيامة إلا جنبًا3. أسنده الديلمي، عن أنس مرفوعًا. وأسنده أيضًا عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "المتلوط لو اغتسل بكل قطرة تنزل من السماء على وجه الأرض إلى أن تقوم الساعة؛ لما طهره الله من نجاسته أو يتوب". وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات". وقال في "المقاصد": وكل ما في معناه باطل.

_ 1 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح5254". 2 ضعيف، كما قال الترمذي. 3 انظر الموضوعات "112/ 3".

نعم في "الجامع الكبير": "ملعون -ثلاثًا- من عمل عمل قوم لوط"، وفي "الجامع الصغير": "إذا ظلم أهل الذمة ... "، وفي آخره "وإذا كثرت اللوطية رفع الله تعالى يده عن الخلق، ولا يبالي في أي واد هلكوا". 2094- "لو بعث الله نبيًا بعدي لبعث عمر" 1. ويشهد له ما رواه أحمد والترمذي والحاكم، عن عقبة بن عامر بلفظ: "لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب"، وبسنده ضعيف. 2095- "لو بغى جبل على جبل لدك الباغي" 2. رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وأبو نعيم عن ابن عباس موقوفًا، ورواه ابن مردويه، عن الأعمش مرفوعًا قال ابن أبي حاتم: والموقوف أصح، ورواه ابن المبارك في "الزهد"، عن مجاهد مرسلًا، ورواه ابن مردويه عن ابن عمر، وابن حبان في "الضعفاء" عن أنس، وفي سنده أحمد بن الفضل وضاع. وقال النجم بسند ضعيف. وقد نظم ذلك بعضهم فقال: يا صاحب البغي إن البغي مصرعة ... فاعدل فخير فعال المرء أعدله فلو بغى جبل يومًا على جبل ... لاندك منه أعاليه وأسفله 2096- "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا". متفق عليه عن أنس مرفوعًا. وفي الباب عن أبي هريرة وجماعة، ورواه الحاكم عن أبي ذر، وزاد فيه: "ولما ساغ لكم الطعام والشراب". 2097- لو تعلم البهائم من الموت ما يعلم ابن آدم ما أكلتم منها سمينًا3. رواه البيهقي في "الشعب"، والقضاعي عن أم حبيبة الجهنية مرفوعًا، ورواه الديلمي عن أبي سعيد رفعه بلفظ: "لو علمت البهائم من الموت ما علمتم ما أكلتم منها لحمًا سمينًا". وعنده بلا سند عن أنس مرفوعًا: "لو أن البهائم التي تأكلون لحومها علمت ما تريدون بها ما سمنت، وكيف تسمن أنت يا ابن آدم والموت أمامك؟!.".

_ 1 بنحوه في الصحيحة "327"، وقال: "حسن". 2 صحيح، موقوفًا على ابن عباس، انظر صحيح الأدب المفرد "457". 3 ضعيف جدًا: رقم "4816".

2098- "لو تفتح عمل الشيطان" 1. رواه النسائي وابن ماجه والطحاوي عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز؛ فإن غلبك أمر؛ فقل قدر الله وما شاء فعل، وإياك واللو، فإن اللو يفتح عمل الشيطان". ورواه الطبراني بلفظ أوله: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز؛ فإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا؛ ولكن قل قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو مفتاح الشيطان". ورواه الطبراني أيضًا، والنسائي من وجه آخر باللفظ المذكور. لكن في سنده فضيل بن سليمان ليس بالقوي؛ لكن رواه مسلم في صحيحه بطريقين؛ فطريق عبد الله بن إدريس لفظها: "وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا؛ ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان". وفي لفظ: "إياك و"لو"؛ فإن "لو" من عمل الشيطان". ووقع عند بعض رواة مسلم "اللو" بالتشديد. قال عياض: المحفوظ خلافه. وجمع النووي بينه وبين ما ثبت من استعماله صلى الله عليه وسلم: "لو سلك الناس واديًا"، "لو استقبلت من أمري ما استدبرت"، بأن الظاهر: أن النهي عن إطلاقها فيما لا فائدة فيه؛ وأما من قالها تأسفًا على ما فات من طاعة الله تعالى، أو ما هو متعذر عليه منها ونحوه؛ فلا بأس، وعليه يحمل ما وجد في الأحاديث. ويشير إلى ذلك ترجمة البخاري بـ "التمني بما يجوز من اللو". 2099- لو شاء الله أن لا يعصى ما خلق إبليس. رواه أبو نعيم عن ابن عمر.

_ 1 بنحوه، حسن: رقم "6650".

2100- لو صدق السائل لخاب من رده. وفي لفظ: "ما أفلح من رده كما في الأصل، و"التمييز" و"الدرر"؛ رواه ابن عبد البر في الاستذكار، عن الحسين بن علي، وعن عائشة مرفوعًا بلفظ: "لولا أن السؤال يكذبون؛ ما أفلح من ردهم"، وحكم الصغاني عليه بالوضع، ورواه القضاعي عنها بلفظ: "ما قدس من ردهم"، إسناده ليس بالقوي؛ كما قاله ابن عبد البر. وسبقه ابن المديني لذلك وأدرجه في خمسة أحاديث، قال: لا أصل لها وذكرناها في: "أعطوا السائل". وقال أحمد: لا أصل له، وأدرجه أيضًا في ضمن أربعة أحاديث مرت هناك أيضًا، ورواه العقيلي في "الضعفاء"، عن عائشة، ثم قال: ولا يصح في الباب شيء، ورواه الطبراني بسند ضعيف عن أبي أمامة مرفوعًا بلفظ: "لولا أن السائلين يكذبون ما أفلح من ردهم". والله أعلم. 2101- "لو عاش إبراهيم لكان نبيًا" 1. ورد عن ثلاثة من الصحابة، لكن قال النووي في تهذيبه في ترجمة إبراهيم: وأما ما روي عن بعض المتقدمين: "لو عاش إبراهيم لكان نبيًا"؛ فباطل وجسارة على الكلام على المغيبات ومجازفة، وهجوم على عظيم، ونحوه قول ابن عبد البر في "تمهيده": لا أدري ما هذا؛ فقد ولد نوح عليه الصلاة والسلام غير نبي، ولو لم يلد النبي إلا نبيًا؛ لكان كل أحد نبيًا؛ لأنهم من ولد نوح. انتهى. لكن قال الحافظ ابن حجر: ولا يلزم من الحديث المذكور ما ذكره لما لا يخفي، وكان ابن عبد البر سلف النووي. وقال أيضًا: إنه عجيب مع وروده عن ثلاثة من الصحابة وكأنه لم يظهر له وجه تأويله؛ فقال في إنكاره ما قال، وجوابه أن القضية الشرطية لا تستلزم الوقوع ولا يظن بالصحابي الهجوم على مثل هذا بالظن. انتهى. واعترض الجواب المذكور القاري بأنه بعيد جدًا. انتهى. وقال ابن حجر المكي في فتاواه الحديثية: قال السيوطي: صح عن أنس: "أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ابنه إبراهيم، قال: "لا أدري رحمة الله على إبراهيم، لو عاش لكان صديقًا نبيًا". ورواه ابن منده والبيهقي، عن ابن عباس عن النبي، ورواه ابن عساكر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج ابن عساكر أيضًا بسنده، وقال

_ 1 صحيح، انظر صحيح الجامع "5272"، وفيه: "لكان صديقا نبيا".

فيه من ليس بالقوي، عن علي بن أبي طالب: "لما توفي إبراهيم أرسل النبي إلى أمه مارية، فجاءته وغسلته وكفنته، وخرج به وخرج الناس معه، فدفنه، وأدخل صلى الله عليه وسلم يده في قبره؛ فقال: "أما والله إنه لنبي ابن نبي"، وبكى المسلمون حوله حتى ارتفع الصوت، ثم قال صلى الله عليه وسلم: "تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يغضب الرب، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون"، وروى أبو داود أنه مات وعمره ثمانية عشر شهرًا؛ فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ صححه ابن خزيمة. قال الزركشي: اعتل من سلم ترك الصلاة عليه بعلل: منها أنه استغنى بفضيلة أبيه عن الصلاة كما استغنى الشهيد بفضيلة الشهادة، ومنها أنه لا يصلي نبي على نبي، وقد جاء لو عاش لكان نبيا. انتهى. ولا بعد في إثبات النبوة له مع صغره لأنه كعيسى القائل يوم ولد {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً} [مريم: 30] وكيحيى الذي قال تعالى فيه {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} [مريم: 12] قال المفسرون: نبئ وعمره ثلاث سنين، واحتمال نزول جبريل بوحي لعيسى وليحيى يجري في إبراهيم ويرشحه أنه صلى الله عليه وسلم صومه يوم عاشوراء وعمره ثمانية أشهر. ثم قال بعد أن نقل عن السبكي كلامًا: وبه يعلم تحقيق نبوة سيدنا إبراهيم في حال صغره. انتهى، فاعرفه. وقال في "المقاصد": الطرق الثلاثة أحدها ما أخرجه ابن ماجه وغيره عن ابن عباس أنه قال: "لما مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه وقال: إن له مرضعًا في الجنة، ولو عاش لكان صديقًا، ولو عاش لأعتقت أخواله من القبط وما استرق قبطي". وفي سنده إبراهيم بن عثمان الواسطي ضعيف. ومن طريقه أخرجه ابن منده في "المعرفة"، وقال: غريب. ثانيها: ما رواه إسماعيل السدي عن أنس قال: "كان إبراهيم قد ملأ المهد، ولو بقي لكان نبيًا؛ ولكن لم يكن ليبقى فإن نبيكم آخر الأنبياء". ثالثها: رواه البخاري عن إسماعيل بن أبي خالد قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى: رأيت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم [قال:] 1 مات صغيرًا، ولو قضي أن يكون

_ 1 سقطت من الأصول والكلام بها غير مستقيم، وأثبتناها من صحيح البخاري "باب - 109" من سمى بأسماء الأنبياء "ح6194".

بعد محمد نبي عاش إبراهيم؛ ولكن لا نبي بعده. وأخرجه أحمد عن ابن أبي أوفى أنه كان يقول: "لو كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم نبي ما مات ابنه". قال: وعزاه شيخنا للبخاري من حديث البراء فيه؛ فينظر. انتهى. وروى أحمد والترمذي وغيرهما عن عقبة بن عامر رفعه: "لو كان بعدي نبي؛ لكان عمر"، وورد عن جماعة آخرين وقال القاري: ويشير إليه قوله {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} 1؛ فإنه يومئ إلى أنه لا يعيش له ولد يصل إلى مبلغ الرجال؛ فإن ولده من صلبه يقتضي أن يكون لب قلبه كما يقال الولد سر أبيه، ولو عاش وبلغ أربعين سنة وصار نبيا لزم ألا يكون نبينا خاتم النبيين. ثم يقرب من هذا الحديث في المعنى ما رواه أحمد والحاكم عن عقبة مرفوعًا: "لو كان بعدي نبي؛ لكان عمر بن الخطاب". قلت: ومع هذا لو عاش إبراهيم وصار نبيًا لكان من أتباعه، وكذا لو صار عمر نبيًا لكان من أتباعه كعيسى والخضر وإلياس؛ فلا يناقض قوله تعالى {خَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] ؛ إذ المعنى أنه لا يأتي نبي بعده ينسخ ملته، ولم يكن من ملته، وبقوله: "لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي". انتهى. وقال النجم: وأورده السيوطي في "الجامع الصغير" بلفظ: "لو عاش إبراهيم لكان صديقًا نبيًا"، وقال: أخرجه البارودي عن أنس وابن عساكر، عن جابر وعن عباس وعن ابن أبي أوفى. 2102- لو علمت البهائم من الموت ما علمتم - الحديث2. وتقدم في "لو تعلم البهائم". 2103- لو علم الله في الخصيان خيرًا؛ لأخرج من أصلابهم ذرية توحد الله؛ ولكنه علم أن لا خير فيهم؛ فأجبهم. رواه الديلمي بلا سند عن ابن عباس مرفوعًا، قال في "المقاصد": لا يصح، كذا كل ما ورد في الخصيان من مدح وقدح، ومن نسب لشيخنا فيهم جزءًا فقد افترى.

_ 1 الأحزاب: 40. 2 سبق بنحوه، انظر حديث "2097".

نعم، قال الشافعي فيما أخرج البيهقي في مناقبه: أربعة لا يعبأ الله بهم يوم القيامة: زهد خصي، وتقوى جندي، وأمانة امرأة وعبادة صبي. وهو أغلبي. انتهى، فتأمل. 2104- لو علم الناس رحمة الله بالمسافر لأصبح الناس وهم على سفر، إن المسافر، ورحله على قلت؛ إلا ما وقى الله تعالى1. رواه الديلمي بلا سند، عن أبي هريرة رفعه، وأورده ابن الأثير في النهاية بلفظ: "إن المسافر وماله لعلى قلت؛ إلا ما وقى الله"، وفسر القلت -بفتحتين- بالهلاك. وعند الديلمي أيضًا بسنده إلى أبي هريرة: "لو يعلم الناس ما للمسافر؛ لأصبحوا وهم على ظهر سفر، إن الله بالمسافر لرحيم"، وجميع طرقه ضعيفة، كذا في "المقاصد". 2105- لو يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد. رواه الشيخان، عن عائشة رضي الله تعالى عنها من قولها. 2106- "لو قضى أو قدر كان" 2. رواه الدارقطني في "الأفراد"، وأبو نعيم عن أنس. 2107- "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة؛ ما سقى كافرًا منها شربة" 3. رواه الترمذي والطبراني وأبو نعيم عن سهل بن سعد رفعه، وقال الترمذي: صحيح غريب من هذا الوجه، ورواه من طريق الأخيرين الضياء في المختارة، ورواه الحاكم وابن ماجه عن سهل من طريق أخرى بلفظ: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، فإذا هو بشاة ميتة شائلة برجلها، فقال: "أترون هذه هينة على صاحبها! فوالذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذا على صاحبها، ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها قطرة أبدًا".

_ 1 قال الحافظ ابن حجر نقلًا عن النووي في "شرح المهذب": "ليس هذا خبرًا عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وإنما هو من كلام بعض السلف.." التلخيص "98/ 3". 2 صحيح: رقم "5275" بلفظ: "لو قضى كان". 3 صحيح: رقم "5292"، وفي آخره: "شربه ماء".

وصححه الحاكم؛ لكن تعقبه الذهبي فإن فيه ابن منظور ضعيف، ولو صح الحديث لكان موجهًا، وأخرجه القضاعي عن ابن عمر، لكن بلفظ "شربة ماء" بدل "قطرة أبدًا". ورواه الترمذي أيضًا عن أبي هريرة، وزاد في "اللآلئ": أن صاحب الفردوس أخرجه عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: "يا ابن آدم ما تصنع بالدنيا؟! حلالها حساب، وحرامها عذاب". وفي النجم قلت: وعند أحمد في الزهد عن أبي الدرداء موقوفًا: "لو كانت الدنيا تزن عن الله جناح بعوضة ما سقى فرعون منها شربة ماء"، وعنده عن الحسن رفعه: "والذي نفسي بيده ما تعدل الدنيا عند الله جديًا من الغنم". ولابن عساكر، عن أبي هريرة: "لو عدلت الدنيا عند الله جناح بعوضة من خير؛ ما سقى كافرًا شربة". وعند أبي نعيم عن ابن عباس: "لو وزنت الدنيا عند الله بجناح بعوضة ما سقي كافرًا منها شربة ماء". انتهى. 2108- لو كانت الدنيا دمًا عبيطًا؛ لكان قوت المؤمن منها حلالًا1. وفي لفظ: "كان نصيب المؤمن حلال"، قال في "المقاصد": لا يعرف له إسناد، لكن معناه صحيح؛ فإن الله لم يحرم على المؤمن ما يضطر إليه من غير معصية. وقال الزركشي: لا أصل له. وتبعه في "الدرر". وقال النجم: هو من كلام الفضيل بن عياض؛ وذلك لأن المؤمن لا يأكل إلا عن ضرورة ويقرب منه قول نجم الدين الكبري: الذكر يقطع لقيمات الحرام. والعبيط بالعين المهملة والموحدة، ففي القاموس: "لحم ودم وزعفران عبيط، بين العبطة بالضم: طري". وقال ابن الغرس: عبيطًا هو بالعين المهملة أي: طريًا. 2109- لو كان الأرز رجلًا لكان حليمًا. قال الحافظ ابن حجر: موضوع، وإن كان يجري على الألسنة مرفوعًا. وممن صرح بكونه باطلًا موضوعًا ابن القيم في "الهدى"، وليس هو في الطب النبوي لأبي نعيم مع كثرة ما فيه من الأحاديث الواهية. قال في "المقاصد": ومن الباطل في الأرز ما عند الديلمي عن علي رفعه: "الأرز في الطعام كالسيد في قوم، والكرات في البقول بمنزلة الخبز، وعائشة كالثريد، وأنا كالملح في الطعام وعنده أيضًا عن صهيب مرفوعًا بلفظ: "سيد الطعام في الدنيا والآخرة اللحم ثم الأرز"، وتقدم في السين أيضًا. ورواه أيضًا عن أنس رفعه بلفظ: "نعم الدواء الأرز"، وسيأتي في النون، وروى أبو نعيم في الطب النبوي والديلمي عن علي رفعه سيد طعام الدنيا اللحم ثم الأرز وقال الصغاني:

_ 1 انظر تذكرة الموضوعات "134".

ومن الموضوع قولهم: "لو كان الأرز حيوانًا؛ لكان آدميًا، ولو كان آدميًا لكان رجلًا صالحًا، ولو كان صالحًا لكان نبيًا، ولو كان نبيًا لكان مرسلًا، ولو كان مرسلًا لكان أنا". 2110- لو كان جريج فقيهًا عالمًا لعلم أن إجابته دعاء أمه أولى من عبادة ربه عز وجل1. رواه الحسن بن سفيان في مسنده والترمذي في "النوادر"، وأبو نعيم في "المعرفة" والبيهقي في "الشعب"، عن حوشب الفهري قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول.." فذكره، وقال ابن منده: غريب تفرد به الحكم بن الريان عن الليث. ومن شواهده: عن طلق بن علي مرفوعًا: "لو أدركت والدي أو أحدهما وقد افتتحت صلاة العشاء، ودعتني أمي يا محمد لأجبتها: لبيك". وفي لفظ عنده عن علي بن سيبان مرسلًا: "لو دعاني والدي أو أحدهما وأنا في الصلاة لأجبته"، والحديث ضعيف. 2111- لو كان الصبر رجلًا كان كريمًا2. رواه الطبراني والعسكري عن عائشة مرفوعًا وهو ضعيف، ورواه أبو نعيم عن عائشة رضي الله عنها بلفظ: "لو كان الصبر رجلًا لكان رجلًا كريمًا"، قال المناوي: ومنه أخذ الحسن البصري قوله: الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا الكريم عنده. 2112- لو كان الفحش رجلًا لكان رجل سوء3. رواه الطيالسي عن عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: يا عائشة لو كان الصبر.." وذكره، وهو ضعيف. ورواه ابن أبي الدنيا عن عائشة بلفظ: "لو كان الفحش خلقًا؛ لكان أشر خلق الله". وعند العسكري أيضًا: "دخل يهودي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال السام عليكم فقال له: عليكم؛ فلما خرج قلت أما فهمت ما قال؟! فقال: وما رأيت ما رددت عليه؟! يا عائشة إن الرفق لو كان خلقا لما رأى

_ 1 موضوع: رقم "4842". 2 ضعيف: رقم "4835". 3 لفظ رواية ابن أبي الدنيا عن عائشة، ضعيف: رقم "4839".

الناس خلقًا أحسن منه، وإن الخرق1 لو كان خلقًا لما رأى الناس خلقًا أقبح منه". وعند مسلم وغيره من حديثهما: "يا عائشة عليك بالرفق؛ فإنه لم يكن في شيء إلا زانه، وإياك والفحش". بل في الصحيحين عنها: "إن شر الناس منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه". وقد استوفى السخاوي ما في ذلك في تكملة شرح الترمذي، وقال النجم والخرائطي في "مساوي الأخلاق" عن عائشة: "لو كان سوء الخلق رجلًا يمشي في الناس؛ لكان رجل سوء، وإن الله لم يخلقني فحاشًا"، وله في مكارم الأخلاق عنها: "لو كان حسن الخلق رجلًا يمشي في الناس لكان رجلاً صالحًا". وروى الخطيب عنها: "لو كان الحياء رجلًا لكان صالحًا. انتهى. 2113- "لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى إليهما ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب". رواه الشيخان والترمذي وأبو عوانة وغيرهم بألفاظ متقاربة عن أنس مرفوعًا، واتفقا عليه عن ابن عباس، وفي حديث بعضهم أنه مما كان يقرأ في القرآن. وقال السهيلي في روضه: وكان قرآنًا يتلى؛ قوله صلى الله عليه وسلم: "لو أن لابن آدم واديًا من ذهب لابتغى له ثانيًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب". ويروى: "لا يملأ عيني ابن آدم وفم ابن آدم". وكلها في الصحيح. وكذلك روي "واديًا من مال". فهذا خبر، والخبر لا ينسخ منه أحكام التلاوة، وكان آية من سورة يونس عقب قوله {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} 2 انتهى. وقال أحمد: وابن جابر بلفظ: "لو كان لابن آدم وادٍ من نخل لتمنى مثله ثم تمنى مثله، حتى يتمنى أودية، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب". وفي الباب عن جماعة بينها السخاوي في جزء مستقل.

_ 1 الخرق "بالضم" ضد المرفق. الصحاح للرازي. 2 يونس: 24.

2114- "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" 1. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح عن أبي هريرة مرفوعًا، ورواه أبو داود والحاكم، عن قيس بن سعد بن عبادة بلفظ: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن؛ لما جعل الله لهم عليهن من الحق". انتهى. 2115- لو منع الناس عن فت البعر لفتوه، وقالوا ما نهينا عنه؛ إلا وفيه شيء. ذكره الغزالي في "الإحياء"، وقال العراقي: لم أجده. قال القاري: ويؤخذ من قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} 2 وقول الشيطان {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} 3. 2116- لوائي يحمله علي يوم القيامة. ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات"، كما نقله الأنطاكي في "حاشية الشفا". 2117- لو كان المؤمن في جحر فأرة لقيض الله له فيه من يؤذيه4. رواه ابن عدي والقضاعي بسند فيه عيسى بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب متروك الحديث، عن علي بن أبي طالب مرفوعا، والقضاعي عن أنس رفعه بلفظ: "لو أن المؤمن في جحر ضب؛ لقيض الله له من يؤذيه". وسنده حسن، والطبراني في "الأوسط" بسند حسن عن أنس، والديلمي بلا سند عن أنس مرفوعًا بلفظ: "لو خلق المؤمن على رأس جبل؛ لا بد له من منافق يؤذيه". وفي النجم ولأبي سعيد النقاش في معجمه، وابن الجار في تاريخه عن علي: "لم يكن مؤمن ولا يكون إلى يوم القيامة إلا وله جار يؤذيه، وللبيهقي عن الفضيل بن عياض قال: "إذا أراد الله أن يتحف العبد سلط عليه من يظلمه". انتهى.

_ 1 صحيح: رقم "5294". 2 الأعراف: 19. 3 الأعراف: 20. 4 ضعيف: رقم "4841".

2118- لولا الخليفى لأذنت. رواه أبو الشيخ ثم البيهقي، عن عمر من قوله، ورواه سعيد بن منصور عنه أنه قال: "لو أطيق مع الخليفى لأذنت". ولأبي الشيخ ثم الديلمي عنه أنه قال: "لو كنت مؤذنًا لكمل أمري، وما باليت أن لا أنتصب لقيام ليل ولا لصيام نهار، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم اغفر للمؤذنين" ثلاثًا، قلت: يا رسول الله تركتنا ونحن نجتلد على الأذان بالسيوف، فقال: "كلا يا عمر، إنه سيأتي زمان يتركون الأذان على ضعفائهم، تلك لحوم حرمها الله على النار لحوم المؤذنين". والخليفى -بكسر المعجمة واللام المشددة والقصر- الخلافة، وهو وأمثاله من الأبنية كالدليلى: مصدر يدل على الكثرة، يعني هنا: لولا كثرة الاشتغال بأمر الخلافة وضبط أحوالها لأذنت. 2119- لولا عباد لله ركع، وصبية رضع، وبهائم رتع؛ لصب عليكم البلاء - وفي رواية العذاب صبًا1. رواه الطيالسي والطبراني وابن منده وابن عدي وغيرهم، عن أبي هريرة رفعه، ولابن ماجه عن ابن عمر مرفوعًا في حديث أوله: "يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن.." فذكرها، ومنها "ولم يمنعوا زكاة أموالهم؛ إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا". وقال الشربيني: روي بسند ضعيف: "لولا شباب خشع وبهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع؛ لصب عليكم العذاب صبًا". ونظم بعضهم ذلك فقال: لولا عباد للإله ركع ... وصبية من اليتامى رضع ومهملات في الفلاة رتع ... لصب عليكم العذاب الأوجع انتهى. وفي التحفة لابن حجر: وورد في خبر ضعيف، وذكر ما رواه الشربيني من الحديث. وقال الرملي: وورد "لولا بهائم" ... إلخ فأسقط: "لولا شباب خشع". ورواه السيوطي في "الجامع الصغير" بلفظ: "لولا عباد لله ركع وصبية رضع، وبهائم رتع؛ لصب

_ 1 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "ح4860".

عليكم العذاب صبًا، ثم رص رصًا. قال المناوي -بضم الراء وشد الصاد المهملة بضبطه- أي: ضم العذاب بعضه إلى بعض، ثم قال نقلًا عن الهيثمي، وهو ضعيف، ثم قال المناوي: وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه من التوقف؛ إلا أن يكون اعتضد. انتهى. 2120- لو لم أبعث لبعثت يا عمر1. قال الصغاني: موضوع، وأقول: تقدم ما اشتهر: "لو بعث الله نبيا بعدي لبعث عمر"؛ فراجعه. 2121- لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم. رواه مسلم عن أبي هريرة رفعه، وأوله: "والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا" الحديث. ورواه مسلم أيضًا عن أبي أيوب، رفعه بلفظ: "لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقًا يذنبون يغفر لهم". وفي لفظ له: "لو أنكم لم تكن لكم ذنوب يغفرها الله لجاء بقوم لهم ذنوب يغفرها لهم". وللقضاعي عن ابن عمر مرفوعًا: "لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون؛ فيغفر لهم ويدخلهم الجنة". وله أيضًا عن أنس، رفعه: "لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من ذلك؛ العجب العجب". قال الديريني: "وإنما كان العجب أشد؛ لأن العاصي معترف بنقصه؛ فترجى له التوبة، والمعجب مغرور بعمله؛ فتوبته بعيدة، ويشير إليه قوله تعالى {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} 2 ". 2122- "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها؛ فاقتلوا منها الأسود البهيم" 3. رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، عن عبد الله بن مغفل، وأخرجه في ذيل "الجامع" عن المذكور بهذا اللفظ والإسناد، وزاد "وما من أهل بيت يرتبطون كلبًا إلا نقص من عملهم كل يوم قيراط؛ إلا كلب صيد أو كلب حراث أو كلب غنم". انتهى. 2123- لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك. قال الصغاني: موضوع، وأقول: لكن معناه صحيح وإن لم يكن حديثًا4.

_ 1 سبق، انظر حديث "2094". 2 الكهف: 104. 3 صحيح: رقم "5322". 4 بل ليس صحيحًا؛ فالله تعالى إنما خلق السموات والأرض وخلق الخلق ليعبدوه، وبالإلهية يفردوه، ولم يختص محمدًا صلى الله عليه وسلم، وحده بالدعوة إلى عبادته؛ بل أرسل بذلك كافة رسله من لدن آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم.

2124- "لولا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام ولم يخنز1 اللحم ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها". رواه أحمد والشيخان عن أبي هريرة. 2125- لولا الخطأ ما كان الصواب. قال النجم: ليس بحديث. وفي معناه ما أخرجه أبو نعيم عن الربيع قال: سمعت الشافعي يقول: من ضحك منه في مسألة لم ينسها. قال ولنا في المعنى: ما خجل المرء من كلام ... إلا تحاماه بعد ذلك لولا الخطأ لم يكن صواب ... والناس تستسهل المسالك 2126- لو مد مسجدي هذا إلى صنعاء لكان مسجدي2. وتقدم في "صلاة في مسجدي". والله أعلم. 2127- لولا قومك حديثو عهد بالجاهلية لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم. هكذا اشتهر هذا اللفظ على ألسنة الفقهاء والمعربين. وهو عند الشيخين والنسائي عن عائشة بلفظ: "يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية؛ لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألزقته بالأرض وجعلت له بابين: بابًا شرقيًا وبابًا غربيًا؛ فبلغت به أساس إبراهيم عليه السلام". وفي لفظ عند مسلم والترمذي: "لولا أن الناس حديثو عهد بكفر، وليس عندي من النفقة ما يقوى على بنيانه -يعني البيت - لكنت أدخلت فيه من الحجر خمسة أذرع، ولجعلت له بابًا يدخل الناس منه وبابًا يخرجون منه". وفي لفظ عند مسلم: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية؛ لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها من الحجر". ولمالك والشيخين والنسائي عنها: "ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم! " فقلت: يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ قال: "لولا حدثان قومك

_ 1 خنز اللحم: أنتن. الصحاح للرازي. 2 سبق، انظر حديث "1605".

بالكفر"، قال: فقال ابن عمر: "ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر؛ إلا أن البيت لم يتم على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام". 2128- لولا النساء لعبد الله حق عبادته1. رواه الديلمي عن أنس وفيه متروك، ورواه ابن عدي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. 2129- لولا النساء لعبد الله حقًا حقًا، وفي لفظ: "لولا المرأة لدخل الرجل الجنة2 ". 2130- لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان الناس لرجح إيمان أبي بكر. رواه إسحاق بن راهويه والبيهقي في "الشعب" بسند صحيح، عن عمر من قوله، وأخرجه ابن عدي والديلمي -كلاهما- عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "لو وضع إيمان أبي بكر على إيمان هذه الأمة لرجح بها"، وفي سنده عيسى بن عبد الله ضعيف؛ لكن يقويه ما أخرجه ابن عدي أيضًا من طريق أخرى بلفظ: "لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجحهم". وله شاهد أيضًا في السنن عن أبي بكرة مرفوعًا: "أن رجلًا قال: يا رسول الله كأن ميزانًا نزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر؛ فرجحت أنت، ثم وزن أبو بكر بمن بقي؛ فرجح" الحديث. 2131- لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا. قال في "اللآلئ": هذا مأثور عن بعض السلف وهو كلام صحيح. وقال في "المقاصد" وتبعه في "الدرر": لا أصل له في المرفوع؛ وإنما يؤثر بعض السلف: فرواه البيهقي عن مطرف، قال: "لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه بميزان؛ ما كان بينهما خيط شعرة"، ورواه عن شعبة قال: "لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه؛ ما زاد خوفه

_ 1 موضوع: رقم "4854". 2 بعضه عن عمر، موضوع: رقم "4853". وبعضه عن أنس، موضوع: رقم "4852".

على رجائه، ولا رجاؤه على خوفه". ومعناه صحيح، وقال الروذباري: الخوف كجناحي الطائر، إذا استويا؛ استوى الطائر، وتم طيرانه، وإذا انتقص واحد منهما؛ وقع فيه النقص، وإذا ذهبا جميعًا؛ صار الطائر في حد الموت. ولذلك قيل: "لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه؛ لاعتدلا" أخرجه البيهقي أيضًا. وفي التنزيل: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} 1، وقال الزركشي: لا أصل له؛ لكن قال السيوطي: أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد "الزهد" عن ثابت البناني من قوله: "كانا سواء". انتهى. 2132- "لو يعلم الناس ما في الحلبة لاشتروها ولو بوزنها ذهبًا". رواه الطبراني في "الكبير" عن معاذ بن جبل مرفوعًا. وفي سنده سليمان الجنائزي كذاب، ورواه ابن عدي في كامله عنه أيضًا من طريق أحمد بن عبد الرحمن الملقب جحدر كان ممن يسرق الحديث. ومن ثم ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات"، وتبعه السيوطي في "اللآلئ المصنوعة". وفي "الدرر المنتثرة": وقال الزركشي ضعيف. نعم، روى البيهقي في مناقب الشافعي عنه: "أنه نقل عن سفيان بن عيينة أنه نظر إلى ابن أبجر وبه ضعف؛ فقال: عليك بالحلبة بالعسل. 2133- ليس الأعمى من عمي بصره؛ الأعمى من عميت بصيرته2. رواه البيهقي في "الشعب" والعسكري والديلمي عن عبد الله بن جراد مرفوعًا. قال العسكري: البصيرة الاستبصار في الدين يقال: فلان حسن البصيرة إذا كان بصيرًا بدينه. ولما قال معاوية لعقيل بن أبي طالب: "ما لكم يا بني هاشم تصابون في أبصاركم، فقال: كما تصابون يا بني أمية ببصائركم".

_ 1 الإسراء: 57. 2 ضعيف جدًّا: رقم "4882".

وفي التنزيل: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} 1 {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} 2، وروى البيهقي عن أبي عبيد بن حربوية أنه ذكر عنده القاضي منصور بن إسماعيل الفقيه؛ فقال: ذاك الأعمى. فأنشأ يقول: ليس العمى أن لا ترى ... بل العمى أن لا ترى مميزًا بين الصواب والخطأ 2134- ليس بحكيم من لا يعاشر بالمعروف من لا يجد له من معاشرته بدًا حتى يجعل الله له من ذلك مخرجًا3. رواه الحاكم. ومن طريقه الديلمي عن محمد ابن الحنفية رفعه مرسلًا، ورواه الحسن بن عرفة في جزئه عن ابن المبارك موقوفًا، ورواه الخطابي وأبو الشيخ من طريق ابن عرفة، وأورده الحكيم الترمذي. ومن طريقه الديلمي عن ابن المبارك وزاد: قال ابن المبارك: "لما سمعت هذا الحديث صمت ذلك اليوم وتصدقت بدينار، ولولاه ما جمعني الله وإياكم على حديث". قال الحافظ: والموقوف هو معروف. وما أحسن قول المتنبي: ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدوًا له ما من صداقته بد وقبله: لك الحمد إنا ما نحب فلا نرى ... وننظر ما لا نشتهي فلك الحمد وما أحسن قول البوريني مضمنًا: أصادق أعدائي لأمر مقدر ... وفي القلب نار لا يخف لها وقد ومن نكد الدنيا ... البيت 2135- "ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرًا أو نمنى 4 خيرًا". متفق عليه عن أم كلثوم بنت عقبة مرفوعًا.

_ 1 الإسراء: 102. 2 الحج: 46. 3 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "ح4888". 4 أي بلغة ونقله. الصحاح للرازي.

2136- "ليس بين العبد والكفر إلا ترك الصلاة" 1. تقدم في "بين العبد". ورواه ابن ماجه عن أنس بلفظ: "ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة؛ فإذا تركها فقد أشرك". وأطال النجم في ذلك. 2137- "ليس الخبر كالمعاينة" 2. رواه أحمد وابن منيع والطبراني والعسكري وابن حبان والحاكم، عن ابن عباس رضي الله عنهما بزيادة "إن الله قال لموسى: إن قومك فعلوا كذا كذا؛ فلما عاين ألقى الألواح". وفي لفظ: "إن موسى أخبر أن قومه قد ضلوا من بعده فلم يلق الألواح؛ فلما رأى ما أحدثوا ألقى الألواح". ورواه في "الجامع الصغير" عن أحمد والطبراني في "الأوسط" والحاكم عن ابن عباس بلفظ: "ليس الخبر كالمعاينة، إن الله تعالى أخبر موسى بما صنع قومه في العجل؛ فلم يلق الألواح، فلما عاين ما صنعوا؛ ألقى الألواح فانكسرت". وفي "التحفة" لابن حجر قبيل "باب الربا": ومن ثم ورد: "ليس الخبر كالعيان -بكسر العين- وروى كثيرون منهم أحمد وابن حبان خبر: "يرحم الله موسى، ليس المعاين كالمخبر؛ أخبره ربه تبارك وتعالى أن قومه فتنوا؛ بعده فلم يلق الألواح؛ فلما رآهم وعاينهم؛ ألقى الألواح فتكسر منها ما تكسر". ورواه البغوي والدارقطني في "الأفراد"، والطبراني في "الأوسط"، عن هشيم، وصححه الحاكم وابن حبان وغيرهما، وأورده الضياء في "المختارة" وابن عدي وأبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" من حديث ثمامة عن أنس. ومن هذا الوجه أورده الضياء في "المختارة". وفي لفظ قال العسكري: أراد صلى الله عليه وسلم أنه لا يهجم على قلب المخبر من الهلع بالأمر والاستفظاع له بمثل ما يهجم على قلب المعاين. قال وطعن بعض الملحدين في حديث موسى عليه السلام فقال: "لم يصدق بما أخبره به ربه، ورد بأنه ليس في هذا ما يدل على أنه لم يصدق، أوشك فيما أخبره، ولكن للعيان روعة للقلب؛ فهو أبعث لهلعه من المسموع".

_ 1 سبق، انظر حديث "934". 2 صحيح: رقم "5373".

قال: ومن هذا قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} 1 لأن للمشاهدة والمعاينة حالًا ليست لغيره. ولله در من قال: ولكن للعيان لطيف معنى ... له سأل المعاينة الخليل وقد أشار ابن الحاجب في المختصر إلى هذا الحديث. وقال الزركشي: ظن أكثر الشراح أنه ليس بحديث، وزاد الحافظ ابن حجر في المجلس الثامن والخمسين بعد المائة من تخريجه، وأغفله ابن كثير، وتنبه له السبكي. وقال في "اللآلئ": فإن قيل هو معلول بما قاله ابن عدي في "الكامل" من أن هشيمًا لم يسمع هذا الحديث من أبي بشر؛ وإنما سمعه من أبي عوانة، عن أبي بشر فدلسه. قلت: قال ابن حبان في صحيحه: لم ينفرد به هشيم؛ فقد رواه أبو عوانة عن أبي بشر أيضًا. وله طرق أخرى ذكرتها في المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر، انتهى. وأقول بما تقدم من رواية هذا الحديث عن أنس أيضًا يعلم ما في قول القرطبي في التذكرة لم يروه أحد غير ابن عباس، فتأمل والله أعلم. 2138- ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء رواه الديلمي عن ابن عباس وهو مشهور من قول الحسن وغيره متمثلًا به. 2139- ليس خيركم من ترك الدنيا للآخرة ولا الآخرة للدنيا؛ ولكن خيركم من أخذ من هذه لهذه2. رواه ابن عساكر والديلمي عن أنس بلفظ: "ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته، ولا آخرته لدنياه حتى يصيب منهما جميعًا؛ فإن الدنيا بلاغ إلى الآخرة، ولا تكونوا كلًا على الناس". وأخرجه أبو نعيم والخطيب في تاريخه والديلمي من وجه آخر. 2140- "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". متفق عليه عن أبي هريرة، ورواه ابن حبان في صحيحه بلفظ: "ليس الشديد من غلب الناس إنما الشديد من غلب نفسه". ورواه العسكري عن أبي هريرة بلفظ: "ليس الشديد الذي يغلب الناس ولكن الشديد من يملك نفسه".

_ 1 البقرة: 260. 2 موضوع: رقم "4889" من رواية أنس.

2141- "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء" 1. رواه أبو يعلى والعسكري عن أبي هريرة مرفوعًا، ورواه الطبراني عن ابن عمر: "ليس شيء أكرم على الله من المؤمن". قال النجم: أي: ليس شيء مطلقًا، وقوله: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء": يريد من الأعمال، ولا ينافيه كون الصلاة لوقتها أحب الأعمال إلى الله؛ لأن الصلاة مشتملة على الدعاء. 2142- "ليس شيء خيرًا من ألف مثله إلا الإنسان" 2. رواه الطبراني والعسكري عن سلمان مرفوعًا، والطبراني في "الأوسط" عن ابن دينار بلفظ: "لا نعلم شيئًا خيرًا من ألف مثله إلا الرجل المؤمن". ورواه العسكري عن جابر مرفوعًا بلفظ: "ما من شيء خير من ألف مثله؟ " قيل: ما هو يا نبي الله؟ قال: "الرجل المسلم"، وأخرجه أيضًا عن إبراهيم مرفوعًا مرسلًا بلفظ: "ليس شيء أفضل من ألف مثله إلا الإنسان". وأيضًا عن الحسن البصري رفعه: "ليس شيء خيرًا من ألف مثله إلا الإنسان، وعمر خير من ألف مثله". وفي الباب عن عمر والحسن بن علي. وروى العسكري عن الحسن قال: "ما ظننت أن شيئًا يساوي ألفًا مثله؛ حتى رأيت عباد بن الحصين ليلة كابل، وقد ثلم العدو في الصور ثلمة؛ فكان يحرس ذلك الموضع ألف رجل فانهزموا ليلة، وبقي عباد وحده يدافع عن ذلك الموضع إلى أن أصبح وما قدر عليه العدو". وأنشد ابن دريد لنفسه: والناس ألف منهم كواحد ... وواحد كالألف إن أمر عني ولبعضهم: ولم أر أمثال الرجال تفاضلت ... إلى المجد حتى عد ألف بواحد

_ 1 حسن: رقم "5392". 2 حسن: رقم "5394".

2143- ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في النشور1. رواه أبو يعلى والطبراني والبيهقي في الشعب بسند ضعيف عن ابن عمر، وفي لفظ للطبراني: "ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في الموت، ولا في القبور ولا في النشور؛ كأني أنظر إليهم عند الصيحة ينفضون رؤوسهم من التراب، يقولون: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن". 2144- ليس عدوك الذي إذا قتلك أدخلك الجنة، وإذا قتلته كان لك نورًا؛ ولكن عدوك نفسك التي بين جنبيك، وامرأتك التي تضاجعك على فراشك، وولدك الذي من صلبك؛ فهؤلاء أعداء لك2. وروى الديلمي عن أبي مالك الأشعري والعسكري، عن سعيد بن أبي هلال مرسلًا: "ليس عدوك الذي يقتلك فيدخلك الله به الجنة، وإن قتلته كان لك نورًا؛ ولكن أعدى الأعداء لك نفسك التي بين جنبيك". وحديث أبي مالك عند الطبراني بلفظ: "ليس عدوك الذي إن قتلته كان ذلك نورًا، وإن قتلك دخلت الجنة؛ ولكن أعدى عدو لك ولدك من صلبك، ثم أعدى عدو لك مالك الذي ملكت يمينك". والله أعلم. 2145- ليس في الموت شماتة. رواه أبو نعيم عن سفيان الثوري قال: "كان رجل يأتي باب أبي هريرة فيؤذيهم ويثقل عليهم، فقيل له: قد مات فقال أبو هريرة: ليس في الموت شماتة، ألا هل علمتم أنه أصاب مالًا أو ولد له غلام أو استعمل على إمارة". 2146- ليس لعرق ظالم حق3. رواه أبو داود عن سعيد بن بريد مرفوعًا في حديث رواه النسائي والترمذي، وأعله بالإرسال، ورجح الدارقطني إرساله.

_ 1 بنحوه، ضعيف: رقم "4901". 2 ضعيف: رقم "4894". 3 ضعيف مرسل، وراجع التلخيص "54/ 3".

وأخرجه الطيالسي وغيره بلفظ: "العباد عباد الله، والبلاد بلاد الله؛ فمن أحيا من موات الأرض شيئًا؛ فهو له، وليس لعرق ظالم حق"، وفي سنده زمعة بن صالح ضعيف. وعلقه البخاري عن عمرو بن عوف، ورواه الطبراني عن عبادة وعبد الله بن عمرو، والعسكري عن ابن عمر، وقوله: "لعرق ظالم" -بالتنوين فيهما- كما جزم به الأزهري وابن فارس وغيرهما، وغلط الخطابي من رواه بالإضافة. 2147- ليس على وجه الأرض أحل من القرض. يجري على ألسنة الناس وليس معناه على إطلاقه، فإن المال المقترض إذا لم يكن حلالًا كيف يكون أحل؛ إلا أن يراد من جهة كونه قرضًا. فافهم. 2148- "ليس الغنى عن كثرة العرض". رواه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة بزيادة: "ولكن الغنى غنى النفس"، تقدم في الغنى. 2149- ليس من المروءة استخدام الضيف. رواه أبو نعيم عن عمر بن عبد العزيز من قوله. 2150- ليس من المروءة الربح على الإخوان1. رواه ابن عساكر عن ابن عمرو. 2151- ليس لفاسق غيبة2. رواه الطبراني وابن عدي في "الكامل"، والقضاعي عن معاوية بن حيدة مرفوعًا، وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" له وقال: إنه حسن. قال في "المقاصد": وليس كذلك؛ فقد قال الحاكم فيما نقله البيهقي في "الشعب": إنه غير صحيح ولا معتمد. وأخرجه أبو يعلى والحكيم الترمذي في نوادره والعقيلي وابن عدي وابن حبان والطبراني والبيهقي وغيرهم بلفظ أترعون عن ذكر الفاجر؟! اذكروه بما فيه يحذره الناس.

_ 1 ضعيف: رقم "4932". 2 ضعيف: رقم "4921".

وفي لفظ: "اذكروه بما فيه يحذره الناس". وفي سنده الجارود رمي بالكذب، وفي سند الطبراني أيضًا عبد الوهاب أخو عبد الرزاق كذاب، ورواه يوسف بن أبان عن عمر بن الخطاب، ورواه أبو الشيخ والبيهقي والقضاعي عن أنس رفعه بلفظ: "من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له". قال: لو صح فهو في الفاسق المعلن بفسقه. وبالجملة فالحديث كما قال العقيلي: ليس له أصل، وقال الفلاس: إنه منكر، نعم أخرج البيهقي في "الشعب" بسند جيد عن الحسن أنه قال: ليس في أصحاب البدع غيبة. وعن ابن عيينة أنه قال: "ثلاثة ليس لهم غيبة؛ الإمام الجائر والفاسق المعلن بفسقه والمبتدع الذي يدعو الناس إلى بدعته". وعن زيد بن أسلم قال: "إنما الغيبة لمن يعلن بالمعاصي". ومن طريق شعبة قال: "الشكاية والتحذير ليسا من الغيبة". 2152- "ليس منا من حلف بالأمانة" 1. رواه أحمد والبيهقي والحاكم عن بريدة بزيادة: "ومن خبب على امرئ زوجته أو مملوكه فليس منا". وقوله: "خبب" أي: أفسد. 2153- "ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت". رواه مسلم والطيالسي والنسائي والترمذي والقضاعي وآخرون، عن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقرأ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] قال: "يقول ابن آدم: مالي مالي وليس لك" وذكر الحديث. وزاد النجم في آخره: "أو تصدقت فأمضيت". 2154- ليس للمؤمن راحة دون لقاء ربه2. رواه محمد بن نصر في "قيام الليل" له، عن وهب بن منبه من قوله. وفي المرفوع: "إنما المستريح من غفر له". والمشهور: "لا راحة للمؤمن دون لقاء ربه".

_ 1 صحيح: رقم "5436". 2 لا أصل بهذا اللفظ، انظر الضعيفة "663".

زاد النجم عن ابن مسعود من قوله: "ليس للمؤمن راحة دون لقاء الله، ومن كانت راحته في لقاء الله تعالى وكأن قوله: ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الإحياء رواه الديلمي عن ابن عباس، وهو مشهور من قول الحسن وغيره متمثلًا به. 2155- ليس للولي مع الثيب أمر1. رواه أبو داود والنسائي، عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه، وصححه ابن حبان. 2156- ليس منا من لم يتغن بالقرآن. رواه البخاري عن أبي هريرة مرفوعًا بزيادة: "يجهر به". وله أيضًا عنه: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن"، قال ابن عيينة: تفسيره: يستغني. 2157- "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا، ومن لم يعرف لعالمنا حقه" 2. رواه الترمذي عن ابن عمرو، وأبو يعلى عن أنس، والعسكري عن عبادة بن الصامت، رفعوه، وأخرجه القضاعي عن ابن عباس بلفظ: "ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر" بدل الجملة الأخيرة. ويروى عن أنس أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أنس ارحم الصغير ووقر الكبير؛ تكن من رفقائي". ورواه أحمد والترمذي عن عبادة بن الصامت بلفظ: "ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه". ورواه الترمذي عن أنس بلفظ: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا". ورواه الطبراني عن الضميرة رضي الله عنه بلفظ: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق كبيرنا، وليس منا من غشنا، ولا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه". 2158- ليس من خلق المؤمن الملق3 رواه القضاعي عن معاذ بن جبل مرفوعًا، والحديث ضعيف، والملق -بالتحريك- الزيادة في التودد والدعاء والتضرع فوق ما ينبغي4.

_ 1 ضعيف: رقم "4927" بزيادة "واليتيمة تستأمر، وصمتها إقرارها". 2 بنحوه، صحيح: رقم "5444"، "5443". 3 حديث معاذ عبد البيهقي موضوع: رقم "2929". 4 لا يدخل في هذا كثرة التودد والدعاء والتضرع إلى رب العالمين. دار الحديث.

وقال النجم: أخرجه ابن عدي عن معاذ وأبي أمامة، وزاد إلا في طلب العلم. قال: وحديث معاذ عند البيهقي ولفظه: "ليس من أخلاق المؤمن التملق ولا الحسد إلا في طلب العلم". 2159- لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل1. تذكره الصوفية كثيرًا، وهو في رسالة القشيري بلفظ: "لي وقت لا يسعني فيه غير ربي"، ويقرب منه ما رواه الترمذي في "شمائله" وابن راهويه في مسنده عن علي في حديث: "كان -صلى الله عليه وسلم- إذا أتى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزءًا لله وجزءًا لأهله وجزءًا لنفسه، ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس"، كذا في "اللآلئ"، وزاد فيها. ورواه الخطيب بسند قال فيه الحافظ الدمياطي: إنه على رسم الصحيح، وقال القاري بعد إيراده الحديث: قلت: ويؤخذ منه أنه أراد بالملك المقرب جبريل، وبالنبي المرسل أخاه الخليل. انتهى، فليتأمل. ثم قال القاري: وفيه إيماء إلى مقام الاستغراق باللقاء المعبر عنه بالسكر والمحو والفناء2. انتهى. 2160- "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته" 3. رواه أبو داود والنسائي عن الشريد رفعه، وعلقه البخاري، وصححه ابن حبان. وهو بمعنى الحديث المشهور الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة بلفظ: "مطل الغني ظلم". وسيأتي في حرف الميم. 2161- ليس في الحلي زكاة4. قال البيهقي: لا أصل له، ورواه الدارقطني عن جابر، قال الحافظ ابن حجر: تبعًا لمخرجه الدارقطني: فيه أبو حمزة ضعيف. لكن قال ابن الجوزي: ما عرفنا أحدًا طعن فيه. ورده الذهبي في التنقيح فقال: هذا كلام غير صحيح والمعروف أنه موقوف.

_ 1 لا يصح انظر "الأسرار المرفوعة في الأحاديث الموضوعة" "299". 2 كل ذلك من ترهات الصوفية فلا تعبأ بها، وللحديث مندوحة في التأويل بعيدًا عن تلك النزهات لو صح، فانشغال المرء بربه عن خلقه وتجرده له، وتفريغ قلبه عمن سواه من الأحوال والصفات الصحيحة الثابتة، أما المحو والفناء وغير ذلك من مصطلحات الصوفية: فمعان كفرية وإن لم يصرحوا بها لخاصتهم. 3 حسن: رقم "5487". 4 ضعيف: رقم "4909".

2162- "لو وضعت لا إله إلا الله في كفة ووضعت السموات والأرض في كفة لرجحت بهن لا إله إلا الله". رواه المستغفري في "الدعوات" عن أبي هريرة بنحوه، وهو معروف من حديث أبي سعيد بلفظ: "لو أن السموات السبع وعامرهن، والأرضين السبع في كفة مالت بهن لا إله إلا الله". أخرجه النسائي وابن حبان والحاكم وصححاه. 2163- "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم؛ ولكن البينة على المدعى واليمين على من أنكر" 1. رواه البيهقي في "السنن" عن ابن عباس، وفي لفظ: "لو يعطى الناس بدعواهم؛ لادعى رجال دماء رجال وأموالهم؛ ولكن البينة على الطالب واليمين على المطلوب". وهو عند أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجه بلفظ: "لو يعطى الناس بدعواهم؛ لادعى ناس دماء رجال وأموالهم؛ ولكن اليمين على المدعى عليه"، وزعم الأصيل كما ذكره عياض أن قوله: ولكن إلى آخره مدرج من كلام ابن عباس. 2164- "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه؛ لاستهموا". رواه مالك وأحمد والشيخان والنسائي عن أبي هريرة به، وتمامه "ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا". ورواه أحمد عن أبي سعيد بلفظ: "لو يعلم الناس ما في التأذين لتضاربوا عليه بالسيوف". ورواه مسلم عن أبي هريرة: "لو تعلمون ما في الصف الأول ما كانت إلا قرعة". ورواه ابن ماجه عن عائشة: "لو يعلم الناس ما في صلاة العشاء وصلاة الفجر لأتوهما ولو حبوًا". 2165- "لو يعلم الناس ما في الوحدة ما سار راكب بليل وحده". قال النجم: رواه البخاري والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر، وفي لفظ: "لو يعلم الناس من الوحدة ما أعلم". وعقدت اللفظ الأول بقولي:

_ 1 بنحوه، صحيح: رقم "5335".

صح حديث عن رسول الله من ... يعمل به في السير نال رشده لو يعلم الإنسان ما في الوحدة ... ما سار راكب بليل وحده 2166- لولا الأمل خاب العمل. هذا ليس بحديث؛ وإنما هو مثل معناه: أن الأمل لولا أنه يلقى على الناس ما عمرت الدنيا وتمت الأعمال. والأمل من هذه الحيثية نعمة على الخلق. وعند الإمام أحمد في "الزهد" عن الحسن قال: "كان آدم عليه الصلاة والسلام قبل أن يصيب الخطيئة أجله بين عينيه وأمله وراء ظهره؛ فلما أصاب الخطيئة جعل أمله بين عينيه وأجله وراء ظهره، والحكمة فيه أنه حين أهبط إلى دار لا يعمرها هو وذريته إلا بالآمال؛ ألقيت عليهم لتتم أعمالهم فيستقيم معاشهم". لكن روى الخطيب عن أنس: "إنما الأمل رحمة من الله لأمتي، لولا الأمل ما أرضعت أم ولدًا ولا غرس غارس شجرًا".

حرف الميم

حرف الميم: 2167- ما أوتي قوم -وفي لفظ أحد - المنطق إلا منعوا العمل. ذكره في الإحياء، وقال العراقي: لم أجد له أصلًا. 2168- "ماء زمزم لما شرب له" 1. رواه ابن ماجه بسند جيد، وكذا ابن أبي شيبه والبيهقي عن جابر رفعه، ورواه أحمد بلفظ: "لما شرب منه". وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة من هذا الوجه باللفظين، وسنده ضعيف؛ لكن له شاهد أخرجه الدارقطني، عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه بزيادة "إن شربته لتشفي شفاك الله، وإن شربته لشبعك -شبعك الله-، وإن شربته لقطع ظمئك -قطعه الله- هي هزمة جبريل وسقيا إسماعيل"، ورواه الحاكم من هذا الوجه، وقال: صحيح الإسناد؛ إن سلم من الجارود. قال في "المقاصد": هو صدوق؛ إلا أنه تفرد عن ابن عيينة بوصله، ومثله: إذا انفرد لا يحتج به، فكيف إذا خالف؛ فقد رواه الحميدي وغيره من الحفاظ كسعيد بن منصور عن ابن عيينة مرسلًا؛ لكن مثله لا يقال بالرأي. وأحسن من هذا عند شيخنا، ما أخرجه الفاكهي عن ابن الزبير قال: "لما حج معاوية حججنا معه، فلما طاف بالبيت؛ صلى عند المقام ركعتين، ثم مر بزمزم وهو خارج إلى الصفا فقال: انزع لي منها دلوًا يا غلام، قال فنزع له منها دلوًا، فأتى به فشرب وصب على وجهه ورأسه، وهو يقول: زمزم شفاء وهي لما شرب له". بل قال الحافظ ابن حجر: إنه حسن مع كونه موقوفًا؛ لوروده من طرق، وأفرد فيه جزءًا واستشهد له في موضع آخر بحديث أبي ذر رفعه؛ إنها طعام طعم وشفاء سقم. وأصله في مسلم. وهذا اللفظ عند الطيالسي ومرتبة هذا الحديث؛ أنه باجتماع هذا الطرق يصلح للاحتجاج به، وقد جربه جماعة من الكبار فذكروا أنه صح. بل صححه من المتقدمين ابن عيينة ومن المتأخرين المنذري والدمياطي، وضعفه النووي، وأخرجه الديلمي بسند واه عن صفية وابن عمر مرفوعًا: "ماء زمزم شفاء من كل داء".

_ 1 صحيح: رقم "5502".

وروي عن ابن عباس مرفوعًا: "التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق". ثم قال: يذكر على بعض الألسنة: إن فضيلته ما دام في محله؛ فإذا نقل تغير. وهو شيء لا أصل له؛ فقد كتب صلى الله عليه وسلم إلى سهيل بن عمرو: " إن جاءك كتابي ليلًَا فلا تصبحن أو نهارًا فلا تمسين حتى تبعث إليّ بماء زمزم". وفيه "أنه بعث له بمزادتين وكان بالمدينة قبل أن تفتح مكة"، وهو حديث حسن لشواهده. وكذا كانت عائشة تحمله وتخبر "أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يفعله، ويحمله في الأداوي والقرب فيصب منه على المرضى ويسقيهم". وكان ابن عباس إذا نزل به ضيف أتحفه من ماء زمزم. وسئل عطاء عن حمله فقال: حمله النبي صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين وتكلمت عليه في الأمالي. انتهى ما في "المقاصد" ملخصًا. وتقدم في حديث: "الباذنجان لما أكل له" ما قيل فيهما. 2169- ما أخاف على أمتي فتنة أخوف عليها من النساء والخمر1. رواه الديلمي بلا سند عن علي رفعه، وبيض له السخاوي، وقال في "التمييز": لم أجد لفظه مسندًا، وأما شواهده فكثيرة؛ منها ما سيأتي بمعنى بعضه حديث الشيخين: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء". والله أعلم. 2170- ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة2. رواه أبو داود والترمذي وأبو يعلى والبزار عن أبي بكر مرفوعًا، وقال الترمذي: غريب، وليس إسناده بالقوي؛ لكن له شاهد عند الطبراني في الدعاء عن ابن عباس رضي الله عنهما. 2171- ما أصاب المؤمن من مكروه فهو كفارة لخطاياه حتى نجبة النملة3. قال الحافظ ابن حجر: لم أجده، وأقول: لكن يشهد له حديث "ما أصاب المؤمن مما يكره فهو مصيبة"، وعزاه الطبراني، عن أبي أمامة، ويشهد له أيضًا ما رواه الشيخان عن أبي سعيد وأبي هريرة بلفظ: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها؛ إلا كفر الله بها من خطاياه".

_ 1 ضعيف: رقم "4990" رواه يوسف الخفاف في "مشيخته" عن علي. 2 ضعيف: رقم "5006". 3 حديث أبي أمامة، ضعيف: رقم "5003".

2172- "ما أضيف شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم" 1. رواه أبو الشيخ عن أبي أمامة وسيأتي في: "ما جمع شيء إلى شيء". 2173- "ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء بعد النبيين امرأ أصدق لهجة من أبي ذر" 2. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والطبراني بسند جيد، عن ابن عمرو مرفوعًا، وله شاهد أخرجه العسكري عن أبي الدرداء بلفظ: "ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر"، وذكره السخاوي مطولًا في النكت على "شرح ألفية العراقي" رضي الله عنه. 2174- ما أعز الله بجهل قط ولا أذل بحلم قط، ولا نقصت صدقة من مال. رواه الديلمي واللفظ له، والقضاعي والعسكري عن ابن مسعود رفعه، ولفظ القضاعي: "ولا نقص مال من صدقة"، قال ابن الغرس: ضعيف، وليست هذه الجملة عند العسكري من هذا الوجه؛ بل عنده عن عبد الله بن المعتز قال: سمعت المنتصر يقول: "والله ما عز ذو باطل، ولو طلع القمر من جبهته، ولا ذل ذو حق ولو اتفق العالم عليه". 2175- ما أعلم ما خلف جداري هذا. قال الحافظ ابن حجر: لا أصل له؛ لكنه قال في "تلخيص تخريج الرافعي" عند قوله في "الخصائص": ويرى من وراء ظهره كما يرى من قدامه: هو في الصحيحين وغيرهما عن أنس وغيره، والأحاديث الواردة في ذلك مقيدة بحالة الصلاة. وبذلك يجمع بينه وبين قوله: لا أعلم ما وراء جداري. انتهى. قال في "المقاصد": وهذا مشعر بوروده على أنه على تقدير وروده لا تنافي بينهما لعدم تواردهما على أصل واحد؛ إذ الظاهر من الثاني نفي علم المغيبات مما لم يعلم به؛ فإنه صلى الله عليه وسلم قد أخبر بمغيبات كثيرة كانت وتكون. وحينئذ فهو نظير "لا أعلم إلا ما علمني الله عز وجل".

_ 1 انظر حديث "2204". 2 حديث أبي الدرداء، صحيح: رقم "5537".

لكن مشى ابن الملقن الحافظ بن حجر على أن معناه نفي الرؤية من خلف. وقال القرطبي: حمله على الظاهر أولى؛ لأن فيه زيادة كرامة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن قيل: "روي أنه صلى الله عليه وسلم ورد عليه وفد عبد القيس وفيهم غلام وضيء، فأقعده وراء ظهره"، أجيب بأنه روي مرسلًا ومسندًا؛ لكن مع الحكم عليه بالنكارة وبأنه فعل على تقدير صحته، كما قال ابن الجوزي: ليسن أو لأجل غيره، وأطال عليه الكلام السخاوي في بعض أجوبته. 2176- ما أفلح سمين قط. هو من كلام الإمام الشافعي بزيادة "إلا محمد بن الحسن"، ووجهه أن العاقل من هم لآخرته أو دنياه والشحم لا ينعقد مع الهم، وإذا خلا منهما صار في حد البهائم. وفيه قصة الملك المثقل وتطببه بخبر الموت قال القاري: وأقول هذا أغلبي. وما أحسن قول سيف الدين الباخرزي: يقولون أجسام المحبين نضوة ... وأنت سمين لست غير مرائي فقلت لهم إذ خالف الحب طبعهم ... ووافقه طبعي فصار غذائي وتقدم حديث "إن الله يكره الحبر السمين". 2177- ما أفلح صاحب عيال قط. رواه الديلمي عن أبي هريرة مرفوعًا وابن عدي عن عائشة مرفوعًا، قال: وعن النبي صلى الله عليه وسلم؛ منكر؛ إنما هو من كلام ابن عيينة عن هشام. قال في "المقاصد": وصح قوله -صلى الله عليه وسلم- "وأي رجل أعظم أجرًا من رجل له عيال، يقوم عليهم حتى يغنيهم الله من فضله". 2178- ما أكرم شاب شيخًا؛ إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه1. رواه الترمذي عن أنس مرفوعًا، وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن بيان عن أبي الرجال.

_ 1 ضعيف: رقم "5014" والرواية "ما أكرم شاب شيخًا لسنة إلا".

قال في "المقاصد": هو وشيخه ضعيفان؛ لكن قال المناوي عن الترمذي: إنه حسن، وتعقبه بأنه منكر. فليتأمل. ورواه ابن أبي حزم عن الحسن البصري من قوله. 2179- ما الذي يخفى قال ما لا يكون. قال ابن حجر في "الفتاوى الحديثة" نقلًا عن السيوطي: هو باطل. 2180- ما أمطر قوم إلا ورحموا. لم أقف عليه حديثًا؛ لكن معناه صحيح، قال الله تعالى {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} [الشورى: 28] 2181- ما أنصف القارئ المصلي. قال الحافظ بن حجر: لا أعرفه. ولكن يغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن". وهو صحيح من حديث البياضي في "الموطأ"، وأبي داود وغيرهما. وقال في موضع آخر: لم يثبت لفظه وثبت معناه. وقال في "المقاصد": وحديث البياضي عن أبي عبيد في فضائل القرآن، عن أبي حازم التمار قال: "خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم فقال: "إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن". وللبيهقي في "الشعب" بسند ضعيف عن علي مرفوعًا: "لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن قبل العشاء وبعدها". ورواه الغزالي في "الإحياء" بلفظ "بين المغرب والعشاء". وأخرجه أبو عبيد عن علي بلفظ: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرفع الرجل صوته بالقراءة في الصلاة قبل العشاء الآخرة وبعدها يغلط أصحابه". وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: "اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد؛ فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة".

2182- ما أهدى مسلم لأخيه هدية أفضل من كلمة حكمة1. رواه البيهقي في "الشعب"، وأبو نعيم والديلمي وآخرون عن ابن عمر ورفعه. وهو ضعيف وأورد في "الجامع الصغير"، عن ابن عمرو أيضًا بلفظ: "ما أهدى المرء المسلم هدية أفضل من كلمة حكمة؛ يزيده الله بها هدى، أو يرده بها عن ردى". 2183- ما استرذل الله عبدًا إلا حظر عليه العلم والأدب2. قال في الميزان: هو باطل. 2184- "ما أوذي أحد ما أوذيت في الله عز وجل" 3. رواه أبو نعيم عن أنس رفعه. وأصله في البخاري. وقال النجم: أخرجه ابن عدي وابن عساكر عن جابر ولم يقل "في الله"، وإسناده ضعيف. 2185- ما اتخذ الله من ولي جاهل ولو اتخذه لعلمه. قال في "المقاصد": لم أقف عليه مرفوعًا. وقال الحافظ بن حجر: ليس بثابت؛ ولكن معناه صحيح، والمراد بقوله: "ولو اتخذه لعلمه": لو أراد اتخاذه وليًا لعلمه ثم اتخذه وليًا. وقال ابن حجر المكي في فتاواه: معنى قولهم: إن الله تعالى يفيض على أوليائه الذين انتقوا الأحكام الظاهرة والأعمال الخالصة من مواقع الإلهام والتوفيق والأحوال والتحقيق ما يفرقون به على من عداهم؛ فمن ثبتت له الولاية؛ ثبتت له تلك العلوم والمعارف، فما اتخذ الله وليًا جاهلًا بذلك، ولو فرض أنه اتخذه: أي أهله إلى أن يصير من أوليائه لعلمه. أي لألهمه من المعارف ما يلحقه به غيره؛ فالمراد الجاهل بالعلوم الوهبية والأحوال الخفية لا الجاهل بمبادئ العلوم الظاهرة مما يجب تعلمه؛ فإن هذا لا يكون وليًا ولا يراد للولاية ما دام على جهله بذلك. انتهى والله أعلم. 2186- ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام الحلال. قال ابن السبكي في "الأشباه والنظائر" نقلًا عن البيهقي: رواه جابر الجعفي عن ابن مسعود وفيه ضعف وانقطاع.

_ 1 بزيادة ابن عمرو، ضعيف: رقم "5032". 2 موضوع: رقم "5000" رواه ابن النجار عن أبي هريرة. 3 حسن: رقم "5568". 4 ولكن لا يصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم بحال.

وقال الزين العراقي في تخريج "منهاج الأصول": لا أصل له، وأدرجه ابن مفلح -في أول كتابه في الأصول- فيما لا أصل له. 2187- "ما اجتمع قوم في مجلس وتفرقوا ولم يذكروا الله ويصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا كان مجلسهم ترة عليهم يوم القيامة" 1. رواه أحمد وابن حبان، عن أبي هريرة بسند صحيح. وقوله ترة: أي حسرة وندامة. 2188- ما استفاد المؤمن من شيء بعد تقوى الله؛ خيرًا له من زوجة صالحة: إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله2. رواه ابن ماجه والطبراني عن أبي أمامة بسند ضعيف؛ لكن له شواهد تدل على أن له أصلًا. 2189- "ما جلس قوم يذكرون الله تعالى إلا ناداهم مناد من السماء: قوموا مغفورًا لكم" 3. أحمد والطبراني عن أنس رضي الله عنه، ولابن حبان عن أبي هريرة بلفظ: "ما جلس قوم في مسجد من مساجد الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه". 2190- ما اهتزت اللحى على شيء أفضل من العنب. ليس بحديث. 2191- ما بدئ بشيء يوم الأربعاء إلا تم. قال في "المقاصد": لم أقف له على أصل؛ ولكن ذكر برهان الإسلام في كتابه "تعليم المتعلم" عن شيخه المرغيناني صاحب الهداية في فقه الحنفية أنه كان يوقف بداية

_ 1 صحيح: رقم "5510". 2 ضعيف: رقم "5001". 3 صحيح: رقم "5609".

السبت على يوم الأربعاء، وكان يروي ذلك حديثًا ويقول: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من شيء بدئ به يوم الأربعاء إلا وقد تم". قال وهكذا كان يفعل أبي؛ فيروي هذا الحديث بإسناده عن القوام أحمد بن عبد الرشيد. انتهى. ويعارضه حديث جابر رفعه: "يوم الأربعاء يوم نحس مستمر؛ أخرجه الطبراني في "الأوسط"، ونحوه ما يروى عن ابن عباس أنه قال: لا أخذ فيه ولا عطاء". وكلها ضعيفة. انتهى. وقال القاري: وفيه أن معناه كان يومًا نحسًا مستمرًا على الكفار. ومفهومه أنه سعد مستقر على الأبرار. وقد اعتمد من أئمتنا صاحب الهداية على هذا الحديث، وكان يعمل به في ابتداء درسه. وقد قال العسقلاني: بلغني عن بعض الصالحين ممن لقيناه أنه قال: "اشتكت الأربعاء إلى الله تعالى تشاؤم الناس بها؛ فمنحها أنه ما ابتدئ بشيء فيها إلا وتم1". انتهى. 2192- ما بعث الله نبيًا إلا عاش نصف ما عاش النبي قبله2. رواه أبو نعيم عن زيد بن أرقم رفعه، وسنده حسن لاعتضاده؛ لكن يعكر عليه ما ورد في عمر عيسى. نعم أخرج الطبراني بسند رجاله ثقات عن فاطمة بنت الحسين بن علي: "أن عائشة كانت تقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي قبض فيه لفاطمة: إن جبريل كان يعارضني القرآن في كل عام مرة، وإنه عارضني بالقرآن العام مرتين، وأخبرني أنه لم يكن نبي إلا عاش نصف عمر الذي كان قبله، وأخبرني أن عيسى بن مريم عاش عشرين ومائة سنة، ولا أراني إلا ذاهبًا على رأس الستين؛ فبكت" الحديث. ولأبي نعيم عن ابن مسعود رفعه بلفظ: "يا فاطمة إنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي قبله". وفيه كلام في حواشي المواهب للشبراملسي. 2193- ما بكيت من دهر إلا بكيت عليه. من كلام ابن عباس؛ ففي معجم "ابن جميع" عن الشعبي قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال: يا ابن عباس أما تعجب من عائشة تذم دهرها، وتنشد قول لبيد:

_ 1 لا يصح من ذلك، ولا يقبل قول أحد ما لم يصح رفع الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم. 2 ضعيف: رقم "5040" واللفظ: "النبي الذي كان قبله".

ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب يتأكلون ملاذة ومشحة ... ويعاب قائلهم وإن لم يشغب فقال ابن عباس: "لئن ذمت عائشة دهرها فقد ذم عاد دهره، وجد في خزانة عاد سهم كأطول ما يكون من رماحها عليه مكتوب ... وذكر الشعر.. فقال ابن عباس: ما بكينا من دهر إلا بكينا عليه، والملاذة من الملاذ وهو الذي لا يصدق في مودته"؛ قاله في "المقاصد". انتهى. 2194- "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة". متفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- مرفوعًا. 2195- ما بات -يعني التمر- في جوف إلا أفسده، وما بات -يعني الزبيب- في جوف إلا وأصلحه. 2196- ما تبعد مصر عن حبيب. قال السخاوي يأتي في "ما ضاق مجلس عن متحابين"، ولفظه: "ما بعد طريق أدى إلى صديق، وقال النجم: "ما تبعد مصر عن حبيب أو عاشق" ليس بحديث. 2197- "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء". رواه الشيخان عن أسامة بن زيد رفعه، ورواه الديلمي بلا سند عن علي رفعه: "ما أخاف على أمتي فتنة أخوف عليها من النساء والخمر". 2198- ما ترك الحق لعمر صديقًا. قال النجم: هذا غير معروف في كتب الحديث في حق عمر، لا عنه ولا عن غيره؛ وإنما روى ابن سعد في طبقاته عن أبي ذر قال: ما زال بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى ما ترك الحق لي صديقًا. نعم تقدم في الحاء المهملة عن ابن عبد البر معناه في حق عمر رضي الله عنه.

2199- ما ترك عبد شيئًا لله لا يتركه إلا له؛ إلا عوضه الله منه ما هو خير له منه في دينه ودنياه1. رواه أبو نعيم عن ابن عمر مرفوعًا، وقال: غريب. لكن له شواهد منها: ما رواه التيمي في ترغيبه عن أبي ابن كعب مرفوعًا بلفظ: "ما ترك عبد شيئًا لا يدعه إلا لله؛ إلا آتاه الله ما هو خير له منه". ولأحمد عن قتادة وأبي الدهماء: أنهما نزلا على رجل من البادية فقالا له: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا؟ قال: نعم، سمعته يقول: "إنك لن تدع شيئًا لله إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه"، وفي لفظ له أيضًا: "إنك لن تدع شيئًا اتقاء الله إلا أعطاك الله خيرًا منه"، ورجاله رجال الصحيح. وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر مرفوعًا: "ما ترك عبد لله أمرًا لا يتركه إلا لله؛ إلا عوضه الله منه ما هو خير له في دينه ودنياه". وللطبراني وأبي الشيخ، عن أبي أمامة مرفوعًا: "من قدر على طمع من طمع الدنيا فأداه، ولو شاء لم يؤده؛ زوجه الله من الحور العين حيث شاء". 2200- ما ترك القاتل على المقتول من ذنب قال الحافظ ابن حجر في "اللآلئ": هو حديث لا يعرف أصلًا ولا بإسناد ضعيف، ومعناه صحيح. وقال ابن كثير في "تاريخه": لا نعرف له أصلًا بهذا اللفظ، ومعناه صحيح كما أخرجه ابن حبان عن ابن عمر رفعه بلفظ: "إن السيف محاء للخطايا". وللعقيلي عن أنس رفعه: "لا يمر السيف بذنب إلا محاه"، قال: وليس له أصل يثبت. وللبيهقي عن عقبة السلمي في حديث مرفوع أوله: "القتلى ثلاثة"، وفيه قوله في المؤمن المقترف للخطايا "المقتول في سبيل الله": أن السيف محاء للخطايا، وفي المنافق المقتول في الجهاد: أن السيف لا يمحو النفاق. ولأبي نعيم والديلمي عن عائشة مرفوعًا: "قتل الصبر لا يمر بذنب إلا محاه". ونحوه لسعيد بن منصور عن عمرو بن شعيب معضلًا: "من قتل صبرًا كان كفارة لخطاياه"، ورواه ابن الأحوص ومحمد بن الفضل عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه بلفظ: "قتل الرجل صبرًا كفارة لما كان قبله من الذنوب".

_ 1 حديث ابن عساكر عن ابن عمر، موضوع: رقم "5043".

ورواه صالح الطلحي عن أبي هريرة، قال الدارقطني: والأول أشبه وأخرجه البيهقي في "الشعب"، عن الأوزاعي أنه قال: من قتل مظلومًا كفر الله عنه كل ذنب؛ فإن ذلك في القرآن {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ} [المائدة: 29] انتهى. قال القاري وفي استدلاله بالقرآن بحث ظاهر. وقال في الدرر تبعًا للزركشي: حديث "ما ترك القاتل على المقتول من ذنب"، قال ابن كثير: لا أصل له، قلت: بمعناه حديث "السيف محاء للخطايا"، أخرجه ابن حبان من حديث ابن عمر، وأخرج الديلمي وأبو نعيم من حديث عائشة: "قتل الصبر لا يمر بذنب إلا محاه"، وأخرجه سعيد بن منصور من مرسل عمرو بن شعيب: "من قتل صبرًا كان كفارة لخطاياه". انتهى. 2201- ما تعاظم علي أحد مرتين: قال القاري: هو من كلام السلف، ومعناه يؤخذ من حديث: "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين". انتهى. وقال في "المقاصد": هو كلام غير واحد من السلف: فروى الدينوري في "المجالسة" عن الأصمعي قال: "قال رجل ما رأيت ذا كبر قط؛ إلا تحول داؤه فيّ" يريد: أني أتكبر عليه، ويروى عن الشافعي في هذا المعنى أيضًا، وقال النجم: نقل القشيري في الرسالة عن يحيى بن معاذ أنه قال: "التكبر على من تكبر عليك بماله تواضع". 2202- ما جبل ولي الله إلا على السخاء وحسن الخلق1. رواه الديلمي عن عائشة مرفوعًا بسند ضعيف، ورواه الدارقطني في الأجواد وأبو الشيخ وابن عدي؛ لكن ليس عند أولهم "وحسن الخلق". ومن شواهده ما رفعه أنس: "أن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بصوم ولا صلاة؛ ولكن برحمة الله وسخاء الأنفس والرحمة للمسلمين"، ونحوه عن أبي سعيد، وفي كتاب "الجواهر المجموعة" عن عمر رفعه: "إن الله بعث جبريل إلى إبراهيم: إني لم أتخذ خليلًا على أنك عبد من عبادي؛ ولكن اطلعت على قلوب المؤمنين فلم أجد قلبًا أسخى من قلبك".

_ 1 موضوع، انظر الضعيفة "ح622".

2203- ما جعل الله منية عبد بأرض إلا جعل له فيها حاجة1. 2204- ما جمع شيء إلى شيء أحسن من حلم إلى علم2. رواه العسكري عن علي بزيادة "وأفضل الإيمان التحبب إلى الناس؛ ثلاث من لم تكن فيه فليس مني، ولا من الله: حلم يرد به جهل الجاهل، وحسن خلق يعيش به في الناس، وورع يحجزه عن معاصي الله" وله أيضًا عن جابر مرفوعًا: ما أوتي شيء إلى شيء أحسن من حلم إلى علم، وصاحب العلم عريان إلى حلم. ولأبي الشيخ عن أبي أمامة مرفوعًا: ما أضيف شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم، وأخرجه ابن السني أيضًا. 2205- ما خاب من استخار ولا ندم من استشار ولا عال من اقتصد3. رواه الطبراني في الصغير والقضاعي عن أنس رفعه، وفي سنده ضعيف جدًا، وتقدم. وسيأتي ما سعد أحد برأيه ولا شقي عن مشورة. وما أحسن ما قيل: شاور سواك إذا نابتك نائبة ... يومًا وإن كنت من أهل المشورات فالعين تلقى كفاحًا من نأى ودنا ... ولا ترى نفسها إلا بمرآة وفي النجم: روى ابن أبي الدنيا في العقل عن زائدة قال: "إنما نعيش بعقل غيرنا" يعني المشاورة. ولبعضهم: "الناس ثلاثة؛ فواحد كالغذاء لا يستغنى عنه، وواحد كالدواء يحتاج إليه في بعض الأوقات، وواحد كالداء لا يحتاج إليه أبدًا"، وللخطيب في "تلخيص المتشابه"، عن قتادة قال: "الرجال ثلاثة: رجل، ونصف رجل، ولا شيء؛ فأما الذي هو رجل فرجل له عقل ورأى يعمل به وهو يشاور، وأما الذي هو نصف رجل فرجل له عقل ورأي يعمل به وهو لا يشاور، وأما الذي هو لا شيء فرجل له عقل وليس له رأي يعمل به وهو لا يشاور".

_ 1 سبق في معناه حديث "251" راجعه. 2 ضعيف: رقم "5053" بلفظ "علم إلى حلم". 3 موضوع: رقم "5058".

قال النجم وقلت: ليس من عاش بعقله ... مثل من عاش بفضله إنما الفاضل من ضم ... حجى الناس لعقله وكذا الجاهل من لم ... ير في الناس كمثله نفسه يبصرها كا ... ملة من فرط جهله 2206- ما حل بحرمكم حل بكم. لينظر. 2207- ما خرج من فيك فهو فيك. ليس بحديث؛ بل هو شيء من كلام بعضهم. وفي معناه ما قيل: "وكل إناء بالذي فيه ينضج". 2208- ما خلا جسد من حسد. قال في "المقاصد" لم أقف عليه بلفظه؛ ولكن معناه عند أبي موسى المديني في "نزهة الحافظ" له عن أنس رفعه: "كل بني آدم حسود، وبعض أفضل في الحسد من بعض، ولا يضر حاسدًا حسده ما لم يتكلم باللسان، أو يعمل باليد"، وفي سنده خلف العمى ضعيف. ورواه الحاكم في علوم الحديث مسلسلًا بجماعة يسمون خلفًا. ولابن أبي الدنيا في ذم الحسد له بسند ضعيف أيضًا عن أبي هريرة رفعه: "ثلاث لا ينجو منهن أحد: الظن والطيرة والحسد" الحديث، وقد بسط الكلام عليه السخاوي في شرحه للترمذي. 2209- ما خلا قصير من حكمة1. قال في "المقاصد": لم أقف عليه. نعم في ابن لال عن عائشة مرفوعًا: "جعل الخير كله في الربعة". ويشهد: له "خير الأمور أوسطها"، وفي صفته -صلى الله عليه وسلم- أطول من المربوع.

_ 1 انظر الأسرار المرفوعة للقاري "305".

وعن الحسن بن علي رفعه: "إن الله جعل البهاء والهوج -بفتحتين أي الحمق- في الطول". ورواه بعضهم بلفظ: "ما خلا قصير من حكمة، ولا طويل من حماقة". انتهى. 2210- ما خلا يهوديان بمسلم إلا هما بقتله1. رواه الثعلبي وابن مردويه وابن حبان في "الضعفاء" عن أبي هريرة مرفوعًا. وفي رواية ابن حبان: "يهودي" و"هم" بالإفراد، وأخرجه الديلمي بلفظ: "ما خلا قط يهودي بمسلم إلا حدث نفسه بقتله". وقد أطال الكلام عليه السخاوي في بعض الحوادث. فأقول ويؤيد ذلك ما ذكره شيخنا المرحوم يونس المصري: "أنه كان يقرأ على يهودي يومًا في المنطق؛ فقال له: وقد انفرد به: لا تأتني إلا ومعك سكين أو نحوها؛ لأن اليهودي إذا خلا بمسلم ولم يكن معه سلاح لزمه التعرض لقتله". وقال النجم: واشتهر في كلام الناس "أنه ما خلا قط رافضي بسني إلا حدثته نفسه بقتله"، وهي من الخصال التي شاركت الرافضة فيها اليهود. 2211- ما دفع الله كان أعظم. قال النجم: لم أجده في المرفوع؛ وإنما قال لقمان لابنه في قصة أصاب ابنه فيها بلاء، فقال له: "لعل ما صرفه الله عنك أعظم مما ابتليت به"، أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "الرضاع" عن سعيد بن المسيب موقوفًا عليه وذكر الحديث. 2212- ما رفع أحد أحدًا فوق مقداره؛ إلا واتضع عنده من قدره بأزيد. قال في "المقاصد": ليس في المرفوع؛ ولكن قد جاء عن الشافعي كما نقله البيهقي في مناقبه بلفظ: "ما أكرمت أحدًا فوق مقداره؛ إلا اتضع من قدري عنده بمقدار ما أكرمته". نعم، مضى "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم، ومن رفع أخاه فوق قدره اجتر عداوته". وهذا في اللئام. قال الشافعي: "ثلاثة إن أكرمتهم أهانوك: المرأة والعبد والفلاح".

_ 1 حديث ابن حبان: ضعيف: رقم "5064".

وكذا روي مرفوعًا: "لا تصلح الصنيعة إلا عند ذي حسب أو دين، كما لا تصلح الرياضة إلا في النجيب"، رواه البزار عن عائشة، وقال: منكر. لكن قال الشافعي: "إنه لا صنيعة عند نذل ولا شكر للئيم ولا وفاء لعبد". والله أعلم. 2213- ما خالطت الصدقة مالًا إلا أهلكته1. رواه البيهقي وابن عدي عن عائشة بسند ضعيف. 2214- ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن2. رواه أحمد في كتاب السنة، وليس في مسنده كما وهم عن ابن مسعود بلفظ: "إن الله نظر في قلوب العباد فاختار محمدًا -صلى الله عليه وسلم- فبعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد فاختار له أصحابًا فجعلهم أنصار دينه ووزراء نبيه؛ فما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح". وهو موقوف حسن. وأخرجه البزار والطيالسي والطبراني وأبو نعيم والبيهقي في "الاعتقاد" عن ابن مسعود أيضًا. وفي شرح الهداية للعيني روى أحمد بسنده عن ابن مسعود قال: "إن الله نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد؛ فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه، فما رآه المؤمنون حسنًا فهو عند الله حسن وما رأوه سيئًا -وفي رواية قبيحًا- فهو عند الله سيئ". وقال الحافظ ابن عبد الهادي روي مرفوعًا عن أنس بإسناد ساقط، والأصح وقفه على ابن مسعود. انتهى. 2215- "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". متفق عليه عن عائشة وابن عمر مرفوعًا. وكذا رواه غير الشيخين. 2216- ما سعد أحد برأيه ولا شقي مع مشورة3. تقدم في "رأس العقل" وتقدم آنفا في أثناء حديث "ما خاب من استشار".

_ 1 ضعيف: رقم "5059". 2 هو من كلام ابن مسعود رضي الله عنه، كما في التمييز "1189". 3 سبق في حديث "1352".

2217- ما ضاق مجلس بمتحابين1. رواه الديلمي بلا سند عن أنس مرفوعًا، وأخرجه البيهقي في "الشعب" من قول ذي النون بلفظ: "ما بعد طريق أدى إلى صديق، ولا ضاق مكان من حبيب"، وفي معناه قول الشاعر: سم الخياط مع الأحباب ميدان لكن من آداب الجلوس ما قال سفيان: ينبغي أن يكون بين الرجلين في الصف قدر ثلثي ذراع. انتهى. أما في الشتاء أو الصلاة أو الجهاد فينبغي الالتصاق. وأخرج الدينوري عن اليزيدي قال: "أتيت الخليل بن أحمد وهو على طنفسة فأوسع لي وكرهت التضييق عليه، فقال: إنه لا يضيق سم الخياط على متحابين، ولا تتسع الدنيا على متباغضين". وعزاه المناوي للأصمعي. ولفظه: "قال دخلت على الخليل وهو قاعد على حصير صغير؛ فأومأ لي بالقعود فقلت: أضيق عليك، قال: مه إن الدنيا بأسرها لا تسع متباغضين، وإن شبرًا في شبر يسع متحابين". انتهى. 2218- ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه2. لم يتكلم عليه في "المقاصد"؛ مع أنه بيض له، وقال في "التمييز": لم أره مرفوعًا ومعناه صحيح. انتهى. 2219- ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قط؛ فإن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه. رواه الشيخان، وفي رواية لمسلم: "وإن لم يشته كف". وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه: "أن رجلًا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- إن من الطعام طعامًا أتحرج منه، قال: لا يختلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصارى3 "، ويختلجن -بالخاء المعجمة ثم الجيم أو بالحاء المهملة- بمعنى يتحرك.

_ 1 موضوع: انظر الضعيفة "ح5092". 2 أخرجه الخطيب في المتفق والمفترق، وكذا الأصفهاني في الترغيب، بإسناد ضعيف، عن يحيى بن سعيد بن المسيب، من كلام عمر موقوفًا عليه. 3 قال في النهاية: "ضرع" ... وفي حديث عدي قال له: "لا يختلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية". المضارعة: المشابهة والمقاربة، وذلك أنه سأله عن طعام النصارى، فكأنه أراد: لا يتحركن في قلبك شك أن ما شابهت في النصارى حرام أو خبيث أو مكروه. انتهى.

2220- ما عال من اقتصد1. رواه أحمد عن ابن مسعود ومضى في "الاقتصاد". 2221- ما عبد الله بشيء أفضل - وفي لفظ أعظم- من جبر القلوب. قال في "المقاصد": لا أعرفه في المرفوع، والمشهور على الألسنة: "ما عبد الله بشيء أفضل من جبر الخواطر" بدل "القلوب". 2222- ما عبد الله بأفضل من فقه في دين2. رواه البيهقي في "الشعب" بسند ضعيف عن ابن عمرو، وقال النجم وعند ابن أحمد عن جابر: ما عبد الله بشيء أفضل من حسن الظن، قال: "ولا معارضة بينه وبين ما قبله"؛ لأن حسن الظن بالله من جملة الفقه في الدين. 2223- ما عزل من ولى ولده. قال في "المقاصد": لا أصل له وقد كتبت فيه في بعض الأجوبة شيئًا. وقال القاري: بل هو موضوع في مبناه وباطل في معناه. انتهى. 2224- ما عز شيء إلا هان. هو معنى ما في البخاري وغيره من قوله -صلى الله عليه وسلم- في العضباء لما سبقها أعرابي على قعود له حق على الله أن لا يرفع شيئًا من الدنيا؛ إلا وضعه. 2225- ما عزت الفقيه في الحديث إلا لشرفه. قال القاري نقلًا عن الخطيب: لا يحفظه مرفوعًا، وإنما هو قول ابن هارون. 2226- ما عظمت نعمة الله على عبد إلا عظمت مؤونة الناس عليه؛ فمن لم يحتمل تلك المؤونة فقد عرض تلك النعمة للزوال3. رواه البيهقي وأبو يعلى والعسكري، عن معاذ بن جبل مرفوعًا. قال المناوي: وهو ضعيف، ورواه البيهقي أيضًا عنه، والطبراني والبيهقي أيضًا عن ابن عمر رفعه: إن لله

_ 1 ضعيف: رقم "5103" وسبق معناه في حديث "476". 2 ضعيف: رقم "5108". 3 ضعيف: رقم "5110".

أقوامًا خصهم بالنعم لمنافع العباد؛ بقاؤهم فيها ما بذلوها؛ فإذا منعوها نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم. ورواه البيهقي أيضًا عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فأسبغها عليه إلا جعل إليه شيئًا من حوائج الناس؛ فإن تبرم بهم فقد عرض تلك النعمة للزوال". وبعضها يؤكد بعضًا. وأخرج عن الفضيل بن عياض قال: "إذا علمتم أن حاجة الناس إليكم نعمة من الله عليكم فاحذروا أن تملوا النعم فتصير نقمًا". 2227- ما عمل أفضل من إشباع كبد جائعة. رواه الديلمي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- مرفوعًا وهو ضعيف. 2228- ما فضلكم أبو بكر بفضل صوم ولا صلاة؛ ولكن بشيء وقر في قلبه1. ذكره في "الإحياء"، وقال مخرجه العراقي: لم أجده مرفوعًا وهو عند الحكيم الترمذي وأبي يعلى عن عائشة، وأحمد بن منيع عن أبي بكر -كلاهما- مرفوعًا، وقال في النوادر: أنه من قول بكر بن عبد الله المزني. 2229- ما قبل حج امرئ إلا رفع حصاه2. رواه الديلمي عن ابن عمر مرفوعًا، وكذا الأزرقي في تاريخ مكة عن ابن عمر وأبي سعيد، وعنده أيضًا بسنده إلى ابن خثيم قال: "قلت لأبي الطفيل: هذه الجمار ترمى في الجاهلية والإسلام، كيف لا تكون هضابًا تسد الطريق؟ قال: سألت ابن عباس فقال: إن الله عز وجل وكل بها ملكًا فما يقبل منه رفع وما لم يقبل منه ترك". قال الحافظ ابن حجر: وأنا شاهدت من ذلك العجب؛ كنت أتأمل فأراهم يرمون كثيرًا ولا أرى يسقط إلى الأرض إلا شيء يسير جدًا. قال في "المقاصد": وكذا نقل المحب الطبري في شرح التنبيه عن شيخه بشير التبريزي -شيخ الحرم ومفتيه- أنه شوهد ارتفاع الحجر عيانًا، يعني حصى الرمي، واستدل لذلك الطبري على صحة الوارد في ذلك، وهي إحدى الآيات الخمس التي بمنى أيام

_ 1 لا أصل له مرفوعًا، انظر الضعيفة "962". 2 ضعيف: رقم "5122".

الحج: اتساعها للحجيج مع ضيقها في الأعين وكون الحداة لا تخطف بها اللحم، وكون الذباب لا يقع في الطعام، وإن كان لا ينفك عنه في الغالب كالعسل وشبهه، وقلة البعوض بها كما بسط ذلك الفاسي في "شفاء الغرام"، وأن الجمار مع كثرتها لا تصير هضابًا. 2230- ما من يوم إلا والذي بعده شر منه. هو بمعنى ما رواه البخاري عن أنس مرفوعًا بلفظ: "لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم"، وتقدم مبسوطًا في "كل عام ترذلون". قال المناوي: يعني بقوله "حتى تلقوا ربكم" ذهاب العلماء وانقراض الصلحاء، وقال أيضًا: أما خبر "كل عام ترذلون"، وقول عائشة: "لولا كلمة سبقت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لقلت: كل يوم ترذلون"؛ فقال الحافظ ابن حجر: لا أصل له. انتهى. 2231- "ما من عام إلا ينقص الخير فيه ويزيد الشر". رواه الطبراني بسند جيد. قال المناوي: قيل للحسن: هذا ابن عبد العزيز بعد الحجاج، فقال: لا بد للزمان من تنفس، وقال أيضًا: ورد بسند صحيح: "أمس خير من اليوم، واليوم خير من غد، وكذلك حتى تقوم الساعة". انتهى. 2232- ما من ميت يموت إلا ندم، قالوا: وما ندامته قال: إن كان محسنًا أن لا يكون زاد، وإن كان مسيئًا أن لا يكون استعتب1. رواه الترمذي عن أبي هريرة. 2233- ما من ليلة إلا ينادي مناد: يا أهل القبور من تغبطون؟ فيقولون: أهل المساجد2. قال القاري: لم يوجد.

_ 1 بنحوه، ضعيف: رقم "5148". 2 انظر تذكرة الموضوعات "36".

2234- ما من يوم إلا وتموت فيه سنة وتحيا فيه بدعة. وهو من كلام بعض السلف كما قاله الصغاني. 2235- ما قدر يكن. تقدم وسيأتي أيضًا في "لا يكثر همك، والمشهور على الألسنة ما قدر كان". 2236- "ما قل وكفى خير مما كثر وألهى" 1. رواه أبو يعلى والعسكري عن أبي سعيد قال: "سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو على هذه الأعواد.." فذكره. قال المناوي: وهو صحيح. زاد النجم في "لدوا للموت" عن أبي هريرة أن ملكًا بباب من أبواب السماء يقول: "يا أيها الناس هلموا إلى ربكم؛ فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى". وأخرجه الديلمي عن عقبة بن عامر في حديث: "أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله" الحديث وأخرجه العسكري عن أبي أمامة الثعلبي في قصة ثعلبة بن حاطب بلفظ: "ويحك يا ثعلبة قليل تطيق شكره خير من كثير لا تؤدي حقه-أو لا تطيقه- ". 2237- ما كثر أذان بلدة إلا قل بردها. رواه الديلمي بلا سند عن علي، وفي "اللآلئ" حديث: "ما من بلدة مدينة يكثر أذانها إلا قل بردها" موضوع. انتهى. 2238- ماكسوا الباعة2. تقدم في "حاكوا الباعة". 2239- ما كل مرة تسلم الجرة. قال القاري: ليس بحديث، وقال في "المقاصد": وقع في شعر المبرد: أقول للنفس وعاتبتها ... على التصابي مائتي مرة يا نفس صبرًا عن ظلال الهوى ... ما كل يوم تسلم الجرة

_ 1 صحيح: رقم "5653". 2 تقدم في حديث "1093" فليراجع.

2240- ما كل ما يعلم يقال. قال النجم: لا يعرف مسندًا بهذا اللفظ؛ لكنه في معنى "أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم، وحدثوا الناس بما يعرفون". وقد تقدما. 2241- ما المعطي من سعة بأعظم أجرًا من الآخذ من حاجة1. ابن حبان في "الضعفاء" والطبراني في "الأوسط" وأبو نعيم عن أنس مرفوعًا، ورواه الطبراني في "الكبير" عن ابن عمر بسند ضعيف أيضًا، وبه يتأكد قول من ذهب إلى أن اليد العليا في قوله -عليه الصلاة والسلام- "اليد العليا خير من اليد السفلى" هي الآخذة؛ لا سيما "وسيطوف الرجل بصدقته فلا يجد الأغنياء، ما يسقط به أداء الفرض"؛ ولكن الجمهور على خلافه2. 2242- "ما منكم من أحد إلا وكل - وفي لفظ إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة"، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: "وإياي؛ ولكن الله أعانني عليه فأسلم". رواه البخاري وأحمد عن ابن مسعود رفعه، وفي معناه أحاديث كثيرة ذكرها الزركشي في الباب الأخير من كتابه: منها ما رواه مسلم عن عائشة وابن مسعود بلفظ: "ما منكم من أحد؛ إلا وله شيطان" قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: "وأنا؛ إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، ولا يأمر إلا بخير"، وقوله "فأسلم" روي بالرفع على أنه مضارع مسند للمتكلم وحده، وروي بالفتح على أنه فعل ماض، والثانية دالة على إسلام قرينه خصوصية له صلى الله عليه وسلم؛ إلا أن يحمل على معنى فاستسلم. فافهم.

_ 1 بنحوه ضعيف: رقم "5018. 2 أن الجمهور فسره أن اليد العليا هي المعطية. دار الحديث.

2243- ما من أحد من أصحابي يموت بأرض؛ إلا بعث قائدًا -يعني لأهلها- ونورًا يوم القيامة1. رواه الترمذي وقال غريب، وإرساله أصح عن بريدة مرفوعًا، ولفظه: "من مات من أصحابي بأرض كان نورهم وقائدهم يوم القيامة". 2244- ما من رمانة من رمانكم هذا إلا وهي تلقح بحبة من رمان الجنة2. رواه الديلمي وابن عدي في "كامله" عن ابن عباس مرفوعًا، وسنده ضعيف؛ كما قاله الذهبي. 2245- ما من طامة إلا وفوقها طامة. تقدم في: البلاء موكل بالمنطق. 2246- ما من عالم أتى صاحب سلطان طوعًا؛ إلا كان شريكه في كل لون يعذب به في نار جهنم3. رواه الديلمي عن معاذ بن جبل رفعه قال في "المقاصد": ولا يصح ولكن ورد في معناه ما سيأتي في "نعم الأمير إذا كان بباب الفقير". وقال النجم: وهو ضعيف؛ لكن في تنفير العلماء من إتيان السلطان والأمر أشياء كثيرة جمع السيوطي غالبها في مصنف سماه ما "ما رواه الأساطين في عدم إتيان السلاطين" وقد لخصته في منظومة حافلة. انتهى. 2247- "ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه" 4. رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رفعه وهو صحيح. وقال النجم وفي لفظ عند البيهقي: "إلا ورد الله" بزيادة الواو.

_ 1 ضعيف: رقم "5140". 2 انظر الموضوعات "285/ 2". 3 ضعيف: رقم "5196". 4 "حسن" انظر صحيح أبي داود "ح1795".

2248- ما من نبي نبئ إلا بعد الأربعين. جزم ابن الجوزي بوضعه؛ لأن عيسى عليه الصلاة والسلام نبئ ورفع إلى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة؛ فاشتراط الأربعين في حق الأنبياء ليس بشيء. قال في "المقاصد": كذا قال، وما قدمناه في حديث "ما بعث الله نبيًا" يرد عليه. وقال القاري: ويعارضه قوله تعالى في يحيى {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} [مريم: 12] وقوله تعالى: في يوسف {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا} [يوسف: 15] ولو ثبت يحمل على الغالب. 2249- ما من جماعة اجتمعت إلا وفيهم ولي الله لا هم يدرون به ولا هو يدري بنفسه. قال القاري: لا أصل له، وهو كلام باطل؛ فإن الجماعة قد يكونون فجارًا يموتون على الكفر. كذا ذكره بعضهم، ولو صح فباب التأويل واسع. 2250- ما امتلأت دار من الدنيا حبرة إلا امتلأت عبرة. قال العراقي: رواه ابن المبارك عن عكرمة بن عامر عن يحيى بن كثير مرسلًا. والحبرة -بفتح الحاء المهملة وسكون الموحدة-: السرور. والعبرة -بفتح العين-: الدم السائل. انتهى. لكن في القاموس العبرة -بالفتح-: الدمعة قبل أن تفيض، أو تردد البكاء في الصدر والحزن بلا بكاء، والجمع عبرات وعبر. انتهى. 2251- ما النار في اليبس بأسرع من الغيبة في حسنات العبد. ذكره في "الإحياء". قال العراقي: لم أجد له أصلًا، واليبس -بفتحتين وبضم وبسكون-: الحطب اليابس. 2252- "ما نزعت الرحمة إلا من شقي". رواه الحاكم والقضاعي، واللفظ له عن أبي هريرة رفعه، رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وأبو داود والترمذي وحسنه وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 2253- "مانع الزكاة يوم القيامة في النار" 1. رواه الطبراني في الصغير بسند حسن عن أنس -رضي الله تعالى عنه- رفعه.

_ 1 حسن: رقم "5807".

2254- "ما نقص مال من صدقة" 1. رواه القضاعي عن أم سلمة مرفوعًا. بزيادة "ولا عفا رجل عن مظلمة؛ إلا زاد بها عزًا"، ورواه الديلمي عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "والذي نفس محمد بيده لا ينقص مال من صدقة"، ورواه مسلم عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا، وما تواضع أحد لله؛ إلا رفعه الله"، ورواه الترمذي أيضًا وقال: حسن صحيح. وقال في "اللآلئ" بعد أن عزاه لمسلم باللفظ المذكور: نعم أورده صاحب مسند الفردوس بلفظ: "والذي نفس محمد بيده لا ينقص مال من صدقة"، وعزاه لمسلم وأبي يعلى الموصلي، والطبراني. انتهى ما في "اللآلئ". 2255- ما وقى المرء عن عرضه فهو له صدقة2. رواه العسكري والقضاعي عن جابر مرفوعًا زاد القضاعي: "وما أنفق الرجل على أهله ونفسه؛ كتب له صدقة" وفي لفظ له: "كتب له به صدقة". 2256- ما وسعني سمائي ولا أرضي؛ ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن. ذكره في "الإحياء" بلفظ: "قال الله: لم يسعني سمائي ولا أرضي، ووسعني قلب عبدي المؤمن اللين الوادع". قال العراقي في تخريجه: لم أر له أصلًا، ووافقه في الدرر تبعًا للزركشي، ثم قال العراقي: وفي حديث أبي عتبة عند الطبراني بعد قوله: "وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين، وأحبها إليه ألينها وأرقها". انتهى. وقال ابن تيمية: هو مذكور في الإسرائيليات، وليس له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال في "المقاصد" تبعًا لشيخه في "اللآلئ": ليس له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه وسع قلبه الإيمان بي ومحبتي ومعرفتي؛ وإلا فمن قال: إن الله يحل في قلوب الناس فهو أكفر من النصارى الذين خصوا ذلك بالمسيح وحده؛ وكأنه أشار بما في الإسرائيليات إلى ما أخرجه أحمد في الزهد عن وهب بن منبه قال: "إن الله فتح

_ 1 أخرجه مسلم "2588" من الحديث أبي هريرة. 2 ضعيف، انظر الضعيفة "898".

السماوات لحزقيل حتى نظر إلى العرش، فقال حزقيل: سبحانك ما أعظمك يا رب، فقال الله: إن السماوات والأرض ضعفن عن أن يسعنني ووسعني قلب عبدي المؤمن الوادع اللين". ونقل عن خط الزركشي أن بعض العلماء قال: إنه حديث باطل وإنه من وضع الملاحدة، وأكثر ما يرويه المتكلم على رؤوس العوام علي بن وفا لمقاصد يقصدها ويقول عند الوجد والرقص: طوفوا ببيت ربكم. قال: وقد روى الطبراني عن أبي عتبة الخولاني رفعه: إن لله آنية من أهل الأرض، وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين وأحبها إليه ألينها وأرقها، وفي سنده بقية بن الوليد يدلس؛ لكنه صرح بالتحديث. 2257- ما لا يجيء من القلب عنايته صعبة1. قال في "المقاصد": لا أعرفه حديثًا. قال: وأنشد أبو نواس حين جلس إليه أبو العتاهية وبالغ في وعظه بحيث أبرمه: لا زجر للأنفس عن غيها ... ما لم يكن منها لها زاجر قال أبو العتاهية: فوددت أن لو كان لي بجميع ما قلته من شعري. انتهى. وقال النجم: وفي معنى ما في الترجمة قول بعض الصوفية: "من لم يكن له من قلبه واعظ؛ لم تنفعه المواعظ". وعند الديلمي بسند جيد عن أم سلمة رضي الله عنها: "إذا أراد الله بعبد خيرًا جعل له واعظًا من قلبه. 2258- ما لا يدرك كله لا يترك كله. هو في معنى الآية {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] والحديث: "اتق الله ما استطعت"، ولفظ الترجمة قاعدة وليس بحديث. 2259- ما تبعد مصر عن حبيب. سبق في: ما ضاق روي عن ذي النون المصري بلفظ: "ما بعد طريق أدى إلى حبيب"، والمشهور على الألسنة "ما تبعد مصر على عاشق".

_ 1 ليس بحديث، انظر التمييز "1229".

وقال النجم في الترجمة: مثل، وليس بحديث وفي معناه قول بعضهم: والله ما جئتكم زائرًا ... إلا رأيت الأرض تطوى لي ولا ثنيت العزم عن بابكم ... إلا تعثرت بأذيالي 2260- "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وماله وولده حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة" 1. رواه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا وقال حسن صحيح. 2261- "المتشبع بما لم يعطه كلابس ثوبي زور". رواه الشيخان عن أسماء، وسيأتي في: من تشبع. 2262- المتلوط لو اغتسل بكل قطرة تنزل من السماء على وجه الأرض إلى أن تقوم الساعة؛ لما طهره الله من نجاسته أو يتوب2. تقدم في "لو اغتسل" أنه باطل. 2263- مت مسلمًا ولا تبالِ. قال في "المقاصد": لا أعلمه بهذا اللفظ، والأحاديث في: "من مات لا يشرك بالله دخل الجنة" كثيرة: منها ما للشيخين عن ابن مسعود، ومنها ما لمسلم عن عثمان بلفظ: "من مات يشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة"، وقال القاري: معناه صحيح لقوله تعالى {وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] ويناسب هذا قول بعضهم: كن كيف شئت فإن الله ذو كرم ... وما عليك إذا أذنبت من باس إلا اثنتان فلا تقربهما أبدًا ... الشرك بالله والإضرار بالناس 2264- مثل أصحابي في أمتي كالملح في الطعام، لا يصلح الطعام إلا بالملح3. رواه ابن المبارك، وكذا أبو يعلى عن أنس رفعه، وأخرجه البغوي في "شرح السنة" بسند فيه كسابقه إسماعيل بن مسلم المكي ضعيف، انفرد به عن الحسن البصري.

_ 1 صحيح: رقم "5815". 2 سبق بنحوه انظر حديث "2093". 3 ضعيف: رقم "5238".

2265- "مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت". رواه الشيخان عن أبي موسى - رضي الله تعالى عنه. 2266- "مثل أمتي مثل المطر، لا يدرى أوله خير أم آخره" 1. رواه الترمذي وأبو يعلى والدارقطني عن أنس مرفوعًا، وأخرجه الخطيب في الرواة عن مالك، وكذا أبو الحسن القطان في العلل، وله شاهد عن عمار بن ياسر، أخرجه ابن حبان في صحيحه عن سليمان الأغر رفعه، وفي لفظ عند الطبراني في الكبير، عن عمار بن ياسر: "مثل أمتي كالمطر يجعل الله في أوله خيرًا وفي آخره خيرًا"، وأخرجه البزار بسند جيد عن عمران بن حصين. ورواه الطبراني عن ابن عمر. وقول النووي في فتاويه أنه ضعيف متعقب؛ فقد قال ابن عبد البر: إن الحديث حسن؛ إلا أن يريد باعتبار ذاته أو من طريق أبي يعلى التي عزاها له في فتاواه. وإليه يشير قول الحافظ ابن حجر: حديث حسن له طرق. ولابن عساكر في تاريخه، عن عمرو بن عثمان رفعه مرسلًا: "أمتي أمة مباركة لا يدرى أولها خير أو آخرها". 2267- "مثل الجليس الصالح والجليس السوء؛ كمثل صاحب المسك وكير الحداد؛ لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحًا خبيثة". متفق عليه عن أبي موسى رفعه، ورواه العسكري وأبو نعيم والديلمي عن أنس - رضي الله تعالى عنه. 2268- مثل الذي يجلس فيسمع الحكمة ثم لا يحدث إلا بشر ما سمع؛ كمثل رجل أتى راعيًا فقال: أجزرني شاة، فقال: له خذ خيرها شاة، فذهب فأخذ بأذن كلب الغنم2. رواه أحمد وابن ماجه وابن منيع والطيالسي والبيهقي والعسكري عن أبي هريرة رفعه، وسنده ضعيف. قال العسكري أراد به: الحث على إظهار أحسن ما يسمع،

_ 1 صحيح، كما في تخريج المشكاة "6286". 2 بنحوه ضعيف: رقم "5243".

والنهي عن الحديث بما يستقبح. وهو قوله تعالى {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 18] . 2269- "المجالس بالأمانة" 1. رواه الديلمي والقضاعي والعسكري عن علي رفعه، ورواه أبو داود والعسكري أيضًا عن جابر بن عبد الله رفعه بزيادة: "إلا ثلاثة مجالس: سفك حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق". وللديلمي عن أسامة بن زيد رفعه: "المجالس أمانة؛ فلا يحل لمؤمن أن يرفع على مؤمن قبيحًا". ولعبد الرزاق عن محمد بن حزم رفعه مرسلًا: "إنما يتجالس المتجالسون بأمانة الله؛ فلا يحل لأحد أن يفشي عن صاحبه ما يكره". وللعسكري عن ابن عباس مرفوعًا: "إنما تجالسون بالأمانة". وله عن أنس مرفوعًا: " ألا ومن الأمانة - أو قال: ألا ومن الخيانة- أن يحدث الرجل أخاه بالحديث فيقول: اكتمه؛ فيفشيه". وله عن أبي سعيد رفعه: "إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها". قال النجم: وهذا الأخير عند أحمد ومسلم وأبي داود بلفظ "ثم ينشر سرها". وفي لفظ: "إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه"، وتقدم حديث "إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة"، والله أعلم. 2270- "ما ملأ ابن آدم وعاء شرًا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه؛ فإن لم يفعل؛ فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس " 2. رواه الترمذي وقال: حسن من حديث المقدام بن معدي كرب. وفي لفظ له عقب "صلبه": " وإن كان لا محالة؛ فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه". هذا ما في "الإحياء" وتخريجه للعراقي في موضعين. ورواه السيوطي في "الجامع الكبير" عن ابن المبارك، وأحمد والترمذي وابن ماجه وابن سعد وابن جرير والطبراني والبيهقي عن المقدام بن معدي كرب أيضًا بلفظ: "ما ملأ آدمي وعاء شرًا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه؛ فإن كان لا محالة؛ فثلث لطعامه وثلث لشرابه، وثلث لنفسه"، ورواه أيضًا فيه عن ابن حبان والبيهقي عن المقدام

_ 1 حسن، رقم "6678"، وبزيادة جابر، ضعيف: رقم "5926". 2 لفظ البيهقي عن المقدام بن معدي كرب، صحيح: رقم "5674".

-أيضا- بلفظ: "ما ملأ آدم من وعاء شرًا من بطن، حسبك يا ابن آدم لقيمات يقمن صلبك؛ فإن كان لا بد؛ فثلث طعام وثلث شراب وثلث نفس". 2271- "ما يوضع في الميزان يوم القيامة أفضل من حسن الخلق، وإن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم" 1. رواه الطبراني عن أبي الدرداء، ورواه أبو داود والترمذي وقال: غريب. وقال في بعض طرقه: حسن صحيح بلفظ: "ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق" وفي لفظ صححه: "أثقل ما يوضع في الميزان حسن الخلق". وعند أحمد عن عبد الله بن عمر: "إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصائم بحسن خلقه وكرمه"، وعن أبي هريرة: "إن المسلم ليدرك درجة الظمآن في الهواجر بحسن خلقه"، وعن أنس: "إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجات الآخرة وشرف المنازل، وإنه لضعيف العبادة، وإن العبد ليبلغ بسوء خلقه أسفل درك جهنم، وإنه لقوي العبادة". 2272- "المجاهد من جاهد نفسه في ذات الله" 2. رواه أحمد والطبراني والقضاعي عن فضالة بن عبيد مرفوعًا، وفي الباب عن جابر وعقبة بن عامر. 2273- المحبة مكبة. قال في "التمييز" كالمقاصد: هو معنى "حبك الشيء يعمي ويصم"، وأقول تقدم ما فيه. ومكبة -بضم الميم وكسر الكاف وتشديد الموحدة- أي: تكب الإنسان وتوقعه في المهالك، وقال النجم: مكبة أي: تستر العيوب. وليس بحديث. انتهى. وعليه فمكبة بفتح الميم والكاف. فتأمل. 2274- محبة في الآباء صلة في الأبناء. قال في "المقاصد": لم أقف عليه؛ ولكن في معناه: "إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه"، ونحوه: "الود والعداوة يتوارثان"، وسيأتي.

_ 1 بنحوه صحيح "5721". 2 صحيح: رقم "6679" بدون لفظة "ذات".

2275- المحسود مرزوق. قال في "التمييز": كذا ترجمه شيخنا، ولم يتكلم عليه، قلت: ليس هو بحديث. انتهى. وسبقه في "اللآلئ"، وقال ابن الغرس: لا يعرف، وقال النجم: ليس بحديث. 2276- مداد العلماء أفضل من دم الشهداء. رواه المنجنيقي في "رواية الكبار عن الصغار" له عن الحسن البصري، وقال الزركشي نقلًا عن الخطيب: موضوع، وقال: إنه من كلام الحسن. ورواه ابن عبد البر عن أبي داود رفعه بلفظ: "يوزن يوم القيامة مداد العلماء بدم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء"، وللخطيب في "تاريخه" عن ابن عمر مرفوعًا: "وزن حبر العلماء بدم الشهداء فرجح عليهم"، وفي سنده محمد بن جعفر متهم بالوضع، ومن ثم قال الخطيب: موضوع، ورواه الديلمي عن نافع بلفظ: "يوزن حبر العلماء ودم الشهداء فيرجح ثواب حبر العلماء على ثواب دم الشهداء" وما أحسن ما قيل في ذلك: يا طالبي علم النبي محمد ... ما أنتم وسواكم بسواء فمداد ما تجري به أقلامكم ... أزكى وأرجح من دم الشهداء 2277- مداراة الناس صدقة1. رواه الطبراني وأبو نعيم وابن السني وابن حبان عن جابر، وصححه ابن حبان وتقدم في "رأس العقل" وغيره، قال في "اللآلئ" بعد أن عزاه لابن حبان عن جابر: "المداراة التي يكون صدقة للمداري هي تخلقه بالأشياء المستحسنة، مع من يدفع إلى عشرته ما لم يشنها بمعصية الله تعالى، والمداهنة هي استعمال المرء للخصال التي تستحسن منه في العشرة، وقد يشوبها بما يكره الله". انتهى. 2278- "مدمن خمر كعابد وثن" 2. رواه أحمد عن ابن عباس، والحاكم عن ابن عمر رفعاه. والله أعلم.

_ 1 ضعيف: رقم "5259". 2 بنحوه. عن أبي هريرة صحيح: رقم "5861".

2279- المرء بسعده لا بأبيه وجده1. وفي لفظ: "ولا بجده"، وزاد بعضهم: "ولا بكده" قال في "التمييز": ليس بحديث، وهو بمعنى حديث: "من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه"، وبمعنى قوله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وحديث: "إن الله أذهب عنكم عيبة الجاهلية وفخرها بالآباء". 2280- المرء محمول على نيته. ليس بحديث، وهو في معنى "إنما الأعمال بالنيات". 2281- "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" 2. رواه أبو داود والترمذي وحسنه، والبيهقي والقضاعي عن أبي هريرة رفعه، وتساهل ابن الجوزي فأورده في "الموضوعات"، ومن ثم خطأه الزركشي، وتبعه في "الدرر". وقال الحافظ في "اللآلئ": والقول ما قال الترمذي؛ يعني أن الحديث حسن. ورواه العسكري عن أنس رفعه بلفظ: "المرء على دين خليله، ولا خير في صحبة من لا يرى لك من الخير، أو من الحق مثل الذي ترى له". ورواه ابن عدي في كامله بسند ضعيف، وأورده جماعة؛ منهم البيهقي في شعبه بلفظ: "من يخال" -بلام مشددة- وفي معناه قول الشاعر: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي فإن كان ذا شر فجنبه سرعة ... وإن كان ذا خير فقارنه تهتدي إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم ... ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي وأطال في "الشعب" من ذكر الآثار التي في معناه، وروى الليث عن مجاهد أنه قال: "كانوا يقولون: لا خير لك في صحبة من لا يرى لك من الحق مثل ما ترى له". ولأبي نعيم عن سهل بن سعد رفعه: "ولا تصحبن أحدًا لا يرى لك من الفضل كما ترى له"، وشاهده ما ثبت في الأثر: بأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه. قال الشاعر:

_ 1 ليس بحديث: كما في التمييز "1248". 2 ضعيف، كما في تخريج المشكاة "5019".

إن الكريم الذي تبقى مودته ... مقيمة إن صوفي وإن صرما ليس الكريم الذي إن زل صاحبه ... أفشى وقال عليه كل ما كتما وأنشد العسكري لأبي العباس الدغولي: إذا كنت تأتي المرء تعرف حقه ... ويجهل منك الحق فالصرم أوسع ففي الناس أبدال وفي الأرض مذهب ... وفي الناس عمن لا يواتيك مقنع وإن امرأ يرضى الهوان لنفسه ... حقيق بجذع الأنف والجذع أشنع 2282- المرء كثير بأخيه1. رواه الديلمي والقضاعي عن أنس رفعه، ورواه العسكري عن سهل بن سعد رفعه وزاد فيه يقول: "يكسوه ويحمله ويرفده"، وقال في "المقاصد": قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- حين عزي بجعفر بن أبي طالب لما قتل في غزوة مؤتة، كما في "دلائل النبوة" وغيرها. ثم قال: والمراد أن الرجل وإن كان قليلًا في نفسه منفردًا؛ فإنه يكثر بأخيه إذا ظافره على الأمر وساعده عليه؛ فإنه وإن كان قليلًا حين انفراده؛ فهو كثير باجتماعه مع أخيه. وهو مثل قوله: "الاثنان فما فوقهما جماعة". انتهى ملخصًا. 2283- مرحبًا بالقائلين عدلًا وبالصلاة مرحبًا وأهلًا. قال النجم: يقال عند الأذان. وذكره الطبراني في "الكبير" عن قتادة: "أن عثمان كان إذا جاءه من يؤذنه بالصلاة قال ذلك"؛ لكن قتادة لم يسمع من عثمان. انتهى. 2284- "المرء مع من أحب". متفق عليه عن أنس وأبي موسى وابن مسعود رفعوه. ورواه الترمذي عن أنس وزاد: "وله ما اكتسب". وسببه لما قال صفوان بن قدامة: "هاجرت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت يا رسول الله: إني أحبك، فقال: "المرء مع من أحب ". وقد أفرد بعض الحفاظ طرقه في جزء. وفي لفظ: "قال رجل: يا رسول الله متى قيام الساعة؟ فقال: "إنها قائمة، فما أعددت لها؟ " قال ما أعددت لها من كثير؛ إلا أني أحب الله ورسوله، قال: "فأنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت"، قال فما فرح المسلمون بشيء بعد الإسلام ما فرحوا به".

_ 1 ضعيف: رقم "5934".

وفي لفظ آخر عن أبي أمامة: "يابن آدم لك ما نويت، وعليك ما اكتسبت، ولك ما احتسبت، وأنت مع من أحببت ". وفي آخر عن أبي قرصافة: "من أحب قومًا ووالاهم حشره الله فيهم". وفي آخر عن جابر: "من أحب قومًا على أعمالهم؛ حشر معهم يوم القيامة"، وفي لفظ: "حشر في زمرتهم". وفي سنده أبو يحيى التيمي ضعيف، وهذا الحديث كما قال بعض العلماء مشروط بشرط، وعنى عليه الصلاة والسلام: أنه إذا أحبهم عمل بمثل أعمالهم. ومن ثم قال الحسن البصري كما رواه عنه العسكري: لا تغتر يابن آدم بقوله: "أنت مع من أحببت"؛ فإنه من أحب قومًا تبع آثارهم، وأعلم أنك لا تلحق بالأخيار حتى تتبع آثارهم، وحتى تأخذ بهديهم، وتقتدي بسننهم، وتصبح وتمسي على منهاجهم حرصًا على أن تكون منهم. وما أحسن ما قيل: تعصي الإله وأنت تظهر حبه ... هذا لعمري في القياس بديع لو كان حبك صادقا لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع لكن قد يدل للعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- "المرء مع من أحب لمن قال له: المرء يحب القوم ولما يلحق بهم". "وسأل رجل من أهل بغداد أبا عثمان الواعظ متى يكون الرجل صادقًا في حب مولاه؟ فقال: إذا خلا من خلافه كان صادقًا في حبه، قال: فوضع الرجل التراب على رأسه وصاح وقال: كيف ادعي حبه ولم أخل طرفة عين من خلافه، قال: فبكى أبو عثمان وأهل المجلس وصار أبو عثمان يقول في بكائه: صادق في حبه مقصر في حقه". أورده البيهقي. 2285- "المرض ينزل جملة واحدة والبرء ينزل قليلًا قليلًا" 1. رواه الحاكم في تاريخه، والخطيب في المتفق والديلمي عن عائشة مرفوعًا. وعزاه الديلمي أيضًا لأبي الدرداء، والحديث كما قال الخطيب: باطل، لم يثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوجه من الوجوه، ولا عن أحد من الصحابة؛ وإنما هو من قول عروة بن الزبير بلفظ: "المرض يدخل جملة والبرء يبعض". انتهى.

_ 1 الصحيح وقفه على عروة بن الزبير.

2286- "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" 1. رواه أبو داود والحاكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وأخرجه البزار عن أبي رافع قال: "وجدنا صحيفة في قراب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته فيها مكتوب: "بسم الله الرحمن الرحيم، وفرقوا بين مضاجع الغلمان والجواري، والأخوة والأخوات بسبع سنين، واضربوا أبناءكم على الصلاة إذا بلغوا" - أظنه تسع سنين". ورواه أبو نعيم في "المعرفة" عن عبد الله بن مالك الخثعمي بسند ضعيف، ورواه الطبراني عن أنس بلفظ: "مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لثلاث عشرة"؛ لكن في الإسناد داود بن المحبر متروك، وهو في نسخة سمعان بن المهدي عن أنس بلفظ: "مرو الصبيان بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين". 2287- المريض أنينه تسبيح، وصياحه تكبير، ونفسه صدقة، ونومه عبادة، وتقلبه من جنب إلى جنب جهاد في سبيل الله. قال الحافظ ابن حجر ليس بثابت؛ لكن ذكر في "المقاصد" من رواية البيهقي عن سفيان الثوري أنه قال: "ما أصاب إبليس من أيوب عليه الصلاة والسلام - في مرضه إلا الأنين". وفي ثاني "المجالسة" للدينوري عن وهب بن منبه: "أن زكريا - عليه الصلاة والسلام- هرب فدخل جوف شجرة فوضع المنشار على الشجر وقطع بنصفين؛ فلما وقع المنشار على ظهره أنّ فأوحى الله يا زكريا: أما أن تكف عن أنينك، أو أقلب الأرض ومن عليها قال: فسكت حتى قطع بنصفين". وفي ثاني "المجالسة" أيضًا: "أن عبد الله بن أحمد قال: لما مرض أبي واشتد مرضه ما أنّ، فقيل له في ذلك، فقال: بلغني عن طاووس أنه قال: أنين المريض شكوى الله عز وجل". قال عبد الله: فما أنّ حتى مات. وأسند ابن الجوزي عن صالح بن الإمام نحوه، وأنه لم يأنّ إلا في ليلة موته.

_ 1 حسن: رقم "5868".

وروى البيهقي: "أن الفضيل بن عياض دخل على ابنه وهو مريض فقال: يا بني إن الله أمرضك؛ فما تئن، قال: فصاح ابنه صيحة وغشي عليه. قال الفضيل: فقلت: ابني ابني، قال: فما أن حتى فارق الدنيا". ودخل ذو النون المصري على مريض يعوده فرآه يئن فقال له ذو النون: "ليس بصادق في حبه من لم يصبر على ضربه، فقال المريض: لا ولا صدق في حبه من لم يلتذ بضربه". وكان بعض السلف يجعل مكان الأنين ذكر الله والاستغفار والتعبد. 2288- المريض لا يعاد حتى يمرض ثلاثة أيام. قال النجم: لا يعرف وتقدم في "عيادة المريض". والله أعلم. 2289- المسافر على قلت إلا ما وقى الله1. في شرح ابن جحر والرملي عند قول المنهاج في الوديعة: "ولو سافر بها ضمن؛ لأن حرز السفر دون حرز الحضر"، ومن ثم جاء عن بعض السلف: "المسافر وماله على قلت -بفتح القاف واللام هلاك- إلا ما وقى الله"، ووهم من رواه حديثًا، كذا نقل عن المصنف وممن رواه حديثًا الديلمي وابن الأثير. وسندهما ضعيف، لا موضوع. انتهى. ومر في "لو علم الناس بأبسط". 2290- "المستبان ما قالا فعلى البادئ حتى يعتدي المظلوم". رواه مسلم والترمذي عن أبي هريرة رفعه، وفي الباب عن أنس وسعد وابن مسعود وغيرهم: "والمستبان -بضم الميم وسكون السين- فمثناة فوقية مفتوحة فموحدة مشددة. 2291- "المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان" 2. رواه أحمد والبخاري في "الأدب"، عن عياض بن حمار -بلفظ الحيوان المعروف- قال عياض: "قلت يا رسول الله رجل من قومي يسبني وهو دوني، علي بأس أن أنتصر منه؟.." فذكره. قال الزين العراقي: وإسناده صحيح، ويتهاتران بفوقيتين بينهما هاء وألف من الهتر وهو الباطل من القول.

_ 1 سبق في معناه انظر حديث "2104". 2 صحيح: رقم "6696".

2292- "مستريح ومستراح منه". متفق عليه عن أبي قتادة رفعه؛ قاله صلى الله عليه وسلم عن جنازة مر بها عليه، ورواه غير واحد فيه: "المؤمن مستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله تعالى، والفاجر تستريح منه البلاد والعباد والشجر والدواب". وأخرج العسكري عن حذيفة: "إن بعدي فتنة الراقد فيها خير من اليقظان" الحديث، وفيه: "فإن أدركتها فألزق نطاقك بالأرض؛ حتى يستريح بر، وتستريح من فاجر". وأخرج ابن أبي الدنيا بلفظ: "قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن فلانًا قد مات فقال: "مستريح ومستراح منه". 2293- المستحق محروم. موضوع؛ كما قاله الصغاني. 2294- "المستشار مؤتمن" 1. رواه أحمد عن ابن مسعود رفعه، الحديث، وفيه: "وهو بالخيار إن شاء تكلم وإن شاء سكت؛ فإن تكلم؛ فليجهد رأيه". ورواه القضاعي عن سمرة، وزاد: فإن شاء أشار، وإن شاء سكت؛ فإن أشار؛ فليشر بما لو نزل به فعله". وأخرجه العسكري عن عائشة بلفظ: "إن المشير معان والمستشار مؤتمن؛ فإن استشير أحدكم فليشر بما هو صانع لنفسه". وفي الباب عن جابر بن سمرة وابن عباس وأبي هريرة، ورواه أصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة رفعه. وقال الترمذي: حسن غريب، واشتهر على الألسنة: "المستشار لا يكون خوانًا". 2295- "المسجد بيت كل تقي" 2. رواه الطبراني والقضاعي، عن محمد بن واسع أنه قال: "كتب أبو الدرداء إلى سليمان: أما بعد يا أخي، فاغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطيع أحد

_ 1 صحيح: رقم "6700" وله زيادات ضعيفة، انظر ضعيف الجامع "5942"، "5943". 2 حسن، انظر الصحيحة "716".

من الناس رده، ويا أخي اغتنم دعوة المؤمن المبتلى، ويا أخي وليكن المسجد بيتك؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "المسجد بيت كل تقي". وله شواهد: منها ما رواه أبو نعيم عن أبي إدريس الخولاني -واسمه عائذ الله- من قوله: "المساجد مجالس الكرام" ورواه البخاري في "الأدب" عن أنس بلفظه وزاد: "وقد ضمن الله لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والراحة والجواز على الصراط"، وتقدم في "إذا رأيتم الرجل يتعهد المساجد" والحديث؛ وإن كان ضعيفًا؛ فله شواهد تجبره. 2296- مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما عند سماع قول المؤذن "أشهد أن محمدًا رسول الله" مع قوله أشهد أن محمد عبده ورسوله، رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا ومحمد صلى الله عليه وسلم - نبيًا1. رواه الديلمي عن أبي بكر: "أنه لما سمع قول المؤذن "أشهد أن محمدًا رسول الله؛ قاله، وقبل باطن الأنملتين السبابتين ومسح عينيه فقال -صلى الله عليه وسلم- من فعل فعل خليلي؛ فقد حلت له شفاعتي". قال في "المقاصد": ولا يصح، وقال القاري: وإذا ثبت رفعه إلى الصديق فيكفي العمل به لقوله -عليه الصلاة والسلام- عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، وقيل لا يفعل، ولا ينهى. كذا لا يصح ما رواه أبو العباس ابن أبي بكر الرداد اليماني المتصوف في كتابه "موجبات الرحمة وعزائم المغفرة" بسند فيه مجاهيل مع انقطاعه عن الخضر -عليه الصلاة والسلام- "أنه قال: من قال حين يسمع المؤذن يقول: "أشهد أن محمدا رسول الله": مرحبا بحبيبي وقرة عيني محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- ثم يقبل إبهاميه ويجعلهما على عينيه؛ لم يعم ولم يرمد أبدًا". ثم روي بسند فيه من لم أعرفه عن الفقيه محمد السيابا؛ فيما حكى عن نفسه: "أنه هبت ريح فوقعت منه حصاة في عينه، وأعياه خروجها، وآلمته أشد الألم، وأنه لما سمع المؤذن يقول أشهد أن محمدًا رسول الله؛ قال ذلك فخرجت الحصاة من فوره". قال الرداد: هذا يسير في جنب فضائل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

_ 1 قال السخاوي في "المقاصد": "لا يصح". وقال ابن الديبع: "أورده الشيخ أحمد الرداد في كتابه "موجبات الرحمة" بسند فيه مجاهيل مع انقطاعه عن الخضر، وكل ما يروى من هذا، فلا يصح رفعه البتة". انظر التمييز "1262".

وحكى الشمس محمد صالح المدني إمامها وخطيبها في تاريخه عن المجد -أحد القدماء من المصريين-: أنه سمعه يقول: "من صلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سمع ذكره في الأذان، وجمع أصبعيه المسبحة والإبهام وقبلهما ومسح بهما عينيه؛ لم يرمد أبدًا"، ثم قال ابن صالح المذكور: وسمعت ذلك أيضًا من الفقيه محمد بن الزرندي، عن بعض شيوخ العراق أو العجم، وأنه يقول عند ما يمسح عينيه: "صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله يا حبيب قلبي ويا نور بصري، ويا قرة عيني"، وقال لي كل منهما: منذ فعلته لم ترمد عيني، قال ابن صالح: وأنا ولله الحمد والشكر منذ سمعته منهما استعملته فلم ترمد عيني، وأرجو أن عافيتهما تدوم، وإني أسلم من العمى إن شاء الله تعالى1. قال وروي عن الفقيه أبي الحسن علي بن محمد: "من قال: حين يسمع المؤذن يقول "أشهد أن محمدًا رسول الله" مرحبًا بحبيبي وقرة عيني محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- ويقبل إبهاميه ويجهلهما على عينيه؛ لم يعم ولم يرمد". ونقل عن الطاووسي أنه سمع من محمد بن أبي نصر البخاري حديثًا: "من قبل عند سماعه من المؤذن كلمة الشهادة ظفري إبهاميه ومسحهما على عينيه، وقال عند المسح: "اللهم احفظ حدقتي ونورهما ببركة حدقتي محمد -صلى الله عليه وسلم- ونورهما؛ لم يعم"، ولم يصح في المرفوع من كل هذا شيء. 2297- مسح الوجه باليدين عند تمام الدعاء2. قال النجم: رواه أبو داود عن ابن أبي بريدة: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دعا رفع يديه ومسح وجهه بيديه". والترمذي عن ابن عمر: "أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه". والطبراني في "الكبير" عنه: "أن الله حي كريم يستحي أن يرفع العبد يديه فيردهما صفرًا لا خير فيهما؛ فإذا رفع أحدكم يديه فليقل: يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت، يا أرحم الراحمين -ثلاث مرات- ثم إذا رد يديه فليفرغ الخير على وجهه"، وله في الدعاء عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث معضلًا: "إذا دعا أحدكم فرفع يديه؛ فإن الله جاعل في يديه بركة ورحمة؛ فلا يردهما حتى يمسح بهما وجهه".

_ 1 سبق أنا بينا مرارًا أن الدين لا يؤخذ بالتجارب ولا بآراء الرجال. 2 ضعيف، انظر الإرواء "433"، ولم يصح في الباب شيء.

2298- مسح الوجه باليدين عند قراءة "قل هو الله أحد". قال النجم: رواه ابن أبي شيبة والستة عن عائشة -رضي الله عنها-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما يقرأ فيهما "قل هو الله أحد" و"قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس" ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده؛ يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات". ورواه الشيخان وأبو داود عنها أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح عليه بيده. 2299- مس اللحية عند الهم والغم1. رواه ابن السني وأبو نعيم عن عائشة وعن أبي هريرة: "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا اهتم أكثر من مس لحيته". ورواه البزار بسند فيه رشيد بن سعد مختلف فيه، وقد وثق عن أبي هريرة وحده بهذا اللفظ، وأخرجه الشيرازي في الألقاب عنه بلفظ: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا اغتم أخذ لحيته بيده ينظر فيها". 2300- مسح الرقبة أمان من الغل. قال النووي في شرح المهذب: موضوع، وقال الشربيني: وأما أثر ابن عمر: "من توضأ ومسح عنقه وقى الغل يوم القيامة"؛ فغير معروف. وقال القاري: لكن روى أبو عبيد عن موسى بن طلحة: "أنه قال من مسح قفاه مع رأسه وقي من الغل". وهو موقوف؛ لكنه في حكم المرفوع؛ إذ لا يقال بالرأي. ويقويه ما رواه في مسند الفردوس عن ابن عمر مرفوعًا بسند ضعيف بلفظ: "من توضأ ومسح يديه على عنقه؛ أمن من الغل يوم القيامة، ولذا قال أئمتنا: مسح الرقبة مستحب أو سنة2. انتهى. وأقول: أما مذهب الشافعية؛ فلا يستحب على الراجح، كما صوبه النووي ونقله عن الأكثرين خلافًا للرافعي؛ تبعًا للغزالي وآخرين؛ فإنهم قالوا بسنية ذلك.

_ 1 ضعيف، بنحوه في الضعيفة "707". 2 لا يصح شيء في مسح الرقبة، ومن ثم فلا سنية فيه، بل هو بدعة.

2301- "المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودًا في فرية" 1. أورده الديلمي عن ابن عمرو بلا سند مرفوعًا، وابن أبي شيبة بسند إلى ابن عمرو، ويروى عن عمر من قوله. وأخرج الدارقطني عن أبي المليح قال: "كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى: أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم، وآس بين الناس في مجلسك، والفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة"، واعرف الأشباه والأمثال" إلى أن قال: "المسلمون عدول بعضهم على بعض؛ إلا مجلودًا في حد أو مجروحًا في شهادة زور، أو ظنينًا في ولاء أو قرابة، إن الله تعالى تولى عنكم السرائر، ودفع عنكم بالبينات". ورواه البيهقي وضعفه عن أبي هريرة بلفظ: "لا تقبل شهادة أهل دين على غير دين أهليهم؛ إلا المسلمون؛ فإنهم عدول على أنفسهم وعلى غيرهم". 2302- "المسلمون على شروطهم والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا" 2. رواه أبو داود وأحمد والدارقطني عن أبي هريرة رفعه، وصححه الحاكم وله شاهد عند ابن راهويه. ورواه الدارقطني أيضًا، والحاكم عن عمرو بن عوف المزني مرفوعًا بلفظ: "المسلمون عند شروطهم؛ إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا". ورواه الحاكم عن أنس والطبراني عن رافع بن خديج، والبزار عن ابن عمر، وقال عطاء: كما أخرجه ابن أبي شيبة: "بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن المؤمنون عند شروطهم". قال في "المقاصد" وكلها فيها المقال، وأمثلها أولها، وقد علقه البخاري جازمًا به في الإجارة؛ فقال، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- "المسلمون عند شروطهم" وذكره في تخريج الرافعي في المصراة. والرد بالعيب، والله أعلم.

_ 1 الصحيح أنه من قول عمر، كما في سنن الدارقطني "207/ 4". 2 أوله صحيح: رقم "6714".

2303- "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه" -وفي رواية- "ولا يسلمه". الحديث. وفيه: "ومن كان في حاجة أخيه؛ كان الله في حاجته". متفق عليه، عن ابن عمر رفعه. رواه أبو يعلى عن أبي هريرة بزيادة "ولا يحقره، حسب المسلم من الشر أن يحقر أخاه المسلم"، ورواه الثعلبي عن أبي هريرة بلفظ: "المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يعيبه، ولا يتطاول عليه في البنيان، فيستر عليه الريح إلا بإذنه، ولا يؤذيه ولا يقتار قدره، إلا أن يغرف له منها، ولا يشتري لبنيه الفاكهة فيخرجون بها إلى صبيان جاره ثم لا يطعمونهم منها"، وإسناده ضعيف، ورواه مسلم والطبراني عن عقبة بن عامر مقتصرًا على: "المسلم أخو المسلم" وزاد "فلا يحل لمسلم باع من أخيه بيعًا يعلم فيه عيبًا؛ إلا بينه". ورواه أبو داود عن عمر بن الأحوص كذلك بدون الزيادة؛ إلا أنه زاد "فليس يحل لمسلم من مال أخيه شيء؛ إلا ما أحل له من نفسه"، وعن قيلة بنت مخرمة بلفظ: "المسلم أخو المسلم، يسعهما الماء والشجر، ويتعاونان على الفتات". ورواه الديلمي بلا سند عن علي بن شيبان بلفظ: "المسلم أخو المسلم إذا لقيه حياه بالسلام". 2304- "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما حرم الله"، وفي رواية " والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه". متفق عليه عن ابن عمرو مرفوعًا ورواه مسلم عن جابر. وفي الباب عن أنس بزيادة: "والمؤمن من أمنه الناس"، وعن بلال ومعاذ وأبي هريرة وآخرين، ورواه أحمد والترمذي والنسائي والحاكم عن أبي هريرة بلفظ: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم". والمشهور على الألسنة روايته بتقديم "يده" على "لسانه"، ولم أره كذلك. فراجعه. ثم رأيت الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- ذكره في "فتح الباري" من كتاب "الأدب" في باب "البر والصلة" من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى والمذكور باللفظ المشهور فاعرفه.

2305- المؤمنون لهم آثار. لم أقف عليه. 2306- المصائب مفاتيح الأرزاق - وفي لفظ الرزق. قال القاري: ترجمه السخاوي، ولم يتكلم عليه. قلت: وهو يحتمل احتمالين: أحدهما أنه يجبره في مصيبته، ويعوضه خيرًا منها، كما يشير إليه حديث: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها". وثانيهما: ما اشتهر من قولهم: "مصائب قوم عند قوم فوائد"، ومن اللطائف "موت الحمير عرس الكلاب". انتهى. وقال في "التمييز": لم يرد مرفوعًا بهذا اللفظ. وقال النجم: لا أعرفه حديثًا. انتهى. وأقول مثله ما أخذ منك؛ إلا ليعطيك؛ فراجعه. 2307- مصر أطيب الأرضين ترابًا وعجمها أكرم العجم أنسابًا. قال الحافظ ابن حجر: لا أعرفه مرفوعًا؛ وإنما يذكر معناه عن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-. 2308- مصر بأفوالها1. من كلام بعضهم بمعنى قول بعض الصوفية: "ألسنة الخلق أعلام الحق -أو أقلام الحق- ". وبمعنى: "الفأل موكل بالمنطق". كذا في "المقاصد" وغيره. وقال النجم: مصر بأفوالها ليس بحديث، إلى آخر ما ذكر في "المقاصد"؛ لكنه مكتوب "بأقوالها" بالقاف؛ فلعله تحريف، أو يقال "أقوالها" بالقاف جمع قول، وعلى الفاء؛ فالظاهر أنه جمع فأل بالفاء من التفاؤل. ولكنه حينئذ لا يختص بمصر. ويحتمل أنه جمع فول -أحد ما يقتات- وحينئذ يكون المعنى: حياة مصر بخروج فولها لكثرة انتفاعهم به؛ لا سيما فقرائها. فليتأمل.

_ 1 ليس بحديث، انظر التمييز "1270".

2309- مصر كنانة الله في أرضه ما طلبها -وفي لفظ ما ظلمها- عدو إلا أهلكه الله1. قال في "المقاصد": لم أره بهذا اللفظ. ولكن عند أبي محمد الحسن بن زولاق في "فضائل مصر" له بلفظ: "مصر خزائن الأرض كلها؛ فمن أرادها بسوء قصمه الله تعالى". وعزاه في "الخطط" لبعض الكتب الإلهية، وكذا روي عن كعب الأحبار: "مصر بلد معفاة من الفتن من أرادها بسوء؛ كبه الله على وجهه". ولابن يوسف وغيره عن أبي موسى الأشعري: "أهل مصر الجند الضعيف، ما كادهم أحد؛ إلا كفاهم الله مؤونته". قال تبيع بن عامر الكلاعي: فأخبرت بذلك معاذ بن جبل فأخبرني بذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقد ورد لفظ "الكنانة" في شأن الشام أيضًا؛ كما أخرجه ابن عساكر عن عون بن عبد الله بن عتبة أنه قال: "قرأت فيما أنزل الله تعالى على بعض الأنبياء: إن الله تعالى يقول الشام كنانتي فإذا غضبت على قوم رميتهم منها بسهم". وعن عمرو بن العاص: "حدثني عمر أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا فتح الله عليكم مصر بعدي فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض"، قال أبو بكر: ولم ذاك يا رسول الله، قال: "إنهم في رباط إلى يوم القيامة". وعن عمر بن الحمق قال مرفوعًا: "تكون فتنة أسلم الناس -أو خير الناس- فيها الجند الغربي؛ فلذلك قدمت عليكم مصر". وعن أبي بصرة الغفاري أنه قال: "مصر خزائن الأرض كلها، وسلطانها سلطان الأرض كلها، ألا ترى إلى قول يوسف {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ} [يوسف: 55] ففعل فأغيث بمصر وخزائنها يومئذ كل حاضر وباد من جميع الأرض"، إلى غير ذلك مما أودعه ابن عساكر في مقدمة تاريخه. وقال في "اللآلئ": وأما مصر خزائن الله في أرضه والجيزة روضة من رياض الجنة؛ فكذب.

_ 1 لا أصل له، وانظر الضعيفة "888".

وورد بلفظ: " من أحب المكاسب؛ فعليه بمصر" الحديث. ورواه ابن عساكر عن ابن عمرو بلفظ: "من أعيته المكاسب؛ فعليه بمصر وعليه بالجانب الغربي". وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رفعه: "إنكم ستفتحون أرضًا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرًا؛ فإن لهم ذمة ورحمًا". قال حرملة في رواية: يعني بالقيراط أن قبط مصر يسمون أعيادهم وكل مجمع لهم القيراط، يقولون نشهد القيراط. وفي الطبراني "وتاريخ مصر" لابن يونس، واللفظ له عن كعب بن مالك رفعه: "إذا دخلتم مصر؛ فاستوصوا بالأقباط خيرًا فإن لهم ذمة ورحمًا". ولابن يونس وحده عن عمرو بن العاص: "حدثني عمر أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله سيفتح عليكم بعدي مصر؛ فاستوصوا بقبطها خيرًا؛ فإن لهم منكم صهرًا وذمة"، وجاء عن ابن عيينة أنه قال: "من الناس من يقول هاجر أم إسماعيل كانت قبطية، ومنهم من يقول مارية أم إبراهيم بن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبطية". وروى الزهري: أن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب الأنصاري حدثه: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرًا فإن لهم ذمة ورحمًا"؛ قال الزهري: الرحم باعتبار هاجر، والذمة باعتبار إبراهيم، ويحتمل أن يراد بالذمة العهد الذي أخذوه أيام عمر؛ فإن مصر فتحت زمنه صلحًا، وفي الحديث علم من أعلام نبوته -صلى الله عليه وسلم. 2310- مصر أم الدنيا. قال النجم: لا أصل له؛ ولكنه في معنى مصر خزائن الأرض كلها. انتهى. وأقول: مقتضاه أن مصر خزائن الأرض كلها ثابت، وليس كذلك؛ فقد قال السيوطي في "الدرر المنتثرة": قلت في كتاب "الخطط": "يقال أن في بعض الكتب الإلهية مصر خزائن الأرض كلها، من أرادها بسوء قصمه الله". انتهى. 2311- مصر ما تبعد عن حبيب - وفي لفظ مصر ما تبعد على عاشق أو حبيب1. تقدم في "ما تبعد مصر".

_ 1 سبق معناه برقم "2196".

2312- مصوا الماء مصًا ولا تعبوا عبًا1. رواه البيهقي عن أنس، وله هو وابن السني عن عائشة مثله بزيادة "فإن الكباد2 من العب"، ولابن السني وأبي نعيم -كلاهما- في الطب عن أبي هريرة: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستاك عرضًا ويشرب مصًا ويتنفس ثلاثًا أي خارج الإناء، ويقول: هو أهنأ وأمرأ". 2313- المضمضة والاستنشاق ثلاثًا فريضة للجنب. قال القاري: موضوع مبناه، وإن كان صحيحًا عندنا معناه. انتهى. 2314- مصارعته عليه الصلاة والسلام لأبي جهل. قال القاري نقلًا عن حاشية "الشفا" للبرهان الحلبي: لا أصل له. 2315- "مطل الغني ظلم". متفق عليه عن أبي هريرة وفي لفظ لبعضهم عنه: "المطل ظلم الغني"، ورواه القضاعي عن عمران بن حصين بزيادة "في آخرين"؛ قاله في "المقاصد". 2316- المطيع لوالديه هو المطيع لرب العالمين في أعلى عليين. رواه أبو بكر بن لال عن أنس رفعه. 2317- المعاصي بريد الكفر. أي تجر إليه، لم أر من ذكره غير أن ابن حجر المكي في "شرح الأربعين" قال: أظنه من قول السلف، وقيل: إنه حديث، وهو معنى ما قيل: "الصغيرة تجر لكبيرة وهي تجر للكفر"، وهو معنى بريد الكفر فافهم3. 2318- المعاصي تزيل النعم. قال في "المقاصد": لم أقف عليه، قال في "التمييز": يعني مرفوعًا؛ وإلا فهو كلام بعض السلف، وما أحسن ما قيل: إذا كنت في نعمة فارعها ... فإن المعاصي تزيل النعم

_ 1 ضعيف: رقم "5266". 2 الكباد بالضم: وجع الكبد. كما في النهاية. 3 قال الإمام ابن القيم في الجواب الكافي: قال بعض السلف: المعاصي يريد الكفر. ص74.

ودوام عليها بذكر الإله ... فإن الإله سريع النقم ويؤيده قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] وقوله تعالى {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112] . قال القاري: المحدث لا يسأل إلا عن اللفظ؛ وإلا فقلما يوجد حديث ذكروا أنه لا أصل له أو موضوع إلا وهو له معنى في الكتاب. 2319- معترك المنايا1. تقدم في "أعمار أمتي". 2320- المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء. قال في "المقاصد": لا يصلح رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بل هو من كلام الحرث بن كلدة طبيب العرب أو غيره. نعم، روى ابن أبي الدنيا في الصمت عن وهب بن منبه قال: "اجتمعت الأطباء على أن رأس الطب الحمية، وأجمعت الحكماء على أن رأس الحكمة الصمت". وللخلال عن عائشة: "الأزمة دواء"، وفي لفظ "الأزم"، وهو بفتح الهمزة وسكون الزاي: الحمية، وتتمته: "والمعدة داء، وعودوا بدنا ما اعتاد". وأورد في "الإحياء" من المرفوع: "البطنة أصل الداء، والحمية أصل الدواء، وعودوا كل بدن ما اعتاد". قال مخرجه: لم أجد له أصلًا. وللطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة مرفوعًا: "المعدة حوض البدن والعروق إليها واردة؛ فإذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحة، وإذا فسدت المعدة صدرت العروق بالسقم". وذكره الدارقطني في "العلل"، وقال: اختلف فيه على الزهري، ثم قال: لا يصح ولا يعرف من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ وإنما هو من كلام عبد الملك بن سعيد بن الحارث.

_ 1 سبق في حديث: "423".

ومثله في "اللآلئ"، وزاد: ولم يرو هذا مسندًا، عن إبراهيم بن جريج، وكان طبيبًا؛ فجعل له إسنادًا، ولم يسند غير هذا الحديث. انتهى. وفي الكشاف: يحكي أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق فقال لعلي بن الحسين بن واقد: ليس في كتابكم من علم الطب شيء، والعلم علمان علم الأبدان وعلم الأديان؛ فقال له: قد جمع الله الطب في نصف آية من كتابه. قال: وما هي؟ قال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 141] فقال النصراني: ولا يؤثر عن رسولكم شيء في الطب، فقال: قد جمع رسولنا صلى الله عليه وسلم الطب في ألفاظ يسيرة. قال: وما هي؟ قال: قوله صلى الله عليه وسلم: "المعدة بيت الداء، والحمية رأس كل دواء، وأعط كل بدن ما عودته". فقال: ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طبًا. انتهى. واقتصر البيضاوي على قول الحسين: "قد جمع الله الطب في نصف آية من كتابه قوله {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 141] . قال الخفاجي: لأن في ثبوت هذا الحديث كلامًا للمحدثين. انتهى. فاعرفه. 2321- معلم الصبيان إذا لم يعدل بينهم كتب يوم القيامة مع الظلمة. قال القاري: هو من قول مكحول. 2322- المغبون لا محمود ولا مأجور1. رواه أبو يعلى عن الحسين، وللطبراني عن الحسن والخطيب، عن أبيهما. وقال المناوي: حسن. 2323- المغتاب والمستمع شريكان في الإثم2. ذكره الغزالي في "الإحياء" ولم يخرجه العراقي؛ لكن روى الطبراني من حديث ابن عمر مرفوعًا: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الغيبة وعن الاستماع إلى الغيبة". وورد أيضًا: "من اغتيب عنده أخوه المسلم، فلم ينصره وهو يستطيع نصره؛ أذله الله تعالى في الدنيا والآخرة".

_ 1 ضعيف: رقم "5955". 2 انظر تذكرة الموضوعات "170".

وفي التنزيل {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} [الحجرات: 12] 2324- مفتاح الجنة "لا إله إلا الله1". رواه أحمد عن معاذ رفعه. قال النجم: وفي لفظ "مفاتيح الجنة". وضعفوه؛ لكن عند البخاري عن وهب ما يشهد له. 2325- المقدر كائن2. سيأتي في "لا يكثر همك". وقال النجم: لا يعرف بهذا، وفي معناه ما يقدر يكن. 2326- المكتوب ما منه مهروب. هو من الأمثال. قال النجم: وفي معناه {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51] . 2327- "المكر والخديعة في النار" 3. رواه الديلمي عن أبي هريرة والقضاعي عن ابن مسعود رفعاه، زاد ابن مسعود: "ومن غشنا فليس منا". وفي الباب عن غيرهما، ونحوه ما أخرجه الترمذي: "ليس منا من ضار مسلمًا أو ماكره". وفي مراسيل أبي داود عن الحسن مرسلًا بلفظ: "المكر والخديعة والخيانة في النار". 2328- ملعون من زاد ولم يشتر. قال في "المقاصد": لا أعلمه في المرفوع. نعم ثبت في المرفوع النهي عن النجش وهو أن يزيد في ثمن شيء وهو لا يريد شراءه ولكن ليوقع غيره أو يمدحها لينفقها ويروجها. 2329- الملك والدين توأمان. قال الصغاني: موضوع.

_ 1 ضعيف: رقم "5269" بلفظ "مفاتيح الجنة شهادة". 2 سيأتي: انظر حديث "3130". 3 صحيح: رقم "6725".

2330- المقام بمكة سعادة والخروج منها شقاوة. قال القاري: لا أصل له في المرفوع. والله أعلم. 2331- "ملعون من أتى امرأة في دبرها" 1. رواه أبو داود عن أبي هريرة مرفوعًا، والنسائي -واللفظ له- ورجاله ثقات كما في "التمييز". وعزاه في "الجامع الصغير" لأحمد والترمذي عن أبي هريرة، وقال المناوي رحمه الله تعالى: وسنده صحيح ونوزع. ولفظ تخريج أحاديث "مسند الفردوس" لابن حجر: "ملعون من أتى امرأته في دبرها". رواه أبو داود وابن ماجه وأبو يعلى عن أبي هريرة. 2332- "ملعون من سب أباه، ملعون من سب أمه" 2. رواه أحمد عن ابن عباس بزيادة: "ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من غير تخوم الأرض، ملعون من كمه أعمى عن الطريق، ملعون من وقع على بهيمة، ملعون من عمل عمل قوم لوط". 2333- ملعون من انتسب لغير أبيه3. 2334- ملعون من حلف بالطلاق أو حلف به. 2335- ملعون من ضار مؤمنًا أو مكر به4. رواه الترمذي عن أبي هريرة عن أبي بكر الصديق، ورواه الترمذي أيضًا، وأبو نعيم عن أبي بكر بلفظ: "ملعون من ضار أخاه المسلم أو ماكره". 2336- ملعون من زاد ولم يشتر. قال النجم: لا يعرف بهذا اللفظ؛ لكن في الصحيحين والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر: "أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن النجش: وهو أن يزيد في السلعة لا لرغبة في شرائها لكن ليوقع غيره".

_ 1 صحيح: رقم "5889". 2 بعض حديث صحيح: رقم "5891". 3 بنحوه في المجمع "160/ 4"، وقال: "رواه البزار، وفيه ابن البيلماني وهو ضعيف"، قلت وأصله في الصحيح. 4 ضعيف: رقم "5280".

2337- ملعون ذو الوجهين. الديلمي في "مسند الفردوس" عن أبي هريرة -رضي الله تعالى- عنه بزيادة: "وذو اللسانين". 2338- المنافق يملك عينيه: يبكي بهما متى شاء1. رواه الديلمي وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن علي رفعه؛ لكنه ضعيف. ونحوه لابن عدي في كامله بسند ضعيف جدًا عن جابر رفعه: "أتدرون ما علامة المنافق؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: الذي يبكي بإحدى عينيه". قال مالك بن دينار: "قرأت في التوراة: إذا استكمل العبد النفاق ملك عينيه". وروى البيهقي في "الشعب" أن سفيان الثوري بكى يومًا ثم قال: "بلغني أن العبد أو الرجل إذا كمل نفاقه ملك عينيه فبكى". ولابن المبارك في الزهد عن شعيب الجبائي قال: "إذا كمل فجور الإنسان يملك عينيه؛ فمتى شاء أن يبكي بكى". انتهى. ومن ثم قيل: "دمع الفاجر حاضر". وقال الصلاح الصفدي: "رأيت من يبكي بإحدى عينيه ثم يقول لها: قفي؛ فيقف دمعها، ويقول للأخرى ابكي؛ فيجري دمعها". ورأيت آخر له محبوب، فإذا قال له محبوبه: ابك؛ يبكي، وإذا قال له -وهو في وسط البكاء-: اضحك يجمد دمعه. ورأيت من يبكي بإحدى عينيه. وروى ابن مردويه والطبراني في "المعجم الكبير" عن حذيفة رفعه: "بكاء المؤمن من قلبه وبكاء المنافق من هامته". وروي عن ابن عباس مرفوعًا: "بكاء العين، والعين من الله". 2339- المنبت لا أرض قطع ولا ظهرًا أبقى3. رواه البزار والحاكم في علومه، والبيهقي وابن طاهر وأبو نعيم والقضاعي والعسكري والخطابي في العزلة، عن جابر مرفوعًا بلفظ: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة الله؛ فإن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى"، واختلف في إرساله ووصله.

_ 1 ضعيف جدًا: رقم "5959". 2 في بعض النسخ المطبوعة: الجباني، وانظر الجرح والتعديل "353/ 4". 3 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "2020".

ورجح البخاري في تاريخه الإرسال. وأخرجه البيهقي أيضًا والعسكري عن عمرو بن العاص رفعه لكن بلفظ: "فإن المنبت لا سفرًا قطع، ولا ظهرًا أبقى"، وزاد: "فاعمل عمل امرئ يظن أن لن يموت أبدًا، واحذر حذرًا تخشى أن تموت غدًا"، وسنده ضعيف. وله شاهد عند العسكري عن علي رفعه: "إن دينكم دين متين فأوغل فيه برفق؛ فإن المنبت لا ظهرًا أبقى ولا أرضًا قطع"، وفي سنده الفرات بن السائب ضعيف، وهذا كالحديث الآخر الذي أخرجه البخاري وغيره، عن أبي هريرة: "إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا أغلبه". وروى أحمد عن أنس بلفظ: "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق"، وليس فيه الترجمة. وروى الخطابي في العزلة عن ابن عائشة قال: "ما أمر الله عباده بما أمر؛ إلا والشيطان فيه نزعتان؛ فإما إلى غلو وإما إلى تقصير؛ فبأيهما ظفر قنع"، وعن بعضهم: "كل طرفي القصد مذموم"، ولبعضهم: فسامح ولا تستوف حقك كله ... وأبق فلم يستوف قط كريم ولا تعد في شيء من الأمر واقتصد ... كلا طرفي قصد الأمور ذميم وقد أفرد السخاوي في الحديث جزءًا. 2340- من أدرك منكم زمانًا يطلب فيه الحاكة العلم؛ فليهرب. قيل: أليسوا من إخواننا؟ قال: هم الذين بالوا في الكعبة وسرقوا غزل مريم وعمامة يحيى، وسمكة عائشة من التنور. قال عثمان بن السماك: وجدته في كتاب أحمد بن محمد الصوفي بسنده عن علي -رضي الله تعالى عنه- رفعه؛ قال في الميزان: هذا الإسناد ظلمات ينبغي أن يغمز ابن السماك برواية وإن كان صادقًا، فهو من أسمج الكذب متنًا. 2341- "من آذى ذميًا فأنا خصمه" 1. رواه أبو داود عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن آبائهم، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ألا من ظلم معاهدًا أو تنقصه أو كلفة فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس؛ فأنا خصمه يوم القيامة".

_ 1 انظر الصحيحة "446".

قال في "المقاصد": وسنده لا بأس به، ولا يضر جهالة من لم يسم من أبناء الصحابة؛ فإنهم عدد منجبر به جهالتهم؛ ولذا سكت عليه أبو داود. وهو عند البيهقي في سننه من هذا الوجه، وقال عن ثلاثين من أبناء أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن آبائهم، وذكره بلفظ: "ألا من ظلم معاهدًا، أو تنقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه؛ فأنا حجيجه يوم القيامة"، وأشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأصبعه إلى صدره، "ألا ومن قتل معاهدًا له ذمة الله وذمة رسوله؛ حرم الله ريح الجنة عليه، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفًا". ثم قال: له شواهد بينتها في جزء أفردته لهذا الحديث: منها عن عمر بن سعد رفعه: "أنا خصم يوم القيامة لليتيم والمعاهد، ومن أخاصمه أخصمه". وقال النجم: من آذى ذميًا؛ فأنا خصمه، قلت: أخرجه الخطيب عن ابن مسعود به، وزاد فيه: ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة. وأقول: لكن قال الإمام أحمد: لا أصل له؛ إلا أن يحمل على أنه لا أصل له بلفظه المشهور على الألسنة؛ وهو: "من آذى ذميًا كنت خصمه يوم القيامة". فتدبر. 2342- من آذى جاره أورثه الله داره. كذا رأيته في كلام بعض من جمع في الحديث ممن لا يعرف؛ لكن بلفظ: "ورثه"، بتشديد الراء فلينظر حاله. ثم رأيت النجم قال: أورده في الكشاف؛ ولعله مثل سائر، وليس بحديث، ومأخذه في كتاب الله من قوله تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ، وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ} [إبراهيم: 13] . ومن أمثلة العوام: "اصبر على جارك المشؤوم: إما يموت وإما يرحل". انتهى. نعم ورد في أذى الجار ما رواه أبو الشيخ وأبو نعيم عن أنس بلفظ: "من آذى جاره؛ فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن حارب جاره فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله".

2343- "من أبطأ به عمله؛ لم يسرع به نسبه". رواه مسلم عن أبي هريرة رفعه في حديث أوله: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا؛ نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة" - الحديث الآتي في: "من نفس"، لكن بلفظ: "من بطأ" -بدون ألف- وكذا رواه العسكري عن الأعمش. ورواه بلفظ الترجمة القضاعي عن الأعمش وعن محمد بن النضر الحارثي بلفظ: "من فاته حسب نفسه -يعني الدين- لم ينفعه حسب أبيه". ولابن أبي شيبة عن هارون بن عنبسة عن أبيه قال: سألت ابن عباس: أي العمل أفضل؟ قال: ذكر الله أكبر، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به حسبه". 2344- "من أتت عليه أربعون سنة ولم يغلب خيره شره؛ فليتجهز إلى النار". أخرجه الأزدي في ترجمة بارح عن عبد الله بن مالك الهروي بسنده إلى ابن عباس رفعه. قال القاري: وأشار إليه الخطيب حيث قال: عجب من المؤلف، يقرره وعلامة الوضع لائحة عليه!! وقال القاري: قلت: وإن كان العلامة على إسناده فمسلم؛ وإلا فليس في معناه ما يدل على بطلان مبناه، وفي بعض ألفاظ العامة "فالموت خير له". ويؤيده حديث: "من لم يرعو عند الشيب، ويستحيي من العيب، ولم يخش الله في الغيب؛ فليس لله فيه حاجة"؛ ذكره الديلمي بلا سند عن جابر مرفوعًا. وما أحسن قول أبي يزيد لما رأى وجهه في المرآة: "ظهر الشيب ولم يظهر العيب، وما أدري ما في الغيب". انتهى. 2345- من اتقى الله وقاه كل شيء1. قال الحلبي في سيرته: روته الخيزران عن زوجها المهدي عن أبيها المنصور، عن جده عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- رفعه. 2346- من أراد أن يؤتيه الله علمًا بغير تعلم وهدى بغير هداية؛ فليزهد في الدنيا. قال القاري: لم يوجد له أصل كما في المختصر، ومعناه صحيح مستفاد من قوله -عليه الصلاة والسلام- "من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم".

_ 1 ضعيف: رقم "5341".

2347- من أذل عالمًا بغير حق؛ أذله الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق1. قال في الذيل: كذا في نسخة سمعان بن المهدي المكذوبة. 2348- من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله إليه في العمر2. رواه أحمد عن أبي هريرة، ورواه البخاري بلفظ: "أعذر الله إلى امرئ أخر الله أجله حتى بلغ ستين سنة". 2349- من آذى مسلمًا؛ فقد آذاني ومن آذاني؛ فقد آذى الله3. رواه الطبراني عن أنس رضي الله عنه. 2350- "من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار" 4. رواه الإمام أحمد والطيالسي في مسنديهما، والترمذي وآخرون، عن معاوية رفعه، وقال الخطابي: معناه أن يأمرهم بذلك ويلزمهم إياه على طريق الكبر والنخوة، ومعنى يتمثل: يقوم وينتصب بين يديه، ثم قال: وفي حديث سعد دلالة على أن قيام المرء بين يدي الرئيس الفاضل والوالي العادل وقيام المتعلم للمعلم مستحب غير مكروه. قال البيهقي في "الشعب": عقب حكايته: وهذا القيام يكون على وجه البر والإكرام؛ كما كان قيام الأنصار وقيام طلحة لكعب بن مالك، ولا ينبغي للذي يقام له أن يريد ذلك من صاحبه حتى إن لم يفعل حنق عليه وشكاه أو عاتبه. ثم قال: سمعت أبا عبد الله الحاكم يقول: سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق الضبعي -إمام الشافعية بنيسابور- يقول: "التقيت مع أبي عثمان الحيري في يوم عيد في المصلى، وكان من عادته إذا التقى بواحد منا يسأله بحضرة الناس عن مسائل فقهية، يريد بذلك إجلاله وزيادة محله عند العوام، فسألني بحضرة الناس في مصلى العيد عن مسائل، فلما فرغ منها قلت له: أيها الأستاذ، في قلبي شيء أردت أن أسألك عنه منذ حين، قال: قل، قلت: إني رجل قد دفعت إلى صحبة الناس، وحضور هذه المحافل، وإني ربما أدخل مجلسًا فيقوم لي بعض الحاضرين ويتقاعد عن القيام لي بعضهم فأجدني أنقم على المتقاعد حتى لو قدرت على الإساءة عليه فعلت، قال: فلما فرغت؛ سكت أبو عثمان وتغير لونه، ولم يجبني بشيء؛ فلما رأيته تغير سكت ثم انصرفت من المصلى،

_ 1 انظر تذكرة الموضوعات "23". 2 سبق في معناه، انظر حديث "423"، "424". 3 رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير"، وفيه القاسم بن مطيب، قال ابن حبان: كان يخطئ كثيرًا فاستحق الترك، كما في المجمع "179/ 2". 4 "صحيح" انظر صحيح الجامع "5957".

فلما كان بعد العصر قعدت وأذنت للناس، فدخل علي عند المساء جار لي قلما كان يتخلف عن مجلس أبي عثمان؛ فقلت له: من أين أقبلت، قال: من مجلس أبي عثمان، قلت: فيم كان يتكلم؟ قال أخذ في المجلس من أوله إلى آخره في رجل كان ظنه به أجمل ظن؛ فأخبره عن سره بشيء أنكره أبو عثمان وتغير ظنه به، قال أبو بكر: فعلمت أنه حديثي، قلت: وبماذا ختم حديث ذاك الرجل؟ قال: قال أبو عثمان: أظهر لي من باطنه شيئًا لم أشم منه رائحة الإيمان، ويشبه أن يكون على الضلال ما لم تطهره توبته من الذي أخبرني به عن نفسه. قال الشيخ أبو بكر فوقع علي البكاء وتبت إلى الله -عز وجل- مما كنت عليه". انتهى. والابتلاء بهذا كثير نسأل الله العافية. وقد ألف الإمام النووي في ذلك تأليفًا مختصرًا نافعًا، ذكر فيه الأحاديث الواردة في ذلك والآثار، وحاصل ما ذكره أن القيام لأهل الفضل ونحوهم كالأصل مندوب إليه ومرغب فيه، إذا كان على سبيل التوقير والاحترام، لا على سبيل الافتخار والاعتظام وذكر فيه بيتين لبعضهم وهمًا: قيامي والعزيز إليك حق ... وترك الحق ما لا يستقيم فهل أحد له لب وعقل ... ومعرفة يراك ولا يقوم وقلت في ذلك مع زيادة: قيامي على الأقدام حق وسعيها ... للقياك يا فرد الزمان أكيد فقد أمر المختار أنصاره به ... لسعد الذي قد مات وهو شهيد 2351- من أحب دنياه أضر بآخرته، ومن أحب آخرته أضر بدنياه1. رواه أحمد والطبراني والقضاعي وغيرهم عن أبي موسى رفعه بزيادة: "فآثروا ما يبقى على ما يفنى". 2352- من أحب شيئًا أكثر من ذكره2. رواه أبو نعيم والديلمي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- مرفوعًا.

_ 1 بزيادته عن أبي موسى، ضعيف: رقم "5346". 2 ضعيف: رقم "5347".

2353- من أحب قومًا حشر معهم1. رواه الحاكم في مستدركه جازمًا به بلا سند. ويشهد له: "المرء مع من أحب"، وتقدم. ورواه الطبراني والضياء عن أبي قرصافة بلفظ: "من أحب قومًا حشره الله في زمرتهم". 2354- من أحب حبيبتيه - أو كريمتيه؛ فلا يكتبن بعد العصر. وفي لفظ من أكرم حبيبتيه. قال القاري: لا أصل له في المرفوع. قال: ولعل المعنى بعد خروج العصر من غير أن يكون عنده سراج. قال: وقد أوصى الإمام أحمد بعض أصحابه أن لا ينظر بعد العصر إلى كتاب - أخرجه الخطيب قال: وهو من كلام الطب، كما قال الشافعي: الوراق إنما يأكل من دية عينيه. وفي معناه الخياط وأرباب الصنائع. 2355- من أحب أن ينظر إلى عتقاء الله من النار فلينظر إلى المتعلمين. قال ابن حجر نقلًا عن السيوطي: كذب موضوع. 2356- "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه". متفق عليه عن أبي موسى. قال النجم: وأخرجه أحمد والبيهقي والترمذي والنسائي عن عبادة وعن عائشة زادت: "فقلت: يا نبي الله أكراهية الموت وكلنا نكره الموت؟ قال: "ليس ذلك؛ ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه". وروى مالك والبخاري -واللفظ له- ومسلم والترمذي عن أبي هريرة قال الله تعالى: "إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه وإذا كره لقائي كرهت لقاءه". ورواه الدارقطني عن مجاهد عن أبي هريرة بلفظ: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب العبد لقاء الله أحب الله لقاءه وإذا كره العبد لقاء الله". فذكر ذلك لعائشة فقالت: يرحمه الله حدثكم بأول الحديث ولم يحدثكم بآخره. قالت عائشة: "قال

_ 1 لفظ الطبراني: ضعيف: رقم "5349".

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبد خيرًا بعث إليه ملكًا في عامه الذي يموت فيه فيسدده ويبشره؛ فإذا كان عند موته؛ أتاه ملك الموت فيقعد عند رأسه فقال أيتها النفس المطمئنة اخرجي على المغفرة من الله ورضوان وتنهرع نفسه رجاء أن تخرج فذلك حين يحب لقاء الله ويحب الله لقاءه. وإذا أراد بعبد شرًا بعث إليه شيطانًا في عامه الذي يموت فيه فأغراه؛ فإذا كان عند موته؛ أتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فقال: يا أيتها النفس اخرجي إلى سخط الله وغضبه فتغرق في جسده؛ فذلك حين يبغض لقاء الله ويبغض الله لقاءه". وأخرج الأستاذ أبو منصور البغدادي في مؤلفه فيما استدركته عائشة على الصحابة، عن أبي عطية قال: "دخلت أنا ومسروق على عائشة فقال مسروق: قال عبد الله بن مسعود: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه". فقالت عائشة: رحم الله أبا عبد الرحمن حدث عن أول الحديث ولم يسألوه عن آخره: "إن الله إذا أراد بعبد خيرًا قيض له قبل موته بعام ملكًا يوفقه ويسدده حتى يقول الناس مات فلان على خير ما كان؛ فإذا حضر ورأى ثوابه من الجنة؛ تهرع نفسه- أو قال تهوعت1 نفسه -؛ فذلك حين أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإذا أراد بعبد شرًا قيض الله له قبل موته بعام شيطانًا فأفتنه حتى يقول الناس: مات فلان شر ما كان؛ فإذا حضر، رأى ما ينزل عليه من العذاب، فبلغ نفسه، وذلك حين كره لقاء الله وكره الله لقاءه". 2357- من أحبك لشيء ملك -بتشديد اللام من الملال منه- عند انقضائه2. حكى الخطابي في العزلة أنه مما وجد على نقش خاتم بعض الحكماء؛ لكن بلفظ: "من ودك لأمر ولى مع انقضائه". وكان يقال "لا تؤاخين من مودته لك على قدر حاجته إليك؛ فعند ذهاب الحاجة ذهاب المودة".

_ 1 التهوع: التقيؤ. 2 ليس بحديث، كما في التمييز "1300".

ونقل في "الإحياء" عن الجنيد أنه قال: "كل محبة تكون لغرض؛ فإذا زال الغرض؛ زالت المحبة". 2358- "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". رواه الشيخان وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله تعالى عنها. 2359- من أذن فليقم1. هكذا اشتهر على الألسنة. 2360- من أحدث ولم يتوضأ؛ فقد جفاني، ومن توضأ ولم يصل؛ فقد جفاني، ومن صلى ولم يدعني؛ فقد جفاني ومن دعاني فلم أجبه؛ فقد جفوته ولست برب جاف. قال الصغاني في "موضوعاته": حديث موضوع. 2361- من أخلص لله أربعين يومًا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه2. رواه أبو نعيم بسند ضعيف عن أبي أيوب. وقال في "اللآلئ" رواه أحمد وغيره عن مكحول مرسلًا بلفظ: "من أخلص لله أربعين يومًا تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه"، وروى مسندًا من حديث ابن عطية عن ثابت عن أنس بسند فيه يوسف ضعيف، لا يحتج به. انتهى. ورواه القضاعي عن ابن عباس مرفوعًا قال: "كأنه يريد بذلك من يحضر العشاء والفجر في جماعة، قال ومن حضرها أربعين يومًا يدرك التكبيرة الأولى؛ كتب الله له براءتين؛ براءة من النار وبراءة من النفاق". ورواه أبو الشيخ في ثواب عن أنس بلفظ: "من أدرك التكبيرة الأولى مع الإمام أربعين صباحً؛ كتب الله له" الحديث. وروى ابن الجوزي في "الموضوعات" عن أبي موسى رفعه: "ما من عبد يخلص لله أربعين يومًا" الحديث. والمشهور على الألسنة "صباحًا" بدل "يومًا".

_ 1 لا أصل له بهذا اللفظ، انظر الضعيفة "35". 2 ضعيف: رقم "5375".

وأورده الصغاني بلفظ: "من أخلص لله أربعين صباحًا؛ نور الله تعالى قلبه، وأجرى ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه". وقال: إنه موضوع. 2362- من أدخل بيته حبشيًا أو حبشية أدخل الله بيته رزقًا. رواه الديلمي عن ابن عمر رفعه بلفظ: "بركة" بدل "رزقًا" وأورده ابن الجوزي في "تنوير الغبش" في فضل السودان والحبش، ولا يصح. وعند البيهقي في مناقب الشافعي أنه قال: "ما نقص من أثمان السودان؛ إلا لضعف عقولهم، ولولا ذلك؛ لكان لونًا من الألوان، من الناس من يشتهيه ويفضله على غيره". 2363- من أحسن فيما بقي؛ غفر له ما مضى، وما بقي ومن أساء فيما بقي؛ أخذ بما مضى وما بقي. قال النجم: لم أجده في الحديث المرفوع1؛ وإنما أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" عن الفضيل بن عياض من قوله. وفي معناه ما أخرجه الشيخان وابن ماجه عن ابن مسعود: "من أحسن في الإسلام؛ لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر". 2364- من أراد أن يستحلف أخاه وهو يعلم أنه كاذب؛ فأجل الله أن يحلفه وجبت له الجنة2. رواه أبو الشيخ عن رافع بن خديج مرفوعًا، وفي الباب عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. 2365- "من استطاع أن يموت في المدينة؛ فليمت" 3. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان عن ابن عمر، قال الترمذي: حسن صحيح غريب.

_ 1 قلت: بل ورد مرفوعًا من حيدث أبي ذر عند الطبراني في "الأوسط"، بلفظ: "من أحسن فيما بقي غفر له ما مضى، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وبما بقي". وسنده حسن كما في المجمع "202/ 10". 2 لا يصح، انظر الفوائد المجموعة "200". 3 صحيح: رقم "6015" بزيادة "فإني أشفع لمن يموت بها".

2366- "من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه". رواه أحمد ومسلم عن جابر. 2367- من أساء لا يستوحش1. قال في "المقاصد": هو في معنى: "إنما هي أعمالكم أحفظها عليكم". وقال النجم: لفظ الترجمة ليس بحديث؛ لكن أخرج ابن الجوزي من طريق الخطيب عن بيان الحمال قال: "البري جري، والحائف خائف، ومن أساء استوحش". 2368- "من أسدى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تستطيعوا فادعوا له" 2. رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح بلفظ "من صنع". 2369- من أسدى إلى هاشمي أو مطلبي معروفًا، ولم يكافئه؛ كنت مكافئه يوم القيامة3. قال في "المقاصد": بيض له شيخنا في بعض أجوبته، قال: قلت: أخرجه الطبراني في "الأوسط" عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من صنع إلى أحد من ولد عبد المطلب يدًا، فلم يكافئه بها في الدنيا؛ فعلي مكافأته غدًا إذا لقيني". وللثعلبي في تفسيره بسند فيه بعض الكذابين عن علي رفعه: "من اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها؛ فأنا أجازيه عليها إذا لقيني يوم القيامة". ورواه الجعابي في تاريخ الطالبيين بلفظ: "من اصطنع إلى أحد من أهل بيتي يدًا كافأته عنها يوم القيامة"، وقد بينه السخاوي في استجلاب ارتقاء الغرف. 2370- من تكلم عند الأذان خيف عليه زوال الإيمان. قال الصغاني: موضوع.

_ 1 ليس بحديث، انظر التمييز "1304". 2 صحيح، انظر الإرواء "1617". 3 ضعيف، بنحوه في ضعيف الجامع "5690".

2371- من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجًا؛ لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك السراج. رواه الحارث بن أبي أسامة وأبو الشيخ بسند ضعيف عن أنس - رضي الله تعالى عنه. 2372- من أسلم على يديه رجل وجبت له الجنة1. قال الصغاني: موضوع. 2373- من أسمك فليتمر. قال الحافظ ابن حجر: باطل؛ لكن في مناقب الشافعي للبيهقي عنه أنه قال: لقد أفلست ثلاث مرات ولقد رأيتني آكل السمك بالتمر لا أجد غيرهما. 2374- من أصاب مالًا من نهاوش أذهبه الله في نهابر2. رواه القضاعي عن أبي سلمى الحمصي مرفوعًا، وكذا في الميزان في ترجمة عمرو بن الحصين، لكن أبو سلمة الحمصي ضعيف ولا صحبة له، وعزاه الديلمي ليحيى بن جابر وليس هو أيضًا بصحابي. قال التقى السبكي: لا يصح، وفي رواية: "من جمع مالًا من نهاوش؛ أذهبه الله في نهابر"، وفي رواية "من تهاوش3" بفتح التاء وكسر الواو جمع تهوش وأخطأ من ضم.

_ 1 ضعيف جدًا: رقم "5423". 2 ضعيف: رقم "5432". 3 في النهاية: في "نهش": من جمع مالًا من نهاوش، هكذا جاء في رواية بالنون، وهي المظالم، من قولهم: نهشه إذا جهده، فهو منهوش. ويجوز أن يكون من الهوش: الخلط، ويقضى بزيادة النون، ويكون نظير قولهم: تباذير، وتخاريب، من التبذير والخراب. وفي "هوش": "من أصاب مالًا من مهاوش أذهبه الله في نهابر" هو كل مال أصيب من غير حله ولا يدرى ما وجهه. والهواش بالضم: ما جمع من مال حرام وحلال؛ كأنه جمع مهوش من الهوش: الجمع والخلط، والميم زائدة. وفي "نهبر": أذهبه الله في نهابر أي في مهالك وأمور متبددة. انتهى.

الواو، وهو بمعناه كما في النهاية، والمعنى: من أصاب مالًا من غير حله؛ أذهبه الله في مهالك وأمور متبددة، وروي "مهاوش" بالميم. 2375- من أسر سريرة ألبسه الله رداءها علانية. رواه ابن أبي الدنيا في الإخلاص عن عثمان بلفظ: "ما من عبد يسر سريرة؛ إلا رداه الله رداءها علانية؛ إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر". ورواه أحمد وابن أبي الدنيا والطبراني وأبو نعيم عن أبي سعيد بلفظ: "لو أن أحدكم عمل في صخرة صماء لا باب لها ولا كوة لأخرج الله عمله، كائنًا ما كان"، قال النجم: وسنده حسن. 2376- من أصاب من شيء فليلزمه1. رواه ابن ماجه عن أنس مرفوعًا والبيهقي في "الشعب" والقضاعي عنه بلفظ: "من رزق"، وفي لفظ للبيهقي: "من رزقه الله رزقًا في شيء فليلزمه". ولابن ماجه عن نافع قال: كنت أجهز إلى الشام وإلى مصر، فجهزت إلى العراق، فأتيت أم المؤمنين عائشة، فقلت لها: يا أم المؤمنين كنت أجهز إلى الشام وإلى مصر، فجهزت إلى العراق؛ فقالت: لا تفعل، ما لك ولمتجرك؟ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا سبب الله لأحدكم رزقًا من وجه فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر. ورواه البيهقي أيضًا عنه بسند ضعيف بلفظ: "إذا قسم لأحدكم رزق؛ فلا يدعه حتى يتغير أو يتنكر له"، وبلفظ: "إذا فتح لأحدكم رزق من باب فليلزمه". ورواه أحمد عن جابر أيضًا بسند ضعيف، ورواه في "الإحياء" بلفظ: "من جعلت معيشته في شيء؛ فلا ينتقل عنه حتى يتغير له". والذي يدور على الألسنة بمعناه، ونسبه ابن تيمية إلى بعض السلف، وهو: "من بورك له في شيء فليلزمه".

_ 1 ضعيف: رقم "5433".

وتقدم في: "البلاد بلاد الله والعباد عبد الله، فأي موضع رأيت فيه رفقًا فأقم". والله أعلم. 2377- "من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، وعنده قوت يومه؛ فكأنما حيزت له الدنيا" 1. رواه البخاري في "الأدب" والترمذي وابن ماجه عن عبد الله بن محصن. 2378- من أصبح والدنيا أكبر همه؛ فليس من الله في شيء2. ابن لال عن حذيفة -رضي الله عنه- بلفظ: "من أصبح والدنيا أكبر همه؛ ألزم الله قلبه أربع خصال لا ينفك من واحدة حتى يأتيه الموت: هم لا ينقطع أبدًا - الحديث رواه الديلمي عن ابن عمر. 2379- من أصبح لا يهتم بالمسلمين؛ فليس منهم3. رواه الحاكم عن ابن مسعود بلفظ: "من أصبح وهمه غير الله؛ فليس من الله في شيء، ومن أصبح لا يهتم" الحديث. 2380- من أعان ظالمًا سلطه الله عليه4. قال في "اللآلئ": ذكره صاحب الفردوس بسنده من حديث ابن مسعود. وقال في "المقاصد": رواه ابن عساكر في تاريخه عن ابن مسعود رفعه وفيه ابن زكريا العدوى متهم بالوضع. وأورده الديلمي بلا سند عن ابن مسعود، وذكر القرطبي في تفسير قوله تعالى {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً} [الأنعام: 129] فقال: وفي الحديث وذكره؛ لكنه لم يعزه لصاحب ولا مخرج. وبالجملة فمعناه صحيح.

_ 1 حسن: رقم "6043" بزيادة "بحذافيرها". 2 في معناه، ضعيف: رقم "5437". 3 بعض حديث ضعيف: رقم "5437". 4 موضوع: رقم "5453".

وفي التنزيل {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [الحج: 4] انتهى. وقال في "التمييز": والذي يدور على الألسنة معناه، وهو: "من أعان ظالمًا أغرى به"، كذا قال. وأقول: والدائر على الألسنة الآن: "من أعان ظالمًا سلط عليه". وهو كذلك في "الدرر". وذكره القاري بلفظ الترجمة، ونسبة لابن عساكر أيضًا، ثم قال: قلت: ويؤيد ثبوته أنه أخرجه ابن عساكر في تاريخه من طريق الحسن بن علي بن زكريا، عن سعيد بن عبد الجبار الكرابيسي، عن حماد بن سلمة عن عاصم، عن زر عن ابن مسعود مرفوعًا: "من أعان ظالمًا؛ سلطه الله عليه". وليس في هذا الإسناد غبار كما لا يخفي. انتهى كلام القاري. وأقول هذا عجب؛ فإن السند الذي جعله مؤيدًا هو الذي حكم عليه السخاوي بأن فيه متهمًا بالوضع، ونص عبارة السخاوي: رواه ابن عساكر في تاريخه من جهة الحسن بن علي بن زكريا عن سعيد بن عبد الجبار الكرابيسي عن حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن زر عن ابن مسعود مرفوعًا، وابن زكريا متهم بالوضع؛ فهو آفته. انتهى، فتأمل وتعجب مما قاله. 2381- من أشهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمنًا وإيمانًا. قال القاري: موضوع. 2382- "من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خيري الدنيا والآخرة" 1. تقدم في: إن الرفق. 2383- "من أقال نادمًا أقال الله عثرته" 2. رواه أبو داود والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "من أقال مسلمًا أقاله الله عثرته". قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وقال ابن دقيق العيد على شرطهما. ورواه ابن أحمد في زوائد المسند عنه بلفظ: "من أقال عثرة أقاله الله يوم القيامة".

_ 1 بنحوه صحيح: رقم "6055" عن أبي الدرداء. 2 بلفظ: "من أقال مسلمًا؛ أقال الله تعالى عثرته" صحيح "6071". وبلفظ: "من أقال نادمًا أقاله الله يوم القيامة". ضعيف "5473".

وفي لفظ عند البيهقي عنه: "من أقال نادمًا؛ أقاله ال له "، ورواه ابن حبان عنه بلفظ: "من أقال مسلمًا عثرته؛ أقاله الله عثرته يوم القيامة". ورواه البزار عن أبي هريرة مرفوعًا: "من أقال نادمًا بيعته؛ أقاله الله عثرته يوم القيامة". وأخرجه البيهقي في سننه عنه بلفظ: "من أقال نادمًا أقاله الله يوم القيامة". وفي لفظ له عنه: "من أقال مسلمًا عثرته؛ أقاله الله تعالى يوم القيامة". وللبيهقي أيضًا عنه بلفظ: "من أقال نادمًا؛ أقاله الله نفسه يوم القيامة"، ورواه من هذا الوجه شيخه الحاكم في علوم الحديث. وأورده البغوي في المصابيح بلفظ: "من أقال أخاه المسلم صفقة كرهها؛ أقاله الله عثرته يوم القيامة"، وفي الباب عن قتادة. وبالجملة؛ فالحديث صحيح وصححه ابن حزم. ورواه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان. وقال النجم: ورواه الطبراني -ورواته ثقات- عن أبي شريح: من أقال أخاه بيعًا أقاله الله عثرته يوم القيامة. 2384- من أكرم أخاه المؤمن؛ فإنما أكرم الله1. رواه الأصبهاني في ترغيبه عن جابر، والعقيلي في "الضعفاء" عن أبي بكرة رفعاه، وسنده ضعيف، ورواه النجم عمن ذكر بلفظ: "من أكرم أخاه المسلم فإنما يكرم الله". 2385- من أكرم حبيبتيه؛ فلا يكتب بعد العصر. قال في "المقاصد": لم يثبت في المرفوع؛ ولكن أوصى الإمام أحمد بعض أصحابه أن لا ينظر بعد العصر في كتاب. أخرجه الخطيب وغيره، وقال الشافعي فيما أخرجه البيهقي في مناقبه: "الوراق إنما يأكل من دية عينيه". وتقدم بلفظ: "من أحب كريمتيه" الحديث. 2386- من أعان تارك الصلاة بلقمة؛ فكأنما قتل الأنبياء كلهم. قال في "اللآلئ": موضوع وضعه رتن الهندي الكذاب.

_ 1 بنحوه ضعيف: رقم "5482" عن جابر.

2387- من اغتسل من الجنابة حلالًا؛ أعطاه الله قصرًا من درة بيضاء، وكتب له بكل قطرة ثواب ألف شهيد. قال القاري: باطل وضعه دينار. 2388- من أكل الأرز أربعين يومًا؛ ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه1. قال الصغاني: موضوع. وتقدم الكلام فيه بأبسط في: "لو كان الأرز". 2389- "من أكرم غريبًا في غربته؛ وجبت له الجنة"2. ذكره الديلمي بلا سند عن ابن عباس رفعه. والمشهور على الألسنة: "من أكرم غريبًا في غربته؛ فكأنما أكرم سبعين نبيًا" لينظر. 2390- من أكل طعام أخيه ليسره لم يضره. أورده ابن عساكر في تاريخه من كلام أبي سليمان الدارمي وفي لفظ: "من أكل من زاد أخيه ليسره؛ لم يضره". 2391- من أكل فولة بقشرها؛ أخرج الله تعالى منه من الداء مثلها. رواه ابن حبان في الضعفاء، والديلمي عن عائشة، وأورده الذهبي في الميزان، وقال: باطل. نعم ذكر البيهقي في "مناقب الشافعي" أنه قال: "الفول يزيد في الدماغ، والدماغ يزيد في العقل". 2392- من أكل في قصعة ثم لحسها استغفرت له القصعة3. رواه الترمذي عن أم عاصم، وكانت أم ولد لسنان بن سلمة قالت: "دخلت نبيشة الخير ونحن نأكل في قصعة؛ فحدثنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم" وذكره. وأخرجه ابن ماجه وأحمد والبغوي والدارقطني وابن خيثمة وابن السكن وابن شاهين، وقال الترمذي: غريب، والدارقطني، وأورده بعضهم تستغفر الصحفة للاحسها.

_ 1 سبق معناه، انظر حديث: "2109". 2 انظر الأسرار المرفوعة للقاري "330". 3 ضعيف: رقم "5487".

وثبت في مسلم عن جابر: الأمر بلعق الأصابع والصحفة؛ فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة. وفي لفظ لابن حبان: "ولا يرفع الصحفة؛ حتى يلعقها؛ فإن آخر الطعام البركة". 2393- من أكل ما يسقط من الخوان والقصعة؛ أمن من الفقر والبرص والجذام، وصرف عن ولده الحمق1. رواه أبو الشيخ في الثواب عن جابر رفعه، وعن الحجاج بن علاط أيضًا: "أعطى سعة من الرزق، ووقي الحمق في ولده وولد ولده". وللديلمي عن ابن عباس رفعه: "من أكل ما يسقط من المائدة؛ خرج ولده صباح الوجوه، ونفى عنه الفقر". وأخرجه الخطيب ثم ضعفه، وذكره الغزالي في "الإحياء" بلفظ: "عاش في سعة، وعوفي ولده"، وفي الباب عن أنس وأبي هريرة؛ لكنها مناكير. نعم ثبت في مسلم عن جابر وأنس مرفوعًا: "إذا وقعت لقمة أحدكم؛ فليأخذها، فليمط ما كان فيها من أذى، ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة". 2394- من أكل مع مغفور له غفر له. قال في "المقاصد": قال شيخنا: كذب موضوع. وقال مرة أخرى: لا أصل له صحيح، ولا حسن، ولا ضعيف، وقال غيره: ليس له إسناد عن أهل العلم؛ وإنما يروى عن هشام، وليس معناه صحيحًا على الإطلاق؛ فقد يأكل مع المسلمين الكفار والمنافقون. وأورده عبد العزيز الديريني في "الدرر الملتقطة"، وقال: لا أصل له عند المحدثين؛ ولكن نقل عن بعض الصالحين أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام، فقال: "يا رسول الله أنت قلت هذا الحديث؟ وذكره؛ فقال: نعم، ومن نظر إلى مغفور له؛ غفر له". قال السخاوي: والمعنى صحيح2، إذا أكل معه بنية البركه والمحبة في الله تعالى، قال النجم: وإن سلم هذا على إطلاقه فهو مخصوص بالمؤمنين قطعًا، والله أعلم.

_ 1 يروى من طرق كلها مناكير، كما في التمييز "1320". 2 إصرار السخاوي أن المعنى صحيح وتأويله له مبني على تلك الآراء الصوفية التي تثبت الحكم على الحديث عن طريق المنامات والرؤى مما لا وزن له في الميزان الحديثي.

2395- من أنفق ولم يحسب؛ افتقر وهو لا يدري. قال النجم: هو مثل، وليس بحديث. وكذلك قولهم: "من استكثر ماله أكله، ومن استقله أكله". 2396- من ألقى جلباب الحياء؛ فلا غيبة له1. تقدم في "لفاسق غيبة". 2397- من أهديت له هدية وعنده قوم؛ فهم شركاؤه فيها. رواه أبو نعيم والطبراني وعبد بن حميد وعبد الرزاق عن ابن عباس، وكذا ابن راهويه وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات، عن الحسن بن علي، والعقيلي عن عائشة -كلهم- رفعوه، وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات"، وقال العقيلي: لا يصح في هذا الباب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء، وقال البخاري: ويذكر عن ابن عباس أن جلساءه شركاؤه، وأنه لم يصح. انتهى. وقال في "المقاصد": وهذه العبارة من مثله لا تقتضي البطلان، بخلافها من العقيلي. وعلى كل حال قال شيخنا: إن الموقوف أصح. وعبارة "الدرر" للسيوطي: من أهديت له هدية فجلساؤه شركاؤه فيها - رواه الطبراني من حديث حسن بن على -رضي الله عنه- وعلقه البخاري عن ابن عباس بصيغة تمريض، وأخرجه العقيلي عن عائشة، وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات"؛ فأخطأ. انتهى. وعبارة "اللآلئ": "من أهدي له هدية وعنده جلساؤه؛ فجلساؤه شركاؤه فيها" حديث ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" عن الحسن بن علي، وقال البخاري في صحيحه: "باب من أهدي وعنده جلساؤه؛ فهو أحق". قال ويذكر عن ابن عباس: "جلساؤه شركاؤه"، ولم يصح. انتهى. 2398- من أيقن بالخلف جاد بالعطية2. رواه القضاعي من حديث ابن لهيعة عن علي -رضي الله تعالى- عنه مرفوعًا، في حديث طويل.

_ 1 ضعيف جدًا: رقم "5492" وانظر حديث "ليس لفاسق.." رقم "2151". 2 بنحوه في تذكرة الموضوعات "64".

2399- من اشترى شيئًا؛ لم يره فهو بالخيار إذا رآه. رواه الدارقطني1 والبيهقي والديلمي عن أبي هريرة، وفي سنده عمر عن إبراهيم الكردي: وضاع، وذكر الدارقطني أنه تفرد به، وقال هو والبيهقي: المعروف أنه من قول ابن سيرين، وأخرجه ابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي من طريق أخرى مرسلة، عن مكحول رفعه بسند فيه ضعيف؛ لكنها أمثل من الموصولة، وعلق الشافعي القول به على ثبوته، ونقل النووي اتفاق الحفاظ على تضعيفه. وعند الطحاوي والبيهقي من طريق علقمة بن وقاص: "أن طلحة اشترى من عثمان مالًا، فقيل لعثمان: إنك قد غبنت، فقال عثمان لي الخيار؛ لأني بعت ما لم أره، وقال طلحة: لي الخيار؛ لأني اشتريت ما لم أره، فحكما بينهما جبير بن مطعم، فقضى أن الخيار لطلحة، ولا خيار لعثمان". انتهى. وقد أورده كثير من السادة الحنفية في كتبهم، مستدلين به كصاحب الهداية بلفظ: "من اشترى ما لم ير؛ فله الخيار إذا رأى". وهو المشهور على الألسنة؛ لكن نقل عن الحافظ ابن حجر أنه قال في تخريجه لأحاديث الهداية: لا أصل له، فليراجع. والله أعلم. 2400- من ابتلي ببليتين فليختر أسهلهما. قال النجم: لا يعرف، لكن يستأنس له بقول عائشة: "ما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين؛ إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا". 2401- من أزغل ما أزغل عليه فليتبوأ مقعده من النار. لم أره، وهو مشهور على ألسنة العوام، والظاهر أنه لا أصل له، وليس أزغل بمعنى غش لغويًا. 2402- من ازداد علمًا ولم يزدد في الدنيا زهدًا، لم يزدد من الله إلا بعدًا2. رواه الديلمي عن علي رفعه، وسنده ضعيف كما قال العراقي، وقال السخاوي: وفي لفظ: "ثم ازداد للدنيا حبًا ازداد من الله غضبًا"، وقال المناوي: ورواه الأزدي في الضعفاء من حديث علي بلفظ: "من ازداد بالله علمًا ثم ازداد للدنيا حبًا؛ ازداد من الله عليه غضبًا".

_ 1 في بعض النسخ المطبوعة: القضاعي. وكلام المصنف هنا يشبه كلام الحافظ ابن حجر في التلخيص 6/ 3، وفيه: الدارقطني والبيهقي. والحديث في سنن الدارقطني ح2779. 2 ضعيف جدًا: رقم "5401".

2403- من استشفى بغير القرآن فلا شفاه الله تعالى1. قال الصغاني: موضوع. 2404- من استرضي، فلم يرض؛ فهو شيطان. قال في المقاصد: ليس في المرفوع؛ وإنما هو فيما أورده البيهقي في "الشعب" من جهة جعفر الصادق، قال: "ومن لم يغضب عند التقصير؛ لم يكن له شكر عند المعروف"، وقال في "التمييز": ليس من المرفوع؛ وإنما يروى عن الشافعي بزيادة: "ومن استغضب، فلم يغضب؛ فهو حمار". 2405- من استعمل. تقدم في: من جعل قاضيًا. 2406- من استوى يوماه؛ فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه شرًا؛ فهو ملعون، ومن لم يكن على الزيادة فهو في النقصان، ومن كان في النقصان فالموت خير له، ومن اشتاق إلى الجنة سارع في الخيرات، ومن أشفق من النار لهي عن الشهوات، ومن ترقب الموت هانت عليه اللذات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات2. رواه الديلمي بسند ضعيف عن علي مرفوعًا، وفي الموضوعات الكبرى للقاري بلفظ: "من استوى يوماه؛ فهو مغبون، ومن كان يومه شرًا من أمسه؛ فهو ملعون". ثم قال: لا يعرف إلا في منام ابن رواد. وقال العراقي في تخريجه: لا أعلم هذا إلا في منام لعبد العزيز بن أبي رواد، قال: "رأيت في المنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله أوصني. فقال ذلك بزيادة في آخره والزيادة هي: ومن لم يكن على الزيادة فهو في النقصان. ولله در الإمام البستي حيث يقول: زيادة المرء في دنياه نقصان وربحه غير محض الخير خسران قال الله تعالى {وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 1، 2] الآية.

_ 1 انظر الضعيفة "153". 2 انظر تذكرة الموضوعات "22".

2407- من اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب. تقدم في "من أسدى". 2408- من اعتذر إليه أخوه المسلم، فلم يقبل؛ لم يرد على الحوض1. رواه أبو الشيخ عن عائشة مرفوعًا، وترجمة السخاوي من غير عزو لأحد بلفظ: "من اعتذر إلى أخيه، فلم يقبل؛ كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس"، ثم قال: وللديلمي عن أنس في حديث رفعه: "من اعتذر؛ قبل الله معذرته"، قال: وأنشد البيهقي في "الشعب" لبعضهم: اقبل معاذير من يأتيك معتذرا ... إن بر عندك فيما قال أو فجر فقد أطاعك من أرضاك ظاهره ... وقد أجلك من يعصيك مستترا قال ومما قيل ما هو على الألسنة: إذا اعتذر المسيء إليك يوما ... تجاوز عن مساويه الكثيرة لأن الشافعي روى حديثا ... بإسناد عن الحبر المغيرة عن المختار أن الله يمحو ... بعذر واحد ألفي كبيرة لكن قيل: إن هذا الحديث المنظوم كذب كنسبته للشافعي، وفي العشرين من "المجالسة" من جهة محمد بن سلام قال: قال بعض الحكماء: "أقل الاعتذار موجب للقبول، وكثرته ريبة". انتهى ملخصًا. ولبعضهم: قيل لي قد أسا إليك فلان ... ومقام الفتى على الذل عار قلت قد جاءنا وأحدث عذرا ... دية الذنب عندنا الاعتذار 2409- من اعتز بالعبيد أذله الله2. رواه أبو نعيم والقضاعي عن عمر مرفوعًا، وفي لفظ: "من استعز بقوم أورثه الله ذلهم"، وبلفظ الترجمة عند العقيلي في ترجمة عبد الله بن عبد الله الأموي؛ وهو من

_ 1 ما ترجمه السخاوي: ضعيف: رقم "5457" وهو عن جودان. 2 ضعيف: رقم "5458".

"الضعفاء"، وقال: لا يتابع على حديثه، لكن ذكره ابن حبان في الثقات وترجمه في "اللآلئ" أيضًا بلفظ: "من عز بغير الله ذل". 2410- من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم ترمد عينه1. ويروى "عيناه أبدًا"، رواه الحاكم والبيهقي في شعبه، والديلمي عن ابن عباس رفعه، وقال الحاكم: منكر. وقال في "المقاصد": بل موضوع، وقال في "اللآلئ" بعد أن رواه عن ابن عباس من طريق الحاكم: حديث منكر، والاكتحال لا يصح فيه أثر؛ فهو بدعة. وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، وقال الحاكم أيضًا: الاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه أثر، وهو بدعة ابتدعها قتلة الحسين رضي الله عنه وقبحهم. نعم رواه في "الجامع الصغير" بلفظ: "من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء؛ لم يرمد أبدًا"، قال المناوي نقلًا عن البيهقي: وهو ضعيف بالمرة. وقال ابن رجب في "لطائف المعارف": كل ما روى في فضل الاكتحال والاختضاب والاغتسال فيه موضوع، لم يصح. 2411- "من التمس محامد الناس بمعاصي الله؛ عاد حامده من الناس له ذامًا" 2. رواه ابن لال عن عائشة مرفوعًا والعسكري عنها بلفظ: "من أرضى الناس بسخط الله عاد" الحديث، ومن هذا الوجه أورده القضاعي بلفظ: "من طلب محامد الناس بمعاصي الله.." إلخ. وللعسكري عن عائشة مرفوعًا: "من أرضى الناس بسخط الله؛ وكله الله إليهم، ومن أرضى الله بسخط الناس كفاه الله شرهم". وللقضاعي عن عائشة مرفوعًا: " من التمس رضا الناس بسخط الله؛ سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس، ومن التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عليه الناس". وللعسكري عن أنس مرفوعًا: "ما من مخلوق يلتمس رضا مخلوق بمعصية الخالق؛ إلا سلطه الله عليه، وما من مخلوق يلتمس رضا الخالق في سخط المخلوق؛ إلا كفاه الله مؤونته".

_ 1 موضوع. انظر الضعيفة "624". 2 في معناه حديث صحيح: رقم "6097".

وعن عطاء بن أبي رباح: "أن معاوية -رضي الله عنه- أرسل إلى عائشة -رضي الله عنها- أخبريني بشيء سمعتيه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: سمعته يقول: من آثر محبة الناس: على محبة الله تعالى؛ وكله الله تعالى إلى الناس"، وذكر مقابله. وروى أبو نعيم عن أنس مرفوعًا: "من حاول أمرًا بمعصية الله؛ كان أبعد له مما رجا وأقرب مما يتقي". 2412- من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمنًا وإيمانًا. قال القاري: موضوع. 2413- "من ابتلى بشيء من هذه البنات فأحسن إليهن كن له سترًا من النار" 1. هذه رواية الترمذي عن عائشة، وفي رواية له عنها: "من ابتلى بشيء من البنات فصبر عليهن؛ كن له حجابًا من النار. ورواه البخاري بلفظ: "من يلي من هذه البنات شيئًا" الحديث بالتحتية أوله. وفي رواية بالموحدة، ورواه الطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة بلفظ: "من كن له ثلاث بنات فعالهن وكفلهن دخل الجنة"، قلنا: واثنتين، قال: "واثنتين"، قلنا: وواحدة؟ قال: "وواحدة". 2414- من ابتلي؛ فليصبر. قال النجم: لا يعرف بهذا اللفظ: والأمر بالصبر جاء في الكتاب والسنة. 2415- "من باع دارًا أو عقارًا، ولم يجعل ثمنه نظيره؛ فجدير أن لا يبارك له فيه" 2. رواه أبو داود والطيالسي3 في مسنده عن حذيفة، وأحمد والحارث في مسنديهما، والطبراني عن سعيد -كلاهما- رفعه، وقد كتب السخاوي فيه جزءًا. وقال النجم: قلت حديث حذيفة أخرجه ابن ماجه والضياء في المختارة بلفظ: "من باع دارًا ثم لم يجعل ثمنها في مثلها؛ لم يبارك له فيه"، وحديث سعيد أخرجه ابن ماجه أيضًا بلفظ: "من باع دارًا أو عقارًا؛ فليعلم أنه مال قمن 3 أن لا يبارك له فيه إلا أن يجعله في مثله".

_ 1 بنحوه صحيح "5931". 2 بنحو حسن: رقم "6119"، "6120"، ولفظ الطبراني عن معقل بن يسار، ضعيف: رقم "5509". 3 في بعض النسخ المطبوعة: "رواه أبو داود والطيالسي" ولم نقف عليه عند أبي داود السجستاني في السنن. فتبين أن الواو مقحمة. 3 أي خليق وجدير كما في النهاية.

وأخرجه الطبراني عن معقل بن يسار بلفظ: "من باع عقر دار من غير ضرورة؛ سلط الله على ثمنها تالفًا يتلفه". والله أعلم. 2416- من بان عذره؛ وجبت الصدقة عليه. قال في "المقاصد": لا أصل له وتبعوه على ذلك. 2417- "من بدا جفا" 1. رواه الطبراني عن ابن عباس، وأخرجه أحمد في مسنده، والبيهقي بسند صحيح عن أبي هريرة بلفظ: "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن، وما ازداد أحد من السلطان قربًا إلا ازداد من الله بعدًا"، وسيأتي في: من سكن البادية. 2418- من بشرني بخروج صفر بشرته بالجنة. قال القاري: في الموضوعات، تبعًا للصغاني: لا أصل له. 2419- "من بطأ به عمله" 2. تقدم في "من أبطأ به عمله". 2420- من بلغه عن الله عز وجل شيء فيه فضيلة، فأخذ به إيمانًا ورجاء ثوابه؛ أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك3. رواه أبو الشيخ في مكارم الأخلاق عن جابر مرفوعًا. وفي سنده بشر بن عبيد: متروك. ورواه كامل الجحدري عن أنس بنحوه، وفي سنده عباد بن عبد الصمد: متروك. وعزاه في "الدرر" لابن عبد البر عن أنس، وأخرجه غيرهما بأسانيد فيها مقال. ورواه أبو يعلى والطبراني في معجمه "الأوسط" بلفظ: "من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدق بها لم ينلها".

_ 1 صحيح: رقم "6123". 2 سبق، انظر حديث "2343". 3 لفظ أبي يعلى والطبراني، موضوع: رقم "5513".

وقال الحافظ ابن حجر في الكلام على قولهم: "لو حسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه الله به"، لا أصل له؛ ونحوه: "من بلغه عن الله -عز وجل- شيء فيه فضيلة.." إلخ. انتهى. وقال في "اللآلئ": رواه أبو الشيخ عن جابر، وأسنده صاحب "مسند الفردوس" من طرق، وابن عبد البر عن أنس بسند فيه الحرث وغيره، وقال: هم يتساهلون في الحديث إذا كان في الفضائل. وقال في "المقاصد": وله شواهد عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة. وقال القاري: غاية الأمر أنه ضعيف، ويقويه أنه رواه ابن عبد البر من حديث أنس، كما ذكره الزركشي، وكذا ذكره العز بن جماعة في منسكه الكبير؛ إلا أنه لم يسنده، ولم يعزه إلى أحد، ويؤيده أنه ذكره السيوطي في "جامعه الصغير"، وقال: الطبراني في "الأوسط" عن أنس بلفظ: "من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدق بها؛ لم ينلها"، ففي الجملة له أصل أصيل. انتهى. 2421- من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة. لا أصل له كما نقله العيني في شرح البخاري عن الإمام أحمد. 2422- من بش في وجه ذمي؛ فكأنما ساطي لكزني في جنبي. نقل ابن حجر المكي في "الفتاوى" عن السيوطي أنه لا أصل له. 2423- من اشترى لعياله شيئًا ثم حمله إليهم بيده؛ حط الله عنه ذنب سبعين سنة. نقل ابن حجر المكي عن السيوطي أنه كذب. 2424- من بنى بناء فوق ما يكفيه؛ كلف يوم القيامة أن يحمله على عاتقه من سبع أرضين1. رواه البيهقي في شعبه وأبو نعيم عن ابن مسعود رفعه، وعزاه في "اللآلئ" من طريق أبي نعيم عن ابن مسعود مرفوعًا بلفظ: "ما تقدم مسقطًا من سبع أرضين".

_ 1 موضوع: رقم "5515".

وللطبراني وعند أبو نعيم عن أنس مرفوعًا بلفظ: "إذا بنى الرجل المسلم سبعة أو تسعة أذرع؛ ناداه مناد من السماء: أين تذهب يا أفسق الفاسقين". وفي لفظ عنه: "من بنى فوق عشرة أذرع؛ ناداه مناد من السماء: يا عدو الله إلى أين تريد". وقال في المقاصد وله شواهد: منها حديث يؤجر المرء في كل نفقه إلا ما كان في الماء والطين وحديث الأمر أعجل من ذلك قاله -صلى الله عليه وسلم- لمن رآه من أصحابه يصلح خصا له. وقال النجم وعند البيهقي عن أنس من بنى بناء أكثر مما يحتاج إليه كان عليه وبالا يوم القيامة ورواه أبو داود عنه بإسناد جيد خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما ونحن معه فرأى قبة مشرفة فقال ما هذه قال أصحابه هذه لفلان رجل من الأنصار فسكت وحملها في نفسه حتى إذا جاء صاحبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم عليه في الناس فأعرض عنه صنع ذلك مرارا حتى عرف الرجل الغضب فيه والإعراض عنه فشكا ذلك إلى الصحابة فقال والله إني لأنكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا خرج فرأى قبتك فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرض فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم فلم يرها فقال ما فعلت القبة قالوا شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها فقال أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا. أي ما لا بد للإنسان منه مما يكنه من الحر والبرد والعدو. وقد أطال النجم في إيراده بألفاظ وطرق مختلفة. 2425- من بورك له في شيء فليلزمه1. رواه ابن ماجه عن أنس. وتقدم في: من أصاب ونحوه عن عائشة كما في "اللآلئ". 2426- "من بنى لله مسجدًا قدر مفحص قطاة بنى الله له بيتًا في الجنة" 2. رواه البزار والطبراني وابن حبان وعند أحمد والبزار عن ابن عباس: "من بنى لله مسجدًا، ولو كمفحص قطاة لبيضها؛ بنى الله له بيتا في الجنة". وعند الترمذي عن أنس: "من بنى لله مسجدًا -صغيرًا كان أو كبيرًا- بنى الله له بيتا في الجنة". وأطال في ذلك النجم، فراجعه.

_ 1 سبق في معناه حديث "2376". 2 بنحوه صحيح: رقم "6128"، "6129".

2427- من تأنى أصاب1. تقدم في التأني، وفي معناه ما اشتهر: "من تأنى؛ نال ما تمنى". والله أعلم. 2428- "من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه" 2. قال في "الدرر": رواه أحمد عن بعض أصحابه مرفوعًا بلفظ: "إنك لا تدع شيئًا اتقاء لله؛ إلا أعطاك خيرًا منه"، وتقدم في "ما ترك". 2429- من ترك الصلاة؛ فقد كفر3. رواه الدارقطني في "العلل" عن أنس، ورواه البزار عن أبي الدرداء قال: "أوصاني أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم- أن لا أشرك بالله شيئًا، وإن حرقت، ولا أترك صلاة مكتوبة متعمدًا؛ فمن تركها متعمدًا فقد كفر، ولا أشرب خمرًا؛ فإنها مفتاح كل شر". ورواه الترمذي والنسائي وأحمد وابن حبان والحاكم عن بريدة بلفظ: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها؛ فقد كفر". ولمسلم عن جابر: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة". 2430- من ترك صلاة الصبح برئ منه القرآن. قال الصغاني: موضوع. 2431- من تزوج امرأة لمالها وجمالها أحرمه الله مالها وجمالها. قال في "المقاصد": لم أقف عليه، ولكن عند أبي نعيم عن أنس رفعه: "من تزوج امرأة لعزها؛ لم يزده الله إلا ذلًا، ومن تزوجها لمالها؛ لم يزده الله إلا فقرًا، ومن تزوجها لحسنها؛ لم يزده الله إلا دناءة، ومن تزوجها لم يتزوجها إلا ليغض بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه؛ إلا بارك الله له فيها وبارك لها فيه". وفي الصحيحين: "تنكح المرأة لمالها وجمالها، وحسبها، ودينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وقال في "الدرر": حديث: "من تزوج امرأة لمالها؛ أحرمه الله مالها وجمالها" لا يعرف.

_ 1 بعض حديث ضعيف: رقم "5519" بزيادة ".. أو كاد، ومن عجل أخطأ أو كاد" من حديث عطية بن عامر. 2 سبق في معناه حديث "2199". 3 ضعيف، بنحوه في ضعيف الجامع "5530".

2432- "من تزوج؛ فقد أحرز نصف دينه؛ فليتق الله في النصف الباقي" 1. رواه ابن الجوزي في "العلل" عن أنس رفعه، وقال: لا يصح. وعزاه في "الدرر" لابن الجوزي عن أنس بلفظ: "من تزوج؛ فقد أحرز شطر دينه؛ فليتق الله في الشطر الآخر". وعند الطبراني في "الأوسط" عن الرقاشي بلفظ: "فقد استكمل نصف الإيمان"، والباقي مثله، ورواه البيهقي في شعبه عن الرقاشي بلفظ: " إذا تزوج العبد فقد كمل نصف الدين، فليتق الله في النصف الباقي". ورواه الحاكم في المستدرك -وقال: صحيح الإسناد- عن أنس مرفوعًا بلفظ: "من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه؛ فليتق الله في الشطر الباقي". 2433- من تزيا بغير زيه فقتل فدمه هدر. قال في "المقاصد": ليس له أصل يعتمد، ويحكى فيه حكايات منقطعة؛ منها أن بعض الجان حدث به إما عن علي مرفوعا، وإما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بلا واسطة، ولم يثبت منه شيء. 2434- من تزين بعمل الآخرة وهو لا يريدها ولا يطلبها لعن في السماوات والأرض2. رواه الطبراني عن أبي هريرة وعند الديلمي عن أبي موسى: "من تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك؛ شانه الله". 2435- "من تشبع بما لم يعط؛ فهو كلابس ثوبي زور". متفق عليه عن أسماء بنت أبي بكر مرفوعًا بلفظ: "المتشبع بما لم يعط؛ كلابس ثوب زور". ورواه العسكري عن جابر وأبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "من تحلى بباطل؛ كان كلابس ثوب زور" وفي الباب عن عائشة وعن الثوري.

_ 1 بلفظ الطبراني عن الرقاشي، حسن: رقم "6148". 2 موضوع: رقم "5534".

2436- "من تشبه بقوم؛ فهو منهم" 1. رواه أحمد وأبو داود والطبراني في "الكبير" عن ابن عمر رفعه، وفي سنده ضعيف كما في "اللآلئ" و"المقاصد"؛ لكن قال العراقي: سنده صحيح، وله شاهد عند البزار، عن حذيفة وأبي هريرة، وعند أبي نعيم في "تاريخ أصبهان" عن أنس. وعند القضاعي عن طاووس مرسلًا، وصححه ابن حبان وتقدم في: "إنما العلم بالتعلم" في أثر عن الحسن "قلما تشبه رجل بقوم إلا كان منهم"، وقال النجم: قلت: روى العسكري عن حميد الطويل قال: "كان الحسن يقول: إذا لم تكن حليمًا؛ فتحلم، وإذا لم تكن عالمًا فتعلم؛ فقلما تشبه رجل بقوم إلا كان منهم". 2437- "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا" 2. قال النجم: رواه أحمد والنسائي وابن حبان عن أبي بن كعب. 2438- من تكلم فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه. وفي معناه: "لا تتكلم بما لا يعنيك؛ تسمع ما لا يرضيك". قال النجم: ليس بحديث؛ بل هو مثل أو حكمة وشاهده "من صمت نجا"، ونحوه. 2439- من تكلم عند الأذان خيف عليه زوال الإيمان. قال الصغاني: موضوع. 2440- من تكلم بكلام الدنيا في المسجد؛ أحبط الله عمله - وفي رواية أعماله أربعين سنة. قال الصغاني: موضوع وقال القاري: وهو كذلك؛ لأنه باطل مبنى ومعنى. انتهى. وأقول: ثم قال الصغاني: ومن الأحاديث الموضوعة في فضيلة السرج والقناديل والحصر في المسجد لم يثبت فيها شيء؛ بل كانت الصحابة يتكلمون ويبيعون ويشترون في بعض الأحيان في المسجد وينامون فيه؛ لكن بالأدب التام، وكذا في المقابر وخلف الجنائز.

_ 1 صحيح: رقم "6149". 2 صحيح، أخرجه البغوي في شرح السنة "120/ 13".

2441- "من تبسم في وجه غريب؛ ضحك الله في وجهه يوم القيامة". قال ابن حجر المكي في الفتاوى: رواه الديلمي أيضًا كابن النجار: "الغريب إذا مرض حتى ينظر عن يمينه، وعن شماله، وعن أمامه، وعن خلفه، فلا يرى أحدًا غير الله تعالى؛ غفر الله له ما تقدم من ذنبه". قال: وأخرجه الطبراني أيضًا بزيادة: "أن له بكل نفس تنفس؛ يمحو الله عنه ألفي ألف سيئة، ويكتب له ألفي ألف حسنة". قال لكن في سنده متروك. انتهى. 2442- من رفع يديه فلا صلاة له. قال القاري: موضوع. 2443- من تمام الحج ضرب الجمال. قال في "المقاصد": هو من كلام الأعمش؛ ولكن حمله ابن حزم على الفسقة منهم، يعني إن ساغ له ذلك بنفسه؛ وإلا أعلم الأمير أو نحوه، وعلى كل حال؛ فهو من نوادر الأعمش، وقال صاحب الفروع من الحنابلة: "وليس من تمام الحج ضرب الجمال"، خلافًا للأعمش، ثم حكي حمل ابن حزم. انتهى، وقال القاري قد ضرب الصديق جماله في حجة الوداع بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم ينكر عليه، فدل على أن المراد إضافة المصدر إلى مفعوله. قال: ونقل إضافته إلى الفاعل، وهو الأظهر، وفي معنى التمام أشهر، والمعنى أنه لا يحمد في سبيل الله حتى يضرب ويهان. انتهى. والله أعلم. 2444- "من تواضع لغني لأجل غناه ذهب ثلثا دينه". رواه البيهقي عن ابن مسعود من قوله بلفظ: "من خضع لغني ووضع له نفسه إعظامًا له وطمعًا فيما قبله؛ ذهب ثلثا مروءته وشطر دينه". وللبيهقي أيضًا عن ابن مسعود مرفوعًا: "من أصبح محزونًا -وفي لفظ "حزينًا" - على الدنيا أصبح ساخطًا على ربه، ومن أصبح يشكو مصيبة؛ نزلت به؛ فإنما يشكو ربه، ومن دخل على غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه، ومن قرأ القرآن فدخل النار فهو ممن اتخذ آيات الله هزوًا".

وللطبراني في "الصغير" عن أنس رفعه: "من أصبح حزينًا على الدنيا؛ أصبح ساخطًا على ربه، ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به؛ فإنما يشكو الله تعالى، ومن تضعضع لغني لينال مما في يده؛ أسخط الله -وفي لفظ مما في يديه فقد أسخط الله عز وجل- ومن أعطي القرآن فدخل النار أبعده الله". وفي لفظ: "لينال فضل ما عنده؛ أحبط الله عمله". قال في "المقاصد": وهما واهيان جدًا؛ حتى إن ابن الجوزي ذكرهما في "الموضوعات"؛ لكن قال الجلال السيوطي في "التعقبات": ولم يصب في ذلك فقد رواه البيهقي عن ابن مسعود وأنس بلفظ: "من دخل على غني فتضعضع له؛ ذهب ثلثا دينه". قال في كل منهما إسناده ضعيف. انتهى. وقال النجم: وليس واهيًا كما قال السخاوي؛ وإن أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" وكذا من الواهي ما أورده الديلمي وأبو نعيم عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "من تضعضع لذي سلطان إرادة دنياه؛ أعرض الله تعالى عنه"، وللديلمي أيضًا عن أبي هريرة رفعه: "من تضرع لصاحب دنيا؛ وضع بذلك نصف دينه"، وله أيضًا عن أبي ذر مرفوعًا: "لعن الله فقيرًا تواضع لغني من أجل ماله؛ من فعل ذلك منهم فقد ذهب ثلثا دينه"، وللبيهقي عن وهب بن منبه قال: "قرأت في التوراة ... " وذكر نحوه؛ وإنما ذهب ثلثا دينه؛ لأن التواضع له إما بالقول وإما بالفعل، وأما الاعتقاد؛ فهو خفي. قال النجم: وليس من هذا مداراة فقير لغني يخشى أذاه، أو له عليه دين وهو معسر به، مخافة منه. 2445- "من تواضع لله؛ رفعه الله" 1. رواه أحمد وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري بزيادة به درجة، ومن تكبر وضعه الله - الحديث وأخرجه أبو يعلى وأحمد بلفظ: "ومن قنع؛ أغناه الله، ومن أكثر ذكر الله أحبه الله". وأسنده الديلمي عن عمر بلفظ: "فهو في نفسه صغير وفي أعين الناس عظيم".

_ 1 صحيح: رقم "6162".

ورواه أبو الشيخ عن معاذ بلفظ: "من تواضع تخشعًا لله؛ رفعه الله، ومن تطاول تعظمًا وضعه الله"، وفي تاريخ ابن عساكر عن طلحة بن عبيد الله: أن التواضع لله -تبارك وتعالى- الرضى بالدون من المجالس. انتهى. 2446- من توكل على الله؛ كفاه الله1. أسنده الديلمي عن عمران بن حصين -رضي الله تعالى عنه- بزيادة "مؤونته"، وأسنده أيضًا عن الحكم بن عمير في حديث أوله: "من صدق الله نجا، ومن توكل عليه اكتفى". كذا في تخريج أحاديثه للحافظ ابن حجر. 2447- "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل" 2. رواه ابن ماجه والدارقطني وأحمد وأبو داود والنسائي عن سمرة. 2448- من توضأ على طهر؛ كتب الله له به عشر حسنات3. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر، وضعف الترمذي إسناده. 2449- من جالس عالمًا فكأنما جالس نبيًا. قال في "المقاصد": لا أعرفه في المرفوع، ولكن جاء عن إمامنا الشافعي أنه قال: "إذا رأيت رجلًا من أصحاب الحديث؛ فكأنما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم". وقال القاري: لكن معناه صحيح؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء، وقد قال تعالى {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] وقد ورد: "الشيخ في قومه؛ كالنبي في أمته". انتهى. وأقول: تقدم في هذا أنه موضوع. 2450- من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيى به الإسلام؛ فبينه وبين النبيين درجة واحدة في الجنة4. رواه الدارمي عن الحسن رفعه مرسلًا. ولابن النجار عن أنس: "من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيى به الإسلام؛ لم يكن بينه وبين الأنبياء إلا درجة واحدة".

_ 1 ضعيف، بنحوه في ضعيف ابن ماجه "911" من حديث عمرو. 2 حسن: رقم "6180".؟ 3 ضعيف: رقم "5545" بلفظ "كتب له". 4 ضعيف لإرساله، كما في تخريج المشكاة "ح249".

وللطبراني عن ابن عباس: "من جاءه الموت وهو يطلب العلم؛ لقي الله، ولم يكن بينه وبين الأنبياء إلا درجة النبوة". وللخطيب عن ابن عباس بلفظ: "من جاءه أجله وهو يطلب العلم ليحيى به الإسلام؛ لم يفضله النبيون إلا بدرجة". 2451- من جد وجد. في "التمييز": ليس بحديث؛ بل هو من الأمثال السائرة، وقال القاري: لا أصل له؛ بل هو من كلام بعض السلف، وكذا حديث: "من لج ولج". قال النجم: وربما قيل: "من طلب وجد؛ وجد"، وهو بمعنى "لكل مجتهد نصيب"، وليسا في الحديث. 2452- "من جعل قاضيًا بين الناس؛ فقد ذبح بغير سكين" 1. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارقطني، وغيرهم؛ كابن أبي عاصم عن أبي هريرة، ولفظ بعضهم: "فإنه قد ذبح"، ولم يذكر "بين الناس"، ولفظ أحدهم: "من استعمل على القضاء"، قال في "التمييز": قال شيخنا: وهو صحيح بل حسن. وشذ بعضهم فقال: "فكأنما ذبح بالسكين"، ورواه النسائي وأبو داود وابن أبي عاصم بلفظ: "من ولى القضاء". ورواه الترمذي وابن أبي عاصم أيضا بلفظ: "من ولي القضاء، أو جعل قاضيًا بين الناس"، وقال الترمذي: حسن غريب. وقال في "التمييز" أيضًا: صححه ابن خزيمة وابن حبان. 2453- من جمع مالًا من نهاوش؛ أذهبه الله في نهابر2. قال الإمام السبكي: لا أصل له، وهو في كتب الغريب، وتقدم في "من أصاب مالًا" مع الكلام عليه مبسوطًا.

_ 1 بلفظ "من ولي القضاء، فقد ذبح بغير سكين" حسن: رقم "6594". 2 سبق في حديث "2374".

2454- من جمع المال من غير حقه سلطه الله على الماء والطين1. قال المناوي: منكر. 2455- من جمع القرآن؛ متعه الله بعقله حتى يموت2. رواه ابن عدي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال المناوي وفيه متروك. 2456- من جلس فوق عالم بغير إذنه؛ فكأنما جلس على المصحف. قال في الفتاوى الحديثة لابن حجر المكي نقلًا عن السيوطي: لا أصل له. 2457- من جهل شيئًا عاداه. قال في "التمييز" ليس بحديث انتهى. وفي مناقب الشافعي للبيهقي أنه قال: العلم جهل عند أهل الجهل، كما أن الجهل جهل عند أهل العلم، ثم أنشأ يقول: ومنزلة الفقيه من السفيه ... كمنزلة السفيه من الفقيه فهذا زاهد في قرب هذا ... وهذا فيه أزهد منه فيه ويشير إليه قوله تعالى {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} [يونس: 39] وقوله {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} [الأحقاف: 11] ومن كلام بعضهم: "المرء لا يزال عدوًا لما جهل"، قال النجم: "وفي معناه الناس أعداء ما جهلوا". والله أعلم. 2458- "من حمل علينا السلاح فليس منا". رواه مالك وأحمد والشيخان وابن ماجه عن ابن عمر، وكذا رواه مسلم عن أبي هريرة وزاد: "ومن غشنا فليس منا". 2459- "من حوسب عذب" 3. رواه الترمذي والضياء في المختارة عن أنس.

_ 1 ضعيف جدًا: رقم "5555". 2 موضوع: رقم "5554". 3 في معناه بلفظ "من نوقش الحساب عذب" صحيح: رقم "6578" عن عائشة.

2460- من حج ولم يزرني؛ فقد جفاني. يأتي في "من لم يزرني"، وقال الصغاني كابن الجوزي: موضوع؛ لكن ذكره بلفظ: "من حج البيت" الحديث. لكن قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث "مسند الفردوس": أسنده عن عمر، وهو عند ابن عدي، وابن حبان في "الضعفاء"، وفي "غرائب مالك" للدارقطني، وفي الرواة عن مالك للخطيب. انتهى. ومع هذا فلا ينبغي الحكم عليه بالوضع. فتدبر. 2461- من حدث حديثًا فعطس عنده فهو حق1. رواه أبو يعلى عن أبي هريرة رفعه، وأخرجه الطبراني والدارقطني في "الأفراد" بلفظ: "من حدث بحديث؛ فعطس عنده"، والبيهقي وقال: منكر، وقال غيره: باطل، ولو كان سنده مثل الشمس؛ لكن قال النووي في فتاويه: له أصل أصيل. انتهى. وقال في "الدرر" تبعًا للزركشي: حسنه النووي، وأخطأ من قال: إن الحديث باطل. انتهى. وقال في "المقاصد": وله شاهد عند الطبراني عن أنس مرفوعًا: أصدق الحديث ما عطس عنده. وفي معرفة الصحابة ومسند الديلمي عن أبي رهم مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرفوعًا: "من سعادة المرء العطاس عند الدعاء"، والكلام عليه مستوفى في تخريج الأذكار، وتقدم "العطاس شاهد صدق". 2462- من حسن ظنه بحجر نفعه الله به2. مر في "لو أحسن"؛ وأنه لا أصل له. 2463- من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته3. تقدم في "احترسوا من الناس بسوء الظن".

_ 1 موضوع: رقم "5566". 2 سبق في حديث "2087". 3 سبق في حديث "134".

2464- من حفر لأخيه قليبًا1 أوقعه الله فيه قريبًا. قال الحافظ ابن حجر: لم أجد له أصلًا؛ وإنما ذكره صاحب الأمثال بلفظ: "من حفر جبًا أوقعه الله فيه منكبًا". وذكر عن كعب الأحبار: "أنه سأل ابن عباس: من حفر مهواة كبه الله فيها؟ فقال ابن عباس: إنا نجد في كتاب الله {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] ويجري على الألسنة أيضًا: "من حفر بئرًا لأخيه؛ أوقعه الله فيه". قال الشاعر: قضى الله أن البغي يصرع أهله ... وأن على الباغي تدور الدوائر ومن يتحفر بئرًا ليوقع غيره ... سيوقع في البئر الذي هو حافر ولآخر: ولا تحفرن2 بئرًا تريد بها أخًا ... فإنك فيها أنت من دونه تقع كذاك الذي يبغي على الناس ظالمًا ... تصبه على رغم عواقبه ما صنع 2465- "من حفظ على أمتي أربعين حديثًا بعث يوم القيامة فقيهًا"3. رواه أبو نعيم بنحوه عن ابن عباس وابن مسعود. وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" عن أنس وعلي ومعاذ وأبي هريرة وغيرهم. ورواه ابن عدي عن ابن عباس بلفظ: "من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من السنة؛ كنت له شفيعًا وشهيدًا يوم القيامة". وأخرجه ابن النجار في تاريخه عن أبي سعيد الخدري بلفظ: "من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من سنتي؛ أدخلته يوم القيامة في شفاعتي". وقال الدارقطني: طرقه كلها ضعيفة وليس بثابت. ولذا قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى: جمعت طرقه في جزء ليس فيها طريق تسلم من علة قادحة.

_ 1 القليب: البئر. 2 في النسخ "لا تحفرن" ولعل الوزن لا ينجبر بدون الواو. هامش ط. القدسي. 3 بلفظ "من حمل.." موضوع: رقم "5578" عن أنس.

وقال البيهقي في شعبه عقب حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه: هذا متن مشهور فيما بين الناس، وليس له إسناد صحيح. وقال ابن عساكر: فيها مقال كلها. وقال النووي في خطبة أربعينه: واتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف، وإن كثرت طرقه. انتهى. وقال العلامة ابن حجر المكي -رحمه الله تعالى- في شرحه: ولا يرد على قول المصنف قول الحافظ أبي طاهر السلفي في أربعينه: أنه روي من طرق وثقوا بها، وركنوا إليها، وعرفوا صحتها، وعولوا عليها. انتهى؛ لأنه معترض، وإن أجاب عنه الحافظ المنذري بأنه يمكن أن يكون سلك في ذلك مسلك من رأى أن الأحاديث الضعيفة إذا انضم بعضها لبعض، أحدثت قوة. ولا يرد على المصنف ذكر ابن الجوزي له في "الموضوعات"؛ لأنه تساهل منه؛ فالصواب أنه ضعيف لا موضوع. انتهى. ثم قال: وأما خبر من حفظ على أمتي حديثًا واحدًا؛ كان له كأجر أحد وسبعين نبيًا صديقًا؛ فهو موضوع. انتهى كلام ابن حجر. 2466- من حفظ حجة على من لم يحفظ. قال النجم: هو من قواعد الفقهاء والمحدثين؛ وليس بحديث، وفي معناه: المثبت مقدم على النافي. 2467- "من حفظ ما بين لحييه وما بين رجليه دخل الجنة" 1. رواه الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة، وعن أبي موسى بلفظ: "من حفظ ما بين فقميه ورجليه"، ورواه الطبراني عن أبي رافع وعن سهل بن سعد بلفظ: "من حفظ ما بين فقميه، وفخذيه دخل الجنة"، وفقميه تثنية فقم وهما اللحيان والمراد الفم. 2468- من حسن المرافقة الموافقة. ترجمه السخاوي ولم يتكلم عليه، ومعناه في المثل: "لولا الوئام لهلك الأنام".

_ 1 بنحوه، صحيح: رقم "6202" من حديث أبي موسى، وأبي رافع.

وقال القاري: ليس بحديث. انتهى. وأقول المشهور على الألسنة أيضًا: "من شرط المرافقة الموافقة" وليس بحديث. 2469- من حلف بالله صادقًا كان كمن سبح الله تعالى وقدسه. قال "التمييز": ما علمته في المرفوع، وقال الإمام الشافعي: ما حلفت بالله تعالى قط صادقًا ولا كاذبًا إجلالًا لله؛ فلو كان معنى هذا الحديث صحيحًا لما كان ترك اليمين إجلالًا لله من الخصال المحمودة. انتهى. وقال القاري: ترجمه السخاوي ولم يتكلم عليه ومعناه صدق، وصواب؛ لأنه إذا كان في يمينه صادقًا؛ يكون في حلفه بالله ذكرًا موافقًا. ثم قال بعد ذكر ما نقل في "التمييز" عن الشافعي ما نصه: ولا يخفى أنه لو كان تركه من الخصال الحميدة؛ ما كان فعله من الشمائل السعيدة. وقد حلف -صلى الله عليه وسلم- في مواضع متعددة، من أحاديث متبددة، كما حلف بالله تعالى في أماكن، فينبغي أن يحمل أن ترك الحلف من الخصال المحمودة على حالة مخصوصة في المعاملة؛ بأن يعطي ما يتوجه عليه، ولا يحلف عملًا بالمجادلة. انتهى. 2470- "من حلف على يمين؛ فرأى غيرها خيرًا منها؛ فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه". رواه مالك وأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه عن عدي بن حاتم. ورواه الشيخان وأبو داود وابن ماجه عن أبي موسى بلفظ: "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها؛ إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير". 2471- من حلق رأسه أربعين أربعاء؛ صار فقيهًا. قال في التحفة: لا أصل له. انتهى. ومثله ما اشتهر: "من حلق رأسه أربعين سبتًا؛ لا يأمن قطع الرأس". والله أعلم. 2472- "من دخل السوق فقال "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة" 1. قال ابن القيم: هذا الحديث معلول، أعله أئمة الحديث.

_ 1 بنحوه ومن لفظ ابن عمر، حسن: رقم "6231".

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: حديث منكر. وقال الترمذي فيه: حديث وقع فيه خطأ أو غلط. ورواه ابن ماجه في سننه، وفي سنده ضعف؛ كما قال الدارقطني والنسائي الدارمي وأبو زرعة. وذكره الترمذي في جامعه وقال: حديث غريب. ورواه أحمد والترمذي وغيرهما عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، كتب الله له به ألف ألف حسنة" الحديث. 2473- من دعا على من ظلمه فقد انتصر1. رواه الترمذي وأبو يعلى وغيرهما عن عائشة مرفوعًا، وهو ضعيف. 2474- من دعا لظالم بطول البقاء؛ فقد أحب أن يعصي الله. ذكره البيهقي في الشعب، وابن أبي الدنيا في الصمت، من قول الحسن البصري. وأخرجه أبو نعيم في ترجمة سفيان الثوري من قوله. وذكره الزمخشري في تفسير "هود"، والغزالي أيضًا في موضعين آخرين من "الإحياء"؛ لكنه لم يرو في المرفوع؛ نعم في المرفوع كما لابن أبي الدنيا في الصمت، وابن عدي في الكامل، وأبي يعلى والبيهقي في "شعبه" عن أنس بسند ضعيف: "إن الله ليغضب إذا مدح الفاسق". وروى ابن عدي عن عائشة، والطبراني في "الأوسط" وأبو نعيم في "الحلية" عن عبد الله بن بشر رفعه: "من وقر صاحب بدعة فقد أعان هدم الإسلام"، وأسانيده ضعيفة. بل قال ابن الجوزي: كلها موضوعة. وأورده الغزالي بلفظ: "من أكرم فاسقًا"، بدلًا من "وقر صاحب بدعة". 2475- "من دل على خير؛ فله مثل أجر فاعله" 2. تقدم في "الدال على الخير كفاعله".

_ 1 ضعيف: رقم "5588". 2 صحيح: رقم "6239" وانظر ماسبق في حديث "1282".

2476- من دخل على قوم لطعام لم يدع إليه؛ فإنه دخل فاسقًا وأكل ما لا يحل1. رواه البيهقي وضعفه وابن النجار عن عائشة. ورواه أبو داود والبيهقي عن ابن عمر بلفظ: "من دعي، فلم يجب؛ فقد عصى الله ورسوله، ومن دخلها على غير دعوة؛ دخل فاسقًا وخرج مغيرًا". 2477- من حمل سلعته فقد برئ من الكبر2. رواه القضاعي والديلمي عن جابر مرفوعًا، وهو عند ابن لال عن أبي أمامة. وفي لفظ: "بضاعته" بدل "سلعته"، و"الشرك" بدل "الكبر"، قال ابن الغرس: ضعيف. 2478- "من حوسب عذب" 3. رواه الترمذي والضياء عن أنس. 2479- من خاف من الله خوف الله منه كل شيء4. رواه أبو الشيخ في الثواب، والديلمي والقضاعي عن واثلة، وهو ضعيف، وفي الباب أحاديث: منها عن علي، وبعضها يقوي بعضًا. وقال عمر بن عبد العزيز: "من خاف الله؛ أخاف منه كل شيء، ومن لم يخف الله؛ خاف من كل شيء". وقال الفضيل بن عياض: "من خاف الله؛ لم يضره أحد، ومن خاف غير الله؛ لم ينفعه أحد". وفي لفظ: "إن خفت الله؛ لم يضرك أحد، وإن خفت غير الله؛ لم ينفعك أحد". وقال يحيى بن معاذ الرازي: "على قدر حبك الله؛ يحبك الخلق، وعلى قدر خوفك من الله؛ يهابك الخلق، وعلى قدر شغلك بأمر الله؛ تشتغل في أمرك الخلق"، رواها كلها البيهقي في "الشعب".

_ 1 لفظ البيهقي عن ابن عمر، ضعيف: رقم: "5589" لكن بلفظ فيه "دخل سارقًا وخرج مغيرًا". 2 ضعيف: رقم "5577". 3 سبق برقم "2459". 4 منكر، انظر الضعيفة "ح485".

2480- من خاض في العلم يوم الجمعة؛ فكأنما أعتق سبعين ألف رقبة، وكأنما تصدق بألف دينار، وكأنما حج أربعين ألف حجة. قال ابن حجر المكي نقلًا عن السيوطي: أنه موضوع. 2481- "من رأى منكم امرأة فأعجبته؛ فليأت أهله فليواقعها؛ فإن معها مثل الذي معها" 1. رواه ابن أبي شيبة عن عبد الله بن حبيب بلفظ: "قال خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلقي امرأة فأعجبته؛ فخرج إلى أم سلمة وعندها نسوة يدفن طيبًا، فعرفن في وجهه ما طلب عليه السلام؛ فقضى حاجته فخرج؛ فقال: من رأى.." وذكره. ورواه مسلم والترمذي عن جابر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى امرأة فأعجبته؛ فدخل على زينب فقضى حاجته وخرج، فقال: "إن المرأة إذا أقبلت، أقبلت في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته؛ فليأت أهله؛ فإن ذلك يرد ما في نفسه". 2482- "من رآني في المنام؛ فقد رأى الحق". متفق عليه عن أبي هريرة، وأبي قتادة. ورواه ابن ماجه عن أبي جحيفة وحذيفة وغيرهما. وفي لفظ لبعضهم: "فقد رآني؛ فإن الشيطان لا يتمثل بي". ورواه أحمد والشيخان عن أبي قتادة بلفظ الترجمة، وزيادة: "فإن الشيطان لا يتزيا بي". 2483- "من رد عن عرض أخيه؛ رد الله عن وجهه النار يوم القيامة" 2. قال في "التمييز": أخرجه الترمذي عن أبي الدرداء مرفوعًا وحسنه. ورواه البيهقي عن أبي الدرداء بلفظ: "من رد عن عرض أخيه؛ كان له حجابًا من النار". والله أعلم.

_ 1 أصله عند مسلم، كما سيذكره المصنف. 2 صحيح: رقم "6262".

2484- من رفع كتابًا عن الطريق فيه بسم الله إجلالًا له؛ كتب من الصديقين1. رواه الدارقطني في "الأفراد" عن أبي هريرة رفعه، ولأبي الشيخ عن أنس رفعه: "من رفع قرطاسًا من الأرض فيه "بسم الله" إجلالًا؛ كتب من الصديقين. ومثله في الحكم كل اسم معظم. 2485- "من رأى منكم منكرًا؛ فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". رواه أحمد ومسلم والأربعة عن أبي سعيد. 2486- من رفع نفسه قمعه الله. رواه ابن عساكر عن أبي بن كعب بلفظ: "من رفع نفسه في الدنيا؛ قمعه الله يوم القيامة، ومن تواضع لله في الدنيا بعث الله إليه ملكًا يوم القيامة؛ فأنشطه من بين الجمع، فقال: أيها العبد الصالح يقول الله -عز وجل- ائت إلي؛ فإنك ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون". 2487- من رضي من الله باليسير من الرزق؛ رضي الله منه باليسير من العمل2. رواه البيهقي والديلمي عن علي - رضي الله تعالى عنه. 2488- من رفع يديه؛ فلا صلاة له. قال القاري: موضوع. 2489- من زار قبري؛ وجبت له شفاعتي3. قال في الأصل: رواه أبو الشيخ، وابن أبي الدنيا وغيرهما عن ابن عمر، وهو في صحيح ابن خزيمة، وأشار إلى تضعيفه. وعند أبي الشيخ والطبراني وابن عدي والدارقطني والبيهقي، ولفظهم: "كان كمن زارني في حياتي"، وضعفه البيهقي.

_ 1 موضوع، رنحوه 9 في الضعيفة "ح268". 2 ضعيف: رقم "5612". 3 موضوع: رقم "5618".

وقال الذهبي: طرقه كلها لينة؛ لكن يتقوى بعضها ببعض؛ لأن ما في رواتها متهم بالكذب. قال: ومن أجودها إسناد حديث حاطب الذي أخرجه ابن عساكر وغيره: "من زارني بعد؛ فكأنما زارني في حياتي". وللطيالسي عن عمر مرفوعًا: "من زار قبري كنت له شفيعًا أو شهيدًا". وللسبكي "شفاء السقام في زيارة خير الأنام" وذكر فيه أحاديث كثيرة في هذا المعنى. وكذا ذكر ابن حجر المكي في كتابه "الجوهر المنظم" أحاديث من هذا النمط: منها قوله -عليه السلام- "من زارني أو من زار قبري إلى المدينة كنت له شفيعًا وشهيدًا". وروى البيهقي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- "من زارني في المدينة محتسبًا؛ كنت له شهيدًا وشفيعًا يوم القيامة". 2490- من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد؛ دخل الجنة. قال النووي في "شرح المهذب" في آخر الحج: موضوع لا أصل له. وقال ابن تيمية: موضوع، ولم يروه أحد من أهل العلم بالحديث. 2491- من زرع حصد1. قال في "المقاصد": معناه صحيح وإليه يشير قوله تعالى {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً} [آل عمران: 30] وقد مضى: "الدنيا مزرعة الآخرة"، واشتهر: "من زرع الأحن حصد المحن". 2492- من زوى ميراثًا عن وارثه زوى الله عنه ميراثه من الجنة2. أورده الديلمي بلا سند عن أنس رفعه، ولا يصح، وأخرجه ابن ماجه عن أنس رفعه: "من فر عن ميراث وارثه؛ قطع الله ميراثه من الجنة يوم القيامة"، وهو ضعيف جدًا. 2493- من زار حيًا ولم يكرمه؛ فكأنما زار ميتًا. لينظر.

_ 1 ليس بحديث، انظر التمييز "1379". 2 ضعيف، بنحوه في ضعيف ابن ماجه "ح590".

2494- من زار العلماء؛ فكأنما زارني، ومن صافح العلماء؛ فكأنما صافحني، ومن جالس العلماء؛ فكأنما جالسني، ومن جالسني في الدنيا؛ أجلس إلي يوم القيامة. قال في الذيل: في إسناده حفص؛ كذاب. 2495- من سبق إلى مباح فهو له1. رواه أبو داود عن أسمر بن مضرس رفعه بلفظ: "من سبق إلى ما لم يسبق إليه؛ فهو له"، وصححه الضياء، وقال البغوي: لا أعلم بهذا الإسناد غير هذا الحديث، ونحوه: "من أحيا أرضًا ميتة في غير حق مسلم؛ فهي له" أخرجه البيهقي، وابن أبي شيبة وابن راهويه والبزار وأحمد، وغيرهم عن عمرو بن عوف المزني، ورواه الطبراني والبيهقي عن سمرة رفعه: "من أحاط حائطًا على أرض؛ فهي له"، وعبد بن حميد عن جابر رفعه. وأخرج البخاري وأحمد والنسائي عن عائشة مرفوعًا: "من عمر أرضًا ليست لأحد؛ فهو أحق بها"، ورواه أبو داود والضياء عن أم جندب بلفظ: "من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم؛ فهو له"، ويؤيده حديث: منى مناخ من سبق، وأخرجه الطبراني عن فضالة بن عبيد. 2496- من سبق العاطس بالحمد أمن من الشوص واللوص والعلوص2. ذكره في النهاية وهو ضعيف، وفي "الأوسط" للطبراني عن علي رفعه: "من عطس عنده، فسبق بالحمد؛ لم يشتك خاصرته"، ونظم بعضهم الحديث فقال: من يبتدي عاطسًا بالحمد يأمن من ... شوص ولوص وعلوص كذا وردا عنيت بالشوص داء الرأس ثم بما ... يليه داء البطن والضرس اتبع رشدا وقال بعضهم: الشوص بفتح الشين المعجمة: وجع الضرس، وقيل: وجع البطن، والثاني بفتح اللام: وجع الأذن، وقيل: وجع المخ، والثالث وجع البطن من التخمة، وهو بكسر العين المهملة الثقيلة، وفتح اللام الثقيلة، وسكون الواو، آخر الجميع صاد مهملة.

_ 1 بنحوه، من حديث أم جندب، ضعيف: رقم "5633". 2 انظر تذكرة الموضوعات "165".

وقال النجم: أخرج تمام وابن عساكر: "من سبق العاطس بالحمد؛ وقاه الله وجع الخاصرة، ولم ير فيه مكروهًا؛ حتى يخرج من الدنيا"، وفي سنده بقية، وقد عنعنه. 2497- "من ستر أخاه المسلم في الدنيا؛ ستره الله يوم القيامة" 1. قال النجم: رواه أحمد عن رجل من الصحابة. ورواه الطبراني عن عقبة بن عامر بلفظ: "من ستر أخاه في فاحشة رآها عليه؛ ستره الله في الدنيا والآخرة". ورواه أبو نعيم عن ثابت بن مخلد بلفظ: "من ستر مسلمًا؛ ستره الله في الدنيا والآخرة". ولابن أبي الدنيا وابن عدي والخطيب عن مسلمة بن مخلد بزيادة: "ومن فك عن مكروب كربه؛ فك الله عنه كربه من كرب يوم القيامة، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته". وروى أحمد والبيهقي عن عقبة بن عامر، والطبراني والخرائطي وابن النجار عن مسلمة بن مخلد: "من ستر على مؤمن عورة؛ فكأنما أحيا موؤودة من قبرها". وروى ابن ماجه عن ابن عباس: "من ستر عورة أخيه المسلم؛ ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم؛ كشف الله عورته، ففضحه في بيته". 2498- من سر أخاه المؤمن فقد سر الله. كذا في "الإحياء". قال العراقي: رواه ابن حبان والعقيلي في "الضعفاء" من حديث أبي بكر الصديق بلفظ: "من سر مؤمنًا؛ فإنما سر الله". قال العقيلي: باطل لا أصل له. وفي الذيل: حديث "من سر مؤمنًا؛ فإنما يسر الله، ومن عظم مؤمنًا؛ فإنما يعظم الله، ومن أكرم مؤمنًا؛ فإنما يكرم الله كذب بين". وقال ابن حبان: سمعت جعفر بن أبان يملي: أنبأنا ابن أفج، حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر: "من سر مؤمن؛ فقد سرني، ومن سرني؛ فقد سر الله تعالى". فقلت: يا شيخ، اتق الله ولا تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: لست مني في حق، أنتم تحسدونني لإسنادي. فخوفته حتى حلف لا يحدث بمكة.

_ 1 صحيح: رقم "6287".

2499- "من سكن البادية جفا، ومن أتى السلطان؛ افتتن، ومن اتبع الصيد غفل" 1. رواه العسكري عن ابن عباس رفعه، وأبو داود والترمذي وأبو يعلى والطبراني عنه. يزيد بعضهم على بعض، وأوله عند بعضهم "من بدا جفا". أخرجه أحمد والبيهقي والقضاعي عن أبي هريرة رفعه بزيادة: "وما ازداد أحد من السلطان قربًا؛ إلا ازداد من الله بعدًا". ورواه السيوطي في كتاب سماه ما رواه "الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين"، عن ابن عباس رفعه بلفظ: "من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن". ورواه أيضًا أبو داود والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من بدا فقد جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن، وما ازداد عبد إلى السلطان دنوًا؛ إلا ازداد من الله بعدًا". قال ابن الغرس: ضبط "افتتن" بالبناء للفاعل والمفعول. انتهى. وأقول في بنائه للمفعول نظر؛ لأنه لازم. فتأمل. 2500- "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا؛ سهل الله له طريقًا إلى الجنة" 2. رواه أحمد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. 2501- من سلك مسلك التهم اتهم3. رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" عن عمر من قوله بلفظ: "من أقام نفسه مقام التهمة؛ فلا يلومن من أساء الظن به". وقد ذكر السخاوي آثارًا من معناه في تصنيف له في الظن: منها ما في الكشاف في أواخر تفسير الأحزاب بلفظ: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يقفن مواقف التهم". 2502- من سر؛ فليولم4. قال القاري كالتمييز: ليس بحديث.

_ 1 صحيح بنحوه: رقم "6296". 2 صحيح: رقم "6298". 3 هو من كلام عمر، وانظر التمييز "1385". 4 أي نكح: {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} .

2503- من سمع المنادي بالصلاة فقال: مرحبًا بالقائلين عدلًا، مرحبًا بالصلاة وأهلًا؛ كتب الله له ألفي ألف حسنة ومحا عنه ألفي ألف سيئة، ورفع له ألفي ألف درجة1. هو موضوع كما في "اللآلئ". 2504- "من سمع؛ سمع الله به، ومن راءى؛ راءى الله به". متفق عليه عن جندب مرفوعًا، وأخرجه مسلم وغيره عن ابن عباس مرفوعًا. وفي الباب عن أبي سعيد وعن ابن عمر والبيهقي والطبراني في "الكبير" رفعه بلفظ: "من سمع الناس؛ سمع الله به سامع خلقه وحقره وصغره". وعزاه الغزالي لابن عمر، وفي الزهد لابن المبارك ومسند أحمد وابن منيع، عن ابن عمرو بن العاص. 2505- "من سئل عن علم فكتمه؛ ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة" 2. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وأبو يعلى والترمذي وحسنه الحاكم، وصححه البيهقي عن أبي هريرة مرفوعًا وهو عند الحاكم أيضًا وغيره وصححه، عن ابن عمر وعند ابن ماجه عن أنس وأبي سعيد بسند ضعيف. وعند الطبراني عن ابن عباس وابن عمر وابن مسعود قال في "اللآلئ": بعد إيراد ما تقدم بزيادة: ورواه عبد الله بن وهب المصري، عن عبد الله بن عياش عن أبيه، عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عمر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كتم علمًا؛ ألجمه الله بلجام من نار"، وهذا إسناد صحيح ليس فيه مجراح، وقد ظن ابن الجوزي أن ابن وهب هذا هو الفسوي الذي قال فيه ابن حبان: دجال، وليس كذلك. انتهى. ورواه ابن ماجه عن أبي سعيد بلفظ: "من كتم علمًا مما ينفع الله به الناس في أمر الدين؛ ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار". ورواه ابن عدي عن ابن مسعود بلفظ: "من كتم علمًا عن أهله؛ ألجم يوم القيامة لجامًا من نار".

_ 1 "موضوع"، وانظر "الأسرار المرفوعة"، للقاري "346، 347". 2 صحيح: رقم "6284".

2506- من شم الورد الأحمر ولم يصل علي؛ فقد جفاني1. موضوع كحديث "الورد الأحمر من عرق النبي صلى الله عليه وسلم"؛ قاله الصغاني، وتقدم في "إن الورد.." الكلام عليه مستوفى. 2507- "من شاب شيبة في الإسلام؛ كانت له نورًا يوم القيامة" 2. رواه أحمد أبو داود والترمذي والبيهقي، عن عمرو بن عنبسة رفعه، وهو حسن. وفي الباب أحاديث كثيرة منها ما أخرجه الديلمي في مسنده وأبو الشيخ وآخرون عن أنس رفعه: "يقول الله عز وجل: "الشيب نوري، والنار خلقي، وأنا أستحي أن أعذب نوري بناري". وروى الديلمي عن أبي هريرة رفعه: "أن الله يبغض الشيخ الغربيب" -بكسر الغين المعجمة- الذي لا يشيب، وجمعه غرابيب، وقيل الذي يسود شعره يصبغه بالسواد. 2508- من سمى في وضوئه؛ لم يزل ملكان يكتبان له الحسنات؛ حتى يحدث من ذلك الوضوء3. قال القاري: في إسناده ابن علوان، مشهور بالوضع. 2509- "من سن في الإسلام سنة حسنة؛ كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن في الإسلام سنة سيئة؛ كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة". رواه مسلم عن جرير، قال في "فتح الباري": وهو محمول على من لم يتب من ذلك الذنب. انتهى. وعزاه النجم لمسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن جرير بلفظ: "من سن في الإسلام سنة حسنة؛ فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة؛ فعليه وزرها ووزر من عمل بها غير أن ينقص من أوزارهم شيء".

_ 1 "موضوع" انظر الضعيفة "ح537". 2 صحيح: رقم "6307" من حديث كعب بن مرة. 3 "موضوع" انظر الأسرار المرفوعة "346".

ورواه ابن ماجه عن أبي جحيفة نحوه. وعزاه النووي في رياض الصالحين لمسلم في آخر حديث عن جرير بلفظ: "من سن في الإسلام سنة حسنة؛ فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء". انتهى. والمشهور على الألسنة بلفظ: "من سن سنة حسنة؛ فله أجرها وأجر من يعمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من يعمل بها إلى يوم القيامة". فاعرفه. 2510- "من شرب الخمر في الدنيا؛ لم يشربها في الآخرة" 1. رواه ابن ماجه عن أبي هريرة وهذا محمول على من لم يتب منها، كما عند أحمد والستة، عن ابن عمر بلفظ: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها؛ لم يشربها في الآخرة". وفي رواية: "من شرب الخمر في الدنيا ولم يتب؛ لم يشربها في الآخرة". وفي لفظ عند مسلم: "ثم لم يتب منها؛ حرمها في الآخرة"، وتقدم في "الخمر أم الخبائث". 2511- من شكا ضرورته وجبت مساعدته - وروي معونته2. هو من كلام بعض السلف. وفي الأحاديث شواهد لمعناه. 2512- من صبر على حر مكة ساعة من نهار؛ تباعدت منه جهنم مسيرة مائتي عام3. ذكره الأزرقي في "تاريخ مكة" بغير إسناد. والزمخشري في تفسير "آل عمران". وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" عن ابن عباس رفعه: "من صبر على حر مكة ساعة؛ باعد الله جهنم منه سبعين خريفًا"، وقال هذا باطل لا أصل له.

_ 1 صحيح: رقم "6311". 2 "ليس بحديث"، انظر التمييز لابن الديبع "1389". 3 "باطل"، وانظر التمييز "190".

وأورده الديلمي عن أنس بلفظ: "تباعدت منه جهنم مائة عام، وتقربت منه الجنة مائة عام". وقال القاري: قلت: قد ذكره الإمام النسفي في "تفسير المدارك"، وهو إمام جليل فلا بد أن يكون للحديث أصل أصيل، غايته أن يكون ضعيفًا. انتهى؛ فتأمله. وقال النجم: وأخرجه ابن أبي شيبة عن أبي هريرة بلفظ الترجمة، وزاد: "وتقربت منه الجنة مائتي عام"، وفي سنده عبد الرحيم بن زيد العمي، وهو متروك عن أبيه وليس بالقوي. 2513- من صبر وتأنى؛ نال ما تمنى. قال النجم: ليس بحديث؛ بل من الحكم، ومن الأمثال في معناه: "من صبر على الحصرم أكله حلوى". 2514- من صلى خلف عالم تقي؛ فكأنما صلى خلف نبي1. تقدم عن السخاوي أنه لم يقف عليه. 2515- "من صلى الصبح في جماعة؛ فهو في ذمة الله، فانظر يا ابن آدم لا يطلبنك الله بشيء من ذمته". رواه مسلم عن جندب بن سفيان مرفوعًا. وفي لفظ لأحمد والترمذي وابن ماجه وأبي يعلى عن أبي بكر الصديق: "فهو في جوار الله"، وليس فيه ذكر جماعة. ورواه الأوزاعي عن أبي سمرة رفعه بلفظ: "من صلى الصبح فهو في ذمة الله تعالى". ورواه الطبراني عن ابن عمر بلفظ: "من صلى الغداة؛ كان في ذمة الله حتى يمسي". وله عن أبي مالك الأشجعي: "من صلى الفجر؛ فهو في ذمة الله، وحسابه على الله". 2516- من صلى علي مرة؛ لم يبق من ذنوبه ذرة. موضوع؛ كما قاله الصغاني.

_ 1 لا أصل له"، وانظر الضعيفة "ح573".

2517- "من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرًا". رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة. ورواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي عن أنس بلفظ: "من صلى علي صلاة واحدة؛ صلى الله عليه بها عشر صلوات، وحط عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر درجات". ورواه أحمد عن ابن عمر بلفظ: "من صلى علي صلاة؛ صلى الله عليه وملائكته بها سبعين صلاة؛ فليقل عند ذلك أو ليكثر". 2518- من صلى علي في كتاب؛ لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب1. رواه الطبراني في "الأوسط" وابن أبي شيبة والمستغفري في "الدعوات" بسند ضعيف. 2519- من صلى صلاة الصبح في جماعة؛ فكأنما حج مع آدم خمسين حجة، ومن صلى صلاة الظهر في الجماعة؛ فكأنما حج مع نوح أربعين حجة أو ثلاثين.." إلخ. موضوع؛ كما قاله الصغاني. 2520- من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة؛ كتب الله له صيام ستين شهرًا. هذا الحديث ذكره الحلبي في سيرته في أواخرها قبل باب ذكر عمره -صلى الله عليه وسلم- من غير عزو لأحد، ثم نقل عن الحافظ الذهبي أنه حديث منكر جدًا؛ بل كذب فقد ثبت في الصحيح أن صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، فكيف يكون صيام يوم واحد يعدل ستين شهرًا؟ هذا باطل، فليتأمل. انتهى ما في السيرة، وذكر فيها قبيل ذكره أن الرافضة -قبحهم الله- اتخذوه عيدًا لهم لأمر ذكره فيها فليراجع. 2521- "من صمت نجا" 2. رواه الترمذي وقال: غريب، والدارمي وأحمد وآخرون عن ابن عمرو بن العاص مرفوعًا وفي سنده ابن لهيعة، ومن ثم قال النووي في الأذكار بعد ما عزاه الترمذي وإسناده ضعيف. انتهى.

_ 1 في سنده بشر بن عبيد الدارسي كذبه الأزدي وغيره، كما في "المجمع"، "137/ 1". 2 صحيح: رقم "6367".

لكن شواهده كثيرة: منها كما في حسن السمت عند الطبراني بسند جيد إلى أبي ذر قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليك بطول الصمت؛ إلا من خير؛ فإنه مطردة للشيطان عنك، وعون لك على أمر دينك". ومنها ما سيأتي بعضه مفرقًا في الحروف، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى. وصنف ابن أبي الدنيا في "الصمت" جزءًا حافلًا، ولخصه السيوطي مع زيادة وسماه "حسن السمت"1. 2522- "من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ الروح يوم القيامة وليس بنافخ". متفق عليه. 2523- "من ضمن لي ما بين لحييه ورجليه؛ ضمنت له على الله الجنة" 2. رواه جماعة عن جابر مرفوعًا، وأخرجه البخاري والترمذي عن سهل بن سعد بلفظ: "من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة". وفي لفظ: "من توكل لي ما بين فقميه 3 ورجليه؛ أتوكل له بالجنة"، وفي آخر: "من تكفل لي تكلفت له"، وتكلم عليهما العسكري. ورواه عن ابن عباس وأبي هريرة ابن حبان وغيره ولفظ حديث أبي هريرة: "من وقاه الله شر ما بين لحييه وما بين رجليه؛ دخل الجنة"، وفي لفظ عنه: "من حفظ ما بين لحييه". وللديلمي بسند ضعيف عن أنس رفعه: "من وقى شر قبقبه وذبذبه ولقلقه؛ وجبت له الجنة"، ولفظ "الإحياء": "فقد وقي" بدل "وجبت له الجنة". وقبقبه -بقافين مفتوحتين وموحدتين؛ أولاهما ساكنة البطن- من القبقبة: وهي صوت يسمع من البطن، وذبذبه -بالذالين معجمتين مفتوحتين وموحدتين؛ أولاهما ساكنة- الذكر، ولقلقه -بلامين مفتوحتين وقافين أولاهما ساكنة- اللسان، ويجوز أن يكون القبقبة: كناية عن أكل الحرام.

_ 1 تصحف اسم الكتاب في النسخ المطبوعة التي وقفنا عليها إلى "حسن الصمت" والصواب ما أثبتناه. انظر كشف الظنون 666. 2 سبق بنحوه في حديث "2467". 3 فقمية: لحييه.

2524- "من صنع إلى أحد من ولد عبد المطلب يدًا" 1. تقدم في "من أسدى". 2525- من طاف بهذا البيت أسبوعًا، وصلى خلف المقام ركعتين، وشرب من ماء زمزم؛ غفرت له ذنوبه بالغة ما بلغت2. رواه الواحدي في "تفسيره" والجندي في "فضائل مكة" عن جابر رفعه. وأخرجه الديلمي في مسنده بلفظ: "من طاف بالبيت أسبوعًا، ثم أتى مقام إبراهيم فركع عنده ركعتين، ثم أتى زمزم فشرب من مائها؛ أخرجه الله من ذنوبه كيوم ولدته أمه". قال في "المقاصد": ولا يصح باللفظين، وقد ولع به العامة كثيرًا لا سيما بمكة؛ بحيث كتب على بعض جدرها الملاصق لزمزم، وتعلقوا في ثبوته بمنام وشبهه، مما لا تثبت الأحاديث النبوية بمثله. وقال القاري: ليس بموضوع؛ غايته أنه ضعيف، مع أن قول السخاوي لا يصح لا ينافي الضعيف ولا الحسن؛ إلا أن يريد به أنه لا يثبت، وكأن المنوفي فهم هذا المعنى حتى قال في المختصر: إنه باطل لا أصل له. وقد أغرب بعض علمائنا في استدلاله بهذا الحديث على تكفير الكبائر والصغائر؛ مع أن كون الحج يكفر الكبائر خلاف الإجماع، كما صرح به التوربشتي والقاضي عياض والنووي وغيرهم: أنه لا يكفر الكبائر إلا التوبة. انتهى، فليتأمل ويراجع. قال السخاوي: ومن المشهور بين الطائفين، حديث: "من طاف أسبوعًا في المطر؛ غفر له ما سلف من ذنوبه"، ويحرصون لذلك على الطواف في المطر، ولا أصل له في المرفوع، وهو فعل حسن؛ حتى أن البدر بن جماعة طاف بالبيت سباحة، كلما حاذى الحجر غطس لتقبيله، واتفق لغيره من المكيين وغيرهم. بل قال مجاهد إن ابن الزبير -رضي الله عنه- طاف سباحة، وقد جاء سيل طبق الأرض وامتنع الناس من الطواف.

_ 1 سبق في معناه حديث "2369". 2 انظر في معناه أحاديث "6379"، "6380" في صحيح الجامع.

وعند الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر بلفظ: "من طاف بالبيت أسبوعًا وصلى ركعتين كان كعتق رقبة". وذكره الغزالي في "الإحياء" بهذا اللفظ؛ بل عنده أيضًا: "فمن طاف أسبوعًا حافيًا حاسرًا؛ كان له كعتق رقبة، ومن طاف أسبوعًا في المطر غفر له ما سلف من ذنبه". ولم يخرج ثانيهما العراقي، وأما أولهما فلابن ماجه عن أبي عقال، قال: "طفت مع أنس بن مالك في مطر؛ فلما قضينا الطواف أتينا المقام فصلينا ركعتين، فقال لنا أنس: ائتنفوا العمل فقد غفر لكم، هكذا قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطفنا معه في مطر". وفي لفظ لغيره: "من طاف بالكعبة في يوم مطير؛ كتب الله له بكل قطرة تصيبه حسنة ومحا عنه بالأخرى سيئة". ويشهد لذلك كثرة الأحاديث الواردة في فضل مطلق الطواف والترغيب فيه، كحديث ابن عمر عند الترمذي وحسنه واللفظ له ولابن ماجه مرفوعًا: "من طاف بهذا البيت أسبوعًا وأحصاه؛ كان كعتق رقبة". بل من المشهور أيضًا حديث "من طاف بالبيت سبعًا لا يتكلم إلا بـ "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله"؛ محيت عنه عشر سيئات، وكتبت له عشر حسنات، ورفع له بها عشر درجات، ومن طاف فتكلم في تلك الحال؛ خاض في الرحمة برجليه كخائض الماء برجليه". وأخرجه الطبراني في "الأوسط" وابن ماجه بسند ضعيف، وفيه: "من طاف حول البيت سبعًا في يوم صائف شديد حره، وحسر عن رأسه، وقارب بين خطاه، وقل التفاته، وغض بصره، وقل كلامه إلا بذكر الله، واستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذي أحدًا؛ كتب الله له بكل قدم يرفعها ويضعها سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة، ويعتق عنه سبعين ألف رقبة، ثمن كل رقبة عشرة آلاف درهم، ويعطيه الله سبعين شفاعة: إن شاء في أهل بيته من المسلمين، وإن شاء في العامة، وإن شاء عجلت له في الدنيا، وإن شاء أخرت له في الآخرة". وأخرجه الجندي في تاريخ مكة عن ابن عباس مرفوعًا، وفي رسالة الحسن البصري ومناسك ابن الحاج نحوه؛ ولكن آثار الوضع عليه لائحة، ولذا قال السخاوي أنه باطل.

2526- من طلب السلامة سلم1. قال في "المقاصد": معناه صحيح، وقال القاري: ليس بحديث. 2527- من طلب الدنيا بعمل الآخرة؛ فليس له في الآخرة من نصيب2. رواه الديلمي عن أنس به والطبراني وأبو نعيم عن الجارود بن المعلي: "من طلب الدنيا بعمل الآخرة؛ طمس وجهه، ومحق ذكره وأثبت اسمه في أهل النار". 2528- "من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو ليماري به السفهاء، وليصرف وجوه الناس إليه؛ فهو في النار" 3. رواه ابن ماجه عن ابن عمر ورواه ابن ماجه أيضًا عن ابن دريك بلفظ: "من طلب العلم لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار". 2529- من ظلم ذميًا؛ كنت خصمه4. رواه أبو داود بسند حسن بلفظ: "من ظلم معاهدًا أو تنقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس؛ فأنا خصمه يوم القيامة". وتقدم في "من آذى ذميًا". 2530- من عبد الله بجهل؛ كان ما يفسد أكثر مما يصلح5. قيل: هو من كلام ضرار بن الأزور الصحابي رضي الله عنه. وللديلمي عن واثلة بن الأسقع رفعه: "المتعبد بغير فقه؛ كالحمار في الطاحون". قال القاري ويؤيده حديث: "لفقيه واحد؛ أشد على الشيطان من ألف عابد". 2531- "من عرض عليه طيب فلا يرده؛ فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة". رواه مسلم وأبو داود وغيرهما عن أبي هريرة مرفوعًا، ولفظ بعضهم ريحان بدل طيب، وللترمذي عن ابن عمر مرفوعًا، ولفظ بعضهم: "ريحان" بدل "طيب". وللترمذي: "ثلاثة لا ترد؛ اللبن، والوسادة، والدهن".

_ 1 "ليس بحديث"، انظر التمييز "1398". 2 بنحوه في "المجمع"، "220/ 10"، وقال: "رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم". 3 حسن: رقم "6382". 4 بنحوه في ضعيف الجامع "ح5320". 5 ليس بحديث، انظر الأسرار المرفوعة "301".

وزاد بعضهم "اللحم". وأنشد بعضهم في ذلك: قد كان من سيرة خير الورى ... صلى عليه الله طول الزمن أن لا يرد الطيب والمتكى ... واللحم أيضًا يا أخي واللبن وغاية ما ورد في الحديث سبع نظمها الجلال السيوطي بقوله على ما قيل: عن المصطفى سبع يسن قبولها ... إذا ما بها قد أتحف المرء خلان دهان وحلوى ثم در وسادة ... وآلة تنظيف وطيب وريحان 2532- من عرف نفسه فقد عرف ربه1. قال ابن تيميه موضوع. وقال النووي قبله: ليس بثابت. وقال أبو المظفر بن السمعاني في "القواطع": إنه لا يعرف مرفوعًا، وإنما يحكى عن يحيى بن معاذ الرازي، يعني من قوله. وقال ابن الغرس بعد أن نقل عن النووي أنه ليس بثابت، قال: لكن كتب الصوفية مشحونة به يسوقونه مساق الحديث كالشيخ محي الدين بن عربي وغيره. قال وذكره لنا شيخنا الشيخ حجازي الواعظ شارح "الجامع الصغير" للسيوطي بأن الشيخ محي الدين بن عربي معدود من الحفاظ2. وذكر بعض الأصحاب أن الشيخ محي الدين قال: هذا الحديث؛ وإن لم يصح من طريق الرواية؛ فقد صح عندنا من طريق الكشف3. وللحافظ السيوطي فيه تأليف لطيف سماه "القول الأشبه في حديث من عرف نفسه فقد عرف ربه"، وقال النجم: قلت: وقع في أدب الدين والدنيا للماوردي، عن عائشة: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم: من أعرف الناس بربه؟ قال: أعرفهم بنفسه". 2533- من عرف نفسه كل لسانه. قال القاري نقلًا عن السيوطي: ليس بثابت.

_ 1 "موضوع"، انظر الأسرار المرفوعة "351". 2 كلا والله بل هو معدود من أئمة الزيغ والضلال. 3 سبق أن نبهنا مرارًا على ذلك المسلك الخاطئ في تصحيح الأحاديث عن طريق ما يسمونه بالكشف، وما هو إلا وحي شيطاني.

2534- من عرف نفسه استراح1. ليس في المرفوع؛ بل رواه ابن أبي الدنيا عن ابن عيينة بلفظ: "ليس يضر المدح من عرف نفسه"، ومعنى استراح أي: من مدح الخلق وذمهم. 2535- من عزى مصابًا؛ فله مثل أجره2. رواه الترمذي وابن ماجه وابن منيع عن ابن مسعود رفعه، وذكره ابن طاهر في الكلام على أحاديث الشهاب بسند ضعيف جدًا بزيادة: "من غير أن ينقصه الله من أجره شيئًا". وذكر السخاوي بنحوه أحاديث في ارتياح الأكباد في موت الأولاد. والله أعلم. 2536- من عز بز. قال النجم هو مثل، وليس بحديث، ومعناه كما في القاموس: من غلب سلب انتهى. 2537- من عز بغير الله ذل3. رواه أبو نعيم عن ابن عمر بسند ضعيف كما قال المناوي. وتقدم في "من اعتز بغير الله". 2538- من عشق فعف فكتم فمات؛ مات شهيدًا4. رواه الخطيب في ترجمة محمد بن داود الأصبهاني، عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ "فهو شهيد". ورواه جعفر السراج في "مصارع العشاق" عن سويد بلفظ: "من عشق فظفر فعف فمات مات شهيدًا". ورواه ابن المرزبان عن أبي بكر الأزرق عن سويد موقوفًا، وقال: إن شيخه كان حدثه به مرفوعًا؛ فعاتبه فيه، فأسقط الرفع، ثم صار بعد يرويه موقوفًا، وهو مما أنكره يحيى بن معين وغيره على سويد.

_ 1 لا يصح مرفوعًا، انظر الأسرار المرفوعة "352". 2 ضعيف: رقم "5708". 3 سبق في معناه حديث "2409". 4 بنحوه، موضوع: رقم "5709" عن عائشة، "5710" عن ابن عباس.

حتى إن الحاكم قال في تاريخه: يقال أن يحيى لما ذكر هذا الحديث قال: لو كان لي فرس ورمح غزوت سويدًا. قال في "المقاصد": لكنه لم ينفرد به، وقد رواه الزبير بن بكار، عن مجاهد مرفوعًا بسند صحيح وذكره ابن حزم في معرض الاحتجاج؛ فقال: فإن أهلك هوى أهلك شهيدًا ... وإن تمنن بقيت قرير عين روى هذا لنا قوم ثقات ... نأوا بالصدق عن كذب ومين وذكر نحوه منظومًا الباجي، وأبو القاسم القشيري وغيرهما، ومنه قول ابن الربيع: تعفف إذا ما تخل بالخل عالما ... بكون إلهي ناظرًا وشهيدا ففي خبر المختار من عف كاتما ... هواه إذا ما مات مات شهيدا وقال في "الدرر": حديث "من عشق فعف فكتم فمات؛ فهو شهيد" له طرق عن ابن عباس. وأخرجه الحاكم في "تاريخ نيسابور"، والخطيب في "تاريخ بغداد"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، وللديلمي بلا سند عن أبي سعيد رفعه العشق من غير ريبة كفارة للذنوب، وقد عقد شيخنا الشيخ عبد الغني -رحمه الله تعالى- حديث الديلمي فقال: يا من يحب حبيبه ... أترك جميع العيوب وأقدم بنفس منيبة ... واشرب بألطف كوب ولا تخف شر ريبه ... من جاهل محجوب وروى الثقات غريبه ... للديلمي المرغوب في ذي المعاني نسيبه ... فردوسه المطلوب قد قال من بث طيبه ... طه شفاء القلوب العشق من غير ريبه ... كفارة للذنوب وعند الطبراني في "الأوسط" والنسائي عن ابن عباس: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث سرية، فغنموا وفيهم رجل، فقال: اللهم إني لست منهم؛ عشقت امرأة فلحقتها، فدعوني أنظر إليها نظرة ثم اصنعوا بي ما بدا لكم؛ فنظروا فإذا امرأة طويلة أدماء، فقال لها: اسلمي جيش قبل نفار العيش

أرأيت لو تبعتكم فلحقتكم ... بجيلة أو لقيتكم بالخوانق أما كان حق أن ينول عاشق ... تكلف إذ لاح السرى والودايق قالت نعم فديتك؛ فقدموه فضربوا عنقه، فجاءت المرأة، فوقفت عليه، فشهقت شهقة أو شهقتين ثم ماتت. فلما قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبروه بذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما كان فيكم رجل رحيم؟ ". وأخرجه الخرائطي والديلمي وغيرهما، ولفظ بعضهم: "من عشق فعف فكتم فصبر فمات؛ فهو شهيد"، وله طرق عند البيهقي، ونظيره في توالي التعقيب بالفاء قوله تعالى {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} 1 - الآية. 2539- من سرح لحيته حين يصبح كان له أمانًا حتى يمسي؛ لأن اللحية زين للرجال وجمال للوجه2. موضوع كحديث "من أمر المشط على حاجبيه عوفي من الوباء"، وكحديث "عليكم بالمشط، فإنه يذهب الفقر جميعًا": موضوع كذب. كما نقل ذلك ابن حجر المكي عن الحافظ السيوطي. 2540- من عصى الله في غربته رده خائبًا -وفي لفظ- رده في كربته3. قال القاري ترجمه السخاوي ولم يتكلم عليه، ولا أصل له فيما أعلمه. انتهى. 2541- من علق قنديلًا في المسجد؛ صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يطفأ ذلك القنديل، ومن بسط فيه حصيرًا؛ صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يتقطع ذلك الحصير4 ". قال في "اللآلئ": موضوع.

_ 1 سورة الشمس: الآية 13. 2 موضوع، انظر اللآلئ المصنوعة "144/ 2". 3 لا أصل له، انظر التمييز "1407". 4 موضوع، انظر تذكرة الموضوعات "37".

2542- من عمل بما علم؛ أورثه الله تعالى علم ما لم يعلم1. رواه أبو نعيم عن أنس. 2543- من علم عبدًا آية من كتاب الله تعالى؛ فهو له عبد2. رواه الطبراني عن أبي أمامة مرفوعًا لكن بلفظ: "فهو مولاه". ونحوه ما جاء عن شعبة: أنه قال: "من كتبت عنه أربعة أحاديث أو خمسة؛ فأنا عبده حتى أموت". بل في لفظ عنه: "ما كتبت عن أحد حديثًا؛ إلا وكنت له عبدًا ما حيي". قال النجم: وفي الحديث زيادة بعد قوله: "فهو مولاه": "ينبغي أن لا يخذله ولا يستأثر عليه، فإن هو فعل قصم عروة من عرى الإسلام". والمشهور على الألسنة: "من علمني حرفًا كنت له عبدًا". وأما من علم أخاه آية من كتاب الله؛ فقد ملك رقبته. فقال ابن تيمية: إنه موضوع، وتبعه في الذيل وإن كان بمعنى ما قبله. 2544- من عير أخاه بذنب؛ لم يمت حتى يعمله3. رواه الترمذي وابن منيع والطبراني وغيرهم عن معاذ مرفوعًا. وقال الترمذي: حسن غريب، وليس إسناده بمتصل. وقال ابن منيع: قالوا: يعني من ذنب قد تاب منه، ونحوه؛ فليجلدها ولا يثرب أي: لا يوبخ ولا يقرع بالزنا بعد الجلد. وتقدم ابن مسعود: "لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبًا". ولابن شيبة عن أبي موسى من قوله نحوه. وعزاه الزمخشري في تفسير الحجرات لعمرو بن شرحبيل بلفظ: "لو رأيت رجلًا يرضع عنزا فضحكت منه لخشيت أن أصنع مثل ما صنع".

_ 1 موضوع، انظر الضعيفة "422".؟ تصحفت في الأصل إلى "يعمل" والمثبت من حلية الأولياء "15/ 10". 2 قال الهيثمي في "المجمع"، "128/ 1": "رواه الطبراني في الكبير، وفيه عبيد بن رزين اللاذقي ولم أر من ذكره". 3 موضوع: رقم "5722".

وللبيهقي عن يحيى بن جابر قال: "ما عاب رجل قط رجلًا بعيب؛ إلا ابتلاه الله بذلك العيب". وعن النخعي قال: "إني لأرى الشيء فأكرهه، فما يمنعني أن أتكلم فيه؛ إلا مخافة أن أبتلى بمثله". ومن كلام بعضهم: "لا تعير أخاك بما فيه فيعافيه الله ويبتليك". 2545- "من علامة الساعة انتفاخ الأهلة" 1. رواه الطبراني في الصغير بلفظ: "من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة، وأن يرى الهلال الليلة فيقال لليلتين". ورواه أيضًا عن ابن مسعود في الكبير، وتمام في فوائده بلفظ الجملة الأولى فقط. ورواه أيضًا في "الأوسط" و"الصغير" عن أنس بلفظ: "من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلًا فيقال لليلتين، وأن تتخذ المساجد طرقًا، وأن يظهر موت الفجاءة ". وهذه الروايات بعضها يقوي بعضًا. ومن شواهده ما رواه البخاري في التاريخ عن طلحة بن أبي حدرد قال: "قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "من أشراط الساعة أن يروا الهلال فيقولون ابن ليلتين وهو ابن ليلة ". والانتفاج: روى بالجيم من انتفج جنبا البعير إذا ارتفعا وعظما، وروي بالخاء المعجمة، ومعناه واضح، وقيل بفتح القاف والباء الموحدة: أي يرى ساعة ما يطلع لعظمه ووضوحه من غير أن يتطلب. 2546- "من غسل واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، فاستمع ولم يلغ؛ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها" 2. ورواه أحمد والأربعة وابن حبان والحاكم عن أوس بن أوس بلفظ: "من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام واستمع وأنصت، ولم يلغ؛ كان له بكل خطوة يخطوها من بيته إلى المسجد عمل سنة أجر صيامها وقيامها".

_ 1 بنحوه في "المجمع"، "146/ 3"، وقال: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه عبد الرحمن بن يوسف، ذكر له في الميزان هذا الحديث، وقال: "إنه مجهول". 2 بنحوه، صحيح: رقم "6405".

وذكره بلفظ الأول في التحفة والنهاية فقالا للخبر الصحيح، ولم تعرضا لمن خرجه ولا لصحابيه. وقالا في "غسل": إنه بالتخفيف على الأرجح، وأن معناه: غسل رأسه أو زوجته، لما مر من ندب الجماع يومها أو ليلتها. وقالا في "بكر": أنه بالتشديد على الأشهر، وأن معناه: أتى بالصلاة أول وقتها. وأما بالتخفيف فمعناه: خرج من بيته باكرًا، أو أن معنى "ابتكر": أدرك أول الخطبة، أو تأكيدًا. انتهى ما قالاه ملخصًا. وذكره النجم بألفاظ أخر فراجعه. 2547- "من غشنا فليس منا". رواه مسلم عن أبي هريرة رفعه، وفيه: "ومن حمل علينا السلاح فليس منا". وعنده أيضا عنه مرفوعًا: "من غش فليس مني"؛ قاله حين مر على صبرة من طعام وأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابه السماء يا رسول الله. قال: هلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس" فذكره. ورواه ابن عنبسة عن العلاء بلفظ: "ليس منا من غش". وللعسكري عن أبي هريرة بلفظ الترجمة، وزاد، قيل: "يا رسول الله ما معنى قولك: "ليس منا؟ " فقال: "ليس مثلنا". وفي الباب عن أنس وبريدة وحذيفة وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وعلي وغيرهم. ولفظ حديث علي عند العسكري: "ليس منا من غش مسلمًا أو ضاره أو ماكره". ولفظ حديث ابن عمر عند القضاعي: "يا أيها الناس لا غش بين المسلمين؛ من غش فليس منا". ولفظ حديث أنس عند الدارقطني في الأفراد بسند ضعيف: "من غش أمتي فعليه لعنة الله". 2548- "من غرس غرسًا لم يأكل منه آدمي ولا خلق من خلق الله؛ إلا كان له صدقة" 1. رواه أحمد والطبراني عن أبي الدرداء.

_ 1 صحيح: رقم "6400".

2549- من فتنة العالم أن يكون الكلام أحب إليه من السكوت.. الحديث. ذكره الغزالي في "الإحياء". قال العراقي: رواه أبو نعيم وابن الجوزي في "الموضوعات"، وكذا في "المختصر". 2550- من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الوقوف بعرفة. ذكره في "الإحياء". قال العراقي: لم أجد له أصلًا. 2551- من أسر سريرة ألبسه الله رداءها. قيل: ليس بحديث؛ لكن معناه صحيح، ويقرب منه قول زهير1: ومهما تكن عند امرئ من خليفة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم 2552- أ- من أفرد الإقامة؛ فليس منا2. قال القاري نقلًا عن "اللآلئ": موضوع. وكذا حديث جابر في ثواب المؤذن بطوله موضوع 2552- ب- من عمل في فرقة بين امرأة وزوجها؛ كان في غضب الله ولعنته في الدنيا والآخرة، وكان حقًا على الله أن يضربه بصخرة من نار جهنم؛ إلا أن يتوب. رواه الدارقطني في "الأفراد"؛ قاله ابن حجر المكي في فتاواه. والله أعلم. 2553- "من فرق بين والدة وولدها؛ فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة" 3. رواه أحمد والدارمي والترمذي، وقال: حسن غريب، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، والطبراني عن أبي أيوب رفعه بسند ضعيف، وتصحيح الحاكم بكونه على شرط الشيخين منتقد بأن يحيى بن عبد الله راوية لم يخرج له أحد من الشيخين. وأخرجه البيهقي بسند فيه انقطاع، ورواه الدارقطني بسند فيه الواقدي عن حريث بن سليم العذري. ورواه الحاكم وأبو داود عن علي، والحاكم عن عمران بن حصين.

_ 1 في النسخ "امرؤ القيس" مكان "زهير" والبيت في معلقة زهير. هامش ط. القدسي. 2 موضوع، انظر اللآلئ "8/ 2". 3 صحيح: رقم "6412".

2554- من فصل بيني وبين آلي بـ "علي" لم ينل شفاعتي1. هذا من موضوعات الشيعة - قبحهم الله، نبه عليه العصام في مناهي حواشي الجامي؛ لكن بزيادة لفظ "كلمة" قبل "علي". وأقول: رواه مصطفى أفندي الأنطاكي باللفظ المشهور، قال: ورد بأنه غير ثابت، وإن سلم فالمراد به علي بن أبي طالب. انتهى فتدبره. 2555- من فرح أنثى فكأنما بكى من خشية الله2. موضوع كما نبه على ذلك ابن حجر المكي ناقلًا عن السيوطي. 2556- "من فطر صائمًا؛ كتب له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء" 3. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن منيع، عن زيد بن خالد الجهني مرفوعًا، وفي لفظ: "كان له" بدل كتب له". ورواه الطبراني عن عائشة نحو الأول بزيادة: "وما عمل الصائم من الخير؛ كان له مثل أجره ما دام الطعام فيه". ورواه الديلمي عن علي بلفظ: "من فطر صائمًا مؤمنًا؛ وكل الله به سبعين ملكًا يقدسونه" - الحديث. وللبيهقي عن زيد بن خالد: "من فطر صائمًا أو جهز غازيًا؛ فله مثل أجره". وهو بمعناه عند الإمام أحمد وابن ماجه والطبراني والبيهقي والضياء في المختارة. وأخرجه الطبراني عن سلمان بلفظ: "من فطر صائمًا على طعام وشراب من حلال؛ صلت عليه الملائكة". وعزاه النجم للطبراني عن سلمان بلفظ: "من فطر صائمًا في رمضان على طعام وشراب من كسب حلال؛ صلت عليه الملائكة في ساعات شهر رمضان، وصلى عليه جبريل ليلة القدر"، وذكر حديثًا.

_ 1 "موضوع" انظر الأسرار المرفوعة "354". 2 "موضوع" وهو في إتحاف السادة للزبيدي "386/ 5". 3 بنحوه، صحيح: رقم "6415".

ولفظه عند علي بن حجر في فوائده، ومن طريقه ابن خزيمة في صحيحه، والبيهقي في "الشعب" و"الفضائل": "من فطر صائمًا كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء"، قالوا: يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يعطي الله هذا الثواب من فطر صائمًا على مذقة 1 لبن، أو تمر، أو شربة ماء، ومن أشبع صائمًا سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة". وهما ضعيفان. 2557- من قال أنا مؤمن فهو كافر، ومن قال أنا عالم فهو جاهل2. رواه الطبراني في "الأوسط" بالشطر الثاني منه عن ابن عمر بسند فيه ليث بن أبي سليم. وفي "الصغير" بالشطر الأول من قول يحيى بن أبي كثير بلفظ: "من قال أنا في الجنة فهو في النار"، وسنده ضعيف، ورواه الديلمي عن جابر بسند ضعيف جدًا. ورواه الحارث بن أبي أسامة عن عمر بن الخطاب موقوفًا عليه، وهو منقطع. وقال ابن حجر الهيثمي في فتاواه: هذا على ضعف في سنده من كلام يحيى بن كثير من صغار التابعين: قال ومن رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد وهمه الحفاظ على أن رافعه لم يجزم برفعه، مع أنه ضعيف مختلط. وقد ثبت عن كثير من الصحابة وغيرهم ممن لا يحصي قول كل منهم "أنا عالم"، وما كانوا ليقعوا في شيء ذمه النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: وأبلغ منه قول يوسف عليه السلام {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} 3. 2558- من قاد أعمى أربعين خطوة غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر4. رواه الخطيب عن ابن عمر. قال المناوي: وفيه عبد الباقي بن قانع، وأورده الذهبي في "الضعفاء"، وأورده الذهبي في "الميزان" عن ابن عباس رفعه بلفظ: "من قاد مكفوفًا أربعين ذراعًا دخل الجنة". وقال: في سنده عبد الله بن أبان الثقفي لا يعرف، وخبره منكر باطل.

_ 1 المذقة: الشربة من اللبن الممذوق أي المخلوط بالماء - كما في النهاية. 2 ضعيف جدًا، انظر التمييز "1413". 3 سورة يوسف: الآية 55. 4 ضعيف: رقم "5737" بدون زيادة "وما تأخر".

2559- "من قتل دون ماله؛ فهو شهيد" 1. رواه أحمد والترمذي عن ابن عمر ورواه أبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه عن سعيد بن زيد وزاد: "ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد". 2560- "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله". رواه أحمد والستة عن أبي موسى. 2561- "من قال "لا إله إلا الله" مخلصًا؛ دخل الجنة" 2. رواه البزار والطبراني عن أبي سعيد الخدري، ورواه ابن النجار عن أنس، وزاد: "قيل: أفلا أبشر الناس؟ قال: "إني أخاف أن يتكلموا". ورواه الطبراني وأبو نعيم عن زيد بن أرقم. لكنه زاد: "قيل: وما إخلاصها؟ قال: "أن تحجزه عن محارم الله". 2562- من قال في ديننا برأيه؛ فاقتلوه. ضعفه إسحاق الملطي كما في الوجيز. 2563- من قدم لأخيه إبريقا يتوضأ به؛ فكأنما قدم جوادًا مسروجًا ملجمًا3 يقاتل عليه في سبيل الله. قال ابن تيمية: موضوع، وفي الذيل: هو كما قال. 2564- من قرأ القرآن معكوسًا ألقي في النار منكوسًا. قال القاري: موضوع. 2565- من قرأ البقرة وآل عمران ولم يدع بالشيخ؛ فقد ظلم4. قال في "المقاصد": لا أصل له. نعم لأحمد وابن أبي شيبة عن أنس: "أن رجلًا كان يكتب للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقد قرأ البقرة وآل عمران، وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جل فينا -أي عظم" الحديث.

_ 1 صحيح: رقم "6444"، وبزيادة الواردة صحيح: رقم "6445". 2 صحيح: رقم "6433"ز 3 في بعض النسخ المطبوعة: مسرجًا ملجمًا. وفي مجموع فتاوى شيخ الإسلام "383/ 18": مسرجًا ملجومًا. وقال عقبة: "هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف في شيء من كتب المسلمين المعروفة". 4 لا أصل له، انظر التمييز "1416".

وأخرجه ابن حبان بلفظ: "عد فينا ذا بيان". وذكره الجوهري في صحاحه بلفظ: "كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جل فينا". وذكره الزمخشري في تفسير البقرة. وأصله عند البخاري ومسلم عن أنس بدون الشاهد منه، ولم يصب الطيبي في عزوه لفظ الكشاف للصحيحين1. وعزاه الزمخشري في تفسير الجن إلى عمر، ولم يروه من حديثه. وللترمذي وحسنه وابن حبان عن أبي هريرة في حديث: "أنه -صلى الله عليه وسلم- سأل رجلًا في قوم بعثهم بعثًا وهو من أحدثهم سنًا: "أمعك سورة البقرة؟ " قال: نعم، قال: "اذهب، فأنت أميرهم". 2566- من قرأ في الفجر بـ "ألم نشرح" و"ألم تر كيف"؛ لم يرمد2. قال في "المقاصد": لا أصل له، سواء أريد بالفجر سنته أو الفرض؛ لمخالفته سنة القراءة فيهما، وإن حكيت لي تجربته عن غير واحد من العامة؛ بل يقال: إنه يحفظ من مطلق الألم. وفي روض الأفكار -لابن أبي الركن الحلبي- نقلا عن الغزالي أنه بلغه عن غير واحد من الصالحين وأرباب القلوب أنه من قرأ في ركعتي الفجر بهما قصرت عنه يد كل ظالم وعدو، ولم يكن لهم إليه سبيل، قال: وهذا صحيح لا شك فيه انتهى. قال: ولم أره في الإحياء. قال: وكذا قراءة: {إِنا أَنْزَلْنَاهُ} عقب الوضوء، ولا أصل له؛ وإن رأيت في المقدمة المنسوبة لأبي الليث من الحنفية إيراده، مما الظاهر إدخاله فيها من غيره، وهو أيضا مفوت سنته. انتهى. والله أعلم. 2567- من قتل حية فكأنما قتل كافرا3. رواه الديلمي عن ابن مسعود، ولفظه عند الخطيب وابن النجار عن ابن مسعود: "من قتل حية أو عقربًا؛ فكأنما قتل كافرًا".

_ 1 لعل ذلك في حاشية الطيبي على الكشاف المسماة "فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب" وهي مخطوط بدار الكتب المصرية رقم 145 تفسير. 2 لا أصل له، انظر التمييز "1416". 3 ضعيف: رقم "5758" بلفظه عند الخطيب وابن النجار.

2568- "من قتل وزغًا في أول ضربة كتبت له مائة حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية؛ فله كذا وكذا حسنة دون الأولى، وإن قتلها في الضربة الثالثة؛ فله كذا وكذا حسنة لدون الثانية". رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. 2569- "من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه" 1. رواه الأربعة وصححه الترمذي وابن حبان عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه. 2570- "من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة؛ أضاء له من النور ما بين السماء والأرض" 2. رواه الحاكم والبيهقي عن ابن مسعود. وأخرجه البيهقي عنه بلفظ: "من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة؛ أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق". ولابن مردويه عن ابن عمر: "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة؛ سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين". 2571- من قصدنا وجب حقه علينا3. قال في "المقاصد": لم أقف عليه بهذا اللفظ، ولكن في معناه ما مضى من حديث: "للسائل حق وإن جاء على فرس". وقال القاري: وكذا في معناه: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه"، ولا شك أن كل مؤمن كريم عند الله بشهادة قوله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} انتهى، فتدبر. 2572- من قص أظافره مخالفًا؛ لم ير في عينيه رمدًا4. هو في كلام غير واحد كالشيخ عبد القادر في غنيته، وكابن قدامة في مغنيه.

_ 1 صحيح: رقم "6465". 2 صحيح: رقم "6471" بلفظ البيهقي. 3 انظر التمييز "1417". 4 هو من كلام غير واحد من الأئمة، انظر التمييز "1419".

قال في "المقاصد": ولم أجده. لكن كان الحافظ الدمياطي ينقل ذلك عن بعض مشايخه، ونص أحمد على استحبابه، وقد أشار بعضهم لذلك رامزًا بقوله: "يمينها خوابس يسارها أوخسب". وقد بسطنا الكلام في ذلك أواخر تحفة أهل الإيمان. 2573- من قطع رجاء من ارتجاه؛ قطع الله منه رجاءه يوم القيامة؛ فلم يلج الجنة - وفي لفظ: "فلم يدخل الجنة". عزاه بعضهم لأحمد عن أبي هريرة مرفوعًا؛ لكن قال السخاوي: هو مختلق على الإمام أحمد، وأقول المشهور على الألسنة: استرجاه بدل ارتجاه. 2574- "من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار" - وفي رواية للطبراني "من سدر الحرم" 1. وهي مبينة للمراد دافعة للإشكال. 2575- من قضى صلاة من الفرائض في آخر جمعة من شهر رمضان؛ كان ذلك جابرًا لكل صلاة فاتته في عمره إلى سبعين سنة2. قال القاري: باطل قطعًا؛ لأنه مناقض للإجماع على أن شيئًا من العبادات لا يقوم مقام فائتة سنوات، ثم لا عبرة بنقل النهاية ولا ببقية شراح الهداية، فإنهم ليسوا من المحدثين، ولا أسندوا الحديث إلى أحد من المخرجين. انتهى. 2576- من كتب بقلم مقصور، وتمشط بمشط مكسور؛ فتح الله عليه سبعين بابًا من الفقر. قال الصغاني: موضوع، وكأن معنى مقصور قصير، والمشهور: "من كتب بقلم معقود أي له عقد".

_ 1 صحيح: رقم "6476" وقد سبق في حديث "1879". 2 "باطل" انظر الأسرار المرفوعة "356".

2577- "من كان آخر كلامه "لا إله إلا الله"؛ دخل الجنة" 1. رواه أحمد والطبراني والحاكم وصححه عن معاذ، وكذا ابن مندة عن أبي سعيد. ورواه ابن عساكر عن جابر بلفظ: "من ختم له عند موته بـ "لا إله إلا الله"؛ دخل الجنة". ورواه الطبراني عن علي بلفظ: "من كان آخر كلامه "لا إله إلا الله"؛ لم يدخل النار". 2578- من كان مع الله؛ كان الله معه. 2579- "من كان في حاجة أخيه؛ كان الله في حاجته" 2. رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن عمر. ورواه الخطيب عن دينار بن أنس بلفظ: "من قضى لأخيه حاجه من حوائج الدنيا؛ قضى الله له اثنين وسبعين حاجة أسهلها المغفرة". 2580- "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فليقل خيرًا أو ليسكت". رواه أحمد والشيخان والترمذي عن أبي شريح عن أبي هريرة. 2581- "من رزق في شيء؛ فليلزمه" 3. رواه البيهقي عن أنس وفي لفظ: "من رزقه الله رزقًا في شيء فليلزمه"، والمشهور على الألسنة: "من بورك له في شيء فليلزمه". 2582- من رضي عن الله رضي الله عنه4. رواه ابن عساكر عن عائشة. 2583- من رضي من الله باليسير من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل5.

_ 1 صحيح: رقم "6479". 2 في الصحيحين وغيرهما. 3 سبق بنحوه في حديث "2376"، "2425". 4 ضعيف: رقم "5611". 5 ضعيف: رقم "5612" وقد سبق برقم "2487".

2584- "من كانت له ثلاث بنات أو أخوات فصبر على لأوائهن وضرائهن وسرائهن؛ أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهن"، فقال رجل: واثنتان يا رسول الله؟ فقال: "واثنتان"، فقال رجل: وواحدة فقال: "وواحدة" 1. رواه الخرائطي واللفظ له، والحاكم ولم يقل: "أو أخوات"، وقال صحيح الإسناد. والله أعلم. 2585- من كتم سره؛ ملك أمره2. قال في "المقاصد": ليس في المرفوع؛ لكن في "مناقب الشافعي" للبيهقي أنه قال: "من كتم سره كانت الخيرة في يده". وقال أيضًا: روي لنا عن عمرو بن العاص أنه قال: "ما أفشيت إلى أحد سرًا فأفشاه؛ فلمته لأني كنت أضيق صدرًا منه". نعم في المرفوع كما تقدم: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان". 2586- "من كتم علمًا يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار" 3. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي هريرة، وقال الترمذي حسن صحيح. وله طرق كثيرة أورد ابن الجوزي منها الكثير في "العلل المتناهية"، وفي الباب عن أنس وجابر وعائشة وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وغيرهم كما ذكرها الزيلعي في تخريجه من آل عمران. قال في "المقاصد": ويشمل الوعيد حبس الكتب عمن يطلبها للانتفاع بها؛ لا سيما مع عدم التعذر لنسخها، ومع كون المالك لا يهتدي للمراجعة منها، والابتلاء بهذا كثير. والله أعلم.

_ 1 في معناه: حديث صحيح: رقم "6488". 2 لا يصح مرفوعًا، انظر التمييز "1421". 3 صحيح: رقم "6517" بدون زيادة "يعلمه" وبنحوه في "ضعيف الجامع": رقم "5825" بزيادة "عن أهله".

2587- من كثرت صلاته بالليل؛ حسن وجهه بالنهار1. قال في "المقاصد": لا أصل له؛ وإن روي من طرق عند ابن ماجه بعضها عن جابر، وأورد الكثير منها القضاعي وغيره. قال: ولكن قرأت بخط شيخنا في بعض أجوبته أنه ضعيف؛ بل قواه بعضهم، والمعتمد الأول، وأطنب ابن عدي في رده. قال ابن طاهر: ظن القضاعي أن الحديث صحيح لكثرة طرقه، وهو معذور لأنه لم يكن حافظًا. انتهى. واتفق أئمة الحديث ابن عدي والدارقطني والعقيلي وابن حبان والحاكم على أنه من قول شريك لثابت. وقال ابن عدي: سرقه جماعة من ثابت كعبد الله بن شبرمة الشريكي وعبد الحميد بن بحر وغيرهما. وقال ابن حجر المكي في "الفتاوى": أطبقوا على أنه موضوع مع أنه في سنن ابن ماجه. 2588- "من كثر سواد قوم فهو منهم". رواه أبو يعلى وعلي بن معبد في كتاب الطاعة: "أن رجلًا دعا ابن مسعود إلى وليمة؛ فلما جاء ليدخل سمع لهوًا؛ فلم يدخل، فقيل له، فقال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول.." وذكره، وزاد: "ومن رضي عمل قوم؛ كان شريك من عمل به"، وهكذا عند الديلمي بهذه الزيادة، ولابن المبارك في الزهد عن أبي ذر نحوه موقوفًا، وشاهده حديث: "من تشبه بقوم فهو منهم"، وتقدم. 2589- "من كثر همه سقم بدنه، ومن ساء خلقه عذب نفسه، ومن لاحى الرجال سقطت مروءته وذهبت كرامته". رواه الخطيب في المتفق والمفترق عن علي، وفي سنده مجهولان. 2590- من كرم أصله وطاب مولده حسن محضره2. رواه ابن النجار عن أبي هريرة، قال المناوي: قال ابن النجار: باطل.

_ 1 ضعيف: رقم "5828". 2 موضوع: رقم "5832".

2591- "من كنت مولاه؛ فعلي مولاه" 1. رواه الطبراني وأحمد والضياء في "المختارة" عن زيد بن أرقم، وعلي وثلاثين من الصحابة بلفظ: "اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه"؛ فالحديث متواتر أو مشهور. 2592- من كثر كلامه؛ كثر سقطه، ومن كثر سقطه؛ كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه؛ فالنار أولى به2. وفي لفظ: "كانت النار أولى به"، وسنده ضعيف كما قاله الزين العراقي. رواه الطبراني وأبو نعيم والعسكري وغيرهم عن ابن عمر رفعه. وقال العسكري: أحسبه وهمًا، والصواب أنه من قول عمر، وأن الأحنف قال، قال لي عمر: "يا أحنف، من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه". ورواه عن معاوية أنه قال: "لو ولد أبو سفيان -يعني والده- الخلق كانوا عقلاء، فقال له رجل: قد ولدهم من هو خير من أبي سفيان، فكان فيهم العاقل والأحمق، فقال معاوية: من كثر كلامه كثر سقطه". وفي الباب عن معاذ وغيره، ومنه ما رواه ابن عساكر وقال: غريب الإسناد والمتن عن أبي هريرة بلفظ: "من كثر ضحكه استخف بحقه، ومن كثرت دعابته ذهبت جلالته، ومن كثر مزاحه ذهب وقاره، ومن شرب الماء على الريق ذهب بنصف قوته، ومن كثر كلامه كثرت خطاياه، ومن كثرت خطاياه فالنار أولى به". 2593- "من كذب علي متعمدًا؛ فليتبوأ مقعده من النار". متفق عليه عن علي، والبخاري عن مسلمة مرفوعًا. وهو من المتواتر، وأفرد جمع من الحفاظ طرقه، بل قال ابن الجوزي: رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثمانية وتسعون صحابيا منهم العشرة، ولا يعرف ذلك في غيره.

_ 1 صحيح: رقم "6523". 2 ضعيف: رقم "5827".

وذكر ابن دحية أنه خرج من نحو أربعمائة طريق، ومنها: "من نقل عني ما لم أقله؛ فليتبوأ مقعده من النار"، قالوا: وهذا أصعب ألفاظه وأشقها لشموله للمصحف واللحان والمحرف. 2594- "من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه؛ دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء" 1. رواه أبو داود والترمذي من حديث معاذ بن أنس به مرفوعًا، وقال الترمذي حديث حسن. وفي لفظ لابن أبي الدنيا في ذم الغضب عن أبي هريرة: "من كظم غيظًا وهو يقدر على إنفاذه؛ ملأ الله قلبه أمنًا وإيمانًا". ورواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير" بلفظ: "من كظم غيظًا وهو قادر على إنفاذه؛ زوجه الله من الحور العين يوم القيامة، ومن ترك ثوب جمال وهو قادر على لبسه؛ كساه الله رداء الإيمان يوم القيامة، ومن أنكح عبدًا؛ وضع الله على رأسه تاج الملك يوم القيامة". 2595- "من لبس ثوب شهرة؛ ألبسه الله ثوب ذل ومذلة يوم القيامة" 2. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه بسند حسن عن ابن عمر به مرفوعًا، ورواه ابن ماجه وأبو نعيم عن أبي ذر بلفظ: "أعرض الله عنه حتى يضعه". ورواه الحارث والطبراني عن أنس بلفظ: "من لبس رداء شهرة أو ركب ذا شهرة؛ أعرض الله عنه"، وللديلمي عن أنس رفعه: "من لبس الصوف ليعرف؛ كان حقًا على الله أن يكسوه ثوبين من جرب حتى تتساقط عروقه". 2596- من لبس نعلًا أصفر قل همه3. رواه العقيلي والطبراني والخطيب عن ابن عباس موقوفًا لكن بلفظ: "لم يزل في سروره ما دام لابسها" بدل "قل همه"، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: كذب موضوع.

_ 1 حسن: رقم "6522" وفيه "يزوجه منها ما شاء". 2 بنحوه، حسن: رقم "6526". 3 موضوع، بنحوه في الضعيفة "ح716".

وعزاه في الكشاف لعلي باللفظ الأول، وكأن المأخذ قوله تعالى {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} 1. 2597- من لعب بالشطرنج فهو ملعون2. قال النووي: لا يصح، قال في "المقاصد": وهو كذلك؛ بل لم يثبت من المرفوع في هذا الباب شيء كما بينته في عمدة المحتج. وقال القاري: قلت قد ورد: "ملعون من لعب الشطرنج"، والناظر إليها كالآكل لحم الخنزير - رواه السيوطي في "الجامع الصغير" مرسلًا، وغايته أن سنده ضعيف يتقوى بأحاديث وردت في ذم الشطرنج. انتهى. 2598- "من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله" 3. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي موسى، وفي لفظ عند أحمد عنه: "من لعب بالكعاب"، وفي مسلم وهؤلاء عن بريدة: "من لعب بالنردشير؛ فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه". 2599- "من لقي الله لا يشرك به شيئًا؛ دخل الجنة". رواه البخاري عن أنس وأخرجه البيهقي وابن عساكر عن جابر، زاد: "ومن لقي الله يشرك به شيئًا دخل النار". 2600- من لم يخف الله خف منه4. قال القاري: ليس بحديث. وقال في "المقاصد": معناه صحيح؛ فإن عدم الخوف من الله يوقع صاحبه في كل محذور ومكروه، وتقدم: "من خاف الله خوف الله منه كل شيء". وقال ابن أبي الدنيا في المداراة: "حدثني علي بن الجعد أخبرني الهيثم بن جماز قال: أوحى الله إلي داود عليه السلام: يا داود تخاف أحدًا غيري؟ قال: نعم يا رب أخاف من لا يخافك".

_ 1 سورة البقرة: الآية 69. 2 بنحوه، موضوع، رقم "5282". 3 حسن: رقم "6529". 4 ليس بحديث، انظر التمييز "1433"، وبمعناه في الضعيفة "ح485".

2601- "من لقي الله وهو مدمن خمر؛ لقيه كعابد وثن" 1. رواه البخاري في تاريخه وابن حبان عن محمد بن عبد الله عن أبيه. 2602- من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر؛ لم يزدد من الله إلا بعدًا2. رواه أحمد في الزهد عن ابن مسعود موقوفًا، ورواه ابن جرير عنه مرفوعًا. 2603- من لقم أخاه لقمة حلو؛ صرف الله عنه مرارة الموقف يوم القيامة3. رواه الطبراني وأبو نعيم عن أنس. وفي سنده يزيد الرقاشي تفرد به. 2604- من لم يداوم على أربع قبل الظهر لم تنله شفاعتي4. نقل السيوطي في آخر "الموضوعات" عن الحافظ ابن حجر أنه سئل عنه فأجاب بأنه: لا أصل له، والله أعلم. 2605- من لم يكن عنده صدقة؛ فليلعن اليهود5. رواه السلفي والديلمي وابن عدي، كذا في "الفتاوى الحديثية" لابن حجر من غير بيان صحابيه ومرتبته. وقال القاري: لا يصح. 2606- من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب6. رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي عن ابن عباس. 2607- من لزم هذا الدعاء؛ مات قبل أن يصيبه جهد من بلاء: "اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة". رواه ابن عدي عن بسر بن أرطأة.

_ 1 بنحوه، صحيح: رقم "6549". 2 ضعيف: رقم "5846". 3 "لا يصح"، انظر الموضوعات "28/ 3". 4 لا أصل له، انظر الأسرار المرفوعة "358". 5 موضوع، انظر الضعيفة "ح104". 6 ضعيف: رقم "5841".

2608- من لم يكن معك؛ فهو عليك. رواه أبو نعيم عن يوسف بن أسباط عن سفيان الثوري من قوله. 2609- من لم يكن فيه واحدة من ثلاث؛ فلا تحتسب شيئًا من عمله: تقوى تحجزه عن المحارم، أو علم يكف به عن السفيه، أو خلق يعيش به في الناس1. رواه الطبراني عن أم سلمة. وعند البزار وضعفه عن أنس: "ثلاث من كن فيه؛ استوجب الثواب، واستكمل الإيمان: خلق يعيش به في الناس، وورع يحجزه عن محارم الله، وحلم يرده عن جهل الجاهل". وللرافعي عن علي: "ثلاث من لم تكن فيه؛ فليس مني ولا من الله: "حلم يرد به جهل الجاهل، وحسن خلق يعيش به في الناس، وورع يحجزه عن معاصي الله". 2610- من لم ينفعه علمه؛ ضره جهله2. قال القاري: لا أعرفه. 2611- من لم يرعو عند الشيب، ولم يستحِ من العيب، ولم يخش الله في الغيب؛ فليس له فيه حاجة3. قال ابن الغرس: ضعيف. وقال في "التمييز": ذكره الديلمي بلا سند عن جابر مرفوعًا. 2612- من لم يزرني؛ فقد جفاني4. ذكره في "الإحياء" بلفظ: "من وجد سعة ولم يغد إلي؛ فقد جفاني". ولم يخرجه العراقي؛ بل أشار إلى ما أخرجه ابن النجار في تاريخ المدينة عن أنس بلفظ: "ما من أحد من أمتي له سعة، ثم لم يزرني؛ إلا وليس له عذر".

_ 1 بنحوه في "المجمع"، "57/ 1"، وقال الهيثمي: "رواه البزار وفيه عبيد الله بن سليمان، قال البزار: حدث بأحاديث لا يتابع عليها". 2 في سنده شهر بن حوشب، وهو ضعيف كما في "المجمع"، "184/ 1"، وانظر الأسرار المرفوعة "359". 3 ذكره في الميزان "462/ 4"، وقال ابن الغرس: ضعيف. 4 "لا يصح" انظر التمييز "1435".

ولابن عدي في "الكامل" وابن حبان في "الضعفاء" والدارقطني في "العلل" و"غرائب مالك" وآخرين جميعًا عن ابن عمر رفعه: "من حج ولم يزرني؛ فقد جفاني"، ولا يصح والله أعلم. 2613- "من لم يشكر الناس؛ لم يشكر الله" 1. رواه الترمذي وحسنه عن أبي سعيد رفعه. ورواه الترمذي أيضًا، وقال: حسن صحيح، وأبو داود وابن حبان عن أبي هريرة. ورواه القضاعي عن النعمان، والديلمي عن جابر، وأفرد الدمياطي طرقه في جزء. 2614- "من لم يشكر القليل؛ لم يشكر الكثير". رواه ابن أبي الدنيا في "اصطناع المعروف" عن النعمان. وأخرجه عبد الله بن أحمد بإسناد لا بأس به. وزاد: "ومن لم يشكر الناس؛ لم يشكر الله، والتحدث بالنعمة شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب". 2615- من لم يصلحه الخير؛ يصلحه الشر2. ليس بحديث. وقال النجم ومن أمثال العامة: "فلان كالجوز لا يؤكل حتى يكسر، ولا يخرج الزيت إلا المعصار". وأقول من أمثالهم أيضًا: "من لم يجئ بعصا موسى؛ يجيء بعصا فرعون". بل هو من كلام بعض السلف. ولأبي فراس: فالناس إن فتشتهم ... من لا يعزك أو تذله فاترك مجاهلة اللئيم ... فإن فيها العجز كله وللنابغة: ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا ولغيره: في الناس من لا يرتجى خيره ... إلا إذا مس بإضرار

_ 1 صحيح: رقم "6541". 2 ليس بحديث، انظر التمييز "1438".

ولبعضهم: لئن كنت محتاجًا إلى الحلم إنني ... إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج فمن شاء تقويمي فإني مقوم ... ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدنًا ولا أخًا ... ولكني أرضى به حين أخرج فإن قال بعض الناس في سماجة ... فقد صدقوا والذل بالحر أسمج وسلف في "خاب قوم" ما يجيء هنا. 2616- من لم يكن ذئبًا أكلته الذئاب1. رواه الطبراني في "الأوسط" عن أنس رفعه بلفظ: "يأتي على الناس زمان هم ذئاب، فمن لم يكن ذئبًا؛ أكلته الذئاب". 2617- من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم2. رواه البيهقي عن أنس رفعه بلفظ: "من أصبح لا يهتم للمسلمين؛ فليس منهم، ومن أصبح وهمه غير الله؛ فليس من الله"، وهو عند الطبراني وأبي نعيم، قال في "المقاصد": وبسطت الكلام عليه في الأجوبة الدمياطية. 2618- من مات؛ فقد قامت قيامته3. قال في "المقاصد": له ذكر في "أكثروا ذكر هادم اللذات". ورواه الديلمي عن أنس رفعه بلفظ: "إذا مات أحدكم؛ فقد قامت قيامته"، وللطبراني عن المغيرة بن شعبة: قال: يقولون: القيامة، وإنما قيامة الرجل موته". ومن رواية سفيان عن أبي قبيس، قال: "شهدت جنازة فيها علقمة؛ فلما دفن قال: أما هذا فقد قامت قيامته".

_ 1 قال في "المجمع"، "98/ 8": "رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفه، وزياد الفهري مختلف فيه". 2 "ضعيف جدًا" انظر الضعيفة "ح310" وما بعده. 3 "لا يصح" انظر تذكرة الموضوعات "215".

وروي عن أنس: "أكثروا ذكر الموت، فإنكم إن ذكرتموه في غنى؛ كدره عليكم، وإن ذكرتموه في ضيق؛ وسعه عليكم، الموت القيامة، إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته، يرى ما له من خير وشر". 2619- من مات بين الحرمين بعث آمنًا يوم القيامة، ومن مات في طريق مكة حاجًا؛ لم يعرضه الله تعالى، ولم يحاسبه1. قال الصغاني: موضوع. لكن في النجم: "من مات في أحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة"، رواه البيهقي عن أنس وزاد: "ومن زارني محتسبًا إلى المدينة؛ كان في جواري يوم القيامة". ورواه أحمد عن أبي هريرة بلفظ: "من مات في أحد الحرمين؛ بعث آمنًا يوم القيامة". انتهى. وفي "مسند الفردوس" عن ابن عمر: "من مات بين الحرمين حاجًا أو معتمرًا؛ بعثه الله لا حساب عليه ولا عذاب". 2620- من مات من أصحابي بأرض؛ كان نورهم وقائدهم يوم القيامة2. تقدم في "ما من أحد مات من أصحابي بأرض". 2621- من مات من أمتي وهو يعمل عمل قوم لوط؛ نقله الله إليهم حتى يحشر معهم3. رواه الديلمي بلا سند عن أنس مرفوعًا، وزاد النجم وأسنده الخطيب، وفيه كما قال المناوي: منكر الحديث. وحكاه وكيع فيما أسنده ابن عساكر عنه فقال: وسمعت في حديث: "من مات من أمتي وهو يعمل عمل قوم لوط؛ سار به قبره حتى يصير معهم، ويحشر يوم القيامة معهم".

_ 1 موضوع، انظر الموضوعات "219/ 2". 2 سبق بمعناه في حديث "2243". 3 ضعيف جدا: رقم "5863".

2622- "من مات ولم يغزوِ ولم يحدث نفسه بغزو؛ مات على شعبة من نفاق". قال في "التمييز": هو في صحيح مسلم1. 2623- من كان مع الله؛ كان الله معه. بيض له النجم رحمه الله تعالى. 2624- "من كان في حاجة أخيه؛ كان الله في حاجته" 2. رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" عن ابن عمر. وعند الخطيب عن دينار بن أنس بلفظ: "من قضى لأخيه حاجة من حوائج الدنيا؛ قضى الله له اثنين وسبعين حاجة أسهلها المغفرة". 2625- من مات يوم الجمعة؛ كتب له أجر شهيد ووقي فتنة القبر3. روى عبد الرزاق بن شهاب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وقي فتنة القبر، وكتب شهيدًا". وروى أبو قرة في السنن، عن ابن عمرو مرفوعًا مثله، وأخرجه الترمذي عنه، ولم يذكر الشهادة وقال: غريب منقطع. ووصله الطبراني وأبو يعلى عن ابن عمرو، وأخرجه عنه أيضًا أحمد وإسحاق والطبراني. ورواه أبو نعيم عن جابر بلفظ: "من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة؛ أجير من عذاب القبر، وجاء يوم القيامة عليه طابع الشهداء". ورواه أبو يعلى عن أنس والديلمي عن علي بلفظ: "من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة؛ دفع الله عنه عذاب القبر". ويروى: "الأمن من فتنة القبر لمن مات في أحد الحرمين أو في طريق مكة أو مرابطًا، ولمن يقرأ سورة الملك عند منامه"، في أشياء أخر نظمها ولي الله بن أرسلان بقوله:

_ 1 صحيح: رقم "6548". 2 سبق برقم "2579". 3 "ضعيف"، بنحوه في "المسند"، "ح6646" ط الشيخ شاكر.

عليك بخمس فتنة القبر تمنع ... وتنجي من التعذيب عنك وتدفع رباط بثغر ليلة ونهارها ... وموت شهيد شاهر السيف يلمع ومن سورة الملك اقترئ كل ليلة ... ومن روحه يوم العروبة تنزع وموت شهيد البطن جاء ختامها ... وذو غيبة تعذيبه يتنوع 2626- "من مزح؛ استخف به" 1. تقدم في "من كثر كلامه كثر سقطه". 2627- من مشى مع ظالم؛ فقد أجرم2. رواه القضاعي والديلمي عن معاذ ابن جبل مرفوعًا وقال: يقول الله تعالى {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} 3. وللطبراني عن أوس بن شرحبيل مرفوعًا: "من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم؛ فقد خرج من الإسلام". والحديث ضعيف كما قاله المنذري. 2628- من مشى في تزويج امرأة حلالًا يجمع بينهما؛ رزقه الله امرأة من الحور العين - الحديث بطوله4. ثم قال ابن حجر المكي في فتاويه نقلًا عن السيوطي: كذب موضوع. 2629- من مشى مع أخيه في حاجة فناصحه في الله؛ جعل الله -عز وجل- بينه وبين النار يوم القيامة سبعة خنادق، بين الخندق والخندق كما بين السماء والأرض5. رواه ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج"، وأبو نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما.

_ 1 سبق في الكلام على حديث "2592". 2 بمعناه من حديث أوس بن شرحبيل، ضعيف: رقم "5871". 3 سورة السجدة: الآية 22. 4 موضوع: وانظر الفوائد المجموعة "182/ 1". 5 "ضعيف" انظر الحلية "200/ 8".

2630- من مر بالمقابر فقرأ إحدى عشرة مرة "قل هو الله أحد"، ثم وهب أجره الأموات؛ أعطي من الأجر بعدد الأموات1. رواه الرافعي في تاريخه عن علي. 2631- من مات في بيت المقدس؛ فكأنما مات في السماء2. رواه البزار عن أبي هريرة. 2632- "من نبت لحمه من حرام -وفي لفظ "من سحت" - فالنار أولى به". رواه مسلم عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه. 2633- "من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس؛ لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله؛ فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل" 3. رواه الترمذي وصححه عن ابن مسعود، وفي لفظ لابن جرير في تهذيبه: "من نزلت به حاجة فأنزلها بالناس؛ لم تسد فاقته؛ فإن أنزلها بالله؛ أوشك له بالغنى: إما غنى عاجل وإما غنى آجل". وبهذا اللفظ أخرجه الطبراني وأبو نعيم والبيهقي رضي الله عنهم. 2634- من نصح جاهلًا عاداه4. قال القاري: هو من كلام بعض السلف، ولم يوجد في شيء من المسندات. وقال في "المقاصد": لا أستحضره؛ لكن ساق الخطيب في جامعه عن الخليل بن أحمد أنه قال لأبي عبيدة: "لا تردن على معجب خطأ فيستفيد منك علمًا ويتخذك عدوًا". 2635- من نظر إلى ما في أيدي الناس؛ طال حزنه، ولم يشف غيظه5. رواه العسكري عن أنس مرفوعًا، وأوله: "من لم يتعزز بعزة الله؛ تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، ومن لم ير أن الله عنده نعمة إلا في مطعم أو مشرب؛ فذلك الذي قل علمه وكثر جهله، ومن نظر إلى ما في أيدي الناس.." فذكره، إلخ. ولكنه ضعيف.

_ 1 موضوع، بنحوه في تذكرة الموضوعات "219". 2 موضوع، انظر الموضوعات "220/ 2". 3 صحيح: رقم "6566". 4 قال القاري في "الأسرار المرفوعة"، "359": "هو من كلام بعض السلف، ولم يوجد في شيء من المسندات". 5 "ضعيف" انظر التمييز "1451".

قال النجم: قلت: وفي معنى بعضه ما عند الخطيب عن عائشة -رضي الله عنها- "من لم يعرف فضل نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه؛ فقد قل علمه ودنا عذابه". 2636- من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه؛ فإنما ينظر في النار1. رواه أبو داود عن ابن عباس رفعه، وقال: إنه روي من طرق كلها واهية، أمثلها مع ضعفها أيضًا طريق محمد بن كعب القرظي، وفيها عن حسان بن عطية أنه قال: قدم محمد ابن كعب القرظي على عمر بن عبد العزيز بعد ما ولى الخلافة، فذكره مطولًا. 2637- من نظر إلى من فوقه في الدين، وإلى من دونه في الدنيا؛ كتبه الله صابرًا شاكرًا، ومن نظر إلى من دونه في الدين وإلى من فوقه في الدنيا؛ لم يكتبه الله صابرًا ولا شاكرًا2. قاله الشعراني في "العقود" قال أبو طالب: وقد روينا حديثًا حسنًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من طريق مرسل، وذكره. وقال النجم: ومن حديث أبي هريرة: "إذا نظر أحدكم إلى من فضله الله عليه في المال والخلق؛ فلينظر إلى من هو أسفل منه". 2638- من نظر إلى أخيه نظر ود؛ غفر الله له3. رواه الحكيم عن ابن عمرو. 2639- من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه بها في غير حق؛ أخافه الله يوم القيامة4. رواه الطبراني عن ابن عمرو، وهو عند الخطيب عن أبي هريرة بلفظ: "من نظر إلى أخيه نظرة يخيفة من غير حق؛ أخافه الله تعالى يوم القيامة".

_ 1 "ضعيف" كما في الإرواء "180/ 2". 2 لا أصل له بهذا اللفظ، انظر الضعيفة "ح633". 3 ضعيف جدًا: رقم "5878". 4 ضعيف: رقم "5879".

2640- "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا؛ نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر؛ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا؛ سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه؛ إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به؛ عمله لم يسرع به نسبه". رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن عساكر عن أبي هريرة، وفي لفظ لمسلم وابن عساكر: "ومن بطأ" بتشديد الطاء من غير ألف أوله. 2641- "من نوقش الحساب عذب". متفق عليه عن عائشة مرفوعًا، وعند الطبراني عن ابن الزبير: "من نوقش المحاسبة هلك". 2642- من وسع على عياله في يوم عاشوراء؛ وسع الله عليه السنة كلها1. وفي رواية: "سائر سنته"، قال في "الدرر" تبعًا للزركشي: لا يثبت؛ إنما هو من كلام محمد ابن المنتشر. أورده السيوطي في "التعقبات" بأنه: ثابت صحيح. وأخرجه البيهقي في "الشعب" عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن مسعود وجابر بأسانيد ضعيفة إذا ضم بعضها إلى بعض تقوت. وقال الحافظ أبو الفضل العراقي في "أماليه": حديث أبي هريرة، ورد من طرق صحح بعضها الحافظ أبو الفضل بن ناصر. وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من طريق سليمان بن أبي عبد الله عنه، وقال سليمان: مجهول، وسليمان ذكره ابن حبان في الثقات، قال: وله طريق عن جابر على شرط مسلم أخرجه ابن عبد البر في "الاستذكار" من رواية أبي الزبير، وهو أصح طرقه. قال النجم ولفظه: "من وسع على نفسه وأهله يوم عاشوراء؛ أوسع الله عليه سائر سنته".

_ 1 ضعيف: رقم "5885".

وورد أيضًا من حديث ابن عمر؛ أخرجه الدارقطني في "الأفراد" موقوفًا على عمر، وأخرجه ابن عبد البر بسند جيد، ورواه في "الشعب" عن محمد بن المنتشر فذكره. قال وقد جمعت طرقه في جزء، هذا كلام العراقي في أماليه، وقد لخصت الجزء الذي جمعه في "التعقبات" على "الموضوعات" انتهى ما في "الدرر". وقال السخاوي في "المقاصد": رواه الطبراني والبيهقي وأبو الشيخ عن ابن مسعود والأولان فقط عن أبي سعيد، والثاني فقط عن جابر وأبي هريرة، وقال: إن أسانيده كلها ضعيفة؛ ولكن إذا ضم بعضها إلى بعض؛ استفاد قوة. بل قال العراقي في أماليه: لحديث أبي هريرة طرق صحح بعضها الحافظ ابن ناصر الدين، قال العراقي وقد جمعت طرقه في جزء، واستدرك عليه الحافظ ابن حجر كثيرًا لم يذكره. وتعقب اعتماد ابن الجوزي ذكره له في "الموضوعات"، وأورده ابن حبان في الثقات؛ فالحديث حسن على رأيه. 2643- من نام بعد العصر فأصابه لمم؛ فلا يلومن إلا نفسه1. رواه أبو يعلى في مسنده عن عائشة بلفظ: "من نام بعد العصر فاختلس عقله؛ فلا يلومن إلا نفسه". 2644- من ولد له مولود فسماه محمدًا تبركًا به؛ كان هو ومولوده في الجنة2. رواه ابن عساكر عن أبي أمامة رفعه، قال السيوطي في "مختصر الموضوعات": هذا أمثل حديث ورد في هذا الباب، وإسناده حسن. 2645- من ولي القضاء3. تقدم في "من جعل قاضيًا".

_ 1 بنحوه، ولفظ أبي يعلى، ضعيف: رقم "5873". 2 روى الطبراني، وابن عدي عن ابن عباس في التسمية بمحمد حديثًا لفظه: "من ولد له ثلاثة أولاد؛ فلم يسم أحدهم محمدًا؛ فقد جهل" وهو موضوع: رقم "5892". 3 سبق في حديث "2452".

2646- من يخطب الحسناء؛ يعط مهرها1. قال في "المقاصد": كلام صحيح يشير إليه قوله تعالى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} 2 وقال النجم: هو مثل. وما أحسن قول ابن الفارض: ومن يخطب الحسناء يسخو بمهرها ... وطالب شهد لم تخفه اللواسع 2647- "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين". رواه الشيخان وأحمد عن معاوية بزيادة: "وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم؛ حتى يأتي أمر الله تعالى". ورواه الترمذي عن ابن عباس وصححه بلفظ الترجمة. ورواه البزار عن ابن مسعود بلفظ: "إذا أراد الله بعبد خيرًا فقهه في الدين وألهمه رشده". ورواه البيهقي عن أنس وعن محمد بن كعب القرظي مرسلًا: "إذا أراد الله بعبد خيرًا؛ فقهه في الدين وزهده في الدنيا وبصره عيوبه". 2648- من لانت كلمته وجبت محبته3. رواه الخطيب في المؤتلف من قول علي. 2649- "من يشاد هذا الدين يغلبه" 4. رواه العسكري والقضاعي عن بريدة مرفوعًا. وأوله عند أولهما: "عليكم هديًا قاصدًا؛ فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه". وفي لفظ: "فإنه من يغالب هذا الدين يغلبه". وللبخاري عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة".

_ 1 ليس بحديث، انظر التمييز "1461". 2 سورة آل عمران: الآية 92. 3 الصحيح وقفه على علي، انظر التمييز "1458". 4 "صحيح" انظر ظلال الجنة في تخريج السنة "ح97".

2650- "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" 1. رواه أحمد وأبو يعلى والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة، ورواه أحمد عن الحسين بن علي والعسكري عن علي، والطبراني عن زيد بن ثابت؛ أربعتهم رفعوه. وقد أوضحه السخاوي في تخريج الأربعين. 2651- من سعادة المرء؛ حسن الخلق2. رواه الخرائطي في المكارم والقضاعي عن جابر مرفوعًا، وهو عند أولهما بلفظ: "من سعادة ابن آدم" عن سعد بن أبي وقاص. وأخرجه الخرائطي أيضًا عن ابن عباس. قال النجم: وزاد في حديث جابر وحديث سعد: "ومن شقاوته سوء الخلق"، وله ولابن عساكر عن جابر: "من شقوة ابن آدم سوء الخلق"، وأنكره الذهبي. انتهى. 2652- من حسن المرافقة الموافقة3. ترجمه السخاوي، ولم يتكلم عليه، ومعناه في المثل: "لولا اللئام لهلك الأنام". 2653- من سعادة المرء خفة لحيته4. رواه الطبراني عن ابن عباس رفعه. قال السيوطي في "مختصر الموضوعات" أنه موضوع. وأخرجه ابن عدي عن أنس بزيادة ولفظه: "من سعادة المرء أن يشبه أباه، ومن سعادة المرء خفة لحيته". وفي لفظ "خفة عارضيه". وقال في "الفتاوى الحديثية" لابن حجر المكي: رواه الطبراني والخطيب، وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات". وقيل أن فيه تصحيفًا؛ وإنما هو: "خفة لحييه بذكر الله"؛ حكاه الخطيب. انتهى، فتدبر. ومما يناسب إيراده هنا، ما ذكره المناوي في شرحه الكبير على "الجامع الصغير"، أن الحسن بن المثنى قال: "إذا رأيت رجلًا له لحية طويلة، ولم يتخذ لحية بين لحيتين؛ كان في عقله شيء"، ثم حكى قصة المأموم وأعقبها بإنشاد بيتين:

_ 1 "صحيح" انظر صحيح الترمذي "1886". 2 "موضوع" انظر ضعيف الجامع "ح5308". 3 قال ابن الديبع في "التمييز"، "1466": "ما علمته حديثًا، بل هو من الأمثال السائرة،..". 4 "موضوع" انظر الضعيفة "ح193".

ما أحد طالت له لحية ... فزادت اللحية في هيئته إلا وما ينقص من عقله ... أكثر مما زاد في لحيته 2654- من كرامتي على ربي أني ولدت مختونًا لم ير أحد سوأتي1. رواه الطبراني والخطيب وابن عساكر والضياء، عن أنس رضي الله تعالى عنه. 2655- من المروءة أن ينصت الرجل لأخيه إذا حدثه2. رواه الديلمي عن أنس وهو عند الخطيب بزيادة: "ومن حسن المماشاة أن يقف الأخ لأخيه إذا انقطع شسع3 نعله". 2656- من نعمة الله على الرجل أن يشبهه ولده4. رواه الديلمي عن علي. 2657- من طلب الكل؛ فاته الكل. ليس بحديث؛ قاله النجم؛ لكن أخرج. 2658- من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى5. رواه الديلمي عن واثلة بن الأسقع مرفوعًا بلفظ: "من بركة المرأة تبكيرها بالإناث؛ ألم تسمع قوله تعالى {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: 49] فبدأ بالإناث". ورواه أيضا عن عائشة مرفوعًا بلفظ: "من بركة المرأة على زوجها؛ تيسير مهرها، وأن تبكر بالإناث"، وهما ضعيفان كحديث الترجمة، وثانيهما عند أحمد والطبراني في "الأوسط" و"الصغير"، وأبي نعيم وغيرهم بلفظ: "إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها".

_ 1 "ضعيف" انظر ضعيف الجامع "5316". 2 بزيادته عند الخطيب، موضوع: رقم "5297". 3 الشسع: أحد سيور النعل وهو الذي يدخل بين الأصبعين. 4 وجدته بلفظ: "من سعادة المرء أن يشبه أباه"، انظر ضعيف الجامع "5307". 5 "موضوع"، بلفظ: "من بركة تبكيرها بالأنثى" انظر ضعيف الجامع "ح5298".

زاد الطبراني عن عروة: وأقول: "من أول شؤمها أن يكثر صداقها"، وروي: "لا تكرهوا البنات؛ فإنهن المؤنسات الغاليات". وفي "الفردوس" ومسنده بلا سند عن علي رفعه: "نعم الولد البنات؛ مؤنسات غاليات مباركات". وروي عن إبراهيم بن حيان المدني -وهو متهم بالوضع- عن شعبة عن الحكم عن عكرمة عن ابن عباس: "أن رجلًا دعا على بناته بالموت، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تدع؛ فإن البركة في البنات". وعبارة السخاوي: ولأبي موسى المديني عن ابن عباس: "أن أوس بن ساعدة الأنصاري دخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: إن لي بنات، وأنا أدعو عليهن بالموت، فقال: يا ابن ساعدة، لا تدع عليهن؛ فإن البركة في البنات، هن المجملات عند النعمة والمنعيات عند المصيبة والممرضات عند الشدة، ثقلهن على الأرض ورزقهن على الله تعالى". انتهى. وقال أيضًا: ولو لم يكن فيهن البركة ما كانت العترة الطاهرة والسلالة النبوية المستمرة إلا من الإناث. ونقل عن فتاوى السيوطي: أنه قال: وأما حديث اليمن في التي بكرت بأنثى؛ فهو لا يصح. 2659- من علامة الساعة التدافع على الإمامة. معناه ثابت، وفي ثامن "المجالسة" للدينوري من جهة عبد الرزاق: سمعت أبي يقول عن بعض أهل العلم قال: "أقيمت الصلاة، فجعل القوم يتدافعون، هذا يقدم هذا، وهذا يقدم هذا، فلم يزالوا كذلك حتى خسف بهم". وقال النجم: قلت: ورد عن سلامة بنت الحر أخت خرشة ابن الحر: "أن من أشراط الساعة، أن يتدافع أهل المسجد لا يجدون إمامًا يصلي بهم". 2660- "منهومان لا يشبعان طالب العلم وطالب دنيا" 1. رواه الطبراني في الكبير والقضاعي عن ابن مسعود رفعه، وهو عند البيهقي في المدخل عن ابن مسعود أنه قال: "منهومان لا يشبعان؛ طالب العلم وطالب دنيا، ولا يستويان؛ أما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان، وأما صاحب العلم فيزداد من رضا الرحمن" ثم قرأ {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6] وقوله {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] " وقال: إنه موقوف

_ 1 صحيح: رقم "6624".

ومنقطع، ثم ساقه عن أنس مرفوعًا بلفظ: "منهومان لا يشبعان؛ منهوم في العلم لا يشبع منه، ومنهوم في الدنيا لا يشبع منها؛ قال وروي عن كعب الأحبار من قوله، ورواه البزار من حديث ليث عن طاووس أو مجاهد عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ الترجمة، قال: لا نعلمه يروى من وجه أحسن من هذا. ورواه العسكري عنه بلفظ: "منهومان لا يقضي واحد منهما نهمته؛ منهوم في طلب العلم، ومنهوم في طلب الدنيا". وأخرجه العسكري أيضًا عن أبي سعيد رفعه: "لن يشبع المؤمن من خير سمعه؛ حتى يكون منتهاه الجنة". ورواه أيضًا عن الحسن قال: "بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: يا أيها الناس، إنما هما منهومان، فمنهوم في العلم لا يشبع، ومنهوم في المال لا يشبع". وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة؛ وهي وإن كانت مفرداتها ضعيفة، فبمجموعها يتقوى الحديث. 2661- "المهدي من ولد فاطمة" 1. ورد ذكره في أحاديث أفردها بعض الحفاظ بالتأليف، منهم الحافظ السخاوي في كتاب سماه "ارتقاء الغرف"، ومنهم ابن حجر الهيثمي في جزء سماه "القول المختصر في أحوال المهدي المنتظر"، وكذلك ذكر كثيرًا منها في "الفتاوى الحديثية"، وكذلك شيخنا البرزنجي في الإشاعة؛ فمن تلك الأحاديث: ما أخرجه أبو داود وابن ماجه عن أم سلمة مرفوعًا: "المهدي من ولد فاطمة". ومنها ما رواه الطبراني عن علي مرفوعًا: "المهدي منا يختم الدين به كما فتح بنا". ومنها ما رواه الطبراني وغيره عن ابن مسعود رفعه بلفظ: "المهدي من أهل بيتي؛ يواطئ اسمه اسمي". ومنها ما أخرجه الروياني في مسنده، وأبو نعيم عن حذيفة قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي، وجسمه جسم إسرائيلي، على خده الأيمن خال كأنه كوكب دري، يملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا يرضى بخلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجو".

_ 1 صحيح: رقم "6735" بلفظ: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة".

ومنها ما رواه الدارقطني عن محمد بن علي قال: "إن لمهدينا آيتين لم يكونا منذ خلق الله السماوات؛ تنكسف الشمس لأول ليلة من رمضان، وتنكسف في النصف منه، ولم يكونا منذ خلق الله السماوات والأرض"؛ فمن أراد المزيد فعليه بالتأليفين المذكورين وأمثالهما. 2662- "المهلكات ثلاث: إعجاب المرء بنفسه، وشح مطاع، وهوى متبع" 1. رواه العسكري عن ابن عباس مرفوعًا، والنميري وقتادة بزيادة عن أنس مرفوعًا: "ثلاث منجيات وثلاث مهلكات.." وذكره. وقال النجم: وحديثه عند الحاكم وابن أبي شيبة بلفظ: "ثلاث منجيات: خشية الله في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الفقر والغنى، وثلاث مهلكات: هوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه". وروى الطبراني عن ابن عمر: "ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، وثلاث كفارات، وثلاث درجات؛ فأما المهلكات: فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وأما المنجيات: فالعدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله في السر والعلانية، وأما الكفارات: فانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في السبرات 2، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وأما الدرجات: فإطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام". وله شواهد. انتهى. 2663- الموت كفارة لكل مسلم3. رواه البيهقي والقضاعي عن أنس مرفوعًا، وصححه أبو بكر بن العربي، وقال العراقي في أماليه: ورد من طرق يبلغ بها رتبة الحسن. قال في "المقاصد": ولم يصب ابن الجوزي في ذكره في "الموضوعات" وإن تبعه الصغاني؛ ولذا قال شيخنا: لا يتهيأ الحكم عليه بالوضع مع وجود هذه الطرق، ومع ذلك؛ فليس على ظاهره؛ بل محمول على مخصوص إن ثبت الحديث.

_ 1 بنحوه، حسن: رقم "3039". 2 السبرات: جمع سبرة بسكون الباء وهي شدة البرد. 3 موضوع: رقم "5962".

2664- موت العالم ثلمة في الإسلام لا تسد ما اختلف الليل والنهار1. رواه أبو بكر بن لال عن جابر رفعه، وتقدم: "إذا مات العالم ثلم.." الحديث. والله أعلم. 2665- موت الغريب شهادة2. رواه أبو يعلى وابن ماجه والطبراني والبيهقي والقضاعي عن ابن عباس رفعه.، وله شواهد منها للطبراني عن عنترة -قال السخاوي وهو متروك- عن أبيه عن جده رفعه: "ما تعدون الشهيد فيكم؟ قلنا: يا رسول الله، من قتل في سبيل الله؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: إن شهداء أمتي إذًا لقليل، ثم ذكر الشهداء، وقال: الغريب شهيد". ومنها للنسائي وأحمد وابن ماجه وآخرين عن عبد الله بن عمرو وقال: "مات رجل بالمدينة ممن ولد بها؛ فصلى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: يا ليته مات بغير مولده؛ فقالوا: ولم ذاك يا رسول الله؟ فقال: إن الرجل إذا مات بغير مولده [قيس له] 3 من مولده إلى منقطع أثره في الجنة". وزاد النجم: وروى الرافعي في تاريخ قزوين عن وهب بن منبه عن ابن عباس: "موت الرجل في الغربة شهادة، وإذا احتضر فرمى ببصره عن يمينه وعن يساره فلم ير إلا غريبًا، وذكر أهله وولده وتنفس؛ فله بكل نفس يتنفسه به أن يمحو الله له ألفي ألف سيئة، ويكتب له ألفي ألف حسنة، ويطبع بطابع الشهداء". 2666- موت الفجأة راحة للمؤمن وأسف على الفاجر4. رواه الإمام أحمد والبيهقي عن عائشة مرفوعًا بسند صحيح بلفظ: "وأخذة أسف للكافر". ولأبي داود عن عبيد بن خالد السلمي رفعه: "موت الفجأة أخذة أسف". وخرجه الزيلعي في سورة طه عن أنس وابن مسعود وعن عبيد بن عمير قال: "مات أخ لعائشة فجأة، فقالت عائشة: راحة للمؤمن وأخذة أسف على الكافر".

_ 1 موضوع: رقم "5906". 2 ضعيف: رقم "5907". 3 ما بين المعكوفين غير موجودة في النسخ التي بين أيدينا والمثبت من المسند "177/ 2". 4 ضعيف: رقم "5908"، وقد صح بلفظ: "موت الفجأة أخذ أسف". انظر صحيح الجامع "ح6631".

وعن أنس قال: "كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله مات فلان، قال: أوليس كان عندنا آنفًا؟ قالوا بلى، قال: سبحان الله أخذة على غضب؛ المحروم من حرم وصيته". وعند البيهقي عن أبي السكن البحتري قال مات خليل الله -يعني إبراهيم عليه السلام- فجأة، ومات داود فجأة، ومات سليمان بن داود فجأة، والصالحون؛ وهو تخفيف على المؤمن وتشديد على الكافر. 2667- الموت تحفة المؤمن1. رواه الديلمي عن جابر بزيادة: "والدرهم والدينار مع المنافق وهما زاده إلى النار". ورواه عن عائشة بلفظ: "الموت غنيمة، والمعصية مصيبة، والفقر راحة، والغنى عقوبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له". 2668- موت البنات من المكرمات2. رواه البزار عن ابن عباس، وسبق في "دفن البنات من المكرمات". 2669- موتوا قبل أن تموتوا3. قال الحافظ ابن حجر: هو غير ثابت، وقال القاري: هو من كلام الصوفية، والمعنى: موتوا اختيارًا بترك الشهوات، قبل أن تموتوا اضطرارًا بالموت الحقيقي. 2670- "المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة". رواه مسلم عن معاوية مرفوعًا، وأخرجه القضاعي عن أنس مرفوعًا، والبيهقي عن بلال قال: معناه: أن الناس يعطشون يوم القيامة، والإنسان إذا عطش انطوت عنقه، والمؤذنون لا يعطشون يومها فلا تنطوي أعناقهم. 2671- "مولى القوم منهم". رواه أصحاب السنن وابن حبان عن أبي رافع، وعند الشيخين عن أنس بلفظ "من أنفسهم"، وعند أحمد عن أم كلثوم -ابنة علي رضي الله عنهما- عن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم رفعه بلفظ: "إنا لا تحل لنا الصدقة، ومولى القوم منهم".

_ 1 "ضعيف"، ذكره في العلل المتناهية "885/ 2"، ثم قال: "تفرد به القاسم بن بهرام، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال". وأخرجه الحاكم "319/ 4" عن ابن عمرو، وفيه الإفريقي، وهو ضعيف، كما قال الذهبي. 2 سبق في معناه حديث: "1308". 3 انظر الأسرار المرفوعة "363".

2672- "المؤمنون عند شروطهم"1. تقدم في "المسلمون عند شروطهم". 2673- "المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف 2؛ إ ن قدته انقاد وإن أنخته أناخ" 3. رواه البيهقي والقضاعي والعسكري عن ابن عمر مرفوعًا، والعسكري فقط عن العرباض بن سارية رفعه بزيادة: "إن انقيد انقاد، وإن أنيخ على صخرة استناخ"، والبيهقي عن مكحول وقال: إنه أصح، والبيهقي أيضًا عن ابن عباس وأبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "المؤمن لين تخاله من اللين أحمق"، والذي في "الجامع الصغير" معزو للبيهقي عن أبي هريرة بلفظ: "المؤمن هين لين، حتى تخاله من اللين أحمق"، واشتهر على ألسنة العامة: "المؤمن هين لين ينقاد بشعرة". 2674- "المؤمن إذا قال صدق وإذا قيل له صدق" 4. قال في "التمييز": لا أعلمه بهذا اللفظ، وقال في "المقاصد": شقه الأول بمعنى: يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب، وفي لفظ: "الكذب مجانب للإيمان"، وتقدما. ويمكن الاستئناس للثاني بحديث: "رأى عيسى عليه السلام رجلًا يسرق، فقال له: أسرقت؟ قال: لا والذي لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالله، وكذبت بصري"، وهو صحيح. بل جاء في المرفوع: "من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله؛ فليس من الله". أخرجه ابن ماجه وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما. 2675- "المؤمن أخو المؤمن" 5. رواه أبو داود عن أبي هريرة رفعه، وفيه أيضًا: "والمؤمن مرآة المؤمن"، وسيأتي، وقال النجم: ولابن النجار عن جابر: "المؤمن أخو المؤمن؛ لا يدع نصيحته على كل حال". وتقدم في "المسلم أخو المسلم".

_ 1 بلفظ المسلمون على شروطهم، صحيح: رقم "6714". 2 الأنف والمأنوف: هو الذي عقر الخشاش أنفه فهو لا يمتنع على قائده للوجع الذي به. وقيل الأنف: الذلول. 3 بنحوه، حسن: رقم "6669". 4 قال ابن الديبع: "لا أعلمه بهذا اللفظ.." التمييز "1486". 5 بعض حديث صحيح: رقم "2275".

2676- "المؤمن أعظم حرمة من الكعبة" 1. رواه ابن ماجه بسند لين عن ابن عمر قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة وهو يقول: "ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده؛ لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك: ماله ودمه، وأن يظن به إلا خيرًا". ولابن أبي شيبة عن ابن عباس: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نظر إلى الكعبة فقال: "ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة منك: قد حرم الله دمه وماله وعرضه، وأن يظن به ظن السوء". ونحوه عند البيهقي عن ابن عباس، ونحوه ما أخرجه البيهقي بسند ضعيف عن ابن عمرو من قوله: "ليس شيء أكرم على الله من ابن آدم، قلت: الملائكة؟ قال: أولئك بمنزلة الشمس والقمر، أولئك مجبورون". والصحيح وقفه. وروى البيهقي أيضًا بسند متروك عن أبي هريرة من قوله: "المؤمن أكرم على الله من ملائكته". 2677- المؤمن حلوى والكافر خمرى2. قال الحافظ ابن حجر: لا أصل له وتقدم معنى الجملة الأولى في "قلب المؤمن حلو يحب الحلاوة"، وحلوى بضم الحاء المهملة كخمري بالخاء المعجمة؛ قاله النجم. 2678- المؤمن حلو يحب الحلاوة3. تقدم أنه عليه الصلاة والسلام كان يحب الحلوى والعسل. 2679- المؤمن حلو يحب الحلو. موضوع؛ كما قال الصغاني، واشتهر على الألسنة: "المؤمنون حلوية أو حلويون"؛ فلينظر؛ لكن معناه ثابت. 2680- المؤمن لا يخلو من قلة أو علة أو ذلة. لا أعلم حاله؛ لكن قال ابن علان: "وفي الحديث ... "، وذكره.

_ 1 "ضعيف" انظر ضعيف ابن ماجه "852"، وهو حسن من حديث ابن عمر، كما في غاية المرام "345". 2 "باطل" انظر التمييز "1488". 3 قال الشوكاني في "الفوائد المجموعة"، "224/ 1": "رواه البيهقي في الشعب عن أبي أمامة مرفوعًا، وقال: "متن الحديث منكر، وفي إسناده من هو مجهول".

2681- المؤمن سريع الغضب سريع الرجوع1. تقدم في "الحدة تعتري خيار أمتي"، وجاء في حديث طويل: أن المؤمن قد يكون سريع الغضب سريع الفيء؛ فتلك بتلك، وقد يكون بطيء الغضب سريع الفيء؛ فهذا هو المؤمن الأصل، والمنافق من يكون حاله بالعكس. 2682- "المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم" 2. قال الصغاني: موضوع. واعترض بأن إسناده جيد كما قال المناوي، وبأن الإمام أحمد رواه عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "المنافق" بدل "الفاجر"، وأحمد بن يحيى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه رفعه، وفي الباب: عن كعب بن مالك. 2683- المؤمن كيس فطن حذر وقاف لا يعجل3. رواه الديلمي والقضاعي عن أنس رفعه وهو ضعيف. وللديلمي عن أنس أيضًا بلفظ: "المؤمن فطن حذر وقاف متثبت لا يعجل، عالم ورع، والمنافق همزة لمزة حطمة، لا يقف عند شبهة، ولا عند محرم، كحاطب ليل لا يبالي من أين كسب، ولا فيما أنفق". وأخرجه البخاري في تاريخه عن كعب بن عاصم بمثله؛ إلا أنه زاد "كيس" كما في الترجمة، ولم يقل "كحاطب ليل.." إلى آخره. 2684- "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا". رواه الشيخان عن أبي موسى مرفوعًا. 2685- المؤمن ليس بحقود4. ذكره في "الإحياء"، وقال مخرجه العراقي: لم أقف له على أصل. وقال النجم: يستأنس لمعناه بما عند ابن عدي، والبيهقي عن معاذ: "ليس من خلق المؤمن التملق ولا الحسد إلا في طلب العلم؛ فإن الحاسد مبدأ الحقد"؛ كما بينه صاحب "الإحياء" وكذلك ما عند الطبراني والديلمي وابن عساكر.

_ 1 انظر في معناه حديث "1120". 2 حسن: رقم "6653". 3 ضعيف: رقم "5916" بدون زيادة "وقاف لا يعجل". 4 انظر التمييز "1492"، والأسرار المرفوعة "365".

وضعف عن عبد الله بن بسر: "ليس مني ذو حسد ولا نميمة ولا كهانة؛ ولا أنا منه"، والديلمي عن ابن عمرو بلفظ: "النميمة والشتيمة، والحقد والحمية، في النار لا يجتمعن في صدر المؤمن". 2686- "المؤمن محفوظ في ولده". رواه الدارقطني في "الأفراد" عن أبي سعيد الخدري؛ رفعه بلفظ: "إن الله عز وجل ليحفظ المؤمن في ولده". وللديلمي عن ابن عباس رفعه: "إن الله ليرفع ذرية المؤمن إليه حتى يلحقهم به في درجته". وروي عن الضحاك في قوله تعالى {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] : إن المراد بهم الأطفال الذين لم يبلغوا إلى الإيمان، يلحق الأبناء بالآباء. والله أعلم. 2687- "المؤمن مرآة المؤمن" 1. رواه أبو داود عن أبي هريرة؛ رفعه، والعسكري من طرق عن أبي هريرة، ولفظه في بعضها: "إن أحدكم مرآة أخيه؛ فإذا رأى شيئًا فليمطه". وأخرجه الطبراني والبزار والقضاعي عن أنس، وأخرجه ابن المبارك عن الحسن من قوله. وقال في "اللآلئ": أخرجه أبو داود في سننه عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه"، وفي إسناده كثير بن زيد، مختلف في عدالته. انتهى. والمشهور: "المؤمن مرآة أخيه"، ولبعضهم في معناه: صديقي مرآة أميط بها الأذى ... وعضب حسام إن منعت حقوقي وإن ضاق أمري أو ألمت ملمة ... لجأت إليه دون كل شقيق 2688- المؤمن ملقى والكافر موقى2. قال في "المقاصد" و"التمييز": ليس بحديث ومعناه صحيح.

_ 1 صحيح: رقم "6655". 2 "ليس بحديث"، انظر التمييز "1495".

2689- المؤمن في المسجد كالسمك في الماء، والمنافق في المسجد كالطير في القفص. لم أعرفه حديثًا، وإن اشتهر بذلك، ويشبه أن يكون من كلام مالك بن دينار؛ فقد نقل المناوي عنه أنه قال: "المنافقون في المسجد كالعصافير في القفص". 2690- المؤمن مؤتمن على نسبه1. قال في "المقاصد" بيض له شيخنا في بعض أجوبته، وأظنه من قول مالك أو غيره بلفظ: "الناس مؤتمنون على أنسابهم". 2691- المؤمن يسير المؤونة2. موضوع؛ كما قاله الصغاني؛ لكن معناه صحيح. 2692- المؤمن يخدع3. من كلام سعيد بن جبير. 2693- "المؤمن يأكل في معي واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء". رواه الشيخان عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما. 2694- المؤمن يغبط والمنافق يحسد4. من كلام الفضيل بن عياض. 2695- المؤمن واه راقع، وسعيد من هلك على رقعه5. رواه البيهقي والطبراني عن جابر مرفوعًا وهو ضعيف، والمعنى: أنه يخرق دينه بالذنب ثم يرقعه بالتوبة. قيل ونحوه: "استقيموا ولن تحصوا"، ومنه: "يا حنظلة ساعة وساعة".

_ 1 ليس بحديث، انظر تذكرة الموضوعات "14". 2 ضعيف: رقم "5921". 3 انظر الأسرار المرفوعة "366". 4 انظر الأسرار المرفوعة "367". 5 ضعيف: رقم "5918" بلفظ "فالسعيد من مات على رقعه".

2696- المؤمن مبتلى. 2697- المؤمن يأكل بشهوة عياله، والمنافق بشهوة نفسه1. رواه الديلمي عن أبي أمامة رفعه، ولعبد الرزاق والثعلبي بسند منقطع عن عمر بن الخطاب أنه قال: "كفى سرفًا أن لا يشتهي رجل شيئًا؛ إلا اشتراه فأكله". ورواه الإمام أحمد في الزهد عن الحسن، وأخرجه ابن ماجه وأبو يعلى والبيهقي بسند فيه نوح -وهو ضعيف- عن أنس، رفعه بلفظ: "إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت"، والأول أصح. 2698- "المؤمن يألف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف" 2. رواه الحاكم عن أبي هريرة مرفوعًا، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بأن فيه انقطاعًا. ورواه البيهقي والقضاعي والعسكري عن جابر مرفوعًا بلفظ: "المؤمن ألف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس"، ومن شواهده حديث: "خياركم أحسنكم أخلاقًا، الموطؤون أكنافًا، الذين يألفون ويؤلفون". 2699- "المؤمن يموت بعرق الجبين" 3. رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن بريدة مرفوعًا وصححه ابن حبان. 2700- "المؤمن من أمنه الناس" 4. رواه الديلمي عن أنس به، وعند ابن ماجه عن فضالة بن عبيد: "المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب". 2701- المؤمن ينظر بنور الله الذي خلق منه5. رواه الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه.

_ 1 "لا يصح" انظر المقاصد الحسنة للسخاوي "1232". 2 صحيح: رقم "6661". 3 صحيح: رقم "6665". 4 بزيادته عند ابن ماجه، صحيح: رقم "6658". 5 قال ابن الجوزي في "الموضوعات" "281/ 2": "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم..".

2702- المعاصي تزيل النعم1. قال النجم: أشار إليه السخاوي في حرف الهمزة في حديث: "إن الله لا يعذب بقطع الرزق"، وأيده بما أنشده أبو الحسن الكندي بقوله: إذا كنت في نعمة فارعها ... فإن المعاصي تزيل النعم قال: وهو في معنى ما أخرجه أحمد والنسائي وابن حبان والحاكم عن ثوبان: "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القضاء؛ إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر". وتقدم نحوه عن ابن عباس عن ابن مسعود ووقفه على ابن المبارك وابن أبي شيبة عن الحسين. 2703- "المكاتب قن ما بقي عنده درهم" 2. رواه مالك عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، ورفعه ابن قانع وأعله، والمشهور "عليه" بدل "عنده"، وأخرجه أبو داود والترمذي والحاكم عن ابن عمر بلفظ: "المكاتب قن ما بقي عليه من كتابته درهم". قال الشافعي رضي الله عنه: على هذا فتيا المفتين. 2704- المداراة عن العرض صدقة3. قال النجم كذا يدور على الألسنة، ولم أقف عليه بهذا اللفظ، وهو في معنى: "ما وقي المرء به"، ويروى "حسنة" بدل "صدقة". 2705- المرء بأصغريه. أي: بلسانه وقلبه. قال النجم: ذكره السيوطي في "مختصر النهاية" من زياداته عليها، ونقل تفسيره المذكور عن الفارسي وابن الجوزي. والله أعلم. 2706- "المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان" 4. رواه الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه.

_ 1 لم أجده، وفي معناه: "إن الرجل ليحرم الزرق بالذنب يصيبه". ضعيف الجامع "ح1452". 2 بنحوه، حسن: رقم "6722" عن ابن عمرو. 3 "ضعيف"، انظر الضعيفة "ح898" مطولًا. 4 صحيح: رقم "6690".

2707- "المرأة لآخر أزواجها" 1. رواه الطبراني عن أبي الدرداء، ورواه الخطيب، عن عائشة به، وهذا هو الصحيح، وقيل: لأحسنهم خلقًا، وقيل: تخير. 2708- المرأة من المرء. قال النجم: لعله مثل، وهو في معنى: "النساء شقائق الرجال"، ويؤيده قوله تعالى {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: 1] . 2709- "مرحبًا وأهلًا" 2. رواه ابن أبي عاصم والحاكم وصححه عن بريدة: "أن عليًا لما خطب فاطمة -رضي الله عنهما- قال له النبي -صلى الله عليه وسلم- "مرحبًا وأهلًا". وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: "مرحبًا بابنتي"، وقالت أم هانئ: جئت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "مرحبًا بأم هانئ". وأخرج ابن أبي عاصم عن علي قال: "استأذن عمار بن ياسر على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: "مرحبًا بالطيب المطيب". وروى أبو نعيم عن علي: "أنه -صلى الله عليه وسلم- قال له: مرحبًا بسيد المسلمين"؛ ذكره النجم: وما أحسن ما قيل: ما كل من دخل الحمى سمع الندا ... من أهله أهلًا بذاك الزائر 2710- "المساجد بيوت المتقين" 3. رواه البخاري في "الأدب المفرد"، عن أنس، وزاد: "وقد ضمن الله لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والراحة، والجواز على الصراط". ورواه الطبراني والبزار، وحسنه هو والمنذري عن أبي الدرداء بلفظ: "المسجد بيت كل تقي، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة، والجواز على الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة". ورواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه والحاكم وصححه عن أبي سعيد: "إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان".

_ 1 صحيح: رقم "6691". 2 في إسناده عبد الكريم بن سليط، وثقه ابن حبان، ورواه الطبراني والبزار بنحوه، ورجالهما رجال الصحيح. انظر المجمع "209/ 10". 3 "حسن" بلفظ: "المسجد بيت كل تقي"، انظر الصحيحة "716".

وتقدم في الهمزة مع الذال، وأطال النجم في ذلك. 2711- المساواة في الظلم عدل. قال النجم: ليس بحديث أصلًا، والمراد بالعدل: اللغوي وهو مجرد المماثلة. 2712- "المكر والخديعة في النار" 1. رواه الديلمي عن أبي هريرة، وأخرجه القضاعي عن ابن مسعود بزيادة: "ومن غشنا فليس منا"، قال النجم: قلت وأخرجه أبو داود وأبو نعيم بلفظ: "من غشنا فليس منا والمكر والخديعة والخيانة في النار"، ورواه البيهقي عن قيس بن سعد قال: "لولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "المكر والخديعة في النار؛ لكنت أمكر أهل الأرض". 2713- "المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف". رواه الإمام أحمد ومسلم وابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: "لو أني فعلت كان كذا"؛ ولكن قل: "قدر الله وما شاء فعل"، فإن لو تفتح عمل الشيطان". ولا يعارضه ما عند البخاري2 في تاريخه عن أنس: "المؤمن ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره"؛ فإن المراد بالقوي في الحديث الأول: القوة في الدين وفيما يوافق الشرع، وبالضعيف في الثاني: الضعيف في أمور الدنيا وما لا نفع فيه. 2714- المؤمن مكفي بغيره. قال النجم: لم أقف عليه. وفي معناه قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: 38] وقرئ يدافع، وقوله تعالى {وَلَوْلًا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ} [الحج: 40] ، ولابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: 38] قال: والله، لا يضيع الله رجلًا قط حفظ له دينه.

_ 1 صحيح: رقم "6725". 2 في الأصل "السخاوي" مكان "البخاري". هامش ط. القدسي.

تنبيه: قال النجم: سمعت بعض من ينسب إلى العلم يورد الترجمة "مكفى" بضم الميم وفتح الفاء، وهو تحريف قبيح، ذكرته هنا ليحذر؛ وإنما هو مكفي بفتح الميم وكسر الفاء وتشديد الياء من الكفاية، والأول اسم مفعول من "أكفأ" مهموز، وهو و"كفأه" الثلاثي المهموز بمعنى صرفه أو كبه وقلبه، وهو هنا فاسد المعنى. قال ونظير هذا التحريف ما حدثنا شيخنا الشيخ أحمد العيشاوي عن بعض شيوخه: "أن رجلًا من أهل العلم ركب سفينة وكان فيها رجل متزي بالعلم، فاضطربت فجعل يقول: اللهم اكفأها -ويهمز مع الفتح- فجعل العالم يقول له: قل اكفها بالكسر ولا تهمز، وجعل المتزي يقول: ما يقول؟ لا يفهم ما يقوله العالم، ولا يلوي عليه، فطفق العالم يقول: اللهم بنيته لا بلفظه". 2715- المؤمن ملجم. قال النجم: رواه الديلمي عن أنس، ومعناه أن الإيمان والخوف من الله يمنعه من شفاء غيظه وما لا يعنيه كما في حديث الآخر: "المؤمن لا يشفى غيظه، والصبر عن شفاء الغيظ كقتل في سبيل الله" أخرجه الديلمي عن ابن عباس، وعند ابن أبي الدنيا في التقوى، والديلمي وابن النجار عن سهل بن سعد: "من اتقى الله كل لسانه، ولم يشف غيظه". 2716- "الملائكة شهداء الله في السماء، وأنتم شهداء الله في الأرض" 1. رواه النسائي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-. 2717- "المحبة من الله" 2. رواه ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني عن أبي أمامة، ولفظه: "المقة من الله" - وفي لفظ: "إن المقة3 من الله، والصيت من السماء"، وفي لفظ: "في السماء"- فإذا أحب الله عبدًا قال لجبريل عليه الصلاة والسلام: إني أحب فلانًا فأحبه، وينادي جبريل: إن ربكم يحب فلانًا فأحبوه، فتنزل له المحبة في الأرض، وإذا

_ 1 صحيح: رقم "6728". 2 رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجاله وثقوا، كما في المجمع "271/ 10". 3 في النهاية: "المقة من الله، والصيت من السماء". المقة: المحبة. وقد ومق يمق مقة. والهاء فيه عوض من الواو المحذوفة. وبابه الواو. وقد تكرر ذكره في الحديث.

أبغض عبدًا قال لجبريل: إني أبغض فلانًا فأبغضه، فينادي جبريل: إن ربكم يبغض فلانًا فأبغضوه، فيجري له البغض في الأرض". وعند البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم عن أبي هريرة: "إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل -عليه السلام-: إني قد أحببت فلانًا فأحبه، فينادي في السماء، ثم تنزل المحبة في أهل الأرض، فذلك قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} [مريم: 96] ، وإذا أبغض عبدًا نادى جبريل: إني قد أبغضت فلانًا، فينادي في أهل السماء، ثم تنزل له البغضاء في أهل الأرض". وفي الباب عن ثوبان وغيره، والله أعلم. 2718- "ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب، وما يدفع الله أكثر" 1. رواه الطبراني عن البراء. 2719- "ما أذن الله لشيء؛ ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به". رواه الشيخان وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة، وأخرجه ابن حبان بلفظ: "ما أذن الله لشيء كإذنه للذي يتغنى بالقرآن يجهر به"، وأخرجه ابن أبي شيبة عن أبي سلمة مرسلًا ولفظه: "ما أذن الله لشيء كإذنه لعبد يترنم بالقرآن"، وفي لفظ عند عبد الرزاق: "ما أذن الله لشيء ما أذن لرجل حسن الترنم بالقرآن"، ووصله أبو النصر السجزي في الإبانة عن أبي سلمة عن أبيه. 2720- ما أذن الله لعبد في الدعاء حتى أذن له في الإجابة2. رواه أبو نعيم في "الحلية" عن أنس -رضي الله تعالى عنه-. 2721- "ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟! فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية". رواه الإمام أحمد والشيخان عن عائشة، ورواه أبو داود والنسائي عن أنس بلفظ: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي؛ فليس مني".

_ 1 صحيح بنحوه: رقم "5521". 2 موضوع: رقم "4994".

2722- "ما بال أقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم إلى السماء؟ لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم". رواه مالك وابن أبي شيبة والإمام أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أنس، رضي الله تعالى عنه. 2723- "ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟ ما كان شرطًا ليس في كتاب الله؛ فمردود إلى كتاب الله1". رواه الطبراني عن ابن عباس. وعند الشيخين عن عائشة قالت: "جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية2، فأعينيني. فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي، فعلت. فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم، فأبوا عليها. فجاءت من عندهم ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس فقالت: إني قد عرضت ذلك عليهم، فأبوا؛ إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء؛ فإنما الولاء لمن أعتق. ثم قال: أما بعد، ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله؛ فهو باطل وإن مائة شرط، قضاء الله أحق وشرط الله أوثق؛ وإنما الولاء لمن أعتق". 2724- "ما بعث الله من نبي إلا قد أنذر أمته الدجال". رواه الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن أنس، والبخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. 2725- "ما بعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم، وأنا كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط". رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-. 2726- ما بعد طريق أدى إلى صديق، ولا ضاق مكان عن حبيب3. رواه أبو نعيم في "الحلية" من كلام ذي النون المصري عن يوسف بن الحسين قال: "زار ذو النون أخا له من شقة بعيدة، فقال ذو النون: ما بعد.." فذكره.

_ 1 أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة. 2 في النسخ المطبوعة التي بين أيدينا: "وقية"، والمثبت من البخاري ح2729. وذكر ابن منظور في اللسان "وقي" أن "وقية" لغة عامية. 3 انظر الأسرار المرفوعة "303".

2727- "ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة" 1. رواه أبو نعيم والديلمي عن ابن عمر، زاد أبو نعيم: "إن منبري لعلى حوضي"، قال النجم: وهذا اللفظ أدور على الألسنة من الذي قبله مع أنه غريب. 2728- ما تقبل منها يرفع، ولولا ذلك لرأيتموها مثل الجبال2. يعني حصى الجمار - رواه الطبراني والدارقطني والحاكم والبيهقي. 2729- "ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة"3. رواه الطبراني عن عمر، وتقدم في "حصنوا" من حديث عبادة بن الصامت، ولفظه بمنع الزكاة وفيه زيادة، وللشافعي وابن عدي والبيهقي عن عائشة: "ما خالطت الصدقة مالًا إلا أهلكته". 2730- "ما تواد اثنان في الإسلام فيفرق بينهما؛ إلا من ذنب يحدثه أحدهما" 4. رواه هناد بن السري عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-. 2731- "ما جعل الله منية عبد بأرض إلا جعل له فيها حاجة" 5. رواه الطبراني والقضاعي عن أسامة بن زيد والحاكم عن مطر بن عكامس العبدي، ولفظه: "ما جعل الله أجل رجل بأرض؛ إلا جعلت له فيها حاجة". 2732- "ما جلس قوم يذكرون الله إلا ناداهم مناد من السماء: قوموا مغفورًا لكم" 6. رواه الإمام أحمد وأبو يعلى والطبراني والضياء عن أنس، ولابن حبان عن أبي هريرة بلفظ: "ما جلس قوم في مسجد من مساجد الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده، ومن

_ 1 ورد في الصحيح: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة". رقم "5586" وانظر "5587". 2 "ضعيف" انظر السنن الكبرى "128/ 5". 3 ضعيف: رقم "5049". 4 صحيح: رقم "5603". 5 صحيح: رقم "5606". 6 صحيح: رقم "5609".

أبطأ به عمله؛ لم يسرع به نسبه". ولابن أبي شيبة وابن حبان وابن شاهين في الترغيب في الذكر، وقال: حسن صحيح عن أبي سعيد وأبي هريرة معًا: "ما جلس قوم مسلمون مجلسًا يذكرون الله فيه؛ إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده"، وروى الطبراني والبيهقي عن سهل بن الحنظلية: "ما جلس قوم يذكرون الله -عز وجل- فيقومون حتى يقال لهم: قوموا قد غفر الله لكم ذنوبكم وبدلت سيئاتكم حسنات". 2733- "ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم؛ إلا كان عليهم ترة؛ فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم" 1. رواه الترمذي وحسنه عن أبي هريرة وأبي سعيد، وهو عند ابن شاهين والبيهقي عن أبي هريرة وحده، ولفظه: "ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا فيه ربهم، ولم يصلوا على نبيهم؛ إلا كانت ترة عليهم يوم القيامة، إن شاء أخذهم، وإن شاء عفا عنهم". 2734- ما جمع شيء إلى شيء؛ أفضل من علم إلى حلم2. رواه الطبراني في "الأوسط" عن علي -رضي الله عنه-. 2735- ما حلف بالطلاق مؤمن، وما استحلف به إلا منافق3. ابن عساكر عن أنس. 2736- ما عبد الله بشيء؛ أفضل من فقه في دين4. رواه البيهقي عن ابن عمر، وأخرجه ابن النجار بلفظ "في الدين"، وزاد: "ونصيحة المسلمين"، وقال العراقي في تخريج أحاديث "الإحياء": رواه الطبراني في "الأوسط" وأبو بكر الآجري في كتاب "فرض العلم"، وأبو نعيم في "رياضة المتكلمين" من حديث أبي هريرة بلفظ الترجمة؛ لكن عبارته: "ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، ولكل شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه".

_ 1 صحيح: رقم "5607". 2 ضعيف: رقم "5053". 3 ضعيف: رقم "5057". 4 ضعيف: رقم "5108".

2737- ما في السماء ملك؛ إلا وهو يوقر عمر، ولا في الأرض شيطان؛ إلا وهو يفر من عمر1. رواه ابن عدي والحاكم في "تاريخ نيسابور"، وأبو نعيم في "الحلية" في فضائل الصحابة، والديلمي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-. 2738- "ما فتح عبد باب مسألة؛ إلا فتح الله عليه باب فقر" 2. رواه الإمام أحمد والترمذي وحسنه عن أبي كبشة الأنماري. 2739- ما كان مؤمن ولا يكون إلى يوم القيامة؛ إلا وله جار يؤذيه3. رواه الديلمي عن علي -رضي الله تعالى عنه-. 2740- "ما كان الرفق في شيء؛ إلا زانه، ولا نزع من شيء؛ إلا شانه" 4. رواه ابن حبان عن أنس -رضي الله عنه- به. 2741- "ما لي وللدنيا ما أنا في الدنيا؛ إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها" 5. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح، وابن ماجه والطبراني والحاكم والبيهقي في "الشعب" عن ابن مسعود به. قال: "نام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حصير فقام، وقد أثر في جنبه، فقلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وطاء فقال: ... " وذكره. وعند الإمام أحمد والطبراني وابن حبان والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال: "دخل عمر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على حصير قد أثر في جنبه؛ فقال يا رسول الله: لو اتخذت فراشًا أوثر من هذا، فقال: "ما لي وللدنيا، وما للدنيا وما لي، والذي نفسي بيده، ما مثلي ومثل الدنيا؛ إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها". والله تعالى أعلم.

_ 1 موضوع: رقم "5120" وفيه "يفرق" بدل "يفر". 2 في معناه بعض حديث صحيح: رقم "5646". 3 بنحوه موضوع: رقم "5126". 4 صحيح: رقم "5654". 5 صحيح: رقم "5668".

2742- "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" - يعني الساعة. قاله -صلى الله عليه وسلم- لجبريل -عليه السلام- في حديث سؤاله عن الإيمان والإسلام والإحسان والساعة كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة، وفي مسلم وغيره عن عمر -رضي الله تعالى عنه-. 2743- "ما منكم من أحد إلا وله شيطان، قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا؛ إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، ولا يأمر إلا بخير". رواه مسلم عن ابن مسعود، وللطبراني عن أسامة بن شريك بلفظ: "ما منكم من أحد؛ إلا ومعه شيطان"، قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: "إن الله أعانني عليه فأسلم". 2744- ما من أحد يموت إلا ندم؛ إن كان محسنًا ندم أن لا يكون ازداد، وإن كان مسيئًا ندم أن لا يكون نزع1. رواه ابن المبارك في الزهد، والترمذي عن أبي هريرة. 2745- ما من أحد يوم القيامة غني ولا فقير إلا ود أن ما كان أوتي من الدنيا قوتًا2. رواه ابن ماجه، قال السيوطي: وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" فأفرط، ورواه الطبراني عن ابن مسعود بلفظ: "ما من أحد؛ إلا وهو يتمنى يوم القيامة أنه كان يأكل في الدنيا قوتًا". 2746- ما من ذنب إلا وله عند الله توبة؛ إلا سوء الخلق، فإنه لا يتوب صاحبه من ذنب إلا رجع إلى ما هو شر منه3". رواه أبو عثمان الصابوني في الأربعين عن عائشة.

_ 1 ضعيف: رقم "5148". 2 موضوع: رقم "5149". 3 موضوع: رقم "5174".

2747- "ما من سقم ولا وجع يصيب المؤمن؛ إلا كان كفارة لذنبه، حتى الشوكة يشاكها، والنكبة ينكبها" 1. رواه الطبراني عن عائشة، ولمالك في الموطأ عن أبي سعيد: "ما من مؤمن يصيبه وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن ولا هم يهمه؛ إلا كفر الله به سيئاته"، وتقدم بأبسط من هذا، وأصله عند مسلم بلفظ: "ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها؛ إلا كتب له بها درجة: ومحيت عنه بها خطيئة". 2748- ما من فرحة؛ إلا ولها ترحة. رواه ابن أبي شيبة عن الحسن مرسلًا. 2749- "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا" 2. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن البراء. 2750- "ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة؛ إلا وقاه الله فتنة القبر" 3. رواه الترمذي وأحمد عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-. 2751- "ما من نبي؛ إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا أنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه ك ف ر" 4. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، عن أنس رضي الله عنه، وسبق في: "ما بعث الله نبيًّا.." الحديث. والله أعلم. 2752- "ما من والي عشرة؛ إلا يأتي يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه: أطلقه عدله، أو أوثقه جوره" 5. رواه أبو نعيم في "الحلية" عن ثوبان، والبيهقي في السنن عن أبي هريرة بلفظ: "ما من أمير عشرة؛ إلا يؤتى به يوم القيامة ويده مغلولة إلى عنقه"، وهو عند ابن أبي شيبة،

_ 1 بمعناه في صحيح مسلم "ح2572". 2 حسن: رقم "5777". 3 حسن: رقم "5773". 4 صحيح: رقم "5789". 5 بنحوه، صحيح: رقم "5695"، "5696".

ولفظه: "ما من أمير ثلاثة؛ إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه: أطلقه الحق أو أوثقه"، وهذه الرواية تدل على أن ذكر العشرة مثال. 2753- ما من يوم اثنين ولا خميس؛ إلا ترفع فيه الأعمال؛ إلا المتهاجرين1. رواه الطبراني عن أبي أيوب، وفي الباب أحاديث تقدمت في "تعرض". 2754- "ما من يوم يصبح العباد فيه؛ إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا" 2. رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. 2755- ما نحل والد ولدًا أفضل من أدب حسن3. رواه الطبراني عن ابن عمر به، وفي لفظ للترمذي والحاكم والبيهقي وغيرهم عن ابن عمر بلفظ: "ما ورث والد ولدًا أفضل من أدب حسن". 2756- ما ولد في أهل بيت غلام؛ إلا أصبح فيهم عز لم يكن4. رواه الطبراني في "الأوسط" عن ابن عمرو ضعيف. 2757- ما لا يدرك كله؛ لا يترك كله. هو معنى آية {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] ومعنى حديث "وما أمرتكم به؛ فأتوا منه ما استطعتم"، وقال النجم: لفظ الترجمة قاعدة، وليس بحديث. 2758- "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله؛ حتى يلقى الله وما عليه خطيئة" 5. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

_ 1 انظر في معناه حديث سبق برقم "991". 2 سبق نحوه برقم "549". 3 ضعيف بنحوه: رقم "5231". 4 ضعيف: رقم "5234". 5 صحيح: رقم "5815" بزيادة "وماله".

2759- "ما يوضع في الميزان يوم القيامة أفضل من حسن الخلق، وإن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم" 1. رواه الطبراني عن أبي الدرداء وهو عند أبي داود والترمذي بلفظ: "ما من شيء في الميزان؛ أثقل من حسن الخلق"، وفي الباب غير ذلك. 2760- مثل الرجل الذي يصيب المال من الحرام ثم يتصدق به؛ لم يقبل منه إلا كما يتقبل من الزانية التي تزني ثم تتصدق به على المرضى. رواه الديلمي عن الحسين بن علي، وفي معناه: ومطعمة الأيتام من كد فرجها ... لك الويل لا تزني ولا تتصدقي 2761- "مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه؛ كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه" 2. رواه الطبراني في "الكبير" والضياء في "المختارة" عن حذيفة. 2762- "مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء، إذا ظهرت ساروا بها، وإذا توارت عنهم تاهوا" 3. رواه الإمام أحمد في الزهد عن أبي الدرداء موقوفًا، وفي المرفوع إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء، يهتدي بها في ظلمات البر والبحر؛ فإذا انطمست أوشك أن تضل الهداة قال النجم: وضلال الهداة، أبلغ من ضلال المهتدين؛ لأنهم إذا ضلوا ضل من يهتدي بهم، كما أن دليل القافلة إذا ضل؛ ضلوا كلهم.

_ 1 بنحوه، صحيح: رقم "5726". 2 صحيح: رقم "5831". 3 بهذا اللفظ أخرجه أحمد في الزهد موقوفًا على أبي الدرداء، وأخرجه في المسند بأطول من هذا عن أنس مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم "157/ 3"؛ لكن في سنده رشدين بن سعيد وهو ضعيف، وجهالة أو حفص الراوي عن أنس.

2763- "مثل القلب كمثل ريشة بأرض فلاة تقلبها الرياح" 1. رواه البيهقي وابن النجار عن أنس به، وروى الحاكم والبيهقي -كلاهما- عن أبي عبيدة بن الجراح: "مثل القلب مثل العصفور فيقلب كل ساعة"، ورواه الإمام أحمد والحاكم: وقال على شرط البخاري عن المقداد بن الأسود: "مثل القلب في تقلبه؛ كالقدر إذا استجمعت غليانًا". 2764- "مثل الذي يعود في صدقته كمثل الكلب يعود في قيئه" 2. رواه أبو يعلى عن عمر به، وعند مسلم والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس بلفظ: "مثل الذي يتصدق ثم يرجع في صدقته؛ كمثل الكلب يقيء ثم يعود في قيئه؛ فيأكله"، ورواه الإمام أحمد عن أبي هريرة بلفظ: "مثل الذي يعود في عطيته؛ كمثل الكلب يأكل، حتى إذا شبع قاء، ثم عاد فيه فأكله". 2765- مثل المرأة الصالحة في النساء؛ كمثل الغراب الأعصم من مائة غراب، قيل: ما الأعصم؟ قال: الذي إحدى رجليه بيضاء3. رواه ابن ماجه في "الكبير" عن أبي أمامة بسند ضعيف، وروى الإمام أحمد والنسائي عن عمرو بن العاص بسند صحيح قال: "كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمر الظهران؛ فإذا بغربان كثيرة فيها غراب أعصم، أحمر المنقار، فقال -صلى الله عليه وسلم-: لا يدخل الجنة من النساء؛ إلا مثل هذا الغراب في هذه الغربان". وروى الطبراني في "الكبير" عن عبادة بن الصامت: "مثل المرأة المؤمنة؛ كمثل الغراب الأبلق في غربان سود، لا ثانية لها ولا شبه لها، ومثل المرأة السوء؛ كمثل بيت مزوق ظهره، خرب جوفه كظلمة لا نور لها يوم القيامة؛ والله إني لأخشى أن لا تقوم امرأة عن فراش زوجها مجانبة له؛ إلا هي عاصية لله ورسوله"، وفي معنى بعضه ما عند الترمذي وضعفه، عن ميمونة بنت سعد: "مثل الرافلة في الزينة في غير أهلها؛ كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها".

_ 1 بنحوه، صحيح: رقم "5833". 2 بنحوه، صحيح: برقم "5834" بلفظ مسلم. 3 بنحوه، ضعيف: رقم "5250".

2766- "مثل المؤمن؛ كمثل النحلة لا تأكل إلا طيبًا، ولا تضع إلا طيبًا" 1. رواه ابن حبان والطبراني عن أبي رزين. 2767- "مثل المؤمن مثل النخلة، ما أخذت منها من شيء نفعك" 2. رواه الطبراني عن ابن عمر. وروى الشيخان وأحمد والترمذي عن ابن عمر بلفظ: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المؤمن، حدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي، ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت. ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: هي النخلة". ورواه البخاري بلفظ: "أخبروني بشجرة شبه الرجل المسلم، لا يتحات ورقها، تؤتي أكلها كل حين". ثم قال: "هي النخلة". 2768- "مثل المؤمن؛ كمثل خامة الزرع، من حيث أتتها الريح كفتها، فإذا سكنت؛ اعتدلت، وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء؛ ومثل الكافر كالأرزة 3 صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء". رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه. 2769- "مثل الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة: ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل الثمرة 4 لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر". رواه الإمام أحمد والستة عن أبي موسى، وأبو داود والنسائي عن أنس -رضي الله عنه-.

_ 1 صحيح: رقم "5847". 2 صحيح: رقم "5848". 3 الأرزة بسكون الراء وفتحها: شجرة الأرزن، وهو خشب معروف، وقيل هو الصنوبر - كما في النهاية. 4 في بعض النسخ المطبوعة: الثمرة، بالثاء. وانظر صحيح الجامع ح5839، 5840.

2770- "من أحسن فيما بقي؛ غفر له ما مضى وما بقي، ومن أساء فيما بقي أخذ مما مضى وما بقي" 1. قال النجم: لم أجده في الحديث المرفوع، وفي معناه ما أخرجه أحمد والشيخان وابن ماجه عن ابن مسعود: "من أحسن في الإسلام؛ لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر". 2771- من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة. رواه الستة عن أبي هريرة. 2772- "من اطلع على بيت قوم بغير إذنهم؛ فقد حل لهم أن يفقؤوا عينه". رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وفي لفظ لأبي داود: "من اطلع في دار قوم بغير إذنهم، ففقؤوا عينه؛ هدرت"، وفي لفظ لأحمد والنسائي: "من اطلع في بيت قوم بغير إذن، ففقؤوا عينه؛ فلا دية ولا قصاص". 2773- "من أعتق رقبة مسلم؛ أعتق الله بكل عضو منها عضوًا من النار حتى فرجه بفرجه". رواه الشيخان والترمذي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-. 2774- "من أكل من هذه الشجرة -يعني الثوم-؛ فلا يقربن مسجدنا". رواه الشيخان عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. 2775- "من بنى لله مسجدًا قدر مفحص قطاة؛ بنى الله له بيتًا في الجنة" 2. رواه البزار والطبراني وابن حبان عن أبي ذر به، ورواه الترمذي عن أنس بلفظ: "من بنى مسجدًا صغيرًا كان أو كبيرًا؛ بنى الله له بيتًا في الجنة"، وروى أحمد والشيخان عن عثمان بلفظ: "من بنى مسجدًا يبتغى به وجه الله؛ بنى الله له بيتًا في الجنة"، وفي رواية "بنى له مثله في الجنة"، وروى الطبراني عن أبي هريرة: "من بنى بيتًا يعبد الله فيه؛ بنى الله له بيتًا في الجنة من در وياقوت"، وعند الترمذي بإسناد حسن واللفظ له، وابن خزيمة والبيهقي عن أبي هريرة: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علمًا علمه ونشره،

_ 1 رواه الطبراني في "الأوسط" عن أبي ذر، وإسناده حسن، كما في "المجمع"، "202/ 10". 2 بنحوه عن جابر، وابن عباس، صحيح: رقم "6128"، "6129".

وولدًا صالحًا تركه، أو مصحفًا ورثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن سبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته؛ تلحقه بعد موته". 2776- من تعلم لله وعلم لله؛ كتب في ملكوت السماوات عظيمًا. رواه الديلمي عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-. 2777- "من ولد له مولود فسماه محمدًا تبركًا به؛ كان هو ومولوده في الجنة"1. رواه ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعًا، قال السيوطي في "مختصر الموضوعات": هذا أمثل حديث ورد في هذا الباب وإسناده حسن. 2778- "من تعلم العلم ليباهى به العلماء أو يماري به السفهاء؛ فهو في النار" 2. رواه الطبراني عن أبي هريرة بلفظ: "من تعلم العلم ليباهى به العلماء أدخله الله جهنم". 2779- "من جاءه من أخيه معروف من غير إشراف ولا مسألة؛ فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله إليه" 3. رواه الإمام أحمد والحاكم والطبراني وأبو نعيم والبيهقي والبغوي، وروى الشيخان والنسائي عن عمر قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيني العطاء فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني، قال: فقال: "خذه، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه فتموله، فإن شئت فكله، وإن شئت تصدق به، وما لا؛ فلا تتبعه نفسك"، قال سالم بن عبد الله بن عمر: فلأجل ذلك كان عبد الله لا يسأل أحدًا شيئًا ولا يرد شيئًا أعطيه، ومن كلام الصوفية: "من أعطي ولم يقبل؛ سأل ولم يعط". ومن آدابهم: أنهم لا يسألون ولا يردون، قال النجم: ولنا في المعنى: اقطع أطماعك عن كل نوال ... من غير الملك الكبير المتعال ما ساق إليك فتى من رزق ... فاقبله إذا أتاك من غير سؤال

_ 1 "موضوع" انظر الضعيفة "ح171". 2 بنحوه صحيح: رقم "6158". 3 "صحيح" انظر الصحيحة "ح1005".

2780- "من جر ثوبه خيلاء؛ لم ينظر الله إليه يوم القيامة". رواه أحمد والستة عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-. 2781- "من حج فلم يرفث " وفي لفظ: "من حج البيت " وفي آخر: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه". وفي لفظ: "خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه". رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والشيخان عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه. 2782- من حرم وارثًا ميراثه؛ حرمه الله الجنة. قال النجم: لم أقف عليه بهذا اللفظ؛ لكن عند ابن ماجه عن أنس: "من قطع ميراث وارثه؛ قطع الله ميراثه من الجنة"1، ورواه البيهقي عن أبي هريرة بلفظ: "من قطع ميراثًا فرضه الله ورسوله قطع الله به ميراثه في الجنة". 2783- "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة" 2. رواه أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي بن كعب. 2784- من خاف؛ سلم، ومن جهل؛ ندم. هو من الحكم وليس بحديث. ومعناه: من خاف؛ حذر؛ فسلم، ومن جهل فاغتر ولم يخف؛ ندم. ويؤدي معناه ما عند الخطيب في تلخيص المتشابه عن أنس: "من خاف شيئًا؛ حذره ومن رجا شيئًا؛ عمل له، ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية.

_ 1 وأيضًا عزاه الخطيب التبريزي في المشكاة "3078" لابن ماجه، وقال الشيخ الألباني معلقًا عليه: "لم أجده في ابن ماجه ولا أعتقد؛ إلا أن عزوه إليه خطأ، فقد أورده السيوطي في "الجامع الكبير" من رواية سعيد بن منصور فقط عن سليمان بن موسى مرسلًا. 2 صحيح: رقم "6222".

2785- من خاف الله؛ خوف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله؛ خوفه الله من كل شيء1. رواه أبو الشيخ والديلمي والقضاعي عن واثلة بن الأسقع. وأخرجه العسكري عن ابن مسعود من قوله، قال المنذري: ورفعه منكر، وأخرجه الرافعي عن ابن عمر، وقال عمر بن عبد العزيز: "من خاف الله؛ أخاف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله خاف من كل شيء". والفضيل بن عياض: "إن خفت الله؛ لم يضرك أحد، وإن خفت غير الله؛ لم ينفعك أحد". وفي لفظ: "من خاف الله؛ لم يضره أحد، ومن خاف غير الله؛ لم ينفعه أحد". ويحيى بن معاذ الرازي: "على قدر حبك الله؛ يحبك الخلق، وعلى قدر خوفك من الله؛ يهابك الخلق، وعلى قدر شغلك بأمر الله؛ يشغل في أمرك الخلق". أخرجها البيهقي -رضي الله عنه- في "الشعب". 2786- "من لم يأخذ من شاربه؛ فليس منا" 2. رواه أحمد والترمذي وصححه والنسائي بسند قوي عن زيد بن أرقم.

_ 1 منكر، انظر الضعيفة "485". 2 صحيح: رقم "6533".

حرف النون

حرف النون: 2787- النادر لا حكم له1. قال النجم: ليس بحديث؛ بل هو قاعدة ذكرها صاحب المهذب في تعليل غسل ما تحت الشعر الكثيف من الحاجب والشارب واللحية للمرأة، فإن الشعر في هذه المواضع يخف في الغالب، وإن كثف فحكمه حكم الكثيف فيجب غسله، وقال النووي: هذه العبارة مشهورة في استعمال العلماء، ومعناها عندهم: لم يكن للنادر حكم يخالف الغالب؛ بل حكمه حكمه. 2788- الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم2. من قول عمر بن الخطاب كما قاله الحافظ الصريفيني، وقال محمد بن أيوب: ارتحلت إلى يحيى الغساني من أجله، وقيل: إنه قول علي بن أبي طالب، قال القاري: وهو الأشهر الأظهر. انتهى. 2789- الناس بلاء للناس3. قال النجم: لم أقف عليه في الحديث، ومعناه قوله تعالى {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ} [الفرقان: 20] . 2790- الناس على دين مليكهم - أو ملوكهم4. قال في "المقاصد": لا أعرفه حديثًا وهو قريب مما قبله، وروينا عن الفضيل أنه قال: لو كانت لي دعوة صالحة لرأيت السلطان أحق بها، إذ بصلاحه صلاح الرعية، وبفساده فسادهم.

_ 1 ليس بحديث. 2 انظر كتاب "المصنوع في معرفة الموضوع" للقاري، "374". 3 قال السيوطي في الدر المنثور "120/ 5": أخرج ابن أبي شيبة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو شاء الإله لجعلكم أغنياء كلكم لا فقير فيكم، ولو شاء الله لجعلكم فقراء كلكم لا غنى فيكم. ولكن ابتلى بعضكم ببعض". أهـ. قلت: والحسن لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم. 4 سبق في معناه حديث "1997" وهو ضعيف.

ويتأيد بما للطبراني في "الكبير" و"الأوسط" عن أبي أمامة مرفوعًا: "لا تسبوا الأئمة، وادعوا لهم بالصلاح، فإن صلاحهم لكم صلاح". وللبيهقي عن كعب الأحبار قال: "إن لكل زمان ملكًا يبعثه الله على نحو قلوب أهله؛ فإذا أراد صلاحهم؛ بعث عليهم مصلحًا، وإذا أراد هلكتهم؛ بعث فيهم مترفيهم"، إلى غير ذلك مما بينه السخاوي وفي مفاخر الملوك. ومنه قول القاسم بن مخيمرة: "إنما زمانكم سلطانكم؛ فإذا صلح سلطانكم؛ صلح زمانكم وإذا فسد سلطانكم؛ فسد زمانكم. قال النجم: قلت: والأظهر في معنى الترجمة أن الناس يميلون إلى هوى السلطان؛ فإن رغب السلطان في نوع من العلم مال الناس إليه، أو في نوع من الآداب والعلاجات كالفروسية والرمي؛ صاروا إليه، ثم قال: وأظهر ما في معناه قول عمر بن عبد العزيز "إنما السلطان سوق فما راج عنده حمل إليه". ونقل السخاوي عن ثالث "المجالسة": "أن عمر بن الخطاب لما جيء بتاج كسرى وسواريه؛ جعل يقلبه بعود في يده ويقول: والله إن الذي أدى هذا لأمين، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أنت أمين الله يؤدن إليك ما أديت إلى الله، فإن خنت خانوا". وتقدم: "كما تكونوا يولى عليكم". 2791- الناس بالناس1. قال في "التمييز": ليس بحديث، بل هو معنى الحديث الصحيح: "أمتي كالبنيان يشد بعضه بعضًا"، وقال النجم: "الناس بالناس، والكل بالله". ويشهد له قوله تعالى {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} [القصص: 35] وفي معناه ما تقدم "المرء كثير بأخيه"، قال: وليس بحديث. 2792- الناس مجزيون بأعمالهم2. تقدم في "الجزاء من جنس العمل". 2793- "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة" 3. رواه العسكري عن أبي هريرة رفعه، وأخرجه الطيالسي وابن منيع والحارث والبيهقي عن أبي هريرة في حديث آخر لفظه: "الناس معادن في الخير والشر، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا".

_ 1 انظر "المصنوع" للقاري "375"، وتمييز الطيب من الخبيث "1524". 2 سبق في حديث رقم "1070". 3 بنحوه صحيح: رقم "6797".

وللديلمي عن ابن عباس رفعه: "الناس معادن، والعرق دساس، وأدب السوء كعرق السوء". وكثير من العامة يورده بلفظ: "للخير معادن". 2794- الناس مؤتمنون على أنسابهم1. تقدم قريبًا أنه من قول مالك بلفظ: "المؤمن مؤتمن على نسبه". 2795- الناس نيام؛ فإذا ماتوا انتبهوا2. هو من قول علي بن أبي طالب؛ لكن عزاه الشعراني في الطبقات لسهل التستري، ولفظه في ترجمته، ومن كلامه: "الناس نيام؛ فإذا ماتوا انتبهوا، وإذا ماتوا ندموا، وإذا ندموا لم تنفعهم ندامتهم". انتهى. 2796- الناس كلهم موتى إلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم غرقى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم. وبعضهم يرويه "هلكى" في الكل، وبعضهم يرويه "موتى" في الكل3. قال الصغاني: وهذا حديث مفترى ملحون، والصواب في الإعراب العالمين والعاملين والمخلصين. انتهى. وأقول فيه: إن السيوطي نقل في النكت عن أبي حبان أن الإبدال في الاستثناء الموجب لغة لبعض العرب، وخرج عليها قوله تعالى {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً} [البقرة: 249] . انتهى. وعليه، فالعالمون وما بعده بدل مما قبله. 2797- نبات الشعر في الأنف أمان من الجذام4. قال في "اللآلئ": أخرجه الطبراني في "الأوسط" من جهة أبي الربيع السمان عن هشام عن عروة، عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعًا، وقال عروة: لم يروه عن هشام إلا أبو الربيع، وقال المناوي نقلًا عن الذهبي: إنه باطل.

_ 1 "الموضوعات "547"، وتمييز الطيب من الخبيث "1514". 2 "لا أصل له"، انظر الضعيفة "ح102". 3 "موضوع"، انظر الضعيفة "ح76". 4 موضوع: رقم "5966".

2798- نبذ القمل يورث النسيان1. أورده ابن عدي في حديث مرفوع شديد الوهي والضعف، وفي سنده الحكيم بن عبد الله الأيلي متهم بالوضع، ولفظه: "ست تورث النسيان: سؤر الفأر، وإلقاء القملة وهي حية، والبول في الماء الراكد، وقطع القطار، ومضغ العلك، وأكل التفاح الحامض". واعتمده الجاحظ حيث قال: وفي الحديث أن أكل الحامض وسؤر الفأر ونبذ القمل؛ يورث النسيان. قال: وفي آخر: "إن الذي يلقي القملة لا يكفى الهم". وتزعم العامة أن لبس النعال السود يورث النسيان. قال ابن الجوزي: "وقد يورث النسيان أشياء بالخاصية مثل الحجامة في النقرة، وأكل الكزبرة رطبة، والتفاح الحامض، والمشي بين جملين مقطورين، وكثرة الهم، وقراءة ألواح القبور، والنظر إلى الماء الدائم، والبول فيه، والنظر إلى المصلوب، ونبذ القمل، وأكل سؤر الفأر". انتهى. قال في "المقاصد": ولا يصح في المرفوع من ذلك شيء. وذكر الخطيب عن إبراهيم بن المختار أنه قال: "خمس تورث النسيان: أكل التفاح، وشرب سؤر الفأر، والحجامة في النقرة، وإلقاء القمل، والبول في الماء الراكد؛ وعليكم باللبان فإنه يشجع القلب ويذهب بالنسيان". وعن ابن شهاب قال: "التفاح يورث النسيان"، وفي رواية عنه أنه كان يكره أكل التفاح وسؤر الفأر ويقول: إنه ينسي، وكان يشرب العسل ويقول: إنه يذكي، وفي رواية عنه: "ما أكلت تفاحًا ولا جلدة منذ عالجت الحفظ". لكن في فتاوى قاضيخان من الحنفية: لا بأس بطرح القملة حية، والأدب أن يقتلها؛ ولذا قيل: أن المصلي إذا وجد في ثوبه قملة أو برغوثًا ولم يسلك الأولى، وهو تغافله عنها، فالأدب أن يلقها بيده أو يمسكها حتى يفرغ. وذكر فقهاؤنا الشافعية أن الأولى قتلها. ويجوز إلقاؤها حية كالبرغوث في غير المسجد لما رواه أحمد بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه رفعه: "إذا وجد أحدكم القملة في المسجد؛ فليصرها في ثوبه حتى يخرج من المسجد". وليس في ذلك ما يقتضي أن إلقاءها حية لا يورث النسيان.

_ 1 "ضعيف جدًا" انظر "تمييز الطيب من الخبيث" "1530".

وعن شيخ قرشي من أهل مكة أنه قال: "وجد رجل في ثوبه قملة، فأخذها ليطرحها في المسجد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل ردها في ثوبك حتى تخرج من المسجد". ورواه الحارث، وقال البيهقي: مرسل حسن، ثم روى عن ابن مسعود أنه رأى قملة في ثوب رجل في المسجد فأخذها فدفنها في الحصى ثم قال {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً، أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً} [المرسلات: 25، 26] ، قال: ويذكر عن مجاهد نحوه، وعن ابن المسيب: يدفنها كالنخامة. وفي ذلك حديث رواه البزار والطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة رفعه: "إذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليدفنها". وممن كان يقتل القمل والبراغيث في الصلاة في المسجد معاذ بن جبل. وعن الحسن: لا بأس بقتل القملة في الصلاة؛ ولكن لا يثبت. وقال السخاوي: وكان النهي عن إلقائها في المسجد: طرحها فيه بدون دفن. 2799- النبي لا يؤلف تحت الأرض1. لا أصل له، وممن صرح ببطلانه الديريني في "الدرر الملتقطة"، لكنه قال: إنه منقول عن علماء أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار، وفي سابع المجالسة للدينوري أنه قال: كان كرز مجتهدًا في العبادة فقيل له: ألا تريح نفسك ساعة؟ قال: كم بلغك عمر الدنيا؟ قالوا: سبعة آلاف سنة. قال: وكم بلغكم مقدار يوم القيامة؟ قالوا: خمسون ألف سنة. قال: أفيعجز أحدكم أن يعمل سبع يومه حتى يأمن من ذلك اليوم. وقال في "المقاصد" في حديث الترجمة، ولا يصح؛ بل كل ما ورد مما فيه تحديد لوقت يوم القيامة على التعيين؛ فإما أن يكون لا أصل له كـ "إن أحسنت أمتي فلها يوم، وإن أساءت فنصف يوم"، أو لا يثبت إسناده كما رواه الديلمي عن أنس: "الدنيا كلها سبعة أيام من أيام الآخرة"، وذلك قول الله تعالى {وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47] . وعن ابن زمل الجهني رفعه: "الدنيا سبعة آلاف سنة، أنا في آخرها ألفًا، لا نبي بعدي، ولا أمة بعد أمتي".

_ 1 "لا أصل له" انظر "تمييز الطيب من الخبيث"، "1531"، "والمصنوع" للقاري "379".

وما أورده أبو جعفر الطبري في مقدم تاريخه عن ابن عباس من قوله: "الدنيا جمعة من جمع الآخرة، كل يوم ألف سنة". وعلى تقدير صحته فالأخبار الثابتة في الصحيحين كما قال شيخنا تقتضي أن تكون مدة هذه الأمة نحو الربع أو الخمس من اليوم؛ لما ثبت في حديث ابن عمر: "إنما أجلكم في من مضى قبلكم كما بين صلاة العصر وغروب الشمس" الحديث بمعناه، قال: فإذا ضم هذا إلى قول ابن عباس؛ زاد على الألف زيادة كثيرة. والحق أن ذلك لا يعلم حقيقته إلا الله تعالى، وأما حديث سعد بن أبي وقاص: "إني لأرجو أن لا يعجز الله أمتي أن يؤخرهم إلى نصف يوم". وقيل لسعد: "كم نصف اليوم؟ قال: خمسمائة سنة". الذي أخرجه أبو داود وصححه الحاكم وغيره فقد حقق الله رجاءه صلى الله عليه وسلم، وقد بسطته في بعض الأجوبة. انتهى، وقد حقق الحافظ السيوطي في الكشف أن مدتها تزيد على الألف، ولا تتجاوز الخمسمائة وناقشه القسطلاني في شرح البخاري. 2800- النبي وصاحباه1. هو مثل كما في النجم. وقال في "المقاصد": يقال في اعتضاد المرء بصاحبه، معناه صحيح، قال البخاري في تفسير {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [الفتح: 29] شطأ السنبل ينبت الحبة عشرًا أو ثمانية؛ فيقوي بعضه ببعض فذلك قوله تعالى {فَآزَرَهُ} [الفتح: 25] قواه، ولو كانت واحدة لم تقم على ساق، وهو مثل ضربه الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم إذ خرج وحده، ثم قواه بأصحابه كما قوى الحبة بما ينبت منها. ومثله {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} [القصص: 35] ، والمؤمن كثير بأخيه. 2801- "الندم توبة" 2. رواه الطبراني في "الكبير" وأبو نعيم عن أبي سعيد الأنصاري مرفوعًا بزيادة: "والتائب من الذنب كمن لا ذنب له". وسنده ضعيف.

_ 1 "ليس بحديث" انظر "تمييز الطيب من الخبيث"، "1532". 2 صحيح: رقم "6802".

ورواه ابن ماجه عن مغفل قال: دخلت مع أبي على ابن مسعود، فسمعته يقول: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الندم توبة". فقال له: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الندم توبة". قال: نعم، وأخرجه أحمد وابن ماجه وآخرون عن ابن مسعود، وفي سنده اختلاف. 2802- النساء حبائل الشيطان1. تقدم في "الشباب شعبة من الجنون"، رواه في "مسند الفردوس" عن عقبة بن عامر بلفظ "النساء حبالة الشيطان". 2803- النساء ينصر بعضهن بعضًا2. من قول عكرمة، وذكره البخاري في اللباس، لكن من غير نسبته لعكرمة. 2804- النساء خلقن من ضعف وعورة، فاستروا عورتهن بالبيوت، واغلبوا على ضعفهن بالسكون3. رواه ابن لال عن أنس رضي الله تعالى عنه. 2805- النساء مصابيح البيوت، ولكن لا تعلموهن4. هذا يجري على ألسنة بعض الناس، ولا أصل له. 2806- النسيان طبع الإنسان5. قال في "المقاصد": لا أعرفه بهذا اللفظ، وللطبراني في "الكبير" عن ابن عباس رفعه: "ما من مسلم؛ إلا وله ذنب: تصيبه الفتنة بعد الفتنة؛ إن المؤمن نساء، إن ذُكِّر ذَكَر". وفي لفظ: "إذا ذُكِّر تذكر". وفي رواية له عنه أيضًا رفعه: "إن المؤمن خلق مفتنًا، توابًا، نساء؛ إذا ذُكِّر ذَكَر". وأخرجه أبو نعيم أيضًا.

_ 1 بعض حديث سبق برقم "1530". 2 هو من قول عكرمة، كما صرح الحافظ بذلك في "الفتح"، "294/ 10"، وقد أدرج في حديث أخرجه البخاري "ح5825". 3 "ضعيف" انظر "العلل المتناهية"، "143/ 2". 4 "لا أصل له". 5 انظر "المصنوع" للقاري، "381"، وكذا "الموضوعات"، "559".

وللحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لم يذكر الرجل، ولم ينسى؟ فقال: إن على القلب طخاة1 كطخاة القمر؛ فإذا غشيت القلب؛ نسي ابن آدم ما كان يذكر، فإذا انجلت؛ ذكر ما نسي". وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما: "لا تأكلوا بشمالكم، ولا تشربوا بشمالكم؛ فإن آدم أكل بشماله؛ فنسي، فأورثه ذلك النسيان". 2807- نصرة الله للعبد؛ خير من نصرته لنفسه2. قال في "التمييز": ليس بحديث: بل معناه من كلام وهيب بن الورد: "يقول الله: ابن آدم إذا ظلمت فاصبر، وارض بنصرتي؛ فإن نصرتي خير لك من نصرتك لنفسك". وفي "زوائد الزهد" عن أحمد أنه قال: "بلغني أنه مكتوب في التوراة: ابن آدم" وذكره وتقدم حديث: "من دعا على من ظلمه؛ فقد انتصر". وهو يشير إلى هذا. 2808- "النصر مع الصبر والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرًا" 3. رواه الخطيب عن أنس، زاد النجم: وعند الطبراني عن ابن عباس: "يا غلام ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن: احفظ الله؛ يحفظك، احفظ الله؛ تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء؛ يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وإن الخلائق لو اجتمعوا على أن يعطوك شيئًا لم يرد الله أن يعطيكه؛ لم يقدروا على ذلك، وأنه قد جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، وإذا اعتصمت فاعتصم بالله، واعمل لله بالشكر في اليقين، واعلم أن الصبر على ما يكره خير كثير، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرًا" وأطال فيه، ثم قال: وقد أورده النووي في أربعينه من رواية الترمذي، وهذا الحديث من الأحاديث التي عليها مدار الإسلام. 2809- "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور". رواه أحمد والشيخان عن ابن عباس، وللشافعي عن محمد بن عمرو مرسلًا: "نصرت بالصبا، وكانت عذابًا على من كان قبلي".

_ 1 ظلمة وغيم. 2 "ليس بحديث، وإنما هو من كلام وهيب بن الورد"، انظر "المصنوع" للقاري، "382"، وكذا "الموضوعات"، "560". 3 صحيح: رقم "6806".

2810- النظر إلى الوجه الحسن يجلو البصر والنظر إلى الوجه القبيح يورث القلح1. رواه أبو نعيم بسند ضعيف عن جابر بالشطر الأول فقط: وبسند آخر أضعف من الأول بالشطر الثاني، قال القاري: ويقوى الأول حديث: "النظر إلى المرأة الحسناء والخضرة يزيدان في البصر". رواه أبو نعيم عن جابر كما في "الجامع الصغير" للسيوطي. وللديلمي عن عائشة مرفوعًا: "النظر للوجه الحسن والخضرة والماء يحيي القلب، ويجلي عن البصر الغشاوة". وعن ابن عباس مرفوعا: "النظر إلى الوجه القبيح؛ يورث الكلح". وتقدم في "ثلاثة يجلين البصر.." ما يشهد لذلك. والقلح بفتح القاف واللام وبالحاء المهملة: صفرة الأسنان. قال النجم: ولعله تصحيف، وإنما هو الكلح بالكاف كما في حديث ابن عباس، وهو: عبوس الوجه كأنه متكبر، ونقل ابن القيم عن شيخه ابن تيمية أنه سئل عن حديث: "النظر إلى الوجه الجميل عبادة"، فأجاب بأنه: كذب باطل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يروه أحد بإسناد صحيح، بل هو من "الموضوعات"، ومثله: "النظر إلى الخضرة يزيد في البصر، والنظر إلى المرأة الحسناء يزيد في البصر"؛ فإنه موضوع كما قاله الصغاني. 2811- نظرة في وجه العالم؛ أحب إلى الله من عبادة ستين سنه صيامًا وقيامًا2. كذا في نسخة سمعان بن المهدي عن أنس مرفوعًا، وأورده الديلمي بلا سند عن أنس مرفوعًا بلفظ: "النظر إلى وجه العالم عبادة، وكذا الجلوس معه والأكل والكلام"، ولا يصح شيء من ذلك كله كما سبق ذلك. قال القاري: وقد ورد: "النظر إلى وجه علي عبادة"؛ رواه الطبراني والحاكم عن ابن مسعود وعمران بن الحصين. انتهى؛ لكن قال الحاكم: صحيح. وقال الذهبي: إنه موضوع باطل، وأورده ابن الجوزي في الموضوع، وتعقبه السيوطي: بأنه ورد من رواية أحد عشر صحابيًا.

_ 1 في معناه، موضوع: رقم "6003". 2 "لا يصح" انظر "تمييز الطيب من الخبيث"، "1539".

2812- "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ". رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رفعه، وفي رواية عنه مرفوعًا: "نعمتان الناس فيهما متغابنون: الصحة والفراغ". وفي الباب عن أنس وغيره، وكان الحسن البصري يقول: "لابن آدم نعمتان عظيمتان المغبون فيهما كثير: الصحة والفراغ، فمهلًا مهلًا، الثواء هنا قليل". أخرجه ابن عساكر، وقال: الصحة عند بعضهم الشباب. قال: والعرب تجعل مكان "الصحة" "الشباب"، كما قالوا: "بالقلب الفارغ والشباب المقبل تكسب الآثام"، وكان يقال: "إن لم يكن الشغل محمدة كان الفراغ مفسدة، ولا تفرغ قلبك من فكر، ولا ولدك من تأديب، ولا عبدك من مصلحة، فإن القلب الفارغ يبحث عن السوء واليد الفارغة تنازع إلى الآثام". وقال أبو العتاهية: علمت يا مجاشع بن مسعدة ... أن الشباب والفراغ والجده مفسدة للمرء أي مفسدة وفي رواية: مفسدة "للدين" بدل "للمرء". وأنشد البيهقي في "الشعب" لأبي عصمة محمد السختياني: أحمدنا1 خير بني آدم ... وما على أحمد إلا البلاغ الناس مغبونون في نعمة ... صحة أبدانهم والفراغ وما أحسن قول بعض العصريين الغزيين: يا من له نعم علينا سابغة ... وله العطايا والقضايا البالغة اشغل بحبك يا قدير قلوبنا ... فالعشق يعرض للقلوب الفارغة قال العسكري: وسمعت ابن دريد يقول: "إن أفضل النعم العافية والكفاية؛ فمن عوفي وكفي فقد عظمت عليه النعمة". ومن كلمات بعض السلف: "سيروا إلى الله عرجًا ومكاسير، ولا تنتظروا الصحة؛ فإن انتظار الصحة بطالة".

_ 1 بهامش ط. القدسي: في النسخ "أحمد" ولعل الأقوم "أحمدنا" أو نحوه" أ. هـ.

2813- "نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع" 1. رواه أصحاب السنن وغيرهم بطرق كثيرة وألفاظ مختلفة، عن ابن مسعود رضي الله عنه وغيره، ومن ألفاظه: "نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها؛ فأدها إلى من لم يسمعها؛ فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه". زاد في كثير من طرقه: "ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن: إخلاص العمل لله وطاعة ذوي الأمر ولزوم الجماعة". ذكره السيوطي في "الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة". ثم قال في أوله في كثير من طرقه: "خطبنا بمسجد الخيف من منى.." فذكره. ومنها ما رواه أحمد وابن ماجه عن أنس بلفظ: "نضر الله عبدًا سمع مقالتي فوعاها، ثم بلغها عني؛ فرب حامل فقه، غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه". 2814- نعم السواك الزيتون من شجرة مباركة، يطيب الفم، ويذهب الحفر، هو سواكي وسواك الأنبياء من قبلي2. رواه الطبراني في "الأوسط" عن معاذ. 2815- نعم سلاح المؤمن الصبر والدعاء3. رواه الديلمي عن ابن عباس. 2816- نعم الشراب العسل يرعى القلب ويذهب برد الصدر4. رواه الديلمي عن عائشة رضي الله عنها. 2817- نعم العبد الحجام، يذهب الدم، ويخفف الصلب، ويجلو البصر5. رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنه.

_ 1 "صحيح"، انظر "صحيح الجامع"، "ح6764". 2 ذكره الهيثمي في المجمع"، "100/ 2"، وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه معلل بن محمد، ولم أجد من ذكره. 3 ضعيف: رقم "5982". 4 الحديث في "فردوس الأخبار" للديلمي، "7042". 5 ضعيف: رقم "5978".

2818- نعم العطية كلمة حق تسمعها ثم تحملها إلى أخ لك مسلم فتعلمه إياها1. رواه الطبراني عن ابن عباس بسند ضعيف، وذكره الغزالي في "الإحياء" بلفظ: "العطية ونعم الهدية كلمة حكمة.." الحديث. 2819- نعم العون على الدين قوت سنة2. رواه الديلمي عن معاوية بن حيدة. 2820- نعم العون على تقوى الله المال. رواه الديلمي عن جابر. 2821- نعم العون المغزل للمرأة على الجلوس في بيتها. رواه الديلمي عن ابن عمر -رضي الله عنه-. 2822- نعم المفتاح الهدية أمام الحاجة3. رواه الديلمي عن عائشة. 2823- "نعم المال الصالح للرجل الصالح" 4. رواه أحمد وابن منيع عن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنه-. 2824- نعم الوليمة وليمة يأكل منها الشريف والفقير والوضيع والحر والمملوك5. رواه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. 2825- "نعم الإدام الخل". رواه مسلم والأربعة عن جابر مرفوعًا، والبيهقي عن جابر أيضًا: وفيه قصة، ولمسلم والترمذي عن عائشة كالأول.

_ 1 ضعيف جدًا: رقم "5979". 2 ضعيف: رقم "5880". 3 موضوع: رقم "5977" بلفظ "نعم الشيء" عن الحسين. 4 "صحيح"، "صحيح الأدب المفرد"، "ح229". 5 الحديث في "فردوس الأخبار" للديلمي، "7038".

والحاكم عن أم هانئ، وفيه قصة، وزاد: "لا يفقر بيت فيه خل"، وأفرد بعض الحفاظ طرقه، وسببه أنه سأل أهله الأدم، فقالوا: ما عندنا إلا خل، فدعا به وجعل يأكل منه ويقول: "نعم الأدم الخل" مرتين. وأما "بئس الأدم الخل"؛ فلا أصل له. وأما حديث "إن الله يوكل بآكل الخل ملكين يستغفران له حتى يفرغ"؛ فقد أخرجه ابن عساكر والديلمي لكن فيه مدلس، كذا في "الفتاوى الحديثة". وفي مسلم: "سأل عليه السلام أهله الأدم، فقالوا: ما عندنا إلا خل، فدعا به وجعل يأكل منه ويقول: "نعم الأدم الخل نعم الأدم الخل". وفي سيرة الحلبي عن جابر بن عبد الله قال: "أخذني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بيدي إلى بعض حجر نسائه، فدخل ثم أذن لي، فدخلت فقال: هل من غداء؟ فقالوا: نعم فأتى بثلاث أقرصة، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرصًا فوضعه بين يديه، ثم أخذ قرصًا فوضعه بين يدي، ثم أخذ الثالث فجعل نصفه بين يديه ونصفه بين يدي، وقال: "هل من أدم"؟ فقالوا: لا إلا شيء من خل، فقال: "هاتوه ونعم الأدم الخل". وفي رواية: "فإن الخل نعم الإدام". قال جابر: فما زلت أحب الخل منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى. 2826- نعم الدواء الأرز1. رواه الديلمي عن أنس، وهو تالف كما في "الدرر". وكذا قال في "اللآلئ"، وزاد أن الدارمي ذكر حديث تسبيحه في البطن، وفي رواية للديلمي عن أنس رفعه: ولا يصح "نعم الدواء الأرز صحيح سليم من كل داء". والله تعالى أعلم. 2827- نعم الأمير إذا كان بباب الفقير بئس الفقير إذا كان بباب الأمير2. رواه ابن ماجه بسند ضعيف بمعنى الشطر الثاني عن أبي هريرة رفعه، والغزالي بلفظ: "شرار العلماء الذين يأتون الأمراء، وخيار الأمراء الذين يأتون العلماء".

_ 1 "لا يصح" انظر "تمييز الطلب من الخبيث"، "1544". 2 سبق في معناه أحاديث "1535"، "1838".

وللديلمي عن عمر بن الخطاب رفعه: "إن الله يحب الأمراء إذا خالطوا العلماء، ويمقت العلماء إذا خالطوا الأمراء؛ لأن العلماء إذا خالطوا الأمراء رغبوا في الدنيا، وإذا خالطهم الأمراء رغبوا في الآخرة". وفي ترجمة علي بن الحسين الصندلي من الحنفية أن السلطان ملك شاه قال له: لم لا تجيء إلي؟ فقال: أردت أن تكون من خير الملوك حيث تزور العلماء، ولا أكون من شر العلماء حيث أزور الملوك. وسلف: "ما من عالم أتى صاحب سلطان طوعًا؛ إلا كان شريكه في كل لون يعذب به في نار جهنم". وكذا سلف: "الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا ويتبعوا السلطان". وفي "الشعب" للبيهقي: "وما زاد أحد من السلطان قربًا إلا ازداد من الله بعدًا". وقال الثوري: إذا رأيت القارئ يلوذ بالسلطان فاعلم أنه لص، وإذا رأيته يلوذ بالأغنياء؛ فاعلم أنه مراء، وإياك أن تخدع ويقال لك ترد مظلمة وتدفع عن مظلوم، فإن هذه خديعة إبليس اتخذها الفقراء سلمًا. وقوله أيضا: إني لألقى الرجل أبغضه فيقول لي: كيف أصبحت؟ فيلين له قلبي، فكيف بمن أكل ثريدهم ووطئ بساطهم، ومن ثم ورد: "اللهم لا تجعل لفاجر عندي نعمة يرعاه بها قلبي". وقال أبو إسحاق السبيعي: "من أغناه الله عن أبواب الأمراء وأبواب الأطباء فهو سعيد". وعن بشر بن الحارث أنه قال: "ما أقبح أن يطلب العالم فيقال هو بباب الأمير". أخرج أحمد وغيره عن الفضيل بن عياض قال: "آفة الفقراء العجب، واحذروا أبواب الملوك؛ فإنها تزيل النعم، فقيل له: يا أبا علي كيف تزول النعم؟ قال: الرجل يكون عليه من الله نعمة، ليست له إلى خلق حاجة؛ فإذا دخل على هؤلاء الملوك فرأى ما بسط لهم في الدور والخدم؛ استصغر ما هو فيه؛ فتزول النعم". ولقي ابن عمر ناسًا خرجوا من عند مروان فقال: من أين جئتم؟ قالوا: من عند الأمير. قال: فهل كل حق رأيتموه تكلمتم به وأعنتم عليه، وكل منكر رأيتموه أنكرتموه ورددتموه عليه؟ قالوا: لا والله؛ بل يقول ما ينكر، فنقول: قد أصبت أصلحك الله، ثم إذا خرجنا من عنده نقول: قاتله الله ما أظلمه وأفجره، فقال: كنا نعد هذا نفاقًا لمن كان هكذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2828- نعم البيت الحمام فإنه يذهب بالوسخ ويذكر الآخرة1. رواه ابن منيع بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه. وتقدم في حرف الباء من رواية ابن عدي عن ابن عباس: "بئس البيت الحمام؛ ترفع فيه الأصوات، وتكشف فيه العورات"، وهما محمولان على حالتين على فرض صحة: "بئس البيت الحمام"؛ وإلا فقد نقل في الميزان2 عن الدارقطني أنه قال: فيه صالح بن أحمد القيراطي البزار متروك كذاب، وأن ابن عدي خرج الحديث فقال: يسرق الحديث، ثم ساق له هذا الخبر. كذا في شرح المناوي ملخصًا. 2829- نعم الصهر القبر3. قال القاري تبعًا للدرر: قال الزركشي: لم يوجد هكذا، وفي "مسند الفردوس" عن ابن عباس مرفوعًا: "نعم الكفؤ القبر للجارية"، وبيض له في المسند. قال السيوطي: وفي الطيوريات بسنده عن علي بن عبد الله بن عباس أنه قال: "نعم الأختان4 القبور". انتهى. وتقدم في: "دفن البنات" مبسوطًا. 2830- "نعم صومعة الرجل بيته، يكف فيه بصره وسمعه وقلبه ولسانه" 5. رواه العسكري عن أبي الدرداء رفعه، والبيهقي موقوفًا بلفظ "يكف بصره وفرجه، وإياكم والأسواق فإنها تلفي وتلهي". وللطبراني عن أبي أمامة، والعسكري عن الحسن قال: "البيوت صوامع المؤمنين". وله شواهد كثيرة: منها قوله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: "وكن حلسًا من أحلاس بيتك"، وفي لفظ: "الزم بيتك". ولابن أبي الدنيا: "جزء في السكوت ولزوم البيوت".

_ 1 "ضعيف"، كذا قال ابن الديبع في "التمييز"، "1543". 2 أي: الذهبي. 3 قال القاري في "المصنوع في معرفة الحديث الموضوع": "لا أصل له". 4 جمع ختن، وهو الصهر. 5 الصحيح وقفه على ابي الدرداء، كما في "الزهد" للإمام أحمد "ص168"، "والشعب" للبيهقي، "ح10656".

ومن شواهده ما عند الترمذي وحسنه عن عقبة بن عامر: قال: يا رسول الله ما النجاة؟ قال: "ليسعك بيتك، وأمسك على دينك، وابك على خطيئتك". 2831- نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه1. اشتهر في كلام الأصوليين وأصحاب المعاني وأهل العربية من حديث عمر، وبعضهم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر البهاء السبكي أنه لم يظفر به بعد البحث، وكذا كثير من أهل اللغة؛ لكن نقل في "المقاصد" عن الحافظ ابن حجر أنه ظفر به في مشكل الحديث لابن قتيبة من غير إسناد. وقال في "اللآلئ": منهم من يجعله من كلام عمر، وقد كثر السؤال عنه ولم أقف له على أصل، وسئل بعض شيوخنا الحفاظ عنه فلم يعرفه؛ لكن روى أبو نعيم في "الحلية" بسند ضعيف عن عبد الله بن الأرقم أنه قال: حضرت عمر عند وفاته مع ابن عباس والمسور بن مخرمة فقال عمر: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن سالمًا شديد الحب لله عز وجل، لو كان لا يخاف الله ما عصاه". وفي لفظ: "لو لم يخف الله ما عصاه"، وفي رواية قال: "لو استخلفت سالمًا مولى أبي حذيفة؛ فسألني ربي ما حملك على ذلك؟ لقلت: ربي سمعت نبيك صلى الله عليه وسلم يقول: أنه يحب الله حقًا من قلبه". وقال الجلال السيوطي في شرح نظم التلخيص: كثر سؤال الناس عن حديث: "نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه، ونسبه بعضهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ونسبه ابن مالك في "شرح الكفاية" وغيره إلى عمر. قال الشيخ بهاء الدين السبكي: لم أر هذا الكلام في شيء من كتب الحديث؛ لا مرفوعًا ولا موقوفًا، لا عن عمر ولا عن غيره مع شدة التفحص عنه. انتهى. نعم قد روى الديلمي في "سالم" لا "صهيب" عن عمر مرفوعًا: "أن معاذ بن جبل إمام العلماء يوم القيامة لا يحجبه من الله إلا المرسلون، وإن سالمًا مولى أبي حذيفة شديد الحب في الله، لو لم يخف الله؛ ما عصاه". والله أعلم. 2832- "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" 2. رواه الإمام أحمد والترمذي وحسنه عن أبي هريرة رفعه. وقال المناوي: إسناده صحيح، وقال: المراد إن استدانه في فضول أو في محرم.

_ 1 قال للقاري في "المصنوع"، "385": "لا أصل له لما صرح به الحفاظ". 2 صحيح: رقم "6779".

2833- "النكاح سنتي فمن لم يعمل بسنتي؛ فليس مني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ومن كان ذا طول؛ فلينكح، ومن لم يجد فعليه بالصيام؛ فإن الصوم له وجاء" 1. رواه ابن ماجه عن عائشة. ويشهد له ما رواه البيهقي عن أبي هريرة بلفظ: "من أحب فطرتي فليستن بسنتي، وإن من سنتي النكاح". 2834- "النياحة على الميت من أمر الجاهلية، وإن النائحة إذا لم تتب قبل أن تموت؛ فإنها تبعث يوم القيامة عليها سرابيل من قطران، ثم يغلى عليها بدروع من لهب النار" 2. رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه. 2835- "نهينا عن التجسس" 3. رواه أبو داود بسند على شرط الشيخين عن ابن مسعود رضي الله عنه رفعه. 2836- نية المؤمن أبلغ من عمله4. رواه العسكري في "الأمثال" والبيهقي عن أنس مرفوعًا. قال ابن دحية: لا يصح، والبيهقي: إسناده ضعيف. وله شواهد؛ منها ما أخرجه الطبراني عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعًا: "نية المؤمن؛ خير من عمله وعمل المنافق خير من نيته، وكل يعمل على نيته، فإذا عمل المؤمن عملًا نار في قلبه نور". وللعسكري بسند ضعيف عن النواس بن سمعان بلفظ: "نية المؤمن؛ خير من عمله، ونية الفاجر شر من عمله"، وروى الديلمي عن أبي موسى الجملة الأولى، وزاد: "وإن الله عز وجل ليعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله؛ وذلك لأن النية لا رياء فيها". قال في "المقاصد": وهي وإن كانت ضعيفة فبمجموعها يتقوى الحديث، وقد أفردت فيه وفي معناه جزءًا. انتهى.

_ 1 صحيح: رقم "6807". 2 صحيح: رقم "6809". 3 "صحيح" انظر "صحيح أبي داود"، "4090". 4 ضعيف: رقم "5988" بلفظ "خير من علمه".

وقال في "اللآلئ": حديث "نية المؤمن خير من عمله"، أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" عن أنس. وفي إسناده يوسف بن عطية ضعيف كما قاله ابن دحية. وقال النسائي: متروك الحديث، وروي من طريق النواس بسند ضعيف. قال ابن الملقن في "شرح العمدة": في معناه تسع تأويلات: منها أن نيته خير من خيرات عمله. ومنها أن النية المجردة عن العمل؛ خير من العمل المجرد عنها، وقيل: "إنما كانت نية المؤمن خيرًا من عمله؛ لأن مكانها مكان المعرفة أعني قلب المؤمن". قال سهل: "ما خلق الله مكانًا أعز وأشرف عنده من قلب عبده المؤمن، وما أعطى كرامة للخلق؛ أعز عنده من معرفة الحق"، فجعل الأعز في الأعز فما نشأ من أعز الأمكنة يكون أعز مما نشأ من غيره قال سهل: "فتعس عبد أشغل المكان الذي هو أعز الأمكنة عنده تعالى بغيره، سبحانه"، وفي: "أنا عند المنكسرة قلوبهم المندرسة قبورهم، وما وسعني أرض ولا سمائي؛ ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن" إشعار بذلك؛ ولأنها تفنى بخلاف العمل، ولذا قيل: "الخلود في الجنة والنار جزاء للنية"؛ ولأنها تسلم عن الرياء بخلاف العمل. 2837- نقطة من دواة عالم أحب إلي من عرق مائة ثوب شهيد1. قال في الذيل: موضوع، وضعه رتن الهندي. 2838- ناكح اليد ملعون2. قال الرهاوي في حاشية المنار: لا أصل له. 2839- نوم العالم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله مضاعف، ودعاؤه مستجاب3. رواه البيهقي بسند ضعيف عن عبد الله بن أبي أوفى؛ لكن روى أبو نعيم في "الحلية" عن سلمان: "نوم على علم خير من صلاة على جهل؛ لأن العالم ينوي التقوي على الطاعة بخلاف الجاهل"، وقيل: "نوم الظالم عبادة؛ لأنه فيه ترك الظلم".

_ 1 أورده العلامة الشوكاني في "الفوائد المجموعة"، "370/ 2"، ونقل عن صاحب "الذيل" قوله: "موضوع". 2 "لا أصل له" انظر "الأسرار المرفوعة" للقاري "376". 3 بنحوه، بلفظ "نوم الصائم" ضعيف: رقم "5984".

2840- نعم الطعام الزبيب، يشد العصب، ويذهب الوصب، ويطفئ الغضب، ويذهب بالبلغم، ويصفي اللون، ويطيب النكهة1. قال في "الفتاوى الحديثة": أخرجه ابن السني وأبو نعيم وابن حبان في "الضعفاء" والخطيب، وفي سنده متروك. انتهى. 2841- النادم ينتظر التوبة والمعجب ينتظر المقت2. رواه الطبراني عن ابن عباس، والديلمي عنه بلفظ: "النادم ينتظر الرحمة، والمصر ينتظر المقت، وكل عامل سيقدم على ما سلف منه عند موته، وإن ملاكها خواتيمها"، وفي رواية: "وإن ملاك الأمر خواتمه". 2842- النار خلقت للسفهاء، ألا وإن السفهاء هن النساء؛ إلا التي أطاعت3. رواه الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه. 2843- النار ولا العار4. قال النجم: هذا مثل، وليس بحديث، ويعارضه ما سبق عن الحسن: "العار خير من النار"، وما عند الطبراني عن الفضل بن عياض: "فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة"، ولعل معنى الترجمة: أن نار الدنيا وعذابها أهون من ركوب العار فيها. 2844- "ناركم هذه جزء من سبعين جزءًا من جهنم" 5. رواه الترمذي عن أبي سعيد، وزاد لكل جزء منها خريفًا، ورواه الإمام أحمد والطبراني عن أنس: "إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءًا من جهنم، ولولا أنها أطفئت بالماء مرتين ما انتفعتم بها وإنها لتدعوا الله أن لا يعيدها فيها".

_ 1 "موضوع"، انظر الضعيفة "ح504". 2 أورده الهيثمي في "المجمع"، "199/ 10"، وقال: "رواه الطبراني في "الصغير"، وفيه مطرف بن مازن، وهو ضعيف". 3 قال الهيثمي في "المجمع"، "314/ 4": "رواه الطبراني، وفيه على بن زيد الألهاني، وهو متروك". 4 هذا مثل، وليس بحديث. 5 صحيح: رقم "6743" بزيادة: "لكل جزء منها حرها".

2845- الناس أعداء ما جهلوا. رواه أبو نعيم عن ذي النون المصري قال: "الناس أعداء ما جهلوا، وحساد ما منعوا، ومن جهل قدره هتك ستره، وفي التنزيل {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} [الأحقاف: 11] . والله أعلم. 2846- الناس رجلان: عالم ومتعلم، ولا خير فيما سواهما1. رواه الطبراني عن ابن مسعود، ورواه الديلمي عن ابن عباس: "الناس عالم ومتعلم، ولا خير فيما بينهما من الناس"، وروى ابن ماجه عن أبي أمامة: "العالم والمتعلم شريكان في الخير، ولا خير في سائر الناس" أي: في بقيتهم بعدهما. 2847- الناس كأسنان المشط2. أخرجه الديلمي عن سهل بن سعد، زاد: "وإنما يتفاضلون بالعافية؛ فلا تصحبن أحدًا لا يرى لك من الفضل مثل ما ترى له"، وله عن أنس: "الناس مستوون كأسنان المشط؛ ليس لأحد على أحد فضل؛ إلا بتقوى الله". 2848- "الناس ولد آدم وآدم من تراب" 3. رواه ابن سعد عن أبي هريرة به، وعند أبي داود والترمذي وحسنه، واللفظ له عنه: "لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا؛ إنما هم فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهن الخرى بأنفه، إن الله تعالى أذهب عنكم عيبة الجاهلية وفخريتها بالآباء؛ إنما هو مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خلق من تراب"، رواه أحمد والبيهقي عن عقبة بن عامر بلفظ: "إن أنسابكم هذه ليست بنساب على أحد؛ وإنما أنتم ولد آدم"، وفي لفظ: "إن أنسابكم ليس نسبة على أحد، كلكم بنو آدم طف الصاع لم تملؤه، ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين أو بتقوى أو عمل صالح، حسب الرجل أن يكون فاحشًا بذيئًا بخيلًا".

_ 1 موضوع: رقم "5993". 2 "ضعيف جدا" انظر الضعيفة "ح596". 3 حسن: رقم "6798".

2849- الناس تحت كنف الله؛ فإذا أراد الله فضيحة عبد؛ أخرجه من تحت كنفه1. رواه الديلمي عن معاذ بن جبل -رضي الله تعالى عنه-. 2850- الناس يعملون على قدر عقولهم2. رواه الديلمي عن معاوية بلفظ: "الناس يعملون الخير على قدر عقولهم"، وعند أبي الشيخ عن قرة بن إياس المزني بلفظ: "الناس يعملون الخير؛ وإنما يجزون على قدر عقولهم". 2851- "الناس اليوم شجرة ذات جني، ويوشك الناس أن يعودوا كشجرة ذات شوك؛ إن ناقدتهم نقدوك، وإن تركتهم لم يتركوك، وإن هربت منهم طلبوك، تقرضهم من عرضك ليوم فاقتك" 3. كذلك هو عند الديلمي عن أبي أمامة، وفي "الإحياء" عن أبي الدرداء أنه قال: "كان الناس ورقًا لا شوك فيه؛ فالناس الآن شوك لا ورق فيه". 2852- الناقد بصير4. رواه الأصبهاني في "الترغيب" عن ابن المبارك: أنه اشترى فرسًا بأربعة آلاف؛ فأنفذها إلى طرسوس فقيل له: لو اشترى بدله عشرة أفراس، فقال: "الناقد بصير". 2853- "النذر لا يقدم شيئًا ولا يؤخره؛ إنما هو شيء يستخرج به من الشحيح". متفق عليه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه. 2854- نزل الحق على لسان عمر وقلبه، ورضيت لأمتي ما رضي لهم عمر5. رواه الديلمي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.

_ 1 الحديث في "فردوس الأخبار" للديلمي "7137". 2 ذكره السيوطي في "اللآلئ المصنوعة"، "65/ 1". 3 الحديث في "فردوس الأخبار" للديلمي "7138". 4 هو من كلام عبد الله بن المبارك. 5 الحديث في "فردوس الأخبار" للديلمي، "7061" وهو ضعيف بهذا اللفظ، وقد صح بلفظ: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" انظر صحيح الجامع "ح1736".

2855- نزلت سورة الكهف جملة معها سبعون ألفًا من الملائكة1. رواه الديلمي عن أنس رضي الله تعالى عنه. 2856- النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي2. رواه أبو يعلى عن3 مسلمة بن الأكوع، تقدم في "الكواكب أمان لأهل السماء" بأبسط. وقال النجم: وعند أحمد ومسلم عن أبي موسى: "النجوم أمنة لأهل السماء؛ فإذا ذهبت النجوم؛ أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي؛ فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي؛ فإذا ذهبت أصحابي أتى أمتي ما يوعدون". 2857- "النساء شقائق الرجال" 4. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن عائشة قالت: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد بللًا ولا يذكر احتلامًا قال: "يغتسل"، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولم يجد بللًا قال: "لا غسل عليه". قالت أم سلمة: يا رسول الله هل على المرأة ترى ذلك غسل؟ قال: "نعم إن النساء شقائق الرجال". ضعفه الترمذي وعبد الحق والنووي وغيرهم، وحسنه بعضهم. 2858- النظر إلى الكعبة عبادة، والنظر إلى وجه الوالدين عبادة، والنظر في كتاب الله عبادة5. رواه الديلمي عن عائشة، وروى أبو نعيم عن عائشة: "النظر في ثلاثة أشياء عبادة: في وجه الأبوين، وفي المصحف وفي البحر.

_ 1 فردوس الأخبار "7070". 2 ضعيف: رقم "5999". 3 في النسخ المطبوعة "مسلمة"، وانظر مصدر التخريج. 4 "صحيح" انظر "صحيح الجامع"، "ح1983". 5 بعضه في الضعيف: رقم "6002".

2859- النظر في مرآة الحجام دناءة1. رواه الديلمي عن أنس، قال النجم: والمعنى تنزيه النفس عن الطمع فيما في أيدي الناس، ولو كان أقل شيء ليتم بذلك كرمه؛ كما تقدم في الحديث: "شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عما في أيدي الناس"، وكذلك "استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك". 2860- نظر الرجل إلى أخيه المسلم حبًا وشوقًا له؛ خير من اعتكاف سنة في مسجدي2. رواه ابن لال عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه. 2861- النفخ في الطعام يذهب البركة3. رواه الديلمي عن عائشة. 2862- نفقة الرجل على أهله صدقة. متفق عليه عن ابن مسعود. 2863- "ننقصها من أطرافها ذهاب العلماء" 4. رواه الديلمي عن أبي هريرة. 2864- النظرة سهم من سهام إبليس؛ من تركها من مخافة الله أعطاه الله إيمانًا يجد حلاوته في قلبه5. رواه الحاكم وصححه، وأقره العراقي وضعفه المنذري عن حذيفة.

_ 1 رواه العقيلي في "الضعفاء"، "60/ 1"، وفيه إبراهيم بن عطية الواسطي الثقفي، منكر الحديث جدًا. وانظر لسان الميزان "81 - 80". 2 بنحوه، ضعيف: رقم "5971". 3 "موضوع" أورده العلامة الشوكاني في "الفوائد المجموعة"، "203/ 1، وقال: "وضعه عبد الله بن الحارث الصنعاني". 4 هو في "فردوس الأخبار" للديلمي "7112"، وأخرجه الحاكم "350/ 2" موقوفًا على ابن عباس، وصححه، وتعقبه الذهبي بقوله: طلحة بن عمرو -وهو أحد رجال الإسناد- قال أحمد: متروك". 5 "ضعيف" أخرجه الحاكم "314/ 4"، وصححه، وتعقبه الذهبي بقوله: إسحاق واه، وعبد الرحمن هو الواسطي ضعفوه".

وأخرجه الطبراني عن ابن مسعود قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها من مخافتي؛ أبدلته إيمانًا يجد حلاوته في قلبه". ومن شواهده ما عند البيهقي وغيره، قال المنذري: ورواتهم لا أعلم فيهم مجروحًا. عن ابن مسعود: "الإثم حراز القلوب، وما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع". والله أعلم. 2865- نوم العالم عبادة1. ذكره الغزالي في "الإحياء" حديثًا في كتاب "الأوراد" بزيادة: "ونفسه تسبيح"، ولم يذكر له صحابيًا ولا مخرجًا، وكذا العراقي في تخريجه؛ وإنما قال: المعروف فيه "الصائم" بدل "العالم" كما تقدم في: الصوم. انتهى، وقال فيه هناك: رويناه عن عبد الله بن عمر بسند ضعيف، ولعله عبد الله بن عمرو. قال: ورواه الديلمي في "مسند الفردوس" من حديث عبد الله بن أبي أوفى، وفيه سليمان بن عمرو النخعي أحد الكذابين. انتهى. وقال النجم: نوم العالم عبادة، ونفسه تسبيح، وعمله مضاعف ودعاؤه مستجاب، رواه الديلمي عن عبد الله بن أبي أوفى، وذكره في "الجامع الصغير" عنه بزيادة: "وذنبه مغفور". 2866- نوم المريض على فراشه عبادة، وصياحه تهليل وأنينه تسبيح2. رواه الديلمي عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه. 2867- نوم على علم؛ خير من صلاة على جهل3. أبو نعيم عن سلمان. 2868- "النوم أخو الموت" 4. رواه البزار والطبراني والبيهقي بإسناد صحيح عن جابر قال: "قيل: يا رسول الله أينام أهل الجنة؟ قال: "لا، النوم أخو الموت، وأهل الجنة لا يموتون ولا ينامون". لكن لفظ البيهقي عن جابر كما في "الجامع الكبير": "النوم أخو الموت ولا يموت أهل الجنة".

_ 1 سبق قريبًا برقم "2839". 2 "فردوس الأخبار" للديلمي، "7001". 3 ضعيف: رقم "5985". 4 صحيح: رقم "6808" بزيادة "ولا يموت أهل الجنة".

2869- نوروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر1. رواه الديلمي عن رافع بن خديج. 2870- "النيل والفرات، وسيحان وجيحان من أنهار الجنة" 2. رواه الديلمي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.

_ 1 ضعيف: رقم "5986". 2 في معناه "نهران من الجنة النيل والفرات"، وهو صحيح: رقم "6782".

حرف الهاء

حرف الهاء: 2871- هاروت وماروت وقصتهما مع الزهرة1. أخرجه أحمد وابن حبان وابن السنا وآخرون عن ابن عمر مرفوعًا. وفي سنده موسى بن جبير قال فيه ابن القطان: لا يعرف حاله، وقال ابن حبان: إنه يخطئ ويخالف. لكن تابعه معاوية بن صالح؛ فرواه بنحوه عن نافع، كما أخرجه ابن جرير في تفسيره، وأول الحديث: "إن آدم عليه الصلاة والسلام لما أهبط إلى الأرض قالت الملائكة: أي رب أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال: إني أعلم ما لا تعلمون، قالوا: ربنا نحن أطوع لك من بني آدم، قال الله لملائكته: هلموا ملكين من الملائكة، فننظر كيف يعملان، قالوا: ربنا هاروت وماروت، قال: فاهبطا إلى الأرض، فتمثلت لهما الزهرة امرأة في أحسن البشر، فجاءاها يسألانها نفسها، فقالت: لا والله حتى تكلما بهذه الكلمة من الإشراك، قالا: والله لا نشرك بالله أبدًا فذهبت عنهما ثم رجعت إليهما ومعها صبي تحمله، فسألاها نفسها فقالت: لا والله حتى تقتلا هذا الصبي، فقالا: والله لا نقتله أبدًا، فذهبت ثم رجعت بقدح من الخمر تحمله، فسألاها نفسها فقالت: لا والله حتى تشربا هذا الخمر، فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبي؛ فلما أفاقا قالت المرأة، والله ما تركتما من شيء أبيتماه علي إلا فعلتماه حين سكرتما؛ فخيرا عند ذلك بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا". قال: وممن صحح هذه القصة السيوطي، ولا عبرة بمن أنكرها كالرازي والقرطبي؛ فإنهم ليسوا في مرتبة المصححين رواية ولا دراية. ولأبي نعيم في عمل اليوم والليلة عن علي قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزهرة وقال: إنها فتنت الملكين".

_ 1 هذه القصة من الإسرائيليات، وهي من الخرافات والأكاذيب التي لا يصح منها شيء. وانظر الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير للشيخ محمد أبو شهبة ص159 - 166.

وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"، والطبراني بزيادة: "لعن الله سهيلًا؛ فإنه كان عشارًا"، وروى ابن السني أيضًا عن ابن عمر: أنه كان إذا نظر لها قذفها. وعن ابن عباس أيضًا أنه قال: "هذه الكوكبة يعني الزهرة كانت تدعى في قومها بيدخت"، وذكره المنذري في "الترغيب والترهيب"، ثم قال: وقيل إن الصحيح وقفه على كعب، وتبعه البيهقي؛ فقال: الصحيح أنه من قول كعب رضي الله تعالى عنه. 2872- الهدية لمن حضر وكذا الهدية مشتركة1. لا أصل لهما، هكذا لكنهما بمعنى حديث "من أهديت له هدية.." وتقدم. 2873- الهدية تذهب بالسمع والقلب2. رواه الطبراني عن عصمة بن مالك به، وأخرجه الديلمي عن أنس بلفظ: "بالسمع والبصر"، وله عن ابن عباس: "الهدية تعود". 2874- الهدى الصالح والسمت والاقتصاد جزء من سبعين جزءًا من النبوة3. رواه البخاري في "الأدب المفرد" عن ابن عباس، وهو عند الديلمي ولفظه: "الهدى الصالح والسمت الصالح والاقتصاد؛ جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة، ولا معارض بينهما إن صحت الرواية؛ لأن هذا محمول على كمال هذه الأخلاق ونهاياتها. والأول محمول على أوائلها وبدايتها. 2875- هذا أمر بيت بليل4. قال النجم: وقع في كلام أبي جهل في قصة الصحيفة، ثم سار مثلًا، أو كان مثلًا؛ فجرى على لسان أبي جهل. 2876- هذا ورع مظلم5. كلام يجري مجرى المثل، يقال لمن تورع في الأمور المحتملة، وليس له أصل في الحديث المرفوع؛ وإنما ذكره الخلال وغيره عن أحمد بن حنبل أنه قال لمن استأذنه في أن يكتب من محبرة بين يديه - راجع النجم.

_ 1 سبق في معناه حديث "2397". 2 بنحوه، ضعيف جدًا: رقم "6117". 3 "ضعيف" انظر ضعيف الأدب المفرد "ح70". 4 مثل، وليس بحديث. 5 مثل، وليس بحديث.

2877- "هذه بتلك" 1. رواه أحمد عن عائشة قالت: "كنت مع النبي عليه الصلاة والسلام في سفر، فسابقته فسبقته على رجلي؛ فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: "هذه بتلك". 2878- "هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين؛ إلا النبيين والمرسلين" - يعني أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما2. رواه الترمذي عن أنس وعن علي رضي الله تعالى عنهما. 2879- هرم بن حيان في مجيء سحابة عند الفراغ من دفنه3. رواه أحمد عن الحسن: أن هرمًا مات في غزاة له في يوم صائف، فلما فرغ من دفنه جاءت سحابة حتى كانت حيال القبر فرشت القبر حتى روي لا يجاوز قطرة، ثم عادت عودها على بدئها. وأخرجه ابنه في زوائده عن مخلد. ورواه أبو نعيم بلفظ: مات هرم في يوم صائف شديد الحر، فلما نفضوا أيديهم عن قبره جاءت سحابة تسير حتى قامت على قبره، فلم تكن أطول منه ولا أقصر منه رشته حتى روته، ثم انصرفت"، وفي لفظ له آخر: لما مات جاءت سحابة فأظلت سريره فلما دفن رشت على القبر فما أصابت حول القبر شيئًا. وله عن قتادة قال: أمطر قبر هرم من يومه، وأنبت العشب من يومه. 2880- "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم". رواه البخاري عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال: رأى سعد أن له فضلًا على من دونه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه أحمد عن سعد بلفظ: "قال: قلت: يا رسول الله الرجل يكون حامية القوم، أيكون سهمه وسهم غيره سواء، قال: ثكلتك أمك ابن أم سعد، وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم"، ورواه أبو نعيم عن سعد: "وهل تنصرون؛ إلا بضعفائكم بدعوتهم وإخلاصهم".

_ 1 صحيح: رقم "7007" بزيادة "السبقة". 2 صحيح: رقم "7005" بزيادة "لا تخبرهما يا علي". 3 انظر الحلية "122/ 2".

ورواه النسائي وغيره عن سعد: أنه ظن أن له فضلًا على من دونه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم". والله أعلم. 2881- "هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك". رواه الشيخان عن جابر رضي الله عنه. 2882- هلكت الرجال حين أطاعت النساء1. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، وروى أحمد عن أبي بكرة: "أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بشير يبشره بظفر جند له على عدوهم ورأسه في حجر عائشة رضي الله تعالى عنها، فقام فخر ساجدًا ثم أنشأ يسأل البشير فأخبره أنه ولي أمرهم امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الآن هلكت الرجال حين أطاعت النساء". قاله ثلاثًا، وشاهده حديث: "لن يفلح قوم تملكهم امرأة"، وفي لفظ: "ولوا أمرهم امرأة". وتقدم. 2883- هلاك أمتي عالم فاجر، وعابد جاهل2. قال في "المختصر": لم يوجد. 2884- هل أصابك من هذه الرحمة شيء، فقال: نعم- المسؤول جبريل والسائل له نبينا محمد صلى الله عليه وسلم3. هذا باطل لا أصل له، كما نبه على ذلك جلال الدين السيوطي في كتابه المسمى بـ "ما رواه الخواص في تكذيب القصاص" وعبارته في خطبته: "وقد استفتيت في هذه الأيام في رجل من القصاص يورد في مجلس ميعاده أحاديث ويعزوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم جازمًا بها، ولا أصل لها عنه؛ بل منها ما اشتهر في كتب بعض أرباب الفنون، ولا أصل له عند المحدثين، ومنها ما هو باطل مكذوب: من ذلك أنه روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل حين نزل قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟ قال: نعم، خلق الله قبلي ألوفًا من الملائكة كلهم سمي جبريل، ويقول تعالى لكل منهم: من أنا؟ فلا يعرف

_ 1 ضعيف: رقم "6110". 2 ذكره العلامة الشوكاني في "الفوائد المجموعة"، "371/ 2"، وقال "لم يوجد". 3 "باطل"، وانظر الشفا "187/ 1".

الجواب فيذوب، فلما خلقني وقال لي: من أنا؟ قال لي نورك يا محمد، قل: أنت الله الذي لا إله إلا أنت.." إلى آخره. قال: هو من الكذب المفترى على رسول الله صلى الله عليه، وسلم ولا تجوز حكايته؛ إلا لبيان أنه مفترى، أستغفر الله من ذلك. انتهى. 2885- هما جنتك ونارك1. قاله لرجل قال: يا رسول الله ما حق الوالدين على ولدهما؟ رواه ابن ماجه عن أبي أمامة رفعه. 2886- الهم نصف الهرم2. رواه الديلمي، وفي الباب عن أنس رضي الله تعالى عنه، وتقدم في: الاقتصاد. والله أعلم. 2887- هم القوم لا يشقى بهم جليسهم. متفق عليه عن أبي هريرة مرفوعًا في حديث طويل في التماس الملائكة أهل الذكر، وقولهم لله عز وجل: فلان مر خطأ فجلس معهم، عز وجل.." وذكره. ورواه الطبراني عن ابن عباس، والبزار عن أنس بلفظ: "هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم"، وكان الأقدمون يتمادحون بذلك ويذمون من أغفله. ولبعض الشعراء: وكنت جليس قعقاع بن سور ... ولا يشقى لقعقاع جليس 2888- همة الرجال تقلع الجبال3. لم أقف على أنه حديث؛ لكن نقل بعضهم عن الشيخ أحمد الغزالي أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: همة الرجال تقلع الجبال"؛ فليراجع. 2889- "هنيئًا لك عصفور من عصافير الجنة" 4. قال النجم: أورده في "الإحياء": "أنه صلى الله عليه وسلم سمع قائلة تقوله لطفل مات؛ فغضب، وقال لها: وما يدريك". وأصله عند مسلم عن عائشة: "قالت: توفي صبي من

_ 1 ضعيف: رقم "6111". 2 "لا يصح" وانظر "الدرر المنتثرة" للسيوطي "166". 3 "ليس بحديث" وراجع الضعيفة "ح3". 4 بنحوه في صحيح مسلم "ح2662".

الأنصار، فقلت: طوبى له عصفور من عصافير الجنة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أو غير ذلك". 2890- ههنا تسكب العبرات1. قاله النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند الحجر الأسود، رواه ابن ماجه والحاكم وابن أبي الدنيا عن ابن عمر قال: "استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر؛ فاستلمه، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلًا، فالتفت فإذا هو بعمر يبكي، فقال: يا عمر ههنا تسكب العبرات". 2891- "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" 2. رواه مالك والشافعي وأحمد والأربعة وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة قال: "سأل سائل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو.." فذكره. وأخرجه أحمد وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن جابر رضي الله عنه. 2892- "هدايا العمال غلول" 3. رواه أحمد وابن ماجه عن أبي حميد الساعدي به، وعند أبي يعلى عن حذيفة: "هدايا العمال حرام كلها". ولابن عساكر عن عبد الله ابن سعد: "هدايا السلطان سحت وغلول". ورواه الطبراني عن ابن عباس بلفظ: "الهدية إلى الإمام غلول"، ولعبد الرزاق عن جابر: "هدايا الأمراء سحت".

_ 1 ضعيف: رقم "6103". 2 صحيح: رقم "7048". 3 صحيح: رقم "7021"، وحديث حذيفة ضعيف: رقم "6104".

حرف الواو

حرف الواو: 2893- الوحدة خير من الجليس السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة، وإملاء الخير خير من الصمت، والصمت خير من إملاء الشر1. رواه الحاكم وأبو الشيخ والعسكري عن أبي ذر رفعه. والديلمي عن أبي هريرة وعزاه في "اللآلئ" عن صدقة بن أبي عمران بلفظ: "قال رأيت أبا ذر فوجدته في المسجد محتبيًا بكساء أسود وحده، فقلت: يا أبا ذر ما هذه الوحدة، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوحدة خير من جليس السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة"، وعزاه فيها لأبي الشيخ عن أبي ذر باللفظ المذكور، وزاد فيه: "وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر". انتهى. وثبت في صحيح البخاري وغيره: "لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم؛ ما سار راكب بليل وحده". وترجم البخاري بقوله: "العزلة راحة من خلاط السوء". وذكر حديث أبي سعيد رفعه: "ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره". وفي لفظ: "يأتي على الناس زمان خير مال المسلم غنم يتبع بها سعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن". وثبت حديث "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم؛ خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم". وما أحسن ما قيل: أنست بوحدتي ولزمت بيتي ... فدام الأنس لي ونمى السرور وأدبني الزمان فلا أبالي ... هجرت فلا أزار ولا أزور ولست بسائل ما دمت يومًا ... أسار الجيش أم قدم الأمير

_ 1 ضعيف: رقم "6164".

2894- وجدت الناس أخبر تقله1. قال في "اللآلئ": رواه ابن عدي في الكامل عن أبي الدرداء، وفي سنده ضعيف؛ لكن له شواهد: منها "الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة". و"تقله" بكسر اللام وفتحها، من قلاه ويقليه، والهاء للسكت. والمعنى كما في الفائق: علمت الناس مقولًا فيهم هذا القول، أي ما فيهم أحد إلا وهو مسخوط الفعل عند الاختبار. 2895- وصيتي وموضع سري وخليفتي في أهلي وخير من أخلف بعدي؛ علي بن أبي طالب2. موضوع، قال الصغاني في "الدر الملتقط": وهو من مفتريات الشيعة. 2896- الود والعداوة يتوارثان3. رواه العسكري عن أبي بكر الصديق رفعه، ورواه الطبراني عنه وأبو بكر الشافعي عنه بلفظ "يتوارثان". وفي الباب عن رافع بن خديج رفعه بلفظ: "الود يتوارث في الإسلام". ورواه الحاكم عن عفير بلفظ: "الود يتوارث والبغض يتوارث". وروى البيهقي عن أبي بكر أنه قال لرجل من العرب كان يصحبه يقال له عفير: يا عفير كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الود؟ قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الود: يتوارث والعداوة تتوارث"، وهو معنى ما اشتهر على الألسنة: "محبة في الآباء صلة في الأبناء". والله تعالى أعلم. 2897- الورد الأبيض خلق من عرق النبي -صلى الله عليه وسلم- والأحمر في عرق جبريل، والأصفر من عرق البراق4. قال النووي: لا يصح، وتقدم في "أن الورد"، فراجعه.

_ 1 "ضعيف" وهو في "إتحاف السادة المتقين" للزبيري "357/ 6". 2 "باطل، لا أصل له"، انظر الفوائد المجموعة للشوكاني "460/ 2". 3 ضعيف: رقم "6166". 4 سبق في حديث "798".

2898- الوضوء على الوضوء نور على نور1. ذكره في "الإحياء" وقال مخرجه العراقي: لم أقف عليه، وسبقه لذلك المنذري، وقال الحافظ ابن حجر: حديث ضعيف. ورواه رزين في مسنده، وتقدم معناه في حديث: "من توضأ على طهر؛ كتب الله له عشر حسنات". 2899- الوضوء مما خرج وليس مما دخل2. رواه الدارقطني والبيهقي وأبو نعيم بسند ضعيف عن ابن عباس مرفوعًا، ورواه سعيد بن منصور في سننه عنه، وعن عمر ابن الخطاب موقوفًا، وهو الأصل كما قاله ابن عدي، ونحوه قول البيهقي: لا يثبت مرفوعًا، ورواه الطبراني بسند أضعف من الأول عن أبي أمامة موقوفًا، وأخرجه الدارقطني في غرائب مالك بسند ضعيف عن ابن عمر بلفظ: "لا ينقض الوضوء؛ إلا ما خرج من قبل أو دبر، والصوم بخلافه". وعلق البخاري عن ابن عباس وعكرمة من قولهما: "الفطر مما دخل وليس مما خرج"، بل هو عند أبي يعلى مرفوعًا عن عائشة رضي الله تعالى عنها. 2900- الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر، وبعده ينقي اللحم3 ويصحح البصر4. قال الصغاني: موضوع. 2901- الوضوء قبل الطعام حسنة، وبعد الطعام حسنات5. رواه الحاكم في تاريخه عن عائشة رضي الله تعالى عنها. 2902- واضع العلم عند غير أهله كمقلد الدر أعناق الخنازير6. رواه ابن ماجه عن أنس بلفظ: "طلب العلم فريضة على كل مسلم، وواضع العلم في غير أهله كمقلد الخنازير الدر والجوهر واللؤلؤ والذهب"، وروى أحمد في الزهد،

_ 1 انظر "المعنى عن حمل الأسفار" "134/ 1"، وقال العراقي: "لم أجد له أصلًا"، وقال الحافظ في "القبح"، "282/ 1": "حديث ضعيف". 2 ضعيف: رقم "6175". 3 في نسخة مطبوعة بدلًا منها: "ينفي اللمم". 4 "موضوع" انظر الفوائد المجموعة" للشوكاني "201/ 1". 5 موضوع: رقم "6172". 6 "ضعيف جدًا" انظر ضعيف ابن ماجه "ح42".

وابن عساكر عن عكرمة قال: قال عيسى بن مريم -عليهما الصلاة والسلام- يا معشر الحواريين، لا تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنازير؛ فإن الخنازير لا تصنع باللؤلؤ شيئًا، ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها؛ فإن الحكمة خير من اللؤلؤ، ومن لا يريدها شر من الخنزير". 2903- وضع الحناء مع الميت في القبر. قال النجم: كثير في الناس يعتاده، وهو خلاف السنة. ولعل أول من فعل ذلك، أو حسنه للناس، اعتمد على ما أخرجه ابن عساكر عن معروف الخياط1 عن واثلة: "عليكم بالحناء؛ فإنه ينور رؤوسكم، ويطهر قلوبكم، ويزيد في الجماع، وهو شاهد لكم في القبر". قال السيوطي: ومعروف الخياط1 منكر الحديث جدًا. قلت: ولو ثبت؛ فلا دليل فيه على وضع الحناء في القبر؛ لأن المراد أن خضاب الشيب بالحناء، عمل شاهد لمتعاطيه في القبر. انتهى. 2904- "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". هو بعض حديث رواه مسلم عن أبي هريرة رفعه. ولفظه: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا؛ نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا؛ ستره الله في الدنيا والآخرة، والله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله، لم يسرع به نسبه". والله أعلم. 2905- "والله ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أعظم من الدجال" 2. رواه أحمد عن هشام بن عامر. 2906- "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه أكثر من سبعين مرة". رواه البخاري عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه.

_ 1 وقع في النسخ المطبوعة التي بين أيدينا "الحناط"، بالحاء المهملة والنون المشددة، وهو تصحيف، وهو معروف بن عبد الله الخياط أبو الخطاب الدمشقي، مولى واثلة بن الأسقع، له أحاديث منكرة جدًا، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه؛ قاله ابن عدي، وانظر التهذيب الكمال "269/ 28". 2 "صحيح"، وانظر الإرواء "194/ 3، 195".

2907- "والله، لله أشد فرحًا بتوبة عبده، من رجل كان في سفر في فلاة من الأرض، فأوى إلى ظل شجرة فنام تحتها واستيقظ؛ فلم يجد راحلته فأتى شرفًا، فصعد عليه، فأشرف فلم ير شيئًا، ثم أتى آخر فأشرف فلم ير شيئًا، فقال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه حتى أموت؛ فذهب؛ فإذا براحلته تجر خطامها. فلله أشد فرحًا بتوبة عبده من هذا براحلته". رواه أحمد ومسلم عن النعمان بن بشير. 2908- "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، الذي لا يأمن جاره بوائقه" 1. رواه أحمد والبخاري عن أبي شريح. 2909- "ولا راد لما قضيت" 2. رواه في حديث الذكر بعد الصلاة، ورواه عبد بن حميد في مسنده عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة، قال: أملى على المغيرة في كتاب أبي معاوية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة:.. وذكر الحديث المشهور؛ لكن حذف منه: "ولا معطي لما منعت"، وأخرجها الطبراني بسند صحيح عن عبد الملك بلا حذف: "ولا معطي لما منعت"، وكذا ذكرها السخاوي في فوائد أبي سعيد الكنجرودي؛ فمن أنكرها فهو مقصر. 2910- "ولا يعز من عاديت" 3. هو مذكور في القنوت قبل: "وتعاليت"، هكذا اشتهر، وزادها غير واحد من العلماء في كتبهم؛ بل رواها البيهقي عن الحسن والحسين ابن على4 رفعه. والصحيح أنه من حديث الحسن، وأخرجه الطبراني في "الكبير" عن الحسن بن علي قال: "علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلمات أقولهن في قنوت الوتر" وذكره بالزيادة؛ لكن أكثر الروايات بإسقاطها.

_ 1 بوائقه: غوائله وشروره. 2 "صحيح" انظر "التمييز"، "1567". 3 حديث الحسن بن علي في "القنوت"، صحيح، وليس فيه زيادة: "ولا يعز من عاديت"؛ لكن البيهقي أثبتها في روايته من "الكبرى"، "209/ 2"، وهي صحيحة كما في الإرواء "172/ 2 - 175". 4 في النسخ: "الحسن والحسين" وما أثبتناه من "السنن الكبرى".

2911- الولد سر أبيه1. قال في "المقاصد": لا أصل له. وكذا قال في الدرر تبعًا للزركشي. وقال الصغاني: موضوع، وقال الديريني في "الدرر" الملتقطة في توجيهه: إن الولد إذا كبر ربما يتعلم من أوصاف أبيه، ويسرق من طباعه، بل قد تصحب رجلًا فتسرق من طباعه في الخير والشر. وما أحسن ما قيل: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي وما قيل في بابه: بأبه اقتدى عدي في الكرم ... ومن يشابه أبه فما ظلم 2912- "الولد سيد سبع سنين وأسير سبع سنين ووزير سبع سنين"2. رواه الديلمي عن سعيد بن جبير، وزاد: "فإن رضيت مكانفته لإحدى وعشرين سنة؛ وإلا فقد عذرت فيما بينك وبين الله تعالى". 2913- "الوالد أوسط أبواب الجنة" 3. رواه الترمذي، وصححه عن أبي الدرداء رفعه. 2914- "الولد للفراش، وللعاهر الحجر". رواه الشيخان عن أبي هريرة، قال المناوي: وهو متواتر، فقد جاء عن بضعة وعشرين صحابيًا. 2915- "الولد من كسب الوالد" 4. رواه الطبراني في "الأوسط" عن ابن عمر.

_ 1 "لا أصل له"، انظر الضعيفة "ح48". 2 لا يصح في إسناده متروك، انظر المجمع "159/ 8". 3 صحيح: رقم "7145". 4 صحيح: رقم "7162".

2916- "الولد مبخلة مجبنة" 1. رواه ابن ماجه عن عبد الله بن سلام، قال: "جاء الحسن والحسين يستبقان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فضمهما إليه.." وذكره، وللعسكري والحاكم عن الأسود بن خلف: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخذ حسنًا فقبله، ثم أقبل عليهم، فقال: "إن الولد مجبنة مبخلة"، وأحسبه قال: "مجهلة"، وللعسكري أيضًا عن أشعث بن قيس قال: "مررت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي: "ما فعلت بنت عمك؟ " قلت: نفست بغلام، ووالله لوددت أن لي به سبعة، فقال: "أما لئن قلت إنهم لمجبنة مبخلة، وإنهم لقرة العين وثمرة الفؤاد". وله أيضًا عن عمر بن عبد العزيز قال: "زعمت المرأة الصالحة -خولة بنة حكيم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج وهو يحتضن حسنًا أو حسينًا، وهو يقول: "إنكم لتجبنون وتجهلون، وإنكم لمن ريحان الله". وأخرجه أبو يعلى والبزار بسند ضعيف عن أبي سعيد بلفظ: "الولد ثمرة القلب، وإنه مبخلة مجبنة محزنة". 2917- "الولد يشبه أخواله". رواه الديلمي عن عائشة مرفوعا بلفظ: "اطلبوا مواضع الأكفاء لنطفكم؛ فإن الرجل ربما أشبه أخواله"، كما سلف في: "تخيروا لنطفكم". ورواه ابن عدي وابن عساكر عن عائشة بلفظ: "تخيروا لنطفكم؛ فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن". وصح: "إذا سبق ماء الرجل، نزع إلى أبيه، وإذا سبق ماء المرأة، نزع إلى أمه؛ فأيهما سبق كان له الشبه". وروى الترمذي عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن أبي وقاص: "هذا خالي فليرني امرؤ خاله". وتقدم: "ابن أخت القوم منهم". 2918- ولد الزنا لا يدخل الجنة2. يدور على الألسنة ولا أصل له، وقال صاحب القاموس في سفر السعادة: هو باطل، وتقدم في: "لا يدخل الجنة ولد زنية".

_ 1 بنحوه صحيح: رقم "7160". 2 "باطل" انظر "التمييز" "1576.

2919- ولد الزنا شر الثلاثة إذا عمل عمل أبويه1. رواه أبو داود عن أبي هريرة، وفي الباب عن ابن مسعود وعائشة -رضي الله تعالى عنهما. 2920- ويل للتاجر من بلى والله، وويل للصائغ من غد وبعد غد2. قال العراقي: لم اقف له على أصل، وذكر نحوه صاحب "مسند الفردوس" عن أنس بلا إسناد. 2921- ويل لمن لبس الصوف وخالف قوله فعله3. رواه أبو نعيم. 2922- ويل لمن لا يعلم، وويل لمن يعلم ثم لا يعمل - ثلاثًا4. رواه أبو نعيم عن حذيفة، ورواه النجم عن جبلة بن سحيم مرسلًا بلفظ: "ويل لمن لا يعلم؛ ولو شاء الله لعلمه واحد من الويل، وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع من الويل". 2923- "ويل" واد في جهنم5. رواه أحمد والترمذي عن أبي سعيد - رضي الله عنه. 2924- "ويه" اسم شيطان6. قال القاري: يروى من قول عمر وإبراهيم النخعي؛ فعلى هذا يكره التسمية بنحو سيبويه ونفطويه. انتهى.

_ 1 ضعيف: رقم "6142" من حديث ابن عباس، وصحيح: برقم "7120" من حديث أبي هريرة بدون زيادة: "إذا عمل عمل أبويه". 2 "لا أصل له" انظر الأسرار المرفوعة، للقاري "379". 3 "لا يصح"، وفي إتحاف السادة المتقين للزبيدي "259/ 8". 4 بنحوه ضعيف، رقم "6160". 5 "ضعيف"؛ لأن فيه دراجًا أبا السماح، وهو ضعيف لا سيما في روايته عن أبي الهيثم، وهذا منه، كما في "التقريب"، وانظر ضعيف الجامع، "ح6161". 6 "لا يصح"، انظر الأسرار المرفوعة، للقاري "379".

وقال السيوطي في "الدرر": رواه النوقاني في معاشرة الأهلين عن ابن عمر من قوله، ومن قول النخعي، وقال في "بغية الوعاة" في ترجمة نفطويه، نقلًا عن ياقوت: أن ابن بسام جعله بضم الطاء وتسكين الواو وفتح الياء، ثم قال السيوطي فيها: وهذا اصطلاح للمحدثين في كل اسم بهذه الصفة، قال: وإنما عدلوا إلى ذلك بحديث ورد أن "ويه" اسم شيطان؛ فعدلوا عنه كراهة له. انتهى. فيؤخذ منه أنه حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فليتأمل. 2925- "وأي داء أدوى من البخل". رواه الشيخان عن جابر. 2926- "ويل لأقماع 1 القول، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون؛ والله ما حسن الله خلق رجل وخلقه فتطعمه النار" 2. رواه الطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة مرفوعًا، وقد عقده من قال: قد جاءنا في خبر مسند ... عن أحمد المبعوث بالمرحمة من حسن الرحمن من خلقه ... وخلقه فالنار لن تطعمه 2927- ولدت في زمن الملك العادل3. ذكره الصغاني بالتنكير، وقال: إنه موضوع، وقال في "المقاصد": لا أصل له. ونقل أبو سعيد الحافظ ابن السمعاني أن أبا بكر القاضي الجبري، حكى أن شيخًا من الصالحين رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام، فقال له: "يا رسول الله، بلغني أنك ولدت في زمن الملك العادل، وإني سألت الحاكم، أبا عبد الله الحافظ عن هذا فقال: هذا كذب، ولم يقله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صدق أبو عبد الله".

_ 1 جمع قمع كضلع شبه أسماع من لا يعملون بما سمعوا بالأقماع التي لا يبقى فيها شيء. 2 بنحوه في "المسند"، "165/ 2" من حديث ابن عمرو، وقال الشيخ شاكر "6541": "صحيح". 3 "باطل لا أصل له"، انظر الضعيفة "ح997".

وقال الحليمي في "الشعب": لا يصح، وإن صح فإطلاق العادل عليه؛ لتعريفه بالاسم الذي يدعى به، لا بوصفه بالعدل والشهادة له بذلك، أو وصفه بذلك بناء على اعتقاد المعتقدين فيه أنه كان عدلًا كما قال تعالى {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ} أي ما كان عندهم آلهة، ولا يسمي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من يحكم بغير حكم الله عادلًا. انتهى. وما يحكى عن ابن أبي عمر بن قدامة، ما ذكره ابن رجب في ترجمته أنه قال: "جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ولدت في زمن العادل كسرى"؛ لا يصح لانقطاع سنده؛ وإن صح فلعل القائل للحكاية لم يضبط. 2928- ويأتيك بالأخبار من لم تزود1. رواه أحمد عن عائشة -رضي الله عنها، وتقدم في "ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا". 2929- "وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" 2. رواه البيهقي عن ابن عمر، وتقدم في "رفع عن أمتي". 2930- "وضع الأخضر على القبور كالآس والريحان" 3. أصله ما ثبت في الصحيح من وضع النبي -صلى الله عليه وسلم- الجريدة بعد أن شقها بنصفين على القبرين، وقال: "إنه يخفف عنهما ما دامتا رطبتين"، قال العلماء: والحكمة في ذلك أن الورق الأخضر يسبح الله ما دام أخضر. 2931- "وضع الرماد على الجرح" 4. قال النجم: له أصل في السنة أصيل، رواه البخاري عن أبي حازم قال: "اختلف الناس بأي شيء دووي جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد؛ فسألوا سهل بن سعد الساعدي، وكان من آخر من بقي من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، فقال: ما بقي من الناس أحد أعلم به مني، كانت فاطمة تغسل الدم

_ 1 سبق الكلام عليه برقم "1465". 2 صحيح: رقم "7110". 3 أصله في الصحيحين، من حديث ابن عباس. 4 أصله في البخاري، كما ذكر المصنف.

عن وجهه، وعلي يأتي بالماء على ترسه، فأخذ حصير فحرق، فحشي به جرحه. أورده في كتاب النكاح. 2932- وضع اليد على الفم عند الضحك1. رواه أبو القسم البغوي عن والد مرة قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا جرى به الضحك وضع يده على فيه". 2933- وضع اليد على الفم عند العطاس2. رواه أبو داود والترمذي والطبراني عن أبي هريرة -رضي الله عنه- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا عطس، وضع يده أو ثوبه على فيه، وخفض بها صوته. 2934- وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه سيد المرسلين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين3. رواه البزار وابن قانع في معجمه عن عبد الله بن أسعد بن زرارة قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ليلة أسري بي انتهيت إلى قصر من لؤلؤة، فراشه من ذهب يتلألأ نورًا، وأعطيت ثلاثًا: إنك سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين". وأخرجه أبو القسم البغوي، وابن عساكر بنحوه. 2935- وصف أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- بالشيخين4. رواه الخطيب عن أبي هريرة قال: "خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- متكئًا على يد علي بن أبي طالب؛ فاستقبله أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- فقال له: يا علي، أتحب هذين الشيخين؟ قال: نعم، قال: أحبهما تدخل الجنة". والله أعلم. 2936- وفد الله ثلاثة: الحاج والمعتمر والغازي5. رواه أبو نعيم عن أبي هريرة.

_ 1 ضعيف: رقم "4375". 2 صحيح: رقم "4755". 3 قال الهيثمي في "المجمع"، "78/ 1": "رواه البزار، وفيه هلال الصيرفي عن أبي كثير الأنصاري لم أر من ذكرهما". 4 أخرجه الخطيب في تاريخه "262/ 1"، وقال: "غريب"، وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" "324/ 1". 5 بنحوه، صحيح: رقم "7112".

2937- الوفاء والصدق يجران الرزق. رواه الديلمي عن ابن عباس به. وربما جرى على الألسنة: "الصدق يعين على الرزق". 2938- الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله1. رواه الترمذي عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه. 2939- الوقت كالسيف؛ إن لم تقطعه قطعك. قال النجم: ليس بحديث، هو من كلام بعض الحكماء. 2940- وكل بالشمس سبعة أملاك، يرمونها بالثلج من حين تطلع إلى أن تغرب، ولولا ذلك، لم تأت على شيء؛ إلا أحرقته2. رواه الطبراني عن أبي أمامة. 2941- وكل الرزق بالحمق، ووكل الحرمان بالعقل، ووكل البلاء واليقين بالصبر. رواه الديلمي عن الحسين بن علي - رضي الله عنهما. 2942- "والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن - يعني قل هو الله أحد" 3. رواه ابن حبان عن أبي سعيد - رضي الله تعالى عنه. 2943- "والذي نفس محمد بيده؛ إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وما أنتم في أهل الشرك؛ إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر". رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود -رضي بالله عنه.

_ 1 ضعيف: رقم "6177". 2 ضعيف: رقم "6141" وفيه "تسعة أملاك". 3 بنحوه أخرجه البخاري وأحمد وغيرهما.

2950- "والذي نفس محمد بيده، إن الذنوب لتحرق أهلها، فيطفئها الاستغفار، والتوبة مقبولة من العبد حتى يغرغر" 1. رواه الديلمي عن معاذ. 2951- "والذي نفس محمد بيده، إن السقط ليجر أمه بسرره 2 إلى الجنة، إذا احتسبته" 3. رواه ابن ماجه عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه. 2952- "والذي نفس محمد بيده، لمعاينة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف، ولا تخرج نفس من الدنيا، حتى يألم كل عرق". رواه الحارث بن أبي أسامة عن أبي سعيد، وفي الباب عن واثلة بن الأسقع وأنس - رضي الله تعالى عنهما. 2953- والذي نفسي بيده، إنه لمكتوب في السماوات السبع: حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله4. رواه الديلمي، عن يحيى بن عبد الرحمن عن جده. 2954- والذي نفسي بيده، إن الرجل ليفضي في اليوم الواحد إلى مائة عذراء5. رواه أبو يعلى عن ابن عباس - رضي الله عنه. 2955- "والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده". رواه أحمد والبخاري والنسائي عن أبي هريرة - رضي الله عنه.

_ 1 للشطر الثاني منه شاهد من حديث ابن عمر، أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما، وانظر صحيح الجامع "ح1903". 2 السرر: ما تقطعه القابلة، أما ما يبقى فهو السرة. 3 حسن: رقم "7064". 4 أخرجه الحاكم "198/ 3"، وقال الذهبي: "يحيى واه". 5 قال الهيثمي في "المجمع"، "416/ 10"، "رواه أبو يعلى، وفيه زيد بن أبي الحوارى، وقد وثق على ضعيف، وبقية رجاله ثقات".

2944- "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم". رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة، والطبراني عن ابن مسعود. 2945- "والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر، فيتمرغ عليه، ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدين إلا البلاء". رواه مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه. 2946- "والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم". رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه. 2947- والذي نفس محمد بيده، ما بقي من دنياكم إلا كما بقي من يومكم فيما مضى منه1. رواه عند غروب الشمس - أسنده الديلمي عن أنس. 2948- "والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي امرأة حق الله، حتى تؤدي حق زوجها" 2. رواه الديلمي عن معاذ بن جبل - رضي الله تعالى عنه. 2949- "والذي نفس محمد بيده، إن أحسن أهل الجنة؛ ليعطى مثل الدنيا وعشرة أمثالها" 3. رواه الديلمي عن ابن عباس - رضي الله عنه.

_ 1 "ضعيف" أخرجه أحمد "19/ 7"، من حديث أبي سعيد ضمن حديث طويل، وفيه علي بن زبيد بن جدعان، وهو ضعيف. 2 "صحيح" انظر "آداب الزفاف"، "ص177". 3 له شاهد في الصحيحين وغيرهما من حيدث ابن مسعود.

2956- والذي نفسي بيده إن العار من ابن آدم ليبلغ في المقام بين يدي الله، حتى يتمنى أن يصرف ولو إلى النار1. رواه أبو نعيم عن جابر. 2957- "والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد؛ حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه". متفق عليه عن أنس - رضي الله عنه. 2958- والذي نفسي بيده، ما أطاع العبد ربه بشيء أفضل من حلم إلى علم، والعقل بعد الإيمان بالله التحبب إلى الناس2. رواه الديلمي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه، وأخرجه أبو الشيخ. 2959- "والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكًا فجًا؛ إلا سلك فجًا غير فجك". قاله لعمر - متفق عليه عن سعد. 2960- "والذي نفسي بيده، ما عمل على وجه الأرض عمل أعظم عند الله -بعد الشرك- من سفك دم حرام، والذي نفسي بيده إن الأرض لتعج إلى الله" - الحديث3. رواه أبو نعيم عن زيد بن ثابت - رضي الله تعالى عنهما. 2961- "والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى؛ إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها، حتى يرضى". رواه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في "الحلية"، "210/ 6"، وقد تفرد به الفضل عن محمد بن المنكدر، وفيه ضعف ولين". 2 أخرجه أبو نعيم "304/ 3"، وفي إسناده عباد بن كثير عن عبد الوهاب بن مجاهد، وهما متروكان كما في التقريب، "393/ 1 و528". 3 الحديث في "الحلية"، "190/ 2".

2962- والذي نفسي بيده، لو أن النطفة التي أخذ الله عليها الميثاق ألقيت على صخرة؛ لخلق الله منها إنسانًا1. رواه الطبراني في "الأوسط" عن ابن عباس - رضي الله عنه. 2963- "والذي نفسي بيده، لو كان الدين معلقًا بالثريا؛ لتناوله رجل من فارس". متفق عليه عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه. 2964- "والذي نفسي بيده، لأن يأخذ أحدكم ترابًا فيجعله في فيه؛ خير له من أن يجعل في فيه مما حرمه الله عليه" 2. رواه الديلمي عن أبي هريرة. 2965- والذي نفسي بيده، لشفاعتي في أكثر من الحجر والشجر3. رواه الطبراني في "الأوسط" عن بريدة. 2966- "والذي نفس أبي القاسم بيده، لا يروي عني أحد ما لم أقله؛ إلا تبوأ مقعده من النار" 4. رواه الديلمي عن أنس. 2967- "الولاء لمن أعتق". متفق عليه عن ابن عمر، وعن عائشة في قصة بريرة. 2968- "الولاء لمن أعطى الورق، وولي النعمة". رواه البخاري عن عائشة.

_ 1 قال الهيثمي في "المجمع"، "296/ 4": "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه من لم أعرفه". 2 قال الهيثمي في "المجمع"، "293/ 10": "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير محمد بن إسحاق، وقد وثق". 3 قال الهيثمي في "المجمع"، "379/ 10": "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سهل بن عبد الله بن بريدة، وهو ضعيف". 4 بمعناه في البخاري، بلفظ: "من يقل علي ما لم أقل؛ فليتبوأ مقعده من النار". "ح109".

2969- "الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب" 1. رواه أحمد بن منيع عن ابن عمر، وفي الباب عن أبي أوفى. 2970- "ولقد كرمنا بني آدم: الكرامة الأكل بالأصابع" 2. رواه الديلمي عن جابر. 2971- "ومن يتق الله؛ يجعل له مخرجًا من شبهات الدنيا، ومن غمرات الموت، ومن شدائد يوم القيامة". رواه الديلمي عن ابن عباس - رضي الله عنه. 2972- "ويأتيك بالأخبار من لم تزود" 3. رواه أحمد عن عائشة -رضي الله عنها- وتقدم في "ستبدي لك الأيام". 2973- "ويح عمار، تقتله الفئة الباغية". متفق عليه عن أبي سعيد، ولفظ البخاري: "يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار". 2974- ويل للعالم من الجاهل، وويل للجاهل من العالم4. رواه الديلمي عن أنس. 2975- "ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له" 5. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم عن معاوية بن حيدة. 2976- "الويل لمن يغضب وينسى غضب الله". رواه الديلمي عن أبي هريرة.

_ 1 صحيح: رقم "7157". 2 عزاه السيوطي في الدر المنثور "351/ 4" إلى الحاكم في التاريخ والديلمي عن جابر مرفوعًا. وبمعناه موقوفًا على ابن عباس عند ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان. 3 سبق في رقم "1465"، "2928". 4 ضعيف: رقم "6154". 5 حسن: رقم "7136".

2977- الويل كل الويل لمن ترك عياله بخير، وقدم على ربه بشر1. رواه الديلمي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه. 2978- "ويمنعون الماعون، ما يتعاونه الناس بينهم: الفأس، والقدر، والدلو، وأشباهه" 2. رواه الديلمي عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه.

_ 1 موضوع: رقم "6181". 2 أورده الهيثمي في "المجمع"، "143/ 7" موقوفًا على ابن مسعود، وقال: "رواه البزار والطبراني في "الأوسط"، ورجال الطبراني رجال الصحيح".

حرف اللام ألف

حرف اللام ألف: 2979- لا أحب الذواقين من الرجال، ولا الذواقات من النساء1. رواه الطبراني عن أبي موسى رفعه، وللديلمي عن أبي هريرة بلفظ: "تزوجوا ولا تطلقوا؛ فإن الله لا يحب الذواقين والذواقات"، وللدارقطني في "الأفراد" عن أبي هريرة: مثله. 2980- "لا أدري": نصف العلم. رواه الدارمي والبيهقي في "المدخل" عن الشعبي من قوله. وروى الهروي في ذم الكلام عن الشعبي قال: "قال ابن مسعود: وإذا سئل أحدكم عما لا يدري فليقل: لا أدري؛ فإنه ثلث العلم". وهو في سنن سعيد بن منصور؛ لكن بانقطاع بين الشعبي وابن مسعود. وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود: "من علم فليقل، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم؛ فإن العلم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم". قال في "المقاصد": وفي ثبوت "لا أدري" من الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة -عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم- الكثير، ولما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- جبريل عن خير بقاع الأرض وشرها قال: "لا أدري" كما تقدم في "أحب البقاع". وعند البيهقي في "مناقب الشافعي" عن مالك: "سمعت محمد بن عجلان يقول: إذا أغفل العالم "لا أدري"؛ أصيبت مقاتله"، وقال ابن مسعود: "يا أيها الناس من علم منكم علمًا؛ فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم؛ فإن من العلم أن يقول العالم لما لا يعلم: الله أعلم"، قال الله تعالى لرسوله -صلى الله عليه وسلم- {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} . وقد كثر إغفال "لا أدري" وترك الحوالة على من يدري، فعم الضرر بذلك.

_ 1 ضعيف: رقم "2429" من حديث أبي هريرة عند الديلمي.

وقال القاري: قلت: وقد ثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "لا أدري غرس بني أم لا"، وفي التنزيل {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} . انتهى. وما أحسن قول بعضهم: من قال ما أدري لما لا أدري ... فقد اقتدى في الفقه بالنعمان في الدهر والخنثى كذاك جوابه ... ومحل أطفال ووقف1 ختان 2981- "لا إله إلا الله إن للموت سكرات"؛ قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الموت. رواه البخاري وأحمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها. 2982- لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم2. رواه ابن السني وأبو نعيم في عمل اليوم والليلة، ولهما بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رفعاه بلفظ: "إذا كان يوم حار فقال الرجل: لا إله إلا الله! ما أشد حر هذا اليوم، اللهم أجرني من حر جهنم، قال الله -عز وجل- لجهنم: إن عبدًا من عبادي 3 استجار بي من حرك؛ فإني أشهدك إني قد أجرته، وإن كان يوم شديد البرد فقال العبد: لا إله إلا الله! ما أشد برد هذا اليوم، اللهم أجرني من زمهرير جهنم، قال الله -عز وجل- لجهنم: إن عبدًا من عبيدي استجار بي من زمهريرك، وإني قد أجرته"، قالوا: وما زمهرير جهنم؟ قال: "بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة بردها بعضه من بعض". ورواه البيهقي في "الأسماء والصفات": "إذا كان يوم حار ألقى الله سمعه وبصره إلى أهل السماء وأهل الأرض؛ فإذا قال العبد: لا إله إلا الله ... " وذكر الحديث مثله؛ إلا أنه قال: "قالوا وما زمهرير جهنم؟ قال: "جب يلقى فيه الكافر.." الحديث. وروى الشيخان عن أبي هريرة: "اشتكت النار إلى ربها؛ فقالت: يا رب، أكل بعضي بعضًا، فنفسني، فجعل لها نفسين: نفسًا في الصيف، ونفسًا في الشتاء، فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها، وشدة ما تجدون في الصيف من الحر من سمومها".

_ 1 في بعض النسخ المطبوعة: "ووقف". 2 ضعيف، انظر التمييز "1564". 3 في نسخة القدسي: "عبيدي"، والمثبت من بعض النسخ ومن الأسماء والصفات للبيهقي ص178.

2983- لا آلاء إلا آلاؤك يا الله، إنك سميع عليم محيط به علمك كعسهلون وبالحق أنزلناه وبالحق نزل. قال في "المقاصد": هذه ألفاظ اشتهرت ببلاد اليمن ومكة ومصر والمغرب، وجملة بلدان؛ أنها حفيظة رمضان، تحفظ من الغرق، والسرق، والحرق، وسائر الآفات، وتكتب في آخر جمعة منه، والخطيب يخطب على المنبر، وبعضهم بعد صلاة العصر، وهي بدعة لا أصل لها؛ وإن وقعت في كلام غير واحد من الأكابر، بل أشعر كلام بعضهم بورودها في حديث ضعيف، وكان شيخنا -رحمه الله تعالى- ينكرها جدًا، حتى وهو قائم على المنبر في أثناء الخطبة حين يرى من يكتبها، كما بينته في "الجواهر والدرر". وقال النجم: وممن أنكرها: القمولي في "الجواهر"، وقال إنها من البدع المنكرة. وقال الناشري: وقد كان أهل زبيد يكتبون ذلك في حال الخطبة، وكان ابن حجر ينكرها جدًا وهو قائم على المنبر في أثناء الخطبة، حين يرى من يكتبها، وهذه بدعة عافى الله منها أهل دمشق، وأظن أنها مفقودة في غيرها. انتهى. وعبارة ابن حجر في "التحفة": فرع، كتابة الحفائظ آخر جمعة من رمضان بدعة منكرة، كما قاله القمولي؛ لما فيها من تفويت سماع الخطبة، والوقت الشريف، فيما لم يحفظ ممن يقتدى به، ومن اللفظ المجهول وهو "كعسهلون". وقد جزم أئمتنا وغيرهم بحرمة كتابة وقراءة الكلمات الأعجمية التي لا يعرف معناها وقول بعضهم: إنها حية محيطة بالعرش، رأسها عند ذنبها، لا يعول عليه؛ لأن مثل ذلك لا مدخل للرأي فيه، فلا يقبل منه؛ إلا ما ثبت عن معصوم، على أنها بهذا المعنى لا تلائم ما قبلها في الحفيظة، وهو: "لا آلاء إلا آلاؤك يا الله، كعسهلون"؛ بل هذا اللفظ في غاية الإبهام، ومن ثم قيل إنها اسم صنم أدخله ملحد على جهلة العوام، وكان بعضهم أراد دفع ذلك الإيهام فزاد بعد "الجلالة": "محيط به علمك كعسهلون"؛ أي كإحاطة تلك الحية بالعرش، وهو غفلته عما تقرر أن هذا لا يقبل؛ إلا ما صح عن المعصوم. انتهى.

2984- "لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له" 1. رواه أبو يعلى والبيهقي عن أنس رفعه. ورواه الطبراني في "الأوسط" عن ابن عمر بلفظ: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا صلاة لمن لا طهور له، ولا دين لمن لا صلاة له، وموضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد". 2985- لا بأس بالذواق عند المشتري. قال في "المقاصد": صحيح المعنى، وقال القاري: لا أصل له. 2986- "لا بأس بالحسد في طلب العلم"2. رواه الديلمي عن معاذ بن جبل. 2987- "لا بأس بالغنى لمن اتقى، والصحة خير من الغنى، وطيب النفس من النعيم" 3. رواه أحمد وابن ماجه والحاكم عن يسار بن عبد الله - رضي الله تعالى عنه. 2988- لا بأس ببول الجمال وما أكل لحمه. قال في "اللآلئ": موضوع. 2989- لا تتوضؤوا في الكنيف الذي تبولون فيه فإن وضوء المؤمن؛ يورث مع حسناته. قال القاري: وضعه يحيى بن عنبسة. 2990- لا تتمارضوا فتمرضوا، ولا تحفروا قبوركم فتموتوا. ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- وقال عن أبيه: منكر.

_ 1 صحيح: رقم "7179". 2 معناه في "لا حسد إلا في اثنتين.." الحديث سيأتي برقم "3058". 3 صحيح: رقم "7182" وفيه "والصحة لمن اتقى خير من الغنى".

وأسنده الديلمي عن وهب بن قيس مرفوعًا، وعلى كل حال فلا يصح، وإن وقع لبعض أصحابنا، وأما الزيادة التي على ألسنة كثير من العامة وهي: "فتموتوا فتدخلوا النار"؛ فلا أصل لها أصلًا. 2991- "لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية؛ وإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف". متفق عليه عن ابن عمر - رضي الله عنه. 2992- "لا تتمنوا كثرة المال؛ فإن كثرة المال تكثر الذنوب". رواه الديلمي عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه. 2993- "لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون". متفق عليه عن ابن عمر. 2994- "لا تردوا الوسادة إذا أكرمتم بها". رواه الترمذي عن ابن عمر. 2995- "لا تمنعوا العين قوتها فتمنعكم من ضوئها". رواه الديلمي عن أبي أمامة. 2996- لا تنزل الرحمة على قوم بينهم قاطع رحم1. رواه أحمد وابن منيع عن عبد الله بن أبي أوفى. 2997- "لا تنظروا إلى المردان؛ فإن فيهم لمحة من الحور". رواه الديلمي عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه. 2998- لا تثق بامرأة، ولا تحمل معدتك إلا ما تطيق، ولا تغتر بمال، ولا تعلم من العلم إلا ما تعمل به فقط. نقله الشعراني في ترجمة عبد الله بن المبارك بلفظ: "أربعة كلمات انتخبت من أربعة آلاف حديث: لا تثق بامرأة.." إلى آخر ما مر.

_ 1 "ضعيف"، انظر الضعيفة "ح1456".

2999- "لا تجتمع أمتي على ضلالة" 1. رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وابن أبي خيثمة في تاريخه، عن أبي نضرة الغفاري رفعه في حديث: "سألت ربي أن لا تجتمع أمتي على ضلالة؛ فأعطانيها". والطبراني وحده، وابن أبي عاصم في السنة، عن أبي مالك الأشعري رفعه: "إن الله أجاركم من ثلاث خلال: أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعًا، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وأن لا تجتمعوا على ضلالة". ورواه أبو نعيم والحاكم، وأعله اللالكائي في السنة، وابن منده، ومن طريقه الضياء عن ابن عمر رفعه: "إن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة أبدًا، وإن يد الله مع الجماعة؛ فاتبعوا السواد الأعظم؛ فإن من شذ شذ في النار". وكذا هو عند الترمذي؛ لكن بلفظ "أمتي". ورواه عبد بن حميد وابن ماجه عن أنس رفعه: "إن أمتي لا تجتمع على ضلالة؛ فإذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم". ورواه الحاكم عن ابن عباس رفعه بلفظ: "لا يجمع الله هذه الأمة على ضلالة، ويد الله مع الجماعة". والجملة الثانية عند الترمذي وابن أبي عاصم عن ابن مسعود موقوفًا في حديث: "عليكم بالجماعة؛ فإن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة". زاد غيره: "وإياكم والتلون في دين الله". وبالجملة فالحديث مشهور المتن، وله أسانيد كثيرة، وشواهد عديدة في المرفوع وغيره. فمن الأول: "أنتم شهداء الله في الأرض"، ومن الثاني قول ابن مسعود: "إذا سئل أحدكم؛ فلينظر في كتاب الله؛ فإن لم يجده؛ ففي سنة [رسول] 2 الله؛ فإن لم يجده فيها؛ فلينظر فيما اجتمع عليه المسلمون؛ وإلا فليجتهد". 3000- "لا تشتروا بالدين؛ فإنه ينقص من الدين والحسب". رواه الديلمي عن عائشة.

_ 1 صحيح، انظر تخريج المشكاة "173". 2 ما بين [] سقط من بعض النسخ المطبوعة.

3001- لا تطعنوا على أهل التصوف والخرق؛ فإن أخلاقهم أخلاق الأنبياء، ولباسهم لباس الأنبياء1. رواه الديلمي عن أنس - رضي الله تعالى عنه. 3002- لا تغضبوا؛ فإن الشر في الغضب، ولا تسألوا؛ فإنه أصل الفقر، واستغفروا كل يوم مائة مرة؛ يغفر الله لكم الكبائر. رواه الديلمي عن علي بن أبي طالب. 3003- لا تغمضوا أعينكم في السجود؛ فإنه من فعل اليهود. رواه الديلمي عن أنس رضي الله تعالى عنه. 3004- "لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس لكع بن لكع" 2. رواه الترمذي عن حذيفة، والطبراني في "الأوسط" عن أنس - رضي الله تعالى عنه. 3005- "لا تقوم الساعة حتى لا يذكر رب العالمين ولا يشكر؛ فمن شدة غضبه تقوم الساعة" 3. رواه الديلمي عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنه. 3006- "لا تقوم الساعة حتى يسيل وادٍ من أودية الحجاز بالنار تضيء أعناق الإبل ببصرى". متفق عليه عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه. 3007- "لا تقوم الساعة حتى يعج القرآن إلى الله، يقول إني أتلى ولا يعمل بي، فعند ذلك يرفع". رواه الديلمي عن عبد الله بن عمرو - رضي الله تعالى عنهما.

_ 1 فردوس الأخبار "7558" عن أبي هريرة، وقال محققاه: عزاه في تنزيه الشريعة "278/ 2" للسلمي من حديث أنس ثم قال: "لم يبين علته، وفيه جماعة لم أعرفهم" اهـ. 2 صحيح: رقم "7431" وفيه "أسعد الناس بالدنيا". 3 وبمعناه أخرجه مسلم وغيره، ولفظه: "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله".

3008- "لا تحلفوا بآبائكم". رواه البخاري والنسائي عن ابن عمر، وفي رواية للنسائي عن عبد الرحمن بن سمرة بلفظ: "لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت"، وفي أخرى له وكذا لأبي داود عن أبي هريرة بلفظ: "لا تحلفوا بآبائكم، ولا بأمهاتكم، ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله وأنتم صادقون". ورواه ابن ماجه عن ابن عمر بلفظ: "لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يوقن بالله؛ فليس من الله". 3009- "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم" 1. رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن البراء، ورواه البخاري عن ابن مسعود بلفظ: "لا تختلفوا؛ فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا". 3010- "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة" 2. رواه أبو داود والنسائي والحاكم عن علي بزيادة: "ولا كلب ولا جنب". ورواه مسلم عن أبي هريرة بلفظ: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه تماثيل أو تصاوير". ورواه النسائي عن أم سلمة بلفظ: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه جرس، ولا تصحب ركبًا فيه جرس". 3011- لا تسافروا في محاق الشهر، ولا إذا كان القمر في العقرب. يروى عن علي من قوله، ويشهد له ما في سؤالات ابن الجنيد لابن معين عن علي: "أنه كان يكره أن يتزوج أو يسافر، إذا نزل القمر في العقرب". وفي رموز الكنوز للدميري عزوه للشافعي - رضي الله عنه. ورواه الصغاني بلفظ: "لا تسافروا والقمر في العقرب"، وقال: إنه موضوع. والله أعلم.

_ 1 صحيح: رقم "7256". 2 صحيح: رقم "7261" بزيادة "إلا رقم في ثوب" عن أبي طلحة.

3012- "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا؛ ما أدرك مد أحدهم، ولا نصيفه". رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد. 3013- لا تسبوا البرغوث1. رواه الطبراني في "الأوسط" عن علي قال: "نزلنا منزلًا، فآذتنا البراغيث، فسببناها؛ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا تسبوها؛ فنعمت الدابة، فإنها أيقظتكم لذكر الله". ورواه الوليد بن مسلم عن أنس قال: "ذكرت البراغيث عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال إنها توقظ للصلاة". ورواه البزار عن أنس بلفظ: "كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلدغت رجلًا برغوث، فلعنها، فقال: النبي -صلى الله عليه وسلم- "لا تلعنها؛ فإنها نبهت نبيًا من الأنبياء". والمشهور على الألسنة: "لا تسبوا البرغوث؛ فإنه أيقظ نبيًا إلى الصلاة". وقال النجم: وأخرجه الطبراني في الدعاء، ولفظه: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلًا يسب برغوثًا، فقال: لا تسبه؛ فإنه أيقظ نبيًا لصلاة الفجر". انتهى. وروي حديث أنس البخاري في "الأدب المفرد"، وأحمد والطبراني والمستغفري عن أبي ذر رفعه: "إذا آذاك البرغوث فخذ قدحًا من ماء واقرأ عليه سبع مرات {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} - الآية، ثم قل: إن كنتم مؤمنين فكفوا شركم وأذاكم عنا، ثم رشه حول فراشك؛ فإنك تبيت آمنا من شرها". ولابن أبي الدنيا في التوكل: أن عامل أفريقية كتب إلى عمر بن عبد العزيز يشكو إليه الهوام والعقارب، فكتب إليه: "وما على أحدكم إذا أمسى وأصبح أن يقول {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} " الآية، قال راويه زرعة بن عبد الله: وتنفع من البراغيث. وقد أفرد فيه الحافظ ابن حجر جزءًا، وكذا الحافظ الجلال السيوطي رسالة سماها "الطرثوث في أحكام البرغوث".

_ 1 فيه سعد بن طريف، وهو متروك، كما في المجمع "78/ 8".

3014- "لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا". رواه البخاري وأحمد والنسائي عن عائشة، ولأحمد والنسائي عن المغيرة: "لا تسبوا الأموات؛ فتؤذوا الأحياء". قال النجم: وفي معنى حديث عائشة ما عند الديلمي عن ابن مسعود: "دعوا الأموات، بحسبهم ما هم فيه". وقال ابن حجر المكي في "الفتاوى": وفي خبر ضعيف: "اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم"؛ فيحرم سب مسلم ليس معلنًا بفسقه؛ حيًا أو ميتًا. والله أعلم. 3015- "لا تسعروا" 1. قال النجم: هذا اللفظ لم يرد؛ لكن رواه أحمد والبزار وأبو يعلى في مسانيدهم، وأبو داود والترمذي وصححه، وابن ماجه في سننهم عن أنس قال: "قال الناس: يا رسول الله، غلا السعر فسعر لنا، فقال: "إن الله هو المسعر القابض، الباسط الرزاق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة، في دم ولا مال"، وإسناده على شرط، وصححه ابن حبان والترمذي. ولابن حبان عن أبي سعيد الخدري: "أن يهوديًا قدم زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- بثلاثين حمل شعير وبر، فسعر مدًا بمد النبي -صلى الله عليه وسلم- بدرهم، وليس في الناس يومئذ طعام غيره، وكان قد أصاب الناس قبل ذلك جوع، لا يجدون فيه طعامًا فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- الناس يشكون غلاء السعر، فصعد المنبر فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، فقال: "لألقين الله من قبل أن أعطي أحدًا من مال أحد من غير طيب نفس، إنما البيع عن تراض، ولكن في بيوعكم خصالًا أذكرها لكم: لا تضاغنوا، ولا تحاسدوا، ولا تناجشوا ولا يسوم الرجل على سوم أخيه، ولا يبيعن حاضر لباد، والبيع عن تراض، فكونوا عباد الله إخوانًا".

_ 1 صحيح، من رواية أبي داود والترمذي، وانظر تخريج المشكاة "2894".

ورواه أحمد وابن ماجه والبزار والطبراني في "الأوسط" عن أبي سعيد قال: "غلا السعر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: لو قومت يا رسول الله! قال: "فإني لأرجو أن أفارقكم ولا يطلبني أحد منكم بمظلمة ظلمته". ولأحمد أيضًا وأبي داود عن أبي هريرة: "جاء رجل فقال: يا رسول الله، سعر لنا، فقال: "بل أدعو"، ثم جاء رجل آخر فقال: يا رسول الله سعر، فقال: "بل الله يخفض ويرفع". وإسناد الحديثين حسن. وفي الباب عن ابن عباس للطبراني في "الصغير" وعن أبي جحيفة في "الكبير". وعن علي في "البزار"، وفي أفراد الدارقطني، ولفظه: "غلا السعر بالمدينة؛ فذهب الصحابة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: غلا السعر فسعر لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله هو المعطي، إن لله ملكًا اسمه عمارة، على فرس من حجارة الياقوت، طوله مد بصره، يدور في الأمصار، ويقف في الأسواق، فينادي: ألا ليغلون كذا وكذا، ألا ليرخصن كذا وكذا". قال في "المقاصد": وأغرب ابن الجوزي فأخرجه من حديث علي؛ وقال: لا يصح، وقد علمت صحته، بل حديث: "دعوا الناس يرزق بعضهم بعضًا" في مسلم وغيره عن جابر وغيره. 3016- "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي، والمسجد الأقصى". رواه أحمد والشيخان عن أبي هريرة وعن أبي سعيد، وحديثه عند الترمذي، وحديث أبي هريرة عند أبي داود. وأخرجه ابن ماجه أيضًا عن عبد الله بن عمرو، وأخرجه مالك وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان عن بصرة بن أبي بصرة بلفظ: "لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد: إلى المسجد الحرام، وإلى مسجدي، وإلى مسجد بيت المقدس". 3017- لا حكيم إلا ذو تجربة، ولا حليم إلا ذو عثرة1. رواه ابن ماجه عن أبي سعيد، وأخرجه أيضًا أحمد والترمذي وابن حبان، ولفظه عند الجميع: "لا حكيم -بالكاف- إلا ذو تجربة، ولا حليم -باللام- إلا ذو عثرة"،

_ 1 ضعيف: رقم "6297" بتقديم شطره الأخير على الأول.

الأول من الحكمة، والثاني من الحلم، وعلق البخاري عن معاوية من قوله: "لا حليم إلا بتجربة" - باللام، وفي رواية: "لا حلم"؛ بكسر الحاء وسكون اللام. 3018- "لا تسودوني في الصلاة". قال في "المقاصد": لا أصل له، وقال الناجي في أوائل مولده المسمى بـ "كنز العفاة": وأما النقل عن سيد الورى: "لا تسودوني في الصلاة"؛ فكذب مولد مفترى، والعوام مع إيرادهم له يلحنون فيه أيضًا فيقولون: "لا تسيدوني" بالياء؛ وإنما اللفظة بالواو. 3019- لا تسلموا على يهود أمتي، قالوا: يا رسول الله ومن يهود أمتك؟ قال: الذين يتركون صلاة العصر مع الجماعة. لينظر. 3020- "لا تسبوا الدهر؛ فإن الله هو الدهر". رواه مسلم عن أبي هريرة، ورواه البخاري ومسلم عنه بلفظ: "يقول الله تعالى: يسب بنو آدم الدهر، وأنا الدهر، بيدي الليل والنهار"، وفي رواية: "أقلب ليله ونهاره، وإذا شئت قبضتهما". وعند مسلم وأبي داود والحاكم عنه: قال الله تعالى: "يؤذيني ابن آدم، يقول يا خيبة الدهر، فلا يقل أحدكم يا خيبة الدهر؛ فإني أنا الدهر، أقلب ليله ونهاره". وفي رواية عند الحاكم: "يقول الله استقرضت عبدي فلم يقرضني، وشتمني عبدي، وهو لا يدري، يقول وادهراه، وأنا الدهر". وأخرجه البيهقي بلفظ: "لا تسبوا الدهر"، قال الله تعالى: "أنا الدهر، الأيام والليالي، أجددها وأبليها، وآتي بملوك بعد ملوك". ورواه الشيخان وأحمد عنه بلفظ: "يؤذيني ابن آدم: يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار". 3021- "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، ولا تلبسوا الحرير ولا الديباج؛ فإنه لهم في الدنيا، وهو لكم في الآخرة". رواه أحمد والستة عن حذيفة.

3022- لا تسبوا أهل الشام؛ فإن فيهم الأبدال1. رواه الطبراني في "الأوسط" عن علي رضي الله تعالى عنه. 3023- "لا تسبوا الشيطان، وتعوذوا بالله من شره" 2. رواه المخلص عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه. 3024- "لا تسكنوا الكفور؛ فإن ساكن الكفور كساكن القبور" 3. رواه البخاري في "الأدب المفرد"، والبيهقي عن ثوبان. 3025- لا تغبطن فاجرًا بنعمة؛ إن له عند الله قاتلًا لا يموت4. رواه البيهقي عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه. 3026- لا تقتلوا الضفادع فإن نقيقهن تسبيح5. رواه النسائي عن ابن عمر6. 3027- "لا تسبوا الديك؛ فإنه يوقظ للصلاة" 7. رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد جيد عن زيد بن خالد الجهني، وعند أبي الشيخ في العظمة عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن ديكًا صرخ عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فسبه رجل ولعنه؛ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا تسبه، ولا تلعنه؛ فإنه يدعو إلى الصلاة". قال الحكيم: فيه دليل على أن كل من استفيد منه خير؛ لا ينبغي أن يسب ويستهان به؛ بل حقه أن يكرم ويشكر، ويقابل بالإحسان. انتهى.

_ 1 ضعيف: رقم "6236". 2 صحيح: رقم "7318". 3 صحيح: رقم "7326" بلفظ "لا تسكن". 4 ضعيف: رقم "6262". 5 ضعيف: رقم "6266" من حديث ابن عمر. وقد صح أوله دون "فإن نقيقهن تسبيح" انظر صحيح الجامع "ح7390". 6 الذي في صحيح الجامع وضعيفه "ابن عمر". 7 صحيح: رقم "7314".

3028- "لا تسبوا الريح؛ فإنها من روح الله" 1. رواه أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وزاد: "تأتي بالرحمة والعذاب؛ ولكن سلوا الله من خيرها، وتعوذوا بالله من شرها". وأخرجه النسائي والحاكم عن أبي بن كعب بلفظ: "لا تسبوا الريح؛ فإنها من روح الله، وسلوا الله خيرها، وخير ما أرسلت به، وتعوذوا بالله من شرها، وشر ما أرسلت به". وهو عند الترمذي بلفظ: "لا تسبوا الريح؛ فإن رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما أمرت به". 3029- لا تسبوا الدنيا فنعم مطية المؤمن2. رواه الديلمي عن ابن مسعود. 3030- "لا تسبوا الحمى؛ فإنها تنقي الذنوب" - الحديث. رواه مسلم عن جابر. 3031- لا تظهر الشماتة لأخيك - وفي لفظ، بأخيك؛ فيعافيه الله ويبتليك3. رواه الترمذي والطبراني عن واثلة مرفوعًا، وقال: حسن غريب، وفي رواية لابن أبي الدنيا: "فيرحمه الله"، بدل: "فيعافيه الله ويبتليك". وروى ابن عساكر عن نافع: "أن ناسًا كانوا في الغزو مع أبي عبيدة؛ فشربوا الخمر، فكتب إليه عمر -رضي الله عنه- أن يجلدهم، وكان الناس عيروهم، فاستحيوا ولزموا بيوتهم؛ فكتب عمر -رضي الله عنه- إلى الناس لا تعيروا أحدًا فيفشو البلاء فيكم".

_ 1 صحيح: رقم "7316"، "7317" بزيادات مختلفة. 2 فيه إسماعيل بن أبان، كذبه يحيى وغيره، وذكر الحديث الذهبي في "الميزان"، "211/ 1"، وعده من مناكير إسماعيل هذا. 3 ضعيف: رقم "6258" بلفظ رواية أبي الدنيا.

3032- "لا يصيب المرء المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا غم، ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها؛ إلا كفر الله عنه بها خطاياه" 1. رواه ابن حبان عن أبي هريرة وأبي سعيد -رضي الله تعالى عنهما- وهو عند أحمد والترمذي عن أبي سعيد فقط بلفظ: "ما يصيب المؤمن من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها؛ إلا كفر الله من خطاياه". ولابن أبي شيبة وأحمد والبخاري عنهما أنهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن، حتى الهم يهمه، إلا كفر الله به من سيئاته". ورواه أحمد والشيخان عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- بلفظ: "ما من مصيبة تصيب المسلم؛ إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها". ورواه أحمد عن السائب ابن خلاد بلفظ: "ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه؛ إلا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة". وروى أحمد في الزهد عن أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- قال: "إن المسلم ليؤجر في كل شيء؛ حتى النكبة، وانقطاع شسعه، والبضاعة تكون في كمه فيفقدها، فيفزع لها فيجدها في جيبه". 3033- لا تعد من لا يعودك. رواه أبو الطيب الغسولي بسند ضعيف عن جابر قال: "خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا أيها الناس أنا أكرم الناس حسبًا.." فذكر حديثًا، وفيه: "من عاد مرضانا عدنا مرضاه"، وإليه ذهب ابن وهب فقال: "لا تعد من لا يعودك"، وكذا الإمام أحمد؛ فإنه قال لابنه وقد قال له: يا أبت إن جارنا مرض أفلا نعوده؟ فقال: يا بني؛ ما عادنا فنعوده، ويؤيده حديث: "لا خير في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له". لكن قد يعارضه ما رواه الديلمي في حديث ضعيف عن رجل من الأنصار يقال له قيس أنه قال: "أخبرت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: عد من لا يعودك"، قال القاري: ولعله محمول على الفضل، والأول على العدل.

_ 1 هو في الصحيحين من حديث أبي سعيد.

وروى الثاني الحربي أيضًا في الهدايا له عن أيوب بن ميسرة رفعه مرسلًا، وقد بسط الكلام عليه السخاوي في ارتياح الأكباد، والله أعلم. 3034- لا تعير أخاك بما فيه؛ فيعافيه الله ويبتليك. ليس معناه صحيحًا على إطلاقه، وورد بلفظ: "لا تظهر الشماتة لأخيك؛ فيعافيه الله ويبتليك". 3035- لا تغضبوا في كسر الآنية؛ فإن لها آجالا كآجال الأنفس1. رواه سعيد بن يعقوب في الصحابة بسند ضعيف عن عبد الله بن الصعق عن أبيه رفعه. وذكره أبو موسى المديني في "الذيل" من طريق سعيد المذكور بلفظ: "لا تغضبوا ولا تسخطوا.."، والباقي مثله، وسنده ضعيف؛ لا سيما وقد قال سعيد: لا أدري للصعق صحبة أم لا؟ وقال في "اللآلئ": حديث "لا تغضبوا ولا تسخطوا في كسر الآنية؛ فإن لها آجالا كآجال الأنفس". رواه أبو موسى المديني في معرفة الصحابة بإسناده عن عبد الله بن الصعق عن أبيه يرفعه. انتهى. وقال السخاوي: للحديث شواهد منها: ما أخرجه الديلمي عن كعب بن عجرة مرفوعًا بلفظ: "لا تضروا إماءكم على كسر إنائكم؛ فإن لها آجالًا كآجالكم"، والديلمي أيضًا عن أبي قتادة وآخرين. 3036- لا تفضحوا موتاكم بسيئات أعمالكم؛ فإنها تعرض على أوليائكم من أهل القبور. رواه ابن أبي الدنيا والمحاملي بسند ضعيف عن أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه، وروى أحمد والحكيم الترمذي وابن منده عن أنس: "إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات؛ فإن كان خيرًا استبشروا، وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا".

_ 1 موضوع: بنحوه في ضعيف الجامع "ح6253".

3037- "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان؛ ولكن قولوا: ما شاء الله ثم ما شاء فلان" 1. رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن حذيفة. 3038- لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أكثر من العقل، ولا وحشة أوحش من العجب، ولا ورع كالكف عن محارم الله، ولا حسب كحسن الخلق، ولا عبادة كالتفكر2. رواه ابن ماجه والطبراني عن أبي ذر، وفي الباب عن علي بن أبي طالب. 3039- "لا تقولوا: قوس قزح؛ فإن قزح هو الشيطان، ولكن قولوا: قوس الله، وهو أمان لأهل الأرض"3. رواه أبو نعيم ومن طريقه الديلمي عن ابن عباس رفعه. وقال في "اللآلئ": القزح الطرق التي فيها كالألوان، الواحدة قزحة. وهو كعمر ممنوع من الصرف للعلمية والعدل، وهو بالزاي. وقول العامة: "قدح" كاسم الإناء المشهور تصحيف؛ كما نبه على ذلك ابن حجر المكي في "الفتاوى الحديثية". 3040- "لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب؛ فإن الله يطعمهم ويسقيهم" 4. رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم، وابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه. 3041- لا يعد من العمر؛ إلا أيام الخير. ليس بحديث، ومعناه صحيح، وللدينوري عن يحيى بن قريش قال: "قال بعض الحكماء: الناس سمعوا بالله ولم يعرفوه"، قال: وكان يقال: "إنما لك من عمرك ما أطعت الله فيه، فأما ما عصيته؛ فلا يعد عمرًا".

_ 1 صحيح: رقم "7406". 2 رواه الطبراني مطولًا، وفيه أبو رجاء الحنطي، واسمه محمد بن عبد الله وهو كذاب، كما في المجمع "283/ 10". 3 موضوع، انظر الضعيفة "ح872". 4 حسن: رقم "7439".

3042- لا تكرهوا الفتنة في آخر الزمان؛ فإنها تُبِير المنافقين1. رواه الديلمي ومن جهته أبو الشيخ عن علي رفعه: "لا تكرهوا الفتن؛ فإنها تُبِيرُ المنافقين"، وأخرجه أبو نعيم عن علي، وفي سنده ضعيف ومجهول؛ لكن قد ثبتت الاستعاذة من الفتن في أحاديث: منها حديث: "ومن فتنة المحيا والممات". وقول عمار: "أعوذ بالله من الفتن". قال ابن بطال عقبه: فيه دليل على أن الفتنة في الدين يستعاذ منها، ثم قال: وهو يرد الحديث الذي روي: "لا تستعيذوا بالله من الفتن؛ فإنها حصاد المنافقين"؛ لكن عبارة فتح الباري: قال ابن بطال في مشروعية التعوذ من الفتن: الرد على من قال اسألوا الله الفتنة؛ فإن فيها حصاد المنافقين، وزعم أنه ورد في الحديث، وهو لا يثبت رفعه، بل الصحيح خلافه. انتهى. ونقل في فتح الباري أيضًا عن ابن وهب أنه سئل عنه، فقال: باطل، وأقره، قال في المقاصد: وهو كذلك، وحكاه الساجي فقال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت ابن وهب -وقيل له فلان- حدث عنك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تكرهوا الفتن؛ فإن فيها حصاد المنافقين"؛ فقال ابن وهب: "أعماه الله إن كان كاذبًا"، قال الربيع: فأخبرني أحمد بن عبد الرحمن أن الرجل عمي، وحديث: "لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا لله العافية" قد يشهد لعدم صحته. والمشهور على الألسنة: "لا تكرهوا الفتن؛ فإنها حصاد المنافقين" وفي لفظ: "فإن فيها حصاد المنافقين". 3043- "لا تكونوا عونًا للشيطان على أخيكم". رواه البخاري عن أبي هريرة مرفوعًا في حديث الذي أتى به النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو سكران، وقال له رجل من القوم: اللهم العنه. 3044- لا تلد الحية إلا حية. ليس بحديث؛ وإنما هو من كلام بعضهم، وذلك في الأغلب، وإليه الإشارة بقوله تعالى {وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً} لذا قيل: إذا طاب أصل المرء طابت فروعه ... ومن عجب جاءت يد الشوك بالورد وقد يخبث الفرع الذي طاب أصله ... ليظهر حكم الله في العكس والطرد

_ 1 باطل، انظر التمييز "1592".

ونحوه الولد سر أبيه. وقال القاري: حديث: "لا تلد الحية إلا حية" ليس بحديث؛ بل هو مثل من أمثال العرب. وقال النجم: أورده السخاوي بلفظ: "إلا حيية"، والصواب إلا "حوية" بالواو. انتهى. فليتأمل. 3045- لا تمار أخاك ولا تمازحه، ولا تعده موعدًا فتخلفه1. رواه الترمذي بسند ضعيف عن ابن عباس - رضي الله عنه- رفعه. 3046- لا تقطعوا الخبز واللحم بالسكين كما تقطع الأعاجم، أو كما تفعل الأعاجم، ولكن انهشوه نهشًا2. قال الصغاني: موضوع. 3047- "لا تقام الحدود في المساجد" 3. رواه الترمذي والحاكم عن ابن عباس. 3048- "لا تقولوا الكرْم ولكن قولوا العنب والحَبَلة". رواه مسلم عن وائل بن حجر، والحبلة بفتحتين وبإسكان الموحدة، كما قاله الجوهري، ورواه الشيخان عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- بلفظ: "يقولون الكرم؛ إنما الكرم! قلب المؤمن"، وفي لفظ عند مسلم: "لا تسموا العنب الكرم، وإن الكرم المسلم". 3049- "لا تقولوا للمنافق سيدنا؛ فإنه إن يكن سيدًا فقد أسخطتم ربكم عز وجل" 4. رواه أبو داود بإسناد صحيح عن بريدة.

_ 1 ضعيف: رقم "6288". 2 في معناه، ضعيف: رقم "6270" عن عائشة. 3 بعض حديث حسن: رقم "7381" وزيادته "ولا يقتل الوالد بالولد". 4 صحيح: رقم "7405" بلفظ "إن يكن سيدكم". سبق في معناه حديث رقم "2990".

3050- لا تعظموني في المسجد. قال القاري: لا يعرف له أصل. 3051- لا تمارضوا. تقدم قريبًا في "لا تتمارضوا". 3052- لا تشرب الماء على الريق. قال النجم: اشتهر على ألسنة الناس النهي عن الشرب على الريق وذمه، وأصله عند الطبراني عن أبي سعيد الخدري: "من شرب الماء على الريق انتقصت قوته"، وأخرجه في حديث طويل عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- وكلاهما سنده ضعيف. 3053- لا تملؤوا أعينكم من أبناء الملوك؛ فإن لهم فتنة أشد من فتنة العذارى. قال في "اللآلئ": موضوع. 3054- لا تنتفوا الشيب؛ فإنه نور المؤمن1. رواه أبو داود والترمذي وحسنه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: "لا تنتفوا الشيب؛ فإنه نور المسلم يوم القيامة". وقول القاضي مجد الدين في سفر السعادة: لم يثبت فيه شيء، أي في الوعيد، كما في "المقاصد". ومما لم يثبت ما أخرجه الديلمي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- رفعه: "أيما مسلم -وفي رواية أيما رجل- نتف شعرة بيضاء متعمدًا؛ صارت رمحًا يوم القيامة يطعن به"، ومنه ما روي عن عبد الله بن بشر من النهي عن نتف الشعر من الأنف؛ ".. فإنه يورث الأكلة؛ ولكن قصوه قصًا"، لكن عزاه النجم للديلمي، ولم يتعقبه. 3055- لا تنظروا إلى من قال، انظروا إلى ما قال. هو من كلام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كما نقله الجلال السيوطي عن ابن السمعاني في تاريخه.

_ 1 في معناه صحيح: رقم "7463" من حديث ابن عمر.

3056- لا تشكره فقد تحتاج إلى مذمته. ليس بحديث، بل هو مثل، معناه: النهي عن المبادرة إلى شكر من أعجبك ظاهره، أو عن الإطراء في شكره؛ فربما تبين لك منه خلاف ذلك، فتحتاج إلى أن تذمه، فتناقض كلامك فيه. 3057- لا حسب إلا بالتواضع، ولا كرم إلا بالتقوى، ولا عمل إلا بالنية. رواه الديلمي عن علي - رضي الله تعالى عنه. 3058- "لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالًا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار". رواه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر، وفي الباب عن أبي هريرة وغيرهما. 3059- لا تسبوا السلطان؛ فإنه ظل الله في الأرض1. رواه الديلمي عن أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله تعالى عنه. 3060- لا حكيم إلا ذو تجربة ولا حليم إلا ذو عزة2. رواه الحاكم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- مرفوعًا، وقال: صحيح الإسناد. 3061- "لا حمى إلا لله ولرسوله". رواه أحمد والبخاري وأبو داود عن صعب بن جثامة. 3062- "لا حول ولا قوة إلا بالله": كنز من كنوز الجنة". رواه الشيخان عن أبي موسى، وفي الباب عن أبي بكر الصديق، وفي حديثه من الزيادة: "من قالها نظر الله إليه، ومن نظر الله إليه أعطاه خير الدنيا والآخرة". ورواه الطبراني عن جابر بلفظ: "لا حول ولا قوة إلا بالله: دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم".

_ 1 ضعيف جدًا: رقم "6235" وفيه "فيء" بدل "ظل". 2 ضعيف، كما قال الترمذي، وانظر ضعيف الجامع "ح6297". تقدم في الحديث3017 "عثرة" بدل "عزة".

3063- "لا خير لك في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له". رواه الديلمي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- وتقدم في حديث: "المرء على دين خليله". 3064- لا خير في أشقر بعد عمر. هذا يجري على ألسنة الناس، ولم أقف له على أصل، ولعله موضوع؛ فإن عمر -رضي الله تعالى عنه- لم يكن أشقر. فراجعه. 3065- لا دين لمن لا عقل له. قال القاري نقلًا عن النسائي: باطل منكر. 3066- لا راحة للمؤمن دون لقاء ربه1. رواه وكيع في الزهد له عن ابن مسعود من قوله، قال في "الدرر": أورده في "الفردوس" عن أبي هريرة مرفوعًا، ولم يسنده. انتهى. ورفعه بعضهم، واستشهد له في "اللآلئ" بحديث عائشة مرفوعًا: "من أحب لقاء الله؛ أحب الله لقاءه"، وبقوله -صلى الله عليه وسلم- حين سئل عن المراد من قوله مستريح ومستراح منه: "العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها، إلى رحمة الله تعالى، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب". ومن شواهده ما رواه أحمد عن عائشة مرفوعا في حديث: "إنما المستريح من غفر له". 3067- لا راحة إلا في المساجد، ولا ظل إلا ظل الجدار. ليس بحديث، وإن كان معناه صحيحًا. 3068- لا سلام على آكل. ليس بحديث، ومعناه صحيح؛ إذا كانت اللقمة في فم الآكل كما قيد به في الأذكار. وسبقه إليه إمام الحرمين، وإن أطلق النووي المنع في "المنهاج" تبعًا للمحرر، ولا يجب الرد حينئذ؛ أما إذا لم تكن اللقمة في فم الآكل؛ فلا بأس بالسلام، ويجب الرد.

_ 1 لا أصل له مرفوعًا، انظر الضعيفة "663".

وروى هاشم بن البريد عن جابر -رضي الله تعالى عنه-: "أن رجلًا مر على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يبول، فسلم عليه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رأيتني على مثل هذه الحالة؛ فلا تسلم علي؛ فإنك إن فعلت لم أرد عليك". وروى الضحاك عن ابن عمر قال: "مر رجل على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يبول فسلم عليه، فلم يرد عليه". أخرجهما ابن ماجه. 3069- لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي. قال في "المقاصد": هو في أثر واه عن الحسن بن عرفة -في جزئه الشهير- عن محمد بن علي الباقر أنه قال: "نادى ملك من السماء يوم بدر، يقال له رضوان: لا سيف.." وذكره. وكذا رواه في الرياض النضرة، قال القاري: ومما يدل على بطلانه أنه لو كان نودي بهذا من السماء في بدر لسمعه الصحابة ولنقل عنهم. انتهى. وأقول لا يلزم أن يسمعه الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- بل يجوز أن يكون سمعه النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبر به بعض الصحابة، ثم قال القاري: وهذا شبيه ما ينقل من ضرب النقارة في بدر، وينسبونه إلى الملائكة على سبيل الدوام إلى يومنا هذا، وهو باطل عقلًا ونقلًا، وإن ذكره ابن مرزوق وتبعه القسطلاني في مواهبه! وكذا من مفتريات الشيعة حديث: "ناد عليا مظهر العجائب؛ تجده عونًا لك في النوائب، بنبوتك يا محمد، بولايتك يا علي". انتهى. و"ذو الفقار" اسم سيف للنبي -صلى الله عليه وسلم- وكان لمنبه بن وهب، وقيل: لنبيه، أو منبه بن الحجاج، وقيل: للعاص بن منبه بن الحجاج، وقيل: إن الحجاج بن علاط أهداه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم كان للخلفاء العباسيين. قال الأصمعي دخلت على الرشيد فقال: أريكم سيف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذا الفقار؟ قلنا: نعم، فجاء به، فما رأيت سيفا قط أحسن منه، إذا نصب لم ير فيه شيء، وإذا بطح عد فيه سبع فقر، وإذا صحيفة يمانية يحار الطرف من حسنه. وفي رواية عن الأصمعي قال: أحضر الرشيد ذا الفقار يومًا بين يديه فاستأذنته في تقليبه، فأذن لي فقلبته، واختلفت أنا ومن حضر في عدة فقاره، هل هي سبع عشرة؟ أو ثماني عشرة؟ ويقال أن أصله من حديدة وجدت مدفونة عند الكعبة فصنع منها.

وقال مرزوق الصقيل أنه صقله وكانت قبيعته من فضة، وحلق في يده، وبكر في وسطه من فضة، قال المبرد: سمي بذلك؛ لأنه كان فيه حفر صغار، والفقرة الحفرة التي فيها الودية، وعن أبي عبيدة قال الفقر من السيوف حزوز فيه. 3070- "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن". رواه أحمد والبخاري عن أبي هريرة، وزاد في رواية: "ولا تنتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن"، وزاد مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي: "والتوبة معروضة بعد"، وزاد في رواية عن مسلم وأحمد: "ولا يغل أحدكم حين يغل وهو مؤمن، فإياكم إياكم". ورواه الشيخان والنسائي عن ابن عباس بلفظ: "لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يقتل وهو مؤمن". زاد عبد الرزاق: "ولا ينتهب النهبة وهو مؤمن". وفي الباب عن عبد الله بن أبي أوفى، وعن عبد الله بن مغفل، وعن علي، وعائشة، وابن عمر. ولفظ الترجمة عند الطبراني عن أبي سعيد، وزاد: "يخرج منه الإيمان؛ فإن تاب رجع إليه". 3071- لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار1. رواه أبو الشيخ والديلمي عن ابن عباس رفعه وكذا العسكري عنه في "الأمثال" بسند ضعيف؛ لا سيما ورواه ابن المنذر في تفسيره عن ابن عباس من قوله، والبيهقي عن ابن عباس موقوفًا، وله شاهد عند البغوي، ومن جهة الديلمي عن أنس مرفوعًا. ورواه إسحاق بن بشر في المبتدأ عن عائشة؛ لكن حديثه منكر. وأخرجه الطبراني عن أبي هريرة، وزاد في آخره: "فطوبى لمن وجد في كتابه استغفارًا كثيرًا"، لكن في إسناده بشر بن عبيد الفارسي: متروك. ورواه الثعلبي وابن شاهين في "الترغيب" عن أبي هريرة.

_ 1 ضعيف: رقم "6323" بتقديم شطره الأخير على الأول.

3072- "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". رواه أحمد والستة عن عبادة بن الصامت. وفي لفظ عند مسلم وأبي داود والنسائي: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب فصاعدًا". وعند أحمد وابن ماجه عن عائشة وابن عمر، والبيهقي عن علي، والخطيب عن أبي أمامة بلفظ: "كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج " 1. 3073- لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد2. رواه الدارقطني والحاكم والطبراني فيما أملاه، ومن طريقه الديلمي عن أبي هريرة، والدارقطني أيضًا عن علي مرفوعًا، وابن حبان في "الضعفاء" عن عائشة، وأسانيدها ضعيفة، وليس له -كما قال الحافظ في تلخيص تخريج الرافعي- إسناد ثابت، وإن اشتهر بين الناس. وقال في "اللآلئ": رواه الدارقطني، وقيل: لا يحفظ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر عبد الحق أنه رواه بإسناد رجاله كلهم ثقات، وبالجملة فهو مأثور عن علي، ومن شواهده: حديث السنن: "من سمع النداء فلم يجب؛ فلا صلاة له إلا من عذر". انتهى. وقال الصغاني: موضوع، وقال ابن حزم: هذا الحديث ضعيف، وقد صح من قول علي. ورواه الشافعي عن علي، وابن أبي شيبة أيضًا موقوفًا بلفظ: "لا تقبل صلاة جار المسجد إلا في المسجد، إذا كان فارغًا أو صحيحًا، قيل ومن جار المسجد؟ قال من أسمعه المنادي"، وأخرجه سعيد بن منصور في سننه. 3074- "لا صام من صام الأبد". رواه الشيخان والنسائي وابن ماجه عن ابن عمرو.

_ 1 الخداج: النقصان - النهاية. 2 ضعيف: رقم "6311".

3075- "لا ضرر ولا ضرار" 1. رواه مالك والشافعي عنه عن يحيى المازني مرسلًا، وأحمد وعبد الرزاق وابن ماجه والطبراني عن ابن عباس، وفي سنده: جابر الجعفي، وأخرجه ابن أبي شيبة والدارقطني عنه، وفي الباب عن أبي سعيد وأبي هريرة وجابر وعائشة وغيرهم. 3076- "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" 2. رواه أحمد والحاكم عن عمران بن حصين. ورواه أبو داود والنسائي عن علي بلفظ: "لا طاعة لأحد في معصية الله؛ إنما الطاعة في المعروف"، ورواه أحمد عن أنس بلفظ: "لا طاعة لمن لم يطع الله". 3077- "لا طلاق في إغلاق" 3. 4 رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم عن عائشة بلفظ: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق". 3078- "لا طلاق قبل النكاح" 5. رواه ابن ماجه عن علي به، وأخرجه عن المسور بن مخرمة، وزاد: "ولا عتاق قبل ملك"، وهو عند الحاكم عن جابر بدون الزيادة، ورواه أبو داود والحاكم عن عبد الله بن عمر: "ولا طلاق إلا فيما تملك: ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك، ولا وفاء نذر إلا فيما تملك ولا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله، ومن حلف على معصية فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له". 3079- "لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر". رواه الشيخان عن أنس وأبي هريرة.

_ 1 صحيح: رقم "7517". 2 صحيح: رقم "7520". 3 أي في إكراه لأن المكره مغلق عليه في أمره ومضيق عليه في تصرفه - النهاية. 4 حسن: رقم "7525" بزيادة "ولا عتاق". 5 صحيح: رقم "7523".

ورواه البخاري وأحمد عن أبي هريرة أيضًا بزيادة: "وفر من المجذوم فرارك من الأسد"، ولفظ مسلم: "لا عدوى، ولا هامة، ولا نوء، ولا صفر"، وفي لفظ له: "لا عدوى، ولا هامة، ولا طيرة، وأحب الفأل الحسن"، وفي لفظ عند أحمد ومسلم: "لا طيرة، وخيرها الفأل الحسن، قيل: وما الفأل قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم"، ولهما عن جابر: "لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، ولا غول". 3080- لا عذر لمن أقر. قال الحافظ ابن حجر: لا أصل له، وليس معناه على إطلاقه صحيحًا. والله أعلم. 3081- لا غيبة لفاسق1. قال في "الدرر": له طرق كثيرة: قال أحمد منكر، وقال الحاكم والدارقطني والخطيب: باطل. وقال الهروي في "ذم الكلام" له: حديث حسن، انتهى ملخصًا، وقال في "اللآلئ": له طرق كثيرة، قال الحافظان - الدارقطني والخطيب: حديث باطل، وكذا الحاكم. ورواه البيهقي في السنن عن أنس بلفظ: "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ألقى جلباب الحياء؛ فلا غيبة له"، وقال في "الشعب": في إسناده ضعف، ولو صح؛ "فهو الفاسق المعلن بفسقه"، وتقدم في: "ليس لفاسق غيبة". 3082- "لا قدست أمة لا يؤخذ الحق من كبيرها لصغيرها -وفي لفظ- لا يؤخذ الحق من قويها لضعيفها" 2. رواه في "مسند الفردوس"، كما في تخريج أحاديثه لا بن حجر بلفظ: "لا يقدس الله أمة لا يأخذ ضعيفها من قويها حقه". قال فيه: رواه ابن ماجه عن أبي سعيد، وأسنده أبو منصور عن أبي موسى في قصة لجعفر، ورأيته في هامش التخريج معزوًا لمعجم بن جميع عن جابر بلفظ: "لا قدس الله أمة لا تأخذ للمظلوم حقه من الظالم غير متعتع". انتهى.

_ 1 سبق بنحوه في حديث "2151". 2 صحيح، بنحوه في صحيح الجامع "2421"، "4597، 4598".

3083- "لا قطع في ثمرة ولا كثر" 1. رواه أحمد وأصحاب السنن عن رافع ابن خديج مرفوعًا، وصححه الترمذي وابن حبان، والكثر بفتح الكاف والثاء المثلثة، والأكثر تسكينها: جمار النخل، أو طلعها، كما في القاموس. والله أعلم. 3084- لا كبيرة مع الاستغفار2. رواه الديلمي عن ابن عباس، وتقدم في: "لا صغيرة مع الإصرار". 3085- "لا يحل دم امرئ مسلم؛ إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة". رواه أحمد والستة عن ابن مسعود، ورواه أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم عن عثمان، وعن عائشة بلفظ: "لا يحل دم امرئ إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصان، أو ارتد بعد إسلام، أو قتل نفسًا بغير حق، فيقتل به". 3086- "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث؛ إلا على زوج: أربعة أشهر وعشرًا". رواه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أم عطية، وزادت: "فإنها لا تكتحل، ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا؛ إلا ثوب عصب 3 ولا تمس طيبًا إلا إذا طهرت من حيضها نبذة من قسط 4 وأظفار 5 "، وفي الباب عن عائشة وأم حبيبة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهم.

_ 1 صحيح: رقم "7545". 2 سبق بعضه في حديث "3071". 3 في هامش ط. القدسي: في الأصل "غصب" والتصحيح من النهاية. والعصب برود يمنية يعصب غزلها أي يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي موشيًا لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ. 4 في النهاية: القسط: ضرب من الطيب. 5 في القاموس: ظفر.. والأظفار.. شيء من العطر، كأنه ظفر مقتلف من أصله، لا واحد له، وربما قيل: أظفاره واحدة، ولا يجوز في القياس.

3087- "لا يخرج من المسجد بعد النداء إلا منافق؛ إلا رجل يخرج لحاجته، وهو يريد الرجعة إلى المسجد" 1. رواه عبد الرزاق والبيهقي عن سعيد بن المسيب مرسلًا، ووصله ابن أبي شيبة عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه. 3088- "لا يستكمل العبد الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال: الإنفاق من الإقتار، والإنصاف من نفسه، وبذل السلام للعالم". وقفه البخاري على عمار بن ياسر ورفعه. 3089- "لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد؛ إلا كنت له شفيعًا - أو شهيدًا يوم القيامة". رواه أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه. 3090- لا مهر أقل من عشرة دراهم. رواه الدارقطني عن جابر رفعه في حديث سنده واه؛ لأن فيه بشر بن عبيد: كذاب، ورواه الدارقطني أيضًا من وجهين ضعيفين عن علي موقوفًا، وقال الإمام أحمد: سمعت سفيان بن عيينة يقول: لم أجد لهذا أصلًا؛ يعني العشرة في المهر. لكن يعارضه ما رواه الشيخان عن سهل بن سعد في الواهبة رفعه: "التمس ولو خاتمًا من حديد"، وما رواه أبو داود عن جابر رفعه: "من أعطى في صداق امرأة ملء كفه سويقًا أو تمرًا؛ فقد استحل"، ورجح وقفه. وقال القاري: وتندفع المعارضة بحمل الأول على أقل مسمى من المهر، آجلًا وعاجلًا، والثاني المعجل عرفًا. ويؤيد الأول ما رواه البيهقي في سننه الكبرى من طرق ضعيفة عن جابر، فيقوي بعضها بعضًا؛ فيرتقي إلى مرتبة الحسن، وهو كاف في الحجة على ما بينته في "شرح مختصر الوقاية". انتهى. وأقول: لا يخفى بعد الحمل المذكور وعدم صحة التأييد؛ لأن ما رواه الشيخان أو أحدهما مقدم على غيره، وإن كان صحيحًا؛ فما بالك بالحسن على فرض ثبوته فليتأمل. والله تعالى أعلم.

_ 1 مرسل، ورواه الطبراني بنحوه عن أبي هريرة، ورجاله رجال الصحيح، كما في المجمع "5/ 2".

3091- "لا تصبر على حر ولا على برد" 1. في الكبير "للطبراني" والبيهقي في "الشعب" عن خولة بنت قيس رضي الله عنها: "أنها جعلت للنبي صلى الله عليه وسلم حريرة فقدمتها إليه فوضع يده فيها، فوجد حرها فقبضها، وقال: "يا خولة لا نصبر على حر ولا على برد"، وفي لفظ أحمد بسند جيد فأحرقت أصابعه فقال حس2. 3092- "لا نكاح إلا بولي وشاهدين" 3. رواه أحمد عن عمران بن حصين مرفوعًا، ورواه أحمد أيضًا وأصحاب السنن عن أبي موسى رفعه، وصححه الترمذي وابن حبان بلفظ: "لا نكاح إلا بولي"، ولابن ماجه عن عمران بن حصين وعائشة: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل". ورواه أحمد وابن ماجه عن عائشة بلفظ: "لا نكاح إلا بولي، والسلطان ولي من لا ولي له". 3093- "لا وصية لوارث" 4. رواه الدارقطني عن جابر ورواه البيهقي من طريق الشافعي عن مجاهد مرسلًا، ورواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه -وحسنه أحمد والترمذي- عن أبي أمامة الباهلي رفعه. بلفظ: "إن الله أعطى كل ذي حق حقه؛ فلا وصية لوارث"، وقواه ابن خزيمة وابن الجارود، ورواه أبو داود عن جابر: "لا تجوز الوصية لوارث؛ إلا أن يشاء الورثة". 3094- لا هم؛ إلا هم الدين، ولا وجع؛ إلا وجع العين5. رواه البيهقي والطبراني في "الصغير" عن جابر رفعه، وقال البيهقي: إنه منكر، وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات"، ونقل الزركشي عن أحمد أنه لا أصل له، ونقل الزركشي

_ 1 أخرجه الطبراني بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح، كما في المجمع "19/ 5". 2 "حس" بكسر السين والتشديد كلمة يقولها الإنسان إذا أصابه ما مضه وأحرقه غفلة. 3 صحيح: رقم "7558". 4 صحيح: رقم "7570". 5 موضوع: رقم "6329".

أيضًا عن ابن المديني أنه قال: "سمعت أبي يقول: خمسة أحاديث نرويها ولا أصل لها".. وذكر منها هذا الحديث بلفظ: "لا غم إلا غم الدين ولا وجع إلا وجع العين". نعم رواه أبو نعيم عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعًا؛ لكنه أعله الدارقطني بأن مجاهدًا لم يسمعه من أبي هريرة، وقال في "اللآلئ": حديث "لا غم إلا غم الدين ولا وجع إلا وجع العين" رواه البيهقي في "الشعب" عن أنس بسند فيه قرين بن سهل عن أبيه، وقرين -بفتح القاف وضمها- منكر الحديث، كذبه الأزدي، وأبوه لا شيء. 3095- لا وحي بعدي. قال ابن حجر المكي في "الفتاوى الحديثية": باطل. 3096- لا يأكل أحدكم بشماله؛ فإن الشيطان يأكل بشماله؛ ويشرب بشماله. رواه مسلم والترمذي عن ابن عمر - رضي الله عنه. 3097- "لا يحل لمسلم أن ينظر إلى أخيه بنظر يؤذيه"1. رواه ابن المبارك بسند ضعيف عن حمزة بن عبيدة مرسلًا، ومن شواهده ما عند الطبراني عن ابن عمرو: "من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه بها في غير حق الله؛ أخافه الله بها يوم القيامة". 3098- لا يأبى الكرامة إلا حمار2. أسنده الديلمي عن ابن عمر رفعه، ثم قال: ويقال من قول علي، قال السخاوي وهو كذلك، وروى سعيد بن منصور عن محمد بن علي: أنه قال: "ألقي لعلي وسادة يقعد عليها، وقال ذلك"، وقال القاري نقلًا عن السيوطي: وأخرجه البيهقي في "الشعب" عن علي موقوفًا. وروى سعيد ابن منصور عن محمد بن علي أنه قال: "ألقي"، والمشهور على الألسنة: "لا يأبى الكرامة إلا لئيم".

_ 1 له شاهد صحيح: رقم "7658" بلفظ: "لا يحل لمسم أن يروع مسلمًا". ولفظ الطبراني عن ابن عمرو، ضعيف: رقم "5879". 2 انظر تذكرة الموضوعات "164".

3099- لا يأتي زمان؛ إلا والذي بعده شر منه. رواه البخاري عن أنس، ورواه الصغاني في خطبة موضوعاته بزيادة: "حتى تلقوا ربكم"، ورواه الديلمي عن أنس بلفظ: "لا يأتي على الناس زمان؛ إلا وهو شر من الذي قبله". ورواه أحمد عن أنس بلفظ: "لا يأتي عليكم عام ولا يوم؛ إلا والذي بعده شر منه؛ حتى تلقوا ربكم"، وقال ابن حجر في تخريج مسند الديلمي: وأصله في البخاري. وأخرجه ابن أبي شيبة بلفظ: "والله لا يأتيهم أمر يضجون منه؛ إلا أردفهم أمر شغلهم عنه". 3100- لا يبغي على الناس؛ إلا ولد بغي، أو فيه عرق منه1. رواه الديلمي عن أبي موسى. 3101- "لا يحل مال امرئ؛ إلا بطيب نفسه" 2. رواه الديلمي عن أنس. 3102- لا يزداد الأمر إلا شدة3. رواه الشافعي وابن ماجه عن أنس بزيادة: "ولا الدنيا إلا إدبارًا، ولا الناس إلا شحًا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا عيسى بن مريم - عليهما الصلاة والسلام". 3103- لا يتعلم العلم مستحي ولا متكبر. رواه البخاري عن مجاهد من قوله. 3104- "لا يتم بعد احتلام" 4. رواه أبو داود عن علي، وأعله غير واحد؛ لكن حسنه النووي متمسكًا بسكوت أبي داود عليه؛ لا سيما ورواه الطبراني في "الصغير" عن علي أيضًا. بل له شواهد عن جابر وأنس وغيرهما.

_ 1 ضعيف: رقم "6334". 2 بنحوه صحيح: رقم "7662" عن حنيفة الرقاشي. 3 ضعيف: رقم "6363" بزيادته عن أنس. 4 بعض حديث صحيح: رقم "4609" وتمامه "ولا صمات يوم إلى الليل".

3105- "لا يتناجى اثنان دون ثالث". رواه الشيخان عن ابن عمر. 3106- "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد". رواه البخاري عن أحمد. 3107- لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن1. تقدم في "ما أنصف القارئ". 3108- لا يجتمع حب هؤلاء الأربعة إلا في قلب مؤمن: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي2. رواه أبو نعيم عن أبي هريرة - رضي الله عنه. 3109- "لا يجتمع الشح والإيمان في قلب رجل أبدًا" 3. رواه الطيالسي عن أبي هريرة. 3110- "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث". رواه مالك والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي عن أنس، وأوله: "لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل.." فذكره. ولهؤلاء ومسلم عن أبي أيوب: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال؛ يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام". ورواه أبو داود عن أبي هريرة: "لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنًا فوق ثلاث، فليلقه، فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم". وفي لفظ عند الترمذي بلفظ الترجمة، وزاد: "فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار".

_ 1 سبق في حديث "2181". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "203/ 5" من حديث عطاء الخرساني عن أبي هريرة رفعه، وعطاء مدلس، كما في التقريب "23/ 2". 3 "صحيح" انظر تعليق الشيخ شاكر على المسند، "ح7474".

وقد عقده من قال: يا سيدي لي عندك مظلمة ... فاستفت فيها ابن أبي خيثمة فإنه يرويه عن جده ... وجده يرويه عن عكرمة عن ابن عباس عن المصطفى ... المجتبى المبعوث بالمرحمة أن انقطاع الخل عن خله ... فوق ثلاث ربنا حرمه 3111- لا يحل لمسلم جهل الفرض والسنن، ويحل له جهل ما سوى ذلك. قال في الذيل: موضوع. 3112- "لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا" 1. رواه الطبراني وابن منيع عن النعمان ابن بشير، وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما. 3113- "لا يدخل الجنة صاحب مكس"2، 3. رواه أبو داود وأحمد وغيرهما عن عقبة بن عامر مرفوعًا، وصححه ابن خزيمة والحاكم. 3114- لا يدخل الجنة ولد زنية4. رواه أبو نعيم عن أبي هريرة مرفوعًا، وأعله الدارقطني بأن مجاهدًا لم يسمعه من أبي هريرة، وقال في "المقاصد": وأخرجه أبو نعيم والطبراني والنسائي لكن باضطراب، بل روي عن مجاهد عن أبي سعيد الخدري عن عبد الله بن عمرو بن العاص كما بينت ذلك في جزء مفرد، وزعم ابن طاهر وابن الجوزي بأن الحديث موضوع وليس بجيد. ورواه النسائي أيضًا عن عبد الله بن عمرو بلفظ: "لا يدخل ولد زنية الجنة".

_ 1 صحيح: رقم "7658". 2 المكس: الضريبة التي يأخذها الماكس، وهو العشار - كما في النهاية. 3 ضعيف: رقم "6356". 4 منقطع، انظر الحلية "307/ 3".

قال الحافظ ابن حجر: فسره العلماء -على تقدير صحته- بأن معناه: إذا عمل بمثل عمل أبويه، واتفقوا على أنه لا يحمل على ظاهره، وقيل في تأويله: أن المراد به من يواظب الزنا، كما يقال للشهود: بنو صحف، وللشجعان: بنو الحارث، ولأولاد المسلمين: بنو الإسلام. 3115- لا يدخل الجنة خب، ولا بخيل، ولا سيئ الملكة1. رواه الترمذي عن أبي بكر الصديق رفعه، وفي إسناده ضعف. 3116- "لا يدخل الجنة نمام". متفق عليه وفي معناه: "لا يدخل الجنة قتات". 3117- "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر". رواه مسلم عن ابن مسعود زاد: "قيل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة، قال: "إن الله جميل يحب الجمال؛ الكبر من بطر الحق وغمط الناس". ورواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه عنه بلفظ: "لا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، ولا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة خردل من كبرياء". 3118- "لا يدخل الجنة مسكين مستكبر، ولا شيخ زان، ولا منان على الله بعمله" 2. رواه الديلمي عن نافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم. 3119- "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم". رواه مسلم، ورواه البزار بلفظ: "دب داء الأمم قبلكم: البغضاء والحسد، والبغضاء هي الحالقة، ليست حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين، والذي نفسي بيده؛

_ 1 ضعيف: رقم "6354" بزيادة "ولا منان" ولا سيء الملكة" وبلفظ "لا يدخل الجنة سيء الملكة" ضعيف: رقم "6355". 2 رواه الطبراني، وقال الهيثمي: "الصباح بن خالد بن أبي أمية لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". المجمع "255/ 6".

لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أنبئكم بما يثبت لكم ذلك؟ أفشوا السلام بينكم". وعند ابن ماجه عن شيبة الحجبي عن عمه: "ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه". 3120- لا يسأل بوجه الله إلا الجنة1. رواه أبو داود عن جابر مرفوعًا والديلمي من وجهين آخرين. قال في "المقاصد": والنهي فيه للتنزيه، ولا يمنع استحباب الإجابة لمن سئل به، بل ورد الترهيب من كليهما، فعند الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح عن أبي موسى أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من يسأل بوجه الله، ثم منع سائله ما لم يسأل هجرًا" - يعني قبيحًا. وللطبراني عن أبي عبيدة مولى رفاعة بن رافع - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من يسأل بوجه الله، فيمنع سائله". ولأبي داود والنسائي وصححه ابن حبان وقال الحاكم: على شرط الشيخين عن ابن عمر رفعه في حديث: "من سأل بوجه الله فأعطوه"، وللديلمي عن الحسن بن علي رفعه: "من سألكم بوجه الله فأعطوه". والله أعلم. 3121- لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته2. رواه أبو داود وغيره عن عمر مرفوعًا. 3122- "لا يعذب الله قلبًا وعى القرآن". رواه الديلمي عن عقبة - رضي الله عنه. 3123- "لا يؤمن عبد حتى يكون قلبه ولسانه سواء". رواه أحمد عن أنس، وفي الباب عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه.

_ 1 ضعيف، انظر تخريج المشكاة "ح1944". 2 ضعيف: رقم "6365".

3124- لا تضعوا الحكمة عند غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم. رواه ابن عساكر عن ابن عباس أن عيسى بن مريم قام في بني إسرائيل فقال: "يا معشر الحواريين، لا تحدثوا بالحكمة غير أهلها فتظلموها، والأمور ثلاثة: أمر تبين رشده فاتبعوه، وأمر تبين لكم غيه فاجتنبوه، وأمر اختلف عليكم فيه فذروا علمه إلى الله تعالى". وروى ابن جهضم في "بهجة الأسرار" عن أبي محمد الحرير قال: "رأيت في المنام كأن قائلًا يقول: إن لكل شيء عند الله حقًا، وإن أعظم الحق عند الله حق الحكمة؛ فمن جعل الحكمة في غير أهلها طالبه الله بحقها، ومن طالبه الله بحق خصم". والله أعلم. 3125- لا يعذب الله بمسألة اختلف فيها. قال في "المقاصد": أظنه من كلام بعض السلف، ولا أصل له في المرفوع. لكن قول عمر بن عبد العزيز: "ما سرني أن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لم يختلفوا؛ لأنهم لو لم يختلفوا لم يكن رخصة"، مع قول غيره مما تقدم في: "اختلاف أمتي رحمة" يشهد له. 3126- "لا يزال قلب الكبير شابًا في اثنتين: في حب الدنيا، وطول الأمل". رواه البخاري عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه. 3127- "لا يغني حذر من قدر" 1. رواه أحمد والحاكم وصححه عن عائشة مرفوعًا، وأخرجه الديلمي بلفظ: "لا ينفع حذر من قدر". 3128- "لا يحل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما" 2. رواه أبو داود والترمذي، وحسنه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا. 3129- "لا يقاد الوالد بالولد" 3. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه ابن الجارود والبيهقي، وقال الترمذي: مضطرب.

_ 1 بعض حديث صحيح: رقم "7739". 2 صحيح: رقم "7656". 3 بنحوه، صحيح: رقم "7749" بلفظ "لا يقتل الوالد بالولد" عن عمر وابن عباس.

3130- لا يكثر همك ما يقدر يكن وما ترزق يأتك1. قاله لابن مسعود، رواه أبو نعيم عن خالد بن رافع، وهو مختلف في صحبته. والأصبهاني في ترغيبه عن مالك بن عمر والمغافري مرسلًا. ولأبي نعيم أيضًا عن أنس قال: "خدمت النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين؛ فما لامني فيما نسيت، ولا فيما ضيعت، فإن لامني بعض أهله قال: "دعوه فما قدر فهو كائن"، وفي رواية: "خدمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين، وكان بعض أهله إذا قال لي شيئًا قال: "دعوه؛ فما قدر سيكون". 3131- "لا يكذب الكاذب إلا من مهانة نفسه عليه". وفي "اللآلئ": لا يكذب المرء إلا من مهانة نفسه بإسقاط عليه، رواه الديلمي عن أبي هريرة مرفوعًا. 3132- "لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين". رواه الشيخان وأبو داود وابن ماجه والعسكري كلهم عن أبي هريرة مرفوعًا، وليس عند الآخرين لفظ واحد. وتكلم على الحديث العسكري في أوائل الأمثال، وذكر سببه، وكذا ابن إسحاق؛ فإنه ذكر: "أن أبا عزة عمرو بن عبد الله الجمحي كان قد من عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- في الذين من عليهم من أسارى بدر؛ فلما رجع كان ممن ظاهر العدو في وقعة أحد، فظفر به النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الوقعة، فقال: يا محمد؛ أقلني، فقال: "والله لا تمسح عارضيك بمكة، تقول خدعت محمدًا مرتين، ثم أمر بضرب عنقه"، قال سعيد بن المسيب: وفيه قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين". وإليه الإشارة بقول يعقوب عليه الصلاة والسلام: {قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} . ورواه الزهري بلفظ: "لا يلسع"، وذلك أن هشام بن عبد الملك قضي عن الزهري سبعة آلاف دينار فقال له: لا تعد لمثلها، فقال الزهري بلفظ: يا أمير المؤمنين حدثني

_ 1 هو من كلام ابن مسعود انظر التمييز "1638".

سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يلسع المؤمن من جحر مرتين". 3133- "لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره". رواه الشيخان وأحمد عن أبي هريرة، وابن ماجه عن ابن - عباس رضي الله عنهما. 3134- "لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب" 1. تقدم في "لو كان لابن آدم واديان". 3135- "لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره؛ خير من أن يأتي رجلًا فيسأله، أعطاه، أو منعه". رواه الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه. 3136- "لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه، قيل: كيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق" 2. رواه أحمد والترمذي وصححه عن جندب، وابن ماجه عن حذيفة. 3137- "لا ينتطح فيها عنزان"3. رواه ابن عدي عن ابن عباس. 3138- لا إيمان لمن لا حياء له. قال ابن الغرس: ضعيف وفي إسناده من لم يعرف. 3139- لأن تغدوا فتتعلم بابًا من العلم؛ خير لك من أن تصلي مائة ركعة4. رواه ابن عبد البر في فضل العلم له عن أبي ذر رفعه، وأصله عند ابن ماجه والطبراني في "الأوسط" بلفظ: "باب من العلم يتعلمه الرجل؛ خير له من مائة ركعة".

_ 1 سبق في حديث "2113" وهو صحيح. 2 بنحوه صحيح: رقم "7797" وليس فيه "قيل كيف يذل نفسه؟ قال". 3 انظر العلل المتناهية "175/ 1". 4 "ضعيف" انظر ضعيف ابن ماجه "ح40".

3140- "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنيًا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي" 1. رواه أحمد عن أنس به، وعند مسلم عن أبي هريرة: "لا يتمنى أحدكم الموت، ولا يدع به، من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات انقطع عمله، وأنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا". 3141- لا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره. رواه ابن أبي شيبة وأبو نعيم عن عمر -رضي الله عنه- من قوله. 3142- لا تفتح الدنيا على قوم؛ إلا ألقى الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة. رواه الديلمي عن عمر - رضي الله تعالى عنه. 3143- "لا يستر الله على عبده في الدنيا إلا ستره في الآخرة" وفي لفظ: "سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم" 2. وقد أشار إلى ذلك من قال: مت مسلمًا ومن الذنوب فلا تخف ... حاشى الموحد أن يرى تعسيرا ما جاء أن الله يخزي مسلمًا ... يوم الحساب ولو أتى مأزورا ومن هذا القبيل قول بعضهم: كن كيف شئت فإن الله ذو كرم ... وما عليك إذا أذنبت من باس إلا اثنتان فلا تقربهما أبدًا ... الشرك بالله والإضرار بالناس 3144- "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه" 3. 3145- لا يعاد المريض إلا بعد ثلاث4. رواه الطبراني عن أبي هريرة.

_ 1 صحيح: رقم "7611". 2 بنحوه، صحيح: رقم "7712". 3 رواه أحمد وفي إسناده علي بن مسعدة، وثقه جماعة، وضعفه آخرون، كما في المجمع "53/ 1". 4 موضوع، انظر الضعيفة "ح146".

3146- "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" 1. رواه أحمد بسند رجاله ثقات عن الأشعث بن قيس رفعه، وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا وصححه الترمذي عن أبي هريرة، وقال الحافظ ابن حجر: فيه أربع روايات: رفع لفظ الجلالة والناس، ونصبهما، ورفع الأول، ونصب الثاني، وبالعكس وتوجيههما ظاهر. 3147- لا يستحي الشيخ أن يتعلم كما لا يستحيي أن يأكل الخبز2. قال القاري: غير معروف. 3148- لا يستدير الرغيف ويوضع بين يديك حتى يعمل فيه ثلاثمائة وستون صانعًا، أولهم ميكائيل الذي يسيل الماء من خزائن الرحمة، ثم الملائكة الذين تزجى السحاب، والشمس، والقمر، والأفلاك، وملكوت الهواء، ودواب الأرض، وآخر ذلك الخباز. قال الحافظ العراقي: لم أجد له أصلًا. 3149- لا يشوش قارئكم على مصليكم3. قال النجم: لا يعرف بهذا اللفظ، ويغنى عنه ما سبق في "ما أنصف القارئ". 3150- لا تعترض فيما لا يعنيك، واعتزل عدوك، واحتفظ من خليلك إلا الأمين؛ فإن الأمين لا يعادله شيء، ولا تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره، ولا تفش إليه سرك، واستشر في أمرك الذين يخشون الله عز وجل، وفي رواية: "واحترس من صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من اتقى الله". رواه أبو نعيم عن عمر من قوله.

_ 1 صحيح: رقم "7719". 2 انظر الأسرار المرفوعة "387". 3 انظر في معناه حديث "2181".

3151- لا تكن حلوًا فتبلع، ولا مرًا فتلفظ. هو من حكم لقمان، قاله لابنه، أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، والبيهقي عن الحسن - رضي الله تعالى عنه. 3152- "لا تنزع الرحمة إلا من شقي" 1. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. 3153- لا ينفع حذر من قدر2. رواه الديلمي عن عائشة ومعاذ بزيادة: "والدعاء ينفع مما نزل". 3154- لا رهبانية في الإسلام. قال ابن حجر لم أره بهذا اللفظ، لكن في حديث سعد بن أبي وقاص عند البيهقي: "إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة". 3155- "لا أحد أغير من الله؛ ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله، ولذلك مدح نفسه، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل". رواه أحمد والشيخان والترمذي عن ابن مسعود. 3156- "لا تؤذي امرأة زوجها إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه، قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل، يوشك أن يفارقك إلينا" 3. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن معاذ - رضي الله تعالى عنه. 3157- "لا تباغضوا، ولا تقاطعوا، ولا تنابذوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، كما أمركم الله، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام". رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن أنس - رضي الله تعالى عنه.

_ 1 حسن: رقم "7468". 2 سبق انظر حديث "3127". 3 صحيح: رقم "7192".

3158- "لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا -وأشار إلى صدره- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه". رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة. 3159- لا يخلو جسد من حسد. في معنى ما عند أبي نعيم عن أنس: "كل ابن آدم حسود، وبعض الناس في الحسد أفضل من بعض، ولا يضر حاسدًا حسده ما لم يتكلم باللسان، أو يعمل باليد". 3160- "لا يدخل الجنة مدمن خمر" 1. رواه ابن ماجه عن أبي الدرداء، ولابن جرير عن أبي قتادة: "لا يدخل الجنة عاق لوالديه، ولا ولد زنا، ولا مدمن خمر. والله أعلم". 3161- "لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون". رواه أحمد ومسلم وأبو داود عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها. 3162- "لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله؛ لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم؛ حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس". رواه أحمد والشيخان عن معاوية. 3163- "لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة؛ حتى يسأل عن أربع: عن شبابه فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه" 2. رواه الطبراني عن أبي الدرداء بلفظ: "لن تزول قدما عبد".. والباقي مثله. ورواه الترمذي عن أبي برزة الأسلمي بلفظ: "لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه".

_ 1 صحيح: رقم "7673". 2 "صحيح" انظر صحيح الجامع "ح7300".

ورواه الترمذي أيضًا عن ابن مسعود: "لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأله عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وماذا عمل في ما علم". والله أعلم. 3164- لا تزول قدما شاهد الزور حتى يوجب الله له النار1. رواه ابن ماجه عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- بلفظ: "لن تزول قدم". 3165- "لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي" 2. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد الخدري. 3166- لا تشددوا على أنفسكم؛ فيشدد عليكم، فإن قومًا شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع، والديارات: رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم"3. رواه أبو داود عن أنس رضي الله تعالى عنه. 3167- لا يدخل الجنة سيئ الملكة4. رواه النسائي وابن ماجه عن أبي بكر. 3168- لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء، أو لتماروا به السفهاء، أو لتصرفوا وجوه الناس إليكم؛ فمن فعل ذلك؛ فهو في النار5. رواه ابن ماجه عن حذيفة. 3169- "لا يوردن ممرض على مصح". رواه أحمد والشيخان وابن ماجه عن أبي هريرة.

_ 1 موضوع: رقم "4781" بلفظ ابن عمر. 2 حسن: رقم "7341". 3 ضعيف: رقم "6245". 4 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "ح6255". 5 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "ح6260".

حرف الياء التحتانية

حرف الياء التحتانية: 3170- "يا خيل الله اركبي". رواه أبو الشيخ في الناسخ والمنسوخ عن عبد الكريم قال: "حدثني سعيد بن جبير عن قصة المحاربين، قال، كان ناس أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: نبايعك على الإسلام فذكر القصة، وفيها فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فنودي في الناس: يا خيل الله اركبي؛ فركبوا لا ينتظر فارس فارسًا". وللعسكري عن أنس في حديث ذكره فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا خيل الله اركبي"، وفي رواية له عن أنس أيضًا: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحارثة بن النعمان: كيف أصبحت.." الحديث، وفيه أنه قال: "يا نبي الله ادع لي بالشهادة، فدعا له، قال: فنودي يومًا بالخيل: يا خيل الله اركبي؛ فكان أول فارس ركب وأول فارس استشهد". ولابن عائذ في المغازي عن قتادة قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ -يعني يوم قريظة يوم الأحزاب- مناديًا: يا خيل الله اركبي". وعزى السهيلي في روضه في غزوة حنين هذه اللفظة لمسلم، فلتنظر. نعم، عند ابن إسحاق ومن طريقه البيهقي في الدلائل أنه: "لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني لحيان.." فذكر حديث إغارة بني فزارة على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صرخ في المدينة فقال: يا خيل الله اركبوا". وجاءت أيضًا عن علي وخالد بن الوليد ففي المستدرك للحاكم في قصة أويس عن أسير بن جابر فذكر قصة، وقال في آخرها "فنادى علي: يا خيل الله اركبي". وفي الردة للواقدي عن محمود بن لبيد: "أن خالد بن الوليد قال لأصحابه يوم اليمامة: يا خيل الله اركبي؛ فركبوا وساروا إلى بني حنيفة". وقال أبو داود في "السنن" باب النداء عند النفير يا خيل الله اركبي، وساق في الباب حديث سمرة بن جندب: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى خيلنا بخيل الله".

وللعسكري من حديث ابن نفيع الحارثي عن شيخة من قومه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأناة في كل شيء خير إلا في ثلاث: إذا صيح في خيل الله؛ فكونوا أول من شخص.." وذكر حديثًا. قال العسكري: قوله: "يا خيل الله اركبي" على المجاز والتوسع، أراد يا فرسان خيل الله اركبي، فاختصر لعلم المخاطب بما أراد. والله أعلم. 3171- يا داود أنا الرب المعبود أنتقم من الأبناء بما فعل الجدود. هذا من الأحاديث القدسية الإسرائيلية، ولعلها من مزامير زبور داود عليه الصلاة والسلام، هكذا في بعض الهوامش. ولا أعلم صحته ولا بطلانه، فليراجع. 3172- يا سارية الجبل الجبل1. قاله عمر بن الخطاب وهو يخطب يوم الجمعة، حيث وقع في خاطره أن الجيش -الذي أرسله مع سارية إلى نهاوند بفارس- لاقى العدو وهم في بطن واد وقد هموا بالهزيمة، وبالقرب منهم جبل، فقال ذلك في أثناء خطبته ورفع به صوته؛ فألقاه الله في سمع سارية، فانحاز بالناس إلى الجبل وقاتلوا العدو من جانب واحد ففتح الله عليهم. وكذا رواه الواقدي عن أسامة بن زيد عن ابن أسلم عن أبيه عن عمر. وأخرجها سيف مطولة عن رجل من بني مازن، والبيهقي في "الدلائل"، واللالكائي في "شرح السنة"، وابن الأعرابي في "كرامات الأولياء" عن ابن عمر قال: "وجه عمر جيشًا، وولى عليهم رجلًا يدعى سارية، فبينما عمر يخطب جعل ينادي يا سارية الجبل! ثلاثًا. ثم قدم رسول الجيش؛ فسأله عمر فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا فبينا نحن كذلك إذ سمعنا صوتًا ينادي يا سارية الجبل -ثلاثًا- فأسندنا ظهرنا إلى الجبل؛ فهزمهم الله. قال فقيل لعمر: إنك كنت تصيح هكذا وهكذا". رواه حرملة في جمعه لحديث ابن وهب وإسناده كما قال الحافظ ابن حجر - حسن. ولابن مردويه عن ابن عمر عن أبيه: "أنه كان يخطب يوم الجمعة فعرض في خطبته أن قال يا سارية الجبل! من استرعى الذئب ظلم، فالتفت الناس بعضهم لبعض، فقال لهم علي: ليخرجن مما قال. فلما فرغ سألوه فقال: وقع في خلدي أن المشركين هزموا

_ 1 إسناده جيد حسن، موقوفًا على عمر، انظر الصحيحة "ح1110".

إخواننا، وأنهم يمرون بجبل؛ فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجه واحد، وإن جاوزوا هلكوا، فخرج مني ما تزعمون أنكم سمعتموه، فجاء البشير بعد شهر، وذكر أنهم سمعوا صوت عمر في ذلك اليوم. قال: فعدلنا إلى الجبل؛ ففتح الله علينا". قال في "اللآلئ": وقد أفرد الحافظ القطب1 الحلبي لطرقه جزءًا، ووثق رجال هذا الطريق. وقال: ذكره ابن عساكر وابن ماكولا وغيرهم. وسارية له صحبة. انتهى. 3173- يا شيخ إن أردت السلامة فاطلبها في سلامة غيرك منك2. رواه ابن السمعاني في "الذيل" عن أبي إسحاق الشيرازي أنه قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام؛ فسألته عن حديث أسمعه منه وأرويه عنه، فقال لي: يا شيخ إن أردت.." إلخ، وكان يفرح بذلك، ويقول: "سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخًا"، قال المنوفي: لا إنكار في رواية مثل هذا عنه صلى الله عليه وسلم في العمل به؛ فإنه لا يأتي فيه الخلاف الذي ذكره أصحابنا في الخصائص. وقال النووي في "شرح مسلم": ما تقرر في الشرع لا يفتقر إلى ما يراه النائم؛ لأنه ليس حكما بالمنام، بل بما تقرر في الشرع؛ فلا خلاف في استحباب العمل على وفق ما يفيده من ندب أو إرشاد إلى فعل مصلحة أو نهي عن منهي عنه فاعرفه3. 3174- يذهب الصالحون الأول فالأول، ويبقى حثالة كحثالة التمر - وفي رواية حثالة كحثالة الشعير أو التمر - لا يبالي الله تعالى بهم باله.

_ 1 القطب مصطلح الصوفية التي يرفعون بها صاحب هذا اللقب إلى منزلة شبيهة بمنزلة الألوهية. 2 انظر التمييز "1647". 3 يتمسح العجلوي هنا في كلام النووي، مع أن كلام النووي في واد وكلامه هو في واد آخر؛ فالنووي يقرر أولًا أن ما تقرر في الشرع لا يفتقر إلى ما يراه النائم، ومن ثم فلا حاجة بنا في إثبات الشرع إلى تلك المنامات، اللهم إلا أن تحمل بشارة أو ترغب في مندوب متقرر شرعًا، أو تنفر من محظور منهى عنه شرعًا. أما أن يؤخذ تشريع منها فلا، أو يصحح بها حديث ونحوه فهذا من أبطل الباطل، وقد سبق التعليق على مسألة التلبيس بأن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم فقد رآه حقًا لأن الشيطان لا يتمثل به، وقلنا إن الشيطان لا يتمثل به حقيقة، ولكن لا مانع من أن يكذب ويتمثل في صورة غيره على أنه هو، ومن ثم فلا يهول الأمر بأنها رؤيا حق؛ فالغالب في مثل تلك الرؤى أنها أحلام شيطانية لأصحاب الهوى.

رواه أحمد والبخاري عن مرداس الأسلمي، وحفالة بالفاء أو بالمثلثة، وكلاهما رواية. 3175- يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين1. رواه البغوي عن أبي طلحة قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقي العدو، فسمعته يقول:.." وذكره، وأكثر العوام يقولون ذلك عند قراءة الإمام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، ولا أصل له في هذا الموضع. وروى أبو نعيم عن سفيان بن عيينة قال: كان عمر يردد إذا وافى العدو هذه الآية {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، قال: "يا مالك يوم الدين، ما أحلى ذكرك لقلوب الصادقين". 3176- "يا علي، تختم بالعقيق الأحمر، فإنه من جبل أقر لله بالوحدانية ولي بالنبوة ولك بالوصية ولأولادك بالإمامة ولمحبيك بالجنة". قال ابن حجر المكي نقلًا عن الجلال السيوطي: كذب مفترى على النبي صلى الله عليه وسلم. 3177- "يا علي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؛ إلا أنه لا نبي بعدي". رواه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص. 3178- "يا علي، ثلاث إذا أتت لا تؤخرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤًا"2. رواه أبو نعيم والترمذي وقال: غريب منقطع، والعسكري في الأمثال والحاكم والشيخان3 عن علي رضي الله تعالى عنه.

_ 1 رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبد السلام بن هاشم وهو ضعيف، كما في المجمع "328/ 5". 2 "ضعيف" انظر تعليق المشكاة للشيخ الألباني "ح605". 3 ليس في الصحيحين.

3179- "يا علي، ألا أعلمك كلمات: إذا وقعت في ورطة فقل: "بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"؛ فإن الله يصرف بها ما يشاء من أنواع العذاب". رواه الديلمي عن علي رضي الله عنه. 3180- "يا علي، لا تتبع النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى، وليست لك الأخرى" 1. رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن بريدة رضي الله تعالى عنه. 3181- "يا علي، لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.." الحديث. رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه عن علي رضي الله تعالى عنه. 3182- يا علي، لا يحل لأحد أن يجلس في هذا المسجد غيري وغيرك2. رواه الزهري عن أبي سعيد رضي الله عنه. 3183- "يا علي، لا تقع إقعاء الكلب" 3. رواه ابن ماجه عن علي رضي الله عنه. 3184- "يا علي، سل الله الهدى والسداد، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، وبالسداد تسديدك السهم" 4. رواه أحمد والنسائي والحاكم عن علي رضي الله عنه. 3185- يا صفراء يا بيضاء غري غيري5. من قول علي رضي الله عنه، وروى أحمد وغيره من الأئمة في مناقبه: "أن عليا رضي الله عنه جاء ابن التياح فقال: يا أمير المؤمنين، امتلأ بيت المال من صفراء وبيضاء،

_ 1 حسن: رقم "7953" وفيه "الآخرة" بدل "الأخرى". 2 بنحوه، ضعيف: رقم "6419". 3 حسن: رقم "7954". 4 صحيح: رقم "7952". 5 هو من قول علي رضي الله عنه، انظر التمييز "1648".

فقال: الله أكبر، وقام متوكئًا على ابن التياح حتى قام على بيت المال، وأمر فنودي في الناس، فأعطى جميع ما في بيت المال المسلمين، وهو يقول: يا صفراء غري غيري هاء وهاء1 حتى ما بقي منه دينار ولا درهم ثم أمر بنضحه أي برشه وصلى فيه ركعتين". وله طرق أخرى عند أحمد أيضًا عن أبي صالح السمان بلفظ: "رأيت عليًا دخل بيت المال، فرأى فيه شيئًا فقال: أرى هذا هاهنا وبالناس إليه حاجة؛ فأمر به فقسم وأمر بالبيت فكنس ثم نضح فصلى فيه -أو قال فيه يعني نام وقت القيلولة". زاد غيره: "فصلى فيه رجاء أن يشهد له يوم القيامة". وقوله: هاء وهاء قال الخطابي: أصحاب الحديث يروونه ساكن الألف والصواب مدها وفتحها لأن أصلها هاك فحذفت الكاف وعوضت منها المدة والهمزة، يقال للواحد هاء والاثنين هاؤما وللجميع هاؤم، وغير الخطابي يجيز السكون وينزله منزلة هاء التنبيه. 3186- يا علي اتخذ لك نعلين من حديد وأفنهما في طلب العلم2. قال ابن تيمية: موضوع، وفي "الذيل": هو كما قال. 3187- يا علي، ادع بصحيفة ودواة، فأملى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب علي، وشهد جبريل، ثم طويت الصحيفة3. قال الراوي: فمن حدثكم أنه يعلم ما في الصحيفة إلا الذي أملاها وكتبها وشهدها؛ فلا تصدقوه، فعل ذلك في مرضه الذي توفي فيه، موضوع كما قال الصغاني في "الدر الملتقط"، وقال بعض المحققين: إن وصايا علي المصدرة بـ "يا" كلها موضوعة إلا قوله عليه الصلاة والسلام: "يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي". 3188- يا علي، إنك لسيد المسلمين ويعسوب المؤمنين.. الحديث4. أسنده الديلمي عن علي.

_ 1 هاء: خذ. 2 موضوع، انظر الفوائد المجموعة "366/ 2". 3 موضوع، انظر الموضوعات "378/ 1". 4 موضوع، انظر تذكرة الموضوعات "98".

3189- يا علي، سيولد لك ولد وقد نحلته اسمي وكنيتي. رواه الديلمي عن علي. 3190- يا علي، محبك محبي ومبغضك مبغضي1. رواه الطبراني عن سلمان الفارسي. 3191- يا علي، إذا تزودت فلا تنس البصل2. قال في "المقاصد" وتبعه في "التمييز": كذب بحت، ومثله ما أورده الديلمي بلا سند عن عبد الله بن الحارث الأنصاري مرفوعًا: "عليكم بالبصل، فإنه يطيب النطفة ويصح الولد"، ورواه النجم، بل ثبت أنه خبيث. 3192- يا ويح من نال الغنى بعد فاقة3. وفي لفظ "يا ويل" بدل "يا ويح" ولذا قال القائل: سل الخير أهل الخير قدمًا ولا تسل ... فتى ذاق طعم العيش منذ قريب قال في "التمييز" كالمقاصد: ليس بحديث بل هو كلام، وليس على إطلاقه. وقال النجم: روى الدينوري في "المجالسة"، والسلف عن سفيان الثوري قال: "أوحى الله إلى موسى عليه الصلاة والسلام: لأن تدخل يديك إلى المنكبين في فم التنين؛ خير من أن ترفعها إلى ذي نعمة قد عالج الفقر". 3193- "يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له، ألم أجعل لك سمعًا وبصرًا ومالًا وولدًا، وسخرت لك الأنعام والحرث وتركتك ترأس وتربع؛ فكنت تظن أنك ملاقي يومك هذا؟ فيقول: لا، فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتني" 4. رواه الترمذي عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهم.

_ 1 ذكره في تنزيه الشريعة "397/ 1"، ثم نقل عن العقيلي أنه قال: "باطل". 2 كذب بحت، انظر التمييز "1649". 3 ليس بحديث، انظر التمييز "1650". 4 صحيح: رقم "7997".

3194- "يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله؛ فيرجع اثنان، ويبقى واحد، يرجع أهله وماله، ويبقى عمله". رواه أحمد والشيخان عن أنس. 3195- "يبعث كل عبد على ما مات عليه". رواه مسلم وابن ماجه عن جابر. 3196- "يبعث الناس على نياتهم" 1. رواه أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه. 3197- "يحشر الناس على نياتهم" 2. رواه ابن ماجه والضياء المقدسي عن جابر. 3198- يد عدوك إذا لم تقدر على قطعها؛ قبلها3. قال في "التمييز": ليس بحديث، بل في "المجالسة" عن المنصور: "إذا مد إليك عدوك يده فإن قدرت على قطعها؛ وإلا فقبلها"، يقرب منه قولهم الآتي: "يرقص للقرد في دولته، ويسجد له في صولته". 3199- "اليد العليا خير من اليد السفلى". رواه الشيخان وأحمد والنسائي عن ابن عمر بزيادة: "واليد العليا هي المنفقة، واليد السفلى هي السائلة"، والشيخان عن حكيم بن حزام بزيادة: "وابدأ بمن تعول". 3200- يخف الموقف للحساب على أمتي؛ حتى يكون أخف عليهم من صلاة مكتوبة، وتخف عليهم النار؛ حتى تكون كحر الحمام4. قال في "التمييز": أما الجملة الأولى؛ فهي عند أحمد وأبي يعلى في مسنديهما عن أبي سعيد مرفوعًا بلفظ: "والذي نفسي بيده، إن يوم القيامة ليخف على المؤمنين حتى يكون

_ 1 صحيح: رقم "8014". 2 صحيح: رقم "4042". 3 ليس بحديث، انظر التمييز "1654". 4 الجملة الأولى أخرجها أحمد "75/ 3"، بإسناد ضعيف، كما في تعليق المشكاة "5564".

أخف عليهم من صلاة مكتوبة". وأما الجملة الثانية؛ فقد ثبت أن الله يميتهم إماتة وهو شاهد لها. 3201- "يوم القيامة على المؤمنين كقدر ما بين الظهر والعصر" 1. قال ابن الغرس: ضعيف وقال في "التمييز": رواه الديلمي في مسنده عن أبي هريرة. وله شواهد: منها ما رواه أحمد وأبو يعلى وابن حبان والبيهقي بسند حسن عن أبي سعيد قال: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ما أطول هذا اليوم! فقال: "والذي نفسي بيده إنه ليخف على المؤمن حتى يكون أهون عليه من الصلاة المكتوبة يصليها في الدنيا". وأخرج ابن أبي حاتم موقوفًا بلفظ:" {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} مقدار نصف يوم من خمسين ألف سنة؛ فيهون ذلك على المؤمنين كتدلي الشمس للغروب إلى أن تغرب"، وفي الباب عن ابن عمرو وغيره. 3202- يؤتى بالوالي فيوقف على الصراط فيهزأ2 به حتى يزول كل عضو منه عن مكانه، فإن كان عادلًا؛ مضى، وإن كان جائرًا؛ هوى في النار سبعين خريفًا. رواه عبد بن حميد وابن منيع عن بشر بن عاصم رضي الله تعالى عنه. 3203- "يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله". رواه أحمد ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود بزيادة: "فإن كانوا في القراءة سواء؛ فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء؛ فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء؛ فأقدمهم سنًا، ولا يؤمن الرجل في أهله ولا في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه". 3204- يؤم القوم أحسنهم وجهًا3. موضوع، كما في "اللآلئ" مع أنه ليس على إطلاقه.

_ 1 صحيح: رقم "8193". 2 في بعض النسخ: "فيهز". 3 الموضوعات "100/ 2".

3205- يؤتى يوم القيامة بأطفال ليس لهم رؤوس، فيقول الله تعالى لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن المظلومون. فيقول: من ظلمكم؟ فيقولون: آباؤنا، كانوا يأتون الذكران من العالمين، فألقونا في الأدبار. فيقول الله: سوقوهم إلى النار، واكتبوا على جباههم آيسين من رحمة الله". وأقول هذا لا أصل له؛ ويدل لكونه كذبًا قطعًا: أن الأطفال المذكورين لا ذنب لهم من هذه الحيثية، ونقل ابن حجر المكي في "الفتاوى" عن الحافظ السيوطي: أنه موضوع. 3206- يجرح ويداوي. قال النجم: ليس بحديث لكن روى أبو نعيم عن كعب قال: "يقول الله تعالى: أنا أشج وأداوي". 3207- يرقص للقرد في دولته1. قال في "التمييز": ليس بحديث، وزاد بعضهم: "ويسجد له في صولته"، قال النجم: ليس بحديث؛ ولكنه مثل. انتهى. وفي هذا المعنى قول الأهوازي: قولوا لمن لام لا تلمني ... كل امرئ عالم بشأنه لا ذنب فيما فعلت إني ... رقصت للقرد في زمانه من كرم النفس أن تراها ... تحتمل الذل في أوانه ولآخر: إذا رأيت امرأ وضيعًا ... قد رفع الدهر من مكانه فكن له سامعًا مطيعًا ... معظمًا من عظيم شأنه وقد سمعنا بأن كسرى ... قد قال يومًا لمرزبانه إذا زمان الأسود ولى ... فارقص مع القرد في زمانه وفي "المقاصد" قال منصور بن الأزهر: أتيت باب المأمون فإذا ابن أبي خميصة قد خرج واللواء بين يديه فثنى رجله على معرفة دابته وأنشأ يقول:

_ 1 ليس بحديث، انظر التمييز "1658".

كم من رفيع القناة قد وضع الدهر ... وكم ذي مهانة رفعه قد يجمع المال غير آكله ... ويأكل المال غير من جمعه فارض من الدهر ما أتاك به ... من قر عينًا بعيشه نفعه وقال المنصور أيضًا: فلما كان في خلافة المنتصر ولي أيضًا فوافقته في ذلك الموضع ففعل فعله الأول وأنشد: وقائد يحف في أعوانه ... مثل حفيف الهيف في خفانه فإن تلقاك بعدوانه ... وخفت منه الجور في أوانه1 فاسجد لقرد السوء في زمانه ... وداره ما دام في سلطانه ثم قال في "المقاصد" أيضًا: وقد كان للقرود حقيقة دولة، فحكى المقريزي أن محمد بن إسحاق قاضي مدينة الأموغزي مقدشوه العالم العابد لقيه بمكة في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة وذكر له أن القردة غلبت على مدينة مقدشوه في نحو سنة ثمانمائة بحيث ضايقت الناس في مساكنهم وأسواقهم، وصارت تأخذ الطعام من الأواني وغيرها، وتهجم على الناس في الدور، وتأخذ ما تجده، من آنية، حتى أن صاحب تلك الدار يتبع القرد ويتلطف به في رد الإناء فيرده بعد أكل ما فيه، وإذا وجد امرأة منفردة وطئها، ومن عادة ملكها أن أرباب دولته يقفون تحت قصره، فإذا تكاملوا؛ فتحت طاقة بأعلاه فيقبلون له الأرض ثم يرفعون رؤوسهم فيجدون الملك قد أشرف عليهم من تلك الطاقة فيأمر وينهى؛ فلما كان في بعض الأيام كان المشرف عليهم قردًا، قال: وتمر القردة طوائف كل طائفة لها كبير يقدمها، وهي تابعة له بتؤدة وترتيب فيرون ذلك عقوبة لهم من الله". انتهى. والله أعلم بصحة ذلك. 3208- يساق إلى مصر كل قصير العمر2. رواه أبو نعيم في "الطب"، والطبراني في "الكبير"، وابن شاهين وابن السكن في "الصحابة" وابن يونس وغيرهم عن رباح رفعه: "أن مصر ستفتح بعدي فانتجعوا خيرها، ولا تتخذوها دارًا؛ فإنه يساق إليها أقل الناس أعمارًا". هكذا لفظ الأولين، وكذا الثالث؛ لكنه قال: "إن مصرًا بالصرف"، وقال: "خيرًا"، وقال: "سيساق".

_ 1 في نسخة: في سلطانه. 2 منكر جدًا، وفي إسناده مطهر بن الهيثم وهو متروك، انظر الفوائد المجموعة "531/ 2".

وأما رواية ابن يونس فلفظها: "إن مصر ستفتح بعدي، فانتزعوا خيرها ولا تتخذوها قرارًا"، والباقي مثله؛ لكنه قال عقبه: إنه منكر جدًا، وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات"، وقال البخاري: لا يصح. 3209- يا ابن آدم بعد الموت يأتيك الخبر. رواه ابن أبي الدنيا عن أبي حازم من قوله، ولابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال: "القبر صندوق العمل، وعند الموت يأتيك الخبر"، وقال: "الناس نيام؛ فإذا ماتوا انتبهوا". 3210- اليأس إحدى الراحتين. رواه أحمد عن عروة، قال: "قال عمر في خطبته تعلمون أن الطمع فقر وأن اليأس غنى وأن الرجل إذا أيس من شيء استغنى". 3211- "يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا، وهو معكم". رواه الشيخان عن أبي موسى. 3212- "يبصر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجذع في عينه" 1. رواه أحمد عن أبي هريرة، وابن أبي الدنيا في المداراة عن بكر بن عبد الله المزني قال: "إذا رأيتم الرجل موكلًا بذنوب الناس ناسيًا لذنبه؛ فاعلموا أنه قد مكر به"، وروى الديلمي عن أنس: "طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس". 3213- "يس" لما قرئت له2. قال في "المقاصد": لا أصل له بهذا اللفظ، وهو بين جماعة الشيخ إسماعيل الجبرتي باليمن قطعي، وقال القاري: وقد بلغني أن شيعيًا قرأ القراءات السبع على شيخ من أهل السنة، وسافر إلى بلاده فقيل له: ما أحسنك لولا عيب فيك أن شيخك سني، فقال: ما يضرني؛ إنما لحست العسل وتركت الظرف، فوصل كلامه إلى الشيخ فنادى أصحابه القراء فقرؤوا يس عليه فلما أتموها سلبت القراءات من قلب الشيعي؛ فرجع إلى الشيخ وتاب من بدعته؛ وأفاض الله عليه من رحمته.

_ 1 صحيح: رقم "8013". 2 لا أصل له، وانظر التمييز "1659".

وفي تفسير البيضاوي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لكل شيء قلبًا وقلب القرآن يس؛ من قرأها يريد بها وجه الله؛ غفر له وأعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتين وعشرين مرة، وأي مسلم قرئ عنده -إذا نزل به ملك الموت- سورة يس؛ نزل بكل حرف منها عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفًا يصلون عليه ويستغفرون له ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه، وأيما مسلم قرأ يس وهو في سكرات الموت؛ لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان بشربة من الجنة فيشربها وهو على فراشه فيقبض1 روحه وهو ريان، ويمكث في قبره وهو ريان، لا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان". انتهى. قال الخفاجي: هذا الحديث رواه عن أنس، وفيه: "كتب له قراءة القرآن عشر مرات"؛ فما رواه المصنف من "عشرين مرة" مخالف لرواية الترمذي، ثم قال الخفاجي: قيل لبعض الملاحدة أنها تمنع سرقة المتاع فقال: قد سرق المصحف وهي فيه، وأجاب: بأنه قد يكون للشيء مفردًا ما ليس له مجموعًا مع غيره كما يشاهد في بعض الأدوية، ألا ترى أن آيات الحفظ جربت خاصيتها إذا كانت مفردة دون ما إذا كانت في المصحف. وليس من أجل شخصًا وأكرمه على انفراده كمن أكرمه مع قرنائه. انتهى ملخصًا. ولم يتعرض هذا الحديث بأنه مقبول أو موضوع، ولا أنه كله حديث واحد أو أكثر؛ لكن قال القاضي زكريا في حاشيته: إنه موضوع، وفي "الجامع الصغير": أن أوله حديث منفرد؛ فإنه رواه بلفظ: "إن لكل شيء قلبًا، وقلب القرآن "يس"، ومن قرأها؛ كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات"2، وعزاه للدارمي عن أنس، وقال المناوي: قال الترمذي: غريب، فيه هارون أبو محمد شيخ مجهول، ثم قال وفي الباب أبو بكر وأبو هريرة وغيرهما، وقال أيضًا: تواترت الآثار بجموم فضائل "يس". انتهى ملخصًا. وأسنده الديلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه كما في التخريج لابن حجر حديث: "اقرؤوا "يس"؛ فإن فيه عشر بركات ما قرأها جائع إلا شبع.." الحديث.

_ 1 في نسخة: "فتفيض". 2 موضوع: الضعيفة 167.

وقال النجم: روى الدارمي عن عطاء بن أبي رباح بلاغًا: "من قرأ "يس" صدر النهار؛ قضيت حوائجه"، وله عن ابن عباس قال: "من قرأ "يس" حين يصبح؛ أعطي يسر يومه حتى يمسي، ومن قرأها صدر ليلته؛ أعطي يسر ليله حتى يصبح". وروى ابن أبي الدنيا عن أبي الدرداء: "ما من ميت يقرأ عنده "يس"؛ إلا هون الله عليه". وروى البيهقي عن أبي قلابة: "من قرأ يس؛ غفر له، ومن قرأها -وهو ضال- هدى، ومن قرأها وله ضالة؛ وجدها، ومن قرأها عند طعام خاف قلته؛ كفاه، ومن قرأها عند ميت؛ هون عليه، ومن قرأها عند امرأة عسر عليها ولدها؛ يسر عليها، ومن قرأها؛ فكأنما قرأ القرآن إحدى عشرة مرة، ولكل شيء قلب، وقلب القرآن يس". 3214- "يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك". رواه البيهقي في الدعوات عن ابن عمر. وهو عند مسلم من حديث ابن عمرو ولفظه: "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك". 3215- "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" 1. رواه الترمذي وحسنه عن أنس، والحاكم وصححه عن جابر، زاد قالوا: "وتخاف يا رسول الله؟ قال: "وما يؤمنني والقلب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء". وفي لفظ: "إن شاء أن يقيمه؛ أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه". وعند البخاري عن ابن عمر: "لا ومقلب القلوب". 3216- يشيب ابن آدم.. الحديث2. سيأتي في "يهرم". 3217- اليسر يمن والعسر شؤم3. الديلمي عن رجل.

_ 1 صحيح: رقم "7987". 2 سيأتي في حديث "3254". 3 ضعيف جدا: رقم "6468".

3218- يصوم أهل قباء؛ يقال حين يرى الهلال بمكان دون آخر إذا اختلفت المطالع. قال في "المقاصد" وهو شيء ما علمته، ولكن حديث مسلم عن كريب: "تراءينا الهلال بالشام ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة، فقال ابن عباس: متى رأيتم الهلال؟ قلت: ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ قلت: نعم، ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا نكتفي برؤية معاوية وبصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم" - شاهد للحكم. 3219- "يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب"1. تقدم في "الكذب مجانب للإيمان". 3220- "يعجب ربك من شاب ليس له صبوة" 2. تقدم في "إن الله يحب الشاب". 3221- يخرج عن وده، ولا يخرج عن طبعه3. مشهور على ألسنة الناس، وفي معناه ما عند أحمد عن أبي الدرداء: "إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا به، وإذا سمعتم برجل زال عن خلقه فلا تصدقوا به؛ فإنه يصير إلى ما جبل عليه"، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح إلا أن الزهري لم يدرك أبا الدرداء. وعند الطبراني بسند حسن عن عبد الله بن ربيعة قال: "كنا عند عبد الله -يعني ابن مسعود- فذكر القوم رجلًا فذكروا من خلقه، فقال عبد الله: أرأيتم لو قطعتم رأسه أكنتم تستطيعون أن تعيدوه؟ قالوا: لا، قال: فيده؟ قالوا: لا، قال: فرجله؟ قالوا: لا، قال: فإنكم لن تستطيعوا أن تغيروا من خلقه حتى تغيروا من خلقه".

_ 1 سبق في معناه حديث "1921"، وبنحوه ضعيف: رقم "6448". 2 سبق في معناه حديث "748". 3 انظر المجمع "196/ 7".

3222- "يد الله بين الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه؛ فإذا خان خرج من بينهما" 1. رواه الديلمي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. 3223- "يد الله على الجماعة" 2. رواه الترمذي وحسنه كذا في النجم، ورواه الطبراني عن عرفجة بن شريح -ويقال ابن جريج- بلفظ: "يد الله مع الجماعة، والشيطان مع من فارق الجماعة يركض". كذا في تخريج الحافظ ابن حجر لـ "مسند الفردوس". وفيه أيضًا رواية عن الترمذي عن ابن عباس بلفظ: "يد الله على الجماعة، اتبعوا السواد الأعظم؛ فإنه من شذ شذ في النار". 3224- "يعجبني الفأل" قالوا: وما الفأل؟ قال: "كلمة طيبة". رواه الشيخان. 3225- يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج3. رواه البزار والطبراني في الصغير عن أبي هريرة رفعه. ورواه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم في مستدركه والبيهقي بلفظ: "اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج". وقال الحاكم: أنه على شرط مسلم، وتعقب بأن في سنده شريك القاضي، ولم يخرج له في المتابعات؛ ولكن له شاهد عند التيمي في ترغيبه عن مجاهد مرسلًا. ونحوه ما رواه أحمد عن أبي موسى الأشعري قال: "إذا رجع -يعني الحاج- من الحج المبرور؛ رجع وذنبه مغفور ودعاؤه مستجاب".. إلى غير ذلك من الآثار كما بينها السخاوي في أماليه.

_ 1 وبنحوه أخرجه الحاكم "52/ 2"، وصححه وأقره الذهبي. 2 صحيح: رقم "8065". 3 "ضعيف"، انظر ضعيف الجامع "ح1275".

وروى أحمد أيضًا عن ابن عمر مرفوعًا: "إذا لقيت الحاج؛ فسلم عليه وصافحه ومره أن يستغفر لك قبل أن يدخل بيته؛ فإنه مغفور له". ولمسدد في مسنده وأبي الشيخ في الثواب وغيرهما عن عمر أنه قال: "يغفر للحاج ولمن يستغفر له الحاج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وعشرًا من ربيع الأول". وهو من رواية ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف عن عمر، وهو على ما ظن منقطع. ويشهد له ما جاء عن يونس بن أسباط، عن يس الزيات وهو ضعيف أنه قال: "يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج في ذي الحجة والمحرم وصفر وعشرين من ربيع"، كما ذكره الدينوري في المجالسة، ومثله لا يقال من قبل الرأي؛ فحكمه الرفع، قال في "المقاصد": ويمكن أن تكون حكمته أن أكثر الحاج يصل لمكة في أول ذي الحجة أو قبله بيسير، ومعلوم أن الحسنة بعشر أمثالها فيجعل لكل يوم من عشر ذي الحجة -ما عدا يوم الوقوف لمزيد الثواب فيه- عشرة أيام؛ فبلغ ذلك تسعين يومًا القدر المذكور في حديث عمر. ويحتمل أن يكون ذلك أقصى زمن ينتهي فيه القاصد مكة بعد حجه لبلده غالبًا. وأما ما أورده الديلمي في "الفردوس" بلا إسناد ولم يقف له ولده ولا شيخنا على سند عن علي رفعه: "يغفر للحاج، ولأهل بيت الحاج، ولقرابة الحاج، ولعشيرة الحاج، ولمن شيع الحاج، ولمن استغفر له الحاج أربعة أشهر وعشرين من بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وربيع الأول وعشرين من ربيع الآخر"؛ فليس عليه رونق ألفاظ النبوة؛ بل هو ركيك لفظًا، ومعنى كما بينته في بعض الأجوبة. انتهى. 3226- "يؤتى بجهنم يومئذٍ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها". رواه مسلم عن ابن مسعود. 3227- يحشر الحكارون وقتلة الأنفس إلى جهنم في درجة واحدة1. رواه ابن عدي وابن لال وابن عساكر عن أبي هريرة، وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات"؛ فلم يصب.

_ 1 أورده ابن الجوزي في الموضوعات "243/ 2".

3228- "يخرج من النار من قال: "لا إله إلا الله" وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال: "لا إله إلا الله" وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال: "لا إله إلا الله" وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة". رواه الطبراني وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي، وقال حسن صحيح، وابن ماجه وابن خزيمة عن أنس -رضي الله تعالى عنه. 3229- يحشر العلماء في زمرة الأنبياء، وتحشر القضاة في زمرة السلاطين. قال النجم: هذا دائر على الألسنة، ولم أره إلا في كلام ابن وهب، قال يونس بن عبد الأعلى: "عرض عليه القضاء فحبس نفسه ولزم بيته، فاطلع عليه رشد بن سعد، فقال له: لم لا تخرج إلى الناس تقضي بينهم بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم؟ فقال له: إلى هنا انتهى عقلك، أما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء، وأن القضاة يحشرون مع السلاطين". ذكره الحافظ المزي في "تهذيب الكمال". والله أعلم. 3230- يمسخ اللوطي في قبره خنزيرًا. قال ابن حجر المكي في "فتاواه الحديثة": رواه أبو الفتح الأزدي في كتاب "الضعفاء" وابن الجوزي من طريق بسند واه. انتهى. وقال فيها أيضًا: روى الخطيب في تاريخه حديث "من مات من أمتي وهو يعمل عمل قوم لوط؛ نقله الله تعالى إليهم حتى يحشر معهم"، قال وفيه رجل منكر الحديث؛ لكن له شواهد: أخرجه ابن عساكر عن وكيع قال: "سمعنا في حديث: من مات وهو يعمل عمل قوم لوط؛ سار به قبره حتى يصير معهم ويحشر يوم القيامة معهم". انتهى. 3231- "يقول ابن آدم مالي مالي، وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت؟ ". أحمد ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وفي رواية لأحمد ومسلم عنه: "يقول العبد مالي مالي، وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فأقنى، وما سوى ذلك فهو ذاهب أو تاركه للناس".

3232- يقول الله -عز وجل- ما وسعني أرضي - الحديث1. تقدم في "ما وسعني". 3233- يقي الحر الذي يقي البرد2. ليس بحديث، ولكن معناه صحيح وإليه يشير قوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أي والبرد، والمشهور على الألسنة: "الذي يدفع البرد يدفع الحر". 3234- "اليمين على نية المستحلف". رواه مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وفي لفظ للشيخين وعليه أحمد وأبو داود: "يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك". 3235- ينزل الله -عز وجل- على هذا البيت كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة: ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين3. رواه الطبراني في معجيمه والأزرقي وآخرون كالبيهقي والحارث في مسنده. ولفظ بعضهم: "مائة رحمة: فستون للطائفين وعشرون لأهل مكة، ومثلها لسائر الناس". وحسنه المنذري والعراقي. وقد أملى فيه السخاوي بمكة جزءًا. 3236- "يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يساقون إلى سجن في جهنم سمي بـ "ولس"، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار، طينة الخبال" 4. رواه أحمد والترمذي وحسنه عن ابن عمر وابن شعيب عن أبيه عن جده. 3237- "يرى الشاهد ما لا يرى الغائب" 5. قال النجم: أورده أبو طالب المكي في "قوت القلوب". انتهى. وأقول: لم يبين أنه حديث أو غيره.

_ 1 سبق في حديث "2256". 2 ليس بحديث، وانظر التمييز "168". 3 ضعيف رقم "187" في السلسلة الضعيفة، وفي الرواية "المسجد" بدل "البيت". 4 حسن: رقم "8040" وبه لفظة "يسمى" بدل "سمي" وتصحفت في المطبوع إلى ابن عمر. 5 "صحيح" أخرجه أحمد وغيره من حديث علي، وانظر الصحيحة "ح1904".

3238- "يدعى الناس يوم القيامة بآبائهم" 1. قال النجم: أورده البخاري، قال ابن بطال: فيه رد على من زعم أنهم لا يدعون يوم القيامة إلا بأمهاتهم سترًا على آبائهم. وأخرجه ابن عدي عن أنس وقال منكر، وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات". 3239- يرحم الله العمات: يورثن ولا يرثن2. قال النجم: مشهور على ألسنة كثير من الناس ولا يعرف؛ لكن أخرج مالك وابن أبي شيبة عن عمر -رضي الله عنه- قال: "عجبنا للعمات، تورث ولا ترث". 3240- "ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق" 3. رواه الطبراني عن أوس بن أوس، قال النجم: وفي نزول عيسى -عليه الصلاة والسلام- أحاديث ثابتة: منها حديث النواس بن السمعان وأخرجه مسلم وغيره. انتهى. 3241- يؤجر المرء على رغم أنفه. ليس بحديث، قال في "التمييز" كالمقاصد هو بمعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "عجب ربنا -عز وجل- من قوم يقادون للجنة في السلاسل". وفي لفظ: "بالسلاسل"، ونحوه: "حفت الجنة بالمكاره". انتهى. وأقول: الذي يظهر أن معناه: أن الإنسان يؤجر على أمر لا يريده كأخذ ماله ظلمًا، وقيل: السلاسل قيود الأسارى، وفي معناه الفقر والمرض وسائر البلايا والمحن. فليتأمل، والمشهور على الألسنة: "يؤجر المرء رغمًا عن أنفه". 3242- اليهود والنصارى خونة، لعن الله من ألبسهم ثوب عز سلبه عنهم الإسلام. أورده الشيخ عبد الغفار في كتابه "الوحيد في سلوك أهل التوحيد"، كذا عزاه بعضهم لصاحب الكتاب المذكور، ولم يبين من خرجه، فلينظر. وكثيرًا ما كنت أسمعه من الشيخ تقي الدين الحصني المتأخر.

_ 1 أخرجه أبو داود بلفظ: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم"، وسنده جيد كما في الأذكار للنووي. 2 أخرجه مالك في "الموطأ" "57/ 2" بنحوه موقوفًا على عمر. 3 صحيح: رقم "8169".

3243- "أتي على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال: من الحلال أم من الحرام". رواه البخاري والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-. 3244- "يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر" 1. رواه الترمذي عن أنس -رضي الله تعالى عنه-. 3245- يأتي على الناس زمان يكون المؤمن أذل من شاته2. رواه ابن عساكر عن أنس -رضي الله عنه-. 3246- يأتي على أمتي زمان يحسد الفقهاء بعضهم بعضًا، ويغار بعضهم على بعض كتغاير التيوس بعضها على بعض3. 3247- "يأتي على الناس زمان يكون حديثهم في مساجدهم في أمر دنياهم؛ فلا تجالسوهم، فليس لله فيهم حاجة" 4. رواه البيهقي عن الحسن مرسلًا. 3248- يأتي على الناس زمان يتمنون فيه الرجال الموت لما يلقون في الدنيا من الزلازل والفتن والبلايا. رواه أبو نعيم عن حذيفة. 3249- يدان مغلولتان في النار: يد أكلت اغتنامًا، ويد أكلت احتشامًا. وفي لفظ: "أمسكت احتشامًا"، قال النجم: باطل لا أصل له. والله أعلم. 3250- "يوم الجمعة يوم عيد وذكر" - الحديث5. رواه أحمد عن أبي هريرة.

_ 1 صحيح: رقم "8002". 2 ضعيف: رقم "6427". 3 أخرجه الخطيب في تاريخه "301/ 10". 4 بنحوه في الصحيحة "ح1163". 5 أخرجه أحمد "303/ 2"، وبنحوه في البخاري.

3251- "يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر، وفيه خمس خلال: خلق الله فيه آدم، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض، وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئًا إلا أعطاه ما لم يسأل حرامًا، وفيه تقوم الساعة. ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال؛ إلا وهو يشفقن من يوم الجمعة 1 " 2. رواه أحمد وابن ماجه عن أبي لبابة، وأقول: لفظ ابن ماجه: "أن يوم الجمعة سيد الأيام" - الحديث. والله أعلم. 3252- اليقين الإيمان كله3. قال الصغاني: موضوع كما نقله عنه القاري. 3253- يا من لا يشغله سمع، عن سمع ويا من لا تغلطه المسائل، ويا من لا يتبرم بإلحاح الملحين - وفي لفظ يا من لا يبرمه إلحاح الملحين، أذقني برد عفوك، وحلاوة رحمتك. أخرجه الخطيب وابن عساكر عن علي بن أبي طالب قال: "بينما أنا أطوف بالبيت إذا رجل معلق بأستار الكعبة يقول يا من لا يشغله سمع.. -إلى آخره- فقلت يا عبد الله: أعد الكلام، قال: وسمعت؟ قلت: نعم، قال: والذي نفس الخضر بيده -وكان هو الخضر- لا يقولهن عبد دبر الصلاة المكتوبة؛ إلا غفرت ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج وعدد المطر وورق الشجر". انتهى من "الدر المنثور" للسيوطي في تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} - الآية. والله أعلم.

_ 1 وفي إحدى النسخ زيادة: "ويوم الجمعة أفضل الأيام ويوم الشاهد" فقد روى النسائي والخطيب عن أبي هريرة رضي الله عنه: "اليوم الموعود يوم الجمعة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة، وما طلعت الشمس ولا غربت على يوم أفضل منه، فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يدعو الله بخير؛ إلا استجاب الله له، ولا استعاذ من شيء إلا أعاذه الله منه" 2 "حسن" انظر صحيح الجامع "ح2279". 3 منكر، انظر الضعيفة "ح499".

3254- "يهرم ابن آدم ويبقى معه -وفي لفظ "فيه" بدل "معه" - اثنتان: الحرص وطول الأمل". رواه الشيخان عن أنس مرفوعًا. وفي الباب عن سمرة وغيره. وفي لفظ: "يشيب ابن آدم ويشب منه خصلتان". وفي لفظ لمسلم والترمذي وابن ماجه عن أنس: "يهرم ابن آدم ويشب منه اثنتان: الحرص على المال، والحرص على العمر"، ولمسلم أيضًا وابن ماجه عن أبي هريرة: "قلب الشيخ شاب على اثنتين: حب العيش والمال"، ورواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح بلفظ: "قلب الشيخ شاب على حب اثنتين: طول الحياة، وكثرة المال"، وعند ابن عساكر عن أبي هريرة بلفظ: "قلب الشيخ شاب في حب اثنتين: طول الأمل، وحب المال". 3255- يوم الأربعاء يوم نحس مستمر1. رواه الطبراني في "الأوسط" عن جابر. وأخرجه ابن ماجه والحاكم بسند ضعيف، وقال صح موقوفًا الأمر باجتناب الحجامة يوم الأربعاء؛ فإنه اليوم الذي أصيب فيه أيوب بالبلاء، وما يبدو جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء وليلة الأربعاء. وأخرجه ابن مردويه في التفسير بأسانيد واهية عن علي وأنس، ولكن روي عن عائشة أنها قالت: "أحب الأيام إلي: يخرج فيه مسافري، وأنكح فيه وأختن فيه صبيتي، يوم الأربعاء". وتقدم في "آخر أربعاء" في الهمزة لذلك مزيد كلام؛ فليراجع. وروى أبو يعلى عن ابن عباس في أيام الأسبوع من المرفوع لكنه ضعيف: "يوم السبت يوم مكر وخديعة، ويوم الأحد يوم عرس وبناء، ويوم الإثنين يوم سفر وطلب رزق، والثلاثاء يوم حديد وبأس، والأربعاء لا أخذ ولا عطاء، والخميس يوم طلب الحوائج، والجمعة يوم خطبة النكاح". وعند أبي داود والطبراني عن أبي الدرداء رفعه: "يوم الثلاثاء يوم دم، وفيه ساعة من احتجم فيها لم يرقأ2 دمه".

_ 1 إسناده واه: انظر التمييز "1676". 2 رقأ الدمع والدم والعرق يرقأ رقوءًا -بالضم- إذا سكن وانقطع.

وروى الديلمي بسند واه عن أبي هريرة رفعه: "من قلم أظافره يوم السبت؛ خرج منه الداء ودخل فيه الشفاء، ومن قلم أظافره يوم الأحد؛ خرج منه الفاقة ودخل فيه الغنى، ومن قلمها يوم الاثنين؛ خرج منه الجنون ودخلت فيه الصحة، ومن قلمها يوم الثلاثاء؛ خرج منه المرض ودخل فيه الشفاء، ومن قلمها يوم الأربعاء؛ خرج منه الوسواس والخوف ودخل فيه الأمن والشفاء، ومن قلمها يوم الخميس؛ خرج منه الجذام ودخلت فيه العافية، ومن قلمها يوم الجمعة؛ دخلت فيه الرحمة وخرجت منه الذنوب". وأخرج ابن عساكر عن الرياشي أنه قال: سمعت الأصمعي يقول: "دخلت على الرشيد يوم الجمعة وهو يقلم أظفاره، فقلت له في ذلك فقال: أخذ الأظافر يوم الخميس من السنة، وبلغني: أنه يوم الجمعة ينفي الفقر؛ فقلت: يا أمير المؤمنين وتخشى الفقر أنت أيضًا؟ فقال: يا أصمعي وهل أحد أخشى للفقر مني؟ " وسيأتي في الخاتمة مزيد لذلك فراجعه. والله أعلم. 3256- "يتعاقبون فيكم: ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله -والله أعلم بهم-: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون". رواه الشيخان والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-. 3257- "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا". رواه أحمد والشيخان والنسائي عن أنس -رضي الله تعالى عنه-. 3258- "يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير". رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-. 3259- يشفع يوم القيامة الأنبياء، ثم العلماء ثم الشهداء1. رواه ابن ماجه عن عثمان بلفظ: "يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء".

_ 1 لفظ ابن ماجه عن عثمان، موضوع: رقم "6445".

3260- "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب؛ هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون". رواه البخاري عن ابن عباس، وأحمد ومسلم عن عمران بن حصين، ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-. 3261- "يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم، وهو خمسمائة عام" 1. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-. 3262- "يدخل أهل الجنة الجنة جردًا مردًا مكحلين، أبناء ثلاث وثلاثين" 2. رواه أحمد والترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه. 3263- يوم صومكم؛ يوم نحركم - وفي لفظ يوم رأس سنتكم3. لا أصل له كما قاله الإمام أحمد وغيره كالزركشي والسيوطي، وأغفله السخاوي. 3264- اليمين حنث أو ندم4. رواه ابن ماجه عن ابن عمر كما في المواهب وتقدم في الهمزة بلفظ: "إنما اليمين حنث أو ندم"، وبلفظ: "إنما الحلف حنث أو ندم"، وفي رواية: "الحلف حنث أو مندمة". 3265- ينصف الله للجماء من ذات القرنين. قال في "التمييز": هو معنى ما في مسلم: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة؛ حتى يقاد للشاة الجلجاء5 من الشاة القرناء". انتهى. 3266- يأتي على الناس زمان يتزوج الغلام كما تتزوج المرأة. رواه الديلمي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-.

_ 1 صحيح: رقم "8076". 2 صحيح: رقم "8072" وفيه "كأنهم مكحلون" بدل "مكحلين". 3 لا أصل له، انظر التمييز "1677". 4 "ضعيف"، انظر ضعيف ابن ماجه "ح457". 5 الجلحاء: التي لا قرن لها.

3267- يأتي على الناس زمان يحج أغنياء أمتي للنزهة، وأوسطهم للتجارة، وقراؤهم للرياء والسمعة، وفقراؤهم للمسألة1. رواه الخطيب والديلمي عن أنس - رضي الله عنه1. 3268- يأتي على الناس زمان لأن يربي أحدكم جرو كلب؛ خير له من أن يربي ولدًا - الحديث. رواه الديلمي عن أنس -رضي الله تعالى عنه-. 3269- يأتي على الناس زمان من لم يكن له فيه أصفر وأبيض؛ لم يتهن بالعيش. رواه الطبراني عن المقدام2. 3270- يأتي على الناس زمان همتهم بطونهم، وشرفهم متاعهم، وقبلتهم نساؤهم، ودينهم دارهم ودنانيرهم، أولئك شر الخلق لا خلاق لهم عند الله. رواه السلمي عن علي - رضي الله تعالى عنه. 3271- "يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين يذنبون أمثال الجبال يغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود". رواه مسلم عن أبي موسى. 3272- يأتي على العلماء زمان يكون الموت أحب إلى أحدهم من الذهبة الحمراء. رواه أبو نعيم عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-. 3273- يأتي صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه. رواه الديلمي عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه-.

_ 1 أخرجه الخطيب في تاريخه "295/ 10"، وفيه فرقد السبخي، وهو لين الحديث كثير الخطأ، كما في التقريب "108/ 2". 2 أخرجه الطبراني في معاجمه الثلاثة، ومداره على أبي بكر بن أبي مريم، وقد اختلط، كما في المجمع "65/ 4".

3274- يا أبا أمامة أعز أمر الله؛ يعزك الله1. رواه الديلمي عن أبي أمامة. 3275- يا أبا بكر إن الله لو شاء أن لا يعصى لما خلق إبليس2. رواه أبو نعيم في "الحلية" عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه-. 3276- "يا أبا ذر إن الدنيا سجن المؤمن، والقبر أمنه، والجنة مصيره، وإن الدنيا جنة الكافر، والقبر عذابه، والنار مصيره" - الحديث3. رواه الطبراني عن ابن عمر. 3277- يا أبا ذر استعذ بالله من شر شياطين الإنس والجن - الحديث4. رواه أحمد والطبراني عن أبي أمامة -رضي الله تعالى عنه-. 3278- يا أبا ذر أقل من الطعام والكلام تكن معي في الجنة. رواه الديلمي عن أنس. 3279- يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك5. رواه ابن ماجه والحاكم عن النواس بن سمعان. 3280- "يا أبا هريرة كن ورعًا؛ تكن من أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك؛ تكن من أغنى الناس، وأحب للمسلمين والمؤمنين ما تحب لنفسك وأهل بيتك؛ تكن مؤمنًا، وجاور من جاورت بإحسان؛ تكن مسلمًا، وإياك وكثرة الضحك؛ فإن كثرة الضحك فساد القلب" 6. رواه ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

_ 1 أورده الجوزي في الموضوعات "274/ 1". 2 موضوع، انظر ضعيف الجامع "ح1093". 3 بمعناه أخرجه مسلم، ولفظه: "الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر". 4 "ضعيف" بنحوه في ضعيف النسائي "ح424". 5 في معناه حديث "3215". 6 حسن: برقم "7833" وفيه زيادة "واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك" قبل "تكن مؤمنًا".

3281- يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء؛ فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء1. رواه الشيرازي عن أنس، ورواه الموهبي عن عمران بن الحصين، وأخرجه ابن عبد البر عن أبي الدرداء، وابن الجوزي في "العلل" عن النعمان بن بشير، قال المناوي: وأسانيده ضعيفة؛ لكن يقوي بعضها بعضًا؛ قاله في التمييز، وسكت عليه، لكن قال ابن الغرس. هو ضعيف. وعقد بعضهم ذلك فقال: يا طالبي علم النبي محمد ... ما أنتم وسواكم بسواء فمداد ما تجري به أقلامكم ... أزكى وأرجح من دم الشهداء

_ 1 موضوع: رقم "6464".

خاتمة يختم بها الكتاب

خاتمة يختم بها الكتاب: ختم الله لنا بالوفاة على دين محمد سيد الأحباب. فنقول كما قاله في "المقاصد" وتبعه في "التمييز" وتبعهما القاري وسبقهم الصغاني وغيره: قد اشتهر لقاء الأئمة بعضهم لبعض، وكذا اشتهر تصانيف تضاف لأناس، وقبور لأقوام ذوي جلالة؛ مع بطلان ذلك كله، وأناس يذكرون بين كثير من العوام بالعلم إما مطلقًا أو في خصوص علم معين، وربما تساهل في ذلك من لا معرفة له بذلك العلم؛ تقليدًا، أو استصحب ما كان متصفًا به ثم زال بالترك، أو تشاغل بما انسلخ به عن الوصف الأول؛ وجميع هذا كثير: فمن الأول ما اشتهر من أن الشافعي وأحمد اجتمعا بشيبان الراعي، وسألاه؛ فباطل باتفاق أهل المعرفة كما قاله ابن تيمية، وغيره؛ لأنهما لم يدركاه. وكذلك ما ذكر من أن الشافعي اجتمع بأبي يوسف عند الرشيد؛ باطل أيضًا؛ إذ لم يجتمع الشافعي بالرشيد إلا بعد موت أبي يوسف. قال الحافظ ابن حجر: وكذا الرحلة المنسوبة للشافعي إلى الرشيد، وأن محمد بن الحسن حرضه على قتله؛ قال: وإن أخرجها البيهقي في "مناقب الشافعي" وغيره؛ فهي موضوعة مكذوبة. وعبارة "اللآلئ" للحافظ ابن حجر نصها: "وقال أبو العباس بن تيمية: ما اشتهر أن الشافعي وأحمد اجتمعا بشيبان الراعي وسألاه عن سجود السهو؛ فاتفق أهل المعرفة على أن هذا باطل، والشافعي وأحمد لم يدركا شيبان الراعي". وقال أيضًا: ما ينقل عن الشافعي في الرحلة المشهورة؛ اتفق أهل الحديث على أنها كذب، وأن الشافعي لم يرحل إلى العراق إلا بعد موت مالك وبعد موت أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، ولم يجتمع بأبي يوسف، بل بمحمد بن الحسن، ولا اجتمع بالأوزاعي. وفي الرحلة من الأكاذيب عجائب.

وأقول: نظر بعضهم في هذا الكلام بأن إمام الحرمين نقل في المستظهري أن الشافعي -رضي الله عنه- ناظر أبا يوسف في أراضي مكة هل فتحت عنوة أم صلحًا عام حج أبي يوسف مع الرشيد. ونقل ابن غانم في "مناقب الشافعي" رضي الله عنه: أنه اجتمع به في الرقة وفي بغداد. وعبارة الحافظ ابن حجر تقتضي أن في القصة المذكورة موضوعًا؛ لا أنها موضوعة كما يعلم ذلك بمراجعة مؤلفه في "مناقب الشافعي". وفي كتاب "مغيث الخلق إلى اختيار الأحق" لإمام الحرمين، أن الشافعي ناظر أبا يوسف في مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- في ثلاث مسائل: في مقدار الصاع، وفي أن الأذان مثنى بالترجيع، والإقامة فرادى، وفي لزوم الموقف. وفي تهذيب الأسماء واللغات للإمام النووي، وبعث أبو يوسف القاضي إلى الشافعي حين خرج من عند هارون الرشيد يقرئه السلام، ويقول له: "صنف الكتب، فإنك أولى من يصنف في هذا الزمان". ومن الثاني قول الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ثلاثة كتب ليس لها أصل: المغازي، والملاحم، والتفاسير. قال الخطيب في جامعه: "وهذا محمول على كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة، غير معتمد عليها لعدم عدالة ناقليها وزيادات القصاص فيها". فأما كتب الملاحم؛ فجميعها بهذه الصفة، وليس يصح في ذكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث يسيرة. وأما كتب التفاسير فمن أشهرها كتابا الكلبي ومقاتل بن سليمان. وقد قال الإمام أحمد في تفسير الكلبي: من أوله إلى آخره كذب، قيل له فيحل النظر فيه، قال: لا، وقال أيضًا: كتاب مقاتل قريب منه. انتهى. وذكر السيوطي أكثرها في آخر "الإتقان"، وأن منه كتبًا صحيحة، ونسخًا مغيرة بينها. فليراجع. وأما المغازي فمن أشهرها كتب محمد بن إسحاق، وكان يأخذ عن أهل الكتاب، وقال الشافعي: كتب الواقدي كذب، وليس في المغازي أصح من مغازي موسى بن عقبة. انتهى.

وكذا ما يذكر من القبور في جبل لبنان في البقاع أنه قبر نوح -عليه الصلاة والسلام- لا أصل له؛ وإنما حدث في أثناء المائة السابعة. وكذلك القبر المشهور الذي ينسب لأبي بن كعب -رضي الله عنه- بالجانب الشرقي من دمشق مع اتفاق العلماء على أنه لم يدخلها؛ فضلًا عن دفنه فيها، وإنما مات في المدينة. وكذلك المشهد المنسوب لعبد الله بن سلام -رضي الله عنه- في قرية "سقبا" من الغوطة؛ لا أصل له هنا؛ وإنما مدفنه بالمدينة كما ذكره العلماء المعتبرون، منهم النووي. كذلك المكان المنسوب لابن عمر من الجبل الذي بالمعلاة مقبرة مكة؛ لا يصح أصلًا وإن اتفقوا على أنه توفي بمكة. والمكان المنسوب لعقبة بن عامر -رضي الله عنه- من قرافة مصر؛ بل هو منام رآه بعضهم بمد أزمنة متطاولة. والمكان المنسوب لأبي هريرة -رضي الله عنه- بعسقلان؛ إنما هو قبر حيدرة بن خيشنة على ما جزم به بعض الحفاظ الشاميين، ولكن جزم ابن حبان وتبعه الحافظ ابن حجر بالأول. وكذلك المكان المشهور بالمشهد الحسيني من القاهرة؛ فليس الحسين مدفونًا فيه بالاتفاق؛ وإنما فيه رأسه كما ذكر بعض المصريين، قال الحافظ ابن حجر: ونفاه بعضهم، ومنهم ابن تيمية؛ فإنه بالغ في إنكار ذلك وأطال كما نقله عنه السخاوي. وقال الإمام محمد بن الجزري: لا يصح تعيين قبر نبي غير نبينا -عليه الصلاة والسلام-، نعم قبر إبراهيم الخليل عليه الصلاة السلام في تلك القرية لا بخصوص تلك البقعة. انتهى. ويكفر منكر كون قبر نبينا في المدينة في المكان المخصوص، ولا يكفر منكر قبر نبي غيره بخصوصه حتى إبراهيم، ولا ينسب إلى الابتداع؛ إلا منكر كون قبر الخليل في الغار في بلده المعروفة؛ فإنه مبتدع. وكذلك المكان المعروف بالسيدة نفيسة ابنة الحسين بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب التي وصفها الحافظ العلم البرزالي بأنها خفيرة ديار مصر.

وكان الحافظ ابن حجر يقول، مما لا ينافيه: ليس بالديار المصرية بعد الصحابة -رضي الله عنهم- أفضل من الشافعي. قال في "المقاصد": وهو كذلك، فقد ذكر بعض أهل المعرفة أن خصوص هذا المحل الذي يزار؛ ليس قبرها، ولكنها في تلك البقعة بالاتفاق، واستيفاء ذلك يطول، وهو جدير بإفراده في تأليف. ثم قال: وكنت أردت إدراج كلمات تستعملها الناس في كلامهم، لها أصول يرجع إليها، فرأيت ذلك خروجًا عن المقصود، وإن جرى ذكر شيء منها في الأثناء فلمناسبة لا تخفى. وكذلك الكلمات المذكورة: "أرغم الله أنفه"، "استأصل الله شأفته"، "أفلح الوجه"، "أكذب من دب ودرج"، "أنا النذير العريان"، "بنى بأهله"، "حمي الوطيس"، "رفع عقيرته"، "شاهت الوجوه"، "كبر حتى صار كأنه قفة"، "لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا"، "ما به قلبة"، "وافق شن طبقة"، والكثير من ذلك؛ ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحوها؛ قوم جرى المثل بأسمائهم كـ "رجع بخفي حنين"، "على يد عدل"، "مواعيد عرقوب"، وكذا إدراج أشعار شهيرة اشتملت على أحاديث: بعضها له أصل وبعضها لا أصل له. ومن القسم الثاني قوله: إذا اعتذر الخليل إليك يومًا ... تجاوز عن مساويه الكثيرة فإن الشافعي روى حديثًا ... بإسناد صحيح عن مغيرة فقد قال الرسول سيمحو ربي ... بعذر واحد ألفي كبيرة ومنه أيضًا قول من قال مما نسبه للحافظ ابن حجر قال السخاوي -وحاشاه من ذلك: في قص ظفرك يوم السبت آكلة ... تبدو وفيما يليه يذهب البركة وعالم فاضل يبدو بتلوهما ... وإن يكن في الثلاثا فاحذر الهلكة ويورث السوء في الأخلاق رابعها ... وفي الخميس الغنى يأتي لمن سلكه والعلم والرزق زيدا في عروبتها ... عن النبي روينا فاقتفوا نسكه وقال الجلال السيوطي: في "الأسفار" عن قلم الأظفار: قد اشتهر على الألسنة هذه الأبيات، ولا يدرى قائلها، ولا هي صحيحة في نفسها، وذكر هذه الأبيات المنسوبة للحافظ ابن حجر.

ومن هذا القسم الثاني أيضًا: ما ذكره بعضهم ونسبه إلى علي كرم الله وجهه، قال السخاوي وكذب القائل: إبدأ بيمناك بالخنصر ... في قص أظفارك واستبصر وثن بالوسطى وثلث كما ... قد قيل بالإبهام والبنصر واختتم الكف بسبابة ... في اليد والرجل ولا تمتر وفي اليد اليسرى بإبهامها ... والإصبع الوسطى وبالخنصر وبعد سبابتها بنصر ... فإنها خاتمة الأيسر فذاك أمن خذ به يا فتى ... من رمد العين فلا تزدر هذا حديث قد روي مسندًا ... عن الإمام المرتضى حيدر ونقل السيوطي عن الزركشي في "شرح التنبيه" أنه قال: وأصل الأثر المشار إليه عند عبيد الله بن بطة من قص أظفاره مخالفًا؛ لم ير في عينيه رمدًا. انتهى. وقال ابن نباتة: قي قص يمنى رتبت خوابس ... أو خسب لليسرى وباء خامس ثم قال السيوطي: قد أنكر ابن دقيق العيد جميع هذه الأبيات، وقال لا يعتبر هيئة مخصوصة، وما اشتهر من قصها على وجه مخصوص لا أصل له في الشريعة، ثم ذكر الأبيات، وقال: هذا لا يجوز اعتقاد استحبابه؛ لأن الاستحباب حكم شرعي لا بد له من دليل، وليس استسهال ذلك بصواب. انتهى. وقال ابن حجر المكي في "التحفة"، والمعتمد في "كيفية تقليم اليدين": أن يبدأ بمسبحة يمينه إلى خنصرها، ثم إبهامها، ثم خنصر يسارها إلى إبهامها على التوالي، والرجلين أن يبدأ بخنصر اليمنى إلى خنصر اليسرى على التوالي. وخبر من قص أظفاره مخالفًا لم ير في عينه رمدًا؛ لم يثبت، قال الحافظ السخاوي: هو في كلام غير واحد، ولم أجده بمكان، وأثره الحافظ الدمياطي عن بعض مشايخه، ونص أحمد على استحبابه. انتهى. وكذا مما لم يثبت خبر فرقوها فرق الله همومكم، وعلى ألسنة الناس في ذلك وأيامه أشعار منسوبة لبعض الأئمة، وكلها زور وكذب، وينبغي البدار بغسل محل القلم؛ لأن الحك به قيل يخشى منه البرص. انتهى.

ومن القسم الأول وهو ما اشتمل على أحاديث صحيحة قول القائل: لم لا نرجى العفو من ربنا ... أم كيف لا نطمع في حلمه وفي الصحيحين أتى أنه ... بعبده أرحم من أمه فإنه يشير إلى قوله -صلى الله عليه وسلم- الواقع في الصحيحين: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها"، ومنه أيضًا قول آخر: قد جاءنا في خبر مسند ... عن أحمد المبعوث بالمرحمة من حسن الرحمن من خلقه ... وخلقه فالنار لن تطعمه فإنه يشير إلى ما رواه الطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة رفعه: "ما حسن الله خلق رجل وخلقه؛ فتطعمه النار". وله شواهد بالمعنى. ومن ذلك قول آخر: يا سيدي عندك لي مظلمة ... فاستفت فيها ابن أبي خيثمة فإنه يرويه عن جده ... وجده يرويه عن عكرمة عن ابن عباس عن المصطفى ... نبينا المبعوث بالمرحمة أن انقطاع الخل عن خله ... فوق الثلاث ربنا حرمه وأنت من شهر لنا هاجر ... أما تخاف الله فينا أمه فإنه يشير إلى الحديث الصحيح وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث 1 " قال السخاوي: ولكن السند الذي نظمه فيه نظر. ومن ذلك أيضًا قول الآخر: مت مسلمًا ومن الذنوب فلا تخف ... حاشى الموحد أن يرى تعسيرا ما جاء أن الله يخزي مسلمًا ... يوم الحساب ولو أتى مأزورا فأما البيت الأول فهو إشارة إلى ما مضى في حرف الميم وهو: "مت مسلمًا ولا تبالي". وإن تقدم أن السخاوي قال: لا أعلمه في المرفوع بهذا اللفظ، لكن الأحاديث في دخول الجنة لمن مات مسلمًا لا يشرك بالله شيئًا كثيرة، وأقول في معنى قوله "مت مسلمًا" البيت الآخر:

_ 1 متفق على صحته من حديث أبي أيوب.

كن كيف شئت فإن الله ذو كرم ... وما عليك إذا أذنبت من باس إلا اثنتان فلا تقربهما أبدًا ... الشرك بالله والإضرار للناس وأما الثاني فيمكن أن يكون إشارة إلى حديث: "لا يستر الله على عبد في الدنيا؛ إلا ستره في الآخرة" 1. وفي لفظ: "سترتها عليك اليوم في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم". إلى غير ذلك من أمثلة القسمين: "رزقنا الله إحدى الحسنيين". ومن القسم الذي لا أصل له؛ وصايا علي -رضي الله عنه- فكلها موضوعة إلا ما تقدم من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى؛ غير أنه لا نبي بعدي". كما قاله السيوطي. وقال الصغاني: والوصايا المنسوبة إلى علي بن أبي طالب بأسرها التي أولها: "ياعلي لفلان ثلاث علامات، ولفلان علامات...." وفي آخرها النهي عن المجامعة في أوقات مخصوصة وأماكن مخصوصة موضوعة؛ كلها وضعها حماد بن عمرو النصيبي، وهو عند أئمة الحديث متروك كذاب، وآخر هذه الوصية: "يا علي أعطيتك في هذه الوصية علم الأولين والآخرين...." كذا في "الموضوعات" للقاري. ومنها الأحاديث التي تروى في التختم بالعقيق لم يثبت منها شيء. ومنها الأحاديث الموضوعة في فضيلة السرج والقناديل والحصر في المسجد؛ بل لم يثبت منها شيء بل كانت الصحابة -رضي الله عنهم- يتكلمون ويبيعون ويشترون في بعض الأحايين في المسجد، وينامون فيه؛ لكن مع الأدب التام، وكذا يتكلمون في المقابر وخلف الجنائز. ومنها قولهم "عليكم بحسن الخط؛ فإنه مفاتيح الرزق". ومن الأحاديث الموضوعة؛ الأحاديث المنقولة في بعض التفاسير: أن ستة عشر حيوانًا مسخوا كالقرد والدب والضب والضبع والسلحفاة والخنزير، وغير ذلك؛ لم يثبت منها شيء غير ما ذكر الله تعالى في كتابه العزيز القردة والخنازير، وأهلكها الله تعالى بعد ثلاثة أيام، ولم يبق لها نسل. ومن الأحاديث الموضوعة الأربعون الودعانية، قال القاري في موضوعاته: قال الجلال السيوطي في "الذيل": إن الأحاديث الودعانية لا يصح فيها حديث مرفوع على هذا النسق بهذه الأسانيد؛ وإنما يصح منها ألفاظ يسيرة؛ وإن كان كل منها حسن وموعظة،

_ 1 أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة.

فليس كل ما هو حق حديثًا، بل عكسه، وهي مسروقة، سرقها ابن ودعان من واضعها زيد بن رفاعة، ويقال إنه الذي وضع "رسائل إخوان الصفا"، وكان من أجهل خلق الله تعالى في الحديث وأقلهم حياءًا وأجرأهم على الكذب، قال الصغانب أول هذه الودعانية: "كان الموت فيها على غيرنا كتب.."، قال القاري وقد ذكرناه مع غيره من موضوعات الشبان، وآخرها: "ما من بيت إلا وملك الموت يقف على بابه خمس مرات؛ فإذا وجد الإنسان قد فسد أكله وانقطع أجله ألقى عليه غم الموت فغشيته كربته وغمرته سكرته". ثم قال الصغاني: وفيها كتاب فضل العلماء للمحدث شرف البلخي، وأوله: "من تعلم مسألة من الفقه؛ فله كذا.." انتهى ما في "الموضوعات" للقاري، وأقول: لم أر ما نقله عن "ذيل الجامع" للسيوطي، وقال القاري أيضًا: قال السيوطي في "اللآلئ" وكذا وصايا علي التي وضعها عبد الله بن زياد بن سمعان أو شيخه. انتهى. ومن الأحاديث الموضوعة بإسناد واحد؛ أحاديث الشيخ المعروف بابن أبي الدنيا، وهو الذي يزعمون أنه أدرك عليًا، وعاش زمنًا طويلًا، وأخذ بركابه؛ فركب وأصابه ركابه فشجه، فقال: مد الله تعالى في عمرك. ومنها كتاب يدعى بمسند أنس البصري مقدار ثلاثمائة حديث يرويه سمعان بن مهدي عن أنس، وأوله: "أمتي في سائر الأمم كالقمر في النجوم". وفي "الذيل" سمعان بن المهدي عن أنس: لا يكاد يعرف، القصة به نسخة مكذوبة قبح الله من وضعها. وفي "اللسان": هي من رواية محمد بن مقاتل الرازي عن جعفر بن هارون عن سمعان، فذكر النسخة وأكثر أحاديثها موضوعة. ومنها الأحاديث التي تروى في التسمية بأحمد؛ فإنها لا أصل لها أصلًا1. ومنها ما في خطبة الوداع عن أبي الدرداء رفعه أوله: "لا يركبن أحدكم البحر عند ارتجاجه ... "، قال القاري قلت: ومنها مسائل عبد الله بن سلام في امتحانه للنبي -صلى الله عليه وسلم- قدر كراسة من مهمات الكلام. وقال في "اللآلئ": الخطبة الأخيرة عن أبي هريرة وابن عباس بطولها موضوعة، اتهم بوضعها ميسرة بن عبد ربه، لا بورك فيه من عند ربه.

_ 1 في انتقاد المغني عن الحفظ والكتاب "نقد هذا الكلام".

وفي الوجيز قال ابن عدي: كتبت جملة عن محمد بن الأشعث عن موسى بن اسماعيل بن جعفر عن آبائه إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- رفعها: إذ أخرج إلينا نسخة قريبًا من ألف حديث عن موسى المذكور عن آبائه بخط طري، عامتها مناكير. قال الدارقطني: أنه من آيات الله وضع ذلك الكتاب يعني العلويات. قال القسطلاني: وسماه السنن وكله بسند واحد منه: لا خيل أبقى من الأدهم، ولا امرأة كابنة العم. ومن الأباطيل أيضًا ما وضعه إسحاق الملطي منها: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تضع الفرج على السرج، ومن منع الماعون؛ لزمه طرف من البخل"، ومنها: "لعن الله الناظر والمنظور إليه"، ومنها: "لا تقولوا مسيجدًا ولا مصيحفًا". ونهى عن تصغير الأسماء المعظمة وأن يسمى بنحو حمدون أو علوان ويعموس وغيرها. وروي عن أبي سعيد الوصية لعلي في الجماع وكيف يجامع؛ فانظر إلى هذا الدجال ما أجرأه. وقال القاري: قال الديلمي: أسانيد كتاب "العروس" -لأبي الفضل جعفر بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي الحسني- واهية لا يعتمد عليها وأحاديثه منكرة. هذا وقد حكى السيوطي عن ابن الجوزي: أنه من وقع في حديثه الموضوع والكذب والقلب أنواع: منهم من غلب عليهم الزهد، فغفلوا عن الحفظ، أو ضاعت كتبه؛ فحدث من حفظه فغلط، ومنهم قوم ثقات؛ لكن اختلطت عقولهم في آخر أعمارهم، ومنهم من روى الخطأ سهوًا، فلما رأى الصواب وأيقن به؛ لم يرجع أنفة أن ينسب إلى الغلط، ومنهم زنادقة وضعوا قصدًا إلى إفساد الشريعة وإيقاع الشك والتلاعب بالدين، وقد كان بعض الزنادقة يتغفل الشيخ فيدس في كتابه ما ليس من حديثه، ومنهم من يضع لنصرة مذهبه، ومنهم من يضع حسبة وترغيبًا، ومنهم من أجاز وضع الأسانيد بكلام حسن، ومنهم من قصد التقرب إلى السلطان، ومنهم القصاص؛ لأنهم يروون أحاديث ترقق وتنفق. انتهى. ومن الموضوعات كما قال القاري ما روي عن مالك أنه قال: دخلت على المأمون والمجلس غاص بأهله؛ فإذا بين الخليفة والوزير فرجة، فجلست بينهما، فحدثته حديثًا مرفوعًا: "إذا ضاق المجلس بأهله، فبين كل سيدين مجلس عالم"، قال في الذيل: منكر؛ إذ لم يبق مالك إلى زمن المأمون.

وفي "الذيل" أيضًا: أخرج ابن أبي أسامة في مسنده عن داود بن المحبر بضعة وثلاثين حديثًا، قال الحافظ ابن حجر: كلها موضوعة، منها: "إن الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر؛ وإنما يرتفع العباد غدًا في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم". ومنها: "أفضل الناس أعقل الناس". ومنها: "قيل: ما أعقل هذا النصراني! فزجره فقال: إن العاقل من عمل بطاعة الله تعالى". ووضع سليمان بن عيسى بضعًا وعشرين حديثًا منها: "قيل لعلقمة ما أعقل النصارى! فقال: مه؛ فإن ابن مسعود كان ينهانا أن نسمي الكافر عاقلًا". ومنها: "ركعتان من العاقل أفضل من سبعين ركعة من الجاهل، ولو قلت بسبعمائة ركعة لكان كذلك". ومنها أيضًا: "أن عدي بن حاتم أطرى أباه، وذكر من سؤدده وشرفه وعقله، فقال -عليه الصلاة والسلام-: إن الشرف والسؤدد والعقل والآخرة للعامل بطاعة الله تعالى، فقال: يارسول الله إنه كان يقري الضيف، ويطعم الطعام، ويصل الأرحام، ويعين على النوائب، ويفعل، فهل ينفع ذلك شيئًا؟ قال: لا؛ لأن أباك لم يقل قط رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين". وفي "الذيل" أيضًا: أن قصة رحيل بلال ثم رجوعه إلى المدينة بعد رؤية النبي -عليه الصلاة والسلام- في المنام وأذانه بها وارتجاج أهل المدينة له؛ لا أصل له. ولعل العلامة ابن حجر الهيثمي لم يطلع عليه حيث ذكره في كتابه المصنف في الزيارة المسمى "تحفة الزوار". وفي "الذيل" أيضًا: "أنه -عليه الصلاة والسلام- لما أراد أن يبني مسجد المدينة؛ أتاه جبريل عليه السلام فقال: إنه سبعة أذرع طولًا في السماء غير مزخرفة ولا منقشة"؛ لم يوجد. وفي "المختصر": "الرجلان من أمتي ليقومان إلى الصلاة وركوعهما وسجودهما واحد، وإن بين صلاتيهما كما بين السماء والأرض"؛ موضوع. ومنها أيضًا: "لا يصح في صلاة الأسبوع شيء، وفي ليلة الجمعة اثنتي عشرة ركعة بالإخلاص عشر مرات"؛ باطل. وكذا ركعتان بـ "إذا زلزلت" خمس عشرة مرة؛ لا أصل له. وفي رواية خمسين مرة، والكل منكر باطل، وقبل الجمعة أربع ركعات بالإخلاص

خمسين مرة؛ لا أصل له، وكذا صلاة عاشوراء وصلاة الرغائب موضوع بالاتفاق، وكذا صلاة ليالي رجب وليلة السابع والعشرين من رجب وليلة النصف من شعبان مائة ركعة في كل ركعة عشر مرات الإخلاص. ولا يغتر بذكر ذلك في "قوت القلوب" و"إحياء علوم الدين" و"تفسير الثعلبي"، وغيرهم. وفي "المواهب اللدنية" للقسطلاني ما يذكره القصاص من أن القمر دخل جيب النبي -صلى الله عليه وسلم- وخرج من كمه؛ فلا أصل له كما ذكره الزركشي عن العماد بن كثير. وكذا ما رواه في معجم ابن قانع عن أمية بن خلف الجمحي أنه قال: "رآني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى يدي صرد، فقال: هذا أول طائر صام يوم عاشوراء"؛ هو من الأحاديث التي وضعتها قتلة الحسين -قاتلهم الله- فهو باطل. وحكى الزين العراقي أنه اشتهر بين العوام: أن من قطع صلاة الضحى بتركها أحيانًا يعمى، فصار الكثير يتركها أصلًا لذلك، وليس لما قالوا أصل بل الظاهر أنه مما ألقاه الشيطان على ألسنتهم ليحرمهم الخير الكثير. ومن ذلك ما روى جعفر بن حسن بن فرقد القصار البصري عن أنس يرفعه: "من قال سبحان الله وبحمده"؛ غرس الله له ألف ألف نخلة في الجنة أصلها ذهب. قال ابن عدي: أحاديثه منكرة. ومن ذلك ما رواه ابن منده وغيره عن أوس عن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من دعا بهذه الأسماء: اللهم أنت حي لا تموت، وغالب لا يغلب، وبصير لا يرتاب، وسميع لا يشك، وصادق لا يكذب، وصلد لا يطعم، وعالم لا يعلم،.... إلى أن قال: فوالذي بعثني بالحق لو دعى بهذه الدعوات على صفائح الحديد لذابت، وعلى ماء جار لسكن، ومن دعى عند منامه بها بعث الله بكل حرف منها سبعمائة ألف ملك يسبحون له ويستغفرون له"؛ فهو موضوع ومختلق مصنوع. ومن ذلك ما رواه عباس بن الضحاك البلخي -كذاب- عن عمر بن الضحاك -مجهول- عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من كتب "بسم الله الرحمن الرحيم"؛ لم يتم الهاء التي في الله؛ إلا كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة".

ومن ذلك ما روى أبو العلاء خالد بن طهمان الخفاف الكوفي، عن نافع عن ابن عمر يرفعه: "من كفن ميتًا؛ فإن له بكل شعرة تصيب كفنه عشر حسنات". قال يحيى بن معين: أبو العلاء ضعيف خلط قبل موته بعشرين سنة. ومن ذلك الأحاديث الواردة في فضل الصلاة في كل يوم من الأسبوع على وجه مخصوص فمنها: في يوم الأحد: "من صلى يوم الأحد أربع ركعات بتسليمة واحدة، يقرأ في كل ركعة "الحمد" و"آمن الرسول".. إلى آخرها كتب الله له ألف ألف حجة، وألف ألف عمرة، وألف ألف غزوة، وبكل ركعة ألف صلاة، وجعل بينه وبين النار ألف خندق"؛ فقبح الله واضعه ما أجرأه على الله وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-. ومنها في ليلة الأحد: "من صلى ليلة الأحد أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و"قل هو الله أحد" عشر مرات؛ أعطاه الله تعالى يوم القيامة ثواب من قرأ القرآن عشر مرات وعمل بما في القرآن، ويخرج يوم القيامة من قبره وجهه مثل القمر ليلة البدر، ويعطيه الله تعالى بكل ركعة ألف مدينة من لؤلؤ في كل مدينة ألف قصر من زبرجد، في كل قصر ألف دار من ياقوت، في كل دار ألف بيت من المسك، في كل بيت ألف سرير"، واستمر هذا الكذاب قبحه الله على الألف. ومنها: في ليلة الاثنين حديث: "من صلى ليلة الاثنين ست ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وعشرين مرة "قل هو الله أحد"، ويستغفر الله بعد ذلك عشر مرات؛ أعطاه الله تعالى يوم القيامة ثواب ألف صديق وألف عابد وألف زاهد؛ فلعن الله واضعه ومختلقه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وحديث: من صلى ليلة الاثنين أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مرة و"قل هو الله أحد" مرة و"قل أعوذ برب الفلق" مرة و"قل أعوذ برب الناس مرة"؛ كفرت ذنوبه كلها، وأعطاه الله تعالى قصرًا في الجنة من درة بيضاء، في جوف القصر سبعة أبيات، طول كل بيت ثلاثة آلاف ذراع، وعرضه مثل ذلك". وهو من وضع الحسين بن إبراهيم كذاب، يروى عن محمد بن طاهر، وضع من هذا الضرب في سائر أيام الأسبوع ولياليه، وذكرنا منه ما تقدم ليعرف به أن هذه الأحاديث من المجازفات القبيحة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ومثلها: "من صلى الضحى كذا وكذا ركعة؛ أعطي ثواب سبعين نبيًا". وكذا من المختلق على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديث: "من اغتسل يوم الجمعة بنية وخشية؛ كتب الله له بكل شعرة نورًا يوم القيامة، ورفع له بكل قطرة درجة في الجنة من الدر والياقوت والزبرجد بين كل درجتين مسيرة مائة عام". وهو من وضع عمر بن صبيح الكذاب الخبيث. ومن الأحاديث المكذوبة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديث: "من قال "لا إله إلا الله"؛ خلق الله من كل كلمة طائرًا له سبعون ألف لسان، في كل لسان سبعون ألف لغة، يستغفرون الله تعالى له. ومن فعل كذا وكذا أعطي من الجنة سبعين ألف مدينة في كل مدينة سبعون ألف قصر، في كل قصر سبعون ألف حوراء". قال القاري ومنها: حديث: "إذا عطس الرجل عند الحديث فهو صدق". فهذا وإن صحح بعض الناس سنده؛ فالحس يشهد بوضعه؛ لأنا نشاهد العطاس والكذب يعمل، ولو عطس ألف رجل عند حديث يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم؛ لم يحكم بصحته بالعطاس، ولو عطسوا عند شهادة رجل؛ لم يحكم بصحته قال: قلت: وقد روى أبو نعيم كما في "الجامع الصغير" عن أبي هريرة: العطاس عند الدعاء شاهد صدق. ثم قال: ومنها حديث: "إن الله خلق السموات والأرض يوم عاشوراء". وكذلك حديث: "اشربوا على الطعام تشبعوا". وكذلك حديث: "أحضروا موائدكم البقل؛ فإنه مطردة للشيطان". وحديث: "ما من ورقة من الهندباء؛ إلا عليها قطرة من ماء الجنة". وحديث: "بئس البقلة الجرجير، من أكل منها ليلًا بات ونفسه تنازعه، ويضرب عرق الجذام من أنفه، فكلوها نهارًا وكفوا عنها ليلًا". وحديث: "فضل دهن البنفسج على الأدهان؛ كفضل الخبز على الحبوب". وحديث: "الكمأة والكرفس؛ طعام إلياس واليسع". وحديث: "ما من رمان؛ إلا ويلقح بحبة من رمان الجنة". وحديث: "ربيع أمتي العنب والبطيخ". وحديث: "عليكم بمداومة أكل العنب مع الخبز". وحديث: "عليكم بالملح؛ فإن فيه شفاء من سبعين داء". وكذا حديث: "من لقم أخاه لقمة حلوة؛ صرف الله عنه مرارة الموقف". وحديث: "من أخذ لقمة من مجرى الغائط أو البول فغسلها ثم أكلها غفر له".

ومن ذلك كما في القاري أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه: كحديث عوج بن عنق الطويل، الذي قصد واضعه الطعن في أخبار الأنبياء، فإن في هذا الحديث: "أن طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة وثالثة وثلاثون، وأن نوحًا لما خوفه الغرق قال: احملني في قصعتك هذه، وأن الطوفان لم يصل إلى كعبه، وأنه خاض البحر فوصل إلى حجرته، وأنه كان يأخذ الحوت من قرار البحر فيشويه في عين الشمس، وأنه قلع صخرة عظيمة على قدر عسكر موسى وأراد أن يرصعهم بها فقورها الله تعالى في عنقه مثل الطوق". قال: وليس العجب من جرأة مثل هذا الكذاب على الله تعالى؛ إنما العجب ممن يدخل هذا الحديث في كتب العلم من التفسير وغيره ولا يبين أمره. وللسيوطي -رحمه الله تعالى- تأليف سماه: "الأوج في خبر عوج" وهو من الرسائل المدرجة في "الحاوي للفتاوي" للحافظ السيوطي حقق فيه أن لعوج أصلًا؛ لكنه ليس. بالصفة المذكورة. ومن الأحاديث الموضوعة؛ أحاديث الاكتحال والادهان والتطيب يوم عاشوراء؛ فمن فعل ذلك فيه معتقدًا السنة مظهرًا للفرح والسرور؛ فهو مبتدع. وكذا من اتخذه يوم تألم وأحزان ولبس سواد ودوران في البلاد وجرح الرؤس والأبدان كما اشتهر ذلك عن الرفضة في بلاد العجم من خراسان، فعليهم غضب الجبار. ومن الأحاديث الموضوعة أحاديث وضعها بعض الزنادقة أو جهلة المتصوفة في فضائل السور إلا ما استثني، ولا يغتر بذكر الواحدي والثعلبي والزمخشري والبيضاوي لها في تفاسيرهم، كما نبه على ذلك الحفاظ، كما أشار إلى ذلك بقوله الحافظ العراقي: وكل من أودعه كتابه ... كالواحدي مخطئ صوابه وقال السيوطي في التدريب شرح التقريب: ومن الموضوع الحديث المروي عن أبي بن كعب مرفوعًا في القرآن سورة سورة من أوله إلى آخره، فروينا عن المؤمل بن اسماعيل قال: "حدثني شيخ به، فقلت للشيخ: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ بالمدائن وهو حي فصرت إليه: فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ بواسط وهو حي، فصرت إليه، فقال حدثني شيخ بالبصرة فصرت إليه، فقال: حدثني شيخ بعبادان

فصرت إليه، فأخذ بيدي فأدخلني بيتًا؛ فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ، فقال هذا الشيخ: حدثني، فقلت: يا شيخ من حدثك؟ فقال: لم يحدثني أحد، ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن، فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن. قلت: ولم أقف على تسمية هذا الشيخ؛ إلا أن ابن الجوزي أورده في "الموضوعات" من طريق برمع بن حبان عن علي بن زيد بن جدعان، وعطاء بن ميمونة عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب، وقال: الآفة فيه من برمع، ثم أورده من طريق مخلد بن عبد الواحد، فكأن أحدهما وضعه، والآخر سرقه، أو كلاهما سرقه من ذلك الشيخ الواضع، وقد أخطأ من ذكره من المفسرين في تفسيره كالثعلبي والواحدي والزمخشري والبيضاوي. قال العراقي: لكن من أبرز إسناده منهم كالأولين؛ فهو أبسط لعذره، إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده، وإن كان لا يجوز له السكوت عليه، وأما من لم يبرز سنده وأورد بصيغة الجزم؛ فخطأه أفحش. انتهى كلام السيوطي. ومن الأحاديث الموضوعة المختلفة: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حضر سماعًا فحصل له طرب حتى رقص وشق قميصه"؛ فلعن الله واضعه. ومنها غير ذلك مما نص على وضعه الأئمة الحفاظ من أهل الحديث فجزاهم الله الجزاء حيث ذبوا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. واستقصاء ذلك يطول. قال الصغاني: ومن الأحاديث الموضوعة القدسية المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أحمد من أحب الدنيا وأهلها"، والكلمات المنسوبة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالفارسية مثل: العنب دودو يعني ثنتين ثنتين، والتمر يك يك يعني واحدة واحدة. والأحاديث التي تروى في التختم بالعقيق؛ لا يثبت منها شيء، والحرز المنسوب لأبي دجانة الأنصاري، وسند أنس بن مالك الذي يروى عن جعفر بن هارون الواسطي عن سمعان عن أنس يعني هو مقدار ثلاثمائة حديث يرويها سمعان المهدي عن أنس، وأوله: "إن أمتي في سائر الأمم كالقمر في النجوم". وأحاديث الأشج، وأحاديث خراش، وأحاديث نسطور الرومي، وأحاديث يسر، وأحاديث يغنم ويشخب، ونسخة إبراهيم بن هدية القيسي، وأحاديث رتن الهندي، وما يحكى عن بعض الجهال: أنه اجتمع بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وسمع منه ودعا له

-عليه السلام- بقوله: عمرك الله. ليس له أصل عند أئمة الحديث وعلماء السنة، ولم يعش من الصحابة ممن لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من خمس وتسعين سنة وهو أبو الطفيل، فبكوا عليه وقالوا: هذا آخر من لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا هو الصحيح؛ تصديقًا لقوله -عليه الصلاة والسلام- حين صلى العشاء الأخيرة في آخر عمره ليلة، فقال لأصحابه: "أرأيتم ليلتكم هذه؛ فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو على وجه الأرض أحد من المؤمنين". وكذا الأحاديث التي ينسبها إلى الحكيم الترمذي بعض الفقراء بزعمهم أنه سمعها من أبي العباس الخضر؛ فليس لها أصل يعتمد عليه، بل ينقلونها في زواياهم، ودين الإسلام أشرف من أن يؤخذ من جاهل عامي، أو يثبت بقول عاقل غبي؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "ذروني ما تركتكم، وإني تركتكم على البيضاء النقية ليلها كنهارها، إن تمسكتم لن تضلوا بعدي: كتاب الله، وأصحابي، وسنتي". وقد نظم بعضهم أسماء الكذابين الوضاعين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحاديث نسطور ويسر ويغنم ... وبعد أشج القيس ثم خراش ونسخة دينار وأخبار توبة ... أبي هدية القيسي شبه فراش والأحاديث المنسوبة إلى محمد بن سرور البلخي وأحاديث شهر بن حوشب كلها موضوعة، وأسماء الضعفاء والمتروكين عند أئمة الحديث شهر بن حوشب وحماد بن عمر النصيبي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأيوب بن عتبة، ومحمد بن الجربياري، ومحمد بن سرور البلخي، وسمعان المهدي، وجعفر بن هارون الواسطي وعبد الله بن المسور المدائني، وأبو عاتكة طريف بن سليمان، وأبو عقال هلال بن زيد، وأبو سعيد عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، وأبو زيد بن عبد الرحمن بن زيد الجراري العجمي البصري، وأبو سعيد عبد الله بن قيس الرقاشي، وأبو سعيد عبد المنعم بن نعيم. ومنها الأحاديث في فضيلة رجب، وأقول: لكن منها أحاديث ضعيفة، وليست بموضوعة كما نبه على ذلك ابن حجر العسقلاني في "تبيين العجب فيما يتعلق برجب". ثم قال الصغاني: ومنها قولهم: رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي.

ومنها فضيلة كل شهر ويوم وليلة كما ذكر صاحب يواقيت المواقيت، والصحيح ما جاء في الكتب العشرة كالصحيحين وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارقطني وسائر أئمة الحديث ممن يعتبر قولهم في هذا الباب ويكون حجة وعند أولي الألباب، وكل عاقل أديب وفطن لبيب يعرف من ركاكة تلك الألفاظ أنها ليست من كلام المؤيد بالفيض الإلهي في الكشف القدسي بقوله: "أنا أفصح العرب والعجم". وأقول: لكن ما استند إليه من حديث: "أنا أفصح العرب والعجم". قال السيوطي فيه: لا يعلم من خرجه ولا إسناده، قال الصغاني: وهذا من جنس اعتناء بعض الأغبياء الجهال والعوام الضلال، يدعوهم بدعاء تمخيشًا وتمشيشًا وتمخيثًا، ودعائهم في الشدائد بأسماء أصحاب الكهف، ودعاء شميخ وغيرهم من الدعوات المجهولة بزعمهم أن هذه من أسماء الله العظام، والأدعية المستجابة عند العلام، وأنه من التوراة والإنجيل ولسنا ملتزمين في شريعتنا بتلك الأدعية في الصباح والمساء، ولم يقل بها أحد من العلماء؛ بل وضعها أغبياء الأدباء وسفهاء القصاص لتغرير العوام وجمع الحطام، وقد قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} قال -عليه الصلاة والسلام: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا؛ من أحصاها دخل الجنة". ولم يعدها من أئمة الحديث غير الترمذي. والشيطان في أكثر الأزمان يظهر لتلك السماء تأثيرات ومنافع لأجل غرر الجهال، وربما يكون التلفظ بتلك الأسماء كفرًا، وليس لنا أن نتكلم بكلام لا يعرف معناه بالعربية، وقد قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} وهو يقول ويدعو: "هباشراهيا إذوياء أصباوت؛ فكن متبعا لهذه الدقيقة"؛ فقد ضل بها خلق كثير، وقانا الله عن البدع والأهواء، والفتنة المدلهمة الظلماء، كالليلة السوداء. وكذا الاعتناء بألف اسم واسم واحد يدعون بعض العوام بها، ولم يرد فيها خبر، ولا أثر عن السلف الصالح وأئمة الهدى، بل بعضها كفر؛ لأن أسماء الله تعالى توقيفية لا يجوز لنا أن ندعو إلا بما ورد في الكتاب والسنة، فنقول يا كريم، ولا نقول يا سخي، ونقول يا عالم ولا نقول يا عاقل. ومن الأحاديث الموضوعة: "ما جاء في فضيلة أول ليلة جمعة من رجب" الصلاة الموضوعة فيها التي تسمى "صلاة الرغائب"؛ لم تثبت في السنة ولا عند أئمة الحديث، وإن ذكره صاحب "الإحياء" وصاحب "قوت القلوب"؛ لأن السنة لا تثبت إلا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أو فعله أو تقريره.

ومنها الحديث الطويل الذي يروى عن القمر في كل شهر. وكذلك حديث خراب البلدان كل بلدة بآفة، كالغرق والزلزلة والقحط والموت، وغير ذلك، والحديث الذي رواه أبو عقال عن أنس في الطواف بالمطر؛ فهو بجميعه باطل لا أصل له. وقال القاري في "الموضوعات": وأما ما أخرجه الدولابي عن الحسين بن علي -رضي الله عنهما- أنه قال: "كان رأس النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجر علي -رضي الله عنه- وهو يوحى إليه؛ فلما سري عنه قال: يا علي صليت العصر؟ قال: لا، قال: اللهم إنك تعلم أنه كان في حاجتك وحاجة رسولك، فرد عليه الشمس؛ فردها عليه، فصلى وغابت الشمس"؛ فقد قال العلماء: إنه حديث موضوع، ولم ترد الشمس لأحد؛ وإنما حبست ليوشع بن نون -كذا في الرياض النضرة- إلا أنه ذكره في الشفاء من رواية الطحاوي، وبينا وجهه في شرحه على طريق الاستيفاء. وقال ابن الجوزي في شرح المصابيح: وأما ما يزاد بعد قوله "اللهم أنت السلام ومنك السلام" من نحو "وإليك يرجع السلام فحينا ربنا بالسلام وأدخلنا دارك دار السلام"؛ فلا أصل له، أي في كونه حديثًا؛ وإلا فهو كلام صحيح المعنى والمبنى. وقال جماعة من العلماء: ما يذكره بعضهم من أن الحسن لم يسمع من علي ولم يرد في خبر ضعيف أنه -عليه السلام- ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحد من أصحابه، ولا أمر أحد منهم بفعلها، وكل ما يروى في ذلك صريحًا؛ فهو باطل، نعم لبسها وألبسها جمع منهم تشبها بالقوم وتبركًا بطريقتهم؛ إذ ورد لبسهم لها مع الصحبة المتصلة إلى كميل بن زياد وهو قد صحب عليًا اتفاقًا، وفي بعض الطرق اتصالها بأويس القرني وهو قد اجتمع بعمر وعلي اتفاقًا. قلت وكذا ما اشتهر بينهم من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى عمر وعلي بخرقته لأويس، وأنهما سلماها إليه، وأنها وصلت إليهم من أويس، وهلم جرا؛ فلا أصل له أيضًا. وقال ابن أمير حاج: وفي ذي الحليفة آبار تسميها العوام آبار علي؛ لزعمهم بأنه قاتل الجن في بعض تلك الآبار. وهو كذب من قائله. ومن الأحاديث الموضوعة: ما ذكره ابن عدي في ترجمة الحسن بن علي بن زكريا بن صالح العدوي البصري الملقب بالذئب عن علي -رضي الله عنه- أن النبي

-صلى الله عليه وسلم- قال: ليلة أسري بي إلى السماء سقط إلى الأرض من عرقي، فنبت منه الورد؛ فمن أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد. انتهى ما في "الموضوعات" للقاري، وضع الله عنا سيئات أعمالنا بأفضاله الجاري، وختمها بالصالحات، بجاه1 محمد -صلى الله عليه وسلم- سيد السادات. وباب فضيلة التسمية بمحمد وأحمد والمنع من ذلك؛ لم يصح فيه شيء. وباب العقل وفضله؛ لم يصح فيه حديث نبوي. وباب عمر الخضر وإلياس وطول ذلك أو بقائهم؛ لم يصح فيه حديث. وباب العلم وحديث طلب العلم فريضة؛ وكل ما في هذا المعنى ليس فيه حديث صحيح. وباب من سئل عن علم فكتمه؛ لم يصح فيه حديث2. وباب فضائل القرآن: من قرأ سورة كذا فله كذا من أول القرآن إلى آخره سورة سورة، وفضيلة قراءة كل سورة، رووا ذلك وأسندوه إلى أبي بن كعب؛ ومجموع ذلك مفترى وموضوع بإجماع أهل الحديث. والذي صح من باب فضائل القرآن أنه قال: "ألا أعلمك سورة هي أعظم سورة في القرآن؛ الحمد لله رب العالمين". وحديث: "البقرة وآل عمران غمامتان ... "، وحديث: آية الكرسي الذي قاله لأبي: "أتدري أي آية من كتاب الله أعظم". وحديث: "يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمهم البقرة وآل عمران". وحديث: "من قرأ آيتين من آخر سورة البقرة في كل ليلة كفتاه". وحديث: "لقد صدقك، وإنه لكذوب في فضل آية الكرسي". وحديث: "قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن". وحديث: "فضل المعوذتين أنزل على آيات لم ير مثلهن قط". وحديث: "الكهف من قرأ منها عشر آيات عصم من الدجال". وباب فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه أشهر المشهورات من الموضوعات كحديث: "إن الله يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة". وحديث:

_ 1 هذا من قبيل التوسل غير المشروع. 2 قلت: قد صح حديث أبي هريرة، وهو عند أحمد وأبي داود وغيرهما، وأورده المصنف في كتابه هذا برقم "2505".

"ما صب الله في صدري شيئًا؛ إلا وصببته في صدر أبي بكر.. وحديث: "كان -صلى الله عليه وسلم- إذا اشتاق إلى الجنة؛ قبل شيبة أبي بكر.."، وحديث: "أنا وأبو بكر كفرسي رهان.."، وحديث: "إن الله لما اختار الأرواح؛ اختار روح أبي بكر.."؛ وأمثال هذا من المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل. وباب فضائل علي -رضي الله عنه- وضعوا في أحاديث لا تعد، ومن أفصحها الأحاديث المجموعة في الكتاب المسمى بـ "الوصايا النبوية"، أول كل حديث يا علي، والثابت من تلك الجملة حديث واحد: "يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى". وباب فضائل معاوية؛ ليس فيه حديث صحيح. وباب فضائل أبي حنيفة والشافعي وذمهما؛ ليس فيه شيء صحيح، وكل ما ذكر من ذلك؛ فهو موضوع ومفترى. وباب فضائل البيت المقدس والصخرة وعسقلان وقزوين والأندلس ودمشق؛ ليس فيه حديث صحيح غير: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ... "، وحديث: "سئل عن أول بيت وضع في الأرض؛ فقال: المسجد الحرام قيل مثل ماذا؟ قال مثل المسجد الأقصى ... "، وحديث: "إن الصلاة فيه تعدل خمسمائة صلاة". وباب إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا، قال جماعة؛ لم يصح فيه حديث، وجماعة قائلون بصحته، وقد أورد أكابر أهل الحديث في مصنفاتهم1. وباب استعمال الماء المشمس؛ لم يصح فيه حديث. وباب تنشيف الأعضاء من الوضوء؛ لم يصح فيه حديث. وباب تخليل اللحية ومسح الأذنين والرقبة؛ لم يصح فيه حديث. وباب الوضوء بنبيذ التمر؛ لم يصح فيه حديث. وباب أمر من غسل ميتًا بالاغتسال؛ لم يصح فيه حديث. وباب النهي عن دخول الحمام؛ لم يصح فيه شيء. وباب "بسم الله الرحمن الرحيم" آية من كل سورة؛ لم يصح فيه حديث. وباب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم؛ لم يصح فيه حديث.

_ 1 قلت: قد صح الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في صحيح الجامع "416".

وباب "الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن" المروي بأسانيد عديدة؛ لم يصح فيه شيء1. وباب "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد"؛ لم يصح فيه شيء. وباب جواز الصلاة خلف كل بر وفاجر؛ لم يصح فيه شيء. وباب الصلاة لمن عليه صلاة؛ لم يصح فيه شيء. وباب إثم الإتمام وإثم الصيام في السفر؛ ليس يصح فيه شيء. وباب القنوت في الفجر والوتر؛ لم يصح فيه حديث بل قد ثبت عن بعض الصحابة فعل القنوت. وباب النهي عن الصلاة على الجنائز في المسجد؛ لم يصح فيه حديث. وباب رفع اليدين في تكبيرات صلاة الجنائز؛ لم يصح فيه شيء. وباب "الصلاة لا يقطعها شيء"؛ لم يثبت فيه شيء. وباب صلاة الرغائب، وصلاة نصف شعبان، وصلاة نصف رجب، وصلاة الإيمان، وصلاة ليلة المعراج، وصلاة ليلة القدر، وصلاة كل ليلة من رجب وشعبان، ورمضان وهذه الأبواب؛ لم يصح فيها شيء أصلًا. وباب صلاة التسابيح؛ لم يصح فيه حديث. وباب زكاة الحلي؛ لم يثبت فيه شيء. وباب زكاة العسل -مع كثرة ما روي فيه؛ لم يثبت فيه شيء. وباب زكاة الخضراوات؛ لم يثبت فيه شيء. وباب السؤال وقوله "اطلبوا من الرحماء ومن حسان الوجوه"، وكل ما في هذا المعنى؛ مجموعه باطل. وباب فضل المعروف والتحذير من التبرم من حوائج الخلق؛ لم يثبت فيه شيء. وباب فضائل عاشوراء، ورد استحباب صيامه وسائر الأحاديث في فضله، وفضل الصلاة فيه، والإنفاق، والخضاب، والادهان، والاكتحال، وطبخ الحبوب، وغير ذلك؛ مجموعه موضوع مفترى، قال أئمة الحديث: الاكتحال فيه بدعة ابتدعها قتلة الحسين. وباب صيام رجب، وفضله؛ لم يثبت فيه شيء بل قد ورد كراهة ذلك.

_ 1 قلت: بل صح، وانظر طرقه والكلام عليه في الإرواء "217".

وباب الحجامة تفطر؛ لم يصح فيه شيء. وباب "حجوا قبل أن لا تحجوا"، وحديث: "من أمكنه الحج ولم يحج؛ فليمت إن شاء يهوديًا وإن شاء نصرانيًا"؛ لم يثبت فيه شيء. وباب "كل قرض جر منفعة؛ فهو ربا"؛ لم يثبت فيه شيء. وباب "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل"؛ لم يصح فيه شيء. وباب الأمر باتخاذ السراري؛ لم يثبت فيه شيء. وباب مدح العزوبة؛ لم يثبت فيه شيء. وباب حسن الخط والتحريض على ما تعلمه؛ لم يثبت فيه شيء. وباب النهي عن قطع السدر؛ لم يثبت فيه شيء. وباب فضل العدس والباقلاء والجبن والجوز والباذنجان والرمان والزبيب؛ لم يصح فيه شيء. وإنما وضع الزنادقة في هذه الأبواب أحاديث وأدخلوها في كتب المحدثين شينًا للإسلام -خذلهم الله. وباب فضل اللحم، وأن أفضل طعام الدنيا والآخرة اللحم؛ لم يثبت فيه شيء. وباب النهي عن قطع اللحم بالسكين؛ لم يثبت فيه شيء. وباب فضل الهريسة؛ لم يثبت فيه شيء، والجزء المشهور في ذلك؛ مجموع مفترى. وباب النهي عن أكل الطين؛ لم يثبت فيه شيء. وباب الأكل في السوق؛ لم يثبت فيه شيء. وباب فضائل البطيخ؛ لم يثبت فيه شيء، وأحاديث كتاب البطيخ؛ مجموعها باطل وموضوع، والثابت من تلك الجملة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل البطيخ. وباب فضائل النرجس والمردقوش والبنفسج والبان؛ لم يثبت فيه حديث، وحديث "من شم الورد"، وحديث "خلق الورد من عرقي"، وأمثال هذا؛ كلها موضوعة باطلة. وباب فضائل الديك الأبيض؛ لم يثبت فيه شيء والحديث المسلسل المشهور فيه: "الديك الأبيض صديقي"؛ باطل موضوع. وباب فضائل الحناء؛ ليس فيه شيء صحيح.

وباب النهي عن نتف الشيب؛ لم يثبت فيه شيء. وباب التختم بخاتم من عقيق، والتختم في اليمين؛ لم يثبت فيه شيء. وباب النهي عن عرض الرؤيا على النسوان؛ لم يصح فيه شيء. وباب تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بالفارسي مثل: "العنب دودو يا سلمان شكب درد"؛ لم يثبت فيه شيء وحديث: "كلمة فارسية ممن يحسن العربية لمن يحسنها خطبته"؛ خطأ. وباب "ولد الزنا لا يدخل الجنة"؛ لم يثبت بل هو باطل. وباب "ليس لفاسق غيبة"، وما في معناه؛ لم يثبت فيه شيء. وباب ذم السماع؛ لم يرد فيه شيء. وباب اللعب بالشطرنج؛ ليس فيه حديث صحيح. وباب النهي عن سب البراغيث؛ لم يثبت فيه شيء. وباب "لا تقتل المرأة إذا ارتدت"؛ ما صح فيه حديث؛ بل صح خلاف ذلك: "من بدل دينه فاقتلوه". وباب "إذا وجد القتيل بين قريتين ضمن أقربهما"؛ ما ثبت فيه شيء. وباب "من أهديت له هدية وعنده جماعة فهم شركاؤه"؛ ما ثبت فيه شيء. وباب ذم الكسب وفتنة المال؛ ما ثبت فيه شيء. وباب ترك الأكل والشرب من المباحات؛ ما صح فيه شيء. وباب الحجامة واختيارها في بعض الأيام وكراهتها في بعضها؛ ما ثبت فيه شيء، والثابت في هذا الباب: "مر أمتك بالحجامة". وحديث الصحيحين: "إن كان في شيء شفاء؛ ففي شرطة حجام، أو شربة عسل، أو لذعة بنار". وباب الاحتكار فيه أحاديث كثيرة منقولة، ولم يصح فيه شيء سوى حديث مسلم: "من احتكر؛ فهو خاطئ"، وبعضهم يقول: هو منسوخ، وبعضهم يحمله إن أضر بأهل ذلك المقام؛ وإلا لا. وباب مسح الوجه واليدين بعد الدعاء؛ ما صح فيه حديث.

وباب موت الفجأة؛ ما صح فيه شيء. وحديث: "أنها راحة للمؤمن وأخذة أسف للكافر"؛ ما ثبت فيه شيء. وباب الملاحم والفتن والمروي في ذلك: "أن أمير المؤمنين علي قال للزبير في يوم الجمل: أنشدك الله هل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سقيفة بني فلان يقول: ليقاتلنك وأنت ظالم له"؛ لم يثبت ولم يصححه أهل الحديث. وباب ظهور آيات القيامة في الشهور المعينة ومن المروي فيه: "يكون في رمضان هدة وفي شوال همهمة"، إلى غير ذلك؛ ما ثبت فيه شيء، ومجموعه باطل. وباب "الإجماع حجة"؛ لم يصح فيه حديث. وباب "القياس حجة"؛ لم يثبت فيه شيء. وباب "المولودين بعد المائة"؛ لم يثبت فيه شيء. وباب وصف ما يقع بعد مائة وثلاثين سنة، وبعد مائتي سنة، وبعد ثلاثمائة سنة، ومذمة أولئك القوم ومدح الانفراد والتجرد في ذلك؛ مجموعه باطل ومفترى. وحديث: "الغرباء ثلاثة: قرآن في جوف ظالم ومصحف في بيت لا يقرأ فيه ورجل صالح بين قوم سوء"؛ باطل. وباب ظهور الآيات بعد المائتين؛ لم يثبت فيه شيء. وباب مذمة الأولاد في آخر الزمان وقول: "لئن يربي أحدكم جرو كلب؛ خير له من أن يربي ولدًا"، وحديث: "يكون المطر فيضًا والولد غيظًا". لم يثبت من هذه الأحاديث شيء. وباب تحريم القرآن بالألحان والتغني؛ لم يثبت فيه شيء؛ بل ورد خلاف ذلك في الصحيح وهو: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وهو يقرأ سورة الفتح ويرجع فيها" قال الراوي: والترجيع آآ آ. وباب تحليل النبيذ؛ لم يصح فيه شيء. وباب "إذا سمعتم عني حديثًا فاعرضوه على كتاب الله؛ فإن وافقه فاقبلوه؛ وإلا فردوه"؛ لم يثبت فيه شيء، وهذا الحديث من أوضع الموضوعات، بل صح خلافه: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه". وجاء في حديث آخر صحيح: "لا ألفين أحدكم متكئًا على متكإ يصل إليه عني حديث فيقول لا نجد هذا الحكم في القرآن؛ ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه".

وباب انتفاع أهل العراق بالعلم والمشي إلى طلب العلم حافيًا، والتملق في طلب العلم، وعقوبة المعلم الجائر على الصبيان، والدعاء بالفقر على المعلمين؛ لم يصح فيه شيء. وباب الحاكة وذمهم ومدحهم؛ لم يثبت فيه شيء. وباب إنشاد الشعر بعد العشاء، وحفظ العرض بإعطاء الشعراء، وذم التعبد بغير فقه، ومذمة العلماء الذين يمشون إلى السلطان، ومسامحة العلماء، وزيارة الملائكة قبور العلماء؛ لم يثبت فيه شيء. وباب افتراق الأمة إلى اثنتين وسبعين فرقة؛ لم يثبت فيه شيء. والله أعلم بالصواب1. وكتبت هذه النسخة الشريفة برسم فخر الأشراف السيد سعيد الحافظ الشيخ أحمد الحلبي العطار -حفظهما الله تعالى- آمين. ووافق الفراغ من ذلك في نهار الجمعة الرابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة خمس وثمانين ومائة وألف، على يد العبد الفقير إسماعيل ابن الشيخ محمد خليفة -غفر الله له ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين- آمين.

_ 1 من قول المصنف "باب في فضل التسمية بمحمد أو أحمد" في الصفحة 511 إلى هنا فيه نظر، فقد ورد في بعض الأبواب المذكورة أحاديث ذكرها هو نفسه في كتابه هذا وبعضها مثبت في "انتقاد المغني عن الحفظ والكتاب"، والمصنف لم يبتدع هذه الأبواب من لدنه؛ بل نقلها عن خاتمة "سفر السعادة" للفيروزابادي وهو متابع فيها لابن بدر صاحب "المغني عن الحفظ والكتاب" وغيره.

فهرس

فهرست الكتاب: حرف الشين المعجمة 3 حرف الصاد المهملة 20 حرف الضاد المعجمة 38 حرف الطاء المهملة 41 حرف الظاء المعجمة 57 حرف العين المهملة 60 حرف الغين المعجمة 91 حرف الفاء 96 حرف القاف 106 حرف الكاف 123 حرف اللام 162 حرف الميم 207 حرف النون 376 حرف الهاء 401 حرف الواو 407 حرف اللام ألف 425 حرف الياء التحتانية 469 الخاتمة 497

§1/1