كتاب فيه لغات القرآن

الفراء، يحيى بن زياد

كِتَابٌ فِيهِ لُغَاتُ القُرْآنِ إِمْلَاءُ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بنِ زِيَادٍ الفَرَّاءِ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بنِ الجَهْمِ السِّمَّريِّ عَنْهُ رِوَايَةُ أَبِي بَكْرٍ (هُوَ ابنُ مُجَاهِدٍ إِنْ شَاءَ اللهُ) عَنْهُ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى أَجْمَعِينَ عن نسخةٍ عتيقةٍ ناقصةٍ مُعارَضةٍ نَسَخَه جابر بن عبد الله بن سريّع السريّع وضَبَطَه وصَحَّحه حَسَبَ وُسْعِهِ وطاقتِهِ

بسم الله الرحمن الرحيم

نُشر على الشبكة العالمية في شعبان سنة 1435

قال ناسخه -عفا الله تعالى عنه وعن والديه-: اعلم -وفقني الله وإياك- أَنِّي وقفتُ على صورة نسخةٍ من كتاب أبي زكريا هذا، فوجدتُّ نسختَه عتيقةً، مضبوطةً ضبطًا يكاد يكون تامًّا، قد عارضها غيرُ ناسخِها بنسخةٍ أخرى، لكنَّها مضطربةُ ترتيبِ الأوراقِ، ناقصةٌ من أولها وآخرها وفي أثنائها، منطمسةٌ ومنقطعةٌ بعضُ كلماتِها. فرتَّبت أوراقَها، وأثبتُّها على الوَجْهِ كما هي، بهِجَاء أهلِ زمانِنا، مقتصرًا في ضبطِها على ما ترى، مجتهدًا في تصحيحِ خطئِها، وتتميمِ نقصِها، مشيرًا إلى ذلك بقولي في الحاشية: «في النسخة: كذا»، واضعًا ثلاثَ نقطٍ متوالياتٍ هكذا ... مكانَ الكلمةِ المنطمسةِ أو المنقطعةِ فيها، جاعلًا بين معقوفين هكذا [] ما كتبه غيرُ ناسخها في متنها أو حاشيتها تصحيحًا أو بيانًا لفرقٍ أو زيادةٍ. وهذا أولُ ما ألفيتُ فيها:

[من سورة الفاتحة]

ضمةٌ بعدَها كسرةٌ في حرفٍ واحدٍ؛ لأن ذلك غيرُ موجودٍ في الأسماءِ. وسمعتُ نفرًا من رَبِيعَةَ يرفعون الدالَ واللامَ؛ فَيقولون: «الحَمْدُ لُلَّهِ». وإنما رفعوهما جميعًا؛ لأنهم تَوَهَّموا أنه حرفٌ واحدٌ، والحرفُ الواحدُ قد يكونُ فيه ضمتان مجتمعتان، مثلُ: الحُلُمِ، والْعُقُبِ. والمَثَلُ (¬1) فِي تغليبِهم رفعةَ الدالِ على اللامِ وكسرةَ اللامِ على الدالِ بمنزلةِ قولِهم: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا}، و «رِدُّوا»، و «قِيْلَ»، و «قُولَ» (¬2). * وفي {الرَّحِيمِ} وما كان ثانيه واحدًا من الستةِ الأحرفِ وهو على «فَعِيلٍ» (¬3)؛ فإن أهلَ الحجازِ وبني أَسَدٍ يفتحون أوَّلَه، وعليه القراءةُ. وكثيرٌ من العربِ: قَيْسٌ وتَمِيمٌ ورَبِيعَةُ ومَن جاورهم؛ يكسرون أوائلَ الحروفِ، فَيقولون للبَعِيرِ: بِعِيرٌ، وللَّئِيمِ: لِئِيمٌ، وللبَخِيلِ: بِخِيلٌ، ورِغِيفٌ، وشِهِيدٌ، ولا يُقْرَأُ بها؛ لأن القراءةَ قد جَرَتْ على اللغةِ الأُولى. * وأما قولُه: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}؛ فللعربِ فيه لغةٌ إذا نودي: ذُكِرَ عن بعضِ القُرَّاءِ أنه قَرَأَ: {يَا مَالِ لِيَقْضِ عَلَيْنَا}، فقيل له: {يَا مَالِك}، فقال: تلك لغةٌ، وهذه لغةٌ. ومَن قَرَأَ: {مَلِك}؛ فإن معناه غيرُ معنى {مَالِك}، وهما متقاربان، ¬

_ (¬1) في النسخة: «والمُثلُ». (¬2) في النسخة: «وَقِيْلُ وقُِولَ»، وكأنَّ ضمة اللام في «قِيْلُ» كانت فتحةً. (¬3) في النسخة: «فَعِيْلَ».

فأما {مَلِك} فهو في معنى المُلْكِ، كقولِه: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}، ومَن قَرَأَ: {مَالِك}؛ فإنه يريدُ -واللهُ أعلمُ-: حاكمٌ ومُجَازٍ بالدينِ. وقد ذُكِرَا جميعًا عن النبيِّ صلى اللهُ عليه: حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني خَازِمُ بنُ حُسَيْنٍ البَصْرِيُّ، عن مَالِكِ بنِ دِينَارٍ، عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قال: قَرَأَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وأبو بَكْرٍ وعُمَرُ وعُثْمَانُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: وحدَّثني أبو بَكْرِ بنُ عَيَّاشٍ، قال: حدَّثني سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عن رجلٍ قد سمَّاه، عن أمِّ سَلَمَةَ، قالت: سمعتُ النبيَّ صلى اللهُ عليه يقرأُ (¬1): {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، بغيرِ ألفٍ. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثنا شَرِيكٌ (¬2)، عن أبي إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيِّ، عن يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، أنه قَرَأَ ... بغير ألفٍ. * وفي {نَسْتَعِينُ} لغتان: فأما قُريْشٌ (¬3) وكِنَانَةُ فينصبون النونَ، وعليها القراءةُ. وعامةُ العربِ من تَمِيمٍ وأَسَدٍ وقَيْسٍ ورَبِيعَةَ يقولون: نِسْتَعِينُ، وتِسْتَعِينُ، ¬

_ (¬1) لم أتيقَّن ما هاهنا؛ أهو «يقرأ» أم «يقول»؟ والمثبت الأظهر. (¬2) في النسخة: «شرِيكُ». (¬3) في مواضعها المضبوطة في النسخة جميعًا: «قُرِيْش» على الإمالة.

وأنا إِسْتَعِينُ (¬1)، ولا يقولون: هو يِسْتَعِينُ، بكسرِ الياءِ؛ لأن الياءَ قد يُتركُ كسرُها في الإعرابِ الذي تستحقُّه، فهي هاهنا أولى بأن يُسْتثقلَ فيها الكسرُ؛ ألا ترى أنهم لا يقولون: مررتُ بقاضيٍ (¬2)؛ استثقالًا للكسرِ في الياءِ؛ فكذلك استُثْقِل الكسرُ فيها. وقد يقولُ ذلك بعضُ كَلْبٍ، وهي من الشاذِّ. وقد قَرَأَتِ القُرَّاءُ بالكسرِ في {نِسْتَعِينُ} وفي غيرِها، من ذلك: أنهم قرءُوا: {وَلَا تَِرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتِمَسَّكُمُ النَّارُ}، و {مَا تِشَاءُونَ}، و {تِخَافُونَ}، و {مَالَكَ لَا تِيمَنَّا عَلَى يُوسُفَ}، و {أَلَمْ إِعْهَدْ إِلَيْكُمُ}، و {قَبْلَ أَنْ إِيذَنَ لَكُمْ}، و {يَوْمَ تِبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتِسْوَدُّ وُجُوهٌ}، و {تِطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا}. وما كان مثلَه (¬3) من فِعْلٍ قد زِيدَ فيه، مثلُ: اسْتَفْعَلْتُ، وانْفَعَلْتُ، وافْتَعَلْتُ؛ أَجْرَيتُه على هذا المَجْرى، والقراءةُ باللغةِ الأُولى. وما كان من الفعلِ ليس فيه زيادةٌ فإنما تُكسَرُ التاءُ منه والنونُ والألفُ إذا كانت «فَعَلْتُ» مكسورةَ العينِ، مثلَ: عَلِمْتُ، وجَهِلْتُ، وأما ما كان مفتوحَ العينِ، مثلَ: ضَرَبَ، أو مضمومَ العينِ، مثلَ: شَرُفَ، فلا يقالُ ذلك فيه؛ فخَطَأٌ أن تقولَ: أنت تِشْرُفُ، وخَطَأٌ أن تقولَ: أنت تِضْرِبُ. وإنما كسروا في «تَفْعَلُ» إذا كان على «فَعِلْتُ»؛ لأنهم أرادوا أَن يُبْقُوا ¬

_ (¬1) في النسخة: «نَستِعينَ، وتَستعينَ، وَأنا اَسْتَعيْن». (¬2) في النسخة: «بقَاضِيْ». (¬3) في النسخة: «مِثْلُهُ»، وكأنَّ ضمة اللام كانت فتحةً.

في «يَفْعَلُ» كسرةً؛ ليُعْلَمَ أنها من فِعْلٍ مكسورةٍ عَيْنُه، إذ لم يَسْتَقِمْ لهم أن يجعلوا الكسرةَ في العينِ، ولا في الفاءِ؛ لجَزْمِ (¬1) الفاءِ، فجعلوها في التاءِ وفي الألفِ وفي النونِ. وفي قولِه: {لَا تَوْجَلْ} ثلاثُ لغاتٍ: فأما لغةُ قُريْشٍ وكِنَانَةَ فإنهم يقولون: نحن نَوْجَلُ، وهو يَوْجَلُ، وأنا أَوْجَلُ. وأما بنو تَمِيمٍ فإنهم يقولون: أنت تِيجَلُ، وإِيجَلُ، ونِيجَلُ، ويِيجَلُ، فيكسرون الياءَ في هذا الحرفِ، ولا يكسرونها في «تَعْلَمُ». وإنما كَسَروا الياءَ؛ لأنهم وَجَدوا الواوَ في «تِيجَلُ» و «إِيجَلُ» و «نِيجَلُ» قد تَحَوَّلت ياءً؛ لِكسرِ ما قبلَها، فكَرِهوا أن يفتَحوا الياءَ، فتَصِحَّ الواوُ، فتكونَ (¬2) في بعضِه واوًا، وفي بعضِه ياءً؛ فاحتَمَلوا كسرةَ ياءِ الفِعْلِ؛ لِيَتَأَلَّفَ الحرفُ بالياء في كلِّه. وأما بنو عَامِرٍ فإنهم على لغة تَمِيمٍ في الألفِ والنونِ والتاءِ، فإذا صاروا إلى الياءِ فَتَحوها، وصيَّروا الواوَ ألفًا، فقالوا: هو يَاجَلُ، ويَاجَعُ (¬3). وإنما صيَّروا الواوَ ألفًا؛ لفَتْحِها، وتَوَهَّموا أن الياءَ تَجُرُّ الواوَ إلى الألفِ، كما جَرَّتْها التاءُ والنونُ والألفُ إلى الياء. وما كان على «فَعَلَ يَفْعَلُ» فلا تَكْسِرَنَّ فيه التاءَ والنونَ والألفَ، مثل: ¬

_ (¬1) في النسخة: «يجَزْمِ». (¬2) في النسخة: «فَتكُوْنُ». (¬3) في النسخة: «وَياجِعُ».

ذَهَبَ يَذْهَبُ، لا تقولُ فيه: أنت تِذْهَبُ، ولا: أنت تِقْرَأُ؛ لأن «فَعَلَ» منه مفتوحٌ. وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع بعضَ بني دُبَيْرٍ (¬1) من أَسَدٍ يقولون: أنت تِلْحَنُ، وتِذْهَبُ. وإنما استَجَازوا ذلك؛ لأنهم كثيرًا يقولون في لَجَاتُ: لَجِئْتُ، فيَكسِرون العينَ في «فَعِلْتُ»؛ لِفَتْحِهم إياها في «يَفْعَلُ» (¬2)، يقولون: هَزِئْتُ، وهَزَاتُ، وبَرِئْتُ، وبَرَاتُ من الوَجَعِ. * (¬3) ورَبِيعةُ بنُ نِزَارٍ يُخَفِّفون «مَلِك»، فيقولون: مَلْك (¬4). وقال الأَعْشى: فَقَالَ لِلْمَلْكِ: سَرِّحْ مِنْهُمُ مِائَةً ... رِسْلًا مِنَ الْقَوْلِ مَخْفُوضًا وَمَا رَفَعَا (¬5) وقال أبو النَّجْمِ: تَمَشِّيَ الْمَلْكِ عَلَيْهِ حُلَلُهْ * و «الصِّرَاطُ» فيه لغاتٌ أربعُ: فاللغةُ الجيِّدةُ لغةُ قُريْشٍ الأُولَى التي ¬

_ (¬1) في النسخة: «زُييْرٍ». (¬2) في النسخة: «يَفْعِلُ». (¬3) من هاهنا إلى آخر بيت أبي النجم الآتي تقدَّم في النسخة المعارض بها، فجاء بعد قوله آنفًا: «عن يحيى بن وثاب أنه قرأ ... بغير ألف»، وهو أليق به، فكُتب هاهنا على أوله: «لا» وعلى آخره: «إلى»، وأمامه في الحاشية: «مُعَادٌ»، وأُلحق هناك في موضعه بتمامه في الحاشية. (¬4) في النسخة: «يُخَفّفُونَ مَلْكٍ، فيَقُولُوْنَ: مَلْكِ». (¬5) في النسخة: «رَفِعا»، وفي موضعها المتقدِّم الملحق في الحاشية كما أثبت.

جاء بها الكتابُ؛ بالصادِ. وعامةُ العربِ يجعلونها سينًا، فيقولون: السِّراطُ، بالسينِ. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني سُفْيانُ بنُ عُيَيْنةَ، عن (¬1) عَمْرٍو، عن ثابتٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنه قَرَأَها بالسينِ. وبعضُ قَيْسٍ يُسَمِّنُ الصادَ، فيقولُ: الصَراط، بين الصادِ والسينِ. وكان حمزةُ يَقرأُ: الزِّرَاطَ، بالزايِ، وهي لغةٌ لعُذْرَةَ وكَلْبٍ وبني القَيْنِ، يقولون: اُزْدُقْ، فيجعلونها زايًا؛ لانْجِزَامِها. ولا تَدْخُلُ هذه اللغةُ في قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}؛ لأنها متحركةٌ، وقد قالت العربُ: الأَزْدُ والأَسْدُ، وهذا من ذلك. * {أَنْعَمْتَ عَليْهم}، وفي «عَليْهم» لغتان: فأما قُريْشٌ وأهلُ الحجازِ ومَنْ حَوْلَهم من فصحاءِ اليمنِ فإنهم يقولون: عَلَيْهُم، برَفْعِ الهاءِ، وعَلَيْهُمَا، وعَلَيْهُنَّ، و {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهُ الذِّكْرُ}، و {لَا رَيْبَ فِيهُ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}، {ومَا تَنَزَّلَتْ بِهُ الشَّيَاطِينُ}، ونَزَلْتُ بهُ، فيرفعون الهاءَ. وأهلُ نجدٍ من أَسَدٍ وقَيْسٍ وتَمِيمٍ يكْسِرُونَها (¬2)، فيقولون: عَلَيْهِ، وعَلَيْهِمَا، وعَلَيْهِم. وأما كِنَانةُ وبعضُ بني سَعْدِ بنِ بَكْرٍ -وهم أَرِبَّاءُ النبيِّ صلى الله عليه- ¬

_ (¬1) في النسخة: «عَِن». (¬2) في النسخة: «وَيكْسِرُونَها».

ومن سورة البقرة

فإنهم أيضًا يكسرونها، فإذا استَقْبَلَتْها ألفٌ ولامٌ رَفَعوا الهاءَ والميمَ، مثلُ: {إِلَيْهُمُ الْمَلَائِكَةَ}، و {عَلَيْهُمُ الْقَوْلَ}، وبها كان يأخذُ الكِسَائِيُّ، وهي عندنا أفصحُ اللغاتِ؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه قال: «أنا أَفْصَحُكُمْ، نَشَاتُ فِي أَخْوَالِي». وبعضُ بني أَسَدٍ يكسرُ الهاءَ في «عَلَيْهِمُ»، ويرفعُ الميمَ عندَ الألفِ واللامِ، فيقولُ: {عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ}، كلُّ ذلك صوابٌ حَسَنٌ. بسم الله الرحمن الرحيم (¬1) ومِن سورةِ البَقَرةِ * {[ال ـم]. ذَلِكَ الْكِتَابُ}، في «ذلك» لغتان: أما أهلُ الحجازِ فيقولون: ذَلِكَ، باللامِ، وبه جاء الكتابُ في كلِّ القرآنِ. وأهلُ نجدٍ من قَيْسٍ وأَسَدٍ وتَمِيمٍ ورَبِيعةَ يقولون: ذَاكَ. * وقولُه: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}، الهُدَى مذكَّرٌ في لغةِ العربِ كلِّها. وبعضُ بني أَسَدٍ تقولُ: هذه هُدًى حَسَنةٌ، فتُؤنِّثُ الهدى. * {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ}، لغةُ العربِ جميعًا «الَّذِينَ»، بالياءِ في موضعِ الخفضِ والرفعِ والنصبِ، وبذلك جاء التنزيلُ. ¬

_ (¬1) تأخرت البسملة في النسخة، وفوقها: «مؤخر»، أي: من تقديمٍ، وفوق قوله: «ومن سورة البقرة»: «مقدم»، أي: من تأخيرٍ.

وبعضُ هُذيْلٍ (¬1) يقولون: اللَّذُونَ، في الرفعِ، والَّذِينَ، في النصبِ والخفضِ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: وَبَنُو نُويْجِيَةَ (¬2) اللَّذُونَ كَأَنَّهُمْ ... مُعْطٌ مُخَدَّمَةٌ مِنَ الْخِزَّانِ وبعضُ العربِ يجعلُ «الذين» و «الذي» بمنزلةِ الواحدِ، فيقولُ: مررت بالذي قالوا ذاك. أَنْشَدَنِي بعضُهم: فَإِنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُم ... هُمُ الْقَوْمُ كُلُّ الْقَوْمِ يَا أُمَّ جَعْفَرِ أَمْلاه الفرَّاءُ: «يَا أُمَّ جَعْفَرٍ»، وأَنْشَدَ غيرُه: «يَا أُمَّ خَالِدٍ». * وفي «أُولَائِكَ» لغاتٌ: فأما قُريْشٌ وأهلُ الحجازِ فيقولون: أُولَئِكَ. وأما قَيْسٌ وتَمِيمٌ ورَبِيعةُ وأَسَدٌ فيقولون: أُلَاكَ. وبعضُ بني سَعْدِ بنِ تَمِيمٍ يقولون: أُلَّاكَ، فيُشَدِّدون اللامَ. وبعضُهم يقولُ: أُلَالِكَ، فجَعَلَ مكانَ الهمزةِ لامًا مكسورةً. وأَنْشَدَنِي بعضُهم: أُلَالِكَ قَوْمِي لَمْ يَكُونُوا أُشَابَةً ... وَهَلْ يَعِظُ الضِّلِّيلَ إِلَّا أُلَالِكَا؟ * وقولُه: {أَأَنذَرْتَهُمْ} فيها لغاتٌ: أكثرُ كلامِ العربِ أن يتركوا الهمزةَ ¬

_ (¬1) في بعض مواضعها المضبوطة في النسخة: «هُذِيْل» على الإمالة. (¬2) في النسخة: «نُوِيْجيَةَ» على الإمالة.

الثانيةَ، فيقولون: آنْذَرْتَهُم (¬1)، فيَجْمعون بين ساكنَيْن. وبهذا قَرَأَ الفرَّاءُ (¬2) والكِسَائِيُّ. وهي لغةُ قُريْشٍ وسَعْدِ بنِ بَكْرٍ وكِنَانةَ وعامةِ قَيْسٍ. وأما هُذيْلٌ وعامَّةُ تَمِيمٍ وعُكْلٌٍمعا ومَن جاوَرَهم فإنهم يُثْبِتون الهمزتين. ورُبَّما جَعَلوا بين الهمزتين مَدَّةً؛ استثقالًا لاجتماعِهما، فيقولون: آأنتَ (¬3) قلتَ ذاك، {آأَنْذَرْتَهُمْ}، {آإِذَا مُتْنَا}. وقال ذو الرُّمَّةِ، وهو مِن عَدِيِّ تَمِيمٍ: أَيَا ظَبْيَةَ الْوَعْسَاءِ بَيْنَ جُلَاجِلٍ ... وَبَيْنَ النَّقَا آأَنْتِ (¬4) أَمْ أُمُّ سَالِمْ؟ وبعضُ العربِ يجعلُ الهمزةَ الأولى هاءً، فيقولون: «هاأنتِ أَمْ أُمُّ سَالِمْ؟». * وفي قولِه: {وَعَلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} لغاتٌ: فأما قُريْشٌ وعامةُ العربِ فيكسرون الغينَ من «غِشَاوَة»، وقد اجتَمَع عليه القُرَّاءُ. وبعضُ العربِ يقول: «غَشَاوَةٌ»، بفتح الغينِ، وأَظُنُّها لرَبِيعةَ. وعُكْلٌ يقولون: «غُشَاوَةٌ»، يرفعون الغينَ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «أانذَرْتَهُم». (¬2) بإزاء نقطة الفاء في النسخة نقطةٌ أَبْهَتُ منها حبرًا، كأنَّها مضافةٌ بعدُ. (¬3) رسمت في النسخة: «أآأنْتَ»، وكذا نظائرها الآتية. (¬4) في النسخة: «أآأنْتَ».

* والعربُ جميعًا يقولون: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} يرفعون الميمَ من «هُمُ» عندَ الألفِ واللامِ، إلا بني سُليْمٍ (¬1)؛ فإني سمعتُ بعضَهم (¬2) يُنْشِدُ: فَهُمُ بِطَانَتُهُم وَهُمْ وُزَرَاؤُهُمْ ... وَهُمِ الْقُضَاةُ وَمِنْهُمِ (¬3) الْحُجَّابُ فشَبَّهوها بالأداةِ إذا استَقْبلتْها ألفٌ ولامٌ. * وأهلُ الحجازِ من قُريْشٍ ومَن جاوَرَهم يقولون: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} بكسرِ القافِ في «قِيلَ»، و «جِيءَ»، و «سِيئَتْ» (¬4)، و «حِيلَ»، و «غِيضَ»، وما كان مثلَه من ذواتِ الثلاثةِ من الياءِ والواوِ؛ فإن أوَّلَه مكسورٌ، وهو بالياءِ. وكثيرٌ من قَيْسٍ من عُقَيْلٍ ومَن جاوَرَهم وعامةُ أَسَدٍ يُشِيرون إلى ضمةِ القافِ من «قُِيلَ» (¬5) و «حُِيلَ»، وهي قراءةُ الكِسَائِيِّ، وقد تابَعَه عليها كثيرٌ من القُرَّاءِ. وبنو فَقْعَسٍ وبنو دُبَيْرٍ من بني أَسَدٍ يقولون: قُولَ (¬6)، وحُولَ، وغُوضَ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: وَابْتُذِلَتْ غَضْبَياممال وَأُمُّ الرَحّال ¬

_ (¬1) في بعض مواضعها المضبوطة في النسخة: «سُلِيْم» على الإمالة. (¬2) في النسخة: «بَعْضُهُم». (¬3) في النسخة: «هُمِ» و «مِنْهُمِ»، مصحَّحتين من: «هُمُ» و «مِنْهُمُ». (¬4) في النسخة: «شِيءَتْ». (¬5) في النسخة: «قُيلَ». (¬6) في النسخة: «قُوْلُ».

وَقُولَ: لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا مَال ولا تُدْخَلُ هذه في القراءةِ؛ لمخالَفَتِها الكتابَ. * {إِنَّا مَعَكُمْ}، [بفتحِ العينِصحـ]، و «مَعْكُمْ»، بجزمِ العينِ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: وَمَن يَتَّقْ فَإِنَّ اللهَ مَعْهُ ... وَرِزْقُ اللهِ مُؤْتَابٌ وَغَادٍ * {إِنَّمَا نَحْنُ مَسْتَهْزِيُونَ}، كُتِبَتْ بغيرِ الهمزِ، وقُريْشٌ وعامةُ غَطَفَانَ وكِنَانةَ على تركِ الهمزةِ، فبعضُهم يجعلُها بمنزلةِ «يَسْتَقْضُونَ»، و «يَسْتَدْعُونَ»، ليس فيها أثرٌ من الهمزِ. وبعضُ تَمِيمٍ وقَيْسٍ يُشِيرون إلى الزايِ بالرفعِ، فيقولون: مُسْتَهْزُوْنَ، وهي بينَ الرفعةِ والكسرةِ. وهُذيْلٌ وكثيرٌ من تَمِيمٍ يُصَرِّحُون بالهمزِ، فيقولون: مُسْتَهْزِئُونَ. ورأيتُها في مصاحفِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودِ بِأَلِفٍ: «ي س ت هـ ز اون». مَن قال: يَسْتَهْزُوْنَ، بغيرِ همزٍ؛ فإنه يقولُ: استَهْزَيتُ (¬1) بالرجلِ، ومَنْ أشار إلى الزايِ بالضمِّ قال: استَهْزَاتُ، بألفٍ ساكنةٍ غيرِ مَنْبُورةٍ، والهمزُ معروفٌ. * {اشْتَرَوُا (¬2) الضَّلَالَةَ}، الواوُ مرفوعةٌ إذا استَقْبلتْها الألفُ واللامُ، وهي لغةُ قُريْشٍ وعامةِ العربِ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «اَسْتَهْزيْتُ». (¬2) في النسخة: «اَشْتروا» بفتح الهمزة، وكذا ما بعدها.

وبعضُهم يقولُ: {اشْتَرَوِا الضَّلَالَةَ}، فيكسرُ الواوَ؛ يُشَبِّهُها بالأداةِ، كما قالوا: {وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا}. وحَكَى الكِسَائِيُّ عن بعضِ العربِ أنه يهمزُ الواوَ؛ لانْضِمامِها، فيقولُ: {اشْتَرَؤُا الضَّلَالَةَ}. وزَعَم أن بعضَهم يُلْقِي حركةَ الهمزِ من الواوِ، فيقولُ: {اشْتَرُوا الضَّلَالَةَ}، كأنَّ الواوَ ساقطةٌ، ويُشِيرُ إلى الراءِ بالرفعِ. وكذلك: {عَصَُوِا الرَّسُولَ}، وما أشبَهَهُما. * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يُثَقِّلُون «الظُّلُماتِ»، و «الحُجُراتِ»، و «الغُرُفاتِ»، و «الخُطُواتِ». وتَمِيمٌ وبعضُ قَيْسٍ يخفِّفُونها، فيقولون: ظُلْماتٌ، وحُجْراتٌ، وخُطْواتٌ، وغُرْفاتٌ. * وقُريْشٌ ومَن جاوَرَهم من فصحاءِ العربِ يقولون: صَاعِقةٌ، وصَوَاعِقُ، والقومُ يُصْعَقُون. وتَمِيمٌ ورَبِيعةُ يقولون: صَوَاقعُ، والقومُ يُصْقَعُون. قال جَرِيرٌ: تَرَى الشَّيْبَ فِي رَاسِ الْفَرَزْدَقِ قَدْ عَلَا ... لَهَازِمَ قِرْدٍ رَنَّحَتْهُ الصَّوَاقِعُ تَعَرَّضَ حَتَّى أُثْبِتَتْ بَيْنَ أَنْفِهِ ... وَبَيْنَ مَخَطِّ الْحَاجِبَيْنِ (¬1) الْقَوَارِعُ ¬

_ (¬1) في النسخة: «الجَاجبَيْنِ».

* {وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ}، أهلُ الحجازِ يفتحون «شاء» وما كان مثلَها من الياءِ وذواتِ الياءِ (¬1) والواوِ، فيقولون: شَاءَ، وجَاءَ، وخَافَ، وطَابَ، وكَادَ، وزَاغَ، وزَاغُوا. وعامةُ أهلِ نجدٍ من تَمِيمٍ وأَسَدٍ وقَيْسٍ يُشِيرون إلى الكسرِ في ذواتِ الياءِ، مثل هذه الحروفِ، ويفتحون في ذواتِ الواوِ، مثل: قَالَ، وحَالَ، وشِبْهِه (¬2). وأحسنُ ذلك أمرٌ بين الكسرِ المُفْرِطِ والفتحِ المُفْرِطِ، وكان عاصمٌ يُفْرِطُ في الفتحِ، وحمزةُ يُفْرِطُ في الكسرِ، وكان عاصمٌ (¬3) يقولُ: إنما الكسرُ بَقِيَّةٌ من لغةِ أهلِ الحِيرَةِ؛ لأنهم كانوا المعلِّمين لأهلِ الكوفةِ حينَ خُطَّتْ (¬4)، وليس الأمرُ كما قال عاصمٌ؛ لأنَّا قد سمعنا ذلك من العربِ الذين لا يَكْتُبون، وهي في مصاحفِ أُبَيٍّ: «ش ي ا»، و: «ج ي ا»، {وَلِلرِّجَالِ}: «ل (¬5) ل ر ج ي ل»، فكُتِبت بالياءِ؛ لِمَكَانِ الكسرِ. * {إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، بعضُ قَيْسٍ يقولُ: بارك اللَّهُ ¬

_ (¬1) في النسخة: «الياءَ». (¬2) في النسخة: «وَشبهَهُ». (¬3) في النسخة: «عَاصِمُ». (¬4) في النسخة: «خَُطَّتْ». (¬5) في النسخة: «لَ».

فيك، فيحذفُ الألفَ التي تَلِي الهاءَ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: أَلَا لَا بَارَكَ اللَّهُ خف فِي سُهيْلٍ (¬1) ... إِذَا مَا اللهُ بَارَكَ فِي الرِّجَالِ مقصورةٌ، مختَلَسةُ الهاءِ. ولا أُدخِلُها في القراءةِ. * {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُم}، لغةُ العربِ فتحُ الهاءِ. وبعضُ بني مالكٍ من بني أَسَدٍ -رَهْطُ شَقِيقِ بنِ سَلَمَةَ- يقولون: يا أيُّهُ الناس، ويا أيَّتُهُ المرأةُ، ولا يَدْخُلُ في القراءةِ. وإنما رفعوا الهاءَ؛ تَوَهُّمًا أنها آخرُ الحرفِ؛ لكثرةِ ما وُصِلتْ به. وقد حُذِفتِ الألفُ في ثلاثةِ مواضعَ: أولها: {أَيُّهُ الْمُؤْمِنُونَ}، و {يَا أَيُّهُ السَّاحِرُ}، و {أَيُّهُ الثَّقَلَانِ}. وإن شئتَ جعلتَ سقوطَ الألفِ (¬2) من هذه اللغةِ، وإن كانتْ لم يُقْرَا بها، وإن شئتَ جعلتَ حذفَ الألفِ لَمَّا استَقْبَلَتْ ساكنًا وهي ساكنةٌ، مثلَ ما كتبوا: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}، بطرحِ الواوِ. * وقولُه: {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}، قُريْشٌ ومَن جاوَرَهم وأهلُ نجدٍ يَمُدُّون «البِنَاءَ»، وبعضُ العربِ يَقْصُرُه وأوَّلُه مكسورٌ، وذلك وجهٌ، وبعضُهم يَضُمُّ ¬

_ (¬1) في النسخة: «سُهِيْلٍ» على الإمالة. (¬2) في النسخة: «الألفَ».

أوَّلَه (¬1) ويَقْصُرُه. وأوَّلُه مكسورٌ: فإن شئتَ كان واحدًا مقصورًا، وإن شئتَ جعلتَه جِمَاعًا واحدتُه: بِنْيَةٌ. فإذا وقفتَ عليه وهو منصوبٌ قلتَ: بِنَاءً (¬2)، بثلاثِ ألفاتٍ، هذه لغةُ الذين يهمزون. ومَن كان لا يَنْبِرُ قال: بِنَاءًا، فأشار إلى الهمزِ، وكان حمزةُ يفعلُ ذلك، فيقولُ: {إِنَّا أَنشَانَاهُنَّ إِنشَاأَ}، ومثلُه: {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاأَ}، كأنه يُشِيرُ إلى الهمزِ، وليس يهمزُ. وبعضُ قَيْسٍ يقولون: إِنشَايَا، وبِنَايَا، ولا تَدْخُلُ في القراءةِ؛ لخِلَافِها للكتابِ. من ذلك: قولُ الشاعرِ: إِذَا مَا الشَّيْخُ صَمَّ فَلَمْ يُكَلِّمْ ... وَلَمْ يَكُ سَمْعُهُ إِلَّا نِدَايَا وهو كثيرٌ في لغاتِهم. وقال الآخرُ: غَدَاةَ تَسَاتَلَتْ مِن كُلِّ أَوْبٍ ... كِنَانَةُ عَاقِدِينَ لَهُمْ لِوَايَا وَذلك لِمَكَانِ الْهَمْزِ؛ وَأَنَّ لُغَتَهُمْ تَرْكُهُ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «أَوّلُهُ». (¬2) رسمت في النسخة: «بِناءأًا».

وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع بعضَ أهلِ تِهَامةَ يقولُ: شَرِبتُ مًا (¬1) يا هذا، فيجعلُها بألفٍ واحدةٍ، وذلك أنه ترك الهمزةَ، فسَكَنَتْ، فََأُسْقَِطَتِمعا الألَِفُمعا (¬2)؛ لسكونِها، ثم جاءت ألفُ الإعرابِ ساكنةً، فسَقَطَتْ لها الهمزةُ؛ لسكونِها، ولستُ أشتهي ذلك؛ لأن الممدودَ يلتبسُ بالمقصورِ. * {فَاتُوا بِسُورَةٍ}، العربُ على الهمزِ وتمامِ الحرفِ. ومنهم مَن يحذفُ ألفَ الأمرِ والهمزةَ جميعًا، فيقولون للرجل: تِ زيدًا، وللاثنين: تِيَا، وللثلاثةِ: تُوا، كما قالوا: كُلْ، وخُذْ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: فَإِنْ نَحْنُ لَمْ نَنْهَضْ لَكُمْ فَنُبِزْكُمُ ... فَتُونَا فَقُودُونَا إِذًا بِالْخَزَائِمِ (¬3) وقال الآخرُ: تِ لِي آلَ عَوْفٍ فَانْدُهُمْ لِي جَمَاعَةً ... وَسَلْ آلَ عَوْفٍ: أَيُّ شَيْءٍ يَضِيرُهَا؟ * وأهلُ الحجازِ يقولون: اتَّقُوا اللهَ، بالتشديدِ. وتَمِيمٌ وأَسَدٌ يقولون: تَقُوا اللهَ. وقال الشاعرُ: تَقُوهُ أَيُّهَا الْفِتْيَانُ إِنِّي ... رَأَيْتُ اللهَ قَدْ غَلَبَ الْجُدُودَا ¬

_ (¬1) رسمت في النسخة: «مَاً». (¬2) أشار الناسخ هاهنا إلى قراءتين للعبارة: الأولى: «فأُسقِطَتِ الألفُ»، والثانية: «فأَسْقَطَتِ الألفَ». (¬3) في النسخة: «بالَخرايمِ»، مصحّحةً من: «بالجَرايمِ».

* {إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحِي (¬1) أَن يَضْرِبَ مَثَلًا}، لغةُ قُريْشٍ وعامةِ العربِ بياءَيْن. وتَمِيمٌ وبَكْرُ بنُ وَائِلٍ يقولون: يَسْتَحِي، بياءٍ واحدةٍ. أَنْشَدَنِي بعضُ العربِ: أَلَا يَسْتَحِي مِنَّا رِجَالٌ (¬2) وَتَتَّقِي ... مَحَارِمَنَا لَا يَبُؤِ (¬3) الدَّمُ بِالدَّمِ * {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا}، لغةُ العربِ جميعًا بتشديدِ «أَمَّا». وكثيرٌ من بني عَامِرٍ وتَمِيمٍ يقولون: أَيْمَا فلانٌ فذَهَبَ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: مُبَتَّلَةٌ هَيْفَاءُ أَيْمَا وِشَاحُهَا ... فَيَجْرِي وَأَيْمَا الْحِجْلُ مِنْهَا فَلَا يَجْرِي * {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}، أهلُ الحجازِ يَفْتَحون، فَيقولون: {فَسَوَّاهُنَّ}، و {قَضَاهُنَّ}، وقَضَى، ورَمَى، ورَأَى، و {أَحْيَاكُمْ}، يَفْتَحون (¬4) ما كان من الياءِ. وكثيرٌ من أهلِ نجدٍ يَكْسِرون، فَيقولون: قَضِى، ورَمِى، وسَوِّى، ويَفْتَحون ذواتِ الواوِ، مثلُ: {وَإذَا خَلَا بَعْضُهُمْ}، و {مَا زَكَا}، ومِثْلُه. ¬

_ (¬1) في النسخة: «يستحييبياءٍ صحـ». (¬2) فوقها في النسخة إشارةً إلى نسخةٍ أو روايةٍ: «رجالًا». (¬3) في حاشية النسخة بيانًا لنطقها: «يبُع». (¬4) في النسخة: «يُفَخِّمُونَ»، وأمامها في الحاشية: «يَفْتحون مُغيرًا من يفخمون».

وأحْسَنُ ذلك أمرٌ بينَ الكسرِ الشديدِ والفتحِ الشديدِ، وعليه أكثرُ العربِ والقُرَّاءِ. * {أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ}، لغةُ قُريْشٍ تركُ الهمزِ، فيقولون: أَنْبُونِي. وقراءةُ القُرَّاءِ: أَنْبِئُونِي، على الهمزِ. ومن العرب مَن يقولُ: أَنْبِيُونِي، فيُشِيرُ إلى الياءِ بالرفعِ، وقد فَسّرتُ. * لغةُ قُريْشٍ ومَن جاوَرَهم: هَؤُلَاءِ قالوا ذاك. وتَمِيمٌ وقَيْسٌ وبَكْرٌ وعامةُ أَسَدٍ يقولون: أُولَى قالوا ذاك، وهَاؤُلَى، مقصورةُ الألفِ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: إِذْ يَسْأَلُ السَّائِلُ: مَا هَاؤُلَى؟ ... أَعْيَا عَلَى الْمَسْؤُولِ وَالسَّائِلِ وبعضُ العربِ يُسْقِطُ الألفَ الأولى، فيقولُ: هَوْلَاءِ قالوا ذاك. أَنْشَدَنِي بعضُهم: تَجَلَّدْ لَا يَقُلْ هَوْلَاءِ: هَذَا ... بَكَى لَمَّا بَكَى أَسَـ ... ... ـيَّا * أهلُ الحجازِ يُفَخِّمُون {الْكَافِرُونَ}. وبعضُ أهلِ نجدٍ من تَمِيمٍ وقَيْسٍ يُشِيرون إلى الكافِ بالكسرِ. * {فَمِن تَبِعَ هُدَايَ}، بالألف، وذلك من لغةِ أهلِ الحجازِ وعامةِ العربِ. وهُذيْلٌ وبعضُ سُليْمٍ يقولون: هُدَيَّ، مثلُ: عَلَيَّ، ولَدَيَّ.

أَنْشَدَنِي بعضُهم: تَرَكُوا هَوَيَّ وَأَعْنَقُوا لِسَبِيلِهِمْ ... فَفَقَدتُهُمْ وَلِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ والأُولى أفصحُ وأعربُ. ومثلُه: {مَحْيَيَّ}. * {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (¬1)}، لغةُ أهلِ الحجازِ ومَن جاوَرَهم. وبعضُهم: إِسْرَاءِلُ. وبعضُهم: إِسْرَايَلُ. وبعضُهم: إِسْرَالَ، يَتْرُكُ الألفَ والهمزَ، مثلُ: مِيكَالَ. وبعضُ بني أَسَدٍ ونُمَيْرٍ من عَامِرٍ يقولون: إِسْرَائِينُ، وإِسْمَاعِينُ، بالنونِ. أَنْشَدَنِي بعضُهم، يَصِفُ ضَبًّا صَادَه: يَقُولُ أَهْلُ السُّوقِ لَمَّا جِءينَا: هَذَا وَرَبِّ الْبَيْتِ إِسْرَائِينَا (¬2) * كَلْبٌ وعُذْرَةُ وبنو الْقَيْنِ وبنو تَغْلِبَ والنَّمِرِ يقولون: مِنْهِمْ، وهي لغةٌ مرفوضةٌ. والنَّمِرُ يقولون: السَّلَامُ عَلَيْكِمْ، ولا نعلمُ أحدًا من العربِ يقولُها غيرُهم. * بنو أَسَدٍ يقولون: {يَفْسِقُونَ}، بالكسرِ، قرأها يحيى بنُ وَثَّابٍ كذلك. ¬

_ (¬1) في النسخة: «أسرايلُ». (¬2) في النسخة: «اسْرايِنَا».

والعربُ بَعْدُ: {يَفْسُقُونَ}، بضمِّ السينِ، وهي القراءةُ. و {يَعْرِشُونَ}، و {يَعْرُشُونَ}، و {يَعْكِفُونَ}، و {يَعْكُفُونَ}، و {يَحْسِدُونَ}، و {يَحْسُدُونَ}، و {تَاجِرَنِي}، و {تَاجُرَنِي}، و {يَنْسِلُونَ}، و {يَنْسُلُونَ}، و {يَلْمِزُونَ}، و {يَلْمُزُونَ}، و {تَخْلُقُونَ إِفْكًا}، و {تَخْلِقُونَ}، بكسرِ اللامِ، و {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ}، و {فَاعْتُلُوهُ}، و {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ}، و {يَطْمُثْهُنَّ}، و {يَقْتِرُوا}، و {يَقْتُرُوا}، و {لَا يَقْدُرُ عَلَى شَيْءٍ}، و {لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ}، وسمعتُ بعضَ (¬1) رَبِيعَةَ يقولُ: لا أَقْدَرُ عليه، من «قَدَّرْتُ»، و {يَنْفِرُونَ}، و {يَنْفُرُونَ}، و {يَصِدُّونَ}، و {يَصُدُّونَ}، قَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ: {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}، يريدُ: يَضِجُّون، وأهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: {يَقْنِطُونَ}، وتَمِيمٌ وبَكْرٌ وبعضُ قَيْسٍ: {يَقْنُطُونَ}، وأهلُ الحجازِ: {نَبْطُشُ}، وأَسَدٌ: {نَبْطِشُ}. * ورَبِيعَةُ بنُ نِزَارٍ وتَمِيمٌ يقولون: {اثْنَتَا عَشِرَةَ}. وأهلُ الحجازِ وأَسَدٌ (¬2): {اثْنَتَا عَشْرَةَ}. * والعربُ مُجْتَمِعون على أن يقولوا: النَّاسُ، فإذا أُسْقِطَتِ الألفُ واللامُ اختَلَفوا، فقالوا: {كُلُّ أُنَاسٍ}، وهو وجهُ الكلامِ، و «كُلُّ نَاسٍ». ¬

_ (¬1) في النسخة: «بَعْضُ». (¬2) في النسخة: «وَاسدٍ».

* أهلُ الحجازِ: {لَا تَعْثَوا (¬1)}، وتَمِيمٌ وقَيْسٌ وأَسَدٌ: {لَا تَعِيثُوا}، وبعضُهم يقولُ: عَثَا يَعْثُو، ولغةُ أهلِ الحجازِ: عَثِيتَ، وأنت تَعْثَى. * {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ}، العربُ على ضمةِ العينِ، وسقوطِ الواوِ منها؛ للجزمِ. وبنو عَامِرٍ يَخْفِضُون العينَ، فيقولون: {اُدْعِ لَنَا رَبَّكَ}، يَخْفِضُون ما سَقَطَتْ بعده الواوُ. كذلك: لم تَمْحِ يَا هذا. أَنْشَدَنِي بعضُهم: بَنِي أَسَدٍ قَد طَالَ مَا سِرْتُ فِيكُمُ ... وَلَمْ يَعْفِ آثَارِي رِيَاحٌ وَلَا قَطْرُ وأَنْشَدَنِي بعضُ بني عُقَيْلٍ: اُعْلِ الطَّرِيقَ وَاجْتَنِبْ أَرْمَامَا وإنما كَسَروا على التَّوَهُّمِ أَنَّ (¬2) الإعرابَ في العينِ. فإذا ثَنَّوا رَجَعوا إلى لغةِ العربِ، فقالوا: اُدْعُوَا (¬3). * أهلُ الحجازِ يقولون: «القِثَّاءُ»، بكسرِ القافِ، وتَمِيمٌ وبعضُ بني أَسَدٍ يقولون: «القُثَّاءُ». * العربُ تقولُ: {سَأَلْتُمْ}، بالهمزِ، وهم الذين يَهْمِزُون ويُحَقِّقُون من ¬

_ (¬1) في النسخة: «تَعْثُوا». (¬2) في حاشية النسخة إشارةً إلى نسخةٍ: «عنده: دان». (¬3) في النسخة: «اُدْعُوْا».

هُذيْلٍ [وتَمِيمٍصحـ]. وبعضُ قَيْسٍ و [بعضُ بنيصحـ] تَمِيمٍ أيضًا يقولون: {سَالْتُمْ}، بغيرِ همزٍ، فيَجْمَعون بين ساكنَيْنِ. وبعضُ العربِ يُحَوِّلُون إلى أولادِ الثلاثةِ: «سِلْتُم»، بكسرِ السينِ، وأنتم تَسَالُون، مثلُ: خِفْتُم، تَخَافُون. أَنْشَدَنِي بعضُهم: تَعَالَوا فَسَالُوا يَعْلَمِ النَّاسُ أَيُّنَا ... لِصَاحِبِهِ فِي أَوَّلِ الدَّهْرِ تَابِعُ * أَسَدٌ وتَمِيمٌ وعامةُ قَيْسٍ يقولون: «الْهُزْءُ»، و «الْكُفْؤُ»، فيقولون: «أَتَتَّخِذُنَا هُزْءًا»، خفيفةٌ. وأهلُ الحجازِ يُثَقِّلونه؛ ولذلك [كُتِبَصحـ] (¬1) بالواوِ؛ لِمَكَانِ التثقيلِ، ولو كان مخفَّفًا لم تَثْبُتْ فيه الواوُ؛ لانجزامِ الزايِ. * {قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}، لغةُ قُريْشٍ ومَن جاوَرَهم. وتَمِيمٌ وقَيْسٌ وأَسَدٌ ومَن لا يُحصَى ممَّن جاوَرَهم يقولون: «عَنْ»، فيجعلونها مَكَانَ كُلِّ «أَنْ» مفتوحةٍ، وكذلك: أَشْهَدُ عَنَّكَ رسولُ اللهِ، فإذا كَسَروا رَجَعوا إلى لغةِ أهلِ الحجازِ بالألفِ، فقالوا: هَلَّا إِنْ كُنتَ صادقًا رَجَعتَ، {وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ}. ¬

_ (¬1) في النسخة: «كُتِبَتْصـ».

والقراءةُ على لغةِ أهلِ الحجازِ؛ لموافقةِ الكِتَابِ. * أهلُ الحجازِ يُؤَنِّثُون «الْبَقَرَ»، فيقولون: هذه بقرٌ، وكذلك: الشَّعِيرُ، والنَّخْلُ، وكلُّ جَمْعٍ كانت واحدتُه [بالهاءِصحـ] (¬1)، وجَمْعُه بطرحِ الهاءِ، فإنهم يُؤَنِّثُونه، ورُبَّما ذَكَّرُوا، قال اللهُ عزّ وجَلَّ: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}، بالتأنيثِ، وقال في موضعٍ آخَرَ: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنقَعِرٍ}، والأغلبُ عليهم التأنيثُ. وأهلُ نجدٍ يُذَكِّرُون، ورُبَّما أَنَّثُوا هذه الحروفَ، والتذكيرُ الغالبُ عليهم. هذا لقولِ اللهِ عزّ وجلَّ: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}، فمَن ذَكَّرَ نَصَب الهاءَ، ومَنْ أَنَّثَ رفع الهاءَ وشَدَّد الشينَ؛ لأنه يريدُ: تَتَشَابَهُ علينا، وهي في حرفِ عبدِ اللهِ: «إِنَّ الْبَقَرَ مُتَشَابِهٌ عَلَيْنَا». * {وَإِنَّا إِن شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ}، لغةُ أهلِ الحجازِ بتركِ الإِدْغامِ. وكثيرٌ من قَيْسٍ وتَمِيمٍ يقولون: «مُهَدُّونَ»، يُدْغِمُون التاءَ، ويَنْصِبُون الهاءَ، ورُبَّما رَفَعوا الهاءَ برَفْعَةِ الميمِ، فقالوا [خ: فيقولون]: «مُهُدُّونَ»، كما قَالَوا: {يِهِدِّي}. أَنْشَدَنِي بعضُ بني تَمِيمٍ: وَإِنَّهُمُ الْوُلَاةُ وَإِنَّ مِنْهُمْ ... رَسُولُ الرَّحْمَةِ الْهَادِ الْمُهُدِّي بضمِّ الهاءِ، يريدُ: المُهْتَدِي. ¬

_ (¬1) في النسخة: «بالياءِصـ».

* العربُ يُبِينُون [النونَصحـ] عندَ الخاءِ والغينِ، وبعضُهم لا يُبَيِّنُ، قد سمعتُ ذلك منهم جميعًا، كقوله: {مِن خَشْيَةِ}، و {مِن خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ}، و {هَلْ مِن خَالِقٍ غَيْرُ (¬1) اللهِ}، والقراءةُ على البيانِ أحبُّ إليَّ؛ لأنها قراءةُ المَاخُوذِ عنهم. * أهلُ الحجازِ يقولون: ما زيدٌ بقائمٍ، فلا يكادون يُلْقُون الباءَ من كلامِهم، بذلك جاء القرآنُ، إلا قولَه (¬2): {مَا هَذَا بَشَرًا}، {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ}، ويَنْصِبون إذا أَلْقَوا الباءَ. وتَمِيمٌ وقَيْسٌ وأَسَدٌ يقولون بالباءِ، فإذا طَرَحوا الباءَ رَفَعوا. أَنْشَدَنِي بعضُهم: أَمَا نَحْنُ رَاءُو دَارِهَا بَعْدَ هَذِهِ ... يَدَ الدَّهْرِ إِلَّا أَنْ يَمُرَّ بِهَا سَفْرُ قَالَصـ: وأَنْشَدَنِي آخَرُ: لَشَتَّانَ (¬3) مَا أَنْوِي، وَيَنْوِي بَنُو أَبِي ... جَمِيعًا، فَمَا هَذَانِ مُسْتَوِيَانِ تَمَنَّوا (¬4) لِيَ المَوْتَ الَّذِي يَشْعَبُ الْفَتَى ... وَكُلُّ فَتًى وَالْمَوْتُ يَلْتَقِيَانِ * العربُ تقولُ: {تَظَاهَرُونَ}، و {تَظَّاهَرُونَ}، يُخَفَّفُ ويُثَقَّلُ، وأهلُ ¬

_ (¬1) في النسخة: «غيرِ». (¬2) في النسخة: «قولُهُ». (¬3) في النسخة: «لَسْتَّانَ». (¬4) في النسخة: «تَمنُّوا».

الحجازِ وغيرهم (¬1)، و {تَذَكَّرُونَ}، و {تَذَّكَّرُونَ}. * أهلُ الحجازِ يَجْمَعون الأَسِيرَ: {أُسَارَى}، وأهلُ نجدٍ أكثرُ كلامِهم: {أَسْرَى (¬2)}، وهو أجودُ الوجهين في العربيةِ؛ لأنه بمنزلةِ قولِهم: جَرِيحٌ وجَرْحَى، وصَرِيعٌ وصَرْعَى. * أهلُ الحجازِ يُثَقِّلون: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ}، وقولَه: {فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}، إذا كانت فيه الواوُ والفاءُ واللامُ، مثلُ قولِه: {لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ}، وأهلُ نجدٍ يُخَفِّفون، والتخفيفُ أكثرُ في كلامِ العربِ، وقد قَرَأَتِ القُرَّاءُ بالوجهين. وإنما يُخَفَّفُ على مثلِ قولِهم: رَجْلٌ، لـ: رَجُلٍ، و: هَرْمٌ، لـ: هَرِمٍ. ومثلُه: لامُ الأمرِ إذا كان قبلَها واوٌ أو فاءٌ، مثلُ قولِه: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ}، {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ}، التخفيفُ أكثرُ من التثقيلِ، والتثقيلُ جائزٌ على الأصلِ. وبنو أَسَدٍ يُسَكِّنون الياءَ والواوَ من «هِيَ» و «هُوَ» في الوصلِ والقطعِ، سمعتُها من بني دُبَيْرٍ وغيرِهم من بني أَسَدٍ، كما قال عَبِيدٌ (¬3): أَخْلَفَ مَا بَازِلًا سَدِيسُهَا ... لَا حِقَّةٌ هِيْ وَلَا نَيُوبُ ولا يجوزُ التخفيفُ في لغة أَسَدٍ؛ لِئَلا يجتمعَ ساكنان. ¬

_ (¬1) في النسخة: «وغَيْرِهم». ولعل هاهنا سقطًا. (¬2) في النسخة: «أَسَْرِيْ». (¬3) في النسخة: «عَبِيْدُ».

* «السَّييةُ» إذا هُمِزَتْ فشَانُها بَيِّنٌ، تكونُ فيها ثلاثُ ياءاتٍ: الأُولى ثنتانِ، والهمزةُ ثالثةٌ، فمَن تَرَك الهمزَ في لغةِ أهلِ الحجازِ قال: سَيَّةٌ، مثلُ: عَيَّةٌ، ومَنْ أشار إلى الهمزِ قال: سَيِّيةٌ، كأنه يُشِيرُ إلى الهمزةِ، ويُسَكِّنُها (¬1). * بنو تَمِيمٍ وأَسَدٌ وبعضُ أهلِ نجدٍ يُخَفِّفون مثلَ قولِه: {يَامُْركُم}، فيُسَكِّنون الراءَ؛ لتَوَالي الحركاتِ، وكذلك: {لَا يَحْزُنهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}، يُسَكِّنون النونَ، ويُسَكِّنون الميمَ من قولِه: {أَنُلْزِمكُمُوهَا}، وكذلك: {يَوَدُّ أَحَدْهُمْ (¬2)}، و {أَحَدْهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا}، يُخَفِّفون في الرفعِ والخفضِ، ولا يُخَفِّفون في النصبِ، والخفضُ كقولِه: {جَعَلْنَا لِأَحَدْهِمَا (¬3) جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ}، فإذا قالوا: رأيتُ أَحَدَهُما؛ نَصَبوا الدالَ، وإنما فَعَلوا ذلك في الضمِّ والكسرِ؛ لِثِقَلِ الكسرةِ معَ الكسرةِ، والضمةِ معَ الضمةِ. [و] أهلُ الحجازِ يُبَيِّنون ذلك، ولا يُخَفِّفون، وهو أحبُّ الوجهين إليَّ. * أهل الحجاز يقولون: {جِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}، بغيرِ همزٍ. وتَمِيمٌ وقَيْسٌ وكثيرٌ من أهلِ نجدٍ يقولون: «جَبْرَئِيل وَمِيكَائِيل»، فيَزِيدون ياءً بعدَ الهمزةِ. قال جَرِيرٌ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «وَيُسكِّنَها». (¬2) في النسخة: «احَدُهُم». (¬3) في النسخة: «لاحدِهمَا».

عَبَدُوا الصَّلِيبَ وَكَذَّبُوا بِمُحَمَّدٍ ... وَبِجَبْرَئِيلَ وَكَذَّبُوا مِيكَالَا وبنو أَسَدٍ يقولون: «جَِبْرِينَ»، بالنونِ. وبعضُ العربِ يزيدُ في «جِبْرِيلَ» ألفًا، فيقولُ: «جِبْرَائِيلَ ومِيكَائِيلَ» (¬1). حدَّثني [خ: حدَّثنا] محمدٌ، قال: حدَّثنا [خ: حدَّثني] الفرَّاءُ، قال: حدَّثنا [وحدَّثني] شَيْخٌ، عن عَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ، عن الحَسَنِ، أنه قَرَأَ: {جَبْرِيلَ}، بفتحِ الجيمِ، ولا يَهْمِزُ. ولا أَشْتهيها؛ لأنه ليس في الكلامِ «فَعْلِيلٌ»، ولا أَرَاهُ قَرَأَها إلا وهي صوابٌ؛ لأنه اسمٌ أعجميٌّ، كما قالوا: سَمْوِيلُ. * أهلُ الحجازِ يُثَقِّلون: «الْكُتُبَ»، و «الرُّسُلَ»، {وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}، وتَمِيمٌ تُخَفِّفُها. * أهلُ الحجازِ وأَسَدٌ وأهلُ العَالِيَةِ من قَيْسٍ يقولون: الْمَرْءُ، والْمَرْأَةُ، فيُسَكِّنون الراءَ، ويَهْمِزون، فإذا لم يكنْ فيه ألفٌ ولامٌ قالوا: امْرُؤٌ، وامْرَأَةٌ، وبعضُ قَيْسٍ يقولون: الامْرُؤُ الصالحُ، والامْرَأَةُ الصالحةُ، ورُبَّما قالوا: هذا مَرْءٌ صالحٌ، ومَرْأَةٌ صالحةٌ. والوجهُ أن تَجْزِمَ الراءَ إذا جعلتَ في الحرفِ ألفًا ولامًا، فإذا طَرَحتَ الألفَ واللامَ أدخلتَ في أوَّلِ الحرفِ ألفًا خفيفةً. ومن العربِ مَن يقولُ: هذا مُرْءٌ صالحٌ، فيرفعُ الميمَ في موضعِ الرفعِ، ¬

_ (¬1) في النسخة: «جِبْرإيلَ وميْكَاإيلَ».

ويخفضُها في موضعِ الخفضِ، وينصبُها في موضعِ النصبِ، وهو الذي يُقَالُ له: مُعْرَبٌ من مَكَانَيْنِ. ولا يجوزُ في هذه اللغاتِ إلا «مَرْأَةٌ»، لسكونِ الراءِ في «مَرْأَةٍ». وتَمِيمٌ وقَيْسٌ يقولون: هذا امْرَؤٌ صالحٌ، وأهلُ الحجازِ يُعَرِّبُونه من مَكَانَيْنِ، يقولون: هذا امْرُؤٌ صالحٌ، ومررت بامْرِئٍ صالحٍ، ورأيت امْرَأً صالحًا. أَنْشَدَنِي بعضُ بني تَمِيمٍ: بِأَبْيَ (¬1) امْرَؤٌ وَالشَّامُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ... أَتَتْنِي بِبُشْرَى بُرْدُهُ وَرَسَائِلُهْ وأَنْشَدَني في بيتٍ أبو ثَرْوَانَ: أَنْتَ امْرأٌ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ قَدْ عَلِمُوا ... يُعْطِي الْجَزِيلَ وَيُغْلِي الْحَمْدَ بِالثَّمَنِ * أهلُ الحجازِ يقولون لِمَرْأَةِ الرجلِ: هي زَوْجُه، بالتذكير، بمنزلةِ الزوجِ الذَّكَرِ، قال اللهُ عزّ وجلَّ: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ}، وقال: {مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}. وتَمِيمٌ وكثيرٌ من قَيْسٍ وأهلِ نجدٍ يقولون: هي زَوْجَتُه. قال الشاعرُ: إِنَّ الَّذِي يَسْعَى يُحَرِّشُ زَوْجَتِي ... كَمَاشٍ إِلَى أُسْدِ الشَّرَى يَسْتَبِيلُهَا وسمعتُ ذلك من قَيْسٍ كثيرًا في كلامِهم. وأهلُ الحجازِ يَجْمَعونها: الأزواجَ، كما يُجْمَعُ الذَّكَرُ، قال اللهُ عزّ وجلَّ: {يَا ¬

_ (¬1) في النسخة: «بَأبْي».

أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ}، وقَيْسٌ وتَمِيمٌ يَجْمَعونها: الزَّوْجَاتُ. وأَنْشَدَنِي أبو الجَرَّاحِ: يَا صَاحِ بَلِّغْ ذَوِي الزَّوْجَاتِ كُلِّهِمُ ... أَن لَيْسَ وَصْلٌ إِذَا انْحَلَّتْ عُرَى الذَّنَبِ * والعربُ مُشْتَركون في جزمِ الميمِ ورفعِها في قولِهم: مِنْهُمْ، ومِنْهُمُو، وعَلَيْكُمْ، وعَلَيْكُمُ (¬1)، وكُنْتُمْ، وكُنْتُمُ، لا نعرفُها خاصةً في قومٍ بإحدى اللُّغَتين، كلُّهم يقولون القولين. * العربُ تقولُ: «اتَّخَذْتُكَ»، و «اتَّخَذْتُهَا»، وبعضُ قَيْسٍ يُلْقِي الألفَ والتشديدَ، فيقولُ: تَخِذْتُهَا، وتَخِذْتُكَ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: (¬2) * وبنو أَسَدٍ يقولون: هو رَافٌ بك، يجزِمون الهمزةَ، والعربُ بَعْدُ يقولون: هو رَؤفٌ بك، ورَؤوفٌ، وقد قَرَأَها الحسنُ بالواوِ -فيما أعلمُ- بعدَ الهمزةِ، وبعضُ العربِ يقولُ: هو (¬3) رَئِفٌ (¬4) بك، فيكونَ مثل: حَذِرٍ، وحَذْرٍ. * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يُثَقِّلون «النُّسُك»، وقَيْسٌ وبَكْرٌ يقولون: ¬

_ (¬1) في حاشية النسخة إشارةً إلى نسخةٍ: «عنده بالكسر». (¬2) سقطت هاهنا من النسخة ورقة. (¬3) قوله: «يقول هو» مكرر في النسخة. (¬4) في النسخة: «رَيفٌ».

«النُّسْك»، مخففًا. * أهلُ الحجازِ يقولون: «سَلْ»، بغيرِ همزٍ، وبعضُ تَمِيمٍ يقولون: اِسْأَلْ، بالهمزِ، وبعضُهم يقولُ: اِسَلْ، بالألفِ، يطرحُ الهمزَ، والأُولى أعربُهن، وبها جاء كِتابُ المصحفِ. * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: هو «الهَدْيُ»، فيُخَفِّفون، وتَمِيمٌ وسُفْلَى قَيْسٍ يُشَدِّدون الياءَ. * وقولُه: {أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ}، «الحَسَرَاتُ» مُثَقَّلةٌ في كلِّ لغةٍ، وتخفيفُها في كلِّهن إذا احتَاجوا إليها. قال بعضُ الشُّعَراءِ: عَلَّ صُرُوفَِ (¬1) الدَّهْرِ أَوْ دَوْلَاتِهَا يُدِلْنَنَا اللَّمَّةَ مِنْ لَمَّاتِهَا فَتَسْتَرِيحَ (¬2) النَّفْسُ مِنْ زَفْرَاتِهَا وكذلك ما كان مثلَ: تَمْرَةٍ، وشَهْوَةٍ، ودَعْوَةٍ، العملُ فيه كالعملِ في الحسرةِ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: ¬

_ (¬1) في حاشية النسخة إشارةً إلى نسخةٍ أو روايةٍ: «عنده بالكسر في صروف». (¬2) في النسخة: «فتَسْتحريحُ».

دَعَا دَعْوَةً كُرْزٌ وَقَدْ حِيلَ دُونَهُ ... [فَرَاعَصحـ] (¬1) وَدَعْوَاتُ الْحَبِيبِ تَرُوعُ * {الْفُلْكُ} يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، قال اللهُ عزّ وجلَّ: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}، وقال في غيرِ موضعٍ: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ}. * عُكْلٌ من بني تَمِيمٍ يقولون: {فَمَنِ اُضْطِرَّ (¬2) غَيْرَ بَاغٍ}، ومِن لغتِهم في كلِّ مُضَاعفٍ لم يُسَمَّ (¬3) فاعلُه كذلك، يقولون: قد رِدَّ الرَجُلُ، {وَصِدَّ عَنِ السَّبِيلِ}، {وَلَوْ رِدُّوا لَعَادُوا}، و {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رِدَّتْ إِلَيْنَا}، و [قد] ذُكِرَ عن عَلْقَمَةَ بنِ قَيْسٍ: {بِضَاعَتُنَا رِدَّتْ إِلَيْنَا}، ولستُ أَشْتهي مثلَ هذه اللغةِ في القرآنِ. * «الْكُرْهُ» و «الْكَرْهُ» لغتان، وكأنَّ النحويين يذهبون بالكُرْهِ إلى ما كان منك ممَّا لم تُكِْرَهْ عليه، كانوا يَسْتَحِبُّون: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا}، ويكرهون: {كَرْهًا}، وإذا أُكْرِهتَ على الشيءِ استَحَبُّوا (¬4): {كَرْهًا}. * بعضُ العربِ يقولُ: {هَلْ عَسِيتُمْ}، ولستُ أَشْتهيها؛ لأنها شاذةٌ، واللغةُ: {عَسَيْتُمْ}، بفتحِ السينِ. * {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ}، أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يَنْصِبون كلَّ مُضَاعَفٍ ¬

_ (¬1) في النسخة: «قِرَاعٌصـ». (¬2) في النسخة: «فَمِنُ أضطِّرَ». (¬3) في النسخة: «يُسَمُّ». (¬4) في النسخة: «اسْتَحِبُّوا».

أُدْغِمَ في موضعِ جزمٍ، فيقولون: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ}، {وَلَا يُضَارَّ (¬1) كَاتِبٌ}، {وَمَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ}. وبنو تَمِيمٍ وكثيرٌ من قَيْسٍ يخفضونه، فيقولون: كُفِّ عنا، و: مُدِّه، في كلِّ المضاعفِ، وبعضُهم يرفعُ ما كان أوَّلُه مرفوعًا، فيقولون: كُفُّ عنا، والعربُ تُنْشِدُ هذا البيتَ: غُضُّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نُميرٍ (¬2) ... فَلَا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلَا كِلَابَا وأكثرُ الكلامِ الخفضُ، وقد قَرَأَتِ القُرَّاءُ: {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ}، يرفعون الراءَ، والنصبُ والخفضُ جائزان. * «السَّكِينَةُ» مخففةٌ. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني الكِسَائِيُّ، أن بعضَ العربِ يقولُ: السِّكِّينَةُ، فيُشَدِّدون الكافَ، ويكسرون السينَ. * حدَّثني محمدٌ، قال: [حدَّثنا] الفرَّاءُ قال: حدَّثني قَيْسٌ، عن السُّدِّيِّ، عن عَمْرِو بنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ، أن عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ قَرَأَ: {الْحَيُّ الْقَيَّامُ}. * {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا}، و {رُجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}، و «رُجَالَى»، مثلُ: كُسَالَى، و «رَجْلًا»، و «رُجُلًا»، والواحدُ منهم: رَاجِلٌ، ورَجِلٌ، وأهلُ الحجازِ يقولون: ياصـ رَجُلٌ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «يُضَّارَ». (¬2) في النسخة: «نُمِيْرٍ» على الإمالة.

* أهلُ الحجازِ يقولون: {يُرَاءُونَ (¬1) النَّاسَ}، على «يُفَاعِلُونَ»، وعامةُ قَيْسٍ وتَمِيمٌ وأَسَدٌ يقولون: {يُرَءُّونَ (¬2) النَّاسَ}، في وَزْنِ «يُرَعُّونَ»، وقد قَرَأَ بها ابنُ عَبَّاسٍ: {يُرَءُّونَ (¬3)}، مثلُ: يُرَعُّونَ. * {وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ}، [خ: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ} صحـ]، {وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً}، جاء بالصادِ، وسائرُ القرآنِ بالسينِ، وهما مذهبان، إن قَرَات كلَّ ما في القرآنِ بالسينِ أو بالصادِ أَصَبْتُ، قَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ: {السِّرَاطُ}، بالسينِ. * {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}، القراءةُ على {بُهِتَ}، وزَعَم الكِسَائِيُّ أن من العربِ مَن يقولُ: {بَهِتَ}، و {بَهُتَ}. * {إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا}، لغةٌ واحدةٌ فيها، وبعضُ القُرَّاءِ يقرأُ: {نُنْشِرُهَا}، وهي اللغةُ الصحيحةُ؛ لأن اللهَ يقولُ: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ}، وبَلَغَنَا عن الحَسَنِ البَصْرِيِّ أنه قَرَأَ: {نُنْشِرُهَا}، وإنما النُّشُورُ (¬4) للمَيتِ إذا نَشَرَ، يُقَالُ: نَشَرَ يَنْشُرُ، والمُنْشِرُ اللهُ عزّ وجلَّ. الفرَّاءُ يَقْرَأُ بالزايِ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «يُراؤن». (¬2) في النسخة: «يُرئوّنَ». (¬3) في النسخة: «يُرَوّنَ». (¬4) في النسخة: «النَشُورُ».

* {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، اللغةُ برفعِ الشينِ، وقد بَلَغَنا أن بعضَهم يقولُ: {يَرْشَدُونَ}، ولم نسمعْ نصبَ الشينِ في «يَفْعَلُ» إلا في قولِ العربِ: قد رَشِدَ أمرُه يَرْشَدُ. * العربُ تقولُ: «تَجِدُ»، فيكسرون الجيمَ، إلا بني عَامِرٍ؛ فإنهم يرفعون الجيمَ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: لَوْ شِئْتِ قَدْ نَقَعَ الْفُؤَادُ بِشَرْبَةٍ ... تَدَعُ الصَّوَادِيَ لَا يَجُدْنَ غَلِيلًا وبعضُ بني تَمِيمٍ يقولون: هو يَجْدُ بصاحبِه، وفي الجزمِ: لم أَجْدِ بك، ولم أَجْدَ بك. أَنْشَدَنِي بعضُهم: فَوَ اللهِ لَوْلَا بُغْضُكُمْ مَا سَبَبْتُكُمْ ... وَلَكِنَّنِي لَمْ أَجْدِ مِنْ سَبِّكُمْ بُدَّا ومثلُه: لم تَلْدِ له، ولم تَلْدَ له، يريدون: تَلِدْ له. وأَنْشَدَنِي الكِسَائِيُّ: وَلَكِنَّمَا الْحَيُّ ذَاكَ الطَّبِيـ ... ـبُ لَمْ يَعْيَِ خَلْقًا وَلَمْ يَلْدَِهُ (¬1) جميعا الطَّبِيبُ: يعني اللهَ عزّ وجلَّ. * سَعْدٌ من بني تَمِيمٍ وكلبٍ يجعلون اللامَ في «بَلْ» نونًا، يقولون: بَنْ واللهِ لا آتيك. ¬

_ (¬1) في النسخة: «يَلِْدَهُ».

* أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يُثَقِّلون «الْكَلِمَة»، و «الْكَلِمَاتُ»، وبعضُ بني تَمِيمٍ وبَكْر بن وائلٍ يقولون: «كَلْمَةٌ»، و «كَلْمَاتٌ»، وبعضُهم يكسرُ الكافَ، فيقولُ: «كِلْمَةٌ». * أهلُ الحجازِ يقولون: {ذُرِّيَّةٌ}، برفعِ الذالِ، وبعضُ العربِ يقولُ: {ذِرِّيَّةٌ}، وقد قَرَأَ بها زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وهي كما يقالُ: أُضْحِيَّةٌ، وإِضْحِيَّةٌ، وأُثْفِيَّةٌ، وإِثْفِيَّةٌ (¬1). * وأهلُ الحجازِ يقولون: {أَرِنَا مَنَاسِكَنَا}، {أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا}، بكسرِ الراءِ، وكثيرٌ من العربِ يجزمُ الراءَ، فيقولُ: {أَرْنَا مَنَاسِكَنَا}، وقد قَرَأَ بها بعضُ الثقاتِ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: قَالَتْ سُلَيْمَى: اشْتَرْ لَنَا دَقِيقَا وَاشْتَرْ فَعَجِّلْ خَادِمًا لَبِيقَا وأَنْشَدَنِي الكِسَائِيُّ: وَمَنْ يَتَّقْ فَإِنَّ اللهَ مَعْهُ ... وَرِزْقُ اللهِ مُؤْتَابٌ وَغَادٍ * {مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ}، أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولونصـ[خ: يُثَقِّلونصحـ] «العَقِبُ»، و «الرَّحِمُ»، وتَمِيمٌ وبَكْرُ بنُ وَائِلٍ يُخَفِّفونهما. * «الْمُصِيبَةُ»، و «الْمُصَابَةُ»، و «الْمَصُوبَةُ»، ثلاثُ لغاتٍ، زَعَم الكِسَائِيُّ ¬

_ (¬1) في النسخة: «أَثْفِيّةٌ».

أنه سمع أعرابيًا يقولُ: جَبَرَ مَصُوبَتَكَ. * أهلُ الحجازِ يقولون: أَحْبَبْتُ فأنا أُحِبُّ، وأنت تُحِبُّ، ونحن نُحِبُّ، وتَمِيمٌ يكسرون التاءَ والنونَ والألفَ. أَنْشَدَنِي أبو ثَرْوَانَ: إِحِبُّ بِحُبِّهَا [خ: لِحُبِّهَا] السُّودَانَ حَتَّى ... إِحِبَّ بِحُبِّهَا [خ: لِحُبِّهَا] سُودَ الْكِلَابِ وبعضُ قَيْسٍ وكثيرٌ (¬1) من أهلِ نجدٍ يقولون: أَحِبُّ، كأنَّ «فَعَلْتُ» منها: حَبَبْتُ، ولم نسمعْ «حَبَبْتُ» إلا في بيتٍ واحدٍ: وَوَاللهِ لَوْلَا تَمْرُهُ مَا حَبَبْتُهُ ... وَلَا كَانَ أَدْنَى مِنْ عُبَيْدٍ وَمُشْرِقِ * حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: أكثرُ العربِ على ضمةِ الصادِ في قولِه: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ}، يكونُ من الواوِ: صَارَ يَصُورُ. حدَّثني الكِسَائِيُّ، أنه سمع بعضَ بني سُليمٍ (¬2) يقولُ: صِرْتُهُ، فأنا أَصِيرُهُ (¬3)، وأَنْشَدَنِي: وَفَرْعٍ يَصِيرُ الْجِيدَ وَحْفٍ كَأَنَّهُ ... عَلَى اللِّيْتِ قِنْوَانُ الْكُرُومِ الدَّوَالِحِ (¬4) * العربُ تقولُ: «تَيَمَّمْتُكَ»، و «تَأَمَّمْتُكَ»، وفي قراءةِ عبدِ الله: «وَلَا تَؤُمُّوا ¬

_ (¬1) في النسخة: «وكَثِيْرٍ». (¬2) في النسخة: «سَليمٍ». (¬3) في النسخة: «ضِرْتُهُ فَأنا أُضِيْرُهُ». (¬4) في النسخة: «الدَوالجِ».

الْخَبِيثَ مِنْهُ تَنفِقُونَ». * و «الْفَقْرُ» اللغةُ الفاشيةُ، وبعضُ العربِ يقولُ: «الْفُقْرُ». * {نَعِمَّا} لأهلِ الحجازِ، بالفتحِ، وقَيْسٌ وتَمِيمٌ يقولون: {نِعِمَّا}. * {تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ}، هذه اللغةُ القُرَشِيَّةُ، ولغةٌ أخرى: «بِسِيمَائِهِمْ»، وثَقِيفٌ وبعضُ الأَسْدِ يقولون: «بِسِيميَائِهِمْ (¬1)». وأَنْشَدَنِي بعضُهم: غُلَامٌ رَمَاهُ اللهُ بِالْحُسْنِ مُقْبِلًا ... لَهُ سِيميَاءٌ (¬2) لَا يَشُقُّ عَلَى الْبَصَر * أهلُ الحجازِ يقولون (¬3): أَنْظِرْهُ إلى مَيْسُرَتِهِ، بضمِّ السينِ، وتَمِيمٌ وقَيْسٌ وأهلُ نجدٍ يقولون: مَيْسَرَتِهِ، وقَرَأَها عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وابنُ عُمَرَ: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}، وقَرَأَها ابنُ عَبَّاسٍ: {مَيْسُرَةٍ}. * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: أَمْلَلْتُ الكِتَابَ، وتَمِيمٌ وقَيْسٌ: أَمْلَيتُ الكِتَابَ، وقد جاء الكِتَابُ بهما جميعًا، قال اللهُ عزّ وجلَّ: {فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}، وقال: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}، وقال: {فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِل}. * {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ}، العربُ على تثقيلِ «فُعِلَ» في كلِّ الكلامِ، إلا رَبِيعَةَ وتَمِيمًا؛ فإنهم يُسَكِّنون ثانيَه، فيقولون: {عُفْيَ لَهُ}، و {قُضْيَ الْأَمْرُ}، ¬

_ (¬1) في النسخة: «بسيمَيايهِمْ». (¬2) في النسخة: «سِيْمَياٌ». (¬3) مكررة في النسخة.

وكذلك: {مَن وُجْدَ فِي رَحْلِهِ} (¬1)، يُسَكِّنونه. وقال أبو النَّجْمِ: رُجْمَ بِهِ الشَّيْطَانُ فِي ظَلْمَائِهِ وقال أيضًا: لَوْ عُصْرَ مِنْهُ الْبَانُ وَالْمِسْكُ انْعَصَرْ * {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}، وبعضُ العربِ: {تَعْضِلُوهُنَّ}، لغتان. * {الرَّضَاعَةُ} (¬2) اللغةُ الفاشيةُ، وبعضُ العربِ يكسرُ الراءَ. * {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ}، وبعضُ العربِ: {لَا تَعْزُمُوا}. * {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}، الكلامُ (¬3) التثقيلُ، وبعضُهم يُخَفِّفُ. وأَنْشَدَنِي الكِسَائِيُّ: مَا صَبَّ رَجْلِي فِي حَدِيدِ مُجَاشِعٍ ... مَعَ الْقَدْرِ إِلَّا حَاجَةٌ لِي أُرِيدُهَا * {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}، لغةُ أهلِ الحجازِ، وبنو أَسَدٍ وتَمِيمٌ تقولُ: «نُصْفٌ»، وقد قَرَأَ بها زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ: {فَنُصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}، ومن العربِ مَن ¬

_ (¬1) في النسخة: «عُفِيَ» و «قُضِيَ» و «وُجِدَ» في الآيات الثلاث. (¬2) في النسخة: «الرضَاعَةُ». (¬3) في النسخة: «الكَلامِ».

يقولُ: نَصْفُ (¬1) الدِّرْهمِ، ومنهم مَن يقولُ: نَصِيف. أَنْشَدَنِي: لَمْ يَغْذُهَا مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ وَلَا بُقَيْلَاتٌ وَلَا رِغِيفُ لَكِنْ غَذَاهَا (¬2) النَّعَمُ اللَّفِيفُ وَالْمَحْضُ وَالْقَارِصُ وَالْقَلِيفُ القَلِيفُ: جُلَّةُ التمرِ. * والعربُ جميعًا على «التَّابُوتِ»، بالتاءِ، إلا الأنصارَ؛ فإنهم يقولون: «التَّابُوه»، بالهاءِ، حدَّثني بذلك شَيْخٌ، عن قَتَادَةَ، قال: «التَّابُوهُ» لغةُ الأنصارِ. [و] حدَّثني محمدُ بنُ أَبَانٍ القُرَشِيُّ، قال: لم يَخْتَلِفْ سَعِيدُ بنُ العَاصِ وزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ إلا في «التَّابُوتِ»، قال سَعِيدٌ: التَّابُوت، وقال زَيْدٌ: التَّبُّوت. فإِنْ كان حُفِظَ فهي لغةٌ ثالثةٌ. * «النَّهَرُ» مُثَقَّلٌ ومُخَفَّفٌ، والتثقيلُ والتخفيفُ في كلِّ العربِ، وكذلك: {وَمِنَ الْمَعَزِ اثْنَيْنِ}، و {يَوْمَ ظَعَنِكُمْ}، و {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ}، و «جَهَرَة»، و «صَخَرَة»، ولَهَجَةٌ، وما كان ثانيه أحدَ الستةِ الأحرفِ، ثُقِّل وخُفِّف، والأحرفُ الستةُ: الحاءُ، والخاءُ، والعينُ، والغينُ، والهاءُ، والهمزةُ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «نَصْفَ». (¬2) في النسخة: «غَدَاها».

* «القُدُسُ»، يُثَقِّله أهلُ الحجازِ، وتُخَفِّفُه تَمِيمٌ. * {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ}، «الْكُرْسِيُّ» تُضَمُّ منه الكافُ، وهي لغةُ عامةِ العربِ، وبعضُ العربِ يكسرُ الكافَ (¬1)، ومثلُه: بَحْرٌ لُجِّيٌّ (¬2)، و {كَوْكَبٌ دِرِّيٌّ}، و «سِخْرِيٌّ (¬3)»، و «سُخْرِيٌّ»، والرفعُ في كلِّه أجودُ. وأما مَن همز «الدِّرِّيءَ» فلا يكونُ أوَّلُه إلا مكسورًا، وقد قَرَأَ عَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُودِ وحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ: {دُرِّيءٌ}، بالضمِّ والهمزِ، وليس هذا بجائزٍ في العربيةِ؛ لأنه ليس في الكلامِ «فُعِّيلٌ (¬4)» إلا أعجميٌّ، مثلُ: مُرِّيقٌٍ، وما أشْبَهَه. * {الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، و {الرَّشَدُ}، لغتان. * ومن العربِ مَن يقولُ: حَأجَّكَ الرَّجُلُ، فيهمزُ كلَّ (¬5) «فَاعِلٍ» و «فَاعِلَةٍ» من المُضَاعَفِ، مثلُ: دَأبَّةٍ، وخَأصَّةٍ، وهي في أهلِ نجدٍ. أَنْشَدَنِي بعضُ بني عَامِرٍ وبعضُ تَمِيمٍ: يَا عَجَبًا لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَبًا حِمَارَ قَبَّان يَسُوقُ أَرْنَبَا ¬

_ (¬1) في النسخة: «الكافَِ». (¬2) في النسخة: «لِجُيٌّ». (¬3) في النسخة: «سخْرِيٌّ». (¬4) في النسخة: «فُعّيْلٌ». (¬5) في النسخة: «فيْهّمزَ كُلُّ».

خَاطِمُهَا زَأمَّهَا عَنْ تَذْهَبَا * {فَيُضَاعِفُهُ}، و «يُضَعِّفُهُ»، لغتان، «يُضَعِّفُ» لأهلِ نجدٍ. * {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرُبْوَةٍ}، وبعضُهم: {بِرِبْوَةٍ}، وبعضُهم: {بِرَبْوَةٍ}، وبعضُهم: «رُبَاوَةٌ»، و «رَبَاوَةٌ»، وبعضُ كَلْبٍ يقولُ: تَرَكْتُهُ عَلَى رَبَا مِنَ الْأَرْضِ. * والعربُ جميعًا على «حَسِبَ يَحْسَبُ»، إلا بني كِنَانَةَ؛ فإنهم يقولون: حَسِبَ يَحْسِبُ (¬1)، وكانت لغةَ (¬2) النبيِّ صلى اللهُ عليه. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني أبو سُلَيْمَانَ المَكِّيُّ العَطَّارُصـ، عن النبيِّ صلى اللهُ عليه، [أنه] قال: «لا تَحْسِبُنَّ -ضَمَّ البَاءَ- أَنَّا ذَبَحْنَاهَا لِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا»، ورُوِي عنه: {يَحْسِبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ}. * وفي «إِبْرَاهِيمَ (¬3)» أربعُ لغاتٍ: من العربِ مَن يقولُ: إِبْرَاهِيمُ (¬4)، وهي اللغةُ الفاشيةُ، وإِبْرَاهُمُ، وإِبْرَاهَمُ، وإِبْرَاهِمُ. * «الصَّلَاةُ»، و «الزَّكَاةُ»، و «الْحَيَاةُ»، و «النَّجَاةُ»، وكلُّ ما كُتِبَ بالواوِ؛ لم نسمعْ فيها من العربِ إلا ما تَعْرِفُ، ويقَالُ: إنها كانت لغةً لفصحاءِ أهلِ اليمنِ، ¬

_ (¬1) في النسخة: «يَحْسَبُ». (¬2) في النسخة: «لُغَةُ». (¬3) في النسخة: «ابرَهِيم». (¬4) في النسخة: «ابرَهِيمَ».

سورة آل عمران

يُشِيرون إلى الرفعِ: الصَّلَاةُ، والزَّكَواةُ (¬1)، ونُرَى أنهم إنَّما كَتَبُوها بالواوِ لهذه اللغةِ. * العَرَبُ جميعًا تَكْسِرُ الألفَ في «إِلَّا» إلا طَيِّئًا؛ فإنهم يقولون: ذَهَبَ الناسُ أَلَّا زيدًا؛ فيفتحون الألفَ من «أَلَّا». أَنْشَدَنِي بعضُهم: إِنَّا إِلَى اللهِ لَا دُنْيَا بِبَاقِيَةٍ ... وَلَا لُبَانٌ (¬2) بِهَا أَلَّا إِلَى تقد (¬3) * وللعربِ في «غَيْر» لغةٌ؛ يجعلون مكانَها «بَيْدَ»، فيقولون: إنه لَسَخِيٌّ بَيْدَ أَنَّه مُفْسِدٌ، في معنى: غَيْرَ أَنَّه مُفْسِدٌ. سورةُ آلِ عِمْرَانَ بسم الله الرحمن الرحيم * {وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ}، و «الْفُرْقُ»، لغتان. أَنْشَدَنِي القَنَانِيُّ: وَمُشْرِكِيٍّ كَافِرٍ بِالْفُرْقِ ومثلُه: {وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا}، وقولُه: {وَذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}، وكذلك: {فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ}، وفي قراءةِ عبدِ اللهِ: «فَلَا كُفْرَ ¬

_ (¬1) في النسخة: «والزَّكْوَةُ». (¬2) في النسخة: «لَبانٌ». (¬3) كذا في النسخة، ولعل صوابها: «نَفَدِ»، والله أعلم.

لِسَعْيِهِ». * {كَدَابِ آلِ فِرْعَوْنَ (¬1)}، «الدَّابُ» يُثَقَّلُ ويُخَفَّفُ، فكأنَّه في تثقيلِه بمنزلةِ نَهْرٌ ونَهَرٌ، إذ كان ثانيه همزةً. * زَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع من العربِ مَن يقولُ: بيْسَ الرَّجُلُ، بتركِ الهمزِ، والكلامُ: بِئْسَ الرَّجُلُ، بالهمزِ، وبيْسَ. * أهلُ الحجازِ يقولون: أَسْأَلُ اللهَ رِضْوَانًا، وقَيْسٌ وتَمِيمٌ: رُضْوَانٌ، وكذلك: إِخْوَانٌ، وأُخْوَانٌ، [لجماعةِ الإخوة]. * «الْمَيِّتُ» يُخَفَّفُ ويُثَقَّلُ، إذا كان مَيِّتًا، والغالبُ على المَيْتَةِ إذا أنَّثتَها التخفيفُ، ورُبَّما ثُقِّلَتْ، وذلك في البُلدانِ المَوَاتِ من الأرضِ، وفي المَيْتَةِ التي حُرِّمَ أكْلُها، فإذا قلتَ للمرأةِ: هذه مَيْتَةٌ؛ اعتَدَل التخفيفُ والتثقيلُ. * العربُ يَقِفُون على كلِّ هاءٍ مؤنثةٍ بالهاءِ، إلا طَيِّئًا؛ فإنهم يَقِفُون بالتاءِ، فيقولون: هذه أَمَتْ، وهذه جَارِيَتْ، وهذه امرأَتْ. * وفي «زَكَرِيَّا» ثلاثُ لغاتٍ: أهلُ الحجازِ يقولون: هذا زَكَرِيَّا قد جاء، مقصورٌ، و [هذا] زَكَرِيَّاءُ قد جاء، ممدودٌ، وأهلُ [نجدٍ] يقولون: [هذا] زَكرِيٌّ، فيُجْرُونه، ويُلْقُون الألفَ. * وأهلُ الحجازِ يقولون: {هُنَالِكَ دَعَا}، وتَمِيمٌ تقولُ: هُنَاكَ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «فِرْعُوْن»، وكأنّ ضمة العين كانت فتحة.

* {إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ (¬1) بِيَحْيَى}، وكلُّ ما في القرآنِ؛ فإن أهلَ الحجازِ يُثَقِّلونه، وبعضُ العربِ يقولون: بَشَرْتُهُ بغلامٍ، وأنا أَبْشُرُه. أَنْشَدَنِي بعضُهم: بَشَرْتُ عِيَالِي إِنْ [خ: إِذْ] رَأَيْتُ صَحِيفَةً ... أَتَتْكَ مِنَ الْحَجَّاجِ يُتْلَى كِتَابُهَا وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع غَنِيًّا يقولون: بَشِرْتُكَ، وأنا أَبْشُرُكَ، وسمعتُها أنا من أبي ثَرْوَانَ كذلك، كما حَكَى الكِسَائِيُّ، وذُكِرَ عن النبيِّ صلى اللهُ عليه أنه قَرَأَ: «يَبْشُرُكَ». وقد قَرَأَ أصحابُ عبدِ اللهِ خمسةَ أحرفٍ بالتخفيفِ، وسائرُ القرآنِ بالتثقيلِ: ثنتان في آلِ عِمْرَانَ: {يَبْشُرُكَ (¬2) بِيَحْيَى}، و {يَبْشُرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ}، وفي بني إِسْرَائِيلَ، وفي الكَهْفِ، وفي عسق، ويُفَسِّرونه على أن اللهَ يَبْشُرُك [خ: يَسُرُّك] بكذا وكذا، لا على التَّبْشيرِ. وأما قولُه: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ}؛ فليس فيه إلا هذه اللغةُ (¬3)، إذا كان الفعلُ غيرَ واقعٍ. * {يُؤَدِّه إِلَيْكَ}، العربُ تَصِلُ الهاءَ بالواوِ إذا رُفِعَتْ، مثلَ قولِه: «كَلَّمَهُو رَبُّهُو»، وبالياءِ: «يُؤَدِّهِي إِلَيْكَ»، وهي أفصحُ اللغاتِ، وبعضُ قَيْسٍ يحذفون ¬

_ (¬1) في النسخة: «يُبشِرُك». (¬2) في النسخة: «يبشرك». (¬3) في النسخة: «اللُّغَةِ».

الواوَ والياءَ، فيقولون: {يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}، {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}. وأَنْشَدَنِي بعضُ بني عَامِرٍ: أَنَا ابْنُ كِلَابٍ وَابْنُ أَوْسٍ فَمَنْ يَكُنْ ... قِنَاعُهُ (¬1) مَغْطِيًّا (¬2) فَإِنِّي لَمُجْتَلَى (¬3) وبعضُ العربِ يَقِفُ على الهاءِ جَزْمًا في الوصلِ والقطعِ، كما قَرَأَ حَمْزَةُ والأَعْمَشُ، ولستُ أَشْتَهي ذلك؛ لأنها شاذةٌ. * {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا}، أهلُ الحجازِ يقولون: دُمْتَ، ودُمْتُمْ، ومُتّ، ومُتُّمْ، وتَمِيمٌ يقولون: مِتّ، ودِمْتَ، ويَجْتَمعون في «يَفْعُلُ» على يَدُومُ، ويَمُوتُ، والأَسْدُ أَسْدُ السَّرَاةِ ومَن جاوَرَهم يقولون: يَدَامُ، ويَمَاتُ. * {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ}، أهلُ الحجازِ يقولون: أَوْفَيْتُ بالعهدِ، [بألفٍ]، وأهلُ نجدٍ يقولون: وَفَيْتُ بالعهدِ، بغيرِ ألفٍ. * ورَبِيعَةُ يقولون: هذا مِن لَدْنِ عبدِ (¬4) اللهِ، يجزمون الدالَ، ويكسرون النونَ، وأَسَدُ تقولُ: لُدُن (¬5) عَبْد اللهِ، فيُثَقِّلون بضمَّتين، وأهلُ الحجازِ: من لَدُنْ عبدِ اللهِ، بنصبِ اللامِ، ورفعِ الدالِ، وتسكينِ النونِ، وذُكِرَ عن النبيِّ صلى اللهُ ¬

_ (¬1) في النسخة: «قَناعَهُ». (¬2) في النسخة: «مَعْطِيًّا». (¬3) في النسخة: «لمُحْتلا». (¬4) في النسخة: «عِند». (¬5) في النسخة: «لُدْن».

عليه أنه قَرَأَ: {قَدْ بَلَغْتَ مِن لَدُني عُذْرًا}، وهي القراءةُ، وبعضُ تَمِيمٍ يحذفُ [خ: يحذفون] النونَ، فيقولُ [خ: فيقولون]: مِن لَدُ ذاك. قال العَجَّاجُ: مِنْ لَدُ شَوْلًا فَإِلَى إِتْلَائِهَا وبعضُ العربِ يقولُ [خ: يقولون: من] لَدِنْ، ويحذفُ النونَ، فتكونَ لغةً أخرى: من لَدِ عَبْدِ اللهِ، وزَعَم الكِسَائِيُّ أن من العربِ مَن يقولُ: كُنْتُ لَدَنْ عَبْدِ اللهِ، و: لَدَ عَبْدِ اللهِ. * ضَبَّةُ وعُكْلٌ وسُليْمٌ يفتحون لامَ «كَيْ»، فيقولون: جِئتُ لَأَضْرِبَك، جِئتُ لَآخُذَك، جِئتُ لَآكُلَها، وما كُنتُ لَآتِيَك، فكذلك لامُ الأمرِ: لَيَذْهَبْ بعضُكم، لَيَقُمْ زيدٌ. أَنْشَدَنِي بعضُ بني سُليْمٍ: لأدْناها وَمَا فِيهَا دَنِيٌّ ... لَيَرْقُدْ ثُمَّ يَرْقُدْ لَنْ يُضَارَا بفتحِ اللامِ. * العربُ تقولُ في «يَفْتَعِلُونَ» من «ذَخَرْتُ»، ومن «ذَكَرْتُ»: يَدَّخِرُون، وتَدَّكِرُون (¬1)، وسمعتُ بعضَ بني فَقْعَسٍ ودُبَيْرٍ: تَذَّخِرُون، وتَذَّكِرُون، [خ: ويَثَّغِرُ] (¬2)، ¬

_ (¬1) في النسخة: «وتذّكِرُونَ». (¬2) في النسخة: «ويتَغِرُ».

ويَضَّرِمُ (¬1)، ويَضَّرِبُون. * العربُ كلُّها يقولون: أَتَيْتُك إِذْ قامَ زيدٌ، إلا طَيِّئًا؛ فإنهم يقولون: أَتَيْتُك إِذي قامَ زيدٌ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: فَأَمَّا الَّذِي كَانَتْ سَلَامَانُ قَوْمَهُ ... فَأَوْدَى إِذي نَابَتْ عَلَيْهِ النَّوَائِبُ ولا نعلمُ أحدًا يقولُها غيرُهم. ويقولون: أنا أَنْظُورُ إليك، ولا يقولُ ذلك غيرُهم من العربِ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: اللهُ يَعْلَمُ أَنَّا فِي تَلَفُّتِنَا ... يَوْمَ الْفِرَاقِ إِلَى جِيرَانِنَا صُورُ وَأَنَّنِي حَيْثُمَا يَثْنِي الْهَوَى بَصَرِي ... مِنْ نَحْوِ مَا سَلَكُوا أَدْنُو فَأَنْظُورُ الروايةُ: «مِنْ حَيْثُ». وبعضُ كَلْبٍ يقولون: اذهَبْ وانْظَر (¬2) إليه، و «فَعِلْتُ» منه: نَظِرْتُ إليك، فأنا أَنْظَرُ. * العربُ تقولُ: صَدَدْتُك (¬3) عن السبيلِ، إلا تَمِيمٌ؛ فإنهم يقولون: أَصْدَدتُك. أَنْشَدَنِي أبو ثَرْوَانَ العُكْلِيُّ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «ويَضْرِمُ». (¬2) في النسخة: «وانْظَُر». (¬3) في النسخة: «صَددْتُك».

أُنَاسٌ أَصَدُّوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ عِنْهُمُ ... صُدُودَ السَّوَاقِي عَنْ أُنُوفِ الْحَوَائِمِ وأَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ: أَصَدَّ نَشَاصَ ذِي الْقَرْنيْنِ (¬1) حَتَّى ... تَوَلَّى عَارِضُ الْمَلِكِ الْهُمَامِ فإذا قَالوا: فَعَلْتُ، وهم يريدون ألَّا يقعَ الفعلُ؛ قَالوه بغيرِ ألفٍ: صَدَدْتُ [عنك]، وفي «فَعَل» إذا لم يقعْ لغتان: يَصِدُّون، ويَصُدُّون. * العربُ تقولُ: [قد] اسْوَدَّ، وابْيَضَّ، وقُضَاعَةُ تقولُ: اسْوَادَّ، وابْيَاضَّ، ورُبَّما أَخَذَ بعضُهم من لغةِ بعضٍ، وذُكِرَ لي عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنه قال: «لا تَشْتَرُوا الثَّمَرَ أو النَّخْلَ حتى يَصْفَارَّ ويَحْمَارَّ». * {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ}، و {قُرْحٌ}، وقد زَعَم بعضُ المفسِّرين أن القُرْحَ هو أَلَمُ الِجَراحاتِ، والقَرْحُ هو الجِرَاحةُ. * {وَمَا ضَعُفُوا}، العربُ على رفعِ العينِ، وسمعتُ بعضَ (¬2) بني فَقْعَسٍ يقولُ: ضَعَفْتُ عن السَّفَرِ. * أهلُ الحجازِ يقولون: هَاهُنَا، مقصورٌ، وأَسَدٌ يقولون: هَاهُنَاءيهِ ناسٌ كثيرٌ، وهَاهُنَاءِ (¬3)، خفضًا بهاءٍ وبغيرِ هاءٍ، تَمِيمٌ: هَاهَنَّا زيدٌ [فَاعْلَم]. أَنْشَدَنِي بعضُهم: ¬

_ (¬1) في النسخة: «القَرْنِيْنِ» على الإمالة. (¬2) في النسخة: «بَعْضُ». (¬3) في النسخة: «هَاهُنَآ».

تَلْقَاهُ مُقْتَسمًا تَهْفُو خَلِيقَتُهُ ... هَنَّا وَهَنَّا وَعَقْلِي غَيْرُ مُقْتَسمِ * وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع العربَ تقولُ: لَحِقْتُك (¬1)، وأَلْحَقْتُك، بمعنًى واحدٍ، مثلُ: تَبِعْتُك (¬2)، وأَتْبَعْتُك. والحُفَّاظُ من الفقهاءِ يَرْوُون: «إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ [بالكُفَّارِ] مُلْحِقٌ»، على معنى: لاحِقٍ، ورَوَى بعضُهم: «مُلْحَقٌ». * العربُ تقولُ: حَزَنَهم (¬3)، وأَحْزَنَهم. * والعربُ تقولُ: يَجْتَبِيك، ويَجْتَمِعُون، ويَجْتَلِدُون، إلا بعضَ بني عَامِرٍ؛ فإنهم يقولون: يَجْدَبِيك، ويَجْدَمِعُون، يجعلون تاءَ الافتعالِ دالًا، إذا كان قبلَها جيمٌ. أَنْشَدَنِي الكِسَائِيُّ: فَقُلْتُ لِصَاحِبِي: لَا تَحْبِسَانَا ... بِنَزْعِ أُصُولِهِ وَاجْدَزَّ شِيحَا [يُريدُ]: واجْتَزَّ، من «جَزَّزْتُ». * أهلُ الحجازِ يقولون: قد بَخَلْتَ بما في يديك، والعربُ: بَخِلْتَ. * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: «النُّزُلَ»، مُثَقَّلٌ، وتَمِيمٌ ورَبِيعَةُ: «النُّزْلُ»، خفيفةٌ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «لَحقْتُك». (¬2) في النسخة: «تَبعتُك». (¬3) في النسخة: «حَزنَهُمْ».

ومن سورة النساء

بسم الله الرحمن الرحيم ومن سورةِ النِّسَاءِ * {إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا}، «الْحُوبُ»، و «الْحَوْبُ»، لغتان، الضمُّ لأهلِ الحجازِ، والفتحُ لتَمِيمٍ. * أهلُ الحجازِ [يقولون]: أَعْطِها صَدُقَتَها، وتَمِيمٌ: صُدْقَتَها (¬1)، فإذا جَمَعَتْ تَمِيمٌ قالوا: الصُّدُقَاتُ، فثَقَّلوا، وكذلك: {وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمِ الْمَثُلَاتُ}، فيها ما في «الصَّدُقَةِ»: «الْمَثُلَةُ» لأهلِ الحجازِ، و «الْمُثْلَةُ» لتَمِيمٍ، والجمعُ: المُثُلَاتُ. * ولتَمِيمٍ: {فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ}، و «السُّدُسُ»، أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يُثَقِّلون، والتخفيفُ لتَمِيمٍ ورَبِيعَةَ. * «الْمُحْصَنَاتُ» أكثرُ كلامِ العربِ جميعًا، لا يكادُ يُسْمَعُ غيرُه، لذاتِ الزوجِ، وللعفيفةِ وإن لم تكنْ ذاتَ زوجٍ، وقَرَأَ عَلْقَمَةُ بنُ قَيْسٍ ومُجَاهِدٌ: الْمُحْصِنَاتُ، بالكسرِ، أَرَادا به: العفائفَ، وقَرَأَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}، جَعَلَاها هاهنا ذاتَ الزوجِ، وقد أَحْصَنَها زوجُها. * {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا}، و {نَصْلِيهِ}، من صَلَيْتُ، وأَصْلَيْتُ، و «أَصْلَيْتُ» أكثرُ. * «الْبَخَلُ (¬2)»، تُثَقِّله أَسَدٌ، و «الْبُخْلُ» لتَمِيمٍ، و «الْبُخُلُ» لأهلِ الحجازِ، ويُخَفِّفون ¬

_ (¬1) في النسخة: «صُدَقَتها». (¬2) في النسخة: «البَخلُ».

أيضًا على لغةِ تَمِيمٍ، وبعضُ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ يقولُ: بَخْلٌ. قال جَرِيرٌ: تُرِيدِينَ أَنْ نَرْضَى وَأَنْتِ بَخِيلَةٌ ... وَمَنْ ذَا الَّذِي يُرْضِي الْأَخِلَّاءَ بِالْبَخْلِ وأَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ: [خ: وَأَجْوَدُهُمْ] (¬1) أَوَانَ (¬2) بَخَلْ فثَقَّل. * تَمِيمٌ تقولُ: رَجُلٌ سَكْرَانُ، من قومٍ سَكَارَى، [وأَسَدٌ] وأهلُ الحجازِ يقولون: قومٌ سُكَارَى. * {الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا}، العربُ تقولُ: هذا قِيَامُ أَهْلِه، وقِوَامُ أَهْلِه، وقَيِّمُ أَهْلِه، وقِيَمُ (¬3) أَهْلِه. حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: وحدَّثني عَمْرُو بنُ أبي المِقْدَامِ، عن مُسْلِمِ ابنِ مِخْرَاقٍ، عن عِمْرَانَ بنِ حُذيْفَةَ (¬4)، قال: رآني أَبِي وقد ركعتُ، فصَوَّبتُ رأسي، فقال: «يا بُنَيَّ، ارفعْ رأسَك، دِينًا قِيَمًا»، بكسرِ القافِ، ويُخَفِّفُ الياءَ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «وَاجْوَدُهُن». (¬2) في النسخة: «اواَنْ». (¬3) في النسخة: «قِيْمَ». (¬4) في النسخة: «حُذِيْفَة» على الإمالة، وفي الحاشية: «في نسخةٍ: حُدَيْر».

* قُريْشٌ وهَوَازِنُ وهُذيْلٌ يكسرون ألفَ «أُمٍّ (¬1)»، إذا كانتْ قبلَها كسرةٌ أو ياءٌ مجزومةٌ، فأما الكسرةُ فمثلُ قولِه: {فَلِإِمِّهِ السُّدُسُ}، ولا تُبَالِ أكان الحرفُ متصلًا بها أم منفصلًا، المنفصلُ مثلُ قولِه: {فِي بُطُونِ إِمَّهَاتِكُمْ}، والياءُ مثلُ قولِه: {وَإِنَّهُ فِي إِمِّ الْكِتَابِ}، و: جَلَسَ بين يدَيْ إِمِّهِ، وإذا كان ما قبلَ الألفِ مفتوحًا أو مضمومًا أو قبلَه ألفٌ أو واوٌ فالعربُ مُجْتَمِعون على ضمةِ «أُمٍّ»، وسائرُ العربِ يرفعون الألفَ من «أُمٍّ (¬2)» على كلِّ حالٍ. * {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبِيُوتِ}، العربُ ترفعُ أوَّلَ هذا الجنسِ رفعًا بَيِّنًا، وبعضُهم يُشِيرُ إلى الرَّفْعَةِ ولا يُبَيِّنُها (¬3)، كما يُشِيرُ [خ: يُشَارُ] في «قُيلَ»، و «حُيلَ»، فهذه [خ: وهذه] أجودُ اللغاتِ؛ لأنها أكثرُهن، ومن العربِ مَن يكسرُ كسرًا بَيِّنًا، فيقولُ: «الْبِيُوتَ»، و «الْجِيُوبَ». * {وَحَسُنَ أُولَائِكَ رَفِيقًا}، فيها ثلاثُ لغاتٍ: أجودُهن التي عليها القراءةُ، تَفتحُ الحاءَ (¬4)، وترفعُ السينَ، وهي حجازيةٌ، وتَمِيمٌ تقولُ: {حَسْنَ (¬5) أُولَائِكَ رَفِيقًا}، وبعضُ قَيْسٍ يقولُ: {حُسْنَ أُولَائِكَ}. ¬

_ (¬1) في النسخة: «أُمِّ». (¬2) في النسخة: «أُمِّ». (¬3) في النسخة: «يُببِّتُهَا». (¬4) في النسخة: «الحاءِ». (¬5) في النسخة: «حَسَن».

أَنْشَدَنِي التَّمِيمِيُّ: لَضَعْفَ مَا تَمْتَحُ يَا عفِيفُ وأَنْشَدَنِي الكِسَائِيُّ، عن بعضِ قَيْسٍ: لَمْ يَمْنَعِ النَّاسُ مِنِّي مَا أَرَدتُ وَمَا ... أُعْطِيهِمُ مَا أَرَادُوا حُسْنَ ذَا أَدَبَا * {وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا السَّبِيلَ}، لأهلِ الحجازِ: «فَعَلْتُ»: ضَلَلْتُ، بفتحِ اللامِ، وتَمِيمٌ تقولُ: ضَلِلْتُ، فأنا أَضَلُّ، وقد قَرَأَ بها يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ -وكان أَسَدِيًّا- بكسرِ اللامِ الأُولى في «ضَلِلْتُ». * سَمِع الكِسَائِيُّ، عن بعضِ العربِ: فَسَدَ الشيءُ فُسُودًا، واللغةُ الغالبةُ: الفَسَادُ. * {كُلَّمَا (¬1) رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا}، بالألفِ، من «أَرْكَسْتُ»، وهي في قراءةِ عبدِ اللهِ وأُبَيٍّ: «وَاللهُ رَكَسَهُمْ»، بغيرِ ألفٍ. * «الْخَطَأُ» يقصُرُه ويهمزُه عامةُ العربِ، وبعضُهم يمدُّه، مثلُ: العَطَاءِ، وقَرَأَ الحَسَنُ: «أن يَقْتُلَ مُومِنًا إِلَّا خطاءً». * {وَآتَيْنَا دَاوُدَ (¬2) زَبُورًا}، و {زُبُورًا} لغةٌ قَرَأَ بها الأَعْمَشُ وحَمْزَةُ، والفتحُ أعربُ وأكثرُ. * {أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، أهلُ الحجازِ يقولون: فَتَنْتُ الرجلَ، فأنا ¬

_ (¬1) في النسخة: «كُلُّما». (¬2) في النسخة: «دَاودُ».

أَفْتِنُهُ، وهو مَفْتُونٌ، وتَمِيمٌ ورَبِيعَةُ وأَسَدٌ وقَيْسٌ: أَفْتَنْتُ الرجلَ، وهو رجلٌ فَاتِنٌ، إذا دَخَلَ في الفتنةِ، فُتُونًا. * {وَلْيَاخُذُوا حِذْرَهُمْ}، وهو «الْحِذْرُ»، و «الْحَذَرُ»، بمعنًى واحدٍ، كقَوْ [لِهِ]: {هُمْ أُولَاي عَلَى أَثَرِيْ (¬1)}، و {إِثْرِيْ}؛ إلا أن العربَ استَعْملتْ قولَهم: خُذْ حِذْرَك، ولم نسمعْ: خُذْ حَذَرَك، وهو صوابٌ لو قيل، فأما «الْإِثْرُ» فلأهلِ نجدٍ، و «الأَثَرُ» لأهلِ الحجازِ. * {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ}، الكلامُ الذي عليه عامةُ العربِ: استَخْفَيتُ، وبذلك جاء القرآنُ، و «اخْتَفَيْتُ» لغةٌ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: أَصْبَحَ الثَّعْلَبُ يَسْمُو لِلْعُلَى ... وَاخْتَفَى مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ الْأَسَدْ وإنما كَرِهَهَا النحويون؛ أَنَّ [لأنَّ] «اخْتَفيْتُ (¬2) الشيءَ»: أَظْهَرتُه، في قولِهم: «لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَفِي قَطْعٌ»، يعني [خ: يَعْنُون]: النَّبَّاشَ. * تَمِيمٌ تقولُ: ازْدُق (¬3)، ومَزْدَق، فيجعلون الصادَ زايًا في كلِّ موضعٍ انْجَزَمَتْ فيه. * «الْأَمَانِيُّ» يُثَقَّلُ ويُخَفَّفُ: أَمَانٍ كَمَا تَرَى، وأَمَانِيَّ، لا على اللغةِ، إنما هي ¬

_ (¬1) في النسخة: «اَثرِيْ». (¬2) في النسخة: «اَخْتفِيْتُ». (¬3) في النسخة: «اَزْدُقْ».

بمنزلةِ مَن جَمَعَها: «أَفَاعِيلَ»، و «أَفَاعِلَ»، مثلُ: قَرَاقِيرُ، وقَرَاقِرُ، قَرَاقِيرُ: فَعَالِيلُ، وقَرَاقِرُ: فَعَالِلُ. * {وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ}، وبعضُ العربِ يقولُ: {الشِّحَّ}. * {وَلَوْ حَرَصْتُمْ (¬1)} لغةُ العربِ، وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سَمِع: حَرِصْتُ عليكم، [فأنا] أَحْرَصُ، وبعضُ العربِ يقولُ: حَرَصَ يَحْرُصُ. * «السَّبِيلُ» يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، وقد أَتَى القرآنُ بالوجهين جميعًا، قراءةُ عبدِ اللهِ: «هَذَا سَبِيلِي»، وفي قراءتِنا: {هَذِهِ سَبِيلِي}، وفي قراءةِ أُبَيٍّ: «وَإِن يَرَوا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهَا سَبِيلًا»، وفي قراءتِنا: {لَا يَتَّخِذُوهُ}. * «كُسَالَى» لأهلِ الحجازِ، وأَسَدٌ وتَمِيمٌ: «كَسَالَى». * «الدَّرَكُ» يُخفَّفُ ويُثقَّلُ، والتثقيلُ أكثرُ. * «يُونُسُ» (¬2)، و «يُوسُفُ» لغةُ أهلِ الحجازِ، وبعضُ بني أَسَدٍ يقولُ: يُؤْنَسُ (¬3)، ويُؤْسَفُ، وبعضُ العربِ: يُؤْنِسُ، ويُؤْسِفُ، فيهمزُ ويكسرُ، وبعضُ بني عُقَيْلٍ: يُوسَفُ، ويُونَسُ. أَنْشَدَنِي أبو الجَرَّاحِ العُقَيْلِيُّ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «حَرصْتُم». (¬2) في النسخة: «نُوْنس». (¬3) في النسخة: «نُؤيَسُ».

ومن سورة المائدة

وَمَا صَقْرُ حَجَّاجِ بْنِ يُوْسَفَ مُمْسَكًا ... بِأَسْرَعَ مِنِّي لَمْحَ (¬1) عَيْنٍ بِحَاجِبِ * العربُ تقولُ في جمعِ «الثُّبَةِ»: ثُبِينُ، وثُبَاتٌ، فيجعلون تَعْرِيبَ التاءِ (¬2) خفضًا في النصبِ، وبعضُ العربِ ينصبُها في النصبِ، فيقولُ: رأيتُ ثُبَاتًا كثيرًا. قال أبو الجَرَّاحِ [العُقَيْلِيُّ] (¬3) في كلامِه: «مَا مِنْ قَوْمٍ إِلَّا سَمِعْنَا لُغَاتَهُمْ»، فنَصَبَ التاءَ، ثم رَجَعَ فخَفَضَها، وقال: أَنْشَدُونا (¬4) بيتًا: فَلَمَّا جَلَاهَا بِالْإِيَامِ تَحَيَّزَتْ ... ثُبَاتًا (¬5) عَلَيْهَا ذُلُّهَا وَاكْتِئَابُهَا (¬6) بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ المَائِدَةِ * أهلُ الحجازِ يقولون: قد حَلَلْتُ من الإحرامِ، [فأنا] أَحِلُّ، والرجلُ حَلَالٌ، وكذلك سَعْدُ بنُ بَكْرٍ يقولون كقولِهم. وأهلُ الحجازِ وسَعْدُ بنُ بَكْرٍ يقولون: قد حَرُمَ الرجلُ، وهو حَرَامٌ، وهم قومٌ ¬

_ (¬1) في النسخة: «لمح». (¬2) في النسخة: «الناءَ». (¬3) في النسخة: «العُكْليُّصـ». (¬4) في النسخة: «انْشِدُونَا». (¬5) في النسخة: «ثُبابًا». (¬6) في حاشية النسخة تفسيرًا للإيام: «الدخان».

حُرُمٌ. وأَسَدٌ وتَمِيمٌ وقَيْسٌ يقولون: قد أَحَلَّ من إحرامِه، وهو مُحِلٌّ، وقد أَحْرَمَ، فهو مُحْرِمٌ. * {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ}، العربُ على فتحةِ الياءِ، و «فَعَلْتُ» منه: جَرَمْتُ (¬1)، فأنا أَجْرِمُ. أَنْشَدَنِي العُكْلِيُّ: يَا أَيُّهَا الْمُشْتَكِي عُكْلًا وَمَا جَرَمَتْ ... إِلَى الْقَبَائِلِ مِنْ قَتْلٍ وَإِبْآسِ (¬2) وقَرَأَ يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ: {لَا يُجْرِمَنَّكُمْ (¬3)}، وما هي إلا بمنزلةِ قولِه: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا}، واللهُ أعلمُ، ولا نُرَاه اجْتَرَأَ عليها إلا من هذا المعنى. * العربُ تقولُ: {شَنَئَانُ قَوْمٍ}، [و {شَنْئَانُ قَوْمٍ}]، وكأن «شَنْئَانُ قَوْمٍ» بَغِيضُ قَوْمٍ؛ لأن «فَعْلَانَ» لا يَكادُ يأتي في المصادرِ، فأما «شَنَئَانُ قَوْمٍ» فهو مصدرٌ على مذاهبِ العربِ. * {[وَمَا] أَكَلَ السَّبُعُ}، مُثقَّلٌ، وبعضُ أهلِ نجدٍ يُخَفِّفُه، فيقولُ: «السَّبْعُ». * «قَسِيَّةً»، و «قَاسِيَةً»، لغتان، وقد قَرَأَ بهما القُرَّاءُ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «جَرمْتُ». (¬2) في النسخة: «وَإبْأآسِ». (¬3) في النسخة: «يُجْرِمِنُكّم».

ومن سورة الأنعام

* {أَعْجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الغُرَابِ} اللغةُ الفاشيةُ، وبعضُ العربِ يقولُ: عَجِزْتَ تَعْجَزُ. * {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} لغةٌ لأهلِ الحجازِ، وتَمِيمٌ تقولُ: مِنْ إِجْلِكَ، فيكسرون الألفَ، وفيها لغاتٌ لا تَصْلُحُ للقراءةِ: العربُ تقولُ: فَعَلْتُ ذلك من جَلَالِك (¬1)، ومن جَرَّاك، ومن جَرَّائِك، ومن جَلَلِك، والمعنى واحدٌ. بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الأَنْعَامِ * أهلُ الحجازِ يقولون: قِنْوَانٌ، فيكسرون القافَ، وقَيْسٌ يقولون: قُنْوَانٌ، وتَمِيمٌ وضَبَّةُ: قِنْيَانٌ. أَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ عنهم: فَأَثَّتْ أَعَالِيْهِ وَآدَتْ أُصُولُهُ ... وَمَالَ بِقُنْيَانٍ مِنَ الْبُسْرِ أَحْمَرَا ويجتمعون جميعًا، فيقولون: قِنْوٌ، وقُنْوٌ، ولا يقولون: قِنْيٌ، ولا: قُنْيٌ. وكَلْبٌ تقولُ: «وَمَالَ بِقِنْيَانٍ». * {اُنْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِه}، مخففةٌ، هذه لأهلِ الحجازِ، وبعضُ أهلِ نجدٍ يقولون: {وَيُنْعِه}، يضمُّون أوَّلَها، و «يَانِعِهِ»، و «يَنْعِهِ»، لغتان. ¬

_ (¬1) في النسخة: «اجَلالِك»، وفوقها: «جلاك». ولعل الصواب: «من اَِجْلَاك، ومن جَلَالِك»، فألف «اجَلالِك» بقية «اَِجْلَاك».

* {فَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ}، الضَّيْقُ من الأمرِ أو الكلامِ، إذا قلتَ: لا تكنْ في ضَيْقٍ من أمرِ فلانٍ، والضِّيقُ في الثوبِ والدارِ والمعيشةِ. * وقولُه عزّ وجلَّ: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرِجًا}، و {حَرَجًا}، لغتان، وقَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ: {حَرَجًا}، أَخَذَها عن بني كِنَانَةَ. * {[هَذَا لِلهِ] بِزَعْمِهِمْ} حجازيةٌ، وأَسَدٌ تقولُ: {بِزُعْمِهِمْ}، وبعضُ قَيْسٍ يكسرون الزايَ: {بِزِعْمِهِمْ}، فيما حَكَى الكِسَائِيُّ. * {هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ}، و {حُجْرٌ}، بالضمِّ والكسرِ، وقَرَأَها الحَسَنُ: {حُجْرٌ}، وهي في قراءةِ ابنِ مسعودٍ: «حرْجٌ»، مثلُ: جَذَبَ، وجَبَذَ، ويقالُ: حَرِجَ عليك ظُلْمِي: حَرُمَ. * أهلُ الحجازِ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حِصَادِهِ}، وأهلُ نجدٍ وتَمِيمٌ: {حَصَادِهِ}. * أهلُ الحجازِ يقولون: هَلُمَّ، للواحدِ والجميعِ وللاثنين وللأنثى، لا يزيدون عليه، وتَمِيمٌ تقولُ: هَلُمَّ، وهَلُمَّا، وهَلُمُّوا، وللواحدةِ: هَلُمِّي، وللجمعِ: هَلُمَّنَّ يا نِسْوَةُ، وهَلُمُّنَّ، وحُكِيَتْ لي عن أبي عَمْرٍو: هَلُمّينَ، في الجمعِ، ولا أَشْتَهي: هَلْمُمْنَ، وقد كان الكِسَائِيُّ يقولُها. * بنو أَسَدٍ: صَغيتُ إلى حديثِه، فأنا أَصْغَى إليه، والعربُ تقولُ: صَغَوْتُ، فأنا أَصْغُو إليه، وأُصْغِي.

ومن سورة الأعراف

بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الأَعْرَافِ * {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ}، أهلُ الحجازِ يحذفون الألفَ [الآخِرةَ] من «أَنَا» في الوصلِ، وهي التي يُقْرَأُ بها، ومن العربِ من قَيْسٍ ورَبِيعَةَ مَن يقولُ: {أَنَا خَيْرٌ}، بالألفِ في القطعِ والوصلِ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: أَنَا أَبُو النَّجْمِ إِذَا قَلَّ الْعِذَر وأَنْشَدَنِي الكِسَائِيُّ: أَنَا سَيْفُ الْعَشِيرَةِ فَاعْرِفُونِي ... حَمِيدًا قَد تَذَرَّيْتُ السَّنَامَا وبعضُ العربِ يقولُ: آنَا (¬1) قُلتُ ذلك، يُطِيلُ الألفَ الأولى، ويحذفُ الآخِرةَ، وآنَا قُلتُ ذاك، في لغةِ قُضَاعَةَ. * «يَهْبِطُ»، و «يَهْبُطُ»، لغتان. * {تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}، و {خِفْيَةً}، لغتان، وكأنَّ الكسرَ في قُضَاعَةَ (¬2). * أهلُ الحجازِ يقولون: ذَأَمْتُ الرجلَ، وأنا أَذْأَمُه ذَامًا، وعُذْرَةُ وبنو القَيْنِ وكثيرٌ من قُضَاعَةَ يقولون: ذِمْتُ الرجلَ، فأنا أَذِيمُه ذَيْمًا، وذَامًا. ¬

_ (¬1) في النسخة: «آآنا»، وكذا الموضع الآتي بعده. (¬2) هذه الفقرة تكررت بعد أسطرٍ، فكُتب هنا على أولها: «لا» وعلى آخرها: «إلى»، وأمامها في الحاشية: «مكرر». ويلحظ مجيء «خِيْفَةً» هناك بدل «خِفْيَةً».

وقال الشاعرُ: تَعَافُ وِصَالَ ذَاتِ الذَّيْمِ نَفْسِي ... وَتُعْجِبُنِي الْمُمَنَّعَةُ النَّوَارُ * {تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}، و {خِيفَةً}، لغتان، وكأنَّ الكسرَ في قُضَاعَةَ. * هُذيْلٌ وبنو كِنَانَةَ يقولون: نَعِمَ، يريدون: نَعَمْ، وسائرُ العربِ يقولون: نَعَمْ، وحُكِيَتْ عن عُمَرَ: «نَعِمْ». حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني بعضُ المَشْيَخَةِ، عن الأَعْمَشِ أو مَنْصُورٍ -الشَّكُ من الفَرَّاءِ-، قال: قيل لشَقِيقِ بنِ سَلَمَةَ: يا أبا وَائِلٍ، أَشَهِدتَ صِفِّينَ؟ قال: نَعِمْ، وبِئْسَتِ الصِّفُّونَ. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني بعضُ المَشْيَخَةِ، قال: حدَّثني بعضُ ولدِ الزُّبَيْرِ، قال: ما كُنتُ أسمعُ أشياخَ قُريْشٍ يقولون إلا: نَعِمْ. وسمعتُ أبا أُنَاسٍ يقولُ: كان أبي إذا سَمِعَ رجلًا يقولُ: نَعَمْ؛ قال: نَعَمٌ وشَاءٌ، إنما هي: نَعِمْ. * أهلُ الحجازِ يقولون: ما أتاني من أحدٍ غيرِك، وما عندي من رجلٍ غيرِك، وأَسَدٌ وقُضَاعَةُ إذا كانتْ «غَيْرُ» في «إِلَّا» نَصَبُوها، تَمَّ الكلامُ أو لم يَتِمَّ، يقولون: ما أتاني غيرَك، وما عندي من أحدٍ غيرَك (¬1)، فإذا قالوا: أتاني غيرُك؛ لم يَخْتَلِفوا فيها، فرفعوا في الرفعِ، ونصبوا في النصبِ، وخفضوا في الخفضِ. أَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «غَيْرِك».

هَلْ غَيْرَ أَنْ كَثُرَ الْأَشرُّ وَأَهْلَكَتْ ... حَرْبُ الْمُلُوكِ أَكَابِرَ الْأَمْوَالِ * بنو أَسَدٍ يقولون: أَرْجَيْتُ الأمرَ، بغيرِ همزٍ، وكذلك عامةُ قَيْسٍ، وبعضُ بني تَمِيمٍ يقولون: أَرْجَاتُ الأمرَ، بالهمزِ، والقُرَّاءُ مُولَعُون بهمزِها، وتركُ الهمزِ أجودُ. * «إِمَّا» مكسورةٌ إذا كانتْ تَخْيِيرًا، و (¬1) هي لغةُ أهلِ الحجازِ ومَن جاوَرَهم، وبعضُ بني تَمِيمٍ وقَيْسٌ وأَسَدٌ ينصبون الألفَ إذا كانت تخييرًا. أَنْشَدَنِي أبو القَمْقَامِ الفَقْعَسِيُّ: تُنَفِّحُهَا أَمَّا شَمَالٌ عَرِيَّةٌ ... وَأَمَّا صَبَا جِنْحِ الظَّلَامِ هَبُوبُ وأَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ، لبعضِ بني تَمِيمٍ: أَمَّا أشارَى وَأَمَّا هَاجَهُمْ فَزَعٌ ... بَيْنَ الرَّبِيضِ يَكُدُّ الْمُبْطِئُ الْعُرُفَا وأَنْشَدَنِي القَاسِمُ بنُ مَعْنٍ: فَأَمَّا حُبُّهَا عَرَضٌ وَأَمَّا ... بَشَاشَةُ كُلِّ عِلْقٍ مُسْتَفَادِ * أهلُ الحجازِ وعُلْيَاءُ قَيْسٍ يقولون: هي السِّنُونَ، فيجعلونها بالواوِ في الرفعِ، وبالياءِ في الخفضِ والنصبِ، على هجاءَيْنِ. وبعضُ تَمِيمٍ: هي السِّنِينُ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: أَرَى مَرَّ السِّنِينِ (¬2) أَخَذْنَ مِنِّي ... كَمَا أَخَذَ السِّرَارُ مِنَ الْهِلَالِ ¬

_ (¬1) في النسخة: «تَخْيِيرٌ اَوْ». (¬2) في النسخة: «السِنيْنَ».

فإذا أَلْقَتْ بنو تَمِيمٍ الألفَ واللامَ لم يُجْرُوا «سِنِينَ»، فقالوا: قد مَضَتْ له سِنِينُ كثيرةٌ، وكُنتُ عندَه بِضْعَ سِنِينَ. فأما بنو عَامِرٍ فإنهم يُجْرُونها في النصبِ والرفعِ والخفضِ، فيقولون: أقمتُ عندَه سِنِينًا كثيرةً. أَنْشَدَنِي بعضُهم: مَتَى تَنْجُ حَبْوًا مِنْ سِنِينٍ مُلِحَّةٍ ... تُثَمِّرْ لِأُخْرَى تُنْزِلُ (¬1) الْأَعْصَمَ الْفَرْدَا ذَرَانِيَ (¬2) مِنْ نَجْدٍ فَإِنَّ سِنِينَهُ ... لَعِبْنَ بِنَا شِيبًا وَشَيَّبْنَنَا مُرْدَا وأَنْشَدَنِي الكِسَائِيُّ: أَلَمْ نَسْقِ الْحَجِيجَ سَلِي مَعَدًّا ... سِنِينًا مَا نَعُدُّ لَنَا حِسَابَا وأَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ: سِنِينِي كُلَّهَا قَاسَيْتُ حَرْبًا ... أُعِدُّ مَعَ الصَّلَادِمَةِ الذُّكُورِ * العربُ تقولُ: {جَعَلَهُ دَكَّاءَ}، مثلَ: صحراءَ، و {دَكًّا (¬3)}، وهو مثلُ: البَاسِ، والبَاسَاءِ. * بنو كِنَانَةَ يقولون: مُرْ عبدَ اللهِ بكذا وكذا، والعربُ بَعْدُ: اُوْمُرْ (¬4)، ومُرْ، ¬

_ (¬1) في النسخة: «تُتْرِل». (¬2) في النسخة: «ذَرانيْ». (¬3) في النسخة: «دكَّا». (¬4) في النسخة: «أوْمُرْ».

جميعًا. * بنو أَسَدٍ ومَن جاوَرَهم يقولون: «الْحِلِيُّ»، والْعِصِيُّ، و «الْجِثِيُّ» (¬1)، و «الصِّلِيُّ»، و «الْبِكِيُّ»، و «الْعِتِيُّ»، وأهلُ الحجازِ وأكثرُ العربِ يضمُّون أوَّلَ هذا كلِّه، وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع [بعضَ] العربِ يقولُ: مَضَى مِضِيًّا، {وَلَن نُّؤْمِنَ لِرِقِيِّكَ}، فيكسرُ، ولم يُقْرَا (¬2) بهما، وقُرِئَ بسائرِ الحروفِ، وفي حرفِ عبدِ اللهِ: «ظُلْمًا وَعِلِيًّا (¬3)»، وفي قراءتِنا: {عُلُوًّا}. حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: وحدَّثني هُشيْمٌ (¬4)، عن حُصيْنٍ (¬5)، عن رجلٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنه قَرَأَ: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عُسِيًّا}، وأصلُها من الواوِ، وأصحابُ عبدِ اللهِ مجتمعون على كسرِ هذا كلِّه، وأهلُ المدينةِ ومكةَ وعَاصِمُ بنُ أبي النَّجُودِ والحَسَنُ مجتمعون على ضمِّ أوَّلِه، واجتَمَعوا جميعًا على كسرةِ العينِ في «العِصِيِّ». * {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}، و {سُمِّ (¬6)}، لغةُ الحجازيين. * وفي حرفِ عبدِ اللهِ: «حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْمِخْيَطِ»، وهو مثلُ قولِ ¬

_ (¬1) في النسخة: «والحِثِيُّ». (¬2) في النسخة: «يُقْرأُ». (¬3) في النسخة: «عِليًّا». (¬4) في النسخة: «هُشِيْمٌ» على الإمالة. (¬5) في النسخة: «حُصِيْنٌ». (¬6) في النسخة: «سُمَّ».

العربِ: المِلْحَفُ، واللِّحَافُ (¬1)، والمِقْنَعُ، والقِنَاعُ. * {إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ}، و «قَرِيبَةٌ»، لغتان مَقُولَتان في القُرْبِ والبُعْدِ، فإذا صاروا إلى النَّسَبِ قالوا: قريبةٌ منك، وبعيدةٌ [منكصحـ]، لا غيرَ. * {فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ}، من أَشْمَتَ، فهو يُشْمِتُ. حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن حُمَيْدٍ (¬2) الأَعْرَجِ، عن مُجَاهِدٍ: {فَلَا تَشْمِتْ بِيَ}، نَصَبَ التاءَ، وكَسَرَ الميمَ، ولم نسمعْ فيها إلا: شَمِتَ يَشْمَتُ، إذا كان الفعلُ غيرَ واقعٍ، ولعلها لغةٌ لم نسمعْها من غيرِه. * وقولُه: {لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}، و {رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ}، كلامُ العربِ: إيَّاك يرهبون، و: إيَّاك يريدون، وإدخالُ اللامِ قديمٌ في كلامِ العربِ. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني مَنْ سَمِعَ عِيسَى بنَ عُمَرَ يقولُ: سمعتُ الفَرَزْدَقَ يقولُ: نَقَدتُ لها مائةً. وما هذا -واللهُ أعلمُ- إلا بمنزلةِ قولِهم: نَصَحْتُ لك، وشَكَرْتُ لك، و {اشْكُرُوا لِي}، والعربُ لا تَكَادُ تقولُ: نَصَحْتُك، ولا: شَكَرْتُك. وقال عُمَرُ بنُ لَجَأٍ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «اللَّحافُ». (¬2) في النسخة: «حُميْدِ».

ومن سورة الأنفال

هُمُو جَمَعُوا بُؤْسَى وَنُعْمَى عَليْكُمُ (¬1) ... فَهَلَّا شَكَرْتَ الْقَوْمَ إِذْ لَمْ تُقَاتِلِ وقال النَّابِغَةُ: نَصَحْتُ بَنِي عَوْفٍ فَلَمْ يَتَقَبَّلُوا ... رَسُولِي (¬2) وَلَمْ تَنْجَحْ لَدَيْهِمْ رَسَائِلِي * {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ}، و {اتَّبَعَهُ}، لغتان، وكأنَّ «أَتْبَعَه»: قَفَاه، وكأنَّ «اتَّبَعَه»: حَذَا حَذْوَه وقَالَ قَوْلَه، ولا يجوزُ: قَالَ فلانٌ قولًا فأَتْبَعْنَا قولَه؛ أَنَّ معناه: اقتدينا به. * {الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}، فيها لغتان: لَحَدتُ، وأَلْحَدتُ، وهو الاعتراضُ، كما تقولُ: لَحَدتُ الميِّتَ، و «أَلْحَدتُ» أجودُ؛ لقولِ اللهِ عزّ وجلَّ: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}، والتي في النحلِ: {لِسَانُ الَّذِي يلحدُونَ إِلَيْهِ}؛ الفتحُ فيها أحبُّ إليَّ؛ لأن المعنى: يَمِيلون إليه ويَهْوَوْنه، و «يُلْحِدُون» فيها جائزةٌ. بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الأَنْفَالِ * {بِالْعُِدْوَةِ} هي لغةُ أهلِ الحجازِ، يقولون: العِدْوَةُ، والعُدْوَةُ، ولم نجدْ تَمِيمًا تعرفُها (¬3). ¬

_ (¬1) في النسخة: «علِيكمُ» على الإمالة. (¬2) في حاشية النسخة إشارةً إلى نسخةٍ أو روايةٍ: «لنصحي». (¬3) في النسخة: «يَعْرِفُهَا».

ومن سورة التوبة

* أهلُ الحجازِ يقولون: «الْقُصْوَى»، بالواوِ، واللغةُ الفاشيةُ: الْقُصْيَا، وكذلك كلُّ «فُعْلَى» جاءت من الواوِ فهي بالياءِ، مثلُ: الدُّنْيَا، والعُلْيَا، هذا إذا كان لها ذَكَرٌ على «أَفْعَلَ»، مثلُ: الأَعْلَى، والعُلْيَا. * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: فيه ضُعْفٌ شديدٌ، وتَمِيمٌ تقولُ: ضَعْفٌ. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني بعضُ المَشْيَخَةِ، عن عَطِيَّةَ العَوْفِيِّ، عن ابنِ عُمَرَ، قال: قَرَأَ عليه رجلٌ: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً}، فقال ابنُ عُمَرَ: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضُعْفٍ}، فرَفَع الضادَ في كُلِّهن، وقال: قرأتُها على رسولِ الله صلى اللهُ عليه كما قرأتَها عليَّ، فأَخَذَها عليَّ كما أخذتُها عليك. * {مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ}، بالفتحِ والكسرِ، والوَلَايَةُ كأنَّها النُّصْرةُ: هم وَلَايَةٌ عليك، أي: مُتَنَاصِرُون، كأنَّ الوِلَايةَ وَلَايةُ السُّلطانِ وما أشبَهَه، وهما يرجعان إلى معنًى واحدٍ، كما قالوا: وِصَايةٌ، ووَصَايةٌ. ومِن سورةِ التَّوْبَةِ * أهلُ الحجازِ يقولون: {وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ}، وقَيْسٌ: «رَحِبَتْ»، و «أَرْحَبَتْ». * {بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} لغةٌ قُرَشِيَّةٌ، وسمعتُ قَيْسًا يقولون: الشِّقَّةُ. * أهلُ الحجازِ: «بَعُدَتْ»، وبعضُ قَيْسٍ: «بَعِدَتْ».

ومن سورة يونس عليه السلام

* أهلُ الحجازِ [يقولون]: لا يَجِدُ فلانٌ إلا جُهْدَه، وتَمِيمٌ: جَهْدَه. * {أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ}، و {قُرُبَةٌ}، والتخفيفُ أكثرُ. * ثَقِيفٌ ومَن حَوْلَها يقولون: ضَاهَأَ قَوْلي قَوْلَك، فيهمزون، والعربُ بَعْدُ لا يهمزون «ضَاهَيْتُ». * أهلُ الحجازِ يقولون: «الْجُرُفُ»، مُثقَّلٌ، وقَيْسٌ وتَمِيمٌ وأَسَدٌ: «الْجُرْفُ»، خفيفةٌ، وزَعَم أبو جَعْفَرٍ الرَّوَاسِيُّ، عن أبي عَمْرِو بنِ العَلَاءِ، قال: اجتَمَعتِ العربُ على تخفيفِ «الجُرْفِ»، و «الضَّبْعِ (¬1)». * {وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} لغةٌ فاشيةٌ في أهلِ الحجازِ، وأهلُ نجدٍ وبعضُ (¬2) قَيْسٍ يقولُ: الأَذِين. أَنْشَدَنِي أبو الجَرَّاحِ: طُهُورُ الْحَصَى كَانَتْ أَذِينًا وَلَمْ يَكُنْ ... بِهَا رِيبَةٌ مِمَّا يُخَافُ تَرِيبُ * {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً}، و {يَنفُرُوا}، لغتان. * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: فيه غِلْظَةٌ، وتَمِيمٌ: غُلْظَةٌ، بضمِّ الغينِ. ومِن سورةِ يُونُسَ عليه السلامُ * العربُ تقولُ: كان ذاك حينَ بَدَانَا، وأَبْدَانَا، وقد جاء القرآنُ باللُّغَتَيْن، ¬

_ (¬1) في النسخة: «الضُبَعِ». (¬2) في النسخة: «وأهلِ نجدٍ وبَعْضِ».

قال اللهُ عزّ وجلَّ: {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ}، وقال: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ}، و {بَدَأَ الْخَلْقَ}، وكأنَّ يُبْدِئُه: يُنْشِئُه، وكأنَّ يَبْدَؤُه (¬1): يُقَدِّرُه ويَبْتَدِئُه. * أهلُ الحجازِ يقولون: قد عَصَفَتِ الريحُ، وهي عاصفةٌ، وعاصفٌ، وبنو أَسَدٍ: قد أَعْصَفَتِ الريحُ، فهي مُعْصِفٌ، ومُعْصِفَةٌ. أَنْشَدَنِي بعضُ بني دُبَيْرٍ من أَسَدٍ: حَتَّى إِذَا أَعْصَفَتْ رِيحٌ مُزَعْزِعَةٌ (¬2) ... فِيهَا قِطَارٌ وَرَعْدٌ جَرْسُهُ زَجِلُ قَامَتْ فَلَطَّتْ عَلَيْهَا السِّتْرَ وَاخْتَزَنَتْ (¬3) ... عَنْكَ الْحَدِيثَ وَقَالَتْ: قَد دَنَا الْأُصُلُ الجَرْسُ: الصوتُ. * {قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ}، و {قَتْرٌ}، يُثقَّلُ ويُخفَّفُ، والمعنى واحدٌ، مثلُ: القَدْرِ، والقَدَرِ. * العربُ تقولُ: قد هَدَى فلانٌ، واهْتَدَى، بمعنًى واحدٍ، وهما جميعًا في أهلِ الحجازِ، وقد قَرَأَ القُرَّاءُ: {أَمَّن لَّا يَهْدِي إِلَّا أَن يُهْدَى}، والمعنى -واللهُ أعلمُ-: لا يَهْتَدِي، فإذا أَرَادوا: يَهْتَدِي، ثم أَدْغموا، فقالوا: يَهَدِّي، ويَهِدِّي؛ يفتحون الهاءَ (¬4)، ويكسرونها، ويِهِدِّي، بكسرِ الياءِ والهاءِ، وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه ¬

_ (¬1) في النسخة: «يَبْدَأه». (¬2) في النسخة: «مُزْعْزِعَةٌ». (¬3) في النسخة: «واخْتَرنَتْ». (¬4) في النسخة: «الياءَ».

ومن سورة هود عليه السلام

سمع: يَهْدِّي، يجمعون بين ساكنين: بين الهاءِ والتاءِ المُدْغَمَةِ. بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ هُودٍ عليه السلامُ * أهلُ الحجازِ: {فِي مِرْيَةٍ}، وأَسَدٌ وتَمِيمٌ: {مُرْيَة}، بالضمِّ. * وأهلُ الحجازِ يقولون: لا جَرَمَ، وبعضُ العربِ يقولُ: لا جُرْمَ، مثلُ: فُعْلٍ، وبنو فَزَارَةَ: لا جَرَأَنَّكَ، وبنو عَامِرٍ يقولون: لا ذَا جَرَمَ أَنَّكَ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: إِنَّ كِلَابًا وَالِدِيْ (¬1) لَا ذَا جَرَمْ لَأَهْدِرَنَّ (¬2) [الْيَوْمَ (¬3)] هَدْرًا صَادِقًا هَدْرَ الْمُعَنَّى ذِي الشَّقَاشِيقِ (¬4) اللِّهَمْ وبعضُ العربِ: لا عَنْ ذَا جَرَم، و: لا أَنْ ذَا جَرَم. * {بَادِئَ الرَّايِ}، أكثرُ كلامِ العربِ تركُ الهمزِ من «بَادِي»، فإنْ شئتَ قلتَ: كَثُرَ في كلامِهم، فتركوا همزَه، وأصلُه الهمزُ، وإن شئتَ جعلتَه من ¬

_ (¬1) في النسخة: «والذِيْ». (¬2) في النسخة: «لأُهْدِرَنَّ». (¬3) ملحقة في النسخة بعد «هَدْرًا». (¬4) في النسخة: «الشَقاشِيْقَ».

«بَدَوْتُ»، فيكونُ معناه: في ظاهرِ الرأيِ، كما تقولُ: ظَهَرَ لي، وبَدَا لي. أَنْشَدَنِي بعضُهم: أَضْحَى لِخَالِي شَبَهِي بَادِي بَدِي وَصَارَ لِلْفَحْلِ لِسَانِي وَيَدِي * {يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ}، يقالُ: بَلِعْتُه، وبَلَعْتُه، لغتان، ويَبْلَعُ، بالفتحِ لا غيرُ، و «بَلِعْتُ» أجودُ. * أَسَدٌ وتَمِيمٌ: قد أَنْكَرْتُ الرجلَ، وأهلُ الحجازِ يقولون: قد نَكِرْتُه، ورُبَّما قال الحيُّ من العربِ باللغتين جميعًا، قال اللهُ عزّ وجلَّ: {نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً}، وقال: {قَوْمٌ مُنكَرُونَ}، على «أَنْكَرَهُم». وقال الأَعْشَى: فَأَنْكَرَتْنِي (¬1) وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ ... مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا الشَّيْبَ وَالصَّلَعَا * {أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}، و {بَعُدَتْ}، وكان أبو عبدِالرَّحْمنِ السُّلَمِيُّ يقرأُ: {بَعُدَتْ ثَمُودُ}، برفعِ العينِ، ورأيتُ العربَ تذهبُ بالرفعِ إلى التَّبَاعُدِ، وبالكسرِ إلى الدُّعَاءِ، وهما في الأصلِ واحدٌ. * العربُ تقولُ: سَعِدَ الرجلُ، واللهُ أَسْعَدَه، إلا هُذَيْلًا؛ فإنهم يقولون: سُعِدَ الرجلُ، فلذلك قَرَأَ أصحابُ عبدِ اللهِ: {سُعِدُوا}، والأُولَى أَفْشَى وأكثرُ؛ إلَّا أنَّ لعبدِ اللهِ في القرآنِ فَضْلًا ليس لغيرِه. ¬

_ (¬1) في النسخة: «فأنكَرِتني».

ومن سورة يوسف عليه السلام

* أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: رَكِنْتُ، فأنا أَرْكَنُ، وقَيْسٌ وتَمِيمٌ: رَكَنْتُ، فأنا أَرْكُنُ (¬1)، والقراءةُ على لغةِ قُريْشٍ. بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ يُوسُفَ عليه السلامُ * العربُ تقولُ: حَزنْتُك، وأَحْزَنْتُك. * أَسَدٌ تقولُ: زَهدتُ فيك، وأنا أَزْهَدُ، وقَيْسٌ وتَمِيمٌ: زَهِدتُ فيك، وأنا أَزْهَدُ، «يَفْعَلُ» مفتوحٌ. * {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ}، قَرَأَها عبدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ بنصبِ الهاءِ والتاءِ. حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني إبراهيمُ بنُ محمدِ بنِ أبي يَحْيَى المَدَنِيُّ، عن رجلٍ قد سَمَّاه، عن الشَّعْبِيِّ، قال: قال عبدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ: أَقْرَأَني رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه: {هَيْتَ لَكَ}. وقَرَأَ عَلِيُّ بنُ أبي طَالِبٍ صلواتُ اللهُ عليه وابنُ عَبَّاسٍ: {هِئْتُ (¬2) لَكَ}، وأهلُ المدينةِ يقرءون: {هِيْتَ لَكَ}، يكسرون الهاءَ، وينصبون التاءَ. وقال الشاعرُ: أَبْلِغْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِيـ ... ـنَ ابْنَ الزُّبَيْرِ إِذَا أَتَيْتَا ¬

_ (¬1) في النسخة: «أَرْكَنُ». (¬2) في النسخة: «هِيْتُ».

ومن سورة الرعد

إِنَّ الْعِرَاقَ وَأَهْلَهُ ... سَلَمٌ إِلَيْكَ فَهَيْتَ هَيْتَا وفي الأصلِ لغةٌ لأهلِ حَوْرَانَ، لم نَجِدْ فيها شيئًا عندَ العربِ نَرْويه. * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: {قُدَّ قَمِيصُهُ مِن قُبُلٍ} و {مِن دُبُرٍ}، وبعضُ تَمِيمٍ يقولُ: {مِن قُبْلٍ} و {مِن دُبْرٍ}، وقال بعضُهم: لَأَجْعَلَنَّ كَلَامَكَ دَبْرَ أُذُنِي. * الصَّاعُ (¬1) ذَكَرٌ، وإذا قالوا: الصُّوَاعَ أَنَّثُوه وذَكَّرُوه. * السِّكِّينُ تُذَكَّرُ وتُؤَنَّثُ. ومِن سورةِ الرَّعْدِ * «الصِّنْوَانُ» لغةُ أهلِ الحجازِ، وتَمِيمٌ وقَيْسٌ يقولون: الصُّنْوَانُ. سورةُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلامُ * أهلُ الحجازِ: قد جَنَبَك (¬2) فلانٌ شَرَّه، يَجْنُبُك جُنُوبًا، وجَنَابَةً، وسائرُ العربِ تقول: قد جَنَّبَك، وأَجْنَبَك. * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: «الْقَطِرَانُ»، وبعضُ تَمِيمٍ وقَيْسٍ يقولون: «الْقِطْرَانُ»، يكسرون القافَ، ويجزمون الطاءَ. ¬

_ (¬1) تحتها في النسخة إشارةً إلى نسخةٍ: «عنده: الصُواع». (¬2) في النسخة: «جنبك».

ومن سورة الحجر

أَنْشَدَنِي بعضُهم: عَلَيْهِمْ سَرَابِيلُ الْحَدِيدِ كَأَنَّهُمْ ... جِمَالٌ بِهَا الْقِطْرَانُ مَطْلِيَّةٌ بُزْلُ بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الحِجْرِ * أهلُ الحجازِ وكثيرُ من قَيْسٍ يقولون: «رُبَمَا» بالتخفيفِ، وأَسَدٌ وتَمِيمٌ: «رُبَّمَا»، وتَيْمُ الرَّبَابِ من تَمِيمٍ يقولون: «رَبَّمَا»، والعربُ تُدْخِلُ فيها الهاءَ على كلِّ اللغاتِ. أَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ: مَاوِيَّ بَلْ رُبَّتَمَا غَارَةٍ ... شَعْوَاءَ كَاللَّذْعَةِ بِالْمِيسَمِ فثَقَّل، وأدخل الهاءَ. وأَنْشَدَنِي أبو الجَرَّاحِ العُقَيْليُّ: عُلِّقْتُهَا عَرَضًا وَأَقْتُلُ قَوْمَهَا ... رُبَ مَزْعَمٍ لِلْقَوْمِ لَيْسَ بِمَزْعَمِ فخَفَّف. * {يَعْرُجُونَ}، و {يَعْرِجُونَ}، لغتان. * أهلُ الحجازِ يقولون: سَرِيرٌ، وسُرُرٌ، وبعضُ تَمِيمٍ وكَلْبٍ: سُرَرٌ، وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع مَن يقولُ: رجلٌ فَرُورٌ (¬1)، مِن قومٍ فُرٍ، على التخفيفِ، كما قال: ¬

_ (¬1) في النسخة: «فَروَرٌ».

ومن سورة النحل

رُسْلٌ. فيها بقيَّةٌ تأتي بَعْدُ بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ النَّحْلِ * {بِشِقِّ الْأَنْفُسِ}، و {شَقِّ}، الشِّقُّ: الاسمُ، والشَّقُّ: المصدرُ، شَقَقْنَا عليه شَقًّا. * قُريْشٌ ومَن جاوَرَهم مِن أهلِ الحجازِ يقولون: «الشَّجَرُ»، بفتحِ الشينِ، وعامةُ العربِ يقولون: «الشِّجَرُ». * حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني شيخٌ، عن قَتَادَةَ، قال: «الْهُونُ» في لغةِ قُريْشٍ: الهَوَانُ. وبعضُ تَمِيمٍ يقولون: «إنه لقَلِيلُ هُونِ المَؤُونَةِ»، يجعلونه الشيءَ الخفيفَ اليسيرَ. * أهلُ الحجازِ يقولون: وَكَّدتُّ الأمرَ تَوْكِيدًا، وبعضُ العربِ يقولون: أَكَّدتُّ تَاكِيدًا. * العربُ تقولُ: {غيرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ}، يُشِيرون بالكسرِ إلى الغينِ، وأكثرُ الكلامِ الكسرُ.

ومن سورة بني إسرائيل

بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ بني إِسْرَائِيلَ * أهلُ الحجازِ: أَسْرَيْتُ به، وتَمِيمٌ وقَيْسٌ وأَسَدٌ: سَرِيْتُ، وقد قَرَأَ بعضُ أهلِ المدينةِ: {أَنَ اسْرِ بِعِبَادِي}، من «سَرِيْتُ»، وهما سواءٌ. * أهلُ الحجازِ يقولون: أُفٍّ لك، خفضًا بالنونِ وغيرِ النونِ، والنونُ في أهلِ اليمنِ، وقَيْسٌ تقولُ: أُفَّ لك، نصبٌ بلا نونٍ، وبعضُ العربِ يقولُ: أُفُّ لك، رفعٌ بلا نونٍ، وأَسَدٌ يقولون: أُفًّا لك، بالنونِ. * «الْقُسْطَاسُ» قراءةُ أهلِ المدينةِ، وقَرَأَ الأَعْمَشُ ويَحْيَى بنُ وَثَّابٍ: «الْقِسْطَاسُ»، وهما لغتان، وكذلك: «الْقِرْطَاسُ»، و «الْقُرْطَاسُ». * أهلُ الحجازِ يقولون: هي العُنُقُ، فيُؤَنِّثونها، ويُصَغِّرونها: عُنيْقَةٌ (¬1)، وأَسَدٌ تقولُ: هو العُنُقُ، فيُثَقِّلون، ويُذَكِّرون، وتَمِيمٌ ورَبِيعةُ يقولون: عُنْقٌ. قال أبو النَّجْمِ: فِي كَاهِلٍ ضَخْمٍ وَعُنْقٍ عَرْطَلِ * أهلُ الحجازِ يقولون: قد أَنْغَضَ الرجلُ رأسَه، وبعضُ العربِ يقولُ: قد نَغَضَ رأسَه، والرأسُ نفسُه قد نَغَضَ يَنْغُضُ، ويَنْغِضُ، ونَغَضَتْ سِنُّه نَغَضًا شديدًا. * {أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} لغةٌ قُرَشِيَّةٌ، وعليها القراءةُ، وبعضُ هَوَازِنَ ¬

_ (¬1) في النسخة: «عُنِيْقَةٌ» على الإمالة.

مِن سَعْدِ بنِ بَكْرٍ وبني كِنَانَةَ وهُذيْلٌ وكثيرٌ من الأنصارِ يقولون: «نَاءَ بِجَانِبِه»، ويقولون في «رَأَى»: رَاءَ. وأَنْشَدَنِي بعضُ الأنصارِ: نُجَالِدُ عَنْهُ بِأَسْيَافِنَا ... وَنَاءَتْ مَعَدٌّ بِأَرْضِ الْحَرَمْ وأَنْشَدَنِي بعضُهم: أَوْ غُلَامٌ مُعَللٌ رَاءَ رُؤْيًا ... فَهْوَ يَهْذِي بِمَا رَأَى فِي الْمَنَامِ فإذا قالوا: فَعَلْتُ؛ قالوا: رَأَيْتُ، ونَأَيْتُ، فلم [يختَلِفوا، ولا يختَلِفونصحـ] في المصدرِ، يقولون: رَأَيْتُ رَايًا، ورُؤْيَةً. * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ: لقد كِدتَ، يكسرون الكافَ، وعامةُ قَيْسٍ يقولون: لقد كُدتَ تَفْعَلُ، وكُدْنَا، ولا يختلفون في «يَكَادُ»، بالفتحِ. * وقد قَرَأَتِ القُرَّاءُ: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ}، و {الذِّلِّ}، وليستا بلغتين، إنما «الذِّلُّ» مصدرٌ للذلولِ، و «الذُّلُّ» مصدرٌ للذلِيلِ. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني هُشيْمٌ، عن جَعْفَرِ بنِ إِيَاسٍ أبي بِشْرٍ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، أنه قَرَأَ: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذِّلِّ}. * {[إِنَّهُ] كَانَ خِطأً}، و {خطئًا (¬1)}، و {خَطأً}، كان الحَسَنُ يَمُدُّه، وهي لغاتٌ. * {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، مِن «قَفَوْتُ»، وبعضُهم يقولُ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «خطيًا».

{وَلَا تَقُفْ (¬1)}، من القِيَافَةِ، وهو من «قُفْتُ». * {قَوْلًا مَّيْسُورًا}، زَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع العربَ تقولُ: يَسَرْتُ له في الأمرِ، وأَيْسَرْتُ له، لغتان. وفي النحلِ أيضًا * {لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ}، العربُ مُجْتَمِعون على أن يقولوا: سَقَيْتُ الرجلَ، فأنا أَسْقِيه، لشَفَتِه (¬2)، كما قال اللهُ عزّ وجلَّ: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا}، فإذا أَجْرَوا للرجلِ نَهْرًا، أو كان من الألبانِ؛ قالوا: سَقَيْتُه، وأَسْقَيْتُه، وكذلك السُّقْيَا من الغيثِ (¬3)، يقالُ فيها: سَقَيْتُ، وأَسْقَيْتُ. وقال لَبِيدٌ: سَقَى قَوْمِي بَنِي مَجْدٍ وَأَسْقَى ... نُمَيْرًا وَالقَبَائِلَ (¬4) مِنْ هِلَالِ فجَمَعَ اللُّغَتين (¬5) في [بيتٍصحـ] واحدٍ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «تَقْف». (¬2) في النسخة: «لسقيه»، واستشكلت في الحاشية بثلاث نقط. (¬3) في حاشية النسخة إشارةً إلى نسخةٍ أو تفسيرًا: «من الوبل». (¬4) في النسخة: «والقَبابل». (¬5) في النسخة: «اللغَتيّن».

وفي يُوسُفَ * في «حَاشَا» ثلاثُ لغاتٍ: من العربِ من يُتِمُّها، فيقولُ: حَاشَا، بأَلِفَينِ، وأهلُ الحجازِ يقولـ[ـون]: حَاشَ [لَكَ]، وبعضُهم [يقولُ]: حَشَا زيدٍ. قال الشاعرُ: حَشَا رَهْطِ النَّبِيِّ فَإِنَّ فِيهِمْ ... بُحُورًا مَا تُكَدِّرُهَا الدِّلَاءُ وهي حجازيةٌ أيضًا. وفي الحِجْرِ * العربُ تُدْخِلُ في «ثُمَّ» التي يُنْسَقُ بها الهاءَ، فيقولون: فَعَلْتُ، ثُمَّ فَعَلْتُ، وفَعَلْتُ، ثُمَّتَ فَعَلْتُ، وهي في سُليْمٍ كثيرةٌ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: وَأَرَى الْغَوَانِي بَعْدَمَا وَاجَهْنَنِي ... أَعْرَضْنَ ثُمَّتَ قُلْنَ شَيْخٌ أَعْوَرُ وقال الآخَرُ: ثُمَّتَ إِنْ تَاتَلِ نَفْرًا تَنْفِرْ (¬1) وقال آخَرُ: لَا تَبْقُرُنَّ بِأَيْدِكُمْ بُطُونَكُمُ ... ثُمَّتَ لَا حَسْرَةٌ تُغْنِي وَلَا جَزَعُ ¬

_ (¬1) في النسخة: «تَنْفِرُ»، ثم سُكّنت الراء بخطٍ آخر.

* ومن العربِ مَن يقولُ: لُسْتُم على شيءٍ، ولُسْنَا، ولُسْتَ، في كلِّ موضعٍ سُكِّنَتْ فيه اللامُ -يعني: لامَ الفِعْلِ، وهي السينُ- مثلُ: فَعَلْتَ، وفَعَلْنَا، حدَّثني به الكِسَائِيُّ. * [و] منهم مَن يرفعُ العينَ في «عِنْدَ»، فيقولُ [خ: فيقولون]: عُنْدَ، وبعضُهم: عَنْدَ، وأَحْسِبُ الضَّمَّ عَنْ جَرْمٍ. * وزَعَم الكِسَائِيُّ أن بعضَ بني سَدُوسٍ وكثيرًا من العربِ من أهلِ اليمنِ مِن فُصَحائِهم؛ يجعلون السينَ الساكنةَ بينَ الشينِ والضادِ، شيئًا لا يَضْبِطُه الكلامُ. * وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع في «كُشِطَ» في لغةِ الذين يقولون: ضُرْبَ (¬1) به؛ يقولون: قُشْطَتْ، مثلُ ذلك. ـجز الجزء الأول من الأصل ... والسماع إلى هاهنا ... ـسبت تاسع جمادى الآخرة ... ـنة ثلاثين وخمسمائة (¬2). ¬

_ (¬1) في النسخة: «ضُرِبَ». (¬2) هذا البيان في حاشية النسخة.

ومن سورة الكهف

بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الكَهْفِ * {لَاكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي}، فيها ثلاثُ لغاتٍ: لَكِنَّا، ولَكِنَّ، ولَكِنَّهُ، بالهاءِ. أَنْشَدَنِي أبو ثَرْوَانَ: وَتَرْمِينَنِي بِالطَّرْفِ أَيْ أَنْتَ مُذْنِبٌ ... وَتَقْلِينَنِي لَكِنَّ إِيَّاكِ لَا أَقْلِي * أكثرُ كلامِ العربِ: {تَذْرُوهُ الرِّيحُ}، وفي قراءةِ عبدِ اللهِ: «تَذْرِيهِ الرِّيحُ». * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: هي العَضْدُ (¬1)، والعَضِدُ، وفي بعضِ تَمِيمٍ: العَضْدُ، أيضًا فيهم بالتخفيفِ، والعُضْدُ لغةٌ، وأظنُّها في رَبِيعَةَ. * أهلُ الحجازِ يقولون: أرضٌ جُرُزٌ، وأَسَدٌ تقولُ: أرضٌ جَرَزٌ، وتَمِيمٌ تقولُ: أرضٌ جُرْزٌ، وجَرْزٌ، بالتخفيفِ. * أهلُ الحجازِ يقولون: {وَيُهَيِّء لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُم مَرْفِقًا}، يفتحون الميمَ، ويكسرون الفاءَ في كلِّ مَرْفِقٍ ارتَفَقْتَ به، ويكسرون مِرْفَقَ الإنسانِ، والعربُ بَعْدُ يكسرون الميمَ منهما جميعًا. * «يَرْبِطُ»، و «يَرْبُطُ»، لغتان. * «الْوَرِقُ» لغةُ أهلِ الحجازِ، وتَمِيمٌ تقولُ: «الْوَرْقُ»، وقد قَرَأَها الأَعْمَشُ ¬

_ (¬1) لم أتيقَّن ما على الضاد في النسخة: أَضَمّةٌ أم علامة سكونٍ؟ والمثبت الأظهر.

وعَاصِمٌ: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بَوَرْقِكُمْ}، وبعضُ العربِ يقولُ: «الْوِرْقُ»، فيكسرُ الواوَ. * «الْأُكُلُ» يُثَقِّلُه أهلُ الحجازِ، ويُخَفِّفُه أهلُ نجدٍ. * «الْعِوَجُ» في الدِّينِ، وفي الأرضِ إذا لم تكنْ مستويةً، و «العَوَجُ» في العُودِ، يقالُ: فيه عَوَجٌ شديدٌ. * أهلُ الحجازِ يقولون: هو الْوَصِيدُ، بالواوِ، وهو الحَظِيرةُ والفِنَاءُ، وأهلُ نجدٍ يقولون: الْأَصِيدُ. * «الثُّمُرُ»: المالُ، و «الثَّمَرُ»: المأكولُ، وقد قُرِئَتْ: {وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ}، و {ثَمَرٌ}، جميعًا. * «الْبَدَلُ» لغةُ العربِ، وسمعتُ بعضَ بني عُقيْلٍ يقولُ: مَا لَهُ بِدْلٌ، وقال أيضًا هو في «الأَمَلِ»: إِمْلٌ. * أهلُ الحجازِ يقولون: نَفْسٌ زَاكِيَةٌ، بألفٍ (¬1)، وغيرُهم: زَكِيَّةٌ، بغيرِ ألفٍ، وكلٌّ صوابٌ، وقَرَأَ عَاصِمٌ والأَعْمَشُ: {زَكِيَّةً} (¬2)، وهي مثلُ: قَسِيَّةٍ، وقَاسِيَةٍ. * {إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعيَ صَبْرًا}، وقَيْسٌ وتَمِيمٌ إذا أَتَمُّوها على لغةِ أهلِ الحجازِ قالوا: تِسْتَطِيعُ، بكسرِ التاءِ، ولغةُ قَيْسٍ: تُسْطِيعُ (¬3)، بضمِّ التاءِ، ويُسْطِيعُ، ¬

_ (¬1) في النسخة: «بألفِ». (¬2) في النسخة: «زَكِيَّةٌ». (¬3) في النسخة: «تُسْتطِيعُ».

وأُسْطِيعُ، ونُسْطِيعُ (¬1)، وأَسَدٌ يقولون: يَسْطِيعُ، يفتَحون، وسمعتُ بعضَ بني عُقيْلٍ وبعضَ بني أَسَدٍ يقولون: يَسْتِيعُ، ويجتَمِعون جميعًا على: مَا اسْطَعْتَ، بغيرِ همزِ الألفِ. * {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا اِمرًا}، و {أمرًا}، و {امِرًا}، ولا أَشْتَهي إدخالَهما في القراءةِ؛ لأن القُرَّاءَ رَفَضُوهما. * «نُكْرًا»، خفيفةٌ في كلِّ القرآنِ، إلا في «اقْتَرَبَتْ»: {إِلَى شَيْءٍ نُكُْرٍ}، هذه قراءةُ الأَعْمَشِ وأصحابِه، وعَاصِمٌ يُثَقِّلُه في كلِّ القرآنِ، والتثقيلُ لغةُ أهلِ الحجازِ، والتخفيفُ لأهلِ نجدٍ. * ورأيتُ المَشْيَخَةَ وأهلَ العلمِ من النحويين يقولون: ما كان من اللهِ فهو سُدٌّ، وما كان من أفاعيلِ الناسِ فهو سَدٌّ، وقد اجتَمَعَتِ القُرَّاءُ على رفعِ: {السُّدَّيْنِ}، وقد رَفَعَ السينَ في كلِّ القرآنِ أهلُ المدينةِ والحَسَنُ البَصْرِيُّ، وسمعتُ بعضَ بني أَسَدٍ يقرأُ: {مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سُدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا}، فرَفَعَ الأُولى، وفَتَحَ الآخِرةَ، وهو مضارعٌ لقولِ المَشْيَخَةِ، وقال الكِسَائِيُّ: هما لغتان. * أكثرُ العربِ على «الْمَطْلِع»، مكسورٌ، مصدرًا كان أو موضعَها الذي تَطْلُعُ فيه، وكان المَشْيَخَةُ يكسرون التي في الكَهْفِ، ويفتحون اللامَ من قولِه: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، وقد سمعْنَا كلَّ ذلك في المَطْلِعِ والمَطْلَعِ، والمَشْرِقِ والمَشْرَقِ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «نُسْتَطِيْعُ».

* وكلُّ العربِ يَدَعُ الهمزَ في {يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ}، إلا بعضَ بني أَسَدٍ؛ فإنه يهمزُه، وهَمَزَه عَاصِمٌ أيضًا. * «الْخَرَاجُ» فيه لغتان: الخَرَاجُ، والخَرْجُ، فأما «الخَرَاجُ» فهو الاسمُ الذي يَجْمَعُه، و «الخَرْجُ» ما خَرَجَ عليك، تقولُ للرجلِ: أَدِّ خَرْجَكَ، وقد قَرَأَ مُجَاهِدٌ: {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا}، والتي في الْمُؤْمِنِينَ: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ (¬1)}، مثلُ قولِك: الحَصْدُ، والحَصَادُ. * {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ (¬2)} لغةُ أهلِ الحجازِ، وقَرَأَها الأَعْمَشُ كذلك، وقَرَأَها الحَسَنُ: {الصُّدُفَيْنِ}، مُثَقَّلةٌ بالضمِّ، وخَفَّفه عَاصِمٌ وضَمَّه. * «الْمَدَدُ» عليه القُرَّاءُ، وقد قَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ: «وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مِدَادًا»، مثلُ: البَلَلِ (¬3)، والبِلَالِ، والخَلَلِ، والخِلَالِ. * {الْعَذَابُ قُبُلًا}، و {قِبَلًا (¬4)}، فأما «القِبَلُ» فهو القصدُ، يأتيهم قَصْدًا إليهم، واللهُ أعلمُ، وأما «القُبُلُ» فهو معاينةً من قُبُلهم، وقد يكونُ «قُبُلًا»: طوائفَ، فيكونُ واحِدُه: قَبِيلٌ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «رَبَّكَ». (¬2) في النسخة: «الصَدفينِ». (¬3) في النسخة: «البللِ». (¬4) في النسخة: «قِبلًا».

السورة التي تذكر فيها مريم عليها السلام

بسم الله الرحمن الرحيم السورةُ التي تُذْكَرُ فيها مَرْيَمُ عليها السلامُ * العربُ تقولُ: هَيِّنٌ، وهَيْنٌ، ولَيِّنٌ، ولَيْنٌ، تُخَفِّفُ عامةَ هذا الجنسِ. أَنْشَدَنِي أبو ثَرْوَانَ: فَلَمَّا عَلَاهَا بِالْقَطِيعِ عَلَوْتُهُ ... بِذِي شُطُبٍ لَيْنِ الْمَهَزَّةِ قَاطِعُ تَمِيمٌ: شُطَبٌ. * {وَهَنَ (¬1) الْعَظْمُ مِنِّي}، و {وَهِنَ}، لغتان. * من العربِ من لا يُجْرِي «بُكْرَةً»، يقولُ: قد أَتَيْتُك بُكْرَةَ بَاكِرًا؛ لأنها معرفةٌ، مثلُ: غُدْوَةَ، والأكثرُ إجراؤُها. * والعربُ تقولُ: طَرَحْتُه مَكَانًا قَاصِيًا، وقَصِيًّا، بمعنًى واحدٍ، مثلُ: قَاسِيَةٍ، وقَسِيَّةٍ. * أهلُ الحجازِ: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ}، وتَمِيمٌ: «فَأَشَاءَهَا»، ومن أمثالِ بني تَمِيمٍ: «شَرٌّ مَا أَشَاءَكَ إِلَى مُخَّةِ عُرْقُوبٍ»، و «مَا يُشِيئُكَ». * وأهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يفتحون الميمَ من «الْمَخَاضِ»، وتَمِيمٌ وقَيْسٌ يقولون: الْمِخَاض، واجتَمَعوا جميعًا على «ابْنِ مَخَاضٍ»، بفتحِ الميمِ. * {وَكُنتُ نِسْيًا}، العربُ على كسرِ النونِ، وكان أصحابُ عبدِ اللهِ يقولون: نَسْيًا، وهما لغتان. ¬

_ (¬1) في النسخة: «وَهنَ».

* أهلُ الحجازِ لا يهمزون قولَه: {أَثَاثًا وَرِيًْا}، والأَعْمَشُ وعَاصِمٌ يهمزانه، ويترُكُ هَمْزَه أَهْيَأُ في القراءةِ. * {شَيْئًا إِدًّا}، القُرَّاءُ على كسرِ الألفِ، وبعضُ سُليْمٍ يقرأُ: «اذًّا». * قُريْشٌ ومَن حَوْلَهم يقولون: قَرِرْتُ بك عَيْنًا، وأنا أَقَرُّ، وأَسَدٌ وقَيْسٌ وتَمِيمٌ يقولون: قَرَرْتُ بك عَيْنًا، وأنا أَقِرُّ، فمَن قال: قَرِرْتُ؛ قال: {وَقَرِّي عَيْنًا}، ومَن قال: قَرَرْتُ؛ قال: {وَقِرِّي}، وهي لغةُ كلِّ مَن لَقِيتُ مِن أهلِ نجدٍ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: لَلُبْسُ عَبَايَةٍ وَتَقِرُّ عَيْنِي ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ جمعُ «شَفٍّ»، وهو الثوبُ الرقيقُ. والقراءةُ على لغةِ أهلِ الحجازِ أحبُّ إليَّ، ومَن قال: قَرِرْتُ؛ قال: {قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، و {قِرْنَ}، ومَن قال: قَرَرْتُ (¬1)؛ قال: {قِرْنَ}، لا غيرُ. * {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلُ الْحَقِّ}، في قراءةِ عبدِ اللهِ: [«قَالُ اللهِ (¬2)» صحـ]، بمنزلةِ: قَوْلِ اللهِ، جَعَلَه بمنزلةِ المالِ. * {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}، و «عَالِيًا»، بمعنًى واحدٍ. * {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَاتِيًّا}، العربُ تقول: وَعْدٌ مَاتِيٌّ، و: آتٍ، وقال في ¬

_ (¬1) في النسخة: «قَررتُ». (¬2) في النسخة: «قالُ الله».

موضعٍ آخَرَ: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَءاتٍ}، وهما في المعنى سواءٌ، وهذا على المواقيتِ؛ لأنك إذا أَتَيْتَ على الشيءِ فقد أَتَى عليك. * والعربُ تحذفُ النونَ من «يَكُنْ» في مواقعِ الجزمِ، لا على اللغةِ، ولكنَّها شُبِّهَتْ إِذْ كانت ساكنةً بنونِ الإعرابِ إِذْ كانت ساكنةً، [و] لا يُسْقِطُ النون في موضعِ الرفعِ ولا النصبِ، إلا أنَّ العربَ قد قالوا: ذَهَبَ [القومُ (¬1) صحـ] لا يَكُ زيدًا؛ فسألتُ الكِسَائِيَّ عن ذلك، فقال: كَثُرَ استعمالُهم «يَكُونُ» مرفوعةً، فحُذِفَتِ الواوُ والنونُ، كما حُذِفَتِ الياءُ في قولِه: وَلَوْ تَرَنَا إِذْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَجْزَعُ وكما قالوا: سَتَرَى، وهم يريدون: سَوْفَ تَرَى (¬2). قال أبو زَكَرِيَّا: وكأنَّي وَجَّهتُ قولَهم: لا يَكُ زيدًا؛ إلى الدعاءِ؛ لا إلى الاستثناءِ، كما تقولُ: قُتِلَ (¬3) القومُ، فتقولُ: اللهمَّ لا يَكُ أبا فلانٍ، فلا تَسْقُطُ إلا في موضعِ جزمٍ؛ لأن الكلامَ لم يَكْثُرْ بـ «تَكُنْ» في الاستثناءِ كما كَثُرَ الحرفان اللَّذان ذكرتُ. * للعربِ في «الْوُدِّ» ثلاثُ لغاتٍ: الْوُدُّ، والْوَدُّ، والْوِدُّ، والضمُّ أجودُ، ورُبَما هَمَزَها الذين يضمُّون، فيقولون: الأُدُّ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «القومَ». (¬2) في النسخة: «تَرِي» على الإمالة. (¬3) في النسخة: «قُتِلَ».

ومن سورة طه

* «مَرْضِيًّا»، وبعضُ أهلِ الحجازِ: «مَرْضُوًّا (¬1)». بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ طه * {الْمُقَدَّسِ طُوَى (¬2)}، و {طِوَى}، لغتان. * والعربُ تقولُ: ما سَلَكْتَ الطريقَ حتى سَلَكْتُكَه، وأَسْلَكْتُكَه، والقراءةُ على لغةِ أهلِ الحجازِ، بغيرِ ألفٍ، قال اللهُ عزّ وجلَّ: {اُسْلُكْ يَدَكَ}، و {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ}، و {مَا سَلَكَكُمْ}. * أهلُ الحجازِ: سَحَتَه اللهُ بعذابٍ، و: أَسْحَتَه، بالألفِ. * أهلُ الحجازِ يقولون: تَرَكْتُه على اثرِي، وأَسَدٌ يقولون: أَثَرِي، وإِثرِي. أَنْشَدَنِي بعضُهم: وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا لَيْلَةٌ عَقْبَ يَوْمِهَا ... وَيَوْمٌ إِذَا مَا اللَّيْلُ (¬3) عَنْهُ تَحَوَّلَا يَكُرَّانِ هَذَا إِثرَ هَذَا عَلَى الْفَتَى ... مُقَارَضَةً إِنْ أَبْطَآ أَوْ تَعَجَّلَا * {مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمُلْكِنَا}، و {مِلْكِنَا}، لغتان، ومن العربِ من يقولُ: {بِمَلْكِنَا}، وكأنَّ المُلْكَ السُّلْطانُ، وكأنَّ المِلْكَ المملوكُ، وكأنَّ المَلْكَ ¬

_ (¬1) في النسخة: «مَرْضّؤًا». (¬2) في النسخة: «المُقدّسُ طُوْا». (¬3) فوقها في النسخة إشارةً إلى نسخةٍ أو روايةٍ: «الدهر».

مصدرُ مَلَكْتُه مَلْكًا، ومَلَكَةً، وهنَّ يرجعنَ إلى لغةٍ واحدةٍ؛ لأنِّي سمعتُ بعضَ بني أَسَدٍ يقولون: ارْحَمُوا صِبْيَانًا صِغَارًا لَيْسَ لَهُمْ مُلْكٌ. * العربُ تقولُ: {بَصُرْتُ}، بضمِّ الصادِ، وبعضُ قَيْسٍ يقولون: {بَصِرْتُ بِمَا لَمْ تَبْصَرُوا بِهِ}. * {أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ}، بكسرِ الميمِ، ونصبِ السينِ، على التبرئةِ، ومِن العربِ مَن يقولُ: {لَا مَسَاسِ}، يذهبُ به إلى مذهبِ «دَرَاكِ» و «نَظَارِ» و «نَزَالِ». * ضَحَيْتُ، وضَحَوْتُ (¬1)، لغتان، فمَن قال: ضَحَيْتُ؛ قال: يَضْحَى، ومَن قال: ضَحَوْتُ؛ قال: يَضْحُو، وهي في تَمِيمٍ. * {الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا}، الفتحُ كلامُ العربِ، وبعضُ بني تَمِيمٍ يقولُ: ظِلْتُ عَلَيْهِ، في معنًى واحدٍ، وكذلك: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ}، و {فَظِلْتُمْ}. * أكثرُ العربِ يقولُ: هذه جارِيتُك، وتَمِيمٌ: هذي جارِيتُك. أَنْشَدَنِي أبو ثَرْوَانَ: لَمَّا الْتَقَيْنَا وَنَحْوَ الشَّامِ نِيَّتُنَا ... قَالَتْ جُعَادَةُ: هَذِي نِيَّةٌ قَذَفُ وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع بعضَ العربِ يقولُ: هَاذِ قَالَتْ ذاك، وطَيِّءٌ تقولُ: هَاتَا قَالَتْ ذاك. قال حَاتِمٌ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «ضَحيْتُ وضَحوْتُ»، وكذا ما بعده.

إِنْ كُنْتِ كَارِهَةً لِعِيشَتِنَا ... هَاتَا فَحُلِّي فِي بَنِي بَدْرِ * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: هَذَانِ، بنونٍ [خفيفةٍ] مخفوضةٍ، وكذلك: هَاتَانِ، وكثيرٌ من قَيْسٍ وتَمِيمٍ يقولون: هَذَانِّ قَالَا ذاك، فيخفضون النونَ، ويشدِّدُونها، وكذلك قولُه: {فَذَانِّكَ}، تقولُ تَمِيمٌ وقَيْسٌ: {فَذَانّكَ}، ممدودٌ، وزَعَم الرَّواسِيُّ أن بعضَ أهلِ الحجازِ تقولُ: {فَذَانِيكَ بُرْهَانَانِ}، يُخَفِّفُ النونَ، ويزيدُ بعدَها الياءَ، ويقولون جميعًا في النصبِ بتحويلِ الألفِ إلى الياءِ، كما يفعَلُ بالاثنين: رأيتُ هَذَيْنِ، وهَاتَيْنِ، واللغةُ في النونِ على ما وصفتُ لك. وبنو الحَارِثِ بنِ كَعْبٍ يقولون: إِنَّ هَذَانِ قَالَا ذاك، ورأيتُ هَذَانِ، ويفعلون ذلك بكلِّ اثنَيْنِ، فيجعلون نصبَهما وخفضَهما بالألفِ، فيقولون: رأيتُ هَذَانِ، ومررتُ بهَذَانِ، فنُرَى أن قولَه في طه: {إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}؛ مِن هذه اللغةِ. وفيه وجهٌ رأيتُه: وذلك أن تقولَ: كانت «هَذَا» معها ألفٌ مجهولةٌ، فلما احتَاجوا إلى التثنيةِ زادوا نونًا؛ ليكونَ فَرْقُ ما بينَ الواحدِ والاثنين، ولا نَذْهَبُ بالألفِ إلى أنها ألفُ تثنيةٍ، فيكونُ بالألفِ في كلِّ حالٍ، كما كانتِ «الَّذِينَ» بالياءِ في كلِّ حالٍ. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: وحدَّثني أبو مُعَاوِيَةَ، عن هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أَبِيه، عن عَائِشَةَ، أنها سُئِلَتْ عن قولِه: {إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}، و {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ}، وعن قولِه: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ

فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ}، فقالت: يا ابنَ أَخ، هذا غَلَطٌ من الكاتبِ. وفي قراءةِ عبدِ اللهِ: «وَأَسَرُّوا النَّجْوَى أَنْ هَذَانِ سَاحِرَانِ»، بغيرِ لامٍ، وهو مثلُ قولِه: {وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ}، {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. وأَنْشَدَنِي في لغةِ بني الحَارِثِ بعضُ الأَسْدِ: وَأَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاعِ وَلَوْ يَرَى ... مَسَاغًا لِنَابَاهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّمَا شُجَاعٌ؛ شِجَاعٌ. وأَنْشَدَنِي بعضُهم، لِهَوْبَرَةَ الحَارِثيِّ: تَزَوَّدَ مِنَّا بَيْنَ أُذْنَاهُ ضَرْبَةً ... دَعَتْهُ إِلَى هَابِيْ التُّرَابِ عَقِيمُ وأَنْشَدَنِي الكِسَائِيُّ، لبعضِ بني الحَارِثِ: فَإِنَّ بِجَنْبَا سَحْبَلٍ وَمَضِيقِهِ ... مُرَاقَ دَمٍ لَنْ يَبْرَحَ الدَّهْرَ ثَاوِيَا * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: هما اللَّذَانِ قَالَا ذاك، بنونٍ خفيفةٍ، وقَيْسٌ وتَمِيمٌ: هما اللَّذَانِّ قَالَا ذاك، ولا تُشَدَّدُ النونُ في شيءٍ من اللغاتِ في التثنيةِ إلا في هَذَيْنِ، وهَاتَيْنِ، واللَّذَيْنِ، واللَّتَيْنِ، وبعضُ رَبِيعَةَ وبنو الحَارِثِ بنِ كَعْبٍ يقولون: هما اللَّذَا قَالَا ذاك، بحذفِ النونِ، وهما اللَّتَا قَالَا ذاك. أَنْشَدَنِي بعضُهم: أَبَنِي كُلَيْبٍ إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا ... خَلَعَا الْمُلُوكَ وَفَكَّكَا الْأَغْلَالَا

ويقولون في الواحدِ: هو اللَّذْ (¬1) قَالَ ذاك، وللواحدةِ: هي اللَّتِْ قَالَتْ ذاك. أَنْشَدَنِي بعضُهم: فَلَمْ أَرَ بَيْتًا كَانَ أَحْسَنَ بَهْجَةً ... مِنَ اللَّذْ لَهُ مِنْ آلِ عَزّةَ عَامِرُ وأَنْشَدَنِي القَاسِمُ بنُ مَعْنٍ: فَقُلْ لِلَّتْ تَلُومُكَ إِنَّ نَفْسِي ... أُرَاهَا لَا تُعَوَّذُ بِالتَّمِيمِ وقال الآخَرُ: هُمَا اللَّتَا لَوْ وَلَدَتْ تَمِيمُ لَقِيلَ: فَخْرٌ لَهُمُ صَمِيمُ ومن العربِ مَن يقولُ: هو اللَّذِ قَالَ ذاك. أَنْشَدَنِي بعضُ بني تَمِيمٍ: وَالَّلذِ لَوْ شَاءَ لَكَانَتْ بَرّا أَوْ جَبَلًا أَصَمَّ مُشْمَخِرَّا وطَيِّءٌ تقولُ: هو ذُو قَالَ ذاك، يريدون: هو الَّذِي قَالَ ذاك، فيجعلون مكانَ «الَّذِي»: «ذُو» في كلِّ حالٍ بالواوِ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: بَشْرَ بنَ جَاريْ قَيْضَهِ الْمُدَفّقِ ذُو كَانَ قَدْ أَفْضَى مِنَ التَّرَقْرُقِ ¬

_ (¬1) في النسخة: «اللّذ».

وسمعتُ أعرابيًّا منهم يَسْأَلُ وهو يقولُ: بالفضلِ ذُو فَضَّلَكُم اللهُ بُهْ، والكرامةِ ذَاتُ أَكْرَمَكُم اللهُ بَهْ، فيجعلون مكانَ «الَّتِي»: «ذَاتُ (¬1)»، ويرفعون التاءَ على كلِّ حالٍ، ويَخْلِطُون في الاثنين والجميعِ، فرُبَّما قالوا: هذانِ ذُو تَعْرِفُ، وهؤلاءِ ذُو تَعْرِفُ، ورُبَّما قالوا: هذانِ ذَوَا تَعْرِفُ، وهؤلاءِ ذَوُو تَعْرِفُ، وفي المؤنثِ: ذَوَاتَا تَعْرِفُ، وهَاتَانِ ذُو تَعْرِفُ، وهؤلاءِ ذَوَاتُ تَعْرِفُ، وذُو تَعْرِفُ، والتاءُ مرفوعةٌ على كلِّ حالٍ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: جَمَعْتُهَا مِنْ أَيْنُقٍ مَوَارِقٍ «مَوَارِقُ»: مرقت من الأرض. ذَوَات يَنْهَضْنَ بِغَيْرِ سَابقِ وأَنْشَدَنِي بعضُهم: فَإِنَّ الْمَاءَ مَاءُ أَبِي وَجَدِّي ... وَبِئْرِي ذُو حَفَرْتُ وَذُو طَوَيْتُ فجَعَلَ «ذُو» للأنثى، وهو كما جَعَلوا «الَّذِي» للواحدِ وللاثنين وللجمعِ، وكما جُعِلَتْ «مَنْ» و «مَا» على ذلك للواحدِ والاثنين والجمعِ والأنثى والذكرِ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «ذَاتِ».

ومن سورة الأنبياء

بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الأَنْبِيَاءِ * {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا}، و {جِذَاذًا}، قَرَأَهُ القُرَّاءُ، واللغةُ الفاشيةُ رفعُ الجيمِ، وقد قَرَأَ يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ: {جِذَاذًا}، بكسرِ الجيمِ. * العربُ تقولُ: هذا حِلٌّ لك، وحَلَالٌ لك، وحِرْمٌ، وحَرَامٌ، وقَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ: {وَحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ}. * {يَنسُلُونَ}، و {يَنسِلُونَ}. * «الْأَجْدَاثُ» واحِدُها: جَدَثٌ، في لغةِ أهلِ الحجازِ، وتَمِيمٌ تقولُ: جَدَفٌ، بالفاءِ، يريدون: القَبْرَ. * و «الْحَدَبُ» لغةٌ لأهلِ الحجازِ. * {حَصَبُ جَهَنَّمَ}. حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني قَيْسٌ، عن محمدِ بنِ الحَكَمِ الكَاهِلِيِّ، عن رجلٍ، قال: سمعتُ عَلِيًّا يقولُ: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (¬1) مِن دُونِ اللهِ حَـ ... ـبُ جَهَنَّمَ}، وقَرَأَها ابنُ عَبَّاسٍ: «حَضَبُ»، وكلُّهم يريدُ: الحَطَبَ، واللهُ أعلمُ. سورةُ الحَجِّ * {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}، وبعضُ القُرَّاءِ قد قَرَأَ: «وَرَبَأَتْ»، ونُرَى أنه من ¬

_ (¬1) في النسخة: «تَعْبَدُوْن».

غَلَطِ القارئِ؛ لأنِّي سمعتُ امرأةً من العربِ تقولُ: «رَثَاتُ زَوْجِي بِأَبْيَاتٍ»، وهي تقولُ: أَرْثِيهِ، وحُكِيَ عن أبي زَيْدٍ، أنه سمع العربَصـ: لَبَّاتُ بِالحَجِّ، وحَلَّاتُ السَّوِيقَ. * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون في واحدِ «المَنَاسِكِ»: مَنْسَكٌ، وسائرُ العربِ من أهلِ نجدٍ يقولون: مَنْسِكٌ. * وأهلُ الحجازِ يقولون: {مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}، وتَمِيمٌ: «مَعِيقٌ». * أهلُ الحجازِ يقولون: الْعُمُر، فيُثقِّلونه، وتَمِيمٌ ورَبِيعَةُ وبعضُ بني أَسَدٍ يقولون: العَمْر (¬1)، فإذا قالوا: العُمْرُ؛ خَفَّفوه. أَنْشَدَنِي أبو القَمْقَامِ: يَا رَبِّ زِدْ فِي عَمْرِهِ مِنْ عَمْرِي اسْتَوْفِ مِنِّي يَا إِلَهِي نَذْرِي وكأنَّ «العُمُرَ» الأَجَلُ بعينِه، وكأنَّ «العَمْرَ» التعميرُ. وقد اجتَمَعتِ العربُ على قولِهم: لَعَمْرُك، فلم يَضُمُّوه، وكذلك: عَمْرُك؛ إلا أن بعضَ قَيْسٍ يقولون: رَعَمْلُك، ورَعَمْلِي، يقدِّمون الراءَ. * العربُ تقولُ: قد اطْمَانَنْتُ (¬2)، بالميمِ، وبعضُ بني أَسَدٍ يقولُ: قد ¬

_ (¬1) في النسخة: «العَمِر». (¬2) في النسخة: «اطَمأنَنتُ».

اطْبَانَنْتُ (¬1)، وهو يَطْبَئِنُّ. وأَنْشَدَنِي عِدَّةٌ منهم: وَبَشَّرَنِي جَبِينُكَ مِنْ بَعِيدٍ ... بِخَيْرٍ فَاطْبَأَنَّ لَهُ جَنَانِي * {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ}، في الواحدِ منها ثلاثُ لغاتٍ: إِسْوَارٌ، بالألفِ، وبعضُهم: سِوَارٌ، وسُوَارٌ، فمَن قال: إِسْوَارٌ؛ جَمَعَه: أَسَاوِرُ، ومَن جَعَلَه: سِوَارًا، أو سُوَارًا؛ جَمَعَه: أَسْوِرَةً، وقَرَأَ حَمْزَةُ: {أَسَاوِرَةٌ مِن ذَهَبٍ}؛ لأنَّها في قراءةِ عبدِ اللهِ: «أَسَاوِيرُ»، فجَعَلَها حَمْزَةُ بالهاءِ على الاعتبارِ. وقد يجوزُ أن يكونَ «أَسَاوِرَةٌ» و «أَسَاوِرُ» واحِدُها: سِوَارٌ، كما قالوا: أَكَارِعُ، وواحِدُها: كُرَاعٌ، وكما قالوا في جمعِ «السِّقَاءِ»: أَسَاقِي، وأَسْقِيَةٌ. وتُجْمَعُ «الأَسْوِرَةُ» إذا كَثُرَتْ: سُوْرًا. أَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ: وَلَا قَمَرٍ إِلَّا صَغِيرٍ كَأَنَّهُ ... هِلَالٌ جَلَاهُ صَانِعُ (¬2) السُّوْرِ مُذْهبُ * قولُه: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ}، «الْبُدْن»، و «الْبُدُن»، يُخَفَّفُ ويُثقَّلُ، والتخفيفُ أجودُ وأكثرُ؛ لأنَّ كلَّ جمعٍ كان واحِدُه على «فَعَلَةٍ»، ثم ضُمَّ أوَّلُ جَمْعِه؛ خُفِّف، مثلُ: أَكَمَةٍ وأُكْمٍ، وأَجَمَةٍ وأُجْمٍ، وخَشَبَةٍ وخُشْبٍ، و «بَدَنَةٌ» و «بُدْنٌ» (¬3) من ذلك. ¬

_ (¬1) في النسخة: «اطَبأننتُ». (¬2) في النسخة: «صَانِعَ». (¬3) في النسخة: «وبَدَنَةٍ وبُدْنٍ».

سورة المؤمنين

* أهلُ الحجازِ يقولون: {وَكَأَيِّنْ} مثلُ: كَعَيِّن (¬1) {مِن قَرْيَةٍ}، ينصبون الهمزةَ، ويشدِّدون الياءَ، وتَمِيمٌ تقولُ: وَكَائِن (¬2)، كأنَّها «فَاعِلٌ» من «كُنْتُ». أَنْشَدَنِي الكِسَائِيُّ: وَكَائِنْ (¬3) تَرَى يَسْعَى مِنَ النَّاسِ جَاهِدًا ... عَلَى ابْنٍ غَدَا (¬4) مِنْهُ شُجَاعٌ وَعَقْرَبُ وقال آخَرُ: وَكَائِنْ (¬5) أَصَابَتْ مُوْمِنًا مِنْ مُصِيبَةٍ ... عَلَى اللهِ عُقْبَاهَا وَمِنْهُ ثَوَابُهَا سورةُ المُؤْمِنِينَ * ومن العربِ مَن يقولُ في «الْمَلُومِ»: مُلِيمٌ (¬6)، وفي «الْمَكِيدِ»: هو الْمَكُودُ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: وَتَاوِي (¬7) إِلَى زُغْبٍ مَسَاكِينَ دُونَهُمْ ... فَلًا (¬8)، لا تَخَطَّاهُ الرِّفَاقُ، مَهُوبُ ¬

_ (¬1) في النسخة: «كَعيّنٍ». (¬2) في النسخة: «وكَاءينٍ». (¬3) في النسخة: «وَكاءين»، وفي الحاشية بيانًا لنطقها: «وكاعِن». (¬4) في النسخة: «ابنِ عَدا». (¬5) في النسخة: «وَكآءين». (¬6) في النسخة: «مُلِيمُ». (¬7) في النسخة: «وَتاوِيْ». (¬8) في النسخة: «فلَا».

وأَنْشَدَنِي بعضُهم: خَلِيلَيَّ هَلْ بَاكٍ بِهِ الشَّيْبُ إِنْ بَكَى ... وَقَدْ كَانَ يُشْكي بِالْغَرَاءِ مَلِيمُ وأَنْشَدَنِي آخَرُ: مُكْتَئِبُ (¬1) اللَّوْنِ مَرِيحٌ مَمْطُورْ * العربُ تقولُ: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ}، بفتحِ السينِ في جميعِ اللغاتِ؛ إلا بني كِنَانَةَ؛ فإنهم يقولون: {سِينَاءَ}، فيكسرون السينَ. * {هَيْهَاتَ} بنصبِ التاءِ {هَيْهَاتَ} لأهلِ الحجازِ، وتَمِيمٌ وأَسَدٌ يَخْلِطون، فيقولون: أَيْهَاتِ، وهَيْهَاتٍ، إلا أنهم يخفضون التاءَ فيهما، يقولون: {هَيْهَاتِ هَيْهَاتِ}، وأَيْهَات وأَيْهَاتِ، وبعضُ تَمِيمٍ يقولُ: أَيْهَاتًا، ومن العربِ مَن يقولُ: أَيْهَاتَ، نصبٌ بلا نونٍ، ومن العربِ مَنْ إذا جَعَلَها في موضعِ اسمٍ قال: لم أَرَه مُذْ أَيْهَاتٌ من النهارِ، منوَّنٌ، وأَيْهَاتُ، بغيرِ تنوينٍ، ومن العربِ مَن يقولُ: أَيْهَانَ الحياةُ وأَيْهَان، يجعلُ مكانَ التاءِ نونًا، كأنَّها نونُ الاثنين. وقال الشاعرُ: وَمِنْ دُونِيَ الْأَعْيَانُ والْقَنْعُ كُلُّهُ ... وَكُتْمَانُ أَيْهَا مَا أَشَتَّ وَأَبْعَدَا وحُكِي عن الكِسَائِيِّ، أنه قال: أُجِيزُ «هَيْهَاتٍ»، بالتنوينِ، وأُجِيزُ: «هَيْهَات (¬2)». ¬

_ (¬1) في النسخة: «مُكْتئَبُ». (¬2) أصاب التاءَ قطعٌ في طرف الورقة.

* أَسَدٌ وتَمِيمٌ: جاء القومُ تَتْرَى يا هذا، مثلُ: فَعْلَى؛ إلا بني كِنَانَةَ (¬1) ... جاء القومُ تَتْرًى، فيُنَوِّنون. * {وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا}، «الزُّبُرُ»: جِمَاعُ الزَّبُورِ [الزُّبُور]، وقد قَرَأَ بعضُهم: {زُبَرًا}، فِرَقًا وقِطَعًا، مثل قولِه في الكَهْفِ: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ}، وواحِدَتُه: زُبْرَةٌ، وليستا بلُغَتين. * {سَامِرًا تَهْجُرُونَ}، من هَجَرْتُ الشَّيْءَ، إذا رَفَضْتَه، وقد فسَّر بعضُهم «تَهْجُرُونَ» كما تقولُ: هَجَرَ الرجلُ في مَنَامِه، إذا هَذَى، وقَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ: {سَامِرًا تُهْجِرُونَ}، معناه: تقولون الهُجْرَ من القولِ، وليس هذه الوجوهُ بلغاتٍ، ولكنَّها معانٍ. * {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا}، أهلُ الحجازِ يقولون: لَعَلِّي، ولَعَلَّك، ولَعَلَّ زيدًا، وبعضُ بني أَسَدٍ يقولُ: لَعَلِّ زيدٍ، يخفضون. أَنْشَدَنِي بعضُهم: لَعَلِّ النَّاسِ فَضَّلَكُمْ عَلَيْهِمْ ... بِشَيْءٍ أَنَّ أُمَّكُمُ شَرِيمُ وبعضُهم يقولُ: عَلِّ، بطرحِ اللامِ، ويخفضُ بها أيضًا. وأَنْشَدوا أيضًا: عَلِّ صُرُوفِ الدَّهْرِ أَوْ دَوْلَاتِهَا يُدِلْنَنَا اللَّمَّةَ مِنْ لَمَّاتِهَا ¬

_ (¬1) أصاب آخرَ حرفين منها قطعٌ في طرف الورقة.

«اللَّمَّةُ» من قولِهم: أَلْلَمْتُ بها. وبعضُ العربِ يقولُ: لَعَلّنِي (¬1)، لا على القياسِ، إنما هي بمنزلةِ قولِه: إنَّني، وقال بعضُهم في المَثَلِ: «لَعَلّنِي (¬2) مُضَلّلٌ كَعَامِرِ». وقال الآخَرُ: أَرِينِي جَوَادًا مَاتَ هَزْلًا لَعَلّنِي ... أَرى (¬3) مَا تَرَيْنَ أَوْ بَخِيلًا مُخَلَّدَا وبعضُ بني تَمِيمٍ يقولُ: عَنَّك، ولَعَنَّك. وقال الشاعرُ -ويقالُ: إن الشعرَ للفَرَزْدَقِ-: قِفَا يَا صَاحِبَيَّ بِنَا لَعَنَّا ... نَرَى الْعَرَصَاتِ أَوْ أَثَرَ الْخِيَامِ وبنو تَيْمِ اللهِ من رَبِيعَةَ يقولون للرجلِ: رُعنَّك تقولُ ذاك، وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع بعضَ العربِ يقولُ: لَعنَّك، في معنى: لَعَلَّك، وبعضُهم يقولُ: لونَّك، وهي في بني عُقَيْلٍ كثيرةٌ. أَنْشَدَنِي أبو الجَرَّاحِ العُقَيْلِيُّ: فَقُلْتُ: اُمْكُثِي حَتَّى يَسَارٍ لَوَنَّنَا (¬4) ... نَحُجُّ مَعًا، قَالَتْ: أَعَامٌ وَقَابِلُهْ؟ وقال الآخَرُ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «لَعلِّني». (¬2) في النسخة: «لَعلِّني». (¬3) في النسخة: «ارِيْ» على الإمالة. (¬4) في النسخة: «لواننّا».

لَوَنِّيْ (¬1) مُمَارًا فِي الذَّرَارِيحِ بَعْدَمَا ... تَعَلَّمْتُهَا كَهْلًا وَإِذْ كُنْتُ أَمْرَدَا واحدَتُها: ذَرَّاحٌ. وحَكَى الكِسَائِيُّ: لَعَلَّتَك، فأَدْخَل التاءَ، وهي بمنزلةِ قولِهم: ثُمَّتَ فَعَلْتَ كذا وكذا، وبعضُ العربِ يقولُ: ما أَدْرِي أَنَّك أَخَذْتَها، يريدُ: لَعَلَّك، وقد يُوَجَّهُ قولُ اللهِ عزّ وجلَّ: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}؛ إلى «لَعَلَّهَا». * {غَلَبَتْ عَلَيْنَا شَقَاوَتُنَا (¬2)} لغةٌ فاشيةٌ، وقد قَرَأَها عبدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ، و «الشِّقْوَةُ (¬3)» لغةٌ أيضًا حسنةٌ كثيرةٌ في أهلِ الحجازِ وأهلِ نجدٍ. أَنْشَدَنِي أبو ثَرْوَانَ، وكان فصيحًا: كُلِّفَ مِنْ عَنَايِهِ وَشِقْوَتِهْ بِنْتَ ثَمَانِي عَشْرَةٍ مِنْ حَجَّتِهْ و: «حِجَّتِهْ». وقَرَأَها الحَسَنُ والأَعْمَشُ وحَمْزَةُ: {شَقَاوَتُنَا}، وكذلك قراءةُ عبدِ اللهِ، وأهلُ المدينةِ: {شِقْوَتُنَا}. ¬

_ (¬1) في النسخة: «لَوانّيْ». (¬2) في النسخة: «شقَاوتُنَا». (¬3) في النسخة: «السقْوَةُ».

ومن سورة النور

بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ النُّورِ * {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}، «لَوْلَا» و «لَوْمَا» لغتان، على مذهبين: أحدُهما: استفهامٌ يَلِي «فَعَلَ يَفْعَلُ» والاسمَ والصفةَ وما شِئتَ، كقولِ اللهِ عزّ وجلَّ: {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}، وقولِه: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا}، و {فَلَوْلَا إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ}، هذه -واللهُ أعلمُ- بمنزلةِ «هَلَّا»، وهي في كلامِ العربِ كثيرةٌ، و «لَوْمَا» في مثلِ معناها، قال اللهُ عزّ وجلَّ: {لَوْمَا تَاتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ}، وهي بمنزلةِ «هَلَّا»، واللهُ أعلمُ. والمعنى الآخَرُ: أن تكونَ رافعةً للاسمِ وتَلِيه، ولا تَلِي «فَعَلَ يَفْعَلُ» ولا صفةً، من ذلك: قولُ اللهِ عزّ وجلَّ: {لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}، و «لَوْمَا» في هذا المعنى. أَنْشَدَنِي بعضُ بني أَسَدٍ: لَوْمَا هَوَى عِرْسِ كُميْتٍ لَمْ أُبَلْ عَلَى كُميْتِ (¬1) ابْنِ أُنَيْفٍ مَا فَعَلْ يقالُ: ما أُبَالِيك، وما أُبَالِي منك، وما أُبَالِي عليك، وما أُبَالِي (¬2) بك. * {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ}، وكانت عَائِشَةُ تقرأُ: {إِذْ تَلِقُونَهُ}، من وَلَقْتُ، ¬

_ (¬1) في النسخة: «كُمِيْتِ» على الإمالة. (¬2) في النسخة: «وَمَا بَالِيْ».

ومن سورة الفرقان

تريدُ: تُرَدِّدُونه وتُعْمِلُونه، وبعضُ قَيْسٍ يقولُ في مثلِ هذا المعنى: «إِذْ تَالِقُونَهُ»، من أَلَقْتُ، ووَلَقْتُ، لغتان: الإِلْقُ، والأَلْقُ (¬1). * أهلُ الحجازِ: {الزُّجَاجَةُ}، وتَمِيمٌ وقَيْسٌ: {الزَّجَاجَةُ}، و «الزِّجَاجَةُ» لغةٌ جيدةٌ. * القُرَّاءُ جميعًا وكلامُ العربِ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ}. حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثنا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كُبْرَهُ}. * {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ}، العربُ كلُّها على تخفيفِ «الْعَوْرَاتِ»، و «الْخَيْرَاتِ»؛ إلا هُذَيْلًا؛ فإنها تُثقِّلُ ما كان من هذا النوعِ من الياءِ والواوِ: خَيَرَاتٌ، وبَيَضَاتٌ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: أَبُو بَيَضَاتٍ رَائِحٌ مُتَأَوِّبٌ ... رَفِيقٌ بِمَسْحِ الْمَنْكِبَينِ سَبُوحُ يعني: الظَّلِيمَ. بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الفُرْقَانِ * {الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ}، معناها: التي أَمْطَرْنَاها، ولو قيل: التي ¬

_ (¬1) في النسخة: «الأَلقُ».

مُطِرَتْ؛ لكان صوابًا، كما يقالُ: أرضٌ ممطورةٌ. * {لَا يَرْجُونَ نُشُورًا}، معناه: لا يَخَافُون، وهذه كلمةٌ تِهَامِيَّةٌ، وهي أيضًا من لغةِ هُذَيْلٍ، إذا كان مع الرجاءِ جَحْدٌ ذَهَبوا به إلى معنى الخوفِ، فيقولون: فلانٌ لا يرجو ربَّه، يريدون: لا يَخَافُ ربَّه، ومن ذلك: قولُه: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلهِ وَقَارًا}، أي: لا تخافون للهِ عَظَمَةً، فإذا قالوا: فلانٌ يرجو اللهَ؛ فهذا على معنى الرجاءِ، لا على الخوفِ. وقال الشاعرُ: إِذَا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهَا ... وَحَالَفَهَا فِي بَيْتِ نُوْبٍ (¬1) عَوَامِلِ وقال الآخَرُ: لَا تَرْتَجِي حِيْنَ تُلَاقِي الذَّايِدَا أَسَبْعَةً لَاقَتْ مَعًا أَمْ وَاحِدًا * {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ}، «فَعلْتُ» منه: عَضِضْتُ، وزَعَم الكِسَائِيُّ أن بعضَ العربِ يقولُ: عَضَضْتُ، ومَسَسْتُ، وظَلَلْتُ، ووَدَدتُ، وشَمَمْتُ، بالفتحِ، لغاتُ بني فَزَارَةَ. * {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ (¬2)} أهلُ الحجازِ، وأهلُ نجدٍ يقولون: أَمْرَجَ دابَّتَه، بالألفِ. ¬

_ (¬1) فوقها في النسخة إشارةً إلى نسخةٍ أو روايةٍ: «وَنَوْب». (¬2) في النسخة: «البَحْرينَ».

ومن سورة الشعراء

* {نَشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}، و {نُشْرًا}، و {نُشُرًا}، قَرَأَ أصحابُ عبدِ اللهِ بالتخفيفِ، والفتحِ. حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني قَيْسُ بنُ الرَّبِيعِ، عن أبي إِسْحَاقَ، عن أبي عبدِالرحمنِ السُّلَمِيِّ، عن عَلِيٍّ، أنه قَرَأَهَا: {بُشُرًا}، كأنَّها جمعٌ، واحدُها: بَشِيرةٌ، وهو وجهٌ حَسَنٌ؛ لقولِ اللهِ عزّ وجلَّ: {يُرْسِلَ (¬1) الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ}. * العربُ تقولُ: قَتَرَ على أهلِه، يَقْتِرُ، ويَقْتُرُ، لغتان، وبعضُهم يقولُ: أَقْتَرَ على أهلِه، وهي قراءةُ أهلِ الحجازِ. * بعضُ أَسْدِ السَّرَاةِ وبَجِيلَةَ يقولون: هو يَبَاتُ، من «بِتُّ»، وسائرُ العربِ: يَبِيتُ. بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الشُّعَرَاءِ * {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ}، العربُ على فتحِها. حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثنا مُوسَى الأَنْصَارِيُّ، عن السَّرِيِّ بنِ إِسْمَاعِيلَ، عن الشَّعْبِيِّ، أنه قَرَأَ: {وَفَعَلْتَ فِعْلَتَكَ}، بكسرِ الفاءِ. قال أبو بَكْرٍ: رأيتُ في أصلِ ابنِ الجَهْمِ بعدُ: «قال الفرَّاءُ: أظنُّ أن الفِعْلَ إذا كُنِيَ عنه ¬

_ (¬1) في النسخة: «يُرْسِلُ».

جاز فيه الكسرُ»؛ وأَخْطَأَ. * العربُ تقولُ: هذا رجلٌ حَاذِرٌ، وحَذِرٌ. وحدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني أبو لَيْلَى السِّجْستَانِيُّ، عن أبي حَرِيزٍ (¬1) قاضِي سِجْستَانَ، أن ابنَ مَسْعُودٍ قَرَأَ: {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ}، قال: مُودُونَ في السِّلَاحِ، وقَرَأَ: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ}. * {إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ}، فَتَحَ (¬2) الخاءَ (¬3) الحَسن، وقَرَأَ به الكِسَائِيُّ، وقال الكِسَائِيُّ: «خُلُقُ الْأَوَّلِينَ»: عادةُ الأَوَّلِين، و «خَلْقُ الْأَوَّلِينَ»: اختِلَاقُهم وافتِعَالُهم، والضمُّ أحبُّ إليَّ؛ لأنه يَأتِي على الوجهين جميعًا؛ لأن العربَ يقولون: هذه أحاديثُ الخُلُقِ، يريدون: المُخْتَلَقَةُ، معَ اجتماعِ القُرَّاءِ عليه. * {بِكُلِّ رِيْعٍ}، العربُ تقولُ: هذا رِيْعٌ، وهذا رَيْعٌ، وأظنُّ الفتحَ لقَيْسٍ؛ لأني سمعتُهم يقولون للرِّيرِ: الرَّيْرُ، وهو الْمُخُّ الرَّدِيءُ، وللُّوْحِ -وهو ما بين السماءِ والأرضِ-: اللَّوْحُ. * أهلُ الحجازِ يقولون: «الْجُبُلَّةُ»، وقَرَأَ عَاصِمٌ والأَعْمَشُ: {الْجِبِلَّةَ}، بالكسرِ، وكلُّهم يُشَدِّدُ اللامَ. * {بُيُوتًا فَارِهِينَ}، و {فَرِهِينَ}، لغتان، وكأنَّ الفَارِهَ: الحاذقُ، ويقالُ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «جَريزَ». (¬2) في النسخة: «فَتْحُ». (¬3) في النسخة: «الخَاء»، مصحَّحةً من: «الخَاءِ».

ومن سورة النمل

إن الفَرِهَ الأَشِرُ. * و «الْجِبِلُّ»، و «الْجُبُلُّ»، لغتان، وقَرَأَ الأَعْمَشُ: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جُبُلًا}، بضمِّ الجيمِ والباءِ، بغيرِ تشديدٍ (¬1)، كأنَّه جمعٌ، واحِدُه: جَبِيلٌ، مثلُ: قَبِيلٍ، وقُبُلٍ. * {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ}، واحدُهم: أَعْجَمُ (¬2)، ثم جُمِعَ، وإن شئتَ كان منسوبًا، واحدُه: أَعْجَمِيٌّ، فإذا جَمَعْتَ خَفَّفْتَ، كما قالوا: الأَشْعَرِينَ، وواحدُهم: أَشْعَرِيٌّ. قال الكُمَيْتُ: وَلَوْ جَهَّزْتُ قَافِيَةً شَرُودًا ... لَقَد دَخَلَتْ بُيُوتَ الْأَشْعَرِينَا بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ النَّمْلِ * العربُ تقولُ: بُورِكْتَ، وبُورِكَ فيك، وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع العربَ تقولُ: بَارَكَكَ اللهُ، وكلٌّ حَسَنٌ. * {ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا}، و {حَسَنًا}، فأما «الْحُسْنُ» فالمصدرُ، بمنزلةِ الإِحْسَانِ، وأما «الْحَسَنُ» فالعَمَلُ الحَسَنُ بعينِه. ¬

_ (¬1) في النسخة: «يَشْديدٍ». (¬2) في النسخة: «أَعْجَمٌ».

ومن سورة القصص

* {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ}، {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي}، أكثرُ كلامِ العربِ نصبُ الياءِ في «مَا لِي» خاصَّةً، وإرسالُها لغةٌ. * {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ}، وبعضُ العربِ يقولُ: عِفْرِيَةٌ. * {دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ}، جاء في الأَثَرِ أنه من الكَلْمِ، ومن الكَلَامِ، وهي في قراءةِ أُبَيٍّ: «تُنَبِّيُهُمْ أَنَّ النَّاسَ»، بمعنى الكَلَامِ. ومِن سورةِ القَصَصِ * العربُ تقولُ: هذا فِرْعَوْنُ، وفُرْعَوْنُ؛ لأنه عَجَمِيٌّ، كما يقالُ: القِسْطَاسُ، والقُسْطَاسُ، والكسرُ أعربُ وأجودُ. * {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ}، و {يَصْدُرَ (¬1)}، كثيرٌ من العربِ إذا انْجَزَمَتِ الصادُ جَعَلَها زايًا، يقولُ أحدُهم: اُزْدُقْ، ويقولون في المِصْدَغَةِ -وهي من الصُّدْغِ-: مِزْدَغَةٌ. * {أَوْ جِذْوَةٍ مِنَ النَّارِ}، فيها ثلاثُ لغاتٍ: جِذْوَةٌ، وجَذْوَةٌ، وجُذْوَةٌ، وفيها ثلاثُ لغاتٍ أُخَرُ: جِثْوَةٌ، وجُثْوَةٌ، وجَثْوَةٌ، في معنًى واحدٍ، ولا تَدْخُلُ الثاءُ في القراءةِ. * {مِنَ الرُّهْبِ}، و {الرُّهُبِ}، و {الرَّهْبِ}، و {الرَّهَبِ}، والفتحُ في أهلِ الحجازِ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «يَصْدُرُ».

* أهلُ الحجازِ لا يهمزون «رِدًا»، يقولون: {رِدًا يُصَدِّقْنِي}، وغيرُهم يهمزُه؛ لأن العربَ يقولون: أَرْدَاتُ الرجلَ: أَعَنْتُه، وأَرْدَيْتُه أيضًا. * {أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا (¬1)} اللغةُ الفاشيةُ، وبعضُ العربِ يقولُ: غَوِينَا، ولا أَشْتَهِيها. * «الْحُزْنُ»، و «الْحَزنُ»، لغتان، والفتحُ كثيرٌ في لغةِ أهلِ الحجازِ. * {فَوَكَزَهُ مُوسَى}، العربُ تقولُ: وَكَزْتُه، ووَهَزْتُه، ولَهَزْتُه، ولَكِزْتُه، ولَهَدتُه، كلُّه بمعنًى واحدٍ. وأَنْشَدَنِي بعضُهم: وَإِذَا خَشِيتَ تَفَرُّقا (¬2) مِنْ نِيَّةٍ ... فَالْهَد حشَاكَ (¬3) بمخْلَبٍ مِنْ رَاتِبِ قال أبو بَكْرٍ: لم أَرَ هذا البيتَ في كتابِ ابنِ الجَهْمِ، وقد قَرَأَه علينا. * {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ}، العربُ جميعًا: وَرَدَ، بالفتحِ، إلا طَيِّئًا؛ فإنهم يقولون: وَرْدَ. وأَنْشَدَنِي بعضُهم: وَرْدَ عَلَيْهِ طَالِبُ الْحَاجَاتِ ونُرَى أنه من لغةِ طَيِّءٍ خُفِّفَ؛ لأن الفتحَ لا يُخَفَّفُ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «غَويْنَا». (¬2) في النسخة: «تَفَرُّقَا». (¬3) في النسخة: «جُشَاك».

ومن سورة العنكبوت

* وأما قولُه: {إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}، العربُ تقولُ: أنا إليه مُحْتَاجٌ، وأنا له مِحْتَاجٌ، وأنا إليه فِقِيرٌ، وأنا له فَقِيرٌ (¬1)، وهو مثلُ قولِه: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}، وقال في موضعٍ آخَرَ: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}، وقال: {الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا}، وقال في موضعٍ آخَرَ: {وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}. * {عَلَى أَن تَاجُرَنِي}، و {تَاجِرَنِي}، لغتان. * {أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}، و {الْخِيْرَةُ}، نصبُ الياءِ وإرسالُها لغتان. بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ العَنْكَبُوتِ * «الْعَنْكَبُوتُ»، أكثرُ كلامِ العربِ فيها التأنيثُ، وبعضُ رَبِيعَةَ يُذَكِّرُه. أَنْشَدَنِي بعضُهم: عَلَى هُطَّالِهِمْ مِنْهُمْ بُيُوتٌ ... كَأَنَّ الْعَنْكَبُوتَ هُوَ ابْتَنَاهَا فذَكَّرَ. * العربُ تقولُ: {النَّشْأَةَ}، بجزمِ الشينِ، وبالهمزِ، ويتركون الهمزَ، فيقولون: {النَّشَاةَ}، بمنزلةِ «الحَصَاةِ»، وكان الحَسَنُ البَصْرِيُّ يهمزُها، ويمدُّها، فيقولُ: {النَّشَاءَةَ}، فمَن ترك الهمزَ في الممدودِ قال: النَّشَايَة. ¬

_ (¬1) كذا في النسخة، والمقصود غير هذا.

ومن سورة الروم

* {لَنُبَوِّءَنَّهُم (¬1) مِّنَ الْجَنَّةِ}، وقَرَأَ ابنُ مَسْعُودٍ وأصحابُه: «لَنُثَوِّيَنَّهُمْ»، لا على اللغةِ، وإنما هما معنيان اتَّفَقا، هذا من «أَثْوَيْتُ»، وهذا من «بَوَّاتُ». بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الرُّومِ * {وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ}، اللغةُ الفاشيةُ أن تقولَ العربُ: غَلَبْتُه غَلَبَةً شديدةً، بالهاءِ، وإنما تُحذَفُ الهاءُ منها عندَ الإضافاتِ منها، كما حُذِفَتْ من قولِه: {وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}، وكما قال الشاعرُ: قَامَ وُلَاهَا فَسَقوهُ (¬2) صَرْخَدَا يريدون: قام وُلَاتُها، فتُحْذَفُ عندَ الإضافةِ، ولا تُحْذَفُ في غيرِ الإضافةِ. بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ لُقْمَانَ عليه السلامُ * «وَلَا تُصَاعِرْ»، و {تُصَعِّرْ}، لغتان. * {وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ}، أهلُ الحجازِ وعامةُ العربِ ينصبون الياءَ من غَشِيَهم، وخَشِيَهم، وبَقِيَ، ورَضِيَ، ورُبَّما أَسْكَنُوها، كما قال الشاعرُ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «لَنُبَؤينَّهُم». (¬2) في النسخة: «فَسقُوه».

ومن سورة السجدة

كَأَنَّ أَيْدِيهِنَّ بِالْقَاعِ الْقَرِقْ أَيْدِي جَوَارٍ يَتَعَاطَيْنَ (¬1) الْوَرِقْ وأما طَيِّءٌ فيجعلونها ألفًا، فيقولون في بَقِيَ: بَقَى، وفي رَضِيَ: رَضَى. أَنْشَدَنِي بعضُهم: لَعَمْرُكَ مَا أَخْشَى التَّصَعْلُكَ مَا بَقَى ... عَلَى الْأَرْضِ قَيْسِيٌ يَبِيعُ الْأَبَاعِرَا (¬2) قال: وسمعتُ أعرابيًّا منهم يقولُ: غَشَانِي السَّيْلُ، ويقولُ في «فُعِلَ» من قَضَيْتُ: قُضَى، ومن نَعَيْتُ: نُعَى، ومن {عُفِيَ لَهُ}: عُفَى. أَنْشَدَنِي بعضُهم: يُجَدّدنَ خَمْشًا بَعْدَ خَمْشٍ (¬3) كَأَنَّمَا ... عَلَى فَاجِعٍ مِنْ خَيْرِ قَوْمِكُمُ نُعَى فَوَ اللهِ لَوْلَا أَنْ أُكَدِّرَ نِعْمَةً ... لَحَارَبْتُ قَيْسًا مَا بَقِيتُ وَمَا بَقَى بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ السَّجْدَةِ * {لِمَا صَبَرُوا}: لِصَبْرِهم، ومَن قال: {لَمَّا صَبَرُوا}؛ يريدُ: إِذْ صَبَرُوا. ¬

_ (¬1) في النسخة: «يتَعاطَِيْنَ». (¬2) أمام البيت في حاشية النسخة: «ورَجالـ»، ولم أتبَّين المراد بها. (¬3) في النسخة: «خَمْسًا بَعْدَ خَمْسٍ».

ومن سورة الأحزاب

بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الأَحْزَابِ * «إِسْوَةٌ» لغةُ أهلِ الحجازِ، وأَسَدٌ وبعضُ قَيْسٍ وتَمِيمٌ: «أُسْوَةٌ». * العربُ تقولُ: تَاسِرُونَ، وتَاسُرُونَ، لغتان، والكسرُ أجودُ وأكثرُ، ولم يقرا برفعِ السينِ أحدٌ من القُرَّاءِ. * وقولُه: {وَقِرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، قَرَأَ بها الأَعْمَشُ بالكسرِ، وقَرَأَ أهلُ الحجازِ وعَاصِمٌ: {وَقَرْنَ}، كأنَّه من «قَرِرْتُ في المكانِ»، فخُفِّفَتْ، كما قيل: {ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا}، وأما الكسرُ فمن الوَقَارِ، تقولُ: قِرَّ في مَنْزِلِكَ. * {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ}، مكسورةُ الألفِ، مقصورةٌ، وهي اللغةُ الفاشيةُ القُرَشِيَّةُ لغةُ أهلِ الحجازِ وأهلِ نجدٍ، وهُذيْلٌ يقولون: جِئْتُك بَعْدَ إِنْيٍ من الليلِ. قال شاعرُهم: يُجِيبُ بَعْدَ الْكَرَى: لَبَّيْكَ دَاعِيَهُ * ... فِي كُلِّ إِنْيٍ دَعَاهُ الْقَوْمُ يَنْتَعِلُ وقد يمدُّه بعضُ العربِ إذا فُتِحَ أوَّلُه. قال الحُطَيْئَةُ: وَآنَيْتُ الْعَشَاءَ إِلَى سُهيْلٍ (¬1) ... أَوِ الشِّعْرَى فَطَالَ بِيَ الْأَنَاءُ الألفُ مفتوحةٌ إذا مُدَّ. * {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا}، و «أَقْتَارِهَا»، لغتان، فقَيْسٌ تقولُ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «سُهِيْلٍ» على الإمالة.

القُتْرُ، وأهلُ الحجازِ: القُطْرُ. أَنْشَدَنِي أبو الجَرَّاحِ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تُدْهَنَ أَوْ تُبَدَّا فَوَلِّهِنَّ قُتْرَكَ الْأَشَدَّا القُتْرُ: الجانبُ. * العربُ تقولُ: {سَلَقُوكُمْ}، و «صَلَقُوكُمْ»، لغتان، بالسينِ والصادِ. * وقد قَرَأَتِ القُرَّاءُ: {وَخَاتِمَ النَّبِيِّينَ}، و {خَاتَمَ}، على غيرِ اللغةِ، «الخاتَمُ» كالمصدرِ، و «الخاتِمُ» الفاعلُ الذي يَخْتِمُ النبيّين، فمَن قال للرجلِ: الخاتِم؛ قال للأنثى: الخاتِمة، وثَنَّى وجَمَع، ومَن قال: خاتَمٌ، ففَتَحَ؛ قال للأنثى: خاتمٌ، ولم يُثَنِّ ولم يجمعْ، إلا إن يشأ ذلك، فأما كلامُ العربِ فهذا. * والعربُ تقولُ لجمعِ «الثُّبَةِ»: ثُبِينَ، وثُبَاتٌ، فيجعلون تعريبَ التاءِ خفضًا في النصبِ، وبعضُ العربِ ينصبُها في النصبِ، فيقولُ: رأيتُ ثُبَاتًا كثيرًا، وقال أبو الجَرَّاحِ في كلامِه: «مَا مِنْ قَوْمٍ إِلَّا وَقَدْ سَمِعْنَا لُغَاتَهُمْ»، فنَصَب التاءَ، ثم رَجَع فخفضها، قال: أَنْشَدَنا بعضُهم: فَلَمَّا جَلَاهَا بِالْإِيَامِ تَحَيَّزَتْ (¬1) ... ثُبَاتًا عَلَيْهَا ذُلُّهَا وَاكْتِئَابُهَا ¬

_ (¬1) في النسخة: «تَحيَّرْتْ».

ومن سورة سبأ

بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ سَبَأٍ * أهلُ الحجازِ لا يهمزون «الْمِنْسَاةَ»، وتَمِيمٌ وفصحاءُ قَيْسٍ يهمزونها. * أهلُ اليَمَنِ ذوو الفصاحةِ يقولون في واحدِ «المَسَاكِنِ»: مَسْكِنٌ، يفتحون الميمَ، ويكسرون الكافَ، وقد أَخَذَ بها عنهم كثيرٌ من العربِ، وقَرَأَ بها يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ، وسائرُ العربِ يقولون: مَسْكَنٌ. * {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ}، أي: سَكَنَتْ وذَهَبَ عنها الفَزَعُ، و {فَزَّعَ} قَرَأَ بها مُجَاهِدٌ، بفتحِ الفاءِ، وقَرَأَ الحَسَنُ: {فُرِّغَ}، وليس بلغاتٍ، إنما هنَّ مَعَانٍ. * {التَّنَاؤُشُ}، يهمزُه أهلُ نجدٍ، ولا يهمزُه أهلُ الحجازِ، يجعلونه من «نُشْتُ»، كما قال الشاعرُ: فَهِيَ تَنُوشُ الْحَوْضَ نَوْشًا مِنَ عَلَا نَوْشًا بِهِ تَقْطَعُ أَجْوَازَ الْفَلَا وَسَطَ الأَرَضِينَ. ومَن هَمَزَه جَعَلَه من «نَأَشْتُ»، و «انْتَأَشْتُ»، [و] العربُ تقولُ: «جِئتَ نَئِيشًا (¬1)»، أي: بَطِيًّا. قال الشاعرُ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «جِيتَ ينيشًا».

ومن سورة يس

وَجِئْتَ نَئِيشًا (¬1) بَعْدَمَا فَاتَكَ الْخَبَر لم يَذْكُرْ في فَاطِرٍ شيئًا بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ يس * القُرَّاءُ قد اختَلَفتْ في {يَخصمُونَ}، فقَرَأَها عَاصِمٌ: {يَخِصّمُونَ}، بفتحِ الياءِ، وتخفِضُ الخاءَ، وتُشَدِّدُ، وقَرَأَها يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ وحَمْزَةُ: {يَخْصِمُونَ}، على جهةِ «يَفْعِلُونَ»، وقَرَأَها أهلُ المدينةِ: {يَخْصِّمُونَ}، يجزمون الخاءَ والصادَ الأولى، ويجمعون بين ساكنين (¬2)، وتقْرَأُ: {يَخَصِّمُونَ}، و {يَخِصّمُونَ}، وفي قراءةِ أُبَيٍّ: «يَخْتَصِمُونَ» بالتاءِ. قال الفرَّاءُ: وإنما أصلُها كلِّها: يَخْتَصِمُونَ، فسكَّنوا الخاءَ والتاءَ، وهي مُدْغَمةٌ في الصادِ، فيُخَيَّلُ إليك أن الصادَ مشدَّدةٌ، وليست كذلك، إنما هذا لدخولِ التاءِ فيها. * وفي قراءةِ عبدِ اللهِ: «إِنْ كَانَتْ إِلَّا زَقْيَةً وَاحِدَةً»، وفي قراءتِنا: {صَيْحَةً}. ¬

_ (¬1) في النسخة: «نءيشا». (¬2) في النسخة: «ساكِنِينِ».

* أهلُ الحجازِ يقولون: القومُ في شُغُلٍ، وشُغْلٍ، مخفَّفٌ ومثقَّلٌ، وبعضٌ يقولُ: القومُ في شَغَلٍ، وبعضُ العربِ: في شَغْلٍ (¬1)، خفيفةٌ. أَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ، لبعضِ تَمِيمٍ: أَخِفْنَ اطّنَانِيْ أَنْ سَكَتْنَ وَإِنَّنِي ... لَفِي شَغَلٍ عَنْ ذَحْلِيَ الْيُتَتَبَّعُ قال الفرَّاءُ: هذا معناه: الذي يُتَتَبَّعُ، فوَصَلَ الألفَ واللامَ بمثلِ ما تُوصَلُ به «الذي». وأَنْشَدَنِي بعضُهم: مِن الْقَوْمِ الرَّسُولُ اللهِ مِنْهُمْ كأنَّه يريدُ: الذي رسولُ اللهِ منهم. * {فَاكِهُونَ}، و {فَكِهُونَ}، قد قُرِئَ بهما جميعًا. * {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ}، و {رُكُوبُهُمْ}، وفي إحدى (¬2) القراءتين: «رَكُوبَتُهُمْ»، وقد قَرَأَتْها عَائِشَةُ: «رَكُوبَتُهُمْ»، فمَن قَرَأَ: «رَكُوبَتُهُمْ»؛ فهو المركوبُ: الجملُ والناقةُ ونحوُ ذلك، ومَن قَرَأَ: {رُكُوبُهُمْ}؛ أراد المصدرَ، أي: فمنها ما يركبون، ومنها ما يأكلون. ¬

_ (¬1) في النسخة: «شُغْلٍ». (¬2) في النسخة: «اَحْدِى».

ومن سورة الصافات

ومِن سورةِ الصَّافَّاتِ * العربُ تقولُ: شَيْطَانٌ مَارِدٌ، ومَرِيدٌ، مثلُ: عالِمٍ، وعَلِيمٍ. * تقولُ: ضَرْبَةُ لَازِبٍ، ولَازِمٍ، فأما «لَازِبٌ» فهي لقَيْسٍ، وأما «لَازِمٌ» فهي لتَمِيمٍ، وبعضُ بني عُقَيْلٍ يقولون: لَاتِبٌ، في معنى «لَازِبٍ»، وقد لَزِبَ يَلْزَبُ لُزُوبًا، ولَتِبَ يَلْتَبُ لُتُوبًا (¬1). * {مِن كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا}، قَرَأَها القُرَّاءُ بضمِّ الدالِ، إلا أبا ... عبدِالرحمنِ؛ فإنه قَرَأَ: {دَحُورًا (¬2)}، بنصبِ الدالِ، فكأنَّه ذَهَب إلى مثلِ الصَّعُودِ، والهَبُوطِ. * {وَقِفُوهُمْ}، العربُ تقولُ: وَقَفْتُ أَنَا، ووَقَفْتُ غَيْرِي، ووَقَفْتُ الدارَ، كلُّ هذا بغيرِ ألفٍ، وبعضُ بني تَمِيمٍ يقولُ: أَوْقَفْتُ الدابةَ والدارَ. أَنْشَدَنِي زَكَرِيَّا الأَحْمَرُ، عن أبي الغُولِ الدَّارِمِيِّ، وكان من أفصحِ الناسِ: تَرَى النَّاسَ مَا سِرْنَا يَسِيرُونَ خَلْفَنَا ... وَإِنْ نَحْنُ (¬3) أَوْبَانَا (¬4) إِلَى النَّاسِ أَوْقَفُوا «أَوْبَانَا (¬5)»: أَوْمَانَا. ¬

_ (¬1) في النسخة: «ولَبِتَ يَلْبَتُ لُبُوْتًا». (¬2) في النسخة: «دَحْورًا». (¬3) في النسخة: «نَحْزْو». (¬4) في النسخة: «أَوْبانا». (¬5) في النسخة: «أَوبانا».

ومن سورة ص

وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمعها في الاستفهامِ: ما أَوْقَفَكَ هاهنا؟ * {تَنْحِتُونَ}، وبعضُ العربِ يقولُ: تَنْحَتُونَ، بالفتحِ، وهي قليلةٌ. * العربُ تقولُ: شَرِبَ فلانٌ حتى نُزِفَ، إذا ذَهَب عَقْلُه من السُّكْرِ، وقَرَأَتِ القُرَّاءُ: {يُنزَفُونَ}، وقَرَأَ الأَعْمَشُ وأصحابُه: {يُنزِفُونَ}، أراد: لا يَفْنَى خَمْرُهم، مثلُ ما تقولُ: أَقْتَرُوا، وأَنْفَضُوا، وأَخْفَقُوا. * {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ}، وهو كلامُ العربِ وأكثرُ القراءةِ، وقد قَرَأَ الأَعْمَشُ: {يُزِفُّونَ}، من «أَزْفَفْتُ»، ولعلها لغةٌ: أَزْفَفْتُ، وزَفَفْتُ، وقد قَرَأَ بعضُهم: {يَزِفُونَ}، خفيفٌ، كأنَّها من «وَزَفْتُ (¬1)»، ولم نسمعْها من أحدٍ من العربِ. ومِن سورةِ ص * أهلُ الحجازِ يقولون: ما لِهذا الأمرِ من فَوَاقٍ، وفَوَاقُ الناقةِ، بنصبِ الفاءِ، وبنو أَسَدٍ وتَمِيمٌ وقَيْسٌ: فُوَاقٌ، بضمِّ الفاءِ. * العربُ تقولُ: هذا شيءٌ عَجِيبٌ، وعُجَابٌ، وعَجَبٌ، وعُجَّابٌ، مشدَّدٌ. * العربُ تقولُ: أَشْطَطتَ عليَّ في هذا السَّوْمِ، يريدون: اشتَطَطتَ (¬2)، وقد حُكِي لي: شَطَطتَ، ولم أسمعْها من العربِ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «وَزفْتُ». (¬2) في النسخة: «اَشْتَطَطْتَ».

* «الْغَساقُ» يُخَفَّفُ ويُشَدَّدُ، وهو من لغةِ أهلِ الحجازِ. * بنو أَسَدٍ: صَغَيْتُ (¬1) إلى حديثِه، فأنا أَصْغَى إليه، والعربُ تقولُ: صَغَوْتَ تَصْغُو، وتَصْغَى، وصَغِيتَ صُغِيًّا، وصَغًى (¬2)، مقصورٌ. * {وَلَاتَ حِيْنَ مَنَاصٍ}، العربُ تنصبُ بـ «لَاتَ»، وتخفضُ. أَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ: تَذَكَّرَ حُبَّ لَيْلَى لَاتَ حِينَا وَأَضْحَى الشَّيْبُ قَدْ قَطَعَ الْقَرِينَا وقال الآخَرُ في الخفضِ: طَلَبُوا صُلْحَنَا وَلَاتَ أَوَانٍ ... فَأَجَبْنَا أَنْ لَيْسَ حِينَ بَقَاءِ * بَجِيلَةُ وأَسْدُ السَّرَاةِ يقولون: هو يَبَاتُ، من «بِتُّ»، وسائرُ العربِ: يَبِيتُ. * وبنو مُرّةَ من غَطَفَانَ يقولون: قَدِرْتُ على الأمرِ، فأنا أَقْدَرُ عليه، وسمعتُ من رَبِيعَةَ: لا أَقْدُرُ على شيءٍ، بضمِّ الدالِ، وأجودُ اللغاتِ: أَقْدِرُ. * {مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ}، و {بِنَصْبٍ}، لغتان، و «النُّصْبُ» أكثرُ في القراءةِ. * أهلُ الحجازِ يقولون: قد طَهَرَتِ المرأةُ تَطْهُرُ، وقَيْسٌ يقولون: طَهَرَتْ تَطْهَرُ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «صَغيْتُ». (¬2) في النسخة: «صُغَىً».

قال أبو بَكْرٍ: رأيتُ في أصلِ ابنِ الجَهْمِ: طَهِرْتَ، بكسرِ الهاءِ، تَطْهَرُ، وكأنَّ قراءتَه: طَهَرْتَ تَطْهَرُ، بالفتحِ جميعًا. وبعضُ بني تَمِيمٍ يقولون: طِهِرْتَ تَطْهَرُ؛ لأن لغتَهم: طَهِرَتْ، فيكسرون الطاءَ؛ لكسرةِ الهاءِ. * العربُ تقولُ: رَأَيْتُ، بالهمزِ، ويجتمعون جميعًا على يَرى، ونَرى، وتَرى، وأَرى (¬1)، بغيرِ همزٍ، إلا بني أَسَدٍ وتيْمَ (¬2) الرَّبَابِ؛ فإنهم يهمزون «يَرْأَى (¬3)»، مثل: يَرْعَى. أَنْشَدَنِي بعضُ بني أَسَدٍ: أَلَا تِلْكَ جَارَتُنَا بِالْغَضَا ... تَقُولُ: أَتُرْئَيْنَهُ (¬4) لَنْ يَضِيفَا وأَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ: أَلَمْ تَرْءَ مَا لَاقَيْتُ وَالدَّهْرُ أَعْصُرٌ ... وَمَنْ يَتَمَلَّ الْعَيْشَ يَرْءَ وَيَسْمَعْ وأَنْشَدَنِي مُعَاذُ بنُ مُسْلِمٍ الهَرَّاءُ، لسُرَاقَةَ البَارِقِيِّ: أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَمْ تَرْأَيَاهُ ... كِلَانَا عَالِمٌ بِالتُّرَّهَاتِ ¬

_ (¬1) في النسخة: «يَرِى ونَرِى وتَرِى وأَرِى» على الإمالة. (¬2) في النسخة: «تِيمَ» على الإمالة. (¬3) في النسخة: «يَرءيْ». (¬4) في النسخة: «أتُرْيَْنَهُ».

ومن سورة الزمر

بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الزُّمَرِ * العربُ تقولُ: به ضُرٌّ، وأصابه ضُرٌّ، ولا تقولُ: ضَرٌّ، فإذا قالوا: ضَرَرْتُه؛ قالوا: ضُرًّا، وضَرًّا، والعربُ تقولُ: لا يُضُرُّك، ولا يَضِيرُك، ولا يَضُورُك، سَمِعَها الكِسَائِيُّ: لا يَنْفَعُني ولا يَضُورُني، ولم يَسْمَعِ «الضَّوْرَ» في مصدرِه، كما سَمِعَ «الضَّيْرَ». * «الطَّاغُوتُ» عندَ العربِ واحدٌ، ورُبَّما جُمِعَتْ، في قراءتِنا: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا}، وفي قراءةِ أُبَيٍّ: «أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجْنَهُمْ». ومِن سورةِ المُؤْمِنِ بسم الله الرحمن الرحيم * {قَابِلِ التَّوْبِ}، و «التَّوْبَةِ»، والهاءُ أكثرُ. * {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}، العربُ على رفعِ الصادِ، وسمعتُ أبا ثَرْوَانَ العُكْلِيَّ -وكان فصيحًا- بكَسْرِها. أَنْشَدَنِي: أَشْبَهْنَ مِنْ بَقَرِ الْخَلْصَاءِ (¬1) أَعْيُنَهُ ... وَهُنَّ أَحْسَنُ مِنْ صِيرَانِهِ صِوَرًا ¬

_ (¬1) في النسخة: «الخَلْطاءِ».

ومن سورة {حم} السجدة

وقد بَلَغَنَا أن أبا رَزِينٍ قَرَأَ: {فَأَحْسَنَ صِوَرَكُمْ (¬1)}. ومِن سورةِ {حم} السَّجْدَة * العربُ تقولُ: يومٌ نَحْسٌ، ويومٌ نَحِسٌ، وأيامٌ نَحْسَاتٌ، ونَحِسَاتٌ (¬2). أَنْشَدَنِي بعضُ كَلْبٍ: أَبْلِغْ جُذَامًا وَلَخْمًا أَنَّ إِخْوَتَنَا ... طَيًّا (¬3) وَبَهْرَاءَ قَوْمٌ نَصْرُهُمْ نَحِسُ * العربُ تقولُ: يَطْمُسُ، ويَطْمِسُ. * العربُ تقولُ: لَغَوْتُ، فأنا أَلْغُو، وبعضُهم: [لَغِيْتُ] أَلْغَى. بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الزُّخْرُفِ * {وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ}، و {إِمَّةٍ (¬4)} لغةُ بني تَمِيمٍ، يريدون: حالًا حَسَنَةً. أَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «صَوَركُم». (¬2) في النسخة: «ونَحِساتٍ». (¬3) في النسخة: «طيءًّا». (¬4) في النسخة: «وَأمّةٍ».

ثُمَّ بَعْدَ الْفَلَاحِ وَالرُّشْدِ وَالْإِمَّـ ... ـةِ وَارَتْهُمُ هُنَاكَ الْقُبُورُ * والعربُ تقولُ: هذه أُمٌّ (¬1)، وهذه أُمَّةٌ، يقولُها بعضُهم، ويجمعونها: أُمَّاتٌ، وأُمّهَاتٌ. أَنْشَدَنِي بعضُ بني سُلَيْمٍ: قَوَّالُ مَعْرُوفٍ وَفَعَّالُهُ ... نَحَّارُ أُمَّاتِ الرِّبَاِع الرِّتَاع وإنما يقولُ: أُمّهَاتٌ الذين يقولون: أُمَّةٌ، ويقولُ: أُمَّاتٌ مَن يقولُ: أُمٌّ، وأكثرُ ما يقولون: أُمَّاتٌ فيما لم يكنْ من الناسِ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: تَقَبَّلْتهَا (¬2) مِنْ أُمَّةٍ لَكَ طَالَمَا ... تُنُوزِعَ فِي الْأَسْوَاقِ عَنْهَا خِمَارُهَا «تَقَبَّلْتهَا»: أَشْبَهْتها (¬3). وأَنْشَدَنِي آخَرُ: أُمَّهَتِي خِنْدِف وَالْيَاسُ أَبِي * أهلُ الحجازِ يقولون: العَقِبُ، والرَّحِمُ، وبنو تَمِيمٍ تقولُ: العَقْبُ، والرَّحْمُ (¬4)، وقَيْسٌ: الرِّحِمُ (¬5). ¬

_ (¬1) في النسخة: «أُمُّ». (¬2) في النسخة: «تَقّيلْتُها». (¬3) في النسخة: «تَقّيلتُهَا أَشْبهتُهَا». (¬4) في النسخة: «الرِحْمُ». (¬5) في النسخة: «الرَحِمُ».

أَنْشَدَنِي بعضُهم: أَخُوكَ فِي اللهِ وَأَيْضًا فِي الرِّحِمْ * العربُ تقولُ: عَشَوْتُ إليك، وعنك، وبعضُهم: عَشِيْتُ إليك أَعْشَى، فعَشَوْتُ إليك: أَتَيْتُك في الليلِ، وعَشَوْتُ عنك: أَعْرَضْتُ عنك. هذا لقولِه: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ}، {ومَن يَعْشَ (¬1)}. * العربُ تقولُ: مَضَى لنا سَلَفٌ، وسَالِفٌ، وسَلِيفٌ، ذَكَرَها القَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، ونُرَى أن الأَعْمَشَ وأصحابَه قَرَءُوا (¬2): {فَجَعَلْنَاهُمْ سُلُفًا}، بضمِّ السينِ واللامِ؛ على أنه جَمْعُ السَّلِيفِ، وقد قَرَأَ بعضُهم: {سُلَفًا}، فإن كان صحيحًا فهو جَمْعُ سُلْفَةٍ، ولا أعرفُها. * حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني أبو بَكْرِ بنُ عَيَّاشٍ، عن عَاصِمٍ، عن مَوْلًى لابنِ عَبَّاسٍ أو عن أبي يَحْيَى، عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنه قَرَأَ: {يَصِدُّونَ}، بمعنى: يَضِجُّونَ. و «يَصِدُّونَ»، و «يَصُدُّونَ»، لغتان، من الإِعْرَاضِ. * {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ}، وقَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ: {لَعَلَمٌ}، وقد حُكِي عنه: {لَعِلْمٌ}، وفي قراءةِ أُبَيٍّ: «وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لِلسَّاعَةِ». ¬

_ (¬1) في النسخة: «يَعْشُ». (¬2) في النسخة: «قَرأُ».

ومن سورة الدخان

بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الدُّخَانِ * {فِي مَقَامٍ أَمِينٍ}، و {آمِنٍ}، قال اللهُ عزّ وجلَّ: {هَذَا بَلَدًا آمِنًا}، وهذا رجلٌ آمِنُك على مالِه، وأَمِينُك على مالِه، بمعنًى واحدٍ. أَنْشَدَنِي الكِسَائِيُّ: أَلَمْ تَعْلَمِي يَا أَسْمَ وَيْحَكِ أَنَّنِي ... حَلَفْتُ يَمِينًا لَا أَخُونُ أَمِينِي * {وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ}، العربُ تقولُ: زَوَّجْتُه امرأةً، ولا يكادون يُدْخِلون الباءَ، وهي لغةٌ، وزَعَم القَاسِمُ بنُ مَعْنٍ أنه سَمِعَها من أَزْدِ شَنُوءَةَ: زَوَّجْتُه بها. * والعربُ تقولُ: حُورٌ عِينٌ، ورُبَّما قالوا: حِيرٌ، ونُرَى أنهم حَوَّلُوا الواوَ إلى الياءِ؛ لكثرةِ صُحْبَتِها «العِينَ». أَنْشَدَنِي بعضُهم: غَرّاءُ عَيْنَاءُ مِنَ الْعِينِ الْحِيرِ قال: وأَنْشَدَنِي بعضُ بني أَسَدٍ: إِلَى السَّلَفِ الْمَاضِي وَآخرُ سَائِرٌ ... إِلَى رَبْرَبٍ حِيرٍ حِسَانٍ جَآذِرُهْ

ومن سورة الجاثية

بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الجَاثِيَةِ * {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً}، و «جَاذِيَةً». ومِن سورةِ الأَحْقَافِ * {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}، و {أَثَرَةٍ مِنْ عِلْمٍ}، لغاتٌ. ومِن سورةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه * {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ}، أهلُ الحجازِ يقولون في الصُّلْحِ: هو السَّلْمُ، وسمعتُها من بعضِ بني تَمِيمٍ كذلك. وأَنْشَدَنِي أبو ثَرْوَانَ العُكْلِيُّ: بَنِي أَسَدٍ لَا سَلْمَ حَتَّى تصَالحُوا ... وَيَدْرِق مِنْكُمْ فِي الْجِبَالِ قَرِينُ وقَيْسٌ يقولون: السِّلْمُ، وذُكِر عن النبيِّ صلى اللهُ عليه: السَّلْمُ، بالفتحِ، وعنه: {وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ}، ورأيتُ العربَ تكسرُ هذا الحرفَ خاصةً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}؛ لأنه الاستِسْلامُ والطاعةُ، والفتحُ فيه كلِّه أحبُّ إليَّ.

ومن سورة الحجرات

بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الحُجُرَاتِ * العربُ تقولُ: الْحُجُرَاتُ، والْحُجَرَاتُ، ورُبَّما خَفَّفُوا، فقالوا: الْحُجْرَاتُ، والتخفيفُ في تَمِيمٍ، والتثقيلُ في أهلِ الحجازِ. ومِن سورةِ ق * {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ}، وقَرَأَ أبو عبدِالرحمنِ: {لَغُوبٍ}، بفتحِ اللامِ، و «فَعَلَ» منه: لَغَبَ يَلْغُبُ. وأَنْشَدَنِي بعضُهم: مَهَامِهٌ يَلْغَبُ (¬1) فِيهَا الذِّيبُ ويقالُ: لَغِبَ يَلْغَبُ، ولَغُبَ يَلْغُبُ (¬2). ومِن سورةِ {وَالذَّارِيَاتِ} * {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ}، واحِدُه: حِبَاكٌ، وبعضُهم: حَبِيكَةٌ. * «الذَّنُوبُ» يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ. أَنْشَدَنِي أبو ثَرْوَانَ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «يَلْعَبُ». (¬2) في النسخة: «لَعِبَ يَلْعَبُ وَلَعُبَ يَلْعُبُ».

وفي سورة {والطور}

هَرِقْ لَنَا مِنْ قَرْقَرى ذَنُوبًا إِنَّ الذَّنُوبَ يَنْفَعُ الْمَغْلُوبَا وأَنْشَدَ الكِسَائِيُّ: «تَنْفَعُ»، مؤنثةً. وقال بعضُ الشعراءِ: عَلَى حِينَ مَنْ تَلْبَثْ عَلَيْهِ ذَنُوبُهُ ... يَجِدْ فَقْدَهَا وَفِي الْمَقَامِ تَدَاثُرُ فأنَّثَها. وفي سورةِ {وَالطُّورِ} * {الْمُسَيْطِرُونَ} بالصادِ والسينِ. * {وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ}، العربُ تقولُ: قد أَلَتَه يَالِتُه، يريدون: نَقَصَه، وهي في غَطَفَانَ. وقال الحُطَيْئَةُ: أَبْلِغْ بَنِي ثُعَلٍ عَنِّي مُغَلْغَلَةً ... جَهْدَ الرِّسَالَةِ لَا أَلْتًا وَلَا كَذِبَا ولغةُ أَسَدٍ وأهلِ (¬1) الحجازِ: قد لَاتَه، وهو يَلِيتُه لَيْتًا. أَنْشَدَنِي بعضُهم: وَمَنْهَلٍ فِيهِ الْغُرَابُ مَيْتُ وَلَيْلَةٍ ذَاتِ دُجًى سَرَيْتُ ¬

_ (¬1) في النسخة: «وَأهْلُ».

ومن سورة {والنجم}

(¬1) يلتني عَنْ سُرَاهَا لَيْتُ وقد يكونُ قولُ اللهِ عزّ وجلَّ: {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ}: أَفْعَلْنَاهُمْ، من «لَاتَ يَلِيتُ»، وقد يكونُ من «أَلَتَ يَالِتُ»، وفي قراءةِ أُبَيٍّ: «وَمَا لِتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ». ومِن سورةِ {وَالنَّجْمِ} * {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ} لغةُ أهلِ الحجازِ، وأهلُ (¬2) نجدٍ يقولون: قِيدَ قَوْسَيْنِ، وبعضُ غَطَفَانَ يقولُ: قِدَى قَوْسَيْنِ. أَنْشَدَنِي بعضُهم، لبني عَبْسٍ: وَإِنِّي إِذَا مَا الْمَوْتُ لَمْ يَكُ دُونَهُ ... قِدَى الشِّبْرِ أَحْمِي الْأَنْفَ أَنْ أَتَأَخَّرَا وبعضُهم: قِيبَ قَوْسَيْنِ، وبعضُهم: قَبَا قَوْسَيْنِ، وقَابَ. * «اللَّاتُ» مخففةٌ. حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني القَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، عن مَنْصُورٍ، عن مُجَاهِدٍ، أنه قَرَأَ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَّ وَالْعُزَّى (¬3)}، بتشديدِ التاءِ، قال: كان رجلٌ يَلُتَّ لهم السَّوِيقَ، فشدَّد التاءَ. ¬

_ (¬1) كذا في النسخة، وقد سقطت: «ولم». (¬2) في النسخة: «وَأهلِ». (¬3) في النسخة: «اللءاتَّ والغُزَّي».

ومن سورة القمر

* {قِسْمَةٌ ضِيزَى}، وضُوزَى، وضَيْزَى، وسمع الكِسَائِيُّ من بني عَبْسٍ: ضَازَى، وضُؤْزَى. ومِن سورةِ القَمَرِ * بعضُ بني أَسَدٍ يقولون: «وَازُّجِرَ»، يريدون: {وَازْدُجِرَ}، و «مُزَّجَرٌ»، يريدون: {مُزْدَجَرٌ}، وهي أيضًا في بعضِ قَيْسٍ. * {الْكَذَّابُ الْأَشِرُ}، و {الْأَشْرُ}، بمعنًى واحدٍ، ويقالُ: رجلٌ أَشْرَانٌ، وامرأةٌ أَشْرَانَةٌ، وأَشْرَى، و «أَشْرَانَةٌ» في بني أَسَدٍ. * {فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ}، وقَرَأَ الحَسَنُ: {الْمُحْتَظَر (¬1)}، بفتحِ الظاءِ، كأنَّه أراد: كَهَشِيمِ الحَظَائِرِ، فأما «الْمُحْتَظِرُ» فكقولِك: كَهَشِيمِ الذي يَحْتَظِرُه. * {نَجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ}، بُكْرَةً (¬2)، كأنَّك قلتَ: بليلٍ، فإذا ألقيتَ الباءَ صار: بُكْرَةَ (¬3) وغُدْوَةَ، معرفةٌ، فلم تُجْرِه؛ لأنه مُؤَقَّتٌ. أَنْشَدَنِي بعضُ بني أَسَدٍ: مَرّتْ بِأَعْلَى سَحَرَيْنِ تَدْأَلُ أراد به: سَحَرًا قبلَ سَحَرٍ، فجَعَلَ الاثنين كالواحدِ، فجَعَلَهما معرفةً، وليستْ ¬

_ (¬1) في النسخة: «المُحْتظَرُ». (¬2) في النسخة: «بُكْرَةً»، مصحَّحةً من: «بُكْرَةً». (¬3) في النسخة: «بُكْرةً».

ومن سورة الرحمن عز وجل

فيهما ألفٌ ولامٌ. ومِن سورةِ الرَّحْمَنِ عزّ وجلَّ * أهلُ الحجازِ يقولون: {وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}، من «أَخْسَرْتُ»، وبنو أَسَدٍ يقولون: {وَلَا تَخْسِرُوا}، من «خَسَرْتُ». * العربُ تقولُ: الْمُنْشِآتُ، والْمُنْشَآتُ، فمَن قال: الْمُنْشَآتُ (¬1)؛ جَعَل الفِعْلَ واقعًا عليهنَّ، ومَن قال: الْمُنْشِآتُ (¬2)؛ جعلهنَّ اللواتي يُنْشِئْنَ (¬3)، كما قال الشاعرُ: حَتَّى إِذَا حَصَلَ الْأُمُو ... رُ (¬4) وَصَارَ لِلْحَسَبِ الْمَصَائِرْ أَنْشَاتَ تَطْلُبُ مَا تَغَيَّـ ... ــرَ بَعْدَمَا نَشِبَ الْأَظَافِرْ * العربُ تقولُ: شِوَاظٌ، وشُوَاظٌ. * و {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ}، و {يَطْمُثْهُنَّ}، أي: يَنْكِحُهُنَّ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «المُنَْشِءاتُ». (¬2) في النسخة: «المُنْشَءات». (¬3) في النسخة: «يُنْسِيْنَ». (¬4) في النسخة: «الأُمُوْرَ».

ومن سورة الواقعة

ومِن سورةِ الوَاقِعَةِ * العربُ تقولُ: شَرِبْتُه شُرْبًا، وأكثرُ أهلِ نَجْدٍ: شَرْبًا. أَنْشَدَنِي عامَّتُهم: تَكْفِيهِ حُزَّةُ فِلْذٍ إِنْ أَلَمَّ بِهَا ... مِنَ الشِّوَاءِ وَيَكْفِي شَرْبَهُ الغُمَرُ وبَلَغَني عن النبيِّ صلى اللهُ عليه أنه بَعَثَ بُدَيْلَ بنَ وَرْقَاءَ إلى أهلِ مِنًى، فقال لهم: «إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشَرْبٍ وَبِعَالٍ (¬1)»، يعني: المُبَاضَعَةَ النكاحَ. وزَعَم الكِسَائِيُّ أن قومًا من بني سَعْدٍ وبني (¬2) تَمِيمٍ يقولون: {فَشَارِبُونَ شِرْبَ الْهِيمِ}، قال: وسَمِعتُهم يقولون: «آخِرُها أَقَلُّها شِرْبًا»، وسَمِعَ: شَرْبًا شُرْبًا من غيرِهم. * {فَظِلْتُمْ تَفَكَّهُونَ}، وعُكْلٌ تقولُ: تَفَكَّنُونُ (¬3)، وهو التَّنَدُّمُ في الوجهين جميعًا. * العربُ تقولُ: أَوْرَيْتُ النارَ، فإذا قالوا: فَعَلَتْ (¬4)؛ قالوا: وَرَتْ، ووَرِيَتْ. * {مَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ}، العربُ تقولُ: قد أَقْوَتِ الأرضُ، وقَوِيَتْ، إذا لم يكنْ بها شيءٌ من النَّبْتِ ولا من الماءِ، و «الْمُقْوُونَ» من ذلك، إذا فَنِيَ زادُهم، ¬

_ (¬1) في النسخة: «بِغَالٍ». (¬2) كأنَّها كانت في النسخة: «من»، ثم غُيِّرت إلى ما أثبت. (¬3) في النسخة: «تفَكنُّوْنَ». (¬4) في النسخة: «فعَلْتَ».

ومن سورة المجادلة

واللهُ أعلمُ. * {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}، وقَرَأَ الحَسَنُ: {فَرُوحٌ}، ولعلَّها لغةٌ، فأما مَن قال: {فَرَوْحٌ}؛ فهو الرَّوْحُ الذي تَعْرِفُ، وأما مَن قال: {فَرُوحٌ}؛ فكأنَّه قال: أَحْيَاه اللهُ ورَزَقَه (¬1)، الريحانُ: الرِّزْقُ. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني رجلٌ، عن حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عن عبدِ اللهِ بنِ شَقِيقٍ، عن عَائِشَةَ، أن رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه قَرَأَ: {فَرُوحٌ وَرَيْحَانٌ}. ومِن سورةِ المُجَادِلَةِ * العربُ تقولُ: قد ظَاهَرَ الرجلُ من أهلِه، وتَظَاهَرَ، وبعضُهم: تَظَهَّر من أهلِه. * العربُ تقولُ: نَاجَيْتُ الرجلَ، وسَمِعتُ بعضَ بني أَسَدٍ يقولُ: نَجَوْتُه. * والعربُ تقولُ: تَنَاجَيْتُم، وانْتَجَيْتُم، بمنزلةِ: تَخَاصَمْتُم، واخْتَصَمْتُم، وفي مصحفِ عبدِ اللهِ: «انتَجَيْتُمْ (¬2)». ¬

_ (¬1) في النسخة: «وَزَرَقَهُ». (¬2) في النسخة: «اَنْتجيْتُمْ».

ومن سورة الحشر

ومِن سورةِ الحَشْرِ * قِراءةُ العامةِ: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ}، بالتخفيفِ، وقَرَأَ أبو عبدِالرحمنِ السُّلَمِيُّ والحَسَنُ: {يُخَرِّبُونَ}، بالتثقيلِ، ولستُ أَشْتَهِيها؛ لأنها شاذَّةٌ عن قراءةِ القُرَّاءِ، وكأنَّ الإِخْرَابَ التَّعْطِيلُ، والتَّخْرِيبُ: التَّهْدِيمُ. * الدُّولَةُ غيرُ الدَّوْلَةِ، ولم يَقْرَا بفتحِ الدالِ إلا أبو عبدِالرحمنِ السُّلَمِيُّ، فأما الدُّولَةُ فهي كالمُلْكِ يكونُ في أيدي القومِ، ثم ينتقلُ إلى غيرِهم، فتقولُ: هذا المُلْكُ دُولَةٌ، ودُوَلٌ، فأما الدَّوْلَةُ فدَوْلَةُ الهزيمةِ، تكونُ الدَّوْلَةُ في الحربِ على هؤلاءِ مَرّةً، وعلى هؤلاءِ مَرّةً، كالكَرَّةِ، فكلُّ ما كان انتقالُه لا يُرَى فهو دُولَةٌ، وما كان يُرَى، مثلَ ما تطرحُ الثوبَ عنك، أو الشيءَ إلى صاحبِك؛ فتلك دَوْلَةٌ، وكذلك دُوَلُ الهزيمةِ، مَرّةً هكذا، ومَرّةً هكذا. * الْقُدُّوسُ، والْقَدُّوسُ، لغتان، والضمُّ أجودُ. * والعربُ تقولُ: وُقِيتَ شُحَّ نَفْسِك، وشِحَّ نَفْسِك، ومن العربِ مَن يقولُ: وَقَاك اللهُ شِحَّةَ نَفْسِك. ومِن سورةِ المُمْتَحنَةِ * العربُ تقولُ: أَلْقَيتُ إليك بالمَوَدَّةِ، والمَوَدَّةَ، وأَلْقَيتُ إليك المَوَدَّةَ، ورَمَيتُ إليك بها، ورَمَيتُها. أَنْشَدَنِي بعضُهم:

ومن سورة الجمعة

فَقُلْتُ لَهَا: الْحَاجَاتُ يَطْرَحْنَ بِالْفَتَى ... وَهَمٌّ تَعَنَّانِي مُعَنًّى رَكَائِبُهْ ومنه قولُ اللهِ عزّ وجلَّ: {أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ}، العربُ تقولُ فيه: أَلْقَى السَّلَمَ، وأَلْقَى بالسَّلَمِ، ومنه قولُه: {تَنبُتُ بِالدُّهْنِ}، وتُنبِتُ الدُّهْنَ، وكذلك: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}، وتُقْرَأُ: {وَلَا تُمَسِّكُوا}، [و {تَمَسَّكُوا} صحـ]، و {تَمْسِكُوا}، ومنه: {وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ}، وحُورًا عِينًا. * و {عَاقَبْتُمْ}، و «عَقَّبْتُمْ»، لغتان، مثل قولِه: «يُرَاءُونَ»، و «يُرَءُّونَ»، وسَمِعتُ العربَ تقولُ: «اللهُمَّ لَا تُرَاءِ بِي»، و «تُرَءِّ بِي»، رَاءَيْتُ (¬1)، مهموزٌ، ورَأَّيْتُ، مثلُ: تُرَاعِ بي، وتُرَعِّ بي. بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ الجُمعَةِ * أهلُ الحجازِ يُثَقِّلون الجُمُعَةَ، وتَمِيمٌ تُخَفِّفُها، وبنو عُقيْلٍ: الجُمَعَةُ، بنصبِ الميمِ، قالها أبو الجَرَّاحِ. ومِن سورةِ الطَّلَاقِ * هُذيْلٌ تقولُ: هُمُ اللَّائِيْ فَعَلوا ذاك، وهُنَّ اللَّائِيْ فَعَلْنَ ذاك، فتكونُ (¬2) ¬

_ (¬1) فوقها في النسخة: «ترع»، بيانًا لنطق «تُرَءِّ». (¬2) في النسخة: «فَتكُوْنَ».

ومن سورة التحريم

بياءٍ ساكنةٍ في جمعِ الذكرِ والأنثى والخفضِ والرفعِ والنصبِ، وفي قراءةِ عبدِ اللهِ: «لِلَّائِيْ آلوْا مِن نِّسَائِهِمْ»، وبعضُ بني سُلَيْمٍ ... ... فيقولون: هُمُ اللَّاءِ فَعَلوا ذاك، وهُنَّ اللَّاءِ فَعَلْنَ ذلك. قال: أَنْشَدَنِي بعضُهم: فَمَا آبَاؤُنَا بِأَمَنَّ مِنْهُ ... عَلَيْنَا اللَّاءِ هُمْ مَهَدُوا الْحُجُورَا وأَنْشَدَنِي السُّلَمِيُّ: اللَّاءِ كُنَّ مَرَابِعًا وَمَصَايِفًا ... بِكَ وَالْغُصُونُ مِنَ الشَّبَابِ رِطَابُ وبعضُ هُذيْلٍ يقولُ: اللَّاؤُونَ فَعَلوا ذاك، ورأيتُ اللَّائِينَ، ومررتُ باللَّائِينَ. أَنْشَدَنِي أعرابيٌّ من هُذيْلٍ: هُمُ اللَّاؤُونَ فَكُّوا الْغُلَّ عَنِّي ... بِمَرْوِ الشَّاهِجَانِ وَهُمْ جَنَاحِي وزَعَم الكِسَائِيُّ أن بعضَ هُذيْلٍ يقولُ: هُمُ اللَّاءُ فَعَلوا ذاك، بطرحِ النونِ، وفي النصبِ والخفضِ: اللَّائِيْ، بالياءِ. * وأهلُ الحجازِ يقولون (¬1) صـ: اِيتِ به مِن وُجْدِك، وتَمِيمٌ تقولُ: مِن وَجْدِك. ومِن سورةِ التَّحْرِيمِ * أهلُ الحجازِ: {تَوْبَةً نَصُوحًا}، وبعضُ قَيْسٍ: {تَوْبَةً نُصُوحًا}، برفعِ ¬

_ (¬1) في النسخة: «يقولونَ».

سورة الملك

النونِ. سورةُ الْمُلْكِ * أهلُ الحجازِ يقولون: في هذا الأمرِ تَفَاوُتٌ، وبعضُ العربِ يقولُ: تَفَوُّتٌ. حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثنا حِبَّانُ، عن الأَعْمَشِ، عن إِبْرَاهِيمَ، عن عَلْقَمَةَ؛ وحَدَّثَ زُهَيْرُ (¬1) بنُ مُعَاوِيَةَ، عن أبي إِسْحَاقَ، عن عبدِ اللهِ، أنهما قَرَأَى: «تَفَوُّتٍ». سورةُ نُون * العربُ تقولُ: فلانٌ ذو نَمِيمٍ، وذو نَمِيمَةٍ. ويَنِمُّ، ويَنُمُّ، لغتان. * العربُ جميعًا تقولُ: سَاق، وسُوق، وسَوِيق (¬2)، بالسينِ، إلا نَفَرًا من بني العَنْبَرِ من تَمِيمٍ؛ فإنهم يقولون: صَاقَ، وصَوِيقٌ (¬3)، وذهبتُ الصُّوقَ، إذا دَخَلَتِ القافُ معَ السينِ صيَّروا السينَ صادًا. * العربُ تقولُ: أَزْلَقْتُ شَعَرَه، وزَلَقْتُه، يريدون: حَلَقْتُه من أصلِه، وقَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ: «لَيُزْهِقُونَكَ»، والمعنى -واللهُ أعلمُ-: لَيُزِيلُونَكَ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «زُهَيْرٌ». (¬2) في النسخة: «وسُوْقٍ وَسُوَيقٍ». (¬3) في النسخة: «وَصَؤِيْقٌ».

سورة الحاقة

سورةُ الحَاقَّةِ * العربُ تقولُ: فَعَلَ ذلك لَمَّا عَرَفَ الحَاقَّةَ والحَقَّةَ مِنِّي، ووَقَفْتُ على حَقِّ بابِه، وحَاقِّ بابِه. * أهلُ الحجازِ: طَغَوْتُ، والرجلُ يَطْغَى، ومَحَوْتُ، والرجلُ يَمْحُو، وبعضُ بني تَمِيمٍ يقولون: يَطْغُو، ويَمْحَى، و «طَغَيْتُ (¬1)» لغةٌ لبعضِهم، يَطْغَا، و «طَغِيْتُ» لغةٌ أيضًا. * أهلُ الحجازِ يقولون: هاءَ (¬2) يا رجلُ، وللاثنين: هاؤُما، وللثلاثةِ: هاؤُم (¬3)، وللمرأةِ: هاءِ يا امرأةُ، بهمزةٍ مكسورةٍ ليس بعدَها ياءٌ، وللثنتين: هاؤُما، مثلُ الرجلَيْنِ، [وللثلاثِصحـ] (¬4): هاؤُنَّ يا نسوةُ. وأهلُ نجدٍ وقَيْسٌ وتَمِيمٌ وأَسَدٌ يختلفون، فيقولُ بعضُهم: هاءَ يا رجلُ، نصبًا، كما يقول أهلُ الحجازِ، وللاثنين: هاآ، (¬5) وللثلاثةِ: هاءُوا (¬6)، وللمرأةِ: هائِي، ورُبَّما قالوا: هاءِ يا امرأةُ، وللثلاثِ: هانَ (¬7)، ويُخَلِّطون في الواحدةِ، فيجعلونها ¬

_ (¬1) في النسخة: «ظَعَيْتُ». (¬2) في النسخة: «هاءُ»، مصحَّحةً من: «هَاءِ». (¬3) في النسخة: «هَاءَوُم». (¬4) في النسخة: «وللثلاثةِ». (¬5) هاهنا في النسخة: «هاءما مِثل الرَجُلينِ وللثَلاثِ هَاون يَا نِسْوَةُ»، وهو تكرار ما تقدم. (¬6) قوله: «وللثلاثةِ هاءُوا» جاء في النسخة بعد قوله الآنف: «ليس بعدها ياء»، مضروبًا عليه. (¬7) في النسخة: «هَأُن».

ومن سورة {سأل سائل}

بالياءِ، وبطرحِ الياءِ، وكان ينبغي في القياسِ إذا قالوا للمرأةِ: هائِي؛ أن يقولوا للرجلِ: هَا (¬1) يا رجلُ، مثلُ: خَفْ، وخَافِي. أَنْشَدَنِي بعضُهم: فَقُلْتُ لَهَا: هَائِي فَقَالَتْ بِرَاحَةٍ ... تَرَى زَعْفَرَانًا فِي أَسِرَّتِهَا وَرْدَا وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سَمِع بعضَ العربِ يقولُ للاثنين: هائِيَا (¬2) يا امرأتانِ، وينبغي في القياسِ أن يقولَ: هائِينَ يا نسوةُ. وبَلَغَني أن بعضَ العربِ يجعلُ مكانَ الهمزةِ كافًا، فيقولُ: هاكَ يا رجلُ، بغيرِ همزٍ، وهاكِ يا امرأةُ. ومن سورة {سَأَلَ سَائِلٌ} * {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ}، معناه: دَعَا داعٍ بعذابٍ، ودَعَا عن عذابٍ واقعٍ (¬3)، العربُ تقولُ: سَأَلَ عن العذابِ، وبالعذابِ، والعذابَ (¬4)، والمعنى واحدٌ، كما تقولُ: سَأَلْتُكَ عن الرجلِ، وبالرجلِ، والرجلَ، وأنت تريدُ: عن حالِه، وسَأَلْتُ به. ¬

_ (¬1) في النسخة: «هآءَ». (¬2) في النسخة: «هآيا». (¬3) في النسخة: «عن عَذابٌ وَاقِعٌ». (¬4) في النسخة: «والعَذابُ».

ومن سورة نوح عليه السلام

أَنْشَدَنِي أبو القَمْقَامِ الأَسَدِيُّ: يَسْأَلْنَ بِالْغَوْرِ وَأَيْنَ الْغَوْرُ؟ وَالْغَوْرُ مِنْهُنَّ بَعِيدٌ جَوْرُ كَأَنَّهُنَّ فَتَيَاتٌ (¬1) زَوْرُ أَوْ بَقَرَاتٌ بَيْنَهُنَّ ثَوْرُ * {كَأَنَّهُمْ إِلَى نَصْبٍ}، و {نُصُبٍ}، لغتان، وكأنَّ النَّصْبَ الشيءُ يُنْصَبُ، بمنزلةِ الغايةِ، نَصْبٌ بين عينَيْك، بمنزلةِ الغايةِ، وكأنَّ النُّصُبَ الآلهةُ التي تُعْتَادُ في عيدٍ، كما قال اللهُ عزّ وجلَّ: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}، وجِمَاعُ النُّصُبِ: أَنْصَابٌ، وإن شئتَ جَمَعْتَ نَصْبًا، فقلتَ: نُصُوبٌ. بسم الله الرحمن الرحيم ومِن سورةِ نُوحٍ عليه السلامُ * مَكْرًا كَبِيرًا، وكُبَارًا، وكُبَّارًا، تُشَدِّدُ الباءَ وتُخَفِّفُ، كما قال الشاعرُ: كَحِلْفَةٍ مِنْ أَبِي رِيَاحٍ (¬2) ... يَسْمَعُهَا الْوَاحِدُ الْكُبَارُ * أهلُ الحجازِ: {وَلَا تَذَرُنَّ وُدًّا وَلَا سُوَاعًا}، وأَسَدٌ: {وَدًّا}، بالفتحِ، وفي قراءةِ عبدِ اللهِ: «وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثًا وَيَعُوقًا»، بالألفِ، فإن ¬

_ (¬1) في النسخة: «فَتَياتٍ». (¬2) في النسخة: «رِياحٍ».

ومن سورة الجن

شئتَ كانا مُجْرَيَيْنِ، وإن شئتَ كانا مَكْتُوبَيْنِ بالألفِ، وإن لم تُنَوِّنْ (¬1) فيهما. ومِن سورةِ الجِنِّ * أهلُ الحجازِ: أَوْحَيْتُ، وأَسَدٌ: وَحَيْتُ (¬2)، وكان جُؤَيَّةُ -أبو أبي أُنَاسٍ، أحدُ بني نَصْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ- يقرأُ: «قُلْ أُحِيَ (¬3) إِلَيَّ»، يريدُ: وُحِيَ، فيهمزُ الواوَ؛ لانْضِمامِها، كما قال: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ}. وقال الشاعرُ: مَا هَيَّجَ الشَّوْقَ مِنْ أَطْلَالٍ ... أَضْحَتْ قِفَارًا كَوَحْيِ الْوَاحِي قال: وسَمِعتُ بعضَ بني كِلَابٍ يقولُ: إنَّه لَيُحَى إليَّ وَحْيًا ... ... ومِن سورةِ المُزَّمِّلِ * {إِنَّ نَاشِئَةَ الَّليْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا}، ووِطَاءً، وسَألتُ الكِسَائِيَّ عن «وِطْءًا»، بكسرِ الواوِ، بغيرِ مدٍّ؛ فلم يعرفْه، والعربُ تقولُ: وَطِئْتُه وَطْأً. * بعضُ العربِ يُذَكِّرُ السَّمَاءَ، يجعلُه كأنَّه جمعُ سَمَاوَةٍ، فيقولُ: سَمَاءٌ كما تَرَى، مثلُ: عَظَايَةٍ، وعَظَاءٍ، فهذا وجهٌ، وقد يُذهَبُ به إلى السَّقْفِ، فيُقالُ: ¬

_ (¬1) في النسخة: «تُنَونَ». (¬2) في النسخة: «وَحيْتُ». (¬3) في النسخة: «اُوْحِيَ».

ومن سورة المدثر

هذا سَمَاءُ البَيْتِ. أَنْشَدَنِي بعضُ بني تَمِيمٍ: وَلَوْ رَفَعَ السَّمَاءُ إِلَيْهِ قَوْمًا ... لَحِقْنَا بِالسَّمَاءِ مَعَ السَّحَابِ و «بِالنُّجُومِ». ومِن سورةِ المُدَّثِّرِ * {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}، أهلُ الحجازِ يرفعون الراءَ، وتَمِيمٌ وعامةُ العربِ يقولون: الرِّجْزَ، وأُرَى أنهما لغتان، وكان مُجَاهِدٌ يقول: الرُّجْزُ: الأوثانُ، والرِّجْزُ: العذابُ، ويَقرأُ (¬1) بالضمِّ. * قُريْشٌ تقولُ: قد دَبَرَ الليلُ والنهارُ، وقد قَبَلَ، وسائرُ العربِ: أَدْبَرَ، وأَقْبَلَ. حدَّثنا محمدٌ، حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: وحدَّثني قَيْسُ بنُ الرَّبِيعِ، عن عَلِيِّ [بنِ] الأَقْمَرِ، عن رجلٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنه قَرَأَ: «وَالَّليْلِ إِذَا دَبَرَ»، قال: إنما أَدْبَرَ ظَهْرُ البعيرِ، أي: دَبِرَ. قال الشاعرُ: صَدَعَتْ غَزَالَةُ قَلْبَهُ بِكَتِيبَةٍ ... تَرَكَتْ مَسَامِعَهُ كَأَمْسِ الدَّابِرِ فهذا حُجَّةٌ لمَنْ قَرَأَ: «دَبَرَ»، وقراءةُ زَيْدٍ: «إِذْ أَدْبَرَ». ¬

_ (¬1) في النسخة: «وَيُقرأ».

ومن سورة القيامة

حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثني الفرَّاءُ، قال: حدَّثني قَيْسٌ، عن عَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ، عن أبي عَطِيَّةَ الوَادِعِيِّ، عن عبدِ اللهِ، أنه قَرَأَ: {وَالَّليْلِ إِذَا أَدْبَرَ}، بألفين. * أهلُ الحجازِ يقولون: {حُمُرٌ مُسْتَنفَرَةٌ}، وناسٌ من العربِ: {مُسْتَنفِرَةٌ}، بكسرِ الفاءِ، والفتحُ أكثرُ في كلامِ العربِ من الكسرِ، وقراءتُنا بالكسرِ. أَنْشَدَنِي الكِسَائِيُّ: أَحْبِسْ حِمَارَكَ إِنَّهُ مُسْتَنْفِرٌ ... فِي إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ «غُرّبٌ»: موضعٌ. ومِن سورةِ القِيَامَةِ * بَرَقَ البصرُ يَبْرُقُ، وبَرِقَ يَبْرَقُ، إذا رَأَى هَوْلًا يُفْزَعُ منه، و «بَرِقَ» أكثرُ وأجودُ. وقال الشاعرُ: نَعَانِي حَنَانَةُ طُوبَالَةً ... تسُفُّ (¬1) يَبِيسًا مِنَ الْعِشْرِقِ فَنَفْسَكَ (¬2) فَانْعَ وَلَا تَنْعَنِي ... وَدَاوِ (¬3) الْكُلُومَ وَلَا تَبْرَقِ (¬4) ¬

_ (¬1) في النسخة: «يَسُفُّ». (¬2) في النسخة: «فَنْفسِك». (¬3) في النسخة: «وَذاوِ». (¬4) في النسخة: «تَبْرُقِ».

ومن سورة الإنسان

* أهلُ الحجازِ: خَسَفَ القمرُ يَخْسِفُ، وتَمِيمٌ وقَيْسٌ وأَسَدٌ: [كَشَفَصحـ] يَكْشِفُ. * العربُ تقولُ: أينَ الْمَفِرُّ، والْمَفَرُّ، والْمَدِبُّ، والْمَدَبُّ. حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني يَحْيَى بنُ سَلَمَةَ كُهيْل (¬1)، عن أبيه، عن شُعْبَةَ بنِ جُبَيْرٍ أو عن أبي الخَلِيلِ -شَكَّ الفرَّاءُ-، عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنه قَرَأَ: {أَيْنَ الْمَفِرُّ}، وقال: إنما الْمَفَرُّ مَفَرُّ الدابَّةِ (¬2). * {وُجُوهٌ يَّوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ}، و «نَضِيرَةٌ»، والعربُ تقولُ: وجهٌ نَاضِرٌ، ونَضِرٌ، ونَضِيرٌ، وقد نَضُرَ وجهُه، ونَضَرَ، ونَضِرَ، الفتحُ الكسرُ (¬3) لغتان. ومِن سورةِ الإِنْسَانِ * العربُ تقولُ: الْإِنْسَانُ، إلا طَيِّئًا؛ فإنهم يجعلون مكانَ النونِ ياءً، فيقولون: إِيْسَانٌ، ويجمَعُون: أَيَاسِينُ. * العربُ جميعًا تكسِرُ الحاءَ من «حِينٍ (¬4)»، و «حِينَئِذٍ»، وسمعتُ بني الحَارِثِ ¬

_ (¬1) في النسخة: «كُهِيْل» على الإمالة، وقد سقط قبلها: ابن. (¬2) في النسخة: «الدَايَّةِ». (¬3) كذا في النسخة، وقد سقطت واو العطف. (¬4) في النسخة: «حِيْنِ».

ومن سورة المرسلات

ابنِ لُؤَيٍّ يقولون: حينئذٍ، وحينَ جِئْتَ (¬1). * وأهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: القَافُورُ، وأكثرُ تَمِيمٍ: القَفُّورُ. قال العَجَّاجُ: أَهْضَامُهَا وَالْمِسْكُ وَالْقَفُّورُ (¬2) الكَافُورُ. * «الخَمْرُ» و «الذَّهَبُ» أكثرُ كلامِ العربِ على تأنيثِها، وقد ... ... تُذَكّرُ الخمرَ، ولم أسمعْها منهم. ومِن سورةِ المُرْسَلَاتِ * {فَقَدَّرْنَا} و {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} يُخَفَّفُ ويُشَدَّدُ، والتخفيفُ هاهنا أحبُّ إليَّ، وإن كان الكِسَائِيُّ يَقرأُ بالتشديدِ، وقد بَلَغَنا أن عَلِيَّ بنَ أبي طَالِبٍ والحَسَنَ شدَّدَا: {فَقَدَّرْنَا}. * {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ}، وفي مصحفِ عبدِ اللهِ بالواوِ: «وُقِّتَتْ (¬3)»، وإذا انضمَّتِ الواوُ في أولِ حرفٍ هَمَزَها عامةُ قَيْسٍ، فيقولون: أُجُوهٌ (¬4)، ونَظَرَ إليَّ ¬

_ (¬1) في النسخة: «وَحِيْنَ جِيْتَ». (¬2) كذا في النسخة، والرواية بالجر في كلمات البيت الثلاث. (¬3) في النسخة: «وُقُِّتتْ». (¬4) في النسخة: «أُجْوَهٌ».

ومن سورة {عم يتساءلون}

بأُجَيْهِ سوءٍ. * أهلُ الحجازِ يقولون: شَرَرَةٌ، وشَرَرٌ (¬1)، وبنو أَسَدٍ أيضًا، فأما تَمِيمٌ وقَيْسٌ فيقولون: شَرَارَةٌ، وشَرَارٌ. قال امرُؤُ القَيْسِ: بِرَهِيشٍ مِنْ كِنَانَتِهِ ... كَتَلَظِّي الْجَمْرِ فِي شَرَرِهْ وقال آخرُ: قَوْمٌ أَصَابَهُمُ مِنْ وَرْيِ زَنْدِهِمُ (¬2) ... شَرَارَةٌ غَيُّهَا فِي ثَوْبِ وَارِيهَا قال الفرَّاءُ: لم أَحْكِها إلا في هذا، وتُحْكَى: أَوْرَيْتُ النارَ، فَوَرَتْ، ووَرِيَتْ، ووَرَتْ بك زِنَادِي، ووَرِيَتْ (¬3) أيضًا. * {جِمَالَةٌ}، و «جِمَالَاتٌ» جمعٌ أيضًا. ومن سورة {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} * {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} لغةُ أهلِ اليمنِ، وأهلُ نجدٍ: كَذَّبتُ بِهِ تَكْذِيبًا، وقد قَرَأَ عَلِيٌّ (¬4): {لَغْوًا وَلَا كِذَابًا}، بالتخفيفِ، واللهُ أعلمُ: لا يَتَكَاذَبون. ¬

_ (¬1) في النسخة: «شَررَهُ وشَرَرُ». (¬2) في النسخة: «زَنْدِهمِ». (¬3) في النسخة: «وَوِرَيتْ». (¬4) في النسخة هاهنا زيادة: «صلوات».

ومن سورة {والنازعات}

قال الشاعرُ: إِذَا جَاءَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَمَرْحَبًا ... بِهِ وَاعْتِرَافًا لَا كِذَابَ وَلَا عِلَلْ وهي نجديةٌ، يريدُ: لا مِرَاءَ فيه ولا مُدَافَعَةَ. * أصحابُ عبدِ اللهِ: {لَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا}، وكثيرٌ ... ... ... ... ... إليَّ؛ لأن «اللَّبِثَ» البَطِيءُ في معنى كلامِ العربِ، و «اللَّابِثُ»: الماكِثُ. ومِن سورةِ {وَالنَّازِعَاتِ} * «عِظَامًا نَّاخِرَةً» و {نَخِرَةً}، هما واحدٌ في اللغةِ، مثلُ: طامِعٍ، وطَمِعٍ، وحاذِرٍ، وحَذِرٍ. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني مَنْدَلٌ (¬1)، عن لَيْثٍ، عن مُجَاهِدٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنه قَرَأَ: «نَاخِرَةً»، وبَلَغَنَا عن عَلِيّ، أنه قَرَأَ: {نَخِرَةً}. * وقَرَأَ أصحابُ عبدِ اللهِ: {لَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا}، وكثيرٌ من القُرَّاءِ: «لَابِثِينَ»، وهو أعجبُ إليَّ. * حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: وحدَّثني قَيْسٌ، عن السُّدِّيِّ، عن عَمْرِو بنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ، قال: سمعتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ قَرَأَ: «نَاخِرَةً»، وقَرَأَ عَلِيُّ ابنُ أبي طَالِبٍ وابنُ عَبَّاسٍ: {نَخِرَةً}. ¬

_ (¬1) في النسخة: «مَند.ک».

ومن سورة عبس

حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني شَرِيكٌ (¬1) ومحمدُ بنُ عبدِ العَزِيزِ أبو سَعِيدٍ، عن مُغِيرَةَ، عن مُجَاهِدٍ، قال شَرِيكٌ: قَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ: «نَاخِرَةً». قال محمدٌ بإِسْنَادِهِ عن مُغِيرَةَ، عن مُجَاهِدٍ، قال: سمعتُ ابنَ الزُّبَيْرِ يقولُ على المنبرِ: «ما بالُ صِبْيانٍ يقرءُون: نَخِرَةً، وإنما هي: نَاخِرَةً». ومِن سورةِ عَبَسَ * قولُه: {أَقْبَرَهُ}: جَعَلَه ذا قَبْرٍ، ليس ممَّا يُلْقَى على وجهِ الأرضِ، ولا يُحْرَقُ، فإذا دَفَنْتَه بيدك قلتَ: قد قَبَرْتُه، فأنا أَقْبُرُه، وأَقْبِرُه، والضمُّ أجودُ. * {تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ}، و «قَتَرٌ»، و «القَتَرُ» أكثرُ. ومِن سورةِ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} * {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ}، كذلك تقولُ قُريْشٌ، بالكافِ، وقَيْسٌ وتَمِيمٌ وأَسَدٌ يقولون: قُشِطَتْ، بالقافِ، وهي في مصحفِ عبدِ اللهِ: «قُشِطَتْ»، بالقافِ. * العربُ تقولُ: ضَنِنْتُ أَضَنُّ، وضَنَنْتُ أَضِنُّ، وفي قراءةِ عبدِ اللهِ: «وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ»، بالظاءِ. حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: وحدَّثني أبو بَكْرٍ، عن عَاصِمٍ، عن زِرٍّ، ¬

_ (¬1) في النسخة: «شرِيْكُ».

ومن سورة {اتسق}

قال: في قراءتِكم: {بِضَنِينٍ (¬1)}: ببَخِيلٍ، وفي قراءتِنا: «بظَنِينٍ»: بمُتَّهَمٍ. ومِن سورةِ {اتَّسَقَ} هذه السورةُ في كتابِ ابنِ الجَهْمِ: «ما في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، ثم المُطَفِّفِينَ». * العربُ تقولُ: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}، بتشديدِ التاءِ، وكذلك الافْتِعَالُ فيما أوَّلُه الواوُ، وأهلُ تِهَامَةَ يقولون: يَاتَسِقُ، ويَاتَصِلُ، وسمعتُ بعضَ بني سُلَيْمٍ يقولون: قَامَ بِهَا يُنْشِدُ كُلَّ مُنْشَدِ وَايتَصَلَتْ بِمِثْلِ ضَوْءِ الْفَرْقَدِ وسمعتُ بعضَ غَطَفَانَ يقولون: اذهبْ فَيِيتِهِمْ، وسائرُ العربِ: فَاتِهِمْ. ومِن سورةِ {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} * {بَل رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}، يَرِينُ (¬2) رَيْنًا، ورُيُونًا، وهو مَرِينٌ (¬3) به، وسَمِع الكِسَائِيُّ: رجلًا مَرُونًا (¬4) به، كأنَّها لغةٌ بالواوِ، ولم نسمعْها، وأظنُّها من لغةِ بني ¬

_ (¬1) في النسخة: «بضِنّينٍ». (¬2) في النسخة: «يَرِيَرُ». (¬3) في النسخة: «مِريُءن». (¬4) في النسخة: «مَرُوْزً».

سورة الطارق

أَسَدٍ؛ فإنهم قالوا: مَسُورٌ به، من السَّيْرِ، ومَهُوبٌ، من الهَيْبَةِ. * «خَاتَمُهُ مِسْكٌ»، [و {خِتَامُهُ مِسْكٌ}]. حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثنا أبو الأَحْوَصِ (¬1)، عن أَشْعَثَ بنِ أبي الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيِّ، عن عَلْقَمَةَ بنِ قَيْسٍ، أنه قَرَأَ: «خَاتَمُهُ مِسْكٌ»، وقال: «ألم تسمعِ المرأةَ تقولُ للعطَّارِ: اجعلْ لي خَاتَمَهُ مِسْكًا، أي: آخِرُهُ؟». و «الخِتَامُ» أَشْهَرُ في القراءةِ وفي كلامِ العربِ. سورةُ الطَّارِقِ * أهلُ الحجازِ: الصُّلْبُ، وتَمِيمٌ وأَسَدٌ: الصَّلَبُ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: وَصَلَبٍ مِثْلُ الْعِنَانِ الْمُؤْدَمِ أي: ظَهَرَتْ أَدَمَتُه، كأنَّه مثلُ حُمْرَةِ العِنَانِ. أَنْشَدَنِي آخَرُ: إِذَا أَقُومُ أَتَشَكَّى صَلَبِي ومِن سورةِ الأَعْلَى * {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}، و {قَدَرَ}، مخفَّفةٌ، وقد قُرِئَ به، والتثقيلُ ¬

_ (¬1) في النسخة: «الأحْوَصُ».

ومن سورة الغاشية

أحبُّ إليَّ؛ لأن المعنى -واللهُ أعلمُ-: قَدَّرَ الخلقَ من الآدميينَ والبهائمِ (¬1)، فأَلْهَمَهم وهَدَاهم لِمَا يُصْلِحُهم، ومَن قَرَأَ بالتخفيفِ؛ فكأنَّ معناه: والذي قَدَرَ، يريدُ: مَلَكَ، فَهَدَى وأَضَلَّ (¬2)، وإن لم يأتِ بـ «أَضَلَّ»، كما قال الشاعرُ: وَمَا أَدْرِي إِذَا يَمَّمْتُ وَجْهًا ... أُرِيدُ الْخَيْرَ أَيُّهُمَا يَلِينِي أراد: أَيُّ الخيرِ والشرِ (¬3) يَلِينِي، وكما قال: {سَرَابِيلَ (¬4) تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَاسَكُمْ}، وهي تَقِي البَرْدَ كما تَقِي الحرَّ، ولم يَذْكُرِ البَرْدَ. ومِن سورةِ الغَاشِيَةِ * أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يقولون: {مَا أَنتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ}، بكسرِ الطاءِ، وتَمِيمٌ: {بِمُسَيْطَرٍ (¬5)}. والكتابُ بالسينِ، والقراءةُ بالسينِ والصادِ. ¬

_ (¬1) في النسخة: «وَالبَهائمَ». (¬2) في النسخة: «واضَّلَ». (¬3) في النسخة: «أيْ الخيرُ والشَرُّ». (¬4) في النسخة: «سَرابيلُ». (¬5) في النسخة: «بمسِيْطرٍ».

ومن سورة {والفجر}

ومِن سورةِ {وَالْفَجْرِ} * أهلُ الحجازِ يقولون: الشَّفْعُ والْوَتْرُ، بالفتحِ، وقَيْسٌ وتَمِيمٌ وأَسَدٌ: الْوِتْرُ، بالكسرِ. * ... ... ... جُبْتُ البلادَ، فأنا أَجُوبُها جَوْبًا، وجُبْتُ الرَّحَى، والقَمِيصَ، والليلَ، وسمعتُ بعضَ بني عُقَيْلٍ يقولون: جِبْتُ البلادَ أَجِيبُها جَيْبًا. أَنْشَدَنِي أبو الجَرَّاحِ: بَاتَتْ تَجِيبُ أَدْعَجَ الظَّلَامِ جَيْبَ الْبِيْطَرِ مِدْرَعَ الهُمَامِ البَيْطَرُ: الخَيَّاطُ. سورةُ البَلَدِ * {فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}، يُقَالُ: قد سَغِبَ يَسْغَبُ، ويُقَالُ أيضًا: سَغُبَ يَسْغُبُ، ويُقَال: لَغِبَ يَلْغَبُ، ولَغُبَ يَلْغُبُ. * العربُ جميعًا تكسرُ الألفَ في «إِلَّا» التي يُسْتَثنى بها، إلا طَيِّئًا؛ فإنهم يقولون: ذهب الناسُ أَلَّا (¬1) زيدًا. * وللعربِ في «غَيْرٍ» لغةٌ: يجعلون مكانَها «بَيْدَ»، فيقولون: إنه لسَخِيٌّ بَيْدَ أَنَّه ¬

_ (¬1) في النسخة: «اِلَّا».

مُفْسِدٌ. * وفي «حَاشَا» ثلاثُ لغاتٍ: من العربِ من يُتِمُّها، فيقولُ: حَاشَا اللهِ، بأَلِفَينِ، وأهلُ الحجازِ يقولون: حَاشَ لَكَ، وبعضُ العربِ: حَشَا زيدٍ، كأنَّه أراد: حَشَا لزيدٍ، وهي في أهلِ الحجازِ. قال الشاعرُ: حَشَا رَهْطِ النَّبِيِّ فَإِنَّ مِنْهُمْ ... بُحُورًا لَّا تُكَدِّرُهَا الدِّلَاءُ * والعربُ تُدخِلُ في «ثُمَّ» التي يُنْسَقُ بها الهاءَ، فيقولون: فَعَلْتَ، وثُمَّتَ فَعَلْتَ، وهي في بني سُليْمٍ وقَيْسٍ كثيرةٌ. قال بعضُهم: وَأَرَى الْغَوَانِيَ بَعْدَمَا وَاجَهْنَنِي ... أَعْرَضْنَ ثُمَّتَ قُلْنَ شَيْخٌ أَعْوَرُ وقال السُّلَمِيُّ: ثُمَّتَ إِنْ تَاتَلِ نَفْرًا يَنْفِرُ وأنشَدنا أيضًا: لَا تَبْقُرُنَّ بِأَيْدِيكُمْ بُطُونَكُمُ ... ثُمَّتَ لَا حَسْرَةٌ تُغْنِي وَلَا جَزَعُ * والعربُ جميعًا تقولُ: أَوْدِيَةٌ، وجَارِيَةٌ، ونَاصِيَةٌ، إلا طَيِّئًا؛ فإنهم يقولون: أَوْدَاةٌ، وجَارَاةٌ، ونَاصَاةٌ. أَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ: لَقَدْ آذَنَتْ أَهْلَ الْيَمَامَةِ طَيِّءٌ ... بِحَرْبٍ كَنَاصَاةِ الْأَغَرِّ الْمُشَهّرِ

وأنشدتْني طَائِيَّةٌ: فَمَا الدُّنْيَا بِبَاقَاةٍ لِحَيٍّ ... وَلَا حَيٌّ عَلَى الدُّنْيَا بِبَاقٍ * والعربُ جميعًا تَقِفُ على كلِّ نَصْبٍ يَجْري بالنونِ بالألفِ، إلا طَيِّئًا؛ فإنهم يحذِفون الألفَ، فيقولون: رأيتُ زيدَ، ورأيتُ بَكر، ولا يُثْبِتون فيها ألفًا. * العربُ جميعًا يَقِفُون على ... ... ... ـلُها ياءٌ أو واوٌ، أو ما كان على مِثَالِهما، وإن كانتْ ألفًا مجهولةً ممَّا لا يُعرَفُ؛ بالألفِ، فيقولون: فَتَى، وقَضَى، ورَمَى، وبَلَى، ومَتَى، وحَتَّى، وسَكْرَى، وطَيِّءٌ تَقِفُ على كلِّ ذلك بالياءِ، فيقولون: فَتَيْ، وقـ ... ـي [وقَضَيْ] (¬1)، وهذه حُبْلَيْ، ويقولون: ألم تَفْعَلْ؟ فيقولُ: بَلَيْ، وفي «هذا»: هَاذَيْ (¬2)، و «هَاتَا»: هَاتَيْ. أَنْشَدَنِي بعضُهم: يَا رَبِّ أَدْعُوكَ عَلَى أَهْلِ الغَضَيْ (¬3) أَدْعُو عَلَيْهِمْ بِالْغَدَاةِ وَالضُّحَيْ يَا رَبِّ إِنْ كُنْتَ مُجِيبي (¬4) فَالْوَحَيْ وأَنْشَدَنِي آخَرُ: ¬

_ (¬1) لم أتبيَّن هذه الكلمة في النسخة؛ أزيادة هي أم فرق؟ (¬2) في النسخة: «هَاذِيْ». (¬3) في النسخة: «العضي». (¬4) في النسخة: «مُحِيْني».

حَقَّتْ وَقَالَتْ نِيْبُها (¬1): حَتَّى مَتَيْ تبشّرِي بِالرِّفْهِ وَالْمَاءِ الرِّوَيْ وَفَرَجٍ مِنْكِ قَرِيبٍ قَدْ أَتَيْ يَتْبَعْنَ بَوَّاعًا كَسِرْحَانِ الْغَضَيْ فَهُوَ أَبٌ لِهَذِهِ وَابْنٌ لِتَيْقصر * ويقولون (¬2) في «نَعَمْ»: نَعيْ، ورُبَّما مَدُّوها، فقالوا: نعايْ، غيرُ مهموزٍ (¬3)، والأصلُ: نَعيْ (¬4)، كما قالوا: نَعَامْ، [و] أنتَ تريدُ أن تُفَهِّمَهُ (¬5)، فتَمُدَّ. * وتقولُ طَيِّءٌ في جمع المِيثَاقِ: مَيَاثِيقُ، والميزانِ: مَيَازِينُ، وهي أيضًا في غيرِهم من العربِ في بعضِ أهلِ الحجازِ. أَنْشَدَنِي بعضُ الطائِيِّين: حِمًى لَا يُحَلُّ (¬6) الدَّهْرَ إِلَّا بِإِذْنِنَا ... وَلَا نَسْأَلُ الْأَقْوَامَ عَقْدَ الْمَيَاثِقِ * ومن العربِ مَن يقولُ: لُسْتُ على شيءٍ، ولُسْنَا، ولُسْتُم، في كلِّ موضعٍ ¬

_ (¬1) في النسخة: «نِْبُها». (¬2) لم أتيقَّن ما هاهنا في النسخة؛ أهو «ويقولون» أم «وتقول طيء»؟ والمثبت الأظهر. (¬3) في النسخة: «مُهمّوزٍ»، مغيَّرةً من: «مُنوّنٍ». (¬4) في النسخة: «نَعِي». (¬5) في النسخة: «تُفَهِّمُهُ». (¬6) في النسخة: «يحّلَ».

سَكَنَتْ فيه اللامُ -يعني: لامَ الفِعْلِ، وهي السينُ- مثلُ: فَعَلْتَ (¬1)، وفَعَلْنَا. * ومنهم مَن يفتحُ العينَ من «عِنْد»، فيقولُ: عَنْدَ، ويرفعُها، فيقولُ: عُنْدَ، قال: والضمُّ أحسِبُ الكِسَائِيَّ حَكَاه عن جَرْمٍ: عُنْدَ. * وزَعَم الكِسَائِيُّ أن بعضَ بني سَدُوسٍ وكثيرًا من أهلِ اليمنِ يجعلون السينَ الساكنةَ بينَ [السينِ و] الصادِ، وهو شيءٌ لا يضبطُه الكتابُ. * وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سَمِع في «... ـشِطَتْ» في لغةِ الذين يقولون: ضُرْبَ (¬2) به: «... ـشْطَتْ» بجزمِ الشينِ، مثلُ ذلك. * وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سَمِع في «سَغِبَ» الكسرَ والرفعَ والنصبَ، وأن مصادرَها: السَّغَبُ ... ... ... ... قال: سَغَبَ ... سُغُوبًا، ومَن قال: سَغُبْتُ؛ قال: سَغَبًا ¬

_ (¬1) في النسخة: «فَعَلَتْ». (¬2) في النسخة: «ضُِرَب».

قال ناسخه –عفا الله تعالى عنه وعن والديه-: هذا آخر ما وجدتُّ في نسخة كتاب أبي زكريا هذا، فرغت منها نسخًا وتصحيحًا في شعبان سنة 1435. ولم آلُ جهدًا في ضبطها وتصحيحها؛ فإن وَجَدتَّ بعدُ خطأً لم أُصلحه؛ فاعلم أنه -إن شاء الله- في النسخة هكذا، وبادر إلى إصلاحه؛ أو أصلحتُه على غير ما تراه الصوابَ؛ فقد حاولتُ -مبلغَ علمي- به وجهًا، والله يكتب لمن اجتهد فأخطأ أجرًا. اللهم تقبل مني عملي هذا، واجعله لي ذخرًا، إنك أنت السميع المجيب.

وبعد؛ فاعلم -هداني الله وإياك للعلم النافع- أنه ليس ثَمَّ في عملي هذا إلا النسخُ والمقابلةُ والتصحيحُ، فإنه إذا استقام لك كلام أبي زكريا؛ وقد بلغتَ من العلم مبلغًا مَّا وصلتَ به إلى كتابه هذا؛ فما أظنُّك في حاجةٍ إلى ما جَرَوا عليه اليوم في تعاطي كتب السلف من الدراسة والعزو والتخريج والشرح والترجمة والفهرسة؛ مما يَدْعُونه تحقيقًا علميًّا؛ فأنت إنما تنتجع كلام أبي زكريا؛ فما أنت وما يكتبون من أنَّ هذه الآية أو تلك في سورة كذا، أو أن هذا البيت أو ذاك أنشده فلان، أو أنه من هذا البحر أو ذاك، أو أن فلانا ممن ورد عليك مترجَمٌ في كتاب كذا؟ فليس ذلك في النساخة بشيءٍ إلا شيئًا بِدْعًا، وإنما نحن نَسَخَةٌ تَبَعٌ، وما وراء ذلك -مما قدَّمت لك- ضربٌ من التأليف آخر. على أنَّ لتطلُّب ذلك في إخراج كتب السلف أهلين، عنه ينافحون، وجرى أناسٌ عليه آخرون لمآربَ أخرى، والله المستعان.

§1/1