كتاب الأربعين في صفات رب العالمين

الذهبي، شمس الدين

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الحي القيوم، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد. و {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل} . والحمد لله العلي الكبير، الذي {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} ، الذي باين صفاته العلي صفات المخلوقين وإن اتفقت أسماؤهما. والحمد لله الذي لم يزل متصفا بصفاته العلي، متسميا بأسمائه الحسنى، فـ {سبحان ربك رب العزة عما يصفون} ، وسبحانه وتعال عما يقولون المشبهون والجاحدون، {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه صلاة دائمة إلى يوم الدين. أما بعد: -

فإني أكتب إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب أربعين حديثا في صفات الله عز وجل وأورد فيها بعض ما نقل عن السلف من القول فيها، والله الموفق لما يحبه ويرضاه. ولا حول ولا قوة إلا بالله

الحديث الأول في قوله تعالى: {قل هو الله أحد}

الحديث الأول في قوله تعالى: {قل هو الله أحد} 1 - أخبرنا الشيخ أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد بن محمد الدمشقي، عن أبي المظفر السمعاني، ثنا عبد الله الفروي، أنا عثمان بن محمد أبو عمرو المحمي، أنا أبو نعيم الأزهري، أنا أبو عوانة

الحافظ، أنا أبو عبد الله ابن أخي ابن وهب، أنا عمي عبد الله بن وهب، نا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، أن أبا الرجال حدثه، عن أمه عمرة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ {قل هو الله أحد} ، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟» ، فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن - عز وجل،

فأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فأخبروه أن الله يحبه» . أخرجاه من حديث ابن وهب. وإثبات هذه الصفة لم يخالف فيها أحد من أهل القبلة.

الحديث الثاني في قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى}

الحديث الثاني في قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} 2 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين القوي بمصر، أنا محمد بن عماد، أنا عبد الله بن رفاعة، أنا أحمد بن محمد بن الحاج، أنا أحمد بن محمد الصابوني إملاء، ثنا الربيع بن

سليمان، نا الشافعي، أنا إبراهيم بن محمد، حدثني موسى بن عبيدة، حدثني معاوية بن إسحاق بن طلحة، عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه، سمع أنس بن مالك يقول: " أتى جبريل بمرآة بيضاء، فقال: ما هذه؟ قال: الجمعة، وهو اليوم الذي استوى فيه ربك على العرش «. هذا حديث غريب، رواه الشافعي في»

مسنده " 3 - قال إسحاق بن راهويه: سمعت بشر بن عمر يقول: سمعت غير واحد من المفسرين يقولون: {الرحمن على العرش استوى} أي: ارتفع. وقاله أبو العالية. 4 - وقال البخاري في «صحيحه» : قال مجاهد في (استوى) : علا على العرش.

5 - وروى الدارقطني عن إسحاق الكاذي: سمعت أبا العباس ثعلب يقول في (استوى) : علا على العرش. 6 - وقال محمد بن جرير الطبري في «التفسير» : {ثم استوى على العرش} أي: علا وارتفع.

7 - وقال الإمام أبو سليمان داود بن علي الأصبهاني: كنا عند ابن الأعرابي، فأتاه رجل فقال: ما معنى قوله: {الرحمن على العرش استوى} ؟ قال: هو على عرشه كما أخبر. فقال: يا أبا عبد الله! إنما معناه: استولى. فقال: اسكت! لا يقال: استولى على الشيء، أو يكون له مضاد فإذا غلب أحدهما قيل: استولى. 8 - وقال ابن وهب: كنا عند مالك فدخل رجل فقال: {الرحمن على العرش} كيف استوى؟ . فأطرق مالك،

وعلاه الرحضاء، ثم رفع رأسه وقال: {الرحمن على العرش استوى} كما وصف نفسه، فلا يقال: (كيف) ، و (كيف) عنه مرفوع، وأنت صاحب بدعة، أخرجوه. 9 - وقال مثله ربيعة الرأي شيخ مالك ويروى عن أم سلمة ووهب بن منبه.

10 - وقال علي بن الحسن بن شقيق: قلت لابن المبارك: كيف نعرف ربنا؟ قال: على السماء السابعة عرشه، فلا يقال كما تقول الجهمية: إنه هنا في الأرض.

فقيل هذا لأحمد بن حنبل، فقال: هكذا هو عندنا. 11 - وقال عبد الرحمن مهدي: إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن الله كلم موسى، وأن يكون على العرش استوى، أرى أن يستتابوا، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم. 12 - قال الأصمعي: قدمت امرأة جهم، فقال رجل عندها: الله على عرشه. فقالت: محدود على محدود. فقال الأصمعي: هي كافرة بهذه المقالة.

13 - وقال الأوزاعي: كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته. 14 - وقال سعيد بن عامر الضبعي إمام أهل البصرة: اجتمع أهل الأديان مع المسلمين أن الله على العرش، وقالت الجهمية: ليس هو على شيء. 15 - وقال الشافعي في عقيدته وفي وصيته: القول في السنة التي أنا عليها، ورأيت أهل الحديث عليها: أن الله على عرشه في سمائه، يقرب من خلقه كيف شاء، وينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء.

16 - وذكر بشر الحافي في عقيدته الإيمان بأن الله على عرشه استوى كما شاء، وأنه عالم بكل ما كان. 17 - وقال عثمان بن سعيد الدارمي: قد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سماواته. 18 - قلت: وكونه تعالى فوق العرش، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جبير بن مطعم، والعباس بن عبد المطلب،

وأبو هريرة، وسعد بن أبي وقاص، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وابن عباس، وقتادة بن النعمان، وعبادة بن الصامت،

وابن مسعود، وجابر بن سليم، وهو مروي عن غير واحد من الصحابة والتابعين. وفي الكتب المنزلة: مثل ما صح عن كعب الأحبار قال: في التوراة: (أنا الله فوق عبادي على عرشي، أدبر أمور عبادي) .

الثالث في قوله: {إليه يصعد الكلم الطيب}

الثالث في قوله: {إليه يصعد الكلم الطيب} 19 - أخبرنا أحمد بن هبة الله بن عبد المعز بن محمد الهروي، أنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني، أنا محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، أنا أبو عمرو بن حمدان، أنا أبو يعلى الموصلي، ثنا

داود بن عمرو، نا بن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر. ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بهم فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون ". متفق على صحته. 20 - وقال تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه} والعروج

والصعود بمعنى واحد، ومنه معراج النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه، وعروج ملك الموت إلى ربه لما فقأ موسى عليه السلام عينه وعروج الروح إلى السماء التي فيها الله تعالى 21 - وإخباره عليه السلام أنه لا يصعد إلى الله إلا طيب، 22 - وإخباره عن ربه أنه يقول: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، لا يصعد إلي من الرياء شيء» . وكلها أخبار صحاح. 23 - ومن ذلك ما يروى عن مالك بن دينار قال: قرأت في بعض الكتب المنزلة أن الله يقول: (يا ابن آدم! خيري ينزل

عليك، وشرك يصعد إلي، ولا يزال ملك كريم قد عرج منك إلي بعمل قبيح) . وفي الباب أحاديث وأخبار كثيرة، وآثار جمة.

الرابع في قوله: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض} وفي السماء رزقكم وما توعدون {في قراءة ابن محيصن وقوله:} إني متوفيك ورافعك إلي {بل رفعه الله إليه}

الرابع في قوله: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض} وفي السماء رزقكم وما توعدون {في قراءة ابن محيصن وقوله:} إني متوفيك ورافعك إلي {بل رفعه الله إليه} 24 - أخبرنا أحمد بن سلام المقرئ كتابة، عن مسعود بن أبي

منصور الجمال، أنا غانم البرجي سنة ثمان وخمسمائة وأنا محضر أنا أبو نعيم الحافظ، ثنا حبيب بن الحسن، نا عمر بن حفص السدوسي، نا عاصم بن علي، ثنا ابن أبي ذئب، عن

محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل الصالح، قال: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها، فيقال: من هذه؟ فيقال: فلان. فيقولون: مرحبا بالنفس الطيبة، ادخلي حميدة، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان. فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله تعالى. هذا حديث صحيح على شرط (خ) (م) ، ولم يخرجاه.

25 - اعلم أنه ورد أن الله على العرش، وقد تقدم الكلام في ذلك وورد أنه عز وجل في السماء و (في) ترد كثيرا بمعنى (على) ، كقوله تعالى: {فسيحوا في الأرض} أي: في الأرض {فلأصلبنكم في جذوع النخل} أي: على جذوع النخل. فكذلك قوله: {أأمنتم من في السماء} أي: من على السماء. وكل ما علا فهو سماء، والمراد بالسماء في ذلك بأنه العرش، إذ هو على السماوات. وكون عز وجل في السماء متواترا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواترا لفظيا،

فمن ذلك: 25 26 - قوله للجارية: " أين الله؟ قالت: في السماء. قال: «أعتقها فإنها مؤمنة» رواه أبو هريرة ومعاوية بن الحكم ومحمد بن الشريد وابن عباس. 27 - ومن ذلك: قوله: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء» .

28 - وقوله: «ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عليها» رواه مسلم عن أبي هريرة. 29 - وعنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما ألقي إبراهيم في النار قال: اللهم إنك واحد في السماء، وأنا واحد في الأرض أعبدك ". وإسناده حسن. 30 - وعن أبي الدرداء قال: قال صلى الله عليه وسلم: " من اشتكى منكم فليقل: ربنا الله الذي في السماء ". أخرجه أبو داود.

31 - وقوله للحصين /. . . /: «كم تعبد إلها؟» . قال: ستة في الأرض، وواحدا في السماء. قال: «فأيهم تعد (لرغبتك ورهتك) » قال: الذي في السماء. أخرجه الترمذي وحسنه. 32 - وقوله: «ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء» . صححه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو. 33 - وقول الصديق الأكبر: «من كان يعبد محمدا فإنه قد مات، ومن كان يعبد الذي في السماء فإنه حي لا يموت» .

رواه الدارمي بإسناد صحيح. 34 - وقوله عليه السلام: «إن الله خلق سبع سماوات فاختار العليا فسكنها، وأسكن سماواته من شاء من خلقه» تفرد به محمد بن ذكوان عن عمرو بن دينار عن ابن عمر، رواه عنه غير واحد من أهل العلم. وهو مقال الأنبياء والأمم الماضية. 35 - وعن الحسن البصري قال: سمع يونس عليه السلام تسبيح الحصى والحيتان، فجعل يسبح ويقول: سيدي في السماء

مسكنك، وفي الأرض قدرتك. وإسناده صحيح. 36 - وصح عن قتادة قال: قالت بنو إسرائيل: يا رب! أنت في السماء ونحن في الأرض، فكيف لنا أن نعرف رضاك وغضبك؟ قال: إذا رضيت عنكم استعملت عليكم خياركم، وإذا غضبت عليكم استعملت عليكم شراركم. 37 - وصح عن ثابت البناني قال: كان داود عليه السلام يطيل الصلاة، ثم يركع، ثم يرفع رأسه إلى السماء ثم يقول: إليك رفعت رأسي، نظر العبيد إلى أربابها، يا ساكن السماء.

38 - وقال أبو حنيفة: من أنكر أن الله في السماء فقد كفر. 39 - وقال مالك: الله في السماء وعلمه في كل مكان. 40 - وقال حماد بن زيد عن الجهمية: إنما يدورون على أن يقولوا:

ليس في السماء إله. 41 - وقال جرير بن عبد الحميد: كلام الجهمية أوله عسل وآخره سم، وإنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماء إله. 42 - وقال رجل لابن المبارك: يا أبا عبد الرحمن! قد خفت الله من كثرة ما أدعوه على الجهمية. قال: لا تخف! فإنهم يزعمون أن إلهك الذي في السماء ليس بشيء.

الخامس في قوله: {وهو معكم} و {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم}

الخامس في قوله: {وهو معكم} و {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} وبابه 43 - أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الحميد المقدسي، أنا أبو نصر موسى بن عبد القادر الجيلي سنة ثمان عشرة وستمائة، أنا عبد الأول بن عيسى السجزي، ثنا عبد الرحمن بن محمد الداوودي، أنا عبد الرحمن

بن حمويه السرخسي، أنا إبراهيم بن خزيم الشاشي سنة ست عشرة وثلاثمائة، ثنا عبد بن حميد، أخبرني حبان بن هلال، نا همام، نا ثابت. نا أنس، أن أبا بكر الصديق حدثه قال: نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا

(. . . فقال) رسول الله: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما» . أخرجه (م) عن عبد بن حميد. 44 - قال أهل التفسير في قوله: {ما يكون من نجوة ثلاثة إلا هو رابعهم} منهم الضحاك قال: هو على عرشه، وعلمه معهم. 45 - وقال مالك: هو في السماء، وعلمه في كل مكان 46 - وقال سفيان الثوري في قوله: {وهو معكم أينما كنتم} يعني:

علمه. 47 - وقال مقاتل بن حيان في قوله: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} قال: هو على عرشه، وعلمه معهم. وقال رحمه الله في القرب: إنما يعني بالقرب بعلمه، وهو فوق عرشه. 48 - وسئل نعيم بن حماد شيخ البخاري عن قوله: {وهو معكم} قال: معناه أنه لا يخفى عليه خافية وسئل الإمام أحمد عن رجل قال: إن الله معنا. 49 - وتلا: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} فقال: قد تجهم هذا! يأخذون بآخر الآية ويدعون أولها! أقرأتم عليه: {ألم تر أن الله

يعلم} ؟ فالعلم معهم، وقال في (ق) {ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} ، فعلمه معهم. 50 - وقال حنبل: قيل للإمام أحمد: ما معنى قوله: {وهو معكم} ؟ قال: علمه علم محيط بالكل، وهو على العرش بلا صفة ولا حد. 51 - وقال المزنى: هو عال على العرش، دان بعلمه من خلقه.

52 - وقال الإمام أبو عمر بن عبد البر في «شرح الموطأ» له: أجمع علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل: قالوا في تأويل قوله: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} هو على عرشه، وعلمه في كل مكان. 53 - وقال نحو هذا القول محمد بن جرير الطبري في «تفسيره» والبغوي والثعلبي في

«تفسيرهما» ، وقبلهما أبو بكر النقاش في «تفسيره»

السادس في قوله عليه السلام: «ينزل ربنا كل ليلة»

السادس في قوله عليه السلام: «ينزل ربنا كل ليلة» 54 - أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد الأبرقوهي بمصر، أنا أبو الفرج الفتح بن عبد الله بن محمد، أنا جدي أبو الفتح محمد بن علي، أنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، أنا أبو الحسين بن بشران المعدل، أنا علي إسماعيل بن محمد النحوي، ثنا سعدان

بن نصر، نا يزيد بن هارون، أنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى ينزل لنصف الليل أو: ثلث الليل الأخير إلى السماء الدنيا، فيقول: من ذا الذي يدعوني استجب حتى ينفجر الفجر أو ينصرف القارئ من صلاة الصبح ". هذا حديث حسن متفق عليه من حديث أبي هريرة وغيره،

وقد أفردت له جزءا، وقد ذكرت فيه عن أكثر من عشرين صحابيا عن النبي صلى الله عليه وسلم نزول الرب عز وجل بطرق كثيرة إليهم، ومنها المسلم: " فينزل فيقول: لا أسأل عن عبادي غيري " 55 - وقد حدث بهذا الحديث حماد بن سلمة فقال: من رأيتموه ينكر هذا الحديث فاتهموه. 56 - وقال محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة في الأحاديث التي جاءت أن الله يهبط إلى سماء الدنيا ونحو هذا، إن هذه الأحاديث قد روتها الثقات، فنحن نرويها ونؤمن بها ولا نفسرها. 57 - وقال الشافعي في «عقيدته» : " القول في السنة التي أنا عليها ورأيت أهل الحديث عليها: الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله. . " إلى أن قال فيها: " وأن الله ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء ط.

58 - وقال يحيى بن معين: إذا قال لك الجهمي: كيف ينزل؟ فقل: كيف صعد. 59 - وقال إسحاق بن راهويه: جمعني وهذا المبتدع إبراهيم بن أبي صالح مجلس الأمير عبد الله بن طاهر، فسألني الأمير عن أخبار النزول فسردتها. فقال ابن أبي صالح: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء. فقلت: آمنت برب يفعل ما يشاء. رواها الحاكم بإسناد صحيح عنه.

60 - وقال أبو عيسى الترمذي في «جامعه» الذي هو أحد كتب الإسلام الخمسة: " قد قال غير واحد من أهل العلم في نزول الرب إلى سماء الدنيا ونحوه: قد ثبتت (الروايات في) هذا فنؤمن به، ولا يتوهم، ولا يقال: كيف. هكذا روي عن مالك (وابن عيينة وابن المبارك) أنهم قالوا: أمروها بلا كيف. وهكذا قول أهل العلم من (أهل) السنة والجماعة. وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه، وفسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وإنما معناه هنا: النعمة ". وهذا كله كلام الترمذي رحمه الله.

السابع في قوله {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} وقوله: {بل يداه مبسوطتان} وقوله: {يد الله فوق أيديهم}

السابع في قوله {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} وقوله: {بل يداه مبسوطتان} وقوله: {يد الله فوق أيديهم} وبابه: 61 - أخبرنا أبو حفص عمر بن عبد المنعم القواس، عن أبي اليمن زيد بن الحسن المقرئ، أنا إسماعيل بن أحمد الكتبي، أنا أحمد بن

محمد النقور، أنا محمد بن أحمد بن عمران، ثنا أبو روق الهزاني، نا أحمد بن روح، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن أوس، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل - وكلتا يديه يمين: الذين يعدلون في أهلهم وحكمهم وما ولوا ". أخرجه مسلم.

وفي الباب أحاديث كثيرة جدا صريحة في ذلك لا تحتل التأويل، مثل 62 - قوله عليه السلام: «يطوي الله السماوات ثم يأخذهن بيده اليمنى» ، 63 - وقوله: «إن العبد إذا تصدق من طيب، أخذها الله بيمينه فتربو حتى تكون في يد الله مثل أحد» ، 64 - وقوله: «يمين الله ملأى، سحاء الليل والنهار، وفي يده الأخرى الميزان يرفع ويخفض» . 65 - وقوله: «يقبض الله الأرضين بشماله، وتكون السماء

بيمينه، ثم يقول، أنا الملك» شش 66 - وقوله: «الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد المصدق عليه» . وكلها في الصحيح. 67 - ومن ذلك: ماصح عن ابن عباس قال: أخرج (الله ذرية آدم) من ظهره مثل الذر فسماهم، ثم قبض قبضتين فقال للتي في (يمينه: ادخلوا الجنة) ولا أبالي، وقال للتي في يده الأخرى، ادخلوا (النار ولا أبالي) . 68 - (وما) صح عن عبد الله بن سلام قال: مسح الله ظهر آدم بيديه فأخرج بيديه فيهما من هو خالق من ذريته، ثم قبض يديه. فقال يا آدم

أنا اختر. فقال: اخترت يمينك يا رب، وكلتا يديك يمين. فبسطهما فإذا ذريته من أهل الجنة. 69 - وما صح عن سلمان الفارسي قال: خمر الله طينة آدم أربعين ليلة، ثم جمعه بيده، فخرج طيبه بيمينه، وخبيثه بشماله. 70 - وعن أبي أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخذ الله أهل اليمين بيمينه، وأهل الشمال في الأخرى، وكلتا يديه يمين» . رواه حماد بن سلمة عن حجاج بن أرطاة عن الوليد بن أبي

مالك بن القاسم عن أبي أمامة. 71 - وثبت عن عبد الرحمن بن سابط قال: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: خلق الله الخلق فكانوا في قبضته، فقال لمن في يمينه: ادخلوا الجنة بسلام. وقال لمن في يده الأخرى: ادخلوا النار ولا أبالي. 72 - وعن ابن عمر قال: خلق الله بيده أربعة أشياء آدم والقلم والعرش وجناب عدن، وقال لسائر الخلق: كن. فكان رواه الناس عن عبيد المكتب عن مجاهد عن

ابن عمر. 73 - وصح عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قالت الملائكة: يا ربنا! منا المقربون، ومنا حملة العرش، ومنا الكرام الكاتبون، خلقت بني آدم فجعلت لهم الدنيا، فاجعل لنا الآخرة. فقال: لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له: كن فكان. 74 - وروي عن جابر مرفوعا. 75 - وثبت عن أبي هريرة قال: قال الله لآدم ويداه مفتوحتان: اختر أيها شئت. فقال: اخترت يمين ربي. . . الحديث. 76 - وصح عن المغيرة بن شعبة قال: سأل موسى ربه فقال: يا رب! أخبرني بأعلى أهل الجنة منزلة. قال: أولئك الذين غرست كرامتهم بيدي.

77 - وصح عن (إسماعيل بن أبي) خالد عن حكيم بن جابر قال: أخبرت أن ربك لم يمس بيده (إلا ثلاثة أشياء:) غرس الجنة بيده، وخلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده. 78 - وصح (. . .) عن مغيث بن سمي نحوه. 79 - وصح عن نافع بن عمر الجمحي قال: سألت ابن أبي مليكة عن يد الله: واحدة أو اثنتان؟ قال: بل اثنتان.

لو تتبعنا الأحاديث التي في ذكر اليدين لطال الكتاب، وهذه نبذة من أقوال الأئمة في ذلك: 80 - فعن الحسن البصري قال: تكلم مطرف على هذه الأعواد بكلام ما قيل قبله ولا يقال مثله، وهو: الحمد لله الذي من الإيمان به الجهل بغير ما وصف به نفسه. 81 - وعن الأوزاعي قال: كان الزهري ومكحول يقولان يعني: في أحاديث الصفات: أمروا هذه الأحاديث كما جاءت

من غير كيف. قلت: وهما من كبار أئمة التابعين: وذلك صحيح عنهما. 82 - وصح عن الوليد بن مسلم قال: سألت مالكا والثوري والأوزاعي والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات، فقالوا: أمروها كما جاءت. قلت: مالك في وقته إمام أهل المدينة، والثوري إمام الكوفة، والأوزاعي إمام دمشق، والليث إمام أهل مصر، وهم من كبار أتباع التابعين. 83 - وحكى الإجماع على ذلك بعدهم محمد بن الحسن فقيه العراق: روى اللالكائي بإسناده عنه قال: اتفق الفقهاء من المشرق

إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب عز وجل - من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه، فمن فسر شيئا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وفارق الجماعة، ومن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة فإنه وصفه بصفة لا شيء. 84 - وقال سفيان بن عيينة الذي قال فيه الشافعي: لولاه ولولا مالك لذهب علم الحجاز: كل ما وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره، لا مثل ولا كيف. 85 - (وقال) أفلح بن محمد: قلت لعبد الله بن المبارك: يا أبا عبد الرحمن! إني أكره الصفة (عني صفة الرب) ، فقال: وأنا أشد الناس كراهة لذلك، لكن إذا (نطق الكتاب) بشيء قلت به وإذا جاءت الآثار بشيء جسرنا عليه.

وقال بعض الأئمة: ابن المبارك أمير المؤمنين في كل شيء. وهو ممن أجمع المسلمون على هدايته. 86 - وقال الإمام الشافعي فيما رواه عنه يونس بن عبد الأعلى، وقد سئل عن صفات الله فقال: لله أسمار وصفات لا يسع أحدا قامت عليه الحجة ردها، لأن القرآن نزل بها، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القول بها، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر، فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالرؤية والفكر. 87 - وقال أبو بكر الحميدي في «مسنده» : «أصول السنة. .» فذكر أشياء منها، ثم قال: " وما نطق به القرآن والحديث مثل: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم}

والسماوات مطويات بيمينه {. وما أشبهه لا يزيد فيه ولا يفسره ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة. ومن زعم غير هذا فهو مبطل جهمي. والحميدي إمام حافظ جليل، أخذ عن سفيان والشافعي، وروي عنه البخاري في أول «الصحيح» توفي سنة تسع عشرة ومائتين. 88 - وقال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام: ما أدركنا أحدا يفسر (هذه الأحاديث) ونحن لا نفسرها. أبو عبيد عديم النظير في (وقته) المفيدة، قال فيه من نبله وجلاله إسحاق بن راهويه الإمام (. . .: الله) يحب الإنصاف، أبو عبيد أعلم مني

ومن الشافعي وأحمد بن حنبل. 89 - وقال الخلال في " كتاب السنة) له: ثنا المروزي قال: سألت أحمد بن حنبل عن أخبار الصفات. فقال: نمرها كما جاءت. 90 - وقال الإمام أحمد أيضا: ولا نزيل عن ربنا صفة من صفاته لشناعة شنعت وإن نبت عن الأسماع. 91 - وقال أبو عيسى الترمذي في «جامعه» الذي هو أحد أصول الإسلام: " وقال أهل العلم في أحاديث الصفات مثل حديث النزول وذكر

القدم واليدين: نؤمن بهذا كله، فلا يقال: كيف؟ . مع اعتقاد نفي التشبيه، وينسبون من أنكرها إلى الجهمية، وأما الجهمية فقالوا: هذا تشبيه. ثم تأولوه! وقال أهل العلم: هي صفة الله، وإنما التشبيه أن يقال: سمع كسمع، ويد كيد ". 92 - وقال إمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة: «الأخبار في الصفات نقلها الخلف عن السلف على سبيل الصفات لله والمعرفة له، والتسليم لما أخبر مع اجتناب التأويل وترك التمثيل» . توفي ابن خزيمة سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، ولم يكن في وقته مثله على الإطلاق ممن جمع بين الفقه والحديث. حكى عنه وقال فيه المزني وهو شيخه: هو أعلم بالحديث مني. 93 - وقال أبو الحسن الأشعري في كتاب «مقالات

الإسلاميين» بعد أن ذكر الخوارج والرافضة والقدرية والجهمية: " مقالة أهل السنة: وجملة قولهم الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله، وبما جاء عن الله، وما رواه (الثقات عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم) وأن الله على عرشه وأن له يدين بلا كيف (كما قال: (لما خلقت) بيدي) " ثم قال في آخر ما حكى عنهم: «بكل ما (ذكرنا من قولهم نقول،) وإليه نذهب.

94 - وذكر هذه المقالة بعينها ابن فورك في كتاب» الخلاف بين الأشعري وابن كلاب) وقال: «فهذا تحقيق لك من ألفاظ أبي الحسن رحمه الله أنه معتقد لهذه الأصول التي هي قواعد أصحاب الحديث، وأساس توحيدهم» . قلت: شهرة أبي الحسن تغني عن التعريف به وإذا أردت أن تعرف ترجمته فطالع كتب ابن عساكر في «تبيين كذب المفترى فيما نسب إلى الأشعري» فإنه مجلد. وهذا المقالة أخذها الأشعري عن زكريا بن يحيى الساجي شيخ

البصرة في الحديث والفقه، له كتاب «اختلاف الفقهاء» وكتاب «علل الحديث» توفي سنة سبع وثلاثمائة. 95 - وقال ابن سريج الإمام وقد سئل عن صفات الله فقال: " حرام على العقول أن تمثل الله، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الألباب أن تصف إلا ما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله، وقد صح عند جميع أهل السنة إلى زماننا أن جميع الآي والأخبار الصادقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب على المسلم الإيمان بكل واحد منها كما ورد، مثل قوله:} هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام {،} وجاء ربك والملك صفا صفا {، ونظائرها مما نطق به القرآن كالفوقية والنفس واليدين والسمع والبصر والضحك والتعجب والنزول " إلى أن قال: " اعتقادنا فيه وفي الآي المتشابهة: أن نقبلها ولا نتأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المشبهين، ونسلم الخبر لظاهره، والآية لظاهرها «.

وذكر فيها أشياء اختصرتها. - توفي سنة ست وثلاثمائة، وكان يفضل على فقهاء الشافعية حتى على المزني، وفهرست كتبه تشمل على أربعمائة مصنف. 96 - وقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتاب» التبصير في معالم الدين ": " القول فيما أدرك علمه من الصفات خبرا، نحو إخباره أنه سميع بصير، وأن له يدين بقوله:} بل يداه مبسوطتان {، وأن له وجها بقوله:} ويبقى وجه ربك {، وأن له قدما بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «حتى يضع الرب فيها قدمه» . وأنه يضحك بقوله: «لقي الله وهو يضحك إليه» ، وأنه يهبط إلى

سماء الدنيا بخبر رسوله بذلك، وأن له إصبعا بقول رسوله: «ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن» . فإن هذه المعاني التي وصفت ونظائرها مما وصف الله به نفسه ورسوله مما لا يثبت حقيقة علمه بالفكر والروية، ولا نكفر بالجهل بها أحدا إلا بعد انتهائها إليه ". توفي محمد بن جرير سنة عشر وثلاثمائة، وهو أحد الأئمة المجتهدين، تام المعرفة بالقرآن والحديث والفقه واللغة العربية والتاريخ، كان يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه، جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد في عصره. قال الإمام الأئمة ابن خزيمة: أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير. وقال أبو حامد الإسفراييني الإمام: لو سافر رجل إلى الصين حتى

يحصل له تفسير محمد بن جرير ما كان كثيرا. 97 - وقال الإمام أبو سليمان الخطابي: " مذهب السلف في آيات الصفات وأحاديثها اجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية والتشبيه عنها، لأن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلوما أن إثبات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا تحديد وتكييف. فإذا قلت يد وسمع وبصر وما أشبهها، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه، ولسنا نقول إن معنى اليد: القوة والنعمة، ولا معنى السمع والبصر: العلم، ولا يقال: إنها جوارح وأدوات للفعل، ولا نشببها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح، ونقول: إنما وجب القول بإثبات هذه الصفات لأن التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه

عنها، لأن الله لا يشبهه شيء قال:} ليس كمثله شيء {، وعلى هذا جرى قول علماء السلف في أحاديث الصفات. قلت: هذا كله كلام الخطابي في كتاب «الغنية من الكلام» وهو إمام كبير الشأن، خبير بالحديث والفقه وأقوال الأئمة. له كتاب «معالم السنن» وكتاب «الغريب» ، توفي بعد السبعين وثلاثمائة. 98 - وقال الإمام أبو بكر الإسماعيلي رحمه الله " اعلموا رحمنا الله وإياكم أن مذاهب أهل الحديث أهل السنة والجماعة: الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله، وقبول ما نطق به كتاب الله، وما صحت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نعدل عما ورد به. ويعتقدون أن الله مدعو بأسمائه الحسنى، موصوف بصفاته التي وصف بها نفسه، ووصفه بها نبيه: خلق آدم بيده، ويداه مبسوطتان لا اعتقاد كيف، واستوى على العرش بلا كيف، فإنه انتهى إلينا أنه استوى على العرش ولم يذكر كيف كان استواؤه.

والإسماعيلي من كبار الأئمة، جمع بن الفقه والحديث، وألف «الصحيح» وأخذ عنه فقهاء جرجان. توفي بعد السبعين وثلاثمائة سنة إحدى، وله أربع وتسعون سنة. قال الدارقطني مع جلالته: «عزمت غير مرة أن أرحل إلى أبي بكر فلم أرزق» . وهذا المعتقد سمعناه بإسناد صحيح عنه. 99 - وقد طولنا في هذا المكان، ولو ذكرنا قول كل من له كلام في إثبات الصفات من الأئمة لاتسع الخرق، وإذا كان المخالف لا يهتدي بمن ذكرنا أنه يقول الإجماع على إثباتها من غير تأويل أو لا يصدقه في نقله فلا هداه الله. ولا خير والله فيمن رد على مثل الزهري ومكحول والأوزاعي والثوري والليث بن سعد ومالك وابن عيينة وابن المبارك ومحمد بن الحسن والشافعي والحميدي وأبي عبيد وأحمد بن حنبل وأبي عيسى الترمذي وابن سريج وابن جرير الطبري وابن خزيمة وزكريا الساجي وأبي الحسن الأشعري،

أو من يقول مثل قولهم من الإجماع مثل: الخطابي وأبي بكر الإسماعيلي وأبي القاسم الطبراني وأبي أحمد العسال وأبي الحسن الدارقطني وأبي عبد الله بن

بطة وأبي عبد الله بن مندة وأبي بكر الباقلاني وأبي بكر بن فورك وأبي القاسم

اللالكائي وأبي نعيم صاحب «الحلية» ومعمر بن زياد. . .

الصابوني وأبي الفتح سليم الرازي في تفسيره. . .

والبيهقي وأبي عمر بن عبد البر وأبي بكر الخطيب. . . . وأبي القاسم سعد بن علي

الزنجاني وأبي المعالي الجويني وأبي إسماعيل الأنصاري

شيخ الإسلام، ومحيي السنة أبي محمد البغوي وأبي القاسم إسماعيل التيمي مصنف «الترغيب والترهيب» والشيخ أبي البيان الدمشقي والشيخ عبد القارد

الجيلي الذين هم لب اللباب ونقاوة الأمة في كل عصر، وهو متبع غير سبيل المؤمنين، لكن أكثر المخالفين يعذرونك، فإنهم لعل أكثرهم لا يعرف عامة هؤلاء الأئمة المذكورين فضلا عن معرفة أقوالهم ونقولهم إجماع الصحابة والتابعين على ذلك. ومما يجب (. . .) الشخص قاصدا الاستغفار، فيقول بعضهم: لو اشتغلت في أصول الدين فإنه يجب عليه معرفة الله بالدليل. فيطيعه ويواظب حلقة واحد منهم، فيحذره من التشبيه والتجسيم، ويقول له: إن الحنابلة مجسمة، وهم يقولون: لله يد، وأنه في السماء تعالى الله عن ذلك فينفي. . . لده من حب أبي بكر وعمر حتى بحبل. . . الصفات فما ينظر في

قول مثبتها. . . عليهم، ولا ينصف إن ناظر، ولا يحقق النظر أن نظر، فهو معذور من كونه نافيا عن الله التجسيم، وغير معذور لكونه ما أمعن النظر حتى يعلم أنه ليس يلزم من إثبات صفاته شيء من إثبات التشبيه والتجسيم، فإن التشبيه إنما يقال: يد كيدنا، وأما إذا قيل يد لا تشبه الأيدي، كما أن ذاته لا تشبه الذوات، وسمعه لا يشبه الأسماع، وبصره لا يشبه الأبصار، ولا فرق بين الجميع فإن ذلك تنزيه.

الباب الثامن في قوله:} ويبقى وجه ربك

الباب الثامن في قوله:} ويبقى وجه ربك 100 - حدثني أبو عبد الله محمد بن علي بن وهب الفقيه إملاء بالقاهرة: قرأت على أبي الحسن الشافعي، أنا أبو طاهر السلفي، أنا أبو عبد الله الثقفي، نا علي بن محمد، نا إسماعيل

الصفار، نا سعدان، نا ابن عيينة، عن عمرو، سمع جابرا يقول: لما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} قال: «أعوذ بوجهك» . {أو من تحت أرجلكم} قال: «أعوذ بوجهك» . {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: «هذا أهون، أو أيسر» . هذا حديث صحيح 101 - وفي الباب: عن أبي موسى عن النبي عليه

السلام: " إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره. 102 - ومن ذلك: قوله عليه السلام: «إن ربك ليس عنده ليل ولا نهار، نور السموات والأرض من نور وجهه» . 103 - وقوله عليه السلام: «أسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك» .

104 - وقول ابن مسعود: من قال: (سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر) ، تلقتاهن ملك فيخرج بهن إلى الله تعالى، فلا يمر بملأ من الملائكة إلا استغفروا لقائلها حتى يجئ بهن وجه الرحمن ". 105 - وقول أبي بكر الصديق وحذيفة وأبي موسى

وغيرهم من الصحابة في {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} أنها النظر إلى وجه الله تعالى.

الباب التاسع في قوله: {يوم نقول لحهنم هل امتلأت}

الباب التاسع في قوله: {يوم نقول لحهنم هل امتلأت} 106 - قرأت على الحافظ أبو الحسين على بن محمد اليونيني ببعلبك وعلى أبي العباس أحمد بن عبد الحميد المقدسي، قالا، أنا عبد الله بن عمر بن علي البغدادي زادني أبو العباس فقال، أنا موسى بن الشيخ عبد القادر الجيلي، قالا، أنا عبد الأول بن عيسى السجزي، أنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي، أنا أبو محمد

بن حمويه السرخسي، أنا إبراهيم بن خزيم الشاشي، ثنا عبد بن حميد، نا يونس بن محمد، نا شيبان، عن قتادة، ثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال جهنم تقول: {هل من مزيد} حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فتقول: قط قط وينزوي بعضها إلى بعض ". هذا حديث صحيح، رواه النبي صلى الله عليه وسلم جماعة، منهم: أنس

وأبو هريرة، وحذيفة بن اليمان، وب سعيد الخدري. وفي لفظ عن أبي هريرة: «حتى يضع فيها قدمه» . ولفظ عنه: «حتى يضع فيها رجله» . 107 - وعن ابن عباس

وابن مسعود وأبي موسى وغيرهم من الصحابة أن الكراسي موضع قدميه عز وجل - ويروي عن وهب بن منبه. 108 - قال مجاهد: يقول الله لداود يوم القيامة: خذ بقدمي. فيأخذ بقدمه 109 - وقال عروة: قدمت على عبد الملك بن مروان

فذكرت عنده الصخرة التي ببيت المقدس، فقال: هذه الصخرة التي وضع الرحمن عليها رجله. فقلت: سبحان الله! يقول الله: {وسع كرسيه السماوات والأرض} ، وتقول: وضع رجله على هذه! يا سبحان الله! إنما هذه أجبل أخبرنا الله أنه ينسف نسفا. 110 - وعن السدي عن أبي مالك قال: الكرسي تحت العرش والله واضع رجليه على الكرسي 111 - قال الأثرم:

قلت لأبي عبد الله: حدث محدث وأنا عنده بحديث: «يضع الرحمن فيها قدمه» وعنده غلام، فأقبل على الغلام وقال: إن لهذا تفسيران فقال أبو عبد الله: انظر إليه! كما تقول الجهمية سواء. 112 - وقال المروذي: سألت أبا عبد الله عن حديث: «يضع قدمه فيها» ، فقال: نمرها كما جاءت. أخرجه ابن بطة في «الإبانة» .

الباب العاشر في قوله: {يوم يكشف عن ساق}

الباب العاشر في قوله: {يوم يكشف عن ساق} 113 - أخبرنا يوسف بن أبي نصر، و. . . بن هبة الله إسماعيل بن عبد الرحمن، قالوا، أنا الحسين بن المبارك، أنا عبد الأول بن عيسى، أنا أبو الحسن المظفر، أنا أبو محمد الحموي، أنا أبو عبد الله المطري، ثنا أبو عبد الله

البخاري، ثنا يحيى بن بكير، نا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث

الشفاعة: «فيكشف عن ساقه عز وجل - فيسجد له كل مؤمن» . 114 - ورواه آدم بن أبي إياس عن أبي عمر الصنعاني عن زيد بن أسلم نحوه، ولفظه: «يكشف ربنا عن ساقه فلا يبقى معه من سجد له في الدنيا من تلقاء نفسه إلا أذن له في السجود» . أخرجه البخاري في «الصحيح» .

115 - وروى ابن البيلماني عن ابن عمر النبي صلى الله عليه وسلم: {يوم يكشف عن ساق} قال: «يكشف ربنا عن ساقه ونخر له سجدا» . 116 - وعن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن ابن مسعود {يوم يكشف عن ساق} قال: عن ساقه جل ذكره

117 - وروي عن شعبة عن إبراهيم النخعي قال: كان ابن مسعود يقول {يوم يكشف عن ساق} قال: يكشف الرحمن عن ساقه. 118 - وروى المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن مسروق عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

" يجمع الله الأولين والآخرين، وينزل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي، فيأتيهم يقول: ما لكم لا تنطلقون؟ . فيقولون: لنا إله ما رأيناه بعد. فيقول: وهل تعرفونه إذا رأيتموه؟ . فيقولون: نعم، بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناه. فيقول: ما هي؟ . فيقولون فيكشف عن ساقه فعند ذلك يكشف عن ساقه. أخرجه الخلال في «السنة» عن المروذي عن إسماعيل بن أبي كريمة الحراني عن محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد

عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو وهو حديث صحيح.

الباب الحادي عشر: في قوله تعالى: {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} .

الباب الحادي عشر: في قوله تعالى: {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} . 119 - أخبرنا أبو طاهر إسماعيل بن عبد الرحمن بن عمرو الفراء، أنا الإمام أبو محمد المقدسي، أنا هبة الله الدقاق، أنا عبد الله بن علي الدقاق، أنا علي بن محمد المعدل، أنا محمد بن عمرو الرزاز،

ثنا محمد بن عبيد الله، ثنا يونس بن محمد، نا شيبان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله قال: جاء حبر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، فيقول، أنا الملك. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر.

متفق عليه، 120 - (خ) عن آدم عن شيبان، تابعه جرير عن منصور، وزاد فيه: والجبال والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والخلائق كلها عن إصبع. 121 - ورواه الترمذي من حديث عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس، وحسنه، ولفظه: مر يهودي فقال له

النبي صلى الله عليه وسلم: «يا يهودي! خوفنا» فقال: يا أبا القاسم! كيف بيوم تكون الأرضين على هذه، والسماوات على هذه، والماء على هذه، والخلق على هذه. يعني: أصابعه. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} . 122 - وروى أبو داود السجستاني أظن في «المراسيل» له: ثنا ابن مثنى: نا معاذ بن هشام: نا أبي عن قتادة قال:

ذكر لنا أن حبرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أين الخلائق يوم القيامة؟ . فقال: السماوات على هذه الخنصر، والأرضين على هذه التي تليها. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «صدق الحبر» . ورواته ثقات. 123 - وصح عن ثابت عن أنس قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال: «وضع إبهامه على قريب من طرف أنملة خنصره فساخ الجبل» . فقال حميد لثابت البناني: تقول هذا؟ فرفع

ثابت يده فضرب بها صدر حميد، وقال: يقول رسول الله، ويقول أنس، وأنا أكتمه! ومن أنت يا حميد؟ ! وما أنت يا حميد؟ . وهذا الحديث على رسم مسلم. 124 - وعن عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء» . أخرجه مسلم. وقد رواه غير واحد من الصحابة، منهم: النواس بن سمعان وأبو

ذر، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، ونعيم بن همار،

. وعائشة وأم سلمة وأبو هريرة وسبرة بن فاتك الأسدي.

الباب الثاني عشر في قوله: {وجاء ربك والملك صفا صفا} وقوله: {أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك}

الباب الثاني عشر في قوله: {وجاء ربك والملك صفا صفا} وقوله: {أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك} 127 - أخبرنا يوسف بن أبي نصر، أنا الحسين بن أبي بكر، أنا أبو الوقت السجزي، أنا أبو الحسن الداوودي، أنا أبو محمد بن أعين، أنا أبو عبد الله الفربري، ثنا أبو عبد الله البخاري، نا يحيى بن بكير، نا الليث،

عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: " فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول، أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا. فلا يكلمه إلا الأنبياء ". 128 - وروى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: يأتي الرب تبارك وتعالى في الكروبيين، وهم أكثر من أهل السماوات والأرض

وإسناده حسن. 129 - وثبت عن مجاهد في {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} قال: غير السحاب ولم يكن قط إلا لبني إسرائيل في تيههم، وهو الذي يأتي الله فيه يوم القيامة. 130 - وفي حديث أبي سعيد وغيره في «الصحيح» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون» . 131 - إسماعيل بن عبيد أبي كريمة: نا محمد بن سلمة،

عن أبي عبد الرحمن بن أبي يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن مسروق، ثنا عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء، وينزل الله في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي ثم ينادي منادي: أيها الناس! ألم ترضوا من ربكم أن يولي كل إنسان منكم ما كان يتولى ويعبد في الدنيا، أليس ذلك عدلا من ربكم؟ . قالوا: بلى. فينطلقون ويمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون، فمنهم من ينطلق إلى الشمس، ومنهم من ينطلق إلى القمر، ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى، ويمثل لمن كان يعبد عزير شيطان عزير، ويبقى محمد وأمته، قال فيتمثل الرب فيأتيهم فيقول: ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس؟ . فيقولون: إن لنا إلها ما رأيناه

بعد. فيقول: وهل تعرفونه إن رأيتموه؟ فيقولون بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناه. فيقول: ما هي؟ . فيقولون يكشف عن ساقه. فعند ذلك يكشف الله عن ساقه. قال: فيخر كل كان بظهره طبق، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون {وقد كان يدعون إلى السجود وهم سالمون} الحديث

رواه ابن وارة وعبد الله بن أحمد وغيرهما عن إسماعيل وهو ثقة. ورى هذا الحديث الثوري وغيره عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن عبد الله، ولفظه: «فيمثل الله للخلق ثم يأتيهم في صورته» . ورواه عن المنهال أيضا عبد الأعلى بن أبي المساور ويزيد بن عبد الرحمن الدالاني مثله.

132 - وروى غير واحد عن زيد بن أبي أنيسة فوقفه زيادة عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة وقيس بن السكن عن عبد الله قال: إذا حشر الناس قاموا أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السماء. . الحديث. 133 - أخبرنا عمر الفارسي، أنا ابن اللتي، أنا أبو

باب نزول الرب في شأن الساعة

الوقت، نا الداودي، نا ابن حمويه، أنا عيسى بن عمر، أنا الدارمي قال: باب نزول الرب في شأن الساعة ثنا محمد بن الفضل، نا الصعق بن حزن، عن علي بن

الحكم، عن عثمان بن عمير، عن أبي وائل، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قيل له: ما المقام المحمود؟ . قال: " ذلك يوم ينزل الله على كرسيه يئط كما يئط الرحل الجديد من تضايقه به، وهو كسعة ما بين السماء والأرض، ويجاء بكم حفاة عراة غرلا، فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام، يقول الله: اكسوا خليلي. فيؤتى بريطتين بيضاوين من رياط الجنة، ثم أكسى على أثره، ثم أقوم عن يمين الله مقاما

يغبطني الأولون والآخرون ". عثمان ضعفوه، وهو أبو اليقظان وجماعة يروونه عن الصعق. 134 - زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} قال: يأتي الله يوم القيامة في ظلل من السحاب قد قطعت طاقات.

رواه غير واحد عن زمعة، وبعضهم رفعه، ولم يصح. 135 - هوذة: نا عوف، عن أبي المنهال، عن شهر، عن ابن عباس قال: لأهل السماء السابعة أكثر من أهل السماوات الست وأهل الأرضين بالضعف، فيجئ الله فيهم والأمم جثاة صفوف. 136 - ابن المبارك: نا راشد العطار، حدثني شهر بن حوشب، سمعت ابن عباس قال: يجئ الله يوم القيامة في ظلل من الغمام.

137 - إسحاق بن سليمان الرازي، عن حر، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس قال: ينزل الله في زخرف من الملائكة، ويوضع عرشه والميزان بيده، فيقول: يا ملائكتي! انشروا على الخلق، فوعزتي لا يجاورني ظلم ظالم، وفي لفظ: (احشروا) بدل (انشروا) . 138 - محمد بن أبي عدي: نا عوف، عن أبي المنهال، حدثني شهر، نا ابن عباس قال: إذا كان يوم القيامة

مدت الأرض مدا الأديم، وجمع الخلائق في صعيد واحد. . فذكر حديثا طويلا، قال: ويجئ الله تعالى والأمم جثاة. وهكذا رواه جماعة عن عوف. 139 - سعيد بن بشير: نا القاسم بن الوليد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ينزل الله يوم القيامة في ظلل من الغمام. . الحديث. 140 - موسى بن إسماعيل، نا حماد بن علي بن

زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس في قوله: {ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا} قال: ينزل أهل السماء الدنيا، وهم أكثر من أهل الأرض ومن الجن والإنس، فيقول أهل الأرض: أفيكم ربنا؟ . فيقولون: لا، وسيأتي. ثم تنشق السماء الثانية. . وساق الحديث إلى السماء السابعة: فيقولون: أفيكم ربنا. فيقولون لا وسيأتي. ثم يأتي الرب عز وجل - في الكروبيين وهم أكثر من أهل السماوات والأرض رواه جماعة عن حماد.

146 - وقال أبو العباس السراج في كتاب «الرد على الجهمية» له: نا الحسين بن يزيد الطحان صدوق، نا عبد السلام بن حرب،

عن أبي خالد الدالاني، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة قال: يحشر الناس حفاة عراة مشاة قياما أربعين سنة، شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء، يلجمهم العرق، وينزل الله في ظلل من الغمام إلى العرش، ثم يقول: اكسوا إبراهيم، فيكسى قبطيتين ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فأكسى من حلل الجنة، وأقوم عن يمين العرش، ليس أحد يقوم ذلك المقام غيري» .

المشهور خبر المنهال عن أبي عبيدة عن مسروق عن عبد الله. 147 - الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا بحديث في البعث طويل، فيه: " حتى إذا بقي المسلمون قيل: ألا تنطلقون؟ قد ذهب الناس! . فيقولون حتى يأتي ربنا. فيقال: من ربكم؟ . فيقولون: ربنا الله لا شريك له. فيقول: هل تعرفونه؟ فيقولون: إذا تعرف لنا عرفناه. قال: فيقول، أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك. فيكشف لهم عن ساق فيقعون له سجدا، ثم ينطلق ويتبع أثره. الحديث. 148 - أبو عبد الله بن منده، أنا الحسن بن منصور

الإمام بحمص، نا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم، نا محمد بن إسماعيل بن عياش، حدثني أبي، نا صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ينادي مناد يوم القيامة حين ينزل الرب عن عرشه للحساب: أيها الناس! نزل ربكم بملائكته وغمامه يحفه. وينادي بقدرته وسلطانه: {أتى أمر الله فلا تستعجلوه} . هذا حديث منكر جدا.

149 - معتمر بن سليمان: سمعت عبد الجليل القيسي يحدث، عن أبي حازم، عن عبد الله بن عمرو: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله} قال: يهبط حين يهبط وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب، منها: النور والظلمة والماء، فيصوت الماء صوتا تنخلع له القلوب. إسناده صالح، رواه أبو يعلى الموصلي عن المقدمي عنه، رواه أبو الشيخ عنه.

150 - عثمان الدارمي: نا عبد الله بن صالح، حدثني ابن لهيعة، عن يزيد، عن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس قال: يبدل الله الأرض يوم القيامة بأرض من فضة لم تعمل

عليه الخطايا فينزل عليها الجبار تعالى. غريب منكر موقوف. ٍ 151 - شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} قال: هذا غير السحاب، ولم يكن قط إلا لبني إسرائيل في تيههم، وهو الذي يأتي الله فيه يوم القيامة ". 152 - عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي نا

عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم} قال: يأتيهم الله في ظلل من الغمام، وتأتيهم الملائكة عند الموت. وروى شيبان النحوي عن قتادة نحوه. 153 - حجاج عن ابن جريج: {ويوم تشقق السماء بالغمام} الذي يأتي الله فيه غمام زعموا في الجنة.

154 - آدم بن أبي إياس، نا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية في قوله: {هل ينظرون إلا يأتيهم الله في ظل من الغمام} قال: الملائكة يجيئون في ظلل من الغمام، والله يجئ فيما يشاء وهي كقوله: {ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا} . 155 - أبو عوانة: نا الأجلح،

أنا الضحاك بن مزاحم قال: ينزل الله تعالى في بهائه وجماله ومعه ما شاء من ملائكته، وعلى مجنبته اليسرى جهنم. . . وذكر الحديث. 156 - عمرو بن حماد عن أسباط عن السدي قال: يجئ الله في ظلل من الغمام، فتنشق السماوات، وتنزل الملائكة تنزيلا. 157 - الوليد بن مسلم قال: سألت زهير بن محمد

المكي عن قوله تعالى: {في ظلل من الغمام والملائكة} قال: في ظلل من لغمام منظوم بالياقوت، مكلل بالجواهر والزبرجد. 158 - عبد الله الدشتكي عن أبيه عن الربيع: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله} ذلك يوم القيامة: تأتيهم الملائكة في ظلل من الغمام والرب يقال يجئ فيما شاء وهو بعض القراءة {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله

في ظلل من الغمام} كذا رواه أبو الشيخ في «تفسيره» . 159 - وقال: قال أحمد بن سيار المروزي في كتاب «الرد على الجهمية» : ثنا أنس بن أبي أنيسة الرهاوي: نا عثمان بن عبد الرحمن عن طلحة بن زيد عن رجل عن كعب

قال: أربعة أجبل كل جبل منها لؤلؤة تضيء ما بين المشرق والمغرب: لبنان، والجودي، والطور والجليل. يسيرها الله فتكون في زوايا بيت المقدس، فيأتي الرب بعرشه فيكون عليها. رواه ابن لهيعة عن أبي قبيل عن كعب بنحوه،

والطريقان واهيان. 160 - محمد بن سعد العوفي، نا أبي، نا عمي الحسين بن الحسن بن عطية العوفي، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: {السماء منفطر به} يعني: تشقق السماء حين ينزل الرحمن عز وجل. وفي «الزاهد» لأحمد بن حنبل: نا وكيع، نا علي بن علي: سمعت الحسن يقول: بلغني أن فقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين يوما، والآخرون جثى على ركبهم، فيأتيهم ربهم عز وجل - يقول: حكام الناس وولاة أمور فعندكم حاجتي وطلبتي. قال الحسن: فثم والله حساب شديد إلا ما يسر الله. قال عثمان بن سعيد الدارمي: ليس قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في نزول الله تعالى بأعجب من قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل} ومن قوله: {وجاء ربك والملك صفا صفا} فكما يقدر على هذا يقدر على ذاك. قال حرب الكرماني: أملى علي إسحاق بن راهويه قال: إن الله تعالى وصف نفسه في كتابه بصفات استغنى الخلق أن يصفوه بغير ما وصف به نفسه، من ذلك قوله: {يأتيهم الله في ظلل من الغمام} وقوله: {وترى الملائكة حافين من حول العرش} في آيات كمثلها يصف العرش. قال لي عمر بن عبد الوهاب، أنا عبد الله بن أحمد بن عبد الله: نا إسماعيل بن أحمد قال: قرأت على محمد بن القاسم قال: سمعت محمد بن أسلم الطوسي: قال الله: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} وقال: {وجاء ربك والملك صفا صفا} فمن كذب بالنزول فقد كذب كتاب الله تعالى، وكذب رسول الله. قال محمد بن حاتم: نا إسحاق بن عيسى قال: أتينا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون بجهمي ينكر أن الله يأتيهم يوم القيامة، فقال: يا بني! ما تنكر؟ . قال: الله أجل وأعظم من أن ينزل في هذه الصفة. فقال: يا أحمق! ليس يتغير عن صفته ولكن عيناك يغيرهما حتى تراه كيف شاء. قال الجهمي أتوب إلى الله. ورجع عما كان عليه. 161 - ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال جهنم يلقى فيها، وتقول: هل من مزيد؟

حتى يأتيها رب العالمين، فيضع قدمه فيها فيزوي بعضها على بعض تقول: قد قد أو تقول: قط قط بعزتك وكرمك ". أخرجه (خ) (م) (س) . فهذا باب واسع في المجيء والإتيان الوارد في الكتاب والسنة وأقوال السلف في حق القيوم الدائم الذي لا يحول ولا يزول، نؤمن به، وبما ورد من نعوته، ونقف من حيث وقف القوم، ونسأل الله تعالى أن يثبت في قلوبنا الإيمان به وبأسمائه وصفاته.

باب {ليس كمثله شيء شيء وهو السميع البصير}

باب {ليس كمثله شيء شيء وهو السميع البصير} 162 - اعلم أن الله تعالى لا مثل له بوجه من الوجه، فمن شبه الله بخلقه فقد كفر وخاب وخسر. ولا يلزم من ذلك أن ينفي عنه صفاته المقدسة، فهو الإله العظيم المنعوت بما وصف به نفسه على ألسنة رسله عليهم السلام، قال تعالى لموسى وأخيه: {إنني معكما أسمع وأرى} وقال تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام {يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا} . وقال تعالى: {وكان الله سميعا بصيرا} ، وكان الله سميعا عليما {وكان الله غفورا رحيما} وغير

ذلك من الآيات. . . السمع والبصر والمغفرة في الأزل قبل إيجاد الأشياء بمحضر المشبه إذ لا مسموع و. . وإذ لا معفو ومغفور له، وهو كما هو اليوم بل كما كان في الأزل، مالك يوم الدين ولما يوجد بعد يوم الدين، فهو تعالى منعوت بهذه الأمور ومتسم بها في الأزل والآباد، فله الصفات العلى والأسماء الحسنى على الدوام حقيقة لا مجازا. ولذلك ما زال خالقا ورزاقا ولا خلق بعد ولا رزق ثم بعد توحده وتفرده في أزليته، أبد ما شاء من الكائنات، واختار وأراد أن يوحد الخلق ليعبدوه ويسبحوه، قال تعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده} فجميع الموجودات من الحيوانات والجمادات والأعراض والمعاني والعلاقات توحد باريها، وتسبحه وتنقاد لأمره {ولكن لا تفقهون تسبيحهم} ، إنما هذا باب سبيله الإيمان والتصديق بالنصوص، كما أن الرحم خلقها الله تعالى، وإنما هي أمر معنوي رابط بين الأقارب فاستعاذت بالله من القطيعة، فقال لها: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من

قطعك؟ . وقال تعالى: {سبح لله ما في السماوات والأرض} وقال: {تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن} والنصوص في الكتاب والسنة في ذلك كثيرة، فاخشع لربك وصدق بكتابك، وآمن برسلك، {فلا تضربوا لله الأمثال} ولا تسرع في رد الحق بالتأويل المحال كما يفعل أرباب الاعتزال. وكذلك العمل الصالح هو مصدر، والمصادر ليست بذوات مجسدة، فإذا شاء الله جعله جسما، فيأتي العمل في صورة إنسان حسن يؤنس صاحبه في لحده، ومن حكم على عقله الانقياد للكتاب والسنة فقد فاز، ومن دخل في التحريف والتأويل وضرب الأمثال فقد خاطر بدينه، ومن سكت وفوض فقد سلم، {والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} .

آخر الجزء الأول من الأربعين - حسبنا الله ونعم الوكيل -

§1/1