قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر

الطيب بامخرمة

[مقدمات]

المجلّد الأوّل [مقدمات] بين يدي الكتاب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وبعد: فيقول العلامة ابن خلدون: (اعلم أن فن التاريخ فن عزيز المذهب، جم الفوائد، شريف الغاية؛ إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم؛ حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا) (1). بين يديك أخي القارئ هذا الكتاب التاريخي، وهو من الذخائر اليمنية، والنفائس الحضرمية، يعرض لأخبار الأدباء والشعراء، والأطباء والزهاد وغيرهم، وكانت نظرة المصنف شاملة؛ فلم يقتصر على تاريخ رجال اليمن وحوادثه، وأئمته وأعلامه، بل عمت تراجم رجاله رقعة العالم الإسلامي الجغرافية من أقصى بلاد ما وراء النهر شرقا إلى المغرب وأقصى بلاد الأندلس غربا. وتزداد أهمية هذا السفر: أنه سجل قلمه أخبارا عن حضرموت وما والاها إلى تعز المحروسة، وأماطت ريشة الإمام بامخرمة عن أعلام في هذا الجزء الكبير من اليمن العزيز، وتحدث عنهم بطريقة العلماء الأماجد، فأبان عن شخصياتهم ومذاهبهم وأحوالهم دون تحيز أو ملق أو نزق، وهذه هي طريقة الأئمة المخلصين، كما أن مصادره التي اعتمد عليها وفيرة، ومنها ما لم تمتد إليه يد الباحثين؛ لندرته أو فنائه؛ بحيث صار في حكم المعدوم، فليس لنا طريق توصل إلى معلومات في تلك الموضوعات إلا كتابه هذا. ومما زاد الكتاب أهمية: ما تميز به من منهج علمي وحياد إزاء الفرق والمذاهب المتعددة الذين عرض مناهجهم في «قلادته»، فجمال الدين من الأعلام المتمكنين، والعلماء البارزين، وهو من أسرة عريقة في العلم والشرف، وقد تقلد القضاء بعد طول تمنع، فكان يقال له: قاضي الدولة الطاهرية-كوالده-وكان مفتيها بعدن.

(1) تاريخ ابن خلدون (1/ 13).

والذي يعنينا في هذه الأحرف: أن المؤلف استقى مادة كتابه-ولا سيما تراجم أهل اليمن خاصة-من مصادر متنوعة وثيقة، حبرتها أنامل يمنية؛ ك‍ «كتاب السلوك» للجندي، و «طراز أعلام الزمن» للخزرجي، و «تحفة الزمن» للأهدل، و «الجوهر الشفاف» للخطيب، و «البرقة المشيقة» لعلي بن أبي بكر، و «طبقات الخواص» لشهاب الدين الشّرجي الزبيدي، و «تاريخ ابن حسان»، وهو مصدر نفيس، ولكنه في عداد الكتب المفقودة التي لم تعرف إلا بالنقل من نصوصها في هذه «القلادة». وخلاصة القول: إن هذا الكتاب الموسوم ب‍ «قلادة النحر» تميز بالخصائص التالية: 1 - تميز بتنوع التراجم؛ فهو لم يعن بتراجم طبقة معينة، ولم يقتصر على زمن دون آخر، ولم ينتق تراجم قطر خاص، فقد حلت «قلادته» جيد التاريخ، وأشرقت في نحر الأعيان؛ من محدثين وفقهاء، وخلفاء ووزراء، وشعراء وأدباء، وملوك وسلاطين، وقواد وفاتحين، وقضاة ونحاة، وزهاد وعباد، اغترف من بحر الحقائق دون مواربة، ونطق قلمه بالصدق دون تلعثم، وكشف عن محيا الحقيقة، فتجلت في أبهى حللها، وقيد في «قلادته» من الفوائد النفيسة ما يزري باللؤلؤ المنظوم؛ لأن تفنن فكره وتنوع معارفه كان لهما أثر خلاب؛ إذ سكب من تلك المعارف في طروسه، فبهر أولي الألباب؛ لما ضمه فيها من نفائس مستجادات، وتحليلات واستنتاجات. 2 - إن الترتيب الزمني اعتمد فيه على السنين؛ فافتتح كتابه من فاتحة التاريخ الهجري سنة (1 هـ‍) إلى عصر المؤلف سنة (927 هـ‍)، وهو إذ قسمه إلى وحدات مئوية .. فإنه جزء الوحدة إلى خمسة أقسام، كل قسم يضم طبقات عشرين سنة، والعشرون ذاتها جعلها شطرين: الأول خصصه للتراجم مرتبة على الوفيات، والثاني في الحوادث ورتبها على السنين، وهذه الطريقة التي سلكها في الترتيب من أوليات «القلادة»؛ إذ هو ابتكار غير مسبوق، ونظام لم ينسج على منواله السابقون. وهو في خضم نقش التراجم لم يميز تراجم اليمنيين عمن سواهم من الأقطار الأخرى، بل كانت التراجم خليطا من هؤلاء وأولئك، فالكل على بساط التاريخ سواسية، فلا تحيز ولا عاطفة ميالة، وكأن يراعة الشيخ تقول: (وكل إناء بالذي فيه ينضح). 3 - وكما كان للمؤلف مصادر يستقي منها تراجمه لأهل اليمن .. كذلك كانت له مصادر وثيقة متنوعة اعتمد عليها للتراجم العامة، ومن أبرزها: كتب مؤرخ الإسلام الذهبي،

وبخاصة كتاب «العبر»، و «وفيات الأعيان» لابن خلكان، و «تهذيب الأسماء واللغات» للنووي، و «العقد الثمين» للفاسي، وغيرها من كتب التاريخ. وهو في كل تراجمه يعمد إلى الاقتصاد في العرض، والتثبت في النقل، وطرح السفاسف، وتقييد ما هو خلاصة، والإعراض عن المهاترات التي لا ثمرة لها، وهكذا كانت «قلادته» مضيئة في نحر العلا، سامية على أترابها، عفيفة في عرضها. 4 - ورغم أن نسخة المؤلف كانت مسودة لم تبيض؛ إذ عاجلته المنية قبل تبييضها .. إلا أنها كتب لها الذيوع والانتشار في العالمين العربي والأوروبي، وتلقفتها الأيدي، واستفاد منها الباحثون. وحين عزمت دار المنهاج إبرازها إلى عالم الطباعة .. كانت البواعث على هذا عديدة، ومن أهمها: حسن وضعها، ونفاسة محتواها، واستئثارها بتراجم علماء يمنيين كانوا قبل في عداد المغمورين، إضافة إلى توافر كثير من مصادر الكتاب، وقد اعتمدنا في إخراج الكتاب على خمس نسخ خطية، لكل نسخة رمزها الخاص، ومنها نسخة (م) رمز المتحف البريطاني. ثم إن لجنة التحقيق لم تكتف بمقابلة الكتاب على المخطوطات الخمس، بل دعمت ذلك بالنظر في مصادر التراجم؛ وصولا إلى اليقين، واستظهارا من باب الزيادة في التثبت، الأمر الذي جعل نص الكتاب غاية في الإحكام والإتقان. وها هي دار المنهاج تزف «قلادة النحر» مجلوة إلى طلبة العلم الأكارم؛ نشرا للمعرفة، وتنفيذا للعهد الذي قطعته على نفسها في إخراج كل سفر نافع، يشع بضياء التحقيق، ويزهو بالحلل الفنية، والإخراج المتقن، فلله الحمد والمنة. النّاشر

ترجمة المؤلف (870 - 947 هـ‍)

ترجمة المؤلّف (1) (870 - 947 هـ‍) اسمه ونسبه: هو العلامة المؤرخ الفقيه جمال الدين أبو محمد الطيب (2) بن عبد الله بن أحمد بن علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن إبراهيم بامخرمة السّيباني الحميري الهجراني الحضرمي العدني الشافعي. نشأته وأسرته: أصله من بلدة الهجرين، ارتحل أبوه الفقيه عبد الله من حضرموت إلى عدن طلبا للعلم، وظل يتردد فيما بينهما، إلا أن أكثر إقامته كانت بمدينة عدن حيث كان مولد مؤرخنا فيها لما كان أبوه متوليا وظيفة الإفتاء بها، ولد ليلة الأحد ثاني عشر شهر ربيع الثاني سنة (870 هـ‍). نشأ الشيخ الطيب بن عبد الله في عدن، وتلقى العلم فيها على والده وغيره من علماء عدن وقضاتها الذين سنذكر بعضهم عند الحديث عن شيوخه. وأخواله العلماء الفضلاء آل باشكيل؛ حيث تزوج والده ابنة شيخه القاضي محمد بن مسعود باشكيل. -والده: أبو الطيب عبد الله بن أحمد الشهير بامخرمة. ولد ببلد الهجرين سنة (833 هـ‍) كما وجد بخطه، وربّي يتيما في حجر أمه، فكفله خاله أبو بكر باقضام، وكان ذكيّا من صباه. حج من بلده ماشيا مع آل باعصيّة طريق السراة سنة (853 هـ‍) وأسقط فرضه، فلما رجع

(1) انظر ترجمته في «النور السافر» (ص 303)، و «تاريخ الشحر» (ص 277)، و «شذرات الذهب» (10/ 382)، و «السنا الباهر بتكميل النور السافر» (ص 461، خ)، و «هدية العارفين» (5/ 433)، و «الأعلام» للزركلي (4/ 94)، و «معجم المؤلفين» (2/ 18)، و «الروض الأغن» (2/ 65)، و «مصادر الفكر الإسلامي في اليمن» (ص 61، 502). (2) ذكر بعض المعاصرين أن اسمه: (عبد الله الطيب)، ولعل الصواب ما أثبت، والله أعلم.

اخوة صاحب الترجمة

من الحج .. دخل عدن لطلب العلم، فقصد القاضي محمد بن أحمد با حميش المتوفى سنة (861 هـ‍)، فقرأ عليه، وسمع كثيرا من كتب الفقه ك‍ «التنبيه» و «المنهاج» وغير ذلك، وقرأ «ألفية ابن مالك» على الفقيه ابن أزهر، وقرأ على القاضي محمد بن مسعود باشكيل المتوفى سنة (871 هـ‍) كثيرا من كتب الحديث والتفاسير وغيرها، وأجاز له إجازة عامة في جميع أنواع العلوم، وزوجه القاضي باشكيل ابنته، وقرأ على الفقيه البرجمي كتاب «المصابيح». ولي قضاء عدن مدة يسيرة، فباشره بعفة وجد، فأنصف الضعيف من القوي. وانتفع به خلق، منهم: أولاده الطيب وعمر وأحمد، والقاضي عبد الله بن عبد الرحمن بافضل، والفقيه علي بن زيد الشرعبي، والفقيه محمد بن العفيف، والفقيه عمر بن أحمد با كثير وغيرهم. وله مصنفات، منها: «نكت على جامع المختصرات»، و «نكت على ألفية ابن مالك»، و «شرح على ملحة الحريري»، وفتاوى مجموعة رتبها على أبواب الفقه وغيرها. وكان رحمه الله تعالى يصدع بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم؛ يجاهر السلطان فمن دونه. توفي بعدن سحر ليلة الاثنين لتسع بقيت من المحرم سنة (903 هـ‍). اخوة صاحب الترجمة: - أخوه وشيخه شهاب الدين أحمد: ولد سنة (866 هـ‍) بعدن. حفظ القرآن الكريم، وانتفع بوالده كثيرا، وجدّ واجتهد في طلب العلم حتى أعجب به والده، وكان له علم بالفرائض والجبر والمقابلة، درّس في منصورة عدن الفقه، وبرع في التدريس، ودرّس أيضا في ظاهرية عدن الحديث، وله شرح على «جامع المختصرات» للنسائي. قال المؤلف: قرأت عليه «التنبيه»، و «المنهاج»، وكثيرا من كتب الحديث، وبه تخرجت، وعليه انتفعت رحمه الله تعالى. توفي رحمه الله تعالى سنة (911 هـ‍). -أخوه محمد: ولد بالهجرين سنة (873 هـ‍)، وهو أخو المؤلف لأبيه. حفظ القرآن الكريم وطلب العلم بعدن، وقد درس على أخيه الطيب مؤلف هذا الكتاب كتاب «التنبيه». أصيب بالجذام، فخرج إلى الهند للتداوي، ولكنه لم يشف، فرجع إلى عدن وازداد

أبناء المؤلف

مرضه، وكانت وفاته بالشحر سنة (906 هـ‍). -أخوه عبد الله: ويعرف بالعمودي، ولد بعدن سنة (881 هـ‍). حفظ القرآن الكريم وله دون عشر سنين، وكان فيه فهم وذكاء مفرط، وكان عارفا باللغة والنحو، وله ديوان شعر. توفي سنة (903 هـ‍). -أخوه عمر: مولده في الهجرين سنة (884 هـ‍)، ونشأ في قرية (موشح) عند أخواله، ثم سار إلى عدن، ولازم والده الإمام، ثم لازم بعده السيد أبا بكر العيدروس العدني المتوفى سنة (914 هـ‍) والشيخ عبد الرحمن با هرمز الأخضر المتوفى سنة (914 هـ‍). وكان متصوفا متقشفا، أخذ عنه الشيخ معروف بن عبد الله باجمال المتوفى سنة (968 هـ‍)، والشيخ أبو بكر بن سالم العلوي صاحب عينات المتوفى سنة (992 هـ‍)، وكان يربي المريدين، ويرشد السالكين، ووافاه الأجل في سيؤون سنة (952 هـ‍).له ديوان شعر كبير، و «ورد الوارد القدسي» وهو تفسير إشاري، وغير ذلك. رحمه الله تعالى. -ابن أخيه: عبد الله بن عمر بن عبد الله بن أحمد بامخرمة. كان آية في العلم خصوصا الفقه والفلك، أخذ عن والده عمر وعمه الطيّب، وبرع في العلوم، وانتصب للتدريس والفتوى، وانتهت إليه رئاسة العلم والفتوى في جميع جهات اليمن، وكان المؤلف رحمه الله تعالى يقول: لا أستطيع ما يستطيع عليه ابن أخي في حل المشكلات، وتحرير الجوابات، على المسائل العويصات الغامضات. ولي قضاء الشحر مرتين، ومن تصانيفه: كتاب ينكت فيه على «شرح المنهاج» للشيخ ابن حجر الهيتمي في مجلدين، و «شرح الرحبية»، و «ذيل على طبقات الشافعية» للإسنوي، و «مشكاة المصباح لشرح العدة والسلاح» وغير ذلك. توفي رحمه الله تعالى سنة (972 هـ‍). أبناء المؤلف: - ولده محمد: توفي رحمه الله تعالى سنة (933 هـ‍) في حياة والده المترجم. -ولده عبد الله: خطيب محدث، توفي رحمه الله تعالى سنة (975 هـ‍). شيوخه: تتلمذ المؤلف رحمه الله تعالى على جلّة من علماء بلده، في مقدمتهم والده وأخوه شهاب الدين أحمد اللّذين قدمنا ذكرهما عند الحديث عن أسرته، ومن شيوخه أيضا:

-جمال الدين محمد بن أحمد ابن علي بافضل الحضرمي. ولد بتريم سنة (840 هـ‍)، ونشأ بغيل أبي وزير. حفظ القرآن الكريم، واشتغل على الفقيه باعديل، وقرأ «التنبيه» وغيره من كتب الفقه على القاضي محمد بن أحمد با حميش، وتزوج بزوجته لما توفي، وأجازه القاضيان محمد بن أحمد با حميش ومحمد بن مسعود باشكيل، وأفتى ودرس، وقصده الطلبة من أنحاء اليمن. له «شرح ألفية البرماوي»، و «العدة والسلاح في أحكام النكاح»، و «مختصر قواعد الزركشي»، و «شرح أبواب تراجم البخاري» وغير ذلك من المصنفات. وبالجملة فقد كان حسن المذاكرة، موظفا أوقاته على العبادة والطاعة. قرأ عليه مؤرخنا «صحيح البخاري»، و «شرحه على البرماوية»، و «قواعده» التي اختصرها من «قواعد الزركشي»، وسمع عليه «تفسير البيضاوي»، و «الحاوي»، و «صحيح مسلم» وغير ذلك، وانتفع به خلق كثير. توفي رحمه الله تعالى سنة (903 هـ‍). -الشريف الحسين بن الصديق بن الحسين بن عبد الرحمن الأهدل. ولد سنة (805 هـ‍) ببندر عدن. كان فقيها عارفا بمتن الحديث، قرأ على الإمام الحافظ يحيى العامري الأمهات الست وغيرها من كتب الحديث، ودرّس الفقه والحديث والنحو في جامع عدن وفي بيته، وانتفع به جمع في دينهم ودنياهم. كان يسعى بين الدولة والعرب المفسدين بالصلح والذمة. توفي رحمه الله تعالى سنة (903 هـ‍). -القاضي محمد بن حسين القمّاط. ولد بزبيد سنة (828 هـ‍)، ونشأ وتعلم بها. برع في الفقه، ودرس وأفتى، وتولى قضاء عدن سنة (883 هـ‍). توفي رحمه الله تعالى سنة (903 هـ‍)، وقيل: سنة (904 هـ‍).

تلامذته

-القاضي العلامة أحمد بن عمر المزجد. ولد سنة (847 هـ‍). كان من العلماء المشهورين، وأحد المحققين المعتمدين، المرجوع إليهم في النوازل المعضلة، والحوادث المشكلة. تلقى علومه على شيخ الإسلام إبراهيم بن أبي القاسم جعمان، والقاضي عبد الله بن الطيب الناشري وغيرهم. ومن مصنفاته: «العباب المحيط بمعظم نصوص الشافعي والأصحاب»، و «تحفة الطلاب» و «منظومة الإرشاد» وغيرهما، وله شعر حسن. انتفع به خلق من الطلبة، وكانت وفاته رحمه الله تعالى سنة (930 هـ‍). -الفقيه الأديب الشاعر حسن بن عبد الرحمن الصباحي. مفتي تعز، كان شاعرا مفلقا، إماما في علم الحساب والفرائض والجبر والمقابلة. توفي رحمه الله تعالى سنة (898 هـ‍). تلامذته: ممن تتلمذ على العلاّمة بامخرمة: -أخوه محمد بن عبد الله بن أحمد بامخرمة. -ابن أخيه عبد الله بن عمر بن عبد الله بن أحمد بامخرمة. وقد قدمنا الحديث عنهما لما ذكرنا أسرته. -ابن خال المؤلف محمد بن الطاهر بن عبد الرحمن بن القاضي محمد بن مسعود أبو شكيل. ولد سنة (802 هـ‍)، وتوفي والده وهو ابن سنة، فكفله والد مؤرخنا الفقيه عبد الله بن أحمد بامخرمة، فعلمه القرآن وأدبه وهذبه، ودرس على صاحب الترجمة الطيب بامخرمة «صحيح البخاري»، وكانت بينهما ألفة ومودة أكيدة من الصغر، وحج وأخذ عن مشايخ الحرمين الشريفين، ثم رجع إلى عدن. توفي رحمه الله تعالى سنة (902 هـ‍).

علمه وفضله ومصنفاته

علمه وفضله ومصنفاته: كان مؤرخنا رحمه الله تعالى مالك ناصية العلوم وفارس ميدانها، وحائز قصب السبق على حلبة رهانها. وكان من أحسن الناس تدريسا، وذكر جماعة أنهم لم يروا مثله في حل المشكلات وتحقيق المعضلات، وصار عمدة في عدن هو وعصريّة محمد بن عمر باقضام المتوفى سنة (952 هـ‍)، والفقيه محمد باقضام كان كثير الاستحضار للفروع، حسن التصرف فيها، لكن ليس له في غير الفروع يد، وأما صاحب الترجمة الشيخ الطيب بامخرمة .. فقد شارك في كثير من العلوم؛ كالتفسير والحديث والفقه والعربية، وكان يقول: إني أقرأ في أربعة عشر علما. كان حسن السيرة والمحاضرة، لطيف المذاكرة، كثير الاستحضار لفروع الأحكام التي تخفى على كثير من العلماء الأعلام، وخصوصا في كتب الشيخين وغيرهما من المتأخرين. صنف كتبا كثيرة، منها: - «شرح صحيح مسلم»: قال الشلي في «السنا الباهر» (ص 462، خ): (وصنف كتبا كثيرة، منها «شرح صحيح مسلم» غالب استمداده من «شرح الإمام النووي»، بل هو هو في الحقيقة مع زيادات وتحقيقات في بعض المواضع). - «أسماء رجال مسلم»: لم نجد من تكلم عنه بشيء غير ذكرهم له بأنه من مؤلفات صاحب الترجمة. - «النسبة إلى المواضع والبلدان»: هو معجم جغرافي مبني على نسبة الإنسان وغيره إلى البلدان أو الأمصار أو القرى أو الحصون أو الجبال أو الأنهار أو غير ذلك، وهو حافل بتراجم الرجال وذكر المشاهير، توسع فيه بإيراد الأقوال والأشعار، مضبوط بالنص على الحروف والحركات والأوزان، مفيد في بابه، ونقل عن مصادر بعضها مفقود اليوم، وقد طبع في مجلد فاخر، اعتنى به السيد عبد الله بن محمد الحبشي حفظه الله تعالى. - «تاريخ ثغر عدن»: وهو كتاب لطيف، يتحدث عن تاريخ عدن حرسها الله تعالى، وقد جاء الكتاب على قسمين: القسم الأول: في ذكر شيء مما جاء فيها من الآيات والأحاديث والآثار والأشعار وغير ذلك؛ من ذكرها وذكر سورها ومشهور دورها، وباب برّها، وما ينسب إليها مما هو حواليها من الأماكن والمواطن.

مناصبه

القسم الثاني: في ذكر تراجم من نشأ بها أو وردها من العلماء والصلحاء، والملوك والأمراء، والتجار والوزراء. حققه المستشرق الهولندي أوسكار لوفغرين، وطبع بليدن عام (1950 م) - «قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر»: وهو كتابنا هذا. مناصبه: كان مؤرخنا في أول حياته مفتيا ومدرسا فحسب، وامتحن بقضاء عدن عند كبر سنه وضعف قواه، وكان سبب قبوله إلحاح الدولة عليه بتسلّم هذا المنصب إضافة إلى فقره خاصة وأنه يعول عائلة كبيرة، فاضطرّ للقبول، وذلك في سنة (934 هـ‍). وفاته: أصابه رحمه الله تعالى في آخر عمره مرض، ولم يزل يتزايد به حتى منعه من الصلاة إلا بالإيماء برأسه، ومكث نحو سنتين أو أكثر على هذه العلة إلى أن مات رحمه الله تعالى في سادس شهر المحرم سنة (947 هـ‍) بعدن، ودفن في قبر جده لأمه القاضي العلامة محمد بن مسعود أبي شكيل بوصية منه، وذلك في قبة الشيخ جوهر رحمهم الله تعالى. وكثر الحزن والتأسف من الخاص والعام، وكان رحمه الله من محاسن الدهر، جمع الله فيه من محاسن الصفات؛ من التواضع، وحسن الخلق، والبشاشة، ولين الجانب، وكرم النفس، وصلة الإخوان، والصبر والرفق ومداراة الناس، وحسن التدبير، والمواظبة على الطاعة. قال تلميذه وابن أخيه العلامة عبد الله بن عمر بامخرمة: ولما توفي كنت غائبا بمكة شرفها الله، فلما رجعت وبلغني خبر وفاته .. رثيته بقصيدة مطلعها: [من الكامل] انهدّ ركن الدين وهو قويم … وانهار طود المجد وهو صميم وتغيّرت شمس البلاد وأظلمت … وتناثرت من أفقهنّ نجوم والأفق منعكر الظّلام كأنّما ال‍ … دّخان في جوّ السّما مركوم هذي علامات القيامة هذه ال‍ … أشراط هذا الموعد المحتوم هذا الإمام قضى عليه نحبه … الطيّب العلاّمة المرحوم شيخ العلوم وناشر أعلامها … محيي الفهوم إذا تموت فهوم

علم الأئمة واحد في عصره … ولكل عصر واحد معلوم من للعلوم الزهر بعد وفاته … هيهات قد رمست وراه علوم ومنها: مولاي أوحشت الديار فهذه … أطلالكم فيها تصيح البوم لا عيش يصفو بعدكم كلاّ ولا … تلك الرسوم وإن عظمن رسوم قد كانت الدنيا تزين بذكركم … منها العراق ومصرها والرّوم واختص ذا اليمن المبارك بالذي … قد خصه واليمن فيه قديم لا سيّما عدن فقد فخرت بكم … فخرا على وجه العلى مرقوم والثغر منها كان يبسم ضاحكا … فاليوم يبكي واعترته هموم لهفي على تلك المحاسن إنها … كالزهر وهو الطيب المشموم وسع الأنام فكلهم أولاده … راضون عنه كأنه معصوم كثرت فضائله فطاب لقائل … في وصفه المنثور والمنظوم ***

وصف النسخ الخطية

وصف النّسخ الخطّيّة اعتمدنا في إخراج هذا الكتاب على خمس نسخ خطية: الأولى: الأصل؛ لأنها نسخة كاملة بأجزائها الثلاثة، ولأنها مكتوبة من نسخة مسودة المصنف رحمه الله تعالى، وهي نسخة مكتبة يني جامع، محفوظة بالمكتبة السليمانية بإسطنبول، رقم: (883)، وعدد أوراقها (604) ورقة، ومتوسط عدد الأسطر (33) سطرا، ومتوسط عدد كلمات السطر الواحد (16) كلمة. جاء في طرتها: هذه النسخة مكتوبة من نسخة مسودة المصنف رحمه الله رحمة واسعة، حيث لم يف عمره إلى التبييض. وكان الفراغ من نسخها يوم الثلاثاء التاسع من شهر ربيع الآخر أحد شهور السنة الأولى بعد الألف من هجرته عليه أفضل الصلاة والسلام بخط أفقر عباد الله وأحوجهم إليه يحيى بن أحمد بن علي الصعدي الشافعي عفا الله عنه وعن والديه وعن جميع المسلمين، آمين. ورمزنا لها ب‍ (ت) الثانية: نسخة مكتبة الأحقاف-برقم (2156) و (2158)، وهي نسخة كاملة اعتراها نقص في بعض الأماكن، خطها نسخي معتاد، مكونة من ثلاثة أجزاء في مجلدين، وعدد أوراقها (566) ورقة، متوسط عدد الأسطر (33) سطرا، وعدد كلمات كل سطر (19) كلمة، برسم الأمير المؤيد بالله محمد بن القاسم بن محمد بن رسول سنة (1035 هـ‍). ورمزنا لها ب‍ (ق) الثالثة: نسخة مكتبة الأحقاف-مجموعة عمر بن أحمد بن سميط برقم (2)، رقم: (2157)، وتحتوي على الجزء الثاني فقط مع بعض النقص في آخرها، وعدد أوراقها (190) ورقة، ومتوسط عدد الأسطر (29) سطرا، ومتوسط عدد الكلمات في السطر الواحد (14) كلمة. وهي نسخة بخط نسخي، ورءوس التراجم بالحمرة، وكانت كتابتها في القرن العاشر ظنّا، وعليها تملكات أقدمها سنة (1088 هـ‍)، وبها آثار رطوبة وأرضة. ورمزنا لها ب‍ (س)

الرابعة: نسخة مصورة عن نسخة المتحف البريطاني، وتحتوي على الجزء الثالث كاملا، وخطها نسخي، وعدد أوراقها (201) ورقة، ومتوسط عدد الأسطر (31) سطرا، ومتوسط عدد الكلمات في السطر الواحد (15) كلمة، وهي نسخة منقولة عن نسخة الأحقاف التالية الذكر رقم (2159) والتي كتبت بخط العلامة عمر بن إبراهيم الحباني (1) وتاريخ نسخها سنة (1030 هـ‍) بخط الفقيه صلاح بن أحمد بن داعر. ورمزنا لها ب‍ (م) الخامسة: أيضا نسخة مكتبة الأحقاف-مجموعة حسين بن سهل-رقم: (2159)، وتحتوي على الجزء الثالث كاملا، وهي نسخة بخط نسخي، والعناوين بالحمرة، وبها آثار ترميم، وعدد أوراقها (236) ورقة، ومتوسط عدد الأسطر (29) سطرا، ومتوسط عدد الكلمات في السطر الواحد (15) كلمة، ناسخها العلامة عمر بن إبراهيم الحباني رحمه الله تعالى، وكان الفراغ من نسخها أوائل شهر جمادى الأخرى سنة (987 هـ‍)، وهي برسم الشيخ الكبير العلامة عمر بن عبد الله بن علوي بن عبد الله بن أبي بكر العيدروس رحمه الله تعالى، وهو أول التملكات. ورمزنا لها ب‍ (ل). ***

(1) توفي العلامة عمر الحباني سنة (995 هـ‍)، وكان نسّاخا، كتب بقلمه نحو أربعين مجلدا من عيون المؤلفات والكتب. انظر «تاريخ الشعراء الحضرميين» (1/ 179).

منهج العمل في الكتاب

منهج العمل في الكتاب - نسخنا الكتاب وقابلناه بالنسخ الخطية، وأثبتنا الفروق المهمة. -دوّنا بعض حواشي المخطوطات التي رأينا إثباتها، وهي قليلة جدّا. -وضعنا الآيات القرآنية بين قوسين ()، وجعلناها برسم المصحف الشريف على رواية الإمام حفص عن عاصم. -قمنا بتخريج الأحاديث من المصادر الحديثية. -رصّعنا الكتاب بعلامات الترقيم المناسبة وفق المنهج المتبع في الدار. -نسبنا الأبيات الشعرية إلى بحورها. -وضعنا في مقدمة الكتاب ترجمة للمؤلف رحمه الله تعالى. -وضعنا لكل ترجمة عنوانا بين معقوفين يتضمن ما يشتهر به صاحب الترجمة؛ ليتميز عن غيره. -رقمنا التراجم ترقيما تسلسليا من أول الكتاب إلى آخره. -باعتبار أن الكتاب لا يزال مسودة ولم يبيّض زدنا بعض الكلمات وأحيانا جملا كاملة لا يستقيم النص بدونها معتمدين على موارد المؤلف، وذلك دون تنبيه في الغالب؛ لكثرة هذه الزيادات، واقتصرنا على وضعها بين معقوفين. -قمنا بتغيير بعض الكلمات التي كان الخطأ والسهو فيها من النساخ أو من المؤلف بيّنا دون الإشارة في الهامش؛ وذلك لأسباب ثلاثة: 1 - كثرة هذا السهو مما يؤدي إلى تشويه الكتاب وإثقاله بالحواشي. 2 - عدم استقامة الكلام بدون هذا التغيير البيّن. 3 - اتباع مصادر الترجمة في إيرادها لهذه الكلمات، وخاصة المصادر التي يعتمد عليها المصنف كثيرا، والتي نجد فيها تطابقا كبيرا مع ما يورده المصنف، كتاريخ الذهبي الموسوم

ب‍ «العبر»، وكتاريخ ابن خلكان المسمّى «وفيات الأعيان»، وك‍ «طراز أعلام الزمن»، والكتب التي ينقل عنها المؤلف ناسبا الكلام إلى مصنفيها. -علقنا على بعض المفردات التي تحتمل أكثر من وجه بذكر الفروق التي وجدناها في المصادر والتي قد تفيد القارئ. -أوردنا في الهامش مصادر كل ترجمة بما يتناسب مع قدر المترجم له وطول الترجمة وقصرها مع الاهتمام بمنزلة صاحب الترجمة؛ فإن كان فقيها .. لم نغفل المصادر التي تعنى بتراجم الفقهاء، وإن كان قارئا .. لم نغفل المصادر التي تعنى بتراجم القراء، وإن كان نحويا أو أديبا .. فكذلك، وهكذا. -إذا اتفقت المصادر على وفاة من نترجم له مخالفة ما في كتابنا .. قمنا بتصحيح ذلك، ونقلنا الترجمة إلى موضعها الصحيح حسب الطبقات والسنوات. -إذا أعاد المؤلف إحدى التراجم مرة أخرى في طبقة أخرى .. أحلنا الترجمة التي ذكرت فيها وفاة صاحب الترجمة خطأ على الترجمة التي فيها تاريخ الوفاة صوابا، وذكرنا مصادر الترجمة في الموضع الأصلي للترجمة. -خرجنا النصوص التي نقلها المؤلف عن غيره من المؤرخين. -مقابلة نصوص التراجم والحوادث بالمصادر والمراجع التي اعتمدنا عليها في تحقيق الكتاب. -شرحنا الكلمات الغامضة وخاصة ما استعمل فيه اللهجة اليمنية. ***

صور المخطوطات المستعان بها

صور المخطوطات المستعان بها

راموز ورقة العنوان للنسخة (ت) المجلد الأول راموز الورقة الأولى للنسخة (ت) المجلد الأول

راموز الورقة الأخيرة للنسخة (ت) المجلد الأول راموز ورقة العنوان للنسخة (ت) المجلد الثاني

راموز الورقة الأولى للنسخة (ت) المجلد الثاني راموز الورقة الأخيرة للنسخة (ت) المجلد الثاني

راموز ورقة العنوان للنسخة (ت) المجلد الثالث راموز الورقة الأولى للنسخة (ت) المجلد الثالث

راموز الورقة الأخيرة للنسخة (ت) المجلد الثالث راموز ورقة العنوان للنسخة (ق) المجلد الأول

راموز الورقة الأولى للنسخة (ق) المجلد الأول راموز الورقة الأخيرة للنسخة (ق) المجلد الأول

راموز الورقة الأولى للنسخة (ق) المجلد الثاني راموز الورقة الأخيرة للنسخة (ق) المجلد الثاني

راموز الورقة الأولى للنسخة (ق) المجلد الثالث راموز الورقة الأخيرة للنسخة (ق) المجلد الثالث

راموز ورقة العنوان للنسخة (س) المجلد الثاني راموز الورقة الأولى للنسخة (س) المجلد الثاني

راموز الورقة الأخيرة للنسخة (س) المجلد الثاني راموز الورقة الأولى للنسخة (م) المجلد الثالث

راموز الورقة الأخيرة للنسخة (م) المجلد الثالث راموز ورقة العنوان للنسخة (ل) المجلد الثالث

راموز الورقة الأولى للنسخة (ل) المجلد الثالث راموز الورقة الأخيرة للنسخة (ل) المجلد الثالث

قلادة النّحر في وفيات أعيان الدّهر تأليف الإمام العالم المؤرّخ الفقيه أبي محمّد الطّيّب بن عبد الله بن أحمد بن علي بامخرمة الهجرانيّ الحضرميّ الشّافعيّ رحمه الله تعالى (870 - 947 هـ‍) المجلّد الأوّل

[خطبة الكتاب]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وعلى النبي وآله أفضل الصلوات والتسليم [خطبة الكتاب] الحمد لله الباقي بعد فناء خلقه، المانّ عليهم بإدرار رزقه، الموجب عليهم القيام بأداء حقه، كل شي هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه يرجع الأمر كله، لا مطمع في البقاء لسواه سبحانه، وبيده إبرام الأمر وحلّه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من عذب بالتوحيد لسانه، واطمأن إلى الإخلاص فيه جنانه. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، المبعوث خاتما للرسل، موضحا للسبل، فجاء بملة هي خير الملل، وجاهد في الله قام الحق واعتدل. صلّى الله وسلم عليه، وزاده فضلا وشرفا لديه، وعلى آله الذين طهّرهم من الرجس تطهيرا، وعلى صحابته الذين دمّر بهم الكفر وأهله تدميرا، وعلى التابعين لهم بإحسان، ما تعاقبت الدهور والأزمان. أما بعد: فإنه لما كان التاريخ طريقا إلى العلم بحال من درج من القرون الماضية، ووسيلة إلى حفظ أخبارهم وحوادثهم الجارية، وكان في ذلك عبرة لمن اعتبر، وعظة واضحة لمن ادّكر؛ لما يقف عليه فيه من تقلب الدهور، وتغير الأحوال والأمور .. أردت أن أجمع فيه مجموعا لائقا، وأنموذجا فائقا، فجرّدت في ذلك عزمي، وصرفت إلى تحصيله همّي، فجاء بحمد الله تأليفا وافيا، وترصيفا كافيا، سلكت فيه طريق التوسط بين الإطناب الممل والإيجاز المخل، ورتبته على السنين، مبتدئا بأول سنة من هجرة المصطفى صلّى الله عليه وسلم، جاعلا كل مائة منها خمس طبقات، ذاكرا في كل عشرين من طبقاتها تراجم أهلها، محررا كل ترجمة غالبا بتلخيصها من أصلها، مبتكرا لإنشائها نادرا أو معولا على نقلها، مقدما غالبا من وقفت على تاريخ وفاته، معقبا له بذكر من جهلت وقت مماته، معيدا تلك

العشرين، مجردا فيها ذكر أحداثها، المفضي أكثرها بطوائفها إلى أحداثها، وربما أهمل ترجمة بعض الأعيان في طبقة التراجم؛ إما لمناسبة، أو لسهو هاجم، أذكره في طبقة الحوادث في سنة وفاته إن كانت منقولة، أو في آخرها إن كانت مجهولة. وجلّ اعتمادي فيما انتدبت له، وأتقنت في فنه عمله: «تاريخ الشيخ الكبير الأمجد، عفيف الدين اليافعي عبد الله بن أسعد» (1)، إلاّ أني أودعت فيه جملة مستكثرة مما كان أهمل ذكرها فيما حرره، جمعتها من كتب شتى، هي فيما زدته معتمدي، ك‍ «تاريخي» أبي الحسن الخزرجي (2) والبهاء الجندي (3)، وك‍ «تاريخ العلاّمة ابن حسان الحضرمي» (4) إمام الطريقة، وكتاب «الجوهر الشفاف في مناقب الأشراف» (5) أهل الحقيقة، وكتاب الشيخ الجليل الشريف علي بن أبي بكر الموسوم ب‍ «البرقة المشيقة» (6)، وقد اعتذر اليافعي رحمه الله عن إهماله ذلك بأنه لم يقف من طبقات أهل اليمن على سوى «تاريخ ابن سمرة» (7)، فلهذا لم يتعرض لذكر أكثرهم فيمن ذكر وأسميته: «قلادة النّحر في وفيات أعيان الدّهر» وعلى الله الكريم أعتمد، وإليه أفوض أمري وأستند، وأسأله النفع به لي ولسائر إخواني من المسلمين، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم؛ فهو أرحم الراحمين. وهذا أوان الشروع فيما نلتمس فيه من ربنا الإعانة، والتوفيق لما توخينا فيه من الإبانة، إنّه جواد كريم، غفور رحيم.

(1) واسمه: «مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان»، أرخ فيه المدة الواقعة بين (1 - 750 هـ‍)، توفي سنة (768 هـ‍). (2) واسمه: «طراز أعلام الزمن في طبقات أعيان اليمن» ويسمى أيضا: «العقد الفاخر الحسن في طبقات أعيان اليمن» توفي الإمام الخزرجي سنة (812 هـ‍). (3) واسمه: «السلوك في طبقات العلماء والملوك»، أرخ فيه من ولادة النبي صلّى الله عليه وسلم إلى سنة (665 هـ‍)، توفي سنة (732 هـ‍). (4) للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن علي حسان، توفي سنة (818 هـ‍) وهذا التاريخ في عداد الكتب المفقودة الآن، والله أعلم. (5) لمؤلفه العلامة عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الخطيب الأنصاري، ترجم فيه للسادة الأشراف من آل باعلوي وغيرهم من الأولياء والصالحين، توفي سنة (855 هـ‍). (6) واسمه الكامل «البرقة المشيقة في ذكر لباس الخرقة الأنيقة» ترجم فيه المؤلف لأشياخه من آل باعلوي الذين لبسوا خرقة الصوفية وانتظموا بسلكهم رضي الله عنهم أجمعين، توفي سنة (895). (7) لمؤلفه العلامة عمر بن علي بن سمرة، وهو أول كتاب ألف في طبقات فقهاء اليمن من الشافعية على وجه الخصوص-كما قال الخزرجي-ترجم فيه للصحابة الذين سكنوا اليمن أو هاجروا منه وحتى فقهاء القرن السادس، توفي سنة (586 هـ‍).

طبقات المائة الأولى

طبقات المائة الأولى

العشرون الأولى من المائة الأولى

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ العشرون الأولى من المائة الأولى 1 - [أسعد بن زرارة] (1) أسعد بن زرارة النجّاري، ويقال: أسعد الخير، وكنيته: أبو أمامة، وهو أول من أسلم من الأنصار في العقبة الأولى، وقيل: غيره، وشهد العقبة الثانية. مات في السنة الأولى من الهجرة ومسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم يبنى، فوجد عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وجدا شديدا، وكان قد كواه من ذبحة نزلت به. وكان نقيب بني النجار، فلم يجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليهم نقيبا بعده، وقال: «أنا نقيبكم» (2)، فكانت من مفاخرهم رضي الله عنهم. 2 - [البراء بن معرور] (3) البراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة، بفتح السين وكسر اللام (4). شهد العقبة الثانية، وكان نقيب بني سلمة، وأوصى بثلث ماله للنبي صلّى الله عليه وسلم، وهو أول من أوصى بالثلث.

(1) «سيرة ابن هشام» (1/ 507)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 562)، و «طبقات خليفة» (ص 159)، و «الاستيعاب» (ص 59)، و «أسد الغابة» (1/ 86)، و «مرآة الجنان» (10/ 4)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 299)، و «العبر» (1/ 3)، و «الإصابة» (1/ 50)، و «غربال الزمان» (ص 12)، و «شذرات الذهب» (1/ 113). (2) أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (3/ 565)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 186) من طريق الواقدي، قال الذهبي في «الميزان» (3/ 666): (استقر الإجماع على وهن الواقدي)، وانظر مقدمة «عيون الأثر» (1/ 25) ففيها ما يدفع ذلك، والله أعلم. (3) «النسب» لابن سلام (ص 286)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 571)، و «الاستيعاب» (ص 79)، و «أسد الغابة» (1/ 207)، و «مرآة الجنان» (1/ 4)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 267)، و «الإصابة» (1/ 148)، و «غربال الزمان» (ص 12)، و «شذرات الذهب» (1/ 113). (4) قال السمعاني في «الأنساب» (3/ 280): (بفتح السين المهملة وفتح اللام، وهذه النسبة عند النحويين، وأصحاب الحديث يكسرون اللام على غير قياس النحويين).

3 - [كلثوم بن الهدم]

ويقال: كان أول من ضرب على يد رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمبايعة البراء بن معرور، ثم بايع القوم بالعقبة. وتوفي في السنة الأولى من الهجرة، فأتى النبي صلّى الله عليه وسلم في أصحابه إلى قبره وصلّى عليه (1)، رضي الله عنه. 3 - [كلثوم بن الهدم] (2) كلثوم بن الهدم-بكسر الهاء وسكون الدال-ابن امرئ القيس الأوسي، المعروف بصاحب النبي صلّى الله عليه وسلم قبل وصول النبي صلّى الله عليه وسلم إلى المدينة، ونزل عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقباء، وأقام عنده أربعة أيام، أو أربعة عشر يوما على الخلاف، وكان شيخا كبيرا. توفي في السنة الأولى من الهجرة كما ذكره الحافظ يحيى العامري في «بهجة المحافل» (3). وقال الكاشغري في «مختصر أسد الغابة»: (توفي بعد قدوم النبي صلّى الله عليه وسلم المدينة، وقبل بدر بيسير) (4)، رضي الله عنه. 4 - [عبيدة بن الحارث] (5) أبو معاوية، وقيل: أبو الحارث، عبيدة-بضم العين مصغرا-ابن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي، وكان أسن من رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعشر سنين.

(1) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (3/ 384) مرفوعا. (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 574)، و «الاستيعاب» (ص 634)، و «أسد الغابة» (4/ 495)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 242)، و «البداية والنهاية» (3/ 243)، و «الإصابة» (3/ 288). (3) انظر «بهجة المحافل» (1/ 172). (4) «مختصر أسد الغابة» (خ/291/ب). (5) «النسب» لابن سلام (ص 203)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 48)، و «تاريخ الطبري» (402/ 2، 445)، و «الاستيعاب» (ص 466)، و «أسد الغابة» (3/ 553)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 20)، و «البداية والنهاية» (3/ 341)، و «العقد الثمين» (5/ 544)، و «الإصابة» (2/ 442)، و «غربال الزمان» (ص 12)، و «شذرات الذهب» (1/ 114).

أسلم قديما قبل دخول النبي صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم، أسلم هو وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة ابن الجراح وأبو سلمة وعبد الله بن الأرقم وعثمان بن مظعون رضي الله عنهم في وقت واحد، وهاجر عبيدة مع أخويه الطّفيل والحصين ابني الحارث، ومع مسطح بن أثاثة بن عباد المطلبي إلى المدينة، ونزلوا على عبد الله بن سلمة العجلاني، وكان لعبيدة قدر ومنزلة عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال ابن إسحاق: أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمدينة بعد عوده من غزوة ودّان بقية صفر وصدرا من شهر ربيع الأول من السنة الثانية، وبعث في مقامه ذلك عبيدة بن الحارث في ستين راكبا من المهاجرين ليس فيهم أنصاري، وعقد له اللواء، وكان أول لواء عقده رسول الله صلّى الله عليه وسلم (1)، فالتقى عبيدة والمشركون بثنيّتي المرار (2)، وكان على المشركين أبو سفيان بن حرب، وكان هذا أول قتال جرى في الإسلام، وكان أول من رمى بسهم في سبيل الله سعد بن أبي وقاص. ثم شهد عبيدة بدرا-وهو أسن من شهد بدرا من المسلمين-وبارز عتبة بن ربيعة، فاختلفا ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة فقتله مكانه، وبارز علي الوليد بن عتبة فقتله مكانه، وكرا على عتبة فذففاه، واحتملا عبيدة وحازاه إلى أصحابه. وتوفي بالصّفراء وهم راجعون من بدر، وعمره ثلاث وستون سنة. وكان رحمه الله مربوعا حسن الوجه. قيل: إن النبي صلّى الله عليه وسلم نزل بأصحابه بالصفراء، قالوا: إنا نجد ريح المسك، قال: «وما يمنعه وههنا قبر أبي معاوية؟ ! » رضي الله عنه.

(1) قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (3/ 258) بعد أن ساق كلام ابن إسحاق: (وقد خالفه الزهري وموسى بن عقبة والواقدي؛ فذهبوا إلى أن بعث حمزة قبل بعث عبيدة بن الحارث، والله أعلم)، ثم ذكر أنه كان على رأس سبعة أشهر من الهجرة، وانظر الكلام في ترجمة سيدنا حمزة (ص 13)، و «مغازي الواقدي» (1/ 2)، و «سيرة ابن هشام» (2/ 595). (2) في «سيرة ابن هشام» (2/ 591)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 256)، و «تاريخ الطبري» (2/ 403): (ثنية المرة)، وذكروا أنه لم يكن بين المسلمين والمشركين إلا الرمي، ولم يحصل قتال بينهم.

5 - [السيدة رقية]

5 - [السيّدة رقيّة] (1) رقية بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أمها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهاجر بها إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وخرج صلّى الله عليه وسلم إلى بدر وهي مريضة، وأقام عثمان بالمدينة يمرضها، وضرب له رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع أهل بدر بسهم وأجره. وتوفيت يوم جاء البشير بنصرة النبي صلّى الله عليه وسلم على المشركين بيوم بدر، رضي الله عنها. 6 - [عمير بن أبي وقّاص] (2) عمير بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب، وهو أخو سعد بن أبي وقاص. أسلم قديما بمكة، وهاجر، ولما سار رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى بدر .. أراد المسير معه، فرده النبي صلّى الله عليه وسلم لصغره، وكان عمره ست عشرة سنة، فبكى فقال: أحب الخروج لعل الله يرزقني الشهادة، فأذن له النبي صلّى الله عليه وسلم في الخروج إلى بدر، فاستشهد بها، رضي الله عنه. 7 - [ذو الشّمالين] (3) عمير بن عبد عمرو بن نضلة الخزاعي، ثم من بني غبشان، حليف بني زهرة بن كلاب، الملقب ذو الشمالين (4)، استشهد ببدر، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (10/ 36)، «الاستيعاب» (ص 899)، و «أسد الغابة» (7/ 113)، و «التبيين» (ص 89)، و «مرآة الجنان» (1/ 5)، و «الإصابة» (4/ 297)، و «بهجة المحافل» (2/ 138)، و «غربال الزمان» (ص 13)، و «تاريخ الخميس» (1/ 274). (2) «النسب» لابن سلام (ص 207)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 138)، و «الاستيعاب» (ص 484)، و «التبيين» (ص 291)، و «أسد الغابة» (4/ 299)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 97)، و «الإصابة» (3/ 35). (3) «النسب» لابن سلام (ص 292)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 154)، و «المعارف» (ص 322)، و «الاستيعاب» (ص 221)، و «أسد الغابة» لابن الأثير (2/ 174)، و «البداية والنهاية» (3/ 337)، و «الإصابة» (1/ 474). (4) لقّب بذلك؛ لأنه كان أعسر.

8 - [عاقل بن البكير]

8 - [عاقل بن البكير] (1) عاقل بن البكير بن عبدياليل اللّيثي، من بني سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، حليف بني عدي بن كعب بن لؤي. شهد بدرا، وقتل فيها وهو ابن أربع وثلاثين سنة. كان اسمه غافلا-بالغين المعجمة والفاء-فلما أسلم .. سماه النبي صلّى الله عليه وسلم عاقلا، رضي الله عنه. 9 - [مهجع بن صالح] (2) مهجع-بكسر الميم وسكون الهاء وفتح الجيم-الصحابي، مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. نزل فيه وفي بلال وصهيب وخباب وعمار وعتبة بن غزوان وأوس بن خولي وعامر بن فهيرة قوله تعالى: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الآية. شهد بدرا، وكان أول قتيل بها من المهاجرين، أتاه يوم بدر سهم غرب وهو بين الصفين فقتله، رضي الله عنه. 10 - [صفوان ابن بيضاء] (3) صفوان بن وهب بن ربيعة بن هلال الفهري، المعروف بابن البيضاء، والبيضاء أمه، واسمها: دعد بنت جحدم، وكانت تدعى: بيضاء. قتل ببدر، وقيل: مات حتف أنفه وهو ابن ثمان عشرة سنة (4)، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 360)، و «طبقات خليفة» (ص 58)، و «المعارف» (ص 157)، و «الاستيعاب» (ص 587)، و «الأنساب» (4/ 325)، و «أسد الغابة» (3/ 116)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 185)، و «العقد الثمين» (5/ 81)، و «الإصابة» (2/ 238). (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 364)، و «المعارف» (ص 157)، و «الاستيعاب» (ص 703)، و «أسد الغابة» (5/ 280)، و «الإصابة» (3/ 446)، و «شذرات الذهب» (1/ 115). (3) «النسب» لابن سلام (ص 220)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 385)، و «الاستيعاب» (ص 342)، و «التبيين» (ص 497)، و «أسد الغابة» (3/ 31)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 384)، و «الإصابة» (2/ 185). (4) هذا القول نقله ابن سعد في «الطبقات» (3/ 416) عن الواقدي.

11 - [سعد بن خيثمة الأوسي]

11 - [سعد بن خيثمة الأوسي] (1) سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب الأوسي، يكنى: أبا خيثمة، وقيل: أبا عبد الله. وكان نقيب بني عمرو بن عوف، شهد العقبة وبدرا، وقتل بها، رضي الله عنه. 12 - [مبشّر بن عبد المنذر] (2) مبشر بن عبد المنذر الأوسي، من بني عمرو بن عوف. استشهد ببدر ولا عقب له، رضي الله عنه. 13 - [ابن فسحم] (3) يزيد بن الحارث بن قيس الخزرجي، من بني الحارث بن الخزرج، ويعرف بابن فسحم، وهي أمه وأم أخيه عبد الله. شهد بدرا وقتل فيها، ولم يعقب، رضي الله عنه. 14 - [عمير بن الحمام] (4) عمير بن الحمام-بضم الحاء، وتخفيف الميم-ابن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن سلمة الأنصاري الصحابي، شهد بدرا. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم بدر: «لا يقاتل أحد في هذا اليوم فيقتل صابرا

(1) «النسب» لابن سلام (ص 276)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 446)، و «طبقات خليفة» (ص 150)، و «الاستيعاب» (ص 279)، و «أسد الغابة» (2/ 346)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 266)، و «الإصابة» (2/ 23). (2) «النسب» لابن سلام (ص 271)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 422)، و «الاستيعاب» (ص 701)، و «أسد الغابة» (5/ 58)، و «الإصابة» (3/ 340). (3) «النسب» لابن سلام (ص 281)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 495)، و «الاستيعاب» (ص 759)، و «الأنساب» (4/ 383)، و «أسد الغابة» (5/ 483)، و «الإصابة» (3/ 616). (4) «سيرة ابن هشام» (2/ 627)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 523)، و «الاستيعاب» (ص 484)، و «أسد الغابة» (4/ 290)، و «الإصابة» (3/ 31).

15 - [رافع بن المعلى]

محتسبا مقبلا غير مدبر .. إلا دخل الجنة»، وكان عمير واقفا في الصف، وبيده تمرات يأكلهن، فسمع ذلك من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: بخ بخ! ! ما بيني وبين أن يدخلني الله الجنة .. إلا أن يقتلني هؤلاء، وألقى التمرات من يده، وأخذ السيف وقاتل القوم وهو يقول: [من الرجز] ركضا إلى الله بغير زاد … إلا التقى وعمل المعاد والصبر في الله على الجهاد … إنّ التقى من أعظم السداد وخير ما قاد إلى الرشاد … وكلّ حيّ فإلى نفاد فلم يزل يقاتل حتى قتل، قتله خالد بن الأعلم (1). قال في «التهذيب»: (وهو أول قتيل من الأنصار في الأنصار، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم آخى بينه وبين عبيدة بن الحارث، واستشهدا ببدر جميعا) (2) رضي الله عنهما. 15 - [رافع بن المعلّى] (3) رافع بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن عديّ بن زيد بن ثعلبة الخزرجي. قتله عكرمة بن أبي جهل ببدر، رضي الله عنه. 16 - [حارثة بن سراقة] (4) حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي النجاري، أمه الرّبيّع-بضم الراء مصغرا-بنت النضر، عمة أنس بن مالك بن النضر. استشهد ببدر، وقيل: بأحد، وهو الذي قال: (أصبحت مؤمنا بالله حقا ... ) الحديث (5).

(1) أخرج القصة مسلم (1901)، والحاكم (3/ 426)، والبيهقي (43/ 9 - 99/ 9) (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 39). (3) «سيرة ابن هشام» (2/ 701)، و «النسب» لابن سلام (ص 285)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 555)، و «الاستيعاب» (ص 227)، و «أسد الغابة» (2/ 199)، و «الإصابة» (1/ 487). (4) «طبقات ابن سعد» (3/ 473)، و «الاستيعاب» (ص 141)، و «الأنساب» (4/ 167)، و «أسد الغابة» (1/ 325)، و «الإصابة» (1/ 297). (5) أخرجه عبد بن حميد (445)، وابن أبي شيبة (7/ 226)، والطبراني في «الكبير» (3/ 266).

17 - [عوف ابن عفراء]

وهو الذي رآه النبي صلّى الله عليه وسلم في الجنة، وقيل: الذي رآه النبي صلّى الله عليه وسلم في الجنة حارثة بن النعمان، وكان بارا بأمه، ذكره أحمد في «المسانيد» (1)، قيل: وهو الأصح، رضي الله عنهما. 17 - [عوف ابن عفراء] (2) عوف ابن عفراء، وهي أمه، واسم أبيه: الحارث بن رفاعة بن سوادة، الأنصاري النجاري، أخو معوّذ ومعاذ، وقيل: اسمه: عوذ. استشهد ببدر، وقيل: إنه أحد الستة المبايعة ليلة العقبة، رضي الله عنهم. 18 - [معوّذ ابن عفراء] (3) معوّذ ابن عفراء، وهي أمه، واسم أبيه: الحارث بن رفاعة بن سوادة، الأنصاري النجاري. شهد العقبة وبدرا، قتل أبا جهل بن هشام يوم بدر، ثم قاتل حتى قتل رحمه الله، ولم يعقب، رضي الله عنه. 19 - [مالك بن عمرو] (4) مالك بن عمرو ابن النجار. مات يوم الجمعة على خروج النبي صلّى الله عليه وسلم إلى أحد، فصلى عليه وقد لبس لأمته، ثم ركب إلى أحد، رضي الله عنه.

(1) «مسند أحمد» (6/ 151). (2) «النسب» لابن سلام (ص 278)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 457)، و «طبقات خليفة» (ص 158)، و «الاستيعاب» (ص 572)، و «أسد الغابة» (4/ 308)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 359)، و «الإصابة» (3/ 42). (3) «النسب» لابن سلام (ص 278)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 456)، و «المعارف» (ص 597)، و «الاستيعاب» (ص 689)، و «أسد الغابة» (5/ 240)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 359)، و «الإصابة» (3/ 430). (4) «طبقات ابن سعد» (3/ 577)، و «الاستيعاب» (ص 657)، و «أسد الغابة» (5/ 38)، و «الإصابة» (3/ 329).

20 - [حمزة بن عبد المطلب]

20 - [حمزة بن عبد المطّلب] (1) حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة، وكان أسن من رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسنتين، يكنى: أبا عمارة وأبا يعلى بابنيه عمارة ويعلى. أسلم في السنة الثانية من المبعث، وأعز الله به الإسلام، فقاتل يوم بدر بسيفين، وبارز وأبلى فيها بلاء عظيما، وكذلك فعل يوم أحد. قيل: إنه قتل بأحد واحدا وثلاثين نفسا، ثم قتله وحشي بن حرب الحبشي مولى جبير بن مطعم بعم مولاه طعيمة بن العدي بن الخيار، وكان حمزة قتل طعيمة ببدر، وبقرت هند بطن حمزة، وأخرجت كبده فلاكتها، ولم تسغها فلفظتها، فقال صلّى الله عليه وسلم: «لو دخل بطنها .. لم تمسها النار» (2)، وذلك للنصف من شوال سنة ثلاث، وعمره سبع وخمسون سنة، وقيل: تسع وخمسون، وقيل: أربع وخمسون سنة. وروى حديث: «الزموا هذا الدعاء: اللهم؛ إني أسألك باسمك الأعظم، ورضوانك الأكبر» (3). وهاجر إلى المدينة، وبعثه صلّى الله عليه وسلم إلى سيف البحر، قال أبو الحسن المدائني: وهو أول لواء عقده رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وخالفه ابن إسحاق فقال: أول لواء عقده صلّى الله عليه وسلم لعبيدة بن الحارث بن المطلب. وسبب الخلاف كما قال ابن سيد الناس في «سيرته»: (وذلك أن بعث حمزة وبعث عبيدة كانا معا فشبّه ذلك على الناس) (4). وأسند أبو عوانة إلى أبي لبيبة عن جده: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:

(1) «النسب» لابن سلام (ص 196)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 7)، و «المعارف» (ص 124)، و «الاستيعاب» (ص 135)، و «أسد الغابة» (2/ 51)، و «التبيين» (ص 144)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 171)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 200)، و «العقد الثمين» (4/ 227)، و «الإصابة» (1/ 353). (2) ذكره ابن سعد في «الطبقات» (3/ 13). (3) أخرجه الطبراني في «الكبير» (3/ 151)، والديلمي في «الفردوس» (1847). (4) «عيون الأثر» (1/ 271).

«والذي نفسي بيده؛ إنه مكتوب عند الله عزّ وجل في السماء السابعة: حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله» (1). ورثاه كعب بن مالك-وقيل: عبد الله بن رواحة (2) -بقوله: [من الوافر] بكت عيني وحقّ لها بكاها … وما يغني البكاء ولا العويل على أسد الإله غداة قالوا … أحمزة ذاكم الرجل القتيل أصيب المسلمون به جميعا … هناك وقد أصيب به الرسول أبا يعلى لك الأركان هدّت … فأنت الماجد البر الوصول عليك سلام ربك في جنان … يخالطها نعيم لا يزول ألا يا هاشم الأخيار صبرا … فكل فعالكم حسن جميل رسول الله مصطبر كريم … بأمر الله ينطق إذ يقول ألا من مبلغ عني لؤيّا … فبعد اليوم دائلة تدول وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا … وقائعنا بها يشفى الغليل نسيتم ضربنا بقليب بدر … غداة أتاكم الموت العجيل غداة ثوى أبو جهل صريعا … عليه الطير حائمة تجول وعتبة وابنه خرّا جميعا … وشيبة عضّه السيف الصقيل (3) ألا يا هند لا تبدي شماتا … بحمزة إن عزّكم ذليل ألا يا هند فابكي لا تملّي … فأنت الواله الحرّى الثكول ولم يعقب حمزة رضي الله عنه (4).

(1) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 198)، والطبراني في «الكبير» (3/ 149) كلاهما عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن جده عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فراوي الحديث هو أبو لبيبة وليس جده. (2) القائل: هو ابن إسحاق كما نقل ابن عبد البر في «الاستيعاب» (ص 137). (3) عضّه بالسيف: ضربه به. (4) قال في «التبيين» (ص 147): (قال مصعب: ولد لحمزة خمسة رجال لصلبه كلهم ماتوا عن غير عقب، ولم يبق لحمزة عقب).

21 - [عبد الله بن جحش]

21 - [عبد الله بن جحش] (1) عبد الله بن جحش بن رياب-بكسر الراء-ابن يعمر بن صبرة بن مرّة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي، أمه أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلّى الله عليه وسلم. أسلم قديما قبل دخوله صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر إلى الحبشة هو وأخوه أبو أحمد، وعبيد الله، وأخواتهم: زينب-أم المؤمنين-وأم حبيبة وحمنة بنت جحش، فتنصر عبيد الله بالحبشة، ومات بها نصرانيا. وهاجر عبد الله المذكور وأخوه أبو أحمد وأهله إلى المدينة، وأمّره رسول الله صلّى الله عليه وسلم على سرية، وهو أول أمير أمّره، وغنيمته أول غنيمة في الإسلام. ثم شهد بدرا ثم أحدا، ودعا يوم أحد أن يقاتل ويستشهد، وتقطع أنفه وأذنه، ويمثل به في الله تعالى، ورسوله صلّى الله عليه وسلم، فاستجاب الله دعاءه، فاستشهد وعمل به الكفار ذلك، وكان يقال: المجدّع في الله، ودفن هو وخاله حمزة بن عبد المطلب في قبر واحد-رضي الله عنهما-وعمره يومئذ نيف وأربعون سنة. قال الحافظ يحيى العامري في «البهجة»: (ولا يعلم من قبور شهداء أحد معينا غير قبريهما، وعليهما قبة عالية، وشاهدت حول مشهدهما ببطن الوادي آراما من حجارة متفرقة، يقال: إنها قبور الشهداء رضي الله عنهم، والله أعلم) (2). 22 - [مصعب بن عمير] (3) أبو عبد الله مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي العبدري، كان من فضلاء الصحابة وخيارهم. أسلم والنبي صلّى الله عليه وسلم في دار الأرقم، وكتم إسلامه خوفا من أمه وقومه.

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 84)، و «الاستيعاب» (ص 386)، و «الأنساب» (5/ 30)، و «أسد الغابة» (3/ 194)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 262)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 200)، و «الإصابة» (2/ 278). (2) «بهجة المحافل» (1/ 205). (3) «النسب» لابن سلام (ص 204)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 107)، و «الاستيعاب» (ص 698)، و «التبيين» (ص 243)، و «أسد الغابة» (5/ 181)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 145)، و «العقد الثمين» (7/ 214)، و «الإصابة» (3/ 401).

23 - [شماس بن عثمان]

وكان يختلف إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم سرا، فبصر به عثمان بن طلحة العبدري يصلي، فأعلم به أمه وأهله، فحبسوه، ولم يزل محبوسا إلى أن هاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد العقبة الأولى مع الاثني عشر أهل العقبة الأولى؛ ليعلّم الناس القرآن، ويصلي بهم، ونزل بالمدينة على أسعد بن زرارة يدعو الناس إلى الإسلام، فأسلم على يديه جماعة، منهم: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير. وهو أول من قدم من المهاجرين إلى المدينة، وأول من جمّع الجمعة بالمدينة، وشهد بدرا، وكان لواء المسلمين بيده يوم أحد، وبه استشهد، وعمره نحو أربعين سنة، وفيه وفي أصحابه نزل من القرآن قوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ.} وكان قبل إسلامه أنهد فتى في قريش، وأكثرهم رفاهية في الملبس وغيره، وكان أبواه يحبانه حبا شديدا، فحمله حب الله ورسوله على مفارقة ذلك كله، وكان يلبس بالمدينة إهاب كبش. 23 - [شمّاس بن عثمان] (1) شماس بن عثمان المخزومي (2). أسلم وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، واستشهد بأحد وهو ابن أربع وثلاثين سنة. 24 - [عمرو بن معاذ الأشهلي] (3) عمرو بن معاذ بن النعمان الأشهلي، أخو سعد بن معاذ. استشهد يوم أحد ولا عقب له، رضي الله عنه.

(1) «النسب» لابن سلام (ص 211)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 226)، و «الاستيعاب» (ص 335)، و «الأنساب» (5/ 636)، و «أسد الغابة» (2/ 528)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 200)، و «الإصابة» (2/ 152). (2) قال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (2/ 200): (وهو عثمان بن عثمان بن الشريد، ولقب شماسا لملاحته)، قال ابن حجر في «الإصابة» (2/ 152): (قال الزبير بن بكار: كان من أحسن الناس وجها). (3) «النسب» لابن سلام (ص 274)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 402)، و «الاستيعاب» (ص 491)، و «أسد الغابة» (4/ 272)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (3/ 18).

25 - [الحارث بن أنس]

25 - [الحارث بن أنس] (1) الحارث بن أنس بن رافع من بني عبد الأشهل، بدري، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 26 - [عمارة بن زياد] (2) عمارة بن زياد بن السّكن بن رافع الأنصاري الأشهلي. استشهد يوم أحد كما قاله ابن هشام تبعا لابن إسحاق (3)، وقيل: يوم بدر، رضي الله عنه. 27 - [سلمة بن ثابت] (4) سلمة بن ثابت بن وقش-بفتح القاف، وشين معجمة-ابن زغبة بن زعوراء الأشهلي، بدري، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 28 - [عمرو بن ثابت] (5) عمرو بن ثابت بن وقش، أخو سلمة الأنصاري الأشهلي. استشهد يوم أحد، وهو الذي قيل: إنه دخل الجنة ولم يصل صلاة قط، أي: أسلم ثم قاتل فقتل، وقيل: ذلك عمرو بن أقيش، رضي الله عنهما.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 122)، و «النسب» لابن سلام (ص 274)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 403)، و «الاستيعاب» (ص 143)، و «أسد الغابة» (1/ 378)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (1/ 273). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 122)، و «النسب» لابن سلام (ص 274)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 238)، و «الاستيعاب» (ص 519)، و «أسد الغابة» (4/ 139)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (2/ 508). (3) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 122). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 122)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 407)، و «الاستيعاب» (ص 304)، و «أسد الغابة» (2/ 425)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (2/ 62). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 122)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 240)، و «الاستيعاب» (ص 495)، و «أسد الغابة» (4/ 202)، و «الإصابة» (2/ 519).

29 - [ثابت بن وقش]

29 - [ثابت بن وقش] (1) ثابت بن وقش بن زغبة بن زعوراء الأنصاري الأشهلي، أبو سلمة وعمرو، استشهد مع ابنيه بأحد، رضي الله عنه. 30 - [رفاعة بن وقش] (2) رفاعة بن وقش بن زغبة بن زعوراء، كما صرح بذلك ابن سيد الناس في «سيرته» (3)، استشهد يوم أحد هو وإخوانه، رضي الله عنهم. 31 - [اليمان والد حذيفة] (4) حسيل-بضم الحاء وفتح السين المهملتين ثم المثناة من تحت-ابن جابر بن ربيعة العنسي-بالنون-المعروف باليماني، والد حذيفة بن اليمان. أصابه المسلمون في المعركة يوم أحد خطأ لا يدرون أنه اليماني، فتصدق ابنه حذيفة بديته على من أصابه، رضي الله عنه. 32 - [الحباب بن قيظي] (5) الحباب-بضم الحاء المهملة وتكرير الموحدة-بن قيظي الأنصاري الأشهلي، أمه الصّعبة بنت التّيّهان أخت أبي الهيثم، استشهد يوم أحد، وقيل: اسمه جناب-بالجيم (6) - رضي الله عنه.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 122)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 240)، و «الاستيعاب» (ص 103)، و «أسد الغابة» (1/ 280)، و «عيون الأثر» (2/ 40)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 204)، و «الإصابة» (1/ 198). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 122)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 240)، و «النسب» لابن سلام (ص 274)، و «الاستيعاب» (ص 231)، و «أسد الغابة» (2/ 233)، و «عيون الأثر» (2/ 40)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (1/ 505). (3) انظر «عيون الأثر» (2/ 40). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 122)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 249)، و «الاستيعاب» (ص 178)، و «الروض الأنف» (6/ 10)، و «أسد الغابة» (2/ 16)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (1/ 330). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 123)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 243)، و «الاستيعاب» (ص 173)، و «الأنساب» (4/ 579)، و «أسد الغابة» (1/ 436)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (1/ 301). (6) ومنهم من قال: (خباب) بالخاء المعجمة، انظر «توضيح المشتبه» (3/ 36) و (7/ 170).

33 - [صيفي بن قيظي]

33 - [صيفي بن قيظي] (1) صيفي بن قيظي بن عمرو، أخو الحباب. استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 34 - [الحارث بن أوس] (2) الحارث بن أوس بن معاذ بن النعمان الأنصاري الأشهلي، بدري. استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 35 - [عباد بن سهل] (3) عباد بن سهل بن مخرمة، الأنصاري الأشهلي. استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 36 - [إياس بن أوس] (4) إياس بن أوس بن عتيك بن عمرو بن عبد الأعلم بن زعوراء بن جشم بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 37 - [عثمان بن مظعون] (5) أبو السائب عثمان بن مظعون-بالظاء المعجمة-ابن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحي.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 122)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 243)، و «الاستيعاب» (ص 347)، و «الأنساب» (4/ 579)، و «أسد الغابة» (3/ 41)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (2/ 190). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 123)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 403)، و «الاستيعاب» (ص 142)، و «أسد الغابة» (1/ 379)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (1/ 273). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 123)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 243)، و «الاستيعاب» (ص 472)، و «أسد الغابة» (3/ 153)، و «الإصابة» (2/ 259). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 123)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 244)، و «الاستيعاب» (ص 69)، و «أسد الغابة» (1/ 180)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (1/ 100). (5) «طبقات ابن سعد» (3/ 365)، و «طبقات خليفة» (ص 60)، و «الاستيعاب» (ص 551)، و «أسد الغابة» (3/ 598)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 325)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 153)، و «الإصابة» (2/ 457).

أسلم هو وعبيدة بن الحارث بن المطلب وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة وأبو عبيدة بن الجراح-رضي الله عنهم-قديما في ساعة واحدة قبل دخول رسول الله صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر عثمان إلى الحبشة، ثم رجع إلى مكة، وهاجر هو وأخواه قدامة وعبد الله بنو مظعون إلى المدينة، فنزلوا على عبد الله بن سلمة العجلاني، وآخى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين عثمان وبين أبي الهيثم بن التّيّهان الأنصاري، وحرم على نفسه الخمر في الجاهلية، وقال: لا أشرب شيئا يذهب عقلي، ويضحك مني من هو أدنى مني، وقال صلّى الله عليه وسلم: «إن عثمان بن مظعون يحيي سنتي». وكان من أشد الناس اجتهادا في العبادة، يصوم النهار ويقوم الليل، ويضرب عن النساء، ويتجنب الشهوات. شهد بدرا، وتوفي في شهر شعبان بعد سنتين ونصف من الهجرة؛ أي: قبل أحد بنحو شهرين، وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين، وأول من دفن بالبقيع، ورثته زوجته أم السائب-وقيل: أم العلاء الأنصارية، وقيل: أم خارجة بن زيد-بهذه الأبيات: [من البسيط] يا عين جودي بدمع غير ممنون … على رزيّة عثمان بن مظعون على امرئ بات في رضوان خالقه … طوبى له من فقيد الشخص مدفون طاب البقيع له سكنى وغرقده … وأشرقت روضه من بعد تفتين (1) وأورث القلب حزنا لا انقطاع له … حتى الممات فما يرقى له شوني (2) وقالت أم العلاء: رأيت لعثمان بن مظعون عينا تجري، فجئت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأخبرته فقال: «ذلك عمله» (3)، كذا ذكره النووي في «التهذيب» (4). وفاته في سنة ثلاث، وذكر اليافعي في «تاريخه» أنه توفي سنة اثنتين (5)، وكذا ذكر الكاشغري أنه توفي سنة اثنتين (6)، رضي الله عنه.

(1) الفتين: الأرض الحرة السوداء. (2) الشون: مجرى الدمع إلى العين، والأبيات في «الاستيعاب» (3/ 88)، و «أسد الغابة» (3/ 387). (3) أخرجه البخاري (3929)، والنسائي في «الكبرى» (7587)، وأحمد (6/ 436). (4) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 326). (5) انظر «مرآة الجنان» (1/ 5). (6) انظر «مختصر أسد الغابة» (خ/244/أ).

38 - [عبيد بن التيهان]

38 - [عبيد بن التّيّهان] (1) عبيد بن التّيّهان، ويقال: اسمه عتيك، شهد بدرا، واستشهد يوم أحد، وهو أخو أبي الهيثم بن التّيّهان، رضي الله عنه. 39 - [حبيب بن زيد البياضي] (2) حبيب بن زيد بن تميم بن أمية البياضي، استشهد يوم أحد، قال ابن إسحاق: ويقال: خبيب بن يزيد، رضي الله عنه. 40 - [يزيد بن حاطب] (3) يزيد بن حاطب بن عمرو الأنصاري الأشهلي، وقيل: إنه من بني ظفر. استشهد يوم أحد، كذا في «مختصر أسد الغابة» للكاشغري (4)، وذكر ابن هشام تبعا لابن إسحاق فيمن استشهد يوم أحد من بني ظفر: يزيد بن حاطب بن أمية بن رافع، رضي الله عنه (5). 41 - [أبو سفيان بن الحارث] (6) أبو سفيان بن الحارث بن قيس بن زيد الأنصاري الأوسي، من بني عمرو بن عوف، ثم من بني ضبيعة بن زيد، ذكره ابن إسحاق وابن هشام فيمن استشهد بأحد.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 123)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 414)، و «الاستيعاب» (ص 463)، و «أسد الغابة» (3/ 534)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (2/ 435). (2) «طبقات ابن سعد» (4/ 248)، و «الاستيعاب» (ص 160)، و «أسد الغابة» (1/ 443)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (1/ 305). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 123)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 264)، و «الاستيعاب» (ص 760)، و «أسد الغابة» (5/ 484)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (3/ 617). (4) انظر «مختصر أسد الغابة» (خ/356/أ). (5) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 123). (6) «سيرة ابن هشام» (3/ 123)، و «النسب» لابن سلام (ص 271)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 293)، و «الاستيعاب» (ص 813)، و «أسد الغابة» (6/ 147)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (4/ 91).

42 - [غسيل الملائكة]

وقال الكاشغري: (استشهد يوم أحد، وقيل: يوم حنين. قال: روي أنه لما وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى أحد .. وجه معه أبو سفيان بن الحارث، وصحابي آخر، قال الصحابي: اللهم؛ لا تردني إلى أهلي، وارزقني الشهادة مع رسولك، وقال أبو سفيان: اللهم؛ ارزقني الجهاد مع رسولك والمناصحة له، وردني إلى عيالي وصبيتي؛ حتى تكفيهم بي أو تلفهم بي، فقتل أبو سفيان، ورجع الآخر، فذكر أمرهما لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «كان أبو سفيان أصدق الرجلين نية» رضي الله عنهما) (1). 42 - [غسيل الملائكة] (2) حنظلة بن أبي عامر الراهب، واسم أبي عامر: عمرو بن صيفي بن زيد بن أمية بن ضبيعة، كذا في «تهذيب النووي» (3)، وفي «سيرة ابن هشام»: (صيفي بن نعمان بن مالك بن أمية) (4)، الأنصاري الأوسي المدني، من سادة الصحابة وفضلائهم. وعرف بغسيل الملائكة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لما استشهد بأحد: «ما شأن حنظلة غسلته الملائكة؟ » فسألوا امرأته، فقالت: سمع الهيعة وهو جنب (5)، فلم يتأخر للاغتسال (6). وكان أبوه يعرف في الجاهلية بالراهب، فسماه النبي صلّى الله عليه وسلم: الفاسق، مات على كفره بالشام سنة تسع، وقيل: عشر. رحم الله حنظلة ورضي عنه.

(1) «مختصر أسد الغابة» (خ/375/ب). (2) «النسب» لابن سلام (ص 224)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 290)، و «الاستيعاب» (ص 139)، و «الأنساب» (4/ 297)، و «أسد الغابة» (2/ 66)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (1/ 360). (3) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 170). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 123). (5) الهيعة: الصيحة. (6) أخرجه ابن حبان (7025)، والحاكم (3/ 204)، والبيهقي (4/ 15).

43 - [أنيس بن قتادة]

43 - [أنيس بن قتادة] (1) أنيس بن قتادة بن ربيعة الأوسي، قال ابن إسحاق: من بني عبيد بن زيد، شهد بدرا، وقتل يوم أحد، رضي الله عنه. 44 - [أبو حيّة] (2) أبو حية من بني ثعلبة ابن عمرو بن عوف، وهو أخو سعد بن خيثمة لأمه. قتل بأحد، قاله ابن إسحاق. زاد ابن هشام: (أبو حية بن عمرو بن ثابت) (3). ولم يذكره الكاشغري في «مختصره»، وإنما ذكر: (أبو حبة-بالموحدة-ابن غزية بن عمرو النجاري، اسمه زيد، وقيل: الحارث، وقتل باليمامة، وذكر: أبو حية الأنصاري الأوسي البدري، بالياء آخر الحروف، وقيل: بالنون، وصوابه بالموحدة، وقال: اسمه عامر بن عبد، وقيل: عامر بن عمير، وقيل: مالك بن عمرو، وله رواية) (4)، ولم يذكر في الكنى غير هذين، ولم يذكر قتل أحدهما بأحد، فليحقق ذلك إن شاء الله تعالى (5). 45 - [عبد الله بن جبير] (6) عبد الله بن جبير بن النعمان الأوسي، من بني ثعلبة ابن عمرو بن عوف شهد العقبة

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 123)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 430)، و «الاستيعاب» (ص 48)، و «أسد الغابة» (1/ 159)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (1/ 89). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 123)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 444)، و «طبقات خليفة» (ص 54)، و «الاستيعاب» (ص 790)، و «الروض الأنف» (6/ 67)، و «أسد الغابة» (6/ 65)، و «توضيح المشتبه» (3/ 81)، و «تبصير المنتبه» (1/ 404)، و «الإصابة» (3/ 328)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 508). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 123). (4) «مختصر أسد الغابة» (خ/367/أ). (5) الذي يظهر أنه أبو حنّة-بالنون-وهو الذي شهد بدرا وقتل بأحد، وأما أبو حبّة-بالباء-فهو غيره، عاش بعد النبي صلّى الله عليه وسلم وقتل باليمامة، والله أعلم. وانظر لزاما «توضيح المشتبه» (3/ 81)؛ فإنه فصل في المسألة فأفاد وأجاد رحمه الله تعالى. (6) «سيرة ابن هشام» (3/ 123)، و «النسب» لابن سلام (ص 273)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 440)، و «طبقات خليفة» (ص 154)، و «الاستيعاب» (ص 338)، و «أسد الغابة» (3/ 194)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 331)، و «الإصابة» (3/ 278).

46 - [خيثمة بن الحارث]

وبدرا، وجعله النبي صلّى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد، وقال لهم: «لا تبرحوا مكانكم إن هزمنا أو هزمنا»، وكانوا خمسين رجلا، فلما انهزم المشركون في الابتداء .. قال الرماة: الغنيمة يا قوم، قد ظفر أصحابنا، فنزل غالب من عنده من الرماة للغنيمة، فقال عبد الله بن جبير: كيف تصنعون بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ ! فمضوا وتركوه (1)، وثبت هو في نفر يسير حيث رتبه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأتاه المشركون فقتلوه، رحمه الله ورضي عنه، ولم يعقب. 46 - [خيثمة بن الحارث] (2) خيثمة بن الحارث الأوسي-من بني أسلم-ابن امرئ القيس بن مالك بن الأوس، وهو أبو سعد بن خيثمة، استشهد بأحد، رضي الله عنه. 47 - [عبد الله بن سلمة] (3) عبد الله بن سلمة-بكسر اللام-ابن مالك بن الحارث البلوي العجلاني، حليف بني الأوس ابن امرئ القيس بن مالك بن الأوس، من الأنصار، يكنى: أبا محمد، شهد بدرا، واستشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 48 - [سبيع بن حاطب] (4) سبيع بن حاطب بن الحارث بن قيس بن هيشة (5)، قال ابن هشام ويقال: (اسمه

(1) أخرج القصة البخاري (4043)، والحاكم (2/ 296)، وغيرهما. (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 124)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 314)، و «الاستيعاب» (ص 214)، و «أسد الغابة» (2/ 153)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (1/ 453). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 124)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 434)، و «الاستيعاب» (ص 436)، و «الأنساب» (4/ 163)، و «أسد الغابة» (3/ 266)، و «توضيح المشتبه» (5/ 136)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (2/ 313). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 124)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 301)، و «الاستيعاب» (ص 321)، و «أسد الغابة» (2/ 325)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (2/ 14). (5) كذا في «سيرة ابن هشام»، وفي باقي المصادر: (سبيع بن حاطب بن قيس بن هيشة بن الحارث).

49 - [عمرو بن قيس النجاري]

سويبق بن الحارث بن حاطب بن هيشة) (1) الأوسي، من بني معاوية ابن مالك، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 49 - [عمرو بن قيس النجاري] (2) عمرو بن قيس بن زيد بن سواد النجاري، يكنى: أبا عمير، وقيل: أبو الحكم البدري، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 50 - [قيس بن عمرو النجاري] (3) قيس بن عمرو بن قيس بن زيد بن سواد النجاري، استشهد مع أبيه عمرو يوم أحد، واختلف في شهود قيس بدرا، رضي الله عنه. 51 - [ثابت بن عمرو] (4) ثابت بن عمرو بن زيد الأنصاري النجاري بالحلف، من بني سواد بن مالك بن غنم، شهد بدرا، وقتل بأحد، وهو أشجعي، رضي الله عنه. 52 - [عامر بن مخلّد] (5) عامر بن مخلد بن الحارث الأنصاري النجاري، من بني سواد بن مالك بن غنم، شهد بدرا، واستشهد يوم أحد، ولا عقب له، رضي الله عنه.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 124)، وترجم له ابن الأثير بهذا الاسم أيضا في «أسد الغابة» (2/ 376). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 124)، و «النسب» لابن سلام (279)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 459)، و «الاستيعاب» (ص 493)، و «أسد الغابة» (4/ 264)، و «الإصابة» (3/ 11). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 124)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 459)، و «الاستيعاب» (ص 611)، و «أسد الغابة» (4/ 437)، و «الإصابة» (3/ 245). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 124)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 460)، و «الاستيعاب» (ص 101)، و «أسد الغابة» (1/ 273)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (1/ 196). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 124)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 458)، و «الاستيعاب» (ص 415)، و «أسد الغابة» (3/ 142)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (2/ 250).

53 - [أبو هبيرة بن الحارث]

53 - [أبو هبيرة بن الحارث] (1) أبو هبيرة بن الحارث بن علقمة بن عمرو بن ثقف بن مالك بن مبذول الأنصاري النجاري، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 54 - [عمرو بن مطرّف] (2) عمرو بن مطرف بن علقمة بن عمرو بن ثقف بن مالك بن مبذول الأنصاري النجاري، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 55 - [أوس بن ثابت] (3) أوس بن ثابت بن المنذر الأنصاري النجاري، من بني عمرو بن مالك. قال ابن هشام: (وهو أخو حسان بن ثابت رضي الله عنهما، استشهد بأحد)، كذا في «السيرة» لابن هشام تبعا لابن إسحاق (4). وذكر الكاشغري: أنه شهد بدرا والمشاهد كلها، وتوفي في خلافة عثمان رضي الله عنه (5)، وذكر: أن الذي استشهد بأحد هو أوس بن المنذر النجاري (6)، رضي الله عنهم (7).

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 124)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 319)، و «الاستيعاب» (ص 862)، و «أسد الغابة» (6/ 317)، و «الإصابة» (4/ 200). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 124)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 320)، و «الاستيعاب» (ص 494)، و «أسد الغابة» (4/ 271)، و «الإصابة» (3/ 17). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 124)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 466)، و «الاستيعاب» (ص 56)، و «الأنساب» (5/ 460)، و «أسد الغابة» (1/ 165)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 201)، و «الإصابة» (1/ 92). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 124). (5) انظر «مختصر أسد الغابة» (خ/55/ب). (6) انظر «مختصر أسد الغابة» (خ/56/ب). (7) ورجح ابن حجر في «الإصابة» (1/ 92) القول الأول، واستدل له بقول حسان بن ثابت رضي الله عنه: [من الطويل] ومنا قتيل الشعب أوس بن ثابت شهيدا وأسنى الذكر منه المشاهد

56 - [أنس بن النضر]

56 - [أنس بن النّضر] (1) أنس بن النضر بن ضمضم-بفتح الضادين المعجمتين بينهما ميم ساكنة-ابن زيد بن حرام -بالراء-الأنصاري النجاري ابن عدي بن النجار، عم أنس بن مالك خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلم. غاب عن بدر، فقال: يا رسول الله؛ غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين، والله لئن أشهدني الله قتال المشركين .. ليرين الله ما أصنع. فلما كان يوم أحد، وانكشف المسلمون .. قال: اللهم؛ إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، يعني: المشركين، ثم تقدم بسيفه، فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: أي سعد؛ هذه الجنة، ورب أنس؛ أجد ريحها دون أحد، فقاتل حتى قتل (2). قال أنس: فوجدنا فيه بضعا وثمانين ما بين ضربة بسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، قال أنس: كنا نرى هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ.} وثبت في «الصحيح»: أنه صلّى الله عليه وسلم قال في حقه: «إن من عباد الله من لو أقسم على الله .. لأبره» (3) رضي الله عنه. 57 - [قيس بن مخلّد] (4) قيس بن مخلد الأنصاري النجاري، من بني مازن بن النجار. استشهد بأحد، ذكره ابن هشام تبعا لابن إسحاق (5)، رضي الله عنه.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 124)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 328)، و «الاستيعاب» (ص 53)، و «الأنساب» (5/ 460)، و «أسد الغابة» (1/ 155)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (1/ 86). (2) أخرجه البخاري (2806)، ومسلم (1903). (3) أخرجه البخاري (2703). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 481)، و «الاستيعاب» (ص 607)، و «أسد الغابة» (4/ 445)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (3/ 249). (5) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 125).

58 - [سليم بن الحارث]

58 - [سليم بن الحارث] (1) سليم بن الحارث الأنصاري النجاري، من بني دينار بن النجار. استشهد بأحد كما ذكره ابن هشام وابن إسحاق (2)، ولم أقف عليه في «الكاشغري»، وذكر سليم بن الحارث بن ثعلبة بن كعب الخزرجي، وقال فيه: (بدري استشهد يوم الخندق) (3)، رضي الله عنهما. 59 - [كيسان مولى بني مازن] (4) كيسان مولى بني مازن بن النجار، من الأنصار، استشهد بأحد، رضي الله عنه. 60 - [النّعمان بن عبد عمرو] (5) النعمان بن عبد عمرو بن معوذ الأنصاري النجاري، من بني دينار بن النجار. شهد مع أخيه الضّحّاك بدرا، واستشهد النعمان يوم أحد، رضي الله عنه، ولا عقب له. 61 - [خارجة بن زيد] (6) خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك الأنصاري الخزرجي، من بني الحارث بن الخزرج.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «النسب» لابن سلام (ص 279)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 483)، و «الاستيعاب» (ص 298)، و «أسد الغابة» (2/ 445)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (2/ 72). (2) انظر: «سيرة ابن هشام» (3/ 125). (3) «مختصر أسد الغابة» (خ/168/أ). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 341)، و «الاستيعاب» (ص 632)، و «أسد الغابة» (4/ 504)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (3/ 293). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «النسب» لابن سلام (ص 279)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 481)، و «الاستيعاب» (ص 720)، و «أسد الغابة» (5/ 333)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (3/ 532). (6) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «النسب» لابن سلام (ص 280)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 486)، و «الاستيعاب» (ص 204)، و «أسد الغابة» (2/ 85)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (1/ 399).

62 - [سعد بن الربيع]

شهد بدرا، واستشهد يوم أحد، وهو من كبار الصحابة. آخى النبي صلّى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بكر، وتزوج أبو بكر رضي الله عنه ابنته حبيبة، فولدت له أم كلثوم، رضي الله عنه. 62 - [سعد بن الرّبيع] (1) سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي. شهد بدرا، وكان نقيب بني الحارث بن الخزرج، وشهد العقبتين، وآخى النبي صلّى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الرحمن بن عوف، فعرض على عبد الرحمن أن يناصفه أهله وماله، فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك. وقتل يوم أحد شهيدا، فبعث النبي صلّى الله عليه وسلم أبيّ بن كعب يتفقده بين من جرح أو قتل، فقال لأبيّ: أقرئ رسول الله صلّى الله عليه وسلم مني السلام، وأخبره أني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة، وأني قد أخذت مقاتلي، وأخبر قومك أنه لا عذر لهم عند الله إن قتل رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومنهم أحد حي، قال أبيّ: فلم أبرح عنده حتى مات، وأخبرت النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: «رحمه الله تعالى، نصح لله ولرسوله حيا وميتا» (2). ودفن هو وخارجة بن زيد بن أبي زهير في قبر واحد، وخلف بنتين فأخذ عمهما التركة ولم يعطهما شيئا، فشكت أمهما ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأنزل الله عزّ وجل: {فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ}، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلم عمهما أن يعطي الزوجة الثمن والبنتين الثلثين ويأخذ الباقي، رضي الله عنه.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «النسب» لابن سلام (ص 280)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 484)، و «الاستيعاب» (ص 279)، و «أسد الغابة» (2/ 348)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (2/ 25). (2) أخرجه مالك في «الموطأ» (2/ 466)، وابن سعد في «الطبقات» (3/ 485).

63 - [أوس بن الأرقم]

63 - [أوس بن الأرقم] (1) أوس بن الأرقم بن زيد بن قيس بن نعمان بن مالك بن ثعلبة بن كعب الأنصاري الخزرجي، أخو زيد بن الأرقم، قتل يوم أحد، رضي الله عنه. 64 - [مالك بن سنان] (2) مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبد بن الأبجر-بالموحدة والجيم-والأبجر: هو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج، الأنصاري الخزرجي الخدري، والد أبي سعيد الخدري، واسم أبي سعيد: سعد، وقيل: بنان. شهد أحدا، ومسح الدم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم ازدرده (3)، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من أحب أن ينظر إلى من خالط دمي دمه .. فلينظر إلى مالك بن سنان» (4)، واستشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 65 - [عتبة بن ربيع الخدري] (5) عتبة بن ربيع بن رافع بن عبيد بن ثعلبة بن عبد بن الأبجر الأنصاري الخدري، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 66 - [سعد بن سويد] (6) سعد بن سويد بن قيس بن عامر بن عبّاد بن الأبجر الأنصاري الخدري، أخوه سمرة بن جندب لأمه.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 349)، و «الاستيعاب» (ص 57)، و «أسد الغابة» (1/ 163)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (1/ 91). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 363)، و «الاستيعاب» (ص 657)، و «أسد الغابة» (5/ 27)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 81)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (1/ 91). (3) ازدرده: ابتلعه. (4) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 563)، والطبراني في «الكبير» (6/ 34)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2097). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 364)، و «الاستيعاب» (ص 566)، و «أسد الغابة» (3/ 559)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (2/ 446). (6) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 362)، و «الاستيعاب» (ص 287)، و «أسد الغابة» (2/ 353)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (2/ 26).

67 - [ثعلبة بن سعد]

روي عنه حديث اللقطة (1)، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 67 - [ثعلبة بن سعد] (2) ثعلبة بن سعد بن مالك الأنصاري الخزرجي الساعدي، من بني ساعدة بن كعب بن الخزرج. استشهد يوم أحد كما ذكره ابن هشام وابن إسحاق (3)، رضي الله عنه. 68 - [ثقف بن فروة] (4) ثقف بن فروة بن البدن الأنصاري الخزرجي الساعدي، استشهد يوم أحد، وقيل: اسمه ثقيف بالياء (5)، رضي الله عنه. 69 - [عبد الله بن عمرو بن وهب] (6) عبد الله بن عمرو بن وهب بن ثعلبة بن وقش الساعدي، من بني طريف رهط سعد بن عبادة، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه.

(1) قال الحافظ في «الإصابة» (2/ 45) بعد أن ذكر ذلك: (والمشهور: رواية ربيعة عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 367)، و «الاستيعاب» (ص 104)، و «أسد الغابة» (1/ 287)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (1/ 200). (3) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 125). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 466)، و «الاستيعاب» (ص 108)، و «أسد الغابة» (1/ 293)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (1/ 204)، و «تبصير المنتبه» (1/ 220). (5) اختلف من ترجم له في اسمه واسم جده، فقالوا: إن اسمه ثقب-بالباء الموحدة-ويقال: ثقيب، ورجح كل من ابن عبد البر وابن الأثير وابن حجر: أنه بالباء وليس بالفاء، وهو الراجح والله أعلم، أما اسم جده .. فقد أورد ابن هشام في «السيرة» وابن حجر في «الإصابة» أنه البدي بمثناة تحتية، وذكره ابن عبد البر على قول، والبلاذري في «أنساب الأشراف» (1/ 330)، والله أعلم. (6) «سيرة ابن هشام» (3/ 125)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 369)، و «الاستيعاب» (ص 421)، و «أسد الغابة» (3/ 354)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (2/ 345).

70 - [ضمرة بن عمرو]

70 - [ضمرة بن عمرو] (1) ضمرة بن عمرو بن عدي الجهني، حليف بني ساعدة. شهد بدرا، واستشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 71 - [نوفل بن ثعلبة] (2) نوفل بن ثعلبة بن عبد الله بن نضلة الخزرجي، من بني عوف بن الخزرج، ثم من بني سالم، ثم من بني مالك بن العجلان. شهد بدرا، واستشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 72 - [عباس بن عبادة] (3) عباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان، شهد العقبة، واستشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 73 - [النّعمان ابن قوقل] (4) النعمان بن مالك بن ثعلبة المعروف بقوقل، وقد يقال له: النعمان ابن قوقل، وقوقل: لقب ثعلبة؛ لأنه كان ذا شرف وعز في قومه، فكان يقول للخائف إذا جاء: قوقل حيث شئت فأنت آمن (5).

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 519)، و «الاستيعاب» (ص 354)، و «أسد الغابة» (3/ 60)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (2/ 205). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 509)، و «الاستيعاب» (ص 717)، و «أسد الغابة» (5/ 368)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 203)، و «الإصابة» (3/ 546). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 370)، و «الاستيعاب» (ص 559)، و «أسد الغابة» (3/ 163)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 203)، و «الإصابة» (2/ 262). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 506)، و «الاستيعاب» (ص 722)، و «أسد الغابة» (5/ 338)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 203)، و «الإصابة» (3/ 535). (5) قال في «القاموس» (4/ 53): (القوقل: ذكر الحجل والقطا، واسم أبي بطن من الأنصار؛ لأنه كان إذا أتاه إنسان يستجير به أو بيثرب .. قال له: قوقل في هذا الجبل وقد أمنت؛ أي: ارتق).

74 - [المجذر بن ذياد]

شهد بدرا وأحدا، وقال يوم أحد: اللهم؛ إني أسألك ألاّ تغيب الشمس حتى أطأ بعرجتي هذه خضر الجنة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ظن بالله ظنا فوجده عند ظنه، لقد رأيته يطأ في خضرها ما به عرج» (1). واستشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 74 - [المجذّر بن ذياد] (2) المجذّر-بالجيم، والذال المعجمة المشددة، ثم راء-ابن ذياد البلوي، حليف بني عوف بن الخزرج، من الأنصار، واسمه: عبد الله. قتل في الجاهلية سويد بن الصامت، فهاج قتله وقعة بعاث، ثم أسلم المجذر، وشهد بدرا، واستشهد يوم أحد، قتله الحارث بن سويد بأبيه ولحق بمكة، ثم أسلم يوم الفتح، فقتله رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمجذّر؛ لأن الحارث كان قتله غيلة من خلفه، فأخبر جبريل النبي صلّى الله عليه وسلم بقتله، وأمره بقتل الحارث به، فقتله لما ظفر به، كذا في «الكاشغري» (3)، رضي الله عنه. 75 - [عبادة بن الحسحاس] (4) عبادة بن الحسحاس-بحاء وسين مهملتين مكررين-الأنصاري الخزرجي (5)، من بني عوف بن الخزرج، استشهد يوم أحد كما ذكره ابن هشام تبعا لابن إسحاق (6)، ولم يزد الكاشغري على قوله: (له صحبة) (7).

(1) أخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» (3/ 146). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «النسب» لابن سلام (ص 273)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 512)، و «الاستيعاب» (ص 701)، و «الأنساب» (1/ 396)، و «أسد الغابة» (5/ 64)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 203)، و «الإصابة» (3/ 343). (3) انظر «مختصر أسد الغابة» (خ/301/ب). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 513)، و «الاستيعاب» (ص 469)، و «أسد الغابة» (3/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 203)، و «الإصابة» (2/ 259). (5) وقيل: عبادة بن الخشخاش-بخاء وشين معجمتين مكررين-وقيل: عبدة بدون ألف، وقيل: عبّاد بالتشديد وحذف الهاء، والله أعلم. (6) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 126). (7) «مختصر أسد الغابة» (خ/201/أ).

76 - [رفاعة بن عمرو]

قال ابن إسحاق: ودفن هو ونعمان بن مالك والمجذّر البلوي في قبر واحد، رضي الله عنهم. 76 - [رفاعة بن عمرو] (1) رفاعة بن عمرو بن زيد السالمي، شهد العقبة وبدرا، واستشهد يوم أحد، كذا في «الكاشغري» (2)، رضي الله عنه. 77 - [عبد الله بن عمرو بن حرام] (3) عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة السّلمي، أبو جابر بن عبد الله ويكنى به. نقيب بني سلمة بالعقبة، وشهد بدرا، واستشهد يوم أحد، وقال صلّى الله عليه وسلم: «ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع» (4). وروي: «أنه أحياه الله وكلّمه كفاحا» (5) أي: مواجهة ليس بينهما حجاب ولا رسول، وكفى بذلك شرفا وفضلا. دفن هو وعمرو بن الجموح في قبر واحد، ثم بعد ست وأربعين سنة حفر قبرهما السيل، فوجدا لم يتغيرا كأنما ماتا بالأمس، وكان أحدهما قد وضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك، فأميطت يده عن جرحه، ثم أرسلت فرجعت كما كانت، رضي الله عنهما.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 503)، و «الاستيعاب» (ص 230)، و «أسد الغابة» (2/ 232)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 203)، و «الإصابة» (1/ 505). (2) انظر «مختصر أسد الغابة» (خ/135/أ). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «النسب» لابن سلام (ص 286)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 520)، و «طبقات خليفة» (ص 172)، و «الاستيعاب» (ص 417)، و «الأنساب» (3/ 280)، و «أسد الغابة» (3/ 346)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 203)، و «الإصابة» (2/ 341). (4) أخرجه البخاري (1293)، ومسلم (2471). (5) أخرجه ابن حبان (7022)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 203)، والترمذي (3010)، وابن ماجه (190)، وغيرهم.

78 - [عمرو بن الجموح]

78 - [عمرو بن الجموح] (1) عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام الأنصاري السّلمي، شهد العقبة وبدرا، واستشهد يوم أحد. وروي: أنه صلّى الله عليه وسلم سأل بني سلمة: «من سيدكم؟ » قالوا: الجدّ بن قيس على بخل به، فقال صلّى الله عليه وسلم: «وأي داء أدوأ من البخل؟ ! بل سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح» (2). وفيه يقول الشاعر في ذلك رضي الله عنه: [من الطويل] فقال رسول الله والحق قوله … لمن قال منا من تسمّون سيدا فقالوا له الجدّ بن قيس على التي … نبخّله فيها وإن كان أسودا فتى ما تخطّا خطوة لدنيّة … ولا مدّ في يوم إلى سوأة يدا فسوّد عمرو بن الجموح لجوده … وحقّ لعمرو بالنّدى أن يسوّدا إذا جاءه السّؤّال أذهب ماله … وقال خذوه إنه عائد غدا 79 - [خلاّد بن عمرو بن الجموح] (3) خلاد بن عمرو بن الجموح السّلمي-بالفتح-شهد مع أبيه وإخوته بدرا، واستشهد مع أبيه يوم أحد، رضي الله عنهما.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «النسب» لابن سلام (ص 286)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 373)، و «الاستيعاب» (ص 494)، و «أسد الغابة» (4/ 206)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 25)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 252)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 203)، و «الإصابة» (2/ 522). (2) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (296)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (10855)، والطبراني في «الصغير» (317)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (4/ 217)، وأبو نعيم في «الحلية» (7/ 317)، وهناد في «الزهد» (614). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «النسب» لابن سلام (ص 286)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 525)، و «طبقات خليفة» (ص 174)، و «الاستيعاب» (ص 203)، و «أسد الغابة» (2/ 143)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 252)، و «الإصابة» (1/ 449).

80 - [أسير]

80 - [أسير] (1) أبو أيمن مولى عمرو بن الجموح، ذكره ابن هشام تبعا لابن إسحاق فيمن استشهد بأحد (2)، ولم أقف له على ذكر في «الكاشغري»، رضي الله عنه. 81 - [سليم بن عمرو] (3) سليم بن عمرو الأنصاري، من بني سواد بن غنم السّلمي-بفتحتين-بايع بالعقبة، وشهد بدرا، واستشهد يوم أحد، وقيل: اسمه سليمان بن عمرو. وهو الذي اشتكى لرسول الله صلّى الله عليه وسلم من تطويل معاذ بن جبل عليهم صلاة العشاء ... الحديث (4)، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم له: «يا سليم؛ ماذا معك من القرآن؟ » قال: معي أني أسأله الجنة وأعوذ به من النار، والله؛ ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال صلّى الله عليه وسلم: «هل تصير دندنتي ودندنة معاذ إلا أن أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار؟ ! » (5) ثم قال سليم: سترون غدا إذا لقينا القوم إن شاء الله تعالى، قال والناس يتجهزون إلى أحد، فخرج فكان من الشهداء (6). ذكره الحافظ أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي كما نقله عنه الكاشغري (7)، رضي الله عنه. 82 - [عنترة السّلمي] (8) عنترة السّلمي، ثم الذكواني، حليف لبني سواد بن كعب بن سلمة، بدري-وقيل:

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 402)، و «الاستيعاب» (ص 773)، و «أسد الغابة» (6/ 24)، و «تاريخ الإسلام» (1/ 203)، و «الإصابة» (4/ 13). (2) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 126). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 536)، و «الاستيعاب» (ص 299)، و «أسد الغابة» (2/ 443)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 203)، و «الإصابة» (2/ 73). (4) أخرجه البخاري (705)، ومسلم (465). (5) أخرجه ابن خزيمة (725)، وابن حبان (868)، وأبو داود (789)، وابن ماجه (910)، وغيرهم. (6) أخرجه أحمد (5/ 74)، والطبراني في «الكبير» (7/ 67)، وعندهما ذكر الحديث بطوله. (7) انظر «مختصر أسد الغابة» (خ/168/أ). (8) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 538)، و «الاستيعاب» (ص 586)، و «أسد الغابة» (4/ 305)، و «تاريخ الإسلام» (1/ 203)، و «البداية والنهاية» (3/ 342)، و «الإصابة» (3/ 40).-

83 - [سهل بن قيس]

بضم السين-مولى سليم بن عمرو بن حديدة، وعلى الثاني اقتصر ابن هشام في «السيرة» تبعا لابن إسحاق وقال: (إنه استشهد يوم أحد) (1)، رضي الله عنه. 83 - [سهل بن قيس] (2) سهل بن قيس بن أبي كعب بن القين الأنصاري السّلمي، من بني سواد بن غنم، شهد بدرا، واستشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 84 - [ذكوان بن عبد قيس] (3) ذكوان بن عبد قيس بن خلدة الأنصاري الزرقي، يكنى: أبا السبع، شهد العقبتين، واستشهد يوم أحد، رضي الله عنه. قلت: قال ابن هشام: (فكان يقال: مهاجري أنصاري شهد بدرا) (4)، والله أعلم. 85 - [عبيد بن المعلّى] (5) عبيد بن المعلى بن لوذان، كذا في «سيرة ابن هشام» (6)، وفي «الكاشغري»: (عبيد بن معلى بن حارثة الزرقي، استشهد يوم أحد) (7)، رضي الله عنه.

= قال ابن حجر في «الإصابة» (3/ 40): (بكسر النون وفتح المثناة)، ولم نر هذا الضبط في كتاب آخر، بل كل المراجع الأخرى قد ضبطتها-شكلا-عنترة بسكون النون بعدها مثناة فوقية، وما أثبت هو ضبط مخطوطات الأصل، فليحرر. (1) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)؛ فالضبط الأول يكون نسبة لبني سلمة، والضبط الثاني يكون نسبة لمولاه سليم. (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 538)، و «الاستيعاب» (ص 306)، و «أسد الغابة» (2/ 476)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 203)، و «الإصابة» (2/ 88). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «النسب» لابن سلام (ص 285)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 548)، و «الاستيعاب» (ص 220)، و «أسد الغابة» (2/ 168)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 203)، و «الإصابة» (1/ 470). (4) «سيرة ابن هشام» (1/ 458). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 126)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 405)، و «الاستيعاب» (ص 463)، و «أسد الغابة» (3/ 548)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 203)، و «الإصابة» (2/ 440). (6) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 126). (7) «مختصر أسد الغابة» (خ/240/ب).

86 - [مالك ابن نميلة]

86 - [مالك ابن نميلة] (1) مالك ابن نميلة المزني، حليف بني معاوية بن مالك من الأوس. قال الكاشغري: (نميلة أمه، واسم أبيه: ثابت، استشهد يوم أحد) (2)، رضي الله عنه. 87 - [الحارث بن عدي] (3) الحارث بن عدي بن خرشة بن أميّة بن عامر بن خطمة-واسم خطمة: عبد الله-ابن جشم بن مالك بن الأوس الأنصاريّ الأوسي الخطمي، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 88 - [مالك بن إياس] (4) مالك بن إياس، من بني سواد بن مالك بن الخزرج الأنصاري الخزرجي، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 89 - [إياس بن عدي] (5) إياس بن عدي الأنصاري النجاري، من بني عمرو بن مالك بن النجار، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 127)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 436)، و «الاستيعاب» (ص 659)، و «أسد الغابة» (5/ 52)، و «الإصابة» (3/ 336). (2) «مختصر أسد الغابة» (خ/300/ب). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 127)، و «الاستيعاب» (ص 150)، و «أسد الغابة» (1/ 405)، و «الإصابة» (1/ 284). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 127)، و «الاستيعاب» (ص 659)، و «أسد الغابة» (5/ 13)، و «الإصابة» (3/ 320). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 127)، و «الاستيعاب» (ص 68)، و «أسد الغابة» (1/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (1/ 101).

90 - [عمرو بن إياس]

90 - [عمرو بن إياس] (1) عمرو بن إياس الأنصاري، من بني سالم بن عوف، استشهد يوم أحد، رضي الله عنه. 91 - [عاصم بن ثابت] (2) عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح-بالقاف والحاء المهملة-واسم أبي الأقلح: قيس بن عصمة بن النعمان الأوسي، من بني عمرو بن عوف، وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه. شهد بدرا فقتل فيه ابنا لسلافة بنت سعد بن شهيد، كذا مضبوط في «سيرة ابن هشام» (3)، فنذرت سلافة إن أمكنها الله من رأس عاصم .. لتشربن فيه الخمر، ثم بعثه صلّى الله عليه وسلم في عشرة رهط عينا، فلما كانوا بالرّجيع-ماء لهذيل بين عسفان ومكة- ذكروا لبني لحيان من هذيل، فتبعهم منهم نحو من مائة رام، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه .. لجئوا إلى فدفد؛ أي: مرتفع من الأرض، وأحاط بهم القوم وأعطوهم العهد؛ إن استسلموا وألقوا ما بأيديهم .. لا يقتلون منهم أحدا، فقال عاصم: أما أنا .. فلا أنزل في ذمة كافر أبدا، اللهم؛ أخبر عنا رسولك، وقال عاصم: [من الرجز] ما علّتي وأنا جلد نابل … والقوس فيها وتر عنابل (4) تزل عن صفحتها المعابل … الموت حقّ والحياة باطل (5) وكلّ ما حمّ الإله نازل … بالمرء والمرء إليه آيل (6) إن لم أقاتلكم فأمّي هابل وقاتل القوم حتى قتل في سبعة من أصحابه، رضي الله عنهم.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 127)، و «الاستيعاب» (ص 491)، و «أسد الغابة» (4/ 197)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 202)، و «الإصابة» (2/ 518). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 170)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 428)، و «الاستيعاب» (ص 573)، و «الروض الأنف» (6/ 128)، و «أسد الغابة» (3/ 111)، و «تاريخ الإسلام» (1/ 230)، و «الإصابة» (2/ 235). (3) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 171). (4) النابل: صاحب النبل، ويروى: (بازل)، وهو القوي. وعنابل: الغليظ الشديد. (5) المعابل-جمع معبلة-: نصل عريض طويل. (6) حمّ: قدّر، آيل: صائر.

92 - [خالد بن البكير]

وأرسل أهل مكة من يأتيهم برأس عاصم؛ لتوفي سلافة نذرها، فحمته الدّبر-وهي الزنابير-من رسلهم، فقالوا: أمهلوا حتى يدخل الليل ويذهب عنه الدّبر، فما أمسى حتى جاء سيل فاحتمل جثته إلى الجنة، وكان قد أعطى الله عهدا؛ ألاّ يمس مشركا ولا يمسه مشرك، فأوفى الله له بعهده، رضي الله عنه. 92 - [خالد بن البكير] (1) خالد بن البكير بن عبدياليل اللّيثي، حليف بني عدي بن كعب، من الأنصار، وهو أخو عاقل وإياس وعامر بنو البكير. شهد هو وإخوته بدرا، ثم خرج مع عاصم بن ثابت في سنة ثلاث-قيل: في صفر من سنة أربع-إلى الرّجيع، فأحاط بهم القوم، فقاتل مع عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ومرثد بن أبي مرثد الغنوي حتى قتلوا. وفيهم وفي أسر خبيب يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه: [من الطويل] ألا ليتني فيما شهدت ابن طارق … وزيدا-وما تغني الأماني-ومرثدا ودافعت عن حبّي خبيب وعاصم … وكان شفائي لو تداركت خالدا 93 - [عبد الله بن طارق] (2) عبد الله بن طارق البلوي-حليف بني ظفر بن الخزرج-ابن عمرو بن مالك بن الأوس، من الأنصار. وهو أحد النّفر المبعوثين إلى الرجيع؛ ليفقهوا رهطا من عضل والقارة (3) في آخر سنة ثلاث، فقتل بالظهران، رضي الله عنه.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 170)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 361)، و «طبقات خليفة» (ص 58)، و «الاستيعاب» (ص 197)، و «الأنساب» (4/ 325)، و «أسد الغابة» (2/ 91)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 186)، و «العقد الثمين» (4/ 261)، و «الإصابة» (1/ 404). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 169)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 420)، و «الاستيعاب» (ص 405)، و «أسد الغابة» (3/ 284)، و «تاريخ الإسلام» (1/ 232)، و «الإصابة» (2/ 319). (3) عضل والقارة: حيّان من الهون بن خزيمة بن مدركة.

94 - [مرثد بن أبي مرثد]

94 - [مرثد بن أبي مرثد] (1) مرثد بن أبي مرثد-واسم أبي مرثد: كنّاز-الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب، شهد مع أبيه بدرا، واستشهد يوم الرجيع، رضي الله عنه. 95 - [خبيب بن عدي] (2) خبيب بن عدي بن مالك بن عامر، أخو بني جحجبا بن كلفة بن عمرو الأوسي. شهد بدرا فقيل: إنه قتل الحارث بن عامر بن نوفل يوم بدر، وخرج مع الرهط الذين بعثهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الرجيع ليفقهوا رهط عضل والقارة (3)، فخرج عليهم بنو لحيان من هذيل، وأحاطوا بهم وأسروا خبيبا، ثم باعوه بمكة من بني الحارث بن عامر بن نوفل، فحبسوه أياما في بيت ماويّة مولاة حجير بن أبي إهاب، قالت ماويّة: فلقد اطّلعت يوما عليه وإن في يده لقطفا من عنب مثل رأس الرجل يأكل منه، وما أعلم في أرض الله عنبا يؤكل، وإنما هو رزق رزقه الله خبيبا، ثم خرجوا به إلى التّنعيم ليقتلوه، فقال: دعوني أركع ركعتين، فصلاهما، ثم قال: لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعا من الموت .. لاستكثرت من الصلاة، فكان أول من سن الركعتين عند القتل للمسلمين، فلما رفعوه إلى الخشبة ليصلبوه-وهو أول مصلوب في الإسلام-قال: اللهم؛ إنا قد بلّغنا رسالة

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 169)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 45)، و «طبقات خليفة» (ص 36)، و «الاستيعاب» (ص 682)، و «أسد الغابة» (5/ 137)، و «الإصابة» (3/ 378). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 172)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 308)، و «الاستيعاب» (ص 209)، و «أسد الغابة» (2/ 120)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 246)، و «العقد الثمين» (4/ 305)، و «توضيح المشتبه» (3/ 105)، و «الإصابة» (1/ 418). (3) حديث الرجيع في «البخاري» (3045) و (4086) وغيره، وقد سبق تخريجه في (ترجمة عاصم بن ثابت) (ص 46)، وفيه: أن خبيب بن عدي هو الذي قتل الحارث بن عامر يوم بدر. قال الحافظ في «الفتح» (7/ 381): (قوله: «وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر» كذا وقع في حديث أبي هريرة، واعتمد البخاري على ذلك، فذكر خبيب بن عدي فيمن شهد بدرا، وهو اعتماد متّجه، لكن تعقبه الدمياطي بأن أهل المغازي لم يذكر أحد منهم أن خبيب بن عدي شهد بدرا ولا قتل الحارث بن عامر، وإنما ذكروا أن الذي قتل الحارث بن عامر ببدر خبيب بن إساف، وهو غير خبيب بن عدي، وهو خزرجي، وخبيب بن عدي أوسي، والله أعلم. قلت: يلزم من الذي قال ذلك رد هذا الحديث الصحيح، فلو لم يقتل خبيب بن عدي الحارث بن عامر .. ما كان لاعتناء الحارث بن عامر بأسر خبيب معنى ولا بقتله، مع التصريح في الحديث الصحيح أنهم قتلوه به، لكن يحتمل أن يكون قتلوه بخبيب بن عدي؛ لكون خبيب بن إساف قتل الحارث، على عادتهم في الجاهلية بقتل بعض القبيلة عن بعض، ويحتمل أن يكون خبيب بن عدي شرك في قتل الحارث، والعلم عند الله تعالى).

96 - [زيد بن الدثنة]

رسولك، فبلّغه الغداة ما يصنع بنا، ثم قال: اللهم؛ أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا، ثم أنشد: [من الطويل] فلست أبالي حين أقتل مسلما … على أي جنب كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ … يبارك على أوصال شلو ممزّع ثم قتلوه، رضي الله عنه. 96 - [زيد بن الدّثنة] (1) زيد بن الدّثنة (2) بن معاوية بن عبيد البياضي، شهد بدرا وأحدا، وأسر يوم الرجيع آخر سنة ثلاث، فاشتراه صفوان بن أمية، فقتله بأبيه. روي: أنهم حين قربوه للقتل .. قال أبو سفيان: أنشدك الله يا زيد؛ أتحب أن محمدا الآن عندنا بمكانك تضرب عنقه وأنت في أهلك؟ فقال: والله؛ ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا (3)، صلّى الله عليه وسلم، ورضي عن أصحابه أجمعين. 97 - [المعنق للموت] (4) المنذر بن عمرو بن خنيس الساعدي، المعروف بالمعنق ليموت، أو المعنق للموت (5)، نقيب بني ساعدة.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 172)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 402)، و «الاستيعاب» (ص 247)، و «أسد الغابة» (2/ 286)، و «توضيح المشتبه» (4/ 24)، و «الإصابة» (1/ 548). (2) قال ابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» (4/ 24): (بفتح أوله وكسر المثلثة وقد تسكن، تليها نون مفتوحة ثم هاء). (3) القصة في «طبقات ابن سعد» (2/ 56)، و «تاريخ الطبري» (2/ 542)، و «عيون الأثر» (2/ 59) ثلاثتهم من طريق ابن إسحاق. (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 184)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 514)، و «الاستيعاب» (ص 694)، و «أسد الغابة» (5/ 269)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 236)، و «الإصابة» (3/ 440). (5) المعنق: المسرع، ولقب بذلك لأنه أسرع إلى الشهادة؛ وذلك بعد مقتل حرام بن ملحان، اتبع المشركون أثره، فوجدوا سرية المنذر بن عمرو، فقالوا: إن شئت .. آمنّاك، فقال: لن أعطيكم بيدي، ولكن أقتل أمهاتكم، إلا أن تؤمّنوني حتى آتي مقتل حرام بن ملحان، ثم أبرأ من جواركم، فقاتلهم حتى قتل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم-

98 - [الحارث بن الصمة]

وشهد بدرا وأحدا، وأمّره صلّى الله عليه وسلم على السبعين من القراء الذين بعثهم إلى بئر معونة، فقتل بها في آخر سنة ثلاث أو أول سنة أربع، ولم يعقب، رضي الله عنه. 98 - [الحارث بن الصّمّة] (1) الحارث بن الصّمّة-بكسر الصاد المهملة وتشديد الميم-ابن عمرو بن عتيك النجاري، يكنى: أبا سعيد، شهد أحدا، واستشهد يوم بئر معونة، رضي الله عنه. 99 - [حرام بن ملحان] (2) حرام-بمهملتين-ابن ملحان، واسم ملحان: مالك بن خالد النجاري. شهد بدرا وأحدا، وبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع السبعين إلى بئر معونة، فانطلق حرام إلى رئيس المكان عامر بن الطّفيل؛ ليبلغه رسالة النبي صلّى الله عليه وسلم، فبينما هو يحدثهم؛ إذ أومئوا إلى رجل، فأتاه من خلفه فطعنه بالرمح، فقال حرام: الله أكبر، فزت ورب الكعبة، ثم نضح بدمه على وجهه ورأسه فرحا بالشهادة، رضي الله عنه (3). 100 - [عروة بن أسماء] (4) عروة بن أسماء بن الصّلت السّلمي، استشهد يوم بئر معونة، رضي الله عنه. 101 - [نافع بن بديل] (5) نافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي، هو وأبوه وإخوته من فضلاء الصحابة وجلّتهم.

= كما في «طبقات ابن سعد» (3/ 555) وغيرها-: «أعنق المنذر ليموت». (1) «سيرة ابن هشام» (3/ 184)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 471)، و «الاستيعاب» (ص 147)، و «أسد الغابة» (1/ 473)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 60)، و «الإصابة» (1/ 318). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 184)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 476)، و «الاستيعاب» (ص 172)، و «أسد الغابة» (1/ 473)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 60)، و «الإصابة» (1/ 318). (3) حديث حرام عند البخاري (4092)، ومسلم (1902). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 184)، و «طبقات ابن سعد» (5/ 296)، و «الاستيعاب» (ص 563)، و «أسد الغابة» (4/ 26)، و «الإصابة» (2/ 468). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 184)، و «النسب» لابن سلام (ص 290)، و «الاستيعاب» (ص 719)، و «أسد الغابة» -

102 - [عامر بن فهيرة]

قتل نافع يوم بئر معونة، فقال عبد الله بن رواحة يبكيه رضي الله عنهما: [من الخفيف] رحم الله نافع بن بديل … رحمة المبتغي ثواب الجهاد صابر صادق وفيّ إذا ما … أكثر القوم قال قول السّداد 102 - [عامر بن فهيرة] (1) عامر بن فهيرة، مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، يكنى: أبا عمرو، وكان من مولّدي الأزد، مملوكا للطّفيل بن عبد الله، أسلم قديما، اشتراه أبو بكر وأعتقه، وهاجر مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبي بكر يخدمهما، واستشهد يوم بئر معونة، ورآه عامر بن الطفيل لما قتل .. رفع بين السماء والأرض، قال عامر: حتى رأيت السماء دونه. لكن أسند ابن منده إلى عامر بن فهيرة قال: تزود أبو بكر مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في جيش العسرة بنحي من سمن، وعكيكة من عسل (2). قال الحافظ أبو نعيم: (لم يختلف أحد من أهل النقل أن عامرا استشهد يوم بئر معونة، وأجمعوا على أن جيش العسرة هي غزوة تبوك، وهو بعد ست سنين من بئر معونة، فهذا خطأ، والصواب: أنه تزود مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مخرجه إلى الهجرة) (3)، قال الكاشغري: (والحق مع أبي نعيم) (4)، رضي الله عنه. 103 - [المنذر بن محمد الأوسي] (5) المنذر بن محمد بن عقبة الأوسي، أحد بني عمرو بن عوف.

= (5/ 299)، و «الإصابة» (3/ 514). (1) «سيرة ابن هشام» (3/ 186)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 211)، و «الاستيعاب» (ص 514)، و «الروض الأنف» (6/ 152)، و «أسد الغابة» (3/ 136)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 240)، و «الإصابة» (2/ 247). (2) النّحي: الزّق، أو ما كان للسمن خاصة، والعكيكة-تصغير عكّة-: آنية السمن أصغر من القربة. (3) «معرفة الصحابة» (4/ 2053). (4) «مختصر أسد الغابة» (خ/198/أ)، وقال الحافظ في «الإصابة» (2/ 247): (وقد عاب أبو نعيم على ابن منده إخراجه هذا الحديث، ونسبه إلى الغفلة والجهالة، فبالغ، وإنما اللوم في سكوته عليه؛ فإن في الإسناد عمر بن إبراهيم الكردي، وهو متهم بالكذب، فالآفة منه، وكان ينبغي لابن منده أن ينبه على ذلك). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 185)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 438)، و «الاستيعاب» (ص 695)، و «أسد الغابة» (5/ 271)، و «الإصابة» (3/ 441).

104 - [عبد الله بن عثمان بن عفان]

كان مع عمرو بن أمية الضمري في سرح القوم، فلم ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا الطير تحوم على العسكر، فذهبا لينظرا؛ فإذا القوم في دمائهم، وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة، فقال الأنصاري (1) لعمرو بن أمية الضمري: ما ترى؟ قال: أرى أن نلحق برسول الله صلّى الله عليه وسلم فنخبره الخبر، فقال الأنصاري: لكني ما كنت بأرغب مني عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو، ثم قاتل القوم حتى قتل، رضي الله عنه. 104 - [عبد الله بن عثمان بن عفان] (2) عبد الله بن عثمان بن عفان بن أبي العاصي، أمه رقيّة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ولد بأرض الحبشة، وعاش ست سنين، ومات بالمدينة سنة أربع؛ نقره ديك في عينه، فكان ذلك سبب موته، وكان عثمان رضي الله عنه يكنى به. 105 - [فاطمة بنت أسد] (3) فاطمة بنت أسد بن هاشم الهاشمية، أم علي وطالب وعقيل وجعفر. قيل: توفيت قبل الهجرة، والصحيح: أنها هاجرت، وأن النبي صلّى الله عليه وسلم كفنها في قميصه، واضطجع في قبرها، وجزاها خيرا وقال: «إنه لم يكن بعد أبي طالب أبر بي منها، إنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة، واضطجعت في قبرها ليهون عليها عذاب القبر» (4)، فتوفيت في السنة الرابعة، رضي الله عنها.

(1) أي: المنذر بن محمد صاحب الترجمة. (2) «تاريخ الطبري» (2/ 555)، و «أسد الغابة» (3/ 335)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 63)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 251)، و «البداية والنهاية» (4/ 471)، و «الإصابة» (3/ 63)، و «بهجة المحافل» (1/ 231). (3) «النسب» لابن سلام (ص 197)، و «طبقات ابن سعد» (10/ 211)، و «الاستيعاب» (ص 929)، و «أسد الغابة» (7/ 217)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 118)، و «الإصابة» (4/ 368)، و «بهجة المحافل» (1/ 231). (4) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6931)، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (9/ 260).

106 - [هشام بن صبابة]

106 - [هشام بن صبابة] (1) هشام بن صبابة (2) بن حزن الكناني الليثي، أخو مقيس. روي: أن مقيسا وجد أخاه هشاما قتيلا في بني النجار وكان مسلما، فأتى النبي صلّى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فأرسل معه زهير بن عياض الفهري إلى بني النجار وقال: «قل لهم: إن علمتم قاتل هشام بن صبابة أن تدفعوه إلى أخيه، وإن لا تعلمون قاتله .. فلا بد أن تدفعوا إليه ديته» فجعلوا لمقيس دية أخيه، فلما قبض الدية .. وثب على زهير فقتله، وارتد إلى الشرك، وقال أبياتا منها: [من الطويل] فأدركت ثأري واضطجعت موسّدا … وكنت إلى الأوثان أول راجع (3) وقيل: إن هشاما قتله رجل من الأنصار خطأ؛ رأى أنه من العدو في غزاة بني المصطلق سنة أربع أو سنة ست، وعليه اقتصر الحافظ العامري في «بهجته» كما ذكره في (فصل الحوادث) (4)، والله سبحانه وتعالى أعلم. 107 - [خلاّد بن سويد] (5) خلاّد بن سويد الأنصاري، استشهد يوم بني قريظة سنة أربع، وقيل: سنة خمس، ألقت عليه امرأة منهم رحى فقتلته، ولم يقتل من نساء بني قريظة غيرها. قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن له أجر شهيدين»، قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: «لأن أهل الكتاب قتلوه» (6)، رضي الله عنه.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 290)، و «تاريخ الطبري» (2/ 609)، و «الاستيعاب» (ص 741)، و «أسد الغابة» (5/ 400)، و «تاريخ الإسلام» (1/ 402)، و «الإصابة» (3/ 571)، و «بهجة المحافل» (1/ 241). (2) قال الأشخر في «شرح البهجة» (1/ 241): (الأكثرون على أنه بمهملة مضمومة، وعن ابن أبي الصيف: أنه بإعجامها ثم موحدة ثم ألف ثم موحدة). (3) الأبيات ذكرها ابن هشام في «السيرة» (3/ 293)، والواقدي في «المغازي» (1/ 408)، وذكرا الشطر الأول من هذا البيت برواية أخرى، وهي الرواية التي سيذكرها المصنف رحمه الله تعالى في حوادث السنة الرابعة (1/ 217)، وهي: (حللت به وتري وأدركت ثؤرتي). (4) انظر «بهجة المحافل» (1/ 241)، وأما عن تاريخ غزوة بني المصطلق: فقد ذكرنا الخلاف والترجيح في ذلك عند الكلام عليها في الحوادث على ما سيأتي (1/ 216). (5) «سيرة ابن هشام» (4/ 459)، و «النسب» لابن سلام (ص 280)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 491)، و «الاستيعاب» (ص 203)، و «أسد الغابة» (2/ 142)، و «الإصابة» (1/ 449). (6) أخرجه أبو داود (2480)، والبيهقي في «الكبرى» (9/ 175)، وأبو يعلى في «مسنده» (1591).

108 - [سعد بن معاذ]

108 - [سعد بن معاذ] (1) أبو عمرو سعد بن معاذ بن النّعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصاري الأوسي الأشهلي المدني، سيد الأوس، وأمه: كبشة بنت رافع، أسلمت ولها صحبة. وأسلم سعد على يد مصعب بن عمير لما بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم قبله إلى المدينة يعلم المسلمين أمر دينهم، فلما أسلم سعد .. قال لبني عبد الأشهل: كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا، فأسلموا. وشهد بدرا وأحدا والخندق، فرماه ابن العرقة (2) بسهم أصابه في أكحله. شهد قريظة، وحكم فيهم بقتل الرجال وسبي الذّرّية، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لقد حكمت فيهم بحكم الله تعالى» (3). وتوفي بعد الفراغ من بني قريظة، قال صلّى الله عليه وسلم: «اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ» (4). وفي هذا المعنى أنشدوا: [من الطويل] وما اهتز عرش الله من أجل هالك … سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو قال العلماء: والمراد باهتزاز العرش: فرح الملائكة بقدومه؛ لما رأوا من منزلته، وكان من أعظم المسلمين بركة في الإسلام، ومن أنفعهم لقومه، ومناقبه كثيرة مشهورة، رضي الله عنه.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 250)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 388)، و «طبقات خليفة» (ص 139)، و «الاستيعاب» (ص 277)، و «الروض الأنف» (6/ 216)، و «أسد الغابة» (2/ 373)، و «تهذيب الكمال» (10/ 300)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 318)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 279)، و «الإصابة» (2/ 35)، و «شذرات الذهب» (1/ 122). (2) هو حبّان بن قيس ابن العرقة، والعرقة-بفتح العين المهملة وكسر الراء والقاف-أمه، واسمها قلابة بالقاف المكسورة والموحدة، سمّيت بذلك لطيب ريحها، وهي جدة خديجة أم أمها هالة. انظر «الروض الأنف» (6/ 216)، و «شرح البهجة» (1/ 267). (3) أخرجه البخاري (3043)، ومسلم (1768). (4) أخرجه البخاري (3803)، ومسلم (2466).

109 - [أنس بن أوس]

109 - [أنس بن أوس] (1) أنس بن أوس بن عتيك بن عمرو الأوسي الأشهلي، قتل يوم الخندق كما قاله ابن إسحاق وابن هشام (2)، وقيل: قتل يوم أحد. 110 - [عبد الله بن سهل] (3) عبد الله بن سهل بن رافع الأوسي الأشهلي نسبا، وقيل: إنه من غسان حليف لبني الأشهل. شهد بدرا، واستشهد يوم الخندق، رضي الله عنه. 111 - [الطّفيل بن نعمان] (4) الطّفيل بن نعمان بن خنساء بن سنان السّلمي-بفتحتين-من بني جشم بن الخزرج، شهد بدرا، واستشهد يوم الخندق، رضي الله عنه. 112 - [ثعلبة بن عنمة] (5) ثعلبة بن عنمة-بفتحات-ابن عدي بن نابي، الأنصاري الخزرجي الجشمي السلمي، شهد العقبة وبدرا، وقتل يوم الخندق، رضي الله عنه.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 252)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 244)، و «الاستيعاب» (ص 53)، و «أسد الغابة» (1/ 145)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 305)، و «الإصابة» (1/ 81). (2) انظر: «سيرة ابن هشام» (3/ 252). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 252)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 411)، و «أسد الغابة» (3/ 269)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 304)، و «الإصابة» (2/ 314). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 252)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 530)، و «الاستيعاب» (ص 363)، و «أسد الغابة» (3/ 83)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 305)، و «الإصابة» (2/ 218). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 252)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 537)، و «الاستيعاب» (ص 104)، و «أسد الغابة» (1/ 291)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 305)، و «توضيح المشتبه» (1/ 299)، و «الإصابة» (1/ 202)، و «تبصير المنتبه» (1/ 54).

113 - [كعب بن زيد]

113 - [كعب بن زيد] (1) كعب بن زيد بن قيس بن مالك بن كعب بن دينار بن النجار الأنصاري النجاري، شهد بدرا، وقتل يوم الخندق، رضي الله عنه. 114 - [أبو سنان بن محصن] (2) أبو سنان بن محصن بن حرثان، أحد بني أسد بن خزيمة. قال ابن هشام تبعا لابن إسحاق: (توفي ورسول الله صلّى الله عليه وسلم محاصر لبني قريظة، فدفن في مقبرة بني قريظة التي يدفنون فيها اليوم) اهـ‍ (3) وذكره الكاشغري في الصحابة فقال: (أبو سنان الأسدي وهب بن عبد الله، وقيل: عبد الله بن وهب، وقيل: وهب بن محصن، فعلى هذا: هو أخو عكاشة، وهو أصح ما قيل فيه) (4). شهد بدرا، ومات في سنة خمس والنبي صلّى الله عليه وسلم محاصر بني قريظة وعمره أربعون سنة، رضي الله عنه. 115 - [أبو سلمة] (5) أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، القرشي المخزومي.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 253)، و «النسب» لابن سلام (ص 279)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 482)، و «الاستيعاب» (ص 626)، و «أسد الغابة» (4/ 477)، و «الإصابة» (3/ 280). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 254)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 87)، و «الاستيعاب» (ص 81)، و «أسد الغابة» (6/ 157)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 330)، و «الإصابة» (4/ 97). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 254). (4) «مختصر أسد الغابة» (خ/377/أ)، ورجح ابن الأثير بأنه وهب بن محصن أخو عكاشة، وهو ما ذهب إليه ابن حجر، إلا أنه فرق بينه وبين أبي سنان آخر مختلف في اسمه، فذكر أبا سنان بن وهب، وأن اسمه عبد الله، وقيل: وهب بن عبد الله، وأن المستفيض عند أهل المغازي كلهم أنه هو أول من بايع رسول الله صلّى الله عليه وسلم تحت الشجرة، ثم قال: (وهو غير أبي سنان بن محصن أخي عكاشة وأمّ قيس؛ لأن ابن محصن مات والنبيّ صلّى الله عليه وسلم محاصر بني قريظة، وكان ذلك قبل بيعة الرضوان تحت الشجرة)، فليتنبه. انظر «أسد الغابة» (5/ 221)، و «الإصابة» (91/ 4 و 96 و 97). (5) «النسب» لابن سلام (ص 217)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 220)، و «الاستيعاب» (ص 809)، و «أسد الغابة» (6/ 152)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 240)، و «تهذيب الكمال» (15/ 187)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 229)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 150)، و «العقد الثمين» (5/ 193)، و «الإصابة» (2/ 326).

116 - [محرز بن نضلة]

أسلم قديما، وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة بزوجته أم سلمة، وشهد بدرا وأحدا وجرح بهما واندمل جرحه، ثم انتقض فمات منه في سنة ثلاث (1)، وهو والد عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ورضي عن أصحابه أجمعين. 116 - [محرز بن نضلة] (2) محرز-بحاء وراء مهملتين ثم زاي-ابن نضلة-بنون ثم ضاد معجمة-الأسدي أخو بني أسد بن خزيمة، وكان يقال له: الأخزم-بالخاء والزاي المعجمتين (3) -وكان يقال له: فارس رسول الله صلّى الله عليه وسلم. شهد بدرا وغيرها، ولما كان الفزع يوم ذي قرد .. جال فرس لمحمود بن سلمة في الحائط حين سمع صاهلة الخيل، وكان فرسا صنيعا جامّا (4)، فقال نساء من نساء عبد الأشهل حين رأين الفرس تجول في الحائط بجذع نخل هو مربوط به: يا قمير (5) -وهو اسم الأخزم أيضا-هل لك في أن تركب هذا الفرس؛ فإنه كما ترى، ثم تلحق برسول الله صلّى الله عليه وسلم والمسلمين؟ قال: نعم، فأعطينه إياه، فخرج عليه، فلم يلبث أن بذّ الخيل بجمامه (6) حتى أدرك القوم، فوقف لهم بين أيديهم ثم قال: قفوا يا معشر بني اللّكيعة (7) حتى يلحق بكم من ورائكم من أدباركم من المهاجرين والأنصار، وحمل عليه عبد الرحمن الفزاري (8) فقتله، وجال الفرس ولم يقدر عليه حتى وقف على

(1) رجّح ابن حجر وفاته سنة أربع، قال في «الإصابة» (2/ 327): (قال ابن سعد: إنه شهد بدرا وأحدا، فجرح بها، ثم بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم إلى بني أسد في صفر سنة أربع، ثم رجع، فانتقض جرحه، فمات في جمادى الآخرة، وبهذا قال الجمهور، كابن أبي خيثمة ويعقوب بن سفيان وابن البرقي والطبري وآخرون، وأرخه ابن عبد البر في جمادى الآخرة سنة ثلاث، والراجح الأول). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 283)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 89)، و «تاريخ الطبري» (2/ 602)، و «الاستيعاب» (ص 688)، و «أسد الغابة» (5/ 73)، و «التبيين» (ص 510)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 334)، و «العقد الثمين» (7/ 136)، و «توضيح المشتبه» (1/ 170)، و «الإصابة» (3/ 348). (3) ضبطها ابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» بالخاء المعجمة والراء، وكذلك غيره من الكتب التي ترجمت له، وكذا في «صحيح مسلم» (1807) في حديث سلمة بن الأكوع الطويل، والله أعلم. (4) الفرس الصنيع: الذي يخدمه أهله ويقومون عليه، الجامّ: الفرس الذي ترك ولم يركب. (5) في «طبقات ابن سعد» و «العقد الثمين» و «الاستيعاب»: (قهيرة) بدل: (قمير). (6) بذّ: غلب، والمراد: أنه غلب الخيل الأخرى وسبقها بسبب الراحة التي كان فيها؛ إذ لم يكن قد ركب ليتعب. (7) اللكيعة: اللئيمة. (8) وقع في أكثر المصادر: أن القاتل هو مسعدة بن حكمة، لكن في حديث غزوة ذي قرد عن سلمة بن الأكوع عند مسلم-

117 - [وقاص بن مجزز]

آريّه (1) في بني عبد الأشهل، وذلك في سنة ست، رضي الله عنه. 117 - [وقّاص بن مجزّز] (2) وقّاص بن مجزّز-بجيم وزايين-المدلجي، قتل في غزوة ذي قرد مع محرز بن نضلة الأسدي في سنة ست، كما نقله ابن هشام عن غير واحد (3)، وقيل: لم يقتل في تلك الغزوة غير محرز بن نضلة الأسدي، رضي الله عنهما. 118 - [أم رومان] (4) أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية، زوجة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أم عائشة الصديقة وعبد الرحمن، رضي الله عنهم. وتوفيت في ذي الحجة سنة ست، ونزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم في قبرها واستغفر لها وقال: «من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان» (5)، وقيل: توفيت سنة خمس، وقيل: سنة أربع. قال ابن الأثير: (ومن زعم أنها توفيت سنة أربع أو سنة خمس .. فقد وهم؛ فإنه قد صح أنها قد كانت في الإفك حية، وكان الإفك في شعبان سنة ست) (6). ولما ذكر البخاري في «التاريخ الأوسط» و «الصغير» عن القاسم: أن أم رومان توفيت سنة ست، قال: (وفيه نظر، وحديث مسروق أسند) (7)؛ أي: أصح إسنادا، وأشار

= (1807)، والبيهقي (9/ 88)، والطبري (2/ 596): أن القاتل هو عبد الرحمن بن عيينة الفزاري. (1) آريّه: مربطه الذي كان عنده في بني عبد الأشهل، والآريّ: الحبل الذي تشد به الدابة، وقد يسمى الموضع الذي تقف فيه الدابة آريا أيضا. (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 283)، و «الاستيعاب» (ص 758)، و «أسد الغابة» (5/ 449)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 335)، و «الإصابة» (3/ 599)، و «شرح البهجة» (1/ 331). (3) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 283). (4) «طبقات ابن سعد» (10/ 262)، و «المعارف» (173)، و «الاستيعاب» (ص 951)، و «التبيين» (ص 73)، و «أسد الغابة» (7/ 331)، و «تهذيب الكمال» (35/ 358)، و «العقد الثمين» (8/ 341)، و «الإصابة» (4/ 433)، و «بهجة المحافل» (1/ 335). (5) أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (8/ 276). (6) «أسد الغابة» (5/ 583). (7) «التاريخ الأوسط» (1/ 117).

119 - [ربيعة بن أكثم]

بذلك إلى ما رواه في «صحيحه» في تفسيره (سورة يوسف) عن مسروق قال: سألت أم رومان ... الحديث (1)؛ أي: ومسروق تابعي، فيتعين أن تكون وفاتها تأخرت عن وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم. قال الحافظ ابن حجر: (وهو كما قال البخاري؛ أي: من أن حديث مسروق أصح إسنادا، قال: وقد جزم إبراهيم الحربي الحافظ بأن مسروقا إنما سمع من أم رومان في خلافة عمر رضي الله عنه، وقال أبو نعيم الأصبهاني: عاشت أم رومان بعد النبي صلّى الله عليه وسلم دهرا. قال الحافظ ابن حجر: مما يدل على ضعف وفاتها سنة ست ما في «الصحيح» عن عبد الرحمن بن أبي بكر: أن أصحاب الصفة كانوا ناسا فقراء ... فذكر الحديث في قضية أضياف أبي بكر، وقال فيه: قال عبد الرحمن: إنما هو أنا وأمي وامرأتي وخادم بيتنا الحديث، وعبد الرحمن إنما أسلم بعد سنة ست قبيل الفتح، والفتح إنما كان في رمضان سنة ثمان) اهـ‍ (2) وقال حافظ اليمن أبو زكريا العامري: (ووهم كثيرون ممن ادعى موتها في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ لتصريح مسروق في «صحيح البخاري» بالسماع منها، وقوله: «سألت أم رومان». وقال آخرون: صوابه: سئلت أم رومان؛ أي: بالبناء للمفعول، والله أعلم) (3). 119 - [ربيعة بن أكثم] (4) ربيعة بن أكثم بن سخبرة بن عمرو بن بكير بن عامر بن غنم بن دودان بن أسد الأسدي، من بني أسد بن خزيمة، يكنى: أبا يزيد.

(1) «صحيح البخاري» (3388). (2) «فتح الباري» (7/ 438)، وانظر حديث عبد الرحمن بن أبي بكر في «صحيح البخاري» (602). (3) «بهجة المحافل» (1/ 335).والتحقيق: أنها عمّرت بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم دهرا طويلا، وانظر «الإصابة» (4/ 433) فقد بحث فيها الحافظ ابن حجر بحثا مستفيضا، فأفاد وأجاد جزاه الله خيرا. (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 343)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 89)، و «الاستيعاب» (ص 234)، و «التبيين» (ص 510)، و «أسد الغابة» (2/ 208)، و «عيون الأثر» (2/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 429)، و «الإصابة» (1/ 493).

120 - [ثقف بن عمرو]

شهد بدرا، وله رواية، واستشهد سنة سبع بخيبر، رضي الله عنه. 120 - [ثقف بن عمرو] (1) ثقف بن عمرو بن سميط الأسدي، استشهد يوم خيبر، وقيل: يوم أحد (2)، رضي الله عنه. 121 - [رفاعة بن مسروح] (3) رفاعة بن مسروح-وقيل: ابن ممسوح-الأسدي أسد خزيمة، استشهد يوم خيبر، رضي الله عنه. 122 - [عبد الله بن الهبيب] (4) عبد الله بن الهبيب-بضم الهاء كما قاله ابن إسحاق، وقال ابن هشام: (بفتحها) (5) - ابن أهيب بن سحيم الليثي، من بني سعد بن ليث، حليف بني أسد بن عبد العزى، استشهد يوم خيبر، رضي الله عنه. 123 - [بشر بن البراء] (6) بشر بن البراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان الأنصاري الخزرجي السّلمي المدني.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 343)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 91)، و «حلية الأولياء» (1/ 352)، و «الاستيعاب» (ص 108)، و «أسد الغابة» (1/ 293)، و «عيون الأثر» (2/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 429)، و «الإصابة» (1/ 402)، ووقع في «الحلية» و «الاستيعاب»: أن اسمه (ثقيف). (2) هو قول ابن عبد البر في «الاستيعاب». (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 343)، و «الاستيعاب» (ص 231)، و «التبيين» (ص 516)، و «أسد الغابة» (2/ 233)، و «عيون الأثر» (2/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 429)، و «الإصابة» (1/ 505). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 343)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 230)، و «الاستيعاب» (ص 441)، و «أسد الغابة» (3/ 409)، و «عيون الأثر» (2/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 429)، و «الإصابة» (2/ 369). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 343). (6) «سيرة ابن هشام» (3/ 343)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 528)، و «الاستيعاب» (ص 83)، و «أسد الغابة» (1/ 218)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 133)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 269)، و «الإصابة» (1/ 154).

124 - [فضيل بن النعمان]

شهد العقبة وبدرا وأحدا، وتوفي بخيبر سنة سبع من الأكلة التي أكلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الشاة التي سمّتها اليهودية، قيل: إنه مات في الحال، وقيل: لم يزل معتلا حتى مات بعد سنة (1). قال صلّى الله عليه وسلم: «من سيدكم يا بني سلمة؟ » قالوا: الجدّ بن قيس على بخل فيه، فقال صلّى الله عليه وسلم: «وأي داء أدوأ من البخل؟ ! » قال: «بل سيدكم الأبيض الجعد بشر بن البراء»، رضي الله عنه (2). 124 - [فضيل بن النعمان] (3) فضيل بن النعمان الأنصاري الخزرجي السّلمي، استشهد بخيبر، رضي الله عنه. 125 - [مسعود بن سعد] (4) مسعود بن سعد بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريق الزّرقي، شهد بدرا وأحدا، واستشهد بخيبر، وقيل: يوم بئر معونة، رضي الله عنه. 126 - [محمود بن مسلمة] (5) محمود بن مسلمة بن خالد بن عدي الأنصاري الأوسي الأشهلي حليف لهم، من بني حارثة بن الحارث الليثي.

(1) حديث الشاة المسمومة وموت سيدنا بشر بن البراء منها أخرجه أبو داود (4502)، والدارمي (68)، والطبراني في «الكبير» (34/ 2 - 35)، وابن سعد في «الطبقات» (2/ 200) وغيرهم، وأصله عند البخاري (3169)، ومسلم (2190). (2) مرّ هذا الحديث في ترجمة (عمرو بن الجموح) (1/ 73) بلفظ: «بل سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح» وإسناده أقوى، والله أعلم، وقد استوفى الحافظ ابن حجر الكلام عليه في الموضعين، فلينظر في موضعه من «الإصابة». (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 343)، و «طبقات ابن سعد» (5/ 376)، و «الاستيعاب» (ص 604)، و «أسد الغابة» (4/ 368)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 429)، و «الإصابة» (3/ 203). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 343)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 551)، و «الاستيعاب» (ص 690)، و «أسد الغابة» (5/ 162)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 429)، و «الإصابة» (3/ 391). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 343)، و «النسب» لابن سلام (ص 275)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 247)، و «الاستيعاب» (ص 679)، و «أسد الغابة» (5/ 118)، و «عيون الأثر» (2/ 171)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 421)، و «الإصابة» (3/ 367).

127 - [أبو الضياح]

شهد أحدا والخندق، واستشهد بخيبر؛ ألقيت عليه رحى فقتلته، وهو أخو محمد بن مسلمة، رضي الله عنهما. 127 - [أبو الضّيّاح] (1) أبو الضيّاح-بضاد معجمة وتشديد آخر الحروف، وقيل: بتخفيفها، آخره حاء مهملة- ابن ثابت بن النعمان الأنصاري الأوسي، من بني عمرو بن عوف. شهد بدرا وغيرها، واستشهد يوم خيبر، رضي الله عنه. 128 - [الحارث بن حاطب] (2) الحارث بن حاطب-بمهملتين-ابن عمرو بن عبيد الأنصاري الأوسي، قيل: إنه من بني عبد الأشهل، وقيل: من بني عمرو بن عوف، يكنى: أبا عبد الله، وهو أخو ثعلبة بن حاطب. استشهد بخيبر كما ذكره ابن إسحاق وابن هشام (3)، رضي الله عنه. 129 - [عروة بن مرّة] (4) عروة بن مرة بن سراقة الأنصاري الأوسي، قتل يوم خيبر شهيدا، رضي الله عنه. 130 - [أوس بن الفاتك] (5) أوس بن الفاتك-وقيل: الفائد بالدال، وقيل: الفاكه-الأنصاري الأوسي، استشهد بخيبر، رضي الله عنه.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 344)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 443)، و «الاستيعاب» (ص 824)، و «أسد الغابة» (6/ 178)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 430)، و «الإصابة» (3/ 530). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 344)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 427)، و «الاستيعاب» (ص 144)، و «أسد الغابة» (1/ 386)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 430)، و «الإصابة» (1/ 275). (3) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 344). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 344)، و «الاستيعاب» (ص 563)، و «أسد الغابة» (4/ 31)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 430)، و «الإصابة» (2/ 470). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 344)، و «الاستيعاب» (ص 57)، و «أسد الغابة» (1/ 174)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 430)، و «الإصابة» (1/ 98).

131 - [أنيف بن حبيب]

131 - [أنيف بن حبيب] (1) أنيف-كتصغير أنف-ابن حبيب الأنصاري الأوسي، استشهد بخيبر، رضي الله عنه. 132 - [ثابت بن إثلة] (2) ثابت بن إثلة الأنصاري الأوسي، استشهد بخيبر، رضي الله عنه. قلت: وفي «سيرة ابن سيد الناس»: (ابن واثلة) (3)، والله أعلم. 133 - [طلحة] (4) طلحة غير منسوب، استشهد بخيبر، وأظنه من الأوس، رضي الله عنه. 134 - [عمارة بن عقبة] (5) عمارة بن عقبة بن حارثة الغفاري، استشهد يوم خيبر رمي بسهم، رضي الله عنه. 135 - [عامر بن الأكوع] (6) عامر بن الأكوع، وهو عامر بن سنان الأسلمي، والصحيح: أنه عم سلمة بن عمرو بن الأكوع لا أخوه.

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 344)، و «الاستيعاب» (ص 50)، و «أسد الغابة» (1/ 160)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 430)، و «الإصابة» (1/ 90). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 344)، و «طبقات ابن سعد» (5/ 296)، و «الاستيعاب» (ص 104)، و «أسد الغابة» (1/ 265)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 430)، و «الإصابة» (210/ 191/1). (3) «عيون الأثر» (2/ 185). (4) «سيرة ابن هشام» (3/ 344)، و «أسد الغابة» (3/ 92)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 430)، و «الإصابة» (2/ 224). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 344)، و «الاستيعاب» (ص 519)، و «أسد الغابة» (4/ 141)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 430)، و «الإصابة» (2/ 510). (6) «سيرة ابن هشام» (3/ 344)، و «طبقات ابن سعد» (5/ 208)، و «الاستيعاب» (ص 515)، و «أسد الغابة» (3/ 124)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 409)، و «الإصابة» (2/ 241).

136 - [الأسود الراعي]

بارز مرحبا اليهودي يوم خيبر، فرجع عليه سيفه فمات من ذلك، فقال صلّى الله عليه وسلم: «إن له لأجرين» (1)، رضي الله عنه. 136 - [الأسود الراعي] (2) الأسود الراعي، كان اسمه: أسلم، وهو من أهل خيبر، جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو محاصر لبعض حصون خيبر ومعه غنم كان فيها أجيرا لرجل من يهود، فقال: يا رسول الله؛ اعرض علي الإسلام، فعرضه عليه فأسلم، فلما أسلم .. قال: يا رسول الله؛ إني كنت أجيرا لصاحب هذه الغنم، وهي أمانة عندي، فكيف أصنع بها؟ فقال: «اضرب في وجوهها؛ فإنها سترجع إلى ربها»، أو كما قال، فأخذ الأسود حفنة من الحصى، فرمى بها وجوهها، وقال لها: ارجعي إلى صاحبك، فو الله؛ لا أصحبك، فخرجت مجتمعة كأن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن. ثم تقدم الأسود إلى ذلك الحصن؛ ليقاتل مع المسلمين، فأصابه حجر فقتله، وما صلّى لله صلاة قط، فأتي به رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ووضع خلفه، وسجّي بشملة كانت عليه، فالتفت إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه، ثم أعرض عنه، فقالوا: يا رسول الله؛ لم أعرضت عنه؟ قال: «إن معه الآن زوجتيه من الحور العين» (3). وهذا يؤيد ما روي: «أن الشهيد إذا أصيب .. نزلت زوجتاه من الحور العين عليه ينفضان التراب عن وجهه، ويقولان: ترّب الله وجه من ترّبك، وقتل من قتلك» (4)، رضي الله عنه. 137 - [مسعود بن ربيعة القاريّ] (5) مسعود بن ربيعة-وقيل: ابن الربيع-ابن عمرو بن سعد القاريّ، من القارة، حليف

(1) أخرجه البخاري (4196)، ومسلم (1802). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 344)، و «الاستيعاب» (ص 60)، و «أسد الغابة» (1/ 92)، و «عيون الأثر» (2/ 183)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 418)، و «الإصابة» (1/ 54). (3) أخرجه الحاكم (2/ 136) وصححه، وذكره الذهبي في «تاريخه» وقال: وهذا حديث حسن أو صحيح. (4) ذكره ابن هشام نقلا عن ابن إسحاق (3/ 345). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 344)، و «النسب» لابن سلام (ص 225)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 154)، -

138 - [أوس بن قتادة]

لبني زهرة، أسلم قديما بمكة، وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرا. ونقل ابن هشام عن ابن شهاب الزهري: أنه استشهد بخيبر (1)، وفي «الكاشغري»: أنه توفي سنة ثلاثين (2)، رضي الله عنه. 138 - [أوس بن قتادة] (3) أوس بن قتادة الأنصاري، من بني عمرو بن عوف، حكى ابن هشام عن ابن شهاب الزهري: أنه استشهد بخيبر (4)، رضي الله عنه. 139 - [جعفر بن أبي طالب] (5) جعفر بن أبي طالب-واسم أبي طالب عبد مناف-ابن عبد المطلب الهاشمي الطيار ذو الجناحين، وذو الهجرتين، الجواد وأبو الجواد. أسلم قديما، وهاجر إلى الحبشة بزوجته أسماء بنت عميس، فولدت له هناك ابنه عبد الله، فهو أول مولود في الإسلام بأرض الحبشة، واجتمع جعفر بالنجاشي، وقرأ عليه (سورة مريم)، وأسلم النجاشي على يديه، ثم قدم من الحبشة هو ومن صحبه من المهاجرين ومن دخل في الإسلام هناك، وركبوا البحر في سفينتين، فقدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في خيبر حين افتتحها، وأسهم صلّى الله عليه وسلم لهم منها، ولم يسهم لمن لم يحضرها غيرهم (6).

= و «الاستيعاب» (ص 690)، و «أسد الغابة» (5/ 160)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «العقد الثمين» (7/ 181)، و «الإصابة» (3/ 390)، وقد اتفقوا على أن وفاته كانت سنة ثلاثين، سوى ابن هشام وابن سيد الناس، ثم نقل عن أبي معشر والواقدي: أنه مات سنة ثلاثين وقد زاد على الستين، والله أعلم. (1) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 344). (2) انظر «مختصر أسد الغابة» (خ/312/أ). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 344)، و «عيون الأثر» (2/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 430)، و «الإصابة» (1/ 98). (4) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 344). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 378)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 31)، و «تاريخ الطبري» (3/ 40)، و «حلية الأولياء» (1/ 114)، و «الاستيعاب» (ص 109)، و «التبيين» (ص 113)، و «أسد الغابة» (1/ 341)، و «تهذيب الكمال» (5/ 50)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 206)، و «مرآة الجنان» (1/ 14)، و «العقد الثمين» (3/ 424)، و «الإصابة» (1/ 239). (6) أخرجه البخاري (3136)، ومسلم (2502).

140 - [زيد بن حارثة]

ثم سكن المدينة، ثم أمّره صلّى الله عليه وسلم على جيش غزوة مؤتة بعد زيد بن حارثة، فاستشهد في جمادى الأولى سنة ثمان، فأخبر صلّى الله عليه وسلم بوفاته حين وفاته على المنبر بالمدينة، واستغفر له وأمر المسلمين بالاستغفار له (1)، وقبره وقبر صاحبيه زيد وعبد الله بن رواحة مشهورة بأرض مؤتة من الشام على نحو مرحلتين من بيت المقدس. قال أبو هريرة رضي الله عنه: كان جعفر خير الناس للمساكين، ولما قطعت يداه يوم مؤتة .. عوّضه الله جناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة (2). وقال صلّى الله عليه وسلم له: «أشبهت خلقي وخلقي» (3). وكان أسن من علي رضي الله عنهما بعشر سنين، وعقيل أسن من جعفر رضي الله عنهما بعشر سنين، وطالب أسن من عقيل رضي الله عنه بعشر سنين، وأم الجميع فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وهي أول هاشمية تزوجها هاشمي، وأسلمت وحسن إسلامها، وقد تقدم ذكرها وذكر وفاتها (4)، رضي الله عنها. 140 - [زيد بن حارثة] (5) زيد بن حارثة-بمهملة ومثلثة-ابن شراحيل بن كعب بن امرئ القيس، القضاعي الكلبي نسبا، القرشي الهاشمي بالولاء، الحجازي، مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وحبّه وأبو حبّه (6).

(1) أخرجه ابن حبان (7048)، والنسائي في «الكبرى» (8242)، وأحمد (5/ 299)، وابن أبي شيبة (8/ 545)، وابن سعد (4/ 36)، والطبري (3/ 40) وغيرهم. وانظر أحاديث غزوة مؤتة عند البخاري (كتاب المغازي) باب: غزوة مؤتة، وابن سعد في «الطبقات» (2/ 128)، والطبري في «التاريخ» (3/ 36) وغيرهم. (2) حديث أبي هريرة أخرجه مرفوعا ابن حبان (7047)، والحاكم (3/ 40)، والترمذي (3763)، وأصله في البخاري (3708) عن أبي هريرة، و (3709) عن ابن عمر. (3) أخرجه البخاري (2700)، وابن حبان (7046)، والحاكم (3/ 120) وغيرهم. (4) انظر (1/ 83). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 378)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 38)، و «الاستيعاب» (ص 242)، و «أسد الغابة» (2/ 281)، و «تهذيب الكمال» (10/ 35)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 493)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 220)، و «مرآة الجنان» (1/ 11)، و «العقد الثمين» (4/ 459)، و «الإصابة» (1/ 545)، و «شذرات الذهب» (1/ 126). (6) أخرجه البخاري (3730)، ومسلم (2426).

141 - [مسعود بن الأسود]

خرجت به أمه وهو صغير تزور قومها، فأغارت عليهم بنو القين بن جسر، فأسروا زيدا وقدموا به سوق عكاظ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة، فوهبته للنبي صلّى الله عليه وسلم قبل النبوة وهو ابن ثمان سنين، فأعتقه صلّى الله عليه وسلم، وقدم أبوه إلى مكة ليفديه بعد البعثة، فاختار زيد النبي صلّى الله عليه وسلم على أهله، فتبناه صلّى الله عليه وسلم حتى كان يدعى: زيد بن محمد، حتى نزل قوله تعالى: {اُدْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ} (1). أسلم قديما حتى قيل: إنه أول من أسلم، وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرا، وكان هو البشير بنصرة المسلمين، وشهد أحدا والخندق والحديبية وخيبر، وزوجه صلّى الله عليه وسلم مولاته أم أيمن، فولدت له أسامة بن زيد، وتزوج بزينب بنت جحش أم المؤمنين، ثم طلقها، فتزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها} الآية. ولم يذكر الله سبحانه وتعالى أحدا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم في القرآن باسمه العلم غير زيد. قال النووي: (ولا يرد على هذا قول من قال: «السجل» في قوله تعالى: {كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} اسم كاتب؛ فإنه ضعيف أو غلط) (2). وأمّره صلّى الله عليه وسلم على جيش غزوة مؤتة، فاستشهد في جمادى الأولى سنة ثمان. وذكر الإمام الرازي في «فوائده»: أن حارثة والد زيد أسلم حين جاء في طلب ابنه زيد، ثم ذهب إلى قومه مسلما، رضي الله عنه. 141 - [مسعود بن الأسود] (3) مسعود بن الأسود بن حارثة بن نضلة القرشي، من بني عدي بن كعب، كان من

(1) أخرجه البخاري (4782)، ومسلم (2425). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 203). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 388)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 131)، و «الاستيعاب» (ص 690)، و «التبيين» (ص 435)، و «أسد الغابة» (5/ 156)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 499)، و «العقد الثمين» (7/ 181)، و «الإصابة» (3/ 389).

142 - [وهب بن سعد بن أبي سرح]

المهاجرين السبعين مع أخيه مطيع، ويعرف بابن العجماء بأمه، شهد الحديبية، وكان من أصحاب الشجرة، واستشهد يوم مؤتة. قال ابن الأثير: (وقول ابن منده في نسبه: الأسود بن عبيد .. وهم) (1)، رضي الله عنه. 142 - [وهب بن سعد بن أبي سرح] (2) وهب بن سعد بن أبي سرح-أخو عبد الله بن سعد بن أبي سرح-القرشي، شهد أحدا وغيرها، واستشهد يوم مؤتة، رضي الله عنه. 143 - [عبد الله بن رواحة] (3) عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس الأنصاري الخزرجي، من بني الحارث بن الخزرج، يكنى: أبا محمد أو أبا رواحة أو أبا عمرو، وشهد العقبة وكان بها نقيب بني الحارث بن الخزرج، وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر وعمرة القضاء، وكان أول خارج إلى الغزو وآخر قادم، ثم أمّره صلّى الله عليه وسلم على جيش إلى مؤتة بعد زيد وجعفر، وكان المسلمون ثلاثة آلاف، والروم في مائتي ألف، فتوقف المسلمون عن ملاقاتهم، فشجعهم عبد الله بن رواحة، فقتل بعد صاحبيه في جمادى الأولى في سنة ثمان، ولم يعقب، ومناقبه كثيرة مشهورة. قال أبو الدرداء: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حرّ شديد؛ حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله

(1) «أسد الغابة» (4/ 355)، لكن فيه قول ابن منده في نسبه: إنه الأسود بن عبد الأسد. (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 388)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 377)، و «الاستيعاب» (ص 749)، و «أسد الغابة» (5/ 459)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 499)، و «العقد الثمين» (7/ 416)، و «الإصابة» (3/ 605). (3) «سيرة ابن هشام» (3/ 379)، و «النسب» لابن سلام (ص 280)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 565)، و «حلية الأولياء» (1/ 118)، و «الاستيعاب» (ص 396)، و «أسد الغابة» (3/ 234)، و «تهذيب الكمال» (14/ 506)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 482)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 230)، و «مرآة الجنان» (1/ 14)، و «الإصابة» (ص 298)، و «شذرات الذهب» (1/ 126).

144 - [عباد بن قيس]

صلّى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة (1)، رضي الله عنه. 144 - [عبّاد بن قيس] (2) عبّاد بن قيس الأنصاري الخزرجي (3)، من بني حارث بن الخزرج، ذكره ابن هشام وابن إسحاق فيمن استشهد بمؤتة سنة ثمان (4)، رضي الله عنه. 145 - [الحارث بن النعمان] (5) الحارث بن النّعمان بن أساف بن نضلة الأنصاري النّجّاري، شهد بدرا وأحدا وما بعدها، وقتل يوم مؤتة، رضي الله عنه. 146 - [سراقة بن عمرو] (6) سراقة بن عمرو بن عطيّة بن خنساء بن عبد مبذول الأنصاري النجاري المازني، شهد بدرا وغيرها، واستشهد يوم مؤتة، رضي الله عنه. 147 - [جابر بن أبي صعصعة] (7) جابر بن أبي صعصعة عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول الأنصاري النجاري، استشهد يوم مؤتة هو وأخوه أبو كليب أو أبو كلاب.

(1) أخرجه البخاري (1945)، ومسلم (1122). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 388)، و «النسب» لابن سلام (ص 285)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 494)، و «الاستيعاب» (ص 472 و 469)، و «أسد الغابة» (155/ 3 و 162)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 499)، و «الإصابة» (2/ 257). (3) ورد اختلاف في اسمه: ففي (ت)، و «طبقات ابن سعد»: (عبادة) بضم أوله وهاء في آخره، وفي «الاستيعاب»، و «أسد الغابة» ترجم له في موضعين: (عبّاد) و (عبادة)، وفي (ق)، وبقية المصادر: (عبّاد). (4) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 388). (5) «سيرة ابن هشام» (3/ 388)، و «أسد الغابة» (1/ 418)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 499)، و «الإصابة» (1/ 291). (6) «سيرة ابن هشام» (3/ 388)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 480)، و «الاستيعاب» (ص 320)، و «أسد الغابة» (2/ 330)، و «الإصابة» (2/ 18). (7) «سيرة ابن هشام» (3/ 389)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 340)، و «الاستيعاب» (ص 115)، و «أسد الغابة» (1/ 305)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 499)، و «الإصابة» (1/ 216).

148 - [عامر بن سعد الأنصاري]

قلت: وهما إخوة لأب وأم، كذا ذكره ابن هشام (1)، والله أعلم، رضي الله عنهما. 148 - [عامر بن سعد الأنصاري] (2) عامر بن سعد بن الحارث بن عبّاد الأنصاري، استشهد هو وأخوه عمرو بن سعد سنة ثمان بغزوة مؤتة، رضي الله عنهما. 149 - [سلمة بن الميلاء] (3) سلمة بن الميلاء الجهني، كان يوم الفتح في خيل خالد بن الوليد في أسفل مكة، فقتل يومئذ شهيدا، رضي الله عنه. 150 - [كرز بن جابر] (4) كرز بن جابر بن حسل الفهري، أسلم بعد الهجرة، وحسن إسلامه، وخرج عام الفتح مع النبي صلّى الله عليه وسلم، فكان في جيش خالد بن الوليد، أمرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يدخلوا مكة من أسفلها، فناوشهم المشركون شيئا من القتال، فكان كرز قد شذ عن خيل خالد، فقتل رضي الله عنه (5). 151 - [خنيس بن خالد] (6) خنيس-بخاء معجمة ثم نون مصغرا وآخره سين مهملة-ابن خالد-وهو الأشعر-ابن ربيعة بن أصرم الخزاعي الكعبي، يكنى: أبا صخر.

(1) انظر «سيرة ابن هشام» (3/ 389). (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 389)، و «الاستيعاب» (ص 517)، و «أسد الغابة» (3/ 123)، و «الإصابة» (2/ 240). (3) «سيرة ابن هشام» (4/ 408)، و «تاريخ الطبري» (3/ 58)، و «الاستيعاب» (ص 306)، و «أسد الغابة» (2/ 434)، و «العقد الثمين» (4/ 599)، و «الإصابة» (2/ 66). (4) «سيرة ابن هشام» (4/ 407)، و «النسب» لابن سلام (ص 220)، و «طبقات ابن سعد» (5/ 97)، و «تاريخ الطبري» (3/ 57)، و «الاستيعاب» (ص 632)، و «التبيين» (ص 500)، و «أسد الغابة» (4/ 468)، و «العقد الثمين» (7/ 94)، و «الإصابة» (3/ 274). (5) أخرجه البخاري (4280). (6) «سيرة ابن هشام» (4/ 407)، و «تاريخ الطبري» (3/ 57)، و «الاستيعاب» (ص 212)، و «الروض الأنف» -

152 - [أيمن بن عبيد]

قتل يوم الفتح مع كرز بن جابر الفهري، رضي الله عنه (1). 152 - [أيمن بن عبيد] (2) أيمن بن عبيد بن عمرو السّالمي القرشي الهاشمي بالولاء، وهو ابن أم أيمن حاضنة النبي صلّى الله عليه وسلم، أخو أسامة بن زيد لأمه. وكان على مطهرة النبي صلّى الله عليه وسلم، وهو أحد الثمانية الذين ثبتوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم حنين ولم يفروا، والباقون: أبو بكر وعمر وعلي والفضل بن العباس وأبوه العباس وأبو سفيان بن الحارث وأسامة بن زيد. واستشهد أيمن يوم حنين، فقال في ذلك العباس رضي الله عنه: [من الطويل] نصرنا رسول الله في الدّين سبعة … وقد فرّ من قد فرّ عنه فأقشعوا (3) وثامننا لاقى الحمام بنفسه … بما مسّه في الدّين لا يتوجّع 153 - [يزيد بن زمعة] (4) يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطّلب بن أسد بن عبد العزّى، القرشي الأسدي، شهد حنينا فجمح به فرس له يقال له: الجناح .. فقتل، رضي الله عنه.

= (7/ 220)، و «أسد الغابة» (2/ 147)، و «توضيح المشتبه» (1/ 203)، و «العقد الثمين» (4/ 340)، و «الإصابة» (309/ 1 - 451).وضبط المؤلف (خنيس) تبع فيه ابن إسحاق، وهو خلاف ضبط الجمهور: بحاء مهملة ثم باء موحدة مصغرا وآخره شين معجمة، وذكروا ضبط ابن إسحاق على أنه مرجوح، وبضبطهم جاء حديث البخاري (4280). (1) أخرجه البخاري (4280). (2) «سيرة ابن هشام» (4/ 443)، و «طبقات ابن سعد» (36865)، و «تاريخ الطبري» (3/ 74)، و «الاستيعاب» (ص 61)، و «أسد الغابة» (1/ 189)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 130)، و «الإصابة» (1/ 103). (3) أقشعوا: تفرقوا. (4) «سيرة ابن هشام» (4/ 459)، و «النسب» لابن سلام (ص 206)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 113)، و «الاستيعاب» (ص 759)، و «التبيين» (ص 276)، و «أسد الغابة» (5/ 488)، و «العقد الثمين» (7/ 461)، و «الإصابة» (3/ 618).

154 - [سراقة بن الحارث]

154 - [سراقة بن الحارث] (1) سراقة بن الحارث بن عدي الأنصاري، من بني العجلان، استشهد يوم حنين سنة ثمان، وقيل: سراقة بن الحباب، قال ابن الأثير: (وهما واحد في الأصح، وقيل: هما اثنان) (2)، رضي الله عنهما. 155 - [أبو عامر الأشعري] (3) أبو عامر الأشعري، واسمه: عبيد بن سليم بن حضار، واشتهر بكنيته. شهد حنينا، ثم أمّره رسول الله صلّى الله عليه وسلم على جماعة إلى أوطاس، فرماه رجل من المشركين بسهم فقتله، وقصته مشهورة في «الصحيحين» (4)، وهو عم أبي موسى الأشعري، رضي الله عنهما. ولأبي موسى أخ يسمى أيضا: أبا عامر الأشعري، واسمه: هاني بن قيس، وقيل: غير ذلك، رضي الله عنهم. 156 - [سعيد بن سعيد بن العاصي] (5) سعيد بن سعيد بن العاصي بن أمية القرشي الأموي، أسلم قبل الفتح، واستشهد يوم حصار الطائف سنة ثمان، رضي الله عنه. 157 - [عرفطة بن جناب] (6) عرفطة بن جناب-بالجيم وتخفيف النون ثم بعد الألف موحدة، وقيل: عرفطة بن

(1) «سيرة ابن هشام» (4/ 459)، و «طبقات ابن سعد» (5/ 391)، و «الاستيعاب» (ص 320)، و «أسد الغابة» (2/ 329)، و «الإصابة» (2/ 18). (2) «أسد الغابة» (2/ 263). (3) «سيرة ابن هشام» (4/ 457)، و «طبقات ابن سعد» (5/ 274)، و «الاستيعاب» (ص 834)، و «أسد الغابة» (6/ 186)، و «الإصابة» (4/ 122). (4) «صحيح البخاري» (4323)، و «صحيح مسلم» (2498). (5) «سيرة ابن هشام» (4/ 486)، و «طبقات ابن سعد» (5/ 12)، و «الاستيعاب» (ص 272)، و «أسد الغابة» (2/ 390)، و «العقد الثمين» (4/ 566)، و «الإصابة» (2/ 45). (6) «سيرة ابن هشام» (4/ 486)، و «الاستيعاب» (ص 584)، و «أسد الغابة» (4/ 25)، و «الإصابة» (2/ 468).

158 - [عبد الله بن أبي أمية]

الحباب، بضم المهملة ثم موحدتين بينهما ألف-ابن حبيب الأزدي، من الأسد بن الغوث، حليف بني أمية، قتل في حصار الطائف، رضي الله عنه. 158 - [عبد الله بن أبي أمية] (1) عبد الله بن أبي أمية-واسم أبي أمية حذيفة-ابن المغيرة بن عبد الله المخزومي، أخو أم سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم، وابن عمة النبي صلّى الله عليه وسلم، أمه عاتكة بنت عبد المطلب. أسلم والنبي صلّى الله عليه وسلم سائر إلى مكة ليفتحها، وشهد الفتح وحنينا والطائف، فأصابه سهم في الطائف ومات يومئذ. وهو الذي قال له المخنث هيت: يا عبد الله؛ إن فتح عليكم الطائف .. فإني أدلك على بنت غيلان؛ فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، ولها ثغر كالأقحوان فقال صلّى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا هؤلاء عليكم» (2). 159 - [عبد الله بن عامر العنزي] (3) عبد الله بن عامر بن ربيعة بن مالك العنزي-بسكون النون (4) -ابن عنز بن وائل، وقيل: من مذحج، حليف بني عدي بن كعب من قريش، هو وأبوه صحابيان، واستشهد عبد الله في حصار الطائف، رضي الله عنه. 160 - [السائب بن الحارث] (5) السائب بن الحارث بن قيس بن عدي القرشي السّهمي، من بني سهم بن عمرو.

(1) «سيرة ابن هشام» (4/ 486)، و «النسب» لابن سلام (ص 210)، و «طبقات ابن سعد» (5/ 45)، و «الاستيعاب» (ص 382)، و «التبيين» (ص 373)، و «أسد الغابة» (3/ 177)، و «العقد الثمين» (5/ 130)، و «الإصابة» (2/ 268). (2) أخرجه البخاري (4324)، ومسلم (2180). (3) «سيرة ابن هشام» (4/ 486)، و «الاستيعاب» (ص 428)، و «أسد الغابة» (3/ 286)، و «العقد الثمين» (5/ 185)، و «الإصابة» (2/ 320). (4) وقيل: بفتحها، انظر «الأنساب» (4/ 251). (5) «سيرة ابن هشام» (4/ 486)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 182)، و «الاستيعاب» (ص 311)، و «التبيين» -

161 - [عبد الله المبرق]

قال ابن إسحاق وابن هشام وغيرهما: (قتل يوم الطائف) (1)، وقيل: يوم فحل بالأردن سنة ثلاث عشرة أو أربع عشرة، رضي الله عنه. 161 - [عبد الله المبرق] (2) عبد الله بن الحارث بن قيس بن عدي القرشي السهمي، كان يسمى: المبرق؛ لقوله: [من الطويل] إذا أنا لم أبرق فلا يسعنّني … من الأرض برّ ذو فضاء ولا بحر وتلك قريش تجحد الله ربّها … كما جحدت عاد ومدين والحجر أسلم قديما، وهاجر إلى الحبشة، ولمّا أمنوا بأرض الحبشة وحمد جوار النجاشي .. قال: [من البسيط] إنا وجدنا بلاد الله واسعة … تنجي من الذل والمخزاة والهون فلا تقيموا على ذلّ الحياة ولا … خزي الممات وعيب غير مأمون إنا اتّبعنا رسول الله واطّرحوا … قول النبي وغالوا في الموازين واستشهد في حصار الطائف هو وأخوه السائب كما ذكره ابن إسحاق وابن هشام وغيرهما (3)، وقيل: استشهد يوم اليمامة هو وأخوه أبو قيس، ولا عقب لهم، رضي الله عنهم. 162 - [جليحة بن عبد الله] (4) جليحة بن عبد الله بن محارب-وقيل: الحارث بدل محارب-الليثي، من بني سعد بن ليث، قتل في حصار الطائف، رضي الله عنه.

= (467)، و «أسد الغابة» (2/ 312)، و «العقد الثمين» (4/ 496)، و «الإصابة» (2/ 8). (1) «سيرة ابن هشام» (4/ 486). (2) «سيرة ابن هشام» (4/ 486)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 181)، و «الاستيعاب» (ص 389)، و «التبيين» (ص 467)، و «أسد الغابة» (3/ 206)، و «العقد الثمين» (5/ 128)، و «الإصابة» (2/ 284). (3) انظر «سيرة ابن هشام» (4/ 486). (4) «سيرة ابن هشام» (4/ 486)، و «طبقات ابن سعد» (6/ 150)، و «الاستيعاب» (ص 134)، و «أسد الغابة» (1/ 348)، و «الإصابة» (1/ 244).

163 - [ثابت بن أقرم]

163 - [ثابت بن أقرم] (1) ثابت بن أقرم بن ثعلبة البلوي، شهد بدرا، وقتل بالطائف كما نقله ابن الأثير عن الثلاثة (2)، ولم يذكره ابن هشام فيمن استشهد بالطائف، رضي الله عنه. 164 - [ثابت بن الجذع] (3) ثابت بن الجذع الأنصاري السّلمي، استشهد بالطائف كما ذكره ابن إسحاق وابن هشام (4)، رضي الله عنه. 165 - [الحارث بن سهل] (5) الحارث بن سهل بن أبي صعصعة، الأنصاري المزني، من بني مازن بن النجار، قتل في حصار الطائف، رضي الله عنه. 166 - [المنذر بن عبد الله] (6) المنذر بن عبد الله-وقيل: ابن عباد-الأنصاري الساعدي، قتل يوم الطائف، رضي الله عنه.

(1) «النسب» لابن سلام (ص 372)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 432)، و «الاستيعاب» (ص 101)، و «الأنساب» (4/ 163)، و «أسد الغابة» (1/ 265)، و «الإصابة» (1/ 192).وثابت بن أقرم استشهد في حروب الردة، ولم يذكر أحد ممن ترجم له-ومنهم ابن الأثير-أنه استشهد في الطائف، ولعل المؤلف حصل له انتقال ذهني من ثابت بن أقرم إلى ثابت بن الجذع المترجم بعده عند ابن الأثير، والله أعلم. (2) أي: ذكر ابن الأثير في «أسد الغابة» أن أصحاب هذه الترجمة واللتين قبلها قد استشهدوا في حصار الطائف، وقد ذكرنا العزو إلى «أسد الغابة» في مصادر كل ترجمة. (3) «سيرة ابن هشام» (4/ 486)، و «النسب» لابن سلام (ص 286)، و «الاستيعاب» (ص 101)، و «أسد الغابة» (1/ 265)، و «الإصابة» (1/ 192). (4) انظر «سيرة ابن هشام» (4/ 486). (5) «سيرة ابن هشام» (4/ 487)، و «طبقات ابن سعد» (5/ 350)، و «الاستيعاب» (ص 151)، و «أسد الغابة» (1/ 396)، و «الإصابة» (1/ 279). (6) «سيرة ابن هشام» (4/ 487)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 369)، و «الاستيعاب» (ص 695)، و «أسد الغابة» (5/ 268)، و «الإصابة» (3/ 440).

167 - [رقيم بن ثابت]

167 - [رقيم بن ثابت] (1) رقيم بن ثابت بن ثعلبة بن زيد بن لوذان بن معاوية الأنصاري الأوسي، أبو ثابت، قتل في حصار الطائف، رضي الله عنه. 168 - [سعد بن خولة] (2) سعد بن خولة من بني مالك بن حسل بن عامر، أسلم وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، ثم إلى المدينة، وشهد بدرا، ومات بمكة في حجة الوداع، وقيل: سنة سبع، وهو عامري، وقيل: حليف لهم من عجم الفرس، رضي الله عنه. 169 - [زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم] (3) زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، هي أكبر بناته صلّى الله عليه وسلم من خديجة. ولدت سنة ثلاثين من مولده صلّى الله عليه وسلم، تزوجها أبو العاصي بن الربيع، وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد، وهو القائل حين سافر إلى الشام: [من البسيط] ذكرت زينب لمّا يمّمت إضما … فقلت سقيا لشخص يسكن الحرما بنت الأمين جزاها الله صالحة … وكلّ بعل سيثني بالذي علما (4) ولما أسر زوجها أبو العاصي يوم بدر .. بعثت زينب في فدائه قلادة، فردّ عليها

(1) «سيرة ابن هشام» (4/ 487)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 302)، و «الاستيعاب» (ص 237)، و «أسد الغابة» (2/ 235)، و «الإصابة» (1/ 506). (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 378)، و «الاستيعاب» (ص 284)، و «أسد الغابة» (2/ 243)، و «العقد الثمين» (4/ 532)، و «الإصابة» (2/ 23). (3) «طبقات ابن سعد» (10/ 31)، و «المعارف» (ص 141)، و «الاستيعاب» (ص 905)، و «التبيين» (ص 88)، و «أسد الغابة» (7/ 130)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 246)، و «العبر» (1/ 10)، و «العقد الثمين» (8/ 222)، و «الإصابة» (4/ 306). (4) الأبيات عند الحاكم (4/ 44)، وابن سعد (10/ 32).

170 - [ذو البجادين]

رسول الله صلّى الله عليه وسلم قلادتها، وفداه مجانا، وألزمه أن يرسل زينب إلى المدينة، فوفى بذلك، ثم أسلم، فردّت إليه بالنكاح الأول (1). قلت: ويعارضه ما ورد في الحديث الصحيح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ردها عليه بنكاح جديد (2)، وهذا الحديث هو الذي عليه العمل. ومعنى ردها عليه بالنكاح الأول؛ أي: على مثل النكاح الأول في الصداق، ذكر ذلك في «الروض الأنف» للسهيلي (3)، والله أعلم. وقال فيه: «حدّثني فصدقني، ووعدني فوفى لي» (4). ولدت زينب لأبي العاصي عليا، وأمامة، وهي التي كان يحملها صلّى الله عليه وسلم في صلاته (5) وتوفيت زينب سنة ثمان من الهجرة، وتوفي ابنها علي وهو صغير في حياة جده صلّى الله عليه وسلم، وأما أمامة فتزوجها علي رضي الله عنه بعد موت خالتها فاطمة، رضي الله عنهما. 170 - [ذو البجادين] (6) عبد الله بن عبد نهم، المعروف بذي البجادين المزني، كان اسمه عبد العزى، فلما أسلم .. سماه رسول الله صلّى الله عليه وسلم عبد الله، وهو عم عبد الله بن مغفل بن نهم، ولما أسلم .. جرّده قومه من جميع ثيابه وألبسوه بجادا-وهو: الكساء الغليظ الجافي-

(1) انظر الحاكم (45/ 4، 46) وأبي داود (2233)، والترمذي (1143)، وأحمد (1/ 217)، وابن سعد (10/ 34).وانظر لزاما «المجموع» (17/ 470)، و «المغني» (10/ 10)، و «زاد المعاد» (4/ 13). (2) أخرجه الحاكم (3/ 639)، والترمذي (1142)، وابن ماجه (2010)، والدارقطني (3/ 253)، والبيهقي (7/ 188)، وأحمد (2/ 208)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 256)، والطبراني في «الكبير» (19/ 202). (3) انظر «الروض الأنف» (5/ 136). (4) أخرجه البخاري (3110)، ومسلم (2449). (5) أخرجه البخاري (516)، ومسلم (543). (6) «سيرة ابن هشام» (4/ 527)، و «الاستيعاب» (ص 395)، و «أسد الغابة» (3/ 227)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 661)، و «الإصابة» (2/ 330).

171 - [معاوية بن معاوية]

فهرب منهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلما كان قريبا منه .. شق بجاده باثنين، فاتزر بأحدهما، واشتمل بالآخر، فقيل له: ذو البجادين، فلما أسلم .. قال له صلّى الله عليه وسلم: «الزم بابي» فلزم بابه، وكان يرفع صوته بالقرآن والتسبيح والتهليل والتكبير، فقال عمر: يا رسول الله؛ أمرّاء؟ قال: «دعه؛ فإنه أحد الأوّابين» (1). توفي والنبي صلّى الله عليه وسلم راجع من غزوة تبوك، ودفن ليلا. قال ابن مسعود رضي الله عنه: فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حفرته وهو يقول لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: «أدليا إليّ أخاكما» فدلّياه إليه، فلما هيأه لشقه .. قال: «اللهمّ؛ قد أمسيت راضيا عنه، فارض عنه» (2)، فقال ابن مسعود حينئذ: (يا ليتني كنت صاحب الحفرة)، رضي الله عنه. 171 - [معاوية بن معاوية] (3) معاوية بن معاوية المزني، ويقال: الليثي، ويقال: معاوية بن مقرن المزني، قال ابن عبد البر: وهذا أولى بالصواب. توفي بالمدينة والنبي صلّى الله عليه وسلم بتبوك. روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نزل جبريل على النبي صلّى الله عليه وسلم وهو بتبوك فقال: يا محمد؛ مات معاوية بن معاوية المزني بالمدينة أفتحب أن تصلي عليه؟ قال: «نعم» فضرب بجناحه الأرض، فلم تبق شجرة ولا أكمة إلا تضعضعت، ورفع له؛ حتى نظر إليه، فصلى عليه وخلفه صفان من الملائكة، في كل صف سبعون ألف ملك، فقال صلّى الله عليه وسلم لجبريل: «يا جبريل؛ بم نال هذه المنزلة؟ » قال: بحبه {(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)، } وقراءته إياها جائيا وذاهبا، وقائما وقاعدا، وعلى كل حال (4).

(1) أخرج نحوه أحمد (4/ 159)، والطبراني في «الكبير» (17/ 295)، والبيهقي في «الشعب» (580)، كلهم عن عقبة بن عامر. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (9/ 369): (رواه أحمد والطبراني، وإسنادهما حسن. (2) أخرجه البزار (1706)، والشاشي في «مسنده» (893)، والطبراني في «الأوسط» (9107)، وأبو نعيم في «الحلية» (1/ 122). (3) «طبقات ابن سعد» (5/ 130)، و «الاستيعاب» (ص 666)، و «أسد الغابة» (5/ 214)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 640)، و «الإصابة» (3/ 416). (4) أخرجه البيهقي (4/ 51)، وأبو يعلى (4268)، والطبراني في «الكبير» (19/ 428)، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (ص 666).

172 - [عروة بن مسعود]

قال ابن عبد البر: (ليس إسناده بقوي) (1)، رضي الله عنه. 172 - [عروة بن مسعود] (2) عروة بن مسعود الثقفي الصحابي، يكنى: أبا مسعود، وقيل: أبا يعفور-بالفاء والراء -وهو عم أبي المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود، وأمّ عروة سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف. قال ابن إسحاق: لما انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن حصار الطائف .. تبعه عروة بن مسعود إلى الجعرانة أو إلى مكة، فأسلم وسأله أن يرجع إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام، فقال صلّى الله عليه وسلم: «أخشى عليك منهم»، قال: إني أحبّ إليهم من أسماعهم وأبصارهم، وكان محببا مطاعا فيهم، فرجع إليهم ودعاهم إلى الإسلام، فرموه بالنّبل حتى قتلوه، فقيل له: ما ترى في دمك؟ فقال: كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إلي، فادفنوني مع الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فيزعمون أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال فيه: «إن مثله في قومه كمثل صاحب «يس» في قومه» (3). وفي «صحيح مسلم» وغيره: أنه صلّى الله عليه وسلم قال: «رأيت عيسى ابن مريم؛ فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود» (4)، رضي الله عنه. 173 - [أم كلثوم بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم] (5) أم كلثوم بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أمها خديجة، ولدت بعد رقيّة وقبل

(1) «الاستيعاب» (ص 667). (2) «سيرة ابن هشام» (4/ 538)، و «طبقات ابن سعد» (8/ 64)، و «الاستيعاب» (ص 564)، و «أسد الغابة» (4/ 31)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 332)، و «تاريخ الإسلام» (661/ 2 و 667)، و «العبر» (1/ 10)، و «مرآة الجنان» (1/ 15)، و «الإصابة» (2/ 470)، و «شذرات الذهب» (1/ 129). (3) أخرجه ابن أبي شيبة (8/ 530). (4) «صحيح مسلم» (167)، و «صحيح ابن حبان» (6232). (5) «طبقات ابن سعد» (10/ 37)، و «المعارف» (ص 142)، و «الاستيعاب» (ص 960)، و «التبيين» (ص 90)، و «أسد الغابة» (7/ 384)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 661)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 252)، و «العقد الثمين» (8/ 348)، و «الإصابة» (4/ 466)، و «شذرات الذهب» (1/ 128).

174 - [النجاشي]

فاطمة، ولمّا توفيت رقية وهي في عصمة عثمان بن عفان .. زوّجه صلّى الله عليه وسلم أمّ كلثوم على مثل صداق رقيّة وعلى مثل عشرتها، فتوفيت عنده سنة تسع، فقال صلّى الله عليه وسلم: «لو أنّ عندي ثالثة .. لزوّجتها عثمان» (1)، رضي الله عنهما. قلت: وزاد في «الرياض المستطابة» للعامري بلفظ: (وفي رواية: «لو كان عندي أربعون بنتا .. لزوّجتهنّ عثمان، واحدة بعد واحدة») (2)، والله أعلم. 174 - [النجاشي] (3) النجاشي ملك الحبشة، واسمه: أصحمة، ومعناه بالعربية: عطية، كذا ذكره في «البهجة» للعامري (4). أسلم على يد جعفر بن أبي طالب، ومات بالحبشة سنة تسع، وصلّى عليه النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه بالمدينة (5). قلت: قال الحافظ شهاب الدين أحمد بن الخطيب القسطلاّني في كتابه «المواهب»: (وقد وهم من قال: إنه النجاشي الذي بعث إليه النبي صلّى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضميري بكتابه الكريم، وذكر إسلامه وإجابته لمّا دعاه إليه النبي صلّى الله عليه وسلم. قال: وقد خلط راويه؛ فإنهما اثنان، وقد جاء ذلك مبينا في «صحيح مسلم»: «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كتب إلى النجاشي، وليس بالذي صلّى عليه») (6)، رضي الله عنه.

(1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (17/ 184). (2) «الرياض المستطابة» (ص 158)، والرواية أخرجها ابن عدي في «الكامل» (247) من طريق النضر بن منصور، وقال: (والنضر بن منصور هذا يعرف بهذه الأحاديث ... ، فلا يأتي بها غيره عن أبي الجنوب).والنضر هذا قال عنه البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 91): (منكر الحديث)، وعند الطبراني في «الأوسط» (6112): عن ابن عباس قال: قال لي عثمان: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين زوجني ابنته الأخرى: «لو أن عندي عشرا .. لزوجتكهنّ واحدة بعد واحدة؛ فإني عنك لراض». (3) «أسد الغابة» (1/ 119)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 428)، و «تاريخ الإسلام» (2/ 625)، و «الإصابة» (1/ 117)، و «شذرات الذهب» (1/ 128). (4) انظر «بهجة المحافل» (2/ 67). (5) أخرجه البخاري (1245)، ومسلم (951). (6) «المواهب اللدنية» (2/ 143)، والحديث في «صحيح مسلم» (1774).

175 - [فروة بن عمرو]

وفي «شرح البخاري» للمراغي نحوه، لكن مفهوم كلامه: أن النجاشي الثاني كافر، والله سبحانه أعلم. 175 - [فروة بن عمرو] (1) فروة بن عمرو-وقيل: ابن عامر، وقيل: فروة بن نفاثة-الجذامي، كان عاملا للروم على ما يليهم من العرب، كان منزله عمان من الشام، فبعث في سنة عشر رسولا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم بإسلامه، وأهدى لرسول الله صلّى الله عليه وسلم بغلته البيضاء وفرسا، فلما بلغ الروم إسلامه .. طلبوه فحبسوه حينا، ثم أجمعوا لقتله على ماء لهم يقال له: عفرى بفلسطين، فقال: [من الطويل] ألا هل أتى سلمى بأنّ خليلها … على ماء عفرى فوق إحدى الرّواحل على ناقة لم يطرق الفحل أمّها … مشذّبة أطرافها بالمناجل فلما قدموه ليقتلوه .. قال: [من الكامل] بلّغ سراة المسلمين بأنّني … سلم لربّي أعظمي وبناني رضي الله عنه. 176 - [إبراهيم بن رسول الله صلّى الله عليه وسلم] (2) إبراهيم بن أبي القاسم سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم، أمه مارية القبطية. ولد في ذي الحجة سنة ثمان، وكانت قابلته سلمى مولاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، امرأة أبي رافع، فبشر أبو رافع النبي صلّى الله عليه وسلم، فوهب له عبدا. وحلق شعره يوم سابعه، وتصدّق بزنة شعره فضة، وتنافست [الأنصار] في إرضاعه ليفرغوا مارية للنبي صلّى الله عليه وسلم (3)، فرفعه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى أم

(1) «سيرة ابن هشام» (4/ 591)، و «طبقات ابن سعد» (9/ 438)، و «الاستيعاب» (ص 600)، و «أسد الغابة» (4/ 356)، و «الإصابة» (3/ 207). (2) «النسب» لابن سلام (ص 197)، و «الاستيعاب» (ص 39)، و «أسد الغابة» (1/ 49)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 102)، و «الإصابة» (1/ 104)، و «سبل الهدى والرشاد» (11/ 447). (3) أخرجه ابن سعد (8/ 212).

177 - [رسول الله صلى الله عليه وسلم]

سيف امرأة أبي سيف-قين كان بالمدينة (1) -لترضعه، فتوفي سنة عشر وله سبعة عشر أو ثمانية عشر شهرا، فقال صلّى الله عليه وسلم: «إن له مرضعا في الجنة» (2)، بضم الميم وكسر الضاد أشهر من فتحها. قيل: إن الفضل بن عباس غسل إبراهيم بعد موته، ونزل في قبره هو وأسامة بن زيد، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم جالس على شفير القبر، ورش على قبره ماء، وهو أول من رش عليه الماء، فصلى عليه النبي صلّى الله عليه وسلم، وكبر أربع تكبيرات. قال ابن عبد البر: (وما روي: أنه لم يصل عليه .. غلط) (3). وقبره مشهور بالبقيع عليه قبة. قال النووي: (وما روي عن بعض المتقدمين: أنه لو عاش إبراهيم لكان نبيا .. فباطل، وجسارة على الكلام في المغيبات) (4)، سلام الله عليه. 177 - [رسول الله صلّى الله عليه وسلم] أبو القاسم محمد المصطفى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان (5)، إلى هنا متفق عليه، وما فوق ذلك فيه اختلاف كثير. أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب (6).

(1) أخرجه البخاري (1303)، ومسلم (2315)، وأبو سيف: هو البراء بن أوس، وأم سيف: هي خولة بنت المنذر، والقين: الحداد. (2) أخرجه البخاري (1382)، وابن حبان (6949)، وابن ماجه (1511)، وأحمد (4/ 289)، وغيرهم. (3) «الاستيعاب» (ص 41). (4) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 103)، وانظر «سبل الهدى والرشاد» (11/ 457)، وانظر «الإصابة» (1/ 104). (5) ذكر هذا النسب الشريف بتمامه البخاري في (كتاب المناقب) باب: مبعث النبي صلّى الله عليه وسلم، والبيهقي (6/ 365)، وابن سعد (1/ 37). (6) ذكر هذا النسب ابن هشام في «السيرة» (1/ 156)، والبيهقي في «الدلائل» (1/ 183).

[مولده صلى الله عليه وسلم عام الفيل]

[مولده صلّى الله عليه وسلم عام الفيل]: علقت به صلّى عليه وسلم يوم الاثنين أيام منى. وفي «البهجة» للعامري بلفظ: (أيام التشريق في شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى) (1). وولدته صلّى الله عليه وسلم يوم الاثنين (2) ثاني عشر (3) -أو عاشر أو ثامن-ربيع الأول بمكة في الدار التي كانت لمحمد بن يوسف أخي الحجاج (4)، عام الفيل بعد قدوم أصحاب الفيل بخمس عشرة ليلة، في العشرين من نيسان، مختونا مسرورا (5) -أي: مقطوع السّرة-

(1) «بهجة المحافل» (1/ 39). (2) أخرجه أحمد (1/ 277)، وابن سعد (1/ 81)، وأبو نعيم في «الدلائل» (1/ 191)، والبيهقي في «الدلائل» (1/ 71). (3) أخرجه الحاكم (2/ 603)، والبيهقي في «الدلائل» (1/ 74)، وعلى هذا القول اقتصر ابن هشام (1/ 158)، وانظر الأقوال الأخرى في «الطبقات» لابن سعد (1/ 81)، و «البداية والنهاية» (2/ 662)، و «سبل الهدى والرشاد» (1/ 401)، و «سيرة مغلطاي» (57). (4) أي: كانت له مآلا؛ وذلك أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم وهبها لعقيل بن أبي طالب، فلم تزل في يد عقيل حتى توفي، فباعها ولده من محمد بن يوسف، أخي الحجاج بن يوسف، وانظر «تاريخ الطبري» (2/ 156). (5) حديث الختان أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6144)، وأبو نعيم في «الدلائل» (1/ 192)، والبيهقي في «الدلائل» (1/ 114)، وابن سعد في «الطبقات» (1/ 83)، والضياء المقدسي في «المختارة» (1864) وغيرهم، وقال الحاكم في «المستدرك» (2/ 602): (وقد تواترت الأخبار: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولد مختونا مسرورا)، وتعقبه الذهبي بقوله: (ما أعلم صحة ذلك، فكيف متواترا؟ ! ). لكن الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (1/ 420) -بعد تخريجه الحديث وبيانه طرقه-أجاب عن تعقب الذهبي فقال: (وأجيب باحتمال أن يكون أراد بتواتر الأخبار اشتهارها وكثرتها في السير، لا من طريق السند المصطلح عليه عند أئمة الحديث)، ثم ذكر قولين آخرين عن ختانه صلّى الله عليه وسلم: الأول: أن جبريل ختنه حين شق صدره، قال: رواه الخطيب عن أبي بكرة موقوفا، ولا يصح سنده. والثاني: أنه صلّى الله عليه وسلم ختنه جده على عادة العرب، فيما رواه ابن عبد البر، قال العراقي: وسنده غير صحيح. وقد ذكر ابن القيم في «زاد المعاد» (1/ 18) قولا آخر، وهو: أنه صلّى الله عليه وسلم ختن يوم شقّ قلبه الملائكة عند ظئره، وهذا أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5817)، وأبو نعيم (1/ 193)، وقال الهيثمي في «المجمع» (8/ 227): (فيه عبد الرحمن بن عيينة وسلمة بن محارب، ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات)، ثم نقل الصالحي عن الخيضري: أن القول الأول أرجح؛ أي: أنه صلّى الله عليه وسلم ولد مختونا، ثم قال: (قد قدمنا أن له طريقا جيدة صححها الحافظ الضياء). وعلى هذا لا يلتفت إلى ما نقله ابن القيم في «زاد المعاد» (1/ 19) عن ابن العديم الذي ردّ كلام كمال الدين بن طلحة في إثبات ولادته مختونا، ورجح أنه صلّى الله عليه وسلم ختن على عادة العرب.

مقبوضة أصابع يده، مشيرا بالسبّابة كالمسبّح بها (1). وتوفي أبوه وهو حمل، قيل: قبل ولادته بشهرين (2)، وأرضعته ثويبة عتيقة أبي لهب بلبان ابنها مسروح (3). قلت: وفي «مغلطاي»: (وتوفيت ثويبة سنة سبع من الهجرة) (4). قال أبو نعيم: لا أعلم أحدا أثبت إسلامها غير ابن منده (5)، والله أعلم. ثم أرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السّعدية بلبان ابنها عبد الله أخي أنيسة وحذافة (6)، وهي الشّيماء التي قدمت عليه بحنين وبسط لها رداءه، وقيل: القادمة عليه بحنين أمّه حليمة (7). ونزل إليه ملكان وهو يلعب مع الغلمان في بني سعد، فشقا بطنه واستخرجا من قلبه حظ الشيطان، ثم غسلا قلبه وبطنه بالثلج وملآه حكمة وإيمانا، ثم وزناه بمائة ثم بخمس مائة ثم

(1) ذكره السهيلي (2/ 95)، والحلبي في «سيرته» (1/ 54). (2) هذا القول بمعنى الذي قبله، وهناك أقوال أخر لم يتعرض لها المؤلف؛ لضعفها، والله أعلم، والمجمع عليه: أنه صلّى الله عليه وسلم ولد عام الفيل، انظر «البداية والنهاية» (2/ 665). (3) أخرجه البخاري (5106)، ومسلم (1449)، وأبو نعيم في «الدلائل» (1/ 196)، وابن سعد في «الطبقات» (1/ 87). (4) «الإشارة إلى سيرة المصطفى» (ص 65). (5) نقله عنه ابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 380)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (5/ 414)، وابن حجر في «الإصابة» (4/ 250)، قال الحافظ: (وفي «باب من أرضع النبي صلّى الله عليه وسلم» من «طبقات ابن سعد» ما يدل على أنها لم تسلم، ولكن لا يدفع قول ابن منده بهذا). (6) في الأصل: (حرامه)، والصواب ما أثبت، بالحاء المهملة المضمومة والذال المعجمة والفاء، كذا هي في «الاستيعاب» (ص 887)، و «أسد الغابة» (7/ 63)، و «الإصابة» (4/ 263)، وذكر ابن حجر في قول: أنها جذامة، بالجيم والميم، وهو قول ابن سعد (1/ 90)، وقال السهيلي في «الروض الأنف» (2/ 100): (خذامة بكسر الخاء المنقوطة والميم). (7) الحديث أخرجه ابن حبان (4232)، والحاكم (3/ 618)، وأبو داود (5101)، وغيرهم، وأما تحديد المرأة التي أتت .. فقد اقتصر الحديث على قول: (أمه التي أرضعته) ودلالته أقرب على حليمة، وذكر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (ص 883) الخبر عن زيد بن أسلم وذكر فيه: أن اللتي جاءته هي حليمة، وانظر «سبل الهدى والرشاد» (1/ 466). وإرضاع حليمة له صلّى الله عليه وسلم جاء عند ابن حبان (6335)، والحاكم (2/ 616)، وأبي يعلى في «المسند» (7163)، والطبراني في «الكبير» (24/ 212)، وأبي نعيم في «الدلائل» (1/ 193)، والبيهقي في «الدلائل» (1/ 132)، وابن سعد في «الطبقات» (1/ 90)، والطبري في «التاريخ» (2/ 158)، وانظر «سيرة ابن هشام» (1/ 160)، و «سبل الهدى والرشاد» (1/ 470).

بألف فوزنهم، فقال أحدهما للآخر: دعه؛ فلو وزنته بأمته كلها .. لوزنها (1)، وختما بين كتفيه بخاتم النبوة. وسارت به أمه إلى المدينة وهو ابن أربع سنين، وقيل غير ذلك (2)؛ لتزوّره أخواله بني النجار، فماتت بالأبواء وهي راجعة (3)، فحضنته بعد أمّه دايته أمّ أيمن بركة، وكفله جده عبد المطلب (4)، ومات عبد المطلب عن مائة وعشر سنين وللنبي صلّى الله عليه وسلم ثمان سنين، فأوصى به إلى عمه-شقيق أبيه-أبي طالب، فكفله أبو طالب (5). وخرج مع عمه أبي طالب إلى الشام وهو ابن اثنتي عشرة سنة حتى بلغ بصرى، فرآه بحيرا، واسمه: جرجيس، فعرفه بصفته، فقال وهو آخذ بيده: هذا سيد العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين، فقيل له: وما علمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم به من العقبة .. لم يبق شجر ولا حجر .. إلاّ خرّ ساجدا، ولا يسجدان إلا لنبي، وإنا نجده في كتبنا، وسأل أبا طالب أن يردّه خوفا عليه من اليهود (6).

(1) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (1/ 135)، وابن سعد في «الطبقات» (1/ 91)، والطبري في «تاريخه» (2/ 165). كما أخرج القصة بنحوها مسلم (162/ 261)، وابن حبان (6334)، وأحمد (3/ 121) وغيرهم. (2) انظر هذه الأقوال في «سيرة مغلطاي» (73). (3) الأبواء: قرية بين مكة والمدينة قبل الجحفة مما يلي المدينة. (4) «سيرة ابن هشام» (1/ 168)، و «طبقات ابن سعد» (1/ 96)، و «دلائل النبوة» لأبي نعيم (1/ 204)، و «دلائل النبوة» للبيهقي (1/ 188). (5) «سيرة ابن هشام» (1/ 169)، و «طبقات ابن سعد» (1/ 98)، و «دلائل النبوة» لأبي نعيم (1/ 208)، و «دلائل النبوة» للبيهقي (1/ 188). (6) أخرجه الحاكم (2/ 615) وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين)، والترمذي (3620) وحسنه، وأبو نعيم في «الدلائل» (1/ 217)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 24) وغيرهم، إلا أن الذهبي قد تعقب الحاكم فقال: (أظنه موضوعا؛ فبعضه باطل)، وقال في «تاريخ الإسلام» (1/ 57) في كلام طويل: (تفرّد به قراد ... وهو حديث منكر جدا)، وذلك أنه استنكر فيه ذكر أبي بكر وبلال في قوله: (وبعث معه أبو بكر بلالا)، لكن قال ابن حجر في «الإصابة» (1/ 179) في ترجمة بحيرا: (وقد وردت هذه القصة بإسناد رجاله ثقات من حديث أبي موسى الأشعري، أخرجها الترمذي وغيره، ولم يسم فيها الراهب، وزاد فيها لفظة منكرة، وهي قوله: «وأتبعه أبو بكر بلالا»، وسبب نكارتها: أن أبا بكر حينئذ لم يكن متأهلا، ولا اشترى يومئذ بلالا، إلا أن يحمل على أن هذه الجملة الأخيرة منقطعة من حديث آخر أدرجت في هذا الحديث، وفي الجملة: هي وهم من أحد رواته). والذي يعضد كلام الحافظ رحمه الله: أن الحديث جاء بمعناه عند ابن سعد في «الطبقات» (1/ 99) من غير هذه اللفظة، وأن الذهبي رحمه الله ذكر: أن ابن عائذ قد روى معناه في «مغازيه» بإسناده دون قوله: (وبعث معه أبو بكر بلالا)، أضف إلى ذلك أن البيهقي قال في «الدلائل» (2/ 26): (فأما القصة .. فهي عند أهل المغازي مشهورة)، والله أعلم.

ولما بلغ صلّى الله عليه وسلم عشرين سنة .. حضر مع عمومته حرب الفجار في شوال، سمي بذلك لكونه في الأشهر الحرم، ورمى فيه صلّى الله عليه وسلم بأسهم، وكان بين قريش وهوازن (1). ولما بلغ صلّى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة .. خرج ثانيا إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى في تجارة لها، وكانت استأجرته على أربع بكرات (2) حتى بلغ سوق بصرى ونزل تحت شجرة، فقال نسطور الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي (3). وكان ميسرة يرى في الهاجرة ملكين يظلاّنه صلّى الله عليه وسلم من الشمس، فأخبر خديجة بذلك، فرغبت فيه صلّى الله عليه وسلم؛ لما سبق لها من سابق السعادة، فخطبته إلى نفسها، فتزوجها صلّى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الشام لنحو ثلاثة أشهر، وكانت خديجة إذ ذاك ابنة أربعين (4) أو خمس وأربعين أو خمسين سنة (5). ولمّا بلغ صلّى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة .. بنت قريش الكعبة، وتنافسوا في وضع الحجر في محله، فاتفقوا على أن يضعه أول داخل عليهم؛ فكان أول داخل عليهم النبي صلّى الله عليه وسلم، فوضع الحجر بيده الكريمة في موضعه (6) وذلك في يوم الاثنين. ولمّا بلغ صلّى الله عليه وسلم ثمانيا وثلاثين سنة .. كان صلّى الله عليه وسلم يرى الضوء والنور، ويسمع الصوت والنداء، ولا يرى أحدا (7)، وحبّب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء (8)، وكان عبادته الذكر، وقيل: الفكر. قال الشيخ العامري: (والظاهر: أنه كان قبل النبوة يدين بشريعة إبراهيم.

(1) انظر «سيرة ابن هشام» (1/ 184)، و «طبقات ابن سعد» (1/ 104)، و «الروض الأنف» (2/ 146). (2) البكرات-جمع بكرة-وهي: الفتيّة من الإبل. (3) أي: ما نزل تحتها هذه الساعة إلا نبي. وانظر «الروض الأنف» (2/ 151)، والتعقب عليه في «سبل الهدى والرشاد» (2/ 218). (4) وهو الراجح من الأقوال، وهو قول ابن سعد (1/ 109)، والطبري (2/ 280)، وانظر «سبل الهدى والرشاد» (2/ 225). (5) أخرجه أبو نعيم في «الدلائل» (1/ 219)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 66). (6) أخرجه أحمد (3/ 425)، والطيالسي (113)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 56)، وغيرهم. (7) أخرجه مسلم (2353/ 123)، والحاكم (2/ 627)، والبيهقي (6/ 207)، وأحمد (1/ 266). (8) أخرجه البخاري (4)، ومسلم (160).

[ابتداء البعث]

قال: والمختار: أنه لم يكن ملتزما شريعة أحد مع الاتفاق على أنه صلّى الله عليه وسلم لم يعبد صنما، ولم يقترف شيئا من قاذورات الجاهلية، وكانت الأحجار تسلم عليه قبل نبوته وتناديه بالرسالة، وقبل أن يشافهه جبريل بالرسالة بستة أشهر كان وحيه مناما، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح) (1). [ابتداء البعث]: ولما بلغ صلّى الله عليه وسلم أربعين سنة .. جاءه جبريل الأمين، بالرسالة من رب العالمين، إلى الخلق أجمعين. قال أهل التواريخ والسير: جاء جبريل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم ليلة السبت، ثم ليلة الأحد، وخاطبه بالرسالة يوم الاثنين لثمان أو لعشر خلون من ربيع الأول (2). وقيل: كان ذلك في رمضان لستة آلاف سنة ومائة سنة وثلاث وعشرين سنة من هبوط آدم كما ذكره المسعودي (3). ولما بعث صلّى الله عليه وسلم .. أخفى أمره، وجعل يدعو أهل مكة، ومن أتاه إليها سرا، فاتّبعه أناس عامتهم ضعفاء من الرجال والنساء والموالي، وهم أتباع الرسل كما في حديث أبي سفيان مع هرقل (4)، فلقوا من المشركين في ذات الله تعالى الأذى، فما ارتد أحد منهم عن دينه، ولا التوى. وأول من أسلم خديجة، ثم علي، ثم زيد بن حارثة، ثم أبو بكر على المشهور في ترتيب إسلامهم. والأحسن أن يقال: أول من أسلم من النساء خديجة، ومن الصبيان علي، ومن الرجال البالغين أبو بكر، ومن الموالي زيد بن حارثة (5). وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا مألوفا لخلقه ومعروفه، فلما أسلم .. جعل يدعو من

(1) «بهجة المحافل» (1/ 57). (2) ذكر ذلك الطبري في «التاريخ» (2/ 304)، وابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 109)، وابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (1/ 649)، وغيرهم. (3) انظر «مروج الذهب» (3/ 15). (4) أخرجه البخاري (7)، ومسلم (1773). (5) انظر «سبل الهدى والرشاد» (2/ 402).

يغشاه إلى الإسلام، فأسلم على يده: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله وغيرهم، رضي الله عنهم. ثم دخل الناس في الإسلام أرسالا من الرجال والنساء حتى فشا دين الإسلام بمكة وتحدّث به. وفي السنة الرابعة [من المبعث]: نزل قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ، } فأظهر صلّى الله عليه وسلم دعوة الحق (1)، وكفاه الله المستهزئين كما وعده، وكانوا خمسة نفر: الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، وأبا زمعة الأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والحارث بن قيس ابن غيطلة، قيل: ماتوا في يوم واحد بأدواء متنوعة (2). ولمّا أظهر النبي صلّى الله عليه وسلم دعوة الحق .. لم يبعد منه قومه ولم يتفاحش أمرهم حتى ذكر عيب آلهتهم، وذلك في الرابعة، فاشتدوا عليه وأجمعوا له الشر، فحدب عليه عمه أبو طالب، وعرّض نفسه للشر دونه، وتآمرت قريش على تعذيب من أسلم، وحمى الله نبيه بعمه أبي طالب، وبني هاشم غير أبي لهب، وببني المطلب. واشترى أبو بكر جماعة من المعذّبين وأعتقهم، منهم بلال في ستة نفر. وفي رجب من سنة ست-وقيل: خمس-: أذن لهم في الهجرة إلى الحبشة (3)، فهاجر منهم اثني عشر رجلا وأربع نسوة، وهي أول هجرة في الإسلام. وفيها: أسلم حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب. قلت: وفي «مغلطاي»: (أسلم بعد حمزة بثلاثة أيام) (4)، والله سبحانه أعلم، رضي الله عنهما، فأعز الله لهما الإسلام.

(1) «طبقات ابن سعد» (1/ 199). (2) الطبراني في «الأوسط» (4983)، وأبو نعيم في «الدلائل» (1/ 354)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 316)، وقد اختلفوا في الحارث بن قيس، واختلفوا في عدد المستهزئين، انظر «طبقات ابن سعد» (1/ 170)، و «الإصابة» (1/ 287)، و «سبل الهدى والرشاد» (2/ 605). (3) ذكر ابن سعد في «الطبقات» (1/ 173)، والطبري في «التاريخ» (2/ 329)، وابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 129)، والعامري في «بهجة المحافل» (1/ 94)، والحلبي في «السيرة» (1/ 324) وغيرهم: أن خروجهم إلى الحبشة في الهجرة الأولى كان في رجب من السنة الخامسة، وأما الخلاف .. فقد كان في هجرتهم الهجرة الثانية إلى الحبشة: فعند الواقدي-كما قال البيهقي في «الدلائل» (2/ 297) -كان في السنة الخامسة، وعند الحلبي في «السيرة» (1/ 337) كان بعد الدخول في الشعب؛ أي: في السنة السابعة، والله أعلم. (4) «الإشارة إلى سيرة المصطفى» (ص 123).

فلمّا رأى المشركون ظهور الإسلام، وفشوّه في القبائل .. اجتمعوا على أن يكتبوا صحيفة يتعاقدون فيها على بني هاشم وبني المطلب؛ ألا يناكحوهم ولا ينكحوا منهم، ولا يبيعوا منهم ولا يبتاعوا منهم، وعلقوا الصحيفة في جوف الكعبة هلال المحرم سنة سبع، فانحاز الهاشميون-غير أبي لهب-والمطلبيون إلى أبي طالب، ودخلوا معه في شعبه، وأقاموا محصورين نحو سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا، وكان لا يصل إليهم شيء إلا يسيرا، فاجتمع خمسة من سادات قريش على نقض الصحيفة وهتكها، وهم: هشام بن عمرو العامري، وهو الذي تولّى كبر ذلك، وأبلى فيه، وسعى إلى باقي الأربعة؛ زهير بن أمية المخزومي-وأمه عاتكة بنت عبد المطلب-والمطعم بن عدي النوفلي، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود الأسدي، وقالوا: لا نقعد حتى نشق هذه الصحيفة، وكان صلّى الله عليه وسلم قد أخبر عمه أبا طالب بأن الأرضة قد أكلت جميعها إلا ما كان اسم الله، فلما قام مطعم بن عدي إلى الصحيفة ليشقها .. وجد الأرضة قد فعلت ما ذكره صلّى الله عليه وسلم (1). وفي السنة الثامنة [من المبعث]: نزلت (سورة الروم)؛ بسبب مخاطرة (2) أبي بكر رضي الله عنه لأبيّ بن خلف في ظهور الروم على فارس (3). وفي السنة التاسعة [من المبعث]: كانت وقعة بعاث؛ اسم حصن للأوس، كانت به حرب عظيمة بينهم وبين الخزرج، وكانت الغلبة للأوس، فقدّمه الله تعالى في أسباب دخولهم في الإسلام (4).

(1) حديث نقض الصحيفة عند ابن سعد في «الطبقات» (1/ 178)، والطبري في «التاريخ» (2/ 341)، وأبي نعيم في «الدلائل» (1/ 357)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 311) وغيرهم، وانظر «سيرة ابن هشام» (1/ 374)، و «فتح الباري» (7/ 192). (2) المخاطرة: المراهنة. (3) أخرجه الحاكم (2/ 410)، والترمذي (3193)، والطبراني في «الكبير» (12/ 23)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 330) وغيرهم. (4) أخرج البخاري (3777) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يوم بعاث يوما قدّمه الله لرسوله صلّى الله عليه وسلم، فقدم رسول الله وقد افترق ملؤهم، وقتلت سرواتهم، وجرحوا، فقدّمه الله لرسوله صلّى الله عليه وسلم في دخولهم في الإسلام). وقد ذكر العامري في «بهجة المحافل» (1/ 110)، وابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 138): أنها في السنة السابعة من البعثة، لكنه أخرج هو والحاكم (3/ 421) عن زيد بن ثابت: أنها كانت قبل هجرته صلّى الله عليه وسلم بخمس سنين، وهو قول ابن سعد (5/ 303)، وعليه: تكون في السنة الثامنة من البعثة، وقال ابن سعد في موضع آخر (3/ 558): قبلها بست، ورجح الحافظ في «الفتح» (7/ 111) أنها قبل الهجرة بخمس، قال: (وذلك قبل الهجرة-

ولثمانية أشهر وأحد عشر يوما من العاشرة: مات عمه أبو طالب، فاشتد حزنه، ثم بعده بثلاثة أيام ماتت خديجة (1)، وكانت له وزير صدق، فتضاعف حزنه (2). فلما مات أبو طالب .. نالت قريش من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب؛ حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش، فوضع على رأسه ترابا (3)، وطرح بعضهم على ظهره رحم الشاة وهو يصلي (4)، وكان بعضهم يطرحها في برمته (5) إذا نصبت له (6)، وجميع ذلك إنما هو أذى يتأذى به مع قيام العصمة لجملته؛ ليناله حظه من البلاء، وليتحقق به مقام الصبر الذي أمر به كما صبر أولو العزم من الرسل. ولثلاثة أشهر من موت أبي طالب خرج صلّى الله عليه وسلم إلى ثقيف أهل الطائف وحده، وقيل: كان معه زيد بن حارثة، فأقام بها شهرا يدعوهم إلى الإسلام، فردوا عليه أقبح رد، واستهزؤوا به وأغروا به سفاءهم وعبيدهم يسألونه ويصيحون خلفه حتى ألجئوه إلى ظل حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة وكانا حينئذ هناك، فأرسلا إليه بطبق عنب مع غلامهما عدّاس فسأله صلّى الله عليه وسلم عن دينه وبلاده، فقال: إنه نصراني من أهل نينوى، فقال صلّى الله عليه وسلم: «من قرية الصالح يونس بن متّى؟ » فقال له عداس: وما يدريك؟ فقال صلّى الله عليه وسلم: «ذاك أخي، هو نبي وأنا نبي»، فقبل عداس رأسه ويديه ورجليه (7). وانصرف صلّى الله عليه وسلم من الطائف راجعا مهموما مغموما، فلما بلغ قرن الثعالب وهو قرن المنازل .. أتاه جبريل ومعه ملك الجبال، واستأذنه أن يطبق عليهم الأخشبين وهما

= بخمس سنين، وقيل: بأربع، وقيل: بأكثر، والأول أصح). (1) البيهقي في «الدلائل» (2/ 352) وروى ابن سعد في «الطبقات» (1/ 179): أنها توفيت بعد أبي طالب بشهر وخمسة أيام، وقيل غير ذلك. (2) البخاري (3896)، والحاكم (3/ 182)، والطبري في «التاريخ» (2/ 343)، وانظر «سبل الهدى والرشاد» (2/ 571). (3) «سيرة ابن هشام» (2/ 416)، و «تاريخ الطبري» (2/ 344)، و «دلائل النبوة» للبيهقي (2/ 350). (4) في «البخاري» (3185)، و «مسلم» (1794) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: (أن عقبة بن أبي معيط جاء بسلا جزور وقذفه على ظهر النبي صلّى الله عليه وسلم وهو ساجد، فلم يرفع رأسه حتى جاءت فاطمة عليها السلام فأخذته عن ظهره، ودعت على من صنع ذلك). (5) البرمة: القدر. (6) «سيرة ابن هشام» (2/ 416)، و «تاريخ الطبري» (2/ 343). (7) ذكره ابن هشام في «السيرة» (4/ 421)، والطبري في «التاريخ» (2/ 345)، وأبو نعيم في «الدلائل» (1/ 389)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 414).

[قصة جن نصيبين]

جبلا مكة، فكره صلّى الله عليه وسلم ذلك وقال: «أرجو أن يخرج من أصلابهم من يوحد الله» (1). [قصة جن نصيبين]: ثم أخذ راجعا إلى مكة؛ حتى إذا كان بنخلة (2) .. قام يصلي من جوف الليل، فمرّ به تسعة نفر أو سبعة من جنّ نصيبين؛ مدينة بالشام مباركة، وقيل: إنهم من جنّ نينوى، وإن جنّ نصيبين أتوه بعد ذلك بمكة، كذا قاله ابن إسحاق وغيره؛ أن سماع الجن كان بنخلة عند مرجعه من الطائف. وفي «البخاري» عن ابن عباس: أن ذلك كان عند انطلاقه في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، فسمعوه وهو يصلي بهم صلاة الفجر (3). وفي «صحيح مسلم»: أنه أتاه داعي الجن مرة أخرى بمكة وذهب معه وقرأ عليهم القرآن، وسألوه الزاد فقال: «لكم كلّ عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكلّ بعرة علف لدوابكم»، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «فلا تستنجوا بهما؛ فإنهما طعام إخوانكم الجن» (4)، ويشبه تكرر اجتماعهم به صلّى الله عليه وسلم. ولمّا بلغ صلّى الله عليه وسلم في مرجعه من الطائف إلى حراء .. بعث إلى الأخنس بن شريق ليجيره، فقال: أنا حليف والحليف لا يجير، فبعث إلى سهيل بن عمرو، فقال: إن بني عامر لا تجير على بني كعب، فبعث صلّى الله عليه وسلم إلى المطعم بن عدي فأجاره، فلذلك قال صلّى الله عليه وسلم في أسارى بدر: «لو كان المطعم بن عدي حيا [ثم كلّمني] في هؤلاء النّتنى .. لتركتهم له» (5). وفي هذه السنة-وهي عشر من المبعث، وخمسين من المولد-تزوّج صلّى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة وبنى بها، ثم تزوج بعائشة بنت أبي بكر، ولم يدخل بها إلا بالمدينة (6).

(1) أخرجه البخاري (3231)، ومسلم (1795). (2) نخلة: موضع يبعد عن مكة مسيرة ليلة. (3) «صحيح البخاري» (773). (4) «صحيح مسلم» (450). (5) أخرجه البخاري (3139)، وأبو داود (2682)، والبيهقي (6/ 319)، وأحمد (4/ 80)، وغيرهم. (6) قال الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (3/ 141): (والصحيح: أن عائشة تزوجها أولا، وعقده عليها كان متقدما-

[قصة الإسراء]

وفي سنة إحدى عشرة [من المبعث]: اجتهد صلّى الله عليه وسلم في عرض نفسه على القبائل في مجامعهم بالمواسم: منى وعرفات ومجنّة وذو المجاز (1)، وكان عمه أبو لهب يقفو أثره، فكلما دعا قوما .. كذبه وحذرهم منه. ولما أراد الله إعزاز دينه وسياقة الخير إلى الأنصار .. لقي ستة نفر من الخزرج عند العقبة، فعرض عليهم ما عرض، فقالوا فيما بينهم: والله؛ إنه للنبي الذي تواعدنا به يهود، فلا تسبقنا إليه، ثم صدّقوه وآمنوا بما جاء به، وأخبروه أنهم خلّفوا قومهم وبينهم العداوة والبغضاء، وقالوا: إن جمعنا الله بك .. فلا رجل أعز منك (2). وهم فيما ذكر ابن إسحاق وغيره: أبو أمامة أسعد بن زرارة، وعوف بن الحارث وهو ابن عفراء، ورافع بن مالك بن العجلان، وقطبة بن عامر، وعقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان (3)، ولما قدموا المدينة وأخبروا قومهم بذلك .. فشا فيهم الإسلام، فلم يبق دار من دورهم .. إلا وفيها ذكر من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. [قصة الإسراء]: ولتسعة أشهر من الثانية عشرة، قبل الهجرة بسنة-كما صوبه الحافظ العامري (4) -: أسري به صلّى الله عليه وسلم من المسجد الحرام من بين زمزم والمقام إلى المسجد الأقصى؛ وهو بيت المقدس، ثم إلى السماوات العلا، ثم إلى ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وفارقه جبريل، وانقطعت منه الأصوات، وسمع صريف الأقلام في اللوح المحفوظ، ثم

= على تزويجه بسودة بنت زمعة، ولكن دخوله على سودة كان بمكة، وأما دخوله على عائشة .. فتأخر إلى المدينة في السنة الثانية).قال الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (12/ 104) -بعد ذكره قول ابن كثير-: (وسبقه إلى ذلك أبو نعيم، وجزم به الجمهور). (1) مجنّة-بفتح الجيم وتكسر-: موضع بمر الظهران أسفل مكة، وذو المجاز: قرب عرفة عن يمين الواقف. (2) انظر الخبر في «سيرة ابن هشام» (2/ 428)، و «تاريخ الطبري» (2/ 353). (3) «سيرة ابن هشام» (2/ 429)، و «طبقات ابن سعد» (1/ 186)، و «تاريخ الطبري» (2/ 354)، و «دلائل النبوة» لأبي نعيم (393/ 1 و 405)، و «دلائل النبوة» للبيهقي (2/ 433)، و «المنتظم» (2/ 154). وعند ابن سعد في «الطبقات» (1/ 186)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 430)، وعند موسى بن عقبة عن الزهري عن عروة-كما في «سبل الهدى والرشاد» (3/ 268) -أنهم ثمانية: معاذ بن عفراء، وأسعد بن زرارة، ورافع بن مالك، وذكوان بن عبد قيس بن خلدة بن مخلّد بن عامر، وعبادة بن الصامت، ويزيد بن ثعلبة، وأبو الهيثم بن التيهان، وعويم بن ساعدة. (4) انظر: «بهجة المحافل» (1/ 129).

[قصة موافاة الأنصار]

سمع كلام المولى عزّ وجل، فأوحى إليه ما أوحى، ورأى من آيات ربه الكبرى؛ كما نطق به الكتاب العزيز. والصحيح: أن الإسراء كان بروحه وجسده صلّى الله عليه وسلم يقظة لا مناما، أو أن الإسراء كان مرتين؛ مرة بروحه مناما، ومرة أخرى يقظة، أو أن الإسراء بجسده كان إلى بيت المقدس، وبروحه الشريفة إلى ما فوق ذلك (1). وفرضت الصلوات الخمس ليلة الإسراء (2). فلما أصبح وأخبرهم بالإسراء .. كذّبته قريش واستبعدوا ذلك؛ حتى ارتد من ضعف إيمانه، ثم استوصفوه بيت المقدس، ولم يكن أثبت صفاته، فرفعه الله له، فجعل يخبرهم عنه وهو ينظره (3)، وأخبرهم بالرفقة والعلامة في عيرهم (4)، وأنها تجيء يوم الأربعاء، فجاءت في آخر يوم الأربعاء. [قصة موافاة الأنصار]: وفي موسم هذه السنة-أعني: سنة إحدى عشرة-: وافاه من الأنصار اثنا عشر رجلا؛ تسعة من الخزرج (5)، وهم: أسعد بن زرارة، وعوذ (6) ومعاذ ابنا عفراء، ورافع بن العجلان، وذكوان بن عامر، وعبادة بن الصّامت، ويزيد بن ثعلبة، وعباس بن عبادة، وعقبة بن عامر، وقطبة بن عامر، واثنان من الأوس، وهم: أبو الهيثم بن التّيّهان، وعويم بن ساعدة، فلقوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالعقبة، وهي العقبة الأولى، فبايعوه بيعة النساء؛ ألاّ يشركوا بالله شيئا ولا يسرقوا ولا يزنوا ... إلى آخر ما قص الله سبحانه في آية بيعة النساء، فبعث معهم صلّى الله عليه وسلم مصعب بن عمير العبدري؛ يقرئهم القرآن ويعلمهم الأحكام، فكانوا يسمونه المقرئ، وكان منزله على أسعد بن

(1) رجح جمهور العلماء القول الأول، وردّوا الأقوال الأخرى بأدلة نقلية وعقلية، انظر تفصيل ذلك في «الشفا» (237)، و «زاد المعاد» (2/ 48)، و «سيرة مغلطاي» (139)، و «سبل الهدى والرشاد» (3/ 100). (2) حديث الإسراء والمعراج وفرض الصلوات أخرجه البخاري (3207)، ومسلم (162). (3) أخرجه البخاري (3886)، ومسلم (170). (4) أخرجه البزار (3484)، والطبراني في «الكبير» (7/ 283)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 355). (5) بل عشرة من الخزرج كما عدّهم بعد، وكما ذكرهم ابن هشام في «السيرة» (2/ 431)، وابن سعد في «الطبقات» (1/ 187)، والطبري في «التاريخ» (2/ 355) وغيرهم. (6) مرت ترجمته فيمن استشهد يوم بدر (1/ 50)، وهو نفسه عوف ابن عفراء على الصحيح، كما قال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (ص 586).

زرارة (1)، فأسلم على يديه أسيد بن حضير وسعد بن معاذ، فلما أسلم سعد .. لم يمس في دار بني عبد الأشهل مشرك، ثم فشا الإسلام في دور الأنصار كلها (2). وفي سنة ثلاث عشرة من المبعث: خرج حجاج الأنصار من المسلمين مع حجاج قومهم من أهل الشرك، فلما قدموا مكة .. واعدوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق، وهي العقبة الثالثة المتفق على صحّتها. فلما كان ليلة الميعاد .. باتوا مع قومهم، فلما مضى ثلث الليل .. خرجوا مستخفين، فلما اجتمعوا بالشعب عند العقبة .. جاءهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ومعه عمه العباس وهو إذ ذاك على شركه وإنما أراد التوثق لابن أخيه، فتكلم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وتلا عليهم شيئا من القرآن، ثم قال: «أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم ونساءكم وأبناءكم»، ثم قال صلّى الله عليه وسلم: «أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا كفلا على قومهم»، فأخرجوا تسعة من الخزرج، وهم: أبو أمامة أسعد بن زرارة، عبد الله بن رواحة، سعد بن الرّبيع، رافع بن مالك بن العجلان، البراء بن معرور، سعد بن عبادة، عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر وكان إسلامه ليلتئذ، المنذر بن عمرو، عبادة بن الصّامت، وثلاثة من الأوس، وهم: أسيد بن حضير، سعد بن خيثمة، رفاعة بن عبد المنذر، وعدّ بعضهم بدل رفاعة أبا الهيثم بن التّيّهان (3). ونقب صلّى الله عليه وسلم على النقباء أسعد بن زرارة، وقال لهم النبي صلّى الله عليه وسلم: «أنتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم، وأنا الكفيل على قومي» (4) أي: المؤمنين، قالوا: نعم، فبايعوه، ووعدهم على الوفاء الجنة، وأول من بايع: البراء بن معرور، ثم تتابع الناس، وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين (5).

(1) أخرجه أبو نعيم في «الدلائل» (1/ 393)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 438)، وابن سعد (3/ 187)، والطبري في «تاريخه» (2/ 357). (2) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (2/ 438)، والطبري في «تاريخه» (2/ 357). (3) أخرجه ابن حبان (7011)، وأحمد (3/ 461)، والطبراني في «الكبير» (19/ 89)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 444). (4) أخرجه ابن أبي شيبة (8/ 587)، وابن سعد (1/ 189)، والطبري في «التاريخ» (2/ 363). (5) كما في «سيرة ابن هشام» (2/ 441)، و «سبل الهدى والرشاد» (3/ 279)، وما ورد في بعض الأحاديث أنهم كانوا سبعين، كما في «طبقات ابن سعد» (1/ 188)، و «تاريخ الطبري» (2/ 362)، و «دلائل النبوة» للبيهقي (2/ 451) .. فعلى أن العرب كثيرا ما تحذف الكسر، كذا قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (3/ 173).

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأصحابه: «إن الله قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها» (1)، فأول من هاجر إلى المدينة بعد العقبة: أبو سلمة بن عبد الأسد، ثم عامر بن ربيعة، ثم عبد الله بن جحش، ثم تتابعوا أرسالا، فلقوا من الأنصار دارا، وجوارا آثروهم على أنفسهم في أقواتهم، وقاسموهم أموالهم. وأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم ينتظر الإذن في الهجرة، ولم يتخلف معه أحد إلا من حبس أو فتن، إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق رضي الله عنهما؛ فإنهما حبسا أنفسهما على صحبة رسول الله صلّى الله عليه وسلم (2). ولما رأت قريش ما لقي أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم من حسن الجوار وطيب الحال .. خافوا خروج النبي صلّى الله عليه وسلم، فاجتمعوا في دار الندوة وتشاوروا في أمره، فتصور لهم إبليس في صورة شيخ نجدي مشاركا لهم في الرأي، فتحدثوا أن يربطوه في الحديد، ويغلقوا دونه الأبواب حتى يموت، أو أن يخرجوه من بين أظهرهم فيستريحوا منه، وأشار أبو جهل أن يجمعوا من كل قبيلة رجلا، فيقتلونه دفعة واحدة، فيفترق دمه في القبائل حتى يعجز قومه عن طلب الثأر، فحسّن الشيخ النجدي رأيه، وتفرقوا على ذلك (3). ولما قصدوه لذلك .. أخبره جبريل بقصدهم، فأمر صلّى الله عليه وسلم عليا أن ينام على فراشه يتسجّى ببرده، وأخبره أنه لن يخلص إليه شيء يكرهه، فلما قعدوا على بابه لذلك .. خرج عليهم صلّى الله عليه وسلم وبيده حفنة من تراب، فجعل ينثرها على رءوسهم وهو يتلو صدر (سورة يس)، فأتاهم آت، فقال لهم: ما تنتظرون؟ قالوا: محمدا، قال: خيّبكم الله؛ قد خرج عليكم محمد، ثم ما ترك أحدا منكم إلا وقد وضع على رأسه ترابا، فمسّ كل منهم رأسه فوجده كما قيل، ثم نظروا إلى الفراش، فرأوا عليا مسجّى بالبرد، فبقوا متحيرين حتى أصبحوا، فقام علي، فعرفوا صدق المخبر لهم، وأنزل الله في

(1) ذكره الطبري في «تاريخه» (2/ 369)، وابن هشام في «السيرة» (2/ 468)، وعند ابن سعد (1/ 192) بسنده عن عائشة: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «قد أخبرت بدار هجرتكم وهي يثرب، فمن أراد الخروج .. فليخرج إليها». (2) أخرجه الحاكم (2/ 435)، وانظر «طبقات ابن سعد» (1/ 193)، و «تاريخ الطبري» (369/ 2 و 375). (3) أخرجه أبو نعيم في «الدلائل» (1/ 257)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 466)، وابن سعد (1/ 193)، والطبري في «التاريخ» (2/ 370).

[ابتداء الهجرة له صلى الله عليه وسلم]

ذلك: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ} الآية (1). وفي سنة أربع عشرة [من المبعث]: أمر صلّى الله عليه وسلم بالهجرة، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مكة يوم الاثنين لأربع خلون من شهر ربيع الأول. قلت: وقال بعض العلماء المتأخرين ممن عني بتلخيص سيرة سيد المرسلين صلّى الله عليه وسلم: كان خروجه صلّى الله عليه وسلم من مكة آخر ليلة من شهر صفر، وأقام في الغار ثلاثة أيام، ودخل عوالي المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، والله سبحانه أعلم. وسيأتي في ذكر الأحداث ما جرى منذ هجرته صلّى الله عليه وسلم إلى المدينة مرتبا على السنين من الغزوات وغيرها مبسوطا إلى آخر وفيات طبقة العشرين الأولى، لكن لا بأس بذكر ما ينبغي ذكره ههنا على الاختصار من ذلك (2). [ابتداء الهجرة له صلّى الله عليه وسلم]: ففي السنة الأولى من الهجرة: بنى صلّى الله عليه وسلم مسجده الشريف ومساكنه، ونصب له أحبار يهود العداوة، وساعدهم منافقو الأوس والخزرج، وآخى صلّى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وبعث صلّى الله عليه وسلم مولياه زيد بن حارثة وأبا رافع ليأتيا ببناته وزوجته سودة، فقدموا بهم إلى المدينة إلا زينب زوجة أبي العاصي بن الربيع؛ فإنها تخلفت بمكة إلى بعد وقعة بدر، وبعث معهما أبو بكر عبد الله بن أريقط العامري لعائشة وأمها، وصام صلّى الله عليه وسلم عاشوراء، وشرع الأذان، وأسلم عبد الله بن سلام الإسرائيلي وسلمان الفارسي، ومات أسعد بن زرارة والبراء بن معرور وكلثوم بن الهدم رضي الله عنهم. السنة الثانية: غزا صلّى الله عليه وسلم ودّان، وحولت القبلة إلى الكعبة، وفرض صيام رمضان وصدقة الفطر، وصلّى الله عليه وسلم عيد الفطر، وابتنى بعائشة، وتزوج علي بفاطمة، وأسلم العباس بن عبد المطلب.

(1) أخرجه أحمد (1/ 348)، والطبراني في «الكبير» (11/ 321)، وعبد الرزاق (9743) مطولا، وابن سعد (1/ 194)، والطبري (2/ 372)، وغيرهم. (2) وأخرنا التوسع في التعليق على هذه الحوادث إلى توسع المصنف فيها إن شاء الله تعالى.

السنة الثالثة

وفيها: كانت سرية عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف إلى [ثنيّة المرة، مرجع النبي صلّى الله عليه وسلم من غزوة] الأبواء، وهي أول راية عقدها صلّى الله عليه وسلم، ثم سرية حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر من ناحية العيص (1)، ثم غزوة بواط (2) من ناحية رضوى (3)، ثم غزوة العشيرة. وفيها: بعث صلّى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص إلى الخرّار (4) من أرض الحجاز (5)، وبعث ابن عمته عبد الله بن جحش إلى بطن نخلة بين مكة والطائف (6). وفيها: غزوة بدر الكبرى المشهورة، ثم غزوة بني قينقاع يهود المدينة، ثم غزوة السّويق، ثم غزوة بني سليم بالكدر (7)، ثم غزوة ذي أمر (8). وفيها: سرية زيد بن حارثة. وفيها: قتل كعب بن الأشرف وأبو رافع عبد الله بن [أبي] الحقيق. السنة الثالثة: بها تزوج صلّى الله عليه وسلم حفصة، وتزوج عثمان بأم كلثوم، وولد الحسن بن علي. وفيها: غزوة أحد، وغزوة حمراء الأسد، وغزوة بني النضير، وبدر الثالثة، وسرية عاصم بن ثابت الأنصاري إلى الرجيع، وسرية أصحاب بئر معونة. السنة الرابعة: فيها: قصرت الصلاة، وتزوج صلّى الله عليه وسلم أم سلمة، وولد الحسين بن علي.

(1) سيف البحر-بكسر السين-أي: ساحله، والعيص: بلدة على ساحل البحر الأحمر شمال ينبع وغرب المدينة. (2) بواط: جبل من جبال جهينة بقرب ينبع، وهي بالضم عند الأكثر، ورجّح ابن حجر الفتح. (3) رضوى: جبل قرب ينبع. (4) قال ابن سعد في «الطبقات» (2/ 7): (والخرار: حين تروح من الجحفة إلى مكة، آبار عن يسار المحجّة، قريب من خم). (5) قال ابن هشام في «السيرة» (2/ 600): (ذكر بعض أهل العلم أن بعث سعد هذا كان بعد حمزة) أي: كما قال ابن سعد في «الطبقات» (2/ 7): (على رأس تسعة أشهر من مهاجر النبي صلّى الله عليه وسلم) أي: في السنة الأولى؛ لأن سرية حمزة على قول الواقدي وغيره: كانت على رأس سبعة أشهر من الهجرة. (6) وبعثه كان بعد مرجعه صلّى الله عليه وسلم من غزوة سفوان، وهي: بدر الأولى، كما سيأتي في الحوادث (1/ 195). (7) الكدر-بالضم على قول ابن الأثير، وبالفتح على قول صاحب «القاموس» -: موضع قرب المدينة. (8) ذي أمر: واد بنجد من ديار غطفان، وتوجد اليوم قرية بهذا الاسم شرقي المدينة تجاه نجد، تبعد عنها مائة كيلومتر تقريبا، وسيأتي الكلام على وقت هذه الغزوة (1/ 201).

السنة الخامسة

وفيها: قصة ابن أبيرق وسرقته الدّرع. وفيها: توفي عبد الله بن عثمان من رقيّة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وفاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب. وفيها: غزوة ذات الرّقاع، وشرع فيها صلاة الخوف. وفيها: كانت قصة غورث بن الحارث وقصد فتكه بالنبي صلّى الله عليه وسلم. وفيها: قصة جمل جابر بن عبد الله. وفي هذه السنة: كانت غزوة بني المصطلق، وهي: غزوة المريسيع، وتزوج صلّى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث. وفي هذه الغزاة: قال ابن أبيّ ما قال، فأنزل الله (سورة المنافقين). وفيها: نزلت رخصة التيمم، وجرى حديث الإفك. وفي هذه السنة: كانت غزوة الخندق، وقيل: في الخامسة. وفيها: غزوة بني قريظة، ومات سعد بن معاذ، وحرّمت الخمر. السنة الخامسة: فيها-على خلاف-: فرض الحج، وقدم ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد أهل رضاع النبي صلّى الله عليه وسلم، وتزوج صلّى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، وفي بنائه بها نزلت آية الحجاب. وفيها: ركب صلّى الله عليه وسلم فرسا إلى الغابة، فسقط عنه فجحش فخذه الأيمن، فأقام في البيت أياما يصلي قاعدا. وفيها: غزوة بني لحيان من هذيل لطلب الثأر بأصحاب الرجيع. السنة السادسة: فيها: صلّى الله عليه وسلم صلاة الاستسقاء. وفيها: كسفت الشمس فصلّى صلاة الكسوف. وفيها: نزل حكم الظّهار. وفيها: صلح الحديبية، وبيعة الرضوان.

السنة السابعة

وفيها: أسلم خالد بن الوليد، وعمرو بن العاصي، وعقيل بن أبي طالب. وفيها: غزوة الغابة، وتسمى: ذي قرد (1)؛ لاستنقاذ لقاح النبي صلّى الله عليه وسلم التي أغارت عليها بنو فزارة (2). وفيها: قصة العرنيّين الذين استوخموا المدينة (3). وفيها: ماتت أم رومان زوجة أبي بكر، أم عائشة وعبد الرحمن (4). وفيها: جهّز صلّى الله عليه وسلم بعثه إلى ملوك الأقاليم يدعوهم إلى الإسلام. وفيها: تزوج صلّى الله عليه وسلم أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن حرب. السنة السابعة: فيها: فتحت خيبر، فأهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلاّم بن مشكم شاة مسمومة مصليّة (5)، فنهس منها نهسة ولم يسغها، وقال: «إنه ليخبرني أنه مسموم» (6). وفيها: فتح وادي القرى، وتزوج صلّى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي. وفيها: فاتتهم صلاة الصبح بالوادي، فأول من استيقظ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد طلوع الشمس. وفيها: أسلم أبو هريرة. وفيها: غزوة زيد بن حارثة أغار فيها على جذام. وفيها: غزوة ذات السلاسل. وفيها: اعتمر صلّى الله عليه وسلم عمرة القضاء، وتزوج صلّى الله عليه وسلم ميمونة بسرف (7).

(1) ذو قرد: ماء بناحية خيبر. (2) اللّقاح: الإبل الحوامل، مفردها: لقحة. (3) استوخموا المدينة: استثقلوها، ولم يوافق هواؤها أبدانهم. (4) مر في ترجمتها الخلاف في سنة وفاتها، فانظره لزاما (1/ 89). (5) مصليّة: مشوية. (6) سبق تخريجه في ترجمة سيدنا بشر بن البراء رضي الله عنه (1/ 92). (7) سرف-ككتف-: موضع قرب التنعيم.

السنة الثامنة

السنة الثامنة: فيها: قدم وفد عبد القيس، وماتت زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ووقع غلاء بالمدينة، فقالوا: سعّر لنا يا رسول الله؛ فقال: «إن الله هو المسعّر القابض الباسط، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة» (1). وفيها: اتخذ النبي صلّى الله عليه وسلم المنبر، فصاح الجذع الذي كان يخطب عليه حتى نزل صلّى الله عليه وسلم وسكّنه (2). وفيها: غزوة مؤتة قتل فيها الأمراء: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم. وفيها: غزوة سيف البحر، وأميرهم أبو عبيدة ابن الجراح يرصدون عيرا لقريش، فجاعوا جوعا شديدا، فألقى لهم البحر دابّة عظيمة، فأكلوا منها وادّهنوا. وفيها: فتحت مكة. وفيها: غزوة حنين، وأوطاس، وحصار الطائف. وفيها: بعث صلّى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة، فقالوا: صبأنا، ولم يحسنوا [أن] يقولوا: أسلمنا، فقتلهم خالد، فلامه النبي صلّى الله عليه وسلم، وودى لهم قتلاهم، ثم بعثه صلّى الله عليه وسلم لهدم العزّى بنخلة. وفيها: أسلم عباس بن مرداس، وكعب بن زهير وأنشد النبيّ صلّى الله عليه وسلم قصيدته (بانت سعاد) المشهورة. وفيها: بعث صلّى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي في جيش، فلما كانوا ببطن إضم (3) .. مرّ بهم عامر بن الأضبط الأشجعي، فسلم عليهم، فكف عنه القوم، فحمل عليه محلّم بن جثّامة فقتله لعداوة كانت بينهما، فأنزل الله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} الآية.

(1) أخرجه أبو داود (3445)، والترمذي (1314)، وابن ماجه (2200)، والدارمي (2587)، والبيهقي (6/ 29) وغيرهم. (2) حديث حنين الجذع أخرجه البخاري (3583)، وابن حبان (6506)، والترمذي (505)، وابن ماجه (1414)، وغيرهم. (3) إضم: واد شمال المدينة من جهة الشام.

السنة التاسعة

وفي آخر هذه السنة: ولد إبراهيم بن النبي صلّى الله عليه وسلم. السنة التاسعة: فيها: قدمت الوفود على النبي صلّى الله عليه وسلم بإسلام قومهم، ولذلك تسمى: سنة الوفود. وفيها: غزوة تبوك، ولم يكن في عامها غزوة غيرها. وفي هذه السنة: اعتزل صلّى الله عليه وسلم نساءه شهرا؛ من أجل الخبر الذي أفشته حفصة رضي الله عنها. وفيها-بعد مرجعه من تبوك-: لاعن صلّى الله عليه وسلم بين عويمر العجلاني وزوجته، وبين هلال بن أمية الواقفي وزوجته. وفيها: رجم صلّى الله عليه وسلم ماعزا والغامدية؛ لإقرارهما بالزنا. وفيها: ماتت أم كلثوم بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم زوجة عثمان الثانية. وفيها: توفي النجاشي بالحبشة، وصلّى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأصحابه في المدينة (1). وفيها: حج أبو بكر الصديق بالناس، ثم أردفه صلّى الله عليه وسلم بعلي؛ ليؤذّن ب‍ (براءة). السنة العاشرة: فيها: أسلم سيد بجيلة جرير بن عبد الله البجلي، فبعثه صلّى الله عليه وسلم إلى ذي الخلصة بيت لخثعم تدعى: كعبة اليمانية، فهدمه وحرّقه، ثم بعثه صلّى الله عليه وسلم إلى اليمن بعد حجة الوداع قبيل موته. وفيها: بعث صلّى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب أهل نجران، فأسلموا ووفدوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، وبعث صلّى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى اليمن. وفي آخر هذه السنة: قدم على النبي صلّى الله عليه وسلم مسيلمة الكذاب.

(1) سبق تخريجه في ترجمة النجاشي رضي الله عنه (1/ 111).

وفي صفر سنة إحدى عشرة

وفيها: حج صلّى الله عليه وسلم بالناس حجة الوداع، وفي يوم عرفة بعرفة: نزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً.} وفي صفر سنة إحدى عشرة: ضرب صلّى الله عليه وسلم بعثا إلى الشام، وأمّر عليهم أسامة بن زيد بن حارثة مولاه، وأمره أن يوطئ [الخيل] تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين. وفي أول شهر ربيع الأول: خرج صلّى الله عليه وسلم ليلا إلى البقيع، فدعا لهم واستغفر كالمودع للأموات، وأصبح يشكو رأسه. قلت: وفي بعض السير: بدأ المرض برسول الله صلّى الله عليه وسلم لليلتين بقيتا من شهر صفر، والله أعلم (1). فخرج صلّى الله عليه وسلم عاصبا رأسه، وصعد المنبر، وحثّهم على تنفيذ جيش أسامة، وانضم إلى الصّداع الحمّى، وأصابه أيضا وجع الخاصرة، وقال صلّى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: «يا عائشة؛ ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السّم» (2)، فيحتمل أن يكون مع وجودها تداعت أسباب هذه الأواجع كلها. واشتد وجعه في بيت ميمونة وفي يومها، فاستأذن صلّى الله عليه وسلم أزواجه أن يمرض في بيت عائشة، فأذنّ له، فخرج من بيت ميمونة إلى بيت عائشة ويد له على علي والأخرى على الفضل بن العباس. وتوفي صلّى الله عليه وسلم آخر يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول حين اشتد الضحى. وقال السهيلي: (لا يصح أن تكون وفاته يوم الاثنين إلا في ثاني الشهر أو ثالث عشره أو رابع عشره أو خامس عشره؛ للإجماع على أن وقوفه بعرفة كان يوم الجمعة، فيكون ذو الحجة بالخميس والمحرم بالجمعة أو بالسبت، فإن كان بالجمعة .. فصفر إما بالسبت أو بالأحد، فأول ربيع إما الأحد أو الاثنين أو الثلاثاء، وإن كان المحرم بالسبت .. فصفر إما

(1) انظر الخلاف في ذلك في «فتح الباري» (8/ 129). (2) أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم في (كتاب المغازي)، باب: مرض النبي ووفاته، ووصله الحاكم في «المستدرك» (3/ 58)، وأخرجه أبو داود (5/ 138)، والبيهقي (10/ 11) وغيرهم.

فصل في ذكر صفته صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وشمائله ومعجزاته وغير ذلك

بالأحد أو الاثنين، فأول ربيع إما الاثنين أو الثلاثاء أو الأربعاء) (1). وكان شدة مرضه اثني عشر يوما، وغسّل صلّى الله عليه وسلم في قميصه من ماء بئر يقال لها: الغرس (2) ثلاث غسلات بماء وسدر، وولي غسله علي والعباس وابنه الفضل، وكان قثم وأسامة يصبون الماء وأعينهم معصوبة، وحضرهم أوس بن خولي من غير أن يلي شيئا، وقيل: كان يحمل الماء، وحنّط صلّى الله عليه وسلم بالكافور، وقيل: بالمسك، وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية، نسبة إلى السّحول باليمن، وصلّى عليه المسلمون فرادى؛ الرجال ثم الصبيان ثم النساء، وألحد قبره، وفرش شقران فيه قطيفة كان يتغطى بها صلّى الله عليه وسلم، وتولّى دفنه العباس وعلي والفضل وقثم وشقران وابن عوف وعقيل وأسامة وأوس بن خولي، وعمره صلّى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة، وما في «مسلم» بأنه ابن خمس وستين (3) .. باعتبار سنتي المولد والوفاة. فصل في ذكر صفته صلّى الله عليه وسلم وأخلاقه وشمائله ومعجزاته وغير ذلك أما صفته صلّى الله عليه وسلم : فروي عن علي رضي الله عنه: (أنه لم يكن بالطويل الممغّط-أي: الذاهب طولا-ولا بالقصير المتردد، كان ربعة من القوم، لم يكن بالجعد القطط، ولا بالسّبط، كان جعدا رجلا، ولم يكن بالمطهّم-أي: البادن الكثير اللحم- ولا بالمكلثم-أي: القصير الحنك الناتئ الجبهة-كان في وجهه تدوير، أبيض مشرب، أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، أجرد ذو مسربة، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى .. تقلّع كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت .. التفت معا، بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين، أجرأ الناس صدرا، وأصدقهم لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة .. هابه، ومن خالطه معرفة .. أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله صلّى الله عليه وسلم) (4).

(1) «الروض الأنف» (7/ 577)، وانظر «البداية والنهاية» (5/ 267). (2) الغرس: بئر بقباء كانت لسعد بن خيثمة، وكان يستعذب منها الماء لرسول صلّى الله عليه وسلم. (3) «صحيح مسلم» (2353). (4) أخرجه الترمذي (3638)، والبيهقي في «الشعب» (1415)، وابن أبي شيبة (7/ 354)، وابن سعد (1/ 354)، والخطيب في «تاريخه» (11/ 31). والقصير المتردد: الداخل بعضه في بعض قصرا. الربعة: بين الطويل والقصير. الجعد القطط: شديد الجعودة.-

وقال أنس: (ما لمست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا شممت رائحة قط أطيب من ريحه صلّى الله عليه وسلم) (1). (أشجع الناس) (2)؛ (كان يتقى به عند البأس) (3). وأسخاهم؛ (ما سئل شيئا قط .. فقال: لا) (4). وأحلمهم؛ (كسرت رباعيته وشج وجهه .. فقال: «اللهم؛ اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون») (5). وأزهدهم في الدنيا؛ قال أبو هريرة رضي الله عنه: (خرج عليه الصلاة والسلام من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير هو وأهل بيته) (6)، و (كان يأتي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيت من بيوته نار، كان قوتهم التمر والماء) (7). قالت عائشة رضي الله عنها: (ألا إن حولنا أهل دور من الأنصار يبعثون بشياههم، فنصيب من ذلك اللبن حدا) (8)، وقد (عرضت عليه الدنيا فأعرض عنها وأباها) (9). و(كان صلّى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها) (10)، لا يثبت بصره في وجه أحد، وكان لا يشتم لنفسه، و (لا يغضب لها إلا أن تنتهك حرمات الله) (11)، وإذا

= السبط: المسترسل. المكلثم: المستدير مع خفة اللحم، أراد أنه كان صلّى الله عليه وسلم أسيل الوجه ولم يكن مستديرا. الأدعج: شديد سواد العين. الأهدب: طويل الأشفار. المشاش: رءوس المناكب. الكتد: مجتمع الكتفين، وهو الكامل. المسربة: الشعر الدقيق كأنه قضيب من الصدر إلى السرة. الشثن: ضخم أصابع الكفين والقدمين. التقلع: المشي بقوة. الصبب: الانحدار. العريكة: الطبيعة، يقال: فلان لين العريكة إذا كان سلسا مطاوعا منقادا قليل الخلاف والنفور. (1) أخرجه البخاري (3561)، ومسلم (2330). (2) أخرجه البخاري (6033)، ومسلم (2307). (3) أخرجه مسلم (1776)، وابن أبي شيبة (8/ 550)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (250). (4) أخرجه البخاري (6034)، ومسلم (2311). (5) حديث: (كسرت رباعيته صلّى الله عليه وسلم): أخرجه مسلم (1791)، وابن حبان (6574)، وأحمد (3/ 206)، وحديث: «اللهم؛ اغفر ... » أخرجه البخاري (3477)، ومسلم (1792). (6) أخرجه البخاري (5414)، ومسلم (2970). (7) أخرجه البخاري (2567)، ومسلم (2972). (8) أخرجه ابن حبان (729)، وأحمد (6/ 108)، وعبد الرزاق (20625). (9) أخرجه الحاكم (3/ 55)، وأحمد (3/ 489). (10) أخرجه البخاري (3562)، ومسلم (2320). (11) أخرجه البخاري (3560)، ومسلم (2328).

غضب لله .. لم يقم لغضبه أحد، و (ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما .. كان أبعد الناس منه) (1). و(ما عاب طعاما قط، إن اشتهاه .. أكله، وإلا .. تركه) (2)، و (كان لا يأكل متكئا) (3) (ولا على خوان ولا في سكرجة، ولا خبز له مرقق) (4)، أكل البطيخ بالرطب، والقثاء بالرطب وقال: «يكسر حرّ هذا برد هذا» (5). و(كان يحب الحلواء والعسل) (6)، و (أحبّ الشراب إليه الحلو البارد) (7)، و (يحب الطيب) (8) ويكره الريح الكريهة. و(كان يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويخدم في مهنة أهله) (9)، و (يحلب الشاة) (10)، و (يجيب من دعاه من غني أو فقير، ويحب المساكين، ويعود المرضى، ويشهد الجنائز) (11)، ولا يحقر فقيرا لفقره، ولا يهاب ملكا لملكه، يركب الفرس والبعير والبغلة والحمار، ويردف خلفه العبد والصغير وغيرهما (12)، و (كان يلبس الصوف) (13)، و (ينتعل المخصوف) (14)، و (أحب اللباس إليه الحبرة) (15).

(1) أخرجه البخاري (6126)، ومسلم (2327). (2) أخرجه البخاري (3563)، ومسلم (2064). (3) أخرجه البخاري (5398)، وابن حبان (5240)، والترمذي (1830)، وغيرهم. (4) أخرجه البخاري (5386)، والترمذي (1788)، وابن ماجه (3292)، وأحمد (3/ 130). (5) أخرجه أبو داود (3832)، والبيهقي (7/ 281). (6) أخرجه البخاري (5268)، ومسلم (1474/ 21). (7) أخرجه الحاكم (4/ 137)، والترمذي (1895)، والنسائي في «الكبرى» (6815)، والبيهقي في «الشعب» (5926) وغيرهم. (8) أخرجه الحاكم (2/ 160)، والنسائي (7/ 61)، والبيهقي (7/ 78)، وأحمد (3/ 128)، والطبراني في «الأوسط» (5768) وغيرهم. (9) أخرجه البخاري (676)، وابن حبان (5676)، وأحمد (6/ 106)، وعبد الرزاق (20492). (10) أخرجه ابن حبان (5675)، والبخاري في «الأدب المفرد» (541)، وأحمد (6/ 256)، وأبو يعلى (4873). (11) أخرجه الترمذي (1017)، وابن ماجه (4178). (12) في الصحيح أخبار كثيرة عن إردافه خلفه أو أمامه صلّى الله عليه وسلم، وقد أوصلهم الصالحي إلى ما يزيد على الأربعين. انظر «سبل الهدى والرشاد» (7/ 606). (13) أخرجه البخاري (5799)، ومسلم (274). (14) أخرجه الحاكم (4/ 326)، وابن ماجه (3348). (15) أخرجه البخاري (5812)، ومسلم (2079).

وأما معجزاته صلى الله عليه وسلم

(يألف أهل الشرف ويكرم أهل الفضل) (1)، ولا يطوي بشره عن أحد ولا يجفو عنه، (يمزح ولا يقول إلا حقا) (2)، (أفكه الناس خلقا) (3)، يقبل معذرة من اعتذر إليه، (يكثر الذكر ويقل اللغو، يطيل الصلاة ويقصر الخطبة، يمشي مع الأرملة والعبد) (4)، (كان خلقه القرآن) (5) (يغضب لغضبه ويرضى لرضاه) (6). وأما معجزاته صلّى الله عليه وسلم (7): فأكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر: (انشقاق القمر) (8)، و (نبع الماء من بين أصابعه الشريفة؛ حتى توضأ وشرب نحو ألف وخمس مائة بالحديبية) (9)، و (سبّح الحصى في كفّه) (10)، و (كان يسمع تسبيح الطعام وهو يأكل) (11)، و (يسلّم عليه الحجر والشجر) (12)، و (يسلّم عليه البعير) (13) و (الضب) (14)، و (يشهد الذئب بنبوته) (15)، و (أصيبت عين قتادة بن النعمان يوم أحد أو يوم بدر؛ حتى وقعت على وجنته .. فردّها عليه الصلاة والسلام بيده) (16)، فكانت أصح عينيه وأحدّهما، لا ترمد إذا رمدت الأخرى، و (تفل في عين علي يوم خيبر وكان أرمد ..

(1) أخرجه الحاكم (4/ 292)، وابن ماجه (3712)، والبيهقي (8/ 168)، والطبراني في «الكبير» (2/ 304)، والقضاعي (760). (2) أخرجه الترمذي (1990)، والبخاري في «الأدب المفرد» (265)، والبيهقي (10/ 248)، وأحمد (2/ 340). (3) أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (4/ 36). (4) أخرجه ابن حبان (6423)، والحاكم (2/ 614)، والنسائي (3/ 108)، والدارمي (75)، والبيهقي في «الدلائل» (1/ 329) وغيرهم. (5) أخرجه مسلم (746)، والبخاري في «الأدب المفرد» (308)، وأحمد (6/ 91)، والبيهقي في «الشعب» (1428). (6) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (72). (7) انظر «سبل الهدى والرشاد» (9/ 555). (8) أخرجه البخاري (3636)، ومسلم (2800). (9) أخرجه البخاري (4152)، ومسلم (1856/ 72). (10) أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (39/ 120). (11) أخرجه البخاري (3579)، وابن خزيمة (204)، والترمذي (3633)، وأحمد (1/ 460)، وأبو يعلى (5372). (12) أخرجه مسلم (2277)، وابن حبان (6505)، وأحمد (3/ 113)، والطيالسي (1539)، وأبو يعلى (5662) وغيرهم. (13) أخرجه أحمد (6/ 76)، والطبراني في «الأوسط» (9185). (14) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5993)، قال الذهبي عنه في «الميزان» (3/ 651): خبر باطل. (15) أخرجه ابن حبان (6494)، والحاكم (4/ 467)، وأحمد (3/ 83). (16) أخرجه الحاكم (3/ 295)، وأبو يعلى (1549)، وابن سعد (3/ 419)، وابن عدي (4/ 283).

فصل في ذكر أولاده وزوجاته وأعمامه وعماته ومواليه وخدمه وغير ذلك

فبرأ من ساعته) (1)، [يقول علي رضي الله عنه]: (فما رمدت ولا صدعت بعد) (2). و(أصيبت رجل عبد الله بن عتيك فمسحها بيده الكريمة .. فبرأت من حينها) (3)، و (أطعم أهل الخندق وهم ألف من صاع شعير وبهيمة في بيت جابر حتى شبعوا والطعام أكثر ما كان) (4)، و (أطعم من بيت أبي طلحة ثمانين رجلا من أقراص شعير جاء بها أنس تحت إبطه حتى شبعوا وبقي كما هو) (5)، و (أطعم في بنائه بزينب من قصعة أهدتها له أم سليم خلقا، ثم رفعت وهي كما هي) (6). وأخبر صلّى الله عليه وسلم بأشياء قبل وقوعها فوقعت، كما أخبر صلّى الله عليه وسلم: (أن الشام واليمن يفتحان) (7)، و (أن أمته يفتحون مصرا أرضا يذكر فيها القيراط) (8)، و (أن المسلمين يقاتلون قوما صغار الأعين، دلف الأنوف، عراض الوجوه) (9)، و (أن خزائن فارس والروم تفتح، وتنفق كنوزهما في سبيل الله) (10)، و (أن سراقة يسور سواري كسرى) (11)، و (أن أويسا القرني يقدم مع أمداد اليمن وكان به برص، فبرأ منه إلا قدر درهم) (12)، وغير ذلك مما يطول ذكره، والله سبحانه أعلم. فصل في ذكر أولاده وزوجاته وأعمامه وعماته ومواليه وخدمه وغير ذلك أولاده صلّى الله عليه وسلم الذكور (13): القاسم أكبرهم، وبه يكنى صلّى الله عليه

(1) أخرجه البخاري (3701)، ومسلم (2406). (2) أخرجه الضياء في «المختارة» (2/ 423)، والطيالسي (189)، وأبو يعلى (593). (3) أخرجه البخاري (4039)، والبيهقي (9/ 80). (4) أخرجه البخاري (4102)، ومسلم (2039). (5) أخرجه البخاري (3578)، ومسلم (2040). (6) أخرجه البخاري (5163)، ومسلم (1428/ 94). (7) أخرجه البخاري (1875)، ومسلم (1388). (8) أخرجه مسلم (2543)، وابن حبان (6676)، والبيهقي (9/ 206). (9) أخرجه البخاري (2928)، ومسلم (2912/ 65). (10) أخرجه البخاري (3121)، ومسلم (2919). (11) أخرجه البيهقي (6/ 357). (12) أخرجه مسلم (2542)، والبيهقي في «الشعب» (6798)، وابن سعد (8/ 282). (13) انظر للتوسع «طبقات ابن سعد» (1/ 110) فما بعدها، و «المعارف» (ص 141)، و «دلائل النبوة» للبيهقي (7/ 282)، و «تهذيب الكمال» (1/ 192)، و «البداية والنهاية» (5/ 319)، و «سيرة مغلطاي» (ص 94)، و «العقد الثمين» (1/ 270)، و «السيرة الحلبية» (3/ 308).

وأما البنات

وسلم، وعبد الله، ويلقب بالطّيّب والطاهر، وقيل: اسمه الطيب، والطاهر ولد ثالث. وهؤلاء من خديجة، هلكوا قبل النبوة وهم يرضعون، وقيل: بلغ القاسم أن يركب الدابة ويسير على النّجيبة (1). والرابع من الأولاد الذكور: إبراهيم، أمه مارية القبطية، ولد بالمدينة، ومات رضيعا. وأما البنات : فزينب ورقية وأم كلثوم [وفاطمة]، وكلهن من خديجة رضي الله عنها، وأدركن الإسلام، وهاجرن ومتن قبله صلّى الله عليه وسلم، فكن في ميزانه إلا فاطمة؛ فإنها ماتت بعده بأشهر، فكان النبي صلّى الله عليه وسلم في ميزانها، وحق لمن كان النبي صلّى الله عليه وسلم في ميزانها أن تفضل على من سوى النبيين. وأما زوجاته صلّى الله عليه وسلم (2): فاللاتي دخل بهن: خديجة بنت خويلد الأسدية، ثم سودة بنت زمعة العامرية، ثم عائشة بنت أبي بكر الصديق التيمية، ثم حفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية، وأم حبيبة بنت أبي سفيان الأموية، وأم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، وزينب بنت جحش الأسدية، [وجويرية بنت الحارث المصطلقية]، وصفية بنت حيي بن أخطب النضرية الإسرائيلية الهارونية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وأم المساكين زينب بنت خزيمة الهلالية، فاثنتان منهن متن قبله صلّى الله عليه وسلم، وهما: خديجة بنت خويلد، وزينب بنت خزيمة، والباقيات مات صلّى الله عليه وسلم وهن في عقده. وتزوج صلّى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك، ولما نزلت آية التخيير .. اختارت الدنيا ففارقها، ثم ندمت فلم يحل له الرجوع إليها (3).

(1) النجيبة: الناقة الكريمة، وقد أورد الحافظ في «الإصابة» (3/ 254) عند ترجمة القاسم آثارا عديدة ترجح أنه توفي في الإسلام، وذكر مغلطاي في «الإشارة» (94): أن في «مسند الفريابي» ما يدل على أنه توفي في الإسلام. قلنا: وهذا هو الراجح، والله أعلم. (2) انظر «مستدرك الحاكم» (4/ 3)، و «سيرة ابن هشام» (4/ 643) فما بعدها، و «طبقات ابن سعد» (10/ 52) فما بعدها، و «المعارف» (ص 132)، و «دلائل النبوة» للبيهقي (7/ 283)، و «تهذيب الكمال» (1/ 203)، و «العقد الثمين» (1/ 272)، و «البداية والنهاية» (5/ 305)، و «سبل الهدى والرشاد» (12/ 15)، و «السيرة الحلبية» (3/ 313). (3) قال العلامة الأشخر في «شرح البهجة» (1/ 386): («ولما نزلت آية التخيير .. اختارت الدنيا ... إلخ» هذا منكر لا أصل له، ولم تختر واحدة من أزواجه صلّى الله عليه وسلم الدنيا، ويدل على بطلانه ما ذكره البغوي وغيره من-

وتزوج صلّى الله عليه وسلم أساف-أو شراف-بنت خليفة أخت دحية بن خليفة (1)، ولم تقم عنده إلا يسيرا حتى توفيت، وقيل: توفيت قبل أن يدخل بها. وذكر في أزواجه صلّى الله عليه وسلم: عالية بنت ظبيان، وطلقها حين أدخلت عليه (2)، وخولة، وقيل: خويلة بنت حكيم، يقال: هي التي وهبت نفسها (3)، وقيل: الواهبة: أم شريك (4)، ويجوز أن يكونا معا. وزينب بنت الصّلت، وماتت قبل أن يدخل بها (5). وامرأة من بني غفار، فلما نزعت ثيابها .. رأى بها برصا، فقال: «الحقي بأهلك» (6). والجونية، وهي: المتعوّذة، قال لها صلّى الله عليه وسلم: «هبي نفسك لي»، قالت: وهل تهب الملكة نفسها لسوقة، فأهوى بيده ليضع يده عليها لتسكن، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال: «عذت بمعاذ»، ثم قال صلّى الله عليه وسلم: «اكسها يا أسيد رازقيتين-أي: ثياب كتان بيض-وألحقها بأهلها» (7). وخطب صلّى الله عليه وسلم امرأة من أبيها، فوصفها أبوها، ثم قال: أزيدك أنها لم

= المفسرين: أنه لم يكن في عصمة النبي صلّى الله عليه وسلم يوم نزول آية التخيير سوى نسائه اللاتي مات عنهن)، وانظر «تفسير البغوي» (3/ 525)، و «مستدرك الحاكم» (4/ 35)، و «طبقات ابن سعد» (10/ 182)، و «الإصابة» (4/ 371). (1) انظر «طبقات ابن سعد» (10/ 154). (2) «مستدرك الحاكم» (4/ 34)، و «طبقات ابن سعد» (10/ 138). (3) «طبقات ابن سعد» (10/ 152). (4) «طبقات ابن سعد» (10/ 148)، وفي «مستدرك الحاكم» (4/ 35): (أنه تزوج أم شريك الأنصارية من بني النجار، وقال: «إني أحب أن أتزوج في الأنصار»، ثم قال: «إني أكره غيرتهن»، فلم يدخل بها). (5) في «مستدرك الحاكم» (4/ 35): (هي: سناء بنت أسماء بن الصلت) ورجحه الحافظ في «الإصابة» (4/ 328)، وانظر «طبقات ابن سعد» (8/ 149). (6) أخرجه الحاكم (4/ 34)، والبيهقي في «الدلائل» (7/ 286)، وذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (4/ 83). (7) أخرجه البخاري (5257)، وابن حبان (4266)، والحاكم (4/ 35)، والنسائي (6/ 150)، وابن ماجه (2050)، وأحمد (3/ 498).

وأما عمومته صلى الله عليه وسلم

تمرض-يصفها بذلك-فتركها صلّى الله عليه وسلم (1). وخطب امرأة إلى أبيها، فقال أبوها: إن بها برصا، ولم يكن بها برص، فرجع إليها أبوها؛ فإذا هي برصاء (2). وذكر ابن هشام وغيره تبعا لابن إسحاق: أن جملة أزواجه صلّى الله عليه وسلم أربع عشرة؛ ست قرشيات، وسبع عربيات، وإسرائيلية (3). وذكر أبو سعيد في «شرف النبوة»: أن جملتهن إحدى وعشرون. واتفقوا على أنه صلّى الله عليه وسلم دخل بإحدى عشرة، مات ثنتان قبله، وتوفي عن تسع، وكان يقسم لثمان، وأكثر صداق عقد به صلّى الله عليه وسلم لنفسه وبناته: خمس مائة درهم. وأما عمومته صلّى الله عليه وسلم (4): فالذكور منهم أحد عشر، أسلم اثنان منهم، وهما: حمزة بن عبد المطلب، والعباس بن عبد المطلب. والباقون: أبو طالب، واسمه: عبد مناف شقيق عبد الله أبي النبي صلّى الله عليه وسلم، أمهما: أم عاتكة فاطمة بنت عمرو المخزومية. والحارث بن عبد المطلب، وهو والد أبي سفيان، وهو أكبر أولاد عبد المطلب. وشقيقه قثم بن عبد المطلب، مات صغيرا (5). والزّبير (6) بن عبد المطلب أبو ضباعة وأمّ الحكم الصحابيتين.

(1) أخرجه الربيع بن حبيب في «مسنده» (ص 533). (2) ذكره الطبري في «تاريخه» (3/ 169)، وابن هشام (4/ 646)، قيل: هي جمرة بنت الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري الغطفاني، انظر «أسد الغابة» (1/ 342)، و «الإصابة» (243/ 4، 252)، و «تفسير القرطبي» (14/ 169)، و «سبل الهدى والرشاد» (12/ 156). (3) انظر «سيرة ابن هشام» (4/ 648). (4) انظر «سيرة ابن هشام» (1/ 108)، و «النسب» لابن سلام (ص 196)، و «المعارف» (ص 118)، و «التبيين» (ص 96)، و «سيرة مغلطاي» (ص 48)، و «بهجة المحافل» (2/ 145). (5) ذكر ابن قدامة في «التبيين» (96): (أن الحارث أمّه: صفية بنت حميد، وأن قثم أمّه: نتيلة بنت جناب)، وما ذكره المصنف رحمه الله تعالى تبع فيه العامري في «بهجة المحافل» (2/ 147)، قال: (خامسهم: قثم، وهو أخو الحارث لأمه). (6) الزبير: بضم الزاي وفتح الباء على قول الجمهور، وقال ابن المغربي في «الإيناس بعلم الأنساب» (101): (بفتح الزاي وكسر الباء، كما في قول أحمد بن يحيى البلاذري).

وأما عماته

وعبد الكعبة بن عبد المطلب (1). والغيداق بن عبد المطلب، سمي بذلك لسخائه وجوده (2). وحجل بن عبد المطلب-بحاء مهملة ثم جيم مفتوحة-واسمه: المغيرة (3). وضرار بن عبد المطلب شقيق العباس. وأبو لهب بن عبد المطلب، واسمه: عبد العزى، وكني: أبا لهب لحسن وجهه، أو باعتبار مآله إليها، نسأل الله العافية. وأما عماته .. فستّ (4): صفية، أمّ الزبير بن العوام، وهي شقيقة حمزة، أسلمت وهاجرت. وعاتكة، وهي صاحبة الرؤيا في يوم بدر. وأروى، أمّ طليب بن عمير الصحابي البدري. وأميمة، أمّ زينب أمّ المؤمنين، وأمّ عبد الله وأبي أحمد الشاعر، وأمّ حبيبة وحمنة الصحابيتين، أولاد جحش بن رئاب. وبرّة، أمّ أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال المخزومي. وأمّ حكيم، واسمها: البيضاء، توأمة عبد الله أبي النبي صلّى الله عليه وسلم، وهي أمّ أروى بنت كريز بن ربيعة العبشمي، وأروى أمّ عثمان بن عفان رضي الله عنه.

(1) ولقبه: المقوّم، ومنهم من جعلهما اثنان. (2) الغيداق بفتح الغين المعجمة، واسمه مصعب، وقيل: نوفل، وقيل: اسمه حجل، قال ابن قدامة في «التبيين» (ص 96): (ومن جعلهم-أي: أولاد عبد المطلب-عشرة .. أسقط عبد الكعبة، وقال: هو المقوم، وجعل الغيداق وحجلا واحدا ... )، والغيداق لم يدرك الإسلام ولم يعقب. انظر «سيرة ابن هشام» (1/ 109)، و «النسب» لابن سلام (ص 197)، و «المعارف» (ص 118)، و «الصرح الممرد» (ص 143). (3) هناك خلافان فيه: أما الأول: فهل هو اسم للغيداق-بمعنى أنهما واحد-أو أنهما اثنان؟ وقد تقدم، والخلاف الثاني: أن المؤلف ضبطه بحاء مهملة ثم جيم مفتوحة، وضبطه ابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» (2/ 233) والإمام النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 27) بعكس ذلك، وقال صاحب «الصرح الممرد» (ص 143): (وأما جحل: بتقديم الجيم المفتوحة على الحاء المهملة الساكنة، وقيل: بتقديم الحاء المهملة المفتوحة على الجيم الساكنة، وفي كلتا الحالتين فالحرف الثاني ساكن وليس متحركا).انظر «توضيح المشتبه» (2/ 233)، و «تبصير المنتبه» (1/ 244)، و «القاموس المحيط» و «شرحه» (مادة حجل). (4) انظر «سيرة ابن هشام» (1/ 108)، و «طبقات ابن سعد» (10/ 41)، و «المعارف» (ص 128)، و «التبيين» (ص 96)، و «سيرة مغلطاي» (ص 48)، و «بهجة المحافل» (2/ 145).

وأما مواليه صلى الله عليه وسلم

ولم أر من تعرّض لذكر أخواله وخالاته صلّى الله عليه وسلم، ورأيت لبعض العلماء: (أن آمنة بنت وهب أمّ النبي صلّى الله عليه وسلم فرد أبيها، لم يكن لها أخ ولا أخت) اهـ‍ وقوله [تعالى] في (سورة الأحزاب): {وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ} يدل على أن له خالا وخالات (1). وأما مواليه صلّى الله عليه وسلم (2): من الرجال: زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، وابنه أسامة. وثوبان بن بجدد: قيل: إنه من حمير، أصابه سبي في الجاهلية. وأبو كبشة: وكان من مولّدي مكة. وأنيسة: من مولدي السّراة. وشقران: واسمه: صالح، قيل: ورثه من أبيه، وقيل: اشتراه من عبد الرحمن بن عوف وأعتقه. ورباح: أسود نوبي، اشتراه من وفد عبد القيس وأعتقه. ويسار: نوبي أيضا، أصابه في بعض الغزوات، وهو الذي قتله العرنيون ومثّلوا به، وحمل إلى المدينة ميتا. وأبو رافع القبطي: واسمه: أسلم، وهبه العباس للنبي صلّى الله عليه وسلم، فأعتقه النبي صلّى الله عليه وسلم حين بشّره بإسلام العباس. وأبو مويهبة: من مولدي مزينة، اشتراه صلّى الله عليه وسلم وأعتقه. وفضالة.

(1) وهذا صحيح؛ لأن وهب والد السيدة آمنة له ولد غيرها، وهو عبد يغوث والد الأسود والأرقم، والأسود ولد له عبد الرحمن، والأرقم ولد له عبد الله، ولكن لم يؤثر أن لوهب بنتا غير السيدة آمنة، غير أن السيدة آمنة قد نشأت عند عمها أهيب بن عبد مناف، وأهيب هذا له من الولد مالك-وهو أبو وقاص-والد سعد وعامر وعمير رضي الله عنهم، وأيضا لأهيب نوفل، والد مخرمة، والد المسور، وله أيضا هالة زوجة عبد المطلب وأم حمزة رضي الله عنه، والعرب يطلقون على أقرباء الأم أخوالا، لذلك كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقول لسعد: «هذا خالي»، وبالتالي يكون النبي صلّى الله عليه وسلم له أخوال وخالات من أبناء وهب وأهيب ابني عبد مناف، والله أعلم. انظر «النسب» و «التبيين»، و «العقد الثمين». (2) انظر «المعارف» (ص 144)، و «سيرة مغلطاي» (ص 367)، و «البداية والنهاية» (324/ 5 - 338)، و «بهجة المحافل» (2/ 149)، و «سبل الهدى والرشاد» (12/ 436).

ورافع: كان لسعيد بن العاصي، فورثه ولده، فأعتقه بعضهم، وتمسك بعضهم، فوهب له النبي صلّى الله عليه وسلم ما أدى قيمته، فكان يقول: أنا مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ومدعم: وهبه له رفاعة بن زيد الجذامي، فقتل بوادي القرى، فقال فيه صلّى الله عليه وسلم: «إن الشّملة التي غلّها لتشتعل عليه نارا» (1). وكركرة: أهداه له هوذة بن علي الحنفي فأعتقه، وكان على ثقل النبي صلّى الله عليه وسلم، وكان نوبيا. وزيد: جدّ بلال بن يسار بن زيد. وعبيدة، وطهمان. ومأبور القبطي: من هدايا المقوقس، وهو ابن عم مارية أمّ إبراهيم، وكان خصيا. وواقد، وأبو واقد، وهشام. وأبو ضميرة: كان من الفيء، فأعتقه صلّى الله عليه وسلم يوم حنين. وأبو عسيب (2): قال في «البهجة» للعامري: (واسمه: أحمر) (3). وأبو عبيد. وسفينة، واسمه: مهران (4): من مولدي الأعراب، وقيل: من أبناء فارس، اشتراه النبي صلّى الله عليه وسلم فأعتقه، وقيل: أعتقته أم سلمة، وشرطت عليه خدمة النبي صلّى الله عليه وسلم.

(1) أخرجه البخاري (4234)، ومسلم (115). (2) في النسخ (وعسيب)، والمثبت من هامش (ت)، وهو كذلك في «الاستيعاب» (ص 837)، و «أسد الغابة» (6/ 214)، و «الإصابة» (4/ 133)، و «الإشارة» (ص 373) وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» (5/ 335): (ومنهم أبو عشيب، ومنهم من يقول: أبو عسيب، والصحيح الأول)، ولعل المصنف تبع فيما قاله العامريّ في «بهجة المحافل»، والله أعلم. (3) «بهجة المحافل» (2/ 151). (4) عدّ الحافظ في «الإصابة» (2/ 56) له واحدا وعشرين اسما، ولم يرجّح بينهما، وإيراد المؤلف له هذا الاسم فقط تبع فيه العامري في «بهجة المحافل» والله أعلم، وذكر الإمام النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 225) أنه قول الأكثرين، وإنما قيل له سفينة؛ لما جاء عند الإمام أحمد في «مسنده» (5/ 221) عنه قال: كنت مع النبي صلّى الله عليه وسلم في سفر، فانتهينا إلى واد، قال: فجعلت أعبر الناس أو أحملهم وفي رواية: فكلما أعيا بعض القوم .. ألقى عليّ سيفه وترسه ورمحه، حتى حملت من ذلك شيئا كثيرا، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «أنت سفينة».

وأما خدمه من الأحرار صلى الله عليه وسلم

وأبو هند: ابتاعه النبي صلّى الله عليه وسلم منصرفه من الحديبية وأعتقه، وقال في حقه: «زوّجوا أبا هند وتزوجوا إليه» (1). وأنجشة: حادي القوارير. وأنسة الحبشي. وأبو لبابة: كان لبعض عماته صلّى الله عليه وسلم، فوهبته له، فأعتقه. ورويفع: سباه من هوازن فأعتقه، وجملتهم أحد وثلاثون. ومواليه من الإماء سبع (2): سلمى: أمّ رافع. وبركة: أمّ أيمن، وهي: أم أسامة بن زيد، ورثها صلّى الله عليه وسلم من أبيه، فحضنته بعد وفاة أمه، فلما كبر صلّى الله عليه وسلم .. أعتقها، وزوجها من مولاه زيد بن حارثة، قيل: أصلها من سبي الحبشة أصحاب الفيل. ومارية القبطية: أمّ إبراهيم بن النبي صلّى الله عليه وسلم، أهداها المقوقس. وريحانة بنت عمرو القرظية: اصطفاها صلّى الله عليه وسلم من سبي بني قريظة (3). وميمونة بنت سعد، وخضرى، ورضوى. وأما خدمه من الأحرار صلّى الله عليه وسلم (4): فأنس بن مالك، خدمه تسع سنين. وهند وأسماء ابنا حارثة الأسلميان. وربيعة بن سعد الأسلمي: كان من أصحاب الصفة. وعبد الله بن مسعود الهذلي: كان صاحب نعلي رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ إذا

(1) أخرجه ابن حبان (4067)، والحاكم (2/ 164)، وأبو داود (2095)، والدارقطني (3/ 300)، والبيهقي (7/ 136)، وغيرهم. (2) وعدّهم ابن كثير في «البداية والنهاية» (5/ 338)، والصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (12/ 447) وغيرهما أكثر من عشرين. (3) ولهذا يقال لها: القرظية؛ إذ كانت متزوجة رجلا من بني قريظة يقال له: الحكم، كما يقال لها: النضرية؛ إذ هي ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة بن شمعون من بني النضير، كما قال ابن سعد، وهي ريحانة بنت شمعون، كما قال الحافظ، واختلفوا في زواج النبي صلّى الله عليه وسلم منها، انظر «طبقات ابن سعد» (8/ 129)، و «الإصابة» (4/ 302). (4) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 29)، و «سيرة مغلطاي» (ص 361)، و «البداية والنهاية» (5/ 344)، و «بهجة المحافل» (2/ 154)، و «سبل الهدى والرشاد» (12/ 450).

وأما حرسه صلى الله عليه وسلم الذين يحرسونه

قام .. ألبسه إياهما، وإذا جلس .. جعلهما في ذراعيه حتى يقوم، وكان يخبئ له سواكه. وعقبة بن عامر الجهني: كان صاحب بغلة رسول الله صلّى الله عليه وسلم يراعيه ويقود به في الأسفار. وبلال بن رباح: خدمه ولازمه حضرا وسفرا، وتولى الأذان، وهو أول من أذن في الإسلام. وسعد: مولى أبي بكر الصديق. وذو مخمر، ويقال له: ذو مخبر، ابن أخي النجاشي، وقيل: ابن أخته. وبكير بن شدّاخ الليثي، وأبو ذر الغفاري رضي الله عنهم. وأما حرسه صلّى الله عليه وسلم الذين يحرسونه (1): فسعد بن معاذ سيد الأنصار؛ حرسه يوم بدر حين نام صلّى الله عليه وسلم في العريش، وذكوان بن عبد قيس (2)، ومحمد بن مسلمة الأنصاري؛ حرسه بأحد، والزبير بن العوام؛ حرسه يوم الخندق، وعبّاد بن بشر، وسعد بن أبي وقاص، وأبو أيوب الأنصاري؛ حرسه بخيبر حين دخل بصفية، وبلال؛ حرسه بوادي القرى. قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلّى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ، } فأخرج النبي صلّى الله عليه وسلم رأسه من القبة، فقال: «أيها الناس؛ انصرفوا فقد عصمني الله» (3). وأما رسله صلّى الله عليه وسلم إلى الملوك (4): فأحد عشر: أرسل دحية بن خليفة إلى قيصر، وعبد الله بن حذافة إلى كسرى، وحاطب بن أبي بلتعة اللخمي إلى المقوقس صاحب مصر والإسكندرية-واسمه: جريج بن مينا-وعمرو بن العاصي إلى ابن الجلندى وأخيه ملكي عمان (5)، وسليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن علي الحنفي، وشجاع بن

(1) انظر «بهجة المحافل» (2/ 157)، و «سبل الهدى والرشاد» (12/ 420). (2) في النسخ تبعا ل‍ «بهجة المحافل» (2/ 157): (ذكوان بن عبد الله بن قيس)، والمثبت وفقا لما في «أسد الغابة» (2/ 137)، و «الاستيعاب» (1/ 470)، و «الإصابة» (1/ 470). (3) أخرجه الحاكم (2/ 313)، والترمذي (3046)، والبيهقي (9/ 8)، وابن سعد (1/ 144). (4) انظر «سيرة ابن هشام» (4/ 607)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 30)، و «البداية والنهاية» (4/ 655)، و «بهجة المحافل» (2/ 157)، و «سبل الهدى والرشاد» (12/ 335). (5) وهما: جيفر وعباد، وقيل: عبد، انظر «سيرة ابن هشام» (4/ 607)، و «الإصابة» (1/ 264)، قال ابن حجر في ترجمة (الجلندى) من «الإصابة» (1/ 263): (وسيأتي في ترجمة جيفر بن الجلندى أنه المرسل إليه عمرو، فيحتمل-

وأما كتابه صلى الله عليه وسلم

وهب الأسديّ إلى الحارث بن أبي شمر الغسّاني ملك البلقاء، ثم أرسله ثانيا إلى جبلة بن الأيهم الغسّاني، والمهاجر بن أبي أمية المخزومي إلى الحارث بن عبد كلال الحميري أحد مقاولة اليمن، والعلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين. وأما كتّابه صلّى الله عليه وسلم : فخمسة وعشرون (1)؛ وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن الأرقم، وأبي بن كعب، وثابت بن قيس بن شمّاس، وخالد بن سعيد بن العاصي، وأخوه أبان، وحنظلة بن أبي عامر الأسدي، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان، وشرحبيل ابن حسنة، وعبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول، والزبير بن العوام، ومعيقيب بن أبي فاطمة الدوسي، والمغيرة بن شعبة، وخالد بن الوليد، والعلاء بن الحضرمي، وعمرو بن العاصي، وجهيم بن الصّلت، وعبد الله بن رواحة، ومحمد بن مسلمة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح. فصل في ذكر دوابه (2) الخيل والبغال والحمير ونعمه وغنمه وسلاحه وبيوته وملبوساته وغير ذلك من أنواع آلاته [كان له من الخيل] كان له من الخيل: السّكب، وكان أدهم أغرّ محجّلا طلق اليمين، وهو أول فرس ملكه، اشتراه من أعرابي من بني فزارة بعشر أواق، وكان تحته يوم أحد. وفرس يسمى: سبحة، وهو الذي سابق عليه فسبق ففرح به. وآخر يسمى: المرتجز؛ لحسن صوته، اشتراه من سواء بن الحارث المحاربي، وانطلق لينقده ثمنه، فأعطي أكثر من ذلك، فجحد بيع النبي صلّى الله عليه وسلم، فشهد

= أن يكون الأب وابنه كانا قد أرسل إليهما)، والله أعلم. (1) أوصلهم مغلطاي في «سيرته» (402) إلى اثنين وأربعين كاتبا، وانظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 29)، و «عيون الأثر» (2/ 395)، و «البداية والنهاية» (5/ 353)، و «بهجة المحافل» (2/ 161)، و «سبل الهدى والرشاد» (12/ 382). (2) انظر «طبقات ابن سعد» (1/ 421)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 36)، و «عيون الأثر» (2/ 401)، و «سيرة مغلطاي» (ص 383)، و «البداية والنهاية» (6/ 379)، و «بهجة المحافل» (2/ 163)، و «سبل الهدى والرشاد» (7/ 641).

[كان له من البغال]

خزيمة بن ثابت له بالمشترى، فقال له: «كيف تشهد ولم تحضر؟ ! » قال: نصدقك بخبر السماء ولا نصدقك فيما في الأرض؟ ! فقال صلّى الله عليه وسلم: «من شهد له خزيمة أو شهد عليه .. فحسبه» فسمي: ذا الشهادتين (1). وفرس يقال له: لزاز، أهداه له المقوقس، وكان يعجبه ويركبه في أكثر غزواته. وفرس يقال له: اللّحيف، أهداه له ربيعة بن أبي البراء، فأثابه فرائض من نعم بني كلاب. وفرس يقال له: الضّرب (2)، أهداه له فروة بن عمرو الجذامي. وفرس يقال له: الورد، أهداه له تميم الداري، فأعطاه عمر، فحمل عليه عمر في سبيل الله، ثم أضاعه الذي حمله عليه عمر وأخرجه للبيع، فأراد عمر شراءه، فنهاه النبي صلّى الله عليه وسلم عن العود في هبته. وفرس يقال له: الصّرم، وفرس يقال له: ملاوح، كان لأبي بردة بن نيار. وفرس يقال له: البحر، اشتراه من تجار قدموا من البحرين، فسبق عليه ثلاث مرات، فمسح صلّى الله عليه وسلم وجهه وقال: «ما أنت إلا بحر» (3). [كان له من البغال] وكان له من البغال: شهباء، أهداها له المقوقس يقال لها: دلدل، وهي أول بغلة ركبت في الإسلام، وعاشت بعده حتى كبرت وزالت أضراسها، فكان يحشّ لها الشعير، وماتت بينبع في زمن معاوية رضي الله عنه. وأخرى يقال لها: فضّة، وهبها من أبي بكر (4). وأخرى يقال لها: الأيليّة، أهداها له ملك أيلة. وأخرى بيضاء، أهداها فروة بن نفاثة الجذامي، وهي التي ركبها يوم حنين، ولما أخذ صلّى الله عليه وسلم القبضة من التراب التي رمى بها وجوه الكفار .. تطأطأت [به] حتى بلغ بطنها الأرض.

(1) أخرجه أبو داود (3602)، والنسائي (7/ 301)، وأحمد (5/ 216)، وعبد الرزاق (15567). (2) كذا في الأصل، وهي-كما قال الأشخر في «شرحه البهجة» (2/ 164) -لغة رديئة في الظّرب، وبالظاء المعجمة ورد في كتب السير، والنووي في «التهذيب» (1/ 36) حيث قال: (بفتح الظاء المعجمة وكسر الراء). (3) أخرجه بنحوه البخاري (2820)، ومسلم (2307). (4) تبع بهذا العامريّ في «بهجة المحافل» (2/ 165)، وفي «طبقات ابن سعد» (1/ 423): (أهدى فروة بن عمرو إلى النبي صلّى الله عليه وسلم بغلة يقال لها: فضة، فوهبها لأبي بكر).

[كان له من الحمير]

[كان له من الحمير] وكان له صلّى الله عليه وسلم من الحمير حمار يقال له: يعفور، أهداه له فروة بن عمرو الجذامي، مات في حجة الوداع، وقيل: بقي بعده، وألقى نفسه في بئر يوم موته صلّى الله عليه وسلم أسفا. وعفير، أهداه له المقوقس، قال الحافظ أبو زكريا العامري: (وأما الحمار الذي أصابه بخيبر، وكلمه بكلام طويل، وأنه بعد موت النبي صلّى الله عليه وسلم تردى في بئر .. فقال الحفاظ: هو حديث منكر إسنادا ومتنا) (1). [كان له من الإبل] وكان له صلّى الله عليه وسلم من الإبل عشرون لقحة بالغابة، يراح له منها كل ليلة بقربتين عظيمتين لبنا، منهن: الحنّاء، والسّمراء، والعريس، والسّعدية، والبغوم، والنّسيرة، والرّنّاء، وبردة، ومهريّة. وكانت ناقته التي يركب عليها: القصواء، وهي: الجدعاء، والعضباء، وكل هذه الألقاب لنقص يكون في الأذن، ولم يكن بناقة النبي صلّى الله عليه وسلم شيء من ذلك، وإنما هي ألقاب لزمتها، وكان لا يحمل النبيّ صلّى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي غيرها. [كان له من الغنم] وكان له من الغنم مائة لا يزيد عليها، فإذا راح الراعي بسخلة .. ذبح مكانها أخرى (2)، وكان له شاة يختص بشرب لبنها، تدعى: غيثة (3). ولم يذكر أنه اقتنى من البقر شيئا. وكان له ديك أبيض. وأما سلاحه صلّى الله عليه وسلم (4): فكان له أربعة أرماح، ثلاثة أصابها من سلاح بني قينقاع، والرابع يقال له: المنثني. وكانت له عنزة وهي: حربة دون الرمح كان يمشي بها في يديه، وتحمل بين يديه في العيدين حتى تركز أمامه فتكون سترته.

(1) «بهجة المحافل» (2/ 166). (2) أخرجه ابن حبان (1054)، وأحمد (4/ 33) وغيرهما. (3) قال الأشخر في «شرح البهجة» (2/ 167): (عيبة: بفتح المهملة والموحدة بينهما تحتية ساكنة، سميت بذلك كأنها عيبة اللبن؛ أي: وعاؤه). (4) انظر «طبقات ابن سعد» (1/ 421)، و «عيون الأثر» (2/ 397)، و «البداية والنهاية» (6/ 376)، و «سيرة مغلطاي» (ص 390)، و «بهجة المحافل» (2/ 167)، و «سبل الهدى والرشاد» (7/ 577).

وكان له محجن قدر الذراع يتناول به الشيء (1). وكان له مخصرة تسمى: العرجون (2)، وقضيب يسمى: الممشوق. وكان له أربع قسي؛ اثنان من شوحط (3) يسميان: الروحاء والبيضاء، وأخرى من نبع تسمى: الصفراء، وأخرى تسمى: الكتوم، كسرت يوم بدر. وكان له جعبة (4) تسمى: الكافور. وكان له ترس عليه تمثال عقاب، أهدي له، فوضع يده عليه، فأذهبه الله (5). وكان له صلّى الله عليه وسلم تسعة أسياف: ذو الفقار، كان لمنبه بن الحجاج السهمي، تنفّله صلّى الله عليه وسلم يوم بدر (6)، وثلاثة أسياف من سلاح بني قينقاع، يدعى أحدهم: البتّار، والآخر: الحتف، [والثالث: القلعيّ]، وكان له سيف يقال له: المخذم، وسيف يسمى: الرّسوب، وآخر ورثه من أبيه (7)، وآخر يدعى: العضب، أهداه له سعد بن عبادة، وآخر يدعى: القضيب، وهو أول سيف تقلّده صلّى الله عليه وسلم. وكان له تسعة أدراع: يسمى أحدها: الخرنق للينها، وأخرى: البتراء لقصرها، وأخرى: ذات الفضول لطولها، وهي التي مات وهي مرهونة، وذات الوشاح، وذات الحواشي، وفضّة، والسّغديّة، وقيل: هي درع داود التي كانت عليه حين قتل جالوت، ودرعان أصابهما من بني قينقاع، نقل ذلك الحافظ العامري (8) عن الكمال الدميري (9).

(1) المحجن: العصا المنعطفة الرأس. (2) المخصرة: ما يتوكأ عليها كالعصا ونحوها، أو هي قضيب يشار به في أثناء الخطابة والكلام. (3) الشوحط: شجر تتخذ منه القسي ينبت في الحضيض من الجبل، والنّبع: شجر تتخذ منه القسي ينبت في قلّة الجبل؛ أي: رأسه. (4) الجعبة: كنانة النشاب. (5) أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 72)، وابن سعد (1/ 420)، والطبري في «تاريخه» (3/ 178)، عن مكحول مرسلا، وفيه: (تمثال رأس كبش) بدل: (تمثال عقاب). (6) أخرجه الترمذي عن ابن عباس وحسنه، وزاد: وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، وذلك أنه رأى أن سيفه ذا الفقار فلّ، وأن في ذبابه-أي: حدّه-ثلمة، فأوّلها أنه فل في أصحابه، وأنها هزيمة، فكانت يوم أحد، والحديث أخرجه الحاكم (2/ 128)، والترمذي (1561)، والنسائي في «الكبرى» (7600)، والبيهقي (7/ 41)، وأحمد (1/ 271). (7) واسمه: مأثور، ذكره الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (7/ 581). (8) انظر «بهجة المحافل» (2/ 169). (9) من «حياة الحيوان الكبرى» (2/ 369).

وأما لباسه صلى الله عليه وسلم

قال العامري: (ودرعه الخطميّة التي سلّحها عليا، وأمره أن يجعلها صداقا لفاطمة، وروي: أنه أمره أن يبيعها في جهازها) (1). وكان له صلّى الله عليه وسلم مغفر يقال له: السّبوغ، ومنطقة من أدم فيها ثلاث حلق فضة (2)، وكانت له راية سوداء مخمّلة (3) يقال لها: العقاب، وكان لواؤه أبيض، وربما جعلت الألوية من خمر نسائه صلّى الله عليه وسلم. وكان له تسعة أبيات؛ بعضها من جريد مطيّن بالطين، وبعضها من حجارة مرضومة (4) بعضها فوق بعض، وسقف الجميع جريد النخل، وكان سماؤها (5) قامة وبسطة، لكل بيت حجرة من أكسية الشعر مربوطة في خشب عرعر (6). وبعد وفاة أمهات المؤمنين خلط الوليد بن عبد الملك البيوت والحجر في المسجد على يدي أميره عمر بن عبد العزيز، فلما ورد كتابه بذلك .. ضجّ أهل المدينة بالبكاء كيوم وفاته صلّى الله عليه وسلم. وأما لباسه صلّى الله عليه وسلم (7): فكان يلبس ما وجد: مرّة شملة، ومرة حبرة يمانية، ومرة جبّة، ومرة قباء. وتوشح مرة بثوب قطري (8)، ومرة ببرد نجراني غليظ الحاشية، وكان أحب الثياب إليه القميص (9) والحبرة (10)، وترك صلّى الله عليه وسلم يوم مات ثوبي حبرة، وإزارا عمانيا، ورداء أخضر حضرميا يشهد فيه العيدين، طوله: أربعة أذرع وشبر، وعرضه: ذراعان، وثوبين صحاريين، وقميصا صحاريا-وصحار: قرية باليمن-وقميصا سحوليا، وجبّة

(1) «بهجة المحافل» (2/ 169). (2) المنطقة: ما يحترم به. والأدم: الجلد. (3) مخملة: ذات خمل؛ أي: أهداب. (4) مرضومة: مطروح بعضها فوق بعض. (5) السماء: كل ما أظلك فهو سماء، والمراد هنا: ارتفاع السقف. (6) العرعر: خشب طيب الرائحة يشبه الصندل. (7) انظر «طبقات ابن سعد» (1/ 386)، و «سيرة مغلطاي» (ص 395)، و «البداية والنهاية» (6/ 377)، و «بهجة المحافل» (2/ 170)، و «سبل الهدى والرشاد» (7/ 474). (8) قطري: نسبة إلى بلدة معروفة بين القطيف وعمان. (9) أخرجه الحاكم (4/ 192)، وأبو داود (4021)، والترمذي (1762)، والنسائي في «الكبرى» (9589)، وابن ماجه (3575)، وغيرهم. (10) أخرجه البخاري (5812)، ومسلم (2079).

يمنية، وخميصة وكساء أبيض ملبّدا، وقلانس صغارا لاطية (1) ثلاثا أو أربعا، وإزارا طوله: خمسة أشبار، وملحفة مورّسة (2)، وكانت له عمامة سوداء، وأخرى يقال لها: السّحاب، كساها عليا، وأهدى له النجاشي خفين ساذجين فلبسهما، وأهدى له دحية خفّين فلبسهما حتى تخرّقا، وكان له نعلان جرداوان (3)، لهما قبالان، مثنّى شراكهما (4). وكان له صلّى الله عليه وسلم خاتم من فضة، وفصّه حبشي (5)، وآخر من ورق، نقشه: (محمد رسول الله)، كان يختم به كتبه صلّى الله عليه وسلم، وكان بعده بيد أبي بكر الصديق، ثم عمر، ثم عثمان حتى سقط منه في بئر أريس، فنزحوها فلم توجد، ومن بعد ذلك اليوم اختلف الناس على عثمان، كان له خاتما للفتنة. وكان له ربعة (6) فيها مرآة، تسمى: المدلّة، ومشط (7) ومكحلة ومقراض (8) وسواك. وكان له وسادة من أدم حشوها ليف، وسرير مزمل بشريط، وقبة يضربها في أسفاره، تسع أربعين رجلا، وسفرة يأكل عليها، وقصعة يقال لها: الغرّاء، يحملها أربعة رجال، لها أربع حلق، وقدح من خشب مضبّب بثلاث ضبّات من فضة، وقيل: من حديد، وفيه حلقة يعلق بها، كان بعده عند أنس، ثم عند بنيه بعده. وكان له قدح من زجاج، وقدح آخر يدعى: الرّيان، وتور من حجارة (9)، ومخضب من شبه (10) يكون فيه الحناء والكتم (11)، يوضع على رأسه إذا وجد حرا. وكان له مغتسل من صفر (12)، وصاع يخرج به فطرته صلّى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم، صلاة وتسليما كثيرا.

(1) لاطية: أي لاصقة بالرأس، أشار بذلك إلى قصرها. (2) مورسة: مصبوغة بالورس والزعفران. (3) جرداوان: لا شعر عليهما. (4) القبال-بكسر القاف-: زمام بين الإصبع الوسطى والتي تليها، والشراك: الخيط الذي يشد به رأس القبال إلى النعل، ويسمى شسعا أيضا. (5) أخرجه مسلم (2094)، وعند البخاري (5870): (فصه منه). (6) الربعة: سلة صغيرة مغشاة بالجلد. (7) المشط-مثلثة، وككتف وعنق وعتلّ ومنبر-: آلة يمتشط بها. (8) مقراض: مقص. (9) التور: بفتح التاء هو القدر من الحجر. (10) الشّبه: النحاس الأصفر. (11) الكتم: نبت يخلط مع الحناء يختضب به. (12) الصّفر: النحاس.

178 - [أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم]

178 - [أم أيمن حاضنة النبي صلّى الله عليه وسلم] (1) أم أيمن، واسمها: بركة، قيل: إنها بنت محصن بن ثعلبة بن عمرو بن حفص (2) بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان. قال الواقدي: وقد ذكر بعض المؤرخين: أنها من سبي جيش أبرهة صاحب الفيل، لما انهزم أبرهة عن مكة .. أخذها عبد المطلب من قبل عسكره. وفي «صحيح مسلم» عن الزهري: أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب، وكانت من الحبشة، فلما ولد رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد ما توفي أبوه .. كانت أم أيمن تحضنه حتى كبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأعتقها وأنكحها مولاه زيد بن حارثة (3). وكانت قبل زيد عند عبيد الحبشي، فولدت له أيمن الذي كنيت به. أسلمت قديما وهاجرت إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وفي سفرها إلى المدينة أصابها عطش شديد ولم يكن عندها ماء، فسمعت قعقعة فوقها، فرفعت رأسها؛ فإذا بدلو مدلّى من السماء فيه ماء، فشربت منه ماء عذبا باردا، ثم رفع، ويقال: إنها لم تظمأ بعد ذلك (4). وكان لها إدلال على النبي صلّى الله عليه وسلم، وكان صلّى الله عليه وسلم يحبّها ويزورها في بيتها، وزارها أبو بكر وعمر بعد موته صلّى الله عليه وسلم. وقال صلّى الله عليه وسلم: «أم أيمن أمي بعد أمي» (5).

(1) «طبقات ابن سعد» (10/ 212)، و «المعارف» (ص 144)، و «الاستيعاب» (ص 876)، و «المنتظم» (3/ 232)، و «أسد الغابة» (7/ 303)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 357)، و «تهذيب الكمال» (35/ 329)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 48)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 223)، و «العبر» (1/ 13)، و «مرآة الجنان» (1/ 62)، و «البداية والنهاية» (6/ 727)، و «العقد الثمين» (8/ 188)، و «الإصابة» (4/ 415)، و «غربال الزمان» (ص 19)، و «شذرات الذهب» (1/ 135). (2) تبع المؤلف في نسب أم أيمن الإمام النووي في «تهذيب الأسماء واللغات»، لكن كل من ترجم لأم أيمن قال في نسبها: بركة بنت ثعلبة-بإسقاط محصن-ابن عمرو بن حصن، كذا في «الاستيعاب» و «الإصابة» وغيرهما، وفي «البداية والنهاية» و «العقد الثمين» (حصين) بدل (حصن)، والله أعلم. (3) «صحيح مسلم» (1771). (4) أخرجه ابن سعد (10/ 213). (5) أخرجه ابن عبد البر بسنده في «الاستيعاب» (ص 877)، وابن عساكر في «تاريخه» (8/ 51).

179 - [فاطمة الزهراء]

وتوفيت بعده صلّى الله عليه وسلم بخمسة أشهر. قلت: قال الحافظ العامري في «البهجة»: (وكانت أول أهله لحوقا به بعد فاطمة) (1)، والله أعلم. وقال النووي: (وما ذكره الواقدي في وفاتها في خلافة عثمان .. فشاذ منكر مردود) (2). قال ابن سيرين: وكانت أم أيمن سوداء؛ فلهذا خرج لون ابنها أسامة كلونها وإن كان أبوه زيد أبيض. 179 - [فاطمة الزهراء] (3) فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وتكنى بأم أبيها، سيدة نساء العالمين ما عدا مريم بنت عمران، أمها خديجة بنت خويلد. وهي أصغر بناته صلّى الله عليه وسلم على الصحيح، وأنكحها رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه بعد أحد وهي بنت خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، فولدت الحسن والحسين ومحسنا-مات صغيرا-وأم كلثوم وزينب، وانقطع نسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا منها، ولما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم .. وجدت عليه وجدا عظيما. وتوفيت لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة بعد وفاة أبيها بستة أشهر، وكان عمرها سبعا أو تسعا وعشرين سنة (4)، وفضائلها ومناقبها مشهورة لا حاجة إلى التطويل بذكرها رحمها الله ورضي عنها.

(1) «بهجة المحافل» (2/ 153)، وفي هذا القول رد على من قال بأن وفاة أم أيمن كانت بعد وفاته عليه الصلاة والسلام بخمسة أشهر، وقد ضعّف الحافظ ابن حجر هذا القول أيضا وقوّى أنها عاشت بعد خلافة سيدنا عمر، انظر «الإصابة» (4/ 416)، والله أعلم. (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 358). (3) «النسب» لابن سلام (ص 197)، و «طبقات ابن سعد» (10/ 20)، و «الاستيعاب» (ص 925)، و «التبيين» (ص 91)، و «أسد الغابة» (7/ 220)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 352)، و «تهذيب الكمال» (35/ 247)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 43)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 118)، و «العبر» (1/ 13)، و «مرآة الجنان» (1/ 61)، و «العقد الثمين» (8/ 283)، و «الإصابة» (4/ 365)، و «غربال الزمان» (ص 19)، و «شذرات الذهب» (1/ 134). (4) قال الإمام الذهبي في «تاريخ الإسلام» (3/ 48): (والصحيح: أن سنها أربع وعشرون سنة).

180 - [مالك بن نويرة الحنظلي]

وكانت أشبه الناس بأبيها في حديثها ومشيها، ولما توفيت .. غسلتها أسماء بنت عميس وعلي رضي الله عنهم، ودفنت ليلا. 180 - [مالك بن نويرة الحنظلي] (1) مالك بن نويرة-كتصغير نار-ابن حمزة اليربوعي، أخو متمّم. قدم على النبي صلّى الله عليه وسلم، وأسلم، فلما توفي النبي صلّى الله عليه وسلم .. منع الزكاة واتّهم بالردة، فقتله خالد بن الوليد وتزوج امرأته، فقدم أخوه متمّم على أبي بكر يطلب بدمه، فودى أبو بكر مالكا من بيت المال، وقال عمر لخالد: قتلت مسلما، وكان من الرجال المعدودين (2)، وفيه يقول أخوه متمّم رضي الله عنهما: [من الطويل] لقد لامني عند القبور على البكا … صحابي لتذراف الدّموع السّوافك فقالوا أتبكي كلّ قبر رأيته … لقبر ثوى بين اللّوى والدّكادك (3) فقلت لهم إنّ الشّجى يبعث الشّجى … دعوني فهذا كلّه قبر مالك 181 - [زيد بن الخطّاب] (4) أبو عبد الرحمن زيد بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، أخو عمر بن الخطاب

(1) «النسب» لابن سلام (ص 236)، و «طبقات ابن سعد» (6/ 166)، و «أسد الغابة» (5/ 52)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 212)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 32)، و «مرآة الجنان» (1/ 62)، و «الإصابة» (3/ 336)، و «غربال الزمان» (ص 19)، و «شذرات الذهب» (1/ 135). (2) وقد حيك كثير من الأباطيل، وألقي كثير من الشّبه حول قصة قتل خالد رضي الله عنه لمالك بن نويرة، وزعموا أنه قتله ليستأثر بزوجته لنفسه، وحاشاه من ذلك، وما ينبغي لسيف من سيوف الله أن يكون رجلا شهوانيا سفاكا لدماء الأبرياء، وهو بطل عظيم من أبطال الإسلام، وقائد عبقري تشهد له مواقفه في مؤتة وبلاد الشام واليمن والعراق، وأما أداء الصديق رضي الله عنه ديته من بيت المال .. فاقتداء بالنبي صلّى الله عليه وسلم فيما فعله في وقعة بني جذيمة تهدئة للخواطر، وتسكينا للنفوس، ومراعاة للأبعد في باب السياسة. وأما الأقوال التي تنسب لعمر رضي الله عنه في ذلك .. فيكفي في إثبات عدم صحتها قول عمر رضي الله عنه عند عزله خالدا: (ما عزلتك من ريبة)، بل لو صحّ ذلك الفعل عن خالد رضي الله عنه .. لرجمه عمر رضي الله عنه، وهو المعروف بشدته في دين الله، وعدم محاباته لأحد في حدود الله، كما أن هذه الروايات كلها تتهافت عند عرضها على ميزان الرواة الذي استأثر الله تعالى به هذه الأمة دون غيرها، وانظر رد ذلك تفصيلا في «مقالات الكوثري» (ص 523)؛ فقد أجاد وأفاد. (3) اللّوى: ما التوى من الرمل، والدكادك-جمع دكدك-وهو: ما تكبس واستوى من الرمل. (4) «النسب» لابن سلام (ص 215)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 350)، و «طبقات خليفة» (ص 55)، -

182 - [معن بن عدي]

لأبيه، وأسنّ منه، أسلم قبل عمر، وهو من المهاجرين الأولين. وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال عمر يوم أحد: خذ درعي، فقال: إني أريد من الشهادة ما تريد، فتركا الدرع، وآخى النبي صلّى الله عليه وسلم بينه وبين معن بن عديّ الأنصاري، فقتلا جميعا باليمامة، وكانت الراية يومئذ مع زيد، فلم يزل يتقدم بها في نحر العدو، ثم ضارب بسيفه حتى قتل ووقعت الراية، فأخذها مولى أبي حذيفة، وحزن عليه عمر حزنا شديدا، وقال: ما هبّ الصّبا إلا وأنا أجد ريح زيد. وقال رحمه الله: زيد سبقني إلى الحسنيين؛ أسلم قبلي، واستشهد قبلي. وكانت وقعة اليمامة في ربيع الأول سنة ثنتي عشرة، وقيل: إحدى عشرة (1)، رضي الله عنه. 182 - [معن بن عدي] (2) معن بن عدي العجلاني البلوي، حليف بني عمرو بن عوف. شهد العقبة وبدرا والمشاهد كلها، لا عقب له، وآخى النبي صلّى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن الخطاب فقتلا جميعا باليمامة، رضي الله عنهما. 183 - [أبو حذيفة بن عتبة] (3) أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشي.

= و «الاستيعاب» (ص 241)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 203)، و «أسد الغابة» (2/ 285)، و «تهذيب الكمال» (10/ 65)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 58)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 297)، و «العقد الثمين» (4/ 473)، و «الإصابة» (1/ 547). (1) قال الإمام الذهبي في «تاريخ الإسلام» (3/ 41): (ولعل مبدأ وقعة اليمامة كان في آخر سنة إحدى عشرة؛ كما قال ابن قانع، ومنتهاها في أوائل سنة اثنتي عشرة؛ فإنها بقيت أياما لمكان الحصار). (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 431)، و «طبقات خليفة» (ص 155)، و «الاستيعاب» (ص 689)، و «الأنساب» (1/ 395)، و «أسد الغابة» (5/ 238)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 320)، و «الإصابة» (3/ 429). (3) «سيرة ابن هشام» (1/ 260)، و «النسب» لابن سلام (ص 202)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 80)، و «الاستيعاب» (ص 789)، و «الروض الأنف» (2/ 301)، و «التبيين» (ص 215)، و «أسد الغابة» (6/ 70)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 212)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 164)، و «العقد الثمين» (8/ 37)، و «الإصابة» (4/ 43)، و «سبل الهدى والرشاد» (2/ 418).

184 - [سالم مولى أبي حذيفة]

قلت: اسمه هشام، وقيل: هشيم، وهو الأشهر (1)، كذا ذكره العلامة عبد الله بن محمد بن أحمد بافضل في «كفاية مريد الدراية»، والله أعلم. أمه فاطمة بنت صفوان بن أمية، أسلم قديما قبل دخوله صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وهمّ بقتل أبيه يوم بدر، فنهاه النبي صلّى الله عليه وسلم عن ذلك، وهو زوج سهلة بنت سهيل بن عمرو، وشهد المشاهد كلها، وكان من فضلاء الصحابة، وآخى النبي صلّى الله عليه وسلم بينه وبين عبّاد بن بشر. واستشهد يوم اليمامة عن ثلاث أو أربع وخمسين سنة، ولا عقب له، رضي الله عنه. 184 - [سالم مولى أبي حذيفة] (2) سالم مولى أبي حذيفة، وهو أبو عبد الله سالم بن عبيد بن ربيعة، وقيل: سالم بن معقل. أصله: من أهل فارس من إصطخر، أعتقته مولاته بثينة (3) امرأة أبي حذيفة الأنصارية، فتولّى أبا حذيفة، فتبناه، فلهذا يقال له: قرشي وأنصاري وفارسي. كان من فضلاء الصحابة، هاجر قبل النبي صلّى الله عليه وسلم، فكان يؤم المهاجرين

(1) لم نجد أحدا من المتقدمين ممن ترجم لأبي حذيفة رجّح أن اسمه هشام، بل كل من ترجم له يذكر الأقوال الثلاثة في اسمه وهي: هشام، وهشيم، ومهشم، دون ترجيح، وذكر ابن هشام في «سيرته» الأخير فقط، ولم يذكر غيره، وتابعه الذهبي في «السير» على ذلك، لكن السهيلي وهّم ابن هشام في ذلك وقال: (وهو وهم عند أهل النسب؛ فإن مهشما إنما هو أبو حذيفة بن المغيرة أخو هاشم وهشام ابني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وأما أبو حذيفة بن عتبة .. فاسمه قيس فيما ذكروا) اهـ‍ وأورد الحافظ في «الإصابة» عند اسم أبي حذيفة الأسماء الثلاثة إضافة إلى قيس، ولم يرجّح. قال الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» بعد نقله قول السهيلي: (وكذا ذكر أبو ذر، وقال في «الزهر»: فيما ذكره السهيلي نظر؛ لأن الواقدي وأبا نعيم والعسكري والبغوي والحاكم وابن عبد البر سموه مهشما، فينظر من النسابون الذين سموه قيسا، وينظر من ذكر أبا حذيفة بن المغيرة من السابقين إلى الإسلام أو في الصحابة جملة، قلت: لم يذكره الحافظ في «الإصابة»، فكأنه هلك كافرا) اهـ‍، والله أعلم. (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 81)، و «المعارف» (ص 273)، و «حلية الأولياء» (1/ 176)، و «الاستيعاب» (ص 297)، و «أسد الغابة» (2/ 307)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 206)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 167)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 54)، و «العقد الثمين» (4/ 488)، و «الإصابة» (2/ 6). (3) كذا في الأصل، وهي كذلك في «المعارف» و «تهذيب الأسماء واللغات»، وعند بقية من ترجم لها ثبيتة-بتقديم الثاء المثلثة-وقد ضبطها ابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» (1/ 346) كذلك، وعد ابن عبد البر أربعة أسماء اختلف فيها أيها اسمها، ولكن لم يذكر بينها بثينة، فلعلها تصحيف من ثبيتة، والله أعلم.

185 - [ثابت بن قيس بن شماس]

بالمدينة، وزوّجه أبو حذيفة بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة، وكانت من المهاجرات، من أفضل أيامى قريش. وشهد سالم بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ولما قتل زيد بن الخطاب باليمامة .. أخذ اللواء سالم، فقيل له: لو أعطيته غيرك يخشى عليه معك، فقال: بئس حامل القرآن أنا إذا! فقطعت يمينه، فأخذ اللواء بيساره، فقطعت يساره، فاعتنق اللواء وهو يقول: {وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلى قوله: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} ولم يزل يتلوها حتى قتل، وفضائله كثيرة، رضي الله عنه. 185 - [ثابت بن قيس بن شماس] (1) ثابت بن قيس بن شمّاس الأنصاري الخزرجي المدني. خطيب الأنصار، وخطيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، بشره صلّى الله عليه وسلم بالجنة، وأخبره أنه من أهلها. شهد أحدا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم. واستشهد يوم اليمامة وكانت عليه درع نفيسة، فأخذها رجل، فرأى آخر ثابتا في منامه بعد موته يقول له: إني أوصيك وصية، فإياك أن تقول: هذا حلم فتضيعه؛ إني قتلت أمس، فمرّ بي رجل فأخذ درعي، ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس يستن في طوله، وقد كفأ على الدرع برمة، وفوق البرمة رحل، فأت خالدا، فمره فليبعث فليأخذها، فإذا قدمت المدينة .. فقل لأبي بكر: عليّ من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي حرّ وفلان، فأخبر الرجل خالدا بذلك، فبعث إلى الدرع فأتي بها على ما وصف، وأخبر أبا بكر برؤياه فأجاز وصيته (2)، وقال: لا نعلم أحدا أوصى بعد موته فأجيزت وصيته غير ثابت رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (4/ 342)، و «طبقات خليفة» (ص 163)، و «الاستيعاب» (ص 101)، و «المنتظم» (3/ 33)، و «أسد الغابة» (1/ 275)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 139)، و «تهذيب الكمال» (4/ 368)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 69)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 308)، و «الإصابة» (1/ 197). (2) أخرج هذا الخبر الحاكم (3/ 234).

186 - [أبو دجانة]

وكانت اليمامة سنة ثنتي عشرة كما في «تاريخ اليافعي» (1)، وقيل: سنة إحدى عشرة، وجزم به النووي رحمه الله تعالى (2). 186 - [أبو دجانة] (3) أبو دجانة بضم الدال، واسمه: سماك بن خرشة بن لوذان الأنصاري الخزرجي الساعدي، من رهط سعد بن عبادة. شهد بدرا، وكان من الأبطال الشجعان المعروفين، ودافع عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد. وفي «صحيح مسلم» عن أنس: أنه صلّى الله عليه وسلم أخذ سيفا يوم أحد وقال: «من يأخذ مني هذا؟ »، فبسطوا أيديهم، كلّ إنسان منهم يقول: أنا أنا، قال: «فمن يأخذه بحقه؟ » فأحجم القوم، فقال أبو دجانة: أنا آخذه بحقه، فأخذه ففلق به هام المشركين (4). وقال: [من الرجز] أنا الذي عاهدني خليلي … ونحن بالسّفح لدى النّخيل ألاّ أقوم الدهر في الكبول … أضرب بسيف الله والرسول (5) وشهد بقية المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، واستشهد يوم اليمامة على الأصح، وله مشاركة في قتل مسيلمة الكذاب، وقيل: إنه عاش وشهد صفين، رضي الله عنه.

(1) انظر «مرآة الجنان» (1/ 63). (2) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 140). (3) «طبقات ابن سعد» (3/ 515)، و «المعارف» (ص 271)، و «الاستيعاب» (ص 798)، و «أسد الغابة» (6/ 95)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 227)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 70)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 243)، و «الإصابة» (4/ 59). (4) «صحيح مسلم» (2470). (5) الحديث مع الأبيات عند البيهقي (9/ 155)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (4/ 582)، وابن سعد (3/ 557)، وكذا أوردهما ابن هشام (3/ 68)، والكبول: القيود.

187 - [بشير بن سعد]

187 - [بشير بن سعد] (1) بشير بن سعد-بفتح الباء وكسر الشين-ابن ثعلبة بن جلاس (2) بن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج الأنصاري المدني الصحابي، والد النعمان بن بشير. شهد العقبة الثانية وبدرا وأحدا والخندق وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قيل: إنه أول من بايع أبا بكر الصديق من الأنصار بالخلافة، واستشهد مع خالد بن الوليد يوم عين التمر بعد انصرافه من اليمامة سنة اثنتي عشرة، رضي الله عنه. 188 - [بشير بن عبد الله] (3) بشير بن عبد الله الأنصاري، وقيل: بشر، استشهد يوم اليمامة، رضي الله عنه. 189 - [الطّفيل بن عمرو] (4) الطّفيل بن عمرو بن طريف الدوسي. أسلم قديما بمكة، وقال للنبي صلّى الله عليه وسلم: أنا راجع إلى قومي وداعيهم إلى

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 492)، و «طبقات خليفة» (ص 163)، و «الاستيعاب» (ص 85)، و «الإكمال» (1/ 280)، و (3/ 169)، و «الأنساب» (2/ 421)، و «تاريخ دمشق» (10/ 289)، و «أسد الغابة» (1/ 231)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 134)، و «توضيح المشتبه» (2/ 562)، و «الإصابة» (1/ 162)، و «سبل الهدى والرشاد» (3/ 294). (2) كذا ضبطها الإمام النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 129) عند ترجمة ابنه النعمان بن بشير فقال: (بضم الجيم وتخفيف اللام، كذا قيده الحافظ عبد الغني المقدسي وغيره) اهـ‍، وتبعه في ذلك الحافظ ابن حجر في «الإصابة»، والصالحي في «سبل الهدى والرشاد»، وضبطها كتابة بالخاء المعجمة المفتوحة واللام المشددة كل من الدارقطني-كما نقل عنه الحافظ في «الإصابة» -وابن ماكولا في «الإكمال»، والسمعاني في «الأنساب»، وابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه»، ولم يضبطها الباقون، ولعل الراجح: أنه بالخاء المعجمة واللام المشددة كما ضبطه ابن ماكولا وغيره، والذي يرجح ذلك: أن السمعاني عند ما ذكره في «الأنساب» ذكر أن النسبة إليه الخلاّسي بفتح الخاء المعجمة واللام المشددة، ثم ذكر من نسب إليه، والله تعالى أعلم. (3) «طبقات ابن سعد» (5/ 368)، و «الاستيعاب» (ص 86)، و «أسد الغابة» (1/ 232)، و «الإصابة» (156/ 1 - 163). (4) «طبقات ابن سعد» (4/ 223)، و «طبقات خليفة» (ص 43)، و «الاستيعاب» (ص 364)، و «أسد الغابة» (3/ 78)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 62)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 344)، و «البداية والنهاية» (6/ 731)، و «الإصابة» (1/ 216).

190 - [عباد بن بشر الحارثي]

الإسلام، فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم، فقال: «اللهم؛ اجعل له آية» فظهر نور بين عينيه، فقال: أخشى أن يقولوا: مثلة، فحولها الله إلى رأس سوطه، فكان كالقنديل المعلق (1)، فأسلم أهله، ثم قدم بمن أسلم من قومه ورسول الله صلّى الله عليه وسلم بخيبر، فنزل بهم المدينة في سبعين أو ثمانين بيتا من دوس، ثم لحق برسول الله صلّى الله عليه وسلم بخيبر، فأسهم لهم مع المسلمين، ولم يزل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى قبض صلّى الله عليه وسلم. فلما ارتدت العرب .. خرج مجاهدا أهل الردة حتى فرغ من نجد وسار مع المسلمين إلى اليمامة، فرأى في منامه كأن رأسه محلوق، وأنه خرج من فمه طائر، وأنه لقيته امرأة فأدخلته فرجها، وأن ابنه عمرا طلبه طلبا حثيثا، ثم حبس [عن] ذلك، فأوّل ذلك لنفسه: حلق رأسه بقطعه، وخروج الطائر بخروج روحه، وإدخال المرأة [له] في فرجها بحفر الأرض له ودفن عينه فيها، وطلب ابنه له ثم حبسه؛ فإنه سيجهد أن يصيبه ما أصاب أباه من الشهادة، فكان كذلك: قتل الطفيل باليمامة شهيدا، وجرح ابنه عمرو بن الطفيل، ثم عوفي، وقتل عام اليرموك في خلافة عمر شهيدا، رضي الله عنه. 190 - [عبّاد بن بشر الحارثي] (2) عبّاد بن بشر بن قيظي الحارثي، شهد بدرا (3)، وقتل يوم اليمامة، رضي الله عنه. 191 - [عبّاد بن بشر الأشهلي] (4) عبّاد بن بشر بن وقش بن زغبة الأنصاري الأشهلي، يكنى: أبا بشر، وقيل: أبو الربيع.

(1) أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (4/ 224)، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (ص 364) بنحو ألفاظه، وابن الأثير في «أسد الغابة» (3/ 79) مطولا. (2) «أسد الغابة» (3/ 149)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 339)، و «الإصابة» (2/ 254). (3) قيل: هو وعباد بن بشر بن وقش واحد، وهو صاحب الترجمة التي بعد هذه، ولكن فرق بينهما: أن الأول من بني حارثة، وله حديث الاستدارة في الصلاة، وكان يؤم قومه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم، ولم أجد من ذكره فيمن حضر بدرا، غير أن الحافظ في «الإصابة» ذكر أن ابن إسحاق ذكره فيمن حضر بدرا، والله أعلم، والثاني من بني عبد الأشهل، وهو بدري بالاتفاق. (4) «سيرة ابن هشام» (2/ 686)، و «النسب» لابن سلام (ص 274)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 406)، و «طبقات خليفة» (ص 140)، و «الاستيعاب» (ص 470)، و «أسد الغابة» (3/ 150)، و «تهذيب الكمال» (14/ 104)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 337)، و «الإصابة» (2/ 254)، و «سبل الهدى والرشاد» (4/ 165).

192 - [أبو العاصي بن الربيع]

شهد بدرا والمشاهد كلها، وكان من فضلاء الصحابة. وقتل يوم اليمامة وهو ابن خمس وأربعين سنة، ولا عقب له، رضي الله عنه. 192 - [أبو العاصي بن الربيع] (1) أبو العاصي بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشي العبشمي. زوج زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو أبو أمامة التي حملها صلّى الله عليه وسلم في صلاته (2)، وأمه هالة، وقيل: هند بنت خويلد أخت خديجة أم المؤمنين، والصحيح: أن اسمه لقيط (3). كان فيمن أسر يوم بدر، فبعثت زوجته زينب قلادة لها في فدائه، فمنّ عليه بلا فداء؛ كرامة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، وشرط عليه أن يرسل زينب إلى المدينة، فوفّى بذلك؛ فلذلك قال صلّى الله عليه وسلم: «حدّثني فصدقني، ووعدني فوفى لي» (4)، ثم أسلم قبل الفتح أول السنة الثامنة، فرد عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم زينب بنكاح جديد، وقيل: بالنكاح الأول (5)، وتوفيت زينب عنده، وتوفي هو في سنة اثنتي عشرة في شهر ذي الحجة، رضي الله عنه. 193 - [عكاشة بن محصن] (6) عكاشة-بتشديد الكاف وتخفيفها-ابن محصن-بكسر الميم-بن حرثان-بضم الحاء

(1) «النسب» لابن سلام (ص 202)، و «الاستيعاب» (ص 830)، و «المنتظم» (3/ 52)، و «التبيين» (ص 223)، و «أسد الغابة» (6/ 185)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 248)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 74)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 330)، و «العقد الثمين» (7/ 110)، و «الإصابة» (1/ 121). (2) أخرجه البخاري (516)، ومسلم (543). (3) رجّحه مصعب الزبيري وعمرو بن علي الفلاس والعلائي والحاكم وآخرون، ويقال: إن اسمه هشيم، ويقال: مهشم بكسر فسكون ففتح، وقيل: بضم ففتح فكسر مع التشديد، وقيل غير ذلك، والله أعلم، انظر «الإصابة» (4/ 121). (4) مر تخريجه في ترجمة (زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم)، انظر (1/ 108). (5) سبق بيان التفصيل في ذلك عند ترجمة (زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم)، فانظره لزاما، انظر (1/ 108). (6) «طبقات ابن سعد» (3/ 86)، و «طبقات خليفة» (ص 77)، و «الاستيعاب» (ص 584)، و «الأنساب» (2/ 199)، و «أسد الغابة» (4/ 67)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 338)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 50)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 307)، و «مرآة الجنان» (1/ 62)، و «العقد الثمين» (6/ 116)، و «الإصابة» (2/ 487).

194 - [أبو بكر الصديق]

المهملة وإسكان الراء ثم مثلثة-الأسدي، من ولد أسد بن خزيمة بن مدركة حليف بني عبد شمس. شهد بدرا وأبلى فيه بلاء حسنا، قالوا: وانكسر سيفه، فأعطاه صلّى الله عليه وسلم عرجونا أو عودا، فعاد في يده سيفا شديد المتن أبيض الحديدة، فقاتل به، ولم يزل يشهد به المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم (1)، وكان ذلك السيف يسمى: العون. وثبت في الحديث: أنه ممن يدخل الجنة بغير حساب (2)، واستشهد يوم اليمامة؛ رضي الله عنه. 194 - [أبو بكر الصّدّيق] (3) أبو بكر الصديق، اسمه: عبد الله-وقيل: عتيق، لقّب [به] لحسن وجهه وجماله، أو لعتقه من النار، أو لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به، وأجمعوا على تلقيبه بالصّدّيق؛ لمبادرته إلى تصديق رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولازم الصدق فلم تقع منه هناة ولا وقفة في حال من الأحوال-ابن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب القرشي التيمي، يجتمع مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مرّة بن كعب. أمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر، بنت عم أبيه. أسلم أبوه وأمه، وصحبا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا يعرف أربعة متناسبون بعضهم من بعض صحبوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا آل أبي بكر، وهم أبو عتيق بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة، وعبد الله بن أسماء بنت أبي بكر بن أبي قحافة. وله في الإسلام المواقف الرفيعة منها: ثباته في أمر الإسراء، وجوابه للكفار في ذلك، وهجرته مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم تاركا لعياله وأطفاله وماله، وملازمته له في الغار

(1) ذكره الواقدي بسنده في «المغازي» (1/ 93)، وابن هشام (2/ 637)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (2/ 100) عن ابن إسحاق بلا سند. (2) أخرجه البخاري (5705)، ومسلم (216). (3) «سيرة ابن هشام» (1/ 249)، و «النسب» لابن سلام (ص 208)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 155)، و «طبقات خليفة» (ص 48)، و «المعارف» (ص 167)، و «الاستيعاب» (ص 373)، و «الروض الأنف» (2/ 292)، و «التبيين» (ص 305)، و «أسد الغابة» (3/ 309)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 181)، و «تهذيب الكمال» (15/ 282)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 105)، و «مرآة الجنان» (1/ 65)، و «العقد الثمين» (5/ 206)، و «الإصابة» (2/ 333)، و «الروض الأنيق في فضل الصديق» للسيوطي، و «سبل الهدى والرشاد» (2/ 405).

195 - [عتاب بن أسيد]

وسائر الطريق، ثم كلامه يوم بدر، ويوم الحديبية حين اشتبه الأمر على غيره في تأخر دخول مكة، ثم بكاؤه حين قال صلّى الله عليه وسلم: «إن عبدا خيّره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده» (1)، ثم ثباته في وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وخطبته الناس وتسكينهم، ثم قيامه في قبة البيعة لمصلحة المسلمين، واهتمامه وثباته في تنفيذ جيش أسامة بن زيد إلى الشام وتصميمه في ذلك، ثم ثباته في قتال أهل الردة ومناظرته للصحابة حتى حجّهم بالدلائل وشرح الله صدورهم بما شرح له صدره من الحق؛ وهو قتال أهل الردة، ثم تجهيز الجيوش إلى الشام والعراق لفتوحه وإمدادهم بالأمداد، ثم تفرّسه في عمر واستخلافه على المسلمين، ووصيته له واستيداعه الله للأمة. وأما زهده وورعه وخوفه ومراقبته ويقينه وعلمه وتواضعه .. فأمر معلوم، وكذا فضائله وكراماته-رضي الله عنه-أشهر من أن تذكر. ولد رضي الله عنه بعد عام الفيل بثلاث سنين تقريبا، وتوفي ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، ومدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر وخمسة أيام، وعمره ثلاث وستون سنة، رضي الله عنه. 195 - [عتّاب بن أسيد] (2) عتّاب بن أسيد-بفتح الهمزة وكسر السين-ابن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي. أسلم يوم الفتح، واستعمله النبي صلّى الله عليه وسلم على مكة حين انصرف عنها وهو ابن عشرين سنة، ولم يزل واليا عليها حتى توفي بها في سنة ثلاث عشرة، قيل: توفي في اليوم الذي توفي فيه أبو بكر الصديق رضي الله عنهما، وهو يوم الاثنين لثمان بقين من جمادى الآخرة (3)، وقيل: جاء نعي أبي بكر إلى مكة يوم دفن عتاب.

(1) أخرجه البخاري (3904)، ومسلم (2382). (2) «طبقات ابن سعد» (6/ 34)، و «طبقات خليفة» (ص 40)، و «المعارف» (ص 283)، و «الاستيعاب» (ص 583)، و «التبيين» (ص 198)، و «أسد الغابة» (3/ 556)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 318)، و «تهذيب الكمال» (19/ 282)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 97)، و «توضيح المشتبه» (1/ 212)، و «العقد الثمين» (6/ 3)، و «الإصابة» (2/ 444). (3) في الأصول: (الأولى)، وقد تبع المؤلف في ذلك النوويّ في «تهذيب الأسماء واللغات»، وصوابه ما أثبت، كما مرّ في ترجمة الصّديق رضي الله عنهما، وأما تاريخ سنة وفاته .. فقد عارض الحافظ ابن حجر ذلك، ورجح أنه توفي في-

196 - [أبو عبيد بن مسعود الثقفي]

وكان خيّرا فاضلا صالحا. وأمه زينب بنت عمرو بن أمية بن عبد شمس، رضي الله عنه. 196 - [أبو عبيد بن مسعود الثقفي] (1) أبو عبيد بن مسعود بن عمرو الثّقفي، والد المختار الكذاب. أسلم في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم (2)، واستعمله عمر سنة ثلاث عشرة، وسيّره إلى العراق، وإليه ينسب الجسر المعروف بجسر أبي عبيد؛ لأنه كان أمير الجيش في الوقعة التي وقعت عند الجسر، فاستشهد أبو عبيد ذلك اليوم في نحو ثمان مائة من المسلمين، وكان المسلمون قد قطعوا الجسر هنالك، فلما انهزم المسلمون .. رأوا الجسر مقطوعا، فألقوا أنفسهم في الماء، فغرق كثير منهم، وحمى المثنى بن حارثة الشيباني الناس حتى نصب الجسر، فعبر من سلم عليه، وقيل: كانت وقعة الجسر سنة أربع عشرة، رضي الله عنه. 197 - [أبو قحافة] (3) أبو قحافة والد أبي بكر الصديق، اسمه: عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي.

= أواخر سنة اثنين وعشرين أو أوائل سنة ثلاث وعشرين، وبرهن على ذلك في «الإصابة» (2/ 444)، وأوضح منها في «تهذيب التهذيب» (3/ 48)، وقد ذكر كل من الطبري في «التاريخ» (3/ 623)، وابن الجوزي في «المنتظم» (3/ 142)، وابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (2/ 336): أن عتابا كان والي عمر رضي الله عنهما على مكة أيام خلافته، كما أنهم ذكروا أنه توفي في السنة نفسها التي توفي فيها أبو بكر، ولم ينبهوا على ما وقع من تعارض غير ابن الأثير في «الكامل في التاريخ»، والله أعلم. (1) «تاريخ الطبري» (3/ 444)، و «الاستيعاب» (ص 829)، و «المنتظم» (3/ 75)، و «أسد الغابة» (6/ 205)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 137)، و «العبر» (1/ 17)، و «مرآة الجنان» (1/ 70)، و «الإصابة» (4/ 130)، و «غربال الزمان» (ص 22). (2) قول المصنف رحمه الله تعالى: (أسلم في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم) أشار فيه إلى أن أبا عبيد وإن عدّه ابن عبد البر وابن الأثير وابن حجر في الصحابة، فإن أحدا لم يثبت له رؤية، وقد أشار إلى ذلك الذهبي في «تاريخ الإسلام» (3/ 137) فقال: (ولم يذكره أحد في الصحابة إلا ابن عبد البر، ولا يبعد أن له رؤية وإسلاما) اهـ‍، وكأن الذهبي فاته ذكر ابن الأثير له في كتابه، ثم رأيناه قد استدرك ذلك في «مختصر تاريخ الإسلام» والذي وسمه ب‍ «العبر» (1/ 17) فقال: (وكان من سادة الصحابة) اهـ‍، ويؤكد ذلك أن الحافظ في «الإصابة» أورده في القسم الأول، وهذا يدل على عدم الخلاف في أنه صحابي، والله أعلم. (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 12)، و «المعارف» (ص 167)، و «الاستيعاب» (ص 555)، و «المنتظم» (3/ 106)، و «التبيين» (ص 317)، و «أسد الغابة» (3/ 581)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 137)، و «الإصابة» (2/ 453)، و «غربال الزمان» (ص 22).

198 - [سعد بن عبادة]

أسلم يوم الفتح، وأتى به ابنه أبو بكر إلى النبي صلّى الله عليه وسلم ليبايعه، فقال صلّى الله عليه وسلم مراعاة لأبي بكر: «هلاّ تركت الشيخ في موضعه حتى آتيه» فقال أبو بكر: هو أحق أن يأتيك يا رسول الله، ورأى صلّى الله عليه وسلم رأسه ولحيته أبيض كالثّغامة فقال: «غيّروا هذا بشيء واجتنبوا السواد» (1). وعاش بعد أبي بكر وورثه، وهو أول من ورث خليفة في الإسلام (2)، إلا أنه رد نصيبه من الميراث-وهو السدس-على أولاد أبي بكر. وتوفي بمكة سنة أربع عشرة وله سبع وتسعون سنة، رضي الله عنه. 198 - [سعد بن عبادة] (3) سعد بن عبادة بن دليم-بضم الدال المهملة وفتح اللام مصغرا-ابن حارثة بن أبي حزيمة -بفتح الحاء المهملة وكسر الزاي (4) -ابن ثعلبة بن طريف بن الخزرج، الأنصاري الخزرجي الساعدي المدني، يكنى: أبا ثابت، وقيل: أبا قيس. كان نقيب بني ساعدة، وصاحب راية الأنصار في المشاهد كلها، وكان ذا رئاسة وسياسة وكرم، وكان يحمل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم كل يوم جفنة مملوءة ثريدا ولحما (5). قالوا: ولم يكن في الأنصار أربعة مطعمون متوالدون إلا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم وآباؤه هؤلاء، وله ولأهله في الجود والكرم أشياء كثيرة مشهورة، وكان شديد الغيرة.

(1) أخرجه ابن حبان (7208)، والحاكم (3/ 46)، وأحمد (6/ 349)، والطبراني في «الكبير» (24/ 89)، والبيهقي في «الدلائل» (5/ 95). (2) وهو أول مخضوب في الإسلام كما قال قتادة، انظر «الإصابة» (2/ 454). (3) «طبقات ابن سعد» (3/ 566)، و «طبقات خليفة» (ص 166)، و «المعارف» (ص 259)، و «الاستيعاب» (ص 280)، و «الأنساب» (2/ 360)، و «تاريخ دمشق» (20/ 240)، و «أسد الغابة» (2/ 356)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 212)، و «توضيح المشتبه» (3/ 222)، و «تهذيب الكمال» (10/ 277)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 146)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 270)، و «مرآة الجنان» (1/ 71)، و «الإصابة» (2/ 27)، و «سبل الهدى والرشاد» (3/ 298). (4) اختلف فيه على عدة أقوال؛ فقيل: أبو حزيمة، كذا ضبطه-بفتح الحاء المهملة وكسر الزاي-ابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه»، والصالحي في «سبل الهدى والرشاد»، وقيل: أبو خزيمة-بضم الخاء المعجمة وفتح الزاي-كما في قول أورده ابن عبد البر في «الاستيعاب»، وقيل: حرام بن حزيمة، وقيل: حرام بن حزيمة، والله أعلم. (5) انظر «طبقات ابن سعد» (3/ 567).

شهد العقبة وبدرا، وقيل: لم يشهدها (1)، وشهد باقي المشاهد كلها. وفيه وفي سعد بن معاذ سمع صالح الجن على أبي قبيس يقول: [من الطويل] وإن يسلم السّعدان يصبح محمّد … بمكّة لا يخشى خلاف مخالف فظنت قريش أنه يعني: سعد بن مناة من تميم، وسعد هذيم من قضاعة، فسمعوا قائلا يقول: [من الطويل] أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا … ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف أجيبا إلى داعي الهدى وتمنّيا … على الله في الفردوس منية عارف وإنّ ثواب الله للطالب الهدى … جنان من الفردوس ذات زخارف ولما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم .. طمع سعد في الخلافة، وجلس في سقيفة بني ساعدة ليبايع لنفسه، فجاء إليه أبو بكر وعمر، فبايع الناس أبا بكر وعدلوا عن سعد، فلم يبايع سعد أبا بكر ولا عمر، ولم يشق العصا ولم ينزع يده من طاعة (2)، وسار إلى الشام فأقام به إلى أن توفي سنة خمس عشرة أو أربع عشرة، وقيل: ست عشرة، وأما من قال: سنة إحدى عشرة .. فشاذ وغلط. قال الحافظ ابن عساكر وغيره: (وهذا القبر المشهور في المنيحة (3) القرية المعروفة بغوطة دمشق يقال: إنه قبر سعد بن عبادة، فيحتمل أنه نقل من حوران) (4). قالوا: ووجد ميتا على مغتسله وقد اخضرّ جسده، يقال: إن الجن قتلته، وسمعوا بالمدينة قائلا يقول-ولم يروه-: [من الهزج] نحن قتلنا سيّد الخزر … ج سعد بن عباده ورميناه بسهمين … فلم نخطئ فؤاده (5) رضي الله عنه.

(1) وقال الحافظ في «الإصابة»: (وأثبت البخاري شهوده إياها)، انظر «التاريخ الكبير» (4/ 44) للبخاري. (2) انظر حديث السقيفة في حوادث السنة الحادية عشرة (1/ 273). (3) وتعرف اليوم باسم (المليحة)، تقع في شرقي دمشق، وتكاد تتصل بها. (4) «تاريخ دمشق» (2/ 420)، وأما وفاته بحوران .. فقد أخرجها ابن عساكر (20/ 267)، والحاكم (3/ 252)، وابن سعد (3/ 569). (5) الأبيات في «مستدرك الحاكم» (3/ 253)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 570)، قال اليافعي في «مرآة الجنان» (1/ 71): (قوله: «نحن» من الخزم المعروف في علم العروض-بالخاء المعجمة-، وهو ما يزاد في أول البيت زائدا على وزنه، وأكثر ما يكون أربعة أحرف).

199 - [عكرمة بن أبي جهل]

199 - [عكرمة بن أبي جهل] (1) عكرمة بن أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة القرشي المخزومي، يكنى: أبا عثمان. كان هو وأبوه من أشد الناس عداوة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلما كان يوم الفتح .. أمّن صلّى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة رجال وامرأتين قال: «اقتلوهم وإن وجدتموهم معلّقين بأستار الكعبة» (2) منهم عكرمة المذكور، فركب عكرمة البحر فأصابهم عاصف، فقال لهم أصحاب السفينة: أخلصوا؛ فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا ههنا، فقال عكرمة: إن لم ينجني في البحر إلا الإخلاص، فما ينجيني في البر غيره، اللهم؛ لك عهد عليّ إن أنت عافيتني مما أنا فيه .. أن آتي محمدا حتى أضع يدي في يده، فلأجدنه عفوّا كريما، فجاء فأسلم. وقيل: إن زوجته-وكانت قد أسلمت-سارت إليه إلى اليمن بأمان رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجاءت به إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فأسلم وحسن إسلامه، وقال: يا رسول الله؛ لا أدع مالا أنفقته عليك إلا أنفقت في سبيل الله مثله. واستعمله صلّى الله عليه وسلم على صدقات هوازن، واستعمله أبو بكر على جيش وسيّره إلى عمان وكانوا قد ارتدوا، فظهر عليهم، ثم وجهه أبو بكر إلى اليمن، وله في قتال أهل الرّدة أثر عظيم، فلما فرغ من قتال أهل الردة .. سار إلى الشام مجاهدا، واستشهد بأجنادين (3)، وقيل: بمرج الصّفّر (4)، وكلاهما كانا في سنة ثلاث عشرة، وقيل: استشهد باليرموك-أي: سنة خمس عشرة-وقال في ذلك اليوم: قاتلت رسول الله صلّى الله عليه وسلم في كل موطن [وأفرّ منكم اليوم! ! ثم نادى: من يبايع على الموت؟ فبايعه عمّه

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 85)، و «طبقات خليفة» (ص 53)، و «المعارف» (ص 334)، و «الاستيعاب» (ص 581)، و «التبيين» (ص 364)، و «أسد الغابة» (4/ 70)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 338)، و «تهذيب الكمال» (20/ 247)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 323)، و «العقد الثمين» (6/ 119)، و «الإصابة» (2/ 489). (2) أخرجه الحاكم (2/ 54)، والنسائي (7/ 105)، والدارقطني (3/ 59)، والبيهقي (8/ 205)، وأبو يعلى (757). (3) كما قال ابن سعد في «الطبقات» (6/ 88)، وقال الحافظ في «الإصابة» (2/ 489): (وكذا قال الجمهور، حتى قال الواقدي: لا اختلاف بين أصحابنا في ذلك). (4) ولا يصح؛ إذ إن زوجته أم حكيم بنت الحارث بن هشام ذكر في ترجمتها عند ابن قدامة في «التبيين» (ص 363): (أن عكرمة استشهد عنها بأجنادين، وأنها تزوجت خالد بن سعد بن العاصي عند نزول المسلمين مرج الصّفّر قبل المعركة).

200 - [الحارث بن هشام]

الحارث بن هشام وضرار بن الأزور في أربع مائة من وجوه فرسانهم، فقاتلوا قدّام فسطاط خالد حتى أثبتوا جميعا جراحة وقتلوا، إلا ضرار بن الأزور] (1). 200 - [الحارث بن هشام] (2) الحارث بن هشام بن المغيرة أبو عبد الرحمن المخزومي، أخو أبي جهل لأبويه، وابن عم خالد بن الوليد، وابن عم حنتمة بنت هاشم بن المغيرة أم عمر بن الخطاب، وقيل: أخوها. شهد بدرا كافرا وانهزم، وعيّره حسان بفراره بقوله: [من الكامل] إن كنت كاذبة التي حدّثتني … فنجوت منجى الحارث بن هشام ترك الأحبّة أن يقاتل دونهم … ونجا برأس طمرّة ولجام (3) فاعتذر الحارث عن فراره بما قال الأصمعي: إنه لم يسمع أحسن من اعتذاره في الفرار: [من الكامل] الله يعلم ما تركت قتالهم … حتى حبوا مهري بأشقر مزبد (4) وأسلم يوم الفتح، وحسن إسلامه، واستشهد يوم اليرموك سنة خمس عشرة، وقيل: مات في طاعون عمواس سنة سبع عشرة، والله سبحانه أعلم

(1) وقع هنا نقص في الأصول، والاستدراك من «أسد الغابة»، و «تهذيب الأسماء واللغات»، و «الإصابة». (2) «طبقات ابن سعد» (6/ 83)، و «طبقات خليفة» (ص 549)، و «المعارف» (ص 281)، و «الاستيعاب» (ص 151)، و «التبيين» (ص 356)، و «أسد الغابة» (1/ 420)، و «تهذيب الكمال» (5/ 294)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 419)، و «العقد الثمين» (4/ 32)، و «الإصابة» (1/ 293). (3) الطّمرّة: الفرس السريع. (4) وتتمة الأبيات عند الحاكم (3/ 279) وابن قدامة في «التبيين» (ص 357): ووجدت ريح الموت من تلقائهم في مأزق والخيل لم تتبدّد فعلمت أني إن أقاتل واحدا أقتل ولا ينكأ عدوي مشهدي فصدفت عنهم والأحبة بينهم طمعا لهم بعقاب يوم مرصد قال ابن قدامة في «التبيين» (ص 357)، والصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (4/ 200) بعد ذكرهما الأبيات وكلام الأصمعي فيها: (وكان خلف الأحمر يقول: أحسن ما قيل في ذلك أبيات هبيرة بن أبي وهب المخزومي: لعمرك ما ولّيت ظهري محمدا وأصحابه جبنا ولا خيفة القتل ولكنني قلّبت أمري فلم أجد لسيفي غناء إن ضربت ولا نبلي وقفت فلمّا خفت ضيعة موقفي رجعت لعود كالهزبر أبي الشّبل)

201 - [عياش بن أبي ربيعة]

201 - [عياش بن أبي ربيعة] (1) عياش بن أبي ربيعة عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، القرشي المخزومي المكي، أخو عبد الله بن أبي ربيعة، وأخو أبي جهل بن هشام لأمه وابن عمه. أسلم قديما قبل دخوله صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، وهاجر إلى المدينة هو وعمر بن الخطاب، فقدم عليه أخواه لأمه أبو جهل والحارث ابني هشام، وقالا: إن أمك حلفت لا يدخل رأسها دهن ولا تستظل حتى تراك، فرقّ لها، ورجع معهما بعد أن عقله عمر عن الرجوع، فحبساه بمكة وأوثقاه، فكان من المستضعفين بمكة، وكان صلّى الله عليه وسلم يدعو لهم في القنوت (2). واستشهد عياش يوم اليرموك سنة خمس عشرة. وقال الطبري: توفي بمكة. له حديث مرسل في تعظيم حرمة الكعبة (3)، رضي الله عنه. 202 - [عبد الرحمن بن العوّام] (4) عبد الرحمن بن العوّام بن خويلد الأسدي، أخو الزّبير بن العوام رضي الله عنهما.

(1) «سيرة ابن هشام» (1/ 474)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 120)، و «طبقات خليفة» (ص 54)، و «الاستيعاب» (ص 568)، و «التبيين» (ص 375)، و «أسد الغابة» (4/ 320)، و «تهذيب الكمال» (22/ 554)، و «توضيح المشتبه» (6/ 83)، و «العقد الثمين» (6/ 450)، و «الإصابة» (3/ 47). (2) أخرجه البخاري (1006)، ومسلم (6750). (3) يريد: في الكتب الستة، وليس له غيره فيها، والحديث أخرجه ابن ماجه (3110) عن عبد الرحمن بن سابط، عن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها، فإذا ضيّعوا ذلك .. هلكوا»، وهو عند أحمد (4/ 347) وغيره. ويريد بالإرسال: عدم إدراك ابن سابط لعياش فيما قيل، وقد ذكر ذلك المزي في «تهذيبه» (17/ 124)، وابن حجر في «تهذيب التهذيب» (2/ 509) بصيغة التضعيف، وتحرفت في الأخير (عياش) إلى (عباس)، وقال الحافظ المزي في «تهذيب الكمال» (22/ 555)، والحافظ في «الإصابة» في ترجمة عياش: (روى عنه أنس بن مالك وعبد الرحمن بن سابط، وأرسل عنه عمر بن عبد العزيز ونافع مولى ابن عمر)، وهذا يرجّح إدراك ابن سابط عياش بن أبي ربيعة رضي الله عنه. (4) «الاستيعاب» (ص 445)، و «التبيين» (ص 270)، و «أسد الغابة» (3/ 479)، و «العقد الثمين» (5/ 395)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 316)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 152)، و «مرآة الجنان» (1/ 71)، و «الإصابة» (2/ 407).

203 - [عامر بن أبي وقاص]

أسلم عام الفتح، وصحب النبي صلّى الله عليه وسلم، واستشهد يوم اليرموك سنة خمس عشرة، كان اسمه: عبد الكعبة، فغيّر، رضي الله عنه. 203 - [عامر بن أبي وقاص] (1) عامر بن أبي وقاص مالك بن أهيب الزهري، أخو سعد بن أبي وقاص، وهو من مهاجرة الحبشة. وفي «تاريخ اليافعي»: (أنه استشهد يوم اليرموك) (2)، رضي الله عنه. 204 - [ابن أم مكتوم] (3) عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم القرشي العامري (4)، المعروف بابن أم مكتوم، الأعمى المذكور في قوله: {عَبَسَ وَتَوَلّى* أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى.} مؤذّن النبي صلّى الله عليه وسلم، وأمه أم مكتوم التي عرف بها، اسمها: عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة بن عامر بن مخزوم، وهو ابن خال خديجة بنت خويلد أم المؤمنين؛ فإن أم خديجة فاطمة بنت زائدة بن الأصم. هاجر ابن أم مكتوم إلى المدينة قبل مقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليها، وبعد مصعب بن عمير، واستخلفه النبي صلّى الله عليه وسلم على المدينة ثلاث عشرة مرة في غزواته، وكان معه اللواء بالقادسية سنة خمس عشرة، فقتل بها على المشهور، وقيل: رجع من القادسية ومات بالمدينة، رضي الله عنه.

(1) «النسب» لابن سلام (ص 207)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 115)، و «الاستيعاب» (ص 512)، و «التبيين» (ص 291)، و «أسد الغابة» (3/ 146)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 316)، و «مرآة الجنان» (1/ 71)، و «العقد الثمين» (5/ 86)، و «الإصابة» (2/ 248). (2) «مرآة الجنان» (1/ 71). (3) «طبقات ابن سعد» (4/ 191)، و «المعارف» (ص 290)، و «معجم الصحابة» (10/ 3723)، و «الاستيعاب» (ص 493)، و «الأنساب» (1/ 191)، و «التبيين» (ص 488)، و «أسد الغابة» (4/ 263)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 295)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 360)، و «الإصابة» (2/ 516). (4) اختلف في اسمه على قولين: فأهل المدينة يقولون: عبد الله، وأهل العراق يقولون: عمرو، والله أعلم.

205 - [أبو زيد القارئ]

205 - [أبو زيد القارئ] (1) سعيد-ويقال: سعد-ابن عبيد بن النعمان بن قيس الأوسي، ويكنى: أبا زيد، أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويعرف بالقارئ، وقيل: اسمه معيد. قال الكاشغري تبعا لابن الأثير: (قتل يوم اليمامة) (2)؛ أي: سنة إحدى عشرة أو ثنتي عشرة. وذكره الشيخ اليافعي فيمن قتل بالقادسية سنة خمس عشرة (3). وذكره الذهبي فيمن توفي سنة ست عشرة (4)، والله سبحانه أعلم. قال ابن الأثير: (توفي وهو ابن أربع وستين سنة، وقيل: عاش بعدها شهورا، ومات ولا عقب له. قال ابن الأثير: وأستبعد أن يكون هذا ممن جمع القرآن؛ لأن الحديث يرويه أنس بن مالك، وذكر الأربعة، وقال في أبي زيد: هو أحد عمومتي، وأنس من بني عدي بن النجار خزرجي، فكيف يكون هذا من عمومته وهو أوسي؟ ! ) اهـ‍ (5) رضي الله عنه، والله سبحانه أعلم. 206 - [مارية القبطية] (6) مارية القبطية، سرية رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأم ابنه إبراهيم.

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 423)، و «طبقات خليفة» (ص 150)، و «الاستيعاب» (ص 283)، و «أسد الغابة» (359/ 2 و 396)، و «تاريخ الإسلام» (135/ 3 - 149)، و «العبر» (1/ 20)، و «الإصابة» (2/ 28). (2) «مختصر أسد الغابة» (خ/156/ب)، وفي «أسد الغابة» (2/ 359): (قتل يوم القادسية سنة خمس عشرة). (3) انظر «مرآة الجنان» (1/ 71). (4) «العبر» (1/ 20)، ذكره في شهداء القادسية في أحداث سنة ست عشرة، لكنه ذكر الوقعة في سنة خمس عشرة كما في «تاريخ الإسلام» (3/ 149)؛ إذ ذكرها في سنة خمس عشرة، وذكر أبا زيد فيمن توفي فيها؛ وذلك للخلاف في وقعة القادسية متى كانت؟ أفي الخامسة عشرة أم السادسة عشرة؟ وجريان الخلاف لكونها كانت في آخر السنة. (5) «أسد الغابة» (2/ 360)، وأيد ذلك الذهبي في «تاريخ الإسلام» (3/ 135)، والله أعلم. (6) «المعارف» (ص 143)، و «طبقات ابن سعد» (10/ 201)، و «الاستيعاب» (ص 939)، و «المنتظم» (3/ 132)، و «أسد الغابة» (7/ 261)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 351)، و «البداية والنهاية» (7/ 80)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 163)، و «الإصابة» (4/ 391).

207 - [عتبة بن غزوان]

أهداها له المقوقس ملك مصر سنة سبع على يد حاطب بن أبي بلتعة هي وبغلته دلدل وحماره يعفور (1). وكانت مارية بيضاء جعدة جميلة، فأسلمت وتسرّاها صلّى الله عليه وسلم، وكانت حسنة الدين. توفيت سنة ست عشرة، وقيل: خمس عشرة، ودفنت بالبقيع، رضي الله عنها. 207 - [عتبة بن غزوان] (2) عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب المازني، من بني عوف بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بالعين المهملة، حليف بني عبد شمس، يكنى: أبا عبد الله، وقيل: أبا غزوان. أسلم قديما بمكة بعد ستة رجال هو سابعهم، وهاجر إلى الحبشة وهو ابن أربعين سنة، ثم عاد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو بمكة، فأقام معه حتى هاجر إلى المدينة مع المقداد، وشهد بدرا وبيعة الرضوان وما بعدها، وهو أول من نزل البصرة، وهو الذي اختطها بأمر عمر رضي الله عنهما. وكان رجلا طويلا جميلا، من الرماة المذكورين. توفي بطريق البصرة-وقيل: في الربذة سنة سبع عشرة، وقيل: خمس عشرة، وقيل: أربع عشرة-وهو ابن سبع وخمسين سنة، رضي الله عنه. 208 - [أبو عبيدة ابن الجرّاح] (3) أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجرّاح بن هلال بن وهيب بن ضبّة بن الحارث بن فهر بن

(1) ذكر المصنف رحمه الله تعالى في (فصل في دواب النبي صلّى الله عليه وسلم): أن (يعفور) أهداه له فروة بن عمرو الجذامي، و (عفير) أهداه له المقوقس، انظر (1/ 149). (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 92)، و «طبقات خليفة» (ص 38)، و «المعارف» (ص 275)، و «الاستيعاب» (ص 565)، و «أسد الغابة» (3/ 565)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 319)، و «تهذيب الكمال» (19/ 318)، و «العقد الثمين» (6/ 11)، و «توضيح المشتبه» (8/ 12)، و «الإصابة» (2/ 448). (3) «النسب» لابن سلام (ص 220)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 379)، و «طبقات خليفة» (ص 65)، و «المعارف» (ص 247)، و «الاستيعاب» (ص 511)، و «التبيين» (ص 493)، و «أسد الغابة» (3/ 128)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 259)، و «تهذيب الكمال» (14/ 52)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 171)، و «سير أعلام-

209 - [معاذ بن جبل]

مالك القرشي الفهري، أمه أم غنم أميمة بنت جابر، وباشر قتل أبيه؛ لأنه سمعه يسبّ النبي صلّى الله عليه وسلم. شهد بدرا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو الذي انتزع حلقتي المغفر من وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم (1)، وقال فيه صلّى الله عليه وسلم: «إنه أمين هذه الأمة» (2). وكان عمر يحبه حبا شديدا؛ لزهده ودينه، وجعله أمير أمراء الشام. توفي في طاعون عمواس-بفتح العين والميم (3)، اسم لقرية بين الرّملة وبيت المقدس، بدأ منها الطاعون فنسب إليها، وقيل: لأنه عمّ الناس وتواسوا به-وذلك سنة ثمان عشرة. قال النووي في «التهذيب»: (وقبر أبي عبيدة بغور بيسان عند قرية تسمى: عمتا، وعلى قبره من الجلالة ما هو لائق به، وقد زرته فرأيت عنده عجبا، ونزل في قبره معاذ بن جبل وعمرو بن العاصي والضحاك بن قيس، وتوفي وهو ابن ثمان وخمسين سنة) (4)، رضي الله عنه. 209 - [معاذ بن جبل] (5) أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب، الأنصاري الخزرجي الجشمي المدني الفقيه الفاضل الصالح. أسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة، وشهد العقبة مع السبعين، ثم شهد بدرا وما بعدها من

= النبلاء» (1/ 5)، و «مرآة الجنان» (1/ 73)، و «العقد الثمين» (5/ 84)، و «الإصابة» (2/ 243)، و «شذرات الذهب» (1/ 166). (1) أخرجه الحاكم (27/ 3 و 266 و 376)، والطيالسي (3)، وابن المبارك في «الجهاد» (ص 91)، والبيهقي في «الدلائل» (3/ 263)، وابن سعد (3/ 380). (2) أخرجه البخاري (4380)، ومسلم (2419/ 54). (3) قال صاحب «معجم البلدان» (4/ 157): (عمواس: رواه الزمخشري بكسر أوله وسكون الثاني، ورواه غيره بفتح أوله وثانيه)، وبفتح الأول والثاني ضبطها النووي في «تهذيب الأسماء واللغات»، والله أعلم. (4) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 259). (5) «النسب» لابن سلام (ص 285)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 539)، و «طبقات خليفة» (ص 174)، و «المعارف» (ص 254)، و «الاستيعاب» (ص 650)، و «أسد الغابة» (5/ 194)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 98)، و «تهذيب الكمال» (28/ 105)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 443)، و «البداية والنهاية» (7/ 101)، و «الإصابة» (3/ 406).

210 - [الفضل بن العباس]

مشاهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وآخى بينه وبين عبد الله بن مسعود، وقال له صلّى الله عليه وسلم: «والله إني لأحبّك» (1). وهو ممن جمع القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم (2)، وبعثه إلى اليمن قاضيا، وقال له: «بم تقضي؟ » قال: بكتاب الله، قال: «فإن لم تجد؟ »، قال: بسنة رسول الله، قال: «فإن لم تجد؟ »، قال: أجتهد رأيي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «الحمد لله الذي وفق رسول الله» (3) صلّى الله عليه وسلم. قال الشيخ اليافعي: (وإنما لم يذكر الإجماع؛ لأن حكم الإجماع متعذر في حياته صلّى الله عليه وسلم) (4). توفي شهيدا بالطاعون-سنة ثمان عشرة-طاعون عمواس، رضي الله عنه. 210 - [الفضل بن العباس] (5) الفضل بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، يكنى: أبا محمد، وقيل: أبا العباس، أمه وأم إخوته أم الفضل لبابة بنت الحارث الكبرى (6)، وبه كانت تكنى هي والعباس. شهد الفضل مع النبي صلّى الله عليه وسلم الفتح وحنينا، وثبت معه يوم حنين حين انهزم الناس، وأردفه صلّى الله عليه وسلم في حجة الوداع من المزدلفة إلى منى (7)، وكان من

(1) أخرجه ابن خزيمة (751)، وابن حبان (2020)، والحاكم (1/ 273)، وأبو داود (1517)، والنسائي (3/ 53). (2) أخرجه البخاري (3810)، ومسلم (2465). (3) أخرجه أبو داود (3587)، والترمذي (1327)، والدارمي (170)، والبيهقي (10/ 114)، وغيرهم، وفي سند هذا الحديث كلام طويل، انظر «تلخيص الحبير» (4/ 182)، و «نصب الراية» (4/ 63). (4) «مرآة الجنان» (1/ 74). (5) «النسب» لابن سلام (ص 197)، و «طبقات ابن سعد» (4/ 50)، و «طبقات خليفة» (ص 29)، و «التاريخ الكبير» (7/ 114)، و «الاستيعاب» (ص 603)، و «المنتظم» (3/ 166)، و «التبيين» (ص 155)، و «أسد الغابة» (4/ 366)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 50)، و «تهذيب الكمال» (23/ 231)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 182)، و «مرآة الجنان» (1/ 73)، و «البداية والنهاية» (7/ 101)، و «العقد الثمين» (7/ 10)، و «الإصابة» (3/ 203). (6) كذا في الأصول، و «تهذيب الأسماء واللغات»، و «طبقات ابن سعد»، و «تهذيب الكمال»، و «المنتظم»، وفي «طبقات خليفة»، و «الاستيعاب» و «العقد الثمين»: (لبابة بنت الحارث الصغرى)، والصواب ما أثبت هنا؛ لأن لبابة الصغرى هي: العصماء بنت الحارث أم خالد بن الوليد، والله أعلم. (7) أخرجه البخاري (1544)، ومسلم (1218).

211 - [يزيد بن أبي سفيان]

أجمل الناس، وحضر غسل النبي صلّى الله عليه وسلم فكان يصب الماء. وتوفي بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة (1). وقيل: استشهد بأجنادين، وقيل: بمرج الصّفّر، وكلاهما سنة ثلاث عشرة. ولم يخلف إلا ابنته أم كلثوم، تزوجها الحسن بن علي رضي الله عنهما، ثم فارقها، فتزوجها أبو موسى الأشعري، رضي الله عنهم أجمعين. 211 - [يزيد بن أبي سفيان] (2) يزيد بن أبي سفيان بن حرب القرشي الأموي الصحابي بن الصحابي. كان أفضل بني أبي سفيان، وكان يقال له: يزيد الخير. أسلم يوم الفتح، وشهد حنينا، وأعطاه صلّى الله عليه وسلم مائة بعير وأربعين أوقية، واستعمله أبو بكر على جيوش الشام حين بعثهم لفتوحه، وخرج يشيعه أبو بكر ماشيا وهو راكب بأمر أبي بكر، فلما استخلف عمر .. ولاّه فلسطين وناحيتها، فلما توفي أبو عبيدة .. استخلف معاذا، فلما توفي معاذ .. استخلف يزيد، ولما توفي يزيد .. استخلف أخاه معاوية، رضي الله عنهم أجمعين. وكان موت الثلاثة بطاعون عمواس سنة ثمان عشرة. وقال الوليد بن مسلم: إنه توفي بعد فتح قيساريّة سنة تسع عشرة، رضي الله عنه. 212 - [شرحبيل ابن حسنة] (3) شرحبيل ابن حسنة، وهي أمه، واسم أبيه: عبد الله بن المطاع بن عبد الله التميمي، وقيل: الكندي، يكنى: أبا عبد الله.

(1) كذا عند أكثر من ترجم له، مع ذكرهم الأقوال في ذلك، لكن البخاري في «التاريخ الكبير» نقل أنه مات في عهد أبي بكر، ورجح هذا القول الحافظ في «الإصابة»، والله أعلم. (2) «النسب» لابن سلام (ص 201)، و «طبقات ابن سعد» (6/ 13)، و «طبقات خليفة» (ص 39)، و «المعارف» (ص 345)، و «الاستيعاب» (ص 759)، و «التبيين» (ص 204)، و «أسد الغابة» (5/ 491)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 162)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 328)، و «العقد الثمين» (7/ 462)، و «الإصابة» (3/ 619). (3) «طبقات ابن سعد» (4/ 119)، و «المعارف» (ص 325)، و «الاستيعاب» (ص 330)، و «أسد الغابة» (2/ 512)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 242)، و «تهذيب الكمال» (12/ 425)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 181)، و «العقد الثمين» (5/ 6)، و «الإصابة» (2/ 141)، و «شذرات الذهب» (1/ 169).

213 - [سهيل بن عمرو]

أسلم قديما هو وأخواه لأمه جنادة وجابر، وهاجروا إلى الحبشة ثم إلى المدينة، ثم استعمله أبو بكر رضي الله عنهما على جيوش الشام وفتوحه، ولم يزل واليا لعمر رضي الله عنه على بعض نواحي الشام إلى أن توفي بطاعون عمواس سنة ثمان عشرة، طعن [هو] وأبو عبيدة في يوم واحد، رضي الله عنهما. 213 - [سهيل بن عمرو] (1) سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن [مالك بن] حسل بن عامر بن لؤي بن غالب القرشي العامري. أسر يوم بدر، ولما أتى إلى النبي صلّى الله عليه وسلم بالحديبية .. قال صلّى الله عليه وسلم: «سهل عليكم أمركم» (2)، فانبرم على يديه صلح الحديبية، ثم أسلم يوم الفتح. ولم يكن أحد من كبراء قريش الذين أسلموا عام الفتح أكثر صلاة وصدقة وصوما واشتغالا بما ينفعه في آخرته من سهيل بن عمرو؛ حتى شحب لونه وتغيّر، وكان كثير البكاء، رقيقا عند قراءة القرآن، وكان بمكة يختلف إلى معاذ يقرئه القرآن، فقيل له: تختلف إلى هذا الخزرجي؟ ! لو كان اختلافك إلى رجل من قومك، فقال: هذا الذي صنع بنا ما صنع حتى سبقنا. ولما بلغ أهل مكة موته صلّى الله عليه وسلم .. ارتجت مكة؛ لما رأوا من ارتداد العرب؛ حتى اختفى أميرها عتاب بن أسيد، فقام فيهم سهيل بن عمرو خطيبا وقال: يا معشر قريش؛ لا نكون آخر من أسلم وأول من ارتد، والله؛ ليمتدن هذا الدين امتداد الشمس والقمر ... في خطبته. ولعل هذا المقام هو الذي أشار إليه صلّى الله عليه وسلم في قوله لعمر لما قال للنبي صلّى الله عليه وسلم: أقطع لسانه، فقال صلّى الله عليه وسلم: «وما يدريك لعله يقوم مقاما تحمده فيه؟ ! » (3).

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 119)، و «طبقات خليفة» (ص 63 و 550)، و «المعارف» (ص 284)، و «التبيين» (ص 473)، و «الاستيعاب» (ص 315)، و «أسد الغابة» (2/ 480)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 239)، و «تاريخ الإسلام» (150/ 3 و 184)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 194)، و «العقد الثمين» (4/ 624)، و «الإصابة» (2/ 92)، و «شذرات الذهب» (1/ 168). (2) أخرجه البخاري (2731 و 2732)، وأحمد (4/ 330) وغيرهما، في حديث صلح الحديبية الطويل. (3) أخرجه الحاكم (30/ 282)، والبيهقي في «الدلائل» (6/ 367)، وفيهما قول عمر: (دعني أنزع ثنيته)، قال-

214 - [أبو جندل]

وخرج بأهل بيته إلى الشام مجاهدا، فاستشهد باليرموك، وقيل: بمرج الصّفّر، وقيل: توفي في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة، رضي الله عنه. 214 - [أبو جندل] (1) أبو جندل، واسمه: العاصي بن سهيل بن عمرو القرشي العامري. أسلم بمكة فحبسه أبوه وقيده، فهرب يوم الحديبية إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وردّ إليهم بسبب العهد الذي جرى، ثم هرب والتحق بأبي بصير ورفقته رضي الله عنهم، وأقاموا بسيف البحر؛ أي: جانبه. ثم عزم إلى الشام هو وأبوه، فلم يزالا مجاهدين بالشام حتى توفيا في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة، رضي الله عنهم. 215 - [أبي بن كعب] (2) أبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي النجاري المعاوي المدني، يكنى: أبا الطفيل بابنه الطفيل، وكنّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأبي المنذر. أمه صهيلة-بضم الصاد المهملة مصغرا-بنت الأسود بن حرام، وهي عمة أبي طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام. شهد أبيّ العقبة الثانية مع السبعين، وشهد بدرا وغيرها من المشاهد مع رسول الله

= الحافظ في «الإصابة»: (وذكر ابن خالويه أن السرّ في قوله: «أنزع ثنيته» أنه كان أعلم، والأعلم إذا نزعت ثنيتاه .. لم يستطع الكلام)، والأعلم: مشقوق الشفة العليا. (1) «طبقات ابن سعد» (9/ 409)، و «طبقات خليفة» (ص 63 و 550)، و «التبيين» (ص 475)، و «الاستيعاب» (ص 786)، و «أسد الغابة» (6/ 54)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 205)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 184)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 192)، و «الإصابة» (4/ 34)، و «شذرات الذهب» (1/ 168). (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 462)، و «طبقات خليفة» (ص 157)، و «المعارف» (ص 261)، و «الاستيعاب» (ص 42)، و «أسد الغابة» (1/ 61)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1 - 108)، و «تهذيب الكمال» (2/ 262)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 191)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 389)، و «الإصابة» (1/ 31)، و «شذرات الذهب» (1/ 170).

216 - [بلال بن رباح الحبشي]

صلّى الله عليه وسلم، وقال صلّى الله عليه وسلم: «أقرأ أمتي أبي بن كعب» (1)، وقال صلّى الله عليه وسلم: «خذوا القرآن من أربعة: عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب» (2). ومن مناقبه المختصة به: أنه صلّى الله عليه وسلم قرأ عليه سورة (لم يكن) وقال: «إن الله أمرني أن أقرأها عليك» (3). وهو أول من كتب في آخر الكتاب: وكتب فلان بن فلان. توفي بالمدينة سنة تسع عشرة أو عشرين أو ثنتين وعشرين. قال ابن عبد البر: (والأكثر: أنه مات في خلافة عمر) (4)، وقيل: توفي سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: ثلاثين، وصححه أبو نعيم الأصبهاني (5)، والله سبحانه أعلم. 216 - [بلال بن رباح الحبشي] (6) بلال بن رباح الحبشي القرشي التيمي، مولى أبي بكر الصديق، وقيل: ينسب إلى أمه حمامة مولاة لبني جمح فيقال: ابن حمامة. كان من مولدي مكة، وقيل: من مولدي السراة. أسلم قديما أول النبوة، وكان مولاه أمية بن خلف يعذبه عذابا شديدا ليرجع عن الإسلام وهو يقول: أحد أحد، فاشتراه أبو بكر رضي الله عنه بخمس أواق أو سبع أواق أو تسع، وأعتقه لله عزّ وجل. وهاجر وشهد بدرا، وقتل فيه مولاه أمية بن خلف الذي كان يعذبه، وشهد أحدا والخندق والمشاهد كلها مع النبي صلّى الله عليه وسلم، وآخى صلّى الله عليه وسلم بينه وبين

(1) أخرجه الترمذي (3790)، وابن ماجه (154)، وابن سعد (3/ 499). (2) أخرجه البخاري (3808)، ومسلم (2464). (3) أخرجه البخاري (3809)، ومسلم (799)، وفيه: (قال: وسماني؟ قال: «نعم»، فبكى). (4) «الاستيعاب» (ص 44). (5) «معرفة الصحابة» (1/ 214). (6) «طبقات ابن سعد» (9/ 389)، و «طبقات خليفة» (ص 50 و 549)، و «المعارف» (ص 176)، و «حلية الأولياء» (1/ 147)، و «الاستيعاب» (ص 81)، و «أسد الغابة» (1/ 243)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 136)، و «تهذيب الكمال» (4/ 288)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 201)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 347)، و «العقد الثمين» (3/ 378)، و «مرآة الجنان» (1/ 75)، و «الإصابة» (1/ 169)، و «شذرات الذهب» (1/ 171).

217 - [أم المؤمنين زينب بنت جحش]

أبي عبيدة ابن الجراح، ولما شرع الأذان .. أمر صلّى الله عليه وسلم بلالا أن يؤذن، فلازم الأذان حضرا وسفرا إلى أن مات صلّى الله عليه وسلم. فلما توفي صلّى الله عليه وسلم .. ذهب إلى الشام للجهاد، وقدم بعد ذلك المدينة لزيارة النبي صلّى الله عليه وسلم، فالتمس منه الصحابة الأذان، فلم ير باكيا أكثر من ذلك اليوم، ولم يمكنه أن يتم الأذان. قال فيه عمر: أبو بكر سيدنا-رضي الله عنه-وأعتق سيدنا (1). وقال له صلّى الله عليه وسلم: «إني دخلت الجنة فسمعت خشف نعليك بين يدي» (2). وأقام بداريّا؛ قرية بدمشق، وتوفي بها-وقيل: بدمشق-سنة عشرين، ودفن بباب الصغير بدمشق، وقيل: بباب كيسان، وقيل: بداريا، وغلّط النووي من قال: إنه دفن بالمدينة (3). وكان رضي الله عنه آدم شديد الأدمة، ولم يعقب، رضي الله عنه. وله أخ اسمه: خالد، وأخت اسمها: غفرة، وهي مولاة عمر بن عبد الله مولى غفرة (4)، رضي الله عنه. 217 - [أم المؤمنين زينب بنت جحش] (5) زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية أم المؤمنين، وتكنى: أم الحكم، أمها: أميمة بنت عبد المطلب عمّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

(1) أخرجه ابن سعد (9/ 389). (2) أخرجه البخاري (1149)، ومسلم (2458). (3) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 137). (4) قال الحافظ في «تقريب التهذيب» (ص 414): (عمر بن عبد الله المدني، مولى غفرة، بضم المعجمة وسكون الفاء)، ووقع في «أسد الغابة» (1/ 245)، و «الإصابة» (4/ 361): (غفيرة). (5) «طبقات ابن سعد» (10/ 98)، و «المعارف» (ص 135)، و «حلية الأولياء» (2/ 51)، و «الاستيعاب» (ص 906)، و «أسد الغابة» (7/ 125)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 344)، و «تهذيب الكمال» (35/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 211)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 211)، و «مرآة الجنان» (1/ 76)، و «الإصابة» (4/ 307)، و «غربال الزمان» (ص 26).

218 - [أبو الهيثم بن التيهان]

أسلمت قديما، وهاجرت في سنة خمس من الهجرة، وتزوجها زيد بن حارثة، ثم طلقها، ثم زوجها الله سبحانه وتعالى رسوله صلّى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها، } فكانت تفتخر على نسائه بذلك. وكانت امرأة صالحة صوّامة قوّامة كثيرة الصدقة، وكانت صناعا؛ تعمل بيدها وتتصدق به، وقال صلّى الله عليه وسلم لأزواجه: «أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا» (1)، قالت عائشة رضي الله عنها: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم .. نمد أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة رضي الله عنها، ولم تكن أطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي صلّى الله عليه وسلم أراد بطول اليد الصدقة (2). توفيت سنة عشرين، وهي أول من مات من أزواجه صلّى الله عليه وسلم، ودفنت بالمدينة، وهي أول امرأة جعل عليها النعش، أشارت به أسماء بنت عميس، كانت رأته في الحبشة، كذا في «تهذيب النووي» (3)، وقد قيل: أول من جعل عليها النعش فاطمة، رضي الله عنها. 218 - [أبو الهيثم بن التّيّهان] (4) أبو الهيثم بن التّيّهان، واسمه: مالك بن التيهان بن مالك.

(1) أخرجه مسلم (2452)، وابن حبان (3314)، من طريق طلحة بن يحيى، وأخرجه البخاري (1420)، ومسلم (2452)، وابن حبان (3315)، وأحمد (6/ 121) من طريق أبي عوانة، وانظر الحديث بعده. (2) أخرجه مسلم (2452)، والحاكم (4/ 25)، والبيهقي في «الدلائل» (6/ 374) ووقع عند البخاري (1420)، وابن حبان (3315)، وأحمد (6/ 121)، والبيهقي في «الدلائل» (6/ 371) من طريق أبي عوانة: أن سودة بنت زمعة هي المرادة بقول النبي صلّى الله عليه وسلم، قال الحافظ في «الإصابة» (3/ 286): (وقرأت بخط الصدفي: ظاهر هذا اللفظ أن سودة كانت أسرع، وهو خلاف المعروف عند أهل العلم: أن زينب أول من مات من الأزواج، ... وقال ابن الجوزي: هذا الحديث غلط من بعض الرواة، والعجب من البخاري كيف لم ينبه عليه، ولا أصحاب التعاليق، ولا علم بفساد ذلك الخطابي؛ فإنه فسره وقال: لحوق سودة به من أعلام النبوة، وكل ذلك وهم، وإنما هي زينب؛ فإنها كانت أطولهن يدا بالعطاء، كما رواه مسلم)، ثم قال الحافظ-بعد أن ساق روايات تفيد وتؤيد حديث مسلم بأن زينب هي أطولهن يدا وأولهن لحوقا به صلّى الله عليه وسلم-: (فهذه روايات يعضد بعضها بعضا، ويحصل من مجموعها أن في رواية أبي عوانة وهما).ويؤيده: أن في حديث البيهقي في «الدلائل» (6/ 371): (فأخذنا قصبة نذرعها، وكانت سودة بنت زمعة أطولنا ذراعا)، وفي «البخاري»: (فعلمنا بعد)، فأخبرت أولا عن الحقيقة، ثم علمت بعد موت زينب أن المراد بالطول إنما هو المجاز لا الحقيقة، وهو التصدق، كما في حديث مسلم. (3) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 346). (4) «النسب» لابن سلام (ص 274)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 447)، و «طبقات خليفة» (ص 141)، و «المعارف» -

219 - [أسيد بن حضير]

بايع يوم العقبة الأولى. خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما فلقي أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال: «ما أخرجكما؟ »، قالا: الجوع، قال: «وأنا أخرجني الذي أخرجكما»، فذهبوا جميعا إلى بيت أبي الهيثم، فلم يجدوه، فرحبت بهم المرأة، وذكرت أنه ذهب يستعذب لهم الماء، فلم يبرحوا أن جاء، فرحب بهم وسهل وقال: من أكرم مني ضيفا اليوم؟ ! ثم أتاهم بعذق فيه رطب وبسر، فعلّلهم بذلك بينما يذبح، فقال له صلّى الله عليه وسلم: «اجتنب الحلوب» أي: لا تذبحها، وقرّب إليهم اللّحم فأكلوا وشربوا، فقال صلّى الله عليه وسلم: «دخلتم جياعا وخرجتم شباعا، لتسألنّ عن هذا النعيم» (1). توفي أبو الهيثم سنة عشرين على الصحيح، رضي الله عنه. 219 - [أسيد بن حضير] (2) أسيد بن حضير بن سماك الأشهلي، أبو يحيى، كني بابنه، أسلم بعد العقبة الأولى، وقيل: الثانية. وكان يقرأ (سورة الكهف) وعنده فرسه مربوط بطنبين وابنه يحيى صغير قريب من الفرس، فرأى ظلة نزلت من السماء حتى غشيت المكان الذي هو فيه، فجعلت الفرس تنفر، فخشي على ابنه فرفعه، فقال صلّى الله عليه وسلم: «تلك السكينة تنزلت للقرآن» (3). توفي رضي الله عنه بالمدينة في شعبان سنة عشرين، وحمل عمر بن الخطاب سريره حتى وضعه بالبقيع، رضي الله عنه.

= (ص 270)، و «الاستيعاب» (ص 656 و 861)، و «أسد الغابة» (5/ 14)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 79)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 221)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 189)، و «مرآة الجنان» (1/ 76)، و «الإصابة» (4/ 209)، و «شذرات الذهب» (1/ 172). (1) أخرجه مسلم (2038)، والترمذي (2369)، والطبراني في «الكبير» (251/ 19 - 257). (2) «النسب» لابن سلام (ص 274)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 558)، و «طبقات خليفة» (ص 140)، و «الاستيعاب» (ص 44)، و «أسد الغابة» (1/ 111)، و «تهذيب الكمال» (3/ 246)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 206)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 340)، و «مرآة الجنان» (1/ 76)، و «الإصابة» (1/ 64)، و «شذرات الذهب» (1/ 172). (3) أخرجه البخاري (5011)، ومسلم (795)، والطنب: الحبل، وفي «الصحيحين»: (بشطنين).

220 - [عياض بن غنم]

220 - [عياض بن غنم] (1) عياض بن غنم بن زهير القرشي الفهري (2)، يكنى: أبا سعد أو أبا سعيد. أسلم قبل الحديبية وشهدها، وكان بالشام مع ابن عمه أبي عبيدة ابن الجراح، فلما توفي أبو عبيدة .. استخلفه بالشام، فأقره عمر وقال: لا أغير أميرا أمّره أبو عبيدة، وهو الذي فتح بلاد الجزيرة وصالحه أهلها، وهو أول من أجاز الدروب. وكان صالحا فاضلا جوادا يطعم الناس زاده، فإذا نفد .. يجيء لهم بغيره؛ فلذا كان يسمى: زاد الراكب. ولم يزل واليا لعمر على حمص حتى توفي بالشام سنة عشرين وهو ابن ستين سنة، رضي الله عنه. 221 - [أبو سفيان بن الحارث] (3) أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، ابن عم النبي صلّى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما حليمة، قيل: اسمه كنيته، وقيل: اسمه المغيرة. وأسلم قبل الفتح والنبي صلّى الله عليه وسلم في الطريق متوجها لفتح مكة، وحسن

(1) «النسب» لابن سلام (ص 220)، و «طبقات ابن سعد» (5/ 94)، و «طبقات خليفة» (ص 65)، و «التبيين» (ص 495)، و «الاستيعاب» (ص 571)، و «أسد الغابة» (4/ 327)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 43)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 216)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 354)، و «مرآة الجنان» (1/ 76)، و «العقد الثمين» (453/ 6 - 454)، و «الإصابة» (48/ 3 و 50). (2) اختلفوا فيه: هل هو عياض بن زهير، أو عياض بن غنم؟ فذهب خليفة إلى أنه نسب إلى جده، وقال: (وليس يعرف أهل النسب عياض بن غنم)، قال الحافظ: (ومال إليه ابن عساكر وقوّاه بأن الزبير وعمه مصعبا لم يذكرا إلا ابن غنم)، قال ابن عبد البر: (وقد ذكره-أي: ابن غنم-غيرهما، وجوده الواقدي فقال: عياض بن غنم ابن أخي عياض بن زهير)، قال الحافظ: (وكذا جزم أبو أحمد العسكري)، وذهب للتفريق أيضا ابن سعد، وذكرهما في موضعين ابن عبد البر وابن الأثير والفاسي وابن حجر، والله أعلم. (3) «طبقات ابن سعد» (4/ 45)، و «طبقات خليفة» (ص 31)، و «المعارف» (ص 126)، و «التبيين» (ص 105)، و «الاستيعاب» (ص 811)، و «أسد الغابة» (6/ 144)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 239)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 217)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 202)، و «مرآة الجنان» (1/ 76)، و «العقد الثمين» (7/ 253)، و «الإصابة» (4/ 90)، و «شذرات الذهب» (1/ 172).

إسلامه، وشهد مع النبي صلّى الله عليه وسلم حنينا، وأبلى فيه بلاء حسنا، وهو من فضلاء الصحابة. قال عند موته: لا تبكوا علي؛ فلم أفعل خطيئة منذ أسلمت. حلق في الحج، فقطع الحالق أثلولا في رأسه، فلم يرقا منه الدم إلى أن مات بالمدينة سنة عشرين، وصلّى عليه عمر بن الخطاب، وقيل: سنة خمس عشرة، رضي الله عنه. تقدم الفصل إلى ههنا، أعني: فصل الحوادث. ***

ذكر الأحداث من أول سنة الهجرة إلى آخر أيام سنة طبقة العشرين الأولى منها

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ذكر الأحداث من أول سنة الهجرة إلى آخر أيام سنة طبقة العشرين الأولى منها في السنة الأولى من الهجرة : هاجر صلّى الله عليه وسلم من مكة المشرفة إلى المدينة المكرمة ومعه أبو بكر رضي الله عنه، وعامر بن فهيرة يخدمهم، وعبد الله بن أريقط الدّيلي دليلهم، فأعطيا الديلي راحلتهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث، فخرجا من مكة وكمنا في الغار (1)، وكان عبد الله بن أبي بكر غلاما شابّا ثقفا لقنا يبيت عندهما (2)، فيدّلج من عندهما بسحر (3)، فيصبح مع قريش كبائت، فلا يسمع أمرا يكادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر يرعى عليهما منحة من غنم (4)، فيريحها عليهما عشاء، وينعق بها (5) من عندهما بغلس، قيل: وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما تأتيهما من الطعام بما يصلحهما، وطلبهم المشركون بجميع وجوه الطلب، ومرّوا على غارهما، فوجدوا عليه من نسج العنكبوت وتفريخ الحمام ما ظنوا أنه لم يدخل منذ عام (6). ففي «البخاري» عن أبي بكر رضي الله عنه: فرفعت رأسي وإذا أنا بأقدام القوم،

(1) كمن: استخفى. (2) الثّقف-كحبر وكتف-: الحاذق الفطن، واللّقن: سريع الحفظ والفهم. (3) يدلج-بالتشديد-: يخرج آخر الليل. (4) المنحة: الشاة أو الناقة يعطيها صاحبها رجلا يشرب لبنها، ثم يردها إذا انقطع اللبن، هذا في الأصل، ثم كثر استعماله حتى أطلق على كل عطاء. (5) نعق: يقال: نعق بالناقة: زجرها. (6) حديث نسج العنكبوت أخرجه أحمد (1/ 348)، وعبد الرزاق (9743) من حديث طويل، والطبراني في «الكبير» (11/ 322)، وقال الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (3/ 195) بعد إيراده الحديث بإسناد الإمام أحمد: (وهذا إسناد حسن، وهو أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت). وأما زيادة تفريخ الحمام: فأخرجها ابن سعد (1/ 195)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 481)، والطبراني في «الكبير» (20/ 443).

فقلت: يا رسول الله؛ لو أن بعضهم طأطأ بصره .. لأبصرنا، قال: «اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما» (1). وبعد الثلاث جاءهم الدليل بالراحلتين فارتحلوا، وأردف أبو بكر خلفه عامر بن فهيرة ليخدمهما، قال: فأخذ بهم طريق الساحل، وأخذت قريش عليهم بالرصد والطلب، وجعلوا دية كل واحد منهما لمن أسره أو قتله (2). قال أبو بكر رضي الله عنه: (فأخذ علينا الرصد، فخرجنا ليلا، فاختبأنا ليلتنا ويومنا حتى قام قائم الظهيرة، ثم رفعت لنا صخرة، فأتيناها ولها شيء من ظل، ففرشت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فروة معي، ثم اضطجع، فانطلقت أنفض ما حوله (3)؛ فإذا أنا براع قد أقبل في غنمه يريد من الصخرة الذي أردنا، فسألته: لمن أنت يا غلام؟ فقال: أنا لفلان، فقلت له: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، فقلت له: هل أنت حالب لنا؟ قال: نعم، فأخذ شاة من غنمه، فقلت: انفض الضّرع، قال: فحلب كثبة من لبن (4)، ومعي إداوة من ماء عليها خرقة، قد روأتها لرسول الله صلّى الله عليه وسلم (5)، فصببت على اللبن حتى برد أسفله، ثم أتيت به رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: اشرب يا رسول الله؛ فشرب حتى رضيت، ثم ارتحلنا بعد ما زالت الشمس والطلب في أثرنا، واتبعنا سراقة بن مالك بن جعشم ونحن في جلد من الأرض (6)، فقلت: يا رسول الله؛ أتينا، فقال: «لا تحزن إن الله معنا»، فدعا عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فارتطمت فرسه إلى بطنها (7)، فقال: إني علمت أنكما قد دعوتما عليّ، فادعوا الله لي، والله؛ لكما أن أرد الطلب، فدعا الله فنجا، فرجع لا يلقى أحدا إلا قال: قد كفيتكم ما ههنا، فلا يلقى أحدا إلا رده، قال: ووفى لنا) (8). وروي: أنهما مرا بخيمة أم معبد، واسمها: عاتكة بنت خالد الخزاعية الكعبية،

(1) «صحيح البخاري» (3922). (2) أخرجه البخاري (3906)، وابن حبان (6280)، وأحمد (4/ 175)، والطبراني في «الكبير» (7/ 132). (3) نفض المكان: نظر جميع ما فيه حتى يعرفه. (4) الكثبة-بضم الكاف-: ملء القدح من اللبن. (5) روأتها: استعذبتها وهيأتها لحفظ ما يصلح من الماء للشرب. (6) الأرض الجلد: الصلبة المستوية. (7) ارتطمت فرسه؛ أي: غاصت قوائمها. (8) أخرجه البخاري (3652)، وابن حبان (6281)، وأحمد (1/ 2)، وأخرجه مسلم مختصرا (2009).

فسألوها الزاد، فلم يصيبوا عندها شيئا، وكانوا مسنتين (1)، وسألها عن شاة في خيمتهم: «هل بها من لبن؟ » قالت: هي أجهد من ذلك، إنما خلّفها عن الغنم الجهد، فمسح صلّى الله عليه وسلم بيده الكريمة على ضرعها، وسمّى الله ودعا [لها] في شاتها فتفاجّت (2) عليه ودرّت، فدعا بإناء يربض الرهط-أي: يرويهم-فحلب وسقاها وسقى أصحابه، وشرب صلّى الله عليه وسلم آخرهم، ثم ملأه وغادره عندها، وبايعها وارتحلوا عنها. وأصبح صوت بمكة عال يسمعونه ولا يرون من صاحبه-قيل: هو من الجن-وهو يقول: [من الطويل] جزى الله ربّ العرش خير جزائه … رفيقين قالا خيمتي أمّ معبد (3) هما نزلاها بالهدى فاهتدت به … فقد فاز من أمسى رفيق محمد فيال قصيّ ما زوى الله عنكم … به من فخار لا يجارى وسؤدد ليهن بني كعب مكان فتاتهم … ومقعدها للمؤمنين بمرصد سلوا أختكم عن شاتها وإنائها … فإنّكم إن تسألوا الشاة تشهد دعاها بشاة حائل فتحلّبت … له بصريح ضرّة الشاة مزبد (4) قيل: ولما هبطوا العرج (5) .. أبطأ عليهم بعض ظهرهم، فحمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجل يقال له: أوس بن حجر (6) على جمل له اسمه: الرّداح (7)، وبعث معه غلاما له يقال له: مسعود بن هنيدة، ثم سلكوا من العرج ثنية العائر (8) عن يمين ركوبه وهبوطه بطن رئم (9)، ثم قدموا قباء على بني عمرو بن عوف. ولما سمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مكة .. كانوا

(1) مسنتين: مجدبين. (2) تفاجّت؛ أي: باعدت بين رجليها لامتلاء ضرعها باللبن. (3) قالا: من القيلولة، وتعديته بغير حرف الجر خلاف القاعدة، وفي رواية: (حلاّ)، وهي أصوب، والله أعلم. (4) أخرجه الحاكم (3/ 9)، والطبراني في «الكبير» (4/ 48). (5) العرج-بفتح العين المهملة وإسكان الراء-: قرية في أول تهامة بينها وبين المدينة ثمانية وسبعون ميلا. (6) أوس بن حجر: بضم المهملة وإسكان المعجمة، كذا في «الروض الأنف» (2/ 150)، وذكر أن الدارقطني يقول: بفتحتين، وضبطها بفتحتين أيضا ابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» (3/ 127)، والله أعلم. (7) وقع عند ابن هشام (2/ 491): (ابن الرّداء)، وذكره السهيلي في «الروض الأنف» (2/ 151) وقال: (وفي رواية يونس بن بكير عن ابن إسحاق: يقال له: الرداح). (8) الثنية: كل عقبة في الجبل مسلوكة، والعائر: بالعين المهملة، ويقال: بالعين المعجمة: جبل بالمدينة. (9) رئم-بكسر الراء وهمز ثانيه وسكونه-: واد قرب المدينة.

يغدون كل غداة إلى الحرّة ينتظرون حتى يردّهم حرّ الظهيرة، فانقلبوا يوما بعد ما طال انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم .. أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه مبيّضين يزول بهم السّراب (1)، فلم يملك اليهودي أن قال: يا معشر العرب؛ هذا جدّكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقّوا النبي صلّى الله عليه وسلم بظهر الحرّة، فعدل بهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين في شهر ربيع الأول (2)، وقيل: لثنتي عشرة منه، وقيل: لثمان. وقيل: كان نزوله بقباء على كلثوم بن الهدم، وقيل: على سعد بن خيثمة، فمكث صلّى الله عليه وسلم بقباء أربع عشرة ليلة، أسس فيه المسجد الذي أسّس على التقوى، وهو أول مسجد بني في الإسلام، وصلّى فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان مربدا لكلثوم بن الهدم (3)، وهو الذي ذكره الله في كتابه العزيز: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} (4)، وكان صلّى الله عليه وسلم يأتيه كل اثنين وخميس راكبا وماشيا، وورد في فضله أحاديث كثيرة (5). ثم سار صلّى الله عليه وسلم من قباء يوم الخميس-وقيل: يوم الجمعة-فأدركته الصلاة في بني سالم بن عوف، فصلاها في بطن وادي رانوناء (6)، فكانت أول صلاة جمعة صلاها بالمدينة. قال حافظ اليمن يحيى العامري: (واتخذ موضع مصلاه مسجدا، ويسمى: مسجد الجمعة، وهو مسجد عتبان بن مالك الذي شكى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه يحول بينه وبين السيل، وكان صلّى الله عليه وسلم لما ركب من قباء كلما مرّ على دور من

(1) مبيّضين؛ أي: عليهم الثياب البيض التي كساهم إياها الزبير أو طلحة، وقيل: يحتمل أن يكون معناه: مستعجلين. (2) أخرجه البخاري (3906)، والحاكم (3/ 11). (3) المربد-بكسر الميم-: موضع تجعل فيه الإبل والغنم، وموضع للتمر ينشف فيه. (4) أخرجه البخاري (3906) من حديث طويل. (5) انظر «صحيح البخاري» (1192 - 1193)، و «صحيح مسلم» (1399)، لكن المروي في «الصحيحين» وغيرهما: أنه صلّى الله عليه وسلم كان يأتي قباء يوم السبت، والله أعلم. (6) ذكرها ياقوت في «معجم البلدان» (3/ 19)، وقال بعد أن ساق نص ابن هشام في «السيرة»: (وهذا لم أجده في غير كتاب ابن إسحاق الذي لخصه ابن هشام، وكلّ يقول: صلّى بهم في بطن الوادي) اهـ‍ لكن ذكره السمهودي في «وفاء الوفا» (3/ 1072) ضمن أودية المدينة نقلا عن ابن شبّة.

دور الأنصار .. اعترضوه ولزموا بزمام ناقته يقولون: هلمّ يا رسول الله إلى القوة والمنعة، فيقول: «خلّوا سبيلها؛ فإنها مأمورة»، وقد أرخى لها زمامها ولا يحركها، وهي تنظر يمينا وشمالا والناس كنفتيها حتى بركت على باب مسجده (1) -وهو إذ ذاك مريد ليتيمين من الأنصار-ثم ثارت وهو عليها، فسارت حتى بركت على باب أبي أيوب الأنصاري، ثم التفتت يمينا وشمالا، ثم ثارت وبركت في مبركها الأول، وألقت جرانها بالأرض (2)، وأرزمت-أي: صوّتت-فنزل عنها، وقال: «هذا المنزل إن شاء الله تعالى»، فاحتمل أبو أيوب رحله فأدخله بيته، وكان صلّى الله عليه وسلم يحب النزول على أخواله بني النجار، فاختار الله له ما كان يختاره (3)) (4). ودار أبي أيوب اليوم مدرسة للمذاهب الأربعة، اشترى عرصتها الملك المظفر أحد بني أيوب بن شاذي (5)، وبناها مدرسة وأوقفها على المذاهب الأربعة من أهل السنة، وأوقف عليها أوقافا بميّافارقين (6). وفي هذه السنة: بنى صلّى الله عليه وسلم مسجده الشريف حيث مبرك الراحلة، وكان مربدا للتمر لسهل وسهيل ابني رافع بن عمرو؛ غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة، فاشتراه صلّى الله عليه وسلم بعشرة دنانير ذهبا دفعها عنه أبو بكر، ثم بناه صلّى الله عليه وسلم وأعانه المسلمون عليه، وكان ينقل معهم اللّبن ويقول: [من الرجز] هذا الحمال لا حمال خيبر … هذا أبرّ ربّنا وأطهر (7) فقال بعض المسلمين: [من الرجز] لئن قعدنا والنّبيّ يعمل … لذاك منّا العمل المضلّل

(1) كنفتيها: الكنف بفتحتين: الجانب، واكتنفه القوم: كانوا منه يمنة ويسرة. (2) جرانها: الجران-بكسر الجيم-: مقدم عنق البعير، فإذا برك البعير ومدّ عنقه على الأرض .. قيل: ألقى جرانه بالأرض. (3) أخرجه مسلم (2219)، وعبد الرزاق (9743) من حديث طويل. (4) «بهجة المحافل» (1/ 154). (5) الملك المظفر عمر بن شاهنشاه بن أيوب، المتوفى سنة (568 هـ‍)، وأما أيوب بن شاذي .. فتوفي سنة (587 هـ‍)، وستأتي ترجمة كلّ وفقا لسنة وفاته. (6) ميّافارقين: مدينة قديمة بتركيا تقع شمال شرقي ديار بكر. (7) أخرجه البخاري (3906) من حديث طويل، والحمال-بكسر الحاء-أي: المحمول، وهو اللّبن، وربنا: منادى مضاف.

وقال علي رضي الله عنه: لا يستوي من يعمل المساجدا … يدأب فيها قائما وقاعدا ومن يرى عن الغبار حائدا ودخل عمار بن ياسر مثقلا باللّبن، فقال: يا رسول الله؛ قتلوني؛ يحملون عليّ ما لا يحملون، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم ينفض عنه التراب ويقول: «ويح ابن سميّة -وهي أم عمار-ليسوا بالذين يقتلونك، إنما تقتلك الفئة الباغية» (1). وبناه صلّى الله عليه وسلم مربعا، طوله سبعون ذراعا في ستين أو أزيد، وجعل قبلته إلى بيت المقدس، وجعلوا له ثلاثة أبواب، ولم يسطحوه، فشكوا الحرّ، فجعلوا خشبه وسواريه جذوعا، وظللوا بالجريد، ثم بالخصف، فلما وكف .. طيّنوه بالطين، وجعلوا وسطه رحبة (2)، وكان جداره قبل أن يظلل قامة وشبرا، وبقي كذلك إلى خلافة عمر، فزاد فيه كما سيأتي. وفيها: آخى النبي صلّى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وجملة من تآخى من الفريقين تسعون رجلا، خمسة وأربعون من المهاجرين، ومثلهم من الأنصار، وقيل: جملتهم ثلاث مائة، وآخى النبي صلّى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه، فآووهم في منازلهم، وقاسموهم في أموالهم، وآثروهم بأقواتهم، وبلغوا المكاره دونهم، وصار أحدهم أرأف وأرحم بنزيله وأخيه في الدين من أخيه في النسب، كما قيل: [من الطويل] أبوا أن يملّونا ولو أنّ أمّنا … تلاقي الذي يلقون منّا لملّت قلت: ثم بعد مدة وجدت بخط شيخ مشايخنا جدي القاضي جمال الدين صاحب «التاريخ» معلقا (3): قال الإمام الشافعي في «الأم»: (حدثني بعض أهل العلم: أن أبا بكر رضي الله عنه قال: ما وجدت لنا ولأهل هذا الحي من الأنصار مثلا إلا ما قال: طفيل الغنوي: [من الطويل]

(1) أخرجه البخاري (447)، وابن حبان (7079)، وأحمد (3/ 5). (2) الخصف-محركة-جمع خصفة-وهي: الجلّة من الخوص التي يكنز فيها التمر، وكف؛ أي: قطر، والرحبة-بتسكين الحاء المهملة وفتحها-: الساحة المنبسطة. (3) هو الإمام العلامة القاضي جمال الدين محمد بن مسعود أبو شكيل، المتوفى سنة (871 هـ‍) على الصحيح، وهو شيخ والد المصنف عبد الله بن أحمد بامخرمة، المتوفى سنة (903 هـ‍)، تتلمذ عليه وزوّجه ابنته، فهو جد المصنف من جهة أمه، وستأتي ترجمة كلّ وفقا لسنة وفاته.

أبوا أن يملّونا ولو أنّ أمّنا … تلاقي الذي يلقون منّا لملّت) (1) البيت، لكن له بيت قبله؛ كما وجدتهما معلقين بخط سيدنا وشيخنا الوالد رحمه الله تعالى، وهما: [من الطويل] هم أسكنونا في ظلال بيوتهم … ظلال بيوت أكفأت وأكنّت أبوا أن يملّونا ولو أنّ أمّنا … تلاقي الذي يلقون منّا لملّت قال شيخنا الوالد رحمه الله تعالى: وجدتهما معلقين بخط سيدنا ومولانا شيخ الإسلام قدوة الأنام الإمام النووي، ومن خطه نقلت هذا، قال: هكذا قيل: إنهما منسوبان لسيدنا أبي بكر يخاطب بهما الأنصار، ويمدحهم رضي الله عنهم أجمعين. وفيها: وادع النبي صلّى الله عليه وسلم اليهود، وشرط لهم وعليهم، وألحق كل مسلم منهم بحلفائهم من الأنصار. وفيها: بعث صلّى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وأبا رافع مولياه إلى مكة ليأتيا ببناته-غير زينب-وزوجته سودة، وبعث معهم أبو بكر عبد الله بن أريقط لعائشة وأمّها، فجاءوا بهم وصحبهم طلحة بن عبيد الله، رضي الله عنهم. وأما زينب .. فإنما لحقت بأبيها بعد وقعة بدر؛ وذلك: أن زوجها أبا العاصي بن الربيع استؤسر ببدر، فأطلقه النبي صلّى الله عليه وسلم بغير فداء، وأخذ عليه أن يخلي سبيل زينب إليه، وبعث صلّى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار وقال لهما: كونا ببطن يأجج-موضع على ثمانية أميال من مكة-حتى تمرّ بكما زينب، فلمّا قدم أبو العاصي مكة .. بعث بها مع أخيه كنانة بن الربيع، فألحقها بهما؛ كما تقدم ذلك في ترجمتها. وفيها: صام رسول الله صلّى الله عليه وسلم عاشوراء، وأمر بصومه، وكانت اليهود في الجاهلية تصومه، فأمر صلّى الله عليه وسلم بصيامه وحضّ عليه وأكّد في صيامه، فلما فرض رمضان خفّ ذلك التأكيد، وبقي مسنونا، وقيل: كان واجبا، ثم نسخ برمضان، فيكون من باب نسخ الأخف بالأثقل (2). وفيها: شرع الأذان، وذلك: أنهم لمّا قدموا المدينة .. تشاوروا فيما يجمعهم

(1) «الأم» (ص 308). (2) انظر البخاري (2003)، ومسلم (1129).

وفي السنة الثانية من الهجرة

للصلاة، فتآمروا أن يتخذوا ناقوسا أو قرنا أو بوقا أو نارا فكرهوا ذلك؛ لما فيه من موافقة اليهود والنصارى والمجوس، فقال عمر رضي الله عنه: أولا تبعثون رجلا ينادي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يا بلال؛ قم فناد بالصلاة» (1). وظاهر هذا أنه مجرد إعلام ليس على صفة الأذان المشروع، ثم رأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه في منامه واحدا معه ناقوسا، فقال له: ألا تبيع هذا، فقال: وما تريد به؟ ! قال: الإعلام بالصلاة، فقال: أولا أدلّك على خير من ذلك؟ إذا أردت الإعلام بدخول وقت الصلاة .. فقل: الله أكبر، الله أكبر ... إلى آخر الأذان المعروف، ثم قال له: وإذا أردت القيام .. فقل: الله أكبر، الله أكبر ... الإقامة إلى آخرها. فأخبر عبد الله بن زيد النبي صلّى الله عليه وسلم بما رأى، فأمره النبي صلّى الله عليه وسلم أن يلقيه على بلال؛ لأنه أندى منه صوتا-أي: أرفع، وقيل: أحسن-فلما سمع عمر رضي الله عنه أذان بلال .. خرج يجر ثوبه، قال: والذي بعثك بالحق نبيا؛ لقد رأيت مثل الذي رأى، فقال صلّى الله عليه وسلم: «إنها لرؤيا حق» (2). قال النووي رحمه الله تعالى: (ولا خلاف أن هذا ليس عملا بمجرد المنام، بل شرعه النبي صلّى الله عليه وسلم إما بوحي وإما باجتهاده على مذهب الجمهور في جواز الاجتهاد له صلّى الله عليه وسلم) (3). وفيها: أسلم عبد الله بن سلام الإسرائيلي وسلمان الفارسي، ومات من رؤساء الأنصار: أسعد بن زرارة والبراء بن معرور نقيبان، وكلثوم بن الهدم، ومن صناديد المشركين: العاصي بن وائل، والوليد بن المغيرة. *** وفي السنة الثانية من الهجرة : في شعبان، وقيل: رجب على رأس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر: حوّلت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، وكان صلّى الله عليه وسلم زار امرأة من بني سلمة، يقال لها: أم بشر، فصنعت لهم طعاما، فحانت صلاة الظهر، فصلى بهم صلّى الله عليه وسلم، فأنزل عليه وهو راكع في الثانية قوله تعالى: {قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها} الآية، فاستدار صلّى الله عليه وسلم واستدارت الصفوف

(1) أخرجه البخاري (604)، ومسلم (377). (2) أخرجه ابن خزيمة (371)، وابن حبان (1679)، وأبو داود (500)، والترمذي (189)، وأحمد (4/ 43). (3) «شرح مسلم» (4/ 76).

خلفه، ثم صلّى ما بقي من صلاته إلى الكعبة، ولم يستأنف، فسمّي ذلك المسجد: مسجد القبلتين، وأخبر أهل قباء في صلاة الصبح، فاستداروا كما هم إلى الكعبة (1)، وهو أول منسوخ من أمور الشرع. وفي شعبان أيضا: فرض صيام رمضان، وفرضت صدقة الفطر. وفي شوال منها: دخل صلّى الله عليه وسلم بعائشة وهي بنت تسع سنين، وكان قد عقد بها قبل ذلك بمكة وهي بنت ست سنين، وقيل: سبع سنين. وفي صفر منها: تزوج علي بفاطمة رضي الله عنهما ولها يومئذ خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصف، وقيل: ثماني عشرة، ولعلي يومئذ إحدى وعشرون سنة، ودخل بها في ذي الحجة بعد وقعة أحد. وفيها: أسلم العباس رضي الله عنه بعد أن فادى نفسه وابني أخويه عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث، وكان قد أسر الثلاثة. وفي صفر منها-كما قال ابن إسحاق: غزا النبي صلّى الله عليه وسلم غزوة ودّان يريد قريش (2) وبني ضمرة من كنانة، فوادعه مخشي بن عمرو الضّمري ورجع، وهي أول غزوة غزاها النبي صلّى الله عليه وسلم، واستعمل على المدينة سعد بن عبادة، وتسمى أيضا: غزوة الأبواء (3). وفيها: سرية عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، وهي أول راية عقدها النبي صلّى الله عليه وسلم (4)، قيل: بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم مرجعه من غزوة الأبواء قبل أن يصل إلى المدينة، وكان عددهم ستين أو ثمانين راكبا من المهاجرين، وليس فيهم أنصاري، فلقوا جمعا من قريش بالحجاز، فلم يكن منهم قتال، إلا أن سعد بن أبي وقاص رمى بسهم، فكان أول سهم رمي به في سبيل الله، ثم انصرفوا وللمسلمين حامية، وفر إلى المسلمين يومئذ المقداد بن عمرو البهراني، وعتبة بن غزوان وكان من المستضعفين بمكة،

(1) أخرجه البخاري (399)، ومسلم (525). (2) كذا في الأصول، وعند ابن هشام وغيره: (قريشا)، والصواب ما أثبته المصنف، قال الجوهري في «الصحاح» (3/ 853): (فإن أردت بقريش الحيّ .. صرفته، وإن أردت به القبيلة .. لم تصرفه) والمراد هنا-كما هو ظاهر-: قبيلة قريش، والله أعلم. (3) انظر «سيرة ابن هشام» (2/ 591). (4) تقدم في ترجمة (عبيدة بن الحارث) الخلاف في كون سريته أول لواء عقده، فانظره (1/ 45).

وكان يومئذ على المشركين عكرمة بن أبي جهل، وقيل: مكرز بن حفص. قلت: وقد تقدم في ترجمة عبيدة المذكور: كان على المشركين يومئذ أبو سفيان بن حرب (1)، كما هو مقرر في «سيرة مغلطاي» وغيرها (2)، والله سبحانه أعلم. وفيها: سرية حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر من ناحية العيص في ثلاثين راكبا من المهاجرين، فلقي أبا جهل في ذلك الساحل في ثلاث مائة راكب، فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني وكان موادعا للفريقين، وقيل: إن سرية حمزة كانت في السنة الأولى من الهجرة. وفي ربيع الأول منها: غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بواط من ناحية رضوى، واستعمل على المدينة السائب بن مظعون (3). قال البكري: (وإليها انتهى النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يلق كيدا) (4). ولما رجع منها .. أقام صلّى الله عليه وسلم بالمدينة بقية ربيع الآخر وبعض جمادى الأولى، ثم غزا العشيرة في خمسين ومائة (5) -وقيل: في مائتين-من المهاجرين على ثلاثين بعيرا يعتقبونها-وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب، وكان اللواء أبيض، واستخلف أبا سلمة المخزومي على المدينة-يطلب عيرا لقريش صادرة إلى الشام، وهي التي كانت وقعة بدر بسببها حين رجعت من الشام، فبلغ ذا العشيرة من بطن ينبع-وبين المدينة وينبع تسعة برد-فوجد العير قد مضت إلى الشام قبل ذلك بأيام، فوادع بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة، ثم رجع ولم يلق كيدا. وما في «صحيح البخاري» عن زيد بن أرقم: أن غزاة ذي العشيرة أول الغزوات (6) .. هو خلاف المشهور عن أهل النقل (7).

(1) انظر (1/ 45). (2) انظر: «الإشارة إلى سيرة المصطفى» (ص 188). (3) كذا ذكره السهيلي في «الروض الأنف» (5/ 47)، وفرّق بينه وبين السائب بن عثمان، والذي ذكره ابن هشام في «السيرة» (2/ 598) هو السائب بن عثمان بن مظعون، وذكر ابن سعد في «الطبقات» (2/ 8) والصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (4/ 27): أن الذي استخلفه النبي صلّى الله عليه وسلم هو سعد بن معاذ، وذكر الصالحي قول السهيلي وقال: (فيه نظر؛ لأن الموجود في نسخة «السيرة»: السائب بن عثمان بن مظعون) اهـ‍، والله أعلم. (4) «معجم ما استعجم» (1/ 283). (5) العشيرة: قال مغلطاي في «السيرة» (192): (موضع لبني مدلج بناحية ينبع). (6) «صحيح البخاري» (3949). (7) قال الحافظ في «الفتح» (7/ 280): (ففات زيد بن أرقم ذكر ثنتين منها، ولعلهما الأبواء وبواط، وكأن ذلك خفي-

ثم أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة (1)، فخرج صلّى الله عليه وسلم في طلبه حتى انتهى إلى واد يقال له: سفوان من ناحية بدر، وفاته كرز بن جابر، وتسمى: بدرا الأولى. وفي مرجعه من ذلك: بعث ابن عمته عبد الله بن جحش الأسدي في ثمانية رهط من المهاجرين، وكتب لهم كتابا أمره فيه: أن ينزل بطن نخلة بين مكة والطائف، فيرصد بها عير قريش، ولا يستكره أحدا من الصحابة، وقال له: «لا تفتح الكتاب حتى تسير يومين»، فمضى عبد الله ومعه أصحابه لم يتخلّف منهم أحد إلا سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان، تخلّفا فوق الفرع (2) -بالمهملة-في طلب بعير لهما أضلاه (3). ولمّا نزلوا نخلة .. مرت بهم عير لقريش تحمل تجارة فيها عمرو بن الحضرمي وثلاثة معه، فقتلوا ابن الحضرمي، وأسروا اثنين، وفر واحد، وذلك في آخر جمادى، وكانوا يظنون أنه من جمادى وهو من رجب، وكان ذلك أول قتل وأسر في المشركين، وأول غنيمة في الإسلام، فقال المشركون: قد استحل محمد الشهر الحرام، وعيّروا المسلمين بذلك، فشقّ ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ووقف العير والأسيرين حتى نزل قوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} الآية، فقسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم الغنيمة، ووقف الأسيرين حتى قدم سعد وصاحبه، وفاداهم. وفي رمضان منها: كانت الملحمة العظمى التي أعز الله بها الإسلام، وأذل أهل الأصنام، وهي غزوة بدر الكبرى، وتلخيص ذلك على ما ذكر ابن إسحاق: أنه صلّى الله عليه وسلم لمّا سمع بأبي سفيان صخر بن حرب خرج في تجارة إلى الشام معه ثلاثون أو أربعون رجلا .. خرج في طلبها، فلما فاتته في ذهابها .. طمع بها في إيابها، وجعل العيون

= عليه لصغره)، وقد فات المصنف هنا ذكر سرية سيدنا سعد بن أبي وقاص إلى الخرّار، وقد ذكرها في ملخص السيرة النبوية، وأنها في هذه السنة، وذكرنا هناك ما في تاريخ حدوثها من خلاف، فانظره (1/ 128). (1) السّرح: الإبل والمواشي التي تسرح للرعي. (2) الفرع: من أضخم أعراض المدينة على طريق مكة، بينها وبين المدينة ثمانية برد، أي: ما يقرب من (150 كم)، وهي بضم الفاء وسكون الراء وبالعين المهملة، كما ذكر ياقوت الحموي في «معجم البلدان» (4/ 252)، والصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (6/ 34)، وضبطها الحافظ في «الفتح» (4/ 33) وغيره بضم الأول والثاني. (3) أخرجه البيهقي (9/ 58).

عليها، فجاءه عينه بسبسة (1) بن عمرو الجهني بخبرها، فخرج صلّى الله عليه وسلم بمن خف معه من المسلمين في ثلاث مائة وثلاث أو أربع عشرة رجلا-عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ولم يجاوز معه إلا مؤمن-المهاجرون منهم ثلاثة وثمانون رجلا، وبقيتهم من الأنصار؛ من الأوس أحد وستون، ومن الخزرج مائة وسبعون-وعدّ منهم من ضرب له رسول الله صلّى الله عليه وسلم سهمه وأجره ولم يحضرها كعثمان بن عفان-ومعهم ثمانون بعيرا يعتقبونها، وفرس واحد للمقداد ابن الأسود، قيل: وفرسان آخران للزبير ومرثد بن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنهم (2)، واستعمل صلّى الله عليه وسلم على المدينة أبا لبابة، وعلى الصلاة ابن أم مكتوم، ودفع لواءه-وكان أبيض-إلى مصعب بن عمير العبدري، وكان له رايتان سوداوان: إحداهما بيد علي، والأخرى بيد رجل من الأنصار رضي الله عنهم. ولما قارب أبو سفيان الحجاز .. اشتد خوفه، وجعل يتحسس الأخبار، فلما أخبر بمخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم .. بعث إلى قريش يستنفرهم، فأوعبت قريش في الخروج (3)، فلم يتخلف من بطونها أحد إلا بنو عدي، ولا من أشرافها إلا أن أبا لهب استأجر مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة. فلما كان صلّى الله عليه وسلم ببعض الطريق وصحّ له نفير قريش .. استشار أصحابه في طلب العير وحرب النفير، وكانت العير أحب إليهم كما قال الله تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ، } فتكلم أبو بكر، فأعرض عنه، ثم عمر كذلك، ثم المقداد فأحسن القول وقال: لا نقول يا رسول الله كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، بل إنا معك مقاتلون، وهو في كل ذلك يقول: «أشيروا علي»، وإنما يريد الأنصار؛ لأنهم العدد الكثير، وكان يتخوّف منهم أنهم لا يرون نصرته إلا على من دهمه بالمدينة كما هو في أصل بيعتهم ليلة العقبة، فقام سعد بن عبادة (4) فقال: إيانا

(1) بسبسة: بموحدتين مفتوحتين بينهما سين مهملة ساكنة ثم أخرى آخره مفتوحة، قال النووي في «شرح مسلم» (13/ 44): (هو في جميع النسخ: بسيسة، بباء موحدة مضمومة فسين مهملة مفتوحة فمثناة تحتية ساكنة فسين أخرى كذلك، والمعروف في كتب السير بموحدتين بينهما سين ساكنة) والله أعلم. انظر «سبل الهدى والرشاد» (4/ 139). (2) واسم أبي مرثد: كنّاز بن حصين. (3) أوعبت؛ أي: خرجت بأجمعها إلى العدو. (4) كذا في الأصول، وهو موافق لما في «صحيح مسلم» (1779)، و «صحيح ابن حبان» (4722)، وغيرهما، وفي «سيرة ابن هشام» (2/ 615)، و «طبقات ابن سعد» (2/ 13)، و «عيون الأثر» (1/ 298)، و «سبل الهدى-

تريد يا رسول الله؛ والذي نفسي بيده؛ لو أمرتنا أن نخيضها البحر .. لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب بأكبادها إلى برك الغماد (1) .. لفعلنا، فسر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقوله ونشّطه، ثم قال: «سيروا على بركة الله تعالى وأبشروا؛ فإن الله وعدني إحدى الطائفتين، والله؛ لكأني انظر الآن إلى مصارع القوم» (2). ولما نزل صلّى الله عليه وسلم ببدر .. كان بالعدوة الدنيا؛ وهي: شفير الوادي الأدنى إلى المدينة، وكان المشركون بالعدوة القصوى؛ وهي: شفير الوادي الأقصى من المدينة، وكان الركب-وهو عير أبي سفيان حينئذ-أسفل منهم إلى ساحل البحر على ثلاثة أميال من بدر، ولا علم عند أحد منهم بالآخر، وقد حجب الوادي بينهم، فوردت عليه روايا قريش (3) وفيهم غلام أسود لبني الحجاج، فأخذه أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فسألوه عن أبي سفيان وأصحابه، فقال: لا علم لي بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأميّة بن خلف في الناس، فإذا قال ذلك .. ضربوه، فإذا أوجعه الضرب .. قال: أنا أخبركم: هذا أبو سفيان، فإذا تركوه وسألوه .. قال: مالي بأبي سفيان علم، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس، فإذا قال هذا ضربوه، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم قائم يصلي، فلما رأى ذلك .. انصرف وقال: «والذي نفسي بيده؛ لتضربوه إذا صدقكم، وتتركوه إذا كذبكم» (4)، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها» (5). وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين نزل بدرا .. نزل على أدنى ماء إلى العدو، وترك المياه كلها خلفه بمشورة الحباب بن المنذر، وبني له عريش يستظل فيه بمشورة

= والرشاد» (4/ 42) وغيرهم: (سعد بن معاذ)، قال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (2/ 82) في سياق حديث غزوة بدر: (فقام سعد بن عبادة-كذا قال-والمعروف سعد بن معاذ) اهـ‍، كما أن سعد بن عبادة ممن اختلف في حضوره بدرا وإن رجّح البخاري حضوره، قال العلامة الأشخر في «شرح البهجة» (1/ 181): (وجمع بينهما بأنهما قالا ذلك يومئذ) فلينظر، والله أعلم. (1) برك الغماد: موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر، وقيل: بلد باليمن، وقيل: موضع في أقاصي أرض هجر، وقيل: برك الغماد وسعفات هجر كناية، يقال فيما تباعد، وهو الأرجح، والله أعلم. انظر «معجم البلدان» (1/ 399)، و «شرح مسلم» للإمام النووي (12/ 125). (2) أخرجه مسلم (1779)، وابن حبان (4722)، وغيرهما. (3) الروايا-جمع راوية-وهي: الإبل التي يستقى عليها الماء. (4) سبق تخريجه، انظر تخريج الحديث السابق. (5) أخرجه الطبري في «تاريخه» (2/ 437).

سعد بن معاذ، فلما أصبحت قريش .. ارتحلت، فلما رآها صلّى الله عليه وسلم تصوّب من العقنقل-وهو الكثيب الذي هبطوا منه إلى الوادي- .. قال: «اللهم؛ هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخارها تحادّك وتكذّب رسلك، اللهم؛ فنصرك الذي وعدتني، اللهم؛ أحنهم الغداة (1)، اللهم؛ إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام .. لا تعبد في الأرض»، وما زال يهتف بربه مادا يديه حتى سقط رداؤه، فأخذ أبو بكر رضي الله عنه بيده وقال: حسبك يا رسول الله؛ فقد ألححت على ربك، وهو في الدرع، فخرج وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ* بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ} (2). وفي «صحيح مسلم» أنه صلّى الله عليه وسلم قال: «هذا مصرع فلان» ويضع يده على الأرض ههنا وههنا، فما ماط أحد من موضع يده صلّى الله عليه وسلم (3)، ثم عدّل رسول الله صلّى الله عليه وسلم الصفوف وقال لأصحابه: «لا تحملوا حتى آمركم»، وقال: «إذا كثبوكم-أي: قاربوكم- .. فعليكم بالنبل، واستبقوا نبلكم» (4)، ثم رجع العريش ومعه أبو بكر، فخفق خفقة (5)، ثم انتبه فقال: «يا أبا بكر؛ أتاك نصر الله؛ هذا جبريل آخذ بعنان فرس يقوده على ثناياه النّقع» (6). وكان عدد المشركين ما بين التسع مائة والألف، ومعهم ثمانون فرسا، فلما تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض .. قال أبو جهل-لعنه الله-: اللهم؛ أقطعنا الرحم، وآتانا بما لا يعرف فأحنه الغداة، فكان هو المستفتح على نفسه (7). فبرز من الصف شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وولده الوليد بن عتبة يطلبون البراز، وهم في الحديد لا يرى إلا أعينهم، فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار كذلك أيضا لا يرى إلا أعينهم. فقال القرشيون لهم: من أنتم؟ فسموا أنفسهم، فقالوا: أكفاء كرام، لكنا لا نريد إلا

(1) أحنهم؛ أي: أهلكهم، والحين: الهلاك. (2) أخرجه البخاري (2915)، والنسائي في «الكبرى» (11493)، والبيهقي (9/ 46)، وأحمد (1/ 329) كلهم مختصرا، وهو عند ابن هشام في «سيرته» (2/ 621) عن ابن إسحاق، والله أعلم. (3) «صحيح مسلم» (1779). (4) أخرجه البخاري (2900)، والحاكم (2/ 96)، وأبو داود (2656)، وأحمد (3/ 498) وغيرهم. (5) خفق: نام نوما يسيرا. (6) ذكره ابن هشام في «السيرة» (2/ 627)، والنقع: الغبار. (7) لكون الوصف الذي دعا على صاحبه به إنما هو وصفه لا غير.

من قومنا، فبرز إليهم بأمر النبي صلّى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب، فأما حمزة وعلي فما أمهلا صاحبيهما، واختلف الوليد بن عتبة وعبيدة بن الحارث بضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، فكرّ حمزة وعلي على عتبة فذفّفاه، واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله، وآخر ذلك أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم حفنة من الحصى ورماهم بها، وقال لأصحابه: «شدوا»، فكانت الهزيمة (1)، فقتلوا من الكفار سبعين، وأسروا سبعين، وقتل من المسلمين أربعة عشر رجلا: ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار، ولما فرغ صلّى الله عليه وسلم من أمرهم أسرا وقتلا .. أمر بأربعة وعشرين رجلا منهم فقذفوا بالقليب قليب بدر؛ وهي: بئر غير مطوية، وكان صلّى الله عليه وسلم إذا أغار على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث .. أمر براحلته فشد عليها رحلها، ثم مشى، واتبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفير الرّكيّ (2)، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ويقول: «أيسرّكم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ »، فقال عمر: ما تكلم يا رسول الله من أجساد لا أرواح فيها؟ ! فقال صلّى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده؛ ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» (3). قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله؛ توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندامة. وروي: أنه صلّى الله عليه وسلم قيل له بعد الهزيمة: هذه العير ليس دونها شيء، فانهض في طلبها، فناداه عمه العباس وهو أسير: لا يصلح لك ذلك، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «ولم ذلك؟ » قال: لأن الله وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «صدقت» (4). وبعث النبي صلّى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة؛ يبشران أهل المدينة، قال أسامة بن زيد: أتانا الخبر حين سوّينا التراب على رقيّة ابنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم أقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة، فلما كان بمضيق

(1) أخرجه الطبري بسنده في «التاريخ» (2/ 449). (2) الشفير: الحرف والطرف، والرّكي: البئر قبل أن تطوى، أي: قبل أن تبنى بالحجارة. (3) أخرجه البخاري (3976)، ومسلم (2873). (4) أخرجه الحاكم (2/ 3027)، والترمذي (3080)، وأحمد (1/ 228)، وأبو يعلى (2373)، وغيرهم.

الصّفراء (1) .. قسّم النّفل-أي: الغنيمة-وأمر بقتل النضر بن الحارث بالصفراء، وأمر بقتل عقبة بن أبي معيط بعرق الظّبية (2)، فلما كان صلّى الله عليه وسلم بالروحاء .. لقيه المسلمون يهنّئونه، ودخل المدينة قبل الأسرى بيوم، ولما قدم بالأسارى .. فرّقهم بين أصحابه وقال: «استوصوا بهم خيرا» (3)، واستمر فداؤهم على أربعة آلاف درهم، ومنهم من نقص عنه، ومنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم على بعضهم بغير فداء. وكانت وقعة بدر يوم الجمعة سابع عشر شهر رمضان، على رأس سنة وثمانية أشهر وسبع عشرة ليلة من الهجرة، وسمي يوم بدر باسم المكان الذي جرت فيه الوقعة؛ وهو ماء معروف وقرية عامرة على نحو أربع مراحل من المدينة. قال ابن قتيبة: (وهي بئر لرجل يسمى: بدرا، سميت باسمه) (4). ومن أسمائه في كتاب الله العزيز: يوم الفرقان؛ وهو يوم التقى الجمعان، ويوم اللزام، ويوم البطشة الكبرى. وفي هذه السنة بعد بدر: غزوة بني قينقاع يهود المدينة (5)، رهط عبد الله بن سلام، وكانوا أول ناقض للعهد من اليهود، فحاصرهم النبي صلّى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه، فوهبهم في أنفسهم لحليفهم عبد الله بن أبي، وأخذ أموالهم، وكان لعبادة بن الصامت منهم من الحلف مثل ما لعبد الله بن أبي، فتبرأ منهم، قيل: نزل فيه وفي عبد الله بن أبي قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ} الآية. وبعد بدر غزوة السّويق (6)، وسببها: أن أبا سفيان بن حرب بعد بدر حلف ألاّ يمسّ رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا، فخرج في مائتي راكب، فلما كان على بريد من المدينة .. خرج في الليل حتى أتى حييّ بن أخطب، فضرب بابه، فخافه وأبى أن يخرج

(1) الصفراء: واد بناحية المدينة. (2) الظّبية: هي من الروحاء على ثمانية أميال مما يلي المدينة. (3) أخرجه الطبراني في «الكبير» (22/ 393)، والطبري في «التاريخ» (2/ 460). (4) «المعارف» (ص 152). (5) كذا في «طبقات ابن سعد» (2/ 26)، و «تاريخ الطبري» (2/ 479)، و «المنتظم» (2/ 240)، وغيرهم، ورجح الذهبي في «تاريخ الإسلام» (2/ 145): أنها في الثالثة، وتبعه في ذلك ابن كثير في «البداية والنهاية» (4/ 376)، والله أعلم. (6) كذا في «طبقات ابن سعد» (2/ 27)، و «تاريخ الطبري» (2/ 283)، وغيرهما، وخالف ابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 259) فجعلها في الثالثة.

إليه، فانصرف إلى سلاّم بن مشكم اليهودي، فأطعمه وسقاه وحادثه بالأخبار، ثم خرج عنه، فأتى أصحابه، فبعث رجالا منهم، فوجدوا رجلا من الأنصار وحليفا له في حرث لهما، فقتلوهما، فخرج النبي صلّى الله عليه وسلم في طلبهم، واستعمل على المدينة أبا لبابة الأنصاري، وانتهى صلّى الله عليه وسلم إلى قرقرة الكدر (1)، وفاته أبو سفيان، وقد كان صلّى الله عليه وسلم أصاب أزوادا كثيرة طرحها أبو سفيان وأصحابه يتخففون عنها، أكثرها السويق، ولذلك سميت غزوة السّويق. وبعد بدر أيضا: غزا صلّى الله عليه وسلم بني سليم بالكدر على ثمانية برد من المدينة، فاستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وكان لواؤه صلّى الله عليه وسلم مع علي رضي الله عنه، فغنم النبي صلّى الله عليه وسلم خمس مائة بعير، قسّم أربع مائة منها على الغانمين، أصاب كل واحد بعيرين، وأخذ النبي صلّى الله عليه وسلم مائة بعير، وكانت مدة غيبته عن المدينة خمس عشرة ليلة. وبعد بدر أيضا: كانت غزوة ذي أمرّ (2)؛ وهي غزوة أنمار بنجد، يريد صلّى الله عليه وسلم غطفان، واستعمل على المدينة عثمان بن عفان، وأقام صلّى الله عليه وسلم بنجد شهرا، ثم رجع من غير قتال، ومنها كانت سرية زيد بن حارثة، وذلك: أن قريشا بعد بدر تجنبوا طريق الشام، وسلكوا طريق العراق، فبعث صلّى الله عليه وسلم زيد بن حارثة، فلقي أبا سفيان في رفقة يحملون تجارة فيها فضة كثيرة، فغنم زيد ما في العير، وأعجزه الرجال هربا، ففي ذلك قال حسان يعيّر قريشا بأخذهم تلك الطرائق: [من الطويل] دعوا فلجات الشام قد حال دونها … جلاد كأفواه المخاض الأوارك بأيدي رجال هاجروا نحو ربّهم … وأنصاره حقا وأيدي الملائك إذا سلكت للغور من بطن عالج … فقولا لها: ليس الطريق هنالك (3)

(1) القرقرة-على وزن حيدرة-: الأرض المطمئنة اللينة، والكدر: تقدم ضبطها بفتح الكاف وضمها وسكون الدال المعجمة. (2) ذكر الطبري في «التاريخ» (2/ 487)، وابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 260)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (2/ 143)، وابن كثير في «البداية والنهاية» (4/ 375) وغيرهم: أنها كانت في السنة الثالثة، والله أعلم. (3) الفلجات-جميع فلجة-وهي: العين الجارية والوادي، والجلاد: المجالدة في الحرب، والمخاض-جمع ماخض- وهي: الإبل الحوامل، والأوارك: الإبل التي ترعى شجر الأراك، والغور: المنخفض من الأرض، وعالج: اسم موضع رملي في الصحراء.

قال الحافظ أبو زكريا العامري: (وفي هذه السنة: ذكر ابن إسحاق قتل كعب بن الأشرف الطائي وأمه من بني النضير، وذكره غير واحد في الثالثة قبيل غزوة بني النّضير (1)، وكان من حديثه: لما نصر الله نبيه ببدر .. اشتد حسده وبغضه، فقدم مكة فجعل يحرضهم ويرثي من قتل منهم، ثم رجع المدينة فشبّب بنساء المسلمين، فقال صلّى الله عليه وسلم: «من لكعب بن الأشرف؛ فإنه قد آذى الله ورسوله»، فقال محمد بن مسلمة الأنصاري: أتحب يا رسول الله أن أقتله؟ قال: «نعم»، قال: فأذن لي أن أقول شيئا، قال: «قل»، فأتاه محمد بن مسلمة، فقال: إن هذا الرجل قد سألنا صدقة، وإنه قد عنّانا، وإني آتيك أستسلفك، قال: وأيضا والله؛ لتملّنّه، قال: إنا قد اتبعناه، فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أيّ شيء يصير شأنه، وقد أردنا أن تسلفنا وسقا أو وسقين، قال: نعم، أرهنوني نساءكم، قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ ! قال: أرهنوني أبناءكم، قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيسبّ أحدهم فيقال: رهن بوسق أو وسقين؟ ! هذا عار علينا، ولكنا نرهنك اللّأمة-يعني: السلاح-فواعده أن يأتيه، فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة-وهو أخو كعب بن الأشرف من الرضاعة-وأبو عبس بن جبر والحارث ابن أوس وعبّاد بن بشر، فلما دعوه .. قالت امرأته: أين تخرج هذه الساعة؟ ! وقالت: أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم، فقال: إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة؛ إن الكريم إذا دعي إلى طعنة بليل .. لأجاب، فنزل إليهم متوشّحا ينفح منه ريح الطيب، فقال محمد بن مسلمة: ما رأيت كاليوم ريحا؛ أي: أطيب، قال: عندي أعطر النساء، قال: أتأذن لي أن أشم رأسك، قال: نعم، فشمه، ثم أشمّ أصحابه، ثم قال: أتأذن لي، قال: نعم، فلما استمكن منه .. قال: دونكم، فقتلوه، ثم أتوا النبي صلّى الله عليه وسلم فأخبروه (2). وذكر ابن إسحاق بعده قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق اليهودي تاجر أهل الحجاز (3)، وكان بخيبر، وكان يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويعين عليه، فبعث

(1) ذكره في السنة الثالثة كلّ من ابن سعد في «الطبقات» (2/ 28)، والطبري في «التاريخ» (2/ 487)، وابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 261)، وابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (2/ 34)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (2/ 157)، وابن كثير في «البداية والنهاية» (4/ 379)، وغيرهم، وهو الراجح، والله أعلم. (2) أخرجه البخاري (4037)، ومسلم (1801). (3) ذكر المؤلف هنا قتل ابن أبي الحقيق بعد ذكره قتل ابن الأشرف تبعا لابن إسحاق .. يوهم أن قتله كان في السنة الثانية أيضا، وليس كذلك؛ فقد ذكر ابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (2/ 37): أن قتله كان في الثالثة، وذكر الواقدي في «المغازي» (1/ 391): أن قتله كان في الرابعة، وذكر ابن سعد في «الطبقات» (2/ 87)، وابن الجوزي في-

النبي صلّى الله عليه وسلم لقتله رجالا من الأنصار، وأمّر عليهم عبد الله بن عتيك، فدنوا من حصنه وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم، فدخل عبد الله مع آخر من دخل من أهل الحصن، فكمن داخل الباب، وأبصر المفاتيح حيث وضعت، فلما هدأت الأصوات .. قام وأخذ المفاتيح، وجعل يفتح الأبواب بابا بابا، فكلما فتح بابا .. أغلقه عليه، قال: قلت: إن القوم نذروا بي .. لم يخلصوا إلى حتى أقتله، قال: فانتهيت إليه وهو في بيت مظلم وسط عياله، لا أدري أين هو من البيت، قلت: أبا رافع؛ قال: من هذا؟ فأهويت نحو الصوت، فضربته ضربة بالسيف وأنا دهش فما أغنيت شيئا، وصاح، فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد، ثم دخلت إليه فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ ! فقال: لأمّك الويل؛ إن رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف، قال: فأضربه ضربة أثخنته ولم أقتله، ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره، فعرفت أني قتلته، فجعلت أفتح الأبواب بابا بابا حتى انتهيت إلى درجة وقعت منها على الأرض، فانكسرت رجلي، فعصبتها بعمامة، ثم انطلقت حتى جلست على الباب، فقلت: لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته؟ فلما صاح الديك .. قام الناعي على السور، فانطلقت إلى أصحابي، فقلت: النجاء؛ فقد قتل الله أبا رافع، فانتهيت إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فحدّثته؛ فقال: «ابسط رجلك»، فبسطت رجلي، فمسحها، فكأني لم أشتكها قط (1). قال ابن إسحاق عقيب ذكره لقتل كعب بن الأشرف: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من ظفرتم به من رجال يهود .. فاقتلوه»، فوثب محيصة بن مسعود على رجل من تجار يهود كان يلابسهم فقتله، فجعل حويصة يضربه ويقول: أي عدو الله؛ أقتلته؟ أما والله؛ لربّ شحم في بطنك من ماله، فقال محيصة: والله؛ لقد أمرني بقتله من لو أمرني

= «المنتظم» (2/ 342)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (2/ 341): أنه كان في السادسة، وقد ذكر هذه الأقوال الحافظ في «فتح الباري» (7/ 342) في شرح حديث قتله، لكن لم يذكر أحد أن قتله كان في السنة الثانية، والراجح في ذلك: أنه كان في السادسة، والله أعلم. (1) أخرجه البخاري (4039)، والبيهقي (9/ 80). بسرحهم؛ أي: بمواشيهم، وكمن: اختفى، ونذروا: علموا، وأمكث: ذكره بلفظ المضارع مبالغة لاستحضار صورة الحال وإن كان ذلك قد مضى، وضبيب: بضاد معجمة مفتوحة وموحدتين على وزن رغيف، قال الخطابي: هكذا يروى، وما أراه محفوظا، وإنما هو ظبّة السيف، وهو حرف حدّ السيف ويجمع على ظبات، والضبيب لا معنى له هنا؛ لأنه سيلان الدم من الفم، قال عياض: هو في رواية أبي ذر بالصاد المهملة، وكذا ذكره الحربي وقال: أظنه طرفه، وفي غير رواية أبي ذر بالمعجمة، وهو طرف السيف، انظر «فتح الباري» (7/ 344).

وفي السنة الثالثة

بقتلك .. لضربت عنقك، قال: والله؛ إن دينا بلغ بك هذا لعجب، فأسلم حويصة (1)) (2). وفيها: مات عثمان بن مظعون. وفيها: ولد عبد الله بن الزبير، والنعمان بن بشير. *** وفي السنة الثالثة : تزوج النبي صلّى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر رضي الله عنها. وفيها: تزوج صلّى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة الهلالية أمّ المساكين-رضي الله عنها-في رمضان على ما ذكره اليافعي في «تاريخه» (3). قلت: وذكر ذلك مغلطاي أيضا في «مختصره» (4)، والله أعلم. فلبثت معه شهرين أو ثلاثة وماتت. وفيها: تزوج عثمان أم كلثوم بنت النبي صلّى الله عليه وسلم بعد أختها رقيّة. وفي منتصف رمضان: ولد الحسن بن علي رضي الله عنهما. وفيها: بعد أحد حرّمت الخمر. وفيها: كانت وقعة أحد التي خصّ الله فيها المؤمنين، وختم لسبعين منهم بالشهادة. وكان من حديث أحد: أن أبا سفيان بن حرب وأولاد من قتل ببدر تحاشدوا بينهم، وأنفقوا الأموال في طلب الثأر بمن أصيب منهم ببدر، وخرجوا لغزو رسول الله صلّى الله عليه وسلم بظعنهم ومن أطاعهم من الأحابيش وكنانة، حتى نزلوا بأحد شاميّ (5) المدينة إلى جهة المشرق قليلا، على ثلاثة أميال أو نحوها من المدينة، وهم ثلاثة آلاف، ومعهم مائتا فرس، وكان على خيلهم خالد بن الوليد، فلما علم بهم صلّى الله عليه وسلم .. استشار أصحابه في الخروج إليهم أو الإقامة، وقال لهم: «إني رأيت في منامي أن في سيفي ثلمة، وأن بقرا لي تذبح، وأني أدخلت يدي في درع حصينة»، وتأولها أن نفرا من أصحابه

(1) أخرجه أبو داود (2995)، والطبراني في «الكبير» (20/ 311)، والطبري في «تاريخه» (2/ 490). (2) «بهجة المحافل» (191/ 1 - 194)، وانظر «سيرة ابن هشام» (51/ 3، 58، 273). (3) انظر «مرآة الجنان» (1/ 7). (4) انظر «الإشارة إلى سيرة المصطفى» (228). (5) أي: من جهة الشام بالنسبة للمدينة.

يقتلون، وأن رجلا من أهل بيته يصاب، وأن الدرع الحصينة المدينة، ثم قال: «فإن رأيتم أن تقيموا بها وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا .. أقاموا بشر مقام، وإن دخلوها .. قاتلناهم فيها» (1)، فاختلفت آراؤهم في ذلك، فرأى جماعة-منهم: عبد الله بن أبي وكان قد أظهر الإسلام-الإقامة بالمدينة، ورأى جماعة-منهم: من قضى الله لهم بالشهادة، وغيرهم-الخروج إليهم، حتى غلب رأي من أحب الخروج، فدخل صلّى الله عليه وسلم، فلبس لأمته وخرج عليهم، فوجدهم قد رجّحوا رأي القعود، فأبى عليهم وقال: «ما ينبغي للنبي إذا ليس لأمته أن يضعها حتى يقاتل» (2)، فسار بهم وذلك بعد أن صلّى بهم الجمعة، وصلّى على مالك بن عمرو أخي بني النجار وكان توفي ذلك اليوم، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، فخرج من المدينة في نحو ألف، فلما بلغوا الشّوط (3) .. انخزل عبد الله بن أبي المنافق بثلث الناس أنفة أن خولف رأيه في القعود، فهمّ بنو حارثة من الأوس وبنو سلمة من الخزرج بالرجوع والفشل، فتولاهم الله وثبتهم كما قال الله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما، } قال جابر رضي الله عنه: وفينا نزلت وما أحب أنها لم تنزل؛ لقوله تعالى: {وَاللهُ وَلِيُّهُما} (4)، ونزل صلّى الله عليه وسلم بالشعب من أحد على شفير وادي قناة، وجعل ظهره إلى أحد، ورتب أصحابه وبوأهم مقاعد للقتال، وكانوا مشاة فجعل عبد الله بن جبير أخا خوّات بن جبير على الرماة، وهم خمسون رجلا، وأقعدهم على جبل عينين (5)، وقال لهم: «لا تبرحوا مكانكم إن غلبنا أو غلبنا» (6)، وظاهر صلّى الله عليه وسلم بين درعين (7)، ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير، وتعبأت قريش، وجعلوا على ميمنتهم وخيلهم خالد بن الوليد، وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل، وقال أبو سفيان لبني عبد الدار-وكان إليهم لواء قريش-: إنكم وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم،

(1) حديث الرؤيا أخرجه الحاكم (2/ 128)، والنسائي في «الكبرى» (7600)، والبيهقي (7/ 41)، وأحمد (3/ 351)، وأصله في «الصحيحين» عند البخاري (3622)، ومسلم (2272). (2) أخرجه البخاري معلقا في (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة) باب: قول الله تعالى: وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ، وعبد الرزاق (9735) من حديث طويل. (3) الشّوط: بستان عند جبل أحد بالمدينة. (4) أخرجه البخاري (4051)، ومسلم (2505). (5) عينين-بفتح المهملة وكسرها، تثنية عين-: جبل صغير بأحد. (6) أخرجه البخاري (3039)، وابن حبان (4738) وغيرهما. (7) أخرجه أبو داود (2583)، والنسائي في «الكبرى» (8529)، وابن ماجه (2806)، وأحمد (3/ 449)، وظاهر بين درعين؛ أي: لبس إحداهما فوق الأخرى.

وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم؛ إذا زالت .. زالوا، وكانت قريش قد سرحت رواعيها في زرع الأنصار بقناة (1)، فحميت الأنصار لذلك، فحمل النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه على المشركين، فهزموهم حتى قال البراء بن عازب رضي الله عنهما: رأيت النساء- يعني: هندا وصواحبها-يشددن في الجبل هربا رفعن عن سوقهن حتى بدت خلاخلهن، فقال الرماة-أصحاب عبد الله بن جبير-: الغنيمة، ظهر أصحابكم فما تنتظرون (2)؟ فأقبلوا على الغنيمة، وثبت عبد الله بن جبير في نفر دون العشرة، فلما رأى خالد بن الوليد ذلك ورأى ظهور المسلمين خالية من الرماة .. صاح في خيله، فحملوا على بقية الرماة، ثم أتى المسلمين من خلفهم، وجالت الريح فصارت دبورا بعد أن كانت صبا (3)، وصرخ إبليس- لعنه الله-ألا إن محمدا قد قتل فانفضت صفوف المسلمين، وتزاحفت قريش بعد هزيمتها، وذلك بعد أن قتل على لوائها أحد عشر رجلا من بني عبد الدار، وبقي لواؤهم صريعا حتى رفعته لهم عمرة بنت علقمة الكنانية، فلاثوا به (4)، وخلص العدو إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ورموه بالحجارة حتى وقع لشقه، وكسر رباعيته (5) عتبة بن أبي وقاص-أخو سعد بن أبي وقاص-اليمنى السّفلى، وجرح شفته، وجرح ابن قميئة الليثي-واسمه عبد الله -وجه النبي صلّى الله عليه وسلم، فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنتيه الكريمتين (6)، وشجّه أيضا عبد الله بن شهاب الزهري جد الإمام محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري، وهشّم البيضة على رأسه (7)، وكان هؤلاء معهم أبيّ بن خلف الجمحي، تعاقدوا على قتله صلّى الله عليه وسلم، أو ليقتلنّ دونه، فمنعه الله منهم. قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه كأشد القتال، عليهما ثياب بيض، ما رأيتهما قبل ولا بعد، وهما جبريل وميكائيل (8).

(1) قناة: واد بالمدينة. (2) أخرجه البخاري (3039)، وابن حبان (4738)، وأبو داود (2655)، والنسائي في «الكبرى» (11013). (3) الدّبور: الريح الغربية، والصبا: الريح الشرقية، والمقصود هنا: أن الحال قد انقلبت من الحسن إلى السيء. (4) لاثوا به؛ أي: اجتمعوا حوله. (5) الرباعية-على وزن ثمانية-الناب من الإنسان. (6) المغفر: ما يلبس تحت البيضة، شبيه بحلق الدرع، يجعل في الرأس. (7) أخرجه البخاري (2911)، ومسلم (1790)، ومن ثم أسلم عبد الله بن شهاب هذا ومات بمكة، انظر «الإصابة» (2/ 317). (8) أخرجه البخاري (4054)، ومسلم (2306).

وكان أول من عرف رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد أن أشيع قتله .. كعب بن مالك، قال: رأيت عيناه تزهران تحت المغفر، فقلت: يا معشر المسلمين؛ أبشروا، هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأشار إلى: أن اسكت (1)، فعطف عليه نفر من المسلمين، ونهضوا إلى الشعب. وقد كان أبي بن خلف يقول للنبي صلّى الله عليه وسلم: عندي فرس أعلفها كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليها (2)، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «أنا أقتلك عليها إن شاء الله تعالى»، فلما كان يوم أحد .. شدّ أبيّ بن خلف على فرسه قاصدا النبي صلّى الله عليه وسلم إلى الشّعب وهو يقول: أين محمد؟ لا نجوت إن نجا، فاعترضه رجال من المسلمين، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم هكذا؛ أي: خلوا طريقه، وتناول صلّى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصّمّة، فانتفض بها انتفاضة تطايروا عنه تطاير الشّعراء عن ظهر البعير إذا انتفض (3)، ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا (4)، ورجع إلى أصحابه وهو يقول: قتلني محمد، وهم يقولون: لا بأس عليك، فقال: لو كان ما بي بجميع الناس لقتلهم، أليس قد قال: «أنا أقتلك»؟ ! والله؛ لو بصق علي .. لقتلني، فمات بسرف (5). وطفق نساء المشركين يمثلن بالقتلى من المسلمين بتبقير البطون، وقطع المذاكير، وجدع الآذان والأنوف، لم يحترموا أحدا منهم غير حنظلة الغسيل؛ فإن أباه أبا عامر الراهب -الذي سماه النبي صلّى الله عليه وسلم الفاسق بدل الراهب-كان مع المشركين، فتركوه لذلك. ولما نظر النبي صلّى الله عليه وسلم إلى ذلك من عمه حمزة .. لم ينظر إلى شيء قط كان أوجع لقلبه منه، وترحم عليه وأثنى وقال: «أما والله؛ لئن ظفّرني الله بهم .. لأمثّلنّ بسبعين منهم مكانك»؛ فأنزل الله تعالى: {وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ}

(1) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1108)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (253)، وابن سعد (2/ 46)، وغيرهم. (2) الفرق-بفتح الفاء والراء، ويجوز إسكان الراء-: مكيال يسع ستة عشر رطلا. (3) الشّعراء-بسكون العين المهملة-: ذباب صغير له لذع، يقع على ظهر البعير. (4) تدأدأ: تدحرج وسقط. (5) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (3/ 237)، وأبو نعيم في «الدلائل» (2/ 620)، والطبري في «التاريخ» (2/ 518).

{لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِينَ} (1)، فكان صلّى الله عليه وسلم بعد ذلك ينهى عن المثلة (2)، ويوصي من يبعث من السرايا ألاّ يمثلوا. ولما انصرفت قريش وعلم الله سبحانه ما في قلوب أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم من تراكم الغموم والهموم مما أصابهم وخوف كرة العدو عليهم .. تفضل عليهم بالنعاس؛ أمنة منه سبحانه وتعالى للمؤمنين منهم وهم أهل اليقين، ولم يغش أحدا من المنافقين، كما قال الله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} الآية. قال أبو طلحة رضي الله عنه: غشينا النعاس ونحن في مصافنا، فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه (3). وقال رضي الله عنه: رفعت رأسي فجعلت ما أرى أحدا .. إلا وهو يميل تحت حجفته (4). وقال الزبير رضي الله عنه: والله؛ إني لأسمع قول معتّب بن قشير والنعاس يتغشّاني ما أسمعه إلا كالحلم يقول: لو كان لنا من الأمر شيء .. ما قتلنا ههنا (5). وكان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص، أكرم الله فيه من أكرم بالشهادة، وممن أبلى يومئذ وعظم نفعه: طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم. وكان ذلك يوم السبت للنصف من شوال، وقيل: السابع منه. وفي هذه السنة: غزا صلّى الله عليه وسلم حمراء الأسد، وذلك: أن قريشا لما انصرفوا من أحد وبلغوا الروحاء .. هموا بالرجوع؛ لاستئصال من بقي من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم بزعمهم، فلما علم بهم النبي صلّى الله عليه وسلم .. ندب أصحابه للخروج موريا من نفسه القوة، وقال: «لا يخرجن معنا إلا من حضر يومنا

(1) أخرجه الحاكم (3/ 197)، والطبراني في «الكبير» (3/ 143)، والبيهقي في «الشعب» (9703)، وغيرهم. (2) أخرجه البخاري (2474)، وابن حبان (5616)، والترمذي (1408)، وغيرهم. (3) أخرجه البخاري (4562)، وابن حبان (7180)، والترمذي (3008)، وأحمد (4/ 29). (4) أخرجه الحاكم (2/ 297)، والترمذي (3007)، والنسائي في «الكبرى» (11134)، وأبو يعلى (1422)، وغيرهم، والحجفة: الترس من الجلد. (5) أخرجه الضياء المقدسي في «المختارة» (864).

بالأمس» (1)، فانتدب منهم سبعون رجلا الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح، فلما بلغوا حمراء الأسد-وهي على ثمانية أميال من المدينة- .. مر بهم معبد الخزاعي، وكانت خزاعة نصحاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم مسلمهم وكافرهم، فعزّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمن أصيب من أصحابه، ثم جاوزهم، فلما انتهى إلى قريش .. أخبرهم بمخرج النبي صلّى الله عليه وسلم، وهوّل جيوشه، وقال: والله، لقد حملني ما رأيت على أن قلت: [من البسيط] كادت تهدّ من الأصوات راحلتي … إذ مالت الأرض بالجرد الأبابيل (2) في أبيات أنشدها، فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه عن الرجوع، ومر عليهم ركب من عبد القيس، فجعل لهم أبو سفيان جعلا على أن يخبروا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومن معه بأنهم يريدون الكرة عليهم، فلما مر الركب برسول الله صلّى الله عليه وسلم وأخبروه وأصحابه بمقالة أبي سفيان .. قالوا-كما حكى الله عنهم-: {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، } وأقام صلّى الله عليه وسلم بحمراء الأسد ثلاثا، ثم رجع. وفي هذه الغزوة أخذ صلّى الله عليه وسلم معاوية بن المغيرة الأموي جدّ عبد الملك بن مروان أبا أمه، وأبا عزة الجمحي الشاعر، فأما معاوية .. فشفع فيه عثمان رضي الله عنه، فشفّع فيه على أنه إن وجد بعد ثلاث .. قتل، فوجد بعدها فقتل، وأما أبو عزة .. فكان النبي صلّى الله عليه وسلم أسره ببدر، فشكا حاجة وعيالا، فمنّ عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم مجانا، وأخذ عليه ألاّ يعين عليه، فنكث، فلما وقع الثانية .. شكا مثلها، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «لا والله؛ لا تمسح عارضيك بمكة وتقول: خدعت محمدا مرتين؛ إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين» (3)، وأمر بضرب عنقه. وفي هذه السنة: غزوة بني النّضير بعد أحد، وقال الزهري عن عروة: وكانت قبل أحد على رأس ستة أشهر من بدر (4)، وكانوا صالحوا النبي صلّى الله عليه وسلم حين قدموا المدينة على ألاّ يقاتلوا معه ولا يقاتلوه، فنقضوا العهد، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين

(1) انظر «طبقات ابن سعد» (2/ 45). (2) تهدّ: تسقط، الجرد: الخيل العتاق، الأبابيل: الجماعات. (3) أخرجه البيهقي (9/ 65) بلفظه، وحديث: «لا يلدغ المؤمن ... » أخرجه البخاري (6133)، ومسلم (2998). (4) كذا أخرجه البخاري معلقا في (كتاب المغازي) باب: حديث بني النضير، وانظر حديث غزوة بني النضير بطوله عند أبي داود (2997)، وعبد الرزاق (9732) وما بعده.

راكبا إلى قريش، فحالفهم بعد بدر، وقيل: بعد أحد، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم قصدهم يستعينهم في دية الرجلين الذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري في غزوة بئر معونة، ولم يعلم ما بين قومهما وبين النبي صلّى الله عليه وسلم من العقد، فهمّوا بطرح حجر عليه من فوق الحصن، فأخبره جبريل بذلك، فانصرف راجعا عنهم، وأمر بقتل كعب بن الأشرف كما تقدم، وأصبح غاديا عليهم بالكتائب، وكانوا بقرية يقال لها: زهرة، فوجدهم ينوحون على كعب بن الأشرف، فقالوا: يا محمد، واعية على إثر واعية (1)، ثم حشدوا للحرب، ودس إليهم إخوانهم من المنافقين ما حكاه الله سبحانه وتعالى عنهم: {لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ} الآية. فحاصرهم النبي صلّى الله عليه وسلم إحدى وعشرين ليلة، وقطع نخلهم وحرّقها؛ وهي البويرة. وفيها يقول حسان بن ثابت يوبّخ قريشا ويعيّرهم بذلك: [من الوافر] وهان على سراة بني لؤيّ … حريق بالبويرة مستطير فأجابه أبو سفيان بن الحارث: أدام الله ذلك من صنيع … وحرّق في نواحيها السّعير ستعلم أيّنا منها بنزه … وتعلم أيّ أرضينا تضير (2) وكان بعض الصحابة مترددا في قطع النخل، ورأوا أن ذلك من الفساد، وعيّرهم اليهود بذلك أيضا، فأنزل الله تعالى: {ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ.} ولما اشتد على أعداء الله الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وأيسوا من نصر المنافقين .. طلبوا الصلح من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فصالحهم على الجلاء، وأن لهم ما أقلّت الإبل إلا السلاح، فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم؛ لينقلوا أبوابها وأخشابها، فخرج ناس منهم إلى أذرعات وأريحا من الشام، وبعضهم إلى الحيرة (3)، ولحق آل

(1) الواعية: الباكية. (2) أخرجه البخاري (4032)، والبيهقي (9/ 83)، ومستطير: منتشر متفرق، والسعير: النار الملتهبة، النزه: البعد، تضير: تتضرر، والسراة: الأشراف، والبويرة: موضع من بلد بني النضير، وقيل: نخل قرب المدينة. (3) أذرعات: بلد في أطراف الشام مجاور لأرض البلقاء، ويقال لها اليوم: درعا، وأريحا: مدينة قديمة في غور الأردن، والحيرة: مدينة معروفة عند الكوفة.

أبي الحقيق وآل حيي بن أخطب بخيبر، فكانوا أول من أجلي من اليهود، كما قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا} [الحشر: 2]، والحشر الثاني: من خيبر في أيام عمر رضي الله عنه. فكانت أموال بني النّضير خالصة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقسمها بين المهاجرين لفقرهم وحاجتهم، ولم يعط الأنصار منها شيئا، إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة: أبو دجانة، وسهل بن حنيف، والحارث بن الصّمّة، فطابت بذلك أنفس الأنصار رضي الله عنهم، وأثنى الله عليهم لذلك بقوله تعالى: {وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً} أي: حسدا {مِمّا أُوتُوا}؛ يعني: المهاجرين رضي الله عنهم أجمعين. وفي ذي القعدة منها: كانت غزوة بدر الثالثة، وهي: الصغرى، كما قاله النووي (1)، وذكرها غير واحد في الرابعة، قال الحافظ العامري: (وهو موافق لما ذكر فيها: أنهم تواعدوا لها يوم أحد العام القابل) (2)؛ وذلك: أن أبا سفيان حين انصرف من أحد .. واعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم موسم بدر، وكانت سوقا من أسواق الجاهلية يجتمعون إليها في كل عام ثمانية أيام، فلما كان ذلك .. خرج أبو سفيان بمن معه حتى نزل مجنّة من ناحية مرّ الظّهران، وقيل: بلغ عسفان، وبدا له الرجوع، وتعلل بجدب العام وعدم المرعى، قيل: وجعل جعلا لبعض العرب على أن يلقوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويثبّطوه. وخرج صلّى الله عليه وسلم بمن معه للميعاد، واستعمل على المدينة عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول، وجعل كفار العرب يلقونهم ويخبرونهم بجمع أبي سفيان، فيقولون: حسبنا الله ونعم الوكيل حتى نزلوا بدرا، ووافقوا السوق وأصابوا الدرهم درهمين، وانصرفوا إلى المدينة سالمين كما قال الله تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} الآية. وفي ذلك يقول عبد الله بن رواحة-وقيل كعب بن مالك-: [من الطويل] وعدنا أبا سفيان بدرا فلم نجد … لميعاده صدقا وما كان وافيا

(1) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 20)، وذكرها في الرابعة الواقدي في «المغازي» (1/ 384)، وابن سعد في «الطبقات» (2/ 55)، وابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 295)، وغيرهم، وقال الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (4/ 482): (ووافق موسى بن عقبة أنها في شعبان، لكن قال: سنة ثلاث، وهذا وهم؛ فإن هذه تواعدوا إليها من أحد، وكانت أحد في شوال سنة ثلاث) اهـ‍ (2) «بهجة المحافل» (2/ 216).

فأقسم لو وافيتنا ولقيتنا … لأبت ذليلا وافتقدت المواليا تركنا بها أوصال عتبة وابنه … وعمرا أبا جهل تركناه ثاويا عصيتم رسول الله أفّ لدينكم … وأمركم السّيء الذي كان غاويا فإنّي وإن عنّفتموني لقائل … فدى لرسول الله أهلي وماليا أطعناه لم نعدله فينا بغيره … شهابا لنا في ظلمة الليل هاديا (1) وفي هذه السنة: كانت سرية عاصم بن ثابت الأنصاري، قال ابن إسحاق: كانت بعد أحد، بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم في عشرة رهط عينا، فلما كانوا بالرّجيع؛ ماء لهذيل بين عسفان ومكة .. ذكروا لحي من هذيل، فتبعهم منهم نحو من مائة رام، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه .. لجئوا إلى فدفد؛ أي: مرتفع من الأرض، وأحاط بهم القوم، وأعطوهم العهد؛ إن استسلموا وألقوا ما بأيديهم .. لا يقتلون منهم أحدا، فقال عاصم: أما أنا .. فلا أنزل في ذمة كافر أبدا، اللهم؛ أخبر عنا رسولك، فرموهم حتى قتلوا عاصما في سبعة، ونزل إليهم خبيب بن عدي وزيد بن الدّثنة وعبد الله بن طارق بالأمان، فربطوهم بأوتار قسيّهم، فقال عبد الله بن طارق: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم أبدا، فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد فباعوهما بمكة، فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان قد قتل أباهم ببدر فقتلوه به (2)، واشترى زيد بن الدّثنة صفوان بن أمية، فقتله بأبيه (3). وبعد مقتل خبيب وأصحابه بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري وجبّار بن صخر الأنصاري ليقتلا أبا سفيان غيلة، فقدما مكة خفية، فشهرا وخرجا هاربين ولم يقعا على ما أرادا، ذكر ذلك ابن هشام من غير رواية ابن إسحاق (4). وفيها-أو في الرابعة-: كانت سرية بئر معونة، وسببها: أنه قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر الكلابي العامري ملاعب الأسنّة، فعرض عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم الإسلام، فلم يسلم ولم يبعد، وقال: يا محمد؛ ابعث معي رجالا من أصحابك إلى أهل نجد؛ يدعوهم إلى أمرك وأنا لهم جار،

(1) أبت: رجعت، وثاويا: مقيما، والسّيء: مخفف من السّيّء، وهما بمعنى، كما تقول: هيّن وهين وميّت وميت، وعنفتموني: لمتموني، ونعدله: نساويه مع غيره. (2) انظر الخلاف الذي ذكرناه حول شهود خبيب بدرا وقتله للحارث بن عامر في ترجمته (1/ 79). (3) سبق تخريج حديث الرجيع في ترجمة (عاصم بن ثابت رضي الله عنه) (1/ 77). (4) انظر «سيرة ابن هشام» (4/ 633).

فبعث النبي صلّى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو الأنصاري الساعدي في سبعين من الأنصار، فساروا حتى نزلوا بئر معونة، فانطلق حرام بن ملحان إلى رئيس المكان عامر بن الطفيل؛ ليبلغه رسالة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأتاهم وجعل يحدثهم، فأومئوا إلى رجل، فأتاه من خلفه فطعنه بالرمح، فقال حرام: الله أكبر، فزت ورب الكعبة، ثم أخذ من دمه ونضحه على وجهه ورأسه؛ فرحا بالشهادة (1). ثم استصرخ عليهم عامر بني عامر، فأبوا عليه، وقالوا: لن نخفر أبا براء في جواره، فاستصرخ عليهم قبائل بني سليم: عصيّة ورعلا وذكوان، فأجابوه وقتلوا السرية عن آخرهم، إلا كعب بن زيد؛ فإنه بقي به رمق، فعاش حتى استشهد يوم الخندق. وفي «صحيح البخاري»: قتلوا كلهم غير الأعرج؛ كان في رأس جبل (2). وكان في سرحهم عمرو بن أمية الضمري وأنصاري (3)، فلما راحا وجدا أصحابهم صرعى، والخيل التي أصابتهم واقفة، فقتلوا الأنصاري، وأطلقوا عمرا حين أخبرهم أنه من ضمرة، فخرج عمرو حتى إذا كان بقناة .. أقبل رجلان، فنزلا معه في ظل هو فيه، فتحدث معهما وأخبراه أنهما من بني عامر، فأمهل حتى ناما فقتلهما، وكان معهما عقد وجوار من رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم يعلم به، فلما قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأخبره .. قال: «لقد قتلت قتيلين، لأدينّهما» (4)، وهما اللذان خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعين بهم في ديتهما كما تقدم. وهذا يؤيد أن بئر معونة في الثالثة، كما ذكره النووي وغيره (5)؛ لاتفاق أهل التواريخ جميعا: أن سبب غزوة بني النضير خروج النبي صلّى الله عليه وسلم يستعينهم في دية هذين الرجلين، والله سبحانه أعلم. ***

(1) أخرجه البخاري (2801)، ومسلم (677). (2) «صحيح البخاري» (4091). (3) وهو: المنذر بن محمد بن عقبة الأوسي، انظر ترجمته (1/ 82). (4) أخرجه الطبراني في «الكبير» (20/ 356) من حديث طويل، والطبري في «التاريخ» (2/ 546). (5) هذا يوهم أن الإمام النووي حدّد زمن حادثة بئر معونة في السنة الثالثة، وليس كذلك، بل قد ذكرها في الرابعة، كما في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 20)، وذكر: أن غزوة بني النضير كانت في الثالثة، فليتنبه.

[وفي] السنة الرابعة

[وفي] السنة الرابعة : قصرت الصلاة بنزول قوله تعالى: {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ.} وفيها: تزوج النبي صلّى الله عليه وسلم أمّ سلمة رضي الله عنها. وفيها: ولد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، قيل: حملت به أمه بعد مولد أخيه الحسن بخمسين ليلة، وولد لخمس خلون من شعبان. وفيها: أمر النبي صلّى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب يهود؛ ليكتب له إليهم، ويقرأ له كتبهم. وفي جمادى الأولى: توفي عبد الله بن عثمان من رقيّة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان بلغ ست سنين؛ نقره ديك في عينه، فكان سبب موته. وفيها: توفيت فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب، وهي: أول هاشمية ولدت هاشميا، فولدت لأبي طالب طالبا وعقيلا وجعفرا وعليا، وكان بين كل واحد منهم عشر سنين، وولدت له أيضا أم هاني وجمانة وريطة (1)، وكانت فاطمة المذكورة محسنة إلى النبي صلّى الله عليه وسلم؛ إذ كان في حجر عمه أبي طالب، فلما ماتت .. دفنها وأشعرها قميصه؛ لتلبس من ثياب الجنة، واضطجع في قبرها؛ ليخفف عنها من ضغطة القبر (2). وفيها: سرق ابن أبيرق-أو بنو أبيرق-درعا لقتادة بن النعمان أو لعمه رفاعة بن زيد، وألقوا تهمتهما على زيد بن السمين اليهودي، فلما وجدت عنده .. قال: دفعها إلى طعمة بن أبيرق، ففشى ذلك وكبر على قومه بني ظفر، وقالوا: يا رسول الله؛ ذهب هؤلاء إلى أهل بيت منا أهل صلاح، فرموهم بالسرقة، وكرّروا عليه حتى غضب صلّى الله عليه وسلم على قتادة بن النعمان وعمه، وهمّ أن يجادل عن ابن أبيرق-أو بني أبيرق-على ظاهر الأمر، فأنزل الله تعالى: {إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللهُ، } الآيات ولما افتضح ابن أبيرق .. هرب إلى مكة، ثم إلى خيبر، فنقب بيتا ليسرقه، فسقط عليه فمات مرتدا (3).

(1) كما في «طبقات ابن سعد» (10/ 51). (2) سبق تخريجه في ترجمتها (1/ 83)، وأشعرها قميصه؛ أي: ألبسها إياه وجعله شعارا لها. (3) أخرجه الحاكم (4/ 385)، والترمذي (3036)، والطبراني في «الكبير» (19/ 10).

وفيها: كانت غزوة ذات الرقاع إلى نجد يريد غطفان، فانتهى صلّى الله عليه وسلم إلى نخل، ولقي جمعا من غطفان، فتقاربوا ولم يكن قتالا. قال مغلطاي: (وكانت غزوة ذات الرقاع لعشر خلون من المحرم) (1)، فخرج النبي صلّى الله عليه وسلم في أربع مائة، وقيل: سبع مائة، واستخلف بالمدينة عثمان، وقيل: أبا ذر. وأصح ما قيل في تسميتها ذات الرقاع: ما روى البخاري عن أبي موسى الأشعري: أن أقدامهم نقبت، فلفّوا عليها الخرق (2)؛ ولهذا قال البخاري: (إنها بعد خيبر؛ لأن أبا موسى إنما جاء من الحبشة بعد خيبر) (3). وفي هذه الغزوة: صلّى صلّى الله عليه وسلم صلاة الخوف (4)، وذلك: أن المشركين لما رأوا النبي صلّى الله عليه وسلم صلّى الظهر جميعا .. ندموا ألا كانوا أكبوا عليهم، فقالوا: دعوهم؛ فإن لهم صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم-يعنون: صلاة العصر- فإذا قاموا فيها .. فشدوا عليهم واقتلوهم، فنزل جبريل بصلاة الخوف كما في «تفسير البغوي» عن جابر رضي الله عنه (5). وذكر ابن هشام بروايته عن ابن إسحاق: أن في هذه الغزوة اشترى النبي صلّى الله عليه وسلم من جابر جمله الذي كان أعيى به في الطريق وتخلف به، فلحق به النبي صلّى الله عليه وسلم، فنزل فحجنه بمحجنه، ثم قال: «اركب»، فركبه جابر، قال: فلقد رأيته أكفّه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاشتراه منه صلّى الله عليه وسلم-وفي ثمنه اضطراب

(1) «سيرة مغلطاي» (247). (2) «صحيح البخاري» (4128). (3) ذكر البخاري ذلك في (كتاب المغازي) باب: غزوة ذات الرقاع، وذكر المصنف لها في السنة الرابعة تبع في ذلك ابن إسحاق كما ذكر ذلك ابن هشام في «السيرة» (3/ 203)، والطبري في «التاريخ» (2/ 555)، وابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (2/ 61)، وذكرها في الخامسة كل من الواقدي في «المغازي» (1/ 395)، وابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 305)، لكن رجح البخاري-كما مر-أنها بعد خيبر، وانتصر لذلك الحافظ في «الفتح» (417/ 7 - 421)، وأتى بالأدلة والبراهين فلم يبق قولا لقائل، فانظره لزاما، وقد وضعها الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» في «سيرته» (5/ 268) بعد غزوة خيبر، ثم نبه على أن الصحيح المعتمد: هو أنها بعد خيبر، وهذا هو الراجح، والله أعلم. (4) وفي ذلك دليل على أن هذه الغزوة ليست في السنة الرابعة؛ لأن صلاة الخوف أنزلت بعد الخندق بيقين، وحديث صلاة الخوف عند البخاري (4129)، ومسلم (842). (5) «تفسير البغوي» (1/ 472).

كثير-فلما قدموا المدينة .. وزن له ثمن الجمل وزاده قيراطا، وردّ عليه الجمل، ولم يسترد الثمن، وفي إحدى روايات «مسلم» عن جابر: أن ذلك كان في إقبالهم من مكة إلى المدينة (1). وفي هذه الغزوة: قصة غورث بن الحارث؛ ففي «صحيح البخاري»: عن جابر: أنهم لما قفلوا .. نزلوا منزلا، وتفرقوا في الشجر، ونزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم تحت شجرة، فعلّق سيفه، قال جابر: فنمنا نومة، ثم إذا رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدعونا، فجئناه؛ فإذا عنده أعرابي جالس، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا، فقال: من يمنعك مني؟ قلت: الله» (2). وفي رواية: (أن السيف سقط من يد الأعرابي، فأخذه النبي صلّى الله عليه وسلم، وقال: «من يمنعك مني؟ »، قال: كن خير آخذ، فتركه وعفا عنه، فجاء إلى قومه وقال: جئتكم من عند خير الناس) (3)، وأسلم (4). وفي هذه السنة: كانت غزوة بني المصطلق من جذيمة، وهم بنو جذيمة بن سعد بطن من خزاعة، وتسمى: غزوة المريسيع-بالعين المهملة والمعجمة-اسم ماء لخزاعة، بينه وبين الفرع نحو من يوم، وبين الفرع والمدينة ثمانية برد. قال موسى بن عقبة: كانت سنة أربع، ويؤيده ذكر سعد بن معاذ في قصة الإفك الواقعة فيها، وسعد رضي الله عنه أصيب يوم الخندق سنة أربع على الأصح، فعلم من هذا أن المريسيع قبلها (5)؛ وذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلم علم أن بني المصطلق اجتمعوا

(1) «سيرة ابن هشام» (3/ 206) بمعناه. (2) «صحيح البخاري» (4137). (3) هذه الرواية عند أحمد (3/ 364). (4) تكلم الحافظ عن إسلامه في «الإصابة» (3/ 185) فقال: («فوضع السيف من يده وأسلم»، قاله البخاري من حديث جابر، هكذا استدركه الذهبي في «التجريد» على من تقدمه ... وليس في «البخاري» تعرض لإسلامه ... ، وقد رويناه في «المسند الكبير» لمسدّد، وفيه ما يصرح بعدم إسلام غورث) اهـ‍، وقد استدرك عليه الصالحي الشامي في «السيرة» (5/ 281) فقال: (قلت: سبق الذهبيّ في نقل إسلام غورث عن البخاري الأمير أبو نصر ابن ماكولا في «الإكمال» (7/ 31)، وجزم به الذهبي في «مشتبه النسبة»، وأقره الحافظ في «التبصرة» (3/ 1052) ولم يتعقبه، والذهبي لم يعزو ذلك ل‍ «الصحيح» حتى يرد عليه بما قاله الحافظ) اهـ‍، والله أعلم. (5) قوله: (قال موسى بن عقبة: كانت سنة أربع) أخرجه البخاري معلقا في (كتاب المغازي) باب: غزوة بني المصطلق، وذكر قول ابن إسحاق: (أنها كانت سنة ست) بصيغة التعليق أيضا، ورجّح المصنف أنها في الرابعة اعتمادا على أثر-

لحربه، فخرج إليهم، واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري، فلقيهم النبي صلّى الله عليه وسلم بالمريسيع من ناحية قديد، فهزم الله بني المصطلق، وقتل منهم من قتل، ونفّل رسوله أبناءهم ونساءهم وأموالهم، وكان من سباياهم أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، وكان أبوها قائد الجيش يومئذ، وصارت جويرية في سهم ثابت بن قيس بن شمّاس، فكاتبها، فجاءت رسول الله صلّى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها، وكانت ملاّحة من رآها أحبها، فقال لها صلّى الله عليه وسلم: «هل لك في خير من ذلك؛ أقضي كتابتك وأتزوجك؟ »، قالت: نعم، قال: «قد فعلت»، فتزوجها، فلما علم الناس تزويجه لها .. أرسلوا ما بأيديهم من سبي بني المصطلق، وقالوا: أصهار رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: فما أعلم امرأة كانت على قومها أعظم بركة منها؛ فلقد أعتق بسببها أهل مائة بيت (1). وفي هذه الغزوة: أصيب هشام بن صبابة من المهاجرين بأيدي المسلمين خطأ، فقدم أخوه مقيس من مكة وأظهر الإسلام، فأمر له رسول الله صلّى الله عليه وسلم بدية أخيه، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، ورجع إلى مكة مرتدا، وقال في ذلك: [من الطويل] وكانت هموم النّفس من قبل قتله … تلمّ فتحميني وطاء المجامع حللت به وتري وأدركت ثؤرتي … وكنت إلى الأوثان أوّل راجع

= البخاري عن موسى بن عقبة، وهو مردود، قال الحافظ في «الفتح» (7/ 430): (كذا ذكره البخاري، وكأنه سبق قلم أراد أن يكتب سنة خمس فكتب سنة أربع، والذي في «مغازي موسى بن عقبة» من عدة طرق أخرجها الحاكم وأبو سعيد النيسابوري والبيهقي في «الدلائل» (4/ 44) وغيرهم: سنة خمس) اهـ‍، وقد ذكرها في السنة الخامسة كل من الواقدي في «المغازي» (1/ 404)، وابن سعد في «الطبقات» (2/ 59)، وابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 308) والذهبي في «التاريخ» (2/ 258) وقال: (كانت في شعبان سنة خمس على الصحيح، بل على المجزوم به)، وقد تبع ابن إسحاق في قوله: (إنها في السادسة) كلّ من الطبري في «التاريخ» (2/ 604)، وابن الأثير في «الكامل» (2/ 76)، قال الحافظ في «الفتح» (7/ 430): (فلو كان المريسيع في شعبان سنة ست مع كون الإفك كان فيها .. لكان ما وقع في «الصحيح» من ذكر سعد بن معاذ غلطا؛ لأن سعد بن معاذ مات أيام قريظة، وكانت سنة خمس على الصحيح كما تقدم تقريره، فيظهر أن المريسيع كانت سنة خمس في شعبان لتكون قد وقعت قبل الخندق؛ لأن الخندق كانت في شوال من سنة خمس أيضا فتكون بعدها، ويؤيده أيضا: أن حديث الإفك كان سنة خمس؛ إذ الحديث فيه التصريح بأن القصة وقعت بعد نزول الحجاب، والحجاب كان في ذي القعدة سنة أربع عند جماعة، فيكون المريسيع بعد ذلك، فيرجح أنها سنة خمس) اهـ‍، وبناء على هذا: فقد ترجح لنا أنها كانت سنة خمس-كما جزم بذلك الذهبي- والخندق بعدها، فقول المصنف: (إن الخندق سنة أربع) مردود أيضا، والله أعلم، وهو ما اعتمده البخاري في (كتاب المغازي) باب: غزوة الخندق، وأخرجه فيه معلقا قول موسى بن عقبة: إنها سنة أربع، وانظر كلام الحافظ في «الفتح» (7/ 393)، و «دلائل البيهقي» (3/ 394) وما بعدها. (1) أخرجه الحاكم (4/ 26)، وأبو داود (3927)، والبيهقي (9/ 74)، وأحمد (6/ 277)، وغيرهم.

ثم قتل عام فتح مكة وهو متعلّق بأستار الكعبة، ونزل فيه قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ} الآية. وفيها: اقتتل أنصاري ومهاجري، فقال المهاجري: يا للمهاجرين، وقال: الأنصاري: يا للأنصار، فغضب عبد الله بن أبيّ ابن سلول وقال: قد تداعوا لنا، ثم قال لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضّوا، وقال عدو الله: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، في كلام كثير، فحمل زيد بن الأرقم الأنصاري مقالته إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فعاتبه النبي صلّى الله عليه وسلم، فحلف: ما قلت شيئا من ذلك، وإن زيدا لكاذب، فصدقه من حضر من الأنصار، وكذّبوا زيدا ولاموه حتى استحيى وندم، ووقع الخوض في ذلك؛ فنزلت (سورة المنافقين) بأسرها، فقال صلّى الله عليه وسلم: «يا زيد؛ إن الله قد صدقك وأوفى بأذنك» (1) أي: استماعك، فلما قرب عبد الله بن أبيّ من المدينة .. منعه ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبيّ من دخولها، وقال: والله؛ لا تدخلها إلا بإذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ ليعلم اليوم من الأعز ومن الأذل؟ فأرسل إليه النبي صلّى الله عليه وسلم: أن خلّ عنه، فدخلها (2). وفي هذه الغزوة: كانت رخصة التيمم؛ ففي «الصحيحين»: عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش .. انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء؟ ! فجاء أبو بكر ورسول الله صلّى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: أحبست رسول الله صلّى الله عليه وسلم والناس وليس معهم ماء؟ ! فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي، ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم على فخذي، فنام رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا (3). قال الحافظ العامري: (والأقرب: أن المراد آية النساء لا آية المائدة) اهـ‍ (4)

(1) أخرجه البخاري (4906)، ومسلم (2584). (2) انظر «طبقات ابن سعد» (2/ 61). (3) «صحيح البخاري» (4906)، و «صحيح مسلم» (2584). (4) «بهجة المحافل» (1/ 246).

وكان ذلك في ذهابهم إلى الغزوة. وفي قفولهم من هذه الغزوة: اتفق حديث الإفك، قالت عائشة رضي الله عنها: لما قفل رسول الله صلّى الله عليه وسلم من غزوته ودنونا من المدينة .. أذّن ليلة بالرحيل، فقمت حين أذن بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت من شأني .. أقبلت إلى الرحل فلمست صدري؛ فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع (1)، فرجعت فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، ورحلوا هودجي على بعيري وهم يظنون أني فيه، وكان النّساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن ولم يغشهنّ اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام (2)، فلم يستنكر القوم حين رفعوا خفة الهودج، فاحتملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعد ما استمرّ الجيش، فجئت منزلهم وليس فيه أحد، فتيممت منزلي الذي كنت [به]، وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي، وكان صفوان بن معطّل السّلمي ثم الذّكواني قد عرّس من وراء الجيش، فادّلج عند منزلي (3)، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي وجلبابي، فو الله ما كلمني بكلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطئ على يديها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا معرّسين في نحر الظهيرة (4)، فهلك من هلك في شأني، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول (5). قال السّهيلي في «الروض»: (وكان صفوان رضي الله عنه يكون على ساقة العسكر يلتقط ما سقط من متاع المسلمين حتى يأتيهم به، ولذلك تخلّف في هذا الحديث. قال: وروي: أنه كان ثقيل النوم لا يستيقظ حتى يرتحل الناس، ويؤيده حديث أبي داود: أن امرأة صفوان اشتكت به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وذكرت أشياء

(1) الجزع: خرز فيه سواد وبياض، وأظفار: قال الحافظ في «الفتح» (5/ 273): (كذا للأكثر، وفي رواية الكشميهني: ظفار، وهو أصوب)، وقال في موضع آخر (8/ 459): (الرواية: أظفار-بألف-وأهل اللغة لا يعرفونه بألف) اهـ‍ وظفار: مدينة باليمن ينسب إليها فيقال: جزع ظفاري، والله أعلم. (2) العلقة: البلغة من الطعام، أو القليل منه. (3) عرّس: نزل آخر الليل في السفر للاستراحة، وقد مرّ شرحها، وادّلج-بتشديد الدال مع الوصل-سار آخر الليل، وبقطعها مع سكون الدال: سار أول الليل، والمراد هنا: السير آخر الليل. (4) نحر الظهيرة؛ أي: وقت القاتلة وشدة الحر. (5) أخرجه البخاري (2661) و (4750)، ومسلم (2770).

منها، أنه لا يصلي الصبح، فقال صفوان: يا رسول الله؛ إني امرؤ ثقيل الرأس لا أستيقظ حتى تطلع الشمس، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «إذا استيقظت .. فصلّ» (1). ونزلت براءة عائشة رضي الله عنها بعد قدومهم إلى المدينة بسبع وثلاثين ليلة في قول بعض المفسرين) اهـ‍ (2) وفي هذه السنة: -وقيل: في الخامسة-: غزوة الخندق (3)، وذلك: أنه صلّى الله عليه وسلم لما أجلى بني النّضير .. سار رئيسهم حيي بن أخطب في رجال من قومه ودعوا قريشا إلى حرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأخبروهم: أنهم أهدى منه سبيلا، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً.} فلما أجابتهم قريش .. تقدموا إلى قيس عيلان، فدعوهم إلى مثل ذلك، فأجابوهم، فسارت تلك القبائل، فلما علم صلّى الله عليه وسلم بهم .. شرع في حفر الخندق بمشورة سلمان الفارسي، وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا (4)، فجهدوا أنفسهم في حفره متنافسين في الثواب، لا ينصرف أحد منهم لحاجة إلا بإذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وجهد معهم صلّى الله عليه وسلم في ذلك؛ فحمل من تراب الخندق حتى وارى الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشّعر، وكان يرتجز بشعر ابن رواحة: والله لولا الله ما اهتدينا … ولا تصدّقنا ولا صلّينا فأنزلن سكينة علينا … وثبّت الأقدام إن لاقينا إنّ الألى قد بغوا علينا … إذا أرادوا فتنة أبينا ويرفع صوته: «أبينا أبينا» (5).

(1) «سنن أبي داود» (2451). (2) «الروض الأنف» (7/ 32). (3) مر الخلاف في ذلك وترجيح أنها في الخامسة عند الكلام على غزوة المريسيع (1/ 216). (4) أخرجه الحاكم (3/ 598)، والطبراني في «الكبير» (6/ 212)، وابن سعد (4/ 63). (5) أخرجه البخاري (4104)، ومسلم (1803)، وقوله: «إن الألى قد بغوا علينا» كذا وردت في أغلب روايات الحديث، قال الحافظ في «الفتح» (7/ 401): (وقوله: «إن الألى قد بغوا علينا» ليس بموزون، وتحريره: «إن الذين قد بغوا علينا»، فذكر الراوي «الألى» بمعنى «الذين» ... ، ووقع في الطريق الثانية لحديث البراء: «إن الألى قد رغّبوا علينا» كذا للسرخسي والكشميهني وأبي الوقت والأصيلي، وكذا في نسخة ابن عساكر) اهـ‍ وهذا يرفع الإشكال، وهناك رواية أخرى مثبتة عند البخاري (6220)، ومسلم (1802) ترفع الإشكال أيضا؛ -

ولما رأى صلّى الله عليه وسلم ما بهم من النّصب والجوع .. قال: [من الرجز] اللهمّ إنّ العيش عيش الآخرة … فاغفر للأنصار والمهاجرة فأجابوا: [من الرجز] نحن الذين بايعوا محمّدا … على الجهاد ما بقينا أبدا (1) وجرى في أثناء الحفر معجزات باهرة؛ كخبر الكدية التي أعيت سلمان، فلما ضربها صلّى الله عليه وسلم .. صارت كأنها كثيب أهيل (2)، وإشباعهم من أقراص أتى بها أنس تحت إبطه من بيت أبي طلحة (3)، وإشباعهم في بيت جابر من صاع شعير وبهيمة داجن وهم نحو الألف (4). ولما فرغوا من الخندق .. أقبلت جموع الأحزاب، كما قال الله تعالى: {إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ} الآية، [ومن فوقكم]؛ أي: من قبل المشرق؛ وهم: أسد وغطفان في ألف عليهم عوف بن مالك النصري، وعيينة بن حصن الفزاري في قبائل أخر، ونزلوا إلى جانب أحد، ومن أسفل [منكم]؛ وهم: قريش وكنانة والأحابيش، ومن انضاف إليهم من تهامة، عليهم أبو سفيان بن حرب في عشرة آلاف، فنزلوا برومة من وادي العقيق (5). وخرج صلّى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف، وجعل ظهره إلى سلع (6)، والخندق بينه وبين العدو، ورفع النساء والذراري في الآطام، واشتد الحصار على المسلمين، ونجم النفاق، واضطرب ضعفاء الدين، كما قال تعالى: {وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ} الآيات. وتقدم حيي بن أخطب إلى كعب بن أسد سيّد بني قريظة، وسأله أن ينقض العهد الذي

= ففي هذه الرواية: «والمشركون قد بغوا علينا» وهذا موزون، والله أعلم. (1) أخرجه البخاري (2834)، ومسلم (1805). (2) أخرجه البخاري (4101)، وأحمد (3/ 300)، وأبو يعلى (2004).والكدية: الصخرة الصماء، والكثيب: الرمل، وأهيل؛ أي: يهال ويسيل ولا يتماسك. (3) أخرجه البخاري (3578)، ومسلم (2040). (4) أخرجه البخاري (4102)، ومسلم (2039)، والبهيمة الداجن: السمينة، وهي التي تترك في البيت ولا تفلت للرعي، فمن شأنها أن تسمن، وفي رواية: (عناق) وهي: الأنثى من المعز. (5) رومة: أرض بالمدينة، وفيها البئر التي ابتاعها سيدنا عثمان وجعلها سبيلا للمسلمين. (6) سلع: جبل بالمدينة.

بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأبى عليه، فلم يزل يخادعه بقول الزور ويمنّيه أمانيّ .. حتى أجاب إلى النقض على أن أعطاه العهد: لئن رجعت تلك الجموع خائبة .. أن يرجع معه إلى حصنه يصيبه ما أصابه، فزاد الأمر اشتدادا حتى بعث صلّى الله عليه وسلم إلى عيينة بن حصن الفزاري، والحارث بن عوف المرّي قائدي غطفان، فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يفرّقا الجمع. فلما تم ذلك ولم يبق إلا الكتاب .. استشار صلّى الله عليه وسلم السّعدين سيّدي الأنصار، فقالا: يا رسول الله؛ أمر أمرك الله به لا بد منه أم أمر تحبه فنصنعه أم لنا؟ فقال: «بل لكم؛ رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، فأردت أن أكسر شوكتهم». فقال سعد بن معاذ: قد كنا نحن وهؤلاء على الشّرك لا يطمعون منا بتمرة إلا قرى أو بيعا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام، وأعزنا بك نعطيهم؟ ! والله؛ لا نعطيهم إلا السيف، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أنت وذاك» (1)، [وترك ما كان همّ به من ذلك، ثم أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم] وليس بينهم وبين العدو إلا الرمي بالنبل والحصى، إلا أن عكرمة بن أبي جهل وعمرو بن عبد ودّ في فوارس من قريش لما وقفوا على الخندق .. قالوا: إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها، ثم أقحموا خيولهم مهزما من الخندق (2)، وجالوا في السبخة، فخرج عليهم علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين، فأخذ عليهم الثغرة التي اقتحموا، وأقبلت خيل قريش نحوهم، فقتل علي عمرو بن عبد ودّ، وألقى عكرمة رمحه، وولّوا منهزمين، ففي ذلك قال حسان: [من المتقارب] فرّ وألقى لنا رمحه … لعلك عكرم لم تفعل وولّيت تعدو كعدو الظّليم … ما إن تحور عن المعدل ولم تلق ظهرك مستأنسا … كأنّ قفاك قفا فرعل (3) وسقط نوفل بن عبد الله المخزومي في الخندق، فنزل إليه علي فقتله، وأصيب يومئذ سعد بن معاذ؛ رماه حبّان ابن العرقة بسهم في أكحله، فقال سعد: اللهم؛ إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا .. فأبقني له، وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم .. فاجعله لي

(1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (6/ 28)، وابن سعد (2/ 69)، وابن هشام (3/ 223). (2) المهزم: المكان الضيق. (3) عكرم: مرخم عكرمة، والظليم: ذكر النعام، وتحور: ترجع، وفرعل: ولد الضبع، وقيل: ولد الذئب منه.

شهادة، ولا تمتني حتى تقرّ عيني من بني قريظة (1). ثم كان من مقدمات اللطف: أن جاء نعيم بن مسعود الغطفاني ثم الأشجعي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم مسلما، وقال: يا رسول الله؛ إن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني بما شئت، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «إنما أنت رجل واحد، فخذل عنا إن استطعت» (2). فجاء نعيم إلى اليهود وأخبرهم أن قبائل العرب ينصرفون ويتركونكم ومحمدا، ولا طاقة لكم به، فيرجع الشؤم والوبال عليكم، فاتخذوا منهم رهائن؛ لئلا ينصرفوا حتى يناجزوا محمدا، [فصدّقوه في ذلك وتصادقوه (3)، ثم جاء إلى قريش وأخبرهم: أن اليهود قد ندموا وباطنوا محمدا]، ووعدوه أن يتخذوا منكم رهائن، فيدفعونهم إليه فيقتلهم، وأخبر غطفان بمثل ذلك. فلما أصبحوا .. أخذت العرب للحرب، وأرسلوا لليهود لينهضوا معهم، فاعتذروا بأنه يوم السبت، وأنهم لا ينطلقون معهم حتى يعطوهم رهائن تدعوهم إلى المناجزة، فصدّقوا نعيم بن مسعود فيما كان حدثهم به، فأوقع في قلوبهم الوهن والتجادل، وافترقت عزائمهم، وأرسل عليهم ريح الصّبا في برد شديد، فزلزلتهم وقلقلتهم وأسقطت كل قائمة لهم، وجالت الخيل بعضها في بعض، وكثر تكبير الملائكة في جوانب عسكرهم، حتى كان سيد كل حي يقول: يا بني فلان، فإذا اجتمعوا عنده .. قال: النجاء النجاء أتيتم. فلما رأى أبو سفيان ما فعلت الريح وجنود الله بهم؛ لا تقرّ لهم قدرا ولا بناء .. قام فقال: يا معشر قريش؛ ليأخذ كل رجل بيد جليسه فلينظر من هو؟ قال حذيفة-وكان قد أرسله رسول الله صلّى الله عليه وسلم يأتيه بخبر القوم-: فأخذت بيد جليسي فقلت: من أنت؟ فقال: سبحان الله! أما تعرفني؟ ! أنا فلان بن فلان رجل من هوازن. فقال أبو سفيان: يا معشر قريش؛ إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من هذه الريح ما ترون، فارتحلوا فإني مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه، ثم ضربه فوثب به على ثلاث،

(1) أخرجه البخاري (4122)، ومسلم (1769)، دون دعائه على بني قريظة، أما هذا: فأخرجه ابن حبان (7028)، وأحمد (6/ 141)، وابن سعد (3/ 390). (2) أخرجه عبد الرزاق (9737)، وابن سعد (5/ 166)، والبيهقي في «الدلائل» (3/ 445). (3) تصادقوه: رأوا أنه صديق ناصح.

فما أطلق عقاله إلا وهو قائم، فسمعت غطفان بذلك، فانشمروا راجعين إلى بلادهم، فلما انتهى إلى النبي صلّى الله عليه وسلم خبر انصرافهم .. قال: «الآن نغزوهم ولا يغزونا» (1). وفيها: كانت غزوة بني قريظة، وذكرها النووي في الخامسة مع ترجيح أن الخندق في الرابعة مع الاتفاق على أنه صلّى الله عليه وسلم توجه إلى بني قريظة في اليوم الذي انصرف فيه عن غزوة الخندق (2). وذلك: أنه صلّى الله عليه وسلم لما أصبح من ليلة منصرف الأحزاب، وكان وقت الظهر، ووضع السلاح واغتسل .. أتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال: وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه، اخرج إليهم، قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «فأين؟ »، فأشار إلى بني قريظة (3)، فنادى منادي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا يصلّينّ أحد العصر إلا في بني قريظة (4)، وقدّم النبي صلّى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب برايته، ثم سار خلفه. قال أنس: كأني انظر إلى الغبار ساطعا في زقاق بني غنم موكب جبريل حين سار

(1) أخرجه البخاري (4109)، وأحمد (4/ 262)، والطيالسي (1289)، والطبراني في «الكبير» (7/ 98). (2) ذكر ذلك النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 20)، لكن مر إثبات أن غزوة المريسيع كانت قبل غزوة الخندق؛ لأن فيها-أي: في المريسيع-ذكر سعد بن معاذ، وقد استشهد بعد الخندق، وحديثه في «الصحيح»، فيتعين أنها قبل الخندق، وقد ذكرها النووي نفسه في السنة السادسة! ! أما استشهاد النووي بحديث ابن عمر في «الصحيح» (خ 2664): (أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، ثم عرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني) .. فأجاب الحافظ عن ذلك في «الفتح» (5/ 278) حيث قال: (وأكثر أهل السير أن الخندق كانت في سنة خمس من الهجرة وإن اختلفوا في تعيين شهرها، واتفقوا على أن أحدا كانت في شوال سنة ثلاث، والبخاري جنح إلى قول موسى بن عقبة في «المغازي»: إن الخندق كانت في شوال سنة أربع، لكن اتفق أهل المغازي على أن المشركين لما توجّهوا من أحد .. نادوا المسلمين: موعدكم العام المقبل بدر، وأنه صلّى الله عليه وسلم خرج إليها من السنة المقبلة في شوال فلم يجد بها أحدا، فتعيّن ما قال ابن إسحاق: إن الخندق كانت في سنة خمس، وقد أجاب البيهقي وغيره بأن قول ابن عمر: «عرضت يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة» أي: دخلت فيها، وأن قوله: «عرضت يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة» أي: تجاوزتها، فألغى الكسر في الأولى وجبره في الثانية، وهو شائع مسموع في كلامهم، وبه يرتفع الإشكال المذكور، وهو أولى من الترجيح، والله أعلم) اهـ‍ وذكرها في الخامسة كل من الواقدي في «المغازي» (2/ 440)، وابن سعد في «الطبقات» (2/ 70)، وابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 317)، وابن الأثير في «الكامل» (2/ 65)، والذهبي في «التاريخ» (2/ 296) وجزم أنها في الخامسة بعد مناقشة الأقوال، وهذا هو الراجح، والله أعلم. (3) أخرجه البخاري (4117)، ومسلم (1769). (4) أخرجه البخاري (946)، ومسلم (1770).

رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى بني قريظة (1)، فلم يعنف النبي صلّى الله عليه وسلم أحدا منهم، فلما اشتدت وطأته عليهم .. أرسلوا إليه: أن أرسل إلينا أبا لبابة، فأرسله إليهم، فتلقاه النساء والصبيان يبكون في وجهه، فرقّ لهم لولائه منهم، فقالوا: أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه-[يعني]: أنّ حكمه القتل-ثم ندم أبو لبابة لكونه قد خان الله ورسوله، فلم يرجع إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، بل راح إلى المسجد، وربط نفسه بسارية، وأقام على ذلك سبعة أيام لا يذوق ذواقا حتى خر مغشيا عليه، فتاب الله عليه، فنزل فيه: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ، } وآية توبته: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا، } الآية، ولم يطأ بلد بني قريظة بعدها، وكان له بها أموال وأشجار (2). وسأل بنو قريظة النبي صلّى الله عليه وسلم أن يقبل منهم ما قبل من إخوانهم بني النّضير، فأبى عليهم، فلما أيسوا من ذلك .. نزلوا على حكمه صلّى الله عليه وسلم، فشفع فيهم حلفاؤهم الأوس كما شفعت الخزرج في حلفائهم بني قينقاع، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم للأوس: «ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟ » قالوا: بلى، قال: فذلك إلى سعد بن معاذ، وكان سعد قد جعله النبي صلّى الله عليه وسلم في خيمة في جانب مسجده؛ ليعوده من قريب، فأتاه قومه فاحتملوه على حمار، وأقبلوا به إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، وهم يقولون: يا أبا عمرو؛ أحسن إلى مواليك، فقال لهم: قد آن لسعد ألاّ تأخذه في الله لومة لائم، فحينئذ أيس قومه من بني قريظة ونعوهم إلى أهليهم قبل أن يحكم، ولما أقبل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم .. قال لمن عنده: «قوموا إلى سيدكم»، فحكم سعد رضي الله عنه بقتل الرجال وسبي الذراري والنساء وقسمة الأموال، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «لقد حكمت بحكم الله تعالى»، وربما قال: «بحكم الملك» (3). فحبسهم النبي صلّى الله عليه وسلم في بيت واحد، وخد لهم أخاديد في موضع سوق المدينة، فخرج بهم أرسالا، تضرب أعناقهم، ثم يلقون في الأخاديد (4)، وترك منهم من

(1) أخرجه البخاري (4118). (2) انظر «دلائل البيهقي» (4/ 13)، و «طبقات ابن سعد» (2/ 71)، و «تاريخ الطبري» (2/ 583). (3) سبق تخريجه في ترجمة سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه (1/ 85). (4) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (4/ 22)، والطبري في «التاريخ» (2/ 588) والأخاديد-جمع أخدود-وهو: الشق المستطيل في الأرض.

السنة الخامسة

لم ينبت، وممن ترك لعدم الإنبات عطية القرظي (1) جد محمد بن كعب بن عطية المفسر. ولما أخرجوا حيي بن أخطب .. نظر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال: أما والله؛ ما لمت نفسي في عداوتك، ولكن من يخذل الله .. يخذل، ففي ذلك يقول جبل بن جوّال الثعلبي: [من الطويل] لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه … ولكنّه من يخذل الله يخذل لجاهد حتى أبلغ النّفس عذرها … وقلقل يبغي العزّ كلّ مقلقل (2) فكان عدد قتلاهم ست مائة أو سبع مائة، وقيل: بين الثمان مائة والتسع [مائة]، وعدد نسائهم وذراريهم سبع مائة وخمسين، وقيل: تسع مائة، وبعث صلّى الله عليه وسلم ببعض السبي إلى نجد ليشترى له به خيل وسلاح، وكان مدة حصارهم خمسا وعشرين أو إحدى وعشرين ليلة، فلما فرغ من شأن بني قريظة .. استجاب الله دعوة سعد؛ فانفجر جرحه وسال دما حتى مات رضي الله عنه (3). *** السنة الخامسة : فيها: فرض الحج، وقيل: في السادسة أو التاسعة أو العاشرة (4)، فنزل قوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً.} وفيها: قدم ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر أهل رضاع النبي صلّى الله عليه وسلم (5)، وقيل: قدم سنة سبع أو تسع (6). وفيها-أو في الثالثة-: تزوج النبي صلّى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية (7)،

(1) أخرجه ابن حبان (4781)، وأبو داود (4404)، والترمذي (1584)، والنسائي (6/ 155)، وابن ماجه (2542). (2) قلقل: حرّك؛ أي: ذهب كلّ مذهب في سبيل العز. (3) ذكر المصنف عند ما ذكر الحوادث مختصرة في هذه السنة تحريم الخمر، وقد ذكره في هذه السنة ابن كثير في «البداية والنهاية» (4/ 456)، وذكر ابن المعاد في «الشذرات» (1/ 119): أنه كان في الثالثة، وقيل غير ذلك، والله أعلم. (4) وقيل غير ذلك، انظر «فتح الباري» (3/ 378). (5) حديث ضمام أخرجه البخاري (63)، وابن خزيمة (2358)، وابن حبان (154)، وغيرهم. (6) قال الحافظ في «الفتح» (1/ 152) بعد استعراض الأقوال والأدلة: (فالصواب: أن قدوم ضمام كان في سنة تسع) اهـ‍ (7) «طبقات ابن سعد» (10/ 110)؛ و «تاريخ الطبري» (2/ 562)، و «المنتظم» (2/ 315)، ورجح ابن حجر في «الفتح» (7/ 430): أنه كان سنة أربع.

وهي ابنة عمته أميمة بنت عبد المطلب، وكان صلّى الله عليه وسلم خطبها أولا لمولاه الذي أعتقه وتبناه زيد بن حارثة الكلبي، فكرهت زينب وأخوها عبد الله بن جحش، فأنزل الله: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ، } فلما سمعا ذلك .. رضيا، وجعلا الأمر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأنكحها النبي صلّى الله عليه وسلم زيدا، فمكثت معه حينا، ثم جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلم يشكوها ويستشيره في طلاقها، فقال له صلّى الله عليه وسلم: «أمسك عليك زوجك واتق الله» (1)، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم قد أخبره ربّه تبارك وتعالى قبل ذلك أنها ستكون من أزواجه؛ فلذلك عاتبه تعالى بقوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ} بالإسلام {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} أي: بالعتق {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ} أي: تخفي في نفسك ما كان الله أعلمك من أنها ستكون زوجتك، فطلقها زيد، فلما انقضت عدتها .. أرسل إليها زيدا يخطبها للنبي صلّى الله عليه وسلم، فقالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن، فدخل عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلم من غير إذن (2)، فكانت تفتخر على أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم؛ تقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات، وعند بنائه صلّى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش نزل الحجاب (3). وفي هذه السنة: ركب صلّى الله عليه وسلم [فرسا] إلى الغابة فسقط عنه، فجحش [فخذه] الأيمن، فأقام في البيت أياما يصلي قاعدا، وعاده أصحابه يصلون وراءه قياما، فأمرهم بالقعود، فصلّوا خلفه قعودا (4)، ثم نسخ ذلك في مرض موته صلّى الله عليه وسلم؛ صلّى قاعدا والناس وراءه قياما (5). وفيها: غزا صلّى الله عليه وسلم دومة الجندل، واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري، ورجع صلّى الله عليه وسلم من الطريق قبل أن يصل إليها (6). وفيها: غزا صلّى الله عليه وسلم بني لحيان من هذيل بن مدركة؛ لطلب الثأر لخبيب بن

(1) أخرجه البخاري (7420)، وابن حبان (7045)، والترمذي (3212)، وغيرهم. (2) أخرجه مسلم (1428)، والبيهقي (7/ 56)، وأحمد (3/ 195)، وغيرهم. (3) أخرجه البخاري (4791)، ومسلم (1428). (4) أخرجه البخاري (689)، ومسلم (411). (5) أورده البخاري بعد حديث رقم (689) من قول الحميدي. (6) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (3/ 389)، وانظر «سيرة ابن هشام» (3/ 213)، و «تاريخ الطبري» (2/ 564).

السنة السادسة

عدي وأصحابه، وذلك بعد بني قريظة بثلاثة أشهر، فخرج صلّى الله عليه وسلم فيها مورّيا بطريق الشام، فلما بلغ البتراء .. صفّق ذات اليسار (1)، فلما بلغ منازلهم .. وجدهم قد حذروا وتمنّعوا في رءوس الجبال، فرجع إلى المدينة (2). *** السنة السادسة : فيها: استسقى النبي صلّى الله عليه وسلم. وفيها: صلّى [رسول الله صلّى الله عليه وسلم صلاة الكسوف وقال: «إن] الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك .. فادعوا الله وكبروا وتصدقوا» (3). وفيها: ظاهر أوس بن الصامت من زوجته خولة بنت مالك بن ثعلبة، وكان الظّهار في الجاهلية وصدر الإسلام طلاقا، فلما ظاهر أوس من زوجته .. شكت ذلك إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما} (4) الآيات. وفيها: كان صلح الحديبية، وذلك: أنه صلّى الله عليه وسلم خرج من المدينة للعمرة في ألف وأربع مائة ليس قصده قتال أحد، وإنما غرضه العمرة، فلما وصل الحديبية .. منعته قريش من دخول مكة، ثم حصل الصلح بينهم على وضع الحرب بينهم وبين النبي صلّى الله عليه وسلم عشر سنين، ومن أحب أن يدخل في صلح النبي صلّى الله عليه وسلم .. دخل، ومن أحب أن يدخل في صلح قريش .. دخل (5)، فدخلت خزاعة في صلح النبي صلّى الله عليه وسلم، ودخلت كنانة في صلح قريش، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم قبل الصلح قد بعث عثمان إلى مكة، فعرض عليه أهل مكة الطواف والاعتمار، فقال: لا أطوف به حتى يطوف به النبي صلّى الله عليه وسلم، ثم أشيع أن عثمان قتل بمكة، فقال صلّى الله عليه وسلم: «أما والله؛ لئن قتلوه .. لأناجزنهم»، فدعا الناس إلى البيعة فبايعوه تحت شجرة بعضهم على الموت، وبعضهم على ألاّ يفر، وضرب النبي صلّى الله عليه وسلم بإحدى يديه

(1) مورّيا: من التورية؛ وهي: الستر، صفّق: رجع. (2) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (3/ 364). (3) أخرجه البخاري (1044)، ومسلم (901). (4) أخرجه ابن حبان (4279)، والحاكم (2/ 481)، وأحمد (6/ 410)، وغيرهم. (5) حديث الحديبية أخرجه البخاري (2734)، ومسلم (1785).

على الأخرى فقال: «هذه لعثمان»، وهي بيعة الرضوان التي قال الله عزّ وجل: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ} (1) الآية. وقال صلّى الله عليه وسلم: «لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة» (2). وذكر أكثر المفسرين في قوله تعالى: {إِنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} أنه صلح الحديبية؛ لم يكن فتح أعظم منه. قال العلماء: وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين في تلك الهدنة، وسمعوا منهم أحوال النبي صلّى الله عليه وسلم الباهرة، ومعجزاته الظاهرة، وحسن سيرته، وجميل طريقته، وشاهدها كثير منهم، فمالت أنفسهم إلى الإيمان، وأسلم في تلك الأيام خلق كثير؛ ولذلك أجبرهم صلّى الله عليه وسلم على الصلح مع كراهة أكثرهم له. وفيها: أسلم خالد بن الوليد المخزومي، وعمرو بن العاصي السهمي، وعثمان بن طلحة العبدري، وعقيل بن أبي طالب الهاشمي (3). وفيها: غزوة الغابة (4)، وتسمى أيضا: غزوة ذي قرد؛ باسم الموضع الذي جرى فيه

(1) حديث مبايعة الصحابة على الموت أخرجه البخاري (4169)، ومسلم (1860)، وأما حديث مبايعتهم على عدم الفرار .. فهو عند مسلم (1856)، قال الحافظ في «الفتح» (6/ 118): (لا تنافي بين قولهم: بايعوه على الموت وعلى عدم الفرار؛ لأن المراد بالمبايعة على الموت: ألاّ يفروا ولو ماتوا، وليس المراد أن يقع الموت). (2) أخرجه ابن حبان (4802)، وأبو داود (4621)، والترمذي (3860)، والنسائي في «الكبرى» (11444)، وغيرهم. (3) أما إسلام خالد وعمرو وعثمان رضي الله عنهم .. فقد تبع المصنف في هذا القول العامري في «البهجة» (1/ 326)، وهو قول ابن أبي خيثمة-كما نقل مغلطاي في «سيرته» (296)، وأورد هذا القول ابن عبد البر في «الاستيعاب» (ص 198) وابن الأثير في «أسد الغابة» (2/ 109) وقال عنه: (ليس بشيء)، وذكر النووي في «تهذيبه» (1/ 173): أن إسلام خالد كان بعد الحديبية، ولم يذكر سنة، وقال الحافظ في «الإصابة» (1/ 413): (أسلم في سنة سبع بعد خيبر، وقيل: قبلها)، ونقل مغلطاي عن الحاكم نفس القول، والراجح-والله أعلم-أن ذلك كان في السنة الثامنة كما قال الواقدي في «المغازي» (2/ 745)، وابن سعد في «الطبقات» (5/ 27)، والطبري في «التاريخ» (3/ 29)، وابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 385)، وابن الأثير في «الكامل» (2/ 108)، والذهبي في «التاريخ» (2/ 469)، ومغلطاي في «سيرته» (296)، والفاسي في «العقد الثمين» (4/ 289)، وكلهم أثبت إسلامهم في هذه السنة، وبعضهم حدد أنه كان في أول صفر. وأما عقيل .. فقد ذكر النووي في «تهذيبه» (1/ 337): أنه أسلم قبل الحديبية، وكذا ابن الأثير في «أسد الغابة» (3/ 423)، وغيرهم. (4) وضع المصنف الغزوة هنا بعد صلح الحديبية موافق لما في «البخاري» (كتاب المغازي) باب: غزوة ذات القرد، و «مسلم» (1807) ومخالف لما يذكره أصحاب السير من أنها كانت قبل الحديبية، قال الحافظ في «الفتح» (7/ 164): (قال القرطبي شارح «مسلم»: ذي قرد كانت قبل الحديبية، فيكون ما وقع في حديث سلمة من وهم-

القتال، وذلك: أن لقاح النبي صلّى الله عليه وسلم بالغابة (1)، وهي على بريد من المدينة من الشام، وكان فيها أبو ذر وابنه، فأخذها بنو فزارة من غطفان في أربعين فارسا عليهم عيينة بن حصن وابنه (2) عبد الرحمن الفزاريان، فجاء الصريخ إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فبعث الطلب في آثارهم، وأمّر على الطلب سعد بن زيد الأنصاري، ثم لحقهم النبي صلّى الله عليه وسلم في بقية الناس، فجاءوا وقد استنقذوا اللّقاح، وقتلوا من قتلوا، ولم يجئ الطلب حتى فعل سلمة بن الأكوع الأفاعيل، وكان ممن أبلى يومئذ: أبو قتادة، وعكاشة بن محصن، والمقداد بن عمرو، والأخزم (3) الأسدي. واستشهد في هذه الغزوة: الأخزم الأسدي، ووقاص بن مجزّز المدلجي، وبعث النبي صلّى الله عليه وسلم بعد ذلك أخاه علقمة طالبا بثأره، فلما كان ببعض الطريق .. أذن لعبد الله بن حذافة في طائفة من الجيش، فأمرهم عبد الله بن حذافة فأوقدوا نارا، ثم أمرهم بدخولها، فبلغ النبيّ صلّى الله عليه وسلم خبرهم، فقال: «لو دخلوها .. ما خرجوا منها إلى يوم القيامة» (4). وبعد ستة أشهر من ذي قرد قدم نفر من عكل-أو من عرينة-ثمانية على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأسلموا، واستوخموا المدينة، فأمرهم صلّى الله عليه وسلم أن يخرجوا مع إبل الصدقة، فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا وصحوا، فارتدوا وقتلوا

= بعض الرواة)، ثم ذكر كلاما للقرطبي جمع فيه بأنه يحتمل أنه أغزى سرية إلى خيبر قبل فتحها فيهم سلمة، ثم قال: (وسياق الحديث يأبى هذا الجمع، فإن فيه قوله: «حين خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجعل عمر يرتجز بالقول»، وفيه قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «من السائق؟ »، وفيه مبارزة عليّ لمرحب .. فعلى هذا: ما في «الصحيح» من التاريخ لغزوة قرد أصح مما ذكره أهل السير، ويحتمل في طريق الجمع: أن تكون إغارة عيينة بن حصن على اللّقاح وقعت مرتين: الأولى: التي ذكرها ابن إسحاق، وهي قبل الحديبية، والثانية: بعد الحديبية قبل الخروج إلى خيبر، وكان رأس الذين أغاروا عبد الرحمن بن عيينة، كما في سياق حديث سلمة عند مسلم، والله أعلم). (1) اللّقاح: الإبل الحوامل، قال ابن سعد (2/ 77): (وكانت عشرين لقحة ترعى بالغابة). (2) في الأصل: (بني)، والتصويب من المصادر، وقد وقع عند مسلم (1807): أن عليهم عبد الرحمن، وعند الطبراني في «الكبير» (7/ 28): أن عليهم عيينة، قال الحافظ في «الفتح» (7/ 461): (ولا منافاة؛ فإن كلاّ من عيينة وعبد الرحمن بن عيينة كان في القوم)، وكذا قال الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (5/ 167). ويمكن القول-بناء على ما ذكره الحافظ في الجمع بين الأقوال في وقت الغزوة-: إن الإغارة لما تكررت .. كانت الرئاسة بالتالي على التتابع؛ عيينة فعبد الرحمن، والله أعلم. (3) كذا ضبطه المصنف رحمه الله تعالى في ترجمته، وقد مر أن الراجح فيه: بالخاء المعجمة والراء، انظر (1/ 88). (4) أخرجه البخاري (4340)، ومسلم (1840).

رعاتها واستاقوها، فبعث النبي صلّى الله عليه وسلم الطلب في آثارهم، فما ترجل النهار حتى جيء بهم، وقطع أيديهم وأرجلهم ولم يحسموا، وكحلت أعينهم، وطرحوا في الحرة يستسقون فلا يسقون، وكان أحدهم يكدم الأرض بفيه حتى ماتوا (1). وقال أبو قلابة: قتلوا وسرقوا، وحاربوا الله ورسوله، وسعوا في الأرض فسادا. وروي: أنهم كحلوا الرعاة، وفيهم نزل قوله تعالى: {إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} الآية. وفي هذه السنة: ماتت أم رومان زوجة أبي بكر الصديق أم ولديه عائشة وعبد الرحمن رضي الله عنهما، ووهم من قال: إنها ماتت سنة أربع؛ لذكرها في حديث الإفك. وما في «صحيح البخاري» من قول مسروق التابعي: سمعت أم رومان .. قالوا: صوابه: سئلت أم رومان بالبناء (2). وفي ذي الحجة منها: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم رسله بكتبه إلى ملوك الأقاليم، فبعث دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر، فلما قرأه .. همّ بالإسلام ولم يساعده قومه وشحّ بملكه، وقصته مشهورة في «الصحيحين» (3). وبعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى، فلما قرأ كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم .. مزّقه، فدعا عليهم النبي صلّى الله عليه وسلم أن يمزّقوا كلّ ممزق (4)، فهلك منهم في سنة واحدة أربعة عشر ملكا حتى ملّكوا أمرهم امرأة، فلما بلغ النبي صلّى الله عليه وسلم ذلك .. قال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» (5)، ثم اندرس أمرهم إلى آخر الأبد، فلم يبق لهم ملك ولا مملكة كما بقي للروم. وبعث النبي صلّى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي، وكان قد أسلم، وإنما بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم في تزويج أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن حرب، وأن يرسل إليه جعفر بن أبي طالب ومن معه من المهاجرين، فلما ورد الكتاب على النجاشي ..

(1) خبر العرنيين أخرجه البخاري (4192)، ومسلم (1671). (2) وقد ذكرنا في ترجمتها: أن الصواب ما في «الصحيح»، وأنها عمّرت بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم دهرا طويلا، انظر (1/ 90). (3) «صحيح البخاري» (7)، و «صحيح مسلم» (1773). (4) أخرجه البخاري (64)، والبيهقي (9/ 177)، وأحمد (1/ 243)، وابن سعد في «الطبقات» (1/ 223). (5) أخرجه البخاري (4425)، والترمذي (2262)، والنسائي في «الكبرى» (5905)، والبيهقي (3/ 90).

وضعه على عينيه، ونزل عن سرير ملكه إجلالا له، وبادر بإرسال مولاته أبرهة إلى أم حبيبة بأربع مائة دينار، واستأذنها في التزويج من النبي صلّى الله عليه وسلم، وأمر مولاته ألاّ تأخذ من أم حبيبة شيئا، فرفعت إليها أم حبيبة خمسين دينارا، فأبت أن تأخذها، وقالت: أنا صاحبة ذهب الملك وثيابه، وقد آمنت بما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلم، وحاجتي منك أن تقرءيه مني السلام، وقد أمر نساءه أن يبعثن بما عندهن من عود وعنبر، وولت أم حبيبة أمرها في التزويج خالد بن سعيد بن العاصي، ثم جهز النجاشي جميع من عنده من المسلمين في سفينتين بجميع ما يحتاجون إليه، قالت أم حبيبة: فخرجنا إلى المدينة فوافقنا النبي صلّى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فخرج من خرج إليه، وأقمت بالمدينة حتى قدم صلّى الله عليه وسلم، فدخلت عليه، فكان يسألني عن النجاشي. وبعث صلّى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب مصر، فقارب وهادن وبعث أنواعا من الهدايا. وبعث صلّى الله عليه وسلم شجاع بن وهب إلى الحارث بن أبي شمر الغسّاني ملك البلقاء نيابة عن قيصر، فلما قرأ كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم .. رمى به وقال: أنا سائر إليه، وعزم على ذلك، فمنعه الله. ثم بعث صلّى الله عليه وسلم شجاع بن وهب المذكور إلى جبلة بن الأيهم الغسّاني، فقال: سأنظر، ولما فتح الشام .. أسلم ولطم إنسانا، فرفعه إلى أبي عبيدة، فحكم عليه بالقصاص، فأنف من ذلك ورجع إلى نصرانيته، ومات عليها مرتدا، نسأل الله العافية، وكان طول جبلة اثني عشر ذراعا، تمسح رجلاه الأرض وهو راكب. قلت: وفي «الروض الأنف» للسهيلي: (أن طوله اثنا عشر شبرا، وكان يمسح برجليه الأرض وهو راكب، والله أعلم) (1). وبعث صلّى الله عليه وسلم سليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن علي، فأكرم الرسول: وكتب إلى النبي صلّى الله عليه وسلم: ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله! وأنا خطيب قومي وشاعرهم، فاجعل لي بعض الأمر، فأبى عليه النبي صلّى الله عليه وسلم، ولم يسلم، ومات زمن الفتح. وبعث صلّى الله عليه وسلم عمرو بن العاصي إلى ابني الجلندى، وهما الأزديان ملكا

(1) «الروض الأنف» (7/ 516).

السنة السابعة من الهجرة الشريفة

عمان فأسلما، وخلّيا بين عمرو وبين الصدقة، فلم يزل عمرو عندهم حتى توفي النبي صلّى الله عليه وسلم. وبعث صلّى الله عليه وسلم ابن أبي أمية المخزومي إلى الحارث بن عبد كلال الحميري أحد مقاولة اليمن، فتردد الحارث ثم أسلم. وبعث صلّى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين، فأسلم. وبعث صلّى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى أهل اليمن داعيين إلى الإسلام، فأسلم عامة أهل اليمن وملوكهم وسوقتهم طوعا من غير قتال. *** السنة السابعة من الهجرة الشريفة : فيها: افتتح صلّى الله عليه وسلم خيبر، وهو اسم جامع لجملة من الحصون والقرى، وبينها وبين المدينة ثلاث مراحل، ولما رجع صلّى الله عليه وسلم من الحديبية وقد وعده الله فتح خيبر؛ إثابة عما لحقهم من الانكسار يومئذ .. قال الله تعالى: {وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} إلى قوله: {وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ.} فقدم صلّى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي الحجة، فأقام بها إلى ثاني المحرم؛ ثم خرج إلى خيبر ففتحها بكرة على غرة وقد خرج القوم إلى أعمالهم بمساحيهم ومكاتلهم (1)، فلما رأوه .. أدبروا راجعين، وقالوا: محمد والخميس-أي: الجيش-فقال صلّى الله عليه وسلم: «الله أكبر؛ خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم .. فساء صباح المنذرين» (2). فلما نزل صلّى الله عليه وسلم بخيبر .. همّ قبائل تلك الناحية من أسد وغطفان ليظاهروا اليهود، فألقى الله الرعب في قلوبهم فرجعوا، ثم هموا أن يخالفوا إلى المدينة فخذلهم الله، وخلوا بين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبين اليهود، وذلك قوله تعالى: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النّاسِ عَنْكُمْ} فأول حصن افتتحه صلّى الله عليه وسلم من حصون خيبر حصن ناعم، وعنده ألقيت على محمود بن مسلمة رحى فقتلته، ثم ألفوا من حصن أبي الحقيق

(1) المساحي-جمع مسحاة-: المجرفة من الحديد، والمكاتل-جمع مكتل-: الزنبيل الذي يحمل فيه التمر وغيره، ويسع خمسة عشر صاعا. (2) أخرجه البخاري (2945)، ومسلم (1365).

ومن سباياه صفية بنت حيي، فمر بلال بها وبامرأة أخرى على القتلى، فلما رأتهم المرأة التي مع صفية .. صاحت وصكّت وجهها وحثت التراب على رأسها، فقال صلّى الله عليه وسلم: «أغربوا عني هذه الشيطانة»، واصطفى صفية لنفسه، وقال لبلال: «انتزعت الرحمة منك يا بلال؛ تمر بامرأتين على قتلى رجالهما؟ ! » (1). ثم افتتح صلّى الله عليه وسلم حصن الصعب، ومنه شبع الجيش طعاما بعد مخمصة شديدة، ثم انتهى صلّى الله عليه وسلم إلى حصنهم الوطيح والسّلالم وهما آخر حصونها افتتاحا، وأوسعها أموالا، وأكثرها قتالا، فحاصرهم النبي صلّى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة (2). وروي: أنه صلّى الله عليه وسلم كانت به شقيقة، ولم يخرج إلى الناس، فأخذ الراية أبو بكر رضي الله عنه، فقاتل قتالا شديدا ولم يفتح عليه، ثم عمر كذلك، فقال صلّى الله عليه وسلم: «لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله»، فلما أصبح الناس .. غدوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كلّهم يرجو أن يعطاها، فقال صلّى الله عليه وسلم: «أين علي بن أبي طالب؟ »، فقالوا: يا رسول الله؛ هو يشتكي عينيه، قال: «فأرسلوا إليه» وكان قد تخلف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بخيبر، وكان به رمد، فقال: أنا أتخلف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ ! فخرج إلى خيبر، فأصبح بها صبيحة شوال رضي الله عنه كما قاله الراوي؛ فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فبصق صلّى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له وأعطاه الراية، فلما وافى من حصنهم .. أشرف عليه يهودي، فقال له: من أنت؟ قال: علي بن أبي طالب، قال: علوتم وما أنزل على موسى؛ فخرج مرحب يرتجز بهذا الرجز: قد علمت خيبر أني مرحب … شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهّب فبارزه عامر بن الأكوع عم سلمة بن عمرو بن الأكوع، فرجع سيف عامر عليه فقتله، فقال صلّى الله عليه وسلم: «إن له لأجرين»، ثم خرج مرحب أيضا يرتجز، فبرز له علي وهو يقول:

(1) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (4/ 231)، والطبري في «تاريخه» (3/ 13). (2) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (4/ 223)، والطبري في «تاريخه» (3/ 10).

أنا الذي سمتني أمي حيدرة … كليث غابات كريه المنظره أوفيهم بالصّاع كيل السّندره فقتل مرحبا (1)، وقيل: إن قاتله محمد بن مسلمة الأنصاري (2). فلما أيقن أهل الوطيح والسلالم .. استسلموا، وسألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم ففعل، فلما سمع بهم أهل فدك (3) .. أرسلوا يطلبون مثل ذلك أيضا، فكانت فدك خالصة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب (4). وقسم صلّى الله عليه وسلم خيبر نصفين: نصف لنوائبه وما ينزل به من الأمور المهمة، ونصف بين المسلمين، وكان عدة الذين قسمت عليهم خيبر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ألف سهم وثمان مائة سهم برجالهم وخيلهم، الرجال: أربع عشرة مائة، والخيل: مائتي فارس؛ [فكان] لكل فرس سهمان، ولفارسه سهم، وللراجل: سهم، وكانت أصول السهام ثمانية عشر سهما؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم فرق رؤساء أصحابه سبعة عشر رأسا، وأضاف إلى كل واحد منهم مائة، والثامن عشر سهم اللفيف، وهو سهم جمع قبائل شتى. ولم يغب أحد من أهل الحديبية عن خيبر إلا جابر بن عبد الله، فأسهم له النبي صلّى الله عليه وسلم كمن حضر، وأسهم صلّى الله عليه وسلم لمهاجرة الحبشة ولم يحضروا. وفي هذه الغزوة: نهى صلّى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الإنسيّة، وأذن في لحوم الخيل (5). وفيها: أهدت زينب بنت الحارث اليهودية امرأة سلاّم بن مشكم شاة مصليّة، دسّت فيها سما، وأكثرت منه في الذراع؛ لمّا بلغها أن الذراع تعجبه صلّى الله عليه وسلم، فقربت إليه وعنده بشر بن البراء بن معرور، فأكلا منها وأساغ بشر لقمته ومات من ذلك، وأما النبي

(1) أخرجه مسلم (1807)، والبخاري (4210) مختصرا، وانظره برقم (4196). (2) قال الحافظ العامري في «بهجة المحافل» (2/ 350): (في «سيرة ابن هشام» [334/ 3] رواية عن ابن إسحاق: أن قاتل مرحب محمد بن مسلمة الأنصاري، ولا يصح ذلك؛ فما ثبت في الصحاح أولى، والله أعلم). (3) فدك-بفتح أوله وثانيه-: بلد بينها وبين المدينة ثلاث مراحل. (4) أخرجه أبو داود (3009)، والبيهقي (6/ 317). (5) أخرجه البخاري (4219)، ومسلم (1941).

صلّى الله عليه وسلم .. فلم يسغ اللقمة، بل لفظها وقال: «إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم»، واعترفت اليهودية، وقالت: بلغت من قومي ما لم يخف عليك، فقلت: إن كان ملكا .. استرحنا منه، وإن كان نبيا .. سيخبر، فتجاوز صلّى الله عليه وسلم عنها، فلما مات بشر .. قتلها قصاصا (1). واستشهد بخيبر أربعة عشر رجلا، وقيل: نحو العشرين (2). ويوم فتح خيبر قدم جعفر بن أبي طالب في أصحاب السفينة من الحبشة، وأبو موسى الأشعري ورفقته من الأشعريين، فقبّل رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين عيني جعفر والتزمه وقال: «ما أدري بأيهما أسر أكثر، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟ » (3). فلما فرغ صلّى الله عليه وسلم من فتح خيبر .. انصرف إلى وادي القرى، فحاصره حتى فتح الله عليه، وأصيب به مولاه مدعم بسهم غرب فقتله، فقال الناس: هنيئا له الشهادة، فقال صلّى الله عليه وسلم: «كلاّ والذي نفسي بيده؛ إن الشملة التي أصابها يوم خيبر لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا» (4). ولما انتهى صلّى الله عليه وسلم في مرجعه من وجهه ذلك إلى سد الصهباء .. حلت صفية بنت حيي، فجهزتها له أم سليم، ثم ضربت له قبة فدخل بها، وأولم صبيحة ذلك اليوم حيسا (5). وكانت صفية قد رأت في منامها وهي عروس بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق أن قمرا وقع في حجرها، فعرضت رؤياها على زوجها، فقال: ما هذا إلا أنك تمنين ملك الحجاز محمدا، فلطم وجهها لطمة خضّر عينها، فأتي بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبها أثر منه، فأخبرته بذلك (6)، وكان عند كنانة بن الربيع كنز بني النضير، فسأله النبي صلّى الله

(1) سبق تخريجه في ترجمة سيدنا بشر بن البراء رضي الله عنه (1/ 92). (2) انظر أسماءهم عند ابن هشام في «السيرة» (3/ 343). (3) أخرجه الحاكم (3/ 211)، والطبراني في «الكبير» (22/ 100)، وابن سعد (4/ 32). (4) أخرجه البخاري (4234)، ومسلم (115)، وهذا لفظ مسلم، ووقع في (ت) بدل قوله: (كلا) (بلى)، كما في «البخاري»، قال ابن حجر في «الفتح» (7/ 489): (قوله: «بل والذي نفسي بيده» في رواية الكشميهني: «بلى» وهو تصحيف). (5) أخرجه البخاري (2893)، ومسلم (1365)، والصهباء: موضع بينه وبين خيبر بريد، والحيس: تمر يخلط بسمن وأقط، يعجن شديدا ثم يندر منه نواه. (6) أخرجه ابن حبان (5199)، والبيهقي (9/ 137)، والطبراني في «الكبير» (24/ 67).

عليه وسلم عن ذلك فجحده، فأخبره صلّى الله عليه وسلم أنه رأى كنانة يظهر كل يوم بخربة، فحفرت الخربة، فوجد فيها بعض الكنز، وأبى أن يخبر بالباقي، فدفعه صلّى الله عليه وسلم إلى الزبير ليعذبه حتى يبين ذلك، فعذبه الزبير وأصر على عدم علمه بذلك، فدفعه صلّى الله عليه وسلم إلى محمد بن مسلمة ليقتله بأخيه محمود (1). وفي قفولهم هذا: سار صلّى الله عليه وسلم ليلة حتى إذا أدركه الكرى .. عرّس (2)، وقال لبلال: «اكلأ لنا الفجر»، ونام رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه، وصلّى بلال ما كتب الله من الليل، فلما تقارب الفجر .. استند بلال إلى راحلته مواجهة الفجر، فغلبته عيناه وهو مستند إلى راحلته، فلم يستيقظ بلال ولا غيره حتى ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أولهم استيقاظا، ففزع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «أي بلال»؛ فقال بلال: أخذ بنفسي الذي أخذ-بأبي أنت وأمي يا رسول الله- بنفسك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «هذا منزل حضرنا فيه الشيطان، سيروا» فساروا حتى الوادي، ثم توضأ صلّى الله عليه وسلم وصلّى ركعتين، ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة، ثم قال: «من نسي الصلاة .. فليصلّها إذا ذكرها؛ فإن الله تعالى قال: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} (3). وفي هذه الغزوة: أسلم أبو هريرة، واسمه: عبد الرحمن بن صخر على الأصح من نحو ثلاثين قولا كما قاله النووي (4)، كني بهرّة كان يربّيها، وأسلمت أمه. وكان صلّى الله عليه وسلم قبل خروجه إلى خيبر بعث أبان بن سعيد بن العاصي، وهو الذي أجار عثمان يوم الحديبية حين أرسله النبي صلّى الله عليه وسلم إلى مكة، ثم أسلم أبان بعد ذلك، فبعثه النبي صلّى الله عليه وسلم من المدينة في سريّة قبل نجد، قال أبو هريرة: فقدم أبان وأصحابه على النبي صلّى الله عليه وسلم بخيبر بعد ما افتتحها، وإنّ حزم خيلهم لليف (5).

(1) أخرجه ابن حبان (5199)، والبيهقي (9/ 137) بنحوه، وانظر «سيرة ابن هشام» (3/ 336)، و «تاريخ الطبري» (3/ 14). (2) الكرى: النعاس، وعرّس القوم: نزلوا في آخر الليل للاستراحة. (3) أخرجه مسلم (680)، وأبو داود (436)، والترمذي (3163)، وابن ماجه (697) وغيرهم. (4) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 270). (5) أخرجه البخاري (4238)، وأبو داود (2717) وغيرهما. وانظر كلام الحافظ في «الفتح» (7/ 491).

فلما قربوا المدينة .. رفعوا مطيّهم، ورفع النبي صلّى الله عليه وسلم مطيّته وصفية خلفه قد أردفها، فعثرت مطيّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فصرع وصرعت، فألقى أبو طلحة ثوبه على المرأة وأصلح من شأنها، قال أنس: فدخلنا المدينة، فخرج جواري نسائه يتراءينها ويشمتن بصرعها (1). وفي هذه السنة: أغار زيد بن حارثة على جذام (2)، وسببه: أن دحية بن خليفة الكلبي لما رجع من عند قيصر لما بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم بكتابه إليه .. جاء معه بتجارة من الشام، فلما كان ببلد جذام .. أغار عليه الهنيد الجذامي ثم الصّليعي (3) وأخذ جميع ما معه، فلما قدم دحية على النبي صلّى الله عليه وسلم .. استسقاه دم الهنيد (4)، فجهز النبي صلّى الله عليه وسلم إليه زيد بن حارثة، فقتل الهنيد وابنه ورجلا من قومه، فجمع السبايا والأموال من بلاد جذام، فاعترضه رجال من جذام كانوا قد أسلموا، فأخبروه بإسلامهم وصدقهم، وأمر الجيش ألا يطأ واديهم، وأراد أن يردّ عليهم سبيهم، فصرفه من ذلك تهمة سمعها منهم، فانطلق رفاعة بن زيد الجذامي في رجال من قومه إلى المدينة وشكوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم ما حصل عليهم من زيد بعد إسلامهم وأمانه صلّى الله عليه وسلم، فأرسل صلّى الله عليه وسلم معهم علي بن أبي طالب، وأعطاه سيفه علامة لذلك، فلما خرجوا من المدينة .. استقبلهم رسول زيد على ناقة من إبلهم، فأخذوها، ثم لقوا زيدا بفيفاء الفحلتين (5)، فأخذوا كل شيء معه من أموالهم (6). وفي هذه السنة-وقيل: في الثامنة (7) -كانت غزوة ذات السّلاسل، وهو اسم ماء انتهت

(1) أخرجه مسلم (1365)، وأحمد (123/ 3 و 195)، والبيهقي (9/ 56) وغيرهم، والساتر لها عندهم هو رسول الله صلّى الله عليه وسلم. (2) ذكر أكثر أهل السير: أنها كانت في جمادى الآخرة من السنة السادسة، كما ذكره ابن سعد (2/ 84)، والواقدي في «المغازي» (1/ 5)، ولكن ذكروا أن بعث الرسل كان في أول السنة السابعة أو آخر السادسة كما في «الطبقات» (1/ 222)، وسبب السرية إنما هو ما حصل مع دحية مرجعه من عند هرقل، فيكون الصحيح: أنها في السابعة، والله أعلم. (3) الصليعي: نسبة إلى صليع؛ بطن من جذام، وانظر «سبل الهدى والرشاد» (6/ 140). (4) استسقاه دمه: طلب منه الإذن في قتله. (5) أرض فيفاء: واسعة، والفحلتين: قناتان بين المدينة وذي المروة. انظر «عيون الأثر» (2/ 141). (6) أخرجه الطبراني في «الكبير» (20/ 340)، وانظر «سيرة ابن هشام» (4/ 612)، و «طبقات ابن سعد» (2/ 85). (7) قال الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (6/ 270): (ذكر الجمهور-ومنهم ابن سعد [121/ 2]-: أنها كانت في جمادى الآخرة سنة ثمان، وقيل: كانت سنة سبع، وبه جزم ابن أبي خالد في «صحيح التاريخ»)، قال الحافظ في «الفتح» (8/ 74): (ونقل ابن عساكر الاتفاق على أنها بعد غزوة مؤتة، إلا ابن إسحاق فقال: قبلها).-

إليه غزوتهم في أرض بني عذرة (1)، ولأن المشركين ارتبط بعضهم بعضا؛ لئلا يفروا (2)، وكان أمير السرية عمرو بن العاصي، بعثه صلّى الله عليه وسلم يستنفر العرب إلى الإسلام، فلما كان بأرض بني عذرة .. خاف وأرسل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يستمده، فأمدّه بأبي عبيدة ابن الجراح في المهاجرين الأول فيهم أبو بكر وعمر، فكان عمرو بن العاصي يصلي بهم حتى انصرفوا (3). وفي ذي القعدة من هذه السنة: اعتمر صلّى الله عليه وسلم عمرة القضاء، فلما سمع به المشركون مقبلا .. خرجوا من مكة، فدخلها صلّى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة آخذ بخطام ناقته يقول: [من الرجز] خلّوا بني الكفّار عن سبيله … خلّوا فكلّ الخير في رسوله (4) يا ربّ إنّي مؤمن بقيله … أعرف حقّ الله في قبوله فأقام صلّى الله عليه وسلم بمكة ثلاثا، فأرسل إليه المشركون عليا رضي الله عنه يقول له: إنه قد مضى الأجل فاخرج عنا، فخرج صلّى الله عليه وسلم (5)، فتبعتهم أمامة ابنة حمزة، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر، فقال علي: أتأخذها وهي ابنة عمي؟ وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي، وقال زيد: بنت أخي، فقضى بها صلّى الله عليه وسلم لخالتها وقال: «الخالة بمنزلة الأم»، وقال لعلي: «أنت مني وأنا منك»، وقال لجعفر: «أشبهت خلقي وخلقي»، وقال لزيد: «أنت أخونا ومولانا» (6).

= قال الصالحي: (وأما ما نقل عن ابن إسحاق .. فالذي في رواية زياد البكائي تهذيب ابن هشام عن ابن إسحاق تأخّر غزوة ذات السلاسل عن مؤتة بعدة غزوات وسرايا، ولم يذكر أنها كانت قبل مؤتة، فيحتمل أنه نصّ على ما ذكره ابن عساكر في رواية غير زياد). (1) على عشرة أيام من المدينة، وراء وادي القرى، انظر «طبقات ابن سعد» (2/ 121). (2) وقيل: سمي المكان بذلك؛ لأنه كان به رمل بعضه على بعض كالسلسلة، والمشهور بضبط اسمها أنها بفتح السين الأولى، وضبطها ابن الأثير في «النهاية» (2/ 389) بالضم، وقال: هو بمعنى السلسال؛ أي: السهل، وانظر «الفتح» (7/ 26). (3) وفي هذا دليل على جواز تأمير المفضول على الفاضل لميزة في المفضول تتعلق بتلك الإمارة، فتأمير عمرو على جيش فيهم أبو بكر وعمر لا يقتضي أفضليته عليهما، لكن يقتضي أن له فضلا في الجملة، وانظر «الفتح» (8/ 74)، و «سبل الهدى والرشاد» (6/ 270). (4) أخرجه الترمذي (2847)، والنسائي (202/ 5 و 212)، والبيهقي (10/ 228). (5) أخرجه البخاري (3184)، وأحمد (2/ 124) و (4/ 298) وغيرهما. (6) أخرجه البخاري (4251)، والبيهقي (8/ 5)، وأحمد (98/ 1 و 108 و 115) وغيرهم، وقد اختلف في ابنة حمزة رضي الله عنها: فقيل: عمارة، وقيل فاطمة، وقيل: أمامة، وقيل: أمة الله، وقيل: سلمى، والأول هو المشهور، -

السنة الثامنة

وفي عمرة القضاء: نزل قوله تعالى: {لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ ... } الآية في شأن الحطيم البكري (1). وفي ذهابه صلّى الله عليه وسلم إلى مكة في عمرة القضاء: تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية بسرف، ودخل بها بسرف أيضا في رجوعه، وماتت بسرف أيضا بعد موت النبي صلّى الله عليه وسلم (2). قال الحافظ العامري: (وأشد الأقوال أنه تزوجها وهو محرم، وكان ذلك من خصائصه) اهـ‍ (3) وكان رحمه الله اعتمد رواية ابن عباس، وأكثر المحدثين اعتمد رواية ميمونة وأبي رافع: أنه تزوجها صلّى الله عليه وسلم وهو حلال، والله أعلم (4). *** السنة الثامنة : فيها: قدم وفد عبد القيس على النبي صلّى الله عليه وسلم (5)، وكانوا أربعة عشر راكبا، وقيل: أربعين، ولعل الأربعة عشر كبراؤهم، والباقون أتباع، ورئيسهم

= كما قال الحافظ في «الفتح» (7/ 505).وإنما قال زيد: (بنت أخي)؛ لما كان بينه وبين أبيها حمزة من المؤاخاة. (1) وقيل: يقال له: الحطم بن هند البكري؛ نسبة إلى بكر بن وائل، وقيل: اسمه شريح بن ضبيعة، وكان من أمره ما أخرجه الطبري من غير وجه في «تفسيره» (6/ 38) وغيره: (أنه أتى النبي صلّى الله عليه وسلم وحده، وخلف خيله خارج المدينة، فدعاه، فقال: إلام تدعو؟ فأخبره، وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلم قال لأصحابه: «يدخل اليوم عليكم رجل من ربيعة، يتكلم بلسان شيطان»، فلما أخبره النبي صلّى الله عليه وسلم .. قال: انظر ولعلّي أسلم ولي من أشاوره، فخرج من عنده فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لقد دخل بوجه كافر، وخرج بعقب غادر»، فمر بسرح من سرح المدينة، فساقه فانطلق به وهو يرتجز: قد لفّها الليل بسوّاق حطم ليس براعي إبل ولا غنم ولا بجزار على ظهر الوضم باتوا نياما وابن هند لم ينم ثم أقبل من عام قابل حاجّا قد قلّد وأهدى، فأراد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يبعث إليه، فنزلت هذه الآية)، وقيل: قتله العلاء بن الحضرمي في اليمامة، والله أعلم. ثم حكى الطبري: أن الآية منسوخة؛ لإجماع الجميع على أن المشرك لو قلّد عنقه أو ذراعيه لحاء جميع أشجار الحرم .. لم يكن ذلك له أمانا من القتل إذا لم يكن تقدم له عقد ذمة من المسلمين أو أمان. (2) انظر «البخاري» (4258)، (4259)، (5114). (3) «بهجة المحافل» (1/ 380). (4) وبناء على الخلاف في هذا الحديث: اختلفت المذاهب في صحة نكاح المحرم بنسك، وانظر كلام الحافظ في «الفتح» (9/ 165). (5) وخبر قدومهم في الصحيح عند البخاري (53)، ومسلم (17) وغيرهما.

المنذر بن عائذ الملقب بالأشج العصري-وإنما سمي الأشجّ؛ لأثر في وجهه-الذي فيه قال صلّى الله عليه وسلم: «إن فيك لخصلتين يحبّهما الله؛ الحلم والأناة»، فقال: يا رسول الله؛ كانتا فيّ أم حدثتا؟ قال: «بل قديم»، قال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبّهما الله (1). فلما دنوا من المدينة .. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لجلسائه: «أتاكم وفد عبد القيس خير أهل المشرق» (2)، فلما دخلوا عليه صلّى الله عليه وسلم .. قال: «مرحبا بالقوم-أو بالوفد-غير خزايا ولا ندامى» (3)، وعبد القيس أول من دان بالدين وأقام شرائعه من الآفاقيين، وأول جمعة أقيمت بعد جمعة المدينة بمسجد عبد القيس بجواثى من البحرين (4)، وثبتوا على إسلامهم لمّا ارتدت العرب عند موت النبي صلّى الله عليه وسلم، حتى لم يكن مسجد لله تعالى إلا في ثلاثة مساجد: مسجد مكة، ومسجد المدينة، ومسجد عبد القيس، فقال في ذلك شاعرهم يفتخر فيه: [من البسيط] فالمسجد الثالث الشرقيّ كان لنا … والمنبران وفصل القول في الخطب أيّام لا منبر للناس تعرفه … إلا بطيبة والمحجوج ذي الحجب وفي هذه السنة: توفيت زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم زوجة أبي العاصي بن الربيع، وهي أكبر بناته صلّى الله عليه وسلم، وبعد وفاة زينب تزوج صلّى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك، ولما نزلت آية التخيير .. اختارت الدنيا، ففارقها صلّى الله عليه وسلم، فكانت بعد ذلك تلتقط البعر وتقول: أنا الشقية؛ اخترت الدنيا (5). وفيها: وقع غلاء بالمدينة فقالوا: يا رسول الله؛ سعّر لنا، فقال: «إن الله هو المسعّر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال» (6).

(1) أخرجه ابن حبان (7203)، وأبو داود (5183)، وبنحوه مسلم (17)، والترمذي (2011)، والعصري: نسبة إلى عصر؛ بطن من عبد القيس. انظر «الأنساب» (4/ 201). (2) أخرجه أبو يعلى (6850) والطبراني في «الكبير» (20/ 345). (3) أخرجه البخاري (53)، ومسلم (17)، وغيرهما. (4) أخرجه البخاري (892). (5) تقدم الكلام عليه في ملخص سيرة النبي صلّى الله عليه وسلم، عند ذكر زوجاته وما ذكره العلامة الأشخر في «شرح البهجة» (1/ 386) من بطلانه. (6) سبق تخريجه في ملخص سيرة النبي صلّى الله عليه وسلم (1/ 131).

وفيها: صنع المنبر للنبي صلّى الله عليه وسلم، وكان قبل ذلك يخطب إلى جذع يقوم إليه، فقالت امرأة من الأنصار: يا رسول الله، ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه؛ فإن لي غلاما نجارا إن شئت، فتوانت في عمل ذلك؛ وكأنها لم تفهم منه الرضا، فاستنجزها صلّى الله عليه وسلم الوعد، فأمرت غلامها ميناء-وقيل: باقوم أو باقول (1) -فعمل المنبر من طرفاء الغابة (2)، وكان عدد درجاته ثلاث بالمقعد، وسمكه ذراعان وثلاث أصابع، وعرضه ذراع في ذراع، وتربيعه سواء، وطول رمانيته اللتين كان يمسكهما النبي صلّى الله عليه وسلم بيديه الكريمتين إذا جلس: شبر وأصبعان، ولما قعد صلّى الله عليه وسلم .. حنّ الجذع الذي كان يقوم عليه أولا، حتى سمع صوت كأصوات العشار، فنزل إليه صلّى الله عليه وسلم وضمه حتى سكت أو سكن (3). ولم يزل المنبر المذكور على حالته تلك إلى زمن معاوية رضي الله عنه، فيقال: إنه همّ بنقله إلى الشام فرجفت المدينة، فتركه وزاد من أسفله ست درجات، وكساه قطيفة، وهمّ المهدي بن المنصور العباسي أن يردّه إلى حاله الأول، فقال الإمام مالك: إنما هو من طرفاء، وقد شدّ إلى هذه العيدان وسمّر، فمتى نزعته خفت أن يتهافت، فتركه، ثم تهافت لطول الزمان، فجدّده بعض خلفاء بني العباس، واتخذ من بقايا منبر النبي صلّى الله عليه وسلم أمشاطا للتبرك بها. ولما احترق المسجد الشريف وما فيه سنة أربع وخمسين وست مائة، واشتغل الناس باستيلاء التتار على بلاد الإسلام، وقتلهم الخليفة المستعصم بالله العباسي في سنة ست وخمسين وست مائة .. أرسل إليه الملك المظفر يوسف بن عمر الرسولي اليمني (4) منبرا رمانتاه من الصندل، فنصب مكان المنبر النبوي، وبقي إلى سنة ست وستين وست مائة، إلى أن حوّله الملك الظاهر بيبرس (5)، ولم يزل منبر الظاهر مستمرا إلى أن وقع بالحرم

(1) وقد قيل في اسمه غير ذلك؛ فقيل: إبراهيم، وقيل: صباح، وقيل: قبيصة، وقيل كلاب، وقيل: تميم الداري، انظر «الإصابة» (2/ 398). (2) أخرجه البخاري (2094، 2095)، ومسلم (544)، والطرفاء: شجر، وهي أربعة أنواع: أحدها: الأثل، والغابة: موضع من عوالي المدينة جهة الشام. (3) سبق تخريجه، في ملخص سيرة النبي صلّى الله عليه وسلم (1/ 131). (4) ستأتي ترجمته في وفيات سنة (694 هـ‍)، انظر (5/ 451). (5) ستأتي ترجمته في وفيات سنة (676 هـ‍)، انظر (5/ 349).

الشريف في سنة خمس أو ست وثمانين وثمان مائة حريق (1)، فاحترق المنبر، فجدد الملك الأشرف قايتباي في الحرم الشريف، وعمل المنبر الذي هو اليوم منصوب. وفي جمادى الأول من سنة ثمان: كانت غزوة مؤتة، فأمّر رسول الله صلّى الله عليه وسلم زيد بن حارثة على ثلاثة آلاف من المسلمين، وقال: إن قتل زيد .. فجعفر، وإن قتل جعفر .. فعبد الله بن رواحة (2)، فساروا حتى بلغوا معان، فبلغهم أن هرقل نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، ومائة ألف من العرب المتنصرة؛ لخم وجذام والقين وبهراء وبليّ، وكان المسلمون في ثلاثة آلاف، فتشاوروا أن يراجعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيأمرهم بأمر، فشجّع الناس عبد الله بن رواحة، وقال: إنما هي إحدى الحسنيين: نصر أو شهادة، فوافقوا على ذلك، ومضوا حتى التقوا بمؤتة، فقاتل زيد بالراية حتى قتل، ثم أخذها جعفر فقاتل قتالا شديدا، ثم نزل عن فرسه فعقرها (3)، فكان أول من عقر في الإسلام، وجعل يقول: [من الرجز] يا حبذا الجنة واقترابها … طيبة وبارد شرابها والروم روم قد دنا عذابها … كافرة بعيدة أنسابها عليّ إذ لاقيتها ضرابها (4) … ثم قاتل حتى قطعت يده، فأخذ الراية بشماله فقطعت أيضا، فاحتضنها بعضديه، فعوضه الله بذلك جناحين يطير بهما في الجنة (5). ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة، وجعل يقول: [من الرجز] يا نفس إلا تقتلي تموتي … هذا حمام الموت قد صليت وما تمنّيت فقد أوتيت … إن تفعلي فعليهما هديت ثم قاتل حتى قتل (6)، فاصطلح الناس بعده على خالد بن الوليد، فأخذ الراية وقاتل قتالا

(1) حكى الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (3/ 498): (أن احتراق المسجد كان في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان، سنة ست وثمانين وثمان مائة). (2) أخرجه البخاري (4261)، وأحمد (1/ 204) وغيرهما. (3) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 209)، وأبو داود (2566)، والبيهقي (9/ 87). (4) أخرجه البيهقي في «السنن» (9/ 154)، و «الدلائل» (4/ 363)، وانظر «سيرة ابن هشام» (3/ 378). (5) سبق تخريجه في ترجمة سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه (1/ 97). (6) أخرجه البيهقي في «السنن» (9/ 154)، و «الدلائل» (4/ 363)، والطبري في «تاريخه» (3/ 39).

شديدا، ودافع عن المسلمين حتى انحازوا، وقفلوا راجعين إلى المدينة، فلما قدموا المدينة .. تلقّاهم النبي صلّى الله عليه وسلم والمسلمون، فعيّرهم المسلمون بالفرّار، فقال صلّى الله عليه وسلم: «ليسوا بالفرّار، ولكنهم الكرّار إن شاء الله تعالى» (1). وقد كان صلّى الله عليه وسلم نعى زيدا وأصحابه بالمدينة يوم أصيبوا، فقال صلّى الله عليه وسلم: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب-وإن عينيه تذرفان-حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم» (2). وفي هذه السنة قبل الفتح: بعث صلّى الله عليه وسلم ثلاث مائة راكب وأمّر عليهم أبا عبيدة ابن الجراح يرصد عير قريش، فأقاموا بالساحل نصف شهر، وجاعوا جوعا شديدا حتى أكلوا الخبط (3)، يسمى ذلك الجيش: جيش الخبط، وتعرف الغزوة بغزوة سيف البحر، ونحر قيس بن عبادة ثلاث جزائر، ثم نحر ثلاث جزائر، ثم نحر ثلاث جزائر، ثم إن أبا عبيدة نهاه، فألقى البحر لهم دابّة يقال لها: العنبر، فأكلوا منها نصف شهر، وادّهنوا من ودكها حتى ثابت أجسامهم (4)، وأخذ أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه، فنصبه ومرّ تحته رجل راكب بعيرا (5). وفي رمضان من هذه السنة: كان فتح مكة، ويسمى: فتح الفتوح؛ لأن العرب كانت تنتظر بإسلامها إسلام قريش، ويقولون: هم أهل الحرم وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل، فإن غلبهم محمد صلّى الله عليه وسلم .. فلا طاقة لأحد به، فلما فتحت مكة .. دخلوا في دين الله أفواجا، وكانوا قبل ذلك يدخلون أفرادا، ولم تقم للشرك قائمة بعده. وسبب الفتح: أنه كان بين خزاعة وبين بكر عداوة وترات، وكانت خزاعة دخلت في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، ودخلت بنو بكر في عهد قريش كما قدمناه، فمكثوا على ذلك سنة ونصفا، ثم بيّتت بنو بكر خزاعة على ماء لهم تسمّى: الوتير؛ ناحية عرنة، وأعانتهم قريش بالسلاح والرجال مختفين في سواد الليل، فقتلوا

(1) أخرجه الطبري في «تاريخه» (3/ 42)، وانظر «ابن هشام» (3/ 382). (2) سبق تخريجه في ترجمة سيدنا جعفر رضي الله عنه (1/ 97). (3) الخبط-محركة-: ورق ينفض بالمخابط ويجفف ويطحن ويخلط بدقيق ويبل بالماء، ثم تعلف منه الإبل. (4) العنبر: الحوت، كما في رواية البخاري، والودك: الشحم، وثابت أجسامهم: رجعت وصلحت وامتلأت. (5) أخرجه البخاري (4360)، ومسلم (1935).

رجلا من خزاعة، فركب عمرو بن سالم الخزاعي ثم الكعبي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأنشده في المسجد بين ظهراني الناس: [من الرجز] يا ربّ إنّي ناشد محمدا … حلف أبينا وأبيه الأتلدا قد كنتم ولدا وكنّا والدا … ثمّت أسلمنا فلم ننزع يدا فانصر هداك الله نصرا أعتدا … وادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قد تجرّدا … إن سيم خسفا وجهه تربّدا في فيلق كالبحر يجري مزبدا … إنّ قريشا أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكّدا … وجعلوا لي في كداء رصّدا وزعموا أن لست أدعو أحدا … وهم أذلّ وأقلّ عددا هم بيّتونا بالوتير هجّدا … وقتلونا ركّعا وسجّدا (1) قلت: قال ابن هشام في «سيرته»: (ويروى: نحن ولدناك فكنت الولدا … فانصر هداك الله نصرا أيّدا) (2) قال السهيلي في «الروض الأنف» في قوله: (قد كنتم ولدا وكنّا والدا): (يريد: أنّ بني عبد مناف أمّهم من خزاعة، وكذلك قصي أمّه فاطمة بنت سعد الخزاعية، وقوله: «ثمّت أسلمنا» هو من السّلم، لا من الإسلام؛ لأنهم لم يكونوا آمنوا بعد، غير أنه قال: «ركعا وسجدا»؛ فدلّ على أنه كان فيهم من صلّى لله تعالى فقتل) اهـ‍ (3)، والله أعلم. فقال صلّى الله عليه وسلم: «نصرت يا عمرو بن سالم»، وعرضت سحابة في السماء فقال صلّى الله عليه وسلم: «إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب» (4). وجاء أبو سفيان يريد تأكيد العقد والمزايدة في المدة، فأبى عليه رسول الله صلّى الله عليه

(1) أخرجه البيهقي في «السنن» (9/ 233)، و «الدلائل» (5/ 5)، والطبراني في «الكبير» (23/ 433)، والطبري في «تاريخه» (3/ 44)، وانظر «سيرة ابن هشام» (3/ 394). الأتلد: القديم، أعتدا: حاضرا، سيم خسفا: أريد به نقيصة، تربّد وجهه: تغيّر، الفيلق: الجيش، كداء: موضع بأعلى مكة عند المحصب. (2) «سيرة ابن هشام» (3/ 395). (3) «الروض الأنف» (7/ 198). (4) انظر تخريج الحديث السابق.

وسلم، ولم يجبه بشيء، ورجع خائبا، وقال: «اللهم؛ خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها» (1). ثم إن حاطب بن أبي بلتعة كتب كتابا إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال السهيلي: (وكان في كتابه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد نفر بجيش يسير كالسيل، فإما إليكم وإما إلى غيركم، فخذوا حذركم، وأقسم بالله؛ لو جاءكم وحده .. لنصره الله عليكم؛ فإنه منجز وعده) (2)، فأخبر جبريل النبي صلّى الله عليه وسلم بذلك، فبعث صلّى الله عليه وسلم عليا والزبير وأبا مرثد الغنوي، وكلّهم فوارس، فقال لهم: «انطلقوا إلى روضة خاخ؛ فإن بها ظعينة معها كتاب من حاطب إلى المشركين»، فأدركوها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأخذوا الكتاب منها وانطلقوا به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال صلّى الله عليه وسلم لحاطب: «ما حملك على ما صنعت؟ ! » فقال: والله؛ ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله، أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله، فصدقه صلّى الله عليه وسلم، فاستأذن عمر النبي صلّى الله عليه وسلم في ضرب عنقه، فقال صلّى الله عليه وسلم: «إنه من أهل بدر، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم .. فقد غفرت لكم» (3) أي: إنه سبق في علم الله سبحانه أنه لا يصدر من بدري زلة أو هفوة إلا وتلافاها بالتوبة الموجبة للمغفرة. ثم خرج صلّى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة في عشرة آلاف من المسلمين، واستعمل على المدينة كلثوم بن حصين الغفاري، فلما بلغ الجحفة .. لقيه عمه العباس مهاجرا ببنيه، وكان بعد إسلامه مقيما بمكة على سقايته، وعذره رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولقيه أيضا ببعض الطريق ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وابن عمته عبد الله بن أبي أمية أخو أم سلمة لأبيها، فكلمته أم سلمة فيهما، فقال: «لا حاجة لي بهما؛ أما ابن عمي .. فهتك عرضي، وأما ابن عمتي وصهري .. فإنه قال لي بمكة

(1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (23/ 434)، والطبري في «التاريخ» (3/ 47). (2) «الروض الأنف» (7/ 203). (3) أخرجه البخاري (3983)، ومسلم (2494)، وروضة خاخ: موضع بين الحرمين، بقرب حمراء الأسد من المدينة، وفي رواية عند البخاري: «اعملوا ما شئتم .. فقد وجبت الجنة».

ما قال»، وأشار صلّى الله عليه وسلم إلى ما قاله له عبد الله بن أبي أمية بمكة: لا والله؛ لا آمنت بك حتى تتخذ سلّما إلى السماء، فتعرج فيه وأنا انظر، ثم تأتي بصكّ وأربعة من الملائكة فيشهدون معك بأن الله أرسلك (1). قال أبو سفيان بن الحارث: والله؛ لتأذنن لي أو لآخذن بيد بني هذا، ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا، فرقّ لهما صلّى الله عليه وسلم، فدخلا عليه وأسلما (2). ولما بلغ صلّى الله عليه وسلم الكديد (3) .. أفطر وأفطر الناس معه (4)، ثم مضى حتى نزل مرّ الظّهران (5)، فرقّ العباس على قومه، فخرج على بغلة رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ رجاء أن يصادف أحدا فيبعثه إليهم فيستأمنوا، فلقي أبا سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء، وكانوا قد خرجوا يتحسّسون الأخبار، فأخبرهم العباس الخبر، فقال للعباس: فما الحيلة؟ فقال: اركب خلفي حتى آتيك رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأستأمنه لك، فردفه ورجع صاحباه، فلما مر به العباس على منزل عمر .. لحقه عمر محرشا عليه، ومذكرا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم سالف إساءته، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اذهب به إلى رحلك، فإذا أصبح .. فأت به»، فعرض عليه صلّى الله عليه وسلم الإسلام، فتلكأ قليلا ثم أسلم، فقال العباس: يا رسول الله؛ إن أبا سفيان يحب الفخر، فاجعل له شيئا، فقال: «نعم، من دخل دار أبي سفيان .. فهو آمن، ومن أغلق بابه .. فهو آمن، ومن دخل المسجد .. فهو آمن» (6). وكانت الراية مع سعد بن عبادة، ثم سلمها صلّى الله عليه وسلم إلى الزبير، وأمره أن يركزها بالحجون (7)، ودخل صلّى الله عليه وسلم من أعلى مكة، ولم يعرض له قتال، وأمّر

(1) «سيرة ابن هشام» (1/ 298)، وعبد الله بن أبي أمية، هو ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب. (2) أخرجه الطبراني في «الكبير» (8/ 9)، والطبري في «تاريخه» (3/ 50)، وابنه هو: جعفر بن أبي سفيان، انظر «مستدرك الحاكم» (3/ 254). (3) الكديد-بفتح الأول وكسر الثاني، وقيل: بالتصغير؛ بضم الأول وفتح الثاني-: موضع على اثنين وأربعين ميلا من مكة، وهو ماء بين عسفان وقديد. (4) أخرجه البخاري (1944)، ومسلم (1113). (5) مر الظهران: موضع على مرحلة من مكة. (6) أخرجه الطبراني في «الكبير» (6/ 8 و 9)، والطبري في «تاريخه» (3/ 52)، وأصله عند البخاري (4280)، ومسلم (1780)، وانظر «سيرة ابن هشام» (4/ 402). (7) أخرجه البخاري (4280)، قال الحافظ في «الفتح» (8/ 8): (قوله: «عليهم سعد بن عبادة معه الراية» أي: راية-

خالد بن الوليد في عدد من المسلمين، فدخلوا من أسفلها، فعرض لهم عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو بالخندمة (1)، فهزمهم وقتل منهم اثني عشر أو ثلاثة عشر رجلا، ولم يقتل من خيل خالد إلا سلمة بن الميلاء الجهني، وكان كرز بن جابر الفهري وخنيس بن الأشعر قد شذا عن خالد وسلكا طريقا غير طريقه فقتلا (2)، وقد كان صلّى الله عليه وسلم عهد إلى أمرائه ألا يقاتلوا إلا من قاتلهم، إلا أنه أمر بقتل جماعة سماهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، فقتل بعضهم (3) واستؤمن لبعض (4). وكان فتح مكة لعشرين بقين من رمضان، ولما انتهى النبي صلّى الله عليه وسلم إلى البيت .. طاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن بيده (5)، وهو منكّس رأسه تواضعا لله تعالى، ثم دعا بمفتاح الكعبة-وكان بيد عثمان بن طلحة بن أبي طلحة الحجبي العبدري (6)، وبيد ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة-فأتي به، ففتح الكعبة وركع فيها ركعتين، وكسر ما كان فيها من الأوثان، وطمس الصور، فأخرج مقام إبراهيم (7)، فسأله العباس أن يجمع له السدانة مع السقاية، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها، } فدعا عثمان وشيبة فأعطاهما المفتاح وقال: «خذاها خالدة تالدة لا ينزعها

= الأنصار، وكانت راية المهاجرين مع الزبير).والحجون: جبل بأعلى مكة، عنده مدافن أهلها. (1) الخندمة: جبل بمكة. (2) هذه رواية ابن إسحاق عند ابن هشام في «السيرة» (4/ 407)، وعند البخاري (4280): أنه قتل من خيل خالد: حبيش بن الأشعر، وكرز بن جابر الفهري، وانظر ما جاء في ترجمة خنيس بن الأشعر عن الخلاف في ضبط اسمه. (3) كعبد العزى بن خطل الذي أمر النبي صلّى الله عليه وسلم بقتله حين أخبر أنه متعلق بأستار الكعبة، كما في «البخاري» (4286)، والحويرث بن نقيدر، ومقيس بن صبابة، والحويرث بن الطلاطل. (4) كعكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعفا صلّى الله عليه وسلم عن بعض، كهبّار بن الأسود، وكعب بن زهير، وهند بنت عتبة. (5) أخرجه ابن خزيمة (2781)، وابن حبان (3828)، وأبو داود (1873)، والمحجن: عصا محنية الرأس يتناول بها الراكب ما يسقط له، ويحرك بطرفها بعيره للمشي. (6) الحجبي: نسبة إلى حجابة الكعبة، وهي ولايتها وفتحها وإغلاقها وخدمتها، والعبدري: نسبة إلى عبد الدار. (7) وقد كان في الكعبة، كما أخرج ابن مردويه من طريق الكلبي، انظر «تفسير ابن كثير» (1/ 516)، و «الدر المنثور» (2/ 570)، والكلبي فيه ما فيه، وعند البيهقي في «الدلائل» (5/ 45): (فكان المقام-زعموا-لاصقا بالكعبة، فأخّره رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكانه هذا).ويدفع ذلك-والله أعلم-ما أخرجه أبو الوليد الأزرقي في «أخبار مكة» (2/ 25) بأسانيد صحيحة-كما قال الحافظ في «الفتح» (1/ 499) -: (أن موضع المقام هذا الذي هو به اليوم هو موضعه في الجاهلية وفي عهد النبي صلّى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، إلا أن السيل ذهب به في خلافة عمر، فجعل في وجه الكعبة حتى قدم عمر فاستثبت في أمره حتى تحقق موضعه الأول، فأعاده إليه وبنى حوله، فاستقر ثمّ إلى الآن).

منكم إلا ظالم» (1)، وكان حول البيت ثلاث مائة وستون صنما مثبتة بالرصاص، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: {جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ، } {وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ} (2)، وكلما طعن منها واحدا بالعود .. سقط (3)، ثم قال صلّى الله عليه وسلم: «يا معشر قريش؛ ما ترون أني فاعل بكم؟ » قالوا: خيرا؛ أخ كريم وابن أخ كريم، قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»؛ فلذلك سمي مسلمة الفتح: الطلقاء. وأقام صلّى الله عليه وسلم بمكة خمسة عشر أو ثمانية عشر أو تسعة عشر يقصر الصلاة (4). ولما فرغ من الفتح .. بلغه صلّى الله عليه وسلم أن عوف بن مالك النّصري جمع نحو أربعة آلاف من هوازن وثقيف لحربه، فاستعار صلّى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية-وهو يومئذ مشرك-مائة درع بما يكفيها من السلاح (5)، ثم خرج صلّى الله عليه وسلم بجيش الفتح وألفين من الطلقاء، واستخلف بمكة عتّاب بن أسيد الأموي. فلما انتهى صلّى الله عليه وسلم إلى حنين-وهو واد بين مكة والطائف وراء عرفة، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا-كان المشركون قد سبقوا إليه، وكمنوا في أحنائه (6) وشعابه، فلما تصوب المسلمون فيه في عماية الصبح (7) .. شدوا عليهم شدة رجل واحد، فانشمر المسلمون مدبرين لا يلوي أحد على أحد (8). وقد كان قال رجل من المسلمين حين رأى تكاثر الجيش: لن نغلب اليوم عن قلّة، فلم يرض الله قوله، ووكلوا إلى كلمته وولّوا مدبرين، ولم يفر رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

(1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (11/ 98)، وابن عدي في «الكامل» (4/ 137)، وانظر «فتح الباري» (8/ 18)، و «سبل الهدى والرشاد» (5/ 366). (2) أخرجه البخاري (4287)، ومسلم (1781)، إلا قوله: (مثبتة بالرصاص) .. فهو بمعناه عند الطبراني في «الكبير» (10/ 279)، وأبي نعيم في «الحلية» (3/ 211). (3) وعند ابن حبان (6522)، وأبي نعيم في «الدلائل» (2/ 776)، والبيهقي في «الدلائل» (5/ 72): أنها كانت تسقط من غير أن يمسها صلّى الله عليه وسلم. (4) أخرجه البيهقي (9/ 118)، والطبري في «تاريخه» (3/ 60)، وانظر «سيرة ابن هشام» (4/ 412).والذي في «البخاري» (4298): (أنه صلّى الله عليه وسلم أقام تسعة عشر يوما). (5) الحديث عند الحاكم (2/ 47)، وأبي داود (3558)، والدارقطني (3/ 38)، والبيهقي (6/ 89)، وأحمد (3/ 401) وغيرهم، ووقع في بعض الروايات-كما في «ابن هشام» (4/ 440) -: أن عددها مائة درع، وفي أخرى: أن عددها ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعا. (6) الأحناء-جمع حنو-: وهي منعطفات الوادي. (7) عماية الصبح: الجزء الأول منه، وهو بقية ظلمة الليل. (8) أخرجه ابن حبان (4774)، وأحمد (3/ 376).

قلت: القائل ذلك سلمة بن سلامة الأنصاري، ذكر ذلك ابن الصارم في تفسيره الكبير «الإبريز»، والله أعلم. وعن البراء بن عازب: كانت هوازن رماة، وإنا لما حملنا عليهم .. انكشفوا، فأكببنا على الغنائم، فاستقبلنا بالسهام، ولقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء وأبو سفيان بن الحارث آخذ بزمامها وهو يقول: أنا النبيّ لا كذب … أنا ابن عبد المطّلب قال: فما رئي في الناس يومئذ أشدّ منه، فلما فرّ المسلمون .. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم للعباس وكان صيّتا: «أي عباس؛ ناد أصحاب السّمرة» (1) فقلت بأعلى صوتي، قال: فو الله؛ لكأنّ عطفتهم عليّ حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، يقولون: يا لبيك يا لبيك، فجعل الرجل منهم يثني بعيره فلا يقدر عليه، فيقتحم عنه ويؤم الصوت، حتى اجتمع عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم مائة، وقيل: ألف، فاستعرضوا الناس، وساروا قدما حتى فتح الله عليهم، فنظر صلّى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم فقال: «هذا حين حمي الوطيس»، ثم أخذ صلّى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهنّ وجوه الكفار، ثم قال: «انهزموا وربّ محمد»، قال: فو الله؛ ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى أحدهم كليلا وأمرهم مدبرا (2). فلما انهزمت هوازن .. استحرّ القتل في ثقيف في بني مالك، فقتل منهم تحت رايتهم سبعون رجلا، وتفرّق المشركون في الهزيمة، فلحق عوف بن مالك في آخرين بالطائف، وتركوا أموالهم وأولادهم، واحتبس كثير منهم بأوطاس على أموالهم، وتوجه بعضهم نحو نخلة، وتبعت خيل رسول الله صلّى الله عليه وسلم من سلك نحو نخلة، ولم تتبع من سلك الثنايا، فأدرك ربيعة بن رفيع السّلمي دريد بن الصمة وهو في شجار له (3)، فأناخ به ثم ضربه، فلم يغن شيئا، فقال له دريد: بئس ما سلّحتك [أمّك]، خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل واضرب به، وارفع عن العظام، واخفض عن الدماغ؛ فإني كنت كذلك أضرب

(1) السمرة: الشجرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان يوم الحديبية، وأراد أن يذكرهم ما بايعوا عليه يومئذ. (2) حديث البراء أخرجه البخاري مختصرا (2864)، وهو عند مسلم (1775)، وابن حبان (7049)، وأحمد (1/ 207) وغيرهم بطوله، غير قوله: (فجعل الرجل منهم يثني ... ) إلى قوله: (حتى فتح الله عليهم) .. فهو عند الطبري في «تاريخه» (3/ 75)، وانظر «ابن هشام» (4/ 444). (3) الشجار: مركب مكشوف دون الهودج.

الرجال، فقتل وهو ابن مائة وستين سنة أو مائة وعشرين (1)، وكان دريد أشار بتمنيع الذراري والأموال، ولقاء الرجال بالرجال، وقال: إن المنهزم لا يرده شيء، فأبى عوف بن مالك النّصري إلا المسير بهم، فقال دريد: هذا يوم لم أشهده ولم يفتني، وقال حين تحققت الهزيمة: [من الطويل] أمرتهم أمري بمنعرج اللّوى … فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد وما أنا إلا من غزيّة إن غوت … غويت وإن ترشد غزيّة أرشد ثم أمّر صلّى الله عليه وسلم أبا عامر الأشعري على جيش من المسلمين، وبعثه إلى أوطاس في آثار من توجه قبل أوطاس، فأدرك بعض من انهزم، فناوشوه القتال، فقتل أبو عامر، وأخذ الراية بعده ابن أخيه أبو موسى الأشعري، فقتل قاتل أبي عامر، وهزمهم وغنم أموالهم وفتح الله عليه (2). وقتل يوم حنين وأوطاس أيمن ابن أم أيمن، ويزيد بن زمعة بن الأسود، وسراقة بن الحارث الأنصاري، وأبو عامر الأشعري رضي الله عنهم. وكان سبايا هوازن ستة آلاف رأس، ومن الإبل والشاء ما لا يعد، فأمر صلّى الله عليه وسلم بسبايا هوازن وأموالها فحبست له بالجعرانة (3)، وجعل عليها مسعود بن عمرو الغفاري، وقيل: أبا سفيان بن حرب الأموي، وقيل: أبا جهم بن حذيفة العدوي. ولما فرغ صلّى الله عليه وسلم من حنين وأوطاس .. توجّه إلى الطائف لحصار من تحصّن فيه من سواد حنين، وفي ذلك يقول كعب بن مالك من قصيدة له: [من الوافر] قضينا من تهامة كلّ ريب … وخيبر ثم أحممنا السيوفا نخيّرها ولو نطقت لقالت … قواطعهنّ دوسا أو ثقيفا فسلك صلّى الله عليه وسلم على قرن؛ مهلّ أهل نجد (4)، ثم على وادي ليّة (5) وابتنى

(1) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (5/ 153)، والطبري في «تاريخه» (3/ 78)، وانظر «سيرة ابن هشام» (4/ 453). (2) أخرجه البخاري (4323)، ومسلم (2498). (3) الجعرانة: موضع بين مكة والطائف على سبعة أميال من مكة، وهي بكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء، وقيل: بكسر العين وتشديد الراء. (4) قرن: هو قرن المنازل، جبل بينه وبين مكة من جهة المشرق مرحلتان. (5) ليّة: موضع من نواحي الطائف.

بها مسجدا، وقتل هناك رجلا من بني ليث بقتيل قتله من هذيل، وهو أول دم أقيد في الإسلام، وهدم حصن مالك بن عوف النّصري، ثم سلك من ليّة على نخب (1)، ونزل تحت شجرة تسمى: الصادرة، وخرب حائط رجل من ثقيف، ثم ارتحل فنزل على حصن الطائف، فقتل جماعة من أصحابه بالنّبل، فانتقل بعيدا منه، وضرب هناك قبة لعائشة وقبة لأم سلمة وصلّى بينهما، وهو موضع مسجده الذي بالطائف اليوم، وفي ركنه الأيمن القبلي قبر حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (2). وحاصرهم النبي صلّى الله عليه وسلم، وقطع أعنابهم ورماهم بالمنجنيق، ودخل ناس من الصحابة تحت دبابة، ثم زحفوا تحتها إلى جدار الحصن، فرمتهم ثقيف بالنار فاحترقت الدبابة، فخرجوا من تحتها فرموهم بالنبل، فحاصرهم صلّى الله عليه وسلم بضعا وعشرين ليلة، ويقال: سبع عشرة ليلة، وانصرف عنهم حين هلّ شهر ذي القعدة؛ لأنه شهر حرام، وتدلى أبو بكرة نفيع بن الحارث من حصن الطائف على بكرة (3)، ونزل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثالث ثلاثة وعشرين من عبيد الطائف (4). وروي: أن أهل الطائف لما أسلموا .. كلموا النبي صلّى الله عليه وسلم فيهم فقال: «هؤلاء عتقاء الله عزّ وجل» (5) وجعل ولاءهم لهم. واستشهد في حصار الطائف اثنا عشر أو ثلاثة عشر رجلا (6)، سبعة من قريش، وأربعة من الأنصار، وواحد من بني ليث، وأصاب عبد الله بن أبي بكر الصديق سهم-فمات منه بعد موت النبي صلّى الله عليه وسلم-وعبد الله بن أبي أمية المخزومي. وروي: أنه قيل للنبي صلّى الله عليه وسلم لما انصرف من الطائف: ادع عليهم، فقال: «اللهمّ؛ اهد ثقيفا وأت بهم» (7).

(1) نخب: واد من الطائف على ساعة. (2) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (5/ 158)، والطبري في «تاريخه» (3/ 83)، وانظر «سيرة ابن هشام» (4/ 482)، وعند الواقدي في «المغازي» (3/ 926)، وابن سعد (2/ 146): (أن معه أم سلمة وزينب). (3) أخرجه الحاكم (4/ 278)، والواقدي (3/ 931)، وأصله في «البخاري» (4326). (4) أخرجه البخاري (4327). (5) أخرجه الواقدي في «المغازي» (3/ 932). (6) والصواب: أنهم اثنا عشر رجلا؛ لما مر في ترجمة ثابت بن أقرم رضي الله عنه (1/ 106): أن الصواب استشهاده في حروب الردة، وأن أحدا لم يذكره فيمن استشهد في حصار الطائف، وما نقله المصنف في ترجمته عن ابن الأثير من أنه استشهد فيه، إنما هو سبق ذهن إلى ترجمة ثابت بن الجذع المترجم بعده، والله أعلم. (7) أخرجه الترمذي (3942)، وأحمد (3/ 343)، وابن أبي شيبة (8/ 544)، والبيهقي في «الدلائل» (5/ 168).

ولما رجع صلّى الله عليه وسلم من الطائف .. نزل الجعرانة، وقسم بها الغنائم، فأعطى الطلقاء ورؤساء العرب ومن ضعف إيمانه يتألّفهم ويتألّف بهم، ووكل آخرين إلى إيمانهم ويقينهم، منهم الأنصار رضي الله عنهم، فأعطى صلّى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس، كلّ إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك فقال: [من المتقارب] أتجعل نهبي ونهب العبي‍ … د بين عيينة والأقرع فما كان بدر ولا حابس … يفوقان مرداس في المجمع وما كنت دون امرئ منهما … ومن تخفض اليوم لا يرفع فأتم له رسول الله صلّى الله عليه وسلم مائة (1). وأعطى صلّى الله عليه وسلم من الشاء بغير عدد، وسأله أعرابي فأعطاه غنما بين جبلين، فلما رجع إلى قومه .. قال: أسلموا؛ فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر (2). ولما لم يصب الأنصار من هذه المغانم لا قليل ولا كثير .. وجدوا وجدا عظيما، ووقع في أنفسهم ما لم يقع قبل ذلك، فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم؟ ! وقالوا: إذا كانت الشدة .. فنحن ندعى وتعطى الغنائم غيرنا؟ ! فلما بلغ النبي صلّى الله عليه وسلم خبر موجدتهم .. جمعهم وقال: «ما حديث بلغني عنكم؟ »، فقال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله .. فلم يقولوا شيئا، وأما ناس منا حديثة أسنانهم .. فقالوا: يغفر الله لرسول الله؛ يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم؟ ! فقال صلّى الله عليه وسلم: «إني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألّفهم، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي إلى رحالكم؟ فو الله؛ لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به»، قالوا: يا رسول الله؛ قد رضينا (3). ثم إن وفد هوازن جاءوا مسلمين ومناشدين للنبي صلّى الله عليه وسلم برضاعة فيهم، فقال له قائلهم: يا رسول الله؛ لو أنا ملحنا (4) للحارث بن أبي شمر الغسّاني، أو

(1) أخرجه مسلم (1060)، وابن حبان (4827)، والعبيد: اسم فرس عباس، وبدر: في رواية: حصن، وكلاهما صحيح؛ لأن عيينة هو ابن حصن بن حذيفة بن بدر. (2) أخرجه مسلم (2312)، وابن حبان (4502)، وأحمد (3/ 175). (3) أخرجه البخاري (4331)، ومسلم (1059). (4) ملحنا: أرضعنا.

النعمان بن المنذر، ثم نزل منا بمثل الذي نزلت به .. رجونا عطفه وعائده علينا، وأنت خير المكفولين، وأنشده زهير بن صرد الجشمي السعدي وهو أحد سراتهم: [من البسيط] امنن علينا رسول الله في كرم … فإنّك المرء نرجوه وننتظر امنن على بيضة قد عاقها قدر … مشتّت شملها في دهرها غير يا خير طفل وموجود ومنتجب … في العالمين إذا ما حصّل البشر إن لم تداركهم نعماء تنشرها … يا أرجح الناس حلما حين يختبر امنن على نسوة قد كنت ترضعها … وإذ يزينك ما تأتي وما تذر لا تجعلنا كمن شالت نعامته … واستبق منّا فإنّا معشر زهر إنّا لنشكر للنعما إذا كفرت … وعندنا بعد هذا اليوم مدّخر فألبس العفو من قد كنت ترضعه … من أمّهاتك إنّ العفو مشتهر يا خير من مرحت كمت الجياد به … عند الهياج إذا ما استوقد الشرر إنّا نؤمّل عفوا منك تلبسه … هذي البرية إذ تعفو وتنتصر فاغفر عفا الله عمّا أنت راهبه … يوم القيامة إذ يهدى لك الظّفر فلما سمع صلّى الله عليه وسلم هذا الشعر .. قال: «ما كان لي ولبني عبد المطلب .. فهو لكم»، وقالت قريش: ما كان لنا .. فهو لله عزّ وجل ولرسوله، وقالت الأنصار مثل ذلك (1). وفي «الصحيحين»: (عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين، فسألوه أن يردّ إليهم أموالهم وسبيهم فقال لهم: «معي من ترون، وأحب الحديث إليّ أصدقه، فاختاروا إحدى الطائفتين: إما السبي، وإما المال»، قالوا: فإنا نختار سبينا، فقام صلّى الله عليه وسلم في المسلمين، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: «أما بعد: فإن إخوانكم هؤلاء جاءونا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطيّب ذلك .. فليفعل، ومن أحب أن

(1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (5/ 269)، و «الأوسط» (4627)، و «الصغير» (1/ 395)، والطبري في «تاريخه» (3/ 86)، والخطيب في «تاريخه» (7/ 108)، وأورده ابن حجر في «لسان الميزان» (5/ 324) وحسّنه، والصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (5/ 569)، والبيضة: الأهل والعشيرة، وحصّل: جمع، وتدراكهم: أصلها: تتداركهم، وشالت: تفرقت، والمراد: لا تجعلنا كمن ارتحل عنك وتفرق، وربما يراد بذلك الموت؛ أي: لا تجعلنا كمن مات فلا ينتفع به في الحرب وغيرها، وكمت-جمع كميت-وهو: الخيل الشديد الحمرة، والهياج: القتال، وراهبه: خائفة.

يكون على حظّه حتى نعطيه من أول ما يفيء الله علينا .. فليفعل»، فقال الناس: رضينا ذلك يا رسول الله، فقال صلّى الله عليه وسلم: «إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم»، فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم، ثم أخبروا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنهم قد طيبوا وأذنوا) اهـ‍ (1) وروي: أنه كان في السبي الشيماء بنت الحارث، وهي بنت حليمة السعدية، فتعرفت للنبي صلّى الله عليه وسلم بالأخوة، فبسط لها رداءه، ووهبها عبدا وجارية، فزوجت العبد الجارية، فلم يزل من نسلها بقية (2). وقال أبو الطّفيل-وهو آخر من مات من الصحابة-: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم وأنا غلام؛ إذ أقبلت امرأة، فدنت منه، فبسط لها رداءه، فجلست عليه، فقلت: من هذه؟ فقالوا: أمه التي أرضعته (3). ولما انصرف وفد هوازن .. قال لهم صلّى الله عليه وسلم: «أخبروا مالك بن عوف أنه إن أتاني مسلما .. رددت عليه ماله وأهله، وأعطيته مائة من الإبل»، فلما أخبروه .. خرج من الطائف مستخفيا، ولحق بالنبي صلّى الله عليه وسلم، فأدركه بالجعرانة أو بمكة، فأعطاه ما وعده، وأسلم وحسن إسلامه، وقال حين أسلم: [من الكامل] ما إن رأيت ولا سمعت بمثله … في الناس كلّهم بمثل محمد أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدي … ومتى تشأ يخبرك عما في غد وإذا الكتيبة عرّدت أنيابها … بالسّمهريّ وضرب كلّ مهنّد فكأنّه ليث على أشباله … وسط الهباءة خادر في مرصد فاستعمله صلّى الله عليه وسلم على قومه، فحارب بهم ثقيف حتى ضيق عليهم (4).

(1) «صحيح البخاري» (2308). (2) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (5/ 199)، وهذا ما ذكره ابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام» (4/ 458)، وانظر الحديث بعده. (3) أخرجه ابن حبان (4232)، والحاكم (3/ 618)، وأبو داود (5101)، والبيهقي في «الدلائل» (5/ 199) وغيرهم، وفيه دلالة على أن القادمة هي حليمة، وانظر كلام الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (4/ 466)، فقد أفاد وأجاد. (4) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (5/ 198)، وابن سعد (6/ 207)، والطبري في «تاريخه» (3/ 88)، اجتدي: طلبت منه العطية، ويروى بإهمال الحاء وإعجام الذال (احتذي) أي: سئل منه أن يحذي؛ أي: يعطي، عردت أنيابها: اعوجّت أو قطعت، السمهري: الرماح المنسوبة إلى سمهر؛ قرية بالهند، المهند: السيف، الهباءة: -

ثم خرج صلّى الله عليه وسلم من الجعرانة إلى مكة معتمرا (1)، فلما فرغ من عمرته .. رجع إلى المدينة، واستعمل على أهل مكة عتّاب بن أسيد، وخلّف معه معاذ بن جبل يفقّه الناس ويعلّمهم أمر دينهم، فحج عتّاب بن أسيد ذلك العام بالناس (2)، وقدم صلّى الله عليه وسلم المدينة في آخر ذي القعدة أو في ذي الحجة، وبقي أهل الطائف على شركهم إلى رمضان من سنة تسع، وأوفدوا قوما منهم بإسلامهم كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وفي هذه السنة مدة مقامه: بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة، فدعاهم خالد إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فقالوا: صبأنا صبأنا، وجعل خالد يقتل ويأسر، قال عبد الله بن عمر: ودفع خالد إلى كل واحد منا أسيره، ثم أمر خالد أن يقتل كلّ منا أسيره، فقلت: لا والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل أحد من أصحابي أسيره، حتى قدمنا على النبي صلّى الله عليه وسلم فذكرناه، فقال: «اللهم؛ إني أبرأ إليك مما صنع خالد» (3)، ثم بعث صلّى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب لتلافي خطأ خالد، وبعث معه بمال، فودى لهم الدماء والأموال، حتى ميلغة الكلب (4)، وبقيت معه بقيّة من المال، فأعطاهم ذلك؛ احتياطا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم مما لا يعلم ولا يعلمون، فاستحسن صلّى الله عليه وسلم فعله، وعذر خالدا في إسقاط القصاص من حيث إن قولهم: (صبأنا) ليس بصريح في قبولهم الدين (5). وبعث صلّى الله عليه وسلم خالد بن الوليد أيضا لهدم العزّى، وكانت بنخلة، وكان سدنتها وخدمها بني شيبان من بني سليم، فهدمها خالد، ثم رجع إلى النبي صلّى الله عليه وسلم (6). وبعث صلّى الله عليه وسلم عمرو بن العاصي إلى سواع-صنم لهذيل-فهدمه.

= الغبرة، ويروى: (المباءة)؛ منزل القوم في كل موضع، الخادر: الداخل في خدره، الخدر هنا غابة الأسد. (1) أخرجه البخاري (1780)، ومسلم (1253). (2) أخرجه الحاكم (270/ 3 و 594)، والبيهقي في «السنن» (4/ 341)، و «الدلائل» (5/ 202)، والطبري في «تاريخه» (3/ 94)، وابن سعد (2/ 142)، وانظر «سيرة ابن هشام» (4/ 500) (3) أخرجه البخاري (4339)، وابن حبان (4749)، والنسائي (8/ 236)، وأحمد (2/ 150) وغيرهم. (4) ميلغة الكلب: شيء يحفر من خشب ويجعل فيه الماء ليلغ ويشرب فيه. (5) أخرجه الطبري في «تاريخه» (3/ 67). (6) أخرجه النسائي في «الكبرى» (11483)، وأبو يعلى (902)، وابن أبي شيبة (8/ 363)، والطبري في «تاريخه» (3/ 65).

وفي هذه السنة: أسلم عباس بن مرداس، وكان لأبيه مرداس صنم يعبده يقال له: ضمار، فقال لابنه عباس عند موته: اعبد ضمارا؛ فإنه ينفعك ويضرك، فبينا هو يوما عند ضمار؛ إذ سمع مناديا من جوفه يقول: [من الكامل] قل للقبائل من سليم كلّها … أودى ضمار وعاش أهل المسجد إنّ الذي ورث النبوّة والهدى … بعد ابن مريم من قريش مهتدي أودى ضمار وكان يعبد مرّة … قبل الكتاب إلى النبيّ محمد فحرّقه عباس، ولحق بالنبي صلّى الله عليه وسلم (1). وفي هذه السنة: أسلم كعب بن زهير، وكان قد أسلم أخوه بجير قبله، فكتب كعب إلى بجير أبياته التي يقول فيها: [من الطويل] شربت مع المأمون كأسا رويّة … فأنهلك المأمون منها وعلّكا وخالفت أسباب الهدى واتّبعته … على أيّ شيء-ويب غيرك-دلّكا (2) على خلق لم تلف أمّا ولا أبا … عليه ولم تدرك عليه أخا لكا فأخبر بجير النبي صلّى الله عليه وسلم بأبيات كعب، فلما سمع قوله: المأمون قال: «صدق وإنه لكذوب، أنا المأمون»، ولما سمع البيت الأخير .. قال: «أجل لم يلف عليه أباه ولا أمه»، ثم إن بجيرا كتب إلى كعب: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه، فإن كانت لك في نفسك حاجة .. فسر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا، وكتب له أيضا أبياتا يخوفه فيها، فلما بلغ كعبا ذلك .. ضاقت به الأرض، وأشفق على نفسه، وأرجف به من كان في حاضره، فقدم المدينة ونزل على صديق له من جهينة، فذهب به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فوافقاه في صلاة الصبح، فلما انقضت الصلاة .. قام كعب فجلس بين يديه صلّى الله عليه وسلم، ووضع يده في يده، وقال: يا رسول الله؛ إن كعب بن زهير قد جاء مسلما تائبا، فهل أنت قابل منه إن جئتك به؟ قال: «نعم»، فقال: أنا يا رسول الله كعب بن زهير،

(1) أخرجه أبو نعيم في «الدلائل» (1/ 146)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1392)، والخرائطي كما في «البداية والنهاية» (2/ 750)، وانظر «سيرة ابن هشام» (4/ 427)، وأودى: سرى الداء فيه، وضمار: بكسر المعجمة مصروف، وقيل: بفتح المعجمة والبناء على الكسر كحذام، ومنع هنا لضرورة الشعر. (2) الويب: الويل.

فقال رجل من الأنصار: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فقال: «دعه؛ فإنه قد جاء تائبا نازعا»، ثم أنشده كعب قصيدته المشهورة: [من البسيط] (بانت سعاد فقلبي اليوم متبول) ويقال: إنه لمّا أتى-حين أنشأها-على قوله: إنّ الرسول لنور يستضاء به … مهند من سيوف الله مسلول .. نظر النبي صلّى الله عليه وسلم كالمعجّب لهم من حسن القول وجودة الشعر، وإنه صلّى الله عليه وسلم خلع عليه بردته، ولمّا ذكر المهاجرين في آخر قصيدته ولم يذكر الأنصار، بل عرّض يذمهم بقوله: (إذا عرّد السود التنابيل) .. قال له صلّى الله عليه وسلم: «ألا ذكرت الأنصار؛ فإنهم أهل لذلك»، فقال أبياتا يعدد فيها مناقب الأنصار (1). وفي ذي الحجة مرجعه صلّى الله عليه وسلم من الفتح: ولد ابنه إبراهيم، وأمه مارية بنت شمعون القبطية، وكانت قابلته سلمى؛ مولاة للنبي صلّى الله عليه وسلم، وأرضعته أم سيف امرأة أبي سيف القين (2). وقبل الفتح أو في عامه أو قبله: كانت بعوث وسرايا: منها: أنه بعث صلّى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية إلى المسجد، ثم أسلم فبشره النبي صلّى الله عليه وسلم، وأمره أن يعتمر؛ لأن السرية أخذته وهو يريد أن يعتمر (3). ومنها: سرية غالب بن عبد الله الليثي، بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم في جيش وأمره أن يشنّ الغارة على بني الملوّح، وهم بالكديد، فبيّتوهم ليلا وقتلوا من قتلوا واستاقوا نعمهم، فلما أصبحوا .. أغاروا خلفهم، فلما أدركوهم .. جاء وادي قديد بسيل عظيم،

(1) هذا سياق ابن هشام في «السيرة» (4/ 501)، وأخرجه متفرقا الحاكم (3/ 579) والبيهقي في «السنن» (10/ 243)، و «الدلائل» (5/ 207)، والطبراني في «الكبير» (19/ 176)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (1657)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2706). (2) سبق تخريجه في ترجمة سيدنا إبراهيم بن المصطفى صلّى الله عليه وسلم (1/ 113)، وانظر «سبل الهدى والرشاد» (11/ 447) والقين: الحداد. (3) أخرجه البخاري (4372)، ومسلم (1764)، وهذا البعث وقصة ثمامة فيه كانت قبل وفد بني حنيفة بزمان؛ أي: قبل فتح مكة، كما قال الحافظ في «الفتح» (8/ 87).

فحال بينهم وبينهم، فانطلقوا على مهلهم حتى قدموا على النبي صلّى الله عليه وسلم (1). ومنها: غزوة عبد الله بن رواحة لقتل اليسير بن رزام، وكان بخيبر يجمع غطفان لغزو رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فبعث إليه صلّى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فيهم عبد الله بن أنيس، فلما قدموا عليه .. قربوا له القول، ووعدوه أن يستعمله رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلما كان بالقرقرة (2) .. ندم، ففطن له عبد الله بن أنيس وهو يريد السيف، فاقتحم به وكان رديفه، ثم ضربه بالسيف فقطع رجله، وضربه اليسير في رأسه فأمّه، ثم مالوا على أصحابه من اليهود فقتلوهم إلا رجلا فرّ على رحله، فلما قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم .. تفل على شجّة عبد الله بن أنيس فلم تقح (3). ومنها: غزوة عبد الله بن أنيس لقتل خالد بن سفيان الهذلي، وكان بنخلة يجمع الناس لغزو رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان عبد الله بن أنيس لا يعرفه، فسأل النبيّ صلّى الله عليه وسلم تعريفه، فقال: «إنك إذا رأيته .. أذكرك الشيطان، وآية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته .. وجدت له قشعريرة»، فلما انتهى إليه .. وجد العلامة، فقال له: جئت لك حين سمعت بجمعك لهذا الرجل، قال: أنا في ذلك، قال عبد الله: فمشيت معه ساعة، حتى إذا أمكنني .. حملت عليه بالسيف فقتلته، فلما قدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم .. قال: «أفلح الوجه»، ثم أدخلني بيته، فأعطاني عصا، فقلت له: لم أعطيتني هذه العصا؟ قال: «آية بيني وبينك يوم القيامة»، فأوصى عبد الله أن تدفن معه (4). ومنها: غزوة عيينة بن حصن بني العنبر ابن تميم، فأصاب منهم ناسا، وسبى منهم نساء، ثم قدم بهم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجاء بعد ذلك رجالهم يطلبون مفاداتهم، وجعلوا ينادون رسول الله صلّى الله عليه وسلم من خلف الحجر: يا محمد؛ اخرج إلينا، فأنزل الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} (5)،

(1) أخرجه الحاكم (2/ 124)، وأبو داود (2671)، وأحمد (3/ 467) وابن سعد (2/ 112)، وقال: (في صفر سنة ثمان). (2) أي: قرقرة ثبار: موضع على ستة أميال من خيبر، والقرقرة في الأصل: الضحك إذا استغرب فيه ورجّع، وهدير البعير. (3) أخرجه أبو نعيم في «الدلائل» (2/ 662)، والبيهقي في «الدلائل» (4/ 294)، والطبري في «تاريخه» (3/ 155)، وانظر «سيرة ابن هشام» (4/ 618)، وكانت في شوال سنة ست، كما قال ابن سعد (2/ 88). (4) أخرجه ابن خزيمة (982)، وابن حبان (7160)، وأبو داود (1243)، وكانت يوم الاثنين لخمس خلون من المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من الهجرة كما قال ابن سعد (2/ 50). (5) أخرجه الترمذي (3267)، والنسائي في «الكبرى» (11451)، وأحمد (3/ 488)، والطبراني في «الكبير» (5/ 210)، وابن سعد (2/ 147).

ثم خرج إليهم النبي صلّى الله عليه وسلم، ففادى نصفهم، وأعتق نصفهم، وفيهم حصل الاختلاف بين الشيخين رضي الله عنهما، فقال أبو بكر: أمّر القعقاع [بن معبد] بن زرارة، وقال عمر: بل أمّر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، فقال: ما أردت خلافك، فتماريا وارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} الآيتين (1). وفيها: سرية زيد بن حارثة إلى نحو مدين، فأصاب سبيا من أهل مينا وهي السواحل وفيها: جمّاع الناس، فبيعوا، ففرّق بينهم، فخرج صلّى الله عليه وسلم وهم يبكون، فقال: «ما لهم؟ » فقيل: يا رسول الله؛ فرّق بينهم، فقال: «لا تبيعوهم إلا جميعا» (2)؛ يعني: الأولاد وأمهاتهم. وفيها: بعثه صلّى الله عليه وسلم إلى الحرقات من جهينة، قال أسامة: فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه .. قال: لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري، وطعنته حتى قتلته، فلما قدمنا المدينة .. بلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: «يا أسامة؛ أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟ ! » قلت: كان متعوّذا، قال: فما زال يكرّرها حتى تمنّيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم (3). وذكر مغلطاي في «سيرته»: (أن هذه السرية كانت في رمضان سنة سبع، قال: وفي «الإكليل»: فعل أسامة ذلك في سرية كان أميرا عليها سنة ثمان) (4). ***

(1) أخرجه البخاري (4367)، والترمذي (3266)، والنسائي (8/ 226)، وأحمد (4/ 6). (2) انظر «سيرة ابن هشام» (4/ 635)، وجمّاع الناس: أخلاط وأصناف منهم، ولا ريب أنها قبل مؤتة؛ لكون زيد بن حارثة إنما استشهد فيها. (3) أخرجه البخاري (4269)، ومسلم (96).والحرقات: نسبة إلى الحرقة، واسمه: جهيش بن عامر بن ثعلبة بن مودعة بن جهينة، وقد سمّي الحرقة؛ لأنه حرق قوما بالنبل فبالغ في ذلك، وإنما سكت المصنف عن ذكر أمير هذه السرية؛ للخلاف في تعيين أميرها، والذي عند البخاري: أن أميرها أسامة بن زيد، قال الحافظ في «الفتح» (7/ 518): (قوله: «بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الحرقة» ليس في هذا ما يدل على أنه أمير الجيش كما هو ظاهر الترجمة، وقد ذكر أهل المغازي سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى الميفعة؛ وهي وراء بطن نخل، وذلك في رمضان سنة سبع، وقالوا: إن أسامة قتل الرجل في هذه السرية، فإن ثبت أن أسامة كان أمير الجيش .. فالذي صنعه البخاري هو الصواب؛ لأنه ما أمّر إلا بعد قتل أبيه بغزوة مؤتة، وذلك في رجب سنة ثمان، وإن لم يثبت أنه كان أميرها .. رجح ما قال أهل المغازي). (4) «سيرة مغلطاي» (288).

السنة التاسعة

السنة التاسعة : وتسمى سنة الوفود؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم لما افتتح مكة .. أيقنت العرب بظهوره، فبعثت كل قبيلة جماعة من رؤسائها بإسلامهم، وقد تقدم وفد عبد القيس ووفد بني تميم (1). وفيها: غزوة تبوك، ولم يكن في هذه السنة غيرها من الغزوات، ولم يغز صلّى الله عليه وسلم بعدها؛ فإنه صلّى الله عليه وسلم لما فرغ من جهاد العرب .. أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم، وحثّ المياسير على إعانة المعاسير، فأنفق عثمان رضي الله عنه فيها ألف دينار، وحمل على تسع مائة وخمسين بعيرا وخمسين فرسا (2)؛ فلذلك قيل له: مجهز جيش العسرة، وقال صلّى الله عليه وسلم: «اللهم؛ ارض عن عثمان؛ فإني عنه راض» (3)، وقال صلّى الله عليه وسلم: «ما ضرّ عثمان ما فعل بعد اليوم» (4). وضرب صلّى الله عليه وسلم معسكره على ثنية الوداع، وأوعب معه المسلمون، وكانوا سبعين ألفا، وقيل: ثلاثين ألفا، وتخلف عبد الله بن أبي في جملة عنه من المنافقين، وتخلف آخرون ممن عذر الله في قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ.} وفيهم قال صلّى الله عليه وسلم: «إن بالمدينة أقواما ما قطعنا واديا ولا شعبا إلا وهم معنا، حبسهم العذر» (5)، ولما مر صلّى الله عليه وسلم بالحجر ديار ثمود .. قال: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين»، ثم قنّع رأسه وأسرع السير (6). ولما انتهى صلّى الله عليه وسلم إلى تبوك وهي أدنى مملكة الروم من الشام .. أتاه

(1) وخبر الوفدين في الصحيح، وتقدم أن وفد عبد القيس في السنة الثامنة (1/ 131)، ووفد بني تميم في التاسعة، والله أعلم، ومن الوفود: وفد بني حنيفة، ووفد أهل نجران، ووفد طيء، ووفد كندة، ووفد جرش. (2) الذي عند الترمذي (3700): أنه جهزهم بثلاث مائة بعير، وقال الحافظ في «الفتح» (5/ 408): (وأخرج أسد بن موسى في «فضائل الصحابة» من مرسل قتادة: حمل عثمان على ألف بعير وسبعين فرسا في العسرة وعند النسائي [46/ 6]: فجهزتهم حتى لم يفقدوا عقالا ولا خطاما). (3) الحديث عند ابن هشام في «السيرة» (4/ 518)، ولم نجده بهذا اللفظ، والذي يشهد له في الصحاح كثير. (4) أخرجه الحاكم (3/ 102)، والترمذي (3701)، وأحمد (5/ 63). (5) أخرجه البخاري (2839)، ومسلم (1911). (6) أخرجه البخاري (3380)، ومسلم (2980).

يحنّة بن رؤبة وأهل جرباء وأذرح، فصالحهم على الجزية، وكتب ليحنة كتاب أمان (1). ثم بعث صلّى الله عليه وسلم وهو بتبوك خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك صاحب دومة الجندل (2)، وقال: «إنك تجده يصيد البقر، فمضى خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة .. أقام، وجاءت بقر الوحش حتى حكّت قرونها بباب القصر، فخرج إليهم أكيدر في جماعة من خاصته، فتلقتهم خيل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأخذوا أكيدر وقتلوا أخاه حسان، فحقن صلّى الله عليه وسلم دم أكيدر، وصالحه على الجزية وكان نصرانيا (3). وأقام بتبوك بضع عشرة ليلة ولم يجاوزها، ثم قفل راجعا إلى المدينة، فلما كان ببعض الطريق .. مات ذو البجادين المزني (4). ولما نزل صلّى الله عليه وسلم بذي أوان قريبا من المدينة .. أتاه جبريل بخبر أهل مسجد الضرار وكانوا اثني عشر رجلا (5)، فدعا صلّى الله عليه وسلم مالك بن الدّخشم ومعن بن عدي وأخاه عاصما وعامر بن السّكن ووحشي بن حرب قاتل حمزة، وقال لهم: «انطلقوا إلى هذا الظالم أهله، فاهدموه وحرّقوه»، فخرجوا سراعا حتى أتوه وفيه أهله، فحرّقوه وهدموه، وتفرق عنه أهله، واتخذ موضعه كناسة تلقى فيها الجيف (6). وقدم صلّى الله عليه وسلم المدينة في شهر رمضان، فلما قدمها .. بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين كعادته، ثم جلس للناس، فجاءه المخلفون يعتذرون إليه بالباطل ويحلفون له،

(1) أخرجه البخاري (1482)، ومسلم (2281)، ويحنة: هو صاحب أيلة؛ بلدة على ساحل البحر الأحمر مما يلي الشام، تسمى اليوم: العقبة، وجرباء: بلدة في الأردن تبعد (22) كم عن معان، جهة الشمال الغربي، وأذرح: بلدة بينها وبين معان (25) كم. (2) دومة الجندل: بلد بين الشام والحجاز، قرب جبل طيّئ، وهي جوف السّرحان، شمال مدينة تيماء على مسافة (450) كم. (3) أخرجه الحاكم (4/ 519) والبيهقي في «الدلائل» (5/ 250)، وأصله عند البخاري (2616)، ومسلم (2469). (4) وهو عبد الله بن عبد نهم، عمّ عبد الله بن مغفل المزني، وانظر ما مر في ترجمته (1/ 109). (5) وقد ذكرت أسماؤهم عند ابن هشام في «السيرة» (4/ 530)، وأخرج مسلم (2779) عن حذيفة عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «في أصحابي اثنا عشر منافقا؛ فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط». (6) عند البيهقي في «الدلائل» (5/ 259): أنه أمر مالك بن الدخشم ومعن بن عدي، وعند الواقدي في «المغازي» (3/ 1046): أنه أمر مالك بن الدخشم وعاصم بن عدي، وعند الطبري في «التفسير» (11/ 18)، وابن هشام في «السيرة» (4/ 530): أنه أمر مالك بن الدخشم ومعن بن عدي أو أخاه عاصما، وزاد البغوي في «تفسيره» (2/ 327) الأخيرين: عامر بن السكن، ووحشي بن حرب.

وكانوا بضعة وثمانين رجلا، فقبل منهم صلّى الله عليه وسلم علانيتهم، ووكل سرائرهم إلى الله عزّ وجل. وكان تخلف عن تبوك: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية من غير عذر ولا نفاق، وإنما عوّقهم القدر، فأرجأ صلّى الله عليه وسلم أمرهم حتى أنزل الله تعالى فيهم بعد أكثر من خمسين: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} (1) الآية. وعلى مرجعه صلّى الله عليه وسلم من تبوك قدم عليه وفد همدان بإسلامهم (2)، وكتاب ملوك حمير بإسلامهم (3)، وبعث صلّى الله عليه وسلم معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري كلاّ منهما على مخلاف من اليمن، واليمن مخلافان، وقال: «يسرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا» (4). وقدم عليه صلّى الله عليه وسلم في مرضه مرجعه من تبوك وفد ثقيف بإسلام قومهم، وكتب بتحريم عضاه وجّ وصيده (5)، وأمّر عليهم عثمان بن أبي العاصي الثقفي لكثرة سؤاله عن معالم الدين، وكان أحدثهم سنا، وبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة يهدمان اللات، فهدمها المغيرة بن شعبة. وفي غيبته صلّى الله عليه وسلم بتبوك توفي معاوية بن معاوية المزني بالمدينة. وفي هذه السنة-وقيل: فيما قبل الحجاب-: اعتزل صلّى الله عليه وسلم نساءه، وآلى منهن شهرا؛ وذلك بسبب تظاهر عائشة وحفصة رضي الله عنهما غيرة عليه أن شرب عسلا

(1) أخرجه البخاري (4418)، ومسلم (2769). (2) أخرجه ابن سعد (1/ 293)، والقزويني في «التدوين» (2/ 273)، وانظر «سيرة ابن هشام» (4/ 596)، وقد أخرج البخاري (4349) من حديث البراء: أنه صلّى الله عليه وسلم بعث خالدا ثم عليا إلى اليمن، قال الحافظ في «الفتح» (8/ 66): (أورد البخاري هذا الحديث مختصرا، وقد أورده الإسماعيلي من طريق أبي عبيدة بن أبي السفر، سمعت إبراهيم بن يوسف-وهو الذي أخرجه البخاري من طريقه-فزاد فيه: قال البراء: فكنت ممن عقّب معه، فلما دنونا من القوم .. خرجوا إلينا، فصلى بنا علي، وصففنا صفا واحدا، ثم تقدم بين أيدينا، فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأسلمت همدان جميعا، فكتب علي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بإسلامهم، فلما قرأ الكتاب .. خرّ ساجدا، ثم رفع رأسه وقال: «السلام على همدان»)، وبتمامه أخرجه البيهقي (2/ 369). (3) أخرجه ابن سعد (1/ 306)، والطبري في «تاريخه» (3/ 120)، وانظر «سيرة ابن هشام» (4/ 588). (4) أخرجه البخاري (4341)، ومسلم (1733)، والمخلاف-بلغة اليمن-: الإقليم. (5) هذا عند ابن هشام في «السيرة» (4/ 543)، والذي عند أبي داود (2025)، وأحمد (1/ 165) وغيرهما: (أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «إنّ صيد وجّ وعضاهه حرم محرّم لله» وذلك قبل نزوله الطائف وحصاره ثقيف)، ووجّ: واد بين مكة والطائف، سمي بوج بن عبد الحق من العمالقة، والعضاه: كل شجر له شوك.

عند زينب بنت جحش (1)، وقيل: سببه حكمهن عليه في سؤال النفقة (2)، وأنزل الله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ} قيل: هو تحريمه للعسل، وقيل: تحريمه لمستولدته مارية حين وطئها في بيت حفصة، فأرضاها بأن حرمها (3)، وأما الحديث الذي أسره إلى بعض أزواجه، قيل: قوله: «بل شربت عسلا»، وقيل: تحريمه مارية على نفسه، وإخباره أن أباها (4) وأبا بكر يليان الأمر من بعده (5). وفيها: لاعن صلّى الله عليه وسلم بين أخوي بني العجلان عويمر العجلاني وزوجته (6)، وبين هلال بن أمية الواقفي وزوجته (7)، والأكثرون على أن نزول آية اللعان كان بسبب هلال بن أمية (8). قال الشيخ أبو زكريا العامري: ([نقل القاضي عياض عن ابن جرير الطبري: أن قصة اللعان في شعبان] ولا وجه له، فقد ذكر أهل السير: أنه صلّى الله عليه وسلم خرج لغزوة

(1) أخرجه البخاري (5267)، ومسلم (1474). (2) أخرجه البخاري (2468)، ومسلم (1479). (3) أخرجه الدارقطني (4/ 41)، والبيهقي (7/ 353)، والطبراني في «الكبير» (12/ 91)، و «الأوسط» (8759)، وأصله عند النسائي (7/ 71). (4) أي: إخباره حفصة أن أباها (5) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (2337)، وفيه ضعف كما قال الحافظ في «الفتح» (9/ 289). (6) أخرجه البخاري (4745). (7) أخرجه البخاري (2671)، ومسلم (1496)، قال الحافظ في «الفتح» (9/ 447): (قال سهل بن سعد: شهدت المتلاعنين وأنا ابن خمس عشرة سنة، ووقع عن سهل بن سعد قال: توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشرة سنة، فهذا يدل على أن قصة اللعان كانت في السنة الأخيرة من زمان النبي صلّى الله عليه وسلم، لكن جزم الطبري وأبو حاتم وابن حبان بأن اللعان كان في شعبان سنة تسع، وجزم به غير واحد من المتأخرين ... ووقع عند أبي داود وأحمد: «حتى جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، فوجد عند أهله رجلا»، فهذا يدل على أن قصة اللعان تأخرت عن قصة تبوك، والذي يظهر أن القصة كانت متأخرة، ولعلها كانت في شعبان سنة عشر لا تسع، وكانت الوفاة النبوية في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة باتفاق، فيلتئم حينئذ مع حديث سهل بن سعد). (8) جاء في حديث عويمر عند البخاري (4745) بعد أن سأل له عاصم رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال له: «قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك»، وجاء في حديث هلال عند البخاري (4747): أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال له: «البينة أو حدّ في ظهرك»، فقال هلال: والذي بعثك بالحق؛ إني لصادق، فلينزلن الله ما يبرّئ ظهري من الحد، فنزل جبريل وأنزل عليه. قال الحافظ في «الفتح» (9/ 450) في الجمع بينهما: (وظهر لي احتمال أن يكون عاصم سأل قبل النزول، ثم جاء هلال بعده، فنزلت عند سؤاله، فجاء عويمر في المرة الثانية-التي قال فيها: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به-فوجد الآية نزلت في شأن هلال، فأعلمه صلّى الله عليه وسلم بأنها نزلت فيه؛ يعني: أنها نزلت في كل من وقع له ذلك؛ لأن ذلك لا يختص بهلال).

تبوك في شهر رجب، ولم يرجع إلا في رمضان) (1). وفيها: رجم صلّى الله عليه وسلم ماعز بن مالك (2) والغامدية (3). وفيها: ماتت أم كلثوم بنت النبي صلّى الله عليه وسلم، وهي الثانية من زوجتي عثمان رضي الله عنه. وفي شهر رجب منها: توفي النجاشي، واسمه: أصحمة؛ أي: عطية، فنعاه صلّى الله عليه وسلم لأصحابه يوم وفاته، وصلّى عليه هو وأصحابه (4). وفيها: مات رأس المنافقين عبد الله بن أبي ابن سلول، فصلى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ} (5)، ووضعه صلّى الله عليه وسلم على ركبتيه، ونفث فيه من ريقه، وألبسه قميصه؛ جبرا لخاطر ابنه الصالح عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول حيث سأله ذلك (6) -وما سئل صلّى الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا (7) -أو مكافأة لإلباسه العباس يوم بدر قميصا (8). وفي ذي القعدة: أراد صلّى الله عليه وسلم الحج، فذكر مخالطة المشركين وما اعتادوه من الجهالات في حجهم، وأن الأشهر الحرم والعهود التي لهم تمنع من منعهم، فثناه ذلك. وأمّر أبا بكر على الحجاج، وبعث معه ب‍ (سورة براءة) (9)، حاصلها: التّبرّؤ من عهود المشركين، والتأجيل لهم أربعة أشهر ذهابا في الأرض أينما شاءوا، وكان في عرف العرب ألاّ يتولى عقد العهود ونقضها إلا سيدهم أو رجل من رهطه، فبعث صلّى الله عليه وسلم عليا على ناقته العضباء، وأمره أن يتولى نبذ العهود، ويقرأ على الناس صدر (سورة براءة)؛ لئلا يقولوا إذا حصل النبذ من الصديق: هذا خلاف ما نعرفه، فلما أدرك علي أبا بكر

(1) «بهجة المحافل» (2/ 50). (2) أخرجه البخاري (6824)، ومسلم (1692). (3) أخرجه مسلم (1695)، وأبو داود (4439)، وأحمد (5/ 348). (4) سبق تخريجه في ترجمة النجاشي رضي الله عنه (1/ 111). (5) أخرجه البخاري (1366)، وابن حبان (3176)، والترمذي (3097)، والنسائي (4/ 67)، وأحمد (1/ 16). (6) أخرجه البخاري (1270)، ومسلم (2773). (7) أخرجه البخاري (6034)، ومسلم (2311). (8) أخرجه البخاري (3008)، والحاكم (3/ 331). (9) أخرجه البخاري (4363).

السنة العاشرة

رضي الله عنهما .. قال له أبو بكر: أمير أو مأمور؟ قال: بل مأمور، ثم مضيا (1). وقيل: إن أبا بكر لما لحقه علي رضي الله عنه .. رجع فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي؛ هل نزل في شأني شيء؟ قال: «لا، ولكن لا ينبغي لأحد أن يبلّغ هذا إلا رجل من أهلي، أما ترضى أنك كنت معي في الغار، وأنك صاحبي على الحوض؟ » قال: بلى، فكان أبو بكر أمير الناس، وعلي يؤذن ب‍ (براءة)، ويؤذن المؤذنون بها عن أمره (2). وفي «صحيح البخاري»: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بعثني أبو بكر في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى: ألاّ يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان) (3). وروي عنه خارج «الصحيح» قال: (أمرني علي أن أطوف في المنازل من منى ببراءة، وكنت أصيح حتى صحل حلقي، فقيل: بم كنت تنادي؟ فقال: بأربع: لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد .. فله أجل أربعة أشهر) (4). *** السنة العاشرة : في رمضان منها: أسلم سيد بجيلة أبو عبد الله البجلي الأحمسي، فبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم في خمسين ومائة فارس من أحمس إلى ذي الخلصة؛ بيت لخثعم، كان يدعى كعبة اليمانية، وكان لا يثبت على الخيل، فضرب صلّى الله عليه وسلم في صدره وقال: «اللهم؛ ثبّته واجعله هاديا مهديا»، فانطلق إلى ذي الخلصة فحرّقها بالنار، وبعث أبا أرطاة يبشر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك (5).

(1) انظر «سيرة ابن هشام» (4/ 543). (2) أخرجه الطبري في «تاريخه» (3/ 122)، وقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي» أصله عند أحمد (3/ 212)، والترمذي (3090)، وغيرهما، قال الحافظ ابن كثير في «البداية» (5/ 42): (وهذا ضعيف الإسناد، ومتنه فيه نكارة)، وقد استنكره غير واحد من الحفاظ، كالجوزقاني في «الأباطيل» (124)، وابن تيمية، والخطابي كما نقله عنه ابن تيمية في «منهاج السنة» (5/ 63). (3) «صحيح البخاري» (369). (4) أخرجه ابن حبان (3820)، والحاكم (2/ 331)، والنسائي (5/ 234)، وأحمد (2/ 299)، وفيه: (حتى صحل صوتي) أي: بحّ، والصّحل: هو خشونة في الصدر وانشقاق في الصوت من غير أن يستقيم. (5) أخرجه البخاري (3020)، ومسلم (2476)، وكعبة اليمانية؛ أي: كعبة الجهة اليمانية، ويقال لها أيضا: الكعبة الشامية، باعتبار أنهم جعلوا بابها جهة الشام، وهي بيت فيه صنم يقال له: الخلصة، والخلصة في الأصل: نبات له حب أحمر كخرز العقيق، وهي بفتح الخاء واللام، وقيل: بضم اللام، وقيل: بإسكانها، وأبو أرطاة: هو حصين بن ربيعة الأحمسي.

وفيها: بعث صلّى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب أهل نجران، فأسلموا، فكتب خالد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بإسلامهم، فكتب إليه صلّى الله عليه وسلم: أن يقدم بهم معه، فقدم بهم في شوال وفيهم قيس بن الحصين ذي الغصّة- سمي بذلك لغصة كانت في حلقه، وهو الذي قال فيه عمر بن الخطاب يوما وقد خطب بالناس: لا تزاد امرأة في صداقها على كذا وكذا ولو كانت بنت ذي الغصّة-وفيهم يزيد بن عبد المدان في آخرين، فأمّر عليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ابن ذي الغصّة (1)، فلما انصرفوا من عنده .. بعث إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن حزم بكتاب فيه جمل من الأحكام (2). وفي هذه السنة: نزل قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآيات في قصة تميم بن أوس وعدي بن بدّاء النصرانيين اللذين أوصى إليهما بديل مولى عمرو بن العاصي في نقل متاعه إلى أهله، فأخفيا منه جاما من فضة منقوشا بالذهب والفضة، والقصة مشهورة في التفاسير (3). وفيها: بعث فروة بن عمرو الجذامي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بإسلامه، وأهدى له فرسا وبغلة، وكان فروة عاملا للروم على ما يليهم من العرب، وكان منزله معان. وفيها: بعث صلّى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى نجران خلف خالد بن الوليد، وقال: «مر أصحاب خالد من شاء منهم أن يعقّب معك فليعقّب، ومن شاء أن يقبل مع خالد فليقبل» (4)، فبعث علي إلى النبي صلّى الله عليه وسلم بذهيبة في أديم مقروظ، فقسمه صلّى الله عليه وسلم بين أربعة نفر: بين عيينة ابن بدر، وأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرابع: إما علقمة بن علاثة، وإما عامر بن الطفيل، فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحقّ بهذا من هؤلاء، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء؟ ! » فقام رجل غائر العينين، مشرف

(1) أخرجه ابن سعد (1/ 293)، والطبري في «تاريخه» (3/ 126)، وانظر «سيرة ابن هشام» (4/ 592). (2) حديث كتاب عمرو بن حزم أخرجه مطولا ابن حبان (6559)، والحاكم (1/ 395)، والبيهقي (4/ 89)، وأخرجه مختصرا ابن خزيمة (2269)، والنسائي (8/ 57)، والدارقطني (1/ 122) وغيرهم. (3) أخرجه البخاري (2780)، وأبو داود (3601)، والترمذي (3059)، والطبري في «تفسيره» (7/ 75)، ولم يكن سيدنا تميم بن أوس الداري قد أسلم بعد، والجام: الإناء. (4) أخرجه البخاري (4349)، والبيهقي (2/ 369).

الوجنتين، ناشز الجبهة، محلوق الرأس، مشمّر الإزار، فقال: يا رسول الله؛ اتق الله، فقال: «ويلك؛ أولست أحقّ أهل الأرض أن يتقي الله؟ ! »، ثم ولّى الرجل، فقال خالد: يا رسول الله؛ ألا أضرب عنقه، فقال: «لا؛ لعلّه أن يكون يصلّي»، فقال خالد: وكم من مصلّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال صلّى الله عليه وسلم: «إني لم أومر أن أنقّب عن قلوب الناس، ولا أشقّ بطونهم»، ثم نظر صلّى الله عليه وسلم إلى الرجل وهو مقفّ، فقال: «إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».قال الراوي: وأظنه قال: «لئن أدركتهم .. لأقتلنّهم قتل ثمود» (1). وفيها: حج صلّى الله عليه وسلم في أربعين ألفا من الصحابة، واختلف في صفة حجه هل كان إفرادا أو تمتعا أو قرانا؟ قال النووي رحمه الله تعالى: (وطريق الجمع بين الروايات: أنه كان أولا مفردا، ثم صار قارنا، فمن روى الإفراد .. فهو الأصل، ومن روى القرآن .. اعتمد آخر الأمر، ومن روى التمتع .. أراد: التمتع اللغوي، وهو الانتفاع والارتفاق، وقد ارتفق بالقران كارتفاق التمتع وزيادة، وهي الاقتصار على فعل واحد) (2). وأجمع الأحاديث في سياق حجة الوداع .. حديث جابر الطويل الذي انفرد مسلم بإخراجه (3). ولما كان عصر الجمعة والنبي صلّى الله عليه وسلم واقف بعرفة على ناقته العضباء .. نزل قوله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} الآية (4)، فحين نزولها كاد عضد الناقة أن يندق من ثقلها، فنزلت. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (كان ذلك اليوم خمسة أعياد: جمعة وعرفة وعيد اليهود والنصارى والمجوس، ولم تجتمع أعياد أهل الملل في يوم قبله ولا بعده) (5).

(1) أخرجه البخاري (4351)، ومسلم (1064)، وأديم مقروظ: جلد مدبوغ بالقرظ، والقرظ: ورق السّلم يدبغ به، ومشرف الوجنتين: بارزهما، وناشز الجبهة: مرتفعها، وفي رواية: ناتئ، ومقفّ: مولّ، وضئضئ: المراد به: النسل والعقب، وأراد بهم: الخوارج. (2) «شرح صحيح مسلم» (8/ 135). (3) «صحيح مسلم» (1218). (4) أخرجه البخاري (45)، ومسلم (3017). (5) ذكره البغوي في «تفسيره» (2/ 8).

السنة الحادية عشرة من الهجرة

ولما نزلت هذه الآية .. بكى عمر وقال: (كنا في زيادة في ديننا، فأما إذا كمل .. فإنه ما يكمل شيء إلا نقص)، فصدقه صلّى الله عليه وسلم في ذلك، ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام، ولا شيء من الفرائض والأحكام، وعاش صلّى الله عليه وسلم بعد نزولها إحدى وثمانين ليلة، فكانت في معنى النعي له صلّى الله عليه وسلم. وفي آخر هذه السنة: قدم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم رسولا مسيلمة بكتابه وفيه: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، السلام عليك، أما بعد: فإني أشركت في الأمر معك، ولنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريش قوم يعتدون، فقال صلّى الله عليه وسلم لرسوليه: «فما تقولان أنتما؟ » قالا: نقول كما قال، فقال صلّى الله عليه وسلم: «لولا أن الرسل لا تقتل .. لضربت أعناقكما»، ثم كتب إليه: «من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين» (1). وفيها: بعث صلّى الله عليه وسلم جريرا إلى اليمن قبيل موته، فلقي ذا الكلاع (2) وذا عمرو وغيرهما، مذكور في «صحيح البخاري» (3). *** السنة الحادية عشرة من الهجرة : في صفر منها: ضرب على الناس بعثا إلى الشام، وفيهم أبو بكر وعمر وجلّة المهاجرين والأنصار (4)، وأمّر عليهم أسامة بن زيد، وأمره أن

(1) أخرجه الطبري في «تاريخه» (3/ 146)، وسؤاله صلّى الله عليه وسلم للرسولين عند الحاكم (3/ 52)، وأبي داود (2755)، والطيالسي (251)، والبيهقي (9/ 211)، وأحمد (1/ 391). (2) واسمه: اسميفع بن باكوراء. (3) «صحيح البخاري» (4359). (4) أخرج ذلك ابن سعد في «الطبقات» (2/ 170)، وابن أبي شيبة (8/ 549) بأسانيد ضعيفة، لا تقف في وجه ما تواتر من استخلاف النبي صلّى الله عليه وسلم أبا بكر على الصلاة عند ما مرض حتى مات، اللهم إلا إن يوفّق فيقال: لما ضرب البعث .. استنفر له الجميع، ثم استخلف النبي صلّى الله عليه وسلم عند مرضه أبا بكر على الصلاة، فنسخ هذا هذا، والله أعلم، علما أن الواقدي في «المغازي» (3/ 1118) ذكر بإسناده: أنه لم يكن أبو بكر في البعث، وقال ابن كثير في «البداية» (5/ 234): (ومن قال: إن أبا بكر كان فيهم .. فقد غلط؛ فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلم اشتد به المرض وجيش أسامة مخيم بالجرف، وقد أمر النبي صلّى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس، فكيف يكون في الجيش وهو إمام المسلمين بإذن الرسول من رب العالمين؟ ! ولو فرض أنه كان قد انتدب معهم .. فقد استثناه الشارع من بينهم بالنص عليه للإمامة في الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام، ثم لما توفي عليه الصلاة والسلام .. استطلق الصديق من أسامة عمر بن الخطاب، فأذن له في المقام عند الصديق، وأنفذ الصديق جيش أسامة)، وانظر «فتح الباري» (8/ 152)، و «منهاج السنة» (8/ 292).

يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم (1) من أرض فلسطين، وروي: أنه صلّى الله عليه وسلم أمره أن يغير على ابنى صباحا وأن يحرق، وأبنى هذه هي القرية التي عند مؤتة حيث قتل أبوه زيد، وإنما أمره ليدرك ثأره، وطعن ناس في إمارته لكونه مولى حديث السّنّ، وكان إذ ذاك ابن ثماني عشرة سنة، فقال صلّى الله عليه وسلم: «إن تطعنوا في إمارته .. فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله؛ إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان لأحبّ الناس إليّ، وإنّ هذا لمن أحبّ الناس إليّ بعده» (2). وابتدأ بالنبي صلّى الله عليه وسلم وجعه في أول شهر ربيع الأول (3)، وذلك: أنه خرج في جوف الليل إلى البقيع، فدعا لهم واستغفر كالمودع للأحياء والأموات، وأصبح مريضا من يومه يشكو رأسه (4)، فاستبطأ الناس في بعث أسامة لمرضه صلّى الله عليه وسلم، فخرج إليهم عاصبا رأسه وجلس على المنبر، وقال: «أيها الناس؛ أنفذوا جيش أسامة» (5)، ثم نزل صلّى الله عليه وسلم، فانكمش الناس في جهازهم، فخرج أسامة بجيشه حتى نزل الجرف من المدينة على فرسخ (6)، فضرب عسكره وتتامّ إليه الناس، وأقاموا ينتظرون ما الله قاض في رسوله. وكان وجعه صلّى الله عليه وسلم الخاصرة، وهو عرق في الكلية إذا تحرك .. أوجع صاحبه (7)، وكان مع ذلك يحمّ صلّى الله عليه وسلم، وروى البخاري: أنه صلّى الله عليه وسلم قال في مرض موته: «ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السّم» (8).

(1) البلقاء: بين الشام ووادي القرى، وهي حاليا في الأردن، من مدنها: السلط، ومأدبا، والزرقاء، والداروم: قلعة بعد غزة مطلة على البحر على الطريق إلى مصر. (2) أخرجه البخاري (6627)، ومسلم (2426). (3) ذكر المصنف رحمه الله تعالى في ملخص السيرة خلافا في ابتداء مرضه، انظر (1/ 133)، وانظر كلام الحافظ في «الفتح» (8/ 129). (4) أخرجه الحاكم (3/ 55)، وأحمد (3/ 489). (5) أخرجه البيهقي (6/ 266)، وعبد الرزاق (9993)، والطبراني في «الكبير» (3/ 130)، وابن سعد (2/ 249) (4/ 67)، والطبري في «تاريخه» (3/ 186). (6) الجرف: موضع على ثلاث أميال من المدينة جهة الشام، وهي الآن حي متصل بها. (7) هذا خلاف ما أخرجه البخاري معلقا بعد الحديث (4458)، وأحمد (6/ 118)، وأبو يعلى (4936)، وابن سعد (2/ 207) وغيرهم: أنه صلّى الله عليه وسلم كانت تأخذه الخاصرة، فخافوا عليه، فلدوه، ثم أفاق فقال: «ظننتم أن الله عزّ وجل سلطها علي، ما كان الله ليسلطها علي».والخاصرة: ذات الجنب. (8) سبق تخريجه في ملخص السيرة النبوية (1/ 133).

وكان صلّى الله عليه وسلم يدور على نسائه، فاشتد عليه المرض في يوم ميمونة، فاستأذن أزواجه أن يمرض في بيت عائشة، فأذنّ له، فخرج صلّى الله عليه وسلم ويد له على علي والأخرى على الفضل بن عباس، وأمرهم أن يهريقوا عليه من سبع قرب لم تحلل أوكيتهنّ ليعهد إلى الناس، فأجلسوه في مخضب لحفصة، فصبّ عليه من تلك القرب حتى طفق يشير بيديه أن قد فعلتنّ، ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم (1)، وصلّى على قتلى أحد واستغفر لهم كالمودع للأحياء والأموات (2)، وقال: «لا يبقى في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر» (3)، وأوصى بتنفيذ جيش أسامة، وقال: «استوصوا بالأنصار خيرا، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فأحسنوا إلى محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم»، ولم يخطب بعدها (4). ولما عجز صلّى الله عليه وسلم عن الخروج إلى المسجد .. أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، فصلى أبو بكر بالناس تلك الأيام إلى أن توفي صلّى الله عليه وسلم (5)، فدهش أصحابه دهشة عظيمة، وحقّ لهم ذلك، فاختلط عمر؛ فجعل يصيح ويحلف ما مات صلّى الله عليه وسلم، وتهدد من قاله، وأقعد عليّ فلم يستطع حراكا، وأخرس عثمان فكان يذهب به ويجاء فلا يستطيع كلاما، وأضني عبد الله بن أنيس حتى مات كمدا. ولم يكن فيهم أثبت من العباس وأبي بكر رضي الله عنهما، فخطبهم أبو بكر رضي الله عنه وعيناه تهملان، فقال: أما بعد: فمن كان يعبد محمدا .. فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله .. فإن الله حي لا يموت؛ قال الله تعالى {وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ} إلى {الشّاكِرِينَ} الآية. قال ابن عباس: فو الله؛ لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها منه الناس كلهم، فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها، قال عمر: والله؛ ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلّني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها، علمت أن النبي قد مات (6).

(1) أخرجه البخاري (198)، ومسلم (418) بلفظ قريب، وعند البخاري: أنه كان بين العباس وعلي، والوكاء: الخيط الذي تشد به الصرة وغيرها، والمخضب: إناء كبير يغتسل فيه. (2) أخرجه البخاري (4042)، ومسلم (2296). (3) أخرجه البخاري (3904)، ومسلم (2382)، والخوخة: الباب الصغير بين البيتين. (4) أخرجه البخاري (3799)، ومسلم (2510). (5) أخرجه البخاري (678)، ومسلم (420). (6) أخرجه البخاري (4454)، وابن حبان (6620)، وابن ماجه (1627).

فغسل صلّى الله عليه وسلم في قميصه بعد أن سمعوا قائلا يقول: اغسلوه في ثيابه (1)، قيل: هو الخضر، وتولى غسله علي والعباس وابناه الفضل وقثم ومولياه أسامة بن زيد وشقران، وحضرهم أوس بن خولي الأنصاري (2). وكفن صلّى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة (3)، وكان في حنوطه المسك. وفرغ من جهازه يوم الثلاثاء، ووضع على سريره في بيته، ثم أدخل الناس أرسالا يصلون عليه، حتى إذا فرغوا .. أدخل النساء، حتى إذا فرغن .. أدخل الصبيان، ولم يؤم الناس على رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحد (4)، واختلف في سبب ذلك، والظاهر: أن مثل ذلك لا يكون إلا عن توقيف. قال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «ما دفن نبي إلا حيث يموت»، فحفر له صلّى الله عليه وسلم حول فراشه في منزل عائشة، وكان بالمدينة حافران: أبو طلحة يلحد، وأبو عبيدة يشق، فأرسلوا إليهما، وقالوا: اللهم؛ اختر لنبيك، واتفقوا على أن من جاء منهما أولا عمل عمله، فجاء أبو طلحة فلحد له (5)، ودخل قبره علي والعباس وابناه الفضل وقثم ومولاه شقران، وقيل: أدخلوا معهم عبد الرحمن بن عوف، وقيل: إن أوس بن خولي الأنصاري ناشد عليا كما ناشده حين الغسل فأدخله معهم (6)، وفرش شقران في القبر قطيفة قد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يلبسها فدفنها معه، وقال: والله؛ لا يلبسها أحد بعدك (7)، وأطبق على اللحد الشريف تسع لبنات. ودفن صلّى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء، وقيل: ليلة الأربعاء، وذلك في شهر أيلول،

(1) أخرجه ابن حبان (6627)، والحاكم (3/ 59)، وأبو داود (3133). (2) أخرجه أحمد (1/ 260)، وابن سعد (2/ 241)، والطبري في «تاريخه» (3/ 211)، وعند أحمد: (صالح مولاه) بدل: (شقران)، وانظر «سيرة ابن هشام» (4/ 662). (3) أخرجه البخاري (1264)، ومسلم (941)، وسحولية: نسبة إلى قرية باليمن. (4) أخرجه ابن ماجه (1628)، وأبو يعلى (22)، والطبري في «تاريخه» (3/ 213). (5) أخرجه ابن حبان (6633)، وابن ماجه (1628)، والبيهقي (3/ 407)، وأحمد (1/ 292). (6) أخرجه ابن ماجه (1628)، والطبري في «تاريخه» (3/ 213)، وعند ابن حبان (6633): أن الذي دخل قبره علي والعباس والفضل. (7) أخرجه مسلم (967)، وابن حبان (6631)، وابن ماجه (1628).

وإنما أخروا دفنه لاشتغالهم بما وقع للمهاجرين والأنصار من خلاف، حتى قال قائل من الأنصار في سقيفة بني ساعدة: منا أمير ومنكم أمير، وخشوا تفاقم الأمر، فنظروا فيها حتى استوى الأمر وانتظم الشمل، فبايع عمر وأبو عبيدة ابن الجراح في جماعة من المهاجرين والأنصار لأبي بكر رضي الله عنه في سقيفة بني ساعدة، ثم بايعوه أيضا من الغد في المسجد، وهو على المنبر في ملأ منهم ورضا (1)، فكشف الله الكربة وأطفأ نار الخلاف، والحمد لله رب العالمين. ولم يتخلف عن بيعته رضي الله عنه إلا سعد بن عبادة وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، تخلفا ولم يحصل منهما شق عصا ولا مخالفة ولا ادعاء ذلك لأنفسهما ولا لغيرهما، وإنما كفّا أيديهما عن المبايعة مع الانقياد لأمره ونهيه رضي الله عنهم أجمعين (2). وفي هذه السنة: توفيت حاضنة النبي صلّى الله عليه وسلم. وفيها: توفيت فاطمة البتول ابنة الرسول عليه الصلاة والسلام. وفيها: قتل عكاشة بن محصن الأسدي. وفيها: قتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة الحنظلي مع رهط من قومه ممن كان منع الزكاة. وفيها: لما علمت العرب بموته صلّى الله عليه وسلم .. ارتد بعضهم عن الإسلام والعياذ بالله، وثبت بعضهم على الإسلام، منهم أهل الحرمين الشريفين وعبد القيس في البحرين وثقيف، بعد أن اضطرب أهل مكة، وهموا بالرجوع عن الإسلام، حتى خافهم أميرهم عتّاب بن أسيد، فاختفى منهم، فقام فيهم سهيل بن عمرو، فثبّتهم وحضهم على الإقامة على الإسلام، وإلى ذلك المقام أشار صلّى الله عليه وسلم بقوله لعمر لما أشار إليه بقتل سهيل: «لعله يقوم مقاما تحمده فيه» (3).

(1) أخرجه البخاري (3668)، وابن حبان (414)، والحاكم (3/ 76)، والبيهقي (8/ 143)، وأحمد (1/ 55) وغيرهم. (2) انظر الحديث السابق، وعدم مبايعة سيدنا علي وتأخرها إلى ما بعد وفاة السيدة فاطمة عند البخاري (4240)، ومسلم (1759)، وقد أخرج الحاكم (3/ 76)، والبيهقي (8/ 143) ما يفيد أنه بايع، وهو بإسناد صحيح كما قال ابن كثير، وبه أثبت المبايعة أولا، وجمع بأن ما في «الصحيحين» إنما هو تجديد لها، وانظر تمام كلامه في «البداية والنهاية» (261/ 5 و 299)، وكلام الإمام النووي في «شرح مسلم» (12/ 77). (3) سبق تخريجه في ترجمة سهيل بن عمرو رضي الله عنه (1/ 177).

وبعض العرب منع من أداء الزكاة فقط، فأشار الناس على أبي بكر بالمقاربة فخالفهم، وكان رضي الله عنه فيه لين، إلا أنه حزم وشدّد، فلم يزل يحاربهم حتى أعلى الله كلمة الحق، وأشاروا إليه برد جيش أسامة ليستعين بهم، فأبى إلا إمضاءه كما أوصى به صلّى الله عليه وسلم، وكان في تنفيذه مصلحة عظيمة؛ فإن المخالفين من العرب لما رأوا الجيش متوجها إلى أطراف الشام .. استهابوا ذلك واستعظموه، فضعفت قواهم ووهنت عزائمهم، فعقد أبو بكر رضي الله عنه أحد عشر لواء، وقطع عليها البعوث: عقد لخالد بن الوليد، وأمره أن يبدأ بطليحة الأسدي، فإذا فرغ منه .. سار إلى مالك بن نويرة بالبطاح إن أقام له. وعقد لعكرمة بن أبي جهل، وأمره بمسيلمة. وعقد للمهاجر بن أبي أمية، وأمره بجنود الأسود العنسي ومعونة الأبناء على قيس بن المكشوح ومن أعانه من اليمن (1)، ثم يمضي إلى كندة بحضرموت. وعقد لخالد بن سعيد بن العاصي إلى مشارف الشام. ولعمرو بن العاصي على جماع قضاعة ووديعة والحارث. وعقد لحذيفة بن محصن، وأمره بأهل دبا. ولعرفجة بن هرثمة، وأمره بمهرة (2). ولشرحبيل ابن حسنة على قضاعة. ولطريفة بن حاجز، وأمره ببني سليم وهوازن. ولسويد بن مقرّن، وأمره بتهامة اليمن.

(1) الأبناء-كفيروز الديلمي-رضي الله عنه-الذي وفد على النبي صلّى الله عليه وسلم، وداذويه بن هرمز-: هم أبناء الأساورة من فارس الذين بعثهم كسرى مع سيف بن ذي يزن لقتال الحبشة، فنفوهم عن اليمن، وغلبوا عليها، ثم أسلموا وقتلوا الأسود العنسي بمشاركة قيس بن مكشوح، وردّوا الأمر إلى قيس، فكان أميرا على صنعاء، فخاف أن يغلبوه عليها فارتد وتابعه جماعة من أصحاب الأسود، وفتك بداذويه، وفر فيروز إلى أبي بكر، ثم ما لبث أن أسر قيس، وحمل إلى أبي بكر، فوبّخه، فأنكر الردة، وعفا عنه، انظر «طبقات ابن سعد» (5/ 533)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 30)، و «الإصابة» (3/ 204). (2) مهرة: قال ياقوت في «معجم البلدان» (5/ 234): (مهرة: بالفتح ثم السكون، هكذا يرويه عامة الناس، والصحيح: مهرة بالتحريك، وجدته بخطوط جماعة من أئمة العلم القدماء لا يختلفون فيه).

السنة الثانية عشرة

وللعلاء بن الحضرمي، وأمره بالبحرين (1). وفيها: هزم طليحة الأسدي، ونزل على بني كعب فأسلم، ثم كان له بلاء مشهور في الفرس، وكان طليحة ارتد في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم وادعى النبوة. وفيها: بعث العلاء بن الحضرمي بمال من البحرين، فقسمه أبو بكر رضي الله عنه بين الأحمر والأسود، والحر والعبد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير على السواء. وفيها: قبل موت النبي صلّى الله عليه وسلم قتل الأسود العنسي باليمن، وكان قد ادعى النبوة، فقتله الأبناء، وأعانت عليه امرأته. *** السنة الثانية عشرة : فيها: غزوة اليمامة قتل فيها مسيلمة الكذاب في عالم كثير من جيشه، واستشهد فيها من المسلمين ألف ومائة رجل؛ من الصحابة نحو من أربع مائة وخمسين، وقيل: ست مائة، والباقون من غيرهم، ثم فتحت بعد ذلك اليمامة صلحا على يد خالد بن الوليد. وفيها: قدم سبي النّجير من حضرموت (2)، وهم المرتدة، وكان فيهم الأشعث بن قيس، فقال لأبي بكر: استبقني لحربك وزوجني أختك، ففعل أبو بكر ذلك. *** السنة الثالثة عشرة : فيها: بعث أبو بكر رضي الله عنه البعوث إلى الشام، وأمّر على الجيش جماعة منهم: أمين الأمة أبو عبيدة ابن الجراح، وعمرو بن العاصي، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل ابن حسنة. وبعث إلى العراق خالد بن الوليد، فافتتح الأبلّة (3)، وأغار على السواد (4)، وحاصر

(1) انظر «تاريخ الطبري» (3/ 248)، و «المنتظم» (3/ 22)، و «الكامل» لابن الأثير (2/ 201)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 27)، و «البداية والنهاية» (6/ 702)، وقد ذكروا أن أبا بكر-لما أراح أسامة وجنده بعد رجوعهم من البعث-قطع البعوث، وعقد الألوية لقتال أهل الردة. (2) النجير-تصغير النجر-: حصن منيع باليمن قرب حضرموت. (3) الأبلة: بلدة على شاطئ دجلة قرب البصرة. (4) السواد: هو ضياع العراق، سمي بذلك لسواده بالزروع والنخيل والأشجار، حيث تاخم جزيرة العرب التي لا زرع فيها ولا شجر.

السنة الرابعة عشرة

عين التمر (1)، وأرى الفرس ذلا وهوانا، ثم خرق البرية إلى الشام، فاجتمع بجيوش المسلمين. وفيها: وقعة أجنادين بقرب الرّملة (2)، استشهد فيها جماعة من الصحابة، ثم كان النصر والفتح ولله الحمد. وفيها: توفي أبو بكر الصديق، وعهد بالخلافة لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وفيها: توفي أمير مكة عتّاب بن أسيد، قيل: إنه توفي في اليوم الذي توفي فيه أبو بكر رضي الله عنهما (3). وفيها: قتل أبو عبيد بن مسعود الثقفي والد المختار بن أبي عبيد الكذاب بالعراق في حرب الفرس، وقيل: في سنة أربع عشرة (4). *** السنة الرابعة عشرة : فيها: عزل عمر خالد بن الوليد؛ لأنه كان يرد المهالك ويغرر المسلمين، وجعل الأمر كلّه إلى أبي عبيدة ابن الجراح، مع أن عمر رضي الله عنه قد أشار على أبي بكر بتقديم خالد في حرب بني حنيفة، وإنما عزله لرجحان مصلحة ظهرت له في أبي عبيدة، فلما بلغ كتاب عمر إلى أبي عبيدة .. أخفاه وتركه مصلحة بالناس على حالته، فعلم خالد بذلك، فعتب على أبي عبيدة حيث لم يعلمه بالعزل، وقال: والله؛ لو تولى عليّ عبد .. لسمعت وأطعت. وفي رجب منها: فتحت دمشق بعد حصار طويل وأمير الناس أبو عبيدة، وكان خالد لا يغفل، فاتفق أنه ظهر لبطريقها ولد، فاصطنع عليه طعاما، فغفل الروم عن مواقفهم، فرقي خالد وأصحابه في حبال كالسلاليم، وأول من تسلق فيها القعقاع بن عمرو ومذعور بن عدي، وأثبتا بالشّرف بقية الحبال للناس، فلما أحس الروم بما فعل خالد .. بادروا إلى الأبواب ودعوا أبا عبيدة إلى الصلح، ولم يعلم المسلمون وأبو عبيدة بفتح خالد، فدخل من بابه عنوة، وبقية المسلمين من الأبواب صلحا، فالتقوا في وسط البلد، هذا استعراضا

(1) عين التمر: بلدة قريبة من الأنبار، غربي الكوفة. (2) أجنادين: موضع بقرب الرملة المدينة العظيمة بفلسطين. (3) انظر ما مر في ترجمته عن الخلاف في وقت وفاته، وما ذكرناه عن الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى (1/ 164). (4) اختلف في سنة وفاته تبعا للخلاف في وقت الغزوة، وإلا .. فلا خلاف أنه توفي في معركة الجسر، وسيأتي ذكر المعركة بعد قليل في حوادث سنة (14 هـ‍).

وانتهابا، وهؤلاء صلحا وتسكينا، وكتبوا إلى عمر في إمضاء صلح أبي عبيدة أو يجعل فتح دمشق عنوة كما صدر من خالد، فأشار بجعل فتحها صلحا، وكان صلح أبي عبيدة على أن يحملوا من الأموال والمتاع ما استقلت به إبلهم، وألاّ يتبعهم أحد إلى الفضاء ثلاثة أيام، ثم إنهم لم يفوتوا خالدا رضي الله عنه؛ فإنهم لما حملوا ما أمكنهم حمله [ونظر خالد إلى كثرة أحمالهم .. رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم؛ اجعله لنا، وملّكنا إياه، واجعل هذه الأمتعة قوتا للمسلمين، آمين، وأضمر المسير بعد ثلاثة أيام في طلبهم]، فلما كان بعد ثلاث .. اتفق خالد مع واحد من الروم كان أسلم أن يتبعوهم في سرية من المسلمين ويدلهم على طريقهم، فتبعوهم ومشى معهم الدليل، وجدّ المسلمون في السير بعدهم، فوجدوهم قد صعدوا جبلا عاليا وهبطوا منه في واد من أوديتهم وقد أمنوا أن يلحقهم أحد إلى ذلك الوادي، وكان قد أصابهم مطر وتعب، فجففوا ما معهم من الثياب، فاكتسى الوادي، وسمي الوادي لذلك مرج الديباج، ورقدوا من تعب السير، فلم يستيقظوا إلا وقد وضع خالد وأصحابه فيهم السيف، وكان مع أميرهم بنت ملكهم، فقتله خالد، وسبيت بنت الملك، وقتلوا منهم خلائق، وهرب بعضهم، ونهبوا أموالهم، ورجع المسلمون سالمين غانمين، وأرسل ملك الروم بمال عظيم في فداء ابنته، فراجع أبو عبيدة عمر في ذلك، فقال: ردوها وردوا المال فتكون لنا المنة عليهم، ولا تريهم أن لنا في الدنيا رغبة، ولا عندنا منهم رهبة (1). وفيها: كانت وقعة جسر أبي عبيد، واستشهد يومئذ أبو عبيد بن مسعود الثقفي والد المختار الكذاب في نحو ثمان مائة من المسلمين، وكانت الوقعة في مكان على مرحلتين من الكوفة. وفيها: ندب عمر عتبة بن غزوان المازني، فمصّر البصرة، واختط المنازل، وبنى جامعها بالقصب، وسميت بصرة بأرضها البصرة؛ وهي الحجارة الرخوة. وفيها: توفي أبو قحافة والد أبي بكر، وسعد بن عبادة كما ذكره الذهبي، وذكرهما غيره في سنة خمس عشرة، قاله الشيخ اليافعي (2). وفيها: فتحت بعلبك وحمص، وهرب هرقل عظيم الروم إلى القسطنطينية.

(1) انظر «فتوح الشام» (ص 63). (2) لم يذكر اليافعي في «مرآة الجنان» (1/ 71) إلا وفاة سعد سنة خمس عشرة، والذي عند الذهبي في «تاريخ الإسلام» (3/ 146)، و «العبر» (1/ 19): أن سعد بن عبادة توفي سنة خمس عشرة، وأما أبو قحافة .. فلم يذكره إلا في «تاريخ الإسلام» (3/ 137)، وذكر أنه توفي سنة أربع عشرة.

السنة الخامسة عشرة

السنة الخامسة عشرة : فيها: وقعة اليرموك، كان المسلمون ثلاثين ألفا، وأميرهم خالد بن الوليد من قبل أبي عبيدة ابن الجراح، والروم أزيد من مائة ألف قد سلسلوا الخمسة والستة؛ لئلا يفروا، فداستهم الخيل، وقيل: كان المسلمون أربعين أو خمسين ألفا، والروم ألف ألف مع أربعة من ملوكهم، والرماة منهم مائة ألف، وجبلة بن الأيهم ملك غسّان معهم بعد ما ارتد-والعياذ بالله-هو وقومه من العرب لحقوا بهم، فصدّروهم لقتال المسلمين، وقالوا: أنتم تلقون بني عمكم من العرب، فإن كفيتموناهم، وإلا .. لقيناهم، فتقدم العرب نحو المسلمين وهم ستون ألفا، فانتقى خالد من قبائل العرب ستين، فقاتلهم يوما كاملا نصر الله الستين من المسلمين عليهم، فهزموهم وقتلوهم حتى لم ينج منهم إلا القليل، وهرب جبلة بن الأيهم، ثم التقى المسلمون بالروم مرة أخرى حتى أبادوهم بالقتل، وهرب البقية من تحت الليل، وظهر هناك نجدة جماعة من الصحابة منهم: الزبير، والفضل بن العباس، وخالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن أبي بكر، واستشهد جماعة من المسلمين منهم: عكرمة بن أبي جهل وعياش بن أبي ربيعة المخزوميان، وعبد الرحمن بن العوام أخو الزبير، وعامر بن أبي وقاص أخو سعد. وفي شوال منها: كانت وقعة القادسية بالعراق، وقيل: كانت في سنة ست عشرة، وأمير المؤمنين يومئذ سعد بن أبي وقاص، ورأس المجوس رستم ومعه الجالينوس وذو الحاجب، وكان المسلمون سبعة آلاف، والمجوس ستون ألفا، وقيل: سبعون، وقيل: أربعون، ومعهم سبعون فيلا، فحصرهم المسلمون في المدائن، وقتلوا رءوسهم الثلاثة المذكورين وغيرهم، واستشهد في الوقعة: ابن أم مكتوم الأعمى المؤذن، وأبو زيد الأنصاري، واسمه: سعيد بن عبيد. وفيها: افتتحت الأردن عنوة إلا طبرية؛ فإنها فتحت صلحا. وفيها: توفي سعد بن عبادة سيد الخزرج، كما في «تاريخ اليافعي» وغيره (1). *** السنة السادسة عشرة : فيها: فتحت حلب وأنطاكية صلحا. وفيها: مصّر سعد بن أبي وقاص الكوفة. وفيها: فتح أبو عبيدة الجابية، وخرج عمر من المدينة إليها، وحضر فتح بيت

(1) انظر «مرآة الجنان» (1/ 71).

السنة السابعة عشرة

المقدس، وقسم الغنائم بالجابية، وكان المسلمون قد حصروا بيت المقدس وطال حصارهم، فقال لهم أهلها: لا تتعبوا فلن يفتحها إلا رجل نحن نعرفه فيه علامة عندنا، فإن كان إمامكم فيه تلك العلامة .. سلمناها له من غير قتال، فأرسل المسلمون إلى عمر رضي الله عنه يخبرونه بذلك، فركب عمر رضي الله عنه راحلته وتوجّه إلى بيت المقدس، وكان معه غلام له يعاقبه في الركوب يوما بيوم، وقد تزوّد شعيرا وتمرا وزيتا، وعليه مرقعة، ولم يزل يطوي القفار الليل والنهار إلى أن قرب من بيت المقدس، فتلقّاه المسلمون، وقالوا له: ما ينبغي أن يرى المشركون أمير المؤمنين في هذه الهيئة، ولم يزالوا به حتى ألبسوه لباسا غيرها، وأركبوه فرسا، فلما ركب وصهل به الفرس .. داخله شيء من العجب، فنزل عن الفرس، ونزع اللباس، ولبس المرقعة، وقال: أقيلوني، ثم سار على هذه الهيئة إلى أن وصل بيت المقدس، فلما رآه المشركون من أهل الكتاب .. كبّروا وقالوا: هذا هو، وفتحوا له الباب (1). وفيها: ماتت مارية القبطية أم سيدنا إبراهيم بن سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأبو زيد القارئ، كما في «الذهبي» (2). وفيها: ولى عمر أبا موسى الأشعري على البصرة وبعثه إليها. وفيها: أشار عليّ على عمر بكتب التاريخ، واتفقوا على جعله من الهجرة، وكانوا قبل ذلك يؤرّخون بعام الفيل (3). *** السنة السابعة عشرة : فيها: حصل القحط، وعرفت السنة بعام الرمادة، فاستسقى عمر إلى الله تعالى بالعباس، وقال ما معناه: اللهم؛ إنا كنا إذا قحطنا .. توسّلنا إليك بنبينا

(1) كذا في «العبر» (1/ 20) و «مرآة الجنان» (1/ 72) وفي «تاريخ الطبري» (3/ 607)، و «المنتظم» (3/ 110) و «الكامل في التاريخ» (2/ 329) و «البداية والنهاية» (7/ 60): كانت هذه الحادثة سنة (15 هـ‍). (2) انظر «العبر» (1/ 20)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 149)، وففيهما خلاف قد نبهنا عليه عند ترجمة أبي زيد رضي الله عنه (1/ 172). (3) أخرجه الطبري في «تاريخه» (4/ 38)، وانظر «المنتظم» (3/ 139)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 351)، و «البداية والنهاية» (7/ 79)، وقد أخرج الطبري في «تاريخه» (2/ 388) من حديث ابن شهاب: (أن النبي صلّى الله عليه وسلم لما قدم المدينة-وقدمها في شهر ربيع الأول-أمر بالتأريخ)، وقد أخرجه الحاكم في «الإكليل» كما قال الحافظ في «الفتح» (7/ 268)، وقال بعده: (هذا معضل، والمشهور خلافه؛ وأن ذلك كان في خلافة عمر).

السنة الثامنة عشرة

محمد صلّى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعمّ نبينا فاسقنا، ثم قال: ادع يا عباس؛ فرفع العباس يديه ودعا، فسقوا (1). وفيها: خرج عمر إلى الشام، فلما بلغ سرغ (2).بلغه أن الوباء وقع بالشام، فاستشار المهاجرين الأولين ثم الأنصار، فاختلفوا عليه، ثم استشار مهاجرة الفتح، فأشاروا عليه بالرجوع، فرجع من سرغ، فقال له أبو عبيدة: أفرارا من قدر الله؟ ! قال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة-أي: لعاقبته، أو لما لمته-نعم، نفر من قدر الله إلى قدر الله، وضرب له مثلا معناه: أن موضع الخصب يرعى فيه ويرغب فيه، وموضع الجدب لا يقرب، وكان عبد الرحمن بن عوف متغيبا في بعض حاجاته، فجاء وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث: «إذا وقع الوباء بأرض .. فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها .. فلا تخرجوا منه»، فسرّ عمر بذلك (3). وفيها: زاد عمر في مسجد المدينة. وفيها: وسع المسجد الحرام وبناه، وهدم على قوم أبوا أن يبيعوا بيوتهم فهدمها عليهم، ووضع أثمان دورهم في بيت المال حتى أخذوها بعده. وفيها: كانت وقعة جلولاء، قتل فيها من المشركين مقتلة عظيمة، وبلغت الغنائم فيها ثمانية عشر ألف ألف، وقيل: ثلاثين ألف ألف. وفيها: افتتح أمير البصرة أبو موسى الأشعري الأهواز. وفيها: تزوج عمر رضي الله عنه بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة الزهراء رضي الله عنهم أجمعين. *** السنة الثامنة عشرة : فيها: طاعون عمواس (4) -بفتح الحروف الثلاثة الأول-في ناحية الأردن، فاستشهد فيها: أبو عبيدة ابن الجراح، ومعاذ بن جبل، والفضل بن العباس، ويزيد بن أبي سفيان بن حرب، وسهيل بن عمرو، وابنه أبو جندل، وشرحبيل ابن حسنة

(1) أخرجه البخاري (1010)، والبيهقي (3/ 352)، وابن سعد (4/ 26). (2) سرغ: بلد بأول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك، وهي اليوم تسمى: المدوّرة. (3) أخرجه البخاري (5729)، ومسلم (2219). (4) انظر بعض أخبار هذا الوباء في «تاريخ الطبري» (4/ 60)، و «البداية والنهاية» (7/ 84)، وقد نسب هذا الطاعون إلى عمواس-بلد بين القدس والرملة-لأنها أول ما نجم الداء بها.

السنة التاسعة عشرة

في خلق كثير غيرهم، قيل: مات فيه خمسة وعشرون ألفا. وفيها: افتتح الموصل والسّوس وتستر وحرّان (1). وفيها: أخر عمر المقام مقام إبراهيم-وكان ملصقا بالبيت-فجعله حيث هو الآن (2). *** السنة التاسعة عشرة : فيها: فتحت تكريت (3)، وفتح معاوية قيساريّة من أرض فلسطين، وفتح سعد بن أبي وقاص المدائن، وفتح جلولاء على يد هاشم بن عتبة بن غزوان. وذكر بعض المؤرخين أن فيها: بنى عمر مسجد المدينة، وأدخل فيه دار العباس، وبنى سقفه بالجريد، وجعل أعمدته خشب قال (4). وفيها: خرجت نار بخيبر وما يليها فسارت في الأرض، فأرعب الناس وانتقلوا عن أوطانهم هربا منها، فأمر عمر بالتهيؤ لقتالها، ثم قال: تصدقوا فإن الله يصرفها، ففعلوا فهمدت (5). وفيها: مات سيد القراء أبيّ بن كعب، كما في «تاريخ اليافعي» (6). *** سنة عشرين : فيها: افتتح عمرو بن العاصي بعض ديار مصر. وفيها: دوّن عمر الدواوين وفرض العطاء، فقال له قائل: لم فعلت ذلك يا أمير المؤمنين؛ لو تركت في بيوت الأموال عدة لكون إن كان، فقال: كلمة ألقاها الشيطان على

(1) السّوس: بلدة بخوزستان، تستر: مدينة عظيمة بخوزستان أيضا، حرّان: مدينة في شمال الشام بينها وبين الرقة يومان. (2) والصواب-والله أعلم-: أن موضع المقام الذي به اليوم هو موضعه في الجاهلية وفي عهد النبي صلّى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، إلا أن سيلا ذهب به في خلافة عمر، فاستثبت وأعاده إلى موضعه وبنى حوله، وانظر «أخبار مكة» للأزرقي (2/ 25)، و «فتح الباري» (1/ 499)، وما ذكرناه عند فتح مكة في حوادث السنة الثامنة (1/ 248). (3) والصحيح: أن فتح تكريت قبل ذلك كما قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (7/ 104) أي: في السنة السادسة عشرة كما في «تاريخ الطبري» (4/ 35). (4) القال: القلة، وهي العود الصغير، وقيل: القال: الخشبة التي يضرب بها القلة. (5) «تاريخ الطبري» (4/ 102)، و «البداية والنهاية» (7/ 103). (6) انظر «مرآة الجنان» (1/ 75).

فيك وقاني الله شرّها، وستكون فتنة لمن بعدي، بل أعد لهم ما أعد الله ورسوله؛ فهما عدتنا التي أفضينا بها إلى ما ترون (1). وفيها: دخل عبد الله بن قيس-وقيل: ميسرة بن مسروق العبسي-أرض الروم غازيا. وفيها: أجلى عمر يهود الحجاز إلى نجران، وأخرج من كان منهم بالمدينة (2)، وجعل لهم أن يدخلوا لتجارتهم ثلاثة أيام لا يزيدون عليها. وفيها: توفي بلال المؤذن، وأم المؤمنين زينب بنت جحش، وأبو الهيثم بن التّيّهان وأسيد بن حضير الأنصاريان، وعياض بن غنم الفهري، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، وسعيد بن عامر الجمحي، وهرقل ملك الروم، قيل: كان مسلما في الباطن، رضي الله عنهم أجمعين. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) الخبر عند الطبري في «تاريخه» (3/ 615)، وابن الجوزي في «المنتظم» (3/ 112)، لكن ذكرا أن فرض الفروض والعطاء كان في السنة الخامسة عشرة. (2) كذا في الأصول، وفي «تاريخ الطبري» (4/ 112)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 387)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 200)، و «البداية والنهاية» (7/ 108): أنه رضي الله عنه أجلى يهود خيبر إلى أذرعات وغيرها، وأجلى يهود نجران إلى الكوفة.

العشرون الثانية من المائة الأولى

العشرون الثانية من المائة الأولى 222 - [خالد بن الوليد] (1) خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو سليمان القرشي المخزومي سيف الله، أمه: لبابة الصغرى بنت الحارث أخت ميمونة أم المؤمنين وأخت لبابة الكبرى امرأة العباس. أسلم بعد الحديبية، وشهد مؤتة وخيبر وفتح مكة وحنينا، وأبلى في فتح مكة. وبعثه صلّى الله عليه وسلم إلى العزى-وهو بيت عظيم لمضر-فهدمه، وبعثه صلّى الله عليه وسلم إلى أكيدر دومة الجندل، فأسره وأحضره بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فصالحه على الجزية، ورده إلى بلده، ولم يزل صلّى الله عليه وسلم يوليه أعنة الخيل فيكون مقدمها. وأمّره أبو بكر رضي الله عنه على قتال أهل الردة مسيلمة الكذاب وغيره، وله الآثار العظيمة فيهم وفي قتال الروم بالشام والفرس بالعراق، وافتتح دمشق. وكان في قلنسوته من شعر رسول الله صلّى الله عليه وسلم يستنصر ويتبرك به، فلا يزال منصورا. وتوفي بحمص على فراشه سنة إحدى وعشرين. ولما حضرته الوفاة .. قال: لقد شهدت مائة زحف أو نحوها، وما في بدني موضع شبر إلا وفيه طعنة أو رمية، وها أنا أموت على فراشي، فلا نامت أعين الجبناء، وما لي عمل أرجى من لا إله إلا الله، فأنا متترّس بها، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 26)، و «معرفة الصحابة» (2/ 925)، و «الاستيعاب» (ص 197)، و «أسد الغابة» (2/ 109)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 366)، و «العبر» (1/ 25)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 230)، و «مرآة الجنان» (1/ 76)، و «البداية والنهاية» (7/ 121)، و «الإصابة» (1/ 412)، و «شذرات الذهب» (1/ 174).

223 - [العلاء بن الحضرمي]

223 - [العلاء بن الحضرمي] (1) العلاء بن الحضرمي، واسم الحضرمي: عبد الله بن عباد (2) بن أكبر بن ربيعة بن مالك الحضرمي حليف بني أمية. ولاه النبي صلّى الله عليه وسلم البحرين، وتوفي صلّى الله عليه وسلم وهو عليها، فأقره أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما. وتوفي وهو وال عليها سنة إحدى وعشرين. وقيل: سنة أربع وعشرين. وكان مجاب الدعوة؛ لأنه خاض البحر بكلمات قالهن، وكان له أثر عظيم في قتال أهل الردة في البحرين، رضي الله عنه. 224 - [طليحة بن خويلد] (3) طليحة-مصغرا-ابن خويلد بن نوفل بن نضلة بن الأشتر الأسدي، من أسد بن خزيمة بن مدركة الفقعسي. قدم على النبي صلّى الله عليه وسلم في وفد أسد بن خزيمة سنة تسع وأسلموا، فلما رجعوا .. ارتد طليحة وادعى النبوة، فأرسل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ضرار بن الأزور ليقاتله فيمن أطاعه، ثم توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقويت شوكة طليحة، وأطاعه الحليفان: أسد وغطفان، فأرسل إليه أبو بكر رضي الله عنه خالد بن الوليد، فقاتله بنواحي سميراء وبزاخة، فأرسل إليه خالد عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم رضي الله عنهما، فقتل طليحة أحدهما، ثم هزم الله طليحة، وفرق شمل أتباعه، وظهر عليهم المسلمون، فلحق طليحة بالشام فأقام عند بني جفنة حتى توفي أبو بكر، ثم أسلم طليحة وحسن إسلامه، وحج في زمن عمر.

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 276)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2198)، و «الاستيعاب» (ص 580)، و «أسد الغابة» (4/ 74)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 262)، و «العبر» (1/ 25)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 235)، و «مرآة الجنان» (1/ 77)، و «البداية والنهاية» (1/ 175)، و «الإصابة» (2/ 491)، و «شذرات الذهب» (1/ 175). (2) في «سير أعلام النبلاء» (1/ 262)، و «الإصابة» (2/ 491): (عماد). (3) «طبقات ابن سعد» (6/ 155)، و «الاستيعاب» (ص 367)، و «أسد الغابة» (3/ 95)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 316)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 229)، و «مرآة الجنان» (1/ 76)، و «البداية والنهاية» (7/ 126)، و «الإصابة» (2/ 226)، و «شذرات الذهب» (1/ 175).

225 - [النعمان بن مقرن]

وله آثار جميلة في قتال الفرس في القادسية بالعراق، وكتب عمر إلى النعمان بن مقرن: أن استعن في حربك بطليحة وعمرو بن معدي كرب واستشرهما. واستشهد طليحة في وقعة نهاوند سنة إحدى وعشرين، رضي الله عنه. 225 - [النعمان بن مقرّن] (1) النعمان بن مقرّن، وقيل: ابن عمرو بن مقرن المزني، يكنى: أبا عمرو، وقيل: أبا حكيم. روي عنه: قال: قدمنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في أربع مائة راكب من مزينة، ثم سكن البصرة وتحول عنها إلى الكوفة، وقدم المدينة، فلما ورد على عمر اجتماع الفرس بنهاوند .. قدّم النعمان على الجيش وقال: إن قتل النعمان .. فحذيفة، وإن قتل حذيفة .. فجرير، فلما تصافّ القوم بنهاوند .. دعا النعمان الله أن يرزقه الشهادة، وينصر المسلمين، ويفتح عليهم، وقال: إذا هززت اللواء ثلاثا .. فاحملوا مع الثالثة، فلما هزه الثالثة .. حمل الناس معه، فقتل في يوم الجمعة سنة إحدى وعشرين، وأخذ الراية حذيفة ففتح الله على يديه، ولما جاء نعيه إلى عمر .. خرج إلى الناس فنعاه إليهم على المنبر، ووضع يده على رأسه وبكى. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إن للإيمان بيوتا، وللنفاق بيوتا، وإن من بيوت الإيمان بيت ابن مقرن، رضي الله عنه. 226 - [عمر بن الخطاب] (2) عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح-بالمثناة من تحت-ابن عبد الله بن قرط بن رزاح-براء مفتوحة ثم زاي-ابن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العدوي

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 146)، و «طبقات خليفة» (ص 81)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2653)، و «الاستيعاب» (ص 721)، و «أسد الغابة» (5/ 343)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 356)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 239)، و «مرآة الجنان» (1/ 77)، و «البداية والنهاية» (7/ 129)، و «الإصابة» (3/ 532). (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 245)، و «معرفة الصحابة» (1/ 38)، و «الاستيعاب» (ص 473)، و «المنتظم» (3/ 1148)، و «تاريخ عمر بن الخطاب» لابن الجوزي (ص 17 - 292)، و «أسد الغابة» (4/ 145)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 253)، و «مرآة الجنان» (1/ 78)، و «البداية والنهاية» (7/ 139)، و «الإصابة» (2/ 511)، و «شذرات الذهب» (1/ 177).

أمير المؤمنين أبو حفص، أمه: حنتمة بنت هاشم، ويقال: هشام بن المغيرة أخت أبي جهل، أو بنت عمه. ولد رضي الله عنه بعد الفيل بثلاث عشرة سنة، وكان من أشراف قريش، وإليه كانت السفارة في الجاهلية، إذا وقعت الحرب بين قريش أو بينهم وبين غيرهم .. بعثوه رسولا. ولما بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم .. كان عمر شديدا عليه، ثم لطف الله به فأسلم في السادسة من النبوة بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة، فلما أسلم .. كبّر المسلمون فرحا بإسلامه، فلما أسلم .. نادى بإسلامه فضربه الكفار وضربهم حتى أجاره خاله، ولم تطب نفسه حين رأى المسلمين يضربون وهو لا يضرب، فرد على خاله جواره، فكان يضاربهم ويضاربونه إلى أن أظهر الله الإسلام. قال علي رضي الله عنه: ما علمت أحدا هاجر إلا مختفيا إلا عمر؛ فإنه لمّا هم بالهجرة .. تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهما، وطاف بالكعبة والملأ من قريش بفنائها، ثم صلّى ركعتين عند المقام، ثم أتى حلقهم واحدة واحدة فقال: شاهت الوجوه، ومن أراد أن تثكله أمه، ويؤتم ولده، وترمل زوجته .. فليلقني وراء هذا الوادي، فما تبعه منهم أحد. وشهد عمر بدرا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان شديدا على الكفار والمنافقين، وهو الذي أشار بقتل أسارى بدر، ونزل القرآن على وفق قوله في ذلك وغيره، وأجمعوا على كثرة علمه، ووفور فهمه وزهده وتواضعه، ورفقه بالمسلمين، وإنصافه ووقوفه مع الحق، وتعظيمه آثار رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وشدة متابعته له، واهتمامه بمصالح المسلمين، وإكرامه أهل الفضل والخير، وفضائله مشهورة. استخلفه أبو بكر على الأمة، فقام بأمرها أحسن قيام وأتمه. ومن كراماته المشهورة قضية سارية بن حصن، وهو أول من سمي بأمير المؤمنين، وله محاسن في الإسلام لا تحصى. وعن حذيفة رضي الله عنه قال: لما أسلم عمر .. كان الإسلام كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربا، فلما قتل عمر .. كان الإسلام كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدا. وختم الله له بالشهادة، فطعنه عبد المغيرة بن شعبة أبو لؤلؤة حين أحرم لصلاة الصبح

227 - [قتادة بن النعمان]

بسكين مسمومة ذات طرفين، فضربه في كتفه وخاصرته، وطعن العلج مع عمر ثلاثة عشر رجلا، مات منهم سبعة. وتوفي رضي الله عنه لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، وجعل الخلافة شورى بين عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف، وقال: لا أعلم أحدا أحق بها من هؤلاء الذين توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وقال: يؤمّر المسلمون أحد هؤلاء الستة، فاتفق رأيهم على عثمان، رضي الله عنه. 227 - [قتادة بن النعمان] (1) قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر الأنصاري الأوسي الظّفري المدني، أخو أبي سعيد الخدري لأمه، شهد بدرا وسائر المشاهد مع النبي صلّى الله عليه وسلم، وقلعت إحدى عينيه يوم أحد حتى سالت على خده، فردها صلّى الله عليه وسلم، فكانت أحسن عينيه، قدم على عمر بن عبد العزيز رجل من بني قتادة، فقال له: ممن الرجل؟ فقال: [من الطويل] أنا ابن الذي سالت على الخد عينه … فردّت بكف المصطفى أحسن الرد فعادت كما كانت لأول أمرها … فيا حسن ما عين ويا حسن ما ردّ فقال عمر: [من البسيط] تلك المكارم لا قعبان من لبن … شيبا بماء فعادا بعد أبوالا توفي بالمدينة سنة ثلاث وعشرين وهو ابن خمس وستين، وصلّى عليه عمر بن الخطاب، رضي الله عنه. 228 - [سراقة بن مالك] (2) سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك بن عمرو بن تيم بن مدلج الكناني المدلجي الحجازي الصحابي.

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 418)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2338)، و «الاستيعاب» (ص 616)، و «المنتظم» (3/ 1151)، و «أسد الغابة» (4/ 389)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 331)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 251)، و «مرآة الجنان» (1/ 82)، و «الإصابة» (3/ 217)، و «شذرات الذهب» (1/ 180). (2) «طبقات ابن سعد» (6/ 148)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1421)، و «الاستيعاب» (ص 320)، و «المنتظم» (3/ 1158)، و «أسد الغابة» (2/ 331)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 308)، و «مرآة الجنان» (1/ 82)، و «الإصابة» (2/ 19)، و «شذرات الذهب» (1/ 181).

229 - [أم حرام بنت ملحان]

كان ينزل قديدا بين مكة والمدينة، وحديثه في خروجه وراء النبي صلّى الله عليه وسلم يوم الهجرة مشهورة (1). أسلم بالجعرانة منصرفه صلّى الله عليه وسلم من حنين والطائف، وقال صلّى الله عليه وسلم لسراقة: «كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ » فلما أتى عمر بسوراي كسرى وتاجه ومنطقته .. دعا سراقة وألبسه السوارين وقال له: (ارفع يديك وقل: الله أكبر! الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة بن مالك أعرابيا من مدلج) (2)، ورفع عمر صوته. توفي سراقة في أول خلافة عثمان سنة أربع وعشرين، رضي الله عنه. 229 - [أم حرام بنت ملحان] (3) أم حرام بنت ملحان بن خالد الأنصارية الخزرجية، وتلقب بالغميصاء، أو الرميصاء. كان صلّى الله عليه وسلم كثيرا ما يدخل إليها ويقيل عندها، فنام يوما عندها، ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عرضوا عليّ يركبون ثبج هذا البحر غزاة ملوكا، أو مثل الملوك على الأسرة» قالت: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: «أنت منهم»، فركبت في البحر في زمن عثمان سنة سبع أو ثمان وعشرين إلى قبرس وعليهم معاوية، فلما رجعت .. قرب إليها دابة لتركبها، فسقطت عنها فاندقت عنقها فماتت (4)، وأهل قبرس يستسقون بقبرها، رضي الله عنها. 230 - [حاطب بن أبي بلتعة] (5) حاطب بن أبي بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة اللخمي حليف الزبير بن العوام، شهد بدرا

(1) القصة في «صحيح البخاري» (3615)، و «صحيح مسلم» (2009). (2) أخرجه البيهقي (6/ 358). (3) «طبقات ابن سعد» (10/ 404)، و «معرفة الصحابة» (6/ 3480)، و «الاستيعاب» (ص 948)، و «أسد الغابة» (7/ 317)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 316)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 317)، و «مرآة الجنان» (1/ 83)، و «الإصابة» (4/ 433)، و «شذرات الذهب» (1/ 186). (4) أخرجه البخاري (2789)، ومسلم (1912). (5) «طبقات ابن سعد» (3/ 106)، و «معرفة الصحابة» (2/ 695)، و «الاستيعاب» (ص 170)، و «أسد الغابة» (1/ 431)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 43)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 333)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 272)، و «مرآة الجنان» (1/ 84)، و «الإصابة» (1/ 299).

231 - [أبو سفيان بن حرب]

والحديبية، وشهد الله له بالإيمان في قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ} الآيتين. وقال صلّى الله عليه وسلم لمن قال إن حاطبا في النار: «كذبت لا يدخلها؛ إنه شهد بدرا والحديبية» (1). وبعثه صلّى الله عليه وسلم إلى المقوقس صاحب الإسكندرية سنة ست، فقال له المقوقس: ما بال صاحبك لم يدع على قومه حين أخرجوه من بلدته؟ ! فقال له حاطب: فما بال عيسى حين أرادوا صلبه لم يدع عليهم؟ ! فقال له المقوقس: أحسنت، أنت حكيم جاء من عند حكيم، وبعث معه هدية لرسول الله صلّى الله عليه وسلم مارية القبطية وأختها سيرين وجارية أخرى، فتسرى صلّى الله عليه وسلم مارية، وأعطى سيرين لحسان. توفي حاطب سنة ثلاثين أو إحدى وثلاثين، وصلّى عليه عثمان، وكان عمره خمسا وستين سنة، رضي الله عنه. 231 - [أبو سفيان بن حرب] (2) أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي المكي، كان شيخ مكة ورئيس قريش. أسلم بوادي مر والنبي صلّى الله عليه وسلم داخل مكة لفتحها، وشهد حنينا، وأعطاه النبي صلّى الله عليه وسلم من غنائمها مائة بعير وأربعين أوقية، وشهد الطائف ففقئت إحدى عينيه، وفقئت الأخرى يوم اليرموك، وكان من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامه. توفي بالمدينة سنة إحدى وثلاثين-وقيل: سنة أربع-وهو ابن ثمان وثمانين سنة، وهو أبو معاوية ويزيد وأم حبيبة وإخوتهم رضي الله عنهم. 232 - [الحكم بن أبي العاصي] (3) الحكم بن أبي العاصي بن أمية الأموي أبو مروان بن الحكم، أسلم يوم الفتح، وهو

(1) أخرجه مسلم (2495)، والترمذي (3864). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 6)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1509)، و «الاستيعاب» (ص 814)، و «أسد الغابة» (3/ 10)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 105)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 368)، و «مرآة الجنان» (1/ 84)، و «العقد الثمين» (5/ 32)، و «الإصابة» (2/ 172). (3) «طبقات ابن سعد» (6/ 36)، و «معرفة الصحابة» (2/ 712)، و «الاستيعاب» (ص 155)، و «أسد الغابة» -

233 - [العباس بن عبد المطلب]

الذي اطلع على النبي صلّى الله عليه وسلم وهو في حجرته من صائر الباب، وكان يحاكي النبي صلّى الله عليه وسلم في مشيته، فطرده النبي صلّى الله عليه وسلم إلى الطائف، رآه النبي صلّى الله عليه وسلم مرة وهو يحاكيه فقال: «كن كذا» فلم تزل تختلج بشرة وجهه إلى أن مات (1). ولما طرده النبي صلّى الله عليه وسلم .. شفع له عثمان في الرجوع إلى المدينة، فوعده أو أهم بذلك، فتوفي النبي صلّى الله عليه وسلم قبل أن يدخل، فأراد الدخول في زمن أبي بكر ثم في زمن عمر فمنعاه من ذلك، فلما ولي عثمان .. عمل بعلمه في ذلك، فأذن له في دخول المدينة، فكان ذلك مما نقم به على عثمان من لا دين له ولا إيمان. توفي الحكم سنة إحدى وثلاثين، قالوا: له رواية روتها عنه بنته؛ مما يدل على صدق نبوته صلّى الله عليه وسلم. قال ابن الأثير: (وقيل: إن صاحب الرواية رجل آخر يقال له: الحكم بن أبي الحكم الأموي) (2). 233 - [العباس بن عبد المطلب] (3) العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي عم النبي صلّى الله عليه وسلم، وأمه: نتيلة. ولد قبل الفيل بسنتين أو ثلاث، وضاع وهو صغير، فنذرت أمه إن وجدته .. أن تكسو الكعبة الحرير، وكان العباس رئيسا في قريش قبل الإسلام وبعده، وإليه عمارة المسجد الحرام والسقاية، وحضر ليلة العقبة مع النبي صلّى الله عليه وسلم حين بايعته الأنصار قبل أن يسلم، فشدد العقد مع الأنصار وأكده، وخرج مع المشركين إلى بدر مكرها، فأسر ففدى نفسه وابني أخويه عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث، وأسلم عقب ذلك، وثبت مع

= (2/ 37)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 107)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 365)، و «مرآة الجنان» (1/ 85)، و «الإصابة» (1/ 344). (1) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (2/ 621). (2) «أسد الغابة» (2/ 37). (3) «طبقات ابن سعد» (4/ 5)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2120)، و «الاستيعاب» (ص 566)، و «أسد الغابة» (3/ 164)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 78)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 333)، و «مرآة الجنان» (1/ 85)، و «البداية والنهاية» (7/ 175)، و «الإصابة» (2/ 263)، و «شذرات الذهب» (1/ 194).

234 - [عبد الرحمن بن عوف]

النبي صلّى الله عليه وسلم يوم حنين، وأمره صلّى الله عليه وسلم أن ينادي في الناس بالرجوع فناداهم وكان صيتا، قيل: كان يقف على سلع وينادي غلمانه في آخر الليل وهم في الغابة، وبين الغابة وسلع ثمانية أميال. وكان ذا رأي وكمال عقل، وكان صلّى الله عليه وسلم يكرمه ويعظمه ويبجله، وكانت الصحابة تكرمه وتعظمه وتقدمه وتشاوره وتأخذ برأيه، واستسقى به عمر عام الرمادة فسقوا، وفضائله كثيرة. توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن ثمان وثمانين سنة. قلت: قال العامري في «رياضه»: (وصلّى عليه عثمان، وقبره مشهور مزور بالبقيع، وكان له من الولد عشرة بنين وثلاث بنات، أما البنون: فالفضل، وعبد الله، وعبيد الله، وقثم، وعبد الرحمن، ومعبد، والحارث، وكثير، وعون، وتمام، أمهم: أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث أخت ميمونة أم المؤمنين، رضي الله عنهم أجمعين) اهـ‍ والله أعلم. 234 - [عبد الرحمن بن عوف] (1) عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري المدني، أمه: الشفاء بنت عوف بن عبد الحارث بن زهرة. ولد بعد الفيل بعشر سنين، وأسلم قديما قبل دخوله صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهو أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، وأحد المهاجرين الأولين، هاجر الهجرتين، وآخى النبي صلّى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع. وشهد بدرا وأحدا، فجرح فيه إحدى وعشرين جراحة، وسقط منه ثنيتاه، وشهد الخندق وبيعة الرضوان وسائر المشاهد. وبعثه صلّى الله عليه وسلم إلى بني كلب بدومة الجندل، وعممه بيده الكريمة وسدلها

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 115)، و «معرفة الصحابة» (1/ 116)، و «الاستيعاب» (ص 442)، و «المنتظم» (3/ 285)، و «أسد الغابة» (3/ 480)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 68)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 390)، و «مرآة الجنان» (1/ 86)، و «العقد الثمين» (5/ 396)، و «الإصابة» (2/ 408)، و «شذرات الذهب» (1/ 194).

235 - [أبو الدرداء]

بين كتفيه وقال له: «إن فتح الله عليك .. فتزوج ابنة ملكهم» أو قال: «شريفهم»، فتزوج بنت شريفهم بنت الأصبغ، وهي تماضر، فولدت له أبا سلمة (1). وكان كثير الإنفاق في سبيل الله، أعتق في يوم واحد ثلاثين عبدا، وتصدق على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم بشطر ماله أربعة آلاف، ثم بأربعين ألفا، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم بخمس مائة فرس، ثم بخمس مائة راحلة، وكان عامة ماله من التجارة، وأوصى لأمهات المؤمنين بحديقة بيعت بمائة ألف. قلت: والذي وقفت عليه في غالب كتب التواريخ بيعت بأربع مائة ألف، والله أعلم. وأوصى لمن بقي من أهل بدر وكانوا مائة رجل لكل رجل بأربع مائة دينار فأخذوها، وأخذ عثمان فيمن أخذ، وأوصى بألف فرس في سبيل الله، وخلف ألف بعير ومائة فرس وثلاثة آلاف شاة، ومن الذهب شيء عظيم كسر بالفئوس حتى مجلت أيدي الرجال منها (2)، وكان له أربع نسوة صولحت إحداهن عن نصيبها على ثمانين ألفا. توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: إحدى وثلاثين، وقيل: غير ذلك، رضي الله عنه. 235 - [أبو الدرداء] (3) أبو الدرداء، اسمه: عويمر-أو عامر-ابن زيد بن قيس الأنصاري الخزرجي. أسلم بعد الهجرة، واختلف في شهوده أحدا، وشهد ما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وكان فقيها حكيما زاهدا، آخى صلّى الله عليه وسلم بينه وبين سلمان، وحديث زيارة سلمان له في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم مشهور (4).

(1) أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (3/ 120). (2) مجلت: نفطت. (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 395)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2102)، و «الاستيعاب» (ص 517)، و «أسد الغابة» (4/ 318)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 335)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 398)، و «مرآة الجنان» (1/ 88)، و «الإصابة» (3/ 46)، و «شذرات الذهب» (1/ 196). (4) أخرجه البخاري (1968)، والترمذي (2413).

236 - [أبو ذر الغفاري]

ولي قضاء دمشق لعثمان، وتوفي بها سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: إحدى وثلاثين. وكان له امرأتان كل منهما يقال لها: أم الدرداء إحداهما صحابية، واسمها: خيرة، ثم لما توفيت .. تزوج بالتابعية أم الدرداء هجيمة، وكانت فقيهة حكيمة، رضي الله عنهم. 236 - [أبو ذر الغفاري] (1) أبو ذر جندب بن جنادة-على المشهور في اسمه واسم أبيه-الغفاري الحجازي، أمه: رملة بنت الوقيعة. أسلم قديما، وحديث إسلامه مشهور في الصحيح (2)، وأقام بمكة ثلاثين بين يوم وليلة، ثم رجع إلى بلاد قومه بإذنه صلّى الله عليه وسلم، ثم هاجر إلى المدينة، ولازم النبي صلّى الله عليه وسلم إلى أن توفي صلّى الله عليه وسلم. وكان زاهدا متقللا من الدنيا يرى أنه يحرم على الإنسان ادخار ما زاد عن حاجته، فتأذى منه أهل الشام بذلك، فشكوه إلى عثمان فأقدمه عثمان إلى المدينة، فشكاه أهل المدينة، فقال له عثمان: أرى أن تتجنب إلى الربذة فخرج إليها سامعا مطيعا، فأقام بها إلى أن توفي سنة اثنتين وثلاثين، وصلّى عليه ابن مسعود، ثم قدم ابن مسعود المدينة، فأقام بها عشرة أيام وتوفي، رضي الله عنهم أجمعين. 237 - [عبد الله بن مسعود] (3) عبد الله بن مسعود بن غافل-بالمعجمة-ابن حبيب بن شمخ أبو عبد الرحمن الهذلي حليف بني زهرة، أمه: أم عبد بنت عبد ود بن سواء هذلية أيضا. أسلم قديما قبل عمر حين أسلم سعيد بن زيد، وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة،

(1) «طبقات ابن سعد» (4/ 205)، و «معرفة الصحابة» (2/ 557)، و «الاستيعاب» (ص 110)، و «أسد الغابة» (1/ 357)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 46)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 405)، و «مرآة الجنان» (1/ 88)، و «الإصابة» (4/ 63)، و «شذرات الذهب» (1/ 196). (2) أخرجه البخاري (3861)، ومسلم (2474). (3) «طبقات ابن سعد» (2/ 295)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1765)، و «الاستيعاب» (ص 407)، و «المنتظم» (3/ 282)، و «أسد الغابة» (3/ 384)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 461)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 379)، و «مرآة الجنان» (1/ 87)، و «البداية والنهاية» (7/ 174)، و «الإصابة» (2/ 360).

238 - [عبد الله بن زيد الحارثي]

وأسلمت أمه أيضا وهاجرت، وشهد بدرا-وهو الذي أجهز على أبي جهل بها-وما بعدها من المشاهد كلها، وشهد اليرموك، وشهد له النبي صلّى الله عليه وسلم بالجنة. وكان صاحب نعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يلبسه إياها إذا قام، فإذا خلعها وجلس .. جعلها ابن مسعود في ذراعه. وكان كثير الولوج على النبي صلّى الله عليه وسلم والخدمة له، وكان من كبار الصحابة وساداتهم وفقهائهم ومقدمهم في القرآن والفقه والفتوى، ومن أصحاب الحلق، والأصحاب والأتباع في العلم، أقرب الناس سمتا وهديا برسول الله صلّى الله عليه وسلم. توفي بالكوفة، وقيل: بالمدينة سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين، رضي الله عنه. 238 - [عبد الله بن زيد الحارثي] (1) عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه بن زيد بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي الحارثي. شهد العقبة مع السبعين وبدرا وما بعدها من المشاهد، وأبوه وأمه صحابيان أيضا. وهو الذي أري الأذان في السنة الثانية من الهجرة بعد أن بنى صلّى الله عليه وسلم مسجده. قال الترمذي: (سمعت البخاري يقول: لا يعرف له إلا حديث الأذان) (2). قال النووي: (وله في «مسند أبي يعلى الموصلي» أنه تصدق على أبويه، ثم توفيا فرده النبي صلّى الله عليه وسلم إليه ميراثا، وله في «تاريخ دمشق» حديث حلق النبي صلّى الله عليه وسلم رأسه بمنى وقسم شعره) (3). توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 497)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1653)، و «الاستيعاب» (ص 404)، و «المنتظم» (3/ 1213)، و «أسد الغابة» (3/ 247)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 262)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 375)، و «الإصابة» (2/ 304)، و «شذرات الذهب» (1/ 197). (2) انظر قول الترمذي في «رجال صحيح البخاري» للكلاباذي (1/ 390). (3) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 268).وانظر حديث ابن عساكر في «تاريخه» (4/ 340).

239 - [عبيد الله بن معمر التيمي]

239 - [عبيد الله بن معمر التيمي] (1) عبيد الله-مصغرا-ابن معمر التيمي أدرك النبي صلّى الله عليه وسلم، واختلف في صحبته، واستشهد في إصطخر مع عبد الله بن عامر بن كريز، وكان على مقدمة الجيش يومئذ، أظنه في سنة تسع وعشرين (2) وعمره إذ ذاك أربعون سنة. وهو القائل لمعاوية رضي الله عنه: [من الطويل] إذا أنت لم ترخ الإزار تكرما … على الكلمة العوراء من كل جانب فمن ذا الذي نرجو لحقن دمائنا … ومن ذا الذي نرجو لحمل النوائب ومات ابنه عمر بن عبيد الله بن معمر بالشام بموضع يقال له: ضمير-بضم الضاد المعجمة مصغرا-فرثاه الفرزدق بأبيات أولها: [من البسيط] يا أيها الناس لا تبكوا على أحد … بعد الذي بضمير وافق القدرا كانت يداه لكم سيفا يعاذ به … من العدو وغيثا ينبت الشجرا أما قريش أبا حفص فقد رزئت … بالشام إذ فارقتك البأس والظفرا (3) يحكى أنه كان لبعضهم جارية فارهة في الغناء وجودة الضرب، وكان قد أدبها وهو معجب بها ومحب لها حبا شديدا، فلم يزل ينفق عليها ما معه حتى أملق وضاقت به الحال، فقالت له الجارية: إني لأشفق ما تقاسيه من الفقر والتعب، ولو بعتني .. نلت الغنى، ولعل الله أن يصنع لنا جميلا، فقدم بها إلى عمر بن عبيد الله بن معمر فأعجبته، فاشتراها بأربعين ألف دينار، فلما قبض الفتى ثمنها .. استعبر هو والجارية، فأنشأت الجارية تقول: [من الطويل] هنيئا لك المال الذي قد حويته … فلم يبق في كفيّ إلا تفكري أقول لنفسي وهي في غمراتها … أقلّي فقد بان الحبيب أو اكثري إذا لم يكن للمرء عندك حيلة … ولم تجدي بدّا من الصبر فاصبري

(1) «الاستيعاب» (ص 461)، و «أسد الغابة» (3/ 531)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 325)، و «الإصابة» (2/ 432)، و «شذرات الذهب» (1/ 195). (2) هو كذلك كما في «تاريخ الإسلام» (3/ 325). (3) «ديوان الفرزدق» (1/ 193).

240 - [كعب الأحبار]

فقال الفتى: ولولا قعود الدهر بي عنك لم يكن … يفرقنا شيء سوى الموت فاعذري أبوء بحزن من فراقك موجع … أناجي به قلبا طويل التذكر عليك سلام لا زيارة بيننا … ولا وصل إلا أن يشاء ابن معمر فرق لهما عمر بن عبيد الله بن معمر، وقال للفتى: خذ بيدها وانصرفا راشدين، والمال الذي نقدته في ثمنها أنفقه عليها، والله لا أخذت منه درهما، هذا والله؛ الكرم والجود. 240 - [كعب الأحبار] (1) كعب بن ماتع-بالمثناة فوق-ابن هينوع أو هيسوع بن قيس بن معن أبو إسحاق الحميري المعروف بكعب الأحبار، ويقال له: كعب الحبر، ومنحها لكثرة علمه. كان يهوديا في اليمن، وأدرك زمن النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يسلم، ثم أسلم في خلافة أبي بكر، وقيل: في خلافة عمر رضي الله عنهما، وصحب عمر وأكثر الرواية عنه، وروى عن صهيب أيضا. روى عنه جماعة: ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبو هريرة وخلق من التابعين، واتفقوا على كثرة علمه وتوثيقه وحلمه، وحكمه كثيرة مشهورة. توفي في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين بحمص متوجها إلى الغزو، رحمه الله تعالى. 241 - [المقداد بن عمرو] (2) المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة البهراني-ويقال له: الكندي-لأنه أصاب دما في بهران، فهرب منهم إلى كندة، فحالفهم فأصاب فيهم دما، فهرب إلى مكة،

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 449)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2386)، و «تاريخ دمشق» (50/ 151)، و «المنتظم» (3/ 290)، و «أسد الغابة» (4/ 487)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 69)، و «تهذيب الكمال» (24/ 189)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 489)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 397)، و «الإصابة» (3/ 297). (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 148)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2552)، و «الاستيعاب» (ص 699)، و «المنتظم» (3/ 293)، و «أسد الغابة» (5/ 251)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 111)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 385)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 417)، و «العقد الثمين» (7/ 268)، و «الإصابة» (3/ 433).

242 - [أبو طلحة الأنصاري]

فحالف الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب؛ فلذا يقال للمقداد: الزهري، فتبناه الأسود، فاشتهر به: المقداد ابن الأسود. أسلم قديما، وهو أحد السبعة الذين هم أول من أظهر الإسلام بمكة، وهاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرا فارسا، وقال يومئذ: والله يا رسول الله؛ ما نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنّا هاهُنا قاعِدُونَ، } ولكن: عن يمينك وعن شمالك، ومن أمامك ومن خلفك، فسر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك حتى رئي البشر في وجهه. وفضائله في الشجاعة والنجابة مشهورة، فهو من نجباء الصحابة. توفي سنة ثلاث وثلاثين بالجرف على عشرة أميال من المدينة (1)، وحمل على رقاب الرجال إلى المدينة، وقيل: توفي بالمدينة، رضي الله عنه. 242 - [أبو طلحة الأنصاري] (2) أبو طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام-بالراء-الأنصاري النجاري المدني. أحد النقباء ليلة العقبة، قال فيه صلّى الله عليه وسلم: «صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة»، أو قال: «خير من ألف رجل» (3). شهد بدرا وما بعدها من المشاهد الرسولية، عن أنس رضي الله عنه أن أبا طلحة كان لا يصوم على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ من أجل الغزو، فلما قبض صلّى الله عليه وسلم .. لم أره يفطر إلا يوم فطر أو أضحى. توفي بالمدينة، وقيل: بالشام، وقيل: بالبحر غازيا سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: أربع وثلاثين وهو ابن سبعين سنة، رضي الله عنه.

(1) في «معجم البلدان» (2/ 128): (على ثلاثة أميال من المدينة)، وانظر «العقد الثمين» (7/ 272). (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 467)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1144)، و «الاستيعاب» (ص 245)، و «المنتظم» (3/ 297)، و «أسد الغابة» (2/ 289)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 26)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 425)، و «مرآة الجنان» (1/ 89)، و «الإصابة» (1/ 549)، و «شذرات الذهب» (1/ 200). (3) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 352)، وأحمد (3/ 111)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (34107).

243 - [عبادة بن الصامت]

243 - [عبادة بن الصامت] (1) عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأنصاري الخزرجي، وكان يقال لسالم: ابن عوف الحبلى لعظم بطنه، ويقال للمنتسبين إليه: بنو الحبلى. شهد العقبتين وكان أحد النقباء، وشهد بدرا وسائر المشاهد، ولما فتح الشام .. أرسل عمر بن الخطاب عبادة المذكور ومعاذا وأبا الدرداء ليعلموا الناس القرآن بدمشق، ثم صار عبادة إلى فلسطين، قال الأوزاعي: وهو أول من ولي قضاء فلسطين. وكان فاضلا خيرا جميلا جسيما طويلا، توفي ببيت المقدس، وقيل: بالرملة سنة أربع وثلاثين عن اثنتين وسبعين سنة، رضي الله عنه. 244 - [مسطح بن أثاثة] (2) مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي، يكنى: أبا عباد وأبا عبد الله القرشي المطلبي، اسمه: عوف، ومسطح لقب له، أمه: سلمى بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف، وأمها: رائطة بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق. شهد بدرا، وكان أبو بكر رضي الله عنه ينفق عليه لفقره وقرابته، فلما تكلم في أمر الإفك .. قطع أبو بكر عنه النفقة وحلف لا ينفق عليه، فعاتبه الله بقوله: {وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ} الآية، فقال أبو بكر: بلى والله؛ أحب أن يغفر الله لي، وأجرى على مسطح النفقة التي يعتادها. توفي سنة أربع وثلاثين، وقيل: خمس وثلاثين، وقيل: شهد صفين مع علي ومات سنة سبع وثلاثين، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 506)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1919)، و «الاستيعاب» (ص 469)، و «المنتظم» (3/ 298)، و «أسد الغابة» (3/ 160)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 256)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 422)، و «مرآة الجنان» (1/ 86)، و «الإصابة» (2/ 260). (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 50)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2207)، و «الاستيعاب» (ص 572 وص 706)، و «المنتظم» (3/ 298)، و «أسد الغابة» (5/ 156)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 89)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 187)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 424)، و «الإصابة» (3/ 388).

245 - [عثمان بن عفان]

245 - [عثمان بن عفان] (1) عثمان بن عفان بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي المكي، يكنى: أبا عمرو، أو أبا ليلى، أو أبا عبد الله، أمه: أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها: أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ولد بعد الفيل بست سنين، أسلم قديما مع أبي بكر، وهاجر مرتين بزوجته رقية بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الحبشة، وهو أول مهاجر إليها، ثم هاجر إلى المدينة، فقال صلّى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ إنه لأول من هاجر بعد إبراهيم ولوط» (2). ومرضت بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فتخلف عن بدر لتمريضها، فضرب له صلّى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، وحضر الحديبية، وبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم رسولا إلى أهل مكة إذ لم يكن أعز منه فيها، فأذيع أن عثمان قتل، فبايع صلّى الله عليه وسلم أصحابه بيعة الرضوان، وضرب بيده اليسرى على اليمنى وقال: «هذه لعثمان» (3). وتوفيت أم كلثوم سنة تسع، فقال صلّى الله عليه وسلم: «لو كان لي بنت ثالثة .. لزوجته إياها». وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وقال صلّى الله عليه وسلم: «من يشتري بئر رومة وله الجنة؟ » (4) فاشتراها عثمان بعشرين ألف درهم وسبّلها، وجهز جيش العسرة لخمسين فرسا وتسع مائة وخمسين بعيرا. وقال صلّى الله عليه وسلم: «ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة؟ » (5).

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 51)، و «معرفة الصحابة» (1/ 58)، و «الاستيعاب» (ص 544)، و «المنتظم» (3/ 1227)، و «أسد الغابة» (3/ 584)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 321)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 429)، و «مرآة الجنان» (1/ 90)، و «البداية والنهاية» (182/ 7 - 238)، و «الإصابة» (2/ 455)، و «شذرات الذهب» (1/ 201). (2) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (4/ 46)، وأبو بكر الشيباني في «الآحاد والمثاني» (123). (3) أخرجه البخاري (3698)، والترمذي (3706). (4) أخرجه البخاري في (كتاب المناقب)، باب: مناقب عثمان بن عفان، تعليقا، والترمذي (3703). (5) أخرجه مسلم (2401)، وابن حبان (6907).

246 - [عبد الله بن أبي ربيعة]

ولما توفي عمر .. جعل أمر الخلافة شورى بين ستة، وهم: طلحة وعثمان وعلي والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف، وفوض الجميع أمرهم إلى عبد الرحمن بن عوف، ورضوا بمن يرضاه لها بعد أن خلع نفسه عنها، فقال في اليوم الرابع من دفن عمر على المنبر: يا أيها الناس؛ إني قد سألتكم سرا وجهرا، فلم أركم تعدلون بأحد الرجلين: إما علي، وإما عثمان، ثم قال لعلي: قم، فوقف تحت المنبر، فقال: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة رسوله وفعل أبي بكر وعمر؟ فقال: اللهم لا، ولكن على جهدي وطاقتي، ثم نادى: قم يا عثمان، فقال له مثل ما قال لعلي، فقال: اللهم نعم، فرفع عبد الرحمن رأسه إلى السماء فقال: اللهم؛ اسمع واشهد، اللهم؛ إني قد جعلت ما في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان، فازدحم الناس يبايعون عثمان غرة المحرم سنة أربع وعشرين، فقام بالخلافة أتم قيام. وكانت في أيامه غزوة الإسكندرية، ثم سابور، ثم إفريقية، ثم قبرس، وإصطخر الآخرة، وفارس الأولى، ثم جور فارس الأخرى، ثم طبرستان وجارود وكرمان وسجستان، ثم الأساورة في البحر وغيرهن، ثم مرو. وحصر في سنة خمس وثلاثين ببيته تسعة وأربعين يوما، ثم تسور عليه الدار جماعة من رعاع القبائل فقتلوه يوم الجمعة لثمانية عشر يوما خلت من ذي الحجة، فمدة خلافته اثنتا عشرة سنة إلا اثني عشر يوما عن ثلاث أو اثنتين وثمانين سنة، وقيل: تسعون سنة، رحمه الله تعالى ورضي عنه، ودفن بحش كوكب، قال ابن قتيبة: (هي أرض اشتراها عثمان وزادها في البقيع، والحش: البستان، وكوكب: اسم رجل من الأنصار) (1). ودفن ليلا خيفة من إظهار دفنه بسبب غلبة قاتليه، ومناقبه وفضائله كثيرة مدونة في الكتب الصحيحة لا حاجة إلى التطويل بذكرها، رضي الله عنه. 246 - [عبد الله بن أبي ربيعة] (2) عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي، وأمه: ثقفية، وقيل: مخزومية، كان

(1) «المعارف» (ص 197). (2) «طبقات ابن سعد» (6/ 89)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1645)، و «الاستيعاب» (ص 398)، و «أسد الغابة» (3/ 232)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 465)، و «مرآة الجنان» (1/ 89)، و «العقد الثمين» (5/ 136)، و «الإصابة» (2/ 297)، و «شذرات الذهب» (1/ 201).

247 - [عامر بن أبي ربيعة]

اسمه بحيرا، فسماه رسول الله صلّى الله عليه وسلم عبد الله، واسم أبي ربيعة: عمرو، وقيل: حذيفة، وقيل: اسمه كنيته، يقال له: ذو الرمحين. أسلم يوم الفتح، وعن عبد الله قال: استقرض مني رسول الله صلّى الله عليه وسلم أربعين ألفا، فجاءه مال فدفعه إلي وقال: «بارك الله في أهلك ومالك إنما جزاء السلف الأداء» (1)، كذا في «مختصر الكاشغري» (2)، ولم يذكر تاريخ وفاته. وفي «تاريخ اليافعي»: (أن عبد الله بن أبي ربيعة كان جليلا نبيلا من أحسن الناس وجها، ولاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم الجند-بفتح الجيم والنون-ومخاليفها من بلاد اليمن)، وذكره فيمن توفي سنة خمس وثلاثين من الهجرة (3). قلت: قال الفاسي في تاريخه «العقد الثمين»: (وله عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث: «إنما جزاء السلف الحمد والوفاء»، وهو على ما قيل: أحد الرجلين اللذين أجارتهما أم هاني في يوم الفتح، وكان من أشراف قريش في الجاهلية، وهو الذي بعثته قريش مع عمرو بن العاصي إلى النجاشي) اهـ‍ (4) والله سبحانه أعلم. 247 - [عامر بن أبي ربيعة] (5) عامر بن أبي ربيعة، ذكره الشيخ اليافعي فيمن توفي سنة خمس وثلاثين، ولم يزد على ذلك (6). وفي «الكاشغري»: (عامر بن أبي ربيعة، له صحبة ورواية) (7)، ولم يذكر وفاته. وما أدري أهو أخو عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي المذكور آنفا أم لا؟ والله سبحانه أعلم.

(1) أخرجه النسائي (7/ 314)، وفي «الكبرى» (6236)، وابن ماجه (2424)، وأحمد (4/ 36). (2) انظر «مختصر أسد الغابة» (خ/211/ب). (3) «مرآة الجنان» (1/ 89). (4) «العقد الثمين» (5/ 136). (5) «أسد الغابة» (3/ 123)، و «مختصر أسد الغابة» للكاشغري (خ/196/أ)، و «البداية والنهاية» (7/ 67)، و «الإصابة» (2/ 240)، و «شذرات الذهب» (1/ 201). (6) انظر «مرآة الجنان» (1/ 86). (7) «مختصر أسد الغابة» (خ/196/أ).

248 - [طلحة بن عبيد الله]

248 - [طلحة بن عبيد الله] (1) طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي المكي المدني، أمه: الصعبة بنت الحضرمي أخت العلاء بن الحضرمي، أسلمت وهاجرت. كان يسمى: طلحة الخير، وطلحة الجواد. هو أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر، وأحد السنة أهل الشورى الذين توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. كان غائبا يوم بدر، فضرب له صلّى الله عليه وسلم بسهمه وأجره كمن حضر، وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد، ووقى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيده من ضربة فشلت يده، فقال صلّى الله عليه وسلم: «أوجب طلحة» (2)، وأبلى في أحد بلاء حسنا حتى قال أبو بكر رضي الله عنه: ذلك يوم كله لطلحة. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «طلحة ممن قضى نحبه وما بدلوا تبديلا» (3). وقتل رضي الله عنه يوم الجمل لعشر خلون من جمادى الأولى قبل الوقعة أتاه سهم غرب فقتله، فظن أصحابه أن السهم جاء من قبل الصحابة أصحاب علي رضي الله عنه فناوشوهم القتال، والتحمت الحرب بينهم. ويقال: إن الرامي بالسهم هو مروان بن الحكم من جماعة طلحة، وإنما رماه لحنة كانت

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 196)، و «معرفة الصحابة» (1/ 94)، و «الاستيعاب» (ص 359)، و «المنتظم» (3/ 356)، و «أسد الغابة» (3/ 85)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 251)، و «تهذيب الكمال» (13/ 412)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 23)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 522)، و «مرآة الجنان» (1/ 97)، و «البداية والنهاية» (7/ 264). (2) أخرجه ابن حبان (6979)، والترمذي (1692)، والبيهقي (6/ 370)، وأحمد (1/ 165)، لكن إنما قال النبي صلّى الله عليه وسلم ذلك لما أقعد تحته طلحة حتى استوى على الصخرة، وأما أنه وقى النبي صلّى الله عليه وسلم فشلت يده دون أن يقول النبي صلّى الله عليه وسلم ذلك .. فأخرجه البخاري (3836)، وابن ماجه (128). (3) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (2/ 415)، وأخرجه الترمذي (3202)، وابن ماجه (126) عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.

249 - [محمد بن طلحة]

بينهما، ولئلا ينتظم الصلح الذي سعى فيه، والله سبحانه أعلم بحقيقة الأمر، رضي الله عنه. 249 - [محمد بن طلحة] (1) محمد بن طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي المدني، ويقال له: السجاد لكثرة سجوده. أدرك النبي صلّى الله عليه وسلم وهو صبي، ومسح النبي صلّى الله عليه وسلم رأسه، وسماه: محمدا، وكناه: أبا القاسم. كان زاهدا عابدا صالحا، حضر وقعة الجمل في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين مع عائشة تبعا لأبيه رضي الله عنهم، وكان علي نهى عن قتله لما علم من فراغ قلبه من المنازعة، قتل وهو يتلو (حم)، فقال قاتله: [من الطويل] وأشعث قوام بآيات ربه … قليل الأذى فيما ترى العين مسلم يناشدني حم والرمح شاجر … فهلا تلا حم قبل التقدم ولما قتل .. قال علي رضي الله عنه: هذا الذي قتله بره بأبيه، رضي الله عنهم أجمعين. 250 - [الزبير بن العوام] (2) الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي المدني، أمه: صفية بنت عبد المطلب، أسلمت وهاجرت. وأسلم الزبير قديما بعد أبي بكر بقليل وهو ابن خمس عشرة سنة، وقيل: ابن ثمان، وقيل: غير ذلك.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 56)، و «معرفة الصحابة» (1/ 166)، و «الاستيعاب» (ص 648)، و «أسد الغابة» (5/ 98)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 368)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 534)، و «مرآة الجنان» (1/ 97)، و «الإصابة» (3/ 356)، و «شذرات الذهب» (1/ 206). (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 93)، و «معرفة الصحابة» (1/ 104)، و «الاستيعاب» (ص 261)، و «المنتظم» (3/ 352)، و «أسد الغابة» (2/ 249)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 194)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 41)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 496)، و «مرآة الجنان» (1/ 97)، و «البداية والنهاية» (7/ 266)، و «الإصابة» (1/ 526).

251 - [زيد بن صوحان]

وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، هاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، شهد بدرا وما بعدها من المشاهد، وشهد اليرموك وفتح مصر، وهو أول من سلّ سيفا في سبيل الله. وقال فيه النبي صلّى الله عليه وسلم: «إن لكل نبي حواريا، وحواريي الزبير بن العوام» (1). وكان له ألف مملوك يؤدون له الخراج، فيتصدق به في مجلسه وما يقوم منه بدرهم، ومناقبه كثيرة. حضر يوم الجمل وانصرف تاركا للقتال، فلما صار بوادي السباع بناحية البصرة .. قتله ابن جرموز وهو نائم، وقيل: وهو يصلي في جمادى الأولى من سنة ست وثلاثين. ثم أتى بسيف الزبير إلى علي ظنا منه أنه يرضيه قتله، فقال علي رضي الله عنه ما سمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «بشروا قاتل ابن صفية بالنار» (2)، وقال لما رأى السيف: طالما فرج به الكرب عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، رضي الله عنه. 251 - [زيد بن صوحان] (3) زيد بن صوحان أخو صعصعة وسيحان ابني صوحان العبدي، يكنى: أبا سلمان، وقيل: أبو سليمان. قال الشيخ اليافعي: (كان من سادات التابعين، صواما قواما) اهـ‍ (4) ونقل الكاشغري عن هشام الكلبي: (أنه أدرك النبي صلّى الله عليه وسلم وصحبه) (5). ونقل عن ابن عبد البر: (أنه قال: لا أعلم له صحبة) اهـ‍ (6)

(1) أخرجه البخاري (2847)، ومسلم (2415). (2) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 367)، وأحمد (1/ 89). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 243)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1202)، و «الاستيعاب» (ص 817)، و «المنتظم» (3/ 355)، و «أسد الغابة» (1/ 291)، و «مختصر أسد الغابة» للكاشغري (خ/145/أ)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 525)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 508)، و «مرآة الجنان» (1/ 99)، و «الإصابة» (1/ 550). (4) «مرآة الجنان» (1/ 99). (5) «مختصر أسد الغابة» (خ/145/أ). (6) «مختصر أسد الغابة» (خ/145/أ)، وانظر قول ابن عبد البر في «الاستيعاب» (ص 250).

252 - [كعب بن سور]

قتل يوم الجمل في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. قلت: وفي «كفاية الدراية» للفقيه عبد الله بن محمد بن أحمد بافضل: عن علي بن أبي طالب عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «من سره أن ينظر إلى رجل سبقه بعض أعضائه إلى الجنة .. فلينظر إلى زيد بن صوحان» (1) إشارة لقطع يده يوم القادسية، والله أعلم. 252 - [كعب بن سور] (2) كعب بن سور بن بكر الأزدي، قيل: أدرك النبي صلّى الله عليه وسلم. استقضاه عمر على البصرة، فلم يزل قاضيا بها إلى أن قتل يوم الجمل، خرج بين الصفين معه مصحف ينشره، فجعل يناشد الناس في دمائهم. وقيل: بل دعاهم إلى حكم القرآن، فأتاه سهم غرب فقتله. قيل: كان المصحف معه وبيده خطام الجمل حينئذ، رضي الله عنه. 253 - [حذيفة بن اليمان] (3) حذيفة بن اليمان-واسم اليمان: حسل بكسر الحاء وسكون السين المهملة، ويقال: حسيل مصغرا-ابن جابر بن عمرو بن ربيعة بن قيس عيلان-بالمهملة-من غطفان، العبسي. قلت: قال العامري في «رياضه»: (العبسي-بالباء الموحدة-نسبة إلى عبس) (4)، والله أعلم.

(1) أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (1/ 393)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (8/ 440)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (19/ 434). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 90)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2385)، و «الاستيعاب» (ص 630)، و «المنتظم» (3/ 358)، و «أسد الغابة» (4/ 479)، و «مختصر أسد الغابة» للكاشغري (خ/240/أ)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 533)، و «الإصابة» (3/ 297). (3) «طبقات ابن سعد» (4/ 250)، و «معرفة الصحابة» (2/ 686)، و «الاستيعاب» (ص 138)، و «المنتظم» (3/ 350)، و «أسد الغابة» (1/ 468)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 153)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 361)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 491)، و «الإصابة» (1/ 316)، و «الرياض المستطابة» (ص 49). (4) «الرياض المستطابة» (ص 49).

254 - [سلمان الفارسي]

حليف بني عبد الأشهل من الأنصار، واليمان لقب أبيه حسل، وقيل: لقب جده الرابع، لقب بذلك لمحالفة الأنصار وهم من اليمن. أسلم هو وأبوه، وهاجر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وشهد أحدا، وقتل أبوه في أحد، قتله المسلمون خطأ، فوهب لهم حذيفة دمه. وكان صاحب سر رسول الله صلّى الله عليه وسلم في المنافقين يعلمهم وحده، وأرسله صلّى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب سريّة وحده ليأتيه بخبر القوم، فوصلهم وجاءه بخبرهم، وحديثه مشهور في الصحيح (1). وحضر حرب نهاوند، فلما قتل أمير الجيش النعمان بن مقرن .. أخذ الراية حذيفة، ففتح الله على يديه، وفتح على يديه همذان والري والدّينور، وشهد فتح الجزيرة، وولاه عمر المدائن، ونزل نصيبين. وكان كثير السؤال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم عن أحاديث الفتن والشر ليجتنبها، وسأله رجل: أيّ الفتن أشد؟ قال: أن يعرض عليك الخير والشر فلا تدري أيهما تترك. توفي بالمدائن بعد قتل عثمان قبل وقعة الجمل سنة ست وثلاثين، رضي الله عنه. 254 - [سلمان الفارسي] (2) سلمان الفارسي، ويقال له: سلمان الخير أبو عبد الله مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أصله من فارس من جيّ-بالجيم وتشديد التحتانية-قرية من قرى أصبهان، وقيل: من رامهرمز. وكان أبوه دهقان قريته، وكان مجوسيا، فهرب سلمان من أبيه ولحق براهب، ثم جماعة رهبان واحدا بعد واحد يصحبهم إلى وفاتهم إلى أن دله آخرهم للذهاب إلى الحجاز، فأخبره بظهور النبي صلّى الله عليه وسلم وأنه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، وبين كتفيه خاتم النبوة، فقصد الحجاز مع عرب فغدروا به وباعوه في وادي القرى ليهودي، ثم اشتراه منه

(1) أخرجه مسلم (1788)، وابن حبان (7125)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 31). (2) «طبقات ابن سعد» (4/ 69)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1327)، و «الاستيعاب» (ص 291)، و «المنتظم» (3/ 273)، و «أسد الغابة» (2/ 417)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 226)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 505)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 510)، و «مرآة الجنان» (1/ 100)، و «الإصابة» (2/ 60)، و «شذرات الذهب» (1/ 209).

يهودي من بني قريظة، فقدم به المدينة، فأقام بها مدة حتى قدمها صلّى الله عليه وسلم، فأتاه بصدقة فلم يأكل منها، ثم أتاه بهدية فأكل منها، ثم دار خلف النبي صلّى الله عليه وسلم فرأى الخاتم فقبله وبكى، فحوله النبي صلّى الله عليه وسلم بين يديه. وكاتب سلمان مولاه على أربعين أوقية ذهبا وغرس ثلاث مائة نخلة، فقال صلّى الله عليه وسلم: «أعينوا أخاكم سلمان» فأعانوه حتى اجتمعت، فغرسها صلّى الله عليه وسلم كلها بيده الكريمة، فحملت من عامها فلم تمت منها واحدة، وأعانه صلّى الله عليه وسلم بقدر بيضة من ذهب أتى بها من بعض المعادن، فأوفى منها أربعين أوقية (1). ولم يشهد بدرا وأحدا بسبب الرق، وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد وهو الذي أشار على رسول الله صلّى الله عليه وسلم بحفر الخندق، وآخى النبي صلّى الله عليه وسلم بينه وبين أبي الدرداء. وكان أبو الدرداء قد سكن الشام، فكتب إلى سلمان: أما بعد: فإن الله قد رزقني بعدك مالا وولدا، ونزلت الأرض المقدسة. فكتب إليه سلمان: سلام عليك، أما بعد: فإنك كتبت إلي أن الله رزقك مالا وولدا، فاعلم أن الخير ليس بكثرة المال ولا الولد، ولكن الخير أن يكثر حلمك، وأن ينفعك علمك، وكتبت إليّ أنك بالأرض المقدسة، وإن الأرض المقدسة لا تقدس أحدا. وكان سلمان رضي الله عنه من فضلاء الصحابة وزهادهم وعلمائهم وذي القرب من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال النووي: (ونقلوا اتفاق العلماء على أن سلمان عاش مائتين وخمسين سنة وقيل: إنه أدرك وصي عيسى ابن مريم) (2). وتوفي بالمدائن سنة ست وثلاثين، وقيل: خمس وثلاثين. وروى الترمذي بإسناده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أن الجنة تشتاق إلى ثلاثة: علي، وعمار، وسلمان» وحسن الحديث (3)، رضي الله عنهم أجمعين.

(1) أخرجه البيهقي (10/ 322)، وأحمد (5/ 445)، والطبراني في «الكبير» (6065). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 227). (3) «سنن الترمذي» (3797).

255 - [عبد الله ابن أبي سرح]

255 - [عبد الله ابن أبي سرح] (1) عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب-بالحاء المهملة مصغرا-القرشي العامري، يكنى: أبا يحيى، وهو أخو عثمان بن عفان من الرضاعة. أسلم قبل الفتح وهاجر، وكان يكتب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم ارتد والعياذ بالله، ورجع إلى مكة وقال لقريش: إن محمدا يملي علي: عزيز حكيم، فأقول: أو عليم حكيم؟ فيقول: كل صواب. فلما كان يوم الفتح .. أمر صلّى الله عليه وسلم بقتله في جماعة وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، ففر إلى عثمان فغيبه، ثم أتى به إلى النبي صلّى الله عليه وسلم بعد ما اطمأن أهل مكة فاستأمنه، فصمت صلّى الله عليه وسلم طويلا ثم قال: «نعم»، فلما انصرف عثمان .. قال صلّى الله عليه وسلم لمن حوله: «ما صمت إلا لتقتلوه»، فقالوا: هلا أو مأت إلينا يا رسول الله، قال: «لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين» (2). أسلم ذلك اليوم وحسن إسلامه، ولم يظهر منه ما ينكر، وكان أحد عقلاء قريش وكرمائها، وولاه عثمان مصر سنة خمس وعشرين ففتح إفريقية، وكان فتحا عظيما بلغ فيه سهم الفارس ثلاثة آلاف مثقال ذهبا، وشهد معه هذا الفتح عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاصي، وعبد الله بن الزبير، ثم غزا الأساود من أرض النوبة سنة إحدى وثلاثين، وغزا غزوة الصواري في البحر إلى الروم. ولما قتل عثمان .. اعتزل عبد الله الفتنة، فأقام بعسقلان، وقيل: بالرملة. وكان دعا بأن يختم عمره بالصلاة، فسلم من صلاة الصبح التسليمة الأولى، ثم التفت للتسليمة الثانية عن يساره فتوفي سنة ست وثلاثين، وقيل: سبع وثلاثين، وقيل: سنة تسع وخمسين، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 129) و (9/ 502)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1670)، و «الاستيعاب» (ص 434)، و «أسد الغابة» (3/ 259)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 269)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 33)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 529)، و «العقد الثمين» (5/ 166)، و «الإصابة» (2/ 309). (2) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 45)، وأبو داود (2683)، والنسائي (7/ 105)، وفي «الكبرى» (3519).

256 - [عمار بن ياسر]

256 - [عمار بن ياسر] (1) عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة العنسي-بالنون-يكنى: أبا اليقظان، وأمه: سمية مولاة لأبي حذيفة ابن المغيرة المخزومي. كان ياسر حليفا لأبي حذيفة، فزوجه مولاته سمية المذكورة، فولدت له عمارا، فأعتقه أبو حذيفة فهو مولاه، وأما أبوه .. فعربي النسب. أسلم عمار وأبوه قديما والنبي صلّى الله عليه وسلم في دار الأرقم، وكانوا يعذبون في الله، وكان صلّى الله عليه وسلم يمر بهم وهم يعذبون فيقول: «صبرا آل ياسر، موعدكم الجنة» (2)، فقتل أبو جهل سمية طعنها في فرجها فهي أول شهيدة في الإسلام، وهاجر عمار إلى المدينة، وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد، وشهد قتال اليمامة في زمن أبي بكر، فأبلى فيه بلاء حسنا، وقطعت فيه أذنه، واستعمله عمر على الكوفة، وبعثه علي مع ابنه الحسن يستنفر أهل الكوفة لقتال أصحاب الجمل فاستنفرهم، وقال في خطبته: إني لأعلم أنها زوجة رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم بها ليعلم أتطيعونه أم تطيعونها. وعاتبه أبو مسعود وآخر معه وقالا: ما رأينا منك شيئا قط نكرهه إلا إسراعك في هذا الأمر، يعتبان عليه في القتال مع علي، فقال: وأنا ما رأيت منكما شيئا أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر، وشهد مع علي صفين وكانت الصحابة يومئذ يتبعونه حيث توجه؛ لعلمهم أنه مع الفئة العادلة لقوله صلّى الله عليه وسلم: «ويح عمار؛ تقتله الفئة الباغية» (3). فقتل بصفين في ربيع الأول، وقيل: الآخر سنة سبع وثلاثين، وفضائله كثيرة. قال صلّى الله عليه وسلم له: «مرحبا بالطيب المطيب» (4)، وقال: «من أبغض

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 227)، و «الاستيعاب» (ص 481)، و «المنتظم» (3/ 387)، و «أسد الغابة» (4/ 129)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 37)، و «تهذيب الكمال» (21/ 215)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 406)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 569)، و «الإصابة» (2/ 505). (2) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 383)، والطبراني في «الكبير» (24/ 303)، وفي «الأوسط» (1531). (3) أخرجه البخاري (447)، ومسلم (2916)، وابن حبان (7079). (4) أخرجه ابن حبان (7075)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 388)، والترمذي (3798).

257 - [خباب بن الأرت]

عمارا .. أبغضه الله» (1)، وقال: «اهتدوا بهدي عمار» (2)، رضي الله عنه. 257 - [خباب بن الأرتّ] (3) خباب بن الأرتّ بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمي، يكنى: أبا عبد الله، هو عربي ولحقه سباء في الجاهلية، فبيع فأعتقته أم أنمار بنت سباع الخزاعية، وحالف بني زهرة، فهو تميمي النسب، خزاعي الولاء، زهري الحلف. أسلم قديما، وكان سادس ستة في الإسلام، وعذب في الله عذابا شديدا، فصبر ولم يجبهم إلى ما سألوه، وهاجر وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد، ومرض مرضا شديدا طويلا. وتوفي بالكوفة سنة سبع وثلاثين، ودفن بظاهر الكوفة بوصية منه، وكان الناس إنما يدفنون على أبواب دورهم، ولما دفن خباب بظاهر الكوفة .. دفنوا موتاهم عنده بظاهرها، رضي الله عنه. 258 - [خزيمة بن ثابت] (4) خزيمة بن ثابت بن عمارة بن الفاكة بن ثعلبة بن ساعدة الأنصاري الأوسي الخطمي المدني أبو عمارة، ويسمى: ذا الشهادتين؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم جعل شهادته بشهادة رجلين (5). شهد بدرا وما بعدها من المشاهد، وكانت راية بني خطمة بيده يوم فتح مكة، وشهد مع

(1) أخرجه ابن حبان (7081)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 389)، والبيهقي (5/ 73). (2) أخرجه ابن حبان (6902)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 75)، والترمذي (3805). (3) «طبقات ابن سعد» (3/ 151)، و «معرفة الصحابة» (2/ 906)، و «الاستيعاب» (ص 206)، و «المنتظم» (3/ 384)، و «أسد الغابة» (2/ 114)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 174)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 323)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 562)، و «الإصابة» (1/ 416)، و «تهذيب الكمال» (8/ 219). (4) «طبقات ابن سعد» (5/ 297)، و «معرفة الصحابة» (2/ 913)، و «الاستيعاب» (ص 203)، و «أسد الغابة» (2/ 133)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 175)، و «تهذيب الكمال» (8/ 243)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 485)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 564)، و «الإصابة» (1/ 425)، و «شذرات الذهب» (1/ 213). (5) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (2/ 17)، والبيهقي (7/ 66).

259 - [أبو ليلى]

علي الجمل وصفين، ولم يقاتل حتى قتل عمار بصفين، فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «تقتل عمارا الفئة الباغية» (1)، وسلّ سيفه وقاتل حتى قتل سنة سبع وثلاثين، رضي الله عنه. 259 - [أبو ليلى] (2) أبو ليلى والد عبد الرحمن بن أبي ليلى-واسم أبي ليلى: يسار، أو بلال، أو بليل، أو داود-ابن أحيحة الأنصاري الأوسي، وقيل: هو مولى الأنصاري. شهد بدرا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم سكن الكوفة، وحضر مع علي رضي الله عنه مشاهده، وقتل معه بصفين سنة سبع وثلاثين، رضي الله عنه. 260 - [هاشم بن عتبة] (3) هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، واسم أبي وقاص: مالك بن أهيب القرشي الزهري، يكنى: أبا عمرو، ويعرف بالمرقال. أسلم يوم الفتح، وكان من الأبطال والفضلاء والأخيار، كان بيده راية علي يوم صفين، فقتل بها سنة سبع وثلاثين، رضي الله عنه. 261 - [عبد الله بن بديل] (4) عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي. أسلم قبل الفتح، وقيل: يوم الفتح، وشهد الفتح وغيرها، وكان عليه يوم صفين

(1) تقدم تخريجه قبل قليل في ترجمة (عمار بن ياسر رضي الله عنه). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 176)، و «الاستيعاب» (ص 849)، و «أسد الغابة» (2/ 157) و (6/ 269)، و «الإصابة» (4/ 169)، و «شذرات الذهب» (1/ 213). (3) «طبقات ابن سعد» (6/ 74)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2745)، و «الاستيعاب» (ص 747)، و «أسد الغابة» (5/ 377)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 486)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 584)، و «العقد الثمين» (7/ 359)، و «الإصابة» (3/ 561). (4) «الاستيعاب» (ص 384)، و «أسد الغابة» (3/ 185)، و «تهذيب الكمال» (14/ 326)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 567)، و «مرآة الجنان» (1/ 101)، و «البداية والنهاية» (7/ 283)، و «الإصابة» (2/ 272).

262 - [قيس بن مكشوح]

درعان وسيفان، وكان يضرب أهل الشام ويقول: [من الرجز] لم يبق إلا الصبر والتوكل … ثم التمشي في الرعيل الأول مشي الجمال في حياض المنهل … والله يقضي ما يشا ويفعل فلم يزل يقاتل حتى انتهى إلى معاوية رضي الله عنه، وأحاط به أهل الشام فقتلوه، فلما رآه معاوية .. قال: والله؛ لو استطاعت نساء خزاعة .. لقاتلتنا فضلا عن رجالها، وتمثل بقول حاتم: [من الطويل] كليث هزبر كان يحمي ذماره … رمته المنايا قصدها فتفطّرا أخو الحرب إن عضّت به الحرب عضّها وإن شمّرت يوما به الحرب شمّرا وكان من أكابر أصحاب علي، وكان على الرجّالة بصفين، رضي الله عنهم. 262 - [قيس بن مكشوح] (1) قيس بن مكشوح-بشين معجمة وحاء مهملة، لقب هبيرة بن هلال، لقّب بذلك لأنه كوي أو ضرب على كشحه؛ أي: جنبه-البجلي حليف بني مراد، قيل: صحابي، وقيل: تابعي. أسلم زمن أبي بكر، وردّ قول من قال: إنه أسلم زمن عمر؛ فإنه أحد الجماعة الذين قتلوا الأسود العنسي، أو أعان على قتله، وكان قتل الأسود في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم أو أبي بكر. وكان قيس أحد أبطال الإسلام وشجعانهم، له آثار صالحة في فتح القادسية ونهاوند وغيرها من الفتوحات. وقتل بصفين مع علي سنة سبع وثلاثين، وهو ابن أخت عمرو بن معدي كرب، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 263)، و «الاستيعاب» (ص 615)، و «أسد الغابة» (4/ 447)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 64)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 520)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 583)، و «الإصابة» (3/ 261).

263 - [جندب بن زهير]

263 - [جندب بن زهير] (1) جندب بن زهير بن الحارث الغامدي، مختلف في صحبته، وقتل بصفين سنة سبع وثلاثين مع علي، رضي الله عنه. 264 - [أويس القرني] (2) أويس بن عامر المرادي القرني اليمني، الزاهد المشهور، والعابد المذكور، أدرك النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يهاجر برا بأمه. أخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلم بفضله، وأنه يأتي مع أمداد أهل اليمن، وأنه كان به برص وبرئ منه إلا قدر الدرهم. وقال صلّى الله عليه وسلم لعمر: «إذا أتاك .. فاسأله يستغفر لك» فكان عمر يسأل أمداد أهل اليمن عنه حتى دلّ عليه، وعرفه بالصفة التي ذكرها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فطلب منه الدعاء، وسأله أن يستغفر له وقال له: أين تنزل؟ قال: بالكوفة، قال: أكتب لك عهدا إلى عاملها؟ قال: لا، أكون في غبراء الناس أحب إلي، فنزل الكوفة (3). قيل: إنه وجد في المقتولين من أصحاب علي يوم صفين، وهو أفضل التابعين، وقيل: أفضلهم سعيد بن المسيب، رضي الله عنهم. 265 - [حابس الطائي] (4) حابس الطائي قاضي حمص، كان على رجّالة معاوية بصفين، وقتل ذلك اليوم، كذا في «تاريخ اليافعي» ولم ينسبه (5).

(1) «معرفة الصحابة» (2/ 580)، و «أسد الغابة» (1/ 359)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 194)، و «الإصابة» (1/ 249). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 281)، و «حلية الأولياء» (2/ 79)، و «أسد الغابة» (1/ 179)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 19)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 555)، و «الإصابة» (1/ 122)، و «لسان الميزان» (2/ 226). (3) أخرجه مسلم (2542/ 225)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 403)، وغبراء الناس: ضعافهم الذين لا يؤبه لهم. (4) «طبقات ابن سعد» (9/ 435)، و «معرفة الصحابة» (2/ 884)، و «الاستيعاب» (ص 175)، و «أسد الغابة» (1/ 375)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 561)، و «مرآة الجنان» (1/ 102)، و «الإصابة» (1/ 271). (5) انظر «مرآة الجنان» (1/ 102).

266 - [ذو الكلاع]

وفي «الكاشغري»: (حابس بن سعد، ويقال: ابن ربيعة بن المنذر الطائي، له ذكر في الحديث) اهـ‍ (1) ولعله الذي ذكره اليافعي، والله سبحانه أعلم (2). 266 - [ذو الكلاع] (3) ذو الكلاع، اسمه: أسميفع بن ناكور، وقيل: سميفع بحذف الهمزة، وقيل: أيفع، وهو حميري، يكنى: أبا شراحيل. أسلم في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يروي حديث: «اتركوا الترك ما تركوكم» (4). قيل: كان عند الكلاع اثنا عشر ألفا من بيوت المسلمين؛ يعني: تحت ملكه، فبعث إليه عمر فقال: سيّر لي هؤلاء نستعين بهم على عدوهم، فقال ذو الكلاع: لا هم أحرار، فأعتقهم في ساعة واحدة. نزل حمص، وشهد اليرموك، وكان من أعظم أصحاب معاوية رضي الله عنه لشرفه ودينه، وكان على ميمنة معاوية يوم صفين. قتل في صفين سنة سبع وثلاثين. 267 - [كريب بن صباح] (5) كريب بن صباح الحميري، أحد الأبطال المذكورين. كان مع معاوية رضي الله عنه بصفين، فقتل جماعة مبارزة، ثم بارزه علي فقتله، رضي الله عنه.

(1) «مختصر أسد الغابة» (خ/78/أ). (2) هناك من يجعل صاحب الترجمة هو (حابس بن ربيعة اليماني)، ومن العلماء من يفرق بينهما، انظر الخلاف في «الإصابة» (1/ 271). (3) «معرفة الصحابة» (2/ 1040)، و «أسد الغابة» (2/ 176)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 46)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 565)، و «مرآة الجنان» (1/ 102)، و «الإصابة» (1/ 480). (4) أخرجه أبو بكر الشيباني في «الآحاد والمثاني» (2753)، وأخرجه أبو داود (4302)، والنسائي (6/ 43) عن رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم. (5) «العبر» (1/ 40)، و «مرآة الجنان» (1/ 104)، و «الإصابة» (3/ 296)، و «غربال الزمان» (ص 38)، و «شذرات الذهب» (1/ 214).

268 - [عبيد الله بن عمر بن الخطاب]

268 - [عبيد الله بن عمر بن الخطاب] (1) عبيد الله-مصغرا-ابن عمر بن الخطاب القرشي العدوي المدني التابعي. ولد على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم. سمع أباه عمر وغيره، كان شديد البطش. قتل بصفين مع علي، رضي الله عنه. 269 - [عبد الله بن خباب بن الأرتّ] (2) عبد الله بن خبّاب بن الأرت، له رواية، ولأبيه خباب صحبة. استعمله علي رضي الله عنه على المدائن، فلقيه الخوارج في عنقه مصحف، ومعه جارية له حامل، فقالوا: إن هذا الذي في عنقك يأمرنا بقتلك. فقال: أحيوا ما أحيا القرآن، وأميتوا ما أمات القرآن؛ يعني: أحيوا ما حكم القرآن بإحيائه، وأميتوا ما حكم القرآن بإماتته. قالوا: حدثنا عن أبيك. قال: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «تكون فتنة يموت فيها قلب المؤمن كما يموت بدنه، يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، فكن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل». قالوا: فما تقول في أبي بكر وعمر؟ فأثنى عليهما خيرا. قالوا: فما تقول في علي قبل التحكيم، وفي عثمان قبل الحدث؟ فأثنى خيرا أيضا. قالوا: فما تقول في الحكومة والتحكيم؟

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 17)، و «الاستيعاب» (ص 460)، و «أسد الغابة» (3/ 527)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 568)، و «العبر» (1/ 38)، و «مرآة الجنان» (1/ 101)، و «الإصابة» (3/ 75)، و «شذرات الذهب» (1/ 213). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 242)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1632)، و «الاستيعاب» (ص 395)، و «أسد الغابة» (3/ 222)، و «العبر» (1/ 44)، و «مرآة الجنان» (1/ 105)، و «الإصابة» (2/ 294)، و «شذرات الذهب» (1/ 217).

270 - [عبد الله بن وهب الراسبي]

قال: أقول: إن عليا أعلم بالله منكم، وأشد توقيا على دينه. قالوا: إنك لست تتبع الهدى، فأخذوه وقربوه إلى شاطئ النهر وذبحوه فاندفق دمه على الماء يجري مستقيما، وقتلوا جاريته وشقوا بطنها (1)، وذلك في سنة ثمان وثلاثين. 270 - [عبد الله بن وهب الراسبي] (2) عبد الله بن وهب الراسبي. رأس الخوارج بحروراء، تابعه الخوارج، فقتل بالنهروان سنة ثمان أو تسع وثلاثين. 271 - [محمد بن أبي بكر الصديق] (3) محمد بن أبي بكر الصديق. ولد في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم عند خروجه لحجة الوداع، أمه: أسماء بنت عميس، وكان في الجماعة الذين حصروا عثمان، ولا يصح نسبة قتل عثمان إليه. ولاه علي رضي الله عنه مصر في سنة سبع وثلاثين، وبعث معاوية عسكرا، وأمر عليهم معاوية بن حديج الكندي، فالتقى هو ومحمد بن أبي بكر بمصر، فانهزم عسكر محمد، واختفى هو في بيت امرأة، فدلت عليه، فقال: احفظوني في بيت أبي بكر، فقال له معاوية بن حديج: قتلت ثمانين من قومي في دم عثمان، وأتركك وأنت صاحبه؟ ! أي: صاحب قتله؛ إشارة إلى ما يقال: إن محمدا من جملة قتلة عثمان، والله أعلم بحقيقة الأمر. ونقل شعبة عن عمرو بن دينار: أن الذي قتل محمدا هو عمرو.

(1) أخرجه أحمد (5/ 110)، وأبو يعلى في «مسنده» (13/ 176)، والطبراني في «الكبير» (4/ 59)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (39051). (2) «العبر» (1/ 44)، و «ميزان الاعتدال» (2/ 524)، و «مرآة الجنان» (1/ 116)، و «لسان الميزان» (5/ 36)، و «الإصابة» (3/ 95). (3) «معرفة الصحابة» (1/ 168)، و «الاستيعاب» (ص 647)، و «أسد الغابة» (5/ 102)، و «المنتظم» (3/ 391)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 85)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 481)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 600)، و «مرآة الجنان» (1/ 105)، و «شذرات الذهب» (1/ 218).

272 - [الأشتر النخعي]

قال الشيخ اليافعي: (كذا أطلق عمرا، والله أعلم أهو أراد به عمرو بن العاصي أم عمرو بن عثمان أم غيرهما؟ ) اهـ‍ (1). ويقال: إن محمدا اختفى في جوف حمار ميت، فأحرقوه وهو فيه، والله سبحانه أعلم. 272 - [الأشتر النخعي] (2) مالك بن الحارث، الأشتر النخعي. كان سيد قومه وخطيبهم وفارسهم، وكان أحد دهاة العرب، وهم: معاوية، وعمرو بن العاصي، والمغيرة بن شعبة، وعروة بن مسعود، والأشتر النخعي المذكور. لما علم علي رضي الله عنه بقتل واليه على مصر محمد بن أبي بكر الصديق .. بعث الأشتر أميرا عليها، فيقال: إن معاوية رضي الله عنه دس عليه دهقان العريش، فقال له: إن قتلته .. فلك خراجك عشرين سنة، فسمه في شربة عسل مات منها سنة ثمان وثلاثين. وكان علي رضي الله عنه يكرهه، فلما علم بموته .. قال: (لليدين وللفم) (3). 273 - [سهل بن حنيف] (4) سهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة الأنصاري الأوسي المدني. شهد بدرا وما بعدها من مشاهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وثبت يوم أحد وكان بايع على الموت. وقام في الناس يوم صفين ووعظهم وقال: (أيها الناس؛ اتهموا رأيكم)، وهو مشهور في «الصحيحين» (5).

(1) «مرآة الجنان» (1/ 106). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 332)، و «طبقات خليفة» (ص 249)، و «تهذيب الكمال» (27/ 126)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 34)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 593)، و «العبر» (1/ 45)، و «مرآة الجنان» (1/ 106). (3) يقال هذا لمن وقع في مكروه فشمت به، ومعناه: خر إلى الأرض على يديه وفيه. (4) «طبقات ابن سعد» (3/ 436)، و «الاستيعاب» (ص 307)، و «أسد الغابة» (2/ 470)، و «تهذيب الكمال» (12/ 184)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 325)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 595)، و «مرآة الجنان» (1/ 105)، و «الإصابة» (2/ 86)، و «شذرات الذهب» (1/ 217). (5) «صحيح البخاري» (3181)، و «صحيح مسلم» (1785).

274 - [صهيب الرومي]

وكان ذا علم وعقل ورئاسة وفضل. وتوفي بالكوفة سنة ثمان وثلاثين، وصلّى عليه علي رضي الله عنه، وكبر ستا وقال: إنه بدري، رضي الله عنه. 274 - [صهيب الرومي] (1) صهيب بن سنان بن مالك، وقيل: ابن خالد بن عبد عمرو المعروف بصهيب الرومي؛ لأن الروم اشترته صغيرا فنشأ معهم، وابتاعته منهم كلب، ثم اشتراه عبد الله بن جدعان فأعتقه، فلما بعث صلّى الله عليه وسلم .. أسلم هو وعمار في يوم واحد وكان من السابقين. ولما أراد الهجرة .. قالت له قريش: أتيتنا فقيرا وتخرج بمالك؟ ! إما أن تقعد، وإما أن تعطينا مالك، فترك لهم ماله وهاجر، فأنزل الله فيه: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ} فلما قدم على النبي صلّى الله عليه وسلم .. قال له: «ربح البيع» (2). وشهد بدرا وما بعدها من مشاهده صلّى الله عليه وسلم، وكان عمر يحبه كثيرا، وأوصى أن يصلي عليه. توفي صهيب بالمدينة في شوال سنة ثمان أو تسع وثلاثين وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وقيل: سبعين فقط، رضي الله عنه. 275 - [ميمونة بنت الحارث] (3) ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية أم المؤمنين.

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 206)، و «معرفة الصحابة» (2/ 1496)، و «الاستيعاب» (ص 339)، و «المنتظم» (3/ 396)، و «أسد الغابة» (3/ 36)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 17)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 597)، و «العبر» (1/ 44)، و «مرآة الجنان» (1/ 105)، و «الإصابة» (2/ 188). (2) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 398)، والطبراني في «الكبير» (3/ 31). (3) «طبقات ابن سعد» (10/ 128)، و «معرفة الصحابة» (6/ 3234)، و «الاستيعاب» (ص 936)، و «أسد الغابة» (7/ 272)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 355)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 238)، و «العبر» (1/ 45)، و «مرآة الجنان» (1/ 106).

276 - [عبد الله بن عبد المدان]

تزوجها صلّى الله عليه وسلم بسرف-بسين مهملة، ماء بينه وبين مكة إلى جهة المدينة عشرة أميال، وقيل: اثنا عشر، وقيل: غير ذلك-في سنة ست أو سبع من الهجرة، وكان اسمها برة، فسماها صلّى الله عليه وسلم ميمونة من اليمن وهو البركة، وبنى بها صلّى الله عليه وسلم بسرف أيضا، وتوفيت به أيضا سنة إحدى وخمسين، وقيل: اثنتين وخمسين وقيل: ثلاث وخمسين، وقيل: ست وستين. قال النووي في «تهذيبه»: (والأظهر: الأول، والثلاثة الأخرى شاذة باطلة، صرح بضعفها الحافظ ابن عساكر، وفي الحديث الصحيح ما يبطلها؛ فإن في الصحيح: أنها توفيت قبل عائشة (1)، وصلّى عليها عبد الله بن عباس، ودخل في قبرها هو وزيد بن الأصم وعبد الله بن شداد بن الهاد، وهم أبناء أخواتها، وعبيد الله الخولاني وكان يتيما في حجرها) انتهى كلام النووي (2). والذي في «تاريخ اليافعي»، و «الذهبي» وغيرهما: أنها ماتت سنة تسع وثلاثين في أيام علي، ولم يحكوا فيه خلافا (3)، والله سبحانه أعلم. 276 - [عبد الله بن عبد المدان] (4) عبد الله بن عبد المدان بن الدّيّان يزيد بن قطن. كان اسمه عبد الحجر-بكسر الحاء المهملة وفتحها-فسماه صلّى الله عليه وسلم عبد الله. استخلفه عبيد الله بن العباس على صنعاء، ثم علم بقدوم بسر بن أرطاة إلى اليمن من جهة معاوية، وتقدم عبيد الله إلى علي بالكوفة، فدخل بسر بن أرطاة صنعاء، وقتل عبد الله بن عبد المدان في سنة أربعين، ذكره ابن عبد البر في الصحابة رضي الله عنهم (5).

(1) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (4/ 32). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 356)، وانظر «تاريخ دمشق» (3/ 225). (3) انظر «مرآة الجنان» (1/ 106)، و «العبر» (1/ 45). (4) «طبقات ابن سعد» (8/ 87)، و «الاستيعاب» (ص 419)، و «أسد الغابة» (3/ 301)، و «الإصابة» (2/ 330). (5) انظر «الاستيعاب» (ص 419).

277 - [خوات بن جبير]

277 - [خوّات بن جبير] (1) خوّات بن جبير بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس-وهو البرك-ابن ثعلبة بن عمرو بن عوف بن مالك الأنصاري الأوسي. أحد فرسان رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأحد الشجعان المشهورين. شهد بدرا هو وأخوه عبد الله بن جبير في قول بعضهم، والأكثر على أنه رجع من الصفراء لمرض أو جرح أصابه، فضرب له رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسهمه وأجره. وهو صاحب ذات النحيين، وهي امرأة من بني تيم الله قدمت المدينة بسمن في أنحاء تسعة (2)، ففتح نحيا منها ونظره على أن يشتريه، فلما أمسكت بنحيين منها .. رفع رجليها وقضى حاجته منها، ولم يمكنها دفعه شحا منها بالنحيين لا يسقطان، فلما أسلم .. قال له صلّى الله عليه وسلم: «ما فعل بعيرك الشارد؟ » قال: قيده الإسلام يا رسول الله. توفي بالمدينة سنة أربعين عن أربع وتسعين سنة مائة إلا ست سنين، رضي الله عنه. 278 - [أبو مسعود البدري] (3) عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود البدري. عده البخاري في «صحيحه» فيمن شهد بدرا (4)، وأكثرهم على أنه لم يشهدها، وإنما نزل على ماء ببدر، فقيل له: البدري الأنصاري، وهو ممن شهد العقبة. توفي سنة أربعين، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 442)، و «معرفة الصحابة» (2/ 974)، و «الاستيعاب» (ص 212)، و «المنتظم» (3/ 409)، و «أسد الغابة» (2/ 148)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 178)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 329)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 618)، و «الإصابة» (1/ 451)، و «تهذيب الكمال» (8/ 347). (2) النحي: الزق الصغير. (3) «طبقات ابن سعد» (4/ 359)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2147)، و «الاستيعاب» (ص 561)، و «أسد الغابة» (4/ 57)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 493)، و «العبر» (1/ 46)، و «مرآة الجنان» (1/ 107)، و «الإصابة» (2/ 483). (4) «صحيح البخاري» (4007).

279 - [أبو أسيد الساعدي]

279 - [أبو أسيد الساعدي] (1) مالك بن ربيعة بن البدن-بفتح الموحدة والمهملة والنون-أبو أسيد-بضم الهمزة- الساعدي مشهور بكنيته، شهد بدرا. روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «خير دور الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحارث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير» (2). روى عنه أنس بن مالك وسهل بن سعد. ذكره الشيخ اليافعي فيمن توفي سنة أربعين، قال: (وقيل: بقي إلى سنة ستين) (3). وذكر ابن الأثير: (أنه توفي سنة ستين، وقيل: خمس وستين، وعمره خمس وسبعون سنة) (4)، رضي الله عنه. 280 - [معيقيب] (5) معيقيب-مصغرا-ابن أبي فاطمة الدّوسي. أسلم قديما بمكة، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا. وكان على خاتم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، واستعمله أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وكان مضرورا (6)، وهو الذي سقط خاتم النبي صلّى الله عليه وسلم من يده في بئر

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 516)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2450)، و «الاستيعاب» (ص 657)، و «أسد الغابة» (5/ 23)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 538)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 655)، و «مرآة الجنان» (1/ 107)، و «الإصابة» (3/ 324)، و «شذرات الذهب» (1/ 220). (2) أخرجه البخاري (3789)، ومسلم (2511). (3) «مرآة الجنان» (1/ 107). (4) «أسد الغابة» (5/ 24). (5) «طبقات ابن سعد» (4/ 109)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2589)، و «الاستيعاب» (ص 701)، و «أسد الغابة» (5/ 240)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 108)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 491)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 356)، و (654)، و «الإصابة» (3/ 430)، و «شذرات الذهب» (1/ 220). (6) في «أسد الغابة»، و «الإصابة»: (مجذوما).

281 - [الأشعث بن قيس]

أريس في خلافة عثمان، ومن حين سقط الخاتم اختلفت الكلمة بين المسلمين، وكان الخاتم كالأمان في يده. مات في خلافة عثمان رضي الله عنه، وقيل: آخر أيام علي سنة أربعين، رضي الله عنه. 281 - [الأشعث بن قيس] (1) الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية الكندي نسبة إلى كندة لقب ثور بن عفير، لقّب بذلك لأنه كند أباه النعمة؛ أي: كفرها. وفد الأشعث إلى النبي صلّى الله عليه وسلم سنة عشر في ستين راكبا من كندة، فأسلموا ورجعوا إلى حضرموت من اليمن، ثم ارتد الأشعث بعد النبي صلّى الله عليه وسلم فيمن ارتد، فبعث أبو بكر رضي الله عنه الجنود إلى اليمن وحضرموت، فأسروه فأحضروه بين يديه، فأسلم وقال: استبقني لحربك وزوجني أختك، فأطلقه أبو بكر وزوجه أخته أم فروة، فأولم بالمدينة وليمة عظيمة، يقال: إنه أمر غلمانه أن ينحروا ويذبحوا ما وجدوا من البهائم في شوارع المدينة، فارتاعت المدينة، فجاء الناس إلى الأشعث، فأشرف عليهم من الدار وقال: أيها الناس؛ إني تزوجت، ولو كنت في بلادي .. لأولمت وليمة مثلي، ولكن اقبلوا ما حضر من هذه البهائم، وكل من له شيء منها فليأت يأخذ ثمنه، فلم يبق دار من دور المدينة إلا دخلها من اللحم، ولم ير يوم أشبه بعيد الأضحى من ذلك اليوم. وأم فروة: هي أم ولد محمد بن الأشعث. وشهد الأشعث اليرموك بالشام، ثم القادسية بالعراق، والمدائن وجلولاء ونهاوند، واستعمله عثمان على أذربيجان، وسكن الكوفة، وشهد مع علي رضي الله عنه صفين، وشهد الحكمين بدومة الجندل، وتزوج الحسن بن علي رضي الله عنهما ابنته. وتوفي بالكوفة سنة أربعين بعد قتل علي رضي الله عنه بأربعين ليلة، وقيل: تأخرت وفاته إلى سنة اثنتين وأربعين، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 230)، و «معرفة الصحابة» (2/ 285)، و «الاستيعاب» (ص 71)، و «أسد الغابة» (2/ 118)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 37)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 609)، و «مرآة الجنان» (1/ 107)، و «الإصابة» (1/ 66)، و «شذرات الذهب» (1/ 221).

282 - [علي بن أبي طالب]

282 - [علي بن أبي طالب] (1) علي بن أبي طالب-واسمه: عبد مناف-ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو الحسن أمير المؤمنين القرشي الهاشمي المكي المدني ابن عم النبي صلّى الله عليه وسلم، وأخوه بالمؤاخاة، وصهره على سيدة نساء العالمين فاطمة، وأبو السبطين. أمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، فهي أول هاشمية ولدت هاشميا، وهو أول هاشمي ولد بين هاشميين، وأول خليفة من بني هاشم، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وأحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، وأحد العلماء الربانيين، والشجعان المشهورين، والزهاد المذكورين، وأحد السابقين إلى الإسلام، أسلم وهو ابن عشر سنين، وقيل: ثمان، وقيل: خمس عشرة، وقيل: إنه أول من أسلم. واستخلفه النبي صلّى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة أن يقيم بعده بمكة أياما يؤدي عنه أمانته والودائع التي كانت عنده صلّى الله عليه وسلم ففعل ذلك، ثم لحق بالنبي صلّى الله عليه وسلم. وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا تبوك؛ فإنه صلّى الله عليه وسلم استخلفه فيها على المدينة، فقال علي: أتخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال صلّى الله عليه وسلم: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ » (2). وأعطاه صلّى الله عليه وسلم اللواء في مواطن كثيرة، وقال يوم خيبر: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه» فأعطاها عليا، فكان الفتح على يديه (3). ولما نزل قوله تعالى: {فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ} الآية .. دعا صلّى الله عليه وسلم

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 17)، و «معرفة الصحابة» (1/ 75)، و «الاستيعاب» (ص 522)، و «المنتظم» (3/ 412)، و «أسد الغابة» (4/ 91)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 344)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 621)، و «مرآة الجنان» (1/ 108)، و «البداية والنهاية» (7/ 346)، و «الإصابة» (2/ 501)، و «شذرات الذهب» (1/ 221). (2) أخرجه البخاري (4416)، ومسلم (2404/ 31). (3) أخرجه البخاري (3702)، ومسلم (2407).

عليا وفاطمة والحسن والحسين وقال: «اللهم؛ هؤلاء أهل بيتي» (1). وقال صلّى الله عليه وسلم: «من كنت مولاه .. فعلي مولاه» (2). وقال صلّى الله عليه وسلم: «علي مني وأنا من علي، لا يؤدي عني إلا أنا أو علي» (3). وعهد صلّى الله عليه وسلم إلى علي ألاّ يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق (4)، ولذلك قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليا) (5). ولما بعثه صلّى الله عليه وسلم إلى اليمن .. قال: «اللهم؛ اهد قلبه، وثبت لسانه»، قال علي: (فما شككت في قضاء تعسر بين اثنين) (6). وقال صلّى الله عليه وسلم: «اللهم؛ أدر الحق معه حيث دار» (7). والأحاديث في فضائله كثيرة مشهورة، وكذا زهده وعلمه وشجاعته وآثاره في الحروب مشهورة معلومة لا حاجة إلى التطويل بذكرها. بويع له بالخلافة في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد قتل عثمان؛ لكونه أفضل الصحابة حينئذ، وذلك في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وقيل: في أول المحرم سنة ست باتفاق من الصحابة رضي الله عنهم، فكان كما قال له بعض الحكماء: لقد زنت الخلافة وما زانتك، وهي كانت أحوج إليك منك إليها. وله في قتال الخوارج عجائب ثابتة في الصحيح مشهورة، وأخبره صلّى الله عليه وسلم أنه سيقتل، ونقلوا عنه آثارا كثيرة تدل على علمه بالسّنة والشهر واليوم والليلة التي يقتل فيها، وأنه لما خرج لصلاة الصبح التي قتل فيها .. صاحت الإوز في وجهه حين خرج فطردن عنه فقال: دعوهن؛ فإنهن نوائح. وكان قد انتدب ثلاثة من الخوارج: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكير التميمي، فاجتمعوا بمكة، وتعاقدوا ليقتلنّ علي بن

(1) أخرجه مسلم (2404/ 32)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 150)، والترمذي (2999). (2) أخرجه ابن حبان (6931)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 109)، والترمذي (3713). (3) أخرجه الترمذي (3119)، والنسائي في «الكبرى» (8091)، وابن ماجه (119). (4) أخرجه مسلم (78)، وابن حبان (6924)، والترمذي (3736). (5) أخرجه الترمذي (3717). (6) أخرجه أبو داود (3582)، والنسائي في «الكبرى» (8363)، وابن ماجه (231). (7) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 124)، والترمذي (3714).

أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاصي، قال الشقي ابن ملجم: أنا لعلي، وقال البرك: أنا لمعاوية، وقال عمرو بن بكير: أنا لعمرو، وتعاهدوا على ألاّ يرجع أحد عن صاحبه حتى يقتله أو يموت دونه، وتواعدوا ليلة سبع عشرة في رمضان، وتوجه كل واحد إلى المصر الذي فيه صاحبه الذي يريد قتله، ويقال: إن ابن ملجم لما قدم الكوفة لهذا المقصد الرديء .. خطب امرأة من الخوارج كان علي رضي الله عنه قد قتل أباها وجماعة من أقاربها، فقالت: إنها حلفت لا تتزوج إلا على كذا وكذا بمهر معلوم سمته وقتل علي، فقال الشقي: إني لم آت الكوفة إلا لقتل علي، فقالت له: امض لما جئت له، فإن قتلته .. اجتمعنا وقد شفينا صدورنا، وإن قتلت .. فما عند الله خير وأبقى ونجتمع في دار الآخرة؛ أي: في نار جهنم، فلما خرج علي لصلاة الصبح .. ضربه ابن ملجم بسيف مسموم في جبهته فأوصله دماغه وذلك في ليلة الجمعة سابع عشر رمضان. وتوفي علي رضي الله عنه ليلة الأحد تاسع عشر رمضان من سنة أربعين، وغسله ابناه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة، يقال: إنه كان عنده فضل من حنوط رسول الله صلّى الله عليه وسلم أوصى أن يحنط به. وتوفي رضي الله عنه عن ثلاث وستين سنة على الأصح، وأما صاحبا الشقي ابن ملجم .. فإن البرك خرج إلى الشام فضرب معاوية عند ما خرج لصلاة الصبح في ليلة سبع عشرة من رمضان، فوقعت الضربة في عجزه فقطعت نسله وسلم، ولزم البرك، فلما أراد قتله .. قال: إني مبشرك بقتل علي هذه الليلة، قال له: وما يدريك؟ فذكر ما اتّعدوا عليه، فقال له معاوية: ولعله أخطأه مثل ما أخطأتني وأمر بقتله. وخرج الآخر إلى مصر، فكمن لعمرو بن العاصي تلك الليلة ليقتله إذا خرج، فاتفق أن عمرا تخلف عن الخروج لصلاة الصبح لعذر، واستناب خارجة، فضرب الخارجي خارجة وقتله وهو يظنه عمرا، فلزموه وأوصلوه إلى عمرو بن العاصي، فسمعهم يخاطبونه بالأمير، فقال: أو ما قتلت الأمير؟ قالوا: لا، إنما قتلت خارجة، فقال: أردت عمرا وأراد الله خارجة: [من البسيط] وليتها إذ فدت عمرا بخارجة … فدت عليا بمن شاءت من البشر لكن قضاء الله ماض، لا راد لأحكامه، ولا ناقض لإبرامه، ولقد صدق القائل: [من الطويل] وما كنت من أنداده يا بن ملجم … ولولا قضاء ما أطقت له عينا

283 - [خارجة بن حذافة]

283 - [خارجة بن حذافة] (1) خارجة بن حذافة بن غانم العدوي. يقال: كان يعدل بألف فارس، ويروى: أن عمرو بن العاصي كتب لعمر بن الخطاب يستمده بثلاثة آلاف، فأمده بالزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وخارجة بن حذافة المذكور، وذكر أنه أرسل إليه بثلاثة خير من ثلاثة آلاف فارس. وذكر ابن عبد البر خارجة المذكور في الصحابة (2). أسند له الترمذي حديث الوتر فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر (3). وهو الذي قتله الخارجي بمصر على ظن أنه عمرو بن العاصي، وكان عمرو قد تخلف عن الصلاة لأجل وجع في بطنه، واستناب خارجة المذكور يصلي بالناس، فطعنه الخارجي على ظن أنه عمرو بن العاصي، فلما سمعهم يخاطبون عمرا بالإمرة .. قال: أو ما قتلت الأمير؟ قالوا: إنما قتلت خارجة، فقال: أردت عمرا وأراد الله خارجة، وقيل: إن قائل ذلك هو عمرو بن العاصي، قال عمرو: ما نفعني بطني إلا تلك الليلة. وقيل: إن خارجة الذي قتله الخارجي غير خارجة المذكور، وإنه من بني سهم من رهط عمرو بن العاصي، والصحيح: الأول، رضي الله عنهم. والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. ***

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 501)، و «معرفة الصحابة» (2/ 967)، و «الاستيعاب» (ص 204)، و «المنتظم» (3/ 409)، و «أسد الغابة» (2/ 83)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 617)، و «مرآة الجنان» (1/ 113)، و «الإصابة» (1/ 399)، و «شذرات الذهب» (1/ 223). (2) انظر «الاستيعاب» (ص 204). (3) «سنن الترمذي» (452).

ذكر الأحداث لاستقبال سنة إحدى وعشرين إلى آخر أيام سنة طبقة العشرين الثانية من المائة الأولى من الهجرة

ذكر الأحداث لاستقبال سنة إحدى وعشرين إلى آخر أيام سنة طبقة العشرين الثانية من المائة الأولى من الهجرة السنة الحادية والعشرون فيها: توفي سيف الله خالد بن الوليد المخزومي. وفيها: وقعة نهاوند، دامت المصاف فيها ثلاثة أيام، واستشهد بها أمير الجيش النعمان بن مقرّن، وطليحة بن خويلد الأسدي، والعلاء بن الحضرمي، ثم أخذ الراية حذيفة، ففتح الله عليه (1). قال اليافعي: (وفيها: فتح مصر) (2). وقال غيره: (فيها: سار عمرو بن العاصي من مصر إلى طرابلس، فافتتحها وصالح أهل برقة على ثلاثة عشر ألف دينار، وبعث عقبة بن نافع الفهري فافتتح زويلة) اهـ‍ (3) وفيها: شكا أهل الكوفة واليهم سعد بن أبي وقاص إلى عمر، حتى قالوا: إنه لا يحسن يصلي، فعتب عليه عمر في ذلك، فقال: أما أنا فكنت لا آلو أن أصلي بهم صلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ أطول في الأوليين، وأحذف في الأخريين، فقال له عمر: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق، ثم بعث معه عمر رجالا يسألون أهل الكوفة عن حال سعد، فكل من سألوه عنه أثنى خيرا إلا شخصا؛ فإنه قال: كان لا يسير بالسرية، ولا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، فدعا عليه سعد بدعوات ثلاث قبيل كذباته الثلاث، فقال: اللهم؛ إن كان كاذبا فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، فاستجاب الله دعاء سعد فيه؛ فكان يقول بعد ذلك: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد. وعزل عمر سعدا عن الكوفة تسكينا للفتنة، وولى عبد الله بن مسعود بيت المال، وعمار بن ياسر إمامة الصلاة (4). ***

(1) «مرآة الجنان» (1/ 76). (2) «تاريخ الطبري» (4/ 114)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 390)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 224)، و «البداية والنهاية» (7/ 113). (3) «تاريخ الطبري» (4/ 144)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 403)، و «البداية والنهاية» (7/ 121). (4) «صحيح البخاري» (755)، و «تاريخ الطبري» (4/ 144)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 402).

السنة الثانية والعشرون

السنة الثانية والعشرون فيها: افتتح المغيرة بن شعبة أذربيجان من مدينة نهاوند صلحا. وفيها: افتتحت الدّينور وهمذان عنوة على يد حذيفة رضي الله عنه. وفيها: افتتحت جرجان (1). وفيها: افتتحت طرابلس الغرب على يد عمرو بن العاصي، وقيل: فتحت في سنة إحدى وعشرين كما تقدم (2). وفيها: مات أبيّ بن كعب على خلاف (3). *** السنة الثالثة والعشرون فيها: فتحت إصطخر الأولى، وفتح قرظة بن كعب الريّ، وفتح المغيرة همذان، وقيل: فتح الري وهمذان في سنة أربع وعشرين لثلاث بقين من ذي الحجة (4). وفيها: طعن عمر رضي الله عنه. وفيها: مات قتادة بن النعمان الظّفري. *** السنة الرابعة والعشرون في أولها: بويع عثمان رضي الله عنه باتفاق أهل الشورى، فصعد على المنبر وقعد في الدرجة الثالثة التي كان يقعد فيها النبي صلّى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر رضي الله عنه يقعد على الدرجة الثانية، وعمر في الدرجة الأولى، فرأى عثمان رضي الله عنه الاتباع في الأمر هنا أولى من الأدب، وأذن للحكم بن أبي العاصي بدخول المدينة، وكان قد غربه النبي صلّى الله عليه وسلم، ولم يسمح له الشيخان في دخولها، وكان عثمان قد كلم النبي

(1) انظر هذه الفتوحات في «تاريخ الطبري» (4/ 146)، و «البداية والنهاية» (7/ 129)، و «مرآة الجنان» (1/ 77)، و «شذرات الذهب» (1/ 176). (2) «الكامل في التاريخ» (2/ 408)، و «شذرات الذهب» (1/ 176). (3) كما تقدم في ترجمته (1/ 179). (4) «تاريخ الطبري» (4/ 148)، و «المنتظم» (3/ 219)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 419).

السنة الخامسة والعشرون

صلّى الله عليه وسلم، فوعده أو هم بذلك، فلما ولي .. قضى بعلمه، ونقم عليه بهاتين القضيتين من لا عبرة به ولا دين (1). وفيها: وقع الرعاف بالمدينة (2). وفيها: توفي سراقة ابن جعشم. وفيها: عزل عثمان المغيرة بن شعبة عن الكوفة وولاها سعد بن أبي وقاص (3). *** السنة الخامسة والعشرون فيها: انتفض أهل الري، فغزاهم أبو موسى الأشعري، وأهل الإسكندرية، فغزاهم عمرو بن العاصي، فسبى وقتل وبعث بالسبي إلى المدينة، فردهم عثمان إلى ذمتهم؛ لأنهم كانوا صلحا، ولأن الذّرّيّة لم تنقض، فكان ذلك أول الشر بين عمرو وعثمان (4). وفيها: ولى عثمان عبد الله بن أبي سرح مصر، فوجه الخيل إلى المغرب وإلى إفريقية بأمر عثمان (5). وفيها: كانت غزوة سابور الأولى (6). وفيها: غزا معاوية الصائفة فبلغ عمّورية، وصالح أهلها على أداء الجزية، ويصير على ما وراءها إلى الخليج، وأن يكون للمسلمين بعمورية رابطة أربعة آلاف، فلما قتل عثمان .. وثبت الروم قتلت الرابطة (7). وفيها: ولد يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان (8).

(1) «تاريخ الطبري» (4/ 242)، و «المنتظم» (3/ 227)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 453)، و «البداية والنهاية» (7/ 155)، و «مرآة الجنان» (1/ 82)، و «شذرات الذهب» (1/ 181). (2) «تاريخ الطبري» (4/ 242)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 453)، و «البداية والنهاية» (7/ 161). (3) «تاريخ الطبري» (4/ 244)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 453)، و «دول الإسلام» (1/ 17). (4) «تاريخ الطبري» (4/ 250)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 455)، و «العبر» (1/ 28)، و «مرآة الجنان» (1/ 82)، و «البدء والتاريخ» (5/ 198). (5) وقيل: إن هذه الحادثة كانت سنة (23 هـ‍) كما سيأتي بعد قليل في تلك السنة، وانظر «البداية والنهاية» (7/ 162). (6) كذا في «الكامل في التاريخ» (2/ 460)، وفي «تاريخ الإسلام» (3/ 315)، و «مرآة الجنان» (1/ 83)، وغيرهما: أن تلك الغزوة كانت سنة (26 هـ‍). (7) «تاريخ الطبري» (4/ 241)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 449)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 250). (8) قول ضعيف، والصحيح أن ولادتهما كانت سنة (22 هـ‍)، انظر «المنتظم» (3/ 216)، و «الكامل في التاريخ» -

السنة السادسة والعشرون

وفيها: عزل عثمان سعدا من الكوفة، وولاها أخاه لأمه الوليد بن عقبة بن أبي معيط، فجهز سلمان بن ربيعة الباهليّ في اثني عشر ألفا في برذعة، فقتل وسبى (1). وفيها: وجه [الوليد] حبيب بن مسلمة الفهريّ إلى أرمينية وصالح أهل تفليس (2). *** السنة السادسة والعشرون فيها: فتحت سابور الثانية على يد عثمان بن أبي العاصي، فصالحهم على ثلاثة آلاف ألف درهم (3). وفيها: زاد عثمان في المسجد الحرام، كذا في «تاريخ اليافعي» (4). *** السنة السابعة والعشرون فيها: افتتح عبد الله بن أبي سرح إفريقية، وقتل ملكها جرجير، وهي من القيروان على سبعين ميلا، وكان جرجير في مائتي ألف، وقيل: مائة ألف، ففض عبد الله بن أبي سرح جمعه، وقتله وغنم مالا جزيلا، فبلغ سهم الراجل ألف دينار، والفارس ثلاثة آلاف، ثم طلب أهلها الصلح، فصالحهم على ألفي ألف دينار (5). وفيها: فتح عثمان بن أبي العاصي إصطخر الفتح الثاني، وغزا معاوية رضي الله عنه قنّسرين (6). وفيها-وقيل: في الثامنة والعشرين-: غزا معاوية جزيرة قبرس في مائتي مركب، وهو أول جيش ركب البحر للغزو، ومعه عدة من الصحابة، عبادة بن الصامت مع امرأته أم حرام بنت ملحان الأنصارية، فلما قفلوا .. قدمت إليها دابة لتركبها، فسقطت عنها فماتت، فأهل قبرس يستسقون بقبرها.

= (2/ 418)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 243). (1) «الكامل في التاريخ» (2/ 456)، و «تاريخ الإسلام» (1/ 17)، و «العبر» (1/ 28). (2) «تاريخ الطبري» (4/ 157)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 457). (3) «الكامل في التاريخ» (2/ 460)، و «العبر» (1/ 28)، و «مرآة الجنان» (1/ 83). (4) انظر «مرآة الجنان» (1/ 83). (5) «تاريخ الطبري» (4/ 256)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 321)، و «العبر» (1/ 29). (6) «تاريخ الطبري» (4/ 257)، و «المنتظم» (3/ 251)، و «البداية والنهاية» (7/ 164).

السنة الثامنة والعشرون

وغزا عبد الله بن سعد مع أهل مصر حتى لقوا معاوية، فكان معاوية على الناس كلهم، فصالح أهل قبرس على سبعة آلاف دينار يؤدونها في كل سنة للمسلمين، ويؤدون إلى الروم مثلها على ألاّ يقاتلوهم ولا يقاتلوا من ورائهم (1). *** السنة الثامنة والعشرون فيها: انتفض أهل أذربيجان، فغزاهم الوليد بن عقبة فصالحوه. قال بعض المؤرخين: فتح فارس الأولى وإصطخر الثانية على يدي هشام بن عامر (2). وفي رجب منها: اعتمر عثمان رضي الله عنه، فأتي بلحم صيد، فأمر من معه من المحرمين بأكله ولم يأكل منه، قال: لا آكل منه؛ لأنه صيد من أجلي (3)، ونهاهم علي رضي الله عنه عن أكله، فجرى فيه كلام، وهو أول نزاع كان بينهما. *** السنة التاسعة والعشرون فيها: عزل عثمان أبا موسى الأشعري رضي الله عنهما عن البصرة، وعزل عثمان بن أبي العاصي عن فارس، وجمع ذلك لعبد الله بن عامر وهو ابن خمس وعشرين سنة، وكان شهما شجاعا، فافتتح فتحا عظيما، وافتتح جور وإصطخر وبلاد خراسان جميعا، فانهزم يزدجرد من دارابجرد، ففتحت دارابجرد صلحا، وافتتحت كرمان، وأخذ يزدجرد طريق سجستان حتى ورد مرو، فقتل بها في سنة إحدى وثلاثين (4). قال بعض المؤرخين: وفيها: وسع عثمان مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم (5). ***

(1) «تاريخ الطبري» (4/ 262)، و «المنتظم» (3/ 253)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 468). (2) «تاريخ الطبري» (4/ 263)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 324)، و «العبر» (1/ 29). (3) «السنن الكبرى» للبيهقي (5/ 191)، و «موطأ مالك» (1/ 354). (4) «الكامل في التاريخ» (2/ 472)، و «البداية والنهاية» (7/ 165)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 325)، و «شذرات الذهب» (1/ 188). (5) «الكامل في التاريخ» (2/ 475)، و «البداية والنهاية» (7/ 165)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 327).

سنة ثلاثين

سنة ثلاثين فيها: افتتح ابن عامر سجستان مع فارس وخراسان، وهرب ابن كسرى (1). وفيها-أو في سنة تسع وعشرين-: استشهد عبيد الله بن معمر التيمي. وفيها: اعتمر ابن عامر واستخلف الأحنف بن قيس على خراسان، فجمع الفرس جمعا لم يسمع بمثله، فالتقاهم الأحنف فهزمهم، ولما كثرت الفتوحات في هذا العام وأتى بالخراج من كل جهة .. اتخذ له عثمان الخزائن، وقسمه فكان يأمر للرجل بمائة ألف (2). وفيها: افتتحت طبرستان صلحا على يدي سعيد بن العاصي، وصالحه أهل جرجان على مائتي ألف درهم، ثم امتنعوا (3). وغزا سلمان بن ربيعة الباهلي بلنجر، فقتل هو وأصحابه (4). وفيها: سقط خاتم رسول الله صلّى الله عليه وسلم من يد عثمان في بئر أريس-وهي على ميلين من المدينة-فنزفوا الماء والطين ولم يقدروا عليه، وكانت من أقل الآبار ماء، فلما سقط الخاتم فيها .. لم يدرك لها قعر إلى الآن، وكأنه كان خاتما على الفتنة، فلما سقط .. ثارت الفتنة (5). وفيها: توفي حاطب بن أبي بلتعة. *** السنة الحادية والثلاثون فيها: افتتح حبيب بن مسلم أرمينية (6). وفيها: افتتح ابن عامر طوس ودينور حتى بلغ سرخس، وفيها: صالح أهل مرو (7).

(1) «مرآة الجنان» (1/ 84)، و «العبر» (1/ 30)، و «شذرات الذهب» (1/ 190). (2) «تاريخ الإسلام» (3/ 331)، و «العبر» (1/ 31)، و «مرآة الجنان» (1/ 84)، و «شذرات الذهب» (1/ 191). (3) «تاريخ الطبري» (4/ 269)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 480)، و «البداية والنهاية» (7/ 166). (4) «معجم البلدان» (1/ 489)، و «دول الإسلام» (1/ 20). (5) «تاريخ الطبري» (4/ 281)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 483)، و «البداية والنهاية» (7/ 167). (6) «تاريخ الطبري» (4/ 292)، و «المنتظم» (3/ 266)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 490). (7) «تاريخ الطبري» (4/ 300)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 494).

السنة الثانية والثلاثون

وفيها: قتل يزدجرد بن شهريار آخر ملوك الفرس، وتكامل فتح خراسان، وقد قيل: إن فتوح خراسان كلها كانت في أيام عمر على يد الأحنف بن قيس، ثم انتفضت في أيام عثمان (1). وفيها: صالح ابن عامر دهقان هراة على مائة وخمسين بدرة (2). وفيها: غزا عبد الله بن أبي سرح النّوبة ومقرّي، وافتتحها صلحا على أربع مائة رأس في كل سنة (3). وفيها: توفي أبو سفيان بن حرب، والحكم بن أبي العاصي الأمويان. *** السنة الثانية والثلاثون فيها: غزا معاوية رضي الله عنه مضيق القسطنطينيّة، وافتتح الأحنف بن قيس من قبل ابن عامر مرو الرّوذ والطّالقان والجوزجان والفارياب وطخارستان (4). وفيها: مات العباس بن عبد المطلب، وعبد الرحمن بن عوف الزهري، وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري، وأبو الدرداء عويمر ابن الحارث، وكعب الأحبار، وعبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه الذي رأى الأذان، وعبد الله بن مسعود الهذلي، وأبو سفيان بن حرب على خلاف (5). *** السنة الثالثة والثلاثون فيها: غزا عبد الله بن سعد بن أبي سرح بلاد الحبشة؛ يعني: النّوبة (6).

(1) «تاريخ الطبري» (4/ 293)، و «المنتظم» (3/ 266)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 290)، و «البداية والنهاية» (7/ 170). (2) «البدء والتاريخ» (5/ 198)، والبدرة: كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم، أو سبعة آلاف دينار. (3) «معجم البلدان» (5/ 174)، و «أسد الغابة» (3/ 261)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 18). (4) «تاريخ الطبري» (304/ 4 - 313)، و «المنتظم» (3/ 273)، و «البداية والنهاية» (7/ 172). (5) ذكر المصنف رحمه الله تعالى في ترجمته (1/ 289) قولين في تاريخ وفاته؛ سنة (31 هـ‍)، وسنة (34 هـ‍)، ولم يذكر سنة (32 هـ‍) كما هنا، وهو قول ذكره ابن الأثير في «أسد الغابة» (3/ 11). (6) «تاريخ الإسلام» (3/ 416)، و «مرآة الجنان» (1/ 89)، و «شذرات الذهب» (1/ 192).

السنة الرابعة والثلاثون

وفيها: صالح الأحنف بن قيس أهل بلخ على أربع مائة ألف درهم (1). وفيها: توفي المقداد بن عمرو الكندي. *** السنة الرابعة والثلاثون فيها: أخرج أهل الكوفة سعيد بن العاصي، ورضوا بأبي موسى الأشعري، وكتبوا إلى عثمان رضي الله عنه، فأمّره عليهم، ثم رد عليهم سعيدا، فخرجوا إليه ومنعوه دخول الكوفة (2). وفيها: غزا عبد الله بن أبي سرح من مصر في البحر الغزاة التي تسمى ذات الصواري، التقى المسلمون وعدوهم في البحر، فقربوا إلى الشط، وربطوا السفن بعضها إلى بعض، واقتتلوا أشد القتال، وكان الظفر للمسلمين، وجرح يومئذ قسطنطين ثلاث جراحات في عضده، وهرب من بقي من الروم (3). وفيها: ركب قسطنطين ملك الروم ابن هرقل البحر في ست مائة مركب، وقيل: في ألف مركب، فسلط الله عليهم قاصفا من الريح فأغرقهم، ونجا قسطنطين بنفسه حتى انتهى إلى صقلية، فقتلوه وقالوا: أفنيت رجالنا وقتلتهم وتنجو أنت؟ ! وقيل: إن ذلك جرى في السنة التي بعدها (4). وفيها: مات أبو طلحة الأنصاري، وعبادة بن الصامت، ومسطح بن أثاثة، وكعب الأحبار على خلاف (5)، رضي الله عنهم. وفيها: اجتمع القوم لمناظرة عثمان رضي الله عنه مما كانوا نقموا، فخرج في كل ما نقموا عليه بوجه صحيح، رضي الله عنه (6). ***

(1) «تاريخ خليفة» (1/ 165)، و «تاريخ مدينة دمشق» (24/ 315). (2) «تاريخ الإسلام» (3/ 420)، و «مرآة الجنان» (1/ 89)، و «البداية والنهاية» (7/ 179). (3) «تاريخ الطبري» (4/ 288)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 482)، و «البداية والنهاية» (7/ 169)، وقيل: كانت هذه الغزوة سنة (31 هـ‍). (4) «تاريخ الطبري» (4/ 441)، و «المنتظم» (3/ 323)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 487). (5) ذكر المصنف رحمه الله تعالى في ترجمته (1/ 296) أنه توفي سنة (32 هـ‍) ولم يذكر غير ذلك، وذكر ابن حجر في «الإصابة» (3/ 299) أنه توفي-في قول-سنة (34 هـ‍). (6) «تاريخ الطبري» (4/ 330)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 519)، و «البداية والنهاية» (7/ 179).

السنة الخامسة والثلاثون

السنة الخامسة والثلاثون فيها: سار مالك بن الأشتر في مائتي رجل من أهل الكوفة، وحكيم بن جبلة في مائة رجل من البصرة، فنزلوا ذا المروة، وكنانة بن بشر الكندي وعبد الرحمن بن عديس البلوي، وكان عمرو بن الحمق الخزاعي وسودان بن حمران التجيبي ومحمد بن أبي بكر في ست مائة رجل من أهل مصر، فنزلوا ذا خشب، وأجلبوا على عثمان وحصروه، واقترحوا عليه عزل واليه بمصر وتولية محمد بن أبي بكر، فأجابهم إلى ذلك ورجعوا، فلما كانوا بأثناء الطريق بالقرب من المدينة .. لاح لهم راكب فلزموه وفتشوه، فوجدوا معه كتابا: من عثمان إلى عامله بمصر أن يثبت على حالته ويقتل محمد بن أبي بكر، فرجعوا على أعقابهم وحصروه الحصار الثاني، فأنكر عثمان رضي الله عنه صدور ذلك منه وهو الصدوق البر، يقال: إنما فعل ذلك مروان بن الحكم؛ لأن خاتم عثمان كان بيده، فلم يقبلوا منه ذلك، فحصروه ستة وأربعين يوما. قلت: وقد تقدم في ترجمته أنهم حصروه تسعة وأربعين يوما-والله أعلم-ليخلع نفسه من الخلافة (1). وقيل: إنهم في حصارهم الأول طلبوا منه ما لهم من العادة التي يأخذها الجند من الولاة، فأمر من كتب لهم بذلك إلى عامله بمصر، ففي أثناء الطريق فتحوا الكتاب فوجدوا فيه الأمر بقتلهم، فرجعوا إليه وقالوا: كيف تأمر بقتلنا؟ فقال: ما كتب الكتاب إلا غيري، فقالوا: إن كان خطك .. فقد أمرت بقتلنا، وإن كان بخط غيرك .. فقد زور عليك وتغلب على أمرك فلا تصلح للخلافة، وليس ذلك حجة لهم؛ فإن الأخيار ليسوا معصومين من تزوير الأشرار، يقال: إن الذي زور عليه مروان، والله أعلم بحقيقة ذلك. ودخل عليه عبد الله بن سلام، فقال: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرتك، قال: فاخرج إلى الناس فاطردهم عني؛ فإنك خارج خير لي منك من داخل، فخرج عبد الله بن سلام فقال: يا أيها الناس؛ إن لله سيفا مغمودا عنكم، وإن الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا الذي نزل فيه نبيكم، فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه، فو الله؛ إن قتلتموه .. لتطردنّ جيرانكم من الملائكة، ولتسلّنّ سيف الله المغمود عليكم فلا ينغمد إلى يوم القيامة، فقالوا: اقتلوا اليهودي، واقتلوا عثمان.

(1) انظر (1/ 300).

السنة السادسة والثلاثون

وكان علي رضي الله عنه بعث الحسن والحسين رضي الله عنهما يمنعان من الدخول عليه، فرمى الناس بالسهام حتى خضب وجه الحسن بالدم، وتسور جماعة من رعاع القبائل، واقتحموا عليه داره يوم الجمعة ثاني عشر ذي الحجة والمصحف بين يديه يقرأ، فقتلوه فانتضح الدم على قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (1). وفيها: توفي عامر بن أبي ربيعة المخزومي. *** السنة السادسة والثلاثون في أولها: بويع علي رضي الله عنه بالخلافة (2)، فأول من بايعه طلحة بن عبيد الله، فنظر إليه أعرابي فقال: إنا لله، أول يد بايعت أمير المؤمنين يد شلاء وأمر لا يتم، وبايعه عامة الناس بالمدينة، وبويع له فيما عداها من البلدان، وتوقف جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وبايع حارثة بن قدامة السعدي لعلي بالبصرة، فهرب منها واليها من قبل عثمان عبد الله بن عامر إلى مكة، وخرج طلحة والزبير رضي الله عنهما من المدينة إلى مكة، وكانت عائشة رضي الله عنها قد اعتمرت، فبلغها قتل عثمان وهي بالطريق راجعة إلى المدينة، فرجعت إلى مكة، فأشار عليهم ابن عامر بقصد البصرة، وجهزهم بألف ألف درهم، وبعث إلى عائشة بالجمل الذي يسمى عسكرا اشتراه بمائتي دينار، يقال: إنه كان ليعلى بن أمية، وكان مروان قد بايع عليا بالمدينة وخرج منها إلى مكة، فخرج معهم إلى البصرة طالبين الثأر بدم عثمان لا غير، وقيل: خرجوا تغيبا عن الفتنة، فجاء مروان إلى طلحة والزبير فقال: على أيكما أسلم بالإمارة، وأنادي بالصلاة؟ فقال عبد الله بن الزبير: على أبي، وقال محمد بن طلحة: على أبي، فأرسلت عائشة إلى مروان: أتريد أن ترمي الفتنة بيننا؟ ! مروا ابن أختي فليصل بالناس؛ تعني: عبد الله بن الزبير، فلما بلغ عليّا خبر خروجهم .. ظن أنهم خرجوا لفتنة ومخالفة، فخرج من المدينة ليردهم في سبع مائة من الصحابة، فيهم أربع مائة من المهاجرين والأنصار، منهم سبعون بدريا، فالتقوا بموضع قرب البصرة يسمى الحوأب، فكانت فيه وقعة الجمل يوم الخميس لخمس خلون من جمادى

(1) «تاريخ الطبري» (4/ 340)، و «المنتظم» (3/ 301)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 526)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 429)، و «مرآة الجنان» (1/ 90)، و «البداية والنهاية» (7/ 189)، و «شذرات الذهب» (1/ 201). (2) في أكثر المصادر: بويع له بالخلافة سنة (35 هـ‍)، وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى القولين في ترجمته (1/ 324).

الأولى، قتل فيها ثلاثة وثلاثون، فيهم: طلحة بن عبيد الله، وابنه محمد المعروف بالسجاد، وزيد بن صوحان، وكعب بن سوار، وكان كل من مد يده إلى خطام الجمل من أحد الفريقين ضربه الفريق الآخر بالسيف حتى يطن يده، فيقال: إنه قطع على خطام الجمل سبعون يدا من بني ضبة وهم ينشدون: [من الرجز] نحن بنو ضبة أصحاب الجمل … ننازل الموت إذا الموت نزل والموت أشهى عندنا من العسل وعائشة رضي الله عنها راكبة على الجمل، فأشار علي بعقر ذلك الجمل فعقر، وخمد الشر وظهر علي وانتصر، وجاء إلى عائشة، فقال: غفر الله لك، قالت: ولك، ملكت فأسجح (1)؛ فما أردت إلا الإصلاح، فبلغ من الأمر ما ترى، فقال: غفر الله لك، قالت: ولك، ثم سير معها عشرين امرأة من ذوات الدين والشرف يمضين معها إلى البصرة، وأنزلها في دار وأكرمها، ثم سيرها إلى المدينة الشريفة وشيعها وودعها. وكان قبل الوقعة قد سمعت عائشة نباح الكلاب، فسألت عن اسم الموضع الذي هم فيه، فقالوا: الحوأب، فذكرت قوله صلّى الله عليه وسلم لها: «كيف بك يا حميراء إذا نبحت عليك كلاب الحوأب؟ » فقالت: ولات حين رد (2). وكان علي قد بدر الزبير وقال له: أما تذكر قوله صلّى الله عليه وسلم لك وأنا حاضر: «أما إنك ستقاتله وأنت له ظالم؟ » فقال: لم أذكر ذلك إلا الآن، ثم رجع إلى أهله واستلثم وركب فرسه، فقال علي رضي الله عنه لأصحابه: أفرجوا له ولا تتعرضوا له؛ فإنما هو مار، فشق صفوف علي رضي الله عنه، ومر عنهم تاركا للقتال إلى أن بلغ وادي السباع، فنام به فقتله ابن جرموز بغتة. وكان علي رضي الله عنه يقول: والله؛ إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من أهل هذه الآية: {وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْااناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ.} قال الشيخ اليافعي: (وما ينكر سعادة الجميع منهم وغفران الله لهم ما جرى بينهم إلا

(1) الإسجاح: حسن العفو. (2) أخرجه ابن حبان (6732)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 120)، وأحمد (6/ 52)، لكن إنما قال النبي صلّى الله عليه وسلم ذلك لنسائه عامة دون أن يخص عائشة رضي الله عنها.

السنة السابعة والثلاثون

باغض ذو ابتداع، أو جاهل ليس له بفضائلهم سماع) (1). ولما التقى الصفان وقبيل أن يلتحم القتال .. سعى بين الفريقين بالصلح طلحة حتى كاد الأمر أن ينتظم والشمل أن يلتئم، فبادر أهل النفاق خشية اجتماع الكلمة والاتفاق برمي أسهمهم خفية إلى طلحة فقتلته، وأوهم أن السهم جاء من أصحاب علي رضي الله عنه، والتحم الحرب وتفاقم الأمر، ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ولما فرغ علي من الجمل وسير عائشة إلى المدينة .. استخلف عبد الله بن عباس على البصرة وسار إلى الكوفة (2). وفيها: أظهر معاوية الخلاف، وصالح الروم على مال حمله إليهم لشغله بحرب علي رضي الله عنهما (3). وفيها: توفي أمير مصر عبد الله ابن أبي سرح، وحذيفة بن اليمان، وسلمان الفارسي، رضي الله عنهم. *** السنة السابعة والثلاثون فيها: وقعة صفّين سار علي رضي الله عنه بأهل العراق في مائة ألف، وقيل: سبعين ألفا، وقيل: خمسين ألفا، وسار معاوية رضي الله عنه بأهل الشام في سبعين ألفا. وذكر الزبير بن بكار أن جيش معاوية مائة وخمسة وثلاثون ألفا، وجيش علي مائة وعشرون أو ثلاثون ألفا، فالتقوا بصفين في شهر ربيع الأول-كما في «تاريخ الإمام أحمد ابن حنبل» -أو في شهر صفر، ولذلك تشاءمت به الناس، ودامت الحرب بينهم أياما وليالي قتل من الفريقين سبعون ألفا، من أصحاب علي رضي الله عنه خمسة وعشرون ألفا، منهم: عمار بن ياسر، وخزيمة بن ثابت الأنصاري، وأبو ليلى الأنصاري والد عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وأبو شداد قيس بن المكشوح المرادي، وجندب بن زهير الغامدي، وقيل: وجد في قتلى علي أويس بن عامر القرني، وعبيد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله عنهم.

(1) «مرآة الجنان» (1/ 99). (2) «تاريخ الطبري» (4/ 427)، و «المنتظم» (3/ 315)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 554)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 483)، و «مرآة الجنان» (1/ 95)، و «البداية والنهاية» (7/ 246)، و «شذرات الذهب» (1/ 205). (3) قال اليعقوبي في «تاريخه» (2/ 217): (وكان معاوية أول من صالح الروم، وكان صلحه إياهم في أول سنة اثنتين وأربعين).

وقتل من أصحاب معاوية رضي الله عنه خمسة وأربعون ألفا، منهم: حابس الطائي قاضي حمص، وذو الكلاع الحميري، وكريب بن الصباح الحميري. وكان الصحابة رضي الله عنهم في ذلك الوقت على ثلاثة أقسام: منهم من اتضح له أن الحق مع علي فتبعه. ومنهم من رأى الحق مع معاوية في طلبه بدم عثمان فتبعه. ومنهم من لم يتضح له الحق في أي جانب، فتوقف منهم: سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأسامة بن زيد، ومحمد بن مسلمة في آخرين رضي الله عنهم. ولما قتل عمار بن ياسر في أصحاب علي .. رجع جماعة من أصحاب المتوقفين وممن كان مع معاوية رضي الله عنه إلى علي رضي الله عنه؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم لعمار: «تقتلك الفئة الباغية» (1). فلما ظهر أصحاب علي على أهل الشام وكادوا يهزمونهم .. عدل أهل الشام عن المقاتلة إلى المماحلة بإشارة عمرو بن العاصي، فرفعوا المصاحف وطلبوا الحكم بما في كتاب الله عزّ وجل، فكف أهل العراق أيديهم عن القتال، فحثهم علي رضي الله عنه على القتال وقال: إنما هذه حيلة ومكر منهم لما رأوا أنهم مغلوبون، فقالوا: لا نقاتلهم وهم يدعون إلى الحكم بكتاب الله، فأجاب علي رضي الله عنه إلى ذلك مغلوبا، فحكّم معاوية عمرو بن العاصي، وحكّم علي رضي الله عنه أبا موسى الأشعري، فاجتمعا بدومة الجندل في شهر رمضان ومع كل واحد منهما جماعة من وجوه أصحابه، فخلا عمرو بأبي موسى وقال: أرى أن نخلع عليا ومعاوية ونختار للمسلمين رجلا يجتمعون عليه، فوافقه أبو موسى على ذلك، فقال عمرو لأبي موسى: تكلم أنت قبل؛ فإنك أفضل وأكثر سابقة، فصعد أبو موسى المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معشر المسلمين؛ اشهدوا أني خلعت عليا من الخلافة كما خلعت خاتمي هذا، وخلع خاتمه من إصبعه، ورمى به ثم نزل، وصعد عمرو وقد أخرج خاتمه وقال: اشهدوا أني أدخلت معاوية في الخلافة كما أدخلت خاتمي هذا في إصبعي، وأدخل خاتمه في إصبعه، ثم سار الشاميون وقد بنوا على هذا

(1) تقدم تخريجه في ترجمة (عمار بن ياسر رضي الله عنه) (1/ 309).

السنة الثامنة والثلاثون

الظاهر، ورجع أصحاب علي إلى الكوفة عارفين أن الذي فعله عمرو حيلة وخديعة لا يعبأ بها (1). وفيها: اختلف جيش علي رضي الله عنه، وخرجت عليه الخوارج منكرين التحكيم، وقالوا: لا حكم إلا لله (2). وفيها: عزل علي قيس بن سعد رضي الله عنه عن مصر، وولاها محمد بن أبي بكر الصديق، وعزل جعدة بن هبيرة ابن أخته أم هاني بنت أبي طالب عن خراسان، وولاها عبد الرحمن بن أبزى مولى يزيد بن ورقاء الخزاعي (3). وفيها: مات خباب بن الأرتّ بالكوفة رضي الله عنه. *** السنة الثامنة والثلاثون فيها: اجتمعت الخوارج وهم ستة آلاف أو ثمانية آلاف، فمضى إليهم علي بنفسه، وخطبهم متوكئا على قوسه، وقال لهم: هل تعلمون أن أحدا كان أكره مني للحكومة، وإنكم أكرهتموني عليها؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فعلام خالفتموني ونابذتموني؟ فقالوا: أتينا ذنبا عظيما فتبنا إلى الله منه، فتب إليه منه واستغفره .. نعد إليك. قال: فإني أستغفر الله من كل ذنب، فرجعوا معه إلى الكوفة، وأشاعوا أن عليا رجع عن التحكيم وتاب عنه ورآه ضلالة، فلما بلغ قولهم ذلك عليا .. خطب الناس وقال: من زعم أني رجعت من الحكومة .. فقد كذب، ومن رآها ضلالة .. فهو أضل منها، فلما سمعت الخوارج ذلك .. خرجت من المسجد، فقيل لعلي: إنهم خارجون فقاتلهم، فقال: لا أقاتلهم حتى يقاتلوني وسيفعلون، فاجتمعوا بحروراء، فوجه إليهم عبد الله بن

(1) «تاريخ الطبري» (4/ 563)، و «المنتظم» (3/ 361)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 628)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 536)، و «العبر» (1/ 38)، و «مرآة الجنان» (1/ 100)، و «البداية والنهاية» (7/ 270)، و «شذرات الذهب» (1/ 211). (2) «المنتظم» (3/ 372)، و «البداية والنهاية» (7/ 296). (3) «البداية والنهاية» (7/ 270).

عباس فرحبوا به وأكرموه، وقالوا: ما جاء بك يا بن عباس؟ قال: جئتكم من عند صهر رسول الله صلّى الله عليه وسلم وابن عمه، وأعلمنا بربه وسنة نبيه، ومن عند المهاجرين والأنصار. فقالوا: يا بن عباس؛ أتينا ذنبا عظيما حين حكمنا الرجال في دين الله، فإن تاب كما تبنا ونهض لمجاهدة عدونا .. رجعنا إليه. فقال لهم ابن عباس: أنشدكم الله إلا ما صدقتم، أما علمتم أن الله أمر بتحكيم الرجال في أرنب يساوي ربع درهم يصاد في الحرم فقال تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَاا عَدْلٍ مِنْكُمْ، } وكذا في شقاق رجل وامرأته بقوله تعالى: {فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها؟ } فقالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمسك عن القتال للهدنة بينه وبين قريش في الحديبية؟ فقالوا: اللهم نعم، ولكن عليا محا نفسه من الخلافة بالتحكيم. قال ابن عباس: ليس ذلك يزيلها عنه؛ فقد محا صلّى الله عليه وسلم النبوة من صحيفة الحديبية، فلم يزل ذلك عنه النبوة حيث قال لعلي: «اكتب بيننا: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله» صلّى الله عليه وسلم، فقال المشركون: لو نعلم أنك رسول الله .. لاتبعناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال لعلي رضي الله عنه: «امحها»، فقال: والله؛ لا أمحوها، فقال صلّى الله عليه وسلم: «أرني مكانها» فأراه، فمحاها وكتب: محمد بن عبد الله (1). فلما سمع ذلك الخوارج منه .. رجع منهم ألفان وبقي أربعة آلاف-أو ستة آلاف-بايعوا عبد الله بن وهب الراسبي، فخرج بهم إلى النهروان، فقتلوا عبد الله بن خباب عامل علي رضي الله عنه على المدائن، وبقروا بطن جاريته، وقتلوا ثلاث نسوة، وقتلوا الحارث بن مرة رسول علي. فلما رأى علي رضي الله عنه استحلالهم الدماء والأموال .. تبعهم، فكانت وقعة

(1) أخرج قصة الحديبية البخاري (4251)، ومسلم (1783).

النهروان، فقتل منهم ألفان وثمان مائة رجل، فيهم ذو الثّديّة الذي ذكر فيه صلّى الله عليه وسلم علامة على الفرقة المارقة من الإسلام مروق السهم من الرمية. وفي طريقهم إلى النهروان لقوا مسلما ونصرانيا، فقتلوا المسلم وأطلقوا النصراني وأوصوا به خيرا، وقالوا: احفظوا ذمة نبيكم صلّى الله عليه وسلم. وكان علي رضي الله عنه قال لأصحابه قبل الوقعة: والله؛ لا يقتل منكم عشرة، ولا يفلت منهم عشرة، فقتل من أصحاب علي سبعة، وأفلت من الخوارج ثمانية (1). وفيها: خرج الخرّيت بن راشد الناجي في ثلاث مائة من بني ناجية وارتدوا إلى النصرانية، فوجه لهم معقل بن قيس الرياحي، فقتل الخريت والمرتدين من قومه، وسبى الذرية، فاشتراهم مصقلة بن هبيرة الشيباني بثلاث مائة ألف وأعتقهم، وأدى منها مائتي ألف وهرب إلى معاوية (2). وفيها: خرج أبو مريم الخارجي في أربع مائة فصار إلى شهرزور، ثم عاد إلى الكوفة، فخرج عليهم علي فقاتلوه، فقتلهم إلا خمسين رجلا استأمنوه (3). وفيها: قتلت الخوارج عبد الله بن خبّاب، وقتل رأس الخوارج عبد الله بن وهب الراسبي. وفيها: قتل محمد بن أبي بكر الصديق بمصر، فولى علي مالك بن الحارث الأشتر مصر مكانه، فسم في الطريق بالعريش قبل أن يصل إلى مصر ومات فيها (4). وفيها: توفي سهل بن حنيف الأنصاري، وصهيب بن سنان الرومي. وفيها: ولد زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما (5). ***

(1) «تاريخ الطبري» (5/ 64)، و «المنتظم» (3/ 372)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 690)، و «العبر» (1/ 44)، و «البداية والنهاية» (7/ 303). (2) «تاريخ الطبري» (5/ 113)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 714)، و «البداية والنهاية» (7/ 339). (3) «الكامل في التاريخ» (2/ 722). (4) «تاريخ الطبري» (5/ 94)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 704)، و «شذرات الذهب» (1/ 218). (5) «تاريخ دمشق» (41/ 360)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 386).

السنة التاسعة والثلاثون

السنة التاسعة والثلاثون فيها: بعث معاوية سراياه إلى أعمال علي رضي الله عنهما، فبعث الضحاك بن قيس الفهري فأغار على الأعراب بواقصة والثعلبية، فبعث عليّ حجر بن عدي في أربعة آلاف في إثره، فلحقه بتدمر فقتل من أصحاب الضحاك جماعة وانهزم. وبعث معاوية رضي الله عنه النعمان بن بشير رضي الله عنهما في ألفين إلى عين التمر وبها مالك بن كعب، فتسلل أصحاب مالك إلى الكوفة، ولم يبق مع مالك سوى مائة رجل، فأمده مخيف بن سليم بابنه عبد الرحمن في خمسين رجلا، فانهزم أهل الشام منهم. وبعث معاوية رضي الله عنه سفيان بن عوف في ستة آلاف، فأغار على الأنبار. وبعث معاوية رضي الله عنه عبد الله بن مسعدة الفزاري في ألف وسبع مائة إلى تيماء والحجاز، فيصدّق من لقي (1)، فبعث علي رضي الله عنه المسيب بن نجبة الفزاري في ألفين، فاقتتلوا وانهزم ابن مسعدة (2). وفيها: بعث عليّ عبد الله بن عباس رضي الله عنهم يحج بالناس (3)، وبعث معاوية رضي الله عنه يزيد بن شجرة الرهاوي يحج بالناس، فتنازعا الأمر بمكة، فمشى بالصلح بينهما أبو سعيد الخدري على أن يحج بالناس شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الحجبي (4). وفيها: طمع أهل كرمان وفارس في عمال علي رضي الله عنه فأخرجوهم، فأرسل علي زياد ابن أبيه فضبط له العراق أحسن ضبط حتى خافه معاوية رضي الله عنه (5). وفيها: ماتت ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين بسرف بين مكة والمدينة في الموضع الذي بنى بها النبي صلّى الله عليه وسلم فيه، وذلك من عجائب الاتفاقات. ***

(1) يصدق: يأخذ منهم الصدقات. (2) «تاريخ الطبري» (5/ 133)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 724)، و «البداية والنهاية» (7/ 342). (3) اختلف فيمن بعثه علي رضي الله عنه ليحج بالناس في هذه السنة؛ فقيل: عبيد الله بن عباس، وقيل: قثم بن العباس، وقيل: عبد الله بن عباس كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى، انظر «تاريخ الطبري» (5/ 136)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 726). (4) «تاريخ الطبري» (5/ 136)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 726)، و «البداية والنهاية» (7/ 344). (5) «تاريخ الطبري» (5/ 137)، و «المنتظم» (3/ 401)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 730).

سنة أربعين

سنة أربعين فيها: بعث معاوية بسر بن أرطاة القرشي العامري في ثلاثة آلاف حتى قدم الحجاز، فدخل مكة والمدينة، وهرب عمال علي، وقتل من شيعة علي جماعة، ومضى إلى اليمن وعليها عبيد الله بن عباس، فهرب منه إلى الكوفة، واستخلف عبد الله بن عبد المدان على صنعاء واليمن، وترك ابنين له صغيرين بصنعاء، فدخل بسر بن أرطاة صنعاء، وقتل عبد الله بن عبد المدان، وقتل ولدي عبيد الله بن عباس الصغيرين، فوجه إليه علي رضي الله عنه جارية بن قدامة في ألفين، ووهب بن مسعود في ألفين، فسار جارية حتى أتى نجران، وقتل خلقا كثيرا من شيعة عثمان، وهرب بسر منه فتبعه حتى دخل مكة والمدينة، ثم استقر الأمر بين علي ومعاوية رضي الله عنهما على وضع الحرب بينهما، ويكون لعلي العراق ولمعاوية الشام، لا يدخل أحدهما على الآخر في عمله بجيش ولا غزو، وأن يضعا السيف (1). وفيها: قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في شهر رمضان. وفيها: مات خوات بن جبير الأنصاري، وأبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري، وأبو أسيد مالك بن ربيعة الساعدي، وقيل: بقي إلى سنة ستين، ومعيقيب الدوسي، والأشعث بن قيس الكندي، رضي الله عنهم أجمعين. وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ***

(1) «تاريخ الطبري» (5/ 139)، و «المنتظم» (3/ 403)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 732)، و «البداية والنهاية» (7/ 344).

العشرون الثالثة من المائة الأولى

العشرون الثالثة من المائة الأولى 284 - [حفصة أم المؤمنين] (1) حفصة بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين شقيقة عبد الله بن عمر، أمهما: زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة. قال عمر رضي الله عنه: ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي صلّى الله عليه وسلم بخمس سنين، وتزوجها خنيس بن حذافة السهمي فقتل ببدر (2)، فعرضها عمر رضي الله عنه على عثمان فاعتذر، فعرضها على أبي بكر فسكت، فعتب عمر رضي الله عنه من سكوته، ثم خطبها صلّى الله عليه وسلم فتزوجها في شعبان سنة ثلاث من الهجرة، فقال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما: إنما سكت؛ لأني علمت أن النبي صلّى الله عليه وسلم متكلم فيها، ولم أكن لأفشي سر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولو تركها .. لقبلتها (3)، وطلقها صلّى الله عليه وسلم، ثم راجعها حيث قال له جبريل: إنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة (4). وتوفيت أول ما بويع معاوية في سنة إحدى وأربعين، وهي بنت ستين سنة، رضي الله عنها. 285 - [صفوان بن أمية] (5) صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي المكي، يكنى: أبا وهب، وأبا أمية.

(1) «طبقات ابن سعد» (10/ 80)، و «معرفة الصحابة» (6/ 3213)، و «الاستيعاب» (ص 882)، و «المنتظم» (4/ 36)، و «أسد الغابة» (7/ 65)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 227)، و «العبر» (1/ 50)، و «مرآة الجنان» (1/ 119)، و «الإصابة» (4/ 264)، و «شذرات الذهب» (1/ 229). (2) أي: بالمدينة بسبب جراحات أصابته ببدر، وقيل: بأحد كما في مصادر ترجمته، ورجح كلاّ مرجحون، والأول أشهر، انظر «سبل الهدى والرشاد» (12/ 84). (3) أخرجه البخاري (405)، وابن حبان (4039). (4) أخرجه الضياء في «المختارة» (2507)، والحاكم في «المستدرك» (4/ 15). (5) «طبقات ابن سعد» (6/ 109)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1498)، و «الاستيعاب» (ص 342)، و «المنتظم» -

286 - [لبيد بن ربيعة]

استعار منه النبي صلّى الله عليه وسلم أدرعا يوم حنين، وشهد حنينا وهو كافر، ثم أسلم بعد حنين، وكان من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامه، وشهد اليرموك. وتوفي بمكة سنة إحدى وأربعين أو اثنتين وأربعين، وقيل: توفي عام الجمل سنة ست وثلاثين، وقيل: في خلافة عثمان، رضي الله عنه. 286 - [لبيد بن ربيعة] (1) لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامري الشاعر، يكنى: أبا عقيل-بفتح العين-كان من فحول شعراء الجاهلية، وهو القائل: [من الطويل] ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل … وكلّ نعيم لا محالة زائل (2) وفد على النبي صلّى الله عليه وسلم، فأسلم وحسن إسلامه، ولم يقل بعد إسلامه شعرا، كان يقول: أبدلني الله تعالى به القرآن، وقيل: قال هذا البيت وحده: [من الكامل] ما عاتب الحرّ الكريم كنفسه … والمرء يصلحه القرين الصالح (3) وكان شريفا في الجاهلية والإسلام، وكان نذر ألاّ تهب الصّبا إلا ذبح وأطعم، ثم نزل الكوفة، وكان المغيرة بن شعبة يقول: أعينوا أبا عقيل على مروءته، وكان اعتزل الفتن. توفي أول خلافة معاوية، وقيل: في خلافة عثمان رضي الله عنهم. 287 - [عثمان بن طلحة] (4) عثمان بن طلحة بن أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي العبدري الحجبي الصحابي.

= (4/ 10)، و «أسد الغابة» (3/ 23)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 249)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 562)، و «مرآة الجنان» (1/ 119)، و «الإصابة» (2/ 181). (1) «طبقات ابن سعد» (6/ 192)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2421)، و «الاستيعاب» (ص 639)، و «أسد الغابة» (4/ 514)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 70)، و «العبر» (1/ 50)، و «مرآة الجنان» (1/ 119)، و «الإصابة» (3/ 307)، و «شذرات الذهب» (1/ 230). (2) «ديوان لبيد» (ص 145). (3) «ديوان لبيد» (ص 59). (4) «طبقات ابن سعد» (5/ 15)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1961)، و «الاستيعاب» (ص 555)، و «المنتظم» -

288 - [الأسود بن سريع]

أسلم مع خالد بن الوليد وعمرو بن العاصي في هدنة الحديبية، وشهد فتح مكة، فدفع صلّى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة إليه وإلى ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وقال: «خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة؛ لا ينزعها منكم إلا ظالم» (1). نزل المدينة، ثم مكة وتوفي بها سنة اثنتين وأربعين، رضي الله عنه. 288 - [الأسود بن سريع] (2) الأسود بن سريع بن حمير بن عبادة السعدي أبو عبد الله. غزا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ذكره أبو موسى في الصحابة. وذكر الذهبي في كتابه «الإعلام بوفيات الأعلام»: (أن الأسود توفي سنة اثنتين وأربعين) (3)، رضي الله عنه. 289 - [عمرو بن العاصي] (4) عمرو بن العاصي-والجمهور على كتابته وكتابة أمثاله بالياء، ووقع في كتب الحديث والفقه كتبه بحذفها وهو لغة، وقد قرئ في السبع: {الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ، } و {الدّاعِ} ونحوهما-ابن وائل بن هاشم بن سعيد-مصغرا-ابن سهم القرشي السهمي، يكنى: أبا عبد الله، وأبا محمد. قدم على النبي صلّى الله عليه وسلم هو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة عام خيبر فأسلموا، وأمّره صلّى الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل على جيش هم ثلاث مائة، ثم

= (4/ 11)، و «أسد الغابة» (3/ 578)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 9)، و «مرآة الجنان» (1/ 119)، و «البداية والنهاية» (8/ 411)، و «شذرات الذهب» (1/ 231). (1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (11/ 98)، وفي «الأوسط» (492)، وعبد الرزاق في «المصنف» (9076). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 41)، و «معرفة الصحابة» (1/ 270)، و «الاستيعاب» (ص 63)، و «أسد الغابة» (1/ 103)، و «تهذيب الكمال» (3/ 222)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 9)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 34)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 252)، و «الإصابة» (1/ 59). (3) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 34). (4) «طبقات ابن سعد» (5/ 47)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1987)، و «الاستيعاب» (ص 496)، و «المنتظم» (4/ 17)، و «أسد الغابة» (4/ 244)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 30)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 54)، و «العبر» (1/ 51)، و «مرآة الجنان» (1/ 119)، و «البداية والنهاية» (8/ 414)، و «الإصابة» (3/ 2).

290 - [عبد الله بن سلام]

أمده صلّى الله عليه وسلم بجيش من المهاجرين الأولين، فيهم أبو بكر وعمر، وأميرهم أبو عبيدة ابن الجراح، وقال لأبي عبيدة: «لا تختلفا»، فكان عمرو أميرا على الجميع (1). ثم استعمله صلّى الله عليه وسلم على عمان، فلم يزل واليا عليها إلى أن توفي صلّى الله عليه وسلم، ثم أرسله أبو بكر الصديق رضي الله عنه أميرا إلى الشام، فشهد فتوحه، وولي فلسطين لعمر، ثم أرسله عمر في جيش إلى مصر ففتحها، ولم يزل واليا عليها إلى أن توفي عمر وأربع سنين من خلافة عثمان، ثم عزل فاعتزل بفلسطين، وكان يأتي المدينة أحيانا، ثم استعمله معاوية على مصر، فلم يزل واليا عليها إلى أن توفي ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وأربعين عن سبعين سنة، وكان من أبطال العرب ودهاتهم. ولما حضرته الوفاة .. دخل عليه ابن عباس، فقال: يا أبا عبد الله؛ كنت أسمعك كثيرا ما تقول: وددت لو رأيت عاقلا حضرته الوفاة حتى أسأله عما يجد، فكيف تجد؟ قال: أجد كأن السماء مطبقة على الأرض، وكأني بينهما، وكأني أتنفس من خرم إبرة، ثم قال: اللهم؛ أمرتني فلم آتمر، ونهيتني فلم أنزجر، ولست قويا فأنتصر، ولا مقوالا فأعتذر، ولا مستكبرا بل مستغفرا، لا إله إلا أنت، ولم يزل يرددها حتى توفي رضي الله عنه، فولى معاوية ابنه عبد الله بن عمرو مكانه. وفي بعض التواريخ: أن عمرا خلف من المال ثلاث مائة ألف وخمسة وعشرين ألف دينار، ومن الورق ألفي ألف درهم، وغلته بمائتي ألف دينار بمصر، وضيعة الوهط قيمتها عشرة آلاف ألف درهم (2)، رضي الله عنه. 290 - [عبد الله بن سلام] (3) عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي الأنصاري الخزرجي، من بني قينقاع من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل صلّى الله عليه وسلم، حليف بني الخزرج من الأنصار، يكنى: أبا يوسف.

(1) أخرجه أحمد (1/ 196)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (2/ 22). (2) انظر «البدء والتاريخ» (6/ 3). (3) «طبقات ابن سعد» (5/ 377)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1665)، و «الاستيعاب» (ص 437)، و «المنتظم» (4/ 28)، و «أسد الغابة» (3/ 264)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 270)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 413)، و «البداية والنهاية» (8/ 416)، و «شذرات الذهب» (1/ 233).

291 - [محمد بن مسلمة]

أسلم أول قدوم النبي صلّى الله عليه وسلم المدينة، وقالت فيه اليهود قبل أن يعلموا بإسلامه: خيرنا وابن خيرنا، فلما علموا بإسلامه .. ندموا فقالوا: شرنا وابن شرنا. وفي «الصحيحين»: عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ما سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول لحي يمشي على وجه الأرض: إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام، قال: وفيه نزلت: {وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ} الآية. اهـ‍ (1) قيل: وهو المعني بمن عنده علم الكتاب في قوله تعالى: {قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} (2). توفي بالمدينة سنة ثلاث وأربعين، رضي الله عنه. 291 - [محمد بن مسلمة] (3) محمد بن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عدي الأنصاري الحارثي المدني أبو عبد الله، ويقال: أبو عبد الرحمن. شهد بدرا وما بعدها من المشاهد الرسولية، قيل: استخلفه صلّى الله عليه وسلم في غزوة تبوك. روى عن جماعة من الصحابة والتابعين، اعتزل الفتنة، واتخذ سيفا من خشب، وأقام بالرّبذة. وتوفي بالمدينة سنة ثلاث وأربعين، وقيل: غير ذلك، رضي الله عنه. 292 - [أبو موسى الأشعري] (4) أبو موسى الأشعري، واسمه: عبد الله بن قيس بن سليم بن حضّار من اليمن، واسم أمه: ظبية بنت وهب.

(1) «صحيح البخاري» (3812)، و «صحيح مسلم» (2483). (2) أخرجه الترمذي (3256). (3) «طبقات ابن سعد» (3/ 408)، و «معرفة الصحابة» (1/ 156)، و «الاستيعاب» (ص 643)، و «أسد الغابة» (5/ 112)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 369)، و «العبر» (1/ 52)، و «مرآة الجنان» (1/ 120)، و «البداية والنهاية» (8/ 415)، و «شذرات الذهب» (1/ 234). (4) «طبقات ابن سعد» (2/ 297)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1749)، و «الاستيعاب» (ص 851)، و «أسد الغابة» -

293 - [أم حبيبة أم المؤمنين]

هاجر إلى النبي صلّى الله عليه وسلم من اليمن مع اثنين وخمسين رجلا من قومه من أهل زبيد وزمع في سفينة، وألقتهم السفينة إلى الحبشة، فأقاموا بها مع جعفر بن أبي طالب وأصحابه، ثم رجعوا من الحبشة مع جعفر وأصحابه إلى المدينة، فوجدوه صلّى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر، فأسهم لهم منها، ولم يسهم لأحد غاب عن فتحها غيرهم، واستعمله صلّى الله عليه وسلم على تهامة اليمن: زبيد وعدن والساحل، واستعمل معاذا على نجد اليمن: الجند وما والاه، وأرسلهما صلّى الله عليه وسلم معا وقال: «يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا» (1). وشهد وفاة أبي عبيدة بالأردن، وشهد خطبة عمر بالجابية، واستعمله عمر على الكوفة والبصرة، فافتتح الأهواز وأصبهان مع عدة أمصار. وكان أحد الحكمين يوم التحكيم بدومة الجندل، فخدعه عمرو بن العاصي حتى خلع عليا من الخلافة. وكان له صوت حسن في قراءة القرآن، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يسمع ويصغي إلى قراءته، وقال له: «لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود» (2). وتوفي بمكة-وقيل: بالكوفة-في آخر ذي الحجة سنة أربع وأربعين عن ثلاث وستين سنة، وقيل: توفي سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: اثنتين وأربعين، رضي الله عنه. 293 - [أم حبيبة أم المؤمنين] (3) أم حبيبة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس القرشية الأموية أم المؤمنين، واسمها: رملة على المشهور، وقيل: هند، كنيت بابنتها بنت عبيد الله بن جحش.

= (3/ 367)، و «تهذيب الكمال» (15/ 446)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 380)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 139)، و «مرآة الجنان» (1/ 120)، و «الإصابة» (2/ 351)، و «شذرات الذهب» (1/ 235). (1) أخرجه البخاري (3038)، ومسلم (1733). (2) أخرجه البخاري (5048)، ومسلم (793). (3) «طبقات ابن سعد» (10/ 94)، و «الاستيعاب» (ص 901)، و «أسد الغابة» (7/ 115)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 358)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 218)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 132)، و «البداية والنهاية» (8/ 417)، و «الإصابة» (4/ 298).

294 - [زيد بن ثابت]

أسلمت قديما، وهاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش إلى الحبشة، فتنصر زوجها ومات نصرانيا، فأرسل صلّى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري يخطبها له، ووكله في قبول نكاحها، وتولى عقد النكاح عثمان بن عفان، وقيل: خالد بن سعيد بن العاصي، وأمهرها النجاشي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أربع مائة دينار، وذلك سنة ست من الهجرة، وقدمت من الحبشة مع جعفر وأصحابه. وتوفيت بالمدينة سنة أربع وأربعين، وقيل: إنها توفيت بدمشق قدمتها زائرة أخاها معاوية فماتت بها، والصحيح: الأول، رضي الله عنهما. 294 - [زيد بن ثابت] (1) زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان-بفتح اللام-الأنصاري النجاري المدني الفرضي، الكاتب للوحي والمصحف الشريف، يكنى: أبا سعيد، وقيل: أبا عبد الرحمن. توفي أبوه وله ست سنين، وقدم صلّى الله عليه وسلم المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة وقد حفظ ست عشرة سورة، استصغره النبي صلّى الله عليه وسلم يوم بدر فرده، وشهد أحدا، وقيل: لم يشهدها، وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد، وأعطاه صلّى الله عليه وسلم راية بني النجار يوم تبوك وقال: «القرآن مقدم، وزيد أكثر أخذا للقرآن» (2). وحضر اليمامة فأصابه سهم ولم يضره. كان يكتب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويكتب له المراسلات إلى الناس أيضا، وأمره أن يتعلم كتابة اليهود؛ ليكتب لهم ويقرأ كتبهم إليه، فتعلمها في مدة يسيرة، وهو أحد الثلاثة الذين جمعوا القرآن بأمر أبي بكر وعمر. وكان عمر يستخلفه إذا حج، وقدم معه الشام، وهو الذي تولى قسمة غنائم اليرموك،

(1) «طبقات ابن سعد» (2/ 309)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1151)، و «الاستيعاب» (ص 245)، و «تاريخ دمشق» (19/ 295)، و «أسد الغابة» (2/ 278)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 200)، و «تهذيب الكمال» (10/ 24)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 426)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 53)، و «البداية والنهاية» (8/ 418)، و «الإصابة» (1/ 543). (2) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 421)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (19/ 313)، وقال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (ص 246): (وهذا عندي خبر لا يصح).

295 - [عاصم بن عدي]

واستعمله عثمان على بيت المال، وكان يستخلفه أيضا إذا حج. وكان من الراسخين في العلم، وقال فيه صلّى الله عليه وسلم: «أفرضكم زيد» (1). وكان إذا ركب .. أخذ ابن عباس بركابه، فيقول: ما هذا يا بن عباس؟ فيقول: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فيقبل هو كف ابن عباس ويقول: هكذا أمرنا أن نفعل ببيت نبينا. توفي بالمدينة سنة خمس وأربعين، وقيل: أربع وخمسين. وكان رضي الله عنه يقول بصحة الدّور وعدم وقوع الطلاق في المسألة السّريجيّة (2). قلت: قال العامري في «رياضه»: (كان زيد عثمانيا؛ فلم يشهد شيئا من حروب علي) (3)، رضي الله عنهم، والله أعلم. 295 - [عاصم بن عدي] (4) عاصم بن عدي بن الجد-بفتح الجيم-ابن العجلان القضاعي حليف الأنصار. كان صلّى الله عليه وسلم استعمله على قباء وأهل العالية، فلم يشهد بدرا، فضرب له صلّى الله عليه وسلم سهمه، وهو صاحب عويمر العجلاني في قصة اللعان. توفي سنة خمس وأربعين، وعاش مائة وخمس عشرة سنة، وقيل: مائة وعشرين سنة، كذا في «الكاشغري» (5)، رضي الله عنه.

(1) أخرجه ابن حبان (7131)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 422)، والترمذي (3790). (2) عبارة الإمام النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 201): (ومن الغرائب المنقولة عن زيد بن ثابت: ما حكيته عنه من أنه كان يقول بصحة الدور في المسألة السريجية)، والمسألة السريجية: سميت بذلك نسبة إلى الإمام أبي العباس أحمد بن عمر بن سريج المتوفى سنة (306 هـ‍)، وصورتها: أن يقول لزوجته: (متى وقع عليك طلاقي .. فأنت طالق قبله ثلاثا)، وانظر الكلام عن المسألة في «تحفة المحتاج» (8/ 114). (3) «الرياض المستطابة» (ص 85). (4) «طبقات ابن سعد» (3/ 432)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2139)، و «الاستيعاب» (ص 574)، و «أسد الغابة» (3/ 114)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 255)، و «الإصابة» (2/ 237)، و «شذرات الذهب» (1/ 239). (5) انظر «مختصر أسد الغابة» (خ/194/ب).

296 - [المستورد بن شداد]

296 - [المستورد بن شداد] (1) المستورد بن شداد بن عمرو بن حسل القرشي الفهري الصحابي. روى حديث: «ما الدنيا في الآخرة إلا كما يضع أحدكم إصبعه في اليم، فلينظر بم يرجع؟ » (2)، وله حديث آخر، سكن الكوفة ثم مصر. ذكر الذهبي: أنه توفي سنة خمس وأربعين (3)، رضي الله عنه. 297 - [عبد الرحمن بن خالد بن الوليد] (4) عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي. رأى النبي صلّى الله عليه وسلم، وروى حديثا مرسلا، وكان إليه لواء معاوية يوم صفين، وكان شريفا جوادا ممدحا مطاعا. توفي سنة ست وأربعين، رضي الله عنه. 298 - [عبد الله بن عياش] (5) عبد الله بن عياش-بياء آخر الحروف وشين معجمة-ابن أبي ربيعة المخزومي، يكنى: أبا الحارث. ولد بالحبشة، وله صحبة ورواية. واستشهد بسجستان سنة ثمان وأربعين، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 542)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2602)، و «الاستيعاب» (ص 702)، و «أسد الغابة» (5/ 154)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 88)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 302)، و «الإصابة» (3/ 387). (2) أخرجه مسلم (2858)، وابن حبان (4330)، والترمذي (2323). (3) انظر «تاريخ الإسلام» (4/ 14). (4) «معرفة الصحابة» (4/ 1844)، و «الاستيعاب» (ص 450)، و «أسد الغابة» (3/ 440)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 76)، و «العبر» (1/ 53)، و «مرآة الجنان» (1/ 122)، و «الإصابة» (3/ 68)، و «شذرات الذهب» (1/ 239). (5) «طبقات ابن سعد» (7/ 32)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1739)، و «الاستيعاب» (ص 429)، و «أسد الغابة» (3/ 360)، و «العبر» (1/ 55)، و «مرآة الجنان» (1/ 122)، و «الإصابة» (2/ 348)، و «شذرات الذهب» (1/ 241).

299 - [الحسن سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم]

299 - [الحسن سبط رسول الله صلّى الله عليه وسلم] (1) الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي. سبط رسول الله صلّى الله عليه وسلم وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة. أمه: فاطمة الزهراء، سيدة نساء العالمين. ولد في نصف رمضان سنة ثلاث من الهجرة، وعقّ عنه صلّى الله عليه وسلم يوم سابعه، وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضة، وسماه الحسن، وكناه أبا محمد. قيل: ولم يكن يعرف هذا الاسم في الجاهلية، حجب الله اسم الحسن والحسين حتى سمى بهما النبي صلّى الله عليه وسلم ابنيه، وأما اللذان كانا باليمن: فحسن بإسكان السين، وحسين بفتح الحاء وكسر السين. وأرضعت الحسن امرأة العباس مع ابنها قثم بن العباس، وحج رضي الله عنه خمسا وعشرين حجة ماشيا والجنائب تقاد من بين يديه، وتصدق بنصف ماله حتى كان يتصدق بنعل ويمسك نعلا، وخرج من ماله كله مرتين. وكان حليما كريما ورعا، دعاه حلمه وورعه إلى ترك الدنيا والخلافة لله تعالى؛ فإنه لما توفي أبوه في شهر رمضان سنة أربعين .. بايعه أكثر من أربعين ألفا، وبقي نحو ستة أشهر خليفة بالحجاز واليمن والعراق وخراسان وغير ذلك، ثم سار إليه معاوية من الشام، وسار هو إليه، فلما تقاربا .. علم رضي الله عنه أنه لن تغلب إحدى الطائفتين إلا بقتل عالم من المسلمين، فأرسل إلى معاوية يبذل له تسليم الأمر على أن تكون الخلافة له بعده، وعلى ألاّ يطالب أحدا من أهل المدينة والحجاز والعراق بشيء مما كان أيام أبيه، وغير ذلك من القواعد، فأجابه معاوية، فاصطلحا وظهرت بذلك المعجزة النبوية في قوله صلّى الله عليه وسلم للحسن: «إن ابني هذا سيد يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (2). وكان رضي الله عنه شبيها بالنبي صلّى الله عليه وسلم، وفضائله كثيرة.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 352)، و «معرفة الصحابة» (2/ 654)، و «الاستيعاب» (ص 179)، و «المنتظم» (4/ 48)، و «أسد الغابة» (2/ 10)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 158)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 245)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 33)، و «مرآة الجنان» (1/ 122)، و «البداية والنهاية» (8/ 422)، و «الإصابة» (1/ 327). (2) أخرجه البخاري (2704)، وأبو داود (4662)، والترمذي (3773).

300 - [المغيرة بن شعبة]

توفي مسموما سنة تسع وأربعين، وقيل: سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين، وقبره بالبقيع مشهور، رضي الله عنه. 300 - [المغيرة بن شعبة] (1) المغيرة-بضم الميم أشهر من كسرها-ابن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتّب الثقفي الكوفي أبو عبد الله. أسلم عام الخندق، وشهد الحديبية، وله في صلحها كلام مع عروة بن مسعود الثقفي معروف. وشهد اليمامة وفتح الشام، وذهبت عينه يوم اليرموك، وشهد القادسية وفتح همذان، وكان على ميسرة النعمان بن مقرن يوم نهاوند، وولاه عمر البصرة مدة، ثم نقله عنها فولاه الكوفة، فلم يزل عليها حتى قتل عمر، وأمّره عثمان ثم عزله، واعتزل الفتنة وشهد الحكمين، واستعمله معاوية على الكوفة فلم يزل متوليا عليها حتى توفي بها سنة خمسين أو إحدى وخمسين. وأحصن في الإسلام ثلاث مائة امرأة، وقيل: ألفا، وكان من دهاة العرب، رضي الله عنه. 301 - [عبد الرحمن بن سمرة] (2) عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي المكي ثم البصري أبو سعيد. أسلم عام الفتح، وكان اسمه عبد الكعبة، وقيل: عبد كلال، فسماه صلّى الله عليه وسلم عبد الرحمن.

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 173)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2582)، و «الاستيعاب» (ص 665)، و «أسد الغابة» (5/ 247)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 109)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 21)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 117)، و «مرآة الجنان» (1/ 124)، و «الإصابة» (3/ 432)، و «شذرات الذهب» (1/ 245). (2) «طبقات ابن سعد» (6/ 40)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1816)، و «الاستيعاب» (ص 447)، و «أسد الغابة» (3/ 454)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 296)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 571)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 77)، و «مرآة الجنان» (1/ 124)، و «الإصابة» (2/ 393).

302 - [كعب بن مالك]

صحب النبي صلّى الله عليه وسلم، وغزا خراسان في زمن عثمان ففتح سجستان وكابل، وكان متواضعا؛ إذا وقع المطر .. لبس برنسا وأخذ المسحاة وكنس الطريق. سكن البصرة وتوفي بها-وقيل: بمرو، وإنه أول من دفن بمرو من الصحابة-سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين، رضي الله عنه. 302 - [كعب بن مالك] (1) كعب بن مالك بن عمرو بن القين بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة-بكسر اللام- الأنصاري الخزرجي السّلمي-بفتح السين واللام-أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الرحمن. جرح بأحد أحد عشر جرحا، وشهد المشاهد كلها إلا بدرا وتبوك، وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم وأنزل فيهم: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} الآية، وقصتهم مشهورة في «الصحيحين» (2)، وهم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية. وهو أحد شعراء رسول الله صلّى الله عليه وسلم الثلاثة، وهم: حسان وكان يقبل على الأنساب، وعبد الله بن رواحة وكان يعيرهم بالكفر، وكعب بن مالك وكان يخوفهم الحرب. توفي كعب بالمدينة سنة خمسين، رضي الله عنه. 303 - [صفية أم المؤمنين] (3) صفية بنت حييّ بن أخطب أم المؤمنين النّضيرية من بني النّضير، وهي من ولد هارون بن عمران أخي موسى بن عمران، وأمها: برة بنت سموءل. تزوجها كنانة بن الربيع اليهودي، فقالت له: إني رأيت في المنام كأن القمر سقط في

(1) «طبقات ابن سعد» (4/ 393)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2366)، و «الاستيعاب» (ص 625)، و «أسد الغابة» (4/ 487)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 69)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 523)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 106)، و «مرآة الجنان» (1/ 124)، و «الإصابة» (3/ 285)، و «شذرات الذهب» (1/ 244). (2) «صحيح البخاري» (4418)، و «صحيح مسلم» (2769). (3) «طبقات ابن سعد» (10/ 116)، و «معرفة الصحابة» (6/ 3231)، و «الاستيعاب» (ص 916)، و «أسد الغابة» (7/ 169)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 348)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 231)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 67)، و «مرآة الجنان» (1/ 124)، و «الإصابة» (4/ 337)، و «شذرات الذهب» (1/ 245).

304 - [عمرو بن الحمق]

حجري، فقال لها: كأنك تريدين محمدا ملك الحجاز، ولطمها فأخضرت عينها منها، وفتح صلّى الله عليه وسلم خيبر بالقرب من ذلك، فاصطفى صفية ثم أعتقها وتزوجها، ولم تبلغ إذ ذاك سبع عشرة سنة، وسألها عما بعينها فأخبرته بقضية رؤياها، وكانت من عقلاء النساء. توفيت بالمدينة سنة خمسين، وقيل: اثنتين وخمسين. قال النووي: (وأما قول ابن قتيبة وغيره: إنها توفيت سنة ست وثلاثين .. فغريب ضعيف، ودفنت بالبقيع) (1)، رضي الله عنها. 304 - [عمرو بن الحمق] (2) عمرو بن الحمق بن الكاهن الخزاعي. قال ابن الأثير: (هاجر إلى المدينة بعد الحديبية، وقيل: أسلم عام حجة الوداع، والأول أصح، له صحبة ورواية، وسكن الكوفة، وقبره بظاهر الموصل يزار ويتبرك به، وعليه مشهد كبير) اهـ‍ (3) وذكر الذهبي عمرو بن الحمق فيمن توفي سنة خمسين (4)، رضي الله عنه. 305 - [سعيد بن زيد] (5) سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي العدوي المكي المدني، يكنى: أبا الأعور، وقيل: أبا ثور. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عنهم

(1) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 349). (2) «طبقات ابن سعد» (6/ 283)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2006)، و «الاستيعاب» (ص 503)، و «أسد الغابة» (4/ 217)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 87)، و «الإصابة» (2/ 526). (3) «أسد الغابة» (4/ 218). (4) انظر «تاريخ الإسلام» (4/ 89). (5) «طبقات ابن سعد» (3/ 352)، و «معرفة الصحابة» (1/ 140)، و «الاستيعاب» (ص 269)، و «المنتظم» (4/ 68)، و «أسد الغابة» (2/ 387)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 124)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 221)، و «مرآة الجنان» (1/ 124)، و «البداية والنهاية» (8/ 448)، و «الإصابة» (2/ 44)، و «شذرات الذهب» (1/ 246).

306 - [أبو أيوب الأنصاري]

راض، وهو ابن عم عمر بن الخطاب، وزوج أخته فاطمة بنت الخطاب. أسلم قديما قبل إسلام عمر، وهو من المهاجرين الأولين، آخى صلّى الله عليه وسلم بينه وبين أبيّ بن كعب، وكان قد أرسله صلّى الله عليه وسلم هو وطلحة بن عبيد الله يتحسسان أخبار العير بطريق الشام، فوقعت وقعة بدر وهما غائبان، فضرب صلّى الله عليه وسلم لهما بسهمهما وأجرهما، وشهد ما بعدها من المشاهد، وشهد اليرموك وحصار دمشق، وكان مجاب الدعوة، وقصته مع أروى بنت أوس مشهورة في الصحيح. توفي بالعقيق-أو بالمدينة-سنة خمسين أو إحدى وخمسين، وغسله ابن عمر، رضي الله عنه. 306 - [أبو أيوب الأنصاري] (1) خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار، المعروف بأبي أيوب الأنصاري الخزرجي النجاري الصحابي الجليل. نزل النبي صلّى الله عليه وسلم في بيته أول قدومه المدينة، وأقام عنده شهرا حتى بنيت مساكنه ومساجده صلّى الله عليه وسلم. قال الشيخ اليافعي: (وفي منزل أبي أيوب بنيت المدرسة المعروفة بالشهابية) (2). شهد العقبة وبدرا وما بعدها من المشاهد الرسولية. وتوفي غازيا الروم مع يزيد بن معاوية، فلما بلغوا القسطنطينية .. توفي أبو أيوب رضي الله عنه سنة خمسين أو إحدى أو اثنتين وخمسين، وركب يزيد في جيشه إلى قرب سور القسطنطينية ودفنه هناك، فقالوا: أمنت أن ننبشه إذا قفلتم، قال: لئن نبشتموه .. لأنبشن على قبر كل نصراني بالشام، ولأهدمن كل كنيسة بها، فكانوا يحرسون قبره، ويستمطرون به، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (3/ 449)، و «معرفة الصحابة» (2/ 933)، و «الاستيعاب» (ص 196)، و «أسد الغابة» (2/ 94)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 402)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 328)، و «الإصابة» (1/ 404)، و «شذرات الذهب» (1/ 246)، و «مرآة الجنان» (1/ 124). (2) «مرآة الجنان» (1/ 124).

307 - [حجر الخير]

307 - [حجر الخير] (1) حجر بن عدي بن معاوية الكندي المعروف بحجر الخير. كان من فضلاء الصحابة مجاب الدعوة، وله جهاد وعبادة، شهد القادسية. قبض عليه زياد ابن أبيه، وبعث به وبأصحابه إلى معاوية رضي الله عنه، فلما بلغوا مرج عذراء .. قتل هو وأصحابه، ويقال: كان ذلك بأمر معاوية، فقالت له عائشة في قتله كلاما طويلا، فقال: دعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا. قتل سنة إحدى وخمسين، رضي الله عنه. 308 - [عمران بن الحصين] (2) عمران بن الحصين بن عبيد بن خلف بن عبد نهم بن سالم الخزاعي البصري. أسلم هو وأبو هريرة عام خيبر سنة سبع، وغزا مع النبي صلّى الله عليه وسلم غزوات، وبعثه عمر بن الخطاب إلى البصرة ليفقه أهلها، واستقضاه عبد الله بن عامر على البصرة أياما، ثم استعفاه فأعفاه، وكان الحسن البصري يحلف بالله ما قدم البصرة راكب خير لهم من عمران. كان يسمع تسليم الملائكة عليه ويراهم حتى اكتوى فانحبس ذلك عنه، ثم ترك الكي فعادوا إليه. وكان من فضلاء الصحابة مجاب الدعوة، اعتزل الفتنة وحروبها. وتوفي بالبصرة سنة اثنتين وخمسين. وذكر ابن الجوزي إسلام والده حصين (3)، وفي «صحيح الترمذي» ما يؤيد ذلك (4)، والله سبحانه أعلم، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 337)، و «الاستيعاب» (ص 173)، و «أسد الغابة» (1/ 461)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 462)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 193)، و «مرآة الجنان» (1/ 125)، و «الإصابة» (1/ 313)، و «شذرات الذهب» (1/ 247). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 190)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2108)، و «الاستيعاب» (ص 521)، و «المنتظم» (4/ 75)، و «أسد الغابة» (4/ 281)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 35)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 508)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 273)، و «البداية والنهاية» (8/ 452)، و «الإصابة» (3/ 27). (3) ذكر ذلك في كتابه «التلقيح» كما نقله عنه الإمام النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 36). (4) «سنن الترمذي» (3483).

309 - [كعب بن عجرة]

309 - [كعب بن عجرة] (1) كعب بن عجرة-بضم العين-ابن أمية بن عدي، يكنى: أبا محمد البلوي. حليف الأنصار، تأخر إسلامه، وشهد بيعة الرضوان، وفيه نزل قوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، } سكن الكوفة. وتوفي بالمدينة سنة اثنتين وخمسين-وقيل: إحدى، وقيل: ثلاث وخمسين-وله سبع وسبعون سنة، رضي الله عنه. 310 - [معاوية بن حديج] (2) معاوية بن حديج-بضم المهملة وآخره جيم مصغرا-ابن جفنة السّكوني الكندي التجيبي الصحابي، يكنى: أبا عبد الرحمن، وأبا نعيم، يعد في المصريين. غزا إفريقية أميرا ثلاث مرات، وأصيبت عينه بها، قيل: وغزا الحبشة مع ابن أبي سرح. ذكره اليافعي تبعا للذهبي فيمن توفي سنة اثنتين وخمسين (3). وذكر النووي في «التهذيب» وابن الأثير: أنه توفي قبل ابن عمر بيسير (4)، رضي الله عنه. 311 - [أبو بكرة] (5) نفيع بن الحارث بن كلدة الثقفي البصري المعروف بأبي بكرة؛ لأنه أسلم بالطائف والنبي

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 386)، و «الاستيعاب» (ص 626)، و «أسد الغابة» (4/ 481)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 68)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 52)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 293)، و «مرآة الجنان» (1/ 125)، و «الإصابة» (3/ 281)، و «شذرات الذهب» (1/ 249). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 508)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2503)، و «الاستيعاب» (ص 672)، و «أسد الغابة» (5/ 206)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 101)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 37)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 304)، و «مرآة الجنان» (1/ 125)، و «الإصابة» (3/ 411)، و «شذرات الذهب» (1/ 250). (3) انظر «مرآة الجنان» (1/ 125)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 40). (4) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 102)، و «أسد الغابة» (5/ 207). (5) «طبقات ابن سعد» (9/ 15)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2680)، و «الاستيعاب» (ص 731)، و «أسد الغابة» (5/ 354)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 333)، و «مرآة الجنان» (1/ 125)، و «الإصابة» (3/ 452)، و «شذرات الذهب» (1/ 250).

312 - [جرير بن عبد الله البجلي]

صلّى الله عليه وسلم محاصرها، ولم يمكنه الخروج إليه، فتدلى من حصن الطائف ببكرة في جماعة إلى النبي صلّى الله عليه وسلم. أمه: سمية أمة للحارث بن كلدة، وهي أيضا أم زياد ابن أبيه الذي استلحقه معاوية رضي الله عنه. كان من الفضلاء الصالحين، قال الحسن البصري: لم يكن بالبصرة أفضل من عمران بن حصين وأبي بكرة، واعتزل أبو بكرة يوم الجمل، وأنكر استلحاق معاوية لزياد. وتوفي بالبصرة سنة اثنتين أو إحدى وخمسين، رضي الله عنه. 312 - [جرير بن عبد الله البجلي] (1) جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك البجلي الأحمسي نسبة إلى بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة أم ولد أنمار بن نزار نسبوا إليها. أسلم جرير في شهر رمضان سنة عشر في سنة حجة الوداع، وبعثه صلّى الله عليه وسلم إلى خثعم، فكسر اليمانية وحرقها، فبرّك صلّى الله عليه وسلم في خيل أحمس ورجالها. وكان عمر يقول: جرير يوسف هذه الأمة لحسنه، وكان طويلا يصل سنام البعير، ونعله ذراع. نزل الكوفة، ولما وقعت الفتنة .. اعتزل الفتن وتحول إلى الجزيرة، وأقام بالجزيرة إلى أن توفي سنة إحدى أو اثنتين وخمسين، وقيل: أربع وخمسين. دعا له النبي صلّى الله عليه وسلم وقال: «اللهمّ؛ ثبّته واجعله هاديا مهديّا» (2). وقال: (ما حجبني رسول الله صلّى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم) (3)، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 145)، و «معرفة الصحابة» (2/ 591)، و «الاستيعاب» (ص 120)، و «المنتظم» (4/ 66)، و «أسد الغابة» (1/ 233)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 147)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 530)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 185)، و «مرآة الجنان» (1/ 125)، و «الإصابة» (1/ 233). (2) أخرجه البخاري (3020)، ومسلم (2475). (3) أخرجه البخاري (3036)، ومسلم (2475).

313 - [عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق]

313 - [عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق] (1) عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي أبو عبد الله. شهد بدرا وأحدا في الجانب الأشأم، ثم أسلم في هدنة الحديبية وحسن إسلامه، وكان اسمه عبد الكعبة أو عبد العزى، فسماه صلّى الله عليه وسلم عبد الرحمن. وكان شجاعا حسن الرمي، قتل يوم اليمامة سبعة من كبار الكفار، منهم محكّم اليمامة بن طفيل، رماه بسهم في نحره فقتله، وكان محكم في ثلمة من الحصن، فلما قتله .. دخله المسلمون، وهو شقيق عائشة، أمهما: أم رومان، وهو أسن ولد أبي بكر، ولا يعلم أربعة ذكور متوالدون في الإسلام صحبوا النبي صلّى الله عليه وسلم غير عبد الرحمن، وأبيه أبي بكر، وجده أبي قحافة، وابنه محمد بن عبد الرحمن أبي عتيق، رضي الله عنهم. وتوفي بالحبشي-جبل بينه وبين مكة ستة أميال، وقيل: نحو عشرة-وحمل على رقاب الرجال إلى مكة، فدفن بها في سنة ثلاث وخمسين (2). وكان أبى البيعة ليزيد بن معاوية، فبعثوا إليه بمائة ألف درهم ليستعطفوه بها، فردها وقال: لا أبيع ديني بدنياي، رضي الله عنه. 314 - [زياد ابن أبيه] (3) زياد ابن سمية مولاة الحارث بن كلدة، وهي أمه وأم أبي بكرة، ويقال له: زياد ابن أبيه، وزياد ابن أبي سفيان صخر بن حرب؛ لأن معاوية بن أبي سفيان استلحقه وقال: هو أخي وابن أبي، يكنى زياد: أبا المغيرة.

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 21)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1815)، و «الاستيعاب» (ص 446)، و «أسد الغابة» (3/ 466)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 294)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 471)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 265)، و «مرآة الجنان» (1/ 126)، و «الإصابة» (2/ 399)، و «شذرات الذهب» (1/ 251). (2) في تاريخ وفاته هذا تعارض مع ما سيأتي في حوادث سنة (56 هـ‍)، وقد نبه المصنف رحمه الله تعالى على هذا التعارض في تلك الحادثة، وطلب أن يحقق فيه؛ فانظر تحقيقه (1/ 390). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 98)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1217)، و «الاستيعاب» (ص 254)، و «أسد الغابة» (2/ 271)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 192)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 494)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 207)، و «مرآة الجنان» (1/ 126)، و «البداية والنهاية» (8/ 453)، و «الإصابة» (1/ 563).

315 - [عمرو بن حزم]

ولد عام هاجر صلّى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقيل: عام بدر. وكان من دهاة العرب والخطباء الفصحاء، استعمله عمر على بعض أعمال البصرة، وقيل: استعمله أبو موسى وكان كاتبه، واستعمله علي على بلاد فارس فأحكمها وضبطها، ولم يزل مع علي إلى أن قتل وسلّم الحسن الأمر إلى معاوية، فاستعصم بقلاع فارس، وخاف معاوية فاستلحقه سنة أربع وأربعين، وأرسل إليه المغيرة بن شعبة فلأم بينهما، ثم استعمله على البصرة والكوفة، وبقي عليهما إلى أن مات سنة ثلاث وخمسين. يقال: إنه قال لمعاوية: إني قد ضبطت العراق بشمالي ويميني فارغة فاشغلها بالحجاز، فبلغ ذلك عبد الله بن عمر، فقال: اللهم؛ اكفنا شر زياد، فأصيب في يده ومات من ذلك، رضي الله عنه. 315 - [عمرو بن حزم] (1) عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان-بفتح اللام-الأنصاري الخزرجي النجاري. أول مشاهده مع النبي صلّى الله عليه وسلم الخندق، واستعمله صلّى الله عليه وسلم على نجران وهو ابن سبع عشرة سنة، وبعث معه كتابا فيه الفرائض والسنن والصدقات والجروح والديات، وكتابه هذا مشهور رواه أبو داود والنسائي متفرقا، وأكملهم له رواية النسائي في (الديات) (2)، ولم يستوفه أحد منهم في موضع. توفي سنة إحدى أو ثلاث أو أربع وخمسين، رضي الله عنه. 316 - [فيروز الديلمي] (3) فيروز الديلمي، يكنى أبا عبد الله، أو أبا عبد الرحمن، أو أبا الضحاك، ويقال له: فيروز بن الديلمي، ويقال له: فيروز الحميري لنزوله في حمير.

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 317)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1980)، و «الاستيعاب» (ص 500)، و «أسد الغابة» (4/ 214)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 26)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 278)، و «مرآة الجنان» (1/ 126)، و «الإصابة» (2/ 525)، و «شذرات الذهب» (1/ 252). (2) «المجتبى» (57/ 8 - 59)، و «السنن الكبرى» من رقم (7029) إلى رقم (7033). (3) «طبقات ابن سعد» (6/ 317)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2297)، و «الاستيعاب» (ص 602)، و «أسد الغابة» (4/ 371)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 52)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 286)، و «مرآة الجنان» (1/ 126)، و «الإصابة» (3/ 204)، و «شذرات الذهب» (1/ 252).

317 - [فضالة بن عبيد]

وهو واحد من أبناء الفرس الذين بعثهم كسرى إلى اليمن، فنفوا الحبشة عنها واستولوا عليها، كتب كسرى: بلغني أن شخصا بمكة يدعي النبوة، فسر إليه واستتبه، فإن تاب .. وإلا فابعث إلى برأسه، فأرسل بكتابه إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فجوّب صلّى الله عليه وسلم لفيروز: «إن الله قاتل كسرى في يوم كذا في شهر كذا»، فلما وقف فيروز على كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم .. توقف لينظر صدق ذلك، فقتل الله كسرى على يد ابنه في اليوم الذي ذكره صلّى الله عليه وسلم، فأسلم فيروز ووفد إلى النبي صلّى الله عليه وسلم. وهو قاتل العنسي الكذاب الذي ادعى النبوة باليمن، قتله في آخر حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ووصل خبر قتله إلى النبي صلّى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه، فقال صلّى الله عليه وسلم: «قتله الرجل الصالح فيروز» (1)، وفي رواية: «قتله رجل مبارك من أهل بيت مبارك» (2). قال النووي: (هذا قول كثيرين أو الأكثرين، وقال الواقدي وخليفة بن خياط وآخرون من أهل المغازي: إنما قتله في خلافة أبي بكر سنة إحدى عشرة، وصوبه الحاكم أبو أحمد، وأطنب في إنكار من قال بالأول، وقال ابن منده: إن فيروز الديلمي ابن أخت النجاشي) (3). ذكره اليافعي فيمن توفي سنة ثلاث وخمسين (4)، وذكر ابن الأثير والنووي: أنه توفي في خلافة عثمان (5)، والله أعلم بالصواب، رضي الله عنه. 317 - [فضالة بن عبيد] (6) فضالة بن عبيد بن نافذ-بالمعجمة-ابن قيس بن صهيب بن الأصرم الأنصاري الأوسي العمري.

(1) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (49/ 16). (2) أخرجها الطبري في «تاريخه» (3/ 236)، وابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 462). (3) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 53). (4) انظر «مرآة الجنان» (1/ 126). (5) انظر «أسد الغابة» (4/ 371)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 53). (6) «طبقات ابن سعد» (4/ 307)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2282)، و «الاستيعاب» (ص 599)، و «أسد الغابة» (4/ 363)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 113)، و «العبر» (1/ 58)، و «مرآة الجنان» (1/ 26)، و «البداية والنهاية» (8/ 471)، و «الإصابة» (3/ 201)، و «شذرات الذهب» (1/ 258).

318 - [أسامة بن زيد]

أول مشاهده أحد، وشهد ما بعدها من المشاهد، وشهد فتح مصر، وسكن دمشق وولي قضاءها لمعاوية، وأمّره على غزوة الروم في البحر. وتوفي بدمشق سنة ثلاث وخمسين. ونقلوا: أن معاوية حمل نعشه وقال لابنه: أعنّي يا بني؛ فإنك لا تحمل بعده مثله، وهذا يردّ قول من قال: إنه توفي سنة تسع وستين، رضي الله عنه. 318 - [أسامة بن زيد] (1) أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب الكلبي الهاشمي بالولاء، أمه: أم أيمن بركة حاضنة النبي صلّى الله عليه وسلم. وهو حبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم وابن حبّه، أمّره النبي صلّى الله عليه وسلم وهو ابن عشرين أو تسع عشرة سنة، وفضائله ومناقبه كثيرة. توفي رضي الله عنه بوادي القرى وحمل إلى المدينة سنة أربع أو ثمان أو تسع وخمسين، وقيل: سنة أربعين بعد علي بقليل، رضي الله عنه. 319 - [ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم] (2) ثوبان بن بجدد-بضم الموحدة وسكون الجيم ودال مهملة مكررة الأولى مضمومة- الهاشمي بالولاء، من أهل السراة-موضع بين مكة واليمن-وقيل: إنه من حمير. أصابه سباء، فاشتراه صلّى الله عليه وسلم فأعتقه، ولازمه حضرا وسفرا حتى توفي صلّى الله عليه وسلم، فنزل الرملة، ثم انتقل إلى حمص، فتوفي بها سنة خمس وأربعين، وقيل: سنة أربع وخمسين، وعليه اقتصر اليافعي تبعا للذهبي (3)، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (4/ 57)، و «معرفة الصحابة» (1/ 224)، و «الاستيعاب» (ص 46)، و «أسد الغابة» (1/ 79)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 113)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 496)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 173)، و «البداية والنهاية» (8/ 459)، و «الإصابة» (1/ 46)، و «شذرات الذهب» (1/ 253). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 99)، و «معرفة الصحابة» (1/ 501)، و «الاستيعاب» (ص 108)، و «المنتظم» (4/ 88)، و «أسد الغابة» (1/ 296)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 15)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 182)، و «البداية والنهاية» (8/ 460)، و «الإصابة» (1/ 205)، و «شذرات الذهب» (1/ 253). (3) انظر «مرآة الجنان» (1/ 126)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 18)، وعليه اقتصرت باقي المصادر؛ فلم نجد من ذكر أنه توفي سنة (45 هـ‍).

320 - [جبير بن مطعم]

320 - [جبير بن مطعم] (1) جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي المدني. أسلم قبل عام خيبر، وقيل: يوم فتح مكة، وكان من حلماء قريش وساداتهم. توفي بالمدينة سنة أربع وخمسين، وقال ابن قتيبة: (سنة تسع وخمسين) (2)، رضي الله عنه. 321 - [حسان بن ثابت] (3) حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري النجاري المدني، يكنى: أبا عبد الرحمن، وأبا الوليد، وأبا الحسام؛ لمناضلته عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وتقطيعه الكفار بشعره، وتمزيق أعراضهم. قال صلّى الله عليه وسلم: «اهج المشركين وروح القدس-يعني جبريل-معك» (4)، وفي رواية: «اللهمّ؛ أيّده بروح القدس» (5). ووهب له صلّى الله عليه وسلم سيرين أخت مارية أمّ إبراهيم من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فولدت له ابنه عبد الرحمن بن حسان هو ابن خالة إبراهيم بن سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ولد قبل مولد النبي صلّى الله عليه وسلم بسبع أو ثمان سنين. روي عنه أنه قال: كنت غلاما يفعا أعي ما أسمع ابن سبع أو ثمان سنين، فرأيت يهوديا وافى على أطم ونادى: إن نجم محمد قد طلع هذه الليلة، وذلك قبل ميلاده صلّى الله عليه وسلم.

(1) «طبقات ابن سعد» (1/ 227)، و «معرفة الصحابة» (2/ 518)، و «الاستيعاب» (ص 119)، و «المنتظم» (4/ 53)، و «أسد الغابة» (1/ 324)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 146)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 95)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 184)، و «الإصابة» (1/ 227)، و «شذرات الذهب» (1/ 253). (2) «المعارف» (ص 285). (3) «طبقات ابن سعد» (4/ 322)، و «معرفة الصحابة» (2/ 845)، و «الاستيعاب» (ص 163)، و «المنتظم» (4/ 54)، و «أسد الغابة» (2/ 5)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 156)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 512)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 194)، و «الإصابة» (1/ 325)، و «شذرات الذهب» (1/ 253). (4) أخرجه البخاري (4124)، ومسلم (2486). (5) أخرجها البخاري (453)، ومسلم (2485).

322 - [حكيم بن حزام]

ومات سنة أربع وخمسين. قالوا: عاش حسان وأبوه ثابت وأبوه المنذر وأبوه حرام كلّ واحد منهم مائة وعشرين سنة، وكان ابنه عبد الرحمن إذا ذكر هذه القصة .. اشرأب لمائة وعشرين سنة، فمات لخمسين سنة أو نيف وخمسين سنة. وعاش حسان ستين سنة في الجاهلية، وستين سنة في الإسلام، وشاركه في ذلك حكيم بن حزام. قال النووي: (والمراد بالإسلام: من حين انتشر وشاع في الناس، وذلك قبل هجرته صلّى الله عليه وسلم بنحو ست سنين) (1)، وذلك لا يلائم ما ذكرناه من تاريخ مولده، رضي الله عنه. 322 - [حكيم بن حزام] (2) حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي ابن أخي خديجة أم المؤمنين. ولد قبل الفيل بثلاث عشرة سنة في جوف الكعبة، دخلت أمه الكعبة للزيارة، فضربها المخاض ففرشت لها الأنطاع، فولدت فيها، ولا يعرف ذلك لغيره، وما روي أن عليا رضي الله عنه ولد فيها .. فضعيف. وشهد حكيم بدرا مع المشركين، وأسلم عام الفتح، وكان إذا اجتهد في يمينه .. قال: والذي نجاني أن أكون قتيلا يوم بدر، وأعطاه صلّى الله عليه وسلم يوم حنين مائة بعير. وكان جوادا، حج في الإسلام ومعه مائة بدنة قد جلّلها بالحبرة أهداها (3)، ووقف بمائة وصيف معهم أطواق الفضة منقوش فيها: عتقاء الله عن حكيم بن حزام، وأهدى ألف شاة، وباع دار الندوة بمائة ألف درهم وتصدق بثمنها، فقيل له: بعت مكرمة قريش؟ ! فقال:

(1) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 157). (2) «طبقات ابن سعد» (6/ 50)، و «معرفة الصحابة» (2/ 701)، و «الاستيعاب» (ص 156)، و «المنتظم» (4/ 89)، و «أسد الغابة» (2/ 45)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 166)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 44)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 197)، و «البداية والنهاية» (8/ 460)، و «الإصابة» (1/ 348). (3) الحبرة: نوع من البرود اليمنية.

323 - [مخرمة بن نوفل]

ذهبت المكارم إلا التقوى، ولم يصنع شيئا من المعروف في الجاهلية إلا وصنع في الإسلام مثله. وتوفي سنة أربع وخمسين، وعاش مائة وعشرين سنة؛ ستين في الجاهلية، وستين في الإسلام، ولم يشاركه في ذلك إلا حسان بن ثابت، رضي الله عنهما. 323 - [مخرمة بن نوفل] (1) مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري أبو صفوان، والد المسور بن مخرمة، وابن عم سعد بن أبي وقاص بن أهيب. أسلم عام الفتح، وشهد حنينا، وأعطاه صلّى الله عليه وسلم خمسين بعيرا، وكان من المؤلفة، ثم حسن إسلامه، وكان له سن وعلم بأيام الناس وبقريش خاصة، يؤخذ عنه النسب، وأرسله عمر في خلافته مع أزهر بن عبد عوف وسعيد بن يربوع وخويطب بن عبد العزى؛ فأقاموا أنصاب الحرم وحددوها. توفي بالمدينة سنة أربع وخمسين عن مائة وخمس عشرة سنة، رضي الله عنه. 324 - [أبو قتادة الأنصاري] (2) أبو قتادة الحارث بن ربعي بن بلدمة-بالفتح وإهمال الدال، وقيل: بضم الموحدة وإعجام الذال-الأنصاري السّلمي-بفتحتين-فارس رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقيل: اسمه النعمان. شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، وفي شهوده بدرا اختلاف، وله رواية. مات بالمدينة سنة أربع أو خمس وخمسين عن سبعين سنة، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 69)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2546)، و «الاستيعاب» (ص 677)، و «أسد الغابة» (5/ 125)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 85)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 542)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 301)، و «الإصابة» (3/ 370)، و «شذرات الذهب» (1/ 255). (2) «طبقات ابن سعد» (4/ 378)، و «معرفة الصحابة» (2/ 749)، و «الاستيعاب» (ص 146)، و «أسد الغابة» (1/ 391)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 449)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 340)، و «الإصابة» (4/ 157)، و «شذرات الذهب» (1/ 255).

325 - [حويطب بن عبد العزى]

325 - [حويطب بن عبد العزى] (1) حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود العامري أبو محمد، وقيل: أبو الأصبغ. شهد حنينا، وأسلم يوم الفتح، وكان من المؤلفة ثم حسن إسلامه، وهو أحد من أقاموا أنصاب الحرم وحدودها في أيام عمر. وتوفي بالمدينة سنة أربع وخمسين عن مائة وعشرين سنة، رضي الله عنه. 326 - [سعد بن أبي وقاص] (2) سعد بن أبي وقاص-واسم أبي وقاص مالك-ابن وهيب-ويقال: أهيب-ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب أبو إسحاق القرشي الزهري المكي المدني. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى الذين توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. أسلم قديما وهو ابن سبع عشرة سنة بعد إسلام أربعة، وقيل: ستة، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأول من أراق دما في سبيل الله. هاجر قبل قدومه صلّى الله عليه وسلم إلى المدينة، وشهد المشاهد الرسولية كلها، وأبلى يوم أحد بلاء شديدا، يقال: رمى يوم أحد بألف سهم، وفداه صلّى الله عليه وسلم بأبيه وأمه. واستعمله عمر رضي الله عنه على الجيوش التي بعثها لقتال فارس، فافتتح القادسية وجلولاء والمدائن وبنى الكوفة، وولاه عمر العراق.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 126)، و «معرفة الصحابة» (2/ 698)، و «الاستيعاب» (ص 187)، و «أسد الغابة» (2/ 75)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 540)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 199)، و «الإصابة» (1/ 363). (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 127)، و «معرفة الصحابة» (1/ 129)، و «الاستيعاب» (ص 275)، و «المنتظم» (4/ 100)، و «أسد الغابة» (2/ 366)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 213)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 92)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 212)، و «مرآة الجنان» (1/ 128)، و «البداية والنهاية» (8/ 465)، و «الإصابة» (2/ 30).

327 - [كعب بن عمرو]

وكان مجاب الدعوة، ودعاؤه على أبي سعدة الكاذب عليه مشهور في «الصحيحين» (1). وقال عمر رضي الله عنه في وصيته: إن أخطأت الإمارة سعدا .. فليستعن به من وليها منكم؛ فإني لم أعزله من عجز ولا من خيانة. واعتزل سعد الفتن؛ فلم يقاتل في شيء من تلك الحروب. وتوفي سنة خمس وخمسين-وقيل: غير ذلك-بقصره بالعقيق-على عشرة أميال أو سبعة-وحمل على أعناق الرجال إلى المدينة، فدفنوه بها، وأوصى بأن يكفن في بعض جبة من صوف شهد بها بدرا، قال: وإنما كنت أخبؤها لهذا، رضي الله عنه. 327 - [كعب بن عمرو] (2) كعب بن عمرو بن عباد الأنصاري الخزرجي، يكنى: أبا اليسر. شهد العقبة وبدرا، وهو الذي أسر العباس يوم بدر. توفي بالمدينة سنة خمس وخمسين، وهو آخر من مات بالمدينة من البدريين. قلت: قال حافظ اليمن في «رياضه»: (وقد جاوز المائة، رضي الله عنه) (3)، والله أعلم. 328 - [الأرقم بن أبي الأرقم] (4) الأرقم بن أبي الأرقم عبد مناف بن أسد القرشي المخزومي. أسلم ثاني عشر، وهاجر مع الأولين، وتغيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم في داره عن قريش، وداره هي التي تسمى الخيزران عند الصفا.

(1) «صحيح البخاري» (755)، و «صحيح مسلم» (453). (2) «طبقات ابن سعد» (3/ 537)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2368)، و «الاستيعاب» (ص 626)، و «المنتظم» (4/ 102)، و «أسد الغابة» (4/ 484)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 537)، و «مرآة الجنان» (1/ 128)، و «البداية والنهاية» (8/ 471)، و «الإصابة» (4/ 217). (3) «الرياض المستطابة» (ص 248). (4) «طبقات ابن سعد» (3/ 223)، و «معرفة الصحابة» (1/ 322)، و «الاستيعاب» (ص 70)، و «المنتظم» (4/ 190)، و «أسد الغابة» (1/ 74)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 479)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 172)، و «مرآة الجنان» (1/ 128)، و «البداية والنهاية» (8/ 464)، و «شذرات الذهب» (1/ 256)، و «الإصابة» (1/ 42).

329 - [قثم بن العباس]

قيل: مات هو وأبو بكر الصديق في يوم واحد، وقيل: سنة خمس أو ثلاث وخمسين، ودفن بالبقيع. وقال أبو القاسم البغوي: هو بدري، رضي الله عنه. 329 - [قثم بن العباس] (1) قثم بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي ابن عم النبي صلّى الله عليه وسلم الصحابي، ووهم من ذكره في التابعين، أمه: أم الفضل. حمله النبي صلّى الله عليه وسلم بين يديه على مركوبه، وكان يشبه النبي صلّى الله عليه وسلم، وهو أخو الحسن بن علي من الرضاعة، وآخر الناس عهدا برسول الله صلّى الله عليه وسلم. ولي مكة لعلي إلى أن قتل، وسار مع سعيد بن عثمان بن عفان إلى سمرقند أيام معاوية، فاستشهد بها سنة ست وخمسين، ولم يعقب، رضي الله عنه. 330 - [جويرية أم المؤمنين] (2) جويرية أم المؤمنين بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب الخزاعية المصطلقية. سبيت يوم المريسيع، وهي غزوة بني المصطلق في سنة خمس أو ست، ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس فكاتبها، وجاءت إلى النبي صلّى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها، وكانت امرأة حلوة ملاّحة، فقال لها النبي صلّى الله عليه وسلم: «أو خير من ذلك؟ أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك؟ » قالت: نعم، ففعل صلّى الله عليه وسلم ذلك وهي بنت عشرين سنة أو أكثر، فبلغ الناس أنه تزوجها، فقالوا: أصهار رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق، فلقد عتق مائة أهل بيت من بني

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 349)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2356)، و «الاستيعاب» (ص 623)، و «أسد الغابة» (4/ 392)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 440)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 287)، و «مرآة الجنان» (1/ 128)، و «البداية والنهاية» (8/ 471)، و «الإصابة» (3/ 218)، و «شذرات الذهب» (1/ 257). (2) «طبقات ابن سعد» (10/ 113)، و «معرفة الصحابة» (6/ 3229)، و «الاستيعاب» (ص 880)، و «المنتظم» (4/ 54)، و «أسد الغابة» (7/ 56)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 326)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 261)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 189)، و «البداية والنهاية» (8/ 440)، و «الإصابة» (4/ 259).

331 - [عبد الله بن قرط]

المصطلق، قالت عائشة رضي الله عنها: فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها (1). وفي «تاريخ دمشق»: (أن أباها الحارث أسلم) (2). وكان اسمها برّة، فحول رسول الله صلّى الله عليه وسلم اسمها، وسماها جويرية. توفيت في ربيع الأول سنة ست وخمسين في المدينة، رضي الله عنها. 331 - [عبد الله بن قرط] (3) عبد الله بن قرط-وقيل: ابن فروة-الأزدي الثّمالي، كان اسمه شيطانا، فسماه النبي صلّى الله عليه وسلم عبد الله. له صحبة ورواية، ولأخيه عبد الرحمن صحبة. استشهد عبد الله بأرض الروم سنة ست وخمسين، رضي الله عنه. 332 - [عبد الله بن السعدي] (4) عبد الله بن السعدي-واسم السعدي: قدامة أو واقد أو عمرو، قالوا: وهو الصحيح- ابن وقدان بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب القرشي العامري، وإنما قيل لأبيه: السعدي؛ لأنه استرضع في بني سعد بن بكر. روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم ثلاثة أحاديث، وسكن الأردن من الشام. وتوفي سنة سبع وخمسين، رضي الله عنه.

(1) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (4/ 26)، وأبو داود (3931)، والبيهقي (9/ 74). (2) «تاريخ دمشق» (3/ 218). (3) «معرفة الصحابة» (4/ 1757)، و «الاستيعاب» (ص 433)، و «أسد الغابة» (3/ 364)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 260)، و «الإصابة» (2/ 350). (4) «طبقات ابن سعد» (6/ 133)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1671)، و «الاستيعاب» (ص 438)، و «أسد الغابة» (3/ 261)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 270)، و «تهذيب الكمال» (15/ 24)، و «العبر» (1/ 62)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 256)، و «الإصابة» (2/ 310)، و «شذرات الذهب» (1/ 258).

333 - [عائشة أم المؤمنين]

333 - [عائشة أم المؤمنين] (1) عائشة بنت أبي بكر الصديق أم المؤمنين وحبيبة سيد المرسلين، وأمها وأم عبد الرحمن بن أبي بكر: أم رومان. ذكر ابن إسحاق أن عائشة رضي الله عنها أسلمت صغيرة بعد ثمانية عشر إنسانا ممن أسلم، فتزوجها صلّى الله عليه وسلم قبل الهجرة بسنتين، وبنى بها بالمدينة في شوال بعد منصرفه من بدر سنة اثنتين وهي بنت تسع، وتوفي صلّى الله عليه وسلم وهي بنت ثمان عشرة. وروي لها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ألفا حديث ومائتي حديث وعشرة أحاديث. وكانت تفتخر بأشياء أعطيتها لم تعطها امرأة غيرها وهي: أن جبريل أتى بصورتها في سرقة من حرير، وقال للنبي صلّى الله عليه وسلم: هذه زوجتك، وأن النبي صلّى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا غيرها، وقبض صلّى الله عليه وسلم ورأسه في حجرها، ودفن في بيتها، وكان ينزل عليه الوحي وهو معها في لحافها، ونزلت براءتها من السماء، وأنها بنت خليفته وصديقه، وخلقت طيبة، ووعدت مغفرة ورزقا. توفيت ليلة الثلاثاء لتسع عشرة خلت من رمضان سنة سبع أو ثمان وخمسين، وأوصت أن تدفن بالبقيع ليلا، فصلى عليها أبو هريرة، ودفنت من ليلتها بعد الوتر، واجتمع على جنازتها أهل المدينة وأهل العوالي بحيث لم تر ليلة أكثر ناسا منها، رضي الله عنها. 334 - [أبو هريرة] (2) أبو هريرة، واسمه: عبد الرحمن بن صخر-على الأصح من نحو ثلاثين قولا فيه وفي أبيه-الدّوسي الحافظ لسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

(1) «طبقات ابن سعد» (10/ 57)، و «معرفة الصحابة» (6/ 3208)، و «الاستيعاب» (ص 918)، و «المنتظم» (4/ 120)، و «أسد الغابة» (7/ 188)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 350)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 135)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 244)، و «البداية والنهاية» (8/ 485)، و «الإصابة» (4/ 348). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 230)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1846)، و «الاستيعاب» (ص 862)، و «أسد الغابة» (6/ 318)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 270)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 578)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 347)، و «البداية والنهاية» (8/ 498)، و «الإصابة» (4/ 300)، و «الرياض المستطابة» (ص 270)، و «شذرات الذهب» (1/ 261).

335 - [عقبة بن عامر الجهني]

أسلم هو وأبوه عام خيبر، وهو أكثر أصحابه حديثا على الإطلاق مع كثرة الذكر والعبادة وحسن الأخلاق. ولي المدينة في أيام معاوية، فحمل يوما حزمة حطب على ظهره وقال: طرّقوا للأمير. حكي أنه كان يصلي خلف علي، ويأكل من سماط معاوية، ويعتزل القتال، فسئل عن ذلك فقال: الصلاة خلف علي أفضل، وطعام معاوية أدسم، وترك القتال أسلم. قلت: وفي «الرياض» للعامري: (الصلاة خلف علي أتم، وسماط معاوية أدسم، وترك القتال أسلم) (1)، والله أعلم. توفي سنة ثمان وخمسين، وقيل: في التي قبلها، وقيل: في التي بعدها، رضي الله عنه. 335 - [عقبة بن عامر الجهني] (2) عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن بن عدي الجهني أبو حماد الصحابي. سكن دمشق، وولي مصر لمعاوية رضي الله عنهما سنة أربع وأربعين. وكان البريد إلى عمر بن الخطاب بفتح دمشق، ووصل المدينة في سبعة أيام، ورجع منها إلى الشام في يومين ونصف بدعائه عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وتشفع به في تقريب طريقه. وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن. توفي بمصر سنة ثمان وخمسين، وكان يخضب بالسواد، رضي الله عنه. 336 - [شداد بن أوس] (3) شداد بن أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري النجاري المدني الصحابي ابن أخي حسان بن ثابت الشاعر، يكنى: أبا يعلى.

(1) «الرياض المستطابة» (ص 271). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 261)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2150)، و «الاستيعاب» (ص 561)، و «أسد الغابة» (4/ 53)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 336)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 467)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 271)، و «مرآة الجنان» (1/ 130)، و «الإصابة» (2/ 488)، و «شذرات الذهب» (1/ 266). (3) «طبقات ابن سعد» (5/ 322)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1459)، و «الاستيعاب» (ص 329)، و «أسد الغابة» (2/ 507)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 242)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 460)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 235)، و «البداية والنهاية» (8/ 481)، و «الإصابة» (2/ 138).

337 - [عبيد الله بن العباس]

كان عالما حليما كثير العبادة والورع والخوف من الله تعالى، سكن بيت المقدس، وأعقب به، قيل: شهد بدرا، وقيل: شهدها أبوه. توفي ببيت المقدس سنة ثمان وخمسين-وقيل غير ذلك-وهو ابن خمس وسبعين سنة. قال النووي: (وقبره بظاهر باب الرحمة باق إلى الآن) (1)، رضي الله عنه. 337 - [عبيد الله بن العباس] (2) عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي ابن عم النبي صلّى الله عليه وسلم أخو الحبر عبد الله، كان أصغر من عبد الله بسنة، يكنى: أبا محمد. رأى النبي صلّى الله عليه وسلم وحفظ عنه أحاديث. استعمله علي رضي الله عنه على اليمن، وأمّره على الموسم بالناس سنة ست وثلاثين أو سنة سبع وثلاثين. وكان أحد الأجواد، من جوده أن بعضهم كاده؛ فأشاع عنه أنه يدعو الناس إلى داره، فحضر الناس عنده حتى امتلأت داره، فقال: ما الخبر؟ فأخبر أنه قيل لهم: إنك دعوتهم، فأمر غلمانه أن يهيئوا طعاما، فأحضروه حتى تغدى من حضر، ثم قال لغلمانه: أيمكن أن تهيئوا لنا كل يوم هكذا؟ قالوا: نعم، فأمر أن ينادى في الناس أن يحضروا عنده كل يوم للغداء. توفي بالمدينة-وقيل: باليمن-سنة ثمان وخمسين، وقيل: في أيام يزيد بن معاوية. 338 - [أبو محذورة] (3) سلمة بن معير-أو ابن معين، وقيل: اسمه أوس بن معين-أبو محذورة القرشي الجحمي المؤذن.

(1) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 242). (2) «طبقات ابن سعد» (6/ 347)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1873)، و «الاستيعاب» (ص 460)، و «أسد الغابة» (3/ 524)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 312)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 267)، و «مرآة الجنان» (1/ 130)، و «البداية والنهاية» (8/ 484)، و «الإصابة» (2/ 430)، و «شذرات الذهب» (1/ 266). (3) «طبقات ابن سعد» (6/ 113)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1411)، و «الاستيعاب» (ص 853)، و «أسد الغابة» (2/ 456)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 266)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 117)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 343)، و «مرآة الجنان» (1/ 131)، و «الإصابة» (4/ 175)، و «شذرات الذهب» (1/ 268).

339 - [شيبة بن عثمان]

قال ابن قتيبة: (أسلم أبو محذورة بعد حنين) (1). روي عنه قال: علمني رسول الله صلّى الله عليه وسلم الأذان، ثم أعطاني صرة فيها شيء من فضة، ثم وضع يده على ناصيتي، ثم أمرّها على وجهي، ثم أمرّها بين ثدييّ، ثم على كبدي، ثم بلغت سرتي، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «بارك الله فيك وبارك عليك»، وأمره أن يؤذن بمكة (2)، فلم يزل مقيما بمكة للأذان ولم يهاجر، وبقي الأذان في عقبه إلى زمن الشافعي. وروي: أنه كان لا يجز ناصيته ولا يفرقها؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم مسح عليها. توفي بمكة سنة تسع وخمسين، وقيل: تسع وسبعين، رضي الله عنه. 339 - [شيبة بن عثمان] (3) شيبة بن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى القرشي العبدري الحجبي، يكنى: أبا عثمان، أو أبا صفية. أسلم في الهدنة بعد الحديبية هو وعمرو بن العاصي وخالد بن الوليد (4)، وقيل: أسلم عام الفتح، ودفع صلّى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة إليه وإلى ابن عمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة وقال: «خذوها خالدة مخلدة تالدة إلى يوم القيامة يا بني طلحة، لا يأخذها منكم إلا ظالم» (5)، فهو بأيديهم إلى الآن. توفي سنة تسع وخمسين، وقيل: توفي في أيام يزيد بن معاوية.

(1) «المعارف» (ص 306). (2) أخرجه ابن حبان (1680)، وابن ماجه (708)، والبيهقي (1/ 393)، وأحمد (3/ 409). (3) «طبقات ابن سعد» (6/ 63)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1461)، و «الاستيعاب» (ص 336)، و «المنتظم» (4/ 165)، و «أسد الغابة» (2/ 534)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 12)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 237)، و «مرآة الجنان» (1/ 131)، و «البداية والنهاية» (8/ 611)، و «الإصابة» (2/ 157). (4) الذي أسلم في الهدنة بعد الحديبية مع عمرو بن العاصي وخالد بن الوليد .. إنما هو ابن عمه عثمان بن طلحة، وقد ذكر ذلك المصنف رحمه الله تعالى على جهة الصواب في ترجمة عثمان بن طلحة (1/ 347). (5) تقدم تخريجه (1/ 347).

340 - [سعيد بن العاصي]

340 - [سعيد بن العاصي] (1) سعيد بن العاصي بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي الحجازي أبو عثمان. قال ابن سعد: (توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وله تسع سنين) (2). وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان، وقال لهم: إذا اختلفتم في ذلك .. فاكتبوه بلسان سعيد، واستعمله عثمان على الكوفة، وغزا طبرستان وافتتحها، ويقال: إنه افتتح جرجان في خلافة عثمان، ثم تحول إلى المدينة، ولما قتل عثمان .. اعتزل الفتن، فلم يشهد الجمل ولا صفين، ثم استعمله معاوية على المدينة، كان يعزله بمروان ويعزل مروان به. وكان من أشراف قريش، جمع السخاء والفضل والفصاحة، كان يلقب عكة العسل لكثرة خيره، كان إذا سأله إنسان وليس عنده ما يعطيه .. كتب له دينا إلى وقت ميسرة، وكان يبعث مولى له كل ليلة جمعة إلى مسجد الكوفة ومعه الصرر فيها الدنانير، فيضعها بين يدي المصلين. وكان يجمع إخوانه كل جمعة، فيصنع لهم طعاما، ويخلع عليهم، ويرسل إليهم بالجوائز، ويبعث إلى عيالهم العطاء الكثير. ولما حضرته الوفاة .. قال لبنيه: أيكم يقبل وصيتي؟ فقال أكبرهم: أنا-وأظنه عمرا- قال: إن فيها وفاء ديني، قالوا: وما هو؟ قال: ثمانون ألف دينار، قالوا: وفيم أخذتها؟ قال: في كريم سددت خلته، وفي رجل جاءني ودمه يتروى في وجهه من الحياء، فبدأته بحاجته قبل سؤاله. توفي رضي الله عنه سنة تسع أو سبع أو ثمان وخمسين.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 33)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1294)، و «الاستيعاب» (ص 272)، و «أسد الغابة» (2/ 391)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 218)، و «العقد الثمين» (4/ 571)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 444)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 224)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 227)، و «شذرات الذهب» (1/ 268). (2) «الطبقات الكبرى» (7/ 35).

341 - [عبد الله بن عامر بن كريز]

341 - [عبد الله بن عامر بن كريز] (1) عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة القرشي العبشمي. ولد على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأتى به وهو صغير، وجعل يتفل عليه ويعوذه، وجعل عبد الله يبتلع ريق النبي صلّى الله عليه وسلم، وتوفي النبي صلّى الله عليه وسلم وله ثلاث عشرة سنة. ولا يعالج أرضا إلا وظهر له الماء، وكان كريما ميمون النقيبة. توفي سنة تسع وخمسين، أو سنة ثمان وخمسين، أو سنة سبع وخمسين، رضي الله عنه. 342 - [سمرة بن جندب] (2) سمرة بن جندب بن هلال بن حريج-أوله حاء مفتوحة ثم راء مكسورة ثم مثناة تحت ثم جيم-الغطفاني الفزاري. توفي أبوه وهو صغير، فسارت أمه إلى المدينة، فتزوجها أنصاري، فكان في حجره حتى كبر. قيل: أجازه صلّى الله عليه وسلم في المقاتلة يوم أحد، وغزا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم غزوات، وسكن البصرة، وكان زياد يستخلفه عليها إذا سار إلى الكوفة ويستخلفه على الكوفة إذا سار إلى البصرة، وكان شديدا على الخوارج، وكان الحسن وابن سيرين يثنون عليه خيرا. قال البخاري: (توفي سمرة بن جندب بعد أبي هريرة، يقال: آخر سنة تسع وخمسين، وقيل: سنة ستين) (3).

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 47)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1732)، و «الاستيعاب» (ص 427)، و «أسد الغابة» (3/ 288)، و «العقد الثمين» (5/ 185)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 18)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 257)، و «الإصابة» (3/ 61)، و «شذرات الذهب» (1/ 269). (2) «طبقات ابن سعد» (4/ 364)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1415)، و «الاستيعاب» (ص 300)، و «أسد الغابة» (2/ 454)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 231)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 183)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 231)، و «مرآة الجنان» (1/ 131)، و «الإصابة» (2/ 77)، و «شذرات الذهب» (1/ 270). (3) «التاريخ الكبير» (4/ 176).

343 - [معاوية بن أبي سفيان]

قلت: وفي «الرياض» للعامري: (أنه سكن البصرة، ومات بها سنة ثمان وخمسين) (1)، والله سبحانه أعلم، رضي الله عنه. 343 - [معاوية بن أبي سفيان] (2) معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي أبو عبد الرحمن. أسلم هو وأخوه يزيد وأبوهما يوم الفتح، ويقال: إن معاوية أسلم يوم الحديبية وكتم إسلامه من أبويه. وشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حنينا، وأعطاه من غنائم هوازن مائة بعير وأربعين أوقية، وكان هو وأبوه من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامهما. وكان معاوية أحد كتاب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وسلم. ولما بعث أبو بكر رضي الله عنه الجيوش إلى الشام .. سار معاوية مع أخيه يزيد، فلما مات يزيد .. استخلفه على عمله بالشام وهو دمشق، فأقره عمر رضي الله عنه، ثم أقره عثمان وأضاف إليه باقي الشام، ثم حصل بينه وبين علي رضي الله عنهما ما حصل وهو مستقل بالشام، ثم سلم له الحسن بن علي الأمر في سنة أربعين ما بقيت الأمة على خلافته، وأقام بالشام عشرين سنة أميرا وعشرين خليفة، وتوفي بدمشق في رجب سنة ستين-وقيل: تسع وخمسين-عن اثنتين وثمانين سنة، وأوصى أن يكفن في قميص كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعطاه إياه، وأن يجعل مما يلي جسده، وكان عنده قلامة أظفار رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأوصى أن تسحق وتجعل في عينيه وفيه، وقال: افعلوا بي ذلك وخلوا بيني وبين أرحم الراحمين. ولما نزل به الموت .. قال: يا ليتني كنت رجلا من قريش بذي طوى، ولم أل من هذا الأمر شيئا، وكان ابنه يزيد غائبا بحوران وقت وفاة أبيه، فأرسل إليه البريد فلم يدركه.

(1) «الرياض المستطابة» (ص 108). (2) «طبقات ابن سعد» (6/ 15)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2496)، و «الاستيعاب» (ص 668)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 119)، و «أسد الغابة» (5/ 209)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 102)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 412)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 306)، و «البداية والنهاية» (8/ 512)، و «الإصابة» (3/ 412)، و «شذرات الذهب» (1/ 270).

344 - [بلال بن الحارث]

وكان معاوية من دهاة العرب وحلمائهم، قال فيه عمر رضي الله عنهما: هذا كسرى العرب. قال رضي الله عنه: ما زلت أطمع في الخلافة منذ قال لي صلّى الله عليه وسلم: «إن ولّيت .. فأحسن» (1)، وروي أنه صلّى الله عليه وسلم قال: «اللهمّ؛ اجعله هاديا مهديّا» (2). وهو المذكور في حديث فاطمة بنت قيس الذي قال فيه النبي صلّى الله عليه وسلم: «أما معاوية .. فصعلوك» (3)، وأما ما في «شرح الرافعي» عن بعض العلماء: أنه معاوية آخر (4) .. فخلاف الصواب المشهور، رضي الله عنه. 344 - [بلال بن الحارث] (5) بلال بن الحارث بن عصم بن سعيد المزني، نسبة إلى مزينة أم جده التاسع عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار، نسب أولاد عثمان إلى أمهم. وبلال مزني، وفد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في وفد مزينة سنة خمس، وأقطعه صلّى الله عليه وسلم المعادن القبلية بفتح القاف والموحدة، وكان حامل لواء مزينة يوم فتح مكة، وسكن البصرة. وتوفي سنة ستين عن ثمانين سنة، رضي الله عنه. 345 - [عبد الله بن مغفل] (6) عبد الله بن مغفل-بمعجمة وفاء-ابن عبد غنم بن عفيف المزني، نسبة إلى مزينة بنت

(1) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (31358)، والطبراني في «الكبير» (19/ 261)، والبيهقي في «الدلائل» (6/ 446). (2) أخرجه الترمذي (3842)، وأحمد (4/ 216)، والطبراني في «الأوسط» (660). (3) أخرجه مسلم (1480)، وأبو داود (2284)، والترمذي (1134). (4) انظر «الشرح الكبير» (7/ 487). (5) «طبقات ابن سعد» (5/ 148)، و «معرفة الصحابة» (1/ 376)، و «الاستيعاب» (ص 83)، و «أسد الغابة» (1/ 242)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 135)، و «تهذيب الكمال» (4/ 283)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 181)، و «مرآة الجنان» (1/ 131)، و «الإصابة» (1/ 168)، و «شذرات الذهب» (1/ 270). (6) «طبقات ابن سعد» (5/ 144)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1780)، و «الاستيعاب» (ص 411)، و «أسد الغابة» (4/ 398)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 290)، و «تهذيب الكمال» (16/ 173)، و «سير أعلام النبلاء» -

346 - [أبو حميد الساعدي]

كلب بن وبرة أم عثمان بن عمرو أجداده الأعلين فنسب أولاد عمرو بن عثمان إليها، يكنى عبد الله المذكور: أبا سعيد. كان من أهل بيعة الرضوان، وكان يومئذ رافعا لأغصان الشجرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأحد البكائين الذين قال الله فيهم: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} الآية، وأحد العشرة الذين بعثهم عمر إلى البصرة يفقهون الناس، سكن المدينة، ثم تحول إلى البصرة وابتنى بها دارا. توفي بها سنة ستين-وقيل: تسع وخمسين-وصلّى عليه أبو برزة الأسلمي بوصية منه، رضي الله عنه. 346 - [أبو حميد الساعدي] (1) أبو حميد الساعدي، واسمه: عبد الرحمن، وقيل: المنذر بن عمرو بن سعد بن مالك الأنصاري الخزرجي الساعدي المدني الصحابي الجليل. توفي في آخر خلافة معاوية سنة ستين، وقيل: في التي قبلها، رضي الله عنه. 347 - [صفوان بن المعطل] (2) صفوان بن المعطل السّلمي-بضم السين-ثم الذكواني، يكنى: أبا عمرو. أسلم قبل المريسيع، وحضر المريسيع، وكان من عادته يسير خلف القافلة؛ ليلتقط ما لعله يسقط منهم ليرده عليهم، وكان كثير النوم، فتخلف في غزوة المريسيع عن رحلتهم، ثم لحقهم فأدرك عائشة رضي الله عنها في طريقه وقد خلفوها ذاهلين عنها،

= (2/ 483)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 261)، و «مرآة الجنان» (1/ 131)، و «الإصابة» (2/ 364)، و «شذرات الذهب» (1/ 271). (1) «طبقات ابن سعد» (4/ 367)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2865)، و «الاستيعاب» (ص 790)، و «أسد الغابة» (6/ 78)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 215)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 481)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 337)، و «مرآة الجنان» (1/ 131)، و «الإصابة» (4/ 47)، و «شذرات الذهب» (1/ 271). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 153)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1498)، و «الاستيعاب» (ص 344)، و «أسد الغابة» (3/ 30)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 545)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 188)، و «البداية والنهاية» (8/ 541)، و «الإصابة» (2/ 184).

348 - [مسلم بن عقيل]

فأركبها على راحلته وقاد بها حتى لحق العسكر، فتكلم في ذلك أهل الإفك، فبرأها الله تعالى في كتابه العزيز. يقال: إنه غزا الروم في خلافة معاوية فاندقت ساقه، ثم نزل يطاعن حتى مات بسميساط سنة ستين أو ثمان وخمسين، رضي الله عنه. 348 - [مسلم بن عقيل] (1) مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي. لما توفي معاوية وبويع ليزيد .. كتب أهل الكوفة إلى الحسين يستحثونه في الوصول إليهم ومبايعتهم له، وأنهم كارهون لخلافة يزيد، فاغتر الحسين رضي الله عنه بكتبهم، فخرج إليهم وقدّم قبله ابن عمه مسلم المذكور إلى الكوفة؛ ليأخذ له البيعة ويثبت له الأمر، فقدم الكوفة، واختفى في بيت هاني بن عروة المرادي، وكان يأتيه وجوه أهل الكوفة ويبايعونه للحسين، فبلغ خبره عبيد الله بن زياد، فلم يزل يبذل فيه حتى أتى به إلى بين يديه، فقتله في آخر ذي الحجة من سنة ستين، وقتل معه هاني بن عروة المذكور، رضي الله عنهما. ***

(1) «المعارف» (ص 20)، و «تاريخ الطبري» (5/ 347)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 132)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 301).

ذكر الأحداث لاستقبال سنة إحدى وأربعين إلى آخر أيام سنة طبقة العشرين الثالثة من المائة الأولى من الهجرة

ذكر الأحداث لاستقبال سنة إحدى وأربعين إلى آخر أيام سنة طبقة العشرين الثالثة من المائة الأولى من الهجرة السنة الحادية والأربعون في ربيع الآخر منها: سار أمير المؤمنين الحسن بن علي-وكان قد بويع له عند وفاة أبيه- في جيوشه، وسار معاوية في جيوشه قاصدا كلّ منهما قتال صاحبه، فالتقوا بناحية الأنبار، فقال عمرو بن العاصي: إني لأرى كتائب لا تقتل حتى تقتل أقرانها، فقال معاوية-وكان والله خير الرجلين-: أي عمرو؛ إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء .. من لي بأمور المسلمين؟ من لي بصبيانهم؟ من لي بضعيفهم؟ فبعث معاوية رجلين من قريش من بني عبد شمس، وهما: عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر، فقال: اذهبا إلى هذا الرجل، فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه، فأتيا الحسن رضي الله عنه فكلماه، فقال لهما الحسن بن علي: إنا بنو المطلب قد أصبنا من هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها، قالا له: نعرض عليك كذا وكذا، ونطلب إليك ونسألك، قال: فمن لي بهذا؟ قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئا إلا قالا: نحن لك به، فوفق الله تعالى الصلح بينهما لحقن الدماء ولتحقيق ما أشار إليه صلّى الله عليه وسلم من قوله صلّى الله عليه وسلم: «إن ابني هذا-يعني: الحسن-سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين» (1)، فخلع الحسن نفسه، وسلم الأمر لمعاوية، وبرز الحسن بين الصفين وقال: إني قد اخترت ما عند الله، وتركت هذا الأمر لك؛ فإن كان لي .. فقد تركته، وإن كان لك .. فما ينبغي أن أنازعكه، فكبر الناس واختلطوا تلك الساعة، وسميت السنة بسنة الجماعة، فقيل له: يا مذل المؤمنين، فقال: لا بل أنا معز المؤمنين، هذا أصح وأحسن ما قيل في سبب الصلح بينهما. وفي بعض التواريخ: أن أهل العراق بايعوا الحسن، وسار بهم نحو الشام، وجعل مقدمتهم قيس بن سعد بن عبادة، وأقبل معاوية بجيشه حتى نزل منبج، فبينما الحسن

(1) تقدم تخريجه في ترجمة الحسن بن علي رضي الله عنهما (1/ 354).

السنة الثانية والأربعون

بالمدائن؛ إذ نادى مناد في عسكره: قتل قيس بن سعد، فشد الناس إلى خيمة الحسن فنهبوها، وطعنه رجل بخنجر، فتحول إلى القصر الأبيض، وسبّهم وقال: لا خير لي فيكم؛ قتلتم أبي بالأمس، واليوم تفعلون بي هذا، فسلم الأمر إلى معاوية، فلما انتظم الأمر لمعاوية .. ولى عبد الله بن عمرو بن العاصي الكوفة، وعزله عنها بعد أيام بالمغيرة بن شعبة، وولى البصرة وخراسان ابن عامر، وولى المدينة مروان بن الحكم (1). وفيها: توفيت حفصة بنت عمر أم المؤمنين، وقيل: توفيت سنة خمس وأربعين. وفي هذه السنة: توفي صفوان بن أمية الجمحي. قيل: وفيها: توفي لبيد بن ربيعة العامري الشاعر. *** السنة الثانية والأربعون فيها: غزا عبد الرحمن بن سمرة سجستان وافتتح بعضها (2). وفيها: سار راشد بن عمرو، فشن الغارات، وتوغل في بلاد السند (3). وفيها: هزمت الروم هزيمة عظيمة، وقتل من بطارقتهم عدة، وشتا المسلمون بأرض الروم، وهي أول مشتاة شتوا بها مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد (4). وفيها: نقل معاوية الفرس إلى أنطاكية. وفيها: استعمل عبد الملك على ديوان المدينة وله ست عشرة سنة. وفيها: ولد الحجاج بن يوسف الثقفي المبير (5). وفيها: توفي عثمان الحجبي، قال الذهبي: (والأسود بن سريع) (6). ***

(1) «تاريخ الطبري» (5/ 162)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 5)، و «العبر» (1/ 47)، و «دول الإسلام» (1/ 35)، و «مرآة الجنان» (1/ 117)، و «البداية والنهاية» (8/ 404). (2) «تاريخ الإسلام» (4/ 9)، و «مرآة الجنان» (1/ 119)، و «شذرات الذهب» (1/ 231). (3) «تاريخ الإسلام» (4/ 10)، و «مرآة الجنان» (1/ 119)، و «شذرات الذهب» (1/ 231). (4) «تاريخ الطبري» (5/ 172)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 19)، و «البداية والنهاية» (8/ 412). (5) «تاريخ الطبري» (5/ 172)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 19). (6) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 34).

السنة الرابعة والأربعون

السنة الرابعة والأربعون فيها: افتتح عبد الرحمن بن سمرة مدينة كابل، وغزا المهلب أرض الهند، فالتقى العدو فهزموهم (1). وفيها: اتخذ معاوية المقصورة بالشام، واتخذها مروان بالمدينة (2). وفيها: أخرجت المنابر إلى المصلى في العيدين، وكان من قبل يخطب بالمصلى على الأرض (3). وفيها: استلحق معاوية زيادا، وزعم أنه أخوه، وأن أبا سفيان أبوه، وشهد بذلك أبو مريم، وكان زياد قد لزم قلاع فارس واستعصم بها، فخافه معاوية وهاب دهاءه ومكره، فأرسل إليه المغيرة بن شعبة فلأم بينهما، وولى زيادا البصرة، ولما مات المغيرة .. ضم إليه الكوفة (4). وفيها-أو في التي بعدها-: توفيت أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين، وأبو موسى الأشعري، واسمه: عبد الله بن قيس. *** السنة الخامسة والأربعون فيها: غزا معاوية بن حديج إفريقية (5). وفيها: توفي زيد بن ثابت الأنصاري، وعاصم بن عدي الأنصاري سيد بني العجلان، والمستورد بن شداد. قيل: وفيها: توفيت حفصة بنت عمر أم المؤمنين. ***

(1) «تاريخ الإسلام» (4/ 12)، و «مرآة الجنان» (1/ 121)، و «شذرات الذهب» (1/ 235). (2) «تاريخ الطبري» (5/ 215)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 43)، و «البداية والنهاية» (8/ 417). (3) «تاريخ اليعقوبي» (2/ 223). (4) «تاريخ الطبري» (5/ 214)، و «المنتظم» (4/ 31)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 39). (5) «تاريخ الإسلام» (4/ 14)، و «مرآة الجنان» (1/ 121)، و «شذرات الذهب» (1/ 237).

السنة السادسة والأربعون

السنة السادسة والأربعون فيها: ولي الربيع بن زياد الحارثيّ سجستان، فزحف كامل شاه في جمع من الترك وغيرهم، فالتقوا فهزمهم الربيع (1). وفيها: عزل معاوية عبد الله بن عمرو بن العاصي عن مصر، وولاها معاوية بن حديج، وولى الحكم بن عمرو الغفاري-وله صحبة-خراسان، فافتتح الغور، ومات بمرو (2). وفيها: توفي عبد الرحمن بن خالد بن الوليد. *** السنة السابعة والأربعون فيها: غزا رويفع بن ثابت الأنصاري أمير طرابلس المغرب، فدخلها ثم انصرف (3). وفيها: حج بالناس عنبسة بن أبي سفيان (4). *** السنة الثامنة والأربعون وفيها: قبض معاوية فدك من مروان (5)، وكان وهبها له (6). وفيها: ولي غالب بن الليثي خراسان، وكانت له صحبة (7). وفيها: استشهد عبد الله بن عياش-بالتحتانية المثناة وشين معجمة-ابن أبي ربيعة المخزومي بسجستان، ومات الحارث بن قيس الجعفي صاحب ابن مسعود. ***

(1) «تاريخ الإسلام» (4/ 16)، و «مرآة الجنان» (1/ 122)، و «شذرات الذهب» (1/ 239). (2) «تاريخ الطبري» (5/ 229)، و «المنتظم» (4/ 43)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 53)، و «البداية والنهاية» (8/ 420)، وفي جميع المصادر: كانت هذه الحادثة في السنة التي بعدها. (3) «العبر» (1/ 54)، و «مرآة الجنان» (1/ 122)، و «شذرات الذهب» (1/ 240). (4) وقيل: إن الذي حج بالناس في هذه السنة أخوه عتبة بن أبي سفيان، انظر «تاريخ الطبري» (5/ 230)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 54)، و «البداية والنهاية» (8/ 420). (5) فدك: قرية بخيبر فيها نخل وعين أفاءها الله على نبيه صلّى الله عليه وسلم. (6) «تاريخ الطبري» (5/ 231)، و «المنتظم» (4/ 45)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 55). (7) «تاريخ الطبري» (5/ 231)، و «المنتظم» (4/ 45)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 55).

السنة التاسعة والأربعون

السنة التاسعة والأربعون فيها: غزا فضالة بن عبيد الأنصاري، ففتح بلادا كثيرة، وأصاب أشياء كثيرة، وغزا في هذا العام عبد الله بن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، وأبو هريرة رضي الله عنهم (1). وفيها: وقع الطاعون بالكوفة، فهرب منه المغيرة بن شعبة، ثم رجع إليها، فطعن ومات، وقيل: توفي سنة خمسين (2). وفيها-وقيل في سنة خمسين-: توفي الحسن بن علي رضي الله عنهما. *** السنة الخمسون فيها: حج بالناس معاوية، وزار المدينة، وأمر بحمل منبر النبي صلّى الله عليه وسلم إلى الشام، فحرك فكسفت الشمس وبدت النجوم نهارا، فأعظم ذلك وتركه، وزاد فيه ست درجات، وكان قبل درجتين ومقعدا، وكساه قبطية، واعتذر إلى الناس (3). وفيها-أو في التي بعدها-: غزا يزيد بن معاوية القسطنطينية، ومعه أبو أيوب الأنصاري فمات بها، والروم يستمطرون بقبره (4). وفيها: توفي عبد الرحمن بن سمرة، وكعب بن مالك-أحد الثلاثة الذين تيب عليهم في تخلفهم عن تبوك-وصفية بنت حييّ أم المؤمنين، وعمرو بن الحمق، والمغيرة بن شعبة، والحسن بن علي على خلاف فيهما. *** السنة الحادية والخمسون فيها: ولي الربيع بن زياد الحارثي خراسان، وافتتح بلخ صلحا، ومات بمرو (5).

(1) «تاريخ الطبري» (5/ 232)، و «المنتظم» (4/ 47)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 56). (2) «تاريخ الطبري» (232/ 5 و 234)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 59)، و «البداية والنهاية» (8/ 422). (3) «تاريخ الطبري» (5/ 238)، و «المنتظم» (4/ 51)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 61). (4) «المنتظم» (4/ 47)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 56)، و «البداية والنهاية» (8/ 421). (5) «تاريخ الطبري» (5/ 285)، و «المنتظم» (4/ 51)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 83).

السنة الثانية والخمسون

وفيها: توفي سعيد بن زيد أحد العشرة، وأبو أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت على خلاف، وميمونة بنت الحارث، كلاهما قاله خليفة بن خياط وغيره (1). وفيها: قتل حجر بن عدي الكندي وله صحبة. *** السنة الثانية والخمسون فيها: غزا في البحر جنادة بن أمية الأزدي، فافتتح رودس-جزيرة على يومين من قسطنطينية، فيها الزيتون والكروم والثمار والمياه العذبة-وأقام بها المسلمون سبع سنين، وتوفي جنادة بها، واستخلف عبد الله بن مسعدة الفزاري (2). وفيها: توفي عمران بن حصين الخزاعي، وكعب بن عجرة الأنصاري، ومعاوية بن حديج الكندي التجيبي، وأبو بكرة الثقفي نفيع بن الحارث، وسيد بجيلة جرير بن عبد الله البجلي بخلف. *** السنة الثالثة والخمسون فيها: فتح عبد الله بن قيس بن مخلد الأنصاري سقليّة، وحمل منها أصنام ذهب وفضة مكللة بالجوهر، فقدم بها على معاوية، فوجه بها إلى البصرة ليبعث بها إلى الهند فتباع هناك من ملوكهم، ورأى أن بيعها قائمة أثمن (3). وفيها: مات زياد ابن أبيه بالكوفة، وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وفيروز الديلمي قاتل الأسود العنسي، وفضالة بن عبيد الأنصاري بخلف. ***

(1) ذكر خليفة في «طبقاته» (ص 158)، و «تاريخه» (ص 207): أن زيد بن ثابت رضي الله عنه توفي سنة (45 هـ‍)، وكذا ذكر المصنف رحمه الله تعالى في ترجمته (1/ 352)، وانظر ترجمة أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها في «تاريخ خليفة» (ص 86)، ولم يذكر تاريخ وفاتها في «طبقاته»، والله أعلم. (2) «تاريخ الطبري» (5/ 288)، و «المنتظم» (4/ 77)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 87)، وفي جميعها أن هذه الحادثة كانت في السنة التي بعد هذه. (3) «فتوح البلدان» (ص 237).

السنة الرابعة والخمسون

السنة الرابعة والخمسون فيها: توفي أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي حبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم وابن حبّه، وثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم على خلف فيهما، وجبير بن مطعم القرشي، وحسان بن ثابت الأنصاري شاعر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وحكيم بن حزام القرشي الأسدي، وأبو قتادة الأنصاري، وأبو المسور مخرمة بن نوفل الزهري، وحويطب بن عبد العزى العامري، وكعب بن مالك الأنصاري، وجرير بن عبد الله البجلي بخلف فيهما. *** السنة الخامسة والخمسون فيها: ولّى معاوية سعيد بن عثمان بن عفان خراسان، فعبر ما وراء النهر، وصالح أهل سمرقند على أن يدخل من باب من أبوابها، ويخرج من الآخر، ويأخذ منهم الرهائن (1). وفيها: ولّى ابن زياد أسلم بن زرعة الكلابي خراسان، فمنع سعيد بن عثمان الأموال، وانصرف من خراسان بأعبد من أهل خراسان، ثم شخص بهم إلى المدينة، واستعملهم في النخل وما لا يصلحون، فقتلوه وقتلوا أنفسهم (2). ولما ولي أسلم بن زرعة خراسان .. أمر أهل مرو أن يكفوا عنه نقيق الضفادع، فقالوا: لا نقدر على ذلك، فزاد عليهم في الخراج مائة ألف درهم. وفيها: [توفي] سعد بن أبي وقاص، وأبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري، والأرقم بن أبي الأرقم المخزومي بخلف، رضي الله عنهم. *** السنة السادسة والخمسون في رجب منها: اعتمر معاوية رضي الله عنه، وبايع أهل مكة لابنه يزيد، فبايعوه إلا أربعة: الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق،

(1) «تاريخ الطبري» (5/ 304)، و «المنتظم» (4/ 105)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 104)، و «البداية والنهاية» (8/ 472)، وفي جميعها أن هذه الحادثة كانت في السنة التي قبل هذه. (2) «تاريخ الطبري» (5/ 306)، و «البدء والتاريخ» (6/ 4)، و «المنتظم» (4/ 98)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 96).

السنة السابعة والخمسون

وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم، فامتنعوا وقالوا: لا نبايع لخليفتين إلا إذا مت واتفقت الأمة عليه .. بايعناه، كذا وقفت عليه في بعض التواريخ (1). وعبد الرحمن بن أبي بكر هذا قد تقدم ذكر وفاته في سنة ثلاث وخمسين، وأنه التمس منه البيعة ليزيد فأبى، فاستعطفوه بمائة ألف درهم، فردها وقال: لا أبيع ديني بدنياي، فليحق ذلك (2). وفيها: توفيت بخلف جويرية بنت الحارث أم المؤمنين، وقثم بن العباس بن عبد المطلب في جهة سمرقند، وعبد الله بن قرط الثّمالي. *** السنة السابعة والخمسون فيها: عزل سعيد بن عثمان عن خراسان، وأضيفت إلى عبيد الله بن زياد (3). وفيها: توفي عبد الله بن السعدي العامري. وفيها: توفيت عائشة رضي الله عنها بنت الصديق أمّ المؤمنين، وقيل: في التي بعدها. *** السنة الثامنة والخمسون فيها: عزل مروان عن المدينة، ووليها الوليد بن عتبة (4). وفيها: توفي أبو هريرة، وجبير بن مطعم على خلاف فيهما.

(1) «تاريخ الطبري» (5/ 301)، و «المنتظم» (4/ 103)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 97)، و «البداية والنهاية» (8/ 472). (2) تقدم ذلك في ترجمته (1/ 362)، وقد رجح ابن الأثير في «أسد الغابة» (3/ 469)، والنووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 295) أنه توفي في تلك السنة، وقد رده الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (2/ 472) فقال: (هكذا ورخوه، ولا يستقيم؛ فإن في «صحيح مسلم» [240]: أنه دخل على عائشة يوم موت سعد) رضي الله عنهما؛ أي: وقد صح أن سعد بن أبي وقاص توفي سنة (55 هـ‍)، وعلى كلّ فقد جمع الأقوال في تاريخ وفاته ابن حجر في «الإصابة» (2/ 401)، وفيها ما يفيد أنه توفي في هذه السنة أو بعدها، وعليه: فلا تعارض بين هذه الحادثة وبين تاريخ وفاته، والله أعلم. (3) «تاريخ خليفة» (ص 225)، و «مرآة الجنان» (1/ 129)، و «شذرات الذهب» (1/ 258). (4) «تاريخ الطبري» (5/ 309)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 106)، و «البداية والنهاية» (8/ 474)، وفي الأخيرين: كان عزله في السنة التي قبل هذه.

السنة التاسعة والخمسون

وفيها: توفي شداد بن أوس الأنصاري، وعقبة بن عامر الجهني، وعبيد الله بن عباس بن عبد المطلب. *** السنة التاسعة والخمسون فيها: توفي أبو محذورة الجمحي المؤذن، وشيبة بن عثمان الحجبي العبدري، وسعيد بن العاصي على خلاف، وعبد الله بن عامر بن كريز العبشمي. *** السنة الموفية ستين في أولها: توفي سمرة بن جندب الفزاري. وفي رجب منها: توفي معاوية بن أبي سفيان بدمشق، وبويع لابنه يزيد. وفيها: توفي بلال بن الحارث المزني، وعبد الله بن مغفل المزني من أهل بيعة الرضوان. وفيها-أو فيما قبلها-: توفي أبو حميد الساعدي. وفيها: عزل [يزيد] الوليد بن عتبة عن المدينة، وولاها عمرو بن سعيد الأشدق، فوجه عمرو بن سعيد عمرو بن الزبير إلى مكة لحرب أخيه عبد الله بن الزبير (1). وفي ذي الحجة منها: قتل هاني بن عروة المرادي، ومسلم بن عقيل بن أبي طالب بالكوفة. وفيها: مات عبد الله بن أنيس (2)، ومسلمة بن مخلّد الأنصاري (3). والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم. ***

(1) «تاريخ الطبري» (5/ 343)، و «المنتظم» (4/ 141)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 131)، و «البداية والنهاية» (8/ 544)، و «شذرات الذهب» (1/ 271). (2) لم يترجم له المصنف رحمه الله تعالى، لكنه توفي سنة (54 هـ‍)، انظر «تاريخ الإسلام» (4/ 254)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 76). (3) لم يترجم له المصنف رحمه الله تعالى، لكنه توفي سنة (62 هـ‍)، انظر «تاريخ الإسلام» (5/ 242)، و «الإصابة» (3/ 398).

العشرون الرابعة من المائة الأولى

العشرون الرابعة من المائة الأولى 349 - [الحسين سبط رسول الله صلّى الله عليه وسلم] (1) الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي ابن البتول، وسبط الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم وريحانته، وهو وأخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة. ولد رضي الله عنه لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، يقال: لم يكن بين ولادة الحسن والحمل بالحسين إلا طهر واحد. قال صلّى الله عليه وسلم: «حسين مني وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسينا، حسين سبط من الأسباط» (2). وروي عن علي رضي الله عنه قال: الحسن أشبه برسول الله صلّى الله عليه وسلم ما كان من الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه برسول الله صلّى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك. كان رضي الله عنه فاضلا كثير الصلاة والصوم والصدقة والحج، يقال: حج خمسا وعشرين حجة ماشيا. ولما مات معاوية رضي الله عنه .. كتب يزيد إلى واليه بالمدينة الوليد بن عتبة يعلمه بموت أبيه، وأمره أن يأخذ له البيعة على الناس، فأرسل الوليد إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير ليلا، وقد علموا بموت معاوية، فنعى إليهما معاوية فاسترجعا، وقال: بايعاه، فقالا: مثلنا لا يبايع سرا، ولكن نبايع على رءوس الأشهاد إذا أصبحنا، فقال مروان للوليد: إنهما إذا خرجا من عندك .. لم ترهما، فلم يعبأ بقوله، فرجعا إلى بيوتهما، ثم خرجا في ليلتهما إلى مكة، وذلك لليلتين بقيتا من رجب.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 421)، و «معرفة الصحابة» (2/ 661)، و «الاستيعاب» (ص 184)، و «المنتظم» (4/ 151)، و «أسد الغابة» (2/ 18)، و «تهذيب الكمال» (6/ 396)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 280)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 93)، و «مرآة الجنان» (1/ 131)، و «البداية والنهاية» (8/ 568)، و «الإصابة» (1/ 331)، و «شذرات الذهب» (1/ 273). (2) أخرجه ابن حبان (6971)، والترمذي (3775)، وابن ماجه (144).

وأقام الحسين بمكة إلى يوم التروية، وكتب أهل الكوفة إليه بحلف يستحثونه في الوصول إليهم؛ ليبايعوه وينصروه، فقدّم قبله ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى الكوفة يبايع له ويستوثق له الأمر، وخرج في إثره يوم التروية، فدخل مسلم الكوفة سرا، واختفى في بيت هاني بن عروة المرادي، وأتاه وجوه أهل الكوفة فبايعوه للحسين سرا، ثم إنهم أخبروا عبيد الله بن زياد بمكانه، فأرسل إليه وجيء به إلى بين يديه، فلما همّ بقتله .. أشار إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص، وأسرّ إليه أن الحسين ورائي، فاكتب إليه بأمري ليرجع من حيث جاء، ولا يغترّ بأهل الكوفة، وقتل مسلم بن عقيل، فقال عمر بن سعد لابن زياد: أتدري بما أسر إليّ مسلم؟ قال: اكتم على ابن عمك سره، قال: الأمر عظيم، قال: وما هو؟ قال: فأخبرني بأن الحسين وراءه، فقال له ابن زياد: وأما إذا دللت عليه .. فو الله؛ لا يخرج إليه إلا أنت، ثم سيره في جيش لقتال الحسين، فأدركوا الحسين بكربلاء، ولم يزل ابن زياد يمدهم بالعسكر حتى بلغوا اثنين وعشرين ألفا، فضيقوا على الحسين أشد التضييق، ومنعوه الماء، فخيرهم الحسين بين ثلاثة أمور في واحد منها: إما أن يتركوه يرجع من حيث جاء، أو يتركوه يسير إلى يزيد بالشام فيبايعه، أو يتركوه يتوجه هو وأصحابه إلى بعض الثغور للجهاد، فكتبوا إلى ابن زياد يعلموه بذلك، فقال: لا إلا أن ينزل على حكمي، فقال: لا أنزل على حكم ابن سمية، وكان رضي الله عنه يأنف عن مبايعة معاوية فضلا عن يزيد والنزول على حكم ابن الدعي. ويقال: إن ابن زياد أمّر على الجيش الحر بن يزيد التميمي، فلما رأى امتناعهم فيما عرضه عليهم الحسين .. انحاز إلى فئة الحسين، وقاتل معهم حتى قتل، فأمّر عبيد الله بن زياد على الجيش عمر بن سعد، فلما رأى التواني من عمر في الإقدام على القتال .. كتب إليه: لتفرغنّ من أمره أو لأبدأنّ بك قبله، ولم يزل أصحابه يبارزون فيقتلون ويقتلون إلى أن قتل من أصحابه مبارزة اثنان وسبعون رجلا، ثم خلص إليه، فقتل جميع بنيه إلا علي بن الحسين المعروف بزين العابدين؛ فإنه كان مريضا، فترك من القتل لذلك، وقتل رضي الله عنه وبه ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة، وقتل أكثر إخوة الحسين وأقاربه. ويقال: إنه قتل من أولاد فاطمة رضي الله عنها ستة عشر أو سبعة عشر رجلا، وقيل: إنه قتل معه من إخوته وولده وأهل بيته ثلاثة وعشرون رجلا غير من قتل معهم من غيرهم، وفيهم يقول القائل: [من الخفيف] عين جودي بعبرة وعويل … واندبي إن ندبت آل الرسول

سبعة كلّهم لصلب عليّ … قد أصيبوا وتسعة لعقيل رضي الله عنهم. وانتهك خيام الحرم المصون، وسبي حريمهم كما تسبى الأسارى، وحز رأس الحسين شمر بن الجوشن، وحمله إلى ابن زياد ودخل عليه وهو يقول: [من الرجز] أوقر ركابي فضة وذهبا … أنا قتلت الملك المحجبا قتلت خير الناس أما وأبا … وخيرهم إذ يذكرون نسبا فغضب ابن زياد وقال: إذا علمت أنه كذلك .. فلم قتلته؟ والله؛ لا تلقى مني خيرا، ولألحقنك به، ثم ضرب عنقه، ودخل بعلي بن الحسين والحرم أسارى إلى ابن زياد بالكوفة، فأمر ابن زياد أن تقور الرءوس حتى تنصب في الرمح، فتحامى الناس ذلك، فقام طارق بن المبارك-بل هو المشئوم-فقوره ونصبه بباب الجامع، وخطب خطبة لا يحل ذكرها، ثم دعا ابن زياد بعلي بن الحسين، فحمله وحمل أخواته وعماته على محامل بغير وطاء، وسيّرهم إلى الشام إلى يزيد، وسير معهم بالرأس المكرم، فدخلوا به دمشق من باب توما، وأقيموا على درج باب الحاج حيث تقام الأسارى والسبي، ثم وضع الرأس الشريف بين يدي يزيد، فأمر أن يجعل في طست من ذهب، وجعل ينكت فيه بقضيب في يده، فقال في حسنه شيئا، فقال أنس رضي الله عنه: كان أشبههم برسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويقال: إن يزيد عند ما وضع الرأس بين يديه قال: [من الطويل] صبرنا وكان الصبر منا عزيمة … وأسيافنا يقطعن كفا ومعصما تفلّق هاما من رجال أعزة … علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما ويقال: إن يزيد لما رأى الرأس والأسارى .. أظهر الكراهة لما فعله ابن زياد، وقال: لو كان بين الحسين وبين ابن سمية رحم .. ما فعل هذا، ولو كنت مكانه .. لأجبت الحسين إلى ما بذل أو معنى ذلك، ثم استشار حاضري مجلسه فيما يفعل بهم، فتكلم كل منهم على قدر دينه. فقال له بعض أصحابه: افعل بهم ما كان يفعله رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا رآهم في هذه الحالة، فقال: صدقت، فأكرمهم وأعزهم، ثم أرسل بالرأس الشريف ومن بقي من أهل بيته إلى المدينة، وجهزهم بكل ما يحتاجون إليه، فدفن الرأس الشريف بالبقيع عند قبر أمه فاطمة.

وما ذكر أن الرأس المكرم نقل إلى عسقلان والقاهرة فلا يصح. وقتل رضي الله عنه يوم الجمعة أو السبت أو الأحد، وهو يوم عاشوراء اتفاقا من سنة إحدى وستين. قلت: ذكر الشيخ الحافظ العامري رحمه الله تعالى في «رياضه» في هذا المحل: (توفي الحسين رضي الله عنه عن ست أو سبع وخمسين سنة، سبع مع جده صلّى الله عليه وسلم، وثلاثون مع أبيه، وعشر مع أخيه، وعشر بعده، واستضيم المسلمون في قتل الحسين وشيعته استضامة عظيمة، حتى كأنهم لم تصبهم مصيبة قبلها، وسمي ذلك العام عام الحزن. وذكر ابن حزم: أن خروم الإسلام العظام أربعة: أولها: قتل عثمان، ثانيها: قتل الحسين، ثالثها: يوم حرّة واقم بالمدينة، وهاتان الوقعتان كلاهما في زمن يزيد؛ الأولى فاتحتها، والأخرى خاتمتها، والخرم الرابع: قتل ابن الزبير في المسجد الحرام) اهـ‍ (1) وسيأتي خبر الثلاث الوقعات في الحوادث، وأما سيدنا عثمان .. فقد مر ذكر استشهاده رضي الله عنه (2)، والله سبحانه أعلم. وذكر القرطبي في «التذكرة»: (عن الإمام أحمد ابن حنبل بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم نصف النهار أشعث أغبر ومعه قارورة فيها دم يلتقطه، فقلت: يا رسول الله؛ ما هذا؟ قال: «دم الحسين وأصحابه، لم نزل نتتبعه منذ اليوم» (3)، قال عمار بن أبي عمار الراوي عن ابن عباس: فحفظنا ذلك اليوم عن ابن عباس، فوجدناه قتل في ذلك اليوم) (4). وروى الإمام أحمد في «مسنده» إلى أنس رضي الله عنه: أن ملك المطر استأذن أن يأتي النبي صلّى الله عليه وسلم، فأذن له، وقال لأم سلمة: قفلي علينا الباب؛ لا يدخل علينا أحد، فجاء الحسين ليدخل فمنعته، فوثب فدخل، فجعل يقعد على ظهر النبي صلّى الله عليه وسلم وعلى منكبه وعلى عاتقه، فقال الملك للنبي صلّى الله عليه وسلم: أتحبه؟

(1) «الرياض المستطابة» (ص 287)، وانظر «جوامع السيرة» لابن حزم (ص 357 - 360). (2) انظر (1/ 335). (3) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (4/ 397)، وأحمد (1/ 224) و (1/ 283)، والطبراني في «الكبير» (3/ 110)، ولفظه: (رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم فيما يرى النائم نصف النهار ... ). (4) «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» (3/ 1120).

350 - [حمزة بن عمرو الأسلمي]

قال: «نعم» قال: أما إن أمتك ستقتله، وإن شئت .. أريتك المكان الذي يقتل فيه، فضرب بيده، فجاء بطينة حمراء، فأخذتها أم سلمة فصرّتها في خمارها (1). وقيل: وضعتها في قارورة، فلما قرب وقت قتل الحسين .. نظرت في القارورة؛ فإذا الطين قد استحال دما. ويقال: إنه لما قتل .. لم يرفع حجر ببيت المقدس إلا ووجد تحته دم عبيط، رضي الله عنه. 350 - [حمزة بن عمرو الأسلمي] (2) حمزة بن عمرو بن عويمر بن الحارث الأسلمي، يروى: أن النبي صلّى الله عليه وسلم كناه: أبا صالح. كان يصوم الدهر؛ ففي «صحيح مسلم»: أنه قال: يا رسول الله؛ إني أسرد الصوم، أفأصوم في السفر؟ قال: «صم إن شئت، وأفطر إن شئت» (3). وروى البخاري في «تاريخه» بإسناد إلى حمزة المذكور قال: كنا مع النبي صلّى الله عليه وسلم في سفر، فتفرقنا في ليلة ظلماء، وأضاءت أصابعي حتى جمعوا عليها ظهرهم وما هلك منهم، وإن أصابعي لتنير (4). توفي سنة إحدى وستين وهو ابن إحدى وسبعين سنة، وقيل: ابن ثمانين، رضي الله عنه. 351 - [أم سلمة أم المؤمنين] (5) أم سلمة أم المؤمنين، واسمها: هند-وقيل: رملة-بنت أبي أمية حذيفة-وقيل:

(1) أخرجه ابن حبان (6742)، وأحمد (3/ 242)، وأبو يعلى في «مسنده» (3402)، والطبراني في «الكبير» (3/ 106). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 220)، و «معرفة الصحابة» (2/ 680)، و «الاستيعاب» (ص 137)، و «أسد الغابة» (2/ 55)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 169)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 109)، و «الإصابة» (1/ 353). (3) «صحيح مسلم» (1121)، وأخرجه البخاري (1943)، والترمذي (2402). (4) «التاريخ الكبير» (3/ 46). (5) «طبقات ابن سعد» (10/ 85)، و «معرفة الصحابة» (6/ 3218)، و «الاستيعاب» (ص 952)، و «أسد الغابة» (7/ 340)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 361)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 201)، و «تاريخ الإسلام» -

سهل، وقيل: هشام-ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومية، كنيت بابنها سلمة بن أبي سلمة، وأمها: عاتكة بنت عامر بن ربيعة. تزوج أمّ سلمة أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد، وهاجر بها إلى الحبشة الهجرتين، فولدت له هناك زينب بنت أبي سلمة، ثم هاجر إلى المدينة، فولدت له سلمة وعمر ودرّة بني أبي سلمة. وجرح أبو سلمة بأحد، فمكث شهرا يتداوى من جرحه، ثم بعثه صلّى الله عليه وسلم إلى ذي قطن، فغاب شهرا، ثم رجع إلى المدينة، فانتقض عليه جرحه، فمات منه لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة أربع، فتعبت عليه أم سلمة كثيرا، فقال لها صلّى الله عليه وسلم: «قولي: اللهم؛ أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منه»، فقلت في نفسي: من خير من أبي سلمة؟ ! ثم عزم لي فقلتها، فعوضني الله رسوله صلّى الله عليه وسلم (1). فتزوجها صلّى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بها فيه في سنة أربع. وكانت من أجمل الناس-رضي الله عنها-وأعقلهم وأحلمهم، وهي التي أشارت على النبي صلّى الله عليه وسلم عام الحديبية أن ينحر ويحلق لما شكا إليها تخلف أصحابه عما يأمرهم به من الحلق والنحر، ورأت جبريل في صورة دحية الكلبي. دخل بها صلّى الله عليه وسلم عشاء عروسا، وقامت من آخر الليل تطحن. وتوفيت بالمدينة في ذي القعدة أو في شهر رمضان سنة إحدى وستين، وقيل: سنة تسع وخمسين، وهي آخر أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم موتا. قلت: قد تقدم في وفاة أبي سلمة أنه توفي سنة ثلاث (2)، وهنا ذكر وفاته سنة أربع، فلينظر (3)، والله سبحانه أعلم، رضي الله عنها.

= (5/ 282)، و «مرآة الجنان» (1/ 137)، و «البداية والنهاية» (7/ 612)، و «الإصابة» (4/ 439)، و «شذرات الذهب» (1/ 280). (1) أخرجه مسلم (918)، والترمذي (3511)، والبيهقي (4/ 65). (2) تقدم ذلك في ترجمته (1/ 88). (3) في أكثر المصادر: توفي سنة (4 هـ‍)، وفي «الاستيعاب» (ص 809) توفي سنة (3 هـ‍)، قال ابن حجر في «الإصابة» (2/ 327): (والراجح الأول).

352 - [بريدة بن الحصيب]

352 - [بريدة بن الحصيب] (1) بريدة بن الحصيب-بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين-ابن عبد الله بن الحارث الأسلمي أبو الحصيب. أسلم قديما قبل بدر ولم يشهدها، وقيل: أسلم بعد بدر. وسكن المدينة، ثم البصرة، ثم مرو، وتوفي بها سنة اثنتين وستين، وهو آخر من مات بخراسان من الصحابة، رضي الله عنهم. 353 - [عبد المطلب بن ربيعة] (2) عبد المطلب-وقيل: المطلب-ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، أمه: أم الحكم بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم. توفي النبي صلّى الله عليه وسلم وهو بالغ، وقيل: قبل بلوغه. وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم ثلاثة أحاديث، وسكن المدينة، ثم دمشق في خلافة عمر بن الخطاب. وتوفي سنة اثنتين وستين أو إحدى وستين، وقيل: في خلافة معاوية، رضي الله عنه، وصلّى عليه معاوية. 354 - [علقمة بن قيس] (3) علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك النخعي أبو شبل الكوفي التابعي الجليل، الفقيه البارع.

(1) «طبقات ابن سعد» (4/ 227)، و «معرفة الصحابة» (1/ 430)، و «الاستيعاب» (ص 94)، و «أسد الغابة» (1/ 209)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 133)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 469)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 76)، و «الإصابة» (1/ 150)، و «شذرات الذهب» (1/ 281). (2) «طبقات ابن سعد» (4/ 53)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1884)، و «الاستيعاب» (ص 467)، و «أسد الغابة» (3/ 508)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 308)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 112)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 180)، و «مرآة الجنان» (1/ 137)، و «الإصابة» (2/ 422)، و «شذرات الذهب» (1/ 282). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 207)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 342)، و «تهذيب الكمال» (20/ 300)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 53)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 190)، و «مرآة الجنان» (1/ 137)، و «الإصابة» (3/ 110)، و «شذرات الذهب» (1/ 281).

355 - [أبو مسلم الخولاني]

أكثر أصحاب ابن مسعود وأشبههم به هديا ودلاّ، وأجمعوا على جلالته، وعظم محله، ووفور علمه، وجميل طريقته. قال أبو إسحاق السبيعي: كان من الربانيين. توفي سنة اثنتين وستين، وقيل: اثنتين وسبعين. وهو عم الأسود وعبد الرحمن ابني يزيد خالي إبراهيم النخعي، رضي الله عنه. 355 - [أبو مسلم الخولاني] (1) أبو مسلم الخولاني، واسمه: عبد الله بن ثوب اليمني، السيد الجليل، ذو الكرامات الباهرة، ألقاه الأسود العنسي الكذاب في نار عظيمة لما أبى أن يبايعه، فخرج منها سالما ولم تضره، فنفاه من بلده؛ لئلا يضطرب عليه أتباعه ويحصل فيهم ارتياب في أمره. ووفد على أبي بكر مسلما، فقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني من أمة محمد صلّى الله عليه وسلم من فعل به مثل إبراهيم الخليل صلّى الله عليه وسلم، كذا في «تاريخ اليافعي» (2). والذي وقفت عليه في غيره: أن قائل ذلك عمر رضي الله عنه (3). ومن كرامات أبي مسلم: أنه استبطأ السرية في بعض الغزوات، فبينا هو يصلي وهو راكز رمحه؛ إذ وقع طائر على رأس رمحه، وخاطبه أن السرية سالمة غانمة، وهي تقدم وقت كذا وكذا، فكان الأمر كذلك. توفي رحمه الله سنة اثنتين وستين. قلت: ذكره العامري في «تاريخه» وقال: (إنه من سادات التابعين) (4).

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 451)، و «الاستيعاب» (ص 386)، و «أسد الغابة» (6/ 288)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 7)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 292)، و «مرآة الجنان» (1/ 138)، و «الإصابة» (3/ 88)، و «شذرات الذهب» (1/ 281). (2) انظر «مرآة الجنان» (1/ 138). (3) وهو كذلك في مصادر ترجمته. (4) «غربال الزمان» (ص 57).

356 - [معقل بن سنان]

356 - [معقل بن سنان] (1) معقل بن سنان بن مظهّر الأشجعي أبو محمد الصحابي. شهد فتح مكة، وهو راوي حديث بروع بنت واشق، وهو حديث صحيح، ووهم من أشار إلى ضعفه (2). وسكن الكوفة، وقتل يوم الحرّة صبرا سنة ثلاث وستين، وكان فاضلا تقيا. قلت: وبروع المذكورة بكسر الباء وإسكان الراء المهملة ثم واو مفتوحة ثم عين مهملة، وأبوها واشق بالشين المعجمة المكسورة والقاف، وهي كلابية، وقيل: أشجعية، وكانت امرأة هلال بن أمية، وخالف الجوهري وقال: أصحاب الحديث يقولونه: بكسر الباء، والصواب: الفتح، كذا نقله الوالد في «حاشيته على شرح الروض» من «مهمات الإسنوي» عن «تهذيب النووي»، والله أعلم، رضي الله عنه. 357 - [عبد الله بن حنظلة] (3) عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأوسي أبو عبد الرحمن. وأبوه حنظلة استشهد يوم أحد وهو جنب، فرأى النبي صلّى الله عليه وسلم الملائكة تغسله؛ فلذلك يعرف بالغسيل. وجده: أبو عامر، كان يعرف بالراهب، فسماه النبي صلّى الله عليه وسلم الفاسق.

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 170)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2510)، و «الاستيعاب» (ص 674)، و «أسد الغابة» (5/ 230)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 105)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 251)، و «الإصابة» (3/ 425). (2) حديث بروع: هو أن ابن مسعود رضي الله عنه قضى في امرأة مات عنها زوجها ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها: أن لها مثل صداق نسائها، وعليها العدة، ولها الميراث، فقام معقل بن سنان رضي الله عنه فقال: قضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق مثل الذي قضيت، ففرح بها ابن مسعود. أخرجه ابن حبان (4098)، والحاكم (2/ 180)، وأبو داود (2114)، والترمذي (5490)، والنسائي (6/ 121)، وفي «الكبرى» (5490)، وابن ماجه (1891)، وانظر الكلام عن الحديث في «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 105)، و «تلخيص الحبير» (3/ 191). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 68)، و «الاستيعاب» (ص 392)، و «أسد الغابة» (3/ 218)، و «تهذيب الكمال» (14/ 346)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 321)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 144)، و «البداية والنهاية» (8/ 618)، و «الإصابة» (2/ 291)، و «شذرات الذهب» (1/ 283).

358 - [عبد الله بن زيد الأنصاري]

وولد عبد الله المذكور على عهد النبي صلّى الله عليه وسلم، وتوفي صلّى الله عليه وسلم وهو ابن سبع سنين، وتابعه أهل المدينة يوم الحرة، فقتل بها سنة ثلاث وستين. 358 - [عبد الله بن زيد الأنصاري] (1) عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري المازني أبو محمد، يعرف بابن أم عمارة، واسمها: نسيبة بضم النون وفتحها. شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، واختلف في شهوده بدرا، وهو راوي صفة وضوء النبي صلّى الله عليه وسلم، وحديث الاستلقاء، وشارك وحشيا في قتل مسيلمة؛ وحشي طعنه بالحربة، وعبد الله بن زيد ضربه بالسيف. قتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين، وأبوه صحابي أيضا، رضي الله عنهما. 359 - [محمد بن عمرو بن حزم] (2) محمد بن عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان-بفتح اللام-الأنصاري النجاري المدني. ولد في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم بنجران، وأبوه عامل عليها للنبي صلّى الله عليه وسلم، وكان فقيها فاضلا صالحا من كبار التابعين وصالحي المسلمين. قتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين، رضي الله عنه. 360 - [معاذ بن الحارث القارئ] (3) معاذ بن الحارث الأنصاري النجاري المعروف بالقارئ، يكنى: أبا حليمة.

(1) «طبقات ابن سعد» (4/ 335)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1655)، و «الاستيعاب» (ص 405)، و «أسد الغابة» (3/ 250)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 377)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 145)، و «مرآة الجنان» (1/ 138)، و «الإصابة» (2/ 305)، و «شذرات الذهب» (1/ 283). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 72)، و «معرفة الصحابة» (1/ 183)، و «الاستيعاب» (ص 649)، و «أسد الغابة» (5/ 106)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 89)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 223)، و «مرآة الجنان» (1/ 138)، و «الإصابة» (3/ 455)، و «شذرات الذهب» (1/ 283). (3) «طبقات ابن سعد» (5/ 324)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2445)، و «الاستيعاب» (ص 655)، و «أسد الغابة» (5/ 197)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 100)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 249)، و «مرآة الجنان» (1/ 138)، و «الإصابة» (3/ 407)، و «شذرات الذهب» (1/ 284).

361 - [مسروق بن الأجدع]

في شهوده الخندق مع النبي صلّى الله عليه وسلم خلاف. قيل: لم يدرك من زمن النبي صلّى الله عليه وسلم إلا ست سنين، وشهد الجسر مع أبي عبيد الثقفي في زمن عمر، وأقامه عمر في رمضان يصلي بالناس التراويح، وهو راوي حديث: «منبري على ترعة من ترع الجنة» (1). قتل يوم الحرة بالمدينة سنة ثلاث وستين. 361 - [مسروق بن الأجدع] (2) مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الكوفي أبو عائشة المخضرم، عرف بذلك؛ لأنه سرق في صغره، فسماه عمر: مسروق بن عبد الرحمن؛ لأن الأجدع شيطان. وكان أفرس فارس باليمن، كيف لا وهو ابن أخت عمرو بن معدي كرب؟ ! صلّى خلف أبي بكر وعمر وعلي، وكان يصلي حتى تورم قدماه، متفق على جلالته وإمامته وفضله. توفي سنة ثلاث وستين. 362 - [يزيد بن معاوية] (3) يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب القرشي الأموي. بايع له أبوه الناس في حياته إلا أربعة، فلم يوافقوا على ذلك، وقالوا: لا نبايع لخليفتين، فإذا مت واجتمعت الأمة عليه .. بايعناه، وهم: الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الله بن الزبير، فيقال: إن معاوية

(1) أخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» (976)، وعزاه الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (4/ 12) إلى البزار. (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 197)، و «المنتظم» (4/ 178)، و «أسد الغابة» (5/ 156)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 88)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 63)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 235)، و «مرآة الجنان» (1/ 139)، و «الإصابة» (3/ 469)، و «شذرات الذهب» (1/ 285)، و «تهذيب الكمال» (27/ 451). (3) «تاريخ الطبري» (5/ 499)، و «المنتظم» (4/ 192)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 222)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 35)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 269)، و «مرآة الجنان» (1/ 139)، و «البداية والنهاية» (8/ 625)، و «شذرات الذهب» (1/ 286).

363 - [معاوية بن يزيد]

رضي الله عنه قال لابنه يزيد: إني قد عهدت لك الأمر، وبايعت لك الناس إلا أربعة، وذكرهم وقال: أما الحسين .. فاستوص به خيرا لمكانته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأما عبد الله بن عمر .. فقد وقّذته العبادة؛ فليس له في الملك حاجة، وأما عبد الرحمن .. فمغرم بالنساء فأرغمه بالمال، وأما الأسد الجاثم الذي يروغ روغان الثعلب، فإن وجد فرصة وثب وثبة الأسد .. فذاك ابن الزبير؛ فاحذره، وحرّضه على قتاله. واتفق في أيام يزيد خصلتان بغّضته للمسلمين: في أول أيامه قتل الحسين بن علي، وفي آخرها وقعة الحرة. وتوفي بدمشق سنة أربع وستين، وعهد بالأمر إلى ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية في ربيع الأول من السنة المذكورة. وفي «تاريخ اليافعي»: (أنه توفي وله ثمان وستون سنة)، وذلك يقتضي أنه ولد قبل الهجرة بثمان سنين، ولا شك في وهم ذلك، وما أظنه بلغ الأربعين سنة (1). 363 - [معاوية بن يزيد] (2) معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. بويع له بعد وفاة أبيه بالعهد من أبيه، فمكث في الولاية شهرين أو أقل، ومات وكان يذكر فيه الخير. قيل له لما حضرته الوفاة: ألا تستخلف؟ فامتنع، وقال: لم أصب حلاوتها، فلا أتحمل مرارتها. وتوفي سنة أربع وستين عن إحدى وعشرين.

(1) في النسخة التي بين أيدينا من «تاريخ اليافعي» (1/ 139): (توفي وله ثمان وثلاثون سنة)، وعليه: فيكون قد ولد سنة (26 هـ‍)، وهو الصواب كما صرح به الإمام الذهبي في «تاريخ الإسلام» (5/ 271). (2) «تاريخ الطبري» (5/ 501)، و «تاريخ دمشق» (59/ 296)، و «المنتظم» (4/ 189)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 225)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 139)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 250)، و «البداية والنهاية» (8/ 136)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 163)، و «شذرات الذهب» (1/ 287).

364 - [المسور بن مخرمة]

364 - [المسور بن مخرمة] (1) المسور بن مخرمة بن نوفل القرشي الزهري أبو عبد الرحمن أو أبو عثمان، أمه: عاتكة بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف، وقيل: اسمها الشّفاء. ولد المسور بمكة بعد الهجرة بسنتين، وصح سماعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وله ولأبيه صحبة، وكان من فقهاء الصحابة وأهل الدين، ولم يزل مع خاله عبد الرحمن بن عوف في أمر الشورى. وأقام بالمدينة إلى أن قتل عثمان، ثم سار إلى مكة، فلم يزل بها حتى توفي معاوية، وأقام مع ابن الزبير بمكة، فأصابه في حصار ابن الزبير حجر المنجنيق وهو يصلي في الحجر، فقتله مستهل ربيع الأول سنة أربع وستين. 365 - [النعمان بن بشير] (2) النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي، الصحابي ابن الصحابي، أمه: عمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة صحابية أيضا. ولد على رأس أربعة عشر شهرا من الهجرة، وهو أول مولود في الأنصار بعد الهجرة، كما أن أول مولود بعدها من المهاجرين عبد الله بن الزبير. استعمله معاوية على حمص، ثم على الكوفة، واستعمله يزيد بعد موت أبيه على حمص، فخرج منها بعد موت يزيد لنصرة الضحاك بن قيس، فقتله أصحاب مروان، وذلك في سنة أربع وستين بعد وقعة مرج راهط، وكان رضي الله عنه جوادا كريما.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 521)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2547)، و «الاستيعاب» (ص 677)، و «أسد الغابة» (5/ 175)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 94)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 390)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 244)، و «مرآة الجنان» (1/ 140)، و «الإصابة» (3/ 399)، و «شذرات الذهب» (1/ 287). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 363)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2658)، و «الاستيعاب» (ص 723)، و «أسد الغابة» (5/ 326)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 129)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 411)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 260)، و «مرآة الجنان» (1/ 140)، و «الإصابة» (3/ 529)، و «شذرات الذهب» (1/ 287).

366 - [الضحاك بن قيس]

366 - [الضحاك بن قيس] (1) الضحاك بن قيس بن خالد الأكبر بن وهب الفهري أبو أنيس، وقيل: أبو عبد الرحمن اختلف في صحبته، وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث. ولما مات يزيد بن معاوية .. وثب الضحاك على دمشق فغلب عليها، وبايع لابن الزبير، ثم تركه ودعا إلى نفسه، وانحاز عنه مروان بن الحكم في بني أمية إلى أرض حوران، فوافاهم عبيد الله بن زياد من الكوفة منهزما من أهلها، فقوي عزم مروان على طلب الملك، وبايعه هو وبنو أمية، فجمع مروان والتقى هو والضحاك بمرج راهط، فقتل الضحاك، وقتل معه نحو ثلاثة آلاف، وذلك في سنة أربع وستين. 367 - [الوليد بن عتبة] (2) الوليد بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب القرشي الأموي. ولي إمرة المدينة غير مرة، وكان جوادا حليما، عين للخلافة بعد يزيد. ومات بطاعون الجارف سنة أربع وستين. 368 - [ربيعة الجرشي] (3) ربيعة الجرشي، بضم الجيم وفتح الراء وكسر الشين المعجمة. كان فقيه الناس في زمن معاوية رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 543)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1537)، و «الاستيعاب» (ص 351)، و «أسد الغابة» (3/ 49)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 241)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 131)، و «مرآة الجنان» (1/ 140)، و «البداية والنهاية» (8/ 641)، و «الإصابة» (2/ 199)، و «شذرات الذهب» (1/ 287). (2) «الكامل في التاريخ» (3/ 261)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 534)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 266)، و «مرآة الجنان» (1/ 140)، و «البداية والنهاية» (8/ 640)، و «العقد الثمين» (7/ 391). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 441)، و «معرفة الصحابة» (2/ 1096)، و «الاستيعاب» (ص 233)، و «أسد الغابة» (2/ 215)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 113)، و «مرآة الجنان» (1/ 140)، و «الإصابة» (1/ 497)، و «شذرات الذهب» (1/ 287).

369 - [مروان بن الحكم]

قال الكاشغري: (ذكره أبو القاسم البغوي في الصحابة وقال: نشك في سماعه، وقال غيره: في صحبته نظر) اهـ‍ (1) توفي سنة أربع وستين. 369 - [مروان بن الحكم] (2) مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي أبو عبد الملك. ولد بمكة-وقيل: بالطائف-سنة اثنتين من الهجرة. قال مالك: ولد يوم أحد، وقيل: يوم الخندق، ولم يسمع النبي صلّى الله عليه وسلم ولا رآه؛ لأنه خرج إلى الطائف طفلا لا يعقل مع أبيه حين نفي النبي صلّى الله عليه وسلم أباه الحكم، فكان مع أبيه بالطائف حتى استخلف عثمان فردهما، واستكتب مروان، ثم استعمله معاوية على مكة والمدينة والطائف، ثم عزله عن المدينة سنة ثمان وأربعين، واستعمل عليها سعيد بن العاصي. ولما مات معاوية بن يزيد بن معاوية .. بايع بعض الناس بالشام مروان بالخلافة، وبايع الضحاك لعبد الله بن الزبير، فالتقى مروان والضحاك بمرج راهط، فقتل الضحاك، وصفا الشام لمروان، ثم ملك مصر. وتوفي بدمشق في رمضان سنة خمس وستين بعد أن عهد بالأمر لابنه عبد الملك، ومدة ولايته عشرة أشهر. 370 - [عبد الله بن عمرو بن العاصي] (3) عبد الله بن عمرو بن العاصي بن وائل القرشي السهمي أبو محمد الزاهد العابد،

(1) «مختصر أسد الغابة» (خ/132/أ). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 39)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2632)، و «الاستيعاب» (ص 681)، و «المنتظم» (4/ 197)، و «أسد الغابة» (5/ 144)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 77)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 476)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 227)، و «مرآة الجنان» (1/ 141)، و «البداية والنهاية» (8/ 657)، و «الإصابة» (3/ 455)، و «شذرات الذهب» (1/ 289). (3) «طبقات ابن سعد» (5/ 82)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1720)، و «الاستيعاب» (ص 421)، و «المنتظم» -

371 - [سليمان بن صرد]

الصحابي ابن الصحابي، وأمه: ريطة بنت منبّه بن الحجاج أسلمت أيضا، وكان صلّى الله عليه وسلم يقول: «نعم البيت: عبد الله وأبو عبد الله وأمّ عبد الله» (1) أسلم عبد الله قبل أبيه، وكان كثير العلم، كثير الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلم، مجتهدا في العبادة، تلاّء للقرآن. وشهد مع أبيه فتح الشام، وكان معه راية أبيه يوم اليرموك، يقال: كان بينه وبين أبيه إحدى عشرة-أو ثنتي عشرة-سنة. توفي بمصر-أو فلسطين-سنة خمس وستين-وقيل غير ذلك-وعمره اثنتان وسبعون سنة، رضي الله عنه. 371 - [سليمان بن صرد] (2) سليمان بن صرد بن الجون بن أبي الجون الخزاعي الكوفي الصحابي. روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث. نزل الكوفة، وكان خيّرا فاضلا صاحب عبادة مع قدر وشرف في قومه، وكان أميرا على جيش التوابين الطالبين بثأر الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فقتل سليمان بعين الوردة من أرض الجزيرة-وهي رأس عين-سنة خمس وستين، رضي الله عنه. 372 - [جابر بن سمرة] (3) جابر بن سمرة بن جنادة بن جندب السّوائي-بضم السين والمد-الصحابي ابن الصحابي.

= (4/ 203)، و «أسد الغابة» (3/ 349)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 281)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 79)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 161)، و «مرآة الجنان» (1/ 141)، و «البداية والنهاية» (8/ 664)، و «الإصابة» (2/ 343). (1) أخرجه أحمد (1/ 161)، وأبو يعلى في «مسنده» (646) و (647)، وأبو بكر الشيباني في «الآحاد والمثاني» (798). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 196)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1334)، و «الاستيعاب» (ص 294)، و «أسد الغابة» (2/ 449)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 234)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 394)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 122)، و «مرآة الجنان» (1/ 141)، و «الإصابة» (2/ 74)، و «شذرات الذهب» (1/ 290). (3) «طبقات ابن سعد» (6/ 206)، و «معرفة الصحابة» (2/ 544)، و «الاستيعاب» (ص 116)، و «أسد الغابة» (1/ 304)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 213)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 186)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 82)، و «مرآة الجنان» (1/ 141)، و «الإصابة» (1/ 142)، و «شذرات الذهب» (1/ 291).

373 - [زيد بن أرقم]

روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم مائة وستة وأربعين حديثا. وتوفي بالكوفة سنة ست وستين، وقيل: أربع وسبعين، وقيل غير ذلك، رضي الله عنه. 373 - [زيد بن أرقم] (1) زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان الأنصاري الخزرجي المدني أبو عمرو. استصغر يوم أحد، وكان يتيما في حجر عبد الله بن رواحة، فغزا معه مؤتة، وغزا مع النبي صلّى الله عليه وسلم سبع عشرة غزاة، وهو الذي نزلت (سورة المنافقين) في تصديق قوله، فقال له صلّى الله عليه وسلم: «إن الله قد صدّقك يا زيد» (2). توفي سنة ست وستين، رضي الله عنه. 374 - [عبيد الله بن زياد] (3) عبيد الله بن زياد ابن أبيه، ولي الكوفة بعد أبيه زياد. ولما مات معاوية بن يزيد .. خرج هاربا من الكوفة إلى الشام، فوافى مروان وبني أمية بحوران والضحاك بن قيس يبايع الناس لابن الزبير بدمشق، وقد هم مروان بالدخول في طاعة ابن الزبير، فلما وصل إليه عبيد الله بن زياد .. ثنى عزمه عن ذلك، وقوى همته في طلب الملك، فجمع العساكر وكر راجعا إلى دمشق، فهزم عسكر الضحاك وقتله، واستولى على دمشق ومصر. ثم أرسل عبيد الله بن زياد في جند كثيف لأخذ العراق، فصادف خروج التوابين طالبين بدم الحسين، فهزمهم وقتل كبراءهم: سليمان بن صرد، والمسيب بن نجبة وغيرهما.

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 357)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1166)، و «الاستيعاب» (ص 248)، و «أسد الغابة» (2/ 276)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 199)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 165)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 117)، و «مرآة الجنان» (1/ 141)، و «الإصابة» (1/ 452)، و «شذرات الذهب» (1/ 291). (2) أخرجه البخاري (4900)، ومسلم (2772). (3) «تاريخ الطبري» (6/ 86)، و «تاريخ دمشق» (37/ 433)، و «المنتظم» (4/ 219)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 327)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 545)، و «العبر» (1/ 74)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 370)، و «مرآة الجنان» (1/ 142)، و «البداية والنهاية» (8/ 685)، و «شذرات الذهب» (1/ 292).

375 - [عدي بن حاتم الطائي]

ثم مر بأرض الجزيرة وبها قيس بن عيلان في طاعة ابن الزبير، فاشتغل بحربهم نحو سنة وهزمهم، ودخل الموصل، فوجه إليه المختار أبو عبيد الثقفي يزيد بن أنس في ثلاثة آلاف. فلما انتهى يزيد إلى الموصل .. أرسل إليه عبيد الله بن زياد أميرين في ستة آلاف، فهزمهم يزيد، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وكان يزيد إذ ذاك مريضا، وتوفي يزيد، فأرسل المختار مكانه إبراهيم بن الأشتر، فخرج إليه عبيد الله بن زياد في جيشه، فالتقيا بخازر قريبا من الموصل، فهزم ابن الأشتر جيش ابن زياد وقتله، وقتل الحصين بن نمير في عالم كثير، وحمل رءوسهما إلى المختار بالكوفة، فوضع رأس عبيد الله بن زياد ثمّ بقصر الكوفة بين يدي المختار في الموضع الذي وضع فيه رأس الحسين بن علي بين يدي عبيد الله بن زياد، ثم أرسل المختار بالرءوس إلى ابن الزبير، وقيل: إلى محمد ابن الحنفية. فيقال: إن حية كانت تخرج فتتخلل الرءوس، ثم تدخل في أحد منخري عبيد الله بن زياد وتخرج من الآخر، وتغيب ثم ترجع، تفعل ذلك مرارا. ويقال: إن رأسه لما علق مع الرءوس .. افتقد، وإن حية جرّته. وكان قتله في سنة ست وستين، وقيل: في المحرم سنة سبع وستين. 375 - [عدي بن حاتم الطائي] (1) عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد الطائي الكوفي الصحابي أبو طريف، ويقال: أبو وهب، وأبوه حاتم هو المشهور بالكرم. وكان نصرانيا، ثم وفد على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في شعبان سنة تسع، وأكرمه صلّى الله عليه وسلم، وألقى له وسادة وقال: «إذا أتاكم كريم قوم .. فأكرموه» (2). فلما توفي صلّى الله عليه وسلم وارتد من ارتد من العرب .. ثبت هو وقومه على الإسلام، وقدم على أبي بكر في أيام الردة بصدقة قومه.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 214)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2190)، و «الاستيعاب» (ص 577)، و «أسد الغابة» (4/ 8)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 327)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 162)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 181)، و «مرآة الجنان» (1/ 142)، و «الإصابة» (2/ 460)، و «شذرات الذهب» (1/ 292). (2) أخرجه ابن ماجه (3712)، والبيهقي (8/ 168)، والطبراني في «الكبير» (2/ 325).

376 - [المختار الثقفي الكذاب]

وشهد فتوح العراق زمن عمر: القادسية، ووقعة مهران، وجسر أبي عبيد، وغير ذلك. وكان مع خالد حين سار إلى الشام، وشهد معه بعض فتوحه، وأرسل معه خالد بن الوليد الأخماس إلى أبي بكر رضي الله عنهم. وكان جوادا شريفا في قومه، معظما عندهم وعند غيرهم، حاضر الجواب. قال: ما دخل عليّ وقت صلاة إلا وأنا مشتاق إليها. وكان طويلا؛ إذا ركب الفرس .. كادت رجلاه تخط الأرض. وشهد الجمل وصفين مع علي. وتوفي سنة ثمان وستين-وقيل: سبع وستين-عن مائة وعشرين سنة، رضي الله عنه. 376 - [المختار الثقفي الكذاب] (1) المختار الثقفي الكذاب ابن أبي عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير. استعمل عمر أباه أبا عبيد على جيش، فغزا العراق، وإليه تنسب وقعة جسر أبي عبيد، وكان ولده المختار من كبراء ثقيف، وذوي الرأي والفصاحة والشجاعة والدهاء مع قلة الدين، وكان يظهر التوقع لقتل قتلة الحسين بالشام، فنفاه عبيد الله بن زياد إلى الطائف، فدخل مكة وأظهر المناصحة لابن الزبير، وكانوا يسمعون منه ما ينكر. فلما مات يزيد .. استأذن ابن الزبير في الرواح إلى العراق، فأذن له وكتب إلى نائبه بالعراق عبد الله بن مطيع يوصيه به، وكان يختلف إلى ابن مطيع، ويمكر به ويكذب حتى خافه ابن مطيع، ففر منه واستمكن هو بالكوفة، ثم رد ابن الزبير المختار إلى مكة، ثم بعث معه إبراهيم بن محمد بن طلحة على خراج الكوفة، فقدم الكوفة وقد هاجت الشيعة لطلب الثأر للحسين. ثم سجن المختار مدة، ثم خرج فحاربه أهل الكوفة، واستولى عليها، وتتبع قتلة

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 93)، و «الاستيعاب» (ص 715)، و «المنتظم» (4/ 220)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 331)، و «أسد الغابة» (5/ 122)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 538)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 226)، و «مرآة الجنان» (1/ 142)، و «البداية والنهاية» (8/ 688)، و «الإصابة» (3/ 491)، و «شذرات الذهب» (1/ 293).

377 - [ابن عباس]

الحسين وقتلهم، وزعم أن جبريل يأتيه، وثار معه ابن الأشتر فقوي به. وأخذ المختار يظهر العدل وحسن السيرة مع خبث السريرة، فوجد في بيت المال سبعة آلاف ألف درهم، ففرق بعضها، وبعث بعضها إلى ابن الحنفية، وكتب إلى ابن الزبير: إني رأيت عاملك مداهنا لبني أمية، فلم يسعني أن أقره، فانخدع له ابن الزبير، وكتب له بولاية الكوفة، فجهز المختار ابن الأشتر لمحاربة عبيد الله بن زياد في آخر سنة ست وستين، ومعه كرسي على بغل أشهب، وقال لهم: هذا فيه سر، وهو آية لكم، كما أن التابوت لبني إسرائيل، فحفوا به يدعون، فتألم الأشتر من ذلك، فقال: اللهم؛ لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، فلما انتصروا على عبيد الله بن زياد وقتلوه وقتلوا جمعا من أصحابه .. استوى بالكرسي، وتغالوا فيه، فلما أقبل ابن الأشتر .. وجه المختار أربعة آلاف فارس لنصر ابن الحنفية، فكلموا ابن الزبير فيه، وأخرجوه من الشعب، وقاموا في خدمته أشهرا حتى بلغهم قتل المختار، وذلك أن ابن الزبير لما علم مكر المختار وكذبه .. ندب لحربه أخاه مصعبا، فقدم محمد بن الأشعث وشبث بن ربعي إلى البصرة يستصر خان الناس على الكذاب، ثم التقى مصعب وجيش المختار، فانهزم جيش المختار، وقتل غالب عسكره، وتحصن المختار ومن بقي من عسكره في دار الإمارة، فكان المختار يبرز في فرسانه ويقاتل حتى قتله طريف الحنفي وأخوه طراف في رمضان سنة سبع وستين، وعمره سبع وستون، فكأنه ولد عام الهجرة، وهو الذي عناه النبي صلّى الله عليه وسلم بقوله: «يكون في ثقيف كذاب ومبير» (1)، فهو الكذاب، والمبير الحجاج (2)، والله سبحانه أعلم. 377 - [ابن عباس] (3) عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم المكي، الصحابي ابن الصحابي، يكنى: أبا العباس، أمه: لبابة بنت الحارث الهلالية الصحابية.

(1) أخرجه الترمذي (2220)، والطبراني في «الكبير» (24/ 81)، وفي «الأوسط» (6345)، وأبو نعيم في «الحلية» (1/ 334). (2) المبير: المهلك الذي يسرف في قتل الناس. (3) «طبقات ابن سعد» (6/ 320)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1699)، و «الاستيعاب» (ص 423)، و «المنتظم» (4/ 227)، و «أسد الغابة» (3/ 290)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 274)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 331)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 148)، و «مرآة الجنان» (1/ 143)، و «البداية والنهاية» (8/ 697)، و «الإصابة» (2/ 322)، و «شذرات الذهب» (1/ 294).

ولد عام الشعب بالشعب قبل الهجرة بثلاث سنين، وتوفي صلّى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، ورجحه الإمام أحمد، وضمه صلّى الله عليه وسلم إلى صدره وقال: «اللهمّ؛ علّمه الكتاب» (1)، وفي رواية: «علّمه الحكمة، اللهم فقّهه» (2)، وحنكه صلّى الله عليه وسلم بريقه، فكان لكثرة علمه يقال له: الحبر والبحر، وكان عمر يعظمه ويقدمه، ويعتد بكلامه مع حداثة سنة. وهو أحد العبادلة الأربعة؛ وهم: هو، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاصي. وأحد الستة الذين هم أكثر الناس رواية عن النبي صلّى الله عليه وسلم، ويفضلهم: أبو هريرة، وابن عمر، وجابر، وابن عباس، وأنس، وعائشة، رضي الله عنهم. مكث رضي الله عنه نحو أربعين سنة تشد إليه الرحال، كان يجلس يوما للتأويل، ويوما للفقه، ويوما للمغازي، ويوما للشعر، ويوما لأيام العرب. قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، ولا سأله سائل إلا وجد عنده علما، وعمي رضي الله عنه كأبيه وجده، فكان يقول: [من البسيط] إن يأخذ الله من عينيّ نورهما … ففي لساني وقلبي منهما نور قلبي ذكيّ وفهمي غير ذي دخل … وفي فمي صارم كالسيف مأثور توفي رضي الله عنه بالطائف سنة ثمان وستين، وقيل: سنة تسع وستين، وقيل: سنة سبعين، وصلّى عليه محمد بن علي بن أبي طالب، وقال: اليوم مات رباني هذه الأمة. وروي عن ميمون بن مهران قال: شهدت جنازة ابن عباس، فلما وضع ليصلى عليه .. جاء طائر أبيض، فوقع على أكفانه، فدخل فيها فالتمس فلم يوجد، فلما سوينا عليه التراب .. سمعنا من يسمع صوته ولا يرى شخصه، فقرأ: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* اِرْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي.}

(1) أخرجه البخاري (75)، والترمذي (3824). (2) أخرجها البخاري (143) و (3756)، ومسلم (2477)، والترمذي (3824).

378 - [زيد بن خالد الجهني]

378 - [زيد بن خالد الجهني] (1) زيد بن خالد الجهني الصحابي أبو عبد الرحمن، أو أبو طلحة، أو أبو زرعة. سكن المدينة، وشهد الحديبية، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح. توفي بالمدينة-أو بمصر أو بالكوفة-سنة ثمان وستين-وقيل: ثمان وسبعين، وقيل غير ذلك-وعمره خمس وثمانون سنة، رضي الله عنه. 379 - [أبو شريح الخزاعي] (2) أبو شريح الخزاعي، ويقال فيه: الكعبي والعدوي وهو واحد، واسمه: خويلد بن عمرو-وقيل: عمرو بن خويلد، وقيل: عبد الرحمن بن عمرو-ابن صخر بن عبد العزى بن معاوية، وقيل في اسمه غير ذلك. أسلم قبل فتح مكة، وكان يوم الفتح حاملا أحد ألوية بني كعب. وتوفي بالمدينة سنة ثمان وستين، رضي الله عنه. 380 - [أبو واقد الليثي] (3) أبو واقد الليثي، واسمه: الحارث بن عوف، وقيل: عوف بن الحارث، وقيل: الحارث بن مالك. أسلم قبل الفتح، وقيل: يوم الفتح، وله رواية.

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 262)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1189)، و «الاستيعاب» (ص 249)، و «أسد الغابة» (2/ 284)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 203)، و «العبر» (1/ 76)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 119)، و «مرآة الجنان» (1/ 143)، و «الإصابة» (1/ 547). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 199)، و «معرفة الصحابة» (2/ 960)، و «الاستيعاب» (ص 212)، و «أسد الغابة» (2/ 152)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 243)، و «مرآة الجنان» (1/ 143)، و «البداية والنهاية» (8/ 709)، و «الإصابة» (4/ 102)، و «شذرات الذهب» (1/ 296). (3) «طبقات ابن سعد» (5/ 120)، و «معرفة الصحابة» (2/ 757)، و «الاستيعاب» (ص 149)، و «أسد الغابة» (1/ 409)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 271)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 574)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 299)، و «مرآة الجنان» (1/ 143)، و «الإصابة» (4/ 212)، و «الرياض المستطابة» (ص 277)، و «شذرات الذهب» (1/ 296).

381 - [قبيصة بن جابر]

ومات سنة ثمان وستين. قلت: وفي «الرياض المستطابة» للعامري: (أبو واقد-بالقاف-بدري مدني جاور بمكة) اهـ‍ (1) والله سبحانه أعلم. 381 - [قبيصة بن جابر] (2) قبيصة بن جابر بن وهب بن مالك الأسدي الكوفي التابعي أبو العلاء. سمع عمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وابن مسعود، ومعاوية، وعمرو بن العاصي، والمغيرة بن شعبة، وغيرهم. روى عنه الشعبي، وعبد الملك بن عمير، وغيرهم. قال: قال لي عمر: (أراك شابا فصيح اللسان، فسيح الصدر) (3). ذكره اليافعي فيمن توفي سنة تسع وستين، وذكر النووي: أنه توفي سنة ثلاث وثمانين (4). 382 - [عاصم بن عمر بن الخطاب] (5) عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي التابعي، أمه: جميلة بنت ثابت بن الأقلح، كان اسمها عاصية، فسماها صلّى الله عليه وسلم جميلة. ولد عاصم قبل وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم بسنتين، وسمع أباه، وكان خيّرا فاضلا فصحيا طويلا، يقال: كانت ذراعه قريبا من ذراع وشبر. توفي سنة سبعين، وحزن عليه أخوه عبد الله فرثاه.

(1) «الرياض المستطابة» (ص 277). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 266)، و «أسد الغابة» (4/ 382)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 55)، و «تهذيب الكمال» (23/ 472)، و «العبر» (1/ 77)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 208)، و «مرآة الجنان» (1/ 144)، و «شذرات الذهب» (1/ 298). (3) أخرجه البيهقي (5/ 181). (4) انظر «مرآة الجنان» (1/ 144)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 55). (5) «طبقات ابن سعد» (7/ 15)، و «الاستيعاب» (ص 575)، و «أسد الغابة» (3/ 115)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 255)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 97)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 137)، و «مرآة الجنان» (1/ 144)، و «الإصابة» (3/ 56)، و «شذرات الذهب» (1/ 300).

383 - [مالك بن يخامر]

وعاصم هذا هو جد عمر بن عبد العزيز لأمه؛ فإن أم عمر أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب. 383 - [مالك بن يخامر] (1) مالك بن يخامر-بالياء التحتانية-ويقال: أخامر الألهاني السكسكي. روى عن معاذ وصحبه، ويقال: له صحبة. مات سنة سبعين، وقيل: سنة تسع وستين. 384 - [عمرو بن سعيد الأشدق] (2) عمرو بن سعيد بن العاصي، المعروف بالأشدق لصدقه في كلامه، وقيل: لاعوجاج في فمه، ويقال له: لطيم الشيطان. ولما خرج على عبد الملك .. تقاتلا، ثم اصطلحا على ترك القتال، وأن يكون عمر والخليفة بعد عبد الملك، وتعاهدا على ذلك، فدخل عبد الملك دمشق وغافل عمرا أياما، ثم غدر به وقتله صبرا، ذبحه بيده ورمى رأسه إلى عسكره فتفرقوا، وضرب أخوه يحيى بن سعيد الوليد بن عبد الملك ضربة بالسيف جرحه بها، ثم دخل الوليد القصر وأغلق عليه الباب، وذلك في سنة سبعين. 385 - [عبد الله بن أبي حدرد] (3) عبد الله بن أبي حدرد-واسم أبي حدرد: سلامة بن عمير-الأسلميّ الصحابيّ أبو محمد. شهد الحديبية، وبيعة الرضوان، وشهد ما بعدها. وتوفي سنة إحدى وسبعين عن إحدى وثمانين سنة، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 444)، و «أسد الغابة» (5/ 56)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 225)، و «مرآة الجنان» (1/ 144)، و «البداية والنهاية» (8/ 717)، و «الإصابة» (3/ 338)، و «شذرات الذهب» (1/ 300). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 234)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 356)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 449)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 202)، و «مرآة الجنان» (1/ 144)، و «البداية والنهاية» (8/ 710)، و «الإصابة» (3/ 174)، و «شذرات الذهب» (1/ 300). (3) «طبقات ابن سعد» (5/ 215)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1624)، و «الاستيعاب» (ص 382)، و «أسد الغابة» (3/ 210)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 432)، و «مرآة الجنان» (1/ 145)، و «الإصابة» (2/ 286)، و «شذرات الذهب» (1/ 301).

386 - [البراء بن عازب]

386 - [البراء بن عازب] (1) البراء بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي الحارثي أبو عمارة الصحابي ابن الصحابي. استصغره النبي صلّى الله عليه وسلم يوم بدر. قال: استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر، وغزوت مع النبي صلّى الله عليه وسلم خمس عشرة غزوة، وما جاء صلّى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرا حتى قرأت: (سبح اسم ربك الأعلى) في سور مثلها من المفصل. اهـ‍ وشهد البراء مع أبي موسى غزوة تستر، ومع علي رضي الله عنه الجمل وصفين والنهروان، ونزل الكوفة، وتوفي بها سنة اثنتين وسبعين، رضي الله عنه. 387 - [معبد بن خالد الجهني] (2) معبد بن خالد الجهني أبو رفاعة. ذكر في الصحابة، قالوا: وكان صاحب لواء جهينة يوم الفتح. توفي سنة اثنتين وسبعين-وقيل: ثلاث وسبعين-وهو ابن ثمانين، أو بضع وثمانين سنة، وهو غير من تكلم بالبصرة بالقدر، وقيل: هو. 388 - [الأحنف بن قيس] (3) الضحاك بن قيس، المعروف بالأحنف، المشهور بالحلم، ويكنى: أبا بحر التميمي، يضرب المثل بحلمه.

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 282)، و «معرفة الصحابة» (1/ 384)، و «الاستيعاب» (ص 80)، و «أسد الغابة» (1/ 205)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 132)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 194)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 365)، و «البداية والنهاية» (8/ 732)، و «الإصابة» (1/ 146)، و «شذرات الذهب» (1/ 302). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 265)، و «الاستيعاب» (ص 694)، و «أسد الغابة» (5/ 217)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 528)، و «مرآة الجنان» (1/ 145)، و «الإصابة» (3/ 418)، و «شذرات الذهب» (1/ 302). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 92)، و «معرفة الصحابة» (1/ 367)، و «الاستيعاب» (ص 77)، و «أسد الغابة» (1/ 68)، و «وفيات الأعيان» (2/ 305)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 86)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 345)، و «مرآة الجنان» (1/ 145)، و «البداية والنهاية» (8/ 731)، و «الإصابة» (1/ 110)، و «شذرات الذهب» (1/ 302).

389 - [عبيدة السلماني]

قال: ما تعلمت الحلم إلا من قيس بن عاصم المنقري، قيل له: وما بلغ من حلمه؟ قال: قتل ابن أخ له بعض بنيه، فأتي بالقاتل مكتوفا يقاد إليه، فقال: دعوا الفتى، ثم قال: يا بنيّ؛ بئس ما صنعت، نقصت عددك، ووهنت عضدك، وأشمت عدوّك، وقال لقومه: خلوا سبيله، واحملوا إلى أم المقتول ديته؛ فإنها غريبة، فانصرف القاتل وما حل قيس حبوته، ولا تغير وجهه، وقيس هذا هو الذي قال فيه عبدة بن الطّبيب يرثيه: [من الطويل] وما كان قيس هلكه هلك واحد … ولكنّه بنيان قوم تهدما في قصيدة طويلة. وكان الأحنف من سادات التابعين، واتفقوا على جلالته، أدرك عهد النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يصحبه، وكان أشرف قومه، يغضب لغضبه مائة ألف من بني تميم لا يدرون فيم غضب، وكان موصوفا بالعقل والدهاء والحلم، سئل عن الحلم ما هو؟ فقال: الذل مع الصبر. وكان إذا عجب الناس من حلمه يقول: إني لأجد ما تجدون، ولكني صبور. ولما نصب معاوية ولده يزيد في ولاية العهد .. جعل الناس يسلمون عليه ويثنون على يزيد والأحنف ساكت، فقال له معاوية: ما لك لا تقول يا أبا بحر؟ فقال: أخاف الله إن كذبت، وأخافكم إن صدقت، فقال: جزاك الله خيرا عن الطاعة، وأمر له بألوف. وتوفي سنة اثنتين وسبعين كما قاله الذهبي (1)، أو سنة سبع وستين كما رجحه ابن خلكان (2). 389 - [عبيدة السلماني] (3) عبيدة-بفتح العين-ابن قيس بن عمرو المرادي الهمداني-بسكون الميم-السلماني- بسكون اللام-وبنو سلمان بطن من مراد، يكنى: أبا مسلم، أو أبا عمرو.

(1) انظر «العبر» (1/ 80). (2) انظر «وفيات الأعيان» (2/ 504). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 213)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1916)، و «الاستيعاب» (ص 466)، و «أسد الغابة» (3/ 552)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 317)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 40)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 482)، و «مرآة الجنان» (1/ 148)، و «الإصابة» (3/ 103).

390 - [مصعب بن الزبير]

أسلم قبل وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم بسنتين ولم يره، وسمع عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وابن الزبير، وعليا وشهر بصحبته، وحضر معه قتال الخوارج. روى عنه جماعة من التابعين، وكان شريح إذا أشكل عليه شيء .. أرسل إلى عبيدة، وانتهى إلى قوله. توفي سنة اثنتين وسبعين، أو ثلاث أو أربع وسبعين. 390 - [مصعب بن الزبير] (1) مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي الهاشمي. ولاه أخوه عبد الله بن الزبير الكوفة، فجهّز على المختار الكذاب وقتله، ثم عزله بابنه حمزة، ثم أعاده إلى الكوفة، فخرج منها لقتال عبد الملك بن مروان، فالتقى الجمعان بدير الجاثليق، فخان مصعبا أصحابه، وكان عبد الملك قد أرسلهم ووعدهم ومنّاهم حتى أفسدهم عليه، فكان كلما أمر أحدا من مقدمي أصحابه .. لم يفعل، وانحاز جماعة منهم إلى عبد الملك، فقتل مصعب، وقتل معه ابناه عيسى وعروة في جمع عظيم في سنة اثنتين وسبعين. جمع بين سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة، وأمهر عائشة هذه ألف ألف درهم، فقال بعضهم: [من الكامل] بضع الفتاة بألف ألف حاضر … وتبيت سادات الجيوش جياعا فلما بلغ ذلك أخاه عبد الله .. قال: قبح الله مصعبا؛ قدم أيره، وأخر خيره، وعزله عن الكوفة بابنه حمزة. 391 - [ابن الزبير] (2) عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أمه: أسماء بنت أبي بكر الصديق، وخالته: عائشة أم المؤمنين.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 181)، و «تاريخ بغداد» (13/ 106)، و «تاريخ دمشق» (58/ 210)، و «المنتظم» (4/ 266)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 140)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 524)، و «مرآة الجنان» (1/ 148)، و «البداية والنهاية» (8/ 721)، و «شذرات الذهب» (1/ 304). (2) «طبقات ابن سعد» (6/ 471)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1647)، و «المنتظم» (4/ 286)، و «أسد الغابة» -

ولد في السنة الأولى من الهجرة، وقيل: لعشرين شهرا منها، وهو أول مولود في المدينة من المهاجرين، وفرح المسلمون بولادته؛ لأن اليهود كانوا يقولون: قد سحرناهم فلا يولد لهم، وحنكه النبي صلّى الله عليه وسلم بتمرة لاكها؛ فكان ريق رسول الله صلّى الله عليه وسلم أول شيء نزل في جوفه، وسماه: عبد الله، وكناه: أبا بكر، باسم جده الصديق وكنيته. وكان رضي الله عنه صوّاما قوّاما، منطلقا فصيحا، بطلا شجاعا. غزا إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح في عشرين ألفا، فخرج عليهم ملكها في مائة وعشرين ألفا، فسقط في أيديهم، فنظر ابن الزبير ملكهم قد خرج عن عسكره، فقصده في جماعة فقتله، ثم كان الفتح على يديه. وكان قد قسّم دهره ثلاثا: ليلة يصلي قائما حتى يصبح، وليلة راكعا إلى الصباح، وليلة ساجدا حتى الصباح. ولما مات يزيد بن معاوية في منتصف ربيع الأول من سنة أربع وستين .. بويع لعبد الله بن الزبير بالخلافة، وأطاعه أهل الحجاز واليمن والعراق وخراسان، فجدد عمارة الكعبة في أيامه، وبناها على حكم الحديث الصحيح الذي روته خالته عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «لولا حداثة قومك بالكفر، فأخاف أن تنكسر قلوبهم .. لنقضت الكعبة، ولبنيتها على قواعد إبراهيم، ولأدخلت فيها من الحجر ما أخرجه قريش منه، ولجعلت لها بابين ملصقين بالأرض، باب يدخل الناس منه، وباب يخرجون منه؛ فإن قريشا لما قصرت بهم النفقة-أي: من الحلال-قصروها عن قواعد إبراهيم» (1). وكان قد وهن بناؤها من رمي الحصى لها بالمنجنيق، ويقال: إنها خرت حجر فطار منها الشرار، فاحترق بعض خشبها فوهنت، فاستشار الصحابة رضي الله عنهم في هدمها وبنائها، فأشار عليه ابن عباس في جماعة أن يتركها على حالها، وأشار عليه جابر بن عبد الله في جماعة من الصحابة بهدمها وإعادتها على قواعد إبراهيم، فترجح له رضي الله

= (3/ 242)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 266)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 363)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 435)، و «مرآة الجنان» (1/ 148)، و «البداية والنهاية» (8/ 733)، و «الإصابة» (2/ 300)، و «الرياض المستطابة» (ص 201)، و «شذرات الذهب» (1/ 306). (1) أخرجه البخاري (1586)، ومسلم (1333)، والبيهقي (5/ 89)، وأحمد (6/ 179).

عنه، فلما عزم على هدمها .. خرج الناس من مكة إلى الطائف وإلى منى، وتلكأ المعمار من هدمها تهيبا، فهدمها ابن الزبير بنفسه، وشرع في هدمها عبد حبشي دقيق الساقين؛ تفاؤلا بأن يكون ذلك هو ما حدّث من أن يهدمها ذو السويقتين من الحبشة (1)، ولم يرجع من خرج من مكة حتى شرع في بنائها، وبعضهم حتى أكملها، وأراد أن يبنيها بالورس، فقيل له: لا يستمسك البناء به كالجص، فبعث من يأتي بالجص من صنعاء، ولما فرغ من بنائها: قال: من لي عليه طاعة فليخرج ويعتمر شكرا لله تعالى، فخرج في السابع والعشرين من رجب ماشيا، وخرج الناس معه، فلم ير يوم أكثر ماشيا ونحرا وذبحا وصدقة من ذلك اليوم، ومن ثم صار كثير من الناس يعتمرون في سابع وعشرين من رجب. ولما قوي أمر عبد الملك بقتله مصعب بن الزبير، واستيلائه على العراق والشام ومصر .. أرسل الحجاج لقتال ابن الزبير، فحاصره الحجاج في أول القعدة من سنة اثنتين وسبعين، وحج تلك السنة بالناس، ورمي بالمنجنيق من مكة، فكان حجر المنجنيق يصيب ثوب ابن الزبير وهو ساجد فلا يرفع رأسه، فلما طال الحصار على أصحابه .. انصرفوا عنه، وأرسل إليه الحجاج: أن سلم نفسك لعبد الملك بن مروان يرى فيك رأيه ولك الأمان، فاستشار والدته في ذلك، فقالت: يا ولدي؛ إن كنت قاتلت لغير الله .. فقد هلكت، وإن كنت قاتلت لله .. فلا تسلم نفسك لبني أمية يلعبون بك، ولئن قتلت .. إنك لكريم، فقال: إنه لم يبق معي معين على القتال، فقالت: فلعمري؛ إنك معذور، ولكن شأن الكرام أن يموتوا على ما عاشوا عليه، فخرج من عندها، وحمل على جيش الحجاج بأعلى مكة وهو يقول: لو كان قرني واحد .. لكفيته، فلم يزل يقاتل ويقتل فيهم حتى أصابته في رأسه رمية داخ منها فوقع، فصاحت مولاة لآل الزبير: وا أميراه، فعرفوه ولم يكونوا عرفوه قبل ذلك لما عليه من لباس الحرب، فقصدوه من كل مكان وقتلوه-قتلهم الله-في سابع جمادى الأولى من سنة ثلاث وسبعين. قلت: وفي «الرياض المستطابة» للعامري: (وعمره ثلاث وسبعون سنة، وكان مدة الحصر سنة أشهر وسبع عشرة ليلة) اهـ‍ (2) والله أعلم.

(1) أخرج البخاري (1591)، ومسلم (2909) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة». (2) «الرياض المستطابة» (ص 202).

392 - [عبد الله بن صفوان]

وهو-رضي الله عنه-أحد العبادلة الأربعة، وأحد الطلس المشهورين (1)، وصلب رضي الله عنه، وقيام عبد الله بن عمر عند خشبته وثناؤه عليه معروف، رضي الله عنهما. 392 - [عبد الله بن صفوان] (2) عبد الله بن صفوان بن أمية القرشي الجمحي. كان من رءوس أهل مكة، ولما حج معاوية .. قدّم له ابن صفوان المذكور ألفي شاة ضيافة. يقال: إن المهلب بن أبي صفرة خلا بابن الزبير أيام خلافته حتى طال مجلسهما، فقال له عبد الله بن صفوان-وهو لا يعرف المهلب-: من هذا الذي شغلك اليوم يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذا سيد أهل العراق، فقال عبد الله بن صفوان: فلعله المهلب، فقال: نعم، فقال المهلب لابن الزبير: من هذا يا أمير المؤمنين؟ -وهو لا يعرف عبد الله بن صفوان-فقال: هذا سيد قريش، فقال المهلب: فلعله عبد الله بن صفوان، قال: نعم. لعبد الله بن صفوان رواية، وقيل: حديثه مرسل. قتل مع عبد الله بن الزبير في سنة اثنتين وسبعين، فبعث برأسيهما ورأس عمارة بن عمرو إلى المدينة، فنصبوها، ثم بعثوا بها إلى عبد الملك بن مروان. 393 - [عبد الله بن مطيع] (3) عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي. ولد على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فحنكه النبي صلّى الله عليه وسلم. وقتل مع ابن الزبير بمكة حين حصرها الحجاج في سنة ثلاث وسبعين.

(1) الأطلس: الذي لا شعر في وجهه. (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 26)، و «الاستيعاب» (ص 415)، و «أسد الغابة» (3/ 279)، و «تهذيب الكمال» (15/ 125)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 150)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 310)، و «مرآة الجنان» (1/ 151)، و «البداية والنهاية» (8/ 750)، و «الإصابة» (3/ 60)، و «شذرات الذهب» (1/ 308). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 143)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1782)، و «الاستيعاب» (ص 412)، و «أسد الغابة» (3/ 393)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 469)، و «مرآة الجنان» (1/ 151)، و «البداية والنهاية» (8/ 750)، و «شذرات الذهب» (1/ 308).

394 - [عبد الرحمن بن عثمان]

394 - [عبد الرحمن بن عثمان] (1) عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة الصحابي، وهو ابن أخي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة، ووالد معاذ بن عبد الرحمن التيمي. أسلم عبد الرحمن يوم الحديبية، وقيل: يوم الفتح، وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث، روى له مسلم حديثا في النهي عن لقطة الحاجّ (2). وشهد اليرموك مع أبي عبيدة ابن الجراح، وكان من أصحاب ابن الزبير، وقتل معه حين حصره الحجاج. قالوا: ودفنه في المسجد الحرام، وأخفى قبره؛ خوفا من انتهاك أصحاب الحجاج. 395 - [عوف بن مالك] (3) عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي الغطفاني. شهد خيبر، وهي أول مشاهده مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكانت معه راية أشجع يوم الفتح. وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث، وسكن دمشق، ومات بها في أيام عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وسبعين، رضي الله عنه. 396 - [أبو سعيد بن المعلّى] (4) أبو سعيد بن المعلّى الأنصاري، واسم أبي سعيد: الحارث على الصحيح، وروى

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 25)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1818)، و «الاستيعاب» (ص 448)، و «أسد الغابة» (3/ 472)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 298)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 473)، و «مرآة الجنان» (1/ 151)، و «الإصابة» (2/ 402)، و «شذرات الذهب» (1/ 308). (2) «صحيح مسلم» (1724). (3) «طبقات ابن سعد» (5/ 169)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2203)، و «الاستيعاب» (ص 573)، و «أسد الغابة» (4/ 312)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 40)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 487)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 501)، و «مرآة الجنان» (1/ 148)، و «الإصابة» (3/ 43)، و «شذرات الذهب» (1/ 306). (4) «الاستيعاب» (ص 815)، و «أسد الغابة» (6/ 142)، و «تهذيب الكمال» (33/ 348)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 554)، و «مرآة الجنان» (1/ 148)، و «الإصابة» (4/ 88).

397 - [أسماء بنت أبي بكر الصديق]

الصنعاني عن الشرف الدمياطي: أن اسمه الحارث بن ألس بن المعلى، قال الصنعاني: (فيكون ممن نسب إلى جده). وله صحبة ورواية. ذكر اليافعي أنه توفي سنة ثلاث وسبعين (1)، رضي الله عنه. 397 - [أسماء بنت أبي بكر الصديق] (2) أسماء بنت أبي بكر الصديق، أخت عائشة أم المؤمنين لأبيها، وأكبر منها سنا، وشقيقة عبد الله بن أبي بكر، أمهما: قتلة بنت عبد العزى بن أسعد بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي. أسلمت أسماء قديما بعد سبعة عشر إنسانا، وصنعت للنبي صلّى الله عليه وسلم ولأبيها لما هاجرا سفرة، فلم تجد ما تشدها به، فشقت نطاقها فشدت به السفرة، فسماها صلّى الله عليه وسلم ذات النطاقين، وكان أهل الشام يعيرون ابن الزبير: (يا بن ذات النطاقين)، فيقول: (إنها والله تلك شكاة ظاهر عنك عارها) (3) وهاجرت أسماء إلى المدينة، وهي حامل بعبد الله بن الزبير، فولدت بالمدينة عقب قدومها، وشهدت اليرموك مع زوجها الزبير. ولما قتل الحجاج ابنها عبد الله بن الزبير .. قال: ائتوني بأسماء، فلم تأته، فسار إليها يتوذف (4)، فقال لها: كيف رأيت صنيعي بابنك؟ قالت: أرى أنك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، أما إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «يكون في ثقيف كذاب ومبير» (5)، أما الكذاب .. فقد رأيناه، وأمّا المبير .. فلا أراه إلا أنت، والمبير؛ أي: المهلك.

(1) انظر «مرآة الجنان» (1/ 48). (2) «طبقات ابن سعد» (10/ 237)، و «معرفة الصحابة» (6/ 3253)، و «الاستيعاب» (ص 871)، و «أسد الغابة» (7/ 9)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 328)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 287)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 353)، و «مرآة الجنان» (1/ 151)، و «البداية والنهاية» (8/ 751)، و «الإصابة» (6/ 224)، و «شذرات الذهب» (1/ 308). (3) إشارة إلى قول أبي ذؤيب الهذلي: [من الطويل] وعيرها الواشون أني أحبها وتلك شكاة ظاهر عنك عارها (4) توذف: قارب الخطو في مشيه، وحرك منكبيه تبخترا. (5) تقدم تخريجه (1/ 411).

398 - [ابن عمر]

ودخل ابن عمر المسجد وابن الزبير مصلوب، فقيل له: إن أسماء في ناحية المسجد، فمال إليها وقال: إن هذه الجثث ليست بشيء، وأما الأرواح فعند الله، فاتق الله واصبري، فقالت: وما يمنعني وقد أهدي برأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل؟ ! وكانت لا تدخر لغد، بل تتصدق بجميع ما معها. توفيت بعد قتل ابنها بيسير في سنة ثلاث وسبعين. قلت: نقل الفقيه عبد الله بافضل في «الكفاية» ضبط قتلة أم أسماء وأم عبد الله المذكورين في أول الترجمة، قال: هي بفتح القاف وإسكان التاء فوقها نقطتان، قاله ابن ماكولا وغيره. وإن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أسن من أختها عائشة بعشر سنين، وهي أكبر ولد أبي بكر، وكانت تعبر الرؤيا، أخذت ذلك عن أبيها، وأخذه عنها سعيد بن المسيب، وكانت إذا مرضت تعتق أرقاءها. وعن ابنها عروة بن الزبير أنه قال: بلغت أسماء مائة سنة لم يسقط لها سن، ولم ينكر من عقلها شيء، توفيت بمكة في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين. قال الذهبي: (هي آخر المهاجرات وفاة) اهـ‍ (1) والله أعلم. 398 - [ابن عمر] (2) عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، الصحابي ابن الصحابي، شقيق حفصة أم المؤمنين، أمهما: زينب بنت مظعون الجمحية. أسلم مع أبيه قبل بلوغه، وهاجر قبل أبيه، واستصغر يوم أحد فلم يشهدها، وأول مشاهده الخندق.

(1) «سير أعلام النبلاء» (2/ 288). (2) «طبقات ابن سعد» (4/ 133)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1707)، و «الاستيعاب» (ص 419)، و «أسد الغابة» (3/ 340)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 278)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 203)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 453)، و «مرآة الجنان» (1/ 154)، و «البداية والنهاية» (9/ 7)، و «الإصابة» (2/ 338)، و «شذرات الذهب» (1/ 310).

399 - [أبو سعيد الخدري]

قال رضي الله عنه: عرضت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني، وفي رواية: ورأى أني قد بلغت. وهو أحد العبادلة الأربعة، وأحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية عن النبي صلّى الله عليه وسلم. وكان شديد الاتباع للنبي صلّى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله، زاهدا في الدنيا ومقاصدها، غير متطلع لرئاسة وغيرها. قال وهو ساجد في الكعبة: قد تعلم يا رب؛ ما يمنعني من مزاحمة قريش إلا خوفك، واعتزل الفتن رضي الله عنه. وكان إذا اشتد عجبه بشيء من ماله .. تقرب به إلى الله تعالى، وكان رقيقه قد عرفوا منه ذلك، فكان أحدهم يلزم المسجد، فإذا رآه ابن عمر على تلك الحالة الحسنة .. أعتقه، فقيل له: إنهم يخدعونك، فقال: من خدعنا في الله .. انخدعنا له. توفي رضي الله عنه بمكة سنة أربع وسبعين-وقيل: ثلاث وسبعين-بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر، قال الأزرقي: (وقبره بأذاحر) (1) يعني: فوق المعاورة، رضي الله عنه. 399 - [أبو سعيد الخدري] (2) أبو سعيد الخدري، واسمه: سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي الخدري، الصحابي ابن الصحابي، وأمه: أنيسة بنت أبي حارثة. استصغر يوم أحد فرد، وغزا بعد ذلك مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوة، وهو من المبالغين في رواية الحديث، ومن فقهاء الصحابة وفضلائهم، ومناقبه رضي الله عنه كثيرة. توفي بالمدينة يوم الجمعة سنة أربع وسبعين، ودفن بالبقيع، رضي الله عنه.

(1) «أخبار مكة» (2/ 287). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 350)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1260)، و «الاستيعاب» (ص 286)، و «أسد الغابة» (2/ 365)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 237)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 168)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 551)، و «مرآة الجنان» (1/ 155)، و «الإصابة» (2/ 32)، و «شذرات الذهب» (1/ 311).

400 - [أبو جحيفة السوائي]

400 - [أبو جحيفة السّوائي] (1) أبو جحيفة السّوائي-بضم السين والمد نسبة إلى سواءة بن عامر بن صعصعة-اسمه: وهب بن عبد الله الصحابي الكوفي. توفي صلّى الله عليه وسلم وهو صبي لم يبلغ. وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث، وكان علي رضي الله عنه يكرمه، ويسميه وهب الخير ووهب الله، ويحبه ويثق به، وجعله على بيت المال بالكوفة، وشهد مع علي مشاهده كلها، ونزل الكوفة. وتوفي سنة أربع وسبعين، وفي «تهذيب النووي»: (سنة اثنتين وسبعين) (2)، رضي الله عنه. 401 - [سلمة بن الأكوع] (3) سلمة بن الأكوع-واسم الأكوع سنان-ابن عبد الله الأسلمي الصحابي أبو سلمة وأبو إياس. شهد بيعة الرضوان بالحديبية، وبايع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يومئذ ثلاث مرات؛ في أول الناس ووسطهم وآخرهم. وكان شجاعا راميا، محسنا خيّرا فاضلا، غزا مع النبي صلّى الله عليه وسلم سبع غزوات، وسكن المدينة، فلما قتل عثمان .. سكن الربذة، ولم يزل مقيما بها إلى قرب وفاته بليال، فعاد إلى المدينة، وتوفي بها سنة أربع وسبعين. قال صلّى الله عليه وسلم: «خير رجّالتنا سلمة بن الأكوع» (4)، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 550)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2851)، و «الاستيعاب» (ص 788)، و «أسد الغابة» (6/ 48)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 201)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 202)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 549)، و «الإصابة» (3/ 606)، و «شذرات الذهب» (1/ 311). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 202). (3) «طبقات ابن سعد» (5/ 210)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1339)، و «الاستيعاب» (ص 305)، و «أسد الغابة» (2/ 423)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 229)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 326)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 412)، و «مرآة الجنان» (1/ 155)، و «الإصابة» (2/ 65)، و «شذرات الذهب» (1/ 311). (4) أخرجه مسلم (1807)، وابن حبان (7173).

402 - [محمد بن حاطب]

402 - [محمد بن حاطب] (1) محمد بن حاطب-بمهملتين-ابن الحارث بن معمر الجمحي الكوفي أبو القاسم أو أبو إبراهيم، الصحابي ابن الصحابي، وأمه: أم جميل فاطمة بنت المجلل-بالجيم- صحابية أيضا، أسلمت وهاجرت، ولدت محمد المذكور بأرض الحبشة، وقيل: هاجر به أبوه إلى الحبشة وهو طفل، وأرضعته أسماء بنت عميس بلبن عبد الله بن جعفر، فكانا متآخيين على ذلك حتى ماتا. روى حديث: «فصل ما بين الحلال والحرام الدّفّ والصّوت» رواه الترمذي (2). وشهد مع علي رضي الله عنه الجمل وصفين والنهروان، وتوفي بمكة سنة أربع وسبعين، وقيل: بالكوفة سنة ست وثمانين، وهو أول من سمي محمدا في الإسلام بعد النبي صلّى الله عليه وسلم. 403 - [رافع بن خديج] (3) رافع بن خديج بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة الأنصاري الأوسي الحارثي المدني أبو عبد الله. استصغره النبي صلّى الله عليه وسلم يوم بدر فرده، وأجازه يوم أحد فشهده، فأصابه فيه سهم، فنزعه وبقي فيه نصله إلى أن مات، وقال له صلّى الله عليه وسلم: «أنا أشهد لك يوم القيامة» (4). وكان عريف قومه، وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث. انتقض عليه جرحه، فتوفي منه بالمدينة سنة أربع وسبعين عن ست وثمانين، رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 537)، و «معرفة الصحابة» (1/ 170)، و «الاستيعاب» (ص 643)، و «أسد الغابة» (5/ 85)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 79)، و «تهذيب الكمال» (25/ 34)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 435)، و «مرآة الجنان» (1/ 155)، و «الإصابة» (3/ 352)، و «شذرات الذهب» (1/ 312). (2) «سنن الترمذي» (1088). (3) «طبقات ابن سعد» (4/ 272)، و «معرفة الصحابة» (2/ 1044)، و «الاستيعاب» (ص 227)، و «أسد الغابة» (2/ 190)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 187)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 181)، و «مرآة الجنان» (1/ 155)، و «البداية والنهاية» (9/ 6)، و «الإصابة» (1/ 483)، و «شذرات الذهب» (1/ 312). (4) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 561)، وأحمد (6/ 378)، والطبراني في «الكبير» (4/ 239).

404 - [عبد الله بن عتبة الهذلي]

404 - [عبد الله بن عتبة الهذلي] (1) عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي الحجازي المدني-ويقال: الكوفي-أبو عبد الله، والد عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أحد الفقهاء السبعة. أدرك زمن النبي صلّى الله عليه وسلم، قال ابنه حمزة: سألت أبي عبد الله بن عتبة، أي شيء تذكره من النبي صلّى الله عليه وسلم؟ قال: أذكر أنه أخذني وأنا خماسي أو سداسي، فأجلسني في حجره، ومسح رأسي، ودعا لي ولذريتي من بعدي بالبركة. قال ابن عبد البر: (ذكره العقيلي في الصحابة، وإنما هو من كبار التابعين كما ذكره البخاري، واستعمله عمر) اهـ‍ (2) واستعمال عمر له يدل على أنه أدرك من زمن النبي صلّى الله عليه وسلم سنين. وكان ثقة فقيها رفيعا كثير الحديث والفتوى، توفي سنة أربع وسبعين، رضي الله عنه. 405 - [بشر بن مروان بن الحكم] (3) بشر بن مروان بن الحكم، أمير العراق لأخيه عبد الملك. توفي سنة خمس وسبعين، فولى عبد الملك العراق الحجاج بن يوسف. 406 - [العرباض بن سارية] (4) العرباض بن سارية السلمي الصحابي أبو نجيح.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 62)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1736)، و «الاستيعاب» (ص 430)، و «أسد الغابة» (3/ 305)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 278)، و «تهذيب الكمال» (15/ 269)، و «مرآة الجنان» (1/ 156)، و «الإصابة» (2/ 332)، و «شذرات الذهب» (1/ 312). (2) «الاستيعاب» (ص 430). (3) «المنتظم» (4/ 280)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 274)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 145)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 370)، و «مرآة الجنان» (1/ 156)، و «البداية والنهاية» (9/ 11)، و «شذرات الذهب» (1/ 314). (4) «طبقات ابن سعد» (5/ 165)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2234)، و «الاستيعاب» (ص 590)، و «أسد الغابة» (4/ 19)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 330)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 419)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 483)، و «البداية والنهاية» (9/ 12)، و «الإصابة» (4/ 196)، و «تقريب التهذيب» (ص 388).

407 - [أبو ثعلبة الخشني]

كان من أهل الصفة، ومن البكائين، كان يقول: إنه ربع الإسلام؛ أي: رابع من أسلم. سكن الشام، وتوفي سنة خمس وسبعين، وقيل: في أيام ابن الزبير. قلت: العرباض بكسر العين المهملة وسكون الراء بعدها موحدة وآخره معجمة، ذكر هذا الضبط الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر في «تقريب التهذيب» (1).والله سبحانه وتعالى أعلم، رضي الله عنه. 407 - [أبو ثعلبة الخشني] (2) أبو ثعلبة الخشني نسبة إلى خشين بن النمر بطن من قضاعة، وفي اسمه واسم أبيه خلاف، وهو: جرهم أو جرثوم بن ناشر، أو ناشب بالموحدة، أو ناشم بالميم، أو ناشج بالجيم. روى أبو ثعلبة عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث، وبايعه بيعة الرضوان سنة ست، وتوفي في ولاية عبد الملك سنة خمس وسبعين، وقيل: في خلافة معاوية، وقيل: في أيام يزيد. قلت: الخشني بضم المعجمة وفتح الشين المعجمة بعدها نون، وناشر وناشب بنون وشين معجمة فيهما. من «تقريب التهذيب» لابن حجر رحمه الله تعالى (3)، والله أعلم. 408 - [عمرو بن ميمون] (4) عمرو بن ميمون الأودي، نسبة إلى أود بن صعب بن سعد العشيرة، يكنى: أبا عبد الله.

(1) «تقريب التهذيب» (ص 388). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 419)، و «معرفة الصحابة» (2/ 619)، و «الاستيعاب» (ص 130)، و «أسد الغابة» (6/ 44)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 199)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 567)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 547)، و «الإصابة» (4/ 29)، و «تقريب التهذيب» (ص 627)، و «شذرات الذهب» (1/ 313). (3) «تقريب التهذيب» (ص 627). (4) «طبقات ابن سعد» (8/ 238)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2046)، و «الاستيعاب» (ص 510)، و «أسد الغابة» (4/ 275)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 34)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 158)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 496)، و «الإصابة» (3/ 118)، و «شذرات الذهب» (1/ 313).

409 - [الأسود بن يزيد النخعي]

مخضرم أدرك النبي صلّى الله عليه وسلم، وأسلم في زمنه ولم يره، فهو من كبار التابعين. روى عن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وغيرهم. حج مائة حجة، وقيل: سبعين، وأدى صدقته إلى عمال النبي صلّى الله عليه وسلم. قال: قدم علينا معاذ بن جبل رسولا من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع السحر رافعا صوته بالتكبير، وكان حسن الصوت، فألقيت عليه مجني، فما فارقته حتى جعلت التراب عليه. ثم صحب ابن مسعود، وكان صالحا قانتا ممن يذكر الله برؤيته، وهو الذي روى البخاري في «صحيحه» عنه قصة رجم القردة للقردة التي زنت في الجاهلية (1). توفي سنة خمس وسبعين، وقيل: أربع. 409 - [الأسود بن يزيد النخعي] (2) الأسود بن يزيد بن قيس بن عبد الله بن علقمة النخعي أبو عمرو أو أبو عبد الرحمن الكوفي التابعي الفقيه العابد الجليل. خال إبراهيم بن يزيد النخعي، وابن أخي علقمة بن قيس، وكان أسن من علقمة، رأى أبا بكر وعمر، وروى عن علي، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل وغيرهم من الصحابة. كان يصلي كل يوم وليلة سبع مائة ركعة، وحج ثمانين حجة، واعتمر كذلك مفردين في سنة. واتفقوا على توثيقه وجلالته، وهو الذي استسقى به معاوية، فقال: اللهم؛ إنا نستسقي إليك بخيرنا وأفضلنا الأسود بن يزيد، وقال له: ارفع يديك، فرفع يديه ودعا فسقوا. توفي سنة خمس وسبعين، رضي الله عنه.

(1) «صحيح البخاري» (3849). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 191)، و «الاستيعاب» (ص 64)، و «أسد الغابة» (1/ 107)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 122)، و «تهذيب الكمال» (3/ 233)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 50)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 359)، و «مرآة الجنان» (1/ 156)، و «البداية والنهاية» (9/ 17)، و «الإصابة» (1/ 114).

410 - [زائدة بن قدامة]

410 - [زائدة بن قدامة] (1) زائدة بن قدامة ابن عم المختار بن أبي عبيد الثقفي، الذي أخرجه الحجاج لقتال شبيب بن يزيد الخارجي، فقتله شبيب في سنة ست وسبعين. 411 - [شبيب بن يزيد الخارجي] (2) شبيب بن يزيد بن نعيم الشيباني الخارجي، بل رأس الخوارج بالجزيرة. وكان فارس زمانه، بعث لحربه الحجاج خمسة وعشرين جيشا، وكان قد خرج هو وأخوه فقتلهم، ويقال: إنه هزم للحجاج خمسة وعشرين جيشا. أقبل هو وأخوه مصاد والمحلل بن وائل وإبراهيم بن حجر والفضل بن عامر الذهلي في جماعة من الخوارج إلى صالح بن مسرح العابد التميمي وأصحابه، فصاروا نحو مائة نفس، فشدوا على خيل لمحمد بن مروان، فأخذوها وقويت شوكتهم، فسار لحربهم عدي بن عدي بن عمير الكندي، فانهزم عدي، وتوفي صالح سنة ست وسبعين من جراحات، فعهد إلى شبيب فهزم العساكر، فندب الحجاج لحربه زائدة بن قدامة الثقفي، فقتل زائدة وهزم جيشه، ودخلت زوجته غزالة الكوفة، فصلت بمسجدها، ووفت بنذرها، والحجاج محصور في قصره لم يخرج له، وكانت غزالة عديمة النظير في الشجاعة، فعيّر بعضهم الحجاج بقوله: [من الكامل] أسد عليّ وفي الحروب نعامة … فتخاء تنفر من صفير الصافر هلا برزت إلى غزالة في الوغى … بل كان قلبك في جناحي طائر وكانت أم شبيب جهيزة تشهد الحروب معه، وهزم شبيب جيوش الحجاج مرات، وقتل عدة من الأشراف، وتزلزل له عبد الملك، وتحير الحجاج في أمره فقال: أعياني هذا، وجمع له جيشا كثيفا نحو خمسين ألفا، وعرض شبيب جنده فكانوا ألفا وقال: يا قوم؛

(1) «تاريخ دمشق» (18/ 295)، و «العبر» (1/ 86)، و «مرآة الجنان» (1/ 156)، و «غربال الزمان» (1/ 67)، و «شذرات الذهب» (1/ 315). (2) «المنتظم» (4/ 323)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 436)، و «وفيات الأعيان» (2/ 454)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 146)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 417)، و «مرآة الجنان» (1/ 156)، و «البداية والنهاية» (9/ 17)، و «شذرات الذهب» (1/ 316).

إن الله نصركم وأنتم مائة، فأنتم اليوم مئون، ثم ثبت معه ست مائة، فحمل في مائتين على الميسرة فهزمها، وقتل مقدم جيش الحجاج عتاب بن ورقاء، فلما رآه شبيب صريعا .. توجع له، فقال له خارجي: يا أمير المؤمنين؛ تتوجع لكافر، ثم نادى شبيب برفع السيف، ودعا إلى طاعته، فبايعوه ثم هربوا في الليل، ثم جاء المدد من الشام، فالتقاه الحجاج بنفسه، فكان بينهما قتال لم يعهد مثله، وثبت الفريقان، وقتل مصاد أخو شبيب وزوجته غزالة، وحجز بينهم الليل، وتقهقر شبيب وهو يخفق رأسه، والطلب في أثره، ثم رجع عنه الطلب، وسار هو إلى الأهواز، فبرز له متوليها محمد بن موسى بن طلحة، فقتله شبيب ومضى إلى كرمان، فأقام بها شهرين، ثم رجع فالتقاه سفيان بن الأبرد الكلبي وحبيب الحكمي على جسر دجيل فاقتتلوا إلى الليل، فعبر شبيب على الجسر، فقطع به فغرق، وقيل: بل نفر به فرسه فألقاه في الماء وعليه الحديد فغرق فمات، وذلك في سنة سبع وسبعين، وألقاه دجيل إلى الساحل ميتا، فحمل على البريد إلى الحجاج، فشقّ جوفه، وأخرج قلبه وشق؛ فإذا داخله قلب آخر، وعمره إحدى وخمسون سنة. ولما أخبرت به أمه .. قالت: لما ولدته .. رأيت كأنه خرج مني شهاب نار، فعلمت أنه لا يطفئه إلا الماء، كذا في «تاريخ الذهبي» (1). وذكر اليافعي في «تاريخه»: أن أمه قتلت قبله (2)، والله سبحانه أعلم. قيل: أحضر إلى عبد الملك عتبان الحروري، فقال له: أنت القائل: [من الطويل] فإن يك منكم كان مروان وابنه … وعمرو ومنكم هاشم وحبيب فمنا حصين والبطين وقعنب … ومنا أمير المؤمنين شبيب قال: إنما قلت: ومنا أمير المؤمنين شبيب على النداء. فأعجبه جوابه فأطلقه. قلت: وجهيزة: بفتح الجيم وكسر الهاء وسكون الياء المثناة من تحت وفتح الزاي وبعدها هاء ساكنة، وهي التي يضرب بها المثل في الحمق، فيقال: أحمق من جهيزة.

(1) انظر «تاريخ الإسلام» (5/ 419). (2) في «تاريخ اليافعي» (1/ 157): أن التي قتلت قبله هي زوجته غزالة.

412 - [جابر بن عبد الله بن حرام]

ودجيل: بضم الدال المهملة وفتح الجيم وسكون الياء المثناة من تحت، وهو نهر عظيم بنواحي الأهواز وتلك البلاد، مخرجه من جهة أصبهان، وحفره أردشير بن بابك أول ملوك بني ساسان ملوك الفرس بالمدائن، وهو غير دجيل بغداد؛ لأن ذلك مخرجه من دجلة مقابل القادسية في الجانب الغربي بين تكريت وبغداد. وعتبان: بكسر العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق وفتح الباء الموحدة وبعد الألف نون. والحروري: بفتح الحاء المهملة وضم الراء وسكون الواو بعدها راء، هذه النسبة إلى حروراء بالمد، وهي قرية بناحية الكوفة، كان أول اجتماع الخوارج بها فنسبوا إليها، كذا ذكر ذلك ابن خلكان في «تاريخه» (1)، والله أعلم. 412 - [جابر بن عبد الله بن حرام] (2) جابر بن عبد الله بن حرام-بمهملتين-ابن عمرو بن سواد بن سلمة-بكسر اللام- الأنصاري السلمي-بفتحتين-أبو محمد أو أبو عبد الرحمن المدني، الصحابي ابن الصحابي. استشهد أبوه يوم أحد، فأحياه الله وكلمه كفاحا. قال جابر: غزوت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، لم أشهد بدرا ولا أحدا، منعني أبي، فلما قتل أبي .. لم أتخلف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في غزوة قط. وقال رضي الله عنه: كنت أنا وأبي وخالي من أصحاب العقبة. توفي سنة ثمان وسبعين-وقيل: ثلاث وسبعين، ورجحه النووي في «التهذيب» (3) - وهو ابن أربع وتسعين سنة، وهو آخر من مات من أهل العقبة. قلت: وفي «الكفاية» للعلامة عبد الله بن محمد بن أحمد بافضل: وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة في قول، رضي الله عنهم.

(1) انظر «وفيات الأعيان» (2/ 457). (2) «طبقات ابن سعد» (4/ 382)، و «الاستيعاب» (ص 114)، و «أسد الغابة» (1/ 307)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 142)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 189)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 377)، و «مرآة الجنان» (1/ 158)، و «البداية والنهاية» (9/ 28)، و «الإصابة» (1/ 214)، و «شذرات الذهب» (1/ 319). (3) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 143).

413 - [زيد بن خالد الجهني]

413 - [زيد بن خالد الجهني] (1) زيد بن خالد الجهني أبو عبد الرحمن الصحابي. شهد الحديبية، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح، وسكن المدينة وتوفي بها-وقيل: بالكوفة، وقيل: بمصر-سنة ثمان وسبعين، وقيل: ثمان وستين، ورجحه النووي في «تهذيبه» (2)، وقيل: غير ذلك. قلت: وفي «الكفاية» للفقيه عبد الله: [ .... ] (3) عن خمس وثمانين. 414 - [عبد الرحمن بن غنم] (4) عبد الرحمن بن غنم بن كريب بن هاني الأشعري. ذكره جماعة في الصحابة، قالوا: قدم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في السفينة مع أبي موسى الأشعري وأصحابه، وأنكر آخرون صحبته، وقالوا: هو تابعي مخضرم، كان مسلما في عهده صلّى الله عليه وسلم ولم يره. بعثه عمر رضي الله عنه يفقه الناس، تفقه به عامة التابعين بالشام، وكانت له جلالة، سكن فلسطين وقدم مصر ودمشق. توفي سنة ثمان وسبعين، رضي الله عنه. 415 - [شريح القاضي] (5) شريح القاضي بن الحارث بن قيس بن الجهم بن معاوية الكندي الكوفي التابعي أبو أمية.

(1) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (68 هـ‍)، فانظر مصادر ترجمته هناك (1/ 413). (2) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 203). (3) بياض في الأصول. (4) «طبقات ابن سعد» (9/ 444)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1867)، و «الاستيعاب» (ص 458)، و «أسد الغابة» (3/ 487)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 302)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 45)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 476)، و «مرآة الجنان» (1/ 158)، و «شذرات الذهب» (1/ 320). (5) «طبقات ابن سعد» (8/ 252)، و «الاستيعاب» (ص 332)، و «أسد الغابة» (2/ 517)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 243)، و «وفيات الأعيان» (2/ 460)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 100)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 419)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 140)، و «البداية والنهاية» (9/ 29)، و «الإصابة» (2/ 144)، و «شذرات الذهب» (1/ 320).

أدرك زمن النبي صلّى الله عليه وسلم، ولم يلقه على المشهور. ولي القضاء بالكوفة لعمر رضي الله عنه في سنة اثنتين وعشرين فمن بعده من الخلفاء إلى أيام الحجاج، فاستعفى الحجاج فأعفاه، وكان يوم استعفائه عمره مائة وعشرين سنة، وعاش سنة بعد ذلك؛ فمدة ولايته في القضاء ستون سنة، وتوفي سنة ثمان وسبعين. وقال له علي رضي الله عنه: أنت أقضى العرب، واتفقوا على توثيقه ودينه وفضله وذكائه، وأنه أعلمهم بالقضاء. وكان رضي الله عنه أبظر؛ أي ناتئ الشفة، ولذلك قال له علي: أيها العبد الأبظر. وكان أحد الطلس الذين لا شعر بوجوههم، ومنهم: قيس بن سعد بن عبادة. وكانت الأنصار تقول: لو أن اللحى تشترى .. لاشتريناها لقيس والأحنف بن قيس السيد الحليم. وكان شريح مزاحا، دخل عليه ابن أرطأة، فقال له: أين أنت أصلحك الله؟ ! قال: بينك وبين الحائط، قال: إني رجل من أهل الشام، قال: مكان سحيق، قال: وتزوجت عندكم، قال: بالرفاء والبنين، قال: وأردت أن أرحلها، قال: الرجل أحق بأهله، قال: وشرطت لها دارا، قال: المؤمنون عند شروطهم، وفي رواية قال: الشرط أملك، قال: فاحكم الآن بيننا، قال: قد فعلت، فقال: فعلى من حكمت؟ قال: على ابن أمك، قال: بشهادة من؟ قال: بشهادة ابن أخت خالتك. وكان لشريح امرأة تسمى زينب، يحبها حبا شديدا، فنقم عليها في شيء فضربها، ثم ندم وقال: [من الطويل] رأيت رجالا يضربون نساءهم … فشلّت يميني يوم أضرب زينبا أأضربها من غير ذنب أتت به … فما العدل في ضرب لمن ليس مذنبا قلت: وضبط الأبظر: هو بفتح الهمزة وبعدها باء موحدة وظاء منقوطة مشالة وراء، كذا ذكره في «صحاح الجوهري» في مادة (بظر). ولم يذكر الجد رحمه الله تعالى من الطلس إلا ثلاثة، وفي «تاريخ ابن خلكان»: (وكان شريح أحد السادة الطلس، وهم أربعة: عبد الله بن الزبير، وقيس بن سعد بن

416 - [قطري بن الفجاءة]

عبادة، والأحنف بن قيس الذي يضرب به المثل في الحلم، والقاضي شريح) (1)، والله أعلم. 416 - [قطري بن الفجاءة] (2) قطري بن الفجاءة، واسم الفجاءة: جعونة بن مازن التميمي المازني أبو نعامة البطل المشهور رأس الخوارج. كان خطيبا بليغا فصيحا شجاعا مقداما قوي النفس لا يهاب الموت، وفي ذلك يقول مخاطبا لنفسه: [من الوافر] أقول لها وقد طارت شعاعا … من الأبطال ويحك لن تراعي فإنك لو سألت بقاء يوم … على الأجل الذي لك لن تطاعي فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع ولا ثوب الحياة بثوب عز … فيطوى عن أخي الخنع اليراع سبيل الموت غاية كل حي … وداعيه لأهل الأرض داع ومن لم يعتبط يسأم ويهرم … وتسلمه المنون إلى انقطاع وما للمرء خير في حياة … إذا ما عدّ من سقط المتاع خرج من ابن الزبير فهزم الجيوش، واستفحل أمره، وجهز إليه الحجاج جيشا بعد جيش وهو يكسرهم، وتغلب على بلاد فارس، وله وقائع مشهورة، وشجاعة لم يسمع بمثلها، حارب بضع عشرة سنة، وكان يسلم عليه بالخلافة إلى أن سار لحربه سفيان بن الأبرد الكلبي بعد قتله لشبيب، فانتصر عليه وقتله، وقيل: عثرت به الفرس فانكسرت فخذه بطبرستان، فظفروا به وحمل رأسه سنة تسع وسبعين إلى الحجاج.

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 461). (2) «المنتظم» (4/ 338)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 471)، و «وفيات الأعيان» (4/ 93)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 151)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 510)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 248)، و «مرآة الجنان» (1/ 160)، و «البداية والنهاية» (9/ 38)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 197)، و «شذرات الذهب» (1/ 324).

417 - [عبيد الله الثقفي]

417 - [عبيد الله الثقفي] (1) عبيد الله-مصغرا-ابن أبي بكرة الثقفي الأمير، ولد سنة أربع عشرة، وولي قضاء البصرة، وولي إمرة سجستان سنة خمسين، ثم عزل بعد ثلاث سنين، ثم وليها في إمرة الحجاج. روى عن أبيه وغيره، وكان جوادا ممدحا شجاعا كبير القدر، يعتق في كل عيد مائة مملوك، قيل: كان ينفق على مائة وستين دارا من جيران داره، ووصل ابن مفرّغ الشاعر بخمسين ألفا. قيل: إن المهلب طلب منه لبن بقر، فبعث إليه سبع مائة بقرة ورعاتها، وكان أسود اللون، وله أخبار في الكرم، توفي بسجستان سنة تسع وسبعين. 418 - [عبيد الله بن عبد الله بن عتبة] (2) عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي المدني التابعي الجليل، أحد فقهاء المدينة السبعة، وسيأتي بيانهم في ترجمة خارجة بن زيد بن ثابت، ونذكر أيضا إن شاء الله تعالى كلاما في موضعه (3). سمع عبيد الله جمعا من الصحابة، وسمع منه خلق من التابعين. واتفقوا على إمامته وجلالته وعظم قدره ومنزلته، كان عالما فقيها كثير الحديث والعلم شاعرا، وكان ابن عباس يعزه ويجله، توفي سنة ثمان وسبعين. 419 - [عبد الله بن جعفر] (4) عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي أبو جعفر، الصحابي

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 189)، و «المنتظم» (4/ 361)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 138)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 477)، و «مرآة الجنان» (1/ 161)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 202)، و «شذرات الذهب» (1/ 325). (2) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى ترجمته في وفيات سنة (98 هـ‍) في مكانها الصحيح، فانظر مصادر ترجمته هناك (1/ 505). (3) انظر (1/ 513). (4) «طبقات ابن سعد» (6/ 461)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1605)، و «الاستيعاب» (ص 387)، و «أسد الغابة» (3/ 198)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 263)، و «تهذيب الكمال» (14/ 367)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 456)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 428)، و «البداية والنهاية» (9/ 41)، و «العقد الثمين» (5/ 120).

420 - [أسلم مولى عمر بن الخطاب]

ابن الصحابيين، والجواد ابن الجواد أخو الجواد، أخو محمد بن أبي بكر الصديق ويحيى بن علي بن أبي طالب لأمهما، أمهم: أسماء بنت عميس الخثعمية. وكان جعفر هاجر بزوجته أسماء إلى الحبشة، فولدت له بها عبد الله، وهو أول مولود في الإسلام بالحبشة، وقدم عبد الله مع أبويه من الحبشة مهاجرين إلى المدينة. وتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولعبد الله عشر سنين. وكان كريما جوادا حليما، يسمى: بحر الجود، حتى قيل: لم يكن في الإسلام أسخى منه. روي: أنه كان أقرض الزبير ألف ألف درهم، فلما قتل الزبير .. قال ابنه عبد الله لعبد الله بن جعفر: وجدت في كتب أبي أن له عليك ألف ألف درهم، قال: هو صدوق، فاقبضها إذا شئت، ثم لقيه فقال: يا أبا جعفر؛ إني وهمت، إن المال لك على أبي، قال: هو له لا أريد ذلك، قال: فإن شئت .. فهو لك، وإن كرهت ذلك .. فلك فيه نظرة ما شئت. وكان ابن عمر إذا سلم على عبد الله بن جعفر .. قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين. توفي سنة ثمانين على الصحيح بالمدينة عن ثمانين، وقيل: توفي سنة تسعين. قلت: قال السيد الشريف الفاسي في «تاريخه»: (واختلف في وفاة عبد الله بن جعفر؛ فقيل: سنة ثمانين من الهجرة، وبه جزم الزبير بن بكار، ورجحه ابن عبد البر، قال: وهو ابن تسعين سنة، وذكر النووي: أنه الصحيح، وذكر المزي: أنه الأصح) (1)، وذلك موافق لما قدمه الجد رحمه الله تعالى من أنه أول مولود ولد في الإسلام بالحبشة. 420 - [أسلم مولى عمر بن الخطاب] (2) أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه القرشي العدوي المدني أبو خالد وأبو زيد، من سبي اليمن، وعن سعيد بن المسيب أنه حبشي.

(1) «العقد الثمين» (5/ 124)، وانظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 264)، و «تهذيب الكمال» (14/ 372). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 11)، و «معرفة الصحابة» (1/ 255)، و «أسد الغابة» (1/ 94)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 117)، و «تهذيب الكمال» (2/ 529)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 98)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 361)، و «مرآة الجنان» (1/ 161)، و «البداية والنهاية» (9/ 40)، و «شذرات الذهب» (1/ 327).

421 - [جبير بن نفير]

قالوا: بعث أبو بكر الصديق عمر رضي الله عنهما سنة إحدى عشرة، فأقام للناس الحج، واشترى أسلم. سمع أسلم أبا بكر وعمر وعثمان وأبا عبيدة ومعاذ بن جبل وغيرهم من الصحابة. وروى عنه جمع من التابعين، وحضر الجابية مع عمر، واتفق الحفاظ على توثيقه. وتوفي بالمدينة سنة ثمانين عن مائة وأربع عشرة سنة. وقول البخاري: (صلّى عليه مروان) (1) يخالف ما تقدم من تاريخ وفاته؛ لأن مروان مات سنة خمس وستين (2). 421 - [جبير بن نفير] (3) جبير بن نفير الحضرمي أبو عبد الرحمن. أسلم في اليمن في حياة النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يره، وهو من كبار تابعي الشام، ولأبيه صحبة. توفي سنة ثمانين. 422 - [عبد الرحمن بن عبد القاري] (4) عبد الرحمن بن عبد القاري نسبة إلى القارة، وهو من ولد الهون بن خزيمة، أخي أسد بن خزيمة. ولد عبد الرحمن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وليس له منه سماع ولا رواية، وقال محمد بن عمر الواقدي: هو صحابي، وذكره في كتاب «الطبقات» في

(1) «التاريخ الكبير» (2/ 23)، و «الأوسط» (2/ 137). (2) كما تقدم في ترجمته (1/ 406). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 443)، و «معرفة الصحابة» (2/ 525)، و «الاستيعاب» (ص 119)، و «أسد الغابة» (1/ 324)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 76)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 381)، و «مرآة الجنان» (1/ 162)، و «البداية والنهاية» (9/ 41)، و «شذرات الذهب» (1/ 328). (4) «طبقات ابن سعد» (7/ 61)، و «الاستيعاب» (ص 457)، و «أسد الغابة» (3/ 470)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 14)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 472)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 183)، و «مرآة الجنان» (1/ 162)، و «الإصابة» (3/ 72)، و «شذرات الذهب» (1/ 328).

423 - [حسان بن النعمان الغساني]

جملة من ولد على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: (وكان مع عبد الله بن الأرقم على بيت المال في خلافة عمر رضي الله عنه) انتهى. توفي سنة ثمانين. 423 - [حسان بن النعمان الغساني] (1) حسان بن النعمان بن المنذر الغساني من ملوك العرب، ولي المغرب فهذبه وعمره، وكان بطلا شجاعا مجاهدا، لبيبا، ميمون النقيبة كبير القدر. وجهه معاوية في سنة سبع وخمسين فصالح البربر، ورتب عليهم الخراج، وانعمرت به البلاد، وله غزوات مشهورة بعد قتل الكاهنة. توفي سنة ثمانين غازيا الروم، وقيل: إنه بقي إلى أيام الوليد بن عبد الملك بن مروان وأن الوليد عزله وبعث نوابا عوضه، فقدم حسان على الوليد بأموال عظيمة وتحف، وقال: يا أمير المؤمنين؛ إنما ذهبت مجاهدا، وما مثلي من يخون، قال: إني رادك إلى عملك، فحلف أنه لا يلي شيئا أبدا، وكان يدعى: الشيخ الأمين. قال الذهبي: (فلعل الذي عزله عبد الملك لا الوليد) (2)، والله سبحانه وتعالى أعلم. 424 - [معبد الجهني] (3) معبد بن عبد الله بن عويمر، وقيل: عبد الله بن عكيم الجهني، وقيل: هو معبد بن خالد الجهني. نزيل البصرة، وأول من تكلم بالقدر في زمن الصحابة، فأنكر عليه ابن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم، وكان مع بدعته من علماء الوقت ورواة الحديث. قال الجوزجاني: كان قوم يتكلمون في القدر، احتمل الناس حديثهم لما عرفوا ما عندهم من الصدق والأمانة والاجتهاد في الدين، ولم يتوهم عليهم الكذب، وإن بلوا بسوء رأيهم، منهم: معبد الجهني وقتادة، ومعبد رأسهم.

(1) «تاريخ دمشق» (12/ 450)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 140)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 392)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 360)، و «مرآة الجنان» (1/ 162)، و «شذرات الذهب» (1/ 327). (2) «سير أعلام النبلاء» (4/ 140). (3) «طبقات ابن سعد» (5/ 265)، و «تاريخ دمشق» (59/ 312)، و «تهذيب الكمال» (28/ 244)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 199)، و «البداية والنهاية» (9/ 43)، و «شذرات الذهب» (1/ 327).

425 - [شريح بن هاني]

وقال الأوزاعي: أول من نطق في القدر سوسن بالعراق، كان نصرانيا فأسلم ثم تنصر، فأخذ عنه معبد، وأخذ غيلان القدري عن معبد. وكان الحسن يقول: إياكم ومعبدا؛ فإنه ضال مضل. وقال طاوس: احذروا قول معبد؛ فإنه كان قدريا. قال خليفة: (مات قبل التسعين) (1). وقال سعيد بن عفير: في سنة ثمانين صلب عبد الملك معبدا الجهنيّ بدمشق. وقال مالك بن دينار: لقيت معبدا بمكة بعد فتنة ابن الأشعث وهو جريح قد قاتل الحجاج في المواطن كلها. وعن صدقة بن يزيد قال: كان الحجاج يعذب معبدا الجهني بأصناف العذاب ولا يجزع. قال الذهبي: (يمكن أن يكون عبد الملك صلبه في سنة ثمانين حيا، ثم أطلقه) (2). قلت: ومما وقفت عليه في «تهذيب الكمال» للحافظ أبي الحجاج المزي ناقلا عن صدقة بن يزيد المذكور قال: (كان الحجاج يعذب معبدا الجهني بأصناف العذاب ولا يجزع ولا يستغيث، وكان إذا ترك من العذاب .. تقع عليه ذبابة فيصيح ويضج، فيقال له؟ ! فيقول: إن هذا من عذاب بني آدم؛ فأنا أصبر، والذباب من عذاب الله؛ فلست أصبر عليه) اهـ‍ (3) والله أعلم. 425 - [شريح بن هاني] (4) شريح بن هاني الحارثي المذحجي الكوفي الفقيه، يكنى: أبا المقدام. أدرك النبيّ صلّى الله عليه وسلم ودعا له، وبه كان يكني النبيّ صلّى الله عليه وسلم أباه

(1) «تاريخ خليفة» (ص 203). (2) «سير أعلام النبلاء» (4/ 187). (3) «تهذيب الكمال» (28/ 248). (4) «طبقات ابن سعد» (8/ 248)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1480)، و «الاستيعاب» (ص 332)، و «أسد الغابة» (2/ 520)، و «تهذيب الكمال» (2/ 452)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 107)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 423)، و «الإصابة» (2/ 161).

426 - [أبو إدريس الخولاني]

هانئا بأبي شريح، وصحب شريح المذكور عليا رضي الله عنه، وهو مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، وعاش إلى زمن الحجاج، وفي ذلك يقول: [من الرجز] أصبحت ذا بثّ أقاسي الكبرا … قد عشت بين المشركين أعصرا ثمّت أدركت النبيّ المنذرا … وبعده صدّيقه وعمرا والجمع في صفّينهم والنّهرا … ويوم مهران ويوم تسترا وباجميرات مع المشقّرا … هيهات ما أطول هذا عمرا قال خليفة بن خياط: (وفي سنة ثمان وسبعين ولى الحجاج عبيد الله بن أبي بكرة سجستان، فوجه عبيد الله أبا بزدعة، فأخذ عليه المضيق، وقتل شريح بن هاني، وأصاب المسلمين ضيق وجوع شديد، فهلك عامة ذلك الجيش) (1). قال أبو حاتم السجستاني: (عاش شريح بن هاني مائة وعشرين سنة) (2). 426 - [أبو إدريس الخولاني] (3) أبو إدريس الخولاني، واسمه: عائذ الله بن عبد الله، ويقال فيه: عبد الله بن إدريس بن عائذ بن عبد الله بن عتبة. قاضي دمشق وعالمها وواعظها. ولد عام الفتح، وحدث عن أبي ذر، وأبي الدرداء، وأبي موسى، وحذيفة، وغيرهم من الصحابة. وحدث عنه مكحول، وابن شهاب الزهري، وخلق من التابعين. حدث يوما عن بعض مغازي رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى استوعب الغزاة؟ فقال رجل من ناحية المسجد: أحضرت هذه الغزوة؟ فقال: لا، فقال الرجل: قد حضرتها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولأنت أحفظ بها مني.

(1) «تاريخ خليفة» (ص 277). (2) «المعمرون» (ص 39). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 451)، و «الاستيعاب» (ص 583)، و «تاريخ دمشق» (26/ 137)، و «أسد الغابة» (8/ 6)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 272)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 542)، و «مرآة الجنان» (1/ 161)، و «الإصابة» (3/ 57)، و «شذرات الذهب» (1/ 327).

وكان يقص ويقضي بدمشق، فعزله عبد الملك عن القصص، وأقره على القضاء، فقال: عزلتموني عن رغبتي، وتركتموني في رهبتي. قال الحافظ الذهبي: (وكان القاصّ في الصدر الأول له صورة عظيمة في العلم والعمل) (1). توفي رحمه الله تعالى سنة ثمانين؛ فيكون عمره ثنتين وسبعين، ولأبيه صحبة. والله أعلم ***

(1) «سير أعلام النبلاء» (4/ 275).

ذكر الأحداث لاستقبال سنة إحدى وستين إلى آخر أيام سنة طبقة العشرين الرابعة من الهجرة

ذكر الأحداث لاستقبال سنة إحدى وستين إلى آخر أيام سنة طبقة العشرين الرابعة من الهجرة السنة الحادية والستون في يوم عاشوراء: استشهد ابن البتول وسبط الرسول الحسين بن علي رضي الله عنه، قتل بكربلاء في جماعة من أهل بيته ينيفون على العشرين، وقتل من جماعته غير أهل بيته نحو الخمسين. وفيها: توفي حمزة بن عمرو الأسلمي الصحابي، وأم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية أم المؤمنين، وهي آخر أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم موتا. وفيها: توفي المنذر بن الجارود أمير ثغر الهند به. وفيها: ولد عمر بن عبد العزيز، وهشام بن عروة، والزهري، وقتادة، والأعمش. وفيها: أظهر عبد الله بن الزبير الخلاف، وظفر بأخيه عمرو، فأقامه للناس؛ فكان كل من ادعى عليه ضربا أو مكروها .. أقاده منه بغير بينة، وضربه حتى مات (1). وفيها: خرج أبو بلال مرداس بن أديّة التميمي في أربعين رجلا، فأخرج إليهم ابن زياد أسلم بن زرعة الكلابيّ في ألفين، فهزمهم أبو بلال، فبعث إليه عباد بن علقمة المازنيّ، فقتلهم غيلة وهم يصلون؛ فكان الصبيان يصيحون إذا اجتاز عليهم أسلم بن زرعة: أبو بلال وراءك، فلما عنفه ابن زياد .. قال: لأن يذمني الأمير حيا خير من أن يمدحني ميتا (2). *** السنة الثانية والستون فيها: حكم نجدة الحروري باليمامة (3).

(1) «تاريخ الطبري» (5/ 346)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 131)، و «البداية والنهاية» (8/ 544). (2) «تاريخ الطبري» (5/ 316)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 111). (3) «الكامل في التاريخ» (3/ 281)، و «العبر» (1/ 74).

السنة الثالثة والستون

وفيها: غزا عقبة بن نافع عامل إفريقية السوس الأدنى (1). وفيها: ولد محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أبو السفاح (2). وفيها: توفي بريدة بن الحصيب الأسلمي، وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وعلقمة بن قيس النخعي الفقيه صاحب ابن مسعود بخلف، ومسلم بن مخلد، وأبو مسلم الخولاني. *** السنة الثالثة والستون فيها: كانت بالمدينة وقعة الحرّة المشهورة، وذلك: أن جماعة من الأنصار أهل المدينة وفدوا إلى يزيد، فأكرمهم وأجزل صلتهم، لكن رأوا منه في أمر الدين ما لا يرتضونه، فلما أخبروهم بما رأوا من التهاون في أمر الدين .. تحالفوا وخرجوا على يزيد، وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصاري، وأخرجوا عامل يزيد على المدينة، وأخرجوا من المدينة مروان بن الحكم وجميع بني أمية، فجهز يزيد لحربهم جيشا كثيفا، وأمّر على جيشه مسلم بن عقبة المري، فخرج له أهل المدينة إلى حرّة واقم، والتقى الجيشان بها لثلاث بقين من ذي الحجة، فقتل من أولاد المهاجرين والأنصار ما ينيف على ثلاث مائة، منهم: محمد بن ثابت بن قيس بن شماس، ومحمد بن عمرو بن حزم، ومحمد بن أبي جهم بن حذيفة، ومحمد بن أبي بن كعب، ومعاذ بن الحارث أبو حليمة الأنصاري الذي أقامه عمر يصلي التراويح بالناس، ويعقوب من نسل طلحة بن عبيد الله التميمي، وكثير بن أفلح أحد كتاب المصاحف اللاتي أرسلها عثمان، وأبو أفلح مولى أبي عبيدة. وقتل من قريش والمهاجرين والأنصار ما ينيف على سبع مائة، منهم: معقل بن سنان، وعبد الله بن حنظلة الغسيل، وعبد الله بن زيد بن عاصم المازني الذي روى وضوء النبي صلّى الله عليه وسلم وحديث الاستلقاء. ونهبت المدينة ثلاثة أيام، ولم يصل في المسجد في هذه الأيام جماعة، وإنما كان يصلي فيه سعيد بن المسيب وحده، كان إذا دخل الوقت .. سمع النداء من الحجرة الشريفة، ولم يسلم من القتل حتى شهد له بأنه مجنون.

(1) «الكامل في التاريخ» (3/ 206)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 189). (2) «الكامل في التاريخ» (3/ 209)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 157).

السنة الرابعة والستون

وبايع مسلم بن عقبة-بل هو مسرف-أهل المدينة على أنهم عبيد قنّ ليزيد بن معاوية؛ إن شاء .. باع، وإن شاء .. أعتق، غير علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعلي بن عبد الله بن العباس، أما الأول: فتركه لوصية يزيد له فيه باحترامه ومراعاته، وأما الثاني: فتركه لقرب أخواله اليمنيين عنه. والعجب: أن مسلما المذكور شهد العقبة وعمل هذه الأعمال القبيحة وهو مريض في محفة، كأنه خرج للجهاد في سبيل الله، نعوذ بالله من سخط الله (1)! وفي هذه السنة: توفي مسروق بن الأجدع الفقيه العابد المشهور. *** السنة الرابعة والستون فيها: سار مسلم بن عقبة من المدينة بعد أن فرغ منها قتلا ونهبا إلى مكة لمحاربة ابن الزبير؛ لأنه لم يبايع ليزيد، فمات مسلم بقديد لسبع بقين من المحرم بعد وقعة الحرة بخمسة وعشرين يوما، واستخلف على جيشه الحصين بن نمير بإشارة من يزيد؛ لأن مسلم بن عقبة خرج من الشام وهو مريض، فقال له يزيد: إن مت .. فأمير الجيش الحصين بن نمير، فسار الحصين بالجيش، فحاصر ابن الزبير بمكة أربعة وستين يوما، ونصبوا المنجنيق على الكعبة، ورموها بالأحجار وبالنار، وذلك في شهر ربيع الأول، فاحترقت أستار الكعبة، قيل: واحترق بها قرنا كبش إسماعيل، وقتل في الحصار بحجر المنجنيق المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري، ووقعت صاعقة فأحرقت من أصحاب المنجنيق أحد عشر رجلا، وتضعضعت الكعبة من الرمي بالمنجنيق (2). وفيها: مات يزيد بن معاوية بالشام لنيف وسبعين يوما من وقعة الحرة؛ تصديقا للحديث: «من أراد أهل المدينة بسوء .. أذابه الله كما يذوب الملح في الماء» (3) فبلغ خبر موته إلى ابن الزبير وهو محصور قبل أن يبلغ الحاصرين ذلك، فقال لهم: على طاعة من تقاتلون؟ قالوا: على طاعة يزيد بن معاوية، قال: إنه قد توفي.

(1) «تاريخ الطبري» (5/ 482)، و «المنتظم» (4/ 173)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 211)، و «مرآة الجنان» (1/ 138)، و «البداية والنهاية» (8/ 616)، و «شذرات الذهب» (1/ 283). (2) «تاريخ الطبري» (5/ 496)، و «المنتظم» (4/ 181)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 221)، و «البداية والنهاية» (8/ 623)، و «شذرات الذهب» (1/ 287). (3) أخرجه مسلم (1386)، وابن حبان (3737)، والحاكم في «المستدرك» (4/ 542).

ولما تحققوا وفاته .. نقضوا الحصار، وبايع ابن الزبير أهل الحرمين وأهل العراق واليمن حتى كاد أن تجتمع الأمة عليه، وأراد الحصين بن نمير أمير جيش يزيد الدخول في طاعة ابن الزبير ومبايعته، فنفر بجيشه راجعا إلى الشام (1). وفيها: غلب على دمشق الضحاك بن قيس الفهري، وفي صحبته خلاف، فدعا إلى ابن الزبير، ثم تركه ودعا إلى نفسه، وانحاز عنه مروان بن الحكم في بني أمية إلى أرض حوران، وهاجت الفتنة بالبصرة، فأخرجوا عبيد الله بن زياد منها، وولّوا على أنفسهم عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الملقب بببّة إلى أن يأتيهم وال من قبل ابن الزبير، وطرد أهل الكوفة واليهم عمرو بن حريث المخزومي خليفة ابن زياد، وولّوا أمرهم عامر بن مسعود بن أمية بن خلف الجمحي، وبعث ابن الزبير عماله إلى البصرة والكوفة، واستوثق له الأمر في جميع البلدان ما عدا الأردن وحوران. ولما أخرج عبيد الله بن زياد من البصرة .. قصد الشام، فوافق مروان وبني أمية بحوران، ويقال: إن مروان كان قد هم بالوصول إلى ابن الزبير ومبايعته والدخول في طاعته، فثنى عزمه عن السداد عبيد الله بن زياد، وقال: يقبح بمثلك أن يكون شيخ قريش ثم يبايع غيرك، فقوي عزمه على طلب الملك، وبايعه على ذلك عبيد الله بن زياد وبنو أمية، فجمع العسكر وتقدم إلى دمشق لمحاربة الضحاك بن قيس الفهري، فالتقوا بمرج راهط، فقتل الضحاك في نحو ثلاثة آلاف من أصحابه، وسار أمير حمص يومئذ النعمان بن بشير الأنصاري لينصر الضحاك، فقتله أصحاب مروان (2). وفيها: وقع بالبصرة الطاعون، وماتت فيهم أمّ أميرهم، فلم يوجد من يحملها، مات بالطاعون المذكور الوليد بن عتبة بن أبي سفيان (3). وفيها: توفي ربيعة الجرشي. وفيها: خرجت الخوارج من سجن البصرة، وهم سبع مائة، منهم: نافع بن الأزرق، ونجدة بن عويمر الحنفي، وهؤلاء رءوس الخوارج وأصحاب المقالات، ومنهم: عبيد الله بن الماحوز، وقطري بن الفجاءة التميمي، فاعتزل عبد الله بن الحارث الذي ولاه

(1) «العبر» (1/ 70)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 34)، و «البداية والنهاية» (8/ 624). (2) «تاريخ الطبري» (5/ 530)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 237)، و «العبر» (1/ 70)، و «البداية والنهاية» (8/ 639)، و «شذرات الذهب» (1/ 287). (3) «تاريخ الطبري» (5/ 612)، و «المنتظم» (4/ 184)، و «العبر» (1/ 70).

أهل البصرة، فولوا عليهم عبيد الله بن معمر التيمي (1). قلت: قد تقدم ذكر عبيد الله بن معمر المذكور، وأنه استشهد في سنة تسع وعشرين، وذلك في أيام خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو من أهل الطبقة الثانية، فربما ذلك سهو أو سبق قلم من المؤرخ، فربما المذكور هنا ولده عمر بن عبيد الله بن معمر، فلينظر ذلك، والله أعلم (2). وفيها: قدم المختار بن أبي عبيد الثقفي الكوفة يطلب بثأر الحسين بن علي (3). وفيها: نقض ابن الزبير الكعبة وبناها؛ لما حدث فيها من الوهن بسبب رمي المنجنيق، وهاب الناس خرابها؛ فكانوا يخرجون عن مكة ليالي، وباشر ابن الزبير ابتداء هدمها بنفسه هو وغلمان معه سودان، يقال: فعل ذلك بمشورة من الصحابة منهم: جابر بن عبد الله الأنصاري، وعبيد بن عمير، وعبد الله بن مطيع وغيرهم، فبناها على قواعد إبراهيم صلّى الله عليه وسلم، وأدخل الحجر فيها، وجعل لها بابين على حكم ما سمعه من خالته عائشة رضي الله عنها تقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية .. لنقضت الكعبة، ولبنيتها على أساس إبراهيم، ولأدخلت الحجر فيها، ولجعلت لها بابين: باب يدخل الناس إليه، وباب يخرجون منه» (4)، فلما ولي رضي الله عنه وتمكن من ذلك .. فعله. وكره ابن عباس رضي الله عنهما في جماعة هدمها، وأحبوا بناءها على ما كانت عليه في زمنه صلّى الله عليه وسلم (5). وفيها: خرج سلم بن زياد من خراسان، فعرض له عبد الله بن خازم السلمي، فأخذ منه مائة ألف درهم، واستخلفه على خراسان، فغلب عليها وكان من الشجعان المشهورين (6).

(1) «تاريخ الطبري» (5/ 505)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 36). (2) انظر ترجمة عبيد الله بن معمر (1/ 295)، وما قاله المصنف رحمه الله تعالى صحيح؛ فالمذكور هنا في مصادر الحادثة هو ابنه عمر، ولم ندر من الذي عناه بقوله: (المؤرخ). (3) «تاريخ الطبري» (5/ 569)، و «المنتظم» (4/ 187). (4) تقدم تخريجه في ترجمة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما (1/ 419). (5) «تاريخ الطبري» (5/ 582)، و «المنتظم» (4/ 188)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 286)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 39)، و «البداية والنهاية» (8/ 650)، و «شذرات الذهب» (1/ 288). (6) «تاريخ الطبري» (5/ 545)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 245).

السنة الخامسة والستون

السنة الخامسة والستون فيها: توجه مروان إلى مصر فملكها، واستعمل عليها ابنه عبد العزيز، ومهد قواعدها، ثم عاد إلى دمشق، ومات بها في رمضان، فعهد بالأمر إلى ابنه عبد الملك، وكان قبل ذلك جهز مروان عبيد الله بن زياد في ستين ألفا ليأخذ له العراق، وخرج التوابون من أهل الكوفة، وقالوا: نحن جنينا جناية عظيمة بقعودنا عن أمر الحسين بن علي، وما نجد خلاصا إلا بطلب ثأره، والتوبة إلى الله تعالى، واجتمع خمسة من رؤسائهم، وهم: سليمان بن صرد، والمسيب بن نجبة الفزاري صاحب علي، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، وعبد الله بن وال التيمي، ورفاعة بن شداد البجلي، وتابعهم ستة عشر ألفا، فلما رجعوا إلى الكوفة لقتال عبيد الله بن زياد .. لم يخرج منهم إلا أربعة آلاف، وتأخر الباقون، وكانوا أصحاب ورع ودين، لا رغبة لهم في مال ولا ولاية غير الثواب، ورأّسوا عليهم سليمان بن صرد، وكان له صحبة من النبي صلّى الله عليه وسلم، وكاتبهم أصحابهم من البصرة والمدائن ليخرجوا معهم، ثم قعدوا عنهم، وعرض عليهم عبد الله بن يزيد والي الكوفة من قبل ابن الزبير أن تكون يدهم واحدة، فأبوا ذلك وخرجوا متجردين لقتال عبيد الله بن زياد، وقد أقبل عبيد الله بن زياد من الشام حتى بلغ عين الوردة، فالتقى مقدمة العراق مقدمة عبيد الله بن زياد وعليها شرحبيل بن ذي الكلاع، فالتقوا بعين الوردة من الجزيرة، وكانت بينهم حرب عظيمة، قتل فيها جم غفير من أهل الشام، وانكسر العراقيون، وقتل من الرؤساء الخمسة أربعة، ولم يبق منهم غير رفاعة بن شداد، وجاءهم وهم في تلك الحال خمس مائة فارس من إخوانهم من المدائن، فلما حجز الليل .. عاد من بقي، وتفرقوا في بلادهم (1). وفي هذه السنة: مات عبد الله بن عمرو بن العاصي، وكان أصغر من أبيه بإحدى عشرة سنة. وفيها: ولّى ابن الزبير المهلب بن أبي صفرة خراسان، وحارب الخوارج، فاشتد عليهم، وقتل منهم خلقا كثيرا، وقتل نافع بن الأزرق بعد أن كانوا قد تمكنوا من البلاد، وكادوا أن يغلبوا على البصرة (2). ***

(1) «تاريخ الطبري» (5/ 583)، و «المنتظم» (4/ 187)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 262)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 46)، و «البداية والنهاية» (8/ 654). (2) «تاريخ الطبري» (5/ 613)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 276)، و «العبر» (1/ 72).

السنة السادسة والستون

السنة السادسة والستون [فيها: ] أظهر المختار أمره بالكوفة، وأعانه إبراهيم بن الأشتر، وأخرج عبد الله بن مطيع عامل ابن الزبير عنها، ووجد في بيت المال سبعة آلاف ألف، فقسم بعضها، ووجه البعض إلى أهل البيت (1). وفيها: قتل المختار عمر بن سعد وابنه حفصا، وقال: عمر بالحسين، وحفص بعلي بن الحسين ولا سواء، وبعث برأسه إلى محمد ابن الحنفية بن علي (2). وفيها: حبس ابن الزبير محمد ابن الحنفية ومن كان معه من أهل بيته ووجوه أهل الكوفة؛ لكراهتهم بيعته، وتوعدهم بالحريق، وجمع لهم الحطب، فبعث المختار إليهم من استنقذهم منه (3). وفيها: قتل المختار خوليّ بن يزيد الأصبحيّ، وكان استتر في المخرج، فدلت عليه امرأته. وهرب منه شمر بن ذي الجوشن على خيول مضمرات حتى انتهى إلى ساتيدما، فنزل بقرية يقال لها: الكلتانيّة، فلم يعلم بمكانه، فثارت عليه مسلحة المختار هناك فقتلوه (4). وقد قدمنا أن مروان لما استوثق له الأمر بالشام .. بعث عبيد الله بن زياد ليأخذ له العراق (5)، ويقال: إنه جعل له ما غلب عليه، وأمره أن ينهب الكوفة إذا دخلها ثلاثة أيام، فاشتغل عبيد الله بالتوابين كما تقدم، فلما هزمهم .. مرّ بأرض الجزيرة وبها قيس بن عيلان في طاعة ابن الزبير، فاشتغل بهم نحوا من سنة، ثم دخل أرض الموصل وبها عامل المختار، فبعث المختار من الكوفة يزيد بن أنس في ثلاثة آلاف، فهزمهم يزيد، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وكان مريضا لا يستطيع الحراك، فكان يؤتى بالأسرى، فيومئ إيماء فيقتلون، ومات يزيد بن أنس، وأوصى إلى ورقاء بن عازب. ولما بلغ المختار موت يزيد بن أنس .. أرسل إبراهيم بن الأشتر في سبعة آلاف أو

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 7)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 290)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 290). (2) «تاريخ الطبري» (6/ 38)، و «المنتظم» (4/ 213)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 312). (3) «الكامل في التاريخ» (3/ 318)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 43). (4) المسلحة: القوم ذوو سلاح. (5) تقدم ذلك قبل قليل في حوادث سنة (65 هـ‍).

السنة السابعة والستون

ثمانية، فلما بلغ المدائن .. طمع فيه أهل الكوفة، فوثبوا ليحاربوه، فاستعد لهم ابن الأشتر، فحاربهم فظفر بهم، وانحلت الحرب عن سبع مائة وثمانين قتيلا من أهل الكوفة، وكر ابن الأشتر على عبيد الله بن زياد، فالتقيا بخازر من أرض الموصل، بينها وبين الموصل خمسة فراسخ، فظفر ابن الأشتر وقتل عبيد الله بن زياد وهو لا يعرفه، وقتل الحصين بن نمير الذي حاصر ابن الزبير، وشرحبيل بن ذي الكلاع، وبعث برءوسهم إلى المختار، فوضع رأس عبيد الله بن زياد في الموضع الذي وضع فيه رأس الحسين بين يدي ابن زياد، وبعث المختار برءوسهم إلى ابن الزبير، وقيل: إلى محمد بن علي، فنصبت بمكة وبالمدينة (1). وذكر البلاذري: أن رأس ابن زياد افتقد بعد تعليقه، خرجت حية فجرته. وقيل: إن وقعة الخازر كانت في المحرم من سنة سبع وستين (2). وفيها-أعني: سنة ست وستين-: مات جابر بن سمرة، وزيد بن أرقم على خلاف فيهما. وفيها: ولد أيوب السختياني (3). وفيها: وادع عبد الملك الروم على أن يؤدي إليهم كل جمعة ألف دينار، فلا حول ولا قوة إلا بالله (4). وفيها: قويت شوكة الخوارج، واستولى نجدة الحروري على اليمامة والبحرين (5). *** السنة السابعة والستون فيها: تخرق المختار وادعى النبوة، فلما تحقق ابن الزبير حاله .. بعث إليه أخاه مصعب بن الزبير على العراق، فدخل البصرة وتأهب منها، وسار على ميمنته المهلب بن

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 38)، و «المنتظم» (4/ 211)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 302)، و «البداية والنهاية» (8/ 664). (2) انظر «مرآة الجنان» (1/ 142). (3) «تهذيب الكمال» (3/ 457)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 15). (4) «تاريخ الطبري» (6/ 150)، و «مرآة الجنان» (1/ 144)، و «شذرات الذهب» (1/ 300)، لكن الذي في المصادر أن هذه الحادثة كانت سنة (70 هـ‍). (5) «العبر» (1/ 74)، و «مرآة الجنان» (1/ 142)، و «شذرات الذهب» (1/ 291).

السنة الثامنة والستون

أبي صفرة، وعلى ميسرته عمر بن عبيد الله التيمي، فجهز المختار لحربهم جيشا عليهم أحمر بن شميط وأبو عمرة كيسان، فهزمهم مصعب، وقتل أحمر وكيسان، وقتل من عسكر مصعب محمد بن الأشعث بن قيس الكندي بن أخت الصديق، وعبيد الله بن علي بن أبي طالب، وقتل مصعب عمرة بنت النعمان بن بشير زوجة المختار، فأعظم الناس ذلك، ثم ساق عسكر مصعب حتى دخلوا الكوفة، وكان قد حصّن المختار من بقي من أصحابه بقصر الكوفة، فحصرهم مصعب أياما حتى نزلوا على حكمه، فيقال: إنه قتل منهم في يوم واحد ستة آلاف، وقيل: ستة آلاف وخمس مائة، منهم زعيمهم المختار الكذاب، كان يزعم أن جبريل ينزل عليه في رمضان من السنة المذكورة، وصفا العراق لابن الزبير (1). وفيها: اجتمع أربعة ألوية بعرفات: لواء لمحمد بن الحنفية في أصحابه، وكانوا أربعة آلاف عند جبل المشاة، ولواء لعبد الله بن الزبير عند مقام الإمام، ولواء لنجدة بن عامر الحروري الخارجي، ولواء لبني أمية، وكان أول من دفع ابن الحنفية حين غابت الشمس. ولم يكن ابن الحنفية يطلب الخلافة، وإنما كان يدافع عن نفسه، وبذل عبد الملك لابن الأشتر ولاية العراق ليستميله، وأرسل إليه مصعب، فمال إلى مصعب، وقال: لو لم أقتل عبيد الله بن زياد .. لأجبت عبد الملك (2). وفيها: توفي عدي بن حاتم الطائي. *** السنة الثامنة والستون فيها: توفي ابن عباس، وأبو شريح الخزاعي، وأبو واقد الليثي، وزيد بن خالد الجهني (3). وفيها: عزل ابن الزبير أخاه مصعبا عن العراق، وولى ابنه حمزة (4). ***

(1) «المنتظم» (4/ 220)، و «العبر» (1/ 75)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 57)، و «شذرات الذهب» (1/ 293). (2) «تاريخ الطبري» (6/ 138)، و «المنتظم» (4/ 226)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 354)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 181)، لكن هذه الحادثة في جميع المصادر كانت سنة (68 هـ‍). (3) ترجم له المصنف رحمه الله تعالى في موضعين؛ في وفيات سنة (68 هـ‍) (1/ 413)، وفي وفيات سنة (78 هـ‍) (1/ 434). (4) «العبر» (1/ 76)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 180).

السنة التاسعة والستون

السنة التاسعة والستون فيها: كان طاعون الجارف بالبصرة، روى المدائني عمن أدرك ذلك قال: في ثلاثة أيام مات كلّ يوم نحو من سبعين ألفا، وقيل: مات فيه عشرون ألف عروس، وأصبح الناس في اليوم الرابع ولم يبق منهم إلا اليسير، وصعد ابن عامر يوم الجمعة المنبر وما في الجامع إلا سبعة، ومن النساء امرأة، فقال: ما فعلت الوجوه؟ قالت: تحت التراب أيها الأمير. ومات فيه لأنس بن مالك سبعون أو ثمانون ابنا، ولعبد الرحمن بن أبي بكرة أربعون ابنا، قيل: وفيه مات أبو الأسود الدؤلي، وكان يموت أهل الدار فيطين عليهم الباب (1). وفيها: مات قبيصة بن جابر الأسدي. وفيها: عزل ابن الزبير ابنه حمزة عن العراق، وولى أخاه مصعب بن الزبير، فقصد عبد الملك بن مروان، وقصده عبد الملك، ثم فصل بينهما الشتاء. ولما خرج عبد الملك من دمشق لقتال مصعب .. خالفه عمرو بن سعيد بن العاصي المعروف بالأشدق، فوثب على دمشق، واستولى عليها، وتبعه وجوه أهل البلد، فكر عبد الملك إليه راجعا، فحصره بها ستة أشهر (2). *** السنة الموفية السبعين فيها: اصطلح عبد الملك وعمرو بن سعيد بن العاصي بعد أن حاصره عبد الملك على أن يسلم الأمر لعبد الملك، وعلى أن يلي الأمر بعده، فلما تم الصلح .. اغتاله عبد الملك، فذبحه بيده، وألقى رأسه إلى أصحابه، فشد أخوه يحيى بن سعيد بن العاصي على الوليد بن عبد الملك، فضربه بالسيف فجرحه، ودخل الوليد القصر، وأغلق دونه الباب (3).

(1) «العبر» (1/ 76)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 66)، و «مرآة الجنان» (1/ 143)، و «شذرات الذهب» (1/ 297). (2) «الكامل في التاريخ» (3/ 356)، و «العبر» (1/ 77)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 67)، و «مرآة الجنان» (1/ 144)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 183). (3) «الكامل في التاريخ» (3/ 356)، و «العبر» (1/ 78)، و «مرآة الجنان» (1/ 144)، و «شذرات الذهب» (1/ 300).

السنة الحادية والسبعون

وفيها: توفي عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي، ومالك بن يخامر السكسكي صاحب معاذ. قال ابن جريج: وفيها: ثارت الروم وقووا على المسلمين، وصالح عبد الملك ملك الروم على أن يؤدي إليه في كل جمعة ألف دينار؛ خوفا منه على المسلمين (1). وفي «تاريخ اليافعي»: (أن هذا أول وهن دخل على الإسلام، وما ذاك إلا لاختلاف الكلمة، ولكون الوقت فيه خليفتان يتنازعان الأمر، وما شاء الله كان) (2)، وقد تقدم نحو ذلك عن معاوية رضي الله عنه في سنة ست وثلاثين (3). *** السنة الحادية والسبعون فيها: افتتح عبد الملك قيساريّة، وسار إلى العراق لحرب مصعب بن الزبير، فأتى قرقيسيا وبها زفر بن الحارث وأصحابه القيسية يدعون إلى ابن الزبير، فحصرهم عبد الملك، وبايعه زفر وأصحابه (4). وفيها: غلب عبد الملك على المدينة (5). وفيها: توفي عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، وعبد الله بن خازم أمير خراسان. *** السنة الثانية والسبعون فيها: سار عبد الملك إلى العراق بجيشه، وخرج مصعب من البصرة بجيشه لملاقاته، فالتقوا بدير الجاثليق، فخان مصعبا بعض جيشه ولحقوا بعبد الملك، وكان عبد الملك قد كتب إليهم يعدهم ويمنيهم حتى أفسدهم عليه إلا المهلب؛ فإنه تم مع مصعب، وجعل مصعب كلّما قال لمقدم من أمرائه: تقدم .. لا يطيعه، فقدم أمامه ابنه عيسى في طائفة من

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 150)، و «المنتظم» (4/ 255)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 363)، و «مرآة الجنان» (1/ 144). (2) «مرآة الجنان» (1/ 145). (3) انظر (1/ 338). (4) «تاريخ الطبري» (6/ 151)، و «المنتظم» (4/ 263)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 377). (5) «تاريخ الطبري» (6/ 166)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 391)، و «البداية والنهاية» (8/ 721).

السنة الثالثة والسبعون

العسكر فقتلوه، واستظهر عبد الملك على مصعب، وأرسل إلى مصعب يبذل له الأمان، فقال: مثلي لا ينصرف عن هذا المكان إلا غالبا أو مغلوبا، فأثخنوه بالرمي، ثم شد عليه زياد بن عمرو، وكان من جيشه فخانه وطعنه، وقال: يا لثارات المختار، وذهب إلى عبد الملك، وقيل: إن الذي قتل مصعبا عبد الله بن زياد بن ظبيان، وقتل مع مصعب ولداه عيسى وعروة، وإبراهيم بن الأشتر الفارس المشهور، ومسلم بن عمرو الباهلي. وبعث برأس مصعب إلى ابن خازم بخراسان، وقال: إن تبعتني .. أطعمتك خراسان عشر سنين، ودخل عبد الملك الكوفة، واستولى على العراق، وأمّر أخاه بشرا على الكوفة، وفيه يقول الشاعر: [من الرجز] قد استوى بشر على العراق … من غير سيف ودم مهراق وولي البصرة خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وولي المدينة طارق بن عمر مولى عثمان بن عفان. وبعث الحجاج بن يوسف الثقفيّ إلى مكة لحرب ابن الزبير، فحصر الحجاج عبد الله بن الزبير الهلال ذي القعدة إلى أن قتل، ورمى البيت بالمنجنيق، وجاءت صاعقة فأحرقت اثني عشر رجلا من أصحابه، فذعر أهل الشام، فقال الحجاج: أنا ابن تهامة وهي كثيرة الصواعق، وإن من كان قبلكم إذا قرب قربانا .. جاءت نار فأكلته، ومد المنجنيق بيده، فعادوا إلى حالهم (1). وفيها: خرج أبو فديك الخارجي، فغلب على البحرين، وقيل: نجدة الحنفي (2). وفيها: توفي البراء بن عازب الأنصاري رضي الله عنهما، وأبو بحر الضحاك بن قيس المعروف بالأحنف الحليم المشهور، وعبيدة السّلماني المرادي، ومعبد بن خالد الجهني. *** السنة الثالثة والسبعون فيها: قتل ابن الزبير بمكة وصلب، وقتل معه عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي، وعبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي، وعبد الرحمن بن عثمان التيمي.

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 151)، و «المنتظم» (4/ 263)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 377)، و «العبر» (1/ 80)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 302)، و «مرآة الجنان» (1/ 148)، و «شذرات الذهب» (1/ 304). (2) «المنتظم» (4/ 270)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 395)، و «البداية والنهاية» (8/ 729).

السنة الرابعة والسبعون

وفيها: توفي عوف بن مالك الأشجعي، وأبو سعيد بن المعلى الأنصاري، وربيعة بن عبد الله التيمي عم لمحمد بن المنكدر. وفيها: ولى عبد الملك الحجاج اليمن واليمامة مضافا إلى مكة، ثم أضاف إليه المدينة (1). وفيها: جمع العراقين لأخيه بشر بن مروان، وأطعم خراسان لبكير بن وشاح التميمي، وكان خليفة ابن خازم على مرو لما امتنع ابن خازم من بيعة عبد الملك، فدعا بكير إلى عبد الملك، وتبع بحير بن الوفا ابن خازم، فقتله بقرية من قرى مرو، وأخذ رأسه، ثم وثب بكير بن وشاح على بحير، فقتله وأخذ الرأس منه، وبعث بالرأسين إلى عبد الملك، فولى عبد الملك أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص خراسان (2). وفيها: نقض الحجاج من الكعبة ما زاده ابن الزبير فيها من جهة الحجر، فأخرج منها ما أدخله ابن الزبير من الحجر فيها، وسد بابها الغربي الذي فتحه ابن الزبير، ورفع بابها الشرقي، وصيرها على ما هي عليه الآن بعد أن كتب إليه عبد الملك في ذلك، وأخبره أن ابن الزبير بناها على أساس شهد العدول عليه، فجوب إليه عبد الملك أن يردها إلى ما كانت عليه في زمن قريش، ففعل ذلك كما تقدم، ولمّا صح عند عبد الملك صحة الحديث الذي اعتمده ابن الزبير في نقضها وبنائها .. ندم على هدم ما بناه ابن الزبير، وقال: وددت أنا حملناه وما تحمل (3). وفيها: توفيت أسماء بنت أبي بكر الصديق أم عبد الله بن الزبير. *** السنة الرابعة والسبعون فيها: توفي عبد الله بن عمر، وأبو سعيد الخدري، وسلمة بن الأكوع، وأبو جحيفة السّوائي، وقيل: تأخر إلى بعد الثمانين، ومحمد بن حاطب الجمحي، ورافع بن خديج الأنصاري، وعاصم بن ضمرة السلولي، ومالك بن أبي عامر الأصبحي جد الإمام مالك بن أنس، وعبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، وعبد الله بن عمير الليثي. ***

(1) «العبر» (1/ 83)، و «مرآة الجنان» (1/ 151)، و «شذرات الذهب» (1/ 308). (2) «المنتظم» (4/ 273)، و «العبر» (1/ 81)، و «مرآة الجنان» (1/ 148)، و «البداية والنهاية» (8/ 729). (3) «المنتظم» (4/ 291)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 412)، و «مرآة الجنان» (1/ 150)، و «شذرات الذهب» (1/ 308).

السنة الخامسة والسبعون

السنة الخامسة والسبعون فيها: مات بشر بن مروان، وحج عبد الملك بن مروان، وخطب على منبر النبي صلّى الله عليه وسلم، وعزل الحجاج عن الحجاز، وولاه العراق، فأعطى البشير ثلاثة آلاف دينار، ولما ورد الحجاج العراق .. ندب الناس لقتال الخوارج مع المهلب، وقتل عمير بن ضابئ البرجمي، ولم يبق أحد إلا لحق بالمهلب (1). وفيها: ضرب عبد الملك الدنانير والدراهم الإسلامية، فجعل وزن الدينار عشرين قيراطا، والدرهم سبعة، ونقش عليها بالعربية، وكانت الدنانير قبل ذلك رومية، والدراهم فارسية (2). وفيها: توفي العرباض بن سارية السلمي، وأبو ثعلبة الخشني، وسليم بن عتر التجيبي قاضي مصر وناسكها. *** السنة السادسة والسبعون فيها: وجه الحجاج زائدة بن قدامة الثقفيّ ابن عم المختار لحرب شبيب بن يزيد الخارجي الشيباني، وكان خروجه في ولاية عبد الملك بن مروان، والحجاج بن يوسف يومئذ على العراق من قبل عبد الملك، فاستظهر شبيب وقتل زائدة، واستفحل أمره، وهزم العساكر مرات (3). وفيها: خرج عبد الله بن الجارود العبدي على الحجاج فقتل، وعقد الحجاج لعتاب بن ورقاء على محاربة شبيب الخارجي، فقتله شبيب (4). ***

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 202)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 420)، و «العبر» (1/ 85)، و «مرآة الجنان» (1/ 156). (2) «المنتظم» (4/ 295)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 326). (3) «العبر» (1/ 86)، و «مرآة الجنان» (1/ 156)، و «شذرات الذهب» (1/ 315). (4) «الكامل في التاريخ» (3/ 429)، و «البداية والنهاية» (9/ 14).

السنة السابعة والسبعون

السنة السابعة والسبعون فيها: وجه الحجاج لحرب شبيب الخارجيّ عتاب بن ورقاء الرباحيّ-بالموحدة-فالتقى شبيبا بسواد الكوفة، فقتل عتاب بن ورقاء وهزم جيشه، فبعث الحجاج لقتال شبيب الحارث بن معاوية الثقفي، فقتل أيضا وانهزم جيشه، فوجه الحجاج أبا الورد البصري فقتل أيضا، فوجه طهمان مولى عثمان فقتل أيضا، ويقال: إن شبيبا هزم للحجاج خمسة وعشرين جيشا. ودخل شبيب الكوفة في سبعين رجلا ومعه زوجته غزالة، فأتى القصر وقد تحصن منه الحجاج، فقتل من أصحاب الحجاج جماعة، وكانت غزالة نذرت لتصلين في مسجد الكوفة ركعتين تقرأ فيهما (البقرة) و (آل عمران)، فصعدت المنبر فخطبت وصلت، ثم خرجت فلم يتعرض لها أحد، وفي ذلك يقول بعضهم للحجاج: [من الكامل] هلاّ برزت إلى غزالة في الوغى … بل كان قلبك في جناحي طائر وانزعج الحجاج، فخرج بنفسه لقتال شبيب، واشتد القتال وتكاثر الناس على شبيب، فانهزم وقتلت زوجته غزالة وأمه، وحجز بينهم الليل، فسار شبيب إلى ناحية الأهواز وبها محمد بن موسى بن طلحة التيمي، فخرج لقتال شبيب، ثم بارزه فقتله شبيب، وسار إلى كرمان فتقوى، ورجع إلى الأهواز، فوجه عبد الملك لحرب شبيب جندا من الشام عليهم سفيان بن الأبرد، ووجه الحجاج من قبله حبيب بن عبد الرحمن الحكمي، فاجتمع جند الشام وجند الكوفة، فالتقوا بشبيب وجمعه فاقتتلوا أشد القتال، ثم حجز بينهم الظلام، ثم ذهب شبيب وعبر على جسر دجيل، فلما صار على الجسر .. قطع به فغرق، وقيل: نفر به فرسه وعليه الحديد الثقيل من درع ومغفر وغيرهما، فألقاه في الماء، فقال له بعض أصحابه: أغرقا يا أمير المؤمنين؟ ! قال: ذلك تقدير العزيز العليم، فألقاه دجيل ميتا في ساحله، فحمل على البريد إلى الحجاج، فأمر بشق بطنه، فاستخرج قلبه؛ فإذا هو كالحجر ينبو إذا ضرب به الأرض، فشق؛ فإذا داخله قلب صغير كالكرة ينبو إذا ضربت به الأرض، فشق فوجد في داخله علقة دم. كان إليه المنتهى في الشجاعة والبأس، وأكثر ما يكون في مائتي نفس من الخوارج فيهزمون الألوف.

السنة الثامنة والسبعون

والخوارج فرقتان: فرقة مع قطري بن الفجاءة، وفرقة مع عبد ربه الكبير، وقصدوا سجستان وكان لهم مع المهلب بن أبي صفرة وقائع هائلة (1). وفيها: غزا عبد الملك بنفسه، فدخل الروم وافتتح مدينة هرقلة (2). قال الشيخ اليافعي: (وسيأتي أيضا أنها فتحت في خلافة بني العباس، ويحتمل أن الروم ملكوها بعد هذا، ففتحت ثانية في الدولة العباسية) (3). وفيها: توفي أبو تميم الجيشاني، واسمه عبد الله، قرأ القرآن على معاذ، وكان من عباد أهل مصر وعلمائهم. *** السنة الثامنة والسبعون فيها: ولي خراسان المهلب بن أبي صفرة (4). وفيها: ولى الحجاج عبيد الله بن أبي بكرة سجستان (5). وفيها: توفي جابر بن عبد الله الأنصاري، والقاضي شريح بن الحارث الكندي، وشريح بن هاني المذحجي صاحب علي رضي الله عنه، وزيد بن خالد الجهني الصحابي (6)، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري. ***

(1) «العبر» (1/ 86)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 330)، و «مرآة الجنان» (1/ 156)، و «شذرات الذهب» (1/ 316). (2) «دول الإسلام» (1/ 68)، و «مرآة الجنان» (1/ 158)، و «شذرات الذهب» (1/ 317). (3) «مرآة الجنان» (1/ 158). (4) «الكامل في التاريخ» (3/ 476)، و «العبر» (1/ 90)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 336). (5) «العبر» (1/ 88)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 336)، و «مرآة الجنان» (1/ 158). (6) ترجم له المصنف رحمه الله تعالى في موضعين؛ في وفيات سنة (68 هـ‍) (1/ 413)، وفي وفيات سنة (78 هـ‍) (1/ 434).

السنة التاسعة والسبعون

السنة التاسعة والسبعون فيها: قتل قطري بن الفجاءة التميمي الخارجي، وعبيدة بن هلال، وجميع أصحابه من الخوارج. وفيها: توفي عبيد الله بن أبي بكرة أمير سجستان. وفيها: غزا المهلب الصّعد، وغلب موسى بن عبد الله بن خازم على التّرمذ وعدة نواح من وراء النهر (1). وفيها: ولي موسى بن نصير مولى لخم المغرب، فبلغت خيله السوس، وولي طارق بن زياد طنجة (2). وفيها: مات عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة. *** السنة الموفية ثمانين فيها: بعث الحجاج على سجستان عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكنديّ، فلما استقر بها .. خلع الحجاج وخرج، وكانت بينهما حروب يطول شرحها (3). وفيها: جاء السيل بمكة فذهب بالحاجّ والجمال وعليها الحمولة، وغرقت بيوت مكة؛ فسمي عام الجحاف (4). وفيها: أغار الجحاف السلمي على بني تغلب يوم البشر، وكانت تغلب قبله قد أصابت عمير بن الحباب السلمي فارس سليم في الإسلام (5). وفيها: توفي الكريم المشهور عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب بن هاشم، وأسلم مولى عمر، وجبير بن نفير الحضرمي، وعبد الرحمن بن عبد القاريّ، وملك عرب الشام حسان ابن المنذر الغساني غازيا للروم.

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 325)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 481)، و «البداية والنهاية»» (9/ 26). (2) «تاريخ الإسلام» (5/ 237)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 198). (3) «العبر» (1/ 90)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 343)، و «شذرات الذهب» (1/ 326). (4) «تاريخ الطبري» (6/ 325)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 481)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 342). (5) «الكامل في التاريخ» (3/ 372)، و «بغية الطلب في تاريخ حلب» (1/ 433).

وفيها: حاصر المهلب بن أبي صفرة بعض بلاد العجم (1). وفيها: ولد جعفر بن محمد الصادق، وزيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهما، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت الإمام المشهور، وأبو حذيفة واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد بن باب المتكلمان. وفيها: توفي أبو إدريس الخولاني. وفيها: صلب عبد الملك بن مروان معبدا الجهنيّ المتكلم في القدر (2). والله سبحانه أعلم بالأمور، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ***

(1) «العبر» (1/ 92)، و «مرآة الجنان» (1/ 162)، و «شذرات الذهب» (1/ 329). (2) «العبر» (1/ 92)، و «مرآة الجنان» (1/ 162)، و «شذرات الذهب» (1/ 329).

العشرون الخامسة من المائة الأولى

العشرون الخامسة من المائة الأولى 427 - [محمد ابن الحنفية] (1) محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو القاسم، المعروف بابن الحنفية، عرف بأمه خولة بنت جعفر بن قيس، من سبي بني حنيفة يوم اليمامة، صارت لعلي فولدت له محمدا المذكور. وقد جوز جماعة الجمع بين التسمية محمدا والتكني بأبي القاسم، فقالوا: إن النهي عن ذلك مخصوص بزمنه صلّى الله عليه وسلم؛ إذ كان اليهود ينادون: أبا القاسم، فإذا التفت إليهم صلّى الله عليه وسلم .. قالوا: ما عنيناك. وقد قال صلّى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: «فإنه سيظهر لك غلام وقد نحلته اسمي وكنيتي، فلا يحل لأحد بعده» (2). وقال أحمد بن عبد الله العقيلي الحافظ: (ثلاثة يسمون محمدا رخص في كنيتهم بأبي القاسم: محمد بن أبي بكر، ومحمد بن علي، ومحمد بن طلحة) (3). قلت: وفي «تهذيب الكمال» لأبي الحجاج المزي: (عن محمد ابن الحنفية عن علي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله؛ إن ولد لي مولود بعدك .. أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: «نعم») اهـ‍ (4)، والله أعلم. ولد محمد بن علي المذكور لسنتين أو ثلاث بقيت من خلافة عمر، وسمع أباه وعثمان، وروى عنه جماعة من التابعين.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 93)، و «المنتظم» (4/ 368)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 88)، و «تهذيب الكمال» (26/ 147)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 110)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 181)، و «مرآة الجنان» (1/ 162)، و «البداية والنهاية» (9/ 47)، و «شذرات الذهب» (1/ 330). (2) أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (11/ 218)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (54/ 327)، وانظر «العلل المتناهية» (1/ 247)، و «كشف الخفاء» (2/ 384). (3) «معرفة الثقات» (2/ 60). (4) «تهذيب الكمال» (26/ 149)، والحديث أخرجه الضياء في «المختارة» (2/ 343)، وأبو داود (4967)، والترمذي (2842).

وكان رضي الله عنه كثير العلم والورع، قالوا: لا يعلم أحد أسند عن علي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أكثر ولا أصح مما أسند محمد ابن الحنفية. وكان فيه قوة شديدة، يقال: إن عليا رضي الله عنه استطال درعا له، فقال له: أنقص منها كذا وكذا حلقة، فقبض محمد إحدى يديه على ذيلها والأخرى على فضلها، ثم جذبها، فانقطع من الموضع الذي حده أبوه. وأرسل ملك الروم إلى معاوية برجلين: أحدهما طويل جسيم، والآخر أيّد، وقال: هل فيكم مثلهما؟ فدفع قيس بن سعد سراويله إلى الطويل، فلبسها فبلغت ثندوته، فأطرق مغلوبا، وقال محمد ابن الحنفية للأيّد: إن شاء .. فليجلس وليعطني يده حتى أقيمه أو يقعدني، وإن شاء أن يكون القائم وأنا القاعد، فاختار الرومي الجلوس فأقامه محمد، وعجز الرومي عن إقامته. وكانت الراية بيده يوم صفين، فيقال: إنه توقف أول يوم في حملها؛ لكونه قتال المسلمين، ولم يكن شهد مثله، فقال له علي: وهل عندك شك في جيش مقدمه أبوك؟ فحملها، فقيل له: كيف كان أبوك يقحمك المهالك ويولجك المضائق دون أخويك الحسن والحسين؟ فقال: لأنهما كانا عينيه، وكنت يديه؛ فكان يقي عينيه بيديه. قلت: قال الإمام النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» في ترجمة ابن الحنفية: (ويقال لمحمد هذا: ابن الحنفية، ومحمد بن علي، ومحمد بن علي ابن الحنفية، فينسب إلى أبيه وأمه جميعا، فعلى هذا: يشترط أن ينون علي ويكتب ابن الحنفية بالألف، ويكون إعرابه إعراب محمد؛ لأنه وصف لمحمد لا لعلي، ولهذا نظائر وقد أفردتها في جزء، منها: عبد الله بن مالك ابن بحينة: مالك أبوه وبحينة أمه، وعبد الله بن أبي ابن سلول المنافق: أبيّ أبوه وسلول أمه، وإسماعيل بن إبراهيم ابن علية مثلهما) اهـ‍ باختصار (1)، والله أعلم. ولما بايع أهل الحجاز ابن الزبير بالخلافة، ودعا عبد الله بن عباس ومحمد ابن الحنفية إلى بيعته .. قالا: لا نبايعك حتى تجتمع البلاد والعباد، فتهددهما، ويقال: إنه توعدهما بالحريق، وجمع الحطب لذلك، فأرسل محمد ابن الحنفية إلى شيعته بالكوفة، فاستنقذوه من ابن الزبير.

(1) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 89).

428 - [سويد بن غفلة]

وتوفي رضي الله عنه برضوى، ودفن بالبقيع سنة إحدى وثمانين، وقيل: غير ذلك، وكانت الشيعة قد لقبوه المهدي، وزعموا أنه لم يمت، وأنه بجبل رضوى مختف، عنده عسل وماء، وإلى ذلك أشار كثير عزة وكان كيسانيا حيث يقول: [من الوافر] ألا إن الأئمة من قريش … ولاة الحق أربعة سواء عليّ والثلاثة من بنيه … هم الأسباط ليس بهم خفاء فسبط سبط إيمان وبرّ … وسبط غيّبته كربلاء وسبط لا يذوق الموت حتى … يقود الخيل يقدمها اللواء تراه مخيما بجبال رضوى … مقيما عنده عسل وماء 428 - [سويد بن غفلة] (1) سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر الجعفي الكوفي أبو أمية التابعي المخضرم بفتح الراء. يقال: إنه ولد عام الفيل، وأسلم في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم يره، وأدى صدقته إلى مصدّق رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقدم المدينة يوم دفن صلّى الله عليه وسلم. وروى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة، وروى عنه جماعة من كبار التابعين. وحضر القادسية واليرموك وخطبة عمر بالجابية، وتوفي سنة إحدى وثمانين بالكوفة عن مائة وثمانية وعشرين سنة، وقيل: عن مائة وعشرين. واتفقوا على توثيقه، وكان فقيها عالما عابدا كبير القدر رحمه الله تعالى. قلت: قال شيخ الإسلام ابن حجر في «التقريب»: (وهو من كبار التابعين، وله مائة وثلاثون سنة) (2)، والله أعلم.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 190)، و «الاستيعاب» (ص 318)، و «المنتظم» (4/ 368)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 240)، و «تهذيب الكمال» (12/ 265)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 69)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 75)، و «مرآة الجنان» (1/ 165)، و «البداية والنهاية» (9/ 47)، و «شذرات الذهب» (1/ 332). (2) «تقريب التهذيب» (ص 260).

429 - [عبد الله بن شداد الليثي]

429 - [عبد الله بن شداد الليثي] (1) عبد الله بن شداد بن أسامة بن عمرو بن عبد الله بن جابر، ويعرف بعبد الله بن شداد بن الهاد، والهاد لقب لأسامة، وقيل: لعمرو؛ لأنه كان يوقد النار ليهتدي بها إليه الأضياف وغيرهم. وعبد الله هذا يكنى: أبا الوليد الكناني الليثي المدني التابعي، أمه: سلمى بنت عميس الخثعمية أخت أسماء بنت عميس، وأخت أم الفضل زوجة العباس لأمها، وكن عشر أخوات، وكانت تحت حمزة، فولدت له بنته عمارة أو فاطمة، واستشهد عنها يوم أحد، فتزوجها شداد، فولدت له عبد الله في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم يدركه. وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وسمع عمر وعليا ومعاذا وغيرهم من الصحابة، وروى عنه جماعة من كبار التابعين كطاوس والشعبي، واتفقوا على توثيقه. وكان فقيها كثير الحديث. قتل مع ابن الأشعث ليلة دجيل سنة إحدى وثمانين. 430 - [أبو عبيدة الهذلي] (2) أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود الهذلي. يروي عن أبيه ولم يدركه. قتل مع ابن الأشعث ليلة دجيل إحدى وثمانين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 246)، و «الاستيعاب» (ص 440)، و «أسد الغابة» (3/ 375)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 272)، و «تهذيب الكمال» (15/ 81)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 488)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 111)، و «مرآة الجنان» (1/ 165)، و «البداية والنهاية» (9/ 47)، و «شذرات الذهب» (1/ 333). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 329)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 260)، و «تهذيب الكمال» (9/ 214)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 363)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 241)، و «مرآة الجنان» (1/ 161)، و «شذرات الذهب» (1/ 333).

431 - [المهلب بن أبي صفرة]

431 - [المهلب بن أبي صفرة] (1) المهلب بن أبي صفرة-واسم أبي صفرة: ظالم بن سارق، ويقال: سراق بن صبح الأسدي-أبو سعيد أمير خراسان، وصاحب الحروب والفتوحات. قال أبو إسحاق السبيعي: لم أر أميرا أيمن نقيبة، ولا أشجع لقاء، ولا أبعد مما يكره، ولا أقرب مما يحب من المهلب. يقال: إنه ولد عام فتح مكة، وأدرك عمر بن الخطاب، ولم يرو عنه شيئا، وسمع عبد الله بن عمرو وابن عمر وسمرة والبراء. قال فيه ابن الزبير: إنه سيد أهل العراق. وكان أشجع الناس، وكانت به قوة، حمى البصرة من الشراة (2) بعد إجلاء أهلها عنها، وله معهم وقائع مشهورة بالأهواز؛ فهي تسمى بصرة المهلب، ولي خراسان خمس سنين في ولاية عبد الملك، وكانت له كلمات لطيفة وإشارات مليحة؛ تدل على مكارمه، ومات بمرو الروذ سنة اثنتين وثمانين أو ثلاث وثمانين، وأكثر الشعراء في مراثيه، ومنه قول بعضهم: [من الطويل] ألا ذهب الغزو المقرب للغنى … ومات الندا والجود بعد المهلب أقاما بمرو الرّوذ لا يبرحانها … وقد بعدا من كل شرق ومغرب وخلف عدة أولاد نجباء كرام أجواد أمجاد، وله آثار جميلة، وفضائل حميدة. قلت: ومما ينبغي ذكره فوائد هنا تتعلق بالمهلب، وذلك فيما وقفت عليه من ترجمته في «تهذيب الكمال» لأبي الحجاج المزي قال: (قال محمد بن سلام الجمحي: كان بالبصرة أربعة، كل رجل منهم في زمانه لا يعلم في الأمصار مثله: الأحنف بن قيس في عفافه وحلمه ومنزلته من علي، والحسن في زهده وفصاحته وسخائه وموقعه في قلوب الناس، ولم أر أميرا أيمن، ولا أشجع لقاء، ولا أبعد مما يكره، ولا أقرب مما يحب من

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 129)، و «الاستيعاب» (ص 823)، و «المنتظم» (4/ 380)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 498)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 117)، و «تهذيب الكمال» (29/ 8)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 383)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 205)، و «مرآة الجنان» (1/ 165)، و «شذرات الذهب» (1/ 334). (2) الشراة: الخوارج، سموا أنفسهم شراة؛ لأنهم أرادوا أنهم باعوا أنفسهم لله تعالى.

432 - [زر بن حبيش]

المهلب، وسوار بن عبد الله القاضي في فضله وتحريه، وكان المهلب فيما روي عنه يقول: ما شيء أبقى للملك من العفو، وخير مناقب الملوك العفو، وكان يقول: لأن يطيعني سفهاء قومي أحب إلي من أن يطيعني حلماؤهم) اهـ‍ (1) وقد أشار إلى ذلك المؤلف رحمه الله قريبا من غير تصريح، والله أعلم (2). 432 - [زرّ بن حبيش] (3) زرّ بن حبيش بن أوس بن هلال الأسدي-أسد خزيمة-الكوفي التابعي المخضرم. أدرك الجاهلية، وسمع عمر وعثمان وعليا وابن مسعود وغيرهم من كبار الصحابة، وروى عنه الشعبي والنخعي وغيرهما من التابعين. وكان ابن مسعود وغيره يسأله عن العربية فيما قيل، واتفقوا على توثيقه وجلالته. وتوفي سنة اثنتين وثمانين عن مائة وعشرين، وقيل: مائة وثلاث. 433 - [جميل بثينة] (4) جميل بن عبد الله بن معمر الشاعر المشهور، من بني عذرة، صاحب بثينة من عذرة أيضا، أحد عشاق العرب، تعلق قلبه بها وهو غلام، فلما كبر خطبها .. فرد، فقال الشعر فيها، وكان يأتيها إلى منزلها بوادي القرى، وله ديوان شعر أكثر ذكرها فيه، فقيل له: لو قرأت القرآن .. كان أعود عليك من الشعر، قال: إن أنسا أخبرني عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «إن من الشعر لحكمة» (5).

(1) «تهذيب الكمال» (29/ 10). (2) لم نهتد إلى مراد المصنف رحمه الله تعالى من كلامه هذا! ! (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 225)، و «الاستيعاب» (ص 267)، و «أسد الغابة» (2/ 253)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 196)، و «تهذيب الكمال» (9/ 335)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 166)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 66)، و «مرآة الجنان» (1/ 166)، و «شذرات الذهب» (1/ 335). (4) «طبقات فحول الشعراء» (2/ 669)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 181)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 311)، و «مرآة الجنان» (1/ 166)، و «البداية والنهاية» (9/ 55)، و «شذرات الذهب» (1/ 336)، و «خزانة الأدب» (1/ 397). (5) أخرجه الطبراني في «الكبير» (1/ 260)، وأخرجه البخاري (6145)، وأبو داود (5010) عن أبي بن كعب رضي الله عنه.

434 - [عبد الرحمن بن أبي ليلى]

وكان جميل راوية هدبة، وهدبة راوية الحطيئة، والحطيئة راوية زهير بن أبي سلمى وابنه كعب بن زهير، وكان كثيّر صاحب عزة راوية جميل المذكور، ومن شعر جميل: [من الطويل] وأخبر تماني أن تيماء منزل … لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت … فما للنوى يرمي بليلى المراميا وفيها يقول: [من الطويل] وما زلت بي يا بثن حتى لو انني … من الشوق أستبكي الحمام بكى ليا وما زادني الواشون إلا صبابة … ولا كثرة الناهين إلا تماديا (1) ومن شعره: [من الكامل] تقضى الديون وليس ينجز موعدا … هذا الغريم لنا وليس بمعسر ما أنت والوعد الذي تعدينني … إلا كبرق سحابة لم تمطر (2) وكأن راويه كثيّر عزة أخذه حيث يقول: [من الطويل] قضى كل ذي دين فوفّى غريمه … وعزة ممطول معنّى غريمها (3) توفي جميل بمصر سند اثنتين وثمانين. 434 - [عبد الرحمن بن أبي ليلى] (4) عبد الرحمن بن أبي ليلى-واسم أبي ليلى: يسار، أو بلال، أو بليل، أو داود- الأنصاري الأوسي الكوفي التابعي. ولد لست سنين بقين من خلافة عمر. وروى عن عمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة، واتفقوا على توثيقه وجلالته. وقال عبد الملك بن عمير: رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى في حلقة فيها نفر من

(1) البيتان في «ديوانه» (ص 138). (2) البيتان في «ديوانه» (ص 60). (3) البيت في «ديوانه» (ص 297). (4) «طبقات ابن سعد» (8/ 229)، و «المنتظم» (4/ 389)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 303)، و «تهذيب الكمال» (17/ 372)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 262)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 127)، و «مرآة الجنان» (1/ 171)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 206)، و «شذرات الذهب» (1/ 340).

435 - [محمد بن سعد بن أبي وقاص]

أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يستمعون لحديثه، وينصتون له، منهم البراء بن عازب. توفي في فتنة ابن الأشعث سنة ثلاث وثمانين. ووالده أبو ليلى صحابي شهد أحدا وما بعدها مع النبي صلّى الله عليه وسلم، وشهد مع علي رضي الله عنه مشاهده، وقتل معه بصفين. 435 - [محمد بن سعد بن أبي وقاص] (1) محمد بن سعد بن أبي وقاص القرشي الزهري أبو القاسم الإمام الثقة المدني. حدث عن أبيه وعثمان بن عفان وأبي الدرداء وطائفة. وحدث عنه ابناه إبراهيم وإسماعيل وأبو إسحاق السبيعي وغيرهم. روى جملة صالحة من العلم، قام على الحجاج مع ابن الأشعث، فأسر يوم دير الجماجم، فقتله الحجاج في سنة اثنتين وثمانين. 436 - [عبد الله بن الحارث] (2) عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي. حنكه النبي صلّى الله عليه وسلم عند ولادته، يكنى: أبا محمد وأبا إسحاق، ويلقب (ببّه) لأن أمه كانت ترقصه وتقول له: [من مجزوء الرجز] لأنكحنّ ببّة … جارية خدبّة مكرمة محبّة … تجبّ أهل الكعبة بايعه أهل الكوفة والبصرة لما هرب منها عبيد الله بن زياد، وأمّره ابن الزبير أياما قلائل، ثم عزله، وهرب من الحجاج إلى عمان، فمات بها في سنة أربع وثمانين.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 165)، و «تهذيب الكمال» (25/ 258)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 348)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 180)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 88)، و «مرآة الجنان» (1/ 166)، و «شذرات الذهب» (1/ 336). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 28)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1617)، و «الاستيعاب» (ص 390)، و «أسد الغابة» (3/ 207)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 529)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 105)، و «مرآة الجنان» (1/ 175)، و «الإصابة» (3/ 58)، و «شذرات الذهب» (1/ 347).

437 - [الأسود بن هلال]

437 - [الأسود بن هلال] (1) الأسود بن هلال أبو سلاّم المحاربي الكوفي. قتل بدير الجماجم سنة ثلاث وثمانين. ذكره أبو موسى في الصحابة، ويقال: إنه أدرك الجاهلية أيضا، وحدث عن عمر ومعاذ وابن مسعود. حدث عنه أشعث بن أبي الشعثاء، وأبو إسحاق السبيعي وغيرهما، وثقه يحيى بن معين. 438 - [عمران بن حطّان] (2) عمران بن حطّان بن ظبيان السدوسي البصري. من أعيان العلماء، لكنه من رءوس الخوارج. قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثا منه ومن أبي حسان الأعرج. روى عن عائشة وأبي موسى وابن عباس وغيرهم. قال الفرزدق: كان عمران بن حطان من أشعر الناس، يقال: إنه كان سنيا، فتزوج خارجية وقال: سأردها، فأعجبه حسنها، فصرفته إلى مذهبها. ومن شعره القبيح قوله لابن ملجم في قتله لعلي رضي الله عنه: [من البسيط] يا ضربة من تقيّ ما أراد بها … إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا الأبيات المشهورة وقد ردّ عليه جماعة من العلماء؛ ابن المبارك وغيره. ولما بلغ شعره عبد الملك بن مروان .. أهدر دمه، ووضع عليه العيون، فلم تحمله

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 239)، و «أسد الغابة» (1/ 107)، و «تهذيب الكمال» (3/ 231)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 257)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 40)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 256)، و «الإصابة» (1/ 114). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 155)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 214)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 154)، و «مرآة الجنان» (1/ 175)، و «البداية والنهاية» (9/ 65)، و «الإصابة» (3/ 177)، و «شذرات الذهب» (1/ 375)، و «خزانة الأدب» (5/ 350).

أرض، فاستجار بروح بن زنباع وكان في ضيافته، وبقي عنده سنة، فسمر روح ليلة عند عبد الملك بن مروان، فتذاكرا شعر عمران هذا، فلما انصرف روح .. تحدث مع عمران بما جرى وهو لا يعرفه، فأنشده القصيدة كلها، فلما عاد روح إلى عبد الملك .. قال: إن في ضيافتي رجلا ما سمعت حديثا قط إلا وحدثني به وبأحسن منه، ولقد أنشدني تلك القصيدة كلها، فقال له عبد الملك: صفه لي، فوصفه له، فقال: إنك تصف عمران بن حطان، اعرض عليه أن يلقاني، فعرض عليه روح ذلك فأبى، وهرب إلى الجزيرة، ثم إلى عمان فأكرموه، وكتب إلى روح: [من البسيط] يا روح كم من كريم قد نزلت به … قد ظن ظنّك من لخم وغسان حي إذا خفته زايلت منزله … من بعد ما قيل عمران بن حطّان قد كنت ضيفك حولا ما تروّعني … فيه طوارق من إنس ولا جان حتى أردت بي العظمى فأوحشني … ما يوحش الناس من خوف ابن مروان لو كنت مستغفرا يوما لطاغية … كنت المقدّم في سر وإعلان قال قتادة: لقيني عمران بن حطان فقال: يا أعمى؛ احفظ هذه الأبيات: [من الكامل] حتى متى تسقى النفوس بكأسها … ريب المنون وأنت لاه ترتع أفقد رضيت بأن تعلّل بالمنى … وإلى المنية كل يوم تدفع أحلام نوم أو كظلّ زائل … إن اللبيب بمثلها لا يخدع فتزوّدنّ ليوم فقرك دائبا … واجمع لنفسك لا لغيرك تجمع قال الذهبي: وبلغنا أن الثوري كثيرا ما كان يتمثل بأبيات عمران هذه: [من الطويل] أرى أشقياء الناس لا يسأمونها … على أنهم فيها عراة وجوّع أراها وإن كانت تحبّ فإنها … سحابة صيف عن قليل تقشع كركب قضوا حاجاتهم وترحّلوا … طريقهم بادي العلامة مهيع (1) توفي عمران سنة أربع وثمانين، وروى له البخاري فيما أظن (2). قلت: وفي «التقريب» لشيخ الإسلام ابن حجر: (عمران بن حطان-بكسر الحاء

(1) «سير أعلام النبلاء» (4/ 216). (2) أخرج له حديثين: (5835)، و (5952).

439 - [روح بن زنباع الجذامي]

وتشديد الطاء المهملتين-صدوق إلا أنه كان على مذهب الخوارج، ويقال: إنه رجع عن ذلك) (1)، والله أعلم. 439 - [روح بن زنباع الجذامي] (2) روح بن زنباع بن روح بن سلامة الجذامي أبو زرعة الأمير الكبير أمير فلسطين. قال مسلم: له صحبة، ونازع الذهبي في ذلك (3)، وقال غيره: الأصح له صحبة، ولأبيه رواية. روي أن زنباعا جدع أنف عبد له وجده مع جاريته، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «ما حملك على ما فعلت به؟ » فذكر ذنبه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم للعبد: «اذهب فأنت حر» (4). روى روح عن أبيه، وعن تميم الداري، وعبادة بن الصامت وغيرهم، وكان معظما عند عبد الملك لا يفارقه كالوزير منه، ولي جند فلسطين ليزيد، وكان مع مروان يوم مرج راهط، قيل: كان إذا خرج من الحمام .. أعتق رقبة. قال الذهبي: (وهو صدوق، ولم يقع له شيء في الكتب الستة، وحديثه قليل) اهـ‍ (5) توفي سنة أربع وثمانين. وهو الذي قرب الحجاج إلى خدمة عبد الملك، وذلك: أن الحجاج كان من أعوان روح بن زنباع ومن خدمه، فشكى عبد الملك إلى روح انحلال عسكره، وأن الناس لا يرحلون برحيله، ولا ينزلون بنزوله، فقال روح: إن في شرطتي رجلا لو ولاه أمير المؤمنين أمر عسكره لأرحل الناس برحيله وأنزلهم بنزوله، قال: فإنا قد قلدناه ذلك، فكان لا يقدر أحد أن يتخلف عن الرحيل والنزول إلا أعوان روح، فوقف الحجاج عليهم يوما وقد

(1) «تقريب التهذيب» (ص 429). (2) «الاستيعاب» (ص 236)، و «المنتظم» (4/ 389)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 251)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 61)، و «مرآة الجنان» (1/ 175)، و «البداية والنهاية» (9/ 66)، و «الإصابة» (1/ 508)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 205)، و «شذرات الذهب» (1/ 347). (3) انظر «سير أعلام النبلاء» (4/ 251). (4) أخرجه أحمد (2/ 182)، وعبد الرزاق في «المصنف» (17932). (5) «سير أعلام النبلاء» (4/ 252).

440 - [ابن الأشعث]

رحل الناس وهم على طعام يأكلون، فقال لهم: ما منعكم أن ترحلوا برحيل أمير المؤمنين؟ ! فقالوا: انزل يا ابن اللخناء .. فكل معنا، فقال لهم: هيهات ذهب ذلك، ثم أمر بهم فجلدوا بالسياط وطيف بهم في العسكر، وأحرق فساطيط روح، فشكاه إلى عبد الملك، فقال: عليّ به، فلما دخل عليه .. قال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: أنا ما فعلت شيئا. قال: فمن فعل؟ قال: أنت، إنما يدي يدك، وسوطي سوطك، وما على أمير المؤمنين أن يعوض روحا عن ذلك فيما قدمني له، فعوض عبد الملك روحا ما ذهب، فكان ذلك أول ما عرف من كفاءة الحجاج. 440 - [ابن الأشعث] (1) عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي. بعثه الحجاج أميرا على سجستان، فثار هناك وأقبل في جمع كبير ومعه علماء وصلحاء لما انتهك الحجاج من إماتة وقت الصلاة، ولجوره وجبروته، وجرى بينه وبين الحجاج عدة وقعات، يقال: إنها ثمانون وقعة، كان النصر في غالبها للأشعث على جيش الحجاج، وكاد ابن الأشعث أن يغلب على العراق؛ فإنه اجتمع عنده ثلاثة وثلاثون ألف فارس، ومائة وعشرون ألف راجل، فقيل لعبد الملك: إن أهل العراق لا يطلبون إلا عزل الحجاج، ولو عزلته .. لصلحت نياتهم لك، فجهز جيشا عظيما من الشام، وفيهم: ابنه عبد الله، وأخوه محمد بن مروان، وقال لهم: إن قبل أهل العراق عزل الحجاج عنهم .. فاعزلوه، ويكون موضعه محمد بن مروان، وينزل ابن الأشعث حيث أمر من العراق، وهو وال عليه، وإن لم يرضهم عزله .. فهو على ولايته وعلى جميع الجيش حتى عبد الله ومحمد تحت لوائه، فعرضوا ذلك على أهل العراق فلم يقبلوه، فاجتمع عليهم جيش عبد الملك وجيش الحجاج، والتقوا بهم وابن الأشعث بدير الجماجم، فكانت الوقعة المشهورة، قتل فيها جمع من الفريقين، وانهزم ابن الأشعث وتفرق جمعه، وفر ابن الأشعث إلى الملك رتبيل ملتجئا إليه، فقال له علقمة بن عمرو: كأني بكتاب من الحجاج وقد جاء إلى رتبيل يرغبه ويرهبه حتى يبعث بك إليه أو يقتلك، ولكن ههنا خمس مائة مقاتل يقاتلون معنا، قد

(1) «المنتظم» (4/ 395)، و «تهذيب الكمال» (17/ 359)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 183)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 129)، و «مرآة الجنان» (1/ 175)، و «البداية والنهاية» (9/ 66)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 546)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 208)، و «شذرات الذهب» (1/ 347).

441 - [ابن القرية]

تبايعنا على أن ندخل مدينة نتحصن بها حتى نعطى أمانا أو نموت كراما، فأبى ابن الأشعث إلا الالتجاء إلى رتبيل، وأقام الخمس مائة حتى قدم من قبل الحجاج عمارة بن تميم، فقاتلوه حتى أمنهم ووفى لهم، ثم تتابعت كتب الحجاج إلى رتبيل في طلب ابن الأشعث، فأرسل إليه ووعده أن يترك عنه حمل الخراج سبعة أعوام، فقيل: إن رتبيل غدر بابن الأشعث، فأرسل به إلى الحجاج في ثلاثين من أهل بيته مقيدين، فيقال: إن ابن الأشعث ألقى نفسه من قصر خراب أنزلوه فيه، فهلك قبل أن يصل إلى الحجاج. وقيل: إن رتبيل لم يسمح به، وإنما أصاب ابن الأشعث السل، فمات فقطع رأسه، ونفذ به إلى الحجاج، وكان موته سنة أربع وثمانين. 441 - [ابن القرّيّة] (1) أيوب بن يزيد بن قيس بن زرارة النمري الهلالي، المعروف بابن القرّية-بكسر القاف والراء والمثناة التحتانية مشددة-اسم أمه كما في «الذهبي» (2)، أو جدته كما في «اليافعي» (3). أعرابي أمي فصيح مفوه، يضرب ببلاغته المثل. وكان عامل الحجاج يغدي كل يوم ويعشي، فرأى ابن القرية الناس يدخلون بيت العامل، فقال: أين يدخل هؤلاء؟ قالوا: إلى طعام الأمير، فدخل فتغدى، فقال: كل يوم يصنع الأمير ما أرى؟ قيل: نعم، فكان كل يوم يأتي الغداء والعشاء، فورد كتاب من الحجاج إلى العامل وهو عربي غريب لم يدر العامل ما فيه، فاهتم وأخر لذلك طعامه، فجاء ابن القرية فقال: ما بال الأمير لا يأكل ولا يطعم؟ فقالوا: ورد عليه كتاب عربي غريب من الحجاج لم يدر ما هو، فقال: ليقرئني الأمير الكتاب وأنا أفسره إن شاء الله تعالى، وكان خطيبا لسنا فصيحا بليغا، فقرئ عليه، ففسره بأوضح خطاب، وأمره الوالي أن يكتب له الجواب، قال: لست أقرأ ولا أكتب، ولكن أقعد عندي كاتبا يكتب ما أمليه

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 385)، و «المنتظم» (4/ 393)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 516)، و «وفيات الأعيان» (1/ 250)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 197)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 43)، و «مرآة الجنان» (1/ 171)، و «البداية والنهاية» (9/ 67)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 207)، و «شذرات الذهب» (1/ 342). (2) انظر «تاريخ الإسلام» (6/ 43). (3) انظر «مرآة الجنان» (1/ 171).

عليه، ففعل العامل، وأرسل الجواب إلى الحجاج، فلما وقف على غريبه وفصاحته .. علم أنه ليس من كلام كتّاب الخراج، فدعا برسائل عامل عين التمر؛ فإذا هي ليست ككتاب ابن القرية، فكتب الحجاج إلى العامل: أما بعد: فقد أتاني كتاب بعيد من جوابك، وأظنه من غيرك، فإذا وصلك كتابي .. فلا تضعه في يدك حتى توجه إليّ بالرجل الذي سطر الكتاب، والسلام. فلما وقف العامل على كتاب الحجاج .. قال لابن القرية: تتوجه نحوه ولا بأس عليك، وأمر له بكسوة ونفقة، وحمله إلى الحجاج، فلما دخل عليه .. قال: ما اسمك؟ قال: أيوب، قال: اسم نبي، وأظنك أميا تحاول الفصاحة ولا يستصعب عليك المقال، وأنزله بنزل ومنزل ولم يزل يزداد عجبا حتى أوفده على عبد الملك بن مروان. فلما خلع ابن الأشعث الطاعة بسجستان .. بعث الحجاج ابن القرية إليه رسولا، فلما دخل عليه .. قال له ابن الأشعث: لتقومن خطيبا، ولتخلعن عبد الملك وتشتم الحجاج أو لأضربن عنقك. قال أيها الأمير: إنما أنا رسول، قال: هو ما أقول لك، فقام وخطب، وخلع عبد الملك، وشتم الحجاج، وأقام عند ابن الأشعث إلى أن انهزم ابن الأشعث في وقعة دير الجماجم، فكتب الحجاج إلى عماله بالري وأصبهان وما يليها: ألاّ يمر بهم أحد من أصحاب ابن الأشعث إلا بعثوا به أسيرا إليه، فأخذ ابن القرية فيمن أخذ، فلما أدخل على الحجاج .. قال: أخبرني عما أسألك عنه، قال: سل عما بدا لك. قال: أخبرني عن أهل العراق، قال: أعلم الناس بحق وباطل. قال: فأهل الحجاز، قال: أسرع الناس إلى فتنة، وأعجزهم عنها. قال: فأهل الشام، قال: أطوع الناس لخلفائهم. قال: فأهل مصر، قال: عبيد من خلب؛ أي: خدع. قال: فأهل الموصل، قال: أشجع الفرسان، وأقتل للأقران. قال: فأهل اليمن، قال: أهل سمع وطاعة، ولزوم الجماعة. ثم سأله عن قبائل العرب وعن البلدان وهو يجيب بأفصح عبارة، ثم قال: إن العرب تزعم أن لكل شيء آفة، قال: صدقت العرب أصلح الله الأمير.

قال: فما آفة الحلم؟ قال: الغضب. قال: فما آفة العقل؟ قال: العجب. قال: فما آفة العلم؟ قال: النسيان. قال: فما آفة السخاء؟ قال: المن عند البلاء. قال: فما آفة الكرام؟ قال: مجاورة اللئام. قال: فما آفة الشجاعة؟ قال: البغي. قال: فما آفة العبادة؟ قال: الفترة. قال: فما آفة الذهن؟ قال: حديث النفس. قال: فما آفة الحديث؟ قال: الكذب. قال: فما آفة الحجاج بن يوسف؟ قال: أصلح الله الأمير، لا آفة لمن كرم حسبه، وطاب نسبه، وزكى فرعه. قال: امتلأت شقاقا، وأظهرت نفاقا، وأمر بضرب عنقه بعد أن عيب عليه بمتابعته أهل العراق، فقال: ثلاث كلمات، أصلح الله الأمير كأنهن ركب وقوف يكن مثلا بعدي، قال: هات، قال: لكل جواد كبوة، ولكل صارم نبوة، ولكل حليم هفوة. قال الحجاج: ليس هذا وقت المزاح، يا غلام أوجب جرحه، فضرب عنقه، فلما رآه الحجاج قتيلا .. ندم حيث لا ينفعه الندم، وذلك في سنة أربع وثمانين. قلت: المؤرخ رحمه الله تعالى لم يستوف كلام ابن القرية المذكور في جواب ما سأله به الحجاج بن يوسف، فينبغي إيراد بعض ما وقفت عليه في «تاريخ ابن خلكان» لتتم الفائدة: (قال: فأهل البحرين، قال: نبيط استعربوا، قال: فأهل عمان، قال: عرب استنبطوا، قال: فأهل اليمامة، قال: أهل جفاء، واختلاف أهواء، وأصبر على اللقاء، قال: فأهل فارس، قال: أهل بأس شديد، وشر عتيد، وزيف كثير، وقرى يسير) اهـ‍ (1) والله سبحانه أعلم.

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 252).

442 - [عبد العزيز بن مروان]

442 - [عبد العزيز بن مروان] (1) عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي أبو الأصبغ، أمير مصر والمغرب، ووالد الخليفة الصالح العادل عمر بن عبد العزيز. ولاه أبوه مصر لما استولى عليها، وعقد له البيعة بعد أخيه عبد الملك، فأقام بمصر أميرا عشرين سنة. سمع أبا هريرة وابن الزبير وغيرهما، وروى عنه الزهري وغيره، وكان ثقة قليل الحديث. وهمّ عبد الملك بخلعه عن ولاية العهد، وأن يعهد إلى ابنيه الوليد وسليمان من بعده، فقال له قبيصة بن ذؤيب: لا تفعل، ولعل الموت يأتي دون ما تريد، فأخر ما عزم عليه، فمات عبد العزيز في الطاعون سنة خمس أو ست وثمانين، وعهد عبد الملك إلى الوليد وسليمان. 443 - [واثلة بن الأسقع] (2) واثلة بن الأسقع-وقيل: واثلة بن عبد الله بن الأسقع بالقاف-الكناني الليثي أبو شداد، وقيل: أبو الأسقع. أسلم والنبي صلّى الله عليه وسلم يتجهز إلى تبوك، فشهدها معه. ويقال: إنه خدم النبي صلّى الله عليه وسلم ثلاث سنين، وكان من أهل الصفة، وشهد فتح دمشق وحمص. سكن دمشق ببيت جبرين بلدة بقرب بيت المقدس.

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 413)، و «المنتظم» (4/ 398)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 527)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 306)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 249)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 132)، و «مرآة الجنان» (1/ 175)، و «البداية والنهاية» (9/ 71)، و «شذرات الذهب» (1/ 348). (2) «طبقات ابن سعد» (5/ 128)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2715)، و «أسد الغابة» (5/ 428)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 142)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 383)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 216)، و «مرآة الجنان» (1/ 175)، و «البداية والنهاية» (9/ 74)، و «الإصابة» (3/ 589)، و «الرياض المستطابة» (ص 265)، و «شذرات الذهب» (1/ 349).

444 - [عمرو بن حريث]

روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث، وتوفي بدمشق سنة خمس أو ست وثمانين. وكان فارسا شجاعا ممدحا فاضلا. قلت: توفي عن مائة وخمس سنين، كذا ذكره العامري في «رياضه» (1)، والله أعلم، رضي الله عنه. 444 - [عمرو بن حريث] (2) عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان القرشي المخزومي أبو سعيد الصحابي. مسح النبي صلّى الله عليه وسلم رأسه، ودعا له بالبركة في صفقته وبيعه، فكسب مالا عظيما. توفي صلّى الله عليه وسلم وله اثنتا عشرة سنة، وقيل: حملت به أمه عام بدر. وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث، وسكن الكوفة، وهو أول قرشي اتخذها دارا، ووليها لبني أمية، وشهد القادسية وأبلى فيها. توفي سنة خمس وثمانين، رضي الله عنه. 445 - [عبد الله بن عامر العنزي] (3) عبد الله بن عامر بن ربيعة بن مالك بن عامر بن ربيعة العنزي-بإسكان النون من عنز بن وائل بن قاسط، وغلّطوا من قال: بفتحها نسبة إلى عنزة حي من اليمن-أبو محمد حليف الخطاب والد عمر رضي الله عنه.

(1) انظر «الرياض المستطابة» (ص 265). (2) «طبقات ابن سعد» (6/ 534)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2001)، و «الاستيعاب» (ص 499)، و «أسد الغابة» (4/ 214)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 26)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 418)، و «مرآة الجنان» (1/ 176)، و «شذرات الذهب» (1/ 349). (3) «طبقات ابن سعد» (6/ 556)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1730)، و «الاستيعاب» (ص 427)، و «أسد الغابة» (3/ 287)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 274)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 521)، و «مرآة الجنان» (1/ 176)، و «شذرات الذهب» (1/ 349).

446 - [خالد بن يزيد بن معاوية]

توفي صلّى الله عليه وسلم وله أربع أو خمس سنين، وأبوه عامر بن ربيعة من كبار الصحابة. روى عبد الله عن أبيه، وعمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وعائشة رضي الله عنهم. وتوفي سنة خمس وثمانين. قلت: ذكر الفقيه العلامة عبد الله بن محمد بن أحمد بافضل في كتابه المسمى: «الكفاية»: (وهذا عبد الله هو الأصغر، وله أخ يسمى عبد الله أيضا، صحب النبي صلّى الله عليه وسلم، وهو الأكبر) اهـ‍ والله أعلم. 446 - [خالد بن يزيد بن معاوية] (1) خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان القرشي الأموي. كان متقنا لعلمي الطب والكيمياء، ومتفننا في غيرهما، أخذ الصناعة من رجل من الرهبان، وكان يحب زوجته رملة بنت الزبير بن العوام، فقال فيها من قصيدة طويلة: [من الطويل] تجول خلاخيل النساء ولا أرى … لرملة خلخالا يجول ولا قلبا أحب بني العوام من أجل حبها … ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا شكا إلى عبد الملك بن مروان من ابنه الوليد بأنه احتقر ابن عمه عبد الله بن يزيد؛ يعني: أخاه، فقال عبد الملك: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها} الآية، فقال خالد: {وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها} الآية، فقال عبد الملك: أفي عبد الله تكلمني؟ ! والله؛ لقد دخل علي فما أقام لسانه لحنا، فقال خالد: أفعلى الوليد تعول؟ ! فقال عبد الملك: إن كان الوليد يلحن .. فإن أخاه سليمان؛ أي: فصيحا ذكيا، فقال خالد: إن كان عبد الله يلحن .. فإن أخاه خالد، فقال له الوليد: اسكت يا خالد، فو الله ما تعد في العير ولا في النفير، فقال خالد: ويحك؛ فمن للعير والنفير غيري؟ ! جدي أبو سفيان صاحب العير، وجدي عتبة بن ربيعة صاحب النفير، ولكن لو قلت: غنيمات والطائف رحم الله عثمان ..

(1) «أسد الغابة» (2/ 113)، و «وفيات الأعيان» (2/ 224)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 382)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 55)، و «مرآة الجنان» (1/ 176)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 537)، و «الإصابة» (1/ 461)، و «شذرات الذهب» (1/ 349).

447 - [أبو أمامة الباهلي]

لقلنا: صدقت، وأشار بذلك إلى أن الحكم جد الوليد نفي إلى الطائف فكان بها يرعى الغنم. توفي سنة خمس وثمانين. 447 - [أبو أمامة الباهلي] (1) أبو أمامة الباهلي، واسمه: صدي بن عجلان بن والبة-بالموحدة-ابن رياح-بكسر الراء والمثناة من تحت-ابن الحارث الصحابي. روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم مائتين وخمسين حديثا. سكن مصر ثم حمص، وبها توفي سنة ست وثمانين-، وقيل: إحدى وثمانين، ورجحه النووي في «تهذيبه» (2) -عن مائة وست سنين. قيل: هو آخر من توفي من الصحابة بالشام. قلت: قال العامري في «رياضه»: (صديّ-بضم الصاد وفتح الدال المهملتين وتشديد الياء-ابن عجلان الباهلي السهمي، وسهم بطن من باهلة، وباهلة بنت سعد العشيرة، نسب ولدها إليها، وهو: ابن مالك بن أعصر الغطفاني. قال ابن حبيب المحاربي: دخلت مسجد حمص فإذا مكحول وابن أبي زكريا جالسان، فقال مكحول: لو قمنا إلى أبي أمامة صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأدينا من حقه وسمعنا منه، قال: فقمنا جميعا حتى أتيناه، فسلمنا عليه، فرد السلام ثم قال: إن دخولكم عليّ رحمة لكم وحجة عليكم، ولم أر رسول الله صلّى الله عليه وسلم من شيء أشد خوفا على هذه الأمة من الكذب والعصبية، ألا وإنه أمرنا أن نبلغكم ذلك عنه، ألا وإنا قد فعلنا، فأبلغوا عنا ما قد بلغناكم، وكان يصفر لحيته، رضي الله عنه) اهـ‍ (3) والله أعلم.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 211)، و «معرفة الصحابة» (5/ 2827)، و «الاستيعاب» (ص 772)، و «أسد الغابة» (3/ 16)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 176)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 359)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 226)، و «مرآة الجنان» (1/ 177)، و «الرياض المستطابة» (ص 127)، و «شذرات الذهب» (1/ 351). (2) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 176). (3) «الرياض المستطابة» (ص 127).

448 - [عبد الله بن أبي أوفى]

448 - [عبد الله بن أبي أوفى] (1) عبد الله بن أبي أوفى-واسم أبي أوفى علقمة-ابن خالد بن الحارث الأسلمي أبو محمد. شهد بيعة الرضوان وخيبر وما بعدهما من المشاهد مع النبي صلّى الله عليه وسلم، ولم يزل بالمدينة إلى أن توفي صلّى الله عليه وسلم، ثم تحول إلى الكوفة، ومات بها في سنة ست-أو سبع-وثمانين، وهو آخر من مات من الصحابة بالكوفة، وآخر أهل بيعة الرضوان رضي الله عنهم. قلت: وكفّ بصره في آخر عمره، كذا ذكره العامري في «رياضه» (2)، والله أعلم. 449 - [قبيصة بن ذؤيب] (3) قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة-بحاءين مهملتين-ابن عمرو بن كليب الخزاعي التابعي أبو سعيد. ولد عام الفتح، وقيل: عام الهجرة. وسمع زيد بن ثابت وأبا الدرداء وأبا هريرة، وروى عن أبي بكر الصديق وعمر وعبد الرحمن بن عوف، وغيرهم من الصحابة، وأجمعوا على توثيقه وجلالته. وكان على خاتم عبد الملك بن مروان، وكان البريد إليه. وكان مكحول يقول: ما رأيت أعلم منه. وقال الزهري: كان من علماء الأمة. توفي سنة ست-أو سبع-وثمانين.

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 206)، و «الاستيعاب» (ص 382)، و «أسد الغابة» (3/ 182)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 261)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 428)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 98)، و «مرآة الجنان» (1/ 177)، و «الرياض المستطابة» (ص 203)، و «شذرات الذهب» (1/ 351). (2) انظر «الرياض المستطابة» (ص 203). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 174)، و «الاستيعاب» (ص 618)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 56)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 282)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 170)، و «مرآة الجنان» (1/ 177)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 425)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 214)، و «شذرات الذهب» (1/ 352).

450 - [عبد الله بن الحارث الزبيدي]

450 - [عبد الله بن الحارث الزبيدي] (1) عبد الله بن الحارث بن جزء بن عبد الله الزبيدي، وزبيد من مذحج من اليمن. قال ابن الأثير: (عندي في قول ابن منده: إنه شهد بدرا وقتل باليمامة .. نظر) اهـ‍ (2) والأكثرون على أنه توفي بمصر سنة ست-أو سبع أو ثمان-وثمانين، وهو آخر من مات بها من الصحابة، رضي الله عنه. 451 - [عبد الملك بن مروان] (3) عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية القرشي الأموي الخليفة. ولد بالمدينة ونشأ بها في الطاعة والعبادة، حتى كان يقال له: حمامة المسجد، وقد عدّه أبو الزناد في طبقة ابن المسيب. وقال نافع: لقد رأيت أهل المدينة وما بها شاب أشد تشميرا ولا أفقه ولا أقرأ لكتاب الله تعالى من عبد الملك. وجعله معاوية على ديوان المدينة وهو ابن ست عشرة سنة، وولاه أبوه هجر، ثم جعله الخليفة بعده، فبويع له بالخلافة سنة خمس وستين بعد أن بويع لابن الزبير قبله في تلك السنة أو في السنة التي قبلها، فجهز لقتال مصعب بن الزبير بعد أن قتل الضحاك بن قيس بالشام، ثم قتل مصعبا بالعراق، فلما صفا له الشام ومصر والعراق .. أرسل الحجاج لقتال ابن الزبير فحاصره، ثم ظفر به فقتله وصلبه، ثم ولّى الحجاج العراق، فقاتل الخوارج شبيبا وقطريّ بن الفجاءة وغيرهم. ونقش عبد الملك الدراهم والدنانير بالعربية في سنة ست وسبعين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 503)، و «أسد الغابة» (3/ 203)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 387)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 104)، و «مرآة الجنان» (1/ 177)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 317)، و «شذرات الذهب» (1/ 352). (2) «أسد الغابة» (3/ 204). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 221)، و «المنتظم» (4/ 407)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 309)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 246)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 135)، و «مرآة الجنان» (1/ 178)، و «البداية والنهاية» (9/ 76)، و «العقد الثمين» (5/ 512)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 625)، و «شذرات الذهب» (1/ 352).

452 - [المقدام بن معدي كرب]

وتوفي بدمشق سنة ست وثمانين بعد أن عهد بالخلافة لأولاده الوليد وسليمان ويزيد وهشام على هذا الترتيب. ويروى: أنه رأى في منامه أنه بال في محراب النبي صلّى الله عليه وسلم أربع مرات، أو أنه بال في زوايا المسجد الأربع، فدس إلى سعيد بن المسيب من يسأله عن ذلك، فقال: يلي الملك من ولده لصلبه أربعة، أو قال: يلد أربعة أولاد يملكون الأرض، فكان كذلك. 452 - [المقدام بن معدي كرب] (1) المقدام بن معدي كرب بن عمرو بن يزيد بن معدي كرب الكندي أبو كريمة. وفد على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في وفد كندة، وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث، وسكن حمص، وعداده في الشاميين، توفي بالشام سنة سبع وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين. قلت: قال الحافظ العامري في «رياضه»، والعلامة عبد الله بن محمد بن أحمد بافضل في «كفايته»: المقدام بن معدي كرب بن عمرو بن يزيد آخره ميم، وكرب-بفتح الكاف وكسر الراء-أحد أعيان الصحابة، ومعنى معدي كرب: وجه الفلاحة. انتهى ما لخصته من الكتابين المذكورين (2)، والله أعلم. 453 - [عبد الله بن بسر] (3) عبد الله بن بسر-بضم الموحدة وسكون السين المهملة-المازني، من مازن بن منصور بن عكرمة، يكنى: أبا بسر، وقيل: أبا صفوان. صحب النبي صلّى الله عليه وسلم هو وأمه وأبوه وأخوه عطية وأخته الصماء.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 252)، و «الاستيعاب» (ص 702)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 112)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 427)، و «مرآة الجنان» (1/ 178)، و «البداية والنهاية» (9/ 89)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 147)، و «الرياض المستطابة» (ص 259)، و «شذرات الذهب» (1/ 354). (2) «الرياض المستطابة» (ص 259). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 416)، و «الاستيعاب» (ص 384)، و «أسد الغابة» (3/ 186)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 430)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 99)، و «البداية والنهاية» (9/ 92)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 308).

454 - [عبد الله بن ثعلبة]

روى [حديث إلقاء النوى] (1) بين السبابة والوسطى. وتوفي سنة ثمان وثمانين، وهذا آخر من مات بالشام من الصحابة رضي الله عنهم، وقيل: توفي سنة ثلاث وتسعين وعمره مائة سنة، رضي الله عنه. 454 - [عبد الله بن ثعلبة] (2) عبد الله بن ثعلبة بن صعير-بضم الصاد وفتح العين المهملتين-أبو محمد. ولد قبل الهجرة، وقيل: بعدها، وروى حديث: «إن الشهيد يأتي يوم القيامة لونه لون الدم وريحه ريح المسك» (3). وتوفي سنة تسع وثمانين وهو ابن ثلاث وتسعين. وفي «تاريخ اليافعي»: (أن النبي صلّى الله عليه وسلم مسح رأسه ودعا له، فوعى ذلك) (4)، رضي الله عنه. 455 - [سهل بن سعد] (5) سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة الأنصاري الساعدي أبو العباس، كان اسمه حزنا، فسماه صلّى الله عليه وسلم سهلا. وتوفي صلّى الله عليه وسلم وهو ابن خمس عشرة سنة، وشهد قضاءه صلّى الله عليه وسلم في المتلاعنين. وتوفي بالمدينة [سنة ثمان وثمانين، وقيل: سنة إحدى وتسعين]. وهو صحابي، وأبوه صحابي أيضا، ذكره ابن عبد البر من الصحابة (6)، رضي الله عنه.

(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «أسد الغابة» (3/ 186). (2) «الاستيعاب» (ص 385)، و «أسد الغابة» (3/ 190)، و «تهذيب الكمال» (14/ 353)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 503)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 103)، و «مرآة الجنان» (1/ 179)، و «شذرات الذهب» (1/ 357). (3) أخرجه الضياء في «المختارة» (9/ 116)، والنسائي (4/ 78)، وفي «الكبرى» (2140). (4) «مرآة الجنان» (1/ 179). (5) «طبقات ابن سعد» (5/ 375)، و «الاستيعاب» (ص 308)، و «أسد الغابة» (2/ 472)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 422)، و «مرآة الجنان» (1/ 180)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 124)، و «شذرات الذهب» (1/ 361). (6) انظر «الاستيعاب» (ص 280).

456 - [السائب بن يزيد]

456 - [السائب بن يزيد] (1) السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي، ويقال: الأسدي، وقيل غير ذلك، وقيل: إنه صحابي، وله حلف في عبد شمس من قريش. وولد السائب المذكور سنة ثلاث من الهجرة، وقال: أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع لنلتقي رسول الله صلّى الله عليه وسلم مقدمه من تبوك. وقال: حج بن أبي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين. وقال: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله؛ إن ابن أختي وجع، فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، وتوضأ فشربت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره، فنظرت خاتمه بين كتفيه مثل زرّ الحجلة؛ يعني: الخيمة. وتوفي بالمدينة سنة إحدى وتسعين، وقيل: أربع وتسعين، وصححه النووي في «التهذيب»؛ تمسكا بما في «الصحيحين» عن الجعيد بن عبد الرحمن قال: رأيت السائب بن يزيد سنة أربع وتسعين جلدا معتدلا، فقال: قد علمت ما متعت به سمعي وبصري إلا بدعاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم (2). 457 - [مالك بن أوس] (3) مالك بن أوس بن الحدثان بن الحارث بن عوف بن ربيعة النصري-بالنون-المدني أبو سعد، ويقال: أبو سعيد التابعي. ركب الخيل في الجاهلية، وأدرك زمن النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يره، وقيل: إنه رأى أبا بكر الصديق.

(1) «طبقات ابن سعد» (6/ 552)، و «الاستيعاب» (ص 313)، و «أسد الغابة» (2/ 321)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 208)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 437)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 363)، و «مرآة الجنان» (1/ 180)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 683). (2) «صحيح البخاري» (3540)، و «صحيح مسلم» (2345). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 60)، و «الاستيعاب» (ص 662)، و «أسد الغابة» (5/ 11)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 79)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 171)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 646)، و «مرآة الجنان» (1/ 180)، و «شذرات الذهب» (1/ 362).

458 - [طويس المغني]

وسمع عمر وعثمان وعليا وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف، وغيرهم من الصحابة، واتفقوا على توثيقه. توفي سنة اثنتين وتسعين، وفي «تهذيب النووي»: (أنه توفي سنة إحدى وتسعين)، ولم يذكر خلافه (1). قلت: وفي «الكفاية» لبافضل وغيرها: الحدثان بفتح الحاء والدال المهملتين والثاء المثلثة. قال النووي: (وجمهور العلماء على أنه تابعي، روى عن العشرة، وأكثر الرواية عن عمر رضي الله عنه) اهـ‍ (2) والله أعلم. 458 - [طويس المغنّي] (3) طويس المغنّي. قال ابن قتيبة: (هو مولى أروى بنت كريز أم عثمان بن عفان، واسمه: عبد الملك) (4). وقال أبو الفرج الأصبهاني: (اسمه: عيسى بن عبد الله) (5). وقال الجوهري في «صحاحه»: (اسمه طاوس، فلما تخنث-أو قال: خنث-سمي طويسا) (6). وكان من المتقنين في الغناء، ممن يضرب به المثل فيه، وإياه عنى الشاعر بقوله في مدح معبد المغني: [من الطويل] يغني طويس والسريجي بعده … وما قصبات السبق إلا لمعبد

(1) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 79). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 79). (3) «المعارف» (ص 322)، و «الأغاني» (3/ 28)، و «وفيات الأعيان» (3/ 506)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 364)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 395)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 501)، و «فوات الوفيات» (2/ 137)، و «مرآة الجنان» (1/ 180)، و «شذرات الذهب» (1/ 362). (4) «المعارف» (ص 322). (5) «الأغاني» (3/ 28). (6) «الصحاح» مادة (طيس).

459 - [أنس بن مالك]

وطويس المذكور هو الذي يضرب به المثل في الشؤم، يقال: أشأم من طويس. يقال: إنه ولد في اليوم الذي توفي فيه النبي صلّى الله عليه وسلم، وفطم في اليوم الذي مات فيه أبو بكر رضي الله عنه، وختن في اليوم الذي قتل فيه عمر رضي الله عنه، وقيل: بل بلغ الحلم فيه، وتزوج في اليوم الذي قتل فيه عثمان، وولد له في اليوم الذي قتل فيه علي، وقيل: في اليوم الذي مات فيه الحسن رضي الله عنهم، فلذلك تشاءموا به، وذلك من عجائب الاتفاق إن صح. سكن طويس المدينة، ثم انتقل منها إلى السويداء على مرحلتين من المدينة في طريق الشام. والتخنث الموصوف به: هو تكسر وتثنّ كالتثني الذي يكون بالنساء، وليس المراد به الفاحشة المعروفة. وتوفي طويس سنة اثنتين وتسعين. 459 - [أنس بن مالك] (1) أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم-بمعجمتين-ابن زيد بن حرام-بالراء-الأنصاري الخزرجي النجاري النضري خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قدم النبي صلّى الله عليه وسلم المدينة وهو ابن عشر سنين، فخدمه عشر سنين مدة إقامته بالمدينة حضرا وسفرا، وكناه صلّى الله عليه وسلم: أبا حمزة ببقلة كان يحبها. وأمه: أم سليم، التمست من النبي صلّى الله عليه وسلم أن يدعو له، فقال صلّى الله عليه وسلم: «اللهم؛ ارزقه مالا وولدا، وبارك له»، قال رضي الله عنه: فإني لمن أكثر الأنصار مالا، وحدثتني ابنتي أمينة أنه دفن لصلبي إلى مقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومائة (2). وكان له بستان يحمل في السنة مرتين، وكان فيه ريحان يشم منه ريح المسك.

(1) «طبقات ابن سعد» (5/ 325)، و «معرفة الصحابة» (1/ 231)، و «الاستيعاب» (ص 53)، و «أسد الغابة» (1/ 151)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 127)، و «تهذيب الكمال» (3/ 353)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 395)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 288)، و «مرآة الجنان» (1/ 182)، و «البداية والنهاية» (9/ 108)، و «الإصابة» (1/ 84). (2) أخرجه البخاري (1982)، ومسلم (660).

460 - [أبو الشعثاء الأزدي]

روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أكثر من ألفي حديث. وتوفي رضي الله عنه على نحو فرسخ ونصف من البصرة بموضع يعرف بقصر أنس في سنة ثلاث-أو ثنتين أو إحدى أو خمس أو سبع-وتسعين. وثبت في الصحيح: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قدم المدينة وله عشر سنين (1)، فيكون عمره فوق المائة. قال النووي: (وما نقل عن حميد: أن عمر أنس مائة إلا سنة .. فشاذ مردود) (2). 460 - [أبو الشعثاء الأزدي] (3) أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي البصري. سمع ابن عباس وابن عمر وغيرهما. وروى عنه عمرو بن دينار وقتادة وغيرهما. واتفقوا على توثيقه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول أبي الشعثاء .. لأوسعهم علما عمّا في كتاب الله عزّ وجل. توفي سنة ثلاث وتسعين، وقال محمد بن سعد: (سنة ثلاث ومائة) (4)، وقال الهيثم: سنة أربع ومائة. 461 - [عمر ابن أبي ربيعة] (5) عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة-واسم أبي ربيعة: عمرو-ابن المغيرة القرشي المخزومي

(1) أخرجه البخاري (5166). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 128). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 179)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 141)، و «تهذيب الكمال» (4/ 434)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 481)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 524)، و «البداية والنهاية» (9/ 114)، و «شذرات الذهب» (1/ 365). (4) «طبقات ابن سعد» (9/ 182). (5) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 15)، و «وفيات الأعيان» (3/ 436)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 379)، و «مرآة الجنان» (1/ 182)، و «البداية والنهاية» (9/ 112)، و «العقد الثمين» (6/ 311)، و «شذرات الذهب» (1/ 365).

أبو الخطاب، الشاعر المشهور، صاحب النوادر والمجون، وقد ينسب إلى جده فيقال: عمر ابن أبي ربيعة. لم يكن في قريش أشعر منه، ويكثر الغزل في شعره، وكان يتغزل في شعره بالثريا بنت عبد الله بن الحارث بن أمية بن عبد شمس، وكانت موصوفة بالجمال، فتزوجها سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ونقلها إلى مصر، فقال عمر المذكور: [من الخفيف] أيها المنكح الثريا سهيلا … عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استقلت … وسهيل إذا استقل يماني ومن شعره: [من الخفيف] حيّ طيفا من الأحبة زارا … بعد ما صرّع الكرى السّمارا طارقا في المنام تحت دجى اللي‍ … ل ضنينا بأن يزور نهارا قلت ما بالنا جفينا وكنا … قبل ذاك الأسماع والأبصارا قال إنّا كما عهدت ولكن … شغل الحلي أهله أن يعارا (1) ومن شعره فيما استشهد به الفقهاء في النهي عن قتل المرأة المشركة وهو: [من الخفيف] إن من أكبر الكبائر عندي … قتل بيضاء حرة عطبول كتب القتل والقتال علينا … وعلى الغانيات جر الذيول (2) يقال: إنه ولد ليلة الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، وهي الليلة التي قتل فيها عمر بن الخطاب، وكان الحسن إذا ذكر ذلك .. يقول: أيّ حق رفع، وأيّ باطل وضع! وكان جده أبو ربيعة يلقب ذا الرمحين، وأبوه عبد الله كان من أشراف قريش، ومن أحسن الناس وجها، وهو الذي بعثته قريش مع عمرو بن العاصي إلى النجاشي، وولاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم الجند-بفتحتين-من اليمن، فلم يزل عليها حتى حصر عثمان، فجاء لنصره، فوقع عن راحلته فتوفي قرب مكة. وتوفي عمر صاحب الترجمة سنة ثلاث وتسعين.

(1) الأبيات في «ديوانه» (ص 193). (2) البيتان في «ديوانه» (ص 304).

462 - [أبو العالية الرياحي]

462 - [أبو العالية الرياحي] (1) أبو العالية رفيع-مصغرا-ابن مهران البصري الرياحي-بالتحتانية المثناة-مولى امرأة من بني رياح بن يربوع، اسمها: أميتة، أعتقته سائبة. أدرك الجاهلية، وأسلم بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم بسنتين؛ فهو مخضرم من كبار التابعين، دخل على أبي بكر، وصلّى خلف عمر. وروى عن علي وابن مسعود وأبي بن كعب وأبي أيوب، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه جماعة من التابعين. وكان ابن عباس يقعده على السرير وقريش أسفل. وقال أبو بكر بن داود: ليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن من أبي العالية، وبعده سعيد بن جبير، وأجمعوا على توثيقه. توفي سنة ثلاث وتسعين. 463 - [سعيد بن المسيّب] (2) سعيد بن المسيّب-بفتح الياء أشهر من كسرها، ويقال: إنه كان يكره الفتح، ويقول: سيّب الله من سيب أبي-ابن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ القرشي المخزومي التابعي الجليل، المتفق على إمامته وجلالته وتقديمه على أهل عصره في العلم والفضيلة ووجوه الخير. ولد لسنتين مضت من خلافة عمر، ورأى عمر وسمع منه ومن عثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وابن عباس وابن عمر، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه جمع من أعلام التابعين، وكان يقال له: فقيه الفقهاء، وهو أحد الفقهاء السبعة المشهورين.

(1) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 251)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 207)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 529)، و «مرآة الجنان» (1/ 184)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 610)، و «شذرات الذهب» (1/ 367). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 119)، و «المنتظم» (4/ 450)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 219)، و «تهذيب الكمال» (11/ 66)، و «وفيات الأعيان» (2/ 375)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 217)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 371)، و «مرآة الجنان» (1/ 185)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 43)، و «شذرات الذهب» (1/ 370).

464 - [عروة بن الزبير]

قال الإمام أحمد ابن حنبل وغيره: إن سعيد بن المسيب أفضل التابعين، ومرادهم: أفضلهم في علوم الشرع، وإلا .. ففي «صحيح مسلم»: أن خير التابعين رجل يقال له: أويس (1). وله مراسيل كثيرة ثبتت يوجد أكثرها عن أبي هريرة، وكان زوج بنت أبي هريرة. جمع رضي الله عنه بين الحديث والورع والعبادة، وكان إذا سئل عن شيء .. قال: اللهم؛ سلمني، وحج أربعين حجة، ولم تفته تكبيرة الإحرام منذ خمسين سنة، بل كان ملازما الصف الأول، ويقال: إنه صلّى الصبح بوضوء العشاء خمسين سنة. وخطب ابنته بعض ملوك بني أمية، فامتنع عليه من تزويجها، وزوجها بعض الفقراء المشتغلين بالعلم والعبادة، فذكر الفقير ذلك لأمه، فقالت: البعيد مجنون، سعيد بن المسيب يزوجك وبنته يخطبها الملوك؟ ! فلما كان بعد العشاء .. إذ بباب الفقير يدق، فقال: من هذا؟ قال: سعيد، قال: فو الله؛ لقد دار بخاطري كل سعيد بالمدينة إلا سعيد بن المسيب؛ لما أعلم من عدم خروجه من المسجد، ففتحت الباب؛ فإذا هو سعيد بن المسيب وقد لف بنته بثوبه وأتى بها، فقالت أم الفقير له: والله؛ ما تقربها حتى نصلح من شأنها، فدعت جيرانها فاجتمعن، وهيأن لها ما يصلح للعروس على حسب ما تيسر في ذلك الوقت، ثم أدخلتها عليه، وزارها أبوها بعد حول، وبرّهما بشيء من الدنيا رضي الله عنه. توفي سنة أربع وتسعين، وقيل: ثلاث، ورجحه النووي في «تهذيبه» (2). قلت: قال ابن حجر في «تقريبه»: (سعيد بن المسيب أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل. وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه) اهـ‍ ملخصا (3)، والله أعلم. 464 - [عروة بن الزبير] (4) عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي التابعي الجليل، أحد فقهاء المدينة السبعة.

(1) «صحيح مسلم» (2542). (2) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 220). (3) «تقريب التهذيب» (ص 241). (4) «طبقات ابن سعد» (7/ 177)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 331)، و «وفيات الأعيان» (3/ 255)، -

سمع أباه وأخاه عبد الله وأمه أسماء وخالته عائشة، وأكثر الرواية عنها. ولد عروة سنة اثنتين وعشرين، وقيل: سنة ست وعشرين، وهو شقيق عبد الله، وأما مصعب: فأخوهما من الأب، وسمع سعيد بن زيد وحكيم بن حزام، وغيرهم من الصحابة والتابعين، وروى عنه جمع من التابعين. قال ابن شهاب: كان عروة بحرا لا تكدره الدلاء. وكان ثقة كثير الحديث، فقيها عالما، مأمونا ثبتا، ومناقبه كثيرة مشهورة، وهو مجمع على جلالته، وعلو مرتبته، ووفور علمه، وأصابت الأكلة رجله، فقيل له: إن لم نقطعها .. سرت إلى غيرها، فقطعت رجله، ولم يشعر الوليد بن عبد الملك بقطعها وهو حاضر عنده لعدم تحركه وأنينه حتى كويت، فوجد الوليد رائحة الكي، ومات ولد له في تلك الحالة، فقال: الحمد لله، لئن قطعت عضوا .. لقد أبقيت أعضاء، ولئن أخذت ولدا .. فلقد أبقيت أولادا. وكان عبد الملك يقول: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة .. فلينظر إلى عروة؛ وذلك لما يحكى: أنه اجتمع عروة وأخواه عبد الله ومصعب وعبد الملك بن مروان بالمسجد الحرام أيام تآلفهم بعهد معاوية، فقالوا: هلمّ فلنتمنه. فقال عبد الله بن الزبير: منيتي أن أملك الحرمين وأنال الخلافة. وقال مصعب: منيتي أن أملك العراقين وأجمع بين عقيلتي قريش: سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة. وقال عبد الملك: منيتي أن أملك الأرض وأخلف معاوية. وقال عروة: لست في شيء مما أنتم فيه، منيتي الزهد في الدنيا والفوز بالجنة في الأخرى، وأن أكون ممن يروى عنه العلم، فما ماتوا حتى بلغ كل واحد منهم إلى أمله. توفي عروة سنة أربع وتسعين، وقال البخاري: (سنة تسع وتسعين) (1).

= و «تهذيب الكمال» (20/ 11)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 421)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 424)، و «مرآة الجنان» (1/ 187)، و «البداية والنهاية» (9/ 124)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 92)، و «شذرات الذهب» (1/ 372). (1) «التاريخ الأوسط» (1/ 375).

465 - [الإمام زين العابدين]

توفي بقرية يقال لها: (فرع) من ناحية الربذة، بينها وبين المدينة أربعة أميال، رضي الله عنه. 465 - [الإمام زين العابدين] (1) علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، الهاشمي المعروف بزين العابدين لعبادته، يقال: إنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة. وأمه: سلافة بنت يزدجرد آخر ملوك الفرس، وكان كثير البر بها، فقيل له: إنا نراك من أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة، فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها. وهو ابن خالة سالم بن عبد الله بن عمر، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق؛ فإن أم كل واحد منهما بنت يزدجرد أيضا، وكان أهل المدينة قليلا ما يتخذون السراري حتى ظهر فيهم هؤلاء الأئمة الثلاثة الذين فاقوا أهل المدينة علما وورعا، فرغب الناس في السراري. وقيل: إن أم زين العابدين اسمها: غزالة، وقيل: سلامة من بلاد السند. ولما قتل الحسين بكربلاء .. كان ولده علي هذا مريضا؛ فلم يتعرضوا له، وكان رضي الله عنه إذا توضأ .. اصفر لونه، فإذا قام إلى الصلاة .. أخذته رعدة، فقيل له في ذلك، فقال: أتدرون بين يدي من أقوم؟ ! ووقع حريق في بيت هو فيه ساجد، فجعلوا يقولون له: يا بن رسول الله؛ النار النار، فقيل له في ذلك، فقال: ألهتني عنها نار الأخرى. وروي من حلمه: أنه تكلم فيه رجل وافترى عليه، فقال له زين العابدين: إن كنت كما قلت .. فأستغفر الله، وإن لم أكن كما قلت .. يغفر الله لك، فقام إليه الرجل فقيل رأسه وقال: لست كما قلت جعلت فداك، فاغفر لي، قال: غفر الله لك، فقال الرجل: الله أعلم حيث يجعل رسالاته.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 209)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 343)، و «وفيات الأعيان» (3/ 266)، و «تهذيب الكمال» (20/ 382)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 386)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 431)، و «مرآة الجنان» (1/ 189)، و «البداية والنهاية» (9/ 126)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 154)، و «شذرات الذهب» (1/ 374).

466 - [أبو بكر بن عبد الرحمن]

يحكى: أن هشام بن عبد الملك حج في ولاية أبيه، فلما لم يقدر على استلام الحجر لازدحام الناس .. نصب له منبر فجلس عليه ينظر إلى الطائفين وعنده وجوه أهل الشام وفيهم الفرزدق، فجاء علي بن الحسين فطاف بالبيت، فلما أتى الحجر ليستلم .. فرج له الناس حتى استلمه، فقال بعض الشاميين لهشام: من هذا الذي هابه الناس وفرجوا له حتى استلم الحجر؟ فقال هشام: لا أعرفه، وهو يعرفه، فقال الفرزدق: لكن أنا أعرفه، فقال له الشامي: من هو يا أبا فراس؟ قال: [من البسيط] هذا الذي تعرف البطحاء وطأته … والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم … هذا التقي النقي الطاهر العلم (1) فغضب هشام على الفرزدق، وحبسه في عسفان، فبعث إليه زين العابدين بمال جزيل، فرده وقال: إني لم أقل ذلك إلا لله تعالى، فردّ زين العابدين الدراهم إلى الفرزدق وقال: إنا أهل البيت إذا خرج منا شيء .. لا نرجع فيه. ومناقبه وفضائله كثيرة مشهورة. توفي بالمدينة سنة أربع وتسعين. 466 - [أبو بكر بن عبد الرحمن] (2) أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة القرشي المخزومي المدني التابعي. أحد الفقهاء السبعة، المعروف براهب قريش لعبادته وفضله، وكان مكفوفا، وأبوه من جلة الصحابة. ولد أبو بكر المذكور في خلافة عمر، واستصغر هو وعروة يوم الجمل فردا. وكان ثقة فقيها عالما سخيا كثير الحديث. توفي بالمدينة سنة أربع-أو خمس أو ثلاث-وتسعين.

(1) البيتان في «ديوانه» (2/ 238). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 205)، و «المنتظم» (4/ 463)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 194)، و «تهذيب الكمال» (33/ 112)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 416)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 512)، و «مرآة الجنان» (1/ 189)، و «البداية والنهاية» (9/ 140)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 490)، و «شذرات الذهب» (1/ 374).

467 - [الحجاج بن يوسف الثقفي]

467 - [الحجاج بن يوسف الثقفي] (1) الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود الثقفي، يكنى: أبا محمد. وأمه: الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي، كانت تحت الحارث بن كلدة طبيب العرب وطلقها؛ لأنه رآها تخلل أسنانها في السحر، فقال: إن كان التخلل لمبادرة الغداء .. فأنت شرهة، أو لمبيت الطعام بين أسنانك .. فأنت قذرة، فقالت: كل ذلك لم يكن، وإنما تخللت من شظايا السواك، فندم على طلاقها. وقيل: إن المطلق لها بسبب التخلل المغيرة بن شعبة، وإنها المتمنية التي سمعها عمر بن الخطاب وهو يطوف ليلة في المدينة تنشد: [من البسيط] هل من سبيل إلى خمر فأشربها … أو من سبيل إلى نصر بن حجاج فنفى عمر بسبب ذلك نصر بن حجاج من المدينة إلى البصرة، فتزوجها بعده يوسف بن أبي عقيل الثقفي، فولدت له الحجاج مشوها لا دبر له، فنقب عن دبره، وأبى أن يقبل ثدي أمه أو غيرها، فيقال: إن الشيطان تصور لهم في صورة حكيم العرب الحارث بن كلدة، وأمرهم أن يذبحوا له ثلاثة أيام كل يوم جديا أسود، وألعقوه دمه، ثم اذبحوا له أسود سالخا -أي: ثعبانا أسود قد سلخ جلده-وألعقوه دمه، واطلوا به وجهه؛ فإنه يقبل الثدي، ففعلوا له ذلك فقبل الثدي. وكان لا يصبر عن سفك الدماء، وكان يخبر عن نفسه أن أكثر لذاته في سفك الدماء، وارتكاب أمور لا يقدم عليها غيره. وذكروا أن الحجاج وأباه كانا معلمين الصبيان بالطائف، ثم لحق الحجاج بروح بن زنباع الجذامي وزير عبد الملك، فكان في عديد شرطته، فشكا عبد الملك إلى روح انحلال عسكره، وعدم ارتحالهم بارتحاله ونزولهم بنزوله، فقال: إن في شرطتي رجلا لو قلده أمير المؤمنين أمر عسكره .. لأرحل الناس برحيله، وأنزلهم بنزوله، فقال عبد الملك: إنا

(1) «المعارف» (ص 395)، و «المنتظم» (4/ 475)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 153)، و «وفيات الأعيان» (2/ 29)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 343)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 314)، و «مرآة الجنان» (1/ 192)، و «البداية والنهاية» (9/ 142)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 363)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 230)، و «شذرات الذهب» (1/ 377).

قد قلدناه ذلك، فكان لا يقدر أحد أن يتخلف عن الرحيل والنزول إلا أعوان الوزير المذكور، فوقف الحجاج عليهم يوما وقد رحل الناس وهم على طعام، فقال: ما منعكم أن ترحلوا برحيل أمير المؤمنين؟ ! فقالوا له: انزل يا بن اللخناء فكل معنا، فقال: هيهات ذهب ذلك، فأمر بهم فجلدوا بالسياط، وطوّف بهم في العسكر، وأحرق فساطيط الوزير بالنار، فشكاه روح إلى عبد الملك، فاستدعاه عبد الملك، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: ما فعلت أنا شيئا، إنما فعله أمير المؤمنين؛ لأن يدي يدك، وسوطي سوطك، وما على أمير المؤمنين أن يعوض روحا عن ذلك، ولا يكسرني فيما قدمني له؛ فكان ذلك أول ما عرف من كفاءة الحجاج، ثم ولاه عبد الملك بتالة بالقرب من اليمامة فسار إليها، فلما قرب منها .. سأل عنها، فقيل له: وراء هذه الأكمة، فقال: تبا لولاية تواريها أكمة، ورجع على عقبه القهقرى. ثم ولاه عبد الملك قتال ابن الزبير فحاصره، ورمى البيت بالمنجنيق حتى ظفر بابن الزبير فقتله وصلبه، وهدم من البيت ما كان أدخله ابن الزبير من الحجر، وتركه على حالته المعروفة الآن بعد مشاورته عبد الملك في ذلك، ثم أضيف إليه أمر المدينة، فمكث واليا على الحجاز ثلاث سنين، ثم صرفه عنه وولاه العراق، فقاتل شبيبا وقطري بن الفجاءة الخارجيين حتى ظفر بهما بعد حروب طويلة. ثم خرج عليه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث في جماعة من الفقهاء والعباد والصالحين، قاموا لله تعالى لما رأوا من جور الحجاج وإماتته الصلاة، وسفكه الدماء، فجهز عليهم الحجاج جيوشا فهزموها، ثم كان آخر الأمر الدولة له، فظفر بهم وقتل جمعا عظيما من الفقهاء والعباد والصالحين، وكان آخر من قتله سعيد بن جبير، ولم يمتع بحياته بعده أيام قلائل. مات ليلة سبع وعشرين من شهر رمضان من سنة خمس وتسعين، وكان ينشد في مرضه بقول عبيد بن سفيان العكلي: [من البسيط] يا ربّ حلف الأعداء واجتهدوا … أيمانهم أنني من ساكني النار أيحلفون على عمياء ويحهم … ما ظنّهم بعظيم العفو غفار وكان مرضه بالأكلة وقعت في باطنه، وسلط الله عليه الزمهرير؛ فكانت الكوانين تجعل

حوله مملوءة نارا، وتدنا منه حتى تحرق جلده وهو لا يحس بها، فشكى ما يجده إلى الحسن البصري، فقال له: قد نهيتك ألا تتعرض للصالحين. ويقال: إن الحسن سجد شكرا لله تعالى لما بلغه موت الحجاج، وقال: اللهم؛ كما أمته عنا فأمت عنا سنته، يقال: إنه رأى قبل موته أن عينيه قلعتا، وكان عنده هند بنت المهلب وهند بنت أسماء بن خارجة، فطلق الهندين؛ ظنا منه أن رؤياه تتأول كلاّ منهما، فلم يلبث أن جاءه نعي أخيه محمد بن يوسف من اليمن في اليوم الذي مات فيه ابنه محمد، فقال: هذا تأويل رؤياي محمد ومحمد في يوم واحد، إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قال: من يقول شعرا ليسليني؟ فقال الفرزدق: [من الكامل] إن الرزية لا رزية مثلها … فقدان مثل محمد ومحمد ملكان قد خلت المنابر منهما … أخذ الحمام عليهما بالمرصد (1) ويقال: إنه استدعى في مرض موته منجما، فسأله: هل ترى في علمك ملكا يموت؟ فقال: نعم، ولست هو، قال: ولم؟ قال: لأن الذي يموت اسمه كليب، فقال: والله؛ بذلك سمتني أمي، فأوصى عند ذلك. ويقال: إن الحجاج خطب يوما، فقال في أثناء كلامه: أيها الناس؛ إن الصبر عن محارم الله أهون من الصبر على عذاب الله، فقال له رجل: ويحك يا حجاج، ما أصفق وجهك وأقل حياءك، فأمر به فحبس، فلما نزل عن المنبر .. دعا به وقال له: لقد اجترأت عليّ، فقال: أتجترئ على الله فلا ننكره، ونجترئ عليك فتنكره؟ ! فخلى سبيله. ومات الحجاج وهو ابن أربع وخمسين سنة، ولي العراق منها عشرين سنة، وترك في بيت المال مائة ألف ألف درهم وبضعة عشر ألف درهم، وكان خراج العراق حين وليها مائة ألف ألف درهم، فلم يزل ينقص بجوره حتى مات وخراجه خمسة وعشرون ألف ألف، وقيل: مائة وعشرون ألف ألف، وقيل: مات وقد قتل مائة وعشرين ألفا صبرا سوى من مات في عسكره، ومات في حبسه ثمانون ألفا: خمسون ألف رجل، وثلاثون ألف امرأة، وكان الحجاج ولى يزيد بن أبي كبشة السكسكي الحرب والصلاة على المصرين البصرة والكوفة، ويزيد بن مسلم خراجهما، فأقرهما الوليد بعده، والله أعلم.

(1) البيتان في «ديوانه» (1/ 179).

468 - [سعيد بن جبير]

468 - [سعيد بن جبير] (1) سعيد بن جبير بن هشام أبو عبد الله الكوفي الأسدي الوالبي، مولى بني والبة بن الحارث من أسد خزيمة. سمع ابن عباس وابن عمر وابن الزبير، وغيرهم من الصحابة والتابعين. وروى عنه جمع من التابعين، وكان من كبار أئمة التابعين ومتقدميهم في التفسير والحديث والفقه والعبادة والورع، وغيرها من صفات أهل الخير. حدث بحضرة شيخه ابن عباس بأمره، وكان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه .. فيقول: أليس فيكم سعيد بن جبير؟ ! روي: أنه قرأ القرآن في ركعة في البيت الحرام، وأنه كان له ديك يقوم من الليل بصياحه، فلم يصح ليلة حتى أصبح، فلم يصل سعيد تلك الليلة ورده، فشق عليه ذلك، فقال: قطع الله صوته؛ فما سمع له صوت بعده. قتله الحجاج صبرا ظلما في شعبان من سنة خمس وتسعين، فلم يعش الحجاج بعده إلا أياما، ومات في أواخر رمضان، ولما قتله .. سال منه دم كثير أكثر مما يسال من دم غيره ممن قتله الحجاج، فسأل الحجاج الأطباء عن ذلك فقالوا: هذا قتلته ونفسه معه، والدم يتبع النفس، وغيره قتلتهم وأنفسهم ذاهبة من الخوف؛ فلذلك قلّ دمهم. ويقال: إن الحجاج كان في مدة مرضه يرى سعيد بن جبير آخذا بمجامع ثوبه ويقول له: يا عدو الله فيم قتلتني؟ فيستيقظ مذعورا ويقول: ما لي ولسعيد بن جبير؟ ! وعمر سعيد بن جبير يوم قتل تسع وأربعون سنة. 469 - [مطرف بن الشّخّير] (2) مطرف بن عبد الله بن الشّخّير العامري البصري الفقيه العابد.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 374)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 216)، و «وفيات الأعيان» (2/ 371)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 321)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 366)، و «مرآة الجنان» (1/ 196)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 206)، و «العقد الثمين» (4/ 549). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 142)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 97)، و «تهذيب الكمال» (28/ 67)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 187)، و «مرآة الجنان» (1/ 198)، و «البداية والنهاية» (9/ 85)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 90)، و «الإصابة» (3/ 456)، و «شذرات الذهب» (1/ 386).

470 - [إبراهيم النخعي]

كان مجاب الدعوة، روى عن علي وعمار. قال الشيخ أبو إسحاق في «المهذب»: (قال الشافعي: رأيت مطرفا يحلف الناس بصنعاء بالمصحف) اهـ‍ (1) فوهم بعض المصنفين على «المهذب» فزعم أن مطرفا الذي رآه الشافعي هو مطرف بن عبد الله بن الشخير. مات سنة خمس وتسعين قبل ميلاد الشافعي لنحو خمس وخمسين سنة، والشافعي رحمه الله ولد في سنة خمسين ومائة، ومطرف المذكور في «المهذب» هو مطرف بن مازن الكناني مولاهم قاضي صنعاء. 470 - [إبراهيم النخعي] (2) إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي الكوفي أبو عمران، أمه: مليكة بنت يزيد بن قيس أخت الأسود بن يزيد. رأى عائشة، وأدرك جماعة من الصحابة، ولم يحدث عن أحد منهم، وإنما حدث عن كبار التابعين كعلقمة وخاليه الأسود وعبد الرحمن ابني يزيد، ومسروق وغيرهم، وروى عنه جماعة من التابعين. وأجمعوا على توثيقه وجلالته وبراعته في الفقه، حتى قال الشعبي عند موت النخعي: ما ترك بعده أحدا أعلم أو أفقه منه، قيل له: ولا الحسن وابن سيرين؟ قال: ولا الحسن وابن سيرين، ولا من أهل البصرة، ولا الكوفة، ولا الحجاز، ولا الشام. وكان فقيها صالحا متوقيا للشهرة قليل التكلف. توفي سنة خمس-أو ست-وتسعين، ولما حضرته الوفاة .. جزع جزعا شديدا، فقيل له في ذلك، فقال: وأي خطر أعظم مما أنا فيه؟ ! أتوقع رسولا يرد علي إما إلى الجنة وإما إلى النار، والله؛ لوددت أنها تلجلج في حلقي إلى يوم القيامة. يعني نفسه. قلت: ضبط ابن خلكان نسبه في «تاريخه»، قال: (ونسبته إلى النّخع بفتح النون

(1) «المهذب» (2/ 322). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 388)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 104)، و «وفيات الأعيان» (1/ 25)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 520)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 279)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 169)، و «مرآة الجنان» (1/ 198)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 92)، و «شذرات الذهب» (1/ 387).

471 - [قرة بن شريك القيسي]

والخاء المعجمة وبعدها عين مهملة، وهي: قبيلة كبيرة من مذحج باليمن، واسم النخع: جسر بن عمرو بن علة بن خالد بن مالك بن أدد، وإنما قيل له: النخع؛ لأنه انتخع من قومه-أي: بعد عنهم-وخرج منهم خلق كثير، وقيل في نسبه غير هذا، وهذا هو الصحيح، نقلته من «جمهرة النسب» للكلبي) انتهى ما ذكره ابن خلكان (1)، رحمه الله تعالى، والله أعلم. 471 - [قرة بن شريك القيسي] (2) قرة بن شريك القيسي أمير مصر. كان ظالما فاسقا، وكان إذا انصرف الصناع من بناء جامع مصر .. دخله ودعا بالخمر والملاهي، وقال: لنا الليل ولهم النهار. قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: الوليد بن هشام بالشام، والحجاج بالعراق، وقرة بمصر، وعثمان بن حيان بالحجاز، امتلأت والله الأرض جورا. وتوفي قرة سنة ست-أو خمس-وتسعين. 472 - [الوليد بن عبد الملك] (3) الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي الخليفة، يكنى أبا العباس. بويع له يوم الخميس النصف من شوال سنة ست وثمانين. وكان مع ظلمه كثير التلاوة للقرآن، قيل: كان يختم في ثلاث، ويقرأ في رمضان سبع عشرة ختمة، وعظمت سعادته في الدنيا وفي نجاح أشياء من أمور الدين، منها: إنشاء جامع دمشق، وعمارته لمسجد المدينة، ومسجد مكة، وافتتح في أيامه بلاد الهند، وبلاد الترك، والأندلس، وكثرت الصدقات.

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 25). (2) «سير أعلام النبلاء» (4/ 409)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 456)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 230)، و «مرآة الجنان» (1/ 199)، و «البداية والنهاية» (9/ 200)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 217)، و «شذرات الذهب» (1/ 388). (3) «المعارف» (ص 359)، و «تاريخ الطبري» (6/ 495)، و «المنتظم» (4/ 493)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 69)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 347)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 496)، و «مرآة الجنان» (1/ 199)، و «البداية والنهاية» (9/ 191)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 220)، و «شذرات الذهب» (1/ 388).

473 - [قتيبة بن مسلم الباهلي]

وجاء عنه أنه قال: لولا ذكر الله تعالى قوم لوط في القرآن .. ما ظننت أحدا يفعله. وتوفي في النصف من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، فمدة ولايته تسع سنين وثمانية أشهر. وكان فاحش اللحن، وهو أول من عظم الكتب، وكتب في الطوامير، وحلل الخط، وقال: لا تكون كتبي مثل كتب الناس، ونهى أن يتكلم بما لا يريد. وفي عمره اختلاف من اثنين وأربعين إلى ست وأربعين. 473 - [قتيبة بن مسلم الباهلي] (1) قتيبة بن مسلم الباهلي أمير خراسان، وليها عشر سنين. وكان بطلا شجاعا شهما مقداما، هزم الكفار غير مرة، وافتتح خوارزم وسمرقند وبخارى وقد كانوا كفروا، وافتتح فرغانة. ولما مات الوليد بن عبد الملك وولي أخوه سليمان .. خافه قتيبة، فخرج عليه وأظهر الخلاف، وكان قتيبة قد عزل وكيع بن أبي سود عن ولاية بني تميم فحقد عليه وكيع، فلما أظهر قتيبة الخلاف .. سعى وكيع في تأليب الجند سرا، ثم خرج على قتيبة فقتله مع أحد عشر رجلا من أهله، وفي قتله يقول جرير: [من الطويل] ندمتم على قتل الأغر بن مسلم … وأنتم إذا لاقيتم الله أندم لقد كنتم من غزوة في غنيمة … وأنتم لمن لاقيتم اليوم مغنم على أنه أفضى إلى حور جنة … وتطبق بالبلوى عليكم جهنم قال الأصبهبذ يوما لرجل من العرب: يا معشر العرب؛ قتلتم قتيبة ويزيد بن المهلب وهما سيدا العرب؟ ! قال: نعم، فأيهما كان أهيب في صدوركم، وأعظم قدرا عندكم؟ فقال له الأصبهبذ: لو كان قتيبة بالمغرب بأقصى حجرته مكبلا بالحديد ويزيد معنا في بلادنا وال علينا .. لكان قتيبة أهيب في صدورنا، وأعظم من يزيد.

(1) «المعارف» (ص 406)، و «تاريخ الطبري» (6/ 506)، و «المنتظم» (4/ 490)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 72)، و «وفيات الأعيان» (4/ 86)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 410)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 454)، و «مرآة الجنان» (1/ 199)، و «البداية والنهاية» (9/ 198)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 233)، و «شذرات الذهب» (1/ 389).

474 - [قيس بن أبي حازم]

والباهلي نسبة إلى باهلة، قبيلة مشهورة، وكانت العرب تستنكف من الانتساب إليها حتى قال الشاعر: [من المتقارب] وما ينفع الأصل من هاشم … إذا كانت النفس من باهلة وقال آخر: [من المتقارب] ولو قيل للكلب يا باهلي … عوى الكلب من لؤم هذا النسب وقال قتيبة بن مسلم لهبيرة بن مسروح: أي رجل أنت؟ ! لو كان أخوالك من غير سلول، فلو بادلت بهم، فقال: أصلح الله الأمير، بادل بهم من شئت من العرب، وجنبني باهلة. 474 - [قيس بن أبي حازم] (1) قيس بن أبي حازم الأحمسي البجلي الكوفي. أسلم في حياة النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يره، وهو من كبار التابعين. روى عن العشرة إلا عبد الرحمن بن عوف، وكان من علماء الكوفة. وتوفي سنة سبع وتسعين وقد جاوز المائة. 475 - [طلحة ابن كريز] (2) طلحة بن عبيد الله بن كريز-بفتح الكاف ثم راء مكسورة ثم تحتانية آخر الحروف ثم زاي -ابن جابر بن ربيعة بن هلال الخزاعي الكعبي الكوفي أبو المطرف التابعي. روى عن ابن عمر وأبي الدرداء وعائشة وغيرهم. وروى عنه أبو حازم الأعرج وحميد الطويل في آخرين، واتفقوا على توثيقه، وروى له مسلم، قيل: كان قليل الحديث.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 188)، و «أسد الغابة» (4/ 417)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 61)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 198)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 457)، و «مرآة الجنان» (1/ 200)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 241)، و «شذرات الذهب» (1/ 390). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 227)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 253)، و «تهذيب الكمال» (13/ 424)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 241).

476 - [موسى بن نصير]

وهو أحد الطلحات الموصوفين بالجود. توفي سنة سبع وتسعين (1). 476 - [موسى بن نصير] (2) موسى بن نصير الأعرج الأمير أبو عبد الرحمن فاتح الأندلس. قال ابن خلكان: (كان من التابعين رضي الله عنهم، وكان عاقلا كريما شجاعا ورعا تقيا لله تعالى) اهـ‍ (3) وكان والده نصير على حرس معاوية، ومنزلته عنده مكينة. وكان عبد الله بن مروان أخو عبد الملك بن مروان واليا على مصر وإفريقية، فبعث إليه ابن أخيه الوليد بن عبد الملك أيام خلافته يقول له: أرسل مع ابن نصير عسكرا إلى إفريقية، وذلك في سنة تسع وثمانين، فلما قدمها ومعه جماعة من الجند .. بلغه أن بأطراف البلاد جماعة خارجين عن الطاعة، فقتل من البربر خلقا كثيرا، وسبى سبيا عظيما حتى انتهى إلى السوس الأدنى لا يدافعه أحد، وبذل بقية البربر الطاعة، وطلبوا الأمان، وولى عليهم واليا، واستعمل على طنجة وأعمالها مولاه طارق بن زياد البربري، ومهد البلاد، ولم يكن له منازع من البربر ولا من الروم، وترك خلقا كثيرا يعلمون القرآن وفرائض الإسلام، وسبى سبيا عظيما. قال الليث: فبلغ الخمس ستين ألف رأس، قال اليافعي: (كذا في الأصل، ولعله: ستون ألف دينار أو درهم على حسب ارتفاع القيم وانخفاضها) (4).

(1) قوله: (وهو أحد الطلحات ... ) إلى آخر الترجمة إنما هو عن طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري المتوفى في تلك السنة كما سيأتي في الحوادث (1/ 528)، انظر عنه «طبقات ابن سعد» (7/ 159)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 394)، ولم تذكر مصادر صاحب الترجمة تاريخ وفاته، والله أعلم. (2) «جذوة المقتبس» (ص 338)، و «بغية الملتمس» (ص 457)، و «وفيات الأعيان» (5/ 318)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 496)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 485)، و «مرآة الجنان» (1/ 200)، و «البداية والنهاية» (9/ 203)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 235)، و «شذرات الذهب» (1/ 390). (3) «وفيات الأعيان» (5/ 318). (4) «مرآة الجنان» (1/ 201)، وإنما قال الإمام اليافعي ذلك؛ لأن الأصل الذي نقل منه فيه: أن موسى بن نصير وجه ولده عبد الله فأتاه بمائة ألف رأس، وهذا مشكل مع قول الليث، فخرّجه بعدة تخريجات، وما ذكره عنه المصنف هنا هو أحدها، يتبين ذلك بالرجوع إلى «مرآة الجنان»، فليعلم.

قال أبو شبيب الصدفي: لم يسمع في الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير. وحصل في البلاد قحط شديد، فأمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين، وخرج بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات، وفرق بينها وبين أولادها، فوقع الصراخ والبكاء والضجيج، وأقام على ذلك إلى منتصف النهار، ثم صلّى وخطب بالناس، ولم يذكر الوليد بن عبد الملك، فقيل له: ألا تدعو لأمير المؤمنين؟ قال: هذا مقام لا يدعى فيه لغير الله، فسقوا. فلما تقررت له القواعد .. كتب إلى مولاه طارق وهو بطنجة وأمره بغزو بلاد الأندلس، فصعد طارق إلى جبل يعرف اليوم بجبل طارق؛ لأنه نسب إليه لما حصل عليه. وذكر عن طارق: أنه كان نائما في المركب وقت التعدية، وأنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم والأربعة الخلفاء رضي الله عنهم يمشون على الماء حتى مروا، وبشره النبي صلّى الله عليه وسلم بالفتح، وأمره بالرفق على المسلمين، والوفاء بالعهد. وكان صاحب طليطلة ومعظم بلاد الأندلس ملك يقال له: لذريق، ولما نزل طارق من الجبل بالجيش .. كتب نائب لذريق إليه كتابا وقال: إنه قد وقع قوم بأرضنا لا ندري من السماء هم أم من الأرض، فأقبل في سبعين ألف فارس، ومعه العجل يحمل الأموال والمتاع، وهو على سريره بين دابتين، عليه قبة مكللة بالدر والياقوت والزبرجد، فلما دنا من طارق وعسكره .. قال طارق لمن معه: أين المفر والبحر من ورائكم والعدو من أمامكم؟ ! فليس لكم والله إلا الصدق والصبر، وليس لكم وزير إلا سيوفكم، فلما التقوا .. حمل طارق على سرير لذريق وقد رفع على رأسه رواق ديباج يظله، وهو في غاية من البنود والأعلام وبين يديه المقاتلة والسلاح، وحمل أصحاب طارق، فتفرقت المقاتلة من يدي لذريق، فخلص إليه طارق، فضربه بالسيف على رأسه فقتله على سريره، فلما رأى أصحابه مصرع ملكهم .. اقتحم الجيشان، فكان النصر للمسلمين، ولم يزل طارق يفتح البلاد وموسى بن نصير قد التحق به إلى أن بلغ ساحل البحر المحيط. فلما بلغ موسى بن نصير موت الوليد بن عبد الملك وتولية أخيه سليمان .. قصد سليمان بن عبد الملك في سنة سبع وتسعين، فحج سليمان تلك السنة بالناس، وحج معه موسى بن نصير، وتوفي موسى بوادي القرى في السنة المذكورة.

477 - [أبو عمرو الشيباني]

477 - [أبو عمرو الشيباني] (1) سعد بن إياس أبو عمرو الشيباني، ويقال: البكري، من شيبان بن ثعلبة بن عكاشة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. أدرك زمن النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يره. وروى عن علي وابن مسعود وابن أرقم وأبي مسعود الأنصاري. روى عنه الأعمش وغيره، وكان يقرئ الناس بمسجد الكوفة. توفي سنة ثمان وتسعين عن مائة وعشرين سنة. 478 - [عبد الرحمن بن الأسود النخعي] (2) عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي أبو حفص الفقيه الكوفي العابد. أدرك زمن النبي صلّى الله عليه وسلم، وسمع من عائشة، وسمع أباه. روى عنه أبو إسحاق السبيعي وغيره. وتوفي سنة تسع-أو ثمان-وتسعين، وقيل: توفي في ولاية خالد بن عبد الله، وإنه الذي صلّى عليه. 479 - [عبيد الله بن عبد الله بن عتبة] (3) عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله حليف بني زهرة أحد الفقهاء السبعة. سمع ابن عباس وزيد بن خالد وأبا سعيد الخدري وغيرهم. وروى عنه الزهري وغير واحد. وتوفي سنة ثمان وتسعين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 224)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1291)، و «الاستيعاب» (ص 290)، و «أسد الغابة» (2/ 338)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 173)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 537)، و «مرآة الجنان» (1/ 203)، و «الإصابة» (2/ 110)، و «شذرات الذهب» (1/ 393). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 406)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 11)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 412)، و «مرآة الجنان» (1/ 203)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 488)، و «شذرات الذهب» (1/ 393). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 246)، و «وفيات الأعيان» (3/ 115)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 475)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 421)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 382)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 15).

480 - [كريب مولى ابن عباس]

480 - [كريب مولى ابن عباس] (1) كريب مولى ابن عباس، حمل عن ابن عباس علما كثيرا. أدرك عثمان بن عفان وزيد بن ثابت، وسمع مولاه وعائشة وأم سلمة وغيرهم من الصحابة. روى عنه ابناه محمد ورشدين وعمرو بن دينار وغيرهم من التابعين، واتفقوا على توثيقه. وتوفي بالمدينة سنة ثمان وتسعين. 481 - [عمرة بنت عبد الرحمن] (2) عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية الفقيهة. كانت في حجر عائشة رضي الله عنها، فأكثرت الرواية عنها. وروى عنها الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهما. وتوفيت سنة ثمان وتسعين، وقيل: توفيت بعد المائة سنة ثلاث-أو ست-ومائة، وعمرها حين توفيت سبع وسبعون سنة. 482 - [سليمان بن عبد الملك] (3) سليمان بن عبد الملك بن مروان الأموي الخليفة أبو أيوب. عهد إليه أبوه بعد الوليد، فلما ولي الوليد .. عزم على خلعه والبيعة لابنه عبد العزيز بن

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 288)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 479)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 462)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 337)، و «مرآة الجنان» (1/ 203)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 468)، و «شذرات الذهب» (1/ 394). (2) «طبقات ابن سعد» (2/ 332)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 507)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 443)، و «مرآة الجنان» (1/ 203)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 682)، و «شذرات الذهب» (1/ 395). (3) «تاريخ الطبري» (6/ 546)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 94)، و «وفيات الأعيان» (2/ 420)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 111)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 377)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 400)، و «مرآة الجنان» (1/ 207)، و «البداية والنهاية» (9/ 209)، و «شذرات الذهب» (1/ 398).

483 - [أبو الأسود الدؤلي]

الوليد، وأجابه إلى ذلك قتيبة بن مسلم والي خراسان، فلم يتم ذلك، فبويع لسليمان عند وفاة الوليد، وكان عهد إلى ابنه أيوب، فتوفي قبله سنة ثمان وتسعين، وتوفي سليمان عاشر صفر من سنة تسع وتسعين بعد أن عهد إلى عمر بن عبد العزيز ومن بعده ليزيد بن عبد الملك، فمدة ولايته سنتان وثلاثة أشهر وخمسة وعشرون يوما، وعمره أربعون سنة وأشهر، واغتر بشبابه، فكان يقول: أنا الملك الشاب، فخاب ظنه. وكان فصيحا. جهز الجيوش لغزو القسطنطينية، [وقرب ابن عمه عمر بن عبد العزيز، وجعله وزيره] (1) ومشيره، ثم عهد إليه بالخلافة. يحكى: أنه قدم إليه حكيم من الهند وقال: جئتك بثلاث: تأكل ولا تشبع، وتنكح ولا تفتر، ويسود شعرك ولا يبيض، فقال سليمان: كلهن يرغب العاقل عنهن، أما كثرة الأكل: فأقل ما فيه كثرة دخول المرء إلى الخلاء، وشم الروائح الكريهة، وأما كثرة النكاح: فأقل ما في ذلك أنه يقبح لمثلي خليفة يبقى أسير امرأة، وأما تسويد الشعر: فيقبح أن يسود المرء نورا أكرم الله به عبده المسلم، أشار إلى الحديث: «من شاب شيبة في الإسلام .. كانت له نورا يوم القيامة ... » الحديث (2). 483 - [أبو الأسود الدؤلي] (3) أبو الأسود الدّؤلي بضم الدال ثم همزة مفتوحة، ويقال فيه: الدّيلي بكسر الدال والياء، وهو منسوب إلى جد القبيلة الدؤل، سمي باسم دويبة بين ابن عرس والثعلب، واسم أبي الأسود: ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل على الأصح من خلاف في اسمه واسم أبيه. سمع عمر بن الخطاب، والزبير، وأبا ذر، وعمران بن الحصين، وأبا موسى الأشعري، وابن عباس، وعليا وصحبه وشهد معه صفين.

(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «مرآة الجنان» (1/ 207)، و «شذرات الذهب» (1/ 399). (2) أخرجه ابن حبان (2983)، والترمذي (1634)، والنسائي (6/ 27). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 98)، و «طبقات فحول الشعراء» (1/ 12)، و «تاريخ دمشق» (25/ 176)، و «معجم الأدباء» (4/ 353)، و «وفيات الأعيان» (2/ 535)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 81)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 276)، و «البداية والنهاية» (8/ 715)، و «مرآة الجنان» (1/ 203)، و «شذرات الذهب» (1/ 396).

وكان من أكمل الرجال رأيا وأرجحهم عقلا، وهو أول من وضع النحو، قيل: السبب أن إحدى بناته قالت له: يا أبت؛ ما أحسن السماء! برفع (أحسن) وجر (السماء)، فقال: يا بنية؛ نجومها، قالت: إني لم أرد: أي شيء فيها أحسن، إنما تعجبت من حسنها، فقال: إذن قولي: ما أحسن السماء! ووضع حينئذ نبذة في النحو، فقيل له: من أين لك هذا العلم؟ فقال: تلقيت حدوده من علي بن أبي طالب. وقيل: إنه سمع قارئا يقرأ: (أن الله بريء من المشركين ورسوله) فجر (رسوله) فقال: ما ظننت أن أمر الناس يؤول إلى هذا! فأتى إلى زياد واستأذنه في شكل المصحف بعد أن كان طلب منه زياد فامتنع، فيقال: إن زيادا دس عليه من سمّعه ذلك اللحن ليفعل، وهو أول من شكل المصحف ونقطه. وكان له دار فباعها، فقيل له: بعت دارك؟ ! فقال: بل بعت جاري، فأرسلها مثلا لمن باع الدار هربا من الجار. قلت: ونظم هذا المعنى بعض الشعراء الفصحاء، ولله دره حيث يقول: [من الطويل] يلومونني أن بعت بالرخص منزلي … على أنّ لي جارا هناك ينغّص فقلت لهم لا تعذلوني فإنما … بجيرانها تغلو الديار وترخص والله أعلم. دخل يوما على عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي-وقيل: على المنذر بن الجارود-وعلى أبي الأسود جبة رثة كان يكره لبسها، فقال له: يا أبا الأسود؛ أما تمل لبس هذه الجبة؟ ! فقال: ربّ مملوك لا تستطيع فراقه، فلما خرج من عنده .. سير إليه مائة ثوب، فكان أبو الأسود ينشد ذلك: [من الطويل] كساني ولم أستكسه فحمدته … أخ لك يعطيك الجزيل وناصر وإنّ أحقّ الناس إن كنت شاكرا … بشكرك من أعطاك والعرض وافر قلت: يروى: (مملول) باللام، و (مملوك) بالكاف (1)، وذكر ذلك ابن خلكان في «تاريخه»، والله أعلم (2)، ويروى: (ناصر) بالنون من النصرة، و (ياصر) بالمثناة آخر الحروف من التعطف والحنو.

(1) أي: في قول أبي الأسود: (رب مملوك لا تستطيع فراقه). (2) «وفيات الأعيان» (2/ 538).

وله أشعار كثيرة، منها: [من الوافر] وما طلب المعيشة بالتمني … ولكن ألق دلوك في الدّلاء تجيء بملئها طورا وطورا … تجيء بحمأة وقليل ماء ومنه: [من الكامل] صبغت أمية في الدماء أكفّنا … وطوت أمية دوننا دنياها أي: بنو أمية أوردونا معارك القتال، وبخلوا علينا بالمال. أصابه الفالج في آخر عمره، فكان يخرج إلى السوق يجر رجليه، وكان موسرا ذا عبيد وإماء، فقيل له: قد أغناك الله عن السعي في حاجتك، فلو جلست في بيتك، قال: لا، ولكني أخرج وأدخل، فيقول الخادم: قد جاء، والصبي: قد جاء، ولو قعدت في البيت فبالت الشاة علي .. ما منعها أحد عني. قال اليافعي: (يحتمل قوله: «قد جاء» الإشارة إلى أنه يجيء بشيء يفرحون به من السوق، فيكون في ذلك تجديد فرح لهم بعد فرح، ويحتمل وهو الأقرب إلى كلامه: أنهم يخافون منه، فمجيئه يجدد لهم خوفا بعد خوف، ويكون ذلك وسيلة إلى التأدب والحذر منه) (1). ولي البصرة لعلي رضي الله عنه، ولم يزل عليها واليا إلى أن قتل علي. وسمع قائلا يقول: من يعشّي الجائع؟ فطلبه فعشّاه، فذهب السائل ليخرج، فقال: أين تريد؟ قال: أهلي، قال: هيهات! ما عشيتك إلا على ألا تؤذي المسلمين الليلة، ثم وضع في رجله القيد حتى أصبح. وتوفي أبو الأسود بالبصرة سنة تسع وتسعين على خلاف قد تقدم (2). قلت: قال ابن حجر: (هو ثقة فاضل مخضرم) (3)، والله سبحانه أعلم.

(1) «مرآة الجنان» (1/ 206). (2) ذكره المصنف رحمه الله تعالى في حوادث سنة (69 هـ‍)، ولم يترجم له في وفيات تلك السنة، وهي سنة وفاته في جميع المصادر عدا «مرآة الجنان» و «شذرات الذهب» بخلف فيهما، وواضح أن المصنف تبع اليافعي في ذلك، قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (4/ 86): (وأخطأ من قال: توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز). (3) «تقريب التهذيب» (ص 619).

484 - [محمود بن الربيع]

484 - [محمود بن الربيع] (1) محمود بن الربيع بن سراقة بن عمرو الأنصاري الخزرجي المدني أبو نعيم. ثبت عنه في «الصحيح» أنه قال: عقلت عن النبي صلّى الله عليه وسلم مجّة مجّها من دلو في بئر في دارهم وهو ابن خمس سنين (2)، وقيل: أربع. روى عنه أنس بن مالك، وابنه أبو بكر بن أنس، ورجاء بن حيوة، والزهري، وغيرهم. وتوفي سنة تسع وتسعين عن ثلاث-أو ست-وتسعين سنة. قلت: قال الحافظ أبو الحجاج المزي: (إن محمودا المذكور ختن عبادة بن الصامت، روى عنه وعن عتبان بن مالك وأبي أيوب) (3). وقال ابن حجر في «التقريب»: (هو صحابي صغير، وجلّ روايته عن الصحابة) اهـ‍ (4) والله أعلم. 485 - [نافع بن جبير] (5) نافع بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي أبو محمد المدني التابعي الجليل الإمام الفاضل. سمع علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، والعباس بن عبد المطلب، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه عروة بن الزبير، والزهري، وعمرو بن دينار، وخلق من التابعين.

(1) «معرفة الصحابة» (5/ 2523)، و «الاستيعاب» (ص 679)، و «أسد الغابة» (5/ 116)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 84)، و «تهذيب الكمال» (27/ 301)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 519)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 471)، و «الإصابة» (3/ 366)، و «شذرات الذهب» (1/ 398). (2) أخرجه البخاري (77)، ومسلم (33). (3) «تهذيب الكمال» (27/ 301). (4) «تقريب التهذيب» (ص 522). (5) «طبقات ابن سعد» (7/ 203)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 121)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 541)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 491)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 206)، و «شذرات الذهب» (1/ 398).

486 - [عبد الله بن محيريز]

واتفقوا على توثيقه وجلالته، وكان هو وأخوه محمد من علماء قريش وأشرافهم. توفي قريبا من أخيه في سنة تسع وتسعين. 486 - [عبد الله بن محيريز] (1) عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب القرشي الجمحي أبو محيريز التابعي المكي. سكن بيت المقدس، وسمع عبادة بن الصامت، وأبا سعيد الخدري، ومعاوية بن أبي سفيان، وغيرهم، وأجمعوا على توثيقه وأمانته وجلالته وفضله. قال رجاء بن حيوة: والله؛ إني كنت أعد بقاء أبي محيريز أمانا لأهل الأرض. توفي سنة تسع وتسعين، وقيل: في خلافة الوليد بن عبد الملك. 487 - [أبو أمامة بن سهل] (2) أبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف بن واهب الحارثي الأنصاري. ولد في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويقال: إنه سماه وكناه باسم جده وكنيته، ولم يسمع من النبي صلّى الله عليه وسلم، وسمع أباه، وأبا سعيد الخدري، وأبا هريرة، وغيرهم. وروى عنه الزهري، وسعد بن إبراهيم وغيرهما. توفي سنة مائة، وقيل: عشر ومائة. 488 - [أبو الطفيل عامر بن واثلة] (3) أبو الطفيل عامر بن واثلة-ويقال له: عمرو بن واثلة-ابن عبد الله بن عمرو بن جحش الليثي البكري المكي.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 450)، و «أسد الغابة» (3/ 378)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 287)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 494)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 407)، و «العقد الثمين» (5/ 281)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 429)، و «شذرات الذهب» (1/ 398). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 84)، و «الاستيعاب» (ص 772)، و «أسد الغابة» (6/ 18)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 517)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 510)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 134)، و «شذرات الذهب» (1/ 403). (3) «طبقات ابن سعد» (6/ 550)، و «معرفة الصحابة» (4/ 2067)، و «الاستيعاب» (ص 517)، و «أسد الغابة» -

489 - [بسر بن سعيد]

رأى النبي صلّى الله عليه وسلم، وهو آخر من رأى النبي صلّى الله عليه وسلم موتا. روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وعن معاذ بن جبل، وعمر بن الخطاب، وغيرهم، وسكن الكوفة، ثم تحول إلى مكة، فأقام بها إلى أن مات سنة مائة، وقيل: سنة مائة وعشر، ويروى عنه هذا البيت: [من الطويل] وما شاب رأسي عن سنين تتابعت … عليّ ولكن شيّبته الوقائع 489 - [بسر بن سعيد] (1) بسر-بضم الموحدة وإسكان المهملة-ابن سعيد، مولى ابن الحضرمي من أهل المدينة، وكان ينزل في دار الحضارمة فنسب إليهم. وكان زاهدا عابدا صالحا مجاب الدعوة، سمع زيد بن خالد، وزيد بن ثابت، وأبا هريرة وغيرهم. وروى عن عثمان، ومات سنة مائة. 490 - [سالم بن أبي الجعد] (2) سالم بن أبي الجعد-واسم أبي الجعد: رافع-الأشجعي مولاهم الكوفي، وهو أخو عبيد وزياد وعمران ومسلم بني أبي الجعد. سمع سالم جابر بن عبد الله، والنعمان بن بشير، وأنس بن مالك، وغيرهم. وروى عنه الأعمش، وقتادة، وغيرهما. وتوفي سنة مائة، وقال أبو نعيم: سنة تسع-أو ثمان-وتسعين في ولاية سليمان بن عبد الملك.

= (3/ 145)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 467)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 529)، و «الإصابة» (4/ 113)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 272)، و «شذرات الذهب» (1/ 403). (1) «طبقات ابن سعد» (7/ 277)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 594)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 302)، و «مرآة الجنان» (1/ 208)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 221)، و «شذرات الذهب» (1/ 404). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 408)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 108)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 361)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 95)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 674)، و «شذرات الذهب» (1/ 404).

491 - [خارجة بن زيد]

491 - [خارجة بن زيد] (1) خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد الأنصاري النجاري المدني أبو زيد التابعي الكبير. أدرك عثمان، وسمع أباه زيدا، وعمه يزيد، وأم العلاء الأنصارية. وروى عنه سالم بن عبد الله، والزهري، وأبو الزناد وغيرهم. وكان إماما بارعا في العلم، اتفقوا على توثيقه وجلالته، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة الذين عناهم الشاعر بقوله: [من الطويل] ألا كل من لا يقتدي بأئمة … فقسمته ضيزى عن الحق خارجة فخذهم عبيد الله عروة قاسم … سعيد أبو بكر سليمان خارجة وهم على ترتيب النظم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد صاحب الترجمة. توفي خارجة بالمدينة سنة مائة عن سبعين سنة. 492 - [أبو عثمان النهدي] (2) أبو عثمان النهدي، واسمه: عبد الرحمن بن ملّ بن عمرو بن عدي بن وهب البصري. أسلم في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأدى الزكاة إلى عمال النبي صلّى الله عليه وسلم، ولم ير النبي صلّى الله عليه وسلم، وأدرك الجاهلية، وحج في الجاهلية حجتين، وغزا في عهد عمر غزوات.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 258)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 172)، و «وفيات الأعيان» (2/ 223)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 437)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 342)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 241)، و «مرآة الجنان» (1/ 208)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 511)، و «شذرات الذهب» (1/ 404). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 96)، و «معرفة الصحابة» (4/ 1869)، و «أسد الغابة» (3/ 497)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 175)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 535)، و «مرآة الجنان» (1/ 208)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 555)، و «شذرات الذهب» (1/ 404).

493 - [شهر بن حوشب]

وسمع عبد الرحمن بن أبي بكر وغير واحد من الصحابة. وروى عنه سليمان التيمي، وعاصم الأحول وغيرهما، وصحب سلمان الفارسي اثنتي عشرة سنة. ومات سنة مائة، وقال عمرو بن علي: مات سنة خمس وتسعين وعمره ثلاثون ومائة. 493 - [شهر بن حوشب] (1) شهر بن حوشب الأشعري. قرأ القرآن على ابن عباس، وكان كثير الرواية، حسن الحديث. توفي سنة مائة. 494 - [مسلم بن يسار] (2) مسلم بن يسار-بياء آخر الحروف ثم سين مهملة-البصري، قيل: مولى عثمان بن عفان. روى عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما، وكان ثقة فاضلا ورعا عابدا. قال ابن عون: لا يفضل عليه أحد في ذلك الزمان. توفي سنة مائة، أو إحدى ومائة. 495 - [عيسى بن طلحة] (3) عيسى بن طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب القرشي التيمي أبو محمد. كان من أفاضل أهل المدينة وعقلائهم وأشرافهم.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 452)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 372)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 385)، و «مرآة الجنان» (1/ 208)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 182)، و «شذرات الذهب» (1/ 404). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 185)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 93)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 510)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 475)، و «مرآة الجنان» (1/ 208)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 73)، و «شذرات الذهب» (1/ 405). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 162)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 367)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 448)، و «مرآة الجنان» (1/ 208)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 359)، و «شذرات الذهب» (1/ 405).

روى عن أبيه، ومعاوية، وعبد الله بن عمرو، وأبي هريرة، وغيرهم. وروى عنه الزهري، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وغيرهما. توفي سنة مائة في خلافة عمر بن عبد العزيز. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

ذكر الأحداث لاستقبال سنة إحدى وثمانين إلى آخر أيام سنة طبقة العشرين الخامسة من المائة الأولى من الهجرة

ذكر الأحداث لاستقبال سنة إحدى وثمانين إلى آخر أيام سنة طبقة العشرين الخامسة من المائة الأولى من الهجرة السنة الحادية والثمانون فيها أو في التي قبلها: توفي أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب، المعروف بابن الحنفية، عرف بأمه خولة بنت جعفر بن قيس، كانت من بني حنيفة من سبي اليمامة. وفيها: قام عبد الرحمن بن الأشعث، فخلع الحجاج ونفى عماله، ودعا إلى نفسه فأجابه أهل الجبال، واجتمع إليه جيش عظيم، فوثبوا على عسكر الحجاج يوم الأضحى، فانكشف عسكر الحجاج وانهزم هو، وجرت بينهما عدة وقعات، حتى قيل: كان بينهما أربع وثمانون وقعة في مائة يوم، ثلاث وثمانون على الحجاج، والأخرى كانت له (1). وفيها: توفي سويد بن غفلة الجعفي بالكوفة، وعبد الله بن شداد بن الهاد الليثي ابن خالة خالد بن الوليد، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود الهذلي، قتل مع ابن الأشعث ليلة دجيل. *** السنة الثانية والثمانون كانت الحروب تشتعل بين الحجاج وابن الأشعث ففيها: كانت وقعة تستر بينهما، فقتل من أصحاب الشام ثمانية آلاف، وانهزم الحجاج نحو البصرة، ونزل الزاوية، وقطع الجسر والقناطر (2). وفيها: خرج السودان، فعاثوا على فرات البصرة، وقتلوا حفص بن زياد بن عمر العتكي، فبعث إليهم الحجاج مكرما اللخمي صاحب عسكر مكرم وهو من أهل الشام، فقتل رباحا وأصحابه السودان (3).

(1) «الكامل في التاريخ» (3/ 488)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 5)، و «مرآة الجنان» (1/ 162)، و «شذرات الذهب» (1/ 330). (2) «تاريخ الطبري» (6/ 334)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 488)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 8). (3) «البدء والتاريخ» (6/ 36).

السنة الثالثة والثمانون

وفيها: مات المهلب بن أبي صفرة أمير خراسان، وصاحب الحروب والفتوحات. وفيها: توفي زر بن حبيش الأسدي. وفيها: توفي النخعي صاحب علي رضي الله عنه، وكان شريفا مطاعا. قلت: ذكر الجدّ النخعيّ ولم يذكر اسمه، وليس ذلك من عادته، فربما حصل ذلك منه سهوا أو سبق قلم (1)، فلعله كميل الآتي ذكره قريبا، وهو: كميل-بالتصغير-ابن زياد بن نهيك النخعي، مات سنة اثنتين وثمانين، هكذا ذكره ابن حجر في «تقريبه» (2)، وهو مشهور عند أهل التواريخ بصحبة علي رضي الله عنه، والله أعلم. وفيها: قتل أبو الشعثاء مع ابن الأشعث بظاهر البصرة. وفيها: قتل الحجاج محمد بن سعد بن أبي وقاص؛ لقتاله مع ابن الأشعث. وفيها: توفي جميل ابن معمر الشاعر صاحب بثينة. وفيها: توفي كميل بن زياد، كما في «الذهبي» (3). *** السنة الثالثة والثمانون فيها: كانت وقعة الزاوية بين الحجاج وبين ابن الأشعث، وكان ابن الأشعث لا يلاقي جيشا للحجاج إلا هزمه حتى أجلى له البصرة، ودخلها عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وتابعه القراء والفقهاء والصالحون، وبلغ جيشه ثلاثة وثلاثين ألف فارس، ورجاله مائة وعشرين ألف راجل، أكثرهم قام على الحجاج لله تعالى، وكاد ابن الأشعث أن يغلب على العراق، وأمد عبد الملك الحجاج بجيوش من الشام، واجتمع أهل الشام إلى عبد الملك وقالوا له: إن أهل العراق ما يريدون إلا خلع الحجاج عنهم، فإن فعلت .. عادت لك نياتهم، ونزع الحجاج عنهم أيسر من حربهم وسفك دمائنا، فأرسل عبد الملك ابنه عبد الله وأخاه محمد بن مروان في جيش كثيف، وأمرهم أن يعرضوا ذلك على أهل العراق، فإن قبلوه .. عزل الحجاج، ويكون محمد بن مروان أمير العراق، وينزل ابن الأشعث حيث أحب من العراق، ويكون واليا عليه، وإن أبى أهل العراق ذلك .. فالحجاج

(1) يريد المصنف رحمه الله تعالى جدّه من جهة أمه جمال الدين محمد بن مسعود أبا شكيل المتوفى سنة (871 هـ‍). (2) انظر «تقريب التهذيب» (ص 462). (3) انظر «العبر» (1/ 95).

السنة الرابعة والثمانون

أمير على الكل، وعبد الله بن عبد الملك ومحمد بن مروان تحت لوائه، فامتنع أهل العراق من قبول هذه الرسالة، فاجتمع أهل العراق في مائة ألف، ومعهم مثلهم من مواليهم، فالتقوا مع الحجاج بالزاوية، فانهزم أهل العراق، ومضى عبد الرحمن ابن الأشعث إلى الكوفة، وثبت عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة في أهل البصرة فبايعوه، فقاتل بهم خمس ليال أشد القتال، ثم لحق بابن الأشعث، ثم التقى الحجاج وابن الأشعث بدير الجماجم، وهي آخر حرب كانت بينهم، وكان شعار أصحاب ابن الأشعث: يا ثارات الصلاة؛ لأن الحجاج كان يميت الصلاة ويؤخرها حتى يخرج وقتها، فكانت الغلبة فيها للحجاج، قتل من أصحاب ابن الأشعث عالم كثير، وقتل الحجاج عالما كثيرا من الفقهاء والعباد والصالحين، وقيل: إن الحجاج قتل يوم الزاوية خاصة أحد عشر ألفا، وكان يؤتى بالرجل فيقال له: اشهد أنك كفرت، فإن قال: نعم .. بايعه، وإلا .. قتله (1). وفيها: قتل مع ابن الأشعث البختريّ الطائيّ مولاهم، وكان من كبار فقهاء الكوفة، وغرق مع ابن الأشعث ليلة دجيل عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي الفقيه. قلت: ذكر المؤرخ البختريّ هنا ولم يكن له فيما تقدم ذكر (2). وفي «التقريب» لشيخ الإسلام ابن حجر وغيره: (أبو البختري بالكنية، وضبطه بفتح الباء الموحدة والمثناة فوق بينهما خاء معجمة، واسمه: سعيد بن فيروز بن أبي عمران الطائي مولاهم الكوفي، ثقة ثبت فيه تشيع قليل، كثير الإرسال) اهـ‍ (3) والله أعلم. وفي هذه السنة: توفي أبو الجوزاء الرّبعي، وعبد الرحمن الخولاني قاضي مصر، كان عبد العزيز بن مروان يرزقه في السنة ألف دينار فلا يدخرها. *** السنة الرابعة والثمانون فيها: فتحت المصّيصة على يد عبد الله بن عبد الملك بن مروان (4).

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 342)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 493)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 8)، و «مرآة الجنان» (1/ 170)، و «شذرات الذهب» (1/ 340). (2) لعل المصنف يقصد الإمام اليافعي-رحمهما الله تعالى-في «مرآة الجنان» (1/ 171)؛ لأنه الذي ذكره كذلك دون أن يكنيه، وهو (أبو البختري) كما سيتضح بعد قليل في قول ابن حجر. (3) «تقريب التهذيب» (ص 240). (4) «تاريخ الطبري» (6/ 385)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 517)، و «مرآة الجنان» (1/ 171).

السنة الخامسة والثمانون

وفيها: قتل أيوب بن يزيد الهلالي، المعروف بابن القرّيّة-بكسر القاف والراء وبالمثناة من تحت المشددة-اسم جدته. وفيها: ظفر أصحاب الحجاج بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، وقتلوه بسجستان، وطيف برأسه في البلدان. ويقال: إنه لما انهزم من دير الجماجم .. لجأ إلى رتبيل، فغدر به ووجهه إلى الحجاج، فألقى نفسه في طريقه من سطح ومات. وفيها: توفي عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي الذي حنكه النبي صلّى الله عليه وسلم عند ولادته، والأسود بن هلال المحاربي، وعمران بن حطّان السدوسي البصري، أحد رءوس الخوارج وشاعرها البليغ، وعتبة بن النّدّر السلمي، وروح بن زنباع الجذامي الذي كان الواسطة في تقريب الحجاج إلى عبد الملك. *** السنة الخامسة والثمانون فيها: عزل الحجاج يزيد بن المهلب عن خراسان، وولاها أخاه المفضل بن المهلب، فغزا المفضل باذغيس ففتحها (1). وفيها: ابتدأ الحجاج ببناء واسط، وقيل: بل في سنة ثلاث وثمانين (2). وفيها: مات عبد العزيز بن مروان أمير مصر، وكان ولي العهد بعد عبد الملك، عهد لهما أبوهما كذلك، فلما مات .. عهد عبد الملك من بعده بالخلافة لولديه الوليد ثم سليمان، وبعث إلى عامله في المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي ليبايع لهما بولاية العهد، فامتنع سعيد بن المسيب من ذلك وصمم، فضربه هشام ستين سوطا، وطاف به في ثياب من شعر، وحبسه إلى أن كتب له عبد الملك بإطلاقه فأطلقه (3). وفيها: توفي واثلة بن الأسقع الليثي، وعمرو بن سلمة الجرمي، وعمرو بن سلمة الهمداني، وعبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي حليف الخطاب، وخالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي، وعمرو بن حريث المخزومي. ***

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 393)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 520)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 23). (2) «تاريخ الطبري» (6/ 383)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 514). (3) «تاريخ الطبري» (6/ 412)، و «الكامل في التاريخ» (3/ 527)، و «العبر» (1/ 99).

السنة السادسة والثمانون

السنة السادسة والثمانون فيها: عزل الحجاج المفضل بن المهلب من خراسان، وولاها قتيبة بن مسلم الباهلي، فافتتح بلاد صاغان من الترك صلحا (1). وفيها: توفي أبو أمامة الباهلي، وعبد الله بن أبي أوفى الأسلمي، وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي الصحابيون، وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي فقيه دمشق، والخليفة عبد الملك بن مروان في شوال، وولي بعده ابنه الوليد. وزاد بعضهم: أنه مات فيها هند بن أبي هالة ربيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أمه: خديجة بنت خويلد، رضي الله عنهم (2). *** السنة السابعة والثمانون فيها: عزل الوليد بن عبد الملك هشام بن إسماعيل عن المدينة، وولاها عمر بن عبد العزيز (3). وفيها: ابتدأ الوليد ببناء جامع دمشق، ودام العمل والجد والاجتهاد في بنائه وزخرفته أكثر من عشر سنين، وكان فيه أكثر من اثني عشر ألف صانع (4). وفيها: سار قتيبة بن مسلم إلى مدينة بخارى وهي بيكند فحاصرها، فجاشت الترك والصّغد وفرغانة والشاش وبخارى في جيش عظيم وعليهم ابن أخت ملك الصين، قيل: كانوا مائة ألف، فأحدقوا به أربعة أشهر، ثم هزمهم وقتلهم قتلا ذريعا، وسبى منهم خمسين ألف فارس، ففتحها فأصاب فيها قدورا عظاما يصعد إليها بالسلاليم، ثم مضى حتى أناخ على سمرقند، وهي غزوته الأولى (5).

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 424)، و «وفيات الأعيان» (6/ 290). (2) الصحيح: أنه توفي مع علي رضي الله عنه يوم الجمل، انظر «الاستيعاب» (ص 743)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 140). (3) «الكامل في التاريخ» (4/ 9)، و «البداية والنهاية» (9/ 86). (4) «العبر» (1/ 102)، و «مرآة الجنان» (1/ 178)، و «البداية والنهاية» (9/ 86). (5) «معجم البلدان» (1/ 355)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 10)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 30)، و «البداية والنهاية» (9/ 87).

السنة الثامنة والثمانون

وفي هذه السنة: توفي المقدام بن معدي كرب عن إحدى وتسعين سنة، وعتبة بن عبد السلمي الصحابي وله أربع وتسعون سنة، وفي «الذهبي»: عبيد بن عبد السلمي، ولعله الصواب (1). قلت: وفي «التقريب» لابن حجر: (عتبة بن عبد السلميّ أبو الوليد صحابي شهير، أول مشاهده قريظة، مات سنة سبع وثمانين، ويقال: بعد التسعين، وقد قارب المائة) (2)، والله أعلم. *** السنة الثامنة والثمانون فيها: كتب الوليد إلى عامله بالمدينة عمر بن عبد العزيز أن يجدد بناء مسجد المدينة، ويهدم حجر أزواجه صلّى الله عليه وسلم ويدخلها في المسجد، وأمر ببناء المسجد الحرام، وسائر المساجد، وأمر بتسهيل الثنايا وحفر الآبار، وكتب الوليد إلى ملك الروم: إني أريد بناء مسجد نبينا صلّى الله عليه وسلم، وسأله المعونة، فبعث إليه أربعين رجلا من الروم، وأربعين من القبط، وأربعين ألف مثقال، وفسيفساء، فبعث الوليد بالفعلة إلى المدينة، فأخمروا النّورة يصبون عليها روايا الزيت لعمل الفسيفساء (3). وفيها: مات عبد الله بن بسر-بسين مهملة-الصحابي بحمص، وهو آخر من مات بها من الصحابة. وفيها: غزا قتيبة بخارى، فافتتح الطّواويس وعدة قصور، وهي غزوته الثانية (4). *** السنة التاسعة والثمانون فيها: غزا مسلمة بن عبد الملك الترك حتى بلغ الباب من ناحية أذربيجان، ففتح حصونا

(1) الذي في «تاريخ الإسلام» (6/ 149)، و «العبر» (1/ 103): (عتبة بن عبد السلمي) كما في غيرهما من المصادر. (2) «تقريب التهذيب» (ص 381). (3) «المنتظم» (4/ 417)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 13)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 31)، و «البداية والنهاية» (9/ 91). (4) «تاريخ الطبري» (6/ 463)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 423).

السنة التسعون

ومدائن هناك، [وافتتح عبد الله بن موسى بن نصير جزيرتي] صقلّيّة وميورقة (1). وفيها: توفي عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري، مسح النبي صلّى الله عليه وسلم على رأسه ودعا له فوعى ذلك، وسمع من عمر رضي الله عنه. وفيها: ولي خالد بن عبد الله القسري مكة، فصعد المنبر وخطب بما يدل على كفره، ولم يزل واليا عليها حتى مات (2). *** السنة التسعون فيها: عزل الوليد عبد الله بن عبد الملك عن ولاية مصر، وولاها قرّة بن شريك الظالم (3). وفيها: قتل محمد بن القاسم الثقفيّ عامل الحجاج داهر بن صصة ملك السند وفتحها (4). وفيها: أسرت الروم خالد بن كيسان صاحب البحر، فأهداه ملك الروم إلى الوليد (5). وفيها: ظفر قتيبة بن مسلم بأهل طالقان، فقتل منهم صبرا مقتلة عظيمة لم يسمع بمثلها، وصلب سماطين، كلّ سماط أربعة فراسخ في نظام واحد (6). وفيها: توفي أبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي الكوفي والد قابوس، وعبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري الفقيه، وأبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني مفتي أهل مصر في وقته، تفقه على عقبة بن عامر رضي الله عنه. قلت: اليزني بفتح التحتانية والزاي بعدها نون، ويزن من حمير، هكذا ضبطه في «تهذيب التهذيب» (7)، والله أعلم. ***

(1) «المنتظم» (4/ 423)، و «الكامل في التاريخ» (17/ 4، 21)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 34)، و «البداية والنهاية» (9/ 93). (2) «الكامل في التاريخ» (4/ 18)، و «البداية والنهاية» (9/ 94). (3) «المنتظم» (4/ 427)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 37). (4) «المنتظم» (4/ 427)، و «البداية والنهاية» (9/ 94). (5) «المنتظم» (4/ 427)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 27). (6) «تاريخ الطبري» (6/ 447)، و «المنتظم» (4/ 427)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 24). (7) بل في «تقريب التهذيب» (ص 524).

السنة الحادية والتسعون

السنة الحادية والتسعون فيها: حج الوليد بن عبد الملك ومعه رجاء بن حيوة، والوليد يصدر عن رأيه (1). وفيها: فرغ من بناء المسجد الحرام ومسجد المدينة، فلما قارب الوليد المدينة .. لقيه عمر بن عبد العزيز في وجوه قريش، ثم صاروا إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأخرج من كان فيه إلا سعيد بن المسيب، فدخل الوليد المسجد ونظر إلى بنائه، ووقف على سعيد وكلمه، فلم يقم له سعيد، فكان عمر بن عبد العزيز يقول: يا من كفى سعيدا الوليد؛ اكفني ما أهمني، وطاف الوليد بالمدينة، وقسم بها مالا ورقيقا (2). وفيها: توفي سهل بن سعد الساعدي الصحابي وقد قارب المائة، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة رضي الله عنه. وفيها: مات السائب بن يزيد الكندي، قال: حج بي أبي مع النبي صلّى الله عليه وسلم حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين، ورأيت خاتم النبوة بين كتفيه. وفيها أو في التي بعدها: غزا موسى بن نصير وعامله الأندلس وفتحها (3). *** السنة الثانية والتسعون فيها: فتح طارق بن زياد مولى موسى بن نصير وعامله الأندلس ثانيا، وقطع إليهم البحر، وافتتح قتيبة بن مسلم النهر، وهي غزوته السادسة (4). وفيها توفي مالك بن أوس بن الحدثان، أدرك الجاهلية، ورأى أبا بكر رضي الله عنه. وفيها: توفي طويس المغنّي مولى أروى بنت كريز، وهي أم عثمان بن عفان، اسمه: عبد الملك، وقيل: عيسى. وقال الجوهري في «صحاحه»: (اسمه طاوس، فلما تخنث-أو قال: خنث-سمي طويسا) (5).

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 465)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 253). (2) «تاريخ الطبري» (6/ 465)، و «البداية والنهاية» (9/ 100). (3) «تاريخ الطبري» (6/ 468)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 255). (4) «الكامل في التاريخ» (35/ 4، 45)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 255). (5) «الصحاح» مادة (طيس).

السنة الثالثة والتسعون

قال اليافعي في «تاريخه»: (وفيها: توفي إبراهيم بن يزيد التيمي الكوفي العابد المشهور، قتله الحجاج ولم يبلغ عمره أربعين سنة، روى عن عمرو بن ميمون الأودي وجماعة) اهـ‍ (1) كذا في النسخة التي وقفت عليها (التيمي الكوفي)، فإن أراد به إبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي .. فالذي ذكره الذهبي والنووي وغيرهما: أنه توفي سنة خمس-أو ست-وتسعين، وسيأتي في محله إن شاء الله تعالى (2)، وإن أراد غيره .. فلا أعرفه، والله أعلم (3). *** السنة الثالثة والتسعون فيها: فتح طارق بن زياد مولى موسى بن نصير مدينة طليطلة من الأندلس، فأصاب فيها مائدة سليمان بن داود على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام، وكان حملها بعض ملوك العرب من بيت المقدس، وكانت خليطين من ذهب وفضة [بثلاثة أطواق من] لؤلؤ وياقوت وزبرجد (4). وفيها: افتتح قتيبة بن مسلم عدة فتوح، وهزم الترك، ونازل سمرقند في جيش عظيم، ونصب المجانيق عليها، فجاءت الترك، فأكمن لهم كمينا، فالتقوا في نصف الليل، فاقتتلوا قتالا عظيما، فلم يفلت من الترك إلا اليسير، وافتتح سمرقند صلحا على ثلاثة آلاف ألف درهم في هذه السنة أو في التي بعدها، وبنى بها الجامع والمنبر، وقيل: صالحهم على مائة ألف فارس، وعلى بيوت النار وحلية الأصنام، فأمر بتحريقها، ثم جمعوا من بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب والفضة خمسين ألف مثقال (5). وفيها: ضم الحجاج ولاية سجستان إلى قتيبة بن مسلم، فغزا قتيبة بلاد رتبيل، فصالحهم على ألف ألف وسبع مائة ألف درهم (6).

(1) «مرآة الجنان» (1/ 180). (2) يأتي ذكر اسمه فقط في حوادث سنة (95 هـ‍)، وأما ترجمته .. فقد تقدمت في وفيات تلك السنة. (3) أراد غيره، انظر ترجمة هذا في «تاريخ الإسلام» (6/ 283)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 92). (4) «تاريخ الطبري» (6/ 481)، و «البدء والتاريخ» (6/ 40)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 51). (5) «تاريخ الطبري» (6/ 469)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 47)، و «العبر» (1/ 107)، و «البداية والنهاية» (9/ 103). (6) «تاريخ الطبري» (6/ 468)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 45)، و «البداية والنهاية» (9/ 102)، وعندهم أن هذه الحادثة كانت في السنة التي قبل هذه.

وفيها: توفي أبو حمزة أنس بن مالك خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبلال بن أبي الدرداء، روى عن أبيه، وقد ولي إمرة دمشق، وأبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي الفقيه بالبصرة. قال ابن عباس: لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول أبي الشعثاء .. لأوسعهم علما عمّا في كتاب الله عزّ وجل. وفيها: توفي عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة القرشي المخزومي الشاعر، صاحب المجون والخلاعة، والغزل والبراعة، وأبو العالية رفيع بن مهران الرياحي مولاهم في البصرة، وزرارة بن أبي أوفى العامري، قرأ في صلاة الصبح {فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ} فخر ميتا، وعبد الرحمن بن زيد بن خزيمة الأنصاري المدني، روى عن الصحابة [ ... ] (1)، وعن الأعرج: ما رأيت بعد الصحابة أفضل منه. قلت: هكذا وجدته في المسودة بخط المؤرخ النسبة إلى ابن خزيمة، ولم أجد هذا النسب فيما وقفت عليه من أسماء الرجال في الأمهات الست، وفي «التقريب» لابن حجر العسقلاني: (عبد الرحمن بن يزيد بن جارية-بالجيم والتحتانية-الأنصاري أبو محمد المدني أخو عاصم بن عمر لأمه، يقال: ولد في حياة النبي صلّى الله عليه وسلم، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، مات سنة ثلاث وتسعين) (2). وفي «مختصر تهذيب الكمال» للذهبي: (أنه ولد في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم، وسمع عمر وعمه مجمّعا، وروى عنه القاسم والزهري. قال الأعرج: ما رأيت رجلا بعد الصحابة أراه أفضل منه) اهـ‍ (3) والله سبحانه أعلم. وفيها: عزل الوليد عمر بن عبد العزيز عن المدينة، وولاها عثمان بن حيان المزني (4). ***

(1) بياض في الأصول. (2) «تقريب التهذيب» (ص 353). (3) «الكاشف» (1/ 649). (4) «تاريخ الطبري» (6/ 481)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 51).

السنة الرابعة والتسعون

السنة الرابعة والتسعون فيها: كانت رجفة بالشام أربعين ليلة (1). وفيها أو في التي قبلها: افتتح قتيبة سمرقند صلحا على ثلاثة آلاف ألف درهم، وقد تقدم ذكر ذلك بزيادات (2). وفيها: افتتح القاسم بن محمد الثقفي أرض الهند (3). وفيها-أو في ما قبلها-: فتح قتيبة بن مسلم خوارزم على صلح ومال وعسكر استقر عليهم (4). وفيها: توفي علي بن الحسين المعروف بزين العابدين، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أحد الأئمة الكبار في جماعة من الفقهاء، وكانت تسمى سنة الفقهاء؛ لكثرة من مات فيها من الفقهاء. *** السنة الخامسة والتسعون فيها: افتتح العباس بن الوليد قبرس (5). وفيها: غزا قتيبة بن مسلم فرغانة، فافتتح بعضها (6). وفيها: توفي إبراهيم بن يزيد النخعي، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، سمع من خاله عثمان وهو صغير، وكان عالما صالحا فاضلا مشهورا مشكورا، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، روى عن أبيه وسعد وجماعة، والفقيه أبو زيد مطرف بن عبد الله بن الشّخّير البصري، روى عن علي وعمار، وكان مجاب الدعوة.

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 483)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 56). (2) تقدم ذلك في الحادثة الثانية من السنة التي قبل هذه. (3) «تاريخ الطبري» (6/ 483)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 56). (4) «تاريخ الطبري» (6/ 469)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 46). (5) «تاريخ اليعقوبي» (2/ 292). (6) «تاريخ الطبري» (6/ 483)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 55)، وعندهما أن هذه الحادثة كانت في السنة التي قبل هذه.

السنة السادسة والتسعون

قلت: وفي كنيته بعض إشكال، كما قد رأيت مما قد وقفت عليه في «التقريب» لشيخ الإسلام ابن حجر وغيره: (وهو أبو عبد الله مطرف ... ) إلى آخر الكلام (1)، والله سبحانه أعلم. وفيها: قتل الحجاج بن يوسف الإمام الجليل سعيد بن جبير، ولم يقتل الحجاج بعده أحدا، بل لم يعش بعده إلا أياما قلائل، ثم لحقه. وفيها: توفي الحجاج المذكور قريبا في شهر رمضان. *** السنة السادسة والتسعون فيها: غزا قتيبة فرغانة ثانية، وقيل: إنه غزا فيها كاشغر، وغزا الصين، ثم ورده الخبر بوفاة الوليد وقيام سليمان، بن عبد الملك، وكان قتيبة يخاف سليمان فخلع سليمان، ثم إن الناس كرهوا قتيبة، وأجمعوا على قتاله، وعرضوا الرئاسة على الحضين بن المنذر، ثم على عبد الله بن حوذان الجهضمي فأباها، فقلدوها وكيع بن أبي سود التميمي، وكان في وكيع هوج شديد وجهل عظيم، وكان بينه وبين قتيبة حرب عظيم أفضت عن قتل قتيبة، وقتل معه من بني سليم أحد عشر رجلا وصلبهم، ولما صعد وكيع المنبر ليخطب .. قال: مثلي ومثل قتيبة كما قال الأول: [من الرجز] من ينك العير ينك نيّاكا … .. مع كلام يشبه هذا (2). وفي هذه السنة: دخل مسلمة بن عبد الملك قسطنطينية صلحا بعد أن حاصرها وألح عليها، وبنى المسجد الجامع، وصار من بعد محبسا (3). وفيها: توفي قرة بن شريك القيسي أمير مصر الظالم نفسه، والخليفة الوليد بن عبد الملك، وولي بعده أخوه سليمان بن عبد الملك. ***

(1) «تقريب التهذيب» (ص 534). (2) «تاريخ الطبري» (6/ 500)، و «المنتظم» (4/ 490)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 67). (3) «تاريخ الطبري» (6/ 523)، و «المنتظم» (4/ 490).

السنة السابعة والتسعون

السنة السابعة والتسعون فيها: عزل سليمان بن عبد الملك وكيع بن أبي سود عن خراسان، وولاها يزيد بن المهلب، وكان قد ولى يزيد قبل العراق، فنزل واسطا، فلما أتته ولاية خراسان .. استخلف على العراق أخاه مروان بن المهلب، وسار إلى خراسان، وأخذ وكيعا بالأموال وحبسه (1). وفيها: فتح يزيد بن المهلب جرجان، وسار إلى طبرستان، فصالحه الأصبهبذ على ألفي ألف درهم، وفتح دهستان، وكتب يزيد إلى سليمان: أن قد صار عنده من الخمس بعد أن وصل إلى كل ذي حق حقه ستة آلاف ألف، فأشار عليه أصحابه ألاّ يسمي مبلغا، فأبى لثقته برأي سليمان فيه وأن يخليها له، فثبتت في الديوان، ومات سليمان فطالب عمر بن عبد العزيز يزيد بن المهلب بالمال الذي كتبه على نفسه، وحبسه بها (2). وفيها: ولد سفيان الثوري (3). وفيها: توفي سعيد بن مرجانة صاحب أبي هريرة، والفقيه طلحة بن عبيد الله بن عوف الزهري قاضي المدينة، وهو أحد الطلحات الموصوفين بالجود. وفيها-أو في سنة ثمان-: توفي قيس بن أبي حازم الأحمسي البجلي الكوفي وقد جاوز المائة، سمع أبا بكر وطائفة من البدريين، وكان من علماء الكوفة. وفيها: حج بالناس خليفتهم سليمان بن عبد الملك، وتوفي معه بوادي القرى موسى بن نصير الأعرج الأمير، الذي افتتح الأندلس وأكثر المغرب (4). *** السنة الثامنة والتسعون فيها: توفي أبو عمرو سعد الشيباني الكوفي، وأبو هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية الهاشمي.

(1) «المنتظم» (4/ 495)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 82)، و «البداية والنهاية» (9/ 201). (2) «تاريخ الطبري» (6/ 532)، و «المنتظم» (4/ 498)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 87)، وعندهم أن هذه الحادثة كانت في السنة التي بعد هذه. (3) «تاريخ بغداد» (9/ 172). (4) «العبر» (1/ 115)، و «مرآة الجنان» (1/ 200).

السنة التاسعة والتسعون

وفيها أو في التي بعدها: توفي عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي الضرير أحد الفقهاء السبعة. وفيها: توفي كريب مولى ابن عباس، والفقيهة عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وكانت في حجر عائشة، فأكثرت الرواية عنها. *** السنة التاسعة والتسعون فيها-في عاشر صفر منها-: مات الخليفة سليمان بن عبد الملك بن مروان بعد أن استخلف على الناس عمر بن عبد العزيز، فبعث عمر إلى مسلمة بن عبد الملك وهو محاصر قسطنطينية بخيل عتاق وطعام كثير تقوية لعسكره، وأمره بالقفول، وأغزى مكانه عمرو بن قيس السكوني (1). وفيها: أغارت الخزر على أذربيجان فأصابوا منهم، وسار إليهم عبد العزيز بن حاتم الباهلي فقتلهم قتلا ذريعا (2). وفيها: عزل عمر بن عبد العزيز يزيد بن المهلب عن العراق، وولى عديّ بن أرطاة الفزاري البصرة، وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب الكوفة، والجراح بن عبد الله الحكمي خراسان وسجستان، وأخذ يزيد بن المهلب وأهل بيته وعماله بالأموال، فبلغ ذلك مخلد بن يزيد، فأقبل من خراسان ومعه الأموال وقال: أنا أتحمل ما على أبي، فلم يقبل منه عمر، ومات مخلد، فأمر عمر بيزيد فألبس جبة صوف، وحمل في محمل بعير وطاف [ .... ] (3) وأمر أن يسير إلى دهلك، فغضبت عشيرته فرده إلى الحبس (4). وفيها: مات أبو الأسود الدّؤلي على خلاف قد تقدم (5)، واسمه: ظالم بن عمرو، ومحمود بن الربيع الأنصاري الخزرجي، وعبد الله بن محيريز الجمحي المكي نزيل بيت المقدس، والحسن بن محمد ابن الحنفية، ونافع بن جبير.

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 553)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 99)، و «البداية والنهاية» (9/ 217). (2) «تاريخ خليفة» (ص 316)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 272)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 239). (3) بياض في الأصول، وعبارة ابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (4/ 104): (فلما أبى يزيد أن يؤدي إلى عمر شيئا .. ألبسه جبة صوف، وحمله على جمل وقال: سيروا به إلى دهلك). (4) «المنتظم» (517/ 4، 527)، و «الكامل في التاريخ» (100/ 4، 104)، و «البداية والنهاية» (9/ 218). (5) انظر (1/ 509).

السنة الموفية مائة

السنة الموفية مائة فيها: وقع الطاعون بالبصرة فسموه طاعون عدي بن أرطاة (1). وفيها: ابتدأ أمر الدول العباسية، وذلك: أن أبا هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية قدم على سليمان بن عبد الملك في سنة ثمان وتسعين، فأعجب به وقضى حاجته وصرفه، وضم إليه من يسمّه، فلما صار من السراة .. سمّ، فلما أحسّ بذلك .. قال لأصحابه: ميلوا إلى ابن عمي محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وهو يومئذ بالحميمة من السراة من كورة البلقاء من أرض دمشق، فلما صار إليه .. أوصى إليه وأعلمه أن الخلافة صائرة إلى ولده، وأفشى إليه أسراره وقال له: إذا مضت سنة مائة .. فوجه دعاتك، واعلم أن هذا الأمر يتم لابن الحارثية من ولدك، وكان بنو أمية يمنعون بني هاشم من زواج الحارثية؛ لما يرون من زوال ملكهم على يد ابن الحارثية، فلما ولي عمر بن عبد العزيز .. جاء إليه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، واستأذنه في زواج الحارثية بنت خاله، فأذن له في زواجها، فقيل لعمر: ما كان بنو أمية يرونه، فقال: إن قضاء الله لا يرده شيء، فتزوجها فولدت له السفاح الذي كان زوال ملك بني أمية على يده. فلما دخلت سنة مائة .. ابتدأ محمد بن علي في دعاء الناس، فكان أول من استجاب له أربعة نفر من الكوفة، وهم: أبو رباح ميسرة النبال، وأبو عمرو البزار، والمنذر الهمداني، ومصقلة الطحان، فأمرهم أن يدعوا إلى إمامته ولا يجاوزوا الكوفة، ففعلوا ذلك، فاستجاب لهم: أبو عكرمة زياد بن درهم مولى همدان، وأبو هاشم بكر بن ماهان المروزي، وموسى السراج، وأبو سلمة حفص بن سليمان الخلال، وحفص الأشتر، فاستأذنوه في بث الدعوة، فقال: الكوفة وسوادها شيعة علي وأهل بيته، والبصرة وأهلها شيعة عثمان، والجزيرة حرورية مارقة، والشام لا يعرفون إلا أبا سفيان وطاعة ابن مروان، ومكة والمدينة واليمامة والبحرين قد غلب عليها أبو بكر وعمر، ولكن عليكم بخراسان؛ فإني أتفأل إلى مطلع الشمس سراج الدنيا ومصباح الخلق، فوجه محمد بن علي ميسرة النبال على العراق، ووجه جماعة دعاة إلى خراسان، فلقوا بها من لقوه واستجاب لهم (2).

(1) «المنتظم» (4/ 528)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 243). (2) «تاريخ الطبري» (6/ 562)، و «المنتظم» (4/ 528)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 107)، و «البداية والنهاية» (9/ 223)، و «البدء والتاريخ» (6/ 58).

وفيها: توفي أبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري، وأبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني آخر الصحابة موتا على الإطلاق، وسالم بن أبي الجعد الكوفي، وخارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري أحد الفقهاء السبعة، وأبو عثمان النهدي، وشهر بن حوشب، وبسر بن سعيد المدني الزاهد. والله سبحانه أعلم ***

طبقات المائة الثانية

[المجلد الثاني] طبقات المائة الثانية

العشرون الأولى من المائة الثانية

العشرون الأولى من المائة الثانية [الاعلام] 496 - [عمر بن عبد العزيز] (1) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم القرشي الأموي أبو حفص. أحد الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، وأحد المجددين للدين. أمه: أم عاصم حفصة بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، مر عمر بن الخطاب ليلة يعس بالمدينة، فسمع امرأة تقول لبنتها: قومي امذقي اللبن، قالت: أوما سمعت نهي أمير المؤمنين عن ذلك؟ ! فقالت: وأين منا أمير المؤمنين الآن؟ ! فقالت البنيّة: والله؛ ما كنت لأطيعه في العلانية وأعصيه في السر. وقيل: إنها قالت: إن غاب عمر .. فرب عمر لا يغيب، فاستحسن عمر كلامها، فزوج ابنه عاصما على البنية، فولدت له أم عاصم، فتزوجها عبد العزيز بن مروان، فولدت له عمر. ويقال: إن عبد العزيز لما أراد أن يتزوج أم عمر .. قال لقيّمه: اجمع لي أربع مائة دينار من طيب مالي؛ فإني أريد أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح، فتزوج أم عمر المذكورة، فولد بمصر سنة إحدى وستين، فأرسل به أبوه إلى المدينة ليتعلم القرآن والسنن، واستنابه الوليد بن عبد الملك على المدينة وعلى عمارة المسجد الشريف، وقرّبه سليمان بن عبد الملك، وكان يستشيره في أموره، فلما حضر سليمان الوفاة .. أراد أن يعهد إلى بعض بنيه وهو غلام، فقال له رجاء بن حيوة: ما تصنع يا أمير المؤمنين؟ إن مما يحفظ به الخليفة في قبره أن يستخلف على المسلمين الرجل الصالح، فقال سليمان: أنا أستخير الله وانظر فيه، ولم أعزم عليه، ثم بعد يومين قال لرجاء بن حيوة: ما ترى في داود بن سليمان؛

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 324)، و «المعارف» (ص 362)، و «تاريخ الطبري» (6/ 565)، و «حلية الأولياء» (5/ 253)، و «المنتظم» (4/ 538)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 113)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 17)، و «تهذيب الكمال» (21/ 432)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 114)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 187)، و «فوات الوفيات» (3/ 133)، و «مرآة الجنان» (1/ 208)، و «البداية والنهاية» (9/ 277)، و «العقد الثمين» (6/ 331)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 240)، و «شذرات الذهب» (2/ 5).

يعني: ابنه، فقلت: هو غائب عنك بقسطنطينية، ولا تدري أحي هو أم ميت، قال: فمن ترى؟ قلت: رأيك، ثم قال: كيف ترى في عمر بن عبد العزيز؟ قلت: أعلمه والله خيّرا فاضلا مسلما، قال: هو والله على ذلك، ثم قال: والله؛ لئن وليته ولم أولّ أحدا سواه .. لتكونن فتنة؛ فلا يتركونه عليهم أبدا إلا أن أجعل أحدهم بعده وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من عبد الله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز: إني أوليك الخلافة من بعدي، ومن بعدك يزيد بن عبد الملك، فليسمع المؤمنون له وليطيعوا، وليتقوا الله ولا يختلفوا فيطمع فيهم، وختم الكتاب، ثم بعث إلى صاحب شرطته يأمره أن يجمع أهل بيته، فلما اجتمعوا .. قال لرجاء: اذهب بكتابي وأخبرهم أنه كتابي، ومرهم فليبايعوا لمن وليت فيه، ففعل رجاء، فقالوا: ندخل ونسلم على أمير المؤمنين، قال: نعم، فقال لهم سليمان: في هذا الكتاب عهدي، فبايعوا وأطيعوا لمن سميت فيه، فبايعوه رجلا رجلا، وخرج بالكتاب مختوما. قال رجاء: فلما تفرقوا .. جاءني عمر بن عبد العزيز، فقال: إني أخشى أن يكون هذا قد أسند إليّ شيئا من الأمر، فأنشدك الله إلا أعلمتني، إن كان ذلك حتى أستعفيه الآن قبل أن تأتي حال لا أقدر فيها على ما أقدر عليه الساعة. قال رجاء: وجاءني هشام بن عبد الملك فقال: إن لي بك حرمة ومودة قديمة، وعندي شكر، فأعلمني هذا الأمر؛ فإن كان إليّ .. علمت، وإن كان إلى غيري .. تكلمت؛ فليس مثلي يصرف عنه ذلك ولك الله علي لا أذكر من هذا شيئا. فقال له رجاء: لا والله لا أخبرك حرفا واحدا مما أسر إليّ، فانصرف هشام يضرب بإحدى يديه على الأخرى وهو يقول: فإلى من تخرج إذن من بني عبد الملك؟ فلما مات سليمان .. جمعهم رجاء قبل أن يعلموا بموته، وأخذ عليهم البيعة ثانيا لمن في الكتاب، فلما بايعوه ثانية .. نعى إليهم سليمان وأظهر الكتاب. فقال هشام: لا أبايعه والله أبدا، فقال له رجاء: إذن والله أضرب عنقك، قم فبايع من قد بايعته مرتين، فقام يجر رجليه، وأخذ رجاء بضبعي عمر فأجلسه على المنبر وهو يسترجع لما وقع فيه، وهشام يسترجع لما فاته، ثم أخرجت جنازة سليمان، فخرج أولاد عبد الملك ركبانا، وخرج عمر بن عبد العزيز ماشيا، فلما انصرف من الدفن .. عرضت

عليه دواب سليمان، فركب منها بغلة شهباء وانصرف، ثم بدأ بأهله فرد ما كان بأيديهم من المظالم، ثم فعل ذلك بالناس، ثم كتب إلى عماله في الجهات برد المظالم إلى أهلها. وعن أبي بكر بن محمد قال: كتب إليّ عمر: أن استقر في الدواوين، فانظر إلى كل جور جاره من قبلي في حق مسلم أو معاهد فرده إليه، فإن مات أهل المظلمة .. فرده إلى ورثتهم، وما كان يقدم على أحد من عماله كتاب منه إلا فيه رد مظلمة، أو إحياء سنة، أو إطفاء بدعة، أو قسم، أو تقدير عطاء حتى خرج من الدنيا. ولما استخلف .. باع كل ما كان بملكه من الفضول من عبد ولباس وعطر وكل ما يستغنى عنه، فبلغ ذلك ثلاثة وعشرين ألف دينار، فجعله في السبيل، وكان قبل الخلافة متنعما في مطعمه وملبسه، حتى إنه كان يؤتى بالثوب النفيس فيقول: ما أحسنه لولا خشونة فيه، فلما ولي الخلافة .. زهد في الدنيا، حتى كان يؤتى بالثوب الخشن فيقول: ما أحسنه لولا نعومة فيه. وقال رضي الله عنه: لي نفس تواقة تاقت إلى معالي الأمور فنالت الخلافة، ثم تاقت إلى الجنة. ومناقبه كثيرة، وقد أجمعوا على جلالته وفضله، ووفور علمه وصلاحه، وزهده وورعه، وعدله وشفقته على المسلمين، وحسن سيرته فيهم، وبذل وسعه في الاجتهاد في طاعة الله تعالى، وحرصه على اتباع آثار رسول الله صلّى الله عليه وسلم والاقتداء بسنته وسنة الخلفاء الراشدين. وخرج في أيامه بسطام اليشكري الخارجي المعروف بشوذب في ثمانين رجلا، وهزم جيوش العراق، فكتب إليه عمر: بلغني أنك خرجت كما تزعم غضبا لله تعالى ولرسوله صلّى الله عليه وسلم، ولست بأولى بذلك مني، فهلم فلنتناظر؛ فإن كان الحق بأيدينا .. دخلت فيما دخل فيه الناس، وإن كان في يدك .. نظرنا في أمرك، فأمسك بسطام عن الحرب، وبعث إليه رجلين، فلما وصلا إلى عمر .. قالا له: أخبرنا عن يزيد لم تقره خليفة بعدك؟ قال: صيّره غيري. قالا: أفرأيت لو وليت مالا لغيرك، ثم وكلته إلى غير مأمون عليه أتراك كنت أديت الأمانة إلى من ائتمنك عليه؟

قال: أنظراني ثلاثا، فخرجا من عنده، وبلغ ذلك بني مروان، فخافوا أن يخرج ما في أيديهم من الأموال وأن يخلع يزيد، فدسوا إلى عمر من سقاه سما، فلم يلبث بعد خروجهما من عنده ثلاثا حتى مات بدير سمعان قرية من حمص، وقبره مشهور هناك يزار ويتبرك به. توفي يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة، وفي ذلك يقول جرير من قصيدة: [من البسيط] لو كنت أملك والأقدار غالبة … تأتي رواحا وتبيانا وتبتكر رددت عن عمر الخيرات مصرعه … بدير سمعان لكن يغلب القدر وعمره تسع وثلاثون سنة وستة أشهر، وكان يقال له: أشج بني أمية؛ لأن دابة ضربته في وجهه فشجته. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: من ولدي رجل بوجهه شجة يملأ الأرض عدلا. وكان لعمر بن عبد العزيز أربعة عشر ابنا، منهم الولد الصالح عبد الملك، كان من أعبد الناس وأبرهم بوالديه، وكان وزيرا صالحا لأبيه، وبطانة خير يشير عليه بمصالح الرعية، ويعينه على الاهتمام بمصالح المسلمين، وتوفي قبل أبيه وهو ابن سبع عشرة سنة وستة أشهر. قال الإمام أحمد ابن حنبل: (روي في الحديث: «إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يصحح لهذه الأمة دينها»، فنظرنا في المائة الأولى؛ فإذا هو عمر بن عبد العزيز) اه‍ (1) قال النووي: (وهذا الحديث الذي ذكره الإمام أحمد رواه أبو داود في «سننه» عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وحمله العلماء في المائة الأولى على عمر، وفي الثانية على الشافعي، وفي الثالثة على أبي العباس بن سريج، وقيل: أبو الحسن الأشعري، وفي الرابعة على أبي سهل الصعلوكي، أو ابن الباقلاني، أو أبي حامد الأسفراييني، وفي الخامسة على الإمام أبي حامد الغزالي) اه‍ (2)

(1) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (51/ 339). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 18)، والحديث في «سنن أبي داود» (4291).

497 - [ربعي بن حراش]

497 - [ربعي بن حراش] (1) ربعي بن حراش-بمهملتين وآخره شين معجمة-الغطفاني، ويقال: العبسي أبو مريم الأعور، وهو أخو مسعود بن حراش. سمع أبا مسعود عقبة بن عمرو، وحذيفة، وعلي، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه جماعة من التابعين، وكان من العباد، ويقال: إنه تكلم بعد الموت. وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز سنة مائة أو إحدى ومائة. 498 - [الحسن بن الحنفية] (2) الحسن بن محمد ابن الحنفية الهاشمي العلوي. كان من عقلاء قومه وعلمائهم، يقال: إنه صنف كتابا في الإرجاء ثم ندم (3). وتوفي سنة إحدى ومائة، وقيل: سنة خمس وتسعين، وقيل: سنة تسع وتسعين. 499 - [إبراهيم بن عبد الله] (4) إبراهيم بن عبد الله بن حنين مولى العباس بن عبد المطلب المدني (5). سمع أباه وأبا مرة. وروى عنه الزهري، وزيد بن أسلم وغيرهما. وتوفي سنة إحدى ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 247)، و «الجرح والتعديل» (3/ 456)، و «تهذيب الكمال» (9/ 54)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 359)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 79)، و «مرآة الجنان» (1/ 211)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 588)، و «شذرات الذهب» (2/ 9). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 322)، و «تهذيب الكمال» (6/ 316)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 130)، و «مرآة الجنان» (1/ 211)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 414)، و «شذرات الذهب» (2/ 10). (3) نبه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في «تهذيب التهذيب» (1/ 414) على أن المراد بالإرجاء المنسوب للحسن بن محمد غير الإرجاء الذي يعيبه أهل السنة، فالمراد به: أنه كان يرى عدم القطع على إحدى الطائفتين المقتتلتين في الفتنة بكونه مخطئا أو مصيبا، وكان يرى أنه يرجأ الأمر فيهما. (4) «طبقات ابن سعد» (7/ 426)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 604)، و «العبر» (1/ 122)، و «مرآة الجنان» (1/ 211)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 72)، و «شذرات الذهب» (2/ 11). (5) مولى العباس إنما هو أبوه عبد الله، لا هو كما يوهمه ظاهر العبارة، انظر «سير أعلام النبلاء» (4/ 604).

500 - [معاذة العدوية]

500 - [معاذة العدوية] (1) معاذة بنت عبد الله العدوية البصرية امرأة صلة بن أشيم الفقيهة العابدة. سمعت عائشة، وغيرها من الصحابة. وروى عنها عاصم الأحول، وأبو قلابة، وقتادة وغيرهم. وتوفيت بالبصرة سنة إحدى ومائة. 501 - [بشير بن يسار الأنصاري] (2) بشير-بضم الموحدة مصغرا-ابن يسار الأنصاري مولى بني حارثة من الأنصار المدني الفقيه. سمع سهل بن أبي حثمة، ورافع بن خديج، وأنس بن مالك، وسويد بن النعمان، وغيرهم من الصحابة. روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وغيره. وتوفي سنة إحدى ومائة. 502 - [عبد الرحمن بن كعب الأنصاري] (3) عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري السلمي أبو الخطاب. سمع أباه، وجابر بن عبد الله. وروى عنه الزهري، وسعد بن إبراهيم، وعبد الرحمن بن سعد.

(1) «طبقات ابن سعد» (10/ 447)، و «تهذيب الكمال» (35/ 308)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 508)، و «العبر» (1/ 122)، و «مرآة الجنان» (1/ 211)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 688). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 298)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 591)، و «العبر» (1/ 123)، و «مرآة الجنان» (1/ 211)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 238)، و «شذرات الذهب» (2/ 11). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 269)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 303)، و «تهذيب الكمال» (17/ 369)، و «العبر» (1/ 123)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 150)، و «مرآة الجنان» (1/ 211)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 547).

503 - [حفصة بنت سيرين]

توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة، وقيل: في خلافة سليمان بن عبد الملك، وقيل: في خلافة هشام. 503 - [حفصة بنت سيرين] (1) حفصة بنت سيرين، أخت محمد ابن سيرين، ووالدة الهذيل بن عبد الرحمن. سمعت أنس بن مالك، وأم عطية. روى عنها أيوب، وعاصم الأحول، وخالد الحذاء، وغيرهم. وتوفيت سنة إحدى ومائة. 504 - [عائشة بنت طلحة] (2) عائشة بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب القرشية التيمية. سمعت عائشة أم المؤمنين. روى عنها حبيب بن أبي عمرة، ومعاوية بن إسحاق وغيرهما. وهي التي أصدقها مصعب بن الزبير مائة ألف دينار، وكانت مشهورة بالحسن والجمال، وجمع بينها وبين سكينة بنت الحسين، وحجتا معا وهما في عصمة مصعب، كل منهما في هيئة عظيمة وأبهة زائدة، وكانت عائشة أعظم أبهة وزينة من سكينة، معها ستون بغلة ذات الزنانير، عليهم الجواري لابسين الديباج، فقال حاديها: [من الرجز] عائش يا ذات البغال الستين … لا زلت ما عشت كذا تحجين وقال حادي سكينة: [من الرجز] لولا أبوها ما اهتدى أبوك فأمرت عائشة حاديها أن يكف عن الحداء وقالت: كنا في مزاح فصيرته سكينة جدا، أما في الجد .. فلا نكافئها والله. وتوفيت عائشة سنة إحدى ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (10/ 448)، و «تهذيب الكمال» (5/ 151)، و «العبر» (1/ 123)، و «مرآة الجنان» (1/ 211)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 669)، و «شذرات الذهب» (2/ 12). (2) «طبقات ابن سعد» (10/ 433)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 369)، و «العبر» (1/ 123)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 599)، و «مرآة الجنان» (1/ 211)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 681)، و «شذرات الذهب» (2/ 12).

505 - [أبو الأشعث الصنعاني]

505 - [أبو الأشعث الصنعاني] (1) أبو الأشعث الصنعاني-من صنعاء الشام-الشامي، واسمه: شراحيل بن آدة، ويقال: ابن كليب بن آدة. سمع عبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وأبا أسماء الرحبي. وروى عنه أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي. توفي سنة إحدى ومائة. 506 - [أبو بكر الأشعري] (2) أبو بكر بن أبي موسى، واسمه: عمرو، وقيل: عامر، واسم أبي موسى: عبد الله بن قيس الأشعري. سمع أباه، والبراء بن عازب. وروى عنه أبو عمران الجوني، وأبو حمزة الضبعي، وأبو إسحاق السبيعي وغيرهم. وولي قضاء البصرة فيما أظن (3)، وكان أكبر من أخيه أبي بردة. وتوفي سنة إحدى ومائة. 507 - [أبو صالح السمان] (4) أبو صالح السمان، ويقال له: الزيات، كان يجلب السمن والزيت إلى الكوفة، واسمه: ذكوان، وهو مدني غطفاني، مولى جويرية بنت الأحمس امرأة من قيس،

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 96)، و «تهذيب الكمال» (12/ 408)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 357)، و «العبر» (1/ 123)، و «مرآة الجنان» (1/ 212)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 156)، و «شذرات الذهب» (2/ 16). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 387)، و «العبر» (1/ 123)، و «مرآة الجنان» (1/ 212)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 495)، و «شذرات الذهب» (2/ 16). (3) الذي في كتب التاريخ أنه تولى قضاء الكوفة، وإنما الذي تولى قضاء البصرة هو أخوه أبو بردة، والله أعلم. انظر «تاريخ الطبري» (6/ 522)، و «المنتظم» (4/ 491). (4) «طبقات ابن سعد» (7/ 296)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 244)، و «تهذيب الكمال» (8/ 513)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 36)، و «العبر» (1/ 121)، و «مرآة الجنان» (1/ 211)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 579).

508 - [يزيد بن المهلب بن أبي صفرة]

ويقال: مولى لعبد الله بن غطفان، وهو والد سهيل بن أبي صالح. سمع سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وابن عباس، وجابرا وغيرهم من الصحابة والتابعين. وروى عنه عطاء بن أبي رباح، ومحمد ابن سيرين في خلق من التابعين. واتفقوا على توثيقه وجلالته، وشهد الدار زمن عثمان. وتوفي بالمدينة سنة إحدى ومائة. 508 - [يزيد بن المهلب بن أبي صفرة] (1) يزيد بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي أمير العراق لسليمان بن عبد الملك، فاستفتح جرجان وكان قد غلب عليها الخزر، وصالح الأصبهبذ على ألفي ألف درهم، وفتح دهستان، وكتب إلى سليمان: أنه قد صار عنده من الخمس بعد أن أوصل إلى كل ذي حق حقه ستة آلاف ألف، فأشار عليه أصحابه ألاّ يسمي مبلغا، فأبى لثقته برأي سليمان، وأنه يخليها له، فثبتت في الديوان، ومات سليمان فطالبه بها عمر بن عبد العزيز، وحبسه وطاف به في جبة صوف بعد أن ضربه أسواطا، وأراد نفيه إلى جزيرة دهلك، ثم رده إلى السجن، فلما توفي عمر .. أخرجه خواصه من السجن، فوثب على البصرة وفر منه عاملها عدي بن أرطاة الفزاري، ونصب يزيد رايات سوداء، وتسمى بالقحطاني، وقال: أدعوا إلى سيرة عمر بن الخطاب، فوجه إليه يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة بن عبد الملك وولاه العراق، فالتقى هو ويزيد بن المهلب بالعقر من أرض بابل، فقتل ابن المهلب، وانهزم جيشه في صفر سنة اثنتين ومائة. وكان كثير الغزو والفتوح، جوادا ممدحا، وكان الحجاج قبل ذلك في ولاية الحجاج على العراق قد قبض على يزيد قبل ذلك، فأخذه بسوء العذاب، فسأله أن يخفف عنه العذاب على أن يعطيه كل يوم مائة ألف درهم، فإن أداها .. وإلا عذبه في الليل، فجمع له

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 590)، و «المنتظم» (4/ 549)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 130)، و «وفيات الأعيان» (6/ 278)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 503)، و «العبر» (1/ 124)، و «مرآة الجنان» (1/ 212)، و «البداية والنهاية» (9/ 257)، و «شذرات الذهب» (2/ 17).

509 - [يزيد بن أبي مسلم الثقفي]

يوما مائة ألف درهم ليشتري بها نفسه من عذاب ذلك اليوم، فدخل عليه الأخطل الشاعر فأنشده: [من الطويل] أبا خالد بادت خراسان بعدكم … وقال ذوو الحاجات أين يزيد فلا نظر الراءون بعدك منظرا … ولا اخضر بالمروين بعدك عود فما لسرير الملك بعدك بهجة … ولا لجواد بعد جودك جود (1) فأعطاه المائة ألف، ووطن نفسه على الصبر لعذاب ذلك اليوم، فبلغ الحجاج ذلك فقال: أكل هذا الكرم وأنت بهذه الحالة؟ ! قد وهبت لك عذاب اليوم وما بعده. قال ابن خلكان: (أجمع علماء التاريخ على أنه لم يكن في أيام بني أمية أكرم من بني المهلب، كما لم يكن في دولة بني العباس أكرم من البرامكة) (2). ولما قتل يزيد في المعركة .. عمد ابنه معاوية فأخرج من الحبس عدي بن أرطاة وجماعة فذبحهم صبرا، ولما حمل رأس يزيد بن المهلب إلى يزيد بن عبد الملك .. نال منه جلساؤه، فقال: مه؛ إن يزيد طلب جسيما، وركب عظيما، ومات كريما. 509 - [يزيد بن أبي مسلم الثقفي] (3) يزيد بن أبي مسلم الثقفي، مولى الحجاج بن يوسف وكاتبه. وكان فيه كفاية ونهضة، ولما حضرت الحجاج الوفاة .. استخلفه بالعراق، فأقره الوليد بن عبد الملك، وقال الوليد يوما مشيرا إلى كفايته وقيامه فيما ولي: مثلي ومثل الحجاج وابن أبي مسلم كرجل ضاع له درهم فوجد دينارا، ولما مات الوليد وولي سليمان .. عزل يزيد المذكور، واستحضره فرآه دميما، كبير البطن، قبيح الوجه، فقال: لعن الله من أشركك في أمانته، وحكمك في دينه، فقال: يا أمير المؤمنين؛ لا تقل ذاك؛ فإنك رأيتني والأمور مدبرة عني، فلو رأيتني وهي مقبلة .. لاستعظمت ما استصغرت، ولاستجللت ما احتقرت، فقال سليمان: قاتله الله ما أسد عقله، وأعضب لسانه (4)! ثم قال

(1) لم نجد هذه الأبيات في ديوان الأخطل، وقد عزاها ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (57/ 172) إلى الفرزدق، وهي في «ديوانه» (1/ 153)، والله أعلم. (2) «وفيات الأعيان» (6/ 283). (3) «تاريخ الطبري» (6/ 617)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 146)، و «وفيات الأعيان» (6/ 309)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 593)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 282)، و «مرآة الجنان» (1/ 212)، و «شذرات الذهب» (2/ 18). (4) لسان عضب: ذليق حاد.

510 - [الضحاك بن مزاحم]

له سليمان: يا يزيد؛ أترى صاحبك الحجاج يهوي بعد في جهنم أم قد استقر في قعرها؟ فقال: يا أمير المؤمنين؛ إن الحجاج عادى عدوكم، ووالى وليكم، وبذل مهجته لكم، فهو يوم القيامة عن يمين عبد الملك، ويسار الوليد، فاجعله حيث أحببت. وقيل: إنه قال: يحشر بين أخيك وأبيك، فضعهما حيث شئت، فقال سليمان: قاتله الله ما أوفاه لصاحبه! إذا اصطنعت الرجال .. فليصطنع مثل هذا، فقال بعض الحاضرين: اقتله يا أمير المؤمنين، فقال يزيد: من هذا؟ قالوا: فلان بن فلان، قال: والله؛ لقد بلغني أن أمه ما كان شعرها يواري أذنيها، فما تمالك سليمان أن ضحك وأمر بتخليته، ثم كشف عنه فلم يجد له خيانة في دينار ولا درهم، فهم باستكتابه، فقال له عمر بن عبد العزيز: أنشدك الله يا أمير المؤمنين؛ ألا تحيي ذكر الحجاج باستكتابك كاتبه، فأعلمه سليمان أنه لم يخن قط في دينار ولا درهم، فأجابه عمر بأن إبليس لم يخن فيهما وقد أهلك هذا الخلق، فتركه. توفي يزيد المذكور في سنة اثنتين ومائة. 510 - [الضحاك بن مزاحم] (1) الضحاك بن مزاحم الهلالي. صاحب التفسير، فقيه مكتب عظيم فيه ثلاثة آلاف صبي، وكان يركب حمارا يدور عليهم إذا أعيا. توفي بخراسان سنة اثنتين ومائة. 511 - [عطاء بن يسار] (2) عطاء بن يسار الهلالي المدني أبو محمد، مولى ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، وأخو سليمان وعبد الملك وعبد الله بنو يسار، من كبار التابعين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 417)، و «المعارف» (ص 457)، و «تهذيب الكمال» (13/ 291)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 598)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 112)، و «مرآة الجنان» (1/ 213)، و «البداية والنهاية» (9/ 260). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 171)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 335)، و «تهذيب الكمال» (20/ 125)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 448)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 171)، و «مرآة الجنان» (1/ 214)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 110)، و «شذرات الذهب» (2/ 19).

512 - [مجاهد بن جبر]

سمع ابن مسعود، وابن عمرو بن العاصي، ومولاته ميمونة، وغيرهم من الصحابة، وكان إماما كثير الحديث، اتفقوا على توثيقه. توفي سنة ثلاث-أو أربع-ومائة، وقيل: توفي سنة أربع-أو سبع-وتسعين. 512 - [مجاهد بن جبر] (1) مجاهد بن جبر-ويقال: جبير بالتصغير-المكي المخزومي مولاهم، مولى عبد الله بن السائب المخزومي، التابعي الكبير المشهور. سمع ابن عباس، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وغيرهم من الصحابة وطاووسا، وابن أبي ليلى، وغيرهم من التابعين. وروى عنه طاوس أيضا، وعطاء، وعكرمة وغيرهم، واتفقوا على جلالته، ورئاسته في الفقه والتفسير والحديث وتوثيقه. قال: عرضت على ابن عباس القرآن ثلاثين مرة. توفي سنة ثلاث-أو اثنتين أو إحدى-ومائة، وقيل: سنة مائة، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة. 513 - [مصعب بن سعد بن أبي وقاص] (2) مصعب بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني. سمع أباه، وعليا، وابن عمر. وروى عنه مجاهد، وأبو إسحاق السبيعي وغيرهما، وكان إماما فاضلا، كثير الحديث، اتفقوا على توثيقه. توفي سنة ثلاث ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 27)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 83)، و «تهذيب الكمال» (27/ 228)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 449)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 235)، و «البداية والنهاية» (9/ 261)، و «شذرات الذهب» (2/ 19). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 168)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 95)، و «تهذيب الكمال» (28/ 24)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 350)، و «العبر» (1/ 125)، و «البداية والنهاية» (9/ 268)، و «شذرات الذهب» (2/ 20).

514 - [موسى بن طلحة التيمي]

514 - [موسى بن طلحة التيمي] (1) موسى بن طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب القرشي التيمي أبو عيسى المدني، ثم تحول إلى الكوفة. سمع أباه، وعثمان بن عفان، وحكيم بن حزام، وعبد الله بن عمر وغيرهم. وروى عنه جماعة من التابعين. قالوا: هو أفضل إخوته بعد محمد، وكان يسمى في زمانه المهدي. توفي سنة ثلاث-أو أربع-ومائة. 515 - [يحيى بن وثاب الأسدي] (2) يحيى بن وثاب الأسدي مولاهم الكوفي مقرئها التابعي القارئ. كان أحسن الناس قراءة، إذا قرأ .. لا يسمع في المسجد حركة لإنصاتهم لقراءته. قال الأعمش: كنت إذا رأيته .. قلت: هذا قد جاء من الحساب. سمع ابن عمر، وابن عباس، وروى عن ابن مسعود، وأبي هريرة وغيرهم. وروى عنه جمع من التابعين. توفي سنة ثلاث ومائة. 516 - [يزيد بن الأصم] (3) يزيد بن الأصم-واسم الأصم: عبد عمرو-ابن عدس بن معاوية بن عبادة العامري

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 160)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 364)، و «العبر» (1/ 126)، و «مرآة الجنان» (1/ 214)، و «البداية والنهاية» (9/ 268)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 178)، و «شذرات الذهب» (2/ 21). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 416)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 159)، و «تهذيب الكمال» (32/ 26)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 379)، و «العبر» (1/ 126)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 396)، و «شذرات الذهب» (2/ 21). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 416)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 161)، و «تهذيب الكمال» (32/ 26)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 517)، و «العبر» (1/ 126)، و «مرآة الجنان» (2/ 215)، و «شذرات الذهب» (2/ 21).

517 - [الشعبي]

أبو عوف ابن خالة ابن عباس وخالد بن الوليد، أمه: برزة بنت الحارث الهلالية أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين. سمع خالته ميمونة، وأبا هريرة، ومعاوية، وابن عباس وغيرهم. وروى عنه الزهري، وجعفر بن برقان وغيرهما. توفي سنة ثلاث ومائة. 517 - [الشعبي] (1) عامر بن شراحيل الشعبي-نسبة إلى شعب بالفتح، قال ابن خلكان: (بطن من همدان) (2)، وقال الجوهري: (جبل باليمن نزله حسان بن عمرو الحميري هو وولده ودفن به) (3)، قال الشيخ اليافعي: (وشعب في بلاد اليمن معروف بالقرب من موضعنا) (4) - أبو عمرو الكوفي الإمام الحبر العلامة، يقال: إن جده من أقيال اليمن من حمير، وهو تابعي جليل القدر، غزير العلم، وافر العقل. أرسله عبد الملك برسالة إلى ملك الروم، فكان لا يسأله عن شيء إلا أجابه، فلما استكمله .. قال: أمن أهل بيت المملكة أنت؟ قال: لا، بل رجل من العرب، فدفع إليه رقعة مختومة، وقال: إذا أوصلت الرسالة إلى صاحبك .. فادفع له الرقعة، ففعل الشعبي ذلك، فقال له عبد الملك لما قرأها: أقال لك عند ما أعطاك الرقعة شيئا؟ قلت: نعم، قال: أمن بيت المملكة أنت؟ قلت: لا، ولكني من العرب، فقال لي: أتدري ما في الرقعة؟ قلت: لا، فدفعها إليّ فقرأتها؛ فإذا فيها: عجبت من قوم فيهم مثل هذا كيف ملكوا غيره؟ ! فقلت: والله؛ لو علمت ما فيها .. ما حملتها، ثم قلت: إنما قال هذا يا أمير المؤمنين؛ لأنه لم يرك، قال: أفتدري لم كتبها؟ قلت: لا، قال: حسدني عليك، فكتبها ليغريني على قتلك.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 365)، و «المعارف» (ص 449)، و «وفيات الأعيان» (3/ 12)، و «تهذيب الكمال» (14/ 28)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 294)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 124)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 587)، و «مرآة الجنان» (1/ 215)، و «البداية والنهاية» (9/ 270)، و «شذرات الذهب» (2/ 24). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 15). (3) «الصحاح» مادة (شعب). (4) «مرآة الجنان» (1/ 219).

وكان الشعبي مزاحا، قال له الحجاج يوما: كم عطاءك؟ أي: بالنصب، قال: ألفين، فقال له الحجاج: كم عطاؤك؟ أي: بالرفع، فقال: ألفان، فقال له: كيف لحنت أولا؟ قال: لحن الأمير فلحنت، فلما أعرب .. أعربت، ولا يحسن أن يلحن الأمير فأعرب أنا، فاستحسن ذلك منه وأجازه. وتحاكم إليه مرة رجل وزوجته، فحكم للمرأة على الرجل، فقال الرجل: [من مجزوء الرمل] فتن الشعبيّ لما … رفع الطّرف إليها .. في أبيات، فمر الشعبي بشخص وهو يقول: فتن الشعبي لمّا ثم التفت فرأى الشعبي، فسكت استحياء، فأتم الشعبي البيت وقال: ....... لما … رفع الطرف إليها دخل الشعبي على الحجاج بعد هزيمة ابن الأشعث، وكان الشعبي من جملة من خرج مع ابن الأشعث، فقال له الحجاج: أدب وافر، وعقل نافر، فقال: صدق الأمير؛ العقل غريزة، والأدب تكلف، ولولا أنتم معشر الملوك .. ما تأدبنا، قال الحجاج: فالمنّة لنا في ذلك دونكم، قال: صدق الأمير. يروى: أنه قال: ما أروي-أو ما أحفظ-شيئا أقل من الشعر، ولو شئت أن أنشده شهرا ولا أعيد شيئا .. لفعلت. يقال: إن عبد الملك قال له يوما: أنشدني أحكم ما قالت العرب وأوجزه، فقال: قول امرئ القيس: [من البسيط] صبّت عليه وما تنصبّ من أمم … إن الشقاء على الأشقين مصبوب وقول زهير: [من الطويل] ومن يجعل المعروف من دون عرضه … يفره ومن لم يتق الشتم يشتم وقول النابغة: [من الطويل] ولست بمستبق أخا لا تلمّه … على شعث أيّ الرجال المهذّب

518 - [خالد بن معدان]

وقول عدي بن يزيد: [من الطويل] عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه … فكل قرين بالمقارن مقتدي وقول طرفة بن العبد: [من الطويل] ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزود وقول الحطيئة: [من البسيط] من يفعل الخير لا يعدم جوازيه … لا يذهب الخير بين الله والناس في أبيات أخر من أشعار العرب. وكان رحمه الله تعالى يقول: إنما الفقيه من ورع عن محارم الله تعالى، والعالم من خاف الله عزّ وجل. وقال: ما أودعت قلبي شيئا قط فخانني. توفي رحمه الله سنة أربع-أو خمس أو ثلاث-ومائة. 518 - [خالد بن معدان] (1) خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي الشامي الحمصي أبو عبد الله. لقي سبعين رجلا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم. وسمع أبا أمامة، والمقدام بن معدي كرب وغيرهما. وروى عنه محمد بن إبراهيم التيمي وغيره. وكان فقيها عابدا، قيل: كان يسبح كل يوم أربعين ألف تسبيحة. توفي بطرسوس سنة أربع ومائة. 519 - [عامر بن سعد بن أبي وقاص] (2) عامر بن سعد بن أبي وقاص القرشي الزهري المدني التابعي.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 458)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 536)، و «العبر» (1/ 126)، و «مرآة الجنان» (1/ 219)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 532)، و «شذرات الذهب» (2/ 22). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 166)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 256)، و «تهذيب الكمال» (14/ 21)، -

520 - [أبو بردة بن أبي موسى الأشعري]

سمع أباه، وعثمان بن عفان، وابن عمر وغيرهم. وروى عنه ابنه داود، وسعيد بن المسيب، وغيرهم من التابعين، واتفقوا على توثيقه وكثرة علمه. وكان رأسا في العلم والعمل، طلب للقضاء فهرب إلى الشام، ونزل بداريا. وتوفي بالمدينة سنة أربع-أو ثلاث ومائة-وقيل: سنة مائة. 520 - [أبو بردة بن أبي موسى الأشعري] (1) أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، واسمه: عامر، واسم أبيه: عبد الله بن قيس. ولي قضاء الكوفة، فعزله الحجاج، وجعل أخاه أبا بكر مكانه. سمع أباه، وعليا، وابن عمر، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه الشعبي، والسبيعي، وغيرهما من التابعين. وكان ثقة كثير الحديث، وهو جد الإمام أبي الحسن الأشعري إمام أهل السنة. توفي أبو بردة بالكوفة سنة أربع-أو ثلاث-ومائة. 521 - [كثيّر عزّة] (2) كثيّر عزّة، واسم أبيه: عبد الرحمن الخزاعي، عرف بكثّير-تصغير كثير-لقصره، وأضيف إلى محبوبته عزة بنت جميل بن حفص الغفارية. وكان شيعيا غاليا يؤمن بالرجعة؛ أي: الرجوع إلى الدنيا بعد الموت، وهو أحد عشاق العرب المشهورين، وله في ذلك نوادر وأمور مشهورة، وأكثر شعره فيها، ومن أجود شعره

= «سير أعلام النبلاء» (4/ 349)، و «العبر» (1/ 127)، و «مرآة الجنان» (1/ 219)، و «شذرات الذهب» (2/ 23). (1) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 178)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 343)، و «العبر» (1/ 128)، و «مرآة الجنان» (1/ 220)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 484)، و «شذرات الذهب» (2/ 24). (2) «المنتظم» (4/ 570)، و «وفيات الأعيان» (4/ 106)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 152)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 227)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 328)، و «مرآة الجنان» (1/ 220)، و «البداية والنهاية» (9/ 294)، و «شذرات الذهب» (2/ 36).

قصيدته التائية التي يقول فيها: [من الطويل] وإني وتهيامي بعزّة بعد ما … تسليت من وجد بها وتسلّت لكالمرتجي ظلّ الغمامة كلما … تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت وكان لكثير غلام عطار في المدينة، وربما باع نساء العرب بالنسيئة، فأعطى عزة-وهو لا يعرفها-شيئا من العطر، فمطلته أياما، وحضرت إلى حانوته في نسوة، فطالبها فقالت: حبا وكرامة، ما أقرب الوفاء وأسرعه، فأنشد متمثلا قول سيّده كثير: [من الطويل] قضى كل ذي دين فوفّى غريمه … وعزّة ممطول معنّى غريمها فقال له النسوة: أتدري من غريمتك؟ قال: لا والله، قلن: هي عزة، قال: أشهدكن الله أنها في حل مما لي قبلها، ثم أخبر سيده بذلك، فقال: وأنا أشهد الله أنك حر لوجهه، ووهبه جميع ما في حانوته من العطر، وذلك من عجائب الاتفاق. وأغرب منه ما يحكى: أنه لما عزم عبد الملك للسير لمحاربة مصعب بن الزبير .. ناشدته زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية: ألا يخرج بنفسه، وأن يستنيب غيره في حربه، وألحت عليه في ذلك، فلم يوافقها على ما سألت، وصمم على المخرج، فبكت حتى بكى من كان حولها من حشمها، فقال عبد الملك: قاتل الله ابن أبي جمعة-يعني كثيرا-كأنه رأى موقفنا هذا حيث قال: [من الطويل] إذا ما نبا للغزو لم تثن عزمه … حصان عليها نظم درّ يزينها نهته فلما لم تر النهي عاقه … بكت فبكى مما شجاها قطينها ثم خرج عبد الملك فواجهه كثيّر، فقال: إنّه-أي: ذكرت الآن-يا بن أبي جمعة، أتدري لماذا؟ قال: أظن أن عاتكة عذلت عن هذا المخرج، فلم تصغ لقولها، فبكت حتى بكى حشمها لبكائها، فذكرت قولي، وذكر البيتين ... فقال: قاتلك الله، كأنك كنت معنا! ويروى: أن عزة دخلت على أم البنين ابنة عبد العزيز بن مروان، أخت عمر بن عبد العزيز، وزوجة الوليد بن عبد الملك فقالت لها: أرأيت قول كثير: [من الطويل] قضى كل ذي دين فوفى غريمه … وعزة ممطول معنّى غريمها ما كان ذلك الدين؟ قالت: قبلة وعدته بها ثم خرجت منها، فقالت أم البنين: أنجزيه

522 - [الخليفة يزيد بن عبد الملك]

ما وعدتيه وإثمها علي، ثم تحرجت أم البنين من هذا القول، فأعتقت كذا وكذا رقبة عما صدر منها من الكلام. يروى: أن عبد الملك بن مروان قال له: بحق علي بن أبي طالب؛ هل رأيت أحدا أعشق منك؟ قال: يا أمير المؤمنين؛ لو نشدتني بحقك .. لأخبرتك، فقال: نشدتك بحقي إلا ما أخبرتني، فقال: بينا أنا أسير-يا أمير المؤمنين-في بعض الفلوات؛ إذ أنا برجل قد نصب حبالة، فقلت له: ما أجلسك ههنا؟ قال: أهلكني وأهلي الجوع، فنصبت حبالتي هذه لأصيد لهم ولنفسي، فقلت له: أرأيت إن أصبت صيدا أتجعل لي منه جزءا؟ قال: نعم، قال: فبينا نحن كذلك إذ وقعت ظبية في الحبالة، فتبادرنا إليها فحلها وأطلقها، فقلت له: ما حملك على هذا؟ ! قال: دخلتني لها رأفة لشبهها بليلى، وأنشد: [من الطويل] أيا شبه ليلى لا تراعي فإنني … لك اليوم من وحشيّة لصديق أقول وقد أطلقتها من وثاقها … فأنت لليلى ما حييت طليق وكان كثير بالمدينة وعزة بمصر فاشتاق إليها، فعزم إلى مصر فدخلها والناس منصرفون عن جنازتها. وتوفي كثير بالمدينة سنة أربع-أو خمس-ومائة. 522 - [الخليفة يزيد بن عبد الملك] (1) يزيد بن عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي أبو خالد، أمه: عاتكة بنت يزيد بن معاوية. بويع له بالخلافة يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة بعد موت عمر بن عبد العزيز. قيل: إنه لما استخلف .. قال: سيروا سيرة عمر بن عبد العزيز، فأتوه بأربعين شيخا شهدوا له أن الخلفاء لا حساب عليهم ولا عذاب، نعوذ بالله مما سيلقى الظالمون من شديد العذاب.

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 21)، و «المعارف» (ص 364)، و «المنتظم» (4/ 576)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 162)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 150)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 279)، و «مرآة الجنان» (1/ 224)، و «البداية والنهاية» (9/ 272)، و «شذرات الذهب» (2/ 28).

523 - [عكرمة مولى ابن عباس]

وحكى الحافظ ابن عساكر: أنه لما حج أمر للحلاق الذي حلق رأسه بألف درهم، فتحير الحلاق ودهش وقال: هذه الألف أمضي بها إلى أمي أشتريها فقال: أعطوه ألفا أخرى، فقال: امرأتي طالق إن حلقت رأس أحد بعدك، فقال: أعطوه ألفين. قال الشيخ اليافعي: (هكذا هو في الأصل المنقول منه، لكن هذه القصة وقعت في ترجمة يزيد بن المهلب، فلا أدري أهو غلط من الكاتب، أو أدخل حكاية من حكايات ابن عبد الملك في حكايات يزيد) (1). ومات بالفجيعة على جاريته حبابة وكان يحبها حبا شديدا، فيقال: إنه خلا بها يوما وقال: بلغني أن الدنيا لم تصف يوما واحدا لأحد من الخلق، فاحجبوا عني الأغيار يومي هذا، واشتغل بلهوه معها، فتناولت حبة رمان فشرقت بها فماتت، فانزعج يزيد وامتنع من دفنها حتى أروحت، وليم فيها ومشى في جنازتها، وعاش بعدها خمسة أيام، وقيل: خمسة عشر يوما، ومات لخمس بقين من شعبان سنة خمس ومائة؛ فمدة ولايته أربع سنين وشهر، وعمره أربعون سنة، وقيل: أقل من ذلك. 523 - [عكرمة مولى ابن عباس] (2) عكرمة مولى ابن عباس. أصله من البربر من أهل المغرب، وهب لابن عباس، فاجتهد في تعليمه القرآن والسنن، وسماه بأسماء العرب. حدث عن مولاه، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وأبي هريرة، وأبي سعيد وغيرهم. وكان كثير التنقل دخل اليمن وأصبهان وخراسان ومصر والمغرب وغيرها، وكانت الأمراء تكرمه وتفضله. ووثقه العلماء، وإنما أنكر عليه مالك ويحيى بن سعيد لرأيه، ولما مات ابن عباس ..

(1) «مرآة الجنان» (1/ 225)، والظاهر أن كلام اليافعي صحيح؛ إذ لم نجد هذه القصة في ترجمة يزيد بن عبد الملك، لا في «تاريخ ابن عساكر» ولا في «مختصره» لابن منظور، ولا في غيرهما من المصادر التي بين أيدينا، والله أعلم. (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 282)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 340)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 12)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 174)، و «مرآة الجنان» (1/ 225)، و «البداية والنهاية» (9/ 286)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 134)، و «شذرات الذهب» (2/ 32).

524 - [أبان بن عثمان بن عفان]

باعه ولده علي بن عبد الله بن عباس من خالد بن يزيد بن معاوية بأربعة آلاف دينار، فقيل له: بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار؟ ! فاستقاله فأقاله، ثم أعتقه. روى الواقدي بسنده: أنه مات عكرمة وكثير عزة في يوم واحد، وصلي عليهما جميعا، فقال الناس: مات أعلم الناس وأشعر الناس، توفيا بالمدينة سنة خمس ومائة. 524 - [أبان بن عثمان بن عفان] (1) أبان بن عثمان بن عفان القرشي الأموي المدني أبو سعيد. سمع أباه، وروى عنه نبيه بن وهب. وتوفي سنة خمس ومائة. 525 - [عبد الله بن عبد الله بن عمر] (2) عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي أبو عبد الرحمن، هو أخو سالم وزيد وبلال وعبيد الله وحمزة. سمع أباه، وروى عنه عبد الرحمن بن القاسم والزهري وغيرهما. وكان وصي أبيه عبد الله بن عمر. وتوفي بالمدينة سنة خمس ومائة. 526 - [عبيد الله بن عبد الله بن عمر] (3) عبيد الله-مصغرا-ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي المدني.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 150)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 97)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 351)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 22)، و «مرآة الجنان» (1/ 226)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 54)، و «شذرات الذهب» (2/ 35). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 200)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 276)، و «تهذيب الكمال» (15/ 180)، و «العبر» (1/ 129)، و «مرآة الجنان» (1/ 226)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 369). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 200)، و «تهذيب الكمال» (19/ 77)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 159)، و «مرآة الجنان» (1/ 226)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 16)، و «شذرات الذهب» (2/ 35).

527 - [عبد الملك بن عمير اللخمي]

سمع أبا، وروى عنه الزهري، ونافع، والوليد بن كثير وغيرهم. وتوفي هو وأخوه عبد الله في سنة خمس ومائة. 527 - [عبد الملك بن عمير اللخمي] (1) عبد الملك بن عمير بن سويد بن جارية-بالجيم-اللخمي الكوفي التابعي. رأى عليا، وأبا موسى الأشعري. وسمع جرير بن عبد الله، والأشعث بن قيس، وغيرهما من الصحابة، وخلقا من التابعين. وروى عنه سليمان التيمي، وشعبة، والسفيانان وغيرهم. وولي قضاء الكوفة، وهو ثقة روى له البخاري ومسلم. قال: كنت بقصر الكوفة مع عبيد الله بن زياد، فرأيت رأس الحسين بن علي بين يديه، ثم كنت فيه مع المختار بن أبي عبيد الثقفي، فرأيت رأس عبيد الله بن زياد بين يديه، ثم كنت فيه مع مصعب بن الزبير، فرأيت رأس المختار بين يديه، ثم كنت فيه مع عبد الملك، فرأيت رأس مصعب بين يديه، فلما أخبرت عبد الملك بذلك .. تشاءم بالقصر فهدمه. توفي سنة ست ومائة عن مائة وثلاث سنين. 528 - [سالم بن عبد الله] (2) سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي أبو عمر-أو أبو عبد الله- المدني، التابعي الكبير، الإمام الفقيه الزاهد. سمع أباه، وأبا أيوب الأنصاري، وأبا هريرة، وعائشة، وغيرهم من الصحابة، وجماعات من التابعين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 433)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 309)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 438)، و «مرآة الجنان» (1/ 226)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 620)، و «شذرات الذهب» (1/ 42). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 194)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 207)، و «تهذيب الكمال» (10/ 145)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 457)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 88)، و «مرآة الجنان» (1/ 227)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 676)، و «شذرات الذهب» (2/ 40).

529 - [طاوس بن كيسان]

وروى عنه نافع مولى أبيه، والزهري، وعمرو بن دينار وغيرهم. وكان أشبه ولد عبد الله به، قال الإمام مالك بن أنس: لم يكن أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والقصد في العيش من سالم، كان يلبس الثوب بدرهمين، وقد عد في الفقهاء السبعة المدنيين. قيل: إن سليمان بن عبد الملك دخل الكعبة، فرأى سالما واقفا، فقال: سلني حاجتك، فقال: لا أسأل في بيت الله غير الله. توفي سنة ست ومائة-وقيل: خمس، وقيل: ثمان ومائة-بالمدينة. 529 - [طاوس بن كيسان] (1) طاوس بن كيسان اليماني الجندي الحميري مولاهم، مولى بحير بن ريسان الحميري. كان فقيها جليل القدر، نبيه الذكر. سمع ابن عباس، وابن عمر، وجابر، وأبا هريرة، وزيد بن ثابت وغيرهم. وروى عنه ابنه عبد الله الصالح بن الصالح، وعمرو بن دينار، وخلق من التابعين. واتفقوا على جلالته وفضله، ووفور علمه وصلاحه وحفظه وتثبته. توفي حاجا بمكة قبل يوم التروية بيوم، وصلّى عليه هشام بن عبد الملك في ولايته، قدم مكة تلك السنة للحج، قالوا: ولم يتهيأ إخراج جنازته لكثرة الناس حتى وجه أمير مكة بالحرس. قيل: إنه تولى قضاء صنعاء، وكتب طاوس إلى عمر بن عبد العزيز لما استخلف: إذا أردت أن يكون عملك خيرا كله .. فاستعمل أهل الخير، فقال عمر: كفى بها موعظة. 530 - [أبو مجلز السدوسي] (2) أبو مجلز لا حق بن حميد بن سعيد بن خالد بن كثير السدوسي البصري، أحد علماء البصرة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 97)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 251)، و «تهذيب الكمال» (13/ 357)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 38)، و «العبر» (1/ 130)، و «مرآة الجنان» (1/ 227)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 235). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 372)، و «المعارف» (ص 466)، و «تاريخ مدينة دمشق» (64/ 20)، و «تهذيب-

531 - [سليمان بن يسار]

سمع ابن عباس، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، وجندبا البجلي، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه سليمان التيمي، وعاصم الأحول وغيرهما. قال هشام بن عباس: كان أبو مجلز قليل الكلام، فإذا تكلم .. كان من الرجال. توفي سنة ست-أو تسع-ومائة. 531 - [سليمان بن يسار] (1) سليمان بن يسار الهلالي، أخو عطاء وعبد الملك وعبد الله موالي ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، ويقال: إن سليمان بنفسه كان مكاتبا لها. سمع ابن عباس، وابن عمر، وجابرا، وحسان بن ثابت، وغيرهم من الصحابة والتابعين. وروى عنه عمرو بن دينار، ونافع، والزهري، وجماعة من التابعين. وكان فقيها كثير الحديث، فاضلا عابدا، اتفقوا على جلالته وكثرة علمه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة. توفي سنة سبع ومائة. 532 - [القاسم بن محمد] (2) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي أبو محمد. نشأ في حجر عمته عائشة، فأكثر عنها.

= الكمال» (31/ 176)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 299)، و «مرآة الجنان» (1/ 228)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 335)، و «شذرات الذهب» (2/ 41). (1) «طبقات ابن سعد» (7/ 172)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 234)، و «تهذيب الكمال» (12/ 100)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 444)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 100)، و «مرآة الجنان» (1/ 228)، و «شذرات الذهب» (2/ 43). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 186)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 55)، و «تهذيب الكمال» (23/ 427)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 53)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 217)، و «مرآة الجنان» (1/ 228)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 419)، و «شذرات الذهب» (2/ 44).

533 - [بكر بن عبد الله المزني]

وروى عن ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة والتابعين. وروى عنه نافع مولى ابن عمر، والزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وخلائق من التابعين. وكان إماما كبيرا، عالما فقيها، ورعا كثير الحديث، أثنى عليه أئمة عصره، سئل: أنت أعلم أم سالم بن عبد الله بن عمر؟ فقال: ذاك مبارك، قال ابن إسحاق: كره أن يقول: هو أعلم فيكذب، أو يقول: أنا أعلم فيزكي نفسه. وهو أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. توفي سنة سبع-أو ست أو ثمان أو اثني عشر-ومائة. 533 - [بكر بن عبد الله المزني] (1) بكر بن عبد الله بن عمرو بن هلال المزني البصري أبو عبد الله، وهو أخو علقمة بن عبد الله المزني. أدرك عبد الله بن مغفل ومعقل بن يسار المزنيان. وسمع ابن عمر، وأنس بن مالك، وأبا رافع، وابن عباس، وغيرهم من الصحابة. روى عنه سليمان التيمي، وحميد الطويل، وغالب القطان وغيرهم. وتوفي سنة ثمان ومائة. 534 - [أبو نضرة العوقي] (2) المنذر بن مالك بن قطعة العوقي-بفتحتين-العبدي؛ نسبة إلى عبد القيس، والعوقة: بطن من عبد القيس، يكنى: أبا نضرة، بالنون والضاد المعجمة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 208)، و «المعارف» (ص 457)، و «تهذيب الكمال» (4/ 216)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 532)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 33)، و «مرآة الجنان» (1/ 229)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 244). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 207)، و «المعارف» (ص 449)، و «تهذيب الكمال» (28/ 508)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 529)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 301)، و «مرآة الجنان» (1/ 229)، و «شذرات الذهب» (2/ 46).

535 - [يزيد بن عبد الله بن الشخير]

سمع أبا سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وابن عباس، وابن عمر، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه قتادة، وأبو الأشهب وغيرهما. أدرك عليا، وطلحة. وتوفي سنة ثمان-أو تسع-ومائة، وأوصى أن يصلي عليه الحسن، فصلى عليه. 535 - [يزيد بن عبد الله بن الشّخّير] (1) يزيد بن عبد الله بن الشّخّير العامري البصري أبو العلاء. سمع أباه، وأخاه مطرفا، والأحنف بن قيس، وعثمان بن أبي العاصي. وروى عنه سعيد الجريري، والمعتمر بن سليمان، وأبوه سليمان وغير واحد. وكان ثقة جليل القدر، لقي عمران بن حصين وجماعة. وتوفي سنة ثمان ومائة-وقيل: سنة إحدى عشر ومائة-وعمره نحو من تسعين سنة. 536 - [محمد بن كعب القرظي] (2) محمد بن كعب بن سليم-ويقال: محمد بن كعب بن حيان بن سليم-القرظي نسبة إلى بني قريظة الطائفة المعروفة من اليهود، يكنى: أبا حمزة، المدني، من حلفاء الأوس. كان أبوه من سبي بني قريظة، ويقال: إن محمدا ولد في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم. سمع ابن عباس، وزيد بن أرقم، ومعاوية. وروى عن جماعة من الصحابة، وروى عنه خلق من التابعين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 156)، و «المعارف» (ص 436)، و «تهذيب الكمال» (32/ 175)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 494)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 278)، و «مرآة الجنان» (1/ 229)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 419). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 419)، و «المعارف» (ص 458)، و «تهذيب الكمال» (26/ 340)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 65)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 250)، و «مرآة الجنان» (1/ 229)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 684).

537 - [أبو نجيح الثقفي]

وكان ثقة عالما، كثير الحديث، موصوفا بالعلم والورع والصلاح. توفي سنة ثمان ومائة. 537 - [أبو نجيح الثقفي] (1) أبو نجيح الثقفي-واسمه: يسار بآخر الحروف ثم سين مهملة-مولى الأخنس بن شريق الثقفي، وهو والد عبد الله بن أبي نجيح. سمع عبيد بن عمير، وعنه ابنه عبد الله وغيره، وروى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مرسلا. وروى عن عمر بن الخطاب، وعثمان، وسعد بن أبي وقاص، وقيس بن سعد مرسلا. قال الإمام أحمد: كان من خيار عباد الله. توفي سنة تسع ومائة. 538 - [الحسن البصري] (2) الحسن بن أبي الحسن يسار البصري التابعي أبو سعيد الأنصاري بالولاء، مولى زيد بن ثابت. وأمه: خيرة كانت مولاة لأم سلمة أم المؤمنين، وربما خرجت أمه في شغل فيبكي، فتعطيه أم سلمة ثديها فيدر عليه، وروي أن تلك الفصاحة والحكمة من ذلك. ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، ونشأ بوادي القرى، وحضر خطبة عثمان، وشهد يوم الدار. ورأى طلحة بن عبيد الله وعائشة، ولم يصح سماعه منها، ولا رؤيته لعلي رضي الله عنه.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 34)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 269)، و «تهذيب الكمال» (32/ 298)، و «مرآة الجنان» (1/ 229)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 437)، و «شذرات الذهب» (2/ 47). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 157)، و «المعارف» (ص 440)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 161)، و «وفيات الأعيان» (2/ 61)، و «تهذيب الكمال» (6/ 95)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 563)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 48)، و «مرآة الجنان» (1/ 229)، و «البداية والنهاية» (9/ 315)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 388).

539 - [محمد بن سيرين]

وسمع جمعا من الصحابة: أنسا، وابن عمر، وسمرة، وأبا بكرة، وقيس بن عاصم وغيرهم. يقال: إنه أدرك مائة وثلاثين صحابيا. وكان رضي الله عنه جامعا بين العلم والعبادة، والزهد والنسك، فصيحا، جميلا وسيما، لا تأخذه في الله لومة لائم، وله مع الحجاج وقعات عظيمة، واجهه فيها بكلام صادع، وسلمه الله من شره، وحضر الحجاج يوما مجلس وعظه، فلم يغير الحسن من عادته في كلامه وهيئته شيئا، فلما فرغ .. قال الحجاج: صدق الشيخ، عليكم بهذه المجالس، ولولا ما ابتلينا به من هذا الأمر .. لم تغلبونا عليها. ودخل هو وابن سيرين والشعبي على عمر بن هبيرة أيام ولايته خراسان والعراق باستدعاء منه لهم، فقال لهم: إن يزيد استخلفه الله على عباده، وأخذ عليهم الميثاق بطاعته، وأخذ عهودنا بالسمع والطاعة، وقد ولاني ما ترون، فيكتب لي بالأمر من أموره فأقلده ما تقلده من ذلك الأمر، فقال ابن سيرين والشعبي قولا فيه تقية، وقال الحسن: يا بن هبيرة؛ خف الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله؛ فإن الله يمنعك من يزيد، ولا يمنعك يزيد من الله، فيوشك أن يبعث الله إليك ملكا فيزيلك عن سريرك، ويخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، ثم لا ينجيك إلا عملك، يا بن هبيرة؛ إياك أن تعصي الله؛ فإنما جعل الله هذا السلطان ناصرا لدين الله وعباده، فلا تركبن دين الله وعباده بهذا السلطان؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله، فأجازهم ابن هبيرة، وأضعف جائزة الحسن. قال الشعبي: سفسفنا له فسفسف لنا، والسفساف: الرديء من العطية. توفي الحسن سنة عشر ومائة. 539 - [محمد بن سيرين] (1) محمد بن سيرين الأنصاري مولاهم أبو بكر البصري التابعي، الإمام الجليل في التفسير والحديث والفقه وتعبير الرؤيا، المقدم في الزهد والورع.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 192)، و «المعارف» (ص 442)، و «المنتظم» (4/ 605)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 83)، و «وفيات الأعيان» (4/ 181)، و «تهذيب الكمال» (25/ 344)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 606)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 239)، و «مرآة الجنان» (1/ 232)، و «البداية والنهاية» (9/ 321)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 585)، و «شذرات الذهب» (2/ 52).

كان أبوه سيرين من سبي عين التمر، كاتبه مولاه أنس بن مالك على عشرين ألفا- وقيل: أربعين ألفا-فأداها وعتق. وأم محمد المذكور: صفية مولاة أبي بكر الصديق، طيّبها ثلاث من أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم ودعون لها، وحضر إملاكها ثمانية عشر بدريا، منهم أبي بن كعب يدعو وهم يؤمنون. وكان لمحمد خمسة إخوة: معبد، وأنس، ويحيى، وحفصة، وكريمة أولاد سيرين، كلهم رواة ثقات. ومن المستطرفات: أن محمدا روى عن أخيه يحيى عن أخيه أنس عن أنس بن مالك حديثا. ولد محمد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وهو أكبر من أخيه أنس. دخل محمد على زيد بن ثابت، وسمع من ابن عمر حديثا أو حديثين. وسمع أبا هريرة، وعبد الله بن الزبير، وعمران بن حصين، وعدي بن حاتم، وسلمان بن عامر، وأم عطية الأنصارية، ويقال: إنه اجتمع بثلاثين صحابيا، وسمع خلقا من التابعين. وروى عنه الشعبي، وأيوب، وقتادة، وسليمان التيمي، وغيرهم من التابعين. وعن محمد قال: حججنا فدخلنا المدينة على زيد بن ثابت ونحن سبعة ولد سيرين، فقال: هذان لأم، وهذان لأم، وهذان لأم، وهذا لأم، فما أخطأ. وعن مورق العجلي قال: ما رأيت رجلا أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين. وله في تعبير الرؤيا أخبار عجيبة، منها: أن شخصا قال له: رأيت كأن طائرا أخذ حصادة بالمسجد، فقال: إن صدقت رؤياك .. مات الحسن، فلم يك إلا قليلا حتى مات الحسن. وقال له رجل: رأيت طائرا سمينا ما أعرف ما هو قد تدلى من السماء، وجعل يلتقط الزهر، ثم طار، فتغير وجه ابن سيرين، وقال: هذا موت العلماء، فمات في ذلك العام هو والحسن البصري. وقال له آخر: رأيت على ساقي رجل شعرا كثيرا، فقال: يركبه دين، ويموت في

540 - [فاطمة بنت الحسين]

السجن، فقال له الرجل: لك رأيت هذه الرؤيا، فاسترجع، فاتفق أنه اشترى زيتا بأربعين ألف درهم، فوجد في زق منه فأرة، فقال: لعل الفأرة كانت في المعصرة، فصب الزيت كله وحبس في ثمنه. وقالت له امرأة: رأيت القمر قد دخل في الثريا، فاصفر وجهه وقام وهو آخذ ببطنه، فقالت زوجته: ما لك؟ قال: زعمت هذه المرأة أني أموت إلى سبعة أيام، فدفن في اليوم السابع. وكان رحمه الله تعالى أرجى الناس لهذه الأمة، وأشدهم إزراء على نفسه. وعن هشام بن حسان قال: كنا يوما مع ابن سيرين في الدار، فكنا نسمع بكاءه في الليل وضحكه بالنهار. وتوفي يوم الجمعة لتسع مضين من شوال سنة عشر ومائة وعليه دين ثلاثين ألف درهم، فقضاها عنه ولده عبد الله، فما مات عبد الله حتى صار ماله ثلاث مائة ألف. 540 - [فاطمة بنت الحسين] (1) فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين. تزوجها عبد الله بن عمرو بن عثمان، وأصدقها ألف ألف درهم، وأختها سكينة تزوجها مصعب بن الزبير، وجمع بينها وبين عائشة بنت طلحة، وأصدق عائشة المذكورة مائة ألف دينار كما تقدم (2). توفيت فاطمة سنة عشر ومائة. 541 - [جرير الشاعر] (3) جرير بن عطية الشاعر المشهور، يكنى: أبا حزرة بفتح المهملة وسكون الزاي بعدها راء ثم هاء.

(1) «طبقات ابن سعد» (10/ 439)، و «تهذيب الكمال» (35/ 254)، و «مرآة الجنان» (1/ 234)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 684)، و «غربال الزمان» (ص 103)، و «شذرات الذهب» (2/ 48). (2) انظر (2/ 13). (3) «طبقات فحول الشعراء» (2/ 297)، و «الأغاني» (8/ 5)، و «المنتظم» (4/ 612)، و «وفيات الأعيان» (1/ 321)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 590)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 40)، و «مرآة الجنان» (1/ 234)، و «البداية والنهاية» (9/ 305)، و «شذرات الذهب» (2/ 55).

كان من فحول شعراء الإسلام، وكان بينه وبين الفرزدق مهاجاة، وهو أشعر من الفرزدق عند أكثرهم. وكان عمر بن عبد العزيز لا يأذن لأحد من الشعراء أن يدخل عليه إلا جريرا؛ وذلك لسلامة شعره من الهجو والبذاء. وأجمعوا على أنه ليس في متقدمي شعراء الإسلام مثل جرير والفرزدق والأخطل، كما أن ليس في متأخريهم مثل أبي تمام والبحتري والمتنبي، وأن أرجح الثلاثة المتقدمين جرير؛ لأن بيوت الشعر فخر ومدح وهجاء وتشبيب، وقد فاقهم جرير في الفخر بقوله: [من الوافر] إذا غضبت عليك بنو تميم … حسبت الناس كلهم غضابا وفي المدح ما أنشده لعبد الملك بن مروان: [من الوافر] أتصحو أم فؤادك غير صاح … عشية همّ صحبك بالرواح تقول العاذلات علاك شيب … أهذا الشيب يمنعني مراحي تعزّت أمّ حزرة ثم قالت … رأيت الموردين ذوي لقاح ثقي بالله ليس له شريك … ومن عند الخليفة بالنجاح سأشكر أن رددت إلي ريشي … وأثبتّ القوادم في جناحي ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح قال جرير: وكان عبد الملك متكئا فاستوى جالسا وقال: من مدحنا .. فليمدحنا بمثل ذلك أو ليسكت، وقال: يا جرير؛ أترى أم حزرة يرويها مائة ناقة من نعم بني كلب، فقلت: إن لم يروها .. فلا أرواها الله، فأمر لي بها سود الحدق، وأمر لي بثمانية رعاء، وكان بين يديه صحاف من ذهب وبيده قضيب، فقلت: يا أمير المؤمنين؛ والمحلب وأشرت إلى أحد الصحاف، فنبذها إليّ وقال: خذها لا نفعتك. وفي الهجاء بقوله: [من الوافر] فغضّ الطرف إنك من نمير … فلا كعبا بلغت ولا كلابا وفي التشبيب قوله: [من البسيط] إن العيون التي في طرفها حور … قتلننا ثم لم يحيين قتلانا يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به … وهن أضعف خلق الله أركانا قال مسعود بن بشر لابن مناذر: من أشعر الناس؟ قال: من إذا شبب .. لعب، وإذا

542 - [الفرزدق]

طلب .. جد، وإذا لعب .. أطمعك لعبه، وإذا رمته .. بعد عنك، وإذا جد فيما قصد له .. آيسك من نفسه، قيل له: مثل من؟ قال: مثل جرير؛ حيث يقول إذا لعب: [من الكامل] إن الذين غدوا بلبّك غادروا … وشلا بعينك ما يزال معينا غيّضن من عبراتهن وقلن لي … ماذا لقيت من الهوى ولقينا وقال حين جدّ: [من الكامل] إن الذي حرم المكارم تغلبا … جعل النبوة والخلافة فينا مضر أبي وأبو الملوك فهل لكم … يا خزر تغلب من أب كأبينا هذا ابن عمي في دمشق خليفة … لو شئت ساقكم إلي قطينا أي: خدما وأتباعا، والخزر-بضم الخاء المعجمة وسكون الزاي-: جمع أخزر، وهو الذي في عينه صغر وضيق كما هو معروف في الترك، فكأنه نسبه إلى غير العرب. ويقال: إن عبد الملك لما بلغه ذلك .. قال: ما زاد ابن كذا وكذا على أن جعلني شرطيا له، أما إنه لو قال: لو شاء ساقكم إلي قطينا .. لسقتهم إليه. والأبيات المذكورة قالها جرير في هجاء الأخطل التغلبي، وكان بينه وبين جرير من المنافسة ما يكون بين الأقران المتعاصرين. ولما بلغ جريرا وفاة الفرزدق .. بكى وقال: أما والله؛ إني لأعلم أني قليل البقاء بعده، ولقد كان نجمنا واحدا، وكل واحد منا مشغول بصاحبه، وقلما مات ضد إلا وتبعه صاحبه، وكان كما قال، فتوفي جرير باليمامة في رمضان سنة عشر ومائة بعد الفرزدق بأربعين يوما وقد نيف على ثمانين سنة. 542 - [الفرزدق] (1) الفرزدق الشاعر، واسمه: همام بن غالب، ويكنى: أبا الأخطل، ويرجع نسبه إلى مجاشع بن دارم، وأمه: ليلى بنت حابس، أخت الأقرع بن حابس وله ولأبيه مناقب مشهورة في الكرم.

(1) «طبقات فحول الشعراء» (2/ 298)، و «الأغاني» (9/ 367)، و «المنتظم» (4/ 616)، و «وفيات الأعيان» (6/ 86)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 590)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 211)، و «مرآة الجنان» (1/ 238)، و «البداية والنهاية» (9/ 311)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 268)، و «شذرات الذهب» (2/ 58).

يقال: صعد الوليد بن عبد الملك المنبر، فسمع صوت ناقوس في بيعة، فأمر بهدم البيعة، فكتب إليه الأحزم ملك الروم: إن هذه البيعة قد أقرها من كان قبلك، فإن يكونوا أصابوا .. فقد أخطأت، وإن تكن أصبت .. فقد أخطئوا، فقال: من يجيبه؟ فقال الفرزدق: أنا، فكتب إليه: {وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ* فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ}. وسئل بعض أهل العلم عن السبايا المزوجات من الكفار: هل يحل للسابي وطؤها؟ فأبطأ في الجواب، فقال الفرزدق: [من الطويل] وذات حليل أنكحتها رماحنا … حلالا لمن يبني بها لم تطلّق ويقال: إنه اجتمع هو والحسن البصري، فقال للحسن: أتدري ما يقول الناس يا أبا سعيد؟ قال: ما يقولون؟ قال: يقولون: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشر الناس، فقال الحسن: كلا، لست بخيرهم، ولست بشرهم، ولكن ما أعددت لمثل هذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ ستين سنة. ويقال: إن الفرزدق لقي علي بن أبي طالب. وتنسب إلى الفرزدق مكرمة يرجى له الرحمة بها، وذلك: أن هشام بن عبد الملك حج في أيام أبيه، فجهد أن يصل إلى الحجر الأسود ليستلمه فلم يقدر عليه لكثرة الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه ينظر إلى الناس، ومعه جماعة من أعيان أهل الشام؛ إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين، فلما انتهى إلى الحجر .. تنحى له الناس فاستلمه، فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي هابه الناس يا بن أمير المؤمنين؟ فقال هشام: لا أعرفه؛ مخافة أن يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق-وكان حاضرا-: أنا أعرفه، فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟ فقال: [من البسيط] هذا الذي تعرف البطحاء وطأته … والبيت يعرفه والحلّ والحرم هذا ابن خير عباد الله كلّهم … هذا التقي النقي الطاهر العلم .. الأبيات المشهورة، وهي نحو خمسة وعشرين بيتا، فغضب هشام وحبس الفرزدق، فبعث إليه زين العابدين اثني عشر ألف درهم، فردها وقال: مدحته لله تعالى لا للعطاء، فقال زين العابدين: إنا أهل بيت إذا وهبنا شيئا .. لا نستعيده، فقبلها الفرزدق.

543 - [سليم بن عامر الكلاعي]

توفي بالبصرة سنة عشر ومائة قبل جرير بأربعين يوما وقد قارب المائة. 543 - [سليم بن عامر الكلاعي] (1) سليم بن عامر الكلاعي الشامي الحمصي، أدرك النبي صلّى الله عليه وسلم. وروى عن أبي الدرداء وغيره، وسمع المقداد بن الأسود. وروى عنه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. وتوفي سنة عشر ومائة. 544 - [عون بن عبد الله الهذلي] (2) عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي الكوفي، أخو عبيد الله بن عبد الله، أحد الفقهاء السبعة. سمع ابن عمر، وأبا هريرة، وعائشة، ويوسف بن عبد الله بن سلام، وسمع من التابعين أخاه، وأبا بردة وغيرهما. وروى عن ابن مسعود وابن عباس مرسلا لم يسمعهما. روى عنه الزهري، وأبو إسحاق الشيباني، ومحمد بن عجلان وغيرهم، وثقه يحيى بن معين، وروى له مسلم. وتوفي سنة عشر ومائة. 545 - [عطية بن سعد العوفي] (3) عطية بن سعد العوفي الكوفي، روى عن أبي هريرة وطائفة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 468)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 232)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 375)، و «مرآة الجنان» (1/ 242)، و «شذرات الذهب» (2/ 55). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 430)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 41)، و «تهذيب الكمال» (22/ 453)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 103)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 437)، و «مرآة الجنان» (1/ 242)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 338)، و «شذرات الذهب» (2/ 55). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 421)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 325)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 424)، و «مرآة الجنان» (1/ 242)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 114)، و «شذرات الذهب» (2/ 62).

546 - [القاسم بن مخيمرة]

ضربه الحجاج أربع مائة سوط على أن يشتم عليا رضي الله عنه فلم يفعل. توفي سنة إحدى عشرة ومائة. 546 - [القاسم بن مخيمرة] (1) القاسم بن مخيمرة الهمذاني الكوفي أبو عروة. سمع أبا بردة بن أبي موسى. وروى عنه عبد الرحمن بن حازم، وسكن الشام. وتوفي سنة إحدى عشرة ومائة، وقيل: سنة مائة. 547 - [رجاء بن حيوة] (2) رجاء بن حيوة بن جندل الكندي الشامي أبو المقدام-ويقال: أبو نصر-الفلسطيني- ويقال: الأردنيّ بتشديد النون-الإمام التابعي الجليل. كان شريفا كامل السؤدد. قال مطر الوراق: ما رأيت شاميا أفقه منه. وقال مسلمة بن عبد الملك: في كندة ثلاثة رجال: رجاء بن حيوة، وعبادة بن نسي، وعدي بن عدي، إن الله لينزل بهم الغيث وينصر بهم على الأعداء. روى عن معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، ومعاوية، وأبي سعيد الخدري، وجابر، والمسور، وعبد الله بن عمرو بن العاصي، وأبي أمامة، ومحمود بن الربيع، وغيرهم من الصحابة، وعن خلق من التابعين. وروى عنه الزهري، والحكم، وقتادة، وحميد الطويل، وخلق من التابعين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 419)، و «تهذيب الكمال» (23/ 442)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 201)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 451)، و «مرآة الجنان» (1/ 242)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 421)، و «شذرات الذهب» (2/ 62). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 457)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 190)، و «وفيات الأعيان» (2/ 301)، و «تهذيب الكمال» (9/ 151)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 557)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 360)، و «مرآة الجنان» (2/ 242)، و «البداية والنهاية» (9/ 353)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 601).

548 - [القاسم بن عبد الرحمن الشامي]

واتفقوا على جلالته وعظم فضله في نفسه وعلمه. كان يوما عند عبد الملك بن مروان وقد ذكر عنده شخص بسوء، فقال: لئن أمكنني الله منه .. لأفعلن به، فلما أمكنه الله منه .. همّ بإيقاع الفعل به، فقال له رجاء: يا أمير المؤمنين؛ قد صنع الله لك ما تحب، فاصنع ما يحب الله من العفو، فعفا عنه وأحسن إليه. وهو الذي أشار على سليمان بن عبد الملك باستخلاف عمر بن عبد العزيز، وكان يجالس عمر بن عبد العزيز كثيرا، وكان قاضيا. وتوفي سنة اثنتي عشرة ومائة. 548 - [القاسم بن عبد الرحمن الشامي] (1) القاسم بن عبد الرحمن الشامي الدمشقي أبو عبد الرحمن مولى خالد بن يزيد بن معاوية، وقيل: مولى معاوية، وقيل: مولى جويرية بنت أبي سفيان. روى عن علي، وعبد الله بن مسعود، وسلمان الفارسي، وأبي أيوب، وعقبة بن عامر، وأبي هريرة، وعائشة مرسلا. وسمع أبا أمامة الباهلي، وقال: إنه أدرك مائة صحابي، أربعون من المهاجرين. روى عنه خلق من التابعين، ووثقه يحيى بن معين والترمذي وغيرهما. وتوفي سنة اثنتي عشرة ومائة، وقيل: ثماني عشرة ومائة. 549 - [طلحة بن مصرّف] (2) طلحة بن مصرّف-بكسر الراء المشددة، وغلط من فتحها-ابن عمرو بن كعب اليامي- ويقال: الأيامي-الهمداني الكوفي التابعي الإمام.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 452)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 54)، و «تهذيب الكمال» (23/ 383)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 194)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 448)، و «مرآة الجنان» (1/ 243)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 414). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 425)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 253)، و «تهذيب الكمال» (13/ 433)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 191)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 386)، و «مرآة الجنان» (1/ 243)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 243).

550 - [مكحول بن زيد الشامي]

كان من أقرأ أهل الكوفة، وكانوا يسمونه سيد القراء، فلما بلغه ذلك .. قعد إلى الأعمش يقرأ عليه ليذهب عنه ذلك الاسم. قال أبو معشر: ما ترك بعده مثله. سمع ابن أبي أوفى، وأنسا، وجماعة من التابعين. روى عنه ابنه محمد، وأبو إسحاق السبيعي، والأعمش، وغيرهم من التابعين، واتفقوا على جلالته وإمامته. 550 - [مكحول بن زيد الشامي] (1) مكحول بن زيد الفقيه الشامي التابعي الكابلي، من سبي كابل الهذلي، مولى امرأة من هذيل أعتقته، وقيل: كان لسعيد بن العاصي، فوهبه لامرأة من قريش، فأعتقته، يكنى: أبا عبد الله. سمع أنس بن مالك، وواثلة بن الأسقع، وأبا جندل بن سهيل، وغيرهم من الصحابة، وجمعا من التابعين كابن المسيب، ووراد كاتب المغيرة، ومسروق. وروى عنه الزهري، وحميد الطويل في خلق من التابعين. وكان فقيها عالما، اتفقوا على توثيقه. قال أبو حاتم: ما أعلم بالشام أفقه من مكحول. وقال الزهري: العلماء أربعة: سعيد بن المسيب بالمدينة، والشعبي بالكوفة، والحسن البصري بالبصرة، ومكحول بالشام. ولم يكن في زمنه أبصر منه بالفتيا، وكان لا يفتي حتى يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا رأي والرأي يخطئ ويصيب. توفي سنة ثلاث عشرة ومائة، وفي «تهذيب النووي»: (سنة ثمان عشرة) (2).

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 456)، و «المعارف» (ص 452)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 113)، و «تهذيب الكمال» (28/ 464)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 155)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 478)، و «البداية والنهاية» (9/ 354)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 148). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 114).

551 - [معاوية بن قرة]

551 - [معاوية بن قرة] (1) معاوية بن قرة بن إياس بن هلال بن رئاب المزني البصري أبو إياس. سمع أنس بن مالك، وعبد الله بن مغفل، ومعقل بن يسار، وأبا بردة وغيرهم. وروى عنه شعبة، وعوف، وسماك، وثابت البناني وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث عشرة ومائة. 552 - [عطاء بن أبي رباح] (2) عطاء بن أبي رباح-واسمه: أسلم-المكي أبو محمد القرشي الفهري مولاهم. ولد في آخر خلافة عثمان، ونشأ بمكة. وسمع العبادلة الأربعة: ابن عباس، وابن الزبير، وابن عمر، وابن عمرو بن العاصي، ومن عائشة، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه الزهري، وعمرو بن دينار، وقتادة، وخلق من التابعين. وإليه وإلى مجاهد انتهت فتوى مكة بزمانهما، وكان بنو أمية يأمرون أيام الحج من يصيح: لا يفتي إلا عطاء. أثنى عليه ابن عمر وغيره من الأئمة، واتفقوا على توثيقه وجلالته وإمامته. قال إسماعيل بن أمية: كان عطاء يطيل الصمت، فإذا تكلم .. يخيل إليّ أنه يؤيد. وقال ابن جريج: كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة، وكان لا يفتر من ذكر الله تعالى، وإياه عني السائل بقوله: [من الطويل] سل المفتي المكيّ هل في تزاور … وضمة مشتاق الفؤاد جناح فقال معاذ الله أن يذهب التقى … تلازق أكباد بهن جراح

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 219)، و «تاريخ مدينة دمشق» (59/ 267)، و «تهذيب الكمال» (28/ 210)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 153)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 472)، و «مرآة الجنان» (1/ 243)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 111). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 28)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 333)، و «وفيات الأعيان» (3/ 261)، و «تهذيب الكمال» (20/ 69)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 78)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 420)، و «مرآة الجنان» (1/ 244)، و «البداية والنهاية» (9/ 355)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 101).

553 - [وهب بن منبه]

فلما بلغ ذلك عطاء .. قال: والله؛ لم أفته، ويقال: إن المرأة قالت لهذا القائل المتعرض لها: آلله أفتاك عطاء بذلك؟ قال: الله، قالت: فدونك ولا تجاوز ما قاله عطاء. ومن غرائبه: أنه كان يرى جواز القصر لمن أراد السفر قبل خروجه من البلد، وأنه إذا كان يوم الجمعة يوم عيد .. تجب صلاة العيد ولا تجب بعدها جمعة ولا ظهر، ولا صلاة واجبة بعد العيد إلا العصر، وأنه كان يرى إباحة وطء الجواري بإذن أربابهن، ولا ينبغي أن يعتقد فيه ما قاله بعضهم: إنه كان يبعث بجواريه لضيفانه؛ فإنه وإن رأى الحل فالمروءة والغيرة تأبى ذلك. توفي سنة خمس عشرة ومائة، كما نقله النووي والجمهور (1)، أو سنة أربع عشرة، أو سبع عشرة. 553 - [وهب بن منبه] (2) وهب بن منبه بن كامل بن سيج-بفتح السين المهملة ثم مثناة من تحت ساكنة ثم جيم- أبو عبد الله التابعي اليمني الأبناوي (3) الصنعاني، ويقال: الذّماري-بكسر الذال المعجمة- نسبة إلى قرية على مرحلتين من صنعاء اليمن، وهو أخو همام ومعقل وغيلان وعبد الله وعمر بنو منبه. سمع جابر بن عبد الله، وابن عباس، وابن عمرو بن العاصي، وأبا سعيد، وأبا هريرة، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه عمرو بن دينار، والمغيرة بن حكيم، وغيرهما من التابعين. وله معرفة تامة بكتب الأولين وأخبار الأمم الماضين؛ بحيث كان يشبه بكعب الأحبار في زمانه، واتفقوا على توثيقه، وله مصنف ترجمه بذكر الملوك المتوّجة من حمير وأخبارهم وقصصهم وقبورهم وأشعارهم في مجلد واحد، وهو من الكتب المفيدة. توفي بصنعاء اليمن سنة أربع عشرة ومائة وله ثمانون سنة.

(1) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 334). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 102)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 149)، و «تهذيب الكمال» (31/ 140)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 554)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 497)، و «مرآة الجنان» (1/ 248)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 332)، و «شذرات الذهب» (2/ 73). (3) الأبناوي: نسبة إلى الأبناء، وهم من ولد باليمن من أبناء الفرس. «اللباب» (1/ 26).

554 - [محمد الباقر]

554 - [محمد الباقر] (1) محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي المدني أبو جعفر، الملقب بالباقر؛ لأنه بقر العلم؛ أي: شقه فعرف أصله وحقيقته، وفيه قيل: [من السريع] يا باقر العلم لأهل التقى … وخير من لبّى على الأجبل سمع جابرا، وأنسا، وجماعة من كبار التابعين كابن المسيب، وابن الحنفية وغيرهما. روى عنه أبو إسحاق السبيعي، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، والأعرج-وهو أسن منه-وغيرهم. وكان إماما جليلا بارعا مجمعا على جلالته. قال بعضهم: ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علما منهم عند محمد بن علي. ومن كلامه رضي الله عنه: من دخل قلبه خالص دين الله .. شغله عما سواه، وما عسى أن تكون الدنيا؟ ! هل هو إلا مركب ركبته، أو ثوب لبسته، أو امرأة أصبتها، أو أكلة أكلتها؟ ! وقال: إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤنة، وأكثرهم لك معونة، إن نسيت .. ذكروك، وإن ذكرت .. أعانوك، قوالين بحق الله، قوامين بأمر الله عزّ وجل، فأنزل الدنيا كمنزل نزلت به وارتحلت عنه، أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء. وقال: الغنى والعز يجولان في قلب المؤمن، فإذا وصلا إلى مكان فيه التوكل .. استوطناه. وهو أحد الأئمة الاثني عشر في اعتقاد الإمامية، وهو والد جعفر الصادق. توفي الباقر في المدينة سنة أربع-أو سبع أو ثمان-عشرة ومائة وهو ابن ثلاث وستين سنة. وقال الواقدي: ابن ثلاث وسبعين سنة.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 315)، و «المعارف» (ص 175)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 87)، و «تهذيب الكمال» (26/ 136)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 401)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 462)، و «مرآة الجنان» (1/ 247)، و «البداية والنهاية» (9/ 359)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 650)، و «شذرات الذهب» (2/ 72).

555 - [الحكم بن عتيبة]

وفي «تاريخ البخاري» عن ابنه جعفر: (أن أباه توفي وهو ابن ثمان وخمسين) (1)، ودفن بالبقيع مع أبيه وعم أبيه الحسن بن علي والعباس رضي الله عنهم. 555 - [الحكم بن عتيبة] (2) الحكم بن عتيبة الكندي مولى امرأة من كندة أبو محمد وأبو عبد الله الكوفي. سمع أبا جحيفة، وإبراهيم النخعي، ومجاهدا، وسعيد بن جبير وغيرهم. وروى عنه مسعر، ومنصور، وشعبة، والأعمش وغيرهم. ولد سنة خمسين. قال عبد الله بن أبي لبابة: لقيت الحكم بالمدينة وما بين لابتيها أفقه منه. وكان إذا قدم المدينة .. أخلوا له سارية النبي صلّى الله عليه وسلم يصلي إليها. توفي سنة خمس عشرة ومائة. 556 - [عبد الله بن بريدة] (3) عبد الله بن بريدة بن الحصيب-بمهملتين-الأسلمي أبو سهل قاضي مرو، وكان هو وأخوه سليمان توأمين، ولد عبد الله قبل سليمان. روى عن عائشة، وسمع عبد الله أباه، وسمرة بن جندب، وعبد الله بن مغفل، ويحيى بن يعمر، وعمران بن حصين، وأبا الأسود الدؤلي. وروى عنه كهمس، وسعيد الجريري وغيرهما. يقال: إنه ولد لثلاث خلون من خلافة عمر. ومات بمرو سنة خمس عشرة ومائة.

(1) «التاريخ الأوسط» (1/ 418). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 450)، و «المعارف» (ص 464)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 208)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 345)، و «مرآة الجنان» (1/ 250)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 466)، و «شذرات الذهب» (2/ 75). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 220)، و «تهذيب الكمال» (14/ 328)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 50)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 393)، و «مرآة الجنان» (1/ 250)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 307)، و «شذرات الذهب» (2/ 76).

557 - [عدي بن ثابت الأنصاري]

557 - [عدي بن ثابت الأنصاري] (1) عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي ابن ابنة عبد الله بن يزيد الخطمي. سمع جده لأمه عبد الله بن يزيد المذكور، والبراء بن عازب، وعبد الله بن بريدة، وعبد الله بن أبي أوفى، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسليمان بن صرد، وسعيد بن جبير وغيرهم. وروى عنه الأعمش، ومسعر، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم. وتوفي سنة ست عشرة ومائة. 558 - [عمرو بن مرة] (2) عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق بن الحارث المرادي الأعمى أبو عبد الله. سمع عبد الله بن أبي أوفى، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبا وائل. وروى عنه الأعمش، وشعبة، والثوري، ومسعر، ومنصور وغيرهم، وكان إماما حجة عظيما. قال مسعر: ما أدركت أحدا أفضل منه. توفي سنة ست عشرة ومائة. 559 - [محارب بن دثار] (3) محارب بن دثار بن كردوس بن قرواش بن جعوانة بن سلمة بن صخر بن ثعلبة بن سدوس السدوسي قاضي الكوفة أبو النضر.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 425)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 210)، و «تهذيب الكمال» (19/ 522)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 188)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 418)، و «مرآة الجنان» (1/ 250)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 85). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 432)، و «تهذيب الكمال» (22/ 232)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 196)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 435)، و «مرآة الجنان» (1/ 250)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 304)، و «شذرات الذهب» (2/ 77). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 424)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 84)، و «تهذيب الكمال» (27/ 255)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 217)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 458)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 29)، و «تقريب التهذيب» (ص 521).

560 - [عكرمة بن خالد المخزومي]

سمع ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن يزيد الصحابيين، وجماعة من التابعين. وروى عنه الأعمش، ومسعر، وشريك، والسفيانان، وشعبة وغيرهم، واتفقوا على توثيقه. توفي سنة ست عشرة ومائة. 560 - [عكرمة بن خالد المخزومي] (1) عكرمة بن خالد بن العاصي بن هشام بن المغيرة القرشي المخزومي. سمع عبد الله بن عمرو وأبا الطفيل وغيرهما. وروى عنه حنظلة بن أبي سفيان، وابن جريج، وعبد الله بن طارق، وعبد الله بن عطاء. وتوفي بعد عطاء سنة خمس-أو سبع أو أربع-عشرة ومائة. 561 - [سعيد بن يسار] (2) سعيد بن يسار-أخو أبي مزرد عبد الرحمن بن يسار-مولى شقران مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقيل: مولى ميمونة، وقيل: غير ذلك، يكنى سعيد: أبا الحباب. سمع ابن عمر، وأبا هريرة، وابن عباس، وزيد بن خالد الجهني. وروى عنه يحيى الأنصاري، ومعاوية بن أبي مزرد، وعمرو بن يحيى المازني، وسعيد المقبري وغيرهم. توفي سنة سبع عشرة ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 35)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 340)، و «تهذيب الكمال» (20/ 249)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 425)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 131)، و «تقريب التهذيب» (ص 396). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 280)، و «تهذيب الكمال» (11/ 120)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 93)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 370)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 51)، و «تقريب التهذيب» (ص 243).

562 - [الأعرج]

562 - [الأعرج] (1) عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أبو داود الهاشمي مولاهم، مولى عمر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. سمع أبا هريرة وغيره. وروى عنه الزهري، وصالح بن كيسان، وأبو الزناد، وجعفر بن ربيعة وغيرهم. وتوفي سنة سبع عشرة ومائة. 563 - [عبد الله ابن أبي مليكة] (2) عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة-واسم أبي مليكة: زهير-ابن عبد الله بن جدعان التيمي الأحول المكي القاضي أبو بكر أو أبو محمد. سمع عائشة، وابن عمر، وابن عباس وغيرهم. وروى عنه الليث بن سعد، وابن جريج، وحماد بن زيد وغيرهم. ولي القضاء لابن الزبير، وكان مؤذنا في الحرم. وتوفي سنة سبع عشرة ومائة. 564 - [عبد الله الخزاعي] (3) عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي الدمشقي فقيه أهل دمشق. قال أبو مسهر: كان سيد أهل المسجد وأهل دمشق، قيل: بم سادهم؟ قال: بحسن

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 279)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 305)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 69)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 414)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 562)، و «شذرات الذهب» (2/ 80). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 33)، و «تهذيب الكمال» (15/ 256)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 88)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 401)، و «العقد الثمين» (5/ 204)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 379)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 276)، و «شذرات الذهب» (2/ 80). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 459)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 286)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 396)، و «مرآة الجنان» (1/ 251)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 336)، و «تقريب التهذيب» (ص 303)، و «شذرات الذهب» (2/ 80).

565 - [قتادة السدوسي]

الخلق، وكان عمر بن عبد العزيز يجلسه معه على السرير. توفي سنة سبع عشرة ومائة. 565 - [قتادة السدوسي] (1) قتادة بن دعامة-بكسر الدال المهملة-ابن قتادة بن عزيز-بفتح العين وبالزاي المكررة- ابن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن سدوس السدوسي البصري التابعي أبو الخطاب. ولد أعمى، وسمع أنس بن مالك، وعبد الله بن سرجس، وأبا الطفيل، وأبا عثمان النهدي، والحسن البصري، وابن سيرين، وعكرمة، وخلقا من التابعين. وروى عنه سليمان التيمي، وحميد الطويل، والأعمش، وأيوب، وخلق من التابعين. وأجمعوا على جلالته وتوثيقه وحفظه وإتقانه وفضله، وكان لا يسمع شيئا إلا حفظه، قرئت عليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها. وسأل ابن المسيب، فقال له: تحفظ كل ما سألتني عنه؟ قال: سألتك عن كذا فقلت فيه كذا، وسألتك عن كذا، فقلت فيه كذا، فقال ابن المسيب: ما كنت أظن أن الله خلق مثلك، وقعد عند سعيد بن المسيب ثلاثة أيام، فقال له في اليوم الثالث ارتحل يا أعمى فقد أنزفتني. وقال قتادة: ما قلت لمحدث: أعده عليّ، ولا سمعت شيئا إلا وعاه قلبي. ومن غريب ما يحكى عنه: أنه سأل أعرابي على باب قتادة وانصرف، ففقدوا قدحا فحج قتادة بعد عشر سنين، فوقف أعرابي يسألهم، فسمع قتادة كلامه فقال: هذا صاحب القدح، فسألوه فأقر به. توفي قتادة سنة سبع عشرة-أو ثمان عشرة-ومائة وهو ابن ست أو خمس وخمسين سنة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 228)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 57)، و «تهذيب الكمال» (23/ 489)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 269)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 453)، و «مرآة الجنان» (1/ 251)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 428)، و «تقريب التهذيب» (ص 453)، و «شذرات الذهب» (2/ 80).

566 - [ميمون بن مهران الأسدي]

566 - [ميمون بن مهران الأسدي] (1) ميمون بن مهران الأسدي مولاهم، ويقال له: النّصري، كان مملوكا لامرأة فأعتقته بالكوفة فنشأ بها. وسمع ابن عباس وغيره. وروى عنه الحكم، وأيوب. وولي قضاء الجزيرة، وكان من العلماء العالمين. ولد سنة أربعين، وتوفي سنة سبع-أو ثمان عشرة-ومائة. 567 - [نافع مولى ابن عمر] (2) نافع بن هرمز-ويقال: ابن كاوس-مولى ابن عمر، يكنى: أبا عبد الله، أصله من سبي نيسابور، أو من سبي خراسان، سبي صغيرا فاشتراه ابن عمر، وهو تابعي جليل. سمع سيده، وأبا هريرة، وأبا سعيد الخدري، وأبا لبابة، ورافع بن خديج، وعائشة، والربيع بنت معوذ رضي الله عنهم، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله وغيرهما من التابعين. وروى عنه خلق من التابعين ومن بعدهم كمالك، والأوزاعي، وابن جريج، وهو من الثقات المشهورين بالحديث، ومعظم حديث ابن عمر دائر عليه. وبعثه عمر بن عبد العزيز إلى أهل مصر يعلمهم السنن. وعند المحدثين أن رواية الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر سلسلة الذهب؛ لجلالة كل واحد من هؤلاء الرواة. توفي بالمدينة سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: سنة عشرين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 483)، و «تهذيب الكمال» (29/ 210)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 71)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 485)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 198)، و «تقريب التهذيب» (ص 556)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 277)، و «شذرات الذهب» (2/ 81). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 423)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 123)، و «تهذيب الكمال» (29/ 298)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 95)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 488)، و «مرآة الجنان» (1/ 251)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 210)، و «تقريب التهذيب» (ص 559).

568 - [سكينة بنت الحسين]

568 - [سكينة بنت الحسين] (1) السيدة سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، قيل: اسمها آمنة، وسكينة لقب، وأمها الرباب ابنة امرئ القيس بن عدي، وكانت من أجمل النساء وأحسنهنّ أخلاقا. تزوجت مصعب بن الزبير فهلك عنها، ثم تزوجها عبد الله بن عبد الله بن حكيم بن حزام، ثم تزوجها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان، فأمره سليمان بن عبد الملك بطلاقها، وقيل في ترتيب أزواجها غير هذا. ولها نوادر وحكايات ظريفة، سمعت بعض أشعار عروة بن أذينة، فأنكرت عليه أشياء بلطافة وظرافة، منها: أنها سمعت قوله في مرثيته لأخيه بكر: [من الوافر] سرى همّي وهمّ المرء يسري … وغاب النجم إلا قيد فتر أراقب في المجرّة كل نجم … تعرض في المجرة حين يجري لهمّ ما أزال له قرينا … كأن القلب أبطن حرّ جمر على بكر أخي فارقت بكرا … وأي العيش يصلح بعد بكر فلما سمعت سكينة هذا الشعر .. قالت: ومن هو بكر هذا؟ فوصف لها، فقالت: أهو ذاك الأسيد الذي كان يمر بنا؟ قالوا: نعم، قالت: لقد طاب بعده كل شيء حتى الخبز والزيت. ويحكى: أن بعض المغنين غنى بهذه الأبيات عند الوليد بن يزيد الأموي وهو في مجلس أنسه، فقال للمغني: من يقول هذا الشعر؟ قال: عروة بن أذينة، فقال الوليد: وأي العيش يصلح بعد بكر؟ ! هذا العيش الذي نحن فيه، والله؛ لقد تحجر واسعا. توفيت سكينة سنة سبع عشرة ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (10/ 440)، و «المعارف» (ص 214)، و «المنتظم» (4/ 642)، و «وفيات الأعيان» (2/ 394)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 262)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 371)، و «مرآة الجنان» (1/ 251)، و «شذرات الذهب» (2/ 82).

569 - [ذو الرمة]

569 - [ذو الرّمة] (1) ذو الرمة الشاعر المشهور، واسمه: غيلان بن عقبة، ويكنى: أبا الحارث، وإنما لقب بذي الرمة من قوله في الوتد: [من الرجز] أشعث باقي رمة التقليد (2) والرّمة-بكسر الراء-: العظم البالي، وبضمها: الحبل. وكان من فحول الشعراء. وقيل: إنه كان ينشد شعره في سوق الإبل، فوقف عليه الفرزدق وسمع شعره، فقال له ذو الرمة: ما تسمع يا أبا فراس؟ فقال: ما أحسن ما تقول! قال: فما لي لا أذكر مع الفحول؟ ! قال: قصر بك عن غايتهم بكاؤك في الدّمن، ووصفك الأباعر والعطن. وهو أحد عشاق العرب المشهورين، ومعشوقته مية بنت مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم المنقري، ومية هذه هي التي عناها أبو تمام الطائي بقوله في قصيدة له: [من البسيط] ما ربع مية معمورا يطيف به … غيلان أبهى ربا من ربعها الخرب وجدها قيس بن عاصم هو الذي قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما قدم عليه وفد تميم: «هذا سيد أهل الوبر» (3). وهو الذي مدحه الأحنف بن قيس بالحلم كما تقدم (4)، وهو الذي قال فيه الشاعر يرثيه: [من الطويل] وما كان قيس هلكه هلك واحد … ولكنه بنيان قوم تهدّما ومن شعر ذي الرمة: [من الطويل] إذا هبت الأرواح من نحو جانب … به أهل ميّ هاج قلبي هبوبها هوى تذرف العينان منه وإنما … هوى كل نفس حيث حل حبيبها

(1) «الأغاني» (18/ 5)، و «المنتظم» (4/ 541)، و «وفيات الأعيان» (4/ 11)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 267)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 356)، و «مرآة الجنان» (1/ 253)، و «البداية والنهاية» (9/ 371)، و «شذرات الذهب» (2/ 12)، و «خزانة الأدب» (1/ 106). (2) هذا عجز بيت، وصدره: وغير مرضوخ القفا موتود. (3) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 611). (4) انظر (1/ 417).

ومر ذو الرمة في بعض أسفاره في بعض البوادي على امرأة من بني عامر بن صعصعة وهي خارجة من خبائها، فنظر إليها فوقعت في قلبه، فخرق إداوته ودنى منها يستطعم كلامها، فقال: إني رجل على ظهر سفر وقد تخرقت إداوتي فأصلحيها، فقالت: إني والله لخرقاء لا أحسن العمل، وقالت: وإن كنت خرقاء فإني صناع، هات الإداوة فأعطاها فأصلحتها له. والخرقاء: هي التي لا تعمل شغلا لكرامتها على أهلها، فشبب بها ذو الرمة أيضا، وسماها خرقاء، ومن قوله فيها: [من الطويل] وما شنّتا خرقاء واهيتا الكلى … سقى بهما ساق ولم تتبللا بأضيع من عينيك للدمع كلما … تذكرت ربعا أو توهمت منزلا ومن قوله فيها: [من الوافر] تمام الحج أن تقف المطايا … على خرقاء كاشفة اللثام ومن قوله يمدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري مخاطبا ناقته: [من الطويل] إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته … فقام بفأس بين وصليك جازر أخذ هذا المعنى من قول الشماخ في عرابة الأوسي يخاطب ناقته أيضا: [من الوافر] إذا بلّغتني وحملت رحلي … عرابة فاشرقي بدم الوتين وجاء بعدهما أبو نواس فأوضح هذا المعنى بقوله في الأمين محمد بن هارون الرشيد: [من الكامل] وإذا المطي بنا بلغن محمدا … فظهورهن على الرجال حرام قرّبننا من خير من وطئ الحصى … فلها علينا حرمة وذمام فأحسن أبو نواس في هذا المعنى؛ لأنهما أوعدا ناقتيهما بالذبح؛ لاستغنائهما عنهما بإيصالهما إلى مطلوبهما، ووعدها أبو نواس بتحريم الركوب على ظهرها وإراحتها من الكد والأسفار؛ لتبليغها له إلى من استغنى به عن الأسفار. توفي ذو الرمة سنة سبع عشرة ومائة.

570 - [علي بن عبد الله بن العباس]

570 - [علي بن عبد الله بن العباس] (1) علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي جد الخلفاء العباسيين أبو محمد. قال محمد بن سعد: (ولد علي بن عبد الله المذكور في رمضان ليلة قتل علي بن أبي طالب سنة أربعين، فسماه باسمه، وكناه بكنيته أبا الحسن) (2). ويروى: أن عليا حنكه ودعا له وقال لأبيه: شكرت الواهب، وبورك لك في الموهوب، وقال: خذ إليك أبا الأملاك أو قال: أبا الخلائف، وأن عبد الملك غير كنيته فجعلها أبا محمد، فاستمر على ذلك. وكان أصغر أولاد عبد الله سنّا، وأجمل قرشي على وجه الأرض وأوسمه، وكان طويلا حسنا، ذا لحية طويلة وقدر عظيم، لا يوجد له نعل ولا خف حتى يستعمله، مفرطا في طوله، إذا طاف .. كأنما الناس حوله مشاة وهو راكب، وكان مع هذا الطول إلى منكب أبيه عبد الله، وكان عبد الله إلى منكب العباس، وكان العباس إلى منكب عبد المطلب، ذكر ذلك المبرد (3). وذكر المبرد أيضا: (أن الوليد بن عبد الملك ضرب علي بن عبد الله المذكور بالسياط مرتين: إحداهما: لما تزوج لبابة بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وكانت قبله عند عبد الملك، فعض تفاحة ثم رمى بها إليها، وكان أبخر فاستدعت السكين، فقال: ما تصنعين بها؟ قالت: أميط الأذى، فطلقها فتزوجها علي بن عبد الله المذكور، فضربه الوليد وقال: إنما تتزوج بأمهات الخلفاء لتضع منهم؛ لأن جده مروان بن الحكم إنما تزوج بأم خالد بن يزيد بن معاوية لتضع منه، فقال علي بن عبد الله: إنما أردت الخروج من هذه البلد، وأنا ابن عمها لأسافر بها. وأما ضربه ثانيا: فقد حدث محمد بن شجاع بإسناد متصل يقول في آخره: رأيت علي بن عبد الله مضروبا بالسوط، يدار به على بعير ووجهه مما يلي ذنب البعير، وصائح

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 307)، و «الكامل في اللغة والأدب» (2/ 756)، و «المنتظم» (4/ 647)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 284)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 428)، و «مرآة الجنان» (1/ 245)، و «البداية والنهاية» (9/ 372)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 180)، و «تقريب التهذيب» (ص 403)، و «شذرات الذهب» (2/ 71). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 307). (3) «الكامل في اللغة والأدب» (1/ 124).

571 - [عمرو بن شعيب]

يصيح: هذا علي بن عبد الله الكذاب، فأتيته وقلت: ما هذا الذي نسبوه إليك من الكذب؟ قال: بلغهم عني أني قلت: إن هذا الأمر سيكون في ولدي، والله ليكونن فيهم حتى يملكهم عبيدهم الصغار العيون العراض الوجوه) (1). وروي: أن عليا المذكور دخل على هشام بن عبد الملك ومعه ابنا ابنه الخليفتان السفاح والمنصور، فأوسع له على سريره وبره، وسأله حاجته، فقال: ثلاثون ألف درهم عليّ دين، فأمر بقضائها، فقال: واستوص بابني هذين خيرا ففعل فشكره وقال: وصلتك رحم، فلما ولى .. قال هشام لأصحابه: إن هذا الشيخ قد اختل وخلط فصار يقول: إن هذا الأمر سيصل إلى ولده، فسمعه علي فقال: والله؛ ليكونن ذلك وليملكن هذان. وكان أصغر أولاد أبيه، وكان ثقة قليل الحديث كثير الصلاة، حتى كان يدعى بالسّجاد، يقال: كان له خمس مائة زيتونة، فكان يصلي تحت كل زيتونة كل يوم ركعتين فيجتمع له ألف ركعة في اليوم. وتوفي بالحميمة من أرض البلقاء في سنة ثمان-أو سبع أو تسع-عشرة ومائة. 571 - [عمرو بن شعيب] (2) عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي القرشي السهمي المدني- ويقال: المكي، ويقال: الطائفي-أبو إبراهيم. سمع أباه، ومعظم رواياته عنه، وسعيد بن المسيب، وطاووسا، وعروة، ومجاهدا وغيرهم. وروى عنه عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، والزهري، وخلق من التابعين. ووثقه أئمة الحديث، وإنما أنكر عليه كثرة روايته عن أبيه عن جده؛ لأنه أخذ صحيفة كانت عنده فرواها. قال ابن عدي: (روى عنه أئمة الناس وثقاتهم، لكن أحاديثه عن أبيه عن جده مع احتمالهم إياه لم يدخلوه في الصحاح، وأنكر بعضهم سماع شعيب من جده عبد الله بن

(1) «الكامل في اللغة والأدب» (2/ 757). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 412)، و «المعارف» (ص 287)، و «الكامل في الضعفاء» (5/ 114)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 28)، و «تهذيب الكمال» (22/ 64)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 165)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 433)، و «تقريب التهذيب» (ص 423).

572 - [إياس ابن الأكوع]

عمرو، قال: إنما سمع أباه محمد بن عبد الله بن عمرو، فتكون رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلّى الله عليه وسلم مرسلا) (1). قال النووي: (وهذا إنكار ضعيف، وقد أثبت الدارقطني وأبو بكر النيسابوري وغيرهما من الأئمة سماع شعيب من عبد الله بن عمرو) (2). وتوفي عمرو بن شعيب في سنة ثمان عشرة ومائة. 572 - [إياس ابن الأكوع] (3) إياس بن سلمة بن الأكوع-واسم الأكوع: سنان-ابن عبد الله بن قشير الأسلمي أبو سلمة المزني. سمع أباه، وروى عنه أبو العميس، ويعلى بن الحارث، وعكرمة بن عمار. مات سنة تسع عشرة ومائة. 573 - [حبيب بن أبي ثابت] (4) حبيب بن أبي ثابت-واسم أبي ثابت: قيس-ابن دينار الأسدي الكاهلي مولاهم أبو يحيى الكوفي. سمع سعيد بن جبير، وأبا وائل، وزيد بن وهب، وطاووسا، ومحمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ومجاهدا، وعطاء بن يسار وغيرهم. روى عنه مسعر، والثوري، وشعبة، والأعمش، وأبو إسحاق الشيباني. وكان فقيه الكوفة ومفتيها. توفي سنة تسع عشرة ومائة.

(1) «الكامل في الضعفاء» (5/ 116). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 29). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 244)، و «المعارف» (ص 324)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 244)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 324)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 196)، و «تقريب التهذيب» (ص 116). (4) «طبقات ابن سعد» (8/ 437)، و «المعارف» (ص 587)، و «تهذيب الكمال» (ص 587)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 288)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 341)، و «مرآة الجنان» (1/ 256)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 347)، و «شذرات الذهب» (2/ 87).

574 - [قيس بن سعد المكي]

574 - [قيس بن سعد المكي] (1) قيس بن سعد الحبشي المكي أبو عبد الله، يقال: إنه مولى نافع بن علقمة، وقيل: مولى أم علقمة. سمع عطاء بن أبي رباح وصحبه، وسمع طاووسا، وعمرو بن دينار، ويزيد بن هرمز. روى عنه هشام بن حسان، وجرير بن حازم، وعمران القصير، وسيف بن سليمان. وخلف عطاء في مجلسه بمكة في الفتوى. وتوفي سنة تسع-أو سبع-عشرة ومائة. 575 - [أنس بن سيرين] (2) أنس بن سيرين، مولى أنس بن مالك، يقال: إنه لما ولد .. ذهب به إلى مولاه أنس بن مالك، فسماه باسمه، وكناه بكنيته أبي حمزة، وهو أخو محمد بن سيرين. سمع مولاه أنسا، وابن عمر، وجندبا، وأخاه معبدا. وروى عنه ابن عون، وخالد الحذاء، وشعبة، وحماد بن زيد وغيرهم. مات بعد أخيه محمد سنة عشرين ومائة. 576 - [حماد بن أبي سليمان] (3) حماد بن أبي سليمان-واسم أبي سليمان: مسلم-الأشعري مولاهم الكوفي، مولى إبراهيم بن أبي موسى الأشعري أبو إسماعيل، فقيه الكوفة، وصاحب إبراهيم النخعي.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 44)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 62)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 455)، و «مرآة الجنان» (1/ 256)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 449)، و «تقريب التهذيب» (ص 457)، و «شذرات الذهب» (2/ 88). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 206)، و «المعارف» (ص 442)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 622)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 323)، و «مرآة الجنان» (1/ 256)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 190)، و «تقريب التهذيب» (ص 115). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 451)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 231)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 347)، و «مرآة الجنان» (1/ 256)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 483)، و «تقريب التهذيب» (ص 178)، و «شذرات الذهب» (2/ 89).

577 - [عاصم بن عمر]

روى عن أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، والنخعي وطائفة. وكان سريا (1) محتشما، صدوق اللسان، كثير الإحسان، يفطّر في كل ليلة من رمضان خمس مائة إنسان. روى عنه الثوري، وشعبة، وكان الأعمش سيّئ الرأي فيه. مات سنة عشرين ومائة. 577 - [عاصم بن عمر] (2) عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأنصاري الأوسي الظفري أبو عمرو وأبو عمر، شيخ محمد بن إسحاق صاحب «السيرة»، وكان عاصم أخباريا علامة المغازي. سمع جابر بن عبد الله، وعبيد الله الخولاني. روى عنه بكير بن الأشج، وعبد الرحمن ابن الغسيل. توفي سنة عشرين ومائة، وقال عمرو بن علي وابن نمير: مات سنة تسع وعشرين ومائة، والله سبحانه أعلم. 578 - [ابن كثير المقرئ] (3) عبد الله بن كثير الكناني مولاهم مولى عمرو بن علقمة الكناني المكي القارئ الداري أبو معبد الإمام المقرئ. أحد القراء السبعة، مقرئ مكة والقاص فيها. قال أبو عمرو الداني في «التيسير»: (الداري هو العطار) (4).

(1) السري: هو الرجل السخي صاحب المروءة. (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 415)، و «تهذيب الكمال» (13/ 528)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 240)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 389)، و «مرآة الجنان» (1/ 256)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 258)، و «شذرات الذهب» (2/ 89). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 45)، و «المنتظم» (4/ 668)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 283)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 318)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 403)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 197)، و «مرآة الجنان» (1/ 257)، و «شذرات الذهب» (2/ 89). (4) «التيسير» (ص 4).

579 - [علقمة بن مرثد الحضرمي]

قال النووي: (وما قاله أبو عمرو هو الصواب، وأما قول ابن أبي داود وغيره: إنما قيل له: الداري؛ لأنه من بني الدار بن هاني بن حبيب من رهط تميم الداري .. فرده أبو بكر بن مجاهد، وقال: هو غلط من ابن أبي داود، وليس هو من رهط تميم الداري، وإنما هو من أبناء فارس من الطبقة الثانية من التابعين) (1). سمع ابن كثير عبد الله بن الزبير، ومحمد بن قيس بن مخرمة، وأبا المنهال عبد الرحمن بن مطعم المكي، ومجاهدا. وقرأ على عبد الله بن السائب المخزومي وعلى مجاهد. وروى عنه ابن جريج، وابن أبي نجيح، وشبل بن عباد وغيرهم، وكان ثقة، وله أحاديث صالحة. توفي سنة عشرين ومائة كما قاله أبو عمرو الداني وغيره (2)، وقيل: سنة اثنتين وعشرين ومائة. 579 - [علقمة بن مرثد الحضرمي] (3) علقمة بن مرثد الحضرمي الكوفي. سمع سعد بن عبيدة، وسليمان بن بريدة، ومقاتل بن حيان وغيرهم. وروى عنه شعبة، والثوري، ومسعر وغيرهم. وكان نبيلا في الحديث. توفي سنة عشرين ومائة. 580 - [قيس بن مسلم الجدلي] (4) قيس بن مسلم الجدلي من قيس عيلان أبو عمرو الكوفي.

(1) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 283). (2) انظر «التيسير» (ص 4). (3) «تهذيب الكمال» (20/ 308)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 206)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 426)، و «العبر» (1/ 152)، و «مرآة الجنان» (1/ 257)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 141)، و «تقريب التهذيب» (ص 397). (4) «طبقات ابن سعد» (8/ 434)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 164)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 456)، و «مرآة الجنان» (1/ 257)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 452)، و «تقريب التهذيب» (ص 458)، و «شذرات الذهب» (2/ 90).

581 - [محمد بن إبراهيم التيمي]

سمع طارق بن شهاب. وروى عنه الثوري، وشعبة، ومسعر وغيرهم. وتوفي سنة عشرين ومائة. 581 - [محمد بن إبراهيم التيمي] (1) محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد بن صخر بن عامر القرشي التيمي أبو عبد الله المدني الفقيه. سمع علقمة، ومحمد بن عمرو بن علقمة وغيرهم. توفي سنة عشرين ومائة. والله سبحانه أعلم ***

(1) «تهذيب الكمال» (24/ 301)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 294)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 460)، و «مرآة الجنان» (1/ 257)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 488)، و «تقريب التهذيب» (ص 465)، و «شذرات الذهب» (2/ 90).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية بعد المائة في رجب منها: توفي الخليفة الصالح العادل خامس الخلفاء الراشدين، والمجدد للأمة الدين أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي، وولي يزيد بن عبد الملك (1). وفيها-أو في التي قبلها-: [توفي] ربعي بن حراش أحد علماء الكوفة وعبادها. وفيها-أو في سنة خمس وتسعين-: [توفي] الحسن بن محمد ابن الحنفية، وإبراهيم بن عبد الله بن حنين المدني، ومعاذة العدوية الفقيهة العابدة بالبصرة، وبشير بن يسار المدني الفقيه، وعبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري، وحفصة بنت سيرين، وعائشة بنت طلحة التيمية التي أصدقها مصعب بن الزبير مائة ألف دينار، وكانت من أجمل الناس، وهي إحدى عقيلتي قريش اللتين تمناهما مصعب فنالهما كما تقدم (2)، والثانية سكينة بنت الحسين. وفيها: توفي أبو الأشعث الصنعاني الشامي، وأبو بكر بن أبي موسى الأشعري القاضي، والقطامي وزياد الأعجم الشاعران. وفيها: هرب يزيد بن المهلب من سجن عمر بن عبد العزيز، وحبس ابن أرطأة عامل البصرة، وخلع طاعة يزيد بن عبد الملك، واستقل بالدعوة وغلب على العراق لنفسه، فأمر يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة على العراقين وأمره بمحاربة يزيد بن المهلب، فحاربه حتى قتله في السنة الآتية كما سيأتي (3). وفيها: مات محمد بن مروان بن الحكم. ***

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 574)، و «المنتظم» (4/ 535)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 120)، و «البداية والنهاية» (9/ 256). (2) انظر (1/ 492). (3) «تاريخ الطبري» (6/ 564)، و «المنتظم» (4/ 101)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 123)، و «البداية والنهاية» (9/ 227)، و «شذرات الذهب» (2/ 17).

السنة الثانية بعد المائة

السنة الثانية بعد المائة فيها: استوثقت البصرة ليزيد بن المهلب، وبعث عماله إلى الأهواز وفارس، وسار هو في عساكره حتى نزل واسطا، وانبث معه مائة ألف وعشرون ألفا، ولم يدخل أهل الكوفة معه في شيء، فالتقى هو ومسلمة بن عبد الملك بالعقر من أرض بابل، فوقعت بينهم ملحمة عظيمة، انجلت عن قتل يزيد بن المهلب، وهزم أصحابه، فولى مسلمة بن عبد الملك الكوفة محمد بن عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وولى البصرة عبد الملك بن بشر بن مروان، وولى خراسان سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاصي، ورجع مسلمة إلى الشام (1). وفيها: قتل أهل إفريقية يزيد بن أبي مسلم عاملها (2). وفيها: مات يزيد بن أبي مسلم الثقفي مولاهم مولى الحجاج بن يوسف وخليفة العراق (3). وفيها: توفي الضحاك بن مزاحم الهلالي صاحب «التفسير» بخراسان. يقال: وفيها: مات أبو الطفيل عامر بن واثلة، وهو آخر من مات ممن رأى النبي صلّى الله عليه وسلم (4). *** السنة الثالثة بعد المائة فيها: عزل يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة عن العراق، وولى عمر بن هبيرة العراقين وخراسان (5). وفيها: توفي عطاء بن يسار الفقيه المدني، وأبو الحجاج مجاهد بن جبر، ومصعب بن

(1) «تاريخ الطبري» (6/ 604)، و «المنتظم» (4/ 547)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 127)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 8)، و «البداية والنهاية» (9/ 257)، و «شذرات الذهب» (2/ 17). (2) «المنتظم» (4/ 548)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 146)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 8). (3) هو صاحب الحادثة السابقة، لكن المصنف رحمه الله تعالى أعاده باعتبار أن ذكره في المرة الأولى هو حادثة، وفي الثانية باعتبار عادته أن يذكر في الحوادث بعض أصحاب التراجم الذين سبق ذكرهم في قسم التراجم، والله أعلم. (4) تقدم في ترجمته (1/ 512): أنه توفي سنة (100 هـ‍) أو سنة (110 هـ‍). (5) «تاريخ الطبري» (6/ 615)، و «المنتظم» (4/ 548)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 144).

السنة الرابعة بعد المائة

سعد بن أبي وقاص الزهري، وموسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي، ويحيى بن وثاب الأسدي الكوفي، ويزيد بن الأصم العامري. *** السنة الرابعة بعد المائة فيها: عزل يزيد بن عبد الملك عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري عن مكة والمدينة والطائف، وولى مكانه عبد الواحد بن عبد الله بن نصر النضري، فأحسن السيرة، وأحبه أهل المدينة لذلك، فأغرم عبد الرحمن بن الضحاك الفهري أربعين ألف دينار لإيذائه فاطمة بنت الحسين (1). وفيها: عقد يزيد لأخيه هشام بولاية العهد، ولابنه الوليد بن يزيد من بعده (2). وفيها توفي الإمام العلامة عامر بن شراحيل الشعبي، وخالد بن معدان الكلاعي الفقيه العابد، وعامر بن سعد بن أبي وقاص، وأبو بردة عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري قاضي الكوفة، على خلاف في الجميع. *** السنة الخامسة بعد المائة فيها: توفي الخليفة يزيد بن عبد الملك وتولى أخوه هشام بن عبد الملك، وعكرمة مولى ابن عباس، وكثير عزة، وصلي عليهما جميعا، فقال الناس: مات أعلم الناس وأشعر الناس. وفيها: توفي أبو رجاء عمران العطاردي، وأبان بن عثمان بن عفان، والأخوان عبيد الله وعبد الله ابنا عبد الله بن عمر بن الخطاب. وفيها: ولّى عمر بن هبيرة مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة خراسان (3). وفيها: قدم بكير بن ماهان الكوفة بلبنة ذهب وأربع لبنات فضة فأنفقها على الشيعة، ومات ميسرة النبال، فأقام محمد بن علي مقامه بالعراق بكير بن ماهان (4). ***

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 12)، و «المنتظم» (4/ 556)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 156). (2) «الكامل في التاريخ» (4/ 139)، وفيه: أن هذه الحادثة كانت سنة (104 هـ‍). (3) «تاريخ الطبري» (7/ 15)، و «المنتظم» (4/ 556)، وعندهما: أن هذه الحادثة كانت سنة (104 هـ‍). (4) «تاريخ الطبري» (7/ 25)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 166).

السنة السادسة بعد المائة

السنة السادسة بعد المائة فيها: ولى هشام بن عبد الملك خالد بن عبد الله القسري العراقين وخراسان، فدخلها وقبض على متوليها عمر بن هبيرة الفزاري وسجنه، فعمد غلمانه فنقبوا سربا إلى السجن وأخرجوه منه، وهرب إلى الشام، فأجاره مسلمة بن عبد الملك، ومات قريبا من ذلك (1). وفيها: عزل هشام بن عبد الواحد النضري عن الحجاز، وولاه إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي (2). وفيها: توفي قاضي الكوفة عبد الملك بن عمير، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، والإمام طاوس بن كيسان اليماني الجندي بفتحتين، وأبو مجلز لاحق بن حميد البصري. *** السنة السابعة بعد المائة فيها: ولى خالد بن عبد الله القسري أخاه أسد بن عبد الله خراسان، ووشي إليه بدعاة محمد بن علي فأخذ أبا محمد الصادق-وكان هناك-فكنى أبا عكرمة ومحمد بن خنيس وعامة أصحابهم، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وصلبهم، وأفلت عمار العبادي فأتى إلى بكير بن ماهان بالخبر (3). وفيها: توفي سليمان بن يسار أحد الفقهاء السبعة، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أحد الفقهاء السبعة أيضا. *** السنة الثامنة بعد المائة فيها: بعث بكير بن ماهان إلى خراسان عدة من الدعاة فيهم عمار العبادي، فظفر أسد بن عبد الله القسري بعدة من دعاة بني هاشم فحبسهم (4).

(1) «العبر» (1/ 129)، و «مرآة الجنان» (1/ 226)، و «شذرات الذهب» (2/ 39). (2) «المنتظم» (4/ 579)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 174). (3) «تاريخ الطبري» (7/ 40)، و «المنتظم» (4/ 585)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 177). (4) «تاريخ الطبري» (7/ 43)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 181).

السنة التاسعة بعد المائة

ودعا أشرس أهل الذمة من أهل سمرقند وما وراء النهر إلى الإسلام على أن يضع عنهم الجزية، وطالبهم بها فنصبوا له الحرب (1). وفيها: توفي بكر بن عبد الله المزني البصري الفقيه، وأبو نضرة العبدي العوقي، ويزيد بن عبد الله بن الشخير، ومحمد بن كعب القرظي. *** السنة التاسعة بعد المائة فيها: توفي أبو نجيح يسار المكي مولى ثقيف، وأبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي البصري، روى عن عبد الله بن عمرو وجماعة. *** السنة الموفية لعشر بعد المائة فيها: توفي الإمامان الصالحان الزاهدان: أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن البصري، وإمام المعبرين محمد بن سيرين، والشاعران الشهيران جرير والفرزدق، والسيدة فاطمة بنت الحسين، وسليم بن عامر الكلاعي الحمصي، وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود. *** السنة الحادية عشرة بعد المائة فيها: عزل هشام أشرس عن خراسان، وولاها الجنيد بن عبد الرحمن المري، وحمله إليها على ثمان دواب من البريد، وعزل أخاه مسلمة عن أرمينية، وولاها الجراح بن عبد الله الحكمي، فثارت إليه الخزر من ناحية اللاّن، فسارع إليهم الجراح قبل أن يسأم جيشه، فاستشهد ومن كان معه بمرج أردبيل، وفتحت الترك أردبيل، فبعث هشام سعيد بن عمرو الحرشي على أربعين دابة من دواب البريد، وكتب إلى أمراء الأجناد بموافاته، فأصاب للخزر بكثير جموع معهم أسرى المسلمين وأهل الذمة، فاستشهدهم وأكثر القتل في الخزر، وذلك في شتاء شديد ومطر وثلوج، وطلبهم حتى جاء الغياث (2).

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 54)، و «المنتظم» (4/ 603)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 188)، وعندهم: أن هذه الحادثة كانت سنة (110 هـ‍). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 54)، و «المنتظم» (4/ 611)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 198)، و «دول الإسلام» (1/ 99)، و «البداية والنهاية» (9/ 351).

السنة الثانية عشرة بعد المائة

وفيها: توفي عطية بن سعد العوفي المفسر، والقاسم بن مخيمرة الكوفي، ويزيد بن عبد الله بن الشخير بخلف. *** السنة الثانية عشرة بعد المائة فيها: توفي أبو المقدام رجاء بن حيوة الكندي الشامي الفقيه، والقاسم بن عبد الرحمن الدمشقي، وطلحة بن مصرّف الهمداني الكوفي، وأبو المليح بن أسامة. *** السنة الثالثة عشرة بعد المائة فيها: قتل عبد الوهاب بن بخت بأرض الروم بمدينة يقال لها: ساوة، انهزم الناس. عن البطال، فجعل عبد الوهاب يكر فرسه، ثم ألقى البيضة عن رأسه وصاح: أنا عبد الوهاب بن بخت، أمن الجنة تفرون؟ ! ثم تقدم نحو العدو فخالطهم، فقتل وقتل فرسه (1). وفيها: توفي فقيه الشام مكحول أبو عبد الله مولى بني هذيل، وأبو إياس معاوية بن قرة المزني البصري، وعبد الله بن عبيد بن عمير. *** السنة الرابعة عشرة بعد المائة فيها: التقى عبد الله البطال وقسطنطين في جمع، فانهزم الجمع وأسر قسطنطين، وعزل هشام إبراهيم عن المدينة، وولاها خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم، وولى مروان بن محمد أرمينية وأذربيجان، وولى محمد بن هشام المخزومي مكة (2). وفيها: توفي فقيه الحجاز أبو محمد عطاء بن أبي رباح، وفقيه اليمن أبو عبد الله

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 88)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 209)، و «دول الإسلام» (1/ 102)، و «شذرات الذهب» (2/ 66). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 90)، و «المنتظم» (4/ 627)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 214)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 274).

السنة الخامسة عشرة بعد المائة

وهب بن منبه، وأبو جعفر الباقر محمد بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أحد الأئمة الاثني عشر في اعتقاد الإمامية، وعلي بن رباح بخلف. *** السنة الخامسة عشرة بعد المائة فيها: وقع الطاعون الجارف بالشام، ومات الجنيد بن عبد الرحمن بخراسان، واستخلف عليها ابن مريم المري (1). وفيها: مات أبو محمد الحكم بن عتيبة الكوفي مولى كندة، والقاضي أبو سهل عبد الله بن بريدة. *** السنة السادسة عشرة بعد المائة فيها: استمر الطاعون بالشام، وأصاب العراق وأكثره بواسط (2). وفيها: ولى هشام عاصم بن عبد الله الهلالي خراسان، فخرج عليه الحارث بن سريج التميمي (3). و[فيها]: قبضت البربر، وهرب عاملهم (4). وفيها: توفي عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي، وعمرو بن مرة المرادي، ومحارب بن دثار السدوسي، وعكرمة بن خالد. *** السنة السابعة عشرة بعد المائة فيها: ولى هشام خالد بن عبد الله القسري خراسان، فولاها خالد أخاه أسد بن عبد الله، فأخذ سليمان بن كثير ومالك بن الهيثم وموسى بن كعب ولاهز بن قريظ وخالد بن

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 92)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 217)، و «البداية والنهاية» (9/ 359)، و «المنتظم» (4/ 633). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 93)، و «المنتظم» (4/ 637)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 218). (3) «تاريخ الطبري» (7/ 93)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 218). (4) «الكامل في التاريخ» (4/ 225)، و «الاستقصاء» (1/ 162).

السنة الثامنة عشر بعد المائة

إبراهيم وطلحة بن زريق فحبسهم، وألجم موسى بن كعب بلجام، فجذب موسى اللجام فحطم أسنانه، وضرب لاهز بن قريظ ثلاث مائة سوط، ثم كلم فيهم فخلى سبيلهم (1). وفيها: توفي أبو الحباب سعيد بن يسار المدني مولى ميمونة، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة التيمي المكي، وعبد الله بن أبي زكريا الخزاعي فقيه دمشق. وفيها-أو في سنة ثمان عشرة-: توفي قتادة بن دعامة السدوسي الأعمى عالم أهل البصرة، وقاضي الجزيرة ميمون بن مهران، ونافع مولى ابن عمر، وموسى بن وردان، والسيدة سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، وذو الرمة أبو الحارث غيلان بن عقبة الشاعر المشهور. *** السنة الثامنة عشر بعد المائة فيها: وجه بكير بن ماهان عمار بن يزيد إلى خراسان يدعو إلى محمد بن علي، فنزل مرو وغير اسمه فتسمى بخداش، وغير ما دعاهم إليه، ورخص لبعضهم في نساء بعض، وخلط تخليطا عظيما، وأضاف ذلك إلى محمد بن علي، فنمي خبره إلى أسد بن عبد الله القسري، فوضع عليه العيون حتى ظفر بن فقطع يديه ولسانه وسمل عينيه، وأخذ جماعة من أصحابه فقطع أيدي بعضهم وأرجلهم وسمل أعينهم، وقتل بعضهم تحت ضرب السياط (2). وفيها: غلب الحارث بن سريج الخارجي بخراسان على آمد وخوارزم وغيرهما. وفيها: أسر عبد الله البطال قسطنطين الطرموح فقتله هشام (3). وفيها: توفي أبو محمد علي بن عبد الله بن العباس جد الخلفاء العباسيين بالحميمة من أرض البلقاء من الشام، وعمرو بن شعيب، وأبو عشانة المعافري، ومقرئ الشام ابن عامر، وعبادة بن نسي، وأبو صخرة جامع. ***

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 107)، و «المنتظم» (4/ 641)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 223). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 109)، و «المنتظم» (4/ 653)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 229). (3) مرت هذه الحادثة في سنة (114 هـ‍) ولكن لم يذكر (الطرموح)، ولم يذكر أنه قتله هشام، ولم نجد من ذكرها في هذه السنة، والله أعلم.

السنة التاسعة عشرة بعد المائة

السنة التاسعة عشرة بعد المائة فيها: مات أسد بن عبد الله القسري بخراسان، فاستخلف على عمله جعفر بن حنظلة البهراني، وأقره أخوه خالد بن عبد الله القسري إلى أن عزل خالد (1). وفيها: كتب هشام إلى يوسف بن عمر الثقفي، وهو وال على اليمن بولاية العراقين (2). وفيها: مات إياس بن سلمة بن الأكوع، وحبيب بن أبي ثابت فقيه الكوفة ومفتيها، وقيس بن سعد المفتي بمكة صاحب عطاء. *** السنة الموفية عشرين بعد المائة فيها: أرسلت شيعة محمد بن علي بخراسان إليه سليمان بن كثير، وكان محمد بن علي منقبضا من أهل خراسان؛ لأجل قبولهم من خداش كذبه وتخليطه، فقدم سليمان بن كثير على محمد بن علي، فرده إلى أهل خراسان بكتاب كتبه معه، فلما فضوا الكتاب .. لم يجدوا فيه غير بسم الله الرحمن الرحيم، فعرفوا ما كانوا عليه (3). وفيها: قدم يوسف بن عمر الثقفي إلى العراق، فحبس خالد بن عبد الله القسري وعماله، وطالبهم بالأموال، وأقر جعفر بن حنظلة على خراسان (4). وفيها: توفي أنس بن سيرين بخلف، وفقيه الكوفة أبو إسماعيل حماد بن أبي سليمان صاحب إبراهيم النخعي، وعاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأنصاري شيخ محمد بن إسحاق صاحب «المغازي»، وأبو معبد عبد الله بن كثير المقرئ المكي، وعلقمة بن مرثد الحضرمي الكوفي، وقيس بن مسلم، ومحمد بن إبراهيم التيمي المدني الفقيه. ***

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 138)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 244). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 142)، و «المنتظم» (4/ 666)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 318)، و «البداية والنهاية» (9/ 377)، لكن الذي في جميع المصادر: أن الحادثة كانت سنة (120 هـ‍). (3) «تاريخ الطبري» (7/ 141)، و «المنتظم» (4/ 665)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 246). (4) «تاريخ الطبري» (7/ 147)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 247)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 284).

العشرون الثانية من المائة الثانية

العشرون الثانية من المائة الثانية [الاعلام] 582 - [مسلمة بن عبد الملك] (1) مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القرشي الأموي. كان موصوفا بالشجاعة والإقدام والرأي والدهاء، ولي أماكن من الثغور وغيرها، وكان ميمون النقيبة منصورا أينما توجه. توفي سنة إحدى-أو اثنتين-وعشرين ومائة. 583 - [محمد ابن حبّان الأنصاري] (2) محمد بن يحيى بن حبّان-بفتح المهملة ثم موحدة-ابن منقذ بن عمرو بن مالك الأنصاري المازني أبو عبد الله. سمع عمه واسع بن حبّان، وأنس بن مالك، والأعرج وغيرهم. روى عنه مالك، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبيد الله بن عمر، والليث بن سعد وغيرهم. توفي بالمدينة سنة إحدى وعشرين ومائة وهو ابن أربع وسبعين. 584 - [زيد بن زين العابدين] (3) زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي.

(1) «سير أعلام النبلاء» (5/ 241)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 267)، و «العبر» (1/ 154)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 76)، و «شذرات الذهب» (2/ 93). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 418)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 186)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 263)، و «العبر» (1/ 153)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 726)، و «شذرات الذهب» (2/ 93). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 319)، و «وفيات الأعيان» (5/ 122)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 389)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 105)، و «مرآة الجنان» (1/ 257)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 668)، و «شذرات الذهب» (2/ 92).

585 - [القاضي إياس]

خرج بالكوفة وتبعه خلق كثير، فلما خرج .. أتته طائفة كبيرة وقالوا: تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نتبعك، فقال: أتبرأ ممن تبرأ منهما، فقالوا: إذا نرفضك، فمن ذلك الوقت سموا: الرافضة، وسميت شيعة زيد: زيدية. فلما خرج .. قاتله متولي العراق من جهة هشام بن عبد الملك وهو الأمير يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف، وجده محمد بن يوسف المذكور هو أخو الحجاج بن يوسف، فالحجاج عم أبي الأمير يوسف بن عمر المذكور، فخذل زيدا أتباعه من أهل الكوفة، وغدروا به كما غدروا من قبله بجده، فقتل زيد رحمه الله في جمع كثير من أصحابه، وانهزم ابنه يحيى بن زيد إلى خراسان، وصلب على كناسة الكوفة، ويقال: إنهم صلبوه عريانا فنسجت العنكبوت عليه حتى سترت عورته، وإنهم صلبوه إلى غير القبلة فتحولت خشبته إلى القبلة، وبقي مصلوبا إلى أن ولي الوليد بن يزيد، فأمر بإحراق جثته الشريفة فأحرقت، وكان قتله في سنة اثنتين وعشرين ومائة. 585 - [القاضي إياس] (1) إياس بن معاوية بن قرة بن إياس المزني البصري أبو واثلة قاضي البصرة المشهور بالذكاء الذي يضرب به المثل في الذكاء، وإياه عنى أبو تمام بقوله: [من الكامل] إقدام عمرو في سماحة حاتم … في حلم أحنف في ذكاء إياس سمع أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وأباه معاوية بن قرة وغيرهم. روى عنه محمد بن عجلان، وحميد الطويل، وخالد الحذاء وغيرهم. كتب عمر بن عبد العزيز إلى نائبه بالعراق عدي بن أرطأة: أن اجمع بين إياس بن معاوية والقاسم بن ربيعة الجرشي، وول قضاء البصرة أحدهما، فجمعهما عدي، فقال: إياس: أيها الأمير؛ سل عني وعنه فقيهي المصر الحسن البصري وابن سيرين، وكان القاسم يأتيهما، وإياس لا يأتيهما فعرف القاسم أنه إن سألهما .. أشارا به، فقال: لا تسأل عني وعنه، فو الله الذي لا إله إلا هو؛ إنه أفقه وأعلم بالقضاء مني، فإن كنت كاذبا .. فما يحل

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 247)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 155)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 41)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 465)، و «مرآة الجنان» (1/ 257)، و «البداية والنهاية» (9/ 387)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 197)، و «شذرات الذهب» (2/ 94).

لك أن توليني وأنا كاذب، وإن كنت صادقا .. فينبغي لك أن تقبل قولي، فقال إياس: إنك جئت برجل وأوقفته على شفير جهنم فنحى نفسه عنها بيمين كاذبة يستغفر الله منها وينجو مما يخاف، فقال عدي بن أرطأة: أما إذ فهمتها فأنت لها، فولاه قضاء البصرة، وكان أحد العقلاء الفضلاء الدهاة. يحكى: أنه قال: ما غلبني سوى رجل واحد شهد عندي أن البستان الفلاني-وذكر حدوده-ملك فلان، فقلت له: كم عدد شجره؟ فسكت، ثم قال لي: منذ كم يحكم سيدنا القاضي في هذا المجلس؟ فقلت: منذ كذا وكذا سنة، فقال: كم عدد خشب بيتك؟ فقلت: الحق معك، وأجزت شهادته. ومن فطنته أنه سمع نباح كلب، فقال: هذا على رأس بئر، فاستقرءوا النباح فوجدوه كما قال، فقيل له في ذلك، فقال: إني سمعت الصوت كأنه يخرج من بئر. ومنها: أنه حدث ما يقتضي الخوف وهناك ثلاث نسوة لا يعرفهن، فقال: ينبغي أن تكون هذه حاملا، وهذه مرضعا، وهذه بكرا، فكشف عن ذلك، فكان كما تفرس، فقيل: من أين أخذت ذلك؟ فقال: رأيت الحامل وضعت يدها على بطنها، والمرضع وضعت يدها على ثديها، والبكر وضعت يدها على فرجها، وعند الخوف لا يضع الإنسان يده إلا على ما يعز عليه ويخاف عليه. وسمع يهوديا يقول: ما أحمق المسلمين! يزعمون أن أهل الجنة يأكلون ولا يحدثون فقال له: أفكل ما تأكل تحدثه؟ فقال: لا؛ لأن الله تعالى يجعله غذاء، قال: فلا شك أن الله يجعل كل ما يأكله أهل الجنة غذاء. ورأى برحبة واسط آجرة، فقال: تحت هذه الآجرة دابة، فرفعت فإذا تحتها حية منطوية، فقيل له في ذلك، فقال: رأيت ما بين الآجرتين نديّا من بين جميع تلك الرحبة، فعلمت أن تحتها شيئا يتنفس. وقال: رأيت في المنام كأني وأبي على فرسين نجري معا، فلم يسبقني ولم أسبقه، وعاش أبي ستا وسبعين سنة وهأنا فيها، فلما كانت آخر لياليه .. قال: هذه الليلة أستكمل فيها عمر أبي، فنام فأصبح ميتا، وذلك في سنة اثنتين وعشرين ومائة. قيل لوالده: كيف ابنك لك؟ قال: نعم الابن، كفاني أمر دنياي وفرغني لآخرتي.

586 - [يحيى بن دينار]

586 - [يحيى بن دينار] (1) يحيى بن دينار، ويقال: يحيى بن الأسود وابن أبي الأسود، ويقال: يحيى بن نافع الرماني الواسطي. رأى أنس بن مالك، وسمع أبا مجلز لا حقا. وروى عنه الثوري، وهشيم. كان ينزل قصر الرمان فنسب إليه. مات سنة اثنتين وعشرين ومائة. 587 - [ثابت البناني] (2) ثابت بن أسلم البصري أبو محمد البناني، نسبة إلى بنانة وهم بنو سعد بن لؤي بن غالب. كان من سادة التابعين علما وعملا وزهدا وصلاحا. سمع أنس بن مالك، وأبا رافع، وعبد الله بن الزبير، وابن عمر، وغيرهم من الصحابة، وجماعة من التابعين. روى عنه حميد الطويل، وشعبة، وحماد بن زيد، وخلق من التابعين. مات سنة ثلاث-أو سبع-وعشرين ومائة عن ست وثمانين سنة. 588 - [سماك بن حرب] (3) سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي الكوفي أبو المغيرة. قال: أدركت ثمانين من الصحابة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (6/ 152)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 326)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 600)، و «شذرات الذهب» (2/ 95). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 231)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 220)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 54)، و «العبر» (1/ 156)، و «مرآة الجنان» (1/ 259)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 262)، و «شذرات الذهب» (2/ 96). (3) «سير أعلام النبلاء» (5/ 245)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 124)، و «العبر» (1/ 157)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 447)، و «مرآة الجنان» (1/ 259)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 114)، و «شذرات الذهب» (2/ 97).

589 - [محمد بن واسع]

وسمع النعمان بن بشير، وجابر بن سمرة، وغيرهما من الصحابة. وروى عن الشعبي، وسعيد بن جبير، ومعاوية بن قرة، وخلق من التابعين. روى عنه شعبة، وأبو عوانة، وأبو الأحوص، وزهير بن معاوية، وجمع من التابعين. وكان ذهب بصره، فدعا الله فرده عليه. توفي سنة ثلاث وعشرين ومائة. 589 - [محمد بن واسع] (1) محمد بن واسع الأزدي البصري أبو بكر، ويقال: أبو عبد الله. سمع مطرف بن عبد الله بن الشخير وغيره. وروى عنه إسماعيل بن مسلم وغيره. توفي بالبصرة سنة اثنتين-أو سبع-وعشرين ومائة. 590 - [ربيعة القصير] (2) ربيعة بن يزيد القصير الدمشقي. سمع أبا إدريس الخولاني، وعبد الله بن عامر اليحصبي، وقزعة، ومسلم بن قرظة. روى عنه معاوية، وسعيد بن عبد العزيز. ذكره الذهبي فيمن توفي سنة ثلاث وعشرين ومائة (3). 591 - [زبيد بن الحارث] (4) زبيد بن الحارث بن عبد الكريم اليامي، من بني يام بن دافع بن مالك بن همدان الكوفي أبو عبد الرحمن.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 240)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 119)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 259)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 172)، و «مرآة الجنان» (1/ 260)، و «شذرات الذهب» (2/ 97). (2) «تهذيب الكمال» (9/ 148)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 92)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 601)، و «شذرات الذهب» (2/ 97). (3) انظر «تاريخ الإسلام» (8/ 92). (4) «طبقات ابن سعد» (8/ 426)، و «الجرح والتعديل» (3/ 623)، و «الإكمال» (4/ 170)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 296)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 96)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 623)، و «شذرات الذهب» (2/ 95).

592 - [ابن شهاب الزهري]

سمع الشعبي، وإبراهيم النخعي، ومجاهدا، وإبراهيم التيمي وغيرهم. روى عنه الثوري، وشعبة، ومحمد بن طلحة وغيرهم. توفي سنة ثلاث-أو أربع أو اثنتين-وعشرين ومائة. 592 - [ابن شهاب الزهري] (1) محمد بن مسلم بن عبد الله بن عبيد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري المدني، أحد أئمة التابعين والفقهاء المحدثين. رأى عشرة من الصحابة، وسمع سهل بن سعد، وأنس بن مالك، ومحمود بن الربيع، وغيرهم من الصحابة والتابعين. وروى عنه عمرو بن دينار، وصالح بن كيسان، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وغيرهم من الأئمة. وكان من أحفظ الناس في وقته وأحسنهم سياقا للمتون، حفظ علم الفقهاء السبعة. قال عمر بن عبد العزيز ومكحول: لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية من الزهري. وكان معظما وافر الحرمة عند هشام بن عبد الملك، أعطاه مرة سبعة آلاف دينار قال عمرو بن دينار: ما رأيت الدرهم والدينار عند أحد أهون منه عند الزهري، كأنها عنده بمنزلة البعر، استقضاه يزيد بن عبد الملك. وتوفي يوم سابع عشر رمضان سنة أربع وعشرين ومائة. 593 - [ابن أبي بزة] (2) القاسم بن نافع بن أبي بزة-واسم أبي بزة: يسار-المكي أبو عبد الله، أصله من همدان، ويقال: إن أباه نافعا مولى لبعض أهل مكة، قيل: إنه مولى عبد الملك بن السائب بن صيفي المخزومي.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 429)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 90)، و «وفيات الأعيان» (4/ 177)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 326)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 227)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 24)، و «مرآة الجنان» (1/ 260)، و «البداية والنهاية» (9/ 394)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 696)، و «شذرات الذهب» (2/ 99) (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 40)، و «الجرح والتعديل» (7/ 122)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 203)، و «العبر» (1/ 158)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 408)، و «شذرات الذهب» (2/ 99).

594 - [هشام بن عبد الملك]

سمع القاسم سعيد بن جبير، وأبا الطفيل. وروى عنه ابن جريج، وشعبة وغيرهما. توفي سنة أربع وعشرين ومائة. 594 - [هشام بن عبد الملك] (1) هشام بن عبد الملك بن مروان القرشي الأموي الخليفة أبو الوليد. أتته الخلافة على البريد وهو مقيم بالرّصافة، فركب منها إلى دمشق لليال بقين من شعبان في سنة خمس ومائة. وتوفي في الرّصافة المعروفة بقنسرين لست خلون من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة بالذبحة وعمره خمس-أو أربع-وخمسون سنة، ومدة ولايته عشرون سنة إلا خمسة أشهر. وكان ذا رأي وحزم وحلم وجمع للمال، حج في سنة فلقيه سعيد بن عبد الله بن الوليد بن عثمان، وراوده على إعادة لعن علي رضي الله عنه على المنبر، فلم يوافقه هشام على ذلك، وكان عمر بن عبد العزيز قد رفع ذلك وجعل عوضه {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى.} خرج مرة يتصيد، فطردت الكلاب ظبيا، وتبعها هشام وحده فوجد صغيرا يرعى الغنم، فصاح به: يا صبي؛ دونك الظبي لا يفوتك، فخاطبه الصبي بكلام قبيح، ونسبه إلى سوء الأدب لبداءته بالكلام قبل السلام، فقال له: أنا هشام بن عبد الملك، قال الصبي: لا قرب الله دارك ولا حيا مزارك، فما استتم الصبي كلامه حتى أحدقت به الخيول والعساكر، فأمرهم باحتفاظ الغلام، فلما وصل إلى سرير ملكه، وأحدقت به الأمراء والوزراء، والصبي ساكت .. فقال له بعض الوزراء: يا كلب العرب؛ ما منعك أن تسلم على أمير المؤمنين، فقال الصبي: يا برذعة الحمار؛ منعني طول الطريق وبهر الدرجة (2)،

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 200)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 351)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 282)، و «العبر» (1/ 160)، و «البداية والنهاية» (9/ 406)، و «مرآة الجنان» (1/ 261)، و «مآثر الإنافة» (1/ 150)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 291)، و «شذرات الذهب» (2/ 102). (2) البهر: تتابع النّفس من الإعياء والتعب.

595 - [سعيد المقبري]

فقال له بعض الحاضرين: يا جحش العرب؛ بلغ من فضولك أن خاطبت أمير المؤمنين كلمة بكلمة، فقال: رمتك الجندل ولأمك الهبل، أما سمعت قول الله عزّ وجل في كتابه المنزل على نبيه المرسل: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها} فإذا كان الله تعالى يجادل جدالا فمن هشام حتى لا يخاطب خطابا؟ ! فأمر هشام بضرب عنقه، فضحك الصبي، فقال له هشام: أنت في الممات وأنت تضحك، أتهزأ بنا أم بنفسك؟ فقال: يا أمير المؤمنين؛ اسمع مني كلمتين وافعل ما بدا لك، قال: قل فو الله؛ إن هذا أول أوقاتك من الآخرة، وآخر أوقاتك من الدنيا، فقال: الصبي فو الله؛ إن كان في المدة تقصير وفي الأجل تأخير .. لا يضرني من كلامك هذا لا قليل ولا كثير، ولكن يا أمير المؤمنين؛ أبيات من الشعر حضرتني فاسمعها مني، قال: قل، فقال الصبي: [من الكامل] نبئت أن الباز صادف مرة … عصفور بر ساقه المقدور فتكلم العصفور في أظفاره … والباز منهمك عليه يطير ما فيّ ما يغني لمثلك شبعة … ولئن أكلت فإنني لحقير فتعجب الباز المدل بنفسه … عجبا وأفلت ذلك العصفور فضحك هشام وقال: والله؛ لو تلفظ بهذا الكلام في أول أوقاته وطلب ما دون الخلافة .. لأعطيته، يا فلان؛ احش فاه درا وجوهرا، وأعطاه الجائزة والكسوة، وسرحه إلى أهله مسرورا. ولما قارب هشام الوفاة .. أغلق الخزان الأبواب، فطلبوا قمقما يسخن فيه الماء لغسله، فما وجدوا حتى استعاروا من الجيران، فقال الحاضرون: إن في هذا لمعتبرا لمعتبر. وقيل: إنه أغمي عليه، ثم أفاق إفاقة التمس فيها من الخزان شيئا، فحيل دونه، فقال: أرانا كنا خزانا للوليد، ثم قضى فكفنه غالب مولاه. 595 - [سعيد المقبري] (1) سعيد بن أبي سعيد-واسم أبي سعيد: كيسان-المدني المعروف بالمقبري لسكناه المقبرة، وأبو سعيد مولى بني ليث.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 424)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 219)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 216)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 116)، و «مرآة الجنان» (1/ 263)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 22).

596 - [أشعث بن أبي الشعثاء]

روى عن سعد بن أبي وقاص، وأكثر عن أبي هريرة، وروى عن أبي شريح الكعبي، وأبي سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم. روى عنه مالك بن أنس، وابن أبي ذئب، وعبيد الله بن عمر، ويحيى بن سعيد الأنصاري. قال الواقدي: كبر حتى اختلط قبل موته بأربع سنين، وتوفي في سنة خمس وعشرين ومائة؛ أي: السنة التي توفي فيها هشام بن عبد الملك، كذا في «تاريخ اليافعي» (1). وفي غيره: أنه مات أول خلافة هشام بن عبد الملك، والله سبحانه أعلم. 596 - [أشعث بن أبي الشعثاء] (2) أشعث بن أبي الشعثاء سليم بن الأسود المحاربي الكوفي أبو الشعثاء. سمع أباه، ومعاوية بن سويد، والأسود بن يزيد، والأسود بن هلال، وجعفر بن أبي ثور وغيرهم. روى عنه شعبة، والثوري، وأبو عوانة، وأبو إسحاق الشيباني وغيرهم. وتوفي سنة خمس وعشرين ومائة. 597 - [محمد بن علي والد السفاح] (3) محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي أبو عبد الله والد السفاح والمنصور. سمع أباه، وروى عنه هشام بن عروة، وحبيب بن أبي ثابت وغيرهما. وكان وسيما جميلا مهيبا نبيلا، وكان دعاة بني العباس يكاتبونه ويلقبونه بالإمام. وكان سبب انتقال الخلافة إلى بني العباس أن الشيعة كانت تعتقد إمامة محمد ابن الحنفية

(1) انظر «مرآة الجنان» (1/ 263). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 437)، و «تهذيب الكمال» (3/ 271)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 39)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 275)، و «مرآة الجنان» (1/ 263)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 179). (3) «تاريخ الإسلام» (8/ 223)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 103)، و «مرآة الجنان» (1/ 263)، و «البداية والنهاية» (10/ 416)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 653)، و «شذرات الذهب» (2/ 106).

598 - [زيد بن أبي أنيسة]

بعد أخيه الحسين، فلما توفي ابن الحنفية .. انتقل الأمر إلى ولده أبي هاشم، وكان عظيم القدر، وكانت الشيعة تتوالاه، فحضرته الوفاة بالشام ولا عقب له، فأوصى إلى محمد بن علي المذكور وقال له: أنت صاحب هذا الأمر، وهو في ولدك، ودفع إليه كتبه، وصرف الشيعة نحوه، فوصل سليمان بن كثير ومالك بن الهيثم في جماعة من الشيعة إلى محمد بن علي المذكور وهو بمكة، وأعطوه مالا وكساء، وأخبروه بفعل أبي مسلم وكفاءته وشهامته، فقال لهم محمد: ما أظنكم تلقوني بعد عامي هذا، فإن حدث بي حدث .. فصاحبكم إبراهيم بن محمد؛ يعني: ولده وقد أوصيته بكم وأوصيتكم به، فانصرفوا من عنده، وكان تحول من الحميمة إلى كداب واتخذها وطنا، فتوفي بها لمستهل ذي القعدة سنة خمس وعشرين ومائة وهو ابن ثلاث وستين سنة، وكان بين وفاة محمد ووفاة أبيه علي بن عبد الله سبع سنين، ولما كتب نصر بن سيّار إلى مروان بن محمد بأنه ظهر بخراسان شخص يدعو إلى إبراهيم بن محمد .. كتب مروان إلى عامله بالبلقاء أن يرسل إليه إبراهيم بن محمد، فأرسل به إليه، فحبسه حتى مات في الحبس، فتحيل بعض الشيعة ودخل عليه الحبس قبل موته كأنه يطالبه بدين له، فقال: إلى أين تأمرني؟ فقال: إلى عبد الله بن الحارثية؛ يعني: أخاه السفاح، فعلموا أنه أوصى له بالخلافة. هذا خلاصة الأمر في مصير الخلافة إلى بني العباس، والله سبحانه أعلم. 598 - [زيد بن أبي أنيسة] (1) زيد بن أبي أنيسة-ويقال: إن اسم ابن أبي أنيسة زيد أيضا-الغنوي مولاهم أبو أسامة الجزري الرّهاوي-بضم الراء-لأنه سكن الرها. سمع الحكم بن عتيبة، وعمرو بن مرة وغيرهما. وروى عنه عبيد الله بن عمرو الرقي، وعطاء بن أبي رباح وغيرهما. وتوفي سنة خمس وعشرين ومائة عن أربعين سنة. وكان أحد علماء الجزيرة وحفاظها، ورأى جماعة من التابعين.

(1) «سير أعلام النبلاء» (6/ 88)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 108)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 139)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 42)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 659)، و «شذرات الذهب» (2/ 107).

599 - [زياد بن علاقة]

599 - [زياد بن علاقة] (1) زياد بن علاقة الثعلبي الكوفي أبو مالك. سمع جرير بن عبد الله، والمغيرة بن شعبة، وأدرك ابن مسعود، وسمع عمه قطبة بن مالك، وعمرو بن ميمون وغيرهم. وروى عنه السفيانان، ومسعر، وشريك، وشعبة وغيرهم. وتوفي سنة خمس-أو ست-وعشرين ومائة. 600 - [الوليد بن يزيد بن عبد الملك] (2) الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان. بويع له في اليوم الذي مات فيه عمه هشام بن عبد الملك، كان نازلا بالأزرق على ماء يقال له: الأغدف، فأتاه موليان له على البريد وهو راكب، فسلما عليه بالخلافة، فوجم وقال لما رآهما من بعد: لقد جاءا بموت أو ملك عاجل. وكان من أجمل الناس وأقواهم وأجودهم، كريما سمحا، لم يقل في شيء سأله: لا، وأجرى على الزمنى والعيال، وأمر لكل واحد منهم بخادم، وأخرج لعيالات الناس الكساء والطيب، وزاد الناس جميعا في العطاء عشرات، وزاد أهل الشام خاصة بعد زيادات العشرات عشرة عشرة، وكان مع ذلك خليعا ماجنا، تدل أفعاله على فساد دينه، والله أعلم بسريرته. يقال: إنه تفاءل في المصحف، فخرج له {وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنِيدٍ} فجعل المصحف غرضا للسهام وكان يرميه ويقول: [من الوافر] أتوعد كل جبار عنيد … فهأنا ذاك جبار عنيد إذا وافيت ربك يوم حشر … فقل يا رب مزقني الوليد

(1) «سير أعلام النبلاء» (5/ 215)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 101)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 651)، و «شذرات الذهب» (2/ 107). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 209)، و «المنتظم» (4/ 712)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 299)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 370)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 287)، و «مرآة الجنان» (1/ 264)، و «البداية والنهاية» (10/ 419)، و «مآثر الإنافة» (1/ 156)، و «شذرات الذهب» (2/ 108).

601 - [يزيد الناقص]

ومن هنا حرم الشافعي التفاؤل بالمصحف. وعقد الخلافة لابنيه الحكم وعثمان، وجعلهما وليّي عهده من بعده. وكان من أسباب فساد أمره: أنه أفسد اليمانية وهم جند أهل الشام، وضرب سليمان بن هشام بن عبد الملك مائة سوط، وحلق رأسه ولحيته وغربه إلى عمان، وكان يزيد بن الوليد بن عبد الملك يسعى في خلع الوليد بن يزيد سرا حتى استوثق له ما يريده، فدخل يزيد دمشق سرا على الحمير في عدد قليل وقد بايعه أكثر الناس، وانحل أمر الوليد بن يزيد، فدخلوا عليه القصر وهو في قميص وسراويل وشي، ومعه سيف في غمد، وعنده المغنين، فقتل لليلتين بقيتا من جمادى الآخر سنة ست وعشرين ومائة، فمدة ولايته سنة وشهران وأيام، وعمره نيف وأربعون سنة، ولما قتل بويع ليزيد بن الوليد. 601 - [يزيد الناقص] (1) يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان، ويلقب بالناقص؛ لأنه نقص الجند في عطياتهم، بويع له يوم قتل الوليد بن يزيد. وكان فيه عدل وخير ودين؛ ولذلك يقال: الأشج والناقص أعدلا بني مروان، ويعنون بالأشج: عمر بن عبد العزيز، وبالناقص: يزيد المذكور، ولكن كان قدريا. قال الشافعي رضي الله عنه: ولي يزيد بن الوليد فدعا الناس إلى القدر وحملهم عليه. [ثم اضطرب حبل] (2) بني مروان، فاجتمع أهل فلسطين على يزيد بن سليمان بن عبد الملك، فدعاهم إلى قتال يزيد بن الوليد، ثم رابطهم يزيد بما أخجلهم، ووثب أهل حمص بأسباب العباس بن الوليد وكان مقيما بها، فهرب منهم فحبسوا بنيه وسلبوا حرمه، وأظهروا الطلب بدم الوليد، فحاربهم يزيد حتى دخلوا في طاعته، وأظهر مروان بن محمد بن مروان الخلاف والطلب بدم الوليد بن يزيد. وتوفي يزيد في ذي الحجة سنة ست وعشرين ومائة، فمدة ولايته خمسة أشهر ويومان، وعمره اثنتان وثلاثون سنة.

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 261)، و «المنتظم» (4/ 715)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 308)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 374)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 311)، و «مرآة الجنان» (1/ 264)، و «البداية والنهاية» (10/ 423)، و «مآثر الإنافة» (1/ 158)، و «شذرات الذهب» (2/ 108). (2) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الطبري» (7/ 262).

602 - [عمرو بن دينار]

602 - [عمرو بن دينار] (1) عمرو بن دينار اليمني الصنعاني المكي، قيل: إنه مولى موسى بن باذام مولى بني جمح، وقيل: باذان عامل كسرى على اليمن، وقيل: إنه من أبناء الفرس الذين أرسلوا مع سيف بن ذي يزن وتوالدوا في اليمن. تفقه بابن عباس، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وجابر بن زيد، وطاوس، والزهري، وسعيد بن جبير. وسكن مكة، وعده الشيخ أبو إسحاق هو وعطاء في فقهاء التابعين بمكة. أخذ عنه سفيان بن عيينة، وعبد الملك بن جريج. قيل لعطاء: بمن تأمرنا؟ قال: بعمرو بن دينار. وقال طاوس لابنه: يا بني؛ إذا دخلت مكة .. فجالس عمرو بن دينار، فإن أذنيه قمع العلماء؛ يعني بالقمع-بكسر القاف وفتح الميم وعين مهملة-: إناء واسع الأعلى ضيّق الأسفل، يصب فيه الدهن ونحوه، فينزل في إناء تحته لئلا يتبدد. توفي في أوائل سنة ست وعشرين ومائة، عن ثمانين سنة، قال سفيان: وكان عمرو بن دينار يقول: جاوزت السبعين. 603 - [عبد الرحمن بن القاسم] (2) عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي المدني أبو محمد، أمه: أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وقيل: قريبة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. حكى الزبير بن بكار: أنه ولد في حياة عائشة رضي الله عنها.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 40)، و «الجرح والتعديل» (6/ 231)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 27)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 300)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 186)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 269)، و «شذرات الذهب» (2/ 115). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 452)، و «الجرح والتعديل» (5/ 278)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 303)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 163)، و «مرآة الجنان» (1/ 265)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 545)، و «شذرات الذهب» (2/ 115)

604 - [سعيد والد سفيان الثوري]

وقال الكرابيسي: عداده في التابعين. سمع أباه القاسم وغيره، وروى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد العزيز بن أبي سلمة. وكان إماما ورعا كثير العلم، قدم الشام على الوليد بن يزيد بن عبد الملك، فتوفي بأرض حوران، وقيل: بالمدينة سنة ست وعشرين ومائة، وقيل: سنة إحدى وثلاثين ومائة. 604 - [سعيد والد سفيان الثوري] (1) سعيد بن مسروق بن عدي الثوري، والد الإمام سفيان الثوري الكوفي. سمع عباية بن رفاعة، وعبد الرحمن بن أبي نعم، والشعبي وغيرهم. روى عنه ابنه سفيان، وشعبة. توفي سنة ست-أو ثمان-وعشرين ومائة. 605 - [خالد القسري] (2) خالد بن عبد الله القسري، ولي إمرة مكة، ثم العراق مدة، وكان من خطباء العرب المشهورين بالفصاحة والبلاغة، يقال: إنه في بعض الجمع مدح الحجاج بن يوسف وأطنب في وصفه ومدحه، فوصله في الجمعة الأخرى كتاب من سليمان بن عبد الملك بأن يذم الحجاج، فصعد المنبر وقال: إن إبليس كان يظهر من طاعة الله ما ظنت الملائكة به أنه أفضلهم عند الله ولم يطلعوا على ما انطوى عليه من خبث السريرة، فلما أطلعهم على حقيقة حاله .. لعنوه، وكذلك الحجاج، كان يظهر لنا من طاعة أمير المؤمنين ما كنا نرى له الفضل علينا به، ولما ظهر لأمير المؤمنين ما انطوى عليه من قبح السيرة وسوء السريرة .. أمرنا بذمه، فالعنوه لعنة وذموه ذما شنيعا بليغا.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 445)، و «الجرح والتعديل» (4/ 66)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 117)، و «مرآة الجنان» (1/ 265)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 42). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 254)، و «وفيات الأعيان» (2/ 226)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 425)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 82)، و «مرآة الجنان» (1/ 265)، و «البداية والنهاية» (10/ 429)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 524).

وكان خالد جوادا أيضا، يحكى: أنه دخل عليه شاعر يوم جلوسه للشعراء، وكان قد مدحه ببيتين، فلما رأى اتساع الشعراء في قولهم .. استصغر قوله فسكت حتى انصرفوا، فقال خالد: ما حاجتك؟ قال: مدحت الأمير ببيتين، فلما سمعت قول الشعراء .. احتقرت بيتي، قال: وما هما؟ فأنشده: [من الطويل] تبرعت لي بالجود حتى نعشتني … وأعطيتني حتى حسبتك تلعب فأنت الندى وابن الندى وأبو الن‍ … دى حليف الندى ما للندى عنك مذهب فقال له: حاجتك؟ قال: عليّ دين، فأمر له بقضائه، وأعطاه مثله. وذكر الطبري في «تاريخه»: (أن هشام بن عبد الملك كتب إلى خالد: بلغني أن رجلا قام إليك فقال: إن الله جواد وأنت جواد، وإن الله كريم وأنت كريم إلى أن عد عشر خصال، فو الله؛ لئن لم تخرج من هذا .. لأستحلن دمك، فكتب إليه خالد: نعم يا أمير المؤمنين؛ قام إلي فلان وقال: إن الله كريم يحب الكريم، فأنا أحبك بحب الله إياك، ولكن أشد من هذا قيام ابن شقي الحميري إلى أمير المؤمنين فقال: خليفتك أحب إليك أم رسولك؟ فقال: بل خليفتي، قال: أنت خليفة الله ومحمد رسول الله، والله؛ لقتل رجل من بجيلة أهون على العامة والخاصة من كفر أمير المؤمنين) (1). ثم إن هشاما عزل خالدا عن العراقين، وولى يوسف بن عمر ابن ابن عم الحجاج بن يوسف مكانه، وأمر بمحاسبة خالد وعماله، فحبس خالدا وعذبه بالحيرة منزل النعمان بن المنذر أحد ملوك العرب على فرسخ من الكوفة، يقال: إنه وضع قدميه بين خشبتين وعصرهما حتى انقصفتا، ثم إلى وركيه، ثم إلى صلبه، فلما انقصف صلبه .. مات، وهو مع ذلك لا يتأوه ولا ينطق، وكان يوسف بن عمر الثقفي قد جعل على خالد كل يوم حمل قدر معلوم من الدراهم، إن لم يقم به ذلك اليوم .. عذبه، وكان قد حصل من قسط يوم من الأيام سبعين ألف درهم، فدخل عليه أبو الأشعث العبسي إلى السجن وأنشده: [من الطويل] ألا إن خير الناس حيا وميتا … أسير ثقيف عندهم في السلاسل لعمري لقد عمرتم السجن خالدا … وأوطأتموه وطأة المتثاقل لقد كان نهّاضا بكل ملمة … ومعطي اللها غمرا كثير النوافل وقد كان يبني المكرمات لقومه … ويعطي اللها في كل حق وباطل

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 257).

606 - [جبلة بن سحيم]

ويعني باللها: العطية، يقال: فلان يعطي اللها إذا كان جوادا يعطي الشيء الكثير، فدفع إليه السبعين ألف درهم التي كان أعدها لافتداء عذاب ذلك اليوم، وقال: اعذرني فقد ترى ما أنا فيه، فقال له: لم أمدحك لمال وأنت في هذه الحالة، ولكن لمعروفك وإفضالك السابق، فأنفذها إليه ثانيا وأقسم عليه ليأخذنها، فأخذها، وبلغ ذلك يوسف بن عمر، فدعاه وقال: ما جرأك على فعلك، ألم تخش العذاب؟ قال: لأن أموت عذابا أسهل عليّ من كفّي شيئا على من مدحني. ومات خالد تحت العذاب في سنة ست وعشرين ومائة. ويقال: إن خالدا كان من ولد شقّ الكاهن، وإن شقا ابن خالة سطيح الكاهن، وإن سطيحا وشقا ولدا في يوم واحد، وهو اليوم الذي ماتت فيه طريفة الكاهنة الحميرية زوجة عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء، وإنهما لما ولدا دعت لكل واحد منهما، وتفلت في فمه، وزعمت أنه سيخلفها في كهانتها، ثم ماتت لساعتها، وعاش كل واحد من سطيح وشقّ ست مائة سنة، وهما اللذان بشرا بالنبي صلّى الله عليه وسلم في قصة رؤيا التّبّعي كما هو مشهور في السيرة. يقال: إن سطيحا كان جسدا ملقى لا جوارح له، وكان وجهه في صدره، ولم يكن له رأس ولا عنق، وكان لا يقدر على الجلوس، فإذا غضب انتفخ فجلس، وكان يطوى مثل الأديم، وينقل من مكان إلى مكان إذا أراد الانتقال، وإن شقا كان نصف إنسان، وكانت له يد واحدة، وفتح عليهما في الكهانة ما هو مشهور عنهما. 606 - [جبلة بن سحيم] (1) جبلة بن سحيم التيمي-ويقال: الشيباني أبو سريرة-الكوفي. سمع ابن عمر، وروى عنه شعبة، والثوري، وأبو إسحاق الشيباني. وتوفي سنة ست وعشرين ومائة، كما في «الذهبي» (2).

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 429)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 315)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 61)، و «العبر» (1/ 162)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 290)، و «شذرات الذهب» (2/ 112) (2) انظر «العبر» (1/ 162).

607 - [سليمان بن حبيب]

607 - [سليمان بن حبيب] (1) سليمان بن حبيب المحاربي أبو ثابت الدمشقي. سمع أبا أمامة الباهلي، وروى عنه الأوزاعي. وولي القضاء لهشام بن عبد الملك، وقال الطبري: (للوليد بن عبد الملك) (2)، وقيل: لعمر بن عبد العزيز. توفي سنة ست وعشرين-وقيل: سنة عشرين-ومائة. 608 - [عبيد الله بن أبي يزيد] (3) عبيد الله-مصغرا-ابن أبي يزيد مولى أهل مكة-ويقال: مولى آل قارظ بن شيبة- الكناني المكي. سمع ابن عباس، ومجاهدا، ونافع بن جبير وغيرهم. وروى عنه ابن [المنكدر] (4)، وحماد بن زيد، وابن جريج وغيرهم. ومات سنة ست وعشرين ومائة عن ست وثمانين سنة. 609 - [يوسف بن عمر الثقفي] (5) يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم الثقفي ابن ابن عم الحجاج بن يوسف. ولاه هشام بن عبد الملك اليمن فلم يزل واليا عليها حتى كتب له هشام: أن سر إلى العراق فقد وليتك إياه، وإياك أن يعلم بك، واشفني من ابن النصرانية؛ يعني: خالد بن

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 459)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 309)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 121)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 359)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 87)، و «شذرات الذهب» (2/ 115). (2) «تاريخ الطبري» (6/ 491). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 42)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 242)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 170)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 31)، و «شذرات الذهب» (2/ 16). (4) بياض في الأصول، والاستدراك من «تهذيب التهذيب» (3/ 31). (5) «تاريخ الطبري» (7/ 142)، و «وفيات الأعيان» (7/ 101)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 311)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 442)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 315)، و «مرآة الجنان» (1/ 267)، و «شذرات الذهب» (2/ 117).

عبد الله القسري؛ فإن أمه كانت نصرانية، وكان خالد واليا على العراق، فاستخلف يوسف ابنه الصلت على اليمن، وسار إلى العراق في سبعة عشر يوما، ودخل المسجد مع الفجر، فأمر المؤذن بالإقامة، فقال: حتى يأتي الإمام، فانتهره فأقام، وتقدم يوسف يصلي، وقرأ: (إذا وقعت الواقعة) (وسأل سائل)، ثم أرسل إلى خالد وخليفته طارق وأصحابهما، وكان طارق قد ختن ابنه، فأهدي إليه ألف عتيق، وألف وصيف، وألف وصيفة، سوى المال والثياب، فحبس يوسف خالدا، فصالحه أبان بن الوليد عنه وعن أصحابه بتسعة آلاف ألف درهم، ثم ندم يوسف بن عمر، وقيل له: لو لم تقبل منه هذا المال .. لأخذت منه مائة ألف ألف درهم، فانتقض في الصلح، وحبس خالدا، ولم يزل يعاقبه حتى مات في العذاب في سنة ست وعشرين ومائة كما تقدم قريبا (1). فلما ولي الخلافة يزيد بن الوليد ولى العراق منصور بن جمهور، فلما بلغ ذلك يوسف بن عمر .. هرب وسلك طريق السماوة حتى أتى البلقاء، وكان أهله بها، فاستخفى عندهم ولبس زي النساء، وجلس بينهن، فبلغ يزيد بن الوليد خبره، فلم يزل يبحث عنه حتى دل على موضعه، فأرسل من قبضه من بين نسائه وبناته، فجاءوا به في وثاق، فحبسه يزيد عند الحكم وعثمان ابني الوليد بن يزيد، وكان يزيد بن الوليد حبسهما عند قتله أباهما في الخضراء، وهي دار بدمشق مشهورة قبليّ جامعها، قال ابن خلكان: (وقد خربت ومكانها معروف عندهم) (2). فلم يزل يوسف بن عمر مسجونا إلى أن ولي مروان بن محمد، فخاف جماعة إبراهيم بن الوليد الذي كان خليفة قبل مروان بن محمد أن يدخل مروان فيخرج الحكم وعثمان ابني الوليد بن يزيد من السجن؛ لأن خروج مروان ابتداء إنما كان لطلبه بدم أبيهما، فأجمع رأيهم على قتلهما، فأرسلوا يزيد بن خالد القسري ليتولى ذلك، فانتدب في جماعة من أصحابه لذلك، فدخلوا السجن وشدخوا الغلامين بالغمد، وأخرجوا يوسف بن عمر فضربوا عنقه؛ لكونه قتل خالد بن عبد الله القسري والد يزيد المذكور، وذلك في سنة سبع وعشرين ومائة، ولما قتلوه وأخذوا رأسه من جسده .. شدوا في رجليه-وقيل: في مذاكيره -حبلا، فجعل الصبيان يجرونه في شوارع دمشق.

(1) انظر (2/ 86). (2) «وفيات الأعيان» (7/ 111).

610 - [عبد الله بن دينار]

قال بعضهم: ثم رأيت بعد ذلك يزيد بن خالد القسري-قاتله-في مذاكيره حبل وهو يجر به في ذلك الموضع، نعوذ بالله من جميع الشرور، ونسأله حسن عاقبة الأمور، آمين آمين. 610 - [عبد الله بن دينار] (1) عبد الله بن دينار مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب. سمع مولاه، وسليمان بن يسار، وأبا صالح السمان، ونافعا وغيرهم. وروى عنه مالك، وسليمان بن بلال، وشعبة، وموسى بن عقبة وغيرهم. ومات سنة سبع وعشرين ومائة. 611 - [عمير بن هاني] (2) عمير بن هاني العنسي-بالنون-أبو الوليد الشامي الدمشقي. روى عن أبي هريرة، ومعاوية، وجنادة بن أبي أمية. وروى عنه الأوزاعي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر. قيل: كان يسبح كل يوم مائة ألف إلا أن تخطئ الأصابع. توفي سنة سبع وعشرين ومائة. 612 - [عبد الكريم بن مالك] (3) عبد الكريم بن مالك الجزري-نسبة إلى جزيرة ابن عمر-أبو سعيد الأموي مولى

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 503)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 252)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 147)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 162)، و «مرآة الجنان» (1/ 269)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 328)، و «شذرات الذهب» (2/ 118). (2) «سير أعلام النبلاء» (5/ 421)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 195)، و «مرآة الجنان» (1/ 269)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 328)، و «شذرات الذهب» (2/ 118). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 486)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 307)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 80)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 167)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 87)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 602)، و «شذرات الذهب» (2/ 119).

613 - [وهب بن كيسان]

عثمان بن عفان، ويقال: مولى معاوية بن أبي سفيان، ويقال له: الحراني لأنه سكن حران أيضا. سمع مجاهدا، وعكرمة، وطاووسا وغيرهم. روى عنه الثوري، وابن جريج، ومعمر وغيرهم، وكان حافظا. توفي سنة سبع وعشرين ومائة. 613 - [وهب بن كيسان] (1) وهب بن كيسان الأسدي مولاهم مولى عبد الله بن الزبير، يكنى: أبا نعيم. سمع جابر بن عبد الله، وعمر بن أبي سلمة، ومحمد بن عمرو بن عطاء، وعبيد بن عمير الليثي وغيرهم. روى عنه هشام بن عروة، ومالك بن أنس، وعبيد الله بن عمر وغيرهم. ومات سنة سبع-أو تسع-وعشرين ومائة. 614 - [سعد بن إبراهيم الزهري] (2) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إبراهيم، ويقال: أبو إسحاق، من أجلة التابعين وفقهائهم وصالحيهم. قال شعبة: كان يصوم الدهر ويختم كل يوم. سمع أباه، وعبد الله بن جعفر، وأبا سلمة بن عبد الرحمن، وخلقا سواهم. روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وشعبة، ومسعر، والثوري وغيرهم. وولي قضاء المدينة. وتوفي سنة سبع-أو ست أو خمس-وعشرين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 505)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 226)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 295)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 331)، و «شذرات الذهب» (2/ 119). (2) «سير أعلام النبلاء» (5/ 418)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 111)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 148)، و «مرآة الجنان» (1/ 269)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 689)، و «شذرات الذهب» (2/ 119).

615 - [أبو إسحاق السبيعي]

615 - [أبو إسحاق السبيعي] (1) أبو إسحاق السبيعي، واسمه: عمرو بن عبد الله ابن ذي يحمد-ويقال: ابن عبد الله بن علي-الهمداني، -وسبيع: بطن من همدان-الكوفي شيخ الكوفة وعالمها. سمع البراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وحارثة بن وهب، والنعمان بن بشير، وسليمان بن صرد، وعبد الله بن يزيد الخطمي وغيرهم. روى عنه شعبة، وإسرائيل، والثوري، ومسعر، وسليمان بن معاذ، وخلق سواهم. قال شريك: سمعت أبا إسحاق يقول: ولدت في سنتين من خلافة عثمان رضي الله عنه. وتوفي سنة سبع-أو ست-وعشرين ومائة. 616 - [مالك بن دينار] (2) مالك بن دينار الإمام الزاهد العابد الصالح المشهور، يكنى: أبا يحيى. كان عالما زاهدا ورعا لا يأكل إلا من كسب يده، يكتب المصاحف بالأجرة، يقال: إنه أقام أربعين سنة لا يأكل من رطب البصرة ولا من تمرها، وإنه وقع حريق بالبصرة، فقال شباب الحي: بيت أبي يحيى مالك بن دينار، فخرج من منزله متزرا ببارية وبيده مصحف وقال: فاز-أو نجا-المخفون. وقال له شخص: يا أبا يحيى؛ ادع الله لامرأة حبلى منذ أربع سنين قد أصبحت في كرب شديد، فغضب مالك ثم أطبق المصحف وقال: ما يرى هؤلاء القوم إلا أنّا أنبياء، ثم قرأ ثم دعا فقال: اللهم؛ هذه المرأة إن كان في بطنها جارية .. فأبدلها بها غلاما؛ فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، ثم رفع مالك يده فما حطّها حتى طلع الرجل من باب

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 431)، و «وفيات الأعيان» (3/ 459)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 392)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 190)، و «مرآة الجنان» (1/ 269)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 284)، و «شذرات الذهب» (2/ 119). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 242)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 80)، و «وفيات الأعيان» (4/ 139)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 362)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 214)، و «مرآة الجنان» (1/ 269)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 11)، و «شذرات الذهب» (2/ 118).

617 - [بكير بن عبد الله]

المسجد وعلى رقبته غلام ابن أربع سنين قد استوت أسنانه وما قطع سراره. وقال مالك رحمه الله: لو قيل: ليخرج شر من في المسجد .. ما سبقني إلى الباب أحد. وقيل له: ألا تستسقي لنا، فقال: أنتم تنتظرون المطر، وأنا أنتظر الحجارة. وفضائله شهيرة، ومناقبة كثيرة. توفي سنة سبع وعشرين ومائة. 617 - [بكير بن عبد الله] (1) بكير بن عبد الله بن الأشج مولى أشجع-وقيل: مولى بني مخزوم، وقيل: مولى المسور بن مخرمة الزهري-أخو يعقوب، يكنى: أبا يوسف، أو أبا عبد الله. سمع نافعا، وسليمان بن يسار، وبسر بن سعيد، ويزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع وغيرهم. روى عنه الليث بن سعد، وعمرو بن الحارث، ومحمد بن عجلان وغيرهم. توفي سنة سبع-أو اثنتين-وعشرين، وقيل: سنة عشرين، وقيل: سنة سبع عشرة ومائة. 618 - [منصور بن زاذان] (2) منصور بن زاذان الواسطي مولى عبد الله بن أبي عقيل الثقفي، كان ينزل بالمبارك. سمع عطاء بن أبي رباح، والوليد بن مسلم وغيرهما. روى عنه هشيم، وأبو عوانة وغيرهما. ومات سنة سبع-أو تسع-وعشرين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 504)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 135)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 48)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 272)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 248)، و «شذرات الذهب» (2/ 95). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 313)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 441)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 543)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 156).

619 - [السدي]

619 - [السّدّي] (1) إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة الهاشمي-المعروف بالسّدّي-الأعور الكوفي، أصله حجازي، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة من بني عبد المطلب، يكنى: أبا محمد. سمع أنس بن مالك، وسعد بن عبيدة، ويحيى بن عباد. روى عنه أبو عوانة، والثوري وغيرهما. توفي سنة سبع وعشرين ومائة. 620 - [عاصم بن أبي النجود] (2) عاصم بن أبي النجود الأسدي مولاهم أبو بكر الكوفي، أحد القراء السبعة، ويقال له: عاصم ابن بهدلة، وهي أمه. قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش. وروى عنه، وعن عبدة بن أبي لبابة، وأبي بن كعب (3). روى عنه سفيان بن عيينة وغيره، وكان صالحا حجة في القرآن صدوقا في الحديث. توفي سنة ثمان وعشرين ومائة. 621 - [يحيى بن يعمر] (4) يحيى بن يعمر-بفتح الميم وضمها-البصري أبو سعيد-أو أبو سليمان-النحوي المقرئ من بني عوف بن بكر بن يشكر. لقي ابن عمر، وابن عباس، وغيرهما من الصحابة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 441)، و «الجرح والتعديل» (2/ 184)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 264)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 37)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 158)، و «شذرات الذهب» (2/ 117). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 438)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 256)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 138)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 204)، و «مرآة الجنان» (1/ 271)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 250). (3) يبعد أن يروي عاصم عن أبي بن كعب؛ لأن أبيّا توفي سنة (21 هـ‍)، فلعل الاسم تحرف عن أبي وائل شقيق بن سلمة، والله أعلم. (4) «طبقات ابن سعد» (9/ 372)، و «وفيات الأعيان» (6/ 173)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 441)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 502)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 401)، و «شذرات الذهب» (2/ 124).

622 - [أبو عمران الجوني]

وروى عنه السدوسي، وإسحاق العدوي. وهو أحد قراء البصرة، وانتقل إلى خراسان، وولي القضاء بمرو، وكان عالما بالقرآن العظيم والنحو واللغة، أخذ النحو عن أبي الأسود الدؤلي، وكان ممن يقول بتفضيل أهل البيت على غيرهم، ومن غير تنقيص لذي فضل من غيرهم. حكي أن الحجاج بن يوسف أشخصه من خراسان، فلما وقف بين يديه .. قال له: أنت الذي تزعم أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: والله؛ لألقينّ الأكثر منك شعرا أو لتخرجن من ذلك، قال: فهو أماني إن خرجت؟ قال: نعم، قال: فإن الله جل ثناؤه يقول: {وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ} إلى قوله تعالى: {كُلٌّ مِنَ الصّالِحِينَ} وما بين عيسى وإبراهيم أكثر مما بين الحسن والحسين ومحمد صلّى الله عليه وسلم، فقال الحجاج: ما أراك إلا قد خرجت، والله؛ لقد قرأتها وما علمت بها قط، فلله دره ما أحسن استنباطه مع شدة التهديد ممن يفرط في الوعيد، فقال له الحجاج: أين ولدت؟ فقال: بالبصرة، قال: أين نشأت؟ قال: بخراسان، قال: فأنّى لك هذه العربية؟ قال: رزق من الله، قال له الحجاج: هل ألحن؟ فسكت، فقال: أقسمت عليك، قال: أما إذا سألتني؛ فإنك ترفع ما يوضع، وتضع ما يرفع، قال الحجاج: ذلك والله اللحن السيّء، ويقال: إنه قال ليحيى بن يعمر: أتسمعني ألحن في القرآن؟ قال: نعم في حرف واحد: {قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ} إلى قوله تعالى: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ} فترفع (أحب)، قال الراوي: كأنه لما طال الكلام .. نسي ما بدأ به، فقال الحجاج: لا جرم لا تسمع لي لحنا، ثم كتب الحجاج إلى قتيبة بن مسلم عامله على خراسان: إذا جاء كتابي هذا .. فاجعل يحيى بن يعمر على قضائك والسلام. توفي يحيى سنة ثمان وعشرين ومائة. 622 - [أبو عمران الجوني] (1) أبو عمران الجوني، واسمه: عبد الملك بن حبيب الكندي-ويقال: الأزدي-البصري.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 237)، و «الجرح والتعديل» (5/ 346)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 255)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 168)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 609)، و «شذرات الذهب» (2/ 123).

623 - [أبو الزبير بن مسلم]

سمع أنس بن مالك، وجندب بن عبد الله. وروى عنه شعبة، وحماد بن زيد، وسلام بن أبي مطيع، وسليمان التيمي وغيرهم. وتوفي سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة. 623 - [أبو الزبير بن مسلم] (1) محمد بن مسلم بن تدرس المكي القرشي مولى حكيم بن حزام المعروف بأبي الزبير. سمع جابر بن عبد الله وغير واحد. وروى عنه ابن جريج، وهشام بن عروة، وأيوب السختياني، ومالك، والسفيانان وغيرهم. خرّج عنه مسلم فأكثر، وخرج البخاري له حديثا واحدا مقرونا بعطاء بن أبي رباح. توفي سنة ثمان وعشرين ومائة. 624 - [يزيد بن حميد] (2) يزيد بن حميد الضبعي-من بني ضبعة من أنفسهم-أبو التّيّاح، قيل: إنه لقب له، وكنيته: أبو حماد. سمع أنس بن مالك، وأبا عثمان النهدي، وأبا جمرة الضبعي وغيرهم. روى عنه شعبة، وإسماعيل ابن علية وغيرهما. وتوفي سنة ثمان وعشرين ومائة. 625 - [بكر بن سوادة] (3) بكر بن سوادة الجذامي، عداده في أهل مصر، يكنى: أبا ثمامة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 42)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 380)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 249)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 694)، و «شذرات الذهب» (2/ 123). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 237)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 251)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 306)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 409)، و «شذرات الذهب» (2/ 124). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 520)، و «جذوة المقتبس» (ص 169)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 250)، و «تاريخ-

626 - [يزيد بن أبي حبيب]

سمع عبد الرحمن بن جبير، وأبا سالم الجيشاني، ويزيد بن رباح. وحدث عن ثلاثة من الصحابة منهم سهل بن سعد الساعدي، وسفيان بن وهب الخولاني، وعن سعيد بن المسيب، والزهري، وأبي سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم. وروى عنه عمرو بن الحارث وغيره. وكان فقيها، وثقه يحيى بن معين. غرق في بحار الأندلس فمات في سنة ثمان وعشرين ومائة، وقيل: توفي بإفريقية في خلافة هشام بن عبد الملك. 626 - [يزيد بن أبي حبيب] (1) يزيد بن أبي حبيب الأزدي مولاهم، واسم: أبي حبيب سويد الناسخ. روى عن أبي الخير اليزني، وعطاء بن أبي رباح، وعراك بن مالك، ومحمد بن عمرو بن حلحلة. روى عنه الليث بن سعد، وسعيد بن أبي أيوب، وعمرو بن الحارث. وكان فقيه مصر وشيخها ومفتيها. قال الليث: هو سيدنا ومولانا. توفي سنة ثمان وعشرين ومائة. 627 - [عثمان بن عاصم] (2) عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي الكوفي أبو حصين بفتح الحاء. سمع الأسود بن هلال، وأبا وائل، وأبا صالح، والشعبي، وعمير بن سعد وغيرهم.

= الإسلام» (8/ 48)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 205)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 244)، و «شذرات الذهب» (2/ 122). (1) «طبقات ابن سعد» (9/ 520)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 31)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 304)، و «مرآة الجنان» (1/ 272)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 408)، و «شذرات الذهب» (2/ 124). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 439)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 412)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 173)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 69)، و «شذرات الذهب» (2/ 123).

628 - [خالد بن أبي عمران]

روى عنه شعبة، والثوري، وزائدة، ومالك بن مغول وغيرهم. توفي سنة ثمان وعشرين ومائة. 628 - [خالد بن أبي عمران] (1) خالد بن أبي عمران التّجيبي المصري التونسي، قاضي إفريقية، بل عالم المغرب وعابدها. سمع حنشا الصنعاني وغيره. وروى عنه زكريا بن أبي زائدة وغيره. وتوفي سنة تسع وعشرين ومائة. 629 - [يحيى بن أبي كثير] (2) يحيى بن أبي كثير-واسم أبي كثير: صالح-ابن المتوكل اليمامي الطائي أبو نصر، سكن اليمامة وهو مولى لطيء. سمع أبا قلابة، وعبد الله بن زيد، وأبا سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم. وروى عنه الأوزاعي، وحسين المعلم، وهشام الدستوائي، وغير واحد، وكان أحد الأعلام في الحديث. توفي سنة تسع وعشرين ومائة، أو التي بعدها. 630 - [يزيد بن القعقاع] (3) يزيد بن القعقاع الزاهد العابد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة-وقيل: مولى أم سلمة-قارئ المدينة، يكنى: أبا جعفر.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 530)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 378)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 86)، و «مرآة الجنان» (1/ 273)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 274)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 528)، و «شذرات الذهب» (2/ 125). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 116)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 27)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 297)، و «مرآة الجنان» (1/ 273)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 383)، و «شذرات الذهب» (2/ 125). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 426)، و «الجرح والتعديل» (9/ 285)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 287)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 310)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 172)، و «مرآة الجنان» (273/ 1، 280)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 504)، و «شذرات الذهب» (2/ 126).

631 - [سالم بن أبي أمية]

أخذ عن أبي هريرة، وابن عباس، وسمع عبد الله بن عمر، ويقال: إنه قرأ على زيد بن ثابت. وقرأ عليه نافع المقرئ المشهور، وسليمان بن مسلم، وله ذكر في «سنن أبي داود» (1) وهو أحد القراء العشرة. توفي سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل: في التي بعدها، وقيل: في التي قبلها، وقيل: في سنة اثنتين وثلاثين ومائة. 631 - [سالم بن أبي أمية] (2) أبو النضر سالم بن أبي أمية مولى عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي المدني. سمع أبا مرة مولى أم هاني، وبشر بن سعيد، وأبا سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم. روى عنه مالك، والسفيانان، وموسى بن عقبة، وعمرو بن الحارث وغيرهم. توفي سنة ثلاثين ومائة، وقيل: سنة تسع وعشرين. 632 - [علي بن زيد بن جدعان] (3) علي بن زيد بن جدعان التيمي القرشي الأعمى البصري، ويقال: المكي، نزل البصرة، ويكنى: أبا الحسن. سمع أنس بن مالك وغيره، وروى عنه حماد بن زيد وغيره. واختلفوا في توثيقه، وخرّج له مسلم مقرونا بثابت البناني. وتوفي سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل: سنة إحدى وثلاثين ومائة.

(1) في الحديث رقم (3997). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 506)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 6)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 110)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 674)، و «شذرات الذهب» (2/ 125). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 251)، و «تهذيب الكمال» (20/ 434)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 206)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 180)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 162)، و «شذرات الذهب» (2/ 125).

633 - [محمد بن المنكدر]

633 - [محمد بن المنكدر] (1) محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير القرشي التيمي المدني، يكنى: أبا بكر، وهو أخو أبي بكر وعمر ابني المنكدر. سمع عائشة، وأبا هريرة، وجابر بن عبد الله، وأنسا، وغيرهم من الصحابة فمن بعدهم. روى عنه مالك، وشعبة، والسفيانان، وغير واحد. وكان حافظا قانتا عابدا، بيته مأوى الصالحين، وكان يصفر رأسه ولحيته. توفي سنة ثلاثين ومائة، ويقال: إنه نيف على التسعين. 634 - [يزيد بن رومان] (2) يزيد بن رومان القرشي الأسدي مولى آل الزبير بن العوام أبو روح المدني، أحد شيوخ نافع في القراءة. سمع عروة بن الزبير، وصالح بن خوّات. وروى عنه مالك، وجرير بن حازم وغيرهما. توفي سنة ثلاثين ومائة. 635 - [شعيب بن الحبحاب] (3) شعيب بن الحبحاب الأزدي المعولي مولاهم، والمعاول: بطن من الأزد، يكنى أبا صالح البصري. سمع أنس بن مالك، وروى عنه حماد بن زيد، وهارون الأعور، ويونس بن عبيد وغيرهم. توفي سنة ثلاثين، ويقال: إحدى وثلاثين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 440)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 353)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 253)، و «مرآة الجنان» (1/ 273)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 709)، و «شذرات الذهب» (2/ 128). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 505)، و «وفيات الأعيان» (6/ 277)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 503)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 178)، و «مرآة الجنان» (1/ 273)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 411)، و «شذرات الذهب» (2/ 129). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 252)، و «الجرح والتعديل» (4/ 342)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 130)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 172)، و «شذرات الذهب» (2/ 127).

636 - [عبد العزيز بن رفيع]

636 - [عبد العزيز بن رفيع] (1) عبد العزيز بن رفيع الأسدي أبو عبد الله المكي. سمع أنس بن مالك، وابن عباس، وابن الزبير، وأبا الطفيل، وغيرهم من التابعين. روى عنه السفيانان، وأبو بكر بن عياش، وشعبة، والأعمش وغيرهم. وكان كثير النكاح، لا تمكث معه المرأة حتى تقول: فارقني؛ من كثرة جماعه. توفي سنة ثلاثين ومائة عن نيف وتسعين سنة. 637 - [عبد العزيز بن صهيب] (2) عبد العزيز بن صهيب البناني، قيل: مولى بنانة، وقيل: إنما نزل سكة بنانة بالبصرة فنسب إليها، وقيل: إنه مولى أنس بن مالك. سمع أنسا، وأبا نضرة. روى عنه شعبة، وابن علية، وأبو عوانة، وغيرهم وتوفي سنة ثلاثين ومائة. 638 - [كعب بن علقمة] (3) كعب بن علقمة التّنوخي المصري. سمع عبد الرحمن بن جبير، وعبد الرحمن بن شماسة، وبلال بن عبد الله بن عمر وغيرهم. روى عنه يحيى بن أيوب، وسعيد بن أبي أيوب، وعمرو بن الحارث وغيرهم.

(1) «الجرح والتعديل» (5/ 381)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 228)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 165)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 585)، و «شذرات الذهب» (2/ 128). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 244)، و «الجرح والتعديل» (5/ 384)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 103)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 165)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 587)، و «شذرات الذهب» (2/ 128). (3) «الجرح والتعديل» (7/ 162)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 209)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 352)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 469)، و «شذرات الذهب» (2/ 128).

639 - [أيوب السختياني]

وتوفي سنة ثلاثين ومائة، هكذا ذكر الذهبي هؤلاء الأربعة شعيب بن الحبحاب ومن بعده فيمن توفي سنة ثلاثين ومائة (1). 639 - [أيوب السختياني] (2) أيوب بن أبي تميمة-واسمه: كيسان-السختياني أبو بكر العنزي مولاهم البصري الإمام الحافظ الحجة، أحد الأعلام. قال شعبة: كان سيد الفقهاء. وقال ابن عيينة: لم ألق مثله. وقال حماد بن زيد: كان أفضل من جالسته، وأشد اتباعا للسنة. سمع عمرو بن سلمة، وأبا عثمان النهدي، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وغير واحد. روى عنه شعبة، ومالك، وابن جريج، وابن علية، والسفيانان وغيرهم. ولد سنة ثمان وستين قبل الجارف، ومات في شهر رمضان يوم الجمعة سنة إحدى وثلاثين ومائة سنة الطاعون وهو ابن ثلاث وستين سنة. 640 - [أبو الزناد] (3) عبد الله بن ذكوان المعروف بأبي الزناد-بالنون-وهو لقب كان يغضب منه، وكنيته: أبو عبد الرحمن، يقال: إنه مولى آل عثمان، وقيل: مولى رملة بنت شيبة بن ربيعة. سمع عبد الرحمن بن هرمز، وعلي بن الحسين، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير وغيرهم. روى عنه مالك، والثوري، وغير واحد، ولقي عبد الله بن جعفر، وأنسا.

(1) ذكرهم في «العبر» (1/ 170). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 246)، و «الجرح والتعديل» (1/ 133)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 379)، و «مرآة الجنان» (1/ 273)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 200)، و «شذرات الذهب» (2/ 135). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 508)، و «الجرح والتعديل» (5/ 49)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 445)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 461)، و «مرآة الجنان» (1/ 273)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 329)، و «شذرات الذهب» (2/ 135).

641 - [فرقد بن يعقوب]

قال الليث: رأيت أبا الزناد وخلفه ثلاث مائة تابع من طالب فقه وعلم وشعر وغير ذلك، ثم لم يلبث أن بقي وحده، وأقبلوا على ربيعة التيمي، ثم أهملوا ربيعة، وأقبلوا على مالك بن أنس كما قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ}. قال أبو حنيفة: كان أبو الزناد أفقه من ربيعة. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة، وقيل: سنة ثلاثين ومائة. 641 - [فرقد بن يعقوب] (1) فرقد بن يعقوب السبخي، أحد عباد البصرة وزهادها، حدث عن أنس. وكان هو ومحمد بن واسع، ومالك بن دينار، وحبيب العجمي، وثابت البناني، وصالح المري متصاحبين رحمهم الله ونفع بهم. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة. 642 - [واصل بن عطاء] (2) واصل بن عطاء المعتزلي المعروف بالغزّال، قال المبرد: (لقب بذلك ولم يكن غزالا؛ لأنه كان يلزم الغزالين ليعرف المنقطعات من النساء، فيجعل صدقته فيهن) (3). له تصانيف في علم الكلام، وأقوال في الاعتقاد. كان من كبار المعتزلة، كان يجلس إلى الحسن البصري، فلما ظهر الاختلاف وقالت الخوارج بتكفير مرتكبي الكبائر، وقال أهل السنة بإيمانهم وإن فسقوا بالكبائر .. خرج واصل بن عطاء عن الفريقين، وقال: إن الفاسق من هذه الأمة لا مؤمن ولا كافر ينزل بين منزلتين، فطرده الحسن عن مجلسه، فاعتزل مجلسه-أي: مجلس الحسن-وجلس إليه عمرو بن عبيد، فقيل لهما وأتباعهما المعتزلة. وكان واصل ألثغ لا ينطق بالراء، بل يبدلها غنيا، وكان يخلص كلامه من الراء،

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 242)، و «الجرح والتعديل» (7/ 71)، و «تاريخ الإسلام» (201/ 8، 516)، و «مرآة الجنان» (1/ 276)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 384)، و «شذرات الذهب» (2/ 134). (2) «وفيات الأعيان» (6/ 7)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 464)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 558)، و «مرآة الجنان» (1/ 274)، و «شذرات الذهب» (2/ 136). (3) «الكامل» (3/ 1111).

643 - [أبو عبد الحميد الدمشقي]

ولا يفطن له لسهولة ألفاظه واقتداره على الكلام، وفي ذلك يقول بعضهم: [من الطويل] عليم بإبدال الحروف وقامع … لكل خطيب يغلب الحقّ باطله وقال آخر: [من البسيط] ويجعل البر قمحا في تصرفه … وخالف الراء حتى احتال للشّعر ولم يطق مطرا والقول يعجله … فعاذ بالغيث إشفاقا من المطر يضرب به المثل في ذلك، وقد أكثروا في ذلك من أشعارهم، ومنه قول أبي محمد الخازن من قصيدة يمدح فيها الصاحب ابن عباد: [من البسيط] نعم تجنّبت «لا» يوم العطاء كما … تجنب ابن عطاء لفظة الراء وقال آخر: [من الكامل] وجعلت وصلي الراء لم تنطق به … وقطعتني حتى كأنك واصل ولقد أحسن في قوله: (وقطعتني حتى كأنك واصل) حسنا بالغا. وقال آخر: [من الطويل] أعد لثغة لو أن واصل حاضر … ليسمعها ما أسقط الراء واصل وكان واصل يتجنب النطق بكلمة فيها راء، ويعدل إلى لفظة بمعناها لا راء فيها. ويحكى: أن بعض الوزراء كان ألثغ بالراء، فامتحن بدفع ورقة ليقرأها بحضرة سلطانه وفيها: أمر أمير المؤمنين أن تحفر له بئر على قارعة الطريق ليشرب منها الراجل برمحه، والفارس بفرسه، فقرأها في الحال: فوض خليفة الله على عباده أن يعمق له قليب على الجادة لأبناء السبيل، ذو الجواد بجواده، وذو القناة بقناته. توفي واصل المذكور سنة إحدى وثلاثين ومائة. 643 - [أبو عبد الحميد الدمشقي] (1) إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي مولاهم أبو عبد الحميد الشامي الدمشقي، يقال: إن اسم أبي المهاجر: أقرم.

(1) «سير أعلام النبلاء» (5/ 213)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 374)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 160)، و «شذرات الذهب» (2/ 134).

644 - [الزبير بن عدي]

سمع أم الدرداء هجيمة الوصابية وغيرها. روى عنه سعيد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر. ومات سنة إحدى-أو اثنتين-وثلاثين ومائة. 644 - [الزبير بن عدي] (1) الزبير بن عدي الهمداني اليامي أبو عدي الكوفي قاضي الري. سمع أنس بن مالك، وطلحة بن مصرّف، ومصعب بن سعد. روى عنه الثوري، ومالك بن مغول، وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم. مات بالري سنة إحدى وثلاثين ومائة. 645 - [سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن] (2) سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي المخزومي المدني. سمع مولاه أبا بكر، وأبا صالح وغيرهما. روى عنه مالك بن أنس، والسفيانان، ومحمد بن عجلان وغيرهم. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة، وقيل: قتلته الحرورية بقديد في سنة ثلاثين ومائة. 646 - [عبد الله بن أبي نجيح] (3) عبد الله بن أبي نجيح-واسم أبي نجيح: يسار-المكي الثقفي، مولى الأخنس بن شريق. سمع مجاهدا، وعبد الله بن أبي كثير، وأباه.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 449)، و «الجرح والتعديل» (3/ 579)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 157)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 425)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 625)، و «شذرات الذهب» (2/ 135). (2) «الجرح والتعديل» (4/ 315)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 462)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 448)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 117)، و «شذرات الذهب» (2/ 135). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 44)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 125)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 469)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 444)، و «شذرات الذهب» (2/ 136).

647 - [محمد بن جحادة]

روى عنه السفيانان، وابن علية وغيرهم. قال يحيى القطان: كان قدريا. ومات سنة إحدى وثلاثين ومائة. 647 - [محمد بن جحادة] (1) محمد بن جحادة الإيامي-ويقال: الأودي-الكوفي. سمع أبا حازم الأشجعي، وعبد الجبار بن وائل، والحكم بن عتيبة. روى عنه همام وغيرهما. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة. 648 - [همام بن منبه] (2) همام بن منبه بن كامل الأبناوي، من أبناء الفرس الذين وصلوا إلى اليمن مع سيف بن ذي يزن لإخراج الحبشة من اليمن، أبو عقبة الصنعاني، أكبر من أخيه وهب. سمع أبا هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان. روى عنه أخوه وهب، ومعمر بن راشد. وتوفي سنة إحدى-أو اثنتين-وثلاثين ومائة. 649 - [عبد الله بن طاوس] (3) عبد الله بن طاوس بن كيسان اليماني الأبناوي أبو محمد من أبناء الفرس الإمام ابن الإمام.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 454)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 174)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 525)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 529)، و «شذرات الذهب» (2/ 136). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 103)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 311)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 555)، و «مرآة الجنان» (1/ 276)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 283)، و «شذرات الذهب» (2/ 136). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 105)، و «الجرح والتعديل» (5/ 88)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 463)، و «مرآة الجنان» (1/ 276)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 360)، و «شذرات الذهب» (2/ 145).

650 - [منصور بن المعتمر]

سمع أباه، وعكرمة بن خالد وغيرهما. روى عنه ابن عيينة، ووهيب، ومعمر وغيرهم. قال معمر: كان من أعلم الناس بالعربية، وأحسنهم خلقا، ما رأيت ابن فقيه مثله. اه‍ وكان يختلف إلى مكة، يروى: أن أبا جعفر المنصور استدعى به وبالإمام مالك بن أنس، فلما دخلا عليه .. أطرق ساعة، ثم قال لابن طاوس: حدثني عن أبيك، فقال: حدثني أبي: «أن أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل أشركه الله في سلطانه، فأدخل عليه الجور في حكمه». قال مالك: فضممت ثيابي خوفا أن يصيبني دمه، ثم قال له المنصور: ناولني الدواة (ثلاث مرات)، فلم يفعل، فقال: لم لا تناولني؟ قال: أخاف أن تكتب بها معصية فأكون قد شاركتك فيها، فقال المنصور: قوما عني، قال: ذلك ما كنا نبغي، قال مالك: فما زلت أعرف لابن طاوس فضله من ذلك اليوم (1). توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة. 650 - [منصور بن المعتمر] (2) منصور بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة السلمي أبو عتاب الكوفي، من رهط عباس بن مرداس السلمي. سمع أبا وائل، وإبراهيم النخعي، وأبا الضحى وغيرهم. روى عنه شعبة، والثوري، وابن عيينة وغيرهم. وكان من كبار التابعين، لم يكن بالكوفة مثله، يقال: إنه صام أربعين سنة وقام ليلها،

(1) قال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (8/ 463): (هذا لا يستقيم؛ لأن ابن طاوس مات قبل أيام المنصور؛ لأنه مات في سنة اثنتين وثلاثين ومائة). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 456)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 114)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 402)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 546)، و «مرآة الجنان» (1/ 277)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 159)، و «شذرات الذهب» (2/ 147).

651 - [إسحاق بن عبد الله]

وكان يبكي الليل كله حتى غشي عليه وعمش من البكاء، وأكره على قضاء الكوفة، فقضى شهرين. وتوفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة. 651 - [إسحاق بن عبد الله] (1) إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة-واسم أبي طلحة: زيد-ابن سهل الأنصاري الخزرجي أبو يحيى، وهو ابن أخي أنس بن مالك من أمه، وهو أخو إسماعيل وعبد الله ويعقوب أبناء عبد الله بن أبي طلحة. سمع إسحاق أنس بن مالك، وأبا مرة، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، وأباه عبد الله وغيرهم. وروى عنه الأوزاعي، وسفيان بن عيينة، وهمام، ومالك بن أنس، وكان مالك لا يقدم عليه أحدا. توفي سنة اثنتين-أو أربع-وثلاثين ومائة. 652 - [صفوان بن سليم] (2) صفوان بن سليم المدني الفقيه مولى حميد بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري. روى عن ابن عمر، وجابر، وجماعة. روى عنه مالك، وسفيان بن عيينة وغيرهما. قال أحمد فيه: ثقة من خيار عباد الله يستنزل بذكره المطر. اه‍ توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وقيل: سنة أربع وعشرين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 494)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 116)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 372)، و «مرآة الجنان» (1/ 277)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 122)، و «شذرات الذهب» (2/ 146). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 511)، و «الجرح والتعديل» (4/ 423)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 364)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 452)، و «مرآة الجنان» (1/ 277)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 212)، و «شذرات الذهب» (2/ 147).

653 - [يونس بن عبد الأعلى]

653 - [يونس بن عبد الأعلى] (1) يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة الصدفي المصري أبو موسى. سمع عبد الله بن وهب، وروى عن الكبار، وكان فاضلا زاهدا كبير القدر عابدا. توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة. 654 - [يزيد بن عمر] (2) يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري أبو خالد. ولي إمرة العراقين لمروان بن محمد، وهو آخر من جمع له بين العراقين، ولم يجمعا لأحد بعده، وأول من جمعا له زياد ابن أبيه، استخلفه معاوية عليهما. كان ابن هبيرة المذكور شجاعا شهما خطيبا مفوها كريما كثير الأكل، كان إذا أصبح .. أتى بقدح كبير من لبن قد حلب على عسل وأحيانا على سكر، فيشربه بعد طلوع الشمس، ويدعو بالغداء، فيأكل دجاجتين وفرخي حمام ونصف جدي وأنواعا من اللحم، ثم يخرج فينظر في أمور الناس إلى نصف النهار، ثم يدخل فيدعو بالغداء، فيأكل فيعظم اللقمة ويتابعها، ومعه جماعة من الأعيان، فإذا فرغوا من الأكل .. تفرقوا، ثم دخل إلى نسائه، ثم يخرج لصلاة الظهر وينظر في أمور الناس، فإذا صلّى العصر .. وضع له سرير، ووضعت للناس كراس، فإذا أخذوا مجالسهم .. أتوهم بأقداح اللبن والعسل وأنواع الأشربة، ثم توضع الأطعمة والسفرة للعامة، ويوضع له ولخاصته خوان مرتفع فيأكل معه الوجوه إلى

(1) لعل الصواب: يونس بن ميسرة بن حلبس الدمشقي الأعمى. روى عن معاوية، وابن عمر وغيرهما. وروى عنه خالد بن يزيد، وسليمان بن عتبة، والأوزاعي وغيرهم. قال أبو حاتم: كان من خيار الناس، وكان يقرئ في مسجد دمشق. توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة. انظر «طبقات ابن سعد» (9/ 471)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 230)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 576)، و «مرآة الجنان» (1/ 277)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 473)، و «شذرات الذهب» (2/ 147) أما يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة الصدفي المصري .. فستأتي ترجمته في وفيات سنة (264)، فانظر مصادر ترجمته هناك (2/ 584). (2) «وفيات الأعيان» (6/ 313)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 207)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 567)، و «مرآة الجنان» (1/ 277)، و «شذرات الذهب» (2/ 148).

المغرب، ويسامره سميره حتى يذهب عامة الليل، وكان يسأل كل ليلة عشر حوائج فيقضيها إذا أصبح، وكان رزقه ست مائة ألف، وكان يقسم في كل شهر في أصحابه ووجوه الناس وأهل البيوتات. واقع شيعة بني العباس فهزموه، وتحصن بواسط، فأرسل إليه السفاح أخاه أبا جعفر المنصور، فحاصره نحو أحد عشر شهرا، وبلغه أن أبا جعفر يقول: ابن هبيرة يخندق على نفسه مثل النساء، فأرسل إليه: أنت تقول كذا؟ ! ابرز لي لترى، فأرسل إليه أبو جعفر: ما أجد لي ولك مثلا إلا كالأسد لقي خنزيرا، فقال الخنزير: بارزني، فقال الأسد: ما كنت لي بكفء، إن بارزتك فنالني منك سوء .. كان علي عارا، وإن قتلتك .. فلا فخر في قتلك، فقال الخنزير: لئن لم تبارزني .. لأعرفنّ السباع أنك جبنت عني، فقال الأسد: احتمالي لذلك أيسر من تلطخ براثني بدمك. ثم إن ابن هبيرة طلب الصلح فأجابه المنصور، فخرج إليه ابن هبيرة بالأمان، وقبض ما كان في بيت المال وهو ثلاثة آلاف ألف، وقبض ما كان في دار الرزق من الطعام وكان رزق عشرين ألف رجل، فكان ابن هبيرة إذا أتى إلى أبي جعفر .. أتاه في جمع كثير، فمنع من ذلك، فصار في نفر يسير، ثم في ثلاثة، وكان أبو مسلم الخولاني يحرض السفاح على قتل ابن هبيرة، ويقول: طريق السهل لا يصلح أن يكون فيها حجر، وكان السفاح يحث أبا جعفر على قتله. وقال ابن هبيرة يوما لأبي جعفر: إن دولتكم بكر، فأذيقوا الناس حلاوتها، وجنبوهم مرارتها .. تحصل محبتكم في قلوبهم، ويعذب ذكركم على ألسنتهم، وما زلنا منتظرين لدعوتكم. وكان بينه وبين أبي جعفر المنصور ستر فرفعه المنصور، وقال في نفسه: عجبا ممن يأمرني بقتل هذا، وبالغ السفاح في حث المنصور على قتله وهو يمتنع، فلم يزل به حتى قتله، وكان قد قاتل دونه ولده، فقتل مع الولد جماعة من أصحابه، ثم قتل يزيد ابن هبيرة وهو ساجد في سنة ثلاث-أو اثنتين-وثلاثين ومائة، ورثاه أبو عطاء السندي بقوله: [من الطويل] ألا إن عينا لم تجد يوم واسط … عليك بجاري دمعها لجمود عشية قام النائحات وشققت … جيوب بأيدي مأتم وخدود

655 - [مروان بن محمد]

655 - [مروان بن محمد] (1) مروان بن محمد بن مروان بن الحكم الأموي آخر ملوك بني أمية، يكنى: أبا عبد الملك، ويلقب بالجعدي؛ لاتباعه مذهب الجعد بن درهم، وكان الجعد زنديقا، فصلبه هشام، وكانوا يسمون مروان حمار الجزيرة، أمه أم ولد كردية، يقال: إنها كانت لإبراهيم بن الأشتر، أخذت من عسكر مصعب بن الزبير، فأصابها أبوه محمد بن مروان وهي حامل، فولدت له مروان على فراشه، وكان بنو مروان يكرهون أن يولوا الخلافة ابن أمة؛ لما كانوا يرون من ذهاب ملكهم على رأس ابن أم ولد. ولما قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك في سنة ست وعشرين .. خرج مروان مطالبا بدمه، ودخل دمشق في أول صفر من سنة سبع وعشرين، فأول من سلم عليه بالخلافة السفياني، وهو زياد بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وكان السفياني محبوسا بالخضراء مع عثمان والحكم ابني الوليد بن يزيد بن عبد الملك وليّا عهده، فقتلا في الخضراء وسلم السفياني، فلما سلم على مروان بالخلافة .. قال: ما هذا؟ قال: عهد إليكم الحكم وعثمان، فنزل مروان بالعالية، وبايع له أهل الشام، وكانت أيامه كلها فتنا وحروبا كما ذكرناها في الحوادث، ثم كان آخر أمره خرج بجيش كثيف من الجزيرة، وأوعت معه بنو أمية، فجهز إليه أبو العباس السفاح عمه عبد الله بن علي، فالتقيا بالزاب قرب الموصل، فانكسر مروان وانهزم، فقيل له: تنهزم وعندك مائة ألف فارس، فقال: إذا انقضت المدة لم تنفع العدة، فتبعه عبد الله بن علي إلى الشام، فهرب منه إلى مصر، فجرد وراءه بجريدة مع صالح بن علي عم السفاح أيضا (2)، وكان قد عبر النيل طالبا بلاد الحبشة، فلحقه صالح بن علي ببو صير، فقاتل حتى قتل لثلاث بقين من ذي الحجة من سنة اثنتين وثلاثين ومائة-فمدة ولايته إلى أن بويع لأبي العباس السفاح خمس سنين وشهران، وبقي بعد البيعة لأبي العباس تسعة أشهر ونصف-وعمره نيف وستون سنة. وكان بطلا شجاعا ذا حزم وسياسة، لكن لم يساعده القدر، وكان معه أخ لعمر بن عبد العزيز، كان أحد الفرسان فتقنطر به فرسه فقتلوه.

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 311)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 74)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 533)، و «مرآة الجنان» (1/ 279)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 302)، و «شذرات الذهب» (2/ 138). (2) الجريدة: الخيل التي لا رجّالة فيها.

656 - [سليمان بن كثير]

656 - [سليمان بن كثير] (1) سليمان بن كثير الخزاعي المروزي، أحد نقباء بني العباس، والقائم بدعوتهم. قتله أبو مسلم الخراساني في سنة اثنتين وثلاثين ومائة. 657 - [عبيد الله بن أبي جعفر] (2) عبيد الله بن أبي جعفر الليثي مولاهم المصري الفقيه، أحد العلماء الزهاد. قتل بمصر سنة اثنتين وثلاثين ومائة. 658 - [أبو سلمة الخلال] (3) أبو سلمة الخلال، أحد شيعة بني العباس القائمين بدعوتهم. فلما تمهدت له الأمور ووصل الكوفة .. همّ بتحويل الأمر إلى بني أولاد علي بن أبي طالب وكانت ثلاثة منهم جعفر الصادق، فلم يصادقه، بل أحرق كتابه، ولم يتم له ما أراد، فلما بويع السفاح .. استوزره، ودس إليه أبو مسلم الخراساني من قتله غيلة وقد خرج من عند أبي العباس السفاح، فجاءوا إليه في زي الخوارج، وقتلوه في رجب من سنة اثنتين وثلاثين ومائة. ويقال: إن ذلك كان بإشارة من بني العباس، ولما سمع السفاح الصراخ عليه .. أنشد: أفي أن أجش الحرب فيمن يجشها … ألام وفي ألاّ أفر المجازيا 659 - [إبراهيم بن الوليد الأموي] (4) إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك الأموي أبو إسحاق، وكان يلقب صلبان باسم مجنون كان بدمشق.

(1) «تاريخ الإسلام» (8/ 446)، و «مرآة الجنان» (1/ 280)، و «شذرات الذهب» (2/ 148). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 520)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 8)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 477)، و «مرآة الجنان» (1/ 280)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 6)، و «شذرات الذهب» (2/ 148). (3) «وفيات الأعيان» (2/ 195)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 7)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 400)، و «مرآة الجنان» (1/ 280)، و «شذرات الذهب» (2/ 150). (4) «تاريخ الطبري» (7/ 299)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 376)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 8، 370)، و «مرآة-

660 - [أيوب بن موسى الأموي]

بويع له يوم مات يزيد بن الوليد، ولم ينتظم أمره، ولم يبايع له أهل حمص، وقتلوا أميرهم، وكان من بحضرته يسلمون عليه بالإمرة وبالخلافة، فكان على ذلك حتى قدم مروان، وخلعه وقتل عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك، ثم بعد ثلاثة أيام قتل إبراهيم بن الوليد المذكور وصلبه، فكانت ولايته شهرين ونصف. 660 - [أيوب بن موسى الأموي] (1) أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاصي القرشي الأموي المكي، ابن عم إسماعيل بن أمية، يكنى: أبا موسى. سمع حميد بن نافع، وسعيدا المقبري، وعطاء بن ميناء وغيرهم. روى عنه السفيانان، وشعبة وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة. 661 - [داود بن علي الهاشمي] (2) داود بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي الأمير. ولي إمرة مكة واليمن لابن أخيه السفاح، وكان فصيحا مفوها، ولما صعد السفاح المنبر أول ولايته .. ارتج عليه، فقام داود تحته بدرج فخطب خطبة بليغة مشهورة. توفي داود بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين ومائة. 662 - [مغيرة بن مقسم] (3) مغيرة بن مقسم الضبي مولاهم أبو هاشم الكوفي الفقيه الأعمى أحد الأئمة.

= الجنان» (1/ 268)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 300)، و «شذرات الذهب» (108/ 2، 117)، و «سمط النجوم العوالي» (3/ 342). (1) «طبقات ابن سعد» (7/ 454)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 135)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 383)، و «مرآة الجنان» (1/ 280)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 208)، و «شذرات الذهب» (2/ 151). (2) «سير أعلام النبلاء» (5/ 444)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 411)، و «مرآة الجنان» (1/ 280)، و «العقد الثمين» (4/ 349)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 567)، و «شذرات الذهب» (2/ 151). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 456)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 10)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 541)، و «مرآة الجنان» (1/ 280)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 138)، و «شذرات الذهب» (2/ 151).

663 - [مطرف بن طريف]

سمع أبا وائل، والشعبي، وإبراهيم النخعي وغيرهم. روى عنه شعبة، وأبو عوانة، وهشيم، وإسرائيل، وجرير بن عبد الحميد وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة. 663 - [مطرف بن طريف] (1) مطرف بن طريف الحارثي-بمهملة ومثلثة، ويقال: الجار في بجيم ثم فاء-أبو بكر الكوفي. سمع الشعبي، والحكم بن عتيبة، وأبا السفر. وروى عنه ابن عيينة، وخالد بن عبد الله، وجرير بن عبد الحميد، والثوري وغيرهم. توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة. 664 - [يزيد بن يزيد الأزدي] (2) يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي الشامي الدمشقي. روى عن مكحول، وزريق بن حيان في طائفة. وروى عنه الأوزاعي في جماعة. قال أبو داود: أجازه الوليد بن يزيد مرة بخمسين ألف دينار. وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة. 665 - [إسماعيل بن محمد القرشي] (3) إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص القرشي الزهري أبو محمد المدني.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 465)، و «تهذيب الكمال» (28/ 62)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 127)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 292)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 90)، و «شذرات الذهب» (2/ 200). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 471)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 158)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 569)، و «مرآة الجنان» (1/ 281)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 433)، و «شذرات الذهب» (2/ 153). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 467)، و «الجرح والتعديل» (2/ 194)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 128)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 377)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 166).

666 - [زهرة بن معبد]

سمع أباه، وحمزة بن المغيرة، وعامر بن سعد، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف. روى عنه الزهري، وابن جريج وغيرهما. وتوفي سنة أربع وثلاثين ومائة. 666 - [زهرة بن معبد] (1) زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام القرشي أبو عقيل المصري. سمع جده عبد الله، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير. روى عنه سعيد بن أبي أيوب، وحيوة بن شريح. وتوفي سنة خمس وثلاثين بالإسكندرية. قال الدارمي: زعموا أنه من الأبدال. 667 - [عبد الله بن أبي بكر الأنصاري] (2) عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري أبو محمد المدني. سمع ابن مالك، وغير واحد. روى عنه الزهري، ومالك، والسفيانان، وهو شيخ مالك. توفي سنة خمس وثلاثين ومائة وهو ابن سبعين سنة. 668 - [عطاء بن أبي مسلم الخراساني] (3) عطاء بن أبي مسلم-واسم أبي مسلم: ميسرة، وقيل: عبد الله-الخراساني أبو عثمان، وقيل: أبو أيوب، وقيل غير ذلك، وهو مولى المهلب بن أبي صفرة، كان من أهل بلخ وسكن الشام.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 521)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 147)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 426)، و «مرآة الجنان» (1/ 281)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 636)، و «شذرات الذهب» (2/ 156). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 262)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 314)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 459)، و «مرآة الجنان» (1/ 281)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 310)، و «شذرات الذهب» (2/ 156). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 373)، و «تاريخ دمشق» (40/ 416)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 140)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 490)، و «مرآة الجنان» (1/ 281)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 108)، و «شذرات الذهب» (2/ 156).

669 - [رابعة العدوية]

سمع عبد الله بن بريدة وغيره. وروى عنه معمر وغيره. ولد سنة خمسين، ومات سنة خمس-أو ست-وثلاثين ومائة، مات بأريحا وحمل إلى بيت المقدس. رأى ابن عمر، وسمع منه، وهو كثير الإرسال. قال ابن جابر: كنا نغزو معه، فكان يحيي الليل صلاة إلا نومة السحر، وكان يعظنا ويحضنا على التهجّد. 669 - [رابعة العدوية] (1) رابعة العدوية بنت إسماعيل العدوية السيدة الولية ذات المقامات العلية والأحوال السنية. في «رسالة الأستاذ أبي القاسم القشيري»: (أنها كانت تقول في صلاتها: تحرق قلبا يحبك؟ فهتف بها هاتف مرة: ما كنا نفعل هذا، فلا تظني بنا ظن السوء) (2). وسمعت سفيان الثوري يقول: وا حزناه، فقالت: لا تكذب، بل قل: وا قلة حزناه، لو كنت محزونا .. لم يتهيأ لك أن تتنفس. وروي: أنها سمعته مرة يقول: أسألك رضاك، فقالت: أما تستحي أن تسأل رضا من لست عنه براض. وقالت رضي الله عنها: استغفارنا هذا يحتاج إلى استغفار. ومن وصاياها: اكتموا حسناتكم كما تكتمون سيئاتكم. وأورد لها الشيخ شهاب الدين السهروردي في «العوارف»: [من الكامل] إني جعلتك في الفؤاد محدثي … وأبحت جسمي من أراد جلوسي فالجسم مني للجليس مؤانس … وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي (3)

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 285)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 241)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 117)، و «مرآة الجنان» (1/ 281)، و «شذرات الذهب» (2/ 156). (2) «الرسالة القشيرية» (2/ 907). (3) «عوارف المعارف» (ص 300).

670 - [حصين بن عبد الرحمن السلمي]

توفيت سنة خمس وثلاثين ومائة؛ فلا يصح قول من ذكر لها حكاية مع السري السقطي؛ فإنه توفي على نيف وخمسين ومائتين من الهجرة. قال ابن خلكان: (قبرها على رأس جبل يسمى الطور بظاهر بيت المقدس) (1). قال الشيخ اليافعي: (وسمعت من بعض أهل بيت المقدس يذكر أن المدفونة في الجبل رابعة غير العدوية) (2). 670 - [حصين بن عبد الرحمن السلمي] (3) حصين بن عبد الرحمن السلمي أبو الهذيل الكوفي والد فضالة بن حصين وأخو موسى بن عبد الرحمن. سمع سعيد بن جبير وأبا ظبيان وسالم بن أبي الجعد وغيرهم. وروى عنه شعبة والثوري وغيرهما. وكان ينزل المبارك قرية له. وتوفي سنة ست وثلاثين ومائة عن ثلاث وتسعين سنة. 671 - [ربيعة الرأي] (4) ربيعة بن أبي عبد الرحمن-واسم أبي عبد الرحمن: فروخ-التيمي مولاهم، أبو عثمان المدني، ويعرف بربيعة الرأي. سمع أنسا، وابن المسيب وغيرهما، ويقال: إنه أدرك جماعة من الصحابة. روى عنه مالك، والثوري، وغيرهما. كان عالم المدينة وفاضلها.

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 287). (2) «مرآة الجنان» (1/ 282). (3) «الجرح والتعديل» (3/ 193)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 422)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 400)، و «مرآة الجنان» (1/ 283)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 441)، و «شذرات الذهب» (2/ 158). (4) «طبقات ابن سعد» (7/ 509)، و «وفيات الأعيان» (2/ 288)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 89)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 417)، و «مرآة الجنان» (1/ 283)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 598)، و «شذرات الذهب» (2/ 159).

672 - [زيد بن أسلم العدوي]

قال عبد الله بن عمر العدوي: هو صاحب معضلاتنا وعالمنا وفاضلنا. وكانت له حلقة للفتوى. قال بكر بن عبد الله الصنعاني: أتينا مالك بن أنس، فجعل يحدثنا عن ربيعة، وكنا نستزيده من حديث ربيعة فقال لنا يوما: ما تصنعون بربيعة وها هو ذا نائم في ذلك الطاق؟ ! فأتينا ربيعة فقلنا له: كيف حظي بك مالك وأنت لم تحظ بنفسك؟ ! فقال: أما علمتم أن مثقالا من دولة خير من حمل علم؟ ! قال مالك رحمه الله: ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة. وتوفي سنة ست وثلاثين ومائة. 672 - [زيد بن أسلم العدوي] (1) زيد بن أسلم العدوي أبو أسامة مولى عمر بن الخطاب الفقيه العابد. سمع أباه، وعمر، وعطاء بن يسار، ولقي ابن عمر. روى عنه مالك، والثوري، وابن جريج وغيرهم. وكانت له حلقة الفتوى والعلم بالمدينة. ونقل البخاري أن زين العابدين علي بن الحسين كان يجلس إليه. قال أبو حازم: لقد رأيتنا في حلقة زيد بن أسلم أربعين فقيها أدنى خصلة فينا التواسي بما في أيدينا. توفي سنة ست وثلاثين ومائة. 673 - [العلاء بن الحارث الحضرمي] (2) العلاء بن الحارث الحضرمي أبو وهب الدمشقي الفقيه الشامي. صحب مكحولا وسمع منه، وروى عنه معاوية بن صالح.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 507)، و «الجرح والتعديل» (3/ 555)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 316)، و «مرآة الجنان» (1/ 284)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 658)، و «شذرات الذهب» (2/ 159). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 467)، و «الجرح والتعديل» (6/ 353)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 494)، و «مرآة الجنان» (1/ 284)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 341)، و «شذرات الذهب» (2/ 160).

674 - [عطاء بن السائب]

وكان ثقة جليلا، مفتيا نبيلا. توفي سنة ست وثلاثين ومائة. 674 - [عطاء بن السائب] (1) عطاء بن السائب بن يزيد-ويقال: ابن السائب بن مالك-الثقفي أبو زيد الكوفي الصالح. روى عن عبد الله بن أبي أوفى، وسعيد بن جبير، وطائفة. روى عنه هشيم وغيره. قال الإمام أحمد ابن حنبل: (هو رجل صالح، كان يختم كل ليلة) اه‍ توفي سنة ست وثلاثين ومائة. 675 - [أشعث بن سوار] (2) أشعث بن سوار. سمع الشعبي وغيره، وروى عنه هشيم. ومات سنة ست وثلاثين ومائة. 676 - [جعفر بن ربيعة] (3) جعفر بن ربيعة بن شرحبيل ابن حسنة القرشي أبو نافع، من أهل مصر. سمع عراك بن مالك، ويعقوب بن الأشج وغيرهما.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 457)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 110)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 487)، و «مرآة الجنان» (1/ 285)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 103)، و «شذرات الذهب» (2/ 160). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 478)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 275)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 378)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 178)، و «شذرات الذهب» (2/ 158). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 520)، و «الجرح والتعديل» (2/ 478)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 149)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 392)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 304)، و «شذرات الذهب» (2/ 158).

677 - [عبد الملك بن عمير]

روى عنه الليث بن سعد، وبكر بن مضر، وسعيد بن أبي أيوب، وعمرو بن الحارث وغيرهم. توفي سنة ست-أو خمس-وثلاثين ومائة. 677 - [عبد الملك بن عمير] (1) عبد الملك بن عمير بن سويد بن حارثة الكوفي القرشي أبو عمرو القبطي، كان له فرس سابق يعرف بالقبطي، فنسب إليه. سمع جابر بن سمرة، وعمرو بن حريث وغيرهما. روى عنه شعبة، والثوري، وزائدة وغيرهم. وولي قضاء الكوفة بعد الشعبي. ولد لثلاث سنين بقين من خلافة عثمان، ومات سنة ست وثلاثين ومائة عن مائة سنة، وقيل: عاش مائة وثلاثا وستين سنة. 678 - [عبيد الله بن أبي جعفر] (2) عبيد الله-مصغرا-ابن أبي جعفر القرشي الأموي مولاهم المصري، كان ثقة. سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن جعفر بن الزبير، وحمزة بن عبد الله بن عمر وغيرهم. روى عنه الليث بن سعد، وعمرو بن الحارث، وسعيد بن أبي أيوب وغيرهم. ومات سنة ست وثلاثين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 433)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 438)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 475)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 184)، و «مرآة الجنان» (1/ 226)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 620)، و «شذرات الذهب» (2/ 42). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 520)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 8)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 477)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 6)، و «شذرات الذهب» (2/ 148).

679 - [أبو العباس السفاح]

679 - [أبو العباس السفاح] (1) عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي أبو العباس السفاح أول خلفاء بني العباس. ولد سنة أربع-وقيل: ثمان-ومائة بالحميمة من أرض البلقاء، وبويع له بالخلافة لأربع عشرة ليلة مضت من ربيع الأول-وقيل: الآخر، وقيل: في جمادى-من سنة اثنتين وثلاثين ومائة. وتوفي في ذي الحجة-أو في ذي القعدة-سنة ست وثلاثين بالأنبار من جدري أصابه- وقيل: مات بالحمة، فمدة ولايته أربع سنين وثمانية أشهر-وعمره اثنان وثلاثون سنة، وقيل غير ذلك. وحصل عنده البردة بردة النبي صلّى الله عليه وسلم وقضيبه ومخصرته. قيل: هي البردة التي أعطاها صلّى الله عليه وسلم زهيرا، فاشتراها أبو العباس من ولده. وأما القضيب والمخصرة: فإن مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية دفنهما كيلا يصلا إلى أحد بعده، فلما قتله عامر بن إسماعيل .. أخذ غلاما لمروان خصيا فأراد قتله، فقال لهم: إن قتلتموني .. فقدتم ميراث النبي صلّى الله عليه وسلم، اتبعوني فاتبعوه، فأخرجهم إلى موضع رمل، فقال: اكشفوا فكشفوا؛ فإذا القضيب والمخصرة اللذين دفنهما مروان، فأرسل بهما عامر إلى أبي العباس. وأم السفاح ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله من ذرية الحارث بن مالك بن ربيعة؛ ولذلك يقال للسفاح: ابن الحارثية، وكان بنو أمية يمنعون بني هاشم من نكاح الحارثيات؛ لما كانوا يرون أن زوال ملكهم على يد ابن الحارثية، فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة .. أتاه محمد بن علي والد السفاح وقال له: أردت أن أتزوج ابنة خالي من بني الحارث، أفتأذن لي؟ قال: تزوج من شئت، فتزوج ريطة المذكورة، فأولدها السفاح.

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 421)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 77)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 466)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 431)، و «مرآة الجنان» (1/ 284)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 304)، و «شذرات الذهب» (2/ 161).

680 - [أبو مسلم الخراساني]

توفي السفاح ووليّ عهده المنصور غائب بمكة، فأخذ له البيعة على الناس ابن عمه موسى بن عيسى. 680 - [أبو مسلم الخراساني] (1) أبو مسلم الخراساني صاحب دعوة بني العباس ومنشئها، واسمه: عبد الرحمن بن مسلم، قيل: إنه من العرب، وقيل: من العجم، وقيل: من الأكراد، وفي ذلك يقول أبو دلامة بعد قتله: أبا مجرم ما غير الله نعمة … على عبده حتى يغيرها العبد أفي دولة المنصور حاولت غدره … ألا إن أهل الغدر آباؤك الكرد أبا مجرم خوفت بالقتل فانتحى … عليك بما خوفتني الأسد الورد ذكروا أن أباه رأى في المنام كأنه جلس للبول، فخرج من إحليله نار وارتفعت في السماء، وسدت الآفاق، وأضاءت الأرض، ووقعت بناحية المشرق، فقص رؤياه على عيسى بن معقل العجلي، فقال: إن في بطن جاريتك غلاما يكون له شأن أو كما قال. ثم فارقه ومات، فوضعت الجارية أبا مسلم، فنشأ عند عيسى بن معقل، واختلف مع ولده إلى المكتب، فكان أديبا لبيبا يشار إليه في صغره. ثم إنه اجتمع على عيسى بن معقل وأخيه إدريس-جد أبي دلف العجلي-بقايا من الخراج تقاعدا من أجلها عن حضور مؤدي الخراج بأصبهان، فأنهى عامل أصبهان خبرهما إلى خالد بن عبد الله القسري والي العراقين، فأنفذ إلى الكوفة من حملهما إليه، فسجنهما، فصادفا في السجن عاصم بن قيس العجلي محبوسا في سبب من الأسباب، وقد كان عيسى بن معقل أنفذ أبا مسلم إلى قرية من رستاق فاتق لاحتماله غلتها، فلما بلغه أن عيسى حبس .. باع ما كان احتمله من الغلة، وأخذ ما اجتمع عنده من ثمنها ولحق بعيسى، فأنزله عيسى بداره في بني عجل، فكان يختلف إلى السجن ويتعهد عيسى وإدريس ابني معقل، وكان قد قدم الكوفة جماعة من نقباء الإمام محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب مع عدة من شيعته، فدخلوا على العجليين السجن مسلّمين، فصادفوا أبا مسلم

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 145)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 48)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 581)، و «مرآة الجنان» (1/ 285)، و «شذرات الذهب» (2/ 131).

عندهم، فأعجبهم عقله ومعرفته وكلامه وأدبه، ومال هو إليهم، وعرفهم أنه عرف أمرهم، وأنهم دعاة، واتفق مع ذلك أن هرب عيسى وإدريس من السجن، فعدل أبو مسلم من دور بني عجل إلى هؤلاء النقباء، ثم خرج معهم إلى مكة حرسها الله تعالى، فورد النقباء على إبراهيم بن محمد بن علي-وقد تولى الإمامة بعد وفاة أبيه-بعشرين ألف دينار ومائتي ألف درهم، وأهدوا إليه أبا مسلم، فأعجب به وبمنطقه وعقله وأدبه، فأقام أبو مسلم عند الإمام يخدمه حضرا وسفرا. ثم إن النقباء عادوا إلى إبراهيم بن الإمام في بعض السنين، وسألوه رجلا يقوم بأمر خراسان، فقال: إني قد جربت هذا الأصبهاني، وعرفت ظاهره وباطنه، فوجدته حجر الأرض، ثم دعا أبا مسلم، وقلده الأمر وأرسله إلى خراسان، فدخل خراسان وهو شاب، ونهض بالدعوة وهو ابن ثمان عشرة سنة، وقيل: ابن ثلاث وثلاثين سنة، فكان يدعو الناس إلى رجل من بني هاشم، وإلى الرضي من أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم أربع سنين، ومروان بن محمد يحتال على الوقوف على حقيقة الأمر، وأن أبا مسلم إلى من يدعوهم؟ فلم يزل على ذلك حتى ظهر له أن الدعوة لإبراهيم الإمام، وكان مقيما عند أهله وإخوته بكداب بناحية البلقاء، فأرسل إليه وقبض عليه، وأحضره إلى عنده بحران، وأوصى إبراهيم بالأمر بعده لأخيه السفاح، فلما وصل إبراهيم إلى حران .. حبسه مروان بها، ثم غمه بحران بموضع فيه نورة وجعل فيه رأسه، ثم شد عليه إلى أن مات، ولم يزل أبو مسلم يتحيل بإعانة رجال من شيعة بني العباس وبعثاتهم، وأقام على ذلك أربع سنين حتى وقف على مرو فملكها، وكان أول ظهور أبي مسلم بمرو من خراسان في سنة تسع وعشرين ومائة، والوالي بخراسان يومئذ من جهة مروان بن محمد نصر بن سيار، فكتب نصر بن سيار إلى مروان بقول ابن أبي مريم البجلي الكوفي: [من الوافر] أرى خلل الرماد وميض نار … ويوشك أن يكون لها ضرام فإن النار بالزندين تورى … وإن الحرب أولها كلام لئن لم يطفها عقلاء قوم … يكون وقودها جثث وهام أقول من التعجب ليت شعري … أأيقاظ أمية أم نيام فإن كانوا لحينهم نياما … فقل قوموا فقد حان القيام وفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة وثب أبو مسلم على مقدم خراسان، وخرج من خراسان بعد

أن أحكمها وضبطها، وقاد بها جيشا هائلا، ومهد لبني العباس بعد أن قتل أمما لا يحصون محاربة وصبرا، فكان حجاج زمانه. وحج فأمر مناديا في طريق مكة: برئت الذمة من رجل أوقد نارا بعسكر الأمير، فما زال يغدّي الركب ويعشيهم حتى بلغ مكة، وأوقف في المسعى خمس مائة وصيف على رقابهم المناديل يسقون الناس الأشربة من سعى من الحاج بين الصفا والمروة، ولما وصل الحرم .. نزل وخلع نعله ومشى حافيا تعظيما للحرم. وبلغه موت السفاح وهو وأبو جعفر في الطريق راجعين من الحج، فجهزه المنصور لمحاربة عمه عبد الله بن علي، وكان قد دعا إلى نفسه، وزعم أن السفاح عهد إليه الأمر، وأقام بذلك شهودا، فالتقى هو وأبو مسلم بنصيبين، فاقتتلا أشد القتال، ثم انهزم عبد الله بن علي إلى البصرة وبها أخوه، وحاز أبو مسلم خزائنه، وكان فيها ما لا يحصى من الأموال والذخائر؛ لأن عبد الله بن علي كان قد استولى على جميع أموال بني أمية وذخائرهم، فكتب المنصور أخو السفاح إلى أبي مسلم: أن احتفظ بما في يدك، فصعب ذلك على أبي مسلم، وعزم على خلع المنصور، وسار إلى خراسان، فلم يزل المنصور يستعطفه ويمنيه حتى وصل إلى بين يديه، وكان قد صدر من أبي مسلم إساءات وقضايا غير ما ذكرناه غيرت قلب المنصور عليه. منها: كان إذا كتب إلى المنصور .. بدأ بنفسه. ومنها: أنه خطب إليه عمته آسية، وزعم أنه من ولد سليط بن عبد الله بن عباس، فعزم المنصور على قتله، فقال المنصور لسالم بن قتيبة بن مسلم الباهلي: ما ترى في أبي مسلم؟ فقال: {لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا} فقال: حسبك يا ابن قتيبة، لقد أودعتها أذنا واعية، وكان قد حج أبو مسلم في تلك السنة أيضا، فلما رجع من حجه .. دخل على المنصور، فرحب به ثم أمره بالانصراف إلى مخيمه، وانتظر المنصور فيه الفرص والغوائل، ثم إن أبا مسلم ركب إليه مرارا وهو يظهر له التحنن، ثم جاءه يوما، فقيل له: إنه يتوضأ، فقعد له تحت الرواق، ورتب المنصور له جماعة يقفون وراء الستر، ثم إذا عاتبه وضرب يدا على يد .. خرجوا عليه وضربوا عنقه، ثم جلس المنصور وأذن له، فدخل فسلم، فرد المنصور وأمره بالجلوس، وحادثه ثم عاتبه، فقال: فعلت وفعلت يعدد عليه زلاته، فقال أبو مسلم: لي هذا بعد سعيي واجتهادي وما كان مني؟ ! فقال: يا ابن الخبيثة؛ إنما فعلت ذلك بجدنا وحظنا، ولو كان مكانك أمة سوداء .. لعملت عملك،

ألست الكاتب إليّ تبدأ بنفسك قبلي؟ ! ألست الكاتب تخطب عمتي آسية، وتزعم أنك من ولد سليط بن عبد الله بن عباس؟ ! لقد ارتقيت-لا أم لك-مرتقى صعبا، فأخذ أبو مسلم يده يعركها ويقبلها ويعتذر إليه، فقال له المنصور وهو آخر كلامه: قتلني الله إن لم أقتلك، ثم صفق بإحدى يديه على الأخرى، فخرج إليه الذين أعدهم وراء الستر، فخبطوه بسيوفهم حتى مات، وذلك برومية المدائن لخمس بقين من شعبان من سنة سبع وثلاثين ومائة، ولما قتله .. أدرجه في بساط، فقال له جعفر بن حنظلة: عدّ-يا أمير المؤمنين-هذا اليوم أول خلافتك، ثم أقبل المنصور على من حضره وأبو مسلم طريح بين يديه وأنشد: [من السريع] زعمت أن الدين لا ينقضي … فاستوف بالكيل أبا مجرم فاشرب بكأس كنت تسقي بها … أمرّ في الحلق من العلقم وكان المنصور بعد ما قتل أبا مسلم كثيرا ما ينشد جلساءه: [من الطويل] وأقدم لما لم يجد عنه مذهبا … ومن لم يجد بدا من الأمر أقدما قيل: ومن هنا أخذ البحتري قوله في مدح الفتح بن خاقان صاحب المتوكل على الله وقد لقي أسدا في طريقه، فلم يقدر عليه، ثم أقدم عليه فقتله الفتح، والمقصود منه قوله: [من الطويل] فأحجم لما لم يجد فيك مطمعا … وأقدم لما لم يجد عنك مهربا كان أبو مسلم فصيحا بالعربية والفارسية، خافض الصوت، حلو المنطق، راوية للشعر، عالما بالأمور، لم ير ضاحكا ولا مازحا إلا في وقته، ولا يكاد يغضب، تأتيه الفتوحات العظام، فلا يظهر عليه أثر السرور، وتنزل به الحوادث الفادحة فلا يرى مكتئبا، إذا غضب .. لم يستفزه الغضب ولا يأتي النساء في السنة إلا مرة، وكان من أشد الناس غيرة، قيل له: بم بلغت ما بلغت؟ قال: ما أخرت أمر يومي إلى غدوة. وكان ينظر في الملاحم، فوجد فيها خبره، وأنه يميت دولة ويحيي دولة، وأنه يقتل في بلاد الروم، فقتله المنصور برومية المدائن التي بناها الإسكندر ذو القرنين، وكان قد طاف الأرض شرقا وغربا، ولم يختر منها منزلا سوى المدائن، فنزلها وبنى رومية المذكورة، ولم يخطر ببال أبي مسلم أنها موضع قتله، بل راح وهمه إلى بلاد الروم، فسبحان من لا يزول ملكه.

681 - [عثمان بن سراقة]

681 - [عثمان بن سراقة] (1) عثمان بن سراقة الأزدي أحد الأشراف بدمشق. لما مات السفاح .. وثب وسبّ بني العباس على منبر دمشق، وأقام في الخلافة هاشم بن يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية، فبغتهم مجيء صالح بن علي عم السفاح، فلم يقوموا لحربه، واختفى هاشم وظفر بابن سراقة، فقتله في سنة سبع وثلاثين ومائة. 682 - [يزيد بن أبي زياد] (2) يزيد بن أبي زياد يعد في الكوفيين وهو مولى بني هاشم، يكنى: أبا عبد الله. سمع عبد الرحمن بن أبي ليلى وغيره. وروى عنه سفيان بن عيينة وغيره. توفي سنة سبع وثلاثين ومائة. 683 - [العلاء بن عبد الرحمن الحرقي] (3) العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي مولاهم-وحرقة بطن من جهينة-أبو شبل المدني. سمع أباه، وأبا السائب، ومعبد بن كعب، وأنس بن مالك وغيرهم. روى عنه الداروردي، وشعبة، وسفيان، وابن جريج وغيرهم. توفي فيما أظن سنة ثمان وثلاثين ومائة.

(1) «تاريخ الإسلام» (8/ 483)، و «العبر» (1/ 187)، و «مرآة الجنان» (1/ 291)، و «شذرات الذهب» (2/ 185). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 460)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 129)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 564)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 413)، و «شذرات الذهب» (2/ 184). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 514)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 186)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 496)، و «مرآة الجنان» (1/ 291)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 345)، و «شذرات الذهب» (2/ 186).

684 - [ليث بن أبي سليم القرشي]

684 - [ليث بن أبي سليم القرشي] (1) ليث بن أبي سليم-واسم أبي سليم: أنس-ابن زنيم القرشي مولى عنبسة بن أبي سفيان الكوفي. أصله من أبناء الفرس، وولد بالكوفة، وكان معلما بها، ويكنى: أبا بكر، ويقال: أبا بكير. روى عن أشعث بن أبي الشعثاء وغيره. وروى عنه عبد الله بن إدريس وغيره. وكان من العباد، لكنه اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدث به. توفي سنة ثمان وثلاثين ومائة، وقيل: سنة ثلاث وأربعين ومائة (2). 685 - [زيد بن واقد] (3) زيد بن واقد. سمع بسر بن عبيد الله وغيره، وروى عنه صدقة بن خالد وغيره. خرّج له البخاري في «صحيحه» في (مناقب أبي بكر رضي الله عنه) (4). توفي سنة ثمان وثلاثين ومائة. 686 - [يزيد بن عبد الله الليثي] (5) يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي من أنفسهم-كما نقل عن غير واحد، وقال بعضهم: ليس منهم-المدني الفقيه الأعرج.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 468)، و «الجرح والتعديل» (7/ 177)، و «تهذيب الكمال» (24/ 279)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 179)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 260)، و «مرآة الجنان» (1/ 291)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 484)، و «شذرات الذهب» (2/ 187). (2) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى ترجمته في وفيات تلك السنة، انظر (2/ 154). (3) «تهذيب الكمال» (10/ 108)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 296)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 433)، و «مرآة الجنان» (1/ 291)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 671)، و «شذرات الذهب» (2/ 186). (4) الحديث رقم (3661). (5) «طبقات ابن سعد» (7/ 488)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 188)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 566)، و «مرآة الجنان» (1/ 291)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 418)، و «شذرات الذهب» (2/ 188).

687 - [يونس بن عبيد العبدي]

روى عن شرحبيل بن سعد، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وعبد الله بن خباب، وعبد الرحمن بن القاسم وغيرهم. روى عنه الليث بن سعد، وحيوة بن شريح، ومالك بن أنس وغيرهم. توفي سنة تسع وثلاثين ومائة. 687 - [يونس بن عبيد العبدي] (1) يونس بن عبيد بن دينار العبدي القيسي مولى عبد القيس أبو عبد الله البصري. رأى أنسا، وأخذ عن الحسن وطبقته. وروى عنه حماد بن زيد، وشعبة، ويزيد بن زريع وغيرهم. قال سعيد بن عامر: ما رأيت رجلا قط أفضل منه، وأهل البصرة متفقون على هذا. وقال أبو حاتم: هو أكبر من سليمان التيمي؛ فلا يبلغ سليمان منزلته. وقال: ما كتب شيئا قط؛ يعني: لحفظه وذكائه. توفي سنة تسع وثلاثين ومائة. 688 - [خالد بن يزيد الجمحي] (2) خالد بن يزيد الجمحي مولاهم-ويقال: السكسكي-المصري الإسكندراني أبو عبد الرحيم الفقيه المفتي. يروي عن عطاء بن أبي رباح، والزهري، وسعيد بن أبي هلال وغيرهم. وروى عنه الليث بن سعد، وحيوة بن شريح وغيرهما. توفي سنة تسع وثلاثين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 259)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 168)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 288)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 572)، و «مرآة الجنان» (1/ 291)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 470)، و «شذرات الذهب» (2/ 188). (2) «تاريخ الإسلام» (8/ 406)، و «مرآة الجنان» (1/ 291)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 537)، و «شذرات الذهب» (2/ 188).

689 - [سلمة بن دينار]

689 - [سلمة بن دينار] (1) سلمة بن دينار الأعرج أبو حازم المخزومي مولى الأسود بن سفيان-ويقال: مولى بني شجع من بني ليث-المدني القاص. كان عالم أهل المدينة وزاهدهم وواعظهم. قال ابن خزيمة: لم يكن في زمانه مثله، له حكم ومواعظ. سمع سهل بن سعد، وعبد الله بن أبي قتادة، ويزيد بن رومان وغيرهم. وروى عنه مالك، والسفيانان، وسليمان بن بلال وغيرهم. وتوفي سنة أربعين ومائة، وقيل: سنة خمس-وقيل: اثنتين-وثلاثين ومائة. 690 - [داود بن أبي هند] (2) داود بن أبي هند-واسم أبي هند: دينار-القشيري مولاهم أبو محمد البصري. كان من خيار أهل البصرة المتقنين في الروايات حافلا نبيلا سيدا جليلا. سمع سعيد بن المسيب، والشعبي، والحسن، ومحمد بن سيرين وغيرهم. وروى عنه حماد بن سلمة، وحفص بن غياث، والثوري، وابن علية وغيرهم. وتوفي سنة أربعين-وقيل: أربع وثلاثين-ومائة بطريق مكة. 691 - [سهيل بن أبي صالح] (3) سهيل بن أبي صالح، واسم أبي صالح: ذكوان السمان. كان أبوه ذكوان يجلب الزيت والسمن إلى الكوفة، فعرف بذلك.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 515)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 96)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 441)، و «مرآة الجنان» (1/ 292)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 71)، و «شذرات الذهب» (2/ 191). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 254)، و «تهذيب الكمال» (8/ 461)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 376)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 413)، و «مرآة الجنان» (1/ 292)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 572)، و «شذرات الذهب» (2/ 190). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 521)، و «تهذيب الكمال» (12/ 223)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 458)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 449)، و «مرآة الجنان» (1/ 292)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 128)، و «شذرات الذهب» (2/ 191).

692 - [عمرو بن قيس الكندي]

روى سهيل عن أبيه، وعبد الله بن دينار وغيرهما. روى عنه مالك، والسفيانان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج وغيرهم. وتوفي سنة أربعين ومائة. 692 - [عمرو بن قيس الكندي] (1) عمرو بن قيس الكندي السكوني. روى عن عبد الله بن عمرو، والكبار، وقيل: إنه أدرك سبعين صحابيا، يقال: إنه كان ترب الحجاج. وتوفي سنة أربعين ومائة وعاش مائة سنة تامة. والله سبحانه أعلم ***

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 462)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 322)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 507)، و «مرآة الجنان» (1/ 292)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 299)، و «شذرات الذهب» (2/ 291).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والعشرون بعد المائة فيها: توفي مسلمًّة بن عبد الملك بن مروان، وكان موصوفا بالشجاعة والإقدام والرأي والدهاء، ومحمد بن يحيى بن حبّان، ونمير بن أوس قاضي دمشق. *** السنة الثانية والعشرون بعد المائة فيها: قتل زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وصلب بالكناسة في الكوفة، وقتل من كان معه، وهرب ابنه يحيى بن زيد إلى خراسان، ولما ولي الوليد بن يزيد .. أحرق جثته. وفيها: قتل مالك بن شبيب الباهلي، وعبد الله البطال في جماعة من المسلمين بسارة. وفيها: مات إياس بن معاوية القاضي الموصوف بالذكاء، وأبو هاشم الرماني يحيى. *** السنة الثالثة والعشرون فيها: توفي ثابت البناني المشهور بالعلم والعبادة والزهد، وسماك بن حرب الذّهلي الكوفي، والإمام الجليل محمد بن واسع، وربيعة بن يزيد، وأبو يونس سليمان بن جبير، وشرحبيل بن سعد، وزبيد بن الحارث اليامي الزاهد. *** السنة الرابعة والعشرون فيها: توفي الإمام أبو بكر محمد بن مسلم بن عبد الله بن عبيد الله بن شهاب الزهري، والقاسم ابن أبي بزة. ***

السنة الخامسة والعشرون

السنة الخامسة والعشرون فيها: توفي الخليفة أبو الوليد هشام بن عبد الملك الأموي، والإمام سعيد بن أبي سعيد المقبري، وقيل: في الرابعة والعشرين، وأشعث بن أبي الشعثاء المحاربي الكوفي، وزيد بن أبي أنيسة الجزري الرّهاوي بضم الراء، وزياد بن علاقة الثعلبي، وقيل: في التي بعدها. وفيها: قدم سليمان بن كثير، ومالك بن الهيثم، ولاهز بن قريظ، وقحطبة بن شبيب مكة، فلقوا بها محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أبو الخليفتين السفاح والمنصور، وأخبروه بقصة أبي مسلم، وما فيه من الشهامة والكفاءة، وأعطوه مالا وكساء، فقال لهم محمد: ما أظنكم تلقوني بعد عامي هذا؛ فإن حدث بي حدث .. فصاحبكم إبراهيم بن محمد، وقد أوصيته بكم وأوصيتكم به، فانصرفوا من عنده. وكان قد تحول من الحميمة إلى كداب فاتخذها وطنا، فتوفي بها لمستهل ذي القعدة، وهو ابن ثلاث وستين سنة، وبين وفاته ووفاة والده علي بن عبد الله سبع سنين. وفيها: مات عمرو بن دينار، وصالح مولى التوأمة. وفيها: قتل يحيى بن زيد بن علي بالجوزجان، قتله سالم بن أجور من قبل نصر بن سيار، وبعث رأسه إلى يوسف بن عمر بالعراق، فنصبه وكان يوسف أمرهم بتخلية سبيله. *** السنة السادسة والعشرون فيها: قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وتولى يزيد بن الوليد بن عبد الملك الملقب بالناقص؛ لأنه نقص الجند عطياتهم، وكان قدريا دعى الناس إلى القدر وحملهم عليه، فولى يزيد منصور بن جمهور العراق، ثم عزله وولى عبد الله بن عمر بن عبد العزيز. وفيها: وثب سليمان بن هشام بن عبد الملك بعمان. وفيها: وثب أهل حمص، وأظهروا الطلب بدم الوليد بن يزيد. وفيها: وثب أهل فلسطين والأدرن بعاملهم وطردوه، وكذلك فعل أهل المدينة. وفيها: خرج أبو محمد السفياني، وهو زياد بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن

السنة السابعة والعشرون

أبي سفيان، فأسر وأتى به إلى يزيد بن الوليد، فحبسه في الخضراء مع الحكم وعثمان ابني الوليد بن يزيد. وفيها: هرب يوسف بن عمر الثقفي، فأخذ وحبس معهم في الخضراء. وفيها: مات يزيد بن الوليد، وبويع لأخيه إبراهيم بن الوليد، بل قيل: في السنة التي بعدها. وفيها: بعث إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بكير بن ماهان إلى خراسان، ومعه السيرة والوصية، فقدم مرو وجمع النقباء والدعاة، فنعى إليهم محمد بن علي، ودعاهم إلى إبراهيم المذكور، فقبلوه وبعثوا معه بمال. وفيها: مات عمرو بن دينار اليمني الصنعاني عن ثمانين سنة، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق الفقيه المدني، وخالد بن عبد الله القسري أحد خطباء العرب وأجوادهم مات تحت العذاب، والكميت الأسدي الشاعر، وجبلة بن سحيم، وسليمان بن حبيب المحاربي، وعبد الله بن أبي يزيد، ودراج أبو السمح، وسعيد بن مسروق والد سفيان الثوري بخلف. *** السنة السابعة والعشرون فيها: سار مروان بن محمد بن مروان بن الحكم إلى دمشق في ستين ألفا لطلب الأمر لنفسه لما بلغه وفاة يزيد بن الوليد الملقب بالناقص، فجهز إليه إبراهيم بن الوليد الخليفة حينئذ أخويه بشرا ومسرورا في جيش عظيم، فالتقوا هم ومروان بن محمد بعين الجرّ في البقاع، فهزمهم مروان، ثم جهز ثم نزل بمرج دمشق، فأرسل إليهم إبراهيم بن الوليد سليمان بن هشام بن عبد الملك في مائة ألف، فكسرهم مروان، وانهزم سليمان فعسكر خليفتهم إبراهيم بن الوليد بنفسه بظاهر دمشق، وبذل الخزائن، فحاربوه فهرب، وبايع الناس مروان بن محمد، فأتاه إبراهيم بن الوليد فخلع نفسه، ولما ورد الخبر إلى دمشق بهزيمة سليمان بن هشام بن مروان .. دخل عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك بن مروان ولي عهد إبراهيم بن الوليد ومعه عدة فيهم يزيد بن خالد القسري إلى الخضراء-وهي دار بدمشق مشهورة-وفيها الحكم وعثمان ابني الوليد بن يزيد وأبو محمد السفياني ويوسف بن عمر الثقفي محبوسين، فقتل الحكم وعثمان ويوسف بن عمر، وجاءت جماعة فأخرجت

السفياني، وهو زياد بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فسلم على مروان بالخلافة، فقال له: ما هذا؟ قال: عهد إليكم الحكم وعثمان، فرفع السفياني- والقيد برجليه-على المنبر، فدعا إلى مروان بن محمد، وبايعه الناس، وهرب عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك ولي عهد إبراهيم بن الوليد، فلحقه الناس فداسوه حتى قتلوه (1). وفيها: انتقضت حمص على مروان بن محمد، وخرج عليه ثابت بن نعيم بالأدرن، وقال: أنا الأصفر القحطاني (2). وفيها-أو في سنة ثمان وعشرين-: مات بكير بن ماهان، وقام مقامه أبو سلمة الخلال، ومضى أبو سلمة إلى خراسان، فقبلوا أمره، ودفعوا إليه خمس أموالهم، ونفقة شيعة بني العباس. وفيها: قتل الحارث بن سريج بمرو، قتله الكرماني، وكان نصر بن سيار عرض على الحارث أن يوليه ما وراء النهر ويعطيه ثلاث مائة ألف، فلم يفعل، وحاربه فهزمه نصر بن سيار، فانضم الحارث إلى الكرماني، واسم الكرماني علي بن جديع الأزدي، وعاد يحارب نصرا، فخذله الكرماني عصبية للمضرية، وغلب الكرماني على مرو، وحارب الحارث فظفر به وقتله، ونصبه بغير رأس، وصفت مرو لليمن، فهدموا دور المضرية، وانتشر الخلف بخراسان، وظهر أمر أبي مسلم وأصحابه الداعين إلى بني العباس (3). وفيها: دعا عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر إلى نفسه بالكوفة، وحارب عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، فهزمه عبد الله بن عمر، فلحق بالجبال، وتغلب على حلوان، ثم على همذان والري وأصبهان (4). وفيها: توفي عبد الله بن دينار مولى ابن عمر وعمير بن هاني العنسي بالنون، وعبد الكريم بن مالك الجزري الحراني الحافظ، ووهب بن كيسان، والزاهد العابد مالك بن دينار، وقاضي المدينة سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، والإمام السدي المفسر الكوفي، واسمه: إسماعيل بن عبد الرحمن.

(1) «تاريخ خليفة» (1/ 373)، و «البداية والنهاية» (10/ 434). (2) «تاريخ خليفة» (1/ 374)، و «تاريخ دمشق» (11/ 144). (3) «الكامل في التاريخ» (4/ 347)، و «البداية والنهاية» (10/ 439). (4) «الكامل في التاريخ» (4/ 333)، و «البداية والنهاية» (10/ 438).

السنة الثامنة والعشرون

وفيها-أو في سنة ثمان وعشرين-: توفي أبو إسحاق السبيعي، وبكير بن الأشج، ومنصور بن زاذان، وأبو عثمان سعيد بن هاني الخولاني. *** السنة الثامنة والعشرون فيها: ظهر الضحاك بن قيس الخارجي الحروري الشيباني، فدخل الكوفة وبها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز واليا على العراق ومخالفا لمروان، فحاربه وانهزم عبد الله بن عمر إلى واسط، ثم بايع الضحاك ودخل في جملة أصحابه، ثم إن سليمان بن هشام بعد هزيمته من مروان لحق بالضحاك الخارجي، فصاروا يدا واحدة، وقتل الضحاك متولي الموصل، واستولى عليها وكثرت جموعه حتى قيل: بلغت عدته مائة ألف وعشرون ألفا، وأغار على البلاد حتى بلغت خيله نصيبين، فخافه مروان فسار إليه بنفسه، فالتقيا بنصيبين أو بأرض كفر توثا، فأشار على الضحاك أصحابه أن يتقهقر، فقال: ما لي في دنياكم من حاجة وقد جعلت لله علي إن رأيت هذا الطاغية أن أحمل عليه حتى يحكم الله بيننا، وعلي دين سبعة دراهم معي منها ثلاثة دراهم، فدارت الحرب بينهم إلى آخر النهار، وقتل الضحاك في المعركة، ولم يعلم بقتله أحد من الفريقين في نحو ستة آلاف من الفريقين أكثرهم من الخوارج، ولما علم أصحاب الضحاك بقتله .. نصبوا مكانه الخيبري، وبايعوه وعادوا للقتال ومعهم سليمان بن هشام، فانهزم مروان، وثبت الله أمر ميمنته وهو ابنه عبد الله، وأمر ميسرته وهو مسلم بن عقيل، وملك الخيبري مخيم مروان، وقعد على سريره، فأحاط به نحو ثلاثة آلاف من أصحاب مروان، فقتلوه وقتلوا أصحابه في حجرة مروان وحولها، وبلغ الخبر مروان وقد جاوز ستة أميال منهزما، فانصرف إلى عسكره بعد أن قام بأمر الخوارج شيبان، فتحير بهم وخندقوا على أنفسهم، فجاء مروان فنازلهم وقاتلهم عشرة أشهر، كل يوم راية مروان مكسورة، وكانت فتنة هائلة تشبه فتنة ابن الأشعث مع الحجاج، ثم دخل شيبان نحو شهر زور، ثم توجه إلى كرمان، ثم كر إلى ناحية البحرين، فقتل هناك (1). وفيها: وجه مروان يزيد بن عمر بن هبيرة واليا على العراقين.

(1) «الكامل في التاريخ» (4/ 341)، و «البداية والنهاية» (10/ 438)، و «مرآة الجنان» (1/ 270)، و «شذرات الذهب» (2/ 121).

السنة التاسعة والعشرون

وفيها: نقل مروان بيت المال والخزائن إلى الجزيرة، ونزل حران، وولى سليمان بن قتيبة البصرة؛ فلم يزل واليا عليها إلى دولة بني العباس (1). وفيها: توفي عاصم بن أبي النجود الأزدي مولاهم المقرئ أحد القراء السبعة، ويحيى بن يعمر العدواني النحوي البصري، وأبو عمران الجوني البصري، واسمه: عبد الملك بن حبيب، وأبو الزبير المكي محمد بن مسلم، وأبو رجاء يزيد بن حبيب الأزدي مولاهم فقيه مصر وشيخها ومفتيها، قال الليث: هو سيدنا ومولانا، وجابر بن يزيد الجعفي، وأبو التياح يزيد بن حميد الضبعي، وبكر بن سوادة، وأبو قبيل المعافري، وأبو حصين عثمان بن عاصم. *** السنة التاسعة والعشرون في رمضان منها: كان ظهور أبي مسلم الخراساني بمرو، واسمه: عبد الرحمن بن مسلم صاحب الدعوة لبني العباس، وذلك: أن إبراهيم بن محمد الإمام وجه أبا مسلم المذكور إلى خراسان في هذه السنة-أو التي قبلها-فكتب إلى شيعته: أني قد أمرته بأمري، وأمّرته على خراسان وعلى ما غلب عليه من بعد، وأوصاه ألاّ يخالف سليمان بن كثير ولا يعصيه، وقال له: إذا أشكل عليك أمر .. فاكتف به مني، ثم إن الشيعة كرهت أبا مسلم لحداثته، وحضر ذلك سليمان بن كثير، وكان أبو داود غائبا، فقدم فوبخهم على ردهم أبا مسلم، وأعلمهم أنهم عصاة، فردوا أبا مسلم من قرمس، وولوه أمرهم وأطاعوه، فأسر في نفسه على سليمان بن كثير، وعرف ذلك لأبي داود، وبث الدعوة في أقطار خراسان كلها، ودخل الناس في ذلك أفواجا، وكتب إليه إبراهيم بن محمد الإمام: أن يوافيه في الموسم بما اجتمع عنده من الأموال، وكان قد اجتمع عنده ثلاث مائة ألف وستون ألف درهم، فحملها وخرج إلى مكة للنصف في جمادى الآخرة من سنة تسع وعشرين، ومعه من النقباء قحطبة بن شبيب والقاسم بن مجاشع وطلحة بن زريق، ومن الشيعة أحد وأربعون رجلا بالسلاح، فأخذوا على المفازة إلى أبيورد، ثم إلى أندومان، فلقيه كتاب إبراهيم الإمام ولواء وراية يأمره بالانصراف حيث يلقاه الكتاب، وأن يظهر الدعوة، فجهز قحطبة بالأموال إلى مكة، وعقد اللواء والراية، وكر راجعا إلى خراسان،

(1) «الكامل في التاريخ» (4/ 358)، و «البداية والنهاية» (10/ 443).

فدخل مرو مستخفيا، فنزل قرية خالد بن إبراهيم الذهلي أول يوم من شهر رمضان، ودفع كتاب الإمام إلى سليمان بن كثير، وكان فيه: أن أظهر دعوتك، ولا تربص، فاتعدوا ليلة الخميس لخمس بقين من رمضان من السنة المذكورة، ووجه أبو مسلم إلى العلاء بن حرب بخوارزم: أن يظهر الدعوة في الليلة المذكورة، فإن أعجلهم عدوهم .. فقد حل لهم أن يدفعوا عن أنفسهم، وأن يجردوا السيوف ويجاهدوا، وإن شغلهم عدوهم عن الوقت .. فلا حرج عليهم أن يظهروا بعد الوقت، فلما كان يوم الميعاد .. لبّس أبو مسلم كل من أجاب الدعوة السواد، وخرج في راية تسمى السحاب وهم يتلون: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} فاجتمعت إليه الشيعة حتى أصبحوا مغذين من كل جانب، ولما كان يوم العيد .. أمر أبو مسلم سليمان بن كثير أن يصلي بالناس العيد قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، وأن يكبر في الركعة الأولى ست تكبيرات، وأن يفتتح الخطبة بالتكبير ويختمها بالقرآن، وأن يخطب قائما، وكان بنو أمية يخطبون في الجمعة والأعياد قعودا، ويبدءون خطبة العيد بأذان ثم بالصلاة بإقامة على رسم صلاة الجمعة، ويكبرون في الركعة الأولى من صلاة العيد أربعا، وفي الثانية ثلاثا، وكان أبو مسلم إذا كتب إلى نصر بن سيار .. كتب إلى الأمير نصر من أبي مسلم، فلما قوي بمن اجتمع إليه .. بدأ بنفسه وكتب إلى نصر بن سيار، فعظم على نصر بن سيار كونه بدأ بنفسه ولم يلقبه بالأمير، وتغاضى، ثم أرسل إليه نصر بعد ثمانية عشر شهرا من الكتاب مولى له يقال له: يزيد لمحاربة أبي مسلم في عسكر كثيف، فوجه إليه أبو مسلم مالك بن الهيثم الخزاعي ومصعب بن قيس في مائتي رجل، ثم أمدهم بالرجال، فكسروا يزيد مولى نصر بن سيار، وحملوه إلى أبي مسلم مجروحا، فداواه وأحسن إليه، ورده إلى مولاه، وأحلفه ألاّ يحارب أبدا، وألاّ يكذب عليهم، وقال: هذا يرد عنا أهل الورع والصلاح؛ فإنا عندهم على غير الإسلام، فكان كما قال وظن، وهذه أول حرب كانت بين دعاة بني العباس وبين جماعة مروان بن محمد (1). وفي هذه السنة: هرب منصور بن جمهور إلى السند (2). وفيها: وافى عرفة يوم الوقوف أبو حمزة الخارجي في سبع مائة من الخوارج الإباضية أصحاب عبد الله بن يحيى الكندي الحضرمي الملقب بطالب الحق الخارج بحضر موت،

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 353)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 358)، و «البداية والنهاية» (10/ 443). (2) «الكامل في التاريخ» (4/ 370).

السنة الثلاثون

فوادعهم عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، وهو والي الحرمين يومئذ من قبل مروان بن محمد يوم عرفة وأيام التشريق ليأمن الناس في حجهم، فوقفت الحرورية ناحية من عرفة ومن مزدلفة ومن منى، فلما كان النفر الأول .. ركب عبد الواحد راحلته ولحق بالمدينة، وأخلى مكة للحرورية (1). وفيها: توفي خالد بن أبي عمران التجيبي التونسي قاضي إفريقية وعالم المغرب وعابدها، وأبو نصر يحيى بن أبي كثير أحد الأعلام في الحديث، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع أحد القراء العشرة، وأبو النصر سالم، وعلي بن زيد بن جدعان بخلف. *** السنة الثلاثون فيها: خرج أبو حمزة الخارجي من مكة قاصدا المدينة، وتهيأ أهل المدينة لحربهم، فخرج أمير المدينة عبد العزيز بن عبد الله بأهل المدينة ومن معه من جند الشام، فالتقوا بقديد في شهر صفر، فانهزم أهل المدينة، وقتل أميرهم المذكور وغالب عسكره، ولم يسلم منهم إلا اليسير، وفر عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك إلى الشام، وأقامت الخوارج بالمدينة ثلاثة أشهر يجمّعون بالناس، ويجمّع معهم فقهاء المدينة، ويعتدّون بصلاتهم؛ لأنهم قهروهم على البلد، فلما علم مروان بن محمد باستيلاء أبي حمزة الخارجي على الحرمين .. أرسل عبد الملك بن عطية السعدي في جند من الشام فاجتمعوا بأبي حمزة الخارجي في وادي القرى، فقتلت الخوارج وأفلت منهم واليهم أبو حمزة، فدخل مكة فقتل بها، وقدم عبد الملك بن عطية السعدي بجنده إلى اليمن؛ طالبا لعبد الله بن يحيى الكندي الخارج بحضر موت الملقب بطالب الحق (2). وفيها: دخل أبو مسلم الخراساني حائط مرو، ونزل دار الإمارة، وضرب عنق لاهز بن قريظ، وأمر طلحة بن رزيق أن يأخذ البيعة على الجند، وأن يدعو إلى الرضا من أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا يسمي أحدا، وكان طلحة فصيحا مفوها عالما بحجج الهاشمية وغوامض أمورهم، فكانت البيعة: أبايعكم على كتاب الله وسنة رسول الله

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 374)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 371). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 393)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 383)، و «البداية والنهاية» (10/ 449).

السنة الحادية والثلاثون

صلّى الله عليه وسلم، والطاعة للرضا من آل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليكم بذلك عهد الله وميثاقه (1). وفيها: قدم قحطبة من عند إبراهيم الإمام ومعه لواء عقده له، فوجهه أبو مسلم على مقدمته، وكتب إلى الشيعة بالسمع والطاعة، وتوجه إلى نيسابور لحرب نصر بن سيار، وبعث أبو مسلم عماله على الكوفة (2). وفيها: استولى أبو مسلم على خراسان، وقتل تميم بن نصر بن سيار. وفيها: قتل قحطبة من أهل خراسان ثلاثين ألفا استعرضهم، وكان قد بلغه أنهم بنية الخروج عليه، وكان فيهم نباتة بن حنظلة الكلابي، وهو أول من لقي من خيل بني أمية (3). وفيها: توفي الحافظ الزاهد محمد بن المنكدر، ويزيد بن رومان المدني أحد شيوخ نافع في القراءة، وشعيب بن الحبحاب، وعبد العزيز بن رفيع، وعبد العزيز بن صهيب، وكعب بن علقمة. وفيها: حج بالناس محمد بن عبد الملك بن مروان، وهو آخر من حج بالناس من بني أمية (4). *** السنة الحادية والثلاثون فيها: استولى أبو مسلم صاحب الدعوة على ممالك خراسان، وهزم الجيوش وأقبلت دولة بني العباس، وأدبرت دولة بني أمية (5). وفيها: وجه قحطبة بابنه الحسن إلى نحو العراق، فمات نصر بن سيار في شهر ربيع، وغلب الحسن على الري، ونزل قحطبة الري، وتحول أبو مسلم من مرو إلى نيسابور، ووجه قحطبة بابنه الحسن إلى همذان (6).

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 377)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 376)، و «البداية والنهاية» (10/ 448). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 388)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 381). (3) «تاريخ الطبري» (7/ 401)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 386)، و «البداية والنهاية» (10/ 448). (4) «تاريخ الطبري» (7/ 402)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 387)، و «البداية والنهاية» (10/ 451). (5) «مرآة الجنان» (1/ 273). (6) «الكامل في التاريخ» (4/ 389)، و «البداية والنهاية» (10/ 451).

السنة الثانية والثلاثون

وفيها: كانت وقعة قحطبة مع عامر بن ضبارة عامل ابن هبيرة على أصبهان بموضع يقال له: جابلق، فقتل عامرا واستولى على عسكره، وسار إلى نهاوند، وسار ابنه الحسن إلى حلوان. وروي أن عامرا كان في مائة وخمسين ألفا، وكان قحطبة في عشرين ألفا، وسار قحطبة بعد ما فتح نهاوند إلى العراق، وكان ابن هبيرة بجلولاء، فارتحل إلى عكبرا، وجاز قحطبة دجلة ومضى حتى نزل دممّا وارتحل ابن هبيرة مبادرا إلى الكوفة (1). وفيها: توفي فقيه البصرة أيوب السختياني الحافظ أحد الأعلام، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان أحد علماء المدينة، وإسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر، والزبير بن عدي، وسمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، ومحمد بن جحادة، وقيل: سنة سبع وعشرين وقد تقدم، وهمام بن منبه، وعبد الله بن أبي نجيح المكي المفسر صاحب مجاهد، وفرقد بن يعقوب السنجي العابد الزاهد، وواصل بن عطاء المعتزلي المعروف بالغزال. وفيها: وثب روح بن خالد بن قبيصة بن المهلب بالبصرة على سلم بن قتيبة، فسود ودعا إلى بني العباس. وفيها: حج إبراهيم بن محمد الإمام، ومعه أخوه وولده وبنو أخيه وجماعة من مواليه، ومعه ثلاثون نجيبا برجالها، فشهر أمره للناس. *** السنة الثانية والثلاثون فيها: حبس مروان بن محمد إبراهيم بن محمد الإمام وذلك أن نصر بن سيار كتب إلى مروان بقول أبي مريم البجلي الكوفي: [من الوافر] أرى خلل الرماد وميض نار … ويوشك أن يكون له ضرام فإن النار بالزندين تورى … وإن الحرب أولها كلام لئن لم يطفها عقلاء قوم … يكون وقودها جثث وهام أقول من التعجب ليت شعري … أأيقاظ أمية أم نيام فإن كانوا لحينهم نياما … فقل قوموا فقد حان القيام

(1) «المعارف» (ص 370)، و «تاريخ الطبري» (7/ 405)، و «تاريخ دمشق» (17/ 195).

وأعلمه أن أبا مسلم الخراساني يدعو إلى إبراهيم بن محمد، فكتب مروان إلى الوليد بن معاوية بن عبد الملك وهو عامله على دمشق: أن يكتب إلى عامل البلقاء ليسير إلى كداب والحميمة، ويأخذ إبراهيم بن محمد فيقيده وثاقا، ويبعث به في خيل إلى مروان، ففعل به ذلك، فحبسه مروان بحران، فبقي محبوسا شهرين، ومات بالطاعون، وقيل: بل قتل (1). ولما حمل إبراهيم بن محمد الإمام إلى مروان .. شيعه أهله، فنعى إليهم نفسه، وأمرهم بالمسير إلى الكوفة مع أخيه أبي العباس السفاح، وجعله الخليفة من بعده، ويقال: إن بعض الشيعة احتال، فأتى إلى مروان بن محمد مستظلما من إبراهيم بن محمد، يزعم أن له دينا على إبراهيم، وأن مروان حبسه قبل أن يسلم إليه دينه، فأرسل معه مروان إلى إبراهيم وهو في الحبس ليوفي الرجل دينه، فلما دخل الشيعي الحبس .. قال لإبراهيم: يا فاعل، يا تارك تأخذ حقي وإلى من تكلني، فقال له إلى ابن الحارثية؛ يعني: أخاه السفاح، فخرج الشيعي وأعلم أصحابه أن إبراهيم الإمام جعل الأمر بعده إلى أخيه السفاح (2). وفيها: وثب محمد بن خالد القسري بالكوفة، فسود وأخذها لبني العباس، وسار قحطبة في شرقي الفرات، فالتقى هو ويزيد بن عمر بن هبيرة بفم الزاب على الفلوجة العليا، فاقتتلوا ساعة من الليل، ثم انهزم ابن هبيرة ومضى إلى واسط، وخلى معسكره بما فيه من المال والسلاح، وأمر قحطبة أصحابه أن يعبروا الفرات، فعبروا مخاضة، وغرق قحطبة بعد أن أوصى: إن دخلتم الكوفة وقد حدث بي حادث .. فوزير الإمام أبو سلمة الخلال، فسلموا الأمر إليه، فلما غرق قحطبة .. ولوا أمرهم ابنه حميد بن قحطبة إلى أن جاء أخوه الحسن بن قحطبة، فقام بأمر الناس، ودخل الحسن وحميد ابنا قحطبة الكوفة، فسلموا الأمر إلى أبي سلمة الخلال كما أوصاهم به قحطبة (3). ولما حبس إبراهيم بن محمد الإمام بحران .. سار أبو العباس السفاح في جماعة من أصحابه من كداب والحميمة إلى الكوفة، ودخلها سرا، واختفوا في بني أود، وعلم أبو سلمة الخلال بوصولهم، وتغافل عن ذلك كأنه لم يعلم، وهمّ بتحويل الأمر إلى آل

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 369)، و «المنتظم» (4/ 735)، و «البداية والنهاية» (445/ 10، 453). (2) «المنتظم» (4/ 493)، و «البداية والنهاية» (10/ 619). (3) «تاريخ الطبري» (7/ 417)، و «الكامل في التاريخ» (4/ 397)، و «البداية والنهاية» (10/ 453).

أبي طالب، فكتب إلى ثلاثة منهم، وهم: جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعمر بن علي بن الحسين بن علي، وعبد الله بن الحسن بن الحسن، فلما وصل كتابه إلى جعفر الصادق .. قال: وما أنا وأبو سلمة؟ ! هو شيعة غيري، ثم أحرق كتابه وقال للرسول: قد رأيت الجواب، وكذلك عمر بن علي بن الحسين رد الكتاب على الرسول وقال: ما أعرف أبا سلمة، وأما عبد الله بن الحسن .. فقرأ كتاب أبي سلمة، وركب إلى جعفر بن محمد، وأخبره بكتاب أبي سلمة يدعوه إلى الخلافة، ويرى أنه أحق الخلق بها وقد أجابته شيعتنا من خراسان، فقال له جعفر: ومتى صاروا شيعتك؟ ! أأنت وجهته إلى خراسان وأمرته بلبس السواد؟ ! وهل تعرف أحدا منهم باسمه ونسبه؟ ! فكيف تكون شيعتك وأنت لا تعرفهم ولا يعرفونك؟ ! فقال عبد الله بن الحسن لجعفر: ما هذا الكلام منك إلا لشيء، فقال له جعفر: قد علم الله أني أوجب النصح على نفسي لكل مسلم فكيف أدخره عنك؟ ! لا تمنين نفسك الأباطيل؛ فإن هذه الدولة تتم لهم، وما هي لأحد من ولد أبي طالب، وقد جاءني مثل ما جاءك، فأجبت بما ستعرف خبره، فانصرف وهو غير راض. وأبطأ على أبي العباس وهو مختف بالكوفة أمر أبي مسلم وأبي سلمة، فخرج أصحاب له يطوفون بالكوفة، فلقي حميد بن قحطبة ومحمد بن صول رجلا من مواليهم ممن كان يحمل لهما الكتب، فعرفاه فسألاه، فأخبرهما أن القوم قد قدموا منذ أيام، وأنهم في سرداب ببني أود، فصارا إلى الموضع، فسلما عليهم وقالا: أيكم عبد الله؟ فقال أبو العباس وأبو جعفر: كلانا عبد الله، فقالا: أيكم ابن الحارثية؟ فقال أبو العباس: أنا، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، ودنيا منه فبايعاه، وأخرجاهم إلى المسجد الجامع، فصعد أبو العباس المنبر فحصر، وصعد دونه بمرقاة عمه داود بن علي فخطب خطبته المشهورة، وبايع الناس عامة لأبي العباس في يوم الجمعة لأربع عشرة مضت من ربيع الأول، وكان عدد بني العباس يومئذ ثلاثة وأربعين رجلا، ونزل أبو العباس قصر الإمارة، ثم خرج إلى معسكر أبي سلمة، وجعل بينهما ستر يدخل منه، وأقام في معسكره إلى أن انهزم مروان بن محمد بالزاب (1). وفيها: سار مروان بن محمد بجنود الشام والجزيرة والموصل، وحشدت معه بنو أمية كلهم بأنفسهم وأبناءهم حتى نزلوا الزاب بقرب الموصل، فجهز إليهم أبو العباس السفاح

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 423)، و «الفرج بعد الشدة» (4/ 275)، و «البداية والنهاية» (10/ 454).

عمه عبد الله بن علي لمحاربة مروان، فالتقوا بالزاب قرب الموصل، فانهزم مروان إلى الشام، واستولى عبد الله بن علي على الجزيرة، وهدم عبد الله بن علي قصر مروان الذي بحران وكان أنفق عليه عشرة آلاف ألف درهم، ثم قصد عبد الله بن علي دمشق، فهرب مروان إلى مصر، واستناب بدمشق ابن عمه الوليد بن معاوية بن مروان، ونزل عبد الله بن علي دمشق، فحاصرها وأخذها بالسيف وفيها خمسون ألف مقاتل، لكن إذا انقضت المدة .. لم تنفع العدة، وقتل بها من الأمويين عدة ألوف، منهم: أميرها الوليد بن معاوية بن عبد الملك، وسليمان بن هشام بن عبد الملك وسليمان بن يزيد بن عبد الملك، وأسر يزيد بن معاوية بن عبد الملك، وعبد الله بن عبد الجبار بن يزيد بن عبد الملك، فبعث بهما إلى أبي العباس فصلبهما بالحيرة، وهدم عبد الله بن علي سور دمشق حجرا حجرا، وقتل بنهر أبي فطرس سبعين رجلا من بني أمية (1). وفيها: قتل داود بن علي جماعة من بني أمية بالحجاز. وفيها: خلع ابن الورد الكلابي، ودعا إلى أبي سفيان وهو بقنسرين، فتوجه إليه عبد الصمد بن علي عم السفاح فقتله، وبعث عبد الله بن علي طائفة من الجند تبعت مروان بن محمد إلى مصر، فخرج منها هاربا، فقتل ببوصير من أعمالها لثلاث بقين من ذي الحجة، وحمل رأسه إلى أبي العباس السفاح، فخر السفاح ساجدا، ثم رفع رأسه وقال: الحمد لله الذي أظهرني عليك وأظفرني بك، ولم يبق ثأري قبلك وقبل أهلك أعداء الدين، ثم تمثل بقول ذي الإصبع: [من البسيط] لو يشربون دمي لم يرو شاربهم … ولا دماؤهم للغيظ ترويني (2) وفيها: توفي الإمام ابن الإمام عبد الله بن طاوس اليماني النحوي، والحافظ منصور بن المعتمر السلمي، والفقيه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري المدني، وصفوان بن سليم، ويونس بن ميسرة المقرئ الأعمى، وأمير العراقين يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري، وآخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد بن مروان الأموي، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع القارئ. وفيها: قتل أبو سلمة الخلال أحد شيعة بني العباس. ***

(1) «تاريخ خليفة» (1/ 404)، و «المنتظم» (5/ 15)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 18)، و «مرآة الجنان» (1/ 276). (2) «المنتظم» (16/ 5، 20)، و «الكامل في التاريخ» (20/ 5، 25).

السنة الثالثة والثلاثون

السنة الثالثة والثلاثون فيها: خرج أبان بن معاوية بن هشام بن عبد الملك في أربعة آلاف، فهزمه عبد الله بن علي، وألجأه إلى سميساط، وأسره فيها وقتله. وفيها: ولى السفاح عمه سليمان بن علي البصرة والبحرين وعمان، وإسماعيل بن علي على الأهواز (1). وفيها: مات عم السفاح داود بن علي بالمدينة وهو واليها، فبعث السفاح مكانه خاله زياد بن عبيد الحارثي، وولاه الحجاز: مكة والمدينة والطائف، وولى ابنه محمد بن زياد بن عبيد اليمن (2). وفيها: خرج شريك بن شيخ المهري على أبي مسلم الخراساني بخراسان في ثلاثين ألفا؛ منكرا لسفك الدماء والقتل بغير الحق، فحاربه أبو مسلم وقتله (3). وفيها: فتح ملك الروم ملطية، وهدم سورها، والمسجد الجامع، ودار الإمارة بها (4). وفيها: تأمر عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك على الأندلس نيفا وثلاثين سنة، ثم هلك فخلفه ابنه هشام، فملك نحو سبع سنين، ثم هلك وخلفه ابنه الحكم، فمكث نحو ست وعشرين سنة (5). وفيها: بعث أبو مسلم مرارا الضبي، فقتل الوزير أبا مسلمة السبيعي مولاهم الكوفي، وفيه قيل هذا البيت: إن الوزير وزير آل محمد … أودى فمن يشناك كان وزيرا كذا في «تاريخ اليافعي»، ولعل المقتول أبو سلمة حفص بن سليمان الخلال (6)؛ فإن

(1) «البداية والنهاية» (10/ 471). (2) «المنتظم» (5/ 31)، و «البداية والنهاية» (10/ 472). (3) «تاريخ الطبري» (7/ 459)، و «المنتظم» (5/ 31)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 39)، و «البداية والنهاية» (10/ 472). (4) «المنتظم» (5/ 32)، و «العبر» (1/ 179). (5) «تاريخ الطبري» (7/ 500)، و «المنتظم» (5/ 85)، و «البداية والنهاية» (10/ 490)، وسيذكر المصنف رحمه الله تعالى هذه الحادثة في سنة (139 هـ‍). (6) «مرآة الجنان» (1/ 280)، والصواب: أن المقتول هو أبو سلمة الخلال كما في جميع المصادر.

السنة الرابعة والثلاثون

السفاح استوزره لما تولى، فدس إليه أبو مسلم من قتله في هذه السنة أو التي قبلها، والله سبحانه أعلم (1). وفيها: توفي أيوب بن موسى الأموي الفقيه. وفيها-أو في الماضية-: يحيى بن يحيى بن قيس الغساني سيد أهل دمشق في وقته، ومعين بن مقسم الضبي الكوفي الفقيه الأعمى أحد الأئمة، وعمر بن أبي سلمة على ما ذكره بعضهم، ومطرف بن ظريف. *** السنة الرابعة والثلاثون فيها: افتتح أبو مسلم الصغد وبخارى (2). وفيها: وجه السفاح موسى بن كعب إلى السند لقتال منصور بن جمهور الكلبي الدمشقي، فالتقى منصورا في اثني عشر ألفا، فهزم منصورا، ومات في البرية عطشا، وكان قدريا (3). وفيها: تحول أبو العباس السفاح من الكوفة، فنزل العباسة التي بناها بالأنبار (4). وفيها: استعرض يحيى بن محمد أخو العباس أهل الموصل فقتلهم (5). وفيها: توفي الفقيه يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي الدمشقي، وإسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص. *** السنة الخامسة والثلاثون فيها: قتل أبو مسلم الخراساني عيسى بن ماهان المروزي، وضعه في جوالق وأمر من ضربه بالأعمدة حتى مات، وتولى ذلك منه خالد بن إبراهيم، فغضب أبو العباس السفاح

(1) «العبر» (1/ 179)، و «مرآة الجنان» (1/ 280)، و «البداية والنهاية» (10/ 469). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 464)، و «البداية والنهاية» (10/ 472). (3) «تاريخ الطبري» (7/ 464)، و «المنتظم» (5/ 35)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 43). (4) «تاريخ الطبري» (7/ 464)، و «المنتظم» (5/ 35)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 44). (5) «تاريخ خليفة» (1/ 411)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 33).

السنة السادسة والثلاثون

حين بلغه ذلك، وأمر بتقييد خالد، فاسترضاه أبو مسلم، واستوهب خالدا (1). وفيها: توفي أبو العلاء بن سنان الدمشقي نزيل البصرة، وأبو عقيل زهرة بن معبد التيمي، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني، وعطاء الخراساني نزيل بيت المقدس، والسيدة الصالحة الزاهدة رابعة العدوية، وداود بن الحصين. *** السنة السادسة والثلاثون فيها: حج أبو جعفر المنصور بالناس، وحج معه أبو مسلم الخراساني القائم بدعوتهم، وكان إذا كاتب أبا جعفر .. بدأ بنفسه (2). وفيها: بايع أبو العباس بالعهد من بعده لأخيه أبي جعفر المذكور، ثم لابن أخيه عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس من بعده، وكتب العهد وجعله في ثوب، وختم عليه بخاتمه وخواتيم أهل بيته، ودفعه إلى عيسى (3). وفيها: مات أبو العباس السفاح، واسمه: عبد الله بن محمد، أول خلفاء بني العباس، وكان ولي عهده أبو جعفر المنصور غائبا بمكة، فأخذ البيعة على الناس ولي العهد من بعده ابن أخيه عيسى بن موسى، وأعطى الناس أرزاقهم، فبلغت ثمانية آلاف ألف (4). وفيها: توفي زيد بن أسلم العدوي مولاهم الفقيه العابد، والعلاء بن الحارث الحضرمي الفقيه الشامي صاحب مكحول، وعطاء بن السائب الثقفي الكوفي، وحصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي الحافظ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن الرازي فقيه المدينة وعالمها، وأشعث بن سوار، وجعفر بن ربيعة، وعبد الملك بن عمير، وعبيد الله بن أبي جعفر. ***

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 466)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 45). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 469)، و «المنتظم» (5/ 44)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 48)، و «البداية والنهاية» (10/ 474). (3) «تاريخ الطبري» (7/ 470)، و «المنتظم» (5/ 44)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 50). (4) «تاريخ الطبري» (7/ 470)، و «المنتظم» (5/ 44)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 50)، و «البداية والنهاية» (10/ 477).

السنة السابعة والثلاثون

السنة السابعة والثلاثون في أولها: بلغ عبد الله بن علي موت ابن أخيه السفاح، فدعا إلى نفسه وعسكر، وزعم أن السفاح عهد إليه بالأمر بعده، وأقام شهودا بذلك، فجهز أبو جعفر المنصور لحربه أبا مسلم الخراساني، فالتقى الجمعان بنصيبين في جمادى الآخرة، فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم انهزم جيش عبد الله بن علي، وهرب هو إلى البصرة وبها أخوه، وحاز أبو مسلم خزائنه، وكان فيها أموال عظيمة؛ لأنه كان قد استولى على جميع أموال بني أمية، فبعث المنصور إلى أبي مسلم أن احتفظ بما في يدك، فصعب ذلك على أبي مسلم، وسار إلى نحو خراسان عازما على خلع المنصور، فأرسل إليه المنصور يستعطفه ويعده ويمنيه، ولم يزل به حتى وصل إليه، فقتله في شعبان من هذه السنة، وكتب إلى خالد بن إبراهيم بعهده على خراسان (1). وفيها: خرج سنباذ المجوسي بنيسابور مخالفا لأبي جعفر يطلب بدم أبي مسلم، وسار حتى تغلب على قومس والري، وقبض خزائن أبي مسلم، وكانت بالري، فوجه إليه أبو جعفر جهور بن مراد العجلي في عشرة آلاف، فهزم سنباذ، وقتل من أصحابه نحوا من ستين ألفا، وسبى نساءهم وجواريهم، ثم قتله من بعد (2). وفيها: عزل أبو جعفر المنصور عمه عن البصرة، وولاها سليمان بن معاوية المهلبي (3). وفيها: قتل عثمان بن سراقة الأسدي أحد الأشراف بدمشق. وفيها: توفي يزيد بن أبي زياد. *** السنة الثامنة والثلاثون فيها: أقبل طاغية الروم قسطنطين في مائة ألف حتى نزل بدابق-بكسر الموحدة-فالتقاه صالح بن علي عم المنصور، فهزمه والحمد لله على ظهور دين الإسلام (4). وفيها: خلع الطاعة جهور بن مرار العجلي، فلقيه محمد بن الأشعث الخزاعي، فانهزم

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 474)، و «المنتظم» (5/ 67)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 53)، و «مرآة الجنان» (1/ 285)، و «البداية والنهاية» (10/ 478). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 495)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 66)، و «البداية والنهاية» (10/ 489). (3) «تاريخ خليفة» (1/ 417)، و «تاريخ الطبري» (7/ 500)، و «المنتظم» (5/ 85)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 80). (4) «تاريخ الطبري» (7/ 497)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 70)، و «مرآة الجنان» (1/ 291).

السنة التاسعة والثلاثون

جهور، ووقع بأذربيجان، وأخذ بعد ذلك وقتل بها بإسبيذروذ (1). وفيها: توفي العلاء بن عبد الرحمن، وليث بن أبي سليم بخلف فيه، وزيد بن واقد. *** السنة التاسعة والثلاثون فيها: شخص عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك إلى الأندلس، فملكه أهلها أمرهم، ثم ولاها أولاده من بعده، كذا في بعض التواريخ، وقد تقدم عن ذلك التاريخ أيضا: أنه ولي إمرة الأندلس في سنة ثلاث وثلاثين ومائة (2). وفيها: توفي يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي المدني الفقيه، ويونس بن عبيد شيخ البصرة، وخالد بن يزيد المصري، وعمرو بن مهاجر. *** السنة الموفية أربعين فيها: نزل جبريل بن يحيى الأمير من قبل صالح بن علي عم المنصور بالمصيصة مرابطا، فأقام بها سنة حتى بناها وحصنها (3). وفيها: سقط خالد بن إبراهيم أمير خراسان من سطح فانكسر ظهره، فولى المنصور خراسان عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي، فعاث فيها وقتل، وخلع المنصور في سنة إحدى وأربعين، فوجه إليه المنصور ابنه المهدي ومعه حازم بن خزيمة، فأسر عبد الجبار وحمل إلى البصرة، فقتله المنصور (4). وفيها: توفي أبو حازم سلمة بن دينار الفارسي عالم أهل المدينة، وداود بن أبي هند المصري الفقيه الحافظ، وأبو العلاء بن أبي مسكين فقيه واسط، وسهل بن أبي صالح السمان، وعمرو بن قيس الكندي السكوني، وعمارة بن غزية، والله سبحانه أعلم. ***

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 497)، و «المنتظم» (5/ 83)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 69)، و «البداية والنهاية» (10/ 490). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 500)، و «المنتظم» (5/ 85)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 74)، و «البداية والنهاية» (10/ 490)، ذكر الحادثة في تلك السنة دون أن ينسبها إلى أحد. (3) «الكامل في التاريخ» (5/ 84)، و «مرآة الزمان» (1/ 291). (4) «تاريخ الطبري» (7/ 503)، و «المنتظم» (5/ 89)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 82)، و «البداية والنهاية» (10/ 492).

العشرون الثالثة من المائة الثانية

العشرون الثالثة من المائة الثانية [الاعلام] 693 - [موسى بن عقبة] (1) موسى بن عقبة بن أبي عياش الأسدي المدني أبو محمد مولى آل الزبير بن العوام، وهو أخو إبراهيم ومحمد ابنا عقبة، وهو صاحب المغازي المشهورة. سمع نافعا، وكريبا وغيرهما. وروى عنه مالك، وابن جريج، وعبد الله بن المبارك، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم. وكان فقيها عارفا بالسير والمغازي. توفي سنة إحدى وأربعين ومائة. 694 - [أبان بن تغلب الرّبعي] (2) أبان بن تغلب القارئ الكوفي. سمع الأعمش، والحكم بن عتيبة، وفضيل بن عمرو وغيرهم. روى عنه سفيان بن عيينة، وشعبة، وإدريس الأودي وغيرهم. توفي سنة إحدى وأربعين ومائة. 695 - [أبو إسحاق الشيباني] (3) سليمان بن أبي سليمان-واسم أبي سليمان: فيروز-أبو إسحاق الشيباني مولاهم الكوفي.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 519)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 117)، و «تهذيب الكمال» (29/ 115)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 114)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 299)، و «شذرات الذهب» (2/ 192). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 480)، و «تهذيب الكمال» (2/ 6)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 55)، و «البداية والنهاية» (10/ 494)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 53)، و «شذرات الذهب» (2/ 193). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 464)، و «تهذيب الكمال» (11/ 444)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 193)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 160)، و «مرآة الجنان» (1/ 293)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 97).

696 - [خالد بن مهران الحذاء]

سمع عبد الله بن أبي أوفى، والشعبي، وأبا بردة، وزر بن حبيش، ويزيد بن الأصم وغيرهم. وروى عنه شعبة، والسفيانان، وهشيم وغيرهم. توفي سنة إحدى وأربعين ومائة، وقيل: تسع وثلاثين ومائة. 696 - [خالد بن مهران الحذاء] (1) خالد بن مهران الحذاء-ما حذا نعلا قط ولا باعها، وإنما تزوج امرأة فنزل عليها في الحذائين، فنسب إليهم-أبو المنازل البصري المجاشعي مولاهم مولى بني عامر بن مجاشع، وقيل: مولى خزاعة، وقيل: مولى قريش. سمع أبا قلابة عبد الله بن زيد، وحفصة بنت سيرين، وعكرمة وغيرهم، قيل: رأى أنسا. وتوفي سنة اثنتين وأربعين ومائة في أولها، وقيل: سنة إحدى وأربعين. 697 - [عاصم الأحول] (2) عاصم بن سليمان الأحول أبو عبد الرحمن البصري مولى بني تميم، وقيل: مولى عثمان بن عفان، أحد حفاظ البصرة. سمع أنس بن مالك، وأبا عثمان النهدي وغيرهما. روى عنه حماد بن زيد، وعبد الله بن المبارك، وعبد الواحد بن زياد. وتوفي سنة اثنتين وأربعين ومائة، وقيل: إحدى وأربعين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 258)، و «تهذيب الكمال» (8/ 177)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 190)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 122)، و «مرآة الجنان» (1/ 293)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 533)، و «شذرات الذهب» (2/ 195). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 255)، و «الجرح والتعديل» (6/ 343)، و «تهذيب الكمال» (13/ 485)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 13)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 188)، و «الكاشف» (1/ 519)، و «مرآة الجنان» (1/ 293)، و «تقريب التهذيب» (ص 285).

698 - [محمد بن أبي إسماعيل]

698 - [محمد بن أبي إسماعيل] (1) محمد بن أبي إسماعيل الكوفي. روى عن أنس وغيره. وروى عنه عبد الواحد بن زياد، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحيم بن سليمان وغيرهم. وتوفي سنة اثنتين وأربعين ومائة. قال شريك: رأيت أولاد أبي إسماعيل أربعة ولدوا في بطن واحد وعاشوا. 699 - [حميد بن هاني الخولاني] (2) حميد بن هاني الخولاني أبو هاني المصري. سمع علي بن رباح اللخمي، وأبا عبد الرحمن الحبلي وغيرهما. روى عنه عبد الله بن وهب، وحيوة بن شريح. وتوفي سنة اثنتين وأربعين ومائة. 700 - [إسماعيل بن أمية الأشدق] (3) إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاصي الأموي المكي. سمع نافعا وسعيدا المقبري وغيرهما. روى عنه السفيانان، وابن جريج وغيرهم. ذكره بعضهم فيمن توفي سنة اثنتين وأربعين ومائة، وقال غيره: سنة تسع وثلاثين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 466)، و «تهذيب الكمال» (24/ 493)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 263)، و «الكاشف» (2/ 158)، و «مرآة الجنان» (1/ 293)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 515)، و «شذرات الذهب» (2/ 196). (2) «الجرح والتعديل» (3/ 231)، و «تهذيب الكمال» (7/ 401)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 118)، و «الكاشف» (2/ 355)، و «مرآة الجنان» (1/ 293)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 499)، و «شذرات الذهب» (2/ 197). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 454)، و «الجرح والتعديل» (2/ 159)، و «تهذيب الكمال» (3/ 45)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 67)، و «الكاشف» (1/ 244)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 144).

701 - [الحسن بن عمرو الفقيمي]

701 - [الحسن بن عمرو الفقيمي] (1) الحسن بن عمرو الفقيمي التميمي الكوفي أخو فضيل بن عمرو. سمع مجاهدا وغيره. روى عنه عبد الواحد بن زياد، والثوري وغيرهما. توفي في أول خلافة أبي جعفر المنصور، وذكره بعضهم فيمن توفي سنة اثنتين وأربعين ومائة. 702 - [حجاج بن أبي عثمان الصواف] (2) حجاج بن أبي عثمان-واسم أبي عثمان: ميسرة-الصواف البصري الكندي مولاهم أبو الصلت. روى عن الحسن وغيره. وروى عنه إسماعيل ابن علية، وحماد بن زيد، وابن أبي عدي، ويحيى بن سعيد، ويزيد بن زريع وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث وأربعين ومائة. 703 - [حميد الطويل] (3) حميد الطويل، عرف بذلك لقصره، كان قصير القامة طويل اليدين، هو حميد بن أبي حميد-واسم أبي حميد: تير، أو تيرويه، وقيل غير ذلك-مولى طلحة الطلحات الخزاعي البصري أبو عبيدة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 460)، و «الجرح والتعديل» (3/ 25)، و «تهذيب الكمال» (6/ 283)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 109)، و «الكاشف» (1/ 328)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 409)، و «تقريب التهذيب» (ص 162). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 269)، و «الجرح والتعديل» (2/ 166)، و «تهذيب الكمال» (5/ 443)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 105)، و «الكاشف» (1/ 313)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 359). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 251)، و «الجرح والتعديل» (3/ 219)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 170)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 163)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 114)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 493).

704 - [سليمان بن طرخان]

سمع أنس بن مالك، وبكر بن عبد الله المدني، وثابتا البناني وغيرهم. روى عنه يحيى القطان، والثوري، وابن علية، ومالك بن أنس وغيرهم. ولد سنة ثمان وستين، توفي وهو قائم يصلي، فسقط ميتا في سنة ثلاث وأربعين ومائة، وهو أحد ثقات التابعين. 704 - [سليمان بن طرخان] (1) سليمان بن طرخان التيمي أبو المعتمر البصري، أحد علماء البصرة وعبادها. سمع أنس بن مالك، وأبا مجلز، وأبا عثمان النهدي وغيرهم. روى عنه ابنه معتمر، وشعبة، والثوري وغيرهم. مكث أربعين سنة يصوم يوما ويفطر يوما ويصلي الفجر بوضوء العشاء. قال شعبة: كان إذا حدث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم .. تغير لونه، وما رأيت أصدق منه. توفي سنة ثلاث وأربعين ومائة عن سبع وتسعين. 705 - [يحيى بن سعيد الأنصاري] (2) يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري النجاري المدني أبو سعيد قاضي المدينة، أخو سعد وعبد ربه ابني سعيد. سمع أنس بن مالك، وأبا سلمة بن عبد الرحمن وغيرهما. روى عنه مالك، وابن عيينة، وسليمان بن بلال وغيرهم. قال أيوب: ما رأيت بالمدينة أفقه منه.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 251)، و «الجرح والتعديل» (4/ 124)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 195)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 156)، و «مرآة الجنان» (1/ 294)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 99)، و «شذرات الذهب» (2/ 199). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 517)، و «الجرح والتعديل» (9/ 147)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 153)، و «تهذيب الكمال» (31/ 346)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 468)، و «العبر» (1/ 195)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 360).

706 - [ليث بن أبي سليم القرشي]

وكان يحيى القطان يقدمه على الزهري. قال الثوري: كان من الحفاظ. ولي قضاء المنصور. ومات بالهاشمية قبل أن تبنى بغداد في سنة ثلاث وأربعين ومائة. 706 - [ليث بن أبي سليم القرشي] (1) ليث بن أبي سليم-واسم أبي سليم: أنس-ابن زنيم مولى عنبسة بن أبي سفيان الكوفي. سمع أشعث بن أبي الشعثاء وغيره. وروى عنه عبد الله بن إدريس وغيره. ولد بالكوفة، وكان معلما بها، وكان من العباد، ولكنه اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدث به. قال الفضيل بن عياض: كان أعلم زمانه في المناسك. توفي سنة ثلاث وأربعين ومائة، وقيل غير ذلك، وأظنه قد تقدم في العشرين التي قبل هذه، والله سبحانه أعلم. 707 - [سعيد بن إياس الجريري] (2) سعيد بن إياس الجريري-بضم الجيم مصغرا؛ نسبة إلى جرير بن عباد. أخو الحارث بن عباد، ويقال: جرير بن جشم بن ثعلبة-البصري أبو مسعود محدث البصرة. سمع عبد الرحمن بن أبي بكرة، وأبا نضرة، وعبد الله بن بريدة، وأبا الطفيل، وأبا عثمان النهدي وغيرهم.

(1) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (138 هـ‍)، انظر (2/ 127)؛ وذلك لأن في تاريخ وفاته خلافا، فذكره المصنف في الموضعين، وقد بين ذلك في آخر هذه الترجمة. (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 260)، و «الجرح والتعديل» (4/ 1)، و «تهذيب الكمال» (10/ 338)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 153)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 148)، و «مرآة الجنان» (1/ 294)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 7).

708 - [عبد الله بن شبرمة]

روى عنه عبد الله بن المبارك، وإسماعيل ابن علية، والثوري وغيرهم. توفي سنة أربع وأربعين ومائة. 708 - [عبد الله بن شبرمة] (1) عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسان الضبي الكوفي أبو شبرمة، وهو عم عمارة بن القعقاع، وعمارة أكبر منه. روى عن أنس بن مالك، وسمع أبا زرعة بن عمرو، وغيره من التابعين. روى عنه شريك، ووهيب وغيرهما. ولي قضاء الكوفة، وكان عفيفا عارفا عاقلا، شاعرا جوادا، يشبه النساك، وثقه أحمد وأبو حاتم. ولد سنة اثنتين وسبعين، ومات بالكوفة سنة أربع وأربعين ومائة. 709 - [عقيل الأيلي] (2) عقيل-بضم العين-ابن خالد الأيلي مولى آل عثمان بن عثمان. سمع الزهري، وسلمة بن كهيل وغيرهما. روى عنه الليث بن سعد وغيره، وكان حافظا حجة. توفي بمصر سنة أربع-أو إحدى-وأربعين ومائة. 710 - [مجالد بن سعيد الهمداني] (3) مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني أبو عمرو الكوفي صاحب الشعبي.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 469)، و «الجرح والتعديل» (5/ 82)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 271)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 347)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 193)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 351)، و «شذرات الذهب» (2/ 205). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 528)، و «الجرح والتعديل» (7/ 43)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 301)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 222)، و «مرآة الجنان» (1/ 297)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 130)، و «شذرات الذهب» (2/ 205). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 468)، و «الجرح والتعديل» (8/ 361)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 284)، و «تاريخ-

711 - [عمرو بن عبيد المعتزلي]

روى عنه وعن غيره، وحدث عنه هشيم وغيره. وتوفي سنة أربع وأربعين ومائة. 711 - [عمرو بن عبيد المعتزلي] (1) عمرو بن عبيد المعتزلي المتكلم الزاهد المشهور مولى بني عقيل. كان أبوه شرطيا بالبصرة، فكان الناس إذا رأوا عمرا مع أبيه .. قالوا: هذا خير الناس ابن شر الناس، فيقول أبوه: صدقتم، هذا إبراهيم بن آزر. وقيل لأبيه: ابنك يختلف إلى الحسن البصري، ولعله أن يكون منه خير، قال: وأي خير يكون من ابني وأمه أصبتها من غلول وأنا أبوه؟ ! وكان عمرو بن عبيد يجالس الحسن كثيرا، فلما أحدث ما أحدث من نفي القدر وغيره .. قال له الحسن: اعتزل مجلسنا، فاعتزله هو وواصل بن عطاء؛ فسموا المعتزلة، ونقل عنه العلماء في إنكار القدر ما يقتضي الكفر. منها: أنه قال: إن كانت {(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ)} في اللوح المحفوظ .. فما على أبي لهب لوم. ومنها: أنه لما سمع حديث الأعمش عن ابن مسعود عن الصادق المصدوق رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أن ملكا موكلا بالرحم يقول: يا رب نطفة، يا رب علقة إلى أن قال: «ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله وشقي، أو سعيد» (2)، فقال عمرو بن عبيد: لو سمعته من الأعمش .. لكذبته، ولو سمعته من ابن مسعود .. لما صدقته، ولو سمعته من النبي صلّى الله عليه وسلم .. لقلت: ما بهذا بعثت الرسل، ولو سمعته من الله تعالى .. لقلت: ما على هذا أخذت مواثيقنا؛ فإن صح ذلك عنه .. لم يزد عليه كفر، نسأل الله العافية.

= الإسلام» (9/ 288)، و «مرآة الجنان» (1/ 297)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 24)، و «شذرات الذهب» (2/ 206). (1) «طبقات ابن سعد» (9/ 272)، و «المعارف» (ص 482)، و «الجرح والتعديل» (6/ 246)، و «وفيات الأعيان» (3/ 460)، و «تهذيب الكمال» (22/ 123)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 104)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 238)، و «مرآة الجنان» (1/ 295)، و «شذرات الذهب» (2/ 196). (2) أخرجه البخاري (7454)، ومسلم (2643).

لكن ذكر بعضهم: أن له رسائل وخطبا وتفسيرا وكتابا في الرد على القدر، فالله أعلم بصحة ذلك (1). وكان من العبادة والزهد والتأدب بآداب الكتاب والسنة كما وصفه الحسن البصري، وقد سئل عنه فقال للسائل: سألت عن رجل كأن الملائكة أدبته والأنبياء ربته، إن قام بأمر .. قعد به، وإن قعد بأمر .. قام به، وإن أمر بشيء .. كان ألزم الناس له، وإن نهى عن شيء .. كان أترك الناس له، ما رأيت ظاهرا أشبه بباطن ولا باطنا أشبه بظاهر منه؟ كان صديقا للمنصور قبل الخلافة، فدخل على المنصور أيام خلافته فقربه، وقال: عظني، فقال: إن هذا الأمر الذي في يدك لو بقي في يد أحد ممن كان قبلك .. لم يصل إليك، فاحذر من ليلة تتمخض بيوم لا ليلة بعده، وغير ذلك من المواعظ، فلما أراد النهوض .. قال له المنصور: قد أمرنا لك بعشرة آلاف درهم، قال: لا حاجة لي فيها، قال: والله؛ لتأخذها، قال: والله؛ لا آخذها، وكان المهدي حاضرا، فقال: يحلف أمير المؤمنين، وتحلف أنت؟ ! فقال عمرو للمنصور: من هذا الفتى؟ قال: هذا المهدي ولدي وولي عهدي، فقال: أما لقد ألبسته لباسا ما هو من لباس الأبرار، وسميته باسم ما استحقه، ومهدت له أمرا أمتع ما يكون به أشغل ما يكون عنه، ثم التفت إلى المهدي قال: نعم يا ولدي؛ إذا حلف أبوك .. أحنثه عمك؛ لأن أباك أقوى على الكفارات من عمك، فقال له المنصور: هل من حاجة؟ قال: لا تبعث إلي حتى آتيك، قال: إذا لا نلتقي، قال عمرو: وهي حاجتي، فأتبعه المنصور بصره وقال: [من مجزوء الرمل] كلكم يمشي رويد … كلكم يطلب صيد غير عمرو بن عبيد توفي سنة أربع وأربعين ومائة وهو راجع من مكة بموضع يقال له: مرّان-بفتح الميم وتشديد الراء-وهو الموضع الذي دفن فيه تميم بن مر الذي ينسب إليه بنو تميم القبيلة المشهورة، ورثاه المنصور بقوله: [من الكامل] صلّى الإله عليك من متوسد … قبرا مررت به على مرّان قبرا تضمن مؤمنا متحنفا … صدق الإله ودان بالعرفان لو أن هذا الدهر أبقى صالحا … أبقى لنا عمرا أبا عثمان

(1) قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (6/ 106): (وله كتاب «العدل والتوحيد»، وكتاب «الرد على القدرية»، يريد السنة).

712 - [إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي]

قالوا: ولم يعلم خليفة رثى من هو دونه سواه. ولما حضرته الوفاة .. قال لصاحبه: نزل بي الموت ولم أتأهب له، ثم قال: اللهم؛ إنك تعلم أنه لم يسنح لي أمران: في أحدهما رضا لك، وفي الآخر هوى لي .. إلا اخترت رضاك على هواي؛ فاغفر لي. 712 - [إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي] (1) إسماعيل بن أبي خالد-واسمه: سعد، ويقال: هرمز-الأحمسي البجلي مولاهم أبو عبد الله الكوفي. سمع عبد الله بن أبي أوفى، وقيس بن أبي حازم، وأبا جحيفة، والشعبي، وزيد بن وهب وغيرهم. روى عنه السفيانان، ويحيى القطان، وهشيم وغيرهم. وكان صالحا حافظا ثبتا حجة، أحد أعلام الحديث. توفي سنة خمس-أو ست-وأربعين ومائة. 713 - [عمرو بن ميمون النصري] (2) عمرو بن ميمون بن مهران النصري-بالنون، كان جده مهران مكاتبا لبني نصر بن معاوية -الكوفي الجزري أبو عبد الله. سكن الكوفة، ثم تحول إلى الجزيرة. سمع سليمان بن يسار وغيره. وروى عنه عبد الله بن المبارك وغيره. توفي سنة خمس-أو سبع-وأربعين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 463)، و «تهذيب الكمال» (3/ 69)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 176)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 68)، و «مرآة الجنان» (1/ 300)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 147). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 487)، و «الجرح والتعديل» (6/ 258)، و «تهذيب الكمال» (22/ 254)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 346)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 244)، و «مرآة الجنان» (1/ 300)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 307).

714 - [عبد الملك العرزمي]

714 - [عبد الملك العرزمي] (1) عبد الملك بن أبي سليمان-واسمه: ميسرة-الفزاري العرزمي أبو عبد الله الكوفي الحافظ. سمع سعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، وسلمة بن كهيل وغيرهم. روى عنه بن المبارك، ويحيى القطان وغيرهما. كان أحد المحدثين الكبار، وكان شعبة مع جلالته يتعجب من حفظ عبد الملك. توفي سنة خمس وأربعين ومائة. 715 - [محمد بن عمرو الليثي] (2) محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي أبو الحسن، أو أبو عبد الله المديني. سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن، وإبراهيم ابن حنين، وخالد بن عبد الله القراط. روى عنه سفيان بن عيينة، وإسماعيل بن جعفر وغيرهما. وكان حسن الحديث كثير العلم، خرّج له البخاري ومسلم (3). 716 - [يحيى بن سعيد التيمي] (4) يحيى بن سعيد بن حيان التيمي تيم الرّباب الكوفي أبو حيان. سمع أبا زرعة، والشعبي، ويزيد بن حيان وغيرهم.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 469)، و «تهذيب الكمال» (18/ 421)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 107)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 209)، و «مرآة الجنان» (1/ 300)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 613). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 529)، و «الجرح والتعديل» (8/ 30)، و «تهذيب الكمال» (26/ 212)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 136)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 283)، و «مرآة الجنان» (1/ 301)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 662). (3) لم يذكر المصنف رحمه الله تعالى تاريخ وفاته، وفي جميع المصادر: أنه توفي سنة (145 هـ‍). (4) «طبقات ابن سعد» (8/ 472)، و «الجرح والتعديل» (9/ 149)، و «تهذيب الكمال» (31/ 323)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 330)، و «مرآة الجنان» (1/ 301)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 357)، و «شذرات الذهب» (2/ 209).

717 - [حبيب بن الشهيد الأزدي]

روى عنه إسماعيل ابن علية، وابن المبارك، ويحيى القطان وغيرهم. وكان ثقة إماما صاحب سنة. توفي سنة خمس وأربعين ومائة. 717 - [حبيب بن الشهيد الأزدي] (1) حبيب بن الشهيد الأزدي مولاهم البصري أبو محمد، ويقال: أبو مرزوق (2)، وكان يكنى: أبا شهيد فتركها. سمع ابن أبي مليكة، والحسن، وعطاء بن أبي رباح، وثابتا البناني، وبكر بن عبد الله وغيرهم. روى عنه يزيد بن زريع، وشعبة، وابن علية وغيرهم. مات سنة خمس وأربعين ومائة. 718 - [أشعث الحمراني] (3) أشعث بن عبد الملك الحمراني مولى حمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه أبو هاني البصري. كان ثقة ثبتا حافظا، استشهد به البخاري في (الكسوف) (4). توفي سنة ست وأربعين ومائة. 719 - [الكلبي المفسر] (5) محمد بن السائب الكلبي الكوفي صاحب التفسير والأنساب والاختلاف والأخبار.

(1) «الجرح والتعديل» (3/ 102)، و «تهذيب الكمال» (5/ 378)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 56)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 98)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 351)، و «شذرات الذهب» (2/ 208). (2) هذه كنية شخص آخر اسمه حبيب بن الشهيد أيضا، وليست كنية المترجم له، وانظر ما قاله الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (7/ 57). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 276)، و «الجرح والتعديل» (2/ 275)، و «تهذيب الكمال» (3/ 277)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 72)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 181). (4) «صحيح البخاري» (1048). (5) «طبقات ابن سعد» (8/ 478)، و «الجرح والتعديل» (7/ 270)، و «تهذيب الكمال» (25/ 246)، -

720 - [هشام بن عروة]

قال: العرب كلهم من ولد إسماعيل إلا أربع قبائل؛ وهم: السلف، والأوزاع، وحضر موت، وثقيف. قال: وأول من تكلم بالعربية يعرب بن الهميسع ابن نبت بن إسماعيل. وقال: لم يكن في العرب من الأنبياء إلا هود وإسماعيل وصالح ومحمد صلّى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين. وقال: كل نبي ذكر في القرآن .. فهو من ولد إبراهيم غير إدريس ونوح ولوط وصالح وهود. قال الشيخ اليافعي: (لم يستثن آدم؛ لشهرته وكونه أب الكل) (1). والكلبي المذكور فيه مطاعن من جهة المذهب وغيره. وتوفي سنة ست وأربعين ومائة، والله أعلم. 720 - [هشام بن عروة] (2) هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، كان من المكثرين من الحديث، المعدودين في أكابر العلماء وجلة التابعين. رأى جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وسهل بن سعد، وابن عمر، وقال: إنه مسح برأسه، وقيل: إنه سمع من عمه عبد الله بن الزبير، ومن ابن عمر. روى عنه يحيى بن سعيد القطان، ووكيع، وغيرهم من جلة التابعين. قدم الكوفة في أيام المنصور، فسمع منه الكوفيون، وقدم بغداد على المنصور، فتوفي بها سنة ست وأربعين ومائة، ودفن بمقبرة الخيزران. ولد هشام، والزهري، وقتادة، والأعمش، وعمر بن عبد العزيز في سنة إحدى وستين، وهي السنة التي قتل فيها الحسين.

= و «سير أعلام النبلاء» (6/ 248)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 267)، و «مرآة الجنان» (1/ 301)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 569)، و «شذرات الذهب» (2/ 211). (1) «مرآة الجنان» (1/ 301). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 462)، و «الجرح والتعديل» (9/ 63)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 138)، و «تهذيب الكمال» (30/ 232)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 34)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 320)، و «مرآة الجنان» (1/ 302)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 275)، و «شذرات الذهب» (2/ 212).

721 - [يزيد بن أبي عبيد الأسلمي]

721 - [يزيد بن أبي عبيد الأسلمي] (1) يزيد بن أبي عبيد الأسلمي مولى سلمة بن الأكوع. سمع مولاه، وعميرا مولى آبي اللحم وغيرهما. روى عنه بكير بن عبد الله بن الأشج ومات قبله، ومكي بن إبراهيم، وأبو عاصم النبيل وغيرهم. يقال: إنه مات بالمدينة سنة ست-أو سبع-وأربعين ومائة. 722 - [رؤبة بن العجاج] (2) رؤبة بن العجاج البصري التميمي السعدي، هو وأبوه راجزان مشهوران، ولكل منهما ديوان رجز-ومذهب سيبويه وهو الصحيح عند المحققين: أن الرجز شعر خلافا للأخفش وتابعيه-وهما مجيدان في رجزهما. وكان رؤبة بصيرا باللغة عارفا بوحشيها وغريبها. كان رؤبة مقيما بالبصرة، فلما ظهر بها إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وخرج على أبي جعفر المنصور، وجرت الواقعة المشهورة .. خاف رؤبة على نفسه، فخرج إلى البادية ليجتنب الفتنة، فلما وصل إلى الناحية التي قصدها .. أدركه أجله بها، فتوفي هناك في سنة خمس وأربعين ومائة، وكان قد أسن. ورؤبة-بضم الراء وسكون الهمزة وفتح الموحدة آخره هاء-: هي في الأصل قطعة من الخشب يشعب بها الإناء، وجمعها رئاب، وباسمها سمي الراجز المذكور.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 528)، و «الجرح والتعديل» (9/ 280)، و «تهذيب الكمال» (32/ 206)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 206)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 338)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 423)، و «شذرات الذهب» (2/ 212). (2) «طبقات فحول الشعراء» (2/ 761)، و «الأغاني» (20/ 359)، و «الجرح والتعديل» (3/ 521)، و «معجم الأدباء» (4/ 261)، و «وفيات الأعيان» (2/ 303)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 162)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 132)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 613).

723 - [عبد الله عم السفاح]

وأما روبة بسكون الواو: فخميرة اللبن، والحاجة، يقال: فلان لا يقوم بروبة أهله؛ أي: بما أسند إليه من حوائجهم، والروبة أيضا: جمام ماء الفحل، كما قاله يونس بن حبيب النحوي. 723 - [عبد الله عم السفاح] (1) عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، عم السفاح والمنصور. لما بويع السفاح .. قدم عمه المذكور لحرب مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية، فهزمه ثم حاصر دمشق حتى أخذها قهرا، ثم قتل مروان وخلقا كثيرا من بني أمية، وإليه صارت خزائن بني أمية بأجمعها، ولما علم بموت السفاح .. بايع لنفسه، وزعم أن السفاح عهد إليه، وأقام شهودا بذلك، فبايعه الناس بخراسان، وكان أبو جعفر المنصور غائبا بمكة، فلما وصل إلى الكوفة .. جهز إليه أبا مسلم الخراساني صاحب الدعوة، فاقتتلوا وانهزم عبد الله بن علي إلى البصرة وبها إخوانه، فسعوا بينه وبين المنصور بالصلح، واشترط لنفسه شروطا كتبت في كتب الصلح، وكتب في آخره: أن المنصور إذا لم يف بشيء من ذلك .. فالمسلمون بريئون من بيعته، وكان ذلك على المنصور أشق ما كتب، فقال لهم المنصور: عليّ ذلك جميعه لعمي إذا وقعت عيني عليه، فلما أتوا إلى المنصور، وصار في صحن الدار قبل أن يقع نظر المنصور عليه .. أمر من أخذه منهم وخدشه، فكان المنصور يتحيل بكل ممكن في قتله على وجه لا ينسب إليه أنه قتله بغير حق، فلم يتأت له ذلك، فبنى بيتا وجعل أساسه قطع الملح، وحبسه فيه، ثم أجرى الماء على الأساس حتى ذاب الأساس وانهدم السجن عليه فمات، وذلك في سنة سبع وأربعين ومائة. وكان من رجال الدهر رأيا وأدبا ودهاء وحزما وشجاعة ونجدة وعزما.

(1) «المعارف» (ص 375)، و «تاريخ الطبري» (8/ 7)، و «المنتظم» (5/ 164)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 152)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 161)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 195)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 321)، و «فوات الوفيات» (2/ 192).

724 - [عبيد الله بن عمر العدوي]

724 - [عبيد الله بن عمر العدوي] (1) عبيد الله-مصغرا-ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي المدني، أخو عبد الله وعاصم وأبي بكر. سمع نافعا، والقاسم بن محمد وغيرهما. وروى عنه يحيى القطان، وابن جريج وغيرهما. وتوفي سنة سبع وأربعين ومائة، وقيل: سنة أربع وأربعين ومائة. وكان أفضل إخوته، وأكثرهم علما وصلاحا وعبادة. 725 - [هشام القردوسي] (2) هشام بن حسان القردوسي الأزدي، والقراديس: بطن من الأزد، ويقال: إنه من العتيك، وإنما نزل في القراديس فنسب إليهم، يكنى: أبا عبد الله. سمع الحسن البصري، ومحمد بن سيرين وغيرهما. وتوفي سنة سبع وأربعين ومائة. وكان محدث البصرة وحافظها. 726 - [جعفر الصادق] (3) جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي العلوي.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 531)، و «الجرح والتعديل» (5/ 326)، و «تهذيب الكمال» (19/ 124)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 304)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 214)، و «مرآة الجنان» (1/ 304)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 22). (2) «الجرح والتعديل» (9/ 54)، و «تهذيب الكمال» (30/ 181)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 355)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 318)، و «مرآة الجنان» (1/ 304)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 268)، و «شذرات الذهب» (2/ 214). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 543)، و «المعارف» (ص 215)، و «الجرح والتعديل» (2/ 487)، و «وفيات الأعيان» (1/ 327)، و «تهذيب الكمال» (5/ 74)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 255)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 88)، و «مرآة الجنان» (1/ 304)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 310)، و «شذرات الذهب» (2/ 216).

727 - [شبل بن عباد المكي]

ولد بالمدينة الشريفة سنة ثمانين، وأمه: أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، فهو علوي الأب، بكري الأم، لقب بالصادق لصدقه في قيله، وله كلام نفيس في علوم التوحيد وغيرها، وقد ألف تلميذه جابر بن حيان الصوفي كتابا يشتمل على ألف ورقة يتضمن رسائله، وهي خمس مائة رسالة. سمع أباه، ومحمد بن المنكدر، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم. وروى عنه سليمان بن بلال، والثوري، ومالك بن أنس، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم. وكان من سادات أهل البيت، وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائة بالمدينة، وقبر بقبر أبيه وجده زين العابدين، وعم جده الحسن بن علي رضي الله عنهم، فأكرم بذلك القبر ما جمع من الأشراف الكرام رضي الله عنهم. 727 - [شبل بن عباد المكي] (1) شبل بن عباد المقرئ مقرئ أهل مكة وتلميذ ابن كثير. سمع ابن أبي نجيح وغيره، وروى عنه روح بن عبادة وغيره. وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائة. 728 - [ابن أبي ليلى] (2) محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، من ولد أحيحة بن الجلاح، أبو عبد الرحمن الفقيه. تفقه بالشعبي، وأخذ عنه الثوري، وكان فقيها مفتيا. قال: دخلت على عطاء، فجعل يسألني، فأنكر بعض من عنده وكلمه في ذلك، فقال: هو أعلم مني.

(1) «الجرح والتعديل» (4/ 380)، و «تهذيب الكمال» (12/ 356)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 171)، و «العبر» (1/ 210)، و «مرآة الجنان» (1/ 306)، و «العقد الثمين» (5/ 4). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 478)، و «الجرح والتعديل» (7/ 322)، و «تهذيب الكمال» (25/ 622)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 310)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 275)، و «مرآة الجنان» (1/ 306)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 627)، و «شذرات الذهب» (2/ 222).

729 - [محمد بن عجلان]

وقال أحمد بن يونس: كان أفقه أهل الدنيا، وتولى القضاء بالكوفة ثلاثا وثلاثين سنة لبني أمية، ثم لبني العباس. وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائة. 729 - [محمد بن عجلان] (1) محمد بن عجلان المدني. كان عابدا ناسكا صادقا، له حلقة بمسجد النبي صلّى الله عليه وسلم للفتوى. توفي سنة ثمان وأربعين ومائة. 730 - [عمرو بن الحارث الأنصاري] (2) عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري مولاهم المصري أبو أمية المؤدب. سمع هشام بن عروة، وعبد ربه، وعبيد الله بن أبي جعفر وغيرهم. روى عنه ابن وهب، وبكر بن مضر، وموسى بن أعين وغيرهم. توفي سنة ثمان-أو تسع-وأربعين ومائة عن نيف وخمسين سنة. 731 - [العوام بن حوشب] (3) العوام بن حوشب بن يزيد بن رويم الشيباني الرّبعي الواسطي أبو عيسى، أسلم جده يزيد على يد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فوهب له جارية، فولدت له حوشبا. سمع العوام مجاهدا، وإبراهيم السكسكي، وأبا إسحاق الشيباني وغيرهم.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 525)، و «الجرح والتعديل» (8/ 49)، و «تهذيب الكمال» (26/ 101)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 317)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 280)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 646)، و «شذرات الذهب» (2/ 222). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 522)، و «الجرح والتعديل» (6/ 325)، و «تهذيب الكمال» (21/ 570)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 349)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 234)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 261). (3) «الجرح والتعديل» (22/ 427)، و «تهذيب الكمال» (7/ 22)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 354)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 246)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 334)، و «شذرات الذهب» (2/ 222).

732 - [المثنى بن الصباح اليماني]

وروى عنه شعبة، وهشيم، وسهل بن يوسف وغيرهم. توفي بواسط سنة ثمان وأربعين ومائة. 732 - [المثنى بن الصباح اليماني] (1) المثنى بن الصباح اليماني. روى عن مجاهد، وعمرو بن شعيب، وكان من أعبد الناس. توفي بمكة سنة تسع وأربعين ومائة. 733 - [كهمس بن الحسن البصري] (2) كهمس بن الحسن البصري أبو الحسن من النمر بن قاسط، نزل البصرة. روى عن أبي الطفيل، وجماعة. وسمع عبد الله بن بريدة، وأبا نضرة، وعبد الله بن شقيق وغيرهم. روى عنه معتمر بن سليمان، ووكيع وغيرهما. توفي سنة تسع وأربعين ومائة. 734 - [زكريا بن أبي زائدة] (3) زكريا بن أبي زائدة-واسم أبي زائدة: خالد أو هبيرة-ابن ميمون بن فيروز الهمداني الأعمى أبو يحيى الكوفي. سمع الشعبي، وسعيد ابن أشوع، وفراسا وغيرهم.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 53)، و «الجرح والتعديل» (8/ 324)، و «تهذيب الكمال» (27/ 203)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 287)، و «مرآة الجنان» (1/ 306)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 22). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 270)، و «الجرح والتعديل» (7/ 170)، و «تهذيب الكمال» (24/ 232)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 316)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 258)، و «مرآة الجنان» (1/ 307)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 476). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 474)، و «الجرح والتعديل» (9/ 593)، و «تهذيب الكمال» (9/ 359)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 202)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 136)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 631)، و «شذرات الذهب» (2/ 223).

735 - [عيسى بن عمر الثقفي]

روى عنه ابنه يحيى، وابن المبارك، ووكيع وغيرهم. توفي سنة تسع-أو ثمان-وأربعين ومائة. 735 - [عيسى بن عمر الثقفي] (1) عيسى بن عمر الثقفي-قيل: كان مولى خالد بن الوليد، فنزل في ثقيف فنسب إليهم- النحوي البصري أبو عمرو. وكان بينه وبين أبي عمرو بن العلاء صحبة، ولهما مسائل ومجالس، كان يطعن على العرب، ويخطّئ المشاهير فيهم مثل النابغة في بعض أشعاره وغيره. قال الأصمعي: قال عيسى بن عمر لأبي عمرو بن العلاء: أنا أفصح من معدّ بن عدنان، فقال أبو عمرو: لقد تعديت، فكيف تنشد قوله: [من الكامل] قد كن يخبأن الوجوه تسترا … فاليوم حين بدأن للنظار أو بدين للنظار؟ ! فقال عيسى: بدأن، فقال له أبو عمرو: أخطأت، فقال: بدا يبدو إذا ظهر، وبدأ يبدأ إذا شرع في الشيء. وله مصنفات في النحو، منها «الإكمال»، و «الجامع»، وإليهما أشار الخليل بن أحمد بقوله: [من الرمل] ذهب النحو جميعا كله … غير ما أحدث عيسى بن عمر ذاك إكمال وهذا جامع … فيهما للناس شمس وقمر وأخذ سيبويه عنه النحو، ويقال: إن كتاب سيبويه مأخوذ من جامع عيسى بن عمر، وإنما بسطه وحشاه من كلام الخليل وغيره. وكان عيسى بن عمر صاحب تقعير في كلامه وفي قراءته، ويستعمل في كلامه وحشي اللغة وغريبها.

(1) «المعارف» (ص 531)، و «الجرح والتعديل» (6/ 282)، و «معجم الأدباء» (6/ 106)، و «وفيات الأعيان» (3/ 486)، و «تهذيب الكمال» (23/ 13)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 200)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 363)، و «مرآة الجنان» (1/ 307)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 363)، و «شذرات الذهب» (2/ 223).

736 - [مقاتل بن سليمان]

حكى الجوهري في «صحاحه»: (أنه سقط عن حمار له، واجتمع عليه الناس، فقال: ما لكم تكأكأتم عليّ كتكأكئكم على ذي جنّة؟ ! افرنقعوا عني) (1) أي: ما لكم اجتمعتم علي كتجمعكم على مجنون، انكشفوا عني. ويروى: أن يوسف بن عمر الثقفي لما ولي العراقين بعد خالد بن عبد الله القسري .. فتتبع أصحاب خالد، وكان بعض جلساء خالد قد أودع عند عيسى بن عمر المذكور وديعة، فنمي الخبر إلى يوسف بن عمر الثقفي، فكتب إلى عامله بالبصرة أن يحمل إليه عيسى بن عمر مقيدا، فلما قيده الوالي .. قال له: لا بأس عليك، إنما أرادك الأمير لتأديب ولده، قال: (فما بال القيد إذن)، فبقيت كلمته هذه مثلا بالبصرة لمن توهم أنه يراد به الخير، وفعل به ما يدل على الشر، فلما وصل إلى يوسف بن عمر .. سأله عن الوديعة، فأنكر فأمر بضربه، فضرب بالسياط، فلما أوجعه الضرب .. قال: والله؛ إن كانت إلا أثيابا في أسيفاط قبضها عشّاروك. وقيل: إن الضارب له عمر بن هبيرة الفزاري الذي ولي العراقين بعد يوسف بن عمر الثقفي. توفي عيسى بن عمر النحوي سنة تسع وأربعين ومائة. 736 - [مقاتل بن سليمان] (2) مقاتل بن سليمان الأزدي مولاهم أبو الحسن الخراساني المشهور صاحب التفسير والحديث. أخذ الحديث عن مجاهد بن جبر، وعطاء بن أبي رباح، وأبي إسحاق السبيعي، والزهري، والضحاك بن مزاحم وغيرهم. روى عنه بقية، وعبد الرزاق الصنعاني، وعلي بن الجعد، وحرمي بن عمارة وغيرهم، وكان من العلماء الأجلاء. حكي عن الشافعي أنه قال: الناس كلهم عيال على ثلاثة: على مقاتل بن سليمان في

(1) «الصحاح» مادة: (فرقع). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 377)، و «الجرح والتعديل» (8/ 354)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 111)، و «وفيات الأعيان» (5/ 255)، و «تهذيب الكمال» (28/ 434)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 201)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 639)، و «مرآة الجنان» (1/ 309)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 143)، و «شذرات الذهب» (2/ 228).

737 - [الإمام أبو حنيفة]

التفسير، وزهير بن أبي سلمى في الشعر، وأبي حنيفة في الفقه. ويحكى: أن أبا جعفر المنصور كان جالسا فسقط عليه الذباب كثيرا حتى أضجره، فقال: من بالباب، قيل له: مقاتل بن سليمان، فأذن له، فقال له: تعلم لماذا خلق الله الذباب؟ قال: نعم؛ ليذل الله عزّ وجل به الجبابرة، فسكت المنصور. قال مقاتل مرة: سلوني عما دون العرش، فقيل له: من حلق رأس آدم عند ما حج؟ فقال: ليس هذا من علمكم، ولكن أراد الله أن يبتليني لما أعجبتني نفسي. وقال له آخر: الذرة أو النملة معاؤها في مقدمها أو مؤخرها؟ فتحير في ذلك، قال الراوي: فظننت أنها عقوبة عوقب بها. واختلف العلماء في مقاتل بن سليمان؛ فمنهم من وثقه، وأكثرهم طعن فيه ونسبه إلى الكذب. توفي سنة خمسين ومائة. 737 - [الإمام أبو حنيفة] (1) أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي الإمام المشهور مولى تيم الله بن ثعلبة. ولد سنة ثمانين، وأدرك أربعة من الصحابة: أنس بن مالك بالبصرة، وعبد الله بن أبي أوفى بالكوفة، وسهل بن سعد الساعدي بالمدينة، وأبا الطفيل عامر بن واثلة بمكة. وروى عن عطاء بن أبي رباح، وأبي إسحاق، ونافع مولى عبد الله بن عمر، وهشام بن عروة، وسماك بن حرب، وأخذ الفقه عن حماد بن سليمان. روى عنه عبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، والقاضي أبو يوسف، ومحمد بن الحسن الشيباني وغيرهم. وكان عالما عاملا، زاهدا عابدا، ورعا تقيا، كثير الخشوع، دائم التضرع إلى الله تعالى.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 489)، و «الجرح والتعديل» (8/ 449)، و «وفيات الأعيان» (5/ 415)، و «تهذيب الكمال» (29/ 417)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 390)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 305)، و «مرآة الجنان» (1/ 309)، و «البداية والنهاية» (10/ 526)، و «الجواهر المضية» (1/ 49)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 229)، و «شذرات الذهب» (2/ 229).

كان يحيي نصف الليل، فسمع رجلا يقول لآخر: هذا أبو حنيفة لا ينام الليل، فقال: والله؛ لا يتحدث عني بما لم أفعل، فكان يحيي الليل صلاة ودعاء وتضرعا. رأى في المنام أنه ينبش قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فبعث من سأل ابن سيرين، فقال: صاحب هذه الرؤيا يبرز علما لم يسبقه إليه أحد. قال الشافعي رحمه الله تعالى: من أراد أن يتبحر في العلم .. فهو عيال على أبي حنيفة. وقيل لمالك: هل رأيت أبا حنيفة؟ قال: نعم؛ رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا .. لقام بحجته. عرض عليه أمير العراقين يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري قضاء الكوفة أيام مروان بن محمد، فأبى فضربه مائة سوط وعشرة أسواط كل يوم عشرة أسواط دفعة، وهو مصر على الامتناع، فخلى سبيله. نقله أبو جعفر المنصور من الكوفة إلى بغداد على أن يوليه القضاء فأبى، فحلف عليه ليفعلن، فحلف أبو حنيفة أنه لا يفعل، فقال الربيع بن يونس حاجب المنصور: ألا ترى إلى أمير المؤمنين يحلف؟ ! فقال أبو حنيفة: أمير المؤمنين على كفارة أيمانه أقدر مني على كفارة أيماني، وأبى أن يلي، فأمر به إلى الحبس. وقال الربيع: رأيت المنصور يكلم أبا حنيفة في أمر القضاء وهو يقول: اتق الله، ولا ترع أمانتك إلا من يخاف الله، والله؛ ما أنا مأمون في حال الرضا، فكيف في الغضب؟ ! ولك حاشية يحتاجون إلى من يكرمهم لك، ولا أصلح لذلك، فقال له: كذبت، أنت تصلح، قال: قد حكمت لي على نفسك، فكيف يحل لك أن تولي قاضيا على أمانتك وهو كذاب؟ ! وقيل: إنه لما ألح عليه وتهدد بالضرب .. قبل، فقعد في القضاء يومين لم يأته أحد، فأتاه في اليوم الثالث صفار يدعي على آخر درهمين وأربعة دوانق ثمن تور صفر (1)، فقال أبو حنيفة: اتق الله وانظر فيما يقول الصفار، فقال: ليس له علي شيء، فلما رآه مقدما على اليمين .. أخرج أبو حنيفة من كمه درهمين ثقيلين وقال للصفار: هذا عوض ما تقول لك عليه، ثم اشتكى أبو حنيفة بعد يومين، فمرض ستة أيام، ومات ساجدا سنة خمسين ومائة.

(1) أي: وعاء من نحاس.

738 - [ابن جريج]

ويقال: إن المنصور سمّه لقيامه مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن، وتشميره في نصرته؛ فإن صح ذلك .. فقد حاز الشهادة، رضي الله عنه. 738 - [ابن جريج] (1) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج القرشي مولاهم مولى أمية بن خالد بن أسيد أبو خالد أو أبو الوليد المكي، أصله رومي. سمع الزهري، وعطاء بن أبي رباح وغيرهما. روى عنه عبد الرزاق، وأبو عاصم النبيل، ويحيى القطان وغيرهم. وكان أحد العلماء المشهورين، يقال: إنه أول من صنف الكتب في الإسلام. قال رحمه الله: كنت مع معن بن زائدة في اليمن، فحضر وقت الحج، فخطر ببالي قول عمر ابن أبي ربيعة: [من البسيط] بالله قولي له من غير معتبة … ماذا أردت بطول المكث في اليمن إن كنت حاولت دنيا أو نعمت بها … ماذا أردت بترك الحج من ثمن قال: فدخلت على معن، فأخبرته أني قد عزمت على الحج، فقال لي: ما يدعوك إليه ولم تكن تذكره؟ فقلت: ذكرت بيتين لعمر ابن أبي ربيعة، وأنشدته إياهما، فجهزني فحججت. توفي رحمه الله سنة خمسين ومائة، أو سنة تسع وأربعين ومائة. 739 - [عثمان بن الأسود الجمحي] (2) عثمان بن الأسود بن موسى بن باذان المكي مولى بني جمح. سمع ابن أبي مليكة، وسليمان الأحول وغيرهما.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 53)، و «الجرح والتعديل» (5/ 356)، و «وفيات الأعيان» (3/ 163)، و «تهذيب الكمال» (18/ 338)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 325)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 210)، و «العقد الثمين» (5/ 508)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 616)، و «شذرات الذهب» (2/ 226). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 53)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 339)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 218)، و «العقد الثمين» (6/ 18)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 56)، و «شذرات الذهب» (2/ 233).

740 - [عمر بن محمد العدوي]

روى عنه يحيى القطان، والمعافى بن عمران، وأبو عاصم وغيرهم. وتوفي سنة خمسين ومائة، والله أعلم. 740 - [عمر بن محمد العدوي] (1) عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي نزيل عسقلان، وهو أخو واقد، وعاصم، وزيد، وأبي بكر. سمع جده، وأباه محمد بن زيد، ونافعا، وسالما، وحفص بن عاصم وغيرهم. روى عنه عبد الله بن وهب، ويزيد بن زريع، وابن المبارك، وشعبة وغيرهم. توفي سنة خمسين ومائة، وقيل قبل ذلك. 741 - [عبد الله بن عون المزني] (2) عبد الله بن عون بن أرطبان المزني مولاهم، يقال: كان أرطبان مولى عبد الله بن مغفل، يكنى: أبا عون البصري. سمع محمد بن سيرين، ومجاهدا وغيرهما. روى عنه النضر بن شميل، وعباد، وحماد بن زيد. وكان حافظا عارفا، يقال: إنه أكبر من التيمي. توفي سنة إحدى وخمسين ومائة، وقيل: سنة خمسين. 742 - [محمد بن إسحاق] (3) محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم مولى قيس بن مخرمة-ويقال: مولى

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 533)، و «الجرح والتعديل» (6/ 131)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 229)، و «العبر» (1/ 215)، و «البداية والنهاية» (10/ 526)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 250)، و «شذرات الذهب» (2/ 233). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 261)، و «الجرح والتعديل» (5/ 130)، و «تهذيب الكمال» (15/ 394)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 364)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 460)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 398)، و «شذرات الذهب» (2/ 234). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 552)، و «المعارف» (ص 491)، و «الجرح والتعديل» (7/ 191)، و «وفيات الأعيان» -

743 - [معن بن زائدة]

مخرمة بن نوفل بن عبد مناف بن زهرة-أبو بكر، أو أبو عبد الله المدني. سمع إبراهيم بن عبد الله بن حنين، ويزيد بن أبي حبيب، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر وغيرهم. روى عنه عبدة بن سليمان، وإبراهيم بن سعد، ويزيد بن هارون. وكان بحرا من بحور العلم، حافظا ذكيا، عالما بالسير والأخبار والأنساب، ومن كتبه أخذ ابن هشام سيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكذلك كل من تكلم في هذا الباب، فعليه اعتماده وإليه استناده. قال الشافعي: من أراد التبحر في المغازي .. فهو عيال على محمد بن إسحاق. وقال الزهري: من أراد المغازي .. فعليه بابن إسحاق. وكان ثبتا في الحديث عند أكثر أهل العلم. ويحكى: أن يحيى بن معين، وأحمد ابن حنبل، ويحيى بن سعيد القطان وثقوا محمد بن إسحاق، ووثقه البخاري أيضا، وإنما لم يخرج عنه، وكذلك مسلم لم يخرج له إلا حديثا في الرجم (1)؛ من أجل طعن مالك بن أنس فيه؛ لأنه بلغه عن ابن إسحاق أنه قال: هاتوا حديث مالك؛ فأنا طبيب لعلله. توفي ببغداد سنة إحدى وخمسين-أو سنة خمسين-ومائة؛ ودفن بمقبرة الخيزران أم هارون الرشيد وموسى الهادي ابني محمد المهدي نسبت إليها؛ لأنها مدفونة فيها، وهي أقدم المقابر في الجانب الشرقي. 743 - [معن بن زائدة] (2) معن بن زائدة الشيباني أمير سجستان أحد الأبطال والأجواد. كان في أيام بني أمية متنقلا في ولايتهم مواليا لابن هبيرة الفزاري، فلما انتقلت الدولة

= (4/ 276)، و «تهذيب الكمال» (24/ 405)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 33)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 588)، و «مرآة الجنان» (1/ 313)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 504)، و «شذرات الذهب» (2/ 235). (1) «صحيح مسلم» (1703/ 31). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 41)، و «تاريخ بغداد» (13/ 236)، و «المنتظم» (5/ 211)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 174)، و «وفيات الأعيان» (5/ 244)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 97)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 631)، و «العبر» (1/ 217)، و «مرآة الجنان» (1/ 314)، و «البداية والنهاية» (10/ 529)، و «شذرات الذهب» (2/ 237).

إلى بني العباس .. جهز السفاح أخاه المنصور لحرب ابن هبيرة، فحارب معن مع ابن هبيرة المنصور، فلما هزم المنصور عسكر ابن هبيرة .. استتر معن خوفا منه، ولم يزل مستترا إلى يوم الهاشمية، وهو يوم مشهور ثار فيه جماعة من أهل خراسان على المنصور، ووثبوا عليه، وجرت مقتلة عظيمة بينهم وبين أصحاب المنصور بالهاشمية التي بناها السفاح بالقرب من الكوفة، وقد قدمنا ذلك في سنة إحدى وأربعين (1)، وكان معن بن زائدة متواريا في القرب منهم، فخرج معتما متلثما، وتقدم إلى القوم وقاتل قتالا أبان فيه عن نجدة وشهامة، وفرقهم وأفرج عن المنصور، فقال له المنصور: من أنت ويحك؟ فكشف لثامه وقال: أنا طليبك يا أمير المؤمنين معن بن زائدة، فأمنه المنصور وأكرمه وصيره من خواصه، ثم دخل في بعض الأيام على المنصور، فقال له: هيه يا معن تعطي مروان بن أبي حفصة مائة ألف درهم على قوله: [من الكامل] معن بن زائدة الذي زادت به … شرفا على شرف بنو شيبان فقال: كلا يا أمير المؤمنين، إنما أعطيته على قوله في هذه القصيدة: [من الكامل] ما زلت يوم الهاشمية معلنا … بالسيف دون خليفة الرحمن فمنعت حوزته وكنت وقاية … من وقع كل مهند وسنان فقال: أحسنت يا معن. وقال له يوما: ما أكثر وقوع الناس في قومك، فقال: يا أمير المؤمنين: إن العرانين تلقاها محسدة … ولن ترى للئام الناس حسادا ويقال: إن الأبيات المذكورة ليست لمروان بن أبي حفصة، وإنما قالها بعض أهل البادية في مروان بن محمد، ودخل الجزيرة لينشدها مروان بن محمد، فوافى انهزامه وكسيرته وزوال ملك بني أمية، فبقي حائرا مترددا، فلقيه مروان بن أبي حفصة، فسأله عن حاله فأخبره بقصته، فقال له: إن الذي كنت تأمل منه الجزاء قد مات، ولا عاد تنفعك هذه القصيدة شيئا، فهل لك أن تنحلني إياها وأعطيك كذا وكذا على ألاّ تنتحلها ولا تتسمى بها؟ وكان في قصيدة الأعرابي: [من الكامل] مروان يا بن محمد أنت الذي … زادت به شرفا بنو مروان

(1) مراد المصنف رحمه الله تعالى ما سيأتي في حوادث تلك السنة (2/ 200).

فجعلها مروان بن أبي حفصة مدحا في معن بن زائدة بعد أن غيرها وزاد فيها ونقص. ودخل معن يوما على المنصور وقد أسن، فقال له: لقد كبرت يا معن! قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين، فقال: إنك لجلد! قال: على أعدائك يا أمير المؤمنين، فقال: وفيك بقية، قال: هي لك يا أمير المؤمنين، وعرض هذا الكلام على عبد الرحمن بن زيد زاهد البصرة، فقال: ويح هذا؛ ما ترك لربه شيئا. وحكى الأصمعي قال: وفد أعرابي على معن بن زائدة، فمدحه وطال مقامه على بابه، ولم تحصل له جائزة، فعزم على الرحيل، فخرج معن راكبا، فأمسك الأعرابي عنان دابته وقال: [من الطويل] وما في يديك الخير يا معن كله … وفي الناس معروف وعنك مذاهب ستدري بنات العم ما قد أتيته … إذا فتّشت عند الإياب الحقائب فأوقر معن خمس نوق من كرام إبله ميرة وثيابا، وقال: انصرف يا بن أخي إلى بنات عمك، فلئن فتشن الحقائب .. ليجدن ما يسرهن، فقال: صدقت وبيت الله. وذكر الخطيب في «تاريخه»: (عن أبي عثمان المازني قال: حدثني صاحب شرطة معن قال: بينما أنا على رأس معن؛ إذا هو براكب يوضع، فقال: ما أحسب الرجل يريد غيري، ثم قال لحاجبه: لا تحجبه، فجاء حتى مثل بين يديه وأنشد: [من المنسرح] أصلحك الله قلّ ما بيدي … فما أطيق العيال إذ كثروا ألح دهر رمى بكلكله … فأرسلوني إليك وانتظروا فقال معن-وأخذته أريحية-: لا جرم والله؛ لأعجلن أوبتك، ثم قال: يا غلام؛ أعطه الناقة الفلانية، وألف دينار، فدفعها إليه وهو لا يعرفه) (1). واتفقت له قصة غريبة في اختفائه، وذلك: أن المنصور جد في طلبه، وجعل لمن يأتيه به مالا، قال: فتعرضت للشمس حتى لوحت وجهي، وخففت عارضي، ولبست جبة صوف، وركبت جملا متوجها إلى البادية لأقيم بها، فلما خرجت من باب حرب-أحد أبواب بغداد- .. تبعني أسود متقلد بسيف حتى إذا غبت عن الحرس أناخ بي الجمل، وقبض على يدي فقلت: ما لك؟ ! فقال: أنت طلبة أمير المؤمنين، فقلت: ومن أنا حتى

(1) «تاريخ بغداد» (13/ 237).

أطلب؟ ! قال: أنت معن بن زائدة، فقلت: يا هذا؛ اتق الله، وأين أنا من معن؟ ! فقال: دع هذا، فو الله؛ إني لأعرف بك منك، فلما رأيت منه الجد .. قلت: هذا عقد جوهر بأضعاف ما جعله المنصور لمن يأتيه بي، فخذه ولا تكن سببا في سفك دمي، فنظر إلى العقد وقال: صدقت في قيمته، ولست قابله حتى أسألك عن شيء، فإن صدقتني .. أطلقتك، فقلت: قل، فقال: إن الناس قد وصفوك بالجود؛ فهل وهبت مالك كله قط؟ قلت: لا، قال: فنصفه؟ قلت: لا، قال: فثلثه؟ قلت: لا، حتى بلغ العشر، فاستحييت فقلت: أظن أني قد فعلت ذلك، قال: ما ذاك بعظيم، أنا والله راجل ورزقي من المنصور كل شهر عشرون درهما، وهذا الجوهر قيمته ألف دينار، وقد وهبته لك، ووهبتك نفسك لجودك المأثور بين الناس، ولتعلم أن في الدنيا أجود منك؛ فلا تعجبك نفسك، ولتحتقر بعد هذا كل شيء تفعله، ولا تتوقف عن مكرمة، ثم رمى العقد في حجري، وترك خطام البعير، وولى منصرفا، فقلت له: يا هذا؛ قد والله فضحتني، ولسفك دمي أهون عليّ مما فعلت، فخذ ما دفعته لك، فضحك وقال: أردت أن تكذبني في مقالي هذا، والله؛ لا أخذته، ولا آخذ لمعروف أبدا، ومضى لسبيله، قال: والله؛ لقد طلبته بعد أن أمنت، وبذلت لمن يجيء به ما شاء، فما عرفت له خبرا، وكأن الأرض ابتلعته. ولي معن اليمن مدة، ثم ولي سجستان في آخر عمره، وله فيها آثار، وقصده الشعراء بها، فبينا هو في داره يحتجم والصناع يعملون له شغلا .. اندس بينهم قوم من الخوارج، فقتلوه وهو يحتجم في سنة إحدى-أو اثنتين أو ثمان-وخمسين ومائة، فتبعهم ابن أخيه يزيد بن مزيد بن زائدة فقتلهم بأسرهم، ورثى معنا الشعراء بأحسن المراثي، ومن ذلك قول مروان بن أبي حفصة: [من الوافر] مضى لسبيله معن وأبقى … مكارم لن تبيد ولن تنالا كأن الشمس يوم أصيب معن … من الإظلام ملبسة جلالا هو الجبل الذي كانت نزار … تهدّ من العدو به الجبالا تعطلت الثغور لفقد معن … وقد يروى بها الأسل النهالا وأظلمت العراق وأورثتنا … مصيبته المجللة اختلالا وظل الشام يرجف جانباه … لركن العزّ حين وهى فمالا وكادت من تهامة كلّ أرض … ومن نجد تزول غداة زالا

فإن يعل البلاد له خشوع … فقد كانت تطول به اختيالا أصاب الموت يوم أصاب معنا … من الأحياء أكرمهم فعالا وكان الناس كلّهم لمعن … إلى أن زار حفرته عيالا وفيها يقول: وقلنا أين نرحل بعد معن … وقد ذهب النوال فلا نوالا ويقال: إن مروان بعد هذه المرثية لم ينتفع بشعره؛ فإنه كان إذا مدح خليفة أو من دونه .. قال له أنت القائل في مرثيتك لمعن: وقلنا أين نرحل بعد معن … وقد ذهب النوال فلا نوالا وقد جئت تطلب نوالنا وقد ذهب النوال، لا شيء لك عندنا، اتفق له ذلك مع المهدي وابنه الرشيد. وفي كتاب «طبقات الشعراء» لابن المعتز: (أن مروان بن أبي حفصة دخل على جعفر البرمكي، فقال له: أنشدني مرثيتك في معن بن زائدة، فقال: بل أنشدك مدحي فيك، فقال جعفر: أنشدني مرثيتك في معن، فأنشده القصيدة المقدم ذكرها وجعفر يسيل دمعه على خده، فلما فرغ .. قال له جعفر: هل أثابك على هذه المرثية أحد من ولده وأهله شيئا؟ قال: لا، قال: فلو كان معن حيا ثم سمعها منك .. كم يثيبك عليها؟ قال: أصلح الله الوزير أربع مائة دينار، قال جعفر: فإنا نظن أنه كان لا يرضى لك بذلك، قد أمرنا لك عن معن رحمه الله بالضعف عما ظننت وزدناك، فاقبض من الخازن ألفا وست مائة دينار، فقال مروان يذكر جعفرا، وما سمح به عن معن: [من الوافر] نفحت مكافئا عن قبر معن … لنا مما تجود به سجالا فعجلت العطية يا ابن يحيى … لنادبه ولم ترد المطالا فكافئ عن صدى معن جواد … بأجود راحة بذل النوالا بنى لك خالد وأبوك يحيى … بناء في المكارم لن ينالا كأن البرمكي بكل مال … تجود به يداه يفيد مالا ثم قبض المال وانصرف) (1).

(1) «طبقات الشعراء» (ص 45).

744 - [حنظلة بن أبي سفيان الجمحي]

يقال: إن رجلا قال لمعن: احملني أيها الأمير، فأمر له بناقة وفرس وبغل وحمار وجارية، ثم قال: لو علمت أن الله سبحانه وتعالى خلق مركوبا غير هذه .. لحملتك عليه، وقد أمرنا لك من الخز بجبة وقميص ودراعة وسراويل ومنديل ومطرف ورداء وكساء وجورب، ولو علمنا لباسا آخر من الخز يتخذ .. لأعطيناكه، وأخبار معن كثيرة، رحمه الله تعالى. 744 - [حنظلة بن أبي سفيان الجمحي] (1) حنظلة بن أبي سفيان-واسم أبي سفيان: الأسود-القرشي الجمحي المكي. سمع سالما، والقاسم وغيرهما. روى عنه مكي بن إبراهيم، ووكيع، وإسحاق بن سليمان الرازي وغيرهم. وتوفي سنة إحدى وخمسين ومائة. 745 - [يونس بن يزيد الأيلي] (2) يونس بن يزيد بن أبي النجاد-ويقال: يزيد بن مشكان بن أبي النجاد-القرشي مولى معاوية بن أبي سفيان الأيلي أبو يزيد. سمع الزهري، ونافعا، والحسن وغيرهم. وروى عنه عبد الله بن وهب، وابن المبارك، والليث بن سعد وغيرهم. توفي بمصر سنة اثنتين وخمسين ومائة. 746 - [ثور بن يزيد الكلاعي] (3) ثور بن يزيد الكلاعي الشامي الحمصي الحافظ محدث حمص.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 55)، و «الجرح والتعديل» (3/ 241)، و «تهذيب الكمال» (7/ 443)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 336)، و «العبر» (1/ 216)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 504)، و «شذرات الذهب» (2/ 236). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 529)، و «الجرح والتعديل» (9/ 247)، و «تهذيب الكمال» (32/ 551)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 297)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 674)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 474)، و «شذرات الذهب» (2/ 241). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 471)، و «الجرح والتعديل» (2/ 468)، و «تهذيب الكمال» (4/ 418)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 344)، و «العبر» (1/ 219)، و «مرآة الجنان» (1/ 322)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 276).

747 - [معمر بن راشد الحداني]

سمع خالد بن معدان وغيره. وروى عنه الثوري، والوليد بن مسلم، وغيرهما. قال يحيى القطان: ما رأيت شاميا أوثق منه. وقال أحمد: كان يرى القدر؛ ولذلك نفاه أهل حمص. وتوفي ببيت المقدس سنة ثلاث-أو خمس-وخمسين ومائة وهو ابن بضع وستين سنة. 747 - [معمر بن راشد الحداني] (1) معمر بن راشد الحداني أبو عروة، يقال: إنه مولى المهلب بن أبي صفرة، البصري (2)، سكن اليمن. وسمع الزهري، وهمام بن منبه، وهشام بن عروة. روى عنه عبد الرزاق فقيه اليمن، وهشام بن يوسف قاضي صنعاء. وارتحل إليه الثوري، وابن عيينة، وابن المبارك، وله كتاب الجامع المشهور في السّير، وهو أقدم من «الموطأ». وكان صالحا خيرا، وهو أول من ارتحل في طلب الحديث إلى اليمن، فسمع به من همام بن منبه. وتوفي معمر سنة ثلاث-أو اثنتين-وخمسين ومائة. 748 - [هشام الدستوائي] (3) هشام بن أبي عبد الله-واسم أبي عبد الله: سنبر-الدستوائي، كان يبيع الثياب التي

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 105)، و «الجرح والتعديل» (8/ 255)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 107)، و «تهذيب الكمال» (28/ 303)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 625)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 125)، و «شذرات الذهب» (2/ 244). (2) في «تهذيب الكمال» (28/ 303): (مولى عبد السلام بن عبد القدوس أخي صالح بن عبد القدوس، وعبد السلام مولى عبد الرحمن بن قيس الأزدي، وعبد الرحمن هذا أخو المهلب بن أبي صفرة لأمه). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 279)، و «الجرح والتعديل» (9/ 59)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 149)، و «العبر» (1/ 221)، و «مرآة الجنان» (1/ 323)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 272)، و «شذرات الذهب» (2/ 245).

749 - [وهيب بن الورد]

تجلب من دستواء من نواحي الأهواز فنسب إليها، يكنى: أبا بكر الربعي، من بكر بن وائل البصري الحافظ. سمع قتادة وغيره، روى عنه ابنه معاذ، ويحيى القطان. يقال: إنه بكى حتى فسدت عينه. توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. 749 - [وهيب بن الورد] (1) وهيب بن الورد بن أبي الورد القرشي المخزومي مولاهم أبو أمية-أو أبو عثمان- المكي، يقال: وهيب لقبه، واسمه: عبد الوهاب. سمع عمر ابن المنكدر وغيره، وروى عنه ابن المبارك وغيره. وكان يحكى عنه في الورع أمر عظيم، كان لا يأكل مما في الحجاز شيئا، فسئل عن ذلك، فقال: لما فيه من الصوافي؛ يعني: أن ولاة الأمر اصطفوا منه مواضع لأنفسهم، ولمن شاءوا من حاشيتهم، قيل له: وفي الشام ومصر أيضا كذلك، فوجم من ذلك حتى غشي عليه، فلما أفاق .. قال له الفضيل: لو درينا أنه يبلغ بك هذا المبلغ .. ما حركناك، أو كما قيل. وكان صاحب مواعظ ورقائق، ومعارف وحقائق. توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة، والله أعلم. 750 - [أسامة بن زيد الليثي] (2) أسامة بن زيد الليثي مولاهم المدني أبو زيد. سمع إبراهيم بن عبد الله بن حنين، ونافعا، ودينارا القرّاظ وغيرهم.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 49)، و «الجرح والتعديل» (9/ 34)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 149)، و «تهذيب الكمال» (31/ 169)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 198)، و «مرآة الجنان» (1/ 323)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 334). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 551)، و «الجرح والتعديل» (1/ 284)، و «تهذيب الكمال» (2/ 347)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 342)، و «العبر» (1/ 219)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 382)، و «شذرات الذهب» (2/ 242).

751 - [أبان بن صمعة]

روى عنه ابن وهب، وعبيد الله بن موسى، وحاتم بن إسماعيل. وتوفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. 751 - [أبان بن صمعة] (1) أبان بن صمعة البصري الأنصاري، والد عتبة الغلام المتعبد. سمع أبا الوازع وغيره، وروى عنه يحيى بن سعيد القطان وغيره. توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. 752 - [الحسن بن عمارة البجلي] (2) الحسن بن عمارة البجلي مولاهم الكوفي أبو محمد. تكلم فيه جماعة من الحفاظ، ووقع ذكره في «صحيح البخاري» في حديث عروة البارقي (3). توفي سنة ثلاث-أو اثنتين-وخمسين ومائة. 753 - [فطر بن خليفة الخياط] (4) فطر-بكسر الفاء-ابن خليفة الخياط-بمعجمة ثم تحتانية آخر الحروف، ويقال له: الحناط بمهملة ثم نون-أبو بكر مولى عمرو بن حريث المخزومي الكوفي. سمع مجاهدا وغيره، وروى عنه الثوري وغيره. وتوفي سنة ثلاث وخمسين ومائة.

(1) «الجرح والتعديل» (1/ 297)، و «تهذيب الكمال» (2/ 12)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 61)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 355)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 301)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 54). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 488)، و «الجرح والتعديل» (3/ 27)، و «المنتظم» (5/ 219)، و «تهذيب الكمال» (6/ 265)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 380)، و «العبر» (1/ 219)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 407). (3) «صحيح البخاري» (3642). (4) «طبقات ابن سعد» (8/ 484)، و «الجرح والتعديل» (7/ 90)، و «تهذيب الكمال» (23/ 312)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 30)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 570)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 402)، و «شذرات الذهب» (2/ 244).

754 - [هشام بن الغاز]

754 - [هشام بن الغاز] (1) هشام بن الغاز ابن ربيعة الجرشي أبو عبد الله شامي، نزل بغداد، وحدث بها. سمع من عطاء بن أبي رباح، ونافع، ومكحول وغيرهم. روى عنه عبد الله بن المبارك، والوليد بن مسلم، ووكيع وغيرهم. وثقه يحيى بن معين وغيره. وقال أحمد: إنه صالح الحديث، واستشهد به البخاري. وتوفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. 755 - [الوزير أبو أيوب المورياني] (2) سليمان بن مخلد-وقيل: سليمان بن داود-المورياني؛ نسبة إلى موريان قرية من قرى الأهواز، المعروف بأبي أيوب. وكان في ابتداء أمره يكتب لسليمان بن حبيب بن المهلب الأزدي، وكان المنصور قبل الخلافة ينوب عن سليمان المذكور في بعض كور فارس، فاتهمه سليمان أنه أخذ المال لنفسه، فضربه بالسياط ضربا شديدا، وغرمه المال، وعزم على قتل أبي جعفر عقيب ضربه، فخلصه منه كاتبه أبو أيوب المذكور، فاعتدها المنصور له، فلما ولي أبو جعفر المنصور الخلافة .. ضرب عنق سليمان المذكور، ولما مات وزيره خالد بن برمك جد البرامكة .. استوزر أبا أيوب المذكور، وتمكن أبو أيوب من المنصور تمكنا بالغا، ومع ذلك كان في غاية الوجل والخوف منه. ومن ملح أمثاله ما ذكر خالد بن يزيد الأرقط قال: بينا أبو أيوب جالس في أمره ونهيه .. أتاه رسول المنصور، فتغير لونه، فلما رجع .. تعجبنا من حاله، فقال: زعموا أن البازي

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 472)، و «الجرح والتعديل» (9/ 67)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 60)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 657)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 278)، و «شذرات الذهب» (2/ 246). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 44)، و «المنتظم» (5/ 225)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 182)، و «وفيات الأعيان» (2/ 410)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 23)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 675)، و «مرآة الجنان» (1/ 324)، و «شذرات الذهب» (2/ 247).

756 - [الحكم بن أبان العدني]

قال للديك: ما في الأرض حيوان أقل وفاء منك؛ أخذك أهلك بيضة فحضنوك، ثم خرجت على أيديهم، وأطعموك في أكفهم، ونشأت بينهم حتى إذا كبرت صرت لا يدنو منك أحد إلا طرت ههنا وههنا وصوّت، وأخذت من الجبال كبيرا، فعلموني وألفوني، ثم يخلى عني، فآخذ الصيد في الهواء أجيء به إلى صاحبي، فقال له الديك: إنكم لو رأيتم من البزاة في سفافيدهم المعدّة للشيّ مثل ما رأيت من الديوك .. لكنتم أنفر مني أيها البزاة (1)، وكذلك أنتم لو تعلمون ما أعلم من المنصور .. لم تتعجبوا من خوفي مع ما ترون من تمكن حالي معه. ثم إن المنصور فسدت نيته فيه، ونسبه إلى أخذ الأموال، وهمّ أن يوقع به، فتطاول ذلك، فكان كلما دخل عليه ظن أنه سيوقع به، ثم يخرج سالما، قيل: إنه كان معه شيء من الدهن قد عمل فيه سحر؛ فكان يدهن به حاجبه إذا دخل على المنصور، فسار في العامة دهن أبي أيوب مثلا، ثم إنه أوقع به في سنة ثلاث وخمسين، وعذبه وعذب أخاه خالدا حتى مات في العذاب. ومات أبو أيوب سنة أربع وخمسين ومائة. 756 - [الحكم بن أبان العدني] (2) الحكم بن أبان العدني. روى عن طاوس وجماعة. وكان شيخ أهل اليمن وعالمهم بعد معمر، رحل إليه العلماء، وكان إذا هدأت العيون .. وقف في البحر إلى ركبتيه يذكر الله حتى يصبح. توفي سنة أربع وخمسين ومائة. 757 - [أبو عمرو بن العلاء] (3) أبو عمرو بن العلاء بن عمار المازني البصري، أحد القراء السبعة المشهورين، والصحيح: أن كنيته اسمه.

(1) السّفّود: عود من حديد ينظم فيه اللحم ليشوى. (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 105)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 357)، و «العبر» (1/ 223)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 461)، و «تقريب التهذيب» (ص 174)، و «شذرات الذهب» (2/ 248). (3) «المعارف» (ص 531)، و «المنتظم» (5/ 232)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 183)، و «وفيات الأعيان» -

قرأ على أبي العالية وجماعة، وروى عن أنس وغيره. قال: نظرت في العلم قبل أن أختتن. قال أبو عبيدة: كان أبو عمرو أعلم الناس بالقرآن والعربية والشعر وأيام العرب، وكانت دفاتره ملء بيت إلى السقف، ثم تنسك فأحرقها، فلما رجع إلى علمه الأول .. لم يكن علمه إلا من حفظه بقلبه، وكان إذا دخل شهر رمضان .. لم ينشد بيتا حتى ينقضي. قال رحمه الله: أول العلم الصمت وحسن الاستماع، ثم حسن السؤال، ثم حسن اللفظ، ثم نشره عند أهله. وقال: فوت الحاجة خير من طلبها من غير أهلها. وقال: ما تساب اثنان .. إلا غلب ألأمهما. وقال: إذا تمكن الإخاء .. قبح الثناء. وقال: ما ضاق مجلس بين متحابين، ولا اتسعت الدنيا بين متباغضين. وقال: أحسن المراثي ابتداء قول فضالة بن كلدة العبسي: [من المنسرح] أيتها النفس أجملي جزعا … إن الذي تحذرين قد وقعا بان الذي جمع السماحة وال‍ … نجدة والبر والتقى جمعا الألمعي الذي يظن بك الظ … ن الذي قد رأى وقد سمعا قال أبو عمرو: حججنا سنة، فمررنا ذات ليلة بواد، فقال لنا المكري: إن هذا الوادي كثير الجن؛ فأقلوا الكلام حتى تقطعوه، قال: مررنا بهم مختلسين، تبين منهم الرءوس واللحى، نسمع حسهم ولا نراهم، فسمعنا منهم هاتفا يقول: [من الطويل] وإن امرءا دنياه أكبر همه … لمستمسك منها بحبل غرور قال: والله؛ لقد ذهب عنا ما كنا فيه من الغم.

(3) - (3/ 466)، و «تهذيب الكمال» (34/ 120)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 407)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 223)، و «فوات الوفيات» (2/ 28)، و «مرآة الجنان» (1/ 325)، و «البداية والنهاية» (10/ 532)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 561)، و «شذرات الذهب» (2/ 248).

انتقل إلى اليمن مختفيا من الحجاج، فخرج سحرا يريد الانتقال فسمع رجلا ينشد: [من الخفيف] صبر النفس عند كل ملم … إن في الصبر حيلة المحتال لا تضيقن في الأمور فقد تك‍ … شف غمّاؤها بغير احتيال ربما تجزع النفوس لأمر … وله فرجة كحل العقال فقال له أبو عمرو: وما الأمر؟ قال: مات الحجاج، قال: فلم أدر بأيهما أنا أفرح: بموت الحجاج، أم بقوله: فرجة؟ أي: بفتح الفاء، وكنا نقول: فرجة من الفرج؛ أي: بضم الفاء، قال الأصمعي: بالفتح من الفرج، وبالضم: فرجة الحائط. دخل أبو عمرو على سليمان بن علي عم السفاح، فسأله عن شيء، فصدقه فلم يعجبه، فخرج وهو يقول: [من المتقارب] أنفت من الذل عند الملوك … وإن أكرموني وإن قربوا إذا ما صدقتهم خفتهم … ويرضون مني بأن أكذب وكأنه أهمل عمل (أن) هنا على لغة من لا يعملها مع اجتماع شروط العمل فيها؛ حملا على (ما) أو لعلها المخففة من الثقيلة، ولم يأت بالفاصل من السين ونحوها على الوجه الضعيف، وجعله الشيخ اليافعي إقواء (1). وأخبار أبي عمرو كثيرة، وفضائله شهيرة، ولد بمكة سنة سبعين، أو خمس وستين، أو ثمان وستين. وتوفي بطريق الشام-وقيل: بالكوفة-سنة أربع وخمسين، ولما حضرته الوفاة .. أفاق من غشيته، فرأى ابنه بشرا يبكي، فقال: وما يبكيك وقد أتت عليّ أربع وثمانون سنة؟ ! ورثاه بعضهم بقوله: [من الطويل] رزئنا أبا عمرو ولا حي مثله … فلله ريب الحادثات بمن فجع فإن تك قد فارقتنا وتركتنا … ذوي خلة ما في انسداد لها طمع فقد جرّ نفعا فقدنا لك أننا … أمنا على كل الرزايا من الجزع توفي سنة أربع وخمسين ومائة.

(1) انظر كلام اليافعي في «مرآة الجنان» (1/ 326).

758 - [جعفر بن برقان الجزري]

758 - [جعفر بن برقان الجزري] (1) جعفر بن برقان الجزري الرقي الكلابي مولاهم أبو عبد الله. حدث عن يزيد بن الأصم وغيره، وروى عنه وكيع وغيره. توفي سنة أربع وخمسين ومائة، وقيل: سنة خمس-أو إحدى-وخمسين. خرّج له مسلم في «صحيحه». 759 - [عبد الرحمن بن يزيد الشامي] (2) عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي الشامي. سمع بشر بن سعيد، وعمير بن هاني وغيرهما. وروى عنه ابنه عبد الله، والوليد بن مسلم، وابن المبارك وغيرهم. وتوفي سنة أربع-أو ثلاث-وخمسين ومائة. 760 - [قرة بن خالد السدوسي] (3) قرة بن خالد السدوسي. سمع أبا جمرة الضبعي، ومحمد بن سيرين، والحسن وعمرو بن دينار وغيرهم. وروى عنه يحيى القطان، وحرمي بن عمارة، وأبو عامر العقدي وغيرهم. وتوفي سنة أربع وخمسين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 487)، و «الجرح والتعديل» (2/ 474)، و «تهذيب الكمال» (5/ 11)، و «العبر» (1/ 222)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 301)، و «شذرات الذهب» (2/ 247). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 470)، و «الجرح والتعديل» (5/ 299)، و «تهذيب الكمال» (18/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 500)، و «العبر» (1/ 222)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 566)، و «شذرات الذهب» (2/ 247). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 275)، و «الجرح والتعديل» (7/ 130)، و «تهذيب الكمال» (23/ 577)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 95)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 576)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 437)، و «شذرات الذهب» (2/ 248).

761 - [مسعر بن كدام]

761 - [مسعر بن كدام] (1) مسعر بن كدام ابن عبيدة بن الحارث الهلالي العامري من قيس عيلان أبو سلمة الكوفي. سمع قتادة، والحكم بن عتيبة وغيرهما. وروى عنه سفيان بن عيينة في آخرين. وتوفي سنة خمس وخمسين ومائة. 762 - [صفوان بن عمرو السكسكي] (2) صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي أبو عمرو الحمصي. سمع عبد الرحمن بن جبير وغيره، وروى عنه الوليد بن مسلم وغيره. خرج له البخاري (3) ومسلم. وتوفي سنة خمس وخمسين ومائة. 763 - [حماد الراوية] (4) حماد الراوية بن أبي ليلى الديلمي الكوفي، قال ابن قتيبة: (إنه مولى لآل زيد الخيل الطائي الصحابي) (5). كان من أعلم الناس بأيام العرب وأخبارها وأشعارها وأنسابها ولغاتها، وكانت ملوك بني

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 484)، و «المعارف» (ص 481)، و «الجرح والتعديل» (8/ 368)، و «تهذيب الكمال» (27/ 461)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 163)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 612)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 60)، و «شذرات الذهب» (2/ 252). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 472)، و «الجرح والتعديل» (4/ 422)، و «تهذيب الكمال» (13/ 201)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 380)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 440)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 213)، و «شذرات الذهب» (2/ 252). (3) في «الأدب المفرد» (87). (4) «المعارف» (ص 541)، و «معجم الأدباء» (4/ 152)، و «وفيات الأعيان» (2/ 206)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 157)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 382)، و «مرآة الجنان» (1/ 329)، و «البداية والنهاية» (10/ 534)، و «لسان الميزان» (3/ 277)، و «شذرات الذهب» (2/ 253). (5) «المعارف» (ص 541).

764 - [الأعمش]

أمية تقدمه وتؤثره، وتسأله عن أيام العرب وعلومها، قال له الوليد بن يزيد يوما: بم استحققت هذا الاسم؛ فقيل لك: الراوية؟ فقال: أروي لكل شاعر يعرفه أمير المؤمنين أو سمع به، ثم أروي لأكثر منهم ممن لا يعرفه أمير المؤمنين ولا سمع به، ثم لا ينشدني أحد شعرا قديما ولا حديثا إلا ميزت القديم من الحديث، فقال له: فكم مقدار ما تحفظ من الشعر؟ قال: كثير، ولكني أنشدك على كل حرف من حروف المعجم مائة قصيدة كبيرة سوى المقطعات من شعر الجاهلية دون الإسلام، فامتحنه الوليد وأمره بالإنشاد، فأنشد حتى ضجر الوليد، ثم وكل به من استخلفه أنه يصدقه عنه، ويستوفي عليه، فأنشد ألفين وتسع مائة قصيدة جاهلية، فأعطاه الوليد مائة ألف درهم. وتوفي في سنة خمس وخمسين ومائة، ولما مات .. رثاه عبد الله الأعلى المعروف بابن كناسة: [من المنسرح] لو كان ينجي من الردى حذر … نجاك مما أصابك الحذر يرحمك الله من أخي ثقة … لم يكن في صفو وده كدر فهكذا يفسد الزمان ويف‍ … نى العلم ويدرس الأثر ودفن بقرية من أعمال ماسبذان، وفي ذلك يقول مروان بن أبي حفصة من قصيدة له: [من الطويل] وأكرم قبر بعد قبر محمد … نبي الهدى قبر بماسبذان عجبت لأيد هالت الترب فوقه … ضحى كيف لم ترجع بغير بنان قال الشيخ اليافعي: وفي البيت الأول مجازفة عظيمة لا تليق؛ حيث فضل قبره على كل قبر من قبور الأنبياء وغيرهم غير قبر نبينا محمد صلّى الله عليه وسلم، فأبدله بقوله: سقى الله قبرا من سحائب رحمة … ثوى فيه حماد بماسبذان (1) 764 - [الأعمش] (2) سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم أبو محمد المعروف بالأعمش لعمش كان

(1) «مرآة الجنان» (1/ 332). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 461)، و «الجرح والتعديل» (4/ 146)، و «وفيات الأعيان» (2/ 400)، و «تهذيب الكمال» (12/ 76)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 226)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 161)، و «مرآة الجنان» -

به، أصله من دباوند قرية بطبرستان، وحمل أبوه إلى الكوفة صغيرا، فاشتراه رجل من بني كاهل من بني أسد فأعتقه. روى عن ابن أبي أوفى، وأبي وائل، وإبراهيم النخعي، وإبراهيم التيمي، ومجاهد، وخلق كثير. ورأى أنس بن مالك ولم يسمع منه؛ فما يرويه عنه مرسل. وروى عنه شعبة، والسفيانان، وحفص بن غياث، وعالم سواهم. وكان ثقة عالما فاضلا، قال وكيع: بقي الأعمش قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى. وكان لطيف الخلق حلو المزاح، جاءه أصحاب الحديث يوما ليسمعوا منه، فخرج إليهم وقال: لولا أن في منزلي من هو أبغض إلي منكم .. ما خرجت إليكم. وجرى بينه وبين زوجته كلام، فدعا رجلا ليصلح بينهما، فقال لها الرجل: لا تنظري إلى عموشة عينيه وخموشة ساقيه؛ فإنه إمام وله قدر، فقال الأعمش: ما أردت إلا أن تعرفها عيوبي. ولما حدث بحديث: «من نام عن الصلاة حتى يصبح .. بال الشيطان في أذنه أو أذنيه» (1) .. قال: ما عمشت عيني .. إلا من بول الشيطان في أذني. وقال له داود بن عمر الحائك: ما تقول في شهادة الحائك؟ قال: تقبل مع عدلين. وعاده جماعة في مرضه، فأطالوا الجلوس عنده، فأخذ وسادته وقام وقال: شفى الله مريضكم بالعافية. وزاره مرة الإمام أبو حنيفة وطوّل الجلوس، فلما أراد القيام .. قال: ما أراني إلا ثقلت عليك، قال: إنك لتثقل علي وأنت في بيتك. قال أبو معاوية الضرير: بعث إليه هشام بن عبد الملك: اكتب لي مناقب عثمان، ومساويء علي، فأخذ الأعمش القرطاس، وأدخله في فم شاته، فلاكته، وقال لرسوله: قل له: هذا جوابك، فقال له الرسول: إنه قد آلى أنه يقتلني إن لم آته بجوابك، وتحمل

= (1/ 305)، و «البداية والنهاية» (10/ 524)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 109)، و «تقريب التهذيب» (ص 254)، و «شذرات الذهب» (2/ 217). (1) أخرجه البخاري (1144)، ومسلم (774).

765 - [سعيد بن أبي عروبة]

عليه بإخوانه، فقالوا: يا أبا محمد؛ نجه من القتل، فلما ألحوا عليه .. كتب: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فلو كانت لعثمان مناقب أهل الأرض .. لم تنفعك، ولو كان لعلي مساويء أهل الأرض .. ما ضرتك، فعليك بخويصة نفسك، والسلام. قيل: إنه ولد يوم قتل الحسين يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائة. 765 - [سعيد بن أبي عروبة] (1) سعيد بن أبي عروبة-واسمه: مهران-اليشكري العدوي مولى بني عدي أبو النضر. سمع قتادة، والنضر بن أنس وغيرهما. وروى عنه يحيى القطان، وإسماعيل ابن علية وغيرهما. وكان شيخ البصرة وعالمها. توفي سنة ست وخمسين ومائة. 766 - [حمزة الزيات] (2) حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات-كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان، ويجلب من حلوان الجوز وغيره إلى الكوفة-مولى تيم الله بن ثعلبة، أبو عمارة الكوفي، المقرئ المشهور، أحد القراء السبعة. سمع الحكم بن عتيبة وغيره، وروى عنه أبو أحمد الزبيري وغيره. وقرأ على التابعين، وتصدر للإقراء، وكان رأسا في القراءات والفرائض، قدوة في الورع. قال: القرآن ثلاث مائة ألف حرف وسبعون ألف حرف ومائتان وخمسون حرفا.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 273)، و «الجرح والتعديل» (4/ 65)، و «تهذيب الكمال» (11/ 5)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 413)، و «العبر» (1/ 225)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 33). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 507)، و «المعارف» (ص 529)، و «الجرح والتعديل» (3/ 209)، و «وفيات الأعيان» (2/ 216)، و «تهذيب الكمال» (7/ 314)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 90)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 383)، و «مرآة الجنان» (1/ 332)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 488).

767 - [عمر بن ذر المرهبي]

قال الشافعي: وقصته في رؤية الحق سبحانه في المنام وما ذكر من وعده تعالى بإكرامه لأهل القرآن مشهورة. توفي بحلوان سنة ست وخمسين ومائة. 767 - [عمر بن ذر المرهبي] (1) عمر بن ذر بن عبد الله بن زرارة الهمداني المرهبي أبو ذر الكوفي. سمع أباه، ومجاهدا. وروى عنه وكيع، وابن المبارك، وخلاد، وأبو نعيم، خرج له البخاري في مواضع. توفي سنة ست وخمسين ومائة. 768 - [الإمام الأوزاعي] (2) عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي-بطن من ذي الكلاع من اليمن، وقيل: الأوزاع قرية بدمشق على طريق باب الفراديس، وقيل: إنما قيل له: الأوزاعي؛ لأنه من أوزاع القبائل، وقيل: إنه كان نازلا فيهم فنسب إليهم، ولم يكن منهم-أبو عمرو الشامي، شيخ أهل الشام، وهو ابن عم يحيى بن عمرو الشيباني. روى عن الزهري، وعطاء، وخلق من التابعين. وروى عنه الثوري، وابن المبارك، وخلق كثير. كان رأسا في العلم والعمل، كثير المناقب، بارعا في الكتابة والرسائل، قيل: إنه أجاب في سبعين ألف مسألة. وقال الوليد بن مسلم: ما رأيت أكثر اجتهادا في العبادة من الأوزاعي، كان يحيي الليل صلاة وبكاء وقرآنا. ولما حج الأوزاعي .. خرج سفيان الثوري حتى لقيه بذي طوى، فأخذ سفيان مقود

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 482)، و «الجرح والتعديل» (6/ 107)، و «تهذيب الكمال» (21/ 334)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 358)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 536)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 223). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 494)، و «المعارف» (ص 496)، و «الجرح والتعديل» (5/ 266)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 298)، و «وفيات الأعيان» (3/ 127)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 107)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 483)، و «مرآة الجنان» (1/ 333)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 537)، و «شذرات الذهب» (2/ 256).

769 - [الحسين بن واقد المروزي]

البعير ووضعه على رقبته ومشى وهو يقول: الطريق للشيخ. وقال رجل لسفيان الثوري: رأيت البارحة ريحانة رفعت إلى السماء من ناحية المغرب حتى توارت إلى السماء، فقال له سفيان: إن صدقت رؤياك .. فقد مات الأوزاعي، فوجده قد مات في تلك الليلة. وذلك: أن امرأته أغلقت عليه باب الحمام ونسيته، فمات رحمه الله تعالى يوم الأحد لليلتين بقيتا من صفر-وقيل: في شهر ربيع الأول-من سنة سبع وخمسين ومائة، ورثاه بعضهم بقوله: [من الكامل] جاد الحيا بالشام كل عشية … قبرا تضمن لحده الأوزاعي قبرا تضمن فيه طود شريعة … سقيا له من عالم نفاع عرضت له الدنيا فأعرض مقلعا … عنها بزهد أيما إقلاع وللشيخ اليافعي رحمه الله اعتراض على هذه الأبيات من حيث اللفظ والإعراب (1). 769 - [الحسين بن واقد المروزي] (2) الحسين بن واقد القرشي مولاهم مولى عبد الله بن عامر بن كريز، يكنى: أبا علي، كان قاضيا بمرو. سمع عبد الله بن بريدة، ومطرا الوراق وغيرهما. وروى عنه زيد بن الحباب، والفضل بن موسى، وأبو تميلة يحيى وغيرهم. توفي سنة سبع وخمسين ومائة. 770 - [محمد ابن أخي الزهري] (3) محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله القرشي الزهري أبو عبد الله، ابن أخي الزهري المشهور.

(1) انظر «مرآة الجنان» (1/ 333). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 375)، و «الجرح والتعديل» (3/ 66)، و «تهذيب الكمال» (6/ 491)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 104)، و «العبر» (1/ 226)، و «مرآة الجنان» (1/ 344)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 438). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 579)، و «الجرح والتعديل» (7/ 304)، و «تاريخ مدينة دمشق» (54/ 28)، و «تهذيب الكمال» (25/ 554)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 197)، و «العبر» (1/ 228)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 616).

771 - [أبو جعفر المنصور]

سمع عمه أبا بكر محمد بن مسلم وغيره، وروى عنه يعقوب بن إبراهيم بن سعد وغيره. قال الواقدي: قتله غلمانه بأمر ولده، وكان ولده سفيها شاطرا، قتله للميراث في آخر خلافة أبي جعفر، فوثب غلمانه عليه بعد سنين فقتلوه أيضا. اه‍ وتوفي محمد المذكور في سنة سبع وخمسين ومائة. 771 - [أبو جعفر المنصور] (1) عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي العباسي أبو جعفر المنصور، ثاني خلفاء بني العباس. ولد بالحميمة من أرض البلقاء-وقيل: بالسراة من أرض الشام-سنة خمس وتسعين، وقيل: إنه ولد يوم مات الحجاج، وحج في أيام أخيه أبي العباس السفاح، ومات السفاح وعهد إليه بالخلافة، ثم من بعده لابن عمه عيسى بن موسى، فأخذ له عيسى بن موسى البيعة على الجند وعامة الناس، وأعطاهم أرزاقهم، وبلغ أبا جعفر موت السفاح وهو بطريق مكة راجعا من الحج، فلما وصل إلى الكوفة .. خرج عليه عمه عبد الله بن علي، فبعث المنصور أبا مسلم الخراساني لحربه، فهزمه أبو مسلم، وصفا الأمر لأبي جعفر، ثم همّ أبو مسلم بعزل أبي جعفر، فلم يزل أبو جعفر يتلطف به حتى صار إليه فقتله. وكان المنصور ذا حزم وعزم، ودهاء ورأي، وشجاعة وعقل، وفيه جبروت وظلم. ولما عزم على قتل أبي مسلم صاحب الدعوة .. كتب إليه ابن عمه موسى بن عيسى: [من الطويل] إذا كنت ذا رأي فكن ذا روية … فإن فساد الرأي أن تتعجلا فكتب إليه المنصور: [من الطويل] إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة … فإن فساد الرأي أن تترددا

(1) «المعارف» (ص 377)، و «تاريخ الطبري» (8/ 59)، و «تاريخ بغداد» (10/ 55)، و «المنتظم» (5/ 267)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 193)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 83)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 465)، و «فوات الوفيات» (2/ 217)، و «مرآة الجنان» (1/ 334)، و «العقد الثمين» (5/ 248)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 308)، و «شذرات الذهب» (2/ 261).

772 - [حيوة بن شريح]

وكان جيد السياسة والتدبير، حسن البيان، سليط اللسان، شديد البخل؛ مات وفي بيت المال ست مائة ألف ألف وستون ألف دينار، وقيل: درهم. وكان يسمع الوعظ من أهل الفضل والدين، وهو الذي بنى بغداد وأسسها، ومكث قبل بنائها سنة يتردد ليرتاد موضعا يبنيه، فبينا هو كذلك؛ إذ براهب أشرف من بنيان مقيم فيه، فقال له: أراك منذ شهور تدور وتكثر الترداد في هذا الموضع، قال: أريد أن أبني فيه مدينة، فقال له الراهب: لست صاحبها، إنا نجد أن صاحبها يقال له: مقلاص، فقال له أبو جعفر: أنا والله؛ صاحبها، كنت أدعى وأنا صبي في الكتّاب بمقلاص، وأمر حينئذ ببنائها، وكتب إلى البلدان: أن يوجه إليه بما يحتاجه، ويتوقف على عمارتها، ثم قال لنبوخت المنجم: اختر لي وقتا أضع فيه الأساس والبناء، فاختار له، فوضع الأساس في ذلك الوقت الذي عينه له، ويقال: إن أول لبنة من الأساس وضعها المنصور بيده وقال: باسم الله والحمد لله، إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين. فلما وضع الأساس .. قال لنبوخت المنجم: احكم الآن، فقال: يتم بناؤها وتكون مدينة ليس في شرق ولا غرب لها نظير، وتعمر عمرانا لم ير مثله، قال أبو جعفر: ثم ماذا؟ قال: ثم تخرب بعد موتك خرابا ليس بصحراء، ولكن دون العمران. ووزنت لبنة سقطت من السور؛ فكان وزنها اثنين وثمانين رطلا، ولما تم بناؤها وأراد النقلة إلى قصره بباب الذهب .. وقف على باب القصر يتأمله؛ فإذا على الحائط: [من الخفيف] أدخل القصر لا تخاف زوالا … بعد ستين من سنيك رحيل فوقف مليا وتغر غرت عيناه وقال: بقية لغافل، وفسحة لجاهل كأنه حسب ما بقي من عمره من السنين. ومات محرما بالحج ببئر ميمون بالقرب من مكة، ودفن مكشوف الرأس، وذلك سنة ثمان وخمسين ومائة. 772 - [حيوة بن شريح] (1) حيوة بن شريح-بمعجمة أوله ومهملة آخره-الحضرمي الكندي أبو زرعة التجيبي المصري.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 522)، و «الجرح والتعديل» (3/ 306)، و «تهذيب الكمال» (7/ 482)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 404)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 386)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 508)، و «شذرات الذهب» (2/ 260).

773 - [ابن أبي رواد]

أحد العلماء السادة الزهاد، كان مجاب الدعوة. سمع يزيد بن أبي حبيب، ويزيد ابن الهاد، وأبا عقيل زهرة بن معبد وغيرهم. وروى عنه ابن المبارك، وابن وهب وغيرهما. توفي سنة ثمان-أو تسع-وخمسين ومائة. 773 - [ابن أبي رواد] (1) عبد العزيز بن أبي روّاد-واسمه: ميمون-ابن زيد الأزدي مولاهم المكي. كان مشهورا بالإرجاء، وتكلم فيه غير واحد، ولم يصلّ عليه سفيان الثوري، واستشهد به البخاري في موضعين من «صحيحه» (2). يروى: أن امرأة بمكة تقرأ القرآن رأت كأن حول الكعبة وصائف عليهن معصفرات، وبأيديهن ريحان، وكأنها أنكرت هذا التزين واللهو عند الكعبة، فقالت: سبحان الله! هذا عند الكعبة، فقيل لها: أما علمت أن عبد العزيز بن أبي رواد زوج الليلة؟ ! فانتبهت؛ فإذا بعبد العزيز قد مات رحمه الله تعالى. توفي بمكة سنة تسع-أو سبع-وخمسين ومائة. 774 - [مالك بن مغول] (3) مالك بن مغول بن عاصم بن مالك البجلي أبو عبد الله الكوفي. سمع طلحة بن مصرف، والشعبي وغيرهما. وروى عنه ابن المبارك، ووكيع وغيرهما. وكان كثير الحديث، ثقة حجة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 55)، و «الجرح والتعديل» (5/ 394)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 307)، و «تهذيب الكمال» (18/ 136)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 502)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 585)، و «شذرات الذهب» (2/ 266). (2) «صحيح البخاري» (753)، و (3583). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 485)، و «الجرح والتعديل» (8/ 215)، و «تهذيب الكمال» (27/ 158)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 174)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 582)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 15)، و «شذرات الذهب» (2/ 267).

775 - [ابن أبي الذئب]

قال سفيان بن عيينة: قال له رجل: اتق الله، فوضع خده بالأرض. توفي سنة تسع وخمسين ومائة. 775 - [ابن أبي الذئب] (1) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب-واسم أبي ذئب: هشام- ابن شعبة المدني أبو الحارث. سمع الزهري، وسعيد المقبري، ونافعا، وعكرمة وغيرهم. روى عنه ابن أبي فديك، وعبد الله بن المبارك، والوليد بن مسلم، ووكيع، وجم غفير. قال الإمام أحمد: كان يشبه سعيد بن المسيب، وما خلّف مثله، قال: وكان أفضل من مالك، إلا أن مالكا كان أشد تنقية للرجال. وقال الواقدي: كان يصلي الليل أجمع، ويجتهد في العبادة، ولو قيل له: إن القيامة تقوم غدا .. ما كان فيه مزيد من الاجتهاد، وكان يصوم يوما ويفطر يوما، ثم سرده، وكان يتعشى بالخبز والزيت، وكان من رجال العلم صرامة، قوالا بالحق؛ دخل على أبي جعفر المنصور فلم تهله هيبته وغلظته وانتقامه ممن جاهره، بل قال له: الظلم فاش ببابك. توفي سنة تسع وخمسين ومائة، كذا ذكره اليافعي في «تاريخه»، والذهبي وغيرهما (2)، ونقله أبو الفضل المقدسي عن أحمد ابن حنبل والواقدي، فلا يصح ما قيل: إنه صلّى على مالك بن أنس يوم مات؛ فإن موت مالك رحمه الله في سنة تسع وسبعين ومائة، وتوفي ابن أبي ذئب عن تسع وسبعين سنة. 776 - [عكرمة بن عمار اليمامي] (3) عكرمة بن عمار العجلي اليمامي أبو عمار.

(1) «المعارف» (ص 485)، و «الجرح والتعديل» (7/ 313)، و «وفيات الأعيان» (4/ 183)، و «تهذيب الكمال» (25/ 630)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 139)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 600)، و «مرآة الجنان» (1/ 340)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 628)، و «شذرات الذهب» (2/ 265). (2) انظر «مرآة الجنان» (1/ 340)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 148). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 116)، و «الجرح والتعديل» (7/ 10)، و «تهذيب الكمال» (20/ 256)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 134)، و «العبر» (1/ 232)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 132).

777 - [شعبة بن الحجاج]

سمع إياس بن سلمة، وإسحاق بن عبد الله، وسالم بن عبد الله بن عمر وغيرهم. روى عنه ابن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع وغيرهم. وتوفي سنة تسع وخمسين ومائة. 777 - [شعبة بن الحجاج] (1) شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم الواسطي أبو بسطام. سمع أبا إسحاق السبيعي، وإسماعيل بن أبي خالد، ومنصورا، والأعمش، وغير واحد. روى عنه محمد بن جعفر غندر، ويحيى بن سعيد القطان، وعثمان بن جبلة بن أبي روّاد وغيرهم. أثنى عليه جمع من كبار الأئمة، ووصفوه بالعلم والزهد والقناعة والرحمة والخير. كان رأسا في العربية والشعر، وأما الحديث .. فلا يجهل قدره فيه، وهو أول من فتش بالعراق عن أمر المحدثين، وجانب الضعفاء والمتروكين، وتبعه بعده عليه أهل العراق؛ ولذلك قال الشافعي: لولا شعبة .. ما عرف الحديث بالعراق. قال أبو زيد الهروي: رأيت شعبة يصلي حتى تورم قدماه. ولد سنة ثلاث وثمانين، وتوفي سنة ستين ومائة عن سبع وسبعين سنة، وكان أكبر من سفيان الثوري بعشر سنين. 778 - [سفيان بن حسين الواسطي] (2) سفيان بن حسين، ذكره الذهبي فيمن توفي سنة ستين ومائة، ولم يبين من هو (3)، ولعله

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 280)، و «المعارف» (ص 501)، و «الجرح والتعديل» (4/ 369)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 245)، و «تهذيب الكمال» (12/ 479)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 202)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 416)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 166)، و «شذرات الذهب» (2/ 269). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 314)، و «الجرح والتعديل» (4/ 227)، و «تهذيب الكمال» (11/ 139)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 302)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 406)، و «شذرات الذهب» (2/ 54). (3) لم نجده في «العبر» مع أنه المراد كما تبين من خلال ما مر، ولعله موجود في النسخة التي بين يدي المصنف، وقد ذكره-

سفيان بن حسين السلمي الواسطي أبو محمد الذي خرج له مسلم في مقدمة «صحيحه» (1)، واستشهد به البخاري في الكسوف (2). والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه وسلم ***

= الذهبي في «تاريخ الإسلام» (9/ 406) في وفيات سنة (160 هـ‍)، وقد نص على أنه الواسطي كما ظنه المصنف، والله أعلم. (1) «صحيح مسلم» (1/ 11). (2) «صحيح البخاري» (1066).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والأربعون بعد المائة فيها: أرسل المنصور ابنه المهدي، ومعه خازم بن خزيمة إلى خراسان؛ لكون واليها عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي عاث فيها وقتل وخلع، فأسروا عبد الجبار وحملوه إلى المنصور فقتله (1). وفيها: حج المنصور، وفي رجوعه من الحج دخل الرقة، وقال: احمدوا الله يا أهل الشام؛ فقد رفع الله بنا عنكم الطاعون، فقال المنصور بن جعونة: ما كان الله ليجعلكم عليها والطاعون، فقتله المنصور (2). قال بعضهم: وفيها: ظهر قوم خراسانيون يقولون بتناسخ الأرواح، وأن ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم هو المنصور، وأن الهيثم بن معاوية جبريل، فأتوا قصر المنصور فطافوا به، فقبض على مائتين من كبارهم وحبسهم، فغضب الباقون، وحفّوا بنعش وحملوه هيئة جنازة، ثم مروا بالسجن فشدوا على الناس، وفتحوا السجن وأخرجوا أصحابهم، وقصدوا المنصور في ست مائة مقاتل، فأغلقوا باب البلد، وحاربهم العسكر مع معن بن زائدة، ثم وضعوا السيف فيهم، وأصيب عثمان بن نهيك الأمير، فاستعمل المنصور مكانه على الحرس أخاه عيسى، وكان ذلك بالهاشمية. قال المدائني: فحدثني أبو بكر الهذلي قال: اطلع المنصور، فقال رجل إلى جنبي: هذا رب العزة الذي يطعمنا ويرزقنا، تعالى الله الملك الحق المبين عن مقالة أهل الضلال الملحدين (3). وفي هذه السنة: توفي موسى بن عقبة المدني صاحب المغازي، وأبان بن تغلب

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 508)، و «المنتظم» (5/ 92)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 88). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 504)، و «المنتظم» (5/ 91)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 84)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 366)، ولكن الذي في المراجع عدا «المنتظم» أن الحادثة كانت سنة (140 هـ‍). (3) «تاريخ الطبري» (7/ 505)، و «المنتظم» (5/ 91)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 86)، و «العبر» (1/ 191)، و «مرآة الجنان» (1/ 292).

السنة الثانية والأربعون

الكوفي القارئ، وموسى بن كعب التميمي المروزي أحد نقباء بني العباس، كذا في «اليافعي» (1). وفيها-أو في التي بعدها-: أبو إسحاق الشيباني. *** السنة الثانية والأربعون فيها: نقض أهل طبرستان، وقتلوا من كان بها من المسلمين، فسار إليهم خازم بن خزيمة، وروح بن حاتم، ومرزوق أبو الخصيب، فاستأمن مرزوق إلى أصبهبذ طبرستان خديعة ومكرا، وتمت له الخديعة في سنة ثلاث وأربعين، فأدخل خزيمة بن حازم، وروح بن حاتم مدينته، فقتلوا المقاتلة، وسبوا الذرية، فمص أصبهبذ خاتمه، وفيه سم فقتل نفسه (2). وفيها: ولى المنصور العباس بن محمد بن علي الجزيرة والثغور، وولى معن بن زائدة اليمن (3). وفيها: توفي خالد بن مهران الحذاء، عرف بذلك؛ لأنه كان يجلس إلى الحذائين، ولم يكن حذاء، وعاصم بن سليمان الأحول أحد حفاظ البصرة، وعمرو بن عبيد المعتزلي بخلف (4)، والحسن بن عمرو الفقيمي، والحسن بن عبيد الله، وسليمان بن علي بن عبد الله بن العباس عم المنصور، وقيل: في التي قبلها، ومحمد بن أبي إسماعيل الكوفي، وأبو هاني حميد بن هاني الخولاني، وأبان بن الصلت، وإسماعيل بن أمية (5). ***

(1) «مرآة الجنان» (1/ 292). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 512)، و «المنتظم» (5/ 97)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 92)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 9). (3) «تاريخ الطبري» (7/ 514)، و «المنتظم» (5/ 97)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 93). (4) ذكر المصنف رحمه الله تعالى في ترجمته أنه توفي سنة (144 هـ‍). (5) أبان بن الصلت لم نجد له ذكرا في المصادر التي بين أيدينا، وإسماعيل بن أمية اختلف العلماء في وفاته؛ فذكر في سنة (139 هـ‍)، وفي سنة (144 هـ‍) وهذا الذي رجحه الذهبي في «تاريخ الإسلام» (9/ 67).

السنة الثالثة والأربعون

السنة الثالثة والأربعون فيها: ثارت الديلم، وقتلوا خلائق من المسلمين، وانتدب أهل الإسلام لغزوهم، وأحصى المنصور كل من يملك عشرة آلاف درهم فصاعدا، وأمرهم بغزو الديلم، وكذلك فعل بالكوفة (1). وفيها: سار محمد بن الأشعث إلى المغرب، والتقى بالإباضية فهزمهم، وقتل زعيمهم أبا الخطاب في المصاف، وملك القيروان (2). وفيها: توفي حجاج بن أبي عثمان المعروف بالصواف أحد حفاظ البصرة، وحميد الطويل أحد ثقات التابعين البصريين، وأبو المعتمر سليمان بن طرخان التيمي أحد عباد البصرة وعلمائها، ويحيى بن سعيد الأنصاري المدني الفقيه أحد الأعلام، وليث بن أبي سليم أحد الفقهاء. *** السنة الرابعة والأربعون فيها: حج أبو جعفر المنصور بالناس، وأهمه شأن محمد بن عبد الله بن حسن وأخيه إبراهيم لتخلفهما عن الحضور عنده، فوضع عليهما العيون، وبذل الأموال، وبالغ في طلبهما؛ لأنه عرف مرامهما، ومر في طريقه بالربذة وفيها عبد الله بن الحسن والد محمد وإبراهيم المذكورين، وبها أيضا محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان المعروف بالديباج، وهو أخو عبد الله بن الحسن لأمه، فسألهما عن محمد بن عبد الله بن الحسن، فلم يخبراه، فضرب العثماني ضربا شديدا، وحمل عبد الله بن الحسن، وجماعة من أهل بيته، فحبسهم حتى ماتوا في حبسه (3). وفيها: جهز جيش العراق والجزيرة لغزو الديلم وعلى الناس محمد بن السفاح (4). وفيها: توفي سعيد بن إياس الجريري محدث البصرة، وعبد الله بن حسن بن الحسن بن

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 515)، و «المنتظم» (5/ 101)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 95). (2) «تاريخ الإسلام» (9/ 12)، و «مرآة الجنان» (1/ 293)، و «شذرات الذهب» (2/ 198). (3) «تاريخ الطبري» (7/ 517)، و «المنتظم» (5/ 105)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 97)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 14)، و «شذرات الذهب» (2/ 201). (4) «تاريخ الطبري» (7/ 517)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 97)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 14).

السنة الخامسة والأربعون

علي بن أبي طالب بالمدينة في حبس المنصور، وفقيه الكوفة عبد الله بن شبرمة الضبي القاضي، وعقيل بن خالد-بضم العين-مولى بني أمية، ومجالد بن سعيد الهمداني الكوفي صاحب الشعبي. *** السنة الخامسة والأربعون فيها: بنى المنصور بغداد، وابتدأ بإنشائها ورسم هيئتها وكيفيتها أولا بالرماد، وكان ابتداء بنائها والطالع الحوت، وفيه المشتري، وزعم المنجم الآخذ للطالع: أنه لا يموت فيها خليفة أبدا، يقال: فكان كذلك (1). وفيها: ظهر محمد بن عبد الله بن حسن بن الحسن الحسني في غرة رجب، خرج في مائتين وخمسين نفسا بالمدينة وهو على حمار، فوثب على متولي المدينة رياح بن عثمان المري، فحبسه وتتبع أصحابه، وبايعه بالخلافة أهل المدينة قاطبة طوعا وكرها، وأظهر أنه خرج غضبا لله عزّ وجل، وما تخلف عنه من الوجوه إلا نفر يسير، وبث عماله بمكة والمدينة والشام، فلم يتمكن عماله لقرب زمانه، فجهز المنصور لحربه ابن عمه عيسى بن موسى وحميد بن قحطبة، وقال: لا أبالي أيهما قتل صاحبه؛ لأن عيسى كان ولي العهد بعد المنصور، وكان المنصور يود هلاكه ليولي ولده المهدي بعده، فسار عيسى وحميد إلى المدينة في أربعة آلاف، وكتب إلى الأشراف يستميلهم ويمنيهم، فتفرق عن محمد بن عبد الله بن الحسن ناس كثير، وأشير عليه بالمسير إلى مصر ليتقوى بها، فأبى وتحصن بالمدينة، وعمق خندقها، فلما وصل عيسى .. تفرق عن محمد أصحابه حتى بقي في طائفة قليلة، فراسله عيسى يدعوه إلى الإنابة، وبذل له الأمان فلم يسمع، ثم أنذر عيسى أهل المدينة ورغبهم ورهبهم أياما، ثم زحف على المدينة، فظهر عليها، ونادى محمدا وناشده الله، ومحمد لا يرعوي. قال عثمان بن محمد بن خالد: إني لأحسب محمد بن عبد الله قتل بيده يومئذ سبعين رجلا، وكان معه ثلاث مائة مقاتل، ثم قتل في المعركة، فعاد نفر من أصحابه، فقتلوا

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 614)، و «تاريخ بغداد» (1/ 87)، و «المنتظم» (5/ 129)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 132)، و «العبر» (1/ 203).

رياحا الذي كان أميرا بالمدينة في محبسه، وبعث عيسى برأس محمد إلى المنصور (1). وفيها: خرج أخوه إبراهيم بن عبد الله بن الحسن الحسني بالبصرة، وكان سار إليها من الحجاز، فدخلها سرا في عشرة أنفس، ثم إنه دعا إلى نفسه سرا بالبصرة حتى بايعه بها نحو أربعة آلاف، وبايعه القراء والفقهاء، وتهاون والي البصرة سفيان بن معاوية بن عمر بن حفص حتى اتسع الخرق، فأظهر إبراهيم أمره أول ليلة من شهر رمضان، فتحصن منه أمير البصرة سفيان بن معاوية المذكور في دار الإمارة، ولما بلغ المنصور خروج إبراهيم بالبصرة .. تحول فنزل الكوفة ليأمن غائلة أهلها، وكان في الكوفة من يبايع لإبراهيم، وأقبل الخلق إلى إبراهيم ما بين ناصر وناظر، وأرسل المنصور جيشا مع جعفر ومحمد ابني سليمان بن علي، فقاتلا إبراهيم، فهزمهما إبراهيم، فلما انهزما .. طلب سفيان بن معاوية أمير البصرة من إبراهيم الأمان فأمنه، ففتح له القصر، فوجد إبراهيم من الحواصل ست مائة ألف، ففرقها بين أصحابه خمسين خمسين، وبعث إبراهيم عماله في شهر رمضان في الجهات ليخرج على المنصور من كل جهة فتق، فبعث عاملا على الأهواز، وآخر إلى فارس، وآخر إلى واسط، فتغلب أصحابه على هذه النواحي جميعها، وكان المنصور في جمع يسير وعامة جيوشه في النواحي، فالتزم بعدها ألاّ يفارقه ثلاثون ألفا، ووصل إلى إبراهيم مصرع أخيه بالمدينة قبل عيد الفطر بثلاث، فعيد الناس وهم يرون فيه الانكسار، والمنصور في ذلك لا يقر له قرار، ولم يأو إلى فراش خمسين ليلة، وفي كل يوم يأتيه فتق من ناحية، هذا ومائة ألف سيف كامنة له في الكوفة، فلو هجم إبراهيم الكوفة .. لظفر بالمنصور، ولكن كان فيه دين، فقال: أخاف إن هجمتها أن يستباح الصغير والكبير، فقيل له: تخرج على مثل المنصور، وتتوقى قتل الصغير والكبير؟ ! وكان أصحابه مع قلة رأيه يختلفون عليه وكل يشير برأي، فلم يبرح المنصور إلى أن وصل إليه من المدينة عيسى بن موسى وحميد بن قحطبة، فوجههما إلى إبراهيم في جيش كثيف، فالتقوا بإبراهيم وجنده على يومين من الكوفة، فاشتد الحرب وظهر أصحاب إبراهيم، فانهزم حميد بن قحطبة مقدم جيوش المنصور، ووصل إلى المنصور خلق من المنهزمين، فهيأ المنصور النجائب ليهرب إلى الري، وكان يتمثل بقول الشاعر: [من الكامل] ونصبت نفسي للرماح دريّة … إن الرئيس لمثل ذاك فعول

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 552)، و «المنتظم» (5/ 123)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 109)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 21)، و «دول الإسلام» (1/ 132)، و «شذرات الذهب» (2/ 201).

قال الأصمعي: والدرية غير مهموز: دابة يستتر بها الصائد، فإذا أمكنه الصيد .. رمى، وقال أبو زيد: هو بالهمز؛ لأنها تدرأ نحو الصيد؛ أي: تدفع. ولما انهزم حميد بن قحطبة في أصحابه .. ثبت عيسى بن موسى في مائة من حاشيته، وجعل يثبت الناس، فأشير عليه بالفرار فقال: لا أزول حتى أظفر أو أقتل، وكان يضرب المثل بشجاعته، ثم دار جعفر ومحمد ابنا سليمان بن علي في طائفة، فجاءوا من وراء إبراهيم، وحملوا على عسكره. قال: عيسى بن موسى لولا ابنا سليمان .. لافتضحنا، وكان من صنع الله أن أصحابنا لما انهزموا .. اعترض لهم نهر، ولم يجدوا مخاضة فرجعوا، فوقعت الهزيمة في أصحاب إبراهيم حتى بقي في سبعين، وكان إبراهيم يومئذ قد آذاه الحرب وحرارة الزّردية (1)، فحسرها عن صدره، فجاء سهم غرب لا يدرى من رمى به، فأصاب حلق إبراهيم فأنزلوه وهو يقول: {وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً} أردنا أمرا وأراد الله غيره، فاجتمع أصحابه عليه يحمونه، فأنكر حميد بن قحطبة اجتماعهم، فحمل عليهم، فتفرقوا عن إبراهيم، فنزل إليه جماعة فاحتزوا رأسه، وبعثوا به إلى المنصور في الخامس والعشرين من ذي القعدة وعمره ثمان وأربعون سنة، فلما وصل البشير بالرأس إلى المنصور .. تمثل بقول البارقي: [من الطويل] فألقت عصاها واستقر بها النوى … كما قر عينا بالإياب المسافر قال خليفة: وكان ممن خرج مع إبراهيم من الفقهاء هشيم، وأبو خالد الأحمر، وعيسى بن يونس، وعباد بن العوام، ويزيد بن هارون، وكان أبو حنيفة رحمه الله يجاهر في أمره، ويأمر بالخروج معه. قال أبو نعيم: فلما قتل إبراهيم .. هرب أهل البصرة برا وبحرا، واستخفى الناس (2). وفي السنة المذكورة-وقيل: في سنة ست-: توفي إسماعيل بن أبي خالد البجلي مولاهم أحد حفاظ الحديث، وعمرو بن ميمون بن مهران الجزري الفقيه، وعبد الملك بن أبي سليمان الكوفي الحافظ، ومحمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، وأبو حيان يحيى بن سعيد التيمي الكوفي. ***

(1) الزردية: درع من حديد. (2) «تاريخ الطبري» (7/ 622)، و «المنتظم» (5/ 143)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 135)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 36)، و «دول الإسلام» (1/ 133)، و «مرآة الجنان» (1/ 298)، و «شذرات الذهب» (2/ 202).

السنة السادسة والأربعون

السنة السادسة والأربعون فيها: استتم المنصور بناء بغداد، وكان قد قسمها أرباعا ليخلص أمرها، فجعل ربعا إلى عبد الملك بن حميد، وربعا إلى الربيع مولاه، وربعا إلى سليمان بن مجالد، وربعا إلى أبي أيوب، وكان أجرة الصانع في اليوم قيراط فضة، وأجرة التّبع من حبتين إلى ثلاث حبات، وكان على بناء ربع من بغداد خالد بن الصامت، فلما فرغ من النفقة .. رفع إليه الحساب، فحسبه بيده، فبقي عليه خمسة عشر درهما، فحبسه حتى أداها. وكان مقدار النفقة-كما قيل-على بناء المسجد الجامع، وقصر الذهب بالذهب، والأسواق، والفصلان والخنادق، والقباب، والأبواب .. أربعة آلاف ألف درهم، وثمان مائة وثلاثة وثلاثين درهما. وتحول المنصور إليها في صفر قبل تمام بنائها، وأمر ألاّ يدخلها أحد من الناس راكبا، حتى إن عمه عيسى اشتكى إليه المشي فلم يأذن له فيه (1). وفيها: ولى المنصور سلم بن قتيبة البصرة ثم عزله، وولى محمد بن سليمان ثم عزله، وولى محمد بن أبي العباس السفاح، وأراد أن يكشف حاله للناس؛ لأنه كان ناقصا (2). وفيها: توفي أشعث بن عبد الملك الحمراني مولى حمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأبو النضر محمد بن السائب الكلبي الكوفي النسّابة المفسر الأخباري، والإمام هشام بن عروة بن الزبير، ويزيد بن أبي عبيد بخلف. *** السنة السابعة والأربعون فيها: خرج استرخان الخوارزمي في ترك الخزر، فأغار على نواحي أرمينية، وقتل وسبى خلقا من المسلمين، ودخل تفليس، وقتل حرب بن عبد الله الذي تنسب إليه الحربية ببغداد (3). وفيها: ألح المنصور فأكثر وتحيل بكل ممكن على ولي العهد عيسى بن موسى بالرغبة

(1) «تاريخ الطبري» (7/ 650)، و «المنتظم» (5/ 153)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 145)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 45). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 655)، و «المنتظم» (5/ 153)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 147). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 7)، و «المنتظم» (5/ 159)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 149).

السنة الثامنة والأربعون

والرهبة حتى خلع نفسه كرها، وقيل: بل عوضه عشرة آلاف ألف درهم، على أن يكون وليّ العهد بعد المهدي بن المنصور، فعهد المنصور بالولاية لابنه محمد، وسماه: المهدي، وجعل العهد لعيسى بن موسى من بعده (1)، ثم لم يزل المهدي في أيامه بعيسى بن موسى حتى ترك العهد، فجعله المهدي لابنه موسى الهادي كما سيأتي (2). وفيها: مات رؤبة بن العجاج البصري التميمي السعدي الراجز (3)، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي كان فقيها عالما، والأمير عبد الله بن علي عم المنصور الذي هزم مروان وافتتح دمشق انهدم الحبس عليه، وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهشام بن حسان الأزدي الحافظ محدث البصرة، وهاشم بن هاشم. *** السنة الثامنة والأربعون فيها: توفي أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم، والإمام الحافظ أبو محمد سليمان بن مهران المعروف بالأعمش، وشبل بن عباد تلميذ ابن كثير قارئ مكة، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الفقيه، ومحمد بن عجلان المدني، وعمرو بن الحارث الفقيه، والزبيدي، والعوام بن حوشب. *** السنة التاسعة والأربعون فيها: توفي المثنى بن الصباح اليماني بمكة، وكهمس بن الحسن البصري، وزكريا بن أبي زائدة، وعيسى بن عمر الثقفي النحوي البصري، وسلم بن قتيبة بالري، وثابت بن عمارة، وموسى بن نافع الأسدي (4). ***

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 9)، و «المنتظم» (5/ 166)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 216)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 36). (2) أي: في حوادث سنة (160 هـ‍)، انظر (2/ 212). (3) الصحيح أن وفاته كانت سنة (145 هـ‍) كما مر في ترجمته (2/ 162). (4) لم أجد من ذكر وفاته لا في هذه السنة ولا في غيرها، وانظر ترجمته في «تهذيب الكمال» (29/ 158)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 190).

السنة الموفية خمسين

السنة الموفية خمسين فيها: عزل المنصور جعفر بن سليمان عن المدينة، وولاها الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن (1). وفيها: خرج أستاذ سيس في أهل هراة وباذغيس وسجستان وغيرها من كور خراسان، فاجتمع منهم ثلاث مائة ألف مقاتل، فغلبوا على عامة خراسان، فوجه إليهم المنصور ابنه المهدي ومعه خازم بن خزيمة، فالتقى الجمعان وانهزم أستاذ سيس، وقتل من أصحابه في المعركة نحو سبعين ألفا، ولجأ الباقون إلى جبل، فحصرهم خازم بن خزيمة حتى نزلوا على حكم أبي عون عبد الملك بن يزيد والي خراسان، فحكم فيهم بأن يوثق أستاذ سيس وبنوه وأهل بيته بالحديد، ويعتق الباقون (2). وفيها: توفي أبو الحسن مقاتل بن سليمان الأزدي مولاهم صاحب التفسير، وإمام العراق بل إمام الآفاق على الإطلاق أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، والإمام عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وعثمان بن الأسود، وعمر بن محمد بن زيد. *** السنة الحادية والخمسون فيها: قتلت الخوارج معن بن زائدة الشيباني الأمير الجواد المشهور بسجستان. وفيها: ابتدئ بعمارة الرصافة شرقي بغداد (3). وفيها: مات شيخ البصرة وعالمها الإمام عبد الله بن عون، وشيخ المغازي والسير محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وحنظلة بن أبي سفيان. *** السنة الثانية والخمسون فيها: توفي عباد بن منصور، روى عن عكرمة وجماعة، ويونس بن يزيد الأيلي صاحب الزهري.

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 32)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 164). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 29)، و «المنتظم» (5/ 179)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 162)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 53)، و «دول الإسلام» (1/ 139)، و «شذرات الذهب» (2/ 226). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 37)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 171)، و «شذرات الذهب» (2/ 234).

السنة الثالثة والخمسون

السنة الثالثة والخمسون فيها: خرجت الخوارج الإباضية على إفريقية في مائة وعشرين ألف فارس وأمم لا يحصون من الرجالة، فهزموا عسكرها، وقتلوا متوليها عمر بن حفص الأزدي (1). وفيها: ألزم المنصور الناس لبس القلانس المفرطة في الطول، وكانت تعمل من كاغد ونحوه على قصب ويعمل عليها السواد (2). وفيها: توفي أبو خالد ثور بن يزيد الكلاعي الحافظ محدث حمص، ومعمر بن راشد الأزدي مولاهم البصري صاحب الجامع المشهور في السير، وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري الحافظ، ووهيب بن الورد المكي الولي الكبير، وأبان بن صمعة، وأسامة بن زيد الليثي، والحسن بن عمارة، وفطر بن خليفة، وهشام بن الغاز. *** السنة الرابعة والخمسون فيها: أهم المنصور أمر الخوارج واستيلاؤهم على بلاد المغرب، فسار إلى الشام، وزار القدس، وجهز يزيد بن حاتم المهلبي في خمسين ألف فارس، وأنفق على الجيش ثلاثة وستين ألف ألف درهم، ففتحها في سنة خمس وخمسين ومائة (3). وفيها: توفي وزير المنصور أبو أيوب سليمان بن مخلد المورياني، تولى وزارة المنصور بعد خالد بن برمك جد البرامكة، وتمكن منه تمكنا بالغا، ثم فسدت نية المنصور فيه، ونسبه إلى أخذ الأموال، فقتله وقتل أخاه خالدا في العذاب، وأمر المنصور بقتل بني أخي أبي أيوب، واستأصل بنيه، وكان قبض عليهم في السنة قبلها (4). وفيها-أعني سنة أربع وخمسين-: توفي الحكم بن أبان العدني، ومقرئ البصرة أبو عمرو بن العلاء بن عمار التميمي المازني البصري أحد القراء السبعة.

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 42)، و «دول الإسلام» (1/ 142)، و «شذرات الذهب» (2/ 242). (2) «الكامل في التاريخ» (5/ 179)، و «دول الإسلام» (1/ 142)، و «شذرات الذهب» (2/ 242). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 44)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 182)، و «دول الإسلام» (1/ 144)، و «شذرات الذهب» (2/ 247). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 44)، و «المنتظم» (5/ 225)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 182)، و «شذرات الذهب» (2/ 247).

السنة الخامسة والخمسون

وفيها: سقطت صاعقة في المسجد الحرام فقتلت خمسة نفر (1). وفيها: انخسف بئر بعرفة؛ فهلك عالم من الناس. وفيها: توفي جعفر بن برقان، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وقرة بن خالد. *** السنة الخامسة والخمسون فيها: بنى المنصور الرافقة على بناء بغداد، وتولى بناءها ابنه المهدي (2). وفيها: خندق المنصور على البصرة، وعمل عليها سورا (3). وفيها: أمر المنصور لكل رجل من أهل الكوفة بخمسة دراهم، وأحصى من أخذ منهم بأسمائهم وأنسابهم، فلما عرفهم .. أخذ من كل واحد منهم أربعين درهما، وصرف ذلك في النفقة على خندق الكوفة وسورها (4). وفيها: طلب ملك الروم الصلح على أن يؤدي الجزية (5). وفيها: افتتح يزيد بن حاتم المهلبي إفريقية، واستعادها من الخوارج وهزمهم، وقتل كبارهم، ومهّد قواعدها (6). وفيها: توفي الراوية حماد بن أبي ليلى الديلمي الكوفي، وصفوان بن عمرو السكسكي، وعثمان بن أبي العاتكة، ومسعر بن كدام، وعثمان بن عطاء. *** السنة السادسة والخمسون فيها: توفي شيخ البصرة وعالمها سعيد بن أبي عروبة العدوي. وفيها-أو في سنة ثمان-: توفي حمزة بن حبيب الزيات المقرئ المشهور أحد السبعة، وعمر بن ذر، وعبد الله بن شوذب، وعبد الرحيم بن زياد بن أنعم.

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 44)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 182). (2) «الكامل في التاريخ» (5/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 359). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 46)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 359). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 46)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 184). (5) «تاريخ الطبري» (8/ 46)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 184). (6) «تاريخ الطبري» (8/ 46)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 184)، و «دول الإسلام» (1/ 144).

السنة السابعة والخمسون

السنة السابعة والخمسون فيها: توفي الإمام أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي إمام الشاميين، والحسن بن واقد المروزي قاضي مرو، ومحمد بن عبد الله بن أخي الزهري. *** السنة الثامنة والخمسون فيها: صادر المنصور خالد بن برمك، وأخذ منه ثلاثة آلاف ألف درهم، ثم رضي عنه وأمّره على الموصل (1). وفي ذي القعدة منها: توفي أبو جعفر المنصور ثاني خلفاء بني العباس وله ثلاث وستون سنة، توفي محرما ببئر ميمون قرب مكة، وكان ذا رأي وعزم وحزم، وشجاعة ودهاء، وعقل مع جبروت وظلم، وولي بعده ابنه محمد المهدي. وفيها: توفي حيوة بن شريح التّجيبي المصري وكان مجاب الدعوة، والإمام زفر بن الهذيل صاحب الإمام أبي حنيفة، وأفلح بن حميد، ومعاوية بن صالح بمكة. *** السنة التاسعة والخمسون فيها: بنى المهدي مسجد الرصافة، وبنى ميدانها، وحفر خندقها، وأطلق من كان في السجون إلا من عليه دم أو فساد في الأرض، وأطلق يعقوب بن داود السلمي الذي صار وزيره من بعد، وكان في المطبق (2)، وولى روح بن حاتم السند (3). وفيها: هرب الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن من حبس نصير الوصيف (4). وفيها: مات حميد بن قحطبة بخراسان، فولاها المهدي أبا عون عبد الملك بن يزيد (5).

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 54)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 192). (2) المطبق: هو سجن تحت الأرض. (3) «تاريخ الطبري» (8/ 116)، و «المنتظم» (5/ 273)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 213). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 117)، و «المنتظم» (5/ 274). (5) «المنتظم» (5/ 276)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 214).

السنة الموفية ستين

وفيها: ألح المهدي على ولي العهد عيسى بن موسى بكل ممكن بالترغيب والترهيب في خلع نفسه؛ ليولي العهد ولده موسى الهادي، فأجاب خوفا على نفسه، فأعطاه المهدي عشرة آلاف ألف درهم وإقطاعات (1). وفيها: توفي السيد الجليل عبد العزيز بن أبي روّاد، والإمام أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة المعروف بابن أبي ذئب، وعكرمة بن عمار، ومالك بن مغول. *** السنة الموفية ستين في أولها: خلع عيسى بن موسى من ولاية العهد (2). وفيها: افتتح المسلمون مدينة كبيرة بأرض الهند (3). وفيها: ظفر يزيد بن مزيد الشيباني بيوسف البرم الخارج بخراسان، وبعث به إلى المهدي، فأمر المهدي هرثمة بن أعين فقطع يديه ورجليه، ثم ضرب عنقه؛ لأنه كان قتل أخا لهرثمة بن أعين بخراسان، وعزل المهدي أبا عون عن خراسان، وولاها معاذ بن مسلم (4). وفيها: حج المهدي، ففرق في الحرمين أموالا عظيمة، قيل: ثلاثين ألف ألف درهم، ومن الثياب مائة ألف وخمسين ألف ثوب، وحمل الأمير محمد بن سليمان الثلج للمهدي حتى وافى به مكة، قيل: وهذا لا يتهيأ لأحد، واجتمع الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بالمهدي بمكة بعد أن أخذ له الأمان، فأحسن المهدي صلته (5). وفيها: توفي الحافظ شعبة بن الحجاج الواسطي، والربيع بن صبيح، وسفيان بن حسين، والمسعودي. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «المنتظم» (5/ 159)، و «العبر» (1/ 230)، و «شذرات الذهب» (2/ 265). (2) «المنتظم» (5/ 281)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 216). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 128)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 218). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 124)، و «المنتظم» (5/ 281)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 216). (5) «تاريخ الطبري» (8/ 132)، و «المنتظم» (5/ 283)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 220)، و «تاريخ الإسلام» (9/ 371).

العشرون الرابعة من المائة الثانية

العشرون الرابعة من المائة الثانية [الاعلام] 779 - [سفيان الثوري] (1) سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري-نسبة إلى ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر-أبو عبد الله الكوفي. سمع الحديث من أبي إسحاق السبيعي، والأعمش. وروى عن عمرو بن مرة، وسماك بن حرب وغيرهما، ومن في طبقتهما من الجلة. وسمع منه الأئمة كمالك، وابن عيينة، وابن المبارك، والأوزاعي، وابن جريج، وابن إسحاق، وطبقتهم. وكان سيد أهل زمانه علما وعملا وورعا وزهدا. قال ابن المبارك: كتبت عن ألف ومائة شيخ، ما منهم أفضل من سفيان، وقال: لا نعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان. قال سفيان: ما استودعت قلبي شيئا قط فخانني. وقال يحيى بن سعيد القطان: ما رأيت أحفظ من سفيان الثوري، وهو فوق مالك في كل شيء. وكان كثير الحط على المنصور، فهمّ به وأراد قتله، فحال الله بينه وبينه، ولما قرب المنصور من دخول مكة وسفيان بها .. أقسم سفيان في الملتزم برب الكعبة أنه لا يدخلها، فمات المنصور ببئر ميمون قبل أن يدخل مكة. ودخل على المهدي والربيع قائم على رأسه بالسيف يرقب أمره، فسلم الثوري تسليم العامة، ولم يسلم عليه بالخلافة، فقال له المهدي: تفر منا؟ ! ههنا وههنا، وتظن أنا إن أردناك لم نقدر عليك؟ ! قد قدرنا عليك الآن، فما عسى أن نحكم فيكم بهوانا، فقال

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 492)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 222)، و «وفيات الأعيان» (2/ 386)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 229)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 222)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 278)، و «مرآة الجنان» (1/ 345)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 56).

780 - [زائدة بن قدامة]

سفيان: إن تحكم فيّ .. يحكم فيك ملك قادر عادل يفرق بين الحق والباطل في حكمه، فقال الربيع: ألهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا؟ ! ائذن لي بضرب عنقه، فقال له المهدي: اسكت ويلك؛ وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم-أو لسعادتهم-اكتبوا عهده على قضاء الكوفة، على ألاّ يعترض عليه في حكم، فكتب عهده ودفعه إليه، فأخذه وخرج، ورمى به في دجلة وهرب، فطلب في كل بلد، فلم يوجد، فتولى شريك بن عبد الله قضاء الكوفة، فقيل في ذلك: [من الطويل] تحرز سفيان وفر بدينه … وأمسى شريك مرصدا للدراهم توفي سفيان بالبصرة متواريا من السلطان سنة إحدى-أو اثنتين-وستين ومائة، وولد سنة خمس-أو ست أو سبع-وتسعين. ورآه جماعة من الشيوخ العارفين في المنام بعد موته، فسأله عن حاله، فقال: [من الطويل] نظرت إلى ربي عيانا فقال لي … هنيئا رضائي عنك يا ابن سعيد لقد كنت قواما إذا أظلم الدجى … بعبرة مشتاق وقلب عميد فدونك فاختر أي قصر تريده … وزرني فإني عنك غير بعيد 780 - [زائدة بن قدامة] (1) زائدة بن قدامة الثقفي البكري أبو الصلت الكوفي. سمع الأعمش، وهشام بن عروة، وسليمان التيمي، وخلقا سواهم. وروى عنه حسين الجعفي، وسفيان بن عيينة، وأبو داود الطيالسي وغيرهم. مات بالروم عام غزا الحسن بن قحطبة الصائفة سنة ستين-أو إحدى وستين-ومائة. 781 - [سيبويه] (2) عمرو بن عثمان بن قنبر المعروف بسيبويه، ويكنى: أبا بشر إمام النحو.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 499)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 375)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 191)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 169)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 620). (2) «معجم الأدباء» (6/ 82)، و «وفيات الأعيان» (3/ 463)، و «تاريخ بغداد» (12/ 190)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 351)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 154)، و «مرآة الجنان» (1/ 348)، و «بغية الوعاة» (2/ 229).

يقال: إن سبب اشتغاله بالنحو أنه قرأ على شيخه في الحديث حديث: «ما من أصحابي أحد إلا ولو شئت أخذت عليه ليس أبا الدرداء» فقرأه سيبويه: ليس أبو الدرداء؛ ظنا منه أنها ليس الرافعة للاسم، فصاح عليه شيخه حماد: لحنت، ليس أبا الدرداء، فأنف من ذلك، وقال: لأطلبن علما لا يلحنني معه أحد، فخرج إلى البادية، وأخذ ذلك من أفواه العرب، وأخذ النحو عن عيسى بن عمر، ويونس بن حبيب، والخليل بن أحمد، وأخذ اللغة عن أبي الخطاب الأخفش وغيره. وصنف كتابه المشهور، وقدمنا في ترجمة شيخه عيسى بن عمر أن سيبويه أخذ كتابه من أحد كتابي شيخيه (1). قال المبرد: لم يقرأ أحد «كتاب سيبويه» عليه، وإنما قرئ بعده على أبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش، قيل: كان الأخفش أسن من سيبويه. ووقع بينه وبين الكسائي اختلاف بحضرة يحيى بن خالد في قول العرب: كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي، أو فإذا هو إياها، قال سيبويه بالأول، وقال الكسائي بالثاني، فقال البرمكي: أنتما إمامان، ولا يمكن ترجيح قول أحدكما ورد الآخر، فقال سيبويه: اطلب العرب واستنطقهم، فمن نطقوا بمقتضى قوله .. كان الصواب معه، فقال: أنصفت، فيقال: إنه جعل للعرب أن ينطقوا بما قاله الكسائي؛ لكونه مؤدب أولاد الرشيد، فقالوا: لا يمكننا النطق بغير الصواب، فاتفقوا على أن يسألوا على أن فلانا قال كذا، وفلانا قال كذا، فتقول العرب: الصواب مع الكسائي، ففعلت ذلك العرب، فصاح سيبويه: استنطقوهم بذلك، وانفض المجلس، فتعب من ذلك، ويقال: إنه كان سبب موته. فتوفي سنة إحدى وستين ومائة-قال: ابن دريد: بشيراز، وقال ابن قانع: بالبصرة- وعمره ثمان وثلاثون سنة (2). وقيل له في مرضه الذي مات فيه: ما تشتهي؟ فقال: أشتهي أن أشتهي، قال الشيخ اليافعي: (كأنه أشار إلى أن المرض حال بينه وبين الشهوات) (3).

(1) انظر (2/ 168). (2) في تاريخ وفاته أقوال، رجح الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (8/ 352) أنه توفي سنة (180 هـ‍). (3) «مرآة الجنان» (1/ 348).

782 - [أبو دلامة]

782 - [أبو دلامة] (1) زند بن الجون المعروف بأبي دلامة صاحب النوادر والطرف والحكايات والأدب. حضر دفن ابنة عم المنصور والمنصور كئيب متألم لفقدها، فقال له: ما أعددت لهذا المكان؟ أي: القبر، قال: ابنة عم أمير المؤمنين، فضحك المنصور حتى استلقى، وقال: ويلك؛ فضحتنا بين الناس. ودخل على المهدي بن المنصور عند قدومه من الري إلى بغداد للسلام والتهنئة بقدومه، فقال له المهدي: كيف أنت يا أبا دلامة؟ فقال: [من الكامل] إني حلفت لئن رأيتك سالما … بقرى العراق وأنت ذو وفر لتصلين على الرسول محمد … ولتملأن دراهما حجري فقال المهدي: صلّى الله وسلم على الرسول، وأما الثانية .. فلا، فقال: جعلني الله فداك؛ إنهما كلمتان لا تفرق بينهما، قال: نملأ حجره دراهم، فقعد وبسط حجره، فملئ دراهم، وقال له: قم، قال: ينخرق قميصي يا أمير المؤمنين، فردها إلى الأكياس. وكتب من بغداد إلى سعيد بن دعلج بالبصرة، وأرسل الكتاب مع ابن عم له وفيه: [من الوافر] إذا جئت الأمير فقل سلام … عليك ورحمة الله الرحيم وأما بعد ذاك فلي غريم … من الأعراب قبح من غريم له ألف علي ونصف أخرى … ونصف النصف في صك قديم دراهم ما انتفعت بها ولكن … وصلت بها شيوخ بني تميم فسير إليه ابن دعلج ما طلب. وكان المنصور قد أمر بهدم دور كثيرة منها دار أبي دلامة، فكتب إلى المنصور: [من الخفيف] يا بن عم النبي دعوة شيخ … قد دنا هدم داره وبواره

(1) «الأغاني» (10/ 3699)، و «المنتظم» (5/ 295)، و «معجم الأدباء» (4/ 269)، و «وفيات الأعيان» (2/ 320)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 374)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 415)، و «مرآة الجنان» (1/ 340)، و «شذرات الذهب» (2/ 273).

فهو كالماخض الذي اعتادها الطل‍ … ق فقرت وما يقر قراره لكم الأرض كلها فأعيروا … عبدكم ما احتوى عليه جداره وشرط مرة لطبيب تولى ابنه أجرة معلومة، فلما برئ الولد .. قال: والله؛ ما عندي شيء، ولكن تقدم إلى القاضي، وادع على فلان اليهودي-وكان ذا مال كثير-بقدر الأجرة، وأنا وولدي نشهد لك بها، فتقدم الطبيب إلى القاضي-وهو يومئذ محمد بن أبي ليلى، وقيل: شبرمة-وادعى على اليهودي بالمبلغ المذكور، فأنكر اليهودي، فقال: لي عليه بينة، وخرج لإحضارها، فأحضر أبا دلامة وابنه، فلما دخلا المجلس .. خاف أبو دلامة أن يطالبه القاضي بالتزكية، فأنشد قبل دخوله إلى القاضي بحيث يسمع القاضي: [من الطويل] إن الناس غطوني تغطيت عنهم … وإن بحثوا عني ففيهم مباحث وإن نبثوا بئري نبثت بئارهم … ليعلم قوم كيف تلك النبائث ثم حضرا بين يدي القاضي وشهدا، فقال القاضي كلامك مسموع وشهادتك مقبولة، ثم غرم القاضي المبلغ من عنده، وأطلق اليهودي، ولم يمكنه رد شهادته؛ خوفا من لسانه، وجمع بين المصلحتين بتحمل الغرم من ماله. وخرج روح بن حاتم المهلبي والي البصرة لحرب الجيوش الخراسانية ومعه أبو دلامة، فخرج من صف العدو مبارز، فخرج إليه جماعة واحدا بعد واحد فقتلهم جميعهم، فأمر روح أبا دلامة بمبارزته، فاستعفى فلم يعفه، فأنشد: [من البسيط] إني أعوذ بروح أن يقدمني … إلى القتال فيخزى بي بنو أسد إن المهلب حب الموت أورثكم … ولم أرث قط حب الموت من أحد إن الدنو إلى الأعداء أعلمه … مما يفرق بين الروح والجسد فلم يعذره روح وألح عليه في المبارزة، فبرز بين الصفين ملبسا على جواده، فخرج إليه الرجل ليبارزه، فتلطف له أبو دلامة وحادثه وصاحبه، ثم برزا عن الصفين جميعا وأبعدا وأكلا وشربا وطربا، فلم يزل أبو دلامة يخادع الرجل، ويتدرك له بالأمان والإحسان من روح إذا قابله حتى أتى به إلى روح، فأمنه روح وأكرمه، فخرج الرجل وقاتل أصحابه الخراسانيين، فكان ذلك أكبر أسباب ظفر روح. توفي أبو دلامة في سنة إحدى وستين ومائة.

783 - [إبراهيم بن أدهم]

783 - [إبراهيم بن أدهم] (1) إبراهيم بن أدهم البلخي الزاهد العارف بالله الولي الشهير ذو الكرامات الشهيرة. منها: ما حكاه الأستاذ أبو القاسم القشيري في «رسالته»: (قال محمد بن المبارك الصوري: كنت مع إبراهيم بن أدهم في طريق بيت المقدس، فنزلنا وقت القيلولة تحت شجرة رمانة، فصلينا ركعات، وسمعت صوتا من أصل تلك الرمانة: يا أبا إسحاق؛ أكرمنا بأن تأكل منا شيئا، فطأطأ إبراهيم رأسه ثلاث مرات، ثم قالت: يا محمد؛ كن شفيعا إليه ليتناول منا شيئا، فقلت: يا أبا إسحاق؛ لقد سمعت، فقام وأخذ رمانتين، فأخذ واحدة وناولني الأخرى، فأكلتها وهي حامضة، وكانت شجرة قصيرة، فلما رجعنا من زيارتنا؛ إذ هي شجرة عالية ورمانها حلو، وهي تثمر في كل عام مرتين، فسموها رمانة العابدين، ويأوي إلى ظلها العابدون) (2). وكان من أبناء الملوك، فحصلت له العناية، فسمع هاتفا من قربوس فرسه، فترك ما هو فيه وتزهد، وجاور بمكة. وتوفي سنة اثنتين وستين ومائة. 784 - [داود الطائي] (3) داود بن نصير الطائي الكوفي السيد الولي الجليل البارع في العلم والعمل زهدا وورعا وعبادة لله عزّ وجل. ومن كلامه رضي الله عنه: صم عن الدنيا، واجعل فطرك بالموت، وفر من الناس فرارك من الأسد. توفي رضي الله عنه سنة اثنتين وستين ومائة.

(1) «طبقات الصوفية» (ص 27)، و «حلية الأولياء» (7/ 367)، و «الرسالة القشيرية» (1/ 54)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 387)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 43)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 57)، و «شذرات الذهب» (2/ 282). (2) «الرسالة القشيرية» (2/ 684). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 487)، و «حلية الأولياء» (7/ 335)، و «الرسالة القشيرية» (1/ 81)، و «وفيات الأعيان» (2/ 259)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 422)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 176)، و «شذرات الذهب» (2/ 284).

785 - [أبو بكر ابن أبي سبرة]

785 - [أبو بكر ابن أبي سبرة] (1) أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة القرشي العامري المدني. ولي قضاء العراق بعد القاضي أبي يوسف. وتوفي سنة اثنتين وستين ومائة. 786 - [زهير بن محمد التميمي] (2) زهير بن محمد التميمي العنبري الخراساني المروزي أبو المنذر، سكن الشام. سمع زيد بن أسلم، ومحمد بن عمرو بن حلحلة، وسهيلا وغيرهم. روى عنه أبو عامر العقدي، ويحيى بن بكير وغيرهما. وتوفي سنة اثنتين وستين ومائة. 787 - [يزيد بن إبراهيم التستري] (3) يزيد بن إبراهيم التستري أبو سعيد، يقال: إنه مولى بني أسد بن عمرو بن تميم. سمع ابن أبي مليكة، وقتادة، ومحمد بن سيرين وغيرهم. روى عنه وكيع، وبهز بن أسد وغيرهما. وتوفي سنة اثنتين وستين ومائة، ويقال: إنه توفي سنة إحدى وستين السنة التي توفي فيها سفيان الثوري، رحمهما الله تعالى.

(1) «المعارف» (ص 489)، و «أخبار القضاة» (1/ 306)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 535)، و «مرآة الجنان» (1/ 350)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 489)، و «شذرات الذهب» (2/ 284). (2) «التاريخ الكبير» (3/ 427)، و «تاريخ دمشق» (19/ 116)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 195)، و «العبر» (1/ 239)، و «مرآة الجنان» (1/ 350)، و «شذرات الذهب» (2/ 284). (3) «رجال صحيح البخاري» (2/ 805)، و «الجرح والتعديل» (9/ 252)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 292)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 516)، و «العبر» (2/ 239)، و «طبقات الحفاظ» للسيوطي (1/ 92)، و «شذرات الذهب» (2/ 284).

788 - [إبراهيم بن طهمان]

788 - [إبراهيم بن طهمان] (1) إبراهيم بن طهمان الهروي أبو سعيد الخراساني، سكن نيسابور ثم مكة. سمع محمد بن زياد، ويونس بن عبيد، وأبا حمزة الضبعي وغيرهم. روى عنه أبو عامر العقدي، وعبد الله بن المبارك، ويحيى بن أبي بكير وغيرهم. توفي سنة ثلاث وستين ومائة على الصواب، وقيل: قبل ذلك. 789 - [موسى بن علي اللخمي] (2) موسى بن علي-مصغرا-ابن رباح بن معاوية بن خديج اللخمي البصري أبو عبد الرحمن الإسكندراني. سمع أباه وغيره، وروى عنه الفضل بن دكين، وعبد الله بن وهب، والليث بن سعد وغيرهم. ولد بالمغرب سنة تسع وثمانين، ومات بالإسكندرية سنة ثلاث وستين ومائة. 790 - [شعيب بن أبي حمزة] (3) شعيب بن أبي حمزة-واسم أبي حمزة: دينار-الأموي مولاهم الحمصي. سمع الزهري، وعبد الله ابن أبي حسين، وأبا الزناد، ومحمد بن المنكدر، ونافعا وغيرهم. روى عنه الحكم بن نافع، وعلي بن عياش، وابنه (4) بشر وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث-أو اثنتين-وستين ومائة.

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 107)، و «تهذيب الكمال» (2/ 108)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 378)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 60)، و «العبر» (1/ 241)، و «مرآة الجنان» (1/ 351)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 69)، و «شذرات الذهب» (2/ 286). (2) «رجال مسلم» (2/ 262)، و «تاريخ دمشق» (61/ 3)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 411)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 475)، و «العبر» (1/ 242)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 184)، و «شذرات الذهب» (2/ 287). (3) «رجال صحيح البخاري» (1/ 347)، و «الجرح والتعديل» (4/ 344)، و «تهذيب الكمال» (12/ 516)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 187)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 260)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 172). (4) الضمير عائد على صاحب الترجمة.

791 - [همام بن يحيى العوذي]

791 - [همام بن يحيى العوذي] (1) همام بن يحيى بن دينار العوذي مولى بني عوذ بن سود بن الحجر بن عمرو بن عمران، إخوة طاحية وزهران، يكنى: أبا بكر. سمع قتادة، ويحيى بن أبي كثير، وأنس بن سيرين، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وغيرهم. وروى عنه حبّان بن هلال، وعفان بن مسلم، وعمرو بن عاصم وغيرهم. توفي سنة ثلاث وستين ومائة. 792 - [يحيى بن أيوب الغافقي] (2) يحيى بن أيوب الغافقي المصري أبو العباس. سمع يزيد بن أبي حبيب، وحميد الطويل، وغير واحد. روى عنه ابن جريج، وسعيد ابن أبي مريم، وعبد الله بن وهب، وعمرو بن الربيع وغيرهم. توفي سنة ثلاث وستين ومائة. 793 - [يعقوب الماجشون] (3) يعقوب بن أبي سلمة الماجشون القرشي التيمي مولاهم أبو يوسف المدني. سمع الأعرج، وعمر بن عبد العزيز، ومحمد بن المنكدر وغيرهم. وروى عنه ابناه يوسف وعبد العزيز، وابن أخيه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون وغيرهم.

(1) «رجال صحيح البخاري» (2/ 777)، و «التاريخ الكبير» (8/ 237)، و «تهذيب الكمال» (30/ 302)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 496)، و «شذرات الذهب» (2/ 287). (2) «التاريخ الكبير» (8/ 260)، و «تهذيب الكمال» (13/ 233)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 507)، و «العبر» (1/ 243)، و «مرآة الجنان» (1/ 351)، و «شذرات الذهب» (2/ 287). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 427)، و «رجال مسلم» (2/ 373)، و «الجرح والتعديل» (9/ 207)، و «تهذيب الكمال» (32/ 336)، و «وفيات الأعيان» (6/ 376)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 370)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 525)، و «مرآة الجنان» (1/ 351).

794 - [عبد العزيز الماجشون]

قال ابن الماجشون: عرج بروح الماجشون فوضعناه على سرير الغسل، فدخل عليه غاسل يغسله، فرأى عرقا يتحرك في أسفل قدميه، فلم يعجل بغسله، فمكث ثلاثا على حاله، والناس يترددون ليصلوا عليه، ثم استوى جالسا وقال: ايتوني بسويق، فأتي به فشربه، فقلنا له: أخبرنا بما رأيت، فقال: نعم؛ عرج بروحي، فصعد بي الملك حتى أتى سماء الدنيا، فاستفتح ففتح له، ثم هكذا في السماوات حتى انتهى إلى السماء السابعة، فقيل: من معك؟ قال: الماجشون، فقيل: لم يؤذن له بعد، بقي من عمره كذا وكذا سنة، وكذا وكذا شهرا، وكذا وكذا يوما، ثم هبطت فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم، وأبا بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، وعمر بن عبد العزيز بين يديه، فقلت للملك الذي معي: من هذا؟ قال: عمر بن عبد العزيز، فقلت: إنه لقريب من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: إنه عمل بالحق في زمن الجور، وإنهما عملا بالحق في زمن الحق، هكذا ذكره يعقوب بن شيبة في ترجمة الماجشون. توفي الماجشون المذكور سنة أربع وستين ومائة، كما ذكره ابن خلكان، وذكر أيضا أن ابن أخيه توفي في هذه السنة أيضا (1)، واقتصر الذهبي في هذه السنة على وفاة ابن أخيه، ولم يذكر وفاة الماجشون (2). 794 - [عبد العزيز الماجشون] (3) عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ابن أخي يعقوب بن أبي سلمة الماجشون -واسم أبي سلمة-: دينار-القرشي التيمي مولى لآل المنكدر. سمع محمد بن المنكدر، وعبد الله بن دينار وغيرهما. وروى عنه الليث بن سعد، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن عباد وغيرهم. وكان إماما مفتيا صاحب حلقة. توفي ببغداد سنة أربع وستين ومائة، وصلّى عليه المهدي، ودفن بمقابر قريش، وقيل: إنه توفي سنة ست وستين ومائة.

(1) انظر «وفيات الأعيان» (6/ 377). (2) اقتصر عليه في «العبر» (1/ 244)، وقد ذكر وفاته بالتاريخ المذكور في «تاريخ الإسلام» (10/ 526). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 593)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 236)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 309)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 326)، و «العبر» (1/ 244)، و «مرآة الجنان» (1/ 352)، و «شذرات الذهب» (2/ 290).

795 - [المبارك بن فضالة]

795 - [المبارك بن فضالة] (1) المبارك بن فضالة البصري مولى قريش، كان من كبار المحدثين. قال: جالست الحسن ثلاث عشرة سنة. قال الإمام أحمد: ما رواه عن الحسن يحتج به. توفي سنة أربع وستين ومائة. 796 - [شيبان النحوي] (2) شيبان بن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحوي أبو معاوية، أصله بصري، وسكن الكوفة، وكان مؤدبا لبني داود بن علي. سمع قتادة، وزياد بن علاقة، ويحيى بن أبي كثير وغيرهم. روى عنه يونس المؤدب، وحسين بن محمد، وعبيد الله بن موسى وغيرهم. توفي ببغداد سنة أربع وستين ومائة. 797 - [عبد الرحمن بن ثابت] (3) عبد الرحمن بن ثابت الدمشقي الزاهد المجاب الدعوة قارئ أهل مكة. سمع عطاء وغيره. وتوفي سنة خمس وستين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 276)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 237)، و «تهذيب الكمال» (27/ 180)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 414)، و «العبر» (1/ 244)، و «مرآة الجنان» (1/ 352)، و «شذرات الذهب» (2/ 291). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 498)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 236)، و «المنتظم» (5/ 315)، و «معجم الأدباء» (4/ 328)، و «تهذيب الكمال» (12/ 592)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 265)، و «العبر» (1/ 243)، و «شذرات الذهب» (2/ 289). (3) «التاريخ الكبير» (5/ 265)، و «تهذيب الكمال» (17/ 12)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 315)، و «العبر» (1/ 245)، و «مرآة الجنان» (1/ 352).

798 - [وهيب بن خالد]

798 - [وهيب بن خالد] (1) وهيب بن خالد بن عجلان البصري أبو بكر صاحب الكرابيس. سمع موسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر وغيرهما. روى عنه معلى بن أسد، وموسى بن إسماعيل، وسهل بن بكار وغيرهم. توفي سنة خمس وستين ومائة وهو ابن ثمان وخمسين سنة. 799 - [سليمان بن المغيرة القيسي] (2) سليمان بن المغيرة القيسي مولى قيس بن ثعلبة بن بكر بن وائل أبو سعيد البصري. سمع حميد بن هلال، وثابتا البناني، وسعيد الجريري وغيرهم. روى عنه آدم بن أبي إياس، وهاشم بن القاسم، وشيبان بن فروخ وغيرهم. وتوفي سنة خمس وستين ومائة. 800 - [عبد الله بن العلاء الربعي] (3) عبد الله بن العلاء بن زبر الربعي الشامي أبو زبر. سمع بسر بن عبد الله وغيره. وروى عنه الوليد بن مسلم وغيره، خرج له البخاري في موضعين من «صحيحه» (4). توفي سنة خمس وستين ومائة.

(1) «رجال صحيح البخاري» (2/ 765)، و «تهذيب الكمال» (31/ 164)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 223)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 503)، و «العبر» (1/ 246)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 333)، و «شذرات الذهب» (2/ 293). (2) «التاريخ الكبير» (4/ 38)، و «تهذيب الكمال» (12/ 69)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 250)، و «العبر» (1/ 245)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 108)، و «شذرات الذهب» (2/ 292). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 473)، و «التاريخ الكبير» (5/ 162)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 350)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 297)، و «العبر» (1/ 244)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 399). (4) الحديث رقم (3176)، والحديث رقم (4640).

801 - [خالد بن برمك]

801 - [خالد بن برمك] (1) خالد بن برمك جد جعفر والفضل ابني يحيى بن خالد بن برمك. ولد سنة تسعين من الهجرة، وساد وتقدم في الدولة العباسية. قال أبو الحسن المسعودي في كتابه «مروج الذهب»: (لم يبلغ خالد بن برمك أحد من ولده في جوده وآرائه وبأسه وعلمه وجميع حاله، لا يحيى في علمه ووفور عقله، ولا الفضل بن يحيى في جوده ونزاهته، ولا جعفر بن يحيى في كتابته وفصاحة لسانه، ولا محمد بن يحيى في شرفه وبعد همته، ولا موسى بن يحيى في شجاعته وبأسه) (2). ولما بعث أبو مسلم الخراساني قحطبة بن شبيب الطائي لمحاربة يزيد ابن هبيرة الفزاري عامل مروان بن محمد على العراقين .. كان خالد بن برمك في جملة من كان مع قحطبة، فنزلوا في طريقهم بقرية، بينما هم على سطح بعض دورها يتغدون؛ إذ نظروا إلى الصحراء وقد أقبلت فيها أقاطيع الوحوش من الظباء وغيرها حتى كادت تخالط العسكر، فقال خالد لقحطبة: أيها الأمير؛ ناد في الناس يسرجوا ويلجموا قبل أن تهجم عليهم الخيل، فقام قحطبة مذعورا، فلم ير شيئا يروعه، فقال: يا خالد؛ ما هذا الرأي، فقال: قد نهد إليك العدو، أما ترى أقاطيع الوحوش قد أقبلت، إن وراءها لجمعا كثيفا، فما ركبوا حتى رأوا الغبار، فقيل: لولا خالد .. لهلكوا. وولي خالد الوزارة لأبي العباس السفاح، وهو أول من ولي الوزارة من آل برمك، ولما ولي المنصور .. كان أبو أيوب المورياني قد غلب عليه، فاحتال على خالد، فأشار على المنصور أن يوليه إمرة بعض البلدان البعيدة، فلما أبعد خالد من الحضرة .. استبد أبو أيوب بالأمر. وتوفي خالد سنة خمس وستين ومائة، وأما أبوه برمك .. فكان مجوسيا، قال الشيخ اليافعي: (ولم يعلم إسلامه) اه‍ (3)

(1) «مروج الذهب» (4/ 233)، و «تاريخ دمشق» (16/ 6)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 228)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 160)، و «العبر» (1/ 246)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 247)، و «مرآة الجنان» (1/ 352)، و «شذرات الذهب» (2/ 293). (2) «مروج الذهب» (4/ 233). (3) «مرآة الجنان» (1/ 424).

802 - [معقل الجزري]

ويروى أنه دخل على عبد الملك بن مروان وبيده خاتم مسموم، وكان بمجلس عبد الملك صورة ديكين إذا دخل عليهما ذو سم .. يتناقمان، فلما دخل برمك على عبد الملك .. تناقم صورة الديكين، فأمر عبد الملك بتفتيشه، فلم يروا معه سما ظاهرا، فسأله عبد الملك: هل معك سم؟ فإن خاصية هاتين الصورتين أنهما لا يتناقمان إلا عند رؤية ذي سم، فقال: نعم؛ معي خاتم مسموم ادخرته لوقت ضرورة، وأظنه أهداه لعبد الملك، والله سبحانه أعلم. 802 - [معقل الجزري] (1) معقل بن عبيد الله الجزري أبو عبد الله مولى لبني عبس من أهل حران. سمع أبا الزبير، وزيد بن أبي أنيسة، والزهري، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم. روى عنه الحسن بن محمد بن أعين وغيره، وكان من كبار علماء الجزيرة. وتوفي بها سنة ست وستين ومائة. 803 - [أبو الأشهب العطار] (2) جعفر بن حيان العطار أبو الأشهب السعدي البصري الحذاء الأعمى. سمع أبا الجوزاء، وأبا نضرة، وأبا رجاء العطاردي، وخليد العصري وغيرهم. وروى عنه أبو نعيم الفضل بن دكين، ومسلم بن إبراهيم، وشيبان بن فروخ وغيرهم. ولد سنة سبعين، ومات آخر يوم من شعبان سنة ست-أو خمس-وستين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وستين.

(1) «التاريخ الكبير» (7/ 393)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 318)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 467)، و «العبر» (1/ 247)، و «مرآة الجنان» (1/ 352)، و «شذرات الذهب» (2/ 294). (2) «الكامل في التاريخ» (5/ 234)، و «تهذيب الكمال» (5/ 22)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 286)، و «توضيح المشتبه» (2/ 374)، و «العبر» (1/ 246)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 531).

804 - [أبو بكر النهشلي]

804 - [أبو بكر النهشلي] (1) عبد الله بن صفوان بن قطاف-ويقال: عبد الله بن عبد الله بن قطاف، ويقال: عبد الله بن فلان بن قطاف-أبو بكر النهشلي. سمع عبد الرحمن بن الأسود، وزياد بن علاقة وغيرهما. روى عنه بهز بن أسد، وعون بن سلام وغيرهما. توفي سنة ست وستين ومائة. 805 - [حماد بن سلمة] (2) حماد بن سلمة بن دينار الربعي مولى ربيعة بن مالك بن حنظلة-ويقال: مولى تميم، ويقال: مولى قريش-أبو سلمة البصري، وهو ابن أخت حميد الطويل. سمع ثابتا البناني، وقتادة، وأبا جمرة الضبعي وغيرهم. وروى عنه بهز بن أسد، ويزيد بن هارون، ووكيع، وأبو نصر التمار، وخلق سواهم، وكان سيد وقته. قال عبد الرحمن بن مهدي: لو قيل لحماد بن سلمة: تموت غدا .. ما قدر أن يزيد في العمل شيئا. وقال غيره: كان فصيحا مفوها، إماما في العربية، صاحب سنة، له تصانيف في الحديث. قال موسى بن إسماعيل: لو قلت: ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكا .. لصدقت، كان يحدث، أو يسبح، أو يقرأ، أو يصلي، قد قسم النهار على ذلك. قيل: كان من الأبدال. توفي سنة سبع وستين ومائة.

(1) «تهذيب الكمال» (33/ 156)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 333)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 540)، و «العبر» (1/ 247)، و «شذرات الذهب» (2/ 295). (2) «المعارف» (ص 503)، و «الجرح والتعديل» (3/ 140)، و «تهذيب الكمال» (7/ 253)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 444)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 144)، و «العبر» (1/ 248)، و «مرآة الجنان» (1/ 353)، و «شذرات الذهب» (2/ 296).

806 - [الحسن بن صالح]

806 - [الحسن بن صالح] (1) الحسن بن صالح بن صالح بن مسلم بن حيان الهمداني من ثور همدان، ولقبه: حيّ. سمع سماك بن حرب، وإسماعيل السدي، وعاصما الأحول وغيرهم. وروى عنه عبيد الله بن موسى، ويحيى بن آدم، وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي وغيرهم. وكان فقيه الكوفة وعابدها. قال وكيع: كان يشبه سعيد بن جبير، كان هو وأخوه علي وأمهما قد جزءوا الليل ثلاثة أجزاء، فماتت أمهما، فقسما الليل بينهما، فمات علي، فقام الحسن الليل كله. توفي سنة سبع وستين ومائة. ورأيت في بعض التواريخ: أنه كان رأس الزيدية الصالحية، وأنه زوج ابنته عيسى بن زيد بن علي، فطلبه المهدي، فاستخفى منه حتى مات عيسى، ومات الحسن بعد عيسى بستة أشهر. 807 - [سعيد التنوخي] (2) سعيد بن عبد العزيز التنوخي الدمشقي أبو محمد. سمع عطية بن قيس، وربيعة بن يزيد، وإسماعيل بن عبد الله وغيرهم. وروى عنه الوليد بن مسلم، ومروان بن محمد الدمشقي، وأبو مسهر. كان صالحا قانتا خاشعا. قال الحاكم: هو لأهل الشام كمالك لأهل المدينة. توفي سنة سبع وستين ومائة، وعاش نحوا من ثمانين سنة.

(1) «المعارف» (ص 509)، و «تهذيب الكمال» (6/ 177)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 361)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 131)، و «العبر» (1/ 249)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 59)، و «شذرات الذهب» (2/ 298). (2) «الكامل في التاريخ» (5/ 249)، و «تهذيب الكمال» (10/ 539)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 28)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 215)، و «العبر» (1/ 250)، و «شذرات الذهب» (2/ 299).

808 - [أبو حمزة السكري]

808 - [أبو حمزة السكري] (1) محمد بن ميمون السكري أبو حمزة المروزي. سمع الأعمش، وعاصما الأحول، وعثمان ابن موهب وغيرهم. روى عنه عبدان بن عثمان وغيره. كان شيخ بلده في الحديث والفضل والعبادة. توفي سنة سبع-أو ثمان-وستين ومائة. 809 - [الربيع بن مسلم الجمحي] (2) الربيع بن مسلم القرشي الجمحي أبو بكر البصري. سمع محمد بن زياد وغيره. وروى عنه ابن ابنه عبد الرحمن بن بكر بن الربيع، ويزيد بن هارون، وعبد الرحمن بن سلام وغيرهم. توفي سنة سبع وستين ومائة. 810 - [عبد العزيز القسلمي] (3) عبد العزيز بن مسلم القسلمي-سكن البصرة في القسامل؛ فنسب إليهم-أبو زيد المروزي، وهو أخو المغيرة بن مسلم. سمع عبد الله بن دينار، وحصينا، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم. وتوفي سنة سبع وستين ومائة في آخرها.

(1) «المنتظم» (5/ 344)، و «تهذيب الكمال» (26/ 544)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 385)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 544)، و «شذرات الذهب» (2/ 300). (2) «التاريخ الكبير» (3/ 275)، و «تهذيب الكمال» (9/ 102)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 290)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 186)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 595)، و «شذرات الذهب» (2/ 299). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 283)، و «تهذيب الكمال» (18/ 202)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 171)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 328)، و «العبر» (1/ 251)، و «شذرات الذهب» (2/ 300).

811 - [القاسم بن الفضل الحداني]

811 - [القاسم بن الفضل الحداني] (1) القاسم بن الفضل بن معدان بن قريظ الحداني-كان ينزل مع بني حدان فنسب إليهم وليس هو منهم، قيل: إنه من بني الحارث بن مالك-أبو المغيرة البصري. سمع أبا نضرة، وثمامة بن حزن القشيري، ومحمد بن زياد وغيرهم. روى عنه شيبان بن فروخ، ويونس المؤدب وغيرهم. وتوفي سنة سبع وستين ومائة. 812 - [محمد بن طلحة اليامي] (2) محمد بن طلحة بن مصرّف بن عمرو بن كعب الهمداني اليامي من بني يام بن رافع أبو عبد الله. سمع أباه، وزبيد اليامي، وحميدا الطويل وغيرهم. روى عنه سليمان بن حرب، وعون بن سلام، وشبابة بن سوّار وغيرهم. وتوفي سنة سبع وستين ومائة. 813 - [بشار بن برد] (3) بشار بن برد-بضم الموحدة وسكون الراء وآخره دال مهملة-العقيلي مولاهم الشاعر. كان أكمه جاحظ العينين قد تغشاهما لحم أحمر، وكان طويلا ضخما عظيم الخلق، وهو في أول مرتبة المحدثين من الشعراء والمجيدين في الشعر، ومن مشهور شعره: [من الطويل] إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن … بحزم نصيح أو نصيحة حازم

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 282)، و «تهذيب الكمال» (23/ 410)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 290)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 400)، و «العبر» (1/ 251)، و «شذرات الذهب» (2/ 300). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 497)، و «تهذيب الكمال» (25/ 417)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 338)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 428)، و «شذرات الذهب» (2/ 300). (3) «الأغاني» (3/ 981)، و «المنتظم» (5/ 2437)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 87)، و «العبر» (1/ 252)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 135)، و «مرآة الجنان» (1/ 353)، و «شذرات الذهب» (2/ 301).

ولا تجعل الشورى عليك غضاضة … فريش الخوافي تابع للقوادم وما خير كفّ أمسك الغلّ أختها … وما خير سيف لم يؤيّد بقائم ومنه: [من البسيط] يا قوم أذني لبعض الحيّ عاشقة … والأذن تعشق قبل العين أحيانا قالوا بمن لا ترى تهذي فقلت لهم … الأذن كالعين تؤتي القلب ما كانا أخذه ابن الشحنة الموصلي في قوله من قصيدة يمدح بها السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب: [من الطويل] وإني امرؤ أحببتكم لمكارم … سمعت بها والأذن كالعين تعشق كان بشار يمدح المهدي بن المنصور العباسي، فرمي عنده بالزندقة. قيل: كان يفضل النار على الطين، ويصوب رأي إبليس في امتناعه من السجود لآدم، وينسب إليه في ذلك: [من البسيط] الأرض مظلمة والنار مشرقة … والنار معبودة مذ كانت النار فضربه المهدي سبعين سوطا، فمات من ذلك في البطيحة قرب البصرة، فحمله أهله إلى البصرة ودفن بها، وذلك في سنة سبع وستين ومائة. ويقال: إن سبب قتل المهدي له أن بشارا هجا صالحا أخا يعقوب بن داود وزير المهدي-وقد ولاه المهدي ولاية-بقوله ليعقوب: [من الطويل] هم حملوا فوق المنابر صالحا … أخاك فضجّت من أخيك المنابر فبلغ ذلك يعقوب، فقال للمهدي: إن بشارا هجاك، فقال: ويحك؛ ما قال؟ قال: تعفيني يا أمير المؤمنين من إنشاد ذلك، فقال: لا بد، فأنشده: [من السريع] خليفة يزني بعمّاته … يلعب بالدفوف والصولجان أبدلنا الله به غيره … ودسّ موسى في حر الخيزران والخيزران: هي سرية المهدي أم ولديه موسى وهارون، فطلب المهدي بشارا، فخاف يعقوب أن يمدحه فيعفو عنه، فوجه إليه من يلقاه في البطيحة ويقتله، ففعل به ذلك، والله سبحانه أعلم.

814 - [حسن بن زيد الهاشمي]

814 - [حسن بن زيد الهاشمي] (1) حسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو محمد السيد الكبير شيخ بني هاشم في زمانه. ولي إمرة المدينة للمنصور، ثم خافه المنصور فحبسه، ثم أخرجه المهدي وقربه. وتوفي سنة ثمان وستين ومائة. 815 - [خارجة بن مصعب] (2) خارجة بن مصعب من كبار المحدثين بخراسان، يكنى: أبا الحجاج. توفي سنة ثمان وستين ومائة. 816 - [عيسى بن موسى العباسي] (3) عيسى بن موسى العباسي، جعله أبو العباس السفاح ولي العهد بعد أخيه المنصور، فلما ولي المنصور .. وجهه إلى المدينة لقتال محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن الحسني، ثم وجهه إلى البصرة لمحاربة إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن الحسني، فقتلهما وأرسل برءوسهما إلى المنصور، ثم لازمه المنصور، وألح عليه وأخذه بالترهيب والترغيب أن يخلع نفسه من ولاية العهد، فسلم الأمر كرها، وقيل: رغبة، وبذل له في ذلك مالا جزيلا على أن يكون ولي العهد بعد المهدي. ثم لما ولي المهدي .. أخذه بالرغبة والرهبة أيضا على أن يخلع نفسه من ولاية العهد؛ ليجعلها المهدي لابنه موسى، ففعل ذلك خوفا، وأعطاه المهدي على ذلك مالا جزيلا، وأقطعه إقطاعات كثيرة. وتوفي عيسى في سنة ثمان-أو سبع-وستين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 542)، و «تهذيب الكمال» (6/ 152)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 129)، و «العبر» (1/ 252)، و «مرآة الجنان» (1/ 355)، و «شذرات الذهب» (2/ 303). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 373)، و «تهذيب الكمال» (8/ 16)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 157)، و «العبر» (1/ 252)، و «مرآة الجنان» (1/ 356)، و «شذرات الذهب» (2/ 303). (3) «المنتظم» (5/ 2440)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 434)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 383)، و «العبر» (1/ 253)، و «مرآة الجنان» (1/ 356)، و «شذرات الذهب» (2/ 304).

817 - [فليح بن سليمان]

817 - [فليح بن سليمان] (1) فليح بن سليمان بن أبي المغيرة-واسمه: حنين، ابن أخي عبيد بن حنين-وكان اسمه عبد الملك، وفليح لقب غلب عليه واشتهر به، يكنى: أبا يحيى، المكي الخزاعي، واختلف في ولائه لمن هو. سمع الزهري، ويحيى بن سعيد، ونافعا، وهشام بن عروة وغيرهم. روى عنه أبو الربيع الزهراني، وسعيد بن منصور، ويحيى بن صالح وغيرهم. وتوفي سنة ثمان وستين ومائة. 818 - [الخليفة المهدي] (2) المهدي أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر المنصور العباسي ثالث خلفائهم. ولد بالحميمة من أرض الشام سنة إحدى وعشرين ومائة، ويقال: بإيذج سنة سبع وعشرين ومائة؛ لأن أباه كان عاملا من قبل سليمان بن حبيب بن المهلب. بويع له بعد موت أبيه في المحرم سنة تسع وخمسين ومائة، وكان محببا إلى الناس ممدوحا، وصولا لأقاربه، قصاما للزنادقة، جوادا. يقال: إن المنصور خلف في خزانته مائة ألف ألف وستين ألف ألف درهم، ففرقها المهدي كلها. يقال: إن المهدي أعطى شاعرا خمسين ألف دينار، وأعطى أعرابيا كان أضافه وذبح له شاة لم يملك سواها خمس مائة ألف درهم، ولم يكن في بيت المال غيرها، وقال: والله؛ لا أنقصه منها درهما، احملوها معه، فكثرت إبل الأعرابي وشاؤه، وصار مسكنه منزلا ينزله الناس ممن أراد الحج، ويسمى: منزل مضيف أمير المؤمنين المهدي.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 594)، و «تهذيب الكمال» (23/ 317)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 351)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 397)، و «العبر» (1/ 254)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 85). (2) «المعارف» (ص 379)، و «المنتظم» (5/ 347)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 400)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 433)، و «العبر» (1/ 254)، و «مرآة الجنان» (1/ 356)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 322)، و «شذرات الذهب» (2/ 305).

819 - [نافع القارئ]

وبالجملة فلم يل الخلافة أكرم منه كما لم يلها أبخل من أبيه. وتوفي لثمان بقين من المحرم سنة تسع وستين ومائة. قيل: إنه ساق خلف صيد، فدخل الصيد خربة، فتبعه المهدي، فوقع به صدمة من باب الخربة من شدة سوقه، فتلف لساعته، وقيل: بل تغاير جاريتان له، فبعثت إحداهما إلى الأخرى بخبيص مسموم لتقتلها، فلقي المهدي الرسول، فتناول ما كان معه وأكل منه فمات، فأرسلوا بالخاتم والقضيب إلى ولده موسى الهادي وولي عهده، فبادر مسرعا على البريد، فمدة ولاية المهدي عشر سنين وأياما، وعمره في إحدى الروايتين ثمان وأربعون سنة. قال علي بن يقطين: بينا نحن مع المهدي ذات يوم؛ إذ قال: إني أصبحت جائعا، فأتي بخبز ولحم مثرد، فأكل وأكلنا معه، ثم قال: إني داخل هذا البهو: فأنام، فلا تنبهوني حتى أنتبه من ذات نفسي، فدخل ونام، ونمنا في الرواق، فما استيقظنا إلا ببكائه، ففزعنا لذلك وجئنا إليه وقلنا: ما بكاؤك يا أمير المؤمنين؟ قال: بينا أنا نائم؛ إذ رأيت شيخا واقفا على باب هذا البهو يقول: [من الطويل] كأني بهذا البهو قد باد أهله … وأوحش منه سرحه ومنازله وصار عميد القوم من بعد بهجة … وملك إلى قبر عليه جنادله ولم يبق إلا ذكره وحديثه … تنادي بليل معولات حلائله فما لبث إلا مدة حتى مات. 819 - [نافع القارئ] (1) نافع بن أبي نعيم الليثي مولاهم أبو عبد الرحمن القارئ، مقرئ مكة والمدينة، وأحد القراء السبعة. قال موسى بن طارق: سمعته يقول: قرأت على سبعين من التابعين. وقال الإمام مالك: نافع إمام الناس في القراءة.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 578)، و «وفيات الأعيان» (5/ 368)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 241)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 336)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 484)، و «العبر» (1/ 257)، و «مرآة الجنان» (1/ 358)، و «شذرات الذهب» (2/ 312).

820 - [نافع بن عمر]

ومن المشهور أنه كان له راويان: ورش، وقالون. توفي سنة تسع وستين ومائة. 820 - [نافع بن عمر] (1) نافع بن عمر بن عبد الله بن جميل القرشي الجمحي المكي. سمع عبد الله بن أبي مليكة وغيره. وروى عنه وكيع، وبشر بن السري، وخلاد، وغيرهم. وتوفي سنة تسع وستين ومائة. 821 - [الخليفة الهادي] (2) أبو محمد موسى الهادي بن محمد المهدي بن عبد الله أبي جعفر المنصور العباسي، وأمه: الخيزران بنت نجيح البربرية أم ولد. ولد بالري سنة ست وأربعين ومائة، وتوفي أبوه وهو غائب بجرجان، فأخذ له أخوه هارون البيعة على العسكر ببغداد، وأرسل إليه بالخاتم والقضيب، فوصل مسرعا على البريد من جرجان إلى بغداد في ثلاثة وعشرين يوما. وتوفي للنصف من شهر ربيع الآخر من سنة سبعين ومائة؛ فمدة ولايته سنة وشهر وثلاثة وعشرون يوما، وعمره ثلاث وعشرون سنة ونصف. قيل: مات من قرحة أصابته، وقيل: إنه اشتد على أمه الخيزران وضيق عليها، وكان يقول: لا يفلح خليفة له أم ولد، وأراد خلع أخيه هارون من العهد وهمّ بقتله، فدست إليه من اغتاله في منامه، وليلة توفي ولد المأمون، فكان فيها موت خليفة، وقيام خليفة، ومولد خليفة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 56)، و «تهذيب الكمال» (29/ 287)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 433)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 483). (2) «المعارف» (ص 380)، و «المنتظم» (5/ 349)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 441)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 478)، و «العبر» (1/ 257)، و «مرآة الجنان» (1/ 358)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 331)، و «شذرات الذهب» (2/ 314).

822 - [جرير بن حازم]

822 - [جرير بن حازم] (1) جرير بن حازم الأزدي العتكي أبو النضر البصري. سمع الحسن البصري، وأبا رجاء العطاردي، ومحمد بن سيرين وغيرهم. روى عنه أبو عاصم النبيل، وعبد الله بن وهب، وبهز بن أسد وغيرهم. ولد سنة خمس وثمانين، ومات أنس وهو ابن خمس سنين. وتوفي سنة سبعين ومائة. 823 - [الربيع حاجب المنصور] (2) الربيع بن يونس حاجب المنصور والمهدي. كان المنصور كثير الميل إليه، حسن الاعتماد عليه، قال له يوما: يا ربيع؛ ما أطيب الدنيا لولا الموت، فقال: ما طابت إلا به، فقال: كيف ذلك؟ قال: لولا الموت .. لم تقعد هذا المقعد؛ يعني: إذا لم يمت من قبلك من الملوك .. لم يصل الملك إليك، قال: صدقت، ولما حضرت المنصور الوفاة .. قال: يا ربيع؛ بعنا الآخرة بنومة. قال الربيع: كنا وقوفا على رأس المنصور وقد طرحت للمهدي-وهو ولي عهده- وسادة؛ إذ أقبل صالح بن المنصور، وكان أبوه قد رشحه ليوليه بعض أموره، فقام من السماطين والناس على قدر أنسابهم ومراتبهم، فتكلم فأجاد، فمد المنصور يده إليه وقال: إليّ يا بني، واعتنقه ونظر إلى وجه الناس هل فيهم من يذكر مقامه ويصف فضله؟ فكلهم كره ذلك لسبب المهدي خيفة منه، فقام شبة-بضم الشين المعجمة وفتح الموحدة-ابن عقال التميمي فقال: لله در خطيب قام عندك يا أمير المؤمنين؛ ما أفصح لسانه، وأحسن بيانه، وأمضى جنانه، وأبل ريقه، وأسهل طريقه، وكيف لا يكون كذلك وأمير المؤمنين أبوه والمهدي أخوه وهو كما قال الشاعر: [من البسيط] هو الجواد فإن يلحق بشأوهما … على تكاليفه فمثله لحقا

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 278)، و «تهذيب الكمال» (4/ 524)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 98)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 101)، و «مرآة الجنان» (1/ 358). (2) «المنتظم» (5/ 373)، و «وفيات الأعيان» (2/ 294)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 335)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 186)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 84)، و «مرآة الجنان» (1/ 359)، و «شذرات الذهب» (2/ 320).

824 - [يزيد بن حاتم الأزدي]

أو يسبقاه على ما كان من مهل … فمثل ما قدّما من صالح سبقا فعجب من حضر لجمعه بين المدحين، وإرضائه المنصور، وخلاصه من المهدي، قال الربيع: فقال لي المنصور: لا يخرج التميمي إلا بثلاثين ألف درهم، فلم يخرج إلا بها. وتوفي الربيع سنة سبعين ومائة. 824 - [يزيد بن حاتم الأزدي] (1) يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي. لما قتلت الخوارج عامل المنصور على إفريقية، وهو عمر بن حفص في سنة ثلاث-أو أربع-وخمسين؛ أي: ومائة، وأهمه شأنهم .. زار بيت المقدس، وجهز منه يزيد المذكور في خمسين ألف مقاتل إلى إفريقية لحرب الخوارج، فقتلهم وشتتهم، ولم يزل عليها واليا خمس عشرة سنة وثلاثة أشهر إلى أن توفي أول دولة الرشيد سنة سبعين ومائة. وكان جوادا سريا ممدحا، قصده جماعة من الشعراء، فأعطاهم عطايا سنية، وهو الذي قصده ربيعة بن ثابت الأسدي الرقي، فأحسن جائزته وأجزل صلته، وكان ربيعة المذكور قد مدح يزيد بن أسيد-بضم الهمزة-الأسدي فقصر في حقه، فقال ربيعة يمدح يزيد بن حاتم ويهجو يزيد السلمي بقصيدته التي من جملتها: [من الطويل] لشتان ما بين اليزيدين في الندى … يزيد سليم والأغرّ ابن حاتم فهمّ الفتى الأزدي إتلاف ماله … وهمّ الفتى القيسي جمع الدراهم فلا يحسب التمتام أني هجوته … ولكنني فضلت أهل المكارم هو البحر إن كلفت نفسك خوضه … تهالكت في أمواجه المتلاطم قيل: وفد التميمي الشاعر على يزيد بن حاتم بإفريقية فأنشده: [من الطويل] إليك قصرنا النصف من صلواتنا … مسيرة شهر ثم شهر نواصله فلا نحن نخشى أن يخيب رجاؤنا … لديك ولكن أهنأ البرّ عاجله فأمر يزيد بوضع العطاء في جنده، وكان معه خمسون ألف مرتزق، وقال: من أحب أن

(1) «تاريخ دمشق» (65/ 138)، و «وفيات الأعيان» (6/ 321)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 233)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 518)، و «مرآة الجنان» (1/ 361).

يسرني .. فليضع لزائري غدا من عطائه درهمين، فاجتمع له مائة ألف درهم، وضم يزيد إلى ذلك مائة ألف أخرى، ودفعها إليه. قال ابن خلكان: (ثم وجدت البيتين المذكورين لمروان بن أبي حفصة، مدح بهما المهدي، والله أعلم لأيهما البيتان) (1). وقال في يزيد بعض الشعراء: [من الكامل] وإذا تباع كريمة أو تشترى … فسواك بائعها وأنت المشتري وإذا تخيل من سحابك لامع … صدقت مخيلته لدى المستمطر وإذا الفوارس عددت أبطالها … عدوك في أبطالهم بالخنصر يعني: أولهم. وقال فيه آخر: [من مجزوء الكامل] يا واحد العرب الذي … أضحى وليس له نظير لو كان مثلك آخر … ما كان في الدنيا فقير فقال يزيد لخازنه: كم في بيت مالي؟ قال: فيه من العين والورق عشرون ألف درهم ودينار، فقال: ادفعها إليه، ثم قال: يا أخي؛ المعذرة إلى الله ثم إليك، والله؛ لو كان في ملكي غيرها .. لما ادخرتها عنك. وقال يزيد لجلسائه: استبقوا إلى ثلاثة أبيات، فقال صفوان بن صفوان: أفيك؟ قال: فيمن شئت، فكأنها كانت في كمه، فقال: [من البسيط] لم أدر ما الجود إلا ما سمعت به … حتى لقيت يزيدا عصمة الناس لقيت أجود من يمشي على قدم … مفضلا برداء الجود والباس لو نيل بالجود مجد كنت صاحبه … وكنت أولى به من آل عباس ثم كف، وقال: أتمم، فقال: لا يصلح، فقال: لا يسمع هذا منك أحد. وأخباره في الجود كثيرة، ولما مات يزيد بإفريقية .. كان أخوه روح-بضم الراء-ابن حاتم واليا بالسند، فقال أهل إفريقية: ما أبعد ما يكون بين قبر هذين الأخوين، فلما بلغ

(1) «وفيات الأعيان» (6/ 325).

825 - [الخليل بن أحمد]

الرشيد موت يزيد .. عزل روحا عن السند، وسيره إلى إفريقية موضع أخيه، فلم يزل واليا عليها إلى أن توفي بها، فدفن في قبر أخيه يزيد، فعجب الناس من هذا الاتفاق بعد ذاك التباعد والافتراق. وكان روح بن حاتم من الكرماء الأجواد، ولي لخمسة من الخلفاء: أبو العباس السفاح، وأبو جعفر المنصور، والمهدي، والهادي، والرشيد. قيل: ولم يتفق ذلك إلا لأبي موسى الأشعري؛ فإنه ولي لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، رضي الله عنهم أجمعين. 825 - [الخليل بن أحمد] (1) الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي الإمام النحوي اللغوي العروضي. وهو الذي استنبط علم العروض، وحصر أقسامه في خمس دوائر، واستخرج منها خمسة عشر بحرا، ثم زاد فيه الأخفش بحرا سماه الخبب. قيل: إن الخليل دعا بمكة أن يرزق علما لم يسبق إليه أحد، فلما رجع من حجه .. فتح عليه بعلم العروض. ومن تأسيس الخليل «كتاب العين» الذي يحصر فيه لغة أمة من الأمم، وهو أول من جمع حروف المعجم في بيت واحد فقال: [من البسيط] صف خلق خود كمثل الشمس إذ بزغت … يحظى الضجيع بها نجلاء معطار ومما يحكى من براعة ذكائه: أنه كان رجل يعطي الناس دواء لظلمة العين ينتفع به الناس، فمات واحتيج إلى ذلك الدواء، ولم يعرف ما هو، ولم توجد له نسخة، فذكروا للخليل فقال: أله آنية يعمل فيها؟ قالوا: نعم، إناء يجمع فيه الأخلاط، قال: ائتوني به، فأتوا به فجعل يتشممه ويخرج نوعا نوعا حتى ذكر خمسة عشر نوعا، ثم عمله وأعطاه الناس، فشفوا به، ثم وجدت النسخة والأخلاط المذكورة فيها ستة عشر، لم يفته منها إلا واحد. وأعجب من ذلك ما يحكى: أن بعض الحكماء عمي ولم يدر ما سبب عماه حتى يعالجه

(1) «المعارف» (ص 541)، و «معجم الأدباء» (4/ 217)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 429)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 169)، و «العبر» (1/ 268)، و «مرآة الجنان» (1/ 362)، و «شذرات الذهب» (2/ 322).

بما يناسبه من أضداد العلة، وسمع بحكيم في بلاد الهند فذهب إليه، فلما نظر إليه الحكيم الهندي .. قال: بلت في يوم حار على حية ميتة في سبخة من الأرض، فطلع بخارها في عينيك فعميت، ثم كحله بكحال أبصر به في الحال، فرجع إلى بلده، وأراد أن يختبر ما قاله الحكيم، فقتل حية، ثم رمى بها في سبخة من الأرض زمانا تشرق الشمس عليها، وتهب عليها الريح، ثم بال عليها، فعمي في الحال، فارتحل إلى الحكيم الهندي وقال لغلامه: إذا رفع الحكيم المرود ليكحل به عيني .. فخذه من يده وضعه في فمي، فلما وصل إلى الحكيم الهندي .. قال له: رجل غريب: قد ذهب بصره، تعالجه لله بما يرد نوره، فقال له: كأني رأيتك قبل هذا اليوم، فغالطه فاستدعى بذلك الدواء الذي كحله به أولا، فلما وضع الدواء بطرفي المرود ورفعه إلى عينه .. خطف الغلام المرود من يده، ووضعه في فم سيده، فتطعمه وشمه، فعرف فيه تسعة وتسعين نوعا من الأدوية، وغرب عليه نوع واحد منها تمام المائة لم يعرفه، فعرف الحكيم الهندي أنه حكيم، فسأله وأخبره بذلك الشيء الذي لم يدركه، فرجع إلى بلاده، وعمل تلك العقاقير، واكتحل بها فعاد بصره. كتب سليمان بن حبيب بن المهلب إلى الخليل يستدعي حضوره، وكان في ولايته بأرض فارس والأهواز، فكتب إليه الخليل: [من البسيط] أبلغ سليمان أني عنه في سعة … وفي غنى غير أني لست ذا مال شحا بنفسي أني لا أرى أحدا … يموت هزلا ولا يبقى على حال والرزق عن قدر لا الضعف ينقصه … ولا يزيدك فيه حول محتال والفقر في النفس لا في المال نعرفه … ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال ومما ينسب إليه من الشعر: [من الطويل] وما هي إلا ليلة ثم يومها … وحول إلى حول وشهر إلى شهر مطايا تقربن الجديد إلى البلى … ويدنين أشلاء الكريم إلى القبر ويتركن أزواج الغيور لغيره … ويقسمن ما يحوي الشحيح من الوفر ومنه: [من الوافر] ألا ينهاك شيبك عن صباكا … وتترك ما أضلك من هواكا أترجو أن يطيعك قلب سلمى … وتزعم أن قلبك قد عصاكا

826 - [عبد الله بن جعفر الزهري]

وله غير ذلك من الأشعار التي يطول ذكرها، وكان كثيرا ما ينشد قول الأخطل: [من الكامل] وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد … ذخرا يكون كصالح الأعمال توفي سنة سبعين ومائة، وقيل: خمس وسبعين-وقيل: سنة ستين، وغلّطوا من قال: سنة ثلاثين-ومائة. 826 - [عبد الله بن جعفر الزهري] (1) عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة القرشي الزهري المخرمي؛ نسبة إلى جده المذكور، يكنى: أبا جعفر. سمع يزيد بن الهاد، وإسماعيل بن محمد بن سعد، وسعد بن إبراهيم وغيرهم. روى عنه أبو عامر العقدي، ويحيى بن يحيى وغيرهم. وتوفي سنة سبعين ومائة عن بضع وسبعين سنة. 827 - [محمد بن مهاجر] (2) محمد بن مهاجر الشامي الأنصاري، أخو عمرو بن مهاجر، مولى أسماء بنت يزيد الأشهلية. سمع الوليد بن عبد الرحمن وغيره، وروى عنه الوليد بن مسلم وغيره. وتوفي سنة سبعين ومائة. 828 - [عبد الله بن عمر العمري] (3) عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي أبو عبد الرحمن المعروف بالعمري؛ لانتسابه إلى عمر بن الخطاب.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 580)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 327)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 291)، و «العبر» (1/ 258)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 313)، و «شذرات الذهب» (2/ 325). (2) «التاريخ الكبير» (1/ 229)، و «تهذيب الكمال» (26/ 516)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 456)، و «العبر» (1/ 258)، و «شذرات الذهب» (2/ 326). (3) «تاريخ خليفة» (1/ 448)، و «تهذيب الكمال» (15/ 327)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 339)، و «مرآة الجنان» (1/ 367)، و «شذرات الذهب» (2/ 328).

829 - [عبد ربه بن نافع]

روى عن نافع، وكان محدثا صالحا زاهدا. قال للرشيد وهو في السعي على الصفا: يا هارون؛ قال: لبيك يا عم، قال: انظر إليهم هل تحصيهم؟ يعني: الحجيج، قال: ومن يحصيهم إلا الله، قال: اعلم أن كلاّ منهم يسأل عن خاصة نفسه، وأنت مسئول عنهم كلهم، ثم قرعه بكلام قال في آخره، والله؛ إن الرجل ليسرف في ماله فيستحق الحجر عليه، فكيف بمن يسرف في أموال الناس؟ ! توفي سنة إحدى وسبعين ومائة. 829 - [عبد ربه بن نافع] (1) عبد ربه بن نافع أبو شهاب الحناط-بمهملة ثم نون-المدائني صاحب الطعام. سمع شعبة، وإسماعيل بن أبي خالد، وابن عون وغيرهم. روى عنه عاصم بن يوسف، وأحمد ابن يونس، وأبو داود المباركي وغيرهم. وتوفي سنة إحدى وسبعين ومائة. 830 - [ابن الغسيل] (2) عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة، وقيل: عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الراهب-واسم أبي عامر الراهب: عبد عمرو-ابن صيفي الأنصاري من بني عمرو بن عوف، يكنى: أبا سليمان، ويعرف بابن الغسيل؛ لأن جده حنظلة بن أبي عامر غسلته الملائكة يوم أحد. يقال: إن عبد الرحمن رأى أنس بن مالك، وسهل بن سعد. وسمع من عباس بن سهل بن سعد، وعكرمة، وعاصم بن عمر وغيرهم.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 514)، و «التاريخ الكبير» (6/ 81)، و «تهذيب الكمال» (16/ 485)، و «العبر» (1/ 260)، و «شذرات الذهب» (2/ 329). (2) «التاريخ الكبير» (5/ 289)، و «تهذيب الكمال» (17/ 154)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 323)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 237)، و «العبر» (1/ 260)، و «شذرات الذهب» (2/ 329).

831 - [سليمان بن بلال المدني]

روى عنه أبو أحمد الزبيري، وإسماعيل بن أبان، وعلي بن نصر الجهضمي وغيرهم. وتوفي سنة إحدى وسبعين ومائة. 831 - [سليمان بن بلال المدني] (1) سليمان بن بلال المدني أبو أيوب وأبو محمد القرشي التيمي مولى عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. كان بربريا حسن الهيئة عاقلا مفتيا بالمدينة. سمع زيد بن أسلم، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة الرأي وغيرهم. روى عنه أبو عامر العقدي، وخالد بن مخلد، وعبد الله بن وهب وغيرهم. توفي سنة اثنتين-أو سبع-وسبعين ومائة. 832 - [صالح المري] (2) صالح المري البصري الولي الصالح الزاهد العابد القارئ الواعظ. كان شديد الخوف من الله تعالى، إذا وعظ .. كأنه يبكي، روى عن الحسن وجماعة. وتوفي سنة اثنتين وسبعين ومائة. 833 - [مهدي بن ميمون] (3) مهدي بن ميمون الأزدي المعولي، مولى المعاول بطن من الأزد، أبو يحيى البصري المحدث الحافظ. سمع غيلان بن جرير، وواصلا الأحدب، ومحمد بن سيرين وغيرهم.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 589)، و «تهذيب الكمال» (11/ 372)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 425)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 146)، و «العبر» (1/ 261)، و «شذرات الذهب» (2/ 331). (2) «التاريخ الكبير» (2/ 190)، و «تهذيب الكمال» (13/ 16)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 46)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 184)، و «العبر» (1/ 262)، و «شذرات الذهب» (2/ 331). (3) «التاريخ الكبير» (7/ 425)، و «تهذيب الكمال» (28/ 592)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 10)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 376)، و «العبر» (1/ 262)، و «شذرات الذهب» (2/ 332).

834 - [زهير بن معاوية الجعفي]

وروى عنه شيبان بن فروخ، وعبد الرحمن بن مهدي، وسعيد بن منصور وغيرهم. توفي سنة اثنتين وسبعين ومائة. 834 - [زهير بن معاوية الجعفي] (1) زهير بن معاوية بن حديج بن الرحيل الكوفي أبو خيثمة الجعفي. سكن الجزيرة، وكان حافظا متقنا، أحد الحفاظ الأعلام، كان يقدم في الإتقان على أقرانه، وكان أهل العراق يقولون في أيام الثوري: إذا مات الثوري .. ففي زهير خلف. روى عن سماك بن حرب، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الكريم الجزري وغيرهم. روى عنه يحيى بن آدم، ويحيى بن يحيى، وأحمد ابن يونس وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث-أو أربع-وسبعين ومائة. 835 - [جويرية بن أسماء] (2) جويرية بن أسماء بن عبيد بن مخراق الضبعي أبو مخراق البصري. سمع نافعا مولى ابن عمر، ومالك بن أنس وغيرهما. روى عنه عبد الله بن محمد بن أسماء، وحبان بن هلال، وموسى بن إسماعيل وغيرهم. وتوفي سنة أربع-أو ثلاث-وسبعين ومائة. 836 - [عبد الرحمن بن أبي الموال] (3) عبد الرحمن بن أبي الموال-واسم أبي الموال: زيد-مولى آل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

(1) «التاريخ الكبير» (3/ 427)، و «تهذيب الكمال» (9/ 420)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 61)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 125)، و «العبر» (1/ 263)، و «شذرات الذهب» (2/ 334). (2) «التاريخ الكبير» (2/ 241)، و «تهذيب الكمال» (5/ 172)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 317)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 72)، و «العبر» (1/ 264)، و «شذرات الذهب» (2/ 335). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 594)، و «التاريخ الكبير» (5/ 355)، و «تهذيب الكمال» (17/ 446)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 242)، و «العبر» (1/ 264)، و «شذرات الذهب» (2/ 335).

837 - [سلام بن أبي مطيع الخزاعي]

سمع محمد بن المنكدر وغيره، وروى عن أبي جعفر الباقر وطائفة. وروى عنه مطرف، ومعن، وعبد العزيز الأويسي، وقتيبة بن سعيد وغيرهم. ضربه المنصور على أن يدله على محمد بن عبد الله بن حسن، فلم يدله، وكان من شيعته. توفي سنة أربع-أو ثلاث-وسبعين ومائة. 837 - [سلام بن أبي مطيع الخزاعي] (1) سلام بن أبي مطيع الخزاعي أبو سعيد البصري مولى عمرو بن أبي وهب الخزاعي. سمع هشام بن عروة، وأبا عمران الجوني وغيرهما. روى عنه عبد الرحمن بن مهدي، وموسى بن إسماعيل، وابن المبارك وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث وسبعين ومائة، كذا في «كتاب الذهبي» (2)، وذكر أبو الفضل المقدسي: أنه توفي وهو مقبل من مكة سنة أربع وستين، وقال أبو عيسى: مات سنة سبع وستين. اه‍ 838 - [ابن لهيعة] (3) عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرعان الحضرمي من أنفسهم-ويقال: الغافقي- أبو عبد الرحمن قاضي مصر الإمام الحافظ. روى عن الأعرج، وعطاء بن أبي رباح، ويزيد بن أبي حبيب وغيرهم. روى عنه ابن وهب وغيره، خرج له مسلم مقرونا بغيره من الثقات. توفي بمصر للنصف من ربيع الآخر سنة أربع وسبعين ومائة.

(1) «التاريخ الكبير» (4/ 134)، و «تهذيب الكمال»، (12/ 298)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 428)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 140)، و «العبر» (1/ 263)، و «شذرات الذهب» (2/ 334). (2) انظر «العبر» (1/ 263). (3) «التاريخ الكبير» (5/ 182)، و «تاريخ دمشق» (32/ 136)، و «وفيات الأعيان» (3/ 38)، و «تهذيب الكمال» (15/ 487)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 217)، و «العبر» (1/ 264).

839 - [بكر مولى شرحبيل]

839 - [بكر مولى شرحبيل] (1) بكر بن مضر بن محمد بن حكيم بن سليمان القرشي المصري أبو عبد الملك، ويقال: أبو محمد، مولى شرحبيل ابن حسنة. سمع جعفر بن ربيعة، وعمرو بن الحارث، ويزيد ابن الهاد. روى عنه قتيبة بن سعيد، وعبد الرحمن بن القاسم، وعثمان بن صالح وغيرهم. ولد سنة مائة وكان عابدا، وتوفي سنة أربع وسبعين ومائة. 840 - [يزيد بن عبد الله الليثي] (2) يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي وليس منهم. سمع إبراهيم التيمي، وعبد الله بن خباب، وعبد الرحمن بن القاسم وغيرهم. وروى عنه مالك، وبكر بن مضر، وأبو ضمرة أنس وغيرهم. وتوفي سنة أربع وسبعين ومائة (3). 841 - [الليث بن سعد] (4) الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم أبو الحارث المصري، أصله فارسي أصبهاني. روى عن عطاء، وابن أبي مليكة، ونافع، والزهري، وسعيد المقبري، ويحيى بن سعيد وغيرهم، وروى عنه أحمد ابن يونس، وأبو الوليد الطيالسي، وخلق سواهم. قال الشافعي: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به، ومثل ذلك قال يحيى بن بكير.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 525)، و «التاريخ الكبير» (2/ 95)، و «تهذيب الكمال» (4/ 227)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 57)، و «العبر» (1/ 265)، و «شذرات الذهب» (2/ 337). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 488)، و «التاريخ الكبير» (8/ 344)، و «الجرح والتعديل» (9/ 275)، و «تهذيب الكمال» (32/ 169)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 566). (3) في جميع المصادر: توفي سنة (139 هـ‍). (4) «طبقات ابن سعد» (9/ 524)، و «تهذيب الكمال» (24/ 255)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 136)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 302)، و «العبر» (1/ 266)، و «مرآة الجنان» (1/ 369)، و «شذرات الذهب» (2/ 339).

842 - [أبو عوانة]

كان من الكرماء الأجواد، روي: أنه كان لا يتغدى كل يوم حتى يطعم ثلاث مائة وستين مسكينا، وأن دخله كان في السنة ثمانين ألف دينار، وما وجبت عليه زكاة قط، وكان يتخذ لأصحابه الفالوذج، ويعمل فيه الدنانير ليحصل لكل من أكل كثيرا أكثر. ولد في شعبان سنة أربع وتسعين، وتوفي بمصر في شعبان سنة خمس وسبعين ومائة، ووهموا الواقدي في قوله: سنة خمس وستين، ودفن في القرافة الصغرى، وقبره أحد المزارات. وقد أراده المنصور لإمرة مصر فامتنع، وكان الخلفاء يوصون الولاة لا يخرجون عن شوره ورأيه، ويوصونه إذا نقم على أحد من الولاة .. أن يعرفهم بحاله فيعزلونه في الحال. يحكى: أنه كتب إلى الرشيد: أن قاضينا هذا لا ينقم عليه في دينار ولا درهم إلا أنه جاهل، فلم يكن إلا مسافة الطريق حتى وصل عزل القاضي. 842 - [أبو عوانة] (1) الوضاح بن عبد الله اليشكري-ويقال: الكندي-أبو عوانة، مولى يزيد بن عطاء البزار الواسطي أحد الحفاظ الأعلام. سمع عبد الملك بن عمير، وقتادة وغيرهما. وروى عنه قتيبة وحامد بن عمر، ويحيى بن حماد وغيرهم. توفي سنة ست وسبعين ومائة. ولي قضاء بغداد للرشيد. 843 - [عبد الواحد بن زياد] (2) عبد الواحد بن زياد العبدي مولاهم أبو بشر-ويقال: أبو عبيدة-البصري. سمع الأعمش وغيره.

(1) «تهذيب الكمال» (30/ 441)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 217)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 395)، و «العبر» (1/ 269)، و «مرآة الجنان» (1/ 369)، و «شذرات الذهب» (2/ 344). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 290)، و «تهذيب الكمال» (18/ 450)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 7)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 251)، و «العبر» (1/ 269).

844 - [عبد الواحد بن زيد]

وروى عنه قتيبة، وموسى بن إسماعيل، وقيس بن حفص، وأبو هشام المخزومي وغيرهم. ومات سنة ست وسبعين ومائة، وقيل: سنة تسع وسبعين ومائة. 844 - [عبد الواحد بن زيد] (1) عبد الواحد بن زيد البصري السيد الكبير والولي الشهير. قيل: إنه صلّى الغداة بوضوء العشاء أربعين سنة. وقد ذكر له الشيخ اليافعي في كتابه «روض الرياحين» بعض الحكايات المشتملة على كراماته ومحاسن صفاته (2). توفي سنة سبع وسبعين ومائة. 845 - [شريك القاضي] (3) شريك بن عبد الله بن سنان، ويقال: شريك بن سنان بن أنس، ويقال: شريك بن عبد الله بن أبي شريك الكوفي أبو عبد الله القاضي. سمع زياد بن علاقة، وعمار الدهني، وهشام بن عروة وغيرهم. روى عنه علي بن حكيم، ويونس بن محمد، وعلي بن حجر وغيرهم. ولد بخراسان-أو ببخارى-سنة خمس وسبعين مقتل قتيبة بن مسلم. وولي قضاء واسط سنة خمس ومائة، ثم ولي قضاء الكوفة بعد ذلك. ومات سنة ثمان-أو سبع-وسبعين ومائة، وجاء الرشيد ليصلي عليه فوجدهم قد صلوا عليه.

(1) «تاريخ دمشق» (37/ 215)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 303)، و «العبر» (1/ 270)، و «مرآة الجنان» (1/ 370)، و «شذرات الذهب» (2/ 346). (2) انظر «روض الرياحين» (ص 47). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 499)، و «أخبار القضاة» (3/ 149)، و «الأنساب» (5/ 474)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 165)، و «العبر» (1/ 270)، و «مرآة الجنان» (1/ 370)، و «شذرات الذهب» (2/ 346).

846 - [موسى بن أعين]

846 - [موسى بن أعين] (1) موسى بن أعين الجزري أبو سعيد. سمع عمرو بن الحارث، وإسحاق بن راشد، وإسماعيل بن أبي خالد. روى عنه ابنه محمد، وأحمد بن أبي شعيب، ويحيى بن يحيى. وتوفي سنة سبع وسبعين ومائة، وقيل: سنة خمس وسبعين ومائة. 847 - [جعفر بن سليمان الضّبعي] (2) جعفر بن سليمان الحرشي الضّبعي-كان ينزل في بني ضبيعة فنسب إليهم-أبو سليمان البصري. سمع ثابتا البناني، والجعد أبا عثمان، وأبا عمران الجوني وغيرهم. وروى عنه قطن بن نسير، ويحيى بن يحيى، وقتيبة بن سعيد وغيرهم. وتوفي سنة ثمان وسبعين ومائة، والله أعلم. 848 - [عبثر بن القاسم] (3) عبثر بن القاسم الزّبيدي-بضم الزاي-أبو زبيد الكوفي. سمع الأعمش، وحصن بن عبد الرحمن، وسليمان التيمي وغيرهم. وروى عنه قتيبة بن سعيد، وسعيد بن عمرو الأشعثي، ويحيى بن يحيى، وهناد بن السري. وتوفي سنة ثمان وسبعين ومائة، وقيل غير ذلك.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 488)، و «التاريخ الكبير» (7/ 280)، و «تهذيب الكمال» (29/ 27)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 280)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 378)، و «العبر» (1/ 271). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 289)، و «تهذيب الكمال» (5/ 43)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 176)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 68)، و «العبر» (1/ 271)، و «شذرات الذهب» (2/ 348). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 503)، و «تهذيب الكمال» (14/ 269)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 202)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 198)، و «العبر» (1/ 271)، و «شذرات الذهب» (2/ 348).

849 - [الإمام مالك]

849 - [الإمام مالك] (1) مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي-من ذي أصبح بطن من حمير- أبو عبد الله الإمام المشهور إمام دار الهجرة. ولد سنة ثلاث-أو أربع أو خمس-وتسعين بعد أن مكث حملا في بطن أمه ثلاث سنين. وسمع من نافع، والزهري، وهشام بن عروة، وغيرهم من كبار التابعين. وروى عنه عبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ومعن بن عيسى القعنبي، وخلق من الأئمة، وأخذ القراءة عرضا على المقرئ نافع بن أبي نعيم. وكان رضي الله عنه طويلا جسيما، عظيم الهامة، أبيض اللحية والرأس، قيل: كان له لحية تبلغ صدره، وكان يلبس الثياب العدنية الرفيعة البيض، أثنى عليه العلماء الثناء المرضي. قال الإمام الشافعي: إذا ذكر العلماء .. فمالك النجم. وقال ابن عيينة وقد بلغه موت مالك: ما ترك على وجه الأرض مثله. وقال مالك رحمه الله تعالى: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك. وقال رضي الله عنه محدثا بنعمة ربه: قل رجل كنت أتعلم منه ومات حتى يجيئني ويستفتيني. وكان رحمه الله تعالى يعظم حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لا يحدث وهو في الطريق، ولا وهو مستوفز، وضرب بعضهم لما سأله عن حديث وهو في الطريق، وكان إذا أراد أن يحدث .. توضأ وسرح لحيته، وجلس على صدر فراشه متربعا متمكنا في جلوسه بوقار وهيبة، ثم حدث، وربما بخر بالعود في مجلسه، فقيل له في ذلك، فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان لا يركب في المدينة مع كبره وضعف سنه؛ تعظيما لها. قال الواقدي: كان مالك يشهد الصلوات الخمس والجمعة في المسجد، ويشهد

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 570)، و «المعارف» (ص 498)، و «تهذيب الكمال» (27/ 92)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 43)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 316)، و «العبر» (1/ 272)، و «مرآة الجنان» (1/ 373)، و «الديباج المذهب» (1/ 69)، و «شذرات الذهب» (2/ 350)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 50).

الجنائز، ويعود المرضى، ويقضي الحقوق، ويجتمع إليه أصحابه في المسجد، ثم ترك الجلوس في المسجد، فكان يصلي وينصرف، وترك حضور الجنائز، وكان يأتي أصحابها فيعزيهم، ثم ترك ذلك كله؛ فلم يشهد الصلوات في المسجد، ولا الجمعة، ولا يعزي أحدا، ولا يقضي له حقا، واحتمل الناس له ذلك حتى مات، فقيل له في ذلك، فقال: ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره. وسعي به إلى جعفر بن سليمان بن علي عم المنصور وأمير المدينة، وقالوا: إنه لا يصحح بيع المكره وطلاقه، ويعرض بذلك لعدم صحة بيعتكم، وأنه لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء، فغضب جعفر وجرده وضربه بالسياط، ومدت يده حتى انخلعت كتفه، ونال منه أمرا عظيما، فلم يزل بعد ذلك الضرب في علو ورفعة، وكأنما كانت تلك السياط حليا حلي بها. ولما حج المنصور .. اعتذر إليه من فعل جعفر بن سليمان به، وأراد أن يقيده منه، فقال مالك: والله؛ ما رفعت عني الأسواط .. إلا وقد عفوت عنه؛ لقرابته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال القعنبي: دخلت على مالك في مرض موته، فرأيته يبكي، فقلت: وما يبكيك؟ قال: يا بن قعنب؛ ومن أحق بالبكاء مني؟ ! والله؛ لوددت أني ضربت لكل مسألة أفتيت فيها برأي بسوط سوط، ولقد كانت لي السعة فيما سبقت إليه، وليتني لم أفت بالرأي، أو كما قال. وتوفي رحمه الله تعالى بالمدينة سنة تسع وسبعين ومائة، ودفن بالبقيع، ورثاه أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج بقوله: [من الطويل] سقى الله جدثا بالبقيع لمالك … من المزن من غادي السحائب براق إمام «موطؤه» الذي طبقت به … أقاليم في الدنيا فساح وآفاق إمام به شرع النبي محمد … له حذر من أن يضام وإشفاق له مسند عال صحيح بهمة … فللكل منه حين يرويه إطراق وأصحاب صدق كلهم علم فسل … بهم إنهم إن أنت سائلت حذاق ولو لم يكن إلا ابن إدريس وحده … كفاه على أن السعادة أرزاق

850 - [خالد الطحان]

850 - [خالد الطحان] (1) خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد، عرف بالطحان، الواسطي أبو الهيثم- ويقال: أبو محمد-المدني الحافظ، يقال: إنه مولى النعمان بن مقرن. سمع خالدا الحذاء، وأبا إسحاق الشيباني، وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم. وروى عنه عمرو بن عون، ومسدد، وحفص بن عمر وغيرهم. قال الإمام أحمد: كان ثقة صالحا، بلغني أنه اشترى نفسه من الله ثلاث مرات. وقال إسحاق الأزرق: ما أدركت أفضل منه. توفي سنة تسع وسبعين ومائة. 851 - [أبو الأحوص الكوفي] (2) سلام بن سليم أبو الأحوص الحنفي مولى بني حنيفة الكوفي أحد الحفاظ الأثبات. سمع الأعمش، ومنصورا، وأبا إسحاق الهمداني وغيرهم. وروى عنه قتيبة بن سعيد، والحسن بن الربيع، ويحيى بن آدم وغيرهم. وتوفي سنة تسع وسبعين ومائة. 852 - [حمّاد بن زيد] (3) حماد بن زيد بن درهم الأزرق الجهضمي مولى آل جرير بن حازم أبو إسماعيل البصري، وهو أخو سعيد بن زيد، وكان جدهما درهم من سبي سجستان. سمع ثابتا، وأيوب، وعمرو بن دينار، وأنس بن سيرين، وأبا عمران الجوني وغيرهم.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 315)، و «تهذيب الكمال» (8/ 99)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 246)، و «العبر» (1/ 273)، و «مرآة الجنان» (1/ 377)، و «شذرات الذهب» (2/ 354). (2) «التاريخ الكبير» (4/ 135)، و «تهذيب الكمال» (12/ 282)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 411)، و «العبر» (1/ 274)، و «مرآة الجنان» (1/ 377). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 287)، و «تهذيب الكمال» (7/ 239)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 94)، و «العبر» (1/ 274)، و «مرآة الجنان» (3/ 377)، و «شذرات الذهب» (2/ 354).

853 - [الوليد بن طريف]

وروى عنه قتيبة، وسليمان بن حرب وغيرهما. قال عبد الرحمن بن مهدي: الأئمة أربعة؛ الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، وحماد بن زيد بالبصرة، والأوزاعي بالشام. وقال غيره: ما رأيت أحفظ من حماد بن زيد. ولد في ولاية سليمان بن عبد الملك، وتوفي يوم الجمعة لعشر بقين من رمضان سنة تسع وسبعين ومائة. 853 - [الوليد بن طريف] (1) الوليد بن طريف الشيباني الخارجي. خرج بالجزيرة في سنة ثمان وسبعين، وقتل إبراهيم بن حازم بن خزيمة بنصيبين، ثم مضى إلى أرمينية، واشتدت شوكته بها، وكسر الجيوش، فجهز إليه الرشيد جيشا كثيفا، وأمّر عليهم مقدمه أبا خالد يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني ابن أخي معن بن زائدة الجواد المشهور، فجعل يزيد يخاتله ويماكره، وكانت البرامكة منحرفة على يزيد، فأغروا به الرشيد، وقالوا: إنه يراعيه لأجل الرحم، وإلا .. فشوكة الوليد بن طريف يسيرة، وهو يواعده وينتظر ما يكون من أمره، فوجه إليه الرشيد كتاب غضب، وقال فيه: لو وجهت أحد الخدم-أو أصغر الخدم-لقام بأكثر مما تقوم به، ولكنك مداهن متعصب، وأمير المؤمنين يقسم بالله؛ لئن أخرت مناجزته .. ليبعثن إليك من يحمل رأسك إلى أمير المؤمنين، فناجزه يزيد والتقى الجيشان في رمضان سنة تسع وسبعين ومائة، فانهزم الوليد وظهر يزيد عليه. ويقال: لما انكسر الوليد بن طريف .. تبعه يزيد بنفسه حتى لحقه على مسافة بعيدة، فقتله وأخذ رأسه، وبعث به إلى الرشيد. ولما علمت الفارعة بنت طريف بقتل أخيها لبست عدة الحرب، وحملت على جيش يزيد، فقال يزيد: دعوها، ثم خرج فضرب بالرمح فرسها، وقال: اغربي، غرب الله عينك، فقد فضحت العشيرة، فاستحيت وانصرفت.

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 261)، و «المنتظم» (5/ 423)، و «وفيات الأعيان» (6/ 31)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 232)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 395)، و «العبر» (1/ 272)، و «مرآة الجنان» (1/ 370)، و «شذرات الذهب» (2/ 349).

ولما قتل الوليد .. رثته أخته المذكورة بقولها: [من الطويل] أيا شجر الخابور ما لك مورقا … كأنك لم تحزن على ابن طريف فتى لا يحبّ الزاد إلا من التقى … ولا المال إلا من قنى وسيوف ولا الذخر إلا كل جرداء صلدم … معاودة للكرّ بين صفوف كأنك لم تشهد هناك ولم تقم … مقاما على الأعداء غير خفيف حليف الندى ما عاش يرضى به الندى … فإن مات لا يرضى الندى بحليف فقدناك فقدان الشباب وليتنا … فديناك من دهمائنا بألوف وما زال حتى أزهق الموت نفسه … شجى لعدو أو نجى لضعيف ألا يا لقومي للحمام وللبلى … وللأرض همت بعده برجوف وللبدر من بين الكواكب إذ هوى … وللشمس لما أزمعت بكسوف ولليث كل الليث إذ يحملونه … إلى حفرة ملحودة وسقيف ألا قاتل الله الحشا حيث أضمرت … فتى كان للمعروف غير عيوف فإن يك أرداه يزيد بن مزيد … فرب زحوف لفها بزحوف عليه سلام الله وقفا فإنني … أرى الموت وقّاعا بكل شريف بتلّ نباثى رسم قبر كأنه … على جبل فوق الجبال منوف تضمن مجدا عدمليّا وسؤددا … وهمة مقدام ورأي حصيف والخابور: نهر معروف يصب في الفرات، وعلى هذا النهر مدن صغار تشبه الكبار في عمارتها، وقوة أسواقها، وكثرة خيرها، وقال بعضهم: إنه في بلاد الصين، وهو موضع الوقعة. وطريف: بفتح الطاء وكسر الراء وسكون المثناة من تحت بعدها فاء. وقولها: (فتى لا يحب الزاد إلا من التقى) قال الشيخ اليافعي: (ظاهر البيت التناقض؛ فإن حصول المال بالقنى والسيوف ظاهره القتل والقتال، ونهب الأموال، وهو مناقض للتقوى المذكور في صدر البيت، قال: والجواب فيما يظهر: ألاّ تناقض فيه على مذهب الخوارج الذين يكفرون المسلمين بالذنب، ويرون الخروج عليهم، والدليل على كونه من الخوارج ما كان ينشده يوم المصاب: [من الرجز] أنا الوليد بن الطريف الشاري … قسورة لا يصطلى بناري

854 - [حفص القارئ]

فنسب نفسه إلى الشراة، وهم الخوارج المتسمون بهذا الاسم لكونهم بزعمهم باعوا أنفسهم بالجنة) (1). وقولها في أول البيت الثالث عشر (2): (بتل نباثى) والنباثى-بضم النون وبعده موحدة ثم ألف ثم مثلثة مفتوحة-مضاف إلى التل المعروف في برقة الموصل. (والعدملي) في البيت الأخير-بعين فدال مهملتين-: القديم. قال الشيخ اليافعي: (وقد أبدعت في شعرها المذكور، وما سمعت من أشعار النساء أبلغ من شعرها وشعر الخنساء في أخيها صخر، ومن شعر الخنساء البليغ قولها من أبيات: [من البسيط] وإن صخرا لتأتم الهداة به … كأنه علم في رأسه نار وقد أبدعت في التشبيه وناسبت بين طرفي البيت؛ لأنها لما جعلته هادي الهداة .. شبهته بدليل على دليل، وهما الجبل والنار، كما أبدعت أخت الوليد بن طريف في معاتبتها لشجر الخابور، وتبكيتها له على عدم تساقط ورقه لاحتراقه بنار الحزن على قتل أخيها المذكور، واستعارت استعارة بالغة تشعر بكون الكون جديرا بأن يحزن على فقد من اتصف بالأوصاف الجميلة التي ذكرتها) (3). 854 - [حفص القارئ] (4) حفص بن سليمان، قارئ الكوفة وتلميذ عاصم. حدث عن علقمة بن مرثد وجماعة. وتوفي سنة ثمانين ومائة وعمره تسعون سنة.

(1) «مرآة الجنان» (1/ 372). (2) بل الرابع عشر، وذلك على ترتيب المصنف رحمه الله تعالى، وإلا .. فالبيتان الأخيران هما مطلع المرثية. (3) «مرآة الجنان» (1/ 372). (4) «التاريخ الكبير» (2/ 363)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 85)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 140)، و «العبر» (1/ 276)، و «مرآة الجنان» (1/ 378)، و «شذرات الذهب» (2/ 357).

855 - [عبد الوارث بن سعيد]

855 - [عبد الوارث بن سعيد] (1) عبد الوارث بن سعيد التميمي العنبري مولاهم أبو عبيدة التنوري البصري الحافظ المحدث. سمع أيوب السختياني، وعبد العزيز بن صهيب، وحسينا المعلم، وخالدا الحذاء وغيرهم. روى عنه ابنه عبد الصمد، ومسدد، وعمران بن ميسرة وغيرهم. وتوفي سنة ثمانين ومائة. 856 - [الزنجي شيخ الشافعي] (2) مسلم بن خالد الزنجي-لقب بذلك لشقرته-أبو خالد، فقيه مكة، وأحد شيوخ الشافعي. روى عن الزهري، وابن أبي مليكة، وطائفة. قال أحمد بن محمد الأزرقي: كان فقيها عابدا يصوم الدهر. توفي سنة ثمانين ومائة وعمره ثمانون سنة. 857 - [إسماعيل بن جعفر] (3) إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري مولى بني زريق أبو إبراهيم المؤدب المدني، وهو أخو محمد وكثير ويحيى أولاد جعفر بن أبي كثير. سمع إسماعيل عبد الله بن دينار، وربيعة، وحميدا الطويل وغيرهم.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 290)، و «التاريخ الكبير» (6/ 118)، و «تهذيب الكمال» (18/ 478)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 257)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 253)، و «العبر» (1/ 276)، و «شذرات الذهب» (2/ 356). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 60)، و «المعارف» (ص 511)، و «تهذيب الكمال» (27/ 508)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 356)، و «العبر» (1/ 277). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 330)، و «التاريخ الكبير» (2/ 162)، و «تهذيب الكمال» (3/ 56)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 35)، و «العبر» (1/ 275)، و «شذرات الذهب» (2/ 356).

858 - [أبو وهب الرقي]

روى عنه محمد بن جهضم، ومحمد بن سلام، وقتيبة بن سعيد، وسريج بن يونس وغيرهم. توفي سنة ثمانين ومائة. 858 - [أبو وهب الرقي] (1) عبيد الله بن عمرو بن الوليد الأسدي مولاهم أبو وهب الرقي. سمع زيد بن أبي أنيسة، وعبد الملك بن عمير، وأيوب السختياني وغيرهم. وروى عنه يوسف بن عدي، وزكريا بن عدي، وعبد الله بن جعفر، والوليد بن صالح وغيرهم. وتوفي بالري سنة ثمانين ومائة. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وسلم ***

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 490)، و «التاريخ الكبير» (5/ 392)، و «تهذيب الكمال» (19/ 136)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 310)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 257)، و «العبر» (1/ 276).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والستون بعد المائة فيها: ظهر عطاء المقنع الساحر الفاجر، ادعى الربوبية بناحية مرو، واستغوى خلائق لا يحصون، وكان يقول بالتناسخ، وأن الله-تعالى عن قوله-تحول إلى صورة آدم، ولذلك سجد له الملائكة، ثم تحول إلى صورة نوح، ثم إلى عشرة من الأنبياء والحكماء، ثم إلى صورة أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة العباسية، ثم إلى صورته الفاجر، تعالى الله عن ذلك، وعن كل ما لا يليق بجلاله من حدث ونقصان علوا كبيرا. وكان الشيطان المذكور لا يسفر عن وجهه؛ ولذلك قيل له: المقنع، اتخذ وجها من ذهب، فتقنع به؛ كي لا يرى وجهه وقبح صورته، وكان قد عبده خلق وقاتلوا دونه مع ما عاينوه من عظيم ادعائه وقبح صورته، وإنما غلب على عقولهم بالتمويهات التي أظهرها، من ذلك صورة قمر كالثابت في السماء، يطلع ويراه الناس من مسافة شهرين موضعه، ثم يغرب (1)، وإليه أشار المعري: [من الطويل] أفق أيها البدر المقنع رأسه … ضلال وغيّ مثل بدر المقنع (2) وفيها: أمر المهدي ببناء القصور بطريق مكة أوسع مما كان بناه أبو العباس، واتخاذ المصانع في كل منهل، وتجديد الآبار، وتولى ذلك مولاه يقطين (3). وفيها: استكتب هارون بن المهدي يحيى بن خالد بن برمك (4). وفي شعبان منها: توفي الإمام العامل العالم أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري بالبصرة متواريا من السلطان، ودفن ليلا، ولم يعقب. وفيها: توفي أبو الصلت زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي الحافظ، وأبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، عرف بسيبويه إمام النحو.

(1) «العبر» (1/ 235)، و «مرآة الجنان» (1/ 341)، و «شذرات الذهب» (2/ 271). (2) «سقط الزند» (ص 286). (3) «المنتظم» (5/ 291)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 226)، و «شذرات الذهب» (2/ 271). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 140)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 227).

السنة الثانية والستون

السنة الثانية والستون فيها: حبس المهديّ موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. قال الربيع: فلما حبسه .. رأى المهدي في النوم عليا رضي الله عنه وهو يقول له: يا محمد؛ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ}. قال الربيع: فأرسل إليّ ليلا فراعني ذلك، فجئته؛ فإذا هو يقرأ هذه الآية، وكان أحسن الناس صوتا، فعرفني خبر الرؤيا، وقال: عليّ بموسى بن جعفر بن محمد، فجئته به فعانقه وأجلسه إلى جنبه، وقال: يا أبا الحسن؛ إني رأيت أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه في النوم يقرأ علي كذا، أفتؤمنني ألاّ تخرج عليّ ولا على أحد من ولدي؟ قال: والله؛ لا فعلت ذلك، ولا هو من شأني، فقال له: صدقت، يا ربيع؛ أعطه ثلاثة آلاف دينار، ورده إلى أهله بالمدينة. قال الربيع: فأحكمت أمره ليلا، فما أصبح إلا وهو في الطريق خوف العوائق (1). وفيها: توفي السيد الكبير الولي الشهير إبراهيم بن أدهم البلخي الزاهد، والولي الصالح الزاهد داود بن نصير الطائي، والقاضي أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة قاضي العراق بعد أبي يوسف، وأبو المنذر زهير بن محمد التميمي المروزي الخراساني، ويزيد بن إبراهيم التستري *** السنة الثالثة والستون فيها: بالغ سعيد الحرشي في حصار عطاء المقنع الساحر الفاجر المتقدم ذكره آنفا، كان ابتداء أمره قصارا، وكان أعور قبيح الصورة، فتستر بالقناع، وأغوى خلقا كما تقدم، ثم في آخر أمره حصر في قلعة فيما وراء النهر، فلما أحس بأخذ سعيد الحرشي الحصن منه .. جمع نساءه وأهله كلهن فسقاهن سما فمتن، وشرب هو بعدهن سما فمات، فلما دخل المسلمون حصنه .. وجدوه هو وأهله أمواتا، فحزوا رأسه، ووجهوه إلى المهدي (2).

(1) «المنتظم» (5/ 301)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 272). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 144)، و «المنتظم» (5/ 305)، و «مرآة الجنان» (1/ 350).

السنة الرابعة والستون

وفيها: قبض المهدي على عم أبيه عبد الصمد بن علي وحبسه، وأخذ أمواله (1). وفيها: توفي إبراهيم بن طهمان الخراساني، وعيسى بن علي عم المنصور، وجرير بن عثمان، وموسى بن علي، وشعيب بن أبي حمزة، وهمام بن يحيى، ويحيى بن أيوب المصري. *** السنة الرابعة والستون فيها: ولى المهدي ابنه هارون أرمينية وأذربيجان والشام ومصر وإفريقية (2). وفيها: بنى المهدي قصره بعيساباذ، وسماه: قصر السلام (3). وفيها: توفي يعقوب الماجشون، وابن أخيه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، ومبارك بن فضالة البصري القرشي مولاهم، وشيبان النحوي. *** السنة الخامسة والستون فيها: غزا المسلمون غزوة مشهورة، وعليهم هارون الرشيد وهو صبي أمرد، فساروا حتى بلغوا خليج قسطنطينية، وفتحوا وقتلوا وسبوا وغنموا ما لا يحصى حتى بيع الفرس بدرهم، وصالحتهم ملكة الروم على مال جزيل (4). وفيها: توفي عبد الرحمن بن ثابت الدمشقي الزاهد المجاب الدعوة، ووهيب بن خالد البصري، وخالد بن برمك وزير السفاح جد جعفر البرمكي وزير الرشيد، وسليمان بن المغيرة، وعبد الله بن العلاء بن زبر. ***

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 147)، و «المنتظم» (5/ 305)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 232). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 148)، و «المنتظم» (5/ 306)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 233). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 150)، و «المنتظم» (5/ 313). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 152)، و «المنتظم» (5/ 321)، و «شذرات الذهب» (2/ 292).

السنة السادسة والستون

السنة السادسة والستون فيها: سخط المهدي على يعقوب بن داود، وحبسه بعد أن كان استوزره واستولى عليه وسماه أخي في الله (1). وفيها: أخذ يعقوب الهاشمي من الزندقة فأقر بها، وحبس حتى مات، وأخذ داود بن روح بن حاتم، وإسماعيل بن مجالد، ومحمد بن طيفور فاستتابهم وخلاهم (2). وفيها: توفي صدقة بن عبد الله السمين من كبار محدثي دمشق (3)، ومعقل بن عبيد الله الجزري من كبار علماء الجزيرة، وأبو الأشهب جعفر العطار، وأبو بكر النهشلي، وعفر بن معدان. *** السنة السابعة والستون فيها: حج المهدي فرأى الكعبة في شق المسجد غير متوسطة، فقال: ما ينبغي أن يكون بيت الله هكذا، وأمر بشراء دور كثيرة من جهة أجياد، فاشتريت وأدخلت في المسجد، وعمر المسجد الحرام بأساطين الرخام، وغرم على ذلك أموالا عظيمة (4). وفيها: توفي عالم البصرة الحافظ حماد بن سلمة، والحسن فقيه الكوفة، والسكري. وفيها-أو في التي قبلها-: قتل بشار بن برد العقيلي مولاهم الشاعر، والربيع بن مسلم، وعبد العزيز بن مسلم، والقاسم ابن الحداني، وأبو هلال محمد بن سليم، ومحمد بن طلحة. *** السنة الثامنة والستون فيها: توفي السيد أبو محمد الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب شيخ بني هاشم في زمانه، وهو والد السيدة نفيسة، رحمهم الله تعالى.

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 154)، و «المنتظم» (5/ 325)، و «شذرات الذهب» (2/ 294). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 163)، و «المنتظم» (5/ 328)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 244). (3) «العبر» (1/ 247)، و «شذرات الذهب» (2/ 294). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 165)، و «المنتظم» (5/ 332)، و «شذرات الذهب» (2/ 296).

السنة التاسعة والستون

وفيها: توفي خارجة بن مصعب المحدث وقيس بن الربيع بخلف، وعيسى بن موسى ولي عهد السفاح بعد أخيه المنصور، وفليح. *** السنة التاسعة والستون فيها: عزم المهدي على أن يقدم هارون في العهد ويؤخر موسى الهادي، فطلبه وهو بجرجان فلم يقدم (1). وفيها: توفي المهدي محمد بن أبي جعفر المنصور، وولي ابنه الهادي موسى. وفيها: خرج الحسين بن علي بن حسن بن حسن بن علي بالمدينة، فبايعه خلق كثير، وحارب العسكر الذين بالمدينة، وقتل مقدمهم خالد بن البربري، ثم تأهب وخرج في جمع إلى مكة في ذي القعدة، وكان على الموسم سليمان بن أبي جعفر، ومعه العباس بن محمد، وموسى بن عيسى، ومحمد بن سليمان بن علي في جماعة من الأجناد، فالتف عليه خلق كثير، فالتقوا بفج-بجيم آخره، مكان على يسار الحاج من مكة للعمرة، وهي إلى أدنى الحل أقرب منه-فقتل الحسين في الموضع المذكور في مائة من أصحابه، وقتل الحسن بن محمد بن عبد الله الذي خرج أخوه زمن المنصور، وكان معه إدريس ويحيى ابنا عبد الله بن حسن، فلحق إدريس بتاهرت من بلاد المغرب، فقام معه أهل طنجة، ثم تحيل الرشيد وبعث من سمّ إدريس بن عبد الله بطنجة، فمات بها مسموما، فخلفه ابنه إدريس بن إدريس بن عبد الله، ثم أولاده (2). وفيها: توفي أبو عبد الرحمن نافع بن أبي نعيم الليثي مولاهم قارئ الحرمين الشريفين وأحد القراء السبعة، ونافع بن عمر الجمحي، وعبيد الله بن زياد. *** السنة الموفية سبعين فيها: توفي موسى الهادي بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور العباسي، وولي بعده أخوه هارون الرشيد.

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 168)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 253)، و «مرآة الجنان» (1/ 356). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 192)، و «المنتظم» (5/ 353)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 260)، و «العبر» (1/ 256).

السنة الحادية والسبعون

وفيها: أخرج الرشيد خمس ماله، ففرقه في أربابه، وحمل لمن في المدينة مع عبد الله بن سليمان، فأصاب كل واحد منهم ألف درهم، وكل امرأة خمس مائة درهم (1). وفيها: توفي أبو النضر جرير بن حازم الأزدي البصري أحد فصحاء البصرة ومحدثيها، وأبو معشر السندي صاحب المغازي والأخبار، ومعاوية بن عبد الله كاتب المهدي ووزيره، وكان من خيار الوزراء، صاحب علم وفضل وعبادة وصدقات. وفيها: توفي الربيع بن يونس حاجب المنصور والمهدي. وفيها: توفي يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي والي إفريقية، والخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي إمام النحو واللغة والعروض، وعبد الله بن جعفر المخرمي، ومحمد بن مهاجر الحمصي. *** السنة الحادية والسبعون فيها: أمر هارون الرشيد بإخراج من في مدينة السلام من الطالبيين إلى مدينة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ما خلا العباس بن الحسن بن عبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب (2). وفيها: قدم على الرشيد أبو العباس الطوسي-واسمه: الفضل بن سليمان-فأكرمه، وجعل إليه الخاتم، فبقي يسيرا ومات، فدفع الرشيد الخاتم إلى يحيى بن خالد، فاجتمع له الكتابة والوزارة والخاتم (3). وفيها: توفي أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر العمري الزاهد وعرف بذلك لانتسابه إلى عاصم بن عمر بن الخطاب، وأبو المنذر سلام القارئ، وأبو شهاب الحناط بخلف، وعبد الرحمن ابن الغسيل. ***

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 234)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 275). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 235)، و «المنتظم» (5/ 379)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 280). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 235)، و «المنتظم» (5/ 379)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 280).

السنة الثانية والسبعون

السنة الثانية والسبعون فيها: توفي الإمام أبو محمد سليمان بن بلال المدني مولى أبي بكر الصديق، وكان حسن الهيئة عاملا مفتيا بالمدينة. وفيها: توفي عم المنصور الفضل بن صالح بن علي أمير دمشق، وهو الذي أنشأ القبة الغربية التي بجامع دمشق، وتعرف بقبة الفضل (1). وفيها: توفي صاحب الأندلس أبو المطرف عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، فرّ إلى المغرب عند زوال دولتهم، فقامت معه اليمانية، وهم من دخل بلاد المغرب من عرب اليمن، فتولى الأندلس بعد أن هزم صاحبها يوسف، وولى بعده ابنه هشام، وبقيت الأندلس لعقبه إلى حد الأربع مائة (2). وفيها-أو في سنة ست وسبعين-: توفي الولي الصالح الذي طابق اسمه مسماه صالح المري، ومهدي بن ميمون. *** السنة الثالثة والسبعون فيها: ولى الرشيد ابنه الأمين العراق والشام (3). وفيها: حج الرشيد، وأحرم من بغداد (4). وفيها: توفي محمد بن سليمان بن علي بالبصرة، وتوفيت الخيزران أم موسى وهارون. وفيها: توفي الإمام أبو خيثمة زهير بن معاوية الجعفي، وعبد الرحمن بن أبي الموال مولى آل علي بن أبي طالب، وجورية بن أسماء الضبعي. ***

(1) «العبر» (1/ 261). (2) «العبر» (1/ 261). (3) هذا محل نظر؛ فعمر الأمين يومها أربع سنوات فقط. (4) «تاريخ الطبري» (8/ 238)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 286).

السنة الرابعة والسبعون

السنة الرابعة والسبعون فيها: توفي الحافظ أبو عبد الرحمن بن لهيعة الحضرمي بمصر، وبكر بن مضر، وابن أبي الزناد، ويعقوب القمي، وروح بن حاتم المهلبي أخو يزيد بن حاتم صاحب خضراء روح (1)، وعبد الرحمن ابن الهاد. وفيها: استقضي يوسف بن أبي يوسف وأبوه حي، فبلغ ذلك شريك بن عبد الله، فقال: الآن طاب الموت (2). *** السنة الخامسة والسبعون فيها: عقد العهد لمحمد الأمين وله خمس سنين (3). وفيها: صار يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن إلى الديلم فتحرك هناك (4). وفيها: مات شيخ الديار المصرية وعالمها الليث بن سعد الفهمي مولاهم، وحزم القطعي، والقاسم بن معن. *** السنة السادسة والسبعون فيها: فتحت مدينة دبسة من أرض الروم (5). وفيها: ولى الرشيد الفضل بن يحيى البرمكي كور الجبال وأرمينية وأذربيجان، فنزل الري، وكاتب يحيى بن عبد الله بن الحسن، وأعطاه الأمان، وقدم به على الرشيد، فأحسن جائزته (6). وفيها: كانت الفتنة بين النزارية واليمانية، وكان رأس النزارية أبو الهيذام عامر بن

(1) اسم قبّة بالبصرة. (2) «تاريخ الطبري» (8/ 239)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 287). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 240)، و «المنتظم» (5/ 399)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 288). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 241)، و «المنتظم» (5/ 400)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 288). (5) «العبر» (1/ 268)، و «شذرات الذهب» (2/ 343). (6) «تاريخ الطبري» (8/ 242)، و «المنتظم» (5/ 405).

السنة السابعة والسبعون

عمارة بن خزيمة المري، وكانت فتنة عظيمة، اشتد فيها البلاء والقتل بين الفئتين في الشام، وأشخص لذلك جعفر بن يحيي بن خالد البرمكي، فأصلح ما بينهم في سنة ثمانين (1). قال الشيخ اليافعي: (واستمرت بينهم إحن وأحقاد ودماء يهيجون لأجلها في وقت إلى اليوم) اه‍ (2) وفيها: توفي قاضي بغداد أبو عوانة الوضاح مولى يزيد بن عطاء الواسطي البزار أحد الحفاظ الأعلام. وفيها: توفي حماد بن الإمام الأعظم أبي حنيفة، كان على مذهب أبيه من أهل الخير والصلاح، وكان ابنه إسماعيل قاضي البصرة، فعزل عنها بالقاضي يحيى بن أكثم، فلما وصل يحيى إلى البصرة .. سافر إسماعيل منها، فشيعه القاضي المذكور، وحكى إسماعيل المذكور قال: كان لنا جار طحان رافضي، وكان له بغلان سمى أحدهما-قاتله الله-: أبا بكر، والآخر: عمر، فمر فرمحه ذات ليلة أحد البغلين فقتله، فأخبر جدي أبو حنيفة رضي الله عنه بذلك، فقال: انظروا؛ فإني أرى أن البغل الذي سماه عمر هو الذي رمحه، فنظروا فكان كما قال (3). وفيها: توفي عبد الواحد بن زياد بخلف، وفرج بن فضالة. وفيها: ولى الرشيد جعفر بن يحيى بن خالد مصر، فولاها عمر بن مهران (4). *** السنة السابعة والسبعون فيها: ولى الرشيد الفضل بن يحيى خراسان، فاستخلف عليها يحيى بن معاذ، ثم سار إليه في سنة ثمان وسبعين (5). وفيها: توفي الولي الكبير عبد الواحد بن زيد البصري، والقاضي شريك بن عبد الله النخعي الكوفي، ومحمد بن مسلم، وموسى بن أعين.

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 242)، و «المنتظم» (5/ 405)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 292). (2) «مرآة الجنان» (1/ 369). (3) «مرآة الجنان» (1/ 370). (4) «الكامل في التاريخ» (5/ 292). (5) «تاريخ الطبري» (8/ 255)، و «المنتظم» (5/ 415)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 302).

السنة الثامنة والسبعون

السنة الثامنة والسبعون فيها: وثب أهل مصر بعاملهم إسحاق بن سليمان، فأمده الرشيد بهرثمة بن أعين عامل فلسطين، ثم ولاها عبد الملك بن صالح، وثار أهل إفريقية بالفضل بن روح بن حاتم، فقتلوه (1). وفيها: ولى الرشيد السند سالم بن سعد (2). وفيها: خرج الوليد بن طريف الشيباني الخارجي الشاري بالجزيرة، وقتل إبراهيم بن حازم بن خزيمة بنصيبين، ثم مضى منها إلى أرمينية، واشتدت شوكته، وكسر الجيوش، والشاري: نسبة إلى الشراة، وهم الخوارج المتسمون بهذا الاسم؛ لكونهم بزعمهم باعوا أنفسهم بالجنة (3). وفيها: توفي جعفر بن أبي سليمان، وعبثر بن القاسم. *** السنة التاسعة والسبعون فيها: توفي إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي. وفيها: قتل الوليد بن طريف الشيباني الخارجي، ويسمون: الشّراة-بضم الشين المعجمة-جمع شاري؛ أي: بائع سموا بذلك لقولهم شرينا أنفسنا في طاعة الله، أي: بعناها بالجنة حين فارقنا الأئمة الجائرة (4). وفيها: توفي الحافظ خالد بن عبد الله الواسطي المعروف بالطحان، وسلام بن سليم أحد الحفاظ الأثبات، وأبو إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم المحدث الحافظ، والفضل بن زياد. ***

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 256)، و «المنتظم» (5/ 421)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 304). (2) «تاريخ اليعقوبي» (2/ 409). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 256)، و «المنتظم» (5/ 421)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 304). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 261)، و «المنتظم» (5/ 423).

السنة الموفية ثمانين

السنة الموفية ثمانين فيها: كانت الزلزلة العظمى بمصر التي سقط منها رأس منارة الإسكندرية (1). وفيها: خرجت المحمرة الحرمية بجرجان، فقتل الرشيد عمر بن محمد العمركي؛ لأن خروجهم كان بها، ويقال: إنه كان زنديقا (2). وفيها: حبس الرشيد موسى بن جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (3). وفيها: نزل الرشيد الرقة واتخذها وطنا (4). وفيها: توفي حفص بن سليمان قارئ الكوفة وتلميذ عاصم. وفيها: توفي محدث البصرة عبد الوارث بن سعيد الحافظ، أخذ عن أيوب السختياني وطبقته. وفيها: توفي مبارك بن سعيد بن مسروق أخو سفيان الثوري. وفيها: توفي فقيه مكة أبو خالد مسلم بن خالد الزنجي، لقب بذلك لشقرة به، أحد شيوخ الإمام الشافعي رحمهم الله تعالى. قيل: وفيها: توفيت الولية الكبيرة رابعة العدوية البصرية، وقيل: إنها توفيت سنة خمس وثلاثين ومائة، وقد قدمنا ذكرها هناك، وعلى الأول يصح أن الشافعي اجتمع بها رحمهم الله تعالى، والله سبحانه أعلم. وفيها: توفي إسماعيل بن جعفر، وعبيد الله بن عمرو. والله سبحانه أعلم. ***

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 266)، و «المنتظم» (5/ 429)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 314). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 266)، و «المنتظم» (5/ 430)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 314). (3) «الكامل في التاريخ» (5/ 319). (4) «العبر» (1/ 275)، و «مرآة الجنان» (1/ 378)، و «شذرات الذهب» (2/ 356).

العشرون الخامسة من المائة الثانية

العشرون الخامسة من المائة الثانية [الاعلام] 859 - [إسماعيل بن عياش العنسي] (1) إسماعيل بن عياش-بالتحتانية والشين المعجمة-العنسي الإمام، محدث الشام، ومفتي أهل حمص. قال يزيد بن هارون: ما رأيت شاميا ولا عراقيا أحفظ من إسماعيل بن عياش، ما أدري ما الثوري؟ يقال: إنه كان يحفظ عشرين ألف حديث. قال أبو اليمان: كان إسماعيل جارنا، وكان يحيي الليل كله. توفي سنة إحدى وثمانين ومائة. 860 - [مفضل بن فضالة القتباني] (2) مفضل بن فضالة بن عبيد الحميري أبو معاوية القتباني، وقتبان من اليمن، ولي قضاء مصر. وسمع عقيل بن خالد، وعبد الله بن عياش وغيرهما. وروى عنه قتيبة، وحسان الواسطي، وزكريا بن يحيى. وكان زاهدا ورعا قانتا مجاب الدعوة. ولد سنة سبع ومائة، وتوفي سنة إحدى وثمانين ومائة عن أربع وسبعين سنة.

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 191)، و «تهذيب الكمال» (3/ 163)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 312)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 70)، و «مرآة الجنان» (1/ 378)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 162). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 524)، و «الجرح والتعديل» (3/ 317)، و «تهذيب الكمال» (28/ 415)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 171)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 412)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 140).

861 - [حفص بن ميسرة الصنعاني]

861 - [حفص بن ميسرة الصنعاني] (1) حفص بن ميسرة الصنعاني-نسبة إلى صنعاء الشام-أبو عمر العسقلاني. سمع زيد بن أسلم، وموسى بن عقبة، وهشام بن عروة وغيرهم. روى عنه آدم بن أبي إياس، ومعاذ بن فضالة، وسويد بن سعيد، وابن وهب وغيرهم. توفي سنة إحدى وثمانين ومائة. 862 - [خلف بن خليفة الأشجعي] (2) خلف بن خليفة الأشجعي مولاهم أبو أحمد. سمع أبا مالك الأشجعي، ويزيد بن كيسان وغيرهما. روى عنه قتيبة، ومحرز بن عون، وابن أبي شيبة وغيرهم. كان بالكوفة، ثم تحول إلى واسط، ثم إلى بغداد، ومات بها سنة إحدى وثمانين ومائة وهو ابن مائة سنة وسنة. 863 - [عباد بن عباد المهلبي] (3) عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة، واسم أبي صفرة: ظالم بن سارق، المهلبي البصري العتكي أبو معاوية. سمع أبا جمرة الضّبعي، وعاصما الأحول، وعبيد الله وعبد الله ابني عمر، وهشام بن عروة وغيرهم. روى عنه مسدد بن مسرهد، وقتيبة، ويحيى بن يحيى وغيرهم. وتوفي سنة إحدى وثمانين ومائة، وقيل: في رجب سنة ثمانين.

(1) «الجرح والتعديل» (3/ 187)، و «تهذيب الكمال» (7/ 73)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 231)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 127)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 460)، و «تقريب التهذيب» (ص 174). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 314)، و «الجرح والتعديل» (3/ 369)، و «تهذيب الكمال» (8/ 284)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 341)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 143)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 547). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 291)، و «الجرح والتعديل» (6/ 82)، و «تهذيب الكمال» (14/ 128)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 294)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 198)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 278).

864 - [علي بن هاشم الخزاز]

864 - [علي بن هاشم الخزاز] (1) علي بن هاشم بن البريد الخزاز العائذي مولاهم، أبو الحسن الكوفي. سمع هشام بن عروة، وطلحة بن يحيى وغيرهما. وروى عنه أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم، وعبد الله بن عمر بن أبان. وتوفي سنة إحدى وثمانين ومائة. 865 - [عبد الله بن المبارك] (2) عبد الله بن المبارك الحنظلي مولاهم المروزي، الفقيه الحافظ العالم العامل الزاهد العابد. كان أبوه يعمل في بستان لمولاه رمانا، فجاءه مولاه فقال: أعطني من البستان رمانا حلوا، فجاءه منه برمان، فكسره فوجده حامضا، فحرد عليه وقال: أكلت الحلو وأحضرت إلي الحامض، هات حلوا، فمضى، فقطع من شجرة أخرى، فلما كسره سيده .. وجده حامضا فاشتد غضبه عليه، ثم كذلك مرة ثالثة، فقال له: أنت ما تعرف الحلو من الحامض؟ قال: لا، قال له: كيف ما تعرف ذلك وقد مضى لك زمان في البستان؟ ! قال: لأني ما أكلت منه شيئا حتى أعرفه، قال: ولم لا تأكل؟ قال: لأنك إنما أمرتني بحفظه، ولم تأذن لي في أكل شيء منه، فكشف سيده عن ذلك، فوجد قوله صدقا، فزوجه سيده بابنته، فولدت عبد الله المذكور، فظهرت بركة أبيه عليه. وقيل: إن سيده استشاره في تزويج ابنته-وكان قد خطبها كثير من الناس-فقال له مبارك: يا سيدي؛ إن الناس يختلفون في الأغراض: فالجاهلية كانوا يزوجون للحسب، واليهود يزوجون للمال، والنصارى للجمال، وهذه الأمة تزوج للدين-يعني الأخيار منهم-

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 514)، و «الجرح والتعديل» (6/ 207)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 342)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 309)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 197)، و «تهذيب الكمال» (21/ 163). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 376)، و «المعارف» (ص 511)، و «الجرح والتعديل» (5/ 179)، و «حلية الأولياء» (8/ 162)، و «تاريخ بغداد» (10/ 151)، و «وفيات الأعيان» (3/ 32)، و «تهذيب الكمال» (16/ 5)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 378)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 220)، و «مرآة الجنان» (1/ 378)، و «البداية والنهاية» (10/ 606)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 415).

فأعجب سيده عقله، فقال لأمها: والله؛ ما لها زوج غيره، فزوجها منه، فجاءت بالدرة الفاخرة، المشتملة على المحاسن الباطنة والظاهرة. وقد تتبع أصحابه ما ظهر لهم من مناقبه فبلغت خمسا وعشرين؛ من العلم، والصلاح، والكرم، والشجاعة في سبيل الله، وحسن الخلق، والعبادة، والنجابة، والفصاحة، وحسن اللفظ في النثر والنظم وغير ذلك. فمن شجاعته وصلاح سريرته: ما روي أنه خرج مرة في بعض الغزوات-وأظنه في أيام الرشيد-فبرز علج، ودعا المسلمين إلى المبارزة، فخرج إليه جماعة من المسلمين واحدا بعد واحد، فقتلهم جميعهم، فبرز عن الصفين في طلب المبارزة، فأحجم الناس عن مبارزته، حتى صاح: معاشر المسلمين؛ تزعمون أن قتلاكم في الجنة، كذبتم، لو كان كذلك .. ما تخلفتم عن مبارزتي، فطلب الرشيد من جماعة قواده وأبطال جنده مبارزته، فلم يجبه أحد .. إذ برز من صف المسلمين فارس ملبس ملتثم، لا يرى منه إلا عينيه، فتجاول هو والعلج ساعة، ثم قتل العلج، وأسرع الكرة إلى صف المسلمين، فانغمس بينهم، ولم يعرفه أحد، حتى قيل: إنما هو الخضر حضر القتال، أو أحد من الملائكة؛ كانت تقاتل مع المسلمين، وبذل الرشيد لمن يدله على الرجل؛ لينعم عليه بالعطايا السنية، فلم يجد من يخبره به، فاتفق أن بعض أصحاب عبد الله بن المبارك دخل إلى مضرب عبد الله -للسلام-على غفلة، فوجده ينزع لباس الحديد عنه مسرعا فقال: أمير المؤمنين بذل الرغائب لمن دله على قاتل العلج، وهو أنت يا إمام؟ ! فقال: من عمل له يعلم قاتله، ولا حاجة له إلى علم هارون الرشيد. ومن كرمه وشفقته على إخوانه وحسن صحبته: ما اشتهر عنه أنه كان إذا أراد الحج .. يأتيه إخوانه، ويكلمونه في الصحبة، فينعم لهم، ويأخذ منهم ما أعدوه من النفقة، ويكتب على كل نفقة اسم صاحبها، ويقفل على الجميع في صندوق، ثم يحج بهم، وينفق عليهم ذهابا وإيابا من أطيب الأطعمة، ويشتري لهم الهدية من الحرمين، فإذا وصل إلى الوطن .. صنع طعاما نفيسا كثيرا، فيه نحو خمسة وعشرين جفنة من الفالوذج-وهو نوع من الحلوى- فضلا عن غيره، ثم يدعوهم ويدعو من سائر الفقراء والصالحين، فإذا أكلوا .. كسا الذين حجوا معه لباسا جديدا، ثم فتح الصندوق ورد إلى كل منهم نفقته التي عليها اسمه. وأما علومه: فقد كان الإمام المقدّم في الحديث، وله مصنفات كثيرة، سمع معمر بن

866 - [عبيد الله الأشجعي]

راشد، ويونس بن يزيد وغيرهما، وروى عنه عبد الرحمن بن مهدي، ومسلم بن إبراهيم وغيرهما. قال الإمام أحمد: لم يكن في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه، وقال أبو إسحاق الفزاري: ابن المبارك إمام المسلمين، وعن سفيان الثوري قال: وددت أن عمري كله ثلاثة أيام من أيام ابن المبارك. كانت تجارته واسعة، وكان ينفق على الفقراء مائة ألف درهم، ويحج سنة، ويغزو أخرى. وصل مرة إلى بغداد، فخرج الخلق للقائه، رجالا وركبانا، وكثر الازدحام، وارتفع لذلك الغبار، وهارون ينظر من علّيّة له، وعنده بعض نسائه، فسأل عن سبب ذلك، فقيل له: الإمام عبد الله بن المبارك وصل من مرو، فخرج الناس للقائه، فقالت له المرأة التي عنده: هذا والله الملك، لا ملك أمير المؤمنين الذي لا يجتمعون له إلا بالطبل والطاسة، فقال الرشيد: لقد عجبت أنى وصل هذا العبد إلى هذا الحال العظيم، فرأيته مستمدا من مشكاة النبوة! وخلا الرشيد يوما بجلسائه في مجلس أنسه .. إذ سمع قعقعة البريد، فأمر بإدخاله، فدخل وأخبره بوفاة عبد الله بن المبارك بمرو، فأمر الرشيد برفع آلة اللهو عن المجلس، وجلس للناس للعزاء، ودخل عليه الناس يعزونه، فعوتب في ذلك فقال: أليس هو القائل: [من البسيط] الله يدفع بالسلطان معضلة … عن ديننا رحمة منه ورضوانا لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل … وكان أضعفنا نهبا لأقوانا فمن سمع مثل ذلك من مثل هذا الإمام .. عرف حق السلطان. توفي عبد الله بن المبارك بهيت بلد على الفرات منصرفا من الغزو سنة إحدى وثمانين ومائة في شهر رمضان، وقيل: توفي في بعض البراري سائحا مختارا للتغرب والخمول بعد لشهرة والجاه العظيم. 866 - [عبيد الله الأشجعي] (1) عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي أبو عبد الرحمن الكوفي. سمع سفيان الثوري، وعبد الملك ابن أبجر وغيرهما.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 330)، و «الجرح والتعديل» (5/ 323)، و «تهذيب الكمال» (19/ 107)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 514)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 283)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 20).

867 - [عمار ابن أخت الثوري]

روى عنه حميد القرشي، وأبو النضر هاشم، وأبو كريب، وأحمد بن جواس وغيرهم. وتوفي سنة اثنتين وثمانين ومائة في أولها. 867 - [عمار ابن أخت الثوري] (1) عمار بن محمد ابن أخت سفيان الثوري يكنى: أبا اليقظان، حديثه في الكوفيين. قال ابن عرفة: كان لا يضحك، وكنا لا نشك أنه من الأبدال. روى عنه الأعمش وغيره. وتوفي سنة اثنتين وثمانين ومائة. 868 - [يحيى ابن أبي زائدة] (2) يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، واسم أبي زائدة: ميمون، ويقال: خالد مولى امرأة من رواعة، الهمداني أبو سعيد الكوفي. سمع أباه، وأبا مالك الأشجعي، وعاصما الأحول، وعمرو بن ميمون وغيرهم. وروى عنه إبراهيم بن موسى، ويحيى بن آدم، وعلي ابن المديني وغيرهم. قال ابن المديني: انتهى العلم في زمانه إليه، ما كان بالكوفة بعد الثوري أثبت منه. توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة. وقال كاتب الواقدي: (مات بالمدائن وهو قاض بها سنة ثلاث وثمانين ومائة) (3). 869 - [يزيد بن زريع العيشي] (4) يزيد بن زريع العيشي، بشين معجمة، يقال: إنه من بني عايش ابن بكر بن وائل البصري.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 330)، و «الجرح والتعديل» (6/ 393)، و «تهذيب الكمال» (21/ 204)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 310)، و «مرآة الجنان» (1/ 382)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 204). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 516)، و «الجرح والتعديل» (9/ 144)، و «تهذيب الكمال» (31/ 305)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 337)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 451)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 353). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 516). (4) «طبقات ابن سعد» (9/ 290)، و «الجرح والتعديل» (9/ 263)، و «تهذيب الكمال» (32/ 124)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 296)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 463)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 411).

870 - [قاضي القضاة أبو يوسف]

سمع سليمان التيمي، وروح بن القاسم وغير واحد. وروى عنه القعنبي، ومسدد، وقتيبة وغيرهم. وتوفي سنة اثنتين وثمانين ومائة، هذا هو الصواب. وقال كاتب الواقدي: (مات سنة ثمان وعشرين ومائة) (1). وقال الإمام أحمد: كان ريحانة البصرة. ورآه نصر بن علي الجهضمي في النوم فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: دخلت الجنة، فقال له: بماذا؟ قال: بكثرة الصلاة. 870 - [قاضي القضاة أبو يوسف] (2) القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي، قاضي القضاة، وهو أول من دعي بذلك. جالس ابن أبي ليلى، وجماعة من الكبار، وتفقه على الإمام أبي حنيفة، وسمع عطاء بن السائب وطبقته، وروى عنه محمد بن الحسن الشيباني الحنفي، والإمام أحمد ابن حنبل، ويحيى بن معين وغيرهم من الأئمة، وكان الغالب عليه مذهب أبي حنيفة، وخالفه في مواضع كثيرة. ولي القضاء للمهدي، ثم لابنيه الهادي والرشيد، وكان الرشيد يجله ويكرمه، وهو أول من نشر علم أبي حنيفة في أقطار الأرض، وكان مع معرفته بالفقه يحفظ التفسير والمغازي وأيام العرب، ولم يكن في أصحاب أبي حنيفة مثله. قال حماد بن أبي حنيفة: رأيت يوما أبا حنيفة، وعن يمينه أبو يوسف وعن يساره زفر وهما يتجاولان، فلا يقول أبو يوسف قولا .. إلا أفسده زفر، ولا يقول زفر قولا .. إلا أفسده أبو يوسف إلى وقت الظهر، فلما أذن المؤذن .. ضرب أبو حنيفة فخذ زفر وقال:

(1) في النسخة التي بين أيدينا من «طبقات ابن سعد» (9/ 290) -وهو كاتب الواقدي-توفي سنة (182 هـ‍). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 332)، و «المعارف» (ص 499)، و «تاريخ بغداد» (14/ 242)، و «المنتظم» (5/ 451)، و «وفيات الأعيان» (6/ 378)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 535)، و «العبر» (1/ 284)، و «مرآة الجنان» (1/ 382)، و «البداية والنهاية» (10/ 609)، و «الجواهر المضية» (3/ 611)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 107)، و «شذرات الذهب» (2/ 367).

لا تطمع برئاسة في بلدة فيها أبو يوسف، وقضى لأبي يوسف على زفر. ومن كلام أبي يوسف: صحبة من لا يخشى العار عار يوم القيامة، وكان يقول: العلم شيء لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، وأنت إن أعطيته كلك .. كنت من إعطائه البعض على غرر. قيل: كان يجلس إلى أبي يوسف رجل يطيل الصمت، فقال له أبو يوسف: ألا تتكلم؟ فقال: متى يفطر الصائم؟ قال: إذا غربت الشمس، قال: فإن لم تغب إلى نصف الليل؟ فضحك أبو يوسف وقال: أصبت في صمتك، وأخطأت أنا في استدعاء نطقك، ثم تمثل وأنشد: [من الطويل] عجبت لإزراء الغبي بنفسه … وصمت الذي قد كان بالقول أعلما وفي الصمت ستر للغبي وإنما … صحيفة لب المرء أن يتكلما سأله الرشيد عن إمام شاهد رجلا يزني هل يحده؟ قال: فقلت: لا، فسجد الرشيد، فوقع لي أنه قد رأى بعض أهله على ذلك، ثم قال لي: من أين قلت هذا؟ قلت: من قوله صلّى الله عليه وسلم: «ادرءوا الحدود بالشبهات» (1) وهذه شبهة، فقال: وأي شبهة في المعاينة؟ ! قلت: ليس توجب المعاينة لذلك أكثر من العلم بما جرى، وليس لأحد أخذ حقه بعلمه، فسجد أخرى، وأمر لي بمال جزيل، وأن ألزم الدار، فما خرجت حتى جاءتني هدية ممن شوهد منه ذلك ومن أمه وأهله، وكان أصلا للنعمة، ولزمت الدار، فصار هذا يستفتيني، وهذا يشاورني، ولم يزل حالي يقوى حتى قلدني قضاء القضاة. قال ابن خلكان: (وهذا يخالف ما تقدم: أنه ولي القضاء لثلاثة من الخلفاء) اه‍ (2) ولعله ولي الآن القضاء الأكبر الذي عبر عنه بقضاء القضاة، وكانت تولية الثلاثة؛ لمجرد القضاء، ويحتمل أنه كان قد عزل في أيام الهادي، ثم قلده الرشيد القضاء عند هذه القضية، فيصدق أنه ولي القضاء للثلاثة، والله أعلم بحقيقة الحال. قال الشيخ اليافعي: (وقول أبي يوسف: وليس لأحد أخذ حقه بعلمه .. منتقض بمسألة الظفر؛ فإن له أخذ قدر حقه، ولو قال: وليس للقاضي أن يقضي بعلمه في حدود الله تعالى .. كان صوابا) اه‍

(1) أخرجه الحاكم (4/ 384)، والترمذي (1424). (2) «وفيات الأعيان» (6/ 381).

قال بشر بن الوليد الكندي: قال لي القاضي أبو يوسف: دعاني الرشيد ليلا فراعني ذلك، فدخلت عليه وعنده عيسى بن جعفر، فسلمت، فرد وقال: أظننا روعناك، فقلت: إي والله وكذلك من خلفي، فقال: اجلس، فجلست حتى سكن روعي، فقال: إن عند هذا جارية، وامتنع من بيعها أو هبتها لي، وزعم أن عليه يمينا بالعتاق، وصدقة ما يملك ألا يبيعها ولا يهبها، فهل في ذلك مخرج؟ قلت: نعم يهب لك نصفها، ويبيعك نصفها، فيكون لم يهبها ولم يبعها، قال عيسى: أفيجوز ذلك؟ قلت: نعم، قال: فأشهدك أني قد وهبت له نصفها، وبعته نصفها الباقي بمائة ألف دينار، ثم أحضرت الجارية والمال، فقال الرشيد: يا يعقوب؛ بقيت واحدة هي مملوكة ولا بد أن تستبرأ، ولا أقدر أصبر عنها ليلتي هذه، فقلت: يا أمير المؤمنين؛ تعتقها وتزوّجها؛ فإن الحرة لا تستبرأ، قال: قد أعتقتها، فمن يزوجنيها؟ قلت: أنا، فدعا بمسرور وحسين، فخطبت ثم زوجته إياها على عشرين ألف دينار، ودعا بالمال فدفعه إليها، ثم قال: انصرف يا يعقوب، ثم قال لمسرور: احمل إلى يعقوب مائتي ألف درهم، وكذا وكذا من الثياب، فحمل ذلك معي، قال بشر بن الوليد: فالتفت إليّ أبو يوسف وقال: هل رأيت بأسا فيما فعلت؟ قلت: لا، فأعطاني عشر المال، فشكرته ودعوت له، وذهبت لأقوم .. فإذا بعجوز دخلت فقالت: يا أبا يوسف؛ إن بنتك تقرئك السلام وتقول: والله؛ ما وصل إلي في ليلتي هذه من أمير المؤمنين إلا المهر الذي عرفته، وقد حملت إليك النصف منه، وخلفت الباقي لما أحتاج إليه، فقال: رديه، لا أقبله، أخرجتها من الرق، وزوجتها بأمير المؤمنين، وترضى لي بهذا؟ قال بشر: فلم نزل نتلطف به أنا وعمومتي حتى قبلها، وأمر لي منها بألف دينار. قال يحيى بن معين: كنت عند أبي يوسف القاضي وعنده جماعة من أصحاب الحديث وغيرهم، فوافته هدية أم جعفر احتوت على تخوت دبيقي، وشرب، وطيب وغير ذلك، فذاكرني رجل حديث: «من أتته هدية وعنده قوم جلوس .. فهم شركاؤه فيها» (1) فسمعها أبو يوسف فقال: أبي تعرّض؟ إنما قاله صلّى الله عليه وسلم والهدايا يومئذ الأقط والتمر والزبيب، ولم تكن الهدايا ما ترون، يا غلام؛ أشله إلى الخزائن. قال يحيى بن معين: كان القاضي أبو يوسف يصلي بعد ما ولي القضاء كل يوم مائتي ركعة.

(1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (3/ 93).

871 - [يونس بن حبيب النحوي]

وقال يحيى بن يحيى النيسابوري: سمعت أبا يوسف عند وفاته يقول: كل ما أفتيت به فقد رجعت عنه إلا ما وافق الكتاب والسنة. وقال محمد بن سماعة: سمعت أبا يوسف في اليوم الذي مات فيه يقول: اللهم؛ إنك تعلم أني لم أجر في حكم حكمت به بين اثنين من عبادك تعمدا، ولقد اجتهدت في الحكم بما وافق كتابك وسنة نبيك صلّى الله عليه وسلم، وكل ما أشكل علي جعلت أبا حنيفة بيني وبينك، وكان عندي والله ممن يعرف أمرك، ولا يخرج عن الحق وهو يعلمه. قال ابن خلكان: (وأكثر العلماء على تفضيله وتعظيمه، قال: وقد نقل الخطيب في «تاريخه» ألفاظا عن عبد الله بن المبارك، ووكيع، ويزيد بن هارون، والبخاري ينبو السمع عنها تركت ذكرها، والله أعلم بحاله) (1). توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة، وعمره قريب من سبعين سنة. 871 - [يونس بن حبيب النحوي] (2) يونس بن حبيب النحوي مولى بني ضبة. أخذ الأدب عن أبي عمرو بن العلاء، وحماد بن سلمة، وسمع من العرب، وكان النحو أغلب عليه. سمع منه الكسائي، والفراء، وروى عنه سيبويه كثيرا، وله تصانيف. قال يونس: العرب تقول: (فرقة الأحباب سقم الألباب) وأنشد: [من الكامل] شيئان لو بكت الدماء عليهما … عيناي حتى يؤذنا بذهاب لم يبلغا المعشار من حقيهما … شرخ الشباب وفرقة الأحباب قال أبو عبيدة: قدم سليمان العباسي من عند الخليفة المهدي، فبعث إلى يونس بن حبيب، فقال: أنا وأمير المؤمنين اختلفنا في هذا البيت: [من الكامل] والشيب ينهض في السواد كأنه … ليل يصيح بجانبيه نهار

(1) «وفيات الأعيان» (6/ 388)، وانظر «تاريخ بغداد» (14/ 258). (2) «المعارف» (ص 541)، و «الجرح والتعديل» (9/ 237)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 333)، و «معجم الأدباء» (6/ 281)، و «وفيات الأعيان» (7/ 244)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 191)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 480)، و «مرآة الجنان» (1/ 388)، و «شذرات الذهب» (2/ 371).

872 - [مروان بن أبي حفصة]

قال: فما الليل والنهار؟ فقال: الليل الليل الذي تعرف، والنهار النهار الذي تعرف. وحكي: أنه قال: أصل المثل في قولهم: (الصيد كل الصيد في جوف الفرا): أنه خرج رجال يتصيدون، فاصطاد رجل منهم حمار وحش، واصطاد الآخرون ما بين ظبي وأرنب، واجتمعت نساؤهم، فجعلت المرأة تقول: اصطاد زوجي كذا، فتقول صاحبة الحمار: كل الصيد في جوف الفرا. وسئل يونس عن مجير أم عامر في قول الشاعر: [من الطويل] ومن يصنع المعروف في غير أهله … يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر أعد لها لما استجارت ببيته … قراها من ألبان اللقاح البهازر فأشبعها حتى إذا ما تمطرت … فرته بأنياب لها وأظافر فقل لبني المعروف هذا جزاء من … يجود بمعروف إلى غير شاكر فقال: أصل ذلك: أن فتيانا من العرب أثاروا ضبعا، فأفلتت من أيديهم، ودخلت خباء بعض الأعراب، فقال لهم: والله؛ لا تصلون إليها، فأكلت حتى شبعت، وتمددت في جانب الخباء، فغلب الأعرابيّ النوم، فلما استثقل .. وثبت عليه، فقرضت حلقه، وبقرت بطنه، وأكلت حشوته، وخرجت تسعى، فجاء أعرابي فنظر إليها وأنشد الأبيات المذكورة. توفي يونس سنة اثنتين وثمانين ومائة، وقيل: قبلها بسنة، وقيل: بعدها بسنة. قيل: إن عمره مائة سنة وسنتان. 872 - [مروان بن أبي حفصة] (1) مروان بن أبي حفصة، الشاعر المشهور، من أهل اليمامة. قدم بغداد، ومدح المهدي، وهارون الرشيد، وهو من الشعراء المجيدين، والفحول المتقدمين. حكي أنه لما أنشد المهدي قصيدته التي يقول فيها: [من الطويل] إليك قسمنا النصف من صلواتنا … مسيرة شهر بعد شهر نواصله

(1) «الأغاني» (23/ 214)، و «وفيات الأعيان» (5/ 189)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 479)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 389)، و «مرآة الجنان» (1/ 389)، و «البداية والنهاية» (10/ 609)، و «شذرات الذهب» (2/ 372).

فلا نحن نخشى أن يخيب رجاؤنا … إليك ولكن أهنأ العيش عاجله فقال له المهدي: كم قصيدتك هذه من بيت؟ قال: سبعون بيتا، قال: فلك سبعون ألف درهم، لا تتم إنشادك حتى تحضر، فأنشد القصيدة، وقبض المال وانصرف. قال ابن المعتز: وأجود ما قاله مروان قصيدته الغراء اللامية التي يمدح بها معن بن زائدة الشيباني، يقال: أعطاه عليها مالا كثيرا لا يقدر قدره، وقصيدته اللامية المذكورة نحو ستين بيتا، ومنها: قوله: [من الطويل] بنو مطر يوم اللقاء كأنهم … أسود لهم في بطن خفّان أشبل هم يمنعون الجار حتى كأنما … لجارهم بين السّماكين منزل بهاليل في الإسلام سادوا ولم يكن … كأولهم في الجاهلية أول هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا … أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا وله في مدائح معن ومراثيه كل معنى بديع، وقد ذكرنا بعض ذلك في ترجمة معن في سنة إحدى وخمسين ومائة (1). ويحكى: أن ولدا لمروان بن أبي حفصة دخل على شراحيل بن معن بن زائدة فأنشده: [من البسيط] أيا شراحيل بن معن بن زائدة … يا أكرم الناس من عجم ومن عرب أعطى أبوك أبي مالا فعاش به … فأعطني مثل ما أعطى أبوك أبي ما حل أرضا أبي ثاو أبوك بها … إلا وأعطاه قنطارا من الذهب قال الشيخ اليافعي: (هكذا صواب هذا البيت وإن كان بعض ألفاظه يخل بوزنه في الأصل المنقول منه) اه‍ (2) فأعطاه شراحيل قنطارا من الذهب. ومما يقرب من ذلك ما روي: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما حبس الحطيئة؛ لبذاءة لسانه على الناس .. كتب إليه الحطيئة: [من البسيط] ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ … حمر الحواصل لا ماء ولا شجر ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة … فارحم هداك مليك الناس يا عمر

(1) انظر (2/ 175). (2) «مرآة الجنان» (1/ 391).

أنت الإمام الذي من بعد صاحبه … ألقت إليك مقاليد النهى البشر ما آثروك بها إذ قدموك لها … لكن لأنفسهم قد كانت الأثر فأطلقه، وشرط عليه أن يكف لسانه عن الناس، فقال: قد منعتني الكسب يا أمير المؤمنين، فاكتب لي كتابا إلى علقمة بن علاثة لأقصده به، فامتنع عمر من ذلك، فقيل له: ما عليك من ذلك يا أمير المؤمنين، فعلقمة ليس هو من عمالك، وقد تشفع بك إليه، فكتب له عمر إلى علقمة بما أراد، فمضى الحطيئة بالكتاب، فصادف علقمة قد مات والناس منصرفون عن قبره، وابنه حاضر فوقف عليه ثم أنشد: [من الطويل] لعمري لنعم المرء من آل جعفر … بحوران أمسى أعلقته الحبائل فإن تحي لا أملل حياتي وإن تمت … فما في حياتي بعد موتك طائل وما كان بيني لو لقيتك سالما … وبين الغنى إلا ليال قلائل فقال ابنه: كم ظننت أن علقمة كان يعطيك لو وجدته حيا؟ قال: مائة ناقة يتبعها مائة من أولادها، فأعطاه ابنه إياها، والبيتان الآخران يوجدان في «ديوان النابغة الذبياني» (1) في قصيدة له يمدح بها النعمان بن المنذر الغساني. قال (2): ولم ينل أحد من الشعراء الماضين ما ناله مروان بشعره، فمما ناله ضربة واحدة ثلاث مائة ألف درهم من بعض الخلفاء بسبب بيت واحد. وقد قدمنا في ترجمة معن أن مروان المذكور لم ينتفع بشعره بعد قوله في ترثية معن من قصيدة: [من الوافر] وقلنا أين نرحل بعد معن … وقد ذهب النوال فلا نوالا فكان كلما مدح أحدا .. قال له: ألست القائل: وقلنا أين نرحل بعد معن … ................. البيت اذهب فلا لك عندنا نوال، وقد اتفق له ذلك مع المهدي، ثم ابنه الرشيد. وأخبار مروان ونوادره كثيرة. وتوفي سنة اثنتين-أو إحدى-وثمانين ومائة.

(1) «ديوان النابغة الجعدي» (ص 90). (2) القائل هو ابن المعتز في «طبقات الشعراء»، نقل كلامه اليافعي في «مرآة الجنان» (1/ 390).

873 - [محمد بن حميد المعمري]

873 - [محمد بن حميد المعمري] (1) محمد بن حميد المعمري، عرف بذلك؛ لرحلته إلى معمر باليمن، وهو يشكري بغدادي. سمع سفيان، ومعمر بن راشد وغيرهما، روى عنه زهير بن حرب، وعبد الله بن عون الهلالي، توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة. 874 - [هشيم بن بشير الواسطي] (2) هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي مولاهم الواسطي أبو معاوية، أصله من بخارى، ونزل جده القاسم واسطا للتجارة. سمع حميدا الطويل، وإسماعيل بن أبي خالد، وأبا إسحاق الشيباني وغيرهم. روى عنه عمرو الناقد، وعمرو بن زرارة، وسعيد بن سليمان وغيرهم. قال يحيى القطان: هو أحفظ من رأيت بعد سفيان وشعبة. وعن عمرو بن عون قال: صلّى هشيم الفجر بوضوء العشاء عشر سنين قبل موته. وتوفي سنة ثلاث وثمانين ومائة. 875 - [ابن السماك] (3) محمد ابن السماك الكوفي، الواعظ المشهور. روى عن الأعمش، وجماعة، وروى عنه الإمام أحمد في آخرين. دخل على الرشيد، فوعظه وخوفه، وكان الرشيد قد حلف أنه من أهل الجنة، فاستفتى العلماء فلم يفته أحد أنه من أهلها، فسأل ابن السماك المذكور عن ذلك فقال: هل قدر أمير

(1) «الجرح والتعديل» (7/ 231)، و «تهذيب الكمال» (25/ 109)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 39)، و «العبر» (1/ 283)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 548)، و «شذرات الذهب» (2/ 366). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 315)، و «الجرح والتعديل» (9/ 115)، و «تهذيب الكمال» (30/ 272)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 287)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 432)، و «مرآة الجنان» (1/ 393)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 280). (3) «الجرح والتعديل» (7/ 290)، و «حلية الأولياء» (8/ 203)، و «تاريخ بغداد» (5/ 368)، و «وفيات الأعيان» (4/ 301)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 367)، و «مرآة الجنان» (1/ 393)، و «شذرات الذهب» (2/ 376).

876 - [موسى الكاظم]

المؤمنين على معصية فتركها؛ خوفا من الله عزّ وجل؟ قال: نعم؛ هويت وأنا شاب جارية، ثم ظفرت بها، وعزمت على ارتكاب الفاحشة منها، ثم ذكرت النار وهولها، وأن الزنا من الكبائر، فأشفقت من ذلك، وكففت عنها؛ مخافة من الله عزّ وجل، فقال ابن السماك: قال الله تعالى: {وَأَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى}، فسرّ هارون بذلك. وناقش الشيخ اليافعي ابن السماك في ذلك بأن المراد من الآية: الخوف من الله، ونهي النفس عن ارتكاب الكبائر إلى الممات، أما من وقع منه ذلك، ثم أعقبه الوقوع في الكبائر؛ فإن مات على الإسلام .. فهو تحت المشيئة، وإن مات على الكفر-والعياذ بالله - .. فهو من أهل النار، وهو المراد بالآية الأولى {فَأَمّا مَنْ طَغى} إلى آخرها (1). يحكى أن ابن السماك وعظ يوما فأعجبه وعظه، فرجع إلى منزله، فنام فسمع قائلا يقول: [من الكامل] يا أيها الرجل المعلم غيره … هلا لنفسك كان ذا التعليم ابدأ بنفسك فانهها عن غيها … فإذا انتهت عنه فأنت حكيم وأراك تلقح بالرشاد عقولنا … قولا وأنت من الرشاد عديم تصف الدواء لذي السقام من الضنا … ومن الضنا والداء أنت سقيم لا تنه عن خلق وتأتي مثله … عار عليك إذا فعلت عظيم فانتبه، وآلى على نفسه ألا يعظ شهرا. توفي سنة ثلاث وثمانين ومائة. 876 - [موسى الكاظم] (2) السيد أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم.

(1) انظر «مرآة الجنان» (1/ 393). (2) «الجرح والتعديل» (8/ 139)، و «تاريخ بغداد» (13/ 27)، و «وفيات الأعيان» (5/ 308)، و «تهذيب الكمال» (29/ 43)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 270)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 417)، و «مرآة الجنان» (1/ 394)، و «شذرات الذهب» (2/ 377).

كان عابدا صالحا جوادا حليما كبير القدر، وهو أحد الأئمة الاثني عشر المعصومين في اعتقاد الإمامية، كان يدعى العبد الصالح؛ لكثرة عبادته واجتهاده. ومما يحكى من حلمه وسخائه ما بلغه عن شخص أنه يؤذيه، فبعث إليه بألف دينار، فقال: أشهد أنك من بيت النبوة. وكان مسكنه المدينة، فنقله المهدي إلى بغداد، وحبسه بها، فرأى المهدي في النوم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يقول: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ} قال الربيع: فدعاني المهدي ليلا، فراعني ذلك، فجئته .. فإذا هو يقرأ هذه الآية، وكان أحسن الناس صوتا، وقال لي: عليّ بموسى بن جعفر، فجئته به، فعانقه وأجلسه إلى جنبه وقال له: يا أبا الحسن؛ رأيت أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه، وأخبره برؤياه، فتؤمنني ألا تخرج عليّ ولا على أحد من أولادي، فقال: والله؛ لا فعلت ذلك، ولا هو من شأني، قال: صدقت، أعطوه ثلاثة آلاف دينار، وردوه إلى المدينة، قال الربيع: فأحكمت أمره ليلا فما أصبح .. إلا وهو في الطريق؛ خوف العوائق. ثم إن الرشيد حبسه في خلافته حتى توفي في حبسه. وروي: أن الرشيد لما زار النبي صلّى الله عليه وسلم .. قال: السلام عليك يا بن عم؛ مفتخرا بذلك، فقال موسى الكاظم: السلام عليك يا أبت، فتغير وجه هارون. ويروى: أن موسى الكاظم رأى النبي صلّى الله عليه وسلم يقول له: حبست مظلوما، فقل هذه الكلمات؛ فإنك لا تبيت هذه الليلة في الحبس، فقلت: بأبي وأمي ما أقول؟ قال: قل: يا سامع كل صوت، ويا سابق الفوت، ويا كاسي العظام لحما وناشرها بعد الموت؛ أسألك بأسمائك الحسنى، وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليما ذا أناة لا يقوى على أناته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ولا يحصى عددا؛ افرج عني. فرأى المهدي تلك الليلة الحسين بن علي وبيده حربة، وقال له: إن خليت عن موسى وإلا .. نحرتك بهذه الحربة، فأرسله وخلى عنه، وأعطاه ثلاثين ألف درهم، وخيره بين المقام عنده على ما يحب وبين الرجوع إلى المدينة. وتوفي رحمه الله في المحرم سنة ثلاث وثمانين ومائة.

877 - [النعمان بن عبد السلام التيمي]

877 - [النعمان بن عبد السلام التيمي] (1) النعمان بن عبد السلام التيمي من تيم الله بن ثعلبة أبو المنذر، شيخ أصبهان وعالمها. كان فقيها إماما، زاهدا عابدا، صاحب تصانيف، أخذ عن الثوري وأبي حنيفة وغيرهما. وتوفي سنة ثلاث وثمانين ومائة. 878 - [يحيى بن حمزة الحضرمي] (2) يحيى بن حمزة الحضرمي أبو عبد الرحمن السلمي الشامي، قاضي دمشق ومحدثها. سمع محمد بن الوليد الزبيدي، والأوزاعي وغيرهما. وروى عنه محمد بن المبارك الصوري، وهشام بن عمار، وعبد الله بن يوسف التنيسي. ولما قدم المنصور سنة ثلاثة وخمسين .. ولاه القضاء وقال له: يا شاب؛ إني أرى أهل بلدك قد أجمعوا عليك، فإياك والهدية، فلم يزل قاضيا بدمشق إلى أن توفي سنة ثلاث وثمانين ومائة. 879 - [إبراهيم بن سعد الزهري] (3) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري أبو إسحاق المديني. ولد سنة عشر ومائة، وسمع أباه، وصالح بن كيسان، والزهري وغيرهم.

(1) «الجرح والتعديل» (8/ 449)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 396)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 425)، و «مرآة الجنان» (1/ 395)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 231)، و «شذرات الذهب» (2/ 378). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 473)، و «الجرح والتعديل» (9/ 136)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 314)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 446)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 349)، و «شذرات الذهب» (2/ 378). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 582)، و «الجرح والتعديل» (2/ 101)، و «تهذيب الكمال» (2/ 88)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 304)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 50)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 66)، و «شذرات الذهب» (2/ 380).

880 - [عبد العزيز بن أبي حازم]

وروى عنه يزيد ابن الهاد، ومحمد بن الصباح، والوليد بن كثير وغيرهم. وولي قضاء المدينة، وتوفي بها سنة أربع-أو ثلاث-وثمانين ومائة. 880 - [عبد العزيز بن أبي حازم] (1) عبد العزيز بن أبي حازم، واسمه: سلمة بن دينار المخزومي مولاهم أبو تمام المدني. سمع أباه، ويزيد ابن الهاد، وثور بن زيد، وهشام بن عروة وغيرهم. روى عنه قتيبة بن سعيد، والقعنبي، وعلي بن المديني وغيرهم. توفي يوم الجمعة فجأة وهو ساجد في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم سنة اثنتين وثمانين ومائة، قال البخاري: (وقال عبد الرحمن بن شيبة: سنة أربع وثمانين ومائة) (2). 881 - [مروان بن شجاع الجزري] (3) مروان بن شجاع القرشي أبو عمرو مولى مروان بن محمد بن الحكم الأموي الجزري، ويقال له: الخصيفي؛ لكثرة روايته عن خصيف. سمع سالما الأفطس وغيره، وروى عنه سعيد بن سليمان، وأحمد بن منيع وغيرهما. وكان مؤدب الهادي ابن المهدي ببغداد، ومات بها في سنة أربع وثمانين ومائة. 882 - [أبو إسحاق الفزاري] (4) إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة أبو إسحاق الفزاري.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 602)، و «التاريخ الكبير» (6/ 25)، و «الجرح والتعديل» (5/ 382)، و «تهذيب الكمال» (18/ 120)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 363)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 274)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 583). (2) «التاريخ الكبير» (6/ 25). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 330)، و «الجرح والتعديل» (8/ 273)، و «تهذيب الكمال» (27/ 395)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 34)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 393)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 51). (4) «طبقات ابن سعد» (9/ 494)، و «تهذيب الكمال» (2/ 167)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 539)، و «العبر» (1/ 290)، و «مرآة الجنان» (1/ 396)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 80)، و «شذرات الذهب» (2/ 383).

883 - [يوسف بن يعقوب الماجشون]

سمع خالدا الحذاء، وحميدا الطويل، ومالك بن أنس، وموسى بن عقبة وغيرهم. وروى عن الأعمش، وأبي إسحاق الشيباني، وسهيل وغيرهم. وكان إماما عارفا قانتا مجاهدا مرابطا آمرا بالمعروف، إذا رأى بالثغر مبتدعا .. أخرجه. توفي سنة خمس-أو ست-وثمانين ومائة. 883 - [يوسف بن يعقوب الماجشون] (1) يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة، واسم أبي سلمة: دينار مولى لآل المنكدر، القرشي التيمي أبو سلمة الماجشون، وهو بالفارسية، ومعناه: المورّد، وهو لقب يعقوب أبي يوسف. سمع يوسف أباه، وصالح بن إبراهيم، والزهري، ومحمد بن المنكدر وغيرهم. روى عنه عبد العزيز الأويسي، وعلي ابن المديني، ومحمد بن أبي بكر المقدمي وغيرهم، وهو ابن عم عبد العزيز الماجشون. توفي سنة أربع وثمانين ومائة. 884 - [عبد الصمد بن علي عم المنصور] (2) عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي. ذكر ابن الجوزي: (أنه كانت فيه عجائب: منها: أنه ولد في سنة أربع ومائة، وولد أخوه محمد بن علي والد السفاح والمنصور سنة ستين، فبينهما ست وخمسون سنة، كذا في «تاريخ اليافعي» (3)، ولعله ست وأربعون سنة.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 593)، و «الجرح والتعديل» (9/ 234)، و «تهذيب الكمال» (32/ 479)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 371)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 479)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 464). (2) «المعارف» (ص 126، و 374)، و «تاريخ الطبري» (8/ 273)، و «الجرح والتعديل» (6/ 50)، و «المنتظم» (5/ 475)، و «وفيات الأعيان» (3/ 195)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 129)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 270)، و «مرآة الجنان» (1/ 399)، و «شذرات الذهب» (2/ 383). (3) انظر «مرآة الجنان» (1/ 399)، والصحيح أن بينهما أربعا وأربعين سنة، كما في «المنتظم» (5/ 476).

885 - [يزيد بن مزيد الشيباني]

ومنها: أنه حج يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بالناس في سنة خمسين، وحج عبد الصمد المذكور بالناس في سنة خمسين ومائة، وهما في النسب إلى عبد مناف سواء. ومنها: أنه أدرك السفاح والمنصور وهما ابنا أخيه، ثم أدرك المهدي وهو عم أبيه، ثم أدرك الهادي، ثم أدرك الرشيد، وهو عم جدهما، ومات في أيام الرشيد. وقال يوما للرشيد: هذا مجلس فيه أمير المؤمنين وعمه، وعم عمه، وعم عم عمه؛ وذلك أن سليمان بن أبي جعفر هو عم الرشيد، والعباس عم سليمان، وعبد الصمد عم العباس. ومنها: أنه مات بأسنانه التي ولد بها، ولم يثغر) (1) أي: لم تسقط أسنان الرضاعة، يقال: ثغر الصبي يثغر إذا سقطت أسنانه، وأثغر-بالمثلثة-واتّغر-بالمثناة من فوق مشددة- إذا نبتت. توفي عبد الصمد المذكور سنة خمس وثمانين ومائة. 885 - [يزيد بن مزيد الشيباني] (2) يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني ابن أخي معن بن زائدة. كان من الأمراء المشهورين، والأبطال المعروفين، وكان معن يقدمه على أولاده، فعاتبته امرأته لذلك، فقال: إني لأجد عنده من الغنى ما لا أجده عندهم، ولو كان ما يصنعه لبعيد .. لصار قريبا، أو لعدو .. لصار حبيبا، وسأريك في هذه الليلة ما تبسطين به عذري، ثم قال: يا غلام؛ ادع لي جساسا وزائدة وعبد الله وفلانا وفلانا-لأولاده-حتى أتى على جميع أولاده، فجاءوا وهم في الغلائل المطيبة (3) والنعال السبتية بعد ليل، فسلموا وجلسوا، ثم قال معن: يا غلام؛ ادع لي يزيد، فجاء عجلا وعليه سلاحه، فوضع رمحه بباب المجلس ودخل، فقال له معن: ما هذه الهيئة يا أبا الزبير؟ فقال: جاءني رسول

(1) «المنتظم» (5/ 476). (2) «المعارف» (ص 100)، و «تاريخ الطبري» (8/ 273)، و «تاريخ بغداد» (14/ 336)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 340)، و «وفيات الأعيان» (6/ 327)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 71)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 466)، و «مرآة الجنان» (1/ 400)، و «شذرات الذهب» (2/ 384). (3) الغلائل: الدروع، وقيل: بطائن تلبس تحت الدروع.

الأمير، فسبق إلى وهمي أنه يريدني لمهم، فلبست سلاحي، فقال معن: انصرفوا في حفظ الله، فلما خرجوا .. قال لزوجته: أرأيت؟ قالت له زوجته: قد تبين لي عذرك. كان يزيد واليا بأرمينية وأذربيجان ولاه الرشيد، ولما خرج الوليد بن طريف الخارجي على هارون الرشيد ببلاد الجزيرة-كما ذكرناه في ترجمة الوليد في سنة تسع وسبعين ومائة (1) - .. جهز إليه الرشيد موسى بن حازم في جيش كثيف، فهزمهم الوليد، وقتل أميرهم، فوجه إليه الرشيد معمر بن عيسى العبدي، فكانت بينه وبين الوليد وقائع، وكثرت جموع الوليد، فوجه الرشيد إليه يزيد المذكور في عسكر ضخم. ويروى: أنه لما جهزه الرشيد لحرب الخارجي .. أعطاه ذا الفقار سيف النبي صلّى الله عليه وسلم وقال: خذه يا يزيد؛ فإنك ستنصر به، فأخذه ومضى لحرب الوليد، وجعل الوليد يراوغه، وكان ذا مكر ودهاء، وأرسل الرشيد إلى يزيد خيلا بعد خيل، واستحثه في مناجزة الوليد، كما قدمنا ذلك، فالتقى العسكران، فدعا يزيد الخارجي للمبارزة، فبرز إليه الوليد، ووقف العسكران، فتطاردا ساعات من النهار، فأمكنت يزيد فيه الفرصة، فضرب رجله فسقط، وصاح بخيله، فبادروا إليه، واحتزوا رأسه، فوجه به إلى الرشيد، وفي ذلك يقول مسلم بن الوليد الأنصاري يمدح يزيد المذكور: [من البسيط] أذكرت سيف رسول الله سنته … وبأس أول من صلّى ومن صاما يعني: بأس علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ إذ كان هو الضارب به. وعن الأصمعي قال: رأيت في ذي الفقار ثماني عشرة فقارة، يقال: إن ذا الفقار كان مع العاصي بن نبيه يوم بدر، فقتله علي رضي الله عنه وأخذ منه ذا الفقار، وذكر بعضهم: أنه كان للنبي صلّى الله عليه وسلم، فأعطاه عليا. وذكر أبو جعفر الطبري بإسناد متصل: (أن ذا الفقار تلقاه الرشيد من أخيه الهادي، والهادي من أبيه المهدي، والمهدي من جعفر بن سليمان العباسي، وجعفر من التاجر، والتاجر من محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب دفعه إليه، قيل: بأربع مائة دينار كانت له عليه) (2).

(1) انظر (2/ 253). (2) «تاريخ الطبري» (7/ 595).

886 - [عمر بن عبيد الطنافسي]

وذكر الخطيب: (أن الرشيد قال ليزيد: من الذي يقول فيك: [من البسيط] لا يعبق الطيب كفيه ومفرقه … ولا يمسح عينيه من الكحل قد عود الطير عادات وثقن بها … فهن يتبعنه في كل مرتحل فقال: لا أدري يا أمير المؤمنين، فقال له: يقال فيك مثل هذا ولا تعرف قائله؟ ! فانصرف خجلا، فاجتمع به الوليد بن مسلم، وأنشده القصيدة التي فيها البيتان المذكوران، فقال لوكيله: بع ضيعتي، وأعط الشاعر نصف ثمنها، واحتبس نصفه لنفقتنا، فباعها بمائة ألف درهم، وأعطى الوليد بن مسلم خمسين ألفا، فبلغ ذلك الرشيد، فأعطاه مائتي ألف درهم، وقال: استرجع الضيعة بمائة ألف، وزد الشاعر خمسين ألفا، واحتبس لنفسك خمسين ألفا) (1). ومما يناسب البيت الثاني قول أبي تمام: [من الطويل] وقد ظللت عقبان راياته ضحى … بعقبان طير في الدماء نواهل أقامت على الرايات حتى كأنها … من الجيش إلا أنها لم تقاتل قال يزيد: استدعاني الرشيد يوما، فأتيته لابسا سلاحي، فضحك وقال: من الذي يقول فيك: [من البسيط] تراه في الأمن في درع مضاعفة … لا يأمن الدهر أن يدعى على عجل قلت: لا أعرفه يا أمير المؤمنين، فقال: سوءا لك من سيد قوم يمدح بمثل هذا ولا يعرف قائله، وقد بلغ أمير المؤمنين، فرواه ووصل قائله هو مسلم بن الوليد، قال: فانصرف، فدعوت به ووصلته. توفي يزيد المذكور سنة خمس وثمانين ومائة. 886 - [عمر بن عبيد الطنافسي] (2) عمر بن عبيد الطنافسي الحنفي الإيادي مولاهم الكوفي، أخو يعلى ومحمد وإبراهيم.

(1) «تاريخ بغداد» (14/ 336). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 509)، و «الجرح والتعديل» (6/ 123)، و «تهذيب الكمال» (21/ 454)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 336)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 314)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 242)، و «شذرات الذهب» (2/ 385).

887 - [المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي]

سمع سعيد بن مسروق، وسماك بن حرب، وعبد الملك بن عمير وغيرهم. روى عنه محمد بن سلام، وإسحاق الحنظلي، ومحمد بن عبد الله بن نمير وغيرهم. وتوفي سنة خمس وثمانين ومائة. 887 - [المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي] (1) المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي المدني. سمع أبا الزناد، وموسى بن عقبة، وسالما أبا النضر وغيرهم. وروى عنه يحيى بن عبد الله بن بكير، وقتيبة وغيرهما. وأظنه هو الذي ذكره اليافعي فيمن توفي سنة ست وثمانين ومائة وقال فيه: (كان فقيه المدينة بعد مالك، قيل: عرض عليه الرشيد قضاء المدينة فامتنع)، وإنما وقع في النسخة سقم، والله سبحانه أعلم (2). 888 - [خالد بن الحارث الهجيمي] (3) خالد بن الحارث الهجيمي البصري أخو سليمان، ويكنى أبا عثمان. سمع من ابن عون، وحميد الطويل، وشعبة، والثوري وغيرهم. روى عنه إسحاق الحنظلي، وقيس بن حفص، وعبيد الله القواريري وغيرهم. وتوفي سنة ست وثمانين ومائة. 889 - [حاتم بن إسماعيل الكوفي] (4) حاتم بن إسماعيل الكوفي مولى بني عبد المدان من بني الحارث بن كعب.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 208)، و «الجرح والتعديل» (8/ 225)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 166)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 410)، و «مرآة الجنان» (1/ 403)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 136). (2) «مرآة الجنان» (1/ 403)، وهو كما قال المصنف رحمه الله تعالى. (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 293)، و «الجرح والتعديل» (3/ 325)، و «تهذيب الكمال» (8/ 35)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 126)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 137)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 515). (4) «طبقات ابن سعد» (7/ 603)، و «الجرح والتعديل» (3/ 258)، و «تهذيب الكمال» (5/ 187)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 518)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 107)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 323).

890 - [عباد بن العوام الواسطي]

سمع يزيد بن أبي عبيد، والجعيد بن عبد الرحمن، وهشام بن عروة وغيرهم. وروى عنه قتيبة بن سعيد، والقعنبي، وعبد الله الحجبي وغيرهم. وتوفي سنة ست وثمانين ومائة، وقيل غير ذلك. 890 - [عباد بن العوام الواسطي] (1) عباد بن العوام بن عمر بن عبد الله بن المنذر مولى أسلم بن زرعة الكلابي أبو سهل. سمع أبا إسحاق الشيباني، ويحيى بن أبي إسحاق، وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم. وروى عنه سعيد بن سليمان، وعمران بن ميسرة، وأبو الربيع الزهراني، وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهم. توفي سنة ست-أو خمس-وثمانين ومائة. 891 - [عبد العزيز العمّي] (2) عبد العزيز بن عبد الصمد العمّي أبو عبد الصمد البصري. سمع أبا عمران الجوني، ومنصورا، وحصينا وغيرهم. وروى عنه إسحاق الحنظلي، وعلي بن المديني، وأبو غسان المسمعي وغيرهم. وتوفي سنة سبع وثمانين ومائة. 892 - [عبد العزيز الدراوردي] (3) عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي، ودراورد قيل: قرية بخراسان، وقيل: موضع بفارس كان جده منها، ويقال: هي دار بجرد، وذكر أن الرشيد قال له:

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 332)، و «الجرح والتعديل» (6/ 83)، و «تهذيب الكمال» (14/ 140)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 511)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 201)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 279). (2) «الجرح والتعديل» (5/ 388)، و «تهذيب الكمال» (18/ 165)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 369)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 277)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 589)، و «شذرات الذهب» (2/ 398). (3) «طبقات ابن سعد» (7/ 602)، و «الجرح والتعديل» (5/ 395)، و «تهذيب الكمال» (18/ 187)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 366)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 276)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 592)، و «شذرات الذهب» (2/ 398).

893 - [عبد السلام الملائي]

ما الدراوردي؟ قال: لقب، أصلحك الله، يكنى: أبا محمد، يقال: إنه مولى جهينة. سمع يزيد ابن الهاد، والعلاء بن عبد الرحمن وغيرهما. روى عنه يحيى بن يحيى، وأحمد بن عبدة، وقتيبة، وعلي بن حجر وغيرهم. توفي سنة سبع وثمانين ومائة. وكان فقيها صاحب حديث. 893 - [عبد السلام الملائي] (1) عبد السلام بن حرب الكوفي أبو بكر الملائي، سكن الكوفة. وسمع أيوب السختياني، وهشام بن حسان وغيرهما. روى عنه أبو نعيم وغيره. وتوفي سنة سبع-أو ست-وثمانين ومائة. 894 - [معتمر بن سليمان] (2) معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي البصري أبو محمد مولى بني مرة. سمع أباه، وعبيد الله بن عمر، وخالدا الحذاء وغيرهم. روى عنه أحمد ابن حنبل، وعلي ابن المديني، ومسدد وغيرهم. وكان عابدا صالحا حجة، أحد شيوخ البصرة. توفي سنة سبع وثمانين ومائة، كذا في «اليافعي» و «الذهبي» وغيرهما (3)، وعمره إحدى وثمانون سنة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 508)، و «الجرح والتعديل» (6/ 47)، و «تهذيب الكمال» (18/ 66)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 335)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 269)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 575). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 291)، و «الجرح والتعديل» (8/ 402)، و «تهذيب الكمال» (28/ 250)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 477)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 406)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 117)، و «شذرات الذهب» (2/ 398). (3) انظر «مرآة الجنان» (1/ 404)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 478)، ونقل ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (4/ 117): أنه توفي سنة سبع-أو ثمان-وثمانين.

895 - [الفضيل بن عياض]

895 - [الفضيل بن عياض] (1) الفضيل بن عياض بن مسعود التيمي اليربوعي، الولي الكبير الشهير. قال ابن المبارك: ما على الأرض أفضل من الفضيل. وقال القاضي شريك: الفضيل حجة لأهل زمانه. ولد بسمرقند، ونشأ بأبيور، قيل: كان في ابتداء أمره شاطرا يقطع الطريق، وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الجدار إليها .. سمع تاليا يتلو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ} قال: بلى يا رب قد آن، فرجع، وآواه الليل إلى خربة فيها جماعة، فقال بعضهم: نرتحل، وقال بعضهم: حتى نصبح؛ فإن فضيلا في الطريق يقطع علينا، فآمنهم وبات معهم، ثم دخل الكوفة، فسمع الحديث من منصور بن المعتمر، والأعمش، وهشام بن حسان وغيرهم، وروى عنه القعنبي، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن يحيى، وابن أبي عمر وأحمد بن عبدة وغيرهم، ثم انتقل إلى مكة فأقام بها إلى أن توفي سنة سبع وثمانين ومائة. يحكى أن الرشيد قال له يوما: ما أزهدك! قال: أنت أزهد مني؛ لأني أزهد في الدنيا الفانية، وأنت تزهد في الآخرة الباقية. وقال رحمه الله: لو أن الدنيا عرضت عليّ لا أحاسب عليها .. لكنت أتقذرها كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه. وقال رحمه الله تعالى: العمل لأجل الناس رياء، وترك العمل لأجلهم شرك، والإخلاص: أن يعافيك الله منهما. قال أبو علي الرازي: صحبت الفضيل ثلاثين سنة ما رأيته ضاحكا ولا متبسما إلا يوم مات ابنه علي، فقلت له في ذلك، فقال: إن الله تعالى أحب أمرا فأحببت ذلك الأمر، وكان ابنه المذكور شابا نجيبا من كبار الصالحين، قال: وددت أني في مكان أرى الناس

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 61)، و «الجرح والتعديل» (7/ 73)، و «حلية الأولياء» (8/ 84)، و «تاريخ مدينة دمشق» (48/ 377)، و «وفيات الأعيان» (4/ 47)، و «تهذيب الكمال» (23/ 281)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 421)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 331)، و «مرآة الجنان» (1/ 415)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 399)، و «شذرات الذهب» (2/ 399).

896 - [جعفر بن يحيى البرمكي]

ولا يروني، فبلغ ذلك أباه فقال: ويح علي؛ ليته أتمها فقال: لا أراهم ولا يروني. ومناقب الفضيل كثيرة مشهورة. 896 - [جعفر بن يحيى البرمكي] (1) جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، الوزير الكبير، والجواد الشهير. كان رحمه الله تعالى سمح الأخلاق، طلق الوجه، ظاهر البشر، من ذوي الفصاحة المشهورين باللسن والبلاغة، يقال: إنه وقع ليلة بحضرة الرشيد زيادة على ألف توقيع، ولم يخرج في شيء منها عن موجب الفقه. كان أبوه قد ضمه إلى القاضي أبي يوسف الحنفي حتى علمه وفقهه. شكي إليه من بعض العمال، فكتب إليه: كثر شاكوك، وقل شاكروك، فإما عدلت، وإما انعزلت. ومما يحكى من فطنته أنه بلغه: أن الرشيد مغموم؛ من أجل أن يهوديا زعم أن الرشيد يموت في تلك السنة، فركب إلى الرشيد واليهودي عنده فقال: أنت تزعم أن أمير المؤمنين يموت لكذا وكذا، قال: نعم، قال: وأنت كم عمرك؟ قال: كذا وكذا، مدة طويلة، قال جعفر للرشيد: اقتله حتى تعلم أنه كذب في أمدك كما كذب في أمده، فقتله وصلبه، وذهب غم الرشيد، وشكر جعفرا على ذلك، وفي ذلك يقول أشجع السلمي: [من الطويل] سل الراكب الموفي على الجذع هل رأى … لراكبه نجما بدا غير أعور ولو كان نجم مخبرا عن منية … لأخبره عن رأسه المتحير يعرفنا موت الإمام كأنه … يعرفه أنباء كسرى وقيصر أتخبر عن نحس لغيرك شؤمه … ونجمك بادي النحس يا شر مخبر وأما كرم جعفر وسعة عطائه .. فأشهر من أن يذكر؛ اشترى مرة جارية بأربعين ألف درهم، فقالت الجارية لبائعها: اذكر ما عاهدتني عليه؛ أنك لا تأكل لي ثمنا، فبكى

(1) «المعارف» (ص 382)، و «تاريخ الطبري» (8/ 287)، و «تاريخ بغداد» (7/ 164)، و «المنتظم» (5/ 495)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 348)، و «وفيات الأعيان» (1/ 328)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 59)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 98)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 156)، و «مرآة الجنان» (1/ 404)، و «البداية والنهاية» (10/ 619)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 132)، و «شذرات الذهب» (2/ 391).

مولاها، وقال: اشهدوا أنها حرة وقد تزوجتها، فوهب له جعفر المال ولم يأخذ منه شيئا. وكان عنده يوما أبو عبيد الثقفي، فقصدته خنفساء، فأمر جعفر بإزالتها، فقال أبو عبيد: دعوها عسى يأتي بقصدها إليّ خير؛ فإنهم يزعمون ذلك، فأمر له جعفر بألف دينار وقال: نحقق زعمهم، فأمر بتنحيتها ثم قصدته ثانيا، فأمر له بألف دينار أخرى. يقال: إنه لما حج .. اجتاز في طريقه بالعقيق، وكانت سنة مجدبة، فاعترضته امرأة وأنشدت: [من الكامل] إني عبرت على العقيق وأهله … يشكون من مطر الربيع نزورا ما ضرهم إذ جعفر جار لهم … ألا يكون ربيعهم ممطورا قيل: والبيت الثاني مأخوذ من قول الضحاك بن عقيل الخفاجي من جملة أبيات: ولو جاورتنا العام سمراء لم نبل … على جدبنا ألا يصوب ربيع فأجزل جعفر للمرأة المذكورة العطاء، ومع ذلك فكان أخوه الفضل أجود منه. وكان جعفر متمكنا عند الرشيد، غالبا على أمره، وكان له عند الرشيد من علوّ القدر ونفاذ الأمر وعظم المحل وجلالة المنزلة ما لم يشاركه فيه غيره، حتى إن الرشيد اتخذ ثوبا واحدا كان يلبسه هو وجعفر جملة. ومما يحكى من مكانته عند الرشيد: أن الرشيد غضب على عبد الملك بن صالح الهاشمي، فاختلى جعفر يوما بأصحابه في مجلس أنس وقال لحاجبه: لا يدخل علينا أحد إلا عبد الملك القهرمان، فجاء عبد الملك بن صالح الهاشمي المذكور يستأذن على جعفر، وكان ذا صيانة وديانة، فظن الحاجب أنه الذي أمره جعفر بإدخاله، فأدخله عليه، فلما رآه جعفر .. تغير لونه، فلما رآهم عبد الملك على تلك الحال، وظهر له أنهم احتشموه .. أراد أن يرفع الخجل عنه وعنهم، فقال: اصنعوا بنا ما صنعتم بأنفسكم، فأتاه الغلام بثياب المنادمة، ثم جلس يشرب معهم، ولم يكن ذلك من شأنه، وقال للساقي: خفف عني؛ فإني ما شربته قط، فتهلل وجه جعفر فقال له: هل من حاجة؟ قال: نعم، أمير المؤمنين غضبان علي، فاسأله الرضى، قال: قد رضي عنك أمير المؤمنين، قال: وعلي أربعة آلاف ألف درهم تقضيها عني، قال: هي حاضرة، ولكن كونها من أمير المؤمنين أشرف بك، وأدل على حسن ما عنده لك، قال عبد الملك: وابني إبراهيم أريد أن أرفع قدره بصهر من أمير المؤمنين، قال: قد زوجه أمير المؤمنين العالية ابنته، قال: وأحب أن تخفق

الألوية على رأسه، قال: نعم، قد ولاه أمير المؤمنين مصر، قال إبراهيم بن المهدي الراوي للحكاية-وكان أحد ندماء جعفر في تلك الواقعة-: فانصرف عبد الملك بن صالح، وأنا أعجب من إقدام جعفر على قضاء الحوائج من غير استئذان الرشيد. فلما أصبح .. غدا جعفر إلى الرشيد، فأخبره بفعل عبد الملك ومساعدته لهم فيما كانوا عليه، وطلبه ما طلبه وإنعام جعفر بما طلب، وفي كل ذلك يقول الرشيد لجعفر: أحسنت أحسنت، ثم أمضى لعبد الملك جميع ما أنعم له به جعفر. ثم إن الرشيد سخط على البرامكة، وأضمر لهم السوء، فحج في سنة ست وثمانين، وصدر إلى الحج في أول سنة سبع، فلما بلغ العمر-موضع من الأنبار- .. دعا الرشيد غلامه ياسر وقال: اذهب إلى جعفر بن يحيى وائتني برأسه، فوجم ياسر لا يرد جوابا، فقال له: ما لك؟ ويلك، قال: الأمر عظيم، وددت أني مت من قبل وقتي هذا، فقال: امض لما أمرتك به، فمضى إلى أن دخل على جعفر وأبو زكار-بالزاي قبل الكاف وآخره راء-يغنيه، ونصبت الستائر، وجواريه عنده: [من الوافر] فلا تبعد فكل فتى سيأتي … عليه الموت يطرق أو يغادي وكل ذخيرة لا بد يوما … وإن بقيت تصير إلى نفاد ولو فوديت من حدث الليالي … فديتك بالطريف وبالتلاد فدخل عليه ياسر من غير إذن، فقال: يا ياسر؛ سررتني بإقبالك، وسؤتني بدخولك عليّ من غير إذن، قال: الأمر أكبر من ذلك؛ قد أمرني أمير المؤمنين بكذا وكذا، فأقبل جعفر يقبل يدي ياسر وقال: دعني أدخل وأوصي، فقال: لا سبيل إلى ذلك، أوص بما شئت، قال: فارجع وأعلمه بقتلي، فإن ندم .. كانت حياتي على يدك، وإلا .. أنفذت أمره فيّ، قال: لا أقدر، قال: فأسير معك إلى مضربه، وأسمع كلامه ومراجعتك، فإن أصر .. فعلت، قال: أما هذا .. فنعم، ثم إنه سار به إلى مضرب الرشيد، فلما سمع حسه .. قال له: ما وراءك؟ فذكر له قول جعفر، فسبه وقال: والله؛ لئن راجعتني .. لأقدمنك قبله، فرجع فقتله وجاء برأسه، فلما وضعه بين يديه .. أمر بضرب عنق ياسر، فقال: لا أرى قاتل جعفر، فلما قتل جعفر .. أرسل الرشيد من يقبض على يحيى وابنه الفضل، ويوقرهما حديدا، ويحملهما إلى حبس الزنادقة، وبالقبض على أولادهم وإخوانهم وقراباتهم.

ويحكى أنه رئي على باب قصر ابن ماهان بخراسان صبيحة الليلة التي قتل فيها جعفر كتاب بقلم جليل: [من السريع] إن المساكين بني برمك … صبت عليهم غير الدهر إن لنا في أمرهم عبرة … فليعتبر ساكن ذا القصر ولما بلغ سفيان بن عيينة قتل جعفر .. قال: اللهم؛ إنه كفاني مؤنة الدنيا، فاكفه مؤنة الآخرة. ويحكى أن جعفرا في آخر أيامهم أراد الركوب، فدعا بالأصطرلاب (1)؛ ليختار وقتا وهو في يده، فمر رجل على دجلة في سفينة وهو لا يرى جعفرا، ولا يدري ما يصنع، وهو ينشد هذا البيت: يدبر بالنجوم وليس يدري … ورب النجم يفعل ما يريد فرمى جعفر بالأصطرلاب الأرض، وركب. ولما قتل جعفر .. أكثر الشعراء في رثائه ورثاء آله، فقال الرقاشي: [من الوافر] هذا الخالون من شجوي فناموا … وعيني لا يلائمها منام وما سهرت لأني مستهام … إذا سهر المحب المستهام ولكن الحوادث أرقتني … فلي سهر إذا هجع الأنام أصبت بسادة كانوا نجوما … بهم نسقى إذا انقطع الغمام ولم يزل يقول إلى أن قال: على المعروف والدنيا جميعا … لدولة آل برمك السلام فلم أر قبل قتلك يا ابن يحيى … حساما فلّه السيف الحسام أما والله لولا خوف واش … وعين للخليفة لا تنام لطفنا حول جذعك واستلمنا … كما للناس بالحجر استلام وقال أيضا يرثيه وأخاه الفضل: [من الطويل] ألا إن سيفا برمكيا مهندا … أصيب بسيف هاشمي مهند

(1) شرح المصنف رحمه الله تعالى كلمة (الأصطرلاب) في ترجمة هبة الله بن الحسين الأصطرلابي المتوفى سنة (534 هـ‍)، انظر (4/ 112).

897 - [يعقوب بن داود السلمي]

فقل للمطايا بعد فضل تعطلي … وقل للرزايا كل يوم تجددي وقال آخر: [من الطويل] ولما رأيت السيف صبح جعفرا … ونادى مناد للخليفة في يحيى بكيت على الدنيا وأيقنت أنما … قصارى الفتى فيها مفارقة الدنيا وبالجملة: فمن أطال في ترجمة جعفر .. فقد قصر، وفيهم عبرة لمن اعتبر. 897 - [يعقوب بن داود السلمي] (1) يعقوب بن داود السلمي. كان سمحا جوادا كثير البر والصدقة واصطناع المعروف، مقصودا ممدحا، مدحه أعيان شعراء عصره، نشأ في صنوف من العلوم. ولما خرج إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وأخوه محمد على المنصور في سنة خمس وأربعين ومائة .. كان يعقوب المذكور كاتبا لإبراهيم المذكور، ولما ظفر المنصور بإبراهيم .. حبس يعقوب المذكور في المطبق، فلما مات المنصور، وولي ابنه المهدي .. جعل يتقرب إليه حتى أدناه، وعلت منزلته، وعظم شأنه، فكان لا ينفذ شيء من الكتب للمهدي حتى يرد كتاب من يعقوب، ثم خرج كتاب المهدي إلى الديوان: أن أمير المؤمنين قد آخى يعقوب بن داود، فقال في ذلك سلم بن عمرو: [من البسيط] قل للإمام الذي جاءت خلافته … تهدى إليه بحق غير مردود نعم القرين على التقوى أعنت به … أخوك في الله يعقوب بن داود ثم إن الوشاة والأعداء أكثروا الكلام فيه عند المهدي، وذكروا خروجه على المنصور مع إبراهيم بن عبد الله، فوجد المهدي في نفسه عليه، وأراد أن يمتحنه في ميله إلى العلوية، فقال له: هذا البستان-وأشار إلى بستان فيه صنوف من الأشجار-وهذه الجارية-وأشار إلى جارية عنده-لك، وأمرت لك بمائة ألف درهم، ولي إليك حاجة أحب أن تضمن لي قضاءها، فقال: السمع والطاعة، فقال له: قل: والله، قال: والله-ثلاث مرات-وقال

(1) «تاريخ بغداد» (14/ 264)، و «المنتظم» (5/ 458)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 325)، و «وفيات الأعيان» (7/ 19)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 346)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 471)، و «مرآة الجنان» (1/ 417)، و «البداية والنهاية» (10/ 611)، و «شذرات الذهب» (2/ 401).

له: ضع يدك على رأسي واحلف به، ففعل ذلك، فلما استوثق منه بالأيمان .. قال: هذا فلان ابن فلان-لرجل من العلوية-أحب أن تكفيني مؤنته، وتريحني منه؛ يعني: بقتله، وأمر بتحويل الجارية وما في المجلس من الأثاث والمال المذكور إليه، فاشتد سروره بالجارية، وجعلها عنده في مجلسه، فقال له العلوي: ويحك يا يعقوب؛ تلقى الله بدم رجل من ولد فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال له يعقوب: خذ المال وخذ أي طريق شئت، فقال: طريق كذا آمن لي، فقال: امض مصاحبا بالسلامة، والجارية تسمع ذلك، فوجهت بعض خدمها إلى المهدي تعلمه بذلك، وقالت: هذا جزاء من آثرته بي على نفسك، فوجه المهدي في تلك الطريق من لحق العلوي، فرده إليه وجعله في مجلس، ثم دعا يعقوب بن داود وقال له: ما فعل الرجل؟ فقال: أراح الله أمير المؤمنين منه، قال: مات؟ قال: نعم، فحلفه على ذلك، فحلف وأقسم برأسه، فقال المهدي: يا غلام؛ أخرج إلينا من في هذا البيت، ففتح بابه عن العلوي والمال بعينه، فبقي يعقوب متحيرا لا يدري ما يقول، فقال له المهدي: لقد حل دمك، ولو أردت إراقته .. لأرقته، ولكن احبسوه في المطبق، فحبسوه، وأمر بأن يطوى خبره عن كل أحد، فأقام فيه سنتين وشهورا في أيام المهدي وأيام الهادي جميعها، ثم شفع فيه يحيى بن خالد البرمكي، فأخرجه الرشيد، وقد ذهب بصره، فأحسن إليه، ورد عليه ماله، وخيره المقام حيث أراد، فاختار مكة، فأذن له في ذلك، فأقام بها حتى مات في سنة سبع وثمانين ومائة (1). ويروى: أن المهدي حبسه في بئر وبنى عليه قبة، فمكث في البئر خمس عشرة سنة، وكان يدلّى إليه كل يوم رغيف وكوز ماء، ويؤذن بأوقات الصلاة، قال: فلما كان في رأس ثلاث عشرة سنة .. أتاني آت في منامي فقال: [من البسيط] حنى على يوسف ربّ فأخرجه … من قعر جبّ وبيت حوله غمم قال: فحمدت الله تعالى وقلت: أتاني الفرج، ثم مكثت حولا لا أرى شيئا، فأتاني على رأس الحول ذلك الآتي وقال: [من الطويل] عسى فرج يأتي به الله إنه … له كل يوم في خليقته أمر قال: ثم أقمت حولا آخر، ثم أتاني ذلك الآتي فقال: [من الوافر] عسى الكرب الذي أمسيت فيه … يكون وراءه فرج قريب

(1) في معظم المصادر عدا «مرآة الجنان» أنه توفي سنة (182 هـ‍).

898 - [جرير بن عبد الحميد الضبي]

فيأمن خائف ويفكّ عان … ويأتي أهله النائي الغريب قال: فلما أصبحت .. نوديت، فظننت أني أؤذن بالصلاة، فدلي لي حبل، وقيل لي: اشدد به وسطك، ففعلت، فأخرجوني، فلما قابلت الضوء .. عشي بصري، فدخلوا بي على الخليفة، فقيل لي: سلّم على أمير المؤمنين، فقلت: السلام على أمير المؤمنين المهدي ورحمة الله وبركاته، فقال: لست به، فقلت: السلام على أمير المؤمنين الهادي، فقال: لست به، فقلت: السلام على أمير المؤمنين الرشيد، فقال: يا يعقوب؛ والله ما شفع فيك إلي أحد غير أني حملت الليلة صبية لي على عنقي، فذكرت حملك إياي على عنقك، فرثيت لك من المحل الذي كنت فيه فأخرجتك، وكان يعقوب يحمل الرشيد وهو صغير. 898 - [جرير بن عبد الحميد الضبي] (1) جرير بن عبد الحميد بن جرير بن قرط بن هلال بن أبي قيس الضبي أبو عبد الله الرازي، محدث الري، الحافظ، أصله من الكوفة. سمع الأعمش، ومغيرة، ومنصورا وغيرهم، وروى عنه قتيبة وعلي ابن المديني، ومحمد بن سلام وغيرهم. ولد سنة عشر ومائة في السنة التي مات فيها الحسن وابن سيرين، وتوفي بالري سنة ثمان- أو سبع-وثمانين ومائة. 899 - [عيسى بن يونس السبيعي] (2) عيسى بن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وسبيع: بطن من همدان، الكوفي.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 384)، و «الجرح والتعديل» (2/ 505)، و «تهذيب الكمال» (4/ 540)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 9)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 93)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 271)، و «مرآة الجنان» (1/ 420)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 297). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 494)، و «الجرح والتعديل» (6/ 291)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 47)، و «تهذيب الكمال» (23/ 62)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 489)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 323)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 371).

900 - [عبدة بن سليمان الكلابي]

سكن ناحية الشام بموضع يقال له: الحدث، وحدث عن إسماعيل بن أبي خالد، وهشام بن عروة وغيرهما. وروى عنه إسحاق الحنظلي، وإبراهيم بن موسى وغيرهما. وتوفي سنة ثمان وثمانين ومائة، وقال كاتب الواقدي: (مات بالحدث سنة إحدى وتسعين ومائة) (1). 900 - [عبدة بن سليمان الكلابي] (2) عبدة بن سليمان الكلابي من أنفسهم، ويقال: العامري الكوفي، كان اسمه عبد الرحمن، وعبدة لقب غلب عليه، يكنى: أبا محمد. سمع هشام بن عروة، ويحيى بن سعيد، وعبيد الله بن عمر وغيرهم. وروى عنه إسحاق بن راهويه، ومحمد بن سلام البيكندي، وأبو بكر ابن أبي شيبة وغيرهم. وتوفي سنة ثمان-أو سبع-وثمانين ومائة. 901 - [مرحوم بن عبد العزيز العطار] (3) مرحوم بن عبد العزيز بن مهران العطار القرشي البصري مولى آل معاوية بن أبي سفيان أبو محمد. سمع ثابتا البناني، وأبا نعامة السعدي. وروى عنه علي ابن المديني، وأبو بكر ابن أبي شيبة، ومسدد وغيرهم. وكان محدثا عابدا صالحا. وتوفي سنة ثمان-أو سبع-وثمانين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 494). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 513)، و «الجرح والتعديل» (6/ 89)، و «تهذيب الكمال» (18/ 530)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 511)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 285)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 642). (3) «المعارف» (ص 527)، و «الجرح والتعديل» (8/ 436)، و «تهذيب الكمال» (27/ 366)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 330)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 388)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 46).

902 - [عقبة بن خالد السكوني]

902 - [عقبة بن خالد السكوني] (1) عقبة بن خالد بن معوذ السكوني. سمع عبيد الله بن عمر، وهشام بن عروة وغيرهما. وروى عنه سعيد الأشج، ومحمد ابن نمير، وسهل بن عثمان وغيرهم. وتوفي سنة ثمان وثمانين ومائة. 903 - [النديم الموصلي] (2) أبو إسحاق إبراهيم بن ماهان التميمي مولاهم، المعروف بالنديم الموصلي، ولم يكن من الموصل، وإنما أقام بها مدة فنسب إليها، وهو من بيت كبير من العجم، ولم يكن مثله في الغناء واختراع الألحان، وأول خليفة سمعه المهدي بن المنصور. يحكى أن هارون الرشيد كان يهوى جارية هوى شديدا، فتغاضبا مرة، ودام بينهما الغضب، فقال البرمكي للعباس بن الأحنف: أحب أن تعمل في ذلك شيئا، فقال: [من الكامل] راجع أحبتك الذين هجرتهم … إن المتيم قل ما يتجنب إن التجنب إن تطاول منكما … دبّ السّلوّ له فعزّ المطلب وأمر إبراهيم الموصلي يغني بها الرشيد، فلما سمعه .. بادر فترضاها، فسألت عن السبب، فأخبرت بذلك، فأمرت لكل واحد من العباس بن الأحنف وإبراهيم بعشرة آلاف درهم، وسألت الرشيد أن يكافئهما، فأمر لهما بأربعين ألف درهم. توفي إبراهيم المذكور بالقولنج في سنة ثمان وثمانين ومائة، وقيل: في سنة ثلاث عشرة ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 518)، و «الجرح والتعديل» (6/ 310)، و «تهذيب الكمال» (20/ 195)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 297)، و «العبر» (1/ 300)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 122). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 42)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 79)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 59)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 99)، و «مرآة الجنان» (1/ 420)، و «البداية والنهاية» (10/ 632)، و «شذرات الذهب» (2/ 402).

904 - [الكسائي]

904 - [الكسائي] (1) أبو الحسن علي بن حمزة الأسدي مولاهم المعروف بالكسائي؛ لأنه أتى حمزة بن حبيب الزيات بالكوفة وهو ملتف بكساء، فقال حمزة: من يقرأ؟ فقيل له: صاحب الكساء، فبقي عليه هذا اللقب، وقيل: بل أحرم في كساء، فنسب إليه. روى الكسائي عن حمزة الزيات، وأبي بكر بن عياش، وابن عيينة وغيرهم. وروى عنه الفراء، وأبو عبيد القاسم بن سلام وغيرهما. وكان يؤدب الأمين بن الرشيد، ولم تكن له زوجة ولا جارية، فكتب إلى الرشيد يشكو العزبة في هذه الأبيات: [من الكامل] قل للخليفة ما تقول لمن … أمسى إليك بحرمة يدلي ما زلت مذ صار الأمين معي … عبدي يدي ومطيتي رجلي وعلى فراشي من ينبهني … من نومتي وقيامه قبلي أسعى برجل مثل ثالثة … موفورة مني بلا رجل وإذا ركبت أكون مرتدفا … قدام سرجي راكبا مثلي فامنن علي بما يسكنه … عني واهد الغمد للنصل فأمر له الرشيد بعشرة آلاف، وجارية حسناء بجميع آلاتها، وخادم، وبرذون بجميع آلاته. واجتمع يوما بمحمد بن الحسن الحنفي في مجلس الرشيد، فقال الكسائي: من تبحر في علم يهتدي به إلى جميع العلوم؟ فقال له محمد: ما تقول فيمن سهى في سجود السهو، هل يسجد مرة أخرى؟ قال الكسائي: لا، قال: لماذا؟ قال: لأن النحاة يقولون: المصغر لا يصغر. قال ابن خلكان: (هكذا وجدته في مواضع عديدة، وذكر الخطيب في «تاريخه»: أن

(1) «المعارف» (ص 545)، و «الجرح والتعديل» (6/ 182)، و «تاريخ بغداد» (11/ 402)، و «معجم الأدباء» (5/ 101)، و «وفيات الأعيان» (3/ 295)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 131)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 299)، و «مرآة الجنان» (1/ 421)، و «شذرات الذهب» (2/ 407).

905 - [محمد بن الحسن الشيباني]

هذه القصة جرت بين محمد بن الحسن المذكور والفراء، وهما ابنا خالة) (1). فقال محمد: ما تقول في تعليق الطلاق؟ قال: لا يصح، قال: ولم؟ قال: لأن السيل لا يسبق المطر، قال الشيخ اليافعي: وقول الكسائي: (لا يصح) أي: لا يصح وقوعه قبل وجود الصفة المعلق عليها. اه‍ (2)، وكأنه فرض السؤال في أنه هل يقع الطلاق المعلق قبل وجود الصفة؟ وعلى ذهني أن السؤال مفروض: هل يصح تعليق الطلاق قبل النكاح؟ وللكسائي مناظرات مع سيبويه، ومع اليزيدي، ذكرت في تراجمهما. خرج صحبة الرشيد إلى الري فتوفي هناك في سنة تسع وثمانين ومائة، وفي ذلك اليوم توفي محمد بن الحسن الشيباني بالري، فقال الرشيد: دفنّا الفقه والنحو بالري. 905 - [محمد بن الحسن الشيباني] (3) محمد بن الحسن الشيباني مولاهم الكوفي، وأصله: من قرية قرب باب دمشق، فقدم أبوه من الشام إلى العراق، فأقام بواسط، فولد بها محمد المذكور، ونشأ بالكوفة، ولقي جماعة من أعلام الأئمة، وجلس مجلس أبي حنيفة سنتين، ثم تفقه على أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، وصنف الكتب النادرة منها: «الجامع الكبير»، و «الجامع الصغير» وغيرهما، وله في مصنفاته المسائل المشكلة خصوصا المتعلقة بالعربية، ونشر علم أبي حنيفة، وتناظر هو والشافعي ببغداد مرارا، وظهر عليه الشافعي وقطعه، قال الشافعي رحمه الله تعالى: ما رأيت سمينا ذكيا إلا محمد بن الحسن. وكان أفصح الناس، إذا تكلم .. خيل لصاحبه أن القرآن نزل بلغته، وهو ابن خالة الفراء صاحب النحو واللغة، قال رحمه الله تعالى: خلف لي أبي ثلاثين ألف درهم، فأنفقت نصفها على النحو واللغة.

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 296)، وانظر «تاريخ بغداد» (14/ 156). (2) «مرآة الجنان» (1/ 422). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 338)، و «المعارف» (ص 500)، و «الجرح والتعديل» (7/ 227)، و «تاريخ بغداد» (2/ 169)، و «المنتظم» (5/ 532)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 80)، و «وفيات الأعيان» (4/ 184)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 134)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 358)، و «مرآة الجنان» (1/ 422)، و «شذرات الذهب» (1/ 408).

906 - [علي بن مسهر القرشي]

وحكي عنه قال: أتى أبو حنيفة بامرأة ماتت وفي بطنها ولد يتحرك، فأمرهم فشقوا جوفها واستخرجوا الولد فعاش، وكان يتردد إلى مجلس محمد بن الحسن، ويسمى ابن أبي حنيفة. قال الشيخ اليافعي: (وقد حكي أن الشافعي رحمه الله هو الذي أفتى بشق بطن المرأة وإخراج الولد، وكان بعض العلماء قد أفتى بدفنها مع الحمل، فنشأ الولد وتعلم العلم، فسأل عنه الذي كان قد أفتى بدفنه مع أمه، فقال الشافعي رحمه الله: هذا الذي أفتيت بقتله، قال: ويحتمل أن تكونا قضيتين) (1). خرج محمد والكسائي صحبة الرشيد إلى الري، فماتا بالري في يوم واحد سنة تسع وثمانين ومائة، فقال الرشيد: دفنا الفقه والنحو اليوم بالري. 906 - [علي بن مسهر القرشي] (2) علي بن مسهر، ويكنى أبا الحسن. سمع الشيباني، وهشاما، والأعمش وغيرهم. روى عنه إسماعيل بن الخليل، وبشر بن آدم، وسويد بن سعيد وغيرهم، وولي القضاء بنواحي الموصل. وتوفي سنة تسع وثمانين ومائة. 907 - [عبد الأعلى السامي] (3) عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي-بالمهملة-من بني سامة بن لؤي البصري، يكنى أبا محمد، ويلقب أبا همام. سمع سعيد بن أبي عروبة، وعبيد الله بن عمر، وسعيد الجريري وغيرهم.

(1) «مرآة الجنان» (1/ 423). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 510)، و «الجرح والتعديل» (6/ 204)، و «تهذيب الكمال» (21/ 135)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 484)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 307)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 193). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 291)، و «الجرح والتعديل» (6/ 28)، و «تهذيب الكمال» (16/ 359)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 242)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 252)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 465)، و «شذرات الذهب» (2/ 412).

908 - [سليم بن أخضر البصري]

روى عنه نصر بن علي، وعلي ابن المديني وغيرهما. وتوفي سنة تسع وثمانين ومائة. 908 - [سليم بن أخضر البصري] (1) سليم بن أخضر البصري. سمع سليمان التيمي، وعبيد الله بن عمر، وابن عون وغيرهم. روى عنه أحمد بن عبدة، وأبو كامل الجحدري، ويحيى بن يحيى. وتوفي سنة تسع وثمانين ومائة فيما أظن (2). 909 - [أبو خالد الأحمر] (3) سليمان بن حيان الجعفري-نزل فيهم وليس منهم-الكوفي المعروف بأبي خالد الأحمر. سمع عبيد الله بن عمر، وحميدا، وهشام بن عروة وغيرهم. وروى عنه محمد بن سلام البيكندي، ومحمد ابن نمير، وأبو بكر ابن أبي شيبة وغيرهم. وتوفي سنة تسع وثمانين ومائة. 910 - [عبيدة بن حميد الحذاء] (4) عبيدة بن حميد الليثي، ويقال: الضبي، أبو عبد الرحمن الكوفي النحوي، ويقال له: الحذاء، قال الإمام أحمد: ولم يكن حذاء.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 292)، و «الجرح والتعديل» (4/ 214)، و «تهذيب الكمال» (11/ 338)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 81)، و «تقريب التهذيب» (ص 249). (2) في «تهذيب التهذيب» (2/ 81): توفي سنة (180 هـ‍)، ولم تذكر باقي المصادر تاريخ وفاته. (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 513)، و «الجرح والتعديل» (4/ 106)، و «تهذيب الكمال» (11/ 394)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 19)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 173)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 89)، و «شذرات الذهب» (2/ 413). (4) «طبقات ابن سعد» (9/ 331)، و «الجرح والتعديل» (92/ 6)، و «تهذيب الكمال» (19/ 257)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 508)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 287)، و «مرآة الجنان» (1/ 424)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 43).

911 - [حميد الرؤاسي]

سمع عبد العزيز بن رفيع، وعبد الملك بن عمير، ومنصور بن المعتمر وغيرهم. وروى عنه محمد بن سلام، وفروة بن أبي المغراء، والحسن الزعفراني وغيرهم. كان صاحب قرآن وحديث ونحو، أدب الأمين بعد الكسائي. وتوفي سنة تسعين ومائة، كذا في «تاريخ اليافعي» (1). قال أبو الفضل المقدسي: وحكى البخاري عن الحسن بن أبي زيد قال: كتبنا من عبيدة بن حميد الضبي ببغداد سنة ست وتسعين ومائة، ومات بعد ذلك (2). 911 - [حميد الرؤاسي] (3) حميد بن عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي ابن رؤاس بن كلاب. سمع أباه، وهشام بن عروة، والأعمش. وروى عنه قتيبة بن سعيد، وزهير، وابن نمير وغيرهم. وتوفي سنة تسعين-أو تسع وثمانين-ومائة. 912 - [عمر بن علي المقدمي] (4) عمر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي أبو حفص البصري، والد عاصم ومحمد. سمع إسماعيل بن أبي خالد، ومعن بن محمد، وهشام بن عروة. روى عنه ابن أخيه محمد بن أبي بكر بن علي، وخليفة وغيرهما. وتوفي سنة تسعين ومائة.

(1) انظر «مرآة الجنان» (1/ 424). (2) انظر «التاريخ الكبير» (6/ 86). (3) «الجرح والتعديل» (3/ 25)، و «تهذيب الكمال» (7/ 375)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 135)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 288)، و «مرآة الجنان» (1/ 424)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 496)، و «شذرات الذهب» (2/ 417). (4) «طبقات ابن سعد» (9/ 292)، و «الجرح والتعديل» (6/ 124)، و «تهذيب الكمال» (21/ 470)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 513)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 292)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 245).

913 - [عتاب بن بشير الحراني]

913 - [عتاب بن بشير الحراني] (1) عتاب بن بشير، يقال: إنه مولى بني أمية أبو الحسن الحراني. سمع إسحاق بن راشد وغيره، وروى عنه محمد بن سلام وغيره. قال البخاري: وتوفي سنة أربع وتسعين ومائة (2)، وذكره غيره فيمن توفي سنة تسعين ومائة. 914 - [يحيى بن خالد البرمكي] (3) يحيى بن خالد بن برمك البرمكي، أبو النجباء: جعفر، والفضل، ومحمد، وموسى. كان جده برمك من مجوس بلخ، ولا يعلم إسلامه. نعم؛ يحكى أنه دخل على عبد الملك بن مروان وعند عبد الملك صورة ديكين، من خاصيتهما: أنهما إذا دخل ذو سم .. تناقما، فلما دخل برمك .. تناقم الديكان المصوران، فأمر عبد الملك بتفتيشه، فلم يجدوا معه شيئا، فسأله هل معه شيء من السم؟ فقال: نعم خاتم مسموم أدخره لوقت الضرورة، وقدمه لعبد الملك. وأما ابنه خالد .. فإنه ولي الوزارة للسفاح ثم للمنصور، وقد ذكرناه في العشرين الثالثة من هذه المائة (4). وأما ابنه يحيى صاحب الترجمة .. فإنه كان من النبل والعقل وجميل الخلال على أكمل حال، وكان المهدي قد ضم إليه ولده هارون الرشيد، وجعله في حجره، فأدبه وهذبه، فلما ولي هارون .. عرف له حقه، وقال: أنت أجلستني في هذا المجلس ببركتك ويمنك

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 490)، و «التاريخ الكبير» (7/ 56)، و «التاريخ الأوسط» (2/ 180)، و «تهذيب الكمال» (19/ 286)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 289)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 48). (2) لم يذكر وفاته في «التاريخ الكبير»، وفي «الأوسط» (2/ 180)، و «الصغير» (2/ 251): أنه توفي سنة (190 هـ‍). (3) «المعارف» (ص 381)، و «تاريخ بغداد» (14/ 133)، و «المنتظم» (5/ 546)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 374)، و «وفيات الأعيان» (6/ 219)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 89)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 448)، و «مرآة الجنان» (1/ 424)، و «شذرات الذهب» (2/ 417)، و «البداية والنهاية» (10/ 636). (4) انظر (2/ 225).

وحسن تدبيرك، وقد قلدتك الأمر، ودفع إليه خاتمه، وفي ذلك يقول الموصلي: [من الطويل] ألم تر أن الشمس كانت سقيمة … فلما ولي هارون أشرق نورها بيمن أمين الله هارون ذي الندى … فهارون واليها ويحيى وزيرها ومن كلام يحيى: ثلاثة أشياء تدل على عقول أربابها: الهدية، والكتاب، والرسول، وكان يقول لولده: اكتبوا أحسن ما تسمعون، واحفظوا أحسن ما تكتبون، وتحدثوا بأحسن ما تحفظون. ومما يدل على غزارة عقله، وصواب رأيه: ما يحكى أن الرشيد استشاره في هدم إيوان كسرى، فأشار عليه بالترك، فلم يحمله هارون على النصحية، وظن أنه أحب بقاء آثار المجوس؛ لما يقال: إن أصل البرامكة مجوس، وربما شافهه بذلك تبكيتا، فشرع الرشيد في الهدم، فغرم على هدم قطعة يسيرة أموالا جزيلة، وصعب الهدم عليه وتعسر؛ لقوة إحكام بنائه، فاستشار يحيى ثانيا في ترك الهدم، فأشار عليه بألا يترك ما شرع فيه من الهدم، فقال: سبحان الله! أشرت أولا بترك الهدم، وأشرت ثانيا بالهدم، فقال ما معناه: أشرت أولا بترك الهدم؛ ليعرف شرف الإسلام وعلوه وقوة تأييده على من رأى تلك الآثار التي ظهر عليها الإسلام، وأذل أهلها، وأزال ملكهم الذي كان زواله لا يرام، وعزه لا يضام، فلما لم تقبل شوري، وشرعتم في هدمه، واستشرتني في ترك ذلك .. أشرت عليك بعدم الترك؛ لئلا يدل ذلك على ضعف الإسلام فيقال: عجز المسلمون عن هدم ما بناه المخالفون لدينهم، والهدم أسهل من البناء، فعرف الرشيد نصيحته في ذلك. وله في الجود والكرم حكايات مشهورة: منها: ما حكى إسحاق النديم الموصلي قال: كانت صلات يحيى بن خالد إذا ركب لمن تعرض له في الطريق .. مائتي درهم، فركب ذات يوم، فتعرض له شخص وأنشده: [من الخفيف] يا سمي الحصور يحيى أتيحت … لك من فضل ربنا جنتان كل من مر في الطريق عليكم … فله من نوالكم مائتان مائتا درهم لمثلي قليل … وهي منكم للقابس العجلان قال يحيى: صدقت، وأمر بحمله إلى داره، فلما رجع من دار الخلافة .. سأله عن حاله، فذكر أنه تزوج امرأة، وقد أخذ بواحدة من ثلاث: إما أن يؤدي المهر وهو أربعة

آلاف، وإما أن يطلق، وإما أن يضم للمرأة منزلا وخادما وما يكفيها إلى أن يتهيأ له نقلها، فأمر له يحيى بعشرين ألفا: أربعة آلاف للمهر، وأربعة آلاف لثمن المنزل، وأربعة آلاف للكفاية، وأربعة آلاف للخدمة، وأربعة آلاف يستظهر بها. ودخل عليه يوما أبو قابوس الحميري فأنشده: [من البسيط] رأيت يحيى أدام الله نعمته … عليه يأتي الذي لم يأته أحد ينسى الذي كان من معروفه أبدا … إلى الرجال ولا ينسى الذي يعد فأجزل صلته. وقال فيه مسلم بن الوليد الأنصاري: [من الطويل] أجدك هل تدرين أن رب ليلة … كأن دجاها من قرونك ينشر صبرت لها حتى تجلت بغرة … كغرة يحيى حين يذكر جعفر فقضى حوائجه، ووصله بجملة من المال. وفي جوده وجود ابنه ينشد هذان البيتان: سألت الندى هل أنت حر فقال لا … ولكنني عبد ليحيى بن خالد فقلت شراء قال لا بل وراثة … توارثني عن والد بعد والد وكان يحيى يقول: إذا أقبلت الدنيا .. فأنفق؛ فإنها لا تبقى. ونادى إسحاق بن إبراهيم الموصلي أحد غلمانه فلم يجبه، فقال: سمعت يحيى بن خالد يقول: يدل على حلم الرجل سوء أدب غلمانه. وأخباره كثيرة، ومكارمه شهيرة، فلا نطول بذكرها. ولما غضب الرشيد على البرامكة وقتل جعفرا .. حبس أباه يحيى المذكور، فلم يزل في الحبس إلى أن توفي سنة تسعين ومائة، ودفن في شاطئ الفرات، فوجد في جنبه رقعة مكتوب فيها بخطه: قد تقدم الخصم والمدعى عليه في الأثر، والقاضي هو الحكم العدل الذي لا يجور ولا يحتاج إلى بينة، فحملت إلى الرشيد، فلم يزل يبكي يومه كله، وبقي أياما يتبين الأسى في وجهه.

915 - [مخلد بن الحسين الأزدي]

915 - [مخلد بن الحسين الأزدي] (1) مخلد بن الحسين الأزدي المهلبي المصري. كان من عقلاء زمانه وصلحائهم. توفي سنة إحدى وتسعين ومائة. 916 - [محمد بن سلمة الحراني] (2) محمد بن سلمة بن عبد الله الحراني، مولى قتيبة، ويقال: مولى باهلة، أبو عبد الله. سمع خالدا أبا عبد الرحمن وغيره، وروى عنه أحمد ابن حنبل وغيره. وكان محدث حران ومفتيها. توفي سنة إحدى وتسعين ومائة. 917 - [مطرف بن مازن الكناني] (3) مطرف بن مازن الكناني بالولاء، وقيل: القيسي بالولاء المدني الصنعاني. ولي القضاء بصنعاء اليمن، وحدث عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وجماعة كثيرة. وروى عنه الإمام الشافعي وخلق كثير، وطعن في روايته جماعة من المحدثين، وقال بعضهم: كان رجلا صالحا. توفي سنة إحدى وتسعين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 495)، و «الجرح والتعديل» (8/ 347)، و «تهذيب الكمال» (27/ 331)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 236)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 384)، و «شذرات الذهب» (2/ 421). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 491)، و «الجرح والتعديل» (7/ 276)، و «تهذيب الكمال» (25/ 289)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 49)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 366)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 576). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 108)، و «الجرح والتعديل» (8/ 314)، و «الكامل في الضعفاء» (6/ 376)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 394)، و «ميزان الاعتدال» (4/ 125)، و «لسان الميزان» (8/ 82).

918 - [ابن القاسم المالكي]

918 - [ابن القاسم المالكي] (1) عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي المصري الفقيه أبو عبد الله، صاحب الإمام مالك بن أنس. ولد سنة إحدى-أو اثنتين-وثلاثين ومائة، وسمع بكر بن مضر وغيره، وروى عنه سعيد بن عيسى بن تليد وغيره. وتوفي سنة إحدى وتسعين ومائة. 919 - [الفضل بن موسى السيناني] (2) الفضل بن موسى السيناني-نسبة إلى سينان، بسين مهملة، ثم تحتانية آخر الحروف، ثم نونين بينهما ألف، قرية من قرى مرو-أبو عبد الله المروزي. سمع الأعمش، وعبيد الله بن عمر، وفضيل بن غزوان وغيرهم. وروى عنه إسحاق الحنظلي، ومعاذ بن أسد، وعلي بن حجر وغيرهم. ولد سنة خمس عشرة ومائة، وتوفي سنة إحدى وتسعين ومائة. 920 - [عبد الله بن إدريس الأودي] (3) عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن بن الأسود الأودي الكوفي أبو محمد. سمع إسماعيل بن أبي خالد، وأبا حيان التيمي وغيرهم. روى عنه إسحاق الحنظلي، ومحمد ابن نمير، وأبو بكر ابن أبي شيبة وغيرهم. ولد سنة خمس عشرة ومائة، وتوفي سنة اثنتين وتسعين ومائة.

(1) «الجرح والتعديل» (5/ 279)، و «تهذيب الكمال» (17/ 344)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 120)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 274)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 544)، و «شذرات الذهب» (2/ 420)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 123). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 376)، و «الجرح والتعديل» (7/ 68)، و «تهذيب الكمال» (23/ 254)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 103)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 337)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 395)، و «شذرات الذهب» (2/ 420). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 511)، و «الجرح والتعديل» (7/ 8)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 42)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 247)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 301)، و «شذرات الذهب» (2/ 422).

921 - [الفضل بن يحيى البرمكي]

921 - [الفضل بن يحيى البرمكي] (1) الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي، الأمير الكبير. ولي أعمالا جليلة، وكان أندى كفا من أخيه جعفر، وجعفر أبلغ منه في الرسائل والكتابة. وكان الرشيد قد ولاه الوزارة قبل جعفر، وأراد أن ينقلها منه إلى جعفر، فقال لأبيهما يحيى: يا أبت-وكان يدعوه كذلك-إني أريد أن أجعل الخاتم الذي لأخي الفضل لجعفر. وكان يدعو الفضل: يا أخي؛ لأنهما متقاربان في المولد، وكانت أم الفضل قد أرضعت الرشيد، واسمها: زبيدة، من مولدات المدينة. قال: وقد احتشمت من الكتاب إليه في ذلك، فاكتب أنت إليه، فكتب والده إليه: قد أمر أمير المؤمنين بتحويل الخاتم من يمينك إلى شمالك، فكتب إليه الفضل: سمعت مقالة أمير المؤمنين في أخي وأطعت، وما انتقلت مني نعمة صارت إليه، ولا غربت عني رتبة طلعت عليه، فقال جعفر: لله أخي؛ ما أنفس نفسه، وأبين دلائل الفضل عليه، وأقوى منة العقل فيه، وأوسع في البلاغة ذرعه! وولاه الرشيد خراسان، فأقام بها مدة، فوصل كتاب البريد بخراسان ويحيى جالس عند الرشيد، وفي الكتاب: إن الفضل بن يحيى متشاغل بالصيد وإدامة اللذات عن النظر في أمور الرعية، فلما قرأه الرشيد .. رمى به إلى يحيى وقال: يا أبت؛ اقرأ هذا الكتاب، وجوّب عليه ما يردعه عن ذلك، فكتب يحيى على ظهر كتاب صاحب البريد: حفظك الله يا بني، وأمتع بك، قد انتهى إلى أمير المؤمنين ما أنت عليه من التشاغل بالصيد ومداومة اللذات عن النظر في أمور الرعية ما أنكره عليك، فعاود ما هو أزين بك؛ فإن من عاد إلى ما يزينه أو يشينه .. لم يعرفه أهل دهره إلا به، والسلام. وكتب في أسفل الكتاب أبياتا مضمونها التحريض على التستر باللذات وإظهار النسك مع إخفاء تناول الشهوات (2)، وكان الرشيد ينظر إلى ما يكتبه، فلما فرغ .. قال: أبلغت

(1) «المعارف» (ص 381)، و «تاريخ الطبري» (8/ 341)، و «تاريخ بغداد» (12/ 332)، و «المنتظم» (5/ 565)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 386)، و «وفيات الأعيان» (4/ 27)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 91)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 339)، و «مرآة الجنان» (1/ 430)، و «البداية والنهاية» (10/ 644)، و «شذرات الذهب» (2/ 423). (2) الأبيات هي قوله: [من السريع] انصب نهارا في طلب العلا واصبر على فقد لقاء الحبيب -

يا أبت، فلما وصل الكتاب إلى الفضل .. لم يفارق المسجد نهارا إلى أن انصرف عن عمله. وأما جوده البالغ، وسخاؤه المفرط .. فأشهر من أن يذكر، من ذلك: أنه قال له حاجبه: بالباب رجل يزعم أن له سببا يمت به إليك، قال: أدخله، فأدخله فإذا هو شاب حسن الوجه، رث الهيئة، فسلم، وأومأ إليه بالجلوس فجلس، فقال له بعد ساعة: ما حاجتك؟ قال: أعلمتك بها رثاثة ملبسي، قال: فما الذي تمت به؟ قال: ولادة تقرب من ولادتك، وجوار يدنو من جوارك، واسم مشتق من اسمك، فقال الفضل: أما الجوار .. فيمكن، وقد يوافق الاسم الاسم، ولكن ما علمك بالولادة؟ قال: أخبرتني أمي أنها لما ولدتني .. قيل لها: ولد هذه الليلة ليحيى بن خالد ولد، وسمي الفضل، فسمتني أمي فضيلا؛ إكبارا لاسمك أن تلحقني به، وصغّرته؛ لقصور قدري عن قدرك، فتبسم الفضل وقال: كم أتى عليك من السنين؟ قال: خمس وثلاثون سنة، قال: صدقت، هذا المقدار الذي أعد، فما فعلت أمك؟ قال: ماتت، قال: فما منعك من اللحاق بنا مقدما؟ قال: لم أرض نفسي للقائك؛ لأنها كانت فيّ عامية معها حداثة تقعدني عن لقاء الملوك، وعلق هذا بقلبي منذ أعوام، فشغلت نفسي بما يصلح للقائك حتى رضيت نفسي، قال: فما يصلح له؟ قال: الكبير من الأمر والصغير، قال: يا غلام؛ أعطه لكل عام مضى من سنه ألف درهم، وأعطه عشرة آلاف درهم يحمل بها نفسه إلى وقت استعماله، وأعطه مركوبا سريا. ومن مستغربات تقلب الدنيا: ما حكى محمد بن يزيد الدمشقي قال: دعاني ليلة الفضل بن يحيى، فدخلت بمكان واسع فيه جمع كثير من أهل الدولة، وفيهم والده وأخوه جعفر، فأخرج مولود من باب على يمين الفضل وكانت ليلة سابعه، ولا علم لي، فأقبلوا يقرءون ومجامر الند تختلف عليهم، والشماع المعنبرة تضيء بأيدي الخدام، فلما فرغوا من القراءة .. قام الشعراء كل يهنيه بطلعته، ويبشره برؤيته، فنثرت عليهم الدنانير مطيبة

(2) - حتى إذا الليل أتى مقبلا واستترت فيه وجوه العيوب فكابد الليل بما تشتهي فإنما الليل نهار الأريب كم من فتى تحسبه ناسكا يستقبل الليل بأمر عجيب غطى عليه الليل أستاره فبات في لهو وعيش خصيب ولذة الأحمق مكشوفة يسعى بها كل عدو رقيب

بالمسك، فما بقي أحد إلا أخذ في كمه، وأخذت معهم، وخرج الناس والشعراء وخرجت معهم، فلحقني خادمان، فرداني إلى الفضل وهو جالس مع أبيه-أو قال: ابنه-فقال لي: يا محمد؛ قد سمعت ما كان هذه الليلة، والله؛ ما أعجبني من أشعارهم شيئا، وقد أحببت أن تسمعني في المولود شيئا، فقلت: [من الطويل] ونفرح بالمولود من آل برمك … ولا سيما إن كان من ولد الفضل ويعرف فيه الخير عند ولاده … ببذل الندى والجود والمجد والفضل فتهلل وجهه فرحا وقال: ما سررت بمثل هذا وأمر لي بعشرة آلاف دينار وقال لي: خذها يا محمد، وهي دون حقك، فأخذت المال، واشتريت به أرضا وعقارا، وفتح الله عليّ، وكثر مالي، وعظم جاهي، فلم يكن إلا يسيرا حتى نكبت البرامكة، وكان معي حمام بإزاء داري، فأمرت الحمامي أن ينظفه، ثم دخلت فيه، وأمرت الحمامي أن يرسل إلي بمن يدلكني ويغمزني، فأرسل إلي بصبي حسن الوجه، فدلكني وغمزني، فاستلقيت على قفاي، وذكرت أيام البرامكة وأن جميع ما أملكه من فضل الله تعالى، وهو على يد الفضل، وأنشدت البيتين المذكورين، فانقلبت عينا الصبي وانتفخت أوداجه وسقط مغشيا عليه، ففزعت، وخرجت من الحمام، وقلت للحمامي: أرسلت إلي بمجنون يدلكني؟ ! الحمد لله على السلامة منه، فقال: والله يا سيدي ما به جنون، وإن له عندي سنينا كثيرة ما رأيت منه شيئا. فدعوت الصبي وآنسته من نفسي، حتى اطمأنت نفسه، فقلت له: ما ذلك العارض الذي رأيت منك؟ قال: كأنك ظننت أني جننت؟ قلت: نعم، قال: ما كنت تنشد في ذلك الوقت؟ قلت: بيتين من الشعر، قال: ومن قائلهما؟ قلت: أنا، قال: فيمن قلتهما؟ قال: في ولد الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك، قال: ومن ولد الفضل بن يحيى بن خالد؟ قلت: لا أدري، قال: أنا ولد الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك، وأنا صاحب ذلك السابع، وفيّ قلت البيتين، كنت قد سمعتهما من قبل، فلما سمعتهما منك .. ضاقت عليّ الأرض بأجمعها، ورأيت مني ما رأيت، قال: فقلت له: يا ولدي؛ أنا والله شيخ كبير، ولا قرابة لي ترثني وأرثها، وقد عزمت أن أحضر شاهدين وأشهدهما أن جميع ما أملكه من فضل الفضل أبيك وعلى يديك، فتأخذ المال وأكون أعيش في فضلك إلى أن أموت، فتغرغرت عيناه وقال: والله؛ لا انثنيت في هبة وهبها لك والدي وإن كنت محتاجا إلى ذلك، قال: فحلفت عليه أن يأخذ الكل، أو يأخذ البعض، فأبى وكره، وكان ذلك آخر عهدي به.

922 - [العباس بن الأحنف]

وأخبار الفضل في الجود وغيره من حسن الأخلاق كثيرة شهيرة. ولما غضب الرشيد على البرامكة، وقتل جعفرا .. حبس الفضل ووالده، وضرب الفضل في الحبس مائتي سوط حتى جرح ظهره، فعالجه طبيب حتى برئ، فاقترض الفضل من بعض أصحابه عشرة آلاف درهم، وسيرها للطبيب، فردها، فظن الفضل أنه استقلها، فاقترض عشرة آلاف أخرى، وسيرها إلى الطبيب، فأبى أن يقبلها وقال: ما كنت لآخذ على معالجة فتى من الكرام كراء، والله؛ لو كانت عشرين ألف دينار ما قبلتها، فلما بلغ الفضل ذلك .. قال: والله؛ إن الذي فعله هذا أبلغ مما فعلناه في جميع أيامنا من المكارم، وكان الطبيب في شدة وفاقة، وكان الفضل ينشد وهو في السجن: [من الطويل] إلى الله فيما نالنا نرفع الشكوى … ففي يده كشف المضرة والبلوى خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها … فلا نحن في الموتى ولا نحن في الأحيا إذا جاءنا السجان يوما لحاجة … عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا وكان الفضل كثير البر بأبيه، وكان أبوه يتأذى من استعمال الماء البارد في زمن الشتاء، فيقال: إنه لما كان في السجن .. لم يقدر على تسخين الماء، فكان الفضل يأخذ الإبريق النحاس، فيلصقه إلى بطنه زمانا عسى تنكسر برودته بحرارة بطنه؛ حتى يستعمله أبوه. ولد الفضل لسبع بقين من ذي الحجة سنة سبع وأربعين ومائة، وتوفي في السجن سنة اثنتين وتسعين ومائة في المحرم، ولما بلغ الرشيد موته .. قال: أمري قريب من أمره، فكان كذلك؛ فإن الرشيد توفي سنة ثلاث وتسعين ومائة. 922 - [العباس بن الأحنف] (1) العباس بن الأحنف اليماني، الشاعر المشهور. من قوله: [من الطويل] إذا أنت لم تعطفك إلا شفاعة … فلا خير في ود يكون بشافع فأقسم ما تركي عتابك من قلى … ولكن لعلمي أنه غير نافع

(1) «الأغاني» (8/ 366)، و «تاريخ بغداد» (12/ 127)، و «المنتظم» (5/ 563)، و «معجم الأدباء» (4/ 357)، و «وفيات الأعيان» (3/ 20)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 245)، و «العبر» (1/ 312)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 638)، و «مرآة الجنان» (1/ 442)، و «البداية والنهاية» (10/ 642).

923 - [هارون الرشيد]

وإني إذا لم ألزم الصبر طائعا … فلا بد منه مكرها غير طائع توفي سنة اثنتين-أو إحدى، أو ثلاث-وتسعين ومائة. حكى عمر بن شبة قال: مات إبراهيم الموصلي المعروف بالنديم، ومات في ذلك اليوم الكسائي النحوي، والعباس بن الأحنف، فرفع ذلك إلى الرشيد، فأمر المأمون أن يصلي عليهم، فخرج، فصفوا بين يديه، فقال: من هذا الأول؟ فقالوا: إبراهيم الموصلي، فقال: أخروه وقدّموا العباس بن الأحنف، فقدم، فصلى عليه، فلما فرغ وانصرف .. دنى منه هاشم بن عبد الله الخزاعي، فقال له: يا سيدي؛ كيف آثرت العباس بن الأحنف بالتقدمة على من حضر؟ فقال: أليس هو القائل، وأنشد بيتين من نظم العباس ثم قال: أليس من قال هذا الشعر أولى بالتقدمة؟ ! قال الشيخ اليافعي: (وكان الكسائي أولى بالتقديم؛ لفضائله المشهورة، ولو لم يكن إلا كونه إماما في القراءة. قال: وفيه إشكال؛ فإن بعضهم حكى أنه رأى العباس بن الأحنف بعد موت الرشيد، وحكى بعضهم أنه توفي قبل هذه السنة) (1). 923 - [هارون الرشيد] (2) هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، الخليفة العباسي، كان يكنى أبا موسى فلم يردها، واكتنى بأبي جعفر. أمه وأم أخيه موسى الهادي الخيزران. ولد بالري سنة ثمان وأربعين ومائة، وبويع له يوم توفي أخوه موسى الهادي للنصف من ربيع سنة سبعين ومائة. وكان شهما شجاعا حازما جوادا ممدحا، فيه دين وسنة وتخشع، كان يخضع للكبار،

(1) «مرآة الجنان» (1/ 443). (2) «المعارف» (ص 381)، و «تاريخ الطبري» (8/ 342)، و «تاريخ بغداد» (14/ 6)، و «المنتظم» (6/ 17)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 387)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 386)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 423)، و «فوات الوفيات» (4/ 225)، و «مرآة الجنان» (1/ 444)، و «البداية والنهاية» (10/ 646)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 336)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 142)، و «شذرات الذهب» (2/ 431).

924 - [إسماعيل ابن علية]

ويتأدب معهم، وعظه الفضيل بن عياض، وابن السماك وغيرهم، وله مشاركات في الفقه وبعض العلوم والأدب. قيل: كان يصلي كل يوم مائة ركعة، ويتصدق كل يوم من صلب ماله بألف درهم. روى عن أبيه، وجده، ومبارك بن فضالة وغيرهم، وحج مرات في خلافته، وغزا عدة غزوات حتى قيل فيه: [من الوافر] فمن يطلب لقاءك أو يرده … فبالحرمين أو أقصى الثغور قيل: إنه كان يحج سنة، ويغزو أخرى. وتوفي بطوس سنة ثلاث وتسعين ومائة، فمدة ولايته ثلاث وعشرون سنة وثلاثة أشهر. وأول من سلم عليه بالخلافة يحيى بن خالد، وهنأه بعبد الله المأمون، وسلم عليه بالخلافة عمه سليمان بن أبي جعفر، وعم أبيه العباس بن محمد، وعم جده عبد الصمد بن علي. وكان قد عهد إلى أولاده الثلاثة: محمد الأمين، ثم عبد الله المأمون، ثم القاسم المؤتمن، ولم يدخل ولده المعتصم في ولاية العهد، فساق الله الخلافة إليه، وجعلها في عقبه دون عقب الثلاثة المذكورين، فلما توفي .. بويع ابنه محمد الأمين. 924 - [إسماعيل ابن عليّة] (1) إسماعيل بن إبراهيم بن سهم بن مقسم، المعروف بابن علية-وهي أمه مولى لبني أسد- الأسدي البصري أبو بشر. سمع أيوب، وعبد العزيز، وروح بن القاسم وغيرهم. وروى عنه علي ابن المديني، وقتيبة، وعلي بن حجر وغيرهم. قال شعبة: ابن علية سيد المحدثين، وقال يزيد بن هارون: دخلت البصرة وما بها أحد يفضل في الحديث على ابن علية. ولد سنة عشر ومائة، وتوفي سنة ثلاث-أو أربع-وتسعين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 327)، و «المعارف» (ص 384)، و «الجرح والتعديل» (2/ 153)، و «تهذيب الكمال» (3/ 23)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 107)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 98)، و «البداية والنهاية» (10/ 658)، و «شذرات الذهب» (2/ 429).

925 - [غندر الهلالي]

925 - [غندر الهلالي] (1) محمد بن جعفر الهلالي، أبو عبد الله البصري، الملقب غندر، وهو ابن امرأة شعبة، يقال: إنه جالس شعبة عشرين سنة. سمع شعبة، ومعمرا، وابن جريج وغيرهم. وروى عنه أحمد ابن حنبل، ويحيى بن معين. قال ابن معين: كان من أصح الناس كتابا. وقال غيره: مكث خمسين سنة يصوم يوما ويفطر يوما. وتوفي سنة ثلاث وتسعين ومائة. 926 - [أبو بكر بن عياش] (2) أبو بكر بن عياش-بشين معجمة آخره-الأسدي مولاهم، شيخ الكوفة في القراءات والحديث، اسمه وكنيته واحد على الأصح، وقيل: اسمه شعبة، وقيل: سالم. سمع أبا إسحاق الشيباني، وعبد العزيز بن رفيع، وحصين بن عبد الرحمن وغيرهم. وروى عنه عبد الله بن المبارك، ويحيى بن آدم، وعلي ابن المديني وغيرهم. قال بعضهم: كان لا يفتر عن التلاوة، قرأ اثنتي عشرة ألف ختمة، وقيل: أربعا وعشرين ألف ختمة. قال رحمه الله تعالى: رأيت أعرابيا واقفا بالكناسة على نجيب ينشد: [من الطويل] خليلي عوجا من صدور الرواحل … بمهجور حزوى فابكيا بالمنازل لعل انحدار الدمع يعقب راحة … من الوجد أو يشفي نجي البلابل قال: فخلوت بنفسي، فبكيت واسترحت من مصيبة أصابتني، كذا رواه المبرد عنه (3). توفي سنة ثلاث وتسعين ومائة، وعمره بضع وتسعون سنة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 297)، و «الجرح والتعديل» (7/ 221)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 98)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 352)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 531)، و «شذرات الذهب» (2/ 429). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 508)، و «الجرح والتعديل» (9/ 348)، و «وفيات الأعيان» (2/ 353)، و «تهذيب الكمال» (33/ 129)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 495)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 494)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 492). (3) انظر «الكامل في التاريخ» (1/ 118).

927 - [مخلد بن يزيد الحراني]

927 - [مخلد بن يزيد الحراني] (1) مخلد بن يزيد الحراني الجزري أبو الحسن. سمع عبد الملك بن جريج، وروى عنه محمد بن سلام، وإسحاق الحنظلي وغيرهما. توفي سنة ثلاث وتسعين ومائة. 928 - [مروان بن معاوية الفزاري] (2) مروان بن معاوية بن الحارث-أو حارثة-ابن أسماء بن خارجة بن عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري الكوفي أبو عبد الله، سكن مكة. سمع حميدا الطويل، وإسماعيل بن أبي خالد، وعاصما الأحول وغيرهم. وروى عنه إسحاق الحنظلي، ويحيى بن معين، وعلي ابن المديني وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث وتسعين ومائة، يقال: إنه مات فجاءة قبل يوم التروية بيوم. 929 - [يحيى بن سعيد بن أبان] (3) يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاصي الأموي الكوفي أبو أيوب الحافظ، وهو أخو عنبسة وعبيد وعبد الله. سمع الأعمش، ومسعرا، وابن جريج وغيرهم. وروى عنه ابنه سعيد، وداود بن رشيد، ومخلد بن مالك الحمّال. وتوفي للنصف من شعبان سنة أربع وتسعين ومائة.

(1) «الجرح والتعديل» (8/ 347)، و «تهذيب الكمال» (27/ 343)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 237)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 385)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 42)، و «شذرات الذهب» (2/ 429). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 331)، و «الجرح والتعديل» (8/ 272)، و «تهذيب الكمال» (27/ 403)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 51)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 386)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 52). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 341)، و «الجرح والتعديل» (9/ 151)، و «تهذيب الكمال» (31/ 318)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 139)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 462)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 356).

930 - [حفص بن غياث]

930 - [حفص بن غياث] (1) حفص بن غياث بن طلق بن معاوية بن الحارث بن ثعلبة النخعي الكوفي أبو عمرو. سمع الأعمش، وعاصما الأحول، وهشام بن عروة وغيرهم. روى عنه ابنه عمر، وإسحاق الحنظلي، ومحمد بن الحسن الأسدي وغيرهم، وولي قضاء الكوفة. ولد سنة سبع عشرة ومائة، وتوفي سنة خمس-أو ست-وتسعين ومائة، وقيل: سنة أربع وتسعين ومائة. 931 - [عبد الوهاب الثقفي] (2) عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت بن عبد الله بن الحكم بن أبي العاصي الثقفي البصري أبو محمد. سمع أيوب السختياني، ويحيى بن سعيد، وخالدا الحذاء وغيرهم. وروى عنه بندار، ومحمد بن سلام، وإسحاق الحنظلي وغيرهم. وقال عمرو بن علي: ولد عبد الوهاب سنة عشر ومائة، وتوفي سنة أربع وتسعين ومائة، وعمره أربع وثمانون سنة. 932 - [محمد بن حرب الأبرش] (3) محمد بن حرب الخولاني الأبرش الحمصي أبو عبد الله كاتب محمد بن الوليد الزبيدي. سمع الزبيدي، والأوزاعي وغيرهما.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 512)، و «الجرح والتعديل» (3/ 185)، و «تهذيب الكمال» (7/ 56)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 22)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 152)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 458). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 290)، و «الجرح والتعديل» (6/ 71)، و «تهذيب الكمال» (13/ 503)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 237)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 299)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 638). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 475)، و «الجرح والتعديل» (7/ 237)، و «تهذيب الكمال» (25/ 44)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 57)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 310)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 537).

933 - [إسحاق الأزرق]

وروى عنه محمد بن وهب، وحيوة بن شريح، وحاجب بن الوليد وغيرهم. وتوفي سنة أربع وتسعين ومائة. 933 - [إسحاق الأزرق] (1) إسحاق بن يوسف بن يعقوب بن مرداس الأزرق أبو محمد الواسطي. سمع الثوري، والأعمش، ومسعرا، وعبد الله بن عون وغيرهم. وروى عنه عمرو الناقد، وزهير، والحسن بن الصباح وغيرهم. وكان شيخا حافظا عابدا، يقال: إنه بقي عشرين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء. ولد سنة سبع عشرة ومائة، وتوفي سنة خمس-أو ست، أو أربع-وتسعين ومائة. 934 - [أبو معاوية الضرير] (2) محمد بن خازم-بخاء معجمة-أبو معاوية الضرير التميمي السعدي الكوفي، يقال: عمي وهو صغير. سمع الأعمش، وهشام بن عروة وغيرهما. روى عنه علي ابن المديني، وأبو موسى المديني، وقتيبة وغيرهم، وكان عالما حافظا. يروى: أنه دخل على الرشيد، وطعم عنده، ولما أراد غسل يده من الطعام .. أخذ الرشيد الإبريق من الغلام وصب عليه، فقيل له: أتدري من يصب عليك؟ قال: لا، فقيل: هو أمير المؤمنين، فلم يزده على قوله: أعزه الله كما أعز العلم وأهله. ولد سنة ثلاث عشرة ومائة، وتوفي سنة خمس وتسعين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 317)، و «الجرح والتعديل» (2/ 238)، و «تهذيب الكمال» (2/ 496)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 171)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 320)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 131). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 515)، و «الجرح والتعديل» (7/ 246)، و «تهذيب الكمال» (25/ 123)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 73)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 294)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 511).

935 - [محمد بن فضيل الضبي]

935 - [محمد بن فضيل الضبي] (1) محمد بن فضيل بن غزوان الضبي مولاهم الكوفي أبو عبد الرحمن. سمع أباه، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم. وروى عنه محمد ابن نمير، وإسحاق الحنظلي، وقتيبة بن سعيد وغيرهم. وتوفي سنة خمس-أو أربع-وتسعين ومائة. 936 - [الوليد بن مسلم الأموي] (2) الوليد بن مسلم القرشي الأموي مولاهم الدمشقي أبو العباس. سمع الأوزاعي، وابن أبي ذئب وغيرهما. وروى عنه محمد بن المثنى، وداود بن رشيد وغيرهما. وصنف سبعين كتابا، وكان محدث الشام. ولد سنة تسع عشرة ومائة، وحج سنة أربع وتسعين، وتوفي في التي تليها راجعا من الحج في الطريق قبل أن يصل دمشق. 937 - [يحيى بن سليم الطائفي] (3) يحيى بن سليم الطائفي، ويقال: هو مكي، أبو زكريا الخزاز الحذاء. سمع إسماعيل بن أمية، وعبد الله بن عثمان بن خثيم. روى عنه بشر ابن مرحوم، ويوسف بن محمد، وابن أبي عمر العدني وغيرهم. وتوفي سنة خمس وتسعين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 511)، و «الجرح والتعديل» (8/ 57)، و «تهذيب الكمال» (6/ 293)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 173)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 315)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 676). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 475)، و «الجرح والتعديل» (9/ 16)، و «تهذيب الكمال» (31/ 86)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 211)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 302)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 325). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 61)، و «الجرح والتعديل» (9/ 156)، و «تهذيب الكمال» (31/ 365)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 307)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 326)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 362).

938 - [مؤرج بن عمرو السدوسي]

938 - [مؤرج بن عمرو السدوسي] (1) مؤرج بن عمرو السدوسي النحوي البصري. روى الحديث عن شعبة بن الحجاج، وأبي عمرو بن العلاء وغيرهما، والعربية عن الخليل بن أحمد، وكان الغالب عليه علم اللغة والشعر، وله عدة تصانيف. ومن شعره: [من الطويل] وفارقت حتى ما أراع من الهوى … وإن غاب جيران علي كرام فقد جعلت نفسي على اليأس تنطوي … وعيني على هجر الصديق تنام توفي سنة خمس وتسعين ومائة. 939 - [معاذ بن معاذ البصري] (2) معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان العنبري، من ولد كعب ابن العنبر، يكنى أبا المثنى، قاضي البصرة وحافظها. روى عن سليمان التيمي، وشعبة، وابن عون وغيرهم. وروى عنه محمد ابن المثنى، وعلي ابن المديني، ومحمد بن حاتم وغيرهم. مات سنة ست-أو خمس-وتسعين ومائة. 940 - [أبو نواس] (3) الحسن بن هاني المعروف بأبي نواس، الشاعر المشهور، صاحب النوادر والغرائب والعجائب، ولقب بذلك؛ لذؤابتين كانتا له تنوسان على عاتقيه (4).

(1) «المعارف» (ص 543)، و «الجرح والتعديل» (8/ 443)، و «معجم الأدباء» (7/ 147)، و «وفيات الأعيان» (1/ 304)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 309)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 414)، و «مرآة الجنان» (1/ 449). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 294)، و «الجرح والتعديل» (8/ 248)، و «تهذيب الكمال» (28/ 132)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 54)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 396)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 100). (3) «الأغاني» (20/ 61)، و «تاريخ بغداد» (7/ 449)، و «المنتظم» (6/ 33)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 420)، و «وفيات الأعيان» (2/ 95)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 279)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 509)، و «مرآة الجنان» (1/ 449)، و «البداية والنهاية» (10/ 663)، و «شذرات الذهب» (2/ 451). (4) النوس: تذبذب الشيء، وناس الشيء: تحرك وتذبذب متدليا.

كان أبوه من جند مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية، وكان من أهل دمشق، فانتقل إلى الأهواز، وتزوج بها، وحدث له أولاد منهم أبو نواس، فأسلمته أمه إلى بعض العطارين، فرآه أبو أسامة بن الحباب، فاستحلاه وقال له: أرى فيك مخائل، أرى ألاّ تضيعها، وستقول الشعر فاصحبني أخرّجك قال له: ومن أنت؟ قال: أبو أسامة بن الحباب، قال: نعم أنا والله في طلبك، ولقد أردت أصل إلى الكوفة بسببك؛ لآخذ عنك، وأسمع منك شعرك، فصار أبو نواس معه، وقدم به بغداد. وأول ما قاله أبو نواس من الشعر وهو صبي: [من المقتضب] حامل الهوى تعب … يستخفه الطرب إن بكى يحق له … ليس ما به لعب تضحكين لاهية … والمحب ينتحب تعجبين من سقمي … صحتي هي العجب ويحكى أن المأمون قال: لو وصفت الدنيا نفسها .. لما وصفت بمثل قول أبي نواس: [من الطويل] ألا كل حي هالك وابن هالك … وذو نسب في الهالكين عريق إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت … له عن عدو في ثياب صديق قال أبو حاتم السجستاني: كانت المعاني مدفونة حتى أثارها أبو نواس. ومن محاسن شعره: [من الوافر] ولو أني استزدتك فوق ما بي … من البلوى لأعوزك المزيد ولو عرضت على الموتى حياتي … بعيش مثل عيشي لم يريدوا ومن غرائب أبي نواس: أن الرشيد طاف ليلة في قصره، فوجد جارية سكرى، وكان يحبها، فخمشها فانحل إزارها، وانحل خمارها من منكبيها، فقالت: أمهلني الليلة يا أمير المؤمنين، وغدا أصير إليك، فخلاها، ولما أصبح .. أرسل إليها يطلبها، فقالت للرسول: قل له: كلام الليل يمحوه النهار، فلما أخبر الرسول الرشيد بجوابها .. استدعى الرشيد الشعراء الذين على بابه وقال لهم: أريد من كل واحد منكم شعرا يكون آخره: كلام

الليل يمحوه النهار، فقال الرقاشي: [من الوافر] متى تصحو وقلبك مستطار … وقد منع القرار فلا قرار وقد تركتك صبّا مستهاما … فتاة لا تزور ولا تزار إذا وعدتك صدت ثم قالت … كلام الليل يمحوه النهار وقال أبو مصعب: [من الوافر] أما والله لو تجدين وجدي … لأذهب للكرى عنك المزار فكيف وقد تركت العين عبرى … وفي الأحشاء من ذكراك نار فقالت أنت مغرور بوعدي … كلام الليل يمحوه النهار وقال أبو نواس: [من الوافر] وليلة أقبلت في القصر سكرى … ولكن زين السكر الوقار وهز الريح أردافا ثقالا … وغصنا فيه رمان صغار وقد سقط الردا عن منكبيها … من التخميش وانحل الإزار مددت يدي لها أبغي التماسا … فقالت في غد منك المزار فقلت الوعد سيدتي فقالت … كلام الليل يمحوه النهار فأمر الرشيد لكل واحد من الأولين بألف دينار، وقال لأبي نواس: كأنك كنت معنا البارحة، وأمر بضرب عنقه، فقال: والله يا أمير المؤمنين؛ ما بت إلا في داري، وإنما استدللت على ما قلت بكلامك، فقبل منه، وأعطاه عشرة آلاف دينار. ومن غرائبه أيضا: أن الرشيد أرق ذات ليلة، فدخل على بعض حظاياه، فوجدها نائمة وجواريها يضربن بالمعازف على رأسها، فلما رأينه .. تفرقن من حولها، فكشف الرشيد عن وجهها، وقبل موضع خال في خدها، فانتبهت فزعة وقالت: من هذا؟ فقال: ضيف، فقالت: يكرم الضيف بسمعي والبصر، فلما أصبح .. استدعى بأبي نواس، فقال أبو نواس للرسول: قل له: إن ثيابي مرهونة عند الخمار بست مائة درهم، إن استفكها لي .. لبستها وجئت، فالتزم الرشيد له ذلك القدر، وقال له الرشيد: أحب أن تنظم لي

أبياتا على هذا اللفظ: يكرم الضيف بسمعي والبصر، فقال: [من الرمل] طال ليلي وعاودني السهر … ثم فكرت وأحسنت النظر جئت أمشي في زوايا الخبا … ثم طورا في مقاصير الحجر إذ بوجه قمر قد لاح لي … زانه الرحمن من بين البشر ثم أقبلت إليه مسرعا … ثم طأطأت فقبلت الأثر فاستفاقت فزعا قائلة … يا أمين الله ما هذا السفر قلت ضيف طارق في داركم … هل تضيفوني إلى وقت السحر فأجابت بسرور سيدي … يكرم الضيف بسمعي والبصر فقال الرشيد: يا ابن الفاعلة؛ كنت البارحة تحت السرير تسمع كلامنا، اضربوا عنقه، فحلف ما كان، وشفعوا فيه، فقال: إن كنت صادقا فقل في شيء أنا أبصره هذه الساعة، وكانت جارية قبالة الرشيد تضرب سدرا في ظل سدرتين، لابسة في إحدى كفيها خاتمين، وهي في مكان لا يراها أبو نواس ولا أحد من الناس غير الرشيد، فقال: [من مجزوء الرمل] نظرت عيني لحيني … واشتكى وجدي لبيني عند فيء السدرتين … شبحا مثل اللجين يضرب السدر بكف … وبأخرى خاتمين فقال الرشيد: أنت تبصرها يا فاعل، اقتلوه، فحلف لا يبصر شيئا، وشفع فيه فلم يقبل، فقالت جارية بالقرب من الرشيد لا يبصرها ولا إلى سواه يبلغ كلامها: بالله يا سيدي خله يروح، فقال الرشيد لها سرا: ما أخليه حتى تمشي عريانة، فحلت ثيابها ومشت حتى جاءته، فخلاه، فلما صار أبو نواس بالباب .. قال: أي والله يا سيدي: [من البسيط] ليس الشفيع الذي يأتيك متزرا … مثل الشفيع الذي يأتيك عريانا فقال له: يا شيطان، فخرج هاربا من ذلك بعد ما أبدع فيما يقول، واخترع ما سحر به العقول. والبيت الأخير للفرزدق؛ كان اختصم هو وامرأته النوار إلى عبد الله بن الزبير، فنزل الفرزدق على حمزة بن عبد الله بن الزبير، ونزلت امرأته على امرأة على عبد الله بن الزبير، فشفع كل واحد منهما لنزيله، فقبل ابن الزبير شفاعة امرأته دون شفاعة ابنه، فقال الفرزدق:

941 - [هشام بن يوسف الصنعاني]

ليس الشفيع الذي يأتيك متزرا .. البيت. ومن شعر أبي نواس في الترغيب في البكر على الثيب: [من الكامل] قالوا عشقت صغيرة فأجبتهم … أشهى المطي إلي ما لم يركب كم بين حبة لؤلؤ مثقوبة … نظمت وحبة لؤلؤ لم تثقب وكان اشترى الرشيد جارية بمائة ألف درهم، ودفع الثمن إلى البائع، ثم سألها: أبكر أنت أم ثيب؟ قالت: بل ثيب، فقال: ردوها على مولاها، وأنشد الرشيد بيتي أبي نواس المذكورين، فأنشدت الجارية: [من الوافر] إن المطية لا يلذ ركوبها … حتى تذلّل بالزمام وتركبا والحبّ ليس بنافع أربابه … حتى يفصل بالنظام ويثقبا فضحك الرشيد واشتراها، وأمر لها بمائة ألف درهم لخاصة نفسها، والبيتان اللذان أنشدتهما من شعر مسلم بن الوليد الأنصاري. توفي أبو نواس في سنة ست وتسعين ومائة. 941 - [هشام بن يوسف الصنعاني] (1) هشام بن يوسف اليماني الصنعاني أبو عبد الرحمن، قاضي صنعاء، كان من الأبناء أبناء الفرس. سمع معمرا، وابن جريج وغيرهما. وروى عنه علي ابن المديني، وإبراهيم بن موسى، وعبد الله بن المسندي وغيرهم، قال الشيخ اليافعي: (وهو من رواة «الصحيحين») اه‍ (2) وذكره أبو الفضل وغيره فيمن روى عنه البخاري ومسلم. وتوفي سنة سبع وتسعين ومائة.

(1) «الجرح والتعديل» (9/ 70)، و «تهذيب الكمال» (30/ 265)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 580)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 433)، و «مرآة الجنان» (1/ 457)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 279)، و «شذرات الذهب» (2/ 458). (2) «مرآة الجنان» (1/ 457).

942 - [أبو يحمد الكلاعي]

942 - [أبو يحمد الكلاعي] (1) بقية بن الوليد بن صائد الميتمي أبو يحمد الكلاعي الشامي الحمصي-سكن حمص- الحافظ. روى عن الزّبيدي وغيره، وروى عنه عيسى بن المنذر، وعبدة، وله في «صحيح مسلم» حديث واحد (2). توفي سنة سبع وتسعين ومائة. 943 - [شعيب بن حرب] (3) شعيب بن حرب المدائني الزاهد أبو صالح البغدادي، من أبناء خراسان، سكن المدائن. سمع صخر بن جويرية وغيره، وروى عنه يعقوب بن إبراهيم الدورقي وغيره. وتوفي بمكة سنة سبع وتسعين ومائة. 944 - [وكيع بن الجراح] (4) وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي الرؤاسي من قيس عيلان الكوفي، قيل: إن أصله من أستوا من أعمال نيسابور. سمع الأعمش، والثوري، وشعبة وغيرهم. وروى عنه إسماعيل بن أبي خالد، وعبد الله بن المبارك، وإسحاق الحنظلي وغيرهم.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 474)، و «الجرح والتعديل» (2/ 434)، و «تهذيب الكمال» (4/ 192)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 518)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 124)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 239)، و «شذرات الذهب» (2/ 457). (2) «صحيح مسلم» (1429). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 322)، و «الجرح والتعديل» (4/ 342)، و «تهذيب الكمال» (12/ 511)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 188)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 224)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 172). (4) «طبقات ابن سعد» (8/ 517)، و «الجرح والتعديل» (9/ 37)، و «تهذيب الكمال» (30/ 462)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 140)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 438)، و «مرآة الجنان» (1/ 457)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 311).

945 - [عبد الله بن وهب]

وقال الإمام أحمد: ما رأيت أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع. اه‍ كان يصوم الدهر، ويختم القرآن كل ليلة، وهو الذي أشار إليه القائل بقوله: [من الوافر] شكوت إلى وكيع سوء حفظي … فأرشدني إلى ترك المعاصي وعلله بأن العلم فضل … وفضل الله لا يحويه عاصي (1) ولد وكيع سنة تسع وعشرين ومائة، ومات بفيد منصرفا من الحج في المحرم سنة سبع وتسعين ومائة. 945 - [عبد الله بن وهب] (2) عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي المصري مولى ابن زمانة مولى بني فهر، أبو محمد. سمع عمرو بن الحارث، ويونس بن يزيد، ومالكا وغيرهم. وروى عنه يحيى بن يحيى، وسعيد بن منصور، ويونس بن عبد الأعلى وغيرهم، صحب مالكا عشرين سنة، وقال فيه: إن ابن وهب إمام. وكان صالحا جامعا بين الفقه والرواية والعبادة، ومن مصنفاته: «الموطأ الكبير»، و «الموطأ الصغير». قال يونس بن عبد الأعلى: كتب الخليفة إلى عبد الله بن وهب في قضاء مصر، فجنن نفسه، ولزم بيته، فاطلع عليه بعضهم وهو يتوضأ في صحن داره، فقال له: ألا تخرج إلى الناس فتقضي بينهم بكتاب الله وسنة رسوله؟ فرفع رأسه إليه وقال: إلى ههنا انتهى عقلك، أما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء، وأن القضاة يحشرون مع السلاطين؟ ! قرئ عليه كتاب الأهوال من «جامعه» فأخذه شيء كالغشيان، فحمل إلى داره، فلم يزل كذلك حتى توفي سنة سبع وتسعين ومائة. وولد سنة خمس وعشرين ومائة.

(1) البيتان للإمام الشافعي رحمه الله تعالى في «ديوانه» (ص 82). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 526)، و «الجرح والتعديل» (5/ 189)، و «وفيات الأعيان» (3/ 36)، و «تهذيب الكمال» (16/ 277)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 223)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 264)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 453).

946 - [محمد بن فليح الأسلمي]

946 - [محمد بن فليح الأسلمي] (1) محمد بن فليح الأسلمي مولاهم، ويقال: الخزاعي، أبو عبد الله المدني. سمع أباه، وموسى بن عقبة وغيرهما، وروى عنه إبراهيم بن المنذر. وتوفي سنة سبع وتسعين ومائة. 947 - [الأمين بن هارون الرشيد] (2) محمد الأمين بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي، الخليفة، وأمه: أم جعفر بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، وتلقب: زبيدة، كان المنصور يرقصها وهي صغيرة. ولد بالرصافة في بغداد سنة سبعين ومائة، وجعله أبوه ولي عهده من بعده، وتوفي أبوه الرشيد بطوس، والأمين ببغداد، وكان أخوه المأمون بمرو، فقدم عليه ببيعته في نصف جمادى الأخرى من سنة ثلاث وتسعين، وهو أول من خطب له بلقبه، ثم بعد سنة من خلافته همّ بخلع أخيه المأمون من ولاية العهد، وجعلها لابنه موسى، فقطع اسم المأمون من السكة والمنبر، ثم خلعه وجهز جيشا كثيفا إلى خراسان؛ للقبض على المأمون، وبعث معهم قيد فضة؛ ليقيدوا به المأمون، فلما علم المأمون بذلك .. جهز طاهر بن الحسين الخزاعي في نحو خمسة آلاف فارس؛ لحرب ذلك الجيش، فهزم طاهر بن الحسين جيش الأمين، ثم أرسل إليه جيشا آخر، فهزمهم، ثم زحف طاهر إلى بغداد، وحصر الأمين بها، وقاتل أهل البلد مع الأمين مقاتلة شديدة، ودام الحصار سنة، وفي أول المحرم من سنة ثمان وتسعين ظفر طاهر بالأمين فقتله، ونصب رأسه بباب الحديد قدر ساعتين، ثم أنزل، وبعث بالرأس مع البردة والقضيب والخاتم إلى المأمون صحبة محمد بن الحسين بن مصعب وقال له: سر بهذا الرأس والبردة إلى المأمون وقل له: وجهت إليك بالدنيا والآخرة.

(1) «التاريخ الكبير» (1/ 209)، و «الجرح والتعديل» (8/ 59)، و «تهذيب الكمال» (26/ 299)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 376)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 677)، و «شذرات الذهب» (2/ 457). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 478)، و «تاريخ بغداد» (4/ 107)، و «المنتظم» (6/ 62)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 447)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 334)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 380)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 135)، و «مرآة الجنان» (1/ 458)، و «البداية والنهاية» (10/ 679)، و «شذرات الذهب» (2/ 460).

948 - [سفيان بن عيينة]

فمدة ولاية الأمين مع الفتنة أربع سنين وستة أشهر وعشرة أيام، وعمره ثمان وعشرون سنة. 948 - [سفيان بن عيينة] (1) سفيان بن عيينة الهلالي مولاهم، أبو محمد الكوفي الحافظ، شيخ الحجاز، ونزيل مكة. كان إماما عالما تقيا ورعا مجمعا على صحة حديثه وروايته، أثنى الأئمة عليه كالشافعي وأحمد وابن وهب وغيرهم، دخل الكوفة وهو ابن عشرين سنة، فقال أبو حنيفة لأصحابه ولأهل الكوفة: جاءكم حافظ علم عمرو بن دينار، قال: فجاء الناس يسألونني عن عمرو بن دينار، فأول من صيرني محدثا أبو حنيفة. روى عن الزهري، وأبي إسحاق السبيعي، وعمرو بن دينار، ومحمد بن المنكدر، وأبي الزناد، وعاصم بن أبي النجود الكوفي، والأعمش، وعبد بن عمير وغيرهم من أعيان العلماء. وروى عنه الأئمة كالشافعي، وشعبة بن الحجاج، ومحمد بن إسحاق، وابن جريج، والزبير بن بكار، وعمه مصعب، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني، ويحيى بن أكثم القاضي وغيرهم. توفي بمكة في أول رجب سنة ثمان وتسعين ومائة، وقبره بمكة معروف، مكتوب اسمه عليه بالخط الكوفي. 949 - [عبد الرحمن بن مهدي] (2) عبد الرحمن بن مهدي بن حسان الأزدي مولاهم العنبري، أبو سعيد البصري. سمع الثوري وشعبة ومالك بن أنس وغيرهم.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 59)، و «الجرح والتعديل» (4/ 225)، و «وفيات الأعيان» (2/ 391)، و «تهذيب الكمال» (11/ 177)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 454)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 189)، و «مرآة الجنان» (1/ 459)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 59)، و «شذرات الذهب» (2/ 466). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 299)، و «الجرح والتعديل» (5/ 288)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 304)، و «تهذيب الكمال» (17/ 430)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 192)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 279)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 556).

950 - [يحيى القطان]

وروى عنه إسحاق الحنظلي، وأبو موسى بندار، وعمرو بن علي الفلاس وغيرهم. ولد سنة خمس وثلاثين ومائة في محرم، وتوفي سنة ثمان وتسعين ومائة عن ثلاث وستين سنة. 950 - [يحيى القطان] (1) يحيى بن سعيد بن فروخ القطان التميمي مولاهم أبو سعيد الأحول البصري. سمع هشام بن عروة، وحميدا الطويل، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم. وروى عنه محمد بن المثنى، وعلي ابن المديني، ومحمد بن حاتم وغيرهم، وكان حافظا محققا ورعا عابدا. قال أحمد ابن حنبل: ما رأيت مثله. وقال يحيى ابن معين: أقام يحيى القطان عشرين سنة يختم في كل ليلة، ولم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة. وقال سوار: اختلفت إليه عشرين سنة ما أظن أنه عصى الله قط. ولد أول سنة عشرين ومائة، وتوفي سنة ثمان وتسعين ومائة. 951 - [مالك بن سعيد الكوفي] (2) مالك بن سعيد بن الخمس أبو محمد. سمع هشام بن عروة وغيره، وروى عنه علي-يقال: إنه علي بن سلمة اللبقي-وغيره. وتوفي سنة ثمان وتسعين ومائة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 294)، و «الجرح والتعديل» (9/ 150)، و «تهذيب الكمال» (31/ 329)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 175)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 298)، و «مرآة الجنان» (1/ 460)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 357)، و «شذرات الذهب» (2/ 468). (2) «التاريخ الكبير» (7/ 315)، و «الجرح والتعديل» (8/ 209)، و «تهذيب الكمال» (27/ 145)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 348)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 12).

952 - [محمد بن معن الغفاري]

952 - [محمد بن معن الغفاري] (1) محمد بن معن بن محمد بن معن بن نضلة بن عمرو الغفاري أبو معن المديني. سمع أباه وغيره، وروى عنه إبراهيم بن المنذر وغيره. وتوفي سنة ثمان وتسعين ومائة وهو ابن بضع وتسعين سنة. 953 - [يونس بن بكير الشيباني] (2) يونس بن بكير الشيباني الكوفي أبو بكر، ويقال: أبو بكير، الحافظ، صاحب المغازي. سمع هشام بن عروة وغيره، وروى عنه محمد بن عبد الله بن نمير وغيره. توفي سنة تسع وتسعين ومائة. 954 - [إسحاق بن سليمان الرازي] (3) إسحاق بن سليمان الرازي العنزي العبدي الكوفي، يكنى أبا يحيى. سمع مالك بن أنس، وحنظلة بن أبي سفيان، وأفلح بن حميد وغيرهم. روى عنه عمرو الناقد، ومحمد ابن نمير، وأبو كريب وغيرهم. وكان عابدا خاشعا، يقال: إنه من الأبدال. توفي سنة تسع وتسعين ومائة، أو أول سنة مائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 614)، و «الجرح والتعديل» (8/ 99)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 379)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 706)، و «تقريب التهذيب» (ص 508). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 522)، و «التاريخ الكبير» (8/ 411)، و «الجرح والتعديل» (9/ 236)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 489)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 466)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 165). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 385)، و «التاريخ الكبير» (1/ 391)، و «الجرح والتعديل» (2/ 223)، و «تهذيب الكمال» (2/ 429)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 120)، و «تقريب التهذيب» (ص 101).

955 - [عبد الله بن نمير الخارفي]

955 - [عبد الله بن نمير الخارفي] (1) عبد الله بن نمير الخارفي من خارف الهمداني أبو هشام. سمع هشام بن عروة، وإسماعيل بن أبي خالد، وعبيد الله بن عمر وغيرهم. وروى عنه ابنه محمد، والإمام أحمد ابن حنبل، وأبو كريب وغيرهم. وتوفي سنة تسع وتسعين ومائة. 956 - [محمد ابن أبي فديك] (2) محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك، واسمه: دينار الديلي مولاهم أبو إسماعيل. سمع الضحاك بن عثمان، وابن أبي ذئب، وهشام بن سعد. وروى عنه إبراهيم بن المنذر، وعبد الرحمن ابن شيبة، ومحمد بن رافع. وتوفي سنة مائتين، أو إحدى ومائتين، وقيل: سنة تسع وتسعين ومائة. 957 - [معروف الكرخي] (3) معروف الكرخي، السيد الكبير، الولي الشهير، مولى علي بن موسى الرضى. كان أبواه نصرانيين، فأسلماه إلى مؤدب وهو صبي، فقال له المؤدب: قل ثالث ثلاثة، فقال معروف: قل هو الله أحد، الواحد القهار، فضربه المعلم على ذلك ضربا

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 516)، و «التاريخ الكبير» (5/ 216)، و «الجرح والتعديل» (5/ 186)، و «تهذيب الكمال» (16/ 225)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 327)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 263)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 446). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 615)، و «التاريخ الكبير» (1/ 37)، و «الجرح والتعديل» (7/ 188)، و «تهذيب الكمال» (24/ 485)، و «تاريخ الإسلام» (1/ 350)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 345). (3) «تاريخ بغداد» (13/ 201)، و «حلية الأولياء» (8/ 360)، و «المنتظم» (6/ 100)، و «صفة الصفوة» (1/ 192)، و «وفيات الأعيان» (5/ 231)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 339)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 398)، و «مرآة الجنان» (1/ 460)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (1/ 715)، و «شذرات الذهب» (2/ 478).

958 - [أبو البختري]

مبرحا، فهرب منه، فكان أبواه يقولان: ليته يرجع إلينا على أي دين شاء، فنوافقه عليه. ثم إنه أسلم على يد علي بن موسى الرضا، ورجع إلى أبويه، فدق الباب، فقيل: من بالباب؟ فقال: معروف، فقيل: على أي دين؟ قال: على دين الإسلام، فأسلم أبواه. وكان مشهورا بإجابة الدعوة، وأهل بغداد يستسقون بقبره، ويقولون: قبر معروف ترياق مجرب. قال لتلميذه السري: إذا كان لك حاجة إلى الله تعالى .. فأقسم عليه بي. وأتاه مرة بإنسان إلى دكانه، وأمره أن يكسوه، فكساه، فقال معروف: بغض الله إليك الدنيا، فقام من مجلسه ذلك وقد بغضت إليه الدنيا. قال محمد بن الحسن: سمعت أبي يقول: رأيت معروفا الكرخي في النوم بعد موته فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، فقلت: بزهدك وورعك؟ قال: لا، بل بقبولي موعظة ابن السماك، ولزومي الفقر، ومحبتي للفقراء. وكانت موعظة ابن السماك قوله: من أعرض عن الله بكليته .. أعرض الله عنه جملة، ومن أقبل على الله بقلبه .. أقبل عليه برحمته، وأقبل بوجوه الخلق إليه، ومن كان مرة ومرة .. فالله يرحمه وقتا ما، قال: فوقع كلامه في قلبي، فأقبلت على الله تعالى، وتركت ما كنت عليه. توفي معروف سنة مائتين على الصحيح. 958 - [أبو البختري] (1) وهب بن وهب القرشي الأسدي المدني أبو البختري، بفتح الموحدة، والمثناة من فوق بينهما خاء معجمة ساكنة، وقبل ياء النسب راء. حدث عن العمري، وجعفر الصادق، وهشام بن عروة وغيرهم. وروى عنه غير واحد، وكان متروك الحديث، وينسب إلى وضعه.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 334)، و «تاريخ بغداد» (13/ 456)، و «تاريخ دمشق» (63/ 403)، و «المنتظم» (6/ 101)، و «وفيات الأعيان» (6/ 37)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 374)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 491)، و «مرآة الجنان» (1/ 463).

959 - [أسباط بن محمد القرشي]

وكان فقيها أخباريا نسابة جوادا سريا، يثيب الجزيل على المدح، وإذا أعطى قليلا أو كثيرا .. يتبعه عذرا، وكان يتهلل وجهه عند طلب الحاجة إليه. دخل عليه شاعر فأنشده: إذا افتر وهب خلته برق عارض … تبعق في الأرضين أسعده السكب وما ضر وهبا ذم من خالف الملا … كما لا يضر البدر ينبحه الكلب لكل أناس من أبيهم ذخيرة … وذخر بني قهر عقيد الندى وهب فأمر له بصرة فيها خمس مائة دينار. حكى الخطيب: (أن أبا البختري قال: لأن أكون في قوم أعلم مني .. أحب إلي من أن أكون مع قوم أنا أعلم منهم؛ لأني إن كنت أعلم منهم .. لم أستفد، وإن كنت مع قوم هم أعلم مني .. استفدت) (1). قال الشيخ اليافعي: (والتعليل بغير هذا أحسن، وهو أنه إذا كان أعلم منهم .. تقلد الأمور المخطرة، وأسندت إليه الخطوب المضرة، التي لعله لا يكمل للقيام بها، ولا يأمن من الوقوع في عطبها، وإذا كانوا أعلم منه .. انتفى عنه ذلك المحذور) (2). قال الخطيب البغدادي: كان جعفر الصادق قد تزوج أم أبي البختري المذكور، وبالغ الخطيب في مدح أبي البختري. وله كتاب «فضائل الأنصار»، وأخباره ومحاسنه كثيرة، وأقوال المحدثين في الطعن فيه شهيرة، توفي سنة مائتين. 959 - [أسباط بن محمد القرشي] (3) أسباط بن محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة القرشي مولى السائب بن يزيد، يكنى أبا محمد. سمع أبا إسحاق الشيباني، وعمرو بن قيس الملائي، والأعمش وغيرهم.

(1) «تاريخ بغداد» (13/ 457). (2) «مرآة الجنان» (1/ 464). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 516)، و «التاريخ الكبير» (2/ 53)، و «الجرح والتعديل» (2/ 332)، و «تهذيب الكمال» (2/ 354)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 355)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 92).

960 - [أنس بن عياض الليثي]

وروى عنه محمد بن حاتم، وإسحاق الحنظلي، ومحمد ابن نمير وغيرهم. وتوفي أول سنة مائتين. 960 - [أنس بن عياض الليثي] (1) أنس بن عياض الليثي من أنفسهم، سكن المدينة، ويكنى أبا ضمرة، يقال: إنه ليس بأخي زيد بن عياض الليثي، وليس بينهما قرابة إلا القبيلة. سمع هشام بن عروة، وشريك بن عبد الله، وموسى بن عقبة وغيرهم. وروى عنه علي بن خشرم، وعلي ابن المديني، ويحيى بن يحيى، وقتيبة وغيرهم. قدم بلخ في ولاية نصر بن سيار. ولد سنة أربع ومائة، وتوفي سنة مائتين، وقيل: سنة ثمانين ومائة. 961 - [سلم بن قتيبة الشعيري] (2) سلم بن قتيبة الشعيري الخراساني. سكن البصرة، وسمع مالك بن أنس، وعلي بن المبارك، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وغيرهم. روى عنه عمرو بن علي، والمنذر بن الوليد، وزيد بن أخرم وغيرهم. توفي سنة مائتين، وقيل: بعدها. 962 - [محمد بن حمير السليحي] (3) محمد بن حمير السليحي-بمهملات-من قضاعة أبو عبد الحميد الحمصي. سمع إبراهيم بن أبي عبلة، وثابت بن عجلان وغيرهما.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 614)، و «التاريخ الكبير» (2/ 33)، و «الجرح والتعديل» (2/ 289)، و «تهذيب الكمال» (3/ 353)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 112)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 190). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 303)، و «التاريخ الكبير» (4/ 158)، و «الجرح والتعديل» (4/ 266)، و «تهذيب الكمال» (11/ 232)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 308)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 210). (3) «التاريخ الكبير» (1/ 68)، و «الجرح والتعديل» (7/ 239)، و «تهذيب الكمال» (25/ 116)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 334)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 361)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 549).

963 - [معاذ بن هشام الدستوائي]

وروى عنه سليمان بن عبد الرحمن، وخطاب بن عثمان وغيرهما، خرج له البخاري. وتوفي في صفر سنة مائتين. 963 - [معاذ بن هشام الدستوائي] (1) معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي أبو عبد الله البصري، سكن ناحية اليمن. سمع أباه وغيره، وروى عنه إسحاق الحنظلي، وعلي ابن المديني، ومحمد بن المثنى وغيرهم. مات بالبصرة سنة مائتين. 964 - [مبشر بن إسماعيل الكلبي] (2) مبشر بن إسماعيل الكلبي أبو إسماعيل. سمع الأوزاعي وغيره، وروى عنه عباس بن الحسين، وأحمد بن إبراهيم الدورقي وغيرهما. توفي بحلب سنة مائتين، والله سبحانه أعلم. 965 - [عبد الملك بن عبد الرحمن الأبناوي] (3) عبد الملك بن عبد الرحمن أبو محمد الأبناوي ثم الذماري نسبة إلى ذمار المدينة المعروفة على مرحلتين من صنعاء في ناحية الجنوب. سمع السفيانين، والقاسم بن معن، والإمام أحمد. قال الجندي: (وولي القضاء لموسى بن جعفر الطالبي حين تغلب على صنعاء، فلما

(1) «التاريخ الكبير» (7/ 366)، و «الجرح والتعديل» (8/ 249)، و «تهذيب الكمال» (28/ 139)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 372)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 397)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 102). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 476)، و «التاريخ الكبير» (8/ 11)، و «الجرح والتعديل» (8/ 343)، و «تهذيب الكمال» (27/ 190)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 301)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 348)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 19). (3) «التاريخ الكبير» (5/ 422)، و «الجرح والتعديل» (5/ 355)، و «السلوك» (1/ 138)، و «تهذيب الكمال» (8/ 334)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 295)، و «ميزان الاعتدال» (2/ 657)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 615).

قدم ابن ماهان من قبل المأمون .. نقل إليه أن عبد الملك يكرهه، وأنه يميل إلى الطالبي، فاستدعاه، وقتله في يوم جمعة من شهر رمضان سنة مائتين، وألقاه على الأرض قتيلا ثلاثة أيام، ثم دفن) اه‍ (1) قال الخزرجي: (المعروف في التواريخ: أن المتغلب على اليمن هو إبراهيم بن موسى بن جعفر، وأن ولايته في اليمن كانت بعد ولاية ابن ماهان) (2). وذكر الجندي: (أن المتغلب على اليمن موسى بن جعفر، وأن ولاية ابن ماهان بعده) (3). والله سبحانه أعلم وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «السلوك» (1/ 138). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 165). (3) «السلوك» (1/ 138).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والثمانون بعد المائة فيها: توفي محدث الشام ومفتي حمص إسماعيل بن عياش-بشين معجمة وياء آخر الحروف-العنسي، وقاضي مصر أبو معاوية الفقيه الزاهد مفضل بن فضالة القتباني، والإمام العالم الجواد المجاهد أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك المروزي الذي صدق القائل فيه حيث يقول: [من الطويل] إذا سار عبد الله من مرو ليلة … فقد سار عنها نورها وجمالها وفيها: مات الحسن بن قحطبة وعمره أربع وثمانون سنة، وأبو المليح الرقي، وحفص بن ميسرة، وخلف بن خليفة، وعباد بن عباد، وعلي بن هاشم. *** السنة الثانية والثمانون فيها: سملت الروم عيني طاغيتهم قسطنطين، وملكوا عليهم أمه (1). وفيها: بايع هارون الرشيد لابنه عبد الله، وسماه المأمون (2). وفيها: توفي الحافظ عبيد الله بن عبد الرحمن الكوفي الأشجعي، وعمار بن محمد الثوري الكوفي ابن أخت سفيان، قال ابن عرفة: كان لا يضحك، وكنا لا نشك أنه من الأبدال. وفيها-على الأصح-: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الكوفي الحافظ، والحافظ يزيد بن زريع، والقاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري، وهو أول من دعي بقاضي القضاة. وفيها-وقيل: في التي قبلها أو التي بعدها-: يونس بن حبيب النحوي مولى بني ضبة.

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 269)، و «المنتظم» (5/ 448)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 328). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 269)، و «المنتظم» (5/ 447)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 327).

السنة الثالثة والثمانون

وفيها-وقيل: في التي قبلها-: مروان بن أبي حفصة الشاعر، وأبو سفيان محمد بن حميد المعمري، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. *** السنة الثالثة والثمانون فيها: خرج أعداء الله الخزر-بخاء معجمة وزاي ثم راء-من باب الأبواب ومن قصتهم: أن ستيت بنت ملك الترك خاقان خطبها الأمير الفضل بن يحيى البرمكي، وحملت إليه في عام أول، فماتت في الطريق، فرد من كان معها في خدمتها من العساكر، وأخبروا خاقان أنها قتلت غيلة، فاشتد غضبه، وتجهز للشر، فخرج بجيوشه من الباب الحديد، وأوقع بأهل الإسلام وأهل الذمة، وقتل وسبى، يقال: إنه سبى من المسلمين وأهل الذمة مائة ألف، وعظم مصاب المسلمين، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فانزعج هارون الرشيد واغتم لذلك، فجهز البعوث، واجتمع المسلمون، وطردوا العدو عن أرمينية، ثم سدوا الباب الذي خرجوا منه (1). وفيها: توفي هشيم بن بشير السلمي الواسطي محدث بغداد، والواعظ المشهور محمد ابن السماك الكوفي، والسيد الصالح أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق أحد الأئمة الاثني عشر المعصومين عند الإمامية، توفي ثاني وعشرين المحرم من السنة المذكورة ببغداد. وفيها: توفي شيخ أصبهان وعالمها أبو المنذر النعمان بن عبد السلام التيمي، وزياد البكائي راوي السيرة عن ابن إسحاق، والفقيه أبو عبد الرحمن يحيى بن حمزة الحضرمي السلمي قاضي دمشق ومحدثها عن ثمانين سنة. *** السنة الرابعة والثمانون فيها: خرج الخزر كما في بعض التواريخ، وذكر اليافعي خروجهم في السنة التي قبلها كما قدمناه (2).

(1) «المنتظم» (5/ 461)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 331)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 11)، و «دول الإسلام» (1/ 164)، و «شذرات الذهب» (2/ 375). (2) «مرآة الجنان» (1/ 392)، ولم نجد من ذكر الحادثة في هذه السنة، والله أعلم.

السنة الخامسة والثمانون

وفيها: استقدم الرشيد علي بن عيسى من خراسان إلى الرقة، فاستخلف ابنه يحيى بخراسان، وسار إلى الرقة فتحرك بنسا أبو الخصيب مولى الحرس، فعاد علي بن عيسى إلى خراسان (1). وفيها: ولي إبراهيم بن الأغلب إفريقية، فلم يزل آل الأغلب عليها حتى خرج زيادة الله بن عبد الله (2). وفيها: توفي السيد الجليل عبد الله بن عبد العزيز العمري الزاهد، وإبراهيم بن سعد، وإبراهيم ابن أبي يحيى، وعبد العزيز بن أبي حازم، ومروان بن شجاع. *** السنة الخامسة والثمانون فيها: ولي العباس بن محمد الجزيرة، وسار إلى الرقة، وحمل إليه الرشيد في يوم خمسة آلاف ألف درهم (3). وفيها: توفي الإمام أبو إسحاق الفزاري-وقيل: في سنة ست-ويوسف بن يعقوب ابن أبي سلمة الماجشون المديني عم عبد العزيز الماجشون (4). وفيها: توفي المطلب بن زياد-أو ابن يزيد-والمعافى بن عمران بخلف، وعمر بن عبيد، والأمير عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس، والأمير الكبير يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني ابن أخي معن بن زائدة، توفي ببرذعة. قيل: وفيها: توفي داود يزيد بن حاتم المهلبي، وقد ذكرناه قبل ذلك. *** السنة السادسة والثمانون فيها: حج الرشيد، وأخرج معه ابنيه محمد الأمين وعبد الله المأمون، فبدأ بالمدينة، فأعطى أهلها ثلاثة أعطية، ثم سار إلى مكة فأعطى أهلها، فبلغ ذلك ألف ألف وخمسين

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 270)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 331)، وفيهما أن هذه الحادثة كانت سنة (183 هـ‍). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 272)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 335). (3) «البداية والنهاية» (10/ 669). (4) ذكره المصنف رحمه الله تعالى في وفيات سنة (184 هـ‍)، وهنا مشى على أحد الأقوال في تاريخ وفاته، انظر «تهذيب التهذيب» (4/ 464).

السنة السابعة والثمانون

ألف دينار، وكتب الكتابين بين محمد وعبد الله بما جعل لكل واحد منهما، وشرطه على أخيه، وأشهد في الكتب وجوه من حضر من القضاة والهاشميين وغيرهم، وجعل الكتابين في البيت الحرام، وتقدم إلى الحجبة بحفظهما، وأن يعلقوهما في كل سنة أيام الحج منشورين، فصنع الحجبة لهما قصبا من فضة، وكلّلوهما بصنوف الياقوت واللؤلؤ والجوهر (1). وفيها: مات العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ببغداد عن ست وستين سنة، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي فقيه المدينة بعد مالك-قيل: عرض عليه الرشيد قضاء المدينة فامتنع-وخالد بن الحارث البصري، وحاتم بن إسماعيل بخلف، وعباد بن العوام، وعيسى بن موسى الملقب: غنجار. *** السنة السابعة والثمانون فيها: خلعت الروم ملكتهم، وهلكت بعد أشهر، وملكوا عليهم نقفور، والروم تزعم: أنه من ولد جبلة بن الأيهم الغساني الذي أسلم ثم تنصر في أيام عمر، فكتب نقفور إلى الرشيد: من نقفور ملك الروم إلى هارون الرشيد ملك العرب أما بعد: فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ، وأقامت نفسها مقام البيدق (2)، فحملت إليك من أموالها، وذلك؛ لضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي .. فاردد ما حصل قبلك، وافتد نفسك، وإلا .. فالسيف بيننا وبينك، فلما قرأ هارون الرشيد كتابه .. اشتد غضبه، ثم كتب بيده على ظهر الكتاب: من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه، ثم ركب من يومه، وأسرع حتى نزل على هرقلة، فأوطأ الروم ذلا وبلاء، فقتل وسبى، وذل نقفور، فطلب الموادعة على خراج يحمله، فلما رد الرشيد إلى الرقة .. نقض نقفور العهد، فلم يجسر أحد أن يبلغ الرشيد، حتى عملت الشعراء أبياتا يلوحون بذلك فقال: أو قد فعلها؟ فكرّ راجعا في مشقة الشتاء

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 275)، و «المنتظم» (5/ 481)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 343)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 20)، و «البداية والنهاية» (10/ 617). (2) الرّخ: أقوى قطع الشطرنج، والبيدق: أضعف قطع الشطرنج.

حتى أناخ بفنائه، ونال مراده وفي ذلك يقول أبو العتاهية: [من الوافر] ألا نادت هرقلة بالخراب … من الملك الموفق للصواب غدا هارون يرعد بالمنايا … ويبرق بالمذكرة القضاب ورايات يحل النصر فيها … تمر كأنها قطع السحاب (1) وفي المحرم من السنة المذكورة: سخط الرشيد على البرامكة بعد تمكنهم الشديد منه، وعلو مرتبتهم عنده، فقتل جعفر بن يحيى بن خالد بالأنبار بموضع يقال له: العمر، وأرسل بجثته إلى بغداد، فنصب نصفها الأعلى على الجسر الأعلى، ونصفها الأسفل على الجسر الأسفل، وحبس أخاه الفضل بن يحيى وأباهما يحيى بن خالد. واختلف في سبب غضبه على البرامكة: فقيل: حمل العباسة أخت الرشيد من زوجها جعفر المذكور، وذلك: أن الرشيد كان يحب أخته العباسة وجعفر بن يحيى حبا شديدا، ولا يتم سروره إلا باجتماعهما عنده، فزوجها منه؛ ليحل له النظر إليها والاجتماع بها، وشرط عليه ألاّ يقربها البتة، فأحبت العباسة جعفرا، وراودته على الاجتماع بها، فأبى وخاف، وكانت عبادة أم جعفر ترسل إليه كل ليلة جمعة جارية بكرا، فقالت العباسة لأم جعفر: أرسليني إلى جعفر كأني جارية من جواريك التي ترسلين إليه، فامتنعت أم جعفر، فقالت: لئن لم تفعلي .. لأذكرن لأخي أنك خاطبتني بكيت وكيت، ولئن اشتملت من ابنك على ولد .. ليكونن لكم الشرف، وما عسى يفعل أخي إذا علم أمرنا؟ فأجابتها أم جعفر، وجعلت تعد ابنها أنها ستهدي إليه جارية بارعة الحسن والجمال، وهو يطالبها بالوعد المرة بعد الأخرى، فلما علمت أنه قد اشتاق إلى ذلك .. أرسلت إلى العباسة أن تهيئي الليلة، ففعلت، وأدخلت على جعفر، وكان لا يثبت صورتها؛ لأنه كان عند الرشيد لا يرفع طرفه إليها مخافة، فلما قضى وطره منها .. قالت له: كيف رأيت خديعة بنات الملوك؟ فقال: وأي بنت ملك أنت؟ قالت: أنا مولاتك العباسة، فطاش عقله وقال لأمه: بعتيني والله رخيصا، وحبلت العباسة منه، وجاءت بولد، فوكلت به غلاما اسمه: رياش، وجارية اسمها: برة، ولما خافت ظهور الأمر .. بعثتهم إلى مكة.

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 307)، و «المنتظم» (5/ 504)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 358)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 33)، و «مرآة الجنان» (1/ 403)، و «البداية والنهاية» (10/ 625)، و «شذرات الذهب» (2/ 390).

وكان يحيى بن خالد والد جعفر ناظرا على قصر الرشيد وحرمه، وكان يضيق عليهن، فشكته زبيدة إلى الرشيد، فقال لها: يحيى عندي غير متهم في حرمي، فقالت: لم لم يحفظ ابنه مما ارتكبه؟ قال: وما هو؟ فخبرته خبر العباسة، فقال: وهل على هذا من دليل؟ قالت: وأي دليل أدل من الولد؟ قال: وأين هو؟ قالت: كان هنا، فلما خافت ظهوره .. وجهته إلى مكة، قال: فهل علم بذلك سواك؟ قالت: ليس بالقصر جارية إلا وقد علمت به، فسكت وأظهر إرادة الحج، وخرج معه بجعفر إلى مكة، فكتبت العباسة إلى الخادم والداية بالخروج بالصبي إلى اليمن، فلما بلغ الرشيد مكة .. وكّل من يثق به بالبحث عن أمر الصبي، فوجده صحيحا، فأضمر السوء للبرامكة. ويؤيد ذلك قول أبي نواس: [من الهزج] ألا قل لأمين الله … وابن القادة الساسة إذا ما ناكث سر … ك أن تفقده راسه فلا تقتله بالسيف … وزوجه بعباسة وقيل: السبب في ذلك: أن يحيى بن عبد الله بن الحسن كان خرج على بني العباس، فظفر به الرشيد، وسلمه إلى جعفر وأمره بحبسه، فقال يحيى لجعفر: اتق الله في أمري، ولا تتعرض أن يكون خصمك محمد صلّى الله عليه وسلم، فرقّ له جعفر وقال: اذهب حيث شئت من البلاد، فدعا له وانصرف، ثم إن الرشيد قال لجعفر: ما فعل يحيى؟ قال: بحاله، قال: بحياتي؟ فوجم وأحجم وقال: وحياتك أطلقته حيث علمت أن لا سوء عنده، قال: نعم الفعل، وما عدوت ما في نفسي، فلما نهض جعفر .. أتبعه بصره وقال: قتلني الله إن لم أقتلك. وقيل: السبب فيه: أنه رفعت إلى الرشيد قضية لم يعرف رافعها، وفيها هذه الأبيات: [من السريع] قل لأمين الله في أرضه … ومن إليه الحل والعقد هذا ابن يحيى قد غدا ملكا … مثلك ما بينكما حد أمرك مردود إلى أمره … وأمره ليس له رد وقد بنى الدار التي ما بنى ال‍ … فرس لها مثلا ولا الهند الدر والياقوت حصباؤها … وتربها العنبر والند

ونحن نخشى أنه وارث … ملكك إن غيبك اللحد ولن يباهي العبد أربابه … إلا إذا ما بطر العبد فوقف الرشيد عليها وأضمر السوء. وقيل: لم يكن من البرامكة جناية توجب غضب الرشيد، ولكن طالت أيامهم، وكل طويل مملول، ولقد استطال الناس أيام الذين هم خير الناس؛ أيام عمر، وما رأوا مثلها عدلا وأمانا وسعة أموال وفتوح، وأيام عثمان، فقتلوهما، ورأى الرشيد مع ذلك أنس النعمة بهم، وحمد الناس لهم، وآمالهم فيهم، ونظرهم إليهم، والملوك تنافس في أقل من ذلك، ووقع منهم بعض الإدلال خصوصا جعفر والفضل دون يحيى؛ فإنه أحكم خبرة، وأكثر ممارسة للأمور، ولاذ بالرشيد قوم من أعدائهم كالفضل بن الربيع وغيره، فستروا منهم المحاسن، وأظهروا القبائح حتى كان ما كان. ويحكى أن علية بنت المهدي قالت للرشيد بعد وقعته بالبرامكة: يا سيدي؛ ما رأيت لك يوم سرور منذ قتلت جعفرا، فلأي شيء قتلته؟ فقال: لو علمت أن قميصي يعلم السبب في ذلك .. لمزقته. وكان الرشيد بعد ذلك إذا ذكروا عنده بسوء .. أنشد معلنا: [من الطويل] أقلوا ملاما لا أبا لأبيكم … عن القوم أو سدوا المكان الذي سدوا ومن أعجب ما يؤرخ من تقلبات الدنيا بأهلها: ما حكى بعضهم قال: دخلت إلى والدتي يوم عيد الأضحى ضحى وعندها امرأة في ثياب رثة، فقالت لي والدتي: هذه عبادة أم جعفر البرمكي، فأقبلت عليها، وتحادثنا زمانا، ثم قلت: يا أمه؛ ما أعجب ما رأيت؟ قالت: لقد أتى علي يا بني عيد مثل هذا وعلى رأسي أربع مائة وصيفة، وإني لأعدّ ابني عاقا لي، ولقد أتى علي يا بني هذا العيد وما ثيابي إلا جلد شاتين أفترش أحدهما وألتحف بالآخر، قال: فدفعت لها خمس مائة درهم، فكادت تموت فرحا بها، فسبحان الله مقلب الدهور، ومدبر الأمور (1)! وفي هذه السنة: توفي السيد الجليل الفضيل بن عياض، ويعقوب بن داود

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 287)، و «المنتظم» (5/ 495)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 348)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 23)، و «العبر» (1/ 298)، و «مرآة الجنان» (1/ 404)، و «البداية والنهاية» (10/ 619)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 121)، و «شذرات الذهب» (2/ 391).

السنة الثامنة والثمانون

السلمي (1)، والحافظ عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، والحافظ عبد العزيز بن محمد الدراوردي، والمحدث عبد السلام بن حرب الكوفي، والحافظ أبو الخطاب السدوسي البصري المكفوف، والإمام المحدث أبو محمد معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، ومعاذ بن مسلم الكوفي النحوي شيخ الكسائي عاش نحو مائة سنة. *** السنة الثامنة والثمانون فيها: كانت وقعة بين عيسى بن علي بن عيسى وهو في ثلاثين ألفا، وبين خاقان ملك الترك وهو في مائة ألف وخمسين ألفا، فانهزم خاقان، وأسر أخوه، وقتل من الروم أربعون ألفا (2). وفيها: محدث الري الحافظ أبو عبد الله جرير بن عبد الحميد الضبي على الصحيح، ورشدين بن سعد بمصر، ومحمد بن يزيد الواسطي، وعيسى بن يونس السبيعي بخلف، وعبدة بن سليمان، وعقبة بن خالد، وأبو إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمد على خلاف قد تقدم (3)، وأبو إسحاق إبراهيم بن ماهان التميمي مولاهم الموصلي المعروف بالنديم. *** السنة التاسعة والثمانون فيها: الفداء الذي لم يسمع بمثله، حتى لم يبق في أيدي الروم مسلم إلا فودي (4). وفيها: توفي شيخ القراءات الإمام أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي أحد القراء السبعة، والفقيه الإمام محمد بن الحسن الشيباني الكوفي صاحب أبي حنيفة. وفيها: توفي أبو خالد الأحمر، وعلي بن مسهر، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى بن عبد الله، ويحيى بن يمان. ***

(1) مر التعليق على تاريخ وفاته في ترجمته (2/ 300). (2) «تاريخ ابن خلدون» (3/ 278). (3) مر في ترجمته (2/ 286) أنه توفي سنة (185 هـ‍) أو سنة (186 هـ‍)، وما ذكره المصنف هنا هو قول ذكره الذهبي في «تاريخ الإسلام» (12/ 59). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 318)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 368).

السنة الموفية تسعين

السنة الموفية تسعين فيها: فتح الرشيد هرقلة، استعد الرشيد وأمعن في بلاد الروم، فدخلها في مائة ألف وسبعة وثلاثين ألفا، سوى المجاهدين تطوعا، وبث جيوشه تغير وتغنم وتخرب، فلما فتح هرقلة .. خربها، وسبى أهلها، وأقام بها شهرا، وركب حميد بن معيوف في البحر فغزا قبرس وسبى من أهلها ستة عشر ألفا، وكان في السبي أسقف قبرس، فنودي عليه، فبلغ ألفي دينار، وبذل نقفور جزية عن رأسه وامرأته وخواصه، وكان ذلك خمسين ألف دينار، منها أربعة دنانير عن رأسه، واشترط عليه الرشيد ألا يعمر هرقلة، وأن يحمل في العام ثلاث مائة ألف دينار، وكتب نقفور إلى الرشيد: أما بعد .. فلي إليك حاجة؛ أن تهب لابني جارية من سبي هرقلة كنت خطبتها له، فأسعفني بها، فأحضر الرشيد الجارية، فزينت، وأرسل معها سرداقا وتحفا، فأعطى نقفور الرسول خمسين ألفا وثلاث مائة ثوب وبراذين (1). وفيها: خلع رافع بن الليث بن نصر بن سيار الطاعة بسمرقند، وهزم عيسى بن علي وقتله، ففر أبوه علي بن عيسى من بلخ إلى مرو خوفا من رافع أن يأتي مرو فيملكها، وكان عيسى قد دفن مالا كثيرا في بستان داره، فعلم به الناس من جارية له فانتهبوه، فعلم الرشيد بذلك، فقبضه وأخذ أمواله وأموال ولده، وولى هرثمة خراسان مكانه (2). وفيها: أسلم الفضل بن سهل على يد المأمون (3). وفيها: توفي أبو عبيدة الحداد البصري، وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي الكوفي، وعمر بن علي، ومحمد بن يزيد الواسطي، وعتاب بن بشير. وفيها: توفي يحيى بن خالد البرمكي في سجن الرشيد بعد أن كان الرشيد يعظمه ويجله، ولا يناديه إلا أبا، وجعل إصدار الأمور وإيرادها إليه. ***

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 320)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 370)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 42)، و «مرآة الجنان» (1/ 424)، و «شذرات الذهب» (2/ 415). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 319)، و «المنتظم» (5/ 537)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 377)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 7). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 320)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 373).

السنة الحادية والتسعون

السنة الحادية والتسعون فيها: توفي مخلد بن الحسين الأزدي المهلبي المصري، ومعمر بن سليمان الرقي، ومحمد بن سلمة الحراني مفتي حران ومحدثها، ومطرف بن مازن الكناني بالولاء الصنعاني قاضي صنعاء اليمن ومحدثها، وسلمة بن الفضل، وعبد الرحمن بن القاسم، والفضل بن موسى. *** السنة الثانية والتسعون فيها: شخص الرشيد إلى خراسان؛ لحرب رافع بن الليث، واستخلف الأمين ببغداد، وابنه القاسم بالرقة، وضم إليه خزيمة بن خازم، واستصحب معه ابنه المأمون (1). وفيها: أول ظهور الخرمية ثاروا بجبال أذربيجان، فغزاهم خازم بن خزيمة، فقتل وسبى (2). وفيها: توفي الإمام الكبير أبو محمد عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي الحافظ العابد، وصعصعة بن سلام الدمشقي مفتي الأندلس، وخطيب قرطبة، أخذ عن الأوزاعي، والأمير الكبير الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي، مات في سجن الرشيد. وفيها: توفي علي بن ظبيان، والعباس بن الأحنف اليماني الشاعر، وقيل: في التي قبلها، وقيل: في التي بعدها. *** السنة الثالثة والتسعون فيها: سار الرشيد إلى خراسان؛ لتمهيد قواعدها، وكان في العام الماضي قد بعث من قبض على الأمير علي بن عيسى بن ماهان، واستصفى أمواله وخزائنه، وبعث بها إلى الرشيد على ألف وخمس مائة بعير، فوافته بجرجان (3).

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 338)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 383)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 10). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 339)، و «المنتظم» (5/ 192)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 384)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 11)، لكن في جميع هذه المصادر: أن الذي غزاهم هو عبد الله بن مالك. (3) «تاريخ الطبري» (8/ 341)، و «العبر» (1/ 310)، و «مرآة الجنان» (1/ 443).

السنة الرابعة والتسعون

وفيها: توفي الخليفة أبو جعفر هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور العباسي بطوس، وكان قبل موته بيوم قتل أخا رافع بن الليث وقطعه أربعة عشر عضوا (1). وفيها: توفي الإمام أبو بشر إسماعيل ابن علية البصري الأسدي مولاهم، والحافظ محمد بن جعفر المعروف بغندر، والسيد الجليل المقرئ أبو بكر بن عياش الأسدي مولاهم شيخ الكوفة، والحافظ مروان بن معاوية، ومخلد بن يزيد. *** السنة الرابعة والتسعون فيها: مبدأ الفتنة بين الأمين والمأمون، كان الرشيد أبوهما قد عقد العهد للأمين، ثم من بعده للمأمون، ثم من بعده للقاسم المؤتمن، وكان المأمون على إمرة خراسان، فشرع الأمين في العمل على خلعه؛ ليقدم ولده موسى وهو ابن خمس سنين، ولقبه الناطق بالحق، وأخذ يبذل الأموال للقواد؛ ليقوموا معه في ذلك، ونصحه أولو الرأي والعزم فلم يرعو حتى آل الأمر إلى قتله كما سيأتي (2). وفيها: صار رافع بن الليث إلى طاعة المأمون (3). وفيها: توفي يحيى بن سعيد بن أبان الأموي الكوفي الحافظ، والشيخ الكبير العارف بالله شقيق البلخي، شيخ خراسان، وشيخ حاتم الأصم، وأبو عمرو حفص بن غياث النخعي القاضي، وسويد بن عبد العزيز، وعبد الوهاب الثقفي، ومحمد بن أبي عدي، ومحمد بن حرب. قيل: وفيها: توفي أبو بشر عمرو بن عثمان المعروف بسيبويه، وهو لقب فارسي معناه بالعربي رائحة التفاح، وقال إبراهيم الحربي: سمي بذلك؛ لأن وجنتيه كانتا كأنهما تفاحتان، وكان في غاية الجمال، وقد قدمنا ذكره فيما تقدم (4). ***

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 341)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 387)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 14). (2) «الكامل في التاريخ» (5/ 401)، و «العبر» (1/ 313)، و «مرآة الجنان» (1/ 445)، و «شذرات الذهب» (2/ 440). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 375)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 402). (4) ذكر المصنف رحمه الله تعالى في ترجمته (2/ 215) أنه توفي سنة (161 هـ‍)، وفي تاريخ وفاته أقوال، وما ذكره هنا أحدها، انظر «وفيات الأعيان» (3/ 464).

السنة الخامسة والتسعون

السنة الخامسة والتسعون فيها: أسقط الأمين اسم المأمون وأخيه المؤتمن من الدينار والدرهم، ومن المنابر، فلما تيقن المأمون أن الأمين خلعه .. تسمى بإمام المؤمنين، وكوتب بذلك (1). وفيها: جهز الأمين علي بن عيسى بن ماهان إلى خراسان في جيش عظيم، وأنفق عليهم أموالا لا تحصى، وأرسل معه بقيد فضة؛ ليقيد به المأمون في زعمه، فلما علم المأمون بذلك .. ندب طاهر بن الحسين بن مصعب الخزاعي وهرثمة بن أعين لحربه في نحو أربعة آلاف فارس، فالتقى الجمعان بالري، فأشرف طاهر بن الحسين على جيش ابن ماهان وهم يلبسون السلاح وقد امتلأت بهم الصحراء بياضا وصفرة في العدد المذهبة فقال طاهر: هذا ما لا قبل لنا به، ولكن اجعلوها خارجية، واقصدوا القلب، ثم أقبل وذكر ابن ماهان البيعة التي للمأمون في عنقه فلم يلتفت، وكان مستهينا بطاهر بن الحسين وقلة جمعه، فالتحم الحرب، فكان علي بن عيسى أول قتيل، وانهزم جيشه، وحمل رأسه على رمح، واستولى طاهر بن الحسين على ما معه من العدد والسلاح، وأرسلوا برأسه إلى المأمون بخراسان، فمن حينه خوطب المأمون بأمير المؤمنين، ولما جاء البريد إلى الأمين بقتل علي بن عيسى، وانهزام جيشه-يقال: إنه كان يتصيد سمكا-فقال للبريدي: دعني، إن كوثرا قد صاد سمكتين، وأنا لم أصد شيئا. وندم في الباطن على خلع أخيه، وطمع فيه أمراؤه، وفرق عليهم أموالا لا تحصى حتى فرّغ الخزائن، وما نفعوه، وجهز جيشا آخر مقدمه عبد الرحمن الأبناوي أحد الفرسان المذكورين، فالتقاه طاهر بن الحسين أيضا بهمذان، وقتل عبد الرحمن في القتال، وانهزم جيشه بعد أن قتل خلق كثير من الفريقين، ودخل طاهر بن الحسين إلى همذان، ثم زحف حتى نزل بحلوان. قال الشيخ اليافعي: (هكذا ذكر قتل الأمير علي بن عيسى الخزاعي في هذه الوقعة، قال: وذكرت في غير هذا الكتاب أن الوزير علي بن عيسى المذكور ركب في موكب، فصار الغرباء يقولون: من هذا، من هذا؟ فقالت امرأة: إلى كم تقولون من هذا، من هذا؟ هذا عبد سقط من عين الله، فابتلاه الله بما ترون، فسمعها علي بن عيسى،

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 389)، و «المنتظم» (6/ 29).

السنة السادسة والتسعون

فاستعفى عن الوزارة، ولحق بمكة فجاور بها إلى أن توفي، والله أعلم بحقيقة الأمر) (1). وشرع أمر الأمين في الاضمحلال والزوال (2). وفي هذه السنة: ظهر بدمشق أبو العميطر السفياني، فبايعوه بالخلافة، واسمه: علي بن عبد الله بن خالد ابن الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فطرد عاملها الأمير سليمان بن المنصور، فجهز الأمين عسكرا لحربه، فنزلوا الرقة ولم يقدموا عليه (3). وفيها: توفي إسحاق بن يوسف الأزرق محدث واسط، وأبو معاوية الضرير الحافظ، واسمه: محمد بن خازم، ومحمد ابن غزوان الضبي مولاهم الكوفي الحافظ، وأبو العباس الوليد بن مسلم الدمشقي محدث الشام، ومؤرج بن عمرو السدوسي النحوي البصري، وغنام بن علي، ويحيى بن سليم الطائفي. *** السنة السادسة والتسعون فيها: قدم الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان من الشام إلى بغداد، فوثب على الأمين، وخلعه في شهر رجب، ودعا إلى بيعة المأمون، فأجابه الناس إلى ذلك، وحبس الأمين وأمه وولده يوما وليلة، ثم وثب الجند على الحسين بن علي المذكور، فقتلوه وأتوا برأسه محمدا الأمين، وأعادوه إلى مكانه وجددوا له البيعة (4). وفيها: هرب الفضل بن الربيع وزير الأمين ومدبره والمنسوب إليه إثارة الفتنة، واستتر فلم يعرف له خبر حتى دخل المأمون بغداد (5). وفيها: دخل طاهر بن الحسين الأهواز، وقتل عاملها محمد بن يزيد بن حاتم، ثم دخل واسطا بغير قتال (6).

(1) «مرآة الجنان» (1/ 447). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 389)، و «المنتظم» (6/ 29)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 411)، و «العبر» (1/ 316)، و «مرآة الجنان» (1/ 447)، و «شذرات الذهب» (1/ 444). (3) «العبر» (1/ 317)، و «مرآة الجنان» (1/ 448)، و «شذرات الذهب» (2/ 445). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 428)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 39)، و «مرآة الجنان» (1/ 449)، و «شذرات الذهب» (2/ 450). (5) «تاريخ الطبري» (8/ 432)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 41). (6) «تاريخ الطبري» (8/ 432)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 431)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 41).

السنة السابعة والتسعون

وفيها: خلع عاملا البصرة والكوفة محمدا الأمين، ودخلا في طاعة عبد الله المأمون، فأقرهما طاهر (1). وفيها: خلع داود بن عيسى محمدا الأمين بمكة والمدينة، ودعا للمأمون، وخرج إليه بنفسه (2). وفيها: لقب المأمون الفضل بن سهل ذا الرئاستين (3). وفيها: مات عبد الملك بن صالح بن علي بالرقة، وكان ممن ترشح للخلافة. وفيها: توفي قاضي البصرة أبو المثنى معاذ بن معاذ العنبري أحد الحفاظ، وسعد بن الصلت قاضي شيراز ومحدثها، روى عن الأعمش وكان حافظا، وأبو نواس الحسن بن هاني الشاعر المشهور ذو النوادر والغرائب والعجائب. *** السنة السابعة والتسعون فيها: حوصر الأمين وأحيط ببغداد، فنزل طاهر بن الحسين بالأنبار، وزهير بن المسيب في ناحية، وهرثمة بن أعين في الجانب الشرقي، وقاتلت الرعية مع الأمين، وقاموا معه قياما لا مزيد عليه، ودام الحصار سنة، واشتد الأمر، وعظم البلاء، وهرب عبد الله بن خازم بن خزيمة، فلحق بالمدائن بعياله وأهله ليلا، ولم يحضر شيئا من القتال (4). وفيها: توفي قاضي صنعاء هشام بن يوسف، ومحدث الشام بقية بن الوليد الكلاعي، وشعيب بن حرب المدائني، والحافظ وكيع بن الجراح، وعبد الله بن وهب الفقيه المالكي. وفيها: ورش المقرئ، ومحمد بن فليح. ***

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 435)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 42). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 438)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 44). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 424)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 36). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 445)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 52)، و «مرآة الجنان» (1/ 457).

السنة الثامنة والتسعون

السنة الثامنة والتسعون في المحرم منها: فارق خزيمة بن حازم ومحمد بن علي بن عيسى بن ماهان الأمين، وصارا إلى طاهر بن الحسين (1). وفيها: دخل طاهر الكرخ وقصر الوضاح عنوة، وهرب محمد من قصر الخلد إلى مدينة أبي جعفر، وتفرق عنه خدمه وجواريه، ونادى طاهر بالأمان لمن لزم منزله، وأحاط بمدينة أبي جعفر وبقصر زبيدة وقصر الخلد، ونصب عليها المجانيق، وعزم محمد الأمين أن يضع يده في يد طاهر بن الحسين، فمنعه من ذلك بعض قواده، وأشار عليه بهرثمة، فوعده أن يلتقيا، فدخله ليلا، فلما حصلا في الحراقة (2) وتحدثا .. سعي بهما إلى طاهر، فأرسل من أصحابه جماعة، وأمرهم بأخذ محمد الأمين، فإن لم يقدروا عليه .. قلبوا الحراقة، فلم يقدروا عليه فقلبوها، فأخرج هرثمة وقد كاد يغرق، وعبر محمد سباحة إلى الجانب الشرقي وفيه معسكر هرثمة، فلما رأى النيران .. هالته، فعاد سباحة إلى الجانب الغربي، فظفر به أصحاب طاهر، فشموا منه رائحة الطيب، فسألوه عن نفسه، فأخبرهم، فأرسلوا إلى طاهر بالخبر، وقد ركب يطوف، فنزل عن دابته وسجد شكرا لله تعالى، ونقل إلى دار، فقتل بها، وتشعب الجند على طاهر بن الحسين، فاستتر ثلاثة أيام حتى أصلح أمره وعاد إلى معسكره (3). وفيها: ولى المأمون الحسن بن سهل جميع ما افتتحه طاهر بن الحسين، وأمر طاهر بتسليم ذلك إلى عمال الحسن، وأن يلحق بالرقة؛ لمحاربة نصر بن شبث، وجعل إليه إمارة الموصل والجزيرة والشام (4). وفيها: توفي أبو محمد سفيان بن عيينة الهلالي، شيخ الحجاز، ونزيل مكة، وأحد الأعلام، حج سبعين حجة، وعمره إحدى وتسعون سنة، والإمام أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي البصري الحافظ محدث العراق، والإمام أبو يحيى معن بن عيسى

(1) «الكامل في التاريخ» (5/ 444)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 55). (2) الحرّاقة: نوع من السفن فيها مرامي نيران يرمى بها العدو في البحر. (3) «تاريخ الطبري» (8/ 478)، و «المنتظم» (6/ 61)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 445)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 60)، و «مرآة الجنان» (1/ 458). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 527)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 460)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 67).

السنة التاسعة والتسعون

المدني القزاز صاحب مالك، والحافظ أبو سعيد القطان البصري أحد الحفاظ الأعلام، ومالك بن سعير، ومحمد بن معن الغفاري. *** السنة التاسعة والتسعون فيها: خرج بالكوفة ابن طباطبا وهو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب يدعو إلى الرضا من آل محمد والعمل بالكتاب والسنة، والقائم بأمره في الحروب وتدبيرها أبو السرايا بن منصور الشيباني، وخرج بالبصرة علي بن جعفر بن محمد، وزيد بن موسى بن جعفر، فغلبا عليها، وخرج معه بمكة الحسين بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بالأفطس، فغلب عليها، وبيض جميعهم (1)، ومات ابن طباطبا في جمادى الآخرة من هذه السنة، فنصب أبو السرايا مكانه غلاما حدثا يقال له: محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين، وكسر أبو السرايا الجيوش، ودخلت جيوشه واسطا والبصرة، وبيضوا، ونزل على نهر صرصر، وكان هرثمة شخص إلى خراسان، ووصل حلوان، فاستعاده الحسن بن سهل، وندبه لحربه (2). وفيها: مات سليمان بن أبي جعفر، ووقف الناس في هذه السنة بعرفات بغير إمام ولا من يدفع بهم؛ لاختلاف الكلمة (3). وفيها: توفي الحافظ يونس بن بكير الشيباني الكوفي صاحب المغازي، وإسحاق بن سليمان الرازي، وكان عابدا خاشعا، يقال: إنه من الأبدال، وحفص بن عبد الرحمن البلخي اجتمع فيه الفقه والوقار والورع، كان ابن المبارك يزوره، وابن نمير، وابن شابور، وعمرو العنقزي، وأبو مطيع البلخي. ***

(1) أي: لبسوا البياض مخالفة للعباسيين في لبسهم السواد. (2) «تاريخ الطبري» (8/ 528)، و «المنتظم» (6/ 87)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 464)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 70). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 532)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 72).

السنة الموفية مائتين

السنة الموفية مائتين فيها: هرب أبو السرايا من الكوفة، فدخلها هرثمة، ثم أخذ أبو السرايا ومحمد بن محمد العلوي بجلولاء، وحملا إلى الحسن بن سهل، فضرب عنق أبي السرايا، وكان بين خروجه وقتله عشرة أشهر (1). وفيها: هرب الطالبيون من مكة بعد وقعات كانت بينهم وبين إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى، ورئيس العلوية محمد بن جعفر بن محمد، فدخل على إسحاق بأمان (2). وفيها: شخص هرثمة إلى المأمون بمرو، فحبسه إلى أن مات في الحبس (3). وفيها-على الأصح-: توفي الحافظ أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك المدني، والولي الكبير السيد الشهير معروف الكرخي مولى علي بن موسى الرضا، وأبو البختري وهب بن وهب القرشي الأسدي المدني، وأسباط، وأبو ضمرة، وسلم بن قتيبة، وعمر بن عبد الواحد، ومحمد بن حمير، ومعاذ بن هشام، ومبشر بن إسماعيل. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وسلم ***

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 534)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 470). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 536)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 472). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 80)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 542).

طبقات المائة الثالثة

طبقات المائة الثالثة

العشرون الأولى من المائة الثالثة

العشرون الأولى من المائة الثالثة [الاعلام] 966 - [حماد بن أسامة الليثي] (1) حماد بن أسامة الليثي أبو أسامة الكوفي الحافظ، مولى الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي طالب، ويقال: مولى زيد بن علي. سمع هشام بن عروة، والأعمش، والثوري وغيرهم. وروى عنه ابن المديني، وعبيد بن إسماعيل وغيرهما، قال الإمام أحمد: (ما كان أثبته لا يكاد يخطئ! ) اه‍ توفي سنة إحدى ومائتين. 967 - [علي بن عاصم الواسطي] (2) علي بن عاصم أبو الحسن الواسطي، محدث واسط. روى عن حصين بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب وغيرهما، وكان يحضر مجلسه ثلاثون ألفا. قال وكيع: أدركت الناس والحلقة بواسط لعلي بن عاصم. وقال بعض المؤرخين: كان إماما ورعا صالحا جليل القدر، وضعفه غير واحد لسوء حفظه. توفي سنة إحدى ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 517)، و «تهذيب الكمال» (7/ 217)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 277)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 125)، و «مرآة الجنان» (3/ 2)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 477)، و «شذرات الذهب» (2/ 5). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 315)، و «تهذيب الكمال» (20/ 504)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 249)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 264)، و «مرآة الجنان» (2/ 3)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 173)، و «شذرات الذهب» (3/ 6).

968 - [حماد بن مسعدة التميمي]

968 - [حماد بن مسعدة التميمي] (1) حماد بن مسعدة التميمي-ويقال: الباهلي-مولاهم البصري أبو سعيد. سمع يزيد بن أبي عبيد، وابن جريج، وابن عون وغيرهم. وروى عنه إسحاق الحنظلي، ومحمد بن مثنى، ومحمد بن بشار وغيرهم. وتوفي سنة إحدى-أو اثنتين-ومائتين. 969 - [حرمي بن عمارة] (2) حرميّ بن عمارة بن أبي حفصة-واسم أبي حفصة: ثابت-الأزدي أبو روح. سمع شعبة، وقرة بن خالد، وشداد بن طلحة وغيرهم. وروى عنه علي بن المديني، وعبيد الله القواريري، ومحمد بن عمرو بن جبلة وغيرهم. وتوفي سنة إحدى ومائتين كما ذكره الذهبي. 970 - [بشمين الحمّاني] (3) عبد الحميد بن عبد الرحمن [ولقبه] بشمين أبو يحيى الحمّاني مولاهم، التيمي الكوفي، أصله من خوارزم. سمع بريد بن عبد الله وغيره، وروى عنه أبو بكر محمد بن خلف وغيره. ذكره أبو الفضل المقدسي فيمن انفرد البخاري بالرواية عنه، وقد روى له مسلم أيضا في مقدمة «صحيحه» (4). توفي سنة اثنتين ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 295)، و «الجرح والتعديل» (3/ 148)، و «تهذيب الكمال» (7/ 283)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 356)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 130)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 485)، و «شذرات الذهب» (3/ 6). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 304)، و «الجرح والتعديل» (3/ 307)، و «تهذيب الكمال» (5/ 553)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 96)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 373)، و «شذرات الذهب» (3/ 6). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 522)، و «الجرح والتعديل» (6/ 16)، و «تهذيب الكمال» (16/ 452)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 227)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 478)، و «شذرات الذهب» (9/ 3). (4) «مقدمة صحيح مسلم» باب: (بيان أن الإسناد من الدين).

971 - [يحيى بن المبارك اليزيدي]

971 - [يحيى بن المبارك اليزيدي] (1) يحيى بن المبارك العدوي المعروف باليزيدي؛ لصحبته يزيد بن منصور خال المهدي، صاحب التصانيف الأدبية. كان إماما في النحو، واللغة، والأدب، والقراءة، وكان شاعرا فصيحا. أخذ العربية وأخبار الناس عن الخليل بن أحمد، وأبي عمرو بن العلاء، ودخل مكة في رجب، وحدث بها عن أبي عمرو بن العلاء، وابن جريج، وخالف أبا عمرو في حروف يسيرة من القراءة. وأخذ عنه ابنه محمد، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو عمرو الدوري، وأبو شعيب السوسي، وكان يؤدب أولاد يزيد بن منصور خال المهدي، وبه عرف، وإليه نسب، كما تقدم. اتصل بالرشيد، فجعل ابنه المأمون في حجره، فكان يؤدبه، ويأخذ عليه بحرف أبي عمرو، وكان الكسائي يؤدب الأمين، ويأخذ عليه بحرف حمزة. قال اليزيدي: وجهت إلى المأمون يوما بعض خدمه فأبطأ، ثم وجهت إليه آخر فأبطأ، فقلت: إن هذا الفتى ربما اشتغل بالبطالة، فلما خرج .. أمرت بحمله، وضربته بسبع درر، فإنه ليدلك عينيه من البكاء .. إذ قيل: هذا جعفر بن يحيى قد أقبل، فأخذ منديلا فمسح عينيه، وجمع عليه ثيابه، وقام إلى فراشه فقعد عليه متربعا، ثم قال: ليدخل، فدخل، وقمت عن المجلس وخفت أن يشكوني إليه، فألقى منه ما أكره، قال: فأقبل عليه بوجهه، وحدثه حتى أضحكه وضحك إليه، فلما هم بالحركة .. دعا بدابته، وأمر غلمانه فسعوا بين يديه، ثم سأل عني، فجئت، فقال: خذ ما بقي علي من حزبي، فقلت: أيها الأمير؛ أطال الله بقاءك، لقد خشيت أن تشكوني إلى جعفر، قال: حاشى لله، أتراني يا أبا محمد أطلع الرشيد على هذا؟ ! فكيف بجعفر يطلع علي أني محتاج إلى الأدب،

(1) «تاريخ بغداد» (14/ 152)، و «المنتظم» (6/ 119)، و «وفيات الأعيان» (6/ 183)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 562)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 450)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 320)، و «مرآة الجنان» (2/ 3)، و «بغية الوعاة» (2/ 340)، و «شذرات الذهب» (3/ 9).

يغفر الله لك، لقد بعد ظنك، خذ في أمرك، فقد خطر ببالك ما لا يكون أبدا ولو عدت في كل يوم مائة مرة. قالوا: وسأل المأمون اليزيدي عن شيء فقال: لا، وجعلني الله فداك يا أمير المؤمنين، فقال: لله درك! ما وضعت قطّ واو موضعا أحسن من موضعها في لفظك. قال اليزيدي: دخلت على المأمون يوما والدنيا غضة، وعنده نعم تغنّيه، وكانت من أجمل أهل دهرها: [من الكامل] وزعمت أني ظالم فهجرتني … ورميت في قلبي بسهم نافذ فنعم هجرتك فاغفري وتجاوزي … هذا مقام المستجير العائذ ولقد أخذتم من فؤادي أنسه … لا شلّ ربي كفّ ذاك الآخذ واستعادها المأمون الصوت ثلاث مرات، ثم قال: يا يزيدي؛ أيكون شيء أحسن مما نحن فيه؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: وما هو؟ قلت: الشكر لمن خولك هذا الإنعام العظيم، فقال: أحسنت وصدقت، ووصلني، وأمر بمائة ألف يتصدق بها. وحكي أنه وقع بين اليزيدي والكسائي تنازع في هذا البيت: [من مجزوء الرمل] لا يكون العير مهرا … لا يكون المهر مهر فقال الكسائي: مهر الثاني منصوب على أنه خبر كان، ففي البيت على التقدير أقوال، وقد علم كون حرف الروي فيما قبله مرفوعا. وقال اليزيدي: الصواب رفعه؛ لأن الكلام قد تم عند قوله: (لا يكون) الثانية، وهي مؤكدة للأولى، ثم استأنف فقال: المهر مهر، وضرب بقلنسوته الأرض وقال: أنا أبو محمد، فقيل له: أتكتني بحضرة أمير المؤمنين؟ ! والله إن خطأ الكسائي مع حسن أدبه لأحسن من صوابك مع سوء أدبك، فقال: حلاوة الظفر أذهبت عني حسن التحفظ. قال بعضهم: دخل اليزيدي على الخليل بن أحمد وهو جالس على وسادة، فأوسع له وأجلسه، فقال اليزيدي: أحسبني ضيقت عليك، فقال الخليل: ما ضاق موضع على متحابين، والدنيا لا تسع متباغضين. توفي اليزيدي سنة اثنتين ومائتين.

972 - [الفضل ذو الرئاستين]

972 - [الفضل ذو الرئاستين] (1) الفضل بن سهل أبو العباس السّرخسي-نسبة إلى سرخس بسين مكررة قبل الراء وبعد الخاء المعجمة الساكنة-وزير المأمون، وهو أخو الحسن بن سهل، وعمّ بوران زوج المأمون، وكانت فيه فضائل، ويلقب بذي الرئاستين، وكان من أخبر الناس بعلوم النجوم، وأكثرهم إصابة. لما عزم المأمون على إرسال طاهر بن الحسين إلى محاربة أخيه الأمين .. نظر الفضل في مسلّته، فوجد الدليل في وسط السماء، وكان ذا يمينين، وأخبر المأمون أن طاهرا يظفر بالأمين، ويلقب بذي اليمينين، فكان كذلك، فتعجب المأمون من إصابته، ولقب طاهر بذلك، وولع المأمون بالنظر في علم النجوم. ويروى: أنه اختار لطاهر بن الحسين حين أراد الخروج إلى الأمين وقتا عقد له فيه لواءه، فسلمه إليه وقال له: لقد عقدت لك لواء لا يحلّ خمسا وستين سنة، فكان بين خروج طاهر بن الحسين إلى وجه علي بن عيسى بن ماهان مقدم جيش الأمين إلى أن قبض يعقوب بن الليث بن علي والي خراسان ولد ولد طاهر المذكور .. خمس وستون سنة. ومما يحكى من إصابته: ما حكم به على نفسه أنه يعيش ثمان وأربعين سنة، ثم يقتل بين ماء ونار، فعاش كذلك، ثم قتل في حمام بسرخس، كما سيأتي. ويحكى أنه قال يوما لثمامة بن الأشرس: ما أدري ما أصنع في طلاب الحاجات وقد كثروا علي، وأضجروني، فقال له: زل عن موضعك، وعلي ألاّ يلقاك أحد منهم، قال: صدقت، وانتصب لقضاء أشغالهم. وكان قد مرض بخراسان حتى أشفى على التلف، فلما عوفي .. جلس للناس، فدخلوا عليه وهنئوه بالسلامة، وتصرفوا في الكلام، فلما فرغوا من كلامهم .. قال: إن في العلل لنعما لا ينبغي للعاقل أن يجهلها: تمحيص الذنوب، والتعريض لثواب الصبر، والاتعاظ من الغفلة، والإذكار بالنعمة في حال الصحة، واستدعاء التوبة، والحض على الصدقة.

(1) «تاريخ بغداد» (12/ 336)، و «المنتظم» (6/ 117)، و «وفيات الأعيان» (4/ 41)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 99)، و «العبر» (1/ 338)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 42)، و «مرآة الجنان» (2/ 5)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 172)، و «شذرات الذهب» (3/ 10).

973 - [الحسين بن علي الجعفي]

ومدح الفضل جماعة من الشعراء، وفيه يقول بعضهم: [من الطويل] لعمرك ما الأشراف في كل بلدة … وإن عظموا في الفضل إلا صنائع ترى عظماء الناس للفضل خشعا … إذا ما بدا والفضل لله خاشع تواضع لما زاده الله رفعة … وكل جليل عنده متواضع وقال فيه مسلم بن الوليد الأنصاري من جملة قصيدة: [من الوافر] أقمت خلافة وأزلت أخرى … جليل ما أقمت وما أزلتا استولى على المأمون، حتى ضايقه في جارية أراد شراءها، فلما ثقل أمره على المأمون .. دس إليه من يقتله، فدخل عليه الحمام بسرخس جماعة، فضربوه بسيوفهم حتى مات، وذلك يوم الجمعة ثاني شعبان من سنة اثنتين ومائتين، وقيل: في التي تليها، وعمره ثمان وأربعون-أو إحدى وأربعون-سنة وخمسة أشهر، فسأل المأمون قاتليه عن ذلك، فقالوا: أنت أمرتنا، فأمر بقتلهم. ولما قتل .. مضى المأمون إلى والدته يعزيها وقال: لا تأسي عليه، ولا تجزعي لفقده؛ فإن الله قد أخلف عليك مني ولدا يقوم مقامه، فمهما كنت تنبسطين إليه فيه .. فلا تنقبضي عني منه، فبكت، وقالت: يا أمير المؤمنين؛ كيف لا أحزن على ولد أكسبني ولدا مثلك؟ ! وأقام المأمون أخاه الحسن بن سهل مقامه. 973 - [الحسين بن علي الجعفي] (1) الحسين بن علي بن الوليد الجعفي مولاهم، الكوفي أخو الوليد، ويكنى أبا عبد الله. سمع الأعمش وجماعة، وروى عنه يحيى بن آدم، ومحمد بن رافع وغيرهما. قال بعضهم: كان مع تقدمه في العلم رأسا في الزهد والعبادة. توفي سنة ثلاث ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 519)، و «تهذيب الكمال» (6/ 449)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 39)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 109)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 344)، و «مرآة الجنان» (2/ 8)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 431)، و «شذرات الذهب» (3/ 13).

974 - [زيد بن الحباب العكلي]

974 - [زيد بن الحباب العكلي] (1) زيد بن الحباب التميمي العكلي أبو الحسين الكوفي. سمع معاوية بن صالح، والضحاك بن عثمان، وقرة بن خالد وغيرهم. روى عنه محمد بن حاتم، والحسن الحلواني، وأحمد بن المنذر. وكان حافظا، صاحب حديث، واسع الرحلة، صابرا على الفقر والفاقة. توفي سنة ثلاث ومائتين. 975 - [محمد بن بشر العبدي] (2) محمد بن بشر بن الفرافصة العبدي-من عبد القيس-أبو عبد الله الكوفي الحافظ. سمع مسعرا، وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهما. وروى عنه إسحاق الحنظلي، وأبو كريب، وعبد بن حميد. قال أبو داود: هو أحفظ من كان بالكوفة في وقته. توفي سنة ثلاث ومائتين، كذا في «الذهبي» و «اليافعي» وغيرهما (3). وذكر الحافظ أبو الفضل المقدسي عن أحمد بن أبي رجاء أنه توفي سنة ثلاثين ومائتين، ولعله وهم وسبق قلم من ثلاث إلى ثلاثين، والله سبحانه أعلم. 976 - [عمر بن يونس اليمامي] (4) عمر بن يونس بن القاسم الحنفي أبو حفص اليمامي.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 526)، و «تهذيب الكمال» (10/ 40)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 393)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 160)، و «مرآة الجنان» (2/ 8)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 661)، و «شذرات الذهب» (3/ 13). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 516)، و «تهذيب الكمال» (24/ 520)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 265)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 344)، و «مرآة الجنان» (2/ 8)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 520)، و «شذرات الذهب» (3/ 15). (3) كما في جميع مصادر ترجمته المذكورة. (4) «طبقات ابن سعد» (8/ 117)، و «الجرح والتعديل» (6/ 142)، و «تهذيب الكمال» (21/ 534)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 422)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 255)، و «شذرات الذهب» (3/ 15).

977 - [محمد بن بكر البرساني]

سمع أباه، وعكرمة بن عمار وغيرهما. وروى عنه إسحاق بن وهب، وزهير بن حرب، ومحمد بن حاتم، ومحمد بن المثنى وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث ومائتين. 977 - [محمد بن بكر البرساني] (1) محمد بن بكر بن عثمان البرساني، وبرسان بطن من الأزد، يكنى أبا عثمان. سمع ابن جريج، وسعيد بن أبي عروبة، وهشام بن حسان وغيرهم. وروى عنه يحيى بن موسى، ومحمد بن حاتم، وإسحاق الحنظلي وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث ومائتين بالبصرة. 978 - [يحيى بن آدم الكوفي] (2) يحيى بن آدم بن سليمان القرشي مولاهم، مولى خالد بن خالد-ويقال: مولى لآل عقبة بن أبي معيط-أبو زكريا الكوفي، صاحب الثوري. سمع وهب بن خالد، وزهير بن معاوية، وجرير بن حازم، وإسرائيل وغيرهم. وروى عنه إسحاق الحنظلي، وإسحاق ابن نصر وغيرهما. توفي سنة ثلاث ومائتين. 979 - [عمر بن سعد الحفري] (3) عمر بن سعد أبو داود الحفري.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 297)، و «الجرح والتعديل» (7/ 212)، و «تهذيب الكمال» (24/ 530)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 104)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 345)، و «تهذيب التهذيب» (5/ 522)، و «شذرات الذهب» (3/ 15). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 526)، و «تهذيب الكمال» (31/ 188)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 421)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 431)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 342)، و «مرآة الجنان» (2/ 10)، و «شذرات الذهب» (3/ 18). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 527)، و «الجرح والتعديل» (6/ 112)، و «تهذيب الكمال» (21/ 360)، و «سير-

980 - [محمد بن عبد الله الزبيري]

روى عن الثوري وغيره. وروى عنه محمد بن رافع، وإسحاق بن منصور، وإسحاق بن راهويه وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث ومائتين. 980 - [محمد بن عبد الله الزبيري] (1) محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي مولاهم، الكوفي أبو أحمد الزبيري، نسبة إلى جده المذكور. سمع الثوري، وإسرائيل، ومسعرا وغيرهم. وروى عنه أبو بكر بن أبي شيبة، ونصر بن علي، ومحمد بن رافع وغيرهم. قال أبو حاتم: كان ثقة حافظا عابدا مجتهدا. توفي سنة ثلاث ومائتين. 981 - [النضر بن شميل] (2) النضر بن شميل بن خرشة بن زيد بن كلثوم المازني البصري أبو الحسن، أصله من البصرة، وولد بمرو الرّوذ، ثم رجع مع أبيه إلى البصرة هاربا من الفتنة سنة ثمان وعشرين ومائة وهو ابن ست سنين. سمع هشام بن عروة، وإسماعيل بن أبي خالد، وحميدا الطويل، وعبد الله بن عون، وهشام بن حسان وغيرهم من التابعين.

= أعلام النبلاء» (9/ 415)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 279)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 227)، و «شذرات الذهب» (3/ 14). (1) «طبقات ابن سعد» (8/ 526)، و «الجرح والتعديل» (7/ 297)، و «تهذيب الكمال» (25/ 476)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 353)، و «مرآة الجنان» (2/ 8)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 605)، و «شذرات الذهب» (3/ 15). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 377)، و «الجرح والتعديل» (8/ 477)، و «معجم الأدباء» (7/ 177)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 127)، و «وفيات الأعيان» (5/ 397)، و «تهذيب الكمال» (29/ 379)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 328)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 411)، و «مرآة الجنان» (2/ 8)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 222)، و «بغية الوعاة» (2/ 316)، و «شذرات الذهب» (3/ 16).

وروى عنه يحيى بن معين، وعلي بن المديني وغيرهما من الحفاظ. وكان رأسا في الحديث، واللغة، والفقه، والغريب، والشعر، وأيام العرب، صاحب سنة. قال أبو عبيدة: ضاقت المعيشة على النضر بن شميل بالبصرة، فخرج يريد خراسان، فشيعه من أهل البصرة نحو ثلاثة آلاف، ما فيهم إلا محدث، أو نحوي، أو لغوي، أو عروضي، أو أخباري، فلما صار بالمربد .. جلس وقال: يا أهل البصرة؛ يعز علي فراقكم، والله لو وجدت كل يوم كيلة باقلاء .. ما فارقتكم، قال: فلم يكن أحد فيهم يتكلف ذلك له، وسار حتى وصل خراسان، وجمع بها مالا، ودخل نيسابور، فسمع عليه أهلها، وكانت إقامته بمرو. ونظير ضيق معيشته عليه ما سيأتي إن شاء الله تعالى في ترجمة القاضي عبد الوهاب المالكي من ضيق معيشته ببغداد، وانتقاله إلى مصر. روى المأمون عن هشيم بسنده المتصل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها .. كان فيه سداد من عوز» ورواه بفتح السين، وكان النضر بن شميل حاضرا، فروى الحديث من طريق آخر عن عوف بن أبي جميلة بسنده المتصل، ورواه (سداد) بكسر السين، فقال له المأمون: تلحنني؟ قال: لا، إنما لحن هشيم، وكان لحانة، فتبعه أمير المؤمنين في لفظه، قال: فما الفرق بينهما؟ قال: السّداد بالفتح: القصد في الدين والسبيل، وبالكسر: البلغة، وكل ما سددت به شيئا .. فهو سداد، قال: أو تعرف ذلك العرب؟ قال: نعم، هذا العرجي يقول: [من الوافر] أضاعوني وأي فتى أضاعوا … ليوم كريهة وسداد ثغر ثم قال المأمون: قبح الله من لا أدب له، ثم أخذ المأمون القرطاس وكتب ولا يدري النضر ماذا يكتب، ثم قال: إذا أردت أن تترب-يعني الكتاب-كيف تقول؟ قال: أترب، قال: فهو ماذا؟ قلت: مترب، قال: فمن الطين، قلت: طنّ، قال: فهو ماذا؟ قلت: مطين، فقال المأمون: هذه أحسن من الأولى! ثم قال: يا غلام؛ أتربه، وطنه، ثم أرسل بالكتاب إلى وزيره الفضل بن سهل مع غلامه، وبعث معه النضر بن شميل، فلما قرأ الفضل الكتاب .. قال: يا نضر؛ أمير المؤمنين أمر لك بخمسين ألف درهم، فما كان السبب فيه؟ فأخبرته، فقال: لحّنت أمير المؤمنين، قلت: كلا، إنما لحن هشيم، وكان

982 - [أزهر بن سعد السمان]

لحانة، فحدث به أمير المؤمنين كما سمعه، فأمر له الفضل بثلاثين ألف درهم أخرى، فأخذ ثمانين ألف درهم بحرف استفيد منه. والبيت الذي استشهد به هو لعبد الله بن عمرو بن عثمان الأموي العرجي الشاعر، وهو من جملة أبيات، منها: [من الوافر] أضاعوني وأي فتى أضاعوا … ليوم كريهة وسداد ثغر وصبر عند معترك المنايا … وقد شرعت أسنتها بنحر وسبب عمله لهذه الأبيات أنه حبسه محمد بن هشام المخزومي خال هشام بن عبد الملك، وكان واليا على مكة، فأقام في حبسه سبع سنين حتى مات في الحبس، من أجل أنه كان يشبب بأمه، لا محبة لها، بل ليفضح ولدها المذكور. توفي النضر سنة ثلاث ومائتين عن ثمانين سنة. 982 - [أزهر بن سعد السمان] (1) أزهر بن سعد الباهلي مولاهم، السمان البصري، أبو بكر، يقال: إن أباه كان رخّجيّا، سرقهم الترك وهم يلعبون مع الغلمان، ولم يسبوا، قال المنذري: و (رخّج) من أعمال سجستان، وذكر أبو سعيد أن الرخجية قرية ببغداد. سمع عبد الله بن عون، وحميدا الطويل وغيرهما. وروى عنه علي بن المديني، ومحمد بن مثنى، وإسحاق الحنظلي وغيرهم. كان صحب المنصور قبل أن يلي الخلافة، فلما وليها .. جاءه مهنئا، فحجبه المنصور، فرصد له في يوم جلوسه العام، وسلم عليه، فقال له المنصور: ما جاء بك؟ قال: جئت مهنئا بالأمر، فقال المنصور: أعطوه ألف دينار، وقولوا له: قد قضيت وظيفة الهناء، فلا تعد إلي، فمضى، وعاد من قابل، فحجبه أيضا، فدخل عليه في مثل الأول، فسلم، فقال له المنصور: ما جاء بك؟ قال: سمعت أنك مرضت، فجئت عائدا، فقال: أعطوه ألف دينار، وقال له: قد قضيت وظيفة العيادة، فلا تعد إلي؛ فإني قليل

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 295)، و «وفيات الأعيان» (1/ 194)، و «تهذيب الكمال» (323)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 441)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 44)، و «مرآة الجنان» (2/ 10)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 104)، و «شذرات الذهب» (2/ 5).

983 - [علي الرضا بن موسى الكاظم]

الأمراض، فمضى، وعاد في قابل، فدخل عليه في مثل ذلك المجلس، فقال: ما جاء بك؟ فقال: سمعت منك دعاء، فجئت لأتعلمه، فقال له: يا هذا؛ إنه غير مستجاب، أنا في كل سنة أدعو الله تعالى ألاّ تأتيني، وأنت تأتيني. وله وقائع، وحكايات مشهورة. وتوفي سنة ثلاث ومائتين، والله أعلم. 983 - [علي الرضا بن موسى الكاظم] (1) أبو الحسن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، أحد الأئمة الاثني عشر المعصومين في زعم الإمامية. ولد في سابع شوال، أو ثامنه سنة ثلاث وخمسين ومائة، وكان المأمون أحضر أولاد العباس الرجال منهم والنساء وهو بمرو من خراسان، فكان عددهم ثلاثة وثلاثين ألفا ما بين كبير وصغير، واستدعى عليا المذكور، وأنزله أحسن منزل، وجمع خواصه، وأخبرهم أنه نظر في أولاد العباس، وأولاد علي بن أبي طالب، فلم يجد أحدا في وقته أفضل، ولا أحق بالخلافة من علي الرضا، فبايعه، وأمر بإزالة السواد من اللباس والأعلام، وإبدال ذلك بالخضرة، وزوجه ابنته أم حبيبة، وجعله ولي عهده، وضرب اسمه على الدينار والدرهم، فلما بلغ الخبر إلى من بالعراق من أولاد العباس .. علموا أن في ذلك خروج الأمر عنهم، فخلعوا المأمون، وبايعوا عمه منصور بن المهدي، ولقبوه بالمرتضى، فضعف عن الأمر، وقال: إنما أنا خليفة المأمون، فتركوه، وعدلوا إلى أخيه إبراهيم بن المهدي فبايعوه بالخلافة، ولقبوه بالمبارك، وجرت بالعراق حروب شديدة، وأمور مزعجة، وتوفي علي المذكور في آخر يوم من صفر سنة اثنتين ومائتين بمدينة طوس، فدخل عليه المأمون، ودفنه بلصق قبر أبيه الرشيد. قيل: إنه أكل عنبا، فأكثر منه، فمات. وقيل: مات مسموما.

(1) «الكامل في التاريخ» (5/ 504)، و «وفيات الأعيان» (3/ 269)، و «تهذيب الكمال» (21/ 148)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 387)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 269)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 248)، و «مرآة الجنان» (2/ 11)، و «البداية والنهاية» (10/ 689)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 194)، و «شذرات الذهب» (3/ 14).

وفيه يقول أبو نواس وقد عتب عليه بعض أصحابه وقال: ما رأيت أوقح منك، ما تركت خمرا ولا معنى إلا قلت فيه، وهذا علي بن موسى الرضا في عصرك لم تقل فيه شيئا، فقال: والله ما تركت ذلك إلا إعظاما له، وليس قدر مثلي يستحسن أن يقول في مثله، ثم أنشد بعد ساعة: [من الخفيف] قيل لي أنت أحسن الناس طرا … في فنون من المقال النبيه لك من جيد المديح قريض … يثمر الدر في يدي مجتنيه فعلى ما تركت مدح ابن موسى … والخصال التي زهت هي فيه قلت لا أستطيع مدح إمام … كان جبريل خادما لأبيه قال الشيخ اليافعي: وفي هذه الأبيات لفظتان أصلحتهما؛ لاختلال وزنهما من جهة الكاتب. وقال فيه أبو نواس أيضا: [من البسيط] مطهرون نقيات جيوبهم … تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا من لم يكن علويا حين تنسبه … فما له من قديم الدهر مفتخر الله لما برا خلقا فأتقنه … صفاكم واصطفاكم أيها البشر فأنتم الملأ الأعلى وعندكم … علم الكتاب وما جاءت به السور قال المأمون يوما لعلي بن موسى المذكور: ما يقول بنو أبيك في جدنا العباس بن عبد المطلب؟ فقال: ما يقولون في رجل فرض الله طاعة بنيه على خلقه، وفرض طاعته على بنيه، فأمر له بألف ألف درهم. وكان أخوه زيد بن موسى قد خرج على المأمون بالبصرة وفتك بأهلها، فأرسل إليه المأمون أخاه عليا المذكور يرده عن ذلك، فجاءه وقال له: ويلك يا زيد! فعلت بالمسلمين في البصرة ما فعلت، وتزعم أنك ابن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ ! والله لأشد الناس عليك رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يا زيد؛ ينبغي لمن أخذ برسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يعطي به، فبلغ كلامه المأمون فبكى وقال: هكذا ينبغي أن يكون أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قيل: هذا الكلام مأخوذ من كلام زين العابدين؛ فقد قيل: إنه كان إذا سافر .. كتم نسبه، فقيل له في ذلك، فقال: أنا أكره أن آخذ برسول الله صلّى الله عليه وسلم ما لا أعطي به.

984 - [الإمام الشافعي]

984 - [الإمام الشافعي] (1) أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي، الإمام الشافعي المشهور، يجتمع مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في عبد مناف رابع أب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو عاشر أب للشافعي رضي الله عنه. ذكر العلماء الأعلام: أبو بكر البيهقي، والحاكم أبو عبد الله، والخطيب البغدادي: أن هاشما ولد الشافعي ثلاث مرات؛ لأن أم السائب هي الشفاء بنت الأرقم بن هاشم بن عبد مناف، وأم الشفاء هي خليدة-بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة، وكسر اللام، وبعد اللام مثناة من تحت-ابنة أسد بن هاشم بن عبد مناف، أخت فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب، فهو ابن خالة علي من هذه الحيثية، وابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ لأن جده المطلب بن عبد مناف أخو هاشم جد النبي صلّى الله عليه وسلم. قال ابن دريد: [من الطويل] لرأي ابن إدريس ابن عمّ محمد … ضياء إذا ما أظلم الخطب ساطع وهو ابن عمة النبي صلّى الله عليه وسلم؛ لأن جدته أمّ جده السائب الشفاء بنت الأرقم بن هاشم (2). وكان الشافعي رحمه الله تعالى كثير المناقب، جم المفاخر، عديم النظير، منقطع القرين، اجتمع فيه من العلوم بكتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكلام الصحابة وآثارهم، واختلاف أقاويل العلماء، وكلام العرب من النحو واللغة والشعر وغير ذلك .. ما لم يجتمع في غيره، حتى إن الأصمعي مع جلالة قدره في هذا الشأن قرأ عليه أشعار الهذليين.

(1) «الجرح والتعديل» (7/ 201)، و «تاريخ بغداد» (2/ 54)، و «تاريخ دمشق» (51/ 278)، و «المنتظم» (6/ 137)، و «معجم الأدباء» (6/ 452)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 44)، و «وفيات الأعيان» (4/ 163)، و «السلوك» (1/ 150)، و «تهذيب الكمال» (24/ 355)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 304)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 171)، و «مرآة الجنان» (3/ 13)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 497)، و «شذرات الذهب» (3/ 19). (2) انظر «مناقب الشافعي» للبيهقي (1/ 84)، و «تاريخ بغداد» (2/ 56).

وقال الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله تعالى: ما عرفت ناسخ الحديث ومنسوخه حتى جالست الشافعي. وأثنى عليه الزمخشري المعتزلي، وعظّمه، ورجّح قوله، وقوّى حجته. واستنبط الشافعي رحمه الله تعالى علوما لم يسبق إليها، كعلم أصول الفقه، وتلخيصه باب القياس تلخيصا سنيا وغير ذلك، وفضائله ومناقبه رضي الله عنه كثيرة، ومن المنسوب إليه من الشعر-وغالب شعره حكمة-: [من الوافر] بقدر الكد تكتسب المعالي … ومن رام العلا سهر الليالي ومن شعره: [من الطويل] تغرب عن الأوطان في طلب العلا … وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفرّج هم واكتساب معيشة … وعلم وآداب وصحبة ماجد ومنه: [من الطويل] أخي لن تنال العلم إلا بستة … سأنبيك عن تفصيلها ببيان ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة … وإرشاد أستاذ وطول زمان ومنه: [من الخفيف] قيمة المرء فضله عند ذي الفض‍ … ل وما في يديه عند الرعاع فإذا ما حويت مالا وعلما … كنت عين الزمان بالإجماع وإذا منهما غدوت خليا … كنت في الناس من أخس المتاع ومنه: [من الطويل] ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي … جعلت رجائي نحو عفوك سلما تعاظمني ذنبي فلما قرنته … بعفوك ربي كان عفوك أعظما فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل … تجود وتعفو منة وتكرما فلولاك لم يغو بإبليس عالم … فكيف وقد أغوى صفيك آدما وأم الشافعي فاطمة بنت عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب. يروى أن أمه لما حملت به .. رأت كأن المشتري خرج من فرجها، وارتفع، ثم وقع

بمصر، ثم تشظت منه قطع، فوقع في كل بلد شظية، فأوّل بخروج عالم منها يختص علمه بمصر أولا، ثم يتفرق في البلاد. ولد سنة خمسين بعد موت أبيه بغزة من الأرض المقدسة، ثم حمل إلى عسقلان، فلذا توهم بعضهم أنه ولد بعسقلان، فكفله جده لأمه، وارتحل به البلاد، وحثه على طلب العلم، ونشأ بمكة، وحفظ القرآن بها لتسع سنين، وأخذ القراءات بها عن أصحاب عبد الله بن كثير، وتفقه بمكة على سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد الزنجي. ثم قدم المدينة فحفظ «الموطأ» عن ظهر قلبه حفظا محققا، وقرأ على مالك بن أنس، وبالغ مالك رضي الله عنه في إكرامه، ثم دخل اليمن مع جده عبيد الله، وأخذ عن هشام بن يوسف الأنباري، وأبي حنيفة بن الفقيه سماك، ومطرف بن مازن، والدبري، ثم ارتحل إلى العراق، وأخذ بالكوفة عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، واستعار منه كتب أبي حنيفة. ثم دخل بغداد، فولى الرشيد قضاء اليمن لمصعب بن عبيد، فاستصحب الشافعي معه لما يتحققه من فقره وانقطاعه وفضله، فلما صار مصعب باليمن .. استناب الشافعي على قضاء نجران، فحكم أحكاما محررة، وصار له باليمن ذكر، فحسده مطرف بن مازن المذكور أولا، فكتب إلى الرشيد: إن أردت اليمن يثبت لك .. فأخرج عنه محمد بن إدريس، فكتب الرشيد إلى نائبه في اليمن حماد اليزيدي أن يصدره إليه، فبعث به إلى الرشيد، قال: فوافق قدومي على الرشيد استيلاء محمد بن الحسن وأبي يوسف عليه، وقد حمل إليه أني من أصحاب عبيد الله بن الحسن لا أرى الخلافة إلا في الطالبيين، وحصل بينه وبينهما محاورات ومراجعات في مسائل فقهية ظهر فيها للرشيد علمه وفضله، فخلع عليه وعليهما، وحمل كلاّ منهما على مركوب، وخص الشافعي بخمسين ألف درهم، ففرقها في طريقه، ولم يصل منزله منها بشيء، فعظم قدره عند الرشيد، فأقام ببغداد مدة صنف فيها كتبه القديمة، ورواها عنه أربعة من جلة أصحابه، وهم: الإمام أحمد ابن حنبل، وأبو ثور، والزعفراني، والكرابيسي. ثم عزم إلى مصر، فدخلها سنة تسع وتسعين ومائة، فأخذ بها عن الست نفيسة، وصنف بها كتبه الجديدة، ك‍ «الأم» و «الرسالة» وغيرهما. قال ابن خلكان: (واتفق العلماء قاطبة من أهل الفقه والأصول والنحو والحديث وغير

ذلك على ثقة الشافعي وأمانته وعدالته، وورعه وزهده، ونزاهة عرضه، وشرف نسبه، وصحة حسبه، وحسن سيرته، وعلو قدره، أثنى عليه مشايخه وغيرهم من العلماء) (1). وقال الإمام أحمد: ما حمل أحد محبرة إلا وكان للشافعي عليه فضل ومنة. وقال: ما رأيت أحدا أتبع للسنة من الشافعي. وقال الزعفراني: كان أصحاب الحديث نياما حتى جاء الشافعي أيقظهم، فتيقظوا. وفي «صفوة الزبد» عن الإمام أحمد أنه جاء عنه صلّى الله عليه وسلم: «إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يصحح لهذه الأمة دينها» وكان على رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، وتلاه في الثانية الشافعي. قال ابن خلكان: وللشافعي رضي الله عنه مناقب كثيرة جمعها العلماء، واشتهر من المصنفات في مناقبه وأحواله نحو ثلاثة عشر مصنفا، منها لداود الظاهري مصنف في مجلدين، وللفخر الرازي مصنف في مجلد، وبالجملة ففضائله أشهر من أن تذكر، وعلومه أكثر من أن تحصر. [من الوافر] وليس يصح في الأذهان شيء … إذا احتاج النهار إلى دليل توفي رضي الله عنه بمصر ليلة الجمعة بعد أن صلّى العشاء، آخر ليلة من رجب سنة أربع ومائتين، ودفن بعد عصر الجمعة. وفي «صفوة الزبد» عن الربيع بن سليمان قال: كنا جلوسا في حلقة الشافعي بعد دفنه، فوقف أعرابي وسلم وقال: أين قمر هذه الحلقة، بل شمسها؟ قلنا: مات، فبكى ثم قال: رحمه الله وغفر له، لقد كان يفتح ببيانه مغلق الحجة، ويسد على خصمه واضح المحجة، ويغسل من الغبار وجوها مسودة، ويوسع بالرأي أبوابا منسدة، ثم مضى وتركنا نتعجب منه. قال الربيع المرادي: رأيت الشافعي بعد موته فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: أجلسني على كرسي من ذهب، ونثر علي اللؤلؤ الرطب.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 166).

985 - [أشهب بن عبد العزيز]

985 - [أشهب بن عبد العزيز] (1) أشهب بن عبد العزيز العامري، صاحب الإمام مالك، وفقيه الديار المصرية، كان ذا مال وحشمة وجلالة. قال الشافعي: ما أخرجت مصر أفقه من أشهب، لولا طيش فيه. وقال ابن عبد الحكم: سمعت أشهب يدعو على الشافعي بالموت، فذكر ذلك للشافعي فقال متمثلا: تمنى رجال أن أموت وإن أمت … فتلك سبيل لست فيها بواحد فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى … تزود لأخرى مثلها فكأن قد فلما توفي الشافعي .. اشترى أشهب من تركته عبدا، ثم مات أشهب في سنة أربع ومائتين بعد الشافعي بشهر، أو بثمانية عشر يوما، قال: فاشتريت أنا ذلك العبد من تركة أشهب. 986 - [الحسن بن زياد اللؤلؤي] (2) أبو علي الحسن بن زياد اللؤلؤي، صاحب أبي حنيفة، وقاضي الكوفة. كان يقول: كتبت عن ابن جريج اثني عشر ألف حديث، وكان رأسا في الفقه. توفي سنة أربع ومائتين. 987 - [أبو داود الطيالسي] (3) أبو داود سليمان بن داود الطيالسي القرشي مولى آل الزبير بن العوام، أصله فارسي،

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 432)، و «وفيات الأعيان» (1/ 238)، و «تهذيب الكمال» (3/ 296)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 500)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 64)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 278)، و «مرآة الجنان» (2/ 28)، و «الديباج المذهب» (1/ 268)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 182)، و «شذرات الذهب» (3/ 24)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 175)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 124). (2) «الجرح والتعديل» (3/ 15)، و «تاريخ بغداد» (7/ 325)، و «وفيات الأعيان» (5/ 411)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 543)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 98)، و «مرآة الجنان» (2/ 29)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 22)، و «الجواهر المضية» (2/ 56)، و «شذرات الذهب» (3/ 25)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 188). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 299)، و «الجرح والتعديل» (4/ 111)، و «تهذيب الكمال» (11/ 401)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 378)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 179)، و «مرآة الجنان» (2/ 29)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 90)، و «شذرات الذهب» (3/ 25).

988 - [شجاع بن الوليد السكوني]

وأمه مولاة لهذيل البصري، الحافظ، صاحب «المسند». سمع شعبة، وهشاما الدستوائي، وحبيب بن يزيد وغيرهم. روى عنه محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى وغيرهما. وتوفي سنة أربع ومائتين، وولد سنة ثلاث وستين ومائة. قيل: كان يسرد من حفظه ثلاثين ألف حديث. 988 - [شجاع بن الوليد السكوني] (1) شجاع بن الوليد السكوني أبو بدر الكوفي. سمع ببغداد عمر بن محمد بن زيد العمري، وموسى بن عقبة، وهاشم بن هاشم وغيرهم. روى عنه صاعقة-واسمه محمد بن عبد الرحيم-وهارون بن عبد الله، وإسحاق الحنظلي. وتوفي سنة أربع ومائتين، وفي «كتاب أبي الفضل المقدسي»: سنة ثلاثين ومائتين. 989 - [هشام ابن السائب الكلبي] (2) هشام بن محمد بن السائب الكلبي الأخباري. كان حافظا علاّمة، مصنفاته تزيد على مائة وخمسين مصنفا في التاريخ والأخبار، أحسنها وأنفعها كتاب «الجمهرة» في معرفة الأنساب، لم يصنف مثله في بابه، وكان متروك الحديث عند المحدثين، قيل: وفيه رفض. توفي سنة أربع ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 335)، و «تاريخ بغداد» (9/ 248)، و «وفيات الأعيان» (2/ 458)، و «تهذيب الكمال» (12/ 382)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 353)، و «مرآة الجنان» (2/ 29)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 153)، و «شذرات الذهب» (3/ 26). (2) «الجرح والتعديل» (9/ 69)، و «الكامل في الضعفاء» (7/ 110)، و «تاريخ بغداد» (14/ 45)، و «المنتظم» (6/ 142)، و «معجم الأدباء» (7/ 212)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 418)، و «مرآة الجنان» (2/ 29)، و «لسان الميزان» (8/ 338)، و «شذرات الذهب» (3/ 27).

990 - [أبو بكر الحنفي]

990 - [أبو بكر الحنفي] (1) أبو بكر الحنفي، واسمه: عبد الكبير بن عبد المجيد البصري. سمع أفلح بن حميد، والضحاك بن عثمان، وعبد الحميد بن جعفر. وروى عنه بندار، وإسحاق الحنظلي، وإسحاق بن منصور وغيرهم. وتوفي سنة أربع ومائتين. 991 - [عبد الوهاب بن عطاء الخفاف] (2) عبد الوهاب بن عطاء العجلي الخفاف البصري، سكن بغداد، ويكنى أبا نصر. سمع سعيد بن أبي عروبة وغيره. وروى عنه محمد بن عبد الله الرّزي، وعمر بن زرارة وغيرهما. وتوفي ببغداد سنة أربع ومائتين. 992 - [روح بن عبادة] (3) روح بن عبادة بن العلاء بن حسان بن عمرو بن مرثد القيسي أبو محمد البصري الحافظ. سمع عبد الملك ابن جريح، ومالك بن أنس، وشعبة وغيرهم. وروى عنه إسحاق بن منصور، وإسحاق الحنظلي، وحجاج بن الشاعر وغيرهم. وتوفي سنة خمس ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 300)، و «الجرح والتعديل» (6/ 62)، و «وفيات الأعيان» (9/ 72)، و «تهذيب الكمال» (18/ 243)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 489)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 243)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 601)، و «شذرات الذهب» (3/ 26). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 335)، و «الجرح والتعديل» (6/ 72)، و «تهذيب الكمال» (18/ 509)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 451)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 249)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 638)، و «شذرات الذهب» (3/ 27). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 297)، و «تهذيب الكمال» (9/ 238)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 402)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 154)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 153)، و «مرآة الجنان» (2/ 29)، و «شذرات الذهب» (3/ 28)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 179).

993 - [محمد بن عبيد الطنافسي]

993 - [محمد بن عبيد الطنافسي] (1) محمد بن عبيد الطنافسي الإيادي الأحدب أبو عبد الله الكوفي، وهو أخو عمر ويعلى وعلي أبناء عبيد. سمع إسماعيل بن أبي خالد، وأبا حيان التيمي، والأعمش وغيرهم. وروى عنه عبد الله بن نمير، وإسحاق بن نصر وغيرهما. وتوفي لأربع ليال بقين من شوال سنة خمس ومائتين. 994 - [إسحاق بن منصور السلولي] (2) إسحاق بن منصور السلولي-بلامين-أبو عبد الرحمن الكوفي. سمع إبراهيم بن يوسف، وعمر بن أبي زائدة، وإسرائيل وغيرهم. وروى عنه أحمد بن سعيد، ومحمد بن حاتم، ومحمد ابن نمير وغيرهم. وتوفي سنة خمس-أو أربع-ومائتين. 995 - [بشر بن بكر التنيسي] (3) بشر بن بكر التنيسي الشامي، دمشقي الأصل، أبو عبد الله. سمع الأوزاعي وغيره، وروى عنه محمد بن مسكين، والحميدي وغيرهما. ويقال: إن الإمام الشافعي وعبد الله بن وهب رويا عنه، وهما أقدم منه موتا. ولد سنة أربع وعشرين ومائة، وتوفي سنة خمس ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 520)، و «تهذيب الكمال» (14/ 358)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 436)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 358)، و «مرآة الجنان» (2/ 30)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 639)، و «شذرات الذهب» (2/ 29). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 530)، و «تهذيب الكمال» (2/ 478)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 56)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 426)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 128)، و «شذرات الذهب» (3/ 28). (3) «الجرح والتعديل» (2/ 352)، و «تهذيب الكمال» (4/ 95)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 507)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 74)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 224)، و «شذرات الذهب» (3/ 28).

996 - [أبو عامر العقدي]

996 - [أبو عامر العقدي] (1) أبو عامر العقدي-بفتحتين-نسب إلى (العقد) بفتحتين، بطن من بجيلة، وقيل: من قيس بالولاء، واسمه: عبد الملك بن عمرو بن قيس العقدي القيسي البصري، مولى الحارث بن عبادة من بني قيس بن ثعلبة. سمع سليمان بن بلال، وقرة بن خالد، وشعبة وغيرهم. وروى عنه محمد بن المثنى، وإسحاق الحنظلي، وعبد بن حميد وغيرهم. وتوفي سنة خمس-أو أربع-ومائتين. 997 - [يعقوب المقرئ] (2) يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي مولاهم، أبو محمد المقرئ النحوي، أحد الأئمة الأعلام، وهو أحد الثلاثة القراء الذي جعل أكثر العلماء قراءتهم من المتواتر، وجوزوا القراءة بها، وعليه العمل في الأعصار والأمصار. أخذ القراءة عرضا عن سلام بن سليمان الطويل، ومهدي بن ميمون، وأبي الأشهب العطاردي وغيرهم، وروى عن حمزة حروفا، وسمع الحروف من أبي الحسن الكسائي. وسمع من جده زيد بن عبد الله، وشعبة، وبشير بن عقبة، وسوادة بن أبي الأسود، والأسود بن شيبان وغيرهم. وروى عنه الزعفراني، وعقبة بن مكرم العمي، واقتدى به في اختياره عامة البصريين بعد أبي عمرو بن العلاء، فهم أو أكثرهم على مذهبه. قال أبو حاتم السجستاني: كان يعقوب الحضرمي أعلم من أدركنا ورأينا بالحروف والاختلاف في القرآن الكريم وتعليله ومذاهبه، وله كتاب سماه «الجامع» جمع فيه عامة اختلاف وجوه القراءة، ونسب كل حرف إلى من قرأ به. توفي سنة خمس ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 301)، و «تهذيب الكمال» (18/ 364)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 469)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 247)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 619)، و «شذرات الذهب» (3/ 29). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 305)، و «وفيات الأعيان» (6/ 390)، و «تهذيب الكمال» (32/ 314)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 460)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 328)، و «مرآة الجنان» (2/ 30)، و «بغية الوعاة» (2/ 348)، و «شذرات الذهب» (3/ 29).

998 - [أبو سليمان الداراني]

998 - [أبو سليمان الداراني] (1) أبو سليمان الداراني-نسبة إلى داريا بتشديد الياء، وفتح الراء، وفي أوله دال مهملة، وهي قرية بغوطة دمشق، وهي من شواذ النسبة-العنسيّ-بالنون-نسبة إلى عنس بن مالك رجل من مذحج. كان أبو سليمان شهيرا، كبير الشأن، له كرامات وحكايات عجيبة، وله كلام حسن في التصوف والمواعظ، ومنه: من أحسن في نهاره .. كوفئ في ليله، ومن أحسن في ليله .. كوفئ في نهاره، ومن صدق في ترك شهوة .. ذهب الله بها من قلبه، والله أكرم من أن يعذب قلبا بشهوة تركت له، وأفضل الأعمال خلاف هوى النفس. وقال رضي الله عنه: نمت ليلة عن وردي فإذا أنا بحوراء تقول: تنام وأنا أربّى لك في الخيام منذ خمس مائة عام. توفي رحمه الله سنة خمس ومائتين. 999 - [قطرب] (2) أبو علي محمد بن المستنير المعروف بقطرب-بضم القاف والراء، بينهما طاء مهملة ساكنة، وآخره موحدة-اسم دويبة لا تزال تدب. أخذ عن سيبويه وغيره من البصريين، وكان يبكر إلى سيبويه قبل حضور أحد من التلامذة، فقال له سيبويه يوما: ما أنت إلا قطرب ليل، فبقي عليه هذا اللقب. وله مصنفات كثيرة، منها: كتاب «معاني القرآن»، وكتاب «الاشتقاق»، وكتاب «القوافي» وغير ذلك من المصنفات المفيدة، ومن أشهرها «المثلث» وهو أول من وضع المثلث في اللغة، وكتابه وإن كان صغيرا .. فله فضيلة السبق، وبه اقتدى عبد الله بن السيد

(1) «حلية الأولياء» (9/ 254)، و «تاريخ دمشق» (24/ 122)، و «وفيات الأعيان» (3/ 131)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 226)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 182)، و «مرآة الجنان» (2/ 29)، و «الطبقات الكبرى» للشعراني (1/ 79)، و «طبقات الصوفية» (1/ 669). (2) «تاريخ بغداد» (3/ 298)، و «معجم الأدباء» (7/ 40)، و «وفيات الأعيان» (4/ 312)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 19)، و «مرآة الجنان» (2/ 31)، و «بغية الوعاة» (1/ 242)، و «شذرات الذهب» (3/ 33).

1000 - [يزيد بن هارون]

البطليوسي، وكتابه كبير، وللخطيب أبي زكريا التبريزي مثلث كبير أيضا، ما أقصر به على ما قيل. وكان قطرب يعلم أولاد أبي دلف العجلي. وتوفي سنة ست ومائتين. 1000 - [يزيد بن هارون] (1) يزيد بن هارون بن زاذان أبو خالد الحافظ الإمام الجليل. روى عن عاصم الأحول، ويحيى بن سعيد وغيرهما. وروى عنه علي بن المديني، ومحمد بن سلام، وإسحاق الحنظلي وغيرهم. قيل: كان أحفظ من وكيع، وكان يحضر في مجلسه سبعون ألفا. وقال: أحفظ أربعة وعشرين ألف حديث بإسنادها ولا فخر. وكان جده زاذان مولى لأم عاصم امرأة عتبة بن فرقد، فأعتقته. ولد يزيد المذكور سنة ثمان عشرة ومائة، وتوفي بواسط في غرة ربيع الأول سنة ست ومائتين. 1001 - [وهب بن جرير العتكي] (2) وهب بن جرير بن حازم الأزدي البصري أبو العباس الجهضمي العتكي. سمع أباه، وشعبة وغيرهما، وروى عنه زهير بن حرب، وإسحاق الحنظلي، وعلي بن المديني وغيرهم. وتوفي سنة ست-أو سبع-ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 316)، و «تهذيب الكمال» (32/ 261)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 358)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 454)، و «مرآة الجنان» (2/ 32)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 431)، و «شذرات الذهب» (3/ 33). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 299)، و «تهذيب الكمال» (31/ 121)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 442)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 429)، و «مرآة الجنان» (2/ 31)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 329).

1002 - [محاضر بن المورع]

1002 - [محاضر بن المورّع] (1) محاضر بن المورع الهمداني-ويقال: اليمامي-من أنفسهم، يكنى أبا المورع، الكوفي. سمع الأعمش، وسعد بن سعيد وغيرهما. وروى عنه حجاج بن الشاعر وغيره. وتوفي سنة ست ومائتين. 1003 - [شبابة بن سوار الفزاري] (2) شبابة بن سوّار الفزاري مولاهم، أبو عمرو المدائني. سمع شعبة، وورقاء، وإسرائيل. وروى عنه علي بن المديني، ومحمود بن غيلان، ومحمد بن رافع وغيرهم، وتوفي سنة ست ومائتين. 1004 - [حجاج بن محمد الأعور] (3) حجاج بن محمد الأعور الهاشمي مولى سليمان بن مجالد مولى أبي جعفر الهاشمي، ويكنى أبا محمد، أصله ترمذي، وسكن المصّيصة. سمع ابن جريج، وشعبة وغيرهما. روى عنه قتيبة، ويحيى بن معين وغيرهما. وتوفي ببغداد سنة ست-أو خمس-ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 521)، و «الجرح والتعديل» (8/ 437)، و «تهذيب الكمال» (27/ 258)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 381)، و «الوافي بالوفيات» (25/ 162)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 29)، و «شذرات الذهب» (3/ 32). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 322)، و «تهذيب الكمال» (12/ 343)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 513)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 190)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 98)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 147). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 335)، و «الجرح والتعديل» (3/ 166)، و «تهذيب الكمال» (5/ 451)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 447)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 94)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 36).

1005 - [الهيثم بن عدي]

1005 - [الهيثم بن عدي] (1) الهيثم بن عدي. كان راوية أخباريا، نقل من كلام العرب وعلومها وأشعارها ولغاتها الكثير، وله عدة تصانيف، واختص بمجالسة المنصور والمهدي والهادي والرشيد، وروى عنهم. قال الهيثم: قال لي المهدي: ويحك يا هيثم؛ إن الناس يخبرون عن الأعراب شحّا ولؤما وكرما وسماحا، وقد اختلفوا في ذلك، فما عندك؟ فقلت: على الخبير سقطت، خرجت من عند أهلي أريد ديار قرابة لي ومعي ناقة أركبها؛ إذ ندت فذهبت، فجعلت أتبعها حتى أمسيت، فأدركتها، فنظرت فإذا خيمة أعرابي، فأتيتها، فقالت ربة الخباء: من أنت؟ قلت: ضيف، قالت: وما يصنع الضيف عندنا؟ ! إن الصحراء لواسعة، ثم طحنت برا، وعجنته وخبزته وأكلته، فجاء زوجها ومعه لبن، فسلم ثم قال: من الرجل؟ قلت: ضيف، قال: حياك الله، وقال: يا فلانة؛ ما أطعمت ضيفك شيئا؟ فقالت: نعم، ثم دخل الخباء وأتاني بقعب مملوء لبنا، فشربت شرابا هنيئا، فقال: ما أراك أكلت شيئا، وما أراها أطعمتك، فقلت: لا والله، فدخل مغضبا عليها وقال: ويلك؛ أكلت وتركت ضيفك، قالت: ما أطعمه طعامي، وتجاريا الكلام بينهما حتى شجها، ثم أخذ شفرة ونحر ناقتي، فقلت: ما صنعت عافاك الله؟ ! قال: والله لا يبيت ضيفي جائعا، ثم جمع حطبا، وأجج نارا، وأقبل يكبّب ويطعمني ويأكل، ويلقي إليها ويقول: كلي لا أطعمك الله، حتى إذا أصبح .. تركني ومضى، فقعدت مهموما، فلما تعالى النهار .. أقبل ومعه بعير ما يسأم الناظر أن ينظر إليه، فقال: هذا مكان ناقتك، ثم زودني من ذلك اللحم ومما حضره، فخرجت من عنده، فضمني الليل إلى خباء، فسلمت، فردت صاحبة الخباء السلام وقالت: من الرجل؟ فقلت: ضيف، فقالت: مرحبا بك، وحياك الله وعافاك، فنزلت، ثم عمدت إلى برّ فطحنته وعجنته، ثم خبزته خبزة روتها بالزبد واللبن، ثم وضعتها بين يدي وقالت: كل ذا واعذر، فلم ألبث أن أقبل أعرابي كريه الوجه، فسلم، فرددت عليه السلام، فقال: من الرجل؟ قلت: ضيف، قال: وما يصنع الضيف عندنا؟ ! ثم دخل إلى أهله وقال: أين طعامي؟ قالت: أطعمته الضيف، فقال: أتطعمين طعامي الأضياف؟ !

(1) «تاريخ بغداد» (14/ 50)، و «معجم الأدباء» (7/ 224)، و «وفيات الأعيان» (6/ 106)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 422)، و «مرآة الجنان» (2/ 32)، و «شذرات الذهب» (3/ 39).

1006 - [طاهر بن الحسين الخزاعي]

فتجاريا الكلام، فرفع عصاه وشجها بها في رأسها، وخرج إلي وأنا أضحك، فقال: ما يضحكك؟ ! قلت: خير، فقال: والله لتخبرنّي، فأخبرته بقصة الرجل والمرأة اللذين نزلت عليهما قبله، فقال: إن هذه التي عندي أخت ذلك الرجل، وتلك التي عنده أختي، فبت متعجبا، وانصرفت. وحكى الهيثم أيضا قال: صار سيف عمرو بن معدي كرب الزبيدي الذي اسمه (الصمصامة) إلى موسى الهادي، فجرّده يوما وجعله بين يديه، وأذن للشعراء فدخلوا عليه، ودعا بمكتل فيه بدرة، وقال: قولوا في هذا السيف، فبدر ابن يامين البصري وأنشد: [من الخفيف] حاز صمصامة الزبيديّ من بي‍ … ن جميع الأنام موسى الأمين سيف عمرو وكان فيما سمعنا … خير ما أغمدت عليه الجفون أخضر اللون بين حدّيه برد … من ذباح تبين فيه المنون أوقدت فوقه الصواعق نارا … ثم شابت به الزعاف القيون فإذا ما سللته بهر الشم‍ … س سناه فلم تكد تستبين ما يبالي من انتضاه لضرب … أشمال سطت به أم يمين وكأنّ الفرند والجوهر الجا … ري في صفحتيه ماء معين مع أبيات أخر، فقال الهادي: أصبت والله ما في نفسي! واستخفه السرور، وأمر له بالمكتل والسيف، فلما خرج .. قال للشعراء: إنما حرمتم من أجلي فشأنكم والمكتل، ففي السيف غنائي، قال في «مروج الذهب»: (فاشتراه منه بخمسين ألفا) (1). وتوفي الهيثم سنة ست ومائتين. 1006 - [طاهر بن الحسين الخزاعي] (2) طاهر بن الحسين الخزاعي من أنفسهم، وقيل: مولاهم، الملقب ذا اليمينين. لما خلع الأمين أخاه المأمون، وسير علي بن عيسى بن ماهان لحربه، والوصول به

(1) «مروج الذهب» (4/ 194). (2) «تاريخ بغداد» (9/ 358)، و «المنتظم» (6/ 163)، و «وفيات الأعيان» (2/ 517)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 108)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 203)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 394)، و «مرآة الجنان» (2/ 34)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 149)، و «شذرات الذهب» (3/ 35).

مقيدا .. جهز المأمون من خراسان طاهر بن الحسين المذكور لمحاربة ابن ماهان المذكور، فالتقيا، وكسر ابن ماهان المذكور، ثم جهز الأمين جيشا آخر، فكسرهم طاهر أيضا، ثم تقدم إلى بغداد، وحاصر الأمين بها سنة إلى أن ظفر به وقتله، وأرسل برأسه إلى المأمون، فكان من أكبر أعوان المأمون، وكان المأمون يرعى خدمته ومناصحته، وكان أديبا شجاعا جوادا ممدحا. ركب مرة ببغداد في حراقة، فاعترضه مقدس بن صيفي الشاعر وقال: أيها الأمير؛ أرأيت أن تسمع مني أبياتا، فقال: قل، فأنشد: [من المتقارب] عجبت لحرّاقة ابن الحسين … لا غرقت كيف لا تغرق وبحران من فوقها واحد … وآخر من تحتها مطبق وأعجب من ذاك أعوادها … وقد مسّها كيف لا تورق فأعطاه طاهر على هذه الثلاثة الأبيات ثلاثة آلاف درهم وقال له: زدنا حتى نزيدك، فقال: حسبي. وتواعد طاهر المذكور بالقتل الكاتب خالد بن جيلويه-بجيم ومثناتين آخر الحروف، كحمدويه-فبذل له خالد من المال شيئا كثيرا، فلم يقبله، فقال خالد: قد قلت شيئا فاسمعه، ثم شأنك وما أردت، فقال طاهر-وكان يعجبه الشعر-: قل، فقال: [من الكامل] زعموا بأن الصقر صادف مرة … عصفور برّ ساقه المقدور فتكلم العصفور فوق جناحه … والصقر منقضّ عليه يطير ما كنت يا هذا لمثلك لقمة … ولئن شويت فإنني لحقير فتهاون الصقر المدلّ بنفسه … كرما فأفلت ذلك العصفور فقال طاهر: أحسنت، وعفا عنه، وهذه الأبيات قد تقدمت في ترجمة هشام بن عبد الملك لبعض أولاد الأعراب (1). يروى أن إسماعيل بن جرير كان مداحا لطاهر بن الحسين المذكور، فقيل له: إنه يسرق الشعر يمدحك به، فألزمه أن يذمه بأبيات، فاستعفاه فلم يعفه، فقال: [من الوافر] رأيتك لا ترى إلا بعين … وعينك لا ترى إلا قليلا

(1) انظر (2/ 79).

1007 - [الواقدي]

فأما إذا أصبت بفرد عين … فخذ من عينك الأخرى كفيلا فقد أيقنت أنك عن قريب … بظهر الشمس تلتمس السبيلا فلما سمعها .. قال: احذر أن تنشد هذا أحدا. ويحكى أن طاهرا دخل على المأمون يوما في حاجة، فقضاها له وبكى، فقال له طاهر: لم تبكي يا أمير المؤمنين، لا أبكى الله عينك؟ قد دانت لك الدنيا، وبلغت الأماني، فقال: أبكي لا عن ذل، ولا حزن، ولكن لا تخلو نفس عن شجن، فاغتم طاهر لموجب بكائه، وكان خادم المأمون حاضرا للقضية، فأنفذ إليه طاهر مائتي ألف درهم وقال: لقد أغمني بكاء أمير المؤمنين، فتلطف في البحث عن سبب بكائه، فلما كان في بعض خلوات المأمون .. سأله الخادم عن ذلك البكاء، فقال: ما لك ولهذا ويلك، فقال: غمني بكاؤك، فقال المأمون: هو أمر إن خرج من رأسك .. أخذته، فقال: يا سيدي ومتى أبحت لك سرا؟ ! فقال: إني ذكرت أخي محمدا وما ناله من الذلة، فخنقتني العبرة، ولن يفوت طاهرا مني ما يكره، فأخبر الخادم طاهرا بذلك، فركب طاهر إلى أحمد بن خالد، فقال له: إن الثناء مني ليس برخيص، وإن المعروف عندي ليس بضائع، فغيبني عن المأمون، قال: سأفعل، فبكّر إليّ غدا، وركب ابن خالد إلى المأمون وقال: لم أنم البارحة، فقال: ولم؟ قال: لأنك وليت خراسان غسانا، وهو ومن معه أكلة رأس، وأخاف أن يصطلمه مصطلم، قال: فمن ترى؟ قال: طاهر، فقال: هو خالع، فقال: أنا ضامن له، فدعا المأمون طاهرا، وعقد له على خراسان، وأهدى له خادما كان رباه، وأمره إن رأى منه ما يريبه أن يسمه، فلما تمكن طاهر من ولاية خراسان .. قطع خطبة المأمون يوم الجمعة، فأصبح يوم السبت ميتا على فراشه، قيل: إن الخادم سمه في كامخ، وذلك في سنة سبع ومائتين، فاستخلف المأمون طلحة بن طاهر المذكور على خراسان نائبا عن أخيه عبد الله بن طاهر. 1007 - [الواقدي] (1) أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الواقدي الأسلمي المدني العلامة.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 603)، و «تاريخ بغداد» (3/ 212)، و «المنتظم» (6/ 166)، و «معجم الأدباء» (6/ 689)، و «وفيات الأعيان» (4/ 348)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 454)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 361)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 238)، و «مرآة الجنان» (2/ 36).

كان إماما عالما، صاحب تصانيف في المغازي والردة وغير ذلك. سمع ابن أبي ذئب، ومعمر بن راشد، ومالك بن أنس، والثوري وغيرهم. وروى عنه كاتبه محمد بن سعد الزهري وغيره من الأئمة، وضعفه أهل الحديث. ولي القضاء بشرقي بغداد، وكان المأمون يكرمه، ويبالغ في رعايته. كتب مرة إلى المأمون يشكو إضافة لحقته، ودينا ركبه، فوقّع المأمون في الرقعة بخطه: فيك خلتان: سخاء وحياء، فالسخاء أطلق يديك بتبذير ما ملكت، والحياء حملك على أن ذكرت لنا بعض دينك، فقد أمرنا لك بضعف ما سألت؛ فإن كنا قصرنا .. فجنايتك على نفسك، وإن كنا بلغنا بغيتك .. فزد في بسط يدك، فإن خزائن الله مفتوحة، ويده بالخير مبسوطة، وأنت حدثتني حين كنت على قضاء الرشيد أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال للزبير: «يا زبير؛ إن مفاتيح الرزق بإزاء العرش، ينزل الله سبحانه وتعالى للعباد أرزاقهم على قدر نفقاتهم، فمن كثّر .. كثّر له، ومن قلّل .. قلّل عليه»، قال الواقدي: وكنت أنسيت الحديث، فكان مذاكرته إياي أعجب من صلته! وذكر أبو الفرج بن الجوزي في «أخبار بشر الحافي»: أن الواقدي روى عنه أنه يكتب للحمى يوم السبت على ورقة زيتون-والكاتب على طهارة-: جهنم غرثى، وعلى ورقة أخرى: جهنم عطشى، وعلى ورقة أخرى: جهنم مضرورة، ثم يجعل في خرقة، ويشد في عضد المحموم الأيسر، قال الواقدي: جربته فوجدته نافعا. وروى المسعودي في «مروج الذهب»: (أن الواقدي قال: كان لي صديقان، أحدهما هاشمي، وكنا كنفس واحدة، قال: فنالتني ضائقة شديدة، فكتبت إلى صديقي الهاشمي أسأله التوسعة، فوجه إليّ كيسا مختوما، ذكر أن فيه ألف درهم، فما استقر قراري حتى كتب إليّ صديقي الآخر يشكو إلي ما شكوت إلى صديقي الهاشمي، فوجهت إليه الكيس بخاتمه، وخرجت إلى المسجد، فأقمت فيه ليلتي مستحييا من امرأتي، فلما دخلت عليها .. استحسنت فعلي ولم تعنفني عليه، وبينا أنا كذلك .. إذ وافاني صديقي الهاشمي ومعه الكيس كهيئته وقال لي: اصدقني فيما فعلته فيما وجهت به إليك، فعرفته الخبر على وجهه، فقال: إنك وجهت إلي وما أملك على الأرض إلا ما بعثت به إليك، فكتبت إلى صديقنا أسأله المواساة، فوجه إلي كيسي بخاتمي، قال الواقدي: فتواسينا الألف فيما بيننا، وأخرجنا منه للمرأة مائة درهم، قال ونمي الخبر إلى المأمون، فدعاني، فشرحت له

1008 - [الفراء النحوي]

الخبر، فأمر لنا بسبعة آلاف دينار، لكل واحد منا ألف دينار، وللمرأة ألف دينار) (1). توفي الواقدي سنة سبع ومائتين. 1008 - [الفراء النحوي] (2) يحيى بن زياد الفراء الكوفي-عرف بذلك ولم يكن يعمل الفراء ولا يبيعها؛ لأنه كان يفري الكلام، قاله ابن السمعاني (3) -الإمام البارع النحوي، أجل أصحاب الكسائي. كان أبرع الكوفيين في النحو واللغة، وأعلمهم بفنون الأدب على ما ذكره بعضهم، وكان يحافظ على الإعراب في كلامه، وربما تكلم بالملحون. دخل على الرشيد، فتكلم بكلام لحن فيه مرات، فقال له الرشيد: أتلحن؟ ! فقال: يا أمير المؤمنين؛ إن طباع أهل البدو الإعراب، وطباع أهل الحضر اللحن، فإذا تحفظت .. لم ألحن، وإذا رجعت إلى الطبع .. لحنت، فاستحسن الرشيد قوله. حكي عن ثمامة بن الأشرس المعتزلي النميري-وكان خصيصا بالمأمون-أنه صادف الفراء على باب المأمون يريد الدخول عليه، قال: فرأيت أنه أديب، فجلست إليه، ففاتشته عن اللغة فوجدته بحرا، وفي النحو فشاهدته نسيج وحده، وفي الفقه فوجدته فقيها عارفا باختلاف القوم، وبالنجوم ماهرا، وبالطب خبيرا، وبأيام العرب وأشعارها حاذقا، فقلت له: من تكون؟ وما أظنك إلا الفراء، فقال: أنا هو، فدخلت فأعلمت المأمون، فأمر بإحضاره لوقته، وكان ذلك سبب اتصاله به. وحكى الخطيب: (أن المأمون أمر الفراء أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو، وما سمع من العرب، وأمر أن يفرد في حجرة من حجر الدار، وأن يوصل إليه كل ما يحتاج إليه، فأخذ في جمع ذلك والوراقون يكتبون حتى فرغ من ذلك في سنتين، وسماه: «كتاب الحدود»، وأمر المأمون بكتبه في الخزائن، ثم خرج إلى الناس، وابتدأ بكتاب «المعاني»، قال الراوي: وأردنا عد الذين اجتمعوا لإملاء كتاب «المعاني» فلم نضبط عددهم، فعددنا القضاة، فكانوا ثمانين قاضيا.

(1) «مروج الذهب» (4/ 330). (2) «تاريخ بغداد» (14/ 154)، و «الأنساب» (4/ 352)، و «المنتظم» (6/ 171)، و «معجم الأدباء» (7/ 239)، و «وفيات الأعيان» (6/ 176)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 118)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 293)، و «مرآة الجنان» (2/ 38)، و «بغية الوعاة» (2/ 333)، و «شذرات الذهب» (3/ 39). (3) انظر «الأنساب» (4/ 352).

1009 - [بشر بن عمر الزهراني]

وكان المأمون قد جعله يعلم ابنيه النحو، فأراد الفراء النهوض يوما لبعض حوائجه، فابتدرا إلى نعليه أيهما يسبق فيقدم النعلين إليه، فتنازعا، ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما نعل إحدى رجليه، وكان للمأمون على كل شيء صاحب خبر يرفع الخبر إليه، فأعلمه بذلك، فاستدعى الفراء وقال: من أعز الناس؟ قال: ما أعز من أمير المؤمنين، قال: بلى، من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين، قال: يا أمير المؤمنين؛ لقد أردت منعهما عن ذلك، ولكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها، وأكسر نفوسهما عن شريفة سبقا إليها، وقد روي عن ابن عباس أنه أمسك للحسن والحسين رضي الله عنهم ركابيهما حين خرجا من عنده، فقيل له في ذلك، فقال: لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهل الفضل، فقال المأمون: لو منعتهما من ذلك لأوجعتك لوما وعتبا، وألزمتك ذنبا، وما وضع ما فعلاه من شرفهما، بل رفع من قدرهما، وبين عن جوهرهما، فليس يكبر الرجل وإن كان كبيرا عن ثلاث: عن تواضعه لسلطانه، ووالده، ومعلمه، وقد عوضتهما مما فعلاه عشرين ألف دينار، ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك لهما) (1). وكان محمد بن الحسن الفقيه ابن خالة الفراء، فقال الفراء يوما: قلّ رجل أمعن النظر في باب من العلم فأراد غيره إلا سهل عليه، فقال محمد بن الحسن: يا أبا زكريا؛ قد أمعنت النظر في العربية، فما تقول فيمن سها في سجود السهو؟ ففكر الفراء ساعة ثم قال: لا شيء عليه، فقال محمد: ولم؟ فقال: لأن المصغر لا يصغر ثانيا، وإنما السجدتان تمام الصلاة، فليس للتمام تمام، فقال محمد: ما ظننت أن آدميا يلد مثلك. قيل: كان والد الفراء أقطع؛ لأنه حضر وقعة الحسين بن علي رضي الله عنهما، فقطعت يده في تلك الحروب. توفي الفراء سنة سبع ومائتين. 1009 - [بشر بن عمر الزهراني] (2) بشر بن عمر الأزدي الزهراني البصري أبو محمد. سمع شعبة، ومالك بن أنس، وهشام بن سعد وغيرهم.

(1) «تاريخ بغداد» (14/ 155). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 301)، و «الجرح والتعديل» (2/ 361)، و «تهذيب الكمال» (4/ 138)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 417)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 77)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 230).

1010 - [جعفر بن عون المخزومي]

وروى عنه إسحاق بن راهويه، وإسحاق بن منصور، وأحمد بن سعيد الدارمي وغيرهم. وتوفي سنة سبع ومائتين. 1010 - [جعفر بن عون المخزومي] (1) جعفر بن عون بن جعفر القرشي المخزومي أبو عون الكوفي. سمع الثوري، والأعمش وغيرهما. وروى عنه عبد بن حميد، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، والحسن الحلواني وغيرهم. مات منصرفا من الحج سنة سبع ومائتين وهو ابن سبع وتسعين. 1011 - [أبو سهل التّنوري] (2) عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم، التّنوري أبو سهل. سمع أباه، وشعبة، وهماما وغيرهم. وروى عنه إسحاق الحنظلي وغيره. وتوفي سنة سبع ومائتين. 1012 - [كثير بن هشام الرقّي] (3) كثير بن هشام الكلابي الرقي أبو سهل. سكن بغداد، وسمع جعفر بن برقان، وهشاما الدستوائي وغيرهما. وروى عنه محمد بن حاتم، وابن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب وغيرهم. وتوفي سنة سبع ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 519)، و «تهذيب الكمال» (5/ 71)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 88)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 439)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 309)، و «شذرات الذهب» (3/ 35). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 301)، و «تهذيب الكمال» (18/ 99)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 516)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 237)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 580)، و «شذرات الذهب» (3/ 35). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 336)، و «تهذيب الكمال» (24/ 163)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 302)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 327)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 466)، و «شذرات الذهب» (5/ 36).

1013 - [هارون بن علي المنجم]

1013 - [هارون بن علي المنجم] (1) أبو عبد الله هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم البغدادي الأديب الفاضل. كان حافظا رواية الأشعار، حسن المنادمة، لطيف المجالسة، صنف كتاب «البارع في أخبار الشعراء المولدين»، وجمع فيه مائة وأحدا وستين شاعرا، وافتتحه بذكر بشار، وختمه بمحمد بن عبد الملك بن صالح، واختار فيه من شعر كل واحد عيونه (2). 1014 - [سعيد بن عامر الضبعي] (3) سعيد بن عامر الضبعي أبو محمد البصري، يقال: إنه نسب إلى أخواله بني ضبيعة وهو مولى لبني العجيف. سمع شعبة، وسعيد بن أبي عروبة، وجويرية بن أسماء وغيرهم. وروى عنه علي بن المديني، وعبد بن حميد، وإسحاق الحنظلي وغيرهم. ولد سنة اثنتين وعشرين ومائة، وتوفي لأربع بقين من شعبان سنة ثمان ومائتين وهو ابن ست وثمانين سنة. 1015 - [الفضل بن الربيع الوزير] (4) الفضل بن الربيع، الوزير بن الوزير. كان أبوه وزير المنصور، ولما أفضى الأمر إلى الرشيد، واستوزر البرامكة .. كان الفضل بن الربيع يروم التشبه بهم، ومعارضتهم، ولم يكن له من القدرة ما يدرك به اللحاق بهم، وكان في نفسه منهم إحن وشحناء.

(1) «معجم الأدباء» (7/ 194)، و «وفيات الأعيان» (6/ 78)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 404)، و «مرآة الجنان» (2/ 41)، و «شذرات الذهب» (3/ 44). (2) لم يذكر المصنف رحمه الله تعالى تاريخ وفاته، وفي جميع المصادر: توفي سنة (208 هـ‍). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 297)، و «تهذيب الكمال» (10/ 510)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 385)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 170)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 27)، و «مرآة الجنان» (2/ 42)، و «شذرات الذهب» (3/ 41). (4) «تاريخ بغداد» (12/ 339)، و «المنتظم» (6/ 178)، و «وفيات الأعيان» (4/ 37)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 109)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 295)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 38)، و «مرآة الجنان» (2/ 42)، و «شذرات الذهب» (3/ 42).

1016 - [السيدة نفيسة]

يحكى أنه دخل يوما على يحيى بن خالد البرمكي وقد جلس لقضاء حوائج الناس وبين يديه ولده جعفر يوقع في القصص، فعرض عليه الفضل عشر رقاع للناس، فتعلل يحيى في كل رقعة بعلة، ولم يوقع في شيء منها البتة، فجمع الفضل الرقاع وقال: ارجعن خائبات خاسرات، ثم خرج وهو يقول: [من الطويل] عسى وعسى يثني الزمان عنانه … بتصريف حال والزمان عثور فتقضى لبانات وتشفى حسائف … وتحدث من بعد الأمور أمور والحسائف-جمع حسيفة، بحاء وسين مهملتين ثم فاء-: هي الضغينة، فسمعه يحيى وهو ينشد ذلك، فقال له: عزمت عليك يا أبا العباس إلا رجعت، فرجع، فوقع له في جميع الرقاع، ثم ما كان إلا قليل حتى نكبوا على يديه، وتولى هو وزارة الرشيد بعد البرامكة، وفي ذلك يقول أبو نواس: [من الخفيف] ما رعى الدهر آل برمك لما … أن رمى ملكهم بأمر فظيع إن دهرا لم يرع عهدا ليحيى … غير راع ذمام آل الربيع ومات الرشيد والفضل مستمر على وزارته، فكتب إليه أبو نواس يعزيه بالرشيد، ويهنئه بولاية ولده الأمين: [من الطويل] تعز أبا العباس عن خير هالك … بأكرم حي كان أو هو كائن حوادث أيام تدور صروفها … لهن مساو مرة ومحاسن وفي الحي بالميت الذي غيب الثرى … فلا أنت مغبون ولا أنت غابن ويقال: إنه كان السبب في عزل الأمين لأخيه المأمون عن العهد، وما ترتب على ذلك من الفتنة وخراب بغداد، واستتر بعد ذلك خوفا من المأمون. وتوفي سنة ثمان ومائتين. 1016 - [السيدة نفيسة] (1) نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، السيدة الكبيرة، صاحبة المناقب الجليلة، والمشهد الشهير بمصر.

(1) «وفيات الأعيان» (5/ 423)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 414)، و «مرآة الجنان» (2/ 13)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 185)، و «حسن المحاضرة» (1/ 442)، و «شذرات الذهب» (3/ 43).

1017 - [الأسود بن عامر شاذان]

دخلت مصر مع زوجها إسحاق بن جعفر الصادق رضي الله عن الجميع، وقيل: بل مع أبيها الحسن، وكانت من الصالحات. روي أن الإمام الشافعي لما دخل مصر .. حضر عندها، وسمع عليها الحديث، ولما توفي الشافعي .. أدخلت جنازته إليها، فصلت عليه في دارها، وكانت في موضع مشهدها اليوم، ولم تزل به إلى أن توفيت في شهر رمضان من سنة ثمان ومائتين. ولما ماتت .. عزم زوجها إسحاق بن جعفر على حملها إلى المدينة ليدفنها هناك، فعزم عليه المصريون في بقائها عندهم فتركها، فدفنت في الموضع المعروف بها اليوم بين القاهرة ومصر، وكان يعرف ذلك المكان بدرب السباع، فخرب الدرب، ولم يبق هناك سوى المشهد. 1017 - [الأسود بن عامر شاذان] (1) الأسود بن عامر المعروف بشاذان أبو عبد الرحمن، أصله شامي، وسكن بغداد. روى عن شعبة، وحماد بن سلمة وغيرهما، وروى عنه عمرو الناقد وغيره. وتوفي سنة ثمان ومائتين. 1018 - [عبد الله بن بكر الباهلي] (2) عبد الله بن بكر بن حبيب الباهلي السهمي-وسهم من باهلة-البصري أبو وهب. سمع حميدا الطويل، وحاتم بن أبي صغيرة وغيرهما. وروى عنه عبد الله بن منير، ومحمد بن حاتم وغيرهما. وتوفي ببغداد لثلاث عشرة خلت من المحرم سنة ثمان ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 338)، و «تهذيب الكمال» (3/ 226)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 112)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 62)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 172)، و «شذرات الذهب» (3/ 41). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 297)، و «الجرح والتعديل» (5/ 16)، و «تهذيب الكمال» (14/ 340)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 450)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 211)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 309).

1019 - [يحيى بن حسان التنيسي]

1019 - [يحيى بن حسان التنيسي] (1) يحيى بن حسان بن حيان التنيسي أبو زكريا. سمع سليمان بن بلال، وحماد بن سلمة، ومعاوية بن سلاّم، وروى عنه عبد الله الدارمي، ومحمد بن مسكين وغيرهما. وتوفي سنة ثمان ومائتين. 1020 - [يحيى بن أبي بكير العبدي] (2) يحيى بن أبي بكير-واسم أبي بكير قيس، ويقال: بشير-ابن أسيد العبدي من عبد القيس الكوفي قاضي كرمان. سمع زهير بن معاوية، وشعبة، وإسرائيل، وزائدة وغيرهم. وروى عنه يعقوب الدورقي، وإبراهيم بن الحارث وغيرهما. وتوفي سنة ثمان ومائتين. 1021 - [يعقوب بن إبراهيم الزهري] (3) يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو يوسف، أصله مدني، كان بالعراق. سمع أباه، وعبد العزيز بن المطلب، والليث بن سعد وغيرهم. وروى عنه علي بن المديني، وإسحاق بن إبراهيم، وإسحاق بن منصور وغيرهم. قال كاتب الواقدي: (توفي بفم الصلح-وهي قرية على مرحلة من واسط-في شوال سنة ثمان ومائتين) (4).

(1) «الجرح والتعديل» (9/ 135)، و «تهذيب الكمال» (31/ 266)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 127)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 437)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 348)، و «شذرات الذهب» (3/ 44). (2) «الجرح والتعديل» (9/ 132)، و «تهذيب الكمال» (31/ 245)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 435)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 497)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 344)، و «شذرات الذهب» (3/ 45). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 345)، و «تهذيب الكمال» (32/ 308)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 458)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 491)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 439)، و «شذرات الذهب» (3/ 45). (4) «طبقات ابن سعد» (9/ 346).

1022 - [يونس بن محمد المؤدب]

1022 - [يونس بن محمد المؤدب] (1) يونس بن محمد المؤدب البغدادي أبو محمد. سمع شيبان النحوي، وفليح بن سليمان، وحماد بن سلمة وغيرهم. وروى عنه عبد بن حميد، وحجاج بن الشاعر، وزهير بن حرب وغيرهم. وتوفي لسبع خلون من صفر سنة ثمان ومائتين. 1023 - [عثمان بن عمر العبدي] (2) عثمان بن عمر بن فارس العبدي البصري أبو محمد الرجل الصالح. سمع يونس بن يزيد وغيره، وروى عنه أبو موسى، وبندار، وأحمد بن إسحاق وغيرهم. وتوفي سنة تسع-أو ثمان-ومائتين. 1024 - [يعلى بن عبيد الطنافسي] (3) يعلى بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي أبو يوسف الحنفي مولاهم الكوفي. سمع الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وزكريا بن أبي زائدة وغيرهم. روى عنه إسحاق الحنظلي، ومحمد بن مقاتل، ومحمد بن عبد الله بن نمير وغيرهم. وتوفي لخمس خلون من شوال سنة تسع ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 339)، و «تهذيب الكمال» (32/ 540)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 465)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 473)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 473)، و «شذرات الذهب» (3/ 45). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 298)، و «الجرح والتعديل» (9/ 246)، و «تهذيب الكمال» (19/ 461)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 557)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 465)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 73). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 520)، و «تهذيب الكمال» (32/ 389)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 476)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 462)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 450)، و «شذرات الذهب» (3/ 47).

1025 - [الحسن بن موسى الأشيب]

1025 - [الحسن بن موسى الأشيب] (1) الحسن بن موسى الأشيب-بشين معجمة بعدها مثناة من تحت، ثم موحدة-أبو علي الكوفي، أصله من خراسان، وسكن بغداد. سمع عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وحماد بن سلمة، وزهير بن معاوية وغيرهم. روى عنه الفضل بن سهل، وعبد بن حميد، وحجاج بن الشاعر. ولي قضاء حمص والموصل، ثم قضاء طبرستان، وتوجه إليها، ومات بالري سنة تسع ومائتين. 1026 - [أبو عبيدة بن المثنى] (2) معمر بن المثنى التيمي-تيم قريش-مولاهم، المعروف بأبي عبيدة. قال ابن قتيبة: (كان الغريب وأخبار العرب وأيامها أغلب عليه، وكان مع معرفته ربما لم يقم البيت من الشعر، بل يكسره، قال: وكان يرى رأي الخوارج) (3). روى عن هشام بن عروة وغيره، وروى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو عثمان المازني، وأبو حاتم السجستاني، وعمر بن شبة، وعلي بن المغيرة وغيرهم. أقدمه الرشيد من البصرة في سنة ثمان ومائتين، وقرأ عليه شيئا من كتبه، قال: استدعاني الوزير الفضل بن الربيع، فدخلت عليه في مجلس طويل عريض، فيه بساط واحد قد ملأه، وفي صدره فرش عالية لا يرتقى عليها إلا بكرسي، وهو جالس على العرش، فسلمت عليه بالوزارة، فرد وضحك إلي، واستدناني من فرشه، ثم سألني وباسطني وتلطف بي، واستنشدني فأنشدته من عيون أشعار الجاهلية أحفظها، فقال: قد عرفت أكثر هذه، وأريد من مليح الشعر، فأنشدته، فطرب وضحك وزاد نشاطا، ثم دخل رجل في

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 339)، و «تهذيب الكمال» (6/ 328)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 459)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 102)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 415)، و «شذرات الذهب» (3/ 46). (2) «المعارف» (ص 543)، و «تاريخ بغداد» (13/ 252)، و «المنتظم» (6/ 195)، و «معجم الأدباء» (7/ 114)، و «وفيات الأعيان» (5/ 235)، و «تهذيب الكمال» (28/ 316)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 445)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 397)، و «بغية الوعاة» (2/ 294). (3) «المعارف» (ص 543).

زي الكتاب له هيئة حسنة، فأجلسه إلى جانبي وقال له: أتعرف هذا؟ قال: لا، فقال: هذا أبو عبيدة علامة أهل البصرة، أقدمناه لنستفيد من علمه، فدعا له الرجل، ثم التفت الرجل إلي وقال: كنت إليك مشتاقا، وقد سئلت عن مسألة، أفتأذن لي أن أعرفك إياها؟ فقلت: هات، فقال: قال الله تعالى: {(طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ)}، وإنما يقع الوعد والإيعاد بما قد عرف، وهذا لم يعرف، فقلت: إنما كلم الله العرب على قدر كلامهم، أما سمعت قول امرئ القيس: [من الطويل] أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي … ومسنونة زرق كأنياب أغوال وهم لم يروا الغول قط، ولكنه لما كان أمر الغول يهولهم .. أوعدوا به! فاستحسن الفضل والسائل ذلك، وعزمت من ذلك اليوم أن أضع كتابا في القرآن لمثل هذا وأشباهه، فلما رجعت إلى البصرة .. عملت كتابي الذي سميته: «المجاز»، وسألت عن الرجل فقيل لي: هو من كتّاب الوزير وجلسائه. وبلغ أبا عبيدة أن الأصمعي يعيب عليه كتاب «المجاز»، وأنه يتكلم في كتاب الله برأيه، فسأل عن مجلس الأصمعي في أي يوم هو، فركب حماره في ذلك اليوم، ومر بحلقته، فنزل عن حماره، فسلم عليه، وجلس عنده وحادثه، ثم قال: يا أبا سعيد؛ ما تقول في الخبز، أي شيء هو؟ قال: هو الذي تخبزه وتأكله، فقال أبو عبيدة: قد فسرت كتاب الله برأيك، فقال الأصمعي: هذا شيء بان لي فقلته، ولم أفسره برأيي، فقال أبو عبيدة: الذي تعيب علينا كله شيء بان لنا فقلناه، ولم نفسره برأينا، ثم قام، وركب حماره وانصرف. ولما قدم أبو عبيدة على موسى بن عبد الرحمن الهلالي، وطعم من طعامه .. صب بعض الغلمان على ذيله مرقة، فقال موسى: قد أصاب ثوبك مرق، وأنا أعطيك عشرة ثياب، فقال أبو عبيدة: لا عليك، فإن مرقكم لا يؤذي؛ لأن ما فيه دهن، ففطن لها موسى، وسكت. وكان الأصمعي إذا أراد دخول المسجد .. قال: انظروا، لا يكون فيه ذاك؛ يعني أبا عبيدة؛ خوفا من لسانه. قيل: كان أبو عبيدة مدخول النسب، مدخول الدين، يميل إلى مذهب الخوارج وإلى بعض الأمور القبيحة، والله أعلم بحاله.

1027 - [إبراهيم بن أحمد الرعرعي]

وكانت تصانيفه تقارب مائتي مصنف، وزعم الباهلي صاحب كتاب «المعاني» أن طلبة العلم كانوا إذا أتوا مجلس الأصمعي .. اشتروا البعر في سوق الدر، وإذا أتوا مجلس أبي عبيدة .. اشتروا الدر في سوق البعر؛ لأن الأصمعي كان حسن الإنشاد والزخرفة لرديء الأخبار والأشعار، حتى يحسن عنده القبيح، والفائدة عنده مع ذلك قليلة، وأن أبا عبيدة كان معه سوء عبارة، وعنده فوائد كثيرة وعلوم جمة. توفي أبو عبيدة سنة تسع ومائتين. 1027 - [إبراهيم بن أحمد الرعرعي] (1) إبراهيم بن أحمد بن إسحاق الرعرعي-بعينين بينهما وقبلهما راء، مهملات، نسبة إلى الرعارع، القرية المعروفة من أعمال لحج، بينها وبين عدن أبين مرحلة-اللخمي الفقيه البارع المشهور. وكان تربا لأبي قرة موسى بن طارق الزبيدي-بفتح الزاي-نسبة إلى مدينة زبيد، وكان إبراهيم ووالده أحمد مشهورين بالعلم والصلاح والورع والرئاسة في ناحيتهما، لم تعرف لأحدهما صبوة، وكان إبراهيم أشهر وأعلم من أبيه، وإليه ارتحل العلماء، وحضر مجلسه الفضلاء. وتوفي في شهر رمضان لبضع ومائتين من الهجرة. 1028 - [محمد بن صالح الكلابي] (2) محمد بن صالح الكلابي، أمير عرب الشام، وسيد قيس وفارسها وشاعرها، والمقاوم للسفياني والمحارب له حتى شتت جموعه، فولاه المأمون دمشق. وتوفي سنة عشر ومائتين.

(1) «السلوك» (1/ 146)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 9)، و «تحفة الزمن» (1/ 99)، و «النسبة» للمؤلف (ص 306). (2) «تاريخ دمشق» (53/ 257)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 419)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 156)، و «مرآة الجنان» (2/ 48)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 159)، و «شذرات الذهب» (3/ 49).

1029 - [يحيى بن غيلان الأسلمي]

1029 - [يحيى بن غيلان الأسلمي] (1) يحيى بن غيلان بن عبد الله بن أسماء بن حارثة الأسلمي أبو الفضل، من أهل بغداد. سمع يزيد بن زريع وغيره، وروى عنه الفضل بن سهل الأعرج. وتوفي سنة عشر ومائتين كما في كتاب «الذهبي»، ويقال: سنة ثلاث عشرة ومائتين. 1030 - [منصور بن سلمة الخزاعي] (2) منصور بن سلمة الخزاعي أبو سلمة البغدادي. سمع سليمان بن بلال، والليث بن سعد وغيرهما. وروى عنه حجاج بن الشاعر، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف، ومحمد بن إسحاق الصغاني. وتوفي بالمصيصة سنة عشر-أو تسع، أو سبع-ومائتين. 1031 - [عبد الرزاق الصنعاني] (3) عبد الرزاق بن همام بن نافع أبو بكر الحميري مولاهم اليمني الصنعاني الحافظ العلامة المرتحل إليه من الآفاق. روى عن معمر، وابن جريج، والأوزاعي، وطبقتهم. ورحل إليه الأئمة إلى اليمن، منهم: الإمام أحمد، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، ومحمود بن غيلان. قيل: ما رحل الناس إلى أحد بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم مثل ما رحلوا إليه. توفي للنصف من شوال سنة إحدى عشرة ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 343)، و «تاريخ بغداد» (14/ 163)، و «تهذيب الكمال» (31/ 491)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 446)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 381). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 348)، و «الجرح والتعديل» (8/ 173)، و «تاريخ بغداد» (13/ 71)، و «تهذيب الكمال» (28/ 530)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 560)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 157). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 108)، و «وفيات الأعيان» (3/ 216)، و «تهذيب الكمال» (18/ 52)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 260)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 563)، و «مرآة الجنان» (2/ 52)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 572).

1032 - [عبد الله بن صالح العجلي]

1032 - [عبد الله بن صالح العجلي] (1) عبد الله بن صالح العجلي الكوفي المقرئ المحدث، والد الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي. سمع عبد العزيز بن أبي سلمة وغيره. وروى عنه الإمام البخاري في «صحيحه» في (سورة الفتح)، و (التعبير) (2). وتوفي سنة إحدى عشرة ومائتين. 1033 - [أبو الجواب الضبي] (3) أبو الجواب أحوص-بمهملتين بينهما واو مفتوحة-ابن جواب الضبي الكوفي. سمع عمار بن رزيق، وسليمان بن قرم وغيرهما. وروى عنه محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة، ومحمد بن إسحاق الصغاني، وحجاج بن الشاعر، ومحمد بن عبد الله بن نمير وغيرهم. وتوفي سنة إحدى عشرة ومائتين. 1034 - [طلق بن غنام] (4) طلق بن غنام بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي أبو محمد. سمع زائدة وغيره، وروى عنه البخاري في «صحيحه». وتوفي في رجب سنة إحدى عشرة ومائتين.

(1) «تهذيب الكمال» (15/ 109)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 216)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 403)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 350)، و «مرآة الجنان» (2/ 53)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 357)، و «شذرات الذهب» (3/ 55). (2) في رواية البخاري عنه كلام؛ وسببه: أنه البخاري روى عن عبد الله غير منسوب، فاختلف في تعيينه، رجح ابن حجر: أن عبد الله بن صالح كاتب الليث، انظر تفصيل المسألة في «تهذيب التهذيب» (2/ 357). (3) «الجرح والتعديل» (2/ 328)، و «تهذيب الكمال» (2/ 288)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 403)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 55)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 99)، و «شذرات الذهب» (3/ 52). (4) «طبقات ابن سعد» (8/ 529)، و «الجرح والتعديل» (4/ 491)، و «تهذيب الكمال» (13/ 456)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 240)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 196)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 246).

1035 - [أبو العتاهية]

1035 - [أبو العتاهية] (1) أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم العنزي الشاعر المشهور، من متقدمي المولّدين، في طبقة بشار بن برد، وأبي نواس، وتلك الطائفة. حكى أشجع الشاعر المشهور قال: أذن الخليفة المهدي للناس في الدخول، فدخلنا، وأمرنا بالجلوس، فاتفق أن جلس بجنبي بشار بن برد؛ أي: الشاعر المشهور، فسكت المهدي، وسكت الناس، فسمع بشار حسا فقال: من هذا؟ فقلت: أبو العتاهية، فقال: أتراه ينشد في هذا المحفل؟ فقلت: أحسبه سيفعل، فأمره المهدي أن ينشد فأنشد: [من المتقارب] ألا ما لسيدتي ما لها … أدلت فأجمل إدلالها فنخسني بشار بمرفقه وقال: ويحك، أرأيت من ينشد مثل هذا الشعر في هذا الموضع؟ ! حتى بلغ إلى قوله: أتته الخلافة منقادة … إليه تجرّر أذيالها فلم تك تصلح إلا له … ولم يك يصلح إلا لها ولو رامها أحد غيره … لزلزلت الأرض زلزالها فقال لي بشار: انظر ويحك يا أشجع؛ هل طار الخليفة عن فراشه؟ قال: فو الله ما انصرف من ذلك المجلس بجائزة غير أبي العتاهية. ومن شعره أيضا هذه الأبيات في عمرو بن العلاء: [من الكامل] إني أمنت من الزمان وصرفه … لما علقت من الأمير حبالا لو يستطيع الناس من إجلاله … لحذوا له جلد الخدود نعالا إن المطايا تشتكيك لأنها … قطعت إليك سباسبا ورمالا فإذا وردن بنا وردن خفائفا … وإذا صدرن بنا صدرن ثقالا فأعطاه سبعين ألفا، وخلع عليه، فغار الشعراء لذلك، فجمعهم فقال: يا معشر

(1) «تاريخ بغداد» (6/ 249)، و «المنتظم» (6/ 219)، و «وفيات الأعيان» (1/ 219)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 195)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 185)، و «مرآة الجنان» (2/ 49)، و «شذرات الذهب» (3/ 52).

الشعراء؛ عجبا لكم ما أشد حسدكم! إن أحدكم يأتينا يمدحنا بقصيدة يشبب فيها بصديقته بخمسين بيتا، فما يبلغها حتى تذهب لذاذة مدحه ورونق شعره، وقد أتى أبو العتاهية يشبب بأبيات يسيرة، ثم قال كذا وكذا، وأنشد الأبيات المذكورة، فما لكم منه تغارون؟ ! وحكى صاحب «الفصوص» في اللغة: أن أبا العتاهية زار يوما بشار بن برد، فقال لبشار: إني لأستحسن قولك اعتذارا من البكاء إذ تقول: [من مجزوء الكامل] كم من صديق لي أسا … رقه البكاء من الحياء وإذا تفطن لامني … فأقول ما بي من بكاء لكن ذهبت لأرتدي … فطرفت عيني بالرداء فقال بشار: أيها الشيخ؛ ما عرفته إلا من بحرك، ولا شربته إلا من قدحك، وأنت السابق حيث تقول: [من الوافر] وقالوا قد بكيت فقلت كلا … وهل يبكي من الجزع الجليد فقالوا ما لدمعهما سواء … أكلتا مقلتيك أصاب عود يحكى أن أبا العتاهية كان قد امتنع من الشعر، فأمر المهدي بحبسه في سجن الجرائم، فلما دخله .. رأى منظرا هاله، فدهش، فطلب موضعا يأوي إليه، فإذا بكهل حسن البزة والوجه، عليه سيما الخير، فقصده وجلس إليه من غير سلام لما هو فيه من الجزع والحيرة، وإذا بالرجل ينشد: [من الطويل] تعودت مس الضر حتى ألفته … وأسلمني حسن العزاء إلى الصبر وصيرني يأسي من الناس واثقا … بحسن صنيع الله من حيث لا أدري قال: فاستحسنت البيتين، وتبركت بهما، وثاب إلي عقلي فقلت له: تفضل أعزك الله بإعادتهما علي، فقال: يا إسماعيل؛ ويحك ما أسوأ أدبك وأقلّ عقلك ومروءتك! دخلت ولم تسلم علي تسليم المسلم، ولا سألتني مسألة الوارد على المقيم حتى سمعت مني بيتين من الشعر، لم يجعل الله فيك خيرا ولا أدبا ولا معاشا غيره، فطفقت تستنشدني ابتداء كأن بيننا أنسا وسالف مودة توجب بسط القبض، ولم تذكر ما كان منك، ولا اعتذرت عما بدا من إساءتك وقلة أدبك، فقلت: اعذرني متفضلا، فدون ما أنا فيه يدهش، قال: وفيم أنت؟ ! تركت الشعر الذي هو جاهك عندهم، وسبيلك إليهم، والآن تقوله فتطلق، وأنا

1036 - [أبو عاصم النبيل]

يدعى الساعة بي، فأطلب بعيسى بن زيد ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فإن دللت عليه .. لقيت الله بدمه، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم خصمي فيه، وإلا .. قتلت، فأنا أولى بالحيرة منك، وأنت ترى صبري، فقلت: يكفيك الله، وخجلت منه، فقال: لا أجمع عليك التوبيخ والمنع، اسمع البيتين، ثم أعادهما عليّ مرارا حتى حفظتهما، ثم دعي بي وبه فقلت: من أنت أعزك الله؟ قال: أنا حاضر صاحب عيسى بن زيد، فلما وقفنا بين يدي المهدي .. قال للرجل: أين عيسى بن زيد؟ فقال: وما يدريني أين عيسى، تطلّبته فهرب منك في البلاد وحبستني، فمن أين أقف على خبره؟ ! قال: أين كان متواريا؟ ومتى كان آخر عهدك به؟ وعند من لقيته؟ قال: ما لقيته منذ توارى، ولا عرفت له خبرا، قال: والله لتدلن عليه، أو لأضربن عنقك الساعة، قال: اصنع ما بدا لك، فو الله؛ لا أدلك على ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فألقى الله ورسوله بدمه، ولو كان بين ثوبي وجلدي .. ما كشفت لك عنه، فأمر به فضربت عنقه، ثم قال: أتقول الشعر، أو ألحقك به؟ قلت: بل أقول، قال: أطلقوه، فأطلقت. ولما حضرته الوفاة .. قال: أشتهي أن يجيء فلان المغني فيغني عند رأسي: [من الكامل] إذا ما انقضت عني من الدهر مدتي … فإن عزاء الباكيات قليل سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي … ويحدث بعدي للخليل خليل وتوفي سنة إحدى عشرة ومائتين. 1036 - [أبو عاصم النبيل] (1) الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني مولاهم، أبو عاصم النبيل. سمع ابن جريج، والأوزاعي، ومالك، والثوري، وشعبة وغيرهم. وروى عنه علي بن المديني، والبخاري وغيرهما من الأئمة، وكان حافظ البصرة ومحدثها. ولد سنة اثنتين وعشرين ومائة، وتوفي سنة اثنتي عشرة ومائتين عن تسعين وأربعة أشهر.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 296)، و «تهذيب الكمال» (13/ 281)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 480)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 191)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 225)، و «بغية الوعاة» (2/ 12)، و «شذرات الذهب» (3/ 58).

1037 - [الحسين بن حفص الهمداني]

1037 - [الحسين بن حفص الهمداني] (1) الحسين بن حفص الهمداني الأصبهاني أبو محمد. سمع سفيان الثوري وغيره، وروى عنه أبو داود السنجي سليمان بن معبد. وتوفي سنة اثنتي عشرة ومائتين. 1038 - [عبد القدوس بن الحجاج الخولاني] (2) عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الحمصي أبو المغيرة. سمع الأوزاعي وغيره. روى عنه البخاري بواسطة، وبغير واسطة، وروى عنه إسحاق بن منصور، وسلمة بن شبيب وغيرهما. وتوفي سنة اثنتي عشرة ومائتين. 1039 - [أبو عمرو الشيباني] (3) إسحاق بن مرار-بكسر الميم، وتكرير الراء قبل الألف وبعدها-الشيباني النحوي اللغوي. كان من الأئمة الأعلام، أخذ عنه جماعة كبار، منهم: الإمام أحمد ابن حنبل، وأبو عبيد القاسم بن سلام، ويعقوب بن السكيت. وله مصنفات عديدة في اللغة، وغريب الحديث، والخيل والإبل، وخلق الإنسان،

(1) «الجرح والتعديل» (3/ 50)، و «تهذيب الكمال» (6/ 369)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 356)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 360)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 422)، و «شذرات الذهب» (3/ 57). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 477)، و «تهذيب الكمال» (18/ 237)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 223)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 270)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 386)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 600). (3) «تاريخ بغداد» (6/ 327)، و «المنتظم» (6/ 206)، و «معجم الأدباء» (2/ 384)، و «وفيات الأعيان» (1/ 201)، و «العبر» (1/ 358)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 425)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 563)، و «بغية الوعاة» (1/ 439).

1040 - [عبيد الله بن موسى العبسي]

والنوادر، وأشعار العرب ونحو ذلك، وكان الغالب عليه النوادر، وحفظ الغرائب وأراجيز العرب. قال ولده: لما جمع أشعار العرب .. دونها، وكانت نيفا وثمانين قبيلة، وكان كلما عمل منها قبيلة وأخرجها إلى الناس .. كتب مصحفا، وجعله في مسجد الكوفة، حتى كتب نيفا وثمانين مصحفا، وكان يكتب بيده إلى أن مات. قيل: عاش مائة وثماني عشرة سنة، وقال ابن كامل: مات في اليوم الذي مات فيه أبو العتاهية وإبراهيم النديم الموصلي (1).وقيل: توفي سنة ست ومائتين وعمره مائة وعشر سنين، قال ابن خلكان: (وهو الأصح) (2). 1040 - [عبيد الله بن موسى العبسي] (3) عبيد الله بن موسى بن باذام العبسي مولاهم، الكوفي أبو محمد الحافظ. كان إماما في الفقه والحديث والقرآن، موصوفا بالعبادة والصلاح، لكنه من رءوس الشيعة. سمع هشام بن عروة، وسليمان الأعمش وغيرهما. روى عنه البخاري بواسطة، وبغير واسطة، وروى عنه حجاج بن الشاعر، وعبد بن حميد وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث عشرة ومائتين. 1041 - [عمرو بن أبي سلمة التنيسي] (4) عمرو بن أبي سلمة التنيسي، أصله من دمشق، وسكن تنيس.

(1) أي: سنة (213 هـ‍). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 201). (3) «طبقات ابن سعد» (8/ 522)، و «تهذيب الكمال» (19/ 164)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 553)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 283)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 347)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 353)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 28). (4) «الجرح والتعديل» (6/ 235)، و «تاريخ دمشق» (46/ 65)، و «تهذيب الكمال» (22/ 51)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 213)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 323)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 275).

1042 - [خالد بن مخلد البجلي]

سمع الأوزاعي وغيره، وروى عنه محمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن يوسف، وعبد الله المسندي وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث-أو أربع-عشرة ومائتين. 1042 - [خالد بن مخلد البجلي] (1) خالد بن مخلد البجلي، ويقال: القطواني، نسبة إلى قطوان، محلة على باب الكوفة، قيل: إنه كان يغضب إذا قيل له: قطواني. سمع سليمان بن بلال، وعلي بن مسهر، والمغيرة بن عبد الرحمن وغيرهم. وروى عنه البخاري بواسطة، وبغير واسطة، وروى عنه عبد بن حميد، وأبو كريب وغيرهما. وتوفي بالكوفة في المحرم سنة ثلاث عشرة ومائتين. 1043 - [محمد بن عرعرة البرند] (2) محمد بن عرعرة بن البرند-بموحدة، وبعد الراء نون-الباجي السامي-بالمهملة- البصري القرشي أبو عمرو، ويقال: أبو إبراهيم. سمع شعبة، وعمر بن أبي زائدة. وروى عنه نصر بن علي، وبندار، والبخاري وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث عشرة ومائتين. 1044 - [العكوك] (3) علي بن جبلة الشاعر المشهور، أحد فحول الشعراء المبرزين من الموالي.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 530)، و «تهذيب الكمال» (8/ 163)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 217)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 137)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 367)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 275)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 531). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 306)، و «الجرح والتعديل» (8/ 50)، و «تهذيب الكمال» (26/ 108)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 383)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 647)، و «شذرات الذهب» (3/ 61). (3) «الأغاني» (20/ 20)، و «تاريخ بغداد» (11/ 359)، و «وفيات الأعيان» (3/ 350)، و «سير أعلام النبلاء» -

ولد أعمى، ويقال: عمي من جدري أصابه وهو ابن سبع سنين، وكان أسود أبرص، ومن قصائده الفائقة القصيدة التي يقول فيها: [من المديد] إنما الدنيا أبو دلف … بين مغزاه ومحتضره فإذا ولى أبو دلف … ولت الدنيا على أثره كلّ من في الأرض من عرب … بين بادية إلى حضره مستعير منك مكرمة … يكتسيها يوم مفتخره ويروى أن المأمون قال لأبي دلف الأمير المشهور: أنت الذي قال فيك الشاعر: إنما الدنيا أبو دلف … وأنشده الأبيات، قال: لا يا أمير المؤمنين، بل إنما الذي قال فيّ علي بن جبلة-أو قال: الشاعر-: [من الطويل] أبا دلف يا أكذب الناس كلهم … سواي فإني في مديحك أكذب فأعجب المأمون بذلك، ورضي عنه. ويقال: إن المأمون لما بلغته هذه القصيدة .. غضب وقال: اطلبوا ابن جبلة حيث ما كان، وائتوني به، فلم يقدروا عليه؛ لأنه كان مقيما بالجبل، فلما اتصل به هذا الخبر .. هرب إلى الجزيرة الفراتية، وقد كان يكتب فيه إلى الآفاق: أن يؤخذ حيث كان، فهرب من الجزيرة حتى توسط البلدان الشامية، فظفروا به، وحملوه مقيدا إلى المأمون، فلما وصل إليه .. قال له: يا ابن اللخناء؛ أنت القائل في قصيدتك للقاسم بن عيسى-يعني أبا دلف-: [من المديد] كل من في الأرض من عرب … إلى آخر البيتين. جعلتنا ممن يستعير المكارم والافتخار به؟ ! قال: يا أمير المؤمنين؛ أنتم أهل بيت لا يقاس بكم؛ لأن الله تعالى اختصكم لنفسه على عباده، وآتاكم الكتاب والحكمة، وآتاكم ملكا عظيما، وإنما ذهبت في قولي إلى أقران القاسم بن عيسى وأشكاله، قال: والله؛

(3) - (10/ 192)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 306)، و «الوافي بالوفيات» (20/ 173)، و «مرآة الجنان» (2/ 53)، و «شذرات الذهب» (3/ 61).

1045 - [الأمير حميد الطوسي]

ما أبقيت أحدا، ولقد أدخلتنا في الكل، وما أستحل دمك بكلمتك هذه، ولكني أستحله بكفرك في شعرك حيث قلت في عبد ذليل مهين، فأشركت بالله العظيم، وجعلت معه مالكا قادرا، وهو قولك: [من البسيط] أنت الذي ينزل الأيام منزلها … وينقل الدهر من حال إلى حال فما مددت مدى طرف إلى أحد … إلا قضيت بأرزاق وآجال ذلك الله عزّ وجل يفعله، أخرجوا لسانه من قفاه، فأخرجوا لسانه من قفاه فمات في سنة ثلاث عشرة ومائتين. قال ابن خلكان: (كذا ذكره ابن المعتز في قضيته مع المأمون، ورأيت في كتاب «البارع في أخبار الشعراء المولدين» تأليف ابن المنجم هذين البيتين لخلف بن مرزوق مولى علي بن ريطة، والله أعلم، مع بيت ثالث وهو: تزور سخطا فتمسي البيض راضية … وتستهل فتبكي أعين المال والله أعلم بالصواب) اه‍ (1) قال الشيخ اليافعي: (ولقد أبدع في هذا البيت بجمعه بين وصفين محمودين، وهما الكرم والشجاعة مع حسن المقابلة؛ فالشجاعة في نصف الأول؛ يعني: تقصد الأعداء، فتمسي السيوف راوية بدمائهم، فكنى عن ريّها برضاها، ونصف الآخر بالكرم؛ أي: تضحك استبشارا بالضيفان، فتعقر وتذبح لهم السمان، وفي ضمن ذلك بكاؤها بما عرض لها من الأحزان) (2). 1045 - [الأمير حميد الطوسي] (3) حميد بن عبد الحميد الطوسي الأمير الكبير، مدحه علي بن جبلة الشاعر، فقال له: ما عسى أن تقول فينا بعد قولك في أبي دلف: [من المديد] إنما الدنيا أبو دلف ….

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 353). (2) «مرآة الجنان» (2/ 56). (3) «المنتظم» (6/ 206)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 197)، و «مرآة الجنان» (2/ 56).

1046 - [الأمير ابن حميد الطوسي]

الأبيات الأربعة التي في ترجمة علي بن جبلة؟ (1) فقال: أصلح الله الأمير، قد قلت فيك ما هو أحسن من هذا، قال: وما هو؟ فأنشده: [من مجزوء الرمل] إنما الدنيا حميد … وأياديه الجسام فإذا ولى حميد … فعلى الدنيا السلام فتبسم ولم يرد جوابا، وأجمع من حضر المجلس من أهل المعرفة بالشعر أن هذا أحسن مما قاله في أبي دلف، فأعطاه وأحسن جائزته. ومن قول علي بن جبلة في الأمير حميد المذكور: [من الوافر] تكفّل ساكني الدنيا حميد … فقد أضحوا له فيها عيالا كأن أباه آدم كان أوصى … إليه أن يعولهم فعالا توفي حميد المذكور في عيد الفطر سنة عشر ومائتين، ورثاه علي بن جبلة المذكور بقصيدة يقول فيها: [من الطويل] فأدبنا ما أدب الناس قبلنا … ولكنه لم يبق للصبر موضع ورثاه أبو العتاهية بقوله: [من الطويل] أبا غانم أما فناك فواسع … وقبرك معمور الجوانب محكم وما ينفع المقبور عمران قبره … إذا كان فيه جسمه يتهدم قال الشيخ اليافعي: (لفظ «فناك» في أول البيت الأول ليس هو في الأصل المنقول منه، وإنما فيه: «دارك» وهو لا يتزن، فأبدلته ب‍ «فناك») (2). 1046 - [الأمير ابن حميد الطوسي] (3) محمد بن حميد الطوسي الأمير ابن الأمير.

(1) في الترجمة التي قبل هذه. (2) ذكره المصنف رحمه الله تعالى ضمن وفيات سنة (213 هـ‍) مع أنه توفي سنة (210 هـ‍)، وذلك لأن بينه وبين صاحب الترجمة المذكور قبله علاقة وثيقة، يتبين ذلك من خلال ترجمتيهما، وهو ما فعله اليافعي في «مرآة الجنان»، والله أعلم. (3) «المنتظم» (6/ 240)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 560)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 365).

1047 - [إسحاق بن عيسى الطباع]

قتله بابك في سنة أربع عشرة ومائتين، وفض جموعه، ورثاه أبو تمام الطائي بأبيات حسنة، منها: [من الطويل] توفّيت الآمال بعد محمد … وأصبح في شغل عن السّفر السّفر وما كان إلا مال من قل ماله … وذخرا لمن أمسى وليس له ذخر تردى ثياب الموت حمرا فما أتى … لها الليل إلا وهي من سندس خضر كأن بني نبهان يوم وفاته … نجوم سماء خر من بينها البدر يحكى أن أبا دلف القاسم بن عيسى العجلي استنشد أبا تمام هذه القصيدة فأنشده، فلما بلغ هذه الأبيات .. بكى أبو دلف وقال: وددت أنها فيّ، فقال أبو تمام: بل يطيل الله عمر الأمير، فقال أبو دلف: لم يمت من قيل فيه هذا. 1047 - [إسحاق بن عيسى الطباع] (1) إسحاق بن عيسى الطباع أبو يعقوب البغدادي الحافظ. سمع مالك بن أنس وغيره، وروى عنه محمد بن رافع، وزهير بن حرب وغيرهما. روى له مسلم. وتوفي سنة خمس عشرة ومائتين. 1048 - [أبو زيد الأنصاري] (2) أبو زيد الأنصاري، واسمه: سعيد بن أوس البصري اللغوي. كان من أئمة الأدب، وغلبت عليه اللغات والنوادر والغريب، وكان ثقة في روايته، وله في الأدب مصنفات مفيدة تقارب عشرين مصنفا. قال له الأصمعي: أنت رئيسنا وسيدنا منذ ثلاثين سنة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 345)، و «تهذيب الكمال» (2/ 362)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 65)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 420)، و «مرآة الجنان» (2/ 58)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 125). (2) «المعارف» (ص 545)، و «تاريخ بغداد» (9/ 78)، و «معجم الأدباء» (4/ 297)، و «وفيات الأعيان» (2/ 378)، و «تهذيب الكمال» (10/ 330)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 494)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 164)، و «بغية الوعاة» (1/ 582).

1049 - [عمرو بن مسعدة الكاتب]

وكان الثوري يقول: الأصمعي أحفظ الناس، وأبو عبيدة أجمعهم، وأبو زيد الأنصاري أوثقهم. وكان النضر بن شميل يقول: كنا في كتّاب واحد أنا وأبو زيد الأنصاري وأبو محمد اليزيدي. قال بعضهم: كان الأصمعي يحفظ ثلث اللغة، وكان أبو زيد يحفظ ثلثيها. وكان صدوقا صالحا. توفي سنة أربع-أو خمس-عشرة ومائتين، عمّر رحمه الله حتى قارب المائة. 1049 - [عمرو بن مسعدة الكاتب] (1) أبو الفضل عمرو بن مسعدة بن سعيد الكاتب أحد وزراء المأمون. كان كاتبا فصيحا بليغا، جزل العبارة وجيزها، سديد المقاصد والمعاني. أمره المأمون أن يكتب لشخص كتابا إلى بعض العمال بالوصية عليه والاعتناء بأمره، فكتب له: كتابي إليك كتاب واثق بمن كتب إليه، معنيّ لمن كتب له، ولن يضيع بين الثقة والعناية موصله، والسلام. وقيل: إن هذا من كلام الحسن بن وهب. يحكى أنه تزوجت أم بعض الرؤساء، فساءه ذلك، فكتب إليه أبو الفضل المذكور: الحمد لله الذي كشف عنا ستر الحيرة، وهدانا لستر العورة، وجدع بما شرع من الحلال أنف الغيرة، ومنع من عضل الأمهات، كما منع من وأد البنات؛ استنزالا للنفوس الأبية عن الحمية حمية الجاهلية، ثم عرّض لجزيل الأجر من استسلم لوقائع قضائه، وعوض جزيل الذخر من صبر على نازل بلائه، وهنّاك الذي شرح للتقوى صدرك، ووسّع في البلوى صبرك، وألهمك التسليم لمشيئته، والرضى بقضيته، فلما قرأها ذلك الرئيس .. تسلى بها، وذهب عنه ما كان يجده. وكتب إلى المأمون: كتابي إلى أمير المؤمنين ومن قبلي من قواده وسائر أجناده في

(1) «المعارف» (ص 391)، و «معجم الشعراء» للمرزباني (ص 53)، و «تاريخ بغداد» (12/ 203)، و «معجم الأدباء» (6/ 92)، و «وفيات الأعيان» (3/ 475)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 181)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 328)، و «مرآة الجنان» (2/ 59).

1050 - [الأخفش الأوسط]

الانقياد والطاعة على أحسن ما يكون عليه طاعة جند تأخرت أرزاقهم، وانقياد كفاة تراخت عطياتهم، واختلت لذلك أحوالهم، والتاثت معه أمورهم، فلما قرأه .. قال المأمون: سمعت الرشيد يقول: البلاغة التباعد عن الإطالة، والتقرب من معنى البغية، والدلالة بالقليل من اللفظ على المعنى-أو قال: على الكثير من المعنى-وما كنت أعلم أن أحدا يقدر على المبالغة في هذا المعنى حتى قرأت هذا الكتاب، وقال: إن استحساني إياه بعثني على أن أمرت للجند قبله بعطياتهم لسبعة أشهر. وتوفي المذكور سنة أربع-أو خمس-عشرة ومائتين. 1050 - [الأخفش الأوسط] (1) أبو الحسن سعيد بن مسعدة النحوي البجلي المجاشعي-نسبة إلى مجاشع بن دارم بطن من تيم-المعروف بالأخفش الأوسط، والأخفش: هو صغير العينين مع سوء بصرهما، وكان يقال له: الأخفش الأصغر، فلما ظهر علي بن سليمان البغدادي النحوي المعروف بالأخفش الصغير الآتي ذكره في آخر هذه المائة (2) .. عرف هذا بالأخفش الأوسط. والأوسط المذكور كان من أئمة العربية، أخذ النحو عن سيبويه، وهو الذي زاد في العروض واحدا من البحور على ما ذكره الخليل المشهور، وللأخفش عدة مصنفات، منها: كتاب «الأوسط» في النحو، وكتاب «تفسير معاني القرآن»، وكتاب «الاشتقاق» وغير ذلك. وكان أجلع، وهو الذي لا تنضم شفتاه على أسنانه. توفي سنة أربع-أو خمس-عشرة ومائتين. 1051 - [محمد بن عبد الله الأنصاري] (3) محمد بن عبد الله الأنصاري، قاضي البصرة وعالمها وسيدها، وهو من كبار شيوخ البخاري.

(1) «معجم الأدباء» (4/ 302)، و «وفيات الأعيان» (2/ 380)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 206)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 258)، و «مرآة الجنان» (2/ 61)، و «بغية الوعاة» (1/ 590)، و «شذرات الذهب» (3/ 73) (2) بل في العشرين الأولى من المائة التي بعد هذه، انظر (3/ 40). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 296)، و «تهذيب الكمال» (25/ 539)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 532)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 377)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 371)، و «مرآة الجنان» (2/ 62)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 614).

1052 - [محمد بن المبارك الصوري]

توفي سنة أربع-أو خمس-عشرة ومائتين وعمره سبع وتسعون سنة. 1052 - [محمد بن المبارك الصوري] (1) محمد بن المبارك الصوري الشامي القلانسي أبو عبد الله الحافظ، صاحب سعيد بن عبد العزيز. سمع يحيى بن حمزة، ومعاوية بن سلام، وغيرهما. وروى عنه، عبد الله الدارمي، وإسحاق بن منصور وغيرهما. توفي سنة خمس عشرة ومائتين. قال الشيخ اليافعي: (وقد يشتبه بمحمد بن المبارك الصوري الذي تشفعت به شجرة الرمان إلى إبراهيم بن أدهم أن يتناول منها شيئا، كما تقدم في ترجمة إبراهيم بن أدهم، لكن صاحب ابن أدهم هذا توفي قبل هذا التاريخ بثلاث وخمسين سنة، توفي سنة اثنتين وستين ومائة، قال: ويحتمل أنه هو) اه‍ (2) 1053 - [مكي بن إبراهيم البرجمي] (3) مكي بن إبراهيم بن بشير بن فرقد البرجمي التميمي الحنظلي البلخي أبو السّكن. سمع يزيد بن أبي عبيد، وابن جريج وغيرهما. روى عنه محمد بن المثنى، ومحمد بن حاتم، والبخاري وغيرهم. ولد سنة ست وعشرين ومائة، وتوفي سنة أربع-أو خمس-عشرة ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (8/ 104)، و «تهذيب الكمال» (26/ 352)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 390)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 391)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 386)، و «مرآة الجنان» (2/ 62)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 686). (2) «مرآة الجنان» (2/ 62)، وفيها: (وإبراهيم بن أدهم توفي قبل هذا التاريخ بثلاث وخمسين سنة ... إلخ). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 377)، و «تهذيب الكمال» (28/ 476)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 549)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 416)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 365)، و «مرآة الجنان» (2/ 62)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 150).

1054 - [قبيصة بن عقبة السوائي]

1054 - [قبيصة بن عقبة السّوائي] (1) قبيصة بن عقبة الكوفي الحافظ أبو عامر العابد. كان يقال له: راهب الكوفة، وكان عباد بن السري إذا ذكره دمعت عيناه. توفي سنة أربع عشرة ومائتين. 1055 - [علي بن الحسن القيسي] (2) علي بن الحسن بن شقيق بن دينار القيسي مولاهم أبو عبد الرحمن، أصله من البصرة، وقدم جده شقيق إلى مرو. سمع علي المذكور عبد الله بن المبارك وغيره، وروى عنه البخاري، ومحمد بن عبد الله بن قهزاذ وغيرهما. وكان حافظا، كثير العلم، كتب الكثير، حتى كتب التوراة والإنجيل، وجادل اليهود. وتوفي سنة خمس عشرة ومائتين. 1056 - [يحيى بن حماد الشيباني] (3) يحيى بن حماد الشيباني مولاهم البصري الحافظ أبو بكر. سمع أبا عوانة، وشعبة، وعبد العزيز بن المختار وغيرهم. روى عنه البخاري بواسطة، وبغير واسطة، وروى عنه إسحاق الحنظلي، وإسحاق بن منصور وغيرهم. وتوفي سنة خمس عشرة ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 527)، و «تهذيب الكمال» (23/ 481)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 130)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 352)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 373)، و «مرآة الجنان» (2/ 62)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 426). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 379)، و «تهذيب الكمال» (20/ 371)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 349)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 307)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 370)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 151)، و «شذرات الذهب» (3/ 72). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 308)، و «الجرح والتعديل» (9/ 137)، و «تهذيب الكمال» (31/ 276)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 442)، و «مرآة الجنان» (2/ 63)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 349)، و «تقريب التهذيب» (ص 589).

1057 - [الحسين بن محمد المروزي]

1057 - [الحسين بن محمد المروزي] (1) الحسين بن محمد بن بهرام التميمي المروزي المعلم أبو أحمد، نزيل بغداد. سمع شيبان بن عبد الرحمن، وجرير بن حازم وغيرهما. وروى عنه زهير بن حرب، ومحمد بن رافع وغيرهما. وتوفي سنة أربع عشرة ومائتين. 1058 - [معاوية بن عمرو الأزدي] (2) معاوية بن عمرو بن المهلب الأزدي البغدادي أبو عمرو. سمع زائدة، وإبراهيم الفزاري وغيرهما. وروى عنه عمرو الناقد، وزهير بن حرب، وروى عنه البخاري بواسطة، وبغير واسطة. وتوفي ببغداد سنة أربع عشرة ومائتين في جمادى الأولى. 1059 - [زبيدة بنت جعفر] (3) زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، زوجة هارون الرشيد، وأم ولده محمد الأمين، كان اسمها أمة العزيز، فلقبها جدها المنصور زبيدة؛ لبياضها ونضارتها، وكان لها صدقات جزيلة، وخيرات كثيرة، ومعروف كثير. ذكر ابن الجوزي أنها سقت أهل مكة الماء بعد أن كانت الراوية عندهم بدينار، فأجرت العين إلى مكة من مسافة بعيدة (4).

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 340)، و «تهذيب الكمال» (6/ 471)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 216)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 123)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 367)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 435). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 343)، و «تهذيب الكمال» (28/ 207)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 214)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 408)، و «مرآة الجنان» (2/ 58)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 111). (3) «تاريخ بغداد» (14/ 434)، و «المنتظم» (6/ 251)، و «وفيات الأعيان» (2/ 314)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 241)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 155)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 176)، و «مرآة الجنان» (2/ 63)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 213). (4) انظر «المنتظم» (6/ 251).

1060 - [حبان بن هلال الباهلي]

قال الشيخ اليافعي: (وهذه العين التي أجرتها آثارها باقية، مشتملة على عمارة عظيمة يتنزه برؤيتها على يمين الذاهب إلى منى من مكة، ذات بنيان محكم في الجبال، تقصر العبارة عن وصف حسنه، وينزل الماء منه إلى مصنع تحت الأرض عميق ذي درج كثيرة جدا، لا يوصل إلى قراره إلا بهبوط كثير كالبئر، يسمونه: المظلمة، يفزع بعض الناس إذا نزل فيه وحده نهارا، فضلا عن الليل) اه‍ (1) وعملت عقبه البستان، فقال لها وكيلها: يلزمك نفقة كثيرة، فقالت: اعمل ولو كانت ضربة فأس بدينار. قالوا: وكان لها مائة جارية يحفظن القرآن، ولكل واحدة ورد غير القرآن، فكان يسمع في قصرها كدوي النحل من قراءة القرآن. قال الطبري: (أعرس بها هارون سنة خمس وستين ومائة) اه‍ (2) وعاشت بعد الرشيد فوق عشرين سنة، وتوفيت سنة ست-أو سبع-عشرة ومائتين، ورئيت لها بعد موتها منامات تدل على حسن منقلبها، منها: ما ذكره القشيري في «رسالته»: (أنها رئيت في المنام فقيل لها: ما فعل الله بك؟ قالت: غفر لي، فقيل لها: بصدقاتك وفعلك للخير، وإجرائك الماء إلى مكة؟ قالت: أما إن تلك أموال رجعت إلى أربابها، ولكن غفر لي بنيتي) (3). 1060 - [حبّان بن هلال الباهلي] (4) حبان-بفتح المهملة، ثم موحدة-بن هلال الباهلي-ويقال: الكناني-البصري أبو حبيب. سمع همام بن يحيى، وشعبة، وحماد بن سلمة وغيرهم. وروى عنه أحمد الدارمي، وإسحاق بن منصور وغيرهما. وتوفي في رمضان سنة ست عشرة ومائتين.

(1) «مرآة الجنان» (2/ 63). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 359). (3) «الرسالة القشيرية» (614). (4) «طبقات ابن سعد» (9/ 300)، و «الجرح والتعديل» (3/ 297)، و «تهذيب الكمال» (5/ 328)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 239)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 101)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 364).

1061 - [موسى بن داود الخلقاني]

1061 - [موسى بن داود الخلقاني] (1) موسى بن داود الضبي، أبو عبد الله، أصله من الكوفة، وسكن بغداد، وكان على قضاء طرسوس، ويعرف بالخلقاني. سمع سليمان بن بلال وغيره، وروى عنه محمد بن أحمد بن أبي خلف وغيره. وتوفي سنة ست-أو سبع-عشرة ومائتين على خلاف. 1062 - [الأصمعي] (2) أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهلي المعروف بالأصمعي، الأخباري اللغوي البصري الإمام العلامة المشهور، صاحب النوادر والملح، والغرائب والأشعار. وعن الأصمعي قال: أحفظ ستة عشر-أو أربعة عشر-ألف أرجوزة، منها المائة، والمئتان. ومن أعجب ما يحكى من حفظه: ما ذكره في «المقتبس» عن ابن دريد أو أبي حاتم قال: كنا عند الحسن بن سهل وبالحضرة جماعة من أهل العلم، منهم: جرير بن حازم، ومعمر بن المثنى، والأصمعي، والهيثم بن عدي في جماعة من هذا السن، وحاجب الحسن يعرض عليه القصص، وهو يوقع في كل قصة ما ينبغي لها حتى أمرّ خمسين قصة، فلما تقصى ما بين يديه .. أقبل علينا وقال: قد فعلنا في يومنا هذا خيرا كثيرا، ووقعنا في هذه القصص بما فيه فرح لأهلها، ونرجو أن نكون مثابين مشكورين، فأفيضوا بنا في حق أنفسنا نتذاكر العلم، فأخذوا في ذكر الحفاظ من أصحاب الحديث، كالزهري والشعبي وقتادة وشعبة وسفيان، فقال أبو عبيدة: وما الحاجة إلى ذكر هؤلاء الجلة وما ندري أصدق المخبر عنهم أم كذب؟ ! إن في الحضرة رجلا يزعم أنه ما نسي شيئا، وأنه ما يحتاج أن يعيد

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 348)، و «تهذيب الكمال» (29/ 57)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 136)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 421)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 387)، و «مرآة الجنان» (2/ 77). (2) «المعارف» (ص 543)، و «تاريخ بغداد» (10/ 409)، و «وفيات الأعيان» (3/ 170)، و «تهذيب الكمال» (18/ 382)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 273)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 175)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 187)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 274)، و «مرآة الجنان» (2/ 64)، و «بغية الوعاة» (2/ 112)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 190)، و «شذرات الذهب» (3/ 76).

نظره في دفتر، إنما هي نظرة، ثم قد حفظ ما فيه، يعرّض بالأصمعي، ثم قال الحسن: نعم يا أبا سعيد، يجيء من هذا بما ينكر جدا؟ فقال الأصمعي: نعم أصلحك الله، ما أحتاج أن أعيد النظر في دفتر، وما أنسيت شيئا قط، فقال الحسن: فنحن نجرب هذا القول بواحدة، يا غلام؛ هات الدفتر الفلاني؛ فإنه يجمع كثيرا مما قد أنشدتناه وحدثتناه، فأدبر الغلام ليأتي بالدفتر، فقال الأصمعي: أعزك الله، وما حاجة إلى هذا؟ أنت وقعت على خمسين قصة، أنا أعيد القصص التي مرت، وأسماء أصحابها، وتوقيعاتها كلها، فامتحن ذلك بالنظر إليها، فأكبر ذلك من حضر، وعجبوا واستضحكوا، وكان الحسن قد عارض بتلك التوقيعات وأثبتها في دفتر البيت، فقال الحسن: يا غلام؛ اردد القصص، فردّت وقد شدت في خيط كي تحفظ، فابتدأ الأصمعي فقال: القصة الأولى لفلان بن فلان، قصته كذا وكذا، ووقعت أعزك الله كذا وكذا، حتى أنفذ على هذا السبيل سبعا وأربعين قصة، فقال الحسن: يا هذا؛ حسبك الساعة، والله أقتلك-يعني: أصيبك بعيني-يا غلام؛ خمسين ألفا فأحضرها بدرا، ثم قال: يا غلمان؛ احملوا معه إلى منزله، فتبادر الغلمان بحملها، فقال: أصلحك الله، تنعم بالحامل، كما أنعمت بالمحمول، قال: هم لك، ولست منتفعا بهم، واشتريتهم منك بعشرة آلاف درهم، احمل يا غلام مع أبي سعيد ستين ألفا، قال: فحملت معه، وانصرف الباقون بالخيبة. أصله من البصرة، ثم قدم بغداد في أيام الرشيد، وسبب قدومه ومعرفته بالرشيد ما ذكر في «المقتبس» أيضا: أنه لما قدم الرشيد البصرة .. قال جعفر بن يحيى للصباح بن عبد العزيز: قد عزم أمير المؤمنين على الركوب في زلال في نهر الأيلة، ثم يخرج إلى دجلة، ويرجع في نهر معقل، وأحب أن يكون معه رجل عالم بالقصور والأنهار والقطائع؛ ليقصها له، فقال: لا أعرف من يفي بهذا ويصلح له غير الأصمعي، قال: فأتني به، فأتيته به، فتحدث بين يدي جعفر، فأضحكه وأعجبه، فأدخله إلى الرشيد، فركب معه، فجعل لا يمر بنهر ولا بأرض إلا خبر بأصلها وفرعها، وسمى الأنهار، ونسب القطائع، فقال الرشيد لجعفر: ويحك، ما رأيت مثل هذا قط! من أين غصت عليه؟ ! فلما قارب البصرة .. قال للرشيد: والذي شرفني بخطابك؛ إن لي من كل ما مررت به موضع قدم، فضحك الرشيد وقال: اشتر له يا جعفر أرضا، فاشترى له بنهر الأيلة أربعة عشر جريبا بألف وأربع مائة دينار، وكان جعفر قد نهاه عن سؤال الرشيد، ووعده بكل ما يريد، فقال: أما نهيتك عن سؤاله؟ ! قال: انتهزت الفرصة، فأخبرته خبري، فكرم.

قال: رأيت بالبادية شيخا قد سقط حاجباه على عينيه، فسألته عن سنه فقال: مائة وعشرون سنة، فقلت: أرى منك بقية، قال: تركت الحسد، فبقي على الجسد، فقلت له: هل قلت شيئا؟ قال: بيتين في إخواني، فاستنشدته فقال: [من الطويل] ألا أيها الموت الذي ليس تاركي … أرحني فقد أفنيت كل خليل أراك بصيرا بالذين أحبهم … كأنك تنحو نحوهم بدليل دخل العباس بن الأحنف على الرشيد وعنده الأصمعي، فقال له الرشيد: أنشدنا من ملحك الغريبة، فأنشده: [من الهزج] إذا ما شئت أن تصن‍ … ‍ع شيئا يعجب الناسا فصور ههنا فوزا … وصور ثمّ عباسا ودع بينهما شبرا … وإن زدت فلا باسا فإن لم يدنوا حتى … ترى رأسهما راسا فكذبهما وكذبه … بما قاست وما قاسا فلما خرج العباس .. قال: يا أمير المؤمنين؛ مسترق من العرب والعجم، فقال الرشيد: ما كان من العرب؟ قلت: رجل يقال له: عمر، هوي جارية يقال لها: قمر، فقال يشبّب: [من الهزج] إذا ما شئت أن تصن‍ … ‍ع شيئا يعجب البشرا فصور ههنا قمرا … وصور ههنا عمرا فإن لم يدنوا حتى … ترى بشريهما بشرا فكذبها بما ذكرت … وكذبه بما ذكرا فقال: فما كان من العجم؟ قلت: رجل يقال له: فلق-بسكون اللام بين الفاء المفتوحة والقاف-هوي جارية يقال لها: روق، فقال: [من الهزج] إذا ما شئت أن تصن‍ … ‍ع شيئا يعجب الخلقا فصور ههنا روقا … وصور ههنا فلقا فإن لم يدنوا حتى … ترى خلقيهما خلقا فكذّبها بما لقيت … وكذبه بما يلقا

قال: فبينما نحن كذلك؛ إذ دخل الحاجب فقال: عباس بالباب، فقال: ائذن له، فدخل، فقال: يا عباس؛ تسرق معاني الشعر وتدعيه؟ فقال: ما سبقني إليه أحد، فقال: هذا الأصمعي يحكيه عن العرب والعجم، ثم قال: يا غلام؛ ادفع الجائزة إلى الأصمعي، قال: فلما خرجنا .. قال العباس: كذبتني وأبطلت جائزتي، فقلت: أتذكر يوم كذا وكذا؟ ثم أنشأ يقول: [من البسيط] إذا وترت امرءا فاحذر عداوته … من يزرع الشوك لم يحصد به عنبا ويحكى عن الأصمعي أنه قال: مررت بالبادية، فوجدت امرأة حسنة تنزع من بئر وتنشد: [من الرجز] أستغفر الله لذنبي كلّه … قتلت إنسانا لغير حلّة مثل غزال كانس في ظله … وقد مضى الليل ولم أمله والخمر مفتاح لهذا كلّه فقلت لها: قاتلك الله ما أفصحك وأبلغك! فقالت: وهل ترك القرآن لذي فصاحة بلاغة؟ ! فقلت لها: أتقرءين القرآن؟ قالت: نعم، وأعرف آية جمعت أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين، فقلت: وما هي؟ قالت: قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ.} قال الأصمعي: قال لي الرشيد ليلة وهو يسير في قبة: حدثني، قلت: يا أمير المؤمنين؛ إن مزرد بن ضرار كان شاعرا مليحا ظريفا، وإن أمه كانت تبخل عليه بزادها، وإنها غابت عن بيتها يوما، فوثب مزرد على ما في بيتها فأكله وقال: [من الطويل] ولما غدت أمي تزور بناتها … أغرت على العكم الذي كان يمنع خلطت بصاعي عجوة صاع حنطة … إلى صاع سمن فوقه يتربع ودبّلت أمثال الأثافي كأنها … رءوس نقاد مزقت لا تجمع وقلت لبطني أبشر اليوم إنه … حمى أمنا مما تصد وتجمع فإن كنت مصفورا فهذا دواؤه … وإن كنت غرثانا فذا يوم تشبع فضحك الرشيد.

وسأل الرشيد يوما أهل مجلسه عن صدر هذا البيت: ............... … ومن يسأل الصعلوك أين مذاهبه فلم يعرفه أحد، فقال إسحاق الموصلي: الأصمعي عليل، وأنا أمضي إليه وأسأله عنه، فقال الرشيد: احملوا إليه ألف دينار لنفقته، قال: فجاءت رقعة الأصمعي وفيها: أنشدني خلف الأحمر لأبي النشناش النهشلي: [من الطويل] وسائلة أين الرحيل وسائل … ومن يسأل الصعلوك أين مذاهبه وداوية تيهاء يخشى به الردى … سرت بأبي النشناش فيها ركائبه ليدرك ثأرا أو ليكسب مغنما … جزيلا وهذا الدهر جمّ عجائبه وذكر القصيدة كلها. كان الرشيد إذا ركب .. عادله الفضل بن الربيع، وكان الأصمعي يسير قريبا من الرشيد بحيث يحاذيه، وإسحاق الموصلي يسير قريبا من الفضل، وكان الأصمعي لا يحدث الرشيد شيئا إلا ضحك، فحسده إسحاق فقال للفضل: كل ما يقول كذب، فقال الرشيد: أي شيء يقول؟ فأخبره الفضل، فغضب الرشيد وقال: والله؛ إن كان ما يقول كذبا .. إنه لأظرف الناس، وإن كان حقا .. إنه لأعلم الناس. ونوادر الأصمعي وغرائبه كثيرة. وكان ذا علم غزير، ومعرفة بالحديث والغريب. روى عن سليمان التيمي، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وغيرهما. وروى عنه نصر بن علي الجهضمي وغيره. ومصنفاته تزيد على ثلاثين كتابا، ومن مسنده عن عائشة رضي الله عنها: «إياكم ومحقرات الذنوب؛ فإن لها من الله طالبا» (1). وبإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما في الكنز الذي ذكره الله تعالى في قصة الخضر: (كان لوحا من ذهب مضروبا، مكتوبا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، عجبا لمن يعرف الموت كيف يفرح؟ ! ولمن يعرف النار كيف يضحك؟ ! ولمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها؟ ! ولمن يؤمن بالقضاء والقدر كيف ينصب في طلب الرزق؟ ! ولمن يؤمن

(1) أخرجه ابن ماجه (4243)، والدارمي (2768)، وأحمد (6/ 70).

بالحساب كيف يعمل الخطايا؟ ! لا إله إلا الله محمد رسول الله) (1). وبإسناده عن سلمة بن بلال قال: قال علي رضي الله عنه: [من الهزج] فلا تصحب أخا الجهل … وإياك وإياه فكم من جاهل أردى … حليما حين آخاه يقاس المرء بالمرء … إذا ما هو ماشاه وللشيء على الشيء … مقاييس وأشباه وللقلب على القلب … دليل حين يلقاه وقال: عن عمر رضي الله عنه قال: هذا المال لا يصلحه إلا ثلاث: أخذه من حله، ووضعه في حقه، ومنعه من السرف. وقال: لقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بطريق الحرة رجلا فقال له: ما اسمك؟ قال: طارق، قال: ابن من؟ قال: ابن شهاب، قال: ممن؟ قال: من الحرقة، قال: أين منزلك؟ قال: بحرة النار، قال: بأيها؟ قال: بذات لظى، قال: أدرك أهلك فقد احترقوا، فرجع إلى أهله، فوجدهم قد احترقوا. وبإسناده قال صلّى الله عليه وسلم: «من أنعم الله نعمة عليه .. فليحمد الله، ومن استبطأ الرزق .. فليستغفر الله، ومن حزبه أمر .. فليقل: لا حول ولا قوة إلا بالله» (2). توفي الأصمعي رحمه الله سنة ست عشرة ومائتين. قال أبو أحمد العسكري: وقد حرص المأمون على الأصمعي وهو بالبصرة أن يصير إليه، فلم يفعل، واحتج بضعفه وكبره، فكان المأمون يجمع المشكل من المسائل، ويسيّر ذلك إليه، فيجيب عنه. قال أبو العيناء: أنشدني أبو العالية الشامي-يعني يرثي الأصمعي-: [من البسيط] لا در در بنات الأرض إذ فجعت … بالأصمعي لقد أبقت لنا أسفا عش ما بدا لك في الدنيا فلست ترى … في الناس منه ولا من علمه خلفا

(1) أخرجه البيهقي في «الشعب» (208)، وانظر «الدر المنثور» (5/ 421). (2) أخرجه البيهقي في «الشعب» (642).

1063 - [حجاج بن منهال]

قال الشيخ اليافعي: (وقد روي عن أبي العيناء في ذم الأصمعي عن أبي قلابة بيتان يضادان ما مدح به في هذين البيتين) (1). 1063 - [حجاج بن منهال] (2) حجاج بن منهال البصري السلمي مولاهم الأنماطي أبو محمد. سمع شعبة، وجرير بن حازم، وابن عيينة وغيرهم. روى عنه البخاري، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وغيرهما. وتوفي سنة سبع عشرة ومائتين. 1064 - [سريج بن النعمان] (3) سريج-أوله سين مهملة، وآخره جيم-ابن النعمان البغدادي الجوهري أبو الحسن. سمع فليح بن سليمان وغيره، وروى عنه البخاري بواسطة، وبغير واسطة. وتوفي سنة سبع عشرة ومائتين. 1065 - [الأمير عبيد الله بن الحسن العلوي] (4) عبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب. ولي إمارة الحرمين للمأمون سنة، وحج بالناس سنتين. قال الفاكهي: (وهو أول من فرغ المطاف للنساء بعد العصر، فطفن وحدهن لا يخالطهن الرجال) (5). ثم عزله المأمون عن ولاية الحرمين، فقدم عليه بغداد، فمات بها في زمن المأمون.

(1) «مرآة الجنان» (2/ 76). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 302)، و «تهذيب الكمال» (5/ 457)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 352)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 107)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 364)، و «مرآة الجنان» (2/ 77). (3) «الجرح والتعديل» (4/ 304)، و «تهذيب الكمال» (10/ 218)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 219)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 161)، و «مرآة الجنان» (2/ 77)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 686). (4) «تاريخ بغداد» (10/ 313). (5) «تاريخ مكة» (3/ 341).

1066 - [ابن هشام صاحب السيرة]

1066 - [ابن هشام صاحب السّيرة] (1) عبد الملك بن هشام البصري الحميري الأصل، اليمني المعافري، صاحب المغازي، الذي هذب سيرة ابن إسحاق ولخصها، كان أديبا أخباريا. سكن مصر، وبها توفي في شهر رجب سنة ثمان عشرة ومائتين. 1067 - [بشر المريسي] (2) بشر المريسي، نسبة إلى مريس، قيل: قرية من قرى مصر، وقيل: من بلاد النوبة وأسوان، وقيل: بل هو منسوب إلى درب المريس ببغداد حيث كان يسكن. كان رأس الضلالة، داعيا إلى البدعة من القول بخلق القرآن وغير ذلك من العقائد الفاسدة المخالفة لمذهب أهل الحق. قيل: وكان مرجئا، وإليه تنسب الطائفة المريسية من المرجئة. قيل: كان أبوه يهوديا صباغا بالكوفة. ناظر بشر الإمام الشافعي رحمه الله، وكان لا يعرف النحو، ويلحن لحنا فاحشا. توفي سنة ثمان عشرة ومائتين. 1068 - [أبو مسهر] (3) عبد الأعلى بن مسهر بن عبد الأعلى الغساني من أنفسهم الدمشقي أبو مسهر. سمع محمد بن حرب الأبرش، ويحيى بن حمزة، وسعيد بن عبد العزيز وغيرهم.

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 177)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 428)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 281)، و «مرآة الجنان» (2/ 77)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 214)، و «حسن المحاضرة» (1/ 460)، و «بغية الوعاة» (2/ 115). (2) «تاريخ بغداد» (7/ 61)، و «وفيات الأعيان» (1/ 277)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 199)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 151)، و «مرآة الجنان» (2/ 78)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 228)، و «شذرات الذهب» (3/ 90). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 477)، و «تهذيب الكمال» (16/ 369)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 228)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 381)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 466)، و «شذرات الذهب» (3/ 90).

1069 - [عبد الله بن يوسف التنيسي]

وروى عنه محمد بن يوسف البيكندي، وإسحاق بن منصور وغيرهما. حبس في المحنة حتى مات ببغداد في الحبس في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين. 1069 - [عبد الله بن يوسف التنيسي] (1) عبد الله بن يوسف التنيسي أبو محمد، أصله من دمشق. سمع مالكا، والليث، ويحيى بن حمزة، وعبد الله بن سالم الحمصي وغيرهم. وروى عنه البخاري في مواضع من «صحيحه». قال البخاري: (لقيته بمصر سنة سبع عشرة ومائتين، قال: وقال لي الحسن بن عبد العزيز: مات عبد الله بن يوسف سنة سبع-أو ثمان-عشرة ومائتين) (2). وذكر الذهبي: أنه توفي في سنة ثمان عشرة. 1070 - [يحيى بن عبد الله البابلتّي] (3) يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتّي. قال الحافظ الرشيد رحمه الله تعالى: روى عن الأوزاعي وغيره، وروى عنه سلمة بن شبيب، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني. تكلم فيه غير واحد، واستشهد به البخاري في (كتاب الحج) (4). قال أبو أحمد الكرابيسي: يعرف بالبابلتي، وهي قرية بين حران والرقة. وذكر ابن أبي حاتم أنه من باب لت، قال: (وهو رازي قدم حران، قيل له: من أين أنت؟ قال: من الري، من موضع يقال له: باب لت، فقيل له: البابلتي، فغلب عليه) (5). ذكره الذهبي فيمن توفي سنة ثمان عشرة ومائتين.

(1) «تاريخ دمشق» (33/ 395)، و «تهذيب الكمال» (16/ 333)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 357)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 404)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 461)، و «شذرات الذهب» (3/ 90). (2) «التاريخ الأوسط» (2/ 338). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 492)، و «الجرح والتعديل» (9/ 164)، و «تهذيب الكمال» (31/ 409)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 444)، و «العبر» (1/ 376)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 3). (4) لم نجده في «البخاري» ولا من ذكر أن البخاري استشهد به. (5) «الجرح والتعديل» (9/ 164).

1071 - [الخليفة المأمون]

1071 - [الخليفة المأمون] (1) عبد الله المأمون بن هارون الرشيد الخليفة العباسي، كان يكنى أبا العباس، فتكنى في خلافته بأبي جعفر تشبها بالمنصور؛ لجلالته في أنفسهم، وتفاؤلا بطول أيامه، أمه أم ولد، سوداء، يقال لها: مراجل. كان ذا رأي وعقل، ودهاء وشجاعة، وكرم وحلم، ومعرفة بعلم الأدب وعلوم أخرى. كان من أذكياء العالم، ومما يحكى من ذكائه وحسن أدبه: أن أباه الرشيد كان يميل إليه أكثر من أخيه الأمين، وكانت زبيدة أم الأمين تغار من ذلك، وتوبخ الرشيد على ميله إلى ابن الجارية، فقال لها على سبيل الاعتذار: سأبين لك من حالهما ما تعذريني به، فاستدعى الأمين وكانت عنده مساويك، فقال له: ما هذه يا محمد؟ قال: مساويك، فقال: اذهب، ثم استدعى المأمون وقال له: ما هذه يا عبد الله؟ فقال: ضد محاسنك يا أمير المؤمنين، ويروى أنه قال له: مساويء أعدائك يا أمير المؤمنين، وزبيدة تسمع كل ذلك، فقبلت عذره. وكان قد عهد بالخلافة للأمين، ثم من بعده للمأمون، وجعل للمأمون خراسان وما والاها، وكتب بذلك كتابا، وعلقه بالكعبة، فلما مات الرشيد، وولي الأمين .. خلع أخاه المأمون، وحصل بينهما من القتال ما هو مشهور، وفي غير هذا الموضع مذكور، فقتل الأمين أول سنة ثمان وتسعين، وبويع المأمون بمرو في سادس صفر من السنة المذكورة، وكان قد ترك شعار آل العباس من لبس السواد، وعهد بالخلافة لعلي بن موسى الرضى، وأمر بلبس الخضرة، فخالف عليه بنو العباس ببغداد، وبايعوا عمه إبراهيم بن المهدي، ثم دخل المأمون بغداد، وظفر بإبراهيم وعفا عنه، وامتحن العلماء في آخر عمره، وألزمهم اعتقاد أن القرآن مخلوق. وتوفي بطرسوس لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثمان عشرة ومائتين بعد أن عهد

(1) «تاريخ بغداد» (10/ 181)، و «المنتظم» (6/ 65)، و «تاريخ دمشق» (56/ 214)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 225)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 272)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 654)، و «فوات الوفيات» (2/ 235)، و «مرآة الجنان» (2/ 78)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 225)، و «تاريخ الخميس» (2/ 334)، و «شذرات الذهب» (3/ 82).

1072 - [الفضل بن دكين]

بالخلافة لأخيه المعتصم، فمدة ولايته عشرون سنة وأشهر، وعمره ثمان وأربعون سنة وأربعة أشهر. 1072 - [الفضل بن دكين] (1) أبو نعيم الفضل بن دكين، و (دكين) لقب والده عمرو بن حماد بن زهير القرشي، مولاهم الأحوال الملائي الكوفي مولى طلحة بن عبيد الله. سمع الأعمش، والثوري، ومالكا، وابن عيينة وغيرهم. وروى عنه البخاري بواسطة، وبغير واسطة، وروى عنه حجاج بن الشاعر، وعبد بن حميد وغيرهم. قال ابن معين: ما رأيت أثبت من أبي نعيم وعفان. وقال أحمد: كان يقظا في الحديث عارفا، وقام في الامتحان بما لم يقم به غيره، وكان أعلم من وكيع بالرجال وأنسابهم، ووكيع أكبر منه بسنة. وقال غيره: لما امتحنوه .. قال: والله؛ عنقي أهون عليّ من زري هذا، ثم قطع زره ورمى به. ولد سنة ثلاثين ومائة، ومات سنة تسع-أو ثمان-عشرة ومائتين. 1073 - [مالك بن إسماعيل النهدي] (2) مالك بن إسماعيل بن زياد بن درهم بن غسان النهدي مولى تيم، أمه ابنة إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان. سمع زهير بن معاوية، وإسرائيل، وابن عيينة وغيرهم. وروى عنه البخاري، وهارون بن عبد الله. وتوفي سنة تسع عشرة ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 523)، و «تهذيب الكمال» (23/ 197)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 142)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 340)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 372)، و «مرآة الجنان» (2/ 79)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 387). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 528)، و «الجرح والتعديل» (8/ 206)، و «تهذيب الكمال» (27/ 86)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 430)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 402)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 5).

1074 - [علي بن عياش الألهاني]

1074 - [علي بن عياش الألهاني] (1) علي بن عياش-بمعجمة آخره-الألهاني الحمصي. سمع شعيب بن أبي حمزة، وحريز بن عثمان، وأبا غسان محمد بن مطرف وغيرهم، وروى عنه البخاري في مواضع من «صحيحه». وتوفي سنة تسع عشرة ومائتين. 1075 - [أبو بكر الحميدي] (2) عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبد الله بن الزبير بن عبيد الله بن حميد الحميدي-نسبة إلى جده المذكور-القرشي المكي أبو بكر. سمع سفيان بن عيينة، وجالسه تسع عشرة سنة أو نحوها، وكان أثبت الناس فيه، وسمع الوليد بن مسلم، ووكيعا وغيرهما. وروى عنه البخاري في أول حديث في «صحيحه»، ثم أكثر الرواية عنه. وتوفي سنة تسع عشرة ومائتين. 1076 - [عبيد الله بن صالح] (3) عبيد الله بن صالح بن أبي عفان أبو محمد الكوفي. كان فقيها عارفا مقرئا مجتهدا عارفا بالقراءة لا سيما قراءة حمزة، وليس بينه وبين حمزة إلا رجلان، وكان يقرأ أيضا بحرف عاصم، وكان مجيد القراءة بالطريقين، نسيج وحده عبادة وفضلا. سكن صنعاء إلى أن توفي بها لبضع عشرة ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 478)، و «تهذيب الكمال» (21/ 81)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 338)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 312)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 384)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 185). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 63)، و «تهذيب الكمال» (14/ 512)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 210)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 616)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 404)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 179). (3) «السلوك» (1/ 135)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 143)، و «تحفة الزمن» (1/ 88).

1077 - [آدم بن أبي إياس]

خرج مرة من صنعاء إلى سعوان لبعض حوائجه، فرصده شخص، فإذا هو لم يتوضأ في اليوم والليلة إلا مرة واحدة وقت الظهر، وكان يقرئ الناس في مسجد صنعاء. 1077 - [آدم بن أبي إياس] (1) آدم بن أبي إياس-واسمه: عبد الرحمن بن محمد بن الحسن مولى تيم أو تميم- الخراساني الأصل، وسكن عسقلان. سمع شعبة، والليث، وإسرائيل بن يونس وغيرهم، وروى عنه البخاري وغيره. وكان صالحا قانتا لله، ولما احتضر .. قرأ ختمة، ثم قال: لا إله إلا الله، وفارق الدنيا، وتوفي سنة عشرين ومائتين. 1078 - [عبد الله بن جعفر الرقّي] (2) عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقّي مولى عقبة بن أبي معيط. سمع المعتمر بن سليمان، وعبيد الله بن عمرو وغيرهما. وروى عنه الفضل بن يعقوب، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وعمرو الناقد وغيرهم. وتوفي سنة عشرين ومائتين. 1079 - [عفان بن مسلم الصفار] (3) عفان بن مسلم الصفار الأنصاري أبو عثمان مولى عزرة بن ثابت الحافظ البصري. سمع وهيب بن خالد، وصخر بن جويرية وغيرهما.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 496)، و «تهذيب الكمال» (2/ 301)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 335)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 59)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 409)، و «مرآة الجنان» (2/ 80). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 492)، و «الجرح والتعديل» (5/ 23)، و «تهذيب الكمال» (14/ 376)، و «مرآة الجنان» (2/ 80)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 315)، و «تقريب التهذيب» (ص 298). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 300)، و «تهذيب الكمال» (20/ 160)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 242)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 297)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 379)، و «مرآة الجنان» (2/ 80).

1080 - [عبد الله بن رجاء الغداني]

وروى عنه البخاري، ومحمد بن سعد، ومحمد بن عبد الله وغيرهم، وكان أحد أركان الحديث. قال يحيى بن معين: أصحاب الحديث خمسة: ابن جريج ومالك والثوري وشعبة وعفان. وقال ابن حنبل: كتب المأمون إلى متولي بغداد يمتحن الناس، وكتب: إن لم يجب عفان .. فاقطع رزقه، وكان له في الشهر خمس مائة درهم، فلم يجبهم، فقطعوه فقال: {وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ.} توفي ببغداد سنة عشرين ومائتين وهو ابن ست وثمانين سنة. 1080 - [عبد الله بن رجاء الغدّاني] (1) عبد الله بن رجاء بن المثنى الغداني مولاهم البصري أبو عمرو. سمع شعبة، وإسرائيل، وهماما، وموسى بن عقبة وغيرهم. وروى البخاري عنه في «صحيحه» بواسطة محمد غير منسوب، وبغير واسطة، وروى عنه سريج، وعمرو الناقد وغيرهم (2). وتوفي في آخر يوم من ذي الحجة سنة تسع عشرة-أو في أوائل سنة عشرين-ومائتين. 1081 - [قالون] (3) قالون المقرئ صاحب نافع، وقارئ أهل المدينة. توفي سنة عشرين ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (5/ 55)، و «تهذيب الكمال» (14/ 495)، و «ميزان الاعتدال» (2/ 421)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 404)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 165)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 332). (2) في نقل المؤلف رحمه الله من روى عنهم المترجم ورووا عنه وهم واضح، فالمذكورون (ما عدا البخاري) هم من شيوخ وتلامذة عبد الله بن رجاء المكي، المتوفى سنة (190 هـ‍) تقريبا، والغداني لم يدرك أحدا ممن سمع منهم المكي كما ذكر الذهبي في «تاريخه»، وإنما سمع من عكرمة وإسرائيل وأبي عوانة وغيرهم، وروى عنه البخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم. (3) «الجرح والتعديل» (6/ 290)، و «معجم الأدباء» (6/ 110)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 350)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 326)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 326)، و «مرآة الجنان» (2/ 80).

1082 - [الإمام الجواد]

1082 - [الإمام الجواد] (1) الشريف الجواد محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، أحد الأئمة الاثني عشر الذين تدعي الرافضة عصمتهم. كان المأمون قد نوه بذكره، وزوجه ابنته أم الفضل، وزوج أباه علي الرضا ابنته الأخرى أم حبيبة. وسكن الجواد بزوجته أم الفضل بنت المأمون المدينة، فكان المأمون ينفذ إليه في السنة ألف ألف، فلما توفي المأمون .. قدم الجواد إلى بغداد وافدا على المعتصم ومعه امرأته أم الفضل بنت المأمون، فتوفي رحمه الله ببغداد في سنة عشرين ومائتين، فدفن عند جده موسى بن جعفر لخمس خلون من ذي الحجة، وصلّى عليه الواثق بن المعتصم، وحملت امرأته إلى قصر عمها المعتصم، فجعلت مع الحرم. وكان الجواد يروي مسندا عن آبائه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أنه قال: بعثني رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى اليمن، فقال لي وهو يوصيني: «يا علي؛ ما حار-أو قال: ما خاب-من استخار، ولا ندم من استشار، يا علي؛ عليك بالدلجة، فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار، يا علي؛ اغد، فإن الله بارك لأمتي في بكورها» (2) وكان يقول: من استفاد أخا في الله .. فقد استفاد بيتا في الجنة، والله سبحانه أعلم. 1083 - [محمد بن خالد الجندي] (3) محمد بن خالد الجندي-بفتح الجيم والنون-الصنعاني المؤذن، ويقال: الكندي بكسر الكاف وسكون النون، كان فقيها مشهورا.

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 265)، و «وفيات الأعيان» (4/ 175)، و «تاريخ الإسلام» (15/ 385)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 105)، و «مرآة الجنان» (2/ 80)، و «شذرات الذهب» (3/ 97)، و «سمط النجوم العوالي» (4/ 149). (2) أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (3/ 265). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 66)، و «السلوك» (1/ 134)، و «تهذيب الكمال» (25/ 146)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 363)، و «الكاشف» (2/ 167)، و «ميزان الاعتدال» (3/ 535)، و «تقريب التهذيب» (ص 476).

روى عنه الإمام الشافعي ما رواه عن أبان بن صالح عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارا، ولا الناس إلا شحا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهديّ إلا عيسى ابن مريم» (1). قال ابن سمرة: (روى هذا الخبر عن الشافعي يونس بن عبد الأعلى-وهو أحد أصحاب الشافعي-قال: وكان بعض الفقهاء يستدل بأن الشافعي دخل الجند، كما دخل صنعاء بروايته عن هذا محمد بن خالد الجندي) اه‍ (2) ومحمد بن خالد هذا وثقه ابن معين، وقال البيهقي: إنه مجهول. واعلم أنه اختلفت الرواية في هذا الحديث عن يونس: فروى الحافظ المزي بإسناده من طريق ابن زياد النيسابوري، ومن طريق ابن منده عن الحسن بن يوسف الطرائفي وأبي الطاهر بن عمرو، قالوا ثلاثتهم: حدثنا يونس، نا الشافعي، فصرح هؤلاء بحديث الشافعي ليونس (3). وروى الحافظ الذهبي بسنده إلى أبي الطاهر أحمد بن محمد بن عمر المدني قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، عن الشافعي، فرواه بالعنعنة. قال الحافظ الذهبي: وعندي «مسند يونس بن عبد الأعلى» من رواية أبي الطاهر المدني عنه، وفيه هذا الحديث قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: حدثت عن الشافعي. قال الذهبي: وروى أحمد بن محمد بن رشدين قال: حدثني علي بن عبيد الله الواسطي قال: رأيت الشافعي في المنام، فسمعته يقول: كذب علي يونس من حديث الجندي، ما هذا من حديثي، ولا أحدث به. اه‍ وكذلك اختلف أيضا في شيخ محمد بن خالد الجندي في هذا الحديث: هل هو أبان بن صالح، كما ذكره ابن سمرة والذهبي في روايته المتقدمة عن أبي طاهر أحمد بن محمد بن عمر المدني، وكذلك رواه صامت بن معاذ: نا يحيى بن السكن، نا محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، أو هو أبان بن أبي عياش، كما رواه صامت المذكور عن

(1) أخرجه الحاكم (4/ 441)، وابن ماجه (4039) عن أنس بن مالك رضي الله عنه. (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 66). (3) انظر «تهذيب الكمال» (25/ 147).

شيخ من أهل الجند، عن محمد بن خالد، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن؟ وكذلك اختلف في رواية الحسن: هل هي مرسلة عن النبي صلّى الله عليه وسلم، كما ذكره ابن سمرة هنا، وكذلك رواها صامت بن معاذ في روايته المتقدمة عن الرجل المجهول من أهل الجند، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن، عن النبي صلّى الله عليه وسلم مرسلا، أو متصلا، كما رواها صامت المذكور في روايته المتقدمة عن يحيى بن السكن، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس، عن النبي صلّى الله عليه وسلم متصلا، وكذلك رواها الحافظ الذهبي في روايته المتقدمة عن أبي الطاهر أحمد بن محمد بن عمر المدني قال: نا يونس بن عبد الأعلى عن الشافعي، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن أنس، عن النبي صلّى الله عليه وسلم .. الحديث؟ والقصد: أن رواية محمد بن خالد عن أبان بن صالح عن أنس، عن النبي صلّى الله عليه وسلم متصلة، وروايته عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن، عن النبي صلّى الله عليه وسلم مرسلة. والذي نقله الجندي عن ابن سمرة هنا مخالف للطريقين المذكورين؛ فإنه ذكره من رواية محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن النبي صلّى الله عليه وسلم مرسلا، وقد علمت أن روايته عن أبان بن صالح متصلة. قال الحافظ البيهقي: (رجع الحديث إلى محمد بن خالد-مجهول-عن أبان بن أبي عياش-وهو متروك-عن الحسن مرسلا، قال: والأحاديث في التنصيص في خروج المهدي أصح، وأنه من عترة النبي صلّى الله عليه وسلم) اه‍ ولم أقف على تاريخ وفاة محمد بن خالد، إلا أنه كان موجودا في أوائل هذه المائة، أو آخر التي قبلها. ***

الحوادث

الحوادث السنة الأولى بعد المائتين فيها: كان أول ظهور بابك الخرمي من الفرق الباطنية الزنادقة، فعاث وأفسد، وكان يقول بتناسخ الأرواح (1). وفيها: غزت المتطوعة بغداد للنكير على الفساق، وكان الفساد قد كثر، والأموال منهوبة، والولدان والنساء في الطرقات متعرضين، فمشى بعضهم إلى بعض، وتعاونوا على دفع أذاهم، وارتضى أهل الجانب الغربي بسهل بن سلامة من أهل الحربية وخالد الدريوش، وارتضى أهل الجانب الشرقي بأحمد بن نصر بن مالك الخزاعي (2). وفيها: توفي حماد بن أسامة الكوفي الحافظ، وأبو الحسن الواسطي محدث واسط، واسمه: علي بن عاصم، وحماد بن مسعدة، وحرمي بن عمارة. وفيها: مات داود بن يزيد بن حاتم عامل السند، وقتل زهير بن المسيب، وكان أسره محمد بن أبي خالد وحبسه، فلما مات .. أخرجه ابنه خالد فقتله (3). وفيها: مات هرثمة في حبس المأمون بمرو، فلف في خيش، ودفن في خندق كان لأهل السجن، فلما بلغ ذلك حاتم بن هرثمة .. كاتب الناس ودعا إلى الخلاف (4). *** السنة الثانية بعد المائتين فيها: كانت وقعة بين عيسى بن محمد بن أبي خالد الحربي الخارج من قبل إبراهيم بن المهدي الذي نصبه أهل بغداد خليفة، وخلعوا المأمون؛ لمبايعته بالعهد لعلي الرضا بن

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 556)، و «المنتظم» (6/ 296)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 485)، و «مرآة الجنان» (2/ 2)، و «شذرات الذهب» (3/ 5). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 551)، و «المنتظم» (6/ 103)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 482). (3) «تاريخ خليفة» (1/ 471)، و «تاريخ الطبري» (8/ 548)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 481)، و «العبر» (1/ 336)، و «شذرات الذهب» (3/ 6)، و «تاريخ اليعقوبي» (2/ 450). (4) «تاريخ خليفة» (1/ 471)، و «المعارف» (ص 389)، و «المنتظم» (6/ 98)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 475).

موسى الكاظم وبين أصحاب الحسن بن سهل القائم من جهة المأمون، فانهزم عيسى وأصحابه، وكان أمر عيسى قد اشتد، وخافه الحسن، وبذل المصاهرة له، ومائة ألف دينار، والأمان له ولأهل بيته ولأهل بغداد، وولاية أيّ النواحي أحب، فطلب عيسى خط المأمون بذلك، فأجابه إليه، وأحصى في ديوان عيسى من أصحابه وأصحاب أبيه مائة ألف وخمسة وعشرين ألفا، فأعطى الفارس أربعين، والراجل عشرين (1). وفيها: مات أبو قتيبة، وتوجه المأمون من مرو يريد العراق، وذلك أن علي بن موسى الرضا أعلمه صورة الحال وما الناس عليه من الاختلاف، وكان الفضل يستر ذلك ويخفيه (2). وفيها: قتل الفضل بن سهل، دخل عليه قوم من غلمان المأمون وهو في الحمام، فضربوه بالسيوف، فأحضرهم المأمون وسألهم، فقالوا: أنت أمرتنا بذلك، فضرب أعناقهم، وجعل الحسن بن سهل مكان أخيه (3). وفيها: تزوج المأمون بوران بنت الحسن بن سهل، وتزوج علي بن موسى الرضا أم حبيبة بنت المأمون (4). وحج بالناس فيها إبراهيم بن موسى بن جعفر (5). وفيها: توفي الإمام المقرئ النحوي اللغوي يحيى بن المبارك العدوي المعروف باليزيدي؛ لصحبته يزيد بن منصور خال المهدي. وفيها: توفي أيوب بن سويد، وأبو يحيى الحماني، وعمر بن شبيب، وضمرة بن ربيعة. ***

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 549)، و «البداية والنهاية» (10/ 686)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 482)، و «تاريخ ابن خلدون» (5/ 308). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 202)، و «المنتظم» (6/ 115)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 499). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 565)، و «المنتظم» (6/ 116)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 500)، و «البداية والنهاية» (10/ 687). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 566)، و «المنتظم» (116/ 6، 203)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 502)، و «البداية والنهاية» (10/ 688). (5) «تاريخ الطبري» (8/ 567)، و «المنتظم» (6/ 116)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 502).

السنة الثالثة بعد المائتين

السنة الثالثة بعد المائتين فيها: غلب علي بن هشام على شرقي بغداد، وحميد الطوسي على غربيها، وانحل أمر إبراهيم بن المهدي، واستتر، واستوثقت الممالك للمأمون، وقدم بغداد في رمضان، واتخذها سكنا (1). وفيها: غلبت السوداء على الحسن بن سهل حتى قيّد وحبس، فكتب بذلك إلى المأمون، فجعل على عسكره دينار بن عبد الله، وكتب: إني قادم إليكم (2). وفيها: زلزلت خراسان سبعة عشر يوما، وهدمت المنازل (3). وفيها: توفي الإمام المقرئ الحافظ حسين بن علي الجعفي مولاهم، وأبو الحسين زيد بن الحباب الكوفي، والحافظ محمد بن بشر العبدي الكوفي، وأبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي مولاهم، وأبو جعفر محمد بن جعفر الصادق الملقب بالديباج، مات بجرجان، ونزل المأمون في لحده، وكان عاقلا شجاعا متنسكا؛ يصوم يوما ويفطر يوما، والإمام أبو الحسن النضر بن شميل المازني البصري، والإمام أبو زكريا يحيى بن آدم الكوفي المقرئ الفقيه الحافظ صاحب التصانيف، وأزهر بن سعد السمان الباهلي مولاهم البصري، والسيد الجليل سلالة السادة الكرام أبو الحسن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، وأبو داود الحفري، وعمر بن يونس، ومحمد بن بكر البرساني، والوليد بن مزيد. *** السنة الرابعة بعد المائتين فيها: دخل المأمون بغداد، وجعلها دار سكناه، ولباسه ولباس أصحابه الخضرة، فلبس بنو هاشم الخضرة، فلما كان بعد ثمانية أيام .. جلس للناس في الخضرة، ثم دعا

(1) «تاريخ الطبري» (570/ 8، 573)، و «المنتظم» (6/ 122)، و «الكامل في التاريخ» (505/ 5، 507)، و «مرآة الجنان» (2/ 8). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 561)، و «المنتظم» (6/ 121)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 508). (3) «الكامل في التاريخ» (5/ 508)، و «شذرات الذهب» (2/ 12).

السنة الخامسة بعد المائتين

بسواد فلبسه، ودعا بخلعة سوداء فألبسها طاهر بن الحسين، ثم دعا بالقواد فألبسهم، ولبس سائر الناس. قيل: إن طاهرا كلمه في ذلك، وقيل: إن الذي كلمه في ذلك زينب بنت سليمان بن علي وقالت له: لأن تروهم والأمر فيكم خير من أن يروكم والأمر فيهم، فقال: يا عمة؛ ما كلمني أحد في المعنى بكلام هو أبلغ من كلامك ولا أوقع (1). وولى أخاه أبا عيسى بن الرشيد الكوفة، وأخاه صالح بن الرشيد البصرة، وعبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب الحرمين، وولى طاهر بن الحسين الشرطة، وأمر بمقاسمة أهل السواد على الخمسين، وكانوا يقاسمون على النصف، ووصل الناس بصلات جزيلة (2). وفيها: مات إمامنا محمد بن إدريس الشافعي بمصر، وإسحاق بن الفرات، وأشهب بن عبد العزيز العامري صاحب الإمام مالك بن أنس، والحسن بن زياد اللؤلؤئي قاضي الكوفة، وصاحب أبي حنيفة، وشجاع بن الوليد السكوني، وأبو بكر الحنفي عبد الكبير، وعبد الوهاب بن عطاء، وهشام بن محمد بن السائب الكلبي. *** السنة الخامسة بعد المائتين فيها: ولى المأمون طاهر بن الحسين من بغداد إلى آخر عمل المشرق، وشيعه إلى نهر مرة، واستخلف ابنه عبد الله ببغداد (3)، وفي توليته وموته حكاية طريفة، ستأتي في تاريخ وفاته سنة سبع (4). وفيها: مات السري بن الحكم بمصر، وداود بن يزيد عامل السند، فوليها بشر بن داود. وفيها: مات السندي بن شاهك.

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 574)، و «المنتظم» (6/ 131)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 510)، و «شذرات الذهب» (7/ 3، 19). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 576)، و «المنتظم» (6/ 134)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 511). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 577)، و «المنتظم» (6/ 145)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 513). (4) الصواب: أن هذه القصة تقدمت في ترجمته (2/ 389)، ولم يذكرها في حوادث سنة سبع.

السنة السادسة بعد المائتين

وفيها: توفي الحافظ أبو محمد روح بن عبادة القيسي البصري، والحافظ محمد بن عبيد الطنافسي الكوفي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي مولاهم، قارئ البصرة، وأحد القراء العشرة، والشيخ الكبير الولي الشهير أبو سليمان الداراني، وإسحاق بن منصور السلولي، وبشر بن بكر التنيسي، والعقدي واسمه: عبد الملك بن عمرو. *** السنة السادسة بعد المائتين فيها: ولى المأمون عبد الله بن طاهر بن الحسين الرقة وحرب نصر بن شبث، واستخلف على الشرطة وما كان أبوه استخلفه عليه ببغداد إسحاق بن إبراهيم بن مصعب الخزاعي. وقيل: إن المأمون هو الذي استعمل على بغداد إسحاق بن إبراهيم الخزاعي، فوليها مدة طويلة، وهو الذي كان يمتحن الناس بخلق القرآن في أيام المأمون والمعتصم والواثق (1). وفيها: توفي أبو علي محمد بن المستنير المعروف بقطرب النحوي اللغوي، والحافظ أبو العباس وهب بن جرير الأزدي البصري، والإمام الحافظ أبو خالد يزيد بن هارون الواسطي. وفيها-أو في التي بعدها-: الهيثم بن عدي الطائي الأخباري. وفيها: ولي عمرو بن مسعدة الأهواز (2). وفيها: توفي أبو حذيفة صاحب «المبتدأ»، وحجاج الأعور، وداود بن المحبر، وشبابة، ومحاضر بن الموزع، ووهب بن جرير. *** السنة السابعة بعد المائتين فيها: توفي طاهر بن الحسين الخزاعي الملقب ذا اليمينين، وجد في فراشه ميتا، وكان قد قطع ذكر المأمون على المنبر، ولما توفي .. استخلف المأمون ولده طلحة بن طاهر على

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 581)، و «المنتظم» (6/ 151)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 517)، و «مرآة الجنان» (2/ 31). (2) «المنتظم» (6/ 259).

السنة الثامنة بعد المائتين

خراسان خليفة لأخيه عبد الله، وقاضي بغداد أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الواقدي، والإمام النحوي يحيى بن زياد الفراء الكوفي أجلّ أصحاب الكسائي، والحافظ بشر بن عمر، والمحدث جعفر بن عون، والحافظ عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو نوح قراد، وكثير بن هشام، وأبو يحيى محمد ابن عبد الأعلى بن كناسة الكوفي الأسدي، وهو ابن أخت إبراهيم بن أدهم. قيل: وفيها: توفي أزهر السمان، وقد تقدم. *** السنة الثامنة بعد المائتين فيها: خالف الحسن بن الحسين بن مصعب بكرمان، فسار إليه أحمد بن أبي خالد، فأخذه وقدم به على المأمون، فعفا عنه (1). وفيها: توفي أبو عيسى والقاسم ابنا الرشيد، وأبو عبد الله هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم البغدادي الأديب الفاضل، والوزير بن الوزير الفضل بن الربيع، والسيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب صاحبة المشهد الكبير بمصر، والأسود بن عامر، وسعيد بن عامر، وعبد الله بن بكر، ومحمد بن مصعب، ويحيى بن حسان، ويحيى بن أبي بكير، ويعقوب بن إبراهيم الزهري، ويونس المؤدب. *** السنة التاسعة بعد المائتين فيها: ظفر عبد الله بن طاهر بنصر بن شبث، وحمله إلى المأمون، فدخل بغداد في صفر سنة عشر ومائتين (2). وفيها: توفي عثمان بن عمر بن فارس العبدي البصري الرجل الصالح، ويعلى بن عبيد الطنافسي، والحسن بن موسى الأشيب، وأبو علي الحنفي، وحفص بن عبد الله قاضي نيسابور. وفيها-وقيل: في سنة إحدى عشرة، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: ست عشرة-: توفي الإمام أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي مولى تيم قريش.

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 597)، و «المنتظم» (6/ 175)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 535). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 598)، و «المنتظم» (6/ 189)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 538).

السنة العاشرة بعد المائتين

السنة العاشرة بعد المائتين فيها: توفي أبو عمرو الشيباني (1) -واسمه: إسحاق بن مرار الكوفي اللغوي صاحب التصانيف-وله تسعون سنة، وكان ثقة خيّرا كاملا علامة، وعلي بن جعفر الصادق (2)، وكان من جملة السادات الأشراف، ومحمد بن صالح الكلابي أمير عرب الشام، ومروان بن محمد الدمشقي صاحب سعيد بن عبد العزيز، كان إماما صالحا خاشعا في جملة الشاميين، والحافظ يحيى بن إسحاق، والمحدث يحيى بن غيلان، والحافظ منصور بن سلمة. وفيها: مات حميد بن عبد الحميد الطوسي، وفتح عبد الله بن طاهر مصر، وولى يحيى بن أكثم القضاء (3). وفيها: أقدم المأمون محمد بن علي بن موسى من المدينة إلى بغداد، وزوجه ابنته أم الفضل، وأذن له في حملها إلى المدينة (4) وفيها: ظفر المأمون بعمه إبراهيم بن المهدي بعد أن اختفى ببغداد مدة، وله في اختفائه حكايات طريفة، فظفر به منتقبا في زي النساء، فحمل على هيئته تلك إلى المأمون، وأجلس حتى رآه الناس، ثم حبسه مدة، ثم عفا عنه بشفاعة زوجته بوران بنت الحسن بن سهل، ونادمه، ولهما في ذلك حكايات مستحسنة تدل على مكارم الأخلاق من العفو والحلم (5). وفيها: ركب المأمون إلى المطبق حتى قتل إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام المعروف بابن عائشة وصلبه، وقتل معه محمد بن إبراهيم الإفريقي وثلاثة نفر، وكان الأمر قد تم له مع أكثر القواد على أن يخرجوه من المطبق في صبيحة تلك الليلة، ويثبوا بالمأمون، فعلم المأمون بذلك فبادرهم، ووجد لابن عائشة صناديق فيها كتب القواد وغيرهم إليه، فأحضر الصناديق وقال للناس: أنا أعلم أن فيكم ذا الرأي الذي لا اسم له فيها، ومنكم العاتب، والمستزيد، وإن نظرت فيها .. لم أصف لكم، ولم تصفوا لي،

(1) تقدم في ترجمته أنه توفي سنة (213 هـ‍) وذكره في هذه السنة بناء على ما قيل بوفاته فيها، والله أعلم. (2) علي بن جعفر الصادق هو جد آل باعلوي الموجودين الآن بحضرموت، نفع الله بهم، آمين. اه‍ هامش (ت). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 609)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 545). (4) «تاريخ الطبري» (8/ 623)، و «المنتظم» (6/ 241)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 564)، وفيها: أن هذه الحادثة كانت سنة (215 هـ‍) عند ما سار المأمون لغزو الروم، والله أعلم. (5) «تاريخ الطبري» (8/ 603)، و «المنتظم» (6/ 200)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 542).

فتوبوا إلى ربكم من نكثكم، ولا تعاودوا من فعل مثل هذا فيضيق عنه العفو، ثم أمر بإحراق الصناديق ولم يفتحها (1). وفيها: بنى المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل بواسط، وأقام بها بضعة عشر يوما، وقام أبوها الحسن بن سهل أمير المأمون بمصالح الجيش جميعه تلك الأيام، وغرم خمسين ألف ألف درهم، وكان العسكر خلقا لا يحصى، فلم يكن فيهم من اشترى لنفسه ولا لدوابه حتى على الحمالين والمكارية والملاحين، وكل من حضر في ذلك العسكر، يقال: بلغ غرم الحسن بن سهل في ذلك خمسين ألف ألف درهم، وكان عرس لم يسمع بمثله في الدنيا، نثر فيه على الهاشميين والقواد والوجوه والكتاب بنادق مسك فيها رقاع بأسماء ضياع، وأسماء جوائز، ودواب وغير ذلك، وكل من وقع في حجره شيء منها ملك ما هو مكتوب فيها من هذه المذكورات من ضيعة أو غيرها، ثم نثر على عموم الناس بعد ذلك الدراهم والدنانير، ونوافج المسك، وبيض العنبر، وفرش للمأمون حصير منسوج بالذهب، فلما جلس عليه .. نثرت على قدميه لآلئ كثيرة، فلما رأى تساقط اللآلى المختلفة على الحصير المنسوج بالذهب .. قال: قاتل الله أبا نواس، كأنه شاهد هذه الحالة حيث يقول في صفة الخمرة والحباب الذي يعلوها عند المزاج: [من البسيط] كأن صغرى وكبرى من فواقعها … حصباء درّ على أرض من الذهب وقد غلّط النحويون أبا نواس في هذا البيت؛ لذكره (فعلى) أفعل التفضيل من غير إضافة ولا تعريف. ثم إن المأمون أطلق للحسن بن سهل خراج فارس والأهواز مدة سنة بعد أن وصله بعشرة آلاف ألف درهم، ووهب لولده ألف ألف درهم، وأقطعه الصلح، وقالت الشعراء والخطباء في ذلك فأطنبوا، ومما يستطرف فيه قول محمد بن حازم: [من مجزوء المديد] بارك الله للحسن … ولبوران في الختن يا بن هارون قد ظفر … ت ولكن ببنت من فلما نمي هذا الشعر إلى المأمون .. قال: والله؛ ما ندري خيرا أراد أم شرا. ودخل المأمون على بوران الليلة الثالثة من وصوله، فلما جلس .. نثرت عليه خدمها ألف درة كانت في طينة ذهب، وفي المجلس بنات الملوك من أخوات المأمون وعماته

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 603)، و «المنتظم» (6/ 199)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 541).

السنة الحادية عشرة بعد المائتين

وغيرهن، فلم يرفعن شيئا من الدر، فقال المأمون: أكرمنها بلقط شيء، ففعلن، ثم إن المأمون أمر من يجمع الدر فجمع، ووضعه في حجرها وقال: هذه نحلتك، وسلي حاجتك، فقالت لها خدمها: كلمي سيدك، فقد أمرك، فسألته الرضى عن إبراهيم بن المهدي، فقال: قد فعلت. وأوقد في تلك الليلة شمعة عنبر وزنها أربعون منا في تور من الذهب، فأنكر المأمون عليهم ذلك وقال: هذا سرف. وحكى أبو الحسن الجرجاني في كتاب «الكنايات» أن المأمون طلب الدخول عليها، فاعتذرت، فلم يعذرها، فلما زفت إليه ومد يده إليها .. قالت: أتى أمر الله فلا تستعجلوا، فعلم أنها حائض فتركها، فلما قعد للناس من الغد .. دخل عليه أحمد بن يوسف الكاتب وقال: يا أمير المؤمنين؛ هنأك الله بما أخذت من الأمير باليمن والبركة، وشدة الحركة، والظفر بالمعركة، فأنشد المأمون: [من المديد] فارس ماض بحربته … حاذق بالطعن في الظلم رام أن يدمي فريسته … فاتقته من دم بدم فعرّض بحيضها، وهو من أحسن الكنايات (1). *** السنة الحادية عشرة بعد المائتين فيها: توفي الحافظ العلامة عبد الرزاق بن همام الصنعاني الحميري، والإمام عبد الله بن صالح العجلي الكوفي المقرئ المحدث، والد الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي نزيل المغرب، وأبو الجوّاب، وطلق بن غنام، وأبو يعلى بن منصور، والشاعر المشهور أبو العتاهية-واسمه: إسماعيل بن القاسم العنزي-وحميد بن عبد الحميد الطوسي. وفيها: أمر المأمون فنودي: برئت الذمة ممن ذكر معاوية بخير، أو فضله على أحد من الصحابة (2)، وهذا سيأتي ذكره قريبا في أول السنة الثانية عشرة. ***

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 606)، و «المنتظم» (6/ 203)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 545)، و «مرآة الجنان» (2/ 47). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 618)، و «المنتظم» (6/ 218)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 553).

السنة الثانية عشرة بعد المائتين

السنة الثانية عشرة بعد المائتين فيها: أظهر المأمون القول بخلق القرآن مع ما أظهر في السنة الماضية من التشيع وتفضيل علي بن أبي طالب رضي الله عنه على سائر الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وندائه ببراءة الذمة ممن ذكر معاوية رضي الله عنه بخير، أو فضّله على أحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم (1). وفيها: توفي أسد بن موسى الأموي الملقب بأسد السنة، والحافظ أبو عاصم النبيل- واسمه: الضحاك بن مخلد الشيباني محدث البصرة-والحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف الفريابي، رحل إليه الإمام أحمد فلم يدركه، بل بلغه موته بحمص، وإسماعيل بن حماد بن الإمام أبي حنيفة، كان موصوفا بالزهد والعبادة والعدل في الأحكام، ولي القضاء ببغداد، ثم بالبصرة، وعبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون صاحب الإمام مالك، كان فصيحا مفوها، وعليه دارت الفتيا في زمانه بالمدينة، والغافقي مفتي الأندلس، كان صالحا ورعا مجاب الدعوة، مقدما في الفقه على يحيى بن يحيى، والحسين بن حفص. قيل: وفيها: توفي أحمد بن أبي خالد وزير المأمون، وقيل: توفي في آخر سنة ثلاث عشرة ومائتين. وفيها: توفي أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني. *** السنة الثالثة عشرة بعد المائتين فيها: توفي علي بن جبلة الشاعر المشهور أحد فحول الشعر المبرزين من الموالي، ولد أعمى، وقيل: بل عمي من جدري أصابه وهو ابن سبع سنين، وكان أسود أبرص. وفيها: توفي صاحب «المسائل الأسدية» التي كتبها عن ابن القاسم، والحافظ الزاهد عبد الله بن داود، سمع الأعمش وغيره، وكان من أعبد أهل زمانه، وإسحاق بن مرار- بكسر الميم، وتكرير الراء قبل الألف وبعدها-الشيباني النحوي اللغوي من الأئمة الأعلام، وقد ذكر في السنة العاشرة أيضا. وفيها-أعني: سنة ثلاث عشرة-: توفي عبيد الله بن موسى العنسي الكوفي الحافظ،

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 619)، و «المنتظم» (6/ 229)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 556).

السنة الرابعة عشرة بعد المائتين

كان إماما في الفقه والحديث والقرآن، موصوفا بالعبادة والصلاح، لكنه من رءوس الشيعة. وفيها: الهيثم بن جميل البغدادي الحافظ نزيل أنطاكية، كان من صلحاء المحدثين وأثباتهم. وفيها: توفي الحافظ عمرو بن أبي سلمة، وخالد بن مخلد، ومحمد بن عرعرة. *** السنة الرابعة عشرة بعد المائتين فيها: قتل محمد بن حميد بن عبد الحميد الطوسي الأمير ابن الأمير، قتله بابك، وفض جمعه، وقتل خلقا من أصحابه. وفيها: أمر المأمون أخاه أبا إسحاق باتخاذ الأتراك، فاتخذهم (1). وفيها: خرج بلال الضبابي، وعظم أمره، حتى خرج إليه المأمون بنفسه، ورجع المأمون، ووجه ابنه العباس [في جماعة من القواد فيهم علي بن هشام] وعجيف وغيرهم، فقتلوا بلالا (2). وفيها: توفي الحافظ إسحاق بن عيسى الطباع البغدادي، والأخفش الأوسط أبو الحسن سعيد بن مسعدة النحوي البلخي المجاشعي أحد نحاة البصرة، والحافظ يحيى بن حماد البصري، وأبو الفضل عمرو بن مسعدة بن سعيد الكاتب أحد وزراء المأمون، وأحمد بن خالد الوهبي، وحسين بن محمد، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ومعاوية بن عمرو. *** السنة الخامسة عشرة بعد المائتين فيها: ظهر عبدوس الفهري بمصر، ووثب على عمال السلطان فقتل بعضهم (3). فيها: توفي أبو زيد الأنصاري اللغوي-واسمه: سعيد بن أوس-ومحمد بن عبد الله

(1) «المعارف» (ص 391)، و «البدء والتاريخ» (6/ 112). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 622)، و «المنتظم» (6/ 239)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 562). (3) «تاريخ الطبري» (8/ 627)، و «المنتظم» (6/ 249)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 567).

السنة السادسة عشرة بعد المائتين

الأنصاري من كبار شيوخ البخاري، ومحمد بن المبارك الصوري الحافظ صاحب سعيد بن عبد العزيز، والحافظ مكي بن إبراهيم البلخي، وأبو عامر قبيصة بن عقبة الكوفي، وعلي بن الحسن بن شقيق الحافظ محدث مرو. *** السنة السادسة عشرة بعد المائتين فيها: غزا المأمون، فدخل بلاد الروم، وأقام بها ثلاثة أشهر، وافتتح أخوه عدة حصون، وأغار جيشه فغنموا وسبوا، ودخل الديار المصرية فقتل عبدوسا الفهري، ثم انصرف إلى الشام (1). فيها: قتل عليا وحسينا ابني هشام؛ بعث عجيفا للقبض عليهما، وضرب أعناقهما العباس بن المأمون صبرا، وطيف برءوسهما في الشام والجزيرة وبغداد وخراسان، وقتلا لسوء سيرتهما، واتهما بالميل إلى بابك، ويقال: كان ذلك في سنة سبع عشرة (2). وفيها-أعني سنة ست عشرة-: توفيت زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، زوجة هارون الرشيد، وأم ولده محمد الأمين. وفيها: توفي الأصمعي الإمام المشهور اللغوي الأديب، واسمه: عبد الملك بن قريب. وفيها: توفي حبان بن هلال، وموسى بن داود بخلف، ومحمد بن بكار بن بلال، وهوذة بن خليفة. *** السنة السابعة عشرة بعد المائتين فيها-أو في التي قبلها-: توفي الحافظ حجاج بن منهال البصري الأنماطي. وفيها: توفي سريج بن النعمان البغدادي الحافظ، وهشام بن إسماعيل الخزاعي الدمشقي الزاهد القدوة. ***

(1) «المنتظم» (6/ 249)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 567). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 627)، و «المنتظم» (6/ 257)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 570).

السنة الثامنة عشرة بعد المائتين

السنة الثامنة عشرة بعد المائتين فيها: امتحن المأمون العلماء بالقول بخلق القرآن، فكتب إلى نائبه ببغداد إسحاق بن إبراهيم، وأمره بامتحان الفقهاء والقضاة والمحدثين، وأمره بإشخاص جماعة منهم إليه وهو بالرقة، وبالغ في ذلك، وقام في هذه البدعة قيام متعبّد بها، وقال في آخر كتابه: من لم يرجع عن شركه .. يسفك دمه، فأما بشر بن الوليد .. فابعث برأسه إلي، وكذلك إبراهيم بن الحسن، واحمل الباقين في قيود وأغلال، فأجاب أكثر العلماء على سبيل الإكراه، وتوقف طائفة، ثم أجابوا وناظروا، فلم يلتفت إلى قولهم، وعظمت المصيبة على ذلك، وتهدد على ذلك بالقتل، ولم يقف ويثبت من علماء العراق إلا أحمد ابن حنبل ومحمد بن نوح، فشدّا في الحديد، ووجّها إلى المأمون، قيل: وثبت معهما أيضا القواريري وسجادة، فحملا معهما في الحديد إلى المأمون وهو بطرسوس، وبلغ المأمون أن الذين أجابوا إلى القول بخلق القرآن تأوّلوا قوله تعالى: {إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ} فقال: أخطئوا، إنما هذه لمن كان معتقدا للإيمان مظهرا للشرك، فأما من كان معتقدا للشرك مظهرا للإيمان .. فليست له، ثم أمر بحملهم أجمعين مقيدين، فحملوا نحو عشرين رجلا، منهم بشر بن الوليد، فلما بلغوا الرقة .. جاءهم الفرج بوفاة المأمون، فردّوا إلى بغداد (1). ولما توفي المأمون عهد بالخلافة إلى أخيه المعتصم. وفيها: قوي أمر الخرّميّة بالجبال، ودخل في دينهم خلق كثير من أهل همذان وأصفهان وماسبذان، وتجمعوا، وعسكروا في أعمال همذان، فندب المعتصم لحربهم إسحاق بن إبراهيم أمير بغداد، وعقد له على الجبال، فالتقاهم بهمذان، فكسرهم، وقتل منهم ستين ألفا، وقيل: مائة ألف، وهرب باقيهم إلى بلاد الروم (2). وفيها: توفي أبو محمد عبد الملك بن هشام البصري الحميري اليمني المعافري- صاحب المغازي، الذي هذب السيرة ولخصها-في شهر رجب من السنة المذكورة. وفيها: توفي بشر المريسي رأس الضلال، الداعي إلى البدع القبيحة من القول بخلق

(1) «تاريخ الطبري» (8/ 631)، و «المنتظم» (6/ 267)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 572). (2) «تاريخ الطبري» (8/ 667)، و «المنتظم» (6/ 278)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 6).

السنة التاسعة عشرة بعد المائتين

القرآن وغير ذلك من العقائد المنابذة لمذهب أهل الحق، وأبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر، وعبد الله بن يوسف، ويحيى البابلتي. *** السنة التاسعة عشرة بعد المائتين فيها: ظهر محمد بن القاسم بن عمر بن علي بن الحسين بالطالقان يدعو إلى الرضا من آل محمد، فاجتمع له ناس، وكانت له وقعات أخذ في آخرها، وحمل إلى المعتصم وحبس، وهرب في ليلة عيد الفطر، فلم يعرف له خبر (1). وفيها: خرج المعتصم يتصيد، فأخذ سباعا، وجعل في عنق كل سبع منها طوقا فيه عشرون رطلا وأطلقه، وصاد مائة حمار وحش، فوسم أعناقها بأبي إسحاق المعتصم، وخلى سبيلها. وفيها-وقيل: في التي بعدها-: امتحن المعتصم الإمام أحمد، وضرب بين يديه بالسياط حتى غشي عليه، فلما صمّم ولم يجبهم إلى مرادهم .. أطلقه، وندم على ضربه (2). قال الشيخ اليافعي: (وقد أوضحت في كتاب «المرهم» في الأصول كيفية ذلك الامتحان، ومن حرض عليه من علمائهم، وما لحق المتولين ذلك من العقوبة) اه‍ وفيها: توفي أبو أيوب سليمان بن علي الهاشمي، كان إماما فاضلا شريفا، روي أن الإمام أحمد أثنى عليه وقال: يصلح للخلافة، والحافظ أبو نعيم الفضل بن دكين محدث الكوفة، والحافظ أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي الكوفي، والحافظ علي بن عياش الألهاني، والحميدي-واسمه: عبد الله بن الزبير-شيخ البخاري. *** السنة الموفية عشرين بعد المائتين فيها: عقد المعتصم للأفشين-واسمه: خيذر بن كاوس الأشروسني-على الجبال وحرب بابك الخرمي، فقتل من أصحابه الخرّميّة نحو الألف، وهرب بابك (3).

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 6)، و «المنتظم» (6/ 287)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 8). (2) «المنتظم» (6/ 288)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 10)، و «مرآة الجنان» (2/ 79). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 11)، و «المنتظم» (6/ 296)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 11).

وفيها: توفي الإمام آدم بن إياس الخراساني، وعبد الله بن جعفر الرقي الحافظ، وعفان بن مسلم الحافظ، والإمام قالون صاحب نافع وقارئ أهل المدينة. وفيها: قدم بغداد الشريف أبو جعفر محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر ومعه زوجته أم الفضل بنت المأمون، فتوفي محمد المذكور ببغداد في ذي الحجة من السنة المذكورة، ودفن عند جده موسى الكاظم. وفيها: توفي الحافظ عبد الله بن رجاء، وأبو حذيفة النهدي، واسمه: موسى بن مسعود البصري المؤدب. والله سبحانه أعلم ***

العشرون الثانية من المائة الثالثة

العشرون الثانية من المائة الثالثة [الاعلام] 1084 - [أبو عبد الرحمن القعنبي] (1) أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي المدني القعنبي الزاهد. سمع مالكا، والليث، وحماد بن سلمة، وخلقا سواهم، وهو أوثق من روى «الموطأ». وروى عنه الذّهلي، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي والنسائي وغيرهم من الأئمة الأعلام. قال أبو زرعة: ما كتبت عن أحد أجلّ في عينيّ من القعنبي. كان ثقة حجة، خشوعا مجاب الدعوة، يقال: إنه من الأبدال. قال الشيخ محيي الدين النووي في «شرح البخاري»: (روينا عن أبي سبرة الحافظ قال: قلت للقعنبي: حدثت ولم تكن تحدث؟ قال: رأيت كأن القيامة قد قامت، فصيح بأهل العلم فقاموا، فقمت معهم، فصيح بي: اجلس، فقلت: يا إلهي؛ ألم أكن معهم أطلب؟ قال: بلى ولكنهم نشروه وأخفيته، فحدثت) (2). وأجمعوا على جلالته وإتقانه وحفظه وورعه وزهده. توفي يوم الجمعة لستّ خلون من المحرم في سنة إحدى وعشرين ومائتين. 1085 - [عاصم بن علي الواسطي] (3) عاصم بن علي ابن صهيب مولى قريبة بنت محمد بن أبي بكر الصديق، القرشي أبو الحسين، من أهل واسط.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 303)، و «الجرح والتعديل» (5/ 181)، و «وفيات الأعيان» (3/ 40)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 257)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 245)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 917)، و «الديباج المذهب» (1/ 361)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 433). (2) «التلخيص شرح الجامع الصحيح» (ص 93). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 318)، و «الجرح والتعديل» (6/ 348)، و «تاريخ بغداد» (12/ 241)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 262)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 209)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 256).

1086 - [أبو اليمان الحمصي]

سمع ابن أبي ذئب، وعاصم بن محمد وغيرهما. وروى عنه البخاري بواسطة محمد بن يحيى، وبغير واسطة. وتوفي سنة عشرين-أو إحدى وعشرين-ومائتين. 1086 - [أبو اليمان الحمصي] (1) الحكم بن نافع البهراني الحمصي مولى امرأة من بهراء، يقال لها: أم سلمة، كانت عند عمر بن رؤبة التغلبي، يكنى أبا اليمان. سمع شعيب بن أبي حمزة، وروى عنه البخاري نسخة كبيرة، وروى عنه عبد الله الدارمي، ومحمد الصاغاني وغيرهما. ولد سنة ثمان وثلاثين ومائة، وتوفي سنة إحدى-أو اثنتين-وعشرين ومائتين. 1087 - [عمر بن حفص النخعي] (2) عمر بن حفص بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي أبو حفص. سمع أباه وغيره، وروى عنه البخاري بواسطة وبغيرها، وروى عنه أحمد بن يوسف وغيره. وتوفي في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 1088 - [يحيى بن صالح الوحاظي] (3) يحيى بن صالح الوحاظي الحمصي أبو زكريا. سمع معاوية بن سلاّم، وسليمان بن بلال وغيرهما.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 477)، و «الجرح والتعديل» (3/ 129)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 319)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 139)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 114)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 470)، و «شذرات الذهب» (3/ 102). (2) «طبقات ابن سعد» (8/ 538)، و «الجرح والتعديل» (6/ 103)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 639)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 295)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 219)، و «شذرات الذهب» (3/ 102). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 478)، و «الجرح والتعديل» (9/ 158)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 453)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 449)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 364)، و «شذرات الذهب» (3/ 103).

1089 - [بابك الخرمي]

روى عنه إسحاق بن منصور، وموسى بن عيسى وغيرهما. وتوفي سنة اثنتين وعشرين ومائتين. قال الحافظ الرشيد: ووحاظة بطن من حمير. قال الفقيه أبو الخير بن منصور الشماخي: المعروف عندنا أنها بلدة باليمن. قال حافظ اليمن إبراهيم بن عمر العلوي: سميت البلد بالقبيلة. 1089 - [بابك الخرّمي] (1) بابك الخرّمي رئيس الخرمية. ظهر في أيام المأمون، وعاث وأفسد البلاد والعباد، واستولى على كثير من البلدان، وأراد أن يقيم ملة المجوس، فبعث إليه المأمون جيشا، مقدمهم محمد بن حميد الطوسي في سنة أربع عشرة ومائتين، فهزمهم اللعين، وقتل محمد بن حميد وفض جمعه، وقتل خلقا من أصحابه. ولم يزل أمره يستفحل إلى أن تولى المعتصم، فقوي أمر الخرّمية بالجبال، ودخل في دينهم خلق كثير من أهل همذان وأصبهان وماسبذان وغير ذلك، وتجمعوا وعسكروا في أعمال همذان، فوجه إليهم المعتصم عساكر، آخرها إسحاق بن إبراهيم والي بغداد، وعقد له على الجبال، فأوقع بهم، وقتل منهم في عمل همذان ستين ألفا، وقيل: مائة ألف، وهرب باقيهم إلى بلاد الروم. وفي سنة عشرين ومائتين: عقد المعتصم للأفشين الأسروشني على الجبال وحرب بابك، فكانت بينهما وقعة عظيمة، قتل من الخرمية عالم كثير، وهرب بابك إلى موقان، ثم اجتمع الأفشين وبابك في سنة اثنتين وعشرين ومائتين، وكانت بينهما وقعة هائلة، انهزم فيها بابك، وافتتحت مدينته في رمضان بعد حصار شديد، واختفى بابك في غيضة، وأسر جميع خواصه وأولاده، وبعث المعتصم إلى الأفشين بثلاثين ألف ألف درهم؛ ليتقوى بها، وبعث المعتصم لبابك بالأمان، فحرق كتاب المعتصم وسبه، وكان الشيطان قويّ النفس،

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 29)، و «البدء والتاريخ» (6/ 114)، و «المنتظم» (6/ 24)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 24)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 103)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 62)، و «مرآة الجنان» (2/ 83)، و «شذرات الذهب» (3/ 101).

1090 - [موسى بن إسماعيل التبوذكي]

شديد البطش، صعب المراس، ثم إنه طلع من تلك الغيضة في طريق يعرفها في الجبل، وانفلت ووصل إلى جبال أرمينية، فنزل عند البطريق سهل، ولم يزل الأفشين يتحيل عليه بكل حيلة، ويبذل الأموال في طلبه، وجعل المعتصم لمن جاءه برأسه ألف ألف درهم، فلما نزل بابك على البطريق .. أغلق عليه، وبعث يعرف الأفشين، فجاءت الأفشينية فتسلموه، وقدم به الأفشين إلى بغداد أسيرا هو وأخوه، وكان يوم دخوله بغداد يوما مشهودا، ثم دخل على المعتصم بسرّمن رأى، فأركب على فيل، وطيف به في سر من رأى، ثم أمر المعتصم بقطع يديه ورجليه، ثم قتله وصلبه، وأرسل بأخيه إلى بغداد، ففعل به مثل ذلك، وذلك في سنة ثلاث وعشرين ومائتين. وفي أيامه ظهر المازيار القائم بملة المجوس بطبرستان. 1090 - [موسى بن إسماعيل التبوذكي] (1) موسى بن إسماعيل المنقري البصري، ويقال له: التّبوذكي، يكنى أبا سلمة. سمع هماما، وإبراهيم بن سعد، وسعيد بن مسلمة وغيرهم. روى عنه البخاري والحسن الحلواني وغيرهما، وكان أحد أركان الحديث. توفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين. 1091 - [إبراهيم بن المهدي الأمير] (2) إبراهيم بن المهدي بن أبي جعفر المنصور العباسي. كان فصيحا أديبا شاعرا، رأسا في معرفة الغناء، ولي إمرة دمشق لأخيه الرشيد. ولما جعل المأمون ولي عهده علي بن موسى الرضا .. شق ذلك على بني العباس، فبايعوا ببغداد لإبراهيم بن المهدي بالخلافة، ولقب بالمبارك، فحاربه والي بغداد من جهة

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 307)، و «الجرح والتعديل» (8/ 136)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 360)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 414)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 394)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 169)، و «شذرات الذهب» (3/ 106). (2) «تاريخ بغداد» (6/ 140)، و «المنتظم» (6/ 329)، و «وفيات الأعيان» (1/ 39)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 557)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 67)، و «العبر» (1/ 389)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 110)، و «مرآة الجنان» (2/ 83)، و «شذرات الذهب» (3/ 108).

المأمون، فانكسر إبراهيم مرة بعد أخرى، ولما وصل المأمون إلى بغداد .. اختفى إبراهيم، ولم يزل مختفيا سبع سنين، وله في اختفائه حكايات عجيبة. منها: ما حكاه للمأمون بعد أن رضي عليه وسأله عما اتفق له في اختفائه فقال: من أعجب ما اتفق لي: أني ضجرت يوما من طول اختفائي في البيوت، فخرجت نصف النهار في حال غفلة الناس وقيلولتهم، وقد غيرت حالي حتى لا أعرف، فمررت بجسر بغداد؛ فإذا بتركي على فرس يتبعني ويقول: طلبة أمير المؤمنين، وأراد أن يلزمني، فدلقته عن الفرس حتى سقط إلى دجلة، واشتغل الناس به، وانغمست بينهم، وسعيت حتى أبعدت؛ فإذا أنا بدار، فدققت الباب وقلت: هل لكم في إيواء خائف على نفسه من القتل؟ فخرجت صاحبة الدار، وأدخلتني الدار، وسكنت روعي، وطيبت خاطري، فبينا نحن على ذلك؛ إذ أقبل صاحب الدار وهو التركي الذي رميته في دجلة، فدق الباب، فأدخلتني في مخدع لها، فدخل معصوب الرأس مما أصابه من الجراحة، وهو يئن ويتأسف على ما فاته، فقالت: ما نالك؟ قال: فاتني الغنى أن وقع في يدي، قالت: وما ذاك؟ قال: ظفرت ببغية أمير المؤمنين، وقد وقع في يدي ثم دلقني حتى سقطت من على فرسي في دجلة، وهرب، فأخذت تهون عليه الأمر وتقول له: لعل الخيرة لك في ذلك، ولعلك لو قدمت به على أمير المؤمنين فقتله .. كنت مشاركا في دمه، وإن عفا عنه ورضي عنه .. لم تأمنه أن يخبث عليك، فينالك محذور، فالحمد لله الذي سلمك من ذلك، حتى سكن حاله، ثم قربت له ماء فاغتسل، وقربت له طعاما فأكل، وقربت له شرابا فشرب، ثم نام، فلما علمت أنه قد نام .. قالت: أأنت صاحبه؟ قلت: نعم، قالت: قد سمعت أسفه وحرده، وإن يظفر بك .. لم تسلم منه، فالمصلحة أن تخرج وهو نائم. فخرجت فمررت بحجام جالس على باب بيته، فسلمت عليه، فرد السلام ببشاشة، فقلت: هل ثمّ مكان يؤويني إلى الليل؟ قال: بالرحب والسعة، وأدخلني إلى بيته، ثم خرج وغاب عني ساعة، ثم أتى بأوان جديدة من الخزف؛ من قدر وكوز ونحو ذلك، وقال: إن الملوك يستقذرون أوانينا، وهذه أوان جديدة لم تمسها الأيدي لتستعملها فيما أردت، ثم صنع طعاما طيبا بحضرتي، ثم غرف منه في الأواني الجديدة وقربه إلي، فعزمت عليه أن يجلس يأكل معي، فأبى وقال: الحجامون لا يؤاكلون الملوك، فقلت: ومن عندك من الملوك؟ قال: أولست بإبراهيم بن المهدي خليفتنا بالأمس؟ طب نفسا، وقر عينا، لو تمكث ههنا طول عمرك .. لم يعلم بك أحد، وغرف لنفسه شيئا من الطعام، وقعد يأكل

1092 - [سليمان بن حرب الواشحي]

وحده، فلما فرغ .. أتاني بشراب طيب، فصبه في شيء من تلك الأواني الجديدة وسقاني، ثم صب لنفسه في أوانيه وشرب، ثم أتاني بعود وقال: إن أسمعت عبدك شيئا من الغناء الذي يذكر عنك .. كان لك الفضل، فأخذت العود وأسمعته أبياتا، فطرب منها، وكنت متوسلا شيئا من الدراهم، فدفعت إليه صرة في قبيل فعله وجميله، فأبى أن يقبلها وقال: أنتم ما ترون لأحد مروءة، ولا تريدون لأحد منة، وأقمت عنده أياما في إعزاز وإكرام. ثم إني خشيت القتل وقلت: هذا حجام لا أصل له، لا آمن أن يدل علي، فخرجت في غيبته، فوجدت امرأة من موالينا ومن لنا عليها إحسان جزيل، فلما رأتني .. بكت وأظهرت من التعب لحالي والرقة لي ما سكن قلبي إليها، ثم أدخلتني دارها، وخرجت وأغلقت علي الباب، فظننت أنها خرجت لقضاء حاجة لها، فلم يكن غير يسير حتى سمعت حس الخيل، وصلصلة اللّجم؛ وإذا بالعسكر قد أحاطوا بجميع جوانب الدار، ودخلت علي هي وصاحب الشرطة، فسلمتني إليه، فتعجب المأمون من ذلك وقال: يصلح الجندي أن يكون حجاما ويزوج بالجارية الغادرة، والحجام أن يكون جنديا ويزوج على زوجة الجندي، هذا معنى الحكاية. ولما ظفر المأمون بإبراهيم بن المهدي .. حبسه أياما، فلما دخل المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل .. سألها المأمون أن تذكر حاجتها، فسألته الرضا عن إبراهيم بن المهدي، فرضي عنه ونادمه. وتوفي إبراهيم سنة أربع وعشرين ومائتين. 1092 - [سليمان بن حرب الواشحي] (1) سليمان بن حرب الأزدي الواشحي-بشين معجمة وحاء مهملة، وواشح بطن من الأزد- أبو أيوب البصري، قاضي مكة، الحافظ، حضر مجلسه المأمون من وراء الستر. سمع حماد بن زيد، وشعبة، ووهيبا وغيرهم، وروى عنه البخاري، وحجاج بن الشاعر، وأحمد الدارمي وغيرهم. ولد في صفر سنة أربعين ومائة، ومات سنة أربع وعشرين ومائتين بالبصرة.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 301)، و «الجرح والتعديل» (4/ 108)، و «تاريخ بغداد» (9/ 34)، و «وفيات الأعيان» (2/ 418)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 330)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 188)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 393)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 88).

1093 - [أبو الحسن المدائني]

1093 - [أبو الحسن المدائني] (1) علي بن محمد المدائني أبو الحسن البصري الأخباري، صاحب التصانيف في المغازي والأنساب. كان يسرد الصوم. توفي سنة أربع وعشرين ومائتين. 1094 - [أبو عبيد القاسم بن سلاّم] (2) أبو عبيد القاسم بن سلاّم-بتشديد اللام-البغدادي، الإمام العالم، صاحب التصانيف المفيدة. كان أبوه عبدا روميا لرجل من أهل هراة، فاشتغل أبو عبيد بالحديث والفقه والأدب. سمع شريكا، وابن المبارك وطبقتهما، روى عن أبي زيد الأنصاري، والأصمعي، وأبي عبيدة، وابن الأعرابي، والكسائي، والفراء وغيرهم. وروى الناس من كتبه المصنفة نيفا وعشرين كتابا في القرآن الكريم، والحديث وغريبه، والفقه وغير ذلك. يقال: إنه أول من صنف في غريب الحديث، ولما وضع كتاب «الغريب» .. عرضه على عبد الله بن طاهر فاستحسنه وقال: إنّ عقلا بعث صاحبه على عمل هذا الكتاب حقيق ألاّ يحوج إلى طلب المعاش، وأجرى له عشرة آلاف درهم في كل شهر. أثنى عليه الأئمة، قال إسحاق بن راهويه: الحق يحبه الله، أبو عبيد أفقه مني وأعلم. وقال القاضي أحمد بن كامل: أبو عبيد فاضل في دينه، متفنن في أصناف علوم الإسلام

(1) «تاريخ بغداد» (12/ 54)، و «معجم الأدباء» (5/ 253)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 400)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 288)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 167). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 358)، و «الجرح والتعديل» (7/ 111)، و «تاريخ بغداد» (12/ 401)، و «معجم الأدباء» (6/ 189)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 257)، و «وفيات الأعيان» (4/ 60)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 490)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 320)، و «مرآة الجنان» (2/ 83)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 410).

1095 - [سعيد بن أبي مريم]

والدين والفقه والعربية والأخبار، حسن الرواية، صحيح النقل، لا أعلم أحدا من الناس طعن عليه في أمر دينه. اه‍ ولي قضاء طرسوس ثمانية عشر سنة، وقدم بغداد فسمع الناس كتبه، ثم حج، فلما قضى حجه .. عزم على الانصراف، واكترى إلى العراق، فرأى في الليلة التي عزم على الخروج في صبيحتها في منامه النبي صلّى الله عليه وسلم وهو جالس، وعلى رأسه قوم يحجبونه، وناس يدخلون ويسلمون عليه ويصافحونه، قال: فكلما أردت لأدخل معهم .. منعت، فقلت: لم لا تخلون بيني وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فقالوا: والله؛ لا تدخل عليه، ولا تسلم عليه وأنت خارج غدا إلى العراق، فقلت لهم: إني لا أخرج إذا، فأخذوا عهدي، ثم خلوا بيني وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فدخلت فسلمت عليه وصافحني، وأصبحت ففسخت الكراء، وسكنت بمكة، ولم يزل بها إلى أن توفي سنة أربع-أو ثلاث، أو اثنتين-وعشرين ومائتين. قال رحمه الله: كنت مستلقيا بمكة في المسجد الحرام، فجاءتني عائشة المكية وكانت من العارفات، فقالت لي: يا أبا عبيد؛ يقال: إنك من أهل العلم؛ فلا تجالسه إلا بالأدب، وإلا .. محاك من ديوان العلماء، أو قالت: من ديوان الصالحين، رحمهما الله تعالى ورضي عنهما آمين. 1095 - [سعيد بن أبي مريم] (1) سعيد بن الحكم أبي مريم بن محمد الجمحي مولاهم المصري أبو محمد. سمع سليمان بن بلال، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، ويحيى بن أيوب وغيرهم. وروى عنه البخاري بواسطة وبغير واسطة، وروى عنه حسن الحلواني، ومحمد الصغاني وغيرهما. ولد سنة أربع وأربعين ومائة، وتوفي سنة أربع وعشرين ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (4/ 13)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 327)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 172)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 12)، و «شذرات الذهب» (3/ 110).

1096 - [عمرو بن مرزوق]

1096 - [عمرو بن مرزوق] (1) عمرو بن مرزوق مولى باهله أبو عثمان البصري، أصله من مصر، بالميم. سمع شعبة وغيره، وروى عنه البخاري وغيره. وتوفي سنة أربع وعشرين ومائتين. 1097 - [يزيد بن عبد ربه] (2) يزيد بن عبد ربه الجرجسي الحمصي أبو الفضل، كان ينزل حمص عند كنيسة جرجس فنسب إليها. سمع الوليد بن مسلم، ومحمد بن حرب وغيرهما، وروى عنه إسحاق بن منصور وغيره. وتوفي سنة أربع وعشرين ومائتين. 1098 - [قرة بن حبيب التستري] (3) قرة بن حبيب التّستري البصري الرماح، صاحب القنا. سمع عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وغيره، وروى عنه الحسن الزعفراني وغيره. توفي سنة أربع وعشرين ومائتين. 1099 - [عبد السلام بن مطهر] (4) عبد السلام بن مطهر بن حسام الأزدي البصري أبو ظفر.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 306)، و «الجرح والتعديل» (6/ 263)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 417)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 306)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 303)، و «شذرات الذهب» (3/ 110). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 480)، و «الجرح والتعديل» (9/ 279)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 667)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 465)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 420)، و «شذرات الذهب» (3/ 113). (3) «الجرح والتعديل» (7/ 132)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 426)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 338)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 232)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 437). (4) «طبقات ابن سعد» (9/ 310)، و «الجرح والتعديل» (6/ 48)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 436)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 262)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 579).

1100 - [أصبغ بن الفرج]

سمع عمر بن علي المقدمي وغيره، وروى عنه البخاري وغيره. وتوفي في رجب سنة أربع وعشرين ومائتين. 1100 - [أصبغ بن الفرج] (1) أصبغ بن الفرج المالكي مفتي مصر. قال ابن معين: كان من أعلم خلق الله بمذهب مالك، يعرفه مسألة مسألة، متى قالها مالك، ومن خالفه فيها. وله تصانيف حسان. توفي سنة خمس وعشرين ومائتين. 1101 - [صالح بن إسحاق الجرمي] (2) أبو عمر صالح بن إسحاق الجرمي بفتح الجيم، وسكون الراء، قيل: إنه مولى جرم بن ربّان، العلامة النحوي. أصله من البصرة، فقدم بغداد، وأخذ النحو عن الأخفش وغيره، ولقي يونس بن حبيب، ولم يلق سيبويه. أخذ اللغة عن الأصمعي، وأبي عبيدة، وأبي زيد الأنصاري وطبقتهم. وكان فقيها عالما بالنحو واللغة، دينا ورعا، حسن المذهب، صحيح الاعتقاد، ناظر ببغداد الفراء. روى الحديث وكان فيه جليلا، وكذا في الأخبار، وله كتاب في النحو، وكتاب في السير عجيب، وكتاب في العروض، وكتاب «غريب سيبويه» وغير ذلك. توفي سنة خمس وعشرين ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 321)، و «وفيات الأعيان» (1/ 240)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 656)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 97)، و «الديباج المذهب» (1/ 262)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 183). (2) «الجرح والتعديل» (4/ 394)، و «تاريخ بغداد» (9/ 314)، و «معجم الأدباء» (4/ 335)، و «وفيات الأعيان» (2/ 485)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 561)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 201)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 249)، و «مرآة الجنان» (2/ 90)، و «شذرات الذهب» (3/ 115).

1102 - [محمد بن سلام البيكندي]

1102 - [محمد بن سلام البيكندي] (1) محمد بن سلام-بالتخفيف-بن الفرج السلمي مولاهم أبو عبد الله البيكندي. سمع ابن عيينة، ووكيعا، وأبا معاوية وغيرهم. روى عنه البخاري في مواضع من «صحيحه». وتوفي لسبع خلون من صفر سنة خمس وعشرين ومائتين. 1103 - [سعدويه الواسطي] (2) سعيد بن سليمان الواسطي المعروف بسعدويه، يكنى أبا عثمان. سمع الليث بن سعد، وعباد بن العوام، وهشيما وغيرهم. روى البخاري عنه بواسطة وبغيرها، وروى عنه محمد بن حاتم وغيره. وتوفي في ذي الحجة سنة خمس وعشرين ومائتين. 1104 - [أبو دلف العجلي] (3) أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي، الأمير الكبير، صاحب الكرج-بفتحتين وجيم- أحد قواد المأمون، ثم المعتصم، وكان أحد الأبطال المذكورين، والأجواد المشهورين، وله وقائع مشهورة، وصنائع مأثورة. أخذ عنه الأدباء والفضلاء، وله صنعة في الغناء، وله كتاب «البزاة والصيد»، وكتاب «السلاح»، وكتاب «النّزه»، وكتاب «سياسة الملوك» وغير ذلك.

(1) «الجرح والتعديل» (7/ 278)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 628)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 359)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 115)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 584)، و «شذرات الذهب» (3/ 117). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 342)، و «الجرح والتعديل» (4/ 26)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 481)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 176)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 24)، و «شذرات الذهب» (3/ 115). (3) «معجم الشعراء» للمرزباني (ص 261)، و «تاريخ بغداد» (12/ 412)، و «تاريخ دمشق» (49/ 130)، و «المنتظم» (6/ 340)، و «وفيات الأعيان» (4/ 73)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 563)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 331)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 140)، و «مرآة الجنان» (2/ 86)، و «البداية والنهاية» (10/ 738)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 227)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 416)، و «شذرات الذهب» (3/ 116).

ومدحه أبو تمام بأحسن المدائح، وكذلك بكر بن النّطّاح، وفيه يقول: [من الكامل] يا طالبا للكيمياء وعلمه … مدح ابن عيسى الكيمياء الأعظم لو لم يكن في الأرض إلا درهم … ومدحته لأتاك ذاك الدرهم يقال: أعطاه على ذلك عشرة آلاف درهم، فأغفله قليلا، ثم دخل عليه وقد اشترى بتلك الدراهم قرية في نهر الأبلّة، فأنشده: [من الطويل] بك ابتعت في نهر الأبلّة قرية … عليها قصير بالرخام مشيد إلى جنبها أخت لها يعرضونها … وعندك مال للهبات عتيد فقال: وكم ثمن هذه الأخت؟ فقال: عشرة آلاف درهم، فدفعها له ثم قال له: تعلم أن نهر الأبلة عظيم، وفيه قرى كثيرة، وكل أخت إلى جانبها أخرى، وإن فتحت هذا الباب .. اتسع الخرق، فاقنع بهذه، فدعا له وانصرف. وطعن أبو دلف فارسا في معركة، فنفذت الطعنة إلى أن وصلت إلى فارس آخر وراءه، فنفذ فيه السنان فقتلهما، فقال بكر بن النّطّاح في ذلك: [من الكامل] قالوا وينظم فارسين بطعنة … يوم الهياج ولا تراه كليلا لا تعجبوا لو أن طول قناته … ميل إذا نظم الفوارس ميلا وكان أحمد بن أبي صالح مولى بني هاشم أسود مشوه الخلق، وكان فقيرا، فقالت له امرأته: يا هذا؛ إن الأدب أراه قد سقط نجمه، وطاش سهمه، فاعمد إلى سيفك ورمحك وقوسك، وادخل مع الناس في غزواتهم عسى الله أن ينفلك من الغنيمة شيئا، فأنشد: [من البسيط] ما لي وما لك قد كلفتني شططا … حمل السلاح وقول الدارعين قف أمن رجال المنايا خلتني رجلا … أمسي وأصبح مشتاقا إلى التلف تمشي المنايا إلى غيري فأكرهها … فكيف أمشي إليها بارز الكتف ظننت أنّ نزال القرن من خلقي … أو أن قلبي في جنبي أبي دلف فبلغ خبره أبا دلف، فوجه إليه بألف دينار. وكان أبو دلف لكثرة عطائه قد ركبه الدين، واشتهر ذلك عنه، فدخل عليه بعضهم وأنشده: [من الوافر] أيا ربّ المنائح والعطايا … ويا طلق المحيّا واليدين

لقد خبّرت أن عليك دينا … فزد في رقم دينك واقض ديني فوصله وقضى دينه. ودخل عليه بعض الشعراء وأنشده: [من البسيط] الله أجرى من الأرزاق أكثرها … على يديك بعلم يا أبا دلف ما خط لا كاتباه في صحيفته … كما تخطط لا في سائر الصحف بارى الرياح فأعطى وهي جارية … حتى إذا وقفت أعطى ولم يقف ومما يحكى من حسن ذكائه وسرعة جوابه أن المأمون قال: أنت الذي يقول فيك الشاعر: [من المديد] إنما الدنيا أبو دلف … بين بادية ومحتضره فإذا ولى أبو دلف … ولت الدنيا على أثره فقال: لست كذلك يا أمير المؤمنين، ولكنني الذي يقول فيه علي بن جبلة: [من الطويل] أبا دلف يا أكذب الناس كلّهم … سواي فإني في مديحك أكذب يحكى أنه أغمي عليه في مرض موته، فأفاق وقال: من بالباب؟ فقالوا: عشرة من خراسان يزعمون أنهم أشراف، فقال: أدخلوهم، فسألهم عن حاجتهم، فأخبروه بأنهم فقراء وعليهم دين فقصدوه لقضاء حوائجهم، فأعطى كل واحد منهم عشرة آلاف درهم-أو دينار، الشك مني-وأمر أن يكتب كل واحد منهم نسبه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم يكتب في آخر ذلك: يا رسول الله؛ إنه لحقني فاقة، وركبني دين، فقصدت أبا دلف، فقضى ديني وحاجتي، ثم أمر بالأوراق أن تدفن معه بعد موته، وزود الأشراف بجميع ما يحتاجونه إلى بلدهم وقال: احفظوا هذه الدراهم لقضاء ديونكم، وسد فاقتكم، فدعوا له وانصرفوا، رحمه الله. وحكي عن ابنه دلف أنه رآه بعد موته في المنام في دار وحشة وعرة، سوداء الحيطان، مقلعة السقوف والأبواب، مشوهة البنيان، وأن أباه أبا دلف في غرفة منها في حيطانها أثر النيران، وفي أرضها أثر الرماد، وهو عريان واضع رأسه بين ركبتيه كالحزين، ندمان، قال: فقال لي كالمستفهم: دلف؟ قلت: دلف، فأنشأ يقول: [من الخفيف] أبلغن أهلها ولا تخف عنهم … ما لقينا في البرزخ الخناق

1105 - [سعيد ابن عفير]

قد سئلنا عن كل ما قد فعلنا … فارحموا وحشتي وما قد ألاقي ثم قال: أفهمت؟ قلت: نعم، ثم أنشد: [من الوافر] فلو كنا إذا متنا تركنا … لكان الموت راحة كل حيّ ولكنا إذا متنا بعثنا … ونسأل بعده عن كل شيّ ثم قال: أفهمت؟ قلت: نعم. وحكايات أبي دلف كثيرة، وله أشعار حسنة، وقد كان أبوه عيسى قد شرع في مدينة الكرج، ثم أتمها القاسم المذكور، وكان بها أهله وأولاده وعشيرته. وتوفي سنة خمس وعشرين ومائتين. 1105 - [سعيد ابن عفير] (1) سعيد بن كثير بن عفير بن مسلم بن يزيد بن الأسود مولى الأنصار أبو عثمان المصري، الحافظ العلامة، قاضي الديار المصرية. سمع عبد الله بن وهب، والليث بن سعد وغيرهما. وروى عنه البخاري، ومحمد بن إسحاق الصغاني وغيرهما. وكان أخباريا نسابة شاعرا، كثير الاطلاع، قليل المثل، شهير الفضل. ولد سنة ست وأربعين ومائة، وتوفي سنة ست وعشرين ومائتين. 1106 - [يحيى بن يحيى النيسابوري] (2) يحيى بن يحيى بن بكير بن عبد الرحمن التميمي الحنظلي أبو زكريا النيسابوري، يقال: إنه مولى بني منقر بن سعد. سمع مالك بن أنس، وسليمان بن بلال، وجرير بن عبد الحميد وغيرهم.

(1) «الجرح والتعديل» (4/ 56)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 583)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 180)، و «مرآة الجنان» (2/ 91)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 39)، و «شذرات الذهب» (3/ 119). (2) «الجرح والتعديل» (9/ 197)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 159)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 512)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 459)، و «مرآة الجنان» (2/ 91)، و «الديباج المذهب» (2/ 331)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 397).

1107 - [إسماعيل بن عبد الله الأصبحي]

وروى عنه البخاري ومسلم وغيرهما. قال إسحاق بن راهويه: ما رأيت مثل يحيى بن يحيى، ولا أحسبه رأى مثل نفسه، ومات وهو إمام لأهل الدنيا. وكان يشبه بابن المبارك في وقته. وتوفي سلخ صفر سنة ست وعشرين ومائتين. 1107 - [إسماعيل بن عبد الله الأصبحي] (1) إسماعيل بن أبي أويس-واسم أبي أويس عبد الله-ابن عبد الله ابن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي أبو عبد الله ابن أخت الإمام مالك بن أنس. سمع خاله مالكا، وأخاه عبد الحميد، وسليمان بن بلال وغيرهم. روى عنه مسلم بواسطة وبغير واسطة، وروى عنه البخاري، وزهير بن حرب، وأحمد بن يوسف وغيرهم. وتوفي سنة ست-أو سبع-وعشرين ومائتين. 1108 - [إسحاق بن محمد الفروي] (2) إسحاق بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة الفروي أبو يعقوب مولى عثمان بن عفان. سمع مالك بن أنس، ومحمد بن جعفر وغيرهما. روى عنه البخاري بواسطة وبغير واسطة. وتوفي سنة ست وعشرين ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 616)، و «الجرح والتعديل» (2/ 180)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 391)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 91)، و «الديباج المذهب» (1/ 248)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 157). (2) «الجرح والتعديل» (2/ 232)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 649)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 87)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 422)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 127).

1109 - [عياش الرقام]

1109 - [عياش الرقام] (1) عياش-بمعجمة آخره-ابن الوليد الرّقّام البصري أبو الوليد. سمع عبد الأعلى بن عبد الأعلى، ومحمد بن فضيل، ووكيعا، والوليد بن مسلم وغيرهم. وروى عنه البخاري وغيره. وتوفي سنة ست وعشرين ومائتين. 1110 - [الأفشين القائد] (2) خيذر بن كاوس المعروف بالأفشين، أحد قواد المعتصم وكبراء أمرائه، يقال: إنه من أولاد الملوك الأكاسرة. وكان بطلا شجاعا مقداما مطاعا، ليس في الأمراء أكبر منه. قدمه المعتصم على جيش عظيم لمحاربة بابك، فكانت بينهما وقائع، انكسر فيها بابك مرارا وانهزم، ثم احتال عليه الأفشين حتى أتى به أسيرا إلى المعتصم كما تقدم (3). ولما أسر المازيار المجوسي الذي فعل الفعائل بطبرستان .. ضربه المعتصم خمس مائة سوط، فأقر على الأفشين بأنه كان يكاتبه، ويحسن له الخلاف، وجمع المعتصم بينه وبين الأفشين، فقال ذلك في وجهه، وأنكر الأفشين ذلك، فأظهر المعتصم كذب المازيار في نسبة ذلك إلى الأفشين، وخبث عليه في الباطن، ثم إن القاضي أحمد بن أبي دؤاد قال للمعتصم: إن الأفشين أقلف، وإنه مجوسي ويطأ امرأة عربية، فشك المعتصم في ذلك، ثم كشف عن الأمر فوجده صحيحا، فكاتب عبد الله بن طاهر بالقبض على الحسن بن الأفشين وعلى امرأته أترجة بنت أشناس في يوم عيّنه له، ثم قبض المعتصم على الأفشين في ذلك اليوم الذي عينه لابن طاهر، وحبسه وضيق عليه، ومنع الطعام حتى مات، وقيل:

(1) «الجرح والتعديل» (7/ 6)، و «الإكمال» (6/ 68)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 310)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 352). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 111)، و «المنتظم» (6/ 347)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 69)، و «مرآة الجنان» (2/ 91)، و «العبر» (1/ 395)، و «شذرات الذهب» (3/ 118). (3) تقدم في ترجمة بابك الخرمي (2/ 454).

1111 - [الخليفة المعتصم]

خنق وصلب إلى جانب بابك والمازيار، وذلك في سنة ست وعشرين ومائتين، وتصدق المعتصم عند قتله بعشرة آلاف ألف درهم؛ لأنه كان خائفا منه أن يقتله، قيل: إنه وجد بدار الأفشين أصنام اتهم بعبادتها، فأحرقت، وكان أقلف متهما في دينه. 1111 - [الخليفة المعتصم] (1) الخليفة أبو إسحاق محمد المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي العباسي. ولد بالرقة في شعبان سنة ثمان وسبعين ومائة، وعهد إليه أخوه المأمون بالخلافة، فبويع له يوم مات المأمون بطرسوس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثمان عشرة ومائتين، فلما بويع .. شقت الأتراك عليه، ونادوا للعباس بن المأمون بالخلافة، فأرسل إليه المعتصم وأحضره، وأخذ البيعة عليه، فخرج العباس إلى الجند وقال: قد بايعت عمي، وسلمت الأمر إليه، فقرّوا عند ذلك وسكنوا. وكتب إلى والي بغداد إسحاق بن إبراهيم أن يأخذ له البيعة على من ببغداد، ويتفق مع الفضل بن مروان على ذلك، وأعطى الناس رزق أربعة أشهر. وكان شجاعا شهما مهيبا عسوفا، إذا غضب .. لا يبالي من قتل، ولا بما فعل. وكان أميا لا يكتب، وسبب ذلك: أنه كان معه خادم يتعلم معه فمات، فنظر إليه الرشيد يمشي وحده، فقال: يا محمد؛ أين الخادم؟ قال: يا سيدي؛ مات واستراح من الكتاب، فقال الرشيد: إنا لله، إن حالا يؤثر ولدنا عليها الموت .. لحال يجب علينا أن نعفيه عنها، فتقدم إلى المؤدب بالانصراف عنهم. ومع كونه أميا حكي أنه وصله كتاب من طاغية الروم يتهدده فيه ويتوعده، فأمر الكتاب أن يجيبوا عنه، فكلما كتبوا جوابا وعرضوه عليه .. لم يرتضه، ثم قال للكاتب: اكتب: من محمد المعتصم بالله أمير المؤمنين إلى كلب الروم فلان الفلاني، وصل كتابك، وفهمت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار، ثم سار إلى جهادهم عقب الرسول على الفور، فيقال: إن طاغية الروم قال: هذا الذي تزعمون أنه

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 118)، و «تاريخ بغداد» (4/ 112)، و «المنتظم» (6/ 358)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 75)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 390)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 290)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 135)، و «مرآة الجنان» (2/ 94)، و «البداية والنهاية» (10/ 740)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 392)، و «شذرات الذهب» (3/ 127).

1112 - [بشر الحافي]

أمّيّ، والله؛ لقد ارتعدت مفاصلي من كتابه، فافتتح من أرض الروم عمورية وغيرها من المدن الكبار. وكان يقال له: المثمن؛ لأنه ولد سنة ثمانين ومائة، أو ثمان وسبعين مائة، في ثامن شهر منها، وهو ثامن خلفاء بني العباس، وفتح ثمان فتوحات، ووقف في خدمته ثمانية من ملوك العجم، قتل منهم ستة، ومدة خلافته ثمان سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وخلف ثمانية بنين وثمان بنات، ومن الذهب ثمانية آلاف ألف دينار، ومن الدراهم ثمانية عشر ألف ألف درهم، ومن الخيل ثمانين ألف فرس، ومن الجمال والبغال مثل ذلك، ومن المماليك ثمانية آلاف مملوك، وثمانية آلاف جارية، وبنى ثمانية قصور، هكذا قيل، فإن صح .. فهو من جملة العجائب. وتوفي بسرّمن رأى لإحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين، وعمره ست-أو سبع-وأربعون سنة، وقام بعده ابنه هارون الواثق. 1112 - [بشر الحافي] (1) أبو نصر بشر بن الحارث، الولي الكبير، العارف بالله الشهير، المعروف ببشر الحافي. ذكروا أنه سمع من حماد بن زيد، وإبراهيم بن سعد، واعتنى بالعلم، وتفقه على مذهب الثوري، وحدث باليسير. وكان رأسا في الورع والزهد، وكان يقول لأصحاب الحديث: أدوا زكاة الحديث، قالوا: وما زكاته؟ قال: اعملوا من كل مائتي حديث بخمسة أحاديث، وقيل له: لم لا تحدث؟ قال: إني أحب أن أحدث، ولو أحببت أن أسكت .. لحدثت؛ يعني أخالف نفسي في هواها، وهو مروزي، من أولاد الكتاب والرؤساء. قيل: إن سبب توبته أنه وجد ورقة تداس في الطريق، مكتوب فيها اسم الله فرفعها، وكان معه درهم فاشترى به غالية وطيب الورقة، وجعلها في شق حائط، فرأى في المنام

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 344)، و «الجرح والتعديل» (2/ 356)، و «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 39)، و «حلية الأولياء» (8/ 336)، و «تاريخ بغداد» (7/ 71)، و «الرسالة القشيرية» (1/ 95)، و «وفيات الأعيان» (1/ 274)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 469)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 105)، و «مرآة الجنان» (2/ 92)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 225)، و «شذرات الذهب» (3/ 122).

قائلا يقول له: يا بشر؛ طيبت اسمي، لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة، فلما انتبه من نومه .. تاب وأناب. واختلف في سبب حفائه: قيل: إنه كان في داره مع جماعة ندماء له في اللهو واللعب، فدق عليهم الباب داق، فقال للجارية: اذهبي فانظري من بالباب، ففتحت؛ فإذا فقير على الباب، فقال: سيدك حر أم عبد؟ فقالت: بل حر، فقال: صدقت، وذهب وخلاها، فأخبرت سيدها خبره، فخرج يعدو في إثره حافيا وهو يقول: بل عبد، بل عبد، ولم يلحقه، فرجع ولزم الحفاء، فقيل له في ذلك، فقال: الحالة التي صولحت عليها لا أحب أن أغيرها. ويقال: إنه جاء إلى إسكاف يطلب منه شسعا لإحدى رجليه وكان قد انقطع، فقال له الإسكافي: ما أكثر كلفتكم على الناس! فألقى النعل من يده والأخرى من رجله، وحلف لا يلبس بعدها نعلا. يحكى: أنه أتى باب المعافى بن عمران فدق الباب، فقيل: من هذا؟ فقال: بشر الحافي، فقالت بنت من داخل الدار: لو اشتريت نعلا بدانقين .. لذهب عنك اسم الحافي. قيل له: بأي شيء تأكل الخبز؟ قال: أذكر العافية فأجعلها إداما. ومن دعائه: اللهم؛ إن كنت شهرتني في الدنيا لتفضحني في الآخرة .. فاسلب ذلك عني. ومن كلامه: عقوبة العالم في الدنيا أن يعمى بصر قلبه. وقال: من طلب الدنيا .. فليتهيأ للذل. وتكلم رحمه الله تعالى في الورع وعدم طيب المطاعم، فقيل له: ما نراك تأكل إلا من حيث نأكل؟ ! فقال: ليس من أكل وهو يبكي كمن أكل وهو يضحك. وفي رواية قال: أكلتموها كبارا، وأكلتها صغارا. وتوفي رحمه الله سنة سبع وعشرين ومائتين. وكان له ثلاث أخوات ورعات زاهدات عابدات: مضغة-وهي الكبرى-ومخّة، وزبدة، رحمهم الله.

1113 - [سعيد بن منصور الخراساني]

قال عبد الله بن أحمد ابن حنبل: قالت امرأة لأبي: إني أغزل في الليل على ضوء السراج، وربما طفئ السراج فأغزل على ضوء القمر، فهل علي أن أبين غزل السراج من غزل القمر؟ فقال لها: إن كان عندك فرق .. فعليك أن تبيني ذلك، فقالت: يا أبا عبد الله؛ أنين المريض هل هو شكوى؟ فقال: إني لأرجو ألاّ يكون شكوى، ولكن هو اشتكاء إلى الله تعالى. قال عبد الله: فقال لي أبي: يا بني؛ ما سمعت قط أحدا يسأل عن مثل ما سألت عنه المرأة، اتّبعها، فتبعتها، فدخلت دار بشر الحافي، فقلت لأبي: إن المرأة أخت بشر الحافي، فقال: إي والله هذا هو الصحيح، محال أن تكون هذه إلا أخت بشر. قال عبد الله أيضا: جاءت مخة أخت بشر إلى أبي فقالت: يا أبا عبد الله؛ رأس مالي دانقان، أشتري بهما قطنا وأغزله وأبيعه بنصف درهم، فأنفق دانقا من الجمعة إلى الجمعة، وقد مر بي الطائف ومعه مشعل، فاغتنمت ضوء المشعل وغزلت طاقين على ضوئه، فعلمت أن الله سبحانه لي مطالب، فخلصني من هذا خلصك الله، فقال: تخرجين الدانقين ثم تبقين بلا رأس مال حتى يعوضك الله خيرا منه. قال عبد الله: فقلت لأبي: لو قلت لها: حتى تخرج رأس مالها، قال: يا بني؛ سؤالها لا يحتمل التأويل، فمن هذه المرأة؟ قلت: هي مخة أخت بشر، فقال: من ههنا أتيت. وفي رواية: أن أخت بشر قالت للإمام أحمد: إن مشاعيل الولاة تمر بنا ونحن نغزل على سطوحنا، أفيحل لنا أن نغزل على شعاعها؟ فقال لها: من أنت رحمك الله؟ فقالت: أخت بشر الحافي، فقال: صدقت، من بيتكم يخرج الصافي-أو قال: الصادق-لا تغزلي في شعاعها. رحم الله الجميع ورضي عنهم. 1113 - [سعيد بن منصور الخراساني] (1) سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني الجوزجاني صاحب السيرة أبو عثمان. ولد بجوزجان، ونشأ ببلخ، وجاور بمكة سنين، وهو والد أحمد بن سعيد.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 63)، و «الجرح والتعديل» (4/ 68)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 184)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 263)، و «العقد الثمين» (4/ 586)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 45).

1114 - [سهل العسكري]

سمع فليح بن سليمان، وأبا عوانة، وسفيان بن عيينة وغيرهم. روى عنه مسلم وأكثر، وروى البخاري عن يحيى بن موسى عنه. توفي بمكة سنة سبع وعشرين ومائتين. 1114 - [سهل العسكري] (1) سهل بن عثمان العسكري الكندي أبو مسعود، سكن الري. سمع يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ويزيد بن زريع، ومروان بن معاوية وغيرهم. روى عنه مسلم في «صحيحه»، وروى عنه غيره. وتوفي سنة سبع وعشرين ومائتين. 1115 - [الهيثم بن خارجة] (2) الهيثم بن خارجة الخراساني المروزي أبو أحمد، سكن بغداد. سمع حفص بن ميسرة وغيره، روى عنه البخاري في غزوة الفتح من «صحيحه»، وروى عنه غيره. وتوفي ببغداد لسبع بقين من ذي الحجة سنة سبع وعشرين ومائتين. 1116 - [أبو الوليد الطيالسي] (3) أبو الوليد الطيالسي، واسمه: هشام بن عبد الملك مولى باهلة البصري. سمع الليث بن سعد، ومالكا، وابن عيينة. وروى عنه إسحاق الحنظلي، وزهير، والبخاري في «صحيحه» وغيرهم. توفي بالبصرة في صفر سنة سبع وعشرين ومائتين.

(1) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى ترجمته في وفيات سنة (233 هـ‍)، فانظر مصادر ترجمته هناك (2/ 483)، ولم نجد من ذكر أنه توفي سنة (227 هـ‍). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 345)، و «الجرح والتعديل» (9/ 86)، و «تاريخ بغداد» (14/ 58)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 477)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 442)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 296). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 302)، و «الجرح والتعديل» (9/ 65)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 341)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 437)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 273)، و «شذرات الذهب» (3/ 127).

1117 - [عبيد الله العائشي]

1117 - [عبيد الله العائشي] (1) عبيد الله-بالتصغير، ويقال: عبد الله-ابن محمد بن حفص القرشي التيمي العائشي نسبة إلى أمه عائشة بنت طلحة البصري، الأخباري، أحد الفصحاء الأجواد. توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين. وقد ذكر في الأوراق القديمة، ومما لم يذكر هناك أنه قال: لا تعرف كلمة بعد كلام الله وكلام رسوله صلّى الله عليه وسلم أخصر لفظا، ولا أكمل وصفا، ولا أعم نفعا من قول علي رضي الله عنه: (قيمة كل امرئ ما يحسنه). وقال ابن عائشة المذكور لرجل من العرب أعجب: أنت والله كما قال الشاعر: [من الكامل] لسنا وإن أحسابنا كرمت … يوما على الأحساب نتكل نبني كما كانت أوائلنا … تبني ونفعل مثل ما فعلوا وأنشد ابن عائشة للزبير بن بكار: [من الطويل] فلو كان يستغني عن الشكر ماجد … لعزة قدر أو علو مكان لما أمر الله العباد بشكره … فقال اشكروني أيها الثقلان قال الشيخ اليافعي: (وإطلاق هذا الكلام غير لائق بجلال الله تعالى، ولا جائز في صفاته؛ فإنه يفهم أن الله سبحانه غير مستغن عن شكر العباد، وهو باطل، بل هو سبحانه غني عن كل شيء كما قال تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)} (2). 1118 - [العتبي الأديب] (3) أبو عبد الرحمن محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي، المعروف بالعتبي نسبة إلى جده عتبة، الأخباري الفصيح الأديب.

(1) «الجرح والتعديل» (5/ 335)، و «تاريخ بغداد» (10/ 313)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 564)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 272)، و «مرآة الجنان» (2/ 95)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 25)، و «شذرات الذهب» (3/ 130). (2) «مرآة الجنان» (2/ 97). (3) «المعارف» (ص 538)، و «معجم الشعراء» للمرزباني (ص 417)، و «تاريخ بغداد» (3/ 126)، و «المنتظم» (6/ 371)، و «وفيات الأعيان» (4/ 398)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 96)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 367)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 3)، و «مرآة الجنان» (2/ 97)، و «شذرات الذهب» (3/ 132).

قال الأصمعي: الخطباء من بني أمية: عبد الملك بن مروان، وعتبة بن أبي سفيان. قال العتبي: حججت، فمررت بنسوة فيهن جارية تسقي ما أريت أجمل منها، فقلت لها: ممن الجارية؟ فقالت: أما الأعمام .. فسليم، وأما الأخوال .. فعامر، فقلت: [من الطويل] رأيت غزالا من سليم وعامر … فهل لي إلى ذاك الغزال سبيل فضحكت ثم قالت: [من الطويل] وماذا ترجّي من غزال رأيته … وحظك من هذا الغزال قليل وله أيضا: [من البسيط] لما رأتني سليمى قاصرا بصري … عنها وفي الطرف عن أمثالها زور قالت عهدتك مجنونا فقلت لها … إن الشباب جنون برؤه الكبر وقال يرثي ولده: [من الكامل] أضحت بخدي للدموع رسوم … أسفا عليك وفي الفؤاد كلوم والصبر يحمد في المواطن كلها … إلا عليك فإنه مذموم ومن شعره: ما روى له ابن قتيبة في كتاب «المعارف» (1): [من الطويل] رأين الغواني الشيب لاح بعارضي … فأعرضن عني بالخدود النواضر وكن متى أبصرنني أو سمعن بي … سعين فرقّعن الكوى بالمحاجر فإن عطفت عني أعنة أعين … نظرن بأحداق المها والجآذر فإني من قوم كريم ثناؤهم … لأقدامهم صيغت رءوس المنابر خلائف في الإسلام في الشرك قادة … بهم وإليهم فخر كل مفاخر روى عن ابن عيينة وغيره. وروى عنه أبو حاتم السجستاني، وأبو الفضل الرياشي، وإسحاق بن محمد النخعي وغيرهم، وله عدة مصنفات. توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين.

(1) كذا في «مرآة الجنان» (2/ 98)، وفي «وفيات الأعيان» (4/ 399): (وذكره ابن قتيبة في «المعارف»، وابن النجم في كتاب «البارع» وروى له ... ) وذكر الأبيات، فيكون في كلام اليافعي سقط تبعه المصنف فيه؛ إذ لم نجد الأبيات في «المعارف»، والله أعلم.

1119 - [مسدد بن مسرهد]

1119 - [مسدد بن مسرهد] (1) مسدّد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن أرندل الأسدي البصري أبو الحسن، حافظ البصرة. سمع أبا عوانة، وحماد بن زيد، وابن علية وغيرهم. وروى عنه البخاري وغيره. وقال أحمد بن يونس بن سنان الرقي: قال لي أبو نعيم: من محدث البصرة؟ قلت: مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن أرندل الأسدي، فقال أبو نعيم: لو كانت في هذه التسمية بسم الله الرحمن الرحيم .. كانت رقية من العقرب. توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين. 1120 - [أبو نصر التمار] (2) عبد الملك بن عبد العزيز النسائي أبو نصر التمار القشيري، من أهل نسا، سكن بغداد. وسمع حماد بن سلمة وغيره. وروى عنه مسلم في «صحيحه». توفي أول يوم من المحرم سنة ثمان وعشرين ومائتين. 1121 - [داود بن عمرو الضبي] (3) داود بن عمرو الضبي المسيّبي أبو سليمان، من أهل بغداد. سمع نافع بن عمر الجمحي، وروى عنه مسلم وغيره.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 309)، و «الجرح والتعديل» (8/ 438)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 591)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 405)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 421)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 57)، و «شذرات الذهب» (3/ 133). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 342)، و «الجرح والتعديل» (5/ 358)، و «تاريخ بغداد» (10/ 419)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 571)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 268)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 618). (3) «طبقات ابن سعد» (9/ 352)، و «الجرح والتعديل» (3/ 420)، و «تاريخ بغداد» (8/ 360)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 130)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 160)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 568).

1122 - [خلف المقرئ]

وتوفي ببغداد في ربيع الأول سنة ثمان وعشرين ومائتين. 1122 - [خلف المقرئ] (1) خلف بن هشام بن ثعلب-بمثلثة، ومهملة-المقرئ البزار-بزاي معجمة، وراء مهملة آخره بينهما ألف-أبو محمد، سكن بغداد. سمع حماد بن زيد، وأبا الأحوص، ومالك بن أنس وغيرهم. وروى عنه مسلم وغيره. وتوفي سنة تسع وعشرين ومائتين. 1123 - [نعيم بن حماد] (2) نعيم بن حماد المروزي أبو عبد الله الرفاء الفارض، سكن مصر. سمع ابن المبارك، وهشيما وغيرهما. روى عنه البخاري وغيره. وتوفي سنة تسع-أو ثمان-وعشرين ومائتين. 1124 - [يزيد بن صالح الفراء] (3) يزيد بن صالح الفراء النيسابوري، العبد الصالح. كان ورعا قانتا مجتهدا في العبادة. توفي سنة تسع وعشرين ومائتين.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 351)، و «الجرح والتعديل» (3/ 372)، و «تاريخ بغداد» (8/ 318)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 576)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 154)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 419)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 549). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 527)، و «الجرح والتعديل» (8/ 463)، و «تاريخ بغداد» (13/ 307)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 595)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 424)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 233). (3) «الجرح والتعديل» (9/ 272)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 479)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 464)، و «مرآة الجنان» (2/ 98)، و «شذرات الذهب» (3/ 136).

1125 - [إبراهيم بن حمزة الزبيري]

1125 - [إبراهيم بن حمزة الزبيري] (1) إبراهيم بن حمزة الزبيري الأسدي أبو إسحاق المدني. سمع إبراهيم بن سعد، وعبد العزيز بن أبي حازم وغيرهما. وروى عنه البخاري وغيره. ومات سنة ثلاثين ومائتين. 1126 - [ابن سعد] (2) محمد بن سعد كاتب الواقدي أبو عبد الله، الإمام الحبر الحافظ، صاحب «الطبقات»، و «التاريخ». توفي سنة ثلاثين ومائتين. 1127 - [علي بن الجعد] (3) علي بن الجعد بن عبيد الهاشمي مولاهم الجوهري أبو الحسن البغدادي. روى عن شعبة، وابن أبي ذئب وغيرهما، وروى عنه البخاري وغيره. قيل: مكث ستين سنة يصوم يوما ويفطر يوما. ولد سنة أربع وثلاثين ومائة، وتوفي سنة ثلاثين ومائتين عن ست وتسعين سنة. 1128 - [سعيد بن محمد الجرمي] (4) سعيد بن محمد الجرمي-بالجيم والميم-أبو عبد الله، ويقال: أبو محمد الكوفي.

(1) «طبقات ابن سعد» (7/ 619)، و «الجرح والتعديل» (2/ 95)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 61)، و «مرآة الجنان» (2/ 99)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 63)، و «شذرات الذهب» (3/ 137). (2) «الجرح والتعديل» (7/ 262)، و «تاريخ بغداد» (2/ 369)، و «وفيات الأعيان» (4/ 351)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 664)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 355)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 571). (3) «الجرح والتعديل» (6/ 178)، و «تاريخ بغداد» (11/ 360)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 459)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 278)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 146)، و «شذرات الذهب» (3/ 138). (4) «الجرح والتعديل» (4/ 59)، و «تاريخ بغداد» (9/ 89)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 637)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 183)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 40)، و «شذرات الذهب» (3/ 137).

1129 - [الأمير عبد الله بن طاهر]

سمع يعقوب بن إبراهيم بن سعد، وأبا أسامة، وعبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر وغيرهم. وروى عنه البخاري ومسلم وغيرهما. وتوفي سنة ثلاثين ومائتين. 1129 - [الأمير عبد الله بن طاهر] (1) عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعي، الأمير الكبير. توفي سنة ثلاثين ومائتين. وكان قد ولي مصر من قبل ولايته بخراسان، فقال فيه بعض الشعراء: [من الطويل] يقول أناس إن مصرا بعيدة … وما بعدت مصر وفيها ابن طاهر وأبعد من مصر رجال تراهم … بحضرتنا معروفهم غير حاضر عن الخير موتى ما تبالي أزرتهم … على طمع أم زرت أهل المقابر وذكر بعض المتأخرين: أن البطيخ المسمى بالعبد لاوي الموجود بالديار المصرية منسوب إلى عبد الله بن طاهر المذكور، قيل: لعله كان يستطيبه، أو هو أول من غرسه هناك. ولما توفي والده بخراسان .. استلحقه المأمون من مصر، وولاه خراسان، فلما دخلها .. حصل مطر عظيم. 1130 - [أحمد بن نصر الخزاعي] (2) أحمد بن نصر الخزاعي الشهيد. قتله الواثق بيده في سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 131)، و «تاريخ بغداد» (9/ 490)، و «المنتظم» (6/ 385)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 91)، و «وفيات الأعيان» (3/ 83)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 684)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 229)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 219)، و «مرآة الجنان» (2/ 99)، و «شذرات الذهب» (3/ 137). (2) «الجرح والتعديل» (2/ 79)، و «تاريخ بغداد» (5/ 382)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 166)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 54)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 50).

1131 - [الإمام البويطي]

1131 - [الإمام البويطي] (1) أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي الفقيه، صاحب الشافعي. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 1132 - [أبو تمام] (2) أبو تمام الطائي، الشاعر المشهور، اسمه: حبيب بن أوس. توفي بالموصل سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وكان الحسن بن وهب ولاه بريد الموصل، فأقام بها أقل من سنتين، ثم مات بها. 1133 - [ابن الأعرابي] (3) محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي، اللغوي. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 1134 - [إبراهيم ابن عرعرة] (4) إبراهيم بن محمد بن عرعرة-بمهملتين، ورائين مهملتين-ابن البرند-بكسر الموحدة والراء ثم نون ساكنة-السامي-بالمهملة-البصري. سمع حرمي بن عمارة، وعبد الرزاق بن همام وغيرهم.

(1) «الجرح والتعديل» (9/ 235)، و «تاريخ بغداد» (14/ 302)، و «وفيات الأعيان» (7/ 61)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 58)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 422)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (2/ 162)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 463). (2) «الأغاني» (17/ 6229)، و «تاريخ بغداد» (8/ 242)، و «وفيات الأعيان» (2/ 11)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 63)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 125)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 292)، و «مرآة الجنان» (2/ 102)، و «خزانة الأدب» للبغدادي (1/ 356). (3) «تاريخ بغداد» (2/ 354)، و «وفيات الأعيان» (4/ 306)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 687)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 320)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 79)، و «بغية الوعاة» (1/ 105). (4) «الجرح والتعديل» (2/ 130)، و «تاريخ بغداد» (6/ 145)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 479)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 69)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 82)، و «شذرات الذهب» (3/ 140).

1135 - [أمية بن بسطام العيشي]

وروى عنه مسلم وغيره. وتوفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 1135 - [أمية بن بسطام العيشي] (1) أمية بن بسطام العيشي-بياء آخر الحروف، ثم شين معجمة-البصري. سمع يزيد بن زريع، والمعتمر بن سليمان وغيرهما. وروى عنه البخاري، ومسلم وغيرهما. وتوفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 1136 - [علي بن الحكم البناني] (2) علي بن الحكم البناني البصري. سمع نافعا، وروى عنه عبد الوارث بن سعيد، وابن علية وغيرهما. وتوفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 1137 - [هارون بن معروف البغدادي] (3) هارون بن معروف البغدادي أبو علي. سمع عبد الله بن وهب، وسفيان بن عيينة وغيرهما. وروى عنه مسلم بغير واسطة، والبخاري بواسطة محمد بن عبد الرحيم عنه. توفي ببغداد لليلتين بقيتا من شهر رمضان من سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 303)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 9)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 105)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 407)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 187)، و «شذرات الذهب» (3/ 141). (2) «التاريخ الكبير» (6/ 270)، و «الجرح والتعديل» (6/ 181)، و «مشاهير علماء الأمصار» (ص 243)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 157). (3) «الجرح والتعديل» (9/ 96)، و «تاريخ بغداد» (14/ 14)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 129)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 386)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 256)، و «شذرات الذهب» (3/ 142).

1138 - [الخليفة الواثق بالله]

1138 - [الخليفة الواثق بالله] (1) الخليفة الواثق بالله أبو جعفر هارون بن أبي إسحاق المعتصم بن هارون الرشيد، أمه أم ولد، تسمى: قراطيس، بويع له بالخلافة يوم مات أبوه. وكان أديبا شاعرا، دخل في القول بخلق القرآن، وامتحن الناس، وقوّى عزمه في ذلك القاضي أحمد بن أبي دؤاد. وقتل الواثق أحمد بن نصر الخزاعي؛ لامتناعه من القول بخلق القرآن، فأراد بعض القواد مباشرة قتله، فمنعه الواثق وقال: أنا أقوم إليه بنفسي وأقتله، وأحتسب خطاي في قتل هذا الكافر، وجعل في أذنيه رقعة مكتوب فيها: هذا رأس الكافر المشرك الضال أحمد بن نصر، قتله الله على يد عبده هارون الإمام الواثق بالله أمير المؤمنين بعد أن أقام الحجة عليه في خلق القرآن ونفي التشبيه، وعرض عليه التوبة، فأبى إلا المعاندة، فعجل الله به إلى ناره وأليم عقابه. ووضع أصحاب أحمد بن نصر في الحبوس، وثقلوا في الحديد، ومنعوا من أخذ الصدقة التي يعطاها أهل الحبوس. وتوفي الواثق لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، فمدة ولايته خمس سنين، وتسعة أشهر، وثلاثة عشر يوما. ولما احتضر .. ألصق خده بالأرض، وجعل يقول: يا من لا يزول ملكه؛ ارحم من قد زال ملكه. واستخلف بعده أخاه المتوكل، فأظهر السنة، ودفع المحنة، وأمر بنشر الأحاديث أحاديث الرؤية والصفات. 1139 - [الحسن العسكري] (2) الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد

(1) «المعارف» (ص 393)، و «تاريخ الطبري» (9/ 115)، و «تاريخ بغداد» (14/ 16)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 105)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 306)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 378)، و «مرآة الجنان» (2/ 107)، و «البداية والنهاية» (10/ 755)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 400)، و «شذرات الذهب» (3/ 150). (2) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى ترجمته في وفيات سنة (260 هـ‍)، فانظر مصادر ترجمته هناك (2/ 566)، وذكرها هنا تبعا لليافعي في «مرآة الجنان» (2/ 107).

1140 - [عبد الله بن عون الهلالي]

الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الشريف العسكري. أحد الأئمة الاثني عشر في اعتقاد الإمامية، وهو والد المنتظر صاحب السرداب عندهم، عرف بالعسكري؛ لسكناه سر من رأى، وكانت تسمى العسكر؛ لأنها محل الجند والعسكر. توفي المذكور سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وقيل: سنة ستين ومائتين. 1140 - [عبد الله بن عون الهلالي] (1) عبد الله بن عون الهلالي الخراز-بخاء معجمة، ثم راء، وآخره زاي-البغدادي أبو محمد، الزاهد المحدث، يقال: إنه من الأبدال. سمع عباد بن عباد، وإبراهيم بن سعد، وأبا إسحاق الفزاري وغيرهم. وروى عنه مسلم وغيره، وكان ثقة. توفي لأربع ليال خلون من شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 1141 - [هارون بن عبد الله الزهري] (2) هارون بن عبد الله الزهري العوفي، المالكي، أبو يحيى، الإمام العالم. قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: (هو أعلم من صنف الكتب في مختلف قول مالك) (3). توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 1142 - [الحكم بن موسى القنطري] (4) الحكم بن موسى بن أبي زهير القنطري البغدادي أبو صالح. سمع يحيى بن حمزة وغيره.

(1) «الجرح والتعديل» (5/ 131)، و «تاريخ بغداد» (10/ 36)، و «المنتظم» (6/ 407)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 223)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 389)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 399). (2) «الجرح والتعديل» (9/ 92)، و «تاريخ بغداد» (14/ 13)، و «طبقات الفقهاء» (ص 153)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 377)، و «الديباج المذهب» (2/ 329). (3) «طبقات الفقهاء» (ص 153). (4) «الجرح والتعديل» (3/ 128)، و «تاريخ بغداد» (8/ 222)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 143)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 124)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 469).

1143 - [عمرو الناقد]

وروى عنه البخاري مقرونا بغيره، وروى عنه مسلم مجردا، وروى عنه غيرهما، وكان عبد الله بن محمد البغوي إذا روى عنه .. يقول: حدثنا أبو صالح الشيخ الصالح. توفي في شوال سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 1143 - [عمرو الناقد] (1) عمرو بن محمد بن بكير بن سابور، الناقد البغدادي أبو عثمان. سمع هشيما، وسفيان بن عيينة، وابن علية، وإسحاق الأزرق وغيرهم. روى عنه البخاري، ومسلم وغيرهما. توفي ببغداد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 1144 - [سهل العسكري] (2) سهل بن عثمان العسكري الكندي أبو مسعود، أحد الأئمة الحفاظ. سمع يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وأبا معاوية، ويزيد بن زريع وغيرهم. وروى عنه مسلم وغيره. وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين (3). 1145 - [يحيى بن معين] (4) أبو زكريا يحيى بن معين، الحافظ، أحد الأئمة الأعلام. توفي بالمدينة متوجها للحج سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، مذكور في الأصل.

(1) «الجرح والتعديل» (6/ 262)، و «تاريخ بغداد» (12/ 201)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 147)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 290)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 301)، و «شذرات الذهب» (3/ 149). (2) «الجرح والتعديل» (4/ 203)، و «طبقات المحدثين بأصبهان» (2/ 119)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 454)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 189)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 452)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 23)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 125). (3) توفي في تلك السنة كما في قول الصفدي في «الوافي بالوفيات» (16/ 23)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (235 هـ‍). (4) «الجرح والتعديل» (9/ 192)، و «تاريخ بغداد» (14/ 181)، و «وفيات الأعيان» (6/ 139)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 71)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 404)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 429)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 389).

1146 - [الوزير ابن الزيات]

1146 - [الوزير ابن الزيات] (1) أبو جعفر محمد بن عبد الملك، المعروف بابن الزيات، وزير المعتصم والواثق، كان جده أبان يجلب الزيت إلى بغداد، فعرف بذلك. توفي سنة ثلاث وثلاثين، وهو مذكور في الأصل. ومما لم يذكر فيه: يحكى أن أبا حفص الكرماني كاتب عمرو بن مسعدة كتب إلى ابن الزيات: أما بعد؛ فإنك ممن إذا غرس .. سقى، وإذا أسس .. بنى، وبناؤك قد وهى وشارف الدروس، وغرسك قد ذوى وأشفى على اليبوس، فتدارك بناء ما أسست، وسقي ما غرست، فبلغ ذلك أبا عبد الرحمن العطوي، فقال في هذا المعنى يمدح محمد بن عمران بن موسى بن يحيى بن خالد بن برمك: [من الكامل] إن البرامكة الكرام تعلموا … فعل الجميل وعلموه الناسا كانوا إذا غرسوا سقوا وإذا بنوا … لا يهدمون لما بنوه أساسا وإذا هم صنعوا الصنائع في الورى … جعلوا لها طول البقاء لباسا فعلام تسقيني وأنت سقيتني … كأس المودة من (جفائك) كاسا آنستني متفضلا أفلا ترى … أن القطيعة توحش الإيناسا وفي البيت الرابع تقديم وتأخير، وتقديره: فعلام تسقيني من (جفائك) كأسا وأنت سقيتني كأس المودة؟ يقال: إن سبب سخط المتوكل على ابن الزيات: أن الواثق في أيام خلافته غضب على المتوكل، فأتى المتوكل إلى ابن الزيات يسأله أن يسأل الواثق الصفح عنه، فوقف المتوكل بين يدي ابن الزيات ساعة وهو لا يكلمه، ثم أشار ابن الزيات بالقعود وقال لمن حوله: انظروا إلى هذا يغاضب أخاه، ويسألني أن أسترضيه، وقال له: اذهب؛ فإنك إذا أصلحت حالك .. رضي عنك، فقام المتوكل كئيبا حزينا لما لقي منه.

(1) «معجم الشعراء» للمرزباني (ص 427)، و «تاريخ بغداد» (3/ 14)، و «المنتظم» (6/ 416)، و «وفيات الأعيان» (5/ 94)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 333)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 32)، و «مرآة الجنان» (2/ 111)، و «البداية والنهاية» (10/ 758)، و «شذرات الذهب» (3/ 154).

1147 - [حبان بن موسى السلمي]

وكتب ابن الزيات إلى الواثق: إن جعفرا أتاني في زي المخنثين، له شعر قفا، يسألني أن أسأل أمير المؤمنين الرضا عنه، فكتب إليه الواثق: ابعث إليه فأحضره، وأحضر من يجز شعر قفاه، ويضرب به وجهه واضربه إلى منزله. فحكي عن المتوكل أنه قال: لما أتاني رسول ابن الزيات .. لبست سوادا جديدا وأتيته؛ رجاء أن يكون قد أتاه الرضا، فلما حصلت بين يديه .. قال: يا غلام؛ ادع لي حجاما، فدعى به فقال: خذ من شعره، فأخذ على السواد الجديد، ولم يأته بمنديل، وضرب وجهه بشعره، قال المتوكل: ما دخلني من الجزع على شيء مثل ما دخلني حيث أخذ شعري على السواد الجديد وقد جئته فيه طامعا في الرضا عني، فأخذ شعري. ثم إن المتوكل صار إلى أحمد بن أبي دؤاد: فدخل عليه، فقام له أحمد، واستقبله وقبله والتزمه وقال: ما جاء بك؟ جعلني الله فداك، قال: جئت أسترضي أمير المؤمنين، قال: نعم أفعل ونعمة عين، وكلم الواثق فيه، فوعده ولم يرض عنه، فأعاد أحمد كلامه بعد ذلك، وسأل عنه بحق المعتصم إلا ما رضي عنه، فرضي عنه وكساه. فكان ذلك سبب سخط المتوكل على ابن الزيات، وإقباله على أحمد بن أبي دؤاد. 1147 - [حبان بن موسى السلمي] (1) حبان-بكسر الحاء، ثم موحدة-ابن موسى السلمي المروزي. سمع عبد الله بن المبارك وغيره. وروى عنه مسلم حديث الإفك فقط (2)، وأكثر البخاري الرواية عنه، وروى عنه غيرهما. وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. 1148 - [سليمان ابن بنت شرحبيل] (3) سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ابن بنت شرحبيل، أبو أيوب.

(1) «الجرح والتعديل» (3/ 271)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 10)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 124)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 284)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 345). (2) الحديث رقم (2770). (3) «الجرح والتعديل» (4/ 129)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 136)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 185)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 398)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 101).

1149 - [المازني النحوي]

سمع الوليد بن مسلم، وسعدان بن يحيى، ومحمد بن حمير وغيرهم. وروى عنه مسلم، والبخاري بواسطة وبغير واسطة. ولد سنة ثلاث وخمسين ومائة، وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 1149 - [المازني النحوي] (1) أبو عثمان بكر بن محمد المازني البصري، الإمام النحوي. توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين (2)، مذكور في الأصل. 1150 - [زهير بن حرب الحرشي] (3) أبو خيثمة زهير بن حرب بن شداد الحرشي النسائي. سكن بغداد، وسمع جرير بن عبد الحميد، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، ومحمد بن فضيل، ووهب بن جرير وغيرهم. وكان حافظا متقنا ضابطا، روى عنه البخاري، ومسلم وغيرهما. وتوفي في ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين ومائتين. 1151 - [سليمان بن داود الزهراني] (4) سليمان بن داود العتكي الزهراني أبو الربيع. قال الحافظ الرشيد: عتك وزهران بطنان من الأزد، ولا يمكن اجتماعهما في نسب شخص واحد إلا بتأويل.

(1) «تاريخ بغداد» (7/ 96)، و «وفيات الأعيان» (1/ 283)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 270)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 186)، و «مرآة الجنان» (2/ 109)، و «بغية الوعاة» (1/ 463). (2) في تاريخ وفاته خلاف، تبع المصنف هنا اليافعي في «مرآة الجنان» (2/ 109)، وذكره الذهبي في «العبر» (1/ 448) في وفيات سنة (247 هـ‍). (3) «الجرح والتعديل» (3/ 591)، و «تاريخ بغداد» (8/ 484)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 489)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 164)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 227)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 637). (4) «الجرح والتعديل» (4/ 113)، و «تاريخ بغداد» (9/ 40)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 676)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 180)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 389)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 93).

1152 - [يحيى بن يحيى الليثي]

قال أبو داود السجستاني: هو عتكي نزل زهران. سمع فليح بن سليمان، وإسماعيل بن زكريا، وحماد بن زيد وغيرهم. وروى عنه البخاري ومسلم وغيرهما. وتوفي سنة أربع وثلاثين ومائتين، وقيل: في آخر سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 1152 - [يحيى بن يحيى الليثي] (1) يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس الليثي الأندلسي أبو محمد، الإمام المالكي، المعتمد عليه في رواية «الموطأ» عن الإمام مالك. سمع مالك بن أنس، ويحيى بن مضر، والليث، وابن عيينة وغيرهم، وروى عنه بقي بن مخلد، ومحمد بن وضاح وغيرهما. وكان مالك يسميه عاقل الأندلس، وسبب ذلك: ما روي أنه كان في مجلس مالك مع جماعة من أصحابه، فقال قائل: جاء الفيل، فخرج أصحاب مالك كلهم لينظروا إليه ولم يخرج يحيى المذكور، فقال له مالك: لم لا تخرج فتراه؛ لأنه لا يكون بالأندلس؟ ! فقال: إنما جئت من بلدي لأنظر إليك وأعلم من هديك وعلمك، فأعجب به مالك، فسماه عاقل الأندلس، وانتهت إليه الرئاسة بالأندلس، وعنه انتشر بها مذهب مالك. يحكى أن صاحب الأندلس عبث بجارية من جواريه في رمضان، ولم يملك نفسه أن وقع عليها، فجمع الفقهاء وفيهم يحيى بن يحيى المذكور، وسألهم عن كفارة ذلك، فأجابوه بعتق رقبة، وسكت يحيى، فقيل له: ما تقول في ذلك؟ فقال: حتى أعلم صاحب القضية من هو، فقيل له: هو السلطان، فقال: لا يجزئه إلا صوم شهرين متتابعين، فناظره الفقهاء الحاضرون في ذلك وقالوا: خالفت إمامك في ذلك، فقال: إنما المقصود من الكفارة الزجر عن العود إلى مثل ذلك، وسهل على السلطان أن يواقع كل يوم في رمضان ويعتق فيه ثلاثين رقبة، وإنه يكون الزجر لمثله صوم شهرين، فاستحسن السلطان جوابه واعتمده. توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين.

(1) «تاريخ علماء الأندلس» (2/ 176)، و «جذوة المقتبس» (ص 382)، و «وفيات الأعيان» (6/ 143)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 519)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 414)، و «مرآة الجنان» (2/ 113)، و «الديباج المذهب» (2/ 333)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 399).

1153 - [محمد بن عبد الله الخارفي]

1153 - [محمد بن عبد الله الخارفي] (1) محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي الخارفي أبو عبد الرحمن. سمع أباه، ومحمد بن بشر، وعبد الله بن إدريس وغيرهم. وروى عنه البخاري ومسلم وغيرهما. توفي في شعبان-أو رمضان-سنة أربع وثلاثين ومائتين. 1154 - [محمد بن أبي بكر المقدمي] (2) محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم الثقفي، المعروف بالمقدمي نسبة إلى جده البصري، أبو عبد الله، وهو ابن أخي عمر بن علي. سمع المعتمر بن سليمان، وفضيل بن سليمان وغيرهما. وروى عنه البخاري بواسطة وبغيرها، وروى عنه مسلم وغيره. توفي أول سنة أربع وثلاثين ومائتين. 1155 - [إسحاق الموصلي النديم] (3) إسحاق بن إبراهيم بن ماهان التميمي الموصلي النديم، كان رأسا في صناعة الطرب والموسيقى، مذكور في الأصل. توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين. وكان له يد طولى في الفقه والحديث وعلم الكلام.

(1) «الجرح والتعديل» (7/ 307)، و «تاريخ بغداد» (3/ 47)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 455)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 330)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 304)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 618). (2) «الجرح والتعديل» (7/ 213)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 660)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 312)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 259)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 523)، و «شذرات الذهب» (3/ 160). (3) «تاريخ بغداد» (6/ 336)، و «المنتظم» (6/ 438)، و «وفيات الأعيان» (1/ 202)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 118)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 92)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 388)، و «مرآة الجنان» (2/ 114)، و «البداية والنهاية» (10/ 762)، و «شذرات الذهب» (3/ 161).

1156 - [أبو بكر ابن أبي شيبة]

قال محمد بن عطية الشاعر: كنت في مجلس القاضي يحيى بن أكثم، فوافى إسحاق بن إبراهيم الموصلي، وأخذ يناظر أهل الكلام حتى انتصف منهم، ثم تكلم في الفقه فأحسن وقاس واحتج، وتكلم في الشعر واللغة ففاق من حضر، ثم أقبل على القاضي يحيى بن أكثم فقال: أعز الله القاضي، أفي شيء مما ناظرت فيه وحكيت نقص أو مطعن؟ قال: لا، قال: فما بالي أقوم بسائر هذه العلوم مقام أهلها وأنسب إلى فن واحد اقتصر الناس عليه؟ ! يعني الغناء، قال ابن عطية المذكور: فالتفت إليّ القاضي يحيى وقال: الجواب في هذا عليك، وكان الراوي المذكور من أهل الجدل، فقال للقاضي يحيى: نعم أعز الله القاضي، الجواب علي، ثم أقبل على إسحاق وقال: يا أبا محمد؛ أنت في النحو كالفراء أو الأخفش؟ فقال: لا، قال: فأنت في علم الكلام كأبي الهذيل العلاّف والنظام البلخي؟ قال: لا، قال: فأنت في الفقه كالقاضي، وأشار إلى القاضي يحيى؟ قال: لا، قال: فمن ههنا نسبت إلى ما نسبت إليه؛ لأنه لا نظير لك فيه، وأنت في غيره دون رؤساء أهله، فضحك وقام وانصرف، فقال القاضي يحيى لابن عطية: لقد وفيت الحجة حقها، وفيها ظلم قليل لإسحاق؛ فإنه ممن يقل في الزمان نظيره. 1156 - [أبو بكر ابن أبي شيبة] (1) عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، واسم أبي شيبة: إبراهيم بن عثمان، العبسي الكوفي، المعروف بأبي بكر ابن أبي شيبة، أخو عثمان والقاسم. سمع أبا عوانة، وسفيان بن عيينة، وجعفر بن عون وغيرهم. وروى عنه البخاري، ومسلم وغيرهما، وله تصانيف كبار. قال أبو زرعة: ما رأيت أحفظ منه. وقال أبو عبيد: انتهى علم الحديث إلى أربعة: أبو بكر ابن أبي شيبة وهو أسردهم، وابن معين وهو أجمعهم، وأحمد ابن حنبل وعلي بن المديني؛ فأحمد أفقههم فيه، وابن المديني أعلمهم به.

(1) «الجرح والتعديل» (5/ 160)، و «تاريخ بغداد» (10/ 66)، و «تهذيب الكمال» (16/ 34)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 122)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 227)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 432)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 442)، و «مرآة الجنان» (2/ 116)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 419)، و «شذرات الذهب» (3/ 165).

1157 - [أبو الهذيل العلاف]

وقال نفطويه: لما قدم أبو بكر ابن أبي شيبة بغداد في أيام المتوكل .. حزروا مجلسه بثلاثين ألفا. توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين. 1157 - [أبو الهذيل العلاّف] (1) أبو الهذيل العلاّف مولى عبد القيس. شيخ المعتزلة بالبصرة، صاحب مقالات في مذهبهم ومجالس ومناظرات، حسن الجدال، قوي الحجة، كثير الاستعمال للأدلة والإلزامات. توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين، وقيل: سنة سبع وعشرين، وله نحو مائة سنة. 1158 - [سريج العابد] (2) سريج بن يونس البغدادي، العابد المشهور بالصلاح، أحد أئمة الحديث، وهو جد الإمام أبي العباس ابن سريج. يروى أنه رأى الباري سبحانه في المنام فقال له: تمنّ، فقال بالفارسية ما معناه: رأسا برأس؛ أي: السلامة لا لي ولا عليّ. توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين. 1159 - [منصور بن أبي مزاحم] (3) منصور بن أبي مزاحم-واسم أبي مزاحم: بشير-الأزدي مولاهم، أبو نصر، من أهل بغداد.

(1) «تاريخ بغداد» (4/ 136)، و «المنتظم» (6/ 444)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 348)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 161)، و «مرآة الجنان» (2/ 116)، و «شذرات الذهب» (3/ 165). (2) «الجرح والتعديل» (4/ 305)، و «تاريخ بغداد» (9/ 217)، و «وفيات الأعيان» (1/ 169)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 146)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 169)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 142)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 686). (3) «الجرح والتعديل» (8/ 170)، و «تاريخ بغداد» (13/ 80)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 367)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 159).

1160 - [شجاع بن مخلد البغوي]

سمع إبراهيم بن سعد، وعبد الله بن المبارك، ومالك بن أنس، ويحيى بن حمزة وغيرهم. وروى عنه مسلم وغيره. توفي لست بقين من ذي القعدة سنة خمس وثلاثين ومائتين. 1160 - [شجاع بن مخلد البغوي] (1) شجاع بن مخلد البغوي أبو الفضل، سكن بغداد. سمع يحيى بن زكريا، وإسماعيل ابن علية، وحسينا الجعفي وغيرهم. وروى عنه مسلم وغيره. وتوفي سنة خمس وثلاثين ومائتين. 1161 - [شيبان الحبطي] (2) شيبان بن فروخ الحبطي الأبلّي أبو محمد. سمع سليمان بن المغيرة، ومهدي بن ميمون وغيرهما. وروى عنه مسلم وغيره. وتوفي سنة خمس-أو ست-وثلاثين ومائتين. 1162 - [عبيد الله بن عمر القواريري] (3) عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي مولاهم القواريري البصري أبو سعيد. سمع خالد بن الحارث، وسفيان بن عيينة، وأبا عوانة وغيرهم.

(1) «الجرح والتعديل» (4/ 379)، و «تاريخ بغداد» (9/ 251)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 195)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 117)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 153). (2) «الجرح والتعديل» (4/ 357)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 101)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 196)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 200)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 184). (3) «الجرح والتعديل» (5/ 327)، و «تاريخ بغداد» (10/ 319)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 442)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 264)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 23).

1163 - [علي بن زياد الكناني]

وروى عنه البخاري، ومسلم وغيرهما. وتوفي يوم الجمعة لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ومائتين. 1163 - [علي بن زياد الكناني] (1) أبو الحسن علي بن زياد الكناني، ويقال له: الزيادي نسبة إلى زياد-بالمثناة تحت-قال الجندي: (أظنها إلى أبيه المذكور)، وقال الخزرجي: (الظاهر أنها إلى جد له أعلى يسمى زيادا) (2). ولد على رأس ستين ومائة. وكان فقيها صالحا، أخذ عن الفقيه أحمد الرعرعي، وعن أبي قرة موسى بن طارق الزبيدي، وشهر بصحبته، حتى كان لا يعرف حتى يقال: علي بن زياد صاحب أبي قرة. وكان يسكن قرية من أعمال لحج يقال لها: الهذابي، بفتح الهاء والذال المعجمة، ثم ألف، ثم موحدة، ثم ياء النسب. يروى: أن وادي لحج انقطع في بعض السنين، وللفقيه أرض في أعلى الوادي تعرف بالجرب-بكسر الجيم وسكون الراء ثم موحدة-وإذا بسحابة قد أقبلت، فصبت على أرض الفقيه ما أرواها كعادة الوادي، ثم قدم رجل غريب يسأل عن الفقيه، فأرسل إليه، فجعل يلازمه في الدعاء والتبرك، فسئل عن سبب ذلك فقال: كنت في البلد الفلانية؛ وإذ بي انظر إلى سحابة تسير وخلفها قائل يقول: اذهبي إلى الحج من أرض اليمن فاسقي أرض الفقيه الزيادي، ولم تزل هذه الأرض تعفى عن الخراج إلى أيام المظفر، فضرب عليها بعض المتصرفين الخراج عنادا، فعزم بعض ذرية الفقيه إلى الإمام أحمد بن موسى بن عجيل، وشكا عليه ذلك، فكتب ابن العجيل إلى المظفر يحقق له الأمر، وأخبره أن هذه الأرض لرجل من أكابر العلماء الصالحين، ولم تزل تعفى عن الخراج، فكتب لهم المظفر المسامحة، وهي معفاة إلى الآن. وكان الفقيه مشقر المشهور بالفضل والصلاح إذا حصل عليه كرب .. قال لأصحابه:

(1) «السلوك» (1/ 146)، و «العطايا السنية» (ص 442)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 282)، و «تحفة الزمن» (1/ 99)، و «طبقات الخواص» (ص 217)، و «هجر العلم» (4/ 2323). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 282).

1164 - [إبراهيم بن المنذر الحزامي]

اذهبوا إلى الجرب أرض الفقيه الزيادي فيخرج من قريته بنا أبّه العليا ومن وافقه من أصحابه إلى الأرض المذكورة، وهي منتزحة عن القرية في صعيد البلد، فإذا وصل إليها .. زال عنه ما يجده. توفي الفقيه المذكور سنة خمس وثلاثين-وقيل: أربعين-ومائتين. 1164 - [إبراهيم بن المنذر الحزامي] (1) إبراهيم بن المنذر الحزامي المدني أبو إسحاق. سمع الوليد بن مسلم، وأنس بن عياض، ومعن بن عيسى وغيرهم. روى عنه البخاري بواسطة وبغيرها، وروى عنه غير البخاري. وتوفي سنة ست وثلاثين ومائتين. 1165 - [مصعب بن عبد الله الزبيري] (2) مصعب بن عبد الله بن مصعب الأسدي الزبيري، الحافظ النسابة الأخباري. قال الزبير بن بكار: كان عمي مصعب وجه قريش مروءة وعلما وشرفا وقدرا وجاها، وكان نسابة قريش. توفي سنة ست وثلاثين ومائتين. 1166 - [الحسن بن سهل] (3) الحسن بن سهل وزير المأمون، أخو الفضل بن سهل. كان أخوه الفضل وزيرا قبله، فلما قتل .. ولى المأمون الوزارة أخاه الحسن

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 139)، و «تاريخ بغداد» (6/ 177)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 689)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 71)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 150)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 87). (2) «الجرح والتعديل» (8/ 309)، و «تاريخ بغداد» (13/ 113)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 30)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 362)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 85). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 184)، و «تاريخ بغداد» (7/ 331)، و «المنتظم» (6/ 449)، و «وفيات الأعيان» (2/ 120)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 171)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 131)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 37)، و «مرآة الجنان» (2/ 116)، و «شذرات الذهب» (3/ 167).

1167 - [هدبة بن خالد القيسي]

المذكور، وكان الحسن عالي الهمة، كثير العطاء للشعراء وغيرهم، قصده بعض الشعراء وأنشده: [من الوافر] تقول خليلتي لما رأتني … أشدّ مطيتي من بعد حلّ أبعد الفضل ترتحل المطايا … فقلت نعم إلى الحسن بن سهل خرج يوما مع المأمون يشيعه، فلما عزم على مفارقته .. قال له المأمون: يا أبا محمد؛ ألك حاجة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين؛ تحفظ علي من قلبك ما لا أستطيع حفظه إلا بك. وقال بعضهم: حضرت مجلس الحسن بن سهل، وقد كتب لرجل شفاعة، فجعل الرجل يشكره، فقال له الحسن: يا هذا؛ علام تشكرنا؟ إنما نريد الشفاعات زكاة مروءتنا. وقد قدمنا الكلفة العظيمة التي احتملها الحسن في دخول المأمون بابنته بوران (1)، ولم يزل على وزارة المأمون إلى أن ثارت عليه المرّة السوداء؛ لكثرة حزنه على أخيه الفضل لما قتل. توفي الحسن سنة ست وثلاثين ومائتين. 1167 - [هدبة بن خالد القيسي] (2) هدبة بن خالد بن الأسود بن هدبة القيسي البصري الحافظ أبو خالد، وهو أخو أمية بن خالد، ويقال: إن اسمه: هداب، وهدبة لقب. سمع هماما، وحماد بن سلمة، وسليمان بن المغيرة وغيرهم. روى عنه البخاري ومسلم. قال عبدان: كنا لا نصلي خلف هدبة؛ مما يطول بنا، كان يسبح في الركوع والسجود ستا وثلاثين تسبيحة. توفي سنة ست-أو خمس، أو سبع، أو ثمان-وثلاثين ومائتين.

(1) انظر (2/ 444). (2) «الجرح والتعديل» (9/ 114)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 97)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 388)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 465)، و «مرآة الجنان» (2/ 117)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 263)، و «شذرات الذهب» (3/ 167).

1168 - [أبو معمر الهذلي]

1168 - [أبو معمر الهذلي] (1) إسماعيل بن إبراهيم بن معمر بن الحسن الهذلي الهروي، سكن بغداد. سمع أبا أسامة، وسفيان بن عيينة، وعلي بن هاشم وغيرهم. وروى عنه البخاري بواسطة وبغيرها، وروى عنه مسلم وغيرهما. وتوفي سنة ست وثلاثين ومائتين. 1169 - [حاتم الأصم] (2) الشيخ الولي الكبير حاتم الأصم، ولم يكن به صمم، وإنما عرف بذلك؛ لأنه جاءته امرأة فكلمته في شيء، فسمع منها صوتا فقال لها: أسمعيني ما تقولين؛ فإني أصم، فذهب عنها ما نزل بها من الخجل، ثم اتخذ الصمم عادة حتى عرف به. وكان يقال له لقمان هذه الأمة؛ لما انفجر منه من ينابيع الحكمة. ووعظه لقاضي الري محمد بن مقاتل مشهور. توفي سنة سبع وثلاثين ومائتين. 1170 - [وثيمة الوشاء] (3) وثيمة بن موسى الوشّاء، كان يتجر في الوشي الفارسي. مصنف كتاب «الردة» ذكر فيه القبائل التي ارتدت بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم، والسرايا التي سيرها أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وصورة مقاتلتهم، وما جرى بينهم وبين

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 157)، و «تاريخ بغداد» (6/ 264)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 69)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 100)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 75)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 139). (2) «الجرح والتعديل» (3/ 260)، و «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 91)، و «حلية الأولياء» (8/ 73)، و «تاريخ بغداد» (8/ 236)، و «الرسالة القشيرية» (1/ 124)، و «وفيات الأعيان» (2/ 26)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 484)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 118)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 233)، و «طبقات الأولياء» (ص 178). (3) «الجرح والتعديل» (1/ 51)، و «تاريخ علماء الأندلس» (2/ 165)، و «جذوة المقتبس» (ص 363)، و «الأنساب» (5/ 604)، و «معجم الأدباء» (7/ 184)، و «وفيات الأعيان» (2/ 12)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 394)، و «مرآة الجنان» (2/ 118)، و «شذرات الذهب» (3/ 171).

1171 - [عبد الأعلى النرسي]

المسلمين في ذلك، ومن عاد منهم إلى الإسلام، وقتال مانعي الزكاة، وما جرى لخالد بن الوليد المخزومي مع مالك بن نويرة اليربوعي أخي متمم بن نويرة الشاعر صاحب المراثي المشهورة في أخيه مالك، وصورة قتله، وما قاله متمم وغيره من الشعراء في ذلك، وهو كتاب جيد يشتمل على فوائد كثيرة. توفي وثيمة سنة سبع وثلاثين ومائتين، وهو مذكور في الأصل. وصنف الواقدي: كتابا في الردة أيضا أجاد فيه. 1171 - [عبد الأعلى النرسي] (1) عبد الأعلى بن حماد بن نصر النّرسي، وإنما قيل له: النرسي؛ لأن جده كان اسمه نصرا، فقال بعض النبط فيه: نرس، فصار لقبا لهم، وعرفوا به، يكنى عبد الأعلى: أبا يحيى، سكن بغداد. سمع وهيب بن خالد، ويزيد بن زريع، ومالك بن أنس، وسفيان بن عيينة وغيرهم. وروى عنه البخاري، ومسلم. وتوفي في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين ومائتين. 1172 - [عبيد الله بن معاذ العنبري] (2) عبيد الله بن معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان العنبري التميمي البصري، أسن من أخيه المثنى بن معاذ، يكنى: أبا عمرو. سمع أباه وغيره، وروى عنه محمد بن النضر، وحماد بن حميد، ومسلم بن الحجاج وغيرهم. توفي سنة سبع-أو ثمان-وثلاثين ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (6/ 29)، و «تاريخ بغداد» (11/ 75)، و «الأنساب» (5/ 480)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 28)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 235)، و «شذرات الذهب» (3/ 170). (2) «الجرح والتعديل» (5/ 335)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 384)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 266)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 27)، و «شذرات الذهب» (3/ 171).

1173 - [فضيل بن الحسين الجحدري]

1173 - [فضيل بن الحسين الجحدري] (1) فضيل بن الحسين الجحدري أبو كامل البصري. سمع حماد بن زيد، وأبا عوانة، ويحيى القطان وغيرهم. وروى عنه مسلم وغيره. وتوفي سنة سبع-أو تسع-وثلاثين ومائتين. 1174 - [عبد الله بن عامر الحضرمي] (2) عبد الله بن عامر بن زرارة الحضرمي أبو عامر، وقيل: أبو محمد. سمع محمد بن فضيل بن غزوان، وعلي بن مسهر وغيرهما. وروى عنه مسلم وغيره. وتوفي سنة سبع وثلاثين ومائتين. 1175 - [إسحاق بن راهويه] (3) إسحاق بن راهويه الحنظلي المروزي النيسابوري الحافظ، عالم المشرق. قال: ما سمعت شيئا قط إلا وحفظته، ولا حفظت شيئا قط فنسيته. توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين، مذكور في الأصل. 1176 - [أبو علي النيسابوري] (4) أبو علي النيسابوري الحافظ. رحل وأكثر عن أبي بكر بن عياش، وابن عيينة وطبقتهما.

(1) «الجرح والتعديل» (7/ 71)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 111)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 296)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 397)، و «شذرات الذهب» (3/ 171). (2) «الجرح والتعديل» (5/ 123)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 217)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 226)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 362). (3) «الجرح والتعديل» (2/ 209)، و «تاريخ بغداد» (6/ 343)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 358)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 80)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 433)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 386)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 112). (4) «الجرح والتعديل» (3/ 65)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 383)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 142)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 437)، و «شذرات الذهب» (3/ 173).

1177 - [أبو المطرف صاحب الأندلس]

وعرض عليه قضاء نيسابور، فاختفى ودعا الله فمات في اليوم الثالث. وتوفي في سنة ثمان وثلاثين ومائتين. 1177 - [أبو المطرف صاحب الأندلس] (1) عبد الرحمن بن الحكم بن هشام، صاحب الأندلس. كان محمود السيرة، عادلا جوادا مفضالا، له نظر في العقليات، ويهتم بالجهاد، ويقيم للناس الصلوات. توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وقد نيف على الستين، وكانت أيامه اثنتين وثلاثين سنة. 1178 - [يحيى بن سليمان الجعفي] (2) يحيى بن سليمان الكوفي المقرئ الحافظ أبو سعيد. سمع عبد الله بن وهب وغيره، روى عنه البخاري في (كتاب العلم) من «صحيحه» (3). سكن مصر وحدث بها. وتوفي سنة ثمان-أو سبع-وثلاثين ومائتين. 1179 - [عباس بن الوليد النرسي] (4) عباس-بموحدة، وآخره مهملة-ابن الوليد بن نصر النرسي أبو الفضل، ابن عم

(1) «جذوة المقتبس» (ص 6)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 143)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 238)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 84)، و «مرآة الجنان» (2/ 122)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 292)، و «شذرات الذهب» (3/ 174). (2) «الجرح والتعديل» (9/ 154)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 399)، و «ميزان الاعتدال» (4/ 382)، و «مرآة الجنان» (2/ 122)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 363)، و «شذرات الذهب» (3/ 175). (3) الحديث رقم (114). (4) «الجرح والتعديل» (6/ 214)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 27)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 211)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 652)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 296).

1180 - [محمد بن بكار البغدادي]

عبد الأعلى بن حماد النرسي، مولى باهلة، البصري. سمع عبد الواحد بن زياد، ومعتمر بن سليمان، ويزيد بن زريع وغيرهم. روى عنه البخاري، ومسلم وغيرهما. وتوفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين. 1180 - [محمد بن بكار البغدادي] (1) محمد بن بكار بن الريان البغدادي أبو عبد الله. سمع محمد بن طلحة بن مصرف، وإسماعيل بن زكريا، وأبا معشر وغيرهم، وروى عنه مسلم في «صحيحه». ولد سنة خمس وأربعين ومائة، وتوفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر وهو ابن ثلاث وتسعين سنة. 1181 - [عثمان ابن أبي شيبة] (2) عثمان بن محمد بن أبي شيبة-واسم أبي شيبة: إبراهيم بن عثمان-العبسي الكوفي، أبو الحسن، وهو أسن من أخيه أبي بكر. سمع جرير بن عبد الحميد، وعبدة بن سليمان، وهشيما، وطلحة بن يحيى وغيرهم. وروى عنه البخاري، ومسلم وغيرهما. رحل وطوف وصنف «التفسير» و «المسند»، وحضر مجلسه ثلاثون ألفا. ولد سنة ست وخمسين ومائة، وتوفي سنة تسع وثلاثين ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (7/ 212)، و «تاريخ بغداد» (2/ 98)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 112)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 311)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 255)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 521). (2) «الجرح والتعديل» (6/ 166)، و «المنتظم» (6/ 473)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 151)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 270)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 444)، و «مرآة الجنان» (2/ 122)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 77)، و «شذرات الذهب» (3/ 177).

1182 - [داود بن رشيد الخوارزمي]

1182 - [داود بن رشيد الخوارزمي] (1) داود بن رشيد-بضم الراء مصغرا-الهاشمي مولاهم الخوارزمي. سكن بغداد، وسمع الوليد بن مسلم، وإسماعيل ابن علية، ويحيى بن سعيد وغيرهم. روى عنه محمد بن عبد الرحيم صاعقة، ومسلم وغيرهما، وكف بصره. وتوفي سنة تسع وثلاثين ومائتين. 1183 - [أبو جعفر الجمال] (2) محمد بن مهران الرازي أبو جعفر الجمال بالجيم. سمع الوليد بن مسلم، وعيسى بن يونس، وحاتم بن إسماعيل وغيرهم. وروى عنه البخاري، ومسلم. وتوفي سنة تسع-أو ثمان-وثلاثين ومائتين. 1184 - [محمود بن غيلان المروزي] (3) محمود بن غيلان العدوي مولاهم المروزي أبو أحمد. سمع عبد الرزاق، وشبابة، وأبا أسامة وغيرهم. روى عنه البخاري، ومسلم. وتوفي في شهر رمضان سنة تسع وثلاثين ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (3/ 412)، و «تاريخ بغداد» (8/ 364)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 133)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 155)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 470)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 563). (2) «الجرح والتعديل» (8/ 93)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 347)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 448)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 81)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 712). (3) «الجرح والتعديل» (8/ 291)، و «تاريخ بغداد» (13/ 89)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 223)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 354)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 36).

1185 - [أحمد بن أبي دؤاد]

1185 - [أحمد بن أبي دؤاد] (1) أحمد بن أبي دؤاد-بمهملتين-الإيادي قاضي القضاة. توفي سنة أربعين ومائتين عن ثمانين سنة. كان مقدما، مسموع الكلمة عند المأمون ثم المعتصم ثم الواثق ثم المتوكل، وفلج في أيام المتوكل؛ وعزل، وصودر وأخذ منه مال جزيل، مذكور في الأصل. ومما لم يذكر في الأصل: أن الواثق أمر ألاّ يرى أحد من الناس الوزير محمد بن عبد الملك الزيات إلا قام له، وكان بين الوزير وبين القاضي ابن أبي دؤاد وحشة، فكان ابن أبي دؤاد إذا رأى ابن الزيات .. قام مستقبلا، وأحرم بركعتين، فقال ابن الزيات: [من الكامل] صلّى الضحى لمّا استفاد عداوتي … وأراه ينسك بعدها ويصوم لا تعد من عداوة مسمومة … تركتك تقعد تارة وتقوم وهو أول من ابتدأ الخلفاء بالكلام، وكانوا قبله لا يكلمون حتى يبدءوا هم بالكلام. أمر المعتصم بضرب عنق محمد بن الهجم البرمكي، وقد أقيم في النطع، وشد رأسه، وهزّ له السيف، فقال ابن أبي دؤاد للمعتصم: وكيف تأخذ ماله إذا قتلته؟ قال: ومن يحول بيني وبينه؟ ! قال: يأبى الله، ويأباه رسوله صلّى الله عليه وسلم، ويأباه عدل أمير المؤمنين؛ فإن المال للوارث إذا قتلته حتى تقيم البينة على ما فعله، وأمره باستخراج ما اختانه أقرب عليك وهو حي، فقال: احبسوه حتى يناظر، فأخر أمره على مال حمله، وخلص بلطف الله تعالى. قال أبو العيناء: حسد أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي، واحتيل عليه حتى شهد عليه بجناية وقتل عند الأفشين، فأخذه ببعض أسبابه، وجلس له، وأحضر السياف ليقتله، فبلغ ابن أبي دؤاد الخبر، فركب في وقته مع من حضر من عدوله، ودخل على الأفشين، وقد جيء بأبي دلف ليقتل، فقال ابن أبي دؤاد للأفشين: أنا رسول أمير المؤمنين إليك، وقد

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 197)، و «تاريخ بغداد» (4/ 365)، و «المنتظم» (6/ 477)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 149)، و «وفيات الأعيان» (1/ 81)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 169)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 40)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 281)، و «مرآة الجنان» (2/ 122)، و «البداية والنهاية» (10/ 767)، و «شذرات الذهب» (3/ 179)

1186 - [أبو ثور الكلبي]

أمرك ألاّ تحدث في القاسم بن عيسى حدثا حتى تسلمه إلي، ثم التفت إلى العدول وقال: اشهدوا أني قد أديت الرسالة إليه والقاسم حي معافى، فقالوا: شهدنا، وخرج، فلم يقدر الأفشين على أن يحدث في القاسم مكروها، وسار ابن أبي دؤاد إلى المعتصم من وقته وقال: يا أمير المؤمنين؛ قد أديت عنك رسالة لم تقلها لي، ما أعتد بعمل خير خيرا منها، وإني لأرجو لك الجنة بها، ثم أخبره الخبر، فصوب رأيه، ووجّه من أحضر القاسم، فأطلقه ووهب له، وعنف الأفشين فيما عزم عليه. قال بعضهم: ما رأيت قط أطوع لأحد من المعتصم لابن أبي دؤاد، وكان يسأل الشيء فيمتنع منه، ثم يدخل ابن أبي دؤاد فيكلمه في أهله، وفي أهل الثغور، وفي الحرمين، وفي أقاصي أهل المشرق والمغرب، فيجيبه إلى كل ما يريد، ولقد كلمه يوما في مقدار ألف ألف درهم ليحفر بها نهرا في أقصى خراسان، فقال له المعتصم: وما علي من هذا النهر؟ فقال: يا أمير المؤمنين؛ إن الله سائلك عن النظر في أقصى رعيتك كما يسألك عن النظر في أدناها، ولم يزل يرفق به حتى أطلقها. وقال الحسين بن الضحاك الشاعر لبعض المتكلمين: ابن أبي دؤاد عندنا لا يعرف اللغة، وعندكم لا يحسن الكلام، وعند الفقهاء لا يعرف الفقه، وهو عند المعتصم يعرف هذا كله. وقال أحمد بن عبد الرحمن الكلبي: ابن أبي دؤاد روح من قرنه إلى قدمه. 1186 - [أبو ثور الكلبي] (1) إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي المعروف بأبي ثور، أحد الأئمة الأعلام. توفي سنة أربعين ومائتين، مذكور في الأصل. قال أحمد ابن حنبل: هو عندي في مسلاخ سفيان الثوري، أعرفه بالسنة من خمسين سنة (2).

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 97)، و «تاريخ بغداد» (6/ 63)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 72)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 63)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 64). (2) المسلاخ: الجلد، والمراد: هو مثله في هيئته وطريقته.

1187 - [أبو علي الماسرجسي]

1187 - [أبو علي الماسرجسي] (1) الحسن بن عيسى بن ماسرجس الحنظلي النيسابوري أبو علي مولى عبد الله بن المبارك. أسلم على يدي عبد الله بن المبارك، وسمع الكثير من ابن المبارك، وسمع من أبي الأحوص وغيره. وكان ورعا دينا، حدث ببغداد، قعد في مجلسه اثنا عشر ألف محبرة. وتوفي بالثّعلبية منزل على طريق الحاج العراقي، بينها وبين الكوفة عشرة أيام منصرفا من الحج سنة أربعين ومائتين. 1188 - [سحنون] (2) أبو سعيد عبد السلام بن سعيد المعروف بسحنون، لقب بذلك؛ لحدة ذهنه وذكائه بطائر حديد في المغرب يسمى بسحنون، المغربي المالكي، صاحب «المدونة». وأصل «المدونة» مسائل أخذها عن ابن القاسم، وكانت غير مرتبة فرتب سحنون أكثرها، وبوبها على ترتيب التصانيف، واحتج لبعض مسائلها بالآثار، وأول من شرع في جمع «المدونة» أسد بن الفرات الفقيه المالكي بعد رجوعه من العراق من أسئلة سأل عنها ابن القاسم، وكتبها عنه سحنون، ثم رحل بها إلى ابن القاسم، فعرضها عليه، فأصلح فيها مسائل وحررها، ورجع بها إلى القيروان، وعلى نسخته يعتمدون. أخذ سحنون عن ابن القاسم، وابن وهب، وأشهب. وتوفي سنة أربعين ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (3/ 31)، و «تاريخ بغداد» (7/ 363)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 27)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 134)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 199)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 411)، و «شذرات الذهب» (3/ 181). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 180)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 63)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 247)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 425)، و «مرآة الجنان» (2/ 131)، و «البداية والنهاية» (10/ 772)، و «الديباج المذهب» (2/ 29)، و «شذرات الذهب» (3/ 182)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 151).

1189 - [عبد العزيز بن يحيى الكناني]

1189 - [عبد العزيز بن يحيى الكناني] (1) عبد العزيز بن يحيى الكناني المكي، صاحب «الحيدة». سمع من سفيان بن عيينة، وناظر بشرا المريسي فقطعه، وهو معدود في أصحاب الشافعي. توفي سنة أربعين ومائتين. 1190 - [أبو العميثل] (2) عبد الله بن خليد أبو العميثل-بفتح العين المهملة والميم والمثلثة، وسكون المثناة من تحت بعد الميم-مولى جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس. كان يفخّم الكلام ويعربه، وكان كاتب عبد الله بن طاهر وشاعره، وكاتب أبيه طاهر من قبله، مذكور في الأصل (3). 1191 - [خليفة بن خياط] (4) خليفة بن خياط العصفري البصري أبو عمرو. سمع معتمرا وغيره، وروى عنه البخاري في «صحيحه» حديثا واحدا في (الدعوات) (5). توفي سنة أربعين ومائتين.

(1) «تاريخ بغداد» (10/ 448)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 256)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 565)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (2/ 144)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 598). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 89)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 215)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 160)، و «مرآة الجنان» (2/ 130)، و «البداية والنهاية» (10/ 771). (3) توفي سنة (240 هـ‍). (4) «الجرح والتعديل» (3/ 378)، و «الأنساب» (4/ 203)، و «وفيات الأعيان» (2/ 243)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 472)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 152)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 381)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 551). (5) «صحيح البخاري» (6305).

1192 - [سويد الحدثاني]

1192 - [سويد الحدثاني] (1) سويد بن سعيد بن سهل بن شهريار الهروي، سكن الحديثة؛ حديثة النورة، قرية تحت عانة وفوق الأنبار، يكنى أبا محمد. سمع مروان بن معاوية، وعلي بن مسهر، وسفيان بن عيينة وغيرهم. وروى عنه مسلم في «صحيحه» وغيره. وتوفي سنة أربعين ومائتين. 1193 - [قتيبة بن سعيد الثقفي] (2) قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله الثقفي مولاهم البغلاني بغلان بلخ أبو رجاء، قيل: قتيبة لقب، واسمه: يحيى، وقيل: علي. سمع الليث بن سعد، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس وغيرهم. وروى عنه البخاري ومسلم في «صحيحيهما». ولد سنة ثمان وأربعين ومائة، وتوفي ليومين خليا من شهر رمضان سنة أربعين ومائتين. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما ***

(1) «الجرح والتعديل» (4/ 240)، و «تاريخ بغداد» (9/ 227)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 410)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 190)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 52)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 133). (2) «الجرح والتعديل» (7/ 140)، و «تاريخ بغداد» (12/ 460)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 13)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 299)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 431)، و «شذرات الذهب» (3/ 182).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والعشرون بعد المائتين فيها: ابتدئ بناء مدينة سر من رأى، وكان السبب في بنائها ما تقدم ذكره في السنة التي قبل هذه (1). وفيها: توفي الإمام الرباني أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي الحارثي المدني الزاهد، والمحدث عاصم بن علي، وهشام بن عبيد الله الرازي، وعبدان. *** السنة الثانية والعشرون بعد المائتين فيها: التقى الأفشين مع بابك الخرّمي، فكانت بينهما وقعة عظيمة انهزم فيها بابك الخرمي، وفتحت مدينته في رمضان بعد حصار شديد، وأسر جميع خواصه وأولاده، واختفى بابك في غيضة، ثم خرج من الغيضة في طريق يعرفها في الجبل، وانفلت ووصل إلى جبال أرمينية، ثم أسر، وحمله الأفشين إلى بغداد مقيدا، وكان يوم دخوله بغداد يوما مشهودا (2). وفيها: غضب المعتصم على وزيره الفضل بن مروان، وغرمه ألف ألف دينار وست مائة ألف دينار، وحبسه ثم رضي عنه. وقيل: إنه بلغ قيمة ما أخذ منه عشرة آلاف ألف دينار (3). وفيها: توفي الحافظ أبو اليمان الحكم بن نافع البهراني الحمصي، وأبو عمرو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي مولاهم البصري الحافظ، محدث البصرة، سمع من ثمان مائة شيخ بالبصرة، وكان يقول: ما أتيت حراما ولا حلالا قط، والحافظ عمر بن حفص بن غياث، والمحدث يحيى بن صالح.

(1) لم نجد أين تقدم ذلك، وانظر السبب في بنائها «المنتظم» (6/ 295)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 15). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 31)، و «المنتظم» (6/ 315)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 25)، و «العبر» (1/ 383). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 18)، و «المنتظم» (6/ 298)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 16)، وفيها أن هذه الحادثة كانت سنة (220 هـ‍).

السنة الثالثة والعشرون بعد المائتين

السنة الثالثة والعشرون بعد المائتين فيها: قدم الأفشين على المعتصم ببابك الخرمي وأخيه أسيرين، فحمل بابك على الفيل وطيف به، ثم قطعت يداه ورجلاه، ثم ضربت عنقه، وذلك بسرّمن رأى، وبعث بأخيه إلى بغداد، ففعل به مثل ذلك (1). وفيها: أغارت الروم على زبطرة وملطية، وسبوا المسلمات، فنهض إليهم المعتصم، ففتح أنقرة وعمورية، وقتل بها ثلاثين ألفا، وسبى مثلهم (2). وفيها: بايع جماعة من القواد منهم عجيف وأحمد بن الخليل بن هشام والعباس بن المأمون على أن يفتكوا بالمعتصم والأفشين وأشناس وإيتاخ وغيرهم، ورتب كل واحد منهم رجلا من خاصته للفتك به، وجعلوا بينهم موعدا بعد انقضاء حرب الروم، وخافوا أن يفد الغزاة، فظهر أمرهم قبل الموعد، فحبس العباس بن المأمون إلى أن مات في الحبس، وقتل عجيف وجماعة من المماثلين له (3). وفيها: خالد بن خداش المهلبي البصري المحدث، وعبد الله بن صالح المصري الحافظ كاتب الليث، والحافظ أبو بكر بن أبي الأسود قاضي همذان، وكان حافظا متقنا، والحافظ موسى بن إسماعيل البصري أحد أركان الحديث، ومحمد بن سنان العوقي. *** السنة الرابعة والعشرون بعد المائتين فيها: أظهر المازيار-بالزاي ثم ياء آخر الحروف ثم راء-ابن قارن الخلاف بطبرستان، وحمل من خالفه من أهل آمل مكبلين بالحديد، وخرب سورها وسور سارية وجرجان والري، وأسوار بلدان أخرى، فسار لحربه عبد الله بن طاهر، وجرت له حروب وأمور، ثم اختلف عليه جنده، وكان قد ظلم وغصب وصادر (4). وفيها: توفي الأمير إبراهيم بن المهدي العباسي، والعالم أبو عبيد القاسم بن سلاّم- بتشديد اللام-البغدادي، صاحب «الغريب» وغيره من المصنفات المفيدة، وسعيد بن

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 52)، و «المنتظم» (6/ 319)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 36). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 55)، و «المنتظم» (6/ 320)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 37). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 71)، و «المنتظم» (6/ 324)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 45). (4) «تاريخ الطبري» (9/ 103)، و «المنتظم» (6/ 337).

السنة الخامسة والعشرون بعد المائتين

أبي مريم، وسليمان بن حرب، وأبو معمر المقعد، والمدائني علي بن محمد، وعمرو بن مرزوق، وأبو الجماهر محمد بن عثمان، وعارم، ومحمد بن عيسى الطباع، ويزيد بن عبد ربه، وعبد السلام بن مطهر، وقرة بن حبيب، وبكار السّيريني، وعبد الله بن أبي بكر العتكي. *** السنة الخامسة والعشرون بعد المائتين فيها: استوزر المعتصم محمد بن عبد الملك الزيات وخلع عليه، وأجلس أشناس على كرسي وخلع عليه (1). وفيها: لزم ابن طاهر المازيار، ودخل به أسيرا إلى سر من رأى على بغل بإكاف، فضربه المعتصم خمس مائة سوط، فأقر على الأفشين أنه كان يكاتبه ويصوب له الخلاف، وجمع بينهما، وصلب المازيار إلى جنب بابك (2). وفيها: توفي الإمام أصبغ بن الفرج المالكي مفتي مصر، وأبو عبيدة بن فياض اليشكري البصري، وأبو عمر صالح بن إسحاق الجرمي النحوي، ومحمد بن سلام البيكندي، وعمرو بن عون، وأبو عمر الحوضي، وسعدويه، والأمير أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي، صاحب الكرج، أحد الأبطال والأجواد المشهورين. وفيها: احترقت الكرج-بفتحتين وجيم-حرقة عظيمة بحيث كان يقف الرجل في صفّة الكرج فينظر أدقال السفن بدجلة (3). *** السنة السادسة والعشرون بعد المائتين فيها: غضب المعتصم على الأفشين، وذلك أن القاضي أحمد بن أبي دؤاد ذكر للمعتصم أن الأفشين أقلف وأنه مجوسي ويطأ امرأة عربية، فتوقف في ذلك المعتصم، ثم كشف عنه فوجده صحيحا، فكاتب عبد الله بن طاهر بالقبض على الحسن بن الأفشين وعلى

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 103)، و «المنتظم» (6/ 337). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 103)، و «المنتظم» (6/ 338)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 63). (3) «المنتظم» (6/ 338)، و «شذرات الذهب» (3/ 114)، والدّقل: خشبة طويلة تشد في وسط السفينة يمد عليها الشراع.

السنة السابعة والعشرون بعد المائتين

امرأته أترجة بنت أشناس في يوم حدّه له، وقبض هو على الأفشين في ذلك اليوم الذي حدّه، وصلبه إلى جنب بابك والمازيار، ثم حرقه وذراه، وتصدق المعتصم عند قتله الأفشين بعشرة آلاف ألف درهم؛ فإنه كان خائفا منه أن يقتله، وسلم الدراهم إلى ابن أبي دؤاد، فقال ابن أبي دؤاد: أرى أن تجعل النصف من هذا المال لأهل الحرمين، والنصف لأهل الكرج؛ لما أصابهم في العام قبله من الحريق، فقال: افعل، فقدم ابن أبي دؤاد بالمال حتى قسمه على أهل الكرج، فقال له رجل من العامة قد أعطاه مالا: أيها القاضي؛ إن لي صلاة كثيرة وقرآنا ولزوما وتركا للظلم وكرما ومعروفا، وكان يقال: إن القاضي كافر، وأنا أشهد الله أني على دين القاضي، وحبذا كفر يكون هكذا، فوصله أحمد من ماله بخمسة آلاف درهم، وضحك من كلامه (1). وفيها-أو في التي قبلها-: ظفر المعتصم أيضا بالمازيار شيخ المجوس بطبرستان الذي فعل بها الفعائل، وخرب فيها كثيرا من المدن (2). وفيها: توفي الحافظ أبو عثمان سعيد بن كثير المصري، وشيخ خراسان الإمام يحيى بن يحيى بن بكير التميمي النيسابوري، وإسماعيل بن أبي أويس، وإسحاق الفروي، وغسان بن الربيع، وعياش بن الوليد، وجندل بن والق، وسنيد بن داود. *** السنة السابعة والعشرون بعد المائتين فيها: توفي الخليفة المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد بن المهدي العباسي، وعهد بالخلافة لابنه الواثق. وفيها: مات الولي الكبير بشر بن الحارث المشهور بالحافي. وفيها: توفي من المحدثين وأئمة الدين أحمد ابن يونس، والهيثم بن خارجة، وإسماعيل بن عمرو البجلي، وسعيد بن منصور الخراساني صاحب «السنن»، ومحمد بن الصباح الدولابي، وسهل بن عثمان، وعلي بن عثمان اللاحقي، وإبراهيم بن بشار الرمادي، وأبو الوليد الطيالسي، وأبو الهذيل العلاف.

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 111)، و «المنتظم» (337/ 6، 347)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 69)، و «العبر» (1/ 395). (2) «العبر» (1/ 395)، و «مرآة الجنان» (2/ 91).

السنة الثامنة والعشرون بعد المائتين

السنة الثامنة والعشرون بعد المائتين فيها: توفي عبيد الله بالتصغير-وقيل: عبد الله-ابن محمد بن حفص القرشي التيمي العائشي نسبة إلى أمه عائشة بنت طلحة الأخباري البصري، أحد الفصحاء الأجواد، وأبو عبد الرحمن محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي المعروف بالعتبي، الأخباري الفصيح الأديب، والحافظ مسدّد بن مسرهد، وأبو نصر التمار، ونعيم بن الهيصم، وبشار بن موسى، وأبو الجهم الباهلي، وداود بن عمرو الضبي، ويحيى الحمّاني. *** السنة التاسعة والعشرون بعد المائتين فيها: توفي الإمام أبو محمد خلف بن هشام شيخ القراء والمحدثين البزار، والحافظ نعيم بن حماد المروزي الفارض، ويزيد بن صالح الفراء النيسابوري، وعبد الله المسندي، ودينار صاحب النسخة الباطلة. *** السنة الموفية ثلاثين بعد المائتين فيها: توفي الحافظ إبراهيم بن حمزة الزبيري المدني، والأمير الكبير عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعي، والحافظ أبو عبد الله محمد بن سعد كاتب الواقدي وصاحب «الطبقات» و «التاريخ»، والحافظ أبو الحسن علي بن الجعد الهاشمي مولاهم، محدث بغداد، والحافظ سعيد بن محمد الجرمي. وفيها: مات أشناس بسرّمن رأى (1). *** السنة الحادية والثلاثون بعد المائتين فيها: ورد كتاب الواثق على أمير البصرة بامتحان الأئمة والمؤدبين بخلق القرآن، وكان قد تبع آباءه في امتحان الناس (2).

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 131)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 95). (2) «العبر» (1/ 408)، و «مرآة الجنان» (2/ 101)، و «شذرات الذهب» (3/ 140).

السنة الثانية والثلاثون بعد المائتين

وفيها: فادى الواثق الأسرى من المسلمين بأيدي الروم على يد أحمد بن سعيد بن سلم، وأمره بامتحان الأسرى، فمن قال منهم بخلق القرآن .. فودي، ومن أبى .. ترك في أيدي الروم، فأجابوا كلهم إلى القول بخلق القرآن (1). وفيها: أمر الواثق بالتفرقة بين محمد بن أحمد المعروف بمالح وبين امرأته؛ لأنها قالت بخلق القرآن وقال هو بقدمه. وفيها: قتل أحمد بن نصر الخزاعي، قتله الواثق بيده احتسابا بزعمه؛ لامتناعه من القول بخلق القرآن، ولكنه أغلظ للواثق في الخطاب وقال له: يا صبي، وكان رأسا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقام معه خلق كثير من المتطوعة، واستفحل أمره، فخافت الدولة من فتق يحصل بذلك (2). وفيها: توفي العلامة أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي الفقيه، صاحب الشافعي، مات ببغداد في السجن والقيد ممتحنا بخلق القرآن. وفيها: توفي إمام اللغة محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي، والشاعر المشهور أبو تمام حبيب بن أوس، والحافظ إبراهيم بن محمد بن عرعرة، وأمية بن بسطام، ومحمد بن سلاّم الجمحي، وأخوه عبد الرحمن، ومحمد بن المنهال الضرير، ومنجاب بن الحارث، وعلي بن الحكم، ومحمد بن المنهال أخو حجاج، وهارون بن معروف، ويحيى بن بكير، وكامل بن طلحة. *** السنة الثانية والثلاثون بعد المائتين فيها: توفي الخليفة الواثق بالله أبو جعفر هارون بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد في ذي الحجة. وفيها-وقيل في سنة ستين-: الشريف العسكري الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، أحد الأئمة الاثني عشر في

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 141)، و «المنتظم» (6/ 392)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 100). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 135)، و «المنتظم» (6/ 392)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 97)، و «مرآة الجنان» (2/ 101).

السنة الثالثة والثلاثون بعد المائتين

اعتقاد الإمامية، وهو والد المنتظر صاحب السرداب. وفيها: توفي المحدث الزاهد عبد الله بن عون الخراز البغدادي، والإمام أبو يحيى هارون بن عبد الله الزهري العوفي المالكي، والحكم بن موسى، وعمرو الناقد. *** السنة الثالثة والثلاثون بعد المائتين فيها: كانت الزلزلة المهولة بدمشق، ودامت ثلاث ساعات، وسقطت الجدران، وهرب الخلق إلى المصلى يجأرون إلى الله تعالى، ومات كثير من الناس تحت الردم، وامتدت إلى أنطاكية، وذكروا أنه هلك من أهلها عشرون ألفا، ثم امتدت إلى الموصل، وزعم بعضهم: أنه هلك بها تحت الردم خمسون ألفا (1). وفي هذه السنة: توفي الحافظ سهل بن عثمان العسكري، والإمام الحافظ أبو زكريا يحيى بن معين بالمدينة متوجها إلى الحج. وفيها-أو في سنة سبع وأربعين واختاره الذهبي-: توفي الإمام النحوي أبو عثمان بكر بن محمد المازني البصري (2). وفيها: غضب المتوكل على الوزير أبي جعفر محمد بن عبد الملك المعروف بابن الزيات، وقيده بخمسة وعشرين رطلا، وعذبه حتى مات، وكان ابن الزيات عمل تنورا من حديد مساميره من داخل؛ ليعذب فيه من سخط عليه من الناس، فكان هو أول من طرح في التنور، وكان ابن الزيات إذا عذب أحدا فقال: ارحمني .. قال: الرحمة خور في الطبيعة، فلما طرحه المتوكل في التنور المذكور .. قال: ارحمني يا أمير المؤمنين، قال: الرحمة خور في الطبيعة (3). وفيها: توفي إبراهيم بن الحجاج الشامي، وحبان بن موسى، وسليمان بن عبد الرحمن، والقاضي محمد بن سماعة، وابن عائذ، ويحيى المقابري. وفيها: فلج أحمد بن أبي دؤاد، ولم يزل مفلوجا إلى أن توفي (4).

(1) «المنتظم» (6/ 411)، و «العبر» (1/ 413)، و «مرآة الجنان» (2/ 108)، و «شذرات الذهب» (3/ 153). (2) انظر «العبر» (1/ 448). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 156)، و «المنتظم» (6/ 418)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 112). (4) وكانت وفاته سنة (240 هـ‍) كما تقدم في ترجمته (2/ 501).

السنة الرابعة والثلاثون بعد المائتين

السنة الرابعة والثلاثون بعد المائتين فيها: نهى المتوكل عن الكلام في القرآن، وأطلق من كان في الحبوس لأجله، وأحضر جماعة من المحدثين إلى العسكر، وأجارهم وأمرهم بالجلوس وإملاء الحديث، قيل: وسبب ذلك: أن ابن أبي دؤاد أحضر جماعة من الفقهاء والمحدثين إلى بين يدي المتوكل، وسألهم عن القرآن أمخلوق هو؟ وألزم القول بذلك، وكان في المسئولين شيخ مسن، فقال لابن أبي دؤاد: هذا الذي تزعمه وتدعو الناس إليه، هل علمه رسول الله صلّى الله عليه وسلم والصحابة أم جهلوه وعلمته أنت وأصحابك؟ فقال ابن أبي دؤاد: بل علمه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال له الشيخ: فهل ألزموا الناس القول بذلك كما ألزمتهم؟ فلم يسع ابن أبي دؤاد أن يقول: نعم ألزموا الناس ذلك؛ إذ فيه مكابرة للعيان، فقال له الشيخ: أفلا يسعك ما يسعهم؟ فقام المتوكل من المجلس وهو يقول: والله؛ يسعني ما وسعهم، بلى والله؛ يسعني ما يسعهم، ثم نهى الناس عن الخوض في ذلك كما تقدم، فجزاه الله عن الإسلام وأهله خيرا (1). وفيها: توفي الإمام الحافظ أبو خيثمة زهير بن حرب، والحافظ أبو الربيع سليمان بن داود الزهراني، والحافظ أبو الحسن علي بن بحر القطان، وحافظ الأندلس يحيى بن يحيى الليثي الإمام المالكي المعتمد عليه في رواية «الموطأ» عن الإمام مالك، والشاذكوني، والنفيلي، وابن المديني، وابن نمير، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، والمعافى الرّسعني. *** السنة الخامسة والثلاثون بعد المائتين فيها: اعتقل إيتاخ ببغداد، وذلك: أنه حج في السنة التي قبلها، ورجع من الحج في هذه السنة، فأمر بدخول بغداد ليلقاه بنو هاشم والأكابر، وإنما قصد أن يعتقل بها؛ لأنه لو وصل سر من رأى .. لم يمكن منه؛ لكثرة أصحابه، فتلقاه صاحب شرطة بغداد إسحاق بن إبراهيم ببغداد، وأنزله دار خزيمة بن خازم، وتلطف في تفريق أصحابه، ثم قبض عليه وعلى ولديه منصور والمظفر، فأما إيتاخ .. فأطعم ومنع الماء حتى مات عطشا، وأما ابناه .. فبقيا في الحبس حتى ولي المنتصر فأطلقهما (2).

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 147)، و «الأنساب» (3/ 465)، و «المنتظم» (6/ 433). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 168)، و «المنتظم» (6/ 435)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 122).

وفيها: قبض المتوكل على كاتبيه سليمان بن وهب، وقدامة بن زياد النصراني (1). وفيها: أمر المتوكل بأخذ أهل الذمة بلبس العسلي والزنانير، وركوب السروج بركب الخشب، وأمر بتغيير زي نسائهم في أزرهن العسلية؛ ليعرفن بذلك، وكذلك مماليكهم، فإن دخلوا الحمام .. كان معهم جلاجل (2)؛ ليعرفوا، وأمر بهدم بيعهم المحدثة، وبأخذ العشر من منازلهم، فإن كان الموضع واسعا .. صير مسجدا، وإن لم يصلح أن يكون مسجدا .. صيّر فضاء، وأمر أن يجعل على أبواب دورهم صور شياطين من خشب مسمورة؛ تفريقا بين منازلهم ومنازل المسلمين، ونهى أن يستعان بهم في الدواوين وأعمال السلطان التي تجري فيها أحكامهم على المسلمين، ونهى أن يتعلم أولادهم في كتاتيب المسلمين، وأن يعلمهم مسلم، وأمر بتسوية قبورهم مع الأرض؛ لئلا تشبه قبور المسلمين، وكتب بذلك إلى الآفاق (3). وفيها: عقد المتوكل لبنيه الثلاثة بالعهد، ولقبهم، وولاهم الأعمال. فلقب محمدا: المنتصر، وعقد له لواءين: أحدهما أسود للعهد، والآخر أبيض للولاية، وولاه الموصل والجزيرة وقنسرين والعواصم والثغور ومصر والمغرب، والحرمين واليمن، واليمامة والبحرين، والسند والبصرة، وواسط والسواد، والأهواز والكوفة حربا وخراجا. ولقب أبا عبد الله: المعتز، وعقد له أيضا لواءين، وولاه فارس وخراسان وسجستان والري وطبرستان. ولقب إبراهيم: المؤيد، وعقد له لواءين، وولاه الطّرر وبيوت الأموال والمعادن ودور الضرب وخراج الشام وضياعها (4). وفيها: توفي إسحاق بن إبراهيم بن ماهان التميمي الموصلي النديم، وإسحاق بن إبراهيم بن مصعب، وكان يتولى شرطة العراق من قبل طاهر بن الحسين، ثم من قبل أولاده من بعده، وله ثمان وخمسون سنة وشهور، ووليها ابنه محمد من بعده.

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 122)، و «البداية والنهاية» (10/ 760). (2) الجلجل-جمعه جلاجل-: الجرس الصغير. (3) «تاريخ الطبري» (9/ 171)، و «المنتظم» (6/ 436)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 126)، و «شذرات الذهب» (3/ 161). (4) «تاريخ الطبري» (9/ 175)، و «المنتظم» (6/ 437)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 124).

السنة السادسة والثلاثون بعد المائتين

وفيها: توفي الإمام الحافظ أبو بكر ابن أبي شيبة صاحب التصانيف الكبار. وفيها-وقيل في سنة سبع وعشرين-: توفي أبو الهذيل المعروف بالعلاف شيخ المعتزلة البصريين مولى عبد القيس. وفيها: توفي سريج بن يونس البغدادي، العابد المشهور بالصلاح، وهو جد الإمام أبي العباس ابن سريج. وفيها: توفي منصور بن أبي مزاحم، وشجاع بن مخلد، وشيبان، والقواريري. *** السنة السادسة والثلاثون بعد المائتين فيها: أمر المتوكل بهدم مشهد الحسين بن علي رضي الله عنهما، وهدم ما حوله من المنازل، وأمر أن يحرث ويبذر، ومنع الناس من إتيان المشهد وزيارته (1). وفيها: غضب المتوكل على محمد بن الفضل الجرجاني، وقبض أمواله، وولى مكانه عبيد الله بن يحيى بن خاقان، فاستولى على الأمر كله (2). وفيها: رضي المتوكل على القاضي يحيى بن أكثم، وولاه وخلع عليه، وجعله في منزلة ابن أبي دؤاد (3). وفيها: حجت شجاع أم المتوكل، فلما صارت بالكوفة .. أمرت لكل رجل من الطالبيين والعباسيين بألف درهم، ولكل امرأة منهم بخمس مائة درهم، ولكل رجل من ولد المهاجرين بخمس مائة درهم، ولكل امرأة بعشرة دنانير (4). وفيها: مات محمد بن الجراح كاتب المعتز، وولى مكانه أحمد بن إسرائيل. وفيها: مات الحسن بن سهل وزير المأمون، ومنصور بن المهدي الذي ولي خلافة بغداد قبل إبراهيم بن المهدي، وكان مستضعفا فقال: ما أنا إلا نائب المأمون، فعزلوه وولوا أخاه إبراهيم بن المهدي.

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 185)، و «المنتظم» (6/ 447)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 130). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 185)، و «المنتظم» (6/ 447). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 188)، و «المنتظم» (6/ 457)، و «وفيات الأعيان» (1/ 85). (4) «تاريخ الطبري» (9/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (17/ 20)، و «شذرات الذهب» (3/ 166).

السنة السابعة والثلاثون بعد المائتين

وفيها: توفي الحافظ محدث المدينة إبراهيم بن المنذر، والحافظ النسابة الأخباري مصعب بن عبد الله بن مصعب الأسدي الزبيري، والحافظ هدبة بن خالد القيسي البصري، وأبو الصلت الهروي، وأبو معمر الهذلي. *** السنة السابعة والثلاثون بعد المائتين فيها: غضب المتوكل على القاضي أحمد بن أبي دؤاد وكان مفلوجا، فحبسه وحبس أولاده وإخوته، ووكل بضياعه، وحمل منهم مائة ألف دينار وعشرون ألف دينار، وصولح بعد على ستة عشر ألف ألف درهم، وأشهد عليهم جميعا ببيع كل ضيعة لهم (1). وفيها: توفي الشيخ الكبير الصالح حاتم الأصم، ووثيمة بن موسى الوشّاء الفارسي مصنف «أخبار الردة»، وعبد الأعلى بن حماد، وعبيد الله بن معاذ، والفضيل الجحدري، وعبد الله بن عامر بن زرارة. *** السنة الثامنة والثلاثون بعد المائتين فيها: أقبلت الروم في البحر في ثلاث مائة مركب وأهبة عظيمة، فكبسوا دمياط، وسبوا وأحرقوا وأسروا ست مائة امرأة، وأسرعوا الكرة في البحر (2). وفيها: توفي عالم المشرق المحدث إسحاق بن راهويه الحنظلي المروزي النيسابوري، والحافظ أبو علي النيسابوري، ومفتي الأندلس عبد الملك بن حبيب مصنف «الواضحة»، وصاحب الأندلس عبد الرحمن بن الحكم بن هشام. وفيها-أو في التي قبلها-: الحافظ أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي الكوفي المقرئ نزيل مصر. وفيها: توفي بشر بن الوليد، وطالوت، والربيع بن ثعلب، وعباس بن الوليد النرسي، ومحمد بن عبيد بن حساب، ومحمد بن بكار بن الريان، والبرجلاني، ومحمد بن أبي السري.

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 189)، و «المنتظم» (6/ 457)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 134). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 193)، و «المنتظم» (6/ 465)، و «الكامل» (6/ 142).

السنة التاسعة والثلاثون بعد المائتين

السنة التاسعة والثلاثون بعد المائتين فيها: غزا المسلمون حتى شارفوا القسطنطينية، فأغاروا وأحرقوا ألف قرية، وقتلوا وسبوا (1). وفيها: عزل يحيى بن أكثم من القضاء، وصودر وأخذ منه ألف دينار (2). وفيها: توفي الحافظ عثمان ابن أبي شيبة العبسي الكوفي، وكان أسن من أخيه أبي بكر، رحل وطوف وصنف «التفسير»، و «المسند» وحضر مجلسه ثلاثون ألفا. وفيها: توفي داود بن رشيد، وصفوان بن صالح، ومحمد بن مهران الرازي، ومحمود بن غيلان، ووهب بن بقية. *** السنة الموفية أربعين بعد المائتين فيها: مات يحيى بن خاقان، والإمام أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي الشافعي، وقاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد الإيادي، والحسن بن عيسى النيسابوري، وعبد الله بن خليد المعروف بأبي العميثل، كاتب عبد الله بن طاهر وشاعره، وكاتب أبيه من قبله، وأبو سعيد عبد السلام بن سعيد المعروف بسحنون المغربي المالكي، وخليفة بن خياط، وسويد بن سعيد، وسويد بن نصر، وقتيبة، وعبد الواحد، وعبد العزيز بن يحيى الكناني المكي صاحب كتاب «الحيدة». وفيها: سمع أهل خلاط صيحة من السماء، فمات خلق كثير، وكانت ثلاثة أيام، وخسف بثلاث عشرة قرية من قرى إفريقية (3). ***

(1) «المنتظم» (6/ 471)، و «العبر» (1/ 429)، و «شذرات الذهب» (3/ 176). (2) «المنتظم» (6/ 471)، و «العبر» (1/ 429)، و «شذرات الذهب» (3/ 176). (3) «المنتظم» (6/ 475)، و «تاريخ الإسلام» (13/ 30).

العشرون الثالثة من المائة الثالثة

العشرون الثالثة من المائة الثالثة [الاعلام] 1194 - [الإمام أحمد ابن حنبل] (1) أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي، الإمام الشهير، والسيد الكبير. توفي سنة إحدى وأربعين ومائتين، مذكور في الأصل. ومما لم يذكر: ما ذكر بعض العلماء في مناقب الإمام الشافعي عن الربيع قال: لما خرج الشافعي إلى مصر وأنا معه .. كتب كتابا وقال: يا ربيع؛ خذ كتابي هذا، وامض به إلى أبي عبد الله أحمد ابن حنبل، وائتني بالجواب، قال الربيع: فدخلت بغداد، فلقيت أحمد ابن حنبل في صلاة الصبح، فصليت معه، فلما انفتل من المحراب .. سلمت إليه الكتاب وقلت: هذا كتاب الشافعي من مصر، فقال أحمد: نظرت فيه؟ قلت: لا، فكسر الختم وقرأ الكتاب، فتغرغرت عيناه بالدموع، فقلت له: أيش فيه؟ فقال: يذكر أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال له: (اكتب إلى أبي عبد الله أحمد ابن حنبل، واقرأ عليه مني السلام، وقل له: إنك ستمتحن وتدعى للقول بخلق القرآن، فلا تجبهم، فسنرفع لك علما إلى يوم القيامة). قال الربيع: فقلت: البشارة، فخلع قميصه الذي على جلده ودفعه إلي، وأخذت جواب الكتاب ورجعت إلى مصر، فسلمت الكتاب إلى الشافعي، قال: يا ربيع؛ أيش الذي دفع إليك؟ قلت: القميص الذي يلي جلده، فقال الشافعي: لا نفجعك به، ولكن بله وادفع إلي الماء حتى أكون شريكا لك فيه. 1195 - [الحسن بن عثمان الزيادي] (2) الحسن بن عثمان القاضي أبو حسان الزيادي.

(1) «طبقات ابن سعد» (9/ 358)، و «التاريخ الكبير» (2/ 5)، و «الجرح والتعديل» (1/ 292)، و «حلية الأولياء» (9/ 161)، و «تاريخ بغداد» (4/ 412)، و «تاريخ دمشق» (5/ 252)، و «المنتظم» (6/ 488)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 110)، و «وفيات الأعيان» (1/ 63)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 177)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 61)، و «البداية والنهاية» (10/ 775). (2) «طبقات ابن سعد» (7/ 465)، و «الجرح والتعديل» (3/ 25)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 496)، و «تاريخ-

1196 - [محمد بن أسلم الطوسي]

كان إماما ثقة أخباريا، مصنفا كثير الاطلاع. توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين. 1196 - [محمد بن أسلم الطوسي] (1) محمد بن أسلم الطوسي، صاحب «المسند» و «الأربعين». رحل وسمع من يزيد بن هارون، وجعفر بن عون وطبقتهما. وروى عنه إمام الأئمة ابن خزيمة، وقال: لم تر عيناي مثله. وقال غيره: كان من الأبدال، قالوا: وكان يشبّه في وقته بابن المبارك. توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين. 1197 - [محمد بن رمح التجيبي] (2) محمد بن رمح بن المهاجر بن المحرر بن سالم التجيبي المصري أبو عبد الله. سمع الليث بن سعد وغيره. وروى عنه مسلم في «صحيحه»، وروى عنه غير مسلم أيضا. وتوفي بمصر سنة اثنتين وأربعين ومائتين. 1198 - [أبو مصعب الزهري] (3) أحمد بن أبي بكر، واسمه: القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القرشي أبو مصعب الزهري.

= الإسلام» (18/ 230)، و «مرآة الجنان» (2/ 134)، و «شذرات الذهب» (3/ 192). (1) «الجرح والتعديل» (7/ 201)، و «حلية الأولياء» (9/ 238)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 195)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 408)، و «مرآة الجنان» (2/ 135)، و «شذرات الذهب» (3/ 192). (2) «الجرح والتعديل» (7/ 254)، و «تهذيب الكمال» (25/ 203)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 498)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 433)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 562)، و «شذرات الذهب» (3/ 193). (3) «الجرح والتعديل» (2/ 43)، و «تهذيب الكمال» (1/ 278)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 436)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 153)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 18)، و «شذرات الذهب» (3/ 192).

1199 - [يحيى بن أكثم]

سمع المغيرة بن عبد الرحمن، ومالك بن أنس، ومحمد بن إبراهيم بن دينار وغيرهم. وروى عنه البخاري ومسلم في «صحيحيهما» حديثا واحدا (1)، وروى عنه غيرهما. توفي بالمدينة سنة اثنتين وأربعين ومائتين. 1199 - [يحيى بن أكثم] (2) يحيى بن أكثم-بالمثلثة-القاضي المشهور، الإمام المذكور. كان فقيها بارعا عالما بصيرا بالأحكام، سالما من انتحال البدعة، قائما بكل معضلة. كان المأمون بخراسان، وأراد أن يولي رجلا قضاء البصرة، فوصف له يحيى بن أكثم فاستحضره، فلما رآه دميم الخلق .. استحقره، فعلم يحيى ذلك فقال: يا أمير المؤمنين؛ سلني إن كان القصد علمي لا خلقي، فسأله عن شخص مات وخلف أبوين وبنتين ولم تقسم التركة حتى ماتت إحدى البنتين، فقال يحيى للمأمون: الميت الأول رجل أو امرأة؟ فعلم المأمون أنه قد علم المسألة. وقيل: إنه قال: إذا عرفت الميت الأول .. فقد عرفت الجواب؛ وذلك أنه إن كان الميت الأول رجلا .. فتصح المسألتان من أربعة وخمسين، وإن كانت امرأة .. لم يرث الجد في المسألة الثانية؛ لأنه أبو أم، فتصح المسألتان من ثمانية عشر، وتعرف هذه المسألة بالمأمونية، فلما علم المأمون علم يحيى وعقله .. ولاه قضاء البصرة بعد إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، وذلك سنة اثنتين ومائتين. فدخل البصرة وسنه إذ ذاك عشرون سنة، فاستصغره أهل البصرة فقالوا: كم سن القاضي؟ فعلم أنه استصغر فقال: سن عتاب بن أسيد الذي ولاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم على مكة، وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجهه النبي صلّى الله عليه وسلم قاضيا

(1) أخرج له البخاري ثلاثة أحاديث، وهي ذوات الأرقام التالية: (119) و (3708) و (4261)، ومسلم حديث رقم (1927). (2) «التاريخ الكبير» (8/ 263)، و «المعارف» (ص 20)، و «أخبار القضاة» (2/ 160)، و «الجرح والتعديل» (9/ 129)، و «تاريخ بغداد» (14/ 195)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 150)، و «وفيات الأعيان» (6/ 147)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 536)، و «مرآة الجنان» (2/ 135)، و «شذرات الذهب» (3/ 193).

على اليمن، وأنا أكبر من كعب بن سور-بضم السين-الذي وجهه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاضيا على أهل البصرة، فجعل جوابه احتجاجا. وغلب يحيى على المأمون، وأخذ بمجامع قلبه، فقلده القضاء الأكبر، وتدبير مملكته، فكانت الوزراء لا تعمل شيئا إلا بعد مطالعته، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي المأمون وولي المعتصم، فعزله عن القضاء، وجعل مكانه أحمد بن أبي دؤاد. قال طلحة بن محمد الشاهد: ولا نعلم أحدا غلب على سلطانه في زمانه إلا يحيى بن أكثم، وأحمد بن أبي دؤاد. وسئل بعض البلغاء عن أنبلهما فقال: كان أحمد يجد مع جاريته وابنه، ويحيى يهزل مع خصمه وعدوه. وكان يحيى سليما من البدعة، وينتحل مذهب أهل السنة، وله يوم عظيم في الإسلام؛ وذلك أن المأمون أمر بالنداء بتحليل المتعة-يعني متعة النساء-فدخل عليه القاضي يحيى مظهرا الكآبة، فقال له المأمون: ما لي أراك متغيرا؟ فقال: غما يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام، قال: وما حدث في الإسلام؟ قال: النداء بتحليل الزنا، قال: الزنا؟ قال: نعم المتعة زنا، قال: ومن أين قلت هذا؟ قال: من كتاب الله، وحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ* إِلاّ عَلى أَزْااجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ}. يا أمير المؤمنين؛ زوجة المتعة ملك اليمين؟ قال: لا، قال: فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث، ويلحق منها الولد، ولها شرائط؟ قال: لا، قال: فقد صار متجاوز هذين من العادين، وهذا الزهري يا أمير المؤمنين روى عن عبد الله والحسن ابني محمد ابن الحنيفة عن أبيهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أنادي بالنهي عن المتعة وتحريمها بعد أن كان قد أمر بها. فالتفت المأمون إلى محمد بن منصور وأبي العيناء-وكانا حاضرين المجلس-وقال: أمحفوظ هذا من حديث الزهري؟ فقالا: نعم يا أمير المؤمنين، رواه جماعة منهم مالك بن أنس، فقال: أستغفر الله، نادوا بتحريم المتعة. فنادوا بها.

وذكر الخطيب: (أن المأمون قال ليحيى بن أكثم المذكور: من الذي يقول: [من المنسرح] قاض يرى الحد في الزناء ولا … يرى على من يلوط من باس قال: يقوله يا أمير المؤمنين أحمد بن أبي نعيم الذي يقول: لا أحسب الجور ينقضي وعلى ال‍ … أمة وال من آل عباس فأفحم المأمون خجلا وقال: ينبغي أن ينفى أحمد بن أبي نعيم إلى السند) (1). وهذان البيتان من جملة أبيات له يقول فيها: لا أفلحت أمة وحق لها … بطول نكس وطول إتعاس ترضى بيحيى يكون سائسها … وليس يحيى لها بسواس قاض يرى الحد …. ومما يناسب الجواب المذكور: أن ثقة الدولة بلغه شيء عن الشاعر عبد الله بن إبراهيم المعروف بابن المؤدب، فلم يزل في طلبه حتى ظفر به، فقال له: ما الذي بلغني عنك؟ قال: المحال، أيد الله الأمير، قال: من هو الذي يقول في شعره: [من الكامل] فالحر ممتحن بأولاد الزنا فقال هو الذي يقول: وعداوة الشعراء بئس المقتنى والمصراعان عجزا بيتين من قصيدة للمتنبي يمدح بها ابن عمار، وصدر الأول منهما: وانه المشير عليك فيّ بضلّة … فالحر ممتحن بأولاد الزنا وصدر الثاني: ومكائد السفهاء واقعة بهم … وعداوة الشعراء بئس المقتنى وذكر الخطيب في «تاريخه»: (أنه ذكر لأحمد ابن حنبل رحمه الله تعالى ما يرمي الناس به يحيى بن أكثم فقال: سبحان الله، سبحان الله! من يقول هذا؟ وأنكر ذلك إنكارا شديدا) (2)، وكذلك النووي رحمه الله تعالى في «تهذيبه» برأ يحيى من ذلك ونزهه (3).

(1) «تاريخ بغداد» (14/ 200). (2) «تاريخ بغداد» (14/ 201). (3) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 150).

ولما توجه المأمون إلى مصر في سنة خمس عشرة ومائتين .. كان معه القاضي يحيى، فولاه قضاء مصر، فحكم بها ثلاثة أيام، ثم خرج مع المأمون. وروي عن يحيى بن أكثم أنه قال: اختصم إلي في الرصافة الجد الخامس بطلب ميراث ابن ابن ابن ابنه. قال الشيخ اليافعي: (ومثل ذلك وجد عندنا في بلد يافع من اليمن حتى كان يقول الابن السافل: يا جد؛ أجب جدك) (1). وكان بعض الشعراء يتردد إلى يحيى ويغشى مجلسه، وكان بعض الأحيان لا يقدر على الوصول إليه إلا بعد مشقة ومذلة يقاسيها، وانقطع عنه، فعاتبته زوجته في ذلك مرارا فأنشدها: [من الطويل] تكلفني إذلال نفسي لعزها … وهان عليها أن أهان لتكرما تقول سل المعروف يحيى بن أكثم … فقلت سليه رب يحيى بن أكثما وقد قدمنا أن المعتصم عزل القاضي يحيى، وجعل مكانه القاضي أحمد بن أبي دؤاد، فلما فلج أحمد .. ولي ابنه محمد القضاء. ثم إن المتوكل بن المعتصم غضب على ابن أبي دؤاد فصادره، وصادر ولده محمدا وعزله عن القضاء، وأعاد القاضي يحيى بن أكثم، وخلع عليه خمس خلع، ثم عزله وولى في رتبته جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، فجاء كاتبه إلى القاضي يحيى فقال: سلّم الديوان، فقال: شاهدان عدلان على أمير المؤمنين أنه أمرني بذلك، فأخذ الديوان منه قهرا، وغضب عليه المتوكل فأمر بقبض أملاكه، ولزم بيته، ثم حج وعزم على المجاورة بمكة، فلما اتصل به رجوع المتوكل له .. رجع يريد العراق، فلما وصل إلى الربذة .. توفي بها يوم الجمعة منتصف ذي الحجة من سنة اثنتين-أو ثلاث-وأربعين ومائتين. وذكر الأستاذ أبو القاسم القشيري في «رسالته»: (أن أبا عبد الله الحسين بن عبد الله بن سعيد كان صديقا للقاضي يحيى بن أكثم، قال: فرأيته في النوم بعد موته فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي إلا أنه وبخني ثم قال: يا يحيى؛ خلطت عليّ في دار الدنيا. فقلت: يا رب؛ اتكلت على حديث حدثني به أبو معاوية الضرير عن الأعمش،

(1) «مرآة الجنان» (2/ 141).

1200 - [الحارث المحاسبي]

عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنك قلت: إني لأستحيي أن أعذب ذا شيبة بالنار» قال: قد عفوت عنك يا يحيى، وصدق نبيي إلا أنك خلطت عليّ في دار الدنيا) (1). قال الشيخ اليافعي: (ويقرب من ذلك أنه توفي شيخ كان وكيلا على باب القاضي بعدن، فرآه بعض الناس في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: أوقفني بين يديه وقال: يا شيخ السوء؛ جئتني بموبقات الذنوب-أو قال: بالذنوب الموبقات-قال: فقلت: ما هكذا بلغني عنك، قال: وما الذي بلغك عني؟ قلت: العفو والكرم، قال: صدقت، أدخلوه الجنة. أو كما قال. ولما بلغت هذه الحكاية ولده-وكان وكيلا أيضا في الخصومات- .. قال: نعم أبي، كان وكيلا ما يعجزه الجواب؛ يعني أباه وما أجاب به. قال الشيخ اليافعي: وكلام الولد هذا إن كان مزحا .. فقبيح، وإن كان جدا .. فباطل غير صحيح؛ لأن الثبات في الآخرة ليس إلا بتوفيق الله تعالى وما ينعم به من نوال، لا بفصاحة اللسان وما يعرفه الإنسان في الدنيا من الجدال، نعوذ بالله من الاغترار والزيغ والضلال) (2). 1200 - [الحارث المحاسبي] (3) الحارث بن أسد المحاسبي-بضم الميم-عرف بذلك؛ لكثرة محاسبته نفسه، البصري الأصل، الولي الكبير العارف، معدن الأسرار والمعارف، وهو أحد الشيوخ الخمسة الجامعين بين الباطن والظاهر في عصر واحد، والأربعة: الجنيد، وأبو محمد رويم، وأبو العباس بن عطاء، وعمرو بن عثمان المكي. وللمحاسبي المذكور مصنفات في السلوك والمواعظ والأصول. ومما يحكى من دقيق ورعه: أن أباه توفي وخلف سبعين ألف درهم، وكان واقفيا يقول

(1) «الرسالة القشيرية» (ص 276)، وانظر «كشف الخفاء» (1/ 244). (2) «مرآة الجنان» (2/ 142). (3) «حلية الأولياء» (10/ 73)، و «الرسالة القشيرية» (ص 69)، و «تاريخ بغداد» (8/ 207)، و «وفيات الأعيان» (2/ 57)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 110)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 205)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 257)، و «مرآة الجنان» (2/ 142)، و «طبقات الصوفية» (1/ 585)، و «شذرات الذهب» (3/ 197).

1201 - [حرملة التجيبي]

بالقدر (1)، فلم يأخذ المحاسبي من تراث أبيه شيئا وهو محتاج إلى درهم؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا يتوارث أهل ملتين شتى» (2). وتركه لأخذه ميراث أبيه يحتمل: أنه كان يرى تكفير القدرية، ويحتمل أنه من قبيل الورع، ويؤيد الاحتمال الأول: ما روي أنه رؤي متعلقا بأبيه في بعض شوارع بغداد وهو يقول: طلق أمي؛ فإنك على دين وهي على غيره. وكان رحمه الله تعالى محفوظا؛ إذا مد يده إلى طعام فيه شبهة .. تحرك في أصبعه عرق، فيمتنع من تناوله. ومن كلامه رحمه الله تعالى: فقدنا ثلاثة أشياء: حسن الوجه مع الصيانة، وحسن القول مع الأمانة، وحسن الإخاء مع الوفاء. وهو أحد شيوخ الجنيد. توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين. 1201 - [حرملة التجيبي] (3) حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة التجيبي-بضم المثناة من فوق، وكسر الجيم، وسكون المثناة من تحت، ثم موحدة، نسبة إلى امرأة نسب إليها أولادها-أبو حفص المصري الحافظ الفقيه الإمام، مصنف «المختصر» و «المبسوط». روى عن ابن وهب مائة ألف حديث، وتفقه بالإمام الشافعي. قيل: وكان أكثر أصحابه اختلافا إليه، واقتباسا منه. روى عنه مسلم في مواضع من «صحيحه». توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

(1) واقفيا: يقف في مسألة خلق القرآن؛ فلا يقول هو مخلوق أو غير مخلوق. (2) أخرجه أبو داود (2911)، والترمذي (2108)، وابن ماجه (2731). (3) «التاريخ الكبير» (3/ 69)، و «الجرح والتعديل» (3/ 274)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 155)، و «وفيات الأعيان» (2/ 64)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 389)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 216)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 372).

1202 - [محمد بن يحيى العدني]

1202 - [محمد بن يحيى العدني] (1) محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني أبو عبد الله الحافظ، صاحب «المسند»، سكن مكة. سمع أباه، وسفيان بن عيينة، والدراوردي، والفضيل بن عياض وغيرهم. واستشهد به البخاري في (كتاب الجمعة) من «صحيحه» (2)، وأكثر مسلم الرواية عنه في «صحيحه». وتوفي آخر شهر ذي الحجة بعد الحج سنة ثلاث وأربعين ومائتين. 1203 - [هناد بن السري] (3) هناد بن السري بن مصعب الدارمي التميمي أبو السري. سمع الأحوص، وعبد الله بن المبارك، وعلي بن مسهر وغيرهم، وروى عنه مسلم وغيره. ولد سنة اثنتين وخمسين ومائة، وتوفي آخر يوم من ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين ومائتين. 1204 - [هارون الحمال] (4) هارون بن عبد الله بن مروان البزاز البغدادي، ويعرف بالحمال، يكنى: أبا موسى. سمع أبا أسامة، وابن أبي فديك وغيرهما، وروى عنه مسلم وغيره. وتوفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

(1) «التاريخ الكبير» (1/ 265)، و «الجرح والتعديل» (8/ 124)، و «تهذيب الكمال» (26/ 639)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 96)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 501)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 731). (2) الحديث رقم (925). (3) «التاريخ الكبير» (8/ 248)، و «الجرح والتعديل» (9/ 119)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 465)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 529)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 285)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 316). (4) «الجرح والتعديل» (9/ 92)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 115)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 514)، و «البداية والنهاية» (10/ 797)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 255)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 243).

1205 - [إبراهيم بن العباس الصولي]

1205 - [إبراهيم بن العباس الصولي] (1) إبراهيم بن العباس الصولي الشاعر المشهور. كان من الشعراء المجيدين، وله ديوان شعر صغير كله نخب. ومن رقيق شعره: [من الطويل] دنت بأناس عن تناء زيارة … وشط بليلى عن دنو مزارها وإن مقيمات بمنعرج اللوى … لأقرب من ليلى وهاتيك دارها وله: [من الكامل] ولرب نازلة يضيق بها الفتى … ذرعا وعند الله منها المخرج كملت فلما استحكمت حلقاتها … فرجت وكان يظنها لا تفرج ومن شعره: [من البسيط] أولى البرية طرا أن تواسيه … عند السرور الذي واساك في الحزن إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا … من كان يألفهم في المنزل الخشن ومما ينسب إليه: [من البسيط] لا يمنعنك خفض العيش في دعة … نزوع نفس إلى أهل وجيران تلقى بكل بلاد إن حللت بها … أهلا بأهل وجيرانا بجيران وقيل: إن هذين البيتين موجودان في «ديوان مسلم بن الوليد الأنصاري». توفي إبراهيم المذكور سنة ثلاث وأربعين ومائتين. 1206 - [ابن الراوندي] (2) أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي، نسبة إلى راوند، قرية من قرى قاسان-بسين مهملة-بنواحي أصبهان، له مقالة في علم الكلام، ومجالس ومناظرات مع علماء الكلام، وله مصنفات كثيرة منها كتاب «فضيحة المعتزلة».

(1) «الأغاني» (10/ 42)، و «تاريخ بغداد» (6/ 117)، و «معجم الأدباء» (1/ 161)، و «وفيات الأعيان» (1/ 44)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 160)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 24)، و «مرآة الجنان» (2/ 143). (2) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى ترجمته في مكانها الصحيح، وذكر أنه توفي في حدود الثلاث مائة، فانظر مصادر ترجمته هناك (2/ 666).

1207 - [دعبل الشاعر]

قال الشيخ اليافعي: (وهو وإن رد على المعتزلة فأصحابنا ينسبونه إلى ما هو أضل وأفظع من مذهب المعتزلة. قال: وذكر أصحابنا في باب النسخ من كتب الأصول: أنه هو الذي لقن اليهود الاحتجاج على عدم جواز النسخ-بزعمهم-بنقل مفترى بأن قال لهم: قولوا: إن موسى صلّى الله عليه وسلم أمرنا أن نتمسك بالسبت ما دامت السماوات والأرض، ولا يجوز أن يأمر الأنبياء إلا بما هو حق. وهذا القول بهت وافتراء على موسى صلّى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء والمرسلين) (1). توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين وعمره نحو من أربعين سنة. 1207 - [دعبل الشاعر] (2) دعبل-بكسر الدال المهملة والباء الموحدة، بينهما عين مهملة ساكنة، وآخره لام-ابن علي الخزاعي، الشاعر المشهور، يرجع في نسبه إلى عامر بن مزيقيا. وكان شاعرا مجيدا، بذيء اللسان، مولعا بالهجو والحط من أقدار الناس. هجا الخلفاء فمن دونهم، قال إبراهيم بن المهدي للمأمون: يا أمير المؤمنين؛ هجاني دعبل فانتقم لي منه، فقال: ما قال؟ لعل قوله: [من الكامل] نعر ابن شكلة بالعراق وأهله … فهفا إليه كل أطلس مائق وأنشد الأبيات. فقال: هذا من بعض هجائه، وقد هجاني بما هو أقبح من هذا، فقال المأمون: لك أسوة بي، فقد قال فيّ واحتملته: [من الكامل] أيسومني المأمون خطة جاهل … أوما رأى بالأمس رأس محمد إني من القوم الذين سيوفهم … قتلت أخاك وشرفتك بمقعد

(1) «مرآة الجنان» (2/ 144). (2) «الأغاني» (20/ 131)، و «تاريخ بغداد» (8/ 378)، و «معجم الأدباء» (11/ 519)، و «وفيات الأعيان» (2/ 266)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 232)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 258)، و «مرآة الجنان» (2/ 145)، و «لسان الميزان» (3/ 419)، و «شذرات الذهب» (3/ 213).

شادوا بذكرك بعد طول خموله … واستنقذوك من الحضيض الأوهد فقال إبراهيم: زادك الله حلما يا أمير المؤمنين وعلما، فما ينطق أحدنا إلا عن فضل علمك، ولا يحلم إلا اتباعا لحلمك. وأشار دعبل بهذه الأبيات إلى حصار طاهر بن الحسين الخزاعي لبغداد وقتله الأمين محمد بن الرشيد، وبذلك ولي المأمون الخلافة. وكان المأمون إذا أنشد قوله هذا .. قال: قبح الله دعبلا ما أوقحه! كيف يقول عني هذا وقد ولدت في الخلافة، ورضعت ثديها، وربيت في مهدها؟ ! والأطلس: الذي لا لحية له، والمائق: الذي فيه حمق وغباوة. ومن شعر دعبل يمدح المطلب بن عبد الله الخزاعي أمير مصر: [من الكامل] زمني بمطلب سقيت زمانا … ما أنت إلا روضة وجنانا كل الندى إلا نداك تكلف … لم أرض غيرك كائنا من كانا أصلحتني بالبر بل أفسدتني … وتركتني أتسخط الإحسانا ومن غرر شعره: [من الكامل] لا تعجبي يا سلم من رجل … ضحك المشيب برأسه فبكى يا ليت شعري كيف نومكما … يا صاحبي إذا دمي سفكا لا تأخذا بظلامتي أحدا … قلبي وطرفي في دمي اشتركا وكان دعبل صديق البحتري، فلما مات أبو تمام، ومات بعده دعبل .. رثاهما البحتري بأبيات منها: [من الكامل] قد زاد في كلفي وأوقد لوعتي … مثوى حبيب يوم مات ودعبل أخويّ لا تزل السماء مخيلة … تغشاكما بسماء مزن مسبل جدث عن الأهواز يبعد دونه … مسرى النعي ورمّة بالموصل قال دعبل: كنا يوما عند فلان ابن فلان الكاتب، وكان شديد البخل، فأطلنا الحديث، واضطره الجوع إلى أن استدعى بغدائه، فأتي بقصعة فيها ديك هرم لا تقطعه إلا سكين، ولا يؤثر فيه ضرس، فأخذ كسرة خبز فخاض بها مرقته، وقلب جميع ما في القصعة، ففقد

1208 - [ابن السكيت]

الرأس، فأطرق ساعة ثم قال للطباخ: أين الرأس؟ قال: رميت به، قال: ولم؟ قال: ظننت أنك لا تأكله، قال: لبئس ما ظننت، ويحك! والله؛ إني لأمقت من يرمي رجليه، فكيف من يرمي رأسه؟ ! والرأس رئيس، وفيه الحواس الأربع، ومنه يصيح، ولولا صوته .. لما فضل، وفيه عرفه الذي يتبرك به، وفيه عيناه اللتان يضرب بهما المثل؛ فيقال: (شراب كعين الديك) ودماغه عجيب لوجع الكليتين، ولم ير عظم أهش من عظم رأسه، أوما علمت أنه خير من طرف الجناح ومن الساق والعنق؟ فإن كان قد بلغ من نبلك أنك لا تأكله .. فانظر أين رميت به؟ قال: لا أدري أين هو، قال: لكني أدري أين هو، رميت به في بطنك، والله حسيبك. توفي سنة أربع-وقيل: ست-وأربعين ومائتين. 1208 - [ابن السكيت] (1) أبو يوسف يعقوب بن إسحاق، المعروف بابن السكيت-بكسر السين المهملة، وتشديد الكاف المكسورة، ثم مثناة من تحت ساكنة، ثم مثناة من فوق-الإمام النحوي واللغوي. كان عارفا بالنحو واللغة وعلم القرآن والشعر، ثقة، له حظ من السنن والدين، أخذ عن البصريين، وسمع من الأعراب. وروى عن أبي عمرو إسحاق بن مرار الشيباني، ومحمد بن مهنى، ومحمد بن صبيح بن السماك الواعظ، وعن الأصمعي، وأبي عبيدة، والفراء، وجماعة. وروى عنه أحمد بن فروخ المقرئ، ومحمد بن عجلان الأخباري، وأبو عكرمة الضبي، وأبو سعيد السكري، وميمون بن هارون الكاتب وغيرهم. وله مصنفات في النحو واللغة ومعاني الشعر، وكتبه جيدة صحيحة، ومن أجودها وأحسنها كتاب «إصلاح المنطق». ألزمه المتوكل تأديب ولده المعتز بالله، فلما جلس عنده .. قال له: أي شيء يحب

(1) «تاريخ بغداد» (14/ 273)، و «معجم الأدباء» (7/ 270)، و «وفيات الأعيان» (6/ 395)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 16)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 551)، و «مرآة الجنان» (2/ 147)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 317)، و «شذرات الذهب» (3/ 203).

1209 - [إسحاق بن موسى الخطمي]

الأمير أن يبدأ؟ -يعني: في العلوم-فقال: بالانصراف، قال: فأقوم؟ قال المعتز: فأنا أخف نهوضا منك، فقام المعتز مستعجلا، فعثر بسراويله وسقط، فالتفت إلى ابن السكيت خجلا قد احمر وجهه، فأنشد ابن السكيت: [من الطويل] يصاب الفتى من عثرة بلسانه … وليس يصاب المرء من عثرة الرجل فعثرته في القول تذهب رأسه … وعثرته في الرجل تبرا على مهل فلما كان من الغد .. دخل ابن السكيت على المتوكل وأخبره، فأمر له بخمسين ألف درهم وقال: بلغني البيتان، وأمر له بجائزة. ومن فوات الإنسان بعثرة اللسان ما اتفق لابن السكيت المذكور، مع أنه محق في ذلك ومأجور. حكي أنه كان يوما عند المتوكل؛ إذ أقبل المعتز والمؤيد، فقال المتوكل-وكان شديد التحامل على علي بن أبي طالب وابنيه رضي الله عنهم-: يا يعقوب؛ أيما أحب إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين؟ فغض ابن السكيت من ابنيه، وأثنى على الحسن والحسين رضي الله عنهما بما هو معروف من فضلهما، وقيل: إنه قال: والله؛ إن قنبرا خادم علي رضي الله عنه خير منك ومن ولديك. فأمر المتوكل الأتراك فداسوا بطنه، فحمل إلى داره ومات من الغد. وقيل: إن المتوكل أمر بسل لسانه من قفاه، ففعل به ذلك، فمات في سنة أربع وأربعين ومائتين، رحمه الله، وقيل: في سنة ست وأربعين ومائتين. 1209 - [إسحاق بن موسى الخطمي] (1) إسحاق بن موسى بن عبد الله بن موسى الخطمي القاضي أبو موسى. سمع الوليد بن مسلم، وأنس بن عياض وغيرهما، وروى عنه مسلم وغيره. وتوفي سنة أربع وأربعين ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 235)، و «تاريخ بغداد» (6/ 355)، و «تهذيب الكمال» (2/ 480)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 554)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 172)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 128).

1210 - [أحمد بن منيع البغوي]

1210 - [أحمد بن منيع البغوي] (1) أحمد بن منيع بن عبد الرحمن الأصم البغوي أبو جعفر، سكن بغداد، وهو جد عبد الله البغوي لأمه. سمع مروان بن شجاع، وهشيما، وابن علية. وروى عنه مسلم، وروى البخاري عن حسين غير منسوب عنه حديثا واحدا، وهو حديث: «الشفاء في ثلاثة» (2)، وروى عنه غيرهما. وتوفي سنة أربع-أو ثلاث-وأربعين ومائتين. 1211 - [حميد بن مسعدة] (3) حميد بن مسعدة الباهلي أبو علي البصري. سمع بشر بن المفضل، وخالد بن الحارث وغيرهما. روى عنه مسلم في «صحيحه» حديثا واحدا، وهو حديث كعب بن عجرة في الحج (4)، وروى عنه غير مسلم. وتوفي في شهر ربيع الأول-أو الآخر-من سنة أربع وأربعين ومائتين. 1212 - [علي بن حجر السعدي] (5) علي بن حجر بن إياس بن مقاتل السعدي المروزي أبو الحسن. سمع إسماعيل ابن علية، وعيسى بن يونس، وسفيان بن عيينة، وابن المبارك وغيرهم.

(1) «التاريخ الكبير» (2/ 6)، و «الجرح والتعديل» (2/ 77)، و «تهذيب الكمال» (1/ 495)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 483)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 149)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 48). (2) الحديث رقم (5680). (3) «الجرح والتعديل» (3/ 229)، و «تهذيب الكمال» (7/ 395)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 252)، و «الكاشف» (1/ 257)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 499)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 319). (4) أخرج له مسلم أكثر من حديث، ليس منها ما ذكره المصنف، والذي أخرج له مسلم في «صحيحه» على وفق ما ذكر المصنف إنما هو حميد بن قيس الأزدي المتوفى سنة (130 هـ‍)، وهو حديث رقم (1201)، والله أعلم. (5) «التاريخ الكبير» (6/ 272)، و «الجرح والتعديل» (6/ 183)، و «وفيات الأعيان» (4/ 278)، و «تهذيب الكمال» (20/ 355)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 507)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 357).

1213 - [محمد بن هشام السعدي]

وروى عنه البخاري ومسلم في «صحيحيهما» وروى عنه غيرهما. توفي سنة أربع وأربعين ومائتين. 1213 - [محمد بن هشام السعدي] (1) محمد بن هشام بن عوف التميمي السعدي. كان ممدوحا بالحفظ وحسن الرواية. قال: لما قدمت مكة .. لزمت مجلس ابن عيينة، فقال لي: أراك تخطئ شيئا مما تسمع، قلت: وكيف ذاك؟ قال: لأني أراك تكتب، فقلت: إني أحفظ، فاستعاد مني مجالس، فأعدتها على الوجه، فقال: حدثنا الزهري عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (يولد في كل سبعين سنة من يحفظ كل شيء) قال: وضرب بيده على جنبي وقال: أراك صاحب السبعين، أو قال من أصحاب السبعين. قال مؤرج-بكسر الراء المشددة وبالجيم-: أخذ مني السعدي المذكور كتابا، فحبسه ليلة ثم جاء به وقد حفظه كله. وقيل للسعدي المذكور: مات الضعفاء في هذا الغلاء، وسلم الأقوياء، فقال: أما سمعت: [من البسيط] رأيت جلتها في الجدب باقية … تنفي الحواشي عنها حين تزدحم إن الرياح إذا ما أعصفت قصفت … عيدان نجد ولم يعبأ بها السلم وأنشد أيضا: [من البسيط] وما يواسيك فيما ناب من حدث … إلا أخو ثقة فانظر بمن تثق توفي المذكور سنة خمس وأربعين ومائتين.

(1) «معجم الشعراء» للمرزباني (ص 432)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 477)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 166)، و «مرآة الجنان» (2/ 149)، و «لسان الميزان» (7/ 564)، و «بغية الوعاة» (1/ 257)، و «شذرات الذهب» (3/ 209).

1214 - [ذو النون]

1214 - [ذو النون] (1) أبو الفيض ثوبان، وقيل: الفيض بن إبراهيم المصري، المعروف بذي النون، الولي الكبير، أحد رجال الطريقة علما وورعا وحالا وأدبا، كان أبوه نوبيا. قيل: سبب توبته أنه خرج من مصر إلى بعض القرى، فنام في بعض الصحارى وانتبه؛ وإذا بقنبرة عمياء سقطت من وكرها، فانشقت الأرض فخرج منها سكرجتان (2): إحداهما ذهب، والأخرى فضة، وفي إحداهما سمسم، وفي الأخرى ماء، فجعلت تأكل من هذا، وتشرب من هذا، قال: فقلت: حسبي، قد تبت، ولزمت الباب إلى أن قبلني. وكان قد سعوا به إلى المتوكل، فاستحضره من مصر، فحبس أياما، فأهدي إليه طعام من وجه حل، فدخل به السجان إليه، فامتنع من أكله، فقيل له في ذلك، فقال: طعام أتاني على مائدة ظالم-يعني يد السجان-فلا آكله. أو كما قال. ثم أخرج من السجن وأدخل على المتوكل، فوعظه فبكى المتوكل، وخرج من عنده مكرما، فاجتمع إليه الصوفية بجامع بغداد، وحضر القوال واستأذنوه في السماع فأنشد: [من مجزوء الوافر] صغير هواك عذبني … فكيف به إذا احتنكا وأنت جمعت من قلبي … هوى قد كان مشتركا فتواجد ذو النون وسقط، فانشج رأسه، وكان يقطر منه الدم ولا يقع على الأرض، فقام شاب يتواجد، فقال ذو النون: الذي يراك حين تقوم، فقعد الشاب. ومن كلام ذي النون: من علامة المحبة لله تعالى متابعة حبيب الله صلّى الله عليه وسلم في أخلاقه وأفعاله وأوامره وسننه. وسئل عن التوبة فقال: توبة العوام من الذنوب، وتوبة الخواص من الغفلة. وكان المتوكل يقول: إذا ذكر أهل الورع .. فحيهلا بذي النون.

(1) «حلية الأولياء» (9/ 331)، و «تاريخ بغداد» (8/ 393)، و «الرسالة القشيرية» (ص 54)، و «وفيات الأعيان» (1/ 315)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 532)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 265)، و «مرآة الجنان» (2/ 149)، و «البداية والنهاية» (10/ 799)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (1/ 597)، و «شذرات الذهب» (3/ 206). (2) السكرجة: الصفحة التي يوضع فيها الأكل.

1215 - [أحمد بن عبدة الضبي]

ومما يذكر من كراماته: أنه كان مع أصحابه في بعض البراري في وقت القائلة فقالوا: ما أحسن هذا المكان لو كان فيه رطب! فقال رحمه الله: كأنكم تشتهون الرطب؟ فقالوا: نعم، فقام إلى شجرة وقال: أقسمت عليك بالذي خلقك وابتدأك شجرة إلا ما نثرت علينا رطبا، فنثرت عليهم رطبا جنيا، فأكلوا ثم ناموا، فلما استيقظوا .. حركوها، فنثرت عليهم شوكا. توفي رحمه الله سنة خمس وأربعين ومائتين. 1215 - [أحمد بن عبدة الضبي] (1) أحمد بن عبدة بن موسى الضبي البصري أبو عبد الله. سمع حماد بن زيد، وعبد العزيز الدراوردي، وسليم بن أخضر وغيرهم. وروى عنه مسلم في «صحيحه»، وروى عنه غير مسلم أيضا. توفي سنة خمس وأربعين ومائتين. 1216 - [محمد بن رافع القشيري] (2) محمد بن رافع بن أبي زيد القشيري النيسابوري. سمع شبابة بن سوار وغيره. وروى عنه البخاري ومسلم في «صحيحيهما». وتوفي سنة خمس وأربعين ومائتين. 1217 - [دحيم ابن اليتيم] (3) دحيم بن إبراهيم يعرف بابن اليتيم. كان من فقهاء الشام وعلمائها وخيارها، خرّج له

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 62)، و «تهذيب الكمال» (1/ 397)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 57)، و «الكاشف» (1/ 23)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 36)، و «شذرات الذهب» (3/ 205). (2) «التاريخ الكبير» (1/ 81)، و «الجرح والتعديل» (7/ 254)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 214)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 509)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 321)، و «شذرات الذهب» (3/ 205). (3) «التاريخ الكبير» (5/ 256)، و «الجرح والتعديل» (5/ 211)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 515)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 323)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 484)، و «شذرات الذهب» (3/ 208).

1218 - [هشام بن عمار الظفري]

البخاري في (باب هجرة النبي صلّى الله عليه وسلم) (1). وتوفي سنة خمس وأربعين ومائتين. 1218 - [هشام بن عمار الظفري] (2) هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة السلمي-بضم السين-ويقال: الظفري الدمشقي أبو الوليد. سمع يحيى بن حمزة، وصدقة بن خالد وغيرهما. وروى عنه البخاري في «صحيحه»، وروى عنه غير البخاري أيضا، وكان يخضب بصفرة. ولد سنة ثلاث وخمسين ومائة، وتوفي بدمشق آخر المحرم من سنة خمس وأربعين ومائتين. 1219 - [عبيد الله ابن المنكدر] (3) عبيد الله بن عبد الله بن المنكدر بن محمد بن المنكدر. ذكره ابن يونس في «تاريخ الغرباء» القادمين إلى مصر وقال: (مدني سكن قوص من صعيد مصر، وآخر من حدثنا عنه بمصر علي بن الحسن بن خلف بن قديد، قال: كان سماعي من عبيد الله المنكدري بقوص سنة خمس وأربعين ومائتين، ثم حج من عامه ذلك، وتوفي بمكة بعد الحج في ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائتين) (4). 1220 - [موسى بن عبد الملك الأصبهاني] (5) موسى بن عبد الملك الأصبهاني، صاحب ديوان الخراج. خدم جماعة من الخلفاء، وكان من جملة الرؤساء والكتاب الفضلاء، وله ديوان

(1) «صحيح البخاري» (3920). (2) «طبقات ابن سعد» (9/ 478)، و «التاريخ الكبير» (8/ 199)، و «الجرح والتعديل» (9/ 66)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 420)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 520)، و «شذرات الذهب» (3/ 210). (3) «الجرح والتعديل» (5/ 322)، و «تاريخ ابن يونس» (1/ 141)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 345). (4) «جذوة المقتبس» (ص 71). (5) «وفيات الأعيان» (5/ 337)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 502)، و «مرآة الجنان» (2/ 151).

رسائل، وشعر رقيق، ومنه: [من مجزوء الكامل] لما وردنا القادسي‍ … ة حيث مجتمع الرفاق وشممت من أرض الحجا … ز نسيم أنفاس العراق أيقنت لي ولمن أحبّ … بجمع شمل واتفاق وضحكت من فرح اللقا … ء كما بكيت من الفراق حكى الحافظ أبو عبد الله الحميدي وغيره من مؤرخي المغاربة: (أن أبا علي الحسن بن الأسكري-بضم الهمزة والكاف، وسكون السين المهملة بينهما، ثم راء مكسورة-قال: كنت من جلساء الأمير تميم بن أبي تميم، فأرسلني إلى بغداد، فاشتريت له جارية رائقة فائقة الغناء، فلما وصلت إليه .. دعا جلساءه وكنت فيهم، ثم مدت الستارة، وأمرها بالغناء، فغنت: [من الكامل] وبدا له من بعد ما اندمل الهوى … برق تألق موهنا لمعانه الأبيات المعروفة. فأحسنت الغناء، فطرب الأمير تميم ومن حضر، ثم غنت: [من الطويل] سيسليك عما فات دولة مفضل … أوائله محمودة وأواخره ثنى الله عطفيه وألّف شخصه … على البر مذ شدت عليه مآزره فطرب الأمير ومن حضر طربا شديدا، ثم غنت ببيت من قصيدة محمد بن زريق الكاتب البغدادي: [من البسيط] أستودع الله في بغداد لي قمرا … بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه فاشتد طرب الأمير المذكور جدا ثم قال: تمني ما شئت، فقالت: أتمنى عافية الأمير وسلامته، فقال: لا والله؛ لا بد أن تتمني، قالت: على الوفاء أيها الأمير بما أتمنى؟ قال: نعم، فقالت: أتمنى أن أغني ببغداد، فانتقع لون تميم، وتغير وجهه، وتكدر المجلس وافترقنا. ثم أرسل إلي، فرجعت إليه فقال: ويحك! أرأيت ما امتحنا به؟ فقلت: نعم أيها الأمير، فقال: لا بد من الوفاء، ولا أثق في هذا بغيرك، فتأهب للسير معها إلى بغداد، فإذا غنت هناك .. فاصرفها، فقلت: سمعا وطاعة.

1221 - [أحمد بن أبي الحواري]

ثم قمت وتأهبت، وأمرها بالتأهب، وأصحبها جارية سوداء تعادلها وتخدمها، وأمر بناقة ومحمل فأدخلت فيه، فسرنا إلى مكة مع القافلة، فقضينا حجنا، ثم دخلنا في قافلة العراق وسرنا، فلما وردنا القادسية .. أتتني السوداء فقالت: تقول لك سيدتي: أين نحن؟ فقلت لها: نزول بالقادسية، فأخبرتها، فسمعت صوتها قد ارتفع بالغناء بالأبيات المذكورة، فتصايح الناس: أعيدي بالله، أعيدي بالله، فما سمع لها كلمة. ثم سرنا فنزلنا الياسرية-بمثناة من تحت، ثم ألف، ثم سين مهملة، ثم راء، ثم ياء النسب، ثم هاء-بينها وبين بغداد خمسة أميال في بساتين متصلة ينزل الناس بها ثم يبكرون بالدخول إلى بغداد، فلما كان وقت الصباح .. إذ بالسوداء قد أتتني مذعورة فقلت: ما لك؟ ! قالت: إن سيدتي ليست بحاضرة، فقلت: ويلك، أين هي؟ قالت: والله ما أدري، قال: فلم أحس لها أثرا بعد ذلك، ودخلت بغداد وقضيت حوائجي، ثم انصرفت إلى الأمير تميم فأخبرته خبرها، فعظم ذلك عليه، واغتم لها غما شديدا، ثم ما زال ذاكرا لها). توفي موسى بن عبد الملك المذكور في سنة ست وأربعين ومائتين. 1221 - [أحمد بن أبي الحواري] (1) أحمد بن أبي الحواري، الإمام العارف بالله. سمع معاوية وطبقته، وكان من كبار المحدثين، وأحد الصوفية العارفين، صحب الشيخ أبا سليمان الداراني، وكان سيد الطائفة أبو القاسم الجنيد يقول فيه: أحمد بن أبي الحواري ريحانة الشام. وكانت زوجته رابعة الشامية تقول له: أحبك حب الإخوان لا حب الأزواج، وكانت تطعمه الطيّب وتطيبه وتقول له: اذهب بنشاطك إلى أزواجك، وتقول إذا قامت من الليل: [من الكامل] قام المحب إلى المؤمّل قومة … كاد الفؤاد من السرور يطير ومن كلامه رضي الله عنه: من نظر إلى الدنيا نظر إرادة وحب .. أخرج الله نور اليقين

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 47)، و «حلية الأولياء» (10/ 5)، و «الرسالة القشيرية» (ص 86)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 85)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 51)، و «مرآة الجنان» (2/ 153)، و «البداية والنهاية» (10/ 800)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (1/ 534)، و «شذرات الذهب» (3/ 211).

1222 - [أحمد بن إبراهيم الدورقي]

والزهد من قلبه، ومن عمل بلا اتباع السنة .. فعمله باطل، وأفضل البكاء بكاء العبد على ما فاته من أوقاته على غير الموافقة. وقال: ما ابتلى الله عبدا بشيء أشد من القسوة والغفلة. توفي رحمه الله سنة ست وأربعين ومائتين. 1222 - [أحمد بن إبراهيم الدورقي] (1) أحمد بن إبراهيم بن كثير العبدي البغدادي، المعروف بالدورقي، أبو عبد الله. سمع عبد الصمد بن عبد الوارث، ومبشر بن إسماعيل، وأبا داود، وروى عنه مسلم في «صحيحه». ولد سنة ثمان وستين ومائة، وتوفي سنة ست وأربعين ومائتين، وكان أصغر من أخيه يعقوب بسنتين. 1223 - [إبراهيم بن سعيد الجوهري] (2) إبراهيم بن سعيد الجوهري، أبو إسحاق، من أهل بغداد، سكن عين زربة مرابطا. سمع أبا أسامة وغيره، وروى عنه مسلم حديثين في «صحيحه» (3)، وروى عنه غير مسلم. وتوفي سنة سبع وأربعين ومائتين. 1224 - [سلمة بن شبيب] (4) سلمة بن شبيب النيسابوري أبو عبد الرحمن.

(1) «التاريخ الكبير» (2/ 6)، و «الجرح والتعديل» (2/ 39)، و «تهذيب الكمال» (1/ 249)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 130)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 505)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 13). (2) «الجرح والتعديل» (2/ 104)، و «تهذيب الكمال» (2/ 95)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 149)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 515)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 67)، و «شذرات الذهب» (3/ 216). (3) «صحيح مسلم» (42)، و (200). (4) «التاريخ الكبير» (4/ 85)، و «الجرح والتعديل» (4/ 164)، و «تهذيب الكمال» (11/ 284)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 256)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 286)، و «شذرات الذهب» (3/ 221).

1225 - [الخليفة المتوكل على الله]

سكن مكة، وكان مستملي عبد الله بن يزيد المقرئ. سمع الحسن بن محمد بن أعين، ومروان بن محمد الدمشقي، وعبد الرزاق وغيرهم، وروى عنه مسلم في «صحيحه». ومات بمكة سنة سبع وأربعين ومائتين. 1225 - [الخليفة المتوكل على الله] (1) الخليفة المتوكل على الله أبو الفضل جعفر بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد العباسي، ولد في شوال سنة سبع ومائتين. ولما مات أخوه الواثق .. أحضروا ولد الواثق وهو غلام أمرد قصير، فألبسوه دراعة سوداء وقلنسوة رصافية، فازدروه، فقال لهم وصيف: أما تتقون الله؛ تولون مثل هذا الغلام وهو لا تجوز معه الصلاة؟ ! فتناظروا فيمن يولونها، فذكر أحمد بن أبي دؤاد جعفرا أخا الواثق، فأحضره وألبسه الطويلة، وعممه وقبل بين عينيه وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ولقبه المتوكل على الله، ثم غسل الواثق وصلّى عليه. فأحيى السنة، وأمات البدعة، ونهى الناس عن الخوض في أن القرآن مخلوق، وأمر أئمة الحديث بنشر الحديث وقراءته وإقرائه. وفيه كرم شديد وتبذير، وكان منهمكا على اللذات والمكاره. وكان المتوكل قد عهد بالخلافة لولده المنتصر ويقول: سميتك المنتصر، وسماك الناس المنتظر لحمقك، ويشتمه تارة ويتهدده أخرى. وكان المتوكل قد صادر بعض رؤساء الدولة، فعملوا على الفتك به بمواطأة ولده المنتصر، فدخل عليه خمسة بالسيوف في جوف الليل وهو في مجلس شرابه، فضربوه بسيوفهم، فألقى الفتح بن خاقان نفسه عليه، فقتلوه معه، وذلك في شوال من سنة سبع وأربعين ومائتين، فمدة ولايته خمس عشرة سنة إلا ثلاثة أشهر، ومدة عمره أربعون سنة.

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 222)، و «المنتظم» (7/ 8)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 171)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 30)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 194)، و «مرآة الجنان» (2/ 154)، و «البداية والنهاية» (10/ 802)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 275)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 407)، و «شذرات الذهب» (3/ 218).

1226 - [الخليفة المنتصر بالله]

وكان الفتح بن خاقان قد علم بما تمالأ عليه المنتصر وجماعته من قتل المتوكل من سعاية بعض نساء الأتراك بهم، فكتم المتوكل الخبر؛ لئلا يفسد عليه سروره، وليمضي الله فيه مقدوره، ولم يظنهم يقدمون على ذلك، فلما قتل المتوكل .. أمر المنتصر بغلق الأبواب كلها، وأمر وصيفا بإحضار المعتز والمؤيد، وكان المتوكل جعلهما وليي عهده بعد المنتصر، فأرسل إليهما عن المتوكل فأحضرا، وكان الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان لما سمع الواقعة .. اجتمع عنده من الجيش نحو عشرة آلاف وقالوا: مرنا بأمرك حتى نميل إلى الأتراك والمنتصر، فقال: لا حيلة في ذلك والرجل في أيديهم-يعني المعتز-فسلموا الأمر للمنتصر وبايعوه. 1226 - [الخليفة المنتصر بالله] (1) الخليفة المنتصر بالله أبو جعفر محمد بن المتوكل على الله بن المعتصم بالله بن هارون الرشيد العباسي. بويع له بالجعفرية في الليلة التي قتل فيها أبوه، ثم انتقل إلى الجوسق بسرّمن رأى، وتوفي في ربيع الآخر من سنة ثمان وأربعين ومائتين، قيل: أصابته الذبحة، وقيل: إن أمراء الأتراك خافوه، فلما حمّ .. دسوا إلى طبيبه ابن طيفور ثلاثين ألف دينار، ففصده بريشة مسمومة، وقيل: سم في كمثرى، وقيل: إن طبيبه لما فصده .. دهش فلم يميز مبضعه المسموم من غيره، وقيل: بل وجد علة في رأسه، فقطر طبيبه ابن طيفور في أذنه دهنا، فورم رأسه، فعولج فمات. يقال: إنه رأى أباه في النوم يقول له: يا محمد؛ قتلتني وظلمتني، والله؛ لا تمتعت بالخلافة إلا أياما قلائل، ثم مصيرك إلى النار، فانتبه وهو لا يملك عينيه ولا جزعه، وما زال منكسرا إلى أن توفي في سنة ثمان وأربعين ومائتين. ويحكى أنه قال لأمه: يا أماه؛ ذهبت عني الدنيا والآخرة، عاجلت أبي فعوجلت، فمدة ولايته ستة أشهر، وعمره خمس وعشرون سنة ونصف.

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 251)، و «المنتظم» (7/ 26)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 186)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 42)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 416)، و «مرآة الجنان» (2/ 154)، و «البداية والنهاية» (10/ 806)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 420)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 327)، و «شذرات الذهب» (3/ 224).

1227 - [أحمد بن صالح الطبري]

وقد جرت سنة الله في عباده: أن من قتل أباه لا يمتع بعده بالحياة؛ هذا ابن كسرى لما قتل أباه .. لم يعمر بعده إلا ستة أشهر، وهذا المنتصر لم يكن أسرع من لحوقه بأبيه، وكذلك في عصرنا صرغل صاحب هرموز، قتله ولده وولي بعده، ولم تمض له سنة حتى توفي ولحق بأبيه. 1227 - [أحمد بن صالح الطبري] (1) أحمد بن صالح الطبري أبو جعفر، الإمام العالم، الحافظ الحجة. قال بعض المحدثين: كتبت عن ألف شيخ، حجتي فيما بيني وبين الله تعالى رجلان: أحمد بن صالح، وأحمد ابن حنبل. سمع عبد الله بن وهب، وعقبة بن خالد. وروى عنه البخاري في «صحيحه» بواسطة وبغير واسطة، وكان أبوه جنديا من أهل طبرستان. ولد سنة سبعين ومائة، وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائتين. 1228 - [عبد الجبار بن العلاء العطار] (2) عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار العطار المكي أبو بكر. سمع سفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية وغيرهما. وروى عنه مسلم في «صحيحه»، وروى عنه غيره. وتوفي بمكة في جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين ومائتين، مذكور في الأصل بأبسط من هذا.

(1) «التاريخ الكبير» (2/ 6)، و «الجرح والتعديل» (2/ 56)، و «تهذيب الكمال» (1/ 340)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 160)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 44)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 27). (2) «التاريخ الكبير» (6/ 109)، و «الجرح والتعديل» (6/ 32)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 402)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 321)، و «العقد الثمين» (5/ 325)، و «شذرات الذهب» (3/ 223).

1229 - [عبد الملك بن شعيب المصري]

1229 - [عبد الملك بن شعيب المصري] (1) عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد. سمع أباه، وعبد الله بن وهب وغيرهما. وروى عنه مسلم في «صحيحه»، وروى عنه غير مسلم. وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائتين. 1230 - [زغبة التجيبي] (2) عيسى بن حماد المعروف بزغبة التجيبي المصري أبو موسى. سمع الليث بن سعد وغيره، وروى عنه مسلم وغيره. وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائتين. 1231 - [محمد بن حميد اليشكري] (3) محمد بن حميد اليشكري البغدادي، ويقال: المعمري؛ لرحلته إلى معمر. سمع سفيان، ومعمر بن راشد وغيرهما. وروى عنه زهير بن حرب، وعبد الله بن عون الهلالي وغيرهما. وذكر الذهبي أن محمد بن حميد توفي سنة ثمان وأربعين ومائتين، فينظر أهو هذا أم غيره؟ (4)

(1) «الجرح والتعديل» (5/ 354)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 335)، و «الكاشف» (2/ 614)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 684)، و «تقريب التهذيب» (ص 363)، و «شذرات الذهب» (3/ 223). (2) «الجرح والتعديل» (6/ 274)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 506)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 383)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 356)، و «تقريب التهذيب» (ص 438)، و «شذرات الذهب» (3/ 223). (3) تقدمت ترجمته في مكانها الصحيح (2/ 282)، وستعرف ما فيه آخر هذه الترجمة. (4) بل هو غيره؛ إذ المذكور في «عبر الذهبي» (1/ 452) في وفيات سنة (248 هـ‍) إنما هو محمد بن حميد الرازي، انظر عن ترجمته «الجرح والتعديل» (7/ 232)، و «تاريخ بغداد» (2/ 255)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 503)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 425)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 546).

1232 - [أبو كريب الهمداني]

1232 - [أبو كريب الهمداني] (1) محمد بن العلاء بن كريب الهمداني الكوفي، المعروف بأبي كريب. سمع عبد الله بن المبارك، وأبا أسامة، ومحمد بن فضيل وغيرهم. وروى عنه البخاري، ومسلم وغيرهما. وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين ومائتين. 1233 - [أبو هشام الرفاعي] (2) محمد بن يزيد ابن رفاعة أبو هشام الرفاعي، من أهل الكوفة، ولي قضاء بغداد. سمع من محمد بن فضيل وغيره، وروى عنه مسلم وغيره. ومات ببغداد في آخر يوم من شعبان سنة ثمان وأربعين ومائتين. 1234 - [الحسن بن الصباح البزار] (3) الحسن بن الصباح البزار-بزاي ثم راء بينهما ألف-أبو علي الواسطي ثم البغدادي. سمع ابن عيينة، وإسحاق الأزرق، وروح بن عبادة وغيرهم. روى عنه البخاري في «صحيحه»، وروى عنه غيره أيضا. وتوفي يوم الاثنين في شهر ربيع الآخر سنة تسع وأربعين ومائتين. 1235 - [عبد بن حميد الكشي] (4) عبد بن حميد بن نصر الكشي أبو محمد، كان اسمه عبد الحميد.

(1) «التاريخ الكبير» (1/ 205)، و «الجرح والتعديل» (8/ 52)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 394)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 455)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 667)، و «شذرات الذهب» (3/ 226). (2) «التاريخ الكبير» (1/ 261)، و «الجرح والتعديل» (8/ 129)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 153)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 485)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 735)، و «شذرات الذهب» (3/ 226). (3) «التاريخ الكبير» (2/ 295)، و «الجرح والتعديل» (3/ 19)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 192)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 229)، و «مرآة الجنان» (2/ 155)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 400). (4) «تهذيب الكمال» (18/ 524)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 235)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 340)، و «مرآة الجنان» (2/ 155)، و «البداية والنهاية» (11/ 7)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 641).

1236 - [المقرئ أبو الحسن البزي]

سمع عثمان بن عمر، وعبد الرزاق، وخلقا سواهما. وروى عنه البخاري، ومسلم وغيرهما. وتوفي سنة تسع وأربعين ومائتين. 1236 - [المقرئ أبو الحسن البزي] (1) أبو الحسن أحمد بن محمد البزي المقرئ، مؤذن المسجد الحرام، وشيخ الإقراء به. توفي سنة خمسين ومائتين. 1237 - [أبو حاتم السجستاني] (2) أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني، النحوي اللغوي المقرئ. أخذ العربية عن أبي عبيدة، والأصمعي، وقرأ القرآن على يعقوب، وكتب الحديث عن طائفة من المحدثين. قال أبو حاتم المذكور: مر رجل براهب فقال: عظني، قال: أأعظكم وفيكم القرآن، ومنكم محمد صلّى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: فاتعظ ببيت شعر قاله رجل منكم: [من الطويل] تجرد عن الدنيا فإنك إنما … خرجت إلى الدنيا وأنت مجرد وتوفي سنة خمسين ومائتين. ولما توفي .. بلغت قيمة كتبه أربعة عشر ألف دينار، فوجه ابن السكيت من اشتراها بدون هذا قليلا وحابوه فيها، كذا في «تاريخ اليافعي» في ترجمة أبي حاتم (3).

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 71)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 50)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 144)، و «مرآة الجنان» (2/ 156)، و «البداية والنهاية» (11/ 10)، و «العقد الثمين» (3/ 142). (2) «الجرح والتعديل» (4/ 204)، و «معجم الأدباء» (4/ 322)، و «وفيات الأعيان» (2/ 430)، و «تهذيب الكمال» (12/ 201)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 268)، و «مرآة الجنان» (2/ 156)، و «البداية والنهاية» (11/ 10)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 332)، و «بغية الوعاة» (1/ 606)، و «شذرات الذهب» (3/ 230). (3) انظر «مرآة الجنان» (2/ 156).

1238 - [نصر بن علي الجهضمي الصغير]

وذكر في «التاريخ» أيضا: أن ابن السكيت توفي سنة أربع وأربعين ومائتين، أو سنة ست وأربعين، فليحقق ذلك، والله سبحانه أعلم (1). 1238 - [نصر بن علي الجهضمي الصغير] (2) نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي الأزدي البصري أبو عمرو، الحافظ أحد أوعية العلم. سمع أباه، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وأبا أحمد الزبيري وغيرهم. وروى عنه الشيخان في «صحيحيهما»، وروى عنه غيرهما. طلبه المستعين في تولية القضاء، فقال لأمير البصرة: حتى أرجع فأستخير الله، فرجع وصلّى ركعتين وقال: اللهم؛ إن كان لي عندك خيرا .. فاقبضني إليك، ثم نام فمات في نومته تلك، وذلك في شهر ربيع الآخر من سنة خمسين ومائتين. 1239 - [الحسين بن الضحاك الخليع] (3) الحسين بن الضحاك، الشاعر البصري، المشهور بالخليع، عرف بذلك؛ لكثرة مجونه وخلاعته. وكان حسن الافتنان في ضروب الشعر وأنواعه، وصحب الأمين بن الرشيد ومن بعده من الخلفاء إلى المستعين بالله، واتصل في مجالس الخلفاء بما لم يتصل إليه أحد إلا إسحاق بن إبراهيم النديم الموصلي؛ فإنه قاربه في ذلك أو ساواه. وبينه وبين أبي نواس مهازل لطيفة، ووقائع ظريفة. ومن شعره: [من الخفيف] صل بخدي خديك تلق عجيبا … من معان يحار فيها الضمير

(1) انظر «مرآة الجنان» (2/ 147)، وهو ما تقدم في ترجمته (2/ 531)، فلعل صاحب القصة غير ابن السكيت، والله أعلم. (2) «التاريخ الكبير» (8/ 106)، و «الجرح والتعديل» (8/ 471)، و «تهذيب الكمال» (29/ 355)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 133)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 506)، و «شذرات الذهب» (3/ 233). (3) «الأغاني» (7/ 146)، و «تاريخ بغداد» (8/ 54)، و «معجم الأدباء» (4/ 5)، و «وفيات الأعيان» (2/ 162)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 191)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 239)، و «مرآة الجنان» (2/ 156)، و «شذرات الذهب» (3/ 234).

1240 - [الفضل بن مروان]

فبخديك للربيع رياض … وبخدّيّ للدموع غدير وله أيضا: [من الطويل] إذا خنتم بالغيب عهدي فما لكم … تدلّون إدلال المقيم على العهد صلوا وافعلوا فعل المدلّ بوصله … وإلا فصدوا وافعلوا فعل ذي الصد توفي سنة خمسين ومائتين. 1240 - [الفضل بن مروان] (1) الفضل بن مروان، وزير المعتصم، له ديوان شعر. ومن كلامه: الكاتب كالدولاب إذا تعطل .. تكسر. وكان قد جلس يوما لقضاء حوائج الناس، فرفعت إليه قصص العامة، فرأى في جملتها ورقة فيها مكتوب: [من الطويل] تفرعنت يا فضل بن مروان فاعتبر … فقبلك كان الفضل والفضل والفضل ثلاثة أملاك مضوا لسبيلهم … أبادتهم الأقياد والحبس والقتل فإنك قد أصبحت في الناس ظالما … ستودي كما أودى الثلاثة من قبل وأراد بالثلاثة: الفضل بن يحيى البرمكي، والفضل بن الربيع، والفضل بن سهل. توفي الفضل بن مروان سنة خمسين ومائتين. 1241 - [أبو الطاهر الأموي] (2) أبو الطاهر أحمد بن عمرو ابن السرح المصري مولى بني أمية. سمع عبد الله بن وهب وغيره، وروى عنه مسلم في «صحيحه». وتوفي سنة خمسين ومائتين.

(1) «تاريخ الطبري» (18/ 9، 21، 123، 162)، و «وفيات الأعيان» (4/ 45)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 83)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 394)، و «مرآة الجنان» (2/ 157)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 332)، و «شذرات الذهب» (3/ 232). (2) «الجرح والتعديل» (2/ 15)، و «تهذيب الكمال» (1/ 415)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 62)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 58)، و «البداية والنهاية» (10/ 11)، و «شذرات الذهب» (3/ 229).

1242 - [إسحاق الكوسج]

1242 - [إسحاق الكوسج] (1) إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج أبو يعقوب المروزي. ولد بمرو، ثم انتقل إلى نيسابور، ومات بها لعشر خلون من جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين ومائتين. سمع حسينا الجعفي، وروح بن عبادة، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق وغيرهم. وروى عنه البخاري ومسلم في «صحيحيهما»، وروى عنه غيرهما. 1243 - [الخليفة المستعين بالله] (2) الخليفة المستعين بالله أبو العباس أحمد بن المعتصم محمد بن هارون الرشيد. لما مات المنتصر .. كرهوا أن يولوا أحدا من أولاد المتوكل؛ لقتلهم أباه، فأجمعوا على أحمد بن المعتصم، فبايعوه لست خلون من ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين، ولقبوه: المستعين بالله، وسنه إذ ذاك ثمان وعشرون سنة، فاستكتب أحمد بن الخصيب، واستوزر أوتامش، وفتح بيت المال-وكان فيه تسعون ألف ألف درهم-فأعطى الجند رزق خمسة أشهر، وكان جملة العطاء ألفي ألف وثلاث مائة ألف واثنين وتسعين دينارا سوى ما خلع، وأعطى أصحاب الدواوين لكل واحد مائة ألف، وأعطى ابن الخصيب ثلاث مائة ألف درهم، ووهب له فرش الجعفري (3)، فحملت على خمسين ومائتي بعير، وقيل: إن قيمة الفرش ألف ألف درهم.

(1) «التاريخ الكبير» (1/ 404)، و «الجرح والتعديل» (2/ 234)، و «تهذيب الكمال» (2/ 474)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 258)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 82)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 127)، و «شذرات الذهب» (3/ 234). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 362)، و «المنتظم» (7/ 56)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 237)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 46)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 54)، و «مرآة الجنان» (2/ 157)، و «البداية والنهاية» (11/ 15)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 335)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 423)، و «شذرات الذهب» (3/ 236). (3) أي: قصر الجعفري، نسبة إلى أبي جعفر المنصور.

1244 - [بندار العبدي]

وكان أمراء الأتراك قد استولوا على الأمر، وبقي المستعين مقهورا معهم، فتحول من سامراء إلى بغداد، فوجهوا يعتذرون إليه ويسألونه الرجوع، فامتنع، فأخرجوا المعتز من الحبس وحلفوا له، وجاء أخوه أبو أحمد إلى بغداد؛ لمحاصرة المستعين، واستعدى المستعين نائب بغداد محمد بن عبد الله بن طاهر للحرب، فسوروا بغداد من جميع جهاتها، ووقع القتال، ونصبت المجانيق، ودام الحصار، واشتد البلاء، وكثرت القتلى، وجهد أهل بغداد حتى أكلوا الجيف، وجرت وقائع عديدة بين الفريقين، قتل في وقعة منها نحو الألفين من البغاددة إلى أن كلّوا وضعف أمرهم، وقوي أمر المعتز بالله. ثم تخلى ابن طاهر عن المستعين؛ لما رأى من البلاء، وكاتب المعتز، ثم سعوا في الصلح على خلع المستعين، فخلع المستعين نفسه لعشر بقين من ذي الحجة سنة إحدى وخمسين ومائتين على شروط مؤكدة، ثم أنفذوه إلى واسط، فاعتقل تسعة أشهر، ثم أحضر إلى سامراء، فقتلوه في قادسية سامراء في آخر رمضان-أو في شوال-من سنة اثنتين وخمسين ومائتين، فمدة ولايته إلى أن خلع ثلاث سنين وثمانية أشهر وأيام، وعمره اثنتان وثلاثون سنة. 1244 - [بندار العبدي] (1) محمد بن بشار-بموحدة، ثم شين معجمة-ابن عثمان بن داود بن كيسان العبدي البصري أبو بكر، الملقب بندار؛ لأنه كان بندارا في الحديث (2)، جمع حديث البصرة. سمع محمد بن جعفر المعروف بغندر، وابن أبي عدي، وعبد الوهاب الثقفي. وروى عنه الشيخان في «صحيحيهما»، وروى عنه غيرهما. ولد سنة سبع وستين ومائة، وهي السنة التي مات فيها حماد بن سلمة، وتوفي بالبصرة سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

(1) «التاريخ الكبير» (1/ 49)، و «الجرح والتعديل» (7/ 214)، و «تهذيب الكمال» (24/ 511)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 144)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 275)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 519). (2) البندار في الاصطلاح: الحافظ، وفي الأصل: من يخزن البضائع للغلاء.

1245 - [السري السقطي]

1245 - [السري السقطي] (1) السري السقطي، أحد أولياء الطريقة، ومعادن أسرار الحقيقة، خال الأستاذ أبو القاسم الجنيد وأستاذه، وتلميذ الشيخ الكبير معروف الكرخي. يقال: إن السري كان في دكانه، فجاءه معروف الكرخي يوما بصبي يتيم، فقال: اكس هذا، قال السري: فكسوته، ففرح بذلك معروف وقال: بغّض الله إليك الدنيا، وأراحك مما أنت فيه. قال السري: فقمت من الدكان وليس شيء أبغض إليّ من الدنيا، وكل ما أنا فيه من بركات معروف. قال أبو القاسم الجنيد: دفع إلي السري السقطي رقعة وقال: هذه خير لك من سبع مائة أوقية؛ فإذا فيها: [من الطويل] ولما ادعيت الحب قالت كذبتني … فما لي أرى الأعضاء منك كواسيا فما الحب حتى يلصق الجلد بالحشى … وتذبل حتى لا تجيب المناديا وتنحل حتى لا يبقي لك الهوى … سوى مقلة تبكي بها وتناجيا وقال الجنيد أيضا: دخلت على السري السقطي يوما وهو يبكي فقلت: ما يبكيك؟ قال: جاءتني البارحة الصبية فقالت: يا أبت؛ هذه الليلة حارة، وهذا الكوز علقته ههنا، ثم إني حملتني عيناي فنمت، فرأيت جارية من أحسن الخلق قد نزلت من السماء فقلت: لمن أنت؟ فقالت: لمن لا يشرب الماء المبرد في الكيزان، فتناولت الكوز فضربت به الأرض. قال الجنيد: فرأيت الخزف المكسور لم يرفعه حتى عفى عليه التراب. وفضائل السري ومحاسنه كثيرة معروفة، رضي الله عنه. توفي سنة ثلاث-أو ست، أو سبع-وخمسين ومائتين، وقيل: سنة إحدى وخمسين ومائتين.

(1) «حلية الأولياء» (10/ 116)، و «تاريخ بغداد» (9/ 187)، و «الرسالة القشيرية» (ص 62)، و «صفة الصفوة» (1/ 224)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 150)، و «مرآة الجنان» (2/ 158)، و «البداية والنهاية» (11/ 17)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (1/ 618)، و «شذرات الذهب» (3/ 240).

1246 - [أحمد بن سعيد الدارمي]

1246 - [أحمد بن سعيد الدارمي] (1) أحمد بن سعيد بن صخر بن سليمان الدارمي السرخسي أبو جعفر، الحافظ الفقيه الأثري. سمع حبان بن هلال، وبشر بن عمر، وعثمان بن عمر وغيرهم. وروى عنه البخاري ومسلم في «صحيحيهما». ومات بنيسابور سنة ثلاث وخمسين ومائتين. 1247 - [هارون بن سعيد الأيلي] (2) هارون بن سعيد بن الهيثم الأيلي. سمع ابن وهب وغيره، روى عنه مسلم في «صحيحه»، وروى عنه غير مسلم. وتوفي سنة ثلاث وخمسين ومائتين. 1248 - [يوسف بن موسى القطان] (3) يوسف بن موسى بن راشد بن بلال القطان الكوفي، سكن بغداد. سمع وكيعا، وجريرا وغيرهما. وروى عنه البخاري في «صحيحه»، وروى عنه غير البخاري. وتوفي ببغداد سنة ثلاث-أو اثنتين-وخمسين ومائتين. 1249 - [علي بن مسلم الطوسي] (4) علي بن مسلم بن سعيد الطوسي أبو الحسن.

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 53)، و «تهذيب الكمال» (1/ 314)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 233)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 548)، و «مرآة الجنان» (2/ 159)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 23). (2) «الجرح والتعديل» (9/ 91)، و «تهذيب الكمال» (30/ 90)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 359)، و «الكاشف» (3/ 189)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 254)، و «تقريب التهذيب» (ص 568). (3) «الجرح والتعديل» (9/ 231)، و «تاريخ بغداد» (14/ 304)، و «تهذيب الكمال» (32/ 465)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 221)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 380)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 461). (4) «الجرح والتعديل» (6/ 203)، و «تاريخ بغداد» (12/ 108)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 525)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 219)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 192)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 340).

1250 - [أبو الحسن العسكري]

سكن بغداد، وسمع هشيما، وعبد الله بن نمير، وحبان بن هلال وغيرهم، روى عنه البخاري في «صحيحه». ولد سنة ستين ومائة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وخمسين ومائتين. 1250 - [أبو الحسن العسكري] (1) أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني، المعروف بالعسكري؛ لإقامته بسرّمن رأى عشرين سنة وأشهرا، وكانت تسمى العسكر؛ لأن المعتصم لما بناها انتقل إليها بعسكره. ولد المذكور بالمدينة ثالث عشر رجب، وقيل: في يوم عرفة سنة أربع عشرة-أو ثلاث عشرة-ومائتين. وكان فقيها إماما، استفتاه المتوكل مرة ووصله بأربعة آلاف درهم، وهو أحد الأئمة الاثني عشر الذين يعتقد الشيعة الغلاة عصمتهم. كثرت السعاية في حقه عند المتوكل، فأحضره من المدينة إلى سر من رأى، فأقام بها عشرين سنة وأشهرا، قيل للمتوكل: إن بمنزله سلاحا وكتبا، وأوهموه أنه يطلب الخلافة، فوجه من هجم عليه منزله، فوجده في بيت مغلق وعليه مدرعة من شعر، وعلى رأسه ملحفة من صوف، وهو مستقبل القبلة ليس بينه وبين الأرض بساط إلا الرمل والحصى، وهو يترنم بآيات القرآن في الوعد والوعيد، فحمل إليه على الصفة المذكورة، فعظمه وأجلسه إلى جنبه. وكان المتوكل يشرب وفي يده كأس، فناوله الكأس الذي في يده فقال: يا أمير المؤمنين؛ ما خامر لحمي ودمي قط، فأعفني عنه، فأعفاه وقال له: أنشدني شعرا أستحسنه، فقال: إني لقليل الرواية للشعر، فقال: لا بد وأن تنشدني، فأنشده: [من البسيط] باتوا على قلل الأجبال تحرسهم … غلب الرجال فلم تنفعهم القلل واستنزلوا بعد عز من معاقلهم … فأودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 381)، و «تاريخ بغداد» (12/ 56)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 251)، و «وفيات الأعيان» (3/ 272)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 218)، و «مرآة الجنان» (2/ 159)، و «البداية والنهاية» (11/ 19)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 342)، و «شذرات الذهب» (3/ 242).

1251 - [محمد بن أحمد العتبي]

ناداهم صارخ من بعد ما قبروا … أين الأسرة والتيجان والحلل أين الوجوه التي كانت منعمة … من دونها تضرب الأستار والكلل فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم … تلك الوجوه عليها الدود تقتتل فأشفق من حضر على العسكري، وظنوا أن بادرة تبدر إليه، فبكى المتوكل بكاء طويلا حتى بلت دموعه لحيته، وبكى من حضر، ثم أمر برفع الشراب، فقال له: يا أبا الحسن؛ عليك دين؟ قال: نعم، أربعة آلاف دينار، فأمر بدفعها إليه، ورده إلى منزله مكرما. توفي سنة أربع وخمسين ومائتين، ودفن في داره. 1251 - [محمد بن أحمد العتبي] (1) محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة الأموي العتبي القرطبي الأندلسي الفقيه، مصنف «العتبية» في مذهب الإمام مالك، أحد الأئمة الأعلام. أخذ ببلده عن يحيى بن يحيى، ورحل فأخذ بالقيروان عن سحنون، وبمصر عن أصبغ. وتوفي سنة أربع وخمسين ومائتين. 1252 - [محمد بن عبد الله المخرمي] (2) محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي أبو جعفر البغدادي الحافظ. سمع عبد الرحمن بن غزوان، وحجير بن المثنى وغيرهما، وروى عنه البخاري في «صحيحه». وتوفي سنة أربع وخمسين ومائتين، فيما أظن.

(1) «جذوة المقتبس» (ص 39)، و «بغية الملتمس» (ص 48)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 335)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 234)، و «مرآة الجنان» (2/ 161)، و «الديباج المذهب» (2/ 161)، و «شذرات الذهب» (3/ 243). (2) «الجرح والتعديل» (7/ 305)، و «تاريخ بغداد» (5/ 423)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 265)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 295)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 613)، و «شذرات الذهب» (3/ 243).

1253 - [مؤمل بن هشام البصري]

1253 - [مؤمل بن هشام البصري] (1) مؤمل بن هشام البصري أبو هاشم، ختن إسماعيل ابن علية. سمع إسماعيل المذكور وغيره، وروى عنه البخاري في «صحيحه»، وروى عنه غير البخاري وتوفي سنة أربع-أو ثلاث-وخمسين ومائتين. 1254 - [زياد بن يحيى الحساني] (2) زياد بن يحيى بن زياد بن حسان الحساني أبو الخطاب البصري. سمع حاتم بن وردان، وبكر بن بكار وغيرهما. وروى عنه البخاري ومسلم في «صحيحيهما»، وروى عنه غيرهما. وتوفي سنة أربع وخمسين ومائتين. 1255 - [الدارمي صاحب «السنن»] (3) أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن التميمي الدارمي، صاحب «المسند» المشهور، الإمام الحبر. رحل وطوف، وسمع النضر بن شميل، ويزيد بن هارون وطبقتهما. وتوفي سنة خمس وخمسين ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (8/ 375)، و «تهذيب الكمال» (29/ 186)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 195)، و «تقريب التهذيب» (ص 555). (2) «الجرح والتعديل» (3/ 549)، و «تهذيب الكمال» (9/ 523)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 147)، و «الكاشف» (1/ 262)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 655)، و «تقريب التهذيب» (ص 221). (3) «الجرح والتعديل» (5/ 99)، و «تاريخ بغداد» (10/ 29)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 224)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 534)، و «مرآة الجنان» (2/ 161)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 373)، و «شذرات الذهب» (3/ 245).

1256 - [عبد الله بن هاشم الطوسي]

1256 - [عبد الله بن هاشم الطوسي] (1) عبد الله بن هاشم بن حيان العبدي الطوسي، نزيل بغداد، يكنى: أبا عبد الرحمن. سمع بهز بن أسد، ويحيى بن سعيد، ووكيعا وغيرهم، وروى عنه مسلم في «صحيحه». وتوفي سنة خمس وخمسين ومائتين، وقيل: تسع وخمسين. 1257 - [الخليفة المعتز بالله] (2) الخليفة المعتز بالله أبو عبد الله محمد بن المتوكل بن المعتصم. لما خلع المستعين في ذي الحجة سنة إحدى وخمسين ومائتين .. نفذ إليه البردة والخاتم والقضيب مع عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، ثم خلعوه، وأشهد على نفسه بالخلع مكرها لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، فمدة ولايته مذ يوم بويع له بسرّمن رأى أربع سنين ونصف، ومن يوم بويع له ببغداد ثلاث سنين ونصف، وولد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وبعد خلعه بخمسة أيام أدخل حماما، فعطش حتى عاين الموت، وهو يطلب الماء فيمنع منه، ثم أعطوه ماء ثلج فشربه فسقط ميتا، واختفت أمه وكانت ذات أموال عظيمة؛ معها من الجواهر من الياقوت والزمرد ما قيمته ألفي ألف دينار، ولم يكن في خزائن الخلافة شيء، فطلبوا من أمه مالا، فلم تعطهم، فأجمعوا على خلعه، ولبسوا السلاح وأحاطوا بدار الخلافة، وهجم على المعتز طائفة منهم، فضربوه بالدبابيس، وأقاموه في الشمس حافيا؛ ليخلع نفسه، فأجاب وأحضر محمد بن الواثق من بغداد، فأول من بايعه المعتز بالله، ولقبوا محمدا بالمهتدي.

(1) «الجرح والتعديل» (5/ 196)، و «تاريخ بغداد» (10/ 193)، و «المنتظم» (7/ 123)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 328)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 189)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 447). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 389)، و «المنتظم» (7/ 73)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 256)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 532)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 280)، و «مرآة الجنان» (2/ 161)، و «البداية والنهاية» (11/ 20)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 23)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 425)، و «شذرات الذهب» (3/ 246).

1258 - [الجاحظ]

1258 - [الجاحظ] (1) أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ-عرف بذلك لجحوظ عينيه؛ أي: نتوئهما، وكان مشوه الخلق-الكناني الليثي المعتزلي البصري، العالم المشهور، صاحب النوادر والغرائب والطرف والعجائب. وله تصانيف مفيدة في فنون عديدة، ومن أحسنها كتاب «الحيوان» وكتاب «البيان والتبيين»، وهو تلميذ إبراهيم بن سيار البلخي المتكلم، وللجاحظ مقالة في أصول الدين، وإليه تنسب الفرقة الجاحظية. ومن غريب خبره قال: ذكرت للمتوكل لتأديب بعض ولده، فلما استبشع منظري .. أمر لي بعشرة آلاف درهم وصرفني، فخرجت من عنده، فلقيت محمد بن إبراهيم-يعني ابن المهدي-وهو يريد الانصراف إلى مدينة السلام، فعرض علي الخروج والانحدار في حرّاقته، وكان بسرّمن رأى، فركبنا في الحراقة، فلما انتهينا إلى فم نهر القاطول .. نصب ستارة وأمر بالغناء، فاندفعت عوادة فغنت: [من الخفيف] كل يوم قطيعة وعتاب … ينقضي دهرنا ونحن غضاب ليت شعري أنا خصصت بهذا … دون ذا الخلق أم كذا الأحباب وسكتت، فأمر الطنبورية فغنت: [من مجزوء الكامل] وارحمتا للعاشقي‍ … ن ما إن أرى لهم معينا كم يهجرون ويصرمو … ن ويقطعون فيصبرونا قال: فقالت لها العوادة: فيصنعون ماذا؟ قالت: هكذا يصنعون، وضربت بيدها إلى الستارة فهتكتها، وبرزت كأنها فلقة قمر، فألقت نفسها في الماء، وعلى رأس محمد غلام يضاهيها في الجمال وبيده مذبة، فأتى الموضع ونظر إليها وهي تمر بين الماء، فأنشد: [من مجزوء الكامل] أنت التي غرقتني … بعد القضا لو تعلمينا

(1) «تاريخ بغداد» (12/ 212)، و «المنتظم» (7/ 82)، و «معجم الأدباء» (6/ 52)، و «وفيات الأعيان» (3/ 470)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 526)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 371)، و «مرآة الجنان» (2/ 162)، و «البداية والنهاية» (11/ 25)، و «بغية الوعاة» (2/ 228).

وألقى نفسه في الماء في إثرها، فأدار الملاح الحراقة؛ فإذا هما معتنقين، ثم غاصا فلم يريا فاستعظم محمد ذلك وهاله ثم قال: يا عمرو؛ لتحدثني ما يسلّيني وإلا .. ألحقتك بهما، قال: فحضرني حديث يزيد بن عبد الملك وقد قعد للمظالم وعرضت عليه القصص، فمرت به قصة فيها: إن رأى أمير المؤمنين أن يخرج إلي جاريته حتى تغنيني ثلاثة أصوات .. فعل، فاغتاظ يزيد من ذلك، وأمر من يخرج إليه ويأتيه برأسه، ثم أتبع الرسول رسولا آخر، فأمره أن يدخل إليه الرجل فأدخله، فقال: ما الذي حملك على ما صنعت؟ قال: الثقة بحلمك، والاتكال على عفوك، فأمره بالجلوس حتى لم يبق أحد من بني أمية إلا خرج، ثم أمر بالجارية فأخرجت ومعها عودها، فقال لها الفتى: غني: [من الطويل] أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي فغنته، فقال له يزيد: قل، قال: غني: [من البسيط] تألق البرق نجديا فقلت له … يا أيها البرق إني عنك مشغول فغنته، فقال له يزيد: قل، قال: تأمر لي برطل شراب، فأمر له به فما استتم شرابه حتى وثب وصعد على أعلى قبة ليزيد، فرمى نفسه على دماغه فمات، فقال يزيد: إنا لله وإنا إليه راجعون، أتراه الأحمق الجاهل ظن أني أخرج إليه جاريتي وأردها إلى ملكي، يا غلمان؛ خذوا بيدها واحملوها إلى أهله إن كان له أهل، وإلا .. فبيعوها وتصدقوا بثمنها عنه. فانطلقوا بها إلى أهله، فلما توسطت الدار .. نظرت إلى حفيرة في وسط دار يزيد قد أعدت للمطر، فجذبت نفسها من أيديهم وأنشدت: [من السريع] من مات عشقا فليمت هكذا … لا خير في عشق بلا موت فألقت نفسها في الحفيرة على دماغها فماتت. فسري عن محمد، وأجزل صلتي. وكان الجاحظ في آخر عمره قد فلج، فكان يطلي نصفه الأيمن بالصندل والكافور؛ لشدة حرارته، والنصف الآخر لو قرض بالمقاريض .. لما أحس به من خدره وشدة برده، وكان يقول في مرضه: اصطلحت على جسدي الأضداد، إن أكلت باردا .. أخذ برجلي، وإن أكلت حارا .. أخذ برأسي، أنا في جانبي الأيسر مفلوج، لو قرض بالمقاريض ..

ما علمت، ومن جانبي الأيمن منقرس، فلو مر به الذباب .. لتألمت، وبي حصاة لا ينسرح لي البول معها، وأشد ما علي ست وتسعون سنة، وكان ينشد: [من الوافر] أترجو أن تكون وأنت شيخ … كما قد كنت أيام الشباب لقد كذبتك نفسك ليس ثوب … دريس كالجديد من الثياب قال أبو الحسن البرمكي: أنشدني الجاحظ: وكان لنا أصدقاء مضوا … تفانوا جميعا فما خلّدوا تساقوا جميعا كئوس المنون … فمات الصديق ومات العدو قال الشيخ اليافعي: (كان المناسب لقوله: فمات الصديق ومات العدو أن يذكر الأعداء مع الأصدقاء في البيت الأول فيقول: لنا أصدقاء مضوا مع عدا فيكون قوله في آخر البيت الثاني: فمات الصديق ومات العدو مطابقا لأول الأول) (1). وحكى بعض البرامكة قال: كنت توليت السند، فأقمت بها ما شاء الله، ثم اتصل بي أني صرفت عنها وقد كنت كسبت ثلاثين ألف دينار، فخشيت أن يفجأني الصارف فيسمع بمكان المال فيطمع فيه، فصغته عشرة آلاف إهليلجة، في كل إهليلجة ثلاثة مثاقيل (2)، ولم يمكث الصارف أن أتى، فركبت البحر وانحدرت إلى البصرة، فخبرت أن الجاحظ بها، وأنه عليل بالفالج، فأحببت أن أراه قبل موته، فصرت إليه، فأفضيت إلى باب دار لطيف فقرعته، فخرجت إلي خادم صفراء فقالت: من أنت؟ قلت: رجل غريب، وأحب أن أسر بالنظر إلى الشيخ، فبلغته الخادمة، فسمعته يقول: قولي له: وما يصنع بشق مائل، ولعاب سائل، ولون حائل، فقلت للجارية: لا بد من الوصول إليه، فلما بلّغته .. قال: هذا رجل اجتاز بالبصرة، فسمع بعلتي، فأراد الاجتماع بي ليقول: قد رأيت الجاحظ.

(1) «مرآة الجنان» (2/ 166). (2) الإهليلج: شجر ينبت في الهند والصين، ثمره على هيئة حب الصنوبر الكبار.

1259 - [الخليفة المهتدي بالله]

ثم أذن لي فدخلت فسلمت عليه، فرد علي ردا جميلا وقال: من تكون أعزك الله؟ فانتسبت له فقال: رحم الله أسلافك وآباءك السمحاء، فلقد كانت أيامهم رياض الأزمنة، ولقد انجبر بهم خلق كثير، فسقيا لهم ورعيا، فدعوت له وقلت: أسألك أن تنشدني شيئا من الشعر، فأنشدني: [من الطويل] لئن قدّمت قبلي رجال فطالما … مشيت على رسلي فكنت المقدّما ولكنّ هذا الدهر تأتي صروفه … فتبرم منقوضا وتنقض مبرما ثم نهضت، فلما قاربت الدهليز .. قال: يا فتى؛ أرأيت مفلوجا ينفعه الإهليلج، قلت: لا، قال: إن الإهليلج الذي معك ينفعني، فابعث لي منه، فقلت: نعم، وخرجت متعجبا من وقوعه على خبري مع كتماني، وبعثت إليه مائة إهليلجة. وتوفي الجاحظ سنة خمس وخمسين ومائتين. 1259 - [الخليفة المهتدي بالله] (1) الخليفة المهتدي بالله محمد بن الواثق هارون بن المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد العباسي. بقي الأمر بعد خلع المعتز لا قائم به حتى سار محمد بن الواثق المذكور من بغداد إلى سر من رأى، فوافاها يوم الأربعاء لليلة مضت من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، فبويع له بها. وقد ذكرنا في فصل الحوادث أن موسى بن بغا ورد من الجبل إلى سر من رأى في أول سنة ست وخمسين (2)، وقتل صالح بن وصيف التركي، ورجع إلى الجبل ولم يغير حالا على المهتدي، وأن المهتدي قبض على بايكباك، فتشعب عليه الأتراك، فقتله ورمى برأسه إليهم؛ ظنا منه أنهم يسكنون إذا رأوا رأسه، كما اتفق للمنصور مع أصحاب أبي مسلم، فاشتد تشعب الأتراك وخرجوا على المهتدي، فلبس السلاح، وشهر سيفه، وحمل

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 440)، و «المنتظم» (7/ 88)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 282)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 535)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 326)، و «البداية والنهاية» (11/ 28)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 26)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 427)، و «شذرات الذهب» (3/ 250). (2) بل سيذكر، انظر (2/ 577).

1260 - [الزبير بن بكار الأسدي]

عليهم، فأسروه وخلعوه، ثم قتلوه للنصف من رجب من سنة ست وخمسين ومائتين، فمدة ولايته سنة إلا نصف شهر، وعمره ثمان وثلاثون سنة. وكان رحمه الله مليح الصورة ورعا تقيا متعبدا عادلا شجاعا قويا في أمر الله، خليقا للإمارة، لكن لم يجد ناصرا ولا معينا على الخير. قيل: إنه سرد الصوم مدة إمرته، وكان يقنع بعض الليالي بخبز وخل وزيت، وكان يشبّه بعمر بن عبد العزيز، وكان قد سد باب الملاهي، وحسم الأمراء عن الظلم، وكان يجلس بنفسه لعمل الحساب والدواوين بين يديه، وكان له جبة صوف وكساء يتعبد فيهما لله تعالى رحمه الله. 1260 - [الزبير بن بكار الأسدي] (1) أبو عبد الله الزبير بن بكار القرشي الأسدي الزبيري. كان من أعيان العلماء، وكتابه في أنساب قريش يدل على فضله وتطلعه، وكذا غيره من مصنفاته. روى عن ابن عيينة ومن في طبقته، وروى عنه ابن ماجه القزويني، وابن أبي الدنيا وغيرهما. وولي قضاء مكة مدة، ومات بها على القضاء سنة ست وخمسين ومائتين عن أربع وثمانين سنة. 1261 - [الإمام البخاري] (2) أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري مولى الجعفيين، شيخ الإسلام، وإمام المحدثين، مصنف «الجامع الصحيح»، و «التاريخ الكبير» وغيرهما.

(1) «الجرح والتعديل» (3/ 585)، و «تاريخ بغداد» (8/ 467)، و «معجم الأدباء» (4/ 267)، و «وفيات الأعيان» (2/ 311)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 311)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 137). (2) «الجرح والتعديل» (7/ 191)، و «تاريخ بغداد» (2/ 4)، و «المنتظم» (7/ 95)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 67)، و «وفيات الأعيان» (4/ 188)، و «تهذيب الكمال» (24/ 430)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 391)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 238)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 555)، و «مرآة الجنان» (2/ 167)، و «البداية والنهاية» (11/ 31)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 508).

1262 - [الحسن بن عرفة المؤدب]

ولد سنة أربع وتسعين ومائة يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال، ورحل سنة عشر ومائتين فسمع مكي بن إبراهيم، وأبا عاصم النبيل، وخلائق عدتهم: ألف شيخ، وكتب بخراسان والجبال والعراق والحجاز والشام ومصر، وقدم بغداد فاجتمع إليه أهلها، وامتحنوه في مجلس حفل بمائة حديث قلبوا متونها وأسانيدها، فردّ إسناد كل حديث إلى متنه، ومتن كل حديث إلى إسناده، فاعترفوا بفضله، وشهدوا بتفرده في علم الدراية والرواية. نقل الفربري عنه أنه قال: ما وضعت في كتابي «الصحيح» حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك، وصليت ركعتين. قال الفربري: سمع «صحيح البخاري» -يعني على البخاري-تسعون ألف رجل، فما بقي أحد يرويه عنه غيري. وممن روى عن البخاري أبو عيسى الترمذي. وتوفي رحمه الله تعالى ليلة السبت صلاة العشاء ليلة عيد الفطر من سنة سبع وخمسين ومائتين، ودفن بعد صلاة الظهر رحمه الله تعالى ونفع به آمين. 1262 - [الحسن بن عرفة المؤدب] (1) أبو علي الحسن بن عرفة العبدي البغدادي المؤدب الحافظ المعمر. توفي سنة سبع وخمسين ومائتين عن مائة وسبع سنين. 1263 - [زهير بن محمد المروزي] (2) زهير بن محمد المروزي ثم البغدادي، كان من أولياء الله تعالى. قال البغوي: ما رأيت بعد أحمد ابن حنبل أفضل منه، كان يختم في رمضان تسعين ختمة. توفي سنة سبع وخمسين ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (3/ 31)، و «تاريخ بغداد» (7/ 394)، و «المنتظم» (7/ 104)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 547)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 109)، و «شذرات الذهب» (3/ 256). (2) «الجرح والتعديل» (3/ 591)، و «تاريخ بغداد» (8/ 484)، و «المنتظم» (7/ 105)، و «تهذيب الكمال» (9/ 411)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 360)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 145).

1264 - [عبد الله بن سعيد الأشج]

1264 - [عبد الله بن سعيد الأشج] (1) عبد الله بن سعيد بن حصين الكوفي أبو سعيد الأشج الكندي. سمع عقبة بن خالد، ووكيعا، وحفص بن غياث وغيرهم. وروى عنه الشيخان في «صحيحيهما»، وروى عنه غيرهما. وتوفي سنة سبع وخمسين ومائتين. 1265 - [علي بن خشرم المروزي] (2) علي بن خشرم بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال المروزي أبو الحسن. سمع سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب وغيرهما، وروى عنه مسلم في «صحيحه». وتوفي سنة سبع وخمسين ومائتين. 1266 - [أحمد بن الفرات] (3) أحمد بن الفرات الحافظ، أحد الأعلام، مصنف «المسند» و «التفسير». قال: كتبت ألف ألف حديث، وخمس مائة ألف حديث. توفي سنة ثمان وخمسين ومائتين. 1267 - [محمد بن يحيى الذهلي] (4) محمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي النيسابوري أبو عبد الله، الحافظ الكبير. كان الإمام أحمد يجله ويعظمه.

(1) «طبقات ابن سعد» (8/ 540)، و «الجرح والتعديل» (5/ 73)، و «تهذيب الكمال» (15/ 27)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 182)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 177)، و «شذرات الذهب» (3/ 257). (2) «الجرح والتعديل» (6/ 184)، و «تهذيب الكمال» (20/ 421)، و «سير أعلام النبلاء» (11/ 552)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 212)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 159)، و «تقريب التهذيب» (ص 401). (3) «الجرح والتعديل» (2/ 67)، و «تاريخ بغداد» (4/ 343)، و «تهذيب الكمال» (1/ 442)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 480)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 50)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 29). (4) «الجرح والتعديل» (8/ 125)، و «تاريخ بغداد» (3/ 415)، و «المنتظم» (7/ 116)، و «تهذيب الكمال» -

1268 - [يحيى بن معاذ الرازي]

وقال أبو حاتم: كان إمام أهل زمانه. أكثر الترحال، وصنف، وروى عن عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق وغيرهما، وروى عنه البخاري في «صحيحه» في نحو ثلاثين موضعا، تارة يقول: حدثنا محمد ولا ينسبه، وتارة يقول: حدثنا محمد ابن عبد الله فينسبه إلى جده، وتارة يقول: محمد ابن خالد فينسبه إلى جد أبيه. ولما دخل البخاري نيسابور .. شغب عليه محمد الذهلي المذكور في مسألة خلق اللفظ. توفي بقديد سنة ثمان-أو سبع-وخمسين ومائتين. 1268 - [يحيى بن معاذ الرازي] (1) يحيى بن معاذ الرازي، الشيخ العارف، بحر الحكم والمعارف، واعظ عصره وحكيم زمانه. ومن كلامه: كيف يكون زاهدا من لا ورع له؟ ! تورع عما ليس لك ثم ازهد فيما لك. وقال رحمه الله: الجوع للمريدين رياضة، وللتائبين تجربة، وللزهاد سياسة، وللعارفين مكرمة. وقال: من لم ينظر في الدقيق من الورع .. لم يصل إلى الجليل من العطاء. توفي سنة ثمان وخمسين ومائتين. 1269 - [أحمد بن سنان القطان] (2) أحمد بن سنان بن أسد الواسطي القطان أبو جعفر.

= (26/ 617)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 273)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 530)، و «مرآة الجنان» (2/ 169)، و «البداية والنهاية» (11/ 37)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 728)، و «شذرات الذهب» (3/ 259). (1) «حلية الأولياء» (10/ 51)، و «تاريخ بغداد» (14/ 208)، و «الرسالة القشيرية» (ص 83)، و «المنتظم» (7/ 117)، و «وفيات الأعيان» (6/ 165)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 15)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 373)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (1/ 726)، و «شذرات الذهب» (3/ 260). (2) «الجرح والتعديل» (2/ 53)، و «تهذيب الكمال» (1/ 322)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 244)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 44)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 25)، و «شذرات الذهب» (3/ 259).

1270 - [عباسويه]

سمع يزيد بن هارون، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبا معاوية وغيرهم، وروى عنه البخاري ومسلم في «صحيحيهما». وتوفي سنة ثمان-أو تسع-وخمسين ومائتين. 1270 - [عباسويه] (1) العباس بن يزيد بن أبي حبيب. كان فقيها فاضلا رحالا في طلب العلم، ذكره القاضي أحمد بن علي العرشاني فيمن قدم صنعاء. روى عن إبراهيم بن خالد الصنعاني، عن أبي وائل الصنعاني المرادي قال: كنت عند عروة بن محمد وكلمه رجل في شيء أغضبه، فدخل وتوضأ ثم خرج وقال: أخبرني أبي عن جدي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «الغضب من الشيطان، والشيطان خلق من النار، والنار تطفأ بالماء» (2). قال: وسمعت سفيان بن عيينة يقول: سئل لقمان؛ أي الناس أشر؟ قال: الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا. ولم يذكر تاريخ وفاته، كذا في «الخزرجي» (3). وذكره الذهبي في «التذهيب» فقال: عباس بن يزيد بن أبي حبيب البحراني البصري أبو الفضل، قاضي همدان، ويلقب: عباسويه عن سفيان بن عيينة وخلق، وعنه ابن أبي الدنيا، وابن صاعد وطائفة، ذكره ابن حبان في «الثقات» (4). وقال الأزهري: سئل الدارقطني عنه فقال: تكلموا فيه، وأما أبو عبد الرحمن السلمي عن الدارقطني .. فقال: ثقة مأمون. وقال ابن مخلد: مات سنة ثمان وخمسين ومائتين.

(1) «الجرح والتعديل» (6/ 217)، و «الثقات» لابن حبان (5/ 369)، و «تهذيب الكمال» (14/ 261)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 101)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 172)، و «شذرات الذهب» (3/ 263). (2) أخرجه أبو داود (4784)، وأحمد (4/ 226). (3) انظر «طراز أعلام الزمن» (2/ 47). (4) انظر كلام الذهبي في «مختصر التذهيب» المسمى ب‍ «الكاشف» (1/ 537)، و «الثقات» لابن حبان (5/ 369).

1271 - [أبو جعفر اليامي]

1271 - [أبو جعفر اليامي] (1) أبو جعفر اليامي الإمام، قاضي الكوفة ثم قاضي همذان. كان رجلا صالحا عادلا في أحكامه، وكان يسمى راهب الكوفة لعبادته. توفي سنة ثمان وخمسين ومائتين. 1272 - [ابن الشاعر] (2) حجاج بن يوسف الشاعر أبو محمد الثقفي، من أهل بغداد. سمع يونس المؤدب، وأبا عاصم النبيل، وعبد الرزاق وخلقا سواهم. روى عنه مسلم في «صحيحه»، وروى عنه غير مسلم. وتوفي سنة تسع وخمسين ومائتين. 1273 - [ابن شاكر] (3) أبو عبد الله محمد بن موسى بن شاكر، أحد الإخوة الثلاثة الذين ينسب إليهم حيل بني موسى، وهم مشهورون بها، وأسماء أخويه: أحمد والحسن. وكانت لهم همم عالية في تحصيل العلوم القديمة وكتب الأوائل، وكان الغالب عليهم من العلوم الهندسة والحيل والحركات والموسيقى والنجوم وهو الأقل، ولهم في الحيل كتاب عجيب يحتوي على كل غريبة في مجلد واحد، ومما اختصوا به في ملّة الإسلام، وأخرجوه من القوة إلى الفعل وإن كان أرباب الأرصاد المتقدمون قد فعلوه، لكنه لم ينقل أن أحدا من أهل هذه الملة تصدى له وفعله إلا هم، وهو إيضاح مساحة كرة الأرض أربعة وعشرين ألف ميل استخراجا من ارتفاع القطب، وكون كل درجة من درج الفلك يقابلها من

(1) «أخبار القضاة» لوكيع (3/ 196)، و «الجرح والتعديل» (2/ 43)، و «تاريخ بغداد» (4/ 49)، و «تهذيب الكمال» (1/ 270)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 331)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 37)، و «شذرات الذهب» (3/ 258). (2) «الجرح والتعديل» (3/ 168)، و «تاريخ بغداد» (8/ 240)، و «تهذيب الكمال» (5/ 466)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 301)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 105)، و «شذرات الذهب» (3/ 263). (3) «وفيات الأعيان» (5/ 161)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 338)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 323)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 84)، و «مرآة الجنان» (2/ 170).

1274 - [الزعفراني]

سطح الأرض ستة وستون ميلا وثلثا ميل، وسيأتي ذلك في سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة في ترجمة الصولي إن شاء الله تعالى (1). 1274 - [الزعفراني] (2) أبو علي الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني-نسبة إلى زعفرانة قرية قرب بغداد- الفقيه الصالح الحافظ، صاحب الإمام الشافعي، وأحد رواة كتبه القديمة، ورواتها أربعة: هو، والإمام أحمد ابن حنبل، وأبو ثور، والكرابيسي، وأما رواة أقواله الجديدة .. فخلق، المشهور منهم ستة: المزني، والبويطي، وحرملة، ويونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان الجيزي، والربيع بن سليمان المرادي، ولازم الزعفراني الإمام الشافعي حتى تبحر وصار إماما، وبرع في الفقه والحديث وصنف فيهما كتبا. روى عن ابن عيينة، ويزيد بن هارون، ووكيع وطبقتهم، وروى عنه الستة غير مسلم. ودرب الزعفراني ببغداد منسوب إلى هذا الإمام. توفي سنة ستين ومائتين. 1275 - [الحسن بن علي العسكري] (3) أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق، المعروف بالعسكري كأبيه، أحد الأئمة الاثني عشر في اعتقاد الإمامية، وهو والد المنتظر صاحب السرداب عندهم. توفي بسرّمن رأى يوم الجمعة في ربيع الأول من سنة ستين ومائتين. 1276 - [حنين بن إسحاق العبادي] (4) حنين بن إسحاق العبادي الطبيب المشهور.

(1) انظر (3/ 99). (2) «الجرح والتعديل» (3/ 36)، و «تاريخ بغداد» (7/ 407)، و «وفيات الأعيان» (2/ 73)، و «تهذيب الكمال» (6/ 310)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 262)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 114)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 413)، و «شذرات الذهب» (3/ 264). (3) «تاريخ بغداد» (7/ 378)، و «وفيات الأعيان» (2/ 94)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 113)، و «مرآة الجنان» (2/ 172)، و «شذرات الذهب» (3/ 265). (4) «المنتظم» (7/ 128)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 320)، و «وفيات الأعيان» (2/ 217)، و «سير أعلام-

1277 - [أحمد بن عثمان الأودي]

كان إمام وقته في صناعة الطب، له مصنفات في الطب مفيدة، وكان يعرف لغة اليونانيين معرفة تامة، وهو الذي عرّب «كتاب اقليدس»، ونقله من اليونانية إلى لغة العرب، ثم نقحه ثابت بن قرة وهذبه كما تقدم، وكذلك «كتاب المجسطي». وأكثر كتب الحكماء والأطباء كانت بلغة اليونانيين فعربت، وكان حنين المذكور أشد اعتناء بتعريبها من غيره، وكان المأمون ومن قبله جعفر البرمكي لهما اعتناء بتعريبها وتحريرها وإصلاحها، لكن عناية المأمون بها كانت أتم وأوفر. توفي سنة ستين ومائتين. 1277 - [أحمد بن عثمان الأودي] (1) أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي الكوفي أبو عبد الله. سمع شريح بن مسلمة؛ وخالد بن مخلد، وروى عنه الشيخان في «الصحيحين»، وروى عنه غيرهما. توفي سنة ستين-أو إحدى وستين-ومائتين. 1278 - [عبد الرحمن العبدي النيسابوري] (2) عبد الرحمن بن بشر بن الحكم بن حبيب بن مهران العبدي النيسابوري. سمع ابن عيينة وغيره، وروى عنه الشيخان في «الصحيحين». وتوفي في ربيع الآخر سنة ستين ومائتين. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. ***

= النبلاء» (12/ 492)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 128)، و «مرآة الجنان» (2/ 172)، و «شذرات الذهب» (3/ 265). (1) «الجرح والتعديل» (2/ 63)، و «تاريخ بغداد» (4/ 296)، و «تهذيب الكمال» (1/ 404)، و «الكاشف» (1/ 24)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 49)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 37). (2) «الجرح والتعديل» (5/ 215)، و «تاريخ بغداد» (10/ 271)، و «المنتظم» (7/ 128)، و «الكاشف» (2/ 140)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 490)، و «تقريب التهذيب» (ص 337).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والأربعون بعد المائتين فيها: ماجت النجوم في السماء، وجعلت تتطاير شرقا وغربا كالجراد، من قبل غروب الشمس إلى الفجر، ولم يكن مثله إلا عند ظهور النبي صلّى الله عليه وسلم (1). وفيها: أغارت البجة على حرس من أرض مصر، فوجه إليهم محمد بن عبد الله القمي، ووضع السيف فيهم، وقدم بملكهم علي بابا على المتوكل، وأرض البجة لا خراج فيها ولا ارتفاع، وإنما عندهم معادن الذهب يستخرجها المسلمون فيؤخذ مما يستخرج الخمس، وبين أرضهم وأرض الإسلام مسيرة شهر في قفر وجبال وعرة لا ماء فيها ولا زرع ولا معقل ولا حصن، والذي يدخلها من المسلمين وأصحاب السلطان يتزودون للمدة التي يقيمونها هناك، فإن نفدت الميرة ولم يعد إلى بلاد الإسلام .. أخذته البجة بالأيدي (2). وفيها: توفي الإمام الكبير الشهير أحمد بن محمد بن حنبل، والإمام أبو علي الحسن بن حماد الحضرمي البغدادي سجادة، والحافظ أبو قدامة عبيد الله بن سعيد، وجبارة بن المغلس، وأبو توبة الحلبي، ويعقوب ابن كاسب. *** السنة الثانية والأربعون بعد المائتين فيها: كانت الزلازل بنيسابور، فسقطت دار الإمارة، وأصحر الناس عن المنازل، وزلزلت قومس ورساتيقها حتى بلغت إلى الري وجرجان وطبرستان وأصبهان وقاشان كلها في وقت واحد، وزلزلت الدامغان، فهلك من أهلها خمسة وأربعون ألفا، وقيل: مات ألف من الناس وأكثر. وكان بفارس والشام زلازل منكرة، وباليمن زلزلة وخسف، وتقطعت جبال، ودنا بعضها من بعض، وسار جبل باليمن عليه مزارع حتى أتى مزارع قوم آخرين، وسمع للسماء والأرض أصوات عالية، ووقع طائر أبيض دون الرخمة وفوق الغراب على علّيّة بحلب لسبع

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 201)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 151). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 203)، و «المنتظم» (6/ 487)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 153).

السنة الثالثة والأربعون بعد المائتين

مضين من رمضان، وصاح: يا معشر الناس؛ اتقوا الله، حتى صاح أربعين صوتا، ثم طار حتى جاء من الغد، وصاح أربعين صوتا، فكتب صاحب البريد بذلك، وأشهد خمس مائة إنسان سمعوه. ومات رجل بكور الأهواز، فسقط طائر أبيض على جنازته فصاح بالفارسية: إن الله قد غفر لهذا الميت ولمن شهد جنازته (1). وفيها: توفي القاضي يحيى بن أكثم-بالمثلثة-والقاضي أبو حسان الحسن بن عثمان الزيادي، وابن ذكوان، ومحمد بن أسلم الطوسي الزاهد، ومحمد بن رمح، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وأبو مصعب الزهري. *** السنة الثالثة والأربعون بعد المائتين فيها: توفي الشيخ الكبير الحارث بن أسد المحاسبي-بضم الميم-البصري، والفقيه الإمام أبو حفص حرملة بن يحيى التجيبي المصري الحافظ، مصنف «المختصر» و «المبسوط»، وإبراهيم بن العباس الصولي الشاعر المشهور، والحافظ محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني صاحب «المسند»، وأحمد بن يحيى بن إسحاق المعروف بالراوندي، وأحمد بن سعيد الرباطي، وهناد وعبد الله بن معاوية الجمحي، وهارون الحمال. *** السنة الرابعة والأربعون بعد المائتين فيها-وقيل: في سنة ست وأربعين-: توفي دعبل-بكسر الدال المهملة والباء الموحدة بينهما عين مهملة ساكنة وآخره لام-ابن علي الخزاعي الشاعر المشهور، يرجع نسبه إلى عامر بن مزيقيا. وفيها: توفي الإمام اللغوي النحوي أبو يوسف يعقوب بن إسحاق المعروف بابن الكسيت-بكسر السين المهملة وتشديد الكاف وسكون المثناة من تحت ثم مثناة من فوق-

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 207)، و «المنتظم» (6/ 495)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 155)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 7)، و «البداية والنهاية» (10/ 795).

السنة الخامسة والأربعون بعد المائتين

صاحب كتاب «إصلاح المنطق» وغيره من التصانيف في النحو واللغة وغير ذلك. وفيها: توفي من المحدثين أحمد بن منيع، وإسحاق بن موسى الخطمي، وحميد بن مسعدة، وعبد الحميد بن بيان، وعلي بن حجر. وفيها: توفي الوزير محمد بن عبد الملك الزيات كذا في «الذهبي»، وذكره اليافعي وغيره فيمن توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وقد ذكرناه، ولعله الصواب، والله سبحانه أعلم (1). *** السنة الخامسة والأربعون بعد المائتين فيها: زلزلت أنطاكية، ووقعت بها رجفة قتلت خلقا، وسقط فيها ألف وخمس مائة دار، وسقط من سورها نيف وخمسون-أو نيف وتسعون-برجا، وسمع أهلها أصواتا هائلة، فمات منها خلق كثير، وتقطع جبلها فسقط في البحر، فهاج البحر في ذلك اليوم وارتفع منه دخان مظلم أسود منتن، وغار منها نهر على فرسخ، ولا يدرى أين ذهب (2). وفيها: دفع المتوكل نجاح بن سلمة إلى موسى بن عبد الملك الأصبهاني صاحب ديوان الخراج والحسن بن مخلد وكانا قد تضمناه بألفي ألف دينار، فضربه ضربا أداه إلى التلف، وأخرج من السجن ميتا (3). وفيها: توفي محمد بن هشام بن عوف التميمي السعدي وكان ممدوحا بالحفظ وحسن الرواية، والشيخ الكبير الولي الشهير أبو الفيض المعروف بذي النون أحد رجال الطريقة نفع الله بهم، ومن الحفاظ أحمد بن عبدة الضبي، وأبو الحسن القواس مقرئ مكة، وأحمد بن نصير النيسابوري، وإسحاق بن أبي إسرائيل، ومحمد بن رافع، وإسماعيل بن موسى السدي، والقاضي سوّار بن عبد الله، ودحيم، وأبو تراب النخشبي، وهشام بن عمار، رحمهم الله. ***

(1) انظر ترجمته (2/ 484). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 213)، و «المنتظم» (6/ 523)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 162)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 14). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 214)، و «المنتظم» (6/ 524)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 163).

السنة السادسة والأربعون بعد المائتين

السنة السادسة والأربعون بعد المائتين فيها: حج محمد بن عبد الله بن طاهر، فحمل معه لمكة والمدينة ولإجراء الماء من عرفات إلى مكة مالا جزيلا (1). وفيها: توفي موسى بن عبد الملك الأصبهاني صاحب ديوان الخراج، تبع عدوّه في الأثر، والشيخ الكبير العارف بالله أحمد بن أبي الحواري ريحانة الشام، ومن المحدثين أحمد بن إبراهيم الدورقي، والحسين بن الحسن المروزي، وأبو عمرو الدوري، ولوين، وابن مصفى رحمهم الله تعالى. وفيها: توفي العباس بن عبد العظيم البصري الحافظ أحد علماء السنة رحمهم الله. *** السنة السابعة والأربعون بعد المائتين فيها: توفي إبراهيم بن سعيد الجوهري، وسفيان بن وكيع، وسلمة بن شبيب، وأبو عثمان المازني على خلاف فيه. وفي شوال منها: قتل الخليفة العباسي المتوكل على الله أبو الفضل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد هارون بن المهدي محمد بن المنصور رحمه الله. *** السنة الثامنة والأربعون بعد المائتين فيها: مات المنتصر بالله أبو جعفر محمد بن المتوكل على الله، وولي المستعين بالله (2). وفيها: مات طاهر بن عبد الله بن طاهر الخزاعي أمير خراسان، مات بنيسابور، فعقد المستعين لابنه محمد بن طاهر على أعماله، وعقد لعمه محمد بن عبد الله بن طاهر على العراق (3). وفيها: غضب المستعين على الوزير أحمد بن الخصيب، وقبض أمواله، ونفي إلى

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 221)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 17). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 255)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 189)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 21). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 258)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 23).

السنة التاسعة والأربعون بعد المائتين

أقريطيس-ونفي أخوه الخشاب-بعد أن بلغ الغاية في التمكين، وأعطي الأموال والأثاث العظيم، أعطاه المستعين ثلاث مائة ألف درهم، ووهب له فرش الجعفري، فحمل على خمسين ومائتي بعير، وقيل: إن قيمته كانت ألفي ألف دينار، ولما سخط على ابن الخصيب .. جعل عرض الكتب إلى شجاع بن القاسم وكان عاميا عاريا عن المعاني (1). وفيها: توفي الحافظ ابن صالح، والفقيه الإمام المتكلم الحسين الكرابيسي البغدادي، وعبد الجبار بن العلاء، وعبد الملك بن شعيب، وعيسى بن حماد، وأبو كريب، ومحمد بن زنبور، وأبو هشام الرفاعي. *** السنة التاسعة والأربعون بعد المائتين فيها: قتل الروم عمر بن عبيد الله الأقطع في ألفي رجل من المسلمين. وفيها: قتلوا علي بن يحيى الأرمني، وكان هذان نابين من أنياب المسلمين، ولم يكن من المستعين في ذلك حركة، فنفر المسلمون، وقطعوا الجسور وخربوا بعضها، وكسروا السجون وأخرجوا من فيها (2). وفيها: وثب الأتراك بأوتامش وكاتبه شجاع فقتلوهما، ولجأ (3) إلى المستعين ولم ينفعه. وفيها: توفي من العلماء أيوب الوزان، والحسن بن الصباح، وعبد بن حميد، ورجاء بن مرجّا، والفلاس. *** السنة الموفية خمسين بعد المائتين فيها: ظهر يحيى بن عمر الحسيني بالكوفة، وخرج الحسن بن زيد بطبرستان، كما هو مذكور في الأصل (4).

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 259)، و «المنتظم» (7/ 20)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 191)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 23). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 261)، و «المنتظم» (7/ 31)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 193)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 26). (3) الضمير يعود إلى أوتامش. (4) ستأتي الحادثتان بعد قليل منفصلتين، وقد ذكرنا تخريج كل واحدة منهما في موضعها.

السنة الحادية والخمسون بعد المائتين

وفيها: توفي أبو الحسن أحمد بن محمد البزي المقرئ. وفيها-وقيل في سنة خمس وخمسين-: توفي الإمام أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني. وفيها: -أو في سنة خمس وخمسين-: توفي عمرو بن بحر الجاحظ البصري، والحافظ أبو عمرو نصر بن علي الجهضمي البصري، والحسين بن الضحاك الشاعر البصري المشهور بالخليع، والفضل بن مروان وزير المعتصم، والحافظ أبو الطاهر ابن السرح المصري، والحارث بن مسكين، وعباد الرواجني، وكثيّر بن عبيد. وفيها: ظهر يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسن المكنى بأبي الحسين بالكوفة في صفر-وقيل: في رجب-فقتل، وقتل معه نحو من عشرين ألفا (1). وفيها: خرج الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بطبرستان، فغلب عليها وعلى جرجان والري، فوجه محمد بن طاهر إليه من خراسان محمد بن ميكال، فقتل محمد بن ميكال، قتله رجل من أصحاب الحسن بن زيد يقال له: واجن، ودخل واجن الري، وخطب بها للحسن بن علي (2). *** السنة الحادية والخمسون بعد المائتين فيها: وثب بغا الصغير ووصيف على باغر التركي فقتلاه، وكان عزم على الفتك بهما، وهو الذي قتل المتوكل، وشغبت الأتراك لأجله، وهموا بقتلهما، وهاجت الفتنة، فانحدر المستعين إلى بغداد ومعه وصيف وبغا، فنزل دار محمد بن عبد الله بن طاهر، فخلع الأتراك والمغاربة والفراعنة بسرّمن رأى المستعين، وبايعوا عبد الله بن المعتز، وثبت من ببغداد

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 266)، و «المنتظم» (7/ 39)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 198)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 28). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 271)، و «المنتظم» (7/ 40)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 201)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 29).

السنة الثانية والخمسون بعد المائتين

على البيعة للمستعين، وفي هذه الفتنة أدار محمد بن عبد الله بن طاهر على بغداد سورا غرم عليه ثلاث مائة ألف وثلاثين ألف دينار (1). وفيها: خرج بالري محمد بن جعفر بن حسن بن علي بن عمر بن علي بن أبي طالب فغلب عليها (2)، وخرج الحسين بن أحمد الكوكبي بالديلم (3)، وخرج بالحجاز إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله بن حسن، ومات بمكة في سنة اثنتين وخمسين ومائتين (4). وفيها: توفي الحافظ أبو يعقوب إسحاق بن منصور المروزي المعروف بالكوسج، والحافظ حميد بن زنجويه، وعمرو بن عثمان، وأبو التقي هشام اليزني، وخشيش بن أصرم (5)، وعبد الوهاب الوراق. *** السنة الثانية والخمسون بعد المائتين فيها: توفي الخليفة المستعين بالله أبو العباس أحمد بن المعتصم محمد بن الرشيد هارون العباسي في شهر رمضان. وفيها: سخط المعتز على أخيه إبراهيم المؤيد، وحبسه وخلعه من ولاية العهد، فمات في آخر الشهر محبوسا، وألزم أخاه أبا أحمد منزله، ثم أشخصه إلى البصرة، وأخرج علي بن المعتصم فاكتريت له دار صالح بن مسكين بخمسين دينارا في كل شهر (6). وفيها: توفي من الحفاظ محمد بن بشار البصري المعروف ببندار. ***

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 278)، و «المنتظم» (7/ 45)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 207). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 308)، و «المنتظم» (7/ 51)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 229). (3) «المنتظم» (7/ 51)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 231)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 5)، و «البداية والنهاية» (11/ 13). (4) «تاريخ الطبري» (9/ 346)، و «المنتظم» (7/ 51)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 231)، و «البداية والنهاية» (11/ 13). (5) في «سير أعلام النبلاء» (12/ 251)، و «تاريخ الإسلام» (18/ 130) توفي سنة (253 هـ‍). (6) «تاريخ الطبري» (9/ 361)، و «المنتظم» (7/ 55)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 236)، و «البداية والنهاية» (11/ 15).

السنة الثالثة والخمسون بعد المائتين

السنة الثالثة والخمسون بعد المائتين فيها: قتل وصيف التركي، شغب الأتراك عليه فقتلوه ونصبوا رأسه على محراك تنور (1). وفيها: توفي محمد بن عبد الله بن طاهر الخزاعي، فولى أعماله عبيد الله ابن طاهر خليفته إلى أن يأتي كتابه (2). وفيها: التقى موسى بن بغا والحسين بن أحمد الكوكبي على فرسخ من قزوين، فانهزم الكوكبي ومضى إلى الديلم، وقتل في هذه الوقعة نحو عشرة آلاف (3). وفيها: توفي من الحفاظ أبو جعفر أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي أحد الفقهاء والأئمة في الأثر، وهارون بن سعيد الأيلي، ويوسف بن موسى، وعلي بن مسلم الطوسي، وعلي بن شعيب، ويحيى بن المغيرة المخزومي، وسليمان بن داود المهري. وفيها-أو في سنة ست، أو سبع، أو إحدى وخمسين-: توفي الشيخ الكبير الولي الشهير السري السقطي، رحمهم الله تعالى. *** السنة الرابعة والخمسون بعد المائتين فيها: ولي أبو الساج ديار مضر (4)، وولي أحمد بن طولون مصر خليفة لبايكباك، وكان ذلك مبدأ دولة آل طولون بمصر في جمادى الآخرة (5). وفيها: توفي أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، المعروف بالعسكري؛ لإقامته بسرّمن رأى عشرين سنة وهي تعرف بالعسكر.

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 374)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 242)، و «البداية والنهاية» (11/ 16). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 376)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 244)، و «البداية والنهاية» (11/ 16). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 378)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 246)، و «البداية والنهاية» (11/ 17). (4) «تاريخ الطبري» (9/ 381)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 251). (5) «تاريخ الطبري» (9/ 381)، و «المنتظم» (7/ 69)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 250)، و «البداية والنهاية» (11/ 19)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 342).

السنة الخامسة والخمسون بعد المائتين

وفيها: ولي أحمد بن إسرائيل الوزارة، ودفع إليه المعتز خاتم الخلافة (1). وفيها: قتل بغا الكبير، قتله رجل من المغاربة يقال له: الوليد السمين بن المبادلي، وحمل رأسه إلى المعتز، فأجازه بعشرة آلاف دينار، ونصب الرأس من الغد، ثم وجه به وطيف به ببغداد، وهرب بغا الصغير (2). وتوفي فيها من المحدثين والفقهاء: محمد بن عبد الله المخرمي، ومؤمل بن إهاب، وزياد الحساني، وسلم بن جنادة، ومحمد بن المقرئ، والعتبي صاحب «العتبية» في مذهب مالك، وهو محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة الأموي العتبي القرطبي الأندلسي. *** السنة الخامسة والخمسون بعد المائتين فيها: هرب الحسن بن زيد من يد مفلح، فلحق بالديلم، ودخل مفلح سارية وآمل (3). وفيها: ورد سليمان بن عبد الله بن طاهر من خراسان إلى سامراء، فولي شرطة بغداد والسواد نيابة عن محمد بن طاهر (4). وفيها: قبض صالح بن وصيف على أحمد بن إسرائيل، وأبي نوح عيسى بن إبراهيم، والحسن بن مخلد من بين يدي المعتز، فلم يلتفت المعتز في ذلك، فأما أحمد وأبو نوح .. فهلكا في العذاب، وأما الحسن .. فنجا (5)، وفي ذلك يقول البحتري: [من الطويل] نهيتكم عن صالح فأبى بكم … لجاجكم إلا اغترارا بصالح فلا غرّني من بعده عزّ كاتب … إذا هو لم يأخذ بحجزة رامح

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 349)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 234)، وفيهما: أن هذه الحادثة كانت سنة (252 هـ‍). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 379)، و «المنتظم» (7/ 69)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 249)، و «البداية والنهاية» (11/ 19). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 382)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 261)، و «البداية والنهاية» (11/ 20). (4) «تاريخ الطبري» (9/ 386)، و «المنتظم» (7/ 73)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 271)، و «البداية والنهاية» (11/ 20). (5) «تاريخ الطبري» (9/ 387)، و «المنتظم» (7/ 73)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 260)، و «البداية والنهاية» (11/ 20).

السنة السادسة والخمسون بعد المائتين

وفيها: خلع المعتز بالله محمد بن المتوكل وقتل (1). وفيها: خرج علوي البصرة، وقد طعن في نسبه، خرج بفرات البصرة ودعا إلى نفسه، فبادر إلى إجابة دعوته عبيد أهل البصرة والسودان والزنج، والتفت إليه كل صاحب فتنة حتى استفحل أمره، وهزم جيوش الخليفة، واستباح البصرة وغيرها، وفعل الأفاعيل (2)، وامتدت أيامه إلى أن قتل في سنة سبعين كما سيأتي ثمّ إن شاء الله تعالى (3). وفيها: توفي الإمام أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي. وفيها: توفي صاحب النوادر والغرائب أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ الكناني المعتزلي البصري، وعبد الله بن هاشم الطوسي، ومحمد بن كرام، وأبو يحيى المعروف بصاعقة. وفيها: حملت قبيحة أم المعتز إلى مكة، فسمع منها في طريقها وهي تقول: اللهم؛ اخز صالح بن وصيف كما هتك ستري، وقتل ولدي، وبدد شملي، وأخذ مالي، وغربني عن ولدي، وركب الفاحشة مني. ويقال: إن الأتراك طلبوا من المعتز خمسين ألف دينار، فأرسل إلى أمه يسألها ذلك، فقالت: لا مال عندي، فلما ماتت .. وجد لها من العين الصامت والجوهر سوى الآلات ثلاثة آلاف ألف دينار (4). *** السنة السادسة والخمسون بعد المائتين كان صالح بن وصيف التركي قد ارتفعت منزلته، وقتل المعتز، وظفر بأم المعتز فصادرها حتى استصفى نعيمها، وأخذ منها نحو ثلاثة آلاف ألف دينار، ونفاها إلى مكة، ثم صادر خاصة المعتز وكتّابه، وقتل بعضهم، فلما دخلت سنة ست وخمسين .. أقبل موسى بن بغا من الجبل إلى سر من رأى، وعبأ جيشه، ودخلوا سامراء ملبسين مجمعين

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 389)، و «المنتظم» (7/ 73)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 256)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 15)، و «البداية والنهاية» (11/ 20). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 410)، و «المنتظم» (7/ 78)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 263)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 13)، و «البداية والنهاية» (11/ 23). (3) انظر (2/ 590)، و (2/ 612). (4) «تاريخ الطبري» (9/ 394)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 259)، و «البداية والنهاية» (11/ 22).

السنة السابعة والخمسون بعد المائتين

على قتال صالح بن وصيف، وهم يقولون: قتل المعتز، وأخذ أموال الكتاب، وصاحت العامة: يا فرعون؛ جاءك موسى، واختبأ صالح بن وصيف، وهجم موسى بن بغا بمن معه على المهتدي بالله، وأركبوه فرسا، وانتهبوا القصر، ثم أدخلوا المهتدي دار ناجور-بالنون والجيم وآخره راء-وهو يقول: يا موسى؛ ويحك ما تريد؟ فقال موسى: وتربة المتوكل، لا ينالك سوء، ثم حلّفوه لا يمالئ صالح بن وصيف، وطلبوا صالحا؛ ليناظروه على أفعاله، وردوا المهتدي إلى داره، وبعد شهر ظفر بصالح فقتل، وخرج موسى بن بغا إلى الجبل ومعه بايكباك، فشيعهما المهتدي، ثم عاد بايكباك من الطريق إلى سر من رأى، فقبض عليه المهتدي وشغب عليه الأتراك، فاستشار المهتدي صالح بن علي بن يعقوب بن المنصور فقال: يا أمير المؤمنين؛ هو حديث أبي مسلم مع المنصور، فلو فعلت ما فعل .. لسكتوا، فقتله ورمى برأسه إليهم، فجاشوا، والتحم الشر، وقامت الحرب التي أدت إلى قتل المهتدي، وبويع المعتمد (1). وفي هذه السنة: وزر عبيد الله بن يحيى بن خاقان للمعتمد (2). وفيها: دخل عسكر صاحب الزنج الأهواز، وغلبوا عليها، وأسروا إبراهيم بن المدبر (3). وفيها: توفي إمام المحدثين وقدوة الحفاظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري صاحب «الصحيح»، وأبو عبد الله الزبير بن بكار القرشي الأسدي الزبيري، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وعيسى بن محمد الرملي، والخليفة المهتدي بالله محمد بن الواثق بالله هارون بن المعتصم محمد بن الرشيد العباسي. *** السنة السابعة والخمسون بعد المائتين فيها: وثب العلوي قائد الزنج والسودان على الأبلّة، فاستباحها وأحرقها وقتل بها نحو ثلاثين ألفا، فسار لحربه سعيد الحاجب، فالتقوا، فانهزم سعيد واستحر القتل بأصحابه،

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 438)، و «المنتظم» (7/ 87)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 275)، و «البداية والنهاية» (11/ 26). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 474)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 288). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 472)، و «المنتظم» (7/ 92)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 290).

السنة الثامنة والخمسون بعد المائتين

ثم دخلت الزنج البصرة، ونهبوها من شوال إلى مستهل القعدة، يقتلون الرجال والنساء والصبيان، ويسبون، ثم أحرقوا المسجد، وأحرقوا الكلأ من الجبل إلى الجسر حتى ظهر من اختبأ فقتل. وقيل: إن أصواتهم ارتفعت بالتشهد لما أخذهم السيف، فسمعها من بالطفاوة، وهرب باقي أهلها بأسوأ حال (1). وفيها: توفي الحافظ المعمر أبو علي الحسن بن عرفة العبدي، والحافظ زهير بن محمد المروزي ثم البغدادي، والحافظ أبو سعيد الأشج الكندي، وعلي بن خشرم، وزيد بن أخرم والرياشي ذبحهما الزنج لما استباحوا البصرة. *** السنة الثامنة والخمسون بعد المائتين فيها: واقع أبو أحمد المتوكل ومعه مفلح صاحب الزنج، فقتل مفلح، وهرب أبو أحمد إلى نهر أبي الأسد، ثم جدد أبو أحمد الاستعداد، وظفر بيحيى بن محمد البحراني -وهو الذي فعل بالبصرة ما فعل-فحمل إلى سر من رأى، فقطعت يداه ورجلاه، وأحرق (2). وفيها: توفي الإمام أبو جعفر اليامي، والحافظ أحمد بن الفرات، والحافظ محمد بن يحيى الذهلي النيسابوري، والشيخ العارف يحيى بن معاذ الرازي، والحافظ أحمد بن بديل، والحافظ أحمد بن سنان القطان، وأحمد بن حفص، وحميد بن الربيع، ومحمد بن سنجر، وابن زنجويه، وجيش بن مبشر. *** السنة التاسعة والخمسون بعد المائتين فيها: استفحل أمر يعقوب بن الليث الصفار، فدخل نيسابور، وقبض على محمد بن طاهر والي خراسان وعلى الطاهرية، واستولى على إقليم خراسان (3).

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 476)، و «المنتظم» (7/ 101)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 294)، و «العبر» (2/ 19)، و «البداية والنهاية» (11/ 34). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 492)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 304)، و «العبر» (2/ 21)، و «شذرات الذهب» (3/ 258). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 507)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 310).

السنة الموفية ستين بعد المائتين

وفيها: توفي الحافظ محمد بن يحيى الأسفراييني شيخ الحافظ أبي عوانة، وأبو إسحاق الجوزجاني، وأحمد بن إسماعيل السهمي، وحجاج بن الشاعر، ومحمود بن آدم، ومحمد بن موسى بن شاكر. *** السنة الموفية ستين بعد المائتين فيها: صال يعقوب بن الليث وجال، وهرب الشجعان والأبطال، وترك الناس بأسوأ حال، ثم قصد الحسن بن زيد العلوي صاحب طبرستان، فالتقوا، فانهزم العلوي، وتبعه يعقوب في تلك الجبال، فنزل على أصحاب يعقوب بلاء سماوي؛ نزل عليهم ثلج عظيم أهلكهم، مات فيه أربعون ألفا، فذهب عامة خيله وأمواله (1). وفيها: توفي الإمام أبو علي الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني الفقيه الحافظ صاحب الإمام الشافعي، والشريف أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق المعروف بالعسكري، وحنين بن إسحاق العبادي الطبيب المشهور، وعبد الرحمن بن بشر، وأحمد بن عثمان بن حكيم، ومحمد بن ثواب الهياري، ومحمد بن إسماعيل بن سمرة، ومالك بن طوق صاحب الرحبة. والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 508)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 315)، و «العبر» (2/ 25)، و «شذرات الذهب» (3/ 264).

العشرون الرابعة من المائة الثالثة

العشرون الرابعة من المائة الثالثة [الاعلام] 1279 - [أحمد بن عبد الله العجلي] (1) أحمد بن عبد الله العجلي الكوفي الحافظ. نزيل طرابلس المغرب، صاحب «التاريخ» و «الجرح والتعديل». توفي سنة إحدى وستين ومائتين. 1280 - [السوسي المقرئ] (2) أبو شعيب صالح بن زياد السوسي، مقرئ أهل الرقة وعالمهم. قرأ على يحيى اليزيدي، وروى عن عبد الله بن نمير وطائفة، وتصدر للإقراء، وحمل عنه طائفة. وتوفي سنة إحدى وستين ومائتين. 1281 - [أبو يزيد البسطامي] (3) أبو يزيد البسطامي، واسمه: طيفور بن عيسى. قيل له: بأي شيء وجدت هذه المعرفة؟ قال: ببطن جائع، وبدن عار. وقيل له: ما أشد ما لقيته في سبيل الله؟ قال: لا يمكن وصفه، فقيل له: ما أهون

(1) «سير أعلام النبلاء» (12/ 505)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 49)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 79)، و «مرآة الجنان» (2/ 173)، و «شذرات الذهب» (3/ 266). (2) «الجرح والتعديل» (4/ 404)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 380)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 108)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 390)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 258)، و «شذرات الذهب» (3/ 268). (3) «حلية الأولياء» (10/ 33)، و «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 67)، و «وفيات الأعيان» (2/ 312)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 86)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 110)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 514)، و «مرآة الجنان» (2/ 173)، و «شذرات الذهب» (3/ 269).

1282 - [الإمام مسلم]

ما لقيت نفسك منك؟ قال: أما هذا .. فنعم، دعوتها إلى شيء من الطاعات فلم تجب، فمنعتها الماء سنة. وكان يقول: لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يرتفع في الهواء .. فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي، وحفظ الحدود وآداب الشريعة. قيل: إنه لم يتزوج قط. وله مقالات علية، وكرامات سنية، ومجاهدات عظيمة، وشيم كريمة. توفي سنة إحدى وستين ومائتين. 1282 - [الإمام مسلم] (1) مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، الإمام الحافظ، أحد أركان الحديث، ومصنف «الصحيح» وغيره. قال رحمه الله: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاث مائة ألف حديث مسموعة. وقد فضل جماعة من المغاربة وغيرهم «صحيحه» على «صحيح البخاري» حتى قال أبو علي النيسابوري: ما تحت أديم السماء أصح من «كتاب مسلم» في علم الحديث. وأكثرهم على أن «صحيح البخاري» أصح منه وأكثر فقها. نعم؛ «صحيح مسلم» أحسن سياقا للروايات. رحل مسلم رحمه الله تعالى إلى العراق والحجاز والشام ومصر، وسمع يحيى بن يحيى النيسابوري، وأحمد ابن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن مسلمة القعنبي وغيرهم. وقدم بغداد، وروى عنه أهلها. قال أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ: لما استوطن البخاري نيسابور .. أكثر مسلم من الاختلاف إليه، فلما وقع بين محمد بن يحيى الذهلي وبين البخاري ما وقع في مسألة اللفظ، ونادى عليه، ومنع الناس من الاختلاف إليه حتى هجر، وخرج من نيسابور في تلك المحنة .. قطعه أكثر الناس غير مسلم؛ فإنه لم يتخلف عن زيارته، فأنهي إلى محمد بن

(1) «الجرح والتعديل» (8/ 182)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 89)، و «وفيات الأعيان» (5/ 194)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 557)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 182)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 588)، و «مرآة الجنان» (2/ 174)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 67)، و «شذرات الذهب» (3/ 270).

1283 - [يعقوب بن شيبة]

يحيى أن مسلم بن الحجاج على مذهب البخاري قديما وحديثا لم يرجع عنه، فقال في مجلسه: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا، فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته، وقام على رءوس الناس وخرج من مجلسه، وجمع كل ما كتب عنه وبعث به على ظهر حمّال إلى باب محمد بن يحيى، فاستحكمت بذلك الوحشة، وتخلف عنه وعن زيارته. توفي مسلم رحمه الله في رجب سنة إحدى وستين ومائتين. 1283 - [يعقوب بن شيبة] (1) يعقوب بن شيبة السّدوسي، صاحب «المسند المعلل» الذي ما صنف أحد أكبر منه، ولم يتمه. توفي سنة اثنتين وستين ومائتين. 1284 - [محمد بن علي العطار] (2) محمد بن علي بن ميمون الرّقّي العطار الحافظ. قال الحاكم: كان إمام أهل الجزيرة في عصره. توفي سنة ثلاث وستين ومائتين. 1285 - [حمدان السلمي] (3) أحمد بن يوسف بن خالد بن سالم بن زاوية السلمي النيسابوري الحافظ. رحل إلى اليمن، وأكثر عن عبد الرزاق وطبقته، وكان يقول: كتبت عن عبيد الله بن موسى ثلاثين ألف حديث.

(1) «تاريخ بغداد» (14/ 282)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 476)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 201)، و «شذرات الذهب» (3/ 275). (2) «الجرح والتعديل» (8/ 28)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 174)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 106)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 653). (3) «الجرح والتعديل» (2/ 81)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 384)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 57)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 565)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 52).

1286 - [أبو زرعة الرازي]

وتوفي سنة أربع وستين ومائتين. روى عنه مسلم في «صحيحه». 1286 - [أبو زرعة الرازي] (1) أبو زرعة الرازي، واسمه: عبيد الله-بالتصغير-ابن عبد الكريم بن يزيد بن فرّوخ القرشي مولاهم، مولى عياش بن مطرف. كان أحد الأئمة الأعلام وحفاظ الإسلام. رحل وسمع من أبي نعيم، والقعنبي، ويحيى ابن بكير وغيرهم. وروى عنه مسلم في «صحيحه» حديثا واحدا في الدعاء (2)، وروى عنه غير مسلم من الأئمة الحفاظ. قال إسحاق بن راهويه: كل حديث لا يحفظه أبو زرعة فليس له أصل. قال أبو حاتم في أبي زرعة: لم يخلّف مثله علما وفقها وصيانة وصدقا، قال: وهذا مما لا يرتاب فيه، ولا أعلم في المشرق والمغرب من كان يفهم هذا الشأن مثله. توفي رحمه الله تعالى سنة أربع وستين ومائتين. 1287 - [يونس بن عبد الأعلى الصّدفي] (3) يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة الصّدفي المصري، يكنى: أبا موسى. تفقه بالشافعي، وروى عنه الحديث، وروى عن ابن وهب، وابن عيينة وغيرهم، وقرأ القرآن على ورش، وكان فقيها مقرئا محدثا، ومن فضلاء زمنه وعقلائهم. قال الشافعي: ما رأيت بمصر أعقل منه.

(1) «الجرح والتعديل» (5/ 324)، و «تاريخ بغداد» (10/ 325)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 65)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 124)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 557)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 18)، و «مرآة الجنان» (2/ 176)، و «شذرات الذهب» (3/ 278). (2) «صحيح مسلم» (2739). (3) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 168)، و «وفيات الأعيان» (7/ 249)، و «الوافي بالوفيات» (29/ 393)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (2/ 170)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 469).

1288 - [الإمام المزني]

وكان ورعا صالحا عابدا كبير الشأن، تصدر للإقراء والفقه، فأخذ عنه القراءة الإمامان الجليلان: محمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن جرير الطبري وغيرهما من الأئمة. وروى عنه الإمام مسلم في «صحيحه»، وأبو عبد الرحمن النسائي، وأبو عبد الله بن ماجه وغيرهم من الأئمة. قال يونس: قال لي الشافعي: دخلت بغداد؟ فقلت: لا، فقال: ما رأيت الدنيا، ولا رأيت الناس. توفي بمصر سنة أربع وستين ومائتين، وقيل: سنة ثمان وخمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، مذكور في الأصل. 1288 - [الإمام المزني] (1) أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني المصري الشافعي الإمام. كان زاهدا عابدا ورعا مجتهدا محجاجا غواصا على المعاني الدقيقة، مجاب الدعوة، إذا فاتته صلاة الجماعة .. صلّى منفردا خمسا وعشرين صلاة؛ استدراكا لفضيلة الجماعة. ومن ورعه: أنه كان لا يشرب إلا في كوز نحاس؛ لما بلغه أنهم يستعملون السرجين في الكيزان، والنار لا تطهر ذلك. لمّا دخل القاضي بكار بن قتيبة إلى مصر فتولى القضاء .. توقع الاجتماع بالمزني مدة، فلم يتفق له، فاجتمعا يوما في صلاة جنازة، فقال القاضي لبعض أصحابه: سل المزني شيئا حتى أسمع كلامه، فقال له ذلك الشخص: يا أبا إبراهيم؛ جاء في الحديث تحريم النبيذ، وجاء تحليله، فلم قدمتم التحريم على التحليل؟ فقال المزني: لم يذهب أحد من العلماء إلى أن النبيذ كان حراما في الجاهلية ثم حلل، ووقع الاتفاق على أنه كان حلالا، فهذا يعضد صحة الأحاديث بالتحريم، فاستحسن ذلك منه. قيل: وهذا من الأدلة القاطعة. وكان رحمه الله إمام الشافعية وأعرفهم بطرق الشافعي وفتاويه وما ينقله عنه.

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 204)، و «وفيات الأعيان» (1/ 217)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 492)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 65)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 238)، و «مرآة الجنان» (2/ 177)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (2/ 93)، و «شذرات الذهب» (3/ 278).

1289 - [أبو حفص الحداد]

صنف «الجامع الكبير» و «الجامع الصغير» و «المنثور» و «المختصر» وهو أصل الكتب المصنفة في مذهب الشافعي، وعلى مثاله رتبوا، ولكلامه فسروا وشرحوا، ومع ذلك قال ابن سريج: يخرج «مختصر المزني» من الدنيا عذراء لم تفتضّ. كان رحمه الله إذا فرغ من مسألة وأودعها «المختصر» .. صلّى ركعتين؛ شكرا لله تعالى. توفي المزني سنة أربع وستين ومائتين، وهو مذكور في الأصل. 1289 - [أبو حفص الحداد] (1) أبو حفص الحداد النيسابوري، الشيخ الكبير، العارف الشهير، شيخ خراسان. كان كبير الشأن، صاحب أحوال وكرامات، وكان عجبا في الجود والسماحة، أنفذ مرة تسعة عشر ألف دينار تستفك بها أسارى، وبات وليس له عشاء. وكان يقول: ما استحق اسم السخاء من ذكر العطاء أو لمحه بقلبه. وقال رضي الله عنه: حسن أدب الظاهر عنوان حسن أدب الباطن، والفتوة أداء الإنصاف، وترك مطالبة الانتصاف. وقال رضي الله عنه: من لم يزن أفعاله وأحواله كل وقت بالكتاب والسنة، ولم يفهم خواطره .. فلا تعده في ديوان الرجال. توفي سنة خمس وستين ومائتين. 1290 - [محمد بن الحسن العسكري] (2) محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني أبو القاسم الذي تلقبه الرافضة بالحجة،

(1) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 115)، و «حلية الأولياء» (10/ 229)، و «المنتظم» (7/ 163)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 510)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 142)، و «مرآة الجنان» (2/ 179)، و «شذرات الذهب» (3/ 282). (2) «وفيات الأعيان» (4/ 176)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 119)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 160)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 336)، و «مرآة الجنان» (2/ 179)، و «شذرات الذهب» (3/ 282).

1291 - [محمد بن سحنون الفقيه]

وبالقائم، وبالمهدي، وبالمنتظر، وبصاحب الزمان، وهم ينتظرون ظهوره في آخر الزمان من السرداب، وهو عندهم خاتم الاثني عشر إماما. يزعمون أنه دخل السرداب بسرّمن رأى وأمه تنظر إليه، فلم يخرج إليها، وذلك في سنة خمس وستين-وقيل: سنة ست وخمسين-ومائتين، وهو الأصح، فاختفى إلى الآن، وكان عمره لما عدم تسع سنين، أو أربع سنين، وقيل غير ذلك، وضلال الرافضة لا مزيد عليه؛ هم ينتظرون ضالة منذ سبع مائة سنة، ما وجدوها ولا يجدونها. قال الشيخ اليافعي: (والمهدي الذي وردت به الأخبار اسمه: محمد بن عبد الله، كما قال صلّى الله عليه وسلم: «يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي». قال: وقد أوضحت فساد مذهبهم وما هم عليه من الضلال والخرافات والمحال في كتابي «المرهم في علم الأصول») (1). 1291 - [محمد بن سحنون الفقيه] (2) محمد بن سحنون المغربي المالكي، مفتي القيروان. تفقه على أبيه، وكان بارعا مناظرا كثير التصانيف، معظما بالقيروان، خرج له عدة أصحاب، وما خلّف بعده مثله. توفي سنة خمس وستين ومائتين. 1292 - [يعقوب الصّفّار] (3) يعقوب بن الليث الصّفّار، الذي غلب على بلاد المشرق، وهزم الجيوش وأسر ابن طاهر والي خراسان، واستولى على خراسان وفارس وغير ذلك من البلاد، ثم لم يكتف بذلك حتى قصد بغداد والاستيلاء على العراق والحكم على الخليفة، فارتاع منه الخليفة،

(1) «مرآة الجنان» (2/ 179). (2) «تاريخ الإسلام» (20/ 163)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 86)، و «الديباج المذهب» (2/ 155)، و «مرآة الجنان» (2/ 180)، و «شذرات الذهب» (3/ 283)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 153). (3) «المنتظم» (7/ 165)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 360)، و «وفيات الأعيان» (6/ 402)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 513)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 203)، و «مرآة الجنان» (2/ 180)، و «شذرات الذهب» (3/ 283).

1293 - [ابن الثلجي]

ولا طفه بكتاب فيه أنه استنابه على خراسان وفارس وما غلب عليه من البلاد، فلم يقنع دون الوصول إلى بغداد والاجتماع بالخليفة، فاستعد له الخليفة، فنزل يعقوب واسطا في سبعين ألف فارس، فقدم إليه المعتمد أخاه الموفق في جمهور الجيش، فالتقوا، وانهزم عسكر الموفق، وثبت الموفق وتراجع إليه عسكره، فحملوا على أصحاب يعقوب، فولوا الأدبار، واستبيح عسكر يعقوب ومخيمه، ورجع يعقوب إلى فارس خائبا. وتوفي يعقوب بالقولنج في سنة خمس وستين ومائتين. وقيل: إن الطبيب قال له: لا دواء لك إلا الحقنة، فامتنع من ذلك وكتب على قبره: هذا قبر يعقوب المسكين، ويروى أنه أنشد في مرض موته: [من الطويل] ملكت خراسانا وأطراف فارس … وما كنت من ملك العراق بآيس سلام على الدنيا وطيب نعيمها … كأن لم يكن يعقوب فيها بجالس وخلّف يعقوب أموالا جزيلة؛ من الذهب ألف ألف دينار، ومن الدراهم خمسين ألف ألف درهم. ولما مات .. قام مقامه أخوه عمرو بن الليث، فأظهر العدل والدخول في طاعة الخليفة، وامتدت أيامه، وكان يعقوب وأخوه عمرو شابين صفارين (1)، وفيهما شجاعة مفرطة، فصحبا صالح بن النضر الذي كان يقاتل الخوارج بسجستان، فآل أمرهما إلى ما آل، ثم اضمحل وزال، فسبحان من لا يزول ملكه! 1293 - [ابن الثلجي] (2) محمد بن شجاع بن الثلجي، فقيه العراق، وشيخ الحنفية. تفقه بالحسن بن زياد اللؤلؤئي، وصنف واشتغل. وتوفي ساجدا في صلاة العصر سنة ست وستين ومائتين عن تسعين سنة.

(1) الصّفّار: صانع النحاس الأصفر. (2) «المنتظم» (7/ 168)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 379)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 165)، و «الجواهر المضية» (3/ 173)، و «تاج التراجم» (ص 242)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 588)، و «شذرات الذهب» (3/ 284).

1294 - [حيكان الذهلي]

1294 - [حيكان الذّهلي] (1) يحيى بن محمد بن يحيى بن عبد الله الذّهلي، الحافظ ابن الحافظ. شيخ نيسابور بعد أبيه، وكان أمير المتطوعة في الجهاد. وتوفي سنة سبع وستين ومائتين: 1295 - [أحمد بن سيار المروزي] (2) أحمد بن سيّار المروزي الحافظ، أبو الحسن، مصنف «تاريخ مرو». كان يشبّه في عصره بابن المبارك علما وزهدا، وكان صاحب وجه في مذهب الإمام الشافعي، أوجب الأذان للجمعة. وتوفي سنة ثمان وستين ومائتين، مذكور في الأصل. 1296 - [محمد بن عبد الحكم المصري] (3) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، الإمام العلامة، مفتي الديار المصرية. تفقه بأشهب، والشافعي، وروى عن ابن وهب وغيره من أصحاب الإمام مالك. ولما قدم الشافعي مصر .. صحبه وتردد إليه، وتفقه به، قال: ولما ترددت إلى الشافعي .. اجتمع قوم من أصحابنا إلى أبي وكان على مذهب مالك وقالوا: يا أبا محمد؛ إن محمدا انقطع إلى هذا الرجل وتردد إليه، إن هذا رغبة عن مذهب أصحابنا، فجعل أبي يلاطفهم ويقول: هو حدث ويحب النظر في اختلاف أقاويل الناس ومعرفة ذلك، وقال

(1) «الجرح والتعديل» (9/ 186)، و «تاريخ بغداد» (14/ 220)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 285)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 198)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 616)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 387)، و «شذرات الذهب» (3/ 288). (2) «الجرح والتعديل» (2/ 53)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 609)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 45)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 559)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (2/ 183)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 25)، و «شذرات الذهب» (3/ 290). (3) «الجرح والتعديل» (7/ 300)، و «وفيات الأعيان» (4/ 193)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 497)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 168)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 338)، و «مرآة الجنان» (2/ 181)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (2/ 67)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 608)، و «شذرات الذهب» (3/ 291).

1297 - [علوي صاحب الزنج]

لي في السر: يا بني؛ الزم هذا الرجل؛ فإنك لو جاوزت هذا البلد فتكلمت في مسألة فقلت فيها: قال أشهب .. لقيل لك: من أشهب؟ قال: فلزمت الشافعي، فلما قدمت بغداد .. قلت في مسألة: قال أشهب عن مالك، فقال القاضي بحضرة جلسائه: ما أعرف أشهب. وقال الشافعي: وددت أن لي ولدا مثل محمد بن عبد الحكم وعليّ ألف دينار لا أجد لها قضاء. وقال ابن خزيمة: ما رأيت أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين منه. وله مصنفات كثيرة. توفي سنة ثمان وستين ومائتين، مذكور في الأصل. 1297 - [علوي صاحب الزنج] (1) علوي البصرة، قائد الزنج، المفسد في الأرض، الملقب بالخبيث، طعن بعضهم في نسبه، وقال ابن بشكوال: هو صحيح النسب، هو علي بن محمد بن أحمد بن علي بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو من قرية من قرى الري، يقال لها: ورزنين. وكان في مبتدأ أمره متصلا بحاشية المنتصر يمتدحهم ويستمنحهم بشعره، ثم شخص إلى البحرين فدعا قوما إلى طاعته، فتبعه جماعة، فانتقل إلى الأحساء، ففعل مثل ذلك، ثم انتقل إلى البادية، وادعى النبوة وأن سحابة أظلته، فنودي: اطلب البصرة، فقصد البصرة في سنة خمس وخمسين ومائتين، ودعا إلى نفسه، فبادر إلى إجابة دعوته علي بن أبان المهلبي، وأخوه محمد وغيرهما. واستمال الزنج العبيد السودان الذين يعملون الساج، وأطمعهم في مواليهم حتى صاروا أكثر جنده، فجال بهم وصال، وهزم بهم الأبطال. وفي سنة سبع وخمسين وثب على الأبلّة فاستباحها وحرقها، وقتل بها نحو ثلاثين ألفا، فأرسل الخليفة لحربه سعيدا الحاجب، فهزم سعيد، واستحر القتل بأصحابه.

(1) «معجم الشعراء» للمرزباني (ص 185)، و «المنتظم» (7/ 190)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 129)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 138)، و «الوافي بالوفيات» (21/ 405)، و «مآثر الإنافة» (1/ 249)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 420).

1298 - [أحمد بن طولون]

ثم دخل الزنج البصرة في شوال من السنة المذكورة، وخربوا جامعها، وقتلوا بها اثني عشر ألفا، قتلوا الرجال والنساء والصبيان وسبوهم، ثم نادوا بالأمان حتى ظهر من اختفى فقتلوهم، وأحرقوا الكلأ من الجبل إلى الجسر، وأخذت النار كل شيء مرت عليه من إنسان وبهيمة ومتاع، وألحوا في القتل حتى لم يروا أحدا، ولم يزل أمر الخبيث يستفحل، والخطب يتعاظم، والأمور به تتفاقم إلى أن قتله الله على يدي أبي أحمد الموفق في سنة سبعين ومائتين بعد حروب طويلة هائلة وقعت بينهما، قد ذكرناها في مواضعها. وكان خارجيا بغيضا، يسب عثمان وعليا ومعاوية وعائشة رضي الله عنهم، بل قيل: كان زنديقا يتستر بمذهب الخوارج. 1298 - [أحمد بن طولون] (1) أحمد بن طولون بضم الطاء المهملة واللام وبعد الطاء واللام واوان ساكنتان وآخره نون، وهو اسم تركي. كان أبوه طولون من مماليك المأمون، وكان أحمد المذكور كريما جوادا شجاعا مهيبا لبيبا، ولاه المعتز بالله مصر، ثم استولى على دمشق والشام أجمع وأنطاكية والثغور في مدة اشتغال الموفق بن المتوكل، وكان نائبا عن أخيه المعتمد بن المتوكل. كان ابن طولون حسن السيرة، نافذ البصيرة، يباشر الأمور بنفسه ويعمر البلاد، ويتفقد أحوال الرعايا ويصلح الفساد، ويحب أهل العلم ويحسن فيهم الاعتقاد، وكان يحفظ القرآن الكريم ويكثر تلاوته مع حسن صوته، وكان له كل يوم مائدة يحضرها الخاص والعام، ويتصدق في كل شهر بألف دينار، فقال له وكيله: تأتيني المرأة وعليها الإزار وفي يدها خاتم الذهب فتطلب مني أفأعطيها؟ قال: من مد يده إليك .. فأعطه. وبنى الجامع المنسوب إليه بين القاهرة ومصر. قال القضاعي: وكان مع ذلك طائش السيف، أحصي من قتله صبرا ومن مات في سجنه فكانوا ثمانية عشر ألفا. وتوفي سنة سبعين ومائتين.

(1) «المنتظم» (7/ 187)، و «وفيات الأعيان» (1/ 173)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 94)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 46)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 430)، و «مرآة الجنان» (2/ 182)، و «شذرات الذهب» (3/ 295).

1299 - [الربيع بن سليمان المرادي]

1299 - [الربيع بن سليمان المرادي] (1) أبو محمد الربيع بن سليمان مولاهم المؤذن-بالنون-المصري، صاحب الإمام الشافعي، وراوي أكثر كتبه. قال فيه الشافعي: إنه ما في القوم أحد أنفع لي منه، ولوددت أني حشوته العلم. وهو آخر من روى عن الشافعي بمصر. توفي سنة سبعين ومائتين، وهو في عشر المائة، مذكور في الأصل. 1300 - [الربيع بن سليمان الجيزي] (2) أبو محمد الربيع بن سليمان الجيزي صاحب الإمام الشافعي أيضا، لكنه قليل الرواية عنه. توفي سنة سبعين ومائتين (3)، مذكور في الأصل. 1301 - [داود الظاهري] (4) داود بن علي الأصبهاني الظاهري، الإمام المشهور، صاحب التصانيف. سمع القعنبي، وسليمان بن حرب وغيرهما، وتفقه على أبي ثور، وابن راهويه. وكان صاحب مذهب مستقل، له فيه أتباع يعرفون بالظاهرية، مذكور في الأصل. ومما لم يذكر: أن أبا العباس ثعلب قال فيه: إن عقله أكثر من علمه.

(1) «الجرح والتعديل» (3/ 464)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 188)، و «وفيات الأعيان» (2/ 291)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 587)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 96)، و «مرآة الجنان» (2/ 183)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (2/ 132)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 593)، و «شذرات الذهب» (3/ 300). (2) «الجرح والتعديل» (3/ 464)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 187)، و «وفيات الأعيان» (3/ 292)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 591)، و «تاريخ الإسلام» (19/ 133)، و «مرآة الجنان» (2/ 184)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (2/ 132)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 592)، و «شذرات الذهب» (3/ 300). (3) كذا في «مرآة الجنان» (2/ 184)، و «شذرات الذهب» (3/ 300)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (256 هـ‍). (4) «تاريخ بغداد» (8/ 366)، و «وفيات الأعيان» (2/ 255)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 97)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 90)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 473)، و «مرآة الجنان» (2/ 184)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (2/ 284)، و «شذرات الذهب» (3/ 297).

1302 - [محمد بن إسحاق الصغاني]

قال داود: حضر مجلسي يوما أبو يعقوب الشريطي من أهل البصرة وعليه خرقتان، فتصدر لنفسه من غير أن يجلسه أحد، وجلس إلى جانبي وقال: سل عما بدا لك، فكأني غضبت منه، فقلت له مستهزئا: أسألك عن الحجامة، فبرك ثم روى طريق: «أفطر الحاجم والمحجوم» (1) ومن أرسله ومن أسنده ومن وقفه ومن ذهب إليه من الفقهاء، وروى اختلاف طرق احتجام رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وإعطاء الحجام أجره، ولو كان حراما .. لم يعطه، وروى طرقا أن النبي صلّى الله عليه وسلم احتجم بقرن (2)، وذكر الأحاديث الصحيحة في الحجامة، ثم ذكر الأحاديث المتوسطة؛ مثل: «ما مررت بملإ من الملائكة» (3)، ومثل: «شفاء أمتي في ثلاث» (4)، وذكر الأحاديث الضعيفة؛ كقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا تحتجموا يوم كذا ولا ساعة كذا» (5) ثم ذكر ما ذهب إليه أهل الطب من الحجامة في كل زمان وما ذكروه فيها، ثم ختم كلامه بأن قال: أول ما خرجت الحجامة من أصبهان، فقلت له: والله؛ لا حقرت بعدك أحدا أبدا. توفي في ذي القعدة-أو في شهر رمضان-من سنة سبعين ومائتين. قال ولده أبو بكر: رأيت أبي في المنام فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي وسامحني، فقلت له: غفر لك، فبم سامحك؟ فقال: يا بني؛ الأمر عظيم، والويل كل الويل لمن لم يسامح. 1302 - [محمد بن إسحاق الصغاني] (6) محمد بن إسحاق الصغاني-بالصاد المهملة ثم الغين المعجمة-أبو بكر، أصله خراساني، سكن بغداد، الحافظ الحجة، واسم جده: جعفر، وقيل: محمد.

(1) أخرجه أبو داود (2367)، والترمذي (774). (2) أخرجه الحاكم (4/ 208)، وأحمد (5/ 9). (3) أخرجه الحاكم (4/ 209)، والترمذي (2053)، وابن ماجه (3477)، وأحمد (1/ 354). (4) أخرجه البخاري (5680)، وابن ماجه (3491)، بلفظ: «الشفاء في ثلاثة .. ». (5) أخرج الحاكم (4/ 211)، وابن ماجه (3487) حديثا فيه النهي عن الاحتجام يوم الأربعاء والجمعة والسبت والأحد، وأخرج البيهقي في «الكبرى» (9/ 341) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن في الجمعة ساعة لا يحتجم فيها محتجم إلا عرض له داء لا يشفى منه». (6) «الجرح والتعديل» (7/ 195)، و «تاريخ بغداد» (1/ 255)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 592)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 157)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 573)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 502)، و «شذرات الذهب» (3/ 301).

1303 - [القاضي بكار الثقفي]

روى عن عفان بن مسلم، وسعيد بن أبي مريم، وسعيد بن كثير وغيرهم. وروى عنه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وكان ثقة ثبتا. توفي سنة سبعين ومائتين. 1303 - [القاضي بكار الثقفي] (1) القاضي بكار بن قتيبة الثقفي، يرجع نسبه إلى الحارث بن كلدة الثقفي الصحابي. كان حنفي المذهب، وأحد البكائين التالين لكتاب الله تعالى، ولي قضاء مصر مدة، وكان إذا فرغ من الحكم .. حاسب نفسه، وعرض عليها القصص التي حكم فيها ويقول: يا بكار؛ ما يكون جوابك غدا؟ وله مع ابن طولون صاحب مصر وقائع، وكان يدفع إليه كل سنة ألف دينار غير المقرر له، فيتركها بحالها ولا يتصرف فيها، فدعاه إلى خلع الموفق بن المتوكل من ولاية العهد- وهو والد المعتضد-فامتنع القاضي بكار من ذلك، فاعتقله ابن طولون، ثم طالبه بجملة المبلغ الذي كان يأخذه كل سنة، فحمله إليه بختمه، وكان ثمانية عشر كيسا، فاستحيى منه ابن طولون، وظن أنه يعجز عن القيام بها، وأمره أن يسلم القضاء إلى محمد بن شاذان الجوهري، ففعل وجعله كالخليفة له. ولما سجن .. شكا أصحاب الحديث إلى ابن طولون انقطاع السماع، فأذن له أن يحدّث في السجن، فكان يحدّث من طاق في السجن، وتوفي في الحبس وهو على القضاء في سنة سبعين ومائتين. ولما عزل قاضي مصر محمد بن أبي الليث بالقاضي بكار .. استشاره القاضي بكار فيمن يشاوره، فقال: عليك برجلين: أحدهما عاقل وهو يونس بن عبد الأعلى؛ فإني سعيت في دمه، فقدر علي فحقن دمي، والآخر أبو هارون موسى بن عبد الرحمن بن القاسم؛ فإنه

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 279)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 599)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 70)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 185)، و «مرآة الجنان» (2/ 185)، و «الجواهر المضية» (1/ 458)، و «تاج التراجم» (ص 144)، و «شذرات الذهب» (3/ 297).

1304 - [أبو الفضل الدوري]

رجل زاهد، فقال له القاضي بكار: صف لي الرجلين، فوصفهما، فلما دخل مصر ودخل إليه الناس .. عرفهما فرفعهما. وقيل: إن موسى المذكور اختص به القاضي بكار وقال: نتبرك به لزهده، فقال له يوما: يا أبا هارون؛ من أين المعيشة؟ قال: من وقف وقفه أبي، فقال له بكار: يكفيك؟ قال: قد تكفيت به، قال: وقد سألني القاضي، فأريد أن أسأله، قال: سل، قال: هل ركب القاضي دين بالبصرة حتى تولى بسببه القضاء؟ قال: لا، قال: فهل رزق ولدا أحوجه إلى ذلك؟ قال: لا، ما نكحت قط، قال: فلك عيال كثير؟ قال: لا، قال: فهل أجبرك السلطان وعرض عليك العذاب وخوفك؟ قال: لا، قال: فضربت آباط الإبل من البصرة إلى مصر لغير حاجة ولا ضرورة؟ ! لله علي؛ لا دخلت عليك أبدا، قال: يا أبا هارون؛ أقلني، قال: أنت بدأت المسألة، ولو سكت .. لسكت. ثم انصرف عنه ولم يعد إليه أبدا. 1304 - [أبو الفضل الدوري] (1) أبو الفضل عباس بن محمد الدوري، مولى بني هاشم، الحافظ. توفي سنة إحدى وسبعين ومائتين. 1305 - [بوران زوجة المأمون] (2) بوران بنت الحسن بن سهل، زوجة المأمون. قد تقدم ذكر زواجها منه وما عمل أبوها من الولائم والنّثار والإنفاق في عرسها في سنة عشر ومائتين (3). وحاضت ليلة زفافها على المأمون، فلما أراد مقاربتها .. قالت: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) فعرف أنها حائض، فلزم نفسه.

(1) «الجرح والتعديل» (6/ 316)، و «تاريخ بغداد» (12/ 143)، و «سير أعلام النبلاء» (12/ 522)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 371)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 579)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 294). (2) «المنتظم» (7/ 199)، و «وفيات الأعيان» (1/ 287)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 320)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 317)، و «مرآة الجنان» (2/ 186)، و «البداية والنهاية» (11/ 58). (3) انظر (2/ 444).

1306 - [أبو معشر المنجم]

ولم تزل في صحبة المأمون إلى أن توفي، وعاشت بعده إلى سنة إحدى وسبعين ومائتين، وعمرها ثمانون سنة. 1306 - [أبو معشر المنجم] (1) أبو معشر المنجم. كان بارعا في فنه ماهرا فيه، وله عدة تصانيف، وكانت له إصابات عجيبة. حكي أنه كان متصلا بخدمة بعض الملوك، وأن ذلك الملك طلب رجلا من أكابر دولته ليعاقبه، فاستخفى وعلم أن المنجم المذكور يدل عليه بالطريق الذي يستخرج به الخبايا، فأراد أن يعمل شيئا لا يهتدي إليه المنجم، فأخذ طشتا وعمل فيه دما، وجعل في الدم هاون ذهب (2)، وقعد على الهاون أياما، وبالغ في طلبه الملك فلم يجده، وعند العجز أحضر المنجم وسأله عن موضعه، فعمل العمل الذي يستخرج به في العادة، وسكت زمانا حائرا، فقال له الملك: ما سبب سكوتك وحيرتك؟ قال: أرى شيئا عجيبا، قال: وما هو؟ قال: أرى المطلوب على جبل من ذهب، والجبل في بحر من دم، ولا أعلم في العالم موضعا على هذه الصفة، فقال له: أعد نظرك، وجدد أخذ الطالع، ففعل ثم قال: ما أراه إلا كما ذكرت. فلما أيس الملك من القدرة عليه بهذه الطريق .. نادى في البلد بالأمان للرجل ولمن أخفاه، فلما وثق بأمانه .. ظهر وحضر، فسأله عن الموضع الذي كان فيه فأخبره، فأعجبه حسن احتياله، ولطافة المنجم في استخراجه. توفي أبو معشر المذكور سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 1307 - [محمد بن عبد الوهاب الفراء] (3) محمد بن عبد الوهاب الفراء العبدي النيسابوري، الأديب الأوحد، أحد أوعية العلم. توفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين.

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 358)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 161)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 325)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 133)، و «البداية والنهاية» (11/ 60)، و «شذرات الذهب» (3/ 302). (2) الهاون: وعاء مجوف من حديد أو نحاس يدقّ فيه. (3) «سير أعلام النبلاء» (12/ 606)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 452)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 74)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 636)، و «شذرات الذهب» (3/ 306).

1308 - [سليمان بن وهب]

1308 - [سليمان بن وهب] (1) سليمان بن وهب. كان شاعرا بليغا مترسلا فصيحا، وله ديوان رسائل، وقد مدحه أبو تمام والبحتري. وحكي أنه بلغه يوما: أن الواثق نظر إلى أحمد بن الخصيب الكاتب فأنشده: [من الطويل] من الناس إنسانان ديني عليهما … مليئان لو شاءا لقد وفياني خليليّ أما أمّ عمرو فإنها … وأما عن الأخرى فلا تسألاني فقال: إنا لله! أحمد بن الخصيب أم عمرو، وأما الأخرى فأنا، وكان كذلك؛ فإنه نكبهما بعد أيام. ولما تولى الوزارة سليمان بن وهب، أو ابنه عبيد الله بن سليمان .. كتب إليه عبيد الله بن عبد الله بن طاهر: [من الطويل] أبى دهرنا إسعافنا في نفوسنا … وأسعفنا فيمن نحب ونعظم فقلت له نعماك فيهم أتمّها … ودع أمرنا إن المهم المقدم توفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 1309 - [ابن ماجه] (2) محمد بن يزيد بن ماجه القزويني، الحافظ الكبير، صاحب «السنن» و «التفسير» و «التاريخ». ارتحل إلى العراق والبصرة والكوفة وبغداد ومكة والشام ومصر والري لكتب الحديث. وكان إماما في الحديث، عارفا بعلومه وجميع ما يتعلق به. قال الذهبي: وكتابه في الحديث أحد الكتب الستة التي هي أصول الحديث وأمهاته، وهو مذهب بعض المحدثين.

(1) «المنتظم» (7/ 204)، و «وفيات الأعيان» (2/ 415)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 127)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 364)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 440)، و «مرآة الجنان» (2/ 187). (2) «المنتظم» (7/ 209)، و «وفيات الأعيان» (4/ 279)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 277)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 467)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 636)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 220)، و «مرآة الجنان» (2/ 188)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 737)، و «شذرات الذهب» (3/ 308).

1310 - [محمد بن عبد الرحمن صاحب الأندلس]

وقال الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله: إن أمهات الحديث خمسة؛ صحيحا «البخاري ومسلم» و «سنن أبي داود» و «الترمذي» و «النسائي». والذين قالوا هي ستة اختلفوا: فبعضهم يقول: السادس «سنن ابن ماجه» المذكور، وبعضهم يقول: هو «الموطأ». توفي ابن ماجه سنة ثلاث وسبعين ومائتين. 1310 - [محمد بن عبد الرحمن صاحب الأندلس] (1) محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام، صاحب الأندلس، الأمير الأموي. كان فقيها عالما فصيحا مفوها، رافعا لعلم الجهاد، وكانت ولايته خمسا وثلاثين سنة. قال الحافظ بقي بن مخلد: ما رأيت ولا سمعت أحدا من الملوك أفصح منه ولا أعقل. وقال أبو المظفر ابن الجوزي: وهو صاحب وقعة وادي سليط التي لم يسمع بمثلها، يقال: إنه قتل فيها ثلاث مائة ألف كافر. توفي سنة ثلاث وسبعين ومائتين. 1311 - [أبو بكر المرّوذي] (2) أبو بكر المرّوذي. كان إماما في الفقه والحديث، كثير التصانيف، من أجلّ أصحاب الإمام أحمد ابن حنبل. خرج مرة إلى الرباط، فشيعه نحو خمسين ألفا من بغداد إلى سرّ من رأى. وتوفي سنة خمس وسبعين ومائتين.

(1) «جذوة المقتبس» (ص 11)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 171)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 451)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 224)، و «مرآة الجنان» (2/ 188)، و «البداية والنهاية» (11/ 61)، و «شذرات الذهب» (3/ 309). (2) «تاريخ بغداد» (5/ 188)، و «المنتظم» (7/ 213)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 173)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 273)، و «مرآة الجنان» (2/ 189)، و «شذرات الذهب» (3/ 313).

1312 - [أبو داود]

1312 - [أبو داود] (1) سليمان بن الأشعث أبو داود السّجستاني الأزدي، مؤلف «السنن»، الإمام الحافظ الكبير، أحد أئمة الحديث وحفاظه ومعرفة علمه وعلله. كتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين والمصريين والجزريين، وكان رأسا في الحديث، رأسا في الفقه، رأسا في النسك والصلاح، ذا جلالة وحرمة، وكان في الورع والصلاح يشبه بشيخه أحمد ابن حنبل. جمع «كتاب السنن» قديما، وعرضه على الإمام أحمد ابن حنبل، فكان يقول: كتبت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم خمس مائة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب-يعني «السنن» -جمعت فيه أربعة آلاف وثمان ومائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشهد له وما يقاربه، ويكفي الإنسان من ذلك لدينه أربعة أحاديث؛ وهي: قوله صلّى الله عليه وسلم: «الأعمال بالنيات» (2)، وقوله صلّى الله عليه وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (3)، وقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه» (4)، وقوله صلّى الله عليه وسلم: «الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهات ... » (5) الحديث بكماله. ولما صنف أبو داود «السنن» .. قال إبراهيم الحربي: ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد. وجاء سهل بن عبد الله التّستري إلى أبي داود زائرا، فرحب به أبو داود وأجلسه، فقال: يا أبا داود؛ لي إليك حاجة، قال: وما هي؟ قال: حتى تقول: قضيتها، قال: قضيتها مع الإمكان، قال: أخرج لسانك الذي حدثت به عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم

(1) «الجرح والتعديل» (4/ 101)، و «تاريخ بغداد» (9/ 56)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 224)، و «وفيات الأعيان» (2/ 404)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 203)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 357)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 591)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 353)، و «مرآة الجنان» (2/ 189)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 83)، و «شذرات الذهب» (3/ 313). (2) أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1902)، وأبو داود (2201). (3) أخرجه الترمذي (2317)، وابن ماجه (3976). (4) أخرجه البخاري (13)، ومسلم (45). (5) أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599)، وأبو داود (3329).

1313 - [أبو قلابة الرقاشي]

حتى أقبله، قال: فأخرج لسانه، فقبله. توفي رحمه الله يوم الجمعة منتصف شوال سنة خمس وسبعين ومائتين. 1313 - [أبو قلابة الرقاشي] (1) عبد الملك بن محمد الرّقاشي البصري أبو قلابة، الإمام الحافظ، أحد العباد. قيل: كان يصلي في اليوم والليلة أربع مائة ركعة، ويقال: إنه روى من حفظه ستين ألف حديث. توفي سنة ست وسبعين ومائتين. 1314 - [بقي بن مخلد] (2) أبو عبد الرحمن بقيّ بن مخلد الأندلسي، الإمام الحافظ، أحد الأئمة الأعلام. سمع يحيى بن يحيى، ويحيى بن بكير، وأحمد ابن حنبل وطبقتهم، وصنف «التفسير الكبير» و «المسند الكبير». قال ابن حزم: أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل «تفسيره». وكان علاّمة فقيها مجتهدا، صواما قواما متبتلا عديم المثل. توفي سنة ست وسبعين ومائتين. 1315 - [قاسم بن محمد البيّاني] (3) قاسم بن محمد بن قاسم الأموي مولاهم، الفقيه، محدث الأندلس.

(1) «الجرح والتعديل» (5/ 369)، و «تاريخ بغداد» (10/ 423)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 177)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 391)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 580)، و «تهذيب التهذيب» (2/ 624)، و «شذرات الذهب» (3/ 319). (2) «جذوة المقتبس» (ص 177)، و «المنتظم» (7/ 219)، و «معجم الأدباء» (3/ 46)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 285)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 311)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 629)، و «مرآة الجنان» (2/ 190)، و «شذرات الذهب» (3/ 318). (3) «جذوة المقتبس» (ص 329)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 418)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 648)، و «مرآة الجنان» (2/ 190)، و «الديباج المذهب» (2/ 131)، و «شذرات الذهب» (3/ 320).

1316 - [ابن قتيبة]

تفقه على الحارث بن مسكين، وابن عبد الحكم، وكان مجتهدا لا يقلد. قال رفيقه بقي بن مخلد: هو أعلم من ابن عبد الحكم. وقال ابن عبد الحكم: لم يقدم علينا من الأندلس أعلم من قاسم. توفي سنة ست وسبعين ومائتين. 1316 - [ابن قتيبة] (1) أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدّينوري، وقيل: المروزي، الإمام النحوي اللغوي. كان فقيها ثقة فاضلا، سكن بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه، وأبي إسحاق إبراهيم بن سفيان الزيادي، وأبي حاتم السجستاني، وتلك الطبقة. روى عنه ابنه أحمد، وابن درستويه الفارسي. وله تصانيف مفيدة، منها كتاب «أدب الكاتب»، وقد شرحه أبو محمد البطليوسي شرحا مستوفيا وسماه «الاقتضاب في شرح أدب الكتّاب»، وله خطبة طويلة حتى قال بعضهم: «أدب الكاتب» خطبة بلا كتاب، و «إصلاح المنطق» كتاب بلا خطبة؛ أي: لقصر خطبته، قال ابن خلكان: (وهذا الكلام فيه نوع تعصب عليه؛ فإن «أدب الكاتب» قد حوى من كل شيء، وهو مفنّن) (2). ومن تصانيفه: «إعراب القرآن» و «غريب الحديث» و «عيون الأخبار» و «مشكل القرآن» و «مشكل الحديث» وغير ذلك من المصنفات. مات فجأة، صاح صيحة سمعت من بعد، ثم أغمي عليه ومات. وقيل: أكل هريسة فأصابته حرارة، فصاح صيحة شديدة، ثم أغمي عليه إلى وقت الظهر، ثم اضطرب ساعة، ثم هدأ، فما زال يتشهد إلى وقت السحر، ثم مات أول ليلة من رجب- وقيل: منتصفه-سنة ست-وقيل: سنة إحدى-وسبعين ومائتين، وقيل: سنة سبعين.

(1) «تاريخ بغداد» (10/ 168)، و «المنتظم» (7/ 221)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 281)، و «وفيات الأعيان» (3/ 42)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 296)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 381)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 607)، و «مرآة الجنان» (2/ 190)، و «بغية الوعاة» (2/ 63)، و «شذرات الذهب» (3/ 318). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 43).

1317 - [أبو حاتم الرازي]

1317 - [أبو حاتم الرازي] (1) أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الرازي. كان بارع الحفظ، واسع الرحلة، من أوعية العلم، جاريا في مضمار البخاري وأبي زرعة الرازي. توفي في شعبان سنة سبع وسبعين ومائتين، مذكور في الأصل. 1318 - [الأمير أبو أحمد الموفق] (2) الموفق أبو أحمد بن المتوكل. كان ولي عهد أخيه المعتمد. كان ملكا عظيما مطاعا، وبطلا شجاعا، ذا بأس وأيد ورأي وحزم، حارب الزنج حتى أبادهم وقتل طاغيتهم، وكان أمر الجيوش إليه، وكان محببا إلى الخلق، وكان أخوه الخليفة المعتمد مقهورا معه. قيل: كان يشبه الموفق بالمنصور في حزمه وعزمه، ودهائه ورأيه. قيل: وجميع الخلفاء الذين من بعده من ذريته، واعتراه نقرس فبرّح به (3)، وأصاب رجله داء الفيل، فجعل له سرير عليه قبة يحمله عشرون رجلا، فرأى يوما من حملته ضجرا فقال: أود أني كأحدكم أحمل على رأسي وأنا في عافية. وقال: أطبق دفتري على مائة ألف مرتزق ما فيهم أسوأ حالا مني. وكان قد خاف من ابنه أبي العباس، فقبض عليه في سنة خمس وسبعين، فلما احتضر الموفق وأرجف بموته .. دخل الغلمان، وكسروا الأقفال عن أبي العباس ولده، وأخرجوه حتى أقعدوه عند الموفق، فأفاق فرآه عنده، فقربه وأدناه ورضي عنه، وخلع عليه وعلى

(1) «الجرح والتعديل» (7/ 204)، و «تاريخ بغداد» (2/ 70)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 247)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 430)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 567)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 500)، و «شذرات الذهب» (3/ 321). (2) «تاريخ الطبري» (10/ 22)، و «تاريخ بغداد» (2/ 125)، و «المنتظم» (7/ 244)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 169)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 479)، و «تاريخ ابن الوردي» (1/ 332)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 294)، و «مرآة الجنان» (2/ 192)، و «البداية والنهاية» (11/ 75)، و «شذرات الذهب» (3/ 323). (3) النّقرس: وجع في مفاصل الكعبين وأصابع الرجلين.

1319 - [الخليفة المعتمد على الله]

إسماعيل بن بلبل، وكان إسماعيل يدبّ في فساد حال أبي العباس عند أبيه الموفق، فنهب غلمان أبي العباس دار إسماعيل بن بلبل حتى خرج نساؤه حفاة، وخرج إسماعيل من عند الموفق بالخلع إلى منزله، فلم يجد ما يجلس عليه، ووافى المعتمد وأولاده من سر من رأى، ونزلوا على إسماعيل بن بلبل في داره. وتوفي الموفق في سنة ثمان وسبعين ومائتين، ودفن في الرصافة، فولى المعتمد ولاية العهد لأبي العباس بن الموفق، ولقّبه المعتضد، فقبض على أبي الصقر ثم قتله، واستوزر عبيد الله بن سليمان بن وهب. 1319 - [الخليفة المعتمد على الله] (1) الخليفة أبو العباس أحمد المعتمد على الله بن المتوكل العباسي. كان محبوسا في الجوسق، فلما خلعت الأتراك المهتدي .. أخرج المعتمد من الحبس، وبويع في سادس رجب سنة ست وخمسين ومائتين. وكان منهمكا في اللذات، فاستولى أخوه الموفق طلحة على المملكة، وحجر عليه في بعض الأشياء. وكان للمعتمد شعر متوسط، منه ما قاله وقد طلب من أخيه الموفق ما يراعي به مغنية فلم يعطه فقال: [من الوافر] أليس من العجائب أن مثلي … يرى ما قلّ ممتنعا عليه وتؤخذ باسمه الدنيا جميعا … وما من ذاك شيء في يديه وتوفي لإحدى عشرة بقيت من رجب من سنة تسع وسبعين ومائتين، فمدة ولايته ثلاث وعشرون سنة ويومان، وكانت وفاته بالقصر الحسني من بغداد فجاءة بين المغنين والندماء. فقيل: إنه سم في رءوس أكلها، وقيل: في كأس الشراب، فدخل عليه القاضي والشهود فلم يروا به أثرا.

(1) «تاريخ الطبري» (10/ 29)، و «تاريخ بغداد» (4/ 280)، و «المنتظم» (7/ 263)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 469)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 247)، و «تاريخ ابن الوردي» (1/ 333)، و «العبر» (2/ 30)، و «مرآة الجنان» (2/ 193)، و «البداية والنهاية» (11/ 77)، و «شذرات الذهب» (3/ 326).

1320 - [أحمد بن زهير النسائي]

1320 - [أحمد بن زهير النسائي] (1) أحمد بن زهير بن حرب النسائي ثم البغدادي، مصنف «التاريخ الكبير». سمع أبا نعيم، وعفان وطبقتهما. وتوفي سنة تسع وسبعين ومائتين وله أربع وتسعون سنة. 1321 - [جعفر بن محمد الصائغ] (2) جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ. كان زاهدا عابدا ثقة، ينفع الناس ويعلمهم الحديث. توفي سنة تسع وسبعين ومائتين. 1322 - [الإمام الترمذي] (3) أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة السلمي الترمذي، الإمام الحافظ، مصنف «الجامع في السنن»، أحد الأئمة المقتدى بهم في علم الحديث. كان يضرب به المثل، هو تلميذ محمد بن إسماعيل البخاري، وشاركه في بعض شيوخه، وكان ضريرا، ولد أكمه رحمه الله تعالى. توفي سنة تسع وسبعين ومائتين. 1323 - [عبد الله بن أحمد المكي] (4) عبد الله بن أحمد بن زكريا بن الحارث بن أبي مسرة أبو يحيى المكي، مفتي مكة.

(1) «الجرح والتعديل» (2/ 52)، و «تاريخ بغداد» (4/ 384)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 252)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 596)، و «مرآة الجنان» (2/ 193)، و «شذرات الذهب» (3/ 327). (2) «تاريخ بغداد» (7/ 195)، و «المنتظم» (7/ 264)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 197)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 326)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 310)، و «شذرات الذهب» (3/ 327). (3) «وفيات الأعيان» (4/ 278)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 270)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 459)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 633)، و «مرآة الجنان» (2/ 193)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 668)، و «شذرات الذهب» (3/ 327). (4) «الجرح والتعديل» (5/ 6)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 374)، و «العقد الثمين» (5/ 99)، و «شذرات الذهب» (3/ 327).

1324 - [أبو العباس البرتي]

روى عن بدل بن المحبر، وخلاد بن يحيى، وأبي عبد الرحمن المقرئ. وروى عنه محمد بن إسحاق بن العباس الفاكهي المكي مؤلف «أخبار مكة»، وابنه عبد الله بن محمد الفاكهي. قال القاضي: (وذكر ابن قانع وغيره: أنه توفي سنة تسع وسبعين ومائتين بمكة) (1). 1324 - [أبو العباس البرتي] (2) أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى البرتي، الفقيه الحافظ، صاحب «المسند». كان بصيرا بالفقه، عارفا بالحديث وعلله، زاهدا عابدا كبير القدر، من أعيان الحنفية. توفي سنة ثمانين ومائتين. 1325 - [أبو سعيد الدارمي] (3) أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي، الإمام الحافظ، صاحب «المسند» والتصانيف. أخذ الفقه عن البويطي، والعربية عن ابن الأعرابي، والحديث عن ابن المديني، وكان قائما بالسنة، مغيظا للمبتدعة. توفي سنة ثمانين ومائتين، مذكور في الأصل. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «العقد الثمين» (5/ 99). (2) «تاريخ بغداد» (5/ 265)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 407)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 279)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 596)، و «الجواهر المضية» (1/ 301)، و «مرآة الجنان» (2/ 193)، و «شذرات الذهب» (3/ 329). (3) «الجرح والتعديل» (6/ 153)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 319)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 396)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 302)، و «مرآة الجنان» (2/ 193)، و «شذرات الذهب» (3/ 330).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والستون بعد المائتين فيها: ولي نصر بن أحمد الساماني ما وراء النهر نهر بلخ (1). وفيها: ولى المعتمد ابنه جعفرا العهد، ولقبه: المفوض إلى الله، وولاه المغرب، وضم إليه موسى بن بغا، وولاه إفريقية والشام ومصر والجزيرة والموصل وأرمينية وطريق خراسان وحلوان، وولى أخاه أبا أحمد العهد من بعد جعفر، وولاه المشرق، وضم إليه مسرورا البلخي، وولاه بغداد والسواد والكوفة وطريق مكة والمدينة واليمن وكسكر وكور دجلة والأهواز وفارس وقمّ وأصبهان والكرخ والرّي وزنجان وقزوين، وخراسان وجرجان وطبرستان وكرمان وسجستان والسّند (2). وفيها: توفي الحافظ أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، والمقرئ أبو شعيب صالح بن زياد السوسي، والإمام الحافظ مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري مؤلف «الصحيح» وغيره، والشيخ الكبير الولي الشهير أبو يزيد طيفور بن عيسى البسطامي، والحافظ أحمد بن سليمان الرّهاوي، وشعيب بن أيوب، وعلي بن إشكاب، وأخوه محمد. *** السنة الثانية والستون بعد المائتين فيها: سار يعقوب بن الليث إلى رامهرمز مظهرا الوصول إلى باب الخليفة، وقد كان الخليفة المعتمد اعتقل أصحابه من قبل، فلما عرف المعتمد عجزه عن يعقوب بن الليث .. كتب إليه بولاية خراسان وطبرستان وجرجان والري وفارس والشّرطة ببغداد، وأطلق أصحابه من الحبس، وسيرهم إليه بالكتب، فلم يرض يعقوب حتى يوافي باب الخليفة، وأضمر في نفسه الاستيلاء على العراق، والحكم على المعتمد، وخاف المعتمد منه فتحول

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 514)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 324). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 514)، و «المنتظم» (7/ 131)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 323)، و «البداية والنهاية» (11/ 39).

السنة الثالثة والستون بعد المائتين

من سامراء إلى بغداد، وجمع أطرافه للملتقى في سبعين ألف فارس، فنزل واسطا، فتقدم المعتمد، وقصده يعقوب، فقدم المعتمد أخاه الموفق في جمهور الجيش، فالتقيا في اصطربند مقارب دير العاقول في شهر رجب، واشتد القتال، فوقعت الهزيمة في أصحاب الموفق، ثم ثبت الموفق، وشرعت الكسرة على يعقوب وأصحابه، فولوا الأدبار، واستبيح عسكرهم، وكسب أصحاب الخليفة ما لا يحدّ ولا يوصف، وخلصوا محمد بن طاهر الخزاعي وكان مع يعقوب في القيود، ورحل يعقوب إلى فارس، وخلع المعتمد على محمد بن طاهر أمير خراسان، ورده على عمله، وأعطاه خمس مائة ألف درهم (1). وفي ذي الحجة من هذه السنة: حصل بصنعاء سيل عظيم-وهو السيل الثاني في الإسلام -فأخرب دورا كثيرة، وأتلف أموالا جزيلة، وهلك عالم لا يحصون كثرة، يقال: إن عدة الدور التي خربت يومئذ ستة آلاف دار، وقيل: بل ألف ومائتا دار-قاله الشريف-وكان معظمه في السّرار (2). وفيها: توفي عمر بن شبة، ومحمد بن عاصم، وعبيد الله بن جرير بن جبلة، ويعقوب بن شيبة. *** السنة الثالثة والستون بعد المائتين فيها: توفي الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان في الميدان من صدمة خادم له، وولي الحسن بن مخلد الوزارة، ثم وصل موسى بن بغا من الموصل، فهرب الحسن بن مخلد وظهر ببغداد، ثم استتر، وولي سليمان بن وهب الوزارة، وتتبع الحسن بن مخلد فلم يعلم خبره (3). وفيها: توفي الحافظ محمد بن علي بن ميمون العطار الرّقّي، والحافظ الحسن بن أبي الربيع الجرجاني، وأحمد بن الأزهر، وأحمد بن حرب، ومعاوية بن صالح الأشعري. ***

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 516)، و «المنتظم» (7/ 139)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 333)، و «العبر» (2/ 30)، و «شذرات الذهب» (3/ 273). (2) «السلوك» (1/ 199)، و «بهجة الزمن» (ص 45). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 532)، و «المنتظم» (7/ 152)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 348).

السنة الرابعة والستون بعد المائتين

السنة الرابعة والستون بعد المائتين فيها: عثر على الحسن بن مخلد ببغداد، وقرر أمره على ألف ألف دينار. وفيها: مات موسى بن بغا ببغداد. وفيها: قبض على سليمان بن وهب وحبس، ونهبت داره ودار ابنيه وهب وإبراهيم، وقبض على ابنه عبد الله وحبس (1). وفيها: دخل الزّنج واسطا، وهجّ أهلها حفاة عراة، ونهبت ديارهم وأحرقت، فسار لحربهم الموفق (2). وفيها: وصل الموفق أبو أحمد إلى سرّ من رأى؛ لأجل حبس سليمان بن وهب، واختلفت الرسل بينه وبين المعتمد، فخلع عليه وعلى قواده، وهرب القواد الذين بسامراء إلى تكريت، وأطلق سليمان بن وهب، وولي الوزارة، وهرب الحسن بن مخلد وأحمد بن صالح بن شيراز، وقبضت أموالهما (3). وفيها: غزا المسلمون الروم، وكانوا أربعة آلاف، عليهم ابن كاوس، فلما نزلوا بعض المنازل .. تبعهم البطارقة وأحدقوا بهم، فلم ينج منهم إلا خمس مائة، واستشهد الباقون (4). وفيها: توفي الحافظ أحمد بن يوسف السلمي النيسابوري، والحافظ أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم القرشي مولاهم الرازي، والإمام أبو موسى يونس بن عبد الأعلى المصري الفقيه المحدث، والفقيه الإمام أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني المصري الشافعي، والحافظ أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، ويزيد بن سنان. *** السنة الخامسة والستون بعد المائتين فيها: قبض الموفق على سليمان بن وهب وابنه عبيد الله، وقرر عليهما تسع مائة ألف

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 540)، و «المنتظم» (7/ 153). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 536)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 350). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 540)، و «المنتظم» (7/ 153)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 353). (4) «تاريخ الطبري» (9/ 533)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 350)، و «العبر» (2/ 33).

السنة السادسة والستون بعد المائتين

دينار، واستكتب صاعد بن مخلد، وعاد الحسن بن مخلد في الوزارة، وولي أحمد بن صالح بن شيراز الوزارة (1). وفيها: مات أحمد بن الخصيب، ويعقوب بن الليث بالأهواز، وقام مقامه أخوه عمرو بن الليث، فأرسل إليه الخليفة أحمد بن أبي الأصبغ بالخلع والعقد بولاية خراسان وفارس وأصبهان وسجستان وكرمان والسند، وأشهد له بذلك (2). وفيها: صار الزّنج إلى الجبل والنّعمانية، فحرقوا سوقها وأكثر بيوتها ومنازلها (3). وفيها: خالف العباس بن أحمد بن طولون أباه، ولحق ببرقة، فتجهز أحمد لحربه (4). وفيها: توفي الشيخ الكبير أبو حفص الحداد النيسابوري، والشريف محمد بن الحسن العسكري، والإمام محمد بن سحنون المغربي المالكي مفتي القيروان، والرمادي، وسعدان بن نصر، وإبراهيم بن هاني النيسابوري، وعبد الله بن محمد المخرمي، وعلي بن حرب. *** السنة السادسة والستون بعد المائتين فيها: تولى عبيد الله بن عبد الله بن طاهر الشرطة ببغداد من قبل عمرو بن الليث، وخلع عليه عمرو، وأطلق من كان في حبس أخيه يعقوب من الطاهرية (5). وفيها: مات أبو الساج، فولى عمرو بن الليث محمد بن أبي الساج الحرمين وطريق مكة، وولى أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف أصبهان (6). وفيها: قوي أحمد بن عبد الله الخجستاني، فدخل جرجان على غرة، وهرب منه الحسن بن زيد العلوي إلى آمل، وواقع الخجستاني عمرو بن الليث على باب نيسابور، فهزم عمرا، ولعن الخجستاني على منابر بغداد (7).

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 543)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 362). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 544)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 360). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 545)، و «المنتظم» (7/ 159)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 358). (4) «تاريخ الطبري» (9/ 545)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 359). (5) «تاريخ الطبري» (9/ 549)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 367). (6) «تاريخ الطبري» (9/ 549)، و «المنتظم» (7/ 167)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 368). (7) «تاريخ الطبري» (9/ 552)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 370)، و «العبر» (2/ 39).

السنة السابعة والستون بعد المائتين

وفيها: توفي الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن أورقة الأصبهاني، أحد أذكياء المحدثين، ومحمد بن شجاع فقيه العراق وشيخ الحنفية، وصالح بن أحمد ابن حنبل، ومحمد بن عبد الملك الدمشقي. *** السنة السابعة والستون بعد المائتين فيها: ضرب الخجستاني دنانير ودراهم لنفسه، وزن الدينار عشرة دوانيق، ووزن الدرهم ثمانية دوانق، وعليه اسم: المعتمد، وفي الجانب الآخر: الوافي أحمد بن عبد الله (1). وفيها: دخل الخجستاني نيسابور، ودفع عمرو بن الليث عنها (2). وفيها: وثب أحمد بن طولون بمصر على أحمد بن المدبر عامل الخراج، ووكل بالحسن بن مخلد؛ لضعف الأمور بالحضرة (3). وفيها: باشر الموفّق أبو أحمد حرب صاحب الزّنج بنفسه، وقدم ابنه العباس، فغلب على قرى دجلة وعامة ما كان في أيديهم، وسار أبو أحمد إلى مدينة صاحب الزنج، فرأى من حصانتها وكثرة المقاتلة فيها ما هاله، وعلم أن أمرها يطول، فبنى بإزائها مدينة سماها الموفّقية، واستعد للمقام، وكان صاحب الزنج في ثلاث مائة ألف مقاتل ما بين فارس، وضارب بسيف، وطاعن برمح، ورام عن قوس، وقاذف بحجر عن منجنيق أو مقلاع، وأضعفهم الرماة باليد، وبذل أبو أحمد الأمان للناس، وأحسن إلى المستأمنة، فتواتروا بالموفقية، وبنى بها جامعا، وعمل بها دار ضرب، وحمل إليها الأمتعة، حتى كان إذا تم على أحدهم نهب أو قطع طريق .. التزم له بالعوض، كذا ذكره بعض المؤرخين (4). وفي «تاريخ اليافعي»: (أن في هذه السنة: برز قائد الزنج في ثلاث مائة ألف فارس وراجل، والمسلمون في خمسين ألفا، وفصل النهر بين الجيشين، فلم يقع بينهم واقعة.

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 600)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 392). (2) «الكامل في التاريخ» (6/ 391). (3) «المنتظم» (7/ 172)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 43). (4) «تاريخ الطبري» (9/ 571)، و «المنتظم» (7/ 171)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 373)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 21).

السنة الثامنة والستون بعد المائتين

قال: وكان قبل ذلك قد هزم الموفق الزنج وقائدهم العلويّ غائب عنهم، فلما جاءته الأخبار بهزيمة جنوده .. اختلف إلى الكنيف مرارا، وتقطعت كبده) (1). وفيها: توفي يحيى بن محمد بن يحيى بن عبد الله الذّهلي الحافظ، والحافظ أبو بشر إسماعيل بن عبد الله العبدي الأصبهاني سمويه، وإسحاق بن إبراهيم شاذان، وبحر بن نصر، وعبّاس التّرقفي، ومحمد بن عزيز الأيلي، ويونس بن حبيب. *** السنة الثامنة والستون بعد المائتين فيها: ذبح الخجستانيّ غلمانه على فراشه بنيسابور (2). وفيها: مات عبد الله بن مالك بن طوق. وفيها: توفي الحافظ أبو الحسن أحمد بن سيّار المروزي مصنف «تاريخ مرو»، والحافظ عيسى بن أحمد العسقلاني، والإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري مفتي الديار المصرية، والمحدث أحمد بن شيبان، وأحمد بن يونس الضبي، وعيسى بن أحمد البلخي. *** السنة التاسعة والستون بعد المائتين فيها: رمي الموفق من مدينة صاحب الزنج بسهم مسموم، مرض منه أياما وبرئ، فلذلك تأخر فتحها (3). وفيها: توفي إبراهيم بن منقذ الخولاني المصري صاحب ابن وهب، والأمير عيسى ابن الشيخ الذهلي، وكان قد ولي دمشق، وأظهر الخلاف، وأخذ الخزائن، وغلب على دمشق، فجاء عسكر المعتمد، فالتقاهم ابنه ووزيره فهزموا، وقتل ابنه، وصلب وزيره، وهرب عيسى، ثم استولى على آمد وديار بكر (4).

(1) «مرآة الجنان» (2/ 180). (2) «تاريخ الطبري» (9/ 612)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 27). (3) «تاريخ الطبري» (9/ 614)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 401). (4) «العبر» (2/ 47)، و «شذرات الذهب» (3/ 293).

السنة الموفية سبعين بعد المائتين

وفيها: توفي أحمد بن عبد الحميد الحارثي، وعبد الله بن أسامة الكلبي، وأبو فروة يزيد بن محمد الرهاوي. *** السنة الموفية سبعين بعد المائتين فيها: التقى المسلمون وقائد الزنج الخبيث، واجتمع مع الموفق نحو ثلاث مائة ألف مقاتل، فالتجأ الخبيث إلى جبّل، ثم تراجع هو وأصحابه إلى مدينتهم، فحاربهم المسلمون، فانهزم الخبيث وأصحابه، وتبعهم أصحاب الموفق يقتلون ويأسرون، ثم استقبل الخبيث هو وفرسانه، وحملوا على الناس فأزالوهم، وحمل عليه الموفق، والتحم القتال، وتطايرت الرءوس، ووجلت النفوس؛ وإذا بفارس قد أقبل ورأس الخبيث في يده، فلم يصدقه الموفق، فعرفه جماعة من الناس، فترجل الموفق وابنه المعتضد والأمراء فخروا سجّدا لله وكبروا، وسار الموفق فدخل بالرأس بغداد، وكان يوما مشهودا، وشرعوا يتراجعون إلى الأمصار التي أخذها الخبيث، وكانت أيامه خمس عشرة سنة. وقال بعض المؤرخين: قتل من المسلمين ألف ألف وخمس مائة ألف، وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلاث مائة ألف، وكان الخبيث خارجيا يسب عثمان وعليا ومعاوية وعائشة رضي الله عنهم، وقيل: كان زنديقا يتستر بمذهب الخوارج (1). وفي هذه السنة: توفي أمير الديار المصرية والشامية أبو العباس أحمد بن طولون، وأبو محمد الربيع بن سليمان المرادي مولاهم المصري المؤذن، صاحب الإمام الشافعي، وأبو محمد الربيع بن سليمان الجيزي صاحب الشافعي أيضا (2)، والإمام داود بن علي الأصبهاني الظاهري المشهور، والحافظ الحجة محمد بن إسحاق الصغاني، والقاضي الصالح بكار بن قتيبة الثقفي البكراوي. قال بعض المؤرخين في بعض التواريخ: (وفيها-أعني هذه السنة-: وثب إسحاق بن محمد بن يوسف الجعفري على الفضل بن العباس الهاشمي والي المدينة، فقتله وأخرب المدينة، وانتقل عنها أهلها، وكان لا يسرج في المسجد مصباح) اه‍ (3)

(1) «تاريخ الطبري» (9/ 654)، و «المنتظم» (7/ 185)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 420)، و «العبر» (2/ 47)، و «شذرات الذهب» (3/ 294). (2) مر ذكر الخلاف في تاريخ وفاته في ترجمته (2/ 592). (3) انظر الحادثة في «تاريخ الإسلام» (20/ 221)، وفيه: أنها كانت سنة (271 هـ‍).

السنة الحادية والسبعون بعد المائتين

وفيها: توفي أحمد بن عبد الله البرقي، وأسيد بن عاصم، والحسن بن علي بن عفان، ومحمد بن مسلم بن وارة، وأبو البختري ابن شاكر. *** السنة الحادية والسبعون بعد المائتين كان ابن طولون قد خلع الموفق من ولاية العهد كما ذكرناه في ترجمة القاضي بكار (1)، ومات أحمد بن طولون، وقام بمصر بعده ابنه خمارويه، فجهز الموفق ولده أبا العباس المعتضد في جيش كبير، وولاه مصر والشام، فسار حتى نزل فلسطين، وأقبل خمارويه من مصر، فالتقى الجمعان بفلسطين، وحمي الوطيس حتى جرت الأرض بالدماء، ثم انهزم خمارويه إلى مصر، ونهبت خزائنه، وكان سعد الأعسر كمينا لخمارويه، فخرج على المعتضد وجيشه وهم غارون، فأوقعوا بهم، فانهزموا حتى وصلوا طرسوس في نفر يسير، وذهبت أيضا خزائن المعتضد، حواها سعد الأعسر وأصحابه (2). وفيها: أظهر عزل عمرو بن الليث عن خراسان، وتولية محمد بن طاهر (3). وفيها: أحضر الخراسانية وأعلموا بذلك (4). وفيها: توفي الحافظ عباس بن محمد الدوري عن ثمان وثمانين سنة، والحافظ محمد بن حماد الطّهراني الرازي، والحافظ يوسف بن سعيد محدث المصّيصة، وبوران بنت الحسن بن سهل زوجة المأمون عن ثمانين سنة. *** السنة الثانية والسبعون بعد المائتين فيها: قبض الموفق على صاعد بن مخلد، وأخيه عبدون، وابنيه أبي عيسى وصالح، واستلبهم في يوم واحد بعد أن كان نوّه باسمه، وأمر القواد جميعا بلقائه والتّرجّل له وتقبيل كمه، واستكتب إسماعيل بن بلبل (5).

(1) انظر (2/ 594). (2) «تاريخ الطبري» (10/ 8)، و «المنتظم» (7/ 197)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 433)، و «العبر» (2/ 53)، و «شذرات الذهب» (3/ 302). (3) «المنتظم» (7/ 197)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 432). (4) «المنتظم» (7/ 197)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 432). (5) «تاريخ الطبري» (10/ 10)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 437)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 223).

السنة الثالثة والسبعون بعد المائتين

وفيها: توفي الحافظ أبو معين الرازي الحسين بن الحسن، والحافظ سليمان بن سيف محدث حران وشيخها، والعطاردي، وأبو عتبة الحجازي، والأديب محمد بن عبد الوهاب الفراء، والحافظ محمد بن عوف الطائي محدث حمص، وسليمان بن وهب. *** السنة الثالثة والسبعون بعد المائتين فيها: توفي الحافظ الكبير محمد بن يزيد بن ماجه القزويني صاحب «السنن»، والحافظ أبو علي حنبل بن إسحاق ابن عم الإمام أحمد وتلميذه، والحافظ إسحاق بن سيّار، وأبو أمية الطّرسوسي، وصاحب الأندلس محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام الأموي الأمير. *** السنة الرابعة والسبعون بعد المائتين فيها: توفي الحافظ خلف بن محمد الواسطي، وعبد الملك بن عبد الحميد الفقيه الميموني، ومحمد بن عيسى المدائني، والسري بن يحيى، والحسن بن مكرم، وأحمد بن سعيد الزهري. *** السنة الخامسة والسبعون بعد المائتين فيها: قبض الموفق على ابنه العباس، فشغب أصحابه، ولبسوا السلاح، واضطربت بغداد حتى ركب الموفق وسكّن الناس وقال: أنا أشفق على ابني منكم، وإنما أردت تقويمه (1). وفيها: توفي الحافظ الكبير أبو داود السّجستاني سليمان بن الأشعث صاحب «السنن»، والحافظ أبو بكر المرّوذي أجل أصحاب الإمام أحمد ابن حنبل، وأحمد بن ملاعب، ويحيى بن أبي طالب. ***

(1) «تاريخ الطبري» (10/ 15)، و «المنتظم» (7/ 213)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 449).

السنة السادسة والسبعون بعد المائتين

السنة السادسة والسبعون بعد المائتين فيها: توفي الحافظ أبو عبد الرحمن بقيّ بن مخلد الأندلسي أحد الأعلام، والحافظ أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرّقاشي البصري أحد العباد، ومحدث الأندلس قاسم بن محمد بن قاسم الأموي مولاهم الفقيه، ومحدث مكة أبو جعفر محمد بن إسماعيل الصائغ، ومحدث دمشق أبو القاسم يزيد بن محمد بن عبد الصمد، ومحدث الكوفة أبو عمرو أحمد بن حازم الغفاري الحافظ، وأبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدّينوري- وقيل: المروزي-مؤلف كتاب «المعارف» وكتاب «أدب الكاتب» وغيرهما. وفيها: توفي ابن أبي غرزة (1)، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام. *** السنة السابعة والسبعون بعد المائتين فيها: توفي حافظ المشرق أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي، ومحمد بن الجهم، والحنيني، والفسوي. *** السنة الثامنة والسبعون بعد المائتين فيها: غلت الأسعار بمصر، وبلغ الكرّ ألف دينار (2). وفيها: كان مبدأ ظهور القرامطة بسواد الكوفة، وهم خوارج زنادقة مارقون من الدين (3). وفيها: توفي الموفق بن المتوكل ولي عهد أخيه المعتمد. وفيها: توفي الدّير عاقولي، واسمه: عبد الكريم بن الهيثم، ومحمد بن شداد المسمعي، وموسى الوشّاء. ***

(1) هو محدث الكوفة أبو عمرو أحمد بن حازم الغفاري الذي ذكره المصنف قبيل اسم واحد فقط. (2) «تاريخ الطبري» (10/ 23)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 77). (3) «تاريخ الطبري» (10/ 23)، و «المنتظم» (7/ 231)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 461)، و «العبر» (2/ 65).

السنة التاسعة والسبعون بعد المائتين

السنة التاسعة والسبعون بعد المائتين فيها: مات الخليفة المعتمد على الله العباسي، وولي أبو العباس المعتضد بن الموفق، فأقر عبيد الله بن سليمان على وزارته، وأقر عمرو بن الليث على ولايته، فحمل إليه عمرو أربع مائة ألف ألف درهم ورقا سوى الهدايا (1). وفيها: مات نصر بن أحمد صاحب خراسان، وقام أخوه إسماعيل مكانه، وافتتح مدينة ملك الترك، وأسر الملك وامرأته (2). وفيها: منع المعتضد من بيع كتب الفلاسفة والجدل، وتهدد على ذلك، ومنع المنجمين والقصاص من الجلوس (3). وفيها: توفي الحافظ ابن الحافظ أحمد بن زهير بن حرب النسائي، والحافظ جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ، والحافظ الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي مصنف «الجامع في السنن»، والقصار، وابن أبي ميسرة، واسمه: عبد الله بن أحمد بن زكريا. وفيها: قتل الأمير إبراهيم بن محمد بن يعفر أباه محمد بن يعفر وعمه وابن عمه وجدته أم أبيه على الملك؛ وذلك أن أباه المذكور عزم على الحج، فاستخلف ابنه إبراهيم المذكور، فانبسطت يد إبراهيم في البلاد، وكسب الأموال وجمعها، واستفحل أمره، فقدم أبوه من الحج وقد غلظ أمره، فأقام بصنعاء مدة، وبنى جامعها في سنة خمس وستين ومائتين، وقيل: إن الذي بناه أبوه محمد بن يعفر، ثم إن إبراهيم امتنع من تسليم البلاد، وعزم على الفتك به، فقتل أباه وعمه وابن عمه وجدته أم أبيه في التاريخ المذكور كما تقدم، ثم لم تطل مدة إبراهيم بعد قتله أباه، وقيل: إن قتلهم كان بأمر جده يعفر له بذلك (4). ***

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 470)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 238). (2) «تاريخ الطبري» (10/ 30)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 471). (3) «تاريخ الطبري» (10/ 28)، و «تاريخ الإسلام» (20/ 237). (4) «السلوك» (1/ 200)، و «بهجة الزمن» (ص 45).

السنة الموفية ثمانين بعد المائتين

السنة الموفية ثمانين بعد المائتين فيها: توفي القاضي أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى البرتي الفقيه الحافظ، وأبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ صاحب «المسند»، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وهلال بن العلاء، والله سبحانه أعلم. وفيها: توفي أمير اليمن بأسره إبراهيم بن محمد بن زياد الأموي. لما توفي أبوه في سنة خمس وأربعين .. قام بالأمر ولده إبراهيم المذكور أتم قيام، وسار سيرة أبيه، وضبط البلاد، ولم يخرج عن ولايته شيء مما كان أبوه واليا عليه إلى أن توفي في التاريخ المذكور، فقام بالأمر بعده ولده زياد بن إبراهيم بن محمد بن زياد، ولم تطل مدته، ولم أقف على تاريخ وفاته، فلما توفي .. قام بالأمر أخوه إسحاق بن إبراهيم بن محمد ابن زياد المكنى بأبي الجيش (1)، وسيأتي ذكره في العشرين الرابعة من المائة الرابعة (2). والله أعلم ***

(1) «بهجة الزمن» (ص 38). (2) انظر (3/ 216).

العشرون الخامسة من المائة الثالثة

العشرون الخامسة من المائة الثالثة [الاعلام] 1326 - [أحمد بن عيسى المهاجر] (1) أحمد بن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رحمهم الله، ورضي عنهم أجمعين. خرج أحمد المذكور من البصرة خامس خمسة غير الخدم متنقلا بأهله وماله وولده حتى قدم حضر موت، وكلما أقام ببلدة منها .. اشترى عقارا، فأول ما أقاموا بالحسيّسة، ثم انتقلوا منها إلى قارة جشيب، ثم انتقلوا منها إلى سمل، ثم انتقلوا من سمل إلى بيت جبير، واحتفروا فيها بئرا، وهي الآن معروفة ببئر أحمد، ثم انتقلوا من بيت جبير إلى تريم واستوطنوها، وبنوا فيها مسجدهم المعروف الآن بمسجد آل أحمد، وهو مسجد بني أحمد بن عيسى المذكور. قال حفيده الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي: (وكان في انتقالهم من العراق سلامتهم مما التبس به أشراف العراق من مخالفة السنة، واتباع أهل البدعة والشيعة في العقائد الفاسدة، وربما كان ذلك بسبب سكناهم العراق ومجاورتهم لأهله، كما قيل: الرضاع والبقاع يغيّران الطباع) (2). وأحمد بن عيسى هذا .. هو جد السادة آل باعلوي نفع الله بهم. وتوفي أحمد المذكور بالحسيسة المذكورة، وقبره في شعبها. قال الخطيب: (وكان يرى على الموضع الذي يشار إليه أن قبره الشريف فيه النور العظيم، قال: وكان شيخنا الشيخ العارف بالله عبد الرحمن ابن الشيخ محمد بن علي علوي يزور ذلك المكان، وقيل: مات بقارة جشيب) (3)، ولم أقف على تاريخ وفاته، وغالب ظني أنه توفي في هذه المائة، والله سبحانه أعلم.

(1) «الجوهر الشفاف» (3/ 163)، و «البرقة المشيقة» (ص 133)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 96)، و «المشرع الروي» (1/ 32). (2) «البرقة المشيقة» (ص 133). (3) «الجوهر الشفاف» (3/ 164).

وخلّف أحمد المذكور ولدا يسمى: عبيدا بالتصغير، ويقال له أيضا: عبد الله، قال الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي: (والظاهر أن اسمه: عبد الله، وإنما كان تصغير اسمه تواضعا وهضما للنفس) (1)، فاشتهر بذلك عند آل حضر موت، والله سبحانه أعلم. وخلف عبيد ثلاثة من الولد وهم: بصري، جدّ الفقيه سالم بن بصري المذكور في أوائل المائة السادسة (2)، والشيخ جديد، جد الإمام المحدث علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن جديد الآتي ذكره في أوائل المائة السادسة أيضا (3)، والشيخ علوي، وانقرض نسل الشيخ بصري وجديد ولدي الشيخ عبيد على رأس الست مائة، ولم يبق لهما عقب، إلا نسل الشيخ علوي بن عبيد جد آل باعلوي. قال الخطيب: (ولما قدم أحمد بن عيسى المذكور ومن معه إلى حضر موت، وادعوا النسبة الشريفة .. اعترف لهم أهل حضر موت بالفضل وما أنكروه، ثم إنهم بعد ذلك أرادوا منهم إقامة البينة توكيدا لما ادعوه، وكان بتريم إذ ذاك ثلاث مائة مفت، فسار الإمام المحدث علي بن أحمد بن أبي جديد إلى البصرة، وأثبت نسبتهم عند قاضيها، وأشهد على إثبات القاضي نحو مائة شاهد ممن يريد السفر إلى الحج، ورقب بمكة حجاج حضر موت على أولئك الشهود، فلما قدموا حضر موت، وشهدوا بذلك .. اعترف الناس لهم بالنسبة الشريفة، وأقروا لهم بالفضل والحرمة، وأجمع على ذلك العلماء والصالحون. قال: (وممن صحح علوّ شرفهم وصحة نسبهم الإمام محمد بن أحمد بن أبي الحب، والإمام أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن سالم المرواني التريمي، والإمام العلامة المحدث قطب الدين عمر بن علي، والإمام القطب عبد الله بن أسعد اليافعي، والإمام الجليل محمد بن أبي بكر عباد، والشيخ الشهير فضل بن عبد الله فضل، والقاضي المحقق عبد الرحمن بن أبي علي بن حسان، والفقيه العالم مسعود بن أبي شكيل في كتابه الذي ألفه في العلماء والصالحين) (4) انتهى، والله أعلم.

(1) «البرقة المشيقة» (ص 135). (2) انظر (5/ 18). (3) انظر (5/ 78). (4) «الجوهر الشفاف» (164/ 3 - 167).

1327 - [ابن أبي الدنيا]

1327 - [ابن أبي الدنيا] (1) أبو بكر بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا القرشي مولاهم البغدادي الإمام صاحب التصانيف. توفي سنة إحدى وثمانين ومائتين. 1328 - [أبو زرعة] (2) أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي الحافظ الإمام. سمع أبا مسهر، وأبا نعيم، وطبقتهما. وصنف التصانيف، وكان محدث الشام في زمانه. توفي سنة إحدى وثمانين ومائتين. 1329 - [أبو إسحاق الطوسي] (3) أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل الطوسي الحافظ. سمع يحيى بن يحيى التميمي فمن بعده. وكان محدث الوقت وزاهده بطوس بعد محمد بن أسلم، صنف «المسند الكبير» في مائتي جزء. وتوفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 482)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 206)، و «العبر» (2/ 71)، و «مرآة الجنان» (2/ 193). (2) «تاريخ دمشق» (66/ 238)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 212)، و «العبر» (2/ 71)، و «مرآة الجنان» (2/ 194)، و «شذرات الذهب» (3/ 332). (3) «تاريخ الإسلام» (21/ 106)، و «العبر» (2/ 73)، و «مرآة الجنان» (2/ 194)، و «شذرات الذهب» (2/ 334).

1330 - [أبو إسحاق الأزدي]

1330 - [أبو إسحاق الأزدي] (1) أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل الأزدي مولاهم البصري الفقيه المالكي العالم العلامة. سمع الأنصاري، ومسلم بن إبراهيم، وطبقتهما، وتفقه على أحمد بن المعدل، وأخذ الحديث عن ابن المديني. وولي قضاء بغداد، وصنف التصانيف في القراءة والحديث والفقه وأحكام القرآن والأصول، وكان إماما في العربية حتى قال المبرد: هو أعلم مني بالتصريف. توفي فجأة سنة اثنتين وثمانين ومائتين عن ثلاث وثمانين سنة. 1331 - [أبو الفضل الطيالسي] (2) أبو الفضل جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي البغدادي الحافظ. سمع عفان، وطبقته، وكان ثقة متحريا إلى الغاية. توفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 1332 - [الحارث ابن أبي أسامة] (3) أبو محمد الحارث بن محمد بن أبي أسامة اليمني البغدادي الحافظ، صاحب «المسند». توفي يوم عرفة سنة اثنتين وثمانين ومائتين عن ست وتسعين سنة. 1333 - [الحسين بن الفضل البجلي] (4) الحسين بن الفضل بن عمير البجلي الكوفي المفسر نزيل نيسابور.

(1) «المنتظم» (7/ 279)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 122)، و «العبر» (2/ 73)، و «مرآة الجنان» (2/ 194)، و «شذرات الذهب» (2/ 334). (2) «المنتظم» (7/ 282)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 140)، و «العبر» (2/ 73)، و «مرآة الجنان» (2/ 194)، و «شذرات الذهب» (3/ 335). (3) «المنتظم» (7/ 282)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 146)، و «العبر» (2/ 74)، و «مرآة الجنان» (2/ 194)، و «شذرات الذهب» (3/ 335). (4) «سير أعلام النبلاء» (13/ 414)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 161)، و «العبر» (2/ 74)، و «مرآة الجنان» (2/ 195)، و «شذرات الذهب» (3/ 335).

1334 - [الفضل بن محمد الشعراني]

كان آية في معاني القرآن، صاحب فنون، متعبدا، قيل: إنه كان يصلي في اليوم والليلة ست مائة ركعة، وروى عن يزيد بن هارون وغيره. وتوفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين وعمره مائة وأربع سنين. 1334 - [الفضل بن محمد الشعراني] (1) أبو محمد الفضل بن محمد الشعراني الحافظ. طوف الأقاليم، وكتب الكثير، وجمع وصنف. وتوفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 1335 - [خمارويه] (2) خمارويه-بضم الخاء المعجمة، وفتح الميم، ثم ألف، ثم راء ثم واو مفتوحتان، ثم مثناة من تحت ساكنة، ثم هاء مكسورة-ابن أحمد بن طولون. ولي أمر مصر والشام بعد أبيه في سنة سبعين ومائتين، ولما كان سنة ست وسبعين ومائتين .. تحرك الأفشين بن محمد من أرمينية والجبال في جيش عظيم، وقصد مصر، فلقيه خمارويه في بعض أعمال دمشق، فانهزم الأفشين بن محمد، واستأمن أكثر عسكره، وسار خمارويه حتى بلغ الفرات، ودخل أصحابه الرقة، ثم عادوا وقد ملك من الفرات إلى بلاد النوبة، ولما مات المعتمد، وتولى الخلافة المعتضد .. بادر إليه خمارويه بالهدايا والتحف، فأقره المعتضد على عمله. وسأل خمارويه المعتضد أن يزوج ابنته أسماء الملقبة بقطر الندى للمكتفي بالله بن المعتضد بالله وهو إذ ذاك ولي العهد فقال المعتضد: بل أنا أتزوجها، فتزوجها في سنة إحدى وثمانين، وأصدقها ألف ألف درهم، وزفت إليه من مصر في سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وجهزها أبوها بجهاز لم يعمل مثله، قيل: إنه كان فيه ألف هاون ذهبا، وشرط

(1) «سير أعلام النبلاء» (13/ 317)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 239)، و «العبر» (2/ 75)، و «مرآة الجنان» (2/ 196)، و «شذرات الذهب» (3/ 337). (2) «المنتظم» (7/ 283)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 487)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 171)، و «العبر» (2/ 74)، و «مرآة الجنان» (2/ 195)، و «شذرات الذهب» (3/ 335).

1336 - [أبو العيناء اللغوي]

عليه المعتضد أن يحمل كل سنة بعد القيام بجميع وظائف مصر وأرزاق أجنادها مائتي ألف دينار، فأقام على ذلك إلى أن قتله غلمانه بدمشق على فراشه سنة اثنتين وثمانين ومائتين وعمره اثنتان وثلاثون سنة. وكان شهما صارما، وقتل قاتلوه، وحمل تابوته إلى مصر، ودفن عند أبيه بسفح المقطم، وكان من أحسن الناس خطا. 1336 - [أبو العيناء اللغوي] (1) أبو العيناء محمد بن القاسم البصري الضرير اللغوي الأخباري، صاحب النوادر والشعر والأدب. سمع من أبي عبيدة، والأصمعي، وأبي زيد الأنصاري، والعتبي وغيرهم، وكان من أحفظ الناس وأفصحهم لسانا، ومن ظرفاء العالم، وفيه من الذكاء وسرعة الجواب ما ليس لأحد من نظرائه. حضر مجلس بعض الوزراء، فجرى ذكر البرامكة وما كانوا عليه من الجود، فقال الوزير لأبي العيناء وقد بالغ في وصفهم: قد أكثرت من ذكرهم، وإنما هذا تصنيف الوراقين، وكذب المؤلفين، فقال له أبو العيناء: فلم لا يكذب الوراقون عليك أيها الوزير؟ فسكت الوزير، وعجب الحاضرون من إقدامه عليها. وشكا إلى الوزير عبيد الله بن سليمان سوء الحال، فقال: أليس قد كتبنا لك إلى فلان في أمرك؟ قال: نعم، قد كتبت لي إلى رجل قصر من همته طول الفقر، وذل الأسر، ومعاناة الدهر، فأخفق سعيي، وخابت طلبتي، فقال عبيد الله: أنت اخترته، فقال: وما علي أيها الوزير في ذلك وقد اختار موسى سبعين رجلا، فما كان منهم رشيد، واختار النبي صلّى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي سرح كاتبا، فرجع إلى المشركين مرتدا، واختار علي بن أبي طالب أبا موسى الأشعري حكما له، فحكم عليه؟ ! وأشار بقوله: (وذل الأسر) إلى أن المكتوب إليه كان أسره علي بن محمد صاحب الزنج بالبصرة وسجنه، فنقب السجن وهرب.

(1) «المنتظم» (7/ 284)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 488)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 286)، و «العبر» (2/ 75)، و «مرآة الجنان» (2/ 196)، و «شذرات الذهب» (3/ 337).

1337 - [ابن الرومي]

ودخل أبو العيناء يوما على الوزير أبي الصقر، فقال: ما الذي أخرك عنا يا أبا العيناء؟ فقال: سرق حماري، قال: وكيف سرق؟ قال: لم أكن مع اللص فأخبرك، قال: فهلا أتيتنا على غيره، قال: قعد بي عن الشراء قلة يساري، وكرهت ذلة المكاري، ومنة العواري. ومر بباب من يبغضه وهو مريض فقال لغلامه: كيف حاله؟ فقال: كما تحب، فقال: ما لي لا أسمع الصراخ عليه؟ وخاصمه علوي، فقال له العلوي: أتخاصمني وأنت تقول: اللهم؛ صل على محمد وعلى آل محمد؟ ! فقال: لكني أقول: الطيبين الطاهرين، ولست منهم. ووقف عليه رجل من العامة فقال: من هذا؟ فقال: رجل من بني آدم، فقال: مرحبا بك أطال الله بقاءك، ما كنت أظن هذا النسل إلا قد انقطع. وذكر له أن المتوكل قال: لولا أنه ضرير .. لنادمناه، فقال: إن أعفاني من رؤية الأهلة وقراءة نقش الفصوص .. فأنا أصلح للمنادمة. وقال له المتوكل يوما: ما تقول في دارنا هذه؟ فقال: الناس بنوا الدور في الدنيا، وأنت بنيت الدنيا في دارك، فاستحسن كلامه. وقال له ابن مكرم يوما يعرض به: كم عدة المكذبين بالبصرة؟ فقال: مثل عدد البغاءين ببغداد. توفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 1337 - [ابن الرومي] (1) أبو الحسن علي بن العباس المعروف بابن الرومي الشاعر المشهور، صاحب النظم العجيب، والتوليد الغريب، يغوص على المعاني النادرة ويستخرجها من مكامنها، ويبرزها بأحسن صورة، ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى آخره ولا يبقي فيه بقية، وهو مولى عبيد الله بن عيسى بن أبي جعفر المنصور العباسي، وله القصائد المطولة، والمقاطيع البديعة، من ذلك قوله: [من البسيط] كم ضنّ بالمال أقوام وعندهم … وفر وأعطى العطايا وهو يدان

(1) «معجم الشعراء» للمرزباني (ص 145)، و «المنتظم» (7/ 292)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 495)، و «وفيات الأعيان» (3/ 358)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 225)، و «مرآة الجنان» (2/ 198).

وله: [من الكامل] آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم … في الحادثات إذا دجون نجوم منها معالم للهدى ومصابح … تجلو الدجى والأخريات رجوم وله: [من الطويل] لما تؤذن الدنيا به من صروفها … يكون بكاء الطفل ساعة يولد وإلا فما يبكيه منها وإنها … لأوسع مما كان فيه وأرغد ومن معانيه البديعة: [من الكامل] وإذا امرء مدح امرءا لنواله … وأطال فيه فقد أراد هجاه لو لم يقدّر فيه بعد المستقى … عند الورود لما أطال رشاه وقال في ذم الخضاب: [من الطويل] إذا دام للمرء السواد وأخلقت … شبيبته ظن السواد خضابا فكيف يظنّ الشيخ أن خضابه … يظنّ سوادا أو يخال شبابا قال بعض علماء الأدب: ما سبقه إلى هذا المعنى أحد. وله في بغداد وقد غاب عنها: [من الكامل] بلد صحبت به الشبيبة والصبا … ولبست ثوب العيش وهو جديد فإذا تمثل في الضمير رأيته … وعليه أغصان الشباب تميد توفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين، يقال: إن وزير المعتضد القاسم بن عبيد الله كان يخاف من هجوه، فدس عليه ابن فراس، فأطعمه خشكنانه مسمومة وهو في مجلسه، فلما أحس بالسم .. قام، فقال له الوزير: إلى أين تذهب؟ قال: إلى الموضع الذي بعثتني إليه، فقال له: سلم لي على والدي، فقال: ما طريقي على النار، فخرج من مجلس الوزير، وأقام أياما، ثم مات، وكان الطبيب يتردد إليه ويعالجه بالأدوية النافعة في السم، فزعم أنه غلط عليه في بعض العقاقير. قال محمد بن إبراهيم المعروف بنفطويه: رأيت ابن الرومي يجود بنفسه فقلت: ما حالك؟ فأنشد: [من الكامل] غلط الطبيب علي غلطة مورد … عجزت موارده عن الإصدار

1338 - [سهل التستري]

والناس يلحون الطبيب وإنما … غلط الطبيب إصابة المقدار 1338 - [سهل التستري] (1) سهل بن عبد الله الولي الكبير العظيم الشهير التستري أبو محمد. قال: كنت ابن ثلاث سنين، وكنت أقوم بالليل انظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار، وكان يقوم بالليل، وكان يقول: يا سهل؛ اذهب ونم، فقد شغلت قلبي. وقال لي يوما خالي: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ ! فقلت: كيف أذكره؟ فقال: قل بقلبك بالليل في فراشك ثلاث مرات: الله معي، الله ناظري، الله شاهدي، ففعلت ذلك ليال، فقال لي: قل كل ليلة سبع مرات، ففعلت ذلك ليال، فقال لي: قل كل ليلة إحدى عشرة مرة، فوقع في قلبي حلاوته، ثم بعد سنة قال لي: احفظ ما علمتك، ثم دم عليه إلى أن تدخل القبر؛ فإنه سينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين، فوجدت له حلاوة في سري، ثم قال لي خالي يوما: من كان الله معه، وهو ناظره وشاهده، كيف يعصيه؟ ! إياك والمعصية. قال: وحفظت القرآن وأنا ابن ست-أو سبع-سنين، وكنت أصوم الدهر، وقوتي خبز الشعير اثنتي عشرة سنة، فوقعت لي مسألة وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، فسألت أن يبعثوا بي إلى البصرة أسأل عنها، فجئت البصرة، وسألت علماءها، فلم يشفني ما سمعت، وخرجت إلى عبّادان، فسألت عنها أبا حبيب حمزة بن عبد الله العبّادي، فأجابني، وأقمت عنده مدة أنتفع بكلامه، ثم رجعت إلى تستر. وله كرامات شهيرة، منها: أن يعقوب بن الليث أصابته علة أعيت الأطباء، فقيل: لو استدعيت من سهل يدعو لك، فأحضره وقال له: ادع لي، قال: كيف يستجاب دعائي فيك وفي سجنك محبوسون؟ ! فأطلق كل من في السجن، فقال سهل: اللهم؛ كما أريته ذل المعصية، فأره عز الطاعة، فعوفي من وقته، فعرض على سهل مالا، فأبى أن يقبل، فقيل له: لو قبلت وفرقته على الفقراء، فنظر إلى الحصباء في الصحراء فإذا هي جواهر فقال: من أعطي مثل هذا، كيف يحتاج إلى مال يعقوب بن الليث؟ ! توفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين.

(1) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 206)، و «المنتظم» (7/ 291)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 495)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 186)، و «العبر» (2/ 76)، و «مرآة الجنان» (2/ 200)، و «شذرات الذهب» (3/ 342).

1339 - [علي ابن أبي الشوارب]

1339 - [علي ابن أبي الشوارب] (1) أبو الحسن علي بن محمد بن أبي الشوارب الأموي البصري قاضي القضاة. كان رئيسا معظما دينا خيرا، روى عن أبي الوليد الطيالسي. وتوفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين. 1340 - [المستملي] (2) أبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي الحافظ، محدث نيسابور، ومفيدها. سمع قتيبة، وطبقته، وكان مع سعة روايته راهب عصره، مجاب الدعوة. توفي سنة أربع وثمانين ومائتين. 1341 - [البحتري] (3) الوليد بن عبيد الطائي أبو عبادة البحتري-بضم الموحدة والمثناة من فوق بينهما حاء مهملة ساكنة، وكسر الراء، منسوب إلى بحتر أحد أجداده-الشاعر المشهور. أخذ عن أبي تمام. ولد بمنبج ونشأ بها. قال صالح بن الأصبغ التنوخي المنبجي: رأيت البحتري ههنا عندنا قبل أن نخرج إلى العراق، اجتاز بنا في الجامع من هذا الباب يمدح أصحاب البصل والباذنجان، وينشد الشعر في ذهابه ومجيئه، ثم كان منه ما كان. ثم خرج إلى العراق ومدح جماعة من الخلفاء، وكثيرا من الأكابر والرؤساء، وأول من

(1) «تاريخ الطبري» (10/ 49)، و «المنتظم» (7/ 292)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 229)، و «العبر» (2/ 77)، و «مرآة الجنان» (2/ 201)، و «شذرات الذهب» (3/ 346). (2) «المنتظم» (7/ 302)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 86)، و «العبر» (2/ 79)، و «مرآة الجنان» (2/ 202)، و «شذرات الذهب» (3/ 348). (3) «المنتظم» (7/ 314)، و «معجم الأدباء» (7/ 184)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 495)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 322)، و «العبر» (2/ 79)، و «مرآة الجنان» (2/ 202)، و «شذرات الذهب» (3/ 348).

مدح من الخلفاء المتوكل، مدحه بقصيدة يذكر فيها خروجه لصلاة عيد الفطر، وهي من أحسن قصيده: [من الكامل] بالبر صمت وأنت أفضل صائم … وبسنة الله الرضية تفطر فانعم بيوم الفطر عيدا إنه … يوم أعز من الزمان مشهر أظهرت عز الملك فيه بجحفل … لجب يحاط الدين فيه وينصر خلنا الجبال تسير فيه وقد غدت … عدد يسيرها العديد الأكثر والخيل تصهل والفوارس تدعي … والبيض تلمع والأسنة تزهر والأرض خاشعة تميد بثقلها … والجو معتكر الجوانب أغبر والشمس طالعة توقّد في الضحى … طورا ويطفئها العجاج الأكدر حتى طلعت بضوء وجهك فانجلى … ذاك الدجى وانجاب ذاك العثير وافتنّ فيك الناظرون فإصبع … يومى إليك بها وعين تنظر يجدون رؤيتك التي فازوا بها … من أنعم الله التي لا تكفر ذكروا بطلعتك النبي فهللوا … لما طلعت من الصفوف وكبروا حتى انتهيت إلى المصلى لابسا … نور الهدى يبدو عليك ويظهر ومشيت مشية خاشع متواضع … لله لا يزهو ولا يتكبر فلو أنّ مشتاقا تكلّف غير ما … في وسعه لمشى إليك المنبر أيدت من فصل الخطاب بحكمة … تنبي عن الحق المبين وتخبر ووقفت في برد النبي مذكرا … بالله تنذر تارة وتبشر قال بعض الفضلاء: وهذا الشعر هو السحر الحلال على الحقيقة، والسهل الممتنع، فلله دره ما أسلس قياده، وأعذب ألفاظه، وأحسن سبكه، وألطف مقاصده، جميعه نخب، ليس فيه من الحشو شيء! وقال ميمون بن هارون: رأيت أبا جعفر أحمد بن يحيى البلاذري المؤرخ، فسألته عن حاله فقال: كنت من جلساء المستعين، فقصده الشعراء فقال: لست أقبل إلا ممن قال مثل قول البحتري في المتوكل: [من الكامل] فلو أنّ مشتاقا تكلّف غير ما … في وسعه لمشى إليك المنبر

قال: فرجعت إلى بيتي، وأتيته وقلت: قد قلت فيك أحسن مما قاله البحتري، فقال: هاته، فأنشدته: [من الطويل] ولو أن برد المصطفى إذ لبسته … يظن لظن البرد أنك صاحبه وقال وقد أعطفته ولبسته … نعم هذه أعطافه ومناكبه فقال: ارجع إلى منزلك، وافعل ما آمرك به، فرجعت، فبعث إلي بسبعة آلاف دينار وقال: ادخر هذه للحوادث من بعدي، ولك علي الجراية والكفاية ما دمت حيا. قال الشيخ اليافعي: (ولا يخفى ما في بيتيه المذكورين من الخروج إلى حيز الكفر من تشبيهه بالنبي صلّى الله عليه وسلم) (1). وللمتنبي في معنى قول البحتري في المنبر: [من الكامل] لو تعقل الشجر التي قابلتها … مدّت محيّية إليك الأغصنا وسبقهما أبو تمام بقوله: [من الخفيف] لو سعت بقعة لإعظام نعمى … لسعى نحوها المكان الجديب ومن مستظرفات البحتري ما يحكى أنه كان بحلب شخص يقال له: أحمد بن طاهر الهاشمي، خلّف له أبوه مقدار مائة ألف دينار، فأنفقها على الشعراء والوزراء، وفي سبيل الله، فقصده البحتري من العراق، فلما وصل إلى حلب .. قيل له: إنه قد قعد في بيته لديون ركبته، فاغتم البحتري لذلك غما شديدا، وبعث المدحة إليه مع بعض مواليه، فلما وقف عليها .. بكى وقال لغلامه: بع داري، فقال له: تبيع دارك وتبقى على رءوس الناس؟ ! فقال: لا بد من بيعها، فباعها بثلاث مائة دينار، وأنفذها إلى البحتري، وكتب إليه معها هذه الأبيات: [من الخفيف] لو يكون الحباء حسب الذي أن‍ … ت لدينا به محل وأهل لحثوت اللجين والدرّ واليا … قوت حثوا وكان ذاك يقلّ والأديب الأريب يسمح بالعذ … ر إذا قصّر الصديق المقلّ

(1) «مرآة الجنان» (2/ 205).

فلما وصلت الرقعة للبحتري .. رد الدنانير، وكتب إليه: [من الخفيف] بأبي أنت أنت للبر أهل … والمساعي بعد وسعيك قبل والنوال القليل يكثر إن شا … ء مرجّيك والكثير يقلّ غير أني رددت برّك إذ كا … ن ربا منك والرّبا لا يحلّ فإذا ما جزيت شعرا بشعري … قضي الحقّ والدنانير فضل فلما عادت الدنانير إليه .. حلّ الصرة، وضم إليها خمسين أخرى، وحلف أنه يردها إليه، فلما وصلت إلى البحتري .. أنشأ يقول: [من الطويل] شكرتك إن الشكر للعبد نعمة … ومن يشكر المعروف فالله زائده لكلّ زمان واحد يقتدى به … وهذا زمان أنت لا شكّ واحده يقال: إن الشيخ محي الدين النووي أرسل بهذين البيتين إلى الإمام تقي الدين بن دقيق العيد رحمهما الله تعالى لما بلغه أنه قيل لابن دقيق العيد: لم لا تصنف في الفقه؟ فقال: قد صنف الشيخ محي الدين النووي ما فيه كفاية. ويحكى أن الإمام الغزالي قيل له: لم لا تصنف في التفسير؟ فقال: يكفي ما صنف فيه شيخنا الإمام أبو الحسن الواحدي رحمهما الله. ويحكى أن البحتري اجتاز بالموصل أو برأس عين، فمرض، وكان الطبيب يختلف إليه ويداويه، فوصف له يوما مزورة (1)، ولم يكن عنده من يخدمه سوى غلامه، فقال للغلام: اصنع هذه المزورة، وكان بعض الرؤساء حاضرا عنده وقد جاء يعوده، فقال ذلك الرئيس: هذا الغلام ما يحسن طبيخها، وعندي طباخ من نعته وصفته، وبالغ في حسن صفته، فترك الغلام عملها اعتمادا على قوله، وقعد البحتري ينتظر، واشتغل الرئيس عنها، ونسي أمرها، فلما أبطأت عليه، وفات وقت وصولها إليه .. كتب إلى الرئيس: [من البسيط] وجدت وعدك زورا في مزورة … حلفت مجتهدا إحكام طاهيها فلا شفى الله من يرجو الشفاء بها … ولا علت كفّ ملق كفّه فيها فاحبس رسولك عني أن جيء بها … فقد حبست رسولي عن تقاضيها وللبحتري أشعار كثيرة.

(1) المزورة: حساء بدون لحم يصنع للمريض.

وروى عنه أشياء من شعره أبو العباس المبرد، ومحمد بن أحمد الحليمي، وأبو بكر الصولي وغيرهم. ولم يزل شعره غير مرتب حتى جمعه أبو بكر الصولي، ورتبه على الحروف، وجمعه أيضا علي بن حمزة الأصبهاني، لكن رتبه على الأنواع، كما صنع بشعر أبي تمام. وللبحتري أيضا كتاب «حماسة» على مثل «حماسة أبي تمام»، وله كتاب «معاني الشعر». وبالجملة فأخباره ومحاسنه كثيرة. وقيل لأبي العلاء المعري: أيّ الثلاثة أشعر: أبو تمام، أم البحتري، أم المتنبي؟ فقال: حكيمان، والشاعر البحتري. وقيل للبحتري: أيّما أشعر: أنت، أو أبو تمام؟ فقال: جيده خير من جيدي، ورديئي خير من رديئه. ولم ينصفه ابن الرومي في قوله: [من الخفيف] والفتى البحتري يسرق ما قا … ل ابن أوس في المدح والتشبيب كل بيت له يجود معنا … هـ فمعناه لابن أوس حبيب قال البحتري: أنشدت أبا تمام من شعري، فأنشد بيت أوس بن حجر-بفتح الحاء والجيم-: [من الطويل] إذا مقرم منا ذرا حدّ نابه … تخمّط فينا ناب آخر مقرم وقال: نعيت إليّ نفسي، فقلت: أعيذك بالله من هذا، فقال: إن عمري ليس يطول وقد نشأ لطيء مثلك، أما علمت أن خالد بن صفوان المنقري رأى شبيب بن شبة وهو من رهطه يتكلم فقال: يا بني؛ نعى إليّ نفسي إحسانك في كلامك؛ لأنا أهل بيت ما نشأ فينا خطيب إلا مات من قبله، قال: فمات أبو تمام بعد سنة من هذا. ولد البحتري سنة ست-أو خمس-ومائتين، وتوفي سنة أربع-أو ثلاث، أو ست- وثمانين ومائتين وله بضع وسبعون سنة. وقال ابن الجوزي: (توفي وهو ابن ثمانين سنة) (1).

(1) «المنتظم» (7/ 317).

1342 - [إبراهيم الحربي]

قال ابن خلكان: (وكثيرا ما يسأل أهل الأدب عن قول أبي العلاء المعري: [من الطويل] وقال الوليد: النبع ليس بمثمر … وأخطأ سرب الوحش من ثمر النبع فيقولون: من هو الوليد المذكور؟ وأين قال: النبع ليس بمثمر؟ قال: وقد سألني عنه جماعة كثير، والمراد بالوليد هو البحتري المذكور، وله قصيدة يقول فيها: [من البسيط] وعيرتني سجال العدم جاهلة … والنبع عريان ما في فرعه ثمر وهذا البيت هو المشار إليه في بيت المعري) (1). 1342 - [إبراهيم الحربي] (2) أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق ابن بشير الحربي الحافظ أحد الأئمة الأعلام. سمع أبا نعيم، وعفان، وطبقتهما، وتفقه على الإمام أحمد، وبرع في العلم والعمل، وصنف التصانيف الكثيرة، وكان يشبّه بالإمام أحمد ابن حنبل في وقته. وتوفي سنة خمس وثمانين ومائتين وله سبع وثمانون سنة. 1343 - [إسحاق بن إبراهيم الدّبري] (3) أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد بن سمعان الدبري-نسبة إلى دبرة بفتح الدال المهملة، والموحدة، والراء، قرية على نصف مرحلة من صنعاء اليمن-الإمام الفاضل الحافظ. توفي سنة خمس وثمانين ومائتين. مذكور في الأصل.

(1) «وفيات الأعيان» (6/ 29). (2) «المنتظم» (7/ 306)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 503)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 101)، و «العبر» (2/ 80)، و «مرآة الجنان» (2/ 209)، و «شذرات الذهب» (3/ 355). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 64)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 503)، و «السلوك» (1/ 143)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 117)، و «العبر» (2/ 80)، و «العطايا السنية» (ص 271)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 194)، و «تحفة الزمن» (1/ 96)، و «شذرات الذهب» (3/ 356).

1344 - [علي بن عبد العزيز البغوي]

1344 - [علي بن عبد العزيز البغوي] (1) أبو الحسن علي بن عبد العزيز البغوي المحدث بمكة. سمع أبا نعيم، وطبقته. وتوفي سنة خمس وثمانين ومائتين وقد جاوز التسعين، وهو عم البغوي عبد الله بن محمد. 1345 - [المبرد] (2) أبو العباس المبرد، واسمه: محمد بن يزيد الأزدي البصري النحوي. كان إماما في النحو واللغة، أخباريا علامة، فصيحا مفوها، كثير الأمالي، حسن النوادر، وله المؤلفات النافعة: «الكامل»، و «الروضة»، و «المقتضب» وغير ذلك. أخذ عن أبي عثمان المازني، وأبي حاتم السجستاني، وتصدر للاشتغال ببغداد، وعنه أخذ نفطويه وغيره من الأئمة. وكان معاصرا لأبي العباس ثعلب صاحب «الفصيح»، وفيهما يقول عصريهما أبو بكر بن أبي الأزهر أبياتا من جملتها: [من المتقارب] يا طالب العلم لا تجهلن … وعذ بالمبرد أو ثعلب تجد عند هذين علم الورى … فلا تك كالجمل الأجرب علوم الخلائق مقرونة … بهذين في الشرق والمغرب قالوا: وكان المبرد يحب الاجتماع بثعلب للمناظرة، وكان ثعلب يكره ذلك، ويمتنع منه؛ لأن المبرد كان حسن العبارة، حلو الإشارة، فصيح اللسان، وثعلب مذهبه مذهب المعلمين، فإذا اجتمعا في محفل .. حكم للمبرد على الظاهر، إلى أن يعرف الباطن، وكان بينهما ما يقع بين الرؤساء المتعاصرين.

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 517)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 227)، و «مرآة الجنان» (2/ 213)، و «شذرات الذهب» (3/ 361). (2) «معجم الشعراء» للمرزباني (ص 405)، و «المنتظم» (7/ 312)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 503)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 299)، و «مرآة الجنان» (2/ 210)، و «شذرات الذهب» (3/ 356).

فلما مات المبرد .. يقال: إن ثعلبا تتبع كتبه، وخطأه في كثير من الأبيات التي استشهد بها، وتبجح بذلك فقال: [من الوافر] رددت على المبرد ألف بيت ثم أحصر عن إتمام البيت، فرأى المبرد في المنام وهو يقول: [من الوافر] كذاك الحي يغلب ألف ميت فاستيقظ، وندم على ما صدر منه وبلّ ما كتبه من ذلك. حكي أنه دخل على المبرد رجل، فأراد القيام له .. فقال: أنشدك الله أبا العباس إن قمت، قال: فلمن أخبأ قيامي وأنشد: [من المتقارب] إذا ما بصرنا به مقبلا … حللنا الحبا وابتدرنا القياما فلا تنكرن قيامي له … فإن الكريم يجلّ الكراما ولد المبرد يوم الاثنين سنة عشر-أو سبع-ومائتين، وتوفي يوم الاثنين سنة خمس وثمانين ومائتين. فلما مات .. قال فيه ثعلب ابن العلاف: [من الكامل] ذهب المبرد وانقضت أيامه … وليذهبن إثر المبرد ثعلب بيت من الآداب أصبح نصفه … خربا وباقي بيت تلك سيخرب فابكوا لما سلب الزمان ووطّنوا … للدهر أنفسكم على ما يسلب وتزودوا من ثعلب فبكأس ما … شرب المبرد عن قريب يشرب وأرى لكم أن تكتبوا أنفاسه … إن كانت الأنفاس مما يكتب قال الشيخ اليافعي: (وهذه الألفاظ جميعها لفظه إلا لفظ «بيت تلك سيخرب» فإني أبدلته عن قوله: «وباقي بيتها فسيخرب» كراهية لإدخال الفاء في «سيخرب» وإن كان مما يتجوز فيه، فإن وزان لفظه نحو قولك: زيد قام، وأخوه فسيقوم، ووزان لفظي: قام زيد، وأخوه سيقوم، وهذا هو الجائز على قاعدة العربية) اه‍ (1)

(1) «مرآة الجنان» (2/ 212).

1346 - [أبو سعيد الخراز]

والذي أعرفه ووقفت عليه قديما أن المصراع الثاني من البيت الثاني من القصيدة المذكورة: خربا ونصف لا محالة يخرب والله سبحانه أعلم. 1346 - [أبو سعيد الخراز] (1) أبو سعيد أحمد بن عيسى الخراز، من أهل بغداد، الشيخ الكبير، الولي الشهير. صحب ذا النون المصري، وأبا عبيد البسري، والسري، وبشر الحافي وغيرهم رحمهم الله. قال رحمه الله: كل باطن يخالفه ظاهر فهو باطل. وقال: مررت بشاب ميت في باب بني شيبة، فلما نظرت في وجهه .. تبسم، فقلت: يا حبيبي؛ أحياة بعد الموت؟ ! فقال: أما علمت-يا أبا سعيد-أن الأحباء أحياء، وإنما ينقلون من دار إلى دار. قال رحمه الله: رأيت إبليس في النوم وهو يمر عني ناحية، فقلت: تعال، فقال: أي شيء أعمل بكم؟ ! أنتم طرحتم عن نفوسكم ما أخادع به الناس، قلت: وما هو؟ قال: الدنيا، فلما ولى عني .. التفت إلي وقال: غير أن لي فيكم لطيفة، قلت: وما هي؟ قال: صحبة الأحداث. وقال رحمه الله: صحبت الصوفية ما صحبت، فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لم؟ قال: لأني كنت معهم على نفسي. قال الجنيد رحمه الله: لو طالبنا الله بحقيقة ما عليه أبو سعيد الخراز .. لهلكنا. قيل: وهو أول من تكلم في علم الفناء والبقاء. وقيل لبعض المشايخ: إن أبا سعيد كان كثير التواجد عند الموت، قال: لم يكن

(1) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 228)، و «الرسالة القشيرية» (1/ 140)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 77)، و «العبر» (2/ 83)، و «مرآة الجنان» (2/ 213)، و «شذرات الذهب» (3/ 359).

1347 - [محمد بن وضاح]

بعجيب أن تطير روحه اشتياقا، وكان رضي الله عنه ينشد أبياتا ترجمتها: [من الطويل] فأجسادهم في الأرض قتلى بحبه … وأرواحهم في الحجب نحو العلا تسري قلوبهم جوالة بمعسكر … به أهل ودّ الله كالأنجم الزهر فما عرّسوا إلا بقرب حبيبهم … وما عرجوا عن مسّ بؤس ولا ضرّ توفي سنة ست-أو سبع-وثمانين ومائتين. 1347 - [محمد بن وضاح] (1) محمد بن وضاح الإمام الحافظ محدث قرطبة. توفي سنة ست-أو خمس-وثمانين. 1348 - [أبو بكر بن عمرو الضحاك] (2) أبو بكر بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك الشيباني البصري، قاضي أصبهان، الإمام الحافظ، صاحب المصنفات. توفي سنة سبع وثمانين ومائتين. 1349 - [قطر الندى بنت خمارويه] (3) أسماء المعروفة بقطر الندى بنت خمارويه بن أحمد بن طولون. تزوجها المعتضد بالله العباسي، وأصدقها ألف ألف درهم، فجهزها أبوها من مصر إلى بغداد بجهاز لم يعمل مثله، حتى قيل: إنه كان لها ألف هاون ذهبا، وبلغ قيمة ما جهزها به ألف ألف دينار، وكانت موصوفة بالجمال والعقل. يحكى أن المعتضد خلا بها للأنس في مجلس أفرده لها ما حضره سواها، فأخذت منه

(1) «سير أعلام النبلاء» (13/ 445)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 294)، و «العبر» (2/ 83)، و «مرآة الجنان» (2/ 214)، و «شذرات الذهب» (3/ 362). (2) «تاريخ الإسلام» (21/ 75)، و «العبر» (2/ 85)، و «مرآة الجنان» (2/ 215)، و «شذرات الذهب» (3/ 364). (3) «تاريخ دمشق» (70/ 48)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 516)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 243)، و «العبر» (2/ 86)، و «شذرات الذهب» (3/ 365).

1350 - [أبو سعيد الهروي]

الكأس، فنام على فخذها، فاستيقظ ولم يجدها، فاستشاط غضبا، وناداها، فأجابته على قرب، فقال: ألم أجلك إكراما لك؟ ! ألم أدفع إليك مهجتي دون سائر حظاياي فتضعين رأسي على وسادة وتذهبين؟ ! فقالت: يا أمير المؤمنين؛ ما جهلت قدر ما أنعمت به علي، ولكن فيما أدبني به أبي أن قال: لا تنامي مع الجلوس، ولا تجلسي مع النيام. ولما خرجت من مصر .. شيعتها عمتها العباسة بنت أحمد بن طولون، فبلغت معها إلى آخر أعمال مصر من جهة الشام، ونزلت هناك، وضربت فساطيطها، وبنت هناك قرية، فسميت باسمها: العباسة. قال ابن خلكان: (هي عامرة إلى الآن، وبها جامع حسن، وسوق قائم) (1). وتوفيت قطر الندى سنة سبع وثمانين ومائتين. 1350 - [أبو سعيد الهروي] (2) أبو سعيد الهروي الحافظ، شيخ هراة ومحدثها وزاهدها. توفي سنة سبع وثمانين ومائتين. 1351 - [عثمان بن سعيد الأنماطي] (3) أبو القاسم عثمان بن سعيد البغدادي الأنماطي، صاحب المزني، وعليه تفقه أبو العباس بن سريج، وهو الذي نشر مذهب الشافعي ببغداد. توفي سنة ثمان وثمانين ومائتين. مذكور في الأصل. 1352 - [ثابت ابن قرة] (4) ثابت ابن قرة الحراني الحاسب الحكيم.

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 250). (2) «المنتظم» (7/ 331)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 332)، و «العبر» (2/ 86)، و «شذرات الذهب» (3/ 365). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 241)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 222)، و «العبر» (2/ 87)، و «مرآة الجنان» (2/ 215)، و «شذرات الذهب» (3/ 369). (4) «المنتظم» (7/ 335)، و «وفيات الأعيان» (1/ 313)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 485)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 137)، و «مرآة الجنان» (2/ 215)، و «شذرات الذهب» (3/ 368).

كان في ابتداء أمره صيرفيا، ثم انتقل إلى بغداد واشتغل بعلوم الأوائل، فمهر فيها، وبرع في الطب، وكان الغالب عليه الفلسفة. وله نحو عشرين مؤلفا في فنون من العلم، وهذب «كتاب اقليدس» الذي عربه حنين بن إسحاق العبادي، ونقحه، وأوضح منه ما كان مستعجما. وكان من أعيان عصره في الفضائل. وجرى بينه وبين أهل مذهبه أشياء أنكروها عليه في المذهب، فرفعوه إلى رئيسهم، فأنكر عليه مقالته، ومنعه من دخول الهيكل، فتاب ورجع عن ذلك، ثم عاد مدة إلى تلك المقالة، فمنعوه من الدخول إلى المجمع، فخرج من حران، فلما قدم محمد بن موسى من بلاد الروم راجعا إلى بغداد .. اجتمع به، فرآه فاضلا فصيحا، فاستصحبه إلى بغداد، فأولد بها أولادا. وكان له ولد يسمى: إبراهيم، بلغ رتبة أبيه في الفضل، وكان من حذاق الأطباء، ومقتدى أهل زمانه في صناعة الطب، عالج السري الشاعر، فأصاب العافية، فعمل فيه أبياتا وهي: [من الكامل] هل للعليل سوى ابن قرّة شافي … بعد الإله وهل له من كافي أحيا لنا رسم الفلاسفة الذي … أودى وأصبح رسم طبّ عافي مثلت له قارورتي فرأى بها … ما اكتنّ بين جوانحي وشغافي يبدو له الداء الخفي كما بدا … للعين رضراض الغدير الصافي فكأنه عيسى ابن مريم ناطقا … يهب الحياة بأيسر الأوصاف ولقد بالغ في البيت الأخير بما يؤدي إلى الطغيان. وقيل: إن هذه الأبيات قالها السري في حفيده ثابت بن سنان ابن قرة، وكان كجده طبيبا عالما نبيلا، تقرأ عليه كتب: «بقراط»، و «جالينوس»، وكان فكاكا للمعاني، وله تصنيف في التاريخ أحسن فيه، وكان ببغداد في أيام معز الدولة بن بويه. توفي جده ثابت بن قرة المذكور سنة ثمان وثمانين ومائتين.

1353 - [بشر بن موسى الأسدي]

1353 - [بشر بن موسى الأسدي] (1) بشر بن موسى بن صالح بن شيخ بن عميرة الأسدي البغدادي. سمع من أبي شامة، وحدث عن خلق، منهم: أبو نعيم، والحميدي، وعفان. وحدث عنه محمد بن مخلد، والطبراني، وأبو علي محمد بن الصواف وغيرهم من الأعيان. وكان نبيلا من الثقات، والأئمة الأثبات. توفي سنة ثمان وثمانين ومائتين. 1354 - [المعتضد بالله] (2) الخليفة المعتضد بالله أحمد بن الموفق أبي أحمد طلحة بن جعفر المتوكل بن إسحاق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد. ولد سنة ثلاث وأربعين ومائتين. كان أبوه الموفق ولي عهد المعتمد، فمات الموفق قبل المعتمد، فجعل المعتمد وليّ عهده المعتضد المذكور، ولما تولى المعتمد .. بويع للمعتضد. وكان المعتضد من أكمل الناس عقلا، وأعلاهم همة، جدد الدولة العباسية، وأعادها إلى أسلوبها الأول، وعمر الأرض بعد أن كانت خرابا، لكن لم تطل أيامه. توفي في شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين ومائتين، فمدة ولايته تسع سنين وتسعة أشهر وأياما، وعمره خمس وأربعون سنة، أو ست وأربعون سنة. قيل: إنه تغير مزاجه من إفراط الجماع، وعدم الحمية في مرضه. قال الشيخ اليافعي: (وقد ذكرت في كتابي «المرهم» ما جرى له في مرض موته، وما عولج به، وما لاقى بعد إخراجه من التنور الموقد بحطب الزيتون ولم يصبر على المكث

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 519)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 352)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 133)، و «العبر» (2/ 86)، و «شذرات الذهب» (3/ 366). (2) «تاريخ الطبري» (10/ 86)، و «المنتظم» (7/ 341)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 523)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 61)، و «العبر» (2/ 88)، و «مرآة الجنان» (2/ 217)، و «شذرات الذهب» (3/ 371).

1355 - [الحسين بن محمد القباني]

من شدة حره، ولا على ترك العود إليه لشدة ما يجد من البرد عند الخروج، فلما أعيد إليه .. حضره أجله، وكان شجاعا مهابا حازما، فيه تشيع) (1). 1355 - [الحسين بن محمد القباني] (2) الحسين بن محمد بن زياد المعروف بالقباني أبو علي النيسابوري الإمام الحافظ. حدث عن إسحاق، وسهل بن عثمان، وأبي مصعب. روى عنه دعلج، ومحمد بن الأخرم، وخلق من المحدثين. وكان واسع الرحلة، كثير السماع، أحد أركان الحديث. صنف «المسند» و «التاريخ» و «الكنى» وغير ذلك. وتوفي سنة تسع وثمانين ومائتين. 1356 - [زكريا خياط السنة] (3) زكريا بن يحيى بن إياس أبو عبد الرحمن السجزي، نزيل دمشق، المعروف بخياط السنة، أظنه عرف بذلك؛ لأنه كان يخيط أكفان أهل السنة دون غيرهم. حدث عن قتيبة، وشيبان بن فروخ، وصفوان بن صالح وغيرهم. روى عنه النسائي وغيره، وكان من الحفاظ الثقات، المكثرين الأثبات. توفي سنة ثمان-أو تسع أو سبع-وثمانين ومائتين. 1357 - [عبد الله بن أحمد ابن حنبل] (4) أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد ابن حنبل الشيباني المروزي البغدادي الإمام الحافظ ابن الإمام الحافظ.

(1) «مرآة الجنان» (2/ 217). (2) «تهذيب الكمال» (6/ 476)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 499)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 165)، و «العبر» (2/ 89)، و «شذرات الذهب» (3/ 374). (3) «تاريخ دمشق» (19/ 69)، و «تهذيب الكمال» (9/ 374)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 507)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 180)، و «شذرات الذهب» (3/ 365). (4) «تهذيب الكمال» (14/ 285)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 516)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 197)، و «العبر» (2/ 92)، و «مرآة الجنان» (2/ 218)، و «شذرات الذهب» (3/ 377).

1358 - [ثعلب]

روى عن أبيه، وخلائق، منهم: الهيثم بن خارجة، وشيبان بن فروخ. وروى عنه النسائي، وأبو بكر القطيعي، ودعلج وغيرهم. كان من الحفاظ الثقات المكثرين العلماء، عالما بالرجال والعلل والكنى والأسماء. قال فيه أبوه: ابني عبد الله محظوظ من علم الحديث-أو من حفظ الحديث-لا يكاد يذاكرني إلا بما لا أحفظ. وبالغ فيه بعضهم، فقضى له بزيادة المعرفة والسماع على أبيه. توفي سنة تسعين ومائتين. 1358 - [ثعلب] (1) أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني-نسبة إلى بني شيبان، حي من بني بكر بن وائل- المعروف بثعلب الكوفي النحوي صاحب التصانيف المفيدة. سمع من ابن الأعرابي، والزبير بن بكار، وحدث عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، والقواريري، ومحمد بن سلاّم الجمحي. وروى عنه عدة، منهم: أحمد بن كامل، والأخفش الأصغر، وابن الأنباري، وأبو عمرو الزاهد وغيرهم. كان ثقة صالحا، مشهورا بالحفظ وصدق اللهجة والمعرفة بالعربية، انتهت إليه رئاسة الأدب في زمانه، وكان إمام الكوفيين في النحو واللغة. صنف بضعة عشر مصنفا، منها: «الفصيح» وهو صغير الحجم، كثير الفائدة، وكتاب «القراءات»، وكتاب «إعراب القرآن»، وكتاب «حد النحو» وغير ذلك، وكان شيخه ابن الأعرابي إذا شك في شيء .. قال له: ما تقول يا أبا العباس في هذا؟ لغزارة حفظه.

(1) «المنتظم» (7/ 354)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 542)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 81)، و «العبر» (2/ 94)، و «مرآة الجنان» (2/ 218)، و «بغية الوعاة» (1/ 396)، و «شذرات الذهب» (3/ 383).

1359 - [هارون بن موسى الأخفش]

قال ابن الأنباري: أنشدني ثعلب: [من الطويل] إذا كنت قوت النفس ثم هجرتها … فكم تلبث النفس التي أنت قوتها ستبقى بقاء الضبّ في الماء أو كما … يعيش لدى ديمومة البيت حوتها قال الشيخ اليافعي: (هكذا حكاه ابن خلكان، والذي نعرفه: ............ أو كما … يعيش ببيداء المفاوز حوتها) (1) قال ابن خلكان: (قال أبو بكر بن مجاهد المقرئ: قال لي ثعلب: يا أبا بكر؛ اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغل أصحاب الفقه بالفقه ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو وليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة؟ قال: فانصرفت من عنده، فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: أقرئ أبا العباس عني السلام وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل. قال أبو عبد الله العبد الصالح الروذباري: أراد أن الكلام به يكمل، والخطاب به يجمل، وأن جميع العلوم مفتقرة إليه) (2). ولحق ثعلبا صمم، حتى كان لا يسمع إلا بعد تعب شديد، فخرج يوم الجمعة من الجامع بعد العصر وفي يده كتاب ينظر فيه في الطريق، فصدمته فرس فألقته في هوة، فخرج منها وهو كالمختلط، فحمل إلى منزله وهو يتأوه من رأسه، فمات ثاني يوم، وذلك في سنة إحدى وتسعين ومائتين. 1359 - [هارون بن موسى الأخفش] (3) هارون بن موسى المعروف بالأخفش، مقرئ أهل دمشق، وصاحب ابن ذكوان. توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين.

(1) «مرآة الجنان» (2/ 219)، والذي في «وفيات الأعيان» (1/ 103): .................. يعيش ببيداء المهامه حوتها (2) «وفيات الأعيان» (1/ 103). (3) «معرفة القراء الكبار» (1/ 485)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 319)، و «العبر» (2/ 96)، و «مرآة الجنان» (2/ 220)، و «بغية الوعاة» (2/ 321)، و «شذرات الذهب» (3/ 385).

1360 - [قنبل المقرئ]

1360 - [قنبل المقرئ] (1) محمد بن عبد الرحمن المخزومي مولاهم المكي المعروف بقنبل، قارئ أهل مكة. توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين. 1361 - [القاسم بن عبيد الله] (2) الوزير القاسم بن عبيد الله وزير المعتضد. كان سفاكا للدماء، الصغير والكبير منه على وجل، لا يعرف أحد من أرباب الأموال منه نعمة. توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين وقد نيف على الثلاثين، فقال فيه عبد الله بن الحسين بن سعد: [من المتقارب] شربنا عشية مات الوزير … سرورا ونشرب في ثالثه فلا رحم الله تلك العظام … ولا بارك الله في وارثه وكان الوزير المذكور يخاف من هجو ابن الرومي، فحضر ابن الرومي يوما مجلس الوزير، فدس عليه ابن فراس، فأطعمه خشكنانه مسمومة وهو في مجلسه، فلما أكلها .. أحس بالسم، فقام، فقال له الوزير: إلى أين تذهب؟ قال: إلى الموضع الذي بعثتني إليه، فقال له: سلم لي على والدي، فقال: ما طريقي على النار. 1362 - [محمد بن إبراهيم البوشجني] (3) محمد بن إبراهيم بن سعيد بن عبد الرحمن بن موسى العبدي البوشنجي أبو عبد الله الفقيه المالكي. حدث عن يحيى ابن بكير، ومسدد، وأمية بن بسطام، وخلق سواهم.

(1) «معرفة القراء الكبار» (1/ 452)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 232)، و «مرآة الجنان» (2/ 220)، و «شذرات الذهب» (3/ 385). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 361)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 18)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 230)، و «مرآة الجنان» (2/ 200)، و «شذرات الذهب» (3/ 385). (3) «تهذيب الكمال» (24/ 308)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 581)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 235)، و «العبر» (2/ 96)، و «شذرات الذهب» (3/ 380).

1363 - [إبراهيم بن عبد الله البصري]

وحدث عنه محمد بن إسحاق الصاغاني، وابن خزيمة وغيرهما من الأعلام. وفي «صحيح البخاري» في تفسير (سورة البقرة): حدثنا محمد، قال: حدثنا النفيلي (1)، فقيل: هو البوشنجي الإمام (2). وكان رأسا في العلم، حافظا علامة، من أئمة هذا الشأن. توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين. 1363 - [إبراهيم بن عبد الله البصري] (3) إبراهيم بن عبد الله البصري أبو مسلم الحافظ، صاحب «السنن»، ومسند الوقت. كان محدثا حافظا محتشما كبير الشأن. قيل: إنه لما فرغوا من سماع «السنن» عليه .. عمل لهم مائدة غرم فيها ألف دينار، وتصدق بجملة منها، ولما قدم بغداد .. ازدحموا عليه، حتى حزر مجلسه بأربعين ألفا وزيادة، وكان في المجلس سبعة مبلغين، كل واحد يبلغ الآخر. توفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين وقد قارب المائة أو أكملها. 1364 - [بحشل] (4) أسلم بن سهل بن أسلم بن زياد أبو الحسن الواسطي الرزاز الملقب بحشل. حدث عن جده لأمه وهب بن بقية، وعم أبيه سعيد بن زياد وغيرهما. وروى عنه الطبراني وغيره من الحفاظ. وكان حافظا صدوقا ثبتا، له تاريخ بلده واسط. توفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

(1) الحديث رقم (4545). (2) الخلاف راجع إلى محمد شيخ البخاري، لا إلى النفيلي، انظر «فتح الباري» (8/ 208). (3) «سير أعلام النبلاء» (13/ 423)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 97)، و «العبر» (2/ 98)، و «شذرات الذهب» (3/ 387). (4) «سير أعلام النبلاء» (13/ 553)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 108)، و «العبر» (2/ 99)، و «مرآة الجنان» (2/ 220)، و «شذرات الذهب» (3/ 388).

1365 - [عبد الحميد بن عبد العزيز الحنفي]

1365 - [عبد الحميد بن عبد العزيز الحنفي] (1) أبو حازم عبد الحميد بن عبد العزيز الحنفي قاضي القضاة. كان من القضاة العادلة، له أخبار ومحاسن، ولما احتضر .. كان يقول: يا رب؛ من القضاء إلى القبر، ثم يبكي. توفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين. 1366 - [محمد بن أحمد الهروي] (2) أبو العباس محمد بن أحمد الهروي الإمام. كان فقيها محدثا صاحب تصانيف. رحل إلى الشام والعراق، وحدث عن أبي حفص الفلاس، وطبقته. وتوفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين. 1367 - [يحيى بن منصور الهروي] (3) يحيى بن أبي نصر منصور أبو سعيد الهروي، أحد الأئمة الأعلام في العلم والعمل. حدث عن الإمام أحمد، وابن المديني، وابن نمير وغيرهم. وروى عنه ابن عقدة، ومحمد بن الأخرم في طائفة. وكان حافظا ناقدا صالحا زاهدا ثقة فيما نقله ورواه، إمام عصره بهراة، حتى قيل: إنه لم ير مثل نفسه. توفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 546)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 539)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 189)، و «مرآة الجنان» (2/ 220)، و «شذرات الذهب» (3/ 388). (2) «تاريخ الإسلام» (22/ 243)، و «العبر» (2/ 100)، و «مرآة الجنان» (2/ 221)، و «شذرات الذهب» (3/ 391). (3) «تذكرة الحفاظ» لابن القيسراني (2/ 691)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 570)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 324)، و «العبر» (2/ 100)، و «مرآة الجنان» (2/ 221)، و «شذرات الذهب» (3/ 391).

1368 - [أبو بكر المروزي]

1368 - [أبو بكر المروزي] (1) أحمد بن علي بن سعيد بن إبراهيم الأموي مولاهم أبو بكر المروزي. القاضي بدمشق وحمص. حدث عن علي بن الجعد، وسويد بن سعيد، ويحيى بن معين وغيرهم. وعنه روى أبو عوانة، والطبراني وغيرهما. وكان حافظا ثقة، له تصانيف مفيدة، ومسانيد عديدة. توفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين. 1369 - [أبو بكر البزار] (2) أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري أبو بكر البزار. حدث عن هدبة، وعبد الأعلى بن حماد وغيرهما من الكبار. وحدث عنه ابن قانع، وأبو الشيخ، والطبراني، وخلق سواهم. وكان حافظا علامة ذا علم غزير، وله «المسند المعلل الكبير»، وربما كان يخطئ إذا حدث من لفظه. قال الدارقطني: يخطئ، ويتكل على حفظه. توفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين. 1370 - [ابن عبدوس] (3) محمد بن عبد الجبار بن كامل أبو أحمد، المعروف بابن عبدوس السلمي البغدادي السراج.

(1) «تاريخ الإسلام» (22/ 56)، و «العبر» (2/ 97)، و «طبقات الحفاظ» للسيوطي (1/ 293)، و «شذرات الذهب» (3/ 386). (2) «المنتظم» (7/ 361)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 554)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 58)، و «العبر» (2/ 98)، و «لسان الميزان» (1/ 563)، و «شذرات الذهب» (3/ 387). (3) «سير أعلام النبلاء» (13/ 531)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 279)، و «العبر» (2/ 102)، و «مرآة الجنان» (2/ 222)، و «شذرات الذهب» (3/ 395).

1371 - [عبدان بن محمد]

حدث عن علي بن الجعد، وأبي بكر بن أبي شيبة وغيرهما. وروى عنه جعفر الخلدي، والطبراني، وطائفة من المحدثين. وكان من المعدودين بالحفظ، وحسن المعرفة بالحديث، ووثاقته فيه، وضبطه، ولذا أكثر الناس الرواية عنه، وكان صديقا لعبد الله بن الإمام أحمد. وتوفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين. 1371 - [عبدان بن محمد] (1) عبدان بن محمد بن عيسى المروزي الفقيه الحافظ. حدث عن قتيبة، وأبي كريب محمد بن العلاء وغيرهما. وحدث عنه أبو أحمد العسال، والطبراني وغيرهما. وكان من العلماء الحفاظ الزهاد، وقيل: اسمه عبد الله، وعبدان لقب، وهو مذكور في الأصل. 1372 - [عيسى بن محمد المروزي] (2) عيسى بن محمد المروزي اللغوي، كان إماما في العربية. روى عن إسحاق بن راهويه، وهو الذي رأى بخوارزم المرأة التي بقيت نيفا وعشرين سنة لا تأكل ولا تشرب؛ أي: لأن زوجها قتل شهيدا، وكانت معولة منه، فحزنت عليه، فرأته في المنام ليلة قتل وهو مع جماعة يأكلون طعاما، فقال لهم زوجها: أطعموا هذه المسكينة، فأطعموها مما يأكلون، فطعمت شيئا لم تطعم مثله في الدنيا، فأصبحت شبعانة راوية، واستمرت على ذلك المدة المذكورة لا تأكل ولا تشرب، حتى إن بعض الأمراء امتحنها، فحبسها في مكان لا يمكن الوصول إليه بطعام ولا غيره أياما كثيرة، ثم أخرجت وهي أحسن حالا من يوم حبست، وقد ذكره التاج السبكي في «طبقاته الكبرى» (3).

(1) «المنتظم» (7/ 371)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 174)، و «العبر» (2/ 101)، و «مرآة الجنان» (2/ 221)، و «شذرات الذهب» (3/ 395). (2) «سير أعلام النبلاء» (13/ 571)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 217)، و «العبر» (2/ 102)، و «مرآة الجنان» (2/ 221). (3) انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 8).

1373 - [محمد بن أسد المديني]

قال الشيخ اليافعي: (وذكر الشيخ صفي الدين بن أبي منصور أن امرأة بجيزة مصر مكثت ثلاثين سنة لا تأكل ولا تشرب ولا تتألم بحر ولا برد) (1). توفي عيسى المذكور سنة ثلاث وتسعين ومائتين. 1373 - [محمد بن أسد المديني] (2) محمد بن أسد المديني أبو عبد الله الزاهد، يقال: إنه كان مجاب الدعوة. توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين. 1374 - [عبيد الله بن محمد العمري] (3) عبيد الله بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، هكذا نسبه ابن يونس في «تاريخ الغرباء القادمين إلى مصر»، يكنى أبا بكر، مكي قدم مصر، وحدث بها. توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين. 1375 - [صالح جزرة] (4) أبو علي-وقيل: أبو جعفر-صالح بن محمد بن عمرو بن حبيب بن حسان ابن أبي الأبرش الأسدي مولاهم البغدادي، الملقب جزرة، نزيل بخارى، الحافظ الكبير، محدث ما وراء النهر، نزل بخارى وليس معه كتاب، فروى بها الكثير من حفظه. حدث عن علي بن الجعد، وخالد بن خداش، ويحيى بن معين، وسعدويه الواسطي وغيرهم.

(1) «مرآة الجنان» (2/ 221). (2) «سير أعلام النبلاء» (13/ 534)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 251)، و «العبر» (2/ 102)، و «مرآة الجنان» (2/ 222)، و «شذرات الذهب» (3/ 394). (3) «تاريخ دمشق» (38/ 102)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 202). (4) «المنتظم» (7/ 375)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 559)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 23)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 161)، و «العبر» (2/ 103)، و «مرآة الجنان» (2/ 222)، و «شذرات الذهب» (3/ 396).

1376 - [محمد بن إسحاق بن راهويه]

ورحل إلى الشام ومصر والنواحي، وصنف، وجرح وعدل، وكان صاحب نوادر ومزاح، تقيا ثبتا. روى عنه خلف الخيام، ومسلم خارج «صحيحه». وتوفي سنة أربع وتسعين ومائتين. 1376 - [محمد بن إسحاق بن راهويه] (1) محمد بن الإمام إسحاق بن راهويه. روى عن أبيه، وعلي بن المديني. وتوفي سنة أربع وتسعين ومائتين. 1377 - [محمد بن نصر المروزي] (2) محمد بن نصر بن الحجاج المروزي أبو عبد الله الإمام، أحد الأئمة الأعلام. كان رأسا في الفقه والحديث والعبادة. روى عن إسحاق بن راهويه، وشيبان بن فروخ، وهشام بن عمار وغيرهم. وروى عنه أبو حامد بن الشرقي، ومحمد بن الأخرم وغيرهما من الأئمة، وله تصانيف نافعة. روي أنه كان يقع الذباب على أذنه وهو في الصلاة، فيسيل الدم ولا يذبه، كان ينتصب كأنه خشبة. توفي سنة أربع وتسعين ومائتين، وهو مذكور في الأصل.

(1) «المنتظم» (7/ 375)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 559)، و «العبر» (2/ 104)، و «مرآة الجنان» (2/ 222)، و «شذرات الذهب» (3/ 397). (2) «المنتظم» (7/ 376)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 559)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 295)، و «العبر» (2/ 105)، و «مرآة الجنان» (2/ 223)، و «شذرات الذهب» (3/ 397).

1378 - [موسى بن هارون البغدادي]

1378 - [موسى بن هارون البغدادي] (1) أبو عمران موسى بن هارون بن عبد الله بن مروان الحمال البغدادي الحافظ، محدث العراق. حدث عن أبيه، وعلي بن الجعد، وخلف بن هشام. وروى عنه جعفر الخلدي، والطبراني، وأبو بكر الشافعي. وكان إماما حافظا حجة، يشبه في زمانه بابن المديني. قال بعضهم: ما رأيت في حفاظ الحديث أهيب ولا أورع منه. توفي سنة أربع وتسعين ومائتين. 1379 - [ابن الضّريس] (2) أبو عبد الله محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس بن يسار بن الضريس البجلي الرازي الحافظ، محدث الري. حدث عن القعنبي، ومسلم بن إبراهيم وغيرهما. وروى عنه إسماعيل بن نجيد وغيره. وكان حافظا مسندا، ومن أحسن مصنفاته كتاب «فضائل القرآن»، وفي آخر قدمة قدم البصرة أعطى أجرة الوراقين عشرة آلاف درهم. توفي يوم عاشوراء سنة أربع وتسعين ومائتين وهو في عشر المائة. 1380 - [إبراهيم بن أبي طالب] (3) إبراهيم بن أبي طالب محمد بن نوح بن عبد الله النيسابوري أبو إسحاق الحافظ، شيخ خراسان.

(1) «تذكرة الحفاظ» لابن القيسراني (2/ 669)، و «المنتظم» (7/ 378)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 315)، و «العبر» (2/ 105)، و «مرآة الجنان» (2/ 223)، و «شذرات الذهب» (3/ 399). (2) «سير أعلام النبلاء» (13/ 449)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 255)، و «العبر» (2/ 104)، و «مرآة الجنان» (2/ 222)، و «شذرات الذهب» (3/ 397). (3) «تذكرة الحفاظ» لابن القيسراني (2/ 638)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 547)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 94)، و «العبر» (2/ 106)، و «مرآة الجنان» (2/ 223)، و «شذرات الذهب» (3/ 400).

1381 - [إبراهيم بن معقل النسفي]

حدث عن إسحاق، وداود بن رشيد، ومحمد بن مهران وغيرهم. روى عنه ابن خزيمة، وكان إمام عصره بنيسابور في علوم الحديث ورجاله وعلله مع حفظ وإتقان، حتى قال بعضهم: إنما أخرجت نيسابور ثلاثة: محمد بن يحيى، ومسلم بن الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب. توفي سنة خمس وتسعين ومائتين. 1381 - [إبراهيم بن معقل النسفي] (1) إبراهيم بن معقل بن الحجاج بن خداش بن يزيد النسفي أبو إسحاق، قاضي نسف وعالمها ومحدثها. روى عن قتيبة، وحدث عن البخاري ب‍ «صحيحه»، وروى عنه ابنه سعيد وغيره من النسفيين. وكان حافظا فقيها عفيفا نبيها صينا بصيرا بالحديث، عارفا بالفقه والاختلاف، صنف «التفسير» و «المسند الكبير». وتوفي سنة خمس وتسعين ومائتين. 1382 - [عيسى بن مسكين] (2) عيسى بن مسكين، قاضي القيروان، فقيه المغرب. أخذ عن سحنون، وعن الحارث بن مسكين. وكان إماما ورعا جامعا متمكنا من الفقه والآثار، مجاب الدعوة، يشبّه بسحنون في سمته وهيئته، أكرهه ابن الأغلب على القضاء، فولي ولم يأخذ رزقا، وكان يركب حمارا، ويستقي الماء لبنيه. توفي سنة خمس وتسعين ومائتين.

(1) «تذكرة الحفاظ» لابن القيسراني (2/ 686)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 493)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 102)، و «العبر» (2/ 106)، و «مرآة الجنان» (2/ 223)، و «شذرات الذهب» (3/ 400). (2) «سير أعلام النبلاء» (13/ 573)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 222)، و «العبر» (2/ 108)، و «مرآة الجنان» (2/ 224)، و «شذرات الذهب» (3/ 402).

1383 - [محمد بن أحمد الترمذي]

1383 - [محمد بن أحمد الترمذي] (1) أبو جعفر محمد بن أحمد الترمذي، شيخ الشافعية بالعراق قبل ابن سريج. كان زاهدا ناسكا، قانعا باليسير، صبورا على الفقر. قال الدارقطني: لم يكن بالعراق للشافعية أرأس ولا أورع منه. حدث عن جماعة كثيرة، منهم يحيى بن بكير المصري، وروى عنه جماعة، منهم أحمد بن كامل، روى بالإسناد إليه عنه أنه تقوت في سبعة عشر يوما خمس حبات، أو سبع، أو ثلاث حبات، فقيل له: كيف عملت؟ فقال: لم يكن عندي غيرها، فاشتريت بها لفتا، فكنت آكل كل يوم واحدة. وذكر أبو إسحاق الزجاج النحوي أنه كان يجرى عليه كل شهر أربعة دراهم، وكان لا يسأل أحدا شيئا، وكان يقول: تفقهت على مذهب أبي حنيفة، فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم في مسجد المدينة عام حججت، فقلت: يا رسول الله؛ تفقهت بقول أبي حنيفة، أفآخذ به؟ فقال: لا، فقلت: آخذ بقول مالك بن أنس؟ فقال: خذ منه ما وافق سنتي، قلت: فآخذ بقول الشافعي؟ فقال: ما هو بقوله، إلا أنه أخذ بسنتي، ورد على من خالفها، فخرجت في إثر هذه الرؤيا إلى مصر، وكتبت كتب الشافعي. كذا ذكره جماعة من أهل الطبقات والتواريخ، منهم: الشيخ أبو إسحاق الشيرازي (2)، والقاضي ابن خلكان، كذا في «تاريخ اليافعي» في ترجمة أبي جعفر الترمذي المذكور (3)، ووقفت في «طبقات السبكي الكبرى» على مثل هذه الحكاية بل عينها أنها اتفقت للإمام محمد بن نصر المروزي (4)، وقد ذكرتها في ترجمته، فلعل ذلك اتفق للإمامين جميعا، والله سبحانه أعلم. توفي سنة خمس وتسعين ومائتين.

(1) «المنتظم» (7/ 393)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 567)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 244)، و «العبر» (2/ 109)، و «مرآة الجنان» (2/ 224)، و «شذرات الذهب» (3/ 403). (2) انظر «طبقات الفقهاء» (1/ 115). (3) انظر «مرآة الجنان» (2/ 225)، و «وفيات الأعيان» (4/ 195). (4) انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (2/ 249).

1384 - [محمد بن إسماعيل بن مهران]

1384 - [محمد بن إسماعيل بن مهران] (1) محمد بن إسماعيل بن مهران أبو بكر الإسماعيلي النيسابوري. حدث عن حرملة، وعيسى بن حماد، وهشام بن عمار وغيرهم. وروى عنه أبو العباس السراج، ومحمد بن الأخرم وغيرهما. وكان أحد أركان الحديث بنيسابور، له تصانيف مفيدة، ورحلة واسعة، وكان ثقة مأمونا خيرا فاضلا. توفي سنة خمس وتسعين ومائتين. 1385 - [المكتفي بالله] (2) الخليفة المكتفي بالله أبو الحسن علي بن المعتضد أحمد بن الموفق أبي أحمد طلحة بن المتوكل جعفر بن المعتصم بن هارون الرشيد العباسي. ولد غرة ربيع سنة أربع وستين ومائتين، وتوفي والده المعتضد وهو بالرقة، فأخذ له الوزير القاسم بن عبيد الله البيعة على من ببغداد، وكاتبه بأن يأخذ البيعة لنفسه على من قبله من القواد والأجناد، وقدم المكتفي إلى بغداد في الماء ثامن جمادى الأولى من سنة ولايته، وأراد المكتفي أن يجلس للمظالم، فشق ذلك على الوزير القاسم بن عبيد الله، فشاور أبا العباس بن الفرات، فقال: انظر الذي يشتد عليه، فعرفه به، فقال: ما أرى أشد عليه من المال، قال: فعرفه أن في يد السلطان وقوفا مدة مائة سنة أو أكثر، وأقل ارتفاعها في السنة خمس مائة ألف دينار، وأن أمير المؤمنين يحتاج أن يعلم هذا قبل جلوسه، فعرفه القاسم ذلك، فكان سبب امتناعه من الجلوس. وتوفي في ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين، فمدة ولايته ست سنين ونصف، وعمره إحدى وثلاثون سنة، ثم ولي الخلافة بعده أخوه أبو الفضل جعفر المقتدر بالله بن المعتضد وعمره إذ ذاك ثلاث عشرة سنة وأربعون يوما، ولم يل أمر الأمة صبي قبله.

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 117)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 254)، و «العبر» (2/ 109)، و «مرآة الجنان» (2/ 225)، و «شذرات الذهب» (3/ 404). (2) «تاريخ الطبري» (10/ 138)، و «المنتظم» (7/ 393)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 562)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 479)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 204)، و «العبر» (2/ 108)، و «مرآة الجنان» (2/ 224)، و «شذرات الذهب» (3/ 401).

1386 - [الحسن بن علي بن شبيب]

1386 - [الحسن بن علي بن شبيب] (1) الحسن بن علي بن شبيب المعمري-نسبة إلى جده لأمه أبي سفيان محمد بن حميد المعمري، صاحب معمر-البغدادي أبو علي. حدث الحسن عن ابن المديني، وأبي نصر التمار، وخلف بن هشام وغيرهم، وروى عنه الطبراني وغيره. كان من أوعية العلم، موصوفا بالحفظ والذكاء والفهم، وانفرد برفع موقوفات وأحاديث غريبة، ولهذا تكلم فيه موسى بن هارون وغيره، وقواه آخرون، وقال الدارقطني: إنه صدوق حافظ. توفي سنة خمس وتسعين ومائتين. 1387 - [ابن المعتز] (2) أبو العباس عبد الله بن المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور العباسي الأديب. أخذ الأدب عن أبوي العباس: المبرد وثعلب وغيرهما، وكان أديبا بالغا، شاعرا مطبوعا، مقتدرا على الشعر، قريب المأخذ، سهل اللفظ، جيد القريحة، حسن الإبداع للمعاني، مخالطا للعلماء، معدودا من جملتهم، حتى جرت له الحادثة المذكورة في حوادث سنة ست وتسعين ومائتين. ومن تشبيهاته الفائقة تشبيهه ظلام الليل حين ظهر فيه ضوء الصبح بإشخاص الغربان قوادمها بيض في قوله: [من الطويل] كأنا وضوء الصبح يستعجل الدجى … نطير غرابا ذا قوادم جون

(1) «المنتظم» (7/ 392)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 510)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 126)، و «العبر» (2/ 107)، و «شذرات الذهب» (3/ 400). (2) «الأغاني» (10/ 3738)، و «تاريخ الطبري» (10/ 140)، و «المنتظم» (7/ 399)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 570)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 42)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 186)، و «العبر» (2/ 110)، و «مرآة الجنان» (2/ 225)، و «شذرات الذهب» (3/ 405).

بفتح الجيم (1)، ويعني به الأبيض، ويطلق الجون على الأسود أيضا، وهو من باب الأضداد. وكان يقول: لو قيل: ما أحسن شعر تعرفه؟ لقلت: قول العباس بن الأحنف: [من البسيط] قد سحب الناس أذيال الظنون بنا … وفرق الناس فينا قولهم فرقا فكاذب قد رمى بالظن غيركم … وصادق ليس يدري أنه صدقا ولما توفي المكتفي في ذي القعدة من سنة خمس وتسعين ومائتين، ولم يعهد إلى أحد، وكان وزيره العباس بن الحسن مستوليا على الأمر .. استشار الناس فيمن يعقد له الخلافة، فأكثرهم أشار عليه بعبد الله بن المعتز؛ لفضله وعلمه ونسبه، إلا أبا الحسن بن الفرات، فأشار عليه بجعفر بن المعتضد الملقب بالمقتدر، فقال له الوزير: إنه صبي! فقال له ابن الفرات: وإن كان؛ فإنه ابن المعتضد، فاتق الله ولا تنصب في هذا الأمر من قد عرف ضيعة هذا، وولد هذا، وبستان هذا، وبلد هذا، ولقي الناس ولقوه، فترجح للوزير رأي ابن الفرات، فعقدها لجعفر المقتدر، ولما كان اختيار ابن الفرات ذلك لغير الله .. كان هلاكه وهلاك ولده وانقراض بنيه على يد من اختار. ثم إنه كثر كلام الناس في خلافة المقتدر؛ لصغره، فاتفق طائفة على خلعه ونصب ابن المعتز، وخاطبوه بذلك فقال: بشرط ألاّ يكون فيها حرب، فلما كان أول سنة ست وتسعين .. خرج المقتدر إلى الميدان يلعب بالصولجان، وركب لركوبه الأمير فاتك، والوزير العباس بن الحسن، والأمراء، فشد الحسين بن حمدان على الوزير فقتله، فأنكر عليه الأمير فاتك قتله، فألحقه به، ثم سار إلى المقتدر ليثلث به، وسمع المقتدر الهيعة عند قتل الوزير وهو يلعب بالصولجان، فدخل الدار وأغلقت الأبواب، ثم نزل ابن حمدان بدار سليمان بن وهب، وحضر الأمراء والقضاة سوى خواص المقتدر، واستدعي ابن المعتز، فبايعوه، ولقبوه الغالب بالله، وقيل: الراضي، وقيل: المرتضي، فاستوزر محمد بن داود بن الجراح، واستحجب يمن الخادم، ونفذت الكتب الخلافية إلى البلاد، وأرسلوا إلى المقتدر ليتحول من دار الخلافة، ولم يكن معه غير مؤنس الخادم، ومؤنس الخازن، وخاله الأمير في جمع قليل، فنزلوا على حميّة، وقصدوا ابن المعتز، وألقى الله الرعب في قلوب أصحاب ابن المعتز، فخرج إلى سر من رأى ليثبت بها أمره، فلم يتبعه كثير أحد،

(1) يعني في المفرد، أما في البيت .. فهي بضم الجيم؛ لأنها جمع.

1388 - [زغبة بن محمد]

وخذل، فنزل عن فرسه واختفى بدار ابن الجصاص، واختفى وزيره، واستقام الأمر للمقتدر، فقبض على ابن المعتز وسلمه إلى مؤنس الخادم فقتله، وسلمه إلى أهله ملفوفا في كساء، وصودر ابن الجصّاص، وذلك في أوائل سنة ست وتسعين ومائتين، ورثاه علي بن محمد بن بسام بقوله: [من البسيط] لله درّك من ميت بمضيقة … ناهيك في العلم والآداب والحسب ما فيه لوّ ولا لولا فتنقصه … وإنما أدركته حرفة الأدب 1388 - [زغبة بن محمد] (1) أبو جعفر أحمد بن محمد بن حماد، المعروف بزغبة، المحدث. توفي سنة ست وتسعين ومائتين. 1389 - [محمد بن الحسين الوادعي] (2) أبو حصين-بمهملتين-محمد بن الحسين الوادعي الكوفي القاضي. حدث عن أحمد اليربوعي، ويحيى الحماني، وعون بن سلام وغيرهم. وروى عنه يحيى ابن صاعد، والحسين المحاملي، وطائفة. وكان من الثقات، وله «المسند» من المصنفات. توفي سنة ست وتسعين ومائتين. 1390 - [محمد بن أحمد بن أبي خيثمة] (3) محمد بن أبي بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب بن شداد النسائي، ثم البغدادي، الحافظ ابن الحافظ ابن الحافظ.

(1) «تاريخ دمشق» (44/ 102)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 533)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 45)، و «العبر» (2/ 111)، و «مرآة الجنان» (2/ 227)، و «شذرات الذهب» (3/ 409). (2) «تاريخ بغداد» (2/ 225)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 569)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 261)، و «العبر» (2/ 112)، و «شذرات الذهب» (3/ 410). (3) «المنتظم» (7/ 299)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 246)، و «العبر» (2/ 113)، و «مرآة الجنان» (2/ 227)، و «شذرات الذهب» (3/ 411).

1391 - [عمرو بن عثمان المكي]

حدث عن نصر بن علي الجهضمي، وعمرو الفلاس وغيرهما. وروى عنه الطبراني، وأحمد بن كامل وغيرهما. وكان من الحفاظ والنقاد، كان أبوه يستعين به في تصنيف «التاريخ». توفي سنة سبع وتسعين ومائتين. 1391 - [عمرو بن عثمان المكي] (1) أبو عبد الله عمرو بن عثمان المكي، الشيخ الكبير، الولي الشهير، شيخ الصوفية، وأحد الخمسة المقتدى بهم في زمانهم، الجامعين بين علمي الباطن والظاهر، وله تصانيف في الطريقة. توفي سنة سبع وتسعين ومائتين. 1392 - [محمد بن عثمان ابن أبي شيبة] (2) محمد بن عثمان بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي الحافظ أبو جعفر. حدث عن أبيه، وعميه أبي بكر والقاسم ابني أبي شيبة، وابن معين وغيرهم. وروى عنه الطبراني، وعثمان بن السماك وغيرهما. وكان حافظا ورعا، محدث الكوفة، ضعفه جماعة. وتوفي سنة سبع وتسعين ومائتين. 1393 - [يوسف بن يعقوب الأزدي] (3) القاضي يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم البصري، ثم البغدادي أبو محمد.

(1) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 200)، و «المنتظم» (7/ 408)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 216)، و «العبر» (2/ 113)، و «مرآة الجنان» (2/ 227)، و «شذرات الذهب» (3/ 411). (2) «المنتظم» (7/ 410)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 21)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 280)، و «العبر» (2/ 114)، و «مرآة الجنان» (2/ 230)، و «شذرات الذهب» (3/ 411). (3) «المنتظم» (7/ 411)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 85)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 327)، و «العبر» (2/ 115)، و «مرآة الجنان» (2/ 230)، و «شذرات الذهب» (3/ 414).

1394 - [مطين]

حدث عن مسلم بن إبراهيم، وسليمان بن حرب، وشيبان، وعنه روى ابن قانع، ودعلج وغيرهما. وكان إماما حافظا، من الثقات، وله كتاب «السنن» وغيره من المصنفات. توفي سنة سبع وتسعين ومائتين. 1394 - [مطيّن] (1) محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي الكوفي أبو جعفر، الملقب مطيّن. حدث عن أحمد بن يونس، ويحيى الحماني وغيرهما، وعنه روى الطبراني، والإسماعيلي وغيرهما. وكان حافظا، كثير التفقه، خبّارا مشهورا، صنف «المسند» وغيره، وله تاريخ صغير. توفي سنة سبع وتسعين ومائتين. 1395 - [محمد بن داود الظاهري الأصفهاني] (2) محمد بن داود بن علي الأصفهاني الظاهري، الإمام ابن الإمام، الفقيه أبو بكر. كان فقيها أديبا شاعرا طريفا لبيبا ذكيا. لما توفي أبوه .. جلس في حلقته، فاستصغروه، فدسوا إليه من سأله عن حد السكر، فقال له السائل: متى يكون الإنسان داخلا في حد السكران؟ فقال: إذا عزبت عنه الهموم، وباح بسره المكتوم، فاستحسن ذلك منه، وعلم موضعه من العلم. ونقل عن الشافعي رحمه الله مثل ذلك في حد السكران أنه الذي اختل كلامه المنظوم، وانكشف سره المكتوم. وسألته امرأة عن رجل له زوجة لا هو يمسكها ولا يطلقها، فقال: قال بعضهم: تؤمر

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 41)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 274)، و «العبر» (2/ 114)، و «شذرات الذهب» (3/ 412). (2) «المنتظم» (7/ 408)، و «وفيات الأعيان» (4/ 259)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 263)، و «العبر» (2/ 114)، و «مرآة الجنان» (2/ 228)، و «شذرات الذهب» (3/ 412).

بالصبر والاحتساب، وتبعث على الطلب والاكتساب، وقال آخرون: يؤمر بالإنفاق، ولا يحمل على الطلاق، فلم تفهم المرأة قوله، وأعادت مسألتها، فقال لها: يا هذه؛ قد أجبتك عن مسألتك، وأرشدتك إلى طلبتك، ولست بسلطان فأمضي، ولا قاض فأقضي، ولا زوج فأرضي، فانصرفت ولم تفهم جوابه. وصنف في عنفوان شبابه كتاب «الزهرة»، وهو مجموع أدب، أتى فيه بكل غريبة ونادرة وشعر رائق، وكان يناظر أبا العباس بن سريج. واجتمع يوما هو وأبو العباس بن سريج في مجلس الوزير ابن الجراح، فتناظرا في الإيلاء، فقال له ابن سريج: أنت بقولك: من كثرت لحظاته .. دامت حسراته أبصر منك بالكلام في الإيلاء، فقال له ابن داود: لئن قلت ذلك .. فإني أقول: [من الطويل] أنزّه في روض المحاسن مقلتي … وأمنع نفسي أن تنال محرّما وأحمل من ثقل الهوى ما لو انه … يصبّ على الصخر الأصمّ لهدّما وينطق طرفي عن مترجم خاطري … فلولا اختلاسي ردّه لتكلّما رأيت الهوى دعوى من الناس كلهم … فما إن أرى حبا صحيحا مسلّما فقال له ابن سريج: ولم تفتخر علي ولو شئت أنا أيضا .. لقلت: [من الكامل] ومسامر بالغنج من لحظاته … قد بتّ أمنعه لذيذ سناته ضنا بحسن حديثه وغنائه … وأكرر اللحظات في وجناته حتى إذا ما الصبح لاح عموده … ولى بخاتم ربه وبراته فقال ابن داود: يحفظ الوزير عليه ذلك حتى يقيم شاهدي عدل أنه ولى بخاتم ربه وبراته، فقال ابن سريج: يلزمني في ذلك ما يلزمك في قولك: أنزه في روض المحاسن مقلتي … وأمنع نفسي أن تنال محرما فضحك الوزير وقال: لقد جمعتما ظرفا ولطفا، وفهما وعلما. توفي يوم الاثنين تاسع شهر رمضان من سنة سبع وتسعين-أو ثمان وتسعين-ومائتين وعمره إذ ذاك اثنتان وأربعون سنة، ويوم وفاته هو اليوم الذي توفي فيه القاضي يوسف بن يعقوب الأزدي. قال الشيخ اليافعي: (ونقل ابن خلكان عنه حكاية لا تصح؛ فإنه قال: ويحكى أنه لما بلغته وفاة ابن سريج .. كان يكتب شيئا، فألقى الكراس من يده وقال: مات من كنت أحث

1396 - [أحمد ابن مسروق الطوسي]

نفسي وأجهدها على الاشتغال لمناظرته ومقاومته؛ فإن ظاهر هذا اللفظ أن ابن داود هو الذي بلغته وفاة ابن سريج، فقال هذا القول، وهذا لا يصح؛ لأن ابن سريج مات بعده في سنة ست وثلاث مائة. نعم؛ يحكى أنه لما مات ابن داود .. تأسف ابن سريج وقال: كيف تأكل الأرض مثله) (1). 1396 - [أحمد ابن مسروق الطوسي] (2) أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي، السيد الجليل، الشيخ العارف، أستاذ أبي القاسم الجنيد. توفي سنة ثمان وتسعين ومائتين. 1397 - [أبو القاسم الجنيد] (3) أبو القاسم الجنيد بن محمد القواريري-كان أبوه قواريريا-الخزاز-بخاء معجمة، وزاي مشددة مكررة-كان يعمل الخز. سيد الطائفة، وأستاذ الطريقة، أصله من نهاوند، وولد ونشأ بالعراق، تفقه بأبي ثور صاحب الشافعي، وقيل: بل كان على مذهب سفيان الثوري. وصحب خاله السري، والحارث بن أسد المحاسبي وغيرهما من المشايخ، وصحبه الإمام أبو العباس بن سريج، وكان ابن سريج إذا تكلم في الأصول والفروع بكلام، فعجب الحاضرون .. قال: هذا من بركة مجالستي لأبي القاسم الجنيد. وكان الجنيد شيخ وقته، وفريد عصره، له كلام في الطريقة وأسرار الحقيقة مشهور. قال: مذهبنا هذا مقيد بأصول الكتاب والسنة.

(1) «مرآة الجنان» (2/ 230). (2) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 237)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 74)، و «العبر» (2/ 116)، و «مرآة الجنان» (2/ 231)، و «شذرات الذهب» (3/ 415). (3) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 155)، و «حلية الأولياء» (10/ 255)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 66)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 118)، و «العبر» (2/ 116)، و «مرآة الجنان» (2/ 231)، و «شذرات الذهب» (3/ 416).

وسئل عن العارف فقال: من نطق عن سرك وأنت ساكت. ورئيت في يده سبحة، فقيل له: أنت مع شرفك تأخذ سبحة في يدك؟ فقال: طريق وصلت به إلى ربي، لا أفارقه. وكان رضي الله عنه من صغره منطقا بالمعارف والحكم، حتى إن خاله السري سئل عن الشكر والجنيد يلعب مع الصغار، فقال له: ما تقول يا غلام؟ فقال: الشكر ألاّ تستعين بنعمه على معاصيه، فقال السري: ما أخوفني عليك أن يكون حظك في لسانك، فقال الجنيد: فلم أزل خائفا من قوله هذا حتى دخلت عليه يوما بشيء كان محتاجا إليه، فقال لي: أبشر؛ فإني دعوت الله عزّ وجل أن يسوق لي ذلك على يد مفلح أو موفق. اللهم؛ إنا نسألك التوفيق. قال رحمه الله: قال لي خالي: تكلم على الناس، وكان في قلبي حشمة من الكلام على الناس؛ فإني كنت أتهم نفسي في استحقاق ذلك، فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام وكانت ليلة جمعة، فقال لي: تكلم على الناس، فانتبهت، وأتيت باب السري قبل أن يفتح، فدققت الباب، فقال لي: لم تصدق حتى قيل لك هذا؟ ! فقعدت في غد للناس بالجامع، وانتشر في الناس أن الجنيد قعد يتكلم على الناس، فوقف علي غلام نصراني متنكرا وقال: أيها الشيخ؛ ما معنى قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور الله» فأطرقت ساعة، ثم رفعت رأسي فقلت له: أسلم، فقد حان وقت إسلامك، فأسلم الغلام. وفي ذلك كرامتان للجنيد: اطلاعه على كفر الغلام، وعلى أنه سيسلم في الحال، وكل ذلك باطلاع الله تعالى له تفضلا وتكرما. قال الشيخ اليافعي: (وذكر بعض المشايخ أنه لما صنف عبد الله بن سعيد بن كلاّب كتابه الذي رتبه على جميع المذاهب .. قال: هل بقي أحد؟ قيل له: نعم، طائفة يقال لها: الصوفية، قال: هل لهم من إمام يرجعون إليه؟ قيل: نعم، الأستاذ أبو القاسم الجنيد، فأرسل إليه يسأله عن حقيقة مذهبه، فأجابه أن مذهبنا إفراد القدم عن الحدث، وهجران الإخوان والأوطان، ونسيان ما يكون وما كان، فتعجب ابن كلاّب من هذا الجواب وقال: هذا شيء أو كلام لا يمكن فيه المناظرة، ثم حضر مجلس الجنيد وسأله عن التوحيد، فأجابه بعبارة مشتملة على معارف الأسرار والحكم فقال: أعد علي ما قلت، فأعاده بعبارة

أخرى، فقال: هذا شيء آخر، فأعده علي، فأعاده لا بتينك العبارتين، فقال: ما يمكننا حفظ ما تقول، فأمله علينا، فقال: لو كنت أجريه .. كنت أمليه، فاعترف بفضله وعلو شأنه) (1). وعن بعض مشايخ الصوفية أنه قال: قال الكعبي من كبار أئمة المعتزلة: رأيت لكم شيخا ببغداد يقال له الجنيد، ما رأت عيني مثله، كان الكتبة يحضرونه لألفاظه، والفلاسفة لرقة كلامه، والشعراء لفصاحته، والمتكلمون لمعانيه، وكلامه ناء عن فهمهم. وعن الأستاذ أبي القاسم الجنيد أنه قال: دخلت الكوفة في بعض أسفاري، فرأيت دارا لبعض الرؤساء وقد شف عليها النعيم، وعلى بابها عبيد وغلمان، وفي بعض رواشنها جارية تغني وتقول: [من الوافر] ألا يا دار لا يدخلك حزن … ولا يعبث بصاحبك الزمان فنعم الدار أنت لكل ضيف … إذا ما الضيف أعوزه المكان قال: ثم مررت بعد مدة؛ فإذا الباب مسود، والجمع مبدد، وقد ظهر عليها كآبة الذل والهوان، وأنشد لسان الحال: [من الكامل] ذهبت محاسنها وبان شجونها … فالدهر لا يبقي مكانا سالما فاستبدلت من أنسها بتوحش … ومن السرور بها عزاء راغما قال: فسألت عن خبرها، فقيل لي: مات صاحبها، فآل أمرها إلى ما ترى، فقرعت الباب الذي كان لا يقرع، فكلمتني جارية بكلام ضعيف، فقلت لها: يا جارية؛ أين بهجة هذا المكان وأنواره، وشموسه وأقماره، وقصاده وزواره؟ ! فبكت، ثم قالت: يا شيخ؛ كانوا فيه على سبيل العارية، ثم نقلتهم الأقدار إلى دار القرار، وهذه عادة الدنيا: ترحل من سكن فيها، وتسيء إلى من أحسن إليها، فقلت لها: يا جارية؛ مررت بها في بعض الأعوام وفي هذا الروشن جارية تغني: ألا يا دار لا يدخلك حزن فبكت، وقالت: أنا-والله-تلك الجارية، ولم يبق من أهل هذه الدار أحد غيري، فالويل لمن غرته دنياه، فقلت لها: كيف قربك القرار في هذا الموضع الخراب؟ ! فقالت

(1) «مرآة الجنان» (2/ 233).

1398 - [أبو عثمان الحيري]

لي: ما أعظم جفاءك! أما كان منزل الأحباب، ثم أنشأت: [من البسيط] قالوا أتفنى وقوفا في منازلهم … ونفس مثلك لا يفنى تحملها فقلت والقلب قد ضجت أضالعه … والروح تنزع والأشواق تبدلها منازل الحب في قلبي معظمة … وإن خلا من نعيم الوصل نازلها فكيف أتركها والقلب يتبعها … حبا لمن كان قبل اليوم ينزلها قال: فتركتها، ومضيت وقد وقع شعرها من قلبي موقعا. توفي الأستاذ سنة ثمان وتسعين ومائتين، أو سبع وتسعين ومائتين. 1398 - [أبو عثمان الحيري] (1) سعيد بن إسماعيل أبو عثمان الحيري-بحاء وراء مهملتين بينهما آخر الحروف ساكنة- الشيخ الكبير، العارف بالله، شيخ نيسابور في زمنه وواعظها، وكبير الصوفية بها. صحب الشيخ الكبير أبا حفص النيسابوري، وكان كبير الشأن، مجاب الدعوة. توفي سنة ثمان وتسعين ومائتين. 1399 - [أحمد بن نصر الخفاف] (2) أحمد بن نصر بن إبراهيم النيسابوري أبو عمرو الخفاف، الملقب بزين الأشراف، شيخ نيسابور، الحافظ الزاهد. سمع إسحاق بن راهويه، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وأبو كريب محمد بن العلاء. وروى عنه أبو بكر الضبعي، وأبو حامد بن الشرقي وغيرهما من الأعلام. وكان إماما حافظا رحالا صائم الدهر، كثير البر والإحسان، تصدق حين كبر بأموال لها شأن.

(1) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 170)، و «حلية الأولياء» (10/ 244)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 62)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 149)، و «العبر» (2/ 117)، و «مرآة الجنان» (2/ 236)، و «شذرات الذهب» (3/ 418). (2) «المنتظم» (7/ 428)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 560)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 78)، و «العبر» (2/ 118)، و «مرآة الجنان» (2/ 236)، و «شذرات الذهب» (3/ 421).

1400 - [محمد بن أحمد بن كيسان]

قال ابن خزيمة يوم وفاته: لم يكن بخراسان أحفظ للحديث منه. توفي سنة تسع وتسعين ومائتين. 1400 - [محمد بن أحمد بن كيسان] (1) أبو الحسن محمد بن أحمد بن كيسان البغدادي النحوي، صاحب التصانيف في القراءات والغريب والنحو. وكان أبو بكر بن مجاهد يعظمه ويطريه ويقول: هو أنحى من الشيخين، يعني المبرد وثعلبا. توفي سنة تسع وتسعين ومائتين. 1401 - [أبو محمد صاحب الأندلس] (2) أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي صاحب الأندلس، وليها بعد أخيه المنذر. وكان ذا صلاح وعبادة وعدل واجتهاد، يلتزم الصلوات في الجامع، وله غزوات كبار، أشهرها غزوة ابن حفصون الخارجي، وكان في ثلاثين ألفا، وهو في أربعة عشر ألفا، فالتقيا، فانكسر ابن حفصون الخارجي، وتبعه عبد الله يأسر ويقتل، حتى لم ينج منهم أحد. وتوفي عبد الله المذكور سنة ثلاث مائة، ومدة ولايته خمس وعشرون سنة، وولي بعده ابنه أبو المطرد عبد الرحمن (3).

(1) «المنتظم» (7/ 431)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 615)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 247)، و «العبر» (2/ 119)، و «مرآة الجنان» (2/ 236)، و «شذرات الذهب» (3/ 422). (2) «الكامل في التاريخ» (6/ 621)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 155)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 184)، و «العبر» (2/ 120)، و «مرآة الجنان» (2/ 236)، و «شذرات الذهب» (3/ 423). (3) بل هو حفيده، واسمه: عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله.

1402 - [مسدد بن قطن]

1402 - [مسدد بن قطن] (1) مسدد بن قطن النيسابوري. قال الحاكم: كان مزني عصره، والمقدم في الزهد والورع. اه‍ توفي سنة ثلاث مائة. 1403 - [يحيى بن علي المنجم] (2) أبو أحمد يحيى بن علي، المعروف بالمنجم. كان أول أمره نديم الموفق طلحة بن المتوكل على الله، وكان الموفق نائبا عن أخيه المعتمد على الله ولم يل الخلافة، ثم نادم يحيى المذكور الخلفاء بعد الموفق، واختص بمنادمة المكتفي بالله، وعلت رتبته عنده، وتقدم على خواصه وجلسائه. وكان متكلما، معتزلي الاعتقاد، وله في ذلك كتب كثيرة، وكان له مجلس يحضره جماعة من المتكلمين بحضرة المكتفي. وله مع المعتضد نوادر، منها أنه قال: كنت يوما بين يدي المعتضد وهو مغضب، فأقبل بدر مولاه، وهو شديد الغرام به، فلما رآه من بعيد .. ضحك وقال: يا يحيى؛ من الذي يقول من الشعراء: [من البسيط] في وجهه شافع يمحو إساءته … من القلوب وجيه حيث ما شفعا فقلت: يقوله الحكم بن عمرو الشاري، فقال: لله دره، أنشدني هذا الشعر، فأنشدت: [من البسيط] ويلي على من أطار النوم فامتنعا … وزاد قلبي على أوجاعه وجعا كأنما الشمس في أعطافه لمعت … حسنا أو البدر من أزراره طلعا مستقبل بالذي يهوى وإن كثرت … منه الذنوب ومعذور بما صنعا في وجهه شافع يمحو إساءته … من القلوب وجيه حيث ما شفعا توفي ابن المنجم المذكور في سنة ثلاث مائة.

(1) «تاريخ الإسلام» (22/ 310)، و «العبر» (2/ 121)، و «مرآة الجنان» (2/ 236). (2) «الكامل في التاريخ» (6/ 623)، و «وفيات الأعيان» (6/ 198)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 405)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 323)، و «مرآة الجنان» (2/ 237).

1404 - [ابن الراوندي]

1404 - [ابن الراوندي] (1) أحمد بن يحيى الراوندي الملحد، كان يلازم الرافضة والزنادقة. قال ابن الجوزي: (كنت أسمع عنه العظائم حتى رأيت في كتبه ما لم يخطر على قلب أنه يقوله عاقل) (2). وقال ابن عقيل: كيف لم يقتل وقد صنف «الدامغ» يدمغ به القرآن في زعمه، و «الزمردة» يزري به على النبوات. ومن تصانيفه كتاب «نعت الحكمة» وكتاب «قضيب الذهب». وذكر بعضهم أن له من التصانيف ما ينيف على مائة مصنف. قال الشيخ اليافعي: (وأئمتنا من أهل الحق ينقلون عنه في كتب الأصول أشياء ينسبونه فيها إلى الزندقة والإلحاد، فلا اعتبار بمن يمدحه بالفضائل، كابن خلكان وغيره) (3). توفي في حدود الثلاث مائة، والله سبحانه أعلم. 1405 - [إبراهيم بن موسى الخداشي] (4) إبراهيم بن موسى بن عمران الخداشي-بكسر الخاء المعجمة، وفتح الدال المهملة بعدها ألف، وشين معجمة، ثم ياء النسب-المعافري. تفقه بأبيه موسى وغيره، وبه تفقه جماعة، منهم: يعقوب البعداني، وأسعد بن الهيثم وغيرهما. وسمع «مختصر المزني» على أبي رجاء محمد بن حامد البغدادي، وكان أول من نشر مذهب الشافعي باليمن في أول ظهوره، وكان فقيها كبيرا. يسكن إبّا والسّحول، ثم تديّر الملحمة، قرية بوادي السحول تحت الحصن المعروف

(1) «المنتظم» (7/ 415)، و «وفيات الأعيان» (1/ 94)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 59)، و «تاريخ الإسلام» (22/ 84)، و «العبر» (2/ 122)، و «مرآة الجنان» (144/ 2، 237)، و «شذرات الذهب» (4/ 7). (2) «المنتظم» (7/ 415). (3) «مرآة الجنان» (2/ 238). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 98)، و «السلوك» (1/ 239)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 42).

1406 - [أحمد بن إبراهيم بن عمران]

بشواحط-بشين معجمة مضمومة، وقيل: مفتوحة، وواو مفتوحة، ثم ألف، ثم حاء مهملة مكسورة، ثم طاء مهملة-ولم يزل بها إلى أن توفي، ولم أقف على تاريخ وفاته (1)، وذكرته في هذه الطبقة ظنا، والله سبحانه وتعالى أعلم. 1406 - [أحمد بن إبراهيم بن عمران] (2) أحمد بن إبراهيم بن عمران، تفقه بأبيه، وكان فقيها نبيلا فاضلا، وكان مسكنه الملحمة من وادي السحول، وكان أحد الرجال المعدودين المشار إليهم في زمانه، وهو من بيت علم وصلاح. ولم أقف على تاريخ وفاته، كذا ذكره الخزرجي (3)، وأظنه ابن المتقدم ذكره، إلا أنه سقط في نسبه موسى بين إبراهيم وعمران (4)، ولذلك ذكرته في هذه الطبقة. والله أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) قال ابن سمرة في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 98): مات سنة خمسين وأربع مائة. (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 114)، و «السلوك» (1/ 251)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 45). (3) انظر «طراز أعلام الزمن» (1/ 45). (4) والظاهر أنه ابنه كما قال المصنف؛ لأن ابن سمرة والجندي سمياه: أحمد بن إبراهيم بن أبي عمران، وأبوه كان معروفا بإبراهيم بن أبي عمران، فلعله سقط في نسخة الخزرجي كلمة (أبي) قبل (عمران) والله أعلم.

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والثمانون بعد المائتين فيها: خرج المعتضد إلى الجبل؛ لاضطرابه بوصيف الخادم، وانصرف، ثم أسره من بعد شهر ببغداد (1). وفيها: توفي الإمام أبو بكر محمد بن عبيد بن أبي الدنيا الدمشقي القرشي مولاهم، كذا في الأصل: أبو بكر محمد بن عبيد، وفي بعض التواريخ: أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا (2)، والإمام أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي الحافظ، كذا في الأصل: الدمشقي، وفي «كتاب الذهبي»: (البصري) (3)، وإبراهيم ابن ديزيل، ومحمد بن إبراهيم المواز. *** السنة الثانية والثمانون بعد المائتين فيها: غضب المعتضد على حمدان بن حمدون، وحبسه، واستصفى أمواله، ثم أطلقه لما هزم ابنه الحسين هارون الشاري، وحمله إلى المعتضد، ومات حمدان ببغداد، وأمر المعتضد أن تؤرخ كتب ديوان الخراج والضياع باسم عبد الله بن سليمان (4). وفيها: وقع الصلح بين المعتضد وخمارويه صاحب مصر، وذلك أنه لما مات المعتمد، وولي الخلافة المعتضد .. بادر إليه خمارويه بالهدايا والتحف، فأقره على عمله، وسأل خمارويه المعتضد أن يزوج ابنته أسماء الملقبة بقطر الندى للمكتفي بن المعتضد بالله وهو إذ ذاك ولي العهد، فقال المعتضد: أنا أتزوجها، فتزوجها وأصدقها ألف ألف درهم في سنة إحدى وثمانين، وزفت إليه من مصر في هذه السنة، حملها إليه ابن الجصّاص، ولما خرجت من مصر إلى بغداد .. شيعتها عمتها العباسة بنت أحمد بن طولون

(1) «تاريخ الطبري» (10/ 36)، و «المنتظم» (7/ 273)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 481). (2) كما في «تاريخ الإسلام» (21/ 206). (3) «العبر» (2/ 71)، وفي «تاريخ الإسلام» (21/ 212): (النصري)، وهو الصواب، انظر «الأنساب» (5/ 496). (4) «تاريخ الطبري» (10/ 39)، و «المنتظم» (7/ 273)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 483).

السنة الثالثة والثمانون

حتى بلغت إلى آخر أعمال مصر من جهة الشام، ونزلت هناك، وضربت قبابها وفساطيطها، وبنت هناك قرية، فسميت: العباسة، باسمها. قال ابن خلكان: (وهي عامرة إلى الآن، وبها جامع حسن وسوق) (1). وجهزها أبوها بجهاز لم يعمل مثله، حتى قيل: إنه كان لها ألف هاون ذهبا، وقوّم جهازها بألف ألف دينار، وأعطت الذي مشى في الدلالة مائة ألف درهم، ويقال: إن المعتضد أراد بنكاحها افتقار الطولونية، وكذلك كان (2). وفي هذه السنة: توفي خمارويه بن أحمد بن طولون أمير مصر، وأبو العيناء محمد بن القاسم البصري الضرير اللغوي الأخباري، صاحب النوادر والشعر والأدب. وفيها: توفي الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل الطوسي، والحافظ أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل الأزدي مولاهم البصري الفقيه المالكي قاضي بغداد، والحافظ أبو الفضل جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي البغدادي، والحافظ أبو محمد الحارث بن محمد بن أبي أسامة اليمني البغدادي، والحسين بن الفضل بن عمير البجلي الكوفي المفسر نزيل نيسابور، والحافظ أبو محمد الفضل بن محمد الشعراني. *** السنة الثالثة والثمانون فيها: ظفر المعتضد برأس الخوارج هارون الشاري-بالمعجمة-وذلك أن الحسين بن حمدان التقى هو والشاري المذكور، فهزم الحسين عسكر هارون الشاري، وحمله إلى المعتضد أسيرا، ودخل به بغداد راكبا على فيل، وزينت بغداد (3). وفيها: توفي قدوة السالكين وحجة الله على العارفين أبو محمد سهل بن عبد الله التستري، وقاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن أبي الشوارب الأموي البصري، والحافظ إسحاق الختليّ، وعبد الرحمن ابن خراش، والباغندي، وتمتام، وأبو الحسن علي بن العباس المعروف بابن الرومي الشاعر المشهور.

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 250). (2) «تاريخ الطبري» (10/ 39)، و «المنتظم» (7/ 277)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 486). (3) «تاريخ الطبري» (10/ 43)، و «المنتظم» (7/ 289)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 489).

السنة الرابعة والثمانون

وفيها: أمر المعتضد بتوريث ذوي الأرحام، وإبطال دواوين المواريث في ذلك، فكثر الدعاء عليه، وكان قبل ذلك قد أبطل النيروز ووقيد النار، وأمات سنة المجوس (1). *** السنة الرابعة والثمانون قال ابن جرير: (وفيها: عزم المعتضد على لعن معاوية على المنابر، فخوفه الوزير من العامة، فلم يلتفت، ومنع القصاص من الكلام، ومن اجتماع الخلق في الجوامع، وكتب كتابا فيه مصائب ومعائب، فقال القاضي يوسف بن يعقوب: يا أمير المؤمنين؛ أخاف الفتنة عند سماعه، فقال: إن تحركت العامة .. وضعت فيهم السيف، قال: فما تصنع بالعلوية الذين هم في كل ناحية قد خرجوا عليك، فإذا سمع الناس هذا من فضائل أهل البيت .. مالوا إليهم، وصاروا أبسط ألسنة، فأمسك المعتضد) (2). وفيها: توفي أبو يوسف أحمد بن يعقوب بن صالح، والحافظ أحمد بن المبارك المستملي، وأبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي المعروف بالبحتري الشاعر المشهور. *** السنة الخامسة والثمانون فيها: وثب صالح بن مدرك الطائي في طيء، وانتهبوا الركب العراقي، وبدّعوا، وسبوا النساء، وراح للناس ما قيمته ألف ألف دينار (3). وفيها: ظهر بالبحرين أبو سعيد القرمطي، وقويت شوكته، وانضم إليه جمع من الأعراب والزنج واللصوص حتى تفاقم أمره، وهزم جيوش الخليفة مرات، فعاث وأفسد، وقصد البصرة، فحصنها المعتضد (4).

(1) «العبر» (2/ 76)، و «مرآة الجنان» (2/ 198)، و «شذرات الذهب» (3/ 341). (2) «تاريخ الطبري» (10/ 54)، و «المنتظم» (7/ 300)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 497)، و «العبر» (2/ 78). (3) «تاريخ الطبري» (10/ 67)، و «المنتظم» (7/ 305)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 501)، و «مرآة الجنان» (2/ 209). (4) «المنتظم» (7/ 322)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 504)، و «العبر» (2/ 82)، و «شذرات الذهب» (3/ 358)، وفيها: أن هذه الحادثة كانت في السنة التي بعد هذه.

وفيها: توفي الحافظ الحبر أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي، وإمام النحو أبو العباس المبرد، واسمه: محمد بن يزيد الأزدي البصري، وأبو الحسن علي بن عبد العزيز البغوي المحدث بمكة، وهو عم البغوي عبد الله بن محمد، والحافظ أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدّبري اليمني-نسبة إلى دبرة بفتح الدال المهملة والموحدة، والراء، ثم هاء، قرية على نصف مرحلة من صنعاء-كان إماما مشهورا مذكورا، أخذ عن عبد الرزاق «جامع معمر»، وأخذ عنه عدة من العلماء المشاهير، وعمر عمرا طويلا. حكى الجندي أنه كان موجودا في سنة اثنتين وسبعين ومائتين (1). قال الخزرجي: (الصواب: سنة اثنتين وتسعين-بتقديم التاء على السين-ومائتين؛ فإن صاحب «العطايا السنية» حكى أن ميلاده كان في سنة خمس-أو ست-وتسعين ومائة) (2). وكان بعضهم يقول: هو الشيخ الذي حكى الشافعي أنه كان يقرأ الحديث على شيخ باليمن يدخل عليه خمسة كهول ... الخبر المشهور بين الفقهاء في كتبهم، وهو الذي يقول فيه القائل: [من الرجز] لا بد من صنعا وإن طال السفر … لطيبها والشيخ فيها من دبر وممن رحل إليه إسحاق بن إبراهيم النحوي، وكان فقيها عارفا رحالا في طلب العلم. قال القاضي أحمد العرشاني: قدم المذكور على إسحاق بن إبراهيم الدبري سنة اثنتين ومائتين. قال الخزرجي: (الصواب: سنة اثنتين وثمانين ومائتين؛ لأن الصواب في ميلاد الدبري ما قدمناه: أنه سنة اثنتين وتسعين ومائة) (3)، وهو الذي يروي عن إبراهيم بن هدبة، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «لو أذن للسماوات والأرض أن يتكلما .. لبشرتا صائم رمضان بالجنة» (4).

(1) انظر «السلوك» (1/ 143). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 194).وانظر «العطايا السنية» (ص 272). (3) «طراز أعلام الزمن» (1/ 195). (4) أخرجه ابن حبان في «المجروحين» (1/ 113)، والفاكهي في «أخبار مكة» (1576).

السنة السادسة والثمانون

وممن سمع منه أيضا كما قال القاضي العرشاني: عبد الرحمن بن أحمد الهمداني أبو أحمد، كان فقيها فاضلا محدثا، قدم صنعاء، وسمع من الدبري كما مر، وسمع منه- أعني: عبد الرحمن المذكور-مشايخ صنعاء: الحسن بن عبد الأعلى، والكشوري وغيره، يروي مرفوعا عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «إن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا، فطوبى للغرباء» قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: «الذين يصلحون ما أفسد الزمان من سنتي» (1)، ولم يذكر القاضي تاريخ وفاته. وكذلك أبو محمد عبد الأعلى بن محمد بن عباد بن الحسن البوسي، كان فقيها عارفا مجتهدا. قال الجندي: (تفقه وأخذ عن إسحاق الدبري المقدم ذكره، ولم أقف على تاريخ وفاته) اه‍ (2) وذكرته هنا كالذين قبله تبعا لشيخهم الدبري. *** السنة السادسة والثمانون فيها: توفي الشيخ الكبير العارف بالله الشهير أبو سعيد أحمد بن عيسى الخراز، والحافظ محمد بن وضاح محدث قرطبة، وعبد الرحيم ابن البرقي، وأبو عبادة البحتري على خلاف، والكديمي. *** السنة السابعة والثمانون فيها: قلد إسماعيل بن أحمد ما كان في يد عمرو بن الليث بخراسان، ونفذ إليه الخلع واللواء، فواقع عمرا وأسره وحمله إلى بغداد، فشهر بها، وحبس حتى مات قبل المعتضد بيومين (3). وفيها: اشتد أمر القرامطة، فبعث المعتضد العباس بن عمرو الغنوي في ألفي رجل،

(1) أخرجه الترمذي (2630). (2) «السلوك» (1/ 145). (3) «تاريخ الطبري» (10/ 76)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 509)، و «شذرات الذهب» (3/ 358).

السنة الثامنة والثمانون

فالتقى هو وأبو سعيد الجنابي القرمطي، فأسر العباس، وهزم عسكره، وقيل: بل أسر سائر العسكر، وضربت رقابهم، وأطلق العباس وحده، فجاء إلى المعتضد برسالة القرمطي: أن كف عنا، واحفظ حرمتك (1). وفيها: قصدت طيء ركب العراق في رجوعه من الحج؛ ليأخذوه كالعام الماضي، فكانوا في ثلاثة آلاف، وأمير الحج أبو الأغر، فواقعوهم يوما وليلة، والتحم القتال، ثم أيد الله الوفد، فقتل رئيس طيء صالح بن مدرك وجماعة من أشراف قومه، وأسر خلق، وانهزم الباقون، ثم دخل الركب بالأسرى وبالرءوس على الرماح بغداد (2). وفيها: توفي الحافظ أبو بكر بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك الشيباني البصري قاضي أصبهان، والحافظ أبو سعيد الهروي، وزكريا المعروف بخياط السنة. *** السنة الثامنة والثمانون فيها: مات عبيد الله بن سليمان بن وهب، وقلد ابنه القاسم الوزارة مكانه بشفاعة بدر المعتضدي، فقال له المقتدر: والله لأقتلنك؛ غيرة، فكان كما قال. وفيها: توفي الإمام أبو القاسم عثمان بن سعيد الأنماطي البغدادي، والحافظ بشر بن موسى، والحاسب الحكيم ثابت ابن قرة الحراني. *** السنة التاسعة والثمانون فيها: توفي المعتضد أبو العباس أحمد بن الموفق أبي أحمد طلحة بن المتوكل جعفر بن المعتصم العباسي، وولي المكتفي بالله. وفيها: توفي الحافظ الحسين بن محمد القباني النيسابوري صاحب «المسند» و «التاريخ»، ويحيى بن أيوب العلاف المصري، صاحب سعيد بن أبي مريم، والحافظ أبو جعفر صاحب سليمان بن حرب، وأبو عبد الملك البسري، وبكر بن سهل، وأبو يزيد القراطيسي.

(1) «المنتظم» (7/ 329)، و «العبر» (2/ 85)، و «مرآة الجنان» (2/ 215)، و «شذرات الذهب» (3/ 363). (2) «الكامل في التاريخ» (6/ 516)، و «العبر» (2/ 84)، و «مرآة الجنان» (2/ 214)، و «شذرات الذهب» (3/ 363).

السنة الموفية تسعين

وفيها: اشتد القحط باليمن، وأكل الناس بعضهم بعضا، ومات كثير من الناس جوعا، وخربت في اليمن قرى كثيرة (1). *** السنة الموفية تسعين فيها: حاصرت القرامطة دمشق، فقتل طاغيتهم يحيى بن زكرويه-بالزاي في أوله- فخلفه أخوه الحسين صاحب الشامة، فجهّز المكتفي لحربهم الأمير أبو الأغر في عشرة آلاف، فلقيهم صاحب الشامة في ألف نفس، فدخل حلب، وقتل تسعة آلاف، ووصل المكتفي إلى الرقة، وجهز الجيوش إلى أبي الأغر، وجاءت من مصر العساكر الطولونية، فهزموا القرامطة، وقتلوا منهم خلقا، وقيل: بل كانت الوقعة بين القرامطة والمصريين بأرض مصر، وإن القرمطي صاحب الشامة انهزم إلى الشام، ومر بالرحبة وهيت ينهب ويسبي الحرم، حتى دخل الأهواز (2). وكان زكرويه يكذب ويزعم أنه من آل الحسين بن علي، وكان باطني الاعتقاد، وهو الذي بنى المهدية في المغرب. وفي السنة المذكورة: توفي الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد ابن حنبل الشيباني، والغلابيّ، ومحمد بن يحيى بن المنذر. *** السنة الحادية والتسعون فيها: نهض جيش من طرسوس، فأوغلوا في الروم حتى نازلوا أنطاكية وافتتحوها عنوة، وقتلوا من الروم نحو خمسة آلاف، وغنموا غنيمة لم يعهد مثلها بحيث بلغ سهم الفارس ألف دينار (3). وفيها: عظم أمر القرمطي بالشام، والتزم له أهل دمشق بمال عظيم حتى يرحل عنهم،

(1) «تاريخ صنعاء» (ص 80)، و «بهجة الزمن» (ص 48). (2) «المنتظم» (7/ 347)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 532)، و «العبر» (2/ 90)، و «مرآة الجنان» (2/ 217)، و «شذرات الذهب» (3/ 376). (3) «تاريخ الطبري» (10/ 116)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 540)، و «العبر» (2/ 93)، و «مرآة الجنان» (2/ 218)، و «شذرات الذهب» (3/ 382).

السنة الثانية والتسعون

وتملك حمص، وساروا إلى حماة والمعرة، فقتل وسبى، وعطف إلى بعلبك فقتل أكثر أهلها، ثم سار فأخذ سلمية؛ بذلها أهلها بالأمان، فلما خرجوا إليه بمن فيها من الهاشميين .. قتلهم أجمعين، ثم قتل الصبيان والبهائم، وخرج وليس فيها عين تطرف، ثم جاء جيش المكتفي وعليهم الحسين بن حمدان ومحمد بن سليمان كاتب الجيش، فالتقوا بالحسين بن زكرويه القرمطي صاحب الشامة بقرب حمص، فانهزمت القرامطة خذلهم الله، وأسر خلق منهم، وهرب صاحب الشامة هو وابن عمه الملقب بالمدثّر وآخر يعرف بالمطوق في جماعة من أصحابه، فاخترقوا ثلاثتهم البرية، فمروا بدالية بن طوق، فأنكرهم والي تلك الناحية، فقررهم، فاعترف صاحب الشامة، فحملهم إلى المكتفي، وكانوا ثلاث مائة وستين، فيهم صاحب الشامة وابن عمه المدثّر والمطوق، فقطعت أيديهم وأرجلهم، وقتلوا، وحرقوا (1). وفيها: توفي أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني مولاهم المعروف بثعلب الكوفي النحوي إمام أهل الأدب، وهارون بن موسى المعروف بالأخفش مقرئ أهل دمشق صاحب ابن ذكوان، ومحمد بن عبد الرحمن المخزومي المعروف بقنبل قارئ أهل مكة، والحافظ محمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن علي الصائغ. *** السنة الثانية والتسعون فيها: خرج صاحب مصر هارون بن خمارويه الطولوني عن الطاعة، فأرسل المكتفي إليه الأمير محمد بن سليمان في جيش، ووقعت بينهم وقعات، ثم اختلف أمراء الطولوني واقتتلوا، فخرج هارون ليسكنهم، فجاءه سهم غرب فقتله (2)، ودخل الأمير محمد بن سليمان قائد جيش المكتفي إلى مصر، وتملك الإقليم، واحتوى على الخزائن، وقتل من آل طولون بضعة عشر رجلا، وحبس طائفة، وكتب بالفتح إلى المكتفي. وقيل: إن هارون هم بالمضي إلى المكتفي، فامتنع عليه أمراؤه وسجنوه وقتلوه غيلة (3).

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 538)، و «العبر» (2/ 93)، و «مرآة الجنان» (2/ 218)، و «شذرات الذهب» (3/ 382). (2) سهم غرب: لا يدرى راميه، وفيه أربع لغات؛ بإضافة (سهم) إلى (غرب) مع فتح الراء وسكونها، وبتنوين (سهم) و (غرب) نعت له مع فتح الراء وسكونها أيضا. (3) «المنتظم» (7/ 361)، و «العبر» (2/ 97)، و «مرآة الجنان» (2/ 220)، و «شذرات الذهب» (3/ 386).

السنة الثالثة والتسعون

وفيها: توفي الحافظ أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري صاحب «السنن»، والمقرئ المحدث إدريس بن عبد الكريم، والحافظ أبو الحسن أسلم بن سهل، والقاضي أبو حازم عبد الحميد بن عبد العزيز الحنفي، والإمام أبو العباس محمد بن أحمد الهروي، ويحيى بن منصور أبو سعيد الهروي، والإمام أحمد بن علي بن سعيد المروزي، والحافظ أحمد بن عمرو البزار، وأبو مسلم الكجي. وفيها: قتل أبو الفضل جعفر بن إبراهيم بن أبي جعفر المناخي نسبة إلى ذي مناخ، واسم ذي مناخ: زرعة بن عبد شمس بن وائل بن الغوث، يرجع نسبه إلى قحطان، وجعفر هذا هو الذي ينسب إليه مخلاف جعفر، وقيل: إن المخلاف منسوب إلى جعفر مولى ابن زياد، وكان أبو الفضل جعفر المذكور قيلا على هذه الناحية هو وآباؤه، وقد تقدم لأبيه ذكر في العشرين الأولى من هذه المائة، وفي أيام جعفر بن إبراهيم هذا كان قيام علي بن الفضل القرمطي، وانتشار القرامطة في اليمن، ثم إن علي بن الفضل القرمطي كتب إلى جعفر بن إبراهيم كتابا يقول فيه: بلغني ما أنت عليه من ظلم المسلمين وأخذ أموالهم، وإنما قمت؛ لإقامة الحق وإماتة الباطل، فادفع لأهل دلال دية ما قطعت من أيديهم وأرجلهم، وكان جعفر قد قطع منهم على حجر بالمذيخرة ثلاث مائة يد، ثم إن علي بن الفضل سار نحو جعفر بن إبراهيم، فلزم له جعفر نقيل البردان، وقاتله هنالك، فانهزم علي بن الفضل وجموعه، وذلك في شهر رمضان سنة إحدى وتسعين ومائتين، ثم إن علي بن الفضل جمع جموعا كثيرة، وقصد المذيخرة بلد جعفر بن إبراهيم، فدخلها وأخذ حصن التّعكر، وانهزم جعفر إلى قرية القرتب من وادي زبيد، فأمده صاحب زبيد بجيش كثيف، فرجع جعفر بن إبراهيم يريد المذيخرة، فلقيه علي بن الفضل في جموعه بوادي نخلة، فقتل جعفر بن إبراهيم وابن عمه أبو الفتوح في التاريخ المتقدم ذكره، واستقوى علي بن الفضل، واستولى على بلاد المناخي، وجعلها مستقر ملكه (1). *** السنة الثالثة والتسعون فيها: عاثت القرامطة بالشام، وقتلوا وسبوا وبدّعوا بحوران وطبرية، ودخلوا السماوة، وطلعوا إلى هيت واستباحوها، ثم وثبت هذه الفرقة الطاغية على زعيمها

(1) «تاريخ صنعاء» (ص 80)، و «بهجة الزمن» (ص 54).

السنة الرابعة والتسعون

أبي غانم فقتلوه، ثم إن زكرويه رأس القرامطة جمع جموعا كثيرة، ونازل الكوفة، وقاتله أهلها، ثم جاءه جيش الخليفة، فالتقاهم وهزمهم، ودخل الكوفة يصيح في قومه: يا ثارات الحسين، يعنون صاحب الخال ولد زكرويه الذي سموه: شامة (1). وفيها: دخلت القرامطة صنعاء، وانحاز الأمير أسعد بن أبي يعفر إلى بلاد قدوم (2). وفيها: توفي عبدان بن محمد بن عيسى المروزي، وعيسى بن محمد المروزي اللغوي، وهو الذي رأى بخوارزم المرأة التي بقيت نيفا وعشرين سنة لا تأكل ولا تشرب، ولها قصة مذكورة في «طبقات السبكي الكبرى» (3). وفيها: توفي محمد بن أسد المديني أبو عبد الله الزاهد، والحافظ محمد ابن عبدوس، وداود بن الحسين البيهقي. *** السنة الرابعة والتسعون فيها: اعترض زكرويه القرمطي للحاج، وكانوا ثلاث قوافل، فقافلة تحصنت بفيدا، واستأصل القافلتين عن آخرهم قتلا، وكانوا نحو عشرين ألفا، ولم يسلم منهم إلا من وقع بين القتلى جريحا فظنوه قد قضي عليه ثم نجا بعد ذلك، وكان نساء القرامطة يسعون على القتلى بالماء، فإذا كلمهن الرجل واستسقاهن .. جهزن عليه، وحوى من الحجيج ما قيمته ألف ألف دينار، ووقع البكاء والنوح في البلدان، وعظم ذلك على المكتفي بالله، فبعث لقتالهم جيشا عليه وصيف بن صوارتكين في جماعة من القواد، فالتقوا هم وزكرويه في ثاني وعشرين شهر ربيع الأول، فانهزمت القرامطة، وقتل منهم خلق، وخلص إلى زكرويه، فضربه جندي وهو مول على قفاه ضربة وصلت إلى دماغه، وأخذ أسيرا، وعاش خمسة أيام، ثم هلك وأراح الله منه العباد، وحمل ميتا إلى بغداد، وقتل أصحابه ثم أحرقوا، وتمزق أصحابه في البرية (4). وفيها: توفي الحافظ الكبير أبو علي صالح بن محمد الأسدي الملقب جزرة، والحافظ

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 549)، و «العبر» (2/ 100)، و «مرآة الجنان» (2/ 221). (2) «تاريخ الطبري» (10/ 122). (3) انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 8). (4) «المنتظم» (7/ 373)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 555)، و «العبر» (2/ 102)، و «مرآة الجنان» (2/ 222).

السنة الخامسة والتسعون

محمد بن الإمام إسحاق بن راهويه، روى عن أبيه وعلي بن المديني، والإمام محمد بن نصر المروزي، والإمام أبو عمران موسى بن هارون البغدادي الحافظ، والحافظ محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس. *** السنة الخامسة والتسعون فيها: مات الخليفة المكتفي بالله أبو الحسن علي بن المعتضد أحمد بن الموفق بن المتوكل بن المعتصم العباسي، وولي بعده أخوه المقتدر وعمره إذ ذاك ثلاث عشرة سنة وأربعون يوما، ولم يل أمر الأمة صبي قبله. وفيها: توفي إسماعيل بن أحمد صاحب خراسان وما وراء النهر، وقام ابنه أحمد مقامه، وقيل: إنه مات في السنة التي قبلها. وفيها-أعني سنة خمس-: توفي الحافظ إبراهيم بن أبي طالب النيسابوري، والحافظ إبراهيم بن معقل قاضي نسف وعالمها، والحكم بن معبد الخزاعي الفقيه، مصنف كتاب «السنة» بأصبهان، من كبار أئمة الحنفية وثقاتهم، والحافظ أبو علي عبد الله بن محمد، وفقيه المغرب قاضي القيروان عيسى بن مسكين، والإمام أبو جعفر محمد بن أحمد الترمذي، شيخ الشافعية بالعراق قبل ابن سريج، والحافظ أبو بكر محمد بن إسماعيل الإسماعيلي، وأبو الحسين النوري، والحسن بن علي المعمري، وأبو شعيب الحراني. *** السنة السادسة والتسعون فيها: مات عبد الله بن المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد الأديب، وذلك أنه لما دخلت هذه السنة والناس يستصغرون المقتدر ويتكلمون في خلافته، فاتفق طائفة على خلعه، وخاطبوا عبد الله بن المعتز، فأجاب بشرط ألاّ يكون فيها حرب، وكان رأسهم محمد بن داود بن الجراح، وأحمد بن يعقوب القاضي، والحسين بن حمدان، واتفقوا على قتل المقتدر ووزيره العباس بن الحسن والأمير فاتك، فلما كان عاشر شهر ربيع الأول .. خرج المقتدر إلى الحلة ليلعب بالصولجان، فركب لخروجه الحسين بن حمدان، والوزير والأمراء، فشد ابن حمدان على الوزير العباس بن الحسن فقتله، فأنكر فاتك قتله، فألحقه بالوزير، ثم ساق ليثلث بالمقتدر وهو يلعب بالصولجة، فسمع الهيعة، فدخل

السنة السابعة والتسعون

وأغلقت الأبواب، ثم نزل الحسين بن حمدان بدار سليمان بن وهب، واستدعى ابن المعتز، وحضر الأمراء والقضاة سوى خواص المقتدر، فبايعوه، ولقبوه الغالب بالله، وقيل: الراضي بالله، وقيل: المرتضي بالله، واستوزر محمد بن داود بن الجراح، واستحجب يمن الخادم، ونفذت الكتب الخلافية إلى البلدان، وأرسلوا إلى المقتدر ليتحول من دار الخلافة إلى دار ابن طاهر فأجاب، ولم يكن معه غير مؤنس الخادم ومؤنس الخازن وخاله الأمير، فتحصنوا، وأصبح الحسين بن حمدان على محاصرتهم، فرموه بالنشاب، وصاحوا ونزلوا على حمية، وقصدوا ابن المعتز، فأوقع الله الرعب في قلوب الذين مع ابن المعتز، فانصرفوا من غير حرب، وقصد ابن المعتز سامراء؛ ليثبت بها أمره، فلم يتبعه كثير أحد وخذل، فنزل عن فرسه ودخل دار ابن الجصاص، واختفى وزيره، ووقع النهب والقتل ببغداد، وقتل بها جماعة من الكبار، واستقام الأمر للمقتدر، ثم أخذ ابن المعتز وقتل سرا، سلمه المقتدر إلى مؤنس الخادم فقتله وسلمه إلى أهله ملفوفا في كساء، وصودر ابن الجصاص، ثم ظفر بوزيره محمد ابن الجراح من بعده فقتل، وأصلح الحسين بن حمدان أمره، فبعث واليا على الموصل، فخرج بأهله وأولاده وأجناده وكراعه، وثبتت قاعدة المقتدر، فاستوزر أبا الحسن علي بن محمد بن الفرات، فدبر الدولة كما يدبرها الخلفاء، ونشر العدل، واشتغل المقتدر بلهوه (1). وفيها: توفي المحدث أبو جعفر محمد ابن حماد-كذا في «اليافعي»، وفي «الذهبي»: أحمد بن محمد بن حماد-والقاضي أحمد بن يعقوب، أحد من قام في خلع المقتدر احتسابا، ذبح صبرا، ومحمد بن داود بن الجراح الأخباري العلامة، صاحب المصنفات، كان أوحد زمانه في معرفة أيام الناس، كذا في «تاريخ اليافعي». وفيها: توفي أحمد بن نجدة، وخلف بن عمرو العكبري، وأبو حصين الوادعي. *** السنة السابعة والتسعون فيها: توفي الحافظ ابن الحافظ ابن الحافظ محمد بن أحمد بن زهير بن حرب، كان أبوه يستعين به في تصنيف «التاريخ»، والشيخ الكبير أبو عبد الله عمرو بن عثمان المكي

(1) «المنتظم» (7/ 395)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 569)، و «العبر» (2/ 110)، و «مرآة الجنان» (2/ 225)، و «شذرات الذهب» (3/ 405).

السنة الثامنة والتسعون

شيخ الصوفية، والإمام البارع محمد بن داود بن علي الأصبهاني الظاهري، والحافظ أبو جعفر محمد بن عثمان ابن أبي شيبة، والقاضي يوسف بن يعقوب. وفيها: قتل سوسن الحاجب، وكان أراد الفتك بالوزير ابن الفرات وبوابه محمد بن عبدون، فقتل سوسن وابن عبدون معا. وفيها: مات أسد بن جمهور بالكوفة، وعبد الرحمن بن الدواس، وعبيد بن غنام، ومطين وهو محمد بن عبد الله الحضرمي. *** السنة الثامنة والتسعون فيها: توفي السيد الجليل أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي أستاذ الجنيد، وتلميذه الشيخ الجليل شيخ الطريقة أبو القاسم الجنيد بن محمد القواريري الخزاز بزاي مكررة، والشيخ الكبير أبو عثمان الحيري، واسمه: سعيد بن إسماعيل، وبهلول الأنباري، ومحمد بن يحيى المروزي، والحسن بن علوية القطان. وفيها: مات أبو برزة الحاسب. وفيها: أصلح إبراهيم بن حمدان أمر أخيه الحسين، وصار إلى بغداد، فنزل بالجانب الغربي ولم يدخل دار السلطان، وخلع عليه، وسوّر ومنطق وقلّد ديار ربيعة (1). وفيها: قتل أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن زكريا الصغاني المعروف بالشيعي، كان أحد رجال العالم الذين يضرب بهم المثل في السياسة والرئاسة، بعثه ميمون القداح داعيا لولده عبد الله المهدي بإفريقية من ناحية المغرب، وذلك في سنة تسعين ومائتين، فلم يستحكم أمره إلا في سنة ست وتسعين، فكتب إلى المهدي يخبره بقيام الأمر وطاعة الناس له، وأمره بالقدوم، فبادر المهدي عند ذلك وقدم إفريقية، وكان الشيعي المذكور قد غلب على ملكها وصار في يده، فلما قدم المهدي .. سلمه إليه، فندّمه أخوه وقال: بئس ما فعلت، بينما الملك بيدك تسلمه إلى غيرك، وجعل يكرر عليه ذلك حتى أثر عنده، وهمّ أن يغدر بالمهدي، واستشعر المهدي منه ذلك، فدس إليه من قتله وأخاه في ساعة واحدة، وذلك في نصف جمادى الآخرة في سنة ثمان وتسعين ومائتين (2).

(1) «العبر» (2/ 115)، و «شذرات الذهب» (3/ 415). (2) «العبر» (2/ 115)، و «شذرات الذهب» (3/ 415).

السنة التاسعة والتسعون

السنة التاسعة والتسعون فيها: قبض على الوزير أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات، وقلد الوزارة أبو علي محمد بن يحيى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وتغلب أبو الهيثم العباس بن محمد بن بويه على الأمر والتدبير، وصرف من شاء، ورتب من شاء (1). وفيها: توفي شيخ نيسابور أبو عمرو الخفاف أحمد بن نصر الحافظ الزاهد، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن كيسان البغدادي النحوي، ومحمد بن حامد خال ولد السني. *** السنة الموفية ثلاث مائة فيها: توفي صاحب الأندلس أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام الأموي، وولي بعده ابنه أبو المطرد عبد الرحمن، وأبو الحسن علي بن سعيد العسكري، أحد أركان الحديث، وأبو الحسن مسدد بن قطن النيسابوري، وأبو أحمد يحيى بن علي، المعروف بالمنجم، وأحمد بن يحيى الراوندي الملحد، والله سبحانه أعلم. وفيها: توفي أيضا أحمد البراني، ومحمد بن الحسن بن سماعة، ومحمد بن جعفر القتات، ومحمد بن أحمد أبو العلاء الوكيعي. والله سبحانه أعلم ***

(1) «المنتظم» (7/ 427)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 612)، و «العبر» (2/ 118)، و «شذرات الذهب» (3/ 421).

طبقات المائة الرابعة

[المجلد الثالث] طبقات المائة الرابعة

العشرون الأولى من المائة الرابعة

العشرون الأولى من المائة الرابعة [الاعلام] 1407 - [الجنّابي] (1) أبو سعيد الحسن بن بهرام القرمطي الجنّابي، صاحب هجر. كان هذا الملحد قد تمكن وهزم الجيوش، ثم هادنه الخليفة، وقتله خادم له في الحمام، راوده على نفسه ثم خرج الخادم بعد أن قتله، فاستدعى رئيسا من خواص القرمطي فقال له: السيد يطلبك، فلما دخل .. قتله، ثم آخر، ثم آخر كذلك حتى قتل أربعة يستدعيهم واحدا بعد واحد، ثم صاح الخامس-وقيل: صاح النساء-فتكاثر الناس على الخادم فقتلوه، وذلك في سنة إحدى وثلاث مائة، وكان أبو سعيد قد عهد إلى ابنه سعيد، فلم يضطلع بالأمر، فغلبه عليه أخوه الأصغر سليمان أبو طاهر-بل هو أبو النجس-الذي قلع الحجر الأسود، وفعل الفعائل القبيحة. 1408 - [البسامي] (2) علي بن محمد البسامي نسبة إلى جده الشاعر المشهور. كان من أعيان الشعراء، ومحاسن الظرفاء، مطبوعا في الهجاء، قالوا: لم يسلم منه أمير ولا وزير، ولا صغير ولا كبير، حتى وقع منه ذلك في ابنه وإخوته وسائر أهل بيته، ونقلوا عنه في ذلك أشعارا. ومن شعره في غير الهجاء: [من الوافر] وكانت بالسّراة لنا ليال … سرقناهنّ من ريب الزمان جعلناهن تاريخ الليالي … وعنوان المسرة والأمان

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 630)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 10)، و «العبر» (2/ 123)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 410)، و «مرآة الجنان» (2/ 238)، و «شذرات الذهب» (4/ 9). (2) «معجم الأدباء» (5/ 262)، و «وفيات الأعيان» (3/ 363)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 112)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 149)، و «مرآة الجنان» (2/ 238).

1409 - [أبو الفضل ابن الفرات]

ومات أخو الوزير القاسم، فقال البسامي المذكور مخاطبا لأبي الوزير: [من مخلع البسيط] قل لأبي القاسم المرزّا … قابلك الدهر بالعجائب (1) مات لك ابن وكان زينا … وعاش ذو الشين والمعائب حياة هذا كموت هذا … فلست تخلو من المصائب يعني: أن حياة ابنك الوزير مصيبة، كما أن موت أخيه مصيبة، ودخل الوزير المذكور على المعتضد، والمعتضد ينشد هجاءه المذكور، فاستحيا المعتضد منه وقال: اقطع لسان ابن بسام، فخرج الوزير مبادرا لقطع لسانه، فاستدعاه المعتضد وقال: اقطع لسانه بالبر والشغل، ولا تعرض له بسوء، فولاه البريد وبعض الأعمال. ومن قوله هجاء لبعض الكتاب: [من الكامل] تعس الزمان لقد أتى بعجاب … ومحا رسوم الظرف والآداب وأتى بكتّاب لو انبسطت يدي … فيهم رددتهم إلى الكتّاب توفي سنة إحدى وثلاث مائة. 1409 - [أبو الفضل ابن الفرات] (2) أبو الفضل جعفر بن الفضل بن جعفر، المعروف بابن الفرات، وزير الإخشيدية بمصر مدة إمارة كافور، وبعد كافور، وكان عالما ومحبا للعلماء. حدث عن محمد بن هارون الحضرمي وطبقته، وكان يملي الحديث بمصر وهو وزير، وقصده الأفاضل من البلدان الشاسعة، وبسببه سار الحافظ الدارقطني من العراق إلى مصر، ولم يزل عنده حتى فرغ من تأليف «مسنده»، وله تواليف في أسماء الرجال والأنساب وغير ذلك، ومدحه المتنبي مع كافور. وكان كثير الخير إلى أهل الحرمين، واشترى دارا بالمدينة ليس بينها وبين الضريح الشريف سوى جدار واحد، وأوصى أن يدفن فيها، وقرر مع الأشراف ذلك، ولما مات في سنة إحدى وثلاث مائة .. حمل تابوته وخرجت الأشراف إلى لقائه؛ وفاء بما أحسن إليهم،

(1) المرزّأ: الذي تصيبه المصائب في نفسه وماله وأهله. (2) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى هذه الترجمة في وفيات سنة (391 هـ‍)، وهو موضعها الصحيح، فانظر مصادر الترجمة هناك (3/ 276)، وإنما ذكره هنا تبعا لليافعي في «مرآة الجنان» (2/ 239).

1410 - [أبو بكر البردعي]

وحجوا به وطافوا ووقفوا، ثم ردوه إلى المدينة ودفنوه بالدار المذكورة، وقيل: دفن بالقرافة، وعلى قبره مكتوب اسمه. 1410 - [أبو بكر البردعي] (1) أحمد بن هارون بن روح أبو بكر البردعي، نزيل بغداد. حدث عن أبي سعيد الأشج، وبحر بن نصر الخولاني وغيرهما، وعنه أخذ أبو بكر الشافعي، وأبو علي بن الصواف وغيرهما. وكان من الحفاظ الثقات العلماء الرحالين، صنف واستفاد وأفاد، وبرز على الأصحاب. وتوفي سنة إحدى وثلاث مائة. 1411 - [محمد بن يحيى العبدي] (2) محمد بن يحيى بن إبراهيم بن منده بن الوليد العبدي مولاهم الأصبهاني أبو عبد الله، جد الحافظ الكبير أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده. حدث عن هناد بن السري، ولوين، وأبي كريب محمد بن العلاء وغيرهم، وعنه أخذ الطبراني، وأبو الشيخ وغيرهما. وكان إماما حافظا رحالا، من العلماء الثقات، وكان يجاري أحمد بن الفرات وينازعه في بعض المرويات. توفي سنة إحدى وثلاث مائة. 1412 - [أبو محمد البربري] (3) عبد الله بن محمد بن ناجية بن نجية أبو محمد البربري البغدادي.

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 122)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 54)، و «العبر» (2/ 124)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 223)، و «شذرات الذهب» (4/ 6). (2) «وفيات الأعيان» (4/ 289)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 188)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 80)، و «العبر» (2/ 126)، و «مرآة الجنان» (2/ 238)، و «شذرات الذهب» (4/ 6). (3) «سير أعلام النبلاء» (14/ 164)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 68)، و «العبر» (2/ 125)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 474)، و «شذرات الذهب» (4/ 6).

1413 - [أبو بكر الفريابي]

حدث عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعبد الأعلى بن حماد وغيرهما، وعنه أخذ أبو بكر الشافعي، ومحمد بن المظفر وغيرهما. وكان حافظا مسندا، صنف مسندا في مائة واثنين وثلاثين جزءا. وتوفي سنة إحدى وثلاث مائة. 1413 - [أبو بكر الفريابي] (1) جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض أبو بكر الفريابي التركي، قاضي الدينور، الحافظ العلامة، صاحب التصانيف. حدث عن قتيبة، وإسحاق، وعبد الأعلى بن حماد وغيرهم، وعنه أخذ الإسماعيلي، وأبو بكر النجّاد. وكان إماما حافظا علامة، من أوعية العلم، وله رحلة واسعة، وتصانيف نافعة، أملى ببغداد فحزر مجلسه نحو ثلاثين ألفا. وتوفي سنة إحدى وثلاث مائة. 1414 - [الحسين بن إدريس الهروي] (2) الحسين بن إدريس بن المبارك بن الهيثم الأنصاري الهروي أبو علي بن خرّم. حدث عن سعيد بن منصور، وهشام بن عمار وغيرهما، وعنه أبو حاتم بن حبان وغيره من المحدثين. وكان حافظا ثقة من المكثرين، له تاريخ ك‍ «تاريخ البخاري» لا على السنين. توفي سنة إحدى وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 96)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 60)، و «العبر» (2/ 125)، و «مرآة الجنان» (2/ 238)، و «شذرات الذهب» (4/ 6). (2) «الجرح والتعديل» (3/ 47)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 113)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 63)، و «العبر» (2/ 125)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 340)، و «شذرات الذهب» (4/ 7).

1415 - [إبراهيم الهسنجاني]

1415 - [إبراهيم الهسنجاني] (1) إبراهيم بن يوسف بن خالد أبو إسحاق الرازي الهسنجاني. حدث عن طالوت بن عباد، وهشام بن عمار وغيرهما، وعنه الإسماعيلي، وابن عدي، وخاتمة أصحابه العباس بن حسين الصفار. وكان من الحفاظ الرحالين، والثقات المأمونين، وله «مسند» رواه عنه ميسرة بن علي من أهل قزوين. توفي سنة إحدى وثلاث مائة. 1416 - [ابن حداد المالكي] (2) أبو عثمان بن حداد الإفريقي المالكي العلامة، فقيه المغرب. أخذ عن سحنون وغيره، وبرع في العربية والنظر، ومال إلى مذهب الشافعي، وجعل يسمي «المدونة» المدودة (3)، فهجره المالكية، ثم أحبوه لما قام على أبي عبد الله الشيعي وناظره ونصر السنة. توفي سنة اثنتين وثلاث مائة. 1417 - [أبو زرعة القاضي] (4) محمد بن عثمان أبو زرعة القاضي. توفي سنة اثنتين وثلاث مائة، مذكور في الأصل.

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 115)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 57)، و «العبر» (2/ 124)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 172)، و «شذرات الذهب» (4/ 7). (2) «سير أعلام النبلاء» (14/ 205)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 91)، و «العبر» (2/ 128)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 179)، و «مرآة الجنان» (2/ 240)، و «شذرات الذهب» (4/ 12). (3) في «مرآة الجنان» (2/ 240): (المزورة). (4) «سير أعلام النبلاء» (4/ 231)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 100)، و «العبر» (2/ 129)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 82)، و «شذرات الذهب» (4/ 13).

1418 - [الإمام النسائي]

1418 - [الإمام النسائي] (1) أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخراساني، النسائي-نسبة إلى نسا مدينة بخراسان-مصنف كتاب «السنن» وغيره، الحافظ الإمام، أحد الأئمة الأعلام. طوف في الآفاق، وسمع بالحجاز، وخراسان، والعراق، والجزيرة، والشام، وحدث عن قتيبة، وإسحاق، وهشام بن عمار وغيرهم، وعنه حدث ابن السني، وحمزة الكناني وغيرهما. سكن مصر، وكان مقدما على محدثي عصره، وأفقه مشايخ عصره، حسن البزة، مليح الوجه، نبيلا، كبير القدر، كثير الصيام والاجتهاد في الدين، قيل: كان يصوم يوما، ويفطر يوما. كان موصوفا بكثرة الجماع لا يخلو عن أربع زوجات وسراري. صنف كتاب «الخصائص» في فضل علي وأهل البيت رضي الله عنهم، فقيل له: ألا تصنف في فضل الصحابة؟ قال: دخلت دمشق والمنحرف عن عليّ كثير، فأردت أن يهديهم الله تعالى بهذا الكتاب. قيل: كان يتشيع، وإنه دخل دمشق، فسئل عن معاوية وما روي من فضائله، فقال: لا أعرف له فضيلة إلا: «لا أشبع الله بطنك» فما زالوا يدفعون في خصيتيه-أو قال: خصييه-حتى أخرجوه من المسجد، ثم حملوه إلى الرملة، فمات بها. وقال الحافظ أبو الحسن الدارقطني: لما امتحن النسائي بدمشق .. قال: احملوني إلى مكة، فحمل إليها، وتوفي بها في صفر سنة ثلاث وثلاث مائة. قال: وهو مدفون بين الصفا والمروة. 1419 - [الحسن بن سفيان الشيباني] (2) الحسن بن سفيان بن عامر أبو العباس الشيباني النسوي، ويقال: النسائي أيضا، صاحب «المسند الكبير» وكتاب «الأربعين».

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 77)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 125)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 105)، و «العبر» (2/ 129)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 416)، و «مرآة الجنان» (2/ 240)، و «شذرات الذهب» (4/ 15). (2) «الجرح والتعديل» (3/ 16)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 157)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 116)، و «العبر» (2/ 130)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 32)، و «مرآة الجنان» (2/ 241)، و «شذرات الذهب» (4/ 18).

1420 - [علي بن الفضل القرمطي]

حدث عن قتيبة، وإسحاق، ويحيى بن معين وغيرهم، وروى عنه حفيده إسحاق بن سعد بن الحسن، وابن خزيمة وغيرهما. تفقه على أبي ثور، وكان يفتي بمذهبه، وكان شيخ خراسان ومحدثها، مقدما في حفظه وفقهه وأدبه وثقته وتثبته، قلبت عليه أحاديث، وعرضت عليه فردها كما كانت. توفي سنة ثلاث وثلاث مائة، مذكور في الأصل. 1420 - [علي بن الفضل القرمطي] (1) علي بن الفضل القرمطي الجدني. قال ابن سمرة: نسبة إلى ذي جدن بفتح الجيم والدال المهملة وبالنون، واسم ذي جدن: علقمة بن زيد بن الحارث بن زيد بن الغوث بن الأشرف بن سعد بن شرحبيل بن الحارث بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة بن سبأ الأصغر، وقال غيره: هو خنفري النسب، من ولد خنفر بن سبأ بن صيفي بن زرعة بن سبأ الأصغر. قال العلماء: كان علي بن الفضل شيعيا اثني عشريا، وكان ساقطا في أول عمره لا شهرة له، غير أنه كان لبيبا أديبا ذكيا شجاعا فصيحا، فحج وخرج مع ركب العراق؛ لزيارة مشهد الحسين بن علي رضي الله عنهما، فبكى عند القبر بكاء شديدا، وأظهر من الكآبة والتأسف عليه ما أطمع ميمون القداح في اصطياده، وكان ميمون القداح وولده عبيد الله-جد العبيديين ملوك مصر-ملازمين لخدمة الضريح. وكان ميمون القداح منجما، له معرفة في علم الفلك، وقد شهد له علمه أنه سيكون لابنه عبيد الله شأن عظيم يفضي به إلى الملك، وأن عقبه يتوارثون ملكه بعده دهرا طويلا، وبعد عليه وجه اتصاله بالملك، وكان قد قدم عليه رجل يسمى منصور بن الحسن من ذرية عقيل بن أبي طالب وسيأتي ذكره. فلما رأى في علي بن الفضل ما رأى، مع ما فيه من النجابة والشهامة .. جمع بينه وبين منصور بن الحسن، وباح لهما بما عنده من المذهب، وأخبرهما أن ابنه إمام الزمان، وأنه لا بد له من دعاة، ثم أخذ عليهما العهود والمواثيق، فأجاباه إلى ما يريد، وقال لهما:

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 75)، و «السلوك» (1/ 201)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 321)، و «تحفة الزمن» (1/ 142)، و «تاريخ ثغر عدن» (ص 156)، و «اللطائف السنية» (ص 47)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (1/ 288).

اعلما أن الإيمان يمان، والحكمة يمانية، وكل أمر يكون مبدؤه من قبل اليمن فهو ثابت؛ لثبوت نجمه، وقد رأيت أن تخرجا إلى اليمن، وتدعوا أهله إلى ولدي عبيد الله؛ فإنه سيكون لكما به شأن وسلطان، ثم عاهد بينهما وأوصى كلاّ منهما بالآخر، فسارا إلى اليمن في البحر، ثم افترقا من غلافقة، فقصد منصور عدن لاعة، وقصد علي بن الفضل شرق يافع، وأقام كل واحد منهما في ناحية يظهر من الزهد والورع والتقشف والصلاح ما يفتتن به من رآه، حتى صار كل واحد منهما مسموع القول في ناحيته، ثم أمر كل واحد منهما أهل ناحيته بجمع زكاتهم، حتى اجتمع لكل واحد منهما مال عظيم. وأقام علي بن الفضل متخليا بزعمه للعبادة في رأس جبل من حدود أبين أهله يافع، وكانوا رعاعا، فجعل يريهم أنه يصوم النهار، ويقوم الليل، وإذا أتوه بطعام .. لم يأكل منه، وإن أكل منه .. فشيء يسير، فأحبوه واعتقدوا فيه، وسألوه أن يكون مسكنه بينهم، فقال: لا، إلا أن تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر، وتجتنبوا المعاصي، وتقبلوا على طاعة الله، فأجابوه إلى ذلك، وأخذ عليهم العهد والميثاق بالطاعة، وأمرهم ببناء حصن في ناحية بلادهم، وأنهبهم أموال أطراف البلاد، وأراهم أن ذلك جهاد للعاصين. وكان أبين ولحج مالكها ابن أبي العلاء من الأصابح، فغزاه علي بن الفضل بمن معه من يافع، فهزمهم ابن أبي العلاء، وقتل طائفة من أصحاب علي بن الفضل، وانهزم ابن الفضل وبقية أصحابه إلى صهيب، ثم قال لأصحابه: اعلموا أن القوم قد أمنوا منا، وأرى أن نهجم عليهم؛ فإنا نظفر بهم، فوافقوه على ذلك، فلم يشعر ابن أبي العلاء إلا وهم معه بخنفر على حين غفلة، فقتل ابن أبي العلاء وطائفة من عسكره، واستباح ما كان لهم، فوجد في خزانة ابن أبي العلاء سبع مائة ألف درهم. وعاد إلى بلد يافع، فعظم شأنه، وشاع ذكره، ثم قصد المذيخرة وبها يومئذ جعفر بن إبراهيم المناخي وهو الذي ينتسب إليه مخلاف جعفر، فجمع له المناخي جموعه، والتقوا بنقيل البردان في رمضان سنة إحدى وتسعين ومائتين، فانهزم علي بن الفضل، وعاد إلى بلاد يافع، ثم قصد المذيخرة مرة أخرى في صفر من سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فانهزم جعفر المناخي إلى تهامة، فأمده صاحبها إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن زياد بجيش كثيف، فالتقى هو وعلي بن الفضل بوادي نخلة، فقتل جعفر بن إبراهيم وأصحابه آخر يوم من رجب كما تقدم، فاستولى علي بن الفضل على بلاد المناخي، وجعل المذيخرة مستقر ملكه، وقويت شوكة القرامطة.

ثم قصد صنعاء، فهرب منه أسعد بن أبي يعفر، ودخل علي بن الفضل صنعاء، وأظهر مذهبه القبيح، وادعى النبوة، واستحلال الخمر ونكاح المحارم، وكان يؤذن المؤذن في محلته: أشهد أن علي بن الفضل رسول الله، وأنشد أبياته المشهورة على منبر جامع صنعاء- وقيل: جامع الجند-: [من المتقارب] خذي الدف يا هذه والعبي … وغني هذاذيك ثم اطربي (1) تولى نبي بني هاشم … وهذا نبي بني يعرب لكل نبي مضى شرعة … وهاتا شريعة هذا النبي فقد حط عنا فروض الصلاة … وفرض الصيام فلم نتعب إذا الناس صلوا فلا تنهضي … وإن صوّموا فكلي واشربي ولا تطلبي السعي عند الصفا … ولا زورة القبر في يثرب ولا تمنعي نفسك المعرسين … من الأقربين أو الأجنبي بماذا حللت لهذا الغريب … وصرت محرمة للأب أليس الغراس لمن ربّه … وأسقاه في الزمن المجدب وما الخمر إلا كماء السما … يحل فقدّست من مذهب بل قبحت من مذهب، وهي أكثر من ذلك حلّل فيها سائر المحرمات. ثم سار من صنعاء إلى حراز وملحان، ثم نزل المهجم فقتل صاحبها، ثم أخذ الكدراء، ثم سار إلى زبيد، فهرب صاحبها إسحاق الزيادي، مقدم الذكر، فهجم على من فيها واستباحهم، وسبى من زبيد أربعة آلاف عذراء، ثم خرج يريد المذيخرة، فلما بلغ الملاحيط .. أمر أصحابه بقتل من معهم من النساء؛ زعم أنهن شغلنهم عن الجهاد، فقتلوهن أجمع، وكن أربعة آلاف عذراء، وأمر بقطع الحج كما قيل. ثم إن أهل صنعاء استعانوا بالهادي يحيى بن الحسين-المقدم الذكر في آخر المائة قبل هذه (2) -فسار إليهم من صعدة، ووجه ابنه أبا القاسم المرتضى إلى ذمار ومخاليفها، فجمع

(1) هذاذيك: من الهذّ وهو سرعة القطع والقراءة، تقول: ضربا هذاذيك؛ أي: ولاء وتباعا. (2) لم نجده مذكورا في المائة قبل هذه، وهو الإمام أبو الحسين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الملقب بالهادي إلى الحق. ولد بالمدينة سنة (254 هـ‍) وتوفي بصعدة سنة (298 هـ‍).انظر ترجمته في «الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية» (2/ 25).

القرامطة جموعهم، وقصدوا ذمار، فلحق المرتضى بأبيه الهادي، وذلك في سنة أربع وتسعين ومائتين، ثم قصد علي بن الفضل صنعاء في جيش عظيم، ودخلها لثلاث مضين من رمضان سنة ثمان وتسعين ومائتين، ورتب فيها من يحفظها، فلما رأى أنه قد استحكم له الأمر .. خلع طاعة عبيد الله المهدي، وكاتب صاحبه منصورا بذلك، فلامه منصور على ذلك وقال له: كيف تخلع طاعة من لم تنل خيرا إلا به، وببركة الدعاء إليه؟ وذكره العهود والمواثيق، فلم يلتفت ابن الفضل إلى ذلك، ثم كتب إلى منصور وقال: إن لي أسوة بأبي سعيد؛ إذ قد دعا إلى نفسه، وأنت إن لم تدخل في طاعتي .. نابذتك بالحرب. وغلب على ظن منصور صحة ما يقوله، ثم تحصن بحصن جبل مسور من كل ناحية، وسار ابن الفضل لحرب منصور في عشرة آلاف رجل من المعدودين المعروفين بالشجاعة، فحصر منصورا في حصنه ثمانية أشهر، فلم يظفر منه على طائل، وسئم الوقوف، وشق عليه الرجوع بغير وجه، فراسله منصور بن حسن في معنى الصلح، فقال: لا، إلا أن يرسل إلي بعض ولده، يقف معي على الطاعة، ويظهر للناس أني تركته تفضلا لا عجزا، فأرسل إليه منصور بعض ولده، فطوقه علي بن الفضل طوقا من ذهب، وسار معه إلى صنعاء، فأقام بها أياما، ثم استناب فيها أسعد بن أبي يعفر، وسار إلى المذيخرة، فقدم إلى صنعاء رجل بغدادي يزعم أنه شريف، وكان جراحيا ماهرا في عمل الأدوية، بصيرا بفتح العروق ومداواة الجرحى، فصحبه أسعد بن أبي يعفر واختص به، ثم قال الطبيب: قد عزمت على أن أهب نفسي لله وللمسلمين، وأريحهم من هذا الطاغية، فقال له أسعد بن أبي يعفر: لئن فعلت ذلك وعدت .. لأقاسمنك ملكي، وتعاهدا على ذلك. ثم قصد الطبيب المذيخرة، فخالط وجوه الدولة بها وكبراءها، وسقاهم الأدوية النافعة، وقصده من احتاج إلى ذلك، فانتفع به ناس كثير، ورفع ذكره إلى علي بن الفضل، وأثني عليه بحضرته، وقيل له: إنه لا يصلح أن يكون إلا لمثلك، فاحتاج يوما إلى الفصاد، فحضر الطبيب بين يديه، وجرّد من ثيابه، وغسل المبضع وهو ينظر، وكان قد دهن أطراف شعر رأسه بسم قاتل، فلما دنا ليفصده وقعد بين يديه .. مص المبضع بفمه؛ تنزيها لنفسه، ثم مسحه بأطراف شعره كالمنشف له، فعلق به السم ما علق، وفصده الأكحل وربطه، وخرج من فوره هاربا من المذيخرة، متوجها نحو أسعد بن أبي يعفر، فلما كان بعد ساعة .. أحس علي بن الفضل بالموت، فطلب الحكيم الغريب فلم يجده،

1421 - [أسعد بن أبي يعفر]

فأيقن بالهلاك، وبعث العسكر في طلب الطبيب في كل جهة، فأدركه بعضهم بوادي السحول، فأرادوا لزمه، فامتنع وقاتلهم على نفسه حتى قتل. وتوفي علي بن الفضل عقب ذلك في سنة ثلاث وثلاث مائة، وكانت مدة ملكه ومحنته تسع عشرة سنة، لا رحم الله مثواه، ولا بلّ بشيء من الرحمة ثراه. وكان عنوان كتب علي بن الفضل: من باسط الأرض وداحيها، ومزلزل الجبال ومرسيها علي بن الفضل إلى عبده فلان. وكفى بذلك دليلا على كفره. ولما علم أسعد بن أبي يعفر بموته .. خرج يريد المذيخرة، وكتب إلى أهل الجند والمعافر، فالتفت العساكر إليه، وكان لعلي بن الفضل ولد قد انضم إليه أهل مذهبه وتحصنوا بالمذيخرة، فأحاطت بهم العساكر مع أسعد بن أبي يعفر، ونصب المجانيق عليهم، ولم يزل محاصرا مصابرا لهم سنة كاملة حتى أخربها بالمنجنيق، ودخلها قهرا بالسيف، وقتل ولد علي بن الفضل، وسبى بناته، وكن ثلاثا، ففرقهن في رؤساء العرب، وانقطعت دولة القرامطة من مخلاف جعفر، ولم تزل المذيخرة خرابا إلى الآن. 1421 - [أسعد بن أبي يعفر] (1) أسعد بن أبي يعفر الحوالي، أمير صنعاء. كان موجودا في سنة ثلاث وثلاث مائة، ولم يترجم له الخزرجي. 1422 - [أبو يعقوب المنجنيقي] (2) أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس بن موسى بن منصور الوراق البغدادي، نزيل مصر، المعروف بالمنجنيقي، نسبة إلى المنجنيق التي ترمى بها الحجارة. حدث عن محمد بن أبي عمر العدني، وداود بن رشيد وغيرهما، وروى عنه النسائي فيما قيل، وأبو سعيد بن يونس.

(1) «السلوك» (1/ 201)، و «تحفة الزمن» (1/ 146)، و «تاريخ ثغر عدن» (ص 16)، و «اللطائف السنية» (ص 49)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (1/ 281). (2) «تهذيب الكمال» (2/ 392)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 141)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 137)، و «العبر» (2/ 133)، و «شذرات الذهب» (4/ 21).

1423 - [يموت بن المزرع]

وكان صدوقا صالحا من الزاهدين، وله كتاب «رواية الكبار عن الصغار والآباء عن الأبناء». توفي سنة أربع وثلاث مائة. 1423 - [يموت بن المزرّع] (1) يموت بن المزرّع بن يموت العبدي البصري. قال الخطيب: (هو ابن أخت أبي عثمان الجاحظ) (2). قدم يموت المذكور بغداد في سنة إحدى وثلاث مائة وهو شيخ كبير، فحدث بها عن أبي عثمان المازني، وأبي حاتم السجستاني، وجماعة كثيرة. وروى عنه أبو بكر الخرائطي، وأبو بكر بن مجاهد المقرئ، وأبو بكر بن الأنباري وغيرهم. وكان أديبا أخباريا، وله ملح ونوادر، وكان لا يعود مريضا؛ خوفا من أن يتطير باسمه، قيل: إنه كان يسمي نفسه محمدا، وكان إذا عاد مريضا، فاستأذن، فقيل: من هذا .. قال: أنا ابن المزرّع، ويسقط اسمه. مدحه منصور بن الضرير بقوله: [من مجزوء الرمل] أنت تحيا والذي يك‍ … ره أن تحيا يموت أنت ضوء النفس بل أن‍ … ت لروح النفس قوت أنت للحكمة بيت … لا خلت منك البيوت قال ابن المزرع: حدثني من رأى قبرا بالشام عليه مكتوب: لا تغترن أحد بالدنيا؛ فإني ابن من كان يطلق الريح إذا شاء، ويحبسها إذا شاء، وبحذائه قبر مكتوب: كذب الماصّ بظر أمّه، لا يظن أحد أنه ابن سليمان بن داود عليهما السلام، إنما هو ابن حداد يجمع الريح في الزق، ثم ينفخ بها الجمر، قال: فما رأيت قبرين قبلهما يتشاتمان.

(1) «معجم الشعراء» (ص 581)، و «معجم الأدباء» (7/ 275)، و «وفيات الأعيان» (7/ 53)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 247)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 150)، و «العبر» (2/ 134)، و «مرآة الجنان» (2/ 241)، و «شذرات الذهب» (4/ 22). (2) في «تاريخ بغداد» (12/ 209): (قال يموت: والجاحظ خال أمي).

ونحو ذلك ما يحكى: أن العسس في بعض الليالي لزموا شخصين وهما سكارى، فرفعوهما إلى الأمير-وأظنه الحجاج-فسألهما عن نسبهما، فقال أحدهما: [من الطويل] أنا ابن الذي ذلت رقاب الورى له … ومخزومها منهم وهاشمها معا وقال الثاني: أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره … وإن نزلت تعلو وتملا لتشبعا فظن الحجاج أنهما من أبناء الرؤساء، فأطلقهما؛ سترا على مروءتهما، ثم بحث عنهما؛ فإذا الأول ابن حجام، والثاني ابن طباخ. وذكر الشيخ اليافعي في «تاريخه» حكاية حال عن ابن جزار وابن حائك، قال الأول منهما: [من الطويل] أنا ابن الفتى ذباح كل سمينة … ومزهق أرواح بماض مصرعا ومفن لشجعان القرون مخضبا … بمسفوك أقران لها السفك ضجّعا وقال لسان حال الثاني: [من الطويل] أنا ابن الذي يكسو الأنام صنيعه … بهاء وزينا من له الغير صنعا بوصل وقطع مبرم في فعاله … لما لم يصل في الدهر غير ويقطعا (1) وحكى ابن المزرع عن خاله الجاحظ أنه قال: طلب المعتصم جارية كانت لمحمود بن الحسن الشاعر، المعروف بالوراق، تسمى نشوى، وكان شديد الغرام بها، وبذل له في ثمنها سبعة آلاف دينار، فامتنع محمود من بيعها؛ لأنه كان يهواها أيضا، فلما مات محمود .. بيعت الجارية للمعتصم من تركته بسبع مائة دينار، فقال لها المعتصم: امتنع مولاك من سبعة آلاف، فأخذناك بسبع مائة، فقالت: أجل، إذا كان الخليفة ينتظر لشهواته المواريث .. فإن سبعين دينارا لكثيرة في ثمني فضلا عن سبع مائة، فخجل المعتصم. توفي ابن المزرع المذكور في سنة أربع وثلاث مائة.

(1) انظر «مرآة الجنان» (2/ 244).

1424 - [الفضل بن الحباب]

1424 - [الفضل بن الحباب] (1) أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي البصري، مسند عصره. حدث عن مسلم بن إبراهيم، ومسدد، وسليمان بن حرب وغيرهم. وروى عنه الطبراني، والجعابي، وأبو أحمد الغطريفي وغيرهم. كان محدثا متقنا أخباريا عالما إماما مكثرا. عاش مائة سنة إلا أشهرا، وتوفي سنة خمس وثلاث مائة. 1425 - [ابن شيرويه] (2) عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن شيرويه بن أسد، المعروف بابن شيرويه، القرشي المطلبي النيسابوري أبو محمد. حدث عن إسحاق، وأحمد بن منيع، وأبي كريب محمد بن العلاء، وعنه محمد بن الأخرم وغيره، وكان حافظا مكثرا فقيها ثقة نبيها، له مصنفات. توفي سنة خمس وثلاث مائة. 1426 - [أبو بكر المطرز] (3) القاسم بن زكريا بن يحيى البغدادي، المعروف بالمطرز، أبو بكر. تلا القراءات على أبي عمر الدوري وغيره، وحدث عن أبي كريب، وسويد بن سعيد وغيرهما. وكان حافظا ثقة جليلا مقرئا مصنفا نبيلا. توفي سنة خمس وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 7)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 166)، و «العبر» (2/ 136)، و «مرآة الجنان» (2/ 246)، و «شذرات الذهب» (4/ 27). (2) «سير أعلام النبلاء» (14/ 166)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 162)، و «العبر» (2/ 135)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 476)، و «شذرات الذهب» (4/ 26). (3) «سير أعلام النبلاء» (14/ 149)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 168)، و «العبر» (2/ 136)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 410)، و «شذرات الذهب» (4/ 27).

1427 - [عمران بن موسى الجرجاني]

1427 - [عمران بن موسى الجرجاني] (1) عمران بن موسى بن مجاشع الجرجاني أبو إسحاق السختياني، محدث جرجان. حدث عن إبراهيم بن المنذر، والحزامي، وأبي كامل الجحدري، وهدبة بن خالد وغيرهم، وعنه محمد بن الأخرم، وأبو حاتم بن حبان وغيرهما. وكان من الحفاظ الرحالين، والثقات المصنفين. وتوفي سنة خمس وثلاث مائة. 1428 - [ابن سريج] (2) أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج بن يونس بن إبراهيم بن الحارث، الإمام العلامة، الملقب الباز الأشهب على خصوم المذهب، حامل لواء مذهب الشافعي وناشره ومؤيده في زمانه وناصره. توفي سنة ست وثلاث مائة، وهو مذكور في الأصل. قيل: إنه كان يقول: يلزم الحكم بالحكاية، فسأله إنسان كيف يلبي المحرم؟ قال: يقول: لبيك اللهم لبيك ... إلى آخر التلبية، فقال له السائل: صرت محرما، فقال له ابن سريج: تزبّبت حصرما. يقال: إنه كان مجدد القرن الثالث. قال الشيخ اليافعي: (والذي صرح به الحافظ أبو القاسم بن عساكر: أن الصحيح: أن المجدد على رأس المائة الثالثة الإمام أبو الحسن الأشعري؛ لأنه الذي رد على أئمة المبتدعة، ونصر مذهب أهل الحق والسنة، والناس في ذلك الزمان إلى إقامة الحق، والذب عن السنة، وإبطال مذهب المبتدعة بقواطع الأدلة والبراهين المفحمة المقررة في علم الأصول .. أحوج منهم إلى معرفة علم الفروع، فكان أبو الحسن الأشعري أولى بأن يكون

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 136)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 165)، و «العبر» (2/ 135)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 762). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 66)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 201)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 177)، و «العبر» (2/ 138)، و «مرآة الجنان» (2/ 246)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 21)، و «شذرات الذهب» (4/ 29).

1429 - [منصور بن إسماعيل]

من المجدّد بهم الدين على رأس كل مائة سنة، المشار إليهم في الحديث على وجه الإبهام دون التعيين) (1). وكان جده سريج بن يونس مشهورا بالصلاح الوافر، توفي سنة خمس وثلاثين ومائة، وهو الذي رأى الباري في المنام، فقال له: سل، فقال بالعجمية ما معناه: (رأسا برأس) أي: السلامة، لا لي ولا علي. رحمهم الله تعالى، ونفع بهم آمين. 1429 - [منصور بن إسماعيل] (2) أبو الحسن منصور بن إسماعيل بن عمر التميمي المصري، الفقيه الشافعي، الضرير. توفي سنة ست وثلاث مائة. حكي أنه أصابته مسغبة في سنة شديدة القحط، فرقي سطح داره ونادى بأعلى صوته: [من الخفيف] الغياث الغياث يا أحرار … نحن خلجانكم وأنتم بحار إنما تحسن المواساة في الشد … ة لا حين ترخص الأسعار فسمعه جيرانه، فأصبح على بابه مائة حمل برّ، مذكور في الأصل. 1430 - [أبو عبد الله بن الجلاء] (3) أبو عبد الله بن الجلاء، واسمه: أحمد بن يحيى، الشيخ الكبير، من أجل مشايخ الصوفية. صحب ذا النون المصري، والكبار، وكان قدوة الشام، وقال لأبويه: أشتهي أن تهباني لله عزّ وجل، فقالا: قد وهبناك له، فغاب عنهما مدة من الزمان، ثم جاء في ليلة

(1) «مرآة الجنان» (2/ 247). (2) «وفيات الأعيان» (5/ 289)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 238)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 129)، و «مرآة الجنان» (2/ 248)، و «شذرات الذهب» (4/ 33). (3) «سير أعلام النبلاء» (14/ 251)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 181)، و «العبر» (2/ 138)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 239)، و «مرآة الجنان» (2/ 249)، و «الطبقات الكبرى» للشعراني (1/ 87)، و «شذرات الذهب» (4/ 31).

1431 - [عبدان الجواليقي]

ذات مطر وبرد، فقرع الباب عليهما، فقالا: من هذا؟ قال: ولدكما، فقالا: ليس لنا ولد، كان لنا ولد وهبناه لله عزّ وجل، ونحن قوم عرب إذا وهبنا شيئا .. لا نرجع فيه. توفي سنة ست وثلاث مائة. 1431 - [عبدان الجواليقي] (1) عبد الله بن أحمد بن موسى بن زياد الأهوازي أبو محمد، المعروف بعبدان الجواليقي. حدث عن أبي كامل الجحدري، ومحمد بن بكار، وأبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة، وحدث عنه الطبراني، وابن قانع، وأبو عمرو بن حمدان وغيرهم. كان إماما حافظا مكثرا ثقة معمرا، لكنه كان عسرا. توفي سنة ست وثلاث مائة، وأظنه قارب المائة؛ لأنه قال: دخلت البصرة سنة ثماني عشرة من أجل حديث أيوب، قال: فجمعت ما يجمع أصحاب الحديث إلا حديث مالك؛ فإنه لم يكن عندي «الموطأ» بعلوّ، وإلا حديث [أبي حصين] (2). 1432 - [أبو يعلى الموصلي] (3) أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلال، المعروف بأبي يعلى، الموصلي التميمي. حدث عن علي بن الجعد، وشيبان بن فروخ، ويحيى بن معين وغيرهم، وعنه حدث ابن حبان، وحمزة الكناني، وأبو عمرو بن حمدان في آخرين. وكان أحد الأئمة الحفاظ الثقات، وله مصنفات، منها «المسند الكبير». توفي سنة سبع وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 168)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 188)، و «العبر» (2/ 139)، و «مرآة الجنان» (2/ 249)، و «شذرات الذهب» (4/ 33). (2) بياض في الأصول، والاستدراك من «سير أعلام النبلاء» (14/ 170). (3) «سير أعلام النبلاء» (14/ 174)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 200)، و «العبر» (2/ 140)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 241)، و «مرآة الجنان» (2/ 249)، و «شذرات الذهب» (4/ 35).

1433 - [الحافظ الروياني]

1433 - [الحافظ الروياني] (1) محمد بن هارون الروياني أبو بكر، الحافظ الكبير، صاحب «المسند». حدث عن أبي كريب الهمداني، والفلاس، وابن الربيع الزهراني وغيرهم، وعنه الإسماعيلي، وجعفر بن عبد الله بن فناكي وغيرهما. وكان من الحفاظ الثقات، وله مصنفات في الفقه. توفي سنة سبع وثلاث مائة. 1434 - [أبو يحيى الساجي] (2) زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن بن بحر بن عدي الضبي البصري أبو يحيى الساجي. حدث عن أبي الربيع الزهراني، وهدبة بن خالد وغيرهما، وعنه ابن عدي، والإسماعيلي وغيرهما. كان محدث البصرة، وأحد الحفاظ المحدثين المهرة، له كتاب جليل في علل الحديث وطرق التعليل. توفي سنة سبع وثلاث مائة. 1435 - [الهيثم بن خلف الدوري] (3) الهيثم بن خلف بن محمد الدوري ثم البغدادي أبو محمد. حدث عن عبد الله القواريري، وعبد الأعلى بن حماد، وعثمان بن أبي شيبة وخلق، وروى عنه أبو بكر الشافعي، وأبو عمرو بن حمدان. وكان حافظا مكثرا ثقة متقنا لهذا الشأن. توفي سنة سبع وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 507)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 221)، و «العبر» (2/ 141)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 148)، و «شذرات الذهب» (4/ 36). (2) «الجرح والتعديل» (3/ 601)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 197)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 209)، و «العبر» (2/ 140)، و «شذرات الذهب» (4/ 36). (3) «سير أعلام النبلاء» (14/ 261)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 225)، و «العبر» (2/ 141)، و «لسان الميزان» (8/ 356)، و «شذرات الذهب» (4/ 37).

1436 - [إبراهيم بن محمد]

1436 - [إبراهيم بن محمد] (1) إبراهيم بن محمد بن سفيان، الفقيه الصالح، راوي «صحيح مسلم». قيل: كان مجاب الدعوة. توفي سنة ثمان وثلاث مائة. 1437 - [ابن وهب الدينوري] (2) أبو محمد عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، الحافظ الكبير. حدث عن يعقوب الدورقي، وأبي سعيد الأشج وغيرهما. وروى عنه أبو علي النيسابوري، وأبو بكر الأبهري، وجعفر الفريابي وغيرهم. وكان حافظا رحالا، لكن عده الدارقطني وغيره من المتروكين. قال ابن عدي: (وقد قبله قوم وصدقوه) (3). توفي سنة ثمان وثلاث مائة. 1438 - [أبو الطيب الضبي] (4) أبو الطيب محمد بن المفضل بن سلمة بن عاصم الضبي، الفقيه الشافعي. توفي سنة ثمان وثلاث مائة، مذكور في الأصل. وأبوه أبو طالب المفضل بن سلمة الضبي اللغوي، صاحب التصانيف المشهورة في فنون الأدب، ومعاني القرآن، وجده سلمة بن عاصم، صاحب الفراء وراويته، وهم أهل بيت كلهم علماء نبلاء مشاهير، رحمهم الله.

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 311)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 228)، و «العبر» (2/ 142)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 128)، و «مرآة الجنان» (2/ 249)، و «شذرات الذهب» (4/ 39). (2) «سير أعلام النبلاء» (14/ 400)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 237)، و «العبر» (2/ 143)، و «مرآة الجنان» (2/ 249)، و «شذرات الذهب» (4/ 39). (3) «الكامل في الضعفاء» (4/ 268). (4) «وفيات الأعيان» (4/ 205)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 361)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 244)، و «العبر» (2/ 143)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 50)، و «مرآة الجنان» (2/ 250)، و «شذرات الذهب» (4/ 40).

1439 - [الوزير ابن كلس]

قيل: إن ابن الرومي هجا المفضل المذكور فقال: [من الخفيف] لو تلففت في كساء الكسائي … وتفريت فروة الفراء وتخللت بالخليل وأضحى … سيبويه لديك رهن سباء وتكونت من سواد أبي الأس‍ … ود شخصا يكنى أبا السوداء لأبى الله أن يعدك أهل ال‍ … علم إلا في جملة الأغبياء فلما بلغ هذا الهجاء الوزير إسماعيل بن بلبل .. شق عليه، وحرم ابن الرومي عطاياه؛ لأن المفضل المذكور كان له اتصال بالوزير المذكور. 1439 - [الوزير ابن كلس] (1) أبو الفرج يعقوب بن يوسف بن إبراهيم، وزير العزيز بن المعز العبيدي صاحب مصر. قالوا: كان يعقوب يهوديا، يزعم أنه من أولاد هارون بن عمران أخي موسى صلوات الله على نبينا وعليهم وسلم، وقيل: بل يزعم أنه من ولد السموءل بن عادياء اليهودي، صاحب الحصن المعروف بالأبلق الذي يضرب به المثل في الوفاء بالعهد، وتنسب إليه أبيات منها: [من الطويل] إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه … فكل رداء يرتديه جميل وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها … فليس إلى حسن الثناء سبيل فقدم بيعقوب المذكور أبوه من بغداد إلى مصر، وقد تعلم الكتاب والحساب، فجعله كافور الإخشيدي على عمارة داره، فلما رأى كافور نجابته وشهامته وصيانته ونزاهته وحسن إدراكه .. استحضره وأجلسه في ديوانه الخاص، وتقدم كافور إلى سائر الدواوين ألاّ يمضي دينار ولا درهم إلا بتوقيعه، فوقع في كل شيء، وكان يبر ويصل من اليسير الذي يأخذه، كلّ هذا وهو على دينه. ثم إنه أسلم يوم الاثنين لثمان عشرة مضت من شعبان سنة ست وخمسين وثلاث مائة، ولزم الصلاة ودراسة القرآن، ورتب لنفسه رجلا من أهل العلم يبيت عنده، ويصلي به،

(1) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى ترجمته في وفيات سنة (380 هـ‍) في مكانها الصحيح، فانظر مصادر ترجمته هناك (3/ 231)، وإنما ذكرها هنا تبعا لليافعي في «مرآة الجنان» (2/ 250) كما نبه عليه في آخر الترجمة.

ويقرأ عليه، ولم يزل حاله يتزايد مع كافور إلى أن توفي كافور في التاريخ المذكور. وكان ابن الفرات وزير كافور يحسده ويعاديه، ولما مات كافور .. قبض ابن الفرات على جميع الكتّاب وأصحاب الدواوين، وقبض على يعقوب في جملتهم، ولم يزل يتوصل ويبذل المال حتى أفرج عنه، فلما خرج من الاعتقال .. توجّه إلى بلاد المغرب، فلقي جوهرا الخادم وهو متوجه بالعساكر والخزانة إلى الديار المصرية ليملكها، فرجع في صحبته، وقيل: بل استمر في قصده، وانتهى إلى إفريقية، وتعلق بخدمة المعز، ثم رجع إلى الديار المصرية، فلم يزل يترقى إلى أن ولي الوزارة للعزيز بن المعز، وعظمت منزلته عنده، ومهد قواعد الدولة. وكان يعقوب يحب العلماء، ويجمع عنده العلماء، وتقرأ عنده مصنفاته في كل ليلة جمعة، ويحضره الفقهاء والقضاة والقراء وأصحاب الحديث والنحاة وجميع أرباب الفضائل وغيرهم من وجوه الدولة، فإذا فرغ من مجلسه .. قام الشعراء ينشدون المدائح، وكان في داره قوم يتلون كتاب الله، وآخرون يقرءون الحديث والفقه والأدب حتى الطب، وينصب كل يوم خوانا للخاصة، وموائد عديدة لمن عداهم من أهل مجلسه، وكان يجلس كل يوم بعد صلاة الصبح، وتعرض عليه رقاع الناس في الحوائج والظلامات، وكان في خدمته قواد، من جملتهم القائد أبو الفتوح فضل بن صالح الذي تنسب إليه منية القائد، وهي بليدة من أعمال الجيزة من الديار المصرية، وكانت هيبته عظيمة وجوده وافرا. وكان له طيور سابقة، وللعزيز كذلك، فسابق يوما بعض طيوره بعض طيور العزيز، فسبق طير العزيز، فعز ذلك على العزيز، وقيل له: إنه قد اختار لنفسه من كل شيء أجوده وأعلاه، حتى الحمام، وقصدوا بذلك الإغراء به؛ حسدا له، لعله يتغير عليه، فاتصل ذلك بالوزير، فكتب إلى العزيز: [من السريع] قل لأمير المؤمنين الذي … له العلا والنسب الثاقب طائرك السابق لكنه … جاء وفي خدمته حاجب فأعجب ذلك العزيز، وذهب عنه ما كان يجده عليه، قيل: إن البيتين له، وقيل: لمولى الدولة، المعروف بابن خيران. ولما مرض .. عاده العزيز وقال له: لو كنت تشترى لاشتريتك بملكي، وفديتك بولدي، هل من حاجة توصي بها؟ فبكى وقبل يده وقال: أما فيما يخصني .. فأنت أرعى

1440 - [الحلاج]

لحقي من أن أسترعيك إياه، وأرأف علي من أن أوصيك به، ولكن أنصح لك فيما يتعلق بدولتك: سالم الروم ما سالموك، واقنع من الحمداني بالدعوة والسكة، ولا تبق على مفرج بن دغفل إن عرضت لك فيه فرصة، فأمر العزيز أن يدفن في داره المعروفة بدار الوزارة بالقاهرة، داخل باب النصر، في قبة كان بناها، وصلّى عليه العزيز، وألحده بيده في قبره، وانصرف حزينا لفقده، وأمر بغلق الدواوين أياما، وكان إقطاعه من العزيز في كل سنة ألف دينار، وذكر بعضهم: أنه كفن في خمسين ثوبا، ويقال: إنه كفن وحنط بما مبلغه عشرة آلاف دينار، كذا ذكره الشيخ اليافعي فيمن توفي سنة ثمان وثلاث مائة (1). 1440 - [الحلاج] (2) الحسين بن منصور الحلاّج، أصله من البيضاء، بلدة بفارس، ونشأ بواسط العراق، وصحب سهل بن عبد الله التستري، وأبا الحسين النوري، وأبا القاسم الجنيد وغيرهم. وكان يصدر منه شطح وكلام ظاهره غير مقبول، مثل قوله: أنا الحق، فقبض عليه في سنة إحدى وثلاث مائة، وحبس مدة، وجرى منه كلام في مجلس حامد بن العباس وزير المقتدر بحضرة القاضي أبي عمر، فأفتى بحل دمه، وكتب خطه بذلك، وكتب معه من حضر المجلس من الفقهاء، فقال لهم الحلاج: ظهري حمى ودمي حرام، ولا ينبغي لكم أن تتأولوا علي بما يبيحه، وأنا اعتقادي الإسلام، ومذهبي السنة، وتفضيل الأئمة الأربعة والخلفاء الراشدين وبقية العشرة من الصحابة، ولي كتب في السنة موجودة في الوراقين، فالله الله في دمي، ولم يزل يردد القول وهم يكتبون خطوطهم إلى أن استكملوا ما احتاجوا إليه، وانفصلوا من المجلس، وحمل الحلاج إلى السجن، وكتب الوزير إلى المقتدر يخبره بما جرى في المجلس وسير الفتوى، فعاد جواب المقتدر بأن القضاة إذا كانوا قد أفتوا بقتله .. فليسلم إلى صاحب الشرطة، وليتقدم، وليضربه ألف سوط، فإن مات، وإلا .. ضربه أخرى، ثم يضرب عنقه، فسلمه الوزير إلى الشرطي وقال له: قم بما رسم به المقتدر، وقال: إن لم يتلف بالضرب .. فتقطع يده ثم رجله ثم تحز رقبته وتحرق جثته،

(1) انظر «مرآة الجنان» (2/ 250). (2) «وفيات الأعيان» (2/ 140)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 313)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 252)، و «العبر» (2/ 144)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 70)، و «مرآة الجنان» (2/ 253)، و «البداية والنهاية» (11/ 158)، و «الطبقات الكبرى» للشعراني (1/ 107)، و «شذرات الذهب» (4/ 41).

وإن خدعك وقال: أنا أجري لك الفرات ودجلة ذهبا وفضة .. فلا تقبل ذلك منه، ولا ترفع العقوبة عنه. فتسلمه الشرطي ليلا، وأصبح يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي الحجة سنة تسع وثلاث مائة، فأخرجه إلى عند باب الطاق، وهو يتبختر في قيوده، واجتمع من العامة خلق لا يحصى عددهم، وضربه الجلاد ألف سوط ولم يتأوه، بل قال للشرطي لما بلغ الست مائة: ادع بي إلى عندك؛ فإن لك عندي نصيحة تعدل فتح القسطنطينية، فقال له: قد قيل لي عنك: بأنك تقول هذا وأكثر منه، وليس لي إلى رفع الضرب عنك سبيل، ولما فرغ من ضربه .. قطع أطرافه الأربعة، ثم حز رأسه، ثم أحرقت جثته، ولما صار رمادا .. ألقاه في دجلة، ونصب الرأس ببغداد على الجسر. واتفق أن دجلة زاد تلك السنة زيادة وافرة، فادعى أصحابه أن ذلك بسبب إلقاء رماده فيها، وادعى بعض أصحابه أنه لم يقتل، ولكن ألقي شبهه على عدو من أعداء الله. وقيل: إن أصحابه جعلوا يعدون أنفسهم برجوعه بعد أربعين يوما. وبالجملة: فالناس مختلفون في أمره: منهم من يبالغ في تكفيره ويجعله صاحب مخاريق، ومنهم من يبالغ في تعظيمه ويجعله صاحب مقامات وكرامات، ومنهم من يتوقف فيه. قال الشيخ اليافعي: (والمحققون اعتذروا عنه، وأجابوا عما صدر منه بتأويلات، منهم شيخ العارفين الشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ شهاب الدين السهروردي، والإمام حجة الإسلام الغزالي، وقبلهم الشيخ أبو العباس بن عطاء، والشيخ أبو القاسم النصرآباذي، والشيخ أبو عبد الله بن خفيف، قال: وأفتى أكثر علماء عصره بإباحة دمه. وكان الجنيد إذا سئل عنه .. يقول: هذا رجل خفي عليّ حاله، وما أقول فيه شيئا. وما قيل: إن الجنيد وابن داود الظاهري ممن أفتى بقتله لا يصح؛ لأن الجنيد توفي سنة ثمان وتسعين ومائتين قبل الحلاج بإحدى عشرة سنة، ومحمد بن داود توفي قبل قضية الحلاج باثنتي عشرة سنة) اهـ‍ (1) ويمكن أنهما أفتيا بإباحة دمه قبل قتله عند ما ظهر منه ما ظهر، فقد قدمنا أنه لزم وحبس في سنة إحدى وثلاث مائة، والله سبحانه أعلم.

(1) «مرآة الجنان» (253/ 2، 259).

1441 - [أبو العباس بن عطاء]

1441 - [أبو العباس بن عطاء] (1) أبو العباس بن عطاء. كان من أجلاء المشايخ الأكابر، الجامعين بين علمي الباطن والظاهر. توفي سنة تسع وثلاث مائة. 1442 - [ابن جرير الطبري] (2) أبو جعفر بن جرير بن يزيد بن كثير الطبري الإمام، أحد الأئمة الأعلام، صاحب «التفسير» و «التاريخ» الكبيرين الشهيرين وغيرهما من المصنفات المفيدة في الفقه والحديث، وفي فنون عديدة تدل على سعة علمه، وغزارة فضله. حدث عن أحمد بن منيع، ومحمد بن حميد، وأبي كريب محمد بن العلاء وغيرهم، وعنه الطبراني، وأحمد بن كامل وغيرهما. وكان إماما مجتهدا ثقة في نقله. قال ابن خزيمة: ما أعلم على الأرض أعلم من محمد بن جرير، ولقد ظلمته الحنابلة. توفي سنة عشر وثلاث مائة، وقيل: سنة ثمان وله تسعون سنة. مذكور في الأصل. 1443 - [أحمد بن يحيى التستري] (3) أحمد بن يحيى بن زهير أبو جعفر التستري. حدث عن أبي كريب، ومحمد بن حرب النشائي وغيرهما. وروى عنه ابن حبان، والطبراني، وابن المقرئ ولقّبه: تاج المحدثين.

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 255)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 247)، و «العبر» (2/ 150)، و «مرآة الجنان» (2/ 261)، و «شذرات الذهب» (4/ 47). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 78)، و «وفيات الأعيان» (4/ 191)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 267)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 279)، و «العبر» (2/ 152)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 284)، و «مرآة الجنان» (2/ 261)، و «شذرات الذهب» (4/ 53). (3) «سير أعلام النبلاء» (14/ 362)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 265)، و «العبر» (2/ 151)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 757)، و «شذرات الذهب» (4/ 50).

1444 - [أبو بشر الدولابي]

وكان أحد الحفاظ الأعيان الثقات الزاهدين. توفي سنة عشر وثلاث مائة. 1444 - [أبو بشر الدولابي] (1) محمد بن أحمد بن حماد بن سعد بن مسلم الأنصاري الرازي، أبو بشر الدولابي الوراق. حدث عن هارون بن سعيد الأيلي، وزياد بن أيوب، وبندار. وروى عنه ابن أبي حاتم، وابن حبان وغيرهما، وله تصانيف مؤلفة مما يرويه، وكان حافظا، تكلموا فيه. توفي سنة عشر وثلاث مائة. 1445 - [ابن المنذر النيسابوري] (2) محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري الإمام الكبير، والعالم الشهير، مصنف كتاب «الإشراف في اختلاف العلماء»، وهو من أحسن الكتب وأنفعها، يدل على كثرة تطلعه على مذاهب الأئمة. توفي سنة عشر وثلاث مائة، مذكور في الأصل. 1446 - [الزجاج] (3) أبو إسحاق الزّجّاج إبراهيم بن محمد النحوي.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 352)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 309)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 275)، و «العبر» (2/ 151)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 36)، و «شذرات الذهب» (4/ 52). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 196)، و «وفيات الأعيان» (4/ 207)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 490)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 568)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 336)، و «مرآة الجنان» (2/ 261)، و «شذرات الذهب» (4/ 89). (3) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 170)، و «وفيات الأعيان» (1/ 49)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 360)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 407)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 347)، و «مرآة الجنان» (2/ 262)، و «شذرات الذهب» (4/ 51).

1447 - [اليزيدي النحوي]

كان يخرط الزجاج فنسب إليه، ثم تركه واشتغل بالأدب، فأخذ عن المبرد، وثعلب، وعنه أخذ أبو علي الفارسي النحوي، وإليه ينسب أبو القاسم عبد الرحمن الزجاجي، صاحب «كتاب الجمل» في النحو. وكان أبو إسحاق الزجاج من أهل العلم والأدب والدين المتين، وله بضعة عشر مصنفا في معاني القرآن، وعلوم الأدب والعربية والنوادر وغير ذلك. توفي سنة عشر-أو إحدى عشرة، أو ست عشرة-وثلاث مائة. 1447 - [اليزيدي النحوي] (1) محمد بن العباس اليزيدي، الإمام النحوي. كان إماما في النحو والأدب، ونقل النوادر، منها: ما رواه أن أعرابيا أهدى إلى أعرابية كان يهواها ثلاثين شاة وزق خمر مع عبد له أسود، فذبح العبد شاة في الطريق وأكل منها، وشرب بعض الزق، فلما جاءها بالباقي .. عرفت أنه خانها في الهدية، فلما عزم على الرجوع إلى سيده .. قالت: اقرأ على سيدك السلام وقل له: إن الشهر كان عندنا محاقا، وإن سحيما راعي غنمنا جاء مرثوما، فلم يدر العبد ما أرادت بهذه الكناية، فلما بلّغ العبد سيده ذلك .. فطن السيد لما أرادت، فدعا بالهراوة وتهدد العبد وقال: لتصدقني في أمر الهدية، وإلا .. ضربتك بهذه ضربا مبرحا، فأخبره الخبر فعفا عنه، فهذا من لطيف الكنايات، وظريف الإشارات. والمرثوم-بفتح الميم، وسكون الراء وضم المثلثة-: الملطخ بالدم، وهو في الزق مستعمل على وجه الاستعارة. والمحاق-بكسر الميم-: ثلاث ليال من آخر الشهر. توفي اليزيدي سنة عشر وثلاث مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 337)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 361)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 287)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 199)، و «مرآة الجنان» (2/ 262).

1448 - [أبو بكر الرازي]

1448 - [أبو بكر الرازي] (1) أبو بكر محمد بن زكريا، الطبيب المشهور. كان إمام وقته في علم الطب، وله فيه مصنفات كثيرة منها «الحاوي»، وهو من الكتب النافعة، وكتاب «الأعصاب» و «كتاب المنصوري» وهو على صغر حجمه نافع، جمع فيه بين العلم والعمل. ومن كلامه: إذا كان الطبيب عالما والمريض مطيعا .. فما أقل لبث العلة. وقال أيضا: عالج في أول العلة بما لا يسقط القوة. حكي أن غلاما من بغداد قدم الري، وكان ينفث الدم، وكان قد لحقه ذلك في طريقه، فاستدعى الرازي وأراه ما ينفث، ووصف له ما يجد، فأخذ الرازي مجسه، ورأى قارورته، واستوصف حاله، فلم يظهر له دليل على علته، فاستنظره لقيام دليل يظهر، فيئس العليل من الحياة، ثم إن الرازي فكر وسأله عن المياه التي شربها في طريقه، فأخبره أنه شرب من مستنقعات وصهاريج، فقام في نفس الرزاي بحدة حذقه وجودة فطنته أن علقة علقت به من شرب تلك المياه، وأن ذلك الدم بسببها، فقال له: إذا كان الغد .. أتيتك وعالجتك بما يكون سببا لبرئك بشرط أن تأمر غلمانك بطاعتي، قال: نعم، فانصرف الرازي فجمع من الطحلب مركنين، وأحضرهما من الغد معه وقال له: ابلع هذا، فأبى، فأمر غلمانه أن يضجعوه، فألقوه على قفاه وفتحوا فاه، فجعل الرازي يدس الطحلب في حلقه ويكبسه كبسا شديدا، ويطالبه ببلعه ويتهدده بالضرب إلى أن بلع ما في أحد المركنين، ثم قذف ما ابتلعه، وتأمل الرازي؛ فإذا هو بالعلقة في الطحلب الذي قذفه، ونهض العليل معافى. يقال: كان اشتغال الرازي بالطب بعد الأربعين من عمره. وتوفي سنة عشر وثلاث مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (5/ 157)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 354)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 426)، و «العبر» (2/ 156)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 75)، و «مرآة الجنان» (2/ 263)، و «شذرات الذهب» (4/ 58).

1449 - [أحمد بن حمدان]

1449 - [أحمد بن حمدان] (1) أبو جعفر أحمد بن حمدان بن علي بن سنان النيسابوري الحيري. حدث عن الذهلي، وأحمد بن أبي غرزة وغيرهما، وعنه ابناه المحمدان أبو العباس وأبو عمرو، وأبو علي النيسابوري وغيرهم. وكان حافظا زاهدا قدوة، صحب جماعة من الزهاد، وكان الجنيد يكاتبه. صنف «الصحيح على شرط مسلم»، وكان مجاب الدعوة. توفي سنة إحدى عشرة وثلاث مائة. 1450 - [ابن خزيمة] (2) محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري الحافظ، أبو بكر، صاحب التصانيف. رحل إلى العراق والشام ومصر، وتفقه على المزني وغيره، وسمع من إسحاق، ومحمد بن حميد صغيرا، ولم يحدث عنهما، وحدث عن أبي كريب، وعلي بن حجر، ومحمود بن غيلان، وعنه حدث البخاري ومسلم خارج «الصحيحين»، وأبو عمرو بن حمدان، وأبو بكر أحمد بن مهران. أثنى عليه ابن حبان والدارقطني وأبو علي الحافظ وغيرهم من الأئمة، وله مصنفات كثيرة في الفقه والحديث. توفي سنة إحدى عشرة وثلاث مائة. مذكور في الأصل.

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 299)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 402)، و «العبر» (2/ 153)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 360)، و «مرآة الجنان» (2/ 264)، و «شذرات الذهب» (4/ 55). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 78)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 365)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 422)، و «العبر» (2/ 155)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 196)، و «مرآة الجنان» (2/ 264)، و «طبقات الفقهاء الشافعيين» (1/ 205)، و «شذرات الذهب» (4/ 57).

1451 - [عمر بن محمد السغدي]

1451 - [عمر بن محمد السّغدي] (1) عمر بن محمد بن بجير أبو حفص الهمداني السمرقندي السّغدي. حدث عن الفلاس، وأحمد بن عبدة، وعنه محمد بن أحمد بن عمران الشاشي وغيره. وكان حافظا ثبتا، صاحب حديث كثير، وتصانيف منها: «الصحيح» و «التفسير»، وله عناية تامة في طلب الآثار، ورحلة واسعة إلى الأقطار. توفي سنة إحدى عشرة وثلاث مائة. 1452 - [أبو بكر الخلال] (2) أحمد بن محمد بن هارون البغدادي، أبو بكر الخلال، الفقيه الحافظ، العلامة الرحال. حدث عن الحسن بن عرفة، وسعدان بن نصر، وحرب الكرماني وغيرهم، وعنه محمد بن المظفر، وغيره من المحدثين. كان واسع العلم، كبيرا، له كتاب «السنة» في ثلاثة مجلدات كبار، وكتاب «العلل» في عدة أسفار، وكتاب «الجامع» كتاب جليل المقدار. توفي سنة إحدى عشرة وثلاث مائة. 1453 - [علي بن محمد بن الفرات] (3) أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات الوزير، وزير المقتدر، ولي الوزارة له من سنة ست وتسعين ومائتين، فدبر الدولة كما يدبرها الخلفاء، ونشر العدل، واشتغل المقتدر بالخلوة واللهو.

(1) «الإكمال» (4/ 564)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 402)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 419)، و «العبر» (2/ 155)، و «شذرات الذهب» (4/ 56). (2) «سير أعلام النبلاء» (14/ 297)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 406)، و «العبر» (2/ 154)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 99)، و «مرآة الجنان» (2/ 264)، و «شذرات الذهب» (4/ 55). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 421)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 474)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 436)، و «العبر» (2/ 158)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 144)، و «مرآة الجنان» (2/ 265)، و «شذرات الذهب» (4/ 60).

وفي سنة سبع وتسعين: أراد سوسن الحاجب الفتك بابن الفرات، وتولية محمد بن عبدون، فظفر بسوسن، وقيل: في سنة تسع وتسعين قبض على ابن الفرات، وولي الوزارة محمد بن عبد الله بن يحيى بن خاقان. وفي سنة أربع وثلاث مائة: أعيد ابن الفرات إلى الوزارة، وخلع عليه سبع خلع، وسقى الناس من داره في ذلك اليوم والليلة أربعين ألف رطل ثلج، وكان يوما مشهورا، والتزم أن يحمل كل يوم من مال المرافق ألفا وخمس مائة دينار، من جملتها ألف دينار لخاصة المقتدر، وللسيدة ثلاث مائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، ولأبي العباس وهارون ابني المقتدر ستة وستون دينارا وثلاثين، وكان لا يمكنه أن يخلّ بها. وفي سنة ست وثلاث مائة: قبض على ابن الفرات، واستوزر حامد بن العباس، وكان فيه حدة وطيش، فأحضر ابن الفرات ليناظره، فأمر بنتف لحيته، ثم نهض إليه، فجذب لحيته بيده. وفي سنة إحدى عشرة وثلاث مائة: صرف حامد بن العباس عن الوزارة، وأعيد ابن الفرات، وكان ابن الفرات قد خاف من مؤنس، فأشار على المقتدر بإبعاده من الحضرة، وأن يوليه الرقة، فبعثه إليها، فلما كان سنة اثنتي عشرة، وفعل أبو سعيد القرمطي بالحاج ما فعل-كما ذكرناه في السنين- .. أشار ابن الفرات على المقتدر بأن يكاتب مؤنسا بالقدوم لمحاربة القرمطي، فقدم مؤنس الخادم، فركب ابن الفرات إلى دار مؤنس للسلام عليه، ولم يتم مثل هذا من وزير، فأسرع مؤنس إلى باب داره، وقبّل يده وخضع له، وكان في حبس المحسن بن الوزير جماعة في المصادرة، فخاف العزل، وأن يظهر عليه ما أخذه منهم، فسم علي بن عيسى (1)، وذبح خادم حامد بن العباس، وعبد الوهاب بن ما شاء الله، ثم قبض المقتدر على ابن الفرات، وسلمه إلى مؤنس، فعاتبه مؤنس، وتذلل هو لمؤنس، فقال له مؤنس: الساعة تخاطبني بالأستاذ، وأمس تبعدني إلى الرقة، واختفى ولده المحسن، ثم ظفر به في زي امرأة قد خضبت يديها بالحناء، فعذب وأخذ خطه بثلاثة آلاف دينار، وولي الوزارة عبد الله بن محمد الخاقاني، فعذّب ابن الفرات وابنه المحسن، واصطفى أموالهم، فيقال: أخذ منهم ألفي ألف دينار.

(1) في «تاريخ الإسلام» (23/ 353)، (وسمّ إبراهيم أخا علي بن عيسى ... ) فليتنبه لذلك؛ لأنه سيجري ذكر علي بن عيسى في حوادث سنة (316 هـ‍).

1454 - [أبو بكر الباغندي]

ثم ألح مؤنس ونصر الخادم وهارون بن خال المقتدر على المقتدر حتى أذن في قتل ابن الفرات، فذبح هو وابنه المحسن في سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة. وعاش ابن الفرات المذكور إحدى وسبعين سنة، وكان جبارا سائسا كريما، يقال: إنه كاتب الأعراب أن يكبسوا بغداد. 1454 - [أبو بكر الباغندي] (1) محمد بن محمد بن سليمان بن الحارث الواسطي ثم البغدادي أبو بكر الباغندي، محدث العراق. حدث عن ابن المديني، وابن نمير، وهشام بن عمار وغيرهم، وعنه دعلج، وابن شاهين، وخلق سواهما. وكان حافظا كبيرا عارفا، حدث بعامة ما رواه من حفظه، وكان يسرده سرد التلاوة، ولتدليسه وتخليطه رموه بالتجريح. قال الخطيب: (رأيت كافة شيوخنا يحتجون به، ويخرجونه في الصحيح) (2). توفي سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة. 1455 - [أبو القاسم السرقسطي] (3) أبو القاسم ثابت بن حزم السرقسطي الإمام اللغوي العلامة. قال ابن الفرضي: (كان مفتيا بصيرا بالحديث والنحو واللغة والغريب والشعر، عاش خمسا وتسعين سنة) (4). وتوفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 427)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 383)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 442)، و «العبر» (2/ 159)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 736)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 99)، و «شذرات الذهب» (4/ 63). (2) «تاريخ بغداد» (3/ 431). (3) «سير أعلام النبلاء» (14/ 562)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 450)، و «العبر» (2/ 161)، و «مرآة الجنان» (2/ 266)، و «شذرات الذهب» (4/ 65). (4) «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 119).

1456 - [عبد الله بن زيدان]

1456 - [عبد الله بن زيدان] (1) عبد الله بن زيدان. قال محمد بن أحمد بن حماد الحافظ: لم تر عيني مثله، كان أكثر كلامه في مجلسه: يا مقلب القلوب؛ ثبت قلبي على طاعتك. وروي أنه مكث نحو ستين سنة لم يضع جنبه على مضرّبة. توفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة. 1457 - [أبو العباس السراج] (2) أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران الثقفي مولاهم، السّرّاج النيسابوري. حدث عن قتيبة، وأبي كريب، ومحمد بن بكار بن الريان وغيرهم، وعنه خلق منهم: الشيخان خارج «الصحيح»، وأبو عمرو عثمان بن السماك. وكان إماما حافظا، له «المسند المستخرج على صحيح مسلم» و «التاريخ». قال أبو إسحاق المزكي: سمعته يقول: ختمت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ألف ختمة، وضحيت عنه اثنتي عشرة ألف أضحية. قال محمد بن أحمد الدقاق: رأيت السراج يضحي كل أسبوع أو أسبوعين أضحية، ثم يجمع أصحاب الحديث عليها، وكان أمّارا بالمعروف، نهّاء عن المنكر. توفي سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة، وعاش سبعا وتسعين سنة. 1458 - [محمد بن جمعة] (3) أبو قريش محمد. حدث عن أحمد بن منيع، وأحمد بن المقدام، وأبي كريب وغيرهم، وعنه أبو بكر

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 436)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 455)، و «العبر» (2/ 162)، و «مرآة الجنان» (2/ 266)، و «شذرات الذهب» (4/ 65). (2) «الجرح والتعديل» (7/ 196)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 388)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 462)، و «العبر» (2/ 163)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 187)، و «مرآة الجنان» (2/ 266)، و «شذرات الذهب» (4/ 68). (3) «سير أعلام النبلاء» (14/ 304)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 465)، و «العبر» (2/ 164)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 309)، و «شذرات الذهب» (4/ 69).

1459 - [محمد بن محمد الباهلي]

الشافعي، وأبو علي النيسابوري وغيرهما من الأعلام. وكان حافظا متقنا ثقة مكثرا رحالا، جمع المسندين على الأبواب وعلى الرجال. وتوفي سنة ثلاثة عشرة وثلاث مائة. 1459 - [محمد بن محمد الباهلي] (1) أبو الحسن محمد بن محمد بن عبد الله بن بدر بن النّفّاح-بالنون والفاء المشددة، وآخره حاء مهملة-الباهلي البغدادي السامري، نزيل مصر. حدث عن إسحاق بن أبي إسرائيل، وأحمد بن إبراهيم الدورقي وغيرهما، وعنه حمزة الكناني، وأبو بكر النقاش وغيرهما. وكان إماما في الحديث، عارفا ثقة ثبتا دينا. توفي سنة أربع عشرة وثلاث مائة. وأبو الحسن الباهلي هذا هو تلميذ أبي الحسن الأشعري، وشيخ الأستاذين أبي إسحاق الأسفراييني، وأبي بكر بن فورك. روى الحافظ أبو القاسم بن عساكر بسنده إلى القاضي أبي بكر الباقلاني قال: (كنت أنا والأستاذ أبو إسحاق الأسفراييني والأستاذ ابن فورك في درس الشيخ أبي الحسن الباهلي تلميذ أبي الحسن الأشعري، قال: وكان من شدة اشتغاله بالله مثل واله أو مجنون، وكان يدرس لنا في كل جمعة مرة، وكان منا في حجاب يرخي الستر بيننا وبينه كي لا نراه) (2). قال الشيخ اليافعي: (وفي مثل ما ذكر عن الباهلي في تدريسه في الجمعة مرة: ما سمعت من بعض أهل العلم والصلاح أنه كان مقيما في جبل عدن رجل مشتغل بالله تعالى، وله معرفة باللغة والنحو، فكان ينزل إلى عدن يوما في الجمعة يشتغل الناس عليه في النحو.

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 432)، و «تاريخ دمشق» (55/ 175)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 295)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 484)، و «معرفة القراء الكبار» (1/ 480)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 99)، و «شذرات الذهب» (4/ 70). (2) «تبيين كذب المفتري» (ص 178).

1460 - [محمد بن المسيب الأرغياني]

قال: وإنما لم أترجم لأبي الحسن الباهلي؛ لأني لم أقف على تاريخ وفاته) (1). وقد وقفت على ذلك بحمد الله في «الذهبي» مترجما له، والله سبحانه أعلم. 1460 - [محمد بن المسيب الأرغياني] (2) محمد بن المسيب بن إسحاق أبو عبد الله النيسابوري الإسفنجي أبو عبد الله الأرغياني. حدث عن محمد بن رافع، وبندار، وإسحاق بن شاهين، وعنه أبو بكر بن خزيمة، وأبو علي الحافظ، وأبو أحمد الحاكم وغيرهم. وكان من الحفاظ المكثرين الجوالين، والعباد المجتهدين، والزهاد البكائين. توفي سنة خمس عشرة وثلاث مائة. 1461 - [الأخفش الصغير] (3) أبو الحسن علي بن سليمان البغدادي النحوي، المعروف بالأخفش الصغير. أخذ عن ثعلب، والمبرد، وروى عنه المرزباني، وأبو الفرج المعافى وغيرهما، وكان ثقة. قال المرزباني: لم يكن بالمتسع في الرواية للأخبار والعلم بالنحو، وما علمته صنف شيئا ولا قال شعرا، وكان إذا سئل عن مسألة في النحو .. ضجر وانتهر من يسأله. كان يواصل المقام عند أبي علي بن مقلة، وأبو علي يراعيه ويبره، فشكا إليه في بعض الأيام ما هو فيه من شدة الفاقة، وسأله أن يعلم الوزير علي بن عيسى حاله، ويسأله إقرار رزق له في جملة من يرتزق، فكلم أبو علي بن مقلة الوزير علي بن عيسى، وعرفه بحال الأخفش، وسأله أن يجري عليه رزقا، فانتهره الوزير انتهارا شديدا في مجلس حافل، فشق على ابن مقلة ذلك، وصار إلى منزله لائما نفسه، ووقف الأخفش على الصورة المذكورة

(1) «مرآة الجنان» (2/ 305). (2) «سير أعلام النبلاء» (14/ 422)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 503)، و «العبر» (2/ 168)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 701)، و «شذرات الذهب» (4/ 75). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 301)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 480)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 497)، و «العبر» (2/ 168)، و «مرآة الجنان» (2/ 267)، و «بغية الوعاة» (2/ 167)، و «شذرات الذهب» (4/ 73).

1462 - [بنان الحمال]

فاغتم لها، وانتهت به الحال إلى أكل السلجم النّيء، فقيل: إنه قبض على فؤاده، فمات فجأة سنة خمس عشرة وثلاث مائة. وقد تقدم ذكر الأخفش الكبير والأوسط في سنة خمس عشرة ومائتين (1). 1462 - [بنان الحمال] (2) الشيخ الكبير الولي بنان الحمال، أبو الحسن، نزيل مصر وشيخها. صحب الجنيد، وحدث عن الحسن بن محمد الزعفراني وجماعة. وكان ذا منزلة جليلة، وأحوال جميلة وكرامات. منها: أنه ألقاه بعض الخلفاء بين يدي الأسد في حال غضبه عليه، فصار الأسد يشمه ولم ينله بسوء، فقيل له: كيف كنت في وقت شمّ الأسد لك؟ قال: كنت أفكر في اختلاف العلماء في طهارة لعاب السباع. ومنها: أنه قال له إنسان: ضاع لي قرطاس فيه تنزيل له صورة من المال، وسأله أن يدعو له بحفظه، فقال له: أنا رجل كبير، وأشتهي الحلوى، اشتر لي كذا وكذا منها، فاشترى له منها الذي طلب وأتاه به، فتناول منه شيئا يسيرا ثم قال له: اذهب بالباقي، وأطعمه صبيانك، فلما ذهب به إلى بيته .. وجد ذلك القرطاس الذي فيه الحلوى هو الذي ضاع له. ومنها: أنه انبسط إلى إخوانه في شراء جارية، فوعدوه حتى يقدم النفر، فلما قدم النفر .. أجمع رأيهم على جارية أنها تصلح له، فكلّموا صاحبها في بيعها، فألحوا عليه، فقال: إنها ليست للبيع، إنها أهدتها امرأة من سمرقند للشيخ بنان الحمال، فحملت إليه. توفي رحمه الله في شهر رمضان سنة ست عشرة وثلاث مائة، وخرج أكثر أهل مصر في جنازته.

(1) انظر (2/ 415) ولم يترجم المؤلف رحمه الله للأخفش الكبير. (2) «حلية الأولياء» (10/ 324)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 488)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 508)، و «العبر» (2/ 169)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 289)، و «مرآة الجنان» (2/ 268)، و «شذرات الذهب» (4/ 76).

1463 - [عبد الله بن أبي داود]

1463 - [عبد الله بن أبي داود] (1) عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي، الحافظ ابن الحافظ. كان أول سماعه باعتناء أبيه سنة أربعين ومائتين، وحدث قديما سنة نيف وثمانين، وكانوا يأخذون عنه، وفي وقته بالعراق مشايخ أسند منه. حدث عن عيسى بن حماد، وابن السراج، وعلي بن خشرم وغيرهم، وعنه ابن المظفر، والدارقطني، ودعلج، وابن شاهين. وكان إماما علامة حافظا متقنا، له عدة مصنفات منها: «المسند» و «السنن» و «التفسير» و «المصاحف» و «القراءات». توفي سنة ست عشرة وثلاث مائة. 1464 - [الحافظ أبو عوانة] (2) الحافظ أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد النيسابوري الأسفراييني، صاحب «المسند الصحيح». رحل إلى الشام والحجاز واليمن ومصر والجزيرة والعراق وفارس وأصبهان. روى عن يونس بن عبد الأعلى، وعلي بن حرب، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومسلم بن الحجاج، والمزني، والربيع، والحسن الزعفراني وغيرهم. وروى عنه جماعة منهم: أبو بكر الإسماعيلي، والطبراني، وأبو نعيم عبد الملك الأسفراييني، وهو خاتمة أصحابه. كان من علماء الحديث وأثباتهم، صنف «المستخرج على صحيح مسلم»، وله فيه

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 405)، و «سير أعلام النبلاء» (13/ 221)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 512)، و «العبر» (2/ 170)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 767)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 200)، و «مرآة الجنان» (2/ 269)، و «شذرات الذهب» (4/ 78). (2) «وفيات الأعيان» (6/ 393)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 417)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 525)، و «العبر» (2/ 171)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 779)، و «مرآة الجنان» (2/ 269)، و «شذرات الذهب» (4/ 80).

1465 - [محمد بن عقيل البلخي]

زيادات، وحج خمس حجج، قال: كتب إليّ أخي محمد بن إسحاق: [من الوافر] فإن نحن التقينا قبل موت … شفينا النفس من مضض العتاب وإن سبقت بنا أيدي المنايا … فكم من غائب تحت التراب توفي سنة ست عشرة وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1465 - [محمد بن عقيل البلخي] (1) محمد بن عقيل البلخي أبو عبد الله، صاحب «الجامع الصحيح». حدث عن علي بن خشرم، وعلي بن إسكاف وغيرهما، وعنه عبد الرحمن بن أبي سريج، وغيره من الأصحاب. وكان حافظا كبيرا، ومن مؤلفاته: «المسند» و «التاريخ» و «الأبواب». توفي سنة ست عشرة وثلاث مائة. 1466 - [ابن السراج] (2) محمد بن السري النحوي، المعروف بابن السراج. أخذ الأدب عن أبي العباس المبرد وغيره، وأخذ عنه السيرافي، والرماني وغيرهما. وكان أحد الأئمة المشاهير، مجمعا على فضله وجلالة قدره في النحو والأدب، وله التصانيف المشهورة في النحو منها: كتاب «الأصول»، وهو أجود ما صنف في هذا الشأن، وإليه المرجع عند اضطراب النقل واختلافه، و «شرح كتاب سيبويه»، وكتاب «الشعر والشعراء» وكتاب «الرياح والهواء والنار» مع كتب أخرى، نقل عنه الجوهري في مواضع من «صحاحه»، ومن الشعر المنسوب إليه: [من الكامل] ميّزت بين جمالها وفعالها … فإذا الخيانة بالملاحة لا تفي حلفت لنا ألا تخون عهودنا … فكأنما حلفت لنا ألا تفي

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 415)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 524)، و «العبر» (2/ 171)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 97)، و «شذرات الذهب» (4/ 80). (2) «وفيات الأعيان» (4/ 339)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 483)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 523)، و «العبر» (2/ 171)، و «مرآة الجنان» (2/ 270)، و «بغية الوعاة» (1/ 109)، و «شذرات الذهب» (4/ 79).

1467 - [أحمد بن الحسين الحنفي]

قال الشيخ اليافعي: (وهذان البيتان يحسن استعارتهما لوصف الدنيا، وقد قيل: إنهما لابن المعتز، وقيل: لعبيد الله بن عبد الله بن طاهر، ومعهما بيت ثالث وهو: والله لا كلمتها ولو أنها … كالبدر أو كالشمس أو كالمكتفي فأنشدها وزير المكتفي له، فقال: لمن هي؟ قال: لعبيد الله بن عبد الله بن طاهر، فأمر له بألف دينار، فوصل إليه، فقال ابن الزنجي: ما أعجب هذه القصة؛ يعمل ابن السراج أبياتا تكون سببا لوصول الرزق لابن طاهر! ) (1) توفي ابن السراج سنة ست عشرة وثلاث مائة. 1467 - [أحمد بن الحسين الحنفي] (2) أحمد بن الحسين، الإمام، شيخ الحنفية ببغداد، وقد ناظر مرة داود الظاهري، فقطع داود، ولكنه معتزلي الاعتقاد. قتل بمكة سنة سبع عشرة وثلاث مائة في فتنة القرمطي. 1468 - [الجارودي الشهيد] (3) أبو الفضل محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن عمار الجارودي الهروي الشهيد. حدث عن معاذ بن المثنى، وأحمد بن نجدة، وعثمان الداري وغيرهم، وعنه حدث أبو علي الحافظ، ومحمد بن المظفر وغيرهما من الأعيان. وكان حافظا إماما. قتل شابا يوم التروية وهو متعلق بحلقتي الكعبة، قتلته القرامطة في سنة سبع عشرة وثلاث مائة.

(1) «مرآة الجنان» (2/ 270). (2) «تاريخ الإسلام» (23/ 528)، و «العبر» (2/ 174)، و «الجواهر المضية» (1/ 163)، و «مرآة الجنان» (2/ 274)، و «شذرات الذهب» (4/ 81). (3) «سير أعلام النبلاء» (14/ 538)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 546)، و «العبر» (2/ 175)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 794)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 37)، و «مرآة الجنان» (2/ 274)، و «شذرات الذهب» (4/ 82).

1469 - [البتاني]

1469 - [البتاني] (1) محمد بن جابر الرقي البتّاني-بفتح الموحدة، وتشديد المثناة من فوق، وقبل ياء النسب نون-المنجم المشهور الحاسب، صاحب الزنج والأعمال العجيبة، والأرصاد المتقنة، واحد عصره في وقته. توفي سنة سبع عشرة وثلاث مائة بموضع يقال لها: الحضر-بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة ثم راء-مدينة بالقرب من الموصل، كان صاحبها الساطرون- بسين وطاء وراء مهملات-فحاصرها أزدشير أول ملوك الفرس أربع سنين، ولم يقدر على البلد حتى فتحت له ابنة الساطرون، وذلك أن أزدشير كان في غاية الجمال، فهويته ابنة الساطرون، فأرسلت إليه أن تفتح الحصن ويتزوجها، فالتزم لها ذلك، فدلته على فتح الحصن، فقيل: دلته على طلسم في الحصن، وكان في علمهم أنه لا يفتح حتى تؤخذ حمامة، فتنزل على سور الحصن، فيقع الطلسم، فينفتح الحصن، ففعل أزدشير ذلك، واستباح الحصن وخربه وأباد أهله، وقتل الساطرون، وسار ببنته وتزوجها وفاء بالشرط، فبينا هي نائمة على فراشها ليلا؛ إذ جعلت تتململ لا يأخذها النوم، فسألها عن ذلك، فقالت: ما نمت على فراش أخشن من هذا الفراش، وأنا أحس شيئا يؤذيني، ففتش الفراش؛ فإذا ورقة آس قد لزقت ببعض عكنها، وهي التي أسهرتها، فعجب من ذلك وقال: هذا الذي أسهرك؟ قالت: نعم، قال: فما كان أبوك يصنع لك؟ قالت: كان يفرش لي الديباج، ويلبسني الحرير، ويطعمني المخ والزبد وشهد أبكار النحل، ويسقيني الخمر الصافي، قال: فكان هذا جزاء أبيك ما صنعت به؟ ! أنت إلي بذلك أسرع، ثم أمر بها فشدت ذوائبها إلى فرسين جامحين، ثم أرسلا فقطعاها قطعا. وذكر ابن هشام: أن الذي حاصر الحصن سابور ذو الأكتاف (2)، والأول أصح.

(1) «وفيات الأعيان» (5/ 164)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 518)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 546)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 283)، و «مرآة الجنان» (2/ 274)، و «شذرات الذهب» (4/ 84). (2) انظر «سيرة ابن هشام» (1/ 71).

1470 - [الخبزأرزي]

1470 - [الخبزأرزّي] (1) نصر بن أحمد الخبزأرزيّ، كان أميا، وكان يخبز الأرز وينشد الأشعار المقصورة على الغزل، والناس يزدحمون عليه، ويتطرفون باستماع شعره، ويتعجبون من حاله وأمره. وذكره جماعة من المؤرخين، وأوردوا له عدة مقاطيع من شعره، فمن ذلك قوله: [من الطويل] خليليّ هل أبصرتما أو سمعتما … بأكرم من مولى تمشّى إلى عبد أتى زائرا من غير وعد وقال لي … أجلك عن تعليق قبلك بالوعد فما زال نجم الوصل بيني وبينه … يدور بأفلاك السعادة والسعد وأهدى مرة إلى والي البصرة فصا، وكتب معه: [من السريع] أهديت ما لو أن أضعافه … مطّرح عندك ما بانا كمثل بلقيس التي لم يبن … إهداؤها عند سليمانا هذا امتحان لك إن ترضه … بان لنا أنك ترضانا وطرقت نادرة لطيفة طريفة أحببت إيرادها ههنا تبعا لغيري؛ فإن الشيء بالشيء يذكر، وهي: أن اللبادي الشاعر خرج من بعض مدن أذربيجان يريد أخرى وتحته مهر له فاره، وكانت السنة مجدبة، فضمه الطريق وغلاما حدثا على حمار له، قال: فحادثته، فرأيته أديبا، رواية للشعر، خفيف الروح، حاضر الجواب، جيد الحجّة، فسرنا بقية يومنا، فأمسينا إلى خان على ظهر الطريق، فطلبت من صاحبه شيئا نأكله، فامتنع أن يكون عنده شيء، فرفقت به إلى أن جاءني برغيفين، فأخذت واحدا، ودفعت إلى الغلام واحدا، وكان غمّي على المهر أن يبيت بغير علف أعظم من غمّي على نفسي، فسألت صاحب الخان عن الشعير، فقال: ما أقدر منه على حبة واحدة، فقلت له: فاطلب، وجعلت له جعلا على ذلك، فمضى وجاءني بعد زمن طويل وقال: قد وجدت مكوكين عند رجل، وحلف بالطلاق أنه لا ينقصهما عن مائة درهم، فقلت: ما بعد يمين الطلاق كلام، فدفعت إليه خمسين درهما، وأخذت مكوكا، وعلقته على دابتي، وجعلت أحادث الفتى، وحماره

(1) «تاريخ بغداد» (13/ 298)، و «معجم الأدباء» (7/ 162)، و «وفيات الأعيان» (5/ 376)، و «الوافي بالوفيات» (27/ 34)، و «مرآة الجنان» (2/ 275)، و «شذرات الذهب» (4/ 84).

1471 - [ابن صاعد البغدادي]

واقف بغير علف، فأطرق مليا ثم قال: اسمع-أيدك الله-أبياتا حضرت الساعة، فقلت: هاتها، فأنشد: [من الكامل] يا سيدي شعري نقاية شعركا … فلذاك نظمي لا يقوم بنثركا وقد انبسطت إليك في إنشاد ما … هو في الحقيقة قطرة من بحركا آنستني وخصصتني وبررتني … وجعلت أمري من مقدم أمركا وأريد أذكر حاجة إن تقضها … أك عبد مدحك ما حييت وشكركا أنا في ضيافتك العشية ههنا … فاجعل حماري في ضيافة مهركا فضحكت واعتذرت إليه من إغفالي أمر حماره، وابتعت المكوك الآخر بخمسين درهما، ودفعته إليه. توفي الخبزأرزيّ سنة سبع عشرة وثلاث مائة. 1471 - [ابن صاعد البغدادي] (1) يحيى بن محمد بن صاعد البغدادي، مولى بني هاشم، الحافظ الحجة. قال أبو علي النيسابوري: لم يكن بالعراق في أقران ابن صاعد أحد أجل في الفهم والحفظ من ابن صاعد، قال: وهو فوق أبي بكر بن أبي داود فيهما. توفي سنة ثمان عشرة وثلاث مائة. 1472 - [أبو بكر الأسفراييني] (2) أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الأسفراييني الحافظ المصنف. حدث عن الذهلي، وأبي زرعة الرازي وغيرهما، وعنه حدث ابن عدي، والحاكم أبو أحمد، وغيرهما من المحدثين. وكان من الحفاظ الأثبات المجودين. توفي سنة ثمان عشرة وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (14/ 501)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 574)، و «العبر» (2/ 179)، و «تذكرة الحفاظ» (2/ 776)، و «مرآة الجنان» (2/ 277)، و «شذرات الذهب» (4/ 90). (2) «سير أعلام النبلاء» (14/ 547)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 564)، و «العبر» (2/ 179)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 478)، و «مرآة الجنان» (2/ 277)، و «شذرات الذهب» (4/ 89).

1473 - [ابن العلاف الشاعر]

1473 - [ابن العلاف الشاعر] (1) الحسن بن علي بن عوف بن العلاف النهرواني، الشاعر المشهور. حدث عن أبي عمر الدوري المقرئ، وحميد بن مسعدة المصري، ونصر بن علي الجهضمي وغيرهم، وروى عنه أبو حفص بن شاهين وغيره. وكان ينادم الطمام المعتضد بالله، قال: بت ليلة في دار المعتضد مع جماعة من ندمائه، فأتانا خادم ليلا، فقال: أمير المؤمنين يقول: أرقت بعد انصرافكم فقلت: [من الطويل] ولما انتبهنا للخيال الذي سرى … إذا الدار قفر والمزار بعيد وقد أرتج علي تمامه، فمن أجازه بما يوافق غرضي .. أمرت له بجائزة، قال: فأرتج على الجماعة، وكلهم شاعر فاضل، فابتدرت وقلت: فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي … لعل خيالا طارقا سيعود فرجع الخادم، ثم عاد فقال: أمير المؤمنين يقول: قد أحسنت، وأمر لك بجائزة. توفي المذكور سنة ثمان-أو سبع-عشرة وثلاث مائة. 1474 - [إبراهيم بن عبد الرحمن الدمشقي] (2) أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان القرشي الدمشقي، محدث دمشق. حدث عن يونس بن عبد الأعلى وطبقته، وحدث عنه ابنه محمد، وابن المقرئ وغيرهما. وكان حافظا ثبتا رحالا. توفي سنة تسع عشرة وثلاث مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 107)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 514)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 559)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 169)، و «مرآة الجنان» (2/ 277)، و «شذرات الذهب» (4/ 85). (2) «سير أعلام النبلاء» (15/ 62)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 579)، و «العبر» (2/ 181)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 42)، و «مرآة الجنان» (2/ 278)، و «شذرات الذهب» (4/ 92).

1475 - [الزبير بن أحمد الزبيري]

1475 - [الزبير بن أحمد الزّبيري] (1) الزبير بن أحمد الزبيري-نسبة إلى الزبير بن العوام، أحد العشرة رضي الله عنهم-الفقيه الشافعي. كان إمام البصرة ومدرسها، وحافظ المذهب مع حظ من الأدب، قدم بغداد وحدث بها عن جماعة، وكان صحيح الرواية. توفي سنة تسع عشرة وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1476 - [ابن جوصا] (2) أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن موسى بن جوصا الهاشمي مولاهم، ويقال: الكلابي الدمشقي، الحافظ، محدث الشام. حدث عن يونس بن عبد الأعلى، وكثير بن عبيد الحمصي، وعمرو بن عثمان، وحدث عنه الحفاظ: أبو بكر بن السني، وسليمان الطبراني، وأبو أحمد الحاكم. وكان ثقة ركنا من أركان الحديث، وتكلم فيه الدارقطني، وحمزة الكناني، وذلك والله أعلم لغرائب حواها، وأفراد رواها، وله حديثان عاليان ثلاثيان، أحدهما: حديث الشيب عن معاوية بن عمير بن أحمد، عن عبد الله بن بسر، عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وهو آخر من وقع له الثلاثي فيما نعلم، قاله الحافظ شمس الدين محمد بن أبي بكر عبد الله بن محمد الدمشقي، المعروف بابن ناصر الدين في [«التبيان لبديعة] (3) البيان». توفي المذكور سنة عشرين وثلاث مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 313)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 57)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 536)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 186)، و «مرآة الجنان» (2/ 278). (2) «سير أعلام النبلاء» (15/ 15)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 596)، و «العبر» (2/ 186)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 795)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 271)، و «مرآة الجنان» (2/ 280)، و «شذرات الذهب» (4/ 99). (3) بياض في الأصول، والاستدراك من «الضوء اللامع» (8/ 103)، وكتابه هذا شرح لمنظومته المسماة: «بديعة البيان عن موت الأعيان».

1477 - [الفربري]

1477 - [الفربري] (1) أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري، راوي «صحيح البخاري». توفي سنة عشرين وثلاث مائة. 1478 - [محمد بن يوسف القاضي] (2) محمد بن يوسف الأزدي مولاهم، قاضي القضاة، كان من خيار القضاة حلما وعقلا وصلابة وذكاء وصيانة، توفي سنة عشرين وثلاث مائة. 1479 - [ابن خيران] (3) الحسين بن صالح، المعروف بأبي علي بن خيران الفقيه الإمام، الكبير الشأن، الشافعي المذهب. عرض عليه القضاء في أيام المقتدر فامتنع، فختم الوزير على بيته، وضيق عليه مدة ليقبل، فلم يقبل، وكان يعاتب ابن سريج على توليه القضاء ويقول: هذا الأمر لم يكن فينا، وإنما كان في أصحاب أبي حنيفة، وعوتب الوزير علي بن عيسى في تضييقه عليه فقال: إنما قصدت ذلك؛ ليقال: كان في زمننا من وكل بداره؛ لتقليد القضاء فلم يقبل. توفي سنة عشرين وثلاث مائة، وهو مذكور في الأصل.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 290)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 10)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 613)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 245)، و «شذرات الذهب» (4/ 101). (2) «سير أعلام النبلاء» (14/ 555)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 615)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 245)، و «مرآة الجنان» (2/ 280)، و «شذرات الذهب» (4/ 102). (3) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 261)، و «وفيات الأعيان» (2/ 133)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 58)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 617)، و «العبر» (2/ 190)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 378)، و «مرآة الجنان» (2/ 280).

1480 - [الخليفة المقتدر]

1480 - [الخليفة المقتدر] (1) أبو الفضل جعفر المقتدر بن المعتضد أحمد بن الموفق أبي أحمد طلحة بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن هارون الرشيد الخليفة العباسيّ. ولد لثمان بقين من رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائتين. كان الخليفة قبله أخوه المكتفي علي بن المعتضد، فمات ولم يعهد إلى أحد، وكان الوزير العباس بن الحسن مستوليا على الأمر، فأشار عليه أكثر الناس بتولية عبد الله بن المعتز، ومال إلى ذلك أيضا، لكن صرفه عن ذلك أبو الحسن بن الفرات، وأشار عليه بتولية أبي الفضل جعفر المذكور، فقال له الوزير العباس بن الحسن: إنه صبي، فقال ابن الفرات: وإن كان فإنه ابن المعتضد، فاتق الله، ولا تنصب في هذا الأمر من قد لقي الناس ولقوه، وعرف ضيعة هذا، ودار هذا، ونعمة هذا، فعقدها الوزير لجعفر المذكور، ولقّبه المقتدر، وذلك يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين، وعمر المقتدر إذ ذاك ثلاث عشرة سنة وشهر وأيام، ولا يعلم خليفة قبله وليها وهو صغير، ولما كان مشورة أبي الحسن بن الفرات لغير الله تعالى .. سلط الله تعالى عليه المقتدر، فكان سببا لهلاكه وهلاك ولده، وانقراض بيته. ثم كثر الخوض والكلام في صغر سن المقتدر، فعمل الوزير العباس بن الحسن على أن يحل أمر المقتدر، ويقلد الخلافة أبا عبد الله محمد بن المعتمد، وكان حسن العقل، جميل المذهب، وانتظر بذلك قدوم بارس غلام إسماعيل بن أحمد صاحب خراسان؛ فإنه كان موافيا إلى الحضرة، وقدر أن يستظهر به على غلمان المعتضد الذين مع المقتدر، ففلج محمد بن المعتمد قبل ذلك ومات، فعمل العباس بن الحسن الوزير على تقليد أبي الحسين من ولد المتوكل، فمات المذكور قبل أن يتم الأمر، ثم في سنة ست وتسعين اجتمع جماعة منهم الحسين بن حمدان على قتل المقتدر ووزيره العباس بن الحسن، وعلى تولية عبد الله بن المعتز، فخرج المقتدر يلعب بالصولجة، فعطف الحسين بن حمدان على العباس بن الحسن، فقتله وهو على ظهر دابته، وكان إلى جانبه فاتك المعتضدي، فصاح

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 563)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 43)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 603)، و «العبر» (2/ 184)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 94)، و «مرآة الجنان» (2/ 279)، و «مآثر الإنافة» (1/ 274)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 447)، و «شذرات الذهب» (4/ 97).

على الحسين بن حمدان منكرا عليه، فعطف الحسين على فاتك، فألحقه بالوزير، ثم ركض الحسين بن حمدان ليثلث بالمقتدر، وكان المقتدر قد سمع الصيحة عند قتل الوزير فبادر إلى الدار، وأغلقت الأبواب دون الحسين، فأحضر الحسين بن حمدان بن المعتز والقواد والجند وأصحاب الدواوين والقضاة غير أبي الحسن بن الفرات؛ فإنه لم يحضرهم، وبايعوا ابن المعتز، ولقبوه المرتضي بالله، ونفذت كتبه إلى الآفاق، وأمر المقتدر بالانصراف إلى دار ابن طاهر، فأجاب وكان مع المقتدر في الدار قليل من الجند، فأصبح ابن حمدان معدا لحربهم وحصارهم، فناوشوه الحرب، ووقع الرعب في قلوب الذين مع ابن المعتز، فانصرفوا من غير كثير حرب، واستتر ابن المعتز، ثم ظهر واستقر الأمر للمقتدر، فاستوزر أبا الحسن علي بن محمد بن الفرات، فدبر الدولة كما يدبرها الخلفاء، واشتغل المقتدر باللهو واللعب. وفي سنة سبع عشرة: كانت فتنة أبي الهيجاء بن حمدان ونازوك التي أدت إلى خلع المقتدر، ونصب أخيه القاهر، ثم انتقض الأمر وعاد إلى المقتدر الخلافة، وقتل أبا الهيجاء ونازوك كما سيأتي ذلك (1)، وحمل القاهر إلى الحريم القاهري، ثم حصلت الوحشة بين المقتدر وبين مؤنس، فانحدر مؤنس من الموصل إلى بغداد، فأشار الأمراء على المقتدر بالإنفاق على العساكر، فعزم على التوجه إلى واسط في الماء؛ ليستنجد منها ومن البصرة والأهواز على مؤنس، فقال له محمد بن ياقوت: اتق الله، ولا تسلم بغداد بلا حرب، وقال له: لئن خرجت بنفسك .. أحجم رجال مؤنس عن مقاتلتك، فقال له المقتدر: أنت رسول إبليس، فلما أصبحوا .. ركب المقتدر في موكبه وعليه البرد وبيده القضيب، والقراء والمصاحف حوله، فشق بغداد إلى الشماسية، وأقبل جيش مؤنس وغالبهم البربر، وشرع القتال، فوقف المقتدر على تلّ، ثم جاء إليه ابن ياقوت وأبو العلاء بن حمدان فقالا له: تقدم، وهم يستدرجونه حتى صار في وسط المصاف في طائفة قليلة، وانكشف عنه أصحابه، وأسر منهم جماعة، وأبلى ابن ياقوت وهارون بن غريب بلاء حسنا، فعطف جماعة من البربر على المقتدر، فضربه رجل من خلفه ضربة أسقطه إلى الأرض، وقيل: رماه بحربة، وحز رأسه بالسيف، ورفع على رمح، ثم سلب ما عليه، وبقي مهتوك العورة حتى ستر بالحشيش، ثم حفر له حفرة

(1) انظر (3/ 65).

فطم، وعفى أثره، وذلك في سنة عشرين وثلاث مائة، فمدة خلافته خمس وعشرون سنة إلا بضعة عشر يوما، وعمره ثمان وثلاثون سنة. وكان مسرفا مبذرا ناقص الرأي، محّاقا للخزائن، حتى أعطى بعض جواريه الدرة اليتيمة وزنها ثلاثة مثاقيل. ويقال: إنه ضيع من الذهب ثمانين ألف ألف دينار، وكثر في زمانه التقلب بالوزراء والكتاب والحجاب والولاة، وضعفت في أيامه الخلافة العباسية، بل اضمحلت. وقيل: كان جيد العقل والرأي، لكنه كان يؤثر اللعب واللهو والشهوات، غير ناهض بأعباء الخلافة. وكانت أمه وخالته والقهرمانة يدخلن في الأمور الكبار من الولايات والخلافات والحل والعقد. وقيل: إن مؤنسا لم يحضر الحرب بل كان بالراشدية، فلما حمل إليه رأس المقتدر .. بكى وندم وقال: قتلتموه، والله؛ لنقتلن كلنا، فأظهروا له أن قتله كان عن غير قصد، وأنه جرى بغير أمرنا، فأراد نصب أبي العباس ولد المقتدر مكان أبيه، فصرفه عن ذلك إسحاق بن إسماعيل النوبختي، فعقد الخلافة لأخي المقتدر أبي منصور محمد بن المعتضد، ولقّبوه القاهر، فكان حين النوبختي وهلاكه على يدي القاهر. ***

الحوادث

الحوادث السنة الأولى بعد الثلاث مائة فيها: مات أبو سعيد الحسن بن بهرام الجنّابي القرمطي، صاحب هجر، قتله خادم له في الحمام. وفيها: سار عبد الله المهدي المتغلب على المغرب في أربعين ألفا؛ ليأخذ مصر حتى بلغ بينه وبين مصر مسيرة أيام، ففجّر أمير مصر النيل، وحال الماء بينه وبين جيوش مصر، ثم جرت بينهم وبين جيش المقتدر حروب، فرجع إلى برقة بعد أن ملك الإسكندية والفيوم (1). وفيها: قبض على الوزير علي بن خاقان، واستوزر علي بن عيسى بن داود الجراح. وفيها: ورد الخبر بقتل علي بن إسماعيل صاحب خراسان، قتله غلمانه على شاطئ نهر بلخ، وقام ابنه أبو الحسن نصر مقامه. وفيها: قبض على الحسين بن منصور الحلاج بالسوس. وفيها: توفي الحافظ العلامة جعفر بن محمد أبو بكر الفريابي، صاحب التصانيف، وكان من أوعية العلم، والحافظ أبو عبد الله بن يحيى ابن منده الأصبهاني جد الحافظ الكبير محمد بن إسحاق بن منده، والأمير علي بن أحمد الراسبي أمير جند نيسابور، وخلف ألف فرس، وألف ألف دينار، والحافظ أحمد بن محمد الوشاء، وأبو بكر البرديجي، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني، والحسين بن إدريس، وابن ناجية. وفيها: مات ابن أبي الشوارب القاضي الأحنف، وأبو عبد الله البسطامي الزاهد، وأحمد بن عبد الصمد بن طومار الهاشمي نقيب الطالبيين العباسيين، والوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل بن جعفر، المعروف بابن الفرات، وزير الإخشيدية بمصر، وعلي بن أحمد البسامي الشاعر المشهور. ***

(1) «تاريخ الطبري» (10/ 148)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 11)، و «العبر» (2/ 123)، و «مرآة الجنان» (2/ 238)، و «شذرات الذهب» (4/ 10).

السنة الثانية بعد الثلاث مائة

السنة الثانية بعد الثلاث مائة فيها: عاد المهدي إلى الإسكندرية، فوقعت وقعة كبيرة قتل فيها نائبه، فرد إلى القيروان (1). وفيها: أخذت طيء الركب العراقي، وتمزق الوفد في البرية، وأسروا من الوفد مائتين وثمانين امرأة (2). وفيها: قلد أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان الموصل. وفيها: ماتت بدعة الكبيرة جارية عريب، وكان إسحاق بن يعقوب بذل فيها لعريب مائة ألف دينار، وللوسيط عشرة آلاف دينار، فعرضت عليها البيع فأبت، فأعتقتها ووهبتها ثلاثين ألف دينار (3). وفيها: توفي العلامة فقيه أهل المغرب أبو عثمان بن حداد الإفريقي المالكي، والعلامة أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأصبهاني، إمام جامع أصبهان، أحد العباد والحفاظ، وأبو زرعة محمد بن عثمان القاضي. وفيها: خرج الحسن بن علي العلوي، وتغلب على طبرستان، وتلقّب بالداعي (4). *** السنة الثالثة بعد الثلاث مائة فيها: خلع الحسين بن حمدان الطاعة، وكان مؤنس خرج إلى مصر؛ لمحاربة العلوي صاحب المغرب، فاستعد لحرب الحسين، فظفر به وحمله إلى بغداد أسيرا وفيها: مات أبو علي الجبائي، واسمه: محمد بن عبد الوهاب المتكلم شيخ المعتزلة، والإمام العلامة الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي، صاحب التصانيف المفيدة، والحافظ الكبير أبو العباس بن سفيان الشيباني.

(1) «تاريخ الإسلام» (23/ 14)، و «العبر» (2/ 127)، و «مرآة الجنان» (2/ 240)، و «شذرات الذهب» (4/ 12). (2) «تاريخ الطبري» (10/ 150)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 16)، و «مرآة الجنان» (2/ 240)، و «شذرات الذهب» (4/ 12). (3) «المنتظم» (7/ 447)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 637)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 87). (4) «تاريخ الطبري» (10/ 149)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 633)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 15).

السنة الرابعة بعد الثلاث مائة

السنة الرابعة بعد الثلاث مائة فيها: عزل علي بن عيسى من الوزارة، وأعيد أبو الحسن بن الفرات، وضمن له أن يحمل كل يوم من مال المرافق ألفا وخمس مائة دينار، من جملتها ألف دينار لخاصة المقتدر، وللسيدة أم المقتدر ثلاث مائة وثلاثة وثلاثين دينارا وثلث، ولأبي العباس وهارون ابني المقتدر ستة وستون دينارا وثلثي دينار، وكان لا يمكنه أن يخل بها. وفيها: تغلب يوسف بن أبي الساج على الري وقزوين وأبهر وزنجار، وطرد عنها محمد بن علي بن صعلوك (1). وفيها: توفي أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم المنجنيقي، ويموت بن المزرع بن يموت العبدي البصري، وهو ابن أخت أبي عثمان الجاحظ (2). *** السنة الخامسة بعد الثلاث مائة فيها: قدم رسول ملك الروم يطلب الهدنة، فاحتفل المقتدر بجلوسه، وأقام الجيش بالسلاح وكانوا مائة وستين ألفا، ثم العلماء وكانوا سبعة آلاف، ثم الحجاب وكانت سبع مائة، وعلّقت ستور الديباج وكانت ثمانية وثلاثين ألف ستر من البسط وغيرها، ومما كان في الدار سبع مائة سلسلة، ثم أدخل الرسول دار الشجرة، وفيها بركة؛ فيها شجرة لها أغصان عليها طيور مذهبة، وورقها ألوان مختلفة، وكل طائر يصفر لونا بحركات مصنوعة، ثم أدخل دار الفردوس، وفيها من الفرش والآلات ما لا يقوّم. وفيها: توفي مسند عصره أبو خليفة البصري الجمحي الفضل بن الحباب، وعبد الله ابن شيرويه، وعمران ابن مجاشع، وقاسم المطرز (3). وفيها: مات العباس بن عمرو الغنوي، وأبو موسى الحامض اللغوي (4). وعلى هذه السنة قطع محمد بن جرير الطبري «تاريخه» (5).

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 646)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 22). (2) مر التعليق عليه في ترجمته (3/ 18). (3) «العبر» (2/ 135)، و «شذرات الذهب» (4/ 26). (4) «صلة تاريخ الطبري» (11/ 65)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 654)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 159). (5) الصواب: أن ابن جرير قطع «تاريخه» سنة (302 هـ‍)، انظر «تاريخه» (10/ 151)، وهو ما ذكره ابن الأثير في-

السنة السادسة بعد الثلاث مائة

السنة السادسة بعد الثلاث مائة فيها-أو قبلها-: أمرت أم المقتدر في أمور الأمة ونهت؛ لركاكة حال ابنها؛ فإنه لم يركب للناس ظاهرا منذ استخلف إلى سنة إحدى وثلاث مائة، ثم ولى ابنه عليا إمرة مصر، وهو ابن أربع سنين، وهذا من الوهن والخلل الذي دخل على الأمة، ولما كان في السنة المذكورة .. أمرت أمه القهرمانة أن تجلس للمظالم، وتنظر في القصص كل جمعة بحضرة القضاة، وكانت تبرز التواقيع عليها خطها. وفيها: أقبل القائم محمد بن المهدي صاحب المغرب في جيوشه، فأخذ الإسكندرية وأكثر الصعيد ثم رجع. وفيها: توفي الباز الأشهب على خصوم المذهب الإمام أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج المشهور، والإمام أبو الحسن منصور بن إسماعيل بن عمر التميمي الضرير المصري الشافعي، والشيخ الكبير أبو عبد الله بن الجلاّء أحمد بن يحيى من أجلّ مشايخ الصوفية، والإمام الحافظ أبو محمد عبدان بن أحمد الأهوازي الجواليقي، وأحمد بن الحسن الصوفي. وفيها: قبض على الوزير أبي الحسن بن الفرات، وهي النكبة الثانية، واستوزر حامد بن العباس، وهو ابن خمس وثمانين سنة، وكان حينئذ ضامن واسط وأعمالها، ودخل بغداد ومعه أربع مائة غلام يحملون السلاح، منهم جماعة يجرون مجرى القواد وأكابر أصحاب السلطان، وكان فيه نقص وحدة وطيش، فثقل أمره على المقتدر، فاستناب له علي بن عيسى بن الجراح، وجعل الحكم له، وبلغ من طيش حامد أنه أحضر ابن الفرات ليناظره، فأمر بنتف لحيته، ثم نهض إليه فجذب لحيته بيده. وفيها: قتل الحسين بن حمدان. *** السنة السابعة بعد الثلاث مائة فيها: توفي أبو يعلى الموصلي التميمي صاحب «المسند»، والحافظ الكبير أبو بكر محمد بن هارون الروياني صاحب «المسند» أيضا، والحافظ زكريا الساجي، وابن ذريح العكبري، والهيثم بن خلف.

(5) - «الكامل في التاريخ» (6/ 637)، وذكر قولا أنه أنهاه سنة (303 هـ‍)، والله أعلم.

السنة الثامنة بعد الثلاث مائة

وفيها: قتل محمد بن سليمان كاتب الجيش بالري. وفيها: قتل علي بن [ ... ] (1)، قتله خاله أبو العباس محمد بن مسافر المعروف بالسلار، قتله ليلا على فراشه. *** السنة الثامنة بعد الثلاث مائة فيها: ظهر اختلال الدولة العباسية ببغداد، فركبت الجند، وسبب ذلك كثرة الظلم من الوزير حامد بن العباس، فقصدت العامة داره، فحاربتهم غلمانه، وكان له مماليك كثيرة، ودام القتال أياما، وقتل خلق كثير، واستفحل البلاء، ووقع النهب ببغداد، وجرت فتن وحروب بمصر، وملك العبيديون جيزة الفسطاط، وانجفل الخلق وشرعوا في الهرب (2). وفيها: توفي الفقيه الصالح إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري، راوي «صحيح مسلم» قيل: كان مجاب الدعوة، والحافظ الكبير أبو محمد عبد الله بن محمد الدينوري، والفقيه أبو الطيب محمد بن المفضل الضبي، والحافظ أبو العباس الوليد بن أبان بأصبهان، صاحب «المسند» و «التفسير»، والمفضل الجندي، وإسحاق بن إبراهيم الخزاعي، والوزير أبو الفرج يعقوب بن يوسف بن إبراهيم وزير العزيز بن المعزّ العبيدي صاحب مصر (3). *** السنة التاسعة بعد الثلاث مائة فيها: أخذت الإسكندرية واستردت إلى نواب الخليفة، ورجع العبيدي إلى المغرب (4). وفيها: قتل ليلى بن النعمان الديلمي الخارج بطبرستان، وحمل رأسه إلى بغداد (5). وفيها: انفجرت دجلة بضعة عشر بثقا، أوسعها طول ألف ذراع، وأقصرها طول مائتي

(1) بياض في الأصول. (2) «تاريخ الإسلام» (23/ 30)، و «مرآة الجنان» (2/ 249)، و «شذرات الذهب» (4/ 38). (3) انظر ما تقدم في ترجمته (3/ 26). (4) «تاريخ الإسلام» (23/ 32)، و «مرآة الجنان» (2/ 253). (5) «الكامل في التاريخ» (6/ 669).

السنة العاشرة بعد الثلاث مائة

ذراع، وغرق من أمهات القرى ألف وثلاث مائة قرية (1). وفيها: توفي الحسين بن منصور الحلاج، والشيخ الكبير أبو العباس بن عطاء، وحامد ابن شعيب، وعمر ابن أبي غيلان. *** السنة العاشرة بعد الثلاث مائة فيها: توفي أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، صاحب «التفسير» و «التاريخ» الكبيرين المشهورين، والإمام الشهير محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري. وفيها-وقيل: في التي بعدها، وقيل: في سنة ست عشرة-: توفي أبو إسحاق الزجاج إبراهيم بن محمد النحوي، والإمام النحوي محمد بن العباس اليزيدي، والطبيب الماهر أبو بكر محمد بن زكريا الرازي المشهور. وفيها: توفي أحمد بن يحيى التستري، وأبو بشر الدولابي. *** السنة الحادية عشرة بعد الثلاث مائة فيها: صرف حامد بن العباس عن الوزارة، وأعيد ابن الفرات، وهي وزارته الثالثة، وفيها هلك. وفيها: دخل أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابي القرمطي البصرة في ألف وسبع مائة رجل، ونصب السلاليم على سورها، وقتل واليها سبك، ووضع السيف في أهل البصرة، وأحرق البصرة، وأحرق المربد وبعض المسجد الجامع، ومسجد قبر طلحة، ولم يتعرض للقبر، وأقام بالبصرة سبعة عشر يوما يحمل على جماله كل ما يقدر عليه من الأمتعة والنساء والصبيان، وهرب خلق إلى الماء فغرقوا، ثم انصرف إلى بلده (2). وفيها: توفي الحافظ الزاهد أبو جعفر أحمد بن حمدان بن علي بن سنان النيسابوري،

(1) «المنتظم» (8/ 37)، و «البداية والنهاية» (11/ 172)، و «شذرات الذهب» (4/ 50)، وفيها أن هذه الحادثة كانت سنة (310 هـ‍). (2) «المنتظم» (8/ 44)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 685)، و «مرآة الجنان» (2/ 264)، و «شذرات الذهب» (4/ 55).

السنة الثانية عشرة بعد الثلاث مائة

والفقيه الخير أبو بكر الخلال البغدادي، وإمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري، وعمر بن محمد بن بجير. *** السنة الثانية عشرة بعد الثلاث مائة فيها: دخل أبو طاهر سليمان بن الحسن بن بهرام القرمطي الكوفة، وكان ينقل ما بها نهارا، ويخرج إلى عسكره فيبيت به ليلا، وخاف منه أهل بغداد، حتى انتقل أهل الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي (1). وفيها: عارض أبو طاهر القرمطي المذكور ركب العراق ومعه ألف فارس، وألف راجل، فوضعوا السيف في الحجيج واستباحوهم، وساقوا الجمال بالأموال والحريم، وهلك الناس جوعا وعطشا، ونجا من نجا بأسوأ حال، ووقع النوح والبكاء ببغداد وغيرها، وامتنع الناس من الصلوات في المساجد، ورجم الناس الوزير ابن الفرات، وصاحوا عليه: أنت القرمطي الكبير، فأشار على المقتدر أن يكاتب مؤنسا الخادم وهو على الرقة-وكان ابن الفرات قد سعى في إبعاده إليها؛ خوفا منه-فقدم مؤنس، وكان القرمطي قد أسر طائفة من الحجاج، منهم أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان، فأطلقه، وأرسل النساء ثلاث مائة، وفي الأسر مثلهم (2). وفيها: قبض المقتدر على وزيره أبي الحسن بن الفرات وولده المحسّن، وسلمهما إلى مؤنس، فقتلهما، ووزر أبو القاسم الخاقاني. وفيها: توفي الحافظ الباغندي، وأبو بكر بن المجدّر. *** السنة الثالثة عشرة بعد الثلاث مائة فيها: سار الركب العراقي ومعهم ألف، فاعترضهم أبو طاهر القرمطي بزبالة، وناوشهم القتال، فرد الناس ولم يحجوا، ونزل القرمطي على الكوفة، فقاتلوه، فغلب على البلد

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 697)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 356)، و «مرآة الجنان» (2/ 266). (2) «الكامل في التاريخ» (6/ 689)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 352)، و «مرآة الجنان» (2/ 266)، و «البداية والنهاية» (11/ 178).

السنة الرابعة عشرة بعد الثلاث مائة

ونهبه، فندب المقتدر مؤنسا لحربه، وأنفق في الجيش ألف ألف دينار (1). وفيها: قبض على الوزير أبي القاسم الخاقاني، ووزر أبو العباس أحمد بن عبد الله بن الخصيب (2). وفيها: كتب ملك الروم إلى الثغور يطلب منها الخراج؛ لضعفها، وعدم من يضبطها (3). وفيها: توفي الإمام اللغوي أبو القاسم ثابت بن حزم السرقسطي، والحافظ أبو العباس محمد بن إسحاق الثقفي مولاهم، السراج، صاحب التصانيف، وجماهر الزملكاني، وعبد الله بن زيدان، وعلي الغضائري، وأبو لبيد السرخسي، وأبو قريش. وقدم أبو محمد الحسن بن موسى الجرجاني صنعاء سنة عشر وثلاث مائة كما ذكره القاضي أحمد العرشاني، قال: فأقام بها سنة وارتحل عنها، وكان فقيها فاضلا يروي مرفوعا عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «من أرضى سلطانا بسخط الله تبارك وتعالى .. خرج من دين الله» ولم يذكر تاريخ وفاته. *** السنة الرابعة عشرة بعد الثلاث مائة فيها: عزل أحمد بن عبد الله بن الخصيب من الوزارة، واستوزر علي بن عيسى، وكان حينئذ يتولى الإشراف على مصر والشام، واستدعى منها شبيب أبو القاسم الكلواذي. وفيها: استوحش مؤنس المظفر من المقتدر، وبلغه عنه أنه حفر له زبية في طريقه من دار الخليفة (4)؛ ليتردى فيها، فامتنع من الحضور، وخلع عليه للخروج إلى الثغر؛ لأن ملك الروم دخل سمساط، وضرب فيها بالنواقيس (5).

(1) ذكرت هذه الحادثة في السنة السابقة، وقد أشرنا إلى مراجعها ثمة، مع العلم أن المصادر قد اختلفت في إيرادها بين هذه السنة والتي قبلها. (2) «الكامل في التاريخ» (6/ 700)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 356). (3) «الكامل في التاريخ» (6/ 702)، و «البداية والنهاية» (11/ 183). (4) الزبية: حفرة في موضع عال يصاد فيها الأسد ونحوه. (5) «المنتظم» (8/ 76)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 710)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 362)، و «البداية والنهاية» (11/ 184)، وفي جميعها أن ذلك حدث سنة (315 هـ‍).

السنة الخامسة عشرة بعد الثلاث مائة

وفيها: لم يحج أحد من العراق؛ خوفا من القرامطة، ونزح أهل مكة منها؛ خوفا منهم. وفيها: توفي أبو الليث نصر بن القاسم البغدادي الفرائضي، وكان ثقة، ومحمد بن محمد الباهلي، ومحمد بن عمر بن لبابة القرطبي. *** السنة الخامسة عشرة بعد الثلاث مائة فيها: نازلت القرامطة الكوفة في سبع مائة فارس، وثمان مائة راجل، فسار يوسف بن أبي الساج في أربعين ألف فارس، فلما تحقق عدتهم .. استهان بهم، فكتب إلى المظفر بالفتح قبل أن يلقاهم، ثم التقاهم، فانهزم عسكر يوسف بن أبي الساج، وقتل منهم عدة، وأسر أميرهم يوسف، فورد الكتاب أول النهار بالظفر، وآخره بالهزيمة. ثم سار القرمطي إلى بغداد، فماج أهلها، وخرج إليه مؤنس المظفر وبنو حمدان- أبو الهيجاء بن حمدان وإخوته-في أربعين ألفا، فقطعوا القنطرة، فوصل إليها القرمطي فوجدها مقطوعة، وسبر المخاضة فلم يجد فيها معبرا، فعادوا إلى الأنبار، وأوقع الله الخذلان في العسكر، فلم يتجاسروا على العبور إليهم مع كثرتهم وقلة القرامطة، وتصدق المقتدر عند انصراف القرمطي بمائة ألف درهم. وعند عود القرمطي إلى الأنبار رأى يوسف بن أبي الساج وهو في الأسر قد أخرج رأسه من خيمة يتطلع، فضرب عنقه وعنق جماعة معه، وسار القرمطي إلى هيت، فبادر العسكر، ودخل الوزير علي بن عيسى على المقتدر وقال: قد تمكنت هيبة هذا الكافر من القلوب، فخاطب السيدة في مال تنفقه في الجيش، وإلا .. فما لك إلا أقاصي خراسان، فأخبر أمه بذلك، فأخرجت خمس مائة ألف دينار، وأخرج المقتدر ثلاث مائة ألف دينار، ونهض ابن عيسى في استخدام العساكر، وجددت على بغداد الخنادق، وعدمت هيبة المقتدر، وشتمه الجند (1). وفيها: توفي الحافظ أحمد بن علي بن الحسين الرازي النيسابوري، صاحب

(1) «المنتظم» (8/ 78)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 711)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 363)، و «البداية والنهاية» (11/ 185)، و «شذرات الذهب» (4/ 72).

السنة السادسة عشرة بعد الثلاث مائة

التصانيف، وأبو الحسن علي بن سليمان الأخفش الصغير البغدادي النحوي، وعبد الله بن محمد القزويني، ومحمد بن المسيب الأرغياني. وفي هذه السنة: كان ظهور الديلم، وأول من تغلب على الري منهم ليلى بن النعمان كما سبق ذكر قتله في سنة تسع وثلاث مائة (1)، ثم كان ابن كالي دخل في طاعة صاحب خراسان، فاستدعاه ومضى إليه، ثم تغلب عليها أسفار بن شيرويه، فأساء السيرة، وحكم في الأموال والفروج، فاجتمع الناس إلى المصلى يدعون عليه، وبلغه الخبر فاستهان بالدعاء، فخرج عليه في اليوم الثاني مرداويج بن زيار أحد قواده، فواقعه وهزمه، وأوى أسفار إلى بيت طحان، ووقف مرداويج على مكانه فاحتز رأسه، وتغلب على الري وأصبهان، وطغى وتجبر، وقال: أنا سليمان بن داود، وهؤلاء الشياطين؛ يعني: الديلم، وأبناء الدولة، وكان بالكرج حيث قتل مرداويج؛ وأخوه أبو علي الملقب ركن الدولة عنده بأصبهان مقيدا، فكسر القيود ولحق بأخيه، وغلب علي بن بويه على أصبهان، ثم فارقها وقصد شيراز، واستولى على فارس، واستقر ملك بني بويه على ما سنذكره في سياقة السنين (2). *** السنة السادسة عشرة بعد الثلاث مائة فيها: دخل القرمطي الرحبة بالسيف واستباحها، ثم نازل الرقة، وقتل جماعة، وتحول إلى هيت، فرموه بالحجارة، وقتلوا صاحبه أبا الزوّار (3)، فسار إلى الكوفة، ثم انصرف وبنى دارا وسماها دار الهجرة، ودعى إلى المهدي، وتسارع إليه كل مريب، ولم يحج أحد في هذه السنة (4). وفيها: استعفى علي بن عيسى من الوزارة، كذا في «تاريخ اليافعي» (5).

(1) انظر (3/ 58). (2) «المنتظم» (8/ 77)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 715)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 362)، و «شذرات الذهب» (4/ 72). (3) كذا في «شذرات الذهب» (4/ 76)، وفي «تاريخ الإسلام» (23/ 373): (أبا الرّوّاد). (4) «المنتظم» (8/ 85)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 720)، و «العبر» (2/ 169)، و «شذرات الذهب» (4/ 76). (5) انظر «مرآة الجنان» (2/ 268).

السنة السابعة عشرة بعد الثلاث مائة

وفي بعض التواريخ: أن ياقوتا الحاجب قبض على علي بن عيسى في هذه السنة، وكان دائما يستعفي فلا يعفيه المقتدر، قال: وكانت وزارته هذه سنة وأربعة أشهر (1).اهـ‍ لكن قد تقدم في سنة اثنتي عشرة: أن علي بن عيسى كان في حبس ابن الفرات في المصادرة، فلما قدم مؤنس، وخاف ابن الفرات العزل، وأن يظهر المصادرون ما أخذه منهم .. قتل جماعة منهم، وسم علي بن عيسى، وكأنه لم يمت من ذلك السم (2)، والله سبحانه أعلم. ولما صرف علي بن عيسى من الوزارة بالإعفاء كما ذكره اليافعي، أو بالقبض كما ذكره غيره .. ولي الوزارة أبو علي محمد بن علي بن مقلة، وكان ناقص الرتبة عن الوزارة، لكن جد فيها وبذل، وكان محمد بن خلف السرياني كاتب يوسف بن أبي الساج، بذل فيها ثلاث مائة ألف دينار، فعدل عنه؛ لما علم من جهله وتهوره (3). وفيها: توفي الشيخ الكبير أبو الحسن بنان الحمال نزيل مصر وشيخها، والحافظ بن الحافظ عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، والحافظ أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفراييني صاحب «المسند الصحيح»، ومحمد بن السري النحوي المعروف بابن السراج. وفيها: دخل ابن الداعي الري، وخرج محمد بن صعلوك. وفيها: توفي محمد بن خريم، ومحمد بن عقيل البلخي. *** السنة السابعة عشرة بعد الثلاث مائة فيها: هجم مؤنس الخادم وأكثر الجيش على دار الخلافة، وأخرج المقتدر وابنه وخالته وحرمه إلى دار مؤنس، وأحضروا محمد بن المعتضد من الحبس وبايعوه، ولقبوه: القاهر بالله، وقلدوا ابن مقلة وزارته، ووقع النهب في دار الخلافة وبغداد، وأشهد المقتدر على

(1) انظر «صلة تاريخ الطبري» (11/ 113)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 721). (2) الذي ذكره الذهبي رحمه الله في «تاريخ الإسلام» (23/ 353) أن ابن الفرات سمّ إبراهيم أخا علي بن عيسى، وعلى هذا فلا إشكال في الأمر، وقد أشرنا إلى ذلك في ترجمة ابن الفرات (3/ 36). (3) «الكامل في التاريخ» (6/ 721).

نفسه بالخلع، وجلس القاهر من الغد، وصار نازوك حاجبه، فجاءت الجند وطلبوا رزق البيعة، ورزق سنة، وعظم الصياح، ثم وثب جماعة على نازوك، فقتلوه وقتلوا خادمه، ثم صاحوا: المقتدر يا منصور، فهرب الوزير والحجاب والقاهر، ووصلوا إلى مؤنس ليرد المقتدر، وسدت المسالك على القاهر وأبي الهيجاء بن حمدان، ثم جاشت نفسه وقال: يا آل تغلب، فرمي بسهم فيما بين ثدييه، وآخر في نحره، ثم حز رأسه، وأحضروا المقتدر، وألقي بين يديه رأس أبي الهيجاء، ثم أسر القاهر، وأتى به إلى المقتدر فاستدناه وقبل جبينه وقال: أنت لا ذنب لك يا أخي، وهو يقول: الله الله يا أمير المؤمنين في نفسي، فقال: والله لا ينالك مني سوء، فطيف برأسي نازوك وأبي الهيجاء بن حمدان، ثم أتى مؤنس والقضاة، وجددوا البيعة للمقتدر، فبذل في الجند أموالا عظيمة، باع في بعضها ضياعا وأمتعة (1). وفيها: ماتت القهرمانة التي كانت تجلس للناس بدار العدل. وفيها: قلد أبو عمر محمد بن يوسف قضاء القضاة. وفيها: حج بالناس منصور الديلمي، فدخلوا مكة سالمين، فوافاهم يوم التروية عدو الله أبو طاهر القرمطي في تسع مائة نفس، فقتل الحجاج قتلا ذريعا في المسجد وفي فجاج مكة، وقتل أمير مكة ابن محارب، وقلع باب الكعبة-قيل: إن الذين قتلوا في المسجد الحرام ألف وسبع مائة نسمة، وقيل: ثلاثة آلاف، وقيل: إن الذين قتلوا بفجاج مكة وظاهرها ثلاثون ألفا، وسبي من النساء والصبيان نحو ذلك-وأقام بمكة ستة أيام، ولم يحج أحد، وصعد على باب البيت وصاح: [من الرمل] أنا بالله وبالله أنا … يخلق الخلق وأفنيهم أنا وقلع باب الكعبة، واقتلع الحجر الأسود، ونقله إلى هجر، ولم يرد إلا في سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة كما سيأتي (2)، وسلب كسوة البيت، وطرح الميتة في بئر زمزم، وصعد رجل يأخذ الميزاب، فتردى ومات. وقال محمود الأصبهاني: دخل القرمطي مكة وهو سكران، فصفر لفرسه، فبال عند البيت، وقتل جماعة، ثم ضرب الحجر الأسود بدبوس، فكسر منه ثم قلعه، وبقي الحجر

(1) «تكملة تاريخ الطبري» للهمذاني (11/ 259)، و «المنتظم» (8/ 92)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 736)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 375). (2) انظر (3/ 127).

السنة الثامنة عشرة بعد الثلاث مائة

الأسود بهجر نيفا وعشرين سنة، ولما قلع الحجر .. قال شعرا يدل على عظيم زندقته حيث يقول: [من الطويل] فلو كان هذا البيت لله ربنا … لصب علينا النار من فوقنا صبا لأنا حججنا حجة جاهلية … محللة لم تبق شرقا ولا غربا وإنا تركنا بين زمزم والصفا … جنائز لا تبغي سوى ربها ربا وشعر هذا الزنديق مشهور في التواريخ (1). قال الشيخ اليافعي: (وكانت فتنة القرامطة قد عمت كثيرا من الآفاق من اليمن والشام والعراق، وكان من دعاتهم في اليمن الزنديق علي بن الفضل، ما زال يدعو إلى مذهبهم مظهرا مذهب الرفض، وفي قلبه الكفر المحض-وقد تقدم ذكره في التراجم (2) -وكان ظهور مذهب القرامطة إحدى فتنتين عظيمتين، والفتنة الثانية: أن الشريف الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم لما ملك صعدة ومخاليف صنعاء .. دعا الناس إلى التشيع عند استقراره في صنعاء، وهذه الفتنة أهون من الأولى، وكان أهل اليمن صنفين: إما مفتون بهم، وإما مخالف لهم متمسك بأحكام الشريعة) (3). وفيها: قتل بمكة الإمام أحمد بن الحسين شيخ الحنفية ببغداد. وفيها: توفي المنجم المشهور الحاسب محمد بن جابر الرقي البتاني، ونصر بن أحمد الخبزأرزّي، والبغوي، وعلاّن المصري، ومحمد بن زبّان. *** السنة الثامنة عشرة بعد الثلاث مائة فيها: قبض على ابن مقلة، وأحرقت داره، وولي الوزارة سليمان بن الحسن (4). وفيها: مات نجح الطولوني بفارس، فقلد أبو طاهر محمد بن عبد الصمد الحرب بها وبكرمان.

(1) «المنتظم» (8/ 92)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 742)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 380)، و «مرآة الجنان» (2/ 271). (2) انظر (3/ 13). (3) «مرآة الجنان» (2/ 272). (4) «الكامل في التاريخ» (6/ 750)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 387).

السنة التاسعة عشرة بعد الثلاث مائة

وفيها: قلّد أبو القاسم بن الحسن بن مخلد، وأمر علي بن عيسى بالإشراف على سائر الأعمال (1). وفيها: توفي الحافظ الحجة محمد بن يحيى بن صاعد البغدادي مولى بني هاشم، والحافظ عبد الله بن محمد بن مسلم الأسفراييني المصنف، والحافظ أبو عروبة الحسن بن أبي معشر محمد بن مودود السلمي الحراني محدث حران، وهو في عشر المائة. وفيها-أو في التي قبلها-: توفي الحسن بن علي بن عوف بن العلاف النهرواني الشاعر المشهور، وابن نيروز الأنماطي. *** السنة التاسعة عشرة بعد الثلاث مائة فيها: قلد ياقوت أعمال الحرب والمعادن بفارس وكرمان، وكريب بن عبد الصمد بالانضمام إليه، وقلد المظفر بن ياقوت أعمال الحرب بأصفهان، وقلد محمد وإبراهيم ابنا رائق الحسبة مكان ياقوت (2). وفيها: هزم مرداويج هارون بن غريب الخال بنواحي همذان، وملك الجبل بأسره إلى حلوان (3). وفيها: قبض على الوزير سليمان بن الحسن، وولي الوزارة أبو القاسم الكلواذي، ثم صرف عنها الحسين بن القاسم بن عبد الله على كثرة المعارضين فيها، وعمل مناصبا وحيلا، ووضع ملحمة صنفها رجل يعرف بالدانيالي، ذكر فيها صورته وحليته وأن الشخص إذا وزر للثامن عشر من خلفاء بني العباس .. صلحت الأمور على يديه، فكان هذا من أعظم الأسباب في وزارته، وشرط ألا يكون لعلي بن عيسى معه إشراف ولا مداخلة، فلما ولي .. شرع في إدخال فساد أمر مؤنس، وقبض ضياعه، وزاد المقتدر في إكرام الحسين بن القاسم، ولقبه: عميد الدولة، وكتب اسمه على السكة، واستوحش مؤنس من المقتدر، وجعل يتعنت على المقتدر، ويتحكم عليه في إبعاد ناس وتقريب غيرهم، ثم خرج في ثمان مائة من أصحابه إلى الموصل، فحارب جيش الموصل-وكانوا ثلاثين ألفا-فهزمهم، وملك

(1) «المنتظم» (8/ 103)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 750)، و «البداية والنهاية» (11/ 196). (2) «الكامل في التاريخ» (6/ 756)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 484). (3) «الكامل في التاريخ» (6/ 758)، و «العبر» (2/ 180).

السنة الموفية عشرين بعد الثلاث مائة

الموصل في سنة عشرين، وفيها-أعني سنة عشرين-لم يحج أحد (1). وفيها: أخذ الديلمي الدينور، ففتك بأهلها، ووصل المنهزمون إلى بغداد، فرفعوا المصاحف على القصب، واستغاثوا، وسبّوا المقتدر، وغلقت الأسواق، وخافوا من هجوم القرامطة (2). وفيها: قبض المقتدر على وزيره الحسين بن القاسم بن عبد الله، وولي الوزارة أبو الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات (3). وفيها: توفي الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن القرشي محدث دمشق، وأبو القاسم الكعبي البلخي شيخ المعتزلة، والسيد الجليل محمد بن الفضل البلخي الواعظ، قيل: مات في مجلسه مرة أربعة أنفس (4). وفيها-أو في التي قبلها-: توفي أبو عبد الله الزبير بن أحمد، الفقيه الشافعي، المعروف بالزبيري، نسبة إلى الزبير بن العوام. وفيها: أبو الجهم المشغراني، ومحمد بن فطيس الأندلسي، والمؤمل بن الحسن الماسرجسي. *** السنة الموفية عشرين بعد الثلاث مائة فيها: انحدر مؤنس بالعساكر من الموصل إلى بغداد بعد أن حارب بني حمدان وكسرهم، وهرب داود بن حمدان، فنزل مؤنس بالشماسية، فأشار الأمراء على المقتدر بالإنفاق على العساكر، فعزم على التوجه إلى واسط؛ ليستنجد منها ومن البصرة والأهواز، ويستعد لحرب مؤنس، فقلبه محمد بن ياقوت عن هذا الرأي وقال له: اتق الله، ولا تسلم بغداد بلا حرب، وإن خرجت بنفسك إلى مؤنس .. أحجم رجال مؤنس عن مقاتلتك ومقاومتك، فقال له المقتدر: أنت رسول إبليس، وأشار هارون بن غريب على المقتدر

(1) «صلة تاريخ الطبري» (11/ 138)، و «الكامل في التاريخ» (757/ 6، 760)، و «العبر» (2/ 180)، و «البداية والنهاية» (11/ 198). (2) «تاريخ الإسلام» (23/ 391)، و «العبر» (2/ 180)، و «مرآة الجنان» (2/ 278). (3) «الكامل في التاريخ» (6/ 767)، وفيه: أن هذه الحادثة كانت سنة (320 هـ‍). (4) «العبر» (2/ 182)، و «مرآة الجنان» (2/ 278)، و «شذرات الذهب» (4/ 93).

بمثل ما أشار به محمد بن ياقوت، فغلبا المقتدر على رأيه، فخرج من بغداد إلى الشماسية فقتل بها، وكان مؤنس بالراشدية لم يحضر الحرب، فلما حمل إليه رأس المقتدر .. قال: قتلتموه، والله؛ لنقتلن كلنا، وأقل ما يكون: أن نظهر أنه جرى بغير أمرنا، وتنصبوا مكانه ابنه أبا العباس؛ فإنه تربيتي، فعارض هذا الرأي إسحاق بن إسماعيل النوبختي وقال: بعد الكد استرحنا من خليفة له أم وخالة وخدم يدبرونه، والله؛ لا نرضى إلا برجل كامل، فعقدوا الخلافة لأخي المقتدر أبي منصور محمد بن المعتضد، ولقبوه: القاهر بالله، فكان في ذلك حين النوبختي وهلاكه، فقتله القاهر لما ولي (1). وفيها: توفي الحافظ محدث الشام أبو الحسن محمد بن عمير المعروف بابن جوصا. وفيها-أو قبلها، أو بعدها-: توفي القاضي الحافظ محمد بن يحيى العدني، قاضي عدن، ونزيل مكة. وفيها: توفي الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري صاحب البخاري، وقاضي القضاة محمد بن يوسف الأزدي مولاهم، والإمام الكبير أبو علي بن خيران، وعبد الله بن عتاب الزّفتي. والله سبحانه وتعالى أعلم (2) ***

(1) «الكامل في التاريخ» (6/ 769)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 395)، و «العبر» (2/ 184)، و «مرآة الجنان» (2/ 279)، و «شذرات الذهب» (4/ 97). (2) تم الجزء الأول من تاريخ الفقيه الإمام العالم القاضي أبي محمد الطيب بن عبد الله بن أحمد بن علي مخرمة، رحمه الله رحمة الأبرار آمين، بتاريخ (23) شهر ربيع الثاني من سنة ألف من الهجرة الرسولية، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

العشرون الثانية من المائة الرابعة

العشرون الثانية من المائة الرابعة [الاعلام] 1481 - [الإمام أبو جعفر الطحاوي] (1) أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي أبو جعفر الطحاوي-نسبة إلى طحا، قرية بالصعيد-المقرئ. تفقه بخاله إسماعيل المزني تلميذ الشافعي تفقها جيدا، ثم سأله المزني يوما عن مسألة، فتوقف في الجواب، فوبخه خاله وقال له: والله؛ لا أفلحت، فأنف من ذلك وانتقل إلى مذهب الحنفية، فأخذ عن أبي جعفر بن أبي عمران الحنفي، ولازمه إلى أن صار فقيها بارعا، وإليه انتهت رئاسة الحنفية بمصر، وصنف بها كتبا كثيرة في مذهبه، وكان يقرئ المذهبين معا، وعنه أخذ جماعة من الشافعية؛ فلذلك ذكرته معهم وإن كان قد اشتهر عنه الانتقال إلى الحنفية. وله شعر جيد، ومنه ما يروى أنه كتب إليه أحدهم هذه الأبيات: [من الطويل] أبا جعفر ماذا تقول فإنه … إذا نابنا أمر عليك نعوّل ولا تنكرن قولي وأبشر برحمة … من الله في الأمر الذي عنه نسأل أفي الحب عار أم ترى العار تركه … وهل من لحى أهل الصبابة يجهل وهل ذا مباح فيه قتل متيم … وأحبابه عنه تصد وتقتل فرأيك في رد الجواب فإنه … بما فيه تقضي أيها الشيخ نفعل فكتب إليه أبو جعفر أبياتا على ظهر الرقعة على الوزن والروي قال فيها: سأقضي قضاء في الذي عنه تسأل … وأحكم بين العاشقين وأعدل فديتك ما في الحب عار على الفتى … ولا العار ترك الحب إن كنت تعقل

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 71)، و «السلوك» (1/ 220)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 27)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 77)، و «العبر» (2/ 192)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 808)، و «مرآة الجنان» (2/ 281)، و «الجواهر المضية» (1/ 271)، و «البداية والنهاية» (11/ 207)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 239)، و «شذرات الذهب» (4/ 105).

1482 - [أبو هاشم الجبائي]

ومهما لحى في الحب لاح فإنه … لعمرك عندي من ذوي الجهل أجهل ولكنه إن مات في الحب لم يكن … له قود عندي ولا منه يعقل ووصلك من تهوى وتعشق واجب … عليك كذا حكم المتيم يفعل فهذا جواب فيه عندي مقنع … لما جئت عنه أيها الشيخ تسأل انتهت ويحكى أن أبا جعفر الطحاوي لما حقق المذهب الحنفي .. قال: رحم الله أبا إبراهيم -يعني خاله المزني-لو عاش إلى اليوم .. لكفر عن يمينه، يعني قوله: والله؛ لا أفلحت. والظاهر أنه لا تجب الكفارة على المزني؛ لأنه يعتقد تخطئته في انتقاله إلى المذهب الحنفي. وتوفي الطحاوي المذكور سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة. 1482 - [أبو هاشم الجبائي] (1) أبو هاشم الجبّائي-بضم الجيم، وتشديد الموحدة، نسبة إلى جبّا، قرية من قرى البصرة، وقيل: كورة (2) وبلدة ذات قرى-شيخ المعتزلة، وابن شيخهم. كان له ولد عامي لا يعرف شيئا، فدخل يوما على الصاحب بن عباد، فظنه عالما، فأكرمه ورفع مرتبته، ثم سأله عن مسألة فقال: لا أدري نصف العلم، فقال الصاحب: صدقت يا ولدي؛ لأن أباك تقدم بالنصف الآخر. توفي أبو هاشم المذكور سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة. 1483 - [ابن دريد] (3) أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد-تصغير أدرد-الإمام العلامة اللغوي، صاحب

(1) «تاريخ بغداد» (11/ 56)، و «وفيات الأعيان» (3/ 183)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 63)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 85)، و «العبر» (2/ 193)، و «مرآة الجنان» (2/ 281)، و «البداية والنهاية» (11/ 209)، و «شذرات الذهب» (4/ 106). (2) كورة: المدينة والصقع، والجمع كور. (3) «تاريخ بغداد» (2/ 191)، و «معجم الأدباء» (6/ 577)، و «وفيات الأعيان» (4/ 323)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 96)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 87)، و «العبر» (2/ 193)، و «مرآة الجنان» (2/ 282)، و «البداية والنهاية» (11/ 210)، و «بغية الوعاة» (1/ 76)، و «شذرات الذهب» (4/ 106).

«المقصورة» المشهورة التي مدح بها ابني ميكائيل، وكانا يومئذ على عمالة فارس، فأجازاه بعشرة آلاف درهم، وصنف لهما أيضا كتاب «الجمهرة» وهو من الكتب المعتبرة في اللغة، فقلداه ديوان فارس، فكانت تصدر كتب فارس عن رأيه، ولا ينفذ أمر إلا بعد توقيعه، فأفاد منها أموالا عظيمة، وكان سخيا كريما لا يمسك درهما. ومن مليح شعره قوله: [من الكامل] غراء لو جلت الخدور شعاعها … للشمس عند طلوعها لم تشرق غصن على دعص (1) … تأوّد فوقه قمر تألّق تحت ليل مطبق لو قيل للحسن احتكم لم يعدها … أو قيل خاطب غيرها لم ينطق فكأننا من فرعها في مغرب … وكأننا من وجهها في مشرق تبدو فيهتف بالعيون ضياؤها … الويل حل بمقلة لم تطبق أخذ عن أبي حاتم السجستاني، والرياشي، وعبد الرحمن بن عبد الله المعروف بابن أخي الأصمعي، وأبي عثمان سعيد بن هارون وغيرهم، وتنقل في البلدان. ولما عزل ابنا ميكائيل عن فارس، وانفصلا إلى خراسان .. انتقل ابن دريد من فارس إلى بغداد، فأجرى له المقتدر كل شهر خمسين دينارا، واستمر ذلك إلى وفاته. وكان واسع الرواية. عرض له في رأس التسعين من عمره فالج، سقي له الترياق فبرئ، ثم عاوده، فبطلت حركته، وكان إذا دخل عليه الداخل وهو بعيد منه .. صاح وتألم، قال تلميذه ابن القالي: فكنت أقول في نفسي: عاقبه الله تعالى بقوله في «مقصورته»: [من الرجز] مارست من لو هوت الأفلاك من … جوانب الجوّ عليه ما شكا وكان مع ذلك ثابت الذهن، كامل العقل، يرد فيما يسأل عنه ردا صحيحا، وعاش بعد ذلك عامين، وكان كثيرا ما يتمثل: [من الطويل] فوا حزني أن لا حياة لذيذة … ولا عمل يرضى به الله صالح توفي سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة في اليوم الذي توفي فيه أبو هاشم الجبائي المعتزلي، فقال الناس: دفن علم اللغة والكلام.

(1) الدعص: كثيب من الرمل مجتمع.

1484 - [مؤنس الخادم]

ورثاه بعضهم فقال: [من البسيط] فقدت بابن دريد كل فائدة … لما غدا ثالث الأحجار والترب وكنت أبكي لفقد الجود منفردا … فصرت أبكي لفقد الجود والأدب مذكور في الأصل. 1484 - [مؤنس الخادم] (1) مؤنس الخادم الملقب بالمظفر، كان من مماليك المعتضد، كان أميرا معظما، شجاعا منصورا، عاش تسعين سنة، منها ستين سنة أميرا مطاعا ينفذ أمره فيما ينفذ فيه أمر الخلفاء. قالوا: ولم يبلغ أحد من الخدام منزلته في ولايات الدنيا ورفعتها إلا كافور الإخشيدي صاحب مصر، وستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى (2). قتل مؤنس في سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة، احتال عليه القاهر حتى صار بين يديه، ثم قتله. 1485 - [الأعمشي] (3) أحمد بن حمدون بن أحمد بن عمارة بن رستم الأعمشي أبو حامد-ويلقب: أبا تراب- النيسابوري، وأبوه حمدون القصار، أحد الزهاد الكبار، حدث ولده أحمد المذكور عن محمد بن رافع، وعلي بن خشرم. روى عنه أبو علي الحافظ، وأبو أحمد الحاكم وغيرهما. اعتنى بجمع حديث الأعمش وحفظه، وكان يسرده ترجمة ترجمة من لفظه، فلهذا عرف بالأعمشي، وكان من الحفاظ الموثوقين. توفي سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (15/ 56)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 94)، و «مرآة الجنان» (2/ 284)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 239)، و «شذرات الذهب» (4/ 110). (2) انظر (3/ 159). (3) «سير أعلام النبلاء» (14/ 553)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 74)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 805)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 361)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 241)، و «شذرات الذهب» (4/ 104).

1486 - [مكحول البيروتي]

1486 - [مكحول البيروتي] (1) محمد بن عبد الله بن عبد السلام بن أبي أيوب البيروتي المعروف بمكحول. حدث عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وسليمان بن سيف وغيرهما، وعنه ابن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم وغيرهما من الحفاظ الثقات. توفي سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة. 1487 - [الحافظ ابن الجبّاب] (2) أحمد بن خالد بن يزيد القرطبي أبو عمر ابن الجبّاب الأندلسي. حدث عن بقي بن مخلد بالمغرب، وإسحاق الدبري باليمن، وعنه ابنه محمد في آخرين. كان حافظا علامة، شيخ الأندلس. قال القاضي عياض: كان إماما في وقته في مذهب مالك، وفي الحديث لا ينازع. ومن مصنفاته كتاب «الإيمان» وكتاب «الصلاة» وكتاب «قصص الأنبياء». توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة. 1488 - [خير النساج] (3) أبو الحسن خير النسّاج البغدادي، الولي الشهير الكبير. كانت له حلقة يتكلم فيها، وعمر دهرا.

(1) «سير أعلام النبلاء» (15/ 33)، و «العبر» (2/ 193)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 346)، و «شذرات الذهب» (4/ 110). (2) «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 42)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 240)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 97)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 815)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 371)، و «الديباج المذهب» (1/ 136)، و «شذرات الذهب» (4/ 113). (3) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 322)، و «تاريخ بغداد» (2/ 46)، و «المنتظم» (8/ 151)، و «وفيات الأعيان» (2/ 251)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 269)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 105)، و «مرآة الجنان» (2/ 251)، و «البداية والنهاية» (11/ 216)، و «شذرات الذهب» (4/ 114).

1489 - [أبو بكر الكتاني]

قيل: إنه لقي سريّا السقطي، وله أحوال كثيرة، وكرامات شهيرة. توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة. 1489 - [أبو بكر الكتاني] (1) أبو بكر محمد بن علي الكتاني، شيخ الصوفية، نزيل مكة. أخذ عن أبي سعيد الخرّاز وغيره، وهو مشهور. توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة. 1490 - [أبو علي الروذباري] (2) أبو علي الروذباري (3)، الشيخ الكبير، العارف بالله الشهير، نزيل مصر وشيخها في زمانه. صحب الجنيد وجماعة، وكان إماما محققا. روي عنه أنه قال: أستاذي في التصوف الجنيد، وفي الحديث إبراهيم الحربي، وفي الفقه ابن سريج، وفي الأدب ثعلب، وناهيك بفضائل هؤلاء الأربعة المذكورين. توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة. 1491 - [الإمام العقيلي] (4) محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي أبو جعفر المكي. حدث عن محمد بن موسى البلخي، وإسحاق الدبري، ومحمد بن خزيمة بن راشد وغيرهم.

(1) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 373)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 533)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 116)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 111)، و «مرآة الجنان» (2/ 286)، و «شذرات الذهب» (4/ 117). (2) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 354)، و «حلية الأولياء» (10/ 356)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 535)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 119)، و «مرآة الجنان» (2/ 286)، و «البداية والنهاية» (11/ 215)، و «شذرات الذهب» (4/ 118). (3) اختلف في اسمه، فقيل: أحمد بن محمد، وقيل: حسن بن هارون، وقيل: الحسين بن همام. (4) «سير أعلام النبلاء» (15/ 236)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 117)، و «العبر» (2/ 200)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 833)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 291)، و «شذرات الذهب» (4/ 117).

1492 - [الشلمغاني]

وعنه محمد بن نافع الخزاعي، وابن المقرئ وغيرهم. وكان حافظا ثقة، عالما بالحديث، مقدما في حفظ الآثار، امتحن بزيادة ونقصان في أحاديث فرد كل شيء منها إلى أصله كما كان. ومن مصنفاته كتاب في الضعفاء، وفوائده كثيرة. توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة. 1492 - [الشلمغاني] (1) محمد بن علي الشلمغاني، نسبة إلى شلمغان-بمعجمتين بينهما لام ساكنة، ثم ميم مفتوحة، وبعد الألف نون-من أعمال واسط. كان قد أظهر الرفض، ثم قال بالتناسخ والحلول، ومخرق (2) على الجهال، وضل به طائفة. وأظهر شأنه الحسين بن روح زعيم الرافضة، فلما طلب .. هرب إلى الموصل، وغاب سنين، ثم عاد وادعى الإلهية وأنه يحيي الموتى، وكثر أتباعه، فأحضره ابن مقلة عند الراضي، فسمع كلامه، فأنكر الإلهية وقال: إن لم تنزل العقوبة بعد ثلاث، وأكثره تسعة أيام، وإلا .. فدمي حلال. وكان ممن اتبعه إبراهيم ابن أبي عون أحد رؤساء الكتاب، وكان ابن أبي عون فاضلا مشهورا، صاحب تصانيف أدبية، لكن أغواه الشيطان، فقبض عليه ابن مقلة، وكبس بيته، فوجد فيه رقاعا وكتبا فيما قيل عنه: يخاطبونه في الرقاع بما لا يخاطب به البشر، فأحضر، فأصر على الإنكار، فصفعه ابن عبدوس (3)، وأما ابن أبي عون .. فإنه قال: إلهي وسيدي ورازقي، فقال الراضي للشلمغاني: أنت زعمت أنك لا تدعي الربوبية، فما هذا؟ ! قال: وما علي من قول ابن أبي عون.

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 26)، و «وفيات الأعيان» (2/ 156)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 566)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 115)، و «العبر» (2/ 196)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 107)، و «مرآة الجنان» (2/ 284)، و «البداية والنهاية» (11/ 213)، و «شذرات الذهب» (4/ 112). (2) المخرقة: إظهار الخرق توصّلا إلى حيلة، والممخرق: المموّه. (3) أحضر ابن عبدوس هو وابن أبي عون وهما من أتباع الشلمغاني عند الخليفة، وأمرا بصفع الشلمغاني.

1493 - [عبيد الله المهدي]

ثم أحضروه غير مرة، وجرت لهم فصول، وأحضر الفقهاء والقضاة، فأفتى الأئمة بإباحة دمه، وأحرق، وضربت رقبة ابن أبي عون، ثم أحرق، وذلك في سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة. 1493 - [عبيد الله المهدي] (1) عبيد الله الملقب بالمهدي، والد الخلفاء العبيدية الباطنية ملوك مصر والمغرب. زعم أنه من ولد جعفر الصادق، ونسبوه إلى الكذب في ذلك، وكان بسلميّة (2) من بلاد الشام، فبعث دعاته إلى اليمن والمغرب، واستولى على مملكة المغرب، وامتدت دولته بضعا وعشرين سنة، وكان يظهر الرفض، ويبطن الزندقة. قال أبو الحسن القابسي صاحب «الملخص»: الذي قتله عبيد الله وبنوه بعده أربعة آلاف رجل في دار النحر في العذاب ما بين عالم وعابد؛ ليردهم عن الترضي عن الصحابة، فاختاروا الموت، وفي ذلك يقول بعضهم في قصيدة: [من الكامل] وأحل دار النحر في أغلاله … من كان ذا تقوى وذا صلوات توفي عبيد الله المذكور بالمهدية التي بناها في سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة. 1494 - [أبو بشر أحمد بن محمد المروزي] (3) أبو بشر أحمد بن محمد بن عمرو بن مصعب بن بشر بن فضالة المروزي الكندي الفقيه. حدث عن محمود بن آدم، وطبقته، وادعى السماع من علي بن خشرم وغيره ممن هو في درجته. روى عنه أبو المظفر وأبو الشيخ الأزدي.

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 21)، و «وفيات الأعيان» (3/ 117)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 141)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 108)، و «العبر» (2/ 199)، و «مرآة الجنان» (2/ 285)، و «البداية والنهاية» (11/ 213)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 246)، و «شذرات الذهب» (4/ 114). (2) كذا ضبطها ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (3/ 119)، وقال ياقوت الحموي في «معجم البلدان» (3/ 240): (سلمية: بفتح أوله وثانيه، وسكون الميم، وياء مثناة من تحت خفيفة). (3) «المجروحين لابن حبان» (1/ 171)، و «تاريخ بغداد» (5/ 278)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 122)، و «ميزان الاعتدال» (1/ 149)، و «العبر» (2/ 203)، و «مرآة الجنان» (2/ 287)، و «شذرات الذهب» (4/ 121).

1495 - [أبو محمد الشاوري]

وكان حافظا إماما في السنة والرد على المبتدعة، لكنه غير ثقة ولا مأمون، رمي بوضع الأحاديث على الثقات، وبقلب الأسانيد مع الكذب في ادعاء شيوخ، وسماع المرويات. توفي سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة. 1495 - [أبو محمد الشاوري] (1) عبد الله بن العباس أبو محمد الشاوري، كان من أعيان الزمن، خصيصا بمنصور بن حسن القائم بدعوة العبيديين باليمن، وكان قد أرسله منصور إلى عبيد الله المهدي صاحب إفريقية، وأرسل معه بهدية حسنة، وصار عند المهدي بمكانة. فلما أحس منصور بالموت .. جمع بين ابنه وبين عبد الله بن العباس المذكور وقال: أوصيكما بهذا الأمر، فاحفظاه ولا تقطعا دعوة بني عبيد الله، فنحن غرس من غروسهم، ولولا ما دعونا إليه من طاعتهم .. ما بلغنا المراد، ولا تم لنا أمر، فعليكم بمكاتبة إمامنا عبيد الله المهدي، فلا تقطعا أمرا دون مشاورته. فلما توفي منصور-كما تقدم في العشرين الأولى من هذه المائة (2) -كتب وصيّه عبد الله بن العباس المذكور إلى عبيد الله المهدي-وكان المهدي مقيما بالمهدية-يخبره بوفاة منصور وترك أمر الدعوة مرجأ حتى ترد أوامره، وأعلم المهدي أنه يقوم بأمر الدعوة قياما مرضيا وافيا دون أولاد منصور، وبعث بالكتاب مع بعض أولاد منصور إلى المهدي، فلما وقف عليه المهدي-وكان قد عرف الشاوري معرفة تامة يوم قدومه عليه برسالة منصور، وأفهمه أنه مكمل للدعوة، وخشي المهدي عجز أولاد منصور عنها، وكان ابن منصور لم يعلم بما في الكتاب الذي كتبه الشاوري-كتب المهدي إلى الشاوري بالاستقلال، وعاد ولد منصور خائبا مضمرا للشر، فلما وصل جواب المهدي إلى الشاوري .. استقل الشاوري بالأمر، وجعل بنو منصور يواصلونه، وهو يكرمهم ويبجلهم، ولا يحجب أحدا منهم. ثم إن ولد منصور الذي وصل بجواب المهدي دخل يوما على الشاوري، فلم يجد عنده أحدا، فقتله واستولى على البلاد، وجمع الرعايا من أنحاء بلده، وأشهدهم على نفسه

(1) «السلوك» (1/ 213)، و «بهجة الزمن» (ص 73)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 114)، و «تحفة الزمن» (1/ 150)، و «هجر العلم» (1/ 148). (2) لم تتقدم له ترجمة، ولا ذكرت قصة وفاته.

1496 - [الحافظ أبو نعيم الجرجاني]

بالرجوع عن مذهب الإسماعيلية إلى مذهب أهل السنة، وترك مذهب أبيه، فأعجب الناس ذلك، وأحبوه ودانوا له، فنهاه أخوه جعفر عن ذلك وقبح عليه، فلم يلتفت إليه، فخرج عنه مغضبا، وقصد المهدي إلى القيروان، فوجد المهدي قد توفي، وقام بعده ولده القائم، وكانت وفاة المهدي في سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة، ولم أقف على تاريخ قتل الشاوري، والظاهر أنه في سنة وفاة المهدي، أو التي قبلها، فأقام جعفر بن منصور بالقيروان عند القائم، ثم إن أخاه قتل أهل مذهب أبيه وشردهم حتى لم يبق منهم إلا من لا يعرف، فكانوا يكاتبون أولاد المهدي إلى القيروان. ثم إن ابن منصور خرج من مسور إلى عين محرم، وكان هناك رجل من بني العرجاء سلاطين تلك الناحية قد كتب إليه يستدعيه لبعض الأمر، فاستخلف ابن منصور على مسور إبراهيم بن عبد الحميد الآتي ذكره-وهو جد بني المنتاب-وخرج ابن منصور، فلما صار بعين محرم .. وثب عليه ابن العرجاء فقتله. 1496 - [الحافظ أبو نعيم الجرجاني] (1) أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي بن زيد الأسترآباذيّ الجرجاني. حدث عن علي بن حرب، وعمر بن شبّة، والربيع بن سليمان المرادي وغيرهم. وعنه ابن صاعد مع تقدمه، والطبراني، وأبو بكر الجوزقي وغيرهم من الأئمة. كان أحد أئمة المسلمين، والحفاظ لشرائع الدين، إماما حافظا فقيها نبيها متورعا. له كتاب «الضعفاء» في عشرة أجزاء. توفي سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة وعمره إحدى وثمانون سنة. 1497 - [أبو طالب البغدادي] (2) أبو طالب أحمد بن نصر بن طالب البغدادي.

(1) «تاريخ بغداد» (10/ 427)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 541)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 130)، و «العبر» (2/ 204)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 816)، و «مرآة الجنان» (2/ 287)، و «شذرات الذهب» (4/ 123). (2) «تاريخ بغداد» (5/ 391)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 68)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 123)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 832)، و «العبر» (2/ 204)، و «شذرات الذهب» (4/ 122).

1498 - [نفطويه]

حدث عن عباس الدوري، وإسحاق الدبري وغيرهما. روى عنه الدارقطني، وابن المظفر وغيرهما. وكان حافظا ثقة مأمونا، يتقن ما يرويه، وكان الدارقطني يعظمه. توفي سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة. 1498 - [نفطويه] (1) أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان بن المغيرة بن حبيب بن المهلب الأزدي العتكي، المعروف بنفطويه، النحوي الأديب الواسطي، صاحب التصانيف في الأدب. كان إماما ورعا فصيحا في الخطاب، ولا يكاد يخلو ذو فضل من أن يطعن فيه ويعاب، هجاه بعض الناس بهذين البيتين: [من السريع] من سره ألاّ يرى فاسقا … فليجتهد ألاّ يرى نفطويه أحرقه الله بنصف اسمه … وصيّر الباقي صراخا عليه روى عن شعيب بن أيوب، وطبقته. توفي سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة، وولد سنة خمسين ومائتين (2). 1499 - [ابن مجاهد المقرئ] (3) أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد، مفتي العراق ومقرئه. توفي سنة أربع وعشرين وثلاث مائة. مذكور في الأصل.

(1) «تاريخ بغداد» (6/ 157)، و «معجم الأدباء» (1/ 236)، و «وفيات الأعيان» (1/ 47)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 75)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 125)، و «العبر» (2/ 204)، و «مرآة الجنان» (2/ 287)، و «بغية الوعاة» (1/ 428)، و «شذرات الذهب» (4/ 122). (2) في أغلب مصادر الترجمة: (ولد سنة أربع وأربعين ومائتين). (3) «تاريخ بغداد» (5/ 352)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 272)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 144)، و «العبر» (2/ 207)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 533)، و «مرآة الجنان» (2/ 288)، و «شذرات الذهب» (4/ 128).

1500 - [الحافظ أبو بكر النيسابوري]

1500 - [الحافظ أبو بكر النيسابوري] (1) عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، الفقيه الشافعي، الجامع بين الفقه والحديث والعبادة والزهد، صاحب التصانيف والرحلة الواسعة. سمع محمد بن يحيى الذهلي، ويونس بن عبد الأعلى. قال الحاكم: وكان من أحفظ الناس للفقهيات واختلاف الصحابة. مكث أربعين سنة لا ينام الليل؛ يصلي الصبح بوضوء العشاء، وكان زاهدا، يفتي الناس. توفي سنة أربع وعشرين وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1501 - [جحظة البرمكي] (2) أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد البرمكي، المعروف بجحظة بفتح الجيم، وسكون الحاء المهملة، وفتح الظاء المعجمة، ثم هاء. كان فاضلا، صاحب فنون وأخبار، ونجوم ونوادر. كان من ظرفاء عصره، وله أشعار رائقة، منها قوله: [من الطويل] أنا ابن أناس موّل الناس جودهم … فأضحوا حديثا للنوال المشهّر فلم يخل من إحسانهم لفظ مخبر … ولم يخل من تقريظهم بطن دفتر والتقريظ: مدح الإنسان وهو حي، والتأبين: مدحه ميتا، وقد جمع المرزباني أشعاره وأخباره. وكان مشوه الخلقة، وإلى قبح صورته وحسن منادمته يشير ابن الرومي بقوله: [من الكامل] يا رحمة لمنادميه تحمّلوا … ألم العيون للذة الآذان توفي سنة أربع وعشرين وثلاث مائة، وقيل: في سنة ست وعشرين.

(1) «تاريخ بغداد» (10/ 119)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 65)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 150)، و «العبر» (2/ 207)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 819)، و «مرآة الجنان» (2/ 288)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 310)، و «شذرات الذهب» (4/ 129). (2) «معجم الأدباء» (1/ 436)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 57)، و «وفيات الأعيان» (1/ 133)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 221)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 142)، و «العبر» (2/ 207)، و «مرآة الجنان» (2/ 288)، و «شذرات الذهب» (4/ 137).

1502 - [أبو حامد ابن الشرقي]

1502 - [أبو حامد ابن الشرقي] (1) أحمد بن محمد بن الحسن النيسابوري أبو حامد ابن الشرقي. حدث عن الذهلي، وأبي حاتم الرازي، وأحمد بن الأزهر، وأمثالهم. وعنه ابن عدي، وأبو أحمد العسال، وابن عقدة وغيرهم. كان من الأئمة الحفاظ الثقات، حج مرات، وصنف «الصحيح»، وهو تلميذ مسلم بن الحجاج. توفي سنة خمس وعشرين وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1503 - [الدّغولي] (2) محمد بن عبد الرحمن بن محمد السرخسي أبو العباس الدغولي. حدث عن الذهلي، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي وغيرهما. وعنه أبو علي الحافظ، وأبو بكر الجوزقي وغيرهما. وكان إماما حافظا من الأثبات، صنف كتاب «الآداب». وتوفي سنة خمس وعشرين وثلاث مائة. 1504 - [عبد الرحمن بن أبي حاتم] (3) عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي، الإمام الحافظ، شيخ الإسلام وابن شيخه. ارتحل به أبوه إلى الشام، فأدرك بذلك الأسانيد العالية.

(1) «سير أعلام النبلاء» (15/ 37)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 165)، و «العبر» (2/ 210)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 821)، و «مرآة الجنان» (2/ 289)، و «شذرات الذهب» (4/ 135). (2) «سير أعلام النبلاء» (14/ 557)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 178)، و «العبر» (2/ 211)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 823)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 226)، و «شذرات الذهب» (4/ 136). (3) «سير أعلام النبلاء» (13/ 263)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 206)، و «العبر» (2/ 214)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 829)، و «مرآة الجنان» (2/ 289)، و «لسان الميزان» (5/ 130)، و «شذرات الذهب» (4/ 139).

1505 - [مبرمان النحوي]

حدث عن أبي سعيد الأشج، وعلي بن المنذر الطريفي، وأحمد بن سنان القطان وغيرهم. وعنه أبو الشيخ الأصبهاني، وأبو أحمد الحاكم، وعلي بن محمد القصار. كان إماما حافظا جليل المقدار، ذا علم وصيانة وديانة وورع. صنف «التفسير الكبير» أربى على تفسير ابن جرير، وله كتاب «الجرح والتعديل» وكتاب في اختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار. قال أبو يعلى الخليلي: (أخذ علم أبيه وأبي زرعة، وكان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال، زاهدا يعد من الأبدال) (1). توفي سنة سبع وعشرين وثلاث مائة. 1505 - [مبرمان النحوي] (2) محمد بن علي العسكري المعروف بمبرمان النحوي، أخذ عن المبرد، وشرح «كتاب سيبويه» ولم يتمه. توفي سنة سبع وعشرين وثلاث مائة (3). 1506 - [أبو سعيد الإصطخري] (4) أبو سعيد الحسن بن أحمد الإصطخري، شيخ الشافعية بالعراق. روى عن سعدان بن نصر، وطبقته، وولي حسبة بغداد، وقضاء سجستان، فأبطل معظم مناكحاتهم؛ إذ وجدها على غير اعتبار الولي. وصنف التصانيف، وكان ورعا زاهدا قانعا، وهو من نظراء أبي العباس بن سريج، وأقران أبي علي بن أبي هريرة. توفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة-مذكور في الأصل-وعمره نيف وثمانون سنة.

(1) «الإرشاد في معرفة علماء الحديث» (2/ 683). (2) «معجم الأدباء» (6/ 673)، و «العبر» (2/ 215)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 108)، و «مرآة الجنان» (2/ 289)، و «بغية الوعاة» (1/ 175)، و «شذرات الذهب» (4/ 142). (3) في «معجم الأدباء» (6/ 674)، و «بغية الوعاة» (1/ 177): (توفي سنة خمس وأربعين وثلاث مائة). (4) «تاريخ بغداد» (7/ 279)، و «وفيات الأعيان» (2/ 74)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 250)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 226)، و «العبر» (2/ 218)، و «مرآة الجنان» (2/ 290)، و «شذرات الذهب» (4/ 146).

1507 - [أبو علي الثقفي]

1507 - [أبو علي الثقفي] (1) محمد بن عبد الوهاب النيسابوري أبو علي الثقفي، الفقيه الواعظ أحد الأئمة. سمع في كبره من موسى بن نصر الرازي، وأحمد بن ملاعب، وطبقتهما، وهو من ذرية الحجاج بن يوسف الثقفي. قال ابن سريج: ما جاءنا من خراسان أفقه منه. وذكره السلمي في «طبقات الصوفية» (2). توفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة، وعمر أربعا وثمانين سنة، وكان له جنازة لم يعهد مثلها. 1508 - [ابن شنبوذ المقرئ] (3) أبو الحسن محمد بن أحمد ابن شنبوذ المقرئ البغدادي، أحد أئمة الأداء، ومشاهير القراء. كان فيه سلامة صدر، وحمق مع دين. كان يقرأ في المحراب بالشواذ مثل قوله تعالى: (فامضوا إلى ذكر الله)، (ولتكن منكم فئة يدعون إلى الخير)، (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا) وغير ذلك، فأنكر عليه، وبلغ فعله الوزير أبا علي بن مقلة، فاعتقله في داره ثلاثة وعشرين يوما (4)، ثم حضر القاضي أبو الحسين عمر بن محمد، والمقرئ أبو بكر بن مجاهد، وجماعة من القراء وناظروا ابن شنبوذ بحضرة الوزير، فأغلظ في الحديث للوزير والقاضي وابن مجاهد،

(1) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 361)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 280)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 238)، و «العبر» (2/ 220)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 75)، و «مرآة الجنان» (2/ 290)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 227)، و «شذرات الذهب» (4/ 150). (2) «طبقات الصوفية» (ص 361). (3) «معجم الأدباء» (6/ 367)، و «وفيات الأعيان» (4/ 299)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 264)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 233)، و «العبر» (2/ 219)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 546)، و «مرآة الجنان» (2/ 290)، و «شذرات الذهب» (4/ 148). (4) الظاهر أنه اعتقل أقل من ذلك بكثير؛ قال ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (4/ 299): (فاستحضره في أول شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة، واعتقله في داره أياما، فلما كان يوم الأحد لسبع خلون من الشهر المذكور ... ).

1509 - [الكاتب ابن مقلة]

ونسبهم إلى قلة المعرفة، وأنهم ما سافروا في طلب العلم كما سافر، واستطال بالكلام على القاضي أبي الحسين المذكور، فأمر الوزير ابن مقلة بضربه، فضربه سبع درر، فدعا في حال ضربه على الوزير ابن مقلة بأن يقطع الله يده، ويشتت شمله، فكان الأمر كذلك، كما سيأتي في ترجمة ابن مقلة (1)، وأنكر ابن شنبوذ ما كان ينكر عليه من الحروف التي يقرأ بها فيما هو شنيع، وقال فيما سوى ذلك: قرأ به قوم، فاستتابوه، فيقال: إنه رجع عما كان يقرؤه، وإنه لا يقرأ إلا بما في المصحف العثماني، وكتب عليه الوزير محضرا بما قاله، وكتب بخطه ما يدل على توبته. وتوفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة. 1509 - [الكاتب ابن مقلة] (2) أبو علي محمد بن علي بن مقلة الكاتب المشهور، وكان له خط حسن، وهو أول من نقل الخط من الوضع الكوفي إلى هذا الوضع المعروف. نعم؛ هذبه وزاده طراوة وحسنا ابن البواب كما سيأتي في ترجمته (3). كان ابن مقلة المذكور في أول أمره يتولى بعض أعمال فارس، ويجبي خراجها، وتنقلت به الأحوال إلى أن استوزره المقتدر عند قبضه على علي بن عيسى الوزير، وذلك في سنة ست عشرة وثلاث مائة، فبقي في الوزارة إلى سنة ثمان عشرة، ثم قبض عليه، وأحرق محمد بن ياقوت داره، ونفاه المقتدر إلى بلاد فارس بعد أن صادره. ثم استوزره الإمام القاهر بالله، فأرسل إليه إلى فارس رسولا يجيء به، ورتب له نائبا، فوصل يوم الأضحى من سنة عشرين، ولم يزل وزيره إلى أن اتهمه بمعاضدة مؤنس وغيره على الفتك به، وبلغ ابن مقلة الخبر فاستتر، وذلك في سنة إحدى وعشرين. ثم استوزره الراضي بالله في سنة اثنتين وعشرين، وفي وزارته هذه ضرب ابن شنبوذ المقرئ سبع درر على قراءته الشواذ في المحراب بعد أن ناظره القراء في ذلك، فدعا عليه ابن شنبوذ بقطع يده وتشتيت شمله، وكان المظفر بن ياقوت مستحوذا على أمور الراضي،

(1) تأتي ترجمته بعد هذه الترجمة مباشرة. (2) «وفيات الأعيان» (5/ 113)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 224)، و «تاريخ الإسلام» (4/ 239)، و «العبر» (2/ 217)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 109)، و «مرآة الجنان» (2/ 291). (3) انظر (3/ 363).

1510 - [أبو بكر بن الأنباري]

وكان بينه وبين ابن مقلة وحشة، فقرر ابن ياقوت مع الغلمان أنه إذا جاء ابن مقلة .. قبضوا عليه، وأن الخليفة لا يخالفه في ذلك، فلما حصل ابن مقلة في دهليز دار الخلافة .. وثب عليه ابن ياقوت والغلمان فقبضوا عليه، وأرسلوا إلى الراضي يعرفونه صورة الحال، وعددوا له ذنوبا وأسبابا تقتضي ذلك، فرجع جوابه باستصواب فعلهم، ويرتبوا في الوزارة من اختاروه، فاتفق رأيهم على توزير عبد الرحمن بن عيسى بن داود الجراح، فقلده الراضي الوزارة، وسلم إليه ابن مقلة فضربه بالمقارع، وجرى عليه من المكاره بالتعليق وغيره من العقوبة شيء كثير، وأخذ خطه بألف ألف دينار، ثم خلص، وجلس بطالا في داره. ثم إن ابن رائق استولى على الخلافة، وخرج عن طاعتها، فاستماله الراضي، وفوض إليه تدبير المملكة، وجعله أمير الأمراء، وأمر أن يخطب له على جميع المنابر، وقوي أمره، وعظم شأنه، وتصرف برأيه، فاحتاط على أملاك ابن مقلة وضياعه، وعلى أملاك ولده أبي الحسين، فأخذ ابن مقلة في السعي بابن رائق، وكتب إلى الراضي يشير عليه بإمساكه، وضمن له متى فعل ذلك، وقلده الوزارة .. استخرج له ثلاث مائة ألف ألف دينار، وكانت مكاتبته على يد ابن هارون المنجم النديم، فأطمعه الراضي بالإجابة إلى ما سأل، فلما استوثق ابن مقلة من الراضي .. ركب من داره وقد بقي من رمضان ليلة واحدة، واختار هذا الطالع؛ لأن القمر يكون تحت الشعاع، وهو يصلح للأمور المستورة، فلما وصل إلى دار الخلافة .. لم يمكن من الوصول إلى الراضي، ووجه إلى ابن رائق وأخبره بما جرى، وأنه احتال على ابن مقلة حتى حصّله في أسره، وقطع الراضي يد ابن مقلة وحبسه، وقطع ابن رائق لسان ابن مقلة في الحبس، فكان يستقي الماء في الحبس بيده اليسرى وفمه، وذلك في سنة ست وعشرين، وغالب ظني أنه لم يزل في الحبس إلى أن توفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة. 1510 - [أبو بكر بن الأنباري] (1) محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر بن الأنباري النحوي. حدث عن إسماعيل القاضي، والكديمي، وأبي العباس ثعلب وغيرهم.

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 399)، و «معجم الأدباء» (6/ 711)، و «وفيات الأعيان» (4/ 341)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 274)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 247)، و «العبر» (2/ 220)، و «مرآة الجنان» (2/ 294)، و «شذرات الذهب» (4/ 152).

1511 - [الخليفة الراضي بالله]

وعنه الدارقطني، وأبو عمر بن حيوة وغيرهما. وكان إماما حافظا علامة، صنف في فنون العلم، وكان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا للقرآن بالأسانيد، وكان إملاؤه من حفظه. توفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة، والله أعلم. 1511 - [الخليفة الراضي بالله] (1) الخليفة الراضي بالله محمد بن المقتدر جعفر بن المعتضد أحمد بن الموفق طلحة بن المتوكل جعفر بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد. ولد سنة سبع وتسعين ومائتين، ولما قبض الغلمان على عمه القاهر أبي منصور محمد بن المعتضد .. أخرجوا محمد بن المقتدر من الحبس، وسلموا عليه بالخلافة، وبايعوه لست خلون من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة، فأمر بإحضار علي بن عيسى بن الجراح وأخيه عبد الرحمن، فلما وصلا إليه .. استشارهما، فأشاروا عليه بأن يعقد لواء لنفسه على الرسم، وأن يستدعي خاتم الخلافة، ففعل، وكان فصه حديد صيني عليه: (الله) سطر، (محمد رسول الله) سطر، وأحضر القاضي أبا الحسين والشهود؛ ليشهدوا على خلع القاهر، قال أبو الحسين: لما دخلنا عليه .. قال: ألست تعرفني؟ قلت: بلى، قال: أنا أبو منصور محمد بن المعتضد بالله، بيعتي في عنقك وأعناق أهلي وسائر الأولياء، ولست أبرئكم ولا أحلكم بوجه ولا سبب، فقمنا، وكان معنا طريف اليشكري، فلمته وعاتبته كيف أدخلنا على شخص ما وطئ (2) ولا أخذ خطه؟ ! فلما عدل بنا إلى علي بن عيسى وحدثناه .. قطب وجهه وقال: نخلعه ولا نفكر فيه؛ فإن أفعاله مشهورة، فلما أصبحنا .. قيل: إن القاهر سمل، وقيل: إن الراضي طوى سمله عن علي بن عيسى إلى أن فعله. ومات ببغداد لأربع عشرة بقيت من ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلاث مائة، فمدة

(1) «تاريخ بغداد» (2/ 140)، و «المنتظم» (8/ 209)، و «الكامل في التاريخ» (19/ 7، 89)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 103)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 24، 267)، و «العبر» (2/ 224)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 297)، و «مرآة الجنان» (2/ 296)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 461)، و «شذرات الذهب» (4/ 165). (2) في (ق) و (م): (ووطئ).

1512 - [ابن حمدويه]

خلافته سبع سنين تعجز خمسين يوما، وعمره اثنتان وثلاثون سنة تقصر خمسين يوما، ثم بويع أخوه المتقي بالله إبراهيم بن المقتدر. 1512 - [ابن حمدويه] (1) أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل المروزي ثم الغازي، نزيل بغداد. حدث عن محمود بن آدم، وأبي الموجه محمد بن عمرو وغيرهما. وعنه الدارقطني، وأبو عمر بن حيوة، ومحمد بن عبد الله بن جامع الدهان وغيرهم. وكان حافظا ثقة نبيلا، من علماء هذا الشأن. توفي سنة تسع وعشرين وثلاث مائة. 1513 - [البربهاري] (2) أبو محمد البربهاري، بالموحدة والراء المكررتين، رأس الحنابلة. نودي في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة ألاّ يجتمع اثنان من أصحابه، وحبس منهم جماعة، واختفى هو، ومات مستترا سنة تسع وعشرين وثلاث مائة. 1514 - [الإمام المحاملي] (3) الحسين بن إسماعيل بن محمد المحاملي. حدث عن الفلاس، ويعقوب الدورقي، وابن المثنى، وطبقتهم، وعنه دعلج، والدارقطني، وابن جميع وغيرهم. وهو حافظ مكثر، ثقة مأمون، كان عنده من أصحاب ابن عيينة سبعون، وكان يحضر مجلسه عشرة آلاف رجل ممن يكتبون. توفي سنة ثلاثين وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (15/ 80)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 270)، و «العبر» (2/ 224)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 872)، و «شذرات الذهب» (4/ 165). (2) «سير أعلام النبلاء» (15/ 90)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 258)، و «العبر» (2/ 222)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 146)، و «شذرات الذهب» (4/ 158). (3) «تاريخ بغداد» (8/ 19)، و «المنتظم» (8/ 212)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 281)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 824)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 341)، و «شذرات الذهب» (4/ 170).

1515 - [محمد بن مخلد الدوري]

1515 - [محمد بن مخلد الدوري] (1) محمد بن مخلد بن حفص الدوري العطار أبو عبد الله، مسند بغداد. حدث عن أبي حذافة السهمي، والحسن بن عرفة، ومسلم وغيرهم. وعنه أبو بكر الآجري، والدارقطني وغيرهما من الأئمة. وكان ثقة حافظا عابدا مجتهدا. توفي سنة إحدى وثلاثين وثلاث مائة، وله تصانيف. 1516 - [الحسن بن سعد الكتامي] (2) الحسن بن سعد بن إدريس الكتامي القرطبي الحافظ، أكثر السماع من بقي بن مخلد ببلدته، ثم سمع من علي بن عبد العزيز البغوي، وإسحاق الدبري وغيرهما. طاف البلاد، فسمع وأسمع، واستفاد وأفاد، وكان من الحفاظ الفقهاء الصالحين، لكنه لم يكن بالضابط المتقن. توفي سنة إحدى وثلاثين وثلاث مائة (3). 1517 - [أبو بكر الفرغاني] (4) محمد بن إسماعيل الفرغاني الصوفي الشيخ العارف، كان من العابدين، وله بزة حسنة، ومعه مفتاح منقوش يصلي ويضعه بين يديه كأنه تاجر، وليس له بيت، بل ينطرح في المسجد، ويطوي أياما. توفي سنة إحدى وثلاثين وثلاث مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (4/ 79)، و «المنتظم» (8/ 220)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 256)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 62)، و «تذكرة الحفاظ» (8/ 828)، و «البداية والنهاية» (11/ 246)، و «شذرات الذهب» (4/ 178). (2) «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 129)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 435)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 53)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 870)، و «العبر» (2/ 231)، و «شذرات الذهب» (4/ 175). (3) كذا في مصادر الترجمة إلا في «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 130) ففيه أنه توفي سنة (332 هـ‍). (4) «سير أعلام النبلاء» (15/ 290)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 59)، و «العبر» (2/ 232)، و «مرآة الجنان» (2/ 310)، و «طبقات الأولياء» (ص 302)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 279)، و «شذرات الذهب» (4/ 175).

1518 - [أبو الحسن الدينوري]

1518 - [أبو الحسن الدينوري] (1) أبو الحسن علي بن محمد بن سهل الدينوري الشيخ الكبير، كان صاحب أحوال ومواعظ. ومن كلامه: من أيقن أنه لغيره .. فما له أن يبخل بنفسه. توفي سنة إحدى وثلاثين وثلاث مائة. 1519 - [أبو العباس ابن عقدة] (2) أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهاشمي مولاهم الكوفي أبو العباس بن عقدة -وهو لقب أبيه-الحافظ الشيعي. حدث عن الحسن بن علي بن عفان، ويحيى بن أبي طالب، وإسماعيل القاضي وغيرهم. وعنه الطبراني، وابن عدي، وابن شاهين وغيرهم. وكان أحد أركان الحديث، آية من آيات الله في الحفظ، حتى قال الدارقطني: أجمع أهل بغداد أنه لم ير بالكوفة من زمن ابن مسعود إلى زمن ابن عقدة أحفظ منه. قال: وسمعته يقول: أنا أجيب في ثلاث مائة ألف حديث من حديث أهل البيت وبني هاشم. وقال أبو سعيد الماليني: تحول ابن عقدة مرة، فكانت كتبه ست مائة حمل. وكان شيعيا، اتهمه بعضهم بالكذب، وضعفه آخرون. قال بعضهم: كان يملي علي مثالب الصحابة، فتركته. توفي سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مائة.

(1) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 312)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 26)، و «العبر» (2/ 233)، و «مرآة الجنان» (2/ 310)، و «شذرات الذهب» (4/ 177). (2) «تاريخ بغداد» (5/ 217)، و «المنتظم» (8/ 240)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 340)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 67)، و «العبر» (2/ 236)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 839)، و «مرآة الجنان» (2/ 311)، و «البداية والنهاية» (11/ 248)، و «شذرات الذهب» (4/ 179).

1520 - [ابن ولاد النحوي]

1520 - [ابن ولاد النحوي] (1) أبو العباس أحمد بن محمد بن الوليد التميمي المصري، مصنف كتاب «الانتصار لسيبويه على المبرد». وكان شيخ الديار المصرية في العربية مع أبي جعفر النحاس. توفي سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مائة. 1521 - [أبو بكر الطحان] (2) أحمد بن عمرو بن جابر الطحان أبو بكر الرملي. حدث عن العباس بن الوليد البيروتي، ومحمد بن عوف الحمصي وغيرهما. وعنه ابن المظفر، وابن المقرئ وغيرهما. وكان حافظا مفيدا، محدث أهل فلسطين. توفي سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة. 1522 - [أبو العرب الإفريقي] (3) أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم بن تمام التميمي الإفريقي. سمع جماعة من أصحاب ابن سحنون، وسمع منه محمد بن أبي زيد، ومشايخه ينيفون على مائة وعشرين. وكان إماما صالحا ثقة مأمونا، من أبصر أهل وقته بالسنن والرجال والآداب، ومن مصنفاته «التاريخ الكبير» و «مسند حديث مالك في السنن» و «طبقات علماء إفريقية» وكتاب «عبادها» وكتاب «المحن» وكتاب «مناقب بني تميم»، وله شعر جيد مستقيم. توفي سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة.

(1) «معجم الأدباء» (2/ 135)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 72)، و «العبر» (2/ 237)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 101)، و «مرآة الجنان» (2/ 311)، و «بغية الوعاة» (1/ 386)، و «شذرات الذهب» (4/ 180). (2) «سير أعلام النبلاء» (15/ 461)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 86)، و «العبر» (2/ 239)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 845)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 270)، و «شذرات الذهب» (4/ 182). (3) «رياض النفوس» (2/ 306)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 394)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 92)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 889)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 39)، و «الديباج المذهب» (2/ 182).

1523 - [أبو بكر الإخشيذ]

1523 - [أبو بكر الإخشيذ] (1) محمد بن طغج التركي الفرغاني، صاحب سرير الذهب، الملقب بالإخشيذ-بكسر الهمزة، وبالخاء والشين والذال المعجمات، وياء آخر الحروف بين الشين والذال-وهو لقب ملوك فرغانة، لقبه بذلك الراضي بالله، ودعى له على المنابر بهذا اللقب، واشتهر به، وصار كالعلم عليه، ومعناه في لسان الترك: ملك الملوك. أصله من أولاد ملوك فرغانة، ولاه المقتدر دمشق، فسار إليها ولم يزل واليا بها إلى أن ولاه القاهر بالله مصر في شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة، ثم ضم إليه الراضي بالله الجزيرة والحرمين وغير ذلك من البلاد، ثم ضم إليه المتقي الشام والحجاز وغير ذلك مع ما تقدم. وكان ملكا حازما، كثير التيقظ في حروبه ومصالح دولته، حسن التدبير، مكرما للجند، شديد القوى. قيل: إن جيشه كان يحتوي على أربع مائة ألف رجل، وله ثمانية آلاف مملوك، يحرسه في كل ليلة ألفان منهم، ويوكل بجانب الخيمة الخدم إذا سافر، ثم لا يثق مع ذلك، حتى يمضي إلى خيم الفراشين ينام فيها، ولم يزل في مملكته إلى أن توفي يوم الجمعة لثمان بقين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة بدمشق، وحمل تابوته إلى بيت المقدس، ودفن به. وكانت ولادته ببغداد سنة ثمان وستين ومائتين. وهو أستاذ فاتك المجنون، وكافور الإخشيذي المشهور، وتوفي عن ابنين أبي القاسم وأبي الحسن، فقام فاتك المذكور بتربية ابني مخدومه أحسن قيام، وخلفه كافور، وأقام الجند بعد كافور أبا الفوارس أحمد بن علي بن الإخشيذ، وجعل خليفته في تدبير أموره الحسن بن عبيد الله، وهو ابن عم أبيه، وفيه يقول المتنبي (2): [من الطويل] إذا صلت لم أترك مصالا لفاتك … وإن قلت لم أترك مقالا لعالم

(1) «المنتظم» (8/ 238)، و «وفيات الأعيان» (5/ 56)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 365)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 111)، و «العبر» (2/ 245)، و «مرآة الجنان» (2/ 314)، و «البداية والنهاية» (11/ 255)، و «شذرات الذهب» (4/ 188). (2) «ديوان المتنبي» (112/ 4 - 117).

1524 - [الوزير العدل علي بن عيسى]

وإلا فخانتني القوافي وعاقني … عن ابن عبيد الله ضعف العزائم في قصيدة طويلة يقول فيها: أرى دون ما بين الفرات وبرقة … ضرابا يمشّي الخيل فوق الجماجم وطعن غطاريف كأن أكفهم … عرفن الردينيات قبل المعاصم هم يحسنون الكر في حومة الوغى … وأحسن منه كرّهم في المكارم وهم يحسنون العفو عن كل مذنب … ويحتملون الغرم عن كل غارم حييون إلا أنهم في نزالهم … أقل حياء من شفار الصّوارم ولولا احتقار الأسد شبهتها بهم … ولكنها معدودة في البهائم وكان امتداحه له في ولايته الرملة. وانقرضت الدولة الإخشيذية في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة، ودخل إلى مصر رايات المغاربة الواصلين صحبة القائد جوهر، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى (1). 1524 - [الوزير العدل علي بن عيسى] (2) علي بن عيسى بن داود بن الجراح البغدادي الكاتب الوزير العدل، وزر مرات للمقتدر، ثم للقاهر، وكان دينا خيرا عالما محدثا عالي الإسناد. روى عن أحمد بن بديل، والحسن الزعفراني، وطائفة. وروى عنه جماعة آخرهم ابنه عيسى في «أماليه». قيل: كان في الوزراء كعمر بن عبد العزيز في الخلفاء. قال القاضي أحمد بن كامل: سمعت الوزير علي بن عيسى يقول: كسبت سبع مائة ألف دينار، أخرجت منها في وجوه البر ست مائة ألف وثمانين ألف دينار. يحكى: أن بعض المضطرين من أهل الخير المعولين رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في وقت ضرورة وهو يقول: إذا أصبحت .. فاذهب إلى الوزير علي بن عيسى وقل له:

(1) انظر (3/ 187). (2) «تاريخ بغداد» (12/ 14)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 106)، و «العبر» (2/ 244)، و «مرآة الجنان» (2/ 316)، و «البداية والنهاية» (11/ 258)، و «شذرات الذهب» (4/ 186).

1525 - [القائم ابن المهدي]

بأمارة ما صلّى عند قبري كذا وكذا مرة .. يدفع إليك كذا وكذا، وعين شيئا كثيرا من الصلاة عليه ومن المال، فلما أصبح الرجل .. ذهب إلى الوزير ومعه المقرئ أبو بكر بن مجاهد المشهور، فقال الوزير لابن مجاهد: ما حاجتك يا أبا بكر؟ قال: يدني الوزير هذا الشيخ ويسمع كلامه، فسأل ذلك الشيخ عن قصته، فأعلمه بضرورته وما قال له النبي صلّى الله عليه وسلم، فذرفت عينا الوزير وقال: صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وصدقت أيها الشيخ، هذا شيء لم يكن اطلع عليه إلا الله عزّ وجل ورسوله، ثم استدعى بالكيس، فعدّ له ألفا وقال: هذا ما أمر به رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم عد له ألفا أخرى وقال: هذا شكر ما ذكرت عن النبي صلّى الله عليه وسلم. قال الشيخ اليافعي: (وأشك في ألف ثالث دفعه إليه بشارة) (1). ركب علي بن عيسى الوزير يوما في موكبه، فصار الغرباء يقولون: من هذا، من هذا؟ ! فقالت امرأة: إلى كم تقولون: من هذا، من هذا؟ ! هذا عبد سقط من عين الله، فابتلاه الله بما ترون، فسمعها علي بن عيسى، فرجع إلى منزله، فاستعفى من الوزارة، وذهب إلى مكة وجاور بها، وتوفي سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة. 1525 - [القائم ابن المهدي] (2) القائم بأمر الله أبو القاسم محمد بن المهدي عبيد الله، الداعي الباطني، صاحب المغرب، سار مرتين إلى مصر؛ ليتملكها، فما قدر له إلا دخول الإسكندرية في المرتين معا، وفي الثالثة جاء بعسكر عظيم وبلغ الجيزة، فوردت الأخبار بذلك إلى بغداد، فجهز المقتدر مؤنسا الخادم لمحاربته بالرجال والأموال، فجد في السير، والتقيا بمصر، وجرت بينهما حروب لا توصف، ووقع في عسكر القائم الوباء والغلاء، فمات الناس والخيل، فرجع إلى إفريقية ومعه عسكر مصر، وكان وصوله إلى المهدية في رجب سنة سبع وثلاث مائة، وفي أيامه خرج أبو يزيد مخلد بن كيداد الخارجي، وجرت له أمور يطول شرحها. ومات القائم بالمهدية في سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة.

(1) «مرآة الجنان» (2/ 317). (2) «وفيات الأعيان» (5/ 19)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 152)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 114)، و «العبر» (2/ 246)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 51)، و «شذرات الذهب» (4/ 189).

1526 - [أبو بكر الشبلي]

1526 - [أبو بكر الشبلي] (1) أبو بكر الشبلي، الشيخ الكبير، العارف بالله الشهير، واسمه: دلف بن جحدر. اشتغل أول أمره بالفقه، وبرع في مذهب مالك، ثم سلك وصحب الجنيد وغيره من مشايخ عصره. وكان نسيج وحده حالا وظرفا وعلما. سأله بعض الفقهاء عن مسألة في الحيض امتحانا، فذكر له فيها ثمانية عشر قولا للعلماء، ولم يكن عند ذلك الفقيه من الأقوال سوى ثلاثة. قيل: تاب في ابتداء أمره في مجلس خير النساج. ومجاهداته في أول أمره فوق الحد، وكان يبالغ في تعظيم الشرع، وإذا دخل رمضان .. جد في الطاعات ويقول: هذا شهر عظمه الله ربي عزّ وجل، وأنا أولى بتعظيمه. دخل يوما على شيخه الجنيد وامرأته عنده، فوقف بين يديه، وصفق بيديه وأنشد: [من الخفيف] عودوني الوصال والوصل عذب … ورموني بالصد والصد صعب زعموا حين عاتبوا أن ذنبي … فرط حبي لهم وما ذاك ذنب لا وحق الخضوع عند التلاقي … ما جزاء من يحب إلا يحبّ فقال الجنيد: نعم يا أبا بكر، فأرادت امرأة الجنيد أن تستتر منه فقال لها الجنيد: لا عليك، هو غائب لا يراك، ثم بكى بعد إنشاده، فقال الجنيد لامرأته: استتري عنه الآن، فقد حضر. وقال بعضهم: دخلت على الشبلي يوما في داره وهو يصيح ويقول: [من الهزج] على بعدك لا يصب‍ … ر من عادته القرب ولا يقوى على هجر … ك من تيمه الحب

(1) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 337)، و «حلية الأولياء» (10/ 366)، و «المنتظم» (8/ 238)، و «وفيات الأعيان» (2/ 273)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 367)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 116)، و «مرآة الجنان» (2/ 317)، و «شذرات الذهب» (4/ 189).

1527 - [أبو علي القشيري]

فإن لم ترك العين … فقد يبصرك القلب وقال الشبلي: رأيت معتوها عند جامع الرصافة يقول: أنا مجنون أنا مجنون، فقلت له: لم لم تصل؟ ! فأنشأ يقول: [من الطويل] يقولون زرنا واقض واجب حقنا … وقد أسقطت حالي حقوقهم عني إذا هم رأوا حالي ولم يأنفوا لها … ولم يأنفوا مني أنفت لهم مني توفي سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة. 1527 - [أبو علي القشيري] (1) محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري الحراني، نزيل الرقة، ومؤلف تاريخها. حدث عن سليمان بن سيف، وهلال بن العلاء وغيرهما، وعنه ابن جميع، وأبو مسلم الكاتب وغيرهما. وكان من الحفاظ المصنفين النبهاء. توفي سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة. 1528 - [ابن القاص الطبري] (2) أبو العباس أحمد بن القاص الطبري الشافعي، له مصنفات مشهورة، تفقه بأبي العباس بن سريج، وتوفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة. 1529 - [الصولي الشطرنجي] (3) محمد بن يحيى البغدادي الصولي، العلامة الأخباري الأديب، صاحب التصانيف، المعروف بالشطرنجي، لم يكن في عصره مثله في معرفة لعب الشطرنج، حتى صار يضرب

(1) «سير أعلام النبلاء» (15/ 335)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 110)، و «العبر» (2/ 245)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 846)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 95)، و «شذرات الذهب» (4/ 187). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 68)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 371)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 121)، و «العبر» (2/ 247)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 227)، و «مرآة الجنان» (2/ 319)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 59)، و «شذرات الذهب» (4/ 191). (3) «معجم الأدباء» (7/ 79)، و «وفيات الأعيان» (4/ 356)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 301)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 130)، و «العبر» (2/ 247)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 190)، و «مرآة الجنان» (2/ 319)، و «البداية والنهاية» (11/ 261)، و «شذرات الذهب» (4/ 192).

به المثل فيقال لمن يبالغ في حسن لعبه بها: فلان يلعب الشطرنج مثل الصولي. كان أحد الأدباء الفضلاء المشاهير. روى عن أبي داود السجستاني، وأبي العباس ثعلب، والمبرد وغيرهم. وروى عنه الحافظ أبو الحسن الدارقطني، والإمام أبو عبيد الله المرزباني وغيرهما. وله رواية واسعة، ومحفوظات كثيرة، وكان أغلب فنونه أخبار الناس. وكان حسن الاعتقاد، جميل الطريقة، مقبول القول، نادم المكتفي، ثم المقتدر، ثم الراضي. قال المسعودي في «مروج الذهب»: (وقد ذكر أن الصولي في بدء دخوله على المكتفي لعب مع الماوردي بالشطرنج، وكان الماوردي متقدما عند المكتفي، متمكنا من قلبه، معجبا بلعبه، فلما لعبا جميعا بحضرته .. حمل المكتفي حسن رأيه في الماوردي وتقدم الحرمة والألفة على نصرته وتشجيعه حتى أدهش ذلك الصولي في أول وهلة، فلما اتصل اللعب بينهما، وجمع له الصولي همه وقصده وكليته .. غلبه غلبا لا يكاد يرد عليه شيئا، وتبين للمكتفي حسن لعب الصولي، فعدل عن هواه ونصرته للماوردي وقال له: عاد ماء وردك بولا) (1). قال ابن خلكان: (وأخبار الصولي وما جرى له أكثر من أن تحصر، ومع فضائله وتفننه في العلوم وظرافته ما خلا من منتقص هجاه هجوا لطيفا، فإن أبا سعيد العقيلي-بضم العين المهملة، وفتح القاف-رأى له بيتا مملوءا كتبا قد صفها وجلودها مختلفة الألوان، وكان يقول: هذه سماعي، وإذا احتاج إلى معاودة شيء منها .. قال: يا غلام؛ هات الكتاب الفلاني، فقال أبو سعيد المذكور: [مجزوء الرمل] إنما الصولي شيخ … أعلم الناس خزانه إن سألناه بعلم … أو طلبناه إبانه قال يا غلمان هاتوا … رزمة العلم فلانه توفي الصولي سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة. قال ابن خلكان: ورأيت خلقا كثيرا يعتقدون أن الصولي هذا هو الذي وضع الشطرنج،

(1) «مروج الذهب» (5/ 218).

وهو غلط؛ فإن الذي وضعه صصّه-بتكرير الصاد المهملة، الأولى منهما مكسورة، والثانية مفتوحة مشددة، ثم هاء ساكنة في آخره-ابن داهر الهندي، وضعه للملك شيرام، بكسر الشين المعجمة، وسكون المثناة من تحت، وبالراء بعد الياء، والميم (1)، وذلك أن أردشير-بفتح الهمزة والدال المهملة بينهما راء ساكنة، وكسر الشين المعجمة، وسكون المثناة تحت، آخره راء-ابن بابك أول ملوك الفرس الأخيرة قد وضع النرد، ولذلك قيل له: النردشير، نسبة إلى واضعه المذكور، وجعله مثلا للدنيا وأهلها، فرتب الرقعة اثني عشر بيتا بعدد شهور السنة، وجعل القطع ثلاثين قطعة بعدد أيام كل شهر، وجعل الفصوص مثل القدر وتقلبه بأهل الدنيا، فافتخرت الفرس بوضع النرد، وكان ملك الهند يومئذ بلهيت، بفتح الموحدة، وسكون اللام، وفتح الهاء، وسكون المثناة من تحت، ثم مثناة من فوق) (2). قال الشيخ اليافعي: (واسم الملك المذكور مخالف لما تقدم (3) أن اسم الملك الذي وضع له الشطرنج: شيرام، ويحتمل أن يكون أحد اللفظين اسما له، والآخر لقبا) اهـ‍ (4) ويحتمل أنه يوم وضعت الفرس النرد كان ملك الهند بلهيت، ثم ولي بعده شيرام، فوضع صصه الشطرنج في أيامه، والله سبحانه أعلم. فلما وضع الشطرنج .. قضت حكماء ذلك العصر بترجيحه على النرد. ويقال: إن صصه لما وضعه وعرضه على الملك المذكور .. أعجبه عجبا شديدا، وأظهر الشكر والسرور على ما أنعم عليه في ملكه بها وقال لصصه: اقترح علي ما تشتهي، فقال: أقترح أن تضع حبة بر في البيت الأول، ولا تزال تضعّفها في كل بيت حتى تنتهي إلى آخرها، فمهما بلغ .. تعطيني، فاستصغر الملك ذلك، وأنكر عليه كونه قابله بالنزر اليسير التافه الحقير وكان الملك قد أضمر له شيئا كثيرا، فقال صصه: ما أريد إلا هذا، فأجابه إلى مطلوبه، وأمر أرباب الديوان أن يحسبوه فقالوا: ما عندنا حب يفي بهذا، ولا بما

(1) في «وفيات الأعيان» (4/ 357) المنقول منه: (شهرام، بكسر الشين المعجمة). (2) «وفيات الأعيان» (4/ 357). (3) أي: في كلام ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (4/ 357)؛ فإنه ذكر اسم الملك أولا أنه: شهرام، ثم ذكر أنه: بلهيت. (4) «مرآة الجنان» (2/ 320).

يقاربه، فاستنكر الملك مقالتهم، وطالبهم بإقامة البرهان على ذلك، فقعدوا عنده وحسبوه، وظهر له صدق قولهم فقال الملك لصصه: أنت في اقتراحك ما اقترحت أعجب حالا من وضعك الشطرنج. قال القاضي ابن خلكان: (وطريق هذا التضعيف أن يضع الحاسب في البيت الأول حبة، وفي الثاني حبتين، وفي الثالث أربع حبات، وفي الرابع ثماني حبات، وهكذا إلى آخره، كلما انتقل إلى بيت .. ضاعف ما قبله وأثبته فيه، قال: ولقد كان في نفسي شيء من هذه المبالغة حتى اجتمع بي بعض حساب الإسكندرية وذكر لي طريقا تبين صحة ما ذكروه، وأحضر لي ورقة بصورة ذلك، وهو أنه ضاعف العدد إلى البيت السادس عشر، فأثبت فيه اثنتين وثلاثين ألفا وسبع مائة وثماني وستين حبة، وقال: تجعل هذه الجملة مقدار قدح، قال: فعبرناها، فكانت كذلك والعهدة عليه في هذا النقل، ثم ضاعف القدح في البيت السابع عشر، وهكذا حتى بلغ ويبة في البيت العشرين، ثم انتقل إلى الويبات، ومنها إلى الأرادب، ولم يزل يضاعفها حتى انتهت في بيت الأربعين إلى مائة ألف إردب وأربعة وسبعين ألف إردب وسبع مائة واثنين وستين إردبا وثلثي إردب، وقال: تجعل هذه الجملة شونة؛ فإن الشونة ما يكون فيها أكثر من هذا، ثم ضاعف الشون إلى بيت الخمسين، فكانت الجملة ألفا وأربعا وعشرين شونة، فقال: تجعل هذه مدينة؛ فإن المدينة لا يكون فيها أكثر من هذه الشون، وأي مدينة يكون فيها هذه الجملة من الشون؟ ! ثم ضاعف البلدان حتى انتهت إلى بيت الرابع والستين، وهو آخر أبيات رقعة الشطرنج، إلى ستة عشر ألف مدينة وثلاث مائة وأربع وثمانين مدينة، وقال: تعلم أن ليس في الدنيا مدن أكثر من هذا العدد؛ فإن دور كرة الأرض معلوم بطريق الهندسة، وهو ثمانية آلاف فرسخ، بحيث لو وضعنا طرف حبل على أي موضع كان من الأرض، وأدرنا الحبل على كرة الأرض حتى انتهينا بالطرف الآخر إلى ذلك الموضع من الأرض، والتقى طرفا الحبل، فإذا مسحنا ذلك الحبل .. كان طوله أربعة وعشرين ألف ميل، وهي ثمانية آلاف فرسخ، قال: وذلك قطعي لا شك فيه، قال: ومعلوم أن ما في الأرض من المعمور هو قدر ربع الكرة بطريق التقريب) (1).

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 358).

1530 - [الحافظ الشاشي]

1530 - [الحافظ الشاشي] (1) أبو سعيد الهيثم بن كليب بن سريج بن معقل الشاشي، صاحب «المسند». حدث عن أبي عيسى الترمذي، وعباس الدوري، ويحيى بن جعفر بن الزبرقان. وعنه علي بن أحمد الخزاعي، ومنصور بن نصر الكاغدي وغيرهما. وكان إماما حافظا ثقة محدث ما وراء النهر في ذلك الزمان. توفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة. 1531 - [ابن المنادي] (2) أبو الحسين بن المنادي، واسمه: أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله البغدادي الحافظ، مسند العراق. حدث عن جده، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وأبي داود السجستاني وغيرهم، وعنه أبو عمر بن حيوة وغيره من المحدثين. وكان من القراء المجودين، والحفاظ الثقات المتقنين المصنفين، وكان فيه شراسة أخلاق مع صلابة في الدين. توفي سنة ست وثلاثين وثلاث مائة. 1532 - [المحمدآباذي] (3) محمد بن الحسن النيسابوري، أحد أئمة اللسان. كان إمام الأئمة ابن خزيمة إذا شك في لغة .. سأله عنها.

(1) «سير أعلام النبلاء» (15/ 359)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 132)، و «العبر» (2/ 248)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 848)، و «شذرات الذهب» (4/ 196). (2) «المنتظم» (8/ 250)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 361)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 134)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 849)، و «طبقات القراء» (2/ 563)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 290)، و «مرآة الجنان» (2/ 325)، و «شذرات الذهب» (4/ 197). (3) «سير أعلام النبلاء» (15/ 304)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 141)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 373)، و «بغية الوعاة» (1/ 86)، و «شذرات الذهب» (4/ 198).

1533 - [القرميسيني]

توفي سنة ست وثلاثين وثلاث مائة. وينظر أهو أبو طاهر المحمدآباذي، أو غيره، والله سبحانه أعلم (1). 1533 - [القرميسيني] (2) أبو إسحاق إبراهيم بن شيبان القرميسيني، الشيخ الكبير، العارف بالله، صحب أبا عبد الله المغربي، والخواص وغيرهما. ومن كلامه قوله: علم الفناء والبقاء يدور على إخلاص الوحدانية، وصحة العبودية، وما كان غير هذا فهو المغاليط والزندقة. توفي سنة سبع وثلاثين وثلاث مائة. 1534 - [أبو الطيب الصعلوكي] (3) أحمد بن محمد بن سليمان أبو الطيب الصّعلوكي. توفي سنة سبع وثلاثين وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1535 - [الخليفة المستكفي بالله] (4) الخليفة العباسي أبو القاسم عبد الله المستكفي بالله بن علي المكتفي بالله بن أبي العباس أحمد المعتضد. ولد ثالث عشر صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وبويع له يوم خلع المتقي إبراهيم بن المقتدر، وذلك لعشر بقين من صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة، ولما قصد معز الدولة

(1) نعم، أبو طاهر المحمدآباذي هو نفسه محمد بن الحسن النيسابوري كما في مصادر الترجمة. (2) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 403)، و «حلية الأولياء» (10/ 361)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 392)، و «العبر» (2/ 250)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 20)، و «مرآة الجنان» (2/ 325)، و «شذرات الذهب» (4/ 199). (3) «سير أعلام النبلاء» (15/ 391)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 396)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 43). (4) «تاريخ بغداد» (10/ 11)، و «المنتظم» (8/ 257)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 188)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 26)، و «العبر» (2/ 251)، و «البداية والنهاية» (11/ 250)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 519)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 469).

1536 - [عماد الدولة ابن بويه]

بغداد في سنة أربع وثلاثين .. اختفى الخليفة، وتسللت الأتراك إلى الموصل، وأقامت الديلم ببغداد، وقدّم المستكفي لمعز الدولة التقاديم والتحف، ثم دخل معز الدولة على الخليفة وبايعه، فلقبه الخليفة يومئذ معز الدولة، ولقب أخاه عليا عماد الدولة، وأخاه الحسن ركن الدولة، وأمر أن تكتب أسماؤهم في السكة، واستوسقت (1) المملكة لمعز الدولة، فلما تمكن معز الدولة .. خلع المستكفي من الخلافة وكحله، وذلك أن علما القهرمانة كانت السبب في عزل المتقي وتولية المستكفي، سعت في ذلك حتى بلغت ما أملته، فكافأها المستكفي بأن ملكها أزمة أموره، وجعل إليها الأمر والنهي، والفتق والرتق، فاتفق أن عملت دعوة عظيمة حضرها مقدم الديلم وعدة أمراء، فخاف معز الدولة عليهم، فساء ظنه مع ما علمه من جسارة هذه المرأة وإقدامها على قلب الدول، وكان بعض الشيعة يثير الفتن، فآذاه الخليفة المستكفي وحبسه، فشفع فيه بعض رؤساء الديلم فلم يشفعه، فأحفظه، فأكثر الكلام على المستكفي عند معز الدولة، وكان معز الدولة متشيعا أيضا، فحمل معز الدولة ذلك على عزل المستكفي وكحله، وهو ثالث من كحل من الخلفاء العباسية، ثم أحضروا الفضل بن المقتدر، فبايعوه ولقبوه المطيع لله، فمدة ولاية المستكفي سنة وأربعة أشهر ويومان. وتوفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة. 1536 - [عماد الدولة ابن بويه] (2) عماد الدولة أبو الحسن بن بويه-بضم الموحدة، وفتح الواو، وسكون المثناة من تحت، ثم هاء-الديلمي. كان أبوه صيادا ليس له معيشة إلا من صيد السمك، وكان له ثلاثة أولاد، ركن الدولة، ومعز الدولة، وعماد الدولة هذا المترجم له، وهو أكبرهم، وسبب سعادتهم وانتشار صيتهم، والجميع ملكوا واستولوا على البلاد، ملكوا العراقين والأهواز وفارس، وساسوا أمور الرعية أحسن سياسة، ثم لما ملك عضد الدولة بن ركن الدولة .. اتسعت مملكته، وزادت على ما كانت لأسلافه.

(1) استوسقت: أي: اجتمعت؛ أي: اجتمع أمر المملكة لمعز الدولة. (2) «المنتظم» (8/ 258)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 187)، و «وفيات الأعيان» (3/ 399)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 402)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 162)، و «مرآة الجنان» (2/ 326)، و «البداية والنهاية» (11/ 263)، و «شذرات الذهب» (4/ 204).

1537 - [أبو جعفر النحاس]

وذكر هارون بن العباس المأموني في «تاريخه» أنه اتفق لعماد الدولة المذكور أشياء عجيبة كانت سببا لثبات مملكته، منها أنه اجتمع أصحابه في أول ملكه وطالبوه بالأموال، ولم يكن معه ما يرضيهم به، وأشرف على الانحلال، واغتم لذلك، فاستلقى في مجلسه على ظهره مفكرا في أمره، فرأى حية خرجت من موضع من سقف ذلك المجلس، ودخلت في موضع آخر منه، فخاف أن تسقط عليه، فدعا الفراشين والسلم، وأن تخرج الحية، فلما صعدوا وبحثوا عن الحية .. وجدوا ذلك السقف يفضي إلى غرفة، فعرفوه ذلك، فأمرهم بفتحها، ففتحوها ووجدوا فيها عدة صناديق من المال والصياغات قدر خمس مائة ألف دينار، فحمل المال إلى بين يديه فسر به، وأنفقه في رجاله، وثبت أمره بعد أن كان أشفى على الانخرام. ثم إنه قطع ثيابا، وسأل عن خياط حاذق، فوصف له خياط كان لصاحب البلد قبله، فأمر بإحضاره-وكان الخياط أطروشا-فوقع له أنه قد سعي به إليه في وديعة كانت عنده لصاحب البلد، وأنه طلبه لهذا السبب، فلما خاطبه .. حلف أنه ليس عنده إلا اثنا عشر صندوقا لا يدري ما فيها، فعجب عماد الدولة من جوابه، ووجه معه من حملها، فوجدوا فيها أموالا عظيمة، وثيابا جميلة، فكان ذلك من الأسباب الدالة على قوة سعادته، ثم تمكنت حالته، واستقرت قواعده. وتوفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة. 1537 - [أبو جعفر النحاس] (1) أحمد بن محمد النحوي المصري، المعروف بأبي جعفر النحاس، كان ينظّر بابن الأنباري ونفطويه، وله في النحو والأدب وغير ذلك مما يرجع إلى العربية بضعة عشر مصنفا، منها: «تفسير القرآن الكريم» وكتاب «إعراب القرآن» وكتاب «الناسخ والمنسوخ» و «التفاحة في النحو» وغير ذلك. توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.

(1) «معجم الأدباء» (2/ 149)، و «وفيات الأعيان» (1/ 99)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 401)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 155)، و «العبر» (2/ 252)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 362)، و «مرآة الجنان» (2/ 327)، و «بغية الوعاة» (1/ 362)، و «شذرات الذهب» (4/ 203).

1538 - [ابن حمشاذ]

1538 - [ابن حمشاذ] (1) أبو الحسن علي بن محمد بن سختويه النيسابوري، معروف بابن حمّشاذ، بالشين والذال المعجمتين بينهما ألف، وفي أوله حاء مهملة مكسورة، وميم مشددة (2). رحل وطوف وصنف. حدث عن إسماعيل القاضي، والحارث بن أبي أسامة وغيرهما، وعنه الحاكمان أبو أحمد وأبو عبد الله، وبالغ في تعظيمه. وهو حافظ ثقة كبير، له «التفسير» في عشر مجلدات، وله «المسند الكبير» وكتاب «الأحكام». قال أحمد بن إسحاق الضبعي: صحبت علي بن حمّشاذ في الحضر والسفر، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة. توفي فجأة في الحمام سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة. 1539 - [ابن دينار النيسابوري] (3) محمد بن عبد الله بن دينار النيسابوري، الفقيه الصالح. قال الحاكم: كان يصوم النهار ويقوم الليل، ويصبر على الفقر، ما رأيت في مشايخنا أصحاب الرأي أعبد منه. توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة. 1540 - [الحافظ البلاذري] (4) أبو محمد أحمد بن محمد الطوسي الحافظ.

(1) «سير أعلام النبلاء» (15/ 398)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 165)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 855)، و «العبر» (2/ 254)، و «مرآة الجنان» (2/ 327)، و «شذرات الذهب» (4/ 206). (2) كذا ضبطه اليافعي في «مرآة الجنان» (2/ 327)، وفي «الأنساب» (2/ 262): (بفتح الحاء المهملة، والميم الساكنة، والشين المعجمة المفتوحة بعدها ألف، وفي آخرها الذال المعجمة). (3) «المنتظم» (8/ 259)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 382)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 167)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 316)، و «مرآة الجنان» (2/ 327)، و «شذرات الذهب» (4/ 206). (4) «سير أعلام النبلاء» (16/ 36)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 169)، و «العبر» (2/ 255)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 892)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 319)، و «مرآة الجنان» (2/ 328)، و «شذرات الذهب» (4/ 207).

1541 - [الحافظ أبو عبد الله الصفار]

قال الحاكم: كان أوحد عصره في الحفظ والوعظ، وخرج صحيحا على وضع «مسلم»، وتوفي سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة. 1541 - [الحافظ أبو عبد الله الصفار] (1) أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني الصفار. كان من أكثر الحفاظ حديثا. قال الحاكم: وهو محدث عصره، مجاب الدعوة، لم يرفع رأسه إلى السماء فيما بلغنا نيفا وأربعين سنة. صنف في الزهد وغيره، وتوفي سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة. 1542 - [القاهر بالله] (2) الخليفة القاهر بالله أبو منصور محمد بن المعتضد العباسي. لما قتل المقتدر .. عين للخلافة محمد بن المكتفي، فابتدأه مؤنس بخطابه فقال: عمّي أحق بها، فخوطب حينئذ محمد بن المعتضد المذكور، وبايعوه لليلتين بقيتا من شوال سنة عشرين وثلاث مائة، فأظهر الشهامة وقبض على جماعة منهم مؤنس وقتلهم، ووقعت هيبته في القلوب، وأمر بكسر آلات الطرب، ونفي المخنثين والقيان، وأراق الخمور، لكن قيل: إنه مع ذلك لم يكن يصحو من الخمر وسماع القيان. وخلع القاهر لست خلون من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين، وكحل وحبس، فكانت مدة ولايته سنة ونصف، وبقي القاهر في الحبس إلى أن أخرجه المستكفي في سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة، وحمله إلى دار ابن طاهر بعد امتناع منه شديد، وهم أن يلقي نفسه في دجلة لما عبر عليها، وأخرج من دار الخلافة إلى دار ابن طاهر في قطن حشو جبة

(1) «المنتظم» (8/ 263)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 437)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 179)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 347)، و «مرآة الجنان» (2/ 328)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 178)، و «شذرات الذهب» (4/ 208). (2) «تاريخ بغداد» (1/ 356)، و «المنتظم» (8/ 262)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 17)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 98)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 177)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 34)، و «مرآة الجنان» (2/ 328)، و «البداية والنهاية» (11/ 266)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 486)، و «شذرات الذهب» (4/ 208).

1543 - [أبو نصر الفارابي]

وفي رجله نعل خشب مربع، فأقام مدة في دار ابن طاهر، ثم خرج في يوم جمعة إلى المسجد الجامع، وأخذ في أن يتصدّق عليه، فرآه ابن أبي موسى الهاشمي، فمنعه من ذلك وأعطاه خمس مائة درهم، ورده إلى داره. وتوفي سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة. 1543 - [أبو نصر الفارابي] (1) أبو نصر محمد بن محمد التركي الفارابي الحكيم المشهور، صاحب التصانيف في المنطق والموسيقى وغيرهما من العلوم، وهو أكبر فلاسفة الإسلام، لم يكن فيهم من بلغ رتبته في فنونه، وناهيك أن رئيسهم أبا علي بن سينا بكتبه تخرج، وبكلامه انتفع. خرج أبو نصر المذكور من بلده، ولم تزل تنتقل به الأسفار إلى أن وصل بغداد، وهو يعرف اللسان التركي وعدة لغات غير العربي، فتعلم اللسان العربي وأتقنه، ثم اشتغل بعلوم الحكمة، وكان ببغداد الحكيم المشهور [أبو بشر] متى بن يونس، وهو شيخ كبير يعلم الناس فنّ المنطق، ويملي على تلامذته شرحه، وكان أبو بشر في تواليفه حسن العبارة، لطيف الإشارة، وكان يستعمل في تصانيفه البسط والتذييل، حتى قال بعض علماء هذا الفن: ما أرى أن أبا نصر الفارابي أخذ طريق تفهيم المعاني الجزلة بالألفاظ السهلة إلا من أبي بشر، يعني شيخه المذكور، وكان أبو نصر يحضر حلقة أبي بشر من جملة تلامذته. ثم ارتحل إلى حران، وبها الحكيم ابن خيلان النصراني (2) -بخاء معجمة، ثم مثناة من تحت-فأخذ عنه طرفا من المنطق، ثم قفل راجعا إلى بغداد، وقرأ بها علوم الفلسفة، وتناول جميع كتب أرسطاطاليس، ومهر في استخراج معانيها والوقوف على أغراضه فيها. قال أبو القاسم بن صاعد القرطبي في كتاب «طبقات الحكماء» كما نقله عنه ابن خلكان: (أربى في التحقيق على جميع علماء الفلسفة الإسلاميين، وشرح غامضها،

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 194)، و «وفيات الأعيان» (5/ 153)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 416)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 181)، و «العبر» (2/ 257)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 106)، و «مرآة الجنان» (2/ 328)، و «البداية والنهاية» (11/ 266)، و «شذرات الذهب» (4/ 209). (2) كذا في «مرآة الجنان» (2/ 329)، وفي «وفيات الأعيان» (5/ 154): (يوحنا بن حيلان)، وفي «الكامل في التاريخ» (7/ 194)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 417) و «تاريخ الإسلام» (25/ 182) و «شذرات الذهب» (4/ 210): (يوحنا بن جيلان).

وكشف سرها، وقرب تناولها وجميع ما يحتاج إليه منها على ما أغفله الكندي وغيره من صناعة [التحليل وأنحاء] (1) التعاليم، وأوضح الغفل فيها عن مواد المنطق الخمسة، وعرف طرق استعمالها، وكيف تصرّف صورة القياس في كل مادة، فجاءت كتبه في ذلك الغاية الكاملة، والنهاية الفاضلة) اهـ‍ (2) قال ابن خلكان: (لم يزل أبو نصر ببغداد مكبا على الاشتغال بهذا العلم والتحصيل له إلى أن برز-أو قال: برع-فيه وفاق أهل زمانه، قال: ورأيت في بعض المجاميع أن أبا نصر لما ورد على سيف الدولة وكان مجلسه مجمع الفضلاء في جميع المعارف، فأدخل عليه وهو بزي الأتراك، وكان ذلك دأبه دائما، فوقف .. فقال له سيف الدولة: اقعد، فقال: حيث أنا أم حيث أنت، فقال: حيث أنت، فتخطى رقاب الناس حتى انتهى إلى مسند سيف الدولة، وزاحمه فيه حتى أخرجه عنه، وكان على رأس سيف الدولة مماليك، وله معهم لسان خاص يساررهم به قلّ من يعرفه، فقال لهم بذلك اللسان: إن هذا الشيخ قد أساء الأدب، وإني سائله عن أشياء إن لم يوف بها .. فاخرقوا به، فقال له أبو نصر بذلك اللسان: أيها الأمير؛ اصبر، فإن الأمور بعواقبها، فتعجب سيف الدولة وقال له: أتحسن هذه اللسان؟ ! فقال: نعم أحسن أكثر من سبعين لسانا، فعظم عنده، ثم أخذ يتكلم مع العلماء الحاضرين في المجلس في كل فن، فلم يزل كلامه يعلو وكلامهم يسفل حتى صمت الكل وبقي يتكلم وحده، ثم أخذوا يكتبون ما يقوله، وصرفهم سيف الدولة وخلا به، فقال: هل لك أن تأكل؟ قال: لا، قال: فهل تشرب؟ قال: لا، قال: فهل تسمع؟ قال: نعم، فأمر سيف الدولة بإحضار القيان، فحضر كل من هو من أهل هذه الصناعة بأنواع الملاهي، فلم يحرك أحد منهم آلته إلا وعابه أبو نصر وقال له: أخطأت، فقال له سيف الدولة: هل تحسن في هذه الصناعة شيئا؟ فقال: نعم، ثم أخرج من وسطه خريطة وفتحها وأخرج منها عيدانا، ثم ضرب بها، فضحك كل من في المجلس، وغيّر تركيبها وضرب بها، فبكى كل من في المجلس، ثم فكها وركبها تركيبا آخر وضرب بها، فنام كل من في المجلس حتى البواب، فتركهم نياما وخرج. ويقال: إن الآلة المسماة بالقانون من وضعه، وهو أول من ركبها هذا التركيب، وكان

(1) الزيادة من «وفيات الأعيان» (5/ 154). (2) «وفيات الأعيان» (5/ 154).

1544 - [ابن الأعرابي]

منفردا بنفسه لا يجالس الناس، زاهدا في الدنيا، لا يحتفل بأمر مكسب ولا مسكن، ولم يزده سيف الدولة على أربعة دراهم كل يوم؛ لقناعته. توفي سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة) (1). 1544 - [ابن الأعرابي] (2) أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن بشر بن درهم البصري، المحدث الصوفي، المعروف بابن الأعرابي، نزيل مكة. حدث عن الحسن الزعفراني، وأبي داود السجستاني، وسعدان بن نصر وغيرهم، وعنه ابن المقرئ، وابن جميع، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني وغيرهم. وكان حافظا ثقة جليل القدر، جمع وصنف ورحل إليه، سكن مكة، وحصل بتصانيفه الانتفاع، وصنف للبصرة تاريخا، وصحب الجنيد وغيره، ولم يشنه ما كان يأخذ على السماع. توفي سنة أربعين وثلاث مائة. 1545 - [الحافظ ابن أصبغ] (3) أبو محمد قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف بن واضح بن عطاء الأموي القرطبي، الحافظ الإمام، محدث الأندلس. سمع ببلاده من بقي بن مخلد، وابن وضاح، ومحمد بن عبد السلام، وسمع في رحلته من ابن خزيمة، وابن أبي الدنيا، وإسماعيل الباجي وغيرهم من الأعلام. وحدث عنه حفيده قاسم بن محمد بن قاسم وغيره.

(1) «وفيات الأعيان» (5/ 155). (2) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 427)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 407)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 184)، و «العبر» (2/ 258)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 852)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 306)، و «شذرات الذهب» (4/ 216). (3) «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 406)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 472)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 192)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 853)، و «مرآة الجنان» (2/ 333)، و «الدّيباج المذهّب» (2/ 133)، و «بغية الوعاة» (2/ 252)، و «شذرات الذهب» (4/ 220).

1546 - [الإمام أبو إسحاق المروزي]

وكان ثقة إماما حافظا، انتهى إليه علو الإسناد مع الحفظ والجلالة. صنف كتابا على وضع «سنن أبي داود» وله «مسند مالك» وكتاب «بر الوالدين» وغير ذلك، وكان إماما في العربية. توفي سنة أربعين وثلاث مائة. 1546 - [الإمام أبو إسحاق المروزي] (1) أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي، الإمام الكبير. أخذ عن ابن سريج، وانتهت إليه الرئاسة بالعراق بعده، وأقام ببغداد زمنا طويلا يفتي ويدرس، ونجب من أصحابه خلق كثير، وإليه ينسب درب المروزي ببغداد، ثم ارتحل إلى مصر في آخر عمره، فأدركه الأجل بها. وتوفي سنة أربعين وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1547 - [عبد الله الأستاذ] (2) أبو محمد عبد الله بن محمد البخاري العلامة، شيخ الحنفية بما وراء النهر، كان محدثا، رأسا في الفقه، وله تصانيف. قال الحاكم: هو صاحب عجائب عن الثقات، وقال أبو زرعة: هو ضعيف. توفي سنة أربعين وثلاث مائة. 1548 - [أبو الحسن الكرخي] (3) أبو الحسن الكرخي، شيخ الحنفية بالعراق، إليه انتهت رئاسة المذهب، وخرج

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 26)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 429)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 187)، و «العبر» (2/ 258)، و «مرآة الجنان» (2/ 332)، و «شذرات الذهب» (4/ 217). (2) «تاريخ بغداد» (10/ 125)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 424)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 190)، و «العبر» (2/ 259)، و «مرآة الجنان» (2/ 331)، و «الجواهر المضيّة» (2/ 344)، و «لسان الميزان» (4/ 579)، و «شذرات الذهب» (4/ 219). (3) «تاريخ بغداد» (10/ 352)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 426)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 197)، و «العبر» (2/ 261)، و «مرآة الجنان» (2/ 333)، و «الجواهر المضيّة» (2/ 493)، و «تاج التراجم» (ص 200)، و «شذرات الذهب» (4/ 220).

1549 - [أبو القاسم الزجاجي]

له أصحاب أئمة، وكان إماما قانعا متعففا عابدا صواما كبير القدر. توفي سنة أربعين وثلاث مائة. 1549 - [أبو القاسم الزجاجي] (1) عبد الرحمن بن إسحاق النهاوندي، المعروف بأبي القاسم الزجاجي النحوي، مصنف «الجمل» في النحو وغيره. أخذ عن اليزيدي، وابن دريد، وابن الأنباري، وصحب أبا إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج، وإليه نسب، وبه عرف. سكن دمشق، فانتفع الناس به وبكتابه. قيل: إنه جاور بمكة، وكان إذا فرغ من باب في «الجمل» .. طاف أسبوعا، ودعا بالمغفرة وأن ينفع بكتابه قارئه. قال ابن خلكان: (وهو كتاب نافع لولا طوله بكثرة الأمثلة) (2). قال الشيخ اليافعي: (وأخبرني بعض فضلاء المغاربة أن عندهم لكتابه هذا مائة وعشرين شرحا) اهـ‍ (3) ونظير كتابه في عظم النفع مع وضوح العبارة وكثرة الأمثلة كتاب «الكافي» للصردفي، ونظير ما ذكر عن مصنفه من الطواف والدعاء ما ذكر عن غير واحد من المصنفين، منهم الشيخ شهاب الدين السهروردي في تصنيف «عقيدته»، وبعضهم جعل الصلاة عوضا عن الطواف بعد كل مسألة، ومنهم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابه «التنبيه»، ومنهم الحسن بن أبي عباد في «مختصره» في النحو، لا جرم عم النفع بهذه الكتب، وقلما قرأ فيها أحد إلا وفتح الله عليه. توفي الزجاجي في شهر رمضان، وقيل: رجب سنة أربعين-وقيل: سبع، وقيل: تسع وثلاثين-وثلاث مائة. والله سبحانه أعلم

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 136)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 475)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 191)، و «العبر» (2/ 260)، و «مرآة الجنان» (2/ 332)، و «بغية الوعاة» (ص 77)، و «شذرات الذهب» (4/ 219). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 136). (3) «مرآة الجنان» (2/ 332).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والعشرون بعد الثلاث مائة كان عبد الواحد بن المقتدر بواسط مع هارون بن غريب ومحمد بن ياقوت وابني رائق، فخاف القاهر أن يبايعوا عبد الواحد، إلا أن هارون بن غريب أصلح أمره على ثلاث مائة ألف دينار بذلها، وعاد وتفرق ذلك الجمع على أمان وصلح، وظهر من القاهر شهامة وإقدام، وأراد الحيلة على مؤنس، وعلى بليق وابنه علي، وعلى ابن مقلة، وشعروا بذلك، فسعوا في خلعه، وكان في أيديهم كالأسير، إلا أنه استدعى الساجية، وجرأهم على مؤنس وبليق، وضمن لهم أن ينقلهم إلى درجة الحجرية، وكاتب أبا جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله بن علي بن اختيار القهرمانية، ووعده بوزارته حتى ساعده على هذا التدبير، واجتمع المدبرون على القاهر، وهمّ مؤنس ومن تقدم ذكره معه على أن أنفذوا علي بن بليق آخر النهار إلى القاهر؛ مظهرا لوداعه ليخرج إلى حرب القرمطي، وأسروا إليه أنه إذا لقي القاهر وحده .. قبض عليه، وأحس القاهر بذلك، فرتب الغلمان الساجية في الديار، فلما حضر علي بن بليق .. وثبوا عليه، فألقى نفسه من الروشن إلى طيارة، واستتر بعد ذلك، وحضر أبوه بليق معتذرا عن ابنه، فلما حصل في الدار .. قبض عليه وعلى صاحب الشرطة وغيرهما، وأمر القاهر مؤنسا بالحضور فاعتذر، فألح عليه، فلما حضر .. قبض عليه، ووجد علي بن بليق، فأخذ وذبح هو وأبوه ومؤنس بين يدي القاهر في السوس، وأمر بتحريم القيان والخمر، وقبض على المغنين، ونفى المخنثين، وكسر آلات الطرب، إلا أنه قيل: كان لا يصحو من الخمر، ويسمع القيان، وقلد الوزارة أبا جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله كما شرط له، فنفى الوزير أخاه الحسين بن القاسم بن عبيد الله إلى الرقة بعد أن كان مستترا، وخرج إليه بالأمان، فغدر به، ووقفت له أمه على الطريق، ونشرت من شعرها، وكشفت بدنها بين الملأ، وسألته الإفراج عن أخيه، فلم يلتفت إليه، ثم قبض القاهر على وزيره أبي جعفر المذكور، وأرسل إلى إسحاق بن علي القباني، وعبد الوهاب بن أحمد الخاقاني على أن يقلد أحدهما الوزارة والآخر الدواوين، فلما حضرا .. قبل القواد أيديهما، فلم يلبث أن خرجت رسالة القاهر بالقبض عليهما، ثم

السنة الثانية والعشرون

وجه إلى سليمان بن الحسن، واستحضر للوزارة، فلما حضر .. تلقاه الناس والقواد وقبلوا يده، ثم قبض عليه، ثم وجه إلى الفضل بن جعفر للوزارة وقد ظهر فعله بالمذكورين، فاستتر، فلما كان من الغد .. أحضر الحسيني، وأمره بالتأهب للوزارة، وخلع عليه (1). وفيها: توفي أبو جعفر أحمد بن محمد الأزدي الطحاوي الفقيه الحنفي المصري، وأبو هاشم الجبائي شيخ المعتزلة وابن شيخهم، والإمام اللغوي أبو بكر بن الحسن بن دريد الأزدي البصري المشهور، وأبو حامد الأعمشي، وأحمد بن عبد الوارث العسال، ومكحول البيروتي، ومحمد بن هارون الحضرمي. *** السنة الثانية والعشرون فيها: تغلب أبو علي بن إلياس على كرمان (2). وفيها: قتل نصر بن حمدان، قتله القاهر، وألقاه في بئر؛ لأنه كان زائدة في بيع جارية قبل الخلافة (3). وفيها: التقى ياقوت وعلي بن بويه، فانهزم ياقوت، واستولى ابن بويه على فارس (4). وفيها: قتل أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر، وصلب وأحرق بالنار، وكان يقال عنه أنه: يدعي الحلول والربوبية. وفيها: قطعت يد (5) الحسين بن القاسم بن عبيد الله الوزير وهو بالرقة (6).

(1) «المنتظم» (8/ 125)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 776)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 6)، و «مرآة الجنان» (2/ 281)، و «العبر» (2/ 191)، و «البداية والنهاية» (11/ 205)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 487). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 16). (3) «تاريخ الإسلام» (24/ 14)، و «العبر» (2/ 195)، و «البداية والنهاية» (11/ 211)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 245)، و «شذرات الذهب» (4/ 111). (4) «تاريخ الإسلام» (24/ 12)، و «العبر» (2/ 194)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 244)، و «شذرات الذهب» (4/ 111). (5) في مصادر الحادثة: قتل الحسين بن القاسم. (6) «الكامل في التاريخ» (7/ 29)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 102)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 25)، و «شذرات الذهب» (4/ 113).

السنة الثالثة والعشرون

وفيها: خلع القاهر، وسمل، وولي الخلافة الراضي (1). وفيها: لم يحج أحد إلى سنة سبع وعشرين؛ خوفا من القرامطة (2). وفيها: قبض المماليك على القاهر، هجموا عليه وهو سكران نائم، فقام مرعوبا وهرب، فتبعوه إلى السطح وفي يده سيف، ففوّق واحد منهم سهما وقال: انزل، وإلا .. قتلتك بعد أن قال: انزل فنحن عبيدك، وأخرجوا محمد بن المقتدر من السجن، ولقبوه الراضي بالله، وكحل القاهر (3). وفيها: وزر ابن مقلة للراضي (4). وفيها: توفي حافظ الأندلس أحمد بن خالد، والسيد الكبير أبو الحسن خير النساج، والشيخ العارف أبو بكر محمد بن علي الكتاني شيخ الصوفية ونزيل مكة، والمهدي عبيد الله والد الخلفاء العبيدية الباطنية ملوك المغرب ومصر، ومحمد بن إبراهيم الديبلي، ومحمد بن عمرو العقيلي، وأبو علي الروذباري. *** السنة الثالثة والعشرون فيها: محنة ابن شنبوذ المقرئ، وكان يقرأ في المحراب بالشواذ، فطلبه الوزير ابن مقلة، وأحضر القاضي والقراء وفيهم ابن مجاهد، فناظروه، فأغلظ للحاضرين في الخطاب، ونسبهم إلى الجهل، وأمر الوزير بضربه؛ لكي يرجع، فضرب سبع درر، فدعا على الوزير بقطع يده وتشتيت شمله، فأجيب في ذلك، وكتبوا عليه محضرا، وكان مما أنكروا عليه قراءته: (فامضوا إلى ذكر الله وذروا البيع)، (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا)، (ولتكن منكم فئة يدعون إلى الخير) وغير ذلك. وفيها: فتنة شيخ الحنابلة البربهاري، بتكرير الموحدة والراء، فنودي: ألاّ يجتمع اثنان من أصحابه، وحبس منهم جماعة، واختفى هو.

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 17)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 17)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 245)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 459). (2) «تاريخ الإسلام» (24/ 27)، و «العبر» (2/ 198)، و «شذرات الذهب» (4/ 113). (3) «تاريخ الإسلام» (24/ 15)، و «العبر» (2/ 195)، و «شذرات الذهب» (4/ 111). (4) «تاريخ الإسلام» (24/ 17)، و «العبر» (2/ 195)، و «شذرات الذهب» (4/ 112).

السنة الرابعة والعشرون

وفيها: أخذ أبو طاهر القرمطي الركب العراقي، وانهزم أمير الركب لؤلؤ وبه ضربات، وقتل خلق من الوفد، وسبيت الحريم (1). وفيها: قوي أمر عبد الله البريدي، وانتقل عن الكتابة إلى الإمارة، وكان ضامنا أعمال الأهواز، فلما توالت الفتن .. كسب المال، وجمع العساكر (2). وفيها: ظفر البريدي بياقوت، فقتله (3). وفيها: قتل الحسن بن عبد الله بن حمدان عمه أبا العلاء سعيد بن حمدان، وخرج ابن مقلة إلى الموصل؛ إنكارا للحال، فاحتال صاحب ابن حمدان المقيم بالحضرة بأن بذل لولد ابن مقلة عشرة آلاف دينار ليكتب إلى أبيه أنه: إن لم يبادر إلى الحضرة .. لم يأمن حدثا يحدث بهم، ففعل الولد ذلك، فعاد ابن مقلة، واستخلف ماكرد الديلمي في محاربة ابن حمدان، وطرده عن الموصل (4). وفيها: توفي الحافظ أبو بشر أحمد ابن محمد الكندي المروزي، وأبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي المعروف بنفطويه، والحافظ أبو نعيم عبد الملك بن محمد الجرجاني، وأبو عبيد المحاملي القاسم بن إسماعيل، أخو القاضي حسين، كذا في «اليافعي» (5). وفيها: توفي الحافظ أبو طالب أحمد بن نصر، وإسماعيل الوراق. *** السنة الرابعة والعشرون فيها: قبض المظفر بن ياقوت على ابن مقلة الوزير في دهليز دار الراضي، وأرسلوا إلى الراضي بعد القبض، وأعلموه بالقبض على ابن مقلة، فأظهر الاستصواب لما فعلوه،

(1) «تاريخ الإسلام» (24/ 33)، و «العبر» (2/ 203)، و «البداية والنهاية» (11/ 216)، و «شذرات الذهب» (4/ 121). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 39). (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 47)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 38)، وفيهما أن ذلك كان في سنة (324 هـ‍). (4) «الكامل في التاريخ» (7/ 41)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 31)، و «العبر» (2/ 203)، و «البداية والنهاية» (11/ 217)، و «شذرات الذهب» (4/ 121). (5) «مرآة الجنان» (2/ 287).

وخيرهم فيمن يرتبونه، فأشاروا بعلي بن عيسى بن داود الجراح، فقلده الراضي الوزارة، وسلم إليه ابن مقلة (1) فضربه بالمقارع، وأخذ خطه بألف ألف دينار، وجرى عليه من العقوبة أمر عظيم من التعليق وغيره (2). وفيها: رتب أبو جعفر الكرخي أبا علي بن مقلة مستوفيا على أعمال الضياع والخراب بشقي الفرات، وارزقه ألف دينار في الشهر، فظهر من الكرخي عجز عظيم، فاستتر بعد ثلاثة أشهر، وقرّر بعده سليمان بن الحسن، فكانت حاله مثل حال الكرخي في الانقطاع والعجز، فاستدعى محمد بن رائق من واسط وقد كان من قبل بذل القيام بالنفقات، فورد إليه، وردّت إليه إمارة الجيش والضياع وأعمال الخراج، وجعل أمير الأمراء، فصار أصحاب الدواوين بحكمه، وبطل معنى الوزارة من ذلك الوقت، وتغلب أصحاب الأطراف عليها، فلم يبق في يد الخليفة غير بغداد وأعمالها، فصار واسط والبصرة في يد اليزيديين، وفارس وكرمان في يد محمد بن إلياس، والري وأصبهان والجبل والموصل وديار بكر في يد الحسن بن بويه وشمكير أخي مرداويج، ومصر والشام في يد محمد بن طغج الإخشيذ، والمغرب وإفريقية في يد القائم بأمر الله العبيدي، وديار مضر وربيعة في أيدي بني حمدان، وخراسان في يد نصر بن أحمد الساماني، وطبرستان وجرجان في يد الديلم، والأندلس في يد [عبد الرحمن بن محمد الأموي] (3)، والبحرين واليمامة وهجر في يد أبي طاهر القرمطي الجنابي (4). وفيها: توفي أبو بكر أحمد بن موسى بن عباس بن مجاهد المقرئ، والفقيه الشافعي عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، وابن مبشر الواسطي، وأبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد البرمكي، المعروف بجحظة. ***

(1) إنما سلم الراضي ابن مقلة لعبد الرحمن بن عيسى الجراح؛ لأنه هو الذي قلد الوزارة بعد امتناع أخيه علي كما في مصادر الترجمة. (2) «المنتظم» (8/ 159)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 46)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 26)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 257). (3) بياض في الأصول، والزيادة من «البداية والنهاية» (11/ 219). (4) «المنتظم» (159/ 8، 167)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 54)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 39)، و «العبر» (2/ 206)، و «البداية والنهاية» (11/ 219).

السنة الخامسة والعشرون

السنة الخامسة والعشرون فيها: دخل القرمطي الكوفة، فعاث فيها (1). وفيها: توفي الحافظ أحمد بن محمد بن الحسن تليمذ الإمام مسلم، يعرف بأبي حامد ابن الشرقي، وأبو العباس محمد بن عبد الرحمن الدّغولي، ومكي بن عبدان، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي. *** السنة السادسة والعشرون فيها: قبض الراضي على ابن مقلة؛ لأنه أخذ يكاتب في بعض أمور السلطنة والمضاهاة لبعض الدولة، وقطع يمينه، ثم إنه كاتب بعض الأمراء أيضا، فقطع ابن رائق لسانه، وأقبل الأمير الذي كاتبه ابن مقلة بجيوشه من واسط، ودخل بغداد، فأكرمه الراضي، ولقبه أمير الأمراء، وولاه الحضرة، وضعف ابن رائق عن قتاله، فاختفى (2). وفيها: توفي عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن الحجاج الناسخ المصري، ومحمد بن قاسم المحاربي، وأبو ذر ابن الباغندي. *** السنة السابعة والعشرون فيها: قصد بجكم ومعه الراضي الحسن بن عبد الله بن حمدان ليحاربه، فانهزم ابن حمدان من الموصل إلى نصيبين، وفي أثناء ذلك خرج ابن رائق من الاستتار ببغداد، واستولى عليها، ونهب دار بجكم، واستخرج ودائعه، فصالح بجكم بني حمدان، وعاد إلى بغداد، وتوسط بينهما على أن لابن رائق طريق الفرات وديار مضر وجند قنّسرين والعواصم وما يبعد إليها (3).

(1) «تاريخ الإسلام» (24/ 44)، و «العبر» (2/ 210)، و «شذرات الذهب» (4/ 135). (2) «المنتظم» (8/ 173)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 71)، و «العبر» (2/ 212)، و «البداية والنهاية» (11/ 224)، و «شذرات الذهب» (4/ 137). (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 78)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 54)، و «العبر» (2/ 213)، و «البداية والنهاية» (11/ 225)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 505).

السنة الثامنة والعشرون

وتوفي الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن جعفر الخرائطي، مصنف «مكارم الأخلاق ومساوئها» وغير ذلك، ومحمد بن علي العسكري المعروف بمبرمان النحوي، مصنف «شرح سيبويه». *** السنة الثامنة والعشرون فيها: دخل أبو علي الحسن بن بويه واسطا معينا لأخيه أبي الحسين لحرب اليزيديين، وسار الراضي وبجكم من بغداد لحربه، فاندفع عنها إلى أصبهان وفتحها، وتزوج بجكم بسارة بنت أبي عبد الله البريدي، وتعاقدا على أن يقصد بجكم الجبل والبريدي الأهواز؛ لانتزاعها من يد أبي علي الحسن بن بويه، وسار بجكم، ولزم البريدي بواسط، وعزم على الغدر، وحدثته نفسه ببغداد، فسار بجكم إلى حلوان، ثم علم بالغدر، فركب الجمازات، وقصد البريدي، فاندفع عن واسط إلى البصرة (1). وفيها: كانت وقعة بين ابن رائق وأبي نصر بن طغج أخي الإخشيذ، فقتل أبو نصر، وانهزم جيشه، فكفنه ابن رائق وحمله إلى بغداد، وأنفذ معه ابنه مزاحم بن محمد بن رائق؛ ليقيده به إن أحب، واعتذر بأنه ما أراد قتله، فتلقى الإخشيذ فعله بالجميل، وتقرر بينهما أن يفرج ابن رائق للإخشيذ عن الرملة، ويحمل إليه الإخشيذ عنها مائة ألف وأربعين ألف دينار، ويكون باقي الشام في يد ابن رائق (2). وفيها: توفي أبو سعيد الحسن بن أحمد الإصطخري شيخ الشافعية بالعراق، والإمام أبو علي الثقفي، واسمه: محمد بن عبد الوهاب النيسابوري، وأبو الحسن محمد بن أحمد ابن شنبوذ المقرئ البغدادي، وأحمد بن محمد الزجاج، وأبو عمرو أحمد بن محمد بن عبد ربه القرطبي، وأبو محمد ابن الشرقي، وأبو بكر محمد بن القاسم الأنباري النحوي، وأبو علي محمد بن علي بن الحسن بن مقلة، الكاتب المشهور، والوزير المذكور، مات في الحبس.

(1) «المنتظم» (8/ 183)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 83)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 56)، و «البداية والنهاية» (11/ 228). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 86)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 57)، و «العبر» (2/ 216)، و «شذرات الذهب» (4/ 143).

السنة التاسعة والعشرون

وفيها: توفي أبو الحسين عمر بن قاضي القضاة، وقلد مكانه ابنه أبو نصر يوسف، وأبو عبد الله القميّ وزير ركن الدولة، وتقلد مكانه أبو الفضل بن العميد. وفيها: مات أبو علي بن محتاج (1) بالصغانيان، صاحب جيش خراسان، وقام ابنه أبو علي مقامه. *** السنة التاسعة والعشرون فيها: مات الراضي بالله محمد بن المقتدر، وولي الخلافة المتقي. وفيها: مات أبو نصر محمد بن حمدويه المروزي، وأبو محمد البربهاري رأس الحنابلة، مات مستترا. وفيها: مات أبو القاسم الحامض. وفيها: قتل الأمير بجكم بنهر جور، وكان خرج للصيد، وسمع أن بالقرب منه أكرادا مياسير، فشره إلى أموالهم، فقصدهم متهاونا بهم، ورمى واحدا منهم بسهم، فأخطأه، فاستدار من خلفه غلام من الأكراد وهو لا يعرفه، فطعنه وقتله، وتفرق أصحابه (2). وفيها: استوزر المتقي أبا الحسين ابن ميمون، وكان كاتبه قديما، وأصعد البريديون إلى بغداد، فملكوها وصادروا الناس، وقبضوا على وزيره أبي الحسين ابن ميمون، وحدروه إلى البصرة فمات بها، وشغب الجند على البريديين، وأحرقوا دار أبي الحسين البريدي، وقطع أبو عبد الله البريدي الجسر وهرب إلى واسط، فكانت مدة البريديين ببغداد أربعة وعشرين يوما، وعاد ابن رائق من الشام، وملك بغداد بعد حرب جرت بينه وبين الديلم، فهزم الديلم، وقتل أربع مائة رجل منهم (3). ***

(1) الذي توفي هو والد أبي علي بن محتاج، واسمه: أبو بكر محمد بن المظفر بن محتاج، ولكنه توفي سنة (829 هـ‍)، انظر «الكامل في التاريخ» (7/ 100). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 93)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 64)، و «البداية والنهاية» (11/ 238)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 509)، و «شذرات الذهب» (4/ 157). (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 94)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 62)، و «العبر» (2/ 221)، و «البداية والنهاية» (11/ 236)، و «شذرات الذهب» (4/ 157).

السنة الموفية ثلاثين بعد الثلاث مائة

السنة الموفية ثلاثين بعد الثلاث مائة فيها: توجه البريديون لقصد بغداد، فاستبق العامة لحربهم، ولعنوا على المنابر، ثم دخلها أبو الحسين اليزيدي، وهرب المتقي، وأصعد إلى الموصل ومعه ابن رائق، فنهب اليزيدي دار المتقي نهبا شنيعا (1). وفيها: استولى الديلم على أذربيجان، ومقدمهم المرزبان بن محمد بن مسافر المعروف بالسلار، وانتزعوها من يد ديسم بن إبراهيم الكردي (2). وفيها: توفي أبو حامد ابن بلال، وأبو يعقوب النهرجوري، والمحاملي، وزكريا بن أحمد البلخي، وعبد الغافر بن سلامة، والأمير محمد بن رائق، وأبو صالح العابد مفلح. *** السنة الحادية والثلاثون فيها: قلل ناصر الدولة بن حمدان رواتب المتقي، وأخذ ضياعه، وصادر العمال، وكرهه الناس، وزوج ابنته بابن المتقي على مائتي ألف دينار، وهاجت الأمراء بواسط على سيف الدولة فهرب، وسار أخوه ناصر الدولة إلى الموصل، فنهبت داره، ونزح خلق كثير من بغداد إلى الشام ومصر من تتابع الفتن والخوف (3). وفيها: توفي الحافظ أبو علي حسن بن سعد بن إدريس القرطبي، والحافظ أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار الدوري، له تصانيف، والشيخ العارف محمد بن إسماعيل الفرغاني الصوفي، والشيخ الكبير الجليل أبو محمود عبد الله بن محمد بن منازل النيسابوري، له كلام رفيع في الإخلاص والمعرفة، والشيخ الكبير أبو الحسن علي بن محمد بن سهل الدينوري، ومحمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، ويعقوب الجصاص. وفيها: عقدت الإمارة لتوزون، بالمثناة من فوق، وبين الواوين زاي، فقال ناصر

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 101)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 68)، و «العبر» (2/ 226)، و «شذرات الذهب» (4/ 167). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 107)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 513). (3) «المنتظم» (8/ 217)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 121)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 5)، و «العبر» (2/ 230)، و «شذرات الذهب» (4/ 174).

السنة الثانية والثلاثون

الدولة: هو ضهيي، وقد استحلفته بالحضرة، فسكن توزون لذلك (1). *** السنة الثانية والثلاثون فيها: استوحش المتقي من توزون (2)؛ لتحكم توزون على سيف الدولة ببغداد، فكاتب المتقي بني حمدان، فقدم الحسين بن سعيد بن حمدان في جيش كثيف، فخرج المتقي وأهله ووزيره أبو الحسين بن مقلة والترجمان محمد بن ينال، وساروا إلى تكريت؛ ظنا أن سيف الدولة يوافيه بتكريت، فقدم سيف الدولة على المتقي، وأشار بأن يصعد إلى الموصل فتألم المتقي وقال: ما على هذا عاهدتموني، فتفلل أصحابه، وبقي في طائفة، وجاء توزون، فاستعد للحرب ببغداد، فجمع ناصر الدولة جيشا من الأعراب والأكراد، وسار إلى تكريت، ثم وقع القتال أياما، فانهزم الخليفة والحمدانية إلى الموصل، ثم عملوا مصاف أخرى، فانهزم سيف الدولة، فتبعه توزون، وانهزم بنو حمدان والمتقي إلى نصيبين، واستولى توزون على الموصل، وأخذ من أهلها مائة ألف دينار مصادرة، فراسل الخليفة توزون في الصلح، واعتذر بأنه ما خرج من بغداد إلا لما قيل: إنك اتفقت أنت والبريدي علي، والآن قد آثرت رضاي، فصالح ابني حمدان وأنا أرجع إلى داري، فأجاب توزون إلى الصلح، وقرر توزون على ناصر الدولة في كل سنة ثلاثة آلاف وست مائة درهم (3)، وعاد توزون محاربا لأبي الحسن بن بويه بواسط، فهزمه (4). وفيها: خلع ابن شيرزاد كاتب توزون على لص يقال له: ابن حمدي، وقرر عليه كل شهر خمسة عشر ألف دينار (5) ضمانا باشر فيه هو وأصحابه، وكان يحاسب عليه كما يحاسب الضمناء، ثم قتله صاحب الشرطة بعد شهور (6).

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 117)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 7)، و «العبر» (25/ 230)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 515). (2) ذكرت الوحشة بين المتقي وتوزون في مصادر الترجمة في سنة (331 هـ‍). (3) في «تاريخ الإسلام» (25/ 10): (ثلاثة آلاف ألف درهم)، وفي «الكامل في التاريخ» (7/ 125): (بثلاثة آلاف ألف وست مائة درهم). (4) «الكامل في التاريخ» (7/ 124)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 9)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 515)، و «البداية والنهاية» (11/ 246). (5) في «تاريخ الإسلام» (25/ 12): (بخمسة وعشرين ألف دينار). (6) «الكامل في التاريخ» (7/ 131)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 12)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 281).

السنة الثالثة والثلاثون

وفيها: قتل أبو عبد الله البريدي أخاه أبا يوسف شرها إلى ماله، وكان قد ضاق ذرعا لمقاساة الجند ومطالباتهم، وعاتبه أخوه أبو الحسين على قتله فقال: اسكت، وإلا .. ألحقتك به، فجمع نفسه وعاد (1). وفيها: مات أبو عبد الله البريدي بعد ثمانية أشهر وثمانية أيام من قتله أخاه، فلم ينفعه ما شره إليه من ماله، وتنازع بعده الرئاسة ابنه أبو القاسم وأخوه أبو الحسين (2). وفيها: مات طاغية هجر أبو طاهر-بل هو أبو نجس-سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي القرمطي، صاحب القبائح والفضائح، قتل الحجاج مرارا في الطرق، ثم في مكة وفجاجها يوم التروية، واقتلع الحجر الأسود وحمله إلى هجر، هلك من جدري أصابه، وأراح الله منه العباد والبلاد، وقام بعده أبو القاسم القرمطي (3). وفيها: توفي الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن عقدة، والإمام أبو العباس أحمد بن محمد بن الوليد التميمي المصري، ومحمد بن حسين القطان. *** السنة الثالثة والثلاثون فيها: تم الصلح بين المتقي وتوزون بعد أن حلف توزون أيمانا صعبة، فوثق المتقي بأيمانه، فسار من الرقة إلى العراق، فلما قرب من الأنبار .. تلقاه توزون، وقبّل الأرض، وأنزله في مخيم ضرب له بالسندية، ثم قبض على الوزير أبي الحسين بن أبي علي بن مقلة، وكحل المتقي، فصاح المسكين، فصرخ النساء، فأمر توزون بضرب الدبادب (4) حول المخيم، وأدخل المتقي بغداد مسمولا مخلوعا، وبويع عبد الله بن المكتفي، ولقب المستكفي بالله، فلم يحل الحول على توزون (5). وفيها: قدم أبو الحسين بغداد مستنجدا على ابن أخيه أبي القاسم بن أبي عبد الله

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 126)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 18)، و «العبر» (2/ 235)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 517). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 127)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 18)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 517). (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 131)، و «تاريخ الإسلام» (24/ 13)، و «العبر» (2/ 235)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 364). (4) الدبادب: جمع دبداب، وهو طبل، أمر بذلك لئلا تسمع أصوات النساء. (5) «الكامل في التاريخ» (7/ 132)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 19)، و «العبر» (2/ 237).

السنة الرابعة والثلاثون

البريدي، وأصلح أمره، وشرع أبو الحسين في كتابة توزون، وأحس بذلك أبو جعفر بن شيرزاد، فدبر عليه حتى قبض عليه، ثم قتله بعد أن استفتى الفقهاء بإباحة دمه، ووقف معصب العين والسيّاف بيده السيف على رأسه والفتوى تقرأ عليه، فلم ينطق بكلمة حتى قتل (1). وفيها: ملك سيف الدولة بن حمدان حلب وأعمالها، وهرب متوليها إلى مصر، فجهز الإخشيذ جيشا، فالتقاهم سيف الدولة، فهزمهم، وأسر منهم ألف نفس، ثم سار إلى دمشق فملكها، وسار الإخشيذ بنفسه فنزل على طبرية، فخامر خلق من عسكر سيف الدولة إلى الإخشيذ، فرد سيف الدولة وجمع، فقصده الإخشيذ، والتقاه، فانهزم سيف الدولة، ودخل الإخشيذ حلب (2). وفيها: وقع ببغداد قحط عظيم لم ير مثله، وهرب الخلق، وكان النساء يخرجن عشرين عشرين وعشرا عشرا يمسك بعضهن بعضا، يصحن: الجوع الجوع، ثم تسقط الواحدة بعد الواحدة ميتة (3). وفيها: أخرج القاهر المسمول من دار الخلافة وهو ملتف في قطن، فأقام في دار ابن طاهر مدة، ثم خرج في يوم جمعة إلى الجامع؛ ليتصدّق عليه، فرآه ابن أبي موسى الهاشمي، فأعطاه خمس مائة درهم، ورده إلى منزله. وفيها: توفي الحافظ أبو علي اللؤلؤي محمد بن أحمد البصري، راوي «السنن» عن أبي داود، وأبو عمرو ابن حكيم، وأحمد بن عمرو الرملي الطحان، وأبو العرب محمد بن أحمد التميمي الإفريقي. *** السنة الرابعة والثلاثون فيها: مات توزون، وأراد شيرزاد أن يعقد الرئاسة لناصر الدولة، فأطمعه الجيش فيها، وأذعنوا له، فتسلمها، ثم وصل أبو الحسين أحمد بن بويه بغداد، فاستتر ابن

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 151)، و «البداية والنهاية» (11/ 250). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 153)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 21)، و «العبر» (2/ 238)، و «شذرات الذهب» (4/ 181). (3) «تاريخ الإسلام» (25/ 21)، و «العبر» (2/ 239)، و «مرآة الجنان» (2/ 312)، و «شذرات الذهب» (4/ 182).

شيرزاد، واختفى الخليفة المستكفي، وتسللت الأتراك إلى الموصل، فأقامت الديلم ببغداد، ونزل أبو الحسين أحمد بن بويه المذكور بباب الشماسية، فقدّم إليه الخليفة التقاديم والتحف، ثم دخل ابن بويه إلى خدمة الخليفة وبايعه، فلقبه يومئذ: معز الدولة، ولقب أخاه الحسن: ركن الدولة، وأخاه عليا: عماد الدولة، وأمر أن تكتب ألقابهم على الدنانير والدراهم، واستوسقت المملكة لمعز الدولة، فلما تمكن .. كحل المستكفي بالله، وخلعه من الخلافة، وذلك أن علما القهرمانة-وهي كانت السبب في ولاية المستكفي- عملت دعوة عظيمة حضرها مقدم الديلم وعدة أمراء، فخاف معز الدولة من غائلتها؛ لأنها قد عرفت بالشهامة والتدبير ونقل الملك، وكان بعض الشيعة أيضا يثير الفتن ببغداد، فآذاه الخليفة المستكفي، وكان معز الدولة متشيعا، فلما كان في جمادى الآخرة .. دخل الأمراء إلى الخليفة، ودخل معز الدولة، فتقدم اثنان وطلبا من الخليفة المستكفي رزقهما، فمد لهما يده ليقبلاها، فجذباه إلى الأرض وسحباه، فوقعت الصيحة، ونهبت دار الخلافة، وقبضوا على علم القهرمانة، وعلى خواص الخليفة، وساقوا المستكفي ماشيا، وسملوه، وهو ثالث الخلفاء المسمولين، أولهم القاهر، ثم المتقي، ثم المستكفي، ثم أحضر معز الدولة أبا القاسم الفضل بن المقتدر، فبايعه، ولقبه المطيع لله، وقرر له معز الدولة كل يوم مائة دينار، وانحط دست الخلافة إلى هذه المنزلة، فلم يصر بيد الخليفة من جميع الدنيا إلا هذا القدر للنفقة مع شدة الغلاء؛ فإنهم في شعبان من هذه السنة كانوا ببغداد يأكلون الميتات والآدميين، ومات الناس على الطرق، ولم يوجد من يدفنهم، وبيعت الدور برغفان، واشترى المطيع كر دقيق بعشرة آلاف درهم. قال الشيخ اليافعي: (والكر على ما قيل: ستة آلاف رطل بغدادي، فعلى هذا يكون قيمة كل رطل درهم وثلثي درهم، وهذا الغلاء وإن كان شديدا .. فقد وقع بمكة ما هو أشد منه، بلغ ثمن الرطل الدقيق نحو درهمين في سنة ست وستين وسبع مائة (1)، وبلغ في الزمن القديم على ما أخبرني من أثق به من شيوخ المجاورين فوق أربعة دراهم، وقع ذلك في زمانه، وبلغ في تهامة اليمن نحو هذا المبلغ قبيل التاريخ المذكور، وقبل ابتداء إنشاء تاريخي هذا بسنة) انتهى كلام الشيخ اليافعي (2).

(1) في «مرآة الجنان» (2/ 314): (في سنة ست وسبع مائة). (2) «مرآة الجنان» (2/ 313).

وفي بعض التواريخ (1) أنه اشتد الغلاء ببغداد في هذه السنة حتى اشتري لناصر الدولة كر دقيق من حوّاري (2) بعشرين ألف درهم، فيكون ثمن الرطل ثلاثة دراهم وثلث. وفي التاريخ المذكور أيضا أن ناصر الدولة توجه إلى بغداد ومعه ابن شيرزاد، ونزل بالجانب الشرقي، ونزل معز الدولة بالعرائم (3)، ودامت الحرب بين معز الدولة وناصر الدولة، ثم تم الصلح بينهما في سنة خمس وثلاثين (4). وفيها: -أعني سنة أربع وثلاثين-دثرت بغداد، وتداعت إلى الخراب من شدة القحط والفتن والجور (5). وفيها: اصطلح سيف الدولة والإخشيذ، وصاهره، وتقرر لسيف الدولة حلب وحمص وأنطاكية (6). وفيها: توفي الإخشيذ محمد بن طغج الفرغاني ملك مصر والشام والحجاز وغيرها. وفيها: توفي الوزير العدل علي بن عيسى بن داود بن الجراح البغدادي الكاتب. وفيها: توفي القائم بأمر الله أبو القاسم محمد بن المهدي عبيد الله، الداعي الباطني، صاحب المغرب. وفيها: توفي القاضي أبو الحسن أحمد بن عبد الله الخرقي، والشيخ الكبير أبو بكر الشبلي واسمه: دلف بن جحدر. وفيها: توفي أبو بكر الصنوبري، وابن عياش القطان، وعثمان بن محمد الذهبي، وعلي بن إسحاق المادرائي، وأبو علي محمد بن سعيد الحراني. وفيها: كانت بين نوح بن نصر صاحب خراسان وبين عمه إبراهيم وقعة بنيسابور، فهزم نوح، وكلّ جيشه (7).

(1) هذه القصة مذكورة في «المنتظم» (8/ 236)، ولكن فيه أن الذي اشتري له كسر دقيق معز الدولة لا ناصر الدولة، وفي «الكامل في التاريخ» (7/ 161) أن أصحاب معز الدولة منعوا من الميرة والعلف، وكان السعر عند ناصر الدولة رخيصا. (2) حوّاري: بالضمّ وتشديد الواو مقصور، ما حوّر من الطعام؛ أي: بيّض، وهذا دقيق حواري. (3) هذه الكلمة غير واضحة في الأصول، وفي «الكامل في التاريخ» (7/ 161) أن معز الدولة نزل بالجانب الغربي. (4) «المنتظم» (8/ 231)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 156)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 24)، و «العبر» (2/ 240)، و «مرآة الجنان» (2/ 313)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 520). (5) «العبر» (2/ 240)، و «مرآة الجنان» (2/ 312)، و «شذرات الذهب» (4/ 184). (6) «تاريخ الإسلام» (25/ 24)، و «العبر» (2/ 240)، و «شذرات الذهب» (4/ 184). (7) «الكامل في التاريخ» (7/ 170).

السنة الخامسة والثلاثون

السنة الخامسة والثلاثون فيها: تملك سيف الدولة دمشق بعد الإخشيذ، فجاءته جيوش مصر فدفعته إلى الرقة بعد حروب وأمور (1). وفيها: اصطلح معز الدولة ابن بويه وناصر الدولة ابن حمدان، وقبض ناصر الدولة على ابن شيرزاد وسمله، ثم نفذه إلى معز الدولة (2). وفيها: توفي الإمام أبو العباس بن القاص الطبري الشافعي، ومحمد بن يحيى البغدادي الأخباري الأديب المعروف بالصولي، والحافظ أبو سعيد الهيثم الشاشي، صاحب «المسند»، محدث ما وراء النهر، ومحمد بن جعفر المطيري. *** السنة السادسة والثلاثون فيها: توفي الحافظ أبو الحسين أحمد بن المنادي، وأبو طاهر المحمدآباذي محمد بن الحسن النيسابوري، وأبو العباس الأثرم محمد بن أحمد المقرئ البغدادي، وحاجب الطوسي، وأبو علي الميداني. *** السنة السابعة والثلاثون فيها: كان الغرق ببغداد، فبلغت دجلة إحدى وعشرين ذراعا، وهلك خلق كثير تحت الهدم (3). وفيها: قوي معز الدولة على صاحب الموصل ابن حمدان، وقصده، ففر ابن حمدان إلى نصيبين، ثم صالحه على ثمانية آلاف ألف درهم في السنة (4).

(1) «تاريخ الإسلام» (25/ 34)، و «العبر» (2/ 247)، و «مرآة الجنان» (2/ 319)، و «شذرات الذهب» (4/ 191). (2) «تاريخ الإسلام» (25/ 35)، و «العبر» (2/ 247)، و «مرآة الجنان» (2/ 319)، و «شذرات الذهب» (4/ 191). (3) «تاريخ الإسلام» (25/ 39)، و «العبر» (2/ 250)، و «شذرات الذهب» (4/ 199). (4) «الكامل في التاريخ» (7/ 182)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 39)، و «العبر» (2/ 250)، و «شذرات الذهب» (4/ 199).

السنة الثامنة والثلاثون

وفيها: خرجت الروم، وملكوا مرغش (1) -بالغين والشين المعجمتين، كما ضبطها بعضهم-وهرب سيف الدولة عنها (2). وفيها: توفي الشيخ الصالح الكبير أبو إسحاق شيبان القرميسيني، ومحمد بن علي بن عمر المذكّر، وأبو الطيب أحمد بن محمد الصعلوكي. *** السنة الثامنة والثلاثون فيها: تعذر خروج ركب العراق للحج (3). وفيها: توفي المستكفي بالله عبد الله بن المكتفي بالله علي بن المعتضد بالله أحمد العباسي. وفيها: توفي عماد الدولة أبو الحسن علي بن بويه الديلمي، ووليها ابن أخيه، فتشاجر هو وابن ركن الدولة، ولقب من بعد عضد الدولة، وأبو جعفر النحاس أحمد بن محمد النحوي المصري، والإمام الحافظ علي بن حمّشاذ النيسابوري، والفقيه الصالح محمد بن عبد الله بن دينار النيسابوري، والحسن أخو الوزير أبي علي ابن مقلة، وأحمد بن سليمان بن زبان، وابن أبي ثابت، وأبو علي الحضايري (4)، وعلي بن محمد المصري. *** السنة التاسعة والثلاثون فيها: دخل سيف الدولة ابن حمدان بلاد الروم، فأوغل وفتح عدة حصون، وسبى وغنم، فأخذت الروم عليه الدرب عند قفوله، واستولوا على عسكره قتلا وأسرا، وكانوا ثلاثة آلاف (5)، ونجا هو في نفر يسير، قيل: سبعة أنفس، وتوصل من سلم بأسوأ حال (6).

(1) في «معجم البلدان» (5/ 107): (مرعش-بالفتح، ثم السكون، والعين مهملة مفتوحة، وشين معجمة-: مدينة في الثغور بين الشام وبلاد الروم). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 39)، و «العبر» (2/ 250)، و «مرآة الجنان» (2/ 325). (3) «تاريخ الإسلام» (25/ 41)، و «العبر» (2/ 251)، و «شذرات الذهب» (4/ 202). (4) في «سير أعلام النبلاء» (15/ 383): (الحصائري). (5) في مصادر الترجمة أن جيش المسلمين كان ثلاثين ألفا. (6) «المنتظم» (8/ 261)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 189)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 43)، و «البداية والنهاية» -

السنة الموفية أربعين بعد الثلاث مائة

وفيها: أعادت القرامطة الحجر الأسود إلى مكانه، وتولى ذلك أبو محمد [بن سنبر] (1) كبيرهم وقالوا: أخذناه بأمر، وأعدناه بأمر؛ وكان الأمير بجكم بذل لهم خمسين ألف دينار على أن يعيدوه، فلم يفعلوا (2). وفيها: مات القاهر بالله أبو منصور محمد بن المعتضد، وأبو جعفر الصّيمري وزير معز الدولة، وتقلد الوزارة أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي. وفيها: الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني الصفار. وفيها: مات أبو نصر محمد بن محمد التركي الفارابي الحكيم المشهور، صاحب التصانيف في المنطق والموسيقى، وعلي بن عبد الله بن أبي مطر، وابن البختري. *** السنة الموفية أربعين بعد الثلاث مائة فيها: ضرب معز الدولة وزيره المهلبي بالمقارع بحضرته، ثم أقره على كتابته بعد أن سأل وقال: هل يجوز أن يستقيم لي هذا الرجل وقد فعلت به ما فعلت؟ فقال له أبو مخلد عبد الله بن يحيى: قد ضرب مرداويج وزيره أبا سهل أعظم من هذا الضرب، ثم خلع عليه ورده إلى أمره، وكان المهلبي لا يطيق المشي؛ لما حل به من الضرب، وركب في غارته (3). وفيها: جمع سيف الدولة جيشا عظيما، وأوغل في بلاد الروم، فغنم وسبى سبيا كثيرا، وعاد سالما (4). وفيها: ذلت القرامطة، فأمن الوقت، وحج الركب (5).

= (11/ 265)، و «شذرات الذهب» (4/ 207). (1) الزيادة من «النجوم الزاهرة» (3/ 301)، وفي «تاريخ الإسلام» (25/ 43): (بعث به القرمطي مع محمد بن سنبر)، ثم قال: (سنبر بن الحسن)، والله أعلم بالصواب. (2) «المنتظم» (8/ 261)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 190)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 43)، و «البداية والنهاية» (11/ 265). (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 200)، و «البداية والنهاية» (11/ 268)، وقد ذكرت هذه الحادثة فيهما في سنة (341 هـ‍)، ولعله الصواب. (4) «تاريخ الإسلام» (25/ 47)، و «العبر» (2/ 258)، و «شذرات الذهب» (4/ 216). (5) «تاريخ الإسلام» (25/ 47)، و «العبر» (2/ 258)، و «شذرات الذهب» (4/ 216).

وفيها: توفي أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد، المعروف بابن الأعرابي البصري، نزيل مكة، والإمام الكبير أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي، وأبو القاسم الزجاجي النحوي، واسمه: عبد الرحمن بن إسحاق النهاوندي، مصنف «الجمل» في النحو، والحافظ محدث الأندلس أبو محمد قاسم بن أصبغ القرطبي، وأبو محمد عبد الله بن محمد البخاري العلامة شيخ الحنفية بما وراء النهر، والإمام أبو الحسن الكرخي شيخ الحنفية بالعراق، والحافظ الحسين بن صفوان، ومحمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب. والله سبحانه وتعالى أعلم ***

العشرون الثالثة من المائة الرابعة

العشرون الثالثة من المائة الرابعة [الاعلام] 1550 - [عبد الله الزرقاني] (1) عبد الله بن علي أبو محمد الزرقاني، نسبة إلى بطن من مراد يقال لهم: زرقان، قاله ابن سمرة (2). كان فقيها كبيرا، رحالا في طلب العلم. سمع في ذمار من أبي زيد المروزي «صحيح البخاري»، ثم ارتحل إلى مكة، فسمع بها في سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة على أبي علي الحسن بن الخضر الأسيوطي المصري، وعلى أبي العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي، وجمع من الحديث كثيرا، وعنه أخذ الإمام القاسم بن محمد الجمحي وغيره. وكان من الأئمة المعدودين في اليمن، المعتنين في نشر مذهب الشافعي رحمه الله. ولم أقف على تاريخ وفاته، وذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين، والله سبحانه أعلم. 1551 - [القاضي شيبان] (3) شيبان بن عبد الله، قاضي عدن. حمل عنه الفقه والحديث في نيف وأربعين وثلاث مائة، كذا في «تاريخ ابن سمرة» (4).

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 81)، و «السلوك» (1/ 218)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 130)، و «تحفة الزمن» (1/ 159)، و «هجر العلم» (3/ 1164). (2) انظر «طبقات فقهاء اليمن» (ص 81). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 74)، و «السلوك» (1/ 145)، و «تحفة الزمن» (1/ 98)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 98). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 74).

1552 - [المنصور العبيدي]

1552 - [المنصور العبيدي] (1) أبو طاهر المنصور إسماعيل بن القائم بن المهدي العبيدي الباطني صاحب المغرب. كان شجاعا فصيحا مفوها، يرتجل الخطب. خرج في أيام أبيه مخلد الإباضي، فاستولى على ممالك بني عبيد وقمعهم، حتى حصر القائم في المهدية، فمات القائم في الحصار، وأخفى ولده المنصور موته، واستعد لمحاربة مخلد الإباضي حتى أزاحه، ثم لم يزل يستقلع منه ما استولى عليه من البلدان والحصون وغيرها حتى لم يبق في يد الإباضي شيئا منها، ثم أسره المنصور، وقتله وسلخه وحشا جلده قطنا. أصابه مرة مطر نزل فيه برد كثير، وهبت ريح شديدة، فأوهن ذلك جسمه، واشتد عليه البرد، ومات أكثر من معه، وأراد أن يدخل الحمام، فنهاه طبيبه إسحاق بن سليمان الإسرائيلي فلم يقبل منه، ودخل الحمام، ففنيت الحرارة الغريزية منه، ولازمه السهر، وأخذ إسحاق يعالجه، والسهر باق على حاله، فاشتد ذلك عليه، فقال لبعض الخدم: أما بالقيروان طبيب يخلصني من هذا؟ قالوا: هنا شاب قد نشأ يقال له: إبراهيم، فأمر بإحضاره، فحضر، فعرفه حاله، وشكى ما به، فجمع له أشياء منومة، وجعلت في قنينة على النار، وكلفه شمها، فلما أدمن شمها .. نام، وخرج إبراهيم مسرورا بما فعل، وجاء إسحاق ليدخل عليه فقالوا: هو نائم، فقال: إن كان قد صنع له شيئا ينام به .. فقد مات، فدخلوا عليه، فوجدوه قد مات، فأخذوا إبراهيم، فقال إسحاق: ما له ذنب، إنما داواه بما ذكره الأطباء، غير أنه جهل أصل المرض، وما عرفتموه، وذلك أني كنت أعالجه وانظر في تقوية الحرارة الغريزية وبها يكون النوم، فلما عولج بما يطفئها .. علمت أنه قد مات. توفي المذكور في سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة، ثم دفن بالمهدية.

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 198)، و «وفيات الأعيان» (1/ 234)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 241)، و «العبر» (2/ 263)، و «مرآة الجنان» (2/ 333)، و «البداية والنهاية» (11/ 268).

1553 - [الحافظ أبو الحسن الصفار]

1553 - [الحافظ أبو الحسن الصفّار] (1) أبو الحسن أحمد بن عبيد بن إسماعيل البصري. حدث عن إسماعيل القاضي، والكديمي زوج أمه، وتمتام، وعنه الدارقطني، وابن جميع وغيرهما. وهو حافظ ثقة إمام، ألف «كتاب السنن»، وصنف «المسند»، فجود وأتقن، وهو غير أحمد بن عبيد بن أحمد الصفار؛ هذا حمصي، كنيته: أبو بكر، وصاحب الترجمة بصري، كنيته: أبو الحسن. توفي أبو الحسن المذكور سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة. 1554 - [أبو بكر الصّبغي] (2) أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الصّبغي، شيخ الشافعية بنيسابور. سمع بخراسان، والحجاز، والعراق، والجبال، فأكثر وبرع في الحديث، وأفتى نيفا وخمسين سنة، وصنف في الفقه والحديث، وكان لا يدع أحدا يغتاب في مجلسه. قال محمد بن حمدان: صحبته عدة سنين، فما ترك قيام الليل. توفي سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة. 1554 - [أبو بكر الصّبغي] (2) أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الصّبغي، شيخ الشافعية بنيسابور. سمع بخراسان، والحجاز، والعراق، والجبال، فأكثر وبرع في الحديث، وأفتى نيفا وخمسين سنة، وصنف في الفقه والحديث، وكان لا يدع أحدا يغتاب في مجلسه. قال محمد بن حمدان: صحبته عدة سنين، فما ترك قيام الليل. توفي سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة، مذكور في الأصل. 1555 - [القاضي التّنوخي] (3) أبو القاسم علي بن محمد التنوخي القاضي الحنفي. كان من أذكياء العالم، راوية للأشعار، عارفا بالكلام والنحو (4)، وله ديوان شعر، يقال: إنه حفظ ست مائة بيت في يوم وليلة. توفي سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (5/ 150)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 438)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 876)، و «شذرات الذهب» (4/ 222). (2) «سير أعلام النبلاء» (15/ 583)، و «العبر» (2/ 264)، و «مرآة الجنان» (2/ 334)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 9)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 310). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 366)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 499)، و «العبر» (2/ 266)، و «مرآة الجنان» (2/ 334)، و «شذرات الذهب» (4/ 227). (4) كذا في «شذرات الذهب» (4/ 227)، وفي باقي مصادر الترجمة أنه كان عارفا بالنجوم.

1556 - [الناشئ الأصغر]

1556 - [الناشئ الأصغر] (1) الناشئ الأصغر علي بن عبد الله بن وصيف، الشاعر المشهور. كان متكلما بارعا، وهو من كبار الشيعة، وله تصانيف عديدة، وأشعار حميدة، منها: قوله: [من الكامل] إني ليهجرني الصديق تجنبا … فأريه أن لهجره أسبابا وأخاف إن عاتبته أغريته … فأرى له ترك العتاب عتابا وإذا بليت بجاهل متغافل … يدعو المحال من الأمور صوابا أوليته مني السكوت وربما … كان السكوت عن الجواب جوابا وله: [من الطويل] إذا أنا عاتبت الملوك فإنما … أخط بأقلامي على الماء أحرفا وهبه ارعوى بعد العتاب ألم تكن … مودته طبعا فصارت تكلفا وكان المتنبي وهو صبي يحضر مجلس الناشئ بالكوفة، وكتب من إملائه من قصيدة له: [من الوافر] كأن سنان ذابله ضمير … فليس عن القلوب له ذهاب وصارمه كبيعته بخمّ … مقاصدها من الخلق الرقاب فنظم المتنبي هذا، وقال: [من الوافر] كأن الهام في الهيجا عيون … وقد طبعت سيوفك من رقاد وقد صغت الأسنة من هموم … فما يخطرن إلا في فؤاد توفي الناشئ المذكور سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة.

(1) «معجم البلدان» (5/ 163)، و «وفيات الأعيان» (3/ 369)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 222)، و «مرآة الجنان» (2/ 335).

1557 - [الحافظ أبو جعفر الهمذاني]

1557 - [الحافظ أبو جعفر الهمذاني] (1) أحمد بن عبيد بن إبراهيم بن محمد بن عبيد الأسدآباذي (2) أبو جعفر الهمذاني، وقيل: اسم أبيه عبيد الله. حدث عن إبراهيم الحربي وغيره. كان أحد الحفاظ المعدودين، والمحدثين المفيدين. توفي سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة. 1558 - [أبو الحسن الشيباني] (3) أبو الحسن علي بن محمد الشيباني، شيخ الكوفة. قال ابن حماد: كان شيخ المصر، والمنظور إليه، ومختار السلطان والقضاة، صاحب جماعة وفقه وتلاوة. توفي سنة ثلاث وأربعين وثلاث مائة. 1559 - [خيثمة بن سليمان] (4) خيثمة بن سليمان بن حيدرة الغزي الطرابلسي (5) أبو الحسن. حدث عن محمد بن عوف الحمصي، وإسحاق الدبري، وإبراهيم بن عبد الله القصار، وعنه تمام الرازي، وعبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، وخلق. وكان ثقة حافظا، محدث الشام، له «كتاب الرقائق» و «فضائل الصحابة الأعلام». توفي سنة ثلاث وأربعين وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (15/ 380)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 258)، و «العبر» (2/ 265)، و «شذرات الذهب» (4/ 226). (2) كذا في «شذرات الذهب» (4/ 226)، وفي باقي مصادر الترجمة: (الأسدي). (3) «تاريخ بغداد» (12/ 79)، و «المنتظم» (8/ 274)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 443)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 282)، و «العبر» (2/ 268)، و «شذرات الذهب» (4/ 233). (4) «سير أعلام النبلاء» (15/ 412)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 275)، و «العبر» (2/ 268)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 858)، و «لسان الميزان» (3/ 386)، و «شذرات الذهب» (4/ 232). (5) ويقال في نسبته: (الأطرابلسي).

1560 - [ابن الحداد الشافعي]

1560 - [ابن الحداد الشافعي] (1) أبو بكر محمد بن أحمد، المعروف بابن الحداد، الإمام العلامة، شيخ الشافعية، تولى القضاء بمصر، والتدريس والفتاوى، وكان معظما عند الرعايا والولاة. كان في زمنه عجائب الدنيا ثلاثة: غضب الجلاد، ولطافة ابن السماد (2)، والرد على ابن الحداد. توفي سنة أربع وأربعين وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1561 - [الحافظ أبو النضر الطوسي] (3) أبو النضر محمد بن محمد الطوسي الشافعي، الإمام العلامة، مفتي خراسان. اعتنى بالحديث ورحل فيه، وصنف كتابا على وضع مسلم، وكان يجزّئ الليل أثلاثا؛ فثلث للتصنيف، وثلث للتلاوة، وثلث للنوم. قال الحاكم: كان إماما بارع الأدب، ما رأيت أحسن صلاة منه، كان يصوم النهار، ويقوم الليل، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويتصدق بما فضل من قوته. توفي سنة أربع وأربعين وثلاث مائة. 1562 - [الحافظ ابن الأخرم] (4) أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني، النيسابوري، الحافظ، محدث نيسابور، يعرف بأبي عبد الله الأخرم.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 197)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 445)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 302)، و «العبر» (2/ 270)، و «مرآة الجنان» (2/ 336)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 79)، و «شذرات الذهب» (4/ 235). (2) كذا في «مرآة الجنان» (2/ 336)، وفي «وفيات الأعيان» (4/ 198): (نظافة السماد). (3) «المنتظم» (8/ 276)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 490)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 311)، و «العبر» (2/ 270)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 893)، و «شذرات الذهب» (4/ 237). (4) «سير أعلام النبلاء» (15/ 466)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 312)، و «العبر» (2/ 271)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 864)، و «مرآة الجنان» (2/ 336)، و «شذرات الذهب» (4/ 237).

1563 - [ابن أبي هريرة]

حدث عن علي بن الحسن الهلالي، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، ويحيى بن الذهلي وغيرهم. وعنه الإمام أبو بكر الصّبغي، ويحيى بن إبراهيم المزكّي وغيرهم. وكان حافظا كبيرا، وكان ابن خزيمة يقدمه على جميع أقرانه، صنف «المستخرج على الصحيحين» و «المسند الكبير»، وله كلام في العلل والرجال بنقد وتحرير، ومع براعته في الحديث والعلل والرجال لم يرحل من نيسابور. توفي سنة أربع وأربعين وثلاث مائة. 1563 - [ابن أبي هريرة] (1) أبو علي الحسن بن الحسين، ابن أبي هريرة الإمام، شيخ الشافعية في عصره. توفي في رجب سنة خمس وأربعين وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1564 - [أبو الحسن القطان] (2) علي بن إبراهيم بن سلمة بن بحر القزويني أبو الحسن القطان الزاهد. سرد الصوم ثلاثين سنة، وكان يفطر على الخبز والملح، ورحل إلى العراق واليمن. حدث عن أبي حاتم الرازي، وإسحاق الدبري، وابن ماجه وغيرهم. وكان علامة في التفسير والحديث والفقه والنحو واللغة، حافظا، ثقة. توفي سنة خمس وأربعين وثلاث مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 75)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 430)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 326)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 256). (2) «سير أعلام النبلاء» (15/ 463)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 330)، و «العبر» (2/ 273)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 856)، و «شذرات الذهب» (4/ 241).

1565 - [غلام ثعلب]

1565 - [غلام ثعلب] (1) أبو عمرو (2) الزاهد محمد بن عبد الواحد البغدادي، المعروف بالمطرز، غلام ثعلب. كان إماما في اللغة والأدب، آية في الحفظ والذكاء، أملى ثلاثين ألف ورقة في اللغة من حفظه، استدرك على «الفصيح» كتاب شيخه ثعلب في جزء لطيف سماه «فائت الفصيح» وشرحه، وله كتاب «فائت الجمهرة» و «فائت العين» وكتاب «اليواقيت». كان معز الدولة قد قلد شرطة بغداد لغلام اسمه خواجا، فبلغ أبا عمرو الخبر وكان يملي كتاب «اليواقيت»، فلما جلس للإملاء .. قال: اكتبوا ياقوتة خواجا: الخواج في أصل لغة العرب: الجوع، ثم فرع على ذلك بابا وأملاه، فعد الناس ذلك كذبا عظيما، ثم تتبعوا كتب اللغة، فوجدوا عن ثعلب عن ابن الأعرابي: الخواج: الجوع، ولسعة روايته وغزارة حفظه كان أدباء زمانه يكذبونه في أكثر نقل اللغة، ويقولون: لو طار طائر .. لقال: حدثنا ثعلب عن ابن الأعرابي ... ويذكر في معنى ذلك شيئا. والمحدثون يصدقونه ويوثقونه في روايته الحديث، حدث عن أحمد بن عبيد الله النرسي، والكديمي، وأحمد بن سعيد الجمال وغيرهم، وعنه ابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأبو علي بن شاذان وغيرهم. وكان أكثر ما يمليه من التصانيف يلقيه بلسانه من غير مراجعة صحيفة. وكان يسأل عن شيء قد تواطأت الجماعة على وضعه فيجيب عنه، ثم يترك سنة، فيسأل عنه فيجيب بذلك الجواب بعينه، سئل مرة عن القنطرة عند العرب (3) فقال: كذا وكذا، فتضاحك السائلون سرا، ثم بعد شهر دسوا إليه من سأله عن اللفظة بعينها، فقال: أليس قد أجبت عنها بكذا وكذا منذ كذا كذا؟ فتعجبوا من فطنته، واستحضاره للمسألة والوقت. كان يؤدب ولد القاضي محمد بن يوسف فأملى يوما على الغلام مسائل في اللغة، وذكر

(1) «المنتظم» (2/ 280)، و «معجم الأدباء» (6/ 253)، و «وفيات الأعيان» (4/ 329)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 508)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 334)، و «العبر» (2/ 274)، و «البداية والنهاية» (11/ 275)، و «شذرات الذهب» (4/ 241). (2) كذا في «مرآة الجنان» (2/ 337) و «البداية والنهاية» (11/ 275)، وفي باقي مصادر الترجمة: (أبو عمر). (3) حيث إنه سئل عن كلمة قنطرة مصحفة إلى (القبطرة) كما في «وفيات الأعيان» (4/ 331)، وإلى (الهرنطق) كما في «معجم الأدباء» (6/ 654).

1566 - [محمد بن علي البغدادي]

غريبها، وختمها ببيتين من الشعر، وحضر ابن دريد وابن الأنباري وابن مقسم عند القاضي المذكور، فعرض عليهم تلك المسائل فما عرفوا منها شيئا، وأنكروا الشعر، فقال لهم القاضي: ما تقولون فيها؟ فاعتذر ابن الأنباري وابن مقسم باشتغالهما بالتصنيف، وقال ابن دريد: هذا من موضوعات المطرز، لا أصل لشيء منها في اللغة، ثم انصرفوا، فبلغ المطرز ذلك، فسأل القاضي إحضار دواوين جماعة من قدماء الشعراء عيّنهم، فأحضر له القاضي تلك الدواوين، فلم يزل المطرز يعمد إلى كل مسألة ويخرج له شاهدا من بعض تلك الدواوين حتى استوفى جميعها ثم قال: وهذان البيتان أنشدناهما ثعلب بحضرة القاضي، وكتبهما القاضي بخطه على ظهر الكتاب الفلاني، فأحضر القاضي الكتاب، فوجد البيتين على ظهره بخطه كما ذكره بلفظه. وقال رئيس الرؤساء: وقد رأيت أشياء كثيرة مما أنكر عليه ونسب فيها إلى الكذب، فوجدتها مدونة في كتب أهل اللغة، وخاصة في «غريب أبي عبيد»، وله كتاب «غريب الحديث على مسند الإمام أحمد»، وله شعر رائق. توفي سنة خمس وأربعين وثلاث مائة. 1566 - [محمد بن علي البغدادي] (1) محمد بن علي البغدادي، الكاتب الوزير. كان من الصلحاء، وإليه المنتهى في المعروف، قيل: إنه أعتق في عمره مائة ألف رقبة، وأنفق في حجة حجها مائة ألف دينار، وبلغ ارتفاع مغله بمصر من أملاكه في العام أربع مائة ألف دينار. توفي سنة خمس وأربعين وثلاث مائة. 1567 - [ابن الوزّان القيرواني] (2) أبو القاسم إبراهيم بن عثمان القيرواني، شيخ المغرب في النحو واللغة، حفظ «كتاب

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 293)، و «المنتظم» (8/ 282)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 451)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 336)، و «العبر» (/274/ 2)، و «البداية والنهاية» (11/ 276)، و «شذرات الذهب» (4/ 242). (2) «معجم الأدباء» (1/ 192)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 539)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 346)، و «الديباج المذهب» (1/ 245)، و «بغية الوعاة» (1/ 419)، و «شذرات الذهب» (4/ 244).

1568 - [عبد المؤمن بن خلف]

سيبويه» و «كتاب العين» و «إصلاح المنطق» وغير ذلك. وتوفي يوم عاشوراء سنة ست وأربعين وثلاث مائة. 1568 - [عبد المؤمن بن خلف] (1) أبو يعلى عبد المؤمن بن خلف بن طفيل بن زيد بن طفيل التميمي النّسفي. حدث عن جده، وأبي حاتم الرازي وغيرهما، رحل وطوف ووصل اليمن. حدث عنه أبو نصر أحمد بن محمد الكلاباذي. وكان إماما مفتيا ظاهريا أثريا، أخذ عن محمد بن داود الظاهري غالب كتبهم، وكان فيه زهد وتعبد. توفي سنة ست وأربعين وثلاث مائة. 1569 - [أبو العباس المحبوبي] (2) محمد بن أحمد بن محبوب المروزي، أبو العباس المحبوبي، محدث مرو وشيخها ورئيسها. توفي سنة ست وأربعين وثلاث مائة. 1570 - [الحافظ وهب بن ميسرة] (3) وهب بن ميسرة التميمي الفقيه الإمام المالكي، مسند الأندلس. كان محققا للفقه، بصيرا بالحديث وعلله مع زهد وورع. توفي سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (15/ 480)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 354)، و «العبر» (2/ 278)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 866)، و «مرآة الجنان» (2/ 340)، و «شذرات الذهب» (4/ 245). (2) «سير أعلام النبلاء» (15/ 537)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 357)، و «العبر» (2/ 278)، و «مرآة الجنان» (2/ 340)، و «شذرات الذهب» (4/ 245). (3) «سير أعلام النبلاء» (15/ 556)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 369)، و «العبر» (2/ 280)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 890)، و «الديباج المذهب» (2/ 330)، و «شذرات الذهب» (4/ 246).

1571 - [الحافظ أبو العباس الأصم]

1571 - [الحافظ أبو العباس الأصم] (1) محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الأموي مولاهم أبو العباس المعقلي الأصم النيسابوري. رحل به أبوه إلى عدة أمصار، وأسمعه بها من الكبار، كأسيد بن عاصم، ومحمد بن عوف الحمصي، والعطاردي أحمد بن عبد الجبار. حدث عنه أبو عبد الله بن الأخرم، وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهما، ولأبي نعيم الأصبهاني إجازة منه، تفرد بها عنه. وكان محدث عصره، صدوقا، صحيح السماع مع علو سنده وارتفاعه. توفي سنة ست وأربعين وثلاث مائة. 1572 - [الحافظ ابن يونس] (2) أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى بن موسى بن ميسرة بن حفص الصدفي المصري، صاحب «تاريخ مصر». له على مصر تاريخ كبير يعم المصريين، وآخر صغير يختص بالغرباء الواردين إليها، وذيلهما أبو القاسم يحيى بن علي الحضرمي، ومشى عليهما. حدث عن أبيه، والنسائي، وأبي يعقوب المنجنيقي وغيرهم، وعنه طائفة، منهم: أبو محمد النحاس، وأبو عبد الله بن منده. وكان من الأئمة الحفاظ، الأثبات الأيقاظ. توفي سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، ورثاه عبد الرحمن بن إسماعيل الخولاني الخشاب المصري النحوي العروضي بقوله: [من البسيط] بثثت علمك تصنيفا وتقريبا … وعدت بعد لذيذ العيش مندوبا

(1) «المنتظم» (8/ 287)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 452)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 362)، و «العبر» (2/ 279)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 860)، و «البداية والنهاية» (11/ 277)، و «شذرات الذهب» (4/ 245). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 137)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 578)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 381)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 898)، و «البداية والنهاية» (11/ 278)، و «النجوم الزاهرة» (3/ 321)، و «شذرات الذهب» (4/ 249).

1573 - [الأمير بن المعز]

أبا سعيد وما يألوك إن نشرت … عنك الدواوين تصديقا وتصويبا ما زلت تلهج بالتاريخ تكتبه … حتى رأيناك في التاريخ مكتوبا مع أبيات أخر (1). وكان أبو سعيد المذكور خبيرا بأحوال الناس، مطلعا على تواريخهم، وجده يونس بن عبد الأعلى هو صاحب الإمام الشافعي، والناقل لأقواله الجديدة. 1573 - [الأمير بن المعز] (2) الأمير تميم بن المعز الحميري، رفعوا نسبه إلى سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر-قالوا: وهو هود عليه الصلاة والسلام-ابن شالخ بن إرفخشذ بن سام بن نوح عليه الصلاة والسلام، كما ذكره العماد في «الخريدة». وتميم المذكور ملك إفريقية وما والاها بعد أبيه المعز، وجده المثنى بن المسور أول من دخل منهم إفريقية. قال أبو الحسن بن رشيق القيرواني في الأمير تميم المذكور: [من الطويل] أصحّ وأعلى ما سمعناه في الندى … من الخبر المأثور منذ قديم أحاديث ترويها السيول عن الحيا … عن البحر عن كف الأمير تميم ولتميم المذكور أشعار حسنة، منها قوله: [من الطويل] سل المطر العام الذي عم أرضكم … أجاء بمقدار الذي فاض من دمعي إذا كنت مطبوعا على الصد والجفا … فمن أين لي صبر فأجعله طبعي توفي سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، كذا ذكره اليافعي في هذه (3)، ثم أعاد ذكره في سنة إحدى وخمس مائة، وذكر الأبيات المذكورة، والله أعلم بالصواب (4).

(1) انظرها في «وفيات الأعيان» (2/ 138). (2) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى ترجمته في وفيات سنة (501 هـ‍) في مكانها الصحيح، فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 7). (3) «مرآة الجنان» (2/ 341). (4) «مرآة الجنان» (3/ 169)، والصواب: أنه توفي سنة (501 هـ‍) كما نبهنا عليه في أول الترجمة.

1574 - [الحافظ أبو الحسين الرازي]

1574 - [الحافظ أبو الحسين الرازي] (1) أبو تمام (2) محمد بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن الجنيد الرازي ثم الدمشقي، يكنى: أبا الحسين أيضا. حدث عن محمد بن أيوب بن الضّريس، وجعفر الفريابي، والحسن بن سفيان، وعنه ابنه تمام، وعقيل بن عبد الله بن عبدان وغيرهما. وكان محدث الشام، حافظا نبيلا ثقة جليلا. توفي سنة سبع وأربعين وثلاث مائة. 1575 - [أبو بكر النّجّاد] (3) أحمد بن سليمان (4) النّجّاد الحافظ، شيخ الحنابلة، صاحب التصانيف. كان له حلقتان: حلقة للفتوى، وحلقة للإملاء، وكان رأسا في الفقه والحديث. قيل: كان يصوم، ويفطر على رغيف، ويترك منه لقمة، فإذا كان ليلة الجمعة .. أكل تلك اللقم، وتصدق بالرغيف. قال الشيخ اليافعي: (ومثل هذا من الفقيه عزيز كثير، ويذكر مثله عن بعض أهل الرياضة من الفقراء المجردين الذي هو في حقهم قليل حقير) (5). توفي المذكور سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (16/ 17)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 388)، و «العبر» (2/ 283)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 897)، و «شذرات الذهب» (4/ 249). (2) هذه ليست كنيته، وإنما كنيته: أبو الحسين، والأولى أن يقول المصنف: (والد تمام) كما أوردته مصادر الترجمة؛ حتى لا يتوهم أنها كنيته أو أن له كنيتين. (3) «المنتظم» (8/ 293)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 226)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 502)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 392)، و «العبر» (2/ 284)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 868)، و «مرآة الجنان» (2/ 342)، و «البداية والنهاية» (11/ 280)، و «شذرات الذهب» (4/ 251). (4) كذا في «العبر» (2/ 284)، و «مرآة الجنان» (2/ 342)، و «البداية والنهاية» (11/ 280)، وفي باقي مصادر الترجمة: (سلمان). (5) «مرآة الجنان» (2/ 342).

1576 - [الخلدي]

1576 - [الخلدي] (1) أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير، الشيخ الكبير، شيخ الصوفية ومحدثهم. سمع من ابن أبي أسامة، وعلي بن عبد العزيز البغوي وطبقتهم، وصحب الجنيد، وأبا الحسين النوري، وأبا العباس بن مسروق. وكان إليه المرجع في علم القوم، وحج ستا وخمسين حجة. وتوفي سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة عن خمس وتسعين سنة. 1577 - [أبو الفوارس الصابوني] (2) أبو الفوارس أحمد بن محمد الصابوني السندي، الثقة المعمر، مسند ديار مصر، روى عن يونس بن عبد الأعلى، والمزني، والكبار. وتوفي سنة تسع وأربعين وثلاث مائة. 1578 - [أبو الوليد الفقيه] (3) حسان بن محمد بن أحمد بن هارون القرشي الأموي النيسابوري أبو الوليد. توفي سنة تسع وأربعين وثلاث مائة. 1579 - [الحافظ أبو علي النيسابوري] (4) الحسين بن علي بن يزيد بن داود الإمام أبو علي النيسابوري. رحل إلى الحرمين والشام ومصر والعراق وخراسان، وروى عن إبراهيم بن أبي طالب،

(1) «تاريخ بغداد» (7/ 334)، و «المنتظم» (8/ 294)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 226)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 558)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 396)، و «شذرات الذهب» (4/ 253). (2) «سير أعلام النبلاء» (15/ 541)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 414)، و «العبر» (2/ 287)، و «مرآة الجنان» (2/ 343)، و «لسان الميزان» (1/ 651)، و «شذرات الذهب» (4/ 256). (3) «سير أعلام النبلاء» (15/ 492)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 417)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 895)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 226)، و «البداية والنهاية» (11/ 283)، و «شذرات الذهب» (4/ 257). (4) «المنتظم» (8/ 300)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 51)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 419)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 902)، و «البداية والنهاية» (11/ 283)، و «شذرات الذهب» (4/ 257).

1580 - [القاضي أبو أحمد العسال]

وأبي خليفة، والنسائي، والحسن بن سفيان، وكتب عنه يحيى بن صاعد، وابن جوصا من القدماء. وحدث عنه أبو بكر أحمد بن إسحاق الصّبغي وهو أكبر منه، وأبو الوليد الفقيه وهو من أقرانه، والحاكم، وابن مندة وغيرهم. وكان أوحد عصره حفظا وإتقانا وثقة وصيانة، مع اشتهاره بالورع والديانة والصدق والأمانة. توفي سنة تسع وأربعين وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1580 - [القاضي أبو أحمد العسّال] (1) محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الله العنبري مولاهم أبو أحمد العسال الأصبهاني، قاضي أصبهان. حدث عن أبيه، وإسماعيل بن عمر البجلي، وأبو مسلم الكجّي وغيرهم. وعنه: بنوه: أحمد، وإبراهيم، وسعيد، وعامر، وعبد الله، والعباس، وعبد الوهاب. كان حافظا كبيرا، له مصنفات حسان، منها: كتاب «الرؤية» وكتاب «العظمة» وكتاب «المعرفة في السنة المكرمة». توفي سنة تسع وأربعين وثلاث مائة. 1581 - [أبو علي الطبري] (2) أبو علي الحسن-وقيل: الحسين-ابن القاسم الطبري، الإمام العلامة، الشافعي.

(1) «تاريخ بغداد» (1/ 285)، و «المنتظم» (8/ 302)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 6)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 426)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 886)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 41)، و «البداية والنهاية» (11/ 284)، و «شذرات الذهب» (4/ 258). (2) «تاريخ بغداد» (8/ 86)، و «المنتظم» (8/ 306)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 62)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 440)، و «العبر» (2/ 292)، و «مرآة الجنان» (2/ 345)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 280).

1582 - [خليفة الأندلس الناصر]

أخذ الفقه عن ابن أبي هريرة، وكان إماما عالما، سكن بغداد ودرّس بها بعد شيخه أبي علي بن أبي هريرة، وله المصنفات المفيدة، منها: «الإيضاح» و «العدة» كلاهما في الفقه، و «المحرر في النظر»، وهو أول كتاب صنف في الخلاف المجرد، وصنف كتابا في أصول الفقه. والطبري نسبة إلى طبرستان، والطبراني-بزيادة ألف ونون-نسبة إلى طبرية. توفي المذكور سنة خمسين وثلاث مائة، مذكور في الأصل. 1582 - [خليفة الأندلس الناصر] (1) أبو المطرّف عبد الرحمن بن محمد الأموي، خليفة الأندلس، الملقب الناصر لدين الله، لما بلغه ضعف أحوال الخلافة بالعراق، ورأى أنه أمكن منهم وأولى .. تلقب باللقب المذكور، ومدة دولته خمسون سنة. وكان كبير القدر، كثير المحاسن، أنشأ مدينة الزهراء، وهي مدينة عديمة النظير في الحسن، غرم عليها أموالا لا تحصى. توفي سنة خمسين وثلاث مائة، وقام بعده ولده المستنصر بالله. 1583 - [فاتك المجنون] (2) أبو شجاع فاتك الكبير الرومي، المعروف بفاتك المجنون. كان روميا، أخذ صغيرا هو وأخ وأخت له من بلاد الروم، فتعلم الخط بفلسطين، ثم إن الإخشيذ أخذه من سيده بالرملة كرها بلا ثمن، فأعتقه مالكه، فكان معهم حرا في عدة المماليك. وكان كريم النفس، بعيد الهمة، شجاعا، كثير الإقدام، ولذلك قيل له: المجنون، وكان رفيق الأستاذ كافور في خدمة الإخشيذ، فلما مات مخدومهما، وتقرر كافور في تربية

(1) «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 14)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 233)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 562)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 442)، و «البداية والنهاية» (11/ 285)، و «نفح الطيب» (1/ 353)، و «شذرات الذهب» (4/ 262). (2) «وفيات الأعيان» (4/ 21)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 447)، و «العبر» (2/ 293)، و «مرآة الجنان» (2/ 344)، و «النجوم الزاهرة» (2/ 329)، و «شذرات الذهب» (4/ 265).

1584 - [قاضي الحرمين]

ابن الإخشيذ .. أنف فاتك من الإقامة بمصر؛ كيلا يكون كافور أعلى رتبة منه، ويحتاج إلى أن يركب في خدمته، وكانت الفيوم وأعمالها إقطاعا له، فانتقل إليها واتخذها سكنى له، وهي بلاد وبيئة كثيرة الوخم (1)، فلم يصح له بها جسم، وكان كافور يخافه ويكرمه؛ فزعا منه، وفي نفسه منه ما فيها، فاستحكمت العلة في جسم فاتك، وأحوجته إلى الدخول إلى مصر للمداواة، فدخلها وبها المتنبي ضيفا للأستاذ كافور، وكان يسمع بكرم فاتك وكثرة سخائه، غير أنه لا يقدر على قصد خدمته؛ خوفا من كافور، وفاتك يسأل عنه ويراسله بالسلام، فالتقيا في الصحراء مصادفة من غير ميعاد، وجرى بينهما مفاوضات، فلما رجع فاتك إلى داره .. حمل للمتنبي من ساعته هدية قيمتها ألف دينار، ثم أتبعها بهدايا بعدها، فاستأذن المتنبي كافورا في مدحه، فأذن له، فمدحه بقصيدة من غرر القصائد أولها: [من البسيط] لا خيل عندك تهديها ولا مال … فليسعد النطق إن لم يسعد الحال وما أحسن قوله فيها: كفاتك ودخول الكاف منقصة … كالشمس قلت وما للشمس أمثال (2) توفي فاتك بعد خروج المتنبي من مصر في سنة خمسين وثلاث مائة، ولما بلغ المتنبي وفاته .. رثاه بقصيدة أولها: [من الكامل] الحزن يقلق والتّجمّل يردع … والدمع بينهما عصيّ طيّع إني لأجبن من فراق أحبتي … وتحسّ نفسي بالحمام فأشجع ويزيدني غضب الأعادي قسوة … ويلمّ بي عتب الصديق فأجزع تصفو الحياة لجاهل أو غافل … عمّا مضى منها وما يتوقّع ولمن يغالط في الحقائق نفسه … ويسومها طلب المحال فتطمع (3) 1584 - [قاضي الحرمين] (4) أبو الحسين أحمد بن محمد النيسابوري، شيخ الحنفية، وقاضي الحرمين في عصره.

(1) الوخم: شيء وخم؛ أي: وبيء، وبلدة وخمة إذا لم توافق ساكنها. (2) «ديوان المتنبي» (3/ 276). (3) «ديوان المتنبي» (2/ 268). (4) «الجواهر المضيّة» (1/ 284)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 25)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 50)، و «العبر» (2/ 296)، و «شذرات الذهب» (4/ 269).

1585 - [الحافظ دعلج]

تفقه على أبي الحسن الكرخي، وبرع في الفقه، وولي قضاء الحجاز مدة. وتوفي سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة. 1585 - [الحافظ دعلج] (1) أبو محمد دعلج بن أحمد بن دعلج السّجستاني (2)، ثم البغدادي المعتزلي. حدث عن عثمان الدارمي، وعلي بن عبد العزيز البغوي، ومحمد بن الضريس البجلي. قال الحاكم: أخذ عن ابن خزيمة مصنفاته، وكان يفتي بمذهبه. وروى عنه أبو علي بن شاذان، وابن رزقويه، والدارقطني، وقال: لم أر في مشايخنا أثبت من دعلج. وكان حافظا ثقة إماما نبيها مصنفا. قال الحاكم: لم يكن في الدنيا أيسر منه، اشترى بمكة دار العباس بثلاثين ألف دينار. وقيل: كان الذهب في داره بالقفاف، وكان كثير المعروف والصلات، جمع له «المسند الكبير»، وله «مسند المقلين» مصنف خطير. توفي سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة. 1586 - [الحافظ ابن قانع] (3) أبو الحسين عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق الأموي مولاهم البغدادي. حدث عن الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم بن الهيثم البلدي وغيرهما. وعنه: الدارقطني، وأبو القاسم بن بشران، وابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان.

(1) «المنتظم» (8/ 312)، و «وفيات الأعيان» (2/ 271)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 30)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 53)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 881)، و «البداية والنهاية» (11/ 290)، و «شذرات الذهب» (4/ 270). (2) هذه النسبة إلى سجستان، وهي إحدى البلاد المعروفة بكابل، وينسب إليها أيضا فيقال: السجزي، وهي على غير قياس. (3) «تاريخ بغداد» (11/ 89)، و «المنتظم» (8/ 215)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 526)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 58)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 883)، و «البداية والنهاية» (11/ 291)، و «شذرات الذهب» (4/ 270).

1587 - [المقرئ أبو بكر النقاش]

وكان حافظا عالما، وثقه عامة شيوخ خطيب بغداد (1)، ورماه بعضهم بالخطأ مع الإصرار عليه، اختلط قبل موته بنحو سنتين. وتوفي سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة. 1587 - [المقرئ أبو بكر النّقّاش] (2) محمد بن حسن بن محمد بن زياد بن هارون الموصلي ثم البغدادي أبو بكر النقاش، المفسر المقرئ الحافظ. طوف شرقا وغربا، وسمع أبا مسلم الكجّي، والحسن بن سفيان وغيرهما. وحدث عنه شيخه أبو بكر بن مجاهد، والدارقطني، وجعفر الخلدي، وابن شاهين. وكان حافظا، عالما بالقراءات والتفسير، صنف «التفسير» و «معاني القرآن» و «غريب القرآن» وغير ذلك. قالوا: وهو في القراءات أمثل منه في المسندات، وفي «تفسيره» فضائح وطامات. توفي سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة. 1588 - [الوزير المهلّبي] (3) أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي الوزير، وزير معز الدولة ابن بويه. كان من ارتفاع القدر واتساع الصدر وعلو الهمة وفيض الكف على ما هو مشهور به، وكان في غاية من الأدب والمحبة لأهله. كان قبل اتصاله بمعز الدولة في شدة عظيمة من الضرورة، ولقي في سفره مشقة صعبة، واشتهى اللحم فلم يقدر عليه، فقال ارتجالا: [من الوافر] ألا موت يباع فأشتريه … فهذا العيش ما لا خير فيه

(1) أي: الخطيب البغدادي، انظر: «تاريخ بغداد» (11/ 90). (2) «تاريخ بغداد» (2/ 198)، و «المنتظم» (8/ 216)، و «وفيات الأعيان» (4/ 298)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 573)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 578)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 908)، و «البداية والنهاية» (11/ 291)، و «شذرات الذهب» (4/ 271). (3) «المنتظم» (8/ 311)، و «معجم الأدباء» (3/ 366)، و «وفيات الأعيان» (2/ 124)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 70)، و «العبر» (2/ 300)، و «البداية والنهاية» (11/ 289)، و «شذرات الذهب» (4/ 274).

ألا موت لذيذ الطعم يأتي … يخلصني من العيش الكريه إذا أبصرت قبرا من بعيد … وددت أنني مما يليه ألا رحم المهيمن نفس حرّ … تصدق بالوفاة على أخيه وكان معه رفيق يقال له: أبو عبد الله الصوفي-وقيل: أبو الحسن العسقلاني-فلما سمع الأبيات .. اشترى له بدرهم لحما وطبخه وأطعمه وتفارقا، وتنقلت بالمهلبي الأحوال، وتولى الوزارة ببغداد لمعز الدولة، وضاقت الأحوال برفيقه في السفر الذي اشترى له اللحم، وبلغه وزارة المهلبي، فقصده وكتب إليه: [من الوافر] ألا قل للوزير فدته نفسي … مقالة مذكر ما قد نسيه أتذكر إذ تقول لضيق عيش … ألا موت يباع فأشتريه فلما وقف عليه .. تذكره وهزته أريحيّة الكرم، فأمر له في الحال بسبع مائة درهم، ووقع في ورقته {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْاالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ} ثم دعا به وخلع عليه، وقلده عملا يرتفق به. ومن الشعر المنسوب إلى الوزير المذكور في وقت الإضاقة: ما كتبه إلى بعض الرؤساء قوله: [من الوافر] ولو أني استزدتك فوق ما بي … من البلوى لأعوزك المزيد ولو عرضت على الموتى حياة … بعيش مثل عيشي لم يريدوا وقيل: البيتان لأبي نواس. وقال أبو إسحاق الصابي صاحب «الرسائل»: كنت يوما عند الوزير المهلبي، فأخذ ورقة وكتب، فقلت بديها: [من البسيط] له يد برعت جودا بنائلها … ومنطق درّه في الطّرس ينتثر فحاتم كامن في بطن راحته … وفي أناملها سحبان مستتر وكان من رجال الدهر عزما وحزما وسؤددا وعقلا ونباهة ورأيا. توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة (1).

(1) في «المنتظم» (8/ 311)، و «البداية والنهاية» (11/ 289) ذكر في وفيات سنة (351 هـ‍).

1589 - [الزاهي الشاعر]

1589 - [الزاهي الشاعر] (1) علي بن إسحاق الزاهي البغدادي، الشاعر المشهور. كان وصافا محسنا كثير الملح، حسن الشعر في التشبيهات وغيرها، ومن قوله في تشبيه البنفسج: [من البسيط] ولازوردية تزهو بزرقتها (2) … بين الرياض على جمر اليواقيت كأنها فوق قامات ضعفن بها … أوائل النار في أطراف كبريت ويروى: فوق طاقات. ومن محاسن شعره: [من الطويل] وبيض بألحاظ العيون كأنما … هززن سيوفا واستللن خناجرا تصدّين لي يوما بمنعرج اللوى … فغادرن قلبي بالتصبر غادرا سفرن بدورا وانتقبن أهلة … ومسن غصونا والتفتن جاذرا وأطلعن في الأجياد بالدر أنجما … جعلن لحبات القلوب ضرائرا وهذا تقسيم طريف، وقد استعمله جماعة من الشعراء، لكنهم قصرت بهم القريحة عن بلوغ هذه الصنعة، ونحوه قول المتنبي: [من الوافر] بدت قمرا ومالت خوط (3) … بان وفاحت عنبرا ورنت غزالا (4) قال الشيخ اليافعي: (ولست أدري أيهما سلك طريق الآخر، وهما متعاصران، توفي المتنبي بعده في سنة أربع) (5).

(1) «تاريخ بغداد» (11/ 349)، و «الأنساب» (3/ 126)، و «المنتظم» (8/ 372)، و «وفيات الأعيان» (3/ 371)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 111)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 75)، و «مرآة الجنان» (2/ 349)، و «البداية والنهاية» (11/ 327)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 63). (2) في «وفيات الأعيان» (3/ 372): (أوفت بزرقتها). (3) الخوط: القضيب. (4) «ديوان المتنبي» (3/ 224). (5) «مرآة الجنان» (2/ 349).

1590 - [ابن المنجم الشاعر]

ومن التقسيم الحسن أيضا قول بعض الشعراء: [من الوافر] وسائلة تسائل عنك قلنا … لها في وصفك العجب العجيبا رنا ظبيا وغنّى عندليبا … ولاح شقائقا ومشى قضيبا قال ابن السمعاني: (ولست أدري نسبة الزاهي المذكور إلى أي شيء، لكن جماعة نسبوا هذه النسبة إلى قرية من قرى نيسابور) (1). توفي المذكور سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة (2). 1590 - [ابن المنجّم الشاعر] (3) علي بن أبي عبد الله، المعروف بابن المنجم، الشاعر المشهور، ذو نسب عريق في ظرفاء الأدباء، وندماء الخلفاء، يفضون إليه بأسرارهم، ويأمنونه على أخبارهم، وله شعر حسن، منه: [من الكامل] بيني وبين الدهر فيك عتاب … سيطول إن لم يمحه الإعتاب يا غائبا بوصاله وكتابه … هل يرتجى من غيبتيك إياب لولا التعلل بالرجا لتقطّعت … نفس عليك شعارها الأوصاب لا يأس من روح الإله فربّما … يصل القطوع ويحضر الغيّاب توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة. 1591 - [الحافظ أبو القاسم الأندلسي] (4) أبو القاسم خالد بن سعد الأندلسي القرطبي الحافظ، أحد أركان الحديث بالأندلس.

(1) «الأنساب» (3/ 126). (2) كذا في «وفيات الأعيان» (3/ 371)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 111)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 75) و «مرآة الجنان» (2/ 349)، وفي باقي مصادر الترجمة: توفي سنة (361 هـ‍). (3) «تاريخ بغداد» (12/ 119)، و «معجم الأدباء» (5/ 408)، و «وفيات الأعيان» (3/ 375)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 76)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 276)، و «مرآة الجنان» (2/ 350). (4) «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 154)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 18)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 72)، و «العبر» (2/ 301)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 919)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 252)، و «مرآة الجنان» (2/ 350)، و «شذرات الذهب» (4/ 276).

1592 - [الحافظ ابن الحيري]

حدث عن محمد بن فطيس، وسليمان بن قريش وغيرهما، وكان علامة حافظا عجبا في معرفة الرجال والعلل، كان ينظّر في بلاده بيحيى بن معين، حتى قال المستنصر بالله: إذا فاخر أهل المشرق بيحيى بن معين .. فاخرناهم بخالد بن سعد. قيل: كان يحفظ الشيء من فرد مرة، وله مصنفات. توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة. 1592 - [الحافظ ابن الحيري] (1) أبو سعيد أحمد بن محمد بن السيد الجليل الشيخ أبي عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري النيسابوري. حدث عن أبي الهيثم بن خلف، والحسن بن سفيان وغيرهما، وعنه الحاكم أبو عبد الله وغيره. صنف «التفسير الكبير» و «الصحيح» على رسم «مسلم»، وكان إماما حافظا شجاعا، خرج بعسكر للجهاد، فقتل بطرسوس شهيدا في سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة. 1593 - [الحافظ ابن حمزة] (2) أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة بن حمزة الخراساني. حدث عن أبي شعيب الحراني، وأبي خليفة، ومطيّن وغيرهم، وعنه ابن مردويه، وابن منده، وأبو نعيم وغيرهم، وكان حافظا مبرزا على أقرانه في حفظ المسانيد والشيوخ، صنف «المسند الكبير». وتوفي بأصبهان في شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة وهو في عشر الثمانين.

(1) «سير أعلام النبلاء» (16/ 29)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 74)، و «العبر» (2/ 302)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 920)، و «مرآة الجنان» (2/ 350)، و «شذرات الذهب» (4/ 278). (2) «سير أعلام النبلاء» (16/ 83)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 84)، و «العبر» (2/ 302)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 910)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 117)، و «شذرات الذهب» (4/ 278).

1594 - [الحافظ ابن السكن]

1594 - [الحافظ ابن السّكن] (1) أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السّكن البغدادي، نزيل مصر. حدث عن أبي القاسم البغوي، والفربري وغيرهما، وعنه عبد الغني بن سعيد، وابن منده وغيرهما. رحل وطوف وجمع وصنف، وكان أحد الأئمة الحفاظ. توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة. 1595 - [ابن حبّان البستي] (2) محمد بن حبان-بكسر المهملة، وتشديد الموحدة-ابن أحمد بن حبان بن معاذ بن حاتم التميمي البستي الحافظ، الإمام العلامة. سمع النسائي، وابن خزيمة، وأبا خليفة الجمحي وغيرهم أكثر من ألفي شيخ من عدة بلدان. وحدث عنه الحاكم، ومنصور بن عبد الله الخالدي وغيرهما. كان أحد أوعية العلم حديثا وفقها ولغة ووعظا حتى الطب والنجوم والكلام، ولي قضاء سمرقند، ثم قضاء نسا، وغاب دهرا عن وطنه، ثم رجع إلى بست، وتوفي بها سنة أربع وخمسين وثلاث مائة. من مصنفاته: «كتاب الأنواع» وهو كتاب جليل، و «كتاب التاريخ»، وكتابان في الجرح والتعديل، وله أوهام تتبّع بعضها الحافظ ضياء الدين. بدرت منه هفوة طعن عليه بسببها.

(1) «سير أعلام النبلاء» (16/ 117)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 88)، و «العبر» (2/ 303)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 937)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 242)، و «شذرات الذهب» (4/ 279). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 259)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 112)، و «العبر» (2/ 307)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 920)، و «مرآة الجنان» (2/ 357)، و «البداية والنهاية» (11/ 311)، و «لسان الميزان» (7/ 46)، و «شذرات الذهب» (4/ 285).

1596 - [محمد بن عبد الله البجلي]

1596 - [محمد بن عبد الله البجلي] (1) محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبد ربه (2) البجلي البغدادي البزار الشافعي، محدث العراق. رحل إلى الجزيرة ومصر وغيرهما، وحدث عن موسى بن سهل الوشاء آخر أصحاب ابن عليّة، وعن محمد بن شداد المسمعي آخر أصحاب يحيى القطان. وروى عنه الدارقطني، وابن شاهين وغيرهما، آخرهم أبو طالب بن غيلان. قال الخطيب: (كان ثقة ثبتا حسن التصنيف، ولما منعت الديلم الناس من ذكر فضائل الصحابة، وكتبوا السب على أبواب المساجد .. كان يتعمد إملاء أحاديث الفضائل بالجامع) (3). توفي سنة أربع وخمسين وثلاث مائة. 1597 - [أبو الطّيّب المتنبّي] (4) أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي نسبا، الكوفي، ثم الكندي-نسبة إلى محلة بالكوفة تسمى كندة، لا إلى القبيلة المشهورة المعروفة-المعروف بالمتنبي، قيل: لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة، وتبعه خلق كثير في تلك الناحية من كلب وغيرهم، فخرج عليه لؤلؤ أمير حمص نائب الإخشيذية فأسره، وتفرق أصحابه، وحبسه طويلا، ثم استتابه وأطلقه. قدم الشام في صباه، وجال في أقطاره، واشتغل بفنون الأدب ومهر فيها، وكان من المكثرين في نقل اللغة، والمطلعين على غريبها ووحشيها، فلا يسأل عن شيء إلا واستشهد له بكلام العرب من النظم والنثر، حتى قيل: إن الشيخ أبا علي الفارسي صاحب

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 75)، و «المنتظم» (8/ 338)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 39)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 115)، و «العبر» (2/ 307)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 880)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 347)، و «البداية والنهاية» (11/ 312)، و «شذرات الذهب» (4/ 286). (2) كذا في «البداية والنهاية» (11/ 312)، وفي باقي المصادر: (عبدويه). (3) «تاريخ بغداد» (3/ 75). (4) «تاريخ بغداد» (4/ 324)، و «المنتظم» (8/ 330)، و «وفيات الأعيان» (1/ 120)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 199)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 102)، و «العبر» (2/ 306)، و «مرآة الجنان» (2/ 351)، و «البداية والنهاية» (11/ 307)، و «شذرات الذهب» (4/ 272).

«الإيضاح» و «التكملة» قال له: كم لنا من الجموع على وزن فعلى؟ بكسر الفاء، وسكون العين، وفتح اللام، فقال المتنبي في الحال: حجلى وظربى، قال أبو علي: فطالعت كتب اللغة ثلاث ليال على أن أجد لهذين الجمعين ثالثا فلم أجد. وشعره أشهر من أن يذكر، وله ديوان مجموع، اعتنى العلماء به فشرحوه. وذكر ابن خلكان: (أن بعض مشايخه الذين أخذ منهم قال: وقفت له على أكثر من أربعين شرحا ما بين مطولات ومختصرات، ولم يفعل هذا بديوان غيره، قال: ولا شك أنه رزق في شعره السعادة التامة. قال ابن خلكان: من الناس من يرجح شعر المتنبي على شعر أبي تمام ومن بعده، ومنهم من يرجح شعر أبي تمام عليه) (1). ومدح الملوك وغيرهم، وأجزلوا صلته، قيل: إنه وصل إليه من ابن العميد ثلاثون ألف دينار، ومن عضد الدولة صاحب شيراز مثلها، وبعد أن خلص من حبس الأمير لؤلؤ التحق بالأمير سيف الدولة ابن حمدان في سنة سبع وثلاثين، ثم فارقه، ودخل مصر في سنة ست وأربعين، فمدح كافورا الإخشيذي، فوعده كافور بولاية بعض أعماله، فلما رأى تعاطيه في شعره السمو بنفسه .. خافه، فعوتب في خلف وعده، فقال: يا قوم؛ من ادعى النبوة مع محمد صلّى الله عليه وسلم أما يدعي الملك مع كافور الإخشيذي؟ ! فحسبكم. قيل: إن المتنبي أنشد سيف الدولة في الميدان قصيدة: [من الطويل] لكل امرئ من دهره ما تعوّدا (2) … فلما عاد سيف الدولة إلى داره .. استعاده إياها، فأنشدها قاعدا، فقال بعض الحاضرين ممن يريد أن يكيد المتنبي: لو أنشدها قائما .. لأسمع أكثر الناس، فقال المتنبي: أما سمعت أولها: لكل امرئ من دهره ما تعودا فهذا من مستحسن الأجوبة. وكان لسيف الدولة مجلس يحضره العلماء كل ليلة، يتكلمون بحضرته، فوقع بين

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 121). (2) «ديوان المتنبي» (1/ 281).

المتنبي وابن خالويه النحوي كلام، فوثب ابن خالويه على المتنبي فضرب وجهه بمفتاح كان في يده فشجه، فخرج ودمه يسيل على ثيابه. وخرج إلى مصر، فامتدح كافورا، فلما لم يف له بما وعده .. ذمه، ثم رحل عنه وقصد بلاد فارس، ومدح عضد الدولة الديلمي، فأجزل جائزته، ورجع من عنده قاصدا بغداد، ثم الكوفة، وذلك لثمان خلون من شعبان، فعرض له فاتك بن أبي الجهل الأسدي في عدة من أصحابه، وكان مع المتنبي أيضا جماعة من أصحابه، فقاتلوهم، فيقال: إن المتنبي لما رأى الغلبة .. فر، فقال له غلامه: لا يتحدث الناس عنك بالفرار وأنت القائل: [البسيط] الخيل والليل والبيداء تعرفني … والحرب والضرب والقرطاس والقلم (1) فكرّ راجعا حتى قتل، وقتل قبله ابنه محسد-بضم الميم، وفتح الحاء، والسين المشددة بين المهملتين-وقتل معه غلامه مفلح بالقرب من النعمانية في موضع يقال له: الصافية، وقيل: حيال الصافية في الجانب الغربي من سواد بغداد عند دير العاقول بينهما مسافة ميلين، وذلك يوم الأربعاء لست بقين من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاث مائة، وكان ميلاده بالكوفة في محلة تسمى كندة سنة ثلاث وثلاث مائة. ورثاه أبو القاسم المظفر بقوله: [من الخفيف] لا رعى الله سرب هذا الزمان … إذ دهانا في مثل ذاك اللسان ما رأى الناس ثاني المتنبي … أي ثان يرى لبكر الزمان كان من نفسه الكبيرة في جي‍ … ش وفي كبرياء ذي سلطان هو في شعره نبي ولكن … ظهرت معجزاته في المعاني ويحكى أن المعتمد بن عباد اللخمي صاحب قرطبة وإشبيلية أنشد يوما بيت المتنبي وهو من جملة قصيدته المشهورة: [من الطويل] إذا ظفرت منك العيون بنظرة … أثاب بها معيي المطي ورازمه (2)

(1) «ديوان المتنبي» (9/ 369). (2) «ديوان المتنبي» (3/ 331)، والرازمة من النوق أو الرازم من الإبل: الذي قام من الإعياء وأقعده الهزال عن المشي، والمعنى: الإبل التي عجزت عن المشي إذا نظرت إليك .. رجعت قوتها، فكيف الظن بنا نحن وحياتنا برؤيتك! !

1598 - [الجعابي]

وجعل يردده استحسانا له وفي مجلسه أبو محمد عبد الجليل بن وهبون الأندلسي فأنشد ارتجالا: [من الطويل] لئن جاد شعر ابن الحسين فإنما … يجيد العطايا واللها تفتح اللها تنبأ عجبا بالقريض (1) … ولو درى بأنك تروي شعره لتألها واللها الأول-بضم اللام-: جمع لهوة، وهو ما يجعل في الرحى من الحب، واللها الثانية-بفتح اللام-: جمع لهاة، وهي الهنة المطبقة في أقصى سقف الفم، واستعار بذلك استعارة حسنة؛ يعني: إنما تفتح تلك اللهاة؛ لأجل ما يوضع في فمه من المآكل الطيبة. والمراد: إنما يجيد شعره ما يأخذه من أموال السلاطين والولاة، فذلك الذي يحمله على تجويد شعره. 1598 - [الجعابي] (2) أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سليم بن البراء بن سبرة التميمي البغدادي، القاضي، المعروف بالجعابي. حدث عن يوسف القاضي، وأبي خليفة الجمحي، وجعفر الفريابي وغيرهم، وعنه الدارقطني، والحاكم، وابن رزقويه، وخلق سواهم. وكان أحد الحفاظ المجودين، روي عنه أنه قال: أحفظ أربع مائة ألف حديث، وأذاكر بست مائة ألف حديث. رمي بالتشيع والشرب وغير ذلك، ذكر الدارقطني أنه خلط، وأنه شيعي. توفي سنة خمس وخمسين وثلاث مائة. 1599 - [القاضي أبو الحكم البلّوطي] (3) أبو الحكم منذر بن سعيد البلّوطي، قاضي الجماعة بقرطبة.

(1) القريض: الشعر. (2) «تاريخ بغداد» (3/ 236)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 88)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 126)، و «العبر» (2/ 308)، و «البداية والنهاية» (11/ 314)، و «شذرات الذهب» (4/ 288). (3) «تاريخ علماء الأندلس» (2/ 142)، و «معجم الأدباء» (7/ 129)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 346)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 133)، و «العبر» (2/ 308)، و «شذرات الذهب» (4/ 289).

1600 - [معز الدولة ابن بويه]

كان ظاهري المذهب، فطنا مناظرا ذكيا بليغا مفوها شاعرا، كثير التصانيف، قوالا للحق، ناصحا للخلق، عزيز المثل، رحمه الله. توفي سنة خمس وخمسين وثلاث مائة. 1600 - [معز الدولة ابن بويه] (1) السلطان معز الدولة أحمد بن بويه الديلمي. كان في صباه يحتطب، وأبوه يصيد السمك، فما زال يترقى في أمر الدنيا حتى ملك بغداد نيفا وعشرين سنة. وكان حازما سائسا مهيبا رافضيا عالما، وفي أيامه قوي شأن الرافضة، فأظهر المأتم على قتل الحسين رضي الله عنه في يوم عاشوراء، وصلوا صلاة عيد الغدير؛ غدير خم وغير ذلك. ويقال: رجع في مرضه عن الرفض، وندم على الظلم، وتوفي بالإسهال في سنة ست وخمسين وثلاث مائة، وهو عم عضد الدولة بن ركن الدولة، وسيأتي ذكرهم في محالهم إن شاء الله تعالى (2). 1601 - [الباز الأبيض المغفّلي] (3) أبو محمد أحمد بن عبد الله الهروي المغفّلي، بفتح الغين المعجمة، والفاء المشددة. قال الحاكم: كان إمام أهل خراسان بلا مدافعة، وكان فوق الوزراء، وكانوا يصدرون عن رأيه. توفي سنة ست وخمسين وثلاث مائة.

(1) «المنتظم» (8/ 347)، و «وفيات الأعيان» (1/ 174)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 189)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 136)، و «العبر» (2/ 309)، و «البداية والنهاية» (11/ 314)، و «شذرات الذهب» (4/ 290). (2) انظر ترجمة عضد الدولة (3/ 217)، ولم نجد ترجمة ركن الدولة، فانظر ترجمته في «وفيات الأعيان» (2/ 118). (3) «سير أعلام النبلاء» (16/ 181)، و «العبر» (2/ 310)، و «مرآة الجنان» (2/ 358)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 17)، و «شذرات الذهب» (4/ 290).

1602 - [أبو علي القالي]

1602 - [أبو علي القالي] (1) أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي اللغوي النحوي الأخباري، صاحب التصانيف، ونزيل الأندلس. أخذ الأدب عن ابن كبيريت (2)، وابن الأنباري، وسمع من أبي يعلى الموصلي، والبغوي وطبقتهما، وله كتاب «البارع في اللغة» في خمسة آلاف ورقة، ولم يتمه. توفي بقرطبة في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاث مائة. 1603 - [أبو الفرج الأصبهاني] (3) علي بن الحسين القرشي الأموي المرواني المعروف بأبي الفرج، الأصبهاني الأصل، البغدادي المنشأ، الكاتب الأخباري، مؤلف كتاب «الأغاني» الذي وقع الاتفاق على أنه لم يعمل في بابه مثله، جمعه في خمسين سنة، وحمله إلى سيف الدولة ابن حمدان، فأعطاه ألف دينار، واعتذر إليه. ويحكى أن الصاحب ابن عباد كان يستصحب في أسفاره من كتب الأدب حمل ثلاثين جملا؛ ليطالعها، فلما وصل إليه كتاب «الأغاني» .. لم يكن بعد يستصحب سواه مستغنيا به. وله جملة مصنفات أخر، روى عن كثير من العلماء، وكان عالما بأيام الناس والسير والمغازي والنحو واللغة والبيطرة والنجوم والأشربة وغير ذلك. وله شعر يجمع إتقان العلماء وإحسان الظرفاء، وله في الوزير المهلبي-وكان منقطعا إليه-مدائح، منها قوله: [من الطويل] ولما انتجعنا لائذين بظله … أعان وما عنى ومنّ وما منّا

(1) «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 83)، و «معجم الأدباء» (3/ 19)، و «وفيات الأعيان» (1/ 226)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 45)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 190)، و «مرآة الجنان» (2/ 359)، و «البداية والنهاية» (11/ 317)، و «بغية الوعاة» (1/ 453). (2) كذا في الأصول، وفي «مرآة الجنان» (2/ 359): (ابن كبريت). (3) «المنتظم» (8/ 349)، و «معجم الأدباء» (5/ 59)، و «وفيات الأعيان» (3/ 307)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 201)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 143)، و «مرآة الجنان» (2/ 359)، و «البداية والنهاية» (11/ 316)، و «شذرات الذهب» (4/ 292).

1604 - [كافور الإخشيذي]

وردنا عليه مقترين فراشنا … وردنا نداه مجدبين فأخصبنا وله من قصيدة يهنئه فيها بمولود جاءه من سرية رومية: [من الكامل] اسعد بمولود أتاك مباركا … كالبدر أشرق جنح ليل مقمر سعد لوقت سعادة جاءت به … أمّ حصان من بنات الأصفر متبجّح في ذروتي شرف الورى … بين المهلب منتماه وقيصر شمس الضحى قرنت إلى بدر الدجى … حتى إذا اجتمعا أتت بالمشتري ومن العجائب أنه مرواني شيعي. ولد سنة أربع وثمانين ومائتين، وتوفي سنة ست وخمسين وثلاث مائة. 1604 - [كافور الإخشيذي] (1) أبو المسك كافور الإخشيذي الحبشي الأسود الخادم، صاحب الديار المصرية والحجازية والشامية. اشتراه الإخشيذ صاحب مصر بثمانية عشر دينارا على ما قيل، فتقدم عنده حتى صار من أكبر قواده؛ لعقله ورأيه وشجاعته، ثم صار أتابك ولده الأكبر أبو القاسم بعده وكان صبيا، فبقي الاسم لأبي القاسم والدست لكافور، فأحسن سياسة الأمور إلى أن مات أبو القاسم سنة تسع وأربعين، فأقام كافور في الملك بعده أخاه أبا الحسن عليا، واستمر كافور على نيابته وحسن سيرته إلى أن توفي علي سنة خمس-أو أربع-وخمسين، فاستقل كافور بالمملكة، وكان وزيره أبا الفضل جعفر بن الفرات، وكان يرغب في أهل الخير ويعظمهم، ولما فارق أبو الطيب المتنبي سيف الدولة بن حمدان مغاضبا .. قصد مصر، وامتدح كافورا بمدائح حسان، منها: قوله في قصيدة: [من الطويل] قواصد كافور توارك غيره … ومن قصد البحر استقل السواقيا فجاءت بنا إنسان عين زمانه … وخلت بياضا خلفها ومآقيا (2)

(1) «المنتظم» (8/ 360)، و «وفيات الأعيان» (4/ 99)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 190)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 149)، و «العبر» (2/ 312)، و «مرآة الجنان» (2/ 366)، و «البداية والنهاية» (11/ 317)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 1)، و «شذرات الذهب» (4/ 296). (2) «ديوان المتنبي» (4/ 287).

وأنشده أيضا قصيدة يقول فيها: [من الطويل] وأخلاق كافور إذا شئت مدحه … وإن لم أشأ تملي عليّ فأكتب إذا ترك الإنسان أهلا وراءه … ويمّم كافورا فما يتغرّب ومن جملتها: يضاحك في ذا العيد كلّ حبيبه … حذائي وأبكي من أحب وأندب أحنّ إلى أهلي وأهوى لقاءهم … وأين من المشتاق عنقاء مغرب فإن لم يكن إلا أبو المسك أو هم … فإنك أحلى في فؤادي وأعذب وكل امرئ يولي الجميل محبّب … وكل مكان ينبت العز طيّب (1) ومن قصيدة أخرى هي آخر قصيدة أنشده: [من الطويل] أرى لي بقربي منك عينا قريرة … وإن كان قربا بالبعاد يشاب وهل نافعي أن ترفع الحجب بيننا … ودون الذي أمّلت منك حجاب وفي النفس حاجات وفيك فطانة … سكوتي بيان عندها وخطاب وما أنا بالباغي على الحب رشوة … ضعيف هوى يبغى عليه ثواب وما شئت إلا أن أدل عواذلي … على أن رأيي في هواك صواب وأعلم قوما خالفوني فشرقوا … وغربت أني قد ظفرت وخابوا جرى الخلف إلا فيك أنك واحد … وأنك ليث والملوك ذئاب وإنّ مديح الناس حق وباطل … ومدحك حق ليس فيه كذاب إذا نلت منك الود فالمال هيّن … وكل الذي فوق التراب تراب وما كنت لولا أنت إلا مهاجرا … له كلّ يوم بلدة وصحاب ولكنك الدنيا إلي حبيبة … فما عنك لي إلا إليك ذهاب (2) وأقام المتنبي بعد إنشاء هذه القصيدة بمصر سنة لا يلقى كافورا غضبا عليه، يركب في خدمته؛ خوفا منه ولا يجتمع به، واستعد للرحيل في الباطن، وجهز جميع ما يحتاج إليه،

(1) «ديوان المتنبي» (1/ 181). (2) «ديوان المتنبي» (1/ 198).

1605 - [سيف الدولة]

وقال في يوم عرفة سنة خمسين وثلاث مائة قبل مفارقته مصر بيوم واحد قصيدته الدالية التي هجا كافورا فيها، وفي آخرها: [من البسيط] من علّم الأسود المخصي مكرمة … أقومه البيض أم آباؤه الصيد (1) وله فيه من الهجو كثير تضمنه «ديوانه»، ثم فارقه ورحل إلى عضد الدولة. ذكر بعضهم قال: حضرت مجلس كافور الإخشيذي، فدخل رجل ودعا له، فقال في دعائه: أدام الله تعالى أيام مولانا-بكسر الميم من أيام-فتكلم جماعة من الحاضرين في ذلك وعابوا عليه، فقام رجل من أوساط الناس وأنشد مرتجلا: [من البسيط] لا غرو إن لحن الداعي لسيدنا … أو غصّ من دهش بالريق أو بهر فتلك هيبته حالت جلالتها … بين الأديب وبين القول بالحصر وإن يكن خفض الأيام من غلط … في موضع النصب لا عن قلة النظر فقد تفاءلت من هذا لسيدنا … والفأل مأثورة عن سيد البشر بأن أيامه خفض بلا نصب … وأن أوقاته صفو بلا كدر الحصر-بفتح الحاء والصاد المهملتين-: العي، وهو أيضا ضيق الصدر. ولم يزل كافور مالكا لمصر والشام، يدعى له على المنابر بمكة والحجاز وجميع ديار مصر وبلاد الشام في دمشق وحلب وأنطاكية وطرسوس والمصيصة وغير ذلك إلى أن توفي سنة ست-أو سبع (2) -وخمسين وثلاث مائة، وعمره نيف وستون سنة. 1605 - [سيف الدولة] (3) علي بن عبد الله بن حمدان التغلبي الجزري الأمير، الجليل الشأن، المعروف بسيف الدولة، كان بطلا شجاعا أديبا شاعرا جوادا ممدحا. قال أبو منصور الثعالبي في كتابه «يتيمة الدهر»: (كان بنو حمدان ملوكا، أوجههم

(1) «ديوان المتنبي» (2/ 46)، والصيد: جمع أصيد، وهم الملوك ذوو الكبرياء. (2) وقيل: خمس وخمسين، وقيل أيضا: ثمان وخمسين. (3) «يتيمة الدهر» (1/ 37)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 271)، و «وفيات الأعيان» (3/ 401)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 187)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 145)، و «العبر» (2/ 311)، و «مرآة الجنان» (2/ 360)، و «البداية والنهاية» (11/ 316)، و «شذرات الذهب» (4/ 293).

للصباحة، وألسنتهم للفصاحة، وأيديهم للسماحة، وعقولهم للرجاحة، وسيف الدولة مشهور بسيادتهم، وواسطة قلادتهم، حضرته مقصد الوفود، ومطلع الجود، وقبلة الآمال، ومحطّ الرحال، وموسم الأدباء، وحلية الشعراء، قيل: إنه لم يجتمع بباب أحد من الملوك والخلفاء ما اجتمع ببابه من شيوخ الشعر، ونجوم الدهر، وكان أديبا شاعرا مجيدا، ومحبا لجيد الشعر، شديد الاهتزاز) (1). ومن بديع شعره قوله: [من الطويل] وساق صبيح للصّبوح دعوته … فقام وفي أجفانه سنة الغمض يطوف بكاسات العقار كأنجم … فمن بين منقضّ علينا ومنفضّ وقد نشرت أيدي الجنوب مطارفا … على الجو دكنا والحواشي على الأرض يطرّزها فوق السحاب بأصفر … على أحمر في أخضر تحت مبيضّ كأذيال خود أقبلت في غلائل … مصبّغة والبعض أقصر من بعض قال ابن خلكان: (وهذا من التشبيهات الملوكية التي لا يكاد يحضر مثلها للسوقة، ويقال: إن الأبيات لأبي الصقر القبيصي، والبيت الأخير أخذ معناه أبو علي الفرج بن محمد المؤدب البغدادي فقال في فرس أدهم محجّل: [من الخفيف] لبس الصبح والدّجنّة بردي‍ … ن فأرخى بردا وقلص بردا وقيل: إنها لعبد الصمد بن المعذّل. وكان لسيف الدولة جارية من بنات ملوك الروم في غاية الجمال، فحسدها بعض الحظايا؛ لقربها منه ومحلها من قلبه، وعز من على إيقاع مكروه بها من سم أو غيره، فبلغه الخبر وخاف عليها، فنقلها إلى بعض الحصون احتياطا وقال: [من الخفيف] راقبتني العيون فيك فأشفق‍ … ت ولم أخل قط من إشفاق ورأيت العدو يحسدني في‍ … ك مجدّا يا أنفس الأعلاق فتمنيت أن تكوني بعيدا … والذي بيننا من الود باق رب هجر يكون من خوف هجر … وفراق يكون خوف فراق

(1) «يتيمة الدهر» (1/ 37).

قال ابن خلكان: رأيت هذه الأبيات بعينها في ديوان عبد المحسن الصوري، والله أعلم لمن هي منهما) (1). ومن شعر سيف الدولة: [من الهزج] أقبّله على جزع … كشرب الطائر الفزع رأى ماء فأطمعه … وخاف عواقب الطمع فصادف فرصة (2) … فدنا فلم يلتذ بالجرع ومن شعره: [من الطويل] تجنّى عليّ الذنب والذنب ذنبه … وعاتبني ظلما وفي شقّه العتب إذا برم المولى بخدمة عبده … تجنّى له ذنبا وإن لم يكن ذنب وأعرض لما صار قلبي بكفه … فهلا جفاني حين كان لي القلب ويحكى: أن ابن عمه أبا فراس كان يوما بين يديه في نفر من ندمائه، فقال سيف الدولة: أيكم يجيز قولي وليس له إلا سيدي؛ يعني أبا فراس: [من مجزوء الخفيف] لك جسمي تعله … فدمي لم تحله فارتجل أبو فراس وقال: قال إن كنت مالكا … فلي الأمر كلّه فاستحسنه وأعطاه ضيعة بأعمال منبج-المدينة المعروفة-تغل ألفي دينار كل سنة. وجرت بينه وبين أخيه ناصر الدولة وحشة، فكتب إليه سيف الدولة: [من الخفيف] لست أجفو وإن جفيت ولا أت‍ … رك حقا علي في كل حال إنما أنت والد والأب الجا … في يجازى بالصبر والاحتمال وكتب إليه مرة أخرى: [من الطويل] رضيت لك العليا وإن كنت أهلها … وقلت لهم بيني وبين أخي فرق ولم يك بي عنها نكول وإنما … تجافيت عن حقي فتم لك الحق ولا بد لي من أن أكون مصليا … إذا كنت أرضى أن يكون لك السبق

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 402). (2) في «وفيات الأعيان» (3/ 403): (خلسة).

وكان سيف الدولة يوما بمجلسه، والشعراء ينشدونه بمدينة حلب، فتقدم رجل رث الهيئة وأنشد: [من المنسرح] أنت عليّ وهذه حلب … قد نفد الزاد وانتهى الطلب بهذه تفخر البلاد وبال‍ … أمير تزهو على الورى العرب وعبدك الدهر قد أضر به … إليك من جور عبدك الهرب فقال له سيف الدولة: أحسنت والله، وأمر له بمائتي دينار. وكان ناصر الدولة أكبر سنا من سيف الدولة، وكان الذي لقبهما بهذا اللقب الخليفة المتقي بالله، وكان الخليفة المكتفي بالله قد ولى أباهما عبد الله بن حمدان الموصل وأعمالها، فملك ناصر الدولة الموصل بعد أبيه؛ لأنه أكبر سنا، وكان أقدم منزلة عند الخلفاء، فلما توفي سيف الدولة في سنة ست وخمسين .. تغيرت أحوال ناصر الدولة كما سيأتي في ترجمته (1). وأخبار سيف الدولة كثيرة مع الشعراء وغيرهم، وملك حلب في سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة، انتزعها من أحمد بن سعيد الكلابي صاحب الإخشيذ. ولد سيف الدولة سنة ثلاث-أو إحدى-وثلاث مائة، وتوفي يوم الجمعة لخمس بقين من صفر سنة ست وخمسين، ودفن في تربة أبيه، وكان قد جمع له من الغبار الذي يجتمع عليه في غزواته شيئا، وعمله لبنة بقدر الكف، وأوصى أن يوضع خده عليها في لحده، فنفذت وصيته. قال الشيخ اليافعي: (لعل أحمد بن سعيد الكلابي المذكور هو المراد بقول الشاعر: [من البسيط] ما زلت أسمع والركبان تخبرني … عن أحمد بن سعيد أطيب الخبر حتى التقينا فلا والله ما سمعت … أذني بأحسن مما قد رأى بصري على ما ذكر بعضهم أنه أحمد بن سعيد، وذكر ابن خلكان وغيره أنه جعفر بن فلاح،

(1) انظر (3/ 168).

1606 - [الخليفة المتقي لله]

وأن قائل البيتين ابن هاني الأندلسي، وغلّط من قال خلاف ذلك) (1)، وسيأتي في ترجمة جعفر بن فلاح في سنة ستين وثلاث مائة (2). وولي بعد سيف الدولة ابنه سعد الدولة، وستأتي ترجمته في سنة إحدى وثمانين (3). 1606 - [الخليفة المتقي لله] (4) الخليفة المتقي لله أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر أبي الفضل جعفر بن المعتضد. ولد لخمس بقين من شوال سنة سبع وثلاث مائة (5)، وبويع له بالخلافة لعشر بقين من ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلاث مائة. وفي سنة ثلاثين: دخل أبو الحسين البريدي بغداد بعد محاربة وقعت بينه وبين أهلها، فهرب المتقي إلى الموصل، ونهبت دار المتقي نهبا شنيعا. وفي سنة اثنتين وثلاثين: استوحش المتقي من الأمير توزون، ثم تم الصلح بينهما في سنة ثلاث وثلاثين، وحصل بينهما أيمان غليظة، فغدر توزون بالمتقي، فقبض عليه وهو قادم من الرقة مفارق لبني حمدان مستقيم إلى توزون، قبض عليه بالسندية وسمله، واستخلف المستكفي كما تقدم (6)، ولم يفلح توزون، فمات قبل تمام الحول. فمدة ولاية المتقي أربع سنين إلا شهرا، وتوفي في داره (7) لأربع عشرة ليلة خلت (8) من شعبان سنة سبع وخمسين وثلاث مائة، فعمره خمسون سنة ونحو شهرين (9). وكان فيه صلاح وكثرة صلاة وصيام، ولم يكن يشرب، وفي خلافته انهدمت القبة الخضراء المنصورية التي كانت فخر بني العباس.

(1) «مرآة الجنان» (2/ 365)، وانظر «وفيات الأعيان» (1/ 361). (2) انظر (3/ 169). (3) انظر (3/ 248). (4) «تاريخ بغداد» (6/ 48)، و «المنتظم» (8/ 354)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 133)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 104)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 158)، و «العبر» (2/ 313)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 341)، و «مرآة الجنان» (2/ 369)، و «شذرات الذهب» (4/ 297). (5) في «تاريخ بغداد» (6/ 49)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 341): (ولد سنة سبع وتسعين ومائتين). (6) انظر (3/ 121). (7) لعل الصواب أنه دفن في داره، وتوفي في السجن كما ذكرت مصادر الترجمة. (8) في «تاريخ بغداد» (6/ 49): (ليلة بقيت). (9) كذا في الأصول، ومصادر الترجمة أجمعت على أن عمره ستون سنة.

1607 - [أبو فراس الحمداني]

1607 - [أبو فراس الحمداني] (1) أبو فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان، ابن عم سيف الدولة. قال الثعالبي في وصفه: (كان فرد دهره وشمس عصره أدبا وفضلا، وكرما ومجدا، وبلاغة وبراعة، وفروسية وشجاعة، وشعره مشهور، سائر بين الحسن والجودة، والسهولة والجزالة، والعذوبة والفخامة والحلاوة، ومعه رواء الطبع، وسمة الظرف، وعزة الملك، قال: ولم تجتمع هذه الخلال قبله إلا في شعر عبد الله بن المعتز، وأبو فراس يعد أشعر منه عند أهل الصنعة ونقدة الكلام، وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز، وإنما لم يمدحه ومدح من دونه من آل حمدان؛ إعظاما له وإجلالا، لا إغفالا وإخلالا. وكان سيف الدولة يميزه على سائر قومه، ويستصحبه في غزواته، ويستخلفه في أعماله، ويعجب بمحاسنه) (2). أسرته الروم مرة، وذهبوا به إلى قلعة يجري الفرات تحتها، فيقال: إنه ركب فرسه، وركض برجله، وأهوى به من أعلى الحصن إلى الفرات ونجا، ثم أسروه مرة ثانية وهو جريح قد أصابه سهم بقي نصله في فخذه، وأقام مأسورا معهم في القسطنطينية أربع سنين، ثم خلصه الله تعالى. قيل: إنه لما مات سيف الدولة .. عزم على التغلب على حمص، فاتصل خبره بأبي المعالي ابن سيف الدولة وغلام لأبيه، فأنفذ إليه من قاتله، فأخذ وقد ضرب ضربات، فمات في الطريق. وقيل: بل مات في حرب بينه وبين موالي أسرته. وقيل: قتله غلام سيف الدولة، ولم يعلم أبو المعالي، فلما بلغه خبر قتله .. شق عليه.

(1) «يتيمة الدهر» (1/ 57)، و «المنتظم» (8/ 385)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 277)، و «وفيات الأعيان» (2/ 58)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 196)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 159)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 261)، و «مرآة الجنان» (2/ 369)، و «شذرات الذهب» (4/ 300). (2) «يتيمة الدهر» (1/ 57).

1608 - [الحافظ الوراق]

وقيل: إنه كان خال أبي المعالي، وإن أم أبي المعالي لما بلغها قتل أبي فراس .. لطمت وجهها حتى قلعت عينها، وذلك في سنة سبع وخمسين وثلاث مائة. وله ديوان شعر منه: [من الكامل] قد كنت عدّتي التي أسطو بها … ويدي إذا اشتد الزمان وساعدي فرميت منك بضد ما أمّلته … والمرء يشرق بالزلال البارد (1) وله أيضا: [من الطويل] ونحن أناس لا توسط بيننا … لنا الصدر دون العالمين أو القبر تهون علينا في المعالي نفوسنا … ومن خطب الحسناء لم يغلها المهر (2) وله أيضا: [من البسيط] كانت مودة سلمان له نسبا … ولم يكن بين نوح وابنه رحم (3) 1608 - [الحافظ الورّاق] (4) عمر بن جعفر بن عبد الله بن أبي السري الوراق البصري أبو حفص، نزيل بغداد. حدث عن أبي خليفة، وابن جرير وغيرهما، وعنه الحاكم، وابن رزقويه، وعلي بن أحمد الرزاز. وكان حافظا صدوقا، وخطأه الدارقطني في أشياء، واتهمه أبو محمد الحسن بن أحمد السّبيعي. وتوفي سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

(1) «ديوان أبي فراس الحمداني» (ص 77). (2) «ديوان أبي فراس الحمداني» (ص 88). (3) «ديوان أبي فراس الحمداني» (ص 206). (4) «سير أعلام النبلاء» (16/ 172)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 165)، و «العبر» (2/ 315)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 934)، و «مرآة الجنان» (2/ 369)، و «لسان الميزان» (6/ 74)، و «شذرات الذهب» (4/ 302).

1609 - [محدث دمشق ابن مروان]

1609 - [محدث دمشق ابن مروان] (1) محمد بن إبراهيم القرشي الدمشقي، محدث دمشق. كان ثقة مأمونا جوادا مفضّلا، خرج له الحافظ ابن منده ثلاثين جزءا. توفي سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة. 1610 - [ناصر الدولة] (2) الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان التغلبي، صاحب الموصل، الملقب: ناصر الدولة. وكان أخوه سيف الدولة يتأدب معه؛ لسنه ومنزلته عند الخلفاء، ووقع بينهما مرة مشاحنة ووحشة، فكتب إليه سيف الدولة: [من الخفيف] لست أجفو وإن جفيت ولا أت‍ … رك حقا عليّ في كل حال إنما أنت والد والأب الجا … في يجازى بالصبر والاحتمال وكتب إليه سيف الدولة أيضا: [من الطويل] رضيت لك العليا وإن كنت أهلها … وقلت لهم بيني وبين أخي فرق ولم يك بي عنها نكول وإنما … تجافيت عن حقي فتم لك الحق ولا بد لي من أن أكون مصليا … إذا كنت أرضى أن يكون لك السبق وكان ناصر الدولة كثير المحبة لسيف الدولة، فلما توفي سيف الدولة .. حزن عليه ناصر الدولة، وتغيرت أحواله، وضعف عقله، فبادر ولده أبو تغلب الغضنفر عدة الدولة، فحبسه في حصن السلامة، ومنعه من التصرف، وقام بالمملكة. ولم يزل ناصر الدولة معتقلا إلى أن مات في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (16/ 59)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 181)، و «العبر» (2/ 317)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 342)، و «مرآة الجنان» (2/ 371)، و «شذرات الذهب» (4/ 305). (2) «وفيات الأعيان» (2/ 114)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 187)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 176)، و «العبر» (2/ 317)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 89)، و «مرآة الجنان» (2/ 371)، و «شذرات الذهب» (4/ 304).

1611 - [ابن القطان الشافعي]

1611 - [ابن القطان الشافعي] (1) أحمد بن محمد بن أحمد، المعروف بابن القطان، الإمام، الشافعي. أخذ الفقه عن ابن سريج، ثم من بعده عن أبي إسحاق المروزي، وأخذ عنه العلماء، وله مصنفات في أصول الفقه وفروعه، انتهت إليه الرئاسة. توفي سنة تسع وخمسين وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1612 - [ابن الصوّاف] (2) أبو علي ابن الصواف، المحدث الحجة، البغدادي. قال الدارقطني: ما رأت عيناي مثله ومثل آخر بمصر. توفي سنة تسع وخمسين وثلاث مائة. 1613 - [جعفر بن فلاح] (3) جعفر بن فلاح الكثامي، بضم الكاف وبعدها مثلثة (4). كان أحد قواد المعز العبيدي الباطني، سيره إلى الشام، فأخذ له الرملة ثم دمشق بعد أن حاصر أهلها أياما، وهو أول وال وليها للباطنية بني عبيد، ثم قدم لحربه الحسن بن أحمد القرمطي الذي تغلب قبله على دمشق، وكان جعفر مريضا، فأسره القرمطي، وقتله في سنة ستين وثلاث مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (5/ 128)، و «وفيات الأعيان» (1/ 70)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 159)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 189)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 321)، و «مرآة الجنان» (2/ 371)، و «شذرات الذهب» (4/ 306). (2) «تاريخ بغداد» (1/ 304)، و «المنتظم» (8/ 365)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 195)، و «شذرات الذهب» (4/ 307). (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 299)، و «وفيات الأعيان» (1/ 361)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 201)، و «العبر» (2/ 320)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 122)، و «مرآة الجنان» (2/ 372)، و «شذرات الذهب» (4/ 308). (4) كذا في «مرآة الجنان» (2/ 372)، وفي باقي مصادر الترجمة: (الكتامي بالمثناة).

1614 - [الإمام الطبراني]

وكان رئيسا جليل القدر، ممدوحا، وفيه يقول أبو القاسم محمد بن هاني الأندلسي الشاعر المشهور: [من البسيط] كانت مساءلة الركبان تخبرني … عن جعفر بن فلاح أطيب الخبر حتى التقينا فلا والله ما سمعت … أذني بأحسن مما قد رأى بصري وروي (بأطيب) بدل (أحسن) وقال بعضهم: إنهما لأبي تمام في أحمد بن سعيد بن داود (1)، ورواهما: عن أحمد بن سعيد أطيب الخبر قال ابن خلكان: (وهو غلط، بل هما لمحمد بن هاني في جعفر بن فلاح المذكور) (2). 1614 - [الإمام الطبراني] (3) سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الشامي أبو القاسم الطبراني، الحافظ الكبير المشهور. أول سماعه بطبرية، ثم رحل إلى القدس، ثم إلى حمص وجبلة ومدائن الشام، وحج ودخل اليمن، وورد إلى مصر، ثم رحل إلى العراق وأصبهان وفارس، وسمع على أكثر من ألف شيخ، منهم: أبو زرعة الدمشقي، وإسحاق الدّبري، والنسائي، وهاشم بن مرثد. وروى عنه خلق، منهم: ابن مردويه، وأبو نعيم، ومحمد بن عبيد الله بن شهريار. وكان إماما كبيرا ثقة عارفا بالعلل والرجال، صنف المعاجم الثلاثة المنسوبة إليه، وكان يقول في «الأوسط»: هو روحي؛ لأنه تعب عليه، وله غير ذلك من المصنفات المفيدة. توفي بأصبهان في ذي القعدة سنة ستين وثلاث مائة، وله مائة سنة وعشرة أشهر.

(1) في «وفيات الأعيان» (1/ 362): (أحمد بن أبي داود). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 362). (3) «المنتظم» (8/ 368)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 301)، و «وفيات الأعيان» (2/ 407)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 119)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 202)، و «العبر» (2/ 321)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 912)، و «مرآة الجنان» (2/ 372)، و «البداية والنهاية» (11/ 324)، و «شذرات الذهب» (4/ 310).

1615 - [الحافظ ابن مطر]

1615 - [الحافظ ابن مطر] (1) محمد بن جعفر بن محمد بن مطر النيسابوري الحافظ، المعروف بأبي عمرو ابن مطر. حدث عن أحمد بن المبارك المستملي، ومحمد بن أيوب ابن الضّرّيس وغيرهما. وكان متعففا، قانعا باليسير، مجتهدا في العبادة، يحيي الليل، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، مجتهدا في اتباع السنة، كان يقال له: شيخ السنة. توفي سنة ستين وثلاث مائة. 1616 - [أبو بكر الآجرّي] (2) محمد بن الحسين بن عبد الله البغدادي الحافظ، أبو بكر الآجري، الفقيه المحدث. كان صالحا عابدا. روى عن أبي شعيب الحراني، وأحمد بن يحيى الحلواني، والمفضل بن محمد الجندي -بفتحتين-وغيرهم. وروى عنه علي وعبد الملك ابنا بشران، وأبو نعيم الأصبهاني وغيرهم. وكان إماما ثقة، حدث ببغداد، ثم انتقل إلى مكة وجاور بها ثلاثين سنة، قيل: إنه لما دخلها .. أعجبته فقال: اللهم؛ ارزقني الإقامة بها سنة، فسمع هاتفا يقول: بل ثلاثين سنة. وله كتاب «الشريعة» وكتاب «الأربعين» وغيرهما من المصنفات. توفي رحمه الله سنة ستين وثلاث مائة.

(1) «المنتظم» (8/ 369)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 168)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 213)، و «العبر» (2/ 322)، و «مرآة الجنان» (2/ 373)، و «البداية والنهاية» (11/ 325)، و «شذرات الذهب» (4/ 311). (2) «تاريخ بغداد» (2/ 239)، و «المنتظم» (8/ 369)، و «وفيات الأعيان» (4/ 292)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 133)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 216)، و «العبر» (2/ 324)، و «البداية والنهاية» (11/ 325)، و «شذرات الذهب» (4/ 316).

1617 - [أبو محمد الرامهرمزي]

1617 - [أبو محمد الرّامهرمزي] (1) الحسن بن عبد الرحمن بن خلاّد الفارسي أبو محمد الرامهرمزي. حدث عن أبيه، وأبي خليفة، ويوسف القاضي وغيرهم. وروى عنه ابن جميع، وابن مردويه، وأحمد بن إسحاق النهاوندي. وكان حافظا عارفا بارعا، وصنف كتاب «الأمثال» وكتاب «المحدث الفاصل». مات برامهرمز سنة ستين وثلاث مائة. 1618 - [الحافظ ابن علّك] (2) عبد الله بن عمر بن أحمد بن علّك المروزي الجوهري أبو عبد الرحمن. سمع أباه الحافظ، ومحمد بن أيوب ابن الضّرّيس، وعبد الله بن الإمام أحمد وغيرهم، وعنه الحاكم، وأبو بكر البرقاني وغيرهما من المحدثين، وكان من الحفاظ الأثبات. توفي سنة ستين وثلاث مائة. 1619 - [ابن أبي يعلى] (3) الشريف أبو القاسم بن أبي يعلى الهاشمي. لما أخذ العبيديون دمشق .. قام هذا الشريف، وقام معه أهل الغوطة والشباب، واستفحل أمره في ذي الحجة سنة تسع وخمسين، وطرد عن دمشق متوليها، ولبس السواد، وأعاد الخطبة لبني العباس، فلم يلبث إلا أياما حتى جاء عسكر المغاربة، وحاربوا أهل دمشق، وقتل من الفريقين جماعة، ثم هرب الشريف في الليل، وصالح أهل البلد العسكر، وأسر الشريف عند تدمر، فشهره جعفر بن فلاح على جمل، وبعث به إلى مصر، فتوفي سنة ستين وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (16/ 72)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 229)، و «العبر» (2/ 327)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 905)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 64)، و «شذرات الذهب» (4/ 320). (2) «سير أعلام النبلاء» (16/ 168)، و «العبر» (2/ 328)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 929)، و «مرآة الجنان» (2/ 374)، و «شذرات الذهب» (4/ 321). (3) «سير أعلام النبلاء» (16/ 139)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 220)، و «العبر» (2/ 325)، و «مرآة الجنان» (2/ 373)، و «شذرات الذهب» (4/ 317).

1620 - [ابن سالم الصوفي]

1620 - [ابن سالم الصّوفي] (1) أبو الحسن ابن سالم البصري، الشيخ العارف. كان له أحوال ومجاهدات، وعنه أخذ الشيخ أبو طالب المكي مؤلف كتاب «قوت القلوب». توفي أبو الحسن المذكور سنة ستين وثلاث مائة، وهو آخر أصحاب الشيخ سهل بن عبد الله التستري وفاة. 1621 - [الوزير ابن العميد] (2) الوزير أبو الفضل محمد بن الحسين المعروف بابن العميد، وزير ركن الدولة ابن بويه. كان كامل الرئاسة، جليل المقدار، متوسعا في علوم الفلسفة والنجوم والأدب والترسل، كانت له في الرسائل اليد البيضاء، وفي براعته في الكتابة قيل: بدئت بعبد الحميد، وختمت بابن العميد. قصده جماعة من مشاهير الشعراء بالمدائح، منهم المتنبي، مدحه بقصيدته التي أولها: [من الكامل] باد هواك صبرت أم لم تصبرا … وبكاك إن لم يجر دمعك أو جرى (3) فأعطاه ثلاثة آلاف دينار، والألف في (أو لم تصبرا) منقلبة عن نون التأكيد الخفيفة. وكان الصاحب بن عباد من بعض أتباعه، ولأجل صحبته له قيل له: الصاحب، كذا في «تاريخ اليافعي» (4)، وأظن أن الصاحب صار لقبا للوزير، فكل من ولي الوزارة يقال له: الصاحب، والله سبحانه أعلم.

(1) «حلية الأولياء» (10/ 378)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 272)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 225)، و «العبر» (2/ 326)، و «مرآة الجنان» (2/ 373)، و «شذرات الذهب» (4/ 318). (2) «يتيمة الدّهر» (3/ 183)، و «وفيات الأعيان» (5/ 103)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 137)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 215)، و «العبر» (2/ 323)، و «مرآة الجنان» (2/ 373)، و «شذرات الذهب» (4/ 312). (3) «مرآة الجنان» (2/ 374). (4) «ديوان المتنبي» (2/ 160).

توفي ابن العميد سنة ستين وثلاث مائة، ولما مات .. رتب ركن الدولة مكانه في الوزارة ابنه أبا الفتح علي بن العميد ذا الكفايتين، وكان جليلا نبيلا سريا، ثم قبض عليه عضد الدولة في آخر الأمر، وصادره حتى تلف تحت العذاب، نسأل الله تعالى العافية. والله سبحانه أعلم ***

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والأربعون فيها: دخل الروم مدينة سروج، وفتكوا فيها وقتلوا (1). وفيها: ظهر رجل وامرأة من التناسخية، يزعم الرجل أن روح علي رضي الله عنه انتقلت إليه، وتزعم المرأة أن روح فاطمة رضي الله عنها انتقلت إليها، وآخر يدعي أنه جبريل، فضربهم الوزير المهلبي، فتعززوا بالانتماء إلى أهل البيت، وكان بعض الولاة إذ ذاك شيعيا، فأمر بإطلاقهم (2). وفيها: توفي أبو طاهر المنصور إسماعيل بن القائم بن المهدي العبيدي الباطني صاحب المغرب، وأبو الطاهر المديني، وإسماعيل الصفار، وابن الأخرم مقرئ دمشق. *** السنة الثانية والأربعون فيها: تدرّق (3) الحاج لأبي عبد الله أحمد بن علي بن عمر بن يحيى ولأبي الحسين محمد بن عبد الله العلويين (4)، وجرت بينهما وبين المصريين حرب كان الظفر فيها لهما، وأقيمت الدعوة بمكة لمعز الدولة (5). وفيها: توفي العلامة أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الصّبغي شيخ الشافعية بنيسابور، والشيخ الكبير إبراهيم بن أحمد الرقي الواعظ، شيخ الصوفية، أخذ عن الجنيد وجماعة، وأبو القاسم علي بن محمد التنوخي القاضي، وأحمد بن عبيد الهمذاني،

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 200)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 213)، و «البداية والنهاية» (11/ 268)، و «شذرات الذهب» (4/ 221). (2) «المنتظم» (8/ 267)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 213)، و «العبر» (2/ 262)، و «شذرات الذهب» (4/ 221). (3) تدرّق: تترّس، والدّرق: ترس من جلود. (4) في «الكامل في التاريخ» (7/ 206): (سيّر الحجاج الشريفان أبو الحسن محمد بن عبد الله وأبو عبد الله أحمد بن عمر بن يحيى العلويان). (5) «المنتظم» (8/ 269)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 206)، و «البداية والنهاية» (11/ 270).

السنة الثالثة والأربعون

وأبو الفضل الحسن البخاري، وعبد الرحمن الجلاّب، والناشئ الأصغر علي بن عبد الله بن وصيف الشاعر المشهور. *** السنة الثالثة والأربعون فيها: مات نوح صاحب خراسان، وقام ابنه عبد الله (1) مقامه بمعونة ابن مالك له، وتجرد بكر بن مالك لابن محتاج، وقتل رجاله (2). وفيها: توفي شيخ الكوفة أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الشيباني، وخيثمة، وعلي بن الفضل السّتوري. *** السنة الرابعة والأربعون فيها: مات أبو علي بن محتاج. وفيها: تم الصلح بين ركن الدولة وعبد الملك بن نوح (3). وفيها: ملك ديسم الكردي سلماس وأذربيجان (4)، وخطب فيها لناصر الدولة بن حمدان. وفيها: توفي العلامة أبو الفضل القشيري المصري المالكي، صاحب التصانيف في الأصول والفروع، والإمام العلامة أبو بكر محمد بن أحمد المعروف بابن الحداد، والإمام أبو النضر محمد بن محمد الطوسي الشافعي، مفتي خراسان، والحافظ أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني محدث نيسابور، وأبو زكريا يحيى بن محمد العنبري النيسابوري، وابن بويان المقرئ، وأبو يعقوب الأذرعي، وعثمان ابن السّمّاك. ***

(1) كذا في الأصول، وسيأتي اسمه (عبد الملك) في حوادث سنة (344 هـ‍)، وهو موافق لما في مصادر الحادثة. (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 208)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 218)، و «البداية والنهاية» (11/ 271). (3) كذا في «تاريخ ابن خلدون» (4/ 460)، وفي «الكامل في التاريخ» (7/ 206) كان الصلح سنة (342 هـ‍). (4) ملك ديسم الكردي سلماس سنة (342 هـ‍)، وملك أذربيجان سنة (326 هـ‍)، انظر «الكامل في التاريخ» (203/ 7، 76).

السنة الخامسة والأربعون

السنة الخامسة والأربعون فيها: غلبت الروم على طرسوس، وقتلوا، وسبوا، وأحرقوا قراها (1). وفيها: توفي أبو علي الحسن بن الحسين ابن أبي هريرة شيخ الشافعية في عصره، والحافظ العلامة أبو الحسن ابن سلمة القطان القزويني، والإمام اللغوي الزاهد صاحب ثعلب أبو عمرو محمد بن عبد الواحد البغدادي المعروف بالمطرز، والوزير محمد بن علي البغدادي الكاتب، وأحمد بن سليمان العباداني، وبكر بن محمد المروزي، وعثمان السمرقندي القيسي، ومحمد بن العباس بن نجيح، ومكرم بن أحمد، والمسعودي المؤرخ. *** السنة السادسة والأربعون فيها: قل المطر، ونقص البحر نحوا من ثمانين ذراعا، وظهر فيه جبال وجزائر لم تعرف من قبل، وأشياء لم تعهد، وكان بالري زلازل عظيمة، وخسف ببلد الطالقان في ذي الحجة، ولم يفلت من أهلها إلا نحو ثلاثين رجلا، وخسف بخمسين ومائة قرية من قرى الري فيما نقل بعض المؤرخين، قال: وعلقت قرية بين السماء والأرض نحو نصف يوم، ثم خسف بها (2). وفي يوم عاشوراء منها: توفي شيخ المغرب أبو القاسم إبراهيم بن عثمان القيرواني، والحافظ الكبير أبو يعلى عبد المؤمن بن خلف النسفي، وأبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي المروزي، والإمام وهب بن ميسرة التميمي المالكي، وأحمد بن بهراذ

(1) «المنتظم» (8/ 279)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 217)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 221)، و «مرآة الجنان» (2/ 337)، و «شذرات الذهب» (4/ 239). (2) قال الإمام الذهبي في «العبر» (2/ 276): (إنما نقلت هذا ونحوه للفرجة لا للتصديق والحجة، فإن مثل هذا الحادث الجلل لا يكفي فيه خبر الواحد الصادق، فكيف وإسناد ذلك معدوم منقطع! ! )، هذه الحوادث تنقل عن ابن الجوزي، ولكنّا لم نجد ذكر الخسف والقرية المعلقة بين السماء والأرض في كتابه «المنتظم»، ويوجد فيه ذكر نقص البحر والزلزلة، ولم نهتد إلى هذا المؤرّخ الذي نقل هذه الحوادث. «المنتظم» (8/ 285)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 219)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 223)، و «العبر» (2/ 275)، و «شذرات الذهب» (4/ 243).

السنة السابعة والأربعون

السيرافي، وأحمد بن جعفر السمسار، وابن عبدوس الطرائفي، وأبو محمد ابن فارس، وابن داسة، والأصم بن القاسم العتكي (1). وفيها: توفي الحسين علي بن محمد بن مقلة (2)، وأبو الحسين بن هارون، وسلار الديلمي صاحب أذربيجان، وأوصى إلى أخيه وهسوذان. *** السنة السابعة والأربعون فيها: فتكت الروم-خذلهم الله-ببلاد الإسلام، وقتلوا خلائق، وأخذوا عدة حصون بنواحي آمد وميّافارقين، ثم وصلوا إلى قنّسرين، فالتقاهم سيف الدولة بن حمدان فعجز عنهم، وقتلوا معظم رجاله، وأسروا أهله، ونجا هو في عدد يسير (3). وفيها: سار معز الدولة، واستولى على إقليم الجزيرة، وفر بين يديه صاحبها ناصر الدولة، فقدم على أخيه سيف الدولة بحلب، وجرت أمور طويلة، ثم إن سيف الدولة راسل معز الدولة يستعطفه، فعقد له على الموصل، وكان ناصر الدولة قد نكث بمعز الدولة مرات، ومنعه الحمل والخراج (4). وفيها: توفي الحافظ أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى صاحب «تاريخ مصر»، والحافظ أبو الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الرازي والد الحافظ تمام، والأمير تميم بن المعز الحميري، وأحمد بن سليمان ابن حذلم، وأبو علي ابن خزيمة، وحمزة العقبي، وعبد الله ابن درستويه، وأبو الميمون ابن راشد، وأبو علي ابن معروف. ***

(1) سبق قلم المصنف رحمه الله فجمع بين رجلين، الأول: أبو العباس الأصم، وقد أفرد له المصنف ترجمة في هذه العشرين، والثاني: محمد بن القاسم العتكي، ولم يترجم له، وكلاهما توفي في هذه السنة. (2) كذا في الأصول، وابن مقلة اثنان، الأول: الوزير أبو علي محمد بن علي ابن مقلة، توفي سنة (328 هـ‍)، والثاني: أخوه الحسن بن علي ابن مقلة أبو عبد الله، توفي سنة (338 هـ‍)، وقد تقدم ذكرهما في العشرين قبل هذه، فذكرهما هنا سهو، والله أعلم. (3) «المنتظم» (8/ 289)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 225)، و «العبر» (2/ 280)، و «مرآة الجنان» (2/ 340)، و «شذرات الذهب» (4/ 247). (4) «الكامل في التاريخ» (7/ 221)، و «العبر» (2/ 281)، و «مرآة الجنان» (2/ 340).

السنة الثامنة والأربعون

السنة الثامنة والأربعون فيها: ظفر الروم بسرية، فأسروها وأسروا أميرها محمد بن ناصر الدولة بن حمدان، ثم أغاروا على الرّها وحران، وقتلوا وسبوا وكروا على ديار بكر، فعمل الخطيب عبد الرحيم بن نباته خطبه الجهاديات، يحرض المسلمين على غزو الروم (1). وفيها: توفي الفقيه أحمد بن سليمان النّجّاد الحافظ شيخ الحنابلة، والشيخ الكبير أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي شيخ الصوفية ومحدثهم، وعلي بن محمد بن الزبير القرشي، ومحمد بن جعفر الأدمي. *** السنة التاسعة والأربعون فيها: أوقع غلام سيف الدولة بالروم، فقتل وأسر، وفرح المسلمون (2). وفيها: حشد سيف الدولة ودخل بلاد الروم، فأغار وفتك وسبى، وزحفت إليه جيوش الروم، فعجز عن لقائهم وكر-أو قال: فر-في ثلاث مائة، وذهبت خزائنه، وقتل جماعة من أمرائه (3). وفيها: كان إسلام الترك (4)، قال ابن الجوزي: (أسلم من الترك مائتا ألف) (5). وفيها: كانت وقعت هائلة ببغداد بين أهل السنة والرافضة، وقويت الرافضة ببني هاشم ومعز الدولة، وعطلت الصلوات في الجوامع، ثم رأى معز الدولة المصلحة في القبض على جماعة من الهاشميين، فسكنت الفتنة (6).

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 225)، و «تاريخ الإسلام» (228/ 25، 229)، و «العبر» (2/ 284)، و «مرآة الجنان» (2/ 342)، و «شذرات الذهب» (4/ 251). (2) كذا في «تاريخ الإسلام» (25/ 231)، و «العبر» (2/ 286)، و «مرآة الجنان» (2/ 342)، و «شذرات الذهب» (4/ 256) أن هذه الحادثة وقعت في هذه السنة، وفي «المنتظم» (8/ 304)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 234): وقعت هذه الحادثة سنة (350 هـ‍). (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 229)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 232)، و «العبر» (2/ 286)، و «شذرات الذهب» (4/ 256). (4) «المنتظم» (8/ 299)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 230)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 233)، و «العبر» (2/ 286)، و «مرآة الجنان» (2/ 343). (5) «المنتظم» (8/ 299). (6) «المنتظم» (8/ 299)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 230)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 231)، و «العبر» -

السنة الموفية خمسين

وفيها: ظهر إسحاق بن عيسى بن المكتفي بالله بناحية أرمينية، وتلقب بالمستجير بالله، يدعو إلى الرضى من آل محمد صلّى الله عليه وسلم، وأمر بالمعروف، ولبس الصوف، وتغلب على عدة بلاد من أذربيجان، ثم إن جستان بن السّلاّر ظفر به فقتله (1). وفيها: توفي أبو الفوارس أحمد بن محمد الصابوني السندي، الثقة المعمر، مسند ديار مصر، والفقيه العلامة أبو الوليد حسان بن محمد القرشي الأموي النيسابوري شيخ الشافعية بخراسان، والحافظ أبو علي الحسين بن علي بن يزيد النيسابوري، والحافظ أبو أحمد محمد بن أحمد العسّال قاضي أصبهان، وأحمد بن عثمان العطشي، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وابن علم. *** السنة الموفية خمسين فيها: بنى معز الدولة ببغداد دار السلطنة في غاية الحسن والكبر، يقال: إنه غرم عليها ثلاثة عشر ألف ألف درهم (2)، وقد درست آثارها في حدود الست مائة، وبقي مكانها [دحلة] (3) تأوي إليه الوحوش، وبعض أساسها موجود؛ فإنه حفر لها في الأساسات نيفا وثلاثين ذارعا (4). وفيها: تقلد أبو العباس عبد الله بن الحسن بن أبي الشوارب القضاء، وتوصل إلى ذلك بغلام لمعز الدولة اسمه: أرسلان الخامدار (5)، وقرر على نفسه في كل سنة مائة ألف درهم (6)، وكتب عليه بها كتاب يؤخذ في نجوم، وامتنع الخليفة من إمضاء ترتيبه، ولم يوصلهم إليه في موكب ولا في غيره (7)، فكان فعله هذا سببا لأن ضمنت الحسبة أيضا،

= (2/ 286)، و «شذرات الذهب» (4/ 256). (1) «المنتظم» (8/ 299)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 227)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 231). (2) ويقال: (دينار). (3) الزيادة من «العبر» (2/ 290)، والدحلة: البئر. (4) «المنتظم» (8/ 303)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 232)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 234)، و «العبر» (2/ 290)، و «شذرات الذهب» (4/ 260). (5) لم نعثر له على ترجمة، ولم نجد من ذكره فيما بين أيدينا من المصادر. (6) كذا في الأصول، وفي مصادر الحادثة: (مائتي ألف درهم). (7) العبارة في مصادر الحادثة هكذا: (وامتنع الخليفة من أن يصل إليه هذا القاضي في موكب أو غيره)، انظر مثلا «المنتظم» (8/ 304).

السنة الحادية والخمسون

وضمنت الشرطة في كل شهر من شهور الأهلة بعشرين ألف درهم (1). وفيها: توفي عبد الملك بن نوح، وأقيم أخوه منصور مقامه، وافتتنت خراسان بعده (2). وفيها: توفي أبو شجاع فاتك الكبير الرومي، المعروف بالمجنون. وفيها: توفي أبو المطرّف عبد الرحمن بن محمد الأموي الملقب بالناصر، خليفة الأندلس، والفقيه أبو علي الحسن بن القاسم الطبري، نسبة إلى طبرستان، وأبو حامد بن حسنويه، وأحمد بن كامل، وأبو سهل القطان، وإسماعيل الخطبيّ، وابن بريه الهاشمي، والقاضي أبو السائب عتبة، وابن خنب ببخارى. *** السنة الحادية والخمسون فيها: نازل طاغية الروم الدمستق عين زربة-بضم الزاي، وسكون الراء، وفتح الموحدة (3) -في مائة ألف وستين ألفا، فأخذها وقتل خلقا كثيرا لا يحصون، وأحرقها، ومات أهلها في الطرقات جوعا وعطشا إلا من نجا بأسوأ حال، وهدم حولها نحوا من خمسين حصنا، أخذ بعضها بالأمان ورجع، فجاء سيف الدولة على عين زربة، وأخذ يتلافى الأمور ويلم شعثها، واعتقد أن الطاغية لا يعود، فدهمه الملعون ونازل حلب بجيوشه، قيل: كان معه مائتا ألف رجل، منهم ثلاثون ألفا للهدم وتطريق الثلج، وأربعة آلاف بغل، وعليها حسك الحديد تجعل في الليل حول عسكره، فلم يقاومه سيف الدولة، ونجا في نفر يسير، وكانت داره ظاهر حلب، فاحتوى الملعون على ما فيها من الخزائن، وحاصر أهل حلب إلى أن انهدمت ثلمة من السور، فدخلت الروم منها، فدفعهم المسلمون عنها وبنوها، وبادرت الروم فتسلقوا وملكوا البلد، ووضعوا السيف في المسلمين حتى كلّوا، واستباحوا حلب، ولم ينج إلا من صعد القلعة، وحوصرت القلعة، فقتل ابن أخت

(1) «المنتظم» (8/ 303)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 234)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 234)، و «العبر» (2/ 290)، و «البداية والنهاية» (4/ 284). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 233)، و «البداية والنهاية» (11/ 285)، وفيه: (نوح بن عبد الملك) وهو تصحيف. (3) كذا في «مرآة الجنان» (2/ 346)، وفي «معجم البلدان» (3/ 136): (زربة: بفتح أوله).

الملك في حصارها، وأقام الملعون تسعة أيام ينهب، وقتل جماعة من بني حمدان، وعاد الدمستق خذله الله إلى بلاده (1). وفيها: أسرت الروم الأمير أبا فراس الحارث بن سعيد بن حمدان بمنبج، وبقي في أسرهم سنين (2). [وفيها]: وقعت الفتنة ببغداد، فرفعت المنافقون رءوسها، وقامت الدولة الرافضية، وكتبوا على أبواب المساجد لعن معاوية، ولعن من غصب فاطمة حقها، ولعن من نفى أبا ذر، فمحاه أهل السنة بالليل، فأمر معز الدولة بإعادته، وأشار عليه الوزير المهلبي أن يكتب: ألا لعنة الله على الظالمين لآل محمد، ولعن معاوية فقط (3). وفيها: توفي قاضي الحرمين أبو الحسين أحمد بن محمد النيسابوري شيخ الحنفية، والوزير المهلبي في قول (4)، وأبو محمد دعلج السجزي، والحافظ أبو الحسين عبد الباقي بن قانع، وعبد الله ابن الورد، والحبيبي، ومحمد بن علي بن دحيم كذا في «كتاب الذهبي» (5)، وفي «شرح التبيان لبديعة البيان» للحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي: أن أحمد بن دحيم القرطبي أحد الحفاظ والمحدثين الأيقاظ، وذكره فيمن توفي هذه السنة، فليحقق ذلك إن شاء الله تعالى (6). ***

(1) «المنتظم» (8/ 309)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 236)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 6)، و «العبر» (2/ 294)، و «مرآة الجنان» (2/ 346)، و «البداية والنهاية» (11/ 287)، و «شذرات الذهب» (4/ 268). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 241)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 8)، و «العبر» (2/ 296)، و «مرآة الجنان» (2/ 346)، و «البداية والنهاية» (11/ 288). (3) «المنتظم» (8/ 309)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 239)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 8)، و «مرآة الجنان» (2/ 346)، و «البداية والنهاية» (11/ 289). (4) نعم؛ ذكر في وفيات سنة (351 هـ‍)، وفي «المنتظم» (8/ 311) و «البداية والنهاية» (11/ 289). (5) «سير أعلام النبلاء» (16/ 38) و «تاريخ الإسلام» (26/ 65). (6) ابن دحيم هذا غير الأول، فالأول الذي ذكره الذهبي هو: محمد بن علي بن دحيم الكوفي، وقد توفي في هذه السنة، وأما الثاني .. فهو الذي ذكره ابن ناصر الدين الدمشقي، وهو: أحمد بن دحيم بن خليل القرطبي، توفي سنة (338 هـ‍)، انظر ترجمته في «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 47) و «جذوة المقتبس» (ص 114) و «تاريخ الإسلام» (25/ 153).

السنة الثانية والخمسون

السنة الثانية والخمسون في يوم عاشوراء منها: ألزم معز الدولة أهل بغداد النوح والمآتم، وأمر بإغلاق الأسواق، وعلّقت عليها المسوح، ومنع الطباخين من عمل الأطعمة، وخرجت نساء الرافضة منشرات الشعر، مسخمات الوجوه، يلطمن ويفتن الناس، قيل: وهذا أول ما نيح فيه على الحسين رضوان الله عليه ورضي الله عن الصحابة أجمعين (1). وفي ثامن عشر ذي الحجة منها: عملت الرافضة عيد الغدير غدير خم-بضم الخاء المعجمة-ودقت الكوسات، وصلوا بالصحراء صلاة العيد (2). وفيها: قلّد أبو بشر عمر بن أكثم القضاء بغير رزق، وعفي عما كان تحمله ابن أبي الشوارب، وأمر بألاّ تمضى أحكامه وسجلاته (3). وفيها-أو في التي قبلها-: مات الوزير أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي وزير معز الدولة ابن بويه، والزاهي علي بن إسحاق البغدادي الشاعر المشهور، وابن المنجم علي بن أبي عبد الله الشاعر المشهور، والحافظ أبو القاسم خالد بن سعد أحد أركان الحديث بالأندلس، وابن مالك الإسكافي. *** السنة الثالثة والخمسون فيها: توجه معز الدولة من بغداد إلى الموصل لمحاربة أمير الموصل ناصر الدولة، وخرج من الموصل، فلما تجاوزها معز الدولة إلى نصيبين .. خالفه ناصر الدولة إلى الموصل، وأوقع بأصحابه، وأسر وجوههم، وأسر عدة من الأتراك، واستولى على حواصل معز الدولة وثقله، واستأمن إليه عالم من الديلم، فأحرق أتراسهم، وأعطى كل واحد منهم عشرة دراهم وصرفهم، ثم إن أبا تغلب بن ناصر الدولة سأله عقد البلاد عليه،

(1) «المنتظم» (8/ 319)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 245)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 11)، و «البداية والنهاية» (11/ 292)، و «شذرات الذهب» (4/ 273). (2) «المنتظم» (8/ 319)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 245)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 12)، و «البداية والنهاية» (11/ 292)، و «شذرات الذهب» (4/ 273). (3) «المنتظم» (8/ 319)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 245)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 11)، و «العبر» (2/ 300).

السنة الرابعة والخمسون

وضمن البقايا بست مائة ألف درهم، والأربع سنين المستقبلة كل سنة ستة آلاف ومائتا درهم، فعاد معز الدولة إلى بغداد (1). وفيها: توفي الحافظ أبو سعيد أحمد بن محمد بن السيد الجليل أبي عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري النيسابوري، والحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة، وأبو الفوارس شجاع بن جعفر الواعظ ببغداد، وقد قارب المائة، والحافظ أبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري الدمشقي، وأبو عيسى بكار، وأبو علي سعيد ابن السكن، وأبو محمد الفاكهي، وعلي ابن أبي العقب. *** السنة الرابعة والخمسون فيها: ورد الخبر بأن أبا عبد الله بن الداعي لما وصل إلى بلاد الديلم .. اجتمع إليه عشرة آلاف رجل، وتلقب بالمهدي لدين الله، وهرب ابن ناصر الدولة (2). وفيها: فتح الروم المصيصة، وقتلوا ما شاءوا، ثم لما ضجروا من القتل .. ساقوا بين أيديهم نحو مائتي ألف إنسان، ثم فتحوا طرسوس سلما (3). وفيها: دخل نافع صاحب عمان في طاعة معز الدولة، فوثب أهل البلد به، وأخرجوه وسلموه إلى أصحاب هجر القرامطة (4). وفيها: توفي الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي، والمحدث محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي الشافعي، وأبو بكر بن مقسم، وأبو بكر الشافعي (5)، وأبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن المعروف بالمتنبي، الشاعر. ***

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 247)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 13)، و «العبر» (2/ 302)، و «مرآة الجنان» (2/ 350). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 250)، و «البداية والنهاية» (11/ 303)، ولكن ذكرت هذه الحادثة عندهما في سنة (353 هـ‍). (3) «المنتظم» (8/ 330)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 250)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 18)، و «العبر» (2/ 305)، و «البداية والنهاية» (11/ 303). (4) «الكامل في التاريخ» (7/ 258). (5) أبو بكر الشافعي هو نفسه المحدث محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي الشافعي الذي ذكر قبله.

السنة الخامسة والخمسون

السنة الخامسة والخمسون فيها: أخذ بنو سليم ركب مصر والشام، وهلك الناس، وتمزقوا في البراري (1). وفيها: ملك ركن الدولة أذربيجان، وانصرف عنها وهسوذان، وكان متولي فتحها أبو الفضل بن العميد، ثم إن ركن الدولة سلمها إلى ابن أخيه إبراهيم بن المرزبان؛ لأنه استنجد به على عمه وهسوذان، وأشار عليه أبو الفضل بن العميد بأن يصطفيها لنفسه ويعوض إبراهيم عنها فلم يفعل، وأنف أن يرمى بعين الشره إليها (2). وفيها: ابتدأ معز الدولة ببناء المارستان الجديد ببغداد، فمات وقد بنيت المنساة (3). وفيها: توفي الحافظ أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سليم التميمي البغدادي، وأبو الحكم منذر بن سعيد البلوطي قاضي الجماعة بقرطبة. وفيها: أبو مسلم محمد بن معمر بن ناصح الذهلي الأديب بأصبهان. *** السنة السادسة والخمسون فيها: أقامت الرافضة المأتم على الحسين على العادة المارة في هذه السنوات (4). وفيها: توفي السلطان معز الدولة أحمد بن بويه، وعقدت الولاية لابنه عز الدولة بختيار، فصمم صاحب خراسان على حرب بني بويه ومناجزتهم، وجمع لهم الجيوش، وجعل يديرها وشمكير؛ لخلوصه في عداوتهم، فاستمد (5) ركن الدولة ابنه عضد الدولة وبختيار بن معز الدولة، وخاف بنو بويه البراز، فاتفق على أن علا وشمكير خنزير وهو غافل، فشبت به الفرس، فسقط وهلك (6).

(1) «المنتظم» (8/ 341)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 265)، و «العبر» (2/ 308)، و «شذرات الذهب» (4/ 288). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 262). (3) «المنتظم» (8/ 341)، و «البداية والنهاية» (11/ 312). (4) «المنتظم» (8/ 347)، و «العبر» (2/ 309)، و «البداية والنهاية» (11/ 314). (5) أي: طلب منهما المدد والمعونة. (6) «المنتظم» (8/ 347)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 267)، و «العبر» (2/ 309)، و «البداية والنهاية» (11/ 314).

السنة السابعة والخمسون

وفيها: قبض أبو تغلب بن ناصر الدولة على أبيه، واعتقله في قلعته، وعقدت عليه أعماله بألف ألف ومائتي ألف درهم (1). وفيها: مات الأمير سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي الجزري صاحب الشام، توفي بحلب، وأبو الفرج علي بن الحسين القرشي الأموي المرواني الأصبهاني، مصنف كتاب «الأغاني» وغيره. وفيها-وقيل: في التي بعدها-: توفي أبو المسك كافور الحبشي الأسود الخادم الإخشيذي، صاحب الديار المصرية وغيرها، والإمام أبو محمد أحمد بن عبد الله الهروي المغفّلي بفتح الغين المعجمة والفاء المشددة، والأديب أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي النحوي الأخباري، وأبو محمد المزني، وأبو علي القالي (2)، وحامد الرفاء، والعباس الرّافقي. وفيها: مات الحسن بن الفيرزان صاحب جرجان، وأبو علي محمد بن إلياس صاحب كرمان، وأقام ابنه اليسع مقامه. وفيها: مات أبو جعفر محمد بن يحيى بن شيرزاد المسمول عن سن عالية (3)، والقاضي أبو نصر يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف. *** السنة السابعة والخمسون فيها: لم يحج الركب؛ لفساد الوقت وموت السلاطين في الشهور الماضية (4). وفيها: هلك الغزاة الخراسانية بدرب الروم، وكانوا أربعين ألفا، فلم يفلت منهم أحد. وفيها: توفي أبو سعيد النخعي النّسوي صاحب التصانيف، والحافظ المحدث عمر بن جعفر البصري، وحمزة الكناني، وعبد الله بن الحسين النضري، وابن محرم، والخليفة المتقي لله.

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 270)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 28). (2) أبو علي القالي هو نفسه الأديب أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي الذي تقدم قبله. (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 289)، وقد ذكر وفاته في سنة (358 هـ‍). (4) «المنتظم» (8/ 353)، و «العبر» (2/ 313)، و «مرآة الجنان» (2/ 369).

السنة الثامنة والخمسون

وفيها: قتل أبو فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان، ابن عم سيف الدولة، والقاضي عمر بن أكثم، وأبو إسحاق القراريطي. *** السنة الثامنة والخمسون فيها: كان خروج الروم من الثغور، فأغاروا وقتلوا وسبوا، ووصلوا إلى حمص، وعظم المصاب (1). وفيها: جاءت المغاربة مع القائد جوهر المغربي، فأخذوا ديار مصر، وأقاموا الدعوة لبني عبيد الرافضة، مع أن الدولة بالعراق في هذه المدة رافضية، وشعارهم قائم يوم عاشوراء ويوم العيدين، وستأتي قصة دخول جوهر مصر إن شاء الله تعالى (2). وفيها: توفي ناصر الدولة الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان التغلبي، صاحب الموصل، وأبو القاسم زيد بن علي العجلي الكوفي شيخ الإقراء ببغداد، ومحمد بن إبراهيم القرشي الدمشقي محدث دمشق. *** السنة التاسعة والخمسون فيها: توفي الإمام أحمد بن محمد المعروف بابن القطان، الشافعي، وأحمد بن بندار الشعار مسند أصبهان، وأحمد بن يوسف بن خلاد النّصيبيني، وأبو علي ابن الصواف البغدادي، وحبيب القزاز. *** السنة الموفية ستين بعد الثلاث مائة فيها: أصاب الخليفة العباسي المطيع لله فالج أبطل نصفه، وثقل لسانه (3).

(1) «المنتظم» (8/ 359)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 285)، و «العبر» (2/ 316)، و «شذرات الذهب» (4/ 304). (2) انظر (3/ 199)، وانظر الحادثة في «الكامل في التاريخ» (7/ 280)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 43)، و «العبر» (2/ 316)، و «شذرات الذهب» (4/ 304). (3) «المنتظم» (8/ 367)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 47)، و «العبر» (2/ 320)، و «شذرات الذهب» (4/ 308).

وفيها: أقامت الشيعة عاشوراء باللطم والعويل والأتراح، وعيد الغدير بالكوسات (1) واللهو والأفراح (2). وفيها: توفي جعفر بن فلاح الكثامي، والحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني، والحافظ أبو عمرو ابن مطر النيسابوري، والفقيه المحدث محمد بن الحسين الآجري البغدادي، والشريف أبو القاسم بن أبي يعلى الهاشمي، والشيخ العارف أبو الحسن ابن سالم البصري، والوزير أبو الفضل محمد بن الحسين، المعروف بابن العميد، وزير ركن الدولة ابن بويه، وأبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الفارسي الرامهرمزي، وعبد الله بن جعفر الموصلي الجابري، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر المروزي الجوهري، وأبو جعفر الرّوذراوري محمد بن عبد الله بن برزة، حدث بهمذان. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) في هامش (ت): (بالضم جمع كوس، وهو الطبل). (2) «المنتظم» (8/ 368)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 47)، و «العبر» (2/ 320)، و «شذرات الذهب» (4/ 308).

العشرون الرابعة من المائة الرابعة

العشرون الرابعة من المائة الرابعة [الاعلام] 1622 - [ابن الحارث القيرواني] (1) محمد بن الحارث القيرواني الأندلسي الحافظ، مصنف كتاب «الاختلاف والافتراق» في مذهب مالك، وكتاب «الفتيا»، وكتاب «تاريخ الأندلس»، وكتاب «تاريخ إفريقية»، وكتاب «النسب». توفي سنة إحدى وستين وثلاث مائة. 1623 - [أبو حامد المرورّوذي] (2) أحمد بن عامر الشافعي أبو حامد المرورّوذي، الإمام الكبير، صاحب التصانيف، وصاحب أبي إسحاق المروزي. تفقه به أهل البصرة. وتوفي سنة اثنتين وستين وثلاث مائة. 1624 - [أبو إسحاق المزكّي] (3) أبو إسحاق المزكّي النيسابوري. قال الحاكم: هو شيخ نيسابور في عصره، وكان من العباد المجتهدين الحجّاجين، المنفقين على العلماء والفقراء، وكان مثريا متمولا. توفي سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، ودفن بنيسابور.

(1) «تاريخ علماء الأندلس» (2/ 114)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 165)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 283)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1001)، و «مرآة الجنان» (2/ 375)، و «شذرات الذهب» (4/ 325). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 69)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 166)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 287)، و «العبر» (2/ 332)، و «مرآة الجنان» (2/ 375)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 12)، و «شذرات الذهب» (4/ 327). (3) «المنتظم» (8/ 375)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 163)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 289)، و «العبر» (2/ 333)، و «مرآة الجنان» (2/ 375)، و «شذرات الذهب» (4/ 328).

1625 - [ابن هاني الأندلسي]

1625 - [ابن هاني الأندلسي] (1) محمد بن هاني الأندلسي الشاعر المشهور، قيل: إنه من ولد يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، وقيل: هو من ولد روح بن حاتم أخي يزيد المذكور. كان أبوه هاني من قرية من قرى المهدية بإفريقية، وكان شاعرا أديبا، فانتقل إلى الأندلس، فولد بها محمد المذكور بمدينة إشبيلية، وحظي عند ملكها، وكان منتهكا للمحرمات، منهمكا في اللذات، متهما بالعقائد الفلسفيات، فلما اشتهر ذلك عنه .. نقم عليه أهل إشبيلية، وساءت المقالة في حق الملك بسببه، واتهم بمذهبه، فأشار الملك عليه بالغيبة من البلد مدة ينسى فيها خبره، فانفصل عنها وعمره حينئذ سبع وعشرون سنة، وحديثه يطول، وخلاصته: أنه خرج فلقي جوهرا القائد مولى منصور، فامتدحه، ولم يزل يرحل ويمتدح ولاة الأمر إلى أن نمي خبره إلى المعز أبي تميم معدّ بن المنصور العبيدي، فلما انتهى إليه .. بالغ في الإنعام عليه، ثم توجه المعز إلى الديار المصرية-كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى (2) - فشيعه ابن هاني المذكور، ورجع إلى المغرب؛ لأخذ عياله والالتحاق به، فتجهز وتبعه، فلما وصل برقة .. أضافه شخص من أهلها، فأقام عنده أياما في مجلس الأنس، فيقال: إنهم عربدوا عليه فقتلوه. وقيل: إنه خرج من تلك الدار وهو سكران، فنام في الطريق، وأصبح ميتا، ولم يعرف سبب موته. وقيل: إنه وجد في سانية من سواني برقة مخنوقا بتكة سراويله، وذلك لسبع ليال بقين من رجب سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، وعمره ست وثلاثون سنة، وقيل: اثنتان وأربعون سنة، ولما بلغ المعزّ وفاته وهو بمصر .. أسف عليه كثيرا وقال: هذا الرجل كنا نرجو أن نفاخر به شعراء المشرق، فلم يقدر لنا ذلك.

(1) «جذوة المقتبس» (ص 89)، و «وفيات الأعيان» (4/ 421)، و «معجم الأدباء» (7/ 67)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 131)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 299)، و «العبر» (2/ 334)، و «مرآة الجنان» (2/ 375)، و «شذرات الذهب» (4/ 329). (2) انظر (3/ 199).

وله في المعز غرر القصائد، فمن ذلك قصيدته النونية التي أولها: [من الكامل] هل من أعقّة عالج يبرين … أم منهما بقر الحدوج العين (1) ولمن ليال ما ذممنا عهدها … مذ كنّ إلا أنهن شجون المشرقات كأنهن كواكب … والناعمات كأنهن غصون أدمى لها المرجان صفحة خدّه … وبكى عليها اللؤلؤ المكنون (2) يقال: إن أبا العلاء المعري كان إذا سمع شعره .. قال: ما أشبّهه إلا برحى تطحن قرونا؛ لأجل القعقعة في ألفاظه، ويزعم أنه لا طائل تحت تلك الألفاظ. قال ابن خلكان: (ولعمري؛ ما أنصفه في هذا المقال، وما حمله على هذا إلا فرط تعصبه للمتنبي، قال: وبالجملة فما كان إلا من المحسنين في النظم، وديوانه كبير، ولولا ما فيه من الغلو في المدح والإفراط المفضي إلى الكفر .. لكان من أحسن الدواوين، وليس في متقدمي المغاربة ولا متأخريهم من هو في طبقته، بل هو أشعرهم على الإطلاق، وهو عندهم كالمتنبي عند المشارقة، وكانا متعاصرين) (3). يحكى أن المتنبي وصل إلى قابس؛ ليمدح صاحبها، فخيم بإزاء قصر صاحب قابس، وهو في زي أمير في الحشمة والغلمان والخدم والخيل والأتباع والحشم، ففزع صاحب قابس من ذلك وسأل عنه، فلما قيل له: إنه شاعر أتى ليمدحك .. كره ذلك وقال: بأي شيء يرضى صاحب هذه الهيئة ويقنعه من الجائزة؟ فقال شاعره: أنا أرده عنك-قال ابن خلكان: وغالب ظني أنهم قالوا: إنه ابن هاني المذكور-فقال له: بأي وجه ترده عني؟ فقال: بوجه جميل، فقال: افعل، فأخذ شاة رديئة، ولبس لباس بدوي، وجعل يقود الشاة متوجها إلى جهة منزل المتنبي وهو في مخيم كأنه مخيم أمير، فلما قرب منه .. قال: طرقوا لي إلى الأمير، فضحكوا عليه وتعجبوا منه، فلما وصل إليه وهو يقود الشاة في تلك الهيئة التي اتصف بها هو وشاته .. ضحك منه هو ومن حوله وقال له: ما هذه الشاة؟ قال:

(1) في هامش (ت): (أعقة: جمع عقيق، وهو الوادي. ويبرين: رمل لا تدرك أطرافه عن يمين مطلع الشمس من حجر اليمامة، أو قرية قريب حلب، والمراد هنا الأول، وقد يقال بالرفع: يبرون. الحدوج: جمع حدج بالكسر، وهو مركب النساء). (2) انظر «ديوان ابن هاني الأندلسي» (ص 350). (3) «وفيات الأعيان» (4/ 424).

1626 - [الشهيد ابن النابلسي]

هذه جائزتي من الملك، قال: جائزة؟ ! قال: نعم، قال: جائزة علام ذا؟ قال: على مدحي له، فتعجب من ذلك وقال: عسى أن تكون جائزته على قدر مدحه، ثم قال له: أسمعني مدحك له، كيف قلت فيه؟ قال: قلت: ضحك الزمان وكان قدما عابسا … لما فتحت بجد عزمك قابسا أنكحتها عذرا وما أمهرتها … إلا قنى وصوارما وفوارسا من كان بالسّمر العوالي خاطبا … جلبت له بيض الحصون عرائسا (1) فتحير المتنبي عند سماع شعره وقال: أنا ما أقدر أقول مثل هذا الذي أجازه عليه بهذه الشاة، فارتحل راجعا من حيث جاء. قال الشيخ اليافعي: (كذا حكى لي بعض أهل الخبرة ممن له إلمام ومعرفة ببعض الشعراء من جهة المغرب، أو ما يقرب منها، بهذا اللفظ، أو ما يقرب من معناه، ولكن ما رأيت أحدا من المؤرخين ذكر للمتنبي دخولا إلى بلاد المغرب) (2). واعلم: أن محمد بن هاني هذا ليس هو أخا لأبي نواس بن هاني كما توهمه بعضهم؛ فإنهما وإن اتفقا في اسم الأبوين فيفترقان في التاريخ والنسب والبلد؛ فإن محمد بن هاني صاحب الترجمة أزدي مغربي أندلسي متأخر الوفاة، وأبو نواس الحسن بن هاني حكمي عراقي بغدادي متقدم الوفاة، توفي سنة ست وتسعين ومائة، فبين وفاتيهما مائة وست وسبعون سنة، والأخوان لا يتباعد ما بين موتهما هذا التباعد، كذا قاله ابن خلكان (3). 1626 - [الشهيد ابن النابلسي] (4) أبو الحسين (5) محمد بن أحمد بن سهل الرملي الحافظ. كان عابدا صالحا زاهدا، قوالا بالحق، قال: لو كان معي عشرة أسهم .. لرميت الروم

(1) تنسب هذه الأبيات إلى ابن محمد خطيب سوسة، كذا في «الكامل في التاريخ» (8/ 402)، و «وفيات الأعيان» (3/ 322). (2) «مرآة الجنان» (2/ 378). (3) «مرآة الجنان» (2/ 377). (4) «سير أعلام النبلاء» (16/ 148)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 310)، و «العبر» (2/ 336)، و «مرآة الجنان» (2/ 379)، و «شذرات الذهب» (4/ 337). (5) كذا في الأصول، وفي مصادر الترجمة: (أبو بكر).

1627 - [الحافظ ابن السمسار]

بسهم، ورميت بني عبيد بتسعة، فبلغ ذلك القائد جوهر، فلما ظفر به .. قرره، فاعترف وأغلظ لهم، فقتلوه، قتل بأمر المعز صاحب مصر، وذلك في سنة ثلاث وستين وثلاث مائة. 1627 - [الحافظ ابن السمسار] (1) أبو العباس محمد بن موسى بن الحسين الدمشقي، المعروف بابن السمسار. حدث عن محمد بن خريم، وابن جوصا، وابن مخلد وغيرهم. وعنه أخوه أبو الحسن محمد بن السمسار، وتمام الرازي وغيرهما. وكان ثقة نبيلا حافظا جليلا محدث الشام. توفي سنة ثلاث وستين وثلاث مائة. 1628 - [النعمان العبيدي] (2) أبو حنيفة النعمان بن محمد، صاحب المعز العبيدي وقاضيه. ذكر بعض المؤرخين (3): أنه كان من العلم والفقه والدين والنبل ما لا مزيد عليه، وأنه كان في غاية الفضل، من أهل القرآن والعلم بمعانيه، عالما بوجوه الفقه وعلم اختلاف الفقهاء واللغة والشعر والمعرفة بأيام الناس مع عقل وإنصاف. كان مالكي المذهب، ثم انتقل إلى مذهب الإمامية، وصنف كتاب «ابتداء الدعوة للعبيديين» وكتاب «الأخبار في الفقه» وكتاب «اختلاف أصول المذاهب»، وعمل في المناقب والمثالب كتابا حسنا، وله رد على المخالفين: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وابن سريج، وكتاب «اختلاف الفقهاء» ينتصر فيه لأهل البيت، وقصيدة فقهية، وألف لأهل البيت من الكتب آلاف أوراق، بأحسن تأليف وأملح سجع، وكان ملازما صحبة المعز

(1) «سير أعلام النبلاء» (16/ 325)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 314)، و «العبر» (2/ 337)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 984)، و «مرآة الجنان» (2/ 379)، و «شذرات الذهب» (4/ 337). (2) «وفيات الأعيان» (5/ 415)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 150)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 315)، و «العبر» (2/ 337)، و «مرآة الجنان» (2/ 379)، و «شذرات الذهب» (4/ 338). (3) نقله ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (5/ 416) عن ابن زولاق في كتاب «أخبار قضاة مصر».

1629 - [الخليفة المطيع لله]

العبيدي، ووصل معه إلى الديار المصرية، ومات بها سنة ثلاث وستين وثلاث مائة، وصلّى عليه المعز. 1629 - [الخليفة المطيع لله] (1) الخليفة المطيع لله أبو القاسم الفضل بن جعفر المقتدر بن المعتضد العباسي. ولد في سنة إحدى وثلاث مائة، وبويع لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين يوم قبض على المستكفي، وفلج في سنة ستين؛ أصابه فالج أبطل نصفه وثقل لسانه، وأخفى ذلك إلى سنة ثلاث وستين، فخرج لفتنة وقعت ببغداد؛ لينحدر إلى واسط، فأعاده سبكتكين، ووكل به توكيلا جميلا. ثم ظهر له عجزه بسبب ما أصابه من الفالج، فألزمه أن يخلع نفسه (2)، ويسلم الأمر إلى ولده أبي الفضل (3) عبد الكريم الطائع لله، ففعل وخلع نفسه، وولي الطائع الخلافة في ثالث عشر ذي القعدة في سنة ثلاث وستين. وتوفي بدير العاقول لثمان بقين من المحرم سنة أربع وستين وثلاث مائة، فمدة ولايته تسع وعشرون سنة ونحو أربعة أشهر، وعمره ستون سنة إلا أياما (4)، واستولى بنو بويه على الملك، وصار الوزراء لهم من ذلك الوقت. 1630 - [الأمير جعفر الأندلسي] (5) جعفر بن علي بن أحمد بن حمدان الأندلسي الأمير.

(1) «تاريخ بغداد» (12/ 375)، و «المنتظم» (8/ 398)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 318)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 328)، و «العبر» (2/ 340)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 113)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 471)، و «شذرات الذهب» (4/ 341). (2) في «تاريخ بغداد» (12/ 375)، و «المنتظم» (8/ 368)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 328): أن المطيع خلع نفسه غير مكره. (3) في «تاريخ بغداد» (12/ 375) و «تاريخ الإسلام» (26/ 328)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 479): (أبو بكر). (4) في «المنتظم» (8/ 398) و «سير أعلام النبلاء» (16/ 118): توفي وعمره ثلاث وستون سنة، وهو الصحيح؛ لأن ولادته كانت سنة (301 هـ‍)، وتوفي سنة (364 هـ‍). (5) «وفيات الأعيان» (1/ 360)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 322)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 116)، و «مرآة الجنان» (2/ 380).

1631 - [الحافظ أبو بكر ابن السني]

كان سخيا مؤثرا لأهل العلم، كثير العطاء، وفيه يقول محمد بن هاني الأندلسي: [من الكامل] المدنفان من البرية كلها … جسمي وطرف بابليّ أحور والمشرقات النيرات ثلاثة … الشمس والقمر المنير وجعفر (1) قال الشيخ اليافعي: (وكأنه استقى من منهل الشاعر الذي يقول: [من البسيط] ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها … شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر) (2) توفي الأمير المذكور سنة أربع وستين وثلاث مائة. 1631 - [الحافظ أبو بكر ابن السّنّي] (3) أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط الهاشمي الجعفري مولاهم، الدينوري، أبو بكر بن السّنّي. حدث عن النسائي، وزكريا الساجي، وأبي عروبة الحراني. وعنه أحمد بن الحسين بن الكسار، وحمد (4) بن عبد الله الأصبهاني. وكان إماما حافظا خيرا ثبتا، اختصر «سنن النسائي» وسماه «المجتبى»، وصنف كتاب «عمل اليوم والليلة». قال ابنه أبو علي الحسن بن أحمد: كان أبي يكتب الحديث، فوضع القلم في أنبوبة المحبرة، ورفع يديه يدعو الله عزّ وجل، فمات رحمه الله في سنة أربع وستين وثلاث مائة. 1632 - [أبو هاشم السّلمي] (5) عبد الجبار بن عبد الصمد السّلمي أبو هاشم المؤدّب.

(1) انظر «ديوان ابن هاني» (ص 165). (2) «مرآة الجنان» (2/ 381). (3) «سير أعلام النبلاء» (16/ 255)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 318)، و «العبر» (2/ 338)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 939)، و «مرآة الجنان» (2/ 380)، و «شذرات الذهب» (4/ 339). (4) في «سير أعلام النبلاء» (16/ 256): (أحمد). (5) «سير أعلام النبلاء» (16/ 152)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 325)، و «العبر» (2/ 339)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 37)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 109)، و «شذرات الذهب» (4/ 340).

1633 - [الحافظ ابن الخشاب]

حدث عن ابن خريم وابن عبادل وغيرهما، وعنه تمام الرازي وغيره. وكتب جملة كتب، وصار عنده من المصنفات شيء كثير. وتوفي سنة أربع وستين وثلاث مائة. 1633 - [الحافظ ابن الخشاب] (1) أحمد بن القاسم بن عبد الله (2) بن مهدي أبو الفرج البغدادي. نزل طرسوس، وأقام بدمشق، وحدث عن عبد الله بن أبي داود، وعبد الله بن محمد البغوي وغيرهما. وكان أحد الحفاظ المفيدين. توفي سنة أربع وستين وثلاث مائة. 1634 - [ابن نجيد الصوفي] (3) إسماعيل بن نجيد النيسابوري، الشيخ الكبير، شيخ الصوفية بخراسان. أنفق أموالا على الزهاد والعلماء، وصحب الجنيد، وأبا عثمان الحيري، وسمع محمد بن إبراهيم البوشنجي، وأبا مسلم الكجّي، وطبقتهما. وكان صاحب أحوال ومناقب. توفي سنة خمس وستين وثلاث مائة (4).مذكور في الأصل.

(1) «تاريخ بغداد» (5/ 116)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 317)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 151)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 292)، و «شذرات الذهب» (4/ 339). (2) كذا في الأصول، وفي «سير أعلام النبلاء» (16/ 151)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 317)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 292): (عبيد الله). (3) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 454)، و «المنتظم» (8/ 406)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 335)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 146)، و «مرآة الجنان» (2/ 381)، و «البداية والنهاية» (11/ 346)، و «شذرات الذهب» (4/ 343). (4) في «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 454)، و «المنتظم» (8/ 406)، و «البداية والنهاية» (11/ 346): توفي سنة (366 هـ‍).

1635 - [الحافظ الماسرجسي]

1635 - [الحافظ الماسرجسي] (1) أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن ماسرجس الماسرجسي النيسابوري، الحافظ الكبير. رحل إلى العراق ومصر والشام، وسمع جده، وابن خزيمة، ومحمد بن إسحاق السراج وغيرهم، وحدث عنه الحاكم وغيره. وكان إماما ثقة مأمونا، صنف «المسند الكبير» مهذبا معللا، وهو في نحو سبعين مجلدا تقريبا. قال الحاكم: عندي أنه لم يصنف في الإسلام أكبر منه، وجمع حديث الزهري جمعا لم يسبق إليه، وكان يحفظه مثل الماء، وصنف كتابا على «البخاري»، وآخر على «مسلم»، وكان أحد الأئمة المحررين. وتوفي سنة خمس وستين وثلاث مائة. 1636 - [الحافظ الكبير ابن عديّ] (2) عبد الله بن عدي بن عبد الله بن مبارك بن القطان الجرجاني أبو أحمد. سمع النسائي، وأبا خليفة الجمحي، والحسن بن سفيان وغيرهم، يقال: إن شيوخه يزيدون على ألف شيخ. وروى عنه ابن عقدة من شيوخه، وحمزة السهمي وغيرهما. وكان إماما كبيرا حافظا ثقة مأمونا، صنف «كتاب الكامل» في الجرح والتعديل، وهو كتاب حافل جليل، وله كتاب على «مختصر المزني» سماه «الانتصار»، وله «معجم شيوخه الأخيار». توفي سنة خمس وستين وثلاث مائة.

(1) «المنتظم» (8/ 402)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 287)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 337)، و «العبر» (2/ 342)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 955)، و «مرآة الجنان» (2/ 381)، و «البداية والنهاية» (11/ 340)، و «شذرات الذهب» (4/ 344). (2) «المنتظم» (8/ 402)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 342)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 154)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 339)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 940)، و «البداية والنهاية» (11/ 341)، و «شذرات الذهب» (4/ 344).

1637 - [القفال الشاشي الكبير]

1637 - [القفال الشاشي الكبير] (1) محمد بن علي بن إسماعيل أبو بكر القفال الكبير الشاشي. ولد سنة إحدى وتسعين ومائتين، وسمع من ابن خزيمة، ومحمد بن جرير، وأبي القاسم البغوي وغيرهم. ولم يثبت ابن الصلاح ملاقاته لابن سريج (2)، قال: بل مات ابن سريج قبل دخول القفال بغداد، فأخذ عن أبي الليث الشالوسي عن ابن سريج، وأما اليافعي وغيره (3) .. فذكروا أنه أخذ عن ابن سريج. وكان فقيها محدثا أصوليا لغويا شاعرا، لم يكن بما وراء النهر للشافعية مثله. رحل إلى العراق والشام والحجاز والثغور وخراسان. روى عنه الحاكم أبو عبد الله، وأبو عبد الله بن منده، وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهم من الأئمة. وتوفي سنة ست وستين وثلاث مائة، كما قاله ابن السمعاني في موضع (4). وقال الحاكم: سنة خمس وستين وثلاث مائة، ووافقه ابن السمعاني في موضع آخر (5). وعند الشيخ أبي إسحاق: أنه توفي سنة ست وثلاثين (6). قال بعضهم: ووهم من قال بذلك، بل المعروف: أنه بقي إلى الستين. وهو والد القاسم صاحب «التقريب»، وقيل: إن «التقريب» له، ولأجل الشك في مصنفه يقال: قال صاحب «التقريب». واعلم: أن هذا قفال شاشي، ولهم قفال غير شاشي، وهو عبد الله بن أحمد المروزي

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 200)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 283)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 345)، و «العبر» (2/ 344)، و «مرآة الجنان» (2/ 381)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 200)، و «شذرات الذهب» (4/ 345). (2) انظر «طبقات الفقهاء الشافعية» لابن الصلاح (1/ 229). (3) انظر «مرآة الجنان» (2/ 382)، و «وفيات الأعيان» (4/ 200). (4) انظر «الأنساب» (3/ 375). (5) انظر «الأنساب» (4/ 533). (6) انظر «طبقات الفقهاء» (ص 112).

1638 - [المعز العبيدي]

شيخ المراوزة، متأخر الوفاة، أخذ عنه القاضي حسين، والشيخ أبو محمد الجويني وغيرهما، وتوفي سنة سبع عشرة وأربع مائة. ولهم شاشي غير القفال، وهو فخر الإسلام محمد بن أحمد، مصنف «المستظهري»، أخذ عن الشيخ أبي إسحاق، وابن الصباغ، وتوفي سنة سبع وخمس مائة، والله سبحانه أعلم. 1638 - [المعزّ العبيدي] (1) المعز لدين الله أبو تميم معد بن المنصور إسماعيل بن القائم بن المهدي العبيدي، صاحب المغرب والديار المصرية. لما افتتح مولاه جوهر سجلماسة مع فاس وسبتة إلى البحر المحيط، وخطب له في جميع بلدان المغرب، وبلغه موت كافور الإخشيذي صاحب مصر .. جهز جوهرا المذكور بالجيوش والأموال، قيل: خمس مائة ألف ألف دينار، وأنفقها على جميع قبائل العرب حتى البربر، فأخذ جوهر الديار المصرية، وبنى القاهرة المعزية، ووصلت البشائر إليه في رمضان سنة ثمان وخمسين بفتح الديار المصرية، ودخول عساكره إليها، وانتظام الحال بمصر والشام والحجاز، وإقامة الدعوة له بهذه المواضع، فسر بذلك سرورا عظيما، واستخلف على إفريقية، وخرج متوجها إلى ديار مصر بأموال جمة جليلة المقدار، ورجال عظيمة الأخطار، فدخل الإسكندرية لست بقين من شعبان سنة اثنتين وستين، وركب فيها ودخل الحمام، وقدم عليه قاضي مصر أبو طاهر وأعيان أهل البلاد، وسلموا عليه، وجلس لهم عند المنارة، وخاطبهم بخطاب طويل ذكر فيه: أنه لم يرد دخول مصر لزيادة في ملكه ولا لمال، وإنما أراد إقامة الحج والجهاد، وأن يختم عمره بالأعمال الصالحة، ويعمل بما أمر به جده صلّى الله عليه وسلم، ووعظهم حتى بكى بعض الحاضرين، وخلع على القاضي وبعض الجماعة، ثم ودعوه وانصرفوا، ورحل عنها في آخر شعبان، فنزل يوم السبت ثاني شهر رمضان على جزيرة ساحل مصر بالجيزة، فخرج إليه القائد جوهر، وترجل عند لقائه وقبل الأرض بين يديه، وأقام هنالك ثلاثة أيام، ثم رحل ودخل القاهرة، ولم يدخل مصر

(1) «المنتظم» (8/ 402)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 338)، و «وفيات الأعيان» (5/ 224)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 159)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 348)، و «العبر» (2/ 345)، و «مرآة الجنان» (2/ 383)، و «شذرات الذهب» (4/ 347).

1639 - [أبو علي القرمطي]

وكانت قد زينت له، وظنوا أنه يدخلها، وأهل القاهرة لم يستعدوا للقائه؛ لظنهم أنه يدخل مصر أولا، ولما دخل القاهرة ودخل القصر، ثم دخل مجلسا فيه .. خر ساجدا لله تعالى، ثم صلّى فيه ركعتين، وانصرف عنه الناس. وفي أول سنة أربع وستين: عزل المعز القائد جوهرا عن دواوين مصر وجباية أموالها. وكان المعز حليما كريما وقورا حازما سريا، يرجع إلى الإنصاف، يجري الأمور على أحسن أحكامها، مظهرا للتشيع، معظما لحرمة الإسلام، ومما ينسب إليه من الشعر: [من مجزوء الكامل] لله ما صنعت بنا … تلك المحاجر في المعاجر أمضى وأقضى في النفو … س من الخناجر في الحناجر ولقد تعبت ببينكم … تعب المهاجر في الهواجر ولد بالمهدية حادي عشر رمضان سنة تسع عشرة وثلاث مائة، وتوفي يوم الجمعة حادي عشر ربيع الآخر من سنة خمس وستين. 1639 - [أبو علي القرمطي] (1) الحسن بن أحمد بن أبي سعيد القرمطي، ملك القرامطة الذي استولى على أكثر الشام، وهزم جيش المعز العبيدي، وقتل قائدهم جعفر بن فلاح، وذهب إلى مصر وحاصرها شهورا قبل مجيء المعز إليها، وكان يظهر الطاعة للطائع العباسي، وله شعر وفضيلة. ولد بالأحساء، ومات بالرملة سنة ست وستين وثلاث مائة. 1640 - [شيخ الشافعية ابن المرزبان] (2) أبو الحسن علي بن أحمد البغدادي، المعروف بابن المرزبان-بفتح الميم، وسكون الراء، وضم الزاي-هو لفظ فارسي، في الأصل اسم من كان دون الملك.

(1) «سير أعلام النبلاء» (16/ 274)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 357)، و «العبر» (2/ 346)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 373)، و «البداية والنهاية» (11/ 344)، و «مرآة الجنان» (2/ 385)، و «شذرات الذهب» (4/ 350). (2) «تاريخ بغداد» (11/ 324)، و «وفيات الأعيان» (3/ 281)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 246)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 362)، و «مرآة الجنان» (2/ 385)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 346)، و «البداية والنهاية» (11/ 348)، و «شذرات الذهب» (4/ 353).

1641 - [المستنصر بالله صاحب الأندلس]

أخذ الفقه عن أبي الحسين بن القطان، وعنه أخذ الشيخ أبو حامد الأسفراييني أول قدومه بغداد، ودرس بنظامية بغداد، وله وجه في مذهب الشافعي. وكان ورعا، حكي عنه أنه قال: ما أعلم أن لأحد علي مظلمة، ومفهومه: أنه لم يغتب أحدا؛ إذ الغيبة من جملة المظالم. توفي سنة ست وستين وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1641 - [المستنصر بالله صاحب الأندلس] (1) المستنصر بالله أبو مروان (2) بن عبد الرحمن بن محمد الأموي المرواني، صاحب الأندلس، كان مشغوفا بجمع الكتب والنظر فيها، قيل: جمع منها ما لم يجمعه أحد قبله ولا بعده حتى ضاقت خزائنه عنها. وتوفي سنة ست وستين وثلاث مائة. 1642 - [الإمام السرّاج] (3) أبو الحسن محمد النيسابوري السرّاج المقرئ الرجل الصالح. قال الحاكم: قلّ من رأيت أكثر اجتهادا وعبادة منه. توفي يوم عاشوراء في سنة ست وستين وثلاث مائة. 1643 - [القاضي أبو الحسن الجرجاني] (4) أبو الحسن علي بن عبد العزيز (5) الجرجاني، الفقيه الشافعي، القاضي الفاضل، الأديب الشاعر.

(1) «جذوة المقتبس» (ص 13)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 348)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 230)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 358)، و «العبر» (2/ 347)، و «مرآة الجنان» (2/ 386)، و «شذرات الذهب» (4/ 352). (2) كذا في «العبر» (2/ 347) و «مرآة الجنان» (2/ 386) و «شذرات الذهب» (4/ 352)، وفي باقي المصادر: (أبو العاص). (3) «المنتظم» (8/ 408)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 161)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 364)، و «العبر» (2/ 348)، و «شذرات الذهب» (4/ 355). (4) «معجم الأدباء» (5/ 181)، و «وفيات الأعيان» (3/ 278)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 247)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 361)، و «مرآة الجنان» (2/ 386)، و «شذرات الذهب» (4/ 353). (5) في «سير أعلام النبلاء» (16/ 247)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 361): (علي بن أحمد بن عبد العزيز).

قال الثعالبي في «اليتيمة»: (جمع خط ابن مقلة إلى نثر الجاحظ ونظم البحتري، واقتبس في صباه من العلوم والآداب ما صار به في العلوم علما، وله ديوان شعر، ومنه: [من الطويل] وقالوا توصّل بالخضوع إلى الغنى … وما علموا أن الخضوع هو الفقر وبيني وبين المال شيئان حرّما … عليّ الغنى نفسي الأبيّة والدّهر إذا قيل هذا اليسر أبصرت دونه … مواقف خير من وقوفي بها العسر وله: [من الخفيف] ما تطعمت لذة العيش حتى … صرت للبيت والكتاب جليسا ليس شيء أعز عندي من العل‍ … م فما أبتغي سواه أنيسا إنما الذل في مخالطة النا … س فدعهم وعش عزيزا رئيسا وله في الصاحب ابن عباد: [من الطويل] ولا ذنب للأفكار أنت تركتها … إذا احتشدت لم تنتفع باحتشادها سبقت بإفراد المعاني وألفت … خواطرك الألفاظ بعد شرادها فإن نحن حاولنا اختراع بديعة … حصلنا على مسروقها ومعادها وله فيه يهنئه بالعافية: [من الطويل] أفي كل يوم للمكارم روعة … لها في قلوب المكرمات وجيب (1) تقسّمت العلياء جسمك كله … فمن أين للأسقام فيك نصيب إذا ألمت نفس الوزير تألّمت … لها أنفس تحيا بها وقلوب) (2) قال ابن خلكان: (وشعره كثير، وطريقه سهل، وله كتاب «الوساطة بين المتنبي وخصومه» أبان فيه عن فضل غزير، واطلاع كثير، ومادة متوفرة) (3). توفي سنة ست وستين وثلاث مائة.

(1) الوجيب: الخفق والارتجاف. (2) انظر «يتيمة الدهر» (4/ 3). (3) انظر «وفيات الأعيان» (3/ 280).

1644 - [عز الدولة بختيار]

1644 - [عز الدولة بختيار] (1) عز الدولة بختيار بن معز الدولة الديلمي. ولي إمرة بغداد بعد موت أبيه في سنة ست وخمسين. وفي سنة أربع وستين: وصل عضد الدولة إلى بغداد منجدا ابن عمه بختيار، ودافع الأتراك فهزمهم، ولما استقر عضد الدولة ببغداد .. طمع فيها، فقبض على بختيار وأخرجه، وعول على أن يقيم لهم ما يحتاجون إليه، وأشهد على بختيار أنه سلم الإمارة إليه لعجزه عنها، وكاتب عضد الدولة أباه ركن الدولة يعلمه أنه إنما فعل ذلك؛ حفظا للملك، وأن بختيار لا يقوم بضبط ولايته، فقامت القيامة على أبيه ركن الدولة، وعزم عليه بالعود والتخلية بين بختيار وبين ولايته، وتهدده أن يقصده بنفسه إن هو لم يفعل، وتجرد في ذلك تجردا لم يمكن عضد الدولة مخالفته، فعاد إلى فارس وفي نفسه ما فيها. وفي سنة سبع: وقع بين عضد الدولة وبين عز الدولة بختيار حرب، استظهر فيها عضد الدولة، وضعف بختيار، ثم ترددت الرسل بينهم بالصلح، والتمس عضد الدولة من بختيار أن يسلم إليه وزيره ابن بقية، فسلمه إليه، فتسلمه ثم قتله، ثم كانت وقعة بين عضد الدولة، وبين بختيار وأبي تغلب الغضنفر عدة الدولة بن ناصر الدولة، فأجلت عن قتل بختيار، وهزيمة أبي تغلب، وذلك في سنة سبع وستين وثلاث مائة. 1645 - [أبو تغلب الغضنفر] (2) أبو تغلب الغضنفر عدّة الدولة بن ناصر الدولة بن حمدان. لما توفي سيف الدولة بن حمدان في سنة ست وخمسين .. حزن عليه أخوه ناصر الدولة، وتغيرت أحواله، وضعف عقله، فبادر ولده أبو تغلب المذكور، فحبسه في حصن السلامة، ومنعه من التصرف، وقام بالمملكة، وتوفي والده في الاعتقال في سنة ثمان وخمسين.

(1) «المنتظم» (8/ 412)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 359)، و «وفيات الأعيان» (1/ 367)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 231)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 371)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 84)، و «شذرات الذهب» (4/ 358). (2) «سير أعلام النبلاء» (16/ 306)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 401)، و «العبر» (2/ 350)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 136)، و «شذرات الذهب» (4/ 359).

1646 - [أبو القاسم النصراباذي]

واستمر الغضنفر في الولاية إلى سنة سبع وستين، فكانت بينه وبين عضد الدولة حرب، انهزم فيها أبو تغلب المذكور، ثم راسل أبو تغلب عضد الدولة في الصلح، [فأجابه] بأن عادتي إذا فتحت بلدة عنوة .. ألا أصالح عنه، وأحب عضد الدولة تلك البلاد، ورآها أنفس من العراق، وكان ناصر الدولة قد تملك أكثر أعمال الموصل وعقارها؛ لطول أيامه، فصارت له ملكا وملكا، واندفع أبو تغلب عنها، ثم كانت بينه وبين أصحاب عضد الدولة وقعات، وعاد أبو تغلب إلى الرحبة، وراسل عضد الدولة، فأجابه بما يريد، على أن يطأ بساطه (1). 1646 - [أبو القاسم النصراباذي] (2) أبو القاسم النصراباذي، شيخ الصوفية والمحدثين بخراسان. صحب الشبلي، وأبا علي الرّوذباري، وسمع ابن خزيمة، وابن صاعد، وكان صاحب فتوى من الفقه والحديث والتاريخ وعلم سلوك الصوفية. قال رحمه الله: التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتحريم حرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، والمداومة على الأوراد، وترك ارتكاب الرخص والتأويلات. وقيل له: إن بعض الناس يجالس النسوان ويقول: أنا معصوم في رؤيتهن، فقال: ما دامت الأشباح باقية .. فالأمر والنهي باق، والتحليل والتحريم مخاطب به. حج وجاور بمكة سنتين، ومات بها في سنة سبع وستين وثلاث مائة. 1647 - [القاضي ابن قريعة] (3) القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن، المعروف بابن قريعة-بضم القاف، وفتح الراء، وسكون المثناة من تحت، ثم عين مهملة-البغدادي، قاضي السندية-بكسر السين

(1) في «العبر» (2/ 350)، و «شذرات الذهب» (4/ 359): توفي سنة (367 هـ‍)، وفي «تاريخ الإسلام» (26/ 401): توفي سنة (368 هـ‍)، وفي «سير أعلام النبلاء» (16/ 306)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 136): توفي سنة (369 هـ‍)، وصححه ابن تغري بردي. (2) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 484)، و «تاريخ بغداد» (6/ 167)، و «المنتظم» (8/ 412)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 367)، و «العبر» (2/ 349)، و «شذرات الذهب» (4/ 356). (3) «تاريخ بغداد» (3/ 119)، و «المنتظم» (5/ 414)، و «وفيات الأعيان» (4/ 382)، و «سير أعلام النبلاء»

والدال المهملتين بينهما نون ساكنة، وتشديد الياء المثناة من تحت-قرية بين بغداد والأنبار، والنسبة إليها: سنداوي (1)؛ للفرق بين النسبة إليها والنسبة إلى السند المجاورة لبلاد الهند. قال ابن خلكان: (كان من أحد عجائب الدنيا في سرعة البديهة بالجواب في جميع ما يسأل عنه، في أفصح لفظ وأملح سجع، وكان رؤساء ذلك العصر وفضلاؤه يداعبونه، ويكتبون إليه بالمسائل الغريبة المضحكة، فيكتب الجواب من غير توقف ولا تلبث مطابقا لما ساقوه. وكان الوزير أبو محمد المهلبي يغري به جماعة يضعون له من الأسئلة الهزلية على معان شتى من النوادر الظريفة، فيجيب عليها بتلك الأجوبة، فمن ذلك ما كتبه إليه العباس بن المعلى الكاتب: ما يقول القاضي-وفقه الله تعالى-في يهودي زنى بنصرانية، فولدت ولدا جسمه للبشر ووجهه للبقر، وقد قبض عليهما، فما يرى القاضي فيهما؟ فكتب جوابه: هذا من أعدل الشهود، على الملاعين اليهود، بأنهم أشربوا حب العجل في صدورهم، حتى خرج من أيورهم، وأرى أن يناط برأس اليهودي رأس العجل، ويصلب على عنق النصرانية الساق مع الرجل، ويسحبا على الأرض، وينادى عليهما: ظلمات بعضها فوق بعض، والسلام. ولما قدم الصاحب بن عباد إلى بغداد .. حضر مجلس الوزير أبي محمد المهلبي، وكان في المجلس القاضي أبو بكر المذكور، فرأى من ظرفه وسرعة أجوبته مع لطافتها ما عظم تعجبه، فكتب الصاحب إلى أبي الفضل ابن العميد كتابا يقول فيه: وكان في المجلس شيخ خفيف الروح، يعرف بالقاضي ابن قريعة، جاراني في مسائل خفتها تمنع من ذكرها، إلا أني استظرفت من كلامه، وقد سأله كهل يتطايب بحضرة الوزير أبي محمد عن حد القفا، فقال: ما اشتمل عليه جربّانك، ومازحك فيه إخوانك، وأدبك فيه سلطانك، وباسطك فيه غلمانك، فهذه حدود أربعة. وجميع مسائله على هذا الأسلوب. وقوله: «جربّانك» هو لفظ فارسي-بضم الجيم والراء، وتشديد الموحدة، وبالنون

= (16/ 326)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 383)، و «العبر» (2/ 351)، و «شذرات الذهب» (4/ 360). (1) كذا في الأصول، وفي «معجم البلدان» (3/ 268): (ينسب إليها سندواني).

1648 - [ابن القوطية]

بين الألف والكاف-: لبنة الثوب، وهي الخرقة العريضة فوق القب، تستر القفا. قال ابن خلكان: ولولا خوف الإطالة .. لذكرت جملة منها، وقد سرد محمد بن شرف القيرواني الشاعر المشهور في كتابه الذي سماه «أبكار الأفكار» عدة مسائل، وجواباتها من هذه المسائل. توفي القاضي المذكور أبو بكر سنة سبع وستين وثلاث مائة) (1). 1648 - [ابن القوطية] (2) محمد بن عمر الأندلسي، المعروف بابن القوطيّة-بضم القاف، وسكون الواو، وكسر الطاء، وتشديد المثناة من تحت، ثم هاء-اسم جدة جده، نسبة إلى قوط بن حام بن نوح عليه الصلاة والسلام، وقوط أبو السودان والهند والسند، وكانت القوطية المذكورة وفدت إلى هشام بن عبد الملك متظلمة من عمها، فتزوجها عيسى بن مزاحم، وسافر بها إلى الأندلس. كان المذكور من أعلم أهل زمانه باللغة، حافظا للحديث والفقه والخبر والنوادر، راويا للأشعار والآثار، مع العبادة والنسك، لقي مشايخ عصره بالأندلس، وأخذ عنهم، وروى عنه الشيوخ والكهول. وكان جيد الشعر، إلا أنه ترك ذلك ورفضه. حكى الأديب الشاعر يحيى بن هذيل التميمي أنه توجه يوما إلى ضيعة بسفح جبل قرطبة، وهي من بقاع الأرض الطيبة المونقة، فصادف ابن القوطية المذكور صادرا عنها، وكانت له هناك أيضا ضيعة، قال: فلما رآني .. عرّج علي واستبشر بلقائي، فقلت له على البديهة مداعبا له: [من البسيط] من أين أقبلت يا من لا شبيه له … ومن هو الشمس والدنيا له فلك

(1) انظر «وفيات الأعيان» (4/ 382). (2) «تاريخ علماء الأندلس» (2/ 78)، و «جذوة المقتبس» (ص 71)، و «معجم البلدان» (6/ 686)، و «وفيات الأعيان» (4/ 368)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 383)، و «العبر» (2/ 351)، و «مرآة الجنان» (2/ 389)، و «شذرات الذهب» (4/ 362).

1649 - [أبو سعيد السيرافي]

قال: فتبسم وأجاب بسرعة: [من البسيط] من منزل يعجب النساك خلوته … وفيه ستر على الفتّاك إن فتكوا قال: فما تمالكت أن قبلت يده-إذ كان شيخي-ومجدته ودعوت له. توفي ابن القوطية المذكور سنة سبع وستين وثلاث مائة. 1649 - [أبو سعيد السيرافي] (1) أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي-بسين مهملة، ثم مثناة من تحت ساكنة، وبعد الراء ألف وفاء-نسبة إلى سيراف، النحوي. قرأ القراءات على ابن مجاهد، واللغة على ابن دريد، والنحو على ابن السراج، وكان من أعلم أهل زمانه بنحو البصريين، شرح «كتاب سيبويه» و «مقصورة ابن دريد»، وله تصانيف أخر. وتصدر لإقراء القراءات والنحو واللغة والفقه والفرائض والحساب والكلام والشعر والعروض والقوافي. وكان نزها عفيفا، جميل السيرة، ورعا، يأكل من نسخ يده، ينسخ الكراس بعشرة دراهم؛ لبراعة خطه. يذكر عنه الاعتزال، ولم يظهر منه شيء، والله أعلم بحاله. وكان كثيرا ما ينشد في مجالسه: [من الكامل] أسكن إلى سكن تسرّ به … ذهب الزمان وأنت منفرد ترجو غدا وغدا كحاملة … في الحيّ لا يدرون ما تلد وكان بينه وبين أبي الفرج الأصبهاني صاحب «الأغاني» ما جرت به العادة من التنافس بين أهل الفضل، فعمل فيه أبو الفرج شعرا ذكره ابن خلكان (2). توفي سنة ثمان وستين وثلاث مائة.

(1) «معجم الأدباء» (3/ 239)، و «وفيات الأعيان» (2/ 78)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 247)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 394)، و «مرآة الجنان» (2/ 390)، و «شذرات الذهب» (4/ 367). (2) طالعه في «وفيات الأعيان» (2/ 79).

1650 - [أبو أحمد الجلودي]

1650 - [أبو أحمد الجلودي] (1) أبو أحمد محمد بن عيسى الجلودي النيسابوري، راوي «صحيح مسلم» عن ابن سفيان. قال الحاكم: هو من كبار عباد الصوفية، يعرف مذهب سفيان وينتحله. توفي سنة ثمان وستين وثلاث مائة. 1651 - [الحافظ الحجّاجي] (2) أبو الحسين محمد بن محمد النيسابوري، الحافظ المقرئ، العبد الصالح الصدوق. سمع بمصر والشام والعراق وخراسان، وصنف في العلل والشيوخ والأبواب. قال الحاكم: صحبته نيفا وعشرين سنة، فما أعلم أن الملك كتب عليه خطيئة. توفي سنة ثمان وستين وثلاث مائة. 1652 - [الوزير الكبير ابن بقية] (3) الوزير أبو طاهر نصير الدولة محمد بن محمد بن بقية، وزير عز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه. كان قبل تقلده الوزارة يقدم الطعام على مائدة بختيار، ويحمل الطعام، ويمسح بالمنديل الغمر (4)، فلما قبض بختيار على وزيره أبي الفضل في سنة اثنتين وستين .. استوزر ابن بقية المذكور، وكان من أكابر الوزراء، وجلة الرؤساء، وأعيان الكرماء، فلم يزل وزيرا إلى سنة سبع وستين، فحصل بين عز الدولة بختيار وابن عمه عضد الدولة وحشة، فيقال: إن

(1) «المنتظم» (8/ 420)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 404)، و «العبر» (2/ 354)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 297)، و «مرآة الجنان» (2/ 391)، و «البداية والنهاية» (11/ 354)، و «شذرات الذهب» (4/ 370). (2) «تاريخ بغداد» (3/ 442)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 240)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 405)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 944)، و «مرآة الجنان» (2/ 391)، و «شذرات الذهب» (4/ 370). (3) «وفيات الأعيان» (5/ 118)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 220)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 385)، و «العبر» (2/ 352)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 100)، و «شذرات الذهب» (4/ 364). (4) غمرت يدي من اللحم فهي غمرة؛ أي: زهمة، ومنه: منديل الغمرة.

1653 - [الروذباري الصوفي]

الوزير المذكور حمل عز الدولة على محاربة عضد الدولة، فالتقيا على الأهواز، فانكسر عز الدولة، فنسب ذلك إلى رأيه ومشورته، وفي ذلك يقول أبو غسان الطبيب بالبصرة: [من الطويل] أقام على الأهواز خمسين ليلة … يدبر أمر الملك حتى تدمّرا فدبّر أمرا كان أوله عمى … وأوسطه بلوى وآخره خرا ثم ترددت الرسل بين عز الدولة وعضد الدولة بالصلح على أن يسلم الوزير ابن بقية إلى عضد الدولة، فلما قبض عليه .. سمل عينيه، فلزم بيته، ثم طلبه بعد ذلك، فرماه بين أرجل الفيلة، فمات من ذلك فصلبه، وذلك في سنة ثمان وستين وثلاث مائة، ولم يزل مصلوبا إلى أن توفي عضد الدولة، فأنزل عن الخشبة، ودفن في موضعه، فقال فيه أبو الحسن ابن الأنباري: [من البسيط] لم يلحقوا بك عارا إذ صلبت بلى … باءوا بإثمك ثم استرجعوا ندما وأيقنوا أنهم في فعلهم غلطوا … وأنهم نصبوا من سؤدد علما فاسترجعوك وواروا منك طود علا … بدفنه دفنوا الإفضال والكرما لئن بليت فلا تبلى نداك ولا … ينسى وكم هالك ينسى إذا عدما تقاسم الناس حسن الذكر فيك كما … ما زال مالك بين الناس منقسما 1653 - [الرّوذباري الصوفي] (1) أبو عبد الله أحمد بن عطاء الرّوذباري، الشيخ الكبير، شيخ الصوفية. توفي سنة تسع وستين وثلاث مائة. 1654 - [أبو سهل الصّعلوكي] (2) محمد بن سليمان النيسابوري أبو سهل الصعلوكي، الإمام الكبير، شيخ الشافعية بخراسان.

(1) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 497)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 227)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 410)، و «مرآة الجنان» (2/ 392)، و «البداية والنهاية» (11/ 356)، و «شذرات الذهب» (4/ 372). (2) «وفيات الأعيان» (4/ 204)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 235)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 423)، و «العبر» (2/ 358)، و «طبقات الشافعية» (3/ 167)، و «شذرات الذهب» (4/ 374).

1655 - [الحافظ أبو بكر النقاش]

قال فيه الحاكم: أبو سهل الصعلوكي الشافعي اللغوي المفسر النحوي المتكلم المفتي الصوفي، حبر زمانه، وبقية أقرانه. ولد سنة تسعين ومائتين، واختلف إلى ابن خزيمة، ثم إلى أبي علي الثقفي، وناظر، وسمع من أبي العباس السرّاج وطبقته، ولم يبق موافق ولا مخالف إلا أقر بفضله وتقدمه، ودرّس وأفتى بنيسابور وأصبهان وبلدان شتى. قال الصاحب بن عبّاد: ما رأى أبو سهل مثل نفسه، ولا رأينا مثله. توفي سنة تسع وستين وثلاث مائة. مذكور في الأصل بأبسط من هذا. 1655 - [الحافظ أبو بكر النقاش] (1) محمد بن علي بن الحسن بن أحمد المصري، نزيل تنيس، أبو بكر النقاش. حدث عن النسائي، والمنجنيقي، ومحمد بن جعفر الدمياطي وغيرهم، وعنه الدارقطني، وإبراهيم بن علي الغازي وغيرهما. وكان حافظا جوالا، من علماء هذا الشأن، وهو غير النقاش المقرئ المفسر مقدم الذكر (2). توفي سنة تسع وستين وثلاث مائة. 1656 - [الحافظ أبو الشيخ الأصبهاني] (3) أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيّان الأصبهاني الوزان، المعروف بأبي الشيخ، حافظ أصبهان، ومسند ذلك الزمان. حدث عن جده لأمه محمود بن الفرج، وأبي بكر بن أبي عاصم، وأبي خليفة، وأبي عروبة، وإبراهيم بن سعدان وغيرهم.

(1) «تاريخ الإسلام» (26/ 428)، و «العبر» (2/ 359)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 957)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 114)، و «شذرات الذهب» (4/ 375). (2) انظر (3/ 147). (3) «سير أعلام النبلاء» (16/ 276)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 418)، و «العبر» (2/ 357)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 945)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 485)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 136)، و «شذرات الذهب» (4/ 373).

1657 - [أبو بكر الرازي الحنفي]

وعنه أبو نعيم، وابن مردويه، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن. وكان عالما ثقة، وله «تاريخ» على السنين، و «تفسير»، وكتاب «السنن المعظمة»، و «الأخلاق النبوية»، و «تاريخ بلده» و «طبقات أهله»، و «ثواب الأعمال الزكية». توفي سنة تسع وستين وثلاث مائة. 1657 - [أبو بكر الرازي الحنفي] (1) أحمد بن علي الفقيه، شيخ الحنفية ببغداد، صاحب أبي الحسن الكرخي، إليه انتهت رئاسة المذهب. كان مشهورا بالزهد والدين، عرض عليه القضاء الأكبر فامتنع، وله عدة مصنفات. توفي سنة سبعين وثلاث مائة. 1658 - [الحافظ ابن رشيق] (2) أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري المصري. حدث عن النسائي، والمفضّل بن محمد الجندي وغيرهما، وعنه الدارقطني، وعبد الغني بن سعيد، وليّناه، وثقه جماعة غيرهما. كان أوسع أهل بلده رواية، ذا دراية. توفي سنة سبعين وثلاث مائة.

(1) «المنتظم» (8/ 429)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 379)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 340)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 431)، و «العبر» (2/ 360)، و «البداية والنهاية» (11/ 357)، و «شذرات الذهب» (4/ 377). (2) «سير أعلام النبلاء» (16/ 280)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 437)، و «العبر» (2/ 361)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 959)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 16)، و «مرآة الجنان» (2/ 394)، و «لسان الميزان» (3/ 45)، و «شذرات الذهب» (4/ 378).

1659 - [ابن خالويه]

1659 - [ابن خالويه] (1) الحسين بن أحمد الهمذاني النحوي اللغوي الأديب، المعروف بابن خالويه. دخل بغداد، فأدرك ابن الأنباري، وابن مجاهد المقرئ، وأبا عمر الزاهد، وابن دريد، وقرأ على السيرافي، ثم انتقل إلى الشام، واستوطن حلب، وصار بها أحد أفراد الدهر في كل قسم من أقسام الأدب، وكانت الرحلة إليه من الآفاق، وآل حمدان يكرمونه، ويدرسون عليه، ويقتبسون منه. قال: دخلت يوما على سيف الدولة، فلما مثلت بين يديه .. قال لي: اقعد، ولم يقل: اجلس، فتبينت بذلك اعتلاقه بأهداب الأدب، واطلاعه على أسرار كلام العرب؛ أي: أن المختار عند أهل الأدب أن يقال للقائم: اقعد؛ لأن القعود هو الانتقال من العلو إلى السفل؛ ولهذا قيل لمن أصيب برجله: مقعد، والجلوس هو الانتقال من السفل إلى العلو؛ ولهذا قيل لنجد: جلسا؛ لارتفاعها، وقيل لمن أتاها: جالس، وقد جلس، ومنه قول مروان بن الحكم لما كان واليا بالمدينة يخاطب الفرزدق: [من الكامل] قل للفرزدق والسفاهة كاسمها … إن كنت تارك ما أمرتك فاجلس أي: اقصد الجلسا، وهي نجد، وهذا البيت من جملة أبيات. ولابن خالويه كتاب كبير في الأدب سماه كتاب «ليس» يدل على اطلاع عظيم؛ فإن مبنى الكلام من أوله إلى آخره على أنه ليس في كلام العرب كذا إلا كذا، وله كتاب لطيف سماه «الآل» ذكر في أوله أن الآل ينقسم إلى خمسة وعشرين قسما، وما أقصر فيه، وذكر فيه الأئمة الاثني عشر-وتاريخ مواليدهم ووفاتهم، وأمهاتهم-لما ذكر في جملة أقسام الآل: (آل محمد صلّى الله عليه وسلم بنو هاشم والمطلب)، وشرح «مقصورة ابن دريد»، وله غير ذلك من المصنفات. وله مع المتنبي مجالس ومباحث عند سيف الدولة، وهو كان سبب إغضاب المتنبي

(1) «معجم الأدباء» (3/ 413)، و «وفيات الأعيان» (2/ 178)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 439)، و «العبر» (2/ 362)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 323)، و «مرآة الجنان» (2/ 394)، و «البداية والنهاية» (11/ 358)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 355)، وفيه: أنه (الحسين بن عبد الله)، و «شذرات الذهب» (4/ 378).

1660 - [الأزهري]

وارتحاله عن سيف الدولة إلى كافور الإخشيذي صاحب مصر، كما ذكر في ترجمة المتنبي (1). وشعره حسن، منه: [من الطويل] إذا لم يكن صدر المجالس سيدا … فلا خير فيمن صدّرته المجالس وكم قائل مالي رأيتك راجلا … فقلت له من أجل أنك فارس توفي سنة سبعين وثلاث مائة، ذكره الذهبي واليافعي وغيرهما، وفي «تاريخ الخزرجي» تبعا للجندي فيما أظن: أنه توفي سنة ست وخمسين وثلاث مائة (2)، والله سبحانه أعلم بالصواب. 1660 - [الأزهري] (3) محمد بن أحمد بن الأزهر الهروي أبو منصور الأزهري النحوي اللغوي الشافعي، المتفق على فضله وثقته ودرايته وورعه. صنف «التهذيب في اللغة» في أكثر من عشر مجلدات، وله تصنيف في غرائب الألفاظ التي تستعملها الفقهاء من اللغة المتعلقة بالفقه. توفي سنة سبعين وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1661 - [الحافظ أبو بكر غندر] (4) محمد بن جعفر بن الحسين بن محمد بن زكريا البغدادي أبو بكر الورّاق، الملقب غندر -بضم الغين المعجمة، وسكون النون، وفتح الدال المهملة، ثم راء-الحافظ المحدث المشهور.

(1) انظر (3/ 155). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 356). (3) «وفيات الأعيان» (4/ 334)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 315)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 443)، و «العبر» (2/ 362)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 63)، و «شذرات الذهب» (4/ 379). (4) «تاريخ بغداد» (2/ 150)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 214)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 446)، و «العبر» (2/ 363)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 960)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 302)، و «مرآة الجنان» (2/ 396)، و «شذرات الذهب» (4/ 380).

1662 - [ابن مجاهد الأصولي]

رحل إلى الشام والعراق ومصر والجزيرة، وحدث عن الباغندي، ويحيى ابن صاعد، والطحاوي وغيرهم. وعنه الحاكم، وأبو نعيم الأصبهاني، وابن جميع. خرج من مرو قاصدا بخارى، فمات بالمفازة بأطراف خراسان غريبا. توفي سنة سبعين وثلاث مائة. 1662 - [ابن مجاهد الأصولي] (1) أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن مجاهد الطائي، صاحب الإمام أبي الحسن الأشعري، وليس بابن مجاهد المقرئ. أخذ عنه القاضي أبو بكر الباقلاني، وكان دينا صينا خيرا، يتكلم في الأصول، وله مصنفات كثيرة. توفي سنة سبعين وثلاث مائة. 1663 - [الحافظ الإسماعيلي] (2) أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني، الفقيه الإمام، الجامع بين الفقه والحديث والأخبار. كان حجة، كثير العلم، حسن الدين. توفي سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة. مذكور في الأصل. كتب الحديث في سنة ثلاث وثمانين، وسمع من محمد بن يحيى المروزي، ويوسف القاضي، وأبي خليفة، وابن خزيمة، وخلق سواهم. روى عنه الحاكم، والبرقاني، وحمزة السهمي وغيرهم.

(1) «تاريخ بغداد» (1/ 360)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 305)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 463)، و «العبر» (2/ 364)، و «مرآة الجنان» (2/ 396)، و «شذرات الذهب» (4/ 383). (2) «المنتظم» (8/ 433)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 292)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 489)، و «العبر» (2/ 364)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 947)، و «مرآة الجنان» (2/ 396)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 7)، و «شذرات الذهب» (4/ 384).

1664 - [الحافظ ابن التبان المالكي]

1664 - [الحافظ ابن التّبّان المالكي] (1) أبو محمد عبد الله بن إسحاق القيرواني، شيخ المالكية بالمغرب. قال القاضي عياض: ضربت إليه آباط الإبل من الأمصار، وكان حافظا فصيحا، بعيدا من التصنع والرياء. توفي سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة. 1665 - [الفقيه أبو زيد المروزي] (2) محمد بن أحمد بن عبد الله الإمام أبو زيد المروزي. كان فقيها محدثا، حافظا للمذهب، زاهدا. روى «صحيح البخاري» عن الفربري، وحدث بالعراق ودمشق ومكة، وسمع منه أبو الحسن الدارقطني، ومحمد بن أحمد المحاملي، وغيرهما من الحفاظ. قال أبو بكر البزار: عادلت الفقيه أبا زيد من نيسابور إلى مكة، فما أعلم أن الملائكة كتبوا عليه؛ يعني: خطيئة. كان في أول أمره فقيرا، ثم أقبلت الدنيا عليه في آخر عمره، وقد تساقطت أسنانه، وبطلت منه حاسة الجماع، فكان يقول مخاطبا للنعمة: لا بارك الله فيك، ولا أهلا بك ولا سهلا، أقبلت حيث لا ناب ولا نصاب. مات بمرو في رجب سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة وله تسعون سنة. مذكور في الأصل. 1666 - [محمد بن خفيف الفقيه] (3) أبو عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي، الشيخ الكبير العارف، شيخ إقليم فارس،

(1) «سير أعلام النبلاء» (16/ 319)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 500)، و «العبر» (2/ 366)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 950)، و «مرآة الجنان» (2/ 397)، و «الدّيباج المذهّب» (1/ 379)، و «شذرات الذهب» (4/ 384). (2) «تاريخ بغداد» (1/ 330)، و «وفيات الأعيان» (4/ 208)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 313)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 503)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 71)، و «شذرات الذهب» (4/ 385). (3) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 462)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 386)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 342)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 506)، و «العبر» (2/ 366)، و «البداية والنهاية» (11/ 360)، و «شذرات الذهب» (4/ 386).

1667 - [أبو الجيش الأموي]

صاحب الأحوال والمقامات، كان من أولاد الأمراء، ثم تزهد. قال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي: (هو اليوم شيخ المشايخ، لم يبق للقوم أقدم منه سنا ولا أتم حالا، متمسك بالكتاب والسنة، فقيه على مذهب الشافعي) (1). توفي ثالث رمضان سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة وله خمس وتسعون سنة، وقيل: عاش مائة وأربع سنين. 1667 - [أبو الجيش الأموي] (2) أمير اليمن إسحاق بن إبراهيم بن محمد ابن زياد الأموي، المكنى بأبي الجيش. ولي اليمن بعد وفاة أخيه زياد بن إبراهيم المذكور في العشرين الرابعة من المائة قبل هذه، في ترجمة أبيه إبراهيم بن محمد بن زياد (3)، وطالت ولاية أبي الجيش المذكور نحوا من ثمانين سنة، فتغلبت عليه أطراف البلاد، فثار بصعدة الإمام الهادي يحيى بن الحسين الرسي، وتغلب عليها، وتغلب على صنعاء أسعد بن أبي يعفر إبراهيم بن محمد بن يعفر بن عبد الرحيم الحوالي، وتغلب من ملوك تهامة الأمير سليمان بن طرف صاحب عثر، وإليه ينسب المخلاف السليماني، لكن المتأخرين مع تغلبهما يخطبان لأبي الجيش، ويضربان السكة على اسمه، ولا يحملان إليه هدية ولا ضريبة، وبقي بيد أبي الجيش من البلد من عدن إلى حرض، وهو نحو عشرين مرحلة طولا، ومن غلافقة إلى أعمال صنعاء عرضا، وهو نحو خمس مراحل، ولم يزل ملكه بيده إلى أن توفي سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة، فخلفه ولد له اسمه: عبد الله، وقيل: زياد، وقيل: إبراهيم، وتولت كفالته أخته هند بنت أبي الجيش، وعبد حبشي أستاذ يسمى رشيدا، فهلك رشيد عن قرب، فقام بالأمر بعده عبد من مولدي النوبة، يسمى الحسين بن سلامة.

(1) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 462). (2) «السلوك» (2/ 478)، و «بهجة الزمن» (ص 38)، و «تحفة الزمن» (2/ 447)، و «الفضل المزيد» (ص 52)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 16). (3) لم يترجم له المؤلف رحمه الله تعالى، وانظر ترجمة أبيه في «تاريخ ثغر عدن» (2/ 2).

1668 - [عضد الدولة الرافضي]

1668 - [عضد الدولة الرّافضي] (1) عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه الديلمي، أول من خطب له بشاهنشاه في الإسلام، وأول من تلقاه الخليفة من الملوك حين قدم بغداد، وأول من خطب له على المنابر ببغداد بعد الخليفة. كان أديبا فاضلا، محبا للفضلاء، مشاركا في فنون العلم، شهما مطاعا، حازما ذكيا، متيقظا متنبها، سفاكا للدماء، له عيون كثيرة تأتيه بأخبار البلاد القاصية، وكان شيعيا غاليا، أظهرت الرافضة في أيامه النوح على الحسين بن علي رضي الله عنهما في يوم عاشوراء وعيد الغدير غدير خم في أواخر ذي الحجة، وخرجوا فيه إلى الصحراء، وصلوا فيه صلاة العيد جهارا بشعار ظاهر، واستمر ذلك سنين مدة ولايته، وهو الذي أظهر قبر علي رضي الله عنه بزعمه بالكوفة، وبنى عليه المشهد، ودفن فيه. وأصح ما قيل في قبر علي رضي الله عنه: أنه مدفون بقصر الإمارة بالكوفة. وإليه ينسب المارستان العضدي ببغداد، ليس في الدنيا مثل ترتيبه، غرم عليه أموالا عظيمة. ومدحه المتنبي وغيره بغرر القصائد، فمن ذلك: قول المتنبي فيه من قصيدة: [من الوافر] أروح وقد ختمت على فؤادي … بحبّك أن يحلّ به سواكا فلو أني استطعت غضضت طرفي … فلم أبصر به حتى أراكا ومن ذلك قول السلامي: [من الطويل] وبشّرت آمالي بملك هو الورى … ودار هي الدّنيا ويوم هو الدّهر وقد أخذ هذا المعنى الأرجاني فقال: [من البسيط] لقيته فلقيت الناس في رجل … والدهر في ساعة والأرض في دار

(1) «يتيمة الدهر» (2/ 257)، و «المنتظم» (8/ 440)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 388)، و «وفيات الأعيان» (4/ 50)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 249)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 522)، و «العبر» (2/ 367)، و «مرآة الجنان» (2/ 401)، و «البداية والنهاية» (11/ 361)، و «شذرات الذهب» (4/ 389).

1669 - [الخضري المروزي]

ولكن أين الثريا من الثرى؟ وهذا المعنى موجود في قول المتنبي: [من الطويل] هي الغرض الأقصى ورؤيتك المنى … ومنزلك الدنيا وأنت الخلائق لكنه ما استوفاه؛ فإنه فاته ذكر اليوم الذي جعله السلامي هو الدهر، ومع هذا فليس له طلاوة بيت السلامي الذي هو السحر الحلال. ولعضد الدولة أشعار، منها ما حكاه أبو منصور الثعالبي في «كتاب يتيمة الدهر»: [من الرمل] ليس شرب الراح إلا في المطر … وغناء من جوار في السّحر غانيات سالبات للنهى … ناغمات في تضاعيف الوتر مبرزات الكأس من مطلعها … ساقيات الراح من فاق البشر عضد الدولة وابن ركنها … ملك الأملاك غلاّب القدر نعوذ بالله من غضب الله ومن مثل هذا القول، قيل: إنه لم يفلح بعدها. طلب حساب ما يدخله في العام؛ فإذا هو ثلاث مائة ألف ألف وعشرون ألف درهم، وجدّد مكوسا ومظالم. وتوفي سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة، ولما نزل به الموت .. كان يقول: (ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه). 1669 - [الخضري المروزي] (1) أبو عبد الله محمد بن أحمد الفارسي المروزي الخضري-بكسر الخاء، وسكون الضاد المعجمتين، وبالراء-الإمام الكبير الشهير، ختن أبي علي الشّبّوي، زوج ابنته. سئل: هل يجوز للأجنبي النظر إلى قلامة الظفر؟ فأطرق ساكتا يفكر، فقالت له زوجته بنت أبي علي الشّبّوري: سمعت أبي يقول: إن كان من قلامة أظفار اليدين .. حل النظر إليها، أو من أظفار الرجلين .. لم يجز؛ لأنه عورة، ففرح الخضري وقال: لو لم أستفد من اتصالي بأهل العلم إلا هذه المسألة .. لكانت كافية. وما ذكر من أن الكفين ليس بعورة-أي: خارج الصلاة-عند أمن الفتنة هو أحد وجهين

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 215)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 172)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 72)، و «مرآة الجنان» (2/ 399)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 100)، و «شذرات الذهب» (4/ 395).

1670 - [الأمير أبو الفتوح الصنهاجي]

نقله الرافعي عن أكثر الأصحاب لا سيما المتقدمون قالوا: يكره نظر الأجنبي إلى كفي الأجنبية عند أمن الفتنة، ولا يحرم؛ لقوله تعالى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها} وهو مفسر بالوجه والكفين، قال ذلك الشيخ أبو حامد وغيره (1). توفي سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة (2). وهو مذكور في الأصل. 1670 - [الأمير أبو الفتوح الصنهاجي] (3) الأمير أبو الفتوح الصنهاجي، نائب المعز العبيدي على المغرب. استخلفه المعز بإفريقية عند ما توجه إلى الديار المصرية في سنة إحدى وستين وثلاث مائة، وأوصاه بأمور كثيرة، وأكد في فعلها، ثم قال: إن نسيت ما أوصيتك به .. فلا تنس ثلاثة أشياء: إياك أن ترفع الجبايات عن أهل البادية، والسيف عن البربر، ولا تول أحدا من إخوتك وبني عمك؛ فإنهم يرون أنهم أحق بهذا الأمر منك، وافعل مع هذه الحاضرة خيرا، وأمر بالسمع والطاعة، فلم يزل واليا إلى أن توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة. وكانت له أربع مائة سرية، يقال: إنه ولد له في يوم واحد سبعة عشر ولدا. 1671 - [أبو عثمان المغربي] (4) سعيد بن سلم-بكسر السين، وسكون اللام، كذا في بعض النسخ، وفي بعضها: سلام، بزيادة ألف بعد اللام-أبو عثمان المغربي الصوفي الشيخ الكبير، الولي الشهير.

(1) انظر «روضة الطالبين» للنووي (5/ 366). (2) اختلفت المصادر في تاريخ وفاته، ففي «وفيات الأعيان» (4/ 216): (توفي في عشر الثمانين والثلاث مائة)، وفي «سير أعلام النبلاء» (18/ 173): (وكان حيّا في حدود الخمسين إلى الستين وأربع مائة)، وفي «الوافي بالوفيات» (2/ 72): (توفي في عشر الستين والأربع مائة)، وفي «مرآة الجنان» (2/ 399): (في السنة المذكورة-أي: سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة-أو في غيرها من عشر الثمانين)، وذكره ابن العماد في «شذرات الذهب» (4/ 395)، في وفيات سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة، قال: (وفيها أو في التي قبلها كما جزم به ابن الأهدل، أو فيما بعدها). (3) «وفيات الأعيان» (1/ 286)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 536)، و «العبر» (2/ 370)، و «مرآة الجنان» (2/ 401)، و «البداية والنهاية» (11/ 364)، و «شذرات الذهب» (4/ 392). (4) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 479)، و «المنتظم» (8/ 449)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 539)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 320)، و «مرآة الجنان» (2/ 401)، و «البداية والنهاية» (11/ 364)، و «شذرات الذهب» (4/ 394).

1672 - [الحافظ أبو محمد السقاء]

قال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي: (لم ير مثله في علو الحال وصون الوقت) (1). ومن كلامه رضي الله عنه: من آثر صحبة الأغنياء على مجالسة الفقراء .. ابتلاه الله تعالى بموت القلب. وقال رضي الله عنه: التقوى هي الوقوف على الحدود، لا يقصر فيها ولا يتعداها. توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة. قال الشيخ اليافعي: (وقد سمعت من أهل الفضل والعلم بيتين في مدح سعيد بن سلم، ولا أدري أهو هذا المذكور أو غيره؟ وقد تضمنا لمدح عظيم، وهما: [من الطويل] ألا قل لساري الليل لا تخش ضلة … سعيد بن سلم ضوء كل بلاد لنا سيّد أربى على كل سيّد … جوادا حثا في وجه كل جواد يحتمل أنه بمعنى حثا التراب في وجهه؛ أي: حقره، وهو الأظهر، ويحتمل أن يكون جاد على كل جواد، وحثا في وجهه من المال، قال: ولما أمليت هذين الوجهين .. ذكر لي بعض من حضرني من الأصحاب أنه يحتمل معنى ثالثا، وهو أن الجواد السابق من الخيل إذا سبق .. حثا التراب بحافره في وجه المسبوق، وهو معنى حسن غريب) (2). 1672 - [الحافظ أبو محمد السّقّاء] (3) عبد الله بن محمد بن عثمان بن المختار المزني الواسطي، أبو محمد ابن السّقّاء. حدث عن أبي خليفة، والبغوي، وأبي يعلى الموصلي، وعبدان وغيرهم، وعنه الدارقطني، وأبو نعيم وغيرهما من الأعيان، وكان حافظا متقنا ذا يسار. توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة.

(1) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 479). (2) «مرآة الجنان» (2/ 402). (3) «المنتظم» (8/ 450)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 351)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 541)، و «العبر» (2/ 371)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 965)، و «شذرات الذهب» (4/ 394).

1673 - [أبو سعيد الحنفي]

1673 - [أبو سعيد الحنفي] (1) أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن حسكا، الحنفي العلامة، الحاكم بنيسابور، توفي سنة أربع وسبعين وثلاث مائة. 1674 - [الخطيب ابن نباتة] (2) أبو يحيى عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة-بضم النون، وفتح الموحدة، وبعد الألف مثناة من فوق-اللخمي الفارقي العسقلاني المولد، المصري الدار، الخطيب المشهور، بل خطيب الخطباء، ولي خطابة حلب لسيف الدولة، وكان إماما في علوم الأدب، وخطبه المشهورة دالة على غزارة علمه، وجودة قريحته، وكان سيف الدولة كثير الغزوات؛ ولذا أكثر من خطب الجهاد؛ ليحض الناس ويحثهم على الجهاد. وكان رجلا صالحا، رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام في المقابر، فأشار بيده إلى القبور وقال: كيف قلت يا خطيب: لا يخبرون بما إليه آلوا، ولو قدروا على المقال لقالوا، قد شربوا من الموت كأسا مرّة، ولم يفقدوا من أعمالهم ذرة، وآلى عليهم الدهر أليّة برّة، ألاّ يجعل لهم إلى دار الدنيا كرّة، كأنهم لم يكونوا للعيون قرّة، ولم يعدّوا في الأحياء مرّة، أسكتهم والله الذي أنطقهم، وأبادهم الذي خلقهم، وسيجدهم كما أخلقهم، ويجمعهم كما فرّقهم. ثم تفل صلّى الله عليه وسلم في فيه، فاستيقظ وعلى وجهه أثر نور وبهجة لم يكن قبل ذلك، وقص رؤياه على الناس، وقال: سماني رسول الله صلّى الله عليه وسلم خطيبا، وعاش بعد ذلك ثمانية عشر يوما لا يستطعم طعاما ولا يشرب شرابا من بركة تلك التفلة. والخطبة التي فيها هذه الكلمات تعرف بالمنامية لذلك. ذكر بعضهم: أنه ولد سنة خمس وثلاثين، وتوفي سنة أربع وسبعين وثلاث مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (16/ 349)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 558)، و «العبر» (2/ 373)، و «مرآة الجنان» (2/ 403)، و «تاج التراجم» (ص 184)، و «شذرات الذهب» (4/ 397). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 156)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 321)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 559)، و «العبر» (2/ 373)، و «مرآة الجنان» (2/ 403)، و «شذرات الذهب» (4/ 397).

1675 - [الأمير تميم بن المعز الفاطمي]

قال بعضهم: رأيته في المنام بعد موته فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: دفع إلي ورقة وفيها سطران بالأحمر: [من السريع] قد كان أمن لك من قبل ذا … واليوم أضحى لك أمنان والصفح لا يحسن عن محسن … وإنما يحسن عن جان قال: فانتبهت من النوم وأنا أكررهما. 1675 - [الأمير تميم بن المعزّ الفاطمي] (1) الأمير تميم بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي العبيدي الباطني. كان أبوه صاحب الديار المصرية والمغرب، وهو الذي بنى القاهرة، ولم يل تميم المملكة؛ لأن ولاية العهد كانت لأخيه العزيز، تولاها بعد أبيه. كان تميم المذكور فاضلا شاعرا ماهرا لطيفا ظريفا، ومن شعره: [من الطويل] أما والذي لا يملك الأمر غيره … ومن هو بالسرّ المكتم أعلم لئن كان كتمان المصائب مؤلما … فإعلانها عندي أشد وآلم وبي كلّ ما يبكي العيون أقلّه … وإن كنت منه دائما أتبسم ومنه: [من الطويل] وما أم خشف ظل يوما وليلة … ببلقعة بيداء ظمآن صاديا تهيم فلا تدري إلى أين تنتهي … مولّهة حيرى تجوب الفيافيا أضرّ بها حرّ الهجير فلم تجد … لغلّتها من بارد الماء شافيا فلما دنت من خشفها انعطفت له … فألفته ملهوف الجوانح طاويا بأوجع مني يوم شدت حمولهم … ونادى منادي الحي ألاّ تلاقيا توفي سنة أربع وسبعين وثلاث مائة، فغسله القاضي أبو محمد بن النعمان، وكفنه في ستين ثوبا، وحضر أخوه العزيز الصلاة عليه، وهو وإن وافق الأمير تميم بن المعز

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 301)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 553)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 411)، و «مرآة الجنان» (2/ 404).

1676 - [الحافظ أبو الفتح الأزدي]

الحميري، الذي يقول فيه ابن رشيق: [من الطويل] أصح وأعلى ما سمعناه في الندى … من الخبر المأثور منذ قديم أحاديث ترويها السيول عن الحيا … عن البحر عن كفّ الأمير تميم فيخالفه في النسب وتاريخ الوفاة وغير ذلك، والله سبحانه أعلم. 1676 - [الحافظ أبو الفتح الأزدي] (1) محمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن عبد الله بن يزيد (2) بن النعمان أبو الفتح الأزدي الموصلي، نزيل بغداد. حدث عن أبي يعلى، وأبي عروبة الحراني، وابن جرير. وعنه أبو نعيم الأصبهاني، وإبراهيم بن عمر البرمكي وغيرهما. وكان حافظا عالما، له كتاب كبير في الجرح والضعفاء، لكنهم تكلموا فيه، وهو صاحب غرائب ومناكير فيما يرويه. وفي «تاريخ الخطيب» عن محمد بن صدقة الموصلي: (أن أبا الفتح الأزدي وضع حديثا للأمير ابن بويه، وأنه أجازه بمال جزيل) (3). توفي أبو الفتح سنة أربع وسبعين وثلاث مائة. 1677 - [أبو زرعة الرازي الصغير] (4) أحمد بن الحسين الرازي أبو زرعة الصغير الحافظ. رحل وطوف، وجمع وصنف. وتوفي سنة خمس وسبعين وثلاث مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (2/ 240)، و «المنتظم» (8/ 453)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 407)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 564)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 967)، و «ميزان الاعتدال» (3/ 523)، و «البداية والنهاية» (11/ 365)، و «لسان الميزان» (7/ 90)، و «شذرات الذهب» (4/ 398). (2) كذا في «تاريخ بغداد» (2/ 240)، و «ميزان الاعتدال» (3/ 523)، وفي باقي المصادر: (بريدة). (3) «تاريخ بغداد» (2/ 240). (4) «تاريخ الإسلام» (26/ 567)، و «العبر» (2/ 374)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 999)، و «مرآة الجنان» (2/ 405)، و «شذرات الذهب» (4/ 400).

1678 - [الحافظ ابن مهران]

1678 - [الحافظ ابن مهران] (1) عبد الرحمن بن محمد ابن مهران البغدادي أبو مسلم، الحافظ العابد العارف. رحل إلى خراسان والشام والجزيرة وبخارى، وحدث عن البغوي، والباغندي، وابن أبي داود وغيرهم. وروى عنه الحاكم، وأبو العلاء الواسطي وغيرهما. وكان إماما حافظا عابدا ثقة قدوة زاهدا، صنف «المسند»، ثم تزهد، وانقبض عن الناس، وجاور بمكة، وكان يجتهد ألاّ يظهر للمحدثين ولا لغيرهم. توفي سنة خمس وسبعين وثلاث مائة. 1679 - [أبو القاسم الدّاركي] (2) عبد العزيز بن عبد الله أبو القاسم الدّاركي الإمام الشافعي المشهور، نزيل نيسابور، ثم بغداد. توفي سنة خمس وسبعين وثلاث مائة، وهو مذكور في الأصل. 1680 - [أبو حفص الزّيّات] (3) عمر بن محمد بن علي بن يحيى البغدادي أبو حفص الزيات. حدث عن جعفر الفريابي، وابن ناجية، وعمر بن أبي غيلان، وعنه البرقاني، والعتيقي وغيرهما. وكان حافظا ثقة أمينا، له تصانيف. توفي سنة خمس وسبعين وثلاث مائة.

(1) «المنتظم» (8/ 457)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 335)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 574)، و «العبر» (2/ 375)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 969)، و «مرآة الجنان» (2/ 405)، و «شذرات الذهب» (4/ 401). (2) «المنتظم» (8/ 457)، و «وفيات الأعيان» (3/ 188)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 404)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 575)، و «العبر» (2/ 376)، و «مرآة الجنان» (2/ 405)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 330)، و «شذرات الذهب» (4/ 401). (3) «المنتظم» (8/ 458)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 323)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 579)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 983)، و «شذرات الذهب» (4/ 402).

1681 - [القاضي أبو بكر الأبهري]

1681 - [القاضي أبو بكر الأبهري] (1) القاضي أبو بكر الأبهري التميمي، صاحب التصانيف، وشيخ المالكية العراقيين. سئل أن يلي قضاء القضاة، فامتنع. توفي سنة خمس وسبعين وثلاث مائة. 1682 - [الحافظ أبو إسحاق المستملي] (2) أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي البلخي الحافظ. سمع الكثير، وخرّج لنفسه «معجما»، وحدث «بصحيح البخاري» عن الفربري. توفي سنة ست وسبعين وثلاث مائة. 1683 - [أبو علي الفارسي] (3) أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي الإمام النحوي. كان إمام وقته في علم النحو، أقام بحلب عند سيف الدولة بن حمدان، وجرت بينه وبين المتنبي مجالس، ثم انتقل إلى عضد الدولة بفارس، وتقدم عنده وعلت منزلته حتى قال عضد الدولة: أنا غلام أبي علي في النحو، صنف له «كتاب الإيضاح» و «التكملة» في النحو. ساير يوما عضد الدولة بميدان شيراز، فقال عضد الدولة: بم انتصب (زيدا) في قولنا: قام القوم إلا زيدا؟ قال: بفعل مقدر، فقال له: كيف تقديره؟ قال: أستثني زيدا، فقال عضد الدولة: هلا رفعته وقدرت الفعل امتنع زيد، فانقطع أبو علي الفارسي

(1) «المنتظم» (8/ 459)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 580)، و «العبر» (2/ 377)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 971)، و «مرآة الجنان» (2/ 405)، و «شذرات الذهب» (4/ 402). (2) «تاريخ الإسلام» (26/ 589)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 492)، و «العبر» (3/ 3)، و «مرآة الجنان» (2/ 406)، و «شذرات الذهب» (4/ 404). (3) «المنتظم» (8/ 467)، و «معجم الأدباء» (3/ 138)، و «وفيات الأعيان» (2/ 80)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 379)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 608)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 376)، و «مرآة الجنان» (2/ 406)، و «شذرات الذهب» (4/ 407).

1684 - [أمة الواحد ستيتة]

وقال: الجواب ميداني، ثم إنه لما رجع إلى منزله .. وضع في ذلك كلاما وحمله إليه، فاستحسنه، وذكر في «كتاب الإيضاح» أنه انتصب بالفعل المتقدم بتقوية إلا. قال أبو القاسم بن أحمد الأندلسي: جرى ذكر الشعر بحضرة أبي علي وأنا حاضر فقال: إني لأغبطكم على قول الشعر؛ فإن خاطري لا يوافقني على قوله مع تحقيقي العلوم التي هي من مواده، فقال له رجل: فما قلت شيئا قط؟ فقال: ما أعلم أن لي شعرا إلا ثلاثة أبيات ذكرتها في الشيب. وذكر بعض المؤرخين أنه ذكر له إنسان في المنام أن لأبي علي مع فضائله شعرا حسنا، وأنشده في المنام منها هذا البيت: [من البسيط] الناس في الخير لا يرضون عن أحد … فكيف ظنك سيموا الشرّ أو ساموا وقيل: إنما استشهد في باب كان من «كتاب الإيضاح» بقول أبي تمام: [من الكامل] من كان مرعى عزمه وهمومه … روض الأماني لم يزل مهزولا لأن عضد الدولة كان يحب هذا البيت وينشده كثيرا. وتوفي ببغداد سنة سبع وسبعين وثلاث مائة، وقبره في الشونيزي. 1684 - [أمة الواحد ستيتة] (1) أمة الواحد ابنة القاضي أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي. حفظت القرآن والفقه والنحو والفرائض وغيرها من العلوم، وبرعت في مذهب الشافعي، وكانت تفتي مع أبي علي بن أبي هريرة. توفيت سنة سبع وسبعين وثلاث مائة. 1685 - [أبو الحسن ابن لؤلؤ] (2) أبو الحسن علي بن محمد الثقفي البغدادي الشيعي ابن لؤلؤ الورّاق.

(1) «المنتظم» (8/ 469)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 607)، و «العبر» (3/ 6)، و «البداية والنهاية» (11/ 370)، و «شذرات الذهب» (4/ 407). (2) «المنتظم» (8/ 469)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 611)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 327)، و «مرآة الجنان» (2/ 407)، و «شذرات الذهب» (4/ 410).

1686 - [أبو الحسن الأنطاكي]

كان ثقة يحدث بالأجرة. توفي سنة سبع وسبعين وثلاث مائة. 1686 - [أبو الحسن الأنطاكي] (1) أبو الحسن علي بن محمد الأنطاكي المقرئ الفقيه الشافعي. دخل الأندلس، ونشر بها العلم. قال ابن الفرضي: (أدخل الأندلس علما جما، وكان رأسا في القراءات، لا يتقدمه فيها أحد) (2). توفي سنة سبع وسبعين وثلاث مائة. 1687 - [الحافظ الغطريفي] (3) محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم بن السري بن الغطريف بن الجهم، أبو أحمد الغطريفي الرّباطي الجرجاني. حدث عن أبي خليفة فأكثر، وعن الحسن بن سفيان، وابن ناجية، وابن خزيمة وغيرهم. وحدث عنه رفيقه أبو بكر الإسماعيلي في «صحيحه» نيفا على مائة حديث، مدلسا في نسبه من غير تصريحه، وحدث عنه أيضا حمزة السهمي، وأبو الطيب الطبري، وأبو نعيم في آخرين. وكان صواما قواما ثقة، من علماء الحديث، وكان أمير الغزاة بدهستان، وصنف «المسند الصحيح» وغيره. وتوفي سنة سبع وسبعين وثلاث مائة.

(1) «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 361)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 613)، و «العبر» (3/ 7)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 656)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 468). (2) «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 361). (3) «المنتظم» (8/ 470)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 354)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 614)، و «العبر» (3/ 7)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 971)، و «شذرات الذهب» (4/ 411).

1688 - [أبو نصر الطوسي]

1688 - [أبو نصر الطوسي] (1) أبو نصر عبد الله بن علي الطوسي السراج، الشيخ الكبير، شيخ الصوفية، مصنف كتاب «الملح» في التصوف. توفي سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة. 1689 - [أبو أحمد الحاكم الكبير] (2) أبو أحمد الحاكم، واسمه: محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري، محدث خراسان. روى عن ابن خزيمة، والباغندي، والبغوي، وعبد الله بن زيدان وغيرهم. وعنه الحاكم أبو عبد الله، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عثمان البحيري. وكان إمام عصره بلا مدافعة، رحل وكتب الكثير، وصنف على «الصحيحين» وعلى «جامع الترمذي»، وله كتاب «الكنى» وكتاب «العلل» وغير ذلك، ولي قضاء الشاش، ثم قضاء طوس، ثم قدم نيسابور، ولزم مسجده، وأقبل على العبادة والتصنيف، وكف بصره قبل موته بسنتين. توفي سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة. 1690 - [أبو بكر المفيد] (3) محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن عبد الله البغدادي أبو بكر المفيد، نزيل جرجرايا، مدينة بالعراق. حدث عن أبي يعلى الموصلي، وأبي شعيب الحراني، ومحمد بن يحيى المروزي وغيرهم.

(1) «تاريخ الإسلام» (26/ 625)، و «العبر» (3/ 9)، و «مرآة الجنان» (2/ 408)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 153)، و «شذرات الذهب» (4/ 413). (2) «سير أعلام النبلاء» (16/ 370)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 637)، و «العبر» (3/ 11)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 976)، و «لسان الميزان» (9/ 6)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 154)، و «شذرات الذهب» (4/ 415). (3) «تاريخ بغداد» (1/ 363)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 269)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 630)، و «العبر» (3/ 10)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 979)، و «شذرات الذهب» (4/ 414).

1691 - [نقاش الفضة]

وعنه الحسن بن غالب المقرئ، وأبو بكر البرقاني وغيرهما. وكان مفيد جرجرايا، إلا أنهم ضعفوه، خرج عنه البرقاني في «صحيحه» حديثا واحدا مع اعتذاره واعترافه أنه ليس بحجة في أخباره. توفي سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة. 1691 - [نقاش الفضّة] (1) محمد بن أحمد البغدادي النقاش أبو جعفر الجوهري، الإمام العالم المتكلم، أحد أئمة الأشعرية الكبار في وقته، وعنه أخذ أبو علي بن شاذان. توفي سنة تسع وسبعين وثلاث مائة. 1692 - [أبو بكر الزّبيدي] (2) أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي-بضم الزاي، وفتح الموحدة، نسبة إلى زبيد، قبيلة كبيرة باليمن-الإشبيلي، شيخ العربية بالأندلس. كان أوحد عصره في علم النحو وحفظ اللغة، وأعرف أهل زمانه بالإعراب والمعاني والنوادر وعلم السير والأخبار، وله كتب تدل على وفور علمه، منها: «مختصر كتاب العين» وكتاب «طبقات النحويين واللغويين في المشرق والأندلس» من زمن أبي الأسود الدؤلي إلى زمنه، وعدة كتب أخرى. أدب المؤيد بالله ولد المستنصر، وتولى قضاء إشبيلية، وكان كثيرا ما ينشد: [من السريع] الفقر في أوطاننا غربة … والمال في الغربة أوطان والأرض شيء كلها واحد … والناس إخوان وجيران توفي سنة تسع وسبعين وثلاث مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (1/ 342)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 416)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 648)، و «مرآة الجنان» (2/ 409)، و «شذرات الذهب» (4/ 417). (2) «تاريخ علماء الأندلس» (2/ 92)، و «معجم البلدان» (6/ 618)، و «وفيات الأعيان» (4/ 372)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 649)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 417)، و «مرآة الجنان» (2/ 409)، و «شذرات الذهب» (4/ 417).

1693 - [السلطان أبو الفوارس]

1693 - [السلطان أبو الفوارس] (1) أبو الفوارس شرف الدولة سلطان بغداد بن عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه الديلمي. لما توفي أبوه في سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة .. ولي أمر بغداد أخوه صمصام الدولة، ثم وقعت الوحشة بينه وبين شرف الدولة فاقتتلا، وكان صمصام الدولة في تسعة عشر ألفا من الديلم، وشرف الدولة في ثلاثة آلاف من الترك، فانهزمت الديلم، وقتل منهم نحو ثلاثة آلاف، ثم اصطلحا على أن يخطب بالحضرة لشرف الدولة متقدما على صمصام الدولة، ثم قطعت خطبة صمصام الدولة، واستقل شرف الدولة بالخطبة بعد الخليفة، ثم إن الديلم أظهروا شعار شرف الدولة، فخرج صمصامها من بغداد، ودخلها شرف الدولة، ثم ظفر شرف الدولة بأخيه صمصام، فسمله وحبس في بعض قلاع فارس. وتوفي شرف الدولة سنة تسع وسبعين وثلاث مائة بالاستسقاء، وتولى بعده أخوه أبو نصر بن عضد الدولة. وكان شرف الدولة فيه خير ودين وقلة ظلم، رفع عن العراق مظالم كثيرة، ورد على الشريف أبي الحسن محمد بن عمر جميع أملاكه، وكان مغلها في العام ألفي ألف وخمس مائة درهم. 1694 - [الحافظ ابن زبر] (2) محمد بن عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبر الربعي الدمشقي أبو سليمان. حدث عن أبيه القاضي أبي محمد، والبغوي، وابن أبي داود وغيرهم، وعنه تمام الرازي، وعبد الغني المصري وغيرهما، وكان حافظا جليلا ثقة نبيلا. توفي سنة تسع وسبعين وثلاث مائة.

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 426)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 384)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 644)، و «العبر» (3/ 13)، و «مرآة الجنان» (2/ 408)، و «شذرات الذهب» (4/ 417). (2) «سير أعلام النبلاء» (16/ 440)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 650)، و «العبر» (3/ 14)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 996)، و «شذرات الذهب» (4/ 419).

1695 - [الحافظ ابن المظفر]

1695 - [الحافظ ابن المظفّر] (1) محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى أبو الحسين البغدادي، محدث العراق، وأحد الطوافين في الآفاق. حدث عن أحمد بن الحسن الصوفي، والبغوي، وابن صاعد وغيرهم، وعنه الدارقطني، وابن شاهين، وأبو نعيم، والحسن بن محمد الخلال. وكان حافظا ثقة مكثرا متقنا، مائلا إلى التشيع قليلا. توفي سنة تسع وسبعين وثلاث مائة. 1696 - [الحافظ ابن مفرّج] (2) أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الأموي مولاهم القرطبي، الحافظ، محدث الأندلس. سمع وصنف «فقه الحسن البصري» في سبع مجلدات، و «فقه الزهري» في أجزاء عديدة. وتوفي سنة ثمانين وثلاث مائة. 1697 - [الوزير ابن كلّس] (3) الوزير أبو الفرج يعقوب ابن كلّس، وزير صاحب مصر العزيز بالله بن المعز. كان يهوديا بغداديا، عجبا في الدهاء والفطنة والمكر، يتوكل للتجار بالرملة، فانكسر وهرب إلى مصر، وأسلم واتصل بالأستاذ كافور، ثم دخل المغرب ونفق عند المعز، وتقدم ولم يزل في الارتقاء إلى أن مات في سنة ثمانين وثلاث مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (4/ 27)، و «المنتظم» (8/ 482)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 418)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 652)، و «العبر» (3/ 14)، و «شذرات الذهب» (4/ 420). (2) «تاريخ علماء الأندلس» (2/ 93)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 390)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 663)، و «العبر» (3/ 15)، و «شذرات الذهب» (4/ 422). (3) «المنتظم» (8/ 485)، و «وفيات الأعيان» (7/ 27)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 442)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 668)، و «العبر» (3/ 16)، و «شذرات الذهب» (4/ 422).

وكان عظيم الهيبة، وافر الحشمة، عالي الهمة، وكان معلومه على مخدومه في السنة مائة ألف دينار. قيل: إنه خلف أربعة آلاف مملوك، ويقال: إنه حسن إسلامه. والله سبحانه أعلم ***

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والستون بعد الثلاث مائة فيها: دخل الروم نصيبين وملكوها، وورد بغداد خلق كثير من ديار بكر وربيعة، واستنفروا المسلمين، واجتمع معهم خلق من العامة، وصاروا إلى دار المطيع، وقلعوا بعض شبابيكها، وأسمعوه ما يكره، وكان بختيار بالكوفة، فخرج إليه جماعة من وجوه بغداد ينكرون عليه انهماكه واشتغاله بمحاربة عمران بن شاهين صاحب البطيحة-وهو من أهل القبلة-عن مصالح المسلمين، فعاد إلى بغداد، وأرسل إلى المطيع: بأن الغزو واجب عليك، فأجابه المطيع بأن الغزو يلزمني إذا كانت في يدي الأموال تجبى إلي، فأما الآن .. فليس في يدي إلا هذا القوت العاجز عن كفايتي، وهو في أيدي بكر وأيدي أصحاب الأطراف، فلا يلزمني حج ولا غزو ولا شيء مما يلزم الأئمة، وإنما لكم هذا الاسم الذي تسكتون به رعاياكم، وخرج الأمر إلى طرف الوعيد، واتسع الخرق في المصادرات، وانقطعت المعائش، حتى تعذر على كثير من الناس الوصول إلى ماء دجلة، فشربوا ماء الآبار، وسار العامة واستباحوا الأموال، ونفذ بختيار إليهم جيشا، فكسروه وهجموا على الناس في منازلهم، وخربت بغداد، وكانت هذه الفتنة نتيجة الاستنفار (1). وفيها: اعترض بنو هلال ركب العراق فأخذوه، وقتلوا خلقا، وبطل الحج، إلا طائفة نجت ومضت مع ركب الشريف أبي أحمد الموسوي والد الشريف المرتضى (2). وفيها: توفي الحافظ محمد بن الحارث القيرواني، والحسن الأسيوطي، وخلف الخيام، وأبو الحسن بن أبي تمام الزينبي (3). وفيها: وقع الصلح بين منصور بن نوح صاحب خراسان وبين ركن الدولة وعضد الدولة، وعقد له على ابنة عضد الدولة (4).

(1) «المنتظم» (8/ 373)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 302)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 247)، و «البداية والنهاية» (11/ 326)، وقد أورد ابن الجوزي والذهبي هذه الحادثة في حوادث سنة (362 هـ‍). (2) «المنتظم» (8/ 371)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 245)، و «العبر» (3/ 330). (3) أبو الحسن الزينبي توفي سنة (427 هـ‍)، انظر ترجمته في «سير أعلام النبلاء» (19/ 39)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 201). (4) «الكامل في التاريخ» (7/ 308)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 462).

السنة الثانية والستون

السنة الثانية والستون فيها: كانت وقعة بناحية ميافارقين بين هبة الله بن ناصر الدولة وبين الروم، وكانت عدة الروم عظيمة، فانهزموا وأخذ الدّمستق أسيرا، وكثر في الروم الأسر والقتل (1). وفيها: صولح عمر بن شاهين على ألف ألف وخمس مائة ألف (2). وفيها: صرف أبو أحمد الموسوي عن نقابة الطالبيين، وقلدها أبو محمد الناصر وهو بالأهواز، وخلفه ابنه أبو الحسين (3). وفيها: توفي أبو حامد أحمد بن عامر المروروذي الشافعي عالم البصرة، وأبو إسحاق المزكّي النيسابوري، وأبو جعفر البلخي الهندواني الذي كان يقال له: أبو حنيفة الصغير؛ لبراعته في الفقه، توفي ببخارى، وكان شيخ الديار في زمنه. وفيها: توفي الأمير إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال ممدوح ابن دريد في «مقصورته»، وأبو عمر بن فضالة الأموي مولاهم المحدث الدمشقي، ومحمد بن هاني الأزدي الأندلسي الشاعر المشهور. *** السنة الثالثة والستون فيها: ظهر ما كان المطيع يستره من الفالج، فثقل لسانه، فدعاه حاجب السلطان عز الدولة إلى خلع نفسه وتسليم الخلافة لولده الطائع، ففعل ذلك وأثبت خلعه على قاضي القضاة (4). وفيها: أقيمت الدعوة بالحرمين للمعز العبيدي، وقطعت خطبة بني العباس، ولم يحج ركب العراق؛ لأنهم وصلوا إلى بعض الطريق فرأوا هلال ذي الحجة، وأعلموا أن الماء معدوم قدامهم، فعدلوا إلى مدينة النبي صلّى الله عليه وسلم، فزاروا ثم رجعوا (5).

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 310)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 249). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 296)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 679)، وقد وردت هذه الحادثة فيهما في سنة (359 هـ‍). (3) «الوافي بالوفيات» (13/ 75). (4) «تاريخ الإسلام» (26/ 253)، و «العبر» (2/ 335)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 105). (5) «تاريخ الإسلام» (26/ 254)، و «العبر» (2/ 335)، و «مرآة الجنان» (2/ 379).

السنة الرابعة والستون

وفيها: توفي الحافظ أبو الحسين محمد بن أحمد بن سهل الرملي شهيدا، والحافظ أبو العباس محمد بن موسى السمسار الدمشقي محدث الشام، والنعمان بن محمد المكنى بأبي حنيفة، صاحب المعز العبيدي وقاضيه. وفيها: توفي جمح بن القاسم، والفقيه أبو بكر عبد العزيز [بن جعفر الحنبلي]. *** السنة الرابعة والستون فيها: وصل عضد الدولة إلى بغداد منجدا بختيار، وواقع الأتراك فهزمهم، ولما استقر ببغداد .. طمع فيها، فقبض على بختيار وإخوته، وعول على أن يقيم لهم ما يحتاجون إليه، وأشهد على بختيار أنه سلم الإمارة إليه لعجزه عنها، وكاتب أباه ركن الدولة يعلمه أنه إنما فعل ذلك؛ حفظا للملك، وأن بختيار لا يقوم بضبطه، فقامت القيامة على أبيه، وعزم عليه بالعود والتخلية بين بختيار وولايته، وتهدده أن يقصده بنفسه إن هو لم يفعل، وتجرد في ذلك تجردا لم يمكن ابنه عضد الدولة مخالفته، فعاد عضد الدولة إلى فارس وفي نفسه ما فيها، وقطعت خطبة الطائع لله ببغداد خمسين يوما، فلم يخطب لأحد (1). وفيها-أو في التي بعدها-: ظهرت العيارون واللصوص ببغداد، واستفحل شرهم، حتى ركبوا الخيل، وتلقبوا بالقواد، وأخذوا الضريبة من الأسواق والدروب، وعم البلاء (2). وفيها: توفي الخليفة المطيع لله الفضل بن المقتدر جعفر بن المعتضد العباسي، والأمير جعفر بن علي بن أحمد بن حمدان الأندلسي، والحافظ أبو بكر بن السني الدينوري مصنف كتاب «عمل اليوم والليلة»، وأبو هاشم عبد الجبار المؤدّب. *** السنة الخامسة والستون فيها: توفي الشيخ الكبير إسماعيل بن نجيد النيسابوري شيخ الصوفية بخراسان، والحافظ أبو علي الحسين الماسرجسي، وأبو أحمد عبد الله بن عدي ابن القطان

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 327)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 258)، و «العبر» (2/ 338)، و «مرآة الجنان» (2/ 380)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 532). (2) «تاريخ الإسلام» (26/ 257)، و «العبر» (2/ 338)، و «مرآة الجنان» (2/ 380).

السنة السادسة والستون

الجرجاني الحافظ الكبير، مصنف «الكامل» في الجرح. وفيها-أو في التي بعدها، أو في سنة ست وثلاثين وثلاث مائة-: توفي الإمام أبو بكر محمد بن علي القفال الكبير الشاشي. وفيها: توفي المعز أبو تميم معد بن المنصور إسماعيل بن القائم بن المهدي العبيدي صاحب المغرب والديار المصرية، وقام ابنه العزيز مقامه. وفيها: مات أبو مفلح منصور ابن نوح بن نصر، وقام ابنه أبو القاسم نوح مقامه. *** السنة السادسة والستون فيها: عقد لفخر الدولة أبي الحسن علي بن الحسن بن بويه على ولاية الري (1). وفيها: قبض مؤيد الدولة بن ركن الدولة بإشارة أخيه عضد الدولة على أبي الفتح بن العميد، وقتله بعد أن نفذ إليه عضد الدولة من خاصته من عذبه وسمل إحدى عينيه وقطع أنفه وجز لحيته (2). وفيها: حجت جميلة بنت الملك ناصر الدولة بن حمدان في أبهة عظيمة، وصدقات عميمة، بحيث صار يضرب المثل بحجها؛ فإنها أغنت المجاورين، ولما دخلت الكعبة .. نثرت عليها عشرة آلاف دينار، وقيل: كان معها أربع مائة كجاوة (3) لا يدرى في أيها هي؛ لكونهن كلهن في الحسن والزينة يشتبهن (4). وفيها: مات ملك القرامطة الحسن بن أحمد بن أبي سعيد القرمطي، والمستنصر بالله أبو مروان عبد الرحمن بن محمد الأموي المرواني صاحب الأندلس، والقاضي الفاضل أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني الشافعي الأديب الشاعر، وأبو الحسن محمد النيسابوري السراج المقرئ الصالح، وركن الدولة حسن بن بويه الديلمي كما ذكره الذهبي (5)، وذكر بعض المؤرخين وفاته في سنة خمس وستين.

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 343)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 665). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 347). (3) الكجاوة: الهودج، لفظ فارسي. (4) «المنتظم» (8/ 406)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 170)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 264)، و «العبر» (2/ 346)، و «مرآة الجنان» (2/ 385). (5) انظر «تاريخ الإسلام» (26/ 357).

السنة السابعة والستون

وفيها-أعني سنة ست وستين-: توفي محمد بن عبد الله بن حيّويه بمصر. *** السنة السابعة والستون فيها: مات أبو إسحاق يوسف بن الحسن الجنابي صاحب هجر، وتولى بعده ستة نفر سموا السادة (1). وفيها: نزل عضد الدولة واسطا وترددت الرسل بينه وبين عز الدولة بختيار بعد حرب كانت بينهما، استظهر فيها عضد الدولة وضعف بختيار، والتمس منه وزيره ابن بقية، فسلم إليه، فسمله، ثم بعد شهر ألقي إلى الفيلة فقتلته (2). وفيها: كانت الوقعة بين عضد الدولة وبين بختيار وأبي تغلب الغضنفر عدة الدولة ابن ناصر الدولة، فأجلت عن قتل بختيار وهزيمة أبي تغلب، ويمم عضد الدولة إلى الموصل، وراسله أبو تغلب في الصلح، فأجاب بأن عادتي إذا فتحت بلدا عنوة .. ألاّ أصالح عنه، وأحب عضد الدولة تلك البلاد، ورآها أنفس من العراق، وكان ناصر الدولة يملك أكثر أعمال الموصل وأملاكها؛ لطول أيامه، فصارت له ملكا وملكا (3). وفيها: توفي الشيخ الكبير أبو القاسم النصراباذي شيخ الصوفية والمحدثين بخراسان، وبختيار بن معز الدولة الديلمي، وأبو تغلب الغضنفر عدة الدولة بن ناصر الدولة بن حمدان، والقاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن قريعة، ومحمد بن عمر الأندلسي المعروف بابن القوطية، والوزير نصير الدولة محمد بن بقية (4)، وأبو الطاهر الذهلي. *** السنة الثامنة والستون فيها: خطب لعضد الدولة الملك على منابر بغداد، ولم يكن ذلك لمن تقدمه، وإنما

(1) «تاريخ الإسلام» (26/ 267)، و «العبر» (2/ 349)، و «شذرات الذهب» (4/ 356). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 358)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 600). (3) «المنتظم» (8/ 409)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 360)، و «العبر» (2/ 349)، و «شذرات الذهب» (4/ 356). (4) ذكر ابن بقية هنا سهو؛ لأنه توفي سنة (368 هـ‍)، وسيعيده المصنف في السنة التي بعد هذه.

السنة التاسعة والستون

كان يخطب لهم فيما عدا بغداد، وضرب الطبل على بابه في ثلاث صلوات، ولم يكن لمن تقدمه (1). وفيها: فتح سعد الدولة أبو المعالي شريف بن سيف الدولة علي بن حمدان ديار مضر، فوعدها فيه عضد الدولة؛ لمودة كانت بينهما، واستعفى لنفسه (2) منها الرقة خاصة (3). وفيها: توفي أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي النحوي، والشيخ الزاهد العابد أبو أحمد محمد بن عيسى الجلودي النيسابوري، راوي «صحيح مسلم» عن ابن سفيان، وأبو الحسين محمد بن محمد النيسابوري الحافظ المقرئ الصالح، والوزير أبو طاهر محمد بن محمد بن بقية، وزير عز الدولة بختيار بن بويه. وفيها: ردت الدعوة العباسية بالشام على يد بعض أهل الدولة من العراقيين (4)، وحارب المصريين، فالتقى هو وجوهر العبيدي، فانكسر جوهر وذهب إلى مصر، فصادف مولاه العزيز صاحب مصر قد جاء في نجدته، فرد معه، فالتقاهم عسكر العراق، فانهزم العراقيون وأسر مقدمهم، ثم منّ عليه العزيز وأطلقه (5). وفيها: توفي القطيعي. *** السنة التاسعة والستون فيها: وصل ورد ملك الروم إلى ديار بكر، وأنفذ أخاه إلى عضد الدولة مستنجدا ومسائلا في نصرته على الملكين الآخرين اللذين أبعداه عن قسطنطينيّة، وعرف الملكان فعله، فبادرا بإنفاذ رسول ينقض ما شرع فيه، ويلتمسان الذمام، واجتمع الرسولان على بابه (6).

(1) «المنتظم» (8/ 415)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 271)، و «شذرات الذهب» (4/ 367). (2) أي: عضد الدولة. (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 364). (4) هو الأمير هفتكين التركي الشّرّابي. (5) «تاريخ الإسلام» (26/ 407)، و «العبر» (2/ 255)، و «مرآة الجنان» (2/ 391)، و «شذرات الذهب» (4/ 371). (6) «الكامل في التاريخ» (7/ 368).

وفيها: مات عمران بن شاهين صاحب البطيحة فجأة بعد أن نصبت له الأرصاد أربعين سنة (1). وفيها: خرج المطهر بن عبد الله الوزير لحرب الحسن بن عمران بن شاهين صاحب البطيحة، فأعياه، فاستشعر من إنكار عضد الدولة، فقطع شبرا من يديه بسكين دوابه، فنزف دمه حتى مات، وتفرد نصر بن هارون بالوزارة (2). وفيها: توفي حسنويه بن الحسين الكردي صاحب الجيل في قلعته المعروفة بسرماج، وسار عضد الدولة ففتح القلعة والجيل وهمذان، وهرب أخوه فخر الدولة إلى بلاد الديلم، ولجأ إلى الداعي العلوي (3). وفيها: بدأ عضد الدولة بعمارة بغداد، وكانت قد خربت، فعمر المساجد الجامعة، وكانت خرابا، والأسواق، وكانت تلولا بالحريق المتصل، وألزم أرباب العقار العمارة، فمن قصرت يده .. يقرض من بيت المال، وأمر بحفر الأنهار الداثرة، وعمر طريق مكة، وأطلق الصلات والصدقات لسائر طبقات المسلمين، وتجاوزهم إلى أهل الذمة، وأفرد في داره أماكن للحكماء وأرباب الفلسفة يتناظرون فيها؛ ليسلموا من سفه العامة (4). وفيها: عرض لعضد الدولة داء الصرع (5). وفيها: توفي الشيخ الكبير أبو عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري شيخ الصوفية، نزيل صور، شيخ الشام في وقته، والإمام الكبير أبو سهل الصعلوكي محمد بن سليمان النيسابوري الفقيه، شيخ الشافعية بخراسان، وقاضي القضاة أبو الحسن ابن أم شيبان، مات فجأة عن خمس وسبعين سنة. وفيها: توفي ابن ماسى، وأبو الشيخ، والنقاش المحدث الحافظ، وهو غير المقرئ. ***

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 367)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 267) أي: ترصد له الملوك والخلفاء وبذلوا الجهد في أخذه، وأعملوا الحيل أربعين سنة، فلم يقدروا. (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 367). (3) «المنتظم» (8/ 424)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 370)، و «البداية والنهاية» (11/ 355). (4) «الكامل في التاريخ» (7/ 370)، و «البداية والنهاية» (11/ 355). (5) «الكامل في التاريخ» (7/ 373)، و «البداية والنهاية» (11/ 356).

السنة الموفية سبعين

السنة الموفية سبعين فيها: رجع عضد الدولة من همذان، فلما قرب من بغداد .. بعث إلى الخليفة الطائع لله يتلقاه، فما وسعه التخلف؛ لضعف الخلفاء حينئذ، وقوة الملوك المتصرفين في البلدان، وما جرت عادة بذلك قط أن يتلقى الخلفاء لهم، وقال قبل دخوله: من تكلم أو دعى له .. قتل، فما نطق مخلوق. قال الشيخ اليافعي: (هكذا أطلق بعضهم، ولم يبين من هو القائل ذلك، هل نهى عضد الدولة أن يدعى للخليفة، أو نهى الخليفة أن يدعى لعضد الدولة (1)؟ ويحتمل أيضا أن يكون الخليفة نهى عن الدعاء لنفسه؛ خوفا من أن يغار عضد الدولة ويظهر منه غيظ، وأن يكون الناهي عضد الدولة؛ نهى أن يدعى له بحضرة الخليفة؛ تواضعا للخليفة، والله سبحانه أعلم) (2). وفيها: توفي شيخ الحنفية ببغداد الفقيه أحمد بن علي صاحب أبي الحسن الكرخي، والحافظ أبو محمد بن رشيق المصري، والأديب الحسين بن أحمد الهمذاني المعروف بابن خالويه، والإمام النحوي اللغوي أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر الأزهري الهروي، والحافظ أبو بكر محمد بن جعفر البغدادي الملقب غندر، والإمام المتكلم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن مجاهد الطائي، صاحب الشيخ أبي الحسن الأشعري، وليس بابن مجاهد المقرئ، وبشر بن أحمد الأسفراييني، والحسن بن دمستق، وابن فورك القباب. *** السنة الحادية والسبعون فيها: عقد لمؤيد الدولة بن ركن الدولة على جرجان، فحارب قابوس بن وشكمير فهزمه، وكان وزيره أبو القاسم الصاحب بن عباد (3).

(1) قال الإمام الذهبي في «تاريخ الإسلام» (26/ 277): (ثم أمر عضد الدولة بأن ينادى قبل دخوله بمنع العوام من الدعاء له والصيحة، وتوعّد على ذلك بالقتل). (2) «مرآة الجنان» (2/ 393)، وانظر «المنتظم» (8/ 427)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 277)، و «العبر» (2/ 360)، و «شذرات الذهب» (4/ 377). (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 381).

السنة الثانية والسبعون

وفيها: توفي الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني الفقيه، والحافظ [ابن التبان] بالمغرب، والإمام الكبير أبو زيد محمد بن أحمد المروزي الشافعي، والشيخ الكبير العارف بالله أبو عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي. وفيها: توفي المطوّعي المقرئ، ويحيى بن هذيل شاعر الأندلس. *** السنة الثانية والسبعون فيها: توفي عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه. وفيها: توفي الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد الفارسي الخضري المروزي. وفيها: قتل أبو الفرج بن عمران بن شاهين أخاه أبا محمد الحسن بن عمران، واستولى على البطيحة (1). وفيها: توفي ابن وصيف الغزي، وابن بخيت الدقاق، ومحمد بن عبد الله ابن خميرويه. *** السنة الثالثة والسبعون في أولها: أظهرت وفاة عضد الدولة-وكانت قد أخفيت-حتى أحضروا ولده صمصام الدولة، فجلس للعزاء، ولطموا عليه في الأسواق أياما، وجاء الطائع إلى صمصام الدولة فعزاه، ثم ولاه الملك، وعقد له لواءين، ولقّبه: شمس الدولة (2). وفيها: مات مؤيد الدولة أبو منصور ابن بويه أخو عضد الدولة بجرجان، وجلس صمصام الدولة للعزاء على عمه، وجاءه الخليفة الطائع معزيا، فلقيه في طيارة، ولما توفي مؤيد الدولة .. ولي مملكته أخوه فخر الدولة علي ابن بويه بتمهيد الصاحب بن عباد له الأمر، فاستوزر الصاحب المذكور، ووزر له (3).

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 393)، وفيه: (الحسين بن عمران)، وقد ذكره قبل هذا الموضع (7/ 367) فقال: (الحسن بن عمران)، وفي «الأعلام» للزركلي (2/ 250): (الحسين بن عمران). (2) «المنتظم» (8/ 447)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 395)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 475)، و «العبر» (2/ 369)، و «شذرات الذهب» (4/ 392). (3) «المنتظم» (8/ 448)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 395)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 475)، و «العبر» -

السنة الرابعة والسبعون

وفيها: وقع القحط الشديد ببغداد، وبلغ حساب الغرارة الشامية أربع مائة درهم. قال الشيخ اليافعي: (وقد بلغت الغرارة الحجازية بمكة في سنة ست وستين وسبع مائة إلى هذه القيمة المذكورة، وهي نحو من ثلث الشامية) (1). وفيها: توفي الأمير أبو الفتوح الصنهاجي نائب المعز العبيدي على المغرب، والشيخ الكبير أبو عثمان المغربي الصوفي سعيد بن سلم، ويقال: ابن سلام-بزيادة ألف بعد اللام-نزيل نيسابور، والفضل بن جعفر الرجل الصالح المؤذن بدمشق أبو القاسم التميمي، وعبد الله بن محمد السقا، وأبو أحمد محمد بن محمد الجرجاني. *** السنة الرابعة والسبعون فيها: توفي العلامة أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن حسكا الحنفي، وخطيب الخطباء أبو يحيى عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة الفارقي اللخمي، العسقلاني المولد، المصري الدار، وتميم بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي العبيدي الباطني، والحافظ إسحاق بن سعد النسوي، وأبو الفتح الأزدي، ومحمد بن سليمان الربعي. *** السنة الخامسة والسبعون فيها: توفي الحافظ أبو زرعة أحمد بن الحسين الرازي الصغير، والحافظ العابد أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران البغدادي، والإمام أبو القاسم عبد العزيز بن عبد الله الداركي الشافعي، والقاضي أبو بكر الأبهري شيخ المالكية العراقيين، والحافظ أبو أحمد حسينك، وأبو حفص بن الزيات، والقاضي الميانجي. ***

= (2/ 369)، و «شذرات الذهب» (4/ 392). (1) «مرآة الجنان» (2/ 401)، وانظر «المنتظم» (8/ 448)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 475)، و «العبر» (2/ 370).

السنة السادسة والسبعون

السنة السادسة والسبعون فيها: وقع القتال بين شرف الدولة أبي الفوارس وبين صمصام الدولة، وكان صمصام الدولة في تسعة عشر ألفا من الديلم، وشرف الدولة في ثلاثة آلاف من الترك، فانهزمت الديلم، وقتل منهم نحو ثلاثة آلاف، ثم اصطلحوا على أن يخطب لشرف الدولة بالحضرة قبل صمصامها، ثم قطعت الخطبة لصمصام الدولة في رجب من هذه السنة (1). وفيها: شغب الديلم، ونادوا بشعار شرف الدولة، فخرج صمصام الدولة من بغداد، ودخلها شرف الدولة، فأتاه الخليفة الطائع يهنئه، ثم خفي خبر صمصام الدولة، فلم يعرف، قيل: إن أخاه شرف الدولة حبسه في بعض القلاع بفارس، وسمله (2). وفيها: توفي الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي، راوي «صحيح البخاري» عن الفربري، والواعظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان الصوفي الرازي، والحسن بن جعفر السمسار، وعلي بن عبد الرحمن البكائي، وأبو عمرو ابن حمدان. *** السنة السابعة والسبعون فيها: رفع شرف الدولة بن عضد الدولة مظالم كثيرة عن العراق، فرد على الشريف أبي الحسن محمد بن عمر جميع أملاكه، وكان مغلها في العام ألفي ألف وخمس مائة ألف درهم (3). وفيها: كان الغلاء ببغداد دون الوصف (4). وفيها: توفي الإمام النحوي أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي، وأبو الحسن علي بن محمد الثقفي البغدادي الشيعي، المعروف بابن لؤلؤ الوراق، والحافظ محمد بن أحمد بن

(1) «المنتظم» (8/ 461)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 415)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 479)، و «العبر» (3/ 3)، و «شذرات الذهب» (4/ 404). (2) «المنتظم» (8/ 461)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 414)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 480). (3) «المنتظم» (8/ 466)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 482)، و «العبر» (3/ 5)، و «شذرات الذهب» (4/ 407). (4) «المنتظم» (8/ 466)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 482).

السنة الثامنة والسبعون

الحسين بن القاسم بن السري بن الغطريف الغطريفي الجرجاني الرباطي، وأمة الواحد ابنة القاضي أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي، وأبو عمرو ابن صابر، وأبو الحسن علي بن محمد الأنطاكي المقرئ. *** السنة الثامنة والسبعون فيها: تضاعف الغلاء ببغداد، حتى بلغ الرطل اللحم بدرهمين وكسر (1). وفيها: توفي أبو نصر عبد الله بن علي الطوسي السراج، والحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري، والخليل بن أحمد السجزي، والمفيد، ومحمد بن إسماعيل الوراق، وأبو القاسم بن الجلاب المالكي. *** السنة التاسعة والسبعون فيها-أو في التي تليها-: اشتد البلاء وعظم الخطب ببغداد بأمر العيارين، صاروا حزبين، ووقعت بينهم حروب، واتصل القتال بين أهل الكرخ وباب البصرة، وقتل طائفة، ونهبت أموال الناس، وتواترت الفتن، وأحرق بعضهم دور بعض (2). وفيها: توفي شرف الدولة سلطان بغداد بن عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه الديلمي، وولي بعده أخوه أبو نصر بن عضد الدولة، ولقب بهاء الدولة، وقد قدمنا (3): أن شرف الدولة كان حبس صمصام الدولة في بعض القلاع بفارس، فلما ورد الخبر بموت شرف الدولة .. أخرج صمصامها من القلعة، ووجد مسمولا، وسلم الديلم إليه ولاية فارس (4). وفيها: توفي أبو جعفر الجوهري محمد بن أحمد البغدادي النقاش، وأبو بكر محمد بن

(1) «المنتظم» (8/ 466)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 483). (2) «المنتظم» (8/ 483)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 487)، و «العبر» (3/ 12). (3) انظر (3/ 243). (4) انظر ترجمة شرف الدولة في «المنتظم» (8/ 479)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 426)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 485).

السنة الموفية ثمانين بعد الثلاث مائة

الحسن الزبيدي-بضم الزاي، وفتح الموحدة-الإشبيلي شيخ العربية بالأندلس، وأبو سليمان ابن زبر، وابن المظفر. *** السنة الموفية ثمانين بعد الثلاث مائة فيها: كانت وقعة بين أبي عبد الله وأبي طاهر ابني ناصر الدولة بن حمدان وبني عقيل وبين باذ الكردي في شرقي الموصل، قتل فيها باذ (1). وفيها: توفي محدث الأندلس أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الأموي مولاهم القرطبي، سمع وصنف، والوزير أبو الفرج يعقوب ابن كلس، وزير صاحب مصر العزيز بالله، وطلحة الشاهد، وأبو عبد الله ابن مفرج القرطبي (2). والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 434). (2) أبو عبد الله ابن مفرج القرطبي هو نفسه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الأموي مولاهم القرطبي الذي تقدم قبله.

العشرون الخامسة من المائة الرابعة

العشرون الخامسة من المائة الرابعة [الاعلام] 1698 - [أحمد الصعبي] (1) أحمد بن عبد الله أبو العباس، أحد الفقهاء الصعبيين قضاة سهفنة. كان إماما كبيرا عالما مجتهدا. حج سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة هو والفقيه القاسم بن محمد الجمحي، فأخذا بمكة من بعض المراوزة، وأخذا عن الحسين بن جعفر المراغي، ثم سألاه القدوم معهما إلى اليمن، فأجابهما إلى ذلك، فأخذا عنه باليمن «مختصر المزني» و «سننه» و «سنن الربيع»، وأخذا عنه شيئا من تواليفه. قال الجندي: (وكانت وفاته على رأس أربع مائة) (2). 1699 - [الحسين المراغي] (3) الحسين بن جعفر بن محمد أبو محمد المراغي. كان فقيها كبيرا، إماما شهيرا، من فقهاء العراق. سمع من محمد بن مظفر بن موسى الحافظ عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن سلامة الطحاوي في ذي القعدة سنة عشرين وثلاث مائة، وحج سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة، فلقيه بمكة الإمامان القاسم بن محمد الجمحي وأحمد بن عبد الله الصعبي، فأخذا عنه، وسألاه أن يقدم معهما اليمن، وبذلا له القيام بكفايته، فأجابهما إلى ذلك، وقدم معهما اليمن، فأخذا عنه «مختصر المزني» و «سننه» و «سنن الربيع»، وأخذ عنه جماعة غيرهما، وحصل بينه وبين ابن سراقة منافرة؛ لكلام نقل بينهما، وكان متضلعا بالفقه والأصلين،

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 91)، و «السلوك» (1/ 230)، و «العطايا السنية» (ص 213)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 105)، و «تحفة الزمن» (1/ 168)، و «هجر العلم» (2/ 978). (2) «السلوك» (1/ 230). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 83)، و «السلوك» (1/ 232)، و «العطايا السنية» (ص 297)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 350)، و «تحفة الزمن» (1/ 169)، و «هجر العلم» (2/ 978).

1700 - [ابن ربحي]

ومن مصنفاته: كتاب «التكليف»، ومختصر سماه: «ما لا يسع المكلف جهله من علم الصلاة»، ومختصر في العقيدة، وكتاب في الكلام سماه: «الحروف السبعة في الرد على المعتزلة» وغيرها. ولم أتحقق تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين كما تقدم (1). 1700 - [ابن ربحي] (2) عبد العزيز بن ربحي (3) أبو محمد. تفقه بأبي عمران الخداشي وصحبه، وعنه أخذ الإمام القاسم بن محمد كتاب «المنتقى» في سنة تسعين وثلاث مائة. وكان فقيها فاضلا مشهورا، أصل بلده حرازة-بضم الحاء المهملة، وفتح الراء والزاي، وبينها ألف ساكنة، وآخرها هاء-قرية بالمعافر. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين. 1701 - [موسى المعافري] (4) موسى بن عمران المعافري، الإمام العلامة. ذكره الشيخ اليافعي في أول من أظهر مذهب الإمام الشافعي في اليمن من الفقهاء الجلة. اهـ‍ (5) ولم أقف على تاريخ وفاته، وغالب ظني أنه كان في هذه المائة، والله سبحانه أعلم.

(1) تقدم في صدر هذه الترجمة أنه حج سنة (388 هـ‍). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 81)، و «السلوك» (1/ 228)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 81)، و «تحفة الزمن» (1/ 166). (3) كذا في «السلوك» (1/ 228)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 126)، وفي «طبقات فقهاء اليمن» (ص 81): (ريحي)، وفي «تحفة الزمن» (1/ 166): (زيحي). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 80)، و «السلوك» (1/ 216)، و «مرآة الجنان» (4/ 338)، و «العطايا السنية» (ص 643)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 381)، و «تحفة الزمن» (1/ 158)، و «هجر العلم» (4/ 2130). (5) انظر «مرآة الجنان» (4/ 338).

1702 - [المقرئ ابن مهران]

1702 - [المقرئ ابن مهران] (1) أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني، ثم النيسابوري، العبد الصالح، المقرئ الأستاذ، مصنف كتاب «الشامل» و «الغاية» في القراءات. قال الحاكم: كان إمام عصره فيها، وأعبد من رأينا من القراء، وكان مجاب الدعوة. توفي سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة. 1703 - [الحافظ ابن المقرئ] (2) محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان الأصبهاني أبو بكر الحافظ ابن المقرئ، صاحب الرحلة الواسعة إلى بلدان شتى. حدث عن عمر بن أبي غيلان، وعبدان، وأبي يعلى الموصلي. وعنه أخذ أبو الشيخ، وابن مردويه، وأبو نعيم وغيرهم. وكان محدثا ثقة مكثرا، صنف «المعجم الكبير» وكتاب «الأربعين». وتوفي سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة. 1704 - [أبو المعالي سعد الدولة] (3) أبو المعالي شريف-الملقب سعد الدولة-ابن سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي الجزري. لما توفي أبوه سنة ست وخمسين وثلاث مائة .. ولي حلب وغيرها مما كان لأبيه، وطالت مدته في المملكة كأبيه، ثم عرض له قولنج أشفى منه على التلف، وفي اليوم الثالث من عافيته واقع جاريته، فلما فرغ منها .. سقط عنها وقد جف شقه الأيمن، فدخل طبيبه،

(1) «المنتظم» (9/ 12)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 406)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 27)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 662)، و «شذرات الذهب» (4/ 424). (2) «سير أعلام النبلاء» (16/ 398)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 38)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 973)، و «العبر» (3/ 20)، و «شذرات الذهب» (4/ 428). (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 449)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 33)، و «العبر» (3/ 18)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 146)، و «مرآة الجنان» (2/ 414)، و «شذرات الذهب» (4/ 427).

1705 - [الكاتب الرومي]

فأمر أن يسجر عنده الند والعنبر، فأفاق قليلا، فقال له الطبيب: أرني مجسك، فناوله يده اليسرى، فقال: أريد اليمين، فقال: ما تركت لي اليمين يمينا، وكان قد حلف وغدر. توفي ليلة الأحد لخمس بقين من شهر رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة وعمره أربعون سنة وستة أشهر وعشرة أيام، وتولى بعده ولده أبو الفضائل سعد، ولم يذكروا تاريخ وفاته (1)، وبموته انقرض ملك بني سيف الدولة. 1705 - [الكاتب الرومي] (2) القائد أبو الحسن جوهر بن عبد الله، المعروف بالكاتب الرومي. كان من موالي المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي صاحب إفريقية. جهزه مولاه في جيش كثيف ليفتح ما استعصى من بلاد المغرب، فسار إلى فاس، ثم إلى سجلماسة، ثم توجه إلى البحر المحيط فاتحا للبلاد، وصاد من سمك البحر المحيط، وجعله في قلال، وأرسله إلى المعز، ثم رجع من جهة المغرب إلى إفريقية، ثم إلى أعمال مصر، ولم يبق بلد من هذه البلاد إلا أقيمت فيه دعوة وخطب له في جمعته وجماعته إلا مدينة سبتة؛ فإنها بقيت لبني أمية أصحاب الأندلس. ولما توفي كافور الإخشيذي في سنة ست أو سبع وخمسين .. دعي لأحمد بن علي الإخشيذي على المنابر بمصر وأعمالها، والشام، والحرمين، فلما توفي .. دعي بعده للحسين بن عبد الله، واضطرب الجند؛ لقلة الأموال وعدم الإنفاق فيهم، وكان تدبير الأموال إلى الوزير أبي الفضل جعفر بن الفرات، فكتب جماعة من وجوه أهل مصر إلى المعز بإفريقية يطلبون إنفاذ العساكر؛ ليسلموا له مصر، فلما وصلته كتبهم .. بعث القائد جوهرا المذكور أولا إلى جهة المغرب؛ لإصلاح أموره، وجمع قبائل المغرب، وجبي القطائع التي كانت على البربر، وكانت خمس مائة ألف دينار، وخرج المعز بنفسه إلى المهدية، فأخرج من قصور آبائه خمس مائة حمل دنانير، وعاد إلى قصره، وعاد جوهر من المغرب بالرجال والأموال، فجهزه إلى الديار المصرية، وجهز معه ما يحتاج إليه من المال

(1) توفي هو أيضا في سنة (381 هـ‍)، انظر ترجمته في «الوافي بالوفيات» (15/ 182). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 375)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 467)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 30)، و «العبر» (3/ 18)، و «مرآة الجنان» (2/ 411)، و «البداية والنهاية» (11/ 375)، و «النجوم الزاهرة» (28/ 4، 54)، و «شذرات الذهب» (4/ 424).

والسلاح والرجال، وذلك في سنة ثمان وخمسين، فبرز جوهر بالعساكر ومعه أكثر من مائة ألف فارس، وأكثر من ألف ومائتي صندوق من المال، وخرج المعز لوداعه، ثم قال لأولاده: انزلوا لوداعه، فنزلوا عن خيولهم، فنزل جميع أهل الدولة لنزولهم، والمعز متكئ على فرسه، وجوهر واقف بين يديه، ثم قبل جوهر يد المعز وحافر فرسه، فقال له: اركب، فركب وسار بالعساكر، فلما رجع المعز إلى قصره .. أنفذ إلى جوهر ملبوسه وكل ما كان عليه سوى خاتمه وسراويله. وكتب المعز إلى عبده أفلح صاحب برقة أن يترجل للقاء جوهر، ويقبل يده عند لقائه، فبذل أفلح مائة ألف دينار على أن يعفى من ذلك، فلم يعف، وفعل ما أمر به عند لقائه. فلما وصل الخبر إلى مصر بوصول جوهر بالعساكر .. اضطرب أهلها، واتفقوا مع الوزير ابن الفرات على المراسلة في الصلح وطلب الأمان، وأرسلوا بذلك أبا جعفر مسلم بن عبيد الله الحسيني مع جماعة من أهل البلد، وكتب الوزير معهم كتابا بما يريد، فتوجهوا نحو القائد جوهر وكان قد نزل بقرية قرب الإسكندرية، فوصل إليه الشريف ومن معه، وأدوا إليه الرسالة، فأجابهم إلى ما التمسوه، وكتب لهم عهدا بما طلبوه، فاضطرب البلد اضطرابا شديدا، وأخذت الإخشيذية والكافورية وجميع العساكر لأهبة القتال، وساروا بالعساكر نحو الجيزة ونزلوا بها، وحفظوا الجسر، ووصل القائد جوهر، وابتدأ بالقتال، وأسرت رجال، وأخذت خيل، ومضى جوهر إلى منية الصيادين، وأخذ المخاضة بمنية شلقان، واستأمن إلى جوهر جماعة من العسكر في مراكب، وجعل أهل مصر على المخاضة من يحفظها، فلما رأى ذلك جوهر .. قال لجعفر بن فلاح: لهذا اليوم أرادك المعز، فعبر عريانا في سراويل ومعه الرجال خوضا حتى خرجوا إليهم، ووقع القتال، فقتل خلق من الإخشيذية وأتباعهم، وانهزموا في الليل، ودخلوا مصر وأخذوا من دورهم ما قدروا عليه، وخرجت حرمهم ماشيات، ودخلن على الشريف أبي جعفر في مكاتبة القائد بإعادة الأمان، فكتب إليه يهنئه بالفتح ويسأله إعادة الأمان، فعاد جوابه بأمانهم، ثم ورد رسوله إلى جعفر بأن يجتمع مع جماعة من الأشراف والعلماء ووجوه البلد، فاجتمعوا به في الجيزة، فنادى مناديه: ينزل الناس كلهم إلا الوزير والشريف، فنزلوا وسلموا عليه واحدا بعد واحد، فأخذ الوزير عن شماله والشريف عن يمينه، ولما فرغوا من السلام .. ابتدءوا بدخول البلد، فدخلها وقت الزوال وعليهم السلاح والعدد، ودخل جوهر بعد العصر وخيوله وجنوده بين يديه، وعليه ثوب ديباج، وتحته فرس أصفر، فنزل موضع القاهرة اليوم، فاختط موضع القاهرة.

فلما أصبح المصريون .. حضروا عند القائد للتهنئة، فوجدوه قد حفر أساس القصر في الليل، وكان فيه زورات جاءت غير معتدلة لم تعجبه، ثم قال: حفرت في ساعة سعيدة لا أغيرها، وأقام عسكره يدخل البلد سبعة أيام. وبادر جوهر بالكتاب إلى مولاه المعز يبشره بالفتح، وأنفذ إليه رءوس القتلى في الوقعة، وقطع خطبة بني العباس عن سائر الديار المصرية، وكذلك اسمهم على السكة، وجعل ذلك كله باسم مولاه المعز، وأزال الشعار الأسود، ولبس الخطباء الثياب البيض، وفي يوم الجمعة أمر جوهر بزيادة بعد الخطبة: (اللهم؛ صل على محمد المصطفى، وعلى علي المرتضى، وعلى فاطمة البتول، وعلى الحسن والحسين سبطي الرسول، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، اللهم؛ صل على الأئمة الطاهرين، آباء أمير المؤمنين)، وفي الجمعة الأخرى أذن ب‍ (حي على خير العمل)، ودعا الخطيب على المنبر للقائد جوهر، فأنكر جوهر ذلك عليه وقال: ليس هذا رسم موالينا. وشرع في عمارة الجامع بالقاهرة، قال القاضي ابن خلكان: (وأظنه المعروف بجامع الأزهر؛ فإن الجامع الآخر بالقاهرة مشهور بجامع الحاكم) (1). وأقام جوهر مستقلا بتدبير مملكة مصر قبل وصول مولاه المعز إليها أربع سنين وعشرين يوما، ولما وصل المعز إلى القاهرة .. خرج جوهر من القصر إلى لقائه، ولم يخرج معه شيء من آلته سوى ما كان عليه من الثياب، ثم لم يعد إليه، ونزل في داره بالقاهرة، وأقام جوهر بمصر نافذ الأمر، مستمرا على علو منزلته وارتفاع درجته، متوليا للأمور إلى سابع عشر المحرم في سنة أربع وستين، فعزله المعز عن قبض الأموال والتصرف فيها، وبقي وافر الحرمة، تام الحشمة إلى أن توفي سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة. وكان محسنا إلى الناس، فلما توفي .. لم يبق شاعر إلا رثاه. وكان ولده الحسين قائد القواد للحاكم بن العزيز بن المعز صاحب مصر، وكان قد خاف على نفسه من الحاكم، فهرب هو وولده وصهره القاضي عبد العزيز زوج أخته، فأرسل الحاكم من ردهم وطيّب قلوبهم وآنسهم مدة مديدة، ثم حضروا للخدمة، فتقدم الحاكم إلى سيف النقمة راشد، فاستحضر عشرة من الغلمان الأتراك، وقتلوا الحسين وصهره، وأحضروا رأسيهما بين يدي الحاكم، وعند الله تجتمع الخصوم.

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 380).

1706 - [أبو أحمد العسكري]

1706 - [أبو أحمد العسكري] (1) أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، أحد الأئمة في الآداب والحفظ، وهو صاحب أخبار ونوادر واتساع في الرواية، وله تصانيف مفيدة. وكان الصاحب ابن عباد يود الاجتماع به ولا يجد إليه سبيلا، فقال لمخدومه مؤيد الدولة: إن البلد الفلاني قد اختل حاله واحتاج إلى كشف، فأذن لي في ذلك، فأذن له، فلما أن وصل .. توقع أن يزوره أبو أحمد المذكور فلم يزره، فكتب الصاحب إليه: [من الطويل] ولما أبيتم أن تزوروا وقلتم … ضعفنا فلم نقدر على الوخدان (2) أتيناكم من بعد أرض نزوركم … وكم منزل بكر لنا وعوان وكتب مع ذلك شيئا من النثر، فأجابه أبو أحمد بنثر وبهذا البيت: [من الطويل] أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه … وقد حيل بين العير والنزوان فعجب الصاحب من اتفاق هذا البيت وقال: لو عرفت أنه يقع له هذا البيت .. لغيرت الرّوي. توفي العسكري في سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة. والبيت المذكور لصخر بن عمرو بن الشريد أخي الخنساء مع أبيات أخرى، وذلك أنه خرج في بعض حروبه، وبقي مدة حول في أشد ما يكون من المرض، وأمه وزوجته سليمى يمرّضانه، فعجزت زوجته منه، فمرت بها امرأة فسألتها عن حاله، فقالت: لا هو حي فيرجى، ولا ميت فينسى، فسمعها صخر، فأنشد: [من الطويل] أرى أم صخر لا تمل عيادتي … وملت سليمى مضجعي ومكاني وما كنت أخشى أن أكون جنازة … عليك ومن يغتر بالحدثان لعمري لقد نبّهت من كان نائما … وأسمعت من كانت له أذنان وأيّ امرئ ساوى بأمّ حليلة … فلا عاش إلا في شقى وهوان

(1) «معجم الأدباء» (3/ 288)، و «وفيات الأعيان» (2/ 83)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 413)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 49)، و «مرآة الجنان» (2/ 415)، و «البداية والنهاية» (11/ 377). (2) الوخدان: السرعة في الخطو أو السير.

1707 - [الحافظ ابن حيويه]

أهم بأمر الحزم لو أستطيعه … وقد حيل بين العير والنزوان فللموت خير من حياة كأنها … معرّس يعسوب برأس سنان 1707 - [الحافظ ابن حيّويه] (1) أبو عمر محمد بن العباس ابن حيّويه الخزاز، المحدث الراوية. توفي سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة. 1708 - [أبو محمد القلعي] (2) أبو محمد بن حزم القلعي. كان فقيها صلبا ورعا زاهدا، يشبهونه بسفيان الثوري في زمانه، ولاه المستنصر القضاء، فاستعفاه فأعفاه، وكان شجاعا مجاهدا. توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة. 1709 - [إسحاق بن حمشاد] (3) إسحاق بن حمشاد الزاهد الواعظ، شيخ الكرامية ورأسهم. قال الحاكم: كان من العباد المجتهدين، أسلم على يديه أكثر من خمسة آلاف، قال: ولم أر بنيسابور أكثر جمعا من جنازته. توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة.

(1) «المنتظم» (9/ 17)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 409)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 54)، و «البداية والنهاية» (11/ 376)، و «شذرات الذهب» (4/ 432). (2) «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 285)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 444)، و «العبر» (3/ 25)، و «شذرات الذهب» (4/ 434). (3) «تاريخ الإسلام» (27/ 60)، و «العبر» (3/ 24)، و «مرآة الجنان» (2/ 416)، و «شذرات الذهب» (4/ 433).

1710 - [أبو بكر الخوارزمي الشاعر]

1710 - [أبو بكر الخوارزمي الشاعر] (1) محمد بن العباس الخوارزمي الشاعر المشهور، وهو ابن أخت الإمام محمد بن جرير الطبري. كان إماما في اللغة والأنساب والأشعار، من الشعراء المجيدين الكبار، وله ديوان شعر، وديوان رسائل. من شعره: [من الطويل] رأيتك إن أيسرت خيّمت عندنا … مقيما وإن أعسرت زرت لماما فما أنت إلا البدر إن قل ضوؤه … أغبّ وإن زاد الضياء أقاما يحكى أنه قصد حضرة الصاحب ابن عباد، فقال لبعض حجابه: قل للصاحب: على الباب أحد أرباب الأدب يطلب الدخول، فدخل الحاجب، وأعلم الصاحب بما قال له، فقال الصاحب: قل له: قد ألزمت نفسي ألا يدخل علي من أولي الأدب إلا من يحفظ عشرين ألف بيت من شعر العرب، فأعلمه الحاجب بما قال الصاحب فقال: ارجع إليه وقل له: من شعر النساء أم من شعر الرجال؟ فعرّف الحاجب الصاحب بما قاله، فأذن له الصاحب في الدخول فدخل، فعرفه، وانبسط في الكلام معه، ثم إنه فارق الصاحب ابن عباد غير راض عنه، فقال: [من البسيط] لا تحمدنّ ابن عباد وإن هطلت … يداه بالجود حتى أخجل الديما فإنها خطرات من وساوسه … يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما فبلغ ذلك ابن عباد، فلما بلغه خبر موت الخوارزمي المذكور .. أنشد الصاحب ابن عباد: [من الطويل] أقول لركب من خراسان قافل … أمات خوارزميّكم قيل لي نعم فقلت اكتبوا بالجصّ من فوق قبره … ألا لعن الرحمن من يكفر النعم توفي الخوارزمي سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 400)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 68)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 191)، و «مرآة الجنان» (2/ 416)، و «بغية الوعاة» (1/ 125)، و «شذرات الذهب» (4/ 434).

1711 - [صالح بن أحمد الحافظ]

1711 - [صالح بن أحمد الحافظ] (1) صالح بن أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح التميمي الأحنفي-من ولد الأحنف بن قيس-أبو الفضل الهمداني السمسار الحافظ. كان ركنا من أركان الحديث، ورعا لا يخاف في الله لومة لائم. حدث عن أبيه، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وغيرهما، وعنه ابن أبي الفوارس، وأحمد بن زنجويه. لما أملى الحديث .. باع طاحونا له بسبع مائة دينار، ونثرها على المحدثين، وله عدة مصنفات، والدعاء عند قبره مستجاب. توفي سنة أربع وثمانين وثلاث مائة. ومن الاتفاق: أن نسبه يقرأ مستقيما ومعكوسا ولا يختل. 1712 - [المرزباني] (2) محمد بن عمران المرزباني، البغدادي المولد. كان راوية للآداب، ثقة في الحديث، مائلا إلى التشيع في المذهب. حدث عن عبد الله بن محمد البغوي، وأبي بكر بن أبي داود السجستاني وغيرهم، وروى عن ابن دريد، وابن الأنباري. وروى عنه أبو عبد الله الصيمري، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري وغيرهم. وله تواليف كثيرة مشهورة، وهو أول من جمع ديوان يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وهو صغير الحجم في مقدار ثلاث كراريس، وشعره مع قلته في نهاية من الحسن، ومن محاسن شعره الأبيات التي منها: [من الطويل] إذا رمت من ليلى على البعد نظرة … تطفّي جوى بين الحشا والأضالع

(1) «سير أعلام النبلاء» (16/ 518)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 76)، و «العبر» (2/ 27)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 247)، و «مرآة الجنان» (2/ 418). (2) «تاريخ بغداد» (3/ 352)، و «المنتظم» (9/ 26)، و «معجم الأدباء» (6/ 683)، و «وفيات الأعيان» (4/ 354)، و «العبر» (3/ 29)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 35).

1713 - [القاضي أبو علي التنوخي]

تقول نساء الحي تطمع أن ترى … محاسن ليلى مت بداء المطامع وكيف ترى ليلى بعين ترى بها … سواها وما طهّرتها بالمدامع وتلتذ منها بالحديث وقد جرى … حديث سواها في خروق المسامع أجلّك يا ليلى عن العين إنما … أراك بقلب خاشع لك خاضع وخروق المسامع: بالقاف على المشهور عند الجمهور، ورواه بعضهم بالتاء المثناة من فوق. وقد جمع شعر يزيد غير المرزباني المذكور، وزاد فيه أشياء ليست له. والمرزبان لا يطلق عند العجم إلا على الرجل المقدم العظيم القدر، ومعناه بالعربية: حافظ الحد. توفي المذكور سنة أربع وثمانين وثلاث مائة. 1713 - [القاضي أبو علي التنوخي] (1) المحسّن-بضم الميم، وفتح الحاء وكسر السين المشددة المهملتين، ثم نون-ابن علي بن محمد التنوخي، مصنف كتاب «الفرج بعد الشدة»، وكتاب «نشوار المحاضرة»، وكتاب «المستجاد من فعلات الأجواد». سمع بالبصرة من أبي العباس الأثرم، وأبي بكر الصولي، والحسين بن محمد بن يحيى، وطبقتهم، ثم نزل بغداد، وحدث بها إلى حين توفي. وكان أديبا شاعرا أخباريا، ولاه المطيع لله القضاء بعسكر مكرم ورامهرمز وغيرهما، وتقلد أعمالا كثيرة في نواح مختلفة، وديوان شعره أكبر من ديوان أبيه، ومن شعره في بعض المشايخ وقد خرج يستسقي وكان في السماء سحاب، فلما دعا .. أصحت السماء، فقال التنوخي في ذلك: [من الطويل] خرجنا لنستسقي بيمن دعائه … وقد كاد هدب الغيم أن يلحق الأرضا فلما ابتدا يدعو تكشفت السما … فما تم إلا والغمام قد انقضى

(1) «تاريخ بغداد» (13/ 157)، و «المنتظم» (9/ 27)، و «معجم الأدباء» (6/ 307)، و «وفيات الأعيان» (4/ 159)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 524)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 88)، و «مرآة الجنان» (2/ 419).

ومن المنسوب إليه: [من الكامل] قل للمليحة في الخمار المذهب … أفسدت نسك أخي التقى المترهب نور الخمار ونور خدك تحته … عجبا لوجهك كيف لم يتلهّب وجمعت بين المذهبين فلم يكن … للحسن عن ذهبيهما من مذهب وإذا أتت عين لتسرق نظرة … قال الشعاع لها اذهبي لا تلهبي والتنوخي المذكور هو الذي يقول فيه أبو عبد الله الشاعر: [من الوافر] إذا ذكر القضاة وهم شيوخ … تخيّرت الشباب على الشيوخ ومن لم يرض لم أصفعه إلا … بحضرة سيدي القاضي التنوخي وللتنوخي المذكور ولد أديب فاضل، صحب أبا العلاء المعري، وأخذ عنه كثيرا، وهم أهل بيت كلهم فضلاء ظرفاء. قال القاضي ابن خلكان: (وقد أذكرتني هذه الأبيات في الخمار المذهب حكاية وقفت عليها منذ زمان بالموصل، وهي أن بعض التجار قدم مدينة الرسول صلّى الله عليه وسلم يحمل من الخمر السود، فكسدت عليه ولم يجد لها طالبا، فضاق صدره، فقيل له: عليك بمسكين الدارمي؛ فإنه من مجيدي الشعراء الموصوفين بالظرف والخلاعة، فقصده، فوجده قد تزهد وانقطع في المسجد، فقص عليه قصته، فقال: وكيف أعمل وأنا قد تركت الشعر وعكفت على هذه الحالة؟ ! فقال التاجر: أنا رجل غريب وليس معي بضاعة سوى هذا الحمل، وتضرع إليه، فخرج مسكين من المسجد، وأعاد لباسه الأول، وعمل هذين البيتين: [من الكامل] قل للمليحة في الخمار الأسود … ماذا أردت بناسك متعبّد قد كان شمر للصلاة إزاره … حتى قعدت له بباب المسجد وشاع بين الناس أن مسكينا الدارمي قد رجع إلى ما كان عليه، وأحب واحدة ذات خمار أسود، فلم يبق بالمدينة ظريفة إلا وطلبت خمارا أسود، فباع التاجر الخمر التي معه بأضعاف ثمنها؛ لكثرة رغبتهن فيه، فلما فرغ منه .. عاد مسكين إلى تعبده وانقطاعه) (1). توفي التنوخي المذكور سنة أربع وثمانين وثلاث مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 161).

1714 - [أبو الحسن الرماني]

1714 - [أبو الحسن الرماني] (1) أبو الحسن علي بن عيسى الرماني-بضم الراء، نسبة إلى قصر الرمان ببغداد-النحوي. أخذ عن ابن دريد، وابن السراج، وكان متفننا في علوم كثيرة من القرآن والفقه والنحو، والكلام على مذهب المعتزلة، والتفسير واللغة، وله قريب من مائة مصنف. توفي ببغداد سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، وولد سنة ست وتسعين ومائتين (2). 1715 - [الحافظ ابن الفرات] (3) محمد بن العباس بن أحمد ابن الفرات البغدادي. سمع من أبي عبد الله المحاملي، وطبقته، وجمع ما لم يجمعه أحد في وقته. قال الخطيب: (بلغني أنه كان عنده عن علي بن محمد المصري وحده ألف جزء، وأنه كتب مائة تفسير، ومائة تاريخ، وهو حجة ثقة) (4). توفي سنة أربع وثمانين وثلاث مائة. 1716 - [الماسرجسي] (5) محمد بن علي بن سهل الماسرجسي النيسابوري، شيخ الشافعية بخراسان. قال الحاكم: كان أعرف الأصحاب بالمذهب وترتيبه، تفقه بخراسان والعراق والحجاز، وصحب أبا إسحاق المروزي مدة وتفقه عليه، وصار معيد أبي علي بن أبي هريرة.

(1) «المنتظم» (9/ 25)، و «معجم الأدباء» (5/ 220)، و «وفيات الأعيان» (3/ 299)، و «العبر» (2/ 27)، و «بغية الوعاة» (2/ 180). (2) في «معجم الأدباء» (5/ 220)، و «بغية الوعاة» (2/ 180): (ولد سنة ست وسبعين ومائتين). (3) «تاريخ بغداد» (3/ 338)، و «المنتظم» (6/ 25)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 495)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 84)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1015)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 196). (4) «تاريخ بغداد» (3/ 338). (5) «وفيات الأعيان» (4/ 202)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 446)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 85)، و «العبر» (2/ 28)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 115)، و «طبقات الفقهاء الشافعيين» لابن كثير (1/ 295).

1717 - [الصاحب ابن عباد]

وسمع من أصحاب المزني، ويونس بن عبد الأعلى، والمؤمل بن الحسن، وعقد له مجلس الإملاء في دار السنة، وعليه تفقه القاضي أبو الطيب الطبري. توفي سنة أربع وثمانين وثلاث مائة. مذكور في الأصل. 1717 - [الصاحب ابن عباد] (1) أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن عباد ابن أحمد بن إدريس الطالقاني، الوزير المعروف بالصاحب ابن عباد. كان نادرة الدهر، وأعجوبة العصر. أخذ الأدب من أبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي صاحب كتاب «المجمل» في اللغة، وأخذ عن أبي الفضل ابن العميد وغيرهما. قال أبو بكر الخوارزمي في حقه: الصاحب نشأ من الوزارة في حجرها، ودب ودرج من وكرها، ورضع أفاويق درّها، وورثها عن آبائه، كما قال أبو سعيد الرستمي في حقه: [من الكامل] ورث الوزارة كابرا عن كابر … موصولة الإسناد بالإسناد يروي عن العباس عبّاد وزا … رته وإسماعيل عن عباد وهو أول من لقب بالصاحب من الوزراء؛ لأنه كان يصحب أبا الفضل ابن العميد، فقيل له: صاحب ابن العميد، ثم أطلق عليه هذا اللقب لما تولى الوزارة، وبقي علما عليه، وذكر الصابي أنه إنما قيل له: الصاحب؛ لأنه صحب مؤيد الدولة أبا منصور بويه بن ركن الدولة الديلمي، وتولى وزارته بعد أبي الفتح علي بن أبي الفضل بن العميد، فلما توفي مؤيد الدولة في سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة، واستولى على مملكته أخوه فخر الدولة أبو الحسن بسعاية الصاحب وتدبيره .. أقر الصاحب على وزارته، وكان عنده مبجلا معظما نافذ الأمر.

(1) «المنتظم» (9/ 30)، و «معجم الأدباء» (2/ 440)، و «وفيات الأعيان» (1/ 228)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 511)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 92)، و «العبر» (3/ 30)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 125)، و «مرآة الجنان» (2/ 421)، و «بغية الوعاة» (1/ 449)، و «شذرات الذهب» (4/ 449).

وكان حسن الفطنة، كتب بعضهم إليه رقعة أغار فيها على رسائله، وسرق جملة من ألفاظه، فوقّع تحتها: هذه بضاعتنا ردت إلينا. وحبس بعض عماله في مكان ضيق بجواره، ثم صعد السطح يوما فرآه فناداه المحبوس بأعلى صوته: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَااءِ الْجَحِيمِ} فقال الصاحب: {اِخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ} يعني: أنك خاطبتنا بخطاب من هو معذب، فأجبناك بالجواب الذي يجاب به أهل النار. وله نوادر وتصانيف كثيرة منها: «المحيط» في اللغة في سبع مجلدات، و «الكشف عن مساويء شعر المتنبي» وكتاب «أسماء الله تعالى وصفاته» وغير ذلك، وله رسائل بديعة ونظم جيد، ومنه قوله: [من الكامل] رق الزجاج ورقّت الخمر … فتشابها فتشاكل الأمر فكأنما خمر ولا قدح … وكأنما قدح ولا خمر وكان معتزليا، إذا ذكر عنده الباقلاني وابن فورك والأستاذ أبو إسحاق الأسفراييني-أئمة أهل السنة، وكانوا متعاصرين-من أصحاب الشيخ أبي الحسن الأشعري .. قال: الباقلاني بحر مغرق، وابن فورك صل مطرق، والأسفراييني نار محرق. قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: (وكأن روح القدس نفث في روعه حيث أخبر عن حال هؤلاء الثلاثة بما هو حقيقة الحال فيهم) اهـ‍ (1) توفي الصاحب ليلة الجمعة رابع وعشرين شهر صفر من سنة خمس وثمانين وثلاث مائة بالري، ثم نقل إلى أصبهان، ودفن بمحلة تعرف بباب دزيه، ولما خرج نعشه .. صاح الناس بأجمعهم، وقبلوا الأرض، ومشى مخدومه فخر الدولة أمام الجنازة مع الناس، وقعدوا للعزاء أياما، ورثاه الشعراء، ومنه قول أبي سعيد الرستمي: [من الطويل] أبعد ابن عباد يهش إلى السرى … أخو أمل أو يستماح جواد أبى الله إلا أن يموتا بموته … فما لهما حتى المعاد معاد وقال أبو القاسم بن أبي العلاء الشاعر الأصبهاني: رأيت في المنام وكأن قائلا يقول: لم لم ترث الصاحب مع فضلك وشعرك؟ فقلت: ألجمتني كثرة محاسنه، فلم أدر بم أبدأ

(1) «تبيين كذب المفتري» (ص 188).

1718 - [أبو بكر الأودني]

منها، وخفت أن أقصر وقد ظنّ بي الاستيفاء لها، فقال: احفظ واسمع ما أقول، فقلت: قل، فقال: [من الطويل] ثوى الجود والكافي معا في حفيرة فقلت: ليأنس كلّ منهما بأخيه فقال: هما اصطحبا حيّين ثم تعانقا فقلت: ضجيعين في لحد بباب دزيه فقال: إذا ارتحل الثاوون عن مستقرهم فقلت: أقاما إلى يوم القيامة فيه 1718 - [أبو بكر الأودني] (1) أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن نصر (2) الأودني، الإمام العلامة، الزاهد الخاشع المتواضع، شيخ الشافعية ببخارى. ومن غرائبه أن الربا حرام في كل شيء، فلا يجوز بيع شيء بجنسه متفاضلا. توفي سنة خمس وثمانين وثلاث مائة. 1719 - [الإمام الدارقطني] (3) أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، الإمام الحافظ المشهور، مذكور في الأصل،

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 209)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 465)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 110)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 316)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 182). (2) ويقال: (نصير) و (بصير)، انظر مصادر الترجمة. (3) «تاريخ بغداد» (12/ 34)، و «المنتظم» (9/ 33)، و «وفيات الأعيان» (3/ 297)، و «سير أعلام النبلاء» -

1720 - [أبو حفص ابن شاهين]

ومما لم يذكر فيه: قال أبو ذر الهروي: قلت للحاكم: هل رأيت مثل الدارقطني؟ فقال: هو لم ير مثل نفسه، فكيف أنا؟ ! وسئل الدارقطني: هل رأى مثل نفسه؟ فامتنع من الجواب وقال: قال الله تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ، } فألح عليه في السؤال فقال: إن كان في فن واحد .. فقد رأيت من هو أفضل مني، وإن كان من اجتمع فيه ما اجتمع فيّ .. فلا. وكان رحمه الله متفننا في علوم كثيرة. بلغه أن أبا الفضل جعفر بن الفرات وزير كافور الإخشيذي عازم على تأليف مسند، فمشى إليه؛ ليساعده عليه، وأقام عنده مدة، وبالغ أبو الفضل في إكرامه، وأنفق عليه نفقة واسعة، وحصل له بسببه مال جزيل، ولم يزل عنده حتى فرغ «المسند»، وكان يجتمع هو والحافظ عبد الغني بن سعيد على تخريج المسند وكتابته إلى أن نجز، فلما خرج من مصر .. شيعه الناس وبكوا على فراقه، فقال: أتبكون علي وعندكم عبد الغني بن سعيد؟ ! توفي الدارقطني سنة خمس وثمانين وثلاث مائة. 1720 - [أبو حفص ابن شاهين] (1) عمر بن أحمد [بن عثمان بن أحمد] بن محمد بن أيوب البغدادي، المعروف بأبي حفص ابن شاهين، الحافظ المفسر الواعظ، صاحب التصانيف، منها: «التفسير الكبير» في ألف جزء، و «المسند» ألف وثلاث مائة جزء، و «التاريخ» مائة وخمسون جزءا. كان ثقة مأمونا. حدث عن الباغندي، والبغوي، ومحمد ابن المجدّر وغيرهم، وروى عنه ابنه عبيد الله، والبرقاني، والعتيقي وغيرهم. وكان إماما حافظا ثقة مأمونا، بلغت تصانيفه ثلاث مائة وثلاثون مصنفا. توفي سنة خمس وثمانين وثلاث مائة.

= (16/ 449)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 101)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 991)، و «العبر» (3/ 30)، و «مرآة الجنان» (2/ 424). (1) «تاريخ بغداد» (11/ 264)، و «المنتظم» (9/ 33)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 431)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 987)، و «مرآة الجنان» (2/ 426)، و «شذرات الذهب» (4/ 454).

1721 - [الأديب ابن سكرة]

1721 - [الأديب ابن سكّرة] (1) أبو الحسن محمد بن عبد الله المعروف بابن سكّرة الأديب البغدادي الهاشمي العباسي، من ولد علي بن المهدي بن أبي جعفر المنصور العباسي. كان شاعرا مشهورا، لا سيما في المزاح والمجون، يقال: إن ديوانه يزيد على خمسين ألف بيت، وكان هو وابن حجّاج يشبهان في وقتهما بجرير والفرزدق. ومن بديع تشبيهه ما قاله في غلام زاره وفي يده غصن عليه زهر: [من الخفيف] غصن بان بدا وفي اليد منه … غصن فيه لؤلؤ منظوم فتحيرت بين غصنين في ذا … قمر طالع وفي ذا نجوم وله في الشباب: [من الوافر] لقد بان الشباب وكان غصنا … له ثمر وأوراق تظلّك وكان البعض منك فمات فاعلم … متى ما مات بعضك مات كلّك وله أيضا من أبيات في هجو بعض الرؤساء: [من مخلع البسيط] ولا تقل ليس فيّ عيب … قد تقذف الحرّة العفيفة والشعر نار بلا دخان … وللقوافي رقى لطيفة كم من ثقيل المحلّ سام … هوت به أحرف خفيفة لو هجي المسك وهو أهل … لكلّ مدح لصار جيفة وكتب إلى الملحي البغدادي الشاعر: [من الخفيف] يا صديقا أفادنيه زمان … فيه ضنّ بالأصدقاء وشح بين شخصي وبين شخصك بعد … غير أن الخيال بالوصل سمح إنما أوجب التباعد منّا … أنني سكّر وأنك ملح

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 85)، و «المنتظم» (9/ 36)، و «وفيات الأعيان» (4/ 410)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 522)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 109)، و «العبر» (3/ 32)، و «مرآة الجنان» (2/ 427)، و «شذرات الذهب» (4/ 455).

فكتب إليه الملحي: [من الخفيف] هل يقول الإخوان يوما لخلّ … شاب منه محض المودّة قدح بيننا سكّر فلا تفسدنه … أم يقول بيني وبينك ملح قال الشيخ اليافعي: (هكذا صوابه، أعني أن الأبيات الأولى لابن سكرة، والبيتين الآخرين للملحي، خلاف ما رأيته في بعض التواريخ حيث عكس ذلك، وهو غير مناسب لمفهوم نظمهما) (1). ولابن سكرة: [من مجزوء الرمل] قيل ما أعددت للبر … د وقد جاء بشدّة قلت درّاعة عري … تحتها جبّة رعدة وله أيضا: [من البسيط] جاء الشتاء وعندي من حوائجه … سبع إذا القطر عن حاجاتنا حبسا كن وكيس وكانون وكأس طلا … بعد الكباب وكس ناعم وكسا فجمع في البيت سبع كافات، وعارضه الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي ببيتين من قصيدة في هذا المعنى يشتمل كل بيت منها على عشر كافات، أحدهما في أمر الدنيا، والثاني في أمر الدين: [من الطويل] بأول كانونين كانون مصطلى … ففصل الشتا يا صاح بالبرد مقبل وأوله في الفجر سبع لشولة … وشمس بجدي له يشوى ويؤكل بأول كانونين خامس عشرة … يكون فإن كنت النصيحة تقبل فخذ عشر كافات خلت عن خلاعة … على الفسق تغري الفاسقين وتحمل كل الكبش واكتس بالكسا في أريكة … لكحلا زكت والكيس عندك يكمل ولكنّ أولى النصح ما فيه قلته … وإن لم أكن ممن إذا قال يفعل تمسكن وكن في كن كهفك ناسكا … وكل كل ما يلقي إليك التوكل (2) توفي ابن سكّرة المذكور في سنة خمس وثمانين وثلاث مائة.

(1) «مرآة الجنان» (2/ 427). (2) انظر «مرآة الجنان» (2/ 428) بنحوها.

1722 - [أبو محمد السيرافي]

1722 - [أبو محمد السيرافي] (1) أبو محمد يوسف بن أبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي النحوي اللغوي الأخباري الفاضل ابن الفاضل، تقدم ذكر أبيه في سنة ثمان وستين (2)، وهو السيرافي المشهور بين النحاة، وابنه هذا كان عالما بالنحو، تصدر في مجلس أبيه بعد موته، وخلفه على ما كان عليه. وكان أبوه قد شرح «كتاب سيبويه»، وظهر له بالاطلاع والبحث في حال التصنيف ما لم يظهر لغيره من المعاني، فصنف «الإقناع» كأنه ثمرة استفادته حال البحث والتصنيف، ومات قبل إكماله، فكمله ولده المذكور. وليوسف المذكور «شرح أبيات كتاب سيبويه» و «شرح أبيات كتاب إصلاح المنطق» وهما في غاية الجودة، و «شرح أبيات المجاز» لأبي عبيدة، و «أبيات معاني الزجاج» و «أبيات غرائب أبي عبيد القاسم بن سلام» وغير ذلك. وكان دينا صالحا ورعا متقشفا، ولم يزل أمره على سداد واشتغال وإفادة إلى أن توفي سنة خمس وثمانين وثلاث مائة. 1723 - [أبو طالب المكي] (3) محمد بن علي بن عطية الحارثي المشهور، المعروف بأبي طالب المكي، شيخ الإسلام، وقدوة الأولياء الكرام. نشأ بمكة، وتزهد وصنف ووعظ، وكان في بدايته صاحب رياضة ومجاهدة، وفي النهاية صاحب أسرار ومشاهدة. لقي الصوفية الكبار، وأستاذه الشيخ الكبير أبو الحسن بن سالم البصري. توفي أبو طالب سنة ست وثمانين وثلاث مائة.

(1) «معجم الأدباء» (7/ 278)، و «وفيات الأعيان» (7/ 72)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 113)، و «الجواهر المضية» (3/ 625)، و «بغية الوعاة» (2/ 355). (2) انظر (3/ 207). (3) «تاريخ بغداد» (3/ 303)، و «المنتظم» (9/ 41)، و «وفيات الأعيان» (4/ 303)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 536)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 127)، و «مرآة الجنان» (2/ 430).

1724 - [العزيز بالله العبيدي]

1724 - [العزيز بالله العبيدي] (1) العزيز بالله أبو منصور نزار بن المعز بالله معد بن المنصور إسماعيل بن القائم محمد بن المهدي العبيدي الباطني، صاحب مصر والشام والمغرب. ولي الأمر بعد أبيه، وكان شجاعا جوادا حليما قريبا من الناس، لا يحب سفك الدماء، له أدب وشعر، وكان مغرما بالصيد. قيل: إنه الذي اختط أساس الجامع بالقاهرة مما يلي باب الفتوح، وفي أيامه بني قصر البحر بالقاهرة-قيل: إنه لم يبن مثله شرقا ولا غربا-وقصر الذهب، وجامع القرافة. يحكى أنه كتب إلى المرواني صاحب الأندلس كتابا يسبه فيه ويهجوه، فكتب إليه: (أما بعد: فإنك عرفتنا فهجوتنا، ولو عرفناك .. لأجبناك، والسلام)، فاشتد ذلك على نزار المذكور، وأفحم عن الجواب. ويحكى أنه صعد يوما المنبر في مبتدأ ولايته، فوجد هناك رقعة مكتوب فيها: [من السريع] إنا سمعنا نسبا منكرا … يتلى على المنبر في الجامع إن كنت فيما تدعي صادقا … فاذكر أبا بعد الأب الرابع وإن ترد تحقيق ما قلته … فانسب لنا نفسك كالطائع وأكثر أهل العلم بالأنساب لا يصححون نسب العبيديين إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وسيأتي ذكر الطعن في نسبهم في محضر فيه خطوط جماعة من الأئمة المشهورين بالعراق (2). توفي العزيز المذكور سنة ست وثمانين وثلاث مائة. 1725 - [أبو عبد الله الأسترآباذيّ] (3) أبو عبد الله محمد بن حسن الأسترآباذيّ، ختن أبي بكر الإسماعيلي. توفي يوم عرفة سنة ست وثمانين وثلاث مائة. مذكور في الأصل.

(1) «المنتظم» (9/ 42)، و «وفيات الأعيان» (5/ 371)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 167)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 129)، و «العبر» (3/ 36)، و «مرآة الجنان» (2/ 430). (2) انظر (3/ 344). (3) «وفيات الأعيان» (4/ 203)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 563)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 125)، و «مرآة-

1726 - [ابن سمعون]

1726 - [ابن سمعون] (1) أبو الحسين محمد بن أحمد المعروف بابن سمعون، الشيخ العارف، المنطّق بالحكم والمعارف، الواعظ. كان أوحد عصره وفريد دهره في الكلام على الخواطر والإشارات. روى الحافظ أبو القاسم ابن عساكر بسنده إلى أبي بكر الأصبهاني خادم الشيخ أبي بكر الشبلي قال: (كنت بين يدي الشبلي يوم جمعة، فدخل أبو الحسين ابن سمعون وهو صبي وعلى رأسه قلنسوة، فجاز علينا وما سلم، فنظر الشبلي إلى ظهره وقال: يا أبا بكر؛ أتدري أي شيء لله تعالى في هذا الفتى من الذخائر؟ ) (2). وبسند الحافظ أبي القاسم إلى النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي قال: (كان القاضي أبو بكر الأشعري-يعني ناصر السنة-وأبو حامد-يعني شيخ طريقة العراق-يقبلان يد ابن سمعون، قال: وكان القاضي الباقلاني يقول: ربما خفي علي من كلامه بعض شيء؛ لدقته) (3). كان كثير البر لأمه، وكان في بدء أمره ينسخ بأجرة، ويصرفها على نفسه وعلى أمه، فقال لها: أحب أن أحج، فقالت: كيف يمكنك الحج وما معك نفقة، ولا لي ما أنفقه؟ ! إنما عيشنا من أجرة هذا النسخ، وغلب عليها النوم فنامت، وانتبهت بعد ساعة وقالت: يا ولدي؛ حج، فقال لها: منعت قبل النوم، وأذنت بعده؟ ! قالت: رأيت الساعة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو يقول: دعيه يحج؛ فإن الخير له في حجه في الآخرة والأولى، ففرح، وباع من دفاتره ما له قيمة، ودفع إليها من ثمنها نفقتها، وخرج مع الحاج، وأخذ في الجملة، قال ابن سمعون: فبقيت عريانا، فوجدت مع رجل عباءة كانت على عدل، فقلت له: هب لي هذه العباءة أستر بها نفسي، فقال: خذها، فجعلت نصفها

= الجنان» (2/ 431)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 136). (1) «تاريخ بغداد» (1/ 290)، و «تاريخ دمشق» (51/ 8)، و «المنتظم» (9/ 51)، و «وفيات الأعيان» (4/ 304)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 505)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 152)، و «العبر» (3/ 38)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 51)، و «مرآة الجنان» (2/ 432)، و «البداية والنهاية» (11/ 392)، و «شذرات الذهب» (4/ 467). (2) «تاريخ دمشق» (51/ 10). (3) «تاريخ دمشق» (51/ 12).

على وسطي، ونصفها على كتفي، وكان عليها مكتوب: يا رب؛ سلم وبلغ برحمتك يا أرحم الراحمين، وكنت إذا غلبني الجوع، ووجدت قوما يأكلون .. وقفت انظر إليهم، فيدفعون إلي كسرة، فأقنع بها ذلك اليوم، ووصلت إلى مكة، فغسلت العباءة وأحرمت بها، وسألت أحد بني شيبة أن يدخلني البيت، وعرفته فقري، فأدخلني بعد خروج الناس، وأغلق الباب، فقلت: اللهم؛ إنك بعلمك غني عن إعلامي بحالي، اللهم؛ ارزقني معيشة أستغني بها عن سؤال الناس، فسمعت قائلا يقول من ورائي: اللهم؛ إنه ما يحسن أن يدعوك، اللهم؛ ارزقه عيشا بلا معيشة، فالتفت، فلم أر أحدا، فقلت: هذا الخضر أو أحد الملائكة الكرام على الجميع السلام، فأعدت القول، فأعاد الدعاء، فأعدت فأعاد، ثلاث مرات، وعدت إلى بغداد، وكان الخليفة قد حرّم جارية من جواريه، وأراد إخراجها من الدار، فكره ذلك؛ إشفاقا عليها، قال محمد بن السني: فقال الخليفة: اطلبوا رجلا مستورا يصلح أن يزوج هذه الجارية، فقال بعض الحاضرين: قد وصل ابن سمعون من الحج، وهو يصلح لها، فاستصوب الجماعة قوله، وتقدم بإحضاره وإحضار الشهود، فأحضروا، وزوج بالجارية، ونقل معها من المال والثياب والجواهر ما يجمل بالملوك. وكان ابن سمعون يجلس على الكرسي للوعظ فيقول: أيها الناس؛ خرجت حاجا وكان من حالي كذا وكذا، وشرح حاله جميعه، وأنا اليوم عليّ من الثياب ما ترون، وطيبي ما تعرفون، ولو وطئت على العتبة .. تألمت من الدلال، ونفسي تلك. وروى الخطيب البغدادي عنه أنه خرج من مدينة النبي صلّى الله عليه وسلم قاصدا بيت المقدس، وحمل في صحبته تمرا صيحانيا، فلما وصل إلى بيت المقدس .. طالبته نفسه بأكل الرطب، فأقبل عليها باللائمة وقال لها: من أين لنا في هذا الموضع رطب؟ ! فلما كان وقت الإفطار .. عمد إلى التمر ليأكل منه، فوجده رطبا صيحانيا، فلم يأكل منه شيئا، ثم عاد إليه من الغد، فوجده تمرا على حاله، فأكل منه (1). أدرك الشيخ الكبير أبا بكر الشبلي وروى عنه، وجماعة من جلة المشايخ، وروى عن أبي بكر بن داود وغيره، وأملى عدة مجالس. وكان له حسن الوعظ، وحلاوة الإشارة، ولطف العبارة، ومن كلامه: رأيت المعاصي نذالة، فتركتها مروءة، فاستحالت ديانة.

(1) «تاريخ بغداد» (1/ 291).

1727 - [ابن بطة العكبري]

وقال: سبحان من أنطق باللحم، وبصر بالشحم، وأسمع بالعظم؛ إشارة إلى اللسان والعين والأذن. ولأهل العراق فيه اعتقاد كثير، وإياه عنى الحريري في المقامة الرازية-وهي الحادية والعشرون-بقوله: (رأيت ذات بكرة، زمرة في إثر زمرة، وهم منتشرون انتشار الجراد، ومستنون استنان الجياد، ومتواصفون واعظا يقصدونه، ويحلون ابن سمعون دونه) (1). ولد سنة ثلاث مائة، وتوفي رحمه الله في نصف ذي القعدة سنة سبع وثمانين وثلاث مائة. 1727 - [ابن بطة العكبري] (2) عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان بن بطة أبو عبد الله العكبري الحنبلي. سمع أبا القاسم البغوي وغيره. وكان أحد العلماء المحدثين الزهاد، ومن مصنفاته «الإبانة في أصول الديانة». توفي سنة سبع وثمانين وثلاث مائة. 1728 - [الحافظ ابن عبدان] (3) أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج أبو بكر الشيرازي. حدث عن الباغندي، والبغوي وغيرهما، وروى عنه حمزة السهمي وغيره. وكان من كبار المحدثين، وأحد الثقات الحفاظ بشيراز. توفي سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة.

(1) «شرح مقامات الحريري» (ص 199). (2) «المنتظم» (9/ 46)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 529)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 144)، و «البداية والنهاية» (11/ 390)، و «شذرات الذهب» (4/ 463). (3) «سير أعلام النبلاء» (16/ 489)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 161)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 990)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 166)، و «شذرات الذهب» (4/ 471).

1729 - [الحافظ أبو عبد الله الصيرفي]

1729 - [الحافظ أبو عبد الله الصيرفي] (1) الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير البغدادي الصيرفي أبو عبد الله. حدث عن إسماعيل الصفار، وأبي عمرو بن السماك، وأبي بكر النجاد، وعنه أبو حفص بن شاهين، وأبو الحسين بن المهتدي بالله وغيرهما. وكان آية في حفظ الحديث وسرده، ثقة مقبول الرواية، وإن كان ابن أبي الفوارس قد قال بردّه. توفي سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة. 1730 - [أبو سليمان الخطابي] (2) أبو سليمان الخطابي، واسمه: حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي، نسبة إلى بست-بضم الموحدة، وسكون السين المهملة، ثم مثناة من فوق-مدينة من بلاد كابل بين هراة وغزنة. نقل عنه رحمه الله أنه قال: اسمي الذي سميت به حمد-أي: بفتح الحاء، وسكون الميم-ولكن الناس كتبوا: أحمد، فتركته عليه. كان فقيها أديبا محدثا، كان يشبه في عصره بأبي عبيد القاسم بن سلام علما وأدبا، وزهدا وورعا، وتدريسا وتأليفا. سمع أبا علي الصفار، وأبا جعفر الرزاز وغيرهما. روى عنه الحاكم أبو عبد الله ابن البيّع النيسابوري، وعبد الغفار بن محمد الفارسي، وأبو القاسم عبد الوهاب بن أبي سهل الخطابي. ومن شعره: [من الطويل] وما غمّة الإنسان في شقة النوى … ولكنها والله في عدم الشّكل وإني غريب بين بست وأهلها … وإن كان فيها أسرتي وبها أهلي

(1) «المنتظم» (9/ 56)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 164)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 117)، و «لسان الميزان» (1/ 528)، و «البداية والنهاية» (11/ 394)، و «شذرات الذهب» (4/ 472). (2) «وفيات الأعيان» (2/ 214)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 165)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1018)، و «مرآة الجنان» (2/ 435)، و «البداية والنهاية» (11/ 394).

1731 - [محمد بن الحسن الحاتمي]

ومنه: [من البسيط] ما دمت حيا فدار الناس كلهم … فإنما أنت في دار المداراة من يدر دارى ومن لم يدر سوف يرى … عما قليل نديما للندامات قال الشيخ اليافعي: وأرى قوله هذا مأخوذ من قول الناس: دارهم ما دمت في دارهم. قال: وأرى في هذا الإطلاق تقييدا وتفصيلا، فقلت معارضا ببيتين وهما: [من البسيط] إن كنت بالناس مشغولا فدارهم … أو كنت بالله ذا شغل وهمات فلا تعلّق سوى بالله ذا ثقة … إن المهيمن كافيك المهمات (1) توفي سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة، وهو مذكور في الأصل. 1731 - [محمد بن الحسن الحاتمي] (2) محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي-نسبة إلى بعض أجداده، اسمه: حاتم الكاتب- اللغوي البغدادي، أحد الأعلام المشاهير، المطلعين المكثرين. أخذ الأدب عن أبي عمر الزاهد المعروف بالمطرز غلام ثعلب، وروى عنه وعن غيره أيضا، وأخذ عنه القاضي أبو القاسم التنوخي وغيره. وله كتاب «حلية المحاضرة» في مجلدين، وله «الرسالة الحاتمية» التي شرح فيها ما جرى بينه وبين المتنبي؛ من إظهار سرقاته، وإبانة عيوب شعره، سماها: «الموضحة»، وهي كبيرة في اثنتي عشرة كراسة، دلت على غزارة مادته، وتوفر اطلاعه مع سرعة الاستحضار. توفي سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة. قال القاضي ابن خلكان والشيخ عبد الله اليافعي: (وهذه الرسالة تشتمل على فوائد جمة، فإن كان كما ذكر أنه أبان جميعها في مجلس واحد .. فما هذا إلا اطلاع عظيم! ! ) (3).

(1) «مرآة الجنان» (2/ 436). (2) «المنتظم» (9/ 58)، و «وفيات الأعيان» (4/ 362)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 499)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 173)، و «العبر» (3/ 42)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 343)، و «مرآة الجنان» (2/ 437). (3) انظر «وفيات الأعيان» (4/ 367)، و «مرآة الجنان» (2/ 437) نقلا عن ابن خلكان.

1732 - [ابن أبي زيد القيرواني]

1732 - [ابن أبي زيد القيرواني] (1) أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي شيخ المغرب، وإليه انتهت رئاسة المذهب. قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، رحل إليه من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهو الذي لخص المذهب، وملأ البلاد من تواليفه، وكان يسمى: مالكا الأصغر. توفي سنة تسع وثمانين وثلاث مائة. 1733 - [المقرئ ابن غلبون] (2) أبو الطيب ابن غلبون الحلبي، المقرئ الشافعي، صاحب الكتب في القراءات. توفي سنة تسع وثمانين وثلاث مائة. 1734 - [الكشميهني] (3) محمد بن مكي المروزي، المعروف بأبي الهيثم الكشميهني، أحد رواة «البخاري» عن الفربري، وله رسائل أنيقة. توفي يوم عرفة سنة تسع وثمانين وثلاث مائة. 1735 - [ابن فارس اللغوي] (4) أبو الحسين أحمد بن فارس الرازي اللغوي.

(1) «سير أعلام النبلاء» (17/ 10)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 183)، و «العبر» (3/ 45)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 249)، و «الديباج المذهب» (1/ 376)، و «شذرات الذهب» (4/ 477)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 266). (2) «تاريخ الإسلام» (27/ 184)، و «العبر» (3/ 46)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 677)، و «شذرات الذهب» (4/ 478). (3) «سير أعلام النبلاء» (16/ 491)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 189)، و «العبر» (3/ 46)، و «شذرات الذهب» (4/ 478). (4) «معجم الأدباء» (2/ 56)، و «وفيات الأعيان» (1/ 118)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 103)، و «تاريخ-

كان إماما في علوم شتى، خصوصا اللغة؛ فإنه أتقنها، وألف كتاب «المجمل» فيها، جمع على اختصاره شيئا كثيرا، وله كتاب «حلية الفقهاء»، ورسائل أنيقة، ومسائل في اللغة يتعانى بها الفقهاء ومنه اقتبس الحريري صاحب «المقامات» ذلك الأسلوب، ووضع «المسائل الفقهية في المقامة الطيبية»، وهي مائة مسألة. كان ابن فارس مقيما بهمذان، وعليه اشتغل بديع الزمان الهمذاني صاحب المقامات المتقدمة على مقامات الحريري. له أشعار جيدة، منها قوله: [من الوافر] وقالوا كيف حالك قلت خير … تقضّى حاجة وتفوت حاج إذا ازدحمت هموم الصدر قلنا … عسى يوما يكون لها انفراج وله: [من السريع] مرت بنا هيفاء مجدولة … تركية تنمى لتركي ترنو بطرف فاتر فاتن … أضعف من حجّة نحوي وقوله: [من المتقارب] إذا كنت في حاجة مرسلا … وأنت بها كلف مغرم فأرسل حكيما ولا توصه … وذاك الحكيم هو الدرهم وله غير ذلك من الأشعار. توفي سنة تسعين وثلاث مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» (1)، وذكر الذهبي أنه توفي سنة خمس وتسعين (2).

= الإسلام» (27/ 309)، و «العبر» (3/ 60)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 278)، و «البداية والنهاية» (11/ 407). (1) «مرآة الجنان» (2/ 442). (2) «العبر» (3/ 60)، وكذا في «البداية والنهاية» (11/ 407)، وفي «معجم الأدباء» (2/ 57) أنه توفي سنة (369 هـ‍).

1736 - [الحافظ أبو زرعة الكشي]

1736 - [الحافظ أبو زرعة الكشّي] (1) محمد بن يوسف بن محمد بن الجنيد الجرجاني أبو زرعة الكشّي، نسبة إلى كشّ، بفتح الكاف، وتشديد الشين المعجمة، قرية من قرى جرجان، على ثلاثة فراسخ منها. حدث عن أبي العباس الدغولي، وابن أبي حاتم، ومكي بن عبدان وغيرهم، وعنه أبو القاسم الأزهري، وعبد الغني بن سعيد وغيرهما. وكان إماما حافظا رحالا ثقة ثبتا، صنف الأبواب وتراجم الرجال، جاور بمكة، وبها مات سنة تسعين وثلاث مائة. 1737 - [المعافى بن زكريا] (2) المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد بن حماد، ابن طرارا (3) أبو الفرج النهرواني الجريري، قاضي باب الطاق. تفقه على مذهب محمد بن جرير الطبري، وحدث عن البغوي، وابن أبي داود، وابن صاعد وغيرهم، وعنه الأزهري، والقاضي أبو الطيب الطبري وغيرهما. قال الخطيب: (كان من أعلم الناس في وقته بالفقه والنحو واللغة وأصناف الآداب) اهـ‍ (4) وكان حافظا علامة، صنف «التفسير الكبير» وكتاب «الجليس والأنيس» وغير ذلك من التصانيف الممتعة. وروي عن الفقيه أبي محمد البافي أنه كان يقول: إذا حضر القاضي أبو الفرج .. فقد حضرت العلوم كلها، ولو أوصى رجل بشيء أن يدفع إلى أعلم الناس .. لوجب أن يدفع إليه.

(1) «المنتظم» (9/ 69)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 44)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 206)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 997)، و «العبر» (3/ 49)، و «شذرات الذهب» (4/ 483). (2) «تاريخ بغداد» (13/ 230)، و «معجم الأدباء» (7/ 111)، و «وفيات الأعيان» (5/ 221)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 544)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 206)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1010)، و «شذرات الذهب» (4/ 483). (3) وقيل: طراز، وطرار، وطرارة. (4) «تاريخ بغداد» (13/ 230).

1738 - [ابن الحجاج الشاعر]

وله شعر حسن، منه ما رواه عنه تلميذه القاضي أبو الطيب الطبري: [من المتقارب] ألا قل لمن كان لي حاسدا … أتدري على من أسأت الأدب أسأت على الله في فعله … لأنك لم ترض لي ما وهب فجازاك عني بأن زادني … وسد عليك وجوه الطلب ذكره الشيخ أبو إسحاق في كتابه «طبقات الفقهاء» وأثنى عليه، ثم قال: وأنشدني قاضي بلدنا أبو علي الداودي قال: أنشدني أبو الفرج لنفسه: [من الوافر] أأقتبس الضياء من الضباب … وألتمس الشراب من السراب أريد من الزمان النذل بذلا … وأريا من جنى سلع وصاب أرجّي أن ألاقي لاشتياقي … خيار الناس في زمن الكلاب (1) يعني بالأري العسل. ومن شعره أيضا: [من الخفيف] مالك العالمين ضامن رزقي … فلماذا أملّك الخلق رقي قد قضى لي بما عليّ وما لي … خالقي جل ذكره قبل خلقي صاحبي البذل والندى في يساري … ورفيقي في عسرتي حسن رفق فكما لا يرد عجزي رزقي … فكذا لا يجر رزقي حذقي توفي سنة تسعين وثلاث مائة. 1738 - [ابن الحجاج الشاعر] (2) أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد ابن الحجاج الشاعر، ديوان شعره في عشر مجلدات. تولى حسبة بغداد، وقيل: إنه عزل بالإمام أبي سعيد الإصطخري.

(1) «طبقات الفقهاء» للشيرازي (ص 93). (2) «تاريخ بغداد» (8/ 14)، و «معجم الأدباء» (3/ 416)، و «وفيات الأعيان» (2/ 168)، و «المنتظم» (9/ 70)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 252)، و «شذرات الذهب» (4/ 487).

1739 - [أبو الحسن الخوزي]

ومن شعره: [من الكامل] يا صاحبيّ استيقظا من رقدة … تزري على عقل اللبيب الأكيس هذي المجرّة والنجوم كأنها … نهر تدفق في حديقة نرجس توفي سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة. 1739 - [أبو الحسن الخوزي] (1) أبو الحسن عبد العزيز بن أحمد الخوزي، بالخاء والزاي المعجمتين (2)، إمام أهل الظاهر في عصره. قال أبو عبد الله الصيمري: ما رأيت فقيها انظر منه ومن أبي حامد الأسفراييني. توفي سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة. 1740 - [حسام الدولة] (3) مقلد بن مسيب بن رافع العقيلي، الملقب حسام الدولة، صاحب الموصل. ملكها بعد أخيه، ذبحه غلمانه على فراشه غيلة بالأنبار في سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة، ورثاه الشريف الرضي، وقام ابنه قرواش مقامه، ولقب معتمد الدولة. 1741 - [الوزير ابن حنزابة] (4) جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن حسن بن الفرات البغدادي، نزيل مصر، أبو الفضل ابن حنزابة، الوزير بن الوزير أبي الفتح.

(1) «المنتظم» (9/ 72)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 256)، و «العبر» (3/ 52)، و «مرآة الجنان» (2/ 444)، و «البداية والنهاية» (11/ 401)، و «شذرات الذهب» (4/ 489). (2) كذا في «مرآة الجنان» (2/ 445)، وفي أكثر المصادر: (الجزري)، وفي «المنتظم» (9/ 72): (الخرزي). (3) «وفيات الأعيان» (5/ 260)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 260)، و «العبر» (3/ 53)، و «شذرات الذهب» (4/ 489). (4) «المنتظم» (9/ 70)، و «وفيات الأعيان» (1/ 346)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 484)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 249)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1022)، و «البداية والنهاية» (11/ 399)، و «شذرات الذهب» (4/ 485).

1742 - [الأصيلي]

حدث عن الحسن الداركي، وأبي بكر الخرائطي وغيرهما، وعنه الدارقطني، وحمزة الكناني، وعبد الغني المصري وغيرهم. وكان إماما حافظا ثقة مرضيّا، صنف «المسند الكبير»، وهو الذي قصده الحافظ الدارقطني؛ ليعينه على جمع «المسند»، فحصل للدار قطني بسبب ذلك منه مال جزيل. توفي سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة. 1742 - [الأصيلي] (1) عبد الله بن إبراهيم بن محمد الأندلسي الأصيلي-ويقال: الأزيلي، بالزاي المشوبة بالصاد-أبو محمد القاضي. حدث عن وهب بن ميسرة، وأبي بكر الشافعي، وأبي زيد المروزي، وأبي إسحاق بن شعبان وغيرهم، وعنه الدارقطني-وذكر أنه لم ير مثله-وغيره من الأعيان. وكان ذا فقه وحديث مع حفظ وإتقان. توفي سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة. 1743 - [أبو العباس السّرقسطي] (2) الوليد بن بكر بن مخلد الأندلسي أبو العباس السّرقسطي الغمري، بفتح الغين المعجمة. حدث عن الحسن بن رشيق، ويوسف الميانجي وغيرهما. قال ابن الفرضي: لقي في الرحلة أزيد من ألف شيخ، وكان إماما في الفقه والحديث، عارفا باللغة والعربية (3). روى عنه أبو ذر الهروي، وعبد الغني بن سعيد وغيرهما من الحفاظ.

(1) «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 290)، و «جذوة المقتبس» (ص 239)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 560)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 266)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1024)، و «الدّيباج المذهب» (1/ 380)، و «شذرات الذهب» (4/ 493). (2) «تاريخ بغداد» (13/ 455)، و «جذوة المقتبس» (ص 399)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 65)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 276)، و «نفح الطيب» (2/ 380)، و «شذرات الذهب» (4/ 495). (3) لم يترجم له ابن الفرضي رحمه الله تعالى في «تاريخ علماء الأندلس».

1744 - [ابن جني]

قال أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري الحافظ: (قال الحسن بن شريح: الوليد هذا عمري-بضم العين المهملة، وفتح الميم-لكن دخل إفريقية ومصر، فكان ينقط العين حتى سلم، قال: وكان مؤدبي ومؤدب أخي أبي البهلول، قال أخي: قال لي: إذا رجعت إلى الأندلس .. جعلت النقطة التي على الغين ضمة، وأراني خطه) اهـ‍ توفي الوليد المذكور سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة. 1744 - [ابن جني] (1) أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي النحوي. كان أبوه مملوكا روميا، ولازم هو أبا علي الفارسي حتى صار إماما في العربية، وله فيها مصنفات في النحو والعروض والقوافي، منها: «التنبيه» و «المهذب» و «اللمع» و «التبصرة»، يقال: إن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أخذ تسمية كتبه منه. وشرح ديوان «المتنبي»، سئل المتنبي عن ثبوت الألف مع الجازمة في قوله: صبرت أم لم تصبرا (2) … فقال: لو كان أبو الفتح هنا .. لأجابك؛ يعني ابن جني. قال الشيخ اليافعي: (وهذه الألف بدل من نون التوكيد الخفيفة، أصله: أم لم تصبرن، ومنه قول الأعشى: [من الطويل] ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا أصله: فاعبدن) (3). توفي ابن جني سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (11/ 310)، و «معجم البلدان» (4/ 381)، و «وفيات الأعيان» (3/ 246)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 17)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 270)، و «مرآة الجنان» (2/ 445)، و «بغية الوعاة» (2/ 132). (2) هذا جزء من بيت، والبيت بتمامه كما في «ديوان المتنبي» (2/ 160): [من الكامل] باد هواك صبرت أم لم تصبرا وبكاك إن لم يجر دمعك أو جرى (3) «مرآة الجنان» (2/ 445).

1745 - [الشاعر ابن وكيع]

1745 - [الشاعر ابن وكيع] (1) الحسن بن علي الضبي، المعروف بابن وكيع، الشاعر المشهور. ذكره الثعالبي قال: (كان شاعرا بارعا عالما جامعا، قد برع على أهل زمانه، فلم يتقدمه أحد في أوانه، وله كل بديعة تسحر الأوهام، وتستعبد الأفهام) (2). وله كتاب بين فيه سرقات المتنبي سماه: «المنصف». وله ديوان شعر جيد، ومن شعره: [من المتقارب] لقد قنعت همتي بالخمول … وصدت عن الرتب العالية وما جهلت طعم طيب العلا … ولكنها تؤثر العافية قال بعض الفقهاء: أنشدت الشيخ القضاعي المدرس بتربة الشافعي بالقرافة بيتي ابن وكيع المذكورين، فأنشدني لنفسه على البديهة: [من المتقارب] بقدر الصعود يكون الهبو … ط فإياك والرتب العالية وكن في مكان إذا ما سقط … ت تقوم ورجلاك في عافية ولابن وكيع أيضا: [من الوافر] سلا عن حبك القلب المشوق … فما يصبو إليك ولا يتوق جفاؤك كان عنك لنا عزاء … وقد يسلي عن الولد العقوق توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة. 1746 - [الجوهري] (3) إسماعيل بن حماد التركي أبو نصر الجوهري اللغوي، مصنف «الصحاح» في اللغة، أحد أئمة اللغة، وقيل: كان في جودة الخط في طبقة ابن مقلة.

(1) «يتيمة الدهر» (1/ 434)، و «وفيات الأعيان» (2/ 104)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 284)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 64)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 114). (2) «يتيمة الدهر» (1/ 434). (3) «معجم الأدباء» (2/ 430)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 80)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 281)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 111)، و «بغية الوعاة» (1/ 446)، و «شذرات الذهب» (4/ 497).

1747 - [الطائع لله العباسي]

أكثر الترحال، ثم سكن نيسابور، وتغير مزاجه، فصعد سطحا بنيسابور، وعمل لنفسه شبه جناحين وقال: أريد أن أطير، فطفر فهلك في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة. 1747 - [الطائع لله العباسي] (1) الطائع لله عبد الكريم بن المطيع لله الفضل بن المقتدر جعفر بن المعتضد أحمد بن الموفق طلحة بن المتوكل العباسي. كان أصاب أباه الفالج، فخلع لأجل علته، وبويع ابنه الطائع المذكور في ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلاث مائة، ثم قبض عليه بهاء الدولة أبو نصر بن عضد الدولة في تاسع عشر شعبان سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة، ونودي بشعار القادر في بغداد، واستحضر القادر م البطيحة، وسلم إليه الطائع المخلوع، قيل: إنه قطع أذنه ونهب دار الخلافة يوم القبض عليه، وأشهد عليه بخلع نفسه ثاني يوم القبض عليه، فكانت مدة ولايته سبع عشرة سنة وثمانية أشهر وأياما، ولما تسلمه القادر .. لم يؤذه، بل تركه في دار عنده مكرما محترما إلى أن توفي ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة وله ثلاث وسبعون سنة (2)، وصلّى عليه القادر بالله، وشيعه الأكابر، ورثاه الشريف الرضي. 1748 - [الشاعر السلامي] (3) محمد بن عبد الله المخزومي، المعروف بالسلامي، الشاعر المشهور. قال الثعالبي: (هو من أشعر أهل العراق) (4). ومن شعره في عضد الدولة: [من الطويل] إليك طوى عرض البسيطة جاعل … قصارى المطايا أن يلوح لها القصر فكنت وعزمي في الظلام وصارمي … ثلاثة أشباه كما اجتمع النسر

(1) «تاريخ بغداد» (11/ 79)، و «المنتظم» (9/ 81)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 118)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 286)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 479)، و «شذرات الذهب» (4/ 498). (2) في «المنتظم» (9/ 81) أنه بلغ ستّا وسبعين سنة. (3) «يتيمة الدهر» (2/ 466)، و «المنتظم» (9/ 82)، و «وفيات الأعيان» (4/ 403)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 73)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 294)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 317)، و «مرآة الجنان» (2/ 446). (4) «يتيمة الدهر» (2/ 466).

1749 - [القاسم بن علي الزيدي]

وبشرت أمالي بملك هو الورى … ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر وقد أخذ القاضي أبو بكر الأرجاني معنى البيت الأخير وسبكه في قوله: [من البسيط] يا سائلي عنه لما ظلت أمدحه … هذا هو الرجل العاري من العار لو زرته لرأيت الناس في رجل … والدهر في ساعة والأرض في دار وقد استعمل المتنبي أيضا هذا المعنى، لكنه لم يكمله، بل أتى ببعضه في النصف الأخير من هذا البيت: [من الطويل] هي الغرض الأقصى ورؤيتك المنى … ومنزلك الدنيا وأنت الخلائق قال القاضي ابن خلكان: (وما ذكراه وإن كان في معنى ما ذكره السلامي .. فليس فيه رشاقته، ولا عليه طلاوته) (1). وكان عضد الدولة يقول: إذا رأيت السلامي في مجلسي .. ظننت أن عطارد قد نزل من الفلك إلي. توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة. 1749 - [القاسم بن علي الزيدي] (2) الشريف أبو محمد القاسم بن علي بن عبد الله بن محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. كان من أعيان العترة، ووجوه السادة، إماما عالما عاملا، ملك ما بين صنعاء وصعدة إلى مخلاف كحلان، وخطب له في هذه النواحي. ولد سنة عشر وثلاث مائة، وقام بالإمامة سنة تسع وثمانين بترح من بلاد خثعم، ثم أقام بتبالة، واستخرج الغيل القديم الذي بها، وملك صعدة، وسار إلى نجران، ثم عاد إلى تبالة وترح، فخالف عليه أهل صعدة، فجمع عليهم همدان، وأخرب دربها، وأخرج منها الإمام يوسف بن يحيى بن الناصر وطرده عنها، وولاها ابنه جعفر بن القاسم، ثم وصل إلى الريدة، وأطاعه كافة أهل البون وبايعوه، وأمر الشريف أبا القاسم الحسين الزيدي من ولد

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 407). (2) «بهجة الزمن» (ص 60)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 19)، و «تحفة الزمن» (2/ 26)، و «طبقات الزيدية الكبرى» (2/ 859).

1750 - [الحافظ ابن منده]

زيد بن علي بالخروج إلى بلاد عنس وذمار، فملكها وصارت كلها في طاعة الإمام القاسم بن علي. وتوفي في رمضان من السنة المذكورة، ومشهده بعيان مشهور مزور، فقام بالأمر بعده ولده الحسين بن القاسم في العشرين بعد هذه (1)، والله سبحانه أعلم. توفي الشريف القاسم سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة. 1750 - [الحافظ ابن منده] (2) محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الأصبهاني أبو عبد الله الإمام، أحد شيوخ الإسلام. سمع أباه، وعم أبيه عبد الرحمن بن يحيى، وطائفة بأصبهان، وسمع خلقا بعدة بلدان، منهم أبو سعيد بن الأعرابي، والهيثم بن كليب، وخيثمة بن سليمان، وله إجازة من ابن أبي حاتم وغيره. وحدث عنه الحاكم، وأبو نعيم، وغنجار، وأبو الشيخ الأصبهاني وغيرهم من الأئمة. وكان إماما حافظا، ولما رجع من رحلته .. كانت كتبه أربعين حملا على الجمال، حتى قيل: إن أحدا من الحفاظ لم يسمع ما سمع، ولا جمع ما جمع. توفي سنة خمس وتسعين وثلاث مائة. 1751 - [الحافظ البحيري] (3) محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد أبو عمرو المزكّي (4) النيسابوري.

(1) لم يذكره المصنف رحمه الله تعالى في العشرين بعد هذه ولا فيما بعدها، وتوفي الحسين بن القاسم سنة (404 هـ‍) كما في «بهجة الزمن» (ص 67)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 21). (2) «المنتظم» (9/ 93)، و «وفيات الأعيان» (4/ 289)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 320)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1031)، و «ميزان الاعتدال» (3/ 479)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 190)، و «البداية والنهاية» (11/ 409)، و «شذرات الذهب» (4/ 504). (3) «المنتظم» (9/ 92)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 90)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 336)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1082)، و «العبر» (3/ 63)، و «البداية والنهاية» (11/ 409). (4) في «العبر» (3/ 63): (المزكّى).

1752 - [ابن أبي بكر الإسماعيلي]

حدث عن أبيه، ويحيى بن منصور القاضي وغيرهما، وعنه أبو عثمان، وأبو العلاء الواسطي وغيرهما، وكان ثقة من حفاظ زمانه. توفي سنة ست وتسعين وثلاث مائة. 1752 - [ابن أبي بكر الإسماعيلي] (1) أبو سعد إسماعيل بن أحمد الإسماعيلي، الإمام ابن الإمام، شيخ الشافعية بجرجان وابن شيخهم. كان صاحب فنون وتصانيف. توفي ليلة الجمعة وهو يقرأ في صلاة المغرب {إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ، } ففاضت نفسه، وذلك في سنة ست وتسعين وثلاث مائة. 1753 - [أبو الحسن ابن القصّار المالكي] (2) علي بن عمر البغدادي المالكي أبو الحسن بن القصار، صاحب كتاب «مسائل الخلاف». قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: (لا أعرف لهم كتابا في الخلاف أحسن منه) (3). قال أبو ذر الهروي: هو أفقه من لقيت من المالكية. ومن طبقته: أبو الحسن بن القصار علي بن محمد بن عمر الرازي الفقيه الشافعي. كان مفتيا قريبا من ستين سنة، وكان له من كل علم حظ، وعاش قريبا من مائة سنة، كذا في «تاريخ اليافعي» (4)، ولا يخلو ذلك من سقم، فليحقق إن شاء الله تعالى (5).

(1) «المنتظم» (9/ 91)، و «طبقات الفقهاء الشافعية» لابن الصلاح (1/ 417)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 87)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 330)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 87)، و «شذرات الذهب» (4/ 506). (2) «تاريخ الإسلام» (27/ 345)، و «العبر» (3/ 66)، و «مرآة الجنان» (2/ 448)، و «الديباج المذهب» (2/ 91)، و «شذرات الذهب» (4/ 510). (3) «طبقات الفقهاء» (ص 168). (4) «مرآة الجنان» (2/ 448). (5) كذا ذكرا متعاقبين في «العبر» (3/ 66)، و «مرآة الجنان» (2/ 448)، و «شذرات الذهب» (4/ 510) في وفيات سنة (397 هـ‍)، وأما ابن القصار الشافعي .. فقد ذكره الذهبي في «تاريخ الإسلام» (27/ 400) في المتوفين قبل الأربع مائة، واسمه فيه وفي «سير أعلام النبلاء» (17/ 61): (علي بن عمر بن محمد).

1754 - [أبو نصر الكلاباذي]

توفي ابن القصار المالكي سنة سبع وتسعين وثلاث مائة. 1754 - [أبو نصر الكلاباذي] (1) أحمد بن محمد بن الحسين بن الحسن بن علي البخاري أبو نصر الكلاباذي. حدث عن الهيثم بن كليب الشاشي، وعبد المؤمن بن خلف النسفي وغيرهما، وعنه الدارقطني، والحاكم، وجعفر المستغفري وغيرهم. وكان إماما حافظا مصنفا متقنا، له رحلة، ولم يخلف بما وراء النهر مثله. توفي سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة. 1755 - [بديع الزمان الهمذاني] (2) أبو الفضل أحمد بن الحسين الهمذاني الأديب العلامة المعروف ببديع الزمان، صاحب المقامات الفائقة، التي هي بالاختراع سابقة، وعلى منوالها نسج الحريري مقاماته، واحتذى حذوه، واقتفى أثره، واعترف في خطبته بفضله، وأنه الذي أرشده إلى سلوك ذلك المنهج، وإلى ذلك أشار بقوله: [من الطويل] فلو قبل مبكاها بكيت صبابة … بسعدى شفيت النفس قبل التندم ولكن بكت قبلي فهيّج لي البكا … بكاها فقلت الفضل للمتقدم (3) سكن هراة من بلاد خراسان، وله الرسائل البديعة، والنظم المليح. فمن رسائله: «الماء إذا طال مكثه .. ظهر خبثه، وإذا سكن متنه .. تحرك نتنه، وكذلك الضيف يسمج لقاؤه إذا طال ثواؤه، ويثقل ظله إذا انتهى محله، والسلام». ومن رسائله أيضا: «حضرته التي هي كعبة المحتاج لا كعبة الحجاج، ومشعر الكرم لا مشعر الحرم، ومنى الضيف لا منى الخيف، وقبلة الصّلات لا قبلة الصّلاة».

(1) «تاريخ بغداد» (5/ 201)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 94)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 355)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1027)، و «شذرات الذهب» (4/ 514). (2) «معجم البلدان» (1/ 370)، و «وفيات الأعيان» (1/ 127)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 67)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 349)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 355). (3) انظر «شرح مقامات الحريري» (ص 7).

1756 - [الببغاء الشاعر]

وله من تعزية الموت: «خطب قد عظم حتى هان، ومسّ قد خشن حتى لان، والدنيا قد تنكرت حتى صار الموت أخف خطوبها، وجنت حتى صار أصغر ذنوبها، فانظر يمنة هل ترى إلا محنة، ثم انظر يسرة هل ترى إلا حسرة». ومن شعره من جملة قصيدة طويلة: [من البسيط] وكاد يحكيك صوب الغيث منسكبا … لو كان طلق المحيّا يمطر الذهبا والدهر لو لم يخن والشمس لو نطقت … والليث لو لم يصد والبحر لو عذبا وله كل معنى مليح حسن من نظم ونثر. توفي رحمه الله مسموما بهراة سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة. قال بعضهم: سمعت الثقات يحكون أنه مات من السكتة وعجّل دفنه، فأفاق في قبره، وسمع صوته بالليل، وأنه نبش عنه، فوجد قد قبض على لحيته ومات من هول القبر. 1756 - [الببغاء الشاعر] (1) أبو الفرج عبد الواحد المعروف بالببغاء، الشاعر المترسل. توفي سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة. 1757 - [النامي الشاعر] (2) أحمد بن محمد الدارمي الشاعر المشهور. كان من فحول شعراء عصره، وخواص مدّاح سيف الدولة بن حمدان، كان عنده تلو المتنبي في المنزلة، وله معه وقائع ومعارضات في الأناشيد. ومن شعره في القاضي أبي طاهر صالح بن جعفر الهاشمي: [من الطويل] أمير العلا إن العوالي كواسب … علاءك في الدنيا وفي جنة الخلد يمر عليك الحول سيفك في الطّلا … وطرفك ما بين الشكيمة واللّبد

(1) «المنتظم» (9/ 103)، و «وفيات الأعيان» (3/ 199)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 91)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 358). (2) «يتيمة الدهر» (1/ 279)، و «وفيات الأعيان» (1/ 125)، و «تاريخ الإسلام» (26/ 433)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 96)، و «مرآة الجنان» (2/ 450).

1758 - [ابن يونس المنجم]

ويمضي عليك الدهر فعلك للعلا … وقولك للتقوى وكفّك للرفد قال الشيخ اليافعي: (كذا في الأصل المنقول منه، وصوابه: علاك من الدنيا ومن جنة الخلد والطلا، بضم الطاء المهملة وتشديدها: الأعناق، وهو المراد في البيت، وبكسرها: القطران، وما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه، والخمر عند بعض العرب، وبفتحها: الولد من ذوات الظلف. والطلي، بكسر اللام: الصغير من أولاد الغنم. والطرف، بكسر الطاء: الكريم من الخيل) (1). توفي المذكور سنة تسع وتسعين وثلاث مائة (2). 1758 - [ابن يونس المنجّم] (3) أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الصّدفي-بضم الصاد-المنجم المصري، صاحب «الزيج» بكسر الزاي، وسكون المثناة من تحت، وآخره جيم، الحاكمي المشهور، المعروف ب‍ «زيج ابن يونس»، وهو زيج كبير في أربع مجلدات، بسط القول والعمل فيه، وما أقصر في تحريره، وذكر أن الذي أمره بعمله وابتدأه له العزيز أبو الحاكم صاحب مصر. قال بعضهم: كان ابن يونس المذكور أبله مغفّلا، يعتمّ على طرطور طويل، ويجعل رداءه فوق العمامة، وكان طويلا، إذا ركب .. ضحك منه الناس؛ لشهرته ورثاثة لباسه وسوء حالته، وكان له مع ذلك إصابة بديعة غريبة في النّجامة لا يشاركه فيها أحد، أفنى عمره في النجوم والشعر والتوليد مع تفنن في علوم كثيرة، وكان يضرب بالعود على جهة التأدب به، وله شعر حسن، منه قوله: [من الطويل] أحمّل نشر الريح عند هبوبه … رسالة مشتاق لوجه حبيبه

(1) «مرآة الجنان» (2/ 451). (2) في «تاريخ الإسلام» (26/ 433) توفي سنة (370 هـ‍)، وقيل: سنة (371 هـ‍)، وقيل: سنة (377 هـ‍). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 429)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 376)، و «مرآة الجنان» (2/ 451)، و «البداية والنهاية» (11/ 415)، و «شذرات الذهب» (4/ 521).

1759 - [أبو الرقعمق]

بنفسي من تحيى النفوس بقربه … ومن طابت الدنيا به وبطيبه لعمري لقد عطّلت كأسي بعده … وغيّبتها عني لطول مغيبه وجدد وجدي طائف منه في الكرى … سرى موهنا في خفية من رقيبه توفي سنة تسع وتسعين وثلاث مائة، وكانت وفاته فجأة. 1759 - [أبو الرّقعمق] (1) أحمد بن محمد الأنطاكي الشاعر. من شعره قوله في مدح وزير العزيز ابن المعز العبيدي: [من الخفيف] قد سمعنا مقاله واعتذاره … وأقلناه ذنبه وعثاره والمعاني لمن عنيت ولكن … بك عرّضت فاسمعي يا جاره توفي سنة تسع وتسعين وثلاث مائة. 1760 - [الحافظ أبو العباس الضرير] (2) أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق الرازي أبو العباس الضرير. ولد أعمى، واستملى على ابن أبي حاتم، وسمع أبا العباس الأصم، وأبا حامد بن بلال، وروى عنه الأزهري، وسليم الرازي وغيرهما، وكان بارعا ثقة. توفي سنة تسع وتسعين وثلاث مائة. 1761 - [أبو نعيم الأسفراييني] (3) عبد الملك بن الحسن أبو نعيم الأسفراييني، راوي «المسند الصحيح» عن الحافظ أبي عوانة.

(1) «يتيمة الدهر» (1/ 379)، و «وفيات الأعيان» (1/ 131)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 77)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 143)، و «شذرات الذهب» (4/ 519). (2) «تاريخ بغداد» (5/ 201)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 365)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1028)، و «العبر» (3/ 71)، و «شذرات الذهب» (4/ 517). (3) «سير أعلام النبلاء» (17/ 71)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 384)، و «العبر» (3/ 75)، و «شذرات الذهب» (4/ 524).

1762 - [جعفر ابن عبد الرحيم]

كان عبدا صالحا. توفي سنة أربع مائة. 1762 - [جعفر ابن عبد الرحيم] (1) جعفر ابن عبد الرحيم اليمني (2)، من حوالي الجند، الفقيه العالم العامل، الصالح الورع الزاهد. توفي سنة أربع مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» (3)، وقد وهم رحمه الله تعالى في تاريخ وفاته؛ لأنه ذكر في ترجمته ما اتفق له مع الصليحي لما ملك اليمن وعرض عليه القضاء فامتنع، فأعرض عنه الصليحي؛ مغضبا، فخرج الفقيه جعفر من عنده، فافتقده الصليحي فلم يجده، فأمر بعض من عنده من الجند أن يلحقوه ويبطشوا به، فلحقه في الطريق خمسة عشر رجلا منهم، فضربوه بسيوفهم، فلم تقطع فيه شيئا، والصليحي أول ظهوره في سنة تسع وعشرين وأربع مائة، ولم يملك الجند إلا بعد الخمسين وأربع مائة، والصواب في تاريخ وفاته ما نقلناه في غير هذا الموضع عن تاريخي «الخزرجي» و «الجندي» أنه توفي لنحو ستين وأربع مائة (4)، ولعل ما ذكره الشيخ اليافعي في سنة أربع مائة تاريخ ولادته، والله سبحانه أعلم. 1763 - [الكاتب أبو الفتح البستي] (5) أبو الفتح علي بن محمد البستي الكاتب المشهور، صاحب الطريقة الأنيقة في التجنيس الأنيس، البديع التأسيس. من نثره: «من أصلح فاسده .. أرغم حاسده، ومن أطاع غضبه .. أضاع أدبه»، «عادات السادات سادات العادات»، «من سعادة جدك وقوفك عند حدك»، «أجهل

(1) ستأتي ترجمته بأبسط مما هنا في مكانها الصحيح؛ فانظر مصادر ترجمته هناك (3/ 429). (2) كذا في الأصول، وفي «مرآة الجنان» (2/ 453): (التيمي). (3) انظر «مرآة الجنان» (2/ 453). (4) انظر «طراز أعلام الزمن» (1/ 282)، و «السلوك» (1/ 235). (5) «يتيمة الدهر» (1/ 518)، و «وفيات الأعيان» (3/ 376)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 147)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 46)، و «العبر» (3/ 77)، و «البداية والنهاية» (11/ 420)، و «مرآة الجنان» (2/ 453)، و «شذرات الذهب» (4/ 524).

الناس من كان للإخوان مذلا، وعلى السلطان مدلاّ»، «الفهم شعاع العقل»، و «المنية تضحك من الأمنية»، «حد العفاف الرضى بالكفاف»، «الرشوة رشاء الحاجات». ومن بديع نظمه: [من البسيط] إن هزّ أقلامه يوما ليعملها … أنساك كل كميّ هز عامله وإن أقرّ على رق أنامله … أقرّ بالرّق كتّاب الأنام له وقوله: [من البسيط] إذا تحدثت في قوم لتؤنسهم … بما تحدّث من ماض ومن آت فلا تعد لحديث إنّ طبعهم … موكل بمعاداة المعادات وقوله: [من المتقارب] تحمّل أخاك على ما به … فما في استقامته مطمع وأنّى له خلق واحد … وفيه طبائعه الأربع وله غير ذلك من الأشعار. توفي سنة أربع مائة (1). والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) كذا في «مرآة الجنان» (2/ 453)، و «شذرات الذهب» (4/ 524)، وفي «وفيات الأعيان» (3/ 378): (وتوفي سنة أربع مائة، وقيل: سنة إحدى وأربع مائة)، وفي باقي مصادر الترجمة: توفي سنة (401 هـ‍).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والثمانون بعد الثلاث مائة فيها: أمر الخليفة الطائع بحبس أبي الحسن بن المعلم، وكان من خواص بهاء الدولة، فعظم ذلك عليه، ثم دخل على الطائع في هيئة دخوله للخدمة، فلما قرب منه .. قبل الأرض وجلس على الكرسي، وتقدم أصحابه، فجروا الطائع بحمائل سيفه من السرير، ولفوه في كساء حتى أتوا به دار السلطنة، واختبطت بغداد، وظن الأجناد أن القبض على بهاء الدولة من جهة الطائع، فوقعوا في النهب، ثم إن بهاء الدولة أمر بالنداء بخلافة القادر بالله، فأكره الطائع على خلع نفسه، واستدعي القادر وهو بالبطائح إلى بغداد، ونهبت دار الخليفة، وأخذ جميع ما فيها حتى الرخام والأبواب، واستباحت الرعاع قلع الشبابيك، وأقبل القادر بالله أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر بالله وله يومئذ أربع وأربعون سنة، وكان كثير التهجد والخير والبر، صاحب سنة وجماعة (1). وفيها: توفي سعد الدولة أبو المعالي شريف بن سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان بحلب، وولي بعده ابنه سعد، وبموت سعد انقرض ملك سيف الدولة من جهة ذريته. وفيها: اعترض أهل باب البصرة صاحب المعونة، وحرقوا به، وسرقوا مطارده يوم الغدير، فركب العسكر من الغد، وقتلوا بها جماعة وصلبوهم على القنطرة (2). وفيها: عقد الصلح بين بهاء الدولة وبين صمصام الدولة (3). وفيها: مات أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني ثم النيسابوري العبد الصالح

(1) «المنتظم» (8/ 487)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 442)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 5)، و «العبر» (3/ 17)، و «مرآة الجنان» (2/ 410)، و «شذرات الذهب» (4/ 423). (2) هذه الحادثة من أولها إلى قوله: (الغدير) حادثة مفردة عن التي بعدها ولها تتمة، وقد وقعت سنة (362 هـ‍) انظرها في «المنتظم» (8/ 373)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 310)، و «البداية والنهاية» (11/ 328)، وأما الحادثة التي بعدها والتي أولها (فركب) .. فإنها وقعت في هذه السنة، انظرها في «المنتظم» (9/ 10)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 9)، و «البداية والنهاية» (11/ 374). (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 439)، و «تاريخ ابن خلدون» (3/ 540).

السنة الثانية والثمانون

المقرئ، والحافظ أبو بكر ابن المقرئ محمد بن إبراهيم الأصبهاني صاحب الرحلة الواسعة، وقاضي الجماعة أبو بكر القرطبي المالكي، أحفظ أهل زمانه في مذهبه، وصاحب تصانيف. وفيها: توفي القائد أبو الحسن جوهر بن عبد الله المعروف بالكاتب الرومي. وفيها: توفي ابن حمّويه السرخسي، وأبو عدي عبد العزيز ابن الإمام، وأبو محمد بن معروف قاضي بغداد، وأبو الفضل الزهري. *** السنة الثانية والثمانون فيها: منع أبو الحسن بن المعلم الكوكبي الرافضة من عمل المأتم يوم عاشوراء الذي كان يعمل من نحو ثلاثين سنة، وأسقط طائفة من كبار الشهود الذين ولّوا بالشفاعات، وكان قد استولى على أمور السلطان بهاء الدولة كلها، فشغبت الجند وعسكروا، وبعثوا يطلبون من بهاء الدولة أن يسلم إليهم ابن المعلم، وصمموا على ذلك إلى أن قال له رسولهم: أيها الملك؛ اختر بقاءه أو بقاءك، فقبض حينئذ عليه وعلى أصحابه، وسلمه إليهم، فما زالوا به حتى قتلوه رحمه الله (1). وفيها: توفي أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، أحد الأئمة في الأدب وحفظ الأخبار والنوادر، وأبو القاسم عبد الله النسائي، صاحب الحسن بن سفيان، وأبو سعيد ابن عبد الوهاب الرازي، وأبو عمر بن حيّويه. *** السنة الثالثة والثمانون فيها: توفي أبو محمد بن حزم القلعي، وإسحاق بن حمشاد، شيخ الكرامية ورأسهم بنيسابور، ومحمد بن العباس الخوارزمي الشاعر المشهور، ابن أخت الإمام محمد بن جرير الطبري. وفيها: توفي أبو بكر بن شاذان، وجعفر الفناكي.

(1) «المنتظم» (9/ 15)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 454)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 12)، و «العبر» (3/ 22)، و «البداية والنهاية» (11/ 375).

السنة الرابعة والثمانون

السنة الرابعة والثمانون فيها: اشتد البلاء بالعيارين ببغداد، وقووا على الدولة، وكان رأسهم عزيزا، والتف إليه خلق كثير، فنهض السلطان وتفرغ لهم فهربوا، وحصل الغلاء ببغداد (1). وفيها: لم يحج أحد إلا الركب المصري فقط (2). وفيها: توفي الحافظ أبو الفضل صالح بن أحمد التميمي الهمداني السمسار، ومحمد بن عمران المرزباني الأخباري أبو عبيد الله، والمحسّن بن علي بن محمد التنوخي، وأبو الحسن علي بن عيسى الرماني النحوي، والحافظ أبو الحسن محمد بن العباس بن أحمد ابن الفرات البغدادي، والإمام أبو الحسن محمد بن علي الماسرجسي الفقيه. *** السنة الخامسة والثمانون فيها: توفي أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن عباد ابن أحمد بن إدريس الطالقاني، الوزير المعروف بالصاحب ابن عباد، والحافظ المشهور أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي، والحافظ أبو حفص ابن شاهين واسمه: عمر بن أحمد البغدادي، والأديب أبو الحسن محمد بن عبد الله المعروف بابن سكّرة الهاشمي العباسي، والإمام أبو بكر الأودني شيخ الشافعية ببخارى، وأبو محمد بن أبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي النحوي اللغوي الأخباري، وأبو بكر بن المهندس، وأبو الفتح القوّاس. *** السنة السادسة والثمانون فيها: مات محمد بن علي بن عطية المعروف بأبي طالب المكي، صاحب «قوت القلوب»، والعزيز بالله أبو منصور نزار بن المعز بالله معد بن المنصور إسماعيل بن القائم محمد بن المهدي العبيدي الباطني، صاحب مصر والمغرب والشام، والإمام أبو عبد الله محمد بن الحسن الأسترآباذيّ، ختن أبي بكر الإسماعيلي، ومؤرخ مصر الحسن ابن

(1) «المنتظم» (9/ 23)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 17)، و «العبر» (3/ 26)، و «شذرات الذهب» (4/ 437). (2) «المنتظم» (9/ 23)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 17)، و «العبر» (3/ 26)، و «شذرات الذهب» (4/ 437).

السنة السابعة والثمانون

زولاق، وأبو حامد النعيمي، وأبو أحمد السامري، وعبيد الله ابن جميل، وعلي بن عمر الحربي. *** السنة السابعة والثمانون فيها: توفي أبو الحسين محمد بن أحمد المعروف بابن سمعون، وأبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي، والفقيه الإمام أبو عبد الله ابن بطة الحنبلي. *** السنة الثامنة والثمانون فيها: توفي الحافظ أبو بكر أحمد بن عبدان الشيرازي، والحافظ أبو عبد الله حسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير البغدادي الصيرفي، والإمام الشهير أبو سليمان الخطابي واسمه: حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي الشافعي، ومحمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي الكاتب اللغوي البغدادي، وأبو الفرج الشنبوذي، وأبو بكر الجوزقي، ومحمد بن علي الأدفوي. وفيها: نزل أولاد عز الدولة بختيار من القلعة التي كانوا معتقلين بها من أعمال فارس، واجتمع إليهم الديلم، وقصدوا شيراز، وظفروا بصمصام الدولة فقتلوه (1). وفيها: تقلد أبو طالب بن فخر الدولة مكان أبيه، ولقب: مجد الدولة (2). *** السنة التاسعة والثمانون فيها: كانت بداية أمر أبي القاسم محمود بن سبكتكين واستيلائه على خراسان، وإقامة الدعوة بها للقادر العباسي ولم تكن أقيمت من قبل، وطرد عبد الملك بن نوح وغيره عنها (3).

(1) «المنتظم» (9/ 57)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 499)، و «البداية والنهاية» (11/ 394). (2) «المنتظم» (9/ 55)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 496)، و «البداية والنهاية» (11/ 393). (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 503)، و «البداية والنهاية» (11/ 395).

السنة الموفية تسعين بعد الثلاث مائة

وفيها: توفي الإمام أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي، وأبو الطيب ابن غلبون الحلبي المقرئ الشافعي، وأبو الهيثم محمد بن مكي الكشميهني، أحد رواة «البخاري» عن الفربري، وأبو محمد المخلدي، وزاهر السرخسي، ومحمد بن النعمان قاضي مصر. *** السنة الموفية تسعين بعد الثلاث مائة فيها: كانت حرب بين الموفق أبي علي بن إسماعيل وبين ابن بختيار بكرمان، فقتل ابن بختيار، ونفذ برأسه إلى بهاء الدولة، ولما عاد .. تلقاه بهاء الدولة، ثم قبض عليه بعد أيام (1). وفيها: استولى أيلك خان على بخارى وانقضت دولة السامانية (2). وفيها: مات أبو الحسين أحمد بن فارس الرازي اللغوي، صاحب كتاب «المجمل» في اللغة، والحافظ أبو زرعة الكشّي محمد بن يوسف الجرجاني، والقاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني الجريري، وأمة السلام بنت القاضي أحمد بن كامل البغدادية، وكانت دينة حافظة فاضلة. وفيها: توفي أبو حفص الكتاني. *** السنة الحادية والتسعون فيها: توفي أبو الحسن عبد العزيز بن أحمد الخوزي، إمام أهل الظاهر في عصره، وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد ابن الحجاج الشاعر، وحسام الدولة مقلد بن مسيب بن رافع العقيلي صاحب الموصل، وجعفر ابن حنزابة الوزير بن الوزير، والمؤمل بن أحمد الشيباني، وإسماعيل بن حاجب الكشاني. ***

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 517)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 622). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 513)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 76).

السنة الثانية والتسعون

السنة الثانية والتسعون فيها: زاد أمر الشطار ببغداد، وأخذوا الناس جهارا نهارا، وقتلوا وبدعوا، وواصلوا بعض ذلك ببعض، وكثروا، وصار فيهم هاشميون، فسير بهاء الدولة وكان غائبا عميد الجيوش أبا علي إلى العراق ليسوسها، فقطّع وغرّق، ومنع أهل السنة والشيعة معا من إظهار مذهب، وقامت الهيبة (1). وفيها: توفي الفقيه أبو محمد عبد الله بن إبراهيم المغربي، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري، محدث هراة، وأبو الفتح عثمان بن جني الموصلي النحوي، والوليد بن بكر الأندلسي، والحسن الضّرّاب، وعبد الله الأصيلي (2). *** السنة الثالثة والتسعون فيها: توفي الحسن بن علي الضبي المعروف بابن وكيع، الشاعر المشهور، والإمام أبو نصر إسماعيل بن حماد التركي الجوهري اللغوي، مصنف «الصحاح» في اللغة، والخليفة العباسي الطائع لله عبد الكريم بن المطيع لله الفضل بن المقتدر جعفر بن المعتضد أحمد بن الموفق طلحة بن المتوكل، ومحمد بن عبد الله المخزومي المعروف بالسلامي، الشاعر المشهور، وأبو جعفر ابن المرزبان، وأبو طاهر المخلّص، والمنصور أبو عامر وزير الأندلس. *** السنة الرابعة والتسعون فيها: توفي أبو عمر عبد الله ابن عبد الوهاب السلمي الأصبهاني المقرئ، وأبو الفتح إبراهيم بن علي البغدادي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الملك اللخمي القرطبي. ***

(1) «المنتظم» (9/ 76)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 525)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 525)، و «العبر» (3/ 53). (2) عبد الله الأصيلي هو نفس الفقيه أبو محمد عبد الله بن إبراهيم المغربي المذكور أولا.

السنة الخامسة والتسعون

السنة الخامسة والتسعون فيها: توفي الحافظ أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان القرطبي، وأبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر الخفّاف الزاهد النيسابوري، وأبو الحسين (1) الإخميمي، وابن منده واسمه: محمد بن إسحاق. *** السنة السادسة والتسعون في ليلة النصف من رجب منها: طلع نجم من المشرق مثل الزهرة، وارتفع مرات بعد غروب الشمس بنصف ساعة، ولم يكن مدورا، بل هو إلى الطول أقرب، وفي أطرافه شعب مثل الأصابع، وله حركة عظيمة كأنه يضطرب، وله شعاع كشعاع الشمس، وكان طلوعه في الغفر من برج الميزان، ولم يزل كذلك إلى ليلة النصف من شهر رمضان، ثم نقص نوره واضمحل (2). وفيها: توفي الإمام أبو سعد إسماعيل بن أحمد الإسماعيلي، شيخ الشافعية بجرجان وابن شيخهم، والحافظ أبو عمرو محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر النيسابوري المزكي، صاحب «الأربعين المروية»، وأبو الحسن بن الجندي، وعبد الوهاب الكلابي، وعلي بن محمد الحلبي، وأبو بكر ابن المأمون، وأبو بكر ابن زنبور. *** السنة السابعة والتسعون فيها: واقع أبو ركوة الخارجي صاحب مصر، فهزم جيش أبي ركوة، وحمل إلى مصر أسيرا، فقتل بها، وكان قد عاث بالشام، واشتدت شوكته (3). وفيها: توفي الإمام أصبغ بن الفرج الأندلسي المالكي، مفتي قرطبة، وأبو الحسن بن القصار علي بن محمد البغدادي المالكي.

(1) كذا في «العبر» (3/ 61)، و «شذرات الذهب» (4/ 503)، وفي «سير أعلام النبلاء» (17/ 85)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 318): (أبو الحسن). (2) «المنتظم» (9/ 91)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 544)، و «البداية والنهاية» (11/ 408). (3) «المنتظم» (9/ 95)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 549)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 235)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 215).

السنة الثامنة والتسعون

السنة الثامنة والتسعون فيها: ثارت فتنة هائلة ببغداد؛ قصد رجل شيخ الشيعة ابن المعلم وهو الشيخ المفيد عندهم، فأسمعه ما يكره، فثار تلامذته، وقاموا واستنفروا الرافضة، فأتوا قاضي القضاة محمد بن الأكفاني والشيخ أبا حامد الأسفراييني فسبّوهما، فحميت الفتنة، ثم إن أهل السنة أخذوا مصحفا، قيل: إنه على قراءة ابن مسعود، فيه خلاف كثير، فأمر الشيخ أبو حامد والفقهاء بإتلافه، فأتلف بمحضر منهم، فقام ليلة النصف رافضي وشتم [من أحرق المصحف]، فأخذ وقتل، فثارت الشيعة، ووقع القتال بينهم وبين السنة، واختفى أبو حامد، واستوفزت الرافضة، فصاحوا: الحاكم يا منصور، فغضب القادر بالله، وبعث خيلا لمعاونة السنة، فانهزمت الرافضة، وأحرق بعض دورهم، وذلوا، وأمر عميد الجيوش بإخراج ابن المعلم من بغداد فأخرج، وحبس جماعة، ومنع القصّاص مدة (1). وفيها: زلزلت الدينور، فهلك تحت الردم أكثر من عشرة آلاف، وزلزلت سيراف والسّيب، وغرق عدة مراكب، ووقع برد عظيم بلغ وزن واحدة منها مائة وستة دراهم (2). وفيها: هدم الحاكم العبيدي الكنيسة المعروفة بالقمامة (3) بالقدس؛ لكونهم يبالغون في إظهار شعارهم، ثم هدم الكنائس التي في مملكته، ونادى: من أسلم، وإلا .. فليخرج من مملكتي، أو يلتزم بما آمر، ثم أمر النصارى بتعليق صلبان كبار على صدورهم، وزن الصليب أربعة أرطال بالمصري، وبتعليق خشبة كيد المكمدة، وزنها ستة أرطال في عنق اليهودي؛ إشارة إلى رأس العجل الذي عبدوه، فقيل: كانت الخشبة على تمثال رأس عجل، وبقي هذا مدة سنين، ثم رخص لهم في الردة؛ لكونهم مكرهين وقال: ننزه مساجدنا عمن لا نية له في الإسلام (4). وفيها: توفي أبو الفضل أحمد بن الحسين الهمذاني، الأديب المعروف ببديع الزمان،

(1) «المنتظم» (9/ 99)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 558)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 237)، و «العبر» (3/ 67)، و «شذرات الذهب» (4/ 511). (2) «المنتظم» (9/ 100)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 559)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 238)، و «العبر» (3/ 68)، و «شذرات الذهب» (4/ 511). (3) في «الكامل في التاريخ» (7/ 559): (بيعة القمامة، وهي بالبيت المقدس، وتسميها العامة: القيامة). (4) «المنتظم» (9/ 101)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 559)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 238)، و «العبر» (3/ 68)، و «البداية والنهاية» (11/ 412)، و «شذرات الذهب» (4/ 512).

السنة التاسعة والتسعون

صاحب «المقامات» الفائقة التي نسج الحريري على منوالها، وأبو بكر بن لال، وأبو نصر الكلاباذي، وعبد الواحد الببغاء الشاعر. *** السنة التاسعة والتسعون فيها: رجع ركب العراق؛ خوفا من ابن الجرّاح الطائي، فدخلوا بغداد قبل العيد، وأما ركب البصرة .. فأجاره بنو زغب الهلاليون، وقال ابن الجوزي: (أخذوا للركب ما قيمته ألف ألف دينار) (1). وفيها: توفي أحمد بن محمد الدارمي الشاعر المشهور، وأبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الصّدفي-بضم الصاد-المنجم المصري، صاحب «الزيج» الحاكمي، المعروف «بزيج ابن يونس»، وأحمد بن محمد البصير، وأبو الحسن بن غلبون، وأبو مسلم الكاتب، وأبو الفضل أحمد بن أبي عمران القدوة، نزيل مكة، وأحمد بن محمد الأنطاكي الشاعر. *** السنة الموفية أربع مائة فيها: أقبل الحاكم العبيدي على التأله والدين على مقتضى مذهبه، وأمر بإنشاء دار العلم بمصر، وأحضر فيها الفقهاء والمحدثين، وعمّر الجامع المعروف بجامع الحاكم في القاهرة، وكثر الدعاء له، فبقي كذلك ثلاث سنين، ثم أغلق تلك الدار، وأخذ يقتل أهل العلم، ومنع من فعل كثير من الخير (2). وفيها: أنفذ الحاكم إلى المدينة من فتح بيت جعفر الصادق بن محمد الباقر، وأخرج منه سيفا ومصحفا وكساء وقعبا وسريرا. وفيها: توفي الحافظ أبو نعيم الأسفراييني عبد الملك بن الحسن، راوي «المسند الصحيح» عن الحافظ أبي عوانة، وأبو الفتح علي بن محمد البستي الكاتب الشاعر

(1) «المنتظم» (9/ 107)، وانظر «تاريخ الإسلام» (27/ 241)، و «العبر» (3/ 71)، و «مرآة الجنان» (2/ 450). (2) «المنتظم» (9/ 112)، و «تاريخ الإسلام» (27/ 244)، و «العبر» (3/ 74)، و «البداية والنهاية» (11/ 416)، و «شذرات الذهب» (4/ 523).

المشهور، والفقيه جعفر ابن عبد الرحيم اليمني، من حوالي الجند-بفتح الجيم والنون- كذا في «تاريخ اليافعي» (1)، والمعروف في وفاته ما ذكره الخزرجي وغيره أنه لنحو ستين وأربع مائة (2)، ويؤيد ذلك القصة التي اتفقت له مع الصليحي لما عرض عليه القضاء فأبى، والصليحي لم يستول على الجند إلا بعد الخمسين وأربع مائة، والله سبحانه أعلم، ولعل الشيخ اليافعي ذكر ولادته في سنة أربع مائة. وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا طيبا مباركا فيه ***

(1) انظر «مرآة الجنان» (2/ 453). (2) انظر «طراز أعلام الزمن» (1/ 282)، و «السلوك» (1/ 235).

طبقات المائة الخامسة

طبقات المائة الخامسة

العشرون الأولى من المائة الخامسة

العشرون الأولى من المائة الخامسة [الاعلام] 1764 - [عميد الجيوش] (1) أبو علي الحسين بن أبي جعفر، الملقب عميد الجيوش. كان أبوه من حجّاب عضد الدولة، وخدم أبو علي المذكور بهاء الدولة، وترقت مرتبته، فولاه نائبا عنه العراق، فأحسن سياستها، وأبطل عاشوراء الرافضة، وأباد الحرامية والشطار، وصار عدله ذا اشتهار، وفي عدله وهيبته حكايات ذكرها علماء الأخبار. توفي سنة إحدى وأربع مائة. 1765 - [ابن المكوي المالكي] (2) أبو عمر أحمد بن عبد الملك الإشبيلي المالكي الإمام العالم الكبير. انتهت إليه رئاسة العلم بالأندلس في زمنه مع الورع والصيانة، ودعي إلى القضاء بقرطبة مرتين فامتنع، وصنف كتاب «الاستيعاب» في مذهب مالك في عشر مجلدات، وتوفي سنة إحدى وأربع مائة. 1766 - [الهروي] (3) أحمد بن محمد الهروي، مصنف كتاب «الغريبين»، جمع فيه بين تفسير غريب القرآن الكريم وغريب الحديث النبوي، وما قصّر فيه. كان يصحب أبا منصور الأزهري اللغوي، وعليه اشتغل، وبه انتفع وتخرج، وكتابه

(1) «المنتظم» (9/ 119)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 230)، و «العبر» (3/ 76)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 346)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 228)، و «شذرات الذهب» (5/ 7). (2) «جذوة المقتبس» (ص 123)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 206)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 35)، و «العبر» (3/ 76)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 144)، و «شذرات الذهب» (5/ 8). (3) «معجم الأدباء» (2/ 171)، و «وفيات الأعيان» (1/ 95)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 146)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 38)، و «بغية الوعاة» (1/ 371)، و «شذرات الذهب» (5/ 8).

1767 - [ابن الجسور القرطبي]

المذكور من الكتب النافعة التي سارت في الآفاق الشاسعة. توفي سنة إحدى وأربع مائة. 1767 - [ابن الجسور القرطبي] (1) أبو عمر أحمد بن محمد القرطبي الأموي مولاهم. روى عن قاسم بن أصبغ وخلق، وهو أكبر شيخ لابن حزم. توفي سنة إحدى وأربع مائة. 1768 - [القاضي ابن النعمان الرافضي] (2) عبد العزيز بن محمد بن نعمان، قاضي قضاة العبيديين وابن قاضيهم وحفيد قاضيهم. تزوج بنت القائد جوهر مولى المعز الذي افتتح مصر لسيده، وهي أخت الحسين بن القائد جوهر الملقب قائد القواد، وكان الحسين قد خاف من الحاكم، فهرب هو وصهره القاضي عبد العزيز المذكور، فأرسل الحاكم من ردهم وطيب قلوبهم وآنسهم مدة مديدة، ثم حضروا للخدمة، فتقدم الحاكم إلى سيف النقمة راشد، واستصحب معه عشرة من الغلمان الأتراك، وقتلوا القاضي عبد العزيز وصهره الحسين المذكور، وأحضروا رأسيهما بين يدي الحاكم، وذلك في سنة إحدى وأربع مائة. 1769 - [البرّي قاضي طرابلس] (3) أبو الحسين علي بن عبد الواحد قاضي طرابلس. قتله الحاكم العبيدي صاحب مصر، بعث إليه من قتله وحمل رأسه إليه إلى مصر؛ لكونه سلم عزّازا إلى متولي حلب، وذلك في سنة إحدى وأربع مائة.

(1) «جذوة المقتبس» (ص 99)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 148)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 37)، و «العبر» (3/ 77)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 330)، و «شذرات الذهب» (5/ 8). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 380)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 43)، و «العبر» (3/ 77)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 538)، و «مرآة الجنان» (3/ 3)، و «شذرات الذهب» (5/ 9). (3) «تاريخ الإسلام» (28/ 45)، و «العبر» (3/ 77)، و «الوافي بالوفيات» (21/ 282)، و «مرآة الجنان» (3/ 3)، و «شذرات الذهب» (5/ 9).

1770 - [أبو الحسن العلوي النيسابوري]

1770 - [أبو الحسن العلوي النيسابوري] (1) أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي النيسابوري شيخ الأشراف. كان سيدا نبيلا صالحا. قال الحاكم: عقد له مجلس الإملاء، وانتقيت له ألف حديث، وكان يعدّ في مجلسه ألف محبرة. توفي سنة إحدى وأربع مائة. 1771 - [الحافظ أبو مسعود الدمشقي] (2) إبراهيم بن محمد بن عبيد المعروف بأبي مسعود الدمشقي، مصنف كتاب «الأطراف» وهو في الاصطلاح: أوائل أحاديث لرواة معزوة المخارج كلّها بطرقها. حدث عن أبي بكر بن المقرئ، وعبد الله بن محمد السقاء وغيرهما، وعنه أبو ذر الهروي، وحمزة السهمي. وكان حافظا صدوقا دينا، كان له اعتناء «بالصحيحين»، ورتب أطراف الكتابين، ولم يرو إلا اليسير؛ لأنه مات كهلا في سنة إحدى وأربع مائة. 1772 - [الحافظ ابن فطيس الأندلسي] (3) أبو المطرّف عبد الرحمن بن محمد الأندلسي القرطبي قاضي الجماعة، صاحب التصانيف. كان من جهابذة العلماء المحدثين وحفاظهم، جمع ما لم يجمعه أحد من أهل عصره بالأندلس، كان يملي من حفظه، قيل: إن كتبه بيعت بأربعين ألف دينار قاسميّة، وولي

(1) «تاريخ الإسلام» (28/ 50)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 98)، و «العبر» (3/ 78)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 373)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 148)، و «شذرات الذهب» (5/ 9). (2) «المنتظم» (9/ 118)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 39)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 227)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1068)، و «البداية والنهاية» (11/ 418)، و «شذرات الذهب» (5/ 9). (3) «بغية الملتمس» (ص 356)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 210)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 60)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1061)، و «شذرات الذهب» (5/ 11).

1773 - [ابن اللبان الفرضي]

القضاء والخطابة، ثم عزل بعد تسعة أشهر، وله كتاب «أسباب النزول» في مائة جزء، وكتاب «فضائل الصحابة والتابعين» في مأتين وخمسين جزءا، و «دلائل النبوة» في عشرة أسفار. توفي سنة اثنتين وأربع مائة. حدث عن أبي عيسى الليثي، وأبي عبد الله بن مفرّج وغيرهما، وعنه ابن عبد البر وغيره. 1773 - [ابن اللّبّان الفرضي] (1) أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسن المعروف بابن اللّبّان الفرضي البصري. انتهى إليه علم الفرائض، وصنف فيه كتبا. توفي سنة اثنتين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 1774 - [الهرواني] (2) أبو عبد الله محمد بن عبد الله الجعفي، القاضي الحنفي الكوفي، المعروف بالهرواني. توفي سنة اثنتين وأربع مائة. 1775 - [الحافظ ابن شنظير] (3) إبراهيم بن محمد بن حسين بن شنظير الأموي أبو إسحاق. كان ذا ورع وصيام وقيام كثير، وكان سنّيا، عنده لأهل البدع تنفير. توفي سنة اثنتين وأربع مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (17/ 417)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 68)، و «العبر» (3/ 82)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 154)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 231)، و «شذرات الذهب» (5/ 14). (2) «تاريخ بغداد» (3/ 92)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 101)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 69)، و «العبر» (3/ 83)، و «شذرات الذهب» (5/ 14). (3) «سير أعلام النبلاء» (17/ 151)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 57)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1092)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 103)، و «شذرات الذهب» (5/ 12).

1776 - [الأمير الحسين بن سلامة]

1776 - [الأمير الحسين بن سلامة] (1) الأمير الكبير أبو عبد الله الحسين بن سلامة، أمير تهامة اليمن. كان أسود نوبيا، مولى لرشيد مولى بني زياد، نشأ على أحسن سيرة حازما عازما عفيفا، شريف النفس، عالي الهمة. فلما مات سيده رشيد .. وزر لولد أبي الجيش ولأخته هند بنت أبي الجيش، وكانت دولة بني زياد قد تضعضعت أطرافها، وتغلب ولاة الحصون والجبال على ما تحت أيديهم منها، فنهض الحسين بن سلامة، وحارب أهل الجبال حتى دانوا له ودان له صاحب المخلاف السليماني، وابن الحرامي صاحب حلي، واستوثقت المملكة، وعادت على الحال الأول، وتقررت قواعد الملك، فاختط مدينة الكدراء على وادي سهام، والمهجم على وادي ذؤال، وكان عدلا في أحكامه، مشفقا على رعيته، كثير الصدقات والصّلات، مقتديا بسيرة عمر بن عبد العزيز في أكثر أحواله. أنشأ الجوامع الكبار، والمنائر الطوال، وحفر الآبار الروية، والقلب العادية من حضرموت إلى مكة المشرفة، وله مآثر دينية، وأخبار مشهورة، ومناقب مأثورة. يروى أن شخصا أتى إليه وقال له: أرسلني رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليك بأن تدفع لي ألف دينار، فقال له: لعل الشيطان تمثل لك، فقال: لا، وعلامة ذلك أنك منذ عشرين سنة كل ليلة لا تنام حتى تصلي على النبي صلّى الله عليه وسلم مائتي مرة، فبكى الحسين وقال: أمارة-والله-صحيحة، لم يعلم بها إلا الله عزّ وجل، ودفع إليه ألف دينار. وأقام في الملك ثلاثين سنة، وتوفي سنة اثنتين وأربع مائة، وقد بسطنا ترجمته في «تاريخ عدن» (2)، وما ذكرناه في وفاته هو ما ذكره عمارة والجندي (3). قال الخزرجي: (وما في «كامل ابن الأثير» من أنه توفي سنة ثمان وعشرين وأربع

(1) «معجم البلدان» (4/ 441)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 782)، و «السلوك» (2/ 479)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 180)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 352)، و «تحفة الزمن» (2/ 447)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 59). (2) «تاريخ ثغر عدن» (2/ 59). (3) انظر «السلوك» (2/ 481).

1777 - [الحليمي]

مائة .. فبعيد جدا، وإن في تاريخ عمارة مسجد الأشاعر بزبيد ما يؤيد ذلك) (1). ولما توفي الحسين بن سلامة في سنة اثنتين وأربع مائة، ومات القائم من بني زياد .. انتقل الأمر من بعده إلى طفل من بني زياد، قال عمارة: أظن أن اسمه: عبد الله، وكفلته عمته هند بنت أبي الجيش وعبد حبشي أستاذ من عبيد الحسين بن سلامة يسمى: مرجان، وكان لمرجان المذكور عبدان فحلان من الحبشة، رباهما في الصغر، وولاهما الأمور في الكبر، يسمى أحدهما: نفيسا (2)، والآخر: نجاحا، ونفيس هو الذي يتولى تدبير الحضرة، وكان ظلوما غشوما، وكان مولاه مرجان يحبه ويفضله على نجاح، وكان نجاح يتولى أعمال الكدراء والمهجم ومور وبيش، وكان رءوفا رحيما، وكان ابن زياد وعمته يفضلانه على نفيس، فشكا نفيس مواليه ابن زياد وعمته إلى مرجان، فقبض عليهما مرجان، وسلمهما إلى نفيس، فبنى نفيس عليهما جدارا وهما قائمان يناشدانه الله عزّ وجل حتى ختمه عليهما، فكان آخر العهد بهما، وذلك في سنة سبع وأربع مائة. فكانت مدة ولاية بني زياد باليمن منذ اختط ابن زياد زبيد إلى أن بنى نفيس على عبد الله وعمته الجدار مائتا سنة وثلاث سنين، ثم انتقل الملك إلى مواليهم، فسبحان من لا يزول ملكه. 1777 - [الحليمي] (3) أبو عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي الجرجاني البخاري الشافعي، صاحب التصانيف الحسنة، منها «المنهاج في شعب الإيمان». تفقه بأبي بكر الأودني، وأبي بكر القفال. وكان إماما معظما، مرجوعا إليه فيما وراء النهر. توفي سنة ثلاث وأربع مائة. حدث عن خلف الخيّام وغيره، وعنه الحاكم، وعبد الرحيم البخاري وغيرهما.

(1) «طراز أعلام الزمن» (354/ 1 - 355)، وانظر «الكامل في التاريخ» (7/ 782). (2) في «السلوك» (2/ 482)، و «تحفة الزمن» (2/ 448): (أنيس). (3) «وفيات الأعيان» (2/ 137)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 231)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 79)، و «العبر» (3/ 86)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1030)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 333)، و «شذرات الذهب» (5/ 19).

1778 - [ابن حامد الحنبلي]

1778 - [ابن حامد الحنبلي] (1) القاضي أبو عبد الله (2) بن حامد، شيخ الحنابلة، صاحب المصنفات في أنواع مختلفات. توفي سنة ثلاث وأربع مائة. 1779 - [الحافظ ابن الفرضي القرطبي] (3) أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر الأزدي الأندلسي القرطبي، المعروف بابن الفرضي. كان فقيها عالما في فنون العلم؛ من الحديث وعلم الرجال والأدب البارع. حدث عن أبي عبد الله بن مفرّج، وأبي بكر ابن المهندس، وأبي مسلم الكاتب وغيرهم، وعنه أبو عمر ابن عبد البر، وأبو مروان بن حبان وغيرهما. وله «تاريخ الأندلس»، وكتاب حسن في «المؤتلف والمختلف» و «مشتبه النّسبة»، وكتاب في «أخبار شعراء الأندلس». رحل من الأندلس إلى المشرق، فحج وأخذ عن العلماء، تعلق بأستار الكعبة، وسأل الله الشهادة، فاستجاب الله ذلك، قتلته البربر يوم فتح قرطبة، وذلك في سنة ثلاث وأربع مائة. ومن شعره: [من الطويل] أسير الخطايا عند بابك واقف … على وجل ممّا به أنت عارف

(1) «تاريخ بغداد» (7/ 313)، و «المنتظم» (9/ 130)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 203)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 78)، و «العبر» (3/ 86)، و «مرآة الجنان» (3/ 5)، و «البداية والنهاية» (11/ 425)، و «شذرات الذهب» (5/ 17). (2) في الأصل: (أبو يعلى) وهو خطأ، وقد تبع المؤلف رحمه الله اليافعي في «مرآة الجنان» (3/ 5)، والتصحيح من باقي مصادر الترجمة. (3) «جذوة المقتبس» (ص 537)، و «بغية الملتمس» (ص 334)، و «وفيات الأعيان» (3/ 105)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 177)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 82)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1086)، و «مرآة الجنان» (3/ 5)، و «شذرات الذهب» (5/ 20).

1780 - [القاضي أبو بكر الباقلاني]

يخاف ذنوبا عنك لم يخف غيبها … ويرجوك فيها وهو راج وخائف (1) فمن ذا الذي يرجو سواك ويتّقي … وما لك في فصل القضاء مخالف فيا سيدي لا تخزني في صحيفتي … إذا نشرت يوم الحساب الصحائف وكن مؤنسي في ظلمة القبر عند ما … يصدّ ذوو القربى ويجفو المؤالف لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي … أرجّي لإسرافي فإنّي لتالف قال الشيخ اليافعي: (وما أحسن هذه الأبيات إذا تضرّع بها إلى الله عزّ وجل بقلب حلّه الوجل، إلا أن فيها شيئين: أحدهما: قوله: (به أنت عارف) والله سبحانه لا يقال له: عارف، وإنما يقال له: عالم، وفيه بحث طويل مذكور في الأصول. والثاني: في الأصل المنقول منه «يخاف ذنوبا لم يخف عنك غيبها» بتقديم «لم يخف» فيزحف البيت، ولعله من غلط الكاتب، وصوابه: «عنك لم يخف غيبها» بتقديم عنك) (2). 1780 - [القاضي أبو بكر الباقلاني] (3) القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الشهير بابن الباقلاني، الأصولي المتكلم، المالكي الأشعري، الملقب: سيف السنة وقامع البدعة. قال الخطيب البغدادي: (كان أعرف الناس بعلم الكلام، وأحسنهم خاطرا، وأجودهم لسانا، وأوضحهم بيانا، وأصحهم عبارة، وله التصانيف الكثيرة في الرد على المخالفين من الرافضة والمعتزلة والجهمية والخوارج وغيرهم. حضر شيخ الرافضة ومتكلمها المعروف بابن المعلم بعض مجالس النظر مع أصحابه، فأقبل القاضي أبو بكر الأشعري، فالتفت ابن المعلم إلى أصحابه وقال: قد جاءكم

(1) في (ق): (يخاف ذنوبا لم يغب عنك علمها ويرجوك فيها فهو راج وخائف). (2) «مرآة الجنان» (3/ 6). (3) «تاريخ بغداد» (2/ 455)، و «وفيات الأعيان» (4/ 269)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 190)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 88)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 177)، و «مرآة الجنان» (3/ 6)، و «الديباج المذهب» (2/ 211)، و «شذرات الذهب» (5/ 20)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 216).

الشيطان، فسمع القاضي قوله وكان بعيدا، فلما جلس .. أقبل على ابن المعلم وأصحابه وقال: قال الله تعالى: {أَنّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا)} (1). وحكى الحافظ ابن عساكر عن بعض أهل العلم قال: (كان القاضي أبو بكر فارس هذا العلم، مباركا على الأمة، يلقب: سيف السنة ولسان الأمة، وكان مالكيا فاضلا متورعا، ممن لم يحفظ عليه زلة، ولا تنسب إليه نقيصة. قال الحافظ ابن عساكر: كان الانتساب إلى الاعتزال فاشيا منتشرا، وكل من كان سنيا مستخفيا مستترا إلى أن قام القاضي أبو بكر بنصرة المذهب، فانتشر في المشرق والمغرب، وكان مظهره بدار السلام التي هي قبة الإسلام، فلم يذكر لذلك تغيير من الإمام ولا نكير من العوام، بل كان الكل يتقلدون منه المنة من العوام، والأئمة يلقبونه: سيف السنة ولسان الأمة. وعن الإمام أبي حاتم القزويني قال: كان الإمام أبو بكر الأشعري يضمر من الورع والديانة، والزهد والصيانة أضعاف ما كان يظهره، فقيل له في ذلك، فقال: إنما أظهر ما أظهره غيظا لليهود والنصارى والمبتدعين المخالفين؛ لئلا يستحقروا علماء الحق والدين. قال أبو بكر الخوارزمي: كل مصنف ببغداد ينقل من كتب الناس إلى تصانيفه سوى القاضي أبي بكر؛ فإن صدره يحوي علمه وعلم الناس) (2). وقال الخطيب البغدادي: (كان القاضي أبو بكر يهم أن يختصر ما يصنفه، فلا يقدر على ذلك؛ لسعة علمه وكثرة حفظه) (3). ولما توفي سنة ثلاث وأربع مائة .. حضر الشيخ أبو الفضل التميمي الحنبلي حافيا مع إخوانه وأصحابه، وأمر أن ينادى بين يدي جنازته: هذا ناصر السنة والدين، هذا إمام المسلمين، هذا الذي كان يذب عن الشريعة ألسنة المخالفين، هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة ردا على الملحدين.

(1) «تاريخ بغداد» (2/ 455). (2) «تبيين كذب المفتري» (ص 120، 220، 410). (3) «تاريخ بغداد» (2/ 456).

ورثاه بعضهم بهذين البيتين: [من البسيط] انظر إلى جبل تمشي الرجال به … وانظر إلى القبر ما يحوي من الصّلف انظر إلى صارم الإسلام منغمدا … وانظر إلى درة الإسلام في الصّدف قال الشيخ اليافعي: (ولقد ضمن هذين البيتين مدحا عظيما، لائقا بجلالة الإمام المذكور، لكن لو قال: «من الشرف» بدل «من الصلف» ولو قال: «درة التوحيد» بدل «درة الإسلام» .. لغاير بين اللفظين؛ فإنه قد قال في أول البيت: «انظر إلى صارم الإسلام» والتوحيد وإن كان داخلا فيه فالمغايرة بين الألفاظ وإن اتحدت معانيها أحسن وأبعد من كراهة التكرير) (1). ورأى بعضهم في النوم بعد موت القاضي أبي بكر المذكور جماعة حسنة ثيابهم، بيضا وجوههم، طيبة روائحهم، ضاحكة أسنانهم، فقلت لهم: من أين جئتم؟ قالوا: من الجنة، فقلت: ما فعلتم؟ فقالوا: زرنا القاضي الإمام أبا بكر الأشعري، فقلت: وما فعل الله به؟ فقالوا: غفر الله له، ورفع له في الدرجات، قال: ففارقتهم ومشيت، وكأني رأيت القاضي أبا بكر وعليه ثياب حسنة وهو جالس في رياض خضرة نضرة، فهممت أن أسأله عن حاله، وسمعته يقرأ {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ* فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ، } فهالني ذلك فرحا، وانتبهت. ومدحه أبو الحسن السكري بقصيدة قال بعد غزلها: [من الكامل] ملكت محبات القلوب ببهجة … مخلوقة من عفّة وتحبب فكأنّها من حيث ما قابلتها … شيم الإمام محمّد بن الطّيّب اليعربي فصاحة وبلاغة … والأشعريّ إذا اعتزى للمذهب قاض إذا التبس القضاء على الحجى … كشفت له الآراء كلّ مغيب لا يستريح إذا الشكوك تخالجت … إلاّ إلى لب كريم المنصب وصلته همّته بأبعد غاية … أعيا المريد بها سبيل المطلب أهدى له ثمر القلوب محبة … وحباه حسن الذّكر من لم يحبب ما زال ينصر دين أحمد صادعا … بالحقّ يهدي للطريق الأصوب

(1) «مرآة الجنان» (3/ 9).

1781 - [شمس المعالي قابوس]

والناس بين مضلّل ومضلّل … ومكذّب فيما أتى ومكذّب حتى انجلت تلك الضلالة فاهتدى السّ‍ … اري وأشرق جنح ذاك الغيهب قال الشيخ اليافعي: (وهو من المجددين دين الأمة على رأس المائة الرابعة على القول الصحيح) (1). 1781 - [شمس المعالي قابوس] (2) أبو الحسن قابوس بن أبي طاهر وشمكير الجيلي الأمير شمس المعالي، أمير جرجان وبلاد الجيل وطبرستان. قال الثعالبي في «اليتيمة»: (أختم هذا الكتاب بذكر خاتم الملوك، وغرة الزمان، وينبوع العدل والإحسان، ومن جمع الله سبحانه وتعالى له إلى عزّة العلم بسطة القلم، وإلى فصل الحكمة نفاذ الحكم) اهـ‍ (3). وكان خطه في نهاية من الحسن، كان الصاحب ابن عباد إذا رآه .. قال: هذا خط قابوس، أو جناح طاوس، وينشد قول المتنبي: [من الكامل] في خطه من كلّ قلب شهوة … حتى كأنّ مداده الأهواء ولكلّ عين قرة في قربه … حتى كأنّ مغيبه الأقذاء وله من النظم والنثر أشياء مستحسنة، ومن مشهور ما ينسب إليه من الشعر: [من البسيط] قل للذي بصروف الدّهر عيّرنا … هل حارب الدهر إلا من له خطر أما ترى البحر تعلو فوقه جيف … وتستقر بأقصى قعره الدّرر فإن تكن عبثت أيدي الزمان بنا … ونالنا من تمادي بؤسه ضرر ففي السماء نجوم ما لها عدد … وليس يكسف إلا الشمس والقمر كانت مملكة جرجان وتلك النواحي لعمه، ثم انتقلت من عمه إلى أبيه، فلما توفي أبوه .. ملكها قابوس في سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 6). (2) «يتيمة الدهر» (4/ 67)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 587)، و «وفيات الأعيان» (4/ 79)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 105)، و «مرآة الجنان» (3/ 10)، و «البداية والنهاية» (11/ 424). (3) «يتيمة الدهر» (4/ 67).

1782 - [أبو الحسن القابسي]

وكان قابوس من محاسن الدنيا وبهجتها، غير أنه سريع الغضب، شديد السطوة، لا يعرف العفو عن الزلة، ولا الصفح عن الجاني، فاستوحشت منه النفوس، فأجمع أهل عسكره على خلعه عن ولايته، ونزع الأيدي عن طاعته، فحالوا بينه وبين جرجان وملكوها، وبعثوا إلى ولده أبي منصور منوجهر ليعقدوا البيعة له، فلما وصل إليهم .. أجمعوا على طاعته إن خلع أباه، فلم يسعه في تلك الحال إلا المداراة، فأجابهم إلى مطلوبهم، فلما رأى قابوس ذلك .. توجه بمن معه من خواصه إلى ناحية بسطام لينظر ما يستقر عليه الأمر، فحملوا ولده على قصده وإزعاجه عن مكانه ومقابلته بالشر، فسار معهم مضطرا إلى حرب أبيه، فتلاقيا وتباكيا، وعرض الولد نفسه أن يكون حجابا بينه وبين أعاديه، ورأى الوالد أن ذلك لا يجدي، وأن ولده أحق بالولاية والملك بعده، فسلم إليه خاتم المملكة، واستوصاه خيرا بنفسه ما زال في الحياة، واتفقا على أن يكون قابوس في بعض القلاع إلى حلول أجله أو فناء أعاديه، فانتقل إلى قلعة هناك، وشرع الولد في الإحسان إلى الجيش وهم يسومون والده المهالك، فلم يزالوا يسيئون وهو يحسن إليهم حتى قتلوا والده؛ خشية قيامه عليهم، فآل الأمر إلى ما ذكر من انكساف الشمس والقمر، يقال: إنهم جعلوه في قلعة باردة في شدة البرد، ومنعوه الدثار حتى مات سنة ثلاث وأربع مائة. 1782 - [أبو الحسن القابسي] (1) علي بن محمد بن خلف المعافري القروي أبو الحسن القابسي الإمام العلامة، شيخ المالكية. أخذ القراءات عن أبي الفتح ابن بدهن القيرواني، وحدث عن ابن مسرور الدباغ، وأبي زيد المروزي، وحمزة الكناني وغيرهم، وعنه أبو عمرو الداني. وكان إماما جليلا، حافظا نبيلا، متقنا للعلل، من الأتقياء الورعين، وكان ضريرا، يعتمد في ضبطه على ثقات المحدثين. توفي سنة ثلاث وأربع مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 320)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 158)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 85)، و «العبر» (3/ 87)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1079)، و «البداية والنهاية» (11/ 427)، و «الديباج المذهب» (2/ 92)، و «شذرات الذهب» (5/ 20).

1783 - [الصعلوكي]

1783 - [الصّعلوكي] (1) أبو الطيب سهل بن أبي سهل العجلي النيسابوري المعروف بالصعلوكي الشافعي، مفتي خراسان. قال الحاكم: قيل: إنه المجدد الدين على رأس المائة الرابعة؛ لكثرة فنونه، واتساع فضائله العلمية والعملية، وقيل: القاضي أبو بكر الباقلاني؛ لاحتياج الناس في زمن البدع إلى علم الأصول أكثر من علم الفروع وغيره لإدحاض حجج المبتدعين بقواطع البراهين. وقد تقدم في ترجمة القاضي أبي بكر الباقلاني نقلا عن الشيخ اليافعي أن هذا القول الثاني أصح (2)، قال: (وممن رجحه الإمام أبو القاسم بن عساكر) (3). توفي أبو الطيب الصعلوكي في سنة أربع وأربع مائة، وهو مذكور في الأصل. 1784 - [الحافظ أبو الفضل البخاري] (4) أحمد بن علي بن عمرو البخاري البيكندي أبو الفضل السليماني. حدث عن الأصم، وعبد الله بن جعفر بن فارس الأصبهاني وغيرهما، وعنه جعفر المستغفري، وابنه محمد بن جعفر وغيرهما. وكان من الحفاظ المعمرين، والثقات المصنفين، رحل وطوف، وجمع وصنف، وحدث بغالب ما ألف. توفي سنة أربع وأربع مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 435)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 207)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 101)، و «العبر» (3/ 90)، و «مرآة الجنان» (3/ 12)، و «البداية والنهاية» (11/ 393)، و «شذرات الذهب» (5/ 26). (2) انظر ترجمته قبل ترجمتين. (3) «مرآة الجنان» (2/ 303). (4) «سير أعلام النبلاء» (17/ 200)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 96)، و «العبر» (3/ 89)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 216)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 41)، و «شذرات الذهب» (5/ 26).

1785 - [القاضي ابن كج]

1785 - [القاضي ابن كجّ] (1) يوسف بن أحمد المعروف بأبي القاسم ابن كجّ الدينوري الإمام الشهير. كان يضرب به المثل في حفظه لمذهب الشافعي، وكان بعض الفقهاء يفضله على الشيخ أبي حامد الأسفراييني. قتله العيارون ليلة سبع وعشرين من رمضان سنة خمس وأربع مائة. مذكور في الأصل. 1786 - [بكر بن شاذان] (2) أبو القاسم بكر بن شاذان الواعظ الزاهد. قال الخطيب: (كان عبدا صالحا) (3). توفي سنة خمس وأربع مائة. 1787 - [ابن البيع] (4) محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه الضّبّي الطّهماني النيسابوري، المعروف بأبي عبد الله الحاكم ابن البيّع الإمام الحافظ الكبير. كتب عن نحو ألفي شيخ، منهم أبوه، والأصم، وابن الأخرم، ومحمد بن عبد الله الصفار وغيرهم، وبرع في علم الحديث وفنونه، وتفقه بأبي سهل الصعلوكي. وروى عنه الدارقطني ولازمه، وروى عنه أبو ذر الهروي، والبيهقي، وسمع منه الإمام أبو بكر القفال الشاشي وغيره من الأئمة. له «المستدرك على الصحيحين»، و «تاريخ نيسابور»، ومصنف في علوم الحديث،

(1) «تاريخ الإسلام» (28/ 133)، و «العبر» (3/ 94)، و «مرآة الجنان» (3/ 12)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 359)، و «شذرات الذهب» (5/ 35). (2) «تاريخ بغداد» (7/ 99)، و «المنتظم» (9/ 137)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 110)، و «العبر» (3/ 92)، و «شذرات الذهب» (5/ 30). (3) «تاريخ بغداد» (7/ 99). (4) «المنتظم» (9/ 141)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 162)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 122)، و «العبر» (3/ 93)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1039)، و «شذرات الذهب» (5/ 33).

1788 - [الحافظ الإدريسي]

وهو صدوق من الأثبات، لكن فيه تشيع، ويصحح الواهيات. دخل الحمام، فلما خرج منه وأراد أن يلبس ثيابه .. مات، وذلك في سنة خمس وأربع مائة. 1788 - [الحافظ الإدريسي] (1) عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس بن الحسن بن متّويه الأسترآباذيّ أبو سعد (2) الإدريسي، محدث سمرقند، ومصنف تاريخها وتاريخ بلده. حدث عن أبي العباس الأصم فمن بعده، وعنه أبو مسعود البجلي، وأحمد بن محمد العتيقي وغيرهما. وكان حافظا ذا إتقان ورسوخ، له مؤلف على الأبواب وتراجم الشيوخ. توفي سنة خمس وأربع مائة. 1789 - [ابن نباتة الشاعر] (3) عبد العزيز بن عمر بن نباتة التميمي السعدي الشاعر. جمع في شعره بين حسن السبك وجودة المعنى، طاف البلاد، ومدح الملوك والوزراء والرؤساء، وله في سيف الدولة ابن حمدان غرر القصائد، وكان قد أعطاه فرسا أدهم أغر محجّلا، فكتب إليه: [من الكامل] يا أيها الملك الذي أخلاقه … من خلقه ورواؤه من رائه قد جاءنا الطرف الذي أهديته … هاديه يعقد أرضه بسمائه أولاية وليتنا فبعثته … رمحا سبيب العرف عقد لوائه نحتلّ منه على أغرّ محجّل … ماء الدياجي قطرة من مائه

(1) «المنتظم» (9/ 140)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 226)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 115)، و «العبر» (3/ 92)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1062)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 255)، و «شذرات الذهب» (5/ 31). (2) في «الوافي بالوفيات» (18/ 255): (أبو سعيد). (3) «تاريخ بغداد» (10/ 466)، و «وفيات الأعيان» (3/ 190)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 116)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 234)، و «العبر» (3/ 93)، و «مرآة الجنان» (3/ 13)، و «شذرات الذهب» (5/ 31).

فكأنّما لطم الصّباح جبينه … فاقتصّ منه فخاض في أحشائه في أبيات أخر. ومن قوله في سيف الدولة: [من البسيط] لم يبق جودك لي شيئا أؤمّله … تركتني أصحب الدّنيا بلا أمل وهذا المعنى فيه إلمام بقول البحتري: [من الكامل] وقطعتني بالجود حتى أنني … متخوف ألا يكون لقاء أخجلتني بندى يديك فسودت … ما بيننا تلك اليد البيضاء وفي معناه أيضا قول دعبل: [من الكامل] أصلحتني بالبرّ بل أفسدتني … وتركتني أتسخط الإحسانا وهذا المعنى مطروق للشعراء، وما ألطف قول المعري فيه: [من البسيط] لو اختصرتم من الإحسان زرتكم … والعذب يهجر للإفراط في الخصر أي: بفتح الخاء المعجمة، والصاد المهملة، وبعدها راء، وهو البرد الشديد، والمعنى: أن الماء إذا أفرط في شدة البرد وزادت برودته .. ترك شربه. قال محمد بن وشاح: سمعت عبد العزيز ابن نباتة يقول: كنت يوما في دهليزي، فدق علي الباب، فقلت: من؟ فقال: رجل من أهل المشرق، فقلت: ما حاجتك؟ فقال: أنت القائل: [من الطويل] ومن لم يمت بالسيف مات بغيره … تنوّعت الأسباب والموت واحد فقلت: نعم، فقال: أرويه عنك؟ فقلت: نعم، ثم ذهب، فدق علي آخر، فسألته: من أنت؟ فقال: رجل من المغرب، فقلت: ما حاجتك؟ فقال مثل ما قال الأول، فأجبته بجوابي الأول، وعجبت كيف وصل شعري إلى المشرق والمغرب! قال أبو الحسن محمد بن علي البغدادي صاحب كتاب «المفاوضة»: عدت أبا نصر ابن نباتة في اليوم الذي توفي فيه، فأنشدني هذا البيت: [من البسيط] متّع لحاظك من خلّ تودّعه … فما إخالك بعد اليوم بالوادي وودعته وانصرفت، فأخبرت في طريقي أنه توفي، وذلك في سنة خمس وأربع مائة.

1790 - [أبو حامد الأسفراييني]

1790 - [أبو حامد الأسفراييني] (1) أحمد بن أبي الطاهر محمد بن أحمد الإمام أبو حامد الأسفراييني الشافعي، شيخ طريقة العراق، بل إمام الشافعية بالاتفاق. انتهت إليه رئاسة الدين والدنيا ببغداد، وكان يحضر درسه أكثر من ثلاث مائة فقيه. وقال الخطيب: (رأيته، وحضرت درسه، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر مجلسه ودرسه سبع مائة متفقه، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعي .. لفرح به) (2). أخذ الفقه عن أبي الحسن بن المرزبان، ثم عن أبي القاسم الداركي، وحدث بشيء يسير عن عبد الله بن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي، وإبراهيم بن محمد الأسفراييني وغيرهم. قال تلميذه سليم الرازي: كان لا يخلو وقت له عن اشتغال، حتى أنه كان إذا برى القلم .. قرأ القرآن أو سبح، وكذلك إذا كان مارا في طريق. روي أنه قابله بعض الفقهاء في مجلس المناظرة بما لا يليق، ثم أتاه في الليل معتذرا، فأنشده أبو حامد: [من الطويل] جفاء جرى جهرا لدى النّاس وانبسط … وعذر أتى سرّا فأكّد ما فرط ومن ظنّ أن يمحو جليّ جفائه … خفيّ اعتذار فهو في أعظم الغلط وكان أبو الحسين القدوري الحنفي يعظمه ويفضله ويقول: إنه أفقه وانظر من الشافعي. قال الشيخ أبو إسحاق: (وهذا القول من القدوري حمله عليه اعتقاده في الشيخ أبي حامد، وتعصبه للحنفية على الشافعي، ولا يلتفت إليه؛ فإن أبا حامد ومن هو أعلم منه وأقدم على بعد من تلك الطبقة، وما مثل الشافعي ومثل من بعده إلا كما قيل: [من الكامل] نزلوا بمكة في قبائل نوفل … ونزلت بالبيداء أبعد منزل) (3)

(1) «تاريخ بغداد» (5/ 132)، و «المنتظم» (9/ 144)، و «وفيات الأعيان» (1/ 72)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 193)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 135)، و «مرآة الجنان» (3/ 15)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 61)، و «شذرات الذهب» (5/ 37). (2) «تاريخ بغداد» (5/ 132). (3) «طبقات الفقهاء» للشيرازي (1/ 132).

1791 - [أبو علي الدقاق]

ولد الشيخ أبو حامد سنة أربع وأربعين وثلاث مائة، وقدم بغداد سنة ثلاث-أو أربع- وستين، ودرّس الفقه بها في سنة سبعين إلى أن توفي سنة ست وأربع مائة، ودفن في داره، ثم نقل إلى باب حرب في سنة عشر وأربع مائة. قال الشيخ اليافعي: (وهذا يقتضي أنه نقل بعد موته بأربع سنين، وأن جسده ما بلي، ويكون ذلك كرامة في حقه) (1). قال الخطيب: (صليت على جنازته في الصحراء، وكان الإمام في الصلاة عليه عبد الله بن المهتدي خطيب جامع المنصور، وكان يوما مشهورا بعظم الحزن وشدة البكاء وكثرة الناس) (2). 1791 - [أبو علي الدقاق] (3) أبو علي الحسن بن علي الدقاق، الشيخ الكبير، الصوفي الشهير. توفي سنة ست وأربع مائة. مذكور في الأصل. 1792 - [ابن فورك] (4) محمد بن الحسن بن فورك-بضم الفاء، وسكون الواو، وفتح الراء-الأصبهاني، الأصولي المتكلم، الأديب النحوي الواعظ، ذو التصانيف الحميدة، بلغت مصنفاته في أصول الفقه والدين ومعاني القرآن نحو مائة مصنف. وكان شديد الرد على الكرامية أصحاب أبي عبد الله بن كرام، فنمت عليه الكرامية عند السلطان محمود بن سبكتكين بما هو بريء منه، فدعاه السلطان محمود من نيسابور إلى غزنة -مدينة عظيمة في أوائل الهند من جهة خراسان-فلما تحقق السلطان براءة ساحته مما نسب إليه .. أكرمه، ورده إلى نيسابور، فدست الكرامية إليه من سمّه في الطريق، فمات

(1) «مرآة الجنان» (3/ 17). (2) «تاريخ بغداد» (5/ 133). (3) «تاريخ الإسلام» (28/ 140)، و «العبر» (3/ 95)، و «مرآة الجنان» (3/ 17)، و «شذرات الذهب» (5/ 40). (4) «وفيات الأعيان» (4/ 272)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 147)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 214)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 344)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 127)، و «شذرات الذهب» (5/ 42).

1793 - [الشريف الرضي الموسوي]

رحمه الله تعالى هناك شهيدا في سنة ست وأربع مائة، ونقل إلى نيسابور، فدفن بها، ومشهده ظاهر بنيسابور يزار ويستسقى به لنزول الأمطار، وتجاب الدعوة عنده. مذكور في الأصل. 1793 - [الشريف الرّضي الموسوي] (1) أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الحسيني الموسوي البغدادي، الشريف الرضي الشيعي، نقيب الأشراف، ذو المناقب اللطاف، ومحاسن الأوصاف. قال الثعالبي: (كان أشعر الطالبيين على كثرة شعرائهم المفلقين) (2) بفاء قبل اللام، وقاف بعده؛ أي: الدهاة الآتين بالأمر العجيب. قال الخطيب البغدادي: (سمعت أبا عبد الله الكاتب بحضرة أبي الحسن بن محفوظ يقول: سمعت جماعة من أهل العلم بالأدب يقولون: الرضي أشعر قريش، قال ابن محفوظ: هذا صحيح، وقد كان في قريش من يجيد القول، إلا أن شعره قليل، فأما مجيد مكثر .. فليس إلا الرضي) اهـ‍ (3) وديوان شعره يدخل في أربع مجلدات، ومن غرر شعره ما كتبه إلى الإمام القادر بالله أبي العباس أحمد بن المقتدر من جملة قصيدة: [من الكامل] عطفا أمير المؤمنين فإننا … في دوحة العلياء لا نتفرق ما بيننا يوم الفخار تفاوت … أبدا كلانا في المعالي معرق إلا الخلافة ميزتك فإنني … أنا عاطل منها وأنت مطوق يقال: أعرق الرجل إذا كان له عرق في الكرم، وكذلك الفرس، ويقال أيضا في اللؤم بضم اللام. ومن جيد شعره قوله: [من الكامل] رمت المعالي فامتنعن ولم يزل … أبدا يمانع عاشقا معشوق فصبرت حتى نلتهن ولم أقل … ضجرا دواء الفارك التطليق

(1) «تاريخ بغداد» (2/ 243)، و «المنتظم» (9/ 146)، و «وفيات الأعيان» (4/ 414)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 285)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 43)، و «العبر» (3/ 97)، و «شذرات الذهب» (5/ 43). (2) «يتيمة الدهر» (3/ 155). (3) «تاريخ بغداد» (2/ 243).

1794 - [ابن شاكر القطان]

أحضر الرضي وهو طفل لم يبلغ عمره عشر سنين إلى ابن السيرافي، فلقنه النحو، وقعد معه يوما في الحلقة، فذاكره بشيء من الإعراب على عادة التعليم، فقال له: إذا قلنا: رأيت عمر .. فما علامة النصب في عمر، فقال الرضي: بغض علي، فعجب السيرافي والحاضرون من حدة خاطره. يقال: إنه حفظ القرآن في مدة يسيرة، وصنف كتابا في معاني القرآن يندر وجود مثله، دل على توسعه في علم النحو واللغة، وآخر في مجازات القرآن. توفي سنة ست وأربع مائة. 1794 - [ابن شاكر القطان] (1) محمد بن أحمد بن شاكر القطان المصري، مؤلف «فضائل الشافعي». توفي سنة سبع وأربع مائة. مذكور في هامش الأصل. 1795 - [الوزير فخر الملك] (2) الوزير فخر الملك أبو غالب محمد بن علي الأهوازي، وزير بهاء الدولة وسلطان الدولة. كان من أعظم الوزراء على الإطلاق بعد أبي الفضل محمد بن العميد والصاحب ابن عباد، وكان جم الفضائل والإفضال، جزيل العطايا والنوال، واسع النعمة، فسيح مجال الهمة. مدحه أعيان الشعراء بنخب المدائح، من ذلك قول أبي نصر ابن نباتة من قصيدة: [من الوافر] لكل فتى قرين حين يسمو … وفخر الملك ليس له قرين أنخ بجنابه واحكم عليه … بما أملته وأنا الضمين

(1) «العبر» (3/ 99)، و «مرآة الجنان» (3/ 20)، و «شذرات الذهب» (5/ 48). (2) «المنتظم» (9/ 154)، و «وفيات الأعيان» (5/ 124)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 282)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 168)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 118)، و «مرآة الجنان» (3/ 20)، و «شذرات الذهب» (5/ 48).

1796 - [مرجان مولى ابن سلامة]

حكي أنه مدحه بعض الشعراء بعد هذه القصيدة، فلم يجزه بما يرضيه، فجاء إلى ابن نباتة المذكور وقال: أنت غريتني (1)، وأنا ما مدحته إلا ثقة بضمانك، فتعطيني ما يليق بمثل قصيدتي، فأعطاه من عنده شيئا رضي به، فبلغ ذلك فخر الملك، فسير لابن نباتة جملة مستكثرة. وقال فيه بعضهم: [من الوافر] أرى كبدي وقد بردت قليلا … أمات الهم أم عاش السرور أم الأيام خافتني لأني … بفخر الملك منها مستجير حكي أنه رفع إليه شخص قصة سعى فيها بهلاك آخر، فلما وقف فخر الملك عليها .. كتب في ظهرها: «السعاية قبيحة وإن كانت صحيحة، فإن كنت أجريتها مجرى النصح .. فخسرانك فيها أكثر من الربح، ومعاذ الله أن نقبل من مهتوك في مستور، ولولا أنك في خفارة شيبك .. لقابلناك بما يشبه مقالك ونردع به أمثالك، فاكتم هذا العيب، واتق من يعلم الغيب، والسلام». ومن أجله صنف ابن الحاسب كتاب «الفخري» في الجبر والمقابلة. ولم يزل فخر الملك في عزه وجاهه وحرمته إلى أن نقم عليه مخدومه سلطان الدولة المذكور بسبب فقتله، وذلك في سنة سبع وأربع مائة. وتقلد الوزارة بعده أبو محمد بن سهلان، يقال: إنه وجد في خزانة فخر الملك ألف ألف دينار ومائتا ألف دينار عينا عتيقا غير ما نهب، وسوى الغلات والعروض. 1796 - [مرجان مولى ابن سلامة] (2) مرجان مولى الحسين بن سلامة مولى رشيد مولى أبي الجيش إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن زياد الأموي. قبض على القائم من بني زياد واسمه: عبد الله وعمّته هند بنت أبي الجيش، وسلمهما إلى مولاه نفيس، فبنى عليهما جدارا وهما حيّان يناشدانه الله عزّ وجل حتى ختم عليهما،

(1) في (ق): (غررتني). (2) «وفيات الأعيان» (2/ 52)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 15)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 61).

1797 - [أبو الفضل الخزاعي]

واستبدّ بولاية زبيد (1)، فنازعه سندوله نجاح، وحصل بينهما ما سيأتي في ترجمة نجاح في العشرين الثالثة (2). توفي مرجان في سنة سبع وأربع مائة (3). 1797 - [أبو الفضل الخزاعي] (4) أبو الفضل الخزاعي محمد بن جعفر الجرجاني المقرئ. كان كثير التطواف في طلب القراءات. توفي سنة ثمان وأربع مائة. 1798 - [أبو عمر البسطامي] (5) أبو عمر البسطامي، واسمه: محمد بن الحسين الشافعي، قاضي نيسابور، وشيخ الشافعية بها. رحل وسمع الكثير، ودرس المذهب، وأملى على الطبراني، وطبقته. وتوفي سنة ثمان وأربع مائة. مذكور في الأصل. 1799 - [عطية بن سعيد] (6) عطية بن سعيد الأندلسي القفصي-بفتح القاف، وسكون الفاء، ثم صاد مهملة- أبو محمد الصوفي الزاهد.

(1) الذي استبد بولاية زبيد هو نفيس مولى مرجان. (2) لم يترجم له المؤلف رحمه الله تعالى، وانظر ترجمته وما حصل بينه وبين نفيس في «وفيات الأعيان» (2/ 52)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 14)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 61)، وانظر القصة في ترجمة الحسين بن سلامة (3/ 307). (3) في «وفيات الأعيان» (2/ 52)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 16) أن مرجان توفي سنة (412 هـ‍)، ولم نجد من ذكر وفاته سنة (407 هـ‍). (4) «تاريخ الإسلام» (28/ 179)، و «العبر» (3/ 101)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 7119)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 305). (5) «تاريخ بغداد» (2/ 244)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 320)، و «العبر» (3/ 101)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 6)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 140). (6) «تاريخ بغداد» (12/ 318)، و «جذوة المقتبس» (ص 301)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 412)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1088)، و «شذرات الذهب» (5/ 51).

1800 - [الحافظ عبد الغني بن سعيد]

حدث عن عبد الله بن محمد الباجي، وإسماعيل بن محمد بن أحمد الكشاني، وغير واحد. وكان حافظا علامة، مكثرا عن الأخيار، على مقام التوكل والكرم والإيثار، وكان زاهدا ثقة عمدة، له كتاب في تجويز السماع، تحامى أكثر المغاربة الرواية عنه بسببه. توفي سنة ثمان وأربع مائة (1). 1800 - [الحافظ عبد الغني بن سعيد] (2) عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان الأزدي الأنصاري المصري أبو محمد الحافظ الكبير النسابة. حدث عن عثمان بن محمد السمرقندي، وأحمد بن بهزاد السيرافي، وحمزة الكناني، وخلق سواهم، وروى عنه خلق، منهم محمد بن علي الصوري، وأبو إسحاق الحبّال وغيرهما. وكان حافظا متقنا، ثقة أمينا، صنف كتاب «المؤتلف والمختلف»، وكان الدارقطني يفخم أمره ويرفع ذكره ويقول: كأنه شعلة نار. قال منصور الطرسوسي: خرجنا نودع الدارقطني بمصر، فبكت الناس، فقال: تبكون وعندكم عبد الغني؟ ! وقال البرقاني: ما رأيت بعد الدارقطني أحفظ من عبد الغني. توفي سنة تسع وأربع مائة. 1801 - [الحافظ ابن مردويه] (3) أحمد بن موسى الأصبهاني أبو بكر.

(1) وقيل: سنة (403 هـ‍)، وقيل: سنة (407 هـ‍)، وقيل: سنة (409 هـ‍). (2) «المنتظم» (9/ 160)، و «وفيات الأعيان» (3/ 223)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 268)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 188)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1047)، و «شذرات الذهب» (5/ 54). (3) «المنتظم» (9/ 164)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 308)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 200)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1050)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 201)، و «شذرات الذهب» (5/ 57).

1802 - [الحاكم بأمر الله العبيدي]

حدث عن محمد بن عبد الله بن علم الصفار، وأبي سهل بن زياد القطان وغيرهما، وعنه عبد الوهاب بن منده، وأخوه عبد الرحمن بن منده. وكان إماما في الحديث، ومن مصنفاته «التاريخ» و «المستخرج على صحيح البخاري» و «التفسير المسند» للقرآن. توفي سنة عشر وأربع مائة. 1802 - [الحاكم بأمر الله العبيدي] (1) الحاكم بأمر الله أبو علي منصور بن العزيز نزار بن المعز معد العبيدي، صاحب مصر والشام والحجاز والمغرب. كان شيطانا مهيبا، خبيث النفس، متلون الاعتقاد، سفاكا للدماء، قتل عددا كثيرا من كبراء دولته صبرا، وأمر بشتم الصحابة، وكتبه على أبواب المساجد، وأمر بقتل الكلاب حتى لم يبق بمملكته منها إلا قليل، وأبطل الفقاع والملوخية والسمك الذي لا فلوس له، وأتى من باع ذلك سرا فقتلهم، ونهى عن بيع الرطب، ثم جمع منه شيئا عظيما فأحرقه، وأباد الكروم، وشدد في الخمور، وألزم أهل الذمة حمل الصلبان في أعناقهم، وأمرهم بلبس العمائم السود، وهدم الكنائس، ونهى عن تقبيل من له ديانة وأمر بالسلام فقط، وبعث إليه عامله على المغرب ينكر عليه، فأخذ في استمالته، وأمر الفقهاء ببث مذهب مالك، ونفى المنجمين من بلده، وحرم على النساء الخروج، فما زلن ممنوعات سبع سنين وسبعة أشهر حتى قتل، وتزهد وتأله على مقتضى مذهبه، ولبس الصوف، وبقي يركب الحمار، ويمر وحده في الأسواق، ويقيم الحسبة بنفسه. ويقال: إنه أراد أن يدعي الإلهية كفرعون، وشرع في ذلك، فخوفه خواصه من زوال دولته، فانتهى. وذكر الفاسي في «تاريخه» أنه كتب إلى عامله بالحجاز الشريف أبي الفتوح، وألزمه أن

(1) «المنتظم» (9/ 169)، و «وفيات الأعيان» (5/ 292)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 173)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 283)، و «العبر» (3/ 106)، و «مرآة الجنان» (3/ 25)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 77)، و «شذرات الذهب» (5/ 61).

1803 - [أبو عبد الرحمن السلمي]

يتقدم إلى المقبرة الشريفة، ويخرج الجثة الشريفة، وينقلها إلى مصر؛ ليصرف زيارة الناس إليها، فلم يجد بدا من امتثال أمره، فعزم إلى المدينة لهذا الغرض الكاسد، واجتمع أهل المدينة بالمسجد الشريف يبكون ويتضرعون، وأبو الفتوح يعتذر بأنه لا يقدر على مخالفة الحاكم في ذلك، فاتفق أن قرأ قارئ حسن الصوت {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي} {دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ} {لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ* أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً} {نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ} الآية، فحصل على الجماعة خشوع عظيم، وبكى أبو الفتوح ومن حضر، وقال أبو الفتوح: والله لأقاتلنهم على ذلك، ثم اتفق أن هبت ريح شديدة عاصفة تقلب الجمل بحمله، فقال أبو الفتوح: حصل الفرج، وأمر بكتب محضر وأنه قد هم بفعل ما أمره به الحاكم، فحصل عليهم ريح شديدة كادت تهلكهم، فلم يتمكنوا من ذلك، وأخذ عليه خطوط جماعة من أعيان أهل المدينة، وأرسل به إلى الحاكم. وبالجملة: فكان المسلمون وأهل الذمة في كرب وبلاء شديد معه، حتى إنه أوحش أخته ستّ الملك بمراسلات قبيحة وأنها تزني، فطلبت ابن دوّاس القائد وكان خائفا من الحاكم، فاتفقت معه على قتل الحاكم، وأعدمت جثته، ولم يجدوا إلا جبة الصوف قد صبغت بالدماء وقطعت بالسكاكين، وذلك في شوال سنة إحدى عشرة وأربع مائة، وأقامت أخته بعده ولده الطاهر علي بن منصور، وقتلت ابن دوّاس وسائر من اطلع على سرها، وكان عمره يوم فقد (1) ستا وثلاثين سنة. 1803 - [أبو عبد الرحمن السّلمي] (2) أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين ابن موسى السّلمي النيسابوري الصوفي، الشيخ الكبير، الولي الشهير. صحب جده أبا عمرو بن نجيد، وسمع الأصم وطبقته وكان مجودا صاحب حديث. توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة. مذكور في هامش الأصل.

(1) فقد الحاكم بأمر الله بعد أن قتل. (2) «تاريخ بغداد» (2/ 244)، و «المنتظم» (9/ 179)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 247)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 304)، و «العبر» (3/ 111)، و «شذرات الذهب» (5/ 67).

1804 - [القزاز القيرواني]

1804 - [القزاز القيرواني] (1) أبو عبد الله محمد بن جعفر التميمي النحوي المعروف بالقزاز القيرواني. كان الغالب عليه النحو واللغة، وله عدة مؤلفات، وكان العزيز بن المعز العبيدي صاحب مصر قد تقدم إليه أن يؤلف كتابا يجمع فيه سائر الحروف التي ذكر النحويون أن الكلام كله اسم وفعل وحرف جاء لمعنى، فبلغ جملة الكتاب ألف ورقة، جمع فيه المفترق في الكتب النفيسة على أقصد سبيل، وأقرب مأخذ، وأوضح طريق، وكان قد اقترح عليه أن يؤلفه على حروف المعجم على وجه لم يسبق إليه. قال ابن الجزار: وما علمت أن نحويا ألف شيئا من النحو على حروف المعجم سواه. وكان مهابا عند الملوك والعلماء والخاصة، محبوبا عند العامة، قليل الخوض إلا في علم دين أو دنيا. وله شعر مطبوع مصنوع، من ذلك قوله: [من الوافر] أما ومحل حبك في فؤادي … وقدر مكانه فيه المكين لو انبسطت لي الآمال حتى … تصيّر من عنانك في يميني لصنتك في مكان سواد عيني … وخطت عليك من حذر جفوني فأبلغ منك غايات الأماني … وآمن فيك آفات الظنون فلي نفس تجرّع كل يوم … عليك بهن كاسات المنون إذا أمنت قلوب الناس خافت … عليك خفيّ ألحاظ الجفون فكيف وأنت دنياي ولولا … عقاب الله فيك لقلت ديني ومن شعره: [من الوافر] أحين علمت أنك نور عيني … وأني لا أرى حتى أراكا جعلت مغيب شخصك عن عياني … يغيّب كلّ مخلوق سواكا توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.

(1) «معجم الأدباء» (6/ 560)، و «وفيات الأعيان» (4/ 374)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 326)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 303)، و «بغية الوعاة» (1/ 71).

1805 - [أبو سعد الماليني]

1805 - [أبو سعد الماليني] (1) أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن حفص بن الخليل أبو سعد الماليني الأنصاري، الهروي الصوفي الزاهد، طاوس الفقراء. حدث عن ابن عدي، وإسماعيل بن نجيد، وأبي الشيخ وغيرهم، وعنه تمام الرازي، والبيهقي، وعبد الغني بن سعيد المصري وغيرهم من الأئمة. وكان أحد الحفاظ الرحّالين، الثقات المتقنين. توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة. 1806 - [الحافظ غنجار] (2) محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل البخاري أبو عبد الله الملقب: غنجار. حدث عن خلف الخيام، وسهل بن عثمان السلمي وغيرهما، وعنه هناد النسفي. وكان من الحفاظ الثقات، وله «تاريخ بخارى» من أجل المصنفات. توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة. 1807 - [الحافظ أبو الفتح ابن أبي الفوارس] (3) محمد بن أحمد بن محمد بن فارس بن سهل البغدادي أبو الفتح بن أبي الفوارس. حدث عن جعفر الخلدي، والنجاد، وأبي بكر الشافعي وغيرهم، وعنه أبو سعد الماليني، والبرقاني وغيرهما. كان يملي بجامع الرصافة، وكان حافظا مكثرا، رحالا ثقة. توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (5/ 135)، و «المنتظم» (9/ 176)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 301)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 292)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 330)، و «شذرات الذهب» (5/ 65). (2) «سير أعلام النبلاء» (17/ 304)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 300)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1052)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 60)، و «شذرات الذهب» (5/ 66). (3) «تاريخ بغداد» (1/ 369)، و «المنتظم» (9/ 179)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 223)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 302)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1053)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 60).

1808 - [المفيد ابن المعلم]

1808 - [المفيد ابن المعلم] (1) المفيد ابن المعلم إمام الرافضة وعالم الشيعة. له أكثر من مائتي مصنف. كان بارعا في الكلام والفقه والجدل، وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية، ربما زاره عضد الدولة، وكان كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصيام، حسن اللباس. توفي في رمضان سنة ثلاث عشرة وأربع مائة، وشيعه ثمانون ألفا من الرافضة والشيعة، والمرجو من فضل الله وكرمه أن يكون تداركه برحمته، وتوفاه على سنته. 1809 - [الحافظ أبو الفضل ابن الجارود] (2) محمد بن أحمد بن محمد الهروي أبو الفضل الجارودي. حدث عن الطبراني، وإسماعيل بن نجيد، وحامد الرفاء وغيرهم، وعنه شيخ الإسلام الأنصاري وغيره من الأئمة. وكان دينا ورعا، ذا علم غزير. توفي سنة ثلاث عشرة وأربع مائة. 1810 - [الحافظ أبو سعيد النقاش] (3) محمد بن علي بن عمرو بن مهدي الأصبهاني الحنبلي أبو سعيد النقاش. سمع من جده لأمه أحمد بن الحسن التميمي، وأبي بكر الشافعي، وأبي إسحاق الهجيمي وغيرهم، وعنه أبو مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف وغيره.

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 449)، و «المنتظم» (9/ 186)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 344)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 332)، و «شذرات الذهب» (5/ 72). (2) «سير أعلام النبلاء» (17/ 384)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 330)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1054)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 61)، و «شذرات الذهب» (5/ 71). (3) «تاريخ أصبهان» (2/ 280)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 307)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 358)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1059)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 119)، و «شذرات الذهب» (5/ 75).

1811 - [الحافظ تمام الرازي]

وكان إماما حافظا متقنا، رحل وطوف، وجمع وصنف، وأملى الكثير. وتوفي سنة أربع عشرة وأربع مائة. 1811 - [الحافظ تمام الرازي] (1) تمام بن محمد بن عبد الله بن جعفر البجلي الرازي أبو القاسم الدمشقي الحافظ بن الحافظ. حدث عن أبيه، وخيثمة، وأبي الميمون بن راشد وغيرهم، وعنه عبد الوهاب الكلابي من شيوخه، وعبد العزيز الكتاني وغير واحد. وكان محدث الشام، وأحد الحفاظ الأعلام. توفي سنة أربع عشرة وأربع مائة. 1812 - [الحافظ الجرجرائي] (2) محمد بن إدريس ابن الحسن بن ذئب الجرجرائي، نزيل بخارى، وبها مات في سنة أربع عشرة وأربع مائة (3)، ودفن ببيكند. وكان من الحفاظ، ذكره أبو حفص عمر بن محمد النسفي في كتابه «القند في حفاظ سمرقند». 1813 - [أبو الحسن المحاملي] (4) أبو الحسن أحمد بن محمد الضبي المحاملي، نسبة إلى عمل المحامل التي يركب فيها في السفر.

(1) «سير أعلام النبلاء» (17/ 289)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 339)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1056)، و «شذرات الذهب» (5/ 73). (2) «سير أعلام النبلاء» (17/ 38)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 390)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 181)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 114)، و «شذرات الذهب» (5/ 79). (3) جميع مصادر الترجمة ذكرت وفاته في سنة (415 هـ‍)، وذكر ابن العماد في «شذرات الذهب» (5/ 79) أن ابن ناصر الدين ذكره في الحفاظ وجزم بوفاته في سنة (414 هـ‍). (4) «المنتظم» (9/ 195)، و «وفيات الأعيان» (1/ 4)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 402)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 366)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 48).

1814 - [ابن الحذاء القرطبي]

تفقه على والده، وعلى الشيخ أبي حامد الأسفراييني، وصنف «المجموع» و «المقنع» و «اللباب». توفي سنة خمس عشرة وأربع مائة. مذكور في الأصل. 1814 - [ابن الحذاء القرطبي] (1) أبو عبد الله ابن الحذاء القرطبي المالكي المحدث، مؤلف كتاب «البشرى في تعبير الرؤيا» في عشرة أسفار. تولى قضاء إشبيلية وغيرها. وتوفي سنة ست عشرة وأربع مائة. 1815 - [التهامي الشاعر] (2) أبو الحسن علي بن محمد التهامي-نسبة إلى تهامة، خطة متسعة بين الحجاز وأطراف اليمن-الشاعر المشهور. ومن شعره: [من الكامل] إني لأرحم حاسديّ لحرّ ما … ضمّت صدورهم من الأوغار نظروا صنيع الله بي فعيونهم … في جنة وقلوبهم في نار ومنه: طبعت على كدر وأنت تريدها … صفوا من الأقذاء والأكدار ومكلّف الأيام ضدّ طباعها … متطلّب في الماء جذوة نار وإذا رجوت المستحيل فإنما … تبني الرجاء على شفير هار سجن في القاهرة، ثم قتل سرا في سنة ست عشرة وأربع مائة، ورآه بعض أصحابه في

(1) «سير أعلام النبلاء» (17/ 444)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 409)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 196)، و «الديباج المذهب» (2/ 218)، و «شذرات الذهب» (5/ 84). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 378)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 381)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 404)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 116)، و «شذرات الذهب» (5/ 82).

1816 - [القفال المروزي]

النوم فقال: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، فقال: بأي عمل؟ قال: بقولي في مرثية ولدي الصغير: جاورت أعدائي وجاور ربه … شتان بين جواره وجواري 1816 - [القفال المروزي] (1) عبد الله بن أحمد أبو بكر القفال المروزي شيخ الشافعية بخراسان. توفي سنة سبع عشرة وأربع مائة. لم يكن في زمانه أفقه منه. مذكور في الأصل، ومما لم يذكر فيه أنه هو الذي صلّى بين يدي السلطان محمود الملقب: أمين الملة ويمين الدولة ابن ناصر الدولة سبكتكين ركعتين لا يجوز الشافعي الصلاة دونها، ثم ركعتين على أقل ما يجوزه الحنفي، فكان ذلك سبب انتقال السلطان من مذهب الحنفي إلى مذهب الشافعي. 1817 - [الحافظ أبو حازم النيسابوري] (2) عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه الهذلي أبو حازم النيسابوري الأعرج. حدث عن إسماعيل بن نجيد، والغطريفي، والإسماعيلي، وأمثالهم، وعنه ابن أبي الفوارس، والخطيب البغدادي، والبيهقي وغيرهم. وكان إماما مكثرا، حافظا ثقة. توفي يوم عيد الفطر سنة سبع عشرة وأربع مائة. 1818 - [الإمام أبو إسحاق الأسفراييني] (3) إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران أبو إسحاق الأسفراييني، الإمام الكبير،

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 46)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 405)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 422)، و «مرآة الجنان» (3/ 30)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 53)، و «شذرات الذهب» (5/ 87). (2) «تاريخ بغداد» (11/ 271)، و «المنتظم» (9/ 206)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 333)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 428)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1072)، و «البداية والنهاية» (12/ 461). (3) «وفيات الأعيان» (1/ 28)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 353)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 436)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 104)، و «البداية والنهاية» (12/ 465).

1819 - [الوزير المغربي]

والأستاذ الشهير، الأصولي المتكلم، الفقيه الشافعي. سمع بخراسان أبا بكر الإسماعيلي، وبالعراق أبا محمد دعلج بن أحمد السجزي، وأقرانهما، وأخذ عنه القاضي أبو الطيب الطبري، واختلف إلى مجلسه أبو القاسم القشيري، وأكثر البيهقي الرواية عنه. قيل: إنه بلغ رتبة الاجتهاد. كان يقول: أشتهي أن أموت بنيسابور حتى يصلي علي جميع أهل نيسابور، فتوفي بها في يوم عاشوراء من سنة ثمان عشرة وأربع مائة. 1819 - [الوزير المغربي] (1) الوزير أبو القاسم المغربي واسمه: الحسين بن علي. استظهر القرآن العزيز وعدة من الكتب في النحو واللغة ونحو خمسة عشر ألف بيت من مختار الشعر القديم، ونظم الشعر، وتصرف في النثر، وبلغ من الخط إلى ما يقصر عنه نظراؤه، ومن حساب المولد والجبر والمقابلة إلى ما يستقل بدونه الكاتب، وكل ذلك قبل استكماله أربع عشرة سنة. ومن شعره: [من الطويل] أرى الناس في الدنيا كراع تنكرت … مراعيه حتى ليس فيهن مرتع فماء بلا مرعى ومرعى بغير ما … وحيث ترى ماء ومرعى فمسبع ومن شعره: [من الطويل] أقول لها والعيس تحدج (2) … للسّرى أعدّي لفقدي ما استطعت من الصبر سأنفق ريعان الشبيبة واثقا … على طلب العلياء أو طلب الأجر أليس من الخسران أن لياليا … تمر بلا نفع وتحسب من عمري قال الشيخ اليافعي: (وهذا البيت الأخير ما أدري أقوله أم استعاره للتضمين؟ ! فإن

(1) «المنتظم» (9/ 212)، و «معجم الأدباء» (4/ 42)، و «وفيات الأعيان» (2/ 172)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 394)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 440)، و «مرآة الجنان» (3/ 32)، و «شذرات الذهب» (5/ 91). (2) تحدج: يشدّ عليها الحدج، وهو مركب للنساء.

1820 - [الحافظ أبو القاسم اللالكائي]

كان له .. فقد استعاره بعضهم حيث قال: [من الطويل] إذا رقد السمار أسهرت ناظري … وأنشدت بيتا وهو من أفخر الشعر أليس من الخسران أن لياليا … تمر بلا نفع وتحسب من عمري) (1) توفي سنة ثمان عشرة وأربع مائة. 1820 - [الحافظ أبو القاسم اللالكائي] (2) هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي الحافظ أبو القاسم اللالكائي الفقيه الشافعي. تفقه على الشيخ أبي حامد، وحدث عن أبي طاهر المخلص، وعيسى بن علي الوزير وغيرهما، وعنه الخطيب البغدادي، وأبو بكر الطريثيثي وغيرهما. ومن مصنفاته: «شرح السنة» في مجلدين، وكتاب «رجال الصحيحين» وكتاب «السنن». وكان حافظا فقيها نبيها. خرج إلى الدينور، فمات بها كهلا سنة ثمان عشرة وأربع مائة. 1821 - [الحافظ أبو الحسين الميداني] (3) أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر بن علي الدمشقي الميداني، محدث دمشق. حدث عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان، وادعى أنه لقي أبا علي محمد بن هارون الأنصاري، واتهم في ذلك. وكان محدثا مكثرا، كتب كثيرا من المرويات وجودها، ثم أحرقت كتبه، وروى عنه عبد العزيز الكتاني وغيره. وتوفي سنة ثمان عشرة وأربع مائة.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 32). (2) «تاريخ بغداد» (14/ 71)، و «المنتظم» (9/ 214)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 419)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 456)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1083)، و «شذرات الذهب» (5/ 92). (3) «سير أعلام النبلاء» (17/ 499)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 449)، و «العبر» (3/ 130)، و «لسان الميزان» (5/ 301)، و «شذرات الذهب» (5/ 91).

1822 - [أبو منصور الأصبهاني]

1822 - [أبو منصور الأصبهاني] (1) أبو منصور الأصبهاني الشيخ الكبير، شيخ الصوفية في زمنه. روى عن الطبري. وتوفي سنة ثمان عشرة وأربع مائة في رمضان. 1823 - [ابن الفخّار القرطبي] (2) أبو عبد الله محمد ابن الفخار القرطبي الحافظ، شيخ المالكية، وعالم الأندلس. كان زاهدا عابدا، ورعا متألها، عارفا بمذاهب العلماء، واسع الدائرة، حافظا ل‍ «المدونة» عن ظهر قلب و «النوادر» لابن أبي زيد، وكان مجاب الدعوة. قال القاضي عياض: كان أحفظ الناس، وأحضرهم علما، وأسرعهم جوابا، وأوقفهم على اختلاف العلماء وترجيح المذاهب، حافظا للأثر، مائلا إلى الحجة والنظر. توفي سنة تسع عشرة وأربع مائة. 1824 - [ابن غلبون الصوري الشاعر] (3) عبد المحسن بن محمد المعروف بابن غلبون الصوري، الشاعر المشهور، أحد البارعين الفضلاء، المجيدين الأدباء. من نظمه: [من البسيط] عندي حدائق شكر غرس جودكم … قد مسها عطش فليسق من غرسا تداركوها وفي أغصانها رمق … فلن يعود اخضرار العود إن يبسا توفي سنة تسع عشرة وأربع مائة.

(1) «تاريخ الإسلام» (28/ 454)، و «العبر» (3/ 131)، و «مرآة الجنان» (3/ 33)، و «شذرات الذهب» (5/ 92). (2) «سير أعلام النبلاء» (17/ 372)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 470)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 245)، و «مرآة الجنان» (3/ 33)، و «الديباج المذهب» (2/ 217)، و «نفح الطيب» (2/ 60). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 232)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 400)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 463)، و «البداية والنهاية» (12/ 467)، و «النجوم الزاهرة» (4/ 269)، و «شذرات الذهب» (5/ 94).

1825 - [الحسين البرذعي]

1825 - [الحسين البرذعي] (1) الحسين بن علي بن محمد بن الحسين بن طاهر بن خالد بن إدريس البرذعي الهمذاني. سكن سمرقند، وكان أحد محدثيها. قيل: كان سنوطا؛ لم يكن بوجهه شعر سوى حاجبيه وأشفار عينيه. توفي سنة عشرين وأربع مائة. 1826 - [أبو الحسن البغدادي] (2) أبو الحسن أحمد بن علي بن الحسن البغدادي. قال الخطيب: (كان ثقة من أهل القرآن والأدب والفقه على مذهب مالك) (3). توفي سنة عشرين وأربع مائة. 1827 - [الطرسوسي] (4) عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي شيخ الإقراء في الديار المصرية، وأستاذ مصنف «العنوان» (5)، وألف كتاب «المجتبى» في القراءات. توفي سنة عشرين وأربع مائة. 1828 - [الشيخ العفيف] (6) أبو محمد عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي الدمشقي المعروف بالشيخ العفيف.

(1) «شذرات الذهب» (5/ 99). (2) «تاريخ بغداد» (4/ 81)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 476)، و «مرآة الجنان» (3/ 35)، و «شذرات الذهب» (5/ 98). (3) «تاريخ بغداد» (5/ 82). (4) «تاريخ الإسلام» (28/ 481)، و «العبر» (3/ 139)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 728)، و «مرآة الجنان» (3/ 35)، و «شذرات الذهب» (5/ 100). (5) مصنف كتاب «العنوان» هو أبو طاهر إسماعيل بن خلف الأندلسي المتوفى سنة (455 هـ‍). (6) «سير أعلام النبلاء» (17/ 366)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 482)، و «العبر» (3/ 139)، و «شذرات الذهب» (5/ 100).

1829 - [الأمير المسبحي]

قال أبو الوليد: كان خيرا من ألف مثله إسنادا وإتقانا وزهدا مع تقدمه. توفي سنة عشرين وأربع مائة. 1829 - [الأمير المسبّحي] (1) الأمير عز الملك محمد بن عبيد الله بن أحمد الحراني الأديب العلامة، صاحب التصانيف. له كتاب «القضايا الصائبة في التنجيم» في ثلاثة آلاف ورقة، وكتاب «درك البغية» في وصف الأديان والعبادات في ثلاثة آلاف وخمس مائة ورقة، وكتاب «التلويح والتصريح في الشعر» في ثلاثة مجلدات، وكتاب «تاريخ مصر» وكتاب «أنواع الجماع» في أربع مجلدات، وغير ذلك من السخافات، وكان رافضيا. توفي سنة عشرين وأربع مائة. 1830 - [الأمير المسبّحي] (2) الأمير عز الملك محمد بن أبي القاسم الكاتب، الحراني الأصل، المصري المولد، صاحب «التاريخ» المشهور وغيره من المصنفات. رزق حظوة في التصانيف، وكان مع ما فيه من الفضائل على زي الأجناد، واتصل بخدمة الحاكم العبيدي صاحب مصر، ونال سعادة في الدنيا، وبلغ «تاريخه» ثلاث عشرة ألف ورقة، وله عدة تصانيف أخرى، وشعر حسن، من ذلك أبيات رثى بها أم ولده وهي: [من الطويل] ألا في سبيل الله قلب تقطعا … وفادحة لم تبق للعين مدمعا أصبرا وقد حل الثرا من أوده … فلله هم ما أشد وأوجعا فيا ليتني للموت قدّمت قبلها … وإلا فليت الموت أذهبنا معا توفي سنة عشرين وأربع مائة، هكذا في «تاريخ اليافعي» وصف كلا من هذا والذي

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 377)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 361)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 490)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 7)، و «مرآة الجنان» (3/ 36)، و «شذرات الذهب» (5/ 101). (2) هو صاحب الترجمة السابقة، وقد بين المصنف رحمه الله تعالى في آخر هذه الترجمة سبب إعادتها.

1831 - [إبراهيم ابن أبي عباد]

قبله بالأمير عز الملك (1)، وأظنهما واحدا، وإنما اقتصر في الأول على اسم الأب، وفي الثاني على كنيته، فليحقق ذلك (2)، والله سبحانه أعلم. 1831 - [إبراهيم ابن أبي عباد] (3) إبراهيم بن محمد بن أبي عباد الأديب الفاضل النحوي. كان إماما بارعا في النحو، ارتحل الناس إليه وإلى عمه الحسن للاشتغال بالنحو، فاستفاد الناس منهما. وله مؤلفات حسنة، منها «تلقين المتعلم» كتاب مفيد، والمختصر المنسوب إليه المعروف ب‍ «مختصر إبراهيم» يقال: اختصره من «كتاب سيبويه». ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ لقول الجندي: (إنه كان موجودا آخر المائة الرابعة وأول المائة الخامسة) (4) والله سبحانه أعلم، وقبره في التربة الشريفة من ذي أشرق. 1832 - [أيوب ابن كديس] (5) أيوب بن محمد بن كديس-بضم الكاف، وفتح الدال المهملة، وسكون المثناة تحت، ثم سين مهملة-أبو الخير. كان فقيها فاضلا، مباركا مشهورا، تفقه بالقاسم بن محمد الجمحي، وسمع من الحافظ عبد بن أحمد الهروي بمكة سنة سبع وأربع مائة كثيرا من مسموعاته. وكان يقرئ العلم، ويقري الطعام، ويقوم بكفاية من قصده من الطلبة، وكان ينادى له بالموسم: من أراد الورق والورق والسماع العالي .. فعليه بأيوب بن محمد بن كديس إلى

(1) «مرآة الجنان» (3/ 36). (2) نعم؛ عز الملك هو محمد بن أبي القاسم عبيد الله، فهما واحد. (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 114)، و «معجم الأدباء» (1/ 160)، و «السلوك» (1/ 248)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 38)، و «تحفة الزمن» (1/ 178)، و «بغية الوعاة» (1/ 426). (4) «السلوك» (1/ 248). (5) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 97)، و «السلوك» (1/ 237)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 250)، و «تحفة الزمن» (1/ 171)، و «هجر العلم» (3/ 1280).

1833 - [الحسن بن أبي عباد]

قلعة ظبا من أرض اليمن، وظبا-بضم الظاء المعجمة، وفتح الموحدة، ثم ألف-قرية من الجند فيما بين السفال وسهفنة معروفة بكثرة الفقهاء، وبها جامع يقصد للتبرك يقال: إنه بني على زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبأمره، وفيه جب للماء من ذلك الزمن. قال الجندي: (توفي الفقيه المذكور تقريبا على رأس عشر وأربع مائة) (1). 1833 - [الحسن بن أبي عباد] (2) الحسن بن أبي عباد النحوي أبو محمد، إمام النحاة في قطر اليمن، وإليه وإلى ابن أخيه إبراهيم كانت الرحلة في طلب النحو. وكان فاضلا مشهورا، ومختصره الذي صنفه في النحو يدل على فضله ومعرفته، وفيه بركة ظاهرة، يقال: إنه ألفه في الحرم الشريف تجاه الكعبة المعظمة، وكان كلما فرغ من باب منه .. طاف أسبوعا ودعا لقارئه، وغالب فقهاء اليمن لا يستفتحون قراءة النحو إلا به؛ لبركته وسهولة ألفاظه وقرب عبارته، وقرأه على مؤلفه عدة من الناس، منهم الفقيه عمر بن إسماعيل بن يوسف بن علقمة. وكان الحسن إذا تكلم بين العامة .. لا يتكلف الإعراب، فإذا سمعه من لا يعرفه .. يقول: ما عرف هذا من النحو شيئا، فعاتبه بعض أصحابه في ذلك، فقال: [من المتقارب] لعمرك ما اللحن من شيمتي … ولا أنا من خطأ ألحن ولكن عرفت لغات الرجال … فخاطبت كلا بما يحسن ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لقول الجندي: (إنه كان موجودا آخر المائة الرابعة وأول الخامسة (3)). 1834 - [عبد الوهاب ابن عنبسة] (4) عبد الوهاب بن إبراهيم بن محمد بن عنبسة أبو الخطاب العدني.

(1) «السلوك» (1/ 237). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 114)، و «معجم الأدباء» (3/ 186)، و «السلوك» (1/ 248)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 400)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 326)، و «تحفة الزمن» (1/ 178)، و «بغية الوعاة» (1/ 500). (3) «السلوك» (1/ 248). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 70)، و «السلوك» (1/ 216)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 172)، و «تحفة الزمن» -

1835 - [علي ابن شيبان]

كان فقيها فاضلا مشهورا، أخذ «سنن أبي قرة» عن المغيرة العدني، وامتحن بقضاء عدن؛ فلذلك عرف بالعدني وإلا .. فأصله من أبين من قرية الطرية، وكان من الرواة المعدودين، والعلماء المشهورين. رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام فقال له: يا رسول الله؛ قال الله تبارك وتعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ، } وروينا عنك أنك قلت: ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فإذا سامحنا الله في الصغيرة، وشفعت أنت لنا في الكبيرة .. فنحن إذا نرجو من الله الرحمة، فقال له صلّى الله عليه وسلم: هو كذلك. قال الشيرازي: وسمعته يقول: رأيت في «تفسير النقاش» عن حميد عن أنس: ثلاثة تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام، فسألته وقلت: من هم يا رسول الله؟ قال: من فرج عن مكروب من أمتي، وأحيا سنتي، وأكثر الصلاة علي، صلّى الله عليه وسلم. توفي المذكور نحو العشرين وأربع مائة تقريبا. 1835 - [علي ابن شيبان] (1) علي بن محمد بن شيبان القاضي. كان فقيها نبيها، مجودا فاضلا ورعا، عارفا بكثير من العلوم، أخذ النحو عن جماعة من الفضلاء، منهم الإمام إبراهيم بن أبي عباد صاحب «المختصر الإبراهيمي». ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة شيخه. 1836 - [محمد الحميري] (2) محمد بن الحسن بن محمد بن عبد الله بن محمد الكلاعي الحميري. كان أوحد فضلاء عصره، فقيها نبيها، نحويا لغويا، عارفا بالسير والتواريخ

= (1/ 158)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 129)، و «هجر العلم» (3/ 1259). (1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 164)، و «السلوك» (1/ 291)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 341)، و «تحفة الزمن» (1/ 217). (2) «طراز أعلام الزمن» (3/ 141)، و «مصادر الفكر الإسلامي في اليمن» (ص 474).

والأنساب، وأيام العرب والعجم، وحروب الجاهلية ووقائعها، والمناقب والمثالب، شاعرا فصحيا مترسلا، وهو صاحب القصيدة المشهورة بالكلاعية، نسبة إليه، ذكر فيها شيئا كثيرا من المناقب والمثالب والفخر، وذكر فيها عددا كثيرا من أشراف قحطان وكبرائهم، وملوكهم ووزرائهم وسلاطينهم، وعلمائهم وشعرائهم، وأودعها من مثالب عدنان ما أودعها، وسماها: «القاصمة»، وهي أكثر من ألف بيت، وأولها: [من الوافر] أبت دمن المنازل أن تبينا … إجابة سائلين معرجينا أجاب بها القصيدة العدوية التي ذكر فيها صاحبها شيئا كثيرا من مناقب عدنان ومثالب قحطان، وتسمى: «الدامغة»، وأولها: [من الوافر] طربت وقد هجرت اللهو حينا … وهاج لي الدوا داء دفينا وأول من فتح باب المدح والهجاء بين عدنان وقحطان الكميت بن زيد الأسدي كما ذكرنا ذلك في آخر المائة السابقة في ترجمة الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني (1)، وكان الفضل بن باروخ الرومي مولى الأمير إسحاق بن إبراهيم بن زياد هجا حمير بقصيدة، فأجابه الكلاعي. وللكلاعي المذكور قصيدة طويلة رائية تزيد على ثلاث مائة بيت، تشتمل على أنساب حمير ومفاخرها، وأيامها ومآثرها، وملوكها وأقيالها، وفرسانها وأبطالها، وقبائلها وبطونها، وأفخاذها وعيونها، سماها: «ذات الفنون»، يقول في أولها: [من الطويل] خليلي هل ربع بخفقان مقفر … يرقّ لشكوى ذي الجوى ويخبّر وكان إنشاده لهذه القصيدة في قصر كحلان من أهل ذي رعين، وذلك في صفر سنة أربع وأربع مائة. ولم أقف على تاريخ وفاته. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ***

(1) لم يترجم له المؤلف رحمه الله تعالى، وانظر ترجمته في «طراز أعلام الزمن» (1/ 314).

الحوادث

الحوادث السنة الأولى بعد الأربع مائة فيها: أقام صاحب الموصل قرواش-بكسر القاف، وسكون والراء، [ثم واو]، وبعد الألف شين معجمة-ابن مقلّد-بفتح اللام-الدعوة ببلده للحاكم بن العزيز العبيدي الباطني صاحب مصر؛ لأن رسل الحاكم تكررت إليه، وأرغمه بالمال حتى أفسده، فخطب له، ثم سار قرواش إلى الكوفة، فخطب بها للحاكم، وبالمدائن كذلك، وأمر خطيب الأنبار بذلك، فهرب، وأظهر قرواش صفحة الخلاف، وعاث وأفسد، فأرسل الخليفة القادر بالله إلى الملك بهاء الدولة مع الإمام أبي بكر الباقلاني، فقال بهاء الدولة: قد كاتبنا أبا علي عميد الجيوش في ذلك، ورسمنا بأن ننفق في العسكر مائة ألف دينار، وإن دعت الحاجة إلى مجيئنا .. قدمنا، ثم إن قرواش خاف الغلبة، فأرسل يعتذر، وأعاد الخطبة العباسية (1). وفيها: توفي أبو علي الحسين بن أبي جعفر الملقب عميد الجيوش، والعالم الكبير أبو عمر أحمد بن عبد الملك الإشبيلي المالكي، والإمام أحمد بن محمد الهروي صاحب كتاب «الغريبين»، وأبو عمر أحمد بن محمد القرطبي الأموي مولاهم، وعبد العزيز بن محمد بن نعمان قاضي العبيديين وابن قاضيهم وحفيد قاضيهم، وأبو الحسن محمد بن الحسين العلوي النيسابوري. وفيها: عصى أبو الفتح الحسن بن جعفر العلوي على الحاكم، ودعا إلى نفسه، وتلقب بالراشد بالله (2). *** السنة الثانية فيها: فتح السلطان محمود بن سبكتكين المولتان من بلاد الهند (3).

(1) «المنتظم» (9/ 115)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 571)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 5)، و «العبر» (3/ 75)، و «شذرات الذهب» (5/ 7). (2) «المنتظم» (9/ 118)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 8). (3) «الكامل في التاريخ» (7/ 541)، وقد ذكر هذه الحادثة في سنة (396 هـ‍).

السنة الثالثة

وفيها: كتب محضر ببغداد في القدح في النسب الذي يدعيه خلفاء مصر العبيديون وفي عقائدهم، وأنهم زنادقة منسوبون إلى الخرمية-بضم الخاء، وفتح الراء، وكسر الميم، وفتح المثناة من تحت مشددة، وفي آخره هاء-إخوان الكافرين، شهادة يتقرب بها إلى الله رب العالمين، وأن الناجم بمصر وهو منصور بن نزار الملقب بالحاكم حكم الله عليه بالبوار، مع كلام طويل قال فيه: لما صار الملقب بالمهدي إلى المغرب .. تسمّى بعبيد الله، وتلقب بالمهدي، وهو ومن تقدمه من سلفه الأنجاس أدعياء خوارج لا نسب لهم في ولد علي رضي الله عنه، وقد كان هذا الإنكار شائعا بالحرمين، ولا نعلم أحدا من الطالبيين توقف عن إطلاق القول في هؤلاء الخوارج أنهم أدعياء، وأن هذا الناجم بمصر وسلفه كفار فساق، لمذهب الثّنويّة والمجوسية معتقدون، قد عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وسفكوا الدماء، وسبّوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية، وكتب في ربيع الآخر سنة اثنتين وأربع مائة. وكتب كثير في المحضر، منهم الشريف المرتضى، وأخوه الشريف الرضي، وجماعة من كبار العلوية، والقاضي أبو محمد بن الأكفاني، والإمام أبو حامد الأسفراييني شيخ الشافعية، والإمام أبو الحسين القدوري شيخ الحنفية، وخلق سواهم (1). وفيها: توفي أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد الأندلسي، والإمام أبو الحسين ابن اللبان الفرضي، والقاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الله الجعفي الحنفي، وعلي بن داود الداراني، وعلي بن أحمد السامريّ الرفّاء، ومحمد بن أحمد ابن جميع. *** السنة الثالثة فيها: أخذ الركب العراقي (2). وفيها: توفي الإمام القاضي أبو عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي الجرجاني البخاري الشافعي، والقاضي أبو عبد الله شيخ الحنابلة وصاحب المصنفات في أنواع مختلفات، وأبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي القرطبي المعروف بابن الفرضي، وناصر

(1) «المنتظم» (9/ 121)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 585)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 11)، و «العبر» (3/ 78)، و «شذرات الذهب» (5/ 10). (2) «المنتظم» (9/ 127)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 15)، و «العبر» (3/ 84)، و «شذرات الذهب» (5/ 16).

السنة الرابعة

السنة وقامع البدعة القاضي أبو بكر محمد بن الطيب المعروف بابن الباقلاني، الأصولي المتكلم، المالكي الأشعري، المجدد دين الأمة على رأس الأربع مائة كما صححه الشيخ عبد الله اليافعي. وفيها: توفي الأمير شمس المعالي أبو الحسن قابوس بن أبي طاهر وشمكير الجيلي أمير جرجان وبلاد الجيل وطبرستان، وقام ولده أبو منصور مقامه. وفيها: توفي أبو علي الروذباري، وأبو الحسن القابسي، وأبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي شيخ الحنفية. *** السنة الرابعة فيها: توفي الإمام أبو الطيب سهل بن الإمام أبي سهل الصعلوكي، أحد المجددين على ما قيل، وأبو الفرج النهرواني على خلاف فيه، وقد تقدم في سنة تسعين وثلاث مائة إن يكن هو المعافى بن زكريا (1). وفيها: توفي الإمام أبو الفضل أحمد بن علي البخاري البيكندي. *** السنة الخامسة فيها: توفي الإمام يوسف بن أحمد الدينوري المعروف بأبي القاسم ابن كج، والواعظ الزاهد أبو القاسم بكر بن شاذان، والقاضي أبو محمد عبد الله بن محمد الأسدي المعروف بابن الأكفاني، وولي قضاء القضاة بعده أبو الحسن ابن أبي الشوارب البصري، وعبد العزيز بن عمر بن نباتة الشاعر التميمي السعدي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم ابن البيّع النيسابوري الإمام الحافظ الشهير، وأحمد ابن فراس العبقسي، وابن الصلت المجبّر، وأبو سعد الإدريسي، وأبو بكر بن أبي الحديد. ***

(1) لا خلاف فيهما؛ إذ هما اثنان: الأول المتوفى سنة (390 هـ‍) هو المعافى بن زكريا أبو الفرج النهرواني، والثاني المتوفى سنة (404 هـ‍) هو عبد الملك بن بكران أبو الفرج النهرواني أيضا، وكل ما هنالك أنهما اتفقا في الكنية والنسبة معا.

السنة السادسة

السنة السادسة فيها: توفي الإمام أبو حامد الأسفراييني واسمه: أحمد بن أبي الطاهر محمد بن أحمد الأسفراييني الفقيه الشافعي، والشيخ الكبير أبو علي الحسن بن علي الدقاق النيسابوري، والإمام محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني المتكلم الأصولي، والسيد الشريف الرضي أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الحسيني الموسوي البغدادي الشيعي نقيب الأشراف، ولما مات .. تقلد أخوه أبو القاسم المرتضى ما كان إليه من النقابة والحج والمظالم، وأبو يعلى المهلّبي، وأبو أحمد الفرضي. *** السنة السابعة فيها: سقطت القبة العظيمة التي على صخرة بيت المقدس (1). وفيها: هاجت فتنة مهولة بواسط بين الشيعة وأهل السنة، ونهبت دور الشيعة وأحرقت، وهربوا وقصدوا علي بن مزيد، واستنصروا به (2). وفيها: ملك السلطان محمود بن سبكتكين خوارزم، ونقل أهلها إلى الهند (3). وفيها: كانت وقعة بفارس بين سلطان الدولة أبي شجاع وأخيه أبي الفوارس، انهزم فيها أبو الفوارس بعد أن كان دخل شيراز وملكها (4). وفيها: توفي الحافظ أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي مصنف كتاب «الألقاب»، ومحمد بن أحمد بن شاكر القطان المصري مؤلف كتاب «فضائل الشافعي»، وأبو الحسين المحاملي محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل الضبي البغدادي الفقيه الشافعي الفرضي شيخ سليم الرازي، والوزير فخر الملك أبو غالب محمد بن علي الأهوازي وزير بهاء الدولة وسلطان الدولة. ***

(1) «المنتظم» (9/ 151)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 640)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 25)، و «العبر» (3/ 98)، و «شذرات الذهب» (5/ 47). (2) «المنتظم» (9/ 151)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 640)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 25). (3) «المنتظم» (9/ 151)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 26). (4) «المنتظم» (9/ 151)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 638)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 26).

السنة الثامنة

السنة الثامنة فيها: وقعت فتنة عظيمة بين السنة والشيعة وتفاقمت، وقتل طائفة من الفريقين، وعجز صاحب الشرطة عنهم، وقاتلوه، فأطلق النيران في سوق نهر الدجاج (1). وفيها: استتاب القادر بالله-وكان صاحب سنة-طائفة من المعتزلة والرافضة، وأخذ خطوطهم في التوبة، وبعث إلى السلطان في ذلك الوقت ببث السنة بخراسان، ففعل ذلك وبالغ، وقتل جماعة، ونفى خلقا كثيرا من المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والجهمية والمشبهة، وأمر بلعنهم على المنابر (2). وفيها: قتل الدّرزي وقطع؛ لكونه ادعى الربوبية للحاكم العبيدي الباطني (3). وفيها: توفي أبو الفضل الخزاعي محمد بن جعفر الجرجاني المقرئ، وأبو عمر محمد بن الحسين البسطامي الشافعي، وأبو الحسن ابن ثرثال، وأبو محمد ابن البيّع، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني. وفيها: هرب الملك أبو الفوارس إلى خراسان، ثم عاد إلى البطيحة (4). وفيها: مات أبو الحسن علي بن مزيد، وقام ابنه أبو الأغرّ دبيس مقامه (5). *** السنة التاسعة فيها: دخل سلطان الدولة بغداد (6). وفيها: مات أبو الحسن علي بن نصر صاحب البطيحة، وقبض العسكر ابنه أحمد قبل

(1) «المنتظم» (9/ 155)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 649)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 28)، و «العبر» (3/ 100)، و «شذرات الذهب» (5/ 50). (2) «المنتظم» (9/ 155)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 649)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 27)، و «العبر» (3/ 100)، و «شذرات الذهب» (5/ 50). (3) «تاريخ الإسلام» (28/ 28)، و «العبر» (3/ 100)، و «شذرات الذهب» (5/ 50). (4) «الكامل في التاريخ» (7/ 639). (5) «المنتظم» (9/ 157)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 648). (6) «المنتظم» (9/ 159)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 29).

السنة العاشرة

موته بيوم، وتقلدها أبو عبد الله الحسين بن بكر الشّرابي [بعد ابن أخت علي بن نصر أبو محمد الذي تولى البطيحة ثلاثة أشهر] (1). وفيها: مات الغالب ولي عهد القاهر، والحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري صاحب التصانيف النافعة، وابن الصلت أحمد بن محمد الأهوازي، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، نزيل نيسابور، من كبار الصوفية وثقات المحدثين، وأبو الحسين بن المتيّم. *** السنة العاشرة فيها: افتتح السلطان محمود بن سبكتكين ناصر الدولة الهند، وأسلم نحو من عشرين ألفا، وقتل من الكفار نحو خمسين ألفا، وهدم مدينة الأصنام، وبلغ الخمس من الرقيق فقط ثلاثة وخمسين ألفا، واستولى على عدة قلاع وحصون، وكان جيشه ثلاثين ألف فارس سوى الرجالة والمتطوعة، ولم يزل يفتح في بلاد الهند إلى حيث لم يبلغه في الإسلام راية، ولما فتح بلاد الهند .. كتب كتابا إلى بغداد يذكر فيه ما فتح الله على يديه من بلاد الهند وأنه كسر الصنم المشهور بسومنات، وطهرها من أرجاس الشرك، وبنى بها مساجد وجوامع، وتفصيل حاله في الحروب والفتح يطول شرحه، وذكر في كتابه أن هذا الصنم عند الهنود يحيي ويميت، ويفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، ويبرئ من العلل، وربما كان ينفق لشقوتهم برء عليل يقصده، فيوافقه طيب الهواء وكثرة الحركة، فيزيدون به افتتانا، ويقصدونه من أقاصي البلاد رجالا وركبانا، ومن لم يصادف منهم انتعاشا .. احتج بالذنب وقال: إنه لم يخلص له الطاعة، فلم يستحق منه الإجابة. ويزعمون: أن الأرواح إذا فارقت الأجسام .. اجتمعت لديه على مذهب أهل التناسخ، وينشئها فيمن شاء، وأن مد البحر وجزره عبادة له على قدر طاقته، وكانوا بحكم هذا الاعتقاد يحجونه من كل صقع بعيد، ويأتونه من كل فج عميق، ويتحفونه بكل مال نفيس، لم يبق في بلاد الهند والسند على تباعد أقطارها وتفاوت أديانها ملك ولا سوقة إلا وقد تقرب إلى هذا الصنم بما عز عليه من أمواله وذخائره، حتى بلغت أوقافه عشرة آلاف قرية في تلك البقاع، وامتلأت خزائنه من أصناف الأموال، وفي خدمته من البراهمة ألف رجل يخدمونه، وثلاث مائة رجل يحلقون رءوس حجاجه ولحاهم عند الورود إليه، وثلاث مائة

(1) «المنتظم» (9/ 160)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 647)، و «البداية والنهاية» (12/ 443).

السنة الحادية عشرة

رجل وخمس مائة امرأة يغنون ويرقصون عند بابه، ويجرى من الأوقاف المرصدة له لكل طائفة من هؤلاء رزق معلوم، وكان بين المسلمين وبين القلعة التي فيها الصنم المذكور مسيرة شهر في مفازة موصوفة بقلة الماء وصعوبة المسالك واستيلاء الرمل على طرقها، وسار إليها السلطان محمود في العدد المذكور مختارا له من عدد كثير، وأنفق عليهم من الأموال ما لا يحصى، فلما وصلوا إلى القلعة .. وجدوها حصنا منيعا، ففتحوها في ثلاثة أيام، ودخلوا بيت الصنم، وحوله من أصنام الذهب المرصعة بأنواع الجواهر عدة كثيرة محيطة بعرشه يزعمون أنهم الملائكة، فأحرق المسلمون الصنم، ووجدوا في أذنه نيفا وثلاثين حلقة، فسألهم محمود عن ذلك فقالوا: كل حلقة عبادة ألف سنة، فكلما عبدوه ألف سنة .. علقوا في أذنه حلقة، وذكروا من أخبار هذا الصنم هذيانا يطول ذكره (1). وفيها: توفي ابن مردويه، وأبو عمر ابن مهدي، وعبد الرحمن بن محمد ابن بالويه، وابن محمش، وأبو الحسن محمد بن أسد البغدادي الكاتب شيخ ابن البواب، سمع النّجّاد، وعنه الخطيب. *** السنة الحادية عشرة فيها: كان الغلاء المفرط بالعراق حتى أكلوا الكلاب (2). وفيها: مات الحاكم بأمر الله أبو علي منصور بن العزيز نزار بن المعز معد العبيدي، صاحب مصر والشام والحجاز والمغرب. وفيها: توفي أبو نصر ابن حسنون، وعلي بن أحمد الخزاعي البلخي. *** السنة الثانية عشرة فيها: قبض قرواش بن المقلّد على أبي القاسم المغربي الوزير وعلى أبي القاسم سليمان بن فهد، فقتل سليمان نفسه، وأما الوزير المغربي .. فأطلقه قرواش (3).

(1) «المنتظم» (9/ 163)، و «وفيات الأعيان» (5/ 178)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 33)، و «العبر» (3/ 103)، و «البداية والنهاية» (12/ 444)، و «شذرات الذهب» (5/ 56). (2) «المنتظم» (9/ 173)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 243)، و «شذرات الذهب» (5/ 61). (3) «المنتظم» (9/ 176)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 664)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 246).

السنة الثالثة عشرة

وفيها: توفي الشيخ الكبير الحافظ أبو عبد الرحمن السلمي واسمه: محمد بن الحسين ابن موسى النيسابوري، وأبو عبد الله محمد بن جعفر التميمي النحوي المعروف بالقزاز القيرواني، وأبو سعد أحمد بن محمد الماليني، وعبد الجبار الجرّاحي، ومحمد بن أحمد غنجار، وابن رزقويه، وأبو الفتح ابن أبي الفوارس، ومنير بن أحمد بمصر. *** السنة الثالثة عشرة فيها: تقدم بعض الباطنية من المصريين إلى الحجر الأسود، فضربه بدبوس ثلاث ضربات وقال: إلى متى يعبد هذا الحجر، ولا محمد ولا علي يمنعني مما أفعله، فإني اليوم أهدم هذا البيت، وكان أحمر أشقر، جسيما طويلا، وكان على باب المسجد عشر فوارس ينصرونه، فتحاماه الحاضرون حتى كاد يفلت، فاحتسب رجل من السكاسكة من أهل اليمن، فوجأه بخنجر، وتكاثر الناس عليه، فهلك وأحرق، وقتل جماعة ممن اتهم بمعاونته، واختبط الوفد، ومال الناس على ركب المصريين بالنهب، وتخشن وجه الحجر، وتساقط منه شظايا يسيرة، وتشقق، وظهر مكسره أسمر يضرب إلى صفرة محببا مثل الخشخاش، فعجن الفتات بالمسك، وحشيت الشقوق، وطليت بفضة، فهو بين لمن تأمله (1). وفيها: توفي عالم الشيعة وإمام الرافضة المعروف بالمفيد ابن المعلم، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وأبو الحسن علي بن هلال ابن البواب الخطاط، كذا ذكره الذهبي وغيره (2)، وذكره اليافعي في سنة ثلاث وعشرين (3)، ولعل الصواب ما ذكره الذهبي (4)، فقد ذكره غيره في سنة اثنتي عشرة. ***

(1) «المنتظم» (9/ 183)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 675)، وقد ذكر هذه الحادثة في سنة (414 هـ‍)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 247)، و «العبر» (3/ 112)، و «البداية والنهاية» (12/ 451). (2) انظر «تاريخ الإسلام» (28/ 325)، و «العبر» (3/ 115)، و «البداية والنهاية» (12/ 452). (3) «مرآة الجنان» (3/ 42)، وستأتي ترجمته في وفيات سنة (423 هـ‍) تبعا لليافعي، انظر (3/ 363). (4) وعليه أكثر المؤرخين.

السنة الرابعة عشرة

السنة الرابعة عشرة فيها: توفي الشيخ أبو الحسن ابن جهضم الهمداني، شيخ الصوفية بالحرم الشريف، ومؤلف كتاب «بهجة الأسرار»، والحافظ ابن الحافظ أبو القاسم بن محمد البجلي الرازي الدمشقي، والقاضي عبد الجبار بن أحمد (1)، من رءوس أئمة المعتزلة وشيوخهم، صاحب التصانيف، والخلاف العنيف، وأبو سعيد النقاش واسمه: محمد بن علي بن عمرو بن مهدي، ومحمد بن إدريس بن الحسن الجرجرائي، والغضائري، وعلي بن ميله، وأبو عمر الهاشمي، وهلال الحفار، ويحيى المزكّي. *** السنة الخامسة عشرة فيها: توفي الإمام أبو الحسن أحمد بن محمد الضبي المحاملي، وأبو العباس ابن الحاج، وأبو الحسن العيسويّ، وأبو الحسين ابن بشران، وأبو الحسين ابن الفضل القطان. *** السنة السادسة عشرة فيها: انتشر العيارون ببغداد، وخرقوا الهيبة، وواصلوا العملات والقتل، وأخذوا الناس نهارا، وكانوا يمشون بالليل بالشمع والمشاعل، ويكبسون البيوت، ويأخذون أصحابها، ويعذبونهم إلى أن يقروا لهم بذخائرهم، وأحرقوا دار الشريف المرتضى، ولم يخرج فيها ركب من بغداد (2). وفيها: نودي في بغداد بشعار جلال الدولة، وقد أصعد من البصرة إلى واسط بمراسلة الأتراك، فانحدروا لإعادته، فلقوه وقد انتهى إلى السّيب من أعمال النهروان، فردوه فلم يرجع حتى رموه بالنشاب، ونهب الأتراك بعض خزائنه، فعاد إلى البصرة، وتبعوه إلى واسط (3).

(1) القاضي عبد الجبار توفي سنة (415 هـ‍)، فحقه أن يذكر في السنة التي بعد هذه. (2) «المنتظم» (199/ 9 - 200)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 690)، و «العبر» (3/ 105)، و «البداية والنهاية» (12/ 458). (3) «المنتظم» (9/ 199)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 688)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 255)، و «البداية والنهاية» (12/ 458).

السنة السابعة عشرة

وفيها: توفي أبو عبد الله ابن الحذاء القرطبي المالكي المحدث، وأبو الحسن علي بن محمد التهامي الشاعر المشهور، وأبو محمد النحاس. *** السنة السابعة عشرة فيها: هجم الجند على الكرخ، فنهبوه وأحرقوا الأسواق، فوقعت الرعاع في النهب، وأشرف الناس على التلف، فقام المرتضى، وطلع إلى الخليفة، وتكلم في القضية، ثم ضبطت محال بغداد، وشرعوا في المصادرات، واتسعت المصادرات حتى بسط على الكرخ خاصة مائة ألف دينار (1). وفيها: قبض جلال الدولة على وزيره أبي سعد بن ماكولا، ومات في اعتقاله، واستوزر أبا علي بن ماكولا (2). وفيها: توفي الإمام أبو بكر القفال المروزي واسمه: عبد الله بن أحمد شيخ الشافعية بخراسان، والحافظ أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي المسعودي النيسابوري، وعبد الله بن يحيى السّكّري، وعمر بن أحمد العكبري، وأبو نصر بن الجندي، والحمامي. *** السنة الثامنة عشرة فيها: وصل السلطان جلال الدولة أبو طاهر إلى بغداد، ولقيه القادر في طيارة (3). وفيها: توفي الإمام الكبير أبو إسحاق الأسفراييني إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الأصولي المتكلم الفقيه الشافعي، والوزير المغربي الحسين بن علي، والحافظ أبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي الطبري الفقيه الشافعي، وأبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر المعروف بالميداني محدث دمشق، والشيخ الكبير أبو منصور الأصبهاني شيخ الصوفية في زمانه. ***

(1) «المنتظم» (9/ 203)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 693)، و «البداية والنهاية» (12/ 460). (2) «المنتظم» (9/ 204)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 696)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 259). (3) «المنتظم» (9/ 210)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 701)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 260).

السنة التاسعة عشرة

السنة التاسعة عشرة فيها: كان السلطان جلال الدولة ببغداد، فتحالفت عليه الأمراء وكرهوه؛ لتوفره على اللعب، وطالبوه بجامكيتهم، فأخرج لهم من المصاغ وغيره ما قيمته أكثر من مائة ألف، فلم يرضهم، فنهبوا دار الوزير علي بن ماكولا ودور الحواشي، وسقطت الهيبة، ودب النهب في الرعية، وحصروا الملك جلال الدولة، ثم ترددت الرسل بينهم على أن يمكنوه من الانحدار إلى البصرة، فأجابوه إلى ذلك، ثم وقعت صيحة، فوثب وفي يده طبر (1)، وهو الحديد الماضي الذي يحمل بين يدي الملوك، وصاح فيهم، فلانوا له، وقبلوا الأرض وقالوا: اثبت، فأنت السلطان، فنادوا بشعاره، فأخرج لهم متاعا كثيرا فبيع، ولم يف بمقصودهم، ولم يحج ركب بغداد في هذه السنة (2). وفيها: توفي الحافظ أبو عبد الله محمد ابن الفخار القرطبي شيخ المالكية وعالم الأندلس، وعبد المحسن بن محمد المعروف بابن غلبون الصوري الشاعر المشهور، وأبو الحسين ابن العالي، وعلي بن أحمد بن محمد بن داود الرزّاز، وأبو بكر الذّكواني، وأبو الحسن ابن مخلد، والحسين بن علي البرذعي (3). *** السنة الموفية عشرين بعد الأربع مائة فيها: وقع برد عظام إلى الغاية، في الواحدة أرطال بالبغدادي، حتى قيل: إن بردة وجدت تزيد على قنطار، وقد نزلت في الأرض نحوا من ذراع، وذلك بالنعمانية من العراق، وهبت ريح لم يسمع بمثلها، قلعت الأصول الثابتة من الزيتون والنخيل (4). وفيها: جمع القادر بالله كتابا فيه وعظ، ووفاة النبي صلّى الله عليه وسلم، وقصة ما جرى لعبد العزيز صاحب الحيدة-بفتح الحاء والدال المهملتين، وسكون المثناة من تحت بينهما، وفي آخره هاء-مع بشر المريسي، والرد على من يقول بخلق القرآن، والأمر

(1) الطبر: الفأس من السلاح. (2) «المنتظم» (9/ 217)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 705)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 263)، و «البداية والنهاية» (12/ 466). (3) الحسين بن علي البرذعي ترجم له المؤلف في وفيات سنة (420 هـ‍)، فذكره هنا سهو. (4) «المنتظم» (9/ 221)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 726)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 266)، و «شذرات الذهب» (5/ 98).

بالمعروف والنهي عن المنكر، وسب الرافضة وغير ذلك، وجمع له الأعيان والعلماء ببغداد، فقرئ على الخلق، ثم أرسل الخليفة إلى براثا-بالموحدة، وقبل الألفين راء، وبينهما ثاء مثلثة، وهو مأوى الرافضة وغير ذلك-من أقام الخطبة على السنة، فخطب، وقصر عما كانوا يفعلونه في ذكر علي رضي الله عنه، فرموه بالآجر من كل ناحية، فنزل، وحماه جماعة من الترك حتى أسرع في الصلاة، فتألم الخليفة القادر بالله، وغاظه ذلك، وطلب الشريف المرتضى شيخ الرافضة، فكاتب السلطان ووزيره ابن ماكولا يستجيش على الشيعة، ومن جملة كتابه: «فإذا بلغ الأمر إلى الجرأة على الدين وسياسة المملكة من الرعاع والأوباش .. فلا صبر دون المبالغة بما توجبه الحمية، وقد بلغه ما جرى في الجمعة الماضية في مسجد براثا الذي يجمع الكفرة والزنادقة ومن قد تبرأ الله تعالى منه، فكان أشبه شيء بمسجد الضرار، وذلك أن خطيبا كان يقول فيه مقالا يخرج به إلى الزندقة؛ فإنه كان يقول بعد الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم وعلى أخيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: مكلم الجمجمة، ومحيي الأموات البشري الإلهي، مكلم أصحاب الكهف، فأنفذنا الخطيب ابن تمام، فجاءه الآجر كالمطر، وكسر أنفه، وخلع كتفه، ودمي وجهه، ولولا أن أربعة من الأتراك حموه وإلا .. لكان قد هلك، والضرورة ماسة إلى الانتقام، ونزل ثلاثون بالمشاعل إلى دار ذلك الخطيب، فنهبوا الدار، وعرّوا الحريم، وخاف أولو الأمر من فتنة تكبر، ولم يخطب أحد ببراثا، وكثرت العملات والكبسات وفتح الحوانيت جهارا، وعم البلاء إلى آخر السنة، حتى صلب جماعة (1). وفيها: سار الدّزبري في عسكر مصر، وأوقع بصالح بن مرداس، وقتل صالح وابنه الأصغر، وملك جميع الشام (2). وفيها: توفي أبو الحسن أحمد بن علي بن الحسن البغدادي، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، والأمير عز الملك محمد بن عبيد الله بن أحمد الحراني الأديب العلامة المسبّحي، ومحمد بن أبي القاسم الكاتب الحراني الأصل المصري المولد، كذا في «تاريخ اليافعي» وصف الأول والثاني بالأمير عز الملك، ولعلهما واحد، اقتصر في الأول

(1) «المنتظم» (9/ 223)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 728)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 268)، و «العبر» (3/ 136). (2) «المنتظم» (9/ 227)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 726)، و «وفيات الأعيان» (2/ 487)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 270).

على اسم الأب، وفي الثاني على الكنية، أو لعله في الثاني سبق قلم من الناسخ (1)، وأبو نصر محمد بن أحمد العكبري البقّال، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي الدمشقي. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) تقدم التحقيق فيهما وأنهما واحد، انظر (3/ 339).

العشرون الثانية من المائة الخامسة

العشرون الثانية من المائة الخامسة [اعلام] 1837 - [يحيى ابن ملامس] (1) يحيى بن عيسى بن إسماعيل بن محمد بن ملامس أبو الفتوح. تفقه بالإمام محمد بن يحيى بن سراقة العامري، والإمام الحسين بن جعفر المراغي. وجاور بمكة أربع سنين، شرح «مختصر المزني» شرحا مفيدا، وتزوج بها نحوا من ستين امرأة، ولما عزم ابنه خير بن يحيى على الحج .. ألزمه ألا يتزوج إلا بكرا؛ لئلا يقع فيمن قد تزوجها أبوه. يروى عنه أنه قال: رأيت الشيخ أبا حامد الأسفراييني بمكة وعليه ثياب من ثياب الملوك ومركب من مراكبهم والناس يعظمونه، فبينا هو يطوف؛ إذ سمع قارئا يقرأ: {تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً} فبكى وقال: اللهم؛ أما العلو .. فقد أردناه، وأما الفساد .. فلم نرده، قال: وحضرت مجلس مذاكرته، فأورد علي ستين مسألة، أجبته عن جميعها غير مكترث ولا مجيب بقولين عن وجهين، ولا بوجهين عن قولين، ثم استأذنته في الإلقاء، فأذن لي، فألقيت عليه، فكان كثيرا ما يجيب عن مسألة القولين بوجهين تارة، وبالنص مرة، وبالنظر أخرى، فلما علم أني استقصرت حفظه .. قال لي: ما أنت إلا ذكي فطن فاهم تصلح لطلب العلم، فهل لك أن تروح معي إلى بغداد فأجعلك ملقي مدرستي، وأعز أصحابي، فشكرت له في تحسين قوله؛ إجلالا للعلم وأهله، واعتذرت عن ذلك بأني لم أخرج من بلدي بهذه النية. وتوفي المذكور في قريته من ناحية المشيرق-كتصغير ضد المغرب-بعد عشرين وأربع مائة تقريبا، وقيل: سنة إحدى وعشرين وأربع مائة، وذكره الخزرجي في «تاريخه» أولا في باب العين فيمن اسمه: علي (2)، ثم أعاده ثانيا في باب الياء فيمن اسمه: يحيى (3)، وهو الصواب إن شاء الله تعالى.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 91)، و «السلوك» (1/ 230)، و «مرآة الجنان» (3/ 16)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 317) و (4/ 59)، و «تحفة الزمن» (1/ 168)، و «هجر العلم» (3/ 1682). (2) انظر «طراز أعلام الزمن» (2/ 317). (3) انظر «طراز أعلام الزمن» (4/ 59).

1838 - [السلطان محمود بن سبكتكين]

1838 - [السلطان محمود بن سبكتكين] (1) السلطان يمين الدولة وأمين الملة محمود بن الأمير ناصر الدولة أبي منصور سبكتكين. كان أبوه أمير الغزاة الذين يغزون من بلاد ما وراء النهر على أطراف الهند، فأخذ عدة قلاع، وافتتح ناحية بست. وأما محمود صاحب الترجمة .. فافتتح غزنة، ثم بلاد ما وراء النهر، ثم استولى على سائر خراسان، ودان له الخلق على اختلاف أجناسهم، وفرض على نفسه غزو الهند كل عام، فافتتح منه بلادا واسعة، وقد مضى ذكر فتحه للقلعة التي بسومنات وإتلافه للصنم الذي كان يعبده الهنود في سنة عشر وأربع مائة (2). وذكر إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن الإمام أبي محمد الجويني في كتابه الموسوم ب‍ «مغيث الخلق في اتباع الأحق»: (أن السلطان محمود المذكور كان على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، وكان مولعا بعلم الحديث، وكان الناس-أو قال: الفقهاء -يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه وهو يسمع، فكان يستفسر الأحاديث، فوجد أكثرها موافقا لمذهب الشافعي، فوقع في خلده محبته، فجمع الفقهاء من الفريقين في مرو، والتمس منهم الكلام في ترجيح أحد المذهبين على الآخر، فوقع الاتفاق على أن يصلوا بين يديه ركعتين على مذهب الشافعي وركعتين على مذهب أبي حنيفة يقتصر فيهما على أقل الفروض؛ لينظر فيهما السلطان ويتفكر ويختار ما هو أحسنه، فصلى أبو بكر القفال المروزي ركعتين بأقل ما يعتبر من الطهارة والستر واستقبال القبلة وما لا بد من الأركان والفرائض، وكانت صلاة لا يجوز الشافعي دونها، ثم صلّى ركعتين على ما يجوزه أبو حنيفة، فلبس جلد كلب مدبوغ، ولطخ ربعه بالنجاسات، وتوضأ بنبيذ التمر، وكان في صميم الصيف في المفازة، واجتمع عليه الذباب والبعوض، وكان وضوؤه منعكسا منكوسا، وكبر بالفارسية، ثم قرأ آية بالفارسية «دوبر كك سبز» (3)، ثم نقر نقرتين كنقرات

(1) «المنتظم» (9/ 234)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 731)، و «وفيات الأعيان» (5/ 175)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 483)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 68)، و «العبر» (3/ 147)، و «البداية والنهاية» (12/ 472)، و «شذرات الذهب» (5/ 107). (2) انظر (3/ 348). (3) قال ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (5/ 182): وتفسير «دوبر كك سبز»: ورقتان خضروان، وهو معنى قوله تعالى في سورة الرحمن مُدْهامَّتانِ، والله أعلم.

1839 - [ابن دراج الأندلسي الشاعر]

الديك من غير فصل ومن غير ركوع وتشهد، وضرط في آخره من غير نية السلام، وقال: أيها السلطان؛ هذه صلاة أبي حنيفة. فقال السلطان: إن لم تكن هذه صلاة أبي حنيفة .. قتلتك؛ لأن مثل هذه الصلاة لا يجوزها ذو دين، وأنكرت الحنفية أن تكون هذه صلاة أبي حنيفة، فأمر السلطان نصرانيا كاتبا يقرأ المذهبين جميعا، فوجدت الصلاة على مذهب أبي حنيفة على ما حكاه القفال، فأعرض السلطان عن مذهب أبي حنيفة، وتمسك بمذهب الشافعي رضي الله عنهما) انتهى كلام إمام الحرمين (1). يحكى أنه كان يود معرفة ثلاثة أشياء: إحداها: أنه كان يتكلم في صحة نسبته إلى أبيه سبكتكين، فيود معرفة حقيقة ذلك. الثانية: يود معرفة أنه من أهل الجنة أم لا؟ الثالثة: معرفة من هم العلماء الذين قال فيهم النبي صلّى الله عليه وسلم: «العلماء ورثة الأنبياء» فإن كل طائفة تزعم أنها المعنية بالحديث، فمر ليلة في موكبه والمشاعل تضيء بين يديه، فلمح شخصا أخرج من محفظته كراسة لينظر فيها في ضوء المشعل، وأظن ذلك الشخص من المحدثين، فوقف السلطان محمود، ووقف العسكر لوقوفه، ولم يدروا ما سبب وقوفه حتى انتهى غرض ذلك الشخص من الكراسة وطبقها، فسار السلطان، فرأى تلك الليلة في النوم النبي صلّى الله عليه وسلم وهو يقول له: غفر الله لك يا بن سبكتكين كما وقفت لوارثي حتى انتهى غرضه من الكتاب، أو معنى ذلك، فاستفاد من ذلك معرفة الثلاثة. توفي سنة إحدى وعشرين وأربع مائة. 1839 - [ابن درّاج الأندلسي الشاعر] (2) أحمد بن محمد المعروف بابن دراج الأندلسي الشاعر.

(1) «مغيث الخلق» (ص 57)، وفي نسبة الكتاب لمؤلفه إمام الحرمين الجويني مقال، وممن رد عليه الشيخ زاهد الكوثري في «إحقاق الحق بإبطال الباطل في مغيث الخلق». (2) «يتيمة الدهر» (2/ 119)، و «بغية الملتمس» (ص 158)، و «وفيات الأعيان» (1/ 135)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 365)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 49)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 49)، و «شذرات الذهب» (5/ 104).

قال الثعالبي: (كان بصقع الأندلس كالمتنبي بصقع الشام) (1). ومن أشعاره ما عارض بها قصيدة أبي نواس التي مدح بها الخصيب صاحب ديوان خراج مصر، ومن قصيدة أبي نواس قوله: [من الطويل] تقول التي من بيتها خف محملي … عزيز علينا أن نراك تسير أما دون مصر للغنى متطلّب … بلى إن أسباب الغنى لكثير فقلت لها واستعجلتها بوادر … جرت فجرى من جريهن عبير ذريني أكثّر حاسديك برحلة … إلى بلدة فيها الخصيب أمير فما جازه جود ولا حل دونه … ولكن يصير الجود حيث يصير فتى يشتري حسن الثناء بماله … ويعلم أن الدّائرات تدور فمن كان أمسى جاهلا بمقالتي … فإن أمير المؤمنين خبير وقال في آخرها بعد ذكر المنازل: زها بالخصيب السيف والرمح في الوغا … وفي السلم يزهو منبر وسرير جواد إذا الأيدي قبضن عن النّدى … ومن دون عورات النساء غيور فإني جدير إن بلغتك للغنى … وأنت بما أمّلت منك جدير فإن تولني منك الجميل فأهله … وإلا فإني عاذر وشكور فقال ابن دراج معارضا لها: دعيني أرد ماء المفاوز آجنا … إلى حيث ماء المكرمات نمير فإن خطيرات المهالك ضمّن … لراكبها أن الجزاء خطير ولما تدانت للوداع وقد هفا … بصبري منها أنّة وزفير تناشدني عهد المودة والهوى … وفي المهد مبغوم النداء صغير عييّ بمرجوع الخطاب ولحظه … بموقع أهواء النفوس خبير تبوّأ ممنوع القلوب ومهّدت … له أذرع محفوفة ونحور فكلّ مفدّاة الترائب مرضع … وكل محيّاة المحاسن ظير عصيت شفيع النفس فيه وقادني … رواح لتدآب السّرى وبكور

(1) «يتيمة الدهر» (2/ 119).

1840 - [المسعودي الشافعي]

وطار جناح البين بي وهفت بها … جوانح من ذعر الفراق تطير ولو شاهدتني والهواجر تلتظي … عليّ ورقراق السّراب يمور أسلط حرّ الهاجرات إذا سطا … على حرّ وجهي والأصيل هجير وأستنشق النكباء وهي لوافح … وأستوطئ الرمضاء وهي تفور وللموت في عين الجبان تلوّن … وللذعر في سمع الجريء صفير لبان لها أني من الضيم جازع … وأني على مضّ الخطوب صبور أمير على غول التّنائف ما له … إذا ريع إلا المشرفيّ وزير ولو بصرت بي والسرى جلّ عزمتي … وجرسي لجنان الفلاة سمير وأعتسف الموماة في غسق الدجى … وللأسد في غيل الغياض زئير وقد حوّمت زهر النجوم كأنها … كواكب في خضر الحدائق حور ودارت نجوم القطب حتى كأنها … كئوس مها والى بهن مدير وقد خيّلت طرق المجرة أنها … على مفرق الليل البهيم قتير وثاقب عزمي والظلام مروّع … وقد غض أجفان النجوم فتور لقد أيقنت أن المنى طوع همتي … وأني بعطف العامري جدير توفي ابن دراج المذكور سنة إحدى وعشرين وأربع مائة. 1840 - [المسعودي الشافعي] (1) محمد بن مسعود (2) بن أحمد أبو عبد الله المسعودي الإمام المروزي الشافعي، من أهل مرو. تفقه بأبي بكر القفال المروزي، وكان من أكبر تلامذته إن لم يكن من أقرانه، وشرح «مختصر المزني» وأحسن فيه، وروى قليلا من الحديث عن شيخه القفال. وسئل القفال وهو على الكرسي عمن حلف لا يأكل بيضا، ثم حلف ليأكلن ما في كم

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 213)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 312)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 321)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 171). (2) وقيل: (محمد بن أحمد بن مسعود)، وقيل: (محمد بن عبد الله بن مسعود)، وقيل: (محمد بن عبد الملك بن مسعود).

1841 - [الخليفة القادر بالله]

فلان، وكان بيضا، فلم يحضره الجواب، فقال المسعودي تلميذه: يتخذ منه الناطف (1) فيأكله، فيكون قد أكل ما في كمه، ولم يأكل البيض، فاستحسن ذلك منه. توفي سنة إحدى وعشرين وأربع مائة، أو في السنة التي قبلها، أو في السنة التي بعدها. 1841 - [الخليفة القادر بالله] (2) الخليفة القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر جعفر بن المعتضد أحمد بن الموفق أبي أحمد طلحة بن جعفر المتوكل العباسي. نودي بشعاره في بغداد يوم خلع الطائع، وخطب له على منبر بغداد لخمس بقين من شعبان سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة وكان إذ ذاك بالبطيحة، فوصل إلى بغداد، ودخل دار الخلافة في حادي عشر رمضان، وسلم إليه الطائع المخلوع، فقطع طرف أنفه مضافا إلى ما كان قطع أولا من أذنيه، ولم يزل في الخلافة إلى أن توفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة، فمدة ولايته إحدى وأربعون سنة وثلاثة أشهر، وكان في أيامه أحداث عظيمة، ذكرنا غالبها في أحداث السنين. قال الخطيب: (كان فيه من الديانة والتهجد وكثرة الصدقات على صفة اشتهرت عنه، وصنف كتابا في الأصول فيه فضل الصحابة وتكفير المعتزلة والقائلين بخلق القرآن، وكان يقرأ كل جمعة بحضرة الناس) (3). ولما توفي .. بويع ابنه عبد الله، ولقب بالقائم بأمر الله، وكان قد عهد القادر إليه، وطالبت الأتراك القائم بالرسم الذي للبيعة فقال: إن القادر لم يخلف مالا، وصدق؛ لأنه كان من أفقر الخلفاء، ثم صالحهم على ثلاثة آلاف دينار، باع فيها خانا وبستانا. 1842 - [القاضي عبد الوهاب المالكي] (4) القاضي عبد الوهاب المالكي الفقيه أحد الأعلام، انتهت إليه رئاسة المذهب.

(1) الناطف: نوع من الحلوى. (2) «تاريخ بغداد» (4/ 257)، و «المنتظم» (9/ 244)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 76)، و «العبر» (3/ 150)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 239)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 485)، و «شذرات الذهب» (5/ 110). (3) «تاريخ بغداد» (4/ 257). (4) «تاريخ بغداد» (11/ 32)، و «المنتظم» (9/ 244)، و «وفيات الأعيان» (3/ 219)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 429)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 85)، و «البداية والنهاية» (12/ 475)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 247).

1843 - [الحافظ النعيمي]

قال الخطيب: (لم ألق في المالكية أفقه منه) (1). وكان فقيها متأدبا شاعرا، له مؤلفات في كل فن، منها «التلقين» في الفقه، وكتاب «المعونة»، و «شرح الرسالة» وغير ذلك، ومن أشعاره: [من الطويل] سلام على بغداد في كل موطن … وحق لها مني سلام مضاعف فو الله ما فارقتها عن قلى لها … وإني بشطّي جانبيها لعارف ولكنها ضاقت عليّ بأسرها … ولم تكن الأرزاق فيها تساعف وكانت كخل كنت أهوى دنوّه … وأخلاقه تنأى به وتخالف ومن لطيف أشعاره المستظرفة: [من الطويل] ونائمة قبّلتها فتنبهت … وقالت تعالوا فاطلبوا اللص بالحد فقلت لها إني فديتك غاصب … وما حكموا في غاصب بسوى الرد خذيها وكفي عن أثيم ظلامة … وإن أنت لم ترضي فألفا على العد فقالت قصاص يشهد العقل أنه … على كبد الجاني ألذ من الشهد توفي بمصر للنصف من صفر من سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة، ودفن في القرافة. 1843 - [الحافظ النّعيمي] (2) علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نعيم النعيمي أبو الحسن البصري الحافظ. حدث عن علي بن معمر السكري وغيره. وعنه الخطيب البغدادي وغيره. قال الخطيب: (كان حافظا عارفا، متكلما شاعرا) (3). توفي سنة ثلاث وعشرين وأربع مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (11/ 32). (2) «تاريخ بغداد» (11/ 330)، و «المنتظم» (9/ 255)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 445)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1112)، و «شذرات الذهب» (5/ 117). (3) «تاريخ بغداد» (11/ 330).

1844 - [الكاتب ابن البواب]

1844 - [الكاتب ابن البوّاب] (1) علي بن هلال المعروف بابن البواب الكاتب. قيل: ليس له في الكتابة مثل ولا مقارب وإن كان علي ابن مقلة أول من نقل هذه الطريقة من الخط الكوفي وأبرزها في هذه الصورة، وله في ذلك فضيلة السبق، وخطه أيضا في نهاية الحسن، لكن ابن البواب هذب طريقته ونقحها، وكساها طلاوة وبهجة، والكل معترفون له بالتفرد، وعلى منواله ينسجون، وليس منهم من لحق شأوه. توفي سنة ثلاث وعشرين وأربع مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» (2) وفي «العبر» للذهبي أنه توفي سنة ثلاث عشرة (3)، وذكره غيره سنة اثنتي عشرة، والله سبحانه أعلم بالصواب. ورثي بهذين البيتين: [من الكامل] استشعر الكتاب فقدك سالفا … وقضت بصحة ذلك الأيام فلذاك سوّدت الدوي كآبة … أسفا عليك وشقت الأقلام وروى ابن الكلبي والهيثم بن عدي: أن الناقل لهذه الكتابة من الحيرة إلى الحجاز هو حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وكان قد قدم الحيرة، فعاد إلى مكة بهذه الكتابة، وقالا: قيل لأبي سفيان بن حرب عمن أخذ أبوك هذه الكتابة؟ فقال: من أسلم بن سدرة، وقال: سألت أسلم ممن أخذ الكتابة، فقال: من واضعها مرامر بن مرّة، قالوا: فحدوث هذه الكتابة قبل الإسلام بقليل. وكان لحمير كتابة تسمى: المسند، وحروفها منفصلة غير متصلة، وكانوا يمنعون العامة من تعلمها، فلا يتعاطاها أحد إلا بإذنهم، فجاءت ملة الإسلام وليس بجميع اليمن من يقرأ ويكتب. وجميع كتابات الأمم من سكان الشرق والغرب اثنتا عشرة كتابة، وهي: العربية

(1) «المنتظم» (9/ 185)، و «معجم الأدباء» (5/ 414)، و «وفيات الأعيان» (3/ 342)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 315)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 325)، و «العبر» (3/ 115)، و «مرآة الجنان» (3/ 42)، و «البداية والنهاية» (12/ 452). (2) «مرآة الجنان» (3/ 42). (3) «العبر» (3/ 115)، وعليه أكثر المؤرخين، وقد تقدم ذكر ابن البواب في الحوادث من سنة (413 هـ‍)، انظر (3/ 350).

1845 - [الأردستاني]

والحميرية واليونانية والفارسية والسريانية والعبرانية والرومية والقبطية والبربرية والأندلسية والهندية والصينية. 1845 - [الأردستاني] (1) محمد بن إبراهيم الأردستاني-بفتح الهمزة، وسكون الراء، وفتح الدال، وسكون السين المهملات، ثم مثناة من فوق، ثم ألف ونون، نسبة إلى أردستان، بلد على ثمانية عشر فرسخا من أصبهان-الحافظ العبد الصالح. توفي سنة أربع وعشرين وأربع مائة (2). 1846 - [الحافظ أبو بكر البرقاني] (3) أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي الحافظ أبو بكر البرقاني الفقيه الإمام، شيخ بغداد. سمع من أبي العباس ابن حمدان الإسماعيلي المفيد، وعبد الغني بن سعيد، وأبي بكر بن أبي الحديد. وحدث عنه الصوري، والبيهقي، والخطيب البغدادي وقال: (لم نر في شيوخنا أثبت منه) (4). كان ورعا، عارفا بالفقه، كثير التصانيف، ذا حظ من علم العربية، صنف مسندا ضمنه ما يشتمل عليه «الصحيحان»، وكان نسيج وحده في هذا الشأن. توفي سنة خمس وعشرين وأربع مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (1/ 434)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 428)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 136)، و «العبر» (3/ 157)، و «شذرات الذهب» (5/ 120). (2) في «تاريخ بغداد» (1/ 434): (مات بهمدان في سنة سبع وعشرين وأربع مائة)، وقد رجح الذهبي في «تاريخ الإسلام» (29/ 137)، وفاته سنة (424 هـ‍) بعد أن ذكر أن بعضهم ذكره في وفيات سنة (415 هـ‍). (3) «تاريخ بغداد» (5/ 137)، و «المنتظم» (9/ 266)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 142)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1074)، و «العبر» (3/ 158)، و «البداية والنهاية» (12/ 480)، و «مرآة الجنان» (3/ 44). (4) «تاريخ بغداد» (5/ 137).

1847 - [أبو نصر الشروطي]

1847 - [أبو نصر الشّروطي] (1) عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر المرّي أبو نصر بن الحبان (2) الشّروطي. سمع أبا العباس جمح بن القاسم المؤذن، ومحمد بن موسى بن فضالة وغيرهما. وحدث عنه عبد العزيز الكتاني وقال فيه: شيخنا وأستاذنا، صنف كتبا كثيرة. اهـ‍ توفي سنة خمس وعشرين وأربع مائة. 1848 - [أبو الفضل الهروي] (3) عمر بن إبراهيم الهروي الفقيه العالم الزاهد. توفي سنة خمس وعشرين وأربع مائة (4). 1849 - [ابن شهيد الأندلسي الشاعر] (5) أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن مروان المعروف بابن شهيد-بضم الشين المعجمة- الأشجعي القرطبي الشاعر، حامل لواء الشعر بالأندلس. كان متفننا بارعا، سمحا جوادا، وكان بينه وبين ابن حزم الظاهري مكاتبات ومداعبات، وله التصانيف الغريبة البديعة. ومن محاسن شعره من قصيدة له: [من الطويل] وتدري سباع الطير أن كماته … إذا لقيت صيد الكماة سباع تطير جياعا فوقه وتردّها … ظباه إلى الأوكار وهي شباع توفي سنة ست وعشرين وأربع مائة.

(1) «تاريخ الإسلام» (29/ 159)، و «العبر» (3/ 160)، و «مرآة الجنان» (3/ 44)، و «شذرات الذهب» (5/ 123). (2) في «تاريخ الإسلام» (29/ 160): (الجبّان). (3) «تاريخ بغداد» (11/ 272)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 448)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 164)، و «شذرات الذهب» (5/ 124). (4) قال الخطيب في «تاريخ بغداد» (11/ 273): (وبلغني أنه توفي بهراة في سنة ست وعشرين وأربع مائة). (5) «جذوة المقتبس» (ص 133)، و «بغية الملتمس» (ص 190)، و «معجم الأدباء» (1/ 634)، و «وفيات الأعيان» (1/ 116)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 501)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 169)، و «نفح الطيب» (1/ 621).

1850 - [ابن الشقاق القرطبي]

1850 - [ابن الشقاق القرطبي] (1) أبو محمد ابن الشقاق-بشين معجمة، وتكرير القاف-شيخ المالكية ورأس القراء. توفي سنة ست وعشرين وأربع مائة. 1851 - [أبو عمرو الرّزجاهي] (2) محمد بن عبد الله البسطامي أبو عمرو الرّزجاهي-بفتح الراء، وسكون الزاي قبل الجيم على ما ضبط في بعض النسخ-الفقيه الأديب المحدث. توفي سنة ست وعشرين وأربع مائة. 1852 - [الثعلبي المفسر] (3) أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري أبو إسحاق الثعلبي-ويقال له: الثعالبي أيضا، وكلاهما لقب لا نسب-العلامة المفسر. حدث عن أبي محمد المخلدي وغيره. وكان إماما حافظا، متين الديانة، كثير الحديث، كثير الشيوخ، صحيح النقل. توفي سنة سبع وعشرين وأربع مائة مذكور في الأصل. 1853 - [أبو علي الجيّاني] (4) أبو علي الحسين بن محمد الغساني الأندلسي الجيّاني-بفتح الجيم، وتشديد المثناة من تحت-نسبة إلى جيان، مدينة كبيرة بالأندلس.

(1) «بغية الملتمس» (ص 345)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 177)، و «الديباج المذهب» (1/ 385)، و «شذرات الذهب» (5/ 125)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 270). (2) «سير أعلام النبلاء» (17/ 504)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 180)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 151)، و «شذرات الذهب» (5/ 126). (3) «وفيات الأعيان» (1/ 79)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 435)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 185)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 58)، و «البداية والنهاية» (12/ 485)، و «شذرات الذهب» (5/ 127). (4) سيعيد المؤلف رحمه الله ترجمة أبي علي الجياني-في وفيات سنة (498 هـ‍)، انظر (3/ 535)، وهو موضعها الصحيح، ولم يشر هناك إلى أنه قدمها في هذه السنة ظنّا منه أنهما اثنان لا واحد، وقد وقع في هذا اللبس أيضا اليافعي في «مرآة الجنان» وابن العماد في «شذرات الذهب»، وسنة (427 هـ‍) هي سنة ولادته لا سنة وفاته، انظر مصادر الترجمة هناك في موضعها الصحيح.

1854 - [الحافظ السهمي]

كان إماما في الحديث، من جهابذة المحدثين، وكبار العلماء المفيدين، حسن الخط، جيد الضبط، له معرفة بالعربية والشعر والأنساب، وله كتاب «تقييد المهمل» ضبط فيه كل لفظ يقع فيه اللبس من رجال «الصحيحين» في جزءين وما أقصر فيه. توفي سنة سبع وعشرين وأربع مائة (1). 1854 - [الحافظ السّهمي] (2) حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن أحمد أبو القاسم السّهمي. حدث عن ابن عدي، وأبي بكر محمد الصرام وغيرهما. وعنه البيهقي، وأبو صالح المؤذن، وأبو القاسم القشيري وغيرهم من الأئمة. وهو حافظ ثقة، إمام مصنف. توفي سنة سبع وعشرين وأربع مائة (3). 1855 - [الظاهر العبيدي] (4) علي-الملقب بالظاهر لإعزاز دين الله-ابن الحاكم منصور بن العزيز بن المعز العبيدي الباطني، صاحب مصر. أقامته عمته ست الملك عند ما أعدمت أباه الحاكم. وتوفي سنة سبع وعشرين وأربع مائة.

(1) هذه السنة (427 هـ‍) هي سنة ولادته لا سنة وفاته، وإنما توفي سنة (498 هـ‍). (2) «المنتظم» (9/ 275)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 469)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 190)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1089)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 176). (3) وقيل: سنة (426 هـ‍)، وقيل: سنة (428 هـ‍). (4) «المنتظم» (9/ 279)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 775)، و «وفيات الأعيان» (3/ 407)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 197)، و «البداية والنهاية» (12/ 484).

1856 - [القدوري الحنفي]

1856 - [القدوري الحنفي] (1) أبو الحسين أحمد بن محمد القدوري-نسبة إلى عمل القدور، جمع قدر-الفقيه الحنفي. انتهت إليه رئاسة الحنفية بالعراق، وسمع الحديث. روى عنه الخطيب البغدادي. وكان حسن العبارة والنظر، وصنف في مذهبه «المختصر» وغيره، وكان يناظر الشيخ أبا حامد الأسفراييني. توفي سنة ثمان وعشرين وأربع مائة. 1857 - [الحافظ ابن منجويه] (2) أحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن منجويه-بالنون، والجيم، والمثناة من تحت بعد الواو-أبو بكر الأصبهاني اليزدي، نزيل نيسابور ومحدثها. حدث عن أبي بكر الإسماعيلي، وأبي بكر ابن المقرئ وغيرهما. وعنه الخطيب البغدادي، والبيهقي، وأبو صالح المؤذن وغيرهم. كان أحد الحفاظ المجودين، الثقات الأثبات الورعين الدينين، صنف على «الصحيحين» وعلى «جامع الترمذي» وعلى «سنن أبي داود» مصنفات. وتوفي سنة ثمان وعشرين وأربع مائة. 1858 - [أبو الحسن الحنّائي] (3) علي بن محمد بن إبراهيم أبو الحسن الحنّائي الدمشقي الزاهد، محدث دمشق ومفيدها.

(1) «تاريخ بغداد» (5/ 140)، و «المنتظم» (9/ 282)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 782)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 574)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 211)، و «الجواهر المضية» (1/ 247)، و «تاج التراجم» (ص 98). (2) «سير أعلام النبلاء» (17/ 438)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 208)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1085)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 217)، و «مرآة الجنان» (3/ 47)، و «شذرات الذهب» (5/ 131). (3) «سير أعلام النبلاء» (17/ 565)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 239)، و «العبر» (3/ 168)، و «شذرات الذهب» (5/ 138).

1859 - [الشاعر مهيار الديلمي]

كتب الكثير، وحدث باليسير عن عبد الوهاب الكلابي وغيره. وروى عنه عبد العزيز الكتاني وغيره. قال فيه الكتاني: شيخنا وأستاذنا، كان من العباد، وكانت له جنازة عظيمة ما رأيت مثلها. توفي سنة ثمان وعشرين وأربع مائة. 1859 - [الشاعر مهيار الديلمي] (1) مهيار بن مرزويه الشاعر المشهور الفارسي. أصله مجوسي فأسلم، قيل: كان إسلامه على يد الشريف الرضي، وعليه تخرج في نظمه، وله ديوان كبير في نحو أربع مجلدات. ومن شعره من قصيدة شهيرة: [من الطويل] يراها بعين الشوق قلبي على النوى … فيحظى ولكن من لعيني برؤياها فلله ما أصفا وأكدر حبها … وأبعدها مني الغداة وأدناها ومن شعره: [من الكامل] يلحى على البخل الشحيح بماله … أفلا تكون بماء وجهك أبخلا أكرم يديك عن السؤال فإنما … قدر الحياة أقل من أن تسألا ولقد أضم إلي فضل قناعتي … وأبيت مشتملا بها متزمّلا وإذا امرؤ أفنى الليالي حسرة … وأمانيا أفنيتهن توكلا توفي سنة ثمان وعشرين وأربع مائة. 1860 - [ابن سينا] (2) الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا المعروف بالرئيس أبي علي ابن سينا.

(1) «المنتظم» (9/ 284)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 782)، و «وفيات الأعيان» (5/ 359)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 472)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 246)، و «البداية والنهاية» (12/ 487). (2) «الكامل في التاريخ» (7/ 783)، و «وفيات الأعيان» (2/ 157)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 531)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 218)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 391)، و «مرآة الجنان» (3/ 47)، و «الجواهر المضية» (2/ 63)، و «البداية والنهاية» (12/ 488)، و «شذرات الذهب» (5/ 132).

قال ابن خلكان: (تنقل ابن سينا في البلدان، واشتغل بالعلوم، أتقن علم القرآن الكريم والأدب، وحفظ أشياء من أصول الدين، وحساب الهندسة، والجبر والمقابلة وعمره عشر سنين، وتوجه نحوهم الحكيم الناتلي-بالنون، والتاء المثناة من فوق-فأنزله أبو الرئيس أبي علي عنده، وابتدأ يقرأ عليه، فأحكم علم المنطق واقليدس والمجسطي حتى فاق شيخه الناتلي المذكور بدرايتها، وأوضح له رموزا، وفهمه إشكالات كان شيخه المذكور لا يدريها، ومع ذلك كان يختلف في الفقه إلى إسماعيل الزاهد يقرأ ويبحث ويناظر، ثم اشتغل بتحصيل علوم أخرى كالطبيعي والإلهي، ونظر في النصوص والشروح، ثم رغب في علم الطب، وتأمل كتبه المصنفة، وعالج تأدبا لا تكسبا، وعلمه حتى فاق فيه الأوائل والأواخر في أقل مدة، واختلف إليه فضلاء هذا الفن وكبراؤه يقرءون عليه أنواعه والمعالجات المقتبسة من التجربة وسنّه إذ ذاك ست عشرة سنة، وفي مدة اشتغاله لم ينم ليلة واحدة بكمالها، ولا اشتغل في النهار بسوى المطالعة، وكان إذا أشكلت عليه مسألة .. توضأ وقصد المسجد الجامع، وصلّى ودعا الله أن يسهلها عليه ويفتح عليه مغلقها على ما ذكر بعض المؤرخين. وذكر عند الأمير نوح صاحب خراسان في مرض مرضه، فأحضره وعالجه حتى برئ، واتصل به وقرب منه، ودخل إلى دار كتبه وكانت عديمة المثل، فيها من كل فن من الكتب المشهورة بأيدي الناس وغيرها مما لا يوجد في سواها ولا سمع باسمه فضلا عن معرفته، فظفر أبو علي فيها بكتب الأوائل وغيرها، وحصّل نخب فوائدها، واطلع على أكثر علومها، فاتفق بعد ذلك احتراق تلك الخزانة، فتفرد أبو علي بما حصله من علومها، ويقال: إنه الذي توصل إلى إحراقها؛ لينفرد بمعرفة ما حصله منها وينسبه إلى نفسه. ولم يستكمل ثمان عشرة سنة من عمره إلا وقد فرغ من تحصيل العلوم بأسرها، ثم صار هو وأبوه يتصرفان في الأحوال، ويتقلدان الأعمال للسلطان، وجرت له تنقلات في البلدان كخوارزم وجرجان ودهستان والري وقزوين وبخارى وهمذان وأصبهان وبست وطوس، وله اجتماع بولاتها كخوارزم شاه، وشمس المعالي قابوس، وشمس الدولة، وعلاء الدولة. وتولى الوزارة لشمس الدولة في همذان، ثم تشوش العسكر عليه، فنهبوا داره وقبضوا عليه، وسألوا شمس الدولة قتله فامتنع، ثم أطلق فتوارى، ثم مرض شمس الدولة بالقولنج، فأحضره لمداواته، واعتذر إليه، وأعاده وزيرا) (1).

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 157).

وبالجملة: كان نادرة عصره في علمه وذكائه، ومن تصانيفه: «الشفاء» في الحكمة و «النجاة» و «الإشارات» و «القانون في الطب» وغير ذلك مما يقارب مائة مصنف ما بين مختصر منها ومطول، وله رسائل بديعة، منها «رسالة الطير»، وكتبه كلها فلسفية لا ينشرح لها صدر متدين. وعن الشيخ شهاب الدين السهروردي أنه غسل كتابه الموسوم «بالشفاء» بإشارة قدسية نبوية، يعني بإشارة النبي صلّى الله عليه وسلم. كان يقال: إشاراته فشارات، ونجاته هلاك، وشفاؤه سقم. وكان الشيخ كمال الدين بن يونس يقول: إن مخدومه سخط عليه، واعتقله، ومات في السجن، وكان ينشد: [من المتقارب] رأيت ابن سينا يعادي الرجال … وفي السجن مات أخس الممات فلم يشف ما نابه بالشفاء … ولم ينج من موته بالنجاة إشارة إلى كتابيه المذكورين أولا. قال الشيخ اليافعي: (وقد ذكر أنه تاب واشتغل بالتنسك، فإن صح ذلك .. فقد أدركه الله تعالى بسابق عنايته وواسع رحمته حتى أحدث فيه لا حق توبته) اهـ‍ (1). قال ابن خلكان: (كان ابن سينا قوي المزاج، يغلب عليه قوة الجماع، حتى أضعفته ملازمته، وعرض له قولنج، فعالجه مرارا، فكان يصح أسبوعا ويمرض كثيرا، وطرح بعض غلمانه في بعض أدويته شيئا كثيرا زائدا على ما رسمه الطبيب، فعجزت المعالجات عن شفائه، وأشرفت قوته على السقوط، فأهمل المداواة، واعترف بالعجز عن تدبير نفسه، ثم اغتسل، وتاب وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم على من عرفه، وأعتق مماليكه، وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة، ثم توفي بهمذان في شهر رمضان في سنة ثمان وعشرين وأربع مائة. ومن شعره القصيدة العينية التي يقول في أولها: [من الكامل] هبطت إليك من المحلّ الأرفع … ورقاء ذات تعزّز وتمنّع يعني النفس) (2).

(1) «مرآة الجنان» (3/ 51). (2) «وفيات الأعيان» (2/ 159).

1861 - [ذو القرنين وجيه الدولة]

1861 - [ذو القرنين وجيه الدولة] (1) وجيه الدولة أبو المطاع بن حمدان بن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي. كان شاعرا ظريفا، حسن السبك، جميل المقاصد، من شعره: [من البسيط] إني لأحسد «لا» في أسطر الصحف … إذا رأيت اعتناق اللام للألف وما أظنهما طال اعتناقهما … إلا لما لقيا من شدة الشغف وأورد له الثعالبي في «اليتيمة»: [من البسيط] قالت لطيف خيال زارها ومضى … بالله صفه ولا تنقص ولا تزد فقال خلفته لو مات من ظمأ … وقلت قف عن ورود الماء لم يرد قالت صدقت الوفا في الحب عادته … يا برد ذاك الذي قالت على كبد (2) وذكر بعضهم أن هذه الأبيات للشريف أبي القاسم أحمد بن طباطبا العلوي. ولوجيه الدولة المذكور أشعار كثيرة، حسنة شهيرة. وصل إلى مصر في أيام الظاهر بن الحاكم العبيدي صاحب مصر، فقلده ولاية الإسكندرية وأعمالها، فأقام بها سنة، ثم رجع إلى دمشق. وتوفي سنة ثمان وعشرين وأربع مائة. 1862 - [الحافظ القرّاب] (3) أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن السرخسي ثم الهروي المعروف بالقرّاب-بالقاف أوله، والموحدة آخره، على ما ضبطه بعضهم-محدث هراة. حدث عن زاهر السرخسي، والخليل بن أحمد السجزي وغيرهما، يقال: إن شيوخه تزيد على ألف ومائتي شيخ.

(1) «يتيمة الدهر» (1/ 118)، و «معجم الأدباء» (4/ 243)، و «وفيات الأعيان» (2/ 279)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 516)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 233)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 42)، و «مرآة الجنان» (3/ 51). (2) «يتيمة الدهر» (1/ 118). (3) «سير أعلام النبلاء» (17/ 570)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 255)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1100)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 394)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 264)، و «شذرات الذهب» (5/ 147).

1863 - [ابن الصفار القرطبي]

وكان إماما حافظا، صالحا زاهدا، مقلا من الدنيا، وصنف كتاب «شمائل العباد» و «وفيات العلماء» من القرن الأول إلى سنة وفاته. توفي سنة تسع وعشرين وأربع مائة. 1863 - [ابن الصّفّار القرطبي] (1) يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث قاضي الجماعة بقرطبة، الإمام العلامة في اللغة العربية والشعر. له مصنف في الزهد وغيره. توفي سنة تسع وعشرين وأربع مائة. 1864 - [أبو منصور البغدادي] (2) الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي، الفقيه الشافعي، الأصولي الأديب. كان ماهرا في فنون عديدة خصوصا علم الحساب والفرائض والنحو، وكان ذا مال، أنفقه على أهل العلم والأدب والحديث. توفي سنة تسع وعشرين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 1865 - [أبو عمر الطّلمنكي] (3) أحمد بن محمد بن عبد الله بن لب بن يحيى المعافري الأندلسي أبو عمر الطّلمنكي، عالم أهل قرطبة. روى عن أبي عيسى يحيى الليثي، وأبي القاسم الجوهري، وأبي الطيب ابن غلبون. وعنه ابن حزم، وابن عبد البر وغيرهما.

(1) «جذوة المقتبس» (ص 384)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 569)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 270)، و «الديباج المذهب» (2/ 356)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 271). (2) «سير أعلام النبلاء» (17/ 572)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 265)، و «مرآة الجنان» (3/ 52)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 136)، و «البداية والنهاية» (12/ 491)، و «بغية الوعاة» (2/ 105). (3) «جذوة المقتبس» (ص 114)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 566)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 251)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1098)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 733)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 271).

1866 - [الحافظ أبو نعيم الأصبهاني]

وكان رأسا في علم القرآن، إماما حافظا، سيفا على أهل البدع، شديدا في السنة، يقرئ الناس ويسمعهم الحديث احتسابا. توفي سنة تسع وعشرين وأربع مائة. 1866 - [الحافظ أبو نعيم الأصبهاني] (1) أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الحافظ أبو نعيم الأصبهاني الصوفي، مصنف كتاب «حلية الأولياء»، وهو سبط الزاهد محمد بن يوسف البناء. سمع من أبي محمد ابن فارس، وأبي أحمد العسال، وأبي بكر بن خلاد، وخلق سواهم، وأجاز له الأصم، وخيثمة، وأبو سهل بن زياد وغيرهم من الأئمة. وحدث عنه نوح بن نصر الفرغاني، وأبو سعد الماليني، والخطيب البغدادي، ومحمد بن إبراهيم العطار، وغيرهم من الأئمة الأخيار. كان من أعلم المحدثين، وأكابر الحفاظ المفيدين، ومن مؤلفاته «تاريخ أصبهان» وكتاب «الحلية» من أحسن الكتب، ولما صنف «الحلية» .. حملوه إلى نيسابور بأربع مائة دينار، ولا يلتفت إلى قول من تكلم فيه؛ لأنه صدوق عمدة، ولا يسمع قول أبي نعيم في ابن منده. قال الشيخ اليافعي: (وأما طعن ابن الجوزي في «الحلية» .. فمن باب قولي في مدح الإمام الغزالي وتصانيفه: [من الطويل] لئن ذمها جاراتها وضرائر … وعبن جمالا في حلاها وفي الحلي فما سلمت حسناء من ذم حاسد … وصاحب حقّ من عداوة مبطل) (2) مذكور في الأصل. توفي سنة ثلاثين وأربع مائة.

(1) «المنتظم» (9/ 292)، و «وفيات الأعيان» (1/ 91)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 453)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 274)، و «تاريخ الحفاظ» (3/ 1092)، و «مرآة الجنان» (3/ 52)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 18)، و «شذرات الذهب» (5/ 149). (2) «مرآة الجنان» (3/ 52).

1867 - [أبو القاسم ابن بشران]

1867 - [أبو القاسم ابن بشران] (1) أبو القاسم عبد الملك بن بشران البغدادي الواعظ. قال الخطيب: (كان ثقة ثبتا صالحا) (2). توفي سنة ثلاثين وأربع مائة، وكان الجمع في جنازته يتجاوز الحد، ويفوت الانحصار. 1868 - [أبو منصور الثعالبي] (3) أبو منصور الثعالبي عبد الملك بن محمد النيسابوري الأديب اللبيب الشاعر، صاحب التصانيف الأدبية السائرة في الدنيا، منها كتاب «يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر»، وهي أكبر كتبه وأحسنها، وفيه يقول أبو الفتوح الإسكندري: [من مجزوء الكامل] أبيات أشعار اليتيمة … أبكار أفكار قديمة ماتوا وعاشت بعدهم … فلذاك سميت اليتيمة وله كتاب «فقه اللغة»، و «سحر البلاغة وسر البراعة»، و «مؤنس الوحيد» جمع فيها أشعار الناس وأخبارهم، ورسائلهم وأحوالهم. ومن نظمه من أبيات كتبها إلى الأمير أبي الفضل الميكالي: [من الكامل] لك في المفاخر معجزات جمّة … أبدا لغيرك في الورى لم تجمع بحران بحر في البلاغة شابه … شعر الوليد وحسن لفظ الأصمعي كالنور أو كالسحر أو كالبدر أو … كالوشي في برد عليه موشّع فإذا تفتق نور شعرك ناضرا … فالحسن بين مرصّع ومصرّع ونقشت في فصّ الزمان بدائعا … تزري بآثار الربيع الممرع وكان بالجملة راعي بلاغات العلم، وجامع أشتات النثر والنظم. توفي سنة ثلاثين وأربع مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (10/ 431)، و «المنتظم» (9/ 294)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 450)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 290)، و «شذرات الذهب» (5/ 151). (2) «تاريخ بغداد» (10/ 431). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 178)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 437)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 291)، و «مرآة الجنان» (3/ 53)، و «شذرات الذهب» (5/ 151).

1869 - [أبو بكر الأسفراييني]

1869 - [أبو بكر الأسفراييني] (1) أحمد بن علي أبو بكر الأسفراييني، وقيل: كنيته أبو حامد. حدث عن زاهر السرخسي، وأبي محمد المخلدي وغيرهما. وعنه أبو صالح المؤذن، والبيهقي وغيرهما، وكان من الحفاظ الأيقاظ المحدثين. توفي سنة ثلاثين وأربع مائة. 1870 - [أبو العلاء الواسطي] (2) محمد بن علي بن أحمد أبو العلاء الواسطي القاضي المقرئ المحدث. توفي سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة. 1871 - [أبو العباس المستغفري] (3) جعفر بن محمد بن المعتز بن محمد بن المستغفر بن الفتح بن إدريس المعروف بأبي العباس المستغفري الحافظ النسفي. حدث عن زاهر السرخسي، وإبراهيم بن لقمان، وابن منده، وعنه الحسن بن أحمد السمرقندي، والخطيب إسماعيل النّوحي وغيرهما. وكان حافظ ما وراء النهر في زمانه، ثقة، مبرزا على أقرانه، وله مصنفات كثيرة، منها: «فضائل القرآن» و «الدعوات» و «الشمائل» و «الدلائل» و «معرفة الصحابة» و «الأوائل» و «الطب» و «المسلسلات» و «تاريخ كش» و «تاريخ نسف» و «المنامات» لكنه يروي الموضوعات من غير تبيين لها كفعل بعض المحدثين. توفي سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (17/ 522)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 304)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1087)، و «شذرات الذهب» (5/ 155). (2) «تاريخ بغداد» (3/ 310)، و «المنتظم» (9/ 299)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 352)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 741). (3) «سير أعلام النبلاء» (17/ 564)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 364)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1102)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 149)، و «الجواهر المضية» (2/ 19)، و «شذرات الذهب» (5/ 157).

1872 - [أبو علي السنجي]

1872 - [أبو علي السنجي] (1) الحسين بن شعيب بن محمد بن الحسين أبو علي السنجي الإمام، أحد العلماء الأعلام، أول من جمع بين طريقتي العراق وخراسان. شرح «فروع ابن الحداد». وتوفي سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة كما جزم به [ ... ] (2)، وقيل: سنة سبع وعشرين. مذكور في الأصل. 1873 - [الحافظ أبو ذر الهروي] (3) عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير-بضم الغين المعجمة-أبو ذر الهروي الأنصاري المالكي، الفقيه الحافظ، نزيل مكة. روى «صحيح البخاري» عن الأئمة الثلاثة: أبو الهيثم الكشميهني، وأبو محمد ابن حمّويه السرخسي، وأبو إسحاق المستملي، وحدث أيضا عن زاهر السرخسي، وأبي الفضل بن خميرويه، وأبي عمر بن حيّويه. ورواه عنه ابنه عيسى، وأبو صالح المؤذن وغيرهما. وروى عنه بالإجازة الخطيب البغدادي، وابن عبد البر وغيرهما. وكان فقيها علامة، حافظا ثقة، له «مستخرج على الصحيحين»، و «معجم شيوخه»، وكتاب «العيدين»، وكتاب «السنة»، و «الصفات»، و «دلائل النبوة» وغيرها من المصنفات، عارفا بالأصول، أخذ علم الكلام عن ابن الباقلاني. جاور بمكة، وكان شيخ عصره بالحرم، ثم تزوج بالسروات (4)، وبقي يحج كل عام ويرجع.

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 135)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 526)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 365)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 344)، و «البداية والنهاية» (12/ 509). (2) بياض في الأصول، ولعل الذي جزم هو السبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 345) كما ذكر ذلك أيضا ابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (1/ 31). (3) «المنتظم» (9/ 311)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 554)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 404)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1103)، و «العقد الثمين» (5/ 539)، و «نفح الطيب» (2/ 70)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 250). (4) في «العقد الثمين» (5/ 541): (ثم سكن أبو ذر الهروي عند العرب، وتزوج عندهم بالسراة-سراة بني سياه-وهي مرآة بني سعد).

1874 - [الشريف المرتضى]

وتوفي سنة أربع وثلاثين وأربع مائة وعمره ثمان وسبعون سنة. 1874 - [الشريف المرتضى] (1) الشريف المرتضى أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين. كان إماما في علم الكلام والأدب والشعر، وله تصانيف على مذهب الشيعة، ومقالة في أصول الدين، وكتاب «الغرر والدرر»، وهي مجالس أملاها تشتمل على فنون من معاني الأدب، تكلم فيها على النحو واللغة وغير ذلك، وهو كتاب يدل على فضل كبير، واطلاع على العلوم. وأما كتاب «نهج البلاغة» المجموع من كلام علي رضي الله عنه .. فقيل: إنه جمعه، وقيل: جمع أخيه الرضي المذكور في سنة ست وأربع مائة (2)، وما بين وفاة هذين الأخوين ثلاثون سنة، وقد قيل: إنه ليس من كلام علي رضي الله عنه، وإنما هو من كلام الذي وضعه ونسبه إلى علي رضي الله عنه، والله سبحانه وتعالى أعلم. وللمرتضى ديوان شعر كبير، وله عدة مقاطيع، فمن ذلك قوله: [من الطويل] ولما تفرقنا كما شاءت النوى … تبين ودّ خالص وتودّد كأني وقد سار الخليط عشية … أخو جنّة مما أقوم وأقعد قيل: معنى البيت الأول مأخوذ من قول المتنبي: [من الوافر] إذا اشتبهت دموع من خدود … تبيّن من بكى ممن تباكى ومما نسب إلى المرتضى من الشعر: [من المنسرح] مولاي يا بدر كل داجية … خذ بيدي قد وقعت في اللّجج

(1) «تاريخ بغداد» (11/ 401)، و «المنتظم» (9/ 318)، و «معجم الأدباء» (5/ 90)، و «وفيات الأعيان» (3/ 313)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 588)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 433)، و «البداية والنهاية» (12/ 503)، و «بغية الوعاة» (2/ 162)، و «شذرات الذهب» (5/ 168). (2) انظر (3/ 321).

1875 - [أبو الحسين المعتزلي]

حسنك ما تنقضي عجائبه … كالبحر حدّث عنه بلا حرج بحق من خطّ عارضيك ومن … سلط سلطانها على المهج مد يديك الكريمتين معي … ثم ادع لي من هواك بالفرج وملح الشريف وفضائله كثيرة. ولد سنة خمس وخمسين وثلاث مائة، وتوفي سنة ست وثلاثين وأربع مائة. حكى الخطيب أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي أن أبا الحسن علي بن أحمد الفالي الأديب كانت له نسخة من كتاب «الجمهرة» لابن دريد في غاية الجودة، ودعته الحاجة إلى بيعها، فباعها إلى الشريف المرتضى بستين دينارا، فتصفحها الشريف، فوجد فيها أبياتا بخط بائعها أبي الحسن الفالي: [من الطويل] أنست بها عشرين حولا وبعتها … لقد طال وجدي بعدها وحنيني وما كان ظني أنني سأبيعها … ولو خلّدتني في السجون ديوني ولكن لضعف وافتقار وصبية … صغار عليهم تستهلّ شئوني وقد تخرج الحاجات يا أم مالك … كرائم من رب بهن ضنين وهذا الفالي منسوب إلى فاله بالفاء، بلدة بخوزستان. 1875 - [أبو الحسين المعتزلي] (1) أبو الحسين محمد بن علي البصري المتكلم، شيخ المعتزلة، ومن كبار أئمتهم. كان جيد الكلام، حسن العبارة، غزير المادة، له التصانيف الفائقة في أصول الفقه، منها «المعتمد»، وهو كتاب كبير نفيس، ومنه ومن «المستصفى» لأبي حامد الغزالي استمد فخر الدين الرازي في تصنيف كتابه «المحصول»، ومن تصانيفه: «تصفح الأدلة» و «غرر الأدلة» و «شرح الأصول الخمسة» وكتاب في الإمامة وغير ذلك. توفي سنة ست وثلاثين وأربع مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 314)، و «المنتظم» (9/ 324)، و «وفيات الأعيان» (4/ 271)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 587)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 439)، و «شذرات الذهب» (5/ 172).

1876 - [أبو الحسن الربعي]

1876 - [أبو الحسن الربعي] (1) أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن ميمون بن بكر الربعي الدمشقي، المقرئ الحافظ. حدث عن عبد الوهاب الكلابي، والعباس بن محمد بن حبّان وغيرهما. وعنه أبو سعد السّمان، وعبد العزيز الكتّاني وغيرهما. كان أحد الحفاظ المكثرين، والثقات المأمونين، كان يحفظ «غريب الحديث» لأبي عبيد، ويحفظ جملة من الأحاديث بأسانيدها. توفي سنة ست وثلاثين وأربع مائة. 1877 - [مكي بن أبي طالب القيسي] (2) أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي، شيخ الأندلس وعالمها ومقرئها وخطيبها. كان من أهل التبحر في العلوم، وكان كثير التصانيف، له نحو أربعين مصنفا، بعضها مشتمل على أجزاء كثيرة، منها: «النهاية إلى بلوغ الغاية» في معاني القرآن العظيم وتفسيره وأنواع علومه في سبعين جزءا، و «منتخب الحجة» لأبي علي الفارسي ثلاثون جزءا، و «التبصرة في القراءات» في خمسة أجزاء، وهو من أشهر تواليفه، وكتاب «الكشوف عن وجوه القراءات وعللها» عشرون جزءا وغير ذلك. وكان مشهورا بالصلاح وإجابة الدعاء، يحكى أن إنسانا كان يتسلط عليه ويحصي عليه سقطاته، وكان الشيخ كثيرا ما يتلعثم ويتوقف، فحضر ذلك الرجل في بعض الجمع، وجعل يحد النظر إلى الشيخ ويغمزه، فلما خرج .. مضى ونزل في الموضع الذي كان يقرأ فيه ثم قال: أمنوا على دعائي، ثم رفع يديه وقال: اللهم اكفنيه، اللهم اكفنيه، اللهم اكفنيه، وهم يؤمنون، فأقعد ذلك الرجل، وما دخل الجامع بعد ذلك اليوم.

(1) «سير أعلام النبلاء» (17/ 580)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 431)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1108)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 785). (2) جذوة المقتبس» (ص 351)، و «بغية الملتمس» (ص 469)، و «وفيات الأعيان» (5/ 274)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 591)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 452)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 751)، و «الديباج المذهب» (2/ 323)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 258).

1878 - [القاسم بن محمد السهفني]

توفي مكي المذكور سنة سبع وثلاثين وأربع مائة. 1878 - [القاسم بن محمد السهفني] (1) القاسم بن محمد بن عبد الله الجمحي أبو عبد الله. خرج أهله من مكة لاختلاف وقع بين ملوكها، وقصدوا اليمن، فسكنوا سهفنة وتديّروها، وظهر بها القاسم المذكور، ونشأ بين أهلها. ثم جد في طلب العلم، فأخذ عن عبد الله بن علي الزرقاني، ثم ارتحل إلى زبيد، فأخذ بها عن الفقيه أبي بكر بن المضرب، ثم عاد إلى الجبل، فأخذ عن عبد العزيز ابن ربحي صاحب حرارة-بضم الحاء-ثم تدير قريته سهفنة، وكانت يومئذ إحدى قرى الجبال المقصودة لطلب العلم. وكان إماما كبيرا، عالما عاملا، محققا مدققا، فلما درّس بسهفنة .. انتشر علمه وذكره، وعلا صيته وقدره، فقصده الطلبة من أنحاء اليمن؛ من صنعاء والجند وعدن ولحج وأبين والمعافر والسحول واحاظة، ومن مخلاف جعفر، وانتشر عنه المذهب انتشارا كليا، وطبق الأرض بالأصحاب، ولم يكن لأحد من المتقدمين من أهل اليمن أصحاب كأصحابه كثرة وفضلا، فمن أعيان أصحابه: إسحاق العشاري وعبد الملك بن أبي ميسرة المعافريان، وجعفر بن عبد الرحيم من ظرافة، وعمر بن المصوع وولده عبد الله وأبو الموت السفاليون، وأيوب بن محمد بن كديس من ظبا، وإبراهيم بن أبي عمران من الملحمة، وأسعد بن خلاد ومحمد بن سالم الأشرفيان. ولما أراد ابن سمرة إيراد ذكره .. قال: (وينبغي أن نبدأ بالإمام الذي نفع الله به المسلمين، وعضد به الدين، الإمام العارف أبي محمد القاسم بن محمد) (2). قال الجندي: (وحج القاسم سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة، فرافقه في سفره ذلك أحمد بن عبد الله الصعبي جد قضاة سهفنة، ولقيا بمكة أحد المراوزة، فأخذا عنه وعن الحسين بن جعفر المراغي، ثم سألاه القدوم معهما إلى اليمن، وبذلا له القيام بما

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 87)، و «السلوك» (1/ 228)، و «مرآة الجنان» (3/ 58)، و «العطايا السنية» (ص 527)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 45)، و «تحفة الزمن» (1/ 166)، و «هجر العلم» (2/ 978). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 87).

1879 - [إسحاق العشاري]

يحتاجه، فأجابهما إلى ذلك، وأخذا عنه «مختصر المزني» و «سننه» و «سنن الربيع»، ثم تواليف ألفها الحسين بن جعفر المراغي في علم الكلام (1)). وتوفي القاسم المذكور بسهفنة سنة سبع وثلاثين وأربع مائة، رحمه الله ونفع به. 1879 - [إسحاق العشاري] (2) إسحاق بن محمد أبو يعقوب العشاري-قال ابن سمرة: (وإنما قيل له ذلك؛ لأنه كان يحقق عشرة علوم) (3) -المعافري، أصل بلده المعافر، وإليه انتهت رئاسته بها، وعنه أخذ فقهاؤها وغيرهم. وكان فقيها بارعا، عارفا محققا، تفقه بالقاسم بن محمد الجمحي، وهو معدود من أصحابه. وبه تفقه إسحاق بن يوسف الصردفي وغيره. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لشيخه. 1880 - [إسحاق المعبري] (4) إسحاق بن محمد أبو يعقوب المعافري المعبري، نسبة إلى قرية يقال لها: معبرة، في بلد الأشعوب. كان فقيها متفنّنا، عارفا بالفقه والنحو والقراءات السبع، وله تصنيف في النحو يسمى: «المذهب»، وآخر في القراءات يسمى: «الإيجاز». ولم أقف على تاريخ وفاته. قال الخزرجي: (ولقائل أن يقول: هو العشاري المذكور آنفا؛ إذ ليس في إحدى الترجمتين ما يدل على المغايرة بينهما) (5).

(1) «السلوك» (1/ 230). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 96)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 196) و «تحفة الزمن» (1/ 171). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 96). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 96)، و «السلوك» (2/ 418)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 197)، و «تحفة الزمن» (2/ 378). (5) «طراز أعلام الزمن» (1/ 197)، ومضمون الترجمتين يشير إلى أنهما متغايران.

1881 - [أبو محمد الجويني]

1881 - [أبو محمد الجويني] (1) عبد الله بن يوسف أبو محمد الجويني شيخ الشافعية ووالد شيخهم، إمام الحرمين. كان الشيخ أبو محمد إماما في التفسير والفقه والأصول، والعربية والأدب. أخذ الأدب عن أبيه أبي يعقوب يوسف بجوين، ثم قدم نيسابور، واشتغل بالفقه على أبي الطيب سهل بن محمد الصعلوكي، ثم انتقل إلى الإمام أبي بكر القفال المروزي، واشتغل عليه بمرو، وانتفع به، وأتقن عليه المذهب والخلاف، فلما تخرج عليه .. عاد إلى نيسابور، وتصدر للتدريس والفتوى، وتخرج عليه خلق كثير، منهم ولده إمام الحرمين. وكان مهابا، لا يجري بين يديه إلا الجد والبحث والتحريض على التحصيل. توفي في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وأربع مائة، وقيل: في سنة أربع وثلاثين وأربع مائة بنيسابور. قال الشيخ أبو صالح المؤذن: مرض الشيخ أبو محمد الجويني سبعة عشر يوما، وأوصاني أن أتولى غسله وتجهيزه، فلما توفي .. غسلته ولففته في الكفن، فرأيت يده اليمنى زهراء منيرة من غير سوء وهي تتلألأ تلألؤ القمر، فتحيرت وقلت في نفسي: هذه بركات فتاويه. وفضائله كثيرة مشهورة، وهو مذكور في الأصل. 1882 - [الحافظ الخلاّل] (2) أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن بن علي الخلال البغدادي. حدث عن أبي بكر القطيعي، وأبي سعيد الحرفي، وأبي بكر بن شاذان وغيرهم.

(1) «المنتظم» (9/ 332)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 59)، و «وفيات الأعيان» (3/ 47)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 617)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 460)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 73)، و «البداية والنهاية» (12/ 507). (2) «تاريخ بغداد» (7/ 437)، و «المنتظم» (9/ 336)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 593)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 471)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1109)، و «مرآة الجنان» (3/ 60)، و «شذرات الذهب» (5/ 178).

1883 - [أبو القاسم ابن شاهين]

وعنه الخطيب البغدادي، وجعفر السراج، وعلي بن عبد الواحد الدّينوري. قال الخطيب: (كان ثقة، وله معرفة، خرج «المسند على الصحيحين»، وجمع أبوابا وتراجم كثيرة) (1). وتوفي سنة تسع وثلاثين وأربع مائة، والله سبحانه أعلم. 1883 - [أبو القاسم ابن شاهين] (2) أبو القاسم عبيد الله ابن عمر بن شاهين. توفي سنة أربعين وأربع مائة. 1884 - [أبو محمد الشّنتجالي] (3) عبد الله بن سعيد بن لبّاج مولاهم الأموي الشّنتجالي. سمع بقرطبة من أبي محمد بن تيريّ، وحج في سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة، فسمع من أبي ذر الهروي وغيره، وأخذ عن أبي سعيد السجزي «صحيح مسلم». وجاور بمكة دهرا، وحج خمسا وثلاثين حجة، وزار مع كل حجة زيارتين، وكان إذا أراد قضاء الحاجة .. خرج من الحرم. ثم رجع إلى الأندلس في سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة، وكان رجلا صالحا، خيرا زاهدا عاملا، لم تكن للدنيا عنده قيمة، وكان يسرد الصوم، ويكتحل بالإثمد. قال التقي الفاسي: (كتبت هذه الترجمة ملخصة من «تاريخ الإسلام» للذهبي) (4).

(1) «تاريخ بغداد» (7/ 437). (2) «المنتظم» (9/ 343)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 601)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 485)، و «شذرات الذهب» (5/ 181). (3) «تاريخ الإسلام» (29/ 427)، و «العقد الثمين» (5/ 170). (4) «العقد الثمين» (5/ 170)، وانظر أيضا «تاريخ الإسلام» (29/ 427)، وفيهما: أنه توفي سنة (436 هـ‍).

1885 - [الحسن الزيدي]

1885 - [الحسن الزيدي] (1) أبو هاشم الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الملقب بالنفس الزكية. كان علما من الأعلام، وسيدا من السادات الكرام، جمع خصال الإمامة، وبايعه جماعة الزيدية بالإمامة في سنة ست وعشرين وأربع مائة، ودخل صنعاء في شعبان من تلك السنة، وكانت له حروب كثيرة مع همدان وغيرهم، ودخل صنعاء مرة أخرى في سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة. ولم أقف على تاريخ وفاته. ***

(1) «بهجة الزمن» (ص 70)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 327)، و «الحدائق الوردية» (ص 170)، و «طبقات الزيدية الكبرى» (1/ 307).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والعشرون بعد الأربع مائة فيها: أقبلت الروم في ثلاث مائة ألف على قصد الشام، فأشرف على معسكرهم سرية من العرب نحو مائة فارس وألف راجل، فظن ملكهم أنها كبسة، فتخفى ولبس خفا أسود (1) وهرب، فوقعت الخبطة فيهم، واستحكمت الهزيمة، فطمع أولئك العرب فيهم ووضعوا السيف، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وغنموا خزائن الملك، واستغنوا بها، وكاد يستولي الخراب إلى بغداد لضعف الهيبة وتتابع السنين، فاجتمع الهاشميون في جامع المنصور، ورفعوا المصاحف، واستنفروا الناس، فاجتمع إليهم الفقهاء وخلق من الإمامية والرافضة، فضجوا بأن يعفوا من الترك، فعمد الترك-نعوذ بالله من الضلال-فرفعوا صليبا على رأس رمح، وترامى الفريقان بالنشاب والآجر، وقتل طائفة، ثم تحاجزوا، فكثرت العملات والكبسات، وأخذت المخازن الكبار والدور، وتجدد دخول الأكراد اللصوص إلى بغداد، فأخذوا خيول الأتراك من الإصطبلات (2). وفيها: توفي السلطان أمين الملة ويمين الدولة محمود بن الأمير ناصر الدولة أبي منصور سبكتكين. وفيها: توفي أحمد بن محمد المعروف بابن دراج الأندلسي الشاعر، والإمام أبو الفتوح يحيى بن عيسى ابن ملامس اليمني. وفيها-أو في التي قبلها أو بعدها-: توفي الإمام أبو عبد الله محمد بن مسعود بن أحمد المسعودي، وإسماعيل بن ينال، ومحمد بن موسى الصيرفي، والحيري. ***

(1) قال ابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (7/ 737): (وعادة ملوكهم لبس الخف الأحمر، فتركه ولبس الأسود ليعمى خبره على من يريد). (2) «المنتظم» (9/ 232)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 736)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 6)، و «العبر» (3/ 142)، و «البداية والنهاية» (12/ 470).

السنة الثانية والعشرون

السنة الثانية والعشرون فيها: عزم الصوفي الملقب بالمذكور على الغزو، وكتب له السلطان منشورا، وقصد الجامع لقراءة المنشور وبين يديه الرجال بالسلاح يترضون عن الشيخين، وصاحوا: هذا يوم معاوي؛ أي: فيه إظهار شعار معاوية بن أبي سفيان في الذكر لأبي بكر وعمر دون علي رضي الله عنهم أجمعين، فحصبهم أهل الكرخ، فثارت الفتنة واضطرمت، ونهبت العامة دار الشريف المرتضى، ودافع عنه جيرانه الأتراك، واحترقت له سريّة (1)، وبات الناس في ليلة صعبة، وتأهبوا للحرب، واجتمعت العامة وخلق من الترك، وقصدوا الكرخ، فرموا الناس في أسواقه، وأشرف أهل الكرخ على التلف، فركب الوزير والجند، فوقعت آجرة على صدر الوزير، وسقطت عمامته، وقتل جماعة من الشيعة، وزاد النهب فيهم، وأحرق عدة أسواق، ولم يجر من السلطان إنكار لضعفه وعجزه، وتبسطت العامة، وأثاروا الفتن، فالنهار فتن ومحن، والليل عملات ونهب، وقام الجند على السلطان جلال الدولة لاطّراحه مصالحهم، وراموا قطع خطبته، فأرضاهم بالمال، فثاروا بعد أيام عليه (2). وفيها: توفي الخليفة القادر بالله بن المقتدر بن المعتضد العباسي، واستخلف ابنه القائم بأمر الله، فبايعه الشريف المرتضى، ثم الأمير حسن بن عيسى بن المقتدر، وقامت الأتراك على القائم بالرسم الذي للبيعة فقال: إن القادر لم يخلف مالا، وصدق؛ لأنه كان من أفقر الخلفاء، ثم صالحهم على ثلاثة آلاف دينار باع فيها خانا وبستانا، وصغر دست الخلافة إلى هذا الحد، وصارت الأموال والأعمال مقسومة بين الأعراب والأكراد والأتراك مع ضعف ارتفاع الخراج، والوزارة خالية من أهلية وما يناسبها من صلاحية، والوقت هرج ومرج، والناس بلا رأس. وفيها: توفي القاضي عبد الوهاب المالكي، والواعظ يحيى بن عمار الشيباني السّجستاني نزيل هراة، وعلي بن محمد الطّرازي، وعلي بن عبد كويه. ***

(1) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 40)، ونحوه في «تاريخ الإسلام» (29/ 10) حيث قال: (وأحرقت إحدى سريّاته)، وفي «المنتظم» (9/ 238): (وأحرقت إحدى سميريتيه). (2) «المنتظم» (9/ 237)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 748)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 9)، و «العبر» (3/ 148)، و «مرآة الجنان» (3/ 40).

السنة الثالثة والعشرون

السنة الثالثة والعشرون فيها: ثارت الغلمان بالسلطان جلال الدولة، وصمموا على عزله وطرده، فهرب بالليل مع جماعة من غلمانه إلى عكبرا، ونهبت داره من الغد (1). وفيها: سار الملك مسعود بن محمود بن ناصر الدولة سبكتكين، فدخل أصبهان بالسيف، ونهب وقتل عالما لا يحصون، وفعل ما لا يفعله الكفرة (2). وفيها: مات الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد النعيمي البصري، وابن البواب علي بن هلال الكاتب (3)، وأبو القاسم الحرفي، ومنصور الكاغدي. *** السنة الرابعة والعشرون فيها: اشتد الخطب ببغداد بسبب الحرامية وأخذهم أموال الناس عيانا، يأخذون للتاجر ما قيمته عشرة آلاف دينار، وقتلوا صاحب الشرطة، وبقي الناس لا يجسرون يقولون: فعل بنا فلان كذا؛ خوفا منه، وزادت العملات والكبسات، ووقع القتال، واحترقت أماكن وأسواق ومساجد، وقوي الشر، وثارت الجند وقبضت على السلطان جلال الدولة ليرسلوه إلى واسط والبصرة، فأنزلوه في مركب، فابتلت ثيابه وأهين، ثم رجموه، فأخرجوه وأركبوه فرسا ضعيفة وشتموه، فانتصر له أبو الوفاء القائد في طائفة، وأخذوه من أيدي أولئك، وردوه إلى داره، ثم سار بالليل إلى الكرخ، فدعا له أهلها، ونزل في دار الشريف المرتضى، فأصبح العسكر وهموا به، واختلفوا: فقال بعضهم: ما بقي إلا هذا وابن أخيه من بني بويه، وقد سلم الأمر ومضى إلى بلاد فارس، ثم كتبوا له ورقة بالطاعة والاعتذار، فركب معهم إلى دار السلطنة (4). وفيها: توفي الحافظ محمد بن إبراهيم الأردستاني العبد الصالح.

(1) «المنتظم» (9/ 248)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 752)، و «العبر» (3/ 153). (2) «المنتظم» (9/ 254)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 24)، و «العبر» (3/ 154)، و «البداية والنهاية» (12/ 477). (3) ذكر ابن البواب في وفيات هذه السنة موافقة لليافعي، وقد قدّمنا في ترجمته أن أكثر المؤرخين أرّخوا وفاته سنة (413 هـ‍). (4) «المنتظم» (9/ 257)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 758)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 25)، و «العبر» (3/ 155)، و «البداية والنهاية» (12/ 478).

السنة الخامسة والعشرون

السنة الخامسة والعشرون فيها: توفي الحافظ أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني، وأبو علي الحسن بن شاذان، وعمر بن إبراهيم الهروي الفقيه العالم الزاهد، والحافظ عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر المرّي الدمشقي أبو نصر الشروطي، وأبو بكر محمد بن علي ابن مصعب الأصبهاني، وعبد الرحمن ابن شبانة. *** السنة السادسة والعشرون فيها: تملك العيارون بغداد، وغزا مسعود بن محمود بن سبكتكين بلاد الهند، فوصل كتابه بأنه قتل من القوم خمسين ألفا وسبى سبعين ألفا (1). وفيها: توفي أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن مروان المعروف بابن شهيد الأشجعي القرطبي الشاعر، وأبو محمد ابن الشقاق-بالشين المعجمة، والقاف المكررة-شيخ المالكية ورأس القراء، والفقيه الأديب المحدث أبو عمرو الرّزجاهي-بفتح الراء، وسكون الزاي قبل الجيم، على ما ضبطه في بعض النسخ-محمد بن عبد الله البسطامي. وفيها: وثب أبو الحسن بن أبي البركات بن ثمال الخفاجي على عمه علي فقتله، وقام بإمارة بني خفاجة (2). *** السنة السابعة والعشرون فيها: دخل العيارون وهم مائة من الأكراد والأعراب، فأحرقوا دار صاحب الشرطة، وفتحوا خانا، فأخذوا ما فيه، وخرجوا بالكارات والناس لا ينطقون. وفيها: شغبت الجند على الملك جلال الدولة وقالوا: اخرج عنا، فقال: أمهلوني ثلاثة أيام، وهرب منهم إلى رافع بن الحسين بن مقن صاحب تكريت (3).

(1) «المنتظم» (9/ 270)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 768)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 34)، و «العبر» (3/ 161)، و «البداية والنهاية» (12/ 481). (2) «المنتظم» (9/ 270)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 771). (3) «المنتظم» (9/ 278)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 774)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 36)، و «العبر» (3/ 163).

السنة الثامنة والعشرون

وفيها: كانت وقعة بخراسان بين الغز وبين أصحاب مسعود، استظهر فيه الغز (1). وفيها: مات رافع بن الحسين بن مقن صاحب تكريت، وعلي الملقب بالظاهر لإعزاز دين الله بن منصور الملقب بالحاكم، صاحب مصر، وقام بالأمر بعده ابنه الملقب: المستنصر. *** السنة الثامنة والعشرون فيها: توفي أبو الحسين أحمد بن محمد القدوري الفقيه الحنفي، والحافظ أحمد بن علي ابن منجويه، والرئيس أبو علي ابن سينا واسمه: الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، وعثمان ابن دوست، والشريف أبو علي ابن أبي موسى الحنبلي الهاشمي، والقاضي أبو الحسن مهيار بن مرزويه الكاتب الشاعر المشهور، ووجيه الدولة أبو المطاع بن حمدان بن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي. *** السنة التاسعة والعشرون فيها: وقع إنكار من أهل العلم على أبي يعلى بن الفراء الحنبلي من أجل ما تضمنه كتاب «الصفات»، وحضر أبو الحسن القزويني الزاهد، فتكلم في ذلك بجامع المنصور (2). وفيها: كان أول ظهور الداعي علي بن محمد الصليحي، وذلك أنه ثار في رأس جبل، فسار ومعه ستون رجلا قد حالفهم بمكة في موسم سنة ثمان وعشرين على الموت والقيام بدعوة المستنصر العبيدي كما سيأتي في ترجمة الصليحي (3) وفيها: مات أبو القاسم علي بن الحسين بن مكرم صاحب عمان، وقام ابنه مقامه (4). وفيها: خطب لجلال الدولة بملك الملوك الأعظم شاهنشاه، فنفر لذلك العامة، ورموا الخطباء بالآجرّ، ووقعت فتنة (5).

(1) «الكامل في التاريخ» (7/ 716). (2) «المنتظم» (9/ 287)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 786). (3) «تاريخ حضرموت» للحامد (1/ 368)، وانظر ترجمته (3/ 424). (4) «المنتظم» (9/ 290)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 782) في وفيات سنة (428 هـ‍). (5) «المنتظم» (9/ 288)، و «الكامل في التاريخ» (7/ 786)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 40)، و «البداية والنهاية» (12/ 490).

السنة الموفية ثلاثين بعد الأربع مائة

وفيها: توفي محدث هراة الحافظ أبو يعقوب القراب واسمه: إسحاق بن إبراهيم السرخسي الهروي، والإمام يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث قاضي الجماعة بقرطبة، والأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي الفقيه الشافعي الأصولي الأديب، والحافظ أبو عمر الطّلمنكي. *** السنة الموفية ثلاثين بعد الأربع مائة فيها: خوطب أبو منصور بن جلال الدولة بالملك العزيز، وكان مقيما بواسط، وبه انقرض ملك بني بويه (1). وفيها: توفي الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الصوفي مصنف كتاب «حلية الأولياء»، وأبو منصور الثعالبي عبد الملك بن محمد النيسابوري، الأديب اللبيب الشاعر، صاحب التصانيف الأدبية السائرة في الدنيا، وأبو القاسم عبد الملك بن بشران البغدادي الواعظ، وإسماعيل بن أحمد الحيري، وأبو زيد الدبوسي، وأبو الحسن الحوفي، وأبو عمران الفاسي. *** السنة الحادية والثلاثون فيها: توفي أبو العلاء محمد بن علي بن أحمد الواسطي، ومحمد بن عوف المزني، وعبد الرحمن ابن الطّبيز، والمسدد الأملوكي، وابن نظيف، والإمام أبو علي الحسن بن محمد بن شعيب السنجي (2). *** السنة الثانية والثلاثون فيها: نزلت الغز وهم السلجوقية-بالسين المهملة، والجيم، والقاف-بالري، وفر

(1) «المنتظم» (9/ 291)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 42)، و «البداية والنهاية» (12/ 492)، و «شذرات الذهب» (5/ 149). (2) الإمام أبو علي السنجي أورد المؤلف ترجمته (3/ 377) في وفيات سنة (433 هـ‍) على ما جزم به بعضهم، فحقه أن يؤخّر إليها.

السنة الثالثة والثلاثون

السلطان مسعود بن محمود بن سبكتكين إلى غزنة، واستولت الغز على جميع خراسان (1). وفيها: كانت الحروب ببغداد بين الرافضة والسنية تستعر (2). وفيها: توفي الحافظ أبو العباس جعفر بن محمد المستغفري، وأبو حسّان المزكّي، ومحمد بن عمر بن بكير. *** السنة الثالثة والثلاثون فيها: توفي السلطان مسعود بن السلطان محمود بن سبكتكين صاحب غزنة، وقام أخوه محمد مقامه، فخرج عليه ابن أخيه مودود بن مسعود، فقبض على عمه محمد المذكور، وعاد إلى غزنة، واستقر له الملك والأمر (3). وفيها: توفي الرئيس أحمد بن محمد أبو الحسين الأصبهاني راوي «المعجم الكبير» عن الطبراني، والقاضي أبو نصر الكسار أحمد بن الحسين الدّينوري، سمع «سنن النسائي» من ابن السني وحدث به، وعبد الرحمن بن أحمد النصرويّي، وأبو عثمان سعيد بن العباس، وأبو القاسم الزيدي، وأبو الحسن بن السّمسار، وأبو القاسم محمد ابن عباد قاضي إشبيلية وملكها. *** السنة الرابعة والثلاثون فيها: كانت الزلزلة العظمى بتبريز، فهدمت أسوارها، وأحصي من هلك تحت الهدم فكانوا أكثر من أربعين ألفا، نسأل الله العفو والعافية (4). وفيها: مات الحافظ عبد بن أحمد أبو ذر الهروي، نزيل مكة.

(1) «المنتظم» (9/ 301)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 320)، و «العبر» (3/ 178). (2) «المنتظم» (9/ 301)، و «تاريخ الإسلام» (8/ 5)، و «العبر» (3/ 178)، و «البداية والنهاية» (12/ 497). (3) انظر ترجمته في «المنتظم» (9/ 307)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 18)، و «وفيات الأعيان» (5/ 181)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 495)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 393). (4) «المنتظم» (9/ 310)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 39)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 325)، و «البداية والنهاية» (12/ 499).

السنة الخامسة والثلاثون

السنة الخامسة والثلاثون فيها: وصل الغز الموصل، وأخذوا حرم قرواش وأفسدوا (1) وفيها: توفي السلطان جلال الدولة ابن بويه، وأبو الحزم جهور بن محمد بن جهور أمير قرطبة ورئيسها وصاحبها، ومحمد بن جعفر الميماسي. وفيها: أجمع قرواش بن المقلّد ودبيس بن علي بن مزيد على الإيقاع بالغز، فقتل منهم مقتلة عظيمة (2). *** السنة السادسة والثلاثون فيها: توفي الشريف المرتضى أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق نقيب الطالبيين وشيخ الشيعة، وأبو الحسين محمد بن علي البصري شيخ المعتزلة، والقاضي أبو عبد الله الصّيمري أحد أئمة الحنفية، والحافظ أبو الحسن علي بن الحسن الربعي. *** السنة السابعة والثلاثون فيها: توفي شيخ الأندلس وعالمها وخطيبها أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي، والإمام العالم القاسم بن محمد بن عبد الله القرشي الجمحي اليمني، وأبو الحسن علي بن محمد بن نصر صاحب الرسائل، وأبو الشوك فارس بن محمد بن عنّاز صاحب حلوان والدينور. *** السنة الثامنة والثلاثون فيها: ظفر بنو نمير بأصفر بني تغلب الغازي، وكان قد أوغل في بلاد الروم، وثقلت

(1) «المنتظم» (9/ 314)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 43)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 328). (2) «المنتظم» (9/ 314)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 43)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 328).

السنة الموفية أربعين بعد الأربع مائة

وطأته عليهم، وسلّم إلى ابن مروان، فسد عليه برجا من أبراج آمد (1). وفيها: قصدت طائفة من الغز شهرزور، وفتحت قلعة السيروان، وأجفل الناس هاربين إلى بغداد (2). وفيها: توفي الإمام أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين. *** وتوفي الحافظ أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن الخلال البغدادي، وأبو الفرج الطناجيري في السنة التاسعة والثلاثين. *** السنة الموفية أربعين بعد الأربع مائة فيها: أقام المعز بالمغرب الدعوة للقائم بأمر الله العباسي، وخلع طاعة المستنصر العبيدي صاحب مصر، فبعث المستنصر جيشا من العرب يحاربونه، فذلك أول دخول العربان إلى إفريقية، وهم بنو رياح، وبنو زغبة، وجرت لهم أمور يطول شرحها (3). وفيها: توفي أبو القاسم عبيد الله بن عمر ابن شاهين، وعلي بن ربيعة بمصر، وأبو ذر الصالحاني، وابن ريذة، وابن غيلان، وأبو منصور السواق، والكارزيني مقرئ مكة. والله سبحانه أعلم ***

(1) «المنتظم» (9/ 335)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 64)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 334)، و «البداية والنهاية» (12/ 507)، وقد وردت هذه الحادثة في هذه المصادر جميعها في سنة (439 هـ‍). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 56). (3) «المنتظم» (9/ 342)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 73)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 337)، و «العبر» (3/ 193)، و «شذرات الذهب» (5/ 180).

العشرون الثالثة من المائة الخامسة

العشرون الثالثة من المائة الخامسة [اعلام] 1886 - [ابن خلاد] (1) أسعد-ويقال: أيوب-ابن خلاد أبو الفتح. تفقه بالقاسم بن محمد الجمحي، وروى عنه «معاني القرآن» للصفار، وكان فقيها محققا، زاهدا ورعا، ومسكنه بذي أشرف. توفي بعد الأربعين وأربع مائة. 1887 - [أحمد بن عبد الرحمن التميمي] (2) أبو علي أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر التميمي الدمشقي، أحد الأكابر. توفي سنة إحدى وأربعين وأربع مائة. 1888 - [الحافظ أبو عبد الله الصوري] (3) أبو عبد الله محمد بن علي الصوري، أحد أركان الحديث. قال الخطيب: (كان يسرد الصوم) (4). وقال أبو الحسين: ما رأيت أحفظ من الصوري. توفي سنة إحدى وأربعين وأربع مائة.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 99)، و «السلوك» (1/ 242)، و «العطايا السنية» (ص 278)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 200)، و «تحفة الزمن» (1/ 174)، و «هجر العلم» (2/ 726). (2) «سير أعلام النبلاء» (17/ 649)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 39)، و «مرآة الجنان» (3/ 60)، و «شذرات الذهب» (5/ 183). (3) «تاريخ بغداد» (3/ 317)، و «المنتظم» (9/ 349)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 627)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 52)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1114)، و «البداية والنهاية» (12/ 513). (4) «تاريخ بغداد» (3/ 318).

1889 - [الحافظ ابن حمدان]

1889 - [الحافظ ابن حمدان] (1) أبو طاهر محمد بن أحمد بن علي بن حمدان الحمداني الخراساني. سمع خلقا بعدة أقطار، منهم أبو بكر الجوزقي، والحاكم، وبه تخرج في علم الآثار وغيرها. وكان أحد الرحالين، والمصنفين المتقنين. توفي سنة إحدى وأربعين وأربع مائة. 1890 - [ابن القزويني] (2) علي بن عمر بن محمد بن الحسن أبو الحسن القزويني الزاهد القدوة. قال الخطيب: (كان أحد الزهاد، ومن عباد الله الصالحين، يقرئ ويحدث، ولا يخرج إلا لصلاة، وغلقت بغداد يوم وفاته، ولم نر جمعا أعظم من ذلك الجمع) (3). توفي سنة اثنتين وأربعين وأربع مائة. 1891 - [أبو القاسم الثمانيني] (4) أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني الموصلي، الضرير النحوي، أحد أئمة العربية بالعراق. أخذ عن ابن جني، وتصدر للإفادة، وصنف شرحا ل‍ «لمع ابن جني»، وشرحا ل‍ «التصريف». وتوفي سنة اثنتين وأربعين وأربع مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (17/ 663)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 51)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1111). (2) «تاريخ بغداد» (12/ 42)، و «المنتظم» (9/ 354)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 609)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 64)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 260)، و «البداية والنهاية» (12/ 515). (3) «تاريخ بغداد» (12/ 42). (4) «المنتظم» (9/ 354)، و «معجم الأدباء» (6/ 40)، و «وفيات الأعيان» (3/ 443)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 68)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 443)، و «البداية والنهاية» (12/ 516)، و «بغية الوعاة» (2/ 217).

1892 - [ابن العلاف]

1892 - [ابن العلاف] (1) أبو طاهر محمد بن علي ابن العلاف الواعظ. توفي سنة اثنتين وأربعين وأربع مائة. 1893 - [أبو القاسم الفارسي] (2) أبو القاسم علي بن أحمد الفارسي، مسند الديار المصرية. أكثر عن أبي أحمد بن الناصح، والذهلي. توفي سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة. وما ذكرت من أن اسم أبيه: أحمد هو ما في «تاريخ اليافعي» (3)، وفي «الذهبي» أن اسم والده: محمد (4). 1894 - [أبو سعد السرخسي] (5) أبو سعد السرخسي الحنفي. قتلته الرافضة في الفتنة الواقعة بين أهل السنة والشيعة، قتل فيها جمع، ونبشت عدة قبور للشيعة، وأحرقوا، فعمدت الشيعة إلى خان الحنفية فأحرقوه، وقتلوا مدرسهم أبا سعد السرخسي المذكور، وذلك في سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة. 1895 - [الإمام أبو عمرو الداني] (6) عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد الأموي مولاهم القرطبي المعروف بأبي عمرو الداني

(1) «المنتظم» (9/ 356)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 608)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 71)، و «مرآة الجنان» (3/ 61). (2) «سير أعلام النبلاء» (17/ 613)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 81)، و «العبر» (2/ 204)، و «مرآة الجنان» (3/ 61)، و «شذرات الذهب» (5/ 192). (3) «مرآة الجنان» (3/ 61). (4) «العبر» (3/ 204)، وكذا في باقي مصادر الترجمة. (5) «الكامل في التاريخ» (8/ 95)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 9)، و «العبر» (3/ 203)، و «مرآة الجنان» (3/ 61)، و «شذرات الذهب» (5/ 191). (6) «جذوة المقتبس» (ص 305)، و «بغية الملتمس» (ص 411)، و «معجم الأدباء» (4/ 409)، و «سير أعلام

1896 - [أبو غانم الكراعي]

المقرئ، أحد الأئمة الأعلام، ومصنف التفسير وغيره من الكتب المفيدة في القراءات وغيرها. قيل: بلغت مصنفاته مائة وعشرين مصنفا. قرأ بالروايات على أبي الحسن طاهر ابن غلبون، وفارس بن أحمد، وخلف بن خاقان. وسمع الحديث من أبي مسلم الكاتب، وأبي الحسن القابسي وغيرهما، وأخذ عنه سليمان بن نجاح في آخرين، وروى عنه يحيى بن سليمان العنبري (1)، وخلف الطليطلي وغيرهما. وكان إماما ثقة، ورعا تقيا. توفي بدانية المنسوب إليها سنة أربع وأربعين وأربع مائة. قيل: كان مجاب الدعوة. 1896 - [أبو غانم الكراعي] (2) أبو غانم أحمد بن علي بن الحسين المروزي الكراعي، مسند خراسان في وقته. توفي سنة أربع وأربعين وأربع مائة، كذا في «الذهبي» كنيته: أبو غانم (3)، وفي «تاريخ اليافعي»: أبو عاصم (4). 1897 - [ناصر العمري] (5) ناصر العمري، من ذرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

= النبلاء» (18/ 77)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 97)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1120)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 773)، و «الديباج المذهب» (2/ 76)، و «نفح الطيب» (2/ 135). (1) يحيى بن سليمان العنبري لم نجده في تلاميذ أبي عمرو الداني، ولم نقف له على ترجمة، ولعله تصحّف عن اسم آخر. (2) «سير أعلام النبلاء» (17/ 607)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 87)، و «العبر» (2/ 207)، و «مرآة الجنان» (3/ 62)، و «شذرات الذهب» (5/ 193). (3) «العبر» (3/ 207). (4) في النسخة التي بين أيدينا من «مرآة الجنان» (3/ 62): (أبو غانم). (5) «سير أعلام النبلاء» (17/ 643)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 106)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 350)، و «شذرات الذهب» (5/ 195).

1898 - [أبو نصر الوائلي السجزي]

توفي سنة أربع وأربعين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 1898 - [أبو نصر الوائلي السجزي] (1) عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد الوائلي البكري الحافظ أبو نصر السجزي، نزيل مكة. حدث عن أبي أحمد الفرضي، والحاكم، وأبي عمر بن مهدي، وأبي عبد الرحمن السلمي وغيرهم، وله رحلة إلى الشام ومصر وخراسان والحجاز. حدث عنه أبو إسحاق الحبال، وأبو معشر الطبري، وسهل بن بشر الأسفراييني وغيرهم. وله كتاب «الإبانة الكبرى» في مسألة القرآن دال على إمامته وبصره بالرجال والطرق، وكان مع ذلك زاهدا. ذكر أبو إسحاق الحبال أنه كان عنده يوما في بيته، فدقّ الباب، ففتح أبو إسحاق، فدخلت امرأة، فأخرجت كيسا فيه ألف دينار، فوضعته بين يدي أبي نصر وقالت: أنفقها فيما ترى، فقال: ما المقصود؟ قالت: تتزوجني، ولا حاجة لي في الزوج، ولكن لأخدمك، فأمرها بأخذ الكيس وأن تنصرف، فلما انصرفت .. قال: خرجت من سجستان بنية طلب العلم، ومتى تزوجت .. سقط عني هذا الاسم، وما أؤثر على طلب العلم شيئا. توفي بمكة في المحرم سنة أربع وأربعين وأربع مائة. 1899 - [المقرئ تاج الأئمة] (2) أبو العباس أحمد بن علي بن هاشم المصري، الملقب بتاج الأئمة، مقرئ الديار المصرية. توفي سنة خمس وأربعين وأربع مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (17/ 654)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 95)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1118)، و «الجواهر المضية» (2/ 495)، و «العقد الثمين» (5/ 307)، و «شذرات الذهب» (5/ 194). (2) «تاريخ الإسلام» (30/ 108)، و «العبر» (3/ 210)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 771)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 217)، و «مرآة الجنان» (3/ 62)، و «شذرات الذهب» (5/ 197).

1900 - [أبو إسحاق البرمكي]

1900 - [أبو إسحاق البرمكي] (1) إبراهيم بن عمر أبو إسحاق البرمكي البغدادي الحنبلي. قال الخطيب: (كان صدوقا دينا فقيها، له حلقة الفتوى) (2). توفي سنة خمس وأربعين وأربع مائة. 1901 - [الحافظ أبو سعد السّمّان] (3) إسماعيل بن علي بن الحسين بن زنجويه الرازي أبو سعد السمان. كان من الحفاظ الكبار، زاهدا عابدا، رأسا في القراءات والحديث والفقه، بصيرا بمذهبي أبي حنيفة والشافعي، لكنه من رءوس المعتزلة. يقال: إن شيوخه ثلاثة آلاف وست مائة شيخ. ومن كلامه: من لم يكتب الحديث .. لم يتغرغر بحلاوة الإسلام. قال الشيخ اليافعي: (إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ) (4)، وذكر غيره أن شيوخه ثلاثة آلاف وست مائة شيخ. قال الشيخ اليافعي: (وما سمعت أن أحدا له من الشيوخ مثل هذا المذكور إلا الحافظ أبا سعيد السمعاني؛ فإن شيوخه يزيدون على أربعة آلاف شيخ، قال: وممن سمعت أن شيوخه يزيدون على ألفين الحافظ عبد الله بن المبارك، وممن سمعت أن شيوخه يزيدون على ألف الحافظ أبو القاسم ابن عساكر، ذكروا أن شيوخه ألف وثلاث مائة، وممن شيوخه ألف الطبراني، وممن شيوخه دون الألف الشيخ صلاح الدين العلائي، مدرس الصالحية في القدس رحمه الله أخبرني بذلك، أو قال: نحو الألف، قال: وليس فيهم أجل من الشيخ

(1) «تاريخ بغداد» (6/ 137)، و «المنتظم» (9/ 368)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 605)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 109)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 73)، و «شذرات الذهب» (5/ 197). (2) «تاريخ بغداد» (6/ 137). (3) «سير أعلام النبلاء» (18/ 55)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 111)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1121)، و «مرآة الجنان» (3/ 62)، و «البداية والنهاية» (12/ 520)، و «الجواهر المضية» (1/ 424)، و «شذرات الذهب» (5/ 198). (4) «مرآة الجنان» (3/ 63).

1902 - [أبو طاهر مسند أصبهان]

رضي الدين، بقية المحدثين الصالحين، إبراهيم بن محمد الطبري إمام مقام إبراهيم الخليل على نبينا وعليه أفضل الصلاة والتسليم) اهـ‍ (1) توفي أبو سعد السمان المذكور سنة خمس وأربعين وأربع مائة، وقيل: سنة سبع. 1902 - [أبو طاهر مسند أصبهان] (2) أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد الكاتب، مسند أصبهان. توفي سنة خمس وأربعين وأربع مائة. 1903 - [أبو يعلى الخليلي] (3) أبو يعلى الخليلي، واسمه: الخليل بن عبد الله بن أحمد القزويني. حدث عن أبي طاهر المخلّص، وأبي عبد الله الحاكم وغيرهما، وأجاز له ابن المقرئ والغطريفي وابن شاهين. وروى عنه ابنه أبو زيد، وأبو بكر بن لال. وكان إماما حافظا، أحد أئمة الحديث، صنف «الإرشاد في معرفة المحدثين». توفي سنة ست وأربعين وأربع مائة. 1904 - [أبو علي الأهوازي] (4) الحسن بن علي بن إبراهيم المقرئ أبو علي الأهوازي المحدث، صاحب التصانيف. توفي سنة ست وأربعين وأربع مائة.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 63). (2) «سير أعلام النبلاء» (17/ 639)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 116)، و «العبر» (3/ 211)، و «مرآة الجنان» (3/ 63)، و «شذرات الذهب» (5/ 198). (3) «سير أعلام النبلاء» (17/ 666)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 130)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1123)، و «مرآة الجنان» (3/ 63)، و «شذرات الذهب» (5/ 199). (4) «سير أعلام النبلاء» (18/ 13)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 124)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 766)، و «شذرات الذهب» (5/ 199).

1905 - [ابن اللبان]

1905 - [ابن اللّبّان] (1) أبو محمد بن اللبّان الأصبهاني. قال الخطيب: (كان أحد أوعية العلم) (2). توفي سنة ست وأربعين وأربع مائة. 1906 - [سالم الشعبي] (3) سالم بن عبد الله بن يزيد الشعبي. ولد في ربيع الأول سنة ستين وثلاث مائة، وكان فقيها فاضلا. وتوفي أول يوم من المحرم من سنة ست وأربعين وأربع مائة. وهو جد الفقيه سالم بن عبد الله بن محمد بن سالم الآتي ذكره في المائة السادسة (4). 1907 - [أبو عبد الله ابن ماكولا] (5) أبو عبد الله الحسين بن علي العجلي، قاضي القضاة ابن ماكولا الشافعي. قال الخطيب: (لم نر قاضيا أعظم نزاهة منه) (6). توفي سنة سبع وأربعين وأربع مائة، وكان ميلاده سنة ثمان وستين وثلاث مائة. 1908 - [سليم الرازي] (7) سليم بن أيوب بن سليم الرازي-نسبة إلى الري بزيادة الزاي على غير قياس-الفقيه الإمام

(1) «تاريخ بغداد» (10/ 143)، و «المنتظم» (9/ 373)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 653)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 132)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 72). (2) «تاريخ بغداد» (10/ 143). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 100)، و «العطايا السنية» (ص 331)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 451). (4) انظر (4/ 111). (5) «تاريخ بغداد» (8/ 79)، و «المنتظم» (9/ 379)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 147)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 349)، و «شذرات الذهب» (5/ 201). (6) «تاريخ بغداد» (8/ 79). (7) «وفيات الأعيان» (2/ 397)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 645)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 151)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 388)، و «مرآة الجنان» (3/ 64)، و «شذرات الذهب» (5/ 202).

1909 - [عبد الله بن الوليد الأندلسي]

الشافعي، المفسر الأديب، صاحب التصانيف المشهورة ككتاب «الإشارة» وكتاب «غريب الحديث» وكتاب «التقريب»، وليس هو «التقريب» الذي ينقل عنه الإمام في «النهاية» والغزالي في «البسيط» و «الوسيط»؛ فإن ذلك للقاسم ابن القفال الشاشي. سكن سليم مدينة صور من الشام متصديا لنشر العلم والإفادة، وكان يقول: وضعت مني صور، ورفعت من أبي الحسن المحاملي بغداد. توفي بعد رجوعه من الحج غريقا في بحر القلزم عند ساحل جدّة، ودفن بجزيرة بقرب الجار، وذلك في سنة سبع وأربعين وأربع مائة. 1909 - [عبد الله بن الوليد الأندلسي] (1) عبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري الأندلسي، الفقيه المالكي. توفي سنة ثمان وأربعين وأربع مائة. 1910 - [أبو الحسين الفارسي] (2) أبو الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي. توفي سنة ثمان وأربعين وأربع مائة. 1911 - [أبو الحسن الفالي] (3) أبو الحسن علي بن أحمد الفالي المؤدب-نسبة إلى فالة بالفاء، بلدة بخوزستان- الأديب. حكى الخطيب أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي أن أبا الحسن الفالي المذكور كانت له نسخة من كتاب «الجمهرة» لابن دريد في غاية الجودة، فدعته الحاجة إلى بيعها،

(1) «جذوة المقتبس» (ص 266)، و «بغية الملتمس» (ص 352)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 658)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 178)، و «شذرات الذهب» (5/ 205). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 19)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 180)، و «مرآة الجنان» (3/ 66)، و «شذرات الذهب» (5/ 205). (3) «تاريخ بغداد» (11/ 332)، و «المنتظم» (9/ 386)، و «معجم الأدباء» (4/ 473)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 183)، و «مرآة الجنان» (3/ 66)، و «البداية والنهاية» (12/ 525)، و «شذرات الذهب» (5/ 206).

1912 - [أبو حفص ابن مسرور]

فباعها إلى الشريف المرتضى بستين دينارا، قال الشريف: فتصفحتها فوجدت فيها أبياتا بخط بائعها أبي الحسن الفالي، وهي: [من الطويل] أنست بها عشرين حولا وبعتها … لقد طال وجدي بعدها وحنيني وما كان ظني أنني سأبيعها … ولو خلّدتني في السجون ديوني ولكن لضعف وافتقار وصبية … صغار عليهم تستهل شئوني وقد تخرج الحاجات يا أم مالك … كرائم من ربّ بهن ضنين توفي الفالي المذكور سنة ثمان وأربعين وأربع مائة. 1912 - [أبو حفص ابن مسرور] (1) أبو حفص ابن مسرور. قال عبد الغفار: وهو أبو حفص الماوردي الزاهد الفقيه. كان كثير العبادة والمجاهدة، وكانوا يتبركون بدعائه. توفي سنة ثمان وأربعين وأربع مائة وعمره تسعون سنة. 1913 - [أبو العلاء المعري] (2) أحمد بن عبد الله التنوخي المعروف بأبي العلاء المعري اللغوي، الشاعر المشهور. ولد عند مغيب شمس يوم الجمعة لثلاث بقين من ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاث مائة بالمعرة، وعمي في صغره أول سنة سبع وستين، غشّى يمنى عينيه بياض، وذهبت اليسرى جملة، وكان متضلعا من فنون الأدب. قرأ النحو واللغة على أبيه بالمعرة، وعلى محمد بن عبد الله بن سعد النحوي بحلب. شرح «ديوان المتنبي»، ولما فرغ من تصنيفه وقرئ عليه .. أخذ الجماعة في وصفه،

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 10)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 185)، و «مرآة الجنان» (3/ 66)، و «شذرات الذهب» (5/ 206). (2) «تاريخ بغداد» (4/ 463)، و «المنتظم» (9/ 396)، و «معجم الأدباء» (1/ 555)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 150)، و «وفيات الأعيان» (1/ 113)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 23)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 198)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 94)، و «مرآة الجنان» (3/ 66)، و «بغية الوعاة» (1/ 315).

فقال أبو العلاء: كأنما نظر المتنبي إليّ بلحظ الغيب حيث يقول: [من البسيط] أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي … وأسمعت كلماتي من به صمم واختصر «ديوان أبي تمام» وشرحه، وكذا «ديوان البحتري»، و «ديوان المتنبي» وتولى الانتصار لهم، وانتقد عليهم في مواضع. وله من النظم «لزوم ما لا يلزم» في نحو خمسة أجزاء، وله «سقط الزند»، وشرحه بنفسه وسماه: «ضوء السقط»، وله الكتاب المعروف ب‍ «الهمزة والردف» يقارب المائة جزء في الأدب. ومن لطيف نظمه قوله: [من البسيط] لو اختصرتم من الإحسان زرتكم … والعذب يهجر للإفراط في الخصر الخصر-بالخاء المعجمة والصاد المهملة المفتوحتين-: البرد. ومن نظمه المشير به إلى فضله: [من الطويل] وإني وإن كنت الأخير زمانه … لآت بما لم تستطعه الأوائل يقال: إنه لما أنشد هذا البيت .. قال له بعض الصغار الذين في المكتب: قد أجمع الأولون على أن حروف الهجاء ثمانية وعشرون، فزد لنا أنت حرفا لا نستغني عنه، أو أنقص منها حرفا لا نحتاج إليه، فأبهته. وكان فيه ذكاء مفرط. يحكى أنه لما دخل بغداد .. حضر مجلس الشريف المرتضى، وكان الشريف يغض من شعر المتنبي، والمعري يمدحه، حتى قال: ولو لم يكن من شعره إلا قصيدته التي يقول فيها: [من الكامل] لك يا منازل في القلوب منازل .. لكفاه ذلك، فأمر الشريف المرتضى بإخراجه من المجلس مسحوبا، ثم قال: أتدرون ما عنى الأعمى في القصيدة المذكورة، إنما أومأ فيها إلى قول المتنبي: وإذا أتتك مذمتي من ناقص … فهي الشهادة لي بأني كامل وممن أخذ عن المعري أبو القاسم التنوخي، والخطيب أبو زكريا التبريزي وغيرهما.

وأقام ببلدة المعرة، وقصده الطلبة من الآفاق. نظم الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ومن نظمه: [من الكامل] لا تطلبن بغير حظ رتبة … قلم البليغ بغير حظ مغزل (1) سكن السماكان السماء كلاهما … هذا له رمح وهذا أعزل قال الشيخ اليافعي: (أشرك بين السماكين في نيل المرتبة مع كون أحدهما ذا آلة يكتسب بها المراتب، وهي الرمح، ولي ثلاثة أبيات خصصت بالمرتبة الخالي منهما عن الآلة، وهو الأعزل حيث قلت: [من الكامل] لو كان بالآلات حظ يحصل … والسعد يأتي والعطايا تجزل ما كان في عالي المنازل رامح … أو لم يحزها دون ذلك أعزل لكنه من دونه قد حازها … في سوحه البدر المتمم ينزل وكلا النظمين في قوافيهما التزام ما لا يلزم) (2). قيل: إن المعري مكث خمسا وأربعين سنة لا يأكل اللحم، يرى رأي الحكماء المتقدمين في تحريم إيلام الحيوان وذبحه، وهو خلاف ما جاءت به الشرائع. توفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر ربيع الأول من سنة تسع وأربعين وأربع مائة، ورثاه تلميذه أبو الحسن بن همام يشير إلى ما كان يراه ويدين به من تحريم ذبح الحيوان مطلقا بقوله: [من الكامل] إن كنت لم ترق الدماء زهادة … فلقد أرقت اليوم من جفني دما سيّرت ذكرك في البلاد كأنه … مسك فسامعه يعطر أو فما قال الشيخ اليافعي: (يعني: أن طيب ثنائه يعطر سامعه والمتكلم به المثني عليه، واقتصر على الفم لضيق المقام في مساعدة الوزن على عموم المتكلم دون تخصيص فمه، قال: ويحتمل أنه أراد بالتعطير تعميم السامع والمتكلم، وتكون (أو) بمعنى الواو، مثلها في قوله تعالى: {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} على رأي، والله سبحانه أعلم) (3).

(1) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 68)، وفي غيره: لا تطلبنّ بآلة لك رتبة قلم البليغ بغير جدّ مغزل (2) «مرآة الجنان» (3/ 68). (3) «مرآة الجنان» (3/ 69).

1914 - [أبو مسعود البجلي]

1914 - [أبو مسعود البجلي] (1) أبو مسعود أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان البجلي الرازي. حدث عن زاهر السرخسي، وأبي محمد المخلدي، وأبي بكر بن لال وغيرهم. وعنه إسماعيل بن عبد الغافر وغيره. وكان حافظا صدوقا، تاجرا تقيا، صنف على الأبواب. وتوفي سنة تسع وأربعين وأربع مائة. 1915 - [أبو عبد الله الخبازي] (2) أبو عبد الله الخبازي المقرئ النيسابوري. كان كبير الشأن، وافر الحرمة، مجاب الدعوة. توفي سنة تسع وأربعين وأربع مائة. 1916 - [أبو عثمان الصابوني] (3) إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عابد النيسابوري، الشهير بأبي عثمان الصابوني، شيخ الإسلام، وأحد الأئمة الأعلام، الواعظ المفسر. حدث عن الحاكم أبي عبد الله، وأبي بكر الجوزقي وغيرهما. وعنه زاهر السرخسي (4)، وابنه عبد الرحمن وغيرهما.

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 62)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 221)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1125)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 28)، و «شذرات الذهب» (5/ 212). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 44)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 234)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1125)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 789)، و «شذرات الذهب» (5/ 214). (3) «تاريخ دمشق» (9/ 3)، و «معجم الأدباء» (3/ 13)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 40)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 224)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 143)، و «مرآة الجنان» (3/ 70)، و «البداية والنهاية» (12/ 534). (4) الصواب: أن زاهر السرخسي من شيوخ الصابوني لا من تلاميذه كما في مصادر الترجمة، وممن روى عنه: الكتاني والبيهقي وآخرهم أبو عبد الله الفراوي.

1917 - [أبو الفتح الكراجكي]

ومن مصنفاته كتاب «الفصول في الأصول». توفي سنة تسع وأربعين وأربع مائة. 1917 - [أبو الفتح الكراجكي] (1) أبو الفتح الكراجكي الخيمي رأس الشيعة، صاحب التصانيف. كان نحويا لغويا، منجما طبيبا متكلما، من كبار أصحاب الشريف المرتضى. توفي سنة تسع وأربعين وأربع مائة. 1918 - [أبو الطيّب الطبري] (2) طاهر بن عبد الله القاضي أبو الطيب الطبري الشافعي، الإمام العالم الكبير الشهير. كان دينا ورعا، محققا للأصول والفروع، حسن الخلق، سليم الصدر، وله شعر حسن، منه ما أرسل به لغزا إلى أبي العلاء المعري حين ورد بغداد: [من الطويل] وما ذات درّ لا يحل لحالب … تناوله واللحم منها محلل لمن شاء في الحالين حيا وميتا … ومن رام شرب الدّرّ فهو مضلّل إذا طعنت في السنّ فاللحم طيب … وآكله عند الجميع معقّل (3) وخرفانها للأكل فيه كزازة … فما لحصيف الرأي فيهن مأكل وما يجتني معناه إلا مبرّز … عليم بأسرار القلوب محصّل فأجابه المعري ممليا على الرسول في الحال ارتجالا: [من الطويل] جوابان عن هذا السؤال كلاهما … صواب وبعض القائلين مضلّل

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 121)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 236)، و «العبر» (3/ 222)، و «مرآة الجنان» (3/ 70)، و «شذرات الذهب» (5/ 214). (2) «تاريخ بغداد» (9/ 364)، و «طبقات الفقهاء» (ص 127)، و «المنتظم» (9/ 411)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 162)، و «وفيات الأعيان» (2/ 512)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 668)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 241)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 401)، و «مرآة الجنان» (2/ 70)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 12). (3) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 70)، وفي «وفيات الأعيان» (2/ 512)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 402): (مغفّل).

فمن ظنه كرما فليس بكاذب … ومن ظنه نخلا فليس يجهّل لحومهما الأعناب والرّطب الذي … هو الحلّ والدر الرحيق المسلسل ولكن ثمار النخل وهي غضيضة … تمرّ وغضّ الكرم يجنى ويؤكل يكلفني القاضي الجليل مسائلا … هي النجم قدرا بل أعز وأطول فأجابه أبو الطيب: [من الطويل] أثار ضميري ناظما من نظيره … من الناس طرا سابغ الفضل مكمل ومن قلبه كتب العلوم بأسرها … وخاطره في حدة النار مشعل تساوى له سرّ المعاني وجهرها … ومعضلها باد لديه مفصّل فلما أثار الخبء (1) … قاد منيعه أسيرا لأنواع البيان مكبّل وقربه من كل فهم بكشفه … وإيضاحه حتى رآه المغفل وأعجب منه نظمه الدرّ مسرعا … ومرتجلا من غير ما يتمهل فيخرج من بحر ويسمو مكانه … جلالا إلى حيث الكواكب تنزل فهنأه الله الكريم بفضله … محاسنه والعمر فيها مطوّل فأجابه المعري مرتجلا ممليا على الرسول: [من الطويل] ألا أيها القاضي الذي بلهاته (2) … سيوف على أهل الخلاف تسلّل فؤادك مغمور من العلم آهل … وجدّك في كل المسائل مقبل فإن كنت بين الناس غير مموّل … فأنت من الفهم المصون ممول إذا أنت خاطبت الخصوم مجادلا … فأنت وهم حاكي الحمام وأجدل (3) كأنك من في الشافعيّ مخاطب … ومن قلبه تملي فما تتمهل وكيف يرى علم ابن إدريس دارسا … وأنت بإيضاح الهدى متكفّل تفضلت حتى ضاق ذرعي بشكر ما … فعلت وكفّي عن جوابك أجمل لأنك في كنه الثريا فصاحة … وأعلى ومن يبغي مكانك أسفل مع أبيات أخرى حذفتها اختصارا آخرها:

(1) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 71)، ونسخة من «الوافي بالوفيات» (16/ 403)، وفي «وفيات الأعيان» (2/ 513): (أنار الحبّ). (2) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 71)، وفي «وفيات الأعيان» (2/ 513): (بدهائه). (3) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 71)، وفي «وفيات الأعيان» (2/ 513): (فأنت وهم مثل الحمائم أجدل).

1919 - [الإمام الماوردي]

تجملت الدنيا بأنك فوقها … ومثلك حقا من به يتجمل وعليه اشتغل الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وقال في حقه: (لم أر أكمل اجتهادا، وأشد تحقيقا، وأجود نظرا منه، قال: لازمت مجلسه بضع عشرة سنة، ودرّست أصحابه في مسجده سنين بإذنه، ورتبني-أو قال: استنابني-في حلقته) (1). واستوطن بغداد، وولي القضاء بربع الكرخ بعد موت أبي عبد الله الصيمري، ولم يزل على القضاء إلى أن توفي سنة خمسين وأربع مائة، قيل: عمره مائة وستون سنة، وقيل: مائة وعشرون سنة، ولعله الصواب كما يفهم ذلك من تاريخ مولده (2)، ومع ذلك لم يهن له عظم، حكي أنه أتى على نهر أو مكان يحتاج إلى طفرة كبيرة، فطفره ولم يختل عقله، ولم يتغير فهمه، يفتي، ويستدرك على الفقهاء الخطأ، ويقضي، ويحضر المواكب في دار الخلافة إلى أن مات. مذكور في الأصل. 1919 - [الإمام الماوردي] (3) أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي-نسبة إلى بيع الماورد-البصري- بالموحدة-الإمام الشهير، مصنف «الحاوي الكبير» و «التفسير» و «الإقناع» و «أدب الدين والدنيا» و «الأحكام السلطانية» و «قانون الوزارة» و «سياسة الملك» وغير ذلك. قيل: إنه لم يظهر شيئا من تصانيفه في حياته، بل جمع جميعها في موضع وقال لشخص يتولاه: الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي، وإنما لم أظهرها؛ لأني لم أجد نية خالصة لله تعالى، فإذا عاينت الموت، ووقعت في النزع .. فاجعل يدك في يدي، فإن قبضت عليها وعصرتها .. فاعلم أنه لم يقبل مني شيء منها، فألقها في دجلة، وإن بسطت يدي ولم أقبض على يدك .. فاعلم أنها قد قبلت وقد ظفرت بما كنت أرجوه، ففعل الوصي ذلك، فبسط يده ولم يقبضها على يده، فعلم أنها علامة القبول، فأظهر كتبه بعده.

(1) «طبقات الفقهاء» (ص 128). (2) أجمعت مصادر الترجمة على أن مولده كان سنة (348 هـ‍)، وعليه فيكون عمره مائة وسنتين، كذا في مصادر الترجمة خلافا لليافعي، وما ذكره المصنف رحمه الله تعالى تبع فيه اليافعي في «مرآة الجنان» (3/ 71). (3) «تاريخ بغداد» (12/ 101)، و «المنتظم» (9/ 413)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 163)، و «وفيات الأعيان» (3/ 282)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 64)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 252)، و «مرآة الجنان» (3/ 72)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 267)، و «البداية والنهاية» (12/ 539).

1920 - [أبو الكرم الشهرزوري]

ونقل الخطيب في أول «تاريخه» عن الماوردي قال: (كتب إلي أخي من البصرة وأنا ببغداد: [من البسيط] طيب الهواء ببغداد يشوّقني … قدما إليها وإن عاقت مقادير فكيف صبري عنها الآن إذ جمعت … طيب الهوائين ممدود ومقصور وقيل: إنه لما خرج من بغداد راجعا إلى البصرة .. كان ينشد أبيات ابن الأحنف: [من الوافر] أقمنا كارهين لها فلما … ألفناها خرجنا مكرهينا وما حبّ البلاد بنا ولكن … أمرّ العيش فرقة من هوينا خرجت أقرّ ما كانت لعيني … وخلفت الفؤاد بها رهينا توفي سنة خمسين وأربع مائة بعد القاضي أبي الطيب الطبري بأيام قليلة. مذكور في الأصل. 1920 - [أبو الكرم الشهرزوري] (1) أبو الكرم المبارك بن الحسن البغدادي، شيخ المقرئين، مصنف «المصباح». وأجاز له أبو الغنائم ابن المأمون، وطائفة. توفي سنة خمسين وأربع مائة. وفيها: توفي الحافظ محمد بن ناصر السلامي (2). 1921 - [المقرئ ابن شبيب] (3) أبو المظفر عبد الله بن شبيب الضبي المقرئ، شيخ القراء بأصبهان، وخطيبها وواعظها، وشيخها وزاهدها.

(1) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى ترجمته في وفيات سنة (550 هـ‍) في مكانها الصحيح، فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 168). (2) الصواب: أن الحافظ السلامي توفي سنة (550 هـ‍)، وسيترجم له المصنف رحمه الله تعالى في وفيات تلك السنة، فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 168). (3) «تاريخ الإسلام» (30/ 308)، و «العبر» (3/ 228)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 804)، و «مرآة الجنان» (3/ 73)، و «شذرات الذهب» (5/ 222).

1922 - [المقرئ القزويني]

توفي سنة إحدى وخمسين وأربع مائة. 1922 - [المقرئ القزويني] (1) محمد بن أحمد المقرئ القزويني، شيخ الإقراء بمصر. أخذ عن طاهر ابن غلبون، وسمع من أبي الطيب والد طاهر، وعبد الوهاب الكلابي، وطائفة. وتوفي سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة. 1923 - [نصير الدولة الكردي] (2) أبو نصر أحمد بن مروان الكردي، صاحب ميافارقين وديار بكر، الملقب: نصير الدولة (3). ملك بعد أن قتل أخوه منصور بن مروان، وكان رجلا مسعودا، عالي الهمة، حسن السياسة، كثير الحزم. حكي أنه لم يصادر في دولته أحدا سوى شخص واحد، وأنه لم تفته صلاة الصبح عن وقتها مع انهماكه في اللذات، وأنه كان له ثلاث مائة وستون جارية، يخلو في كل ليلة من ليالي السنة بواحدة منهن، ثم لا تعود النوبة إليها إلا في مثل تلك الليلة من العام الثاني، وأنه قسم أوقاته، فمنها ما ينظر فيه في مصالح دولته، ومنها ما يجتمع فيه بأهله والزامه ويصل به إلى لذاته وقضاء وطره. توفي بميافارقين سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة عن نيف وثمانين سنة.

(1) «تاريخ الإسلام» (30/ 331)، و «العبر» (3/ 230)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 393)، و «مرآة الجنان» (3/ 74)، و «حسن المحاضرة» (1/ 427). (2) «المنتظم» (9/ 439)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 174)، و «وفيات الأعيان» (1/ 177)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 117)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 337)، و «البداية والنهاية» (12/ 547)، و «مرآة الجنان» (3/ 74). (3) ويقال له: (نصر الدولة).

1924 - [أبو نصر السرخسي]

1924 - [أبو نصر السرخسي] (1) أبو نصر زهير بن الحسن السرخسي الفقيه الشافعي، مفتي خراسان. توفي سنة أربع وخمسين وأربع مائة. 1925 - [أبو الفضل الرازي] (2) أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي. قال أبو سعد السمعاني: كان مقرئا، كثير التصانيف، خشن العيش، قانعا، منفردا عن الناس، يسافر وحده، ويدخل البراري. سمع بمكة وبالري ونيسابور، وبجرجان وبأصبهان، وببغداد والبصرة والكوفة، وحران وفارس، ودمشق ومصر، وكان من أفراد الدهر. توفي سنة أربع وخمسين وأربع مائة. 1926 - [القضاعي] (3) أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي الفقيه الشافعي، قاضي الديار المصرية، مصنف كتاب «الشهاب»، وكتاب «مناقب الإمام الشافعي»، وكتاب «الإنباء عن الأنبياء»، و «تواريخ الخلفاء». قال ابن ماكولا: (كان متفننا في عدة علوم، لم أر بمصر من يجري مجراه) (4). وقال السمعاني: حج القضاعي والخطيب سنة خمس وأربعين، فسمع الخطيب منه. وتوفي القضاعي سنة أربع وخمسين وأربع مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 134)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 358)، و «العبر» (3/ 234)، و «مرآة الجنان» (3/ 74)، و «شذرات الذهب» (5/ 229). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 135)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 361)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 795)، و «العبر» (3/ 234)، و «بغية الوعاة» (2/ 75)، و «شذرات الذهب» (5/ 229). (3) «الإكمال» (7/ 115)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 180)، و «وفيات الأعيان» (4/ 212)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 92)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 368)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 116)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 150)، و «شذرات الذهب» (5/ 230). (4) «الإكمال» (7/ 115).

1927 - [أبو حفص الذهلي القرطبي]

1927 - [أبو حفص الذهلي القرطبي] (1) أبو حفص عمر بن عبيد الله الذهلي القرطبي، محدث الأندلس. كتب بها عن أبي المطرف بن فطيس، وسلمة بن سعيد، وعبد الوارث بن سفيان وغيرهم. وعنه حدث محمد بن عتاب، وأبو علي الغساني وغيرهما. وكان ثقة، واختلط بأخرة. توفي سنة أربع وخمسين وأربع مائة. 1928 - [ابن باديس] (2) شرف الدولة ابن باديس-بالموحدة قبل الألف-ابن المنصور الحميري الصنهاجي، صاحب إفريقية وما والاها من بلاد الغرب، لقبه الحاكم صاحب مصر: شرف الدولة، وسير له تشريفا وسجلا. وكان ملكا جليلا، عالي الهمة، محبا لأهل العلم، كثير العطاء، وكان واسطة عقد بيته، ومدحه الشعراء، وانتجعه الأدباء، وكانت حضرته محط ذوي الآمال. كان مذهب أبي حنيفة بإفريقية أظهر المذاهب، فحمل أهل المغرب على التمسك بمذهب مالك رضي الله عنهم، وحسم مادة الخلاف في المذاهب، واستمر الحال على ذلك إلى الآن. وأخباره كثيرة، وسيرته شهيرة، وله شعر قليل، وكان يوما في مجلسه وعنده جماعة من الأدباء وبين يديه أترجة ذات أصابع، فأمرهم أن يعملوا فيها شعرا، فقال ابن رشيق: [من البسيط] أترجة سبطة الأطراف ناعمة … تلقى العيون بحسن غير منحوس

(1) «الصلة» (2/ 399)، و «بغية الملتمس» (ص 408)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 219)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 367)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1127)، و «شذرات الذهب» (5/ 230). (2) «وفيات الأعيان» (5/ 233)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 140)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 371)، و «العبر» (2/ 235)، و «مرآة الجنان» (3/ 75)، و «شذرات الذهب» (5/ 230).

1929 - [السلطان طغرلبك]

كأنما بسطت كفا لخالقها … تدعو بطول بقاء لابن باديس توفي سنة أربع وخمسين وأربع مائة. 1929 - [السلطان طغرلبك] (1) السلطان طغرلبك محمد بن ميكائيل بن سلجوق-بفتح السين المهملة، وسكون اللام، وضم الجيم، وبالقاف-أول ملوك السلجوقية. كانوا يسكنون قبل استيلائهم على الممالك في ما وراء النهر قريبا من بخارى، وكانوا عددا غير محصور، لا يدخلون تحت طاعة سلطان، فإذا قصدهم جمع لا يقوون عليه .. دخلوا المفاوز، وتحصنوا بالرمال، وجرت لهم مع ولاة خراسان أمور يطول شرحها، وحاصل الأمر أنهم استظهروا على الولاة، وظفروا بهم، وملكوا البلاد، وكان ابتداء ملكهم في سنة تسع وعشرين وأربع مائة، وكان السلطان محمد المذكور كبيرهم، وإليه الأمر والنهي في السلطنة، وأخذ أخوه داود مدينة بلخ، واتسع لهم الملك، واقتسموا البلاد، وانحاز السلطان مسعود بن محمود بن سبكتكين إلى غزنة ونواحيها، وكانوا يخطبون له في أول الأمر، فعظم شأنهم إلى أن راسلهم القائم بأمر الله، وكان الرسول بينه وبينهم القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، مصنف «الحاوي الكبير». وكان السلطان محمد المذكور حليما، محافظا على الصلوات الخمس في أوقاتها جماعة، ويصوم الاثنين والخميس، ويكثر الصدقات، ويبني المساجد ويقول: أستحيي من الله تعالى أن أبني دارا ولا أبني إلى جانبها مسجدا. ولما تمهدت له البلاد، وملك العراق وبغداد .. خطب السيدة ابنة الخليفة القائم، فاستعفى الخليفة من ذلك، وترددت الرسل بينهما حتى كاد يؤول الأمر إلى الوحشة بينهما، ثم لم يجد الخليفة بدا من إجابته، فزوجه بها على ما ذكرناه في حوادث السنين (2). ذكر السمعاني عن السلطان محمد المذكور أنه قال: رأيت وأنا بخراسان في المنام كأني رفعت إلى السماء وأنا في ضباب لا أبصر معه شيئا، غير أني أشم رائحة طيبة، فنوديت:

(1) «المنتظم» (9/ 451)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 183)، و «وفيات الأعيان» (5/ 63)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 107)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 378)، و «مرآة الجنان» (3/ 76)، و «البداية والنهاية» (12/ 549). (2) الصواب: على ما سنذكره في حوادث السنين، انظر (3/ 440).

1930 - [أبو طاهر الثقفي]

أنت قريب من الباري جلت قدرته، فسل حاجتك .. تقض، فقلت في نفسي: أسألك طول العمر، فقيل لي: لك سبعون سنة، فقلت: يا رب؛ لا تكفيني، فقيل: لك سبعون سنة. فلما حضرته الوفاة .. قال: إنما مثلي مثل شاة شدت قوائمها لجز الصوف، فتظن أنها تذبح فتضطرب، حتى إذا أطلقت .. تفرح، ثم تشد للذبح، فتظن أنها تشد لجز الصوف فتسكن، فتذبح، وهذا المرض الذي أنا فيه هو شد القوائم للذبح، فمات رحمه الله تعالى يوم الجمعة ثامن شهر رمضان سنة خمس وخمسين وأربع مائة بالري وعمره سبعون سنة، وكان قد عهد إلى ابن أخيه سليمان بن داود بن ميكائيل، فأجلسه الوزير الكندري في تخت الملك، ثم إن الأتراك مالت إلى عضد الدولة ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل، فخطب له، وبعده لأخيه سليمان. 1930 - [أبو طاهر الثقفي] (1) أحمد بن محمود الثقفي الأصبهاني المؤدب. كان ثقة صالحا، سنيا، كثير الحديث. توفي سنة خمس وخمسين وأربع مائة. 1931 - [عميد الملك الكندري] (2) أبو نصر محمد بن منصور بن محمد الكندري-نسبة إلى كندر، قرية من قرى قزوين- الملقب: عميد الملك، وزير السلطان طغرلبك السلجوقي. أرسله مخدومه طغرلبك يخطب له امرأة، فتزوجها وعصى عليه، فظفر به وخصاه، وأقره على وزارته. وتوفي طغرلبك بالري وعميد الملك على سبعين فرسخا من الري، فلما بلغه خبر موت السلطان .. بادر إلى الري قبل أن يدفن، فتولى أمره، وأقام ابن أخيه سليمان بن داود

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 123)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 374)، و «العبر» (3/ 236)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 165). (2) «المنتظم» (9/ 460)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 188)، و «وفيات الأعيان» (5/ 138)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 113)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 422)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 71)، و «مرآة الجنان» (3/ 77).

1932 - [الحافظ النخشبي]

جغري بك بن ميكائيل؛ لكون طغرلبك قد نص عليه، فمالت الأمراء إلى عضد الدولة ألب أرسلان بن داود، فخطب له ولأخيه سليمان من بعده. ثم إن ألب أرسلان قبض على الوزير المذكور واعتقله في سنة ست وخمسين وأربع مائة، ثم قتله في آخر العام المذكور، وحمل رأسه إلى نيسابور. وكان عميد الملك من رجال الدهر جودا وشجاعة، وشهامة وكتابة لولا ما كان فيه من التعنت على الأشعرية أهل السنة، حتى حمل السلطان على سبهم ولعنهم على المنابر، وتشتت أهل السنة في زمنه، وهاجر من هاجر منهم إلى الحرم وغيره كإمام الحرمين أبي المعالي الجويني، وزين الإسلام أبي القاسم القشيري وغيرهما من أئمة الهدى إلى أن كفاهم الله أمره بقتله، فتفرد الوزير نظام الملك الطوسي بوزارة ألب أرسلان، فأبطل ما عمله العميد من سب الأشعرية، ثم انتصر لأهل السنة، فتراجع أهل السنة إلى أوطانهم. مدحه الشعراء، منهم: أبو الحسن الباخرزي، ولصرّدرّ قصيدة في مدح عميد الملك يقول في غزلها: [من الكامل] أكذا يجازى ود كل قرين … أم هذه شيم الظباء العين قصّوا عليّ حديث من قتل الهوى … إن التأسي روح كل حزين ولئن كتمتم مشفقين لقد درى … بمصارع العذري والمجنون إلى أن قال بعد غزل طويل: فإذا عميد الملك حلّى ربعه … ظفرا بفأل الطائر الميمون ملك إذا ما العزم حثّ جياده … مرحت بأزهر شامخ العرنين 1932 - [الحافظ النخشبي] (1) عبد العزيز بن محمد النخشبي الحافظ. كان من كبار الحفاظ. وتوفي سنة ست وخمسين وأربع مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 267)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 399)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1156)، و «مرآة الجنان» (3/ 78)، و «شذرات الذهب» (5/ 236)، وسيعيد المصنف رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعد قليل بأبسط من هذا (3/ 421).

1933 - [أبو القاسم العكبري]

1933 - [أبو القاسم العكبري] (1) أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان-بفتح الموحدة-النحوي، صاحب التصانيف. قال الخطيب: (كان متضلعا بعلوم كثيرة، منها النحو واللغة، والنسب، وأيام العرب وأخبار المتقدمين، وله أنس شديد بعلم الحديث) (2). وكان فقيها حنفيا، أخذ علم الكلام عن أبي الحسين البصري وتقدم فيه. وتوفي سنة ست وخمسين وأربع مائة. 1934 - [ابن رشيق القيرواني] (3) أبو علي الحسن بن رشيق، أحد الفضلاء البلغاء. له التصانيف المليحة، والرسائل الفائقة، والنظم الجيد، ومن شعره: [من الوافر] أحب أخي وإن أعرضت عنه … وقلّ على مسامعه كلامي ولي في وجهه تقطيب راض … كما قطّبت في وجه المدام وربّ تقطّب من غير بغض … وبغض كامن تحت ابتسام وله: [من الكامل] يا رب لا أقوى على دفع الأذى … وبك استغثت من الضعيف الموذي ما لي بعثت إليّ ألف بعوضة … وبعثت واحدة إلى نمروذ وله: [من الطويل] وقائلة ماذا الشحوب وذا الضنى … فقلت لها قول المشوق المتيّم

(1) «تاريخ بغداد» (11/ 18)، و «المنتظم» (9/ 455)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 198)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 124)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 401)، و «الجواهر المضية» (2/ 481)، و «البداية والنهاية» (12/ 554)، و «بغية الوعاة» (2/ 120). (2) «تاريخ بغداد» (11/ 18). (3) «معجم الأدباء» (3/ 220)، و «وفيات الأعيان» (2/ 85)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 324)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 119)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 11)، و «بغية الوعاة» (1/ 504)، و «شذرات الذهب» (5/ 237).

1935 - [ابن حزم الظاهري]

هواك أتاني وهو ضيف أعزّه … فأطعمته لحمي وأسقيته دمي لم يزل ابن رشيق مقيما بالقيروان إلى أن هجم العرب عليها، وقتلوا أهلها وأخربوها، فانتقل إلى جزيرة صقلية، وأقام بمازر-وهي قرية في الجزيرة المذكورة-إلى أن توفي سنة ست وخمسين وأربع مائة (1). 1935 - [ابن حزم الظاهري] (2) علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري الأموي مولاهم، الفارسي الأصل، الأندلسي القرطبي، صاحب المصنفات الشهيرة. قال ابن خلكان: (كان حافظا، عالما بعلوم الحديث وفقهه، مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة) (3). انتقل إلى مذهب أهل الظاهر بعد أن كان شافعيا، وفي ذلك يقول: [من الطويل] وذي عذل فيمن سباني حسنه … يطيل ملامي في الهوى ويقول أفي حسن وجه لاج لم تر غيره … ولم تدر كيف الجسم أنت قتيل فقلت له أسرفت في اللوم ظالما … وعندي ردّ لو أردت طويل ألم تر أني ظاهريّ وأنني … على ما بدا حتى يقوم دليل قال الشيخ اليافعي: (وفي قوله هذا مناقشة، وهي ألاّ يكون الوجه الظاهر مستحيلا في العقل كما في صفات الله تعالى في الاستواء والنزول إلى سماء الدنيا، وألاّ يكون مخالفا للقياس الجلي كما هو معلوم في التشنيع على داود الظاهري في تنجيس الماء بالبول فيه وعدم تنجيسه بالتغوط فيه) (4). قال الحافظ أبو عبد الله الحميدي: (ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء، وسرعة

(1) صحح ابن خلكان رحمه الله تعالى في «وفيات الأعيان» (2/ 86) وفاته سنة (463 هـ‍) بعد أن ذكر القول الأول، وتبعه الذهبي. (2) «جذوة المقتبس» (ص 308)، و «الصلة» (12/ 415)، و «بغية الملتمس» (ص 415)، و «معجم الأدباء» (4/ 479)، و «وفيات الأعيان» (3/ 325)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 403)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1146)، و «مرآة الجنان» (3/ 79)، و «نفح الطيب» (2/ 77). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 325). (4) «مرآة الجنان» (3/ 80).

الحفظ، وكرم النفس، والتدين، وما رأيت من يقول الشعر على البديهة أسرع منه، ثم قال: أنشدني لنفسه: [من الوافر] لئن أصبحت مرتحلا بجسمي … فروحي عندكم أبدا مقيم ولكن للعيان لطيف معنى … له سأل المعاينة الكليم وروى الحافظ الحميدي له أيضا: [من الوافر] أقمنا ساعة ثم ارتحلنا … وما يغني المشوق وقوف ساعة كأن الشمل لم يك ذا اجتماع … إذا ما شتّت البين اجتماعه) (1) وكان عاملا بعلمه، زاهدا بعد الرئاسة التي كانت له ولأبيه من قبله في الوزارة وتدبير الملك والممالك، فإن والده كان وزير أبي عامر المنصور في بلاد المغرب، وكان من أهل العلم والأدب والخير، قال ولده المذكور (2): أنشدني والدي في بعض وصاياه لي: [من الطويل] إذا شئت أن تحيى غنيا فلا تكن … على حالة إلا رضيت بدونها ومن تصانيف أبي محمد المذكور كتاب «الخصال الجامعة لجمل شرائع الإسلام في الواجب والحلال والحرام والسنة والإجماع» أورد فيه أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين، وكتاب «إظهار تبديل اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل، وبيان تناقض ما بأيديهم من ذلك بما لا يحتمله التأويل» وهو شيء لم يسبق إليه. ومع فضائله المذكورة كان كثير الوقوع في العلماء المتقدمين، لا يكاد أحد يسلم من لسانه، حتى قال أبو العباس ابن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج بن يوسف شقيقين، فنفرت عنه القلوب، واستهدف لفقهاء وقته، فتمالئوا على بغضه، وردوا قوله، وأجمعوا على تضليله، وشنعوا عليه، وحذروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامهم عن الدنو إليه والأخذ عنه، فأقصته الملوك وشردوه عن بلادهم حتى انتهى إلى بادية، فمات بها في سنة ست وخمسين وأربع مائة.

(1) «جذوة المقتبس» (ص 309) إلا البيتين الأخيرين فلم نجدهما فيه. (2) يعني صاحب الترجمة.

1936 - [الحافظ النخشبي]

1936 - [الحافظ النخشبي] (1) أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم بن رمضان النخشبي. حدث عن أبي طالب بن غيلان، وأبي بكر بن ريذة وغيرهما. وعنه سهل بن بشر الأسفراييني وغيره. وكان أحد الحفاظ الرحالين، والأئمة المخرجين المتقنين. توفي سنة ست وخمسين وأربع مائة. 1937 - [محمد بن سالم الشعبي] (2) محمد بن سالم بن عبد الله بن محمد بن سالم بن يزيد الشعبي، وقد يقال له: اليزيدي، نسبة إلى جده يزيد المذكور. أصل بلد أهله ذبحان من معاشير الدملوة، وانتقل أهله إلى ذي أشرق وتديّروها، ولهم بها عقب يعرفون ببني الإمام، وهم بيت صلاح وعلم، ومحمد المذكور جدهم. قال الجندي: (وأظنه أول من ولي الإمامة منهم في جامع ذي أشرق، قال: وذريته على ذلك إلى سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة) (3). ولد المذكور في صفر سنة خمس وتسعين وثلاث مائة. وتفقه بالإمام قاسم بن محمد الجمحي، وأخذ عن أبي الفتوح ابن ملامس «الترمذي» في صفر سنة ست وعشرين وأربع مائة. وكان فقيها فاضلا، خيرا زاهدا ورعا. وتوفي بذي أشرق في رمضان سنة ست وخمسين وأربع مائة.

(1) تقدمت هذه الترجمة قبل قليل، انظر مصادر الترجمة هناك (3/ 417). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 100)، و «السلوك» (1/ 242)، و «العطايا السنية» (ص 542)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 185)، و «تحفة الزمن» (1/ 174)، و «هجر العلم» (2/ 727). (3) «السلوك» (1/ 242).

1938 - [العيار الصوفي]

1938 - [العيّار الصوفي] (1) سعيد بن أبي سعيد المعروف بالعيار. توفي سنة سبع وخمسين وأربع مائة. 1939 - [الإمام البيهقي] (2) أحمد بن الحسين البيهقي، الإمام الكبير، والحافظ النحرير. توفي سنة ثمان وخمسين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 1940 - [أبو عاصم العبّادي] (3) أبو عاصم محمد بن أحمد العبّادي الهروي الشافعي. توفي سنة ثمان وخمسين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 1941 - [أبو يعلى ابن الفرّاء الحنبلي] (4) القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين الحنبلي ابن الفرّاء البغدادي، فقيه عصره في مذهبه. توفي سنة ثمان وخمسين وأربع مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 86)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 431)، و «العبر» (2/ 243)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 197)، و «شذرات الذهب» (5/ 247). (2) «المنتظم» (9/ 463)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 208)، و «وفيات الأعيان» (1/ 75)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 163)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 438)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1132)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 354)، و «مرآة الجنان» (3/ 81)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 8)، و «البداية والنهاية» (12/ 556). (3) «وفيات الأعيان» (4/ 214)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 180)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 452)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 82)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 104)، و «شذرات الذهب» (5/ 251). (4) «تاريخ بغداد» (2/ 252)، و «المنتظم» (9/ 465)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 208)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 89)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 453)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 7)، و «البداية والنهاية» (12/ 557).

1942 - [ابن سيده]

1942 - [ابن سيده] (1) علي بن إسماعيل المعروف بابن سيده بكسر السين المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، ثم دال مهملة مفتوحة، ثم هاء. كان إماما في اللغة العربية، وله كتاب «المحكم» وكتاب «المخصص» كلاهما في اللغة، و «شرح الحماسة» في ست مجلدات، وغير ذلك، وكان أعمى، والله أعلم أولد كذلك، أم عمي في صغره. وتوفي سنة ثمان وخمسين وأربع مائة، ووجد على ظهر مجلد من «المحكم» بخط بعض الفضلاء أن ابن سيده دخل المتوضأ وهو صحيح، فأخرج منه وقد سقط لسانه وانقطع كلامه، ثم مات بعد يومين، نسأل الله تعالى العفو والعافية. 1943 - [أبو نصر الموصلي] (2) أبو نصر أحمد بن عبد الباقي الموصلي. توفي سنة تسع وخمسين وأربع مائة. 1944 - [حمزة بن أبي هاشم الزيدي] (3) الشريف أبو الحسين حمزة بن أبي هاشم الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وإليه تنسب الأشراف بنو حمزة جميعا، ومنه تفرقت الحمزات. كان رحمه الله أحد أئمة الزيدية، بايعته الشيعة بعد وفاة أبيه. وكان ذا كرامات، منها: أنه حضر يوما في محفل من العرب للإصلاح بينهم، فبينا هم على انفصال؛ إذ نعر ناعر من عرض الناس يريد نقض الصلح، فقال الإمام حمزة: من هذا

(1) «جذوة المقتبس» (ص 311)، و «بغية الملتمس» (ص 418)، و «معجم الأدباء» (4/ 476)، و «وفيات الأعيان» (3/ 330)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 144)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 447)، و «بغية الوعاة» (2/ 143)، و «نفح الطيب» (4/ 27). (2) «تاريخ الإسلام» (30/ 465)، و «العبر» (3/ 247)، و «مرآة الجنان» (3/ 83)، و «شذرات الذهب» (5/ 253). (3) «طراز أعلام الزمن» (1/ 382)، و «طبقات الزيدية الكبرى» (1/ 408).

1945 - [علي بن محمد الصليحي]

الذي غير محضرنا غير الله لونه؟ فرماه الله بالبرص من وقته، فافترق الناس وما لهم ذكر إلا ما شاهدوه من كرامته وفضله. وكان شجاعا مقداما، جاهد الصليحي وشيعته الإسماعيلية، وكان له معهم وقعات مشهورة، آخرها اجتماعهم بالمثوى ومع الشريف ألف وخمس مائة فارس وآلاف من الرّجل، ومع الصليحي أضعاف ذلك، فقتل الشريف حمزة في تلك الوقعة في سنة تسع وخمسين وأربع مائة، وفي ذلك يقول شاعر الصليحي: [من الكامل] وصرعن بالمثوى منهم سيدا … ذا نجدة وبكرهنا أن يصرعا (1) وكان الشريف يقاتل وهو يقول: [من الرجز] أطعن طعنا ثائرا غباره … طعن غلام بعدت أنصاره وانتزحت من يومه دياره وصبر يومئذ عنده تسعون شيخا صرعوا حوله، منهم عشرة أنفس لكل واحد عشرة بنين وعشر بنات. 1945 - [علي بن محمد الصليحي] (2) أبو الحسن علي بن محمد القائم باليمن. كان والده القاضي محمد بن علي الصليحي فقيها عالما، سنيا، حسن السيرة، مطاعا في أهله. وكان الداعي عامر بن عبد الله الزواحي يركب إليه كثيرا لصلاحه ورئاسته وعلمه، فرأى يوما ولده عليا المذكور، فلاحت له فيه مخائل النجابة وهو إذ ذاك دون البلوغ، فجعل الزواحي كلما وصل إلى القاضي محمد بن علي الصليحي .. اجتمع بولده علي المذكور وحادثه، وإذا خلا به .. أطلعه على ما عنده حتى استماله وغرس في قلبه من علومه وأدبه

(1) كذا في «طراز أعلام الزمن» (1/ 383)، والبيت مكسور ولم يتبيّن لنا معناه. (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 88)، و «الكامل» (8/ 212)، و «السلوك» (2/ 485)، و «وفيات الأعيان» (3/ 411)، و «بهجة الزمن» (ص 72)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 91)، و «مرآة الجنان» (3/ 103)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 345)، و «العقد الثمين» (6/ 238)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 159)، و «شذرات الذهب» (5/ 317)، وسيعيد المصنف رحمه الله تعالى هذه الترجمة في وفيات سنة (473 هـ‍)، انظر (3/ 465).

ومحبة مذهبه، وقيل: كانت حلية الصليحي الداعي عند الزواحي في كتاب «الصور»، وأوقفه منه على تنقل حاله وشرف مآله، كل ذلك سرا من أبيه القاضي محمد وأهله جميعا، فلما مات عامر الزواحي .. أوصى بجميع كتبه لعلي بن محمد الصليحي، وأعطاه مالا كان قد جمعه من أهل مذهبه، فعكف الصليحي على درس الكتب-وكان ذكيا-فلم يبلغ الحلم حتى تضلع من علم معارفه التي بلغ بها وبالجد السعيد غاية الأمل البعيد، فكان فقيها في مذهب الإمامية، ثم صار يحج بالناس دليلا على طريق السراة نحوا من خمس عشرة سنة، فانتشر ذكره في البلاد على لسان الخاصة والعامة أنه سيملك اليمن بأسره، ويكون له شأن عظيم، فإذا بلغه ذلك .. كرهه وأنكر على قائله، فلما كان سنة ثمان وعشرين وأربع مائة .. حالف بمكة ستين رجلا على الموت، أو الظفر بقيام الدعوة، وما منهم إلا من هو في عزّة وفي منعة من قومه. وفي سنة تسع وعشرين ثار في رأس جبل مسار-وهو أعلى جبل في تلك الناحية-ومعه الستون الذين حالفهم، ولم يكن في رأس الجبل بناء، إنما كان قلعة عالية منيعة، فلم ينتصف ذلك النهار الذي ملكها في ليلته إلا وقد أحاط به عشرون ألف سياف، فحصروه وشتموه وقالوا له: إن نزلت وإلا .. قتلناك ومن معك، فقال: إني ما فعلت هذا إلا خوفا عليكم أن يملك هذا الجبل غيرنا، فإن تركتمونا نحرسه لكم وإلا .. نزلنا إليكم، فانصرفوا وتفرقوا عنه، فلم يمض عليه شهر إلا وقد بناه وحصنه وديره، وظهر شأنه، واستفحل أمره، ووصلته الشيعة من أنحاء اليمن، وجمعوا له أموالا جليلة، وأظهر الدعاء إلى المستنصر بالله معد بن الظاهر بالله العبيدي صاحب مصر، فلما ظهر بمسار وكان معه جمع كثير .. حصره جعفر بن الإمام قاسم بن علي في جمع كثير، وساعده جعفر بن العباس، كان على مغارب اليمن الأعلى في ثلاثين ألفا، فأوقع الصليحي بجعفر بن العباس في محطته في شعبان من السنة المذكورة فقتله، وقتل جمعا كثيرا من أصحابه، وتفرق الناس عنه، فاستفتح الصليحي جبل حضور، وأخذ حصن يفاع، فجمع له ابن أبي حاشد جمعا عظيما، فالتقوا بصوف-قرية بين حضور وبين بني شهاب-فقتل ابن أبي حاشد في ألف رجل من أصحابه، وسار الصليحي إلى صنعاء فملكها، وطوى اليمن طيا، سهله ووعره، وبره وبحره، وهذا شيء لم يعهد في جاهلية ولا إسلام، حتى قال يوما وهو يخطب على منبر الجند: في مثل هذا اليوم نخطب على منبر عدن، ولم يكن ملكها يومئذ، فقال بعض من حضر: سبوح قدوس مستهزئا، فأمر بالحوطة عليه، فلما كان الجمعة الثانية .. خطب

الصليحي على منبر عدن، فقال ذلك الرجل: سبوحان قدوسان، وتغالى في القول، ودخل في مذهبهم، وكان يلاطف نجاحا صاحب زبيد في الظاهر؛ خوفا منه، ويعمل الحيلة في الباطن على قتله حتى قتله بالسم في سنة اثنتين وخمسين على يد جارية جميلة أهداها إليه. وفي سنة ثلاث وخمسين أرسل الصليحي بهدية جليلة فيها سبعون سيفا قوائهما من عقيق إلى المستنصر بمصر، واستأذنه في إظهار الدعوة، فأذن له المستنصر في ذلك، وعقد له الألوية، وكتب له الألقاب، فسار إلى التهائم وملكها، ولم تخرج سنة خمس وخمسين إلا وقد استولى على كافة قطر اليمن، من مكة إلى حضرموت، سهله وجبله، واستقر ملكه في صنعاء. وحلف أنه لا يولي تهامة إلا من حمل له مائة ألف دينار، ثم ندم وأراد أن يوليها صهره أسعد بن شهاب أخا زوجته أسماء أم المكرم، وحملت أسماء عن أخيها مائة ألف، وطلبت له ولاية التهائم، فولاه إياها كما ذكرناه في ترجمته. وحج الصليحي في سنة خمس وخمسين، وأظهر العدل والإحسان، وكسا البيت ثيابا بيضا، واستناب بمكة محمد بن أبي هاشم، ورجع إلى اليمن. وتوجه إلى مكة المشرفة في سنة تسع وخمسين، واستصحب زوجته أسماء بنت شهاب معه، واستخلف على ملك اليمن ولده منها أحمد المكرم، وسار في خمسين ملكا من ملوك اليمن الذين ولي ملكهم، وفي مائة وخمسين أو مائة وسبعين من آل الصليحي؛ خوفا أن يغيروا بعده على ولده المكرم، حتى إذا كان بالمهجم، ونزل بظاهرها بقرية يقال لها: أم الدهيم وبئر أم معبد، وخيمت عساكره والملوك الذين معه من حوله؛ إذ قيل: قتل الصليحي، فانذعر الناس، وسقط في أيديهم، وذلك أن سعيد الأحول بن نجاح كان بدهلك من أرض الحبشة، فلما علم بمسير الصليحي .. خرج من البحر من ساحل المهجم معارضا له في خمسة آلاف حربة من الحبشة قد انتقاهم، فساروا حتى هجموا المحطة وقت انتصاف النهار ثاني عشر ذي القعدة والناس متفرقون في خيامهم، غير مستعدين لشر، ولا خائفين له، فقصد سعيد الأحول ومن معه من أصحابه خيمة الصليحي، فدخلوا عليه، فقتلوه وقتلوا أخاه، وافترقوا في المحطة يقتلون من قدروا عليه، واستولى سعيد الأحول على خزائن الصليحي وأمواله، وكان قد استصحب معه أموالا جليلة، وأسرت زوجته

1946 - [ابن أبي الغارات]

أسماء بنت شهاب، ورجع بها سعيد الأحول إلى زبيد، وجعل رأس زوجها ورأس أخيه عبد الله أمام هودجها إذا سارت. وكان الصليحي حازما عازما، جوادا كريما، ممدحا-مدحه ابن القم وغيره-فصيحا بليغا شاعرا، ومن شعره قوله: [من الكامل] أنكحت بيض الهند سمر رماحهم … فرءوسهم عوض النثار نثار وكذا العلا لا يستباح نكاحها … إلا بحيث تطلّق الأعمار وأما قوله: [من الكامل] وألذّ من قرع المثاني عنده … في الحرب ألجم يا فلان وأسرج خيل بأقصى حضرموت أشدها … وزئيرها بين العراق ومنبج .. فقيل: قالها غيره على لسانه. وما ذكرناه في سنة قتله هو ما صححه الخزرجي، قال: (وقيل: سنة ثلاث وسبعين) (1). 1946 - [ابن أبي الغارات] (2) عمرو بن يحيى بن أبي الغارات الهيثمي، الأديب الفصيح البليغ. كان شاعر الداعي علي بن محمد الصليحي، وهو القائل على لسانه: [من الكامل] الحزم قبل العزم فاحزم واعزم … وإذا استبان لك الصواب فصمم واستعمل الرفق الذي هو مكسب … ذكر القلوب وجد واجهل واحلم واحرس وسس واشجع وصل وامنن وصل … واعدل وأنصف وارع واحفظ وانعم وإذا وعدت فعد بما تقوى على … إنجازه وإذا اصطنعت فتمم

(1) لم نجده في «طراز أعلام الزمن» ولعله في «العسجد المسبوك» أو غيره من مؤلفاته، واختلفوا في وفاته: ففي «الكامل في التاريخ» (8/ 212)، و «بهجة الزمن» (ص 76)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 348)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 163): توفي سنة (459 هـ‍)، وفي «شذرات الذهب» (5/ 317): توفي سنة (474 هـ‍)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (473 هـ‍). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 106)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 469).

1947 - [عمر ابن المصوع]

وقال لما سار الصليحي من صنعاء إلى مكة، واستخلف ابنه المكرم بصنعاء: [من الخفيف] ما لمن فارق الأحبة عذر … إن نهى دمعه عن الفيض صبر إن سيف الإمام كالبحر ذي الموج … له في البلاد مد وجزر ولئن ساءنا فراق علي … فبأحمد ابنه لنا ما يسر ذاك بحر سقا به مكة الله … وهذا لوفد صنعاء بحر ولم أقف على تاريخ وفاته. 1947 - [عمر ابن المصوع] (1) عمر بن إسحاق بن المصوع أبو حفص. تفقه بالقاسم بن محمد، وكان فقيها فاضلا، كبير القدر، عظيم الذكر، معروفا بالعلم والصلاح. وله مصنف في الفروع في مجلدين لطيفين يسمى «المذهب» بضم الميم، ينقل فيه النصوص نقلا حسنا، ولا يعلل شيئا منها، وآخر سماه «الجامع». وأصل بلده قرية ذي السفال على مرحلة من الجند في ناحية القبلة، وعلى نصف مرحلة من سهفنة، وسكن وادي ظبا-بضم الظاء-وكان ذا دنيا متسعة، وأملاك كثيرة، يقال: إن غالب الصوافي القديمة بذي السفال له، وإنما صارت صوافي لما قتل ولده الفقيه عبد الله بن عمر الآتي ذكره في العشرين بعد هذه (2) منصور بن أبي البركات الحميري والي التّعكر من قبل المكرم الصليحي، فلما صار أمر التّعكر إلى أخي المقتول المفضل بن أبي البركات الحميري .. غصب أملاك الفقيه وأمواله، واستصفاها. ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه عمر، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا أيام دخول علي بن محمد الصليحي الجند، والله أعلم.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 96)، و «السلوك» (1/ 236)، و «العطايا السنية» (ص 487)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 398)، و «تحفة الزمن» (1/ 171)، و «هجر العلم» (2/ 767). (2) انظر (3/ 480).

1948 - [أبو الجوائز الكاتب الواسطي]

1948 - [أبو الجوائز الكاتب الواسطي] (1) أبو الجوائز الحسن بن علي الكاتب الواسطي. كان من الفضلاء، أديبا شاعرا، حسن الشعر، من شعره: [من الطويل] دع الناس طرّا واصرف الودّ عنهم … إذا كنت في أخلاقهم لا تسامح ولا تبغ من دهر تظاهر رنقه … صفاء بنيه فالطباع جوامح وشيئان معدومان في الأرض درهم … حلال وخلّ في الحقيقة ناصح وله أيضا: [من الطويل] براني الهوى بري المدى وأذابني … صدودك حتى صرت أمحل من أمس ولست أرى حتى أراك وإنما … يبين هباء الذر في ألق الشمس توفي سنة ستين وأربع مائة (2)، والله سبحانه أعلم. 1949 - [جعفر ابن عبد الرحيم] (3) جعفر بن أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم أبو عبد الله المحائي (4) -بحاء مهملة، وقيل: معجمة قبلها ميم، وبعدها ألف ساكنة، وهمزة مكسورة، ثم ياء النسب- ونسبه في ذي الكلاع، قبيلة من حمير. تفقه بجماعة، منهم القاسم بن محمد الجمحي، وابن ملامس، وأكثر أخذه عن الجمحي. وكان فقيها نبيها عارفا، محققا مدققا، نقالا للنصوص، وكان مع سعة علمه عابدا مجتهدا، مشهورا بالصلاح والورع.

(1) «تاريخ بغداد» (7/ 404)، و «الإكمال» (1/ 180)، و «المنتظم» (9/ 483)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 219)، و «وفيات الأعيان» (2/ 111)، و «مرآة الجنان» (3/ 84)، و «البداية والنهاية» (12/ 563). (2) كذا صحح ابن خلكان وفاته في «وفيات الأعيان» (2/ 113)، وفي هذه السنة أيضا أورده اليافعي، وفي باقي مصادر الترجمة: توفي سنة (462 هـ‍). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 94)، و «السلوك» (1/ 233)، و «مرآة الجنان» (2/ 453)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 280)، و «تحفة الزمن» (1/ 170)، و «طبقات الخواص» (ص 119)، و «هجر العلم» (3/ 1282)، وقد تقدمت ترجمته سهوا في وفيات سنة (400 هـ‍) تبعا لليافعي، انظر (3/ 288). (4) كذا ضبطه المصنف هنا تبعا لما في «طراز أعلام الزمن» (1/ 280)، وفي باقي المصادر: (المحابي) بالباء.

كان يسكن قرية الظرافة-بضم الظاء المعجمة-قرية شرقي سهفنة، وكان يتردد إلى الجند؛ رغبة في زيارة مسجدها ومذاكرة علمائها، وكان والي الجند حسن الظن بالفقيه، فلم يزل يتلطف به ويرغبه في سكنى الجند لينتفع الناس بعلمه حتى أجابه إلى ذلك بشرط ألا يلزمه الحكم، وألا يدعوه إلى منزله؛ فإن دعاه .. فلا يكلفه أكل طعام، فالتزم له ذلك، ثم إنه حدث للوالي ما أوجب أن يدعوا الناس إلى بيته، فاستدعى الفقيه من جملتهم، فلما صاروا إلى الطعام والفقيه ممسك يده .. ناوله الوالي موزة أو موزتين وقال: يا سيدي الفقيه؛ هذا أهداه لي فلان، وذكر له رجلا معروفا بالحل، وجعل يتلطف بالفقيه ليأكل من طعامه، فاستحيى الفقيه، فأخذ الحبة وأكل منها بعضا، ثم قام مبادرا مظهرا أن له عذرا، فلما صار في الدهليز .. أخرج الحبة من بطنه، ثم سار إلى بيته. ولم يزل مقيما بالجند إلى أن قدم الصليحي في سنة أربع وخمسين وأربع مائة، فدخل عليه الفقيه من جملة فقهاء الجند للسلام، وكان الصليحي قد استخبر عنهم، وحقق حال الفقيه وعلمه وصلاحه، فقال له: يا فقيه؛ القضاء متعين عليك، ونريد منك تقبله، فقال الفقيه ما معناه: لا أصلح له، ولا يصلح لي، فأعرض الصليحي مغضبا، واشتغل عنه بالحديث مع الحاضرين، فخرج الفقيه مبادرا، وجد في السير إلى قريته، فسأل عنه الصليحي بعد ساعة، فقيل: قد خرج، فأمر بطلبه، فلم يوجد في البلد، فأمر جماعة يلحقونه إلى بلده ويقعون به، فخرجوا في أثره وأدركوه على قرب من قريته، فضربوه بسيوفهم، فلم تقطع فيه شيئا، غير أنه من شدة ألم الضرب وتكرره وقع على الأرض مغشيا عليه، فتركوه ورجعوا إلى الصليحي، وأخبروه أن سيوفهم لم تقطع فيه شيئا، فأمرهم بكتم ذلك، ثم إن بعض المارة رأى الفقيه على تلك الحالة، فصاح بأهل القرية، فحملوه إلى بيته، ورشوا عليه الماء حتى أفاق، وسألوه عن قصته، فأخبرهم الخبر، فقيل له: هل كنت تقرأ شيئا؟ قال: كنت أقرأ سورة يس، وقيل: جاءوه وقد أحرم بالصلاة، فلم يشعر بشيء من فعلهم به، ولم يزل الصليحي بعد ذلك يعظمه ويحترمه، ويحترم أصحابه، ويعفي أراضيهم من الخراج، ويقبل شفاعته فيما شفع، ويقول: ليس في فقهاء السنة مثله. ومن مصنفاته: كتاب «التقريب» وكتاب «الجامع» وهو من الكتب النافعة المعدودة. وكانت وفاته تقريبا على رأس ستين وأربع مائة.

قال الخزرجي: (وقول اليافعي في «تاريخه»: إنه توفي سنة أربع مائة .. غفلة منه؛ فإنه في سياق كلامه ذكر اجتماعه بالصليحي في الجند، ولا خلاف أن قيام الصليحي كان في سنة تسع وعشرين، وأن دخوله الجند واجتماعه بالفقيه بعد قيامه بعدة سنين) (1). والله سبحانه أعلم ***

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 282).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والأربعون بعد الأربع مائة فيها: توفي أبو علي أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر التميمي الدمشقي أحد الأكابر، والحافظ أبو عبد الله محمد بن علي الصوري، والعتيقي، وأبو القاسم الإفليلي اللغوي، وعلي ابن حمصة، ومحمد بن أحمد السعدي. *** السنة الثانية والأربعون فيها: عيّن ابن النسوي-بالنون والسين المهملة-لشرطة بغداد، فاتفق السنية والشيعة على أنه متى ولي .. نزحوا عن البلد، فوقع الصلح بين الفريقين بهذا السبب، وصار أهل الكرخ يترحمون على الصحابة، وصلوا في مساجد السنية، وخرجوا كلهم إلى زيارة المشاهد، وتحابوا وتزاوروا، وهذا شيء لم يعهد منذ دهر (1). وفيها: توفي أبو الحسن علي بن عمر القزويني الزاهد، وأبو القاسم الثمانيني النحوي الضرير، وأبو طاهر محمد بن علي العلاف. وفيها: مات مودود بن مسعود بن محمود بن سبكتكين، وقام مقامه عمه عبد الرشيد بن محمود (2). وفيها: كبس أهل الكرخ على دار الوزارة، وأخرجوا منها أبا نصر بن مروان، وخلصوه من المصادرة (3). ***

(1) «المنتظم» (9/ 353)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 7)، و «العبر» (3/ 201)، و «البداية والنهاية» (12/ 515)، و «شذرات الذهب» (5/ 187). (2) «المنتظم» (9/ 356)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 79)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 56)، و «البداية والنهاية» (12/ 516). (3) «المنتظم» (9/ 353).

السنة الثالثة والأربعون

السنة الثالثة والأربعون فيها: زال الأنس بين السنية والشيعة، وعادوا إلى ما كانوا عليه من الشر والفتن، وأحكم الرافضة سور الكرخ، وكتبوا على الأبراج: (محمد وعلي خير البشر، فمن رضي فقد شكر، ومن أبى فقد كفر) واضطرمت نار الفتنة، وأخذت ثياب الناس في الطرق، وغلقت الأسواق، واجتمع للسنية جمع لم ير مثله، وهجموا دار الخلافة، فوعدوا بالخير، وثار أهل الكرخ، فالتقى الجمعان، وقتل جماعة، ونبش عدة قبور للشيعة وأحرقوا، وتم على الرافضة خزي عظيم، فعمدوا إلى خان الحنفية، فأحرقوه وقتلوا مدرسهم أبا سعد السرخسي رحمه الله (1). وفيها: فتح طغرلبك أصبهان، ودخلها (2). وفيها: كبس منصور بن الحسن (3) بمن معه من الغز على الأهواز، فقتل بها خلقا من الديلم والأتراك والعامة، وأحرقها ونهبها (4). وفيها: وردت كتب ابن باديس صاحب المغرب بما فتحه منها، وبإقامته الدعوة للقائم بأمر الله (5). وفيها: كانت وقعة بين ابن باديس المذكور وبين المصريين، كانت على المغاربة، وقتل منهم ثلاثون ألفا (6). وفيها: توفي أبو القاسم علي بن أحمد الفارسي مسند الديار المصرية-كذا ذكره في «تاريخ اليافعي»، وفي «الذهبي»: أبو القاسم علي بن محمد الفارسي (7) - وعبد الرحمن بن أبي بكر الذكواني، ومحمد بن عبد السلام بن سعدان، وأبو الحسن بن صخر.

(1) «المنتظم» (9/ 357)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 95)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 9)، و «العبر» (3/ 203)، و «البداية والنهاية» (12/ 516). (2) «المنتظم» (9/ 359)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 10)، و «العبر» (3/ 203). (3) كذا في «تاريخ الإسلام» (30/ 10)، وفي «المنتظم» (9/ 359): (منصور بن الحسن). (4) «المنتظم» (9/ 359)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 10)، و «العبر» (3/ 204). (5) «المنتظم» (9/ 359)، و «مرآة الجنان» (3/ 60). (6) «المنتظم» (9/ 359)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 10)، و «العبر» (3/ 204). (7) انظر ترجمته (3/ 397).

السنة الرابعة والأربعون

السنة الرابعة والأربعون فيها: هاجت الفتنة ببغداد، واستعرت نيرانها، وأحرقت عدة حوانيت، وكتب أهل الكرخ على أبواب مساجدهم: (محمد وعلي خير البشر) وأذّنوا بحي على خير العمل، فاجتمع غوغاء السنية، وحملوا حملة حربية على الرافضة، فهرب النظّارة، وازدحموا في درب ضيق، فهلك ست وثلاثون امرأة، وستة رجال وصبيان، وطرحت النيران في الكرخ، وأخذوا في تحصين الأبواب والقتال، والتقوا في سادس ذي الحجة، فجمع الطقطقي-بالقاف بين الطائين المهملتين، ثم قاف أخرى-طائفة من الأعوان، وكبس جهة من الكرخ، وقتل رجلين، ونصب رأسيهما على مسجد القلائين (1). وفيها: عمل محضر كبير ببغداد، تضمن القدح في نسب بني عبيد الخارجين بالمغرب ومصر، وأن أصلهم من اليهود، وأنهم كاذبون في انتسابهم إلى جعفر الصادق رضي الله عنه، فكتب خلق من الأشراف والشيعة والسنية وأولي الخبرة (2). وفيها: توفي أبو غانم أحمد بن علي بن الحسين المروزي الكراعي، مسند خراسان في وقته، والإمام المقرئ أبو عمرو الداني عثمان بن سعيد القرطبي، وأبو علي بن المذهب، ورشا، وأبو نصر السجزي، وعبد العزيز بن علي الأزجي، وأبو الفتح ناصر العمري. وفيها: مات قرواش بن المقلّد، وقام بالأمر قريش بن بدران (3). *** السنة الخامسة والأربعون فيها: توفي أبو العباس أحمد بن علي بن هاشم المصري الملقب بتاج الأئمة، وإبراهيم بن عمر أبو إسحاق البرمكي البغدادي الحنبلي، وإسماعيل بن علي الرازي أبو سعد السمان، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد الكاتب مسند أصبهان، والأفضل أبو تمام محمد بن محمد بن أبي تمام الزينبي نقيب النقباء، وولي ابنه أبو علي مكانه.

(1) «المنتظم» (9/ 362)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 109)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 11)، و «العبر» (3/ 205)، و «مرآة الجنان» (3/ 62). (2) «المنتظم» (9/ 363)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 109)، و «العبر» (3/ 206)، و «مرآة الجنان» (3/ 62). (3) «المنتظم» (9/ 355)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 105)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 633)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 48).

السنة السادسة والأربعون

السنة السادسة والأربعون فيها: غزا طغرلبك بلاد الروم (1). وفيها: قصد قريش بن بدران الأنبار ففتحها، وقطع أبو الحارث البساسيري أيدي عالم بها وقتل، وكان معه دبيس بن علي بن مزيد (2). وفيها: توفي الحافظ أبو يعلى الخليلي واسمه: الخليل بن عبد الله بن أحمد القزويني، أحد أئمة الحديث، والحسن بن علي بن إبراهيم المقرئ أبو علي الأهوازي المحدث صاحب التصانيف، وأبو محمد بن اللبان الأصبهاني، ومحمد بن عبد الرحمن ابن أبي نصر. *** السنة السابعة والأربعون فيها: استولى علي بن محمد الصليحي الهمداني على أكثر أعمال اليمن، وخطب للمستنصر العبيدي صاحب مصر، واستقوى على الكريدي وصاحب صنعاء وغيرهما، وكان قبل ذلك يخطب باليمن للقائم العباسي، ثم غلب في سنة ثمان وأربعين على بلاد اليمن بأسرها (3). وفيها: عظمت الفتنة بين الشافعيين والحنبليين، حتى تأخر الشافعيون عن صلاة الجمعات وعن مجالسهم فيها من كثرة الحنبليين، ومقدمهم أبو محمد التميمي، وأبو يعلى بن الفراء (4). وفيها: توفي الحسين بن أحمد البغدادي أبو عبد الله القادسي، وأبو عبد الله الحسين بن علي العجلي الشافعي المعروف بابن ماكولا، والحكم بن محمد الجذامي، وأبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، وابن سلوان، وعبد الوهاب بن الحسين بن برهان أبو الفرج البغدادي الغزال، والإمام أبو الفتح سليم بن أيوب بن سليم الرازي الشافعي.

(1) «المنتظم» (9/ 372)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 116)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 19). (2) «المنتظم» (9/ 372)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 118)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 15). (3) «المنتظم» (9/ 378)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 130)، و «البداية والنهاية» (12/ 522). (4) «المنتظم» (9/ 375)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 129)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 23)، و «البداية والنهاية» (12/ 521).

السنة الثامنة والأربعون

السنة الثامنة والأربعون فيها: خطب بالكوفة والموصل للمستنصر المصري العبيدي الباطني، ففرحت الرافضة بذلك، واستفحل أمر الأمير البساسيري-بفتح الموحدة، وبالسين المهملة المكررة قبل الألف وبعدها، وسكون المثناة تحت المكررة قبل الراء وبعدها-ثم جاءته الخلع والتقليد من مصر (1). وفيها: توفي عبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري الأندلسي الفقيه المالكي، والشيخ عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي، وأبو الحسن علي بن أحمد بن علي الفالي المؤدب، وأبو الحسن علي بن إبراهيم بن عيسى الباقلاني البغدادي، وأبو حفص ابن مسرور الماوردي الزاهد، ومحمد بن الحسين الطفال، وأبو بكر محمد بن عبد الملك ابن بشران، وأبو طالب محمد بن أيوب ومولده سنة سبعين وثلاث مائة. وفيها: أهديت خديجة المدعوة أرسلان بنت جغري بك داود أخي طغرلبك (2) إلى الخليفة القائم بأمر الله (3). وفيها: كثر الوباء، وعم الدنيا بأسرها، حتى بلغ ببغداد المكوك من بزر البقلة سبعة دنانير، والمن من الشراب بدينار، وكل واحدة من سفرجلة أو رمانة أو خيارة أو لينوفرة (4) بدينار، حتى قيل: إنه ورد من مصر كتاب يتضمن أن ثلاثة من اللصوص نقبوا بيتا، فوجدوا عند الصباح موتى: أحدهم على باب النقب، والثاني على رأس الدرجة، والثالث على الثياب المكورة (5). وفيها: ماتت فاطمة أخت القائم الخليفة العباسي، فأخرج تابوتها وتابوت الذخيرة أبي العباس بن القائم، وحضر في العزاء عدد لا يتجاوزون الأربعين؛ لخلو البلد، وانقراض الناس (6).

(1) «المنتظم» (9/ 385)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 24)، و «العبر» (3/ 217)، و «مرآة الجنان» (3/ 66)، و «البداية والنهاية» (12/ 524). (2) في «تاريخ الإسلام» (30/ 24)، و «شذرات الذهب» (5/ 205): (تزوج القائم بأمر الله بأخت طغرلبك). (3) «المنتظم» (9/ 382)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 133)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 24)، و «البداية والنهاية» (12/ 523)، و «شذرات الذهب» (5/ 205). (4) كذا في «شذرات الذهب» (5/ 205)، وفي «المنتظم» (9/ 383): (النيلوفرة). (5) «المنتظم» (9/ 383)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 144)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 25)، و «العبر» (3/ 217)، و «البداية والنهاية» (12/ 524). (6) «المنتظم» (9/ 387).

السنة التاسعة والأربعون

وفي عيد النحر من هذه السنة: خرج الناس لصلاة العيد، فلم ير راكب فرس ولا بغل، ولا ذي قميص جديد سوى فرس لغلام صاحب الشرطة. وفيها: كانت الوقعة بالموصل بين أبي الحارث البساسيري ومعه دبيس بن علي وبين قريش بن بدران ومعه ابن عم السلطان، فكانت الدائرة عليهما (1)، وقتل وأسر منهما عدد كثير (2). *** السنة التاسعة والأربعون فيها: زاد الغلاء حتى بلغت الكارّة السميد ثلاثة عشر دينارا، والكارة من الشعير والذرة ثمانية دنانير (3). وفيها: كبست دار أبي جعفر الطوسي فقيه الشيعة بالكرخ، وأخرجت كتبه (4). وفيها: كثر الوباء ببخارى، حتى قيل: إنه مات في يوم واحد ثمانية عشر ألف إنسان من أعمال بخارى، وهلك في مدة الوباء ألف ألف وست مائة ألف وخمسون ألف إنسان، وكذلك كان بسمرقند. ووجد ميت وقد دخل تركي ليأخذ لحافا عليه، فمات التركي وطرف اللحاف بيده والطرف الآخر على الميت، وبقيت أموال الناس سائبة، والمواريث ليس لها من يأخذها. وكان الفقيه أبو محمد عبد الجبار بن محمد بدار الجوزجانية ومعه سبع مائة فقيه لم يبق منهم غير اثني عشر نفسا (5). وفيها: توفي أبو العلاء أحمد بن عبد الله التنوخي المعري اللغوي الشاعر المشهور، والحافظ أبو مسعود أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز الرازي، وشيخ الإسلام

(1) أي: على قريش بن بدران وابن عم السلطان قتلمش. (2) «المنتظم» (9/ 385)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 139)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 33)، و «البداية والنهاية» (12/ 524). (3) «المنتظم» (9/ 391)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 149)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 28)، و «البداية والنهاية» (12/ 527). (4) «المنتظم» (9/ 391)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 151). (5) «المنتظم» (9/ 391)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 151)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 28)، و «البداية والنهاية» (12/ 527)، و «شذرات الذهب» (5/ 208).

السنة الموفية خمسين بعد الأربع مائة

إسماعيل بن عبد الرحمن أبو عثمان الصابوني، وأبو عبد الله الخبّازي المقرئ النيسابوري، وأبو الفتح الكراجكي الخيمي رأس الشيعة. *** السنة الموفية خمسين بعد الأربع مائة فيها: توفي الإمام الكبير، العالم الشهير، القاضي أبو الطيب الطبري واسمه: طاهر بن عبد الله بن طاهر الشافعي، والإمام أقضى القضاة أبو الحسن علي بن محمد الماوردي البصري الشافعي، وأبو القاسم الرقي النحوي، وأبو الفتح بن شيطا، وعلي بن بقا، وأبو عبد الله الونّي الفرضي. وفيها: قتل الوزير ابن المسلمة الملقب: رئيس الرؤساء (1). وفيها: دخل البساسيري بغداد وإلى جانبه أبو الحسن بن عبد الرحيم ومعه الأعلام البيض عليها اسم المستنصر أبي تميم معد، وورد معه قريش بن بدران، ومنصور بن دبيس بن علي وكان صهره على ابنته، وخرج القائم من داره، فسلم إلى قريش بن بدران، فسلمه إلى مهارش بن المجلي، فحمله إلى الحديثة، وتسلم البساسيري الوزير رئيس الرؤساء أبا القاسم بن المسلمة فقتله وشهره وصلبه، وظفر بعميد العراق أبي نصر، فقتله قريش في الموصل، وظفر بقاضي القضاة الدامغاني-وكان مبالغا في عداوة البساسيري- وبهبة الله بن المأمون، وبأرسلان خاتون بنت داود زوجة القائم، وهلك في هذه الفتنة عالم كثير (2). *** السنة الحادية والخمسون فيها: توجه طغرلبك إلى أصبهان، وراسل قريشا والبساسيري في إعادة الخليفة إلى داره على ألا يدخل طغرلبك العراق، ويقنع بالخطبة والسكة، فلم يوافق البساسيري، وكاتب المصريين بما اعتمده من فتح بغداد والخطبة بها، وكان وزير صاحب مصر ممن هرب من البساسيري وفي نفسه منه ما فيها، وبرّد فعله، وخوف المستنصر عاقبته، وعادت الأجوبة

(1) «المنتظم» (9/ 410)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 156)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 31). (2) «المنتظم» (9/ 405)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 153)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 30)، و «العبر» (3/ 223)، و «البداية والنهاية» (12/ 534).

السنة الثانية والخمسون

من المستنصر إلى البساسيري بعد مدة طويلة بغير ما أمله، وتوجه طغرلبك إلى بغداد، فثار العامة وأحرقوا الكرخ وأسواقه ودروبه بعد أن نهب جميعه، فدخلها طغرلبك في سادس ذي القعدة، وعاد الخليفة القائم من الحديثة، وأخذه مهارش على تل عكبرا؛ خوف أن يعترضه أحد، وخدمه بها بدر بن مهلهل، وتلقاه طغرلبك، وجلس على دكته حتى دخل الخليفة بغداد لخمس بقين من ذي القعدة، وخدمه بالجواهر والفرش والآلات والخيل، وبايعه، ولم يكن بقي ببغداد من وجوه الناس من يلقى الخليفة سوى قاضي القضاة الدامغاني (1). وفيها: قتل البساسيري، وحمل رأسه إلى طغرلبك (2). وفيها: نهبت الكوفة ثمانين يوما، وكان النهب قد أتى على بغداد، فنهبت نيفا وثلاثين يوما، ومات عالم بالعفونة وغيرها، وجافوا على الطرقات، ولم يكن لهم من يدفنهم (3). وفيها: توفي أبو المظفر عبد الله بن شبيب الضبي المقرئ، وأبو عثمان النّجيرمي، وأبو طالب العشاري. *** السنة الثانية والخمسون فيها: عاد طغرلبك إلى الجبل بعد أن عقد بغداد وأعمالها لأبي الفتح المظفر بن الحسين في سنة أولى بمائة ألف دينار، والسنتين بعدها بثلاث مائة ألف دينار، وكفى بهذه دليلا على الخراب (4). وفيها: توفي شيخ الإقراء بمصر محمد بن أحمد المقرئ القزويني، وأبو الفضل ابن عمروس المالكي. ***

(1) «المنتظم» (9/ 419)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 158)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 271)، و «البداية والنهاية» (12/ 540). (2) «المنتظم» (9/ 426)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 160)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 272)، و «البداية والنهاية» (12/ 542). (3) «المنتظم» (9/ 421)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 160)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 32)، و «البداية والنهاية» (12/ 541). (4) «المنتظم» (9/ 433)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 167).

السنة الثالثة والخمسون

السنة الثالثة والخمسون فيها: أرسل طغرلبك يخطب السيدة ابنة القائم العباسي، وتردد في ذلك ما آل إلى الوحشة، وجرى في ذلك ما كاد يفضي إلى الفساد، ثم وقعت الإجابة بعد، فقدم الوزير الكندري إلى بغداد ومعه المال الجزيل، والجواهر الكثيرة، والحلي والثياب، والجواري، ومن جملته مائة ألف دينار عينا، وألفان ومائتان وخمسون قطعة جوهر، فيها سبع مائة وعشرون قطعة وزن كل قطعة ما بين ثلاثة مثاقيل إلى مثقال، وما يشبه ذلك ويناسبه (1). وفيها: مات أبو المعالي قريش بن بدران، وقام ابنه أبو المكارم مقامه، وسار إلى حرب منيع بن وثاب صاحب حران (2). وفيها: تقلد نيابة العباسيين الكامل أبو الفوارس طراد بن محمد بن أبي تمام الزينبي، وناب عنه أخوه أبو طالب (3). وفيها: حالف أبو نصر بن جهير ولد نصير الدولة نصرا، وقوي على أخيه سعيد، وجرت بينهما حروب، وكانت ولايته سنة ثلاثين (4). وفيها: توفي نصير الدولة أبو نصر أحمد بن مروان الكردي بميافارقين، وكانت الثغور مضبوطة عامرة. وفيها: توفي أبو العباس أحمد بن سعيد ابن نفيس المصري شيخ القراء، والسميساطي، وعلي بن رضوان الطبيب، وأبو سعد الكنجرودي. *** السنة الرابعة والخمسون فيها: بلغت دجلة إحدى وعشرين ذراعا، وغرقت بغداد (5).

(1) «المنتظم» (9/ 436)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 177)، و «البداية والنهاية» (12/ 546). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 174)، و «وفيات الأعيان» (5/ 267)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 348)، و «شذرات الذهب» (5/ 227). (3) «المنتظم» (9/ 439)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 175)، و «البداية والنهاية» (12/ 547). (4) الصواب: سنة (453 هـ‍)؛ لأن والده نصير الدولة توفي في هذه السنة، وتولى هو بعده، انظر هذه الحادثة في «الكامل في التاريخ» (8/ 175). (5) «المنتظم» (9/ 443)، و «العبر» (3/ 233)، و «مرآة الجنان» (3/ 74)، و «شذرات الذهب» (5/ 228).

السنة الخامسة والخمسون

وفيها: انتصر المسلمون على الروم، وغنموا وسبوا، حتى بيعت السرية الحسناء بمائة درهم (1). وفيها: عقد السلطان طغرلبك على السيدة بنت القائم العباسي بعد الامتناع الشديد الذي أفضى إلى المباينة، وكان العقد بمدينة تبريز، ثم توجه السلطان إلى بغداد (2). وفيها: توفي أبو نصر زهير بن الحسن السرخسي الفقيه الشافعي مفتي خراسان، والإمام أبو الفضل الرازي، والقاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي مصنف كتاب «الشهاب» في الحديث، وشرف الدولة ابن باديس بن المنصور الحميري الصنهاجي، صاحب إفريقية وما والاها من بلاد المغرب، وأبو حفص عمر بن عبيد الله الذهلي القرطبي محدث الأندلس. *** السنة الخامسة والخمسون فيها: ورد طغرلبك بغداد، وعزم القائم على تلقيه، فاستعفاه، وخرج الوزير لتلقيه، فلما دخلها .. طلب زفاف السيدة، فقال الخليفة: إن الشرف بهذه الوصلة لا الاجتماع، وإن كانت مشاهدة .. فتكون في دار الخلافة، فقال السلطان: نفعل هذا، ولكن ينعم الخليفة ويفرد لخواصه وحجابه ومماليكه مواضع يسكنونها؛ فإنه لا يمكنه مفارقتهم، فحينئذ نقلت السيدة إلى دار المملكة بعد أن زفت إليه في دار الخليفة، فدخل وقبل الأرض ولم يكشف البرقع عن وجهها وانصرف، وحمل إليها مائة ألف دينار برسم حمل القماش وثقله، وحمل إليها تحفا يقصر الوصف عن ضبطها، ثم زفت إليه بدار المملكة، وأجلست على سرير ملبس من ذهب، فدخل السلطان إليها وقبل الأرض ولم يجلس في اليوم الأول، ثم جلس فيما بعده على سرير مموه بالفضة دونها، وكان يقبل الأرض ويخدم وينصرف، وظهر عليه السرور (3).

(1) «تاريخ الإسلام» (30/ 279)، و «العبر» (3/ 233)، و «مرآة الجنان» (3/ 74). (2) «المنتظم» (9/ 443)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 177)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 278)، و «البداية والنهاية» (12/ 548). (3) «المنتظم» (9/ 447)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 177)، و «العبر» (3/ 236)، و «البداية والنهاية» (12/ 549).

السنة السادسة والخمسون

وفيها: دخل الصليحي صاحب اليمن مكة، وأحسن السيرة فيها، وجلب إليها الأقوات، ورفع جور من تقدم، وظهرت منه أفعال جميلة (1). وفيها: مات السلطان طغرلبك السلجوقي-واسمه: محمد بن ميكائيل بن سلجوق- بالري، وكان وزيره الكندري على سبعين فرسخا من الري، فلما بلغه وفاة السلطان .. سار إلى الري، فأدركه ولم يدفن، فتولى أمره، وجلس في الملك ابن أخي طغرلبك سليمان بن داود بن ميكائيل، وكان طغرلبك قد نص عليه، فانعكست الحال، ومال الأتراك إلى عضد الدولة ألب أرسلان بن داود، فخطب له، وبعده لأخيه سليمان. وفيها: توفي أحمد بن محمود الثقفي الأصبهاني المؤدب، وإبراهيم سبط بحرويه، وأبو يعلى الصابوني. *** السنة السادسة والخمسون قبض ألب أرسلان على الوزير عميد الملك الكندري، ثم قتله في آخر العام المذكور، وحمل رأسه إلى نيسابور، وتفرد بوزارة ألب أرسلان الوزير العادل نظام الملك الطوسي (2). وفيها: توفي أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي النحوي، وأبو علي الحسن بن رشيق الأديب الشاعر، والإمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري الأموي مولاهم، الفارسي الأصل، الأندلسي القرطبي، وعبد العزيز النخشبي، وأبو الحسين ابن النّرسي، وأبو سعيد محمد بن علي الخشّاب. *** السنة السابعة والخمسون فيها: توفي العيار سعيد بن أبي سعيد أبو عثمان أحمد بن محمد النيسابوري، كذا في «تاريخ اليافعي» (3).

(1) «المنتظم» (9/ 450)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 186)، و «العقد الثمين» (6/ 238). (2) انظر ترجمة عميد الملك (3/ 416). (3) «مرآة الجنان» (3/ 81)، وفي «تاريخ الإسلام» (30/ 431): (سعيد بن أبي سعيد أحمد بن محمد أبو عثمان الصوفي)، وهو الصواب.

السنة الثامنة والخمسون

السنة الثامنة والخمسون فيها: ولدت بنت ببغداد لها رأسان ورقبتان ووجهان على بدن واحد (1). وفيها: توفي الإمام الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي الشافعي، والإمام محمد بن أحمد أبو عاصم العبادي، والقاضي أبو يعلى محمد بن الحسين الحنبلي البغدادي، وأبو الحسن علي بن إسماعيل ابن سيده الحافظ اللغوي، وعبد الرزاق ابن شمة. وفيها: اختط الصليحي ذا جبلة (2). *** السنة التاسعة والخمسون في ذي القعدة منها: فرغ من عمارة المدرسة النظامية التي أنشأها الوزير نظام الملك ببغداد، وقرر لتدريسها الشيخ أبا إسحاق الشيرازي، فاجتمع الناس ولم يحضر الشيخ؛ لقيه في الطريق صبي وقال: كيف تدرس في مكان مغصوب؟ ! فرجع الشيخ واختفى، فلما أيسوا من حضوره وقد اجتمع فيها وجوه الناس .. قالوا: ما ينبغي أن ينصرف هذا الجمع من غير تدريس، فأشير إلى أبي نصر بن الصباغ مصنف «الشامل» فدرس، فلما وصل الخبر إلى الوزير نظام الملك .. أقام القيامة على العميد أبي سعد، فلم يزل العميد يرفق بالشيخ أبي إسحاق حتى درس، وكان ابتداء عمارة المدرسة في أثناء سنة سبع وخمسين (3). وفيها: بنى العميد شرف الملك أبو سعد المذكور قبة عظيمة على مشهد أبي حنيفة، وأنفق عليها أموالا جزيلة (4). وفيها: توفي أبو نصر أحمد بن عبد الباقي الموصلي، وأبو مسلم الأصبهاني الأديب المفسر المعتزلي، وأحمد بن منصور المغربي، وأبو القاسم الحنّائي، وأبو مسلم ابن مهربزد (5).

(1) «المنتظم» (9/ 462)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 208)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 292). (2) «معجم البلدان» (2/ 106)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 283)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 443). (3) «المنتظم» (9/ 469)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 212)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 294)، و «العبر» (3/ 246)، و «البداية والنهاية» (12/ 558). (4) «المنتظم» (9/ 467)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 211)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 295)، و «مرآة الجنان» (3/ 83). (5) أبو مسلم ابن مهربزد هو نفسه أبو مسلم الأصبهاني الأديب المفسر المعتزلي.

السنة الموفية ستين بعد الأربع مائة

وفيها-أعني سنة تسع وخمسين-: قتل الصليحي صاحب اليمن وأخوه (1)، وأسرت زوجته أم ولده المكرم، ورحل بها ورأسه أمام هودجها إلى زبيد (2). وفيها: وقعة الرملة بحضرموت (3). *** السنة الموفية ستين بعد الأربع مائة فيها-أو قبلها-: كان غلاء عظيم بمصر (4). وفيها: كانت الزلزلة التي هلك فيها بالرملة وحدها على ما ذكر ابن الأثير خمسة وعشرون ألفا، وقال: (انشقت الصخرة ببيت المقدس وعادت بإذن الله تعالى، وأبعد الله سبحانه وتعالى البحر عن ساحله مسيرة يوم، ونزل الناس إلى أرضه يلتقطون، فرجع عليهم، فهلك منهم خلق عظيم) (5). وفيها: توفي عبد الدائم الهلالي الحوراني ثم الدمشقي، وأبو الجوائز الحسن بن علي الكاتب الواسطي (6). وفيها: أول دولة الدغار بن أحمد بحضرموت. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ***

(1) في تاريخ وفاته خلاف، انظر ترجمته (3/ 427). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 212)، و «بهجة الزمن» (ص 77)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 349). (3) «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 443)، والرملة: قرية من قرى تريم على ضاحية منها تبعد عنها بميل. (4) «الكامل في التاريخ» (8/ 215)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 297)، و «العبر» (3/ 248). (5) «الكامل في التاريخ» (8/ 214). (6) «المنتظم» (9/ 471)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 214)، و «العبر» (3/ 248)، و «شذرات الذهب» (5/ 255).

العشرون الرابعة من المائة الخامسة

العشرون الرابعة من المائة الخامسة [اعلام] 1950 - [الفوراني] (1) عبد الرحمن بن محمد ابن فوران الفوراني المروزي، شيخ الشافعية، وتلميذ القفال، ومصنف «الإبانة»، وهو كتاب مفيد. وعنه أخذ أبو سعد المتولي صاحب «التتمة». توفي سنة إحدى وستين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 1951 - [الحافظ أبو زكريا البخاري] (2) أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر بن إسحاق الحافظ. حدث عن الحاكم، وحمزة المهلّبي، وعبد الغني المصري وغيرهم. وعنه الإمام نصر المقدسي، ومحمد بن أحمد الرازي، وابن الجبّان وغيرهم. وكان من الحفاظ الثقات. توفي سنة إحدى وستين وأربع مائة. 1952 - [القاضي حسين] (3) القاضي حسين بن محمد المروزي الإمام المشهور. أخذ عن الإمام أبي بكر القفال المروزي، وصنف في الفروع والأصول والخلاف، ولم

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 132)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 264)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 45)، و «العبر» (3/ 249)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 109)، و «شذرات الذهب» (5/ 257). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 257)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 47)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1157)، و «نفح الطيب» (3/ 62)، و «شذرات الذهب» (5/ 258). (3) «وفيات الأعيان» (2/ 134)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 260)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 62)، و «العبر» (3/ 251)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 36)، و «مرآة الجنان» (3/ 85)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 356)، و «شذرات الذهب» (5/ 259).

1953 - [ابن عتاب المالكي]

يزل يحكم بين الناس ويدرس ويفتي، وأخذ عنه جماعة من العلماء، منهم الحسين بن مسعود البغوي. توفي سنة اثنتين وستين وأربع مائة. وحيث أطلق الشافعية في الفروع لفظ القاضي .. فهو المراد، وإن أطلق أهل الأصول القاضي .. فهو أبو بكر الباقلاني، أو القاضيين .. فالباقلاني وعبد الجبار المعتزلي، وإذا أطلقوا الشيخ .. فالمراد به: أبو الحسن الأشعري، وعند الفقهاء: الشيخ أبو محمد الجويني، ومطلق الإمام عند أكثر الأصوليين: فخر الدين الرازي، وعند الفقهاء وبعض الأصوليين: إمام الحرمين. 1953 - [ابن عتّاب المالكي] (1) أبو عبد الله محمد بن عتّاب-بفتح العين المهملة، والمثناة من فوق المشددة، وبعد الألف موحدة-الجذامي مولاهم، الفقيه الإمام المالكي، مفتي قرطبة وعالمها، ومحدثها وورعها. توفي سنة اثنتين وستين وأربع مائة. 1954 - [الحافظ شعبة النسفي] (2) أبو نصر (3) أحمد بن جعفر بن مدني بن عيسى بن عدنان بن محمود النسفي الكائني، الملقب: شعبة، ختن الإمام جعفر المستغفري، وهو الذي لقبه شعبة؛ لما رأى من حدته وحفظه. سمع الكثير وهو شاب بسمرقند، وحدث بها وهو شيخ كبير، وذكره أبو حفص النسفي في حفاظ سمرقند في كتابه «القند». توفي سنة اثنتين وستين وأربع مائة.

(1) «الصلة» (2/ 544)، و «بغية الملتمس» (ص 115)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 328)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 74)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 79)، و «الديباج المذهب» (2/ 222)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 288). (2) «شذرات الذهب» (5/ 261). (3) في «شذرات الذهب» (5/ 261): (أبو الليث).

1955 - [الإمام أبو بكر الخطيب]

1955 - [الإمام أبو بكر الخطيب] (1) أبو بكر الخطيب البغدادي واسمه: أحمد بن علي بن ثابت. روى عن أبي عمر بن مهدي، وابن الصّلت الأهوازي، وطبقتهما، ورحل إلى البصرة ونيسابور وأصبهان، ودمشق والكوفة والري، وصنف قريبا من مائة مصنف، وأخذ الفقه عن أبي الحسن المحاملي، والقاضي أبي الطيب الطبري. وكان فقيها يغلب عليه الحديث. توفي سابع ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربع مائة. وكان قد أوصى أن يدفن إلى جانب قبر بشر الحافي، وكان أبو بكر بن زهراء الصوفي قد أعد لنفسه قبرا إلى جانب قبر بشر الحافي، وكان يمضي إليه في كل أسبوع مرة، وينام فيه ويقرأ فيه القرآن كله، فلما مات الخطيب .. جاء أصحاب الحديث إلى ابن زهراء، وسألوه أن يدفن الخطيب في القبر الذي أعده لنفسه وأن يؤثره به، فامتنع من ذلك امتناعا شديدا وقال: أعددته لنفسي منذ ثلاثين سنة يؤخذ مني! ! فلما رأوا امتناعه .. جاءوا إلى الشيخ أبي سعد الصوفي وذكروا له ذلك، فاستحضره وقال له: أنا ما أقول لك أعطهم القبر، ولكن أقول لك: لو أن بشرا الحافي في الأحياء وأنت إلى جانبه، فجاء أبو بكر الخطيب يقعد دونك .. أكان يحسن بك أن تقعد أعلى منه؟ قال: لا، بل كنت أقوم وأخليه في مكاني، قال: فهكذا ينبغي أن تكون الآن، فطاب قلبه، وأذن لهم في دفنه في القبر المذكور، كذا ذكر المحب ابن النجار بسنده. والخطيب مذكور في الأصل. 1956 - [أبو علي المنيعي] (2) أبو علي حسان بن سعيد المنيعي رئيس مرو الروذ الذي عم خراسان ببره وأفضاله، وكان يكسي كل عام ألف نفس، وأنشأ الجامع المنيعي.

(1) «المنتظم» (9/ 491)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 226)، و «وفيات الأعيان» (1/ 92)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 270)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 85)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1135)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 190)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 29)، و «البداية والنهاية» (12/ 565)، و «شذرات الذهب» (5/ 262). (2) «المنتظم» (9/ 496)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 227)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 265)، و «تاريخ-

1957 - [أبو عمر المليحي]

توفي سنة ثلاث وستين وأربع مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» و «الذهبي» (1)، وذكره ابن شهبة في العشرين الثالثة من المائة الرابعة (2)، وفيما نقل عن طبقات السبكي أنه توفي سنة ست وثلاثين وأربع مائة (3)، فليحقق ذلك (4)، ولعل الصواب الأول. 1957 - [أبو عمر المليحي] (5) أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي الهروي المحدث، شيخ الإمام البغوي، أكثر عنه الرواية في تفسيره. وكان ثقة صالحا. توفي سنة ثلاث وستين وأربع مائة. 1958 - [كريمة المروزية] (6) أم الكرام كريمة بنت أحمد المروزية المجاورة بمكة. روت «الصحيح» وكانت ذات ضبط وفهم ونباهة، وما تزوجت قط. قيل: إنها بلغت المائة. سمع منها خلق، منهم الخطيب البغدادي، قرأ عليها «البخاري» في أربعة أيام. توفيت سنة ثلاث وستين وأربع مائة.

= الإسلام» (31/ 116)، و «العبر» (3/ 255)، و «مرآة الجنان» (3/ 88)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 299). (1) انظر «العبر» (3/ 255)، و «مرآة الجنان» (3/ 88). (2) لم نقف له على ترجمة في «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة. (3) في النسخة التي بين أيدينا من «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 302) أنه توفي سنة (463 هـ‍). (4) التحقيق: أنه توفي سنة (463 هـ‍) كما في جميع مصادر الترجمة. (5) «سير أعلام النبلاء» (18/ 255)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 123)، و «العبر» (3/ 256)، و «بغية الوعاة» (2/ 199)، و «شذرات الذهب» (5/ 266). (6) «المنتظم» (9/ 497)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 227)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 233)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 125)، و «البداية والنهاية» (12/ 570)، و «العقد الثمين» (8/ 310).

1959 - [الإمام ابن عبد البر]

1959 - [الإمام ابن عبد البر] (1) أبو عمر ابن عبد البر القرطبي الحافظ. قيل: ليس لأهل المغرب أحفظ منه مع الثقة والدين والنزاهة، والتبحر في الفقه والعربية والأخبار، وله المصنفات المفيدة، منها: كتاب «التمهيد لما في الموطأ من المعاني والآثار»، وكتاب «الاستيعاب في أسماء الصحابة النجاب» وغير ذلك، وله معرفة بالغة في علم الأنساب، وله مصنف فيه. توفي سنة ثلاثة وستين وأربع مائة وعمره خمس وتسعون سنة وخمسة أيام. 1960 - [المعتضد صاحب إشبيلية] (2) المعتضد بالله عباد بن القاضي محمد بن إسماعيل اللخمي، صاحب إشبيلية. توفي سنة أربع وستين وأربع مائة، وولي بعده ابنه. وكان شهما مهيبا، مقداما صارما، قتل جماعة وصادر آخرين، ودانت له الملوك. 1961 - [السلطان ألب أرسلان] (3) السلطان الكبير عضد الدولة ألب أرسلان بن الملك داود بن ميكائيل بن سلجوق-بسين مهملة مفتوحة، ثم لام ساكنة، ثم جيم مضمومة، ثم قاف-أول من قيل له: السلطان على منابر بغداد. وكان في آخر دولته من أعدل الملوك، وأحسنهم سيرة، وأرغبهم في الجهاد وفي نصر

(1) «جذوة المقتبس» (ص 367)، و «الصلة» (2/ 677)، و «بغية الملتمس» (ص 489)، و «وفيات الأعيان» (7/ 66)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 153)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 136)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1128)، و «البداية والنهاية» (12/ 568)، و «الديباج المذهب» (2/ 349)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 289). (2) «جذوة المقتبس» (ص 296)، و «بغية الملتمس» (ص 395)، و «وفيات الأعيان» (5/ 23)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 256)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 147)، و «نفح الطيب» (4/ 242). (3) «المنتظم» (9/ 506)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 231)، و «وفيات الأعيان» (5/ 69)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 414)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 160)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 308)، و «مرآة الجنان» (3/ 89)، و «البداية والنهاية» (12/ 572).

1962 - [أبو الغنائم العباسي]

الإسلام، ثم عبر بهم جيحون ومعه نحو مائتي فارس، وقيل: إنه لم يعبر الفرات في قديم الزمان ولا في حديثه في الإسلام ملك تركي قبل ألب أرسلان؛ فإنه أول من عبرها من ملوك الترك، فأتي بمتولي قلعة يقال له: يوسف الخوارزمي، فأمر أن يشبح بأوتاد (1)، فقال: يا مخنث؛ مثلي يقتل هكذا؟ ! فغضب السلطان، فأخذ القوس والنشاب وقال: خلوه، فرماه فأخطأه، وكان قل أن يخطئ، فشد يوسف عليه، ونزل السلطان عن سريره فعثر، فبرك عليه يوسف وضربه بسكين كانت معه في خاصرته، فشد مملوك للسلطان على يوسف فقتله، ثم مات السلطان من ذلك، وذلك بما وراء النهر في سنة خمس وستين وأربع مائة- ومولده سنة أربع وعشرين-وعمره أربعون سنة وشهران، وحمل تابوته إلى مرو، وكان أهل سمرقند قد خافوا وابتهلوا إلى الله تعالى وفروا إليه؛ ليكفيهم أمر ألب أرسلان، فكفاهم. 1962 - [أبو الغنائم العباسي] (2) أبو الغنائم عبد الصمد بن علي العباسي. سمع جده أبا الفضل بن المأمون، والدارقطني، وجماعة. قال أبو سعيد السمعاني: كان فقيها ثقة، نبيلا مهيبا، تعلوه سكينة ووقار. توفي سنة خمس وستين وأربع مائة. 1963 - [أبو القاسم القشيري] (3) أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري الصوفي، شيخ خراسان، الأستاذ المشهور، صاحب «الرسالة» المشهورة و «التفسير الكبير». كان علامة في الفقه والتفسير، والحديث والأصول، والأدب والشعر، والكتابة والتصوف، جمع بين الشريعة والحقيقة، وله في الفروسية واستعمال السلاح الباع الطويل

(1) كذا في «سير أعلام النبلاء» (18/ 417)، وفي غيره: (فأمر أن تضرب أربعة أوتاد، وتشدّ أطرافه إليها). (2) «المنتظم» (9/ 508)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 244)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 221)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 169)، و «شذرات الذهب» (5/ 275). (3) «المنتظم» (9/ 507)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 245)، و «وفيات الأعيان» (3/ 205)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 227)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 170)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 153)، و «البداية والنهاية» (12/ 573).

1964 - [ابن الغريق]

والبراعة البالغة، وكان في الوعظ والتذكير كما قيل: لو قرع الصخر بسوط تخويفه .. لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه .. لتاب. قال أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي: أنشدنا عبد الكريم بن هوازن لنفسه: [من الطويل] سقى الله وقتا كنت أخلو بوجهكم … وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك أقمنا زمانا والعيون قريرة … وأصبحت يوما والجفون سوافك وما أنشده في رسالته المشهورة: [من الطويل] ومن كان في طول الهوى ذاق سلوة … فإني من ليلى لها غير ذائق وأكثر شيء نلته من وصالها … أمانيّ لم تصدق كلمحة بارق توفي سنة خمس وستين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 1964 - [ابن الغريق] (1) الخطيب أبو الحسين محمد بن علي العباسي، ينتسب إلى المهتدي بالله. كان سيد بني العباس في زمانه وشيخهم، نبيلا صالحا، متبتلا، يقال له: راهب بني هاشم؛ لدينه وعبادته وسرده الصوم. توفي سنة خمس وستين وأربع مائة. 1965 - [أبو القاسم الهذلي] (2) أبو القاسم يوسف بن علي الهذلي المتكلم المقرئ، صاحب كتاب «الكامل في القراءات». كان كثير الترحال، حتى وصل إلى بلاد الترك في طلب القراءة المشهورة والشاذة. توفي سنة خمس وستين وأربع مائة.

(1) «المنتظم» (9/ 510)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 241)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 186)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 137)، و «مرآة الجنان» (3/ 93)، و «البداية والنهاية» (12/ 574)، و «شذرات الذهب» (5/ 281). (2) «الصلة» (2/ 680)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 191)، و «العبر» (3/ 262)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 815)، و «مرآة الجنان» (3/ 93)، و «بغية الوعاة» (2/ 359).

1966 - [أبو المظفر النسفي]

1966 - [أبو المظفر النسفي] (1) هناد بن إبراهيم بن محمد بن نصر أبو المظفر النسفي القاضي. روى عن أبي عمر الهاشمي، وأبي الحسين بن بشران، وكان من الحفاظ المشهورين، والمحدثين المكثرين، وضعّف؛ لكثرة رواية الموضوعات. وكان قاضيا ببعقوبا، وبها مات سنة خمس وستين وأربع مائة. 1967 - [الحافظ السّكّري] (2) أبو سعد علي بن موسى بن عبد الله بن عمر النيسابوري السكري. سمع جده، والقاضي أبا بكر الحيري وغيرهما، وعنه إسماعيل بن أبي صالح المؤذن وغيره، وكان أحد حفاظ خراسان، ومفيدها. توفي سنة خمس وستين وأربع مائة. 1968 - [أبو سهل الحفصي] (3) أبو سهل الحفصي واسمه: محمد بن أحمد المروزي، راوي «الصحيح» عن الكشميهني. كان رجلا عاميّا مباركا، سمع منه نظام الملك، فأكرمه وأجزل صلته. توفي سنة ست وستين وأربع مائة.

(1) «تاريخ بغداد» (14/ 99)، و «المنتظم» (9/ 511)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 189)، و «ميزان الاعتدال» (4/ 310). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 423)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 178)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1161)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 252)، و «شذرات الذهب» (5/ 280). (3) «سير أعلام النبلاء» (18/ 244)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 213)، و «العبر» (3/ 263)، و «مرآة الجنان» (3/ 94)، و «شذرات الذهب» (5/ 283).

1969 - [عبد العزيز الكتاني]

1969 - [عبد العزيز الكتاني] (1) عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن علي بن سلوان (2) بن عبد العزيز بن إبراهيم التميمي أبو محمد الكتاني الدمشقي الصوفي. حدث عن تمام الرازي، وأبي نصر بن هارون وغيرهما. وعنه الخطيب البغدادي، والحميدي، وابن الأكفاني وغيرهم. كتب الكثير وجمع، وألف وفيات على السنين، وكان محدث دمشق، أحد المكثرين المتقنين. توفي سنة ست وستين وأربع مائة. 1970 - [أبو بكر العطار] (3) محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني أبو بكر العطار، مستملي أبي نعيم. حدث عن أبي عمر الهاشمي، وأبي بكر بن مردويه وغيرهما. وعنه سعيد بن أبي الرجاء وغيره. وكان من الحفاظ المتقنين، أملى على أهل بلده من لفظه مجالس عدة من حفظه. توفي سنة ست وستين وأربع مائة. 1971 - [أبو الحسن البوشنجي] (4) أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن مظفر الداودي البوشنجي، شيخ خراسان علما وفضلا وجلالة.

(1) «المنتظم» (9/ 517)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 250)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 248)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 202)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1170)، و «مرآة الجنان» (3/ 94)، و «البداية والنهاية» (12/ 576). (2) وقيل: سلمان، وقيل: سليمان. (3) «تاريخ بغداد» (1/ 434)، و «المنتظم» (9/ 517)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 338)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 214)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1159)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 355)، و «شذرات الذهب» (5/ 284). (4) «المنتظم» (9/ 527)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 222)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 232)، و «مرآة الجنان» (3/ 95)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 117)، و «البداية والنهاية» (12/ 579).

1972 - [أبو عمر ابن الحذاء]

توفي سنة سبع وستين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 1972 - [أبو عمر ابن الحذاء] (1) أحمد بن محمد القرطبي أبو عمر ابن الحذاء، محدث الأندلس. توفي سنة سبع وستين وأربع مائة. 1973 - [أبو الحسن الباخرزي] (2) أبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي-بالموحدة، والخاء المعجمة بعد الألف، وبعدها راء، ثم زاي-الرئيس الأديب، مؤلف كتاب «دمية القصر». اشتغل في شبابه بفقه الشافعي، ولازم درس الشيخ أبي محمد الجويني، ثم شرع في فن الكتابة إلى أن صار رأسا في الكتابة والإنشاء والشعر، وواحد عصره في فضله وذهنه، وغلب أدبه على فقهه، وسمع الحديث، وعمل الشعر، وديوان شعره في مجلد كبير، ومن نظمه: [من البسيط] يا فالق الصبح من لألاء غرّته … وجاعل الليل من أصداغه سكنا بصورة الوثن استعبدتني وبها … فتنتني وقديما هجت لي شجنا لا غرو أن أحرقت نار الهوى كبدي … فالنار حقّ على من يعبد الوثنا ومن مصنفاته «دمية القصر وعصرة أهل العصر» ذيل بها «يتيمة الدهر» للثعالبي، جمع فيها خلقا كثيرا. توفي سنة سبع وستين وأربع مائة.

(1) «الصلة» (1/ 62)، و «بغية الملتمس» (ص 163)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 344)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 219)، و «شذرات الذهب» (5/ 285). (2) «معجم الأدباء» (5/ 23)، و «وفيات الأعيان» (3/ 387)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 363)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 238)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 26)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 256)، و «البداية والنهاية» (12/ 580).

1974 - [عز الدولة الكلابي]

1974 - [عز الدولة الكلابي] (1) محمود بن نصر بن صالح الكلابي الأمير عز الدولة، صاحب حلب، ملكها عشر سنين. وكان شجاعا فارسا، جوادا ممدحا، يداري المصريين والعباسيين؛ لتوسط داره بينهما. توفي سنة سبع وستين وأربع مائة، وولي حلب بعده ابنه نصر، فقتله بعض الأتراك بعد سنة. 1975 - [القائم بأمر الله أبو جعفر] (2) الخليفة القائم بأمر الله أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله أبو العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر العباسي. ولد في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة، وبويع له يوم توفي أبوه في ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة. وتوفي في الخلافة سنة سبع وستين وأربع مائة، فمدة خلافته أربعا وأربعين سنة وثمانية أشهر. وكان ورعا دينا، كثير الصدقة، له علم وفضل، من خير الخلائف لا سيما بعد عوده إلى الخلافة، وكان في أيامه أحداث عظيمة، سرد جملتها في أحداث السنين، وكان عهد إلى ابنه محمد المعروف بالذخيرة، فمات في حياة أبيه القائم، فأسف عليه القائم، فأخبر أن امرأة الذخيرة أتت بابن، وتطاولت مدة القائم حتى كبر ابن ابنه المذكور، وهو أبو القاسم عبد الله بن محمد الذخيرة بن القائم، فعهد إليه.

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 358)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 244)، و «مرآة الجنان» (3/ 95)، و «شذرات الذهب» (5/ 290). (2) «المنتظم» (9/ 519)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 251)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 307)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 226)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 20)، و «البداية والنهاية» (12/ 576)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 492).

1976 - [غلام الهراس]

1976 - [غلام الهرّاس] (1) الحسن بن القاسم الواسطي، مقرئ واسط. كان أحد من اجتهد في القراءات، ورحل فيها إلى البلاد وصنف. توفي سنة ثمان وستين وأربع مائة. 1977 - [الإمام الواحدي] (2) أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي، الإمام المفسر، مصنف «البسيط» و «الوسيط» و «الوجيز» في التفسير، ومنه أخذ أبو حامد الغزالي تسمية كتبه الفقهية الثلاثة. ومن مصنفاته: «أسباب النزول»، وشرح «ديوان المتنبي» شرحا مستوفيا، قيل: وليس في شروحه مع كثرتها مثله، وذكر فيه أشياء غريبة، منها أنه تكلم في شرح هذا البيت: [من الكامل] وإذا الصوارم والمكارم والقنا … وبنات أعوج كل شيء يجمع ثم قال: أعوج: فحل كريم كان لبني هلال بن عامر، وأنه قيل لصاحبه: ما رأيت من شدة عدوه؟ قال: ضللت في بادية وأنا راكبه، فرأيت سرب قطا يقصد الماء، فتبعته وأنا أغض من لجامه حتى توافينا الماء دفعة واحدة. وهذا شيء غريب؛ فإن القطا شديد الطيران، وإذا قصد الماء .. اشتد طيرانه أكثر من غير قصده الماء، وهو كافّ له يغض من لجامه؛ أي: يكفه من شدة العدو. وقيل: إنما لقب: أعوج؛ لأنه كان صغيرا، فجاءتهم غارة، فهربوا منها، وطرحوه في خرج وحملوه لعدم قدرته على المشي معهم لصغره، فاعوجّ ظهره من ذلك، فقيل له: أعوج. توفي الواحدي سنة ثمان وستين وأربع مائة. مذكور في الأصل.

(1) «المنتظم» (9/ 530)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 250)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 813)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 204)، و «مرآة الجنان» (3/ 96). (2) «معجم الأدباء» (4/ 491)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 258)، و «وفيات الأعيان» (3/ 303)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 339)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 257)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 240)، و «البداية والنهاية» (12/ 582).

1978 - [البياضي الشاعر]

1978 - [البياضي الشاعر] (1) مسعود بن عبد العزيز الهاشمي المعروف بالبياضي؛ لأن أحد أجداده كان في مجلس بعض الخلفاء مع جماعة من بني العباس لابسين السواد وهو لابس البياض، فقال الخليفة: من ذلك البياضي؟ فثبت هذا اللقب عليه. كان المذكور شاعرا مشهورا، وهو من الشعراء المجيدين المتأخرين، وديوان شعره قليل، وهو في غاية الرقة، ومن شعره: [من الكامل] إن غاض دمعك والركاب تساق … مع ما بقلبك فهو منك نفاق توفي سنة ثمان وستين وأربع مائة. 1979 - [مكي بن جابار] (2) مكي بن جابار بن عبد الله الدينوري أبو بكر. أخذ عن أبي محمد عبد الرحمن ابن النحاس وغيره، واجتهد ودأب وكتب. وتوفي رابع شهر رجب سنة ثمان وستين وأربع مائة. 1980 - [أبو مسلم الليثي] (3) عمر بن علي بن أحمد بن الليث الليثي البخاري أبو مسلم الحافظ الجوال. حدث عن عبد الرحمن بن منده، وعبد الصمد بن المأمون وغيرهما. وعنه الحسين بن عبد الملك الخلال وغيره. وجمع وألف، وخرج وصنف، وكان فيه تدليس وعجب بنفسه.

(1) «المنتظم» (9/ 532)، و «وفيات الأعيان» (5/ 197)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 409)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 271)، و «مرآة الجنان» (3/ 97)، و «البداية والنهاية» (12/ 582). (2) «الإكمال» (2/ 11)، و «تاريخ دمشق» (60/ 250)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 412)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 273)، و «شذرات الذهب» (5/ 295). (3) «الأنساب» (5/ 151)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 407)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 208)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1235)، و «لسان الميزان» (6/ 126).

1981 - [أبو الحسن الزبحي]

تكلم فيه يحيى بن منده. سكن أصبهان مدة، ومات بخوزستان سنة ثمان وستين وأربع مائة (1). 1981 - [أبو الحسن الزّبحي] (2) أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زكريا الجرجاني الزّبحي- بزاي ثم موحدة مفتوحتين، ثم حاء مهملة-نسبة إلى زبح، قرية من قرى جرجان. حدث عن القاضي أبي بكر الحيري، وحمزة السهمي وغيرهما. وجمع وصنف، وكان حافظا متقنا، ثقة عمدة. توفي سنة ثمان وستين وأربع مائة. 1982 - [ابن بابشاذ النحوي] (3) أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ-أعجمية، معناها: الفرح والسرور-النحوي، مصنف «المقدمة» المشهورة وشرحها. وشرح «الجمل» للزجاجي، وشرح كتاب «الأصول» لابن السراج، وله مسودات في النحو توفي قبل إتمامها، قيل: لو بيضت .. قاربت خمسة عشر مجلدا، وانتفع الناس بعلمه وتصانيفه، وكان بمصر إمام عصره في النحو. وكانت وظيفته أن ديوان الإنشاء لا يخرج منه كتاب حتى يعرض عليه ويتأمله، فإن كان فيه خطأ من جهة النحو أو اللغة .. أصلحه كاتبه، وإن استرضاه .. سيّر إلى الجهة التي كتب إليها، وكان له على ذلك راتب من الخزانة يتناوله في كل شهر، وأقام على ذلك زمانا. ويحكى أنه كان يوما يأكل طعاما في سطح جامع مصر وعنده ناس، فحضرهم قط، فرموا له لقمة، فأخذها في فيه وغاب عنهم، ثم عاد إليهم، فرموا له شيئا آخر، ففعل ذلك

(1) وقيل: توفي سنة (466 هـ‍). (2) «الأنساب» (3/ 131)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 364)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 266)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 49). (3) «المنتظم» (9/ 542)، و «معجم الأدباء» (4/ 344)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 263)، و «وفيات الأعيان» (2/ 515)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 439)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 289)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 390)، و «بغية الوعاة» (2/ 17).

1983 - [أبو صالح المؤذن]

مرارا كثيرة، فعجبوا منه، فتبعوه، فوجدوه يرقى إلى حائط في سطح جامع مصر، ثم ينزل إلى موضع خال فيه قط أعمى، وكل ما أخذه من الطعام يحمله إلى ذلك القط فيأكله، فتعجبوا من ذلك، فاستغنى عن الخدمة وقال: إذا كان هذا حيوان أعمى لا يهتدي إلى ما يقوم بحاله سخر الله له هذا القط يقوم بكفايته ويسوق إليه الرزق المقسوم .. فكيف يضيع من هو مثلي؟ ! ونزل عن راتبه، ولزم بيته متوكلا على الله تعالى، فما زال ملطوفا به، محمول الكلفة إلى أن مات في سنة تسع وستين وأربع مائة. قيل: إنه خرج من غرفة في سطح الجامع، فزلّت رجله في بعض الطاقات المجعولة للضوء فسقط، وأصبح ميتا. ذكر بعضهم أن أصله من الديلم. 1983 - [أبو صالح المؤذّن] (1) أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد النيسابوري المؤذن، محدث خراسان في زمانه. روى عن أبي نعيم الأسفراييني، والحاكم، وأبي الحسن العلوي، وحمزة السهمي، وأبي القاسم بن بشران وغيرهم. وعنه ابنه إسماعيل، وأبو عبد الله الفراري وغيرهما. رحل إلى أصبهان وبغداد ودمشق، وخرج لنفسه ألف حديث عن ألف شيخ. وتوفي سنة سبعين وأربع مائة. 1984 - [ابن النّقّور] (2) أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي المعروف بابن النّقّور-بفتح النون، وتشديد القاف-المحدث البزّاز.

(1) «تاريخ بغداد» (5/ 22)، و «المنتظم» (9/ 548)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 419)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 308)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1162)، و «البداية والنهاية» (12/ 588)، و «شذرات الذهب» (5/ 301). (2) «تاريخ بغداد» (5/ 146)، و «المنتظم» (9/ 547)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 312)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1164)، و «البداية والنهاية» (12/ 588).

1985 - [عبد الرحمن ابن منده]

كان يأخذ على أشغال الطلبة؛ لأنهم كانوا يفوتون عليه الكسب لعياله، أفتاه بجواز ذلك الشيخ أبو إسحاق الشيرازي. توفي سنة سبعين وأربع مائة وله تسعون سنة. 1985 - [عبد الرحمن ابن منده] (1) أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الأصبهاني، صاحب التصانيف. حدث عن أبي عمر بن مهدي، وهلال الحفار وغيرهما، وأجاز له زاهر السرخسي، وعبد الرحمن بن أبي شريح وغيرهما. وحدث عنه الحسين الخلال، وأبو بكر الباغبان وغيرهما. وكان حافظا متقنا مفتيا، ذا سمت ووقار، وله أصحاب وأتباع، وكان شديدا في السنة، لكن أفرط في تشدده؛ أي: في الأخذ بظاهر السنة والاستدلال بها، وجحد حملها على التأويل حتى توهّم فيه التجسيم؛ لأن الجري على الظواهر وسد باب التأويل فيها يدل على ذلك. قال الذهبي: (وهو بريء منه-أي: من التجسيم-فيما علمت) (2)، وكذلك برأه غير الذهبي. قال الشيخ اليافعي: (ما ثم ما يصرح بالتجسيم بلسانه، لكنه يقول بالجهة، وأسلم ما في ذلك أنه يلزم منه القول بالتجسيم، وفي ملزوم المذهب خلاف مشهور عند العلماء: هل هو مذهب أم لا؟ هذا إذا اقتصر على اعتقاد الجهة، فإذا اعتقد الحركة بالنزول والجارحة .. فصريح في التجسيم، نسأل الله الاستقامة على الدين القويم) (3).

(1) «المنتظم» (9/ 548)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 266)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 349)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 327)، و «العبر» (3/ 276)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1165)، و «مرآة الجنان» (3/ 99)، و «البداية والنهاية» (12/ 588). (2) «العبر» (3/ 276). (3) «مرآة الجنان» (3/ 100).

1986 - [ابن البناء]

وقال شيخ الإسلام الأنصاري في ترجمة ابن منده: كانت مضرته في الإسلام أكثر من منفعته. توفي سنة سبعين وأربع مائة. 1986 - [ابن البنّاء] (1) أبو علي الحسن بن أحمد البغدادي المعروف بأبي علي بن البنّاء، الفقيه الزاهد الحنبلي، صاحب التواليف والتواريخ. توفي سنة إحدى وسبعين وأربع مائة. 1987 - [الحافظ الوخشي] (2) الحسن بن علي بن محمد بن أحمد جعفر البلخي أبو علي الوخشي الحافظ. حدث عن أبي بكر الحيري، وأبي نعيم الأصبهاني، وأبي عمر بن مهدي، وتمام وغيرهم. وعنه الخطيب، والحسن بن علي الحسيني وغيرهما. رحل وطوف، وجمع وصنف، وكان حافظا مكثرا. توفي سنة إحدى وسبعين وأربع مائة. 1988 - [أبو القاسم الزّنجاني] (3) سعد بن علي بن محمد بن علي بن الحسين الزّنجاني أبو القاسم، شيخ الحرم. حدث عن محمد ابن نظيف الفراء، وعبد الرحمن بن ياسر الجوبري وغيرهما.

(1) «المنتظم» (9/ 555)، و «معجم الأدباء» (3/ 156)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 380)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 39)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 822)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 381). (2) «الإكمال» (7/ 300)، و «الأنساب» (5/ 579)، و «تاريخ دمشق» (13/ 317)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 365)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 42)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1171)، و «لسان الميزان» (3/ 99). (3) «الإكمال» (4/ 229)، و «المنتظم» (9/ 555)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 385)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 45)، و «العبر» (2/ 278)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1174)، و «البداية والنهاية» (12/ 590)، و «العقد الثمين» (4/ 535).

1989 - [الأنماطي]

وعنه أبو بكر الخطيب، وأبو طاهر محمد بن طاهر المقدسي. وسئل المقدسي المذكور عن أفضل من رأى فقال: سعد الزنجاني، وشيخ الإسلام الأنصاري، فقيل له: أيهما كان أفضل؟ فقال: الأنصاري كان متفننا، وأما الزنجاني .. فكان أعرف بالحديث منه. انتهى كان حافظا متقنا، عابدا ورعا، ثقة عمدة، صاحب كرامات، وأحوال ومقامات، له قصيدة حسنة في السنة. رؤي في النوم بعد موته فقال: إن الله يبني لأهل الحديث بكل مجلس يجلسونه بيتا في الجنة. توفي سنة إحدى وسبعين وأربع مائة. 1989 - [الأنماطي] (1) أبو القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي. روى عن المخلّص. ومات في شهر رجب سنة إحدى وسبعين وأربع مائة. 1990 - [عبد القاهر الجرجاني] (2) عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني الشافعي النحوي. قال الشيخ اليافعي: (وكلامه في المعاني والبيان يدل على جلالته وتحقيقه، وديانته وتوفيقه) (3). مات سنة إحدى وسبعين-وقيل: أربع وسبعين-وأربع مائة. مذكور في الأصل.

(1) «تاريخ بغداد» (10/ 469)، و «المنتظم» (9/ 557)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 395)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 53)، و «شذرات الذهب» (5/ 308). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 432)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 54)، و «فوات الوفيات» (2/ 369)، و «مرآة الجنان» (3/ 101)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 149)، و «بغية الوعاة» (2/ 106). (3) «مرآة الجنان» (3/ 101).

1991 - [أبو عاصم الفضيلي]

1991 - [أبو عاصم الفضيلي] (1) أبو عاصم الفضيل بن يحيى الهروي، شيخ أبي الوقت، المتفق على جلالة قدره. توفي سنة إحدى وسبعين وأربع مائة. 1992 - [ابن زيرك] (2) أبو الفضل محمد بن عثمان، ابن زيرك القومساني، شيخ زمانه في همذان فضلا وعلما وزهدا، وتفننا في العلوم وحظّا. توفي سنة إحدى وسبعين وأربع مائة. 1993 - [ابن حيّوس الشاعر] (3) أبو الفتيان محمد بن السلطان المعروف بابن حيّوس بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثناة من تحت، ثم واو ساكنة ثم سين مهملة. كان شاعرا مشهورا، من الشعراء الشاميين، المحسنين المجيدين، لقي جماعة من الملوك والأكابر، ومدحهم وأخذ جوائزهم. ومن نظمه في مدح أبي المظفر نصر بن محمود بن شبل الدولة قوله في قصيدة: [من الطويل] ثمانية لم تفترق مذ جمعتها … فلا اجتمعت ما ذبّ عن ناظر شفر يقينك والتقوى وجودك والغنى … ولفظك والمعنى وعزمك والنصر ومما وجد في ديوان ابن حيوس هذه الأربعة الأبيات-وبعضهم ينسبها إلى أبي بكر بن الصائغ، والله أعلم بحقيقة ذلك-: [من الطويل] أسكان نعمان الأراك تيقّنوا … بأنكم في ربع قلبي سكّان

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 397)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 59)، و «العبر» (3/ 279)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 309)، و «شذرات الذهب» (5/ 309). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 433)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 60)، و «العبر» (3/ 279)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 84)، و «مرآة الجنان» (3/ 101). (3) «الإكمال» (2/ 370)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 275)، و «وفيات الأعيان» (4/ 438)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 413)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 100)، و «العبر» (2/ 281)، و «مرآة الجنان» (3/ 101)، و «شذرات الذهب» (5/ 313).

1994 - [هياج بن عبيد]

ودوموا على حفظ الوداد فطالما … بلينا بأقوام إذا استؤمنوا خانوا سلوا الليل عني مذ تناءت دياركم … هل اكتحلت بالغمض لي فيه أجفان وهل جرّدت أسياف برق سمائكم … فكان لها إلا جفوني أجفان توفي سنة إحدى وسبعين وأربع مائة، كذا في «اليافعي» (1) وذكره الذهبي فيمن توفي سنة ثلاث وسبعين (2). ومن شعراء المغاربة ابن حبّوس بالموحدة المخففة. يحكى أن أحمد بن محمد المعروف بابن الخياط الشاعر وصل إلى حلب وبها أبو الفتيان المذكور، فكتب إلى أبي الفتيان: [من الكامل] لم يبق عندي ما يباع بدرهم … وكفاك مني منظري عن مخبري إلا بقية ماء وجه صنتها … عن أن تباع وأين أين المشتري قيل: ولو قال: وأنت نعم المشتري .. لكان أحسن. 1994 - [هياج بن عبيد] (3) أبو محمد هياج بن عبيد الحطّيني الزاهد العابد. بلغ من زهده أنه يواصل ثلاثا، ولكن يفطر على ماء زمزم، فإذا كان اليوم الثالث .. من أتاه بشيء أكله. وكان يعتمر كل يوم ثلاث عمر على رجليه، ويدرّس عدة دروس لأصحابه، ويزور النبي صلّى الله عليه وسلم في كل سنة من مكة، فيمشي حافيا ذاهبا وراجعا. توفي سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة. مذكور في الأصل.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 101). (2) «العبر» (3/ 281)، وكذا في باقي مصادر الترجمة ذكر في وفيات سنة (473 هـ‍). (3) «الأنساب» (2/ 235)، و «المنتظم» (9/ 562)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 393)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 80)، و «البداية والنهاية» (12/ 591)، و «العقد الثمين» (7/ 380).

1995 - [أبو منصور العكبري]

1995 - [أبو منصور العكبري] (1) أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العكبري، الأخباري النديم. روى عن محمد بن عبد الله الجعفي، وهلال الحفار، وطائفة. وكان صدوقا. توفي في رمضان سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة عن تسعين سنة. 1996 - [أبو القاسم النيسابوري] (2) أبو القاسم الفضل بن عبد الله الواعظ النيسابوري. توفي سنة ثلاث وسبعين وأربع مائة. 1997 - [علي بن محمد الصليحي] (3) علي بن محمد الصليحي، القائم في اليمن بدعوة الباطنية. قيل: إنه توفي سنة ثلاث وسبعين وأربع مائة، وقيل: قبلها بسنتين، وقد قدمنا ترجمته في العشرين قبل هذه. بسط الشيخ اليافعي ترجمته هنا (4)، وذكر أمره من أول ظهوره في سنة تسع وعشرين إلى أن قتل مثل ما قدمنا ذكره في ترجمته، ثم قال اليافعي: (هكذا نقل بعض المؤرخين، وقد ذكرت عن بعضهم في كتاب «المرهم» أن داعي الإسماعيلية دخل اليمن ودعى إلى مذهبهم، ونزل في الجبل المذكور، ولم يزل يدعو سرا حتى كثرت أتباعهم، وظهرت دعوتهم، وملكوا جبال اليمن وتهامتها، لكن ذلك مخالف لما قد قدمناه عن بعضهم في هذا التاريخ من وجوه:

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 458)، و «المنتظم» (9/ 560)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 392)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 76)، و «شذرات الذهب» (5/ 311). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 378)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 97)، و «مرآة الجنان» (3/ 103)، و «شذرات الذهب» (5/ 313). (3) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (459 هـ‍)؛ فانظر مصادر ترجمته هناك (3/ 424). (4) «مرآة الجنان» (3/ 103).

منها: أنهم ذكروا أن داعيهم الذي أظهر مذهبهم في اليمن وملكها اسمه: علي بن الفضل، من ولد خنفر بن سبأ، والمذكور في هذا التاريخ اسمه: علي بن محمد الصليحي. ومنها: أن دعوتهم ظهرت في سنة سبعين ومائتين، والمذكور فيما تقدم من هذا التاريخ أن دعوتهم ظهرت سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة. ومنها: أنهم ذكروا أن علي بن الفضل المذكور كان داعيا للإسماعيلية، والصليحي المذكور في هذا التاريخ كان داعيا للرافضة الإمامية. ولكن يمكن الجمع بينهما على هذا الوجه، وهو أنهم في الظاهر يعتزون إلى مذهب الإمامية، وفي الباطن يتدينون بمذهب الباطنية كما قال الإمام الغزالي في وصف الباطنية: ظاهر مذهبهم الرفض، وباطنه الكفر المحض. ومنها: أن الداعي علي بن الفضل لما استولى على اليمن .. تظاهر بالزندقة وخلع الإسلام، وأمر جواريه أن يضربن بالدفوف على المنبر بشعر قاله: [من المتقارب] خذي الدف يا هذه واضربي … وغني هذاذيك ثم اطربي تولى نبي بني هاشم … وهذا نبي بني يعرب يعني نفسه لعنه الله. وقد حط عنا فروض الصلاة … وحط الصيام ولم يتعب قال: ويحتمل أنهما قضيتان في زمانين، والله أعلم) اهـ‍ (1) احتمال تعدد القضيتين هو الظاهر، بل المتعين؛ فإن ابن الفضل أول من أظهر مذهب الإسماعيلية باليمن، أرسله ميمون القداح القائم بمشهد الحسين جد العبيدين، يدعون إلى ولده عبيد جد العبيدين القائم بالمغرب ومصر، وذلك قبل أن يتولى مصر والمغرب، فدخل اليمن هو ومنصور، وأظهر الدعوة، واستولى علي بن الفضل على صنعاء وغيرها من نجد اليمن وتهامته، ثم أظهر الزندقة وخلع الإسلام، فبذل طبيب نفسه للمسلمين، واحتال حتى توصل إلى قتله، وذلك في سنة سبعين ومائتين، ثم تلاشى بعده أمر الباطنية باليمن، فكانوا بأطراف اليمن متسترين به، يقوم به واحد بعد واحد منهم إلى أن صار إلى الداعي عامر بن

(1) «مرآة الجنان» (3/ 106).

1998 - [أبو الوليد الباجي]

عبد الله الزواحي، وكان محمد بن علي الصليحي-والد الداعي علي-قاضيا باليمن سنّي المذهب، فكان عامر الزواحي المذكور يركب إليه؛ لرئاسته وسؤدده، وصلاحه وعلمه، وإذا خرج من عنده .. استخلى بولده علي المذكور وهو إذ ذاك صغير دون البلوغ، فيلقي إليه شيئا من علوم الباطنية، وتقرر عنده حسن ذلك المذهب، حتى لاحت له فيه مخائل النجابة، وكانت عند الزواحي المذكور حلية علي الصليحي في كتاب «الصور» وهو من الذخائر القديمة، فأوقفه على تنقل حاله، وشرف مآله وسؤدده، وأطلعه على ذلك سرا من أبيه وأهله، ثم مات عامر الزواحي عن قرب، وأوصى لعلي الصليحي بكتبه وعلومه، ورسخ في ذهن علي الصليحي كلامه، فعكف على درس الكتب المذكورة-وكان ذكيا-فلم يبلغ الحلم حتى تضلع من علومه التي بلغ بها وبالجدّ السعيد غاية الأمل البعيد، ثم إنه كان يحج بالناس دليلا على طريق السراة والطائف خمس عشرة سنة، فلما كان في موسم سنة ثمان وعشرين وأربع مائة .. حالف ستين رجلا بمكة على الموت والقيام بالدعوة، وما منهم إلا من له قوم وعشيرة ومنعة، فلما كان سنة تسع وعشرين وأربع مائة .. بنى رأس جبل مسار ومعه الستون الذين حالفهم بمكة، وكان من أمره ما ذكرناه في ترجمته، والله سبحانه أعلم. 1998 - [أبو الوليد الباجي] (1) سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التّجيبي القرطبي المعروف بأبي الوليد الباجي، نسبة إلى باجة-بموحدة وجيم-قرية بإفريقية (2)، الحافظ الأندلسي. كان من علماء الأندلس وحفاظها. سكن شرق الأندلس، ورحل إلى المشرق، فأقام بمكة مع أبي ذر الهروي ثلاثة أعوام، وحج أربع حجج. قال: سمعت أبا ذر يقول: لو صحت الإجازة .. لبطلت الرحلة.

(1) «الصلة» (1/ 200)، و «بغية الملتمس» (ص 302)، و «وفيات الأعيان» (2/ 408)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 535)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 113)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1178)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 372)، و «الديباج المذهب» (1/ 330)، و «نفح الطيب» (2/ 67)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 291). (2) قال الإمام الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (18/ 536): (أصله من مدينة بطليوس، فتحول جده إلى باجة-بليدة بقرب إشبيلية-فنسب إليها، وما هو من باجة المدينة التي بإفريقية).

1999 - [قتيبة العثماني]

ثم ارتحل إلى بغداد، وأقام بها ثلاثة أعوام يدرس الفقه ويقرأ الحديث، ولقي بها جماعة من العلماء كالقاضي أبي الطيب الطبري، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وقرأ علم الكلام بالموصل على أبي جعفر السّمناني، وسمع الكثير، وبرع في الفقه والحديث والأصول والنظر، ثم رجع إلى وطنه بعد ثلاث عشرة سنة. وقيل: إنه ولي قضاء حلب. وأخذ عنه أبو عمر ابن عبد البر صاحب «الاستيعاب»، والخطيب البغدادي، و [أخذ هو عن] يونس بن عبد الله بن مغيث، ومكي بن أبي طالب، وابن غيلان وغيرهم. قال أبو علي بن سكّرة: ما رأيت أحدا على سمته وهيئته وتوقير مجلسه، وصنف كتبا كثيرة، منها: كتاب «المنتقى» وكتاب «إحكام الفصول في أحكام الأصول» وكتاب «التعديل والتجريح فيمن روى عنه البخاري في الصحيح». ووقع بينه وبين أبي محمد بن حزم الظاهري مجالس ومناظرات. ومن شعره: [من المتقارب] إذا كنت أعلم علما يقينا … بأن جميع حياتي كساعه فلم لا أكون ضنينا بها … وأجعلها في صلاح وطاعه توفي سنة أربع وسبعين وأربع مائة. أنكروا عليه إثباته في قصة الحديبية الكتابة، وشنعوا عليه ذلك، حتى قال قائلهم: [من البسيط] برئت ممن شرى دنيا بآخرة … وقال إن رسول الله قد كتبا 1999 - [قتيبة العثماني] (1) قتيبة بن محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان العثماني النسفي أبو رجاء، نافلة أبي العباس المستغفري. سمع بسمرقند كثيرا من المرويات، وأخذ عنه عدة من مشايخها، وبها مات سنة أربع وسبعين وأربع مائة عن ثلاث وستين سنة. وكان من الحفاظ المشهورين.

(1) «تاريخ الإسلام» (32/ 126)، و «شذرات الذهب» (5/ 320).

2000 - [محمد ابن المزكي]

2000 - [محمد ابن المزكي] (1) أبو بكر محمد ابن المزكي النيسابوري المزكي المحدث. كتب عن خمس مائة نفس، وأكثر عن أبيه، وأبي عبد الرحمن السلمي، والحاكم. وروى عنه الخطيب مع تقدمه. توفي في رجب سنة أربع وسبعين وأربع مائة. 2001 - [أبو عمرو ابن منده] (2) عبد الوهاب بن الحافظ أبي عبد الله ابن منده العبدي الأصبهاني، محدث أصبهان ومسندها. توفي سنة خمس وسبعين وأربع مائة. 2002 - [أبو الفضل البزاني] (3) أبو الفضل المطهر بن عبد الواحد الأصبهاني البزاني. توفي سنة خمس وسبعين وأربع مائة. 2003 - [أبو إسحاق الشيرازي] (4) الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، مصنف «التنبيه» و «المهذب»، اسمه: إبراهيم بن علي بن يوسف، أشهر من أن يذكر، وهو مذكور في الأصل.

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 398)، و «العبر» (3/ 282)، و «مرآة الجنان» (3/ 109)، و «شذرات الذهب» (5/ 317). (2) «المنتظم» (9/ 574)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 440)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 139)، و «البداية والنهاية» (12/ 595)، و «شذرات الذهب» (5/ 321). (3) «الإكمال» (1/ 537)، و «الأنساب» (1/ 338)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 549)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 145)، و «مرآة الجنان» (3/ 109)، و «شذرات الذهب» (5/ 321). (4) «المنتظم» (9/ 576)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 289)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 172)، و «وفيات الأعيان» (1/ 29)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 452)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 148)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 62)، و «مرآة الجنان» (3/ 110)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 215)، و «البداية والنهاية» (12/ 597)، و «شذرات الذهب» (5/ 323).

توفي سنة ست وسبعين وأربع مائة. قال فيه عاصم بن الحسن: [من الوافر] تراه من الذكاء نحيل جسم … عليه من توقده دليل إذا كان الفتى ضخم المعالي … فليس يضره الجسم النحيل ومما قيل فيه: [من الكامل] ولقد رضيت عن الزمان وإن رمى … قومي بخطب ضعضع الأركانا لما أراني طالع الخير الذي … أحيا الإله بعلمه الأديانا أزكى الورى دينا وأكرم شيمة … وأمد في طلق العلوم عنانا وأقل في الدنيا القصيرة رغبة … ولطالما قد أنصف الرهبانا لله إبراهيم أي محقق … صلب إذا رب البصيرة لانا فتخاله من زهده ومخافة … لله قد نظر المعاد عيانا ومما قيل في كتابه «التنبيه»: ما رواه ابن عساكر: [من البسيط] سقيا لمن صنف التنبيه مختصرا … ألفاظه الغر واستقصى معانيه إن الإمام أبا إسحاق صنفه … لله والدين لا للكبر والتيه رأى علوما عن الأفهام شاردة … فحازها ابن علي كلها فيه لا زلت للشرع إبراهيم منتصرا … تذب عنه أعاديه وتحميه ولما مات الشيخ أبو إسحاق .. رثاه أبو القاسم بن نافيا-بالنون، وبعد الألف فاء، ثم مثناة من تحت-كما هو في الأصل المنقول منه (1): [من الكامل] أجرى المدامع بالدم المهراق … خطب أقام قيامة الآماق ما لليالي لا يؤلف شملها … بعد ابن بجدتها أبي إسحاق إن قيل مات فلم يمت من ذكره … حيّ على مرّ الليالي باق

(1) في «وفيات الأعيان» (1/ 30): (ناقياء).

2004 - [أبو الوفاء القواس]

2004 - [أبو الوفاء القوّاس] (1) طاهر بن الحسين القوّاس الحنبلي. كان إماما في الفقه والورع. توفي سنة ست وسبعين وأربع مائة. 2005 - [أبو بكر البكري] (2) أبو بكر المغربي البكري، الواعظ الأشعري. وفد على نظام الملك بخراسان، وكتب له سجلا أن يجلس بجوامع بغداد، فقدم وجلس ووعظ، ونال من الحنابلة سبا وتكفيرا، ونالوا منه. توفي سنة ست وسبعين وأربع مائة. 2006 - [ابن شريح المقرئ] (3) أبو عبد الله محمد بن شريح الرّعيني الإشبيلي، مقرئ الأندلس في زمانه. سمع من أبي ذر الهروي وجماعة غيره. وصنف كتاب «الكافي» وكتاب «التذكير». توفي سنة ست وسبعين وأربع مائة. 2007 - [ذو الوزارتين] (4) محمد بن عمار الأندلسي الشاعر المشهور، الملقب: ذا الوزارتين.

(1) «المنتظم» (9/ 578)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 452)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 164)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 394)، و «البداية والنهاية» (12/ 598). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 561)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 171)، و «مرآة الجنان» (3/ 119)، و «شذرات الذهب» (5/ 329). (3) «الصلة» (2/ 553)، و «بغية الملتمس» (ص 81)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 554)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 179)، و «مرآة الجنان» (3/ 120)، و «شذرات الذهب» (5/ 330). (4) «بغية الملتمس» (ص 113)، و «وفيات الأعيان» (4/ 425)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 582)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 207)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 229)، و «نفح الطيب» (1/ 652).

2008 - [إسماعيل بن مسعدة]

كانت ملوك الأندلس تخافه؛ لبذاءة لسانه وبراعة جنانه (1)، وكان جليسا ووزيرا وسميرا لصاحب الأندلس في زمانه، ثم خلع عليه، ووجهه أميرا، وضربت خلفه الطبول، ونشرت على رأسه الرايات، فملك مدينة تدمير-بضم المثناة من فوق، وكسر الميم، وسكون الدال المهملة بينهما، وقبل الراء مثناة من تحت ساكنة-وأصبح راقي منبر وسرير، مع ما كان فيه من سوء التدبير، ثم بادر إلى عقوق من قربه، فانقلبت الدائرة عليه، وخاب مطلبه، وحصل في القبضة قنيصا، وأصبح لا يجد محيصا إلى أن قتل في قصره، وأصبح مدفونا في قبره. وله أشعار جميلة، منها من جملة قصيدة له طويلة في المعتضد ابن عباد: [من الطويل] ملوك مناخ العز في عرصاتهم … ومثوى المعالي بين تلك المعالم هم البيت ما غير الظّبا لبنائه … بأس ولا غير القنا بدعائم توفي سنة سبع وسبعين وأربع مائة. 2008 - [إسماعيل بن مسعدة] (2) إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل بن الإمام أبي بكر الإسماعيلي الجرجاني. كان وافر الحشمة، له يد في النظم والنثر. توفي سنة سبع وسبعين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 2009 - [أبو نصر ابن الصباغ] (3) عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد أبو نصر المعروف بابن الصّبّاغ، مصنف «الشامل» في الفقه، وهو من أجود كتب الشافعية. فقيه العراقين، رجحه بعضهم على الشيخ أبي إسحاق في معرفة المذهب؛ أي: معرفة

(1) في «وفيات الأعيان» (4/ 425): (إحسانه). (2) «المنتظم» (9/ 581)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 297)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 564)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 187)، و «شذرات الذهب» (5/ 331). (3) «المنتظم» (9/ 583)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 297)، و «وفيات الأعيان» (3/ 217)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 464)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 197)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 122)، و «البداية والنهاية» (12/ 599).

2010 - [الفارمذي]

الفروع، أما معرفة الأصول والمباحث العقلية .. فأبو إسحاق مرجح عليه وعلى غيره. وكان تقيا صالحا حجة. قيل: إنه كف بصره في آخر عمره. توفي سنة سبع وسبعين وأربع مائة. 2010 - [الفارمذي] (1) أبو علي الفضل بن محمد الفارمذي، شيخ خراسان. توفي سنة سبع وسبعين وأربع مائة. 2011 - [أم الفضل الهروية] (2) أم الفضل بنت عبد الصمد الهروية. لها جزء مشهور بها، ترويه عن عبد الرحمن بن أبي شريح. توفيت سنة سبع وسبعين وأربع مائة، وقيل: في التي بعدها، وعاشت تسعين سنة. 2012 - [أبو سعيد السجزي] (3) أبو سعيد بن ناصر السجزي الحافظ. رحل وحدث عن جماعة، وصنف. قال الدقاق: لم أر أجود إتقانا ولا أحسن ضبطا منه. توفي سنة سبع وسبعين وأربع مائة.

(1) «الأنساب» (4/ 335)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 565)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 203)، و «مرآة الجنان» (3/ 122). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 403)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 189)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 359)، و «شذرات الذهب» (5/ 331). (3) «المنتظم» (9/ 584)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 532)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 212)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1216)، و «مرآة الجنان» (3/ 122)، و «البداية والنهاية» (12/ 600).

2013 - [ابن القشيري]

2013 - [ابن القشيري] (1) أبو سعد عبد الله بن الإمام عبد الكريم بن هوازن القشيري، كبير الإخوة. توفي سنة سبع وسبعين وأربع مائة-مذكور في الأصل-وعمره أربع وستون سنة. وعاشت أمه فاطمة بنت الشيخ أبي علي الدقاق بعده أربعة أعوام. 2014 - [أبو العباس الدّلائي] (2) أبو العباس أحمد بن عمر الأندلسي. روى عن أبي الحسن بن جهضم، وطائفة. وروى عنه إماما الأندلس: ابن عبد البر وابن حزم. وله كتاب «دلائل النبوة». توفي سنة ثمان وسبعين وأربع مائة. 2015 - [أبو سعد المتولي] (3) عبد الرحمن بن مأمون بن علي أبو سعد بن أبي سعيد المتولي، مصنف «التتمة». توفي سنة ثمان وسبعين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 2016 - [أبو معشر الطبري] (4) أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري المقرئ، نزيل مكة. توفي سنة ثمان وسبعين وأربع مائة. مذكور في الأصل.

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 562)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 195)، و «العبر» (3/ 289)، و «شذرات الذهب» (5/ 331). (2) «جذوة المقتبس» (ص 136)، و «الصلة» (1/ 66)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 567)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 216)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 294). (3) «المنتظم» (9/ 589)، و «وفيات الأعيان» (3/ 133)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 585)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 226)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 106). (4) «تاريخ الإسلام» (32/ 228)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 827)، و «العقد الثمين» (5/ 475)، و «شذرات الذهب» (5/ 338).

2017 - [الدامغاني]

2017 - [الدامغاني] (1) أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني الحنفي، قاضي القضاة. تفقه بخراسان، ثم ببغداد على القدوري، وسمع من الصوري وجماعة، وكان نظير القاضي أبي يوسف في الجاه والحشمة والسؤدد. وبقي في القضاء دهرا إلى أن توفي سنة ثمان وسبعين وأربع مائة، ودفن في القبة إلى جنب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى. 2018 - [إمام الحرمين] (2) أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، المشهور بإمام الحرمين. يقال: إن والده الشيخ أبا محمد كان في أول أمره ينسخ بالأجرة، فاجتمع له من كسب يده شيء اشترى به جارية موصوفة بالخير والصلاح، ولم يزل يطعمها من كسب يده أيضا إلى أن حبلت بإمام الحرمين وهو مستمر على تربيتها بكسب الحلال، فلما وضعته .. أوصاها ألا تمكن أحدا من إرضاعه، فاتفق أنه دخل عليها يوما وهي متألمة والصغير يبكي وقد أخذته امرأة من جيرانهم وشاغلته بثديها، فرضع منها قليلا، فلما رآه .. شق عليه، وأخذه إليه، ونكس رأسه، ومسح على بطنه، وأدخل أصبعه في فيه، ولم يزل يفعل به ذلك حتى قاء جميع ما شربه وهو يقول: يسهل عليّ أن يموت، ولا يفسد طبعه بشرب لبن غير أمه. ويحكى عن إمام الحرمين أنه كان يلحقه في بعض الأحيان فترة في مجلس المناظرة، فيقول: هذا من بقايا تلك الرضعة. توفي سنة ثمان وسبعين وأربع مائة، وصلّى عليه ولده أبو القاسم، وأكثر الشعراء

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 324)، و «المنتظم» (9/ 594)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 485)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 247)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 139)، و «الجواهر المضية» (3/ 268)، و «شذرات الذهب» (5/ 343). (2) «المنتظم» (9/ 589)، و «وفيات الأعيان» (3/ 167)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 468)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 229)، و «مرآة الجنان» (3/ 123)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 165)، و «البداية والنهاية» (12/ 602)، و «العقد الثمين» (5/ 507)، و «شذرات الذهب» (5/ 338).

2019 - [ابن الوليد المعتزلي]

المراثي فيه، ومما رثي به: [من الوافر] قلوب العالمين على المقالي … وأيام الورى شبه الليالي أيثمر غصن أهل العلم يوما … وقد مات الإمام أبو المعالي مذكور في الأصل (1). 2019 - [ابن الوليد المعتزلي] (2) أبو علي محمد بن أحمد ابن الوليد المعتزلي، شيخ المعتزلة وزاهدها. توفي سنة ثمان وسبعين وأربع مائة. 2020 - [أسعد بن الهيثم] (3) أسعد بن الفقيه الهيثم بن محمد بن الحسين بن محمد بن المشيّع-بضم الميم، وفتح الشين المعجمة، وفتح المثناة من تحت المشددة، ثم عين مهملة-ابن عبد الله بن ناكور- بنون أوله، وراء آخره، على وزن فاعول-أبو عمرو الكلاعي ثم الحميري. ولد لخمس خلون من صفر سنة ثلاث وأربع مائة. وتفقه بإبراهيم بن أبي عمران، وسمع «البخاري» هو وولداه عمرو وزيد على الإمام خير بن يحيى بن ملامس. وبه تفقه ابنه عمرو، وهو أحد شيوخ الإمام زيد بن الحسن الفايشي. وكان فقيها فاضلا خيرا. توفي بقرية السّحي مسكنه ومسكن أبيه في ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وأربع مائة.

(1) ولإمام الحرمين كتابه الموسوعة: «نهاية المطلب في دراية المذهب»، وقد شرف الله دارنا دار المنهاج بنشره وطباعته لأول مرة في التاريخ، فلله الحمد والمنة. (2) «المنتظم» (9/ 592)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 302)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 489)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 244)، و «البداية والنهاية» (12/ 603). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 111)، و «السلوك» (1/ 250)، و «العطايا السنية» (ص 269)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 206)، و «تحفة الزمن» (1/ 180).

2021 - [أبو سعد النيسابوري]

2021 - [أبو سعد النيسابوري] (1) أبو سعد أحمد بن محمد النيسابوري، شيخ الشيوخ ببغداد. كان معظما عند نظام الملك وأهل الدولة، وله مريدون ورباط مشهور. توفي سنة تسع وسبعين وأربع مائة. 2022 - [أبو عبد الرحمن الشّحّامي] (2) طاهر بن محمد بن محمد أبو عبد الرحمن المستملي، والد زاهر. روى عن أبي بكر الحيري، وطائفة. وكان فقيها صالحا، ومحدثا عارفا، له بصر تام بالشروط. توفي سنة تسع وسبعين وأربع مائة. 2023 - [المجاشعي] (3) أبو الحسن علي بن فضّال المجاشعي القيرواني، صاحب المصنفات في العربية والتفسير. وكان من أوعية العلم. توفي سنة تسع وسبعين وأربع مائة. 2024 - [أبو الفضل الصّرّام] (4) أبو الفضل محمد بن عبيد الله النيسابوري، الرجل الصالح. روى عن أبي نعيم الأسفراييني، وأبي الحسن العلوي، وطبقتهما. وتوفي سنة تسع وسبعين وأربع مائة.

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 314)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 491)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 258)، و «مرآة الجنان» (3/ 132)، و «شذرات الذهب» (5/ 344). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 448)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 266)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 405)، و «مرآة الجنان» (3/ 132). (3) «المنتظم» (9/ 605)، و «معجم الأدباء» (5/ 230)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 314)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 528)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 270)، و «بغية الوعاة» (2/ 183). (4) «سير أعلام النبلاء» (18/ 483)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 278)، و «العبر» (3/ 297)، و «مرآة الجنان» (3/ 132)، و «شذرات الذهب» (5/ 345).

2025 - [أبو نصر الهاشمي]

2025 - [أبو نصر الهاشمي] (1) أبو نصر محمد بن محمد بن علي الهاشمي العباسي، مسند العراق. توفي سنة تسع وسبعين وأربع مائة. 2026 - [الحافظ أبو المعالي الحسيني] (2) السيد المرتضى ذو الشرفين أبو المعالي محمد بن محمد بن زيد العلوي الحسيني الحافظ. روى عن أبي علي بن شاذان، وخلق، وتخرج بالخطيب ولازمه، وصنف، وحدث بأصبهان وسمرقند وبغداد. وكان مقبولا معظما، يفرق في العام نحو عشرة آلاف زكاة ماله. قتله الخاقان بما وراء النهر مظلوما في سنة ثمانين وأربع مائة. 2027 - [ابن سهل المقرئ] (3) عبد الله بن سهل الأنصاري المرسي، مقرئ الأندلس. توفي سنة ثمانين وأربع مائة. 2028 - [فاطمة أم البنين] (4) فاطمة بنت الشيخ أبي علي الدقاق الزاهدة، زوجة الأستاذ أبو القاسم القشيري، وأم أولاده النجباء.

(1) «تاريخ بغداد» (3/ 458)، و «المنتظم» (9/ 606)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 443)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 280)، و «العبر» (3/ 297). (2) «المنتظم» (9/ 614)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 520)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 311)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 143)، و «شذرات الذهب» (5/ 348). (3) «الصلة» (1/ 286)، و «بغية الملتمس» (ص 345)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 292)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 830)، و «شذرات الذهب» (5/ 347). (4) «سير أعلام النبلاء» (18/ 479)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 296)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1210)، و «مرآة الجنان» (3/ 132)، و «شذرات الذهب» (5/ 348).

2029 - [بنت الأقرع الكاتبة]

كانت كبيرة القدر، عالية الإسناد. روت عن أبي نعيم الأسفراييني، والعلوي، والحاكم، وطائفة. وتوفيت سنة ثمانين وأربع مائة. 2029 - [بنت الأقرع الكاتبة] (1) أم الفضل فاطمة بنت الحسن بن علي الأقرع البغدادية، الكاتبة التي جوّدوا على خطها. وكانت تنقل طريقة ابن البواب. حكت أنها كتبت ورقة للوزير الكندري، فأعطاها ألف دينار. روت عن أبي عمر الفارسي. توفيت سنة ثمانين وأربع مائة. 2030 - [خير ابن ملامس] (2) خير-كضد الشر-ابن يحيى بن ملامس أبو سعيد. تفقه بأبيه الإمام يحيى بن ملامس، وحج، فأخذ بمكة عن الحافظ أبي ذر عبد بن أحمد الهروي الأنصاري «صحيح البخاري»، وعن أبي بكر بن محمد بن منصور الشهرزدري أحد شراح «المختصر»: «سنن أبي داود»، وعن أحمد بن محمد البزار المكي «الشريعة» للآجري. ورجع إلى وطنه، فأخذ عنه ولده أسعد، والإمام زيد بن الحسن الفايشي، وأسعد بن الهيثم، وولداه عمرو وزيد. وكان فقيها فاضلا، مجتهدا كاملا. وتوفي ببلدة القرانات في مشيرق احاظة سنة ثمانين وأربع مائة.

(1) «المنتظم» (9/ 614)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 480)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 295)، و «البداية والنهاية» (12/ 610)، و «شذرات الذهب» (5/ 348). (2) «طبقات الفقهاء اليمن» (ص 101)، و «السلوك» (1/ 243)، و «العطايا السنية» (ص 313)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 394)، و «تحفة الزمن» (1/ 175)، و «هجر العلم» (3/ 1683).

2031 - [حمزة بن مقبل]

2031 - [حمزة بن مقبل] (1) أبو عمارة حمزة بن مقبل بن سلمة. كان فقيها عالما، ورعا فاضلا. قال ابن سمرة: (روى عن أبي القاسم عبد الصمد بن محمد بن عبد الصمد في مسجد المحلة بصفر من سنة ثمانين وأربع مائة عن أشياخه أحاديث نسطور الرومي. قال: وكان أهل اليمن في المائة الخامسة وما قبلها يتفقهون ب‍ «كتاب المزني»، وفي أصول الفقه بكتاب «الرسالة» للشافعي، وبمصنفات القاضي أبي الطيب، والشيخ أبي حامد، وكتب أبي علي الطبري، وابن القطان، وتصنيف المحاملي، وشروح المزني المشهورة، وبالفروع لسليم بن أيوب الرازي؛ لأن «المهذب» لم يصل إلى اليمن إلا في آخر المائة الخامسة من الهجرة) (2). قال الجندي: (وقد ذكره ابن سمرة في فقهاء ذي أشرق، ولم أعلم من أي بلد هو، وأصله من الجند ونواحيها) (3). 2032 - [عبد الله ابن المصوع] (4) عبد الله بن الفقيه عمر بن إسحاق بن المصوع. تفقه بأبيه، وكان فقيها فاضلا، ذا دنيا واسعة، وأملاك كثيرة، وكان سليما، فيه بعض خفة وطيش، وهو من أهل ذي السفال. كان يواصل والي التعكر يومئذ وهو المنصور بن أبي البركات أخو المفضل بن أبي البركات الحميري، وكان الوالي يعتقد في الفقيه الخير والصلاح، ولا يحتجب عنه أيّ وقت أراد الدخول عليه، فسولت للفقيه نفسه قتل الأمير؛ لكونه رافضيا، وأنه إذا قتله

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 118)، و «السلوك» (1/ 278)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 383)، و «تحفة الزمن» (1/ 205). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 118). (3) «السلوك» (1/ 278). (4) «طبقات الفقهاء اليمن» (ص 96)، و «السلوك» (1/ 238)، و «العطايا السنية» (ص 368)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 136)، و «تحفة الزمن» (1/ 172)، و «هجر العلم» (2/ 767).

وأعطى المرتبين المال .. أجابوه وقبلوا منه، واستبد بذلك ولم يشاور فيه أحدا، فعامل سلاطا (1) من عادته يطلع بالسليط إلى الحصن، وأطلع معه ذهبا وفضة في بطاط (2) السليط، فلما صار الفقيه والسلاط في الحصن .. طلع الفقيه إلى الأمير كعادته، فلما خلا بالأمير .. وثب عليه وقتله، وصاح بالسلاط من طاق هنالك صياحا بانزعاج، فارتاب أهل الحصن، فدخلوا الدار، فوجدوا الأمير مقتولا، فقتلوا الفقيه، وبادروا بإعلام المكرم بما جرى، فجعل المكرم في الحصن المفضل بن أبي البركات أخا المقتول، فغصب أموال الفقيه وبساتينه، وكان ذلك على رأس ثمانين وأربع مائة. والله سبحانه وتعالى أعلم ***

(1) سلاط: نسبة إلى حرفة عمل السليط، وهو الزيت، وكل زيت من زيوت النبات يسمى سليطا، سواء كان للطبخ أو للادهان. (بهجة يمنية). (2) بطاط: جمع بط، وعاء يعمل من طبقات الجلد السميك لحفظ الدهون؛ من زيوت وسمن وشحوم. (لهجة يمنية).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والستون بعد الأربع مائة توفي فيها: الإمام عبد الرحمن بن محمد ابن فوران الفوراني المروزي، شيخ الشافعية، مصنف «الإبانة»، والحافظ عبد الرحيم بن أحمد البخاري، وأبو الحسين محمد بن مكي الأزدي المصري، وأبو الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي الشيرازي مقرئ مصر. *** السنة الثانية والستون فيها: أقبلت جيوش الروم، فنزلوا على منبج، فاستباحوها، وأسرعوا الكرة؛ لفرط القحط حتّى بيع فيهم رطل الخبز بدينار (1). وفيها: وقع خسف بأيلة، ووقع وباء وجوع، وخرج وزير صاحب مصر إليه، فنزل عن بغلته، فأكلت، فصلب الذين أكلوها، فأصبحوا قد أكلوا لا ترى إلا عظامهم، وكاد الخراب يستولي على ديار مصر، حتى نقل صاحب «مرآة الزمان» أن امرأة خرجت وبيدها مد جوهر، فقالت: من يأخذه بمد بر؟ فلم يلتفت إليها أحد، هكذا ذكره، والله أعلم بصحته (2). وفيها: قطعت خطبة المصريين بالحجاز؛ لاشتغالهم بما هم فيه من القحط والوباء، وأقيمت فيه الخطبة العباسية، ولما جاءت البشارة بإقامة الدعوة العباسية بمكة .. أرسل السلطان ألب أرسلان إلى صاحب مكة محمد بن أبي هاشم ثلاثين ألف دينار وخلعا (3). وفيها: توفي الإمام الكبير القاضي حسين بن محمد المروزي، والإمام أبو عبد الله

(1) «المنتظم» (9/ 481)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 217)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 7)، و «العبر» (3/ 250). (2) «المنتظم» (9/ 481)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 218)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 8)، و «العبر» (3/ 251)، و «البداية والنهاية» (12/ 562). (3) «تاريخ الإسلام» (31/ 7)، و «العبر» (3/ 251)، و «البداية والنهاية» (12/ 563)، و «شذرات الذهب» (5/ 259).

السنة الثالثة والستون

محمد بن عتاب الجذامي مولاهم المالكي، مفتي قرطبة وعالمها ومحدثها، والإمام اللغوي أبو غالب ابن بشران الواسطي الحنفي، ويعرف بابن الخالة، كذا في «تاريخ اليافعي» (1)، وفي «كتاب الذهبي»: أبو سهل بن بسران اللغوي (2). *** السنة الثالثة والستون فيها: أقام صاحب حلب محمود بن صالح الكلابي الخطبة العباسية بحلب، ولبس الخطيب السواد، فأخذت رعاع الرافضة حصر الجامع وقالوا: هذه حصر الإمام علي، فليأت أبو بكر بحصره، وجاءت محمودا الخلع مع طراد الزينبي، ثم بعد قليل جاء السلطان ألب أرسلان، وحاصر محمودا، فخرجت أمه بتقاديم وتحف فرحل عنهم (3). وفيها: كانت الملحمة الكبرى، خرج أرمانوس في مائتي ألف من الفرنج والروم والكرج -بالجيم-فوصلوا إلى ملازكرد (4)، فبلغ السلطان كثرتهم وما عنده سوى خمسة عشر ألف فارس، فصمم على الملتقى وقال: إن استشهدت .. فابني ملك شاه ولي عهدي، فلما التقى الجمعان .. أرسل السلطان يطلب المهادنة، فقال طاغية الروم: لا هدنة إلا بالريّ، فاحتد السلطان ألب أرسلان، وجرى المصاف يوم الجمعة والخطباء على المنابر، ونزل السلطان، وعفر وجهه في التراب وبكى وتضرع، ثم ركب وحمل، فصار المسلمون وسط القوم، وصدقوا، وأنزل الله سبحانه النصر، فقتلوا الروم كيف شاءوا، وانهزمت الروم، وامتلأت الأرض بالقتلى، وأسر أرمانوس، فأحضر إلى السلطان، فضربه ثلاث مقارع بيده وقال: ألم أرسل إليك في الهدنة فأبيت؟ ! فقال: دعني من التوبيخ وافعل ما تريد، فقال: ما كنت تفعل بي لو أسرتني؟ قال: فما كنت تظن أن أفعل بك؟ قال: إما أن تقتلني، وإما أن تشهرني في بلادك، وأبعدها العفو، قال أرمانوس: ما عزمت على غير هذا، ثم فدى نفسه بألف ألف دينار وخمس مائة ألف دينار، وبكل أسير في مملكته، فخلع عليه، وأطلق

(1) «مرآة الجنان» (3/ 86). (2) بل جميع كتب الذهبي أوردته كما أورده اليافعي. (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 221)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 10)، و «العبر» (3/ 252)، و «البداية والنهاية» (12/ 565). (4) كذا في «الكامل في التاريخ» (8/ 223)، وقال ياقوت الحموي في «معجم البلدان» (5/ 202): (منازجرد: بعد الألف زاي ثم جيم مكسورة، وراء ساكنة، ودال، وأهله يقولون: منازكرد بالكاف، بلد مشهور بين خلاط وبلاد الروم يعدّ في أرمينية، وأهله أرمن وروم).

السنة الرابعة والستون

له عدة من البطارقة، وهادنه خمسين سنة، وشيعه فرسخا، وأعطاه عشرة آلاف دينار برسم الطريق، فقال أرمانوس: أين جهة الخليفة؟ فعرفوه، فكشف رأسه وأومأ إلى الجهة بالخدمة، فلما وصل أرمانوس أطراف بلده .. ترهب وتزهد، وجمع ما أمكنه، فكان مائتين وتسعين ألف دينار، فأرسله، وحلف أنه لا يقدر على غيره، ويقال: إنه لما عاد .. وجد الروم قد ملكوا عليهم ميخائيل، فأعلمه بما تقرر مع ألب أرسلان، ثم إن أرمانوس استولى على بلاد الأرمن (1). وفيها: سار بعض أمراء الملك ألب أرسلان، فدخل الشام، وافتتح الرملة، أخذها من المصريين، ثم حاصر بيت المقدس، فأخذه منهم، ثم حاصر دمشق، وعاث عسكره وأخربوا أعمال دمشق (2). وفيها: توفي أبو حامد الأزهري أحمد بن الحسن النيسابوري، والإمام أبو بكر الخطيب البغدادي صاحب «التاريخ» المشهور وغيره من المصنفات المفيدة واسمه: أحمد بن علي بن ثابت البغدادي، وأبو علي حسان بن سعيد المنيعي رئيس مرو الروذ، وأبو عمر عبد الواحد المليحي الهروي، وأبو الغنائم بن الدجاجي البغدادي، والحافظ أبو عمر ابن عبد البر، وأبو الوليد ابن زيدون الشاعر، ومحمد بن وشاح الزّينبي، وأم الكرام كريمة بنت أحمد المروزية المجاورة بمكة. *** السنة الرابعة والستون فيها: توفي أبو الحسن جابر بن ياسين البغدادي العطار، وأبو يعلى محمد بن الحسين بن حمزة الجعفري فقيه الإمامية (3)، والمعتضد بالله عباد بن القاضي محمد بن إسماعيل اللخمي صاحب إشبيلية، وبكر بن محمد النيسابوري. وفيها: كانت وقعة المريبد بحضرموت (4).

(1) «المنتظم» (9/ 487)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 223)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 11)، و «العبر» (3/ 253)، و «البداية والنهاية» (12/ 564). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 226)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 14)، و «العبر» (3/ 254). (3) المصادر التي ترجمت لأبي يعلى الجعفري ذكرته في وفيات سنة (463 هـ‍). (4) «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 444)، نقلا عن أبي مخرمة، ولم نجد من ذكرها في المصادر التي بين أيدينا.

السنة الخامسة والستون

وفيها: وقع الموتان في الدواب، حتى أن راعيا قام إلى الغنم وقت الصباح، فوجدها موتى (1). *** السنة الخامسة والستون فيها: قتل السلطان الكبير عضد الدولة أبو شجاع ألب أرسلان بن الملك داود بن ميكائيل بن سلجوق السلجوقي، وقام ولده جلال الدولة أبو الفتح ملكشاه مقامه، فقتل عمه قاروت بك، وكحل سلطان شاه. وفيها: توفي أبو الغنائم عبد الصمد بن علي العباسي، والأستاذ زين الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري، مصنف «الرسالة»، والخطيب أبو الحسين محمد بن علي بن العباسي، وأبو القاسم يوسف بن علي الهذلي المتكلم المقرئ، وهنّاد النسفي، وأبو جعفر بن المسلمة، وصرّدرّ الشاعر. وفيها: افترق الجيش، واقتتلوا، فقتل نحو أربعين ألفا، ثم التقوا مرة ثانية، وكثر القتل في العبيد، وانتصر الأتراك، وضعف المستنصر، وأنفق خزانته في رضاهم، وغلب العبيد على الصعيد، ثم جرت لهم وقعات، وعاد الغلاء المفرط والوباء، ونهبت الجند دور العامة. قال ابن الأثير: (اشتد الغلاء والوباء، حتى أن أهل البيت كانوا يموتون في ليلة واحدة، وحتى حكي أن امرأة أكلت رغيفا بألف دينار، باعت عروضا لها قيمته ألف دينار، واشترت بها حملة قمح، وحمله الحمّال على ظهره، فنهبت الحملة، فنهبت المرأة مع الناس، فحصل لها رغيف واحد) (2). *** السنة السادسة والستون فيها: كان الغرق ببغداد، وهلك خلق تحت الردم، وأقيمت الجمعة في الطيار على ظهر الماء، وكان الموج كالجبال، وغرق الجانب الشرقي خاصة، وتهدم بعض جامع

(1) «المنتظم» (9/ 500)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 15)، و «البداية والنهاية» (12/ 570). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 238)، وانظر الحادثة في «تاريخ الإسلام» (31/ 19)، و «العبر» (3/ 259).

السنة السابعة والستون

المهدي، وخرب جامع القطيعة من الغربي، وسقطت مئذنته، وغرق بعض المحال بالكلية، وبقيت كأن لم تكن، وبلغ ارتفاع الماء ثلاثين ذراعا (1). وفيها: أبو سهل الحفصي محمد بن أحمد المروزي، وأبو محمد الكتاني واسمه: عبد العزيز بن أحمد التميمي الدمشقي الصوفي، والحافظ أبو بكر العطار محمد بن إبراهيم الأصبهاني، والفقيه أبو المكارم محمد بن سلطان الغنوي الدمشقي الفرضي، ويعقوب بن أحمد الصيرفي النيسابوري، وأبو الحسن علي بن الحسين بن عبد الرحيم، توفي بالنيل فجأة بشرقة وله سبعون سنة وشهور. قال في «تاريخ اليافعي»: (وفيها: توفي ركن الدولة الحسن بن بويه الديلمي، صاحب أصبهان والري وهمذان وجميع عراق العجم، وهو والد عضد الدولة، ومؤيد الدولة، وفخر الدولة، وأخو معز الدولة، وكان أوسط إخوته؛ قبله عماد الدولة، وبعده معز الدولة. قالوا: وكان مسعودا، رزق السعادة في أولاده الثلاثة، وقسم عليهم الممالك، فقاموا بها أحسن قيام، وكان ملكا جليل القدر، عالي الهمة، وكان أبو الفضل ابن العميد وزيره، والصاحب ابن عباد وزير ولده مؤيّد الدولة) انتهى كلام اليافعي (2). وذكره له في هذا المحل وهم فيما أظن؛ فإن محله قبل هذا بمائة سنة (3)، وقد قدمنا ذكره في سنة خمس-أو ست-وستين وثلاث مائة (4)، والله سبحانه أعلم. *** السنة السابعة والستون فيها: أخذ المستنصر العبيدي الديار المصرية، والإسكندرية، ودمياط، وبلاد الصعيد، وكان قد استضعف وأخذ منه جميع ذلك في سنة خمس، فعاد إليه جميع ما أخذ منه، ثم عمر البلاد، وأطلق الفلاحين من الكلف، ثم بعث الهدايا إلى صاحب مكة، فأعاد

(1) «المنتظم» (9/ 514)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 247)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 24)، و «العبر» (3/ 263)، و «البداية والنهاية» (12/ 575). (2) «مرآة الجنان» (3/ 93). (3) نعم؛ توفي ركن الدولة ابن بويه في سنة (366 هـ‍) فحقه أن يقدم هناك. (4) تقدم ذكره في سنة (366 هـ‍)، انظر (3/ 236)، وانظر ترجمته في «وفيات الأعيان» (2/ 118)، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 203)، و «البداية والنهاية» (11/ 346).

السنة الثامنة والستون

خطبة المستنصر بعد أن كان قد خطب للقائم بأمر الله العباسي أعواما (1). وفيها: عمل السلطان ملك شاه الرصد، وأنفق عليه أموالا عظيمة (2). وفيها: توفي محدث الأندلس أبو عمر ابن الحذّاء واسمه: أحمد بن محمد القرطبي، وجمال الإسلام أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن مظفّر الداودي البوشنجي، وأبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي الرئيس الأديب، مؤلف كتاب «دمية القصر»، والخليفة العباسي القائم بأمر الله أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله، وبويع حفيده المقتدي بأمر الله عبد الله بن محمد بن أبي جعفر عبد الله القائم المذكور. وفيها: توفي الأمير عز الدولة محمود بن نصر بن صالح الكلابي صاحب حلب، وولي بعده ابنه نصر، فقتله بعض الأتراك بعد سنة. وفيها: هجم ابن أبي الحسن على ابن الهيثم صاحب البطيحة، واستولى على أمواله وسلاحه، وهرب بنفسه وولده إلى موضع ظن أنه يعتصم به، ففاجأه فيه، فهرب بنفسه إلى صدقة بن دبيس، واستنجد بأبي الفضل بن أبي البركات العاني، فأنجده، وأعاده إليها، وأبعد ابن أبي الحسن عنها (3). وفيها: توفي أبو بكر محمد بن علي الخياط. *** السنة الثامنة والستون فيها: حوصرت دمشق، واشتد بها الغلاء، وعدمت الأقوات، ثم تسلم البلد بالأمان، وأقيمت فيها الخطبة العباسية، وأبطل شعار الشيعة من الأذان وغيره (4). وفيها: توفي مقرئ واسط الحسن بن القاسم الواسطي، وأبو الفتح عبد الجبار بن عبد الله الرازي الواعظ الجوهري، والإمام المفسر أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي مصنف «البسيط» و «الوجيز» و «الوسيط» في التفسير، ومنه أخذ أبو حامد الغزالي تسمية

(1) «تاريخ الإسلام» (31/ 26)، و «العبر» (3/ 264)، و «مرآة الجنان» (3/ 94). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 255)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 30)، و «العبر» (3/ 265). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 257)، وقد وردت هذه الحادثة فيه في سنة (368 هـ‍). (4) «الكامل في التاريخ» (8/ 256)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 32)، و «العبر» (3/ 268)، و «البداية والنهاية» (12/ 580).

السنة التاسعة والستون

كتبه الفقهية رضي الله عنهما، والخطيب يوسف بن محمد محدث همذان وزاهدها، وأبو القاسم يوسف الهمذاني الصوفي الذي خرج له الخطيب خمسة أجزاء، ومسعود بن عبد العزيز الهاشمي المعروف بالبياضي الشاعر المشهور، ومكي بن جابار الدينوري، وعمر بن علي بن أحمد بن الليث الليثي البخاري، وأبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله الزّبحي الجرجاني. *** السنة التاسعة والستون فيها: قصد الأقسيس صاحب دمشق مصر، وكاد يفتحها، ولم يبق لأهلها حيلة غير الاجتماع في المسجد الجامع والتضرع إلى الله تعالى، ثم رجع عنها لغير سبب، وأحسن إلى أهل دمشق، ووضع عنهم الخراج، ونهب بيت المقدس، وقتل من أهله فأكثر حتى من التجأ إلى المسجد الأقصى، ولم يحمهم منه إلا مكان الصخرة وحدها (1). وفيها: ورد الإمام أبو نصر بن الأستاذ أبي القاسم القشيري إلى بغداد قاصدا الحج، فوعظ بنظامية بغداد، وحصل له إقبال عظيم، وحضر مجلسه أكابر العلماء كالإمام أبي إسحاق الشيرازي وغيره من الأئمة، ونصر في وعظه مذهب الأشعرية، وحط على مذهب الحنبلية، فهاجت الفتنة، وثارت العصبية، وقتل جماعة (2). وفيها: توفي أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد السلمي، ومسند الأندلس ومحدثها حاتم بن محمد التميمي القرطبي، ومؤرخ الأندلس ومسندها حيّان بن خلف بن حسين القرطبي، والإمام النحوي أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ. *** السنة الموفية سبعين وأربع مائة فيها: كانت فتنة كبيرة ببغداد بسبب الاعتقاد، ووقع النهب في البلد، واشتد الخطب، وركب العسكر، وقتلوا جماعة حتى فتر الأمر (3).

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 260)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 34)، و «العبر» (3/ 271). (2) «المنتظم» (9/ 538)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 261)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 34)، و «العبر» (3/ 271). (3) «المنتظم» (9/ 545)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 265)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 36).

السنة الحادية والسبعون

وفيها: ولي تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان الشام، وحاصر حلب (1). وفيها: توفي الحافظ أبو صالح أحمد بن عبد الملك النيسابوري محدث خراسان، وأبو الحسين بن النّقّور أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي المحدث، والحافظ أبو القاسم عبد الله بن الخلاّل، والحافظ أبو القاسم عبد الرحمن ابن منده الأصبهاني صاحب التصانيف، وأبو نصر بن طلاّب، والشريف أبو جعفر ابن أبي موسى الهاشمي الحسيني الفقيه الحنبلي واسمه: عبد الخالق بن عيسى بن أحمد ابن أبي موسى. *** السنة الحادية والسبعون فيها: دخل الشام تاج الدولة تتش-بالمثناة من فوق مكررة، ثم شين معجمة-ابن ألب أرسلان من جهة أخيه ملك شاه، وأخذ حلب، وكان أقسيس الخوارزمي صاحب دمشق قد جاءت المصريون لحربه، فاستنجد بتتش عند ما أخذ حلب، فسار إليه بنجدة، وفر المصريون، فخرج أقسيس إلى خدمة تتش، فأظهر الغضب لكونه ما تلقاه من بعيد، فقتله في الحال، وأخذ دمشق، وأحسن سيرته في الشاميين (2). وفيها: توفي أبو علي الحسن بن أحمد البغدادي الفقيه الزاهد الحنبلي، صاحب التواليف والتواريخ، والحافظ الكبير أبو علي الحسن بن علي الوخشي، رحل وطوف، وجمع وصنف، والحافظ القدوة أبو القاسم سعد بن علي الزنجاني، نزيل الحرم وزاهده، وأبو القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي، وعبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني الشافعي الأشعري النحوي، وأبو عاصم الفضيل بن يحيى الهروي المتفق على جلالة قدره، وأبو الفضل محمد بن عثمان ابن زيرك القومساني، وأبو الفتيان محمد بن السلطان المعروف بابن حيّوس (3) -بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثناة من تحت، ثم واو ساكنة، ثم سين مهملة-وأبو منصور عبد الباقي العطار، وأبو الخير محمد بن أبي عمران المروزي. ***

(1) «المنتظم» (9/ 546)، و «تاريخ الإسلام» (31/ 36)، و «البداية والنهاية» (12/ 587). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 268)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 6)، و «العبر» (3/ 276)، و «البداية والنهاية» (12/ 589). (3) الصواب أنه توفي سنة (473 هـ‍) خلافا لليافعي كما قدمنا في ترجمته (3/ 464).

السنة الثانية والسبعون

السنة الثانية والسبعون فيها: توفي الإمام الزاهد أبو محمد هياج بن عبيد الحطّيني، وأبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العكبري، وأبو علي الحسن بن عبد الرحمن الشافعي المكي، ومحمد بن عبد العزيز بن محمد الفارسي الهروي. وفيها: مات نصر ابن مروان، صاحب ديار بكر (1). وفيها: ملك مسلم بن قريش حلب طوعا من أهلها، وكان تتش قد ألح عليها بالحصار، فلم يقدر عليها (2). *** السنة الثالثة والسبعون فيها: توفي أبو القاسم الفضل بن عبد الله الواعظ النيسابوري، والسلطان الغنوي الدمشقي شاعر أهل الشام، له ديوان كبير، كذا في «تاريخ اليافعي» (3) ولعله أراد به أبا الفتيان محمد بن السلطان المعروف بابن حيّوس المتقدم ذكره في سنة إحدى وسبعين وأربع مائة (4)؛ فإن الذهبي ذكر وفاته في هذه السنة، أعني سنة ثلاث وسبعين (5). قيل: وفيها: توفي علي بن محمد الصليحي ملك اليمن، وقد قدمنا وفاته في العشرين قبل هذه (6). وفيها: مات أبو الفضل محمد بن عامر وكيل المقتدي، وكان من قبله وكيل القائم، وأمينهما على أموالهما (7). ***

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 274)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 8). (2) «المنتظم» (9/ 560)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 272)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 8). (3) «مرآة الجنان» (3/ 103). (4) نعم؛ أراد به ابن حيّوس؛ فإن كل من ترجم له ذكره في وفيات سنة (473 هـ‍) إلا اليافعي فإنه ذكره في سنة (471 هـ‍). (5) «العبر» (3/ 281). (6) انظر (3/ 427). (7) «المنتظم» (9/ 562)، وقد أرّخ وفاته في سنة (472 هـ‍).

السنة الرابعة والسبعون

السنة الرابعة والسبعون فيها: افتتح تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان أخو السلطان ملك شاه طرسوس (1). وفيها: مات سليمان بن خلف المالكي المعروف بأبي الوليد الباجي-بالموحدة والجيم -وأبو بكر محمد ابن المزكي النيسابوري المحدث، وأبو القاسم بن البسري. وفيها: دخل خادمان لشرف الدولة مسلم بن قريش عليه في الحمام فخنقاه، فأدركه أصحابه وقد أشرف على الهلاك، فنجا، وقتل الخادمين (2). وفيها: توفي نور الدولة أبو الأغرّ دبيس بن علي بن مزيد عن ثمانين سنة، كان منها نيف وستون سنة أميرا، وقام مقامه أبو كامل منصور، ولقب: بهاء الدولة (3). *** السنة الخامسة والسبعون فيها: قدم الشريف أبو القاسم البكري الواعظ من عند نظام الملك إلى بغداد، فوعظ بالنظامية، ونبز الحنابلة بالتجسيم، فسبوه وتعرضوا له، وكبس دور بني الفراء، وأخذ كتاب القاضي أبي يعلى في إبطال التأويل، وكان يقرأ بين يديه على المنبر، فيشنع ويبشع شأنه (4). وفيها: مات جمال الملك أبو منصور بن نظام الملك، وكان على خراسان، وقيل: إنه سم حتى لا يقتله ملك شاه، فيكتئب بذلك أبوه (5). وفيها: حارب ملك شاه أخاه تكش وأسره، ثم منّ عليه (6). وفيها: توفي محدث أصبهان ومسندها عبد الوهاب بن الحافظ أبي عبد الله ابن منده العبدي الأصبهاني، وأبو الفضل المطهر بن عبد الواحد الأصبهاني البزاني، ومحمد بن أحمد السمسار.

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 279)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 11)، و «العبر» (3/ 282). (2) «المنتظم» (9/ 568). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 278)، و «وفيات الأعيان» (2/ 291)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 13). (4) «المنتظم» (9/ 573)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 282)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 14). (5) «المنتظم» (9/ 574)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 281). (6) «المنتظم» (9/ 573).

السنة السادسة والسبعون

السنة السادسة والسبعون فيها: عزم أهل حران وقاضيهم على تسليم حران إلى أمير التركمان؛ لكونه سنيا، وعصوا على صاحب الموصل مسلم بن قريش؛ لكونه رافضيا، ولكونه مساعدا المصريين على محاصرة دمشق، فأسرع مسلم بن قريش إلى حران، ورماها بالمنجنيق وأخذها، وذبح القاضي وولديه، وقتل جماعة من أهل البلد (1). وفيها: توفي الإمام المجمع على جلالته وبراعته الشيخ أبو إسحاق الشيرازي مصنف «التنبيه» و «المهذب»، وطاهر بن الحسين القوّاس الحنبلي، والحافظ عبد الله بن عطاء الهروي، والواعظ أبو بكر البكري الأشعري، وأبو عبد الله محمد بن شريح الرعيني الإشبيلي، وأبو طاهر ابن أبي الصّقر، وأبو حكيم الخبري. *** السنة السابعة والسبعون فيها: سار صاحب قونية سليمان بن قتلمش السلجوقي إلى الشام بجيوشه، فأخذ أنطاكية وكانت بيد النصارى منذ مائة وعشرين سنة، وكان ملكها قد سار عنها إلى بلاد الروم، ورتب بها نائبا، فأساء إلى أهلها وإلى الجند في إقامته بها، فلما دخل بلاد الروم .. اتفق ولده والنائب المذكور على تسليمها إلى صاحب قونية، فكاتبوه، فأسرع في البحر، ثم طلع وسار إليها في جبال وعرة، فأتاها بغتة، فنصب السلاليم ودخلها، وقتل جماعة، وعفى عن الرعية، وأخذ منها أموالا لا تحصى، ثم بعث إلى نسيبه السلطان ملك شاه بن ألب أرسلان السلجوقي يبشره بالفتح، وكان صاحب الموصل يأخذ القطيعة (2) من أنطاكية، فطلب العادة من سليمان، فقال: ذلك الملك كان كافرا يسلم الجزية، وأنا بحمد الله مؤمن (3). وفيها: توفي ذو الوزارتين محمد بن عمار الأندلسي الشاعر المشهور، والعالم النبيل إسماعيل بن مسعدة بن الإمام أبي بكر الإسماعيلي الجرجاني، وأبو سعد عبد الله بن الإمام

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 286)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 16)، و «العبر» (3/ 285). (2) القطيعة: ما يقطع من أرض الخراج. (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 294)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 21)، و «العبر» (3/ 287)، و «مرآة الجنان» (3/ 120).

السنة الثامنة والسبعون

عبد الكريم بن هوازن القشيري أكبر الإخوة، والإمام عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد المعروف بأبي نصر ابن الصباغ، والشيخ أبو علي الفضل بن محمد الفارمذي، والحافظ أبو سعيد مسعود بن ناصر السجزي، وأم الفضل بنت عبد الصمد الهروية. *** السنة الثامنة والسبعون فيها: ثارت الفتنة بين الرافضة والسنية واقتتلوا، وأحرقت أماكن (1). وفيها: كانت الوقعة بين سليمان بن قتلمس وبين مسلم بن قريش، فهزم مسلم، وقتل فيها منهزما (2). وفيها: توفي الحافظ أبو العباس أحمد بن عمر الأندلسي، والإمام أبو سعد عبد الرحمن بن محمد المتولي، مصنف كتاب «التتمة» تمم بها كتاب «الإبانة» لشيخه أبي القاسم الفوراني، وأبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري المقرئ، نزيل مكة، صاحب كتاب «التلخيص»، ومحمد بن أحمد الكرخي شيخ المعتزلة، وأبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني الحنفي قاضي القضاة، والإمام المجمع على إمامته وجلالته أبو المعالي إمام الحرمين عبد الملك بن الإمام أبي محمد الجويني، وأبو العباس ابن دلهاث. *** السنة التاسعة والسبعون فيها: نزل تتش حلب، ثم أخذها، وساق أخوه السلطان ملك شاه من أصبهان، فقدم حلب، وخافه أخوه تتش، فهرب (3). وفيها: وقعة الزلاقة، وسميت بذلك؛ لأن الخيل زلقت في دماء القتلى، وذلك أن ملك الفرنج جمع الجيوش، واجتمع المعتمد ويوسف بن تاشفين أمير المسلمين

(1) «المنتظم» (9/ 586)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 301)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 27)، و «البداية والنهاية» (12/ 600). (2) «تاريخ الإسلام» (32/ 253)، و «العبر» (3/ 294)، و «شذرات الذهب» (5/ 343). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 303)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 28)، و «العبر» (3/ 295)، و «البداية والنهاية» (12/ 605).

والمطوعة، فأتوا الزلاقة من عمل بطليوس، فالتقى الجمعان، فوقعت الهزيمة على أعداء الله، وكانت ملحمة عظيمة في أول جمعة من رمضان، وجرح المعتمد عدة جراحات سليمة، وطابت الأندلس للملثمين، فعمل الأمير ابن تاشفين على تملكها، وكان طاغية الفرنج لعنه الله لما جمع هذا الجمع العظيم قاصدا به المسلمين .. رأى في النوم كأنه راكب فيل وبيده دف ينقر به، فقصها على معبري مملكته، فلم يجد عندهم تأويلا، فقيل له: إن بحبسك في أسارى المسلمين رجل عارف بالتعبير، فاستحضره، وقص عليه رؤياه، فقال: هذه يؤخذ تعبيرها من القرآن، ولا أرى لك في هذا المخرج خيرا؛ فإنك تهزم، فقال: وكيف ذاك؟ قال الأسير: لأن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} إلى آخر السورة، وقال تعالى: {فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ* فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} فقال اللعين: أيهزم من هو في هذا الجيش؟ ! إن هذا جيش لو لاقيت به محمدا .. لما افتتح مكة، أو ما هذا معناه (1)، هكذا ذكر ابن الأثير في «تاريخه» (2). وفيها: لمّا افتتح السلطان ملك شاه حلب والجزيرة .. قدم بغداد، وهو أول قدومه إليها، ثم خرج وتصيد، وعمل منارة من القرون من كثرة ما صاد من الوحوش، ثم رد إلى أصبهان (3). وفيها: رد إلى محمد بن مسلم بن قريش الرحبة وحران، وسروج والرقة، وبلد الخابور وغير ذلك، وزوجه ملك شاه أخته زليخا (4). وفيها: كانت وقعة بين تتش بن ألب أرسلان وبين سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب أنطاكية، كسر فيها عسكر ابن قتلمش، فقتل نفسه بيده (5). وفيها: سلم السلطان قلعة جعبر إلى سالم بن مالك بن بدران العقيلي، وكان ابن جعبر صاحبها شيخا أعمى من بني قشير، وله بنون يقطعون الطريق (6).

(1) عبارة ابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (8/ 308): (بهذا الجيش ألقى إله محمد صاحب كتابكم). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 307)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 29)، و «العبر» (3/ 295)، و «شذرات الذهب» (5/ 344). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 310)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 31)، و «العبر» (3/ 295). (4) «الكامل في التاريخ» (8/ 313)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 32). (5) «الكامل في التاريخ» (8/ 303)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 28). (6) «الكامل في التاريخ» (8/ 305)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 28).

السنة الموفية ثمانين وأربع مائة

وفيها: توفي شيخ الشيوخ ببغداد أبو سعد أحمد بن محمد النيسابوري الصوفي، وأبو عبد الرحمن طاهر بن محمد المستملي الشّحّامي والد زاهر، وأبو الحسن علي بن فضال المجاشعي القيرواني، وأبو الفضل محمد بن عبيد الله النيسابوري الرجل الصالح، وأبو نصر محمد بن محمد بن علي الهاشمي العباسي الزينبي مسند العراق. وفيها: مات بهاء الدولة منصور بن دبيس بن علي، وتقلد الإمارة ابنه سيف الدولة أبو الحسين بن صدقة، كذا في بعض التواريخ، فلعل اسم أبيه: صدقة بن منصور بن دبيس (1). *** السنة الموفية ثمانين وأربع مائة فيها: تزوج الخليفة المقتدي بأمر الله على ابنة السلطان ملك شاه، وكان وقتا مشهودا، أنفق فيه الخليفة أموالا كثيرة، وخلع على سائر الأمراء، ومد سماطا هائلا (2). وفيها: توفي السيد المرتضى ذو الشرفين أبو المعالي محمد بن محمد بن زيد العلوي الحسيني الحافظ، ومقرئ الأندلس عبد الله بن سهل الأنصاري المرسي، وفاطمة بنت الشيخ أبي علي الدقاق الزاهدة، وأم الفضل فاطمة بنت الحسن بن علي الأقرع البغدادية الكاتبة، والله سبحانه أعلم. وفيها: قتل ملك تهامة اليمن أبو الفتح سعيد الأحول بن نجاح، توفي أبوه سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة، فقصدهم علي بن محمد الصليحي إلى زبيد في سنة خمس وخمسين، فهرب بنو نجاح إلى جزيرة دهلك، وكانوا خمسة: سعيد الأحول، وجياش-وهما رجلا البيت-ومعارك-قتل نفسه غيظا وغبنا-ومنصور، والذخيرة، فأقاموا بدهلك مدة، وأراد سعيد الغدر بصاحب دهلك، فنهاه أخوه جياش عن ذلك، ولم يوافقه، فخرج سعيد من دهلك مغاضبا لأخيه، ودخل زبيد مستترا، فلما علم بتهيؤ الصليحي للحج .. كتب إلى أخيه جياش، فلحق به إلى تهامة وكان قد شاع على ألسنة المنجمين وأهل الملاحم أن سعيد

(1) الصواب أنه: أبو الحسن صدقة بن منصور بن دبيس، فاسم أبيه: منصور بن دبيس، أمير مشهور، انظر «المنتظم» (9/ 596)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 306)، و «البداية والنهاية» (12/ 604). (2) «المنتظم» (9/ 611)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 315)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 34)، و «العبر» (3/ 298).

الأحول بن نجاح يقتل عليا الصليحي، فرقت همة سعيد إلى ذلك، وتهيأ لأسبابه، وتوجه الصليحي إلى مكة في ألفي فارس فيها خمسون ملكا من ملوك اليمن. قال جياش: فسرنا طريق الساحل، وتركنا الجادة السلطانية؛ خوفا من العسكر، فلما علم الصليحي بخروجنا .. سير من ركابه خمسة آلاف حربة من الحبشة أكثرهم مماليكنا وبنو عمنا وقال لهم: خذوا رأس الأحول ورأس أخيه ومن معهما، قال: فخالفناهم في الطريق إلى أن دخلنا طريق المخيم وأهل المخيم يعتقدون أنا من جملة العسكر وحواشيه ولم يشعر بنا إلا عبد الله بن محمد الصليحي أخو الداعي، فركب فرسه وقال لأخيه: اركب؛ فهذا- والله-الأحول، فقال: إني لا أقتل إلا عند الدهيم وبئر أم معبد؛ ظنا منه أنها التي مر عليها النبي صلّى الله عليه وسلم في هجرته، فقال له شخص: هذا الدهيم، وهذا البئر يسمى: بئر أم معبد، فأيقن الصليحي بالموت، ودخل موضع الخلاء، فلحقه جياش وقتله وحز رأسه، وركب فرسه الذبال (1)، ثم قتل أخوه (2)، ثم كانت الهزيمة في عسكره، وأرسل سعيد الأحول إلى الحبشة الذين سيرهم الصليحي لقتل سعيد الأحول وأصحابه وقال لهم: إني أخذت بثأري، واستنقذت الملك الذي أخذ مني، وأنتم أصحابنا وبنو عمنا، فرجعوا إليه، واستعان بهم في قتل أصحاب الصليحي، واستولى على محطة الصليحي بأسرها، وأسر أسماء بنت شهاب زوج الصليحي، ودخل بها إلى زبيد، فأشار عليه جياش بأن يردها إلى ابنها المكرم ويعفو عن بقية آل الصليحي، وأنه إن فعل ذلك .. لم ينازعه قحطان في ملك تهامة أبدا، وإن خالف ذلك .. لتهجمن حفائلها، ولتطلبن بثأرها؛ فإنهم أهل نفوس أبية، وهمم عربية، فلم يجبه إلا بقول القائل: [من البسيط] لا تقطعن ذنب الأفعى وتتركها … إن كنت شهما فأتبع رأسها الذنبا ثم إن المكرم غزا زبيد، واستنقذ أمه من الأسر، وقتل من الحبشة عالما، وهرب سعيد الأحول إلى دهلك كما ذكرناه في ترجمة الملك المكرم (3)، ورجع المكرم إلى صنعاء، وترك خاله أسعد بن شهاب بزبيد، ثم عاد سعيد بن نجاح إلى زبيد في سنة تسع وسبعين وأربع مائة، فأخرج ولاة المكرم منها، ولم يزل مالكها إلى أن دبرت الحرة السيدة بنت أحمد زوج المكرم على قتله بأن أمرت الحسن بن علي التبعي صاحب حصن الشعر أن يكاتب سعيدا

(1) في (م): (الذيال)، وفي «اللطائف السنية» (ص 72): (الديان). (2) في هامش (ت): (أخوه؛ أي: عبد الله بن محمد الصليحي). (3) بل ستأتي ترجمته في العشرين بعد هذه، انظر (3/ 503).

الأحول ويقول له: إن المكرم قد أصابه الفالج، وجعل أمره بيد امرأته، وأنت أقوى ملوك اليمن، فإن رأيت أن تطبق على ذي جبلة أنت من تهامة ونحن من الجبل .. فافعل، فدولتكم أحب إلى المسلمين، فحسن موقع ذلك عند سعيد، واستحضر الفرج، فخرج من زبيد إلى ذي جبلة في ثلاثين ألف حربة، وكان خروجه من زبيد في يوم قد واعده فيه ابن التبعي المذكور، فلما خرج من زبيد .. خالفه عمران بن المفضل وأسعد بن شهاب إلى زبيد في ثلاثة آلاف فارس بأمر الحرة، فأخذوها، وهرب بقية بني نجاح، ولما صار سعيد بجيشه المذكور تحت حصن الشعر .. أطبق عليه الجيش، فقتل هو ومن معه، ولم ينج منهم إلا اليسير، وذلك في التاريخ المذكور (1). والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ***

(1) «وفيات الأعيان» (2/ 51) و (3/ 411)، و «السلوك» (2/ 487)، و «بهجة الزمن» (ص 77)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 476)، و «تحفة الزمن» (2/ 452)، و «بغية المستفيد» (ص 75)، و «اللطائف السنية» (ص 71).

العشرون الخامسة من المائة الخامسة

العشرون الخامسة من المائة الخامسة [اعلام] 2033 - [الغورجي] (1) أحمد بن عبد الصمد الهروي أبو بكر الغورجي، راوي «جامع الترمذي» عن الجرجاني. توفي سنة إحدى وثمانين وأربع مائة. 2034 - [شيخ الإسلام عبد الله بن محمد] (2) عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن علي بن جعفر بن منصور بن مت الأنصاري أبو إسماعيل الهروي الصوفي، الحافظ الإمام، شيخ الإسلام. حدث عن عبد الجبار الجراحي، وأبي يعقوب القرّاب، وطبقتهما من الكبار وعنه المؤتمن الساجي، وأبو الوقت السجزي وغيرهما، آخرهم بالإجازة نصر بن سيار. وكان من الأئمة الحفاظ، مظهرا للسنة، داعيا إليها، رادا على المبتدعة. امتحن مرات. وله عدة مصنفات، منها: «ذم الكلام» و «منازل السائرين» و «الفاروق في الصفات». توفي سنة إحدى وثمانين وأربع مائة. 2035 - [ابن ماجه الأبهري] (3) محمد بن أحمد الأصبهاني المعروف بأبي بكر بن ماجه الأبهري.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 7)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 49)، و «العبر» (3/ 299)، و «مرآة الجنان» (3/ 133)، و «شذرات الذهب» (5/ 349). (2) «سير أعلام النبلاء» (8/ 503)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 53)، و «العبر» (3/ 299)، و «مرآة الجنان» (3/ 133)، و «شذرات الذهب» (5/ 349). (3) «سير أعلام النبلاء» (18/ 581)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 67)، و «العبر» (3/ 300)، و «مرآة الجنان» (3/ 133)، و «شذرات الذهب» (5/ 350).

2036 - [أبو نصر ابن صاعد]

توفي سنة إحدى وثمانين وأربع مائة عن خمس وتسعين سنة. 2036 - [أبو نصر ابن صاعد] (1) أحمد بن محمد بن صاعد أبو نصر الحنفي، رئيس نيسابور وقاضيها. كان يقال له: شيخ الإسلام. قيل: كان مبالغا في التعصب في المذهب، فأغرى بعضا ببعض حتى لعنت الخطباء أكثر الطوائف. توفي سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة. 2037 - [أبو إسحاق الحبّال] (2) أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله النعماني مولاهم، التجيبي المصري، الحبّال الفراء، الكتبي الوراق. حدث عن عبد الغني بن سعيد، وعبد الرحمن بن النحاس، ومحمد بن أحمد بن شاكر القطان. وعنه الحميدي، وابن ماكولا وغيرهما، آخر من روى عنه بالإجازة محمد بن ناصر. وكان ثقة حجة، صالحا ورعا، كبير القدر، منعه بنو عبيد الباطنية من التحدث بالكلية، فلم تنتشر مروياته، ولا كثرت رواياته. توفي سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة. 2038 - [القاضي ابن شكرويه] (3) القاضي أبو منصور بن شكرويه محمد بن أحمد الأصبهاني.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 7)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 74)، و «مرآة الجنان» (3/ 133)، و «الجواهر المضية» (1/ 279)، و «شذرات الذهب» (5/ 301). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 495)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 77)، و «العبر» (3/ 301)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 355)، و «مرآة الجنان» (3/ 133)، و «شذرات الذهب» (5/ 351). (3) «سير أعلام النبلاء» (18/ 493)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 97)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 88)، و «مرآة-

2039 - [المحدث الطبسي]

توفي سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة. 2039 - [المحدث الطبسي] (1) محمد بن أحمد بن أبي جعفر المحدث، مؤلف «بستان العارفين». كان صوفيا عابدا، صاحب حديث. روى عن الحاكم وطائفة. توفي سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة. 2040 - [العاصمي الشاعر] (2) أبو الحسين عاصم بن الحسن العاصمي الكرخي، الشاعر المشهور. كان ظريفا، صاحب ملح ونوادر، ومع الصلاح والعفة والصدق. مرض في آخر عمره، فغسل ديوان شعره. توفي سنة ثلاث وثمانين وأربع مائة. 2041 - [الخجندي] (3) محمد بن ثابت بن الحسن بن علي أبو بكر الخجندي العلامة الواعظ، نزيل أصبهان ورئيسها، ومدرس نظاميتها، وشيخ الشافعية بها. توفي سنة ثلاث وثمانين وأربع مائة. مذكور في الأصل.

= الجنان» (3/ 133)، و «شذرات الذهب» (5/ 352). (1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 588)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 99)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 88)، و «مرآة الجنان» (3/ 134)، و «شذرات الذهب» (5/ 352). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 598)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 107)، و «العبر» (3/ 304)، و «مرآة الجنان» (3/ 134)، و «شذرات الذهب» (5/ 353). (3) «تاريخ الإسلام» (33/ 116)، و «العبر» (3/ 305)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 281)، و «مرآة الجنان» (3/ 134)، و «شذرات الذهب» (5/ 354).

2042 - [أبو نصر السراج]

2042 - [أبو نصر السرّاج] (1) أبو نصر محمد بن سهل السراج، آخر أصحاب أبي نعيم الأسفراييني. وكان ظريفا نظيفا لطيفا. توفي سنة ثلاث وثمانين وأربع مائة. 2043 - [أبو نصر ابن جهير] (2) الوزير أبو نصر ابن جهير، الملقب: فخر الدولة. ولد سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة بالموصل. وتوفي بها سنة ثلاث وثمانين وأربع مائة. 2044 - [طاهر بن مفوّز] (3) أبو الحسن طاهر بن مفوّز المعافري الشاطبي الحافظ، تلميذ ابن عبد البر. كان من أئمة هذا الشأن مع الورع والتقوى. توفي سنة أربع وثمانين وأربع مائة. 2045 - [ابن شغبة] (4) أبو القاسم عبد الملك بن علي بن خلف بن محمد بن النضر بن شغبة-بفتح الشين والغين المعجمتين، وفتح الموحدة، ثم هاء-الأنصاري البصري. حدث عن أبي عمر الهاشمي، ويوسف بن غسان، وعلي بن هارون وغيرهم.

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 529)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 117)، و «العبر» (3/ 305)، و «مرآة الجنان» (3/ 134)، و «شذرات الذهب» (5/ 355). (2) «وفيات الأعيان» (5/ 127)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 608)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 118)، و «العبر» (3/ 306)، و «شذرات الذهب» (5/ 355). (3) «الصلة» (1/ 240)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 88)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 126)، و «العبر» (3/ 307)، و «مرآة الجنان» (3/ 134)، و «شذرات الذهب» (5/ 359). (4) «الإكمال» (5/ 64)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 50)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 129)، و «العبر» (3/ 307)، و «شذرات الذهب» (5/ 359).

2046 - [أبو نصر الكركانجي]

وعنه أبو علي ابن سكّرة، وابن ماكولا وغيرهما. وكان حافظا ثقة، ومن العبادة والخشوع بمكان. استشهد بالبصرة سنة أربع وثمانين وأربع مائة. 2046 - [أبو نصر الكركانجي] (1) أبو نصر محمد بن أحمد، شيخ المقرئين بمرو، ومسند الآفاق. كان إماما في علوم القرآن، كثير التصانيف، متين الديانة، عالي الإسناد. توفي سنة أربع وثمانين وأربع مائة. 2047 - [أبو بكر الناصحي] (2) محمد بن عبد الله بن الحسين النيسابوري، قاضي القضاة أبو بكر الناصحي. قال الشيخ عبد الغافر: هو في عصره أفضل أصحاب أبي حنيفة، وأعرفهم بالمذهب، وأوجههم في المناظرة مع حظ وافر من الأدب والطب، ولم تحمد سيرته في القضاء. توفي سنة أربع وثمانين وأربع مائة. 2048 - [المعتصم الأندلسي] (3) المعتصم محمد الأندلسي التجيبي، صاحب المريّة وبجّانة والصمادحية من بلاد الأندلس. توفي سنة أربع وثمانين وأربع مائة وجيش ابن تاشفين محاصرون له، فسلمه الله من أذيتهم.

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 600)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 133)، و «العبر» (3/ 307)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 88)، و «مرآة الجنان» (3/ 135)، و «شذرات الذهب» (5/ 360). (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 19)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 136)، و «العبر» (3/ 308)، و «مرآة الجنان» (3/ 135)، و «شذرات الذهب» (5/ 360). (3) «وفيات الأعيان» (5/ 39)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 592)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 138)، و «العبر» (3/ 308)، و «مرآة الجنان» (3/ 135)، و «شذرات الذهب» (5/ 360).

2049 - [المكرم الصليحي]

2049 - [المكرم الصليحي] (1) المكرم أبو علي أحمد بن علي بن محمد الصليحي الهمداني، سلطان اليمن. كان ملكا ضخما، شجاعا شهما، جوادا هماما، فارسا مقداما، وأمه أسماء بنت شهاب الصليحية. قتل أبوه في ناحية المهجم كما تقدم في العشرين الثالثة من هذه المائة (2)، وكان المكرم بصنعاء لم يحضر الوقعة، وأسرت والدته، فأقامت في الأسر سنة، ثم كتبت إلى ابنها المكرم تستنجده، فوصل إلى زبيد في ثلاثة آلاف فارس، وخرج إليه من زبيد سعيد الأحول في عشرين ألف حربة، فقاتلت الحبشة ساعة من نهار، ثم انهزمت هزيمة شنيعة، وطحنتها الخيل، وقتل أكثرهم، ونجا سعيد الأحول على خيل مضمرة قد أعدها بباب النخل من زبيد، فركب عليها فيمن سلم من أهل بيته وخواصه، وسار إلى البحر وقد أعدت له سفن هناك، فركبها من فوره إلى دهلك، ثم دخلت العرب زبيد، فكان أول فارس وقف على طاق أسماء بنت شهاب ابنها المكرم، فسلم، فقالت: من أنت؟ قال: أنا أحمد بن علي، فقالت: إن أحمد بن علي كثير في العرب، فرفع المغفر عن وجهه، فعرفته، فقالت: مرحبا بمولانا المكرم، فأصابه حينئذ ريح ارتعش لها، واختلجت بشرة وجهه، فعاش بقية عمره على هذا الحال، فأقام في زبيد أياما مهد قواعد البلاد، ثم سار بوالدته إلى صنعاء، واستخلف بزبيد وسائر تهامة خاله أسعد بن شهاب الصليحي، ولما رجع المكرم .. فوض الأمر إلى زوجته الحرة واسمها: سيدة بنت أحمد بن محمد بن جعفر بن موسى الصليحي، فانفردت بالأمر في حياة المكرم وبعد وفاته، وهي التي عملت الحيلة في قتل سعيد الأحول. وكان المكرم جوادا ممدحا، مدحه جماعة من الشعراء، وأجازهم الجوائز السنية، وللأديب الحسن بن علي القم فيه غرر المدائح. توفي بصنعاء، وقيل: في بيت بوس، وقيل: في حصن أشيح في سنة أربع وثمانين وأربع مائة كما قاله الجندي (3)، أو في سنة ثمانين، وقيل: إحدى وثمانين كما قاله ابن سمرة (4)، والله سبحانه أعلم.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 122)، و «السلوك» (2/ 488)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 127)، و «تحفة الزمن» (2/ 452)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 7). (2) انظر (3/ 426). (3) «السلوك» (2/ 491). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 122).

2050 - [أسعد بن شهاب الصليحي]

2050 - [أسعد بن شهاب الصليحي] (1) أسعد بن شهاب أبو حسان الصليحي الأمير الكبير. كان جوادا كريما، عاقلا وقورا. ولاه السلطان علي بن محمد الصليحي زبيد وسائر تهامة سنة ست وخمسين وأربع مائة، فبسط العدل في أقواله وأفعاله، وفسح للعلماء في نشر مذاهبهم، وسار بالرعية سيرة مرضية، وكان يقابل الحبشة وغيرهم بالصفح والإحسان، فأحبه الناس، وكان الصليحي قد أقسم أنه لا يولي تهامة إلا من وزن له مائة ألف دينار ذهبا، ثم ندم على يمينه، وأراد أن يوليها صهره أسعد المذكور، فحملت عنه أخته أسماء بنت شهاب زوج الصليحي المبلغ المذكور، فقال لها زوجها: أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، فعلم أنه من خزائنه، فتبسم وقبضه وقال: بضاعتنا ردت إلينا، فقالت زوجته: ونمير أهلنا ونحفظ أخانا. قال أسعد: فوجدت في نفسي غضاضة من الدخول تحت منة مولاتنا أسماء، وكرهت أن أمد يدي إلى ظلم أحد من الناس، فبينا أنا مستلق على ظهري أفكر في أمري؛ إذا بتراب أنثر على وجهي من السقف وهو مفترش بالذهب، وصعدت إلى سطحه، وكشفت عن السقف، فوجدت صناديق من المال بين السقفين، فيها من الذخائر ما يزيد على ثلاث مائة ألف دينار، فحمدت الله تعالى، وتصدقت بثلثه، وحملت إلى مولاتنا الثلث، وتأثّلت أملاكا وعقارا بالثلث الثالث، وعاهدت الله ألا أظلم أحدا من خلقه، فأقمت واليا خمس عشرة سنة لم يتعلق بذمتي إلا ما لا أعلم به، ثم ولي زبيد أخرى في أيام المكرم أواخر سنة خمس وسبعين وأربع مائة، فأقام بها مدة، ثم أخرجه بنو نجاح، ثم عاد إليها في سنة ثمانين وأربع مائة لما قتل سعيد الأحول، فأقام بها إلى أثناء سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة، فثار عليه جياش بن نجاح وعامة أهل البلد، فأسره جياش، فقال له أسعد: ما يومنا منكم آل نجاح بواحد، والأيام سجال، ومثلي لا يسأل العفو، فقال له جياش: ومثلك أبا حسان لا يقتل، ثم أحسن إليه، وجهزه وسيره إلى بلاده في أهله وماله. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 489)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 201)، و «تحفة الزمن» (2/ 453).

2051 - [نظام الملك الوزير]

2051 - [نظام الملك الوزير] (1) الوزير الكبير، الحميد الشهير، نظام الملك قوام الدين أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي. كان من جلة الوزراء، وكان مجلسه عامرا بالقراء والفقهاء، وأنشأ المدارس في الأمصار، ورغب في العلم، وحدث وأملى. ولد يوم الجمعة الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وأربع مائة بطوس. واشتغل في ابتداء أمره بالحديث والفقه، ثم اتصل بخدمة علي بن شاذان المعتمد عليه بمدينة بلخ، فكان يكتب له، ثم قصد داود بن ميكائيل السلجوقي والد السلطان ألب أرسلان، فظهر له منه النصح والمحبة، فسلمه إلى ولده المذكور وقال: اتخذه والدا، ولا تخالفه فيما يشير به، فلما توفي داود، وملك ولده المذكور .. دبر نظام الملك أمره فأحسن تدبيره، وأحيا السنة، وأمات البدعة التي كانت في أيام الوزير عميد الملك، وبقي في خدمته عشر سنين، ثم توفي ألب أرسلان المذكور، فازدحم أولاده على الملك، ثم آل أمر المملكة لولده ملك شاه، فصار الأمر كله للنظام، وليس للسلطان إلا التخت والصيد، فأقام على ذلك عشر سنين. وكان مجلسه عامرا بالفقهاء والصوفية، وكان كثير الإحسان إليهم لا سيما الصوفية، فسئل عن سبب ذلك فقال: أتاني صوفي وأنا في خدمة بعض الأمراء فوعظني وقال: اخدم من تنفعك خدمته، ولا تشتغل بمن تأكله الكلاب غدا، فلم أعلم معنى قوله، فشرب ذلك الأمير من الغد وكانت له كلاب كالسباع تفترس الغرباء، فغلبه السكر، فخرج وحده ولم تعرفه الكلاب، فمزقته، فعلمت أن الرجل كوشف بذلك، فأنا أخدم الصوفية لعلّي أظفر بمثل ذلك. وكان إذا سمع الأذان .. أمسك عن جميع ما هو فيه. وكان إذا قدم عليه أبو المعالي إمام الحرمين وأبو القاسم القشيري صاحب «الرسالة» .. بالغ في إكرامهما، وأجلسهما معه في مقعده.

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 354)، و «وفيات الأعيان» (2/ 128)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 94)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 142)، و «العبر» (3/ 309)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 123)، و «مرآة الجنان» (3/ 135)، و «البداية والنهاية» (12/ 617)، و «شذرات الذهب» (5/ 362).

وبنى المدارس والربط والمساجد في البلاد، فاقتدى به الناس. أسمع نظام الملك الحديث، وكان يقول: إني لأعلم أني لست أهلا لذلك، ولكني أريد أن أربط نفسي في قطار النقلة لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ويروى له من الشعر قوله: [من مخلع البسيط] بعد الثمانين ليست قوة … قد ذهبت شرة الصّبوّة كأنني والعصا بكفي … موسى ولكن بلا نبوة وقيل: إن هذين البيتين لأبي الحسن محمد بن أبي الصقر الواسطي. توجه في صحبة مخدومه ملك شاه إلى أصبهان، فلما كان ليلة عاشر رمضان من سنة خمس وثمانين وأربع مائة .. أفطر، وركب في محفته، فلما بلغ إلى قرية قريبة من نهاوند .. قال: هذا الموضع قتل فيه خلق كثير من الصحابة رضي الله عنهم في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فطوبى لمن كان منهم، فاعترضه صبي ديلمي على هيئة الصوفية معه قصة (1)، فدعا له، وسأله تناولها، فمد يده ليأخذها، فضربه بسكين في فؤاده، فحمل إلى مضربه فمات، وقتل القاتل في الحال، وركب السلطان إلى معسكره فسكنهم، وحمل إلى أصبهان، ودفن بها. وقيل: إن السلطان سئم طول حياته، واستكثر ما بيده من الإقطاعات، فدس إليه من قتله، ولم يعش السلطان بعده إلا خمسة وثلاثين يوما. وقيل: إنه قتل بسبب تاج الملك أبي الغنائم المرزبان؛ فإنه كان عدو نظام الملك، وكان كبير المنزلة عند مخدومه ملك شاه، فلما قتل .. رتبه موضعه في الوزارة، ثم إن غلمان نظام الملك وثبوا عليه فقتلوه، وقطعوه إربا إربا بعد قتل نظام الملك بدون أربعة أشهر. وكان نظام الملك من حسنات الدهر، ورثاه شبل الدولة أبو الهيجاء مقاتل بن عطية البكري فقال: [من البسيط] كان الوزير نظام الملك لؤلؤة … نفيسة صاغها الرحمن من شرف

(1) في «مرآة الجنان» (3/ 138): (قصعة)، ولعله تصحيف؛ لأن الذهبي في «تاريخ الإسلام» (33/ 145) قال: ( ... فناوله ورقة ... ).

2052 - [أبو الفضل الحكاك]

عزت فلم تعرف الأيام قيمتها … فردها غيرة منه إلى الصدف مذكور في الأصل. 2052 - [أبو الفضل الحكاك] (1) أبو الفضل جعفر بن يحيى الحكاك، محدث مكة. روى عن أبي ذر الهروي، وطائفة. وكان متقنا حجة صالحا. توفي سنة خمس وثمانين وأربع مائة، وعاش سبعين سنة. 2053 - [أبو بكر الشاشي] (2) أبو بكر محمد بن علي بن حامد الشاشي الإمام الكبير، شيخ الشافعية، صاحب المصنفات المشهورة. درّس مدة بغزنة، ثم بهراة ونيسابور. وتوفي في سنة خمس وثمانين وأربع مائة، وعاش نيفا وتسعين سنة. مذكور في الأصل. 2054 - [محمد بن عيسى المقرئ] (3) محمد بن عيسى التجيبي، مقرئ الأندلس. أخذ عن أبي عمرو الداني، ومكي بن أبي طالب، وجماعة. وتوفي سنة خمس وثمانين وأربع مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 131)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 141)، و «العبر» (3/ 309)، و «مرآة الجنان» (3/ 138)، و «شذرات الذهب» (5/ 362). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 525)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 158)، و «العبر» (3/ 310)، و «مرآة الجنان» (3/ 138)، و «شذرات الذهب» (5/ 365). (3) «الصلة» (2/ 558)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 159)، و «العبر» (3/ 310)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 846)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 297)، و «مرآة الجنان» (3/ 138)، و «شذرات الذهب» (5/ 365).

2055 - [أبو الفتح ملك شاه]

2055 - [أبو الفتح ملك شاه] (1) السلطان ملك شاه أبو الفتح جلال الدولة بن السلطان ألب أرسلان محمد بن داود السلجوقي التركي، ملك ما وراء النهر، وبلاد الهياطلة، وبلاد الروم، والجزيرة والشام، والعراق وخراسان وغير ذلك. قال بعض المؤرخين: (ملك من مدينة كاشغر الترك إلى بيت المقدس طولا، ومن القسطنطينية وبلاد الخزر إلى نهر الهند عرضا) (2)، وجميع هذا المذكور كان الأمر والنهي، والحل والعقد، والرأي والتدبير فيه منوطا بالوزير نظام الملك، ليس للسلطان فيه سوى تخت الملك وأبّهته، والخطب على المنابر، والسكة. وحكى الهمداني أن نظام الملك الوزير وقّع للملاحين الذين عبروا بالسلطان والعسكر نهر جيحون على العامل بأنطاكية، وكان مبلغ أجرة العابر أحد عشر ألف دينار، وذلك لسعة المملكة. وكان حسن السيرة، محسنا إلى الرعية، يلقبونه بالملك العادل، أبطل المكوس في جميع البلاد، وحفر كثيرا من الأنهار، وصنع لطريق مكة مصانع، وغرم عليها أموالا خارجة عن الحصر، ولما توجه لحرب أخيه .. مر بمشهد علي [بن موسى الرضا] رضي الله عنهما، فدخل هو ووزيره نظام الملك ودعوا، ثم سأل نظام الملك: بأي شيء دعوت؟ فقال: بنصرك على أخيك، قال: أما أنا .. فقلت: اللهم؛ انصر أصلحنا للمسلمين. ودخل عليه واعظ فوعظه، وحكى له أن بعض الأكاسرة اجتاز منفردا عن عسكره على باب بستان، فتقدم إلى الباب، وطلب ماء يشربه، فأخرجت له صبية إناء فيه ماء السكر والثلج، فشربه واستطابه، فقال: هذا كيف يعمل؟ فقالت: إن قصب السكر يزكوا عندنا حتى نعصره بأيدينا، فيخرج منه هذا الماء، فقال: ارجعي وأحضري شيئا آخر-وكانت الصبية غير عارفة به-ففعلت، فقال في نفسه: الصواب أن أعوضهم عن هذا المكان، وأصطفيه لنفسي، فما كان بأسرع من خروجها باكية وقالت: إن نية سلطاننا قد تغيرت، فقال: ومن أين علمت ذلك؟ قالت: كنت آخذ من هذا ما أريده من غير تعسف، والآن

(1) «المنتظم» (9/ 649)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 359)، و «وفيات الأعيان» (5/ 283)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 54)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 162)، و «العبر» (3/ 311)، و «مرآة الجنان» (3/ 139)، و «البداية والنهاية» (12/ 620)، و «شذرات الذهب» (5/ 366). (2) قاله شمس الدين ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (5/ 284).

فقد اجتهدت فلم يسمح ببعض ما كان يأتي، فعلم صدقها، فرجع عن تلك النية، ثم قال: ارجعي الآن؛ فإنك تبلغين الغرض، وعقد على نفسه ألا يفعل ما نواه، فخرجت الصبية ومعها ما شاءت من ماء السكر وهي مستبشرة، فقال السلطان للواعظ: لم لا تذكر للرعية أن كسرى اجتاز على بستان، فقال للناطور: ناولني عنقودا من الحصرم، فقال له: ما يمكنني ذلك؛ فإن السلطان لم يأخذ حقه، ولا يجوز لي خيانته؟ ! فعجب الحاضرون من مقابلته الحكاية بمثلها، ومعارضته ما أوجب الحق له بما أوجب الحق عليه. ويحكى أن مغنية أحضرت إليه وهو بالري، فأعجب بها، واستطاب غناءها، فهم بها، فقالت: يا سلطان؛ إني أغار على هذا الوجه الجميل أن يعذب بالنار، وإن الحلال أيسر، وبينه وبين الحرام كلمة، قال: صدقت، فاستدعى القاضي، فزوجها منه، وابتنى بها، وتوفي عنها. وتزوج الخليفة المقتدي بأمر الله أمير المؤمنين بابنة السلطان المذكور، وكان في الخطبة الشيخ أبو إسحاق الشيرازي صاحب «التنبيه» و «المهذب» رحمهم الله، فأنفذه الخليفة إلى نيسابور لهذا السبب؛ فإن السلطان كان هناك، فلما وصل إليه .. أدى الرسالة، ونجز الشغل، وعاد إلى بغداد في أقل من أربعة أشهر، وناظر إمام الحرمين بنيسابور، فلما أراد الانصراف من نيسابور .. خرج إمام الحرمين لوداعه، وأخذ بركابه حتى ركب الشيخ أبو إسحاق، وظهر للشيخ في خراسان منزلة عظيمة، وكانوا يأخذون التراب الذي وطئته بغلته، فيتبركون به. وزفت ابنة السلطان إلى الخليفة في سنة ثمانين وأربع مائة، وفي صبيحة دخولها عليه أحضر الخليفة المقتدي عسكر السلطان على سماط صنعه لهم كان فيه أربعون ألف منّ سكّرا. وفي بقية هذه السنة ظهر للخليفة ولد من ابنة السلطان سماه: أبا الفضل جعفرا، زينت بغداد لأجله. وكان السلطان قد دخل بغداد دفعتين، فهي من جملة بلاده التي تحتوي عليها مملكته، وليس للخليفة فيها سوى الاسم، وخرج منها في الدفعة الثانية على الفور إلى نحو دجيل لأجل الصيد، فاصطاد وحشا، وأكل من لحمه، فابتدأت به العلة، وافتصد، فلم يكثر من إخراج الدم، فعاد إلى بغداد مريضا.

2056 - [أبو الفضل الحداد]

وتوفي ثاني يوم دخوله في سنة خمس وثمانين وأربع مائة، وحمل في تابوت إلى خراسان. 2056 - [أبو الفضل الحداد] (1) أبو الفضل حمد بن أحمد الحداد الأصبهاني. روى ببغداد وأصبهان. قال السمعاني: جمع وصنف، وخرج على «الصحيحين». وروى عن محمد بن إبراهيم الجرجاني، وأبي بكر بن مردويه، وخلق، ولقي ببغداد أبا بكر المنقّي، وطبقته. وتوفي سنة ست وثمانين وأربع مائة. 2057 - [أبو الفرج الشيرازي] (2) أبو الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي الحنبلي الفقيه القدوة. توفي سنة ست وثمانين وأربع مائة. 2058 - [أبو الحسن الهكاري] (3) أبو الحسن علي بن أحمد الهكّاري الأموي، من ذرية عتبة بن أبي سفيان بن حرب، شيخ الإسلام. كان صالحا زاهدا ربانيا، ذا وقار وهيبة، وأتباع ومريدين. رحل في الحديث، وسمع من أبي عبد الله الفراء، وأبي القاسم بن بشران، وطائفة. وتوفي سنة ست وثمانين وأربع مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 20)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 171)، و «العبر» (3/ 313)، و «مرآة الجنان» (3/ 142)، و «شذرات الذهب» (5/ 368). (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 51)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 179)، و «العبر» (3/ 314)، و «مرآة الجنان» (3/ 142)، و «شذرات الذهب» (5/ 369). (3) «سير أعلام النبلاء» (19/ 67)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 182)، و «العبر» (3/ 314)، و «مرآة الجنان» (3/ 142)، و «شذرات الذهب» (5/ 370).

2059 - [أبو المظفر الأنصاري]

2059 - [أبو المظفر الأنصاري] (1) أبو المظفر موسى بن عمران الأنصاري، مسند خراسان. توفي سنة ست وثمانين وأربع مائة. 2060 - [أبو الفتح الشاشي] (2) أبو الفتح نصر بن الحسن الشاشي، نزيل سمرقند. روى «صحيح مسلم» عن عبد الغافر، وسمع بمصر من جماعة، ودخل الأندلس فحدث بها. وتوفي سنة ست وثمانين وأربع مائة. 2061 - [أبو القاسم الشيرازي] (3) أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي الحافظ. سمع بخراسان والعراق، وفارس واليمن، ومصر والشام. وكان صوفيا صالحا متقشفا. مات كهلا سنة ست وثمانين وأربع مائة. 2062 - [الملنجي] (4) أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان الأصبهاني الملنجي-بكسر الميم،

(1) «سير أعلام النبلاء» (18/ 530)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 191)، و «العبر» (3/ 315)، و «مرآة الجنان» (3/ 142)، و «شذرات الذهب» (5/ 370). (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 90)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 192)، و «العبر» (3/ 316)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1200)، و «مرآة الجنان» (3/ 142)، و «شذرات الذهب» (5/ 370). (3) «سير أعلام النبلاء» (19/ 17)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 165)، و «العبر» (3/ 316)، و «مرآة الجنان» (3/ 142)، و «شذرات الذهب» (5/ 371). (4) «سير أعلام النبلاء» (19/ 21)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 173)، و «العبر» (3/ 313)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1197)، و «مرآة الجنان» (3/ 142)، و «شذرات الذهب» (5/ 368).

2063 - [ابن خلف الشيرازي]

وفتح اللام، وسكون النون، وكسر الجيم، ثم ياء النسب-نسبة إلى ملنجة، محلة بأصبهان. حدث عن أبي نعيم الأصبهاني، وأبي بكر البرقاني، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وابن مردويه، وأبي علي ابن شاذان. وعنه الخطيب أبو بكر، وإسماعيل التيمي وغيرهما. وكان حافظا مكثرا، رحل إلى البلدان، وجمع وصنف، وخرج على «الصحيحين» وألف. تكلم فيه ابن منده، ووثقه غيره. توفي سنة ست وثمانين وأربع مائة. 2063 - [ابن خلف الشيرازي] (1) أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، مسند نيسابور. روى عن الحاكم، وعبد الله بن يوسف، وطائفة. قال الشيخ عبد الغافر: هو شيخنا الأديب المحدث المتقن، الصحيح السماع، ما رأينا شيخا أورع منه، ولا أشد إتقانا. نيف على التسعين. توفي سنة سبع وثمانين وأربع مائة. 2064 - [آق سنقر] (2) قسيم الدولة آق سنقر مولى السلطان ملك شاه. لما افتتح مولاه حلب .. استنابه عليها، فأحسن السياسة، وضبط الأمور، وتتبع المفسدين حتى صار دخله كل يوم من البلد ألفا وخمس مائة دينار.

(1) «سير أعلام النبلاء» (8/ 478)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 198)، و «العبر» (3/ 317)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 218)، و «مرآة الجنان» (3/ 143)، و «شذرات الذهب» (5/ 372). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 241)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 129)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 201)، و «العبر» (3/ 317)، و «مرآة الجنان» (3/ 143)، و «شذرات الذهب» (5/ 372).

2065 - [أبو نصر الفارقي]

ولما توفي ملك شاه، وسار أخوه تتش من دمشق طالبا للسلطنة بدل أخيه .. سار معه من حلب قسيم الدولة المذكور، ثم أسر بعد ذلك في المصاف في وقعة قرب حلب، ثم قتل في سنة سبع وثمانين وأربع مائة. 2065 - [أبو نصر الفارقي] (1) أبو نصر الحسن بن أسد الفارقي الأديب، صاحب النظم والنثر، والكتاب المعروف في الألغاز. توفي سنة سبع وثمانين وأربع مائة. 2066 - [المقتدي بأمر الله] (2) الخليفة المقتدي بأمر الله أبو القاسم عبد الله بن الأمير محمد الذخيرة بن القائم بأمر الله أبي جعفر عبد الله بن القادر بالله أبي العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر. كان القائم عهد إلى ابنه الذخيرة، فمات في خلافة أبيه وعبد الله المقتدي حمل لم يشعر به، وخاف القائم أن يخرج الأمر عن ولده إلى غيرهم من أهله، فبشّر بالحمل، وتراخت أيام القائم، وطالت مدته حتى بلغ ابن ابنه المذكور تسع عشرة سنة، وكمل حاله، وصلح للعهد، فعهد إليه جده القائم بالخلافة، فلما مات القائم .. بويع المقتدي، وذلك في شعبان سنة سبع وستين وأربع مائة، وقيل: سمته جاريته. وكان دينا خيرا، أمر بنفي الخواطي والمغنيات من بغداد، وكانت الخلافة في أيامه زاهرة، وحرمتها وافرة، وبويع بعده أبو العباس أحمد المستظهر بالله، فمدة ولاية المقتدر عشرون سنة وأشهر، وعمره أربعون سنة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 80)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 203)، و «العبر» (3/ 318)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 401)، و «مرآة الجنان» (3/ 143)، و «شذرات الذهب» (5/ 372). (2) «المنتظم» (10/ 9)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 376)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 318)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 210)، و «العبر» (3/ 318)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 467)، و «مرآة الجنان» (3/ 143)، و «البداية والنهاية» (12/ 625)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 499)، و «شذرات الذهب» (5/ 373).

2067 - [أبو نصر ابن ماكولا]

2067 - [أبو نصر ابن ماكولا] (1) أبو نصر علي بن هبة الله العجلي البغدادي الحافظ الكبير، والأمير الشهير، المعروف بابن ماكولا، النسابة، صاحب التصانيف النافعة، منها «الإكمال». قالوا: لم يكن ببغداد بعد الخطيب أحفظ منه. قال الحميدي: ما راجعت الخطيب في شيء إلا وأحالني على الكتاب وقال: حتى أكشفه، وما راجعت ابن ماكولا إلا وأجابني حفظا كأنه يقرأ في كتاب. كان لبيبا عارفا، ونحويا مجودا، وشاعرا مبرزا، ومما ينسب إليه من الشعر: [من البسيط] قوض خيامك عن أرض تهان بها … وجانب الذل إن الذل يجتنب وارحل إذا كان في الأوطان منقصة … فالمندل الرطب في أوطانه حطب سمع الحديث الكثير، وأخذ عن مشايخ العراق وخراسان والشام وغير ذلك، وكان أحد الفضلاء المشهورين. تتبّع الأسماء المشتبهة في الأسماء الأعلام، وجمع منها شيئا كثيرا، وكان الخطيب البغدادي قد جمع بين كتاب «المؤتلف والمختلف» الذي للدار قطني وبين كتاب «مشتبه النسبة» الذي لعبد الغني، وزاد عليهما، وجعله كتابا مستقلا سماه: «المؤتنف تكملة المختلف» فزاد ابن ماكولا على هذا «المؤتنف»، وضم إليه الأسماء التي وقعت له، وجعله كتابا سماه: «الإكمال» أجاد فيه وأفاد حتى صار اعتماد المحدثين عليه، أحسن فيه إحسانا بالغا بحيث لم يوضع مثله في بابه، وهو يدل على كثرة اطلاع مصنفه، وضبطه وإتقانه، ثم جاء ابن نقطة وذيله، وما أقصر فيه. قال الحميدي: خرج ابن ماكولا إلى خراسان ومعه غلمان له ترك، فقتلوه بجرجان، وأخذوا ماله وهربوا به. وهو من ذرية الأمير أبي دلف العجلي. توفي سنة سبع وثمانين وأربع مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 305)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 569)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 216)، و «العبر» (3/ 319)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1201)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 280)، و «مرآة الجنان» (3/ 143)، و «شذرات الذهب» (5/ 374).

2068 - [محمود بن القاسم]

2068 - [محمود بن القاسم] (1) أبو عامر القاضي محمود بن القاسم الأزدي الهروي الفقيه الشافعي. كان عديم النظير زهدا وصلاحا وعفة. توفي سنة سبع وثمانين وأربع مائة، وهو مذكور في الأصل. 2069 - [المستنصر بالله العبيدي] (2) المستنصر بالله أبو تميم معد بن الظاهر علي بن الحاكم العبيدي الباطني، صاحب مصر. عظم أمره، وكبر شأنه حتى خطب له أرسلان البساسيري ببغداد، وخلع خطبة الإمام القائم بالله العباسي. وقد اتفق في أيام المستنصر أشياء لم تتفق في أيام آبائه: منها: ما تقدم من قطع الخطبة العباسية ببغداد، وخطب له بها. ومنها: أن الصليحي ملك اليمن، ودعا له على منابر اليمن. ومنها: أنه أقام في الأمر ستين سنة، وهذا شيء لم يبلغه أحد من العبيديين ولا من بني العباس. ومنها: أنه ولي وهو ابن سبع سنين، وفي سنة تسع قطع اسمه واسم آبائه من الحرمين. ومنها: أنه حدث في أيامه الغلاء العظيم الذي ما عهد مثله منذ زمان يوسف عليه الصلاة والسلام، وأقام سبع سنين، وأكل الناس بعضهم بعضا، حتى قيل: إنه بيع رغيف واحد بخمسين دينارا، وكان في هذه المدة يركب وحده، وكل من معه من الخواص مترجلون ليس لهم دواب يركبونها، وكانوا إذا مشوا .. تساقطوا في الطرقات من الجوع، وكان

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 32)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 226)، و «العبر» (3/ 320)، و «مرآة الجنان» (3/ 144)، و «شذرات الذهب» (5/ 376). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 383)، و «وفيات الأعيان» (5/ 229)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 186)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 227)، و «العبر» (3/ 320)، و «مرآة الجنان» (3/ 145)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 494، 619)، و «شذرات الذهب» (5/ 376).

2070 - [ابن خيرون]

المستنصر يركب بغلة عارية، وآخر الأمر توجهت أمه وبناته إلى بغداد من فرط الغلاء في سنة اثنتين وستين وأربع مائة. وتوفي المستنصر في سنة سبع وثمانين وأربع مائة. 2070 - [ابن خيرون] (1) أبو الفضل أحمد بن الحسين بن خيرون البغدادي. روى عن أبي علي ابن شاذان، والبرقاني، وطبقتهما. وكتب كثيرا، قال بعضهم: كتب عن ابن شاذان ألف جزء. وتوفي سنة ثمان وثمانين وأربع مائة. 2071 - [أبو يوسف القزويني] (2) أبو يوسف عبد السلام بن محمد القزويني الحنفي، شيخ المعتزلة. ولد سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة. وقرأ بالري على القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، وسمع منه ومن أبي عمر بن مهدي الفارسي. وتنقل في البلاد، ودخل مصر، وكان صاحب كتب كثيرة وذكاء مفرط، وتبحر في المعارف، وكان داعية إلى الاعتزال. وتوفي سنة ثمان وثمانين وأربع مائة. 2072 - [المعتمد بن عبّاد] (3) المعتمد أبو القاسم محمد بن المعتضد عبّاد اللخمي، صاحب الأندلس، من ذرية النعمان بن المنذر آخر ملوك الحيرة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 105)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 231)، و «العبر» (3/ 321)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1207)، و «مرآة الجنان» (3/ 147)، و «شذرات الذهب» (5/ 379). (2) «سير أعلام النبلاء» (18/ 616)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 250)، و «العبر» (3/ 323)، و «مرآة الجنان» (3/ 147)، و «شذرات الذهب» (5/ 381). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 393)، و «وفيات الأعيان» (5/ 21)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 58)، و «تاريخ-

كان المعتمد ملكا جليلا، وعالما ذكيا، وشاعرا محسنا، وبطلا شجاعا، وجوادا ممدحا، كان بابه محط الرحال، وكعبة الآمال. ملك من بلاد الأندلس؛ من المدائن والحصون والمعاقل مائة وثلاثين مسورا، وبقي في المملكة نيفا وعشرين سنة، ثم إن أمير المسلمين ابن تاشفين غلب على ممالكه، وقبض عليه، وسجنه بأغمات حتى مات بعد أربع سنين من زوال ملكه، وخلع عن ثمان مائة سرية ومائة وثلاثة وسبعين ولدا. قال الشيخ اليافعي: (أما كثرة الأولاد .. فقد نقل أن غيره كان أكثر أولادا منه، وأما السراري .. فما سمعت أحدا من الخلفاء بلغ في كثرتهن إلى هذا العدد المذكور، وكان راتبه في اليوم ثمان مائة رطل لحم. ومما قيل فيه لما قبض عليه: [من البسيط] لكل شيء من الأشياء ميقات … وللمنى من مناياهنّ غايات وقال آخر بعد لزومه وقتل ولديه: [من البسيط] تبكي السماء بدمع رائح غاد … على البهاليل من أبناء عباد ومما قيل فيه لما حبس: [من الطويل] تنشق رياحين السلام فإنما … أفضّ بها مسكا عليك مختّما أفكر في عصر مضى لك مشرقا … فيرجع ضوء الصبح عندي مظلما وأعجب من أفق المجرة إذ رأى … كسوفك شمسا كيف أطلع أنجما ومما مدح به قول بعضهم: [من الطويل] يغيثك في محل ينجيك من ردى … يروعك في درع يروقك في برد جمال وإجمال وسبق وصولة … كشمس الضحى كالمزن كالبرق كالرعد بمهجته شاد العلا ثم زادها … بناء بأبناء جحاجحة أسد) (1)

= الإسلام» (33/ 264)، و «العبر» (3/ 323)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 183)، و «مرآة الجنان» (3/ 147)، و «شذرات الذهب» (5/ 383). (1) «مرآة الجنان» (3/ 147).

2073 - [محمد بن المظفر]

وشعره رحمه الله في الذروة العليا، ومنه: [من البسيط] لولا عيون من الواشين ترمقني … وما أحاذره من قول حراس لزرتكم لا أكافيكم بجفوتكم … مشيا على الوجه أو سعيا على الراس ومنه ما أنشده وقد دخلت عليه بناته السجن، وكان يوم عيد، وقد صرن يغزلن للناس بالأجرة وهن في أطمار: [من البسيط] فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا … فساءك العيد في أغمات مأسورا ترى بناتك في الأطمار جائعة … يغزلن للناس لا يملكن قطميرا يطأن في الطين والأقدام حافية … كأنها لم تطأ مسكا وكافورا قد كان دهرك إن تأمره ممتثلا … فردك الدهر منهيا ومأمورا توفي في السجن بأغمات سنة ثمان وثمانين وأربع مائة. 2073 - [محمد بن المظفر] (1) أبو بكر محمد بن المظفر الشامي الحموي الشافعي، قاضي القضاة. كان من أزهد القضاة، وأورعهم وأتقاهم، وأعرفهم بالمذهب. ولي القضاء بعد أبي عبد الله الدامغاني، ولم يأخذ على القضاء رزقا، ولا غيّر ملبسه. توفي سنة ثمان وثمانين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 2074 - [الحافظ الحميدي] (2) أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي، مؤلف «الجمع بين الصحيحين» الإمام الحافظ العلامة، الظاهري المذهب. صحب ابن حزم الظاهري بالأندلس، وابن عبد البر، ورحل وسمع بالقيروان

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 85)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 276)، و «العبر» (3/ 324)، و «مرآة الجنان» (3/ 148)، و «شذرات الذهب» (5/ 389). (2) «وفيات الأعيان» (4/ 282)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 120)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 280)، و «العبر» (3/ 325)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1218)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 317)، و «مرآة الجنان» (3/ 149)، و «شذرات الذهب» (5/ 390).

2075 - [أبو طاهر الكرجي]

والحجاز، ومصر والشام والعراق، وكتب عن خلق كثير. وكان ذكيا فطنا، صينا ورعا، متقشفا، كثير الاطلاع، كثير التصانيف، حجة ثقة. كان يقول: ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب الاهتمام بها: كتاب (العلل) وأحسن كتاب وضع فيه «كتاب الدارقطني»، وكتاب (المؤتلف والمختلف) وأحسن كتاب وضع فيه «كتاب الأمير أبي نصر ابن ماكولا»، وكتاب (وفيات الشيوخ) وليس فيه كتاب، قال: وقد كنت أردت أن أجمع فيه كتابا، فقيل لي: رتبه على حروف المعجم بعد أن رتبته على السنين، قال أبو بكر بن طرخان: فشغله عنه «الصحيحان» إلى أن مات. وقال ابن طرخان المذكور: أنشدنا أبو عبد الله الحميدي المذكور لنفسه: [من الوافر] لقاء الناس ليس يفيد شيئا … سوى الهذيان من قيل وقال فأقلل من لقاء الناس إلا … لأخذ العلم أو إصلاح حال توفي سنة ثمان وثمانين وأربع مائة. ومن تصانيف الحميدي «جذوة المقتبس في علماء الأندلس». 2075 - [أبو طاهر الكرجي] (1) أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني الكرجي ثم البغدادي. وكان صالحا زاهدا، منقبضا عن الناس، ثقة، حسن السيرة. توفي سنة تسع وثمانين وأربع مائة. 2076 - [عبد الملك بن سرّاج] (2) عبد الملك بن سرّاج (3) الأموي مولاهم القرطبي، لغوي الأندلس.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 144)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 290)، و «العبر» (3/ 326)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 306)، و «مرآة الجنان» (3/ 150)، و «شذرات الذهب» (5/ 392). (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 133)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 305)، و «العبر» (3/ 327)، و «مرآة الجنان» (3/ 150)، و «شذرات الذهب» (5/ 392). (3) في الأصول: (شماخ)، والتصويب من مصادر الترجمة، وسيذكر المصنف أنه تبع اليافعي في هذا الضبط، وفي النسخة التي بين أيدينا من كتاب اليافعي «مرآة الجنان» (3/ 150): (عبد الملك بن سراج).

2077 - [القاسم بن المظفر]

توفي سنة تسع وثمانين وأربع مائة. وما ذكرته من أن اسم أبيه: شماخ هو ما في «تاريخ اليافعي» (1)، والذي وقفت عليه في «كتاب الذهبي» أنه عبد الملك بن سراج، فيلحق ذلك. 2077 - [القاسم بن المظفر] (2) أبو أحمد القاسم بن المظفر الشهرزوري، والد قاضي الخافقين. كان حاكما بمدينة أربل مدة، ثم بمدينة سنجار مدة أيضا. وكان من أولاده وحفدته علماء نجباء كرماء، نالوا المراتب العلية، وتقدموا عند الملوك، وتحكموا وقضوا، ونفقت أسواقهم، وأنشد أبو البركات بن المستوفي في «تاريخ أربل» للقاسم المذكور: [من الخفيف] همتي دونها السها والزبانا … قد علت جهدها فما تتدانى (3) ونسب ابن السمعاني في «ذيل تاريخ بغداد» هذا البيت لولد القاسم المعروف بقاضي الخافقين؛ لكثرة البلاد التي وليها. اشتغل قاضي الخافقين ولد القاسم المذكور بالعلم على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، ورحل إلى العراق وخراسان والجبال، وسمع الحديث الكثير. وسمع منه السمعاني. وتوفي القاسم المذكور سنة تسع وثمانين وأربع مائة. 2078 - [ابن الخاضبة] (4) أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الباقي المعروف بابن الخاضبة الحافظ، مفيد بغداد.

(1) في النسخة التي بين أيدينا من «تاريخ اليافعي» (3/ 150): (سراج)، وعليه: فهي موافقة لجميع المصادر التي ذكرته، فليتنبه! . (2) «الأنساب» (3/ 474)، و «تاريخ إربل» (1/ 201)، و «وفيات الأعيان» (4/ 68)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 169)، و «مرآة الجنان» (3/ 150)، و «شذرات الذهب» (5/ 393). (3) «تاريخ إربل» (1/ 202). (4) «سير أعلام النبلاء» (19/ 109)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 310)، و «العبر» (3/ 327)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 89)، و «مرآة الجنان» (3/ 151)، و «شذرات الذهب» (5/ 393).

2079 - [أبو المظفر السمعاني]

روى عن أبي بكر الخطيب وغيره، ورحل إلى الشام، وسمع من طائفة. وكان محببا إلى الناس؛ لدينه وتواضعه، ومروءته، ومسارعته في قضاء حوائج الناس مع الصدق والورع، والصيانة، وطيب القراءة. قال ابن طاهر: ما كان في الدنيا أحسن قراءة منه. وقال غيره: ما رأيت في المحدثين أقوم باللغة منه. توفي سنة تسع وثمانين وأربع مائة. 2079 - [أبو المظفر السمعاني] (1) منصور بن محمد التميمي المعروف بأبي المظفر السمعاني-وسمعان بفتح السين، قيل: ويجوز الكسر أيضا، بطن من تميم-المروزي الحنفي ثم الشافعي. توفي سنة تسع وثمانين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 2080 - [ابن الصوّاف] (2) أبو يعلى أحمد بن محمد البصري الفقيه المعروف بابن الصوّاف، شيخ مالكية العراق. كان علامة زاهدا، مجدا في العبادة، عارفا بالحديث. قيل: كان إماما في عشرة أنواع من العلوم. توفي في رمضان سنة تسعين وأربع مائة وله سبعون سنة. 2081 - [الحسن ابن أبي عقامة] (3) الحسن بن محمد بن أبي عقامة بن الحسن بن علي بن محمد بن هارون التغلبي

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 211)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 114)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 321)، و «العبر» (3/ 328)، و «مرآة الجنان» (3/ 151)، و «البداية والنهاية» (12/ 635)، و «شذرات الذهب» (5/ 394). (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 156)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 329)، و «مرآة الجنان» (3/ 152)، و «البداية والنهاية» (12/ 637)، و «شذرات الذهب» (5/ 395). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 241)، و «السلوك» (1/ 252)، و «مرآة الجنان» (2/ 425)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 343)، و «تحفة الزمن» (1/ 181)، و «هجر العلم» (1/ 50).

أبو محمد الفقيه الإمام العلامة، الملقب بمؤتمن الدين. كان عالما بارعا، مجتهدا مبرزا، مشاركا في كثير من العلوم. ومن مصنفاته: كتاب «جواهر الأخبار»، وكتاب في الفرائض والحساب، وآخر في المساحة. ولي القضاء الأكبر أيام الصليحيين، ثم أيام جياش. وكان الأمير أسعد بن شهاب الصليحي يثني عليه ثناء مرضيا ويقول: أقام الحسن عني بأمور الشريعة قياما يؤمن عيبه ويحمد غيبه، هذا ثناؤه عليه مع مباينته له في المذهب، والفضل ما شهدت به الأعداء، وكان جياش يجله ويكرمه ويعظمه، وهو الذي لقبه بمؤتمن الدين، وهو جدير بذلك. وكان مع غزارة علمه وجلالة قدره شاعرا فصيحا مترسلا، وإليه تنسب الخطب العقامية، وقصيدته النونية تدل على اتساع علمه وعلو همته، وهي التي يقول فيها: [من المتقارب] إذا لم تسد في ليالي الشباب … فلا سدت ما عشت من بعدهنّه وهل جل عمرك إلا الشباب … فخذ منه حظا ولا تهدرنّه إذا ما تحطّم صدر القناة … فلا ترجونّ من الزج طعنه فلا وأبي ما أضعت الشباب … فحرمته تحت ظل الأكنّه ولكن سعيت لجمع العلوم … كسعي أبي قبل في كسبهنّه فأبن إليّ بوافرهنّ … كأوب الطيور إلى وكرهنّه فرحب جناني حواء لهن … وغرب لساني ذليق بهنّه إذا ما أجل في ميادينهن … أجل يسرة ثم شاما ويمنه محلّي حدا بي سعاة الرجال … وتقصر عن من ورائي الأعنه وعن فنن المجد ذوت الرجا … ل فأخلوا وخيمت في كل فنّه فسل بي ذا القرن أنى سأل‍ … ت يقل سائر القوم لم نر قرنه كلام إذا أنا أصدرته … فكالمخذم العضب فارق جفنه يسير مع الشهب أنى تسير … وقد ودت الشهب أن لو يكنّه فهل قد رأيتم فتى قط مثلي … لعشرين علما يفرغ ذهنه

وما التيه شأني ولكنني … أحدثكم عن إلهي بمنه فقد قال لي اشكر ولا تكفرن … وحدث بصنعي ولا تكتمنه وقال الرسول أنا ابن الذبيح … وخير البرية هديا وسنه ومن شعره: [من الكامل] نحن الذين متينة أوصالنا … في الدين لا قطع الردى أوصالنا هذا الذي أوصى به جد لنا … لمحا بمجد جدوده أوصى لنا ومن شعره ما قاله جوابا للمعري حين قال: [من الطويل] ولما رأينا آدما وفعاله … وتزويجه لابنيه بنتيه في الدنا علمنا بأن الناس من أصل زنية … وأن جميع الخلق من عنصر الزنا فأجابه الحسن: لعمرك أما فيك فالقول صادق … وتكذب في الباقين من شط أو دنا كذلك إقرار الفتى لازم له … وفي غيره لغو بذا جاء شرعنا أرسله جياش بن نجاح إلى موزع يخطب له امرأة من الفرسانيين، فأوصلهم الرسالة، فأجاب بعض الأولياء، وامتنع الباقون، وسأله بعضهم عن حكم المسألة فقال: إذا لم ترض المرأة والأولياء أجمع .. لم يصح النكاح، فأصروا على الامتناع، فرجع إلى جياش وأخبره بامتناعهم، ويقال: إنه الذي أشار عليهم بالامتناع وقال: إنه ليس كفؤا لها، وفيه عار عليكم؛ لكون الفرسانيين وبني عقامة ينتسبون جميعا إلى تغلب بن وائل إحدى قبائل ربيعة بن نزار، فلم يزل جياش يرغبهم بكثرة العطاء حتى زوجوه المرأة، فلما زفت إليه .. سألها عن سبب امتناعهم أولا، فأخبرته بمقالة القاضي لهم، فحمل عليه في باطنه، ثم قتله ظلما وعدوانا لبضع وثمانين وأربع مائة. وكان جياش قد اتصف بالعدل حين صحب الحسن، فلما قتل الحسن .. أنكر الناس منه ذلك، ونسبوه إلى الظلم، ونقموا عليه، فقال الحسين ابن القم في ذلك: [من الرجز] أخطأت يا جياش في قتل الحسن … فقأت والله به عين الزمن ولم يكن منطويا على دخن … مبرأ عن الفسوق والدرن والاكم في السر منه والعلن … لقبته في دينه بالمؤتمن

2082 - [أبو الفتح عبدوس]

كان جزاه حين ولاّك اليمن … قتلكه ودفنه بلا كفن وقال ابن القم أيضا: [من الرجز] تفرّ إذا جر المكرم رمحه … وتشجع فيمن ليس يحلي ولا يمري ونقم بنو عقامة على ابن القم في هذا البيت وقالوا: قتل صاحبنا أهون علينا من وصفه بهذا الوصف، ولم يرد ابن القم ثلب القاضي بهذا المعنى، بل الإعلام بالفرار من جياش، والله أعلم. 2082 - [أبو الفتح عبدوس] (1) أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس، رئيس همذان ومحدثها. سمع من محمد بن أحمد بن حمدويه الطوسي. وروى عنه الإمام أبو زرعة. وتوفي سنة تسعين وأربع مائة. 2083 - [نصر المقدسي] (2) أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي النابلسي، الإمام العالم، الزاهد المشهور، مصنف «التهذيب» وغيره من الكتب النافعة. توفي يوم عاشوراء سنة تسعين وأربع مائة وقد نيف على الثمانين. مذكور في الأصل. 2084 - [أبو الفوارس الزينبي] (3) أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي النقيب الهاشمي العباسي، نقيب العباسيين، ومسند العراق.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 97)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 338)، و «العبر» (3/ 331)، و «مرآة الجنان» (3/ 152)، و «شذرات الذهب» (5/ 396). (2) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 125)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 136)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 345)، و «العبر» (3/ 331)، و «مرآة الجنان» (3/ 152)، و «شذرات الذهب» (5/ 396). (3) «المنتظم» (10/ 35)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 37)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 95)، و «العبر» (3/ 333)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 419)، و «مرآة الجنان» (3/ 154)، و «البداية والنهاية» (12/ 638)، و «شذرات الذهب» (5/ 399).

2085 - [أبو الحسن السلار]

روى عن جماعة، وأملى مجالس كثيرة، وازدحموا عليه، ورحلوا إليه، وكان أعلى الناس منزلة عند الخليفة. ولد سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة. وتوفي سنة إحدى وتسعين وأربع مائة. وكان قد جعل النقابة في ولده أبي القاسم، واعتزلا بها (1). 2085 - [أبو الحسن السلاّر] (2) أبو الحسن مكي بن منصور الكرجي، الرئيس السلاّر، نائب الكرج ومعتمدها. كان محمود السيرة، وافر الحرمة. توفي سنة إحدى وتسعين وأربع مائة. 2086 - [أبو الحسين اليوسفي] (3) أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمد البغدادي اليوسفي. كان جليل القدر. روى عن ابن شاذان، وطبقته. توفي سنة اثنتين وتسعين وأربع مائة. 2087 - [المراغي] (4) عبد الباقي بن يوسف أبو تراب المراغي. تفقه ببغداد على القاضي أبي الطيب الطبري، وسمع أبا علي ابن شاذان.

(1) كذا في الأصول، ولم تتضح لنا العبارة. (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 71)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 108)، و «العبر» (3/ 333)، و «مرآة الجنان» (3/ 154)، و «شذرات الذهب» (5/ 400). (3) «سير أعلام النبلاء» (19/ 163)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 115)، و «العبر» (3/ 335)، و «مرآة الجنان» (3/ 154)، و «شذرات الذهب» (5/ 401). (4) «سير أعلام النبلاء» (19/ 170)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 124)، و «العبر» (3/ 335)، و «مرآة الجنان» (3/ 155)، و «شذرات الذهب» (5/ 402).

2088 - [سبأ الصليحي]

قال ابن السمعاني: كان عديم النظير في وقته، بهي المنظر، سليم النفس، عاملا بعلمه، نفاعا للخلق، فقيه النفس، قوي الحفظ. اهـ‍ توفي سنة اثنتين وتسعين وأربع مائة. مذكور في هامش الأصل. 2088 - [سبأ الصليحي] (1) أبو المظفر سبأ بن أحمد بن المظفر بن علي الصليحي، أحد ملوك اليمن. كان ملك صنعاء بعد وفاة المكرم بن أحمد الصليحي، وأطاعته الجبال، فكان يغزو تهامة كل سنة، فيقيم فيها فصلي الشتاء والربيع، فإذا سخن الجو .. عاد إلى بلده، فيعود جياش بن نجاح إلى تهامة، ويطالب الرعايا بالضرائب المعتادة، ويعتدّ لهم بما قبضه منهم سبأ بن أحمد، فلما طال ذلك على جياش .. هجم عليه وقد صار بالقرب من زبيد، فقتل من عسكره طائفة، وسلم سبأ بن أحمد فيمن سلم، ورجع إلى بلاده، ولم يكن بعد ذلك يطمع في تهامة إلى أن توفي. كان فارسا مشهورا، شجاعا مذكورا، جوادا، متلافا للمال، معدودا من كرام العرب وأعفهم، وأعلاهم قدرا، وأشرفهم همة. يروى أنه ما وطئ أمة قط، ولا خيب قاصدا، وكان مقصودا ممدوحا، يقصده الشعراء فيثيبهم الجوائز السنية، وربما مدحهم بشيء من الشعر مع المثوبة الجزيلة، وإلى ذلك أشار الحسين ابن القم بقوله: [من الطويل] ولما مدحت الهزبري بن أحمد … أجاز وكافاني على المدح بالمدح فعوضني شعرا بشعري وزادني … عطاء فهذا رأس مالي وذا ربحي شققت إليه الناس حتى لقيته … فكنت كمن شق الظلام إلى الصبح فقبّح دهر ليس فيه ابن أحمد … ونزّه دهر كان فيه من القبح

(1) «السلوك» (2/ 491)، و «بهجة الزمن» (ص 80)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 453)، و «تحفة الزمن» (2/ 454)، و «بغية المستفيد» (ص 59).

2089 - [القاضي الخلعي]

2089 - [القاضي الخلعي] (1) أبو الحسين علي بن الحسن بن الحسين القاضي الخلعي المصري. سمع من طائفة، وانتهى إليه علوّ الإسناد بمصر. ولي القضاء يوما، ثم استعفى، وانزوى بالقرافة، وله تصانيف. توفي سنة اثنتين وتسعين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 2090 - [مكي الرّميلي] (2) أبو القاسم مكّي بن عبد السلام بن الحسين الرّميلي المقدسي. سمع من خلق بعدة بلدان، منهم: أبو جعفر بن المسلمة، وعبد الصمد المأمون. وعنه حدث أبو القاسم بن السمرقندي، وآخرون. وكان متحرّيا، من الحفاظ والفقهاء الشافعية الأيقاظ. ولما ملك الفرنج بيت المقدس في شعبان في سنة اثنتين وتسعين وأربع مائة .. أسروه، ثم في ثاني عشر شوال رموه بالحجارة صبرا حتى قتلوه، رحمه الله وأسبغ رضوانه عليه، آمين، آمين. مذكور في الأصل. 2091 - [عبد الملك اليافعي] (3) عبد الملك بن محمد بن ميسرة أبو الوليد اليافعي. كان فقيها عالما، نقالا للمذهب، ثبتا في النقل، رحالا في طلب العلم، عارفا بطرق الحديث ورواته، يعرف بالشيخ الحافظ.

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 317)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 74)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 126)، و «العبر» (3/ 336)، و «مرآة الجنان» (3/ 155)، و «شذرات الذهب» (5/ 402). (2) «الإكمال» (4/ 226)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 178)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 136)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1229)، و «مرآة الجنان» (3/ 155)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 332)، و «شذرات الذهب» (5/ 403). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 98)، و «السلوك» (1/ 240)، و «العطايا السنية» (ص 422)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 168)، و «العقد الثمين» (5/ 514)، و «تحفة الزمن» (1/ 173)، و «طبقات الخواص» (ص 190)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 126)، و «هجر العلم» (1/ 402).

2092 - [ابن الفتى النحوي]

دخل عدن سنة سبع وثلاثين وأربع مائة، فلقي بها أبا بكر بن أحمد بن محمد البردي (1)، فأخذ عنه «الرسالة» للشافعي. وحج سنة إحدى وخمسين، فأدرك بمكة الشيخ سعد الزنجاني، فأخذ عنه وعن محمد بن الوليد، ثم عاد إلى اليمن، ودخل عدن سنة ثلاث وأربعين، فأخذ بها عن عبد الله بن محمد بن الحسين بن منصور الزعفراني، وأخذ عن أيوب بن محمد بن أيوب بن كديس الظبائي كتاب «الرقائق» لعبد الله بن المبارك. أصله من جبل الصلو، ثم انتقل إلى الحاظنة-بحاء مهملة، ثم ألف، ثم ظاء معجمة مكسورة، ثم نون مفتوحة، ثم هاء تأنيث-صقع كبير يجمع قرى كثيرة، سكن الفقيه قرية منها تعرف بالقرنين بفتح القاف، وسكون الراء، ثم نونين بينهما مثناة تحتية. وكان كثير التردد ما بين بلده والجوة وعدن والجند، وله في كل مدينة أصحاب وشيوخ، وكان أكثر إقامته بالجوه-بضم الجيم، وفتح الواو، ثم هاء-مدينة على مرحلة من الجند في ناحية الجنوب تحت حصن الدملوة، وأخذ عن جماعة، وقصده الطلبة من أنحاء شتى. وتوفي ببلده سنة ثلاث وتسعين وأربع مائة، وقبره مقصود للزيارة والتبرك، تشم منه رائحة المسك. قال الجندي: (وأخبرني الثقة أنه يوجد على قبره كل ليلة جمعة طائر أخضر) اهـ‍ (2) وأظن-والله أعلم-أنه جاوز المائة؛ لأنه أخذ عن أيوب بن محمد بن كديس، وأيوب توفي على رأس عشر وأربع مائة كما تقدم (3). 2092 - [ابن الفتى النحوي] (4) سليمان (5) بن عبد الله بن الفتى النهرواني الإمام النحوي اللغوي، صاحب

(1) كذا في «السلوك» (1/ 240)، وفي «طبقات فقهاء اليمن» (ص 99): (اليردي)، وفي «طراز أعلام الزمن» (2/ 168)، و «العطايا السنية» (ص 423)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 126): (اليزدي)، وفي «تحفة الزمن» (1/ 173): (اليزيدي). (2) «السلوك» (1/ 242). (3) انظر (ص 1842). (4) «سير أعلام النبلاء» (19/ 611)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 151)، و «العبر» (3/ 338)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 311)، و «مرآة الجنان» (3/ 156)، و «بغية الوعاة» (1/ 595)، و «شذرات الذهب» (5/ 404). (5) وقيل: سلمان.

2093 - [ابن الزاز]

التصانيف، منها «القانون» في عشر مجلدات، وكتاب في التفسير. تخرج به أهل أصبهان، ودرّس ولده الحسن بالنظامية. توفي سليمان المذكور سنة ثلاث وتسعين وأربع مائة. 2093 - [ابن الزاز] (1) أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن محمد ابن زاز-عرف بجد له يسمى: زاز، بزايين بينهما ألف-السرخسي ثم المروزي الإمام، شيخ الشافعية بخراسان. كان يضرب به المثل في حفظ المذهب والورع، وهو تلميذ القاضي حسين. توفي سنة أربع وتسعين وأربع مائة. 2094 - [عبد الواحد القشيري] (2) عبد الواحد بن الأستاذ أبي القاسم القشيري. وكان صالحا عالما، كثير الفضل. روى عن جماعة، وسماعه من الطرازي حضورا. توفي سنة أربع وتسعين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 2095 - [عزيزي بن عبد الملك] (3) عزيزي-بفتح العين المهملة، ثم زايين بين معجمتين بينهما ياء آخر الحروف-ابن عبد الملك الملقب: شيذلة-بشين وذال معجمتين بينهما ياء آخر الحروف ساكنة، قال ابن خلكان: (ولا أعرف هذا اللقب مع كثرة كشفي له) (4) -القاضي أبو المعالي الجيلي الفقيه الشافعي، الأشعري، الواعظ.

(1) «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 263)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 154)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 186)، و «العبر» (3/ 341)، و «مرآة الجنان» (3/ 156)، و «شذرات الذهب» (5/ 407). (2) «ذيل تاريخ بغداد» لابن النجار (16/ 147)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 189)، و «العبر» (3/ 341)، و «مرآة الجنان» (3/ 157)، و «شذرات الذهب» (5/ 408). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 459)، و «وفيات الأعيان» (3/ 259)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 174)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 190)، و «العبر» (3/ 341)، و «مرآة الجنان» (3/ 157)، و «شذرات الذهب» (5/ 408). (4) «وفيات الأعيان» (3/ 259).

كان فاضلا واعظا ماهرا، فصيح اللسان، حلو العبارة، كثير المحفوظات. صنف في الفقه وأصول الدين، وكان ناصرا لمذهب الأشعري. تولى القضاء ببغداد، وسمع الحديث الكثير من جمع. قال ابن خلكان: (ومن كلامه-يعني في المحبة-: إنما قيل لموسى عليه الصلاة والسلام: لن تراني؛ لأنه لما قيل له: انظر إلى الجبل .. نظر إليه، فقيل له: يا طالب النظر إلينا؛ لم تنظر إلى سوانا؟ ! ثم أنشد: [من مجزوء الكامل] يا مدع بمقالة … صدق المحبة والإخاء لو كنت تصدق في المحب‍ … ة ما نظرت إلى سوائي) (1) قال الشيخ اليافعي: (هذا الذي حكاه لا يليق بالكليم الوجيه ابن عمران، إنما يليق بغيره ممن في محبته نقصان كما في حكاية الجارية المشهورة التي قالت لمدعي محبتها: ورائي من هو أحسن مني، فلما التفت .. قالت: [من مخلع البسيط] لو كنت صادقا في هوانا … لما التفت إلى سوانا (2) وأما الأنبياء صلوات الله عليهم .. فلا يحسن هذا في حقهم) (3). قال القاضي أبو المعالي المذكور: أنشدني والدي عند خروجه من بغداد: [من الطويل] مددت إلى التوديع كفا ضعيفة … وأخرى على الرمضاء فوق فؤادي فلا كان هذا العهد آخر عهدنا … ولا كان ذا التوديع آخر زادي توفي أبو المعالي المذكور يوم الجمعة من سنة أربع وتسعين وأربع مائة، ودفن محاذيا للشيخ أبي إسحاق الشيرازي. وهو مصنف كتاب «مصارع العشاق»، وهو مذكور في هامش الأصل.

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 260). (2) الشطر الأول مكسور غير مستقيم الوزن، والله أعلم. (3) «مرآة الجنان» (3/ 157)، وفي هامش (ق): (ما قاله اليافعي بأنه لا يليق بالكليم لا شك فيه، ثم قوله: «والإخاء» هذه لفظة لا تستعمل إلا في المخلوقين).

2096 - [المستعلي بالله العبيدي]

2096 - [المستعلي بالله العبيدي] (1) المستعلي بالله أبو القاسم أحمد بن المستنصر بالله العبيدي الباطني، صاحب مصر. لم يكن له مع الأفضل بن أمير الجيوش حل ولا ربط. وفي أيامه هرب أخوه نزار الذي تنسب إليه الدعوة النزارية بقلعة الألموت، فدخل الإسكندرية، وبايعه أهلها، وساعده قاضيها ابن عمار، ومتوليها، فنازلهم الأفضل مرة بعد أخرى حتى ظفر بهم، فذبح متولي الإسكندرية، وبنى على نزار حائطا فهلك. وفي أيام المستعلي انقطعت دولة العبيديين من الشام، واستولى عليها أتراك وإفرنج. وفي أيامه أخذ الإفرنج البيت المقدس، وقتلوا فيه من المسلمين خلقا كثيرا، فقتل في المسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفا، وأخذوا من عند الصخرة من الأواني من الذهب والفضة ما لا يضبطه الوصف. توفي المستعلي سنة خمس وتسعين وأربع مائة، وقام مقامه ولده أبو علي الملقب: الآمر بأحكام الله. ومولده سنة سبع وستين. 2097 - [عبد الواحد الوركي] (2) عبد الواحد بن عبد الرحمن الزبيري الفقيه المعمّر. قال ابن السمعاني: (عمّر مائة وثلاثين سنة) (3). وتوفي سنة خمس وتسعين وأربع مائة.

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 461)، و «وفيات الأعيان» (1/ 178)، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 196)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 209)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 183)، و «مرآة الجنان» (3/ 158)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 620)، و «شذرات الذهب» (5/ 410). (2) «الأنساب» (5/ 594)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 104)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 219)، و «مرآة الجنان» (3/ 158)، و «شذرات الذهب» (5/ 410). (3) «الأنساب» (5/ 594).

2098 - [ابن سوار المقرئ]

2098 - [ابن سوار المقرئ] (1) أبو طاهر أحمد بن علي بن سوار، مصنف «المستنير في القراءات». كان ثقة محمودا، أقرأ خلقا كثيرا، وسمع الكثير عن ابن غيلان وطبقته. وتوفي سنة ست وتسعين وأربع مائة. 2099 - [الأعلم الشّنتمري] (2) أبو الحجاج يوسف بن سليمان النحوي المعروف بالأعلم، وهو مشقوق الشفة العليا، كما أن مشقوق الشفة السفلى يسمى: الأفلح بفاء وحاء مهملة بينهما لام. رحل المذكور إلى قرطبة، وأقام بها مدة، وأخذ الأدب عن جماعة. وكان عالما بالعربية واللغة ومعاني الشعر، حافظا لها، كثير العناية بها، حسن الضبط لها، مشهورا بمعرفتها وإتقانها، وكانت إليه الرحلة في وقته. وعنه أخذ جمع، منهم أبو علي الحسين بن محمد الغساني الجياني. وشرح كتاب «الجمل» للزجاجي، وشرح أبياته في كتاب مفرد، وكف بصره في آخر عمره. وتوفي سنة ست وتسعين وأربع مائة (3). 2100 - [ابن زهراء الصوفي] (4) أحمد بن علي المعروف بابن زهراء الصوفي البغدادي. توفي سنة سبع وتسعين وأربع مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 225)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 229)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 858)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 204)، و «مرآة الجنان» (3/ 159)، و «شذرات الذهب» (5/ 412). (2) «الصلة» (2/ 681)، و «وفيات الأعيان» (7/ 81)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 555)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 181)، و «مرآة الجنان» (3/ 159)، و «بغية الوعاة» (2/ 356)، و «شذرات الذهب» (5/ 411). (3) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 159)، وفي «شذرات الذهب» (5/ 411): توفي سنة (495 هـ‍)، وفي باقي مصادر الترجمة: توفي سنة (476 هـ‍)، وهو الصواب. (4) «سير أعلام النبلاء» (19/ 160)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 247)، و «مرآة الجنان» (3/ 160)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 39)، و «شذرات الذهب» (5/ 414).

2101 - [الجاجرمي]

2101 - [الجاجرمي] (1) إسماعيل بن علي النيسابوري الواعظ الزاهد القدوة. توفي سنة سبع وتسعين وأربع مائة. 2102 - [أبو مكتوم السروي] (2) أبو مكتوم عيسى بن الحافظ أبي ذر عبد بن أحمد الهروي، ثم السروي الحجازي. روى عن أبيه «صحيح البخاري». وتوفي سنة سبع وتسعين وأربع مائة. 2103 - [ابن الطلّاع القرطبي] (3) محمد بن الفرج القرطبي المالكي، مفتي الأندلس ومسندها. كان رأسا في العلم والعمل، قوالا بالحق، رحل الناس إليه من الأقطار لسماع «الموطأ» و «المدونة». وتوفي سنة سبع وتسعين وأربع مائة. 2104 - [شمس الملوك دقاق] (4) شمس الملوك بن تاج الدولة تتش السلجوقي. كان مسجونا ببعلبك، فذهب لجهله إلى صاحب المقدس لكي ينصره، فلم يلو عليه.

(1) «تاريخ الإسلام» (34/ 249)، و «العبر» (3/ 348)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 160)، و «مرآة الجنان» (3/ 160)، و «شذرات الذهب» (5/ 415). (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 171)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 264)، و «العبر» (3/ 350)، و «مرآة الجنان» (3/ 160)، و «شذرات الذهب» (5/ 416). (3) «سير أعلام النبلاء» (19/ 199)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 267)، و «العبر» (3/ 351)، و «مرآة الجنان» (3/ 160)، و «الديباج المذهب» (2/ 224)، و «شذرات الذهب» (5/ 418). (4) «الكامل في التاريخ» (8/ 498)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 186)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 256)، و «العبر» (3/ 349)، و «مرآة الجنان» (3/ 160)، و «شذرات الذهب» (5/ 415).

2105 - [ابن الموصلايا]

وتوجه إلى الشرق، فهلك في سنة سبع وتسعين وأربع مائة (1). 2105 - [ابن الموصلايا] (2) أبو سعيد بن العلاء بن الحسن بن الموصلايا الكاتب المنشئ. كان نصرانيا، فأسلم سنة أربع وثمانين وأربع مائة، وكتب للقائم في سنة اثنتين، وناب في الوزارة دفعتين. وتوفي فجأة في سنة سبع وتسعين وأربع مائة، وتولى الكتابة مكانه ابن أخته أبو نصر. 2106 - [البرداني] (3) أبو علي أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسن البغدادي البرداني. كان بصيرا بالحديث، محققا حجة. حدث عن أبي طالب العشاري، وابن غيلان، وأبي بكر الخطيب وغيرهم من الأعلام. وعنه حدث الحافظ السلفي، والوزير علي بن طراد وغيرهما. وله كتاب «المنامات»، وغير ذلك من المصنفات. توفي سنة ثمان وتسعين وأربع مائة. 2107 - [أبو عبد الله الطبري] (4) أبو عبد الله الحسين بن علي الطبري الإمام الشافعي، محدث مكة.

(1) اختلط على المؤلف رحمه الله ترجمة (شمس الملوك) مع أخيه (بكتاش)؛ فإن الأخير هو الذي كان مسجونا ببعلبك كما ذكره الذهبي في «تاريخ الإسلام» (34/ 249)، وذكر أن اسمه: (أرتاش)، ويقال: (ألتاش)، وهو الذي تولى دمشق بعد وفاة المترجم له (دقاق)، وهو الذي قصد صاحب القدس (بغدوين) لينصره على (طغتكين) الذي تغلب على دمشق وتصرف فيها بعد موت (دقاق)، انظر «الكامل في التاريخ» (8/ 498)، و «العبر» (3/ 349). (2) «المنتظم» (10/ 74)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 499)، و «وفيات الأعيان» (3/ 480)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 198)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 260). (3) «سير أعلام النبلاء» (19/ 219)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 271)، و «العبر» (3/ 352)، و «مرآة الجنان» (3/ 160)، و «شذرات الذهب» (5/ 419). (4) «سير أعلام النبلاء» (19/ 203)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 276)، و «العبر» (3/ 353)، و «مرآة الجنان» (3/ 160)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (4/ 349)، و «شذرات الذهب» (5/ 420).

2108 - [أبو علي الجياني]

روى «صحيح مسلم» عن عبد الغافر الفارسي. وكان فقيها مفتيا، تفقه على ناصر بن الحسين العمري. توفي سنة ثمان وتسعين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 2108 - [أبو علي الجياني] (1) أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الجيّاني-بالجيم والمثناة من تحت، ثم ألف ونون- الغساني الأندلسي، أحد أركان الحديث بقرطبة. روى عن ابن عبد البر، وأبي الوليد الباجي وغيرهما. وعنه أبو علي ابن سكّرة، وعبد الرحمن بن أحمد بن أبي ليلى وغيرهما. وكان كامل الأدوات في الحديث، علامة في اللغة والشعر والنسب، رحل إليه الناس، ووصفوه بالحفظ والنباهة مع الجلالة والتواضع والديانة. ومن مصنفاته «تقييد المهمل وتمييز المشكل من رجال الصحيحين»، وكان حسن التصنيف. توفي سنة ثمان وتسعين وأربع مائة. 2109 - [سقمان بن أرتق] (2) سقمان بن أرتق التركماني، صاحب ماردين، وجدّ ملوكها. كان أميرا جليلا، فارسا موصوفا، حضر عدة حروب. كان قد تحرك لنصرة المسلمين بطرابلس، ودفع الإفرنج عن حصارها، فتوفي في سنة ثمان وتسعين وأربع مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 148)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 277)، و «العبر» (3/ 353)، و «مرآة الجنان» (3/ 161)، و «شذرات الذهب» (5/ 420). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 509)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 234)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 279)، و «العبر» (3/ 353)، و «مرآة الجنان» (3/ 161)، و «شذرات الذهب» (5/ 420).

2110 - [بركياروق]

2110 - [بركياروق] (1) السلطان بركياروق بن ملك شاه السلجوقي. مات بعلة السل والبواسير في سنة ثمان وتسعين وأربع مائة، وعهد إلى ابنه ملك شاه وهو حينئذ ابن أربع سنين وشهور، وسلمه إلى إياز، ونفذهما إلى بغداد قبل وفاته، وكان أخوه محمد بن ملك شاه محاصرا للموصل، فلما وصل خبر وفاة أخيه .. خرج إليه صاحب الموصل، وسار إلى العراق. 2111 - [أبو الفضل البزاز] (2) أبو الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري البزاز البغدادي. روى عن البرقاني، وابن شاذان. وكان جليلا صالحا. توفي سنة ثمان وتسعين وأربع مائة. 2112 - [جياش بن نجاح] (3) جياش بن نجاح صاحب تهامة اليمن، الملقب بالملك المكين أبو الطامي. كان ملكا ضخما، شجاعا شهما، جوادا كريما، وقورا حليما. لما قتل أخوه سعيد بن نجاح في سنة إحدى وثمانين وأربع مائة .. هرب جياش إلى الهند، وسار معه وزيره خلف بن أبي الطاهر الأموي، فأقام في الهند ستة أشهر، واشترى جارية هندية علقت منه بولده فاتك، ثم رجع إلى اليمن وهي في خمسة أشهر من حملها،

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 502)، و «وفيات الأعيان» (1/ 268)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 195)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 273)، و «العبر» (3/ 352)، و «شذرات الذهب» (5/ 419). (2) «تاريخ الإسلام» (34/ 286)، و «العبر» (3/ 354)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 254)، و «مرآة الجنان» (3/ 161)، و «شذرات الذهب» (5/ 421). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 104)، و «السلوك» (2/ 506)، و «بهجة الزمن» (ص 90)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 231)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 228)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 289)، و «تحفة الزمن» (2/ 459)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 43).

فلما صار بعدن .. قدم وزيره ابن أبي الطاهر إلى زبيد على طريق الساحل، وأمره أن يستأمن لنفسه، وأن يشيع بموت جياش بالهند، وأن يكشف له عن حقيقة من بقي من قومه من الحبشة، وصعد جياش إلى ذي جبلة يكشف عن أحوال المكرم أحمد بن علي الصليحي وما هو عليه من العكوف على لذاته، واضطراب جسمه، وتفويض الأمر إلى زوجته السيدة، ثم انحدر إلى زبيد، واجتمع بوزيره خلف، فأخبره بما طابت به نفسه عن مواليه وبني عمه وعبيده، وجرى على عادة أهل الهند في تطويل أظفاره وشعره وستر إحدى عينيه بخرقة، فمكث مدة بزبيد يكاتب الحبشة المتفرقين في الأعمال يأمرهم بالاستعداد حتى حصل حول المدينة خمسة آلاف حربة متفرقة، بعضها في الجوار، وبعضها في المدينة، ورأى مولاه الحسين بن سلامة في النوم وقال له: يعود لك الأمر الذي تحاوله ليلة ولادة هذه الجارية الهندية، ثم التفت الحسين إلى جانبه الأيمن، فقال لرجل معه: أليس الأمر كذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: بلى، ويبقى الأمر في ولد هذا المولود برهة من الدهر، وكان جياش في مدة تنكره بزبيد كثيرا ما يلعب الشطرنج مع علي بن القم وزير أسعد بن شهاب الصليحي والي زبيد ومع ولده الحسين بن علي بن القم، فلعب يوما مع الحسين بحضرة أبيه، وتراخى له حتى غلبه الحسين قصدا في التقرب إلى قلب أبيه، فطاش الحسين من الفرح، وسفه على جياش، ثم مد يده إلى الخرقة التي على عينه، فقام جياش مغضبا، فعثر من الغيظ، فاعتزى وقال: أنا جياش بن نجاح على جاري عادته، فلم يسمعه سوى علي بن القم، فوثب خلفه حافيا يجر إزاره حتى أدركه، فأمسكه وأخرج له المصحف، فحلف له يمينا طابت به نفسه، وحلف جياش له أيضا، ثم هيأ له دارا، وأمره بنقل الجارية الهندية إليها، وحمل إليها أثاثا وماعونا ووصائف ووصفان، وعوّق جياشا عنده إلى الليل، ثم أذن له في الانصراف، فانصرف إلى البيت، فوجد الجارية قد وضعت الفاتك بين المغرب والعشاء، ثم أتاه علي بن القم ليلا وقال له: اعلم أن خبرنا لا يخفى على أسعد بن شهاب، فأخبره جياش أن في البلد خمسة آلاف حربة من أهله وعبيده، فقال له ابن القم: ملكت البلاد، فاكشف أمرك، فأمر جياش بضرب الطبول والأبواق، وثار معه عامة أهل البلد وخمسة آلاف حربة من الحبشة، فأسر أسعد بن شهاب، وأحسن إليه، وجهزه إلى صنعاء في أهله وحشمه كما ذكرناه في ترجمة أسعد بن شهاب، وتسلم جياش دار الإمارة بما فيها صبيحة الليلة التي ظهر فيها ولده، فلم يمض شهر حتى كان يركب في عشرين ألف حربة من الحبشة، فسبحان المعز بعد الذلة، والمكثر بعد القلة.

2113 - [زكريا بن شكيل]

وكان جياش شاعرا فصيحا، أديبا بليغا مترسلا، ومن شعره: [من الطويل] إذا كان حلم المرء عون عدوه … عليه فإن الجهل أبقى وأروح وفي الصفح ضعف والعقوبة قوة … إذا كنت تعفو عن كثير وتصفح ومنه: [من الوافر] تذوب من الحيا خجلا بلحظي … كما قد ذبت من نظري إليكا أهابك ملء صدري إذ فؤادي … بجملته أسير في يديكا ومن مصنفاته كتاب «المفيد في أخبار زبيد» ويعرف ب‍ «مفيد جياش»؛ لئلا يلتبس ب‍ «مفيد عمارة»، وهو عزيز الوجود، بل هو من قديم مفقود. ولم يزل جياش واليا على زبيد إلى أن توفي في ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وأربع مائة، وقيل: في رمضان سنة خمس مائة. 2113 - [زكريا بن شكيل] (1) زكريا بن شكيل بن عبد الله البحري (2)، نسبة إلى بطن من خولان يقال لهم: بنو بحر. كان شاعرا فصيحا بليغا، حسن الشعر، جيد القريحة، وله في جياش بن نجاح قصائد حسنة، منها قوله: [من الطويل] عظيم يهون الأعظمون لعزه … فمطلبه من كل أمر عظيمه تأخر من جاراه في حلبة العلا … وقدّمه إقدامه وقديمه كتائبه قبل الكتائب كتبه … ويغنيك عن بطش الهزبر نئيمه فلولاه لم يثبت على الحمد حاؤه … ولا وصلت يوما إلى الدال ميمه تميد قلوب العالمين وأرضهم … إذا ما سرت أعلامه وعلومه يبيح لعافيه كرائم ماله … ويمنع من أن تستباح حريمه وأحيا بلطف الرأي منه ومعظم ال‍ … عطايا رجائي فاستقل رميمه يشكك في إكرامه كل زائر … ويسأل هذا جاره أو حميمه ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في أيام جياش.

(1) «الوافي بالوفيات» (14/ 205)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 425). (2) كذا في «الوافي بالوفيات» (14/ 205)، وفي «طراز أعلام الزمن» (1/ 425): (بن عبد البحري).

2114 - [الحسين ابن القم]

2114 - [الحسين ابن القم] (1) أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد بن القم الشاعر البليغ. قال عمارة: ولد بزبيد، وبها تأدب، وكان أبوه صاحب ديوان الخراج بتهامة، وساد في أيام الداعي علي بن محمد الصليحي، ووزر لأسعد بن شهاب في زبيد خمس عشرة سنة. وكان يقول أيضا: وكان ابنه الحسين المذكور شاعرا، وهو أوحد شعراء اليمن الفصحاء، يعدونه في اليمن كالمتنبي في الشام والعراق. اهـ‍ ويشهد له رسالته وقصيدته اللتان كتبهما إلى الداعي سبأ بن أحمد الصليحي، وله في الداعي سبأ وفي جياش غرر القصائد. ومن شعره قوله: [من البسيط] الليل يعلم أني لست أرقده … فلا يغرنك من قلبي تجلده فإن دمعي كصوب المزن أيسره … وإن وجدي كحر النار أبرده لي في هوادجكم قلب أضن به … فسلموه وإلا قمت أنشده وبان للناس ما كنا نكتمه … من الهوى وبدا ما كنت أجحده ويقول في موضع المدح منها: مشهّر الفضل إن شمس الضحى احتجبت … عن العيون أضاء الأفق سؤدده مات الكرام فأحيتهم مآثره … كأن مبعث أهل الفضل مولده لولا المخافة من ألا تدوم له … لذاذة الموت أعطت نفسها يده (2) كأنه خاف أن ينسى السماح فما … يزال منه له درس يردده وفيها يقول: الموقدون إذا باتوا فواضل ما … ظل الطعان بأيدهم يقصّده

(1) «معجم الأدباء» (4/ 70)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 5)، و «فوات الوفيات» (1/ 381)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 360)، و «تحفة الزمن» (1/ 187). (2) في «الوافي بالوفيات» (13/ 6): (إرادة البذل أعطت نفسها يده).

بكل عضب تخر الهام ساجدة … إذا رأته كأن الهام تعبده قال محمد بن العبيد الشاعر الحكمي: اجتمعت بابن القم عند الداعي سبأ بن أحمد الصليحي وقد جاء هاربا من صاحب زبيد، فأنشدته قول محمد بن سعيد الخفاجي الحلبي من قصيدة له في ناصر الدولة أبي علي يقول فيها: [من الطويل] وفيكم روى الناس المديح ومنكم … تعلّم فيه القوم بذل الرغائب فدعني وصدق القول فيك لعله … يكفر عن تلك القوافي الكواذب وما كنت لما أعرض البحر زاخرا … أقلب طرفي في جهام السحائب طويت إليك الباخلين كأنما … سريت إلى شمس الضحى في الغياهب فلما سمع ابن القم البيت الأخير .. قال: يعلم الله أني آخذ هذا البيت عن الحلبي أخذا يسرك، ثم بتنا معا، فلما أصبحنا .. قام ابن القم لينشد مقطوعا عمله في تلك الليلة، فمنعه الداعي من القيام، ورمى له بمخدة، وأقعده عليها إكراما وقال: أنت يا أبا عبد الله كما قال المتنبي: [من الخفيف] وفؤادي من الملوك وإن كا … ن لساني من جملة الشعراء قال ابن العبيد: ثم أنشد ابن القم قوله: [من الطويل] ولما مدحت الهزبري بن أحمد … أجاز وجازاني على المدح بالمدح فعوضني شعرا بشعري وزادني … عطاء فهذا رأس مالي وذا ربحي شققت إليه الناس حتى لقيته … فكنت كمن شق الظلام إلى الصبح قال أبو الحسن الخزرجي: (وبيت ابن القم أتم معنى، وأحسن سبكا؛ لأن الحلبي قال: «طويت إليك الباخلين» فأفهم أنه قصده وقصد غيره من الأجواد، وإنما طرح البخلاء فقط، وشبه الطي بالسرى، فاختلف اللفظ مع تقارب المعنى، وابن القم قال: «شققت إليك الناس» فأفهم أنه طرح البخلاء والأجواد، وشبه الشق بالشق، فاستبك اللفظ سبكا جيدا، ولكن للخفاجي فضيلة السبق إلى المعنى الغريب والتشبيه الحسن) (1). ومن شعر ابن القم ما كتبه على كأس فضة: [من الخفيف] إن فضلي على الزجاجة أني … لا أذيع الأسرار وهي تذيع

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 373).

2115 - [خلف بن أبي الطاهر]

ذهب سائل حواه لجين … جامد إنّ ذا لشيء بديع وأقواله كثيرة، ومناقبه غزيرة، وديوان شعره كبير، وهو عزيز الوجود. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في أيام الداعي سبأ بن أحمد الصليحي وفي أيام جياش بن نجاح (1)، والله سبحانه أعلم. 2115 - [خلف بن أبي الطاهر] (2) أبو الفضل خلف بن أبي الطاهر الأموي الملقب: قسيم الملك، وزير جياش بن نجاح. كان أحد أفراد الدهر فضلا ونبلا، ورئاسة وعقلا. كان قد صحب جياشا عند زوال ملكه، ودخل معه الهند وعدن، وعاهده جياش على أن يقاسمه الأمر إن ملك، فلما رجع ملك تهامة إلى جياش .. استوزره، واستخصه، ووقره، فأقاما على ذلك زمانا، ثم افترقا، وفسد الأمر بينهما، فلما فهم الوزير تغير الحال من جياش .. فارقه، فكتب إليه جياش يستعطفه، فكتب إلى جياش يقول: [من الطويل] إذا لم تكن أرضي لعرضي معزّة … فلست وإن نادت إلي أجيبها ولو أنها كانت كروضة جنة … من الطيب لم يحسن مع الذل طيبها وسرت إلى أرض سواها تعزني … وإن كان لا يعوي من الجدب ذيبها ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في أيام جياش، والله سبحانه وتعالى أعلم. 2116 - [الخياط المقرئ] (3) أبو منصور محمد بن أحمد الخياط البغدادي، أحد القراء ببغداد.

(1) وفي «معجم الأدباء» (4/ 71)، و «فوات الوفيات» (1/ 388): توفي سنة (581 هـ‍). (2) «السلوك» (2/ 514)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 392)، و «تحفة الزمن» (2/ 363)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 70). (3) «سير أعلام النبلاء» (19/ 222)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 303)، و «العبر» (3/ 355)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 879)، و «مرآة الجنان» (3/ 161)، و «شذرات الذهب» (5/ 416).

2117 - [ابن سالم الشعبي]

كان عبدا صالحا، زاهدا قانتا لله. قال ابن ناصر: كانت له كرامات. توفي سنة تسع وتسعين وأربع مائة. 2117 - [ابن سالم الشعبي] (1) عبد الله بن محمد بن سالم بن عبد الله بن محمد بن سالم بن يزيد الشعبي، ويقال: اليزيدي، نسبة إلى جده يزيد المذكور. ولد في رجب سنة ثلاث وعشرين وأربع مائة. وتفقه بأبيه، وكان فقيها ورعا زاهدا، غلب عليه علم الحديث. وأصله من ذبحان، أحد معاشير الدملوة، ثم انتقل إلى ذي أشرق. وتوفي في ربيع الأول سنة سبع وتسعين وأربع مائة. 2118 - [أبو المظفر الخوافي] (2) أبو المظفر أحمد بن محمد بن المظفر الخوافي-بفتح الخاء المعجمة والواو، وبعد الألف فاء-نسبة إلى ناحية بنيسابور كثيرة القرى. تفقه بإمام الحرمين حتى صار أوجه تلامذته. وكان رفيق الغزالي، فرزق الغزالي السعادة في تصانيفه، ورزق الخوافي السعادة في مناظرته. كان مشهورا بحسن المناظرة وإفحام الخصوم. ولي القضاء بطوس ونواحيها. توفي سنة خمس مائة. مذكور في الأصل.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 110)، و «السلوك» (1/ 248)، و «العطايا السنية» (ص 370)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 147)، و «تحفة الزمن» (1/ 178)، و «هجر العلم» (2/ 727). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 96)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 251)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 312)، و «العبر» (3/ 357)، و «مرآة الجنان» (3/ 162)، و «شذرات الذهب» (5/ 424).

2119 - [ابن الطيوري]

2119 - [ابن الطيوري] (1) أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار المعروف بابن الطيوري. قال السمعاني: كان مكثرا، صالحا أمينا، صدوقا صينا، صحيح الأصول، وقورا، كثير الكتابة. توفي سنة خمس مائة. 2120 - [أبو الكرم الدباس] (2) أبو الكرم المبارك بن فاخر الدباس الأديب، من كبار أئمة النحو واللغة ببغداد، وله مصنفات. روى عن القاضي أبي الطيب الطبري، وأخذ العربية عن عبد الواحد بن برهان بفتح الموحدة. وتوفي سنة خمس مائة. 2121 - [ابن السرّاج البغدادي] (3) أبو محمد جعفر بن أحمد المعروف بابن السراج البغدادي المقرئ الأديب، حافظ عصره، وعلامة زمانه. حدث عن أبي علي ابن شاذان، وأبي القاسم ابن شاهين، والخلال وغيرهم. وأخذ عنه خلق كثير، منهم الحافظ أبو طاهر السلفي، وكان يفتخر بروايته [عنه] مع كون السلفي لقي أعيان ذلك الزمان، وأخذ عنهم. وكان ثقة بارعا، أخباريا علامة، حسن التصانيف.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 213)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 324)، و «العبر» (3/ 358)، و «مرآة الجنان» (3/ 162)، و «شذرات الذهب» (5/ 456). (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 302)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 327)، و «العبر» (3/ 358)، و «مرآة الجنان» (3/ 162)، و «بغية الوعاة» (2/ 272)، و «شذرات الذهب» (5/ 427). (3) «وفيات الأعيان» (1/ 357)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 228)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 315)، و «العبر» (3/ 357)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 92)، و «مرآة الجنان» (3/ 162)، و «بغية الوعاة» (1/ 485)، و «شذرات الذهب» (5/ 425).

2122 - [إسحاق بن يوسف الصردفي]

وله شعر حسن، ومنه قوله: [من الوافر] وعدت بأن تزوري كل شهر … فزوري قد تقضى الشهر زوري وشقة بيننا نهر المعلّى … إلى البلد المسمى شهرزور وأشهر هجرك المحتوم صدق … ولكن شهر وصلك شهرزور قال الشيخ اليافعي: (وقد أبدى في الثلاثة الأبيات صنعة حسنة من الجناس؛ فالقافية الأولى مركبة من الشهر والأمر لها بالزيارة، والثانية اسم البلد المعروف، والثالثة إضافة شهر إلى زور؛ أي: الشهر الموعود فيه بوصلك شهر كذب، ولكن القافية الوسطى مشتملة على الإقواء الذي هو من جملة عيوب القافية؛ لأن إعرابه النصب؛ لكونه مفعولا ثانيا على وزان قولك: مشيت إلى الرجل المسمى: زيدا، والقافية التي قبلها مخفوضة بالأمر للمؤنث، والتي بعدها مخفوضة بإضافة شهر إليها، قال: وقد وجهت للقافية الوسطى في دفع الإقواء بأن المراد ب‍ «المسمى»: المرفّع (1)، من السمو، كما قال قبله: «المعلى»، فيكون قوله بعده: «شهر زور» مخفوضا بدلا من «البلد» المخفوض ب‍ «إلى»، قال: ولو قال: إلى البلد المشرق أو المروي .. لسلم من الإقواء) اهـ‍ (2) 2122 - [إسحاق بن يوسف الصردفي] (3) إسحاق بن يوسف بن يعقوب بن إبراهيم الصردفي-نسبة إلى الصردف، قرية مباركة شرقي الجند تحت الجبل الذي يقال له: سورق-الزرقاني، وزرقان بطن من مراد، ومراد قبيلة من مذحج، مؤلف كتاب «الكافي في الفرائض» الذي لم يتفقه أحد من أهل اليمن في الفرائض بعد تصنيفه إلا منه. كان المذكور إماما، عالما عاملا، فاضلا، متفننا في علوم كثيرة سيما الدور والفرائض والمساحة. تفقه بجعفر بن عبد الرحيم المحائي، وإسحاق العشاري. وبه تفقه كثير من الناس، واتفقت له غرائب لم تتفق لغيره:

(1) في «مرآة الجنان» (3/ 163): (الرّفع). (2) «مرآة الجنان» (3/ 163). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 106)، و «السلوك» (1/ 245)، و «مرآة الجنان» (3/ 167)، و «العطايا السنية» (ص 260)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 198)، و «تحفة الزمن» (1/ 177)، و «هجر العلم» (3/ 1164).

منها: أنه ضرب في الهندي بميل حديد حتى أفناه؛ أي: لم يبق منه ما يمكن لزومه بالأصابع للضرب. ومنها: أنه سقط في بئر جامع الجند المسماة: زمزم، وهي بعيدة الغور، فدلي له حبل يطلع عليه، فتعلق ونزع، فلما صار قريبا من رأس البئر .. انقطع به الحبل، فوقع في قعر البئر، وهكذا ثلاث مرات كلما تعلق بالحبل وصار قريبا من رأسها .. انقطع الحبل وعاد إلى مكانه، ثم أخرج في الرابعة سالما ليس به بأس. ومنها: أنه خرج يوما من سير إلى الصردف، فوجد لصوصا قد أخذوا ثورا وهم يسوقونه وقد خرج أصحاب الثور بعدهم، فلما أحس اللصوص بالغارة .. قالوا للفقيه: يا شيخ؛ سق لنا هذا الثور إلى أن نقضي حاجة، فساقه ولا علم له بقضيتهم، فلحقه سرعان الغارة وأساءوا إليه في القول والفعل، وبطشوا به، ووصل بعدهم من عرفه، فكفوهم عنه، وسألوه عن القصة، فأخبرهم الحال، وتحققوا صدقه، فاعتذروا إليه وأكرموه، واعتذر إليه المسرعون، وسألوه الصفح عنهم، ففعل. ومنها: أن شخصا من الجن كان يقرأ عليه، فبينا هو عنده يوما في حلقة القراءة؛ إذ مر بهم محنش، وهو الذي يصيد الحنشان ويلعب بهم ولا يضره منهم شيء، فقال الجني للفقيه: أريد أن أتصور له حنشا، فإن هو أمسكني .. فأنقذني منه، ولا تدعه يذهب بي، فنهاه الفقيه، فلم ينته، فتصور حنشا، وتعلق بخشبة بالسقف، فطلب أحد الطلبة المحنش وأراه الحنش في السقف، ففتح المحنش جونته، وتلا ما يعتاد تلاوته من الرقى والعزائم، فانخرط الحنش واقعا في الجونة، فأطبقها عليه المحنش واحتملها يريد الخروج به، فلازمه الجماعة وقالوا: هذا جار الفقيه منذ زمن طويل، وإنما دعاك ليختبر صدقك وجودة صنعتك، فتأبّى، فافتداه الفقيه منه بشيء فأطلقه، فغاب الجني عن مجلس الفقيه خمسة عشر يوما، ثم وصل إليه وبه ضعف ظاهر، وفي جسمه ندوب كإحراق النار، فسأله عن حاله فقال: لما رآني المحنش وتلا ما تلاه من العزائم والرقى قبالتي .. رأيت البيت كأنه امتلأ نارا، وليس لي خلاص غير الوقوع في الجونة فدخلتها، وأنا من ذلك الوقت مريض، فقال له الفقيه: قد كنت نهيتك، فلم تنته. قال الجندي: (توفي بالصردف على رأس الخمس مائة) (1).

(1) «السلوك» (1/ 247).

2123 - [يوسف بن تاشفين]

2123 - [يوسف بن تاشفين] (1) أبو يعقوب يوسف بن تاشفين البربري الملثم، سلطان المغرب، أمير المسلمين. قال بعضهم: كان يوسف المذكور مقدم جيش أبي بكر بن عمر الصنهاجي، وكان أبو بكر قد حاصر سلجماسة، وقاتل أهلها أشد القتال حتى أخذها، ثم رتب فيها يوسف بن تاشفين المذكور. قال: وكان أول ذلك أن البربر خرج عليهم من جنوب المغرب الملثمون ويقدمهم أبو بكر بن عمر الصنهاجي المذكور، وكان رجلا ساذجا، خير الطباع، مؤثرا لبلاده على بلاد المغرب، غير ميال إلى الرفاهية، وكان ولاة المغرب ضعفاء، فلم يقاوموا الملثمين، فأخذوا البلاد من أيديهم من باب تلمسان إلى ساحل البحر المحيط، فلما حصلت البلاد لأبي بكر المذكور .. سمع أن عجوزا في بلاده ذهبت لها ناقة في غارة فقالت: ضيعنا أبو بكر بن عمر بدخوله إلى بلاد المغرب، فحمله ذلك على أن استخلف على بلاد المغرب يوسف بن تاشفين المذكور من أصحابه، ورجع إلى بلاده. وكان يوسف شجاعا مقداما، عادلا، عديم الرفاهية، قشيب العيش على عادة البربر. اختط مدينة مراكش في مرج صغير، وكان موضعها مكمنا للصوص، وصيرها دار الإقامة، وكرت جيوشه، وبعد صيته، ثم تملك الأندلس بعد وقائع يطول ذكرها، ودانت له الأمم، وكان يميل إلى أهل العلم والدين ويكرمهم، ويصدر عن رأيهم، وكان يحب العفو والصفح عن الذنوب العظام، من ذلك أنه بلغه أن ثلاثة نفر اجتمعوا: فتمنى أحدهم ألف دينار يتجر بها، وتمنى الآخر عملا يعمل فيه لأمير المسلمين، وتمنى الثالث زوجة ابن تاشفين المذكور-وكانت من أحسن النساء، ولها حكم في بلاده-فبلغه الخبر، فأحضرهم، فأعطى متمني المال ألف دينار، واستعمل الذي تمنى الاستعمال، وقال للذي تمنى زوجته: يا جاهل؛ ما حملك على هذا الذي لا تصل إليه، ثم أرسله إليها، فأنزلته في خيمة ثلاثة أيام تحمل إليه كل يوم طعاما واحدا، ثم أحضرته وقالت: ما أكلت في هذه

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 531)، و «وفيات الأعيان» (7/ 112)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 252)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 329)، و «العبر» (3/ 358)، و «الوافي بالوفيات» (29/ 163)، و «مرآة الجنان» (3/ 163)، و «شذرات الذهب» (5/ 427).

الأيام؟ قال: طعاما واحدا، قالت: كذلك كل النساء شيء واحد، وأمرت له بمال وكسوة، وأطلقته. قال الشيخ اليافعي: (وسمعت ما يناسب هذه الحكاية: حكي أن بعض الملوك من ملوك الهند حكى أنه خرج في بعض الليالي متنكرا، فرأى ثلاثة جلوسا، فدنا منهم، فإذا أحدهم تمنى أن يكون ملكا، والآخر يتمنى زوجة الملك أن يتزوجها، والثالث تمنى سيفا وفرسا ولباسا للحرب ليجاهد في سبيل الله، فلما أصبح .. استدعى بهم، فأعطى الذي تمنى الجهاد فرسا جوادا، وسيفا ماضيا، ولباسا حصينا وقال: هذا ما تمنيت، وأجلس الذي تمنى الملك في مكان الملك وفوق رأسه سيف مسلول معلق بشيء واه، فبقي خائفا يلتفت إلى السيف، فقال له: أراك تلتفت؟ فقال: أخاف من هذا السيف، فقال له: ما تطلب بالملك؟ ! فإن الملك لا يزال خائفا مثلك الآن، وأمر بطعام من جنس واحد ملون بألوان مختلفة، وأمر الذي تمنى زوجته أن يأكل من تلك الألوان ففعل، فقال له: كيف رأيت ألوانه؟ قال: مختلفة، قال: فكيف طعمه؟ قال: واحد، قال: فكذلك النساء) انتهى معنى الحكاية (1). قال الشيخ اليافعي: (ومثل هذا المثال إنما هو مدافعة وتساهل في التمثيل، وليس المثل كالمثل؛ فإن اللذات بالنساء تتفاوت بحسب تفاوت جمالهن، وتفاوت منصبهن وشرفهن، كما هو معروف لا يمكن جحده، ولذلك قال صلّى الله عليه وسلم: «ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله» (2)، فمدحه بذلك، وبين فضله بمخالفة هواه مع شدة ميل الطبع، وقوة الشهوة للمتصفة بهذا الوصف) (3). توفي يوسف المذكور سنة خمس مائة، وقيل: قبلها، وقيل: سنة ثلاث وتسعين وأربع مائة، ولما حضرته الوفاة .. عهد بالأمر بعده إلى ابنه علي الذي خرج عليه ابن تومرت، وكان في آخر أمره بعث رسولا إلى العراق يطلب عهدا من المستظهر بالله، فبعث له بالخلع والتقليد واللواء، فأقيمت الخطبة العباسية بممالكه، وكان قد ظهر لأبطال الملثمين ضربات بالسيوف تقد الفارس، وطعنات بالرماح تنظم الكلا، فكان لهم بذلك رعب في قلوب

(1) «مرآة الجنان» (3/ 164). (2) أخرجه «البخاري» (1423)، و «مسلم» (1031)، و «الترمذي» (2391)، و «النسائي» (5285). (3) «مرآة الجنان» (3/ 165).

2124 - [أحمد بن أسعد التباعي]

المنتدبين لقتالهم، وسموا ملثمين؛ لأنهم كانوا يتلثمون ولا يكشفون وجوههم، وفي ذلك قيل: [من الكامل] قوم لهم درك العلى في حمير … وإن انتموا صنهاجة فهم هم لما حووا إحراز كل فضيلة … غلب الحياء عليهم فتلثموا واختلف في سبب لثامهم: قيل: إن حمير كانت تتلثم لشدة الحر والبرد، يفعله الخواص منهم، فكثر ذلك حتى صار يفعله عامتهم. وقيل: سببه أن قوما من أعدائهم كانوا يقصدون غفلتهم إذا غابوا، فيطرقون الحي، ويأخذون المال والحريم، فأشار عليهم بعض مشايخهم أن يبعثوا النساء في زي الرجال إلى ناحية، ويقعدون هم في البيوت متلثمين، فإذا أتاهم العدو، وظنوا أنهم النساء .. خرجوا عليهم، ففعلوا ذلك، وثاروا عليهم بالسيوف وقتلوهم، فلزموا اللثام؛ تبركا بما حصل لهم من الظفر. وقيل: غير ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم. 2124 - [أحمد بن أسعد التباعي] (1) أحمد بن أسعد التباعي. كان فقيها عالما متقنا، متفننا في أنواع العلوم، استفاد وأفاد، وانتفع به جمع كثير. توفي على رأس المائة الخامسة. 2125 - [أحمد بن عبد الله الرازي] (2) أحمد بن عبد الله بن محمد أبو العباس الرازي، صاحب «تاريخ صنعاء». ولد بصنعاء.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 237)، و «السلوك» (1/ 412)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 49)، و «تحفة الزمن» (1/ 336)، و «هجر العلم» (3/ 1453). (2) «السلوك» (1/ 282)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 108)، و «تحفة الزمن» (1/ 209).

2126 - [إسماعيل الربعي]

قال الجندي: (وأظن أهله من الري، ولذلك نسب إليها) (1). كان إماما فاضلا متفننا، سنيا، وكتابه يدل على ذلك، وعلى سعة علمه، وكمال عقله، وجودة حفظه. وكانت وفاته آخر المائة الخامسة، وما أدري أنه شافعي الفروع أم لا؟ ! وإنما ذكرته في الشافعية؛ ظنا. 2126 - [إسماعيل الربعي] (2) إسماعيل بن إبراهيم الربعي، أخو مصنف «نظام الغريب» عيسى بن إبراهيم. كان المذكور أحد الفضلاء في عصره، وله القصيدة المشهورة المسماة: «قيد الأوابد» في اللغة، وله عدة رسائل حسنة، وأشعار مستحسنة، تجمع عدة معاني من أبواب اللغة والنحو. وتوفي بعد أخيه بقليل. قال ابن سمرة: (ولم أقف على تاريخ وفاة واحد منهما) اهـ‍ (3) والظاهر: أنهما كانا حيين في هذه العشرين؛ فإن أخاه صنف «نظام الغريب» سنة ثمانين وأربع مائة. 2127 - [علي بن أحمد التباعي] (4) أبو الحسن علي بن أبي الغارات (5) أحمد بن علي التباعي. كان فقيها جيدا، أديبا عالما خيرا، من أهل علقان بالسحول.

(1) «السلوك» (1/ 282). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 157)، و «السلوك» (1/ 284)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 481)، و «تحفة الزمن» (1/ 211)، و «بغية الوعاة» (1/ 442)، و «هجر العلم» (4/ 2330). (3) بل قال ابن سمرة في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 157): (مات عيسى بن إبراهيم في احاظة سنة ثمانين وأربع مائة، وأما أخوه إسماعيل .. فمات بعده بقليل). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 101)، و «السلوك» (1/ 243)، و «العطايا السنية» (ص 444)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 216)، و «تحفة الزمن» (1/ 175)، و «هجر العلم» (3/ 1452). (5) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 216): أن أبا الغارات كنية لوالد صاحب الترجمة، وفي باقي المصادر: أنها كنية لصاحب الترجمة.

2128 - [يحيى بن عبد العليم الأعمى]

سمع من أبي بكر أحمد بن محمد المكي البزار كتاب «الشريعة» للآجري عن الآجري. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة، والله سبحانه أعلم. 2128 - [يحيى بن عبد العليم الأعمى] (1) يحيى بن عبد العليم بن أبي بكر الأعمى. كان فقيها فاضلا، إماما مشهورا، أثنى عليه ابن سمرة، وسماه: (الشيخ الزاهد) (2). أخذ مع أخيه أبي الفرج عن ابن أبي ميسرة بالجند في سنة ست وسبعين وأربع مائة «سنن أبي قرة» و «مختصر المزني» و «رسالة الشافعي»، وكان زميله في القراءة القاضي محمد بن عثمان اليافعي، والد القاضي أبي بكر. وكان يحيى المذكور إماما بجامع الجند أيام المفضل بن أبي البركات، وأصل بلده حجرة-بضم الحاء، وفتح الجيم والراء، ثم هاء-قرية بخدير الأعلى بفتح الخاء المعجمة، وكسر الدال المهملة، وسكون المثناة تحت، ثم راء. قال الجندي: (وهي من القرى المباركة، خرج بها جماعة من الفضلاء، وبها قرابة الفقيه يحيى، يعرفون ببني الأعمى وآل أبي ذرة) اهـ‍ (3) ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه يحيى، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 2129 - [عمر بن بيش] (4) عمر (5) بن بيش بكسر الموحدة، ثم مثناة من تحت ساكنة، ثم شين معجمة. كان فقيها فاضلا، صالحا تقيا، من بيت فقه، وهو أحد شيوخ الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 113)، و «السلوك» (1/ 249)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 53)، و «تحفة الزمن» (1/ 179)، و «هجر العلم» (1/ 444). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 113). (3) «السلوك» (1/ 249). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 226)، و «السلوك» (1/ 326)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 405)، و «تحفة الزمن» (1/ 249). (5) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 405)، وفي باقي المصادر: (عمرو).

2130 - [عمر بن محمد الفقيه]

قال ابن سمرة: (أصل بلده لحج) (1). وقال الجندي: (لم أجد بلحج من يعرف هذا، وأخبرت أن في مقابر المحل جماعة تزار قبورهم تعرف بقبور الفقهاء بني بيش، فأظن أهله من أبين) (2)، قال: (ومن ذريته الخطيب محمد بن إسماعيل بن عمر بن بيش) اهـ‍ (3) ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان حيا في أوائل هذه المائة، أو في التي قبلها، والله سبحانه أعلم. 2130 - [عمر بن محمد الفقيه] (4) عمر بن محمد بن عمر بن الفقيه أحمد بن الفقيه إبراهيم. كان فقيها خيرا، ومن ذريته الفقهاء بنو مضمون المعروفون بفقهاء الملحمة. نقل الجندي عن الحافظ العرشاني قال: (أخبرني شيخي يحيى بن محمد، عن جده هذا عمر قال: كنت بمكة عام كذا وأربع مائة، فكنت يوما في الحرم عند القيلولة في شدة الحر، وما في المطاف إلا رجل واحد، أو رجلان، وإذا برجل عليه طمران مشتمل على رأسه أقبل يسير رويدا حتى قرب من الركن الأسود، ولا أعلم ما يريد، وأنا انظر إليه، فأخرج من ثوبه معولا، وضرب به الركن ضربة شديدة حتى خفقه الخفقة التي فيه، ثم رفع يده يريد يضربه ثانيا ليقلعه ويتلفه، فابتدره رجل من أهل اليمن من السكاسك كان في الطواف حينئذ، فطعنه بخنجر كان معه طعنة عظيمة فأسقطه، وأقبل الناس من نواحي المسجد لينظروا، فوجدوه قد مات، وهو رومي، ومعه معول عظيم قد حدّد وذكّر ليقطع به الركن، ثم إن الناس أخرجوه من الحرم، وأحرقوا جثته بالنار) (5). ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه عمر المذكور، وذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه المائة.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 175). (2) «السلوك» (1/ 326). (3) «السلوك» (1/ 465). (4) «السلوك» (1/ 277)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 450)، و «تحفة الزمن» (1/ 204)، و «هجر العلم» (4/ 2129). (5) «السلوك» (1/ 277).

2131 - [عياش القرشي]

2131 - [عياش القرشي] (1) عياش-بالمثناة تحت، وبالشين المعجمة-ابن محمد بن عياش القرشي المخزومي. تفقه بالقاضي التستري، وأخذ عن الأحنف، وكان فقيها فاضلا. وبه تفقه الإمام علي بن قاسم الحكمي، ومحمد وعلي ابنا عيسى بن همدان. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في أواخر هذه المائة (2). 2132 - [عيسى بن إبراهيم الربعي] (3) عيسى بن إبراهيم الرّبعي-بفتح الراء والموحدة-الفقيه اللغوي، مصنف «نظام الغريب»، صنفه بوحاظة سنة ثمانين وأربع مائة. وكان فقيها فاضلا، نحويا لغويا مبرزا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وأظن أنها في هذه العشرين (4). 2133 - [محمد ابن كديس] (5) محمد بن إسحاق بن الفقيه أبي الخير أيوب بن كديس. كان فقيها فاضلا مبرزا. حج فلقي الشيخ أبا بكر محمد بن منصور السهروردي، وسمع من الفقيه أبي نصر. وعنه أخذ إسماعيل بن المبارك «غريب أبي عبيد». ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة؛ ظنا مؤكدا.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 245)، و «السلوك» (1/ 409)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 480)، و «تحفة الزمن» (1/ 332). (2) قالت المصادر التي ذكرت وفاته: توفي سنة (480 هـ‍). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 156)، و «معجم الأدباء» (6/ 106)، و «السلوك» (1/ 284)، و «العطايا السنية» (ص 519)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 481)، و «تحفة الزمن» (1/ 211)، و «بغية الوعاة» (2/ 235)، و «هجر العلم» (4/ 2330). (4) قال ابن سمرة في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 157): (مات عيسى بن إبراهيم في احاظة سنة ثمانين وأربع مائة). (5) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 102)، و «السلوك» (1/ 244)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 102)، و «تحفة الزمن» (1/ 176)، و «هجر العلم» (3/ 1280).

2134 - [ابن العرجاء المقرئ]

2134 - [ابن العرجاء المقرئ] (1) عبد الله بن عمر بن علي بن خلف القيرواني المقرئ أبو محمد المعروف بابن العرجاء، إمام مقام إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام بالمسجد الحرام. قال التقي الفاسي: (ذكره السلفي في «معجم السفر» له وقال: ولد بالقيروان، وكان شافعي المذهب، وكان إمام مقام إبراهيم، وأول من يصلي من أئمة الحرم قبل المالكية والحنفية والزيدية، وكان من أصحاب أبي معشر الطبري، قرأ عليه القرآن بروايات كثيرة، وذكر ابنه أبو علي الحسن بن عبد الله أن أباه قرأ على عبد الباقي بن فارس الحمصي، وعلى أحمد بن نفيس الطرابلسي وغيرهما بمصر) اهـ‍ (2) وذكره الذهبي في «طبقات القراء» قال: (وقرأ بالروايات على أبي العباس بن نفيس، وعبد الباقي بن الحسن، وأبي معشر الطبري، وجاور بمكة، واستوطنها، وأم بالمقام. قرأ عليه ابنه أبو الحسن علي، وعبد الرحمن بن أبي رجاء، وعبد الله بن خلف البياسي، وسمع منه أبو طاهر السلفي سنة سبع وتسعين وأربع مائة، وانتهت إليه رئاسة الإقراء) اهـ‍ (3) ***

(1) «معجم السفر» (ص 140)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 878)، و «غاية النهاية» (1/ 438)، و «العقد الثمين» (5/ 217). (2) «العقد الثمين» (5/ 218). (3) «معرفة القراء الكبار» (2/ 879).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والثمانون بعد الأربع مائة فيها: حج الوزير أبو شجاع، واستناب ابنه أبا منصور، كذا في بعض التواريخ (1)، ومراده: الوزير نظام الملك (2)، وكأنه أراد بقوله: (حج) قصد الحج؛ فإنه بلغ إلى بغداد قاصدا الحج، فأتاه بعض الفقراء برسالة من النبي صلّى الله عليه وسلم بأن إقامته على ما هو عليه أفضل من حجه، فترك الحج، ورجع إلى بلده، والله سبحانه أعلم. وفيها: توفي أبو بكر أحمد بن عبد الصمد الهروي الغورجي، والحافظ أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي الصوفي الملقب: شيخ خراسان، وأبو بكر بن ماجه الأبهري واسمه: محمد بن أحمد الأصبهاني، وإبراهيم بن محمد الطيان، وعثمان المحمي. وفيها: مات طراد بن محمد الزينبي نقيب العباسيين. *** السنة الثانية والثمانون فيها: سار السلطان ملك شاه بجيوشه من أصبهان وعبر النهر، وملك بخارى وسمرقند مع قتال وحصار، وسار نحو كاشغر، فدخل ملكها في الطاعة، فرجع إلى خراسان، ونكث أهل سمرقند، فكر راجعا إلى سمرقند، وجرت أمور طويلة (3). وفيها: توفي أحمد بن صاعد أبو نصر الحنفي رئيس نيسابور وقاضيها، والحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد النعماني مولاهم المصري، والقاضي أبو منصور بن شكرويه واسمه: محمد بن أحمد الأصبهاني، والحافظ محمد بن أحمد بن أبي جعفر الطبسي مؤلف كتاب «بستان العارفين»، وأبو حامد الشجاعي، وأبو إسحاق الحبال، وأبو القاسم الدبوسي العلوي الفقيه المدرس بالنظامية، وأبو الحسن بن المعوج كاتب الزمام.

(1) «المنتظم» (9/ 619)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 322). (2) بل هو الوزير ظهير الدين أبو شجاع محمد بن الحسين وزير المقتدي، وانظر قصة نظام الملك وقصده الحج في «تاريخ الإسلام» (33/ 144). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 324)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 8)، و «العبر» (3/ 301)، و «مرآة الجنان» (3/ 133).

السنة الثالثة والثمانون

السنة الثالثة والثمانون فيها: كانت فتنة هائلة لم يسمع بمثلها بين السنية والرافضة، قتل فيها عدد كثير، وعجز والي البلد، واستظهر أهل السنة بكثرة من معهم من أعوان الخليفة، واستكانت الشيعة وذلوا، ولزموا التقية، وأجابوا إلى أن كتبوا على مساجد الكرخ: خير الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنه، واشتد البلاء على غوغائهم، وخرجوا عن عقولهم، فنهبوا شارع ابن أبي عوف، ثم جرت أمور مزعجة، وعاد القتال حتى بعث صدقة بن مزيد عسكرا تتبع المعتدين إلى أن قرّ الشر قليلا (1). وفيها: خلع على الرضى أبي القاسم بن علي بن طراد الزينبي، وكتب له منشور بنقابة العباسيين بعد أبيه. وفيها: نهب العرب من بني عامر البصرة، وأحرقوا أكثرها (2). وفيها: توفي أبو الحسين عاصم بن الحسن العاصمي الكرخي الشاعر المشهور، ومحمد بن ثابت الشافعي الواعظ، وأبو نصر محمد بن سهل السراج، وأبو نصر البرقاني، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبو الغنائم بن أبي عثمان، والوزير فخر الدولة أبو نصر بن جهير. *** السنة الرابعة والثمانون فيها: استولى يوسف بن تاشفين أمير المسلمين على الأندلس، وقبض على المعتمد بن عباد اللخمي، وأخذ كل شيء يملكه، وترك أولاده فقراء، وحبسه في أغمات إلى أن توفي (3). وفيها: استولت الإفرنج على جزيرة صقلية. وفيها: عزل الوزير أبو شجاع محمد بن الحسين بتقدم من ملك شاه، فانتقل إلى المدينة

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 330)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 12)، و «مرآة الجنان» (3/ 134)، و «شذرات الذهب» (5/ 353). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 336). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 339)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 15)، و «العبر» (3/ 306)، و «مرآة الجنان» (3/ 134).

السنة الخامسة والثمانون

الشريفة، وجاور بها، وعاذ بالحجرة الشريفة إلى أن مات في سنة ثمان وثمانين وأربع مائة (1). وفيها: قدم الإمام أبو حامد الغزالي بغداد مدرسا في نظاميتها (2). وفيها: توفي الحافظ المعافري الشاطبي تلميذ ابن عبد البر طاهر، وأبو القاسم عبد الملك بن علي الأنصاري البصري المعروف بابن شغبة، الحافظ الزاهد، وقاضي القضاة محمد بن عبد الله بن الحسين النيسابوري أبو بكر الناصحي، والمعتصم محمد الأندلسي. وفيها: خروج حيدر إلى حضرموت (3). وفيها: وقعة أهل شحبل (4). *** السنة الخامسة والثمانون فيها: أخذت ركب العراق خفاجة بخاء معجمة، وفاء، وجيم بين الألف والهاء. وفيها: كان الحريق ببغداد، احترق فيه من الناس عدد كثير وأسواق كبار، وامتد ذلك من الظهر إلى العصر (5). وفي عاشر رمضان منها: قتل الوزير الكبير قوام الدين أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي الملقب: نظام الملك، ومحدث مكة أبو الفضل جعفر بن يحيى الحكاك، والإمام الكبير أبو بكر الشاشي واسمه: محمد بن علي بن حامد شيخ الشافعية، وأبو عبد الله محمد بن عيسى التجيبي مقرئ الأندلس، والسلطان أبو الفتح ملك شاه جلال الدولة بن السلطان ألب أرسلان محمد بن داود السلجوقي التركي، وعقد من بعده الملك لولده محمود وهو إذ ذاك ابن خمس سنين، ولم يتم أمره، وإنما قوته أمه خاتون الجلالية بالمال وباستيلائها ومواطأة تاج الملك لها. ***

(1) «المنتظم» (9/ 635)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 338)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 15). (2) «المنتظم» (9/ 635). (3) «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 445). (4) «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 445). (5) «الكامل في التاريخ» (8/ 365)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 27)، و «العبر» (3/ 309).

السنة السادسة والثمانون

السنة السادسة والثمانون لما علم تتش بن ألب أرسلان وهو بدمشق فيها (1) بموت أخيه السلطان ملك شاه .. أنفق الأموال، وتوجه إلى ناحية السلطنة، فسار معه من حلب قسيم الدولة مولى السلطان ملك شاه، ودخل في طاعته صاحب أنطاكية وصاحب الرها وحران، ثم سار وأخذ الرحبة في أول سنة ست وثمانين، وأخذ نصيبين، وقتل بها خلقا كثيرا، ونهبها، ثم سار إلى الموصل، فالتقاه إبراهيم العقيلي في ثلاثين ألفا، وكان تتش في عشرة آلاف، وتعرف بوقعة المضيّع، فانهزمت العرب، وأسر إبراهيم، فقتله صبرا، وأقر أخاه عليا على الموصل (2). وفي هذه السنة: لم يحج ركب العراق. وفيها: نهب صاحب مكة محمد بن أبي هاشم ركب الشام، ونهبتهم العربان، وتوصل من سلم في حالة عجيبة (3). وفيها: توفي أبو الفضل أحمد الحداد الأصبهاني، وأبو الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي الحنبلي، وشيخ الإسلام أبو الحسن علي بن أحمد الهكاري الأموي، وأبو المظفر موسى بن عمران الأنصاري النيسابوري مسند خراسان، وأبو الفتح نصر بن الحسن الشاشي، والحافظ أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، والحافظ سليمان بن إبراهيم، وعلي بن محمد بن محمد الأنباري. *** السنة السابعة والثمانون في أولها: عزم الخليفة المقتدي بأمر الله على تقليد السلطنة لبركياروق-بالباء الموحدة، والمثناة من تحت بين الكاف والألف-فالتقاه، وخطب له ببغداد، ولقب: ركن الدولة، ومات الخليفة من الغد فجأة (4).

(1) أي: في هذه السنة. (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 369)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 29)، و «العبر» (3/ 312)، و «مرآة الجنان» (3/ 141). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 372)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 31)، و «العبر» (3/ 313)، و «مرآة الجنان» (3/ 142). (4) «المنتظم» (9/ 663)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 376)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 33)، و «مرآة الجنان» (3/ 143).

السنة الثامنة والثمانون

وفيها: حاصر تتش حلب، فافتتحها، ثم سار، فأخذ الجزيرة وأذربيجان، وكثرت جيوشه، واستفحل شأنه. وفيها: مات عز الملك أبو عبد الله بن نظام الملك الحسن بن إسحاق. وفيها: ورد بركياروق الموصل، وسأل عما كان يطلقه أبوه من الصلات في كل سنة، فأثبتت له ببغداد خاصة ما يزيد على عشرة آلاف، فأجراها. وفيها: ماتت تركان خاتون الجلالية بأصبهان، فانحل أمر ابنها محمود بذلك، وعقد الأمر لبركياروق بن ملك شاه، وقصد سنجر بن ملك شاه صدقة بن منصور، ونزل عليه في الحلة بالنيل (1). وفيها: قتل قسيم الدولة مولى السلطان ملك شاه. وفيها: توفي مسند نيسابور أبو بكر بن خلف الشيرازي، وأبو نصر الحسن بن أسد الفارقي الأديب، والحافظ الكبير الأمير أبو نصر علي بن هبة الله العجلي المعروف بابن ماكولا النسابة، والقاضي أبو عامر محمود الأزدي الهروي الفقيه الشافعي، والمستنصر بالله أبو تميم معد بن الظاهر علي بن الحاكم العبيدي الباطني صاحب مصر، وأبو القاسم بن أبي العلاء. *** السنة الثامنة والثمانون فيها: قامت الدولة على أحمد خان صاحب سمرقند، وشهدوا عليه بالزندقة والانحلال، فأفتى الأئمة بقتله، فخنقوه، وملكوا ابن عمه مسعود (2). وفيها: التقى تتش بن ألب أرسلان وابن أخيه بركياروق بن ملك شاه بن ألب أرسلان بنواحي الري، فانكسر عسكر تتش، وقاتل هو حتى قتل، وكان ابنه رضوان بن تتش قد سار إلى بغداد لينزل بها، فلما قارب هيت .. جاءه نعي أبيه، فرد ودخل حلب، ثم قدم عليه من الوقعة أخوه دقاق بن تتش، ثم إن متولي قلعة دمشق راسل دماقا، فسار سرا من أخيه بركياروق، وتملك دمشق (3).

(1) «المنتظم» (10/ 9)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 386)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 36). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 389)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 38)، و «العبر» (3/ 320)، و «مرآة الجنان» (3/ 145). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 390)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 39)، و «العبر» (3/ 321)، و «مرآة الجنان» (3/ 145).

وفيها: قدم أبو حامد الغزالي إلى دمشق زاهدا في الدنيا وما كان فيه من رئاستها، والإقبال والقبول من الخليفة وكبراء الدولة، وصنف «الإحياء»، وأسمعه بدمشق، وأقام بها سنين، ثم حج، ورجع إلى وطنه (1). قال الشيخ اليافعي: (هكذا ذكر بعض المؤرخين، وهو مخالف لما ذكره الغزالي رحمه الله في كتابه «المنقذ من الضلال» أنه أقام بالشام قريبا من سنتين مختليا بنفسه، ولم يذكر إسماعه «الإحياء» ولا تصنيفه إياه، ولو كان .. لذكره كما ذكر علوما أخر صنف فيها قبل السنتين، وأيضا، فتصنيف «الإحياء» مع ما اشتمل عليه من العلوم الواسعة لا يمكن في أربع سنين فضلا عن السنتين. قال: وكذا ما ذكره ابن كثير وغيره؛ من أن الغزالي حج قبل سفره إلى الشام، وأنه أقام في الشام عشر سنين، وأنه دخل مصر والإسكندرية، ورام الاجتماع بملك الغرب يوسف بن تاشفين لما بلغه من عدله، كل ذلك مخالف لصريح ما نص عليه أبو حامد في كتابه المذكور؛ فإنه ذكر فيه أنه توجه إلى الشام قبل توجهه إلى مكة، ثم توجه إلى الحج بعد السنتين المذكورتين، ثم كر راجعا إلى وطنه وأولاده. قال: والعجب كل العجب من قوله: «إنه قصد سلطان الغرب لقضاء أرب» وهو من ملاقاة السلاطين قد هرب) (2). وفيها: توفي أبو الفضل أحمد بن الحسين بن خيرون البغدادي، وشيخ المعتزلة أبو يوسف عبد السلام القزويني، والمعتمد على الله أبو القاسم محمد بن المعتضد اللخمي صاحب الأندلس، وقاضي القضاة أبو بكر محمد بن المظفر الشامي الحموي الشافعي، والحافظ أبو عبد الله الحميدي مؤلف «الجمع بين الصحيحين» واسمه: محمد بن أبي نصر. وفيها: توفي بدر أمير الجيوش، وتاج الدولة تتش بن ألب أرسلان، ورزق الله التميمي، ومحمد بن علي البغوي، ونجيب الواسطي. ***

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 396)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 42)، و «مرآة الجنان» (3/ 145)، و «شذرات الذهب» (5/ 379). (2) «مرآة الجنان» (3/ 146).

السنة التاسعة والثمانون

السنة التاسعة والثمانون فيها: قتل يوسف بن آبق الذي كان حاصر بغداد، قتله المجنّ، رئيس الأحداث بحلب (1). وفيها: مات منصور بن نصر بن مروان عند بيت يهودي بالجزيرة، وبه انقرض بيت مروان (2). وفيها: توفي أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني الكرخي ثم البغدادي، وعبد الملك بن سراج الأموي مولاهم القرطبي لغوي الأندلس، وأبو أحمد القاسم بن المظفر الشهر زوري والد قاضي الخافقين، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الباقي المعروف بابن الخاضبة، والإمام العلامة منصور بن محمد التميمي المعروف بأبي المظفر السمعاني المروزي الحنفي ثم الشافعي. وفيها: قتل محمد بن شرف الدولة مسلم بن قريش. وفيها: فتح المصريون بيت المقدس (3). وفيها: توفي محمد بن علي العميري (4). *** السنة الموفية تسعين بعد الأربع مائة فيها: قتل أرسلان بن أرغون بن ألب أرسلان السلجوقي بمرو، قتله غلام له رآه متخليا؛ طالبا لراحة الناس منه؛ فإنه كان ظلوما غشوما، واستولى بركياروق على خراسان، ورتب بها أخاه سنجر بن ملك شاه، وضم إليه تاج الدولة مدبرا لأمره، واستوزر له أبا الفتح علي بن الحسين الطغرائي، وقد كان أرسلان بن أرغون المذكور حارب أخاه بوربرس، فظفر به أخوه، وصادر وزيره أبا القاسم بن نظام الملك على ثلاث مائة ألف دينار، ثم قتله، وفتح مرو، وشيد سورها، وقتل خلقا من أهلها (5).

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 400). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 401)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 157). (3) «تاريخ ابن خلدون» (5/ 25). (4) «المنتظم» (10/ 29)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 69). (5) «الكامل في التاريخ» (8/ 406)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 45)، و «العبر» (3/ 328)، و «شذرات الذهب» (5/ 395).

السنة الحادية والتسعون

وفيها: التقى الأخوان دقاق ورضوان ابنا تتش بقنسرين، فانكسر دقاق، ونهب عسكره، ثم تصالحا على أن يقدم أخاه في الخطبة بدمشق (1). وفيها: أقام رضوان بحلب دعوة العبيديين، وخطب للمستعلي الباطني، ثم بعد أشهر أنكر عليه صاحب أنطاكية وغيره، فأعاد الخطبة العباسية (2). وفيها: توفي أبو يعلى أحمد بن محمد البصري الفقيه المعروف بابن الصواف شيخ مالكية العراق، وأبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس رئيس همذان ومحدثها، والإمام العالم الزاهد أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي النابلسي. *** السنة الحادية والتسعون فيها: فتح الإفرنج الغرب في المراكب، وملكوا كثيرا من بلاد الساحل والشام، وقتلوا المسلمين، وهتكوا حرمتهم. وفي جمادى الأولى منها: ملكوا أنطاكية بالسيف، وخان بصاحبها بعض أصحابه، فخرج منها هاربا في ثلاثين فارسا، ثم ندم حتى غشي عليه من الغم فأركبوه، فلم يتماسك، فتركوه ونجوا، فعرفه أرمني حطاب، فقطع رأسه، وحمله إلى ملك الإفرنج، وعظم المصاب على المسلمين بأخذ أنطاكية وأهلها، ثم أخذ الفرنج خذلهم الله معرة النعمان بالسيف، ثم تجمع عسكر الجزيرة والشام ومقدمهم دقاق بن تتش صاحب دمشق، وطغتكين أتابكه، وحسين صاحب حمص، وكربوقا صاحب الموصل وغيرهم في جمع عظيم، فحاصروا أنطاكية، وعملوا مع الفرنج مصافّا حتى أشرفوا على أخذ أنطاكية، وسألهم الفرنج الأمان على أنفسهم ليخرجوا منها، فلم يجيبوهم، فلما أيسوا .. خرج الفرنج إليهم محاربين، وتخاذل المسلمون، فهزمهم الفرنج (3). وفيها: توفي أبو العباس أحمد بن عبد الغفار الأصبهاني، وأبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي النقيب الهاشمي العباسي، وأبو الحسين مكي بن منصور الكرخي،

(1) «تاريخ الإسلام» (33/ 46)، و «العبر» (3/ 329). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 412)، و «مرآة الجنان» (3/ 152). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 415)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 8)، و «العبر» (3/ 332)، و «شذرات الذهب» (5/ 399).

السنة الثانية والتسعون

وأبو العباس بن آسية، وابن بشرويه، وسهل الأسفراييني، وهبة الله بن عبد الرزاق. *** السنة الثانية والتسعون فيها: قتل أنس صاحب فارس وأصبهان، هجم بيته نفر من الأتراك المولدين وهو على طعامه ثلاثة أنفار، في يد أحدهم المشعل، فرماه الملك، والآخر الشمعة، وقتله الثالث (1). وفيها: انتشرت دعوة الباطنية بأصبهان وأعمالها، وقويت شوكتهم، وأخذت الفرنج الملاعين بيت المقدس بكرة الجمعة لسبع بقين من شعبان بعد حصار شهر ونصف (2). قال ابن الأثير: (قتلت الفرنج في المسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفا) (3). وفيها: قتل الأتراك مجد الملك أبا الفضل أسعد بن محمد البراوستاني، [نسبة إلى براوستان] من قرى قم، مستوفي بركياروق والمستولي على أمره، وكان حسن الرئاسة، وقتلوه على كره من بركياروق، وفارقوه إلى أخيه محمد (4). وفيها: كان ابتداء دولة محمد بن السلطان ملك شاه بن ألب أرسلان السلجوقي، طلع شهما شجاعا مهيبا، فتسارعت إليه العساكر، فسار إلى الري وملكها، وظفر بزبيدة أم أخيه بركياروق بالري فقتلها، وخطب له بالعراق (5). وفيها: توفي أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمد البغدادي اليوسفي، وأبو القاسم أحمد بن محمد الخليلي الدهقان، وأبو تراب عبد الباقي بن يوسف المراغي، والقاضي أبو الحسين الخلعي المصري الفقيه الشافعي، والحافظ أبو القاسم مكي بن عبد السلام المقدسي.

(1) «المنتظم» (10/ 41)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 423)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 15)، والاضطراب في العبارة واضح، وقد جاء الخبر في «الكامل في التاريخ» (8/ 424) على النحو التالي: (فبينما هو يفطر، وكانت عادته أن يصوم أياما من الأسبوع، فلما قارب الفراغ من الإفطار .. هجم عليه ثلاثة نفر من الأتراك المولدين بخوارزم، وهم من جملة خيله، فصدم أحدهم المشعل فألقاه، وصدم الآخر الشمعة فأطفأها، وضربه الثالث بالسكين فقتله)، وقد جاء فيه أنّ اسمه: (أنر) خلافا لما ورد هنا من أنه (أنس). (2) «العبر» (3/ 334)، و «مرآة الجنان» (3/ 154)، و «شذرات الذهب» (5/ 401). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 425). (4) «الكامل في التاريخ» (8/ 430)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 20). (5) «الكامل في التاريخ» (8/ 428)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 20).

السنة الثالثة والتسعون

السنة الثالثة والتسعون فيها: التقى المسلمون مع الفرنج بقرب ملطية، وانكسر الفرنج، وأسر ملكهم، ولم يفلت منهم سوى ثلاثة آلاف، هربوا في الليل، وكانوا ثلاث مائة ألف (1). وفيها: توفي الشيخ الحافظ المحدث عبد الملك بن محمد بن ميسرة اليمني، والإمام النحوي سليمان بن عبد الله بن الفتى النهرواني، وأبو الفضل عبد القاهر بن عبد السلام العباسي النقيب المكي المقرئ، وجعفر العباداني، وابن طلحة النعالي. وفيها: قبض على الوزير أبي منصور عميد الدولة بن جهير وعلى أخويه الكافي أبي البركات جهير والزعيم أبي القاسم علي، فهلك الوزير وأخوه الكافي في الاعتقال في دار الخلافة في هذه السنة، وخلص الزعيم، وهرب إلى الحلة السيفية (2). وفيها: توفي أبو المكارم محمد بن سيف الدولة صدقة بن منصور. *** السنة الرابعة والتسعون فيها: كثرت الباطنية بالعراق والجبل، وزعيمهم الحسن بن صباح، فملكوا القلاع، وقطعوا السبيل، وأهم الناس شأنهم؛ لاشتغال أولاد ملك شاه بنفوسهم ومقاتلة بعضهم بعضا (3). وفيها: أخذت الفرنج بلدانا بالشام، منها: سروج وقيسارية بالسيف، وأرسوف بالأمان. وفيها: توفي أبو الفضل أحمد بن علي بن الفضل بن طاهر بن الفرات الدمشقي، والإمام شيخ الشافعية بخراسان أبو الفرج الزاز-بزايين بينهما ألف-واسمه: عبد الرحمن بن أحمد السرخسي ثم المروزي، والقاضي أبو المعالي عزيزي بن عبد الملك شيذلة الجيلي الشافعي الواعظ، وعبد الواحد بن أبي القاسم القشيري، وابن الأخرم

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 438)، و «العبر» (3/ 337)، و «مرآة الجنان» (3/ 155). (2) «المنتظم» (10/ 45)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 437)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 22)، و «البداية والنهاية» (12/ 642). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 448)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 28)، و «مرآة الجنان» (3/ 156)، و «شذرات الذهب» (5/ 407).

السنة الخامسة والتسعون

المؤذن، وأبو مسعود السّوذرجاني، ومنصور بن حيد، وابن النصر. وفيها: مات أبو نصر محمد بن رئيس الرؤساء، وشرف الملك أبو سعيد محمد بن منصور الخوارزمي، مستوفي ملك شاه بأصبهان، وكان بذل مائة ألف دينار حتى أعفي عن الاستيفاء، ورتب فيه مجد الدولة أبو الفضل. *** السنة الخامسة والتسعون فيها: توفي المستعلي بالله أبو القاسم أحمد بن المستنصر بالله العبيدي صاحب مصر، وقام مقامه ولده أبو علي الملقب بالآمر بأحكام الله. وفيها: مات كربوقا صاحب الموصل، وملك الموصل صاحبه سنقر، فقتل، وملكها جكرمش (1). وفيها: عمّر صدقة بن منصور الحلة بالجامعين ونزلها، وإنما كان ينزل هو وآباؤه في البيوت العربية (2). وفيها: عاد سنجر إلى خراسان، واستقر فيها، وخرج محمد إلى ولايته، وقصد بركياروق نهاوند، وكثر جمعه، واستقر بينه وبين أخيه محمد أن يكون بركياروق السلطان، ومحمد الملك، ويكون له كبجة وأعمالها، وأذربيجان، وديار بكر، وديار مضر، وربيعة، ثم غدر محمد وحارب أخاه مغارب الري، فكسر، وهرب إلى أصبهان، فحاصره بركياروق فيها، وقتل وزيره الأعزّ أبو المحاسن الدهستاني (3). وفيها: توفي شيخ الأطباء بالعراق سعيد بن هبة الله، صاحب التصانيف في الفلسفة والطب، وعبد الواحد بن عبد الرحمن الزهري الفقيه، قال السمعاني: (عمر مائة وثلاثين سنة) (4). ***

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 471)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 46). (2) «المنتظم» (10/ 63)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 480). (3) «المنتظم» (10/ 62)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 461)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 41)، و «العبر» (3/ 342). (4) «الأنساب» (5/ 594).

السنة السادسة والتسعون

السنة السادسة والتسعون فيها: سار دقاق صاحب دمشق، فأخذ الرحبة، وتسلم حمص بعد موت صاحبها. وفيها: توفي مقرئ العراق أبو طاهر أحمد بن علي مصنف «المستنير في القراءات»، ومقرئ الأندلس أبو داود سليمان بن نجاح الأندلسي مولى المؤيد بالله الأموي، وأبو البركات محمد بن المنكدر (1) الكرخي المؤدب، روى عن عبد الملك بن بشران، وأبو الحجاج يوسف بن سليمان النحوي المعروف بالأعلم (2)، ومحمد بن عبد الجبار الفرساني. قال في بعض التواريخ: وفيها: توفيت السيدة بنت القائم التي كانت زوج طغرلبك (3). وفيها: قتل أبو المظفر الخجندي الفقيه الشافعي المدرس، وينتسب إلى المهلب بن أبي صفرة، قتله علوي في الري في فتنة بين السنية والشيعة، وقتل العلوي (4). *** السنة السابعة والتسعون فيها: نازلت الفرنج حران، والتقاهم سقمان ومعه عشرة آلاف، فانهزموا، وتبعهم الفرنج فرسخين، ثم نزل النصر، وكبر المسلمون عليهم، فقتلوهم كيف شاءوا، وكان فتحا عظيما (5). وفيها: توفي أحمد بن علي المعروف بابن زهراء الصوفي البغدادي، والقدوة الواعظ الزاهد إسماعيل بن علي النيسابوري، وأبو مكتوم عيسى بن الحافظ أبي ذر عبد بن أحمد الهروي ثم السروي الحجازي، ومحمد بن الفرج القرطبي المالكي، وشمس الملوك دقاق بن تاج الدولة تتش السلجوقي، والحسين بن البسري، وأبو الخطاب بن الجراح، وأبو مطيع، ومحمد بن فرج الطّلّاعي.

(1) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 159)، وفي «العبر» (3/ 347)، و «شذرات الذهب» (5/ 413): (المنذر). (2) تقدم في ترجمته الخلاف في وفاته، انظر (3/ 532). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 490). (4) «المنتظم» (10/ 70)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 491)، و «البداية والنهاية» (12/ 647). (5) «المنتظم» (10/ 71)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 496)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 59)، و «مرآة الجنان» (3/ 160).

السنة الثامنة والتسعون

وفيها: أخرج الواعظ أبو المؤيد عيسى بن عبد الله الغزنوي من بغداد، وتوفي بأسفرايين سنة ثمان وتسعين (1). وفيها: توفي أبو سعيد بن العلاء بن الحسن بن الموصلايا الكاتب المنشئ، مات فجأة. *** السنة الثامنة والتسعون فيها: توفي الحافظ أبو علي أحمد بن محمد البغدادي البرداني، والإمام أبو عبد الله الحسين بن علي الطبري الشافعي محدث مكة، والحافظ أبو علي الحسين بن محمد الجيّاني الغساني الأندلسي، وأبو الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري، وثابت بن بندار، ونصر الله الحسباني، وسقمان التركماني صاحب ماردين وجد ملوكها، والسلطان بركياروق بن ملك شاه السلجوقي. *** السنة التاسعة والتسعون فيها: ظهر بنهاوند رجل ادعى النبوة، وكان ساحرا، صاحب مخاريق، فتبعه خلق كثير، وكثرت أموالهم، وكان لا يدخر شيئا، وقتل، قاتله الله تعالى (2). وفيها: توفي عبد الله بن علي بن إسحاق أخو نظام الملك، وأبو منصور محمد بن أحمد البغدادي الخياط الصالح الزاهد، وأبو البقاء الحبال المعمر بن محمد الكوفي. وفيها: تحرك منكبرس بن بوربرس (3) بن ألب أرسلان السلجوقي لطلب الملك، وخطب له بنهاوند وما يليها، ثم قبض عليه أصحابه، ووصلوا به إلى ابن أخيه السلطان محمد بن ملك شاه بن ألب أرسلان، فاعتقله (4).

(1) «المنتظم» (10/ 72)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 515)، و «البداية والنهاية» (12/ 650). (2) «المنتظم» (10/ 83)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 517)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 70)، و «البداية والنهاية» (12/ 651). (3) هكذا جاء اسمه في «الكامل في التاريخ» (8/ 516)، وذكر ابن خلدون في «تاريخه» (5/ 43) أن اسمه: (منكبرس بن يورس). (4) «الكامل في التاريخ» (8/ 516)، و «تاريخ ابن خلدون» (5/ 43).

السنة الموفية خمس مائة

وفيها: مات مهارش بن مجلّي صاحب الحديثة (1). وفيها: ملك صدقة بن منصور البصرة، وكان صاحبها إسماعيل متحصنا بقلعتها، وعجز عن ضبطها، فنزل على حكم صدقة بن منصور على أن له كل ما تحويه القلعة إلا السلاح، وقصد إسماعيل رامهرمز، فلما بلغها .. مات، ثم أعاد صدقة البصرة على أصحاب السلطان، وتولى صدقة أمر الحجيج وحمايتهم، ورتب لذلك السبق بن غريب بن معز بن علي بن مزيد (2). *** السنة الموفية خمس مائة فيها: غزا السلطان محمد بن ملك شاه قلعة الباطنية بأصبهان وافتتحها، وكانت ممتنعة المرام، وهي من بناء أبيه ملك شاه، بناها على رأس جبل، وغرم عليها ألفي ألف دينار، ثم استولى عليها رئيس الباطنية أحمد بن عبد الملك بن عطّاش (3) اثنتي عشرة سنة، فلما افتتحها السلطان محمد بن ملك شاه .. استتر صاحبها أحمد بن عبد الملك المذكور، ثم ظفر به السلطان محمد، فقتله وسلخه، وقتل ابنه، وألقت زوجته نفسها من أعلى القلعة ومعها جوهر نفيس، فهلكت وما معها، وكانت فتنة ابن عطاش المذكورة اثنتي عشرة سنة، قتل طائفة من الناس، وكان كل من في نفسه من صاحبه ضغن قتله وادعى عليه هذا المذهب، فيبطل دمه (4). وفيها: توفي عالم أهل طوس أبو المظفر أحمد بن محمد بن المظفر الخوافي-بفتح الخاء المعجمة-الفقيه الشافعي، والحافظ أبو محمد جعفر بن أحمد المعروف بابن السراج المقرئ الأديب البغدادي، وأبو الحسين المبارك بن عبد الجبار المعروف بابن الطيوري، وأبو الكرم المبارك بن فاخر الدباس الأديب. وفيها-وقيل: في التي قبلها، وقيل: في سنة ثلاث وتسعين-: توفي سلطان المغرب أبو يعقوب يوسف بن تاشفين أمير المسلمين البربري الصنهاجي الملثم.

(1) «المنتظم» (10/ 85)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 530)، و «البداية والنهاية» (12/ 652). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 519)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 73). (3) كذا في المصادر التي ذكرناها، إلا «تاريخ الإسلام» (34/ 76) ففيه: (غطّاس). (4) «المنتظم» (10/ 89)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 541)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 76)، و «العبر» (3/ 356)، و «مرآة الجنان» (3/ 162).

وفيها: توفي الإمام إسحاق بن يوسف اليمني الصردفي، مصنف «الكافي في الفرائض». والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

طبقات المائة السادسة

[المجلد الرابع] طبقات المائة السادسة

العشرون الأولى من المائة السادسة

العشرون الأولى من المائة السادسة [الاعلام] 2135 - [الأمير تميم بن المعز] (1) أبو يحيى تميم بن المعز الحميري الصنهاجي (2). ملك إفريقية وما والاها بعد أبيه، وكان حسن السيرة، محمود الآثار، محبا للعلماء، معظما للفضلاء، مقصدا للشعراء، يجيز الجوائز السنية، ويعطي العطايا الجزيلة الهنية. وفيه يقول الحسن بن رشيق القيرواني: [من الطويل] أصحّ وأعلى ما سمعناه في الندى … من الخبر المأثور منذ قديم أحاديث ترويها السيول عن الحيا … عن البحر عن كف الأمير تميم ولتميم المذكور أشعار حسنة، منها قوله: [من الطويل] سل المطر العام الذي عم أرضكم … أجاء بمقدار الذي فاض من دمعي إذا كنت مطبوعا على الصد والجفا … فمن أين لي صبر فأجعله طبعي وكان كامل الشجاعة، وافر الهيبة. وكان المعز قد فوض إلى ولده المذكور ولاية المهدية، ولم يزل بها إلى أن توفي والده، فاستبد بالملك، ولم يزل كذلك إلى أن توفي سنة إحدى وخمس مائة، ومدة دولته ست وخمسون سنة. وفي أيام ولايته اجتاز المهدي محمد بن تومرت بإفريقية عند عوده من بلاد الشرق، وأظهر بها الإنكار على من رآه خارجا عن سنن الشريعة، ومن هناك توجه إلى مراكش، وكان منه ما كان على ما سيأتي قريبا.

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 340)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 263)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 43)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 414)، و «مرآة الجنان» (3/ 169)، و «البداية والنهاية» (12/ 657)، و «شذرات الذهب» (6/ 5). (2) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (347 هـ‍) (3/ 140) تبعا لليافعي، وأعادها المصنف هنا تبعا له أيضا، والصواب: أنه توفي في هذا السنة كما في مصادر الترجمة.

2136 - [صدقة بن منصور]

2136 - [صدقة بن منصور] (1) سيف الدولة صدقة بن منصور. ملك العرب بعد أبيه اثنتين وعشرين سنة، وكان ذا بأس، وسطوة وهيبة، وله محاسن ومكارم، وجودة وحلم. كان داره ببغداد حرم الخائفين وأمنهم كائنا ما كان من الاعتراض من خليفة أو سلطان، ثم إنه التجأ إليه بعض خصوم السلطان محمد بن ملك شاه، فطلبه منه السلطان محمد بن ملك شاه، فلم يسلمه إليه، فثارت الفتنة بينه وبين السلطان محمد المذكور، فالتقيا بالعراق، وسعي بينهما في الصلح، ورغب السلطان محمد في الصلح، فلم يتم، فاصطدم العسكران، فكسر جيش السلطان، وأسر جماعة من وجوه الدولة، ثم حمل السلطان ومن معه حملة أخرى قتل فيها سيف الدولة المذكور في المعركة، وقتل معه ثلاثة آلاف فارس، وحمل رأسه إلى بغداد، وذلك في رجب أو في جمادى الآخرة يوم الجمعة سنة إحدى وخمس مائة. وكان شيعيا، وكانت إمارة أبيه من قبله على العرب سبعا وستين سنة (2). 2137 - [عبد الرحمن بن حمد الصوفي] (3) أبو محمد عبد الرحمن بن حمد الصوفي الدّوني، راوي «السنن» عن أبي نصر الكسار. كان صالحا زاهدا عابدا، سفياني المذهب. توفي سنة إحدى وخمس مائة.

(1) «المنتظم» (10/ 98)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 549)، و «وفيات الأعيان» (2/ 490)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 264)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 46)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 296)، و «مرآة الجنان» (3/ 170)، و «البداية والنهاية» (12/ 657). (2) صوابه: وكانت إمارة أبيه منصور بن دبيس ستّ سنين، وأما المدة التي ذكرها المؤلف رحمه الله تعالى .. فهي مدة إمارة جده دبيس بن مزيد، والله أعلم. (3) «سير أعلام النبلاء» (19/ 239)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 47)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 142)، و «شذرات الذهب» (6/ 7).

2138 - [أبو الفرج القزويني]

2138 - [أبو الفرج القزويني] (1) أبو الفرج محمد بن العلامة أبي حاتم محمود بن حسن الأنصاري القزويني. كان فقيها صالحا. توفي سنة إحدى وخمس مائة. 2139 - [عبيد الله الخطيبي] (2) أبو إسماعيل عبيد الله بن علي الخطيبي قاضي قضاة أصبهان. قتلته الباطنية الإسماعيلية بهمذان في سنة اثنتين وخمس مائة. 2140 - [صاعد بن محمد البخاري] (3) أبو العلاء صاعد بن محمد البخاري-وقيل: النيسابوري-الحنفي المفتي، أحد الأئمة. قتلته الباطنية بأصبهان يوم عيد الفطر سنة اثنتين وخمس مائة. 2141 - [الإمام الروياني] (4) أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني الإمام الشافعي، صاحب التصانيف السّنيّة، منها «بحر المذهب» وهو من أطول كتب الشافعية. سمع أبا الحسن عبد الغافر بن محمد الفارسي، ومحمد بن بيان الكازروني.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 217)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 52)، و «مرآة الجنان» (3/ 107)، و «شذرات الذهب» (6/ 7). (2) «المنتظم» (10/ 102)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 65)، و «مرآة الجنان» (3/ 171)، و «شذرات الذهب» (6/ 8). (3) «المنتظم» (10/ 101)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 59)، و «مرآة الجنان» (3/ 171)، و «الجواهر المضية» (2/ 267)، و «شذرات الذهب» (6/ 8). (4) «المنتظم» (10/ 102)، و «وفيات الأعيان» (3/ 198)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 260)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 62)، و «مرآة الجنان» (3/ 171)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 193)، و «البداية والنهاية» (12/ 658)، و «شذرات الذهب» (6/ 8).

2142 - [أبو القاسم الربعي]

وروى عنه زاهر بن طاهر الشحامي وغيره. وكان له الجاه العظيم، والحرمة الوافرة، كان نظام الملك كثير التعظيم له؛ لكمال فضله. رحل إلى بخارى وغزنة ونيسابور، ولقي الفضلاء، وحضر مجلس ناصر المروزي، وعلق عليه الحديث، وبنى بآمل طبرستان مدرسة، ثم انتقل إلى الري، ودرس بها، وقدم أصبهان، وأملى بجامعها. قتلته الباطنية يوم الجمعة بعد فراغه من الإملاء حادي عشر المحرم من سنة اثنتين وخمس مائة. مذكور في الأصل. 2142 - [أبو القاسم الرّبعي] (1) أبو القاسم علي بن الحسين الرّبعي الفقيه، الشافعي في الفروع، المعتزلي الأصول. قيل: إنه أشهد على نفسه بالرجوع عن الاعتزال. توفي ببغداد سنة اثنتين وخمس مائة. مذكور في الأصل. 2143 - [الخطيب التبريزي] (2) يحيى بن علي بن محمد التبريزي الشيباني النحوي اللغوي الأديب. أخذ اللغة عن أبي العلاء المعري، وسمع بصور من أبي الفتح سليم بن أيوب وغيره. وروى عنه الخطيب البغدادي وغيره من الأئمة، وتخرج عليه خلق كثير. وكان شيخ بغداد في الأدب، شرح «الحماسة» و «ديوان المتنبي» و «المعلقات السبع». ومن مصنفاته: «تهذيب غريب الحديث» و «تهذيب إصلاح المنطق» وكتاب «الكافي

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 194)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 67)، و «مرآة الجنان» (3/ 172)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 223)، و «شذرات الذهب» (6/ 9). (2) «المنتظم» (10/ 103)، و «معجم الأدباء» (7/ 252)، و «وفيات الأعيان» (6/ 191)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 269)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 73)، و «مرآة الجنان» (3/ 172)، و «البداية والنهاية» (12/ 658)، و «شذرات الذهب» (6/ 9).

2144 - [حاتم بن الغشم]

في علم العروض والقوافي» و «شرح سقط الزند» للمعري، وله «الملخص» في إعراب القرآن في أربع مجلدات. ودخل مصر، فقرأ عليه ابن بابشاذ شيئا من اللغة. وتوفي سنة اثنتين وخمس مائة وقد جاوز الثمانين. 2144 - [حاتم بن الغشم] (1) أبو الفضل حاتم بن الغشم الهمداني المغلسي، صاحب صنعاء وأعمالها. لما مات الداعي سبأ بن أحمد الصليحي في سنة اثنتين وتسعين كما تقدم (2)، وخرجت صنعاء وأعمالها عن مملكتهم، وارتفعت أيديهم عنها، ولم يبق لأحد فيها ذكر .. استولى عليها حاتم المذكور، وكان له ثلاثة أولاد: محمد بن حاتم، وكان شجاعا مشهورا، له وقعات عظيمة، وفتكات عجيبة، يحكى أنه سمع الموكب يضربون الطبول آخر النهار لأجل النوبة، فارتاح لذلك، ولبس لأمته، وركب جواده، ونادى في همدان بالركوب، فركبوا وخرجوا حتى بلغ بهم الموضع المسمى: مصب الدروع، فقالوا له: أين تريد؟ وما عزمك؟ فقال: أريد أغزو نجران، فقالوا له: إن بيننا وبين نجران عدة أيام، ونحن وأنت كما ترى؛ لا زاد ولا خيام، ولا رواحل نصون بها خيلنا، فقال: ما لكم بد، قالوا: اتركنا نعود الليلة إلى صنعاء ونتجهز، ونخرج إليك غدا، فقال: لا بأس، صبوا دروعكم ههنا وادخلوا، فصبوها، قال الشريف إدريس: وكانت سبع مائة درع، فسمي ذلك: مصب الدروع من يومئذ، ثم وافوه من الغد، فغزا بهم نجران واستباحها، ثم عاد. وكان قد خولط في عقله، كان إذا تزوج امرأة وأحبها .. قتلها، فتحاماه الناس، فلم يزوجه أحد، ورأى مرة اليهود يوقدون نارا عظيمة للفخار ومعه جارية يحبها، فألقاها وما عليها من الحلي في تلك النار، ثم ندم، وأراد أن يرمي نفسه في النار، فلزمه الحاضرون، وخطب امرأة من بني الصليحي، فأبوا أن يزوجوه إلا بضمانة أبيه وكفالته ألاّ

(1) «بهجة الزمن» (ص 87)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 303)، و «اللطائف السنية» (ص 82). (2) لم يذكر المصنف رحمه الله تعالى تاريخ وفاته تنصيصا في ترجمته، وإنما ذكره ضمن وفيات تلك السنة، انظر (3/ 526).

2145 - [أبو الفتيان الرواسي]

يقتلها، فلم يزل بأبيه حتى تكفل بذلك في محفل عظيم من رؤساء العرب وقال له: إن قتلتها .. قتلتك، فمكثت عنده أياما، ثم قتلها وتحصن بحصن براش؛ خوفا من أبيه، ولم يزل أبوه يخادعه ويواصله حتى نزل إليه فقتله واحتز رأسه، ودخل به صنعاء على رمح، وكانت له بنت قد اشتاقت إليه، ولما علمت بخروج جدها إلى لقاء ابنه .. فرحت وانتظرت وصوله، فلم يفاجئها إلا رأسه على الرمح، فماتت لوقتها، وقيل: جنت. والثاني عبد الله بن حاتم، ولي الأمر بعد والده سنتين، وكان يعرف بالشاب العادل، ومات بالسم، فولي بعده أخوه معن بن حاتم، فحصل في أيامه شوش وتخبيط على همدان، فاتفقوا على خلعه، فخلعوه في صفر سنة عشر وخمس مائة. توفي أبو الفضل المذكور سنة اثنتين وخمس مائة. 2145 - [أبو الفتيان الرّوّاسي] (1) أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الرّوّاسي. طوف خراسان والعراق، والشام ومصر، وكتب عن الصابوني وطبقته. وتوفي سنة ثلاث وخمس مائة. 2146 - [أبو سعد المطرز] (2) أبو سعد محمد بن محمد المطرز الأصبهاني. سمع الحسين بن إبراهيم، وأبا علي غلام محسن وغيرهما. وهو أكبر شيخ للحافظ أبي موسى، سمع منه حضورا. توفي في شوال سنة ثلاث وخمس مائة عن نيف وتسعين سنة.

(1) «المنتظم» (10/ 106)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 317)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 81)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 517)، و «شذرات الذهب» (6/ 12). (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 254)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 85)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 121)، و «مرآة الجنان» (3/ 173)، و «شذرات الذهب» (6/ 13).

2147 - [فاتك بن جياش]

2147 - [فاتك بن جياش] (1) أبو منصور فاتك بن جياش بن نجاح الحبشي الجزلي، ملك تهامة. ولد سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة، وفي ليلة ميلاده ولي أبوه الملك كما تقدم في ترجمة أبيه (2)، فلما نشأ .. علمه أبوه وأدبه وهذبه، وتفقه حتى كان من أكمل الرجال وأعقلهم، وأشدهم بأسا وأكملهم. فلما توفي أبوه في التاريخ المذكور .. ولي الملك بعده، فخالف عليه أخواه إبراهيم بن جياش وعبد الواحد بن جياش، ووقع بينهما عدة وقائع، فظفر فاتك بعبد الواحد، فعفا عنه وأكرمه وأرضاه، وهرب إبراهيم بن جياش إلى الجبل، فنزل على أسعد بن وائل الوحاظي، فقابله بالقبول والإكرام. ولم تطل مدة ولاية فاتك، بل توفي في سنة ثلاث وخمس مائة، فأقام عبيده ابنه منصور بن فاتك بن جياش مقامه في الملك، وكان إذ ذاك دون البلوغ، فقام بدولته عبيد أبيه. فلما علم إبراهيم بن جياش بموت أخيه فاتك .. نزل من الجبل، وقصد زبيد في جيش جرار، فخرج إليه عبيد أخيه فاتك، فالتقوا في قرية الهويب، وكانت وقعة شديدة، فلما خلت زبيد من العسكر .. ثار عبد الواحد بن جياش في زبيد فملكها، فاحتمل الأستاذون والوصفان مولاهم منصور بن فاتك وهربوا به، وأدلوه من سور البلد ليلا؛ خوفا عليه من عبد الواحد، فلحق بعبيد أبيه فاتك إلى الهويب، وتسلل الناس عنهم، ورجعوا إلى عبد الواحد بزبيد، وكانت العساكر كلها تحت عبد الواحد، فلما رأى إبراهيم بن جياش أن أخاه قد سبقه إلى الملك .. توجه إلى الحسن بن أبي الحفاظ الحجوري، وسار منصور بن فاتك إلى المفضل بن أبي البركات الحميري، وإلى الحرة السيدة بنت أحمد الصليحية بذي جبلة، فأكرمت مثواهم، ووعدتهم النصر، والتزم عبيد فاتك للمفضل بن أبي البركات بربع خراج البلاد، فسار معهم إلى زبيد، فأخرج عبد الواحد من زبيد، وملكها لمنصور بن فاتك.

(1) «السلوك» (2/ 508)، و «بهجة الزمن» (ص 94)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 234)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 277)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 8)، و «تحفة الزمن» (2/ 461). (2) انظر (3/ 536).

2148 - [أنيس الفاتكي]

قال عمارة: وهمّ المفضل أن يغدر بهم ويأخذ الأمر لنفسه، فبينا هو على هذا العزم .. وصله العلم بأن التّعكر قد أخذه جماعة من الفقهاء واستولوا عليه، فخرج المفضل من زبيد يريد التّعكر لا يلوي على شيء، فاستقر الأمر في التهائم لمنصور بن فاتك بن جياش ولعبيد أبيه، فكان من أولاد فاتك الأمراء، ومن عبيده الوزراء. فلما توفي منصور .. ولي الأمر بعده ابنه فاتك بن منصور بن فاتك بن جياش الآتي ذكره في العشرين الثانية (1). 2148 - [أنيس الفاتكي] (2) أنيس-بضم الهمزة، وفتح النون، وسكون المثناة من تحت، ثم سين مهملة-ابن عبد الله الفاتكي الجزلي الحبشي أبو السرور. أول من ولي الوزارة من عبيد فاتك بن جياش صاحب زبيد. وكان شجاعا جوادا، جبارا غشوما، له في العرب وقعات، تحاموا زبيد من أجلها، ثم طغى، وعمل لنفسه مظلة للركوب، وضرب لنفسه سكة، وهمّ أن يفتك بمولاه المنصور بن فاتك، فاشتهر الأمر من ندمائه لعبيد فاتك، فدبروا في قتله، فعمل منصور بن فاتك وليمة في قصر الإمارة، واستدعى وجوه دولته، ومنهم أنيس المذكور، فلما صار عنده .. قبض عليه، وأمر بقتله في الحال، فقتل، واستصفى أمواله. ومن جملة ما صار إليه بالابتياع من ورثة أنيس جاريته علم، وهي أم ولده فاتك بن منصور، وكانت امرأة صالحة، عفيفة، كثيرة الخير. ولم أتحقق وفاة أنيس، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في أيام منصور بن فاتك بن جياش، والله سبحانه وتعالى أعلم (3).

(1) انظر (4/ 135). (2) «السلوك» (2/ 508)، و «بهجة الزمن» (ص 97)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 246)، و «تحفة الزمن» (2/ 461)، و «بغية المستفيد» (ص 67). (3) في «السلوك» (2/ 508) و «تحفة الزمن» (2/ 461) و «الفضل المزيد» (ص 67): توفي سنة (715 هـ‍).

2149 - [ابن البوقا]

2149 - [ابن البوقا] (1) أبو سعيد إسماعيل بن محمد المعروف بابن البوقا. كان رئيسا جوادا، واسع الخير بماله وجاهه، مأمون الغائلة، طاهر المحضر والصدر واللسان. وزر لجياش بن نجاح، ولأولاده من بعده، وهم: الفاتك، ومنصور، وعبد الواحد، أولاد جياش، وما منهم إلا أكرمه وعظمه. قال عمارة: وشعره كثير، يتغنى بغزله رشاقة، ويتمثل بجزله وثاقة. فمن غزله قوله: [من الخفيف] عند روض الربيع لي أوطار … تقتضيها الصهباء والأوتار ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في أيام فاتك بن جياش، والله سبحانه أعلم. 2150 - [إلكيا الهرّاسي] (2) أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري الفقيه الشافعي المعروف بإلكيا-[بكسر الهمزة]-والكاف، بينهما لام ساكنة، وبعد الكاف مثناة من تحت مفتوحة خفيفة، ثم ألف-وهي عجمية، معناها: الكبير المقدم بين الناس. أصله من طبرستان، فخرج إلى نيسابور، وتفقه على إمام الحرمين إلى أن برع، وكان من رءوس معيدي إمام الحرمين في الدروس، وثاني أبي حامد الغزالي، بل أرجح منه في الصوت والمنظر؛ فإنه كان حسن الوجه، جهوري الصوت، فصيح العبارة، حلو الكلام. ثم خرج من نيسابور إلى بيهق، ودرّس بها مدة، ثم خرج إلى العراق، ودرّس بنظامية بغداد إلى أن توفي.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 240)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 210). (2) «المنتظم» (10/ 110)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 586)، و «وفيات الأعيان» (3/ 286)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 350)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 92)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 82)، و «مرآة الجنان» (3/ 173)، و «البداية والنهاية» (12/ 660)، و «شذرات الذهب» (6/ 14).

واتصل بخدمة الملك بركياروق بن ملك شاه، وحظي عنده بالمال والجاه، وارتفع شأنه، وتولى القضاء بتلك الدولة. وكان محدثا، يستعمل الأحاديث في مناظرته ومجالسه، ومن كلامه: إذا جالت فرسان الأحاديث في ميادين الكفاح .. طارت رءوس المقاييس في مهاب الرياح. سأله الحافظ السلفي عن كتبة الحديث: هل يدخلون في الوصية للعلماء والفقهاء؟ فأجاب بدخولهم، قال: كيف لا يدخلون وقد قال صلّى الله عليه وسلم: «من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها .. بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما»؟ ! اهـ‍ (1) والذي ذكره الرافعي والنووي رحمهما الله تعالى: أنه إذا أوصى للعلماء .. لا يدخل فيه الذين يسمعون الحديث ولا علم لهم بطرقه، ولا بأسماء الرواة، ولا بالمتون؛ فإن السماع المجرد ليس بعلم (2). وسئل عن يزيد بن معاوية، فقدح فيه وشطح، وكتب فصلا طويلا، ثم قلب الورقة وكتب: لو مددت ببياض .. لمددت العنان في مخازي هذا الإنسان، وكتب: فلان بن فلان. وخالفه الإمام أبو حامد الغزالي؛ فإنه سئل عمن صرح بلعن يزيد: هل يحكم بفسقه؟ وهل يشرع الترحم عليه أم السكوت أفضل؟ فأجاب بما معناه: (لا يجوز لعن مسلم أصلا، ويزيد صح إسلامه، وما صح قتله الحسين، ولا أمره به، وما لم يصح عنه ذلك .. لا يجوز أن يظن به ذلك؛ فإن إساءة الظن بالمسلم حرام، قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ، } وقال صلّى الله عليه وسلم: «إن الله حرم من المسلم دمه وماله وعرضه، وأن يظن به ظن السوء» (3). قال: ومن زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين رضي الله عنه .. فهو أحمق؛ فإن من قتل من الأكابر والوزراء والسلاطين لو أراد أحد أن يعلم حقيقة من الذي قتله، ومن الذي رضي به، ومن الذي كرهه .. لم يقدر على ذلك وإن كان قد قتل بجواره وزمانه وهو يشاهده، فكيف يعرف ذلك فيمن انقضى عليه قريب من أربع مائة سنة في مكان بعيد؟ ! فهذا لا تعرف حقيقته

(1) أخرجه البيهقي في «الشعب» (1596)، وابن عدي في «الكامل» (5/ 150)، وانظر «التلخيص الحبير» (4/ 2071)، و «المقاصد الحسنة» (ص 411). (2) انظر «روضة الطالبين» (6/ 169). (3) أخرجه البخاري (5144)، ومسلم (2564)، والترمذي (1988).

2151 - [أبو الحسين الخشاب]

أصلا، وإذا لم تعرف .. وجب إحسان الظن بكل مسلم يمكن إحسان الظن به. ومع هذا، فالقتل ليس بكفر، بل هو معصية، وربما مات القاتل بعد التوبة، ولو جاز لعن أحد، فسكت عن ذلك .. لم يكن الساكت عاصيا، بل لو لم يلعن إبليس طول عمره .. لم يسأل يوم القيامة عن عدم لعنه. وأما الترحم على يزيد؛ فإنه جائز، بل هو مستحب؛ إذ هو داخل في قولنا: «اللهم؛ اغفر للمؤمنين والمؤمنات» والله أعلم، كتبه الغزالي) انتهى بمعناه (1). توفي إلكيا مستهلّ سنة أربع وخمس مائة، ودفن في تربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي. وكان في خدمته بالنظامية إبراهيم بن عثمان الغزي الشاعر المشهور، فرثاه بأبيات، منها قوله: [من البسيط] هي الحوادث لا تبقي ولا تذر … ما للبرية من محتومها وزر لو كان ينجي علوّ من بوائقها … لم تكسف الشمس بل لم يخسف القمر قل للجبان الذي أمسى على حذر … من الحمام متى رد الردى الحذر بكى على شمسه الإسلام إذ أفلت … بأدمع قلّ في تشبيهها المطر حبر عهدناه طلق الوجه مبتسما … والبشر أحسن ما يلقى به البشر لئن طوته المنايا تحت أخمصها … فعلمه الجم في الآفاق منتشر أحيا ابن إدريس درس كنت تورده … تحار في نظمه الأذهان والفكر 2151 - [أبو الحسين الخشاب] (2) أبو الحسين يحيى بن علي بن الفرج الخشاب المصري. شيخ القراء بالروايات. توفي سنة أربع وخمس مائة.

(1) للحجة الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير في «العواصم» كلام في صحة صدور هذا الكلام عن الإمام أبي حامد رحمه الله، ثم في الكلام على كل لفظة منه ما يظهر به بطلانه، ويلوح به زوره وبهتانه، والله يقول الحق. اهـ‍ هامش (س) (2) «تاريخ الإسلام» (35/ 101)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 887)، و «مرآة الجنان» (3/ 173)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 202)، و «شذرات الذهب» (6/ 17).

2152 - [ابن الآبنوسي]

2152 - [ابن الآبنوسي] (1) أبو محمد عبد الله بن علي الآبنوسي البغدادي المحدث. سمع من أبي القاسم التنوخي، والجوهري. وتوفي سنة خمس وخمس مائة. 2153 - [ابن العلاّف] (2) أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن العلاّف البغدادي الحاجب، مسند العراق. توفي سنة خمس وخمس مائة. 2154 - [شبل الدولة] (3) أبو الهيجاء مقاتل بن عطية بن مقاتل البكري الحجازي الملقب: شبل الدولة. كان من أولاد أمراء العرب، فوقع بينه وبين إخوته وحشة أوجبت رحيله عنهم، ففارقهم، ووصل إلى بغداد، ثم خرج إلى خراسان، واختص بالأمير نظام الملك وصاهره، ولما قتل نظام الملك .. رثاه ببيتين تقدم ذكرهما في ترجمته (4)، ثم عاد إلى بغداد، وأقام بها مدة، ثم عزم على قصد كرمان مسترفدا وزيرها مكرم بن العلاء، وكان من الأجواد، فكتب إلى المستظهر بالله قصته يلتمس منه الإنعام عليه بكتاب إلى الوزير المذكور يتضمن الإحسان إليه، فوقّع المستظهر على رأس قصته: (يا أبا الهيجاء؛ أبعدت النجعة، أسرع الله بك الرجعة، وفي ابن العلاء مقنع، وطريقه في الخير مهيع، وما نسديه إليك يستحلي ثمرة شكره، ويستعذب مياه بره، والسلام) فاكتفى أبو الهيجاء بهذه الأسطر،

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 278)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 107)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 333)، و «مرآة الجنان» (3/ 177)، و «شذرات الذهب» (6/ 18). (2) «المنتظم» (10/ 114)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 242)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 108)، و «العبر» (4/ 9)، و «شذرات الذهب» (6/ 18). (3) «وفيات الأعيان» (5/ 257)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 129)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 271)، و «مرآة الجنان» (2/ 192)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 204). (4) انظر (3/ 506).

2155 - [الإمام الغزالي]

واستغنى عن الكتاب، وتوجه إلى كرمان، فلما وصلها .. قصد حضرة الوزير، واستأذن في الدخول، فأذن له، فدخل عليه، وعرض عليه القصة، فلما رآها .. قام وخرج عن دسته إجلالا وتعظيما لكاتبها، وأوصل لأبي الهيجاء ألف دينار في ساعته، ثم عاد إلى دسته، فعرّفه أبو الهيجاء أن معه قصيدة يمدحه بها، فاستنشده إياها، فأنشده: [من المتقارب] دع العيس تذرع هذا الفلا … إلى ابن العلاء وإلا فلا فلما سمع الوزير هذا البيت .. أطلق له ألف دينار أخرى، ولما أكمل إنشاد القصيدة .. أطلق عليه ألف دينار أخرى، وخلع عليه، وقاد إليه جوادا يركبه وقال له: دعاء أمير المؤمنين مسموع ومرفوع، وقد دعا لك بسرعة الرجعة، وجهزه بجميع ما يحتاج إليه، ورجع إلى بغداد. وكان من جملة الأدباء الظرفاء، وله النظم الفائق، والنثر الرائق، وبينه وبين أبي القاسم الزمخشري مكاتبات وأشعار، يمدح كل واحد منهما الآخر. توفي سنة خمس وخمس مائة. 2155 - [الإمام الغزالي] (1) أبو حامد محمد بن محمد الطوسي الغزالي حجة الإسلام، وإمام الأئمة الأعلام، مصنف «البسيط» و «الوسيط» و «الوجيز» و «الخلاصة» في الفقه، و «المستصفى» و «المنخول» في الأصول، و «المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى» وغير ذلك من المؤلفات المفيدة. وأعظمها وأجلها وأنفسها «إحياء علوم الدين» وفيه يقول تلميذه الإمام أبو العباس الأقليشي المحدث الصوفي، صاحب كتابي «النجم» و «الكوكب» وغيرهما: [من الطويل] أبا حامد أنت المخصّص بالمجد … وأنت الذي علمتنا سنن الرّشد وضعت لنا الإحياء يحيي نفوسنا … وينقذنا من طاعة النازغ المردي فربع عبادات وعاداتها التي … تعاقبها كالدّر نظم في العقد

(1) «المنتظم» (10/ 114)، و «وفيات الأعيان» (4/ 216)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 322)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 115)، و «العبر» (4/ 10)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 274)، و «مرآة الجنان» (3/ 177)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 191)، و «شذرات الذهب» (6/ 18).

2156 - [المعمر بن علي الحنبلي]

وثالثها في المهلكات وإنّه … لمنج من الهلك المبرّح بل بعدي ورابعها في المنجيات وإنّه … ليسرح بالأرواح في جنّة الخلد ومنها ابتهاج للجوارح ظاهر … ومنها صلاح للقلوب من البعد توفي أبو حامد المذكور رحمه الله تعالى يوم الاثنين رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمس مائة. مذكور في الأصل. 2156 - [المعمّر بن علي الحنبلي] (1) أبو سعد المعمّر بن علي البغدادي الحنبلي الواعظ المفتي. كان يبكي الحاضرين ويضحكهم، وله قبول زائد، وسرعة جواب، وحدة خاطر، وسعة دائرة. روى عن ابن غيلان، وأبي محمد الخلاّل. وتوفي سنة ست وخمس مائة. 2157 - [ابن بدران الشافعي] (2) أبو بكر أحمد بن علي بن بدران الحلوانيّ. روى عن القاضي أبي الطيب، وطائفة. وكان ثقة متعبدا زاهدا. توفي سنة سبع وخمس مائة. مذكور في الأصل. 2158 - [الحافظ السّهروردي] (3) أبو غالب شجاع بن فارس الذهلي السهروردي ثم البغدادي الحافظ.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 451)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 150)، و «العبر» (4/ 11)، و «البداية والنهاية» (12/ 664)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 205)، و «شذرات الذهب» (6/ 23). (2) «المنتظم» (10/ 121)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 380)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 154)، و «العبر» (3/ 12)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 190)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 28)، و «شذرات الذهب» (6/ 27). (3) «المنتظم» (10/ 122)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 599)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 160)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1240)، و «العبر» (3/ 13)، و «البداية والنهاية» (12/ 666).

2159 - [أبو بكر الشاشي]

نسخ ما لا ينحصر من التفسير والحديث والفقه لنفسه وللناس، حتى قيل: إنه كتب شعر ابن الحجاج سبع مرات. توفي سنة سبع وخمس مائة. 2159 - [أبو بكر الشاشي] (1) أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين الشاشي المعروف بالمستظهري، فخر الإسلام. تفقه أولا على أبي عبد الله محمد بن بيان الكازروني، وعلى القاضي أبي منصور الجويني صاحب أبي محمد الجويني، ثم رحل إلى بغداد، ولازم الشيخ أبا إسحاق الشيرازي، وقرأ عليه، وأعاد عنده، وانتهت إليه رئاسة الشافعية. وله تصانيف حسنة، منها كتاب «حلية العلماء» في المذهب، ذكر فيه مذهب الشافعي، ثم ضم إلى كل مسألة اختلاف الأئمة فيها، وجمع من ذلك شيئا كثيرا، وسماه: «المستظهري»، وصنف في الخلاف. وتولى التدريس بنظامية بغداد، وكان قد وليها قبله الشيخ أبو إسحاق، وأبو نصر ابن الصباغ صاحب «الشامل»، وأبو سعد المتولي صاحب «تتمة الإبانة» وأبو حامد الغزالي، وإلكيا الهراسي، فلما انقرضوا .. تولاها هو. ويحكى أنه يوم ذكر الدرس وضع منديله على عينيه وبكى كثيرا وهو جالس على السدة التي جرت عادة المدرسين بالجلوس عليها، وكان ينشد: [من الكامل] خلت الدّيار فسدت غير مسوّد … ومن العناء تفرّدي بالسّؤدد وجعل يردد هذا البيت ويبكي، وذلك إنصاف منه، واعتراف لمن تقدمه بالفضل والرجحان عليه. توفي سنة سبع وخمس مائة. مذكور في الأصل.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 219)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 393)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 165)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 73)، و «مرآة الجنان» (3/ 194)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 70)، و «شذرات الذهب» (6/ 28).

2160 - [الحافظ ابن القيسراني]

2160 - [الحافظ ابن القيسراني] (1) محمد بن طاهر المقدسي المعروف بابن القيسراني-نسبة إلى قيسارية، بليدة بالشام على ساحل البحر-الحافظ، ذو الرحلة الواسعة. سمع بالحجاز ومصر والشام والثغور والجزيرة والعراق والجبال وفارس وخراسان وخوزستان والقدس وبغداد ونيسابور وهراة وأصبهان وشيراز والري وغيرها. وكان من المشهورين بالحفظ والمعرفة لعلوم الحديث. وله مصنفات تدل على غزارة علمه وجودة معرفته، منها: «أطراف الكتب الستة» وهي: «البخاري» و «مسلم» و «سنن» أبي داود والترمذي والنسائي، والسادس «سنن ابن ماجه» عند بعضهم، و «الموطأ» عند آخرين، ومنها: «أطراف الغرائب» تصنيف الدارقطني، وكتاب «الأنساب» في جزء لطيف، وهو الذي ذيله الحافظ أبو موسى الأصبهاني. وله شعر حسن، وكتب عنه غير واحد من الحفاظ. قال الحافظ السلفي: سمعت ابن طاهر يقول: كتبت «البخاري» و «مسلما» و «سنن أبي داود» و «ابن ماجه» سبع مرات. أحرم بنسك من بيت المقدس، وتوجه إلى مكة، وتوفي عند قدومه من الحج آخر حجاته يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ربيع الأول من سنة سبع وخمس مائة. 2161 - [الأبيوردي الشاعر] (2) أبو المظفر محمد بن أبي العباس أحمد الأموي المعاوي الأبيوردي، اللغوي الأخباري، الشاعر النسابة، يتصل نسبه بمعاوية رضي الله عنه. كان رئيسا، عالي الهمة، ذا فصاحة وبلاغة وتصانيف، منها: «المؤتلف

(1) «المنتظم» (10/ 123)، و «وفيات الأعيان» (4/ 287)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 361)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 168)، و «العبر» (4/ 14)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1242)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 166)، و «مرآة الجنان» (3/ 195)، و «شذرات الذهب» (6/ 30). (2) «معجم الأدباء» (6/ 418)، و «المنتظم» (10/ 123)، و «وفيات الأعيان» (4/ 444)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 182)، و «العبر» (4/ 14)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 91)، و «شذرات الذهب» (6/ 30).

2162 - [ابن اللبانة]

والمختلف»، و «طبقات كل فن»، و «ما ائتلف واختلف في أنساب العرب»، وله في اللغة مصنفات لم يسبق إلى مثلها. وله شعر جيد، ومنه قوله: [من الطويل] ملكنا أقاليم البلاد فأذعنت … لنا رغبة أو رهبة عظماؤها فلما انتهت أيامنا علقت بنا … شدائد أيام قليل رخاؤها وكان إلينا في السرور ابتسامها … فصار علينا في الهموم بكاؤها إذا ما هممنا أن نبوح بما جنت … علينا الليالي لم يدعنا حياؤها فصرنا نلاقي النائبات بأوجه … رقاق الحواشي كاد يقطر ماؤها وكان حسن السيرة. توفي بأصبهان مسموما في سنة سبع وخمس مائة. 2162 - [ابن اللّبّانة] (1) محمد بن عيسى اللّخمي الأندلسي المعروف بابن اللبانة الأديب، من شعراء دولة المعتمد بن عباد. وكان من فحول الشعراء، وجلة الأدباء، له تصانيف عديدة في الأدب. توفي سنة سبع وخمس مائة. 2163 - [أبو نصر السّاجي] (2) أبو نصر المؤتمن بن أحمد الرّبعي الحافظ، ويعرف بالساجي. حافظ محقق، واسع الرحلة، كثير الكتابة، متين الورع والديانة، كتب «الشامل» عن مؤلفه ابن الصباغ. وتوفي سنة سبع وخمس مائة.

(1) «بغية الملتمس» (ص 109)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 373)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 188)، و «العبر» (4/ 15)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 297)، و «مرآة الجنان» (3/ 197)، و «شذرات الذهب» (6/ 33). (2) «المنتظم» (10/ 125)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 308)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 191)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1246)، و «العبر» (4/ 15)، و «البداية والنهاية» (12/ 668).

2164 - [ابن قيراط]

2164 - [ابن قيراط] (1) أبو الوحش سبيع بن المسلم الدمشقي المقرئ الضرير. كان يقرئ من السّحر إلى الظهر. توفي سنة ثمان وخمس مائة. 2165 - [علي بن إبراهيم الحسيني] (2) أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني الدمشقي الخطيب، الرئيس المحدث، صاحب «الأجزاء العشرين» التي خرجها الخطيب. وكان ثقة نبيلا، محتشما مهيبا، سيدا شريفا، صاحب حديث وسنة. توفي سنة ثمان وخمس مائة. 2166 - [الحافظ شيرويه] (3) أبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الدّيلمي الهمذاني الحافظ. حدث عن خلق، منهم: أبو القاسم بن البسري، وعبد الرحمن ابن منده، ومحمد بن عثمان القومساني. وعنه ابنه شهردار، والحافظ أبو موسى المديني، وأبو العلا العطار الهمداني وغيرهم. وكان حافظا بارعا، ومن مصنفاته: كتاب «الفردوس» و «تاريخ همذان». توفي سنة تسع وخمس مائة.

(1) «تاريخ الإسلام» (35/ 204)، و «العبر» (4/ 16)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 888)، و «شذرات الذهب» (6/ 37). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 607)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 358)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 209)، و «العبر» (3/ 17)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 208). (3) «سير أعلام النبلاء» (19/ 294)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 219)، و «العبر» (4/ 18)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 217)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 211)، و «شذرات الذهب» (6/ 39).

2167 - [السلطان يحيى الحميري]

2167 - [السلطان يحيى الحميري] (1) السلطان أبو طاهر يحيى بن تميم بن المعز الحميري، صاحب إفريقية. نشر العدل، وافتتح عدة قلاع لم يتأتّ لأبيه فتحها. وكان جوادا ممدحا، عالما، كثير المطالعة للأخبار والسير، عارفا بها، رحيما للضعفاء، شفوقا على الفقراء، يقرب أهل العلم والفضل من نفسه، وكان عارفا بصناعة النجوم. توفي يوم عيد الأضحى من سنة تسع وخمس مائة فجأة، وذلك أن منجمه قال له: إن في تسيير مولدك في هذا النهار عليك عكسا، فلا تركبه، فامتنع من الركوب، وخرج أولاده ورجال دولته إلى المصلى، فلما انقضت الصلاة .. حضر رجال الدولة على ما جرت به العادة للسلام، وقرأ القراء، وأنشد الشعراء، وانصرفوا إلى الإيوان، فأكل الناس، وقام يحيى إلى مجلس الطعام، فلما وصل إلى باب المجلس .. أشار إلى جارية من حظاياه، فاتكأ عليها، فما خطا من باب البيت سوى ثلاث خطوات حتى وقع ميتا. وخلف ثلاثين ابنا، فملك بعده ابنه علي ستة أعوام، فمات، فملّكوا بعده الحسن بن علي وهو مراهق، فامتدت دولته إلى أن أخذت الإفرنج طرابلس الغرب بالسيف سنة إحدى وأربعين وخمس مائة، فخاف، وفر من المهدية، والتجأ إلى عبد المؤمن. قال الشيخ اليافعي: (وهذا العلم وما ندب إليه من الحذر .. لا يغني عن وقوع ما سبق في علم الله تعالى من القدر، ومن ذلك ما يحكى أن بعض الملوك قال له بعض المنجمين: أنت تموت في الساعة الفلانية من اليوم الفلاني من الشهر الفلاني من السنة الفلانية من عقرب تلدغك، فلما كان قبل الساعة المذكورة .. تجرد من جميع لباسه سوى ما يستر به العورة، وركب فرسا بعد أن غسله ونظفه ونفض شعره، ودخل بفرسه إلى البحر؛ حذرا مما ذكر له من وقوع هذا الأمر، فبينا هو كذلك .. فاجأه ما يخشى من المهالك، وذلك أن فرسه عطست، فخرجت من أنفها عقرب فلدغته، ولم يغن عنه ما رام من الاحتراز والهرب، نسأل الله تعالى كمال الإيمان بنفاذ قدره، آمين، آمين) (2).

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 609)، و «وفيات الأعيان» (6/ 211)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 238)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 412)، و «مرآة الجنان» (3/ 198)، و «تاريخ ابن خلدون» (6/ 213)، و «شذرات الذهب» (6/ 43). (2) «مرآة الجنان» (3/ 199).

2168 - [ابن الصعاد الحوزي]

2168 - [ابن الصعاد الحوزي] (1) أبو الكرم خميس بن علي بن أحمد بن علي بن الحسن بن إبراهيم بن سلامويه الواسطي الحوزي المعروف بابن الصعاد. حدث عن أبي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزينبي وغيرهما. وعنه أحمد بن سالم المقرئ، والحافظ السّلفي وغيرهما. وكان محدث واسط، وأحد حفاظه، ثقة، يملي حفظا من ألفاظه. سأله السلفي عن شيوخ واسط ومن قدمها من أمثالهم، فأجابه في جزء بتراجمهم وأحوالهم. توفي سنة عشر وخمس مائة، وكان يقول الشعر. 2169 - [الحافظ النّرسي] (2) أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النّرسيّ الكوفي، لقّب: أبيا؛ لجودة قراءته القرآن. سمع خلقا، منهم: أبو إسحاق البرمكي، وأبو طاهر محمد بن العطار وغيرهما. وعنه نصر المقدسي، والحميدي، وابن الخاضبة، وخلق سواهم. كان حافظا مكثرا ثقة، ينوب الخطيب بالكوفة، وله رحلة معروفة، وخرّج لنفسه «معجم شيوخه» بالأحاديث والآثار. توفي سنة عشر وخمس مائة.

(1) «معجم البلدان» (4/ 222)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 243)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 346)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1262)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 420)، و «بغية الوعاة» (1/ 561)، و «شذرات الذهب» (6/ 44). (2) «المنتظم» (10/ 136)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 274)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 256)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1260)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 143)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 212)، و «شذرات الذهب» (6/ 47).

2170 - [تاج الإسلام السمعاني]

2170 - [تاج الإسلام السمعاني] (1) أبو بكر محمد بن أبي المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي المروزي السمعاني. حدث عن أبيه، وأبي البقاء الحبّال وغيرهما. وعنه أبو الفتوح الطائي، والسّلفي، وكان رفيقه في الارتحال. وكان إماما حافظا، عالما بالحديث رجاله ومتونه، عارفا بالفقه وفنونه، ذا وعظ وتذكير، يحضر مجلسه الملوك والأكابر. طلب مرة من أهل مجلسه شيئا [للذين يقرءون في مجلسه]، فتهيأ لهم يومئذ من الحاضرين ألف دينار (2). توفي سنة عشر وخمس مائة. 2171 - [غياث الدين بن ملك شاه] (3) السلطان غياث الدين أبو شجاع محمد بن ملك شاه بن ألب أرسلان السلجوقي التركي. كان فارسا شجاعا فحلا، ذابر ومعروف. ولد سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة. ولما مات أبوه .. جرت بينه وبين أخيه بركياروق حروب يطول ذكرها، قد أشرنا إلى شيء منها في ذكر الحوادث (4)، وكان قد خطب لأخيه من قبله في بغداد، ثم قطعت الخطبة له، وخطب لمحمد. ولما مات أخوه .. لم يبق له منازع، واستقل بالمملكة، ودخل بغداد هو وأخوه سنجر، فخلع عليهما الإمام المستظهر بالله، والتمس محمد المذكور من أمير المؤمنين أن

(1) «المنتظم» (10/ 135)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 259)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 371)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1266)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 5)، و «شذرات الذهب» (6/ 47). (2) العبارة في الأصول فيها نقص استدرك من «تاريخ الإسلام» (35/ 259). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 619)، و «وفيات الأعيان» (5/ 71)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 506)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 62)، و «مرآة الجنان» (3/ 200)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 214). (4) انظر (3/ 564).

2172 - [أبو طاهر اليوسفي]

يجلس له ولأخيه، فأجيب إلى ذلك، فجلس الخليفة لهما في قبة التاج، وحضر أرباب المناصب وأتباعهم، وجلس أمير المؤمنين على سدته، ووقف سيف الدولة ابن مزيد صاحب الحلة على يمين السدة وعلى كتفه بردة النبي صلّى الله عليه وسلم وعلى رأسه العمامة وبين يديه القضيب، وخلع على محمد الخلع السبع التي جرت عادة السلاطين بها، وألبس الطوق والتاج والسوارين، وعقد له الخليفة اللواء بيده، وقلده سيفين، وأعطاه خمسة أفراس بمراكبها، وخلع على أخيه سنجر خلعة أمثاله، وخطب لمحمد بالسلطنة في جامع بغداد، وذلك في سنة خمس وتسعين-أو اثنتين وتسعين-وأربع مائة على خلاف في الروايات. ومرض مرضا طويلا، وتوفي يوم الخميس رابع وعشرين ذي الحجة من سنة إحدى عشرة وخمس مائة بمدينة أصبهان. ولما أيس من نفسه .. أحضر ولده محمودا وقبّله، وبكى كل واحد منهما، وأمره أن يخرج ويجلس على تخت السلطنة، وينظر في أمور الناس، فقال لوالده: إنه يوم غير مبارك يعني من طريق النجوم، فقال: صدقت، ولكن على أبيك، وأما عليك .. فمبارك بالسلطنة، فخرج وجلس على التخت بالتاج والسوارين. وتزوج الإمام المقتفي لأمر الله فاطمة بنت السلطان محمد المذكور، فدخلت إلى دار الخلافة بالزفاف. ويقال فيما ذكر لها من المناقب: إنها كان لها التدبير الصائب. وخلف السلطان محمد المذكور أربعة أولاد: محمود ومسعود وسليمان وطغرلبك، وقام بعده ابنه محمود، وهو ابن أربع عشرة سنة، وكان السلطان محمد قد خلف أحد عشر ألف ألف دينار سوى ما يناسبها من الحواصل، ففرقها ولده محمود في العسكر. 2172 - [أبو طاهر اليوسفي] (1) أبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد البغدادي، راوي «سنن الدارقطني». وكان رئيسا، وافر الجلالة. توفي سنة إحدى عشرة وخمس مائة.

(1) «المنتظم» (10/ 142)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 297)، و «العبر» (4/ 24)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 214).

2173 - [يحيى ابن منده]

2173 - [يحيى ابن منده] (1) أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن الحافظ محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الأصبهاني الحافظ، صاحب «التاريخ». سمع من البيهقي، ومن أبيه، وعميه: عبيد الله وعبد الرحمن وغيرهم. وحدث عنه عبد الحق اليوسفي، وابن ناصر، والسلفي، وكتب عنه القطب شيخ الشيوخ محيي الدين عبد القادر الجيلاني نفع الله بهم. وكان إماما حافظا ثقة، جليل القدر، وافر الفضل، من بيت علم في الحديث، بدئ بيحيى وختم بيحيى. ومن مصنفاته كتاب «التنبيه على أحوال الجهال والمنافقين». وكان كثيرا ما ينشد لبعضهم: [من الطويل] عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى … وللمشتري دنياه بالدين أعجب وأعجب من هذين من باع دينه … بدنيا سواه فهو من ذين أخيب توفي سنة إحدى عشرة وخمس مائة. 2174 - [أبو علي ابن نبهان] (2) محمد بن سعيد الكرخي المعروف بأبي علي ابن نبهان الكاتب، مسند العراق. روى عن ابن شاذان وغيره. قال ابن ناصر: فيه تشيع، وسماعه صحيح، بقي قبل موته سنة ملقى على ظهره لا يعقل ولا يفهم. وقال غيره: عاش مائة سنة كاملة، وله شعر وأدب. توفي سنة إحدى عشرة وخمس مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (6/ 168)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 395)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1250)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 214). (2) «المنتظم» (10/ 142)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 255)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 321)، و «العبر» (4/ 25)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 214).

2175 - [المستظهر بالله]

2175 - [المستظهر بالله] (1) الخليفة المستظهر بالله أبو العباس أحمد بن المقتدي بأمر الله عبد الله بن محمد الذخيرة بن القائم بأمر الله أبي جعفر العباسي. ولد سنة سبعين وأربع مائة، وبويع يوم مات أبوه سنة سبع وثمانين. وتوفي في ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمس مائة، فمدة خلافته خمس وعشرون سنة وشهران وأيام، وعمره اثنتان وأربعون سنة. كان رحمه الله قوي الكتابة، جيد الأدب والفضيلة، كريم الأخلاق، مسارعا في أعمال البر. 2176 - [شمس الأئمة الجابري] (2) بكر بن محمد الأنصاري الجابري الفقيه الملقب بشمس الأئمة، شيخ الحنفية بما وراء النهر، وعالم تلك الديار. كان يضرب به المثل في حفظ مذهب أبي حنيفة. توفي سنة اثنتي عشرة وخمس مائة. 2177 - [أبو القاسم الأنصاري] (3) أبو القاسم سلمان بن ناصر النيسابوري الشافعي العلامة المتكلم، تلميذ إمام الحرمين. روى عن عبد الغافر الفارسي وجماعة. وتوفي سنة اثنتي عشرة-أو إحدى عشرة-وخمس مائة، وهو مذكور في الأصل في سليمان مصغرا.

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 627)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 396)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 326)، و «العبر» (4/ 26)، و «تاريخ ابن خلدون» (5/ 53)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 215). (2) «المنتظم» (10/ 150)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 415)، و «تاريخ الإسلام» (25/ 329)، و «العبر» (4/ 26)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 216). (3) «سير أعلام النبلاء» (19/ 412)، و «العبر» (4/ 27)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 314)، و «مرآة الجنان» (3/ 203)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 96).

2178 - [نور الهدى الزينبي]

2178 - [نور الهدى الزينبي] (1) أبو طالب الحسين بن محمد الزينبي قاضي القضاة، الملقب بنور الهدى. توفي سنة اثنتي عشرة وخمس مائة. 2179 - [ابن عقيل الحنبلي] (2) علي بن عقيل البغدادي الظّفري، شيخ الحنابلة. كان إماما مبرزا، كثير العلوم، خارق الذكاء، مكبّا على الاشتغال والتصنيف، وكتابه «الفنون» يزيد على أربع مائة مجلد. تفقه على القاضي أبي يعلى وغيره، وأخذ علم الكلام عن علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التبان وغيره، وروى عن أبي محمد الجوهري. قال السلفي: ما رأيت مثله، وما يقدر أحد أن يتكلم معه؛ لغزارة علمه، وبلاغة كلامه، وقوة حجته. اهـ‍ توفي سنة ثلاث عشرة وخمس مائة. 2180 - [أبو الحسن الدّامغاني] (3) أبو الحسن علي بن محمد بن علي الحنفي الدامغاني قاضي القضاة ابن قاضي القضاة. ولي القضاء بضعا وعشرين سنة، وكان ذا حزم، ورأي وسؤدد، وهيبة وافرة، وديانة ظاهرة.

(1) «تاريخ الإسلام» (35/ 332)، و «العبر» (4/ 27)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 41)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 217). (2) «مناقب الإمام أحمد ابن حنبل» (ص 634)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 443)، و «تاريخ الإسلام» (34/ 349)، و «العبر» (4/ 29)، و «الوافي بالوفيات» (21/ 326)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 219)، و «شذرات الذهب» (6/ 58). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 648)، و «العبر» (4/ 30)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 86)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 219)، و «شذرات الذهب» (6/ 66).

2181 - [محمد بن طرخان]

توفي سنة ثلاث عشرة وخمس مائة. 2181 - [محمد بن طرخان] (1) محمد بن طرخان التركي ثم البغدادي المحدث النحوي، أحد الفضلاء. تفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وروى الحديث عن أبي جعفر بن المسلمة، وطبقته. وكان ينسخ بالأجرة، وفيه زهد وورع تام. توفي سنة ثلاث عشرة وخمس مائة. 2182 - [المبارك بن علي الحنبلي] (2) أبو سعد المبارك بن علي الحنبلي، من كبار أئمة المذهب. روى عن القاضي أبي يعلى وجماعة، وتفقه على الشريف أبي جعفر بن أبي موسى. وتوفي سنة ثلاث عشرة وخمس مائة. 2183 - [السلطان أسعد الحميري] (3) السلطان أسعد بن أبي الفتوح بن العلاء بن الوليد الحميري. قتله رجلان من أصحابه في حصن تعز من بلاد اليمن في سنة أربع عشرة وخمس مائة، ودفن في الحصن، ولما قدم طغتكين بن أيوب إلى اليمن الملقب: سيف الدولة .. نبشه وأخرجه إلى مقابر المسلمين.

(1) «المنتظم» (10/ 165)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 423)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 169)، و «مرآة الجنان» (3/ 204)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 106). (2) «مناقب الإمام أحمد ابن حنبل» (ص 635)، و «المنتظم» (10/ 165)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 428)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 359)، و «العبر» (4/ 31)، و «البداية والنهاية» (12/ 678). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 153)، و «السلوك» (2/ 498)، و «مرآة الجنان» (3/ 205)، و «تحفة الزمن» (2/ 457)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 17).

2184 - [زيد اليفاعي]

2184 - [زيد اليفاعي] (1) زيد بن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم أبو أسامة اليفاعي، نسبة إلى قرية من معشار تعز بين الجند وتعز، على ثلاثة أميال من الجند، في واد يقال له: وادي القصيبة، كذا ذكره الفاسي في «تاريخه» نقلا عن اليافعي (2). كان زيد المذكور إماما فاضلا، عالما عاملا. تفقه في بدايته بصهره إسحاق بن يعقوب الصردفي، قرأ عليه في علم المواريث والحساب، ثم بالإمام أبي بكر بن جعفر المحائي، ثم ارتحل إلى مكة، فأخذ عن الإمامين الحسين بن علي الطبري وأبي نصر محمد بن هبة الله البندنيجي مصنفات الشيخ أبي إسحاق الشيرازي-وكانا من أكبر أصحاب الشيخ-ثم مصنفاتهما. ثم رجع إلى اليمن في حياة شيخه أبي بكر بن جعفر، وكان هو وشيخه يدرسان في جامع الجند، فاجتمع أكثر الناس من نواح شتى للقراءة عليه، وكان أصحابه فوق ثلاث مائة متفقه في غالب الأحوال؛ لأنه كان يقرئ كل من طلب منه القراءة، ولا يسأله عن حسبه ولا نسبه، وكان شيخه الإمام أبو بكر بن جعفر لا يقرئ إلا من تحقق نسبه وحسبه وصلاحه وينظر إلى قوله صلّى الله عليه وسلم: «لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم» وإلى قول الحكماء: (لا تعلموا أولاد السفلة العلوم؛ فإنهم متى علموها .. طلبوا معالي الأمور، فإن نالوها .. ولعوا بمذلة الأحرار) ولذلك قل أصحابه، وكانوا في غالب الأحوال نحو خمسين طالبا. ثم إنه اتفق خروج زيد اليفاعي وشيخه أبي بكر وطلبتهما لقبران ميت من الفقهاء، فرآهما المفضل من قصره، فذكر قتل ابن المصوع لأخيه فقال: هؤلاء يكثرونا، ولا نأمن خروجهم علينا مع القلة فكيف مع الكثرة؟ ! فاحتال في التفريق بينهم، فكان يولي القضاء والإمامة ونظر الأوقاف لجماعة من أصحاب الفقيه زيد مدة، ثم يعز لهم بجماعة من أصحاب الفقيه أبي بكر، ثم يعز لهم بجماعة من أصحاب الفقيه زيد، وهكذا حتى حصل التنافس بين

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 119)، و «السلوك» (1/ 262)، و «مرآة الجنان» (3/ 205)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 86)، و «العطايا السنية» (ص 323)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 437)، و «العقد الثمين» (4/ 480)، و «تحفة الزمن» (1/ 191)، و «طبقات الخواص» (ص 138)، و «هجر العلم» (4/ 2377). (2) انظر «العقد الثمين» (4/ 481)، و «مرآة الجنان» (3/ 205).

الحزبين، وانشقت العصا، وثارت الفتنة بين الحزبين حتى كاد أن يكون بين الإمامين، فضاق الفقيه زيد من ذلك، وهاجر إلى مكة المشرفة؛ خوف الفتنة، فأقام بها اثنتي عشرة سنة. وفي مدة إقامته بمكة توفي شيخاه الطبري والبندنيجي، فتعين التدريس والفتوى بمكة المشرفة على زيد اليفاعي؛ إذ لم يكن بعدهما أكبر قدرا منه في علمه وعمله. وكان في مدة إقامته بمكة يأتيه مغل أرضه من اليمن مستوفرا، فيقتات بعضه، ويعامل ببعضه حتى تحصل له مال جزيل، ولم يزل مجللا معظما عند المكيين. ثم عاد إلى اليمن بعد موت المفضل بن أبي البركات وشيخه الفقيه أبي بكر، فأقام بالجند، فقصده الطلبة من عدن ولحج وأبين وحضر موت وتهامة والجبال. وممن اشتهر بالأخذ عنه الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني، وأبو بكر بن محمد اليافعي، وعبد الله بن أحمد الزبراني وغيرهم من الفضلاء. ولزم الفقيه طريق الخمول، وكان متورعا، متنزها عن صحبة الملوك ومخالطة الأمراء وأخذ جوائزهم، وأجمع أهل زمانه على نزاهة عرضه، وجودة علمه، وشدة ورعه، وكان ذا عبادة، يخرج كل ليلة من منزله بعد هوي من الليل، فذكر بعض من يبيت في المسجد أنه رأى الفقيه ليلة وقد دخل المسجد وجعل يتأله، وصلّى ما شاء الله، ثم خرج من المسجد، فتبعه الرجل، فلما صار على باب المدينة .. انفتح له الباب، وتبعه الرجل مسرعا، فلما وصل الفقيه موضع قبره الآن .. أحرم بالصلاة، فلم يزل يركع حتى صعد المؤذن المنارة، فأخف صلاته، وعاد المدينة كما خرج، فانفتح له بابها، ثم باب المسجد، فلما صلّى الصبح .. قعد يذكر الله والرجل في ذلك يراقبه من حيث لا يشعر، فدنا منه، فقبل يده، وأخبره بما رأى في جميع حالاته، فقال له الفقيه: إن أحببت الصحبة .. فلا تخبر أحدا ما دمنا في الحياة. وكرامات الفقيه كثيرة، ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي في أحد الربيعين من سنة أربع عشرة-وقيل: خمس عشرة-وخمس مائة، وقبر غربي الجند، وقبره هناك مشهور يزار ويتبرك به، وقلّما قصده ذو حاجة .. إلا قضى الله حاجته، نفع الله به آمين.

2185 - [الطغرائي]

2185 - [الطّغرائي] (1) الوزير العميد مؤيد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي الأصبهاني، المعروف بالطّغرائي صاحب ديوان الإنشاء للسلطان محمد بن ملك شاه. وكان من أفراد الدهر، وحامل لواء النظم والنثر، وهو صاحب «لامية العجم»، وبعده استوزر لولده مسعود، ولما احترب مسعود وأخوه محمود .. انهزم مسعود، وأسر الوزير المذكور وقتل، وذلك في سنة أربع عشرة وخمس مائة. 2186 - [ابن بلّيمة المقرئ] (2) أبو علي الحسن بن خلف القيرواني المقرئ، صاحب «تلخيص العبارات في القراءات». توفي سنة أربع عشرة وخمس مائة. 2187 - [الحافظ ابن سكّرة الأندلسي] (3) أبو علي الحسين بن محمد بن فيرّة بن حيّون الصدفي السرقسطي الأندلسي المعروف بابن سكرة الحافظ الكبير. حدث عن أبي الوليد الباجي، والحميدي، وحج سنة إحدى وثمانين وأربع مائة، وسمع ببغداد من مالك البانياسي وغيره من الرجال، ولما قدم مصر .. أجاز له أبو إسحاق الحبال. حدث عنه شيخه نصر المقدسي، والقاضي عياض، وغيرهما من الحفاظ.

(1) «معجم الأدباء» (4/ 30)، و «وفيات الأعيان» (2/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 364)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 454)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 230). (2) «تاريخ الإسلام» (35/ 363)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 902)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 430)، و «مرآة الجنان» (3/ 210)، و «شذرات الذهب» (6/ 68). (3) «بغية الملتمس» (ص 269)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 367)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 376)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1253)، و «العبر» (4/ 32)، و «الديباج المذهب» (1/ 288)، و «شجرة النّور الزّكيّة» (1/ 313).

2188 - [عبد الرحيم القشيري]

وأخذ «التعليقة الكبرى» عن الإمام أبي بكر الشاشي المستظهري، وأخذ بدمشق عن الإمام نصر المقدسي. ثم رجع إلى بلاده بعلم جم، وبرع في الحديث وفنونه، وصنف، وأكره على القضاء فوليه، ثم اختفى حتى أعفي. واستشهد في مصاف قتندة بثغر الأندلس في سنة أربع عشرة وخمس مائة وهو من أبناء الستين. 2188 - [عبد الرحيم القشيري] (1) أبو نصر عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، الإمام ابن الإمام. كان أشبه إخوته بأبيه، ولما خرج للحج .. دخل بغداد، وعقد بها مجلس وعظ، وحصل له القبول العظيم، وحضر مجلسه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي وغيره من العلماء، وأطبق علماء بغداد على أنهم لم يروا مثله. كان يعظ في المدرسة النظامية ورباط شيخ الشيوخ، وله مع الحنابلة خصام بسبب الاعتقاد انتهى الأمر إلى فتنة فيها قتل جماعة من الطائفتين، ثم ركب أحد أولاد نظام الملك حتى سكن الفتنة، وبلغ الخبر نظام الملك وهو بأصبهان، فاستدعاه، فلما حضر عنده .. زاد في إكرامه، ثم وجهه إلى نيسابور، فلازم بها الوعظ والدرس إلى أن قارب انتهاء أمره، فأصابه ضعف في أعضائه، وقيل: فالج، وأقام كذلك نحو شهر، ثم توفي ضحى يوم الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمس مائة بنيسابور، ودفن بالمشهد المعروف بهم، وكان يحفظ من الشعر والحكايات شيئا كثيرا، وهو مذكور في الأصل. 2189 - [أسعد الجعدي] (2) أسعد بن أبي بكر بن بلاوة أبو الفتح الجعدي.

(1) «المنتظم» (10/ 171)، و «وفيات الأعيان» (3/ 207)، و «العبر» (4/ 33)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 332)، و «مرآة الجنان» (3/ 210)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 159)، و «شذرات الذهب» (6/ 73). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 173)، و «السلوك» (1/ 330)، و «العطايا السنية» (ص 270)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 200)، و «تحفة الزمن» (1/ 253)، و «هجر العلم» (2/ 952).

2190 - [محمد اليافعي]

كان فقيها فاضلا، عالما عاملا. تفقه بعبد الله الزبراني، وكان يحضر حلقة الإمام زيد بن عبد الله اليفاعي بالجند، وكان مسكنه السمكر إحدى قرى الجند المشهورة، وكان هو وابن عمه فقيهان، تفقها بفقهاء الجند. قال الخزرجي: (ولم أقف على تاريخ وفاة أحد منهما) اهـ‍ (1) وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ تبعا لشيخه اليفاعي رحمهما الله. 2190 - [محمد اليافعي] (2) محمد ابن إبراهيم اليافعي الفقيه الشافعي، والد القاضي أبي بكر الجندي الآتي ذكره (3) وغيره. أخذ عن ابن أبي ميسرة، وكان فقيها فاضلا. ولي قضاء الجؤة والجند من قبل المفضل بن أبي البركات، وكان معدودا في أصحاب أبي بكر بن جعفر أيام أوقع المفضل بينه وبين الفقيه زيد ما أوقع كما تقدم قريبا في ترجمة الفقيه زيد اليفاعي. كذا ذكره الخزرجي في أول المحامدة فيمن اسمه: محمد بن إبراهيم (4)، ثم أعاده بعد ذلك فيمن اسمه: محمد بن عبد الله، فقال فيه: محمد بن عبد الله بن إبراهيم، فذكر مثل ما ذكر هنا، إلا أنه زاد بينه وبين إبراهيم: عبد الله (5)، وهو الصواب إن شاء الله تعالى، فهو كذلك في ترجمة ولده القاضي أبي بكر اليافعي المعروف بالجندي؛ فإنه أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم (6).

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 200). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 112)، و «السلوك» (1/ 249)، و «العطايا السنية» (ص 542)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 69) و (3/ 204)، و «تحفة الزمن» (1/ 179)، و «هجر العلم» (1/ 403). (3) لم يترجم له المؤلف رحمه الله تعالى، وانظر ترجمته في «السلوك» (1/ 603)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 172)، و «تحفة الزمن» (1/ 230). (4) انظر «طراز أعلام الزمن» (3/ 69). (5) انظر «طراز أعلام الزمن» (3/ 204). (6) انظر «طراز أعلام الزمن» (4/ 166).

2191 - [عبد الله العريقي]

2191 - [عبد الله العريقي] (1) عبد الله بن عمير العريقي. تفقه بالإمام زيد بن عبد الله اليفاعي، ولما حج .. لقي الإمام أبا نصر هبة الله بن ثابت البندنيجي، فأخذ عنه مصنّفه «المعتمد في الخلاف»، وهو شيخ الشيخ يحيى بن أبي الخير العمراني. كان فقيها كبيرا، عالما مشهورا، محققا، مذكورا بالدين والورع. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة شيخه اليفاعي. 2192 - [أبو منصور الأشقر] (2) أبو منصور محمود بن إسماعيل الصيرفي الأشقر، راوي «المعجم الكبير» للطبراني. قال السّلفي: كان صالحا. توفي سنة أربع عشرة وخمس مائة. 2193 - [محمد المأربي] (3) محمد بن زياد المأربي، نسبة إلى مأرب، مدينة السد. كان شاعرا فصيحا محسنا، يفد على الملوك ويمدحهم، مدح المفضل بن أبي البركات الحميري، فوصله بألف دينار، فقال يشكره في قصيدة أخرى: [من الكامل] ووهبت لي الألف التي لو أنها … وزنت بصم الصخر كانت أبهرا وقال يمدح أبا السعود بن زريع اليامي صاحب عدن: [من الكامل] يا ناظري قل لي تراه كما هوه … إني لأحسبه تقمّص لؤلؤة ما إن بصرت بزاجر في شامخ … حتى رأيتك جالسا في الدملوة

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 154)، و «السلوك» (1/ 284)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 140)، و «تحفة الزمن» (1/ 210). (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 428)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 375)، و «العبر» (4/ 34)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 221)، و «شذرات الذهب» (6/ 75). (3) «بهجة الزمن» (ص 84)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 182).

2194 - [أبو علي الحداد]

قال عمارة: حدثني الفقيه أبو علي الحسن بن علي الزيلعي قال: هجا المأربي باليمن رجلا من سلاطينها، فاعتقله لينظر فيما ذكر له عنه، فكتب المأربي من السجن إلى سلطان آخر كان صديقا له بهذين البيتين: [من البسيط] أسفّ إن طار وطر إن أسفّ وإن … لان الفتى فاقس أو يقس الفتى فلن (1) حتى تخلّصني من قعر مظلمة … فأنت آخر سهم كان في قرني فلما وقف المكتوب إليه على البيتين .. ركب إلى السجن، فكسره وأخرج المأربي، وسلمه إلى من يمنعه من قومه، ثم لقي السلطان، فشفع في المأربي، واعتذر إليه من كسر السجن. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا للمدوحه المفضل بن أبي البركات. 2194 - [أبو علي الحدّاد] (2) أبو علي الحسن بن أحمد الحدّاد الأصبهاني المقرئ المجوّد، مسند الوقت، وكان مع علو إسناده أوسع أهل زمانه رواية. حمل الكثير عن أبي نعيم وكان خيرا صالحا. توفي سنة خمس عشرة وخمس مائة. 2195 - [ابن القطّاع السّعدي] (3) أبو القاسم علي بن جعفر السعدي، الصّقلّي المولد، المصري المنزل والوفاة، المعروف بابن القطاع. قرأ الأدب على فضلاء صقلية كابن البر اللغوي وأمثاله، وأجاد النحو غاية الإجادة، وكان من أئمة الأدب خصوصا اللغة.

(1) أسفّ الطائر: طار قريبا من الأرض تكاد رجلاه تلامسانها. (2) «المنتظم» (10/ 179)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 303)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 379)، و «العبر» (4/ 34)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 906)، و «شذرات الذهب» (6/ 76). (3) «معجم الأدباء» (4/ 505)، و «وفيات الأعيان» (3/ 322)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 433)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 390)، و «بغية الوعاة» (2/ 153).

2196 - [أبو الخير هزارسب]

ولما أشرف الفرنج على تملك صقلية .. رحل عنها إلى مصر في حدود سنة خمس مائة، فبالغ أهل مصر في إكرامه. ومن مصنفاته: «الدرة الخطيرة المختارة في شعراء الجزيرة» و «لمح الملح» جمع فيه خلقا من شعراء الأندلس، وكتاب «الأفعال» أحسن فيه كل الإحسان، وهو أجود من «الأفعال» لابن القوطية وإن كان لذاك فضيلة السبق، ومن مصنفاته: كتاب «أبنية الأسماء» جمع فيه فأوعب، وله عروض حسن، وشعر كثير، ومن شعره في ألثغ: [من المنسرح] وشادن في لسانه عقد … حلّت عقودي وأوهنت جلدي عابوه جهلا بها فقلت لهم … أما سمعتم بالنّفث في العقد توفي بمصر سنة خمس عشرة وخمس مائة. 2196 - [أبو الخير هزارسب] (1) أبو الخير هزارسب بن عوض الهروي. كان عالما، صاحب حديث وإفادة وحرص على الطلب. توفي سنة خمس عشرة وخمس مائة. 2197 - [أسعد الوائلي] (2) السلطان أبو وائل أسعد بن وائل بن عيسى الوائلي ثم الكلاعي، نسبة إلى ذي كلاع الحميري. كان أحد ملوك اليمن، قال فيه عمارة: صاحب الكرم العريض، والثناء المستفيض، قال: وكان مقره مخلاف وحاظة، ومقر عزها حصن براش، قال: وفي بني وائل حماقة؛ يرون أنهم أشرف بني آدم عليه السلام.

(1) «المنتظم» (10/ 181)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 674)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 395)، و «العبر» (4/ 36)، و «مرآة الجنان» (3/ 213)، و «شذرات الذهب» (6/ 78). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 158)، و «السلوك» (2/ 484)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 286)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 205)، و «تحفة الزمن» (2/ 449).

2198 - [الأفضل بن أمير الجيوش]

قال (1): (وكان هذا السلطان وأبوه وقومه سالمين من الابتداع، يؤثرون مذهب السنة، وعمارة المساجد، ومحبة الفقراء والعلماء والعباد، ويعظمون السلف الصالح، وهو الذي بنى حصن يفوز بعد قتل الصليحي، وهو أحد من سلم من الملوك الذين ساروا صحبة الصليحي في سنة ما قتل) (2). ولما قتل أسعد المذكور في جمادى الأولى من سنة خمس عشرة وخمس مائة .. ولي ابنه عبد الله بعده. 2198 - [الأفضل بن أمير الجيوش] (3) الملك الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي الأرمني. كان وزيرا للمستعلي العبيدي، وكان حسن التدبير، فحل الرأي، وهو الذي أقام المستعلي بعد موت أبيه المستنصر مقامه. وكان شهما مهيبا، بعيد الغور، ولي وزارة السيف والقلم، وإليه قضاء القضاة والتقدم على الدعاة في ولاية المستعلي ثم الآمر، وكانا معه صورة، والحل والربط والنقض والإبرام بيده. وكان قد أذن للناس في إظهار عقائدهم، وأمات شعار دعوة الباطنية، فمقتوه لذلك، ووثب عليه ثلاثة من الباطنية، فضربوه بالسكاكين فقتلوه، وحمل بآخر رمق، وقيل: إن الآمر دسهم عليه بتدبير أبي عبد الله البطائحي الذي وزر بعده ولقب بالمأمون، وكان قتله في سنة خمس عشرة وخمس مائة. وخلف من الأموال ما لم يسمع بمثلها، قيل: إنه خلف ست مائة ألف ألف دينار عينا، ومائتين وخمسين إردبا دراهم نقد مصر، وخمسة وسبعين ألف ثوب ديباج أطلس، وثلاثين راحلة أحقاق ذهب عراقي، ودواة ذهب فيها جوهر قيمته اثنا عشرة ألف دينار، ومائة مسمار من ذهب-وزن كل مسمار مائة مثقال-في عشرة مجالس، في كل مجلس عشرة مسامير، على كل مسمار منديل مشدود مذهّب بلون من الألوان، أيما أحب منها لبسه، وخمس مائة

(1) هذا القائل ليس عمارة اليمني، وإنما هو ابن سمرة الجعدي في كتابه «طبقات فقهاء اليمن». (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 158). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 669)، و «وفيات الأعيان» (2/ 448)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 507)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 385)، و «العبر» (4/ 64)، و «مرآة الجنان» (3/ 211).

2199 - [الأفضل بن أمير الجيوش]

صندوق لكسوته خاصة، من دق دمياط وبلد أخرى سموها (1)، وخلف من الرقيق والخيل والبغال والمراكب، والطيب والتجمل والحلي ما لا يعلم قدره إلا الله، وخلف خارجا من ذلك من البقر والجواميس والغنم ما يطول عدده، وبلغ ضمان ألبانها في سنة وفاته ثلاثين ألف دينار، ووجد في تركته صندوقان كبيران، فيهما إبر من ذهب برسم النساء والجواري. 2199 - [الأفضل بن أمير الجيوش] (2) الأفضل بن أمير الجيوش، وزير الآمر بأحكام الله العبيدي في الديار المصرية، وقام بالوزارة بعده المأمون بن البطائحي قياما تاما. توفي سنة خمس عشرة وخمس مائة. 2200 - [الحافظ البغوي] (3) أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء-عرف بذلك؛ لأن أباه كان يصنع الفراء-البغوي- نسبة إلى بغ بالموحدة والغين المعجمة، بلدة بخراسان بين مرو وهراة-الإمام، محيي السنة، المحدث المفسر. توفي سنة ست عشرة وخمس مائة. مذكور في الأصل. 2201 - [الحافظ ابن السّمرقندي] (4) أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث السمرقندي الحافظ، مفتي بغداد. سمع من أبي بكر الخطيب وغيره، ورحل إلى نيسابور وأصبهان. وعنه روى السلفي، ويحيى بن يونس وغيرهما من الحفاظ. وكان حافظا فاضلا ثقة.

(1) هي: تنّيس، انظر «وفيات الأعيان» (2/ 451). (2) هذه الترجمة مكررة عن التي قبلها. (3) «وفيات الأعيان» (2/ 136)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 439)، و «العبر» (4/ 37)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 63)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 75)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 223). (4) «المنتظم» (10/ 190)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 681)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1263)، و «العبر» (4/ 37)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 223).

2202 - [الحافظ الدقاق]

توفي سنة ست عشرة وخمس مائة. 2202 - [الحافظ الدّقاق] (1) أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن محمد الأصبهاني الدقاق، قيل: عرف بذلك؛ لصداقته لأبي علي الدقاق المشهور، وقيل: لقوله: أنا أدق رءوس المبتدعة. سمع شيخ الإسلام الأنصاري، وعبد الرحمن ابن منده. وعنه الحافظ السلفي، ومحمد بن عبد الواحد الصّائغ وغيرهما. وكان حافظا مفيدا، كثير الرحلة، كثير السماع، صالحا فقيرا، متعففا، صاحب سنة واتباع. توفي سنة ست عشرة وخمس مائة. 2203 - [الحريري صاحب المقامات] (2) أبو محمد القاسم بن علي بن محمد الحريري البصري، مؤلف «المقامات» المشهورة التي اشتملت على كثير من كلام العرب لغاتها وأمثالها ورموز أسرارها، حتى قال بعض الفضلاء: من عرفها حق معرفتها .. استدل بها على فضل مصنفها، وكثرة اطلاعه، وغزارة مادته، وكان سبب وضعه لها ما حكاه ولده أبو القاسم عبد الله قال: كان أبي جالسا في مسجده ببني حرام، فدخل شيخ ذو طمرين، عليه أهبة السفر، رثّ الحال، فصيح الكلام، حسن العبارة، فسأله الجماعة: من أين الشيخ؟ فقال: من سروج، فاستخبروه عن كنيته، فقال: أبو زيد، فعمل أبي «المقامة الحرامية» وهي الثامنة والأربعون، وعزاها إلى أبي زيد المذكور، واشتهرت، فبلغ خبرها الوزير شرف الدين أبا نصر القاشاني -بالقاف والشين المعجمة-وزير الإمام المسترشد بالله، فلما وقف عليها .. أعجبته، وأشار

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 474)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 405)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1255)، و «شذرات الذهب» (6/ 86). (2) «معجم الأدباء» (6/ 195)، و «وفيات الأعيان» (4/ 63)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 460)، و «مرآة الجنان» (3/ 213)، و «البداية والنهاية» (12/ 687)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 225)، و «بغية الوعاة» (2/ 257)، و «خزانة الأدب» للبغدادي (6/ 462).

على والدي أن يضم إليها غيرها، فأتمها خمسين مقامة، وإلى الوزير المذكور أشار الحريري في خطبة «المقامات» بقوله: (فأشار-من إشارته حكم، وطاعته غنم-إلي أن أنشئ مقامات أتلو فيها تلو البديع وإن لم يدرك الظالع شأو الضليع) هكذا وجد في عدة تواريخ. وفي نسخة من «المقامات» عليها خط مصنفها، وقد كتب بخطه أيضا على ظهرها: أنه صنفها للوزير جلال الدين عميد الدولة أبي علي الحسين بن أبي العز علي بن صدقة، وزير المسترشد. قيل: وهذا أصح من الرواية الأولى؛ لكونه بخط المصنف، والله أعلم. وذكر القاضي أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني وزير حلب في كتابه المسمى: «إنباه الرواة على أنباه النحاة» أن أبا زيد المذكور اسمه: المطهر بن سلار، وكان بصيرا، نحويا لغويا، صحب الحريري المذكور، واشتغل عليه بالبصرة وتخرج، وروى عنه القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد بن المندائي الواسطي «ملحة الإعراب» للحريري، وذكر أنه سمعها منه عن الحريري وقال: قدم علينا واسط سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة، فسمعنا منه، وتوجه منها مصعدا إلى بغداد، فوصلها، وأقام بها مدة يسيرة، وتوفي بها رحمه الله. وأما تسميته الراوي لها بالحارث بن همام .. فإنما عنى به نفسه. قال ابن خلكان: (هكذا وقفت عليه في بعض شروح «المقامات»، وهو مأخوذ من قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «كلكم حارث، وكلكم همام» (1) فالحارث الكاسب، والهمام كثير الاهتمام، وما من شخص .. إلا وهو حارث وهمام؛ لأن كل أحد كاسب ومهتم بأموره) (2). ويقال: إن الحريري كان عملها أربعين مقامة، وحملها من البصرة إلى بغداد، فلم يصدقه في ذلك جماعة من أدباء بغداد وقالوا: إنها ليست من تصنيفه، وقالوا: هي لرجل مغربي من أهل البلاغة مات بالبصرة، ووقعت أوراقه إليه، فادعاها، فاستدعاه الوزير إلى الديوان، وسأله عن صناعته فقال: أنا رجل منشئ، فاقترح عليه إنشاء رسالة في واقعة

(1) انظر «المقاصد الحسنة» (ص 319)، و «كشف الخفاء» (2/ 115). (2) «وفيات الأعيان» (4/ 65).

عيّنها، فانفرد في ناحية من الديوان، وأخذ الدواة والقرطاس، ومكث زمانا لم يفتح الله عليه بشيء من ذلك، فقام وهو خجلان، فأنشد ابن أفلح الشاعر وكان في جملة من أنكر دعواه في عملها هذين البيتين-وقيل: إنهما لأبي محمد الحريمي البغدادي الشاعر المشهور-: [من المنسرح] شيخ لنا من ربيعة الفرس … ينتف عثنونه من الهوس أنطقه الله بالمشان كما … رماه وسط الديوان بالخرس وكان الحريري يزعم أنه من ربيعة الفرس، وكان مولعا بنتف لحيته عند الفكرة، وكان يسكن في مشان البصرة-بفتح الميم والشين المعجمة، ثم ألف ونون-بليدة فوق البصرة، كثيرة النخل، شديدة الوخم، وأصله منها، يقال: كان له بها ثمانية عشر ألف نخلة، فلما رجع إلى بلده .. عمل عشر مقامات أخر، وسيّرهنّ، واعتذر من عيّه وحصره بالديوان بما لحقه من المهابة. ومن مؤلفاته: «درة الغواص في أوهام الخواص» و «ملحة الإعراب» وشرحها، وله رسائل، وله تاريخ لطيف سماه: «صدور زمان القبور وقبور زمان الصدور». وشعره كثير غير شعره الذي في «المقامات»، وجميع الشعر الذي في «المقامات» له سوى البيتين اللذين نسبهما إلى ديوان أبي عبادة، والبيتين المنسوبين لابن سكرة، ومن شعره: [من البسيط] قال العواذل ما هذا الغرام به … أما ترى الشّعر في خديه قد نبتا فقلت والله لو أن المفنّد لي … تأمّل الرّشد في عينيه ما ثبتا ومن أقام بأرض وهي مجدبة … فكيف يرحل عنها والربيع أتى وله قصائد استعمل فيها التجنيس، ومن شعره: [من الخفيف] لا تزر من تحبّ في كلّ شهر … غير يوم ولا تزده عليه فاجتلاء الهلال في الشهر يوم … ثم لا تنظر العيون إليه وعارضه غيره فقال: [من الوافر] إذا حقّقت من خلّ ودادا … فزره ولا تخف منه ملالا وكن كالشّمس تطلع كلّ يوم … ولا تك في زيارته هلالا

وتوسط شيخنا القاضي شهاب الدين أحمد بن عمر المزجد رحمه الله فقال (1): وللحريري قصيدة في تفضيل الغنى على الفقر يقول فيها: [من البسيط] وانظر بعينك هل أرض معطّلة … من النّبات كأرض حفّها الشّجر فعدّ عمّا تشير الأغبياء به … فأيّ فضل لعود ما له ثمر وارحل ركابك عن ربع ظمئت به … إلى الجناب الذي يهمي به المطر وقد عارضه الشيخ اليافعي بقصيدة طويلة فضل فيها الفقر على الغنى، وكذا عارضه في بيتي الزيارة بأبيات فصل فيها تفصيلا طويلا) (2). يقال: إن الحريري كان دميما، قبيح المنظر، فجاءه شخص غريب يزوره ويأخذ عنه شيئا من شعره، فلما رآه .. استزرى شكله، ففهم الحريري ذلك منه، فلما التمس أن يملي عليه .. قال: اكتب: [من البسيط] ما أنت أوّل سار غرّه قمر … ورائد أعجبته خضرة الدّمن فاختر لنفسك غيري إنّني رجل … مثل المعيديّ فاسمع بي ولا ترني فخجل الرجل منه وانصرف، والمعيدي-بضم الميم، وفتح العين، وسكون المثناة من تحت، ثم دال مهملة مكسورة-رجل منسوب إلى معد بن عدنان، وقد نسبوه بعد أن صغروه وخففوا منه الدال، وفيه جاء المثل المشهور: (لأن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) وهذا المثل يضرب لمن له صيت وذكر، ولا منظر له، قال المفضل الضبي: أول من تكلم به المنذر بن ماء السماء، قاله لشقّة بن ضمرة التميمي الدارمي، وكان قد سمع بذكره، فلما رآه .. اقتحمه، فقال المنذر: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فقال له شقة: أبيت اللعن؛ إن الرجال ليسوا بجزر يراد منها الأجسام، إنما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، فأعجب المنذر ما رأى من عقله وبيانه. ولد الحريري سنة ست وأربعين وأربع مائة، وكان يسكن في سكة بني حرام بالبصرة،

(1) لم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى أبيات شيخه شهاب الدين أحمد بن عمر المزجد المتوفى سنة (930 هـ‍)، وترك مكانها بياضا، ولعلها هذه: [من الخفيف] أنا في سلوة على كل حال إن أتاني الحبيب أو إن أباني إغنم الوصل إذ دنا في أمان وإذا ما نأى أعش بالأماني وانظر ترجمة شهاب الدين المزجد في «تاريخ الشحر» (ص 160)، ومنه نقلنا هذه الأبيات. (2) انظر «مرآة الجنان» (3/ 218).

2204 - [أبو نعيم ابن الحداد]

فقيل له: الحريري؛ من أجل سكونه في سكنهم، وتوفي بها سنة ست-أو خمس-عشرة وخمس مائة. 2204 - [أبو نعيم ابن الحداد] (1) أبو نعيم عبيد الله بن أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد مهرة الأصبهاني المعروف بأبي نعيم ابن الحداد. حدث عن أبيه، وأبي عمرو ابن منده، ورزق الله التميمي وغيرهم. وكان حافظا مكثرا، زاهدا عابدا، جوالا، كان عجبا في الإحسان إلى الرّحّالة وإفادتهم مع الزهد والعبادة، والفضيلة التامة. توفي سنة سبع عشرة وخمس مائة، وألف «أطراف الصحيحين». 2205 - [الشاعر ابن الخياط] (2) أبو عبد الله أحمد بن محمد التغلبي الدمشقي المعروف بابن الخياط، الكاتب الشاعر. كتب أولا لبعض الأمراء، ثم مدح الملوك والكبار، وبلغ في النظم الذروة العليا. أخذ عن أبي الفتيان ابن حيّوس. وعنه أخذ ابن القيسراني. قال الحافظ السلفي: كان شاعر الشام في زمانه. توفي سنة سبع عشرة وخمس مائة. 2206 - [أسعد ابن ملامس] (3) أسعد بن خير-كنقيض الشر-ابن الإمام يحيى بن ملامس أبو علي.

(1) «المنتظم» (10/ 199)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 486)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 414)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1265)، و «العبر» (4/ 41)، و «مرآة الجنان» (3/ 221). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 145)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 476)، و «العبر» (4/ 39)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 67)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 226)، و «شذرات الذهب» (6/ 87). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 110)، و «السلوك» (1/ 249)، و «العطايا السنية» (ص 269)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 201)، و «تحفة الزمن» (1/ 180)، و «هجر العلم» (4/ 1683).

2207 - [علي ابن ملامس]

تفقه بأبيه خير بن يحيى. وبه تفقه جمع كثير من نواح شتى، منهم ولده عمر بن أسعد، وأهل بيته، وهو أحد أشياخ الحافظ علي بن أبي بكر العرشاني. وكان عالما فاضلا، ورعا مجتهدا. توفي بمنزله بالقرانات في مشيرق وحاظة سنة سبع عشرة وخمس مائة. 2207 - [علي ابن ملامس] (1) ولده علي بن أسعد بن الفقيه خير-ضد الشر-ابن يحيى بن ملامس. أخذ الفقه عن أبيه، وسمع عليه الحديث في جماعة في سنة خمس مائة. وكان فقيها عالما خيرا. ولم أقف على تاريخ وفاته. 2208 - [محمد ابن ملامس] (2) محمد بن أسعد بن خير بن يحيى بن ملامس، أخو علي المتقدم ذكره. كان فقيها عارفا خيرا. تفقه بأبيه، وسمع عليه الحديث بعلقان مع جماعة في مدة آخرها جمادى الأخرى سنة تسع وتسعين وأربع مائة. ولم أقف على تاريخ وفاته، ولا وفاة أخيه علي المذكور، فذكرتهما بعد أبيهما أسعد المذكور، والله سبحانه أعلم. 2209 - [ابن الخازن الكاتب] (3) أبو الفضل أحمد بن محمد الدينوري المولد، الشاعر المعروف بابن الخازن.

(1) «السلوك» (1/ 277)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 231)، و «تحفة الزمن» (1/ 204)، و «هجر العلم» (4/ 1683). (2) «السلوك» (1/ 277)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 231)، و «تحفة الزمن» (1/ 204)، و «هجر العلم» (4/ 1683). (3) «المنتظم» (10/ 153)، و «وفيات الأعيان» (1/ 149)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 482)، و «تاريخ الإسلام»

2210 - [عبد الله الزبراني]

كان فاضلا، فائق الخطّ، أوحد وقته، اهتم ولده نصر الله الكاتب المشهور بجمع شعره، فجمع منه ديوانا، وهو شعر حسن السبك، ومنه قوله وقد أضافه الحكيم أبو القاسم يوما، وزاد في خدمته وإكرامه، وكان في داره بستان وحمام، فأدخله فيهما، فقال: [من الكامل] وافيت منزله فلم أر حاجبا … إلا تلقّاني بسنّ ضاحك والبشر في وجه الغلام أمارة … لمقدّمات حياء وجه المالك ودخلت جنّته وزرت جحيمه … فشكرت رضوانا ورأفة مالك قال ابن خلكان: (ثم إني وجدت هذه الأبيات للحكيم أبي القاسم هبة الله بن الحسين الأهوازي الطبيب الأصفهاني، ذكره العماد في «الخريدة») (1). توفي أبو الفضل المذكور سنة ثمان عشرة وخمس مائة. 2210 - [عبد الله الزبراني] (2) عبد الله بن أحمد بن محمد أبو محمد الهمداني الزبراني، نسبة إلى زبران-بفتح الزاي والموحدة والراء، ثم ألف ونون-قرية من بادية الجند على أكمة مرتفعة هنالك. أخذ في بدايته عن الإمام أبي بكر بن جعفر بن عبد الرحيم المحائي مقدّم الذكر (3)، ثم كان أول من لزم الدرس على الإمام زيد بن عبد الله اليفاعي، وبه تفقه، فلما علم الإمام زيد كماله وعدالته .. أذن له في الفتوى وإطلاق خطه على النوازل، وكان يفضله على أصحابه، وهو أستاذ الإمام يحيى بن أبي الخير صاحب «البيان». ولما هاجر شيخه اليفاعي إلى مكة المشرفة .. ترافق هو والفقيه عبيد بن يحيى السهفني إلى تهامة، فلحقا بابن عبدويه، فقرأ عليه «المهذب» ومصنّفه «الإرشاد» في أصول الفقه، ولما رجع الإمام اليافعي إلى الجند .. لزم أيضا مجلسه، ولم يفارقه إلى أن توفي. وكان فقيها كبيرا، عالما عاملا، حافظا.

= (35/ 420)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 78)، و «شذرات الذهب» (6/ 93). (1) «وفيات الأعيان» (1/ 150). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 154)، و «السلوك» (1/ 283)، و «العطايا السنية» (ص 372)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 120)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 91)، و «تحفة الزمن» (1/ 210)، و «هجر العلم» (2/ 928). (3) لم يترجم له المؤلف رحمه الله تعالى، وانظر ترجمته في «طراز أعلام الزمن» (4/ 135).

2211 - [صاحب الألموت]

ولما شرع ابن سمرة في ذكر أصحاب الشيخين زيد اليفاعي وابن عبدويه .. قال: (ومن أعلاهم طبقة الإمام أبو محمد الزبراني) (1). وتوفي في قرية زبران سنة ثمان عشرة وخمس مائة (2). 2211 - [صاحب الألموت] (3) الحسن بن الصبّاح، صاحب الألموت، وزعيم الإسماعيلية. كان داهية ماكرا، زنديقا، من شياطين الإنس. توفي سنة ثمان عشرة وخمس مائة. 2212 - [سلطان بن إبراهيم المقدسي] (4) أبو الفتح سلطان بن إبراهيم المقدسي الشافعي الفقيه. كان من أفقه الفقهاء بمصر، تفقه عليه أكثرهم. وأخذ هو الفقه عن الإمام نصر المقدسي، وسمع من أبي بكر الخطيب، ومن جماعة. وتوفي سنة ثمان عشرة وخمس مائة، وهو مصنف «الذخائر» في الفقه. مذكور في الأصل. 2213 - [الحافظ ابن عطيّة الأندلسي] (5) أبو بكر غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمام بن عطيّة المحاربي الأندلسي الغرناطي الحافظ.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 154). (2) كذا في جميع المراجع إلا في «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 120) فإنه جاء فيه: أن وفاته سنة (523 هـ‍). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 696)، و «العبر» (4/ 42)، و «مرآة الجنان» (3/ 222)، و «لسان الميزان» (3/ 59)، و «شذرات الذهب» (6/ 95). (4) «العبر» (4/ 42)، و «مرآة الجنان» (3/ 222)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 229)، و «شذرات الذهب» (6/ 95). (5) «بغية الملتمس» (ص 440)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1269)، و «العبر» (4/ 43)، و «الديباج المذهب» (2/ 54)، و «شذرات الذهب» (6/ 95).

2214 - [أبو الفضل الميداني]

روى عن أبيه، وأبي علي الغساني، وأبي مكتوم بن أبي ذر. وكان حافظا ورعا، عارفا بطرق الحديث وعلله ورجاله، ذاكرا لمتونه ومعانيه. قيل: إنه كرر «صحيح البخاري» سبع مائة مرة، وكان أديبا شاعرا، لغويا، دينا. توفي سنة ثمان عشرة وخمس مائة. 2214 - [أبو الفضل الميداني] (1) أبو الفضل أحمد بن محمد الميداني النيسابوري. كان أديبا فاضلا، عارفا باللغة، واختص بصحبة أبي الحسن الواحدي صاحب التفاسير، ثم قرأ على غيره، وأتقن العربية خصوصا اللغة وأمثال العرب، وله فيها التصانيف المفيدة، منها: كتاب «الأمثال» المنسوبة إليه، ولم يعمل مثله في بابه، وكتاب «السامي في الأسامي» وهو جيد في بابه، وسمع الحديث ورواه، وكان ينشد كثيرا: [من الطويل] تنفّس صبح الشّيب في ليل عارضي … فقلت عساه يكتفي بعذاري فلما فشا عاتبته فأجابني … ألا هل ترى ليلا بغير نهار توفي سنة ثمان عشرة وخمس مائة. 2215 - [الوزير البطائحي] (2) أبو عبد الله محمد بن البطائحي المأمون، وزير الديار المصرية للآمر العبيدي. كان أبوه جاسوسا للمصريين، فمات، وربّي محمد هذا يتيما، فرآه [ابن أمير الجيوش] شابا ظريفا فأعجبه، فاستخدمه مع الفرّاشين، ثم تقدم عنده، ثم آل أمره إلى أن ولي بعده. توفي محمد المذكور في سنة تسع عشرة وخمس مائة.

(1) «معجم البلدان» (2/ 204)، و «وفيات الأعيان» (1/ 148)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 489)، و «مرآة الجنان» (3/ 223)، و «بغية الوعاة» (2/ 356)، و «شذرات الذهب» (6/ 94). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 700)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 434)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 553)، و «العبر» (4/ 44)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 313)، و «مرآة الجنان» (3/ 223)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 229)، و «شذرات الذهب» (6/ 97).

2216 - [ابن البخاري]

2216 - [ابن البخاري] (1) أبو البركات ابن البخاري البغدادي المعدّل، واسمه: هبة الله بن محمد. توفي سنة تسع عشرة وخمس مائة. 2217 - [الحافظ ألب أرسلان] (2) أبو علي ألب أرسلان بن الحسين الزّركراني، نسبة إلى زركران-بزاي معجمة، ثم راءين مهملتين، الأولى ساكنة، وبينهما كاف مفتوحة، وبعد الراء الثانية ألف ونون-قرية من قرى سمرقند. كان من حفاظ سمرقند، وأئمته المعتبرين. توفي سنة تسع عشرة وخمس مائة وعمره على ما قيل: مائة وتسع وثلاثون سنة. قالوا: وحين وضع في تربته المحتفرة .. خرجت الحيات من تلك المقبرة، ذكره عمر بن محمد النسفي في كتابه «القند في علماء سمرقند». 2218 - [أبو الفتوح الغزالي] (3) أبو الفتوح أحمد بن محمد بن محمد الطوسي الغزالي الواعظ، أخو الإمام حجة الإسلام أبي حامد، ولقب بلقب أخيه أيضا. كان من الفقهاء غير أنه مال إلى الوعظ والتصوف، فغلب عليه. درّس بالنظامية نيابة عن أخيه لما ترك التدريس بها، واختصر كتاب أخيه «إحياء علوم الدين» في مجلدين سماه: «لباب الإحياء» وله كتاب «الذخيرة في علم البصيرة». طاف البلاد، وخدم الصوفية، وصحبهم وصحبوه، ومال إلى الانقطاع في العزلة. قال الشيخ اليافعي: (أثنى عليه الحافظ ابن النجار وغيره من العلماء والأولياء،

(1) «المنتظم» (10/ 209)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 526)، و «العبر» (4/ 45)، و «شذرات الذهب» (6/ 98). (2) «الأنساب» (3/ 147)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 432)، و «شذرات الذهب» (6/ 97). (3) «المنتظم» (10/ 217)، و «العبر» (4/ 45)، و «مرآة الجنان» (3/ 224)، و «شذرات الذهب» (6/ 99).

2219 - [الحبل الشريجي]

ولا التفات إلى ما أومأ إليه الذهبي من بعض الطعن فيه) (1). ومما يحكى من مكاشفاته أن إنسانا سأله عن أخيه محمد: أين هو؟ فقال: هو في الدم، ثم طلبه السائل، فوجده في المسجد، فذكر له مقالة أخيه، فقال: صدق، كنت أفكر في مسألة من مسائل المستحاضة، رحمهما الله تعالى. توفي بقزوين سنة عشرين وخمس مائة. مذكور في الأصل. 2219 - [الحبل الشريجي] (2) الحبل-بفتح الحاء المهملة، وسكون الموحدة، وآخره لام-من أهل الشريج، قرية من بادية المهجم بوادي سردد، وله ذرية ببلده يعرفون ببني ناشر. كان المذكور فقيها، مشهور الذكر، جليل القدر، كثير التردد إلى الحج، وربما جاور في أحد الحرمين. ويروى أنه اجتمع بالإمام الغزالي بمكة مرتين: الأولى: رآه على بغلة بزنار وحوله حفدة كثيرون. والثانية: رآه على قدم التجريد وعليه جبة صوف، فتبعه إلى موضع من الحرم، وأراد مباحثته في شيء من العلم، فالتفت إليه الغزالي وقرأ: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}، فعلم أن ذلك إشارة إلى كراهة البحث في ذلك الوقت، فأعرض عنه. ولم يذكر الجندي تاريخ وفاته، وإنما ذكرناه هنا؛ لمعاصرته الإمام الغزالي رحمهما الله تعالى. 2220 - [أبو بحر الأسدي] (3) أبو بحر سفيان بن العاص الأسدي، محدث قرطبة. توفي سنة عشرين وخمس مائة.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 225). (2) «السلوك» (2/ 348)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 307)، و «تحفة الزمن» (2/ 210). (3) «الصلة» (1/ 230)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 515)، و «العبر» (4/ 46)، و «مرآة الجنان» (3/ 225)، و «شذرات الذهب» (6/ 100).

2221 - [صاعد بن سيار]

2221 - [صاعد بن سيّار] (1) أبو العلاء صاعد بن سيار بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الهروي الدّهان الإسحاقي. حدث عن أبي إسماعيل الأنصاري، وأبي عامر الأزدي، وعلي بن فضال. روى عنه ابن ناصر «جامع الترمذي»، وروى عنه أبو موسى المديني وغيرهما. قال السمعاني: (كان حافظا متقنا، كتب الكثير، وجمع الأبواب، وعرف الرجال. توفي سنة عشرين وخمس مائة) (2). 2222 - [أبو الوليد ابن رشد القرطبي] (3) أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد المالكي، قاضي الجماعة بقرطبة ومفتيها. روى عن أبي علي الغسّاني، وعن أبي مروان بن مراج وخلق سواهما. وكان من أوعية العلم، وله تصانيف مشهورة. توفي سنة عشرين وخمس مائة وعمره سبعون سنة. 2223 - [السّعيدي] (4) أبو عبد الله محمد بن بركات السعيدي (5) المصري النحوي اللغوي. روى عن القضاعي وغيره، وسمع «البخاري» بمكة من كريمة. وتوفي سنة عشرين وخمس مائة.

(1) «المنتظم» (1/ 219)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 590)، و «العبر» (4/ 46)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1270)، و «شذرات الذهب» (6/ 100). (2) «الأنساب» (1/ 135). (3) «بغية الملتمس» (ص 51)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 501)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 443)، و «الديباج المذهب» (2/ 229)، و «شذرات الذهب» (6/ 102). (4) «معجم الأدباء» (6/ 512)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 455)، و «العبر» (4/ 47)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 247)، و «بغية الوعاة» (1/ 59)، و «شذرات الذهب» (6/ 102). (5) في «شذرات الذهب» (6/ 106): (الصّعيدي).

2224 - [ابن برهان الشافعي]

2224 - [ابن برهان الشافعي] (1) أبو الفتح أحمد بن علي المعروف بابن برهان-بفتح الموحدة-الفقيه الشافعي. كان متبحرا في الأصول والفروع، والمتفق والمختلف. توفي سنة عشرين وخمس مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» (2)، وهو مذكور في الأصل، وذكر هناك أنه توفي سنة ثمان عشرة وخمس مائة. 2225 - [الطّرطوشي] (3) أبو بكر بن الوليد القرشي الفهري الأندلسي، الفقيه المالكي الطّرطوشي-بضم الطاءين المهملتين بينهما راء ساكنة، وبعد الطاء الثانية واو ساكنة، ثم شين معجمة-نسبة إلى طرطوشة، مدينة في آخر بلاد المسلمين بالأندلس. صحب أبا الوليد الباجي وسمع منه، وأخذ منه مسائل الخلاف، وأجاز له، وقرأ الفرائض والحساب، وقرأ الأدب على أبي محمد بن حزم، ورحل إلى المشرق سنة ست وسبعين وأربع مائة، وحج، ودخل بغداد والبصرة، وتفقه على أبي بكر محمد الشاشي المعروف بالمستظهري الفقيه الشافعي، وعلى أبي أحمد الجرجاني. وكان إماما عالما عاملا، زاهدا ورعا دينا، متواضعا متقشفا، متقللا من الدنيا، راضيا منها باليسير. وكان يقول: إذا عرض لك أمران: أمر دنيا، وأمر أخرى .. فبادر بأمر الأخرى يحصل لك أمر الدنيا والأخرى. وكان كثيرا ما ينشد: [من الرمل] إن لله عبادا فطنا … طلقوا الدّنيا وخافوا الفتنا

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 99)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 456)، و «مرآة الجنان» (3/ 255)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 207)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 30)، و «شذرات الذهب» (6/ 101). (2) «مرآة الجنان» (3/ 225). (3) «وفيات الأعيان» (4/ 262)، و «بغية الملتمس» (ص 135)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 490)، و «العبر» (4/ 48)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 175)، و «مرآة الجنان» (3/ 225)، و «الديباج المذهب» (2/ 225)، و «شذرات الذهب» (6/ 102).

2226 - [خير بن عمرو]

فكروا فيها فلما علموا … أنها ليست لحي وطنا جعلوها لجّة واتخذوا … صالح الأعمال فيها سفنا ومما ينسب إليه من الشعر: [من المتقارب] إذا كنت في حاجة مرسلا … وأنت بإنجازها مغرم فأرسل بأكمه خلاّبة … به صمم أغطش أبكم ودع عنك كلّ رسول سوى … رسول يقال له الدرهم ومن تصانيفه «سراج الملوك» وغيره، وله طريقة في الخلاف. حكي أنه اجتمع بالإمام الغزالي في بلاد الشام، وقصد مناظرته، فقال له الغزالي رحمه الله: هذا شيء تركناه لصبية في العراق، يعني ترك المغالبة بالعلم والمفاخرة لصبية، جمع صبي، كأنه شبه من يطلب هذا الأمر بالصبيان لغلبة الهوى عليهم، نسأل الله التوفيق لصالح الأعمال، وحسن الخاتمة عند منتهى الآجال، آمين، آمين. توفي المذكور سنة عشرين وخمس مائة، والله سبحانه أعلم. 2226 - [خير بن عمرو] (1) خير-نقيض الشر-ابن عمرو بن عبد الرحمن أبو البركات. تفقه بابن عبدويه. وكان فقيها فاضلا، عالما عاملا، مبارك التدريس، حسن السيرة، متواضعا. أخذ عنه جمع من العلماء الفضلاء. وتوفي على رأس عشرين وخمس مائة. 2227 - [مبارك بن إسماعيل] (2) مبارك بن إسماعيل.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 170)، و «السلوك» (1/ 306)، و «العطايا السنية» (ص 314)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 393)، و «تحفة الزمن» (1/ 229). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 227)، و «السلوك» (1/ 385)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 56)، و «تحفة الزمن» (1/ 311).

2228 - [عبد الله اللعفي]

كان فقيها عارفا فاضلا، حافظا محدثا، ولي قضاء الجؤة. روى عنه الحافظ علي بن أبي بكر العرشاني. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين يقينا. 2228 - [عبد الله اللّعفي] (1) عبد الله بن يزيد اللّعفي-نسبة إلى لعف بضم اللام، وسكون العين، ثم فاء، اسم جد له-الحرازي، نسبة إلى حراز، بفتح الحاء المهملة والراء، ثم ألف، ثم زاي، صقع متسع باليمن، خرج منه جمع كثير من العلماء. وكان المذكور فاضلا كاملا، عارفا بالأصول والفقه والقراءات، حسن الخط، له مصنف في أصول الدين على مذهب الحنابلة، وتصانيف في الفرائض عديدة مفيدة. قال الجندي: (وكانت فيه دعابة، منها أنه أرسل إلى المفضل بن أبي البركات يسأله الدخول عليه، ودخل مسجد ابن عراف بذي جبلة منتظرا للإذن، فوجد فيه جماعة من سلاطين العرب، فسلم عليهم، فردوا عليه ردا لا كما ينبغي على طريق الاحتقار، فبينما هو قاعد عندهم؛ إذ جاءه رسول المفضل يستدعيه إليه، فتطلع إليه الحاضرون، فقالوا له: أنت فقيه؟ فقال: مجازا لا حقيقة، فقالوا له: كيف ذاك؟ فقال: كما أن للسلاطين مجازا وحقيقة، فالحقيقة كالمفضل بن أبي البركات وأسعد بن وائل، والمجاز مثلكم، فاستحيوا من ذلك. توفي المذكور بعد خمس مائة بيسير)، قاله الجندي (2). وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ***

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 112)، و «السلوك» (1/ 251)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 141)، و «العطايا السنية» (ص 369)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 164)، و «تحفة الزمن» (1/ 571)، و «هجر العلم» (4/ 2131). (2) «السلوك» (1/ 251).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية بعد الخمس مائة في رجب منها: كانت وقعة عظيمة بالعراق بين سيف الدولة صدقة بن منصور وبين السلطان محمد بن ملك شاه، قتل فيها صدقة، وقتل معه ثلاثة آلاف فارس (1). وفيها: كان الحصار على صور وطرابلس والشام في ضرّ مع الفرنج (2). وفيها: توفي أبو يحيى تميم بن المعز بن السلطان أبي مناد الحميري الصنهاجي، ملك إفريقية وما والاها. وفيها: توفي أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الصوفي الدّوني، وأبو الفرج محمد بن أبي حاتم محمود بن حسن القزويني الأنصاري، وأبو سعد محمد بن عبد الملك الأسدي البغدادي المؤدّب. *** السنة الثانية فيها: حاصر جاولي-بالجيم-الموصل وبها زنكي، فأنجده صاحب [الروم] أرسلان، ففر جاولي، ودخل أرسلان الموصل، وحلفوا له، ثم التقى جاولي وأرسلان في ذي القعدة، فحمل أرسلان بنفسه، وضرب يد حامل العلم فأبانها، ثم ضرب جاولي بالسيف، فقطع السيف بعض لبوسه، وحمل أصحاب جاولي على الرومية فهزموهم، وبقي أرسلان في الوسط، فهمز فرسه، ودخل نهر الخابور، فدخل به الفرس في ماء عميق فغرق، وطفا بعد أيام، فدفن، وساق جاولي فأخذ الموصل، فظلم وغشم (3). وفيها: تزوج الخليفة المستظهر بالله بأخت السلطان محمد بن ملك شاه، وكان العقد بها بأصبهان (4).

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 549)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 6)، و «العبر» (4/ 1). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 561)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 8)، و «العبر» (4/ 1). (3) «تاريخ الإسلام» (35/ 10)، و «العبر» (4/ 3)، و «مرآة الجنان» (3/ 170). (4) «الكامل في التاريخ» (8/ 573)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 14)، و «العبر» (4/ 4).

السنة الثالثة

وفيها: ظهر الإسماعيلية بالشام، ثم خذلت، وأخذتهم السيوف، فلم ينج منهم أحد (1). وفيها: قتلت الباطنية الإسماعيلية بهمذان قاضي قضاة أصبهان عبيد الله بن علي الخطيبي، وقتلت بأصبهان يوم عيد الفطر أبا العلاء صاعد بن محمد البخاري-وقيل: النيسابوري-الحنفي المفتي أحد الأئمة، وقتلت بجامع آمل يوم الجمعة في شهر الله المحرم فخر الإسلام القاضي أبا المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني الإمام الشافعي، وعظم الخطب بهول الملحدين، وخافهم كل أمير وعالم بهجومهم على الناس (2). وفيها: توفي أبو القاسم علي بن الحسين الرّبعي الفقيه الشافعيّ في الفروع المعتزليّ في الأصول، وأبو زكريا يحيى بن علي بن محمد التبريزي الشيباني الأديب، ومحمد بن عبد الكريم بن خشيش البغدادي. وفيها: توفي أبو الفضل حاتم بن الغشم، صاحب صنعاء اليمن. *** السنة الثالثة فيها: أخذت الفرنج طرابلس بعد حصار سبع سنين، وكان المدد يأتيها من مصر في البحر (3). وفيها: أخذ تنكري صاحب أنطاكية طرسوس وحصن الأكراد (4). وفيها: توفي أبو بكر أحمد بن المظفّر بن سوسن، والحافظ أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الرواسي، وأبو سعد المطرز محمد بن محمد الأصبهاني. ***

(1) «تاريخ الإسلام» (35/ 14)، و «العبر» (4/ 4)، و «مرآة الجنان» (3/ 171). (2) «المنتظم» (10/ 101)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 14)، و «العبر» (4/ 4). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 578)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 16)، و «العبر» (4/ 6)، و «شذرات الذهب» (6/ 11). (4) «تاريخ الإسلام» (35/ 18)، و «العبر» (4/ 6)، و «مرآة الجنان» (3/ 173).

السنة الرابعة

السنة الرابعة فيها: أخذت الفرنج بيروت بالسيف، ثم أخذوا صيدا بالأمان، وأخذ صاحب أنطاكية بعض الحصون، وعظم المصاب، وتوجه خلق من المطّوعة يستصرخون الدولة ببغداد على الجهاد، واستغاثوا، فكسروا منبر جامع السلطان، وكثر الضجيج، فشرع السلطان محمد بن ملك شاه في أهبة الغزو وتجهيز العساكر إلى الموصل والشام (1). وفيها: توفي أبو الحسين بن علي بن الفرج الخشاب المصري شيخ الإقراء بالروايات، وإسماعيل بن أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، وأبو يعلى حمزة بن محمد بن علي البغدادي أخو طراد الزينبي، وأبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري الفقيه الشافعي المعروف بإلكيا الهراسي. *** السنة الخامسة توفي: سكمان القطبي، وكان قد سيره السلطان محمد بن ملك شاه لجهاد الفرنج، وسارت معه عساكر العراق والجزيرة، فنازلوا الرّها، فلم يقدروا، وقطعوا الفرات، ونازلوا بعض بلاد الفرنج خمسة وأربعين يوما، فلم يصنعوا شيئا، واتفق موت مقدمهم سكمان المذكور، واختلفت آراؤهم فردوا، وطمعت الفرنج في المسلمين، فتجمعوا، فحاصروا صور مدة طويلة (2). وفيها: كانت ملحمة عظيمة بالأندلس بين ابن تاشفين وبعض ملوك الفرنج، وانتصر المسلمون، وأسروا وقتلوا وغنموا ما لا يعبر عنه، وذلت الفرنج (3). وفيها: توفي أبو محمد عبد الله بن علي الآبنوسي البغدادي المحدث، وأبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن العلاّف البغدادي الحاجب مسند العراق، والإمام حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزالي الطوسي.

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 578)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 19)، و «العبر» (4/ 7)، و «مرآة الجنان» (3/ 173). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 587)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 23)، و «تاريخ ابن خلدون» (5/ 222). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 591)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 25)، و «العبر» (4/ 9).

السنة السادسة

وفيها: توفي أبو الهيجاء مقاتل بن عطية بن مقاتل البكري الحجازي الملقب: شبل الدولة. *** السنة السادسة فيها-وقيل: في التي تليها-: توفي أبو غالب أحمد بن محمد الهمداني العدل، وأبو القاسم إسماعيل بن الحسن الفرائضي، والفضل بن محمد القشيري النيسابوري الصوفي، وأبو سعد المعمّر بن علي البغدادي الحنبلي الواعظ المفتي. *** السنة السابعة في المحرم منها: التقى عسكر دمشق وعسكر الجزيرة-ومقدمهم مودود-وعسكر الفرنج -ومقدمهم صاحب بيت المقدس-فالتقى الجمعان بأرض طبرية، وكانت وقعة مشهورة، نصر الله فيها المسلمين، فقتلوا الفرنج قتلا ذريعا، قيل: قتلوا منهم ألفا وثلاث مائة، وأسروا منهم خلقا فيهم ملكهم ابن صاحب القدس، لكن لم يعرف، فبذل للذي أسره مالا فأطلقه، ثم أنجد الفرنج عسكر أنطاكية وطرابلس، وردّت المنهزمين منهم، فثبت لهم المسلمون، وانحاز أعداء الله إلى جبل، ورابط الناس بإزائهم يرمونهم، وأقاموا كذلك ستة وعشرين يوما، ثم سار المسلمون، فنهبوا بلاد الفرنج وضياعهم ما بين القدس إلى عكا، وردت عساكر الموصل، وتخلف مقدمهم مودود بدمشق، وأمر العساكر بالتقدم في الربيع، فوثب على مودود باطني يوم الجمعة فقتله، وقتلوا الباطني (1). وفيها: توفي أبو بكر أحمد بن علي بن بدران الحلوانيّ، ورضوان صاحب حلب ابن تاج الدولة السلجوقي، وأبو غالب شجاع بن فارس الذهلي السّهروردي ثم البغدادي، والإمام فخر الإسلام أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين الشاشي المعروف بالمستظهري شيخ الشافعية، والحافظ محمد بن طاهر المقدسي المعروف بابن القيسراني، وأبو المظفر محمد بن أبي العباس الأديب المعاوي اللغوي الشاعر الأخباري الأبيوردي، وابن اللبانة

(1) «المنتظم» (10/ 121)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 595)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 27)، و «العبر» (4/ 12).

السنة الثامنة

محمد بن عيسى اللخمي الأندلسي الأموي، وأبو نصر المؤتمن بن أحمد الرّبعي الحافظ المعروف بالساجي. *** السنة الثامنة فيها: هلك صاحب القدس من جراحة أصابته يوم مصاف طبرية المذكور في التي قبلها (1). وفيها: مات أحمد بك صاحب مراغة، وكان شجاعا جوادا، عسكره خمسة آلاف، فنكثت به الباطنية، والسلطان مسعود صاحب الهند وغزنة، وتملك بعد موته ولده أرسلان، وهو ابن عمة السلطان ملك شاه. وفيها: توفي ألب أرسلان صاحب حلب وابن صاحبها رضوان السلجوقي، وكان سيء السيرة فاسقا، فقتله البابا، وأقام أخاه، وكان طفلا له ست سنين، ثم قتل البابا سنة عشر. وفيها: توفي أبو عبد الله أحمد ابن غلبون الخولاني ثم القرطبي ثم الإشبيلي، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم الدمشقي المقرئ الضرير، وأبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني الدمشقي الخطيب الرئيس. *** السنة التاسعة فيها: قدم عسكر السلطان محمد بن ملك شاه الشام، فاستعان بالفرنج فأعانوه، فأخذ كفر طاب وهي للفرنج، وساروا إلى المعرّة في جمع عظيم، فساق روجيل الإفرنجي صاحب أنطاكية في خمس مائة فارس وألفي راجل، فكبس العسكر، وهزمهم وكسرهم، وأكثر الفرنج القتل في المسلمين، وأحرقوا الأسارى، ولم يعفوا عن هرم ولا صبي طفل، وعظم البلاء على المسلمين، ورجع من سلم منهم منهزمين (2). وفيها: توفي ابن ملّة إسماعيل بن محمد الواعظ الأصبهاني صاحب المجالس،

(1) «تاريخ الإسلام» (35/ 33)، و «العبر» (4/ 15)، و «شذرات الذهب» (6/ 35). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 607)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 34)، و «العبر» (4/ 17)، و «البداية والنهاية» (12/ 669).

السنة العاشرة

وأبو شجاع شيرويه الديلمي الهمذاني الحافظ مؤلف كتاب «الفردوس» و «تاريخ همذان»، وأبو الفرج غيث بن علي الصوري خطيب صور ومحدثها، وأبو يعلى محمد بن محمد بن صالح الهاشمي الشاعر المشهور، وأبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي البغدادي، والسلطان أبو طاهر يحيى بن تميم بن المعز الحميري صاحب إفريقية. *** السنة العاشرة فيها: فتك الباطنية بأحمد بك بن إبراهيم بن ودهسوذان الكردي، صاحب مراغة وغيرها، وكان أقرب الأمراء إلى السلطان وأوفاهم منزلة، وكان قتلهم له في دار السلطان في مجلسه، كذا وقفت عليه في بعض التواريخ (1)، وتقدم قريبا نقلا عن «تاريخ اليافعي» أنه قتل سنة ثمان (2)، والله سبحانه أعلم. وفيها: اتفقت همدان على خلع السلطان معن بن حاتم بن الغشم الهمداني المغلسي، فحصروه بصنعاء، فخرج على يد القاضي أحمد بن عمران بن الفضل، وكان يومئذ علم همدان، والمرجوع إلى رأيه وقوله، وفوض القاضي أحمد أمر صنعاء إلى السلطان هشام وحماس ابني القبيب بن ربيح، واستوسق لهمدان منهما لحسن السيرة والعدل، وكان الأمر منوطا بأكبرهما وهو هشام بن القبيب، فحسن أمره، واستقامت طريقته إلى أن توفي، ثم ولي بعده أخوه الحماس بن القبيب إلى أن توفي في التاريخ المذكور الآتي بيانه في العشرين التي بعد هذه (3)، والله سبحانه أعلم. وفيها: توفي أبو الكرم خميس بن علي الواسطي الحوزي الحافظ، وعبد الغفار بن محمد بن حسين النيسابوري مسند خراسان، والصيرفي صاحب الأصم، وأبو الخير المبارك بن الحسين الغسال البغدادي المصري الأديب شيخ الإقراء ببغداد، وأبو الخطاب محفوظ بن أحمد الأزجيّ شيخ الحنابلة صاحب التصانيف، وأبو طاهر محمد بن الحسين الحنّائي الدمشقي، وأبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون الكوفي الحافظ النّرسي الملقب بأبيّ؛ لجودة قراءته، والحافظ أبو بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني.

(1) «المنتظم» (10/ 132)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 612)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 37). (2) «اللطائف السنية» (ص 83)، وانظر ترجمة حماس بن القبيب (4/ 96). (3) انظر «مرآة الجنان» (3/ 197).

السنة الحادية عشرة

وفيها: مات يمن الخادم الملقب بأمير الجيوش (1). *** السنة الحادية عشرة فيها: غرقت سنجار، وانهدم سورها، وهلك خلق كثير، وجر السيل باب المدينة مسيرة مرحلة، فطمّه السيل، ثم انكشف بعد سنين، وسلم طفل في سرير تعلق بزيتونة، ثم عاش وكبر (2). قال الشيخ اليافعي: (ومثل هذا النمط المذكور: ما سمعت أنه جاء السيل في جوف الليل، فحمل قرية وأهلها نائمون، ورمى بهم في البحر، ومنهم صبية عروس طفت على ظاهر الماء كأنها محمولة على سرير، ولم يتغير كل ما عليها من الطيب والصيغة والحرير، بقدرة الله اللطيف الخبير، وقذفها السيل إلى ساحل البحر حية).اهـ‍ (3) وفيها: توفي السلطان غياث الدين أبو شجاع محمد بن ملك شاه بن ألب أرسلان التركي، وكانت عساكره محاصرة للباطنية بالألموت، فلما بلغهم موته .. ترحلوا عن الحصار. وفيها: توفي أبو الطاهر عبد الرحمن بن أحمد البغدادي راوي «سنن الدارقطني» وكان رئيسا وافر الجلالة، والحافظ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن الحافظ محمد ابن إسحاق ابن منده العبدي الأصبهاني صاحب «التاريخ» ومسند العراق أبو علي ابن نبهان الكاتب، واسمه: محمد بن سعيد الكرخي. *** السنة الثانية عشرة فيها: توفي الخليفة المستظهر بالله أبو العباس أحمد بن المقتدي بأمر الله العباسي، وأبو الفضل بكر بن محمد الأنصاري الجابري، شيخ الحنفية بما وراء النهر الملقب بشمس

(1) في جميع المصادر: توفي سنة (511 هـ‍). (2) «تاريخ الإسلام» (35/ 269)، و «العبر» (4/ 23)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 213)، و «شذرات الذهب» (6/ 49). (3) «مرآة الجنان» (3/ 200).

السنة الثالثة عشرة

الأئمة، وأبو طالب الحسين بن محمد الزينبي الملقب بنور الهدى، والعلامة أبو القاسم سلمان بن ناصر النيسابوري الشافعي تلميذ إمام الحرمين. *** السنة الثالثة عشرة فيها: كانت وقعة هائلة بخراسان بين سنجر بن ملك شاه وبين ابن أخيه محمود بن محمد بن ملك شاه، فانكسر محمود، ثم وقع الاتفاق، وتزوج بابنة عمه سنجر المذكور (1). وفيها: كانت الفتنة بين صاحب مصر الآمر وأتابكه أمير الجيوش الأفضل، وتمت لهما خطوب، ودسّ الأفضل على الآمر من يسمّه مرارا، فلم يمكن ذلك (2). وفيها: ظهر قبر إبراهيم الخليل وابنه إسحاق، وقبر ابن ابنه يعقوب عليهم السلام، ورآهم جماعة لم تبل أجسامهم وعندهم في تلك المغارة قناديل من ذهب وفضة (3).ذكره حمزة بن القلانسي-بالنون والسين المهملة-في «تاريخه». وفيها: قدم مصر أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نجيب الدولة الملقب بالموفق المصري في عشرين فارسا داعيا ورسولا من الآمر بأحكام الله العبيدي إلى السيدة الحرة بنت أحمد الصليحية، فتركته على بابها في جبلة حافظا لها، فغزا الأطراف، واستخدم أربع مائة فارس من همدان وغيرهم، فاشتد به جانبه، وقويت شوكته، وأمنت البلاد، ورخصت الأسعار، ولما توفي الأفضل بن أمير الجيوش، وتولى الوزارة بعده المأمون بن البطائحي في التاريخ الآتي ذكره (4) .. كتب المأمون إلى ابن نجيب الدولة كتابا بالتفويض له في الجزيرة اليمنية، وسير إليه أربع مائة فارس من الأرمن، وسبع مائة أسود، فاشتد أزره، وانبسطت يده ولسانه، وكانت خولان قد بسطت أيديهم على الرعايا والبلد؛ احتقارا بالسيدة، فطردهم

(1) «المنتظم» (10/ 156)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 638)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 276)، و «العبر» (4/ 28). (2) «تاريخ الإسلام» (35/ 278)، و «العبر» (4/ 28)، و «مرآة الجنان» (3/ 204)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 218). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 647)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 280)، و «العبر» (4/ 29)، و «مرآة الجنان» (3/ 204). (4) توفي الملك الأفضل سنة (515 هـ‍) كما في حوادث تلك السنة.

ابن نجيب الدولة من جبلة ونواحيها، وأوقع بمن لقيه منهم العقاب الشديد، حتى لم يبق إلا من كان منتسبا إلى السيدة بخدمة، أو داخلا في جملة الرعايا، فغزا زبيد في التاريخ الآتي ذكره (1)، ثم قدم من مصر رسول يسمى: الأمير الكذاب، فاجتمع بابن نجيب الدولة في جبلة في مجلس حافل، فلم يحتفل به ابن نجيب الدولة، وربما أغلظ له في القول، وأراد أن يغض منه فقال له: أنت والي الشرطة بالقاهرة، فقال: أنا الذي ألطم خيار من فيها عشرة آلاف نعل، فالتصق به أعداء ابن نجيب الدولة، فضمن لهم هلاكه، ثم تقدم الأمير الكذاب إلى مصر يكتب: من أعداء ابن نجيب الدولة إلى الآمر بأحكام الله، ذكروا فيها أنه دعاهم إلى نزار، وراودهم على البيعة له فامتنعوا، وأرسلوا معه بسكة نزارية، فبعث الآمر رجلا إلى اليمن يقال له: ابن الخياط، وأمره بالقبض على ابن نجيب الدولة، فامتنعت الحرة من تسليم ابن نجيب الدولة إلى ابن الخياط وقالت له: أنت حامل كتاب، فخذ جوابه، أو اقعد حتى أكتب إلى الخليفة الآمر بأحكام الله، فلم يزل يخوفها وزراؤها سوء العاقبة حتى استوثقت لابن نجيب الدولة من ابن الخياط بأربعين يمينا، وكتبت إلى الآمر، وسيرت رسولا من قبلها وهو كاتبها محمد الأزدي بهدية جليلة، فلما فارقوا جبلة بليلة .. قيدوا ابن نجيب الدولة وأهانوه، وبادروا به إلى عدن، وجهزوه إلى مصر في أول شهر رمضان، وأخذوا رسولها ابن الأزدي بعده بخمسة عشر يوما وغرقوه، وغرقوا المركب بما فيه على باب المندب. وكان ابن نجيب الدولة رجلا شهما نبيها، عاقلا، كثير المحفوظات، متبصرا في مذهب الشيعة، قيما بتلاوة القرآن على عدة روايات، ولم نعلم ما جرى له بعد خروجه من اليمن، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين، والله سبحانه أعلم (2). وفيها: توفي شيخ الحنابلة علي بن عقيل البغدادي الظفري، وقاضي القضاة أبو الحسن علي بن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني الحنفي، وأبو بكر محمد بن طرخان التركي ثم البغدادي، وأبو سعد المبارك بن علي، ومحمد بن عبد الباقي الدوري. ***

(1) في حوادث سنة (518 هـ‍). (2) «السلوك» (2/ 498)، و «بهجة الزمن» (ص 81)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 214)، و «تحفة الزمن» (2/ 457).

السنة الرابعة عشرة

السنة الرابعة عشرة فيها: كان المصاف بين السلطان محمود وأخيه مسعود صاحب أذربيجان والموصل، وله يومئذ إحدى عشرة سنة، فلما التقوا .. انهزم مسعود، وأسر وزيره أبو إسماعيل الطغرائي الأديب الكاتب الشاعر، ناظم «لامية العجم» المشهورة، وقتل في هذه السنة (1). وفي هذه السنة: كان ظهور ابن تومرت بالمغرب (2). وفيها: قتل السلطان ابن أبي الفتوح بن العلاء بن الوليد الحميري في حصن تعز، قتله رجلان من أصحابه، ودفن في الحصن، فلما قدم من بني أيوب سيف الدولة طغتكين بن أيوب إلى اليمن .. نبش عليه، وأخرجه إلى مقابر المسلمين (3). وفيها: توفي الإمام زيد بن عبد الله اليمني اليفاعي، وأبو علي الحسن بن خلف القيرواني المقرئ صاحب «تلخيص العبارات في القراءات»، والوزير مؤيد الدين الحسين بن علي الأصبهاني المعروف بالطغرائي، والحافظ الكبير أبو علي بن سكرة حسين بن محمد الأندلسي، والإمام أبو نصر عبد الرحيم بن الإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وأبو منصور محمود بن إسماعيل الصيرفي الأشقر راوي «المعجم الكبير» للطبراني، قال الحافظ السلفي: كان صالحا، وأبو الحسن بن الموازيني. *** السنة الخامسة عشرة فيها: احترقت دار السلطنة ببغداد، فتلف ما قيمته ألف ألف دينار (4). وفيها: توفي أبو علي الحسن بن أحمد الحداد الأصبهاني المقرئ، وأبو القاسم

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 649)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 283)، و «العبر» (4/ 32)، و «شذرات الذهب» (6/ 69). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 654)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 284)، و «العبر» (4/ 32). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 153)، و «السلوك» (2/ 498)، و «مرآة الجنان» (3/ 205). (4) «الكامل في التاريخ» (8/ 673)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 287)، و «العبر» (4/ 34)، و «شذرات الذهب» (6/ 76).

السنة السادسة عشرة

علي بن جعفر السعدي، الصّقلي المولد، المعروف بابن القطاع، المصري المنزل والوفاة، والحافظ أبو الخير هزار سب بن عوض الهروي، والملك الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي الأرمني. *** السنة السادسة عشرة فيها: توفي الإمام محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي الفقيه المحدث المفسر، وأبو محمد القاسم بن علي بن محمد الحريري البصري الأديب مصنف «المقامات» المشهورة، والحافظ أبو محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن الفحام الصقلي مصنف «التجريد في القراءات»، وأبو علي الباقر حي، وأبو طالب اليوسفي، والحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد الأصبهاني الدقاق، ونجم الدين إيلغازي صاحب ماردين. وفيها: استعادت الجيوش المصرية صور، وكان قد استولى عليها الفرنج (1). *** السنة السابعة عشرة فيها: التقى الخليفة المسترشد بالله ودبيس الأسدي، وكان دبيس قد طغى وتمرّد، ووعد عسكره بنهب بغداد، وجرد المسترشد يومئذ سيفه، ووقف على تل، فانهزم جمع دبيس، وقتل منهم خلق، وقتل من جيش الخليفة نحو عشرين، وعاد مؤيدا منصورا، وذهب دبيس فعاث ونهب، وقتل في نواحي البصرة (2). وفيها: توفي أبو عبد الله أحمد بن محمد المعروف بابن الخياط التغلبي الدمشقي الشاعر المشهور، والحافظ الكبير أبو نعيم عبيد الله بن أبي علي الحدّاد مؤلف «أطراف الصحيحين»، وأبو الغنائم بن المهتدي بالله محمد ابن محمد الهاشمي الخطيب، والحافظ أبو الحسن محمد ابن مرزوق البغدادي، وأبو صادق مرشد بن يحيى المديني المسندي ثم البصري، وظريف النيسابوري.

(1) انظر «الكامل في التاريخ» (8/ 693). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 683)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 297)، و «العبر» (4/ 39).

السنة الثامنة عشرة

السنة الثامنة عشرة فيها: كسر ابن بهرام صاحب حلب الفرنج، ثم نازل منبج، فجاءه سهم فقتله، فحمله ابن عمه صاحب ماردين إلى ظاهر حلب، وتسلم حلب، وأقام بها نائبا، وردّ إلى ماردين، فراحت حلب منه (1). وفيها: أخذت الفرنج صور بالأمان، وبقيت في أيديهم إلى سنة تسعين وست مائة (2). وفيها: هبت ريح عظيمة حملت رمل الرصافة إلى قلعة جعبر. وفيها: غزا ابن نجيب الدولة زبيد، فقاتل أهلها على باب القرتب، فرمي حصانه في منخره، فشب به الحصان فصرعه، وقاتل عنه فرسانه حتى أردفه بعضهم خلفه، وتم حصانه شاردا إلى الجند، وكانت الوقعة يوم الجمعة، فأصبح الفرس يوم السبت بالجند، وأمسى الخبر ليلة الأحد بذي جيلة بأن ابن نجيب الدولة قتل، فلما كان بعد أربعة أيام .. وصل ابن نجيب الدولة إلى الجند ليس به بأس، وذلك في ذي الحجة من السنة المذكورة (3). وفيها: توفي أبو الفضل أحمد بن محمد الدينوري المولد الشاعر المعروف بابن الخازن، والحسن بن الصبّاح صاحب الألموت وزعيم الإسماعيلية، وأبو الفتح سلطان بن إبراهيم المقدسي الفقيه، وأبو بكر غالب بن عبد الرحمن بن غالب الغرناطي الحافظ، وأبو الفضل أحمد بن محمد الميداني النيسابوري. وفيها: قتل زين الإسلام الهروي وكان قاضي الممالك، وله نفس وكرامات، وكان يتسفّر بين الملوك ويترسل (4). *** السنة التاسعة عشرة فيها: سار الخليفة المسترشد لمحاربة دبيس، فذل وطلب العفو، وكان مع دبيس طغرلبك ابن السلطان محمد بن ملك شاه، فمرض، ثم سار إلى خراسان، واستولى

(1) «الكامل في التاريخ» (8/ 692)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 302)، و «العبر» (4/ 42). (2) «الكامل في التاريخ» (8/ 693)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 303)، و «العبر» (4/ 42)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 228)، و «شذرات الذهب» (6/ 97). (3) «بهجة الزمن» (ص 81)، و «طراز أعلام الزمن» (12/ 214). (4) «تاريخ الإسلام» (35/ 428)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 111)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 228).

السنة الموفية عشرين بعد الخمس مائة

طغرلبك ودبيس على همذان وقزوين، ثم استجارا بالسلطان سنجر فأجارهما، ثم إن السلطان سنجر قبض على دبيس بن صدقة المذكور في هذه السنة أو في التي بعدها، واعتقله في قلعة، فعل ذلك؛ تقربا إلى الخليفة المسترشد بالله (1). وفيها: توفي أبو عبد الله بن البطائحي المأمون وزير الديار المصرية، وأبو البركات هبة الله بن محمد ابن البخاري البغدادي المعدّل، وأبو الحسين بن الفراء. وفيها: ظهر داعي الخليّة بحلب، قيل: إن هذه الطائفة تقول بالحلول وبدوام الصوم، وتفطر على الخل. وفي هذه السنة: كان ابن تومرت المتغلب على العرب ببغداد طالبا (2). وفيها: اجتمع آق سنقر وأتابك دمشق وصاحب حمص، فأخذوا كفر طاب، ثم أعقب ذلك أن كسر المسلمون. وفيها: توفي شمس الدولة سالم بن مالك صاحب قلعة جعبر، وناصر الدولة طرخان الشيباني. *** السنة الموفية عشرين بعد الخمس مائة في عيد الأضحى منها: خطب المسترشد بالله بنفسه، صعد المنبر، ووقف ابنه ولي العهد الراشد بالله دونه وبيده سيف مشهور، وكان المكبرون خطباء الجامع، ونزل فنحر بيده، وكان يوما مشهودا ما عهد في الإسلام مثله منذ دهر (3). وفيها: قتل آق سنقر البرسقي صاحب الموصل ونواحيه، قتلته الباطنية في مقصورة الجامع، وقام ابنه مسعود مقامه (4). وفيها: استوحش الخليفة المسترشد بالله من السلطان محمود بن محمد بن ملك شاه، وجمع الخليفة جمعا، وتوجه محمود بجنده نحو بغداد، فقوي الاستيحاش، وعبر

(1) «المنتظم» (8/ 207)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 305)، و «العبر» (4/ 44). (2) «العبر» (4/ 58)، و «مرآة الجنان» (3/ 233)، و «شذرات الذهب» (6/ 117). (3) «المنتظم» (10/ 213)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 309)، و «العبر» (4/ 45)، و «مرآة الجنان» (3/ 224). (4) «وفيات الأعيان» (1/ 242)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 510)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 311)، و «العبر» (4/ 46)، و «شذرات الذهب» (6/ 100).

المسترشد بالله إلى الجانب الغربي من بغداد محتميا بأصحابه وعسكره، ونزل السلطان محمود في دار السلطنة في آخر يوم من السنة (1)، وسيأتي ما اتفق لهما بعد ذلك في السنة التي بعد هذه إن شاء الله تعالى. وفيها: توفي الإمام أبو الفتوح أحمد بن محمد الطوسي الغزالي الواعظ أخو الإمام حجة الإسلام أبي حامد، والحافظ أبو بحر سفيان بن العاص محدث قرطبة، وأبو العلاء صاعد بن سيار الهروي الدهان، وأبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد المالكي قاضي الجماعة بقرطبة ومفتيها، وأبو عبد الله محمد بن بركات السّعيدي المصري، وأبو الفتح أحمد بن علي المعروف بابن برهان-بفتح الموحدة-الفقيه الشافعي الأصولي، والإمام أبو بكر بن الوليد القرشي الفهري الأندلسي الفقيه المالكي الطّرطوشي، ومحمد بن عتاب. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ***

(1) «المنتظم» (10/ 211)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 705)، و «تاريخ الإسلام» (35/ 308).

العشرون الثانية من المائة السادسة

العشرون الثانية من المائة السادسة [الاعلام] 2229 - [أبو السعادات المتوكّلي] (1) أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد الهاشمي العباسي المتوكلي. شريف صالح خير. روى عن الخطيب وغيره. وعاش ثمانين سنة، ختم التراويح ليلة سبع وعشرين، ورجع إلى منزله، فسقط من السطح فمات في سنة إحدى وعشرين وخمس مائة. 2230 - [أبو الحسن الدّينوري] (2) أبو الحسن علي بن عبد الواحد الدينوري. روى عن القزويني، وأبي محمد الخلال، وهو أقدم شيخ لابن الجوزي. توفي سنة إحدى وعشرين وخمس مائة. 2231 - [أبو العز القلانسي] (3) أبو العز محمد بن الحسين بن بندار القلانسي، مقرئ العراق، وصاحب التصانيف في القراءات. توفي سنة إحدى وعشرين وخمس مائة.

(1) «المنتظم» (10/ 225)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 498)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 63)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 227)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 232). (2) «المنتظم» (10/ 226)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 525)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 67)، و «العبر» (4/ 50)، و «مرآة الجنان» (3/ 282). (3) «المنتظم» (10/ 226)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 912)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 496)، و «العبر» (4/ 50)، و «شذرات الذهب» (6/ 106).

2232 - [البطليوسي]

2232 - [البطليوسي] (1) عبد الله بن محمد البطليوسي النحوي. كان عالما بالآداب واللغات، متبحرا فيهما، متقدما في معرفتهما وإتقانهما، وكان الناس يجتمعون إليه ويقرءون عليه، وكان حسن التعليم، جيد التفهيم، ثقة ضابطا. له مؤلفات نافعة، منها «المثلث» في مجلدين، أتى فيه بالعجائب، ودل على اطلاع عظيم؛ فإن «مثلث قطرب» في كراسة واحدة، ومع ذلك استعمل فيها الضرورة وما لا يجوز، وغلط في بعض ذلك، ومنها: كتاب «الاقتضاب في شرح أدب الكتّاب» وشرح «سقط الزند» لأبي العلاء المعري شرحا أجود من شرح أبي العلاء، استوفى فيه المقاصد، وشرح «الموطأ» قيل: وله شرح على «ديوان المتنبي» ومنها: كتاب «الحلل في شرح أبيات الجمل» و «الخلل في أغاليط الجمل» وغير ذلك، وله نظم حسن ومنه: [من الطويل] أخو العلم حيّ خالد بعد موته … وأوصاله تحت التراب رميم وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى … يظنّ من الأحياء وهو عديم توفي سنة إحدى وعشرين وخمس مائة. 2233 - [أبو نصر شيخ الحرم] (2) عبد الجبار بن إبراهيم بن أبي عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله محمد بن إسحاق ابن منده العبدي أبو نصر الأصبهاني، شيخ الحرم. سمع جده أبا عمرو، وعم أبيه أبا القاسم وغيرهما، وحدث. روى عنه أبو موسى المديني. ولد سنة ثمان وستين وأربع مائة، فيكون سماعه على عم أبيه حضورا. وتوفي بمكة في رمضان سنة إحدى وعشرين وخمس مائة.

(1) «بغية الملتمس» (ص 337)، و «وفيات الأعيان» (3/ 96)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 532)، و «الديباج المذهب» (1/ 389)، و «شجرة النّور الزّكيّة» (1/ 318). (2) «المنتظم» (10/ 226)، و «العقد الثمين» (5/ 324).

2234 - [ابن يربوع الأندلسي]

2234 - [ابن يربوع الأندلسي] (1) أبو محمد عبد الله بن أحمد بن سعيد بن سليمان بن يربوع الأندلسي الإشبيلي الشنتريني الحافظ، محدث قرطبة. روى عن حاتم بن محمد، وأبي علي الغساني واختص به وغيرهما. وكان حافظا للحديث، عارفا برجاله جرحا وتعديلا، وبعلله، كتب الكثير، وصنف «الإقليد في بيان الأسانيد». وتوفي سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة. 2235 - [أبو الحسن حفيد البيهقي] (2) أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن الإمام أبي بكر البيهقي. سمع من جده، ومن ابن الصابوني وجماعة. وتوفي سنة ثلاث وعشرين وخمس مائة. 2236 - [جعفر بن عبد الواحد] (3) أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي الأصبهاني الرئيس. توفي سنة ثلاث وعشرين وخمس مائة. 2237 - [يوسف بن عبد العزيز الميورقي] (4) يوسف بن عبد العزيز الفقيه العلامة، أحد الأئمة الكبار، نزيل الإسكندرية.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 578)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 76)، و «الديباج المذهب» (1/ 389)، و «شذرات الذهب» (6/ 108)، و «شجرة النور الزكيّة» (1/ 318). (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 503)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 84)، و «لسان الميزان» (5/ 347)، و «شذرات الذهب» (6/ 110). (3) «سير أعلام النبلاء» (19/ 527)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 80)، و «العبر» (4/ 54)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 235)، و «شذرات الذهب» (6/ 110). (4) «العبر» (4/ 54)، و «مرآة الجنان» (3/ 230)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 235)، و «حسن المحاضرة» (1/ 349)، و «شذرات الذهب» (6/ 111).

2238 - [عبد الله بن طلحة اليابري]

أحكم الأصول والفروع، وروى «الصحيحين»، وله «التعليقة الكبرى» في الخلاف. توفي سنة ثلاث وعشرين وخمس مائة. 2238 - [عبد الله بن طلحة اليابري] (1) عبد الله بن طلحة بن محمد اليابري الأندلسي أبو بكر وأبو محمد، نزيل إشبيلية. روى عن أبي الوليد الباجي، وعاصم بن أيوب. وروى عنه أبو المظفر الشيباني، وأبو محمد العثماني، ويوسف بن محمد القيرواني، وابن فرج العبدري وجماعة، حدث سنة عشر وخمس مائة. وكان ذا معرفة بالنحو والأصول والفقه، بارعا فيه، وله رد على ابن حزم، وشرح «رسالة ابن أبي زيد»، وصنف في العقائد وغير ذلك، وقصد الحج، واستوطن مصر. وتوفي بمكة، قال ابن المفضل في «وفياته»: سنة ثلاث وعشرين وخمس مائة (2). 2239 - [عبد الله ابن عبدويه] (3) عبد الله بن محمد ابن عبدويه. تفقه بأبيه الإمام محمد بن عبدويه المهروباني، وكان فقيها بارعا، عالما بالأصول والفروع، كريما جوادا، مداوما على المروءة ومواساة المنقطعين والمحتاجين. وتوفي في حياة أبيه سنة ثلاث وعشرين وخمس مائة بجزيرة كمران، ودفن بها، وظهر عليه من الدين نحو ألف دينار فضة، فقضاه عنه أبوه. ورثاه تلميذ أبيه الفقيه عمر بن علي بن أسعد السلالي بقصيدة طويلة يقول فيها: [من الطويل] أمن بعد عبد الله نجل محمد … يصون دموع العين من كان مسلما

(1) «العقد الثمين» (5/ 182)، وفي «بغية الوعاة» (2/ 46)، و «كفاية المحتاج» (1/ 159)، و «نيل الابتهاج» (1/ 220)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 317). (2) كذا في «العقد الثمين» (5/ 182)، وفي «بغية الوعاة» (1/ 220): توفي سنة (518 هـ‍)، وفي باقي المصادر: سنة (516 هـ‍). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 146)، و «السلوك» (1/ 281)، و «العطايا السنية» (ص 372)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 152)، و «تحفة الزمن» (1/ 208)، و «طبقات الخواص» (ص 278).

2240 - [إبراهيم الغزي الشاعر]

وقد غاض بحر العلم مذ غاب شخصه … ولكنّ بحر الجود من بعده طما تضعضع بنيان العلوم لفقده … وأصبح وجه العلم أغبر أقتما غدا كل نور في الجزيرة خامدا … وأصبح ركن الدين ثمّ مهدّما فيا منهلا يروي العلوم بورده … شهدت لقد ورّثتها بعدك الظما ويا أيها الشيخ الإمام تصبرا … وإن كنت أهدى من سواك وأحلما هو الدهر لا يبقى على حالة معا … يدير على أهليه بؤسا وأنعما فحينا تراه باسر الوجه عابسا … وحينا تراه ضاحكا متبسما فما أبقت الدنيا مطاعا مسوّدا … ولا ملكا في العالمين مكرما فأين جديس ثم طسم وجرهم … ألم تطمس الأيام طسما وجرهما أما هلكت عاد ومن كان قبلها … ومن بعدها من ذا من القدر احتمى قال ابن سمرة: (والقصيدة طويلة تزيد على خمسين بيتا) (1)، وإنما ذكرت منها هذا القدر؛ ليستدل به على فضل قائلها ومن قيلت فيه؛ فإن قائلها فقيه صالح، لا يستحل مدح من لا يستحق المدح. 2240 - [إبراهيم الغزّي الشاعر] (2) أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى-كذا في «تاريخ اليافعي» (3)، وفي «كتاب الذهبي»: (إبراهيم بن عثمان) (4)، ولعل أحدهما نسبه إلى جده (5) -الكلبي الغزي، الشاعر المشهور. شاعر محسن، ذكره الحافظ ابن عساكر في «تاريخ دمشق» [فقال]: (دخل دمشق وسمع بها من الفقيه نصر المقدسي سنة إحدى وثمانين وأربع مائة، ورحل إلى بغداد، أقام بالمدرسة النظامية عدة سنين، ومدح ورثى غير واحد من المدرسين بها وغيرهم، ثم رحل

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 148). (2) «المنتظم» (10/ 238)، و «وفيات الأعيان» (1/ 57)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 554)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 51)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 236). (3) انظر «مرآة الجنان» (3/ 230). (4) «العبر» (4/ 55). (5) السبب في ذلك أن في اسمه خلافا، انظر «وفيات الأعيان» (1/ 57).

إلى خراسان، وامتدح بها جماعة من رؤسائها، وانتشر شعره هناك، وذكر له عدة مقاطيع من الشعر وأثني عليه) انتهى كلام الحافظ ابن عساكر (1). قال ابن خلكان: (وله ديوان شعر اختاره بنفسه، وذكر في خطبته أنه ألف بيت) اهـ‍ (2) قال العماد الكاتب في «الخريدة»: ومدح بكرمان وزيرها مكرم بن العلاء بقصيدته البائية التي أبدع فيها، منها قوله: [من الطويل] حملنا من الأيام ما لا نطيقه … كما حمل العظم الكسير العصائبا ومنها في قصر الليل، وهو معنى لطيف: وليل رجونا أن يدب عذاره … فما اختط حتى صار بالفجر شائبا ومن جيد شعره قوله: [من الكامل] قالوا هجرت الشعر قلت ضرورة … باب الدواعي والبواعث مغلق خلت الديار فلا كريم يرتجى … منه النوال ولا مليح يعشق (3) ومنه: [من البسيط] إشارة منك تغنيني وأحسنها … ردّ السلام غداة البين بالعنم أما ترانا وقد ضمت يد ليد … عند العناق وقد لاقى فم لفم حتى إذا طاح عنها المرط من دهش … وانحل بالضم سلك العقد في الظلم تبسمت فأضاء الليل فالتقطت … حبّات منتثر في ضوء منتظم قيل: والبيت الأخير منها ينظر إلى قول الشريف الرضي: [من البسيط] وبات بارق ذاك الثغر يوضح لي … مواقع اللّثم في داج من الظّلم توفي الغزي المذكور سنة أربع وعشرين وخمس مائة. ولد بغزة في أرض الشام، وبها ولد أيضا الإمام الشافعي، وبها توفي هاشم جد النبي صلّى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول مطرود بن كعب الخزاعي يبكيه: [من البسيط] وهاشم في ضريح وسط بلقعة … تسفي الرّياح عليه بين غزات

(1) «تاريخ ابن عساكر» (7/ 52). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 58). (3) «خريدة القصر» (6/ 11/7).

2241 - [ابن الغزال المصري]

قالوا: وإنما جمع وهي غزة واحدة؛ كأنه سمى كل ناحية منها باسم البلدة، وجمعها على غزات، ومن يوم قبر بها هاشم صارت تعرف بغزة هاشم وإلى ذلك أشار أبو نواس الشاعر المشهور لما توجه إلى مصر ليمدح ابن عبد الحميد صاحب «ديوان الخراج»، ذكر المنازل في طريقه فقال: [من الطويل] طوالب بالركبان غزّة هاشم … وبالفرما من حاجهن شقور والفرماء-بفتح الفاء والراء-المدينة العظيمة التي كانت كرسي الديار المصرية في زمن إبراهيم الخليل صلّى الله على نبينا وعليه وسلم، ومن بعض قراها هاجر أمّ إسماعيل، من قرية تسمى: أمّ العرب، ومن الاتفاق الغريب أن إسماعيل صلّى الله على نبينا وعليه وسلم أبو العرب، وأمّه من قرية تسمى: أمّ العرب. والشقور-بضم الشين المعجمة والقاف-بمعنى الأمور المهمة اللاصقة بالقلب. 2241 - [ابن الغزال المصري] (1) أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن صدقة المصري المجاور المعروف بابن الغزال. شيخ صالح مقرئ. توفي سنة أربع وعشرين وخمس مائة. لقب جده بالغزال؛ لسرعة عدوه، نزيل مكة. سمع بمصر أبا عبد الله القضاعي وغيره، وبدمشق أبا الحسن بن صصري وغيره، وسمع بمكة من كريمة «صحيح البخاري» وحدث. سمع منه بمكة جماعة، منهم الحافظ أبو القاسم بن عساكر حديثا واحدا تلقينا؛ لصمم شديد حصل له، ودخل الحافظ أبو الطاهر السلفي مكة وهو حي فلم يسمع منه؛ لأنه لم يعلم به، لكنه أجاز له، حدث عنه إسماعيل بن محمد الحافظ بأصبهان قبل رحلته سنة ثلاث وتسعين وأربع مائة، وسمع السلفي من أخيه أبي إسحاق إبراهيم، ووصفهما

(1) «تاريخ دمشق» (32/ 165)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 99)، و «العبر» (4/ 56)، و «مرآة الجنان» (3/ 232)، و «العقد الثمين» (5/ 242)، و «شذرات الذهب» (6/ 115).

2242 - [ابن سعدون الظاهري]

بالصلاح، وذكر أن أبا محمد جاور بمكة شرفها الله تعالى سنين، وبها مات في السنة المذكورة، والله أعلم. 2242 - [ابن سعدون الظاهري] (1) أبو عامر محمد بن سعدون بن مرجّى القرشي العبدري الأندلسي الميورقي الفقيه الحافظ الظاهري. حدث عن مالك البانياسي، وطراد الزينبي، وأبي الفضل بن خيرون وغيرهم. وعنه أبو القاسم بن عساكر، ويحيى بن بوش وغيرهما. وكان فقيها ظاهريا، من أعيان الحفاظ، أثنى عليه بالحفظ والمعرفة ابن عساكر والقاضي أبو بكر بن العربي وابن ناصر والحافظ السلفي وغيرهم، وتكلّم في مذهبه في القرآن ابن ناصر. قال ابن عساكر: (بلغني أنه قال: أهل البدع يحتجون بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أي: في الإلهية لا في الصورة، ثم يحتج بقوله تعالى: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} أي: في الحرمة) (2). توفي سنة أربع وعشرين وخمس مائة. 2243 - [ابن الأكفاني] (3) أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد الأنصاري الدمشقي المعروف بابن الأكفاني الحافظ. توفي سنة أربع وعشرين وخمس مائة.

(1) «المنتظم» (10/ 241)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 579)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 103)، و «العبر» (4/ 57)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 93)، و «نفح الطيب» (2/ 138). (2) «تاريخ دمشق» (53/ 60). (3) «سير أعلام النبلاء» (19/ 576)، و «العبر» (4/ 63)، و «مرآة الجنان» (3/ 241)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 235)، و «شذرات الذهب» (6/ 120).

2244 - [الآمر الرافضي]

2244 - [الآمر الرافضي] (1) الآمر بأحكام الله أبو علي منصور بن المستعلي بالله العبيدي الباطني صاحب مصر. امتدت دولته ثلاثين سنة، وكان مشتهرا بالظلم والفسق، فلما تمكن وكبر .. قتل وزيره الأفضل، وأقام في الوزراة المأمون البطائحي، ثم صادره وقتله، وخرج إلى الجيرة، فكمن له قوم بالسلاح، فلما مر على الجسر .. نزلوا عليه بالسيوف فقتلوه في سنة أربع وعشرين وخمس مائة، ولم يكن له عقب، فبايعوا بعده ابن عمه الحافظ عبد المجيد بن الأمير محمد بن المستنصر. 2245 - [فاطمة الجوزدانية] (2) أم إبراهيم فاطمة بنت عبد الله الأصبهانية الجوزدانية بالجيم، وبعد الواو زاي ودال مهملة، وبين الألف وياء النسبة نون. سمعت من ابن ريذة «معجم الطبراني»، وعاشت تسعا وتسعين سنة. وتوفيت سنة أربع وعشرين وخمس مائة. 2246 - [ابن تومرت البربري] (3) محمد بن عبد الله بن تومرت-بضم المثناة من فوق، وفتح الميم، وسكون الراء، ثم مثناة من فوق-المصمودي البربري الهرغي-بفتح الهاء، وسكون الراء، ثم غين معجمة- نسبة إلى هرغة، قبيلة كبيرة من المصامدة في جبل السوس في أقصى المغرب الملقب بالمهدي، وينتسب إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما. صاحب دعوة عبد المؤمن بن علي بالمغرب، نشأ هناك، ثم رحل إلى المشرق في

(1) «المنتظم» (10/ 239)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 24)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 123)، و «العبر» (4/ 62)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 235). (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 504)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 101)، و «العبر» (4/ 56)، و «مرآة الجنان» (3/ 232)، و «شذرات الذهب» (6/ 115). (3) «الكامل في التاريخ» (8/ 660)، و «وفيات الأعيان» (5/ 45)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 539)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 106)، و «العبر» (4/ 57)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 323)، و «مرآة الجنان» (3/ 232)، و «تاريخ ابن خلدون» (6/ 300).

شبيبته طالبا للعلم، فانتهى إلى العراق، فلقي الإمام أبا حامد الغزالي وطائفة، وحصل فنونا من العلم: الحديث والأصول والكلام. وكان ورعا ساكنا، ناسكا زاهدا، لا يصحبه من متاع الدنيا إلا عصا وركوة، متقشفا، شجاعا جلدا، عاقلا، كثير الإطراق، بساما في وجوه الناس، عميق الفكر، بعيد الغور، فصيحا مهيبا، مقبلا على العبادة، لذته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد، محتملا للأذى من الناس. حج وأقام بمكة مدة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فناله بها شيء من المكروه، فخرج منها إلى مصر، وبالغ في الإنكار، فزادوا في أذاه، وطردته الدولة، وكان إذا خاف من البطش وإيقاع الفعل به .. خلط في كلامه، فينسب إلى الجنون، فخرج من مصر إلى الإسكندرية، ثم توجه منها إلى بلاده، فلما ركب السفينة .. شرع في تغيير المنكر على أهل السفينة، وألزمهم إقامة الصلوات وقراءة أحزاب من القرآن، ولم يزل على ذلك حتى انتهى إلى المهدية إحدى مدن إفريقية في أيام الأمير يحيى بن تميم بن المعز الصنهاجي، وذلك في سنة خمس وخمس مائة، وقيل: في أيام أبيه تميم بن المعز، فنزل بها في مسجد مغلق وهو في الطريق، وجلس في طاق شارع إلى المحجة ينظر إلى المارة، فلا يرى منكرا من آلة الملاهي أو أواني الخمر إلا نزل إليها وكسرها، وتسامع الناس به في البلد، فجاءوا إليه، وقرءوا عليه كتبا من أصول الدين، وبلغ خبره الأمير، فاستدعاه مع جماعة من الفقهاء، فلما رأى سمته وسمع كلامه .. أكرمه وأجله، وسأله الدعاء، فلم يزده على قوله: أصلحك الله لرعيتك، ثم انتقل إلى بجاية، فأقام بها مدة على حاله في الإنكار، فأخرج منها إلى بعض قراها واسمها: ملاّلة. ويقال: إن ابن تومرت كان قد اطلع من علوم أهل البيت على كتاب يسمى: «الجفر» - بفتح الجيم، وسكون الفاء، وآخره راء-وسيأتي إيضاح «الجفر» في سنة ثمان وخمسين، وأنه رأى فيه صفة رجل يظهر بالمغرب الأقصى بمكان يسمى: السوس، من ذرية رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدعو إلى الله عزّ وجل، ويكون مقامه ومدفنه بموضع من المغرب يسمى: تين ملّ، وسيأتي ضبطه قريبا، ورأى فيه أيضا أن استقامة ذلك الأمر واستيلاءه وتمكنه يكون على يد رجل من أصحابه هجاء اسمه: ع ب د م وم ن، ويجاوز وقته المائة الخامسة للهجرة، فأوقع الله في نفسه أنه القائم بأول الأمر، وأن أوانه قد أزف، فما كان يمر بموضع إلا سأل عنه، ولا يرى أحدا إلا أخذ اسمه وتفقد حليته، وكانت حلية

عبد المؤمن معه، فبينا هو في بعض طرق ملاّلة المذكورة .. إذ رأى شابا قد بلغ أشده على الصفة التي معه، فقال له وقد تجاوزه: ما اسمك يا شاب؟ فقال: عبد المؤمن، فرجع إليه وقال: الله أكبر، أنت بغيتي، فنظر في حليته، فوافقت ما عنده، فقال له: ممن أنت؟ فقال: من كومية-بضم الكاف، وسكون الواو، وكسر الميم، وفتح المثناة من تحت-قبيلة، فقال: وأين مقصدك؟ قال: الشرق، أطلب علما، فقال له: وجدت علما وشرفا وذكرا، اصحبني .. تنله، فوافقه على ذلك، فألقى محمد إليه أمره، وأودعه سره. وكان محمد ابن تومرت قد صحب رجلا يسمى: عبد الله الونشريسي-بواو، ثم نون ساكنة، ثم شين معجمة مكررة قبل الراء والمثناة من تحت وبعدهما-وكان الونشريسي ممن تهذب وقرأ الفقه وغيره، وكان جميلا فصيحا في لغة العرب وأهل المغرب، ففاوضه ابن تومرت فيما عزم عليه من القيام، فوافقه على ذلك أتم الموافقة، فتحدثا يوما في كيفية الوصول إلى الأمر المطلوب، فقال ابن تومرت لعبد الله الونشريسي: أرى أن تستر ما أنت عليه من العلم والفصاحة عن الناس، وتظهر من العجز واللّكن والحصر والتعري من الفضائل ما تشتهر به عند الناس؛ لنتخذ الخروج عن ذلك واكتساب العلم والفصاحة دفعة واحدة؛ ليقوم ذلك مقام المعجزة عند حاجتنا إليه، فنصدّق فيما تقوله، ففعل عبد لله ذلك. ثم إن ابن تومرت استدنى أشخاصا من أهل المغرب أجلادا في القوى الجسمانية، أغمارا، وكان أميل إلى الأغمار من أولي الفطن والاستبصار، فاجتمع له منهم ستة سوى الونشريسي، ثم إنه رحل بهم إلى أقصى المغرب، واجتمع بعبد المؤمن على ما ذكرناه، وتوجهوا جميعا إلى مراكش وسلطانها يومئذ أبو الحسن علي بن يوسف بن تاشفين، وكان ملكا عظيما، حليما، عادلا، متواضعا، وكان بحضرته رجل يقال له: مالك بن وهيب الأندلسي، وكان عالما صالحا، ونزل بأصحابه في مسجد خراب خارج مراكش، وشرع ابن تومرت في الإنكار على جاري عادته، حتى أنكر على ابنة الملك، وله في ذلك قصة يطول شرحها، فبلغ خبره الملك، وأنه يتحدث في تغيير الدولة، فتحدث مالك بن وهيب في أمره وقال: نخاف من فتح باب يعسر علينا سده، والرأي أن يحضر هذا الشخص وأصحابه لنسمع كلامهم بحضور جماعة من علماء البلد، فأجاب الملك إلى ذلك، فأحضروهم من المسجد المذكور، فقال الملك لعلماء بلده: سلوا هذا الرجل ما يبغي منا، فانتدب له محمد بن أسود قاضي المرية فقال: ما هذا الذي يذكر عنك من الأقوال في

حق الملك العادل الحليم، المنقاد إلى الحق، المؤثر طاعة الله عزّ وجل على هواه؟ فقال ابن تومرت: أما ما نقل عني .. فقد قلته، ولي من ورائه أقوال، وأما قولك: إنه يؤثر طاعة الله على هواه، وينقاد إلى الحق .. فقد حضر اعتبار صحة هذا القول عنه ليعلم بتعرّيه عن هذه الصفة أنه مغرور بما تقولون له وتطرونه مع علمكم أن الحجّة متوجهة عليه، فهل بلغك يا قاضي أن الخمر يباع جهارا، وأن الخنازير تمشي بين المسلمين، وتؤخذ أموال اليتامى؟ ! وعدّد من ذلك شيئا كثيرا، فلما سمع الملك كلامه .. ذرفت عيناه، وأطرق حياء، ففهم الحاضرون من فحوى كلامه أنه طامع في المملكة لنفسه، ولما رأوا سكوت الملك وانخداعه .. لم يتكلم أحد منهم، فقال مالك بن وهيب وكان كثير الاجتراء على الملك: أيها الملك؛ إن عندي لنصيحة إن قبلتها .. حمدت عاقبتها، وإن تركتها .. لم تأمن غائلتها، فقال الملك: ما هي؟ قال: إني خائف عليك من هذا الرجل، وأرى أنك تعتقله وأصحابه، وتنفق عليهم كل يوم دينارا لتكفى شره، وإن لم تفعل ذلك .. لتنفق عليه خزائنك كلها، ثم لا ينفعك ذلك، فوافقه الملك، فقال وزيره: يقبح بك أن تبكي من موعظة هذا الرجل، ثم تسيء إليه في مجلس واحد، وأن يظهر مثلك الخوف منه مع عظم ملكك، وهو رجل فقير لا يملك سد جوعه، فأخذت الملك عزة النفس، واستهون أمره، وصرفه، وسأله الدعاء. فيقال: إنه لما خرج من عند الملك .. لم يزل وجهه تلقاء وجهه إلى أن فارقه، فقيل له: نراك تأدبت مع الملك؟ ! فقال: أردت ألا يفارق وجهي الباطل حتى أغيره، ثم قال ابن تومرت لأصحابه: لا مقام لنا مع وجود مالك بن وهيب، فما نأمن أن يعاود الملك في أمرنا، فينالنا منه مكروه، وإن لنا بمدينة أغمات أخا في الله-يعني عبد الحق بن إبراهيم، من فقهاء المصامدة-فنقصد المرور به، فلن نعدم منه رأيا ودعاء صالحا، فخرجوا إليه، ونزلوا عليه، فأخبره ابن تومرت خبرهم، وأطلعه على مقصدهم، وما جرى لهم عند الملك، فقال عبد الحق: هذا الموضع لا يحميكم، وإن أحصن هذه المواضع المجاورة لهذه البلد تين ملّ-بكسر المثناة من فوق، وسكون المثناة من تحت، ثم نون، ثم ميم مفتوحة، ثم لام مشددة-في المكان الفلاني، وبيننا وبين ذلك مسافة يوم في هذا الجبل، فانقطعوا فيه برهة ريثما ينسى ذكركم، فلما سمع محمد بهذا الاسم .. تجدد له ذكر اسم الموضع الذي رآه في كتاب «الجفر»، فقصده مع أصحابه، فلما رآهم أهله على تلك الصورة .. عرفوا أنهم طلاب العلم، فأكرموهم في أكرم منازلهم.

وسأل الملك عنهم بعد خروجهم من مجلسه، فقيل: إنهم سافروا، فسره ذلك وقال: تخلصنا من الإثم بحبسهم. وتسامع أهل الجبل بوصول ابن تومرت إليهم، وكان قد سار فيهم ذكره، فجاءوه من كل فج عميق، وتبركوا بزيارته، وكل من أتاه .. استدناه، وعرض عليه ما في نفسه من الخروج على الملك، فإن أجابه .. أضافه إلى خواصه، وإن خالفه .. أعرض عنه، وكان يستميل الأحداث وذوي الغباوة، وكان ذوو الحلم والعقل من أهاليهم ينهونهم ويحذرونهم من اتباعه ويخوفونهم من سطوة الملك، فكان لا يتم له مع ذلك حال، وطالت المدة، وخاف محمد ابن تومرت من مفاجأة الأجل قبل بلوغ الأمل، وخشي أن يطرأ على أهل الجبل من جهة الملك ما يحوجهم إلى تسليمه منه، فشرع في إعمال الحيلة فيما يشاركونه فيه ليعصوا على الملك بسببه، فرأى بعض أولاد القوم شقرا زرقا، وألوان آبائهم السمرة والكحل، فسألهم عن سبب ذلك، فلم يجيبوه، فألزمهم الإجابة، فقالوا: نحن رعية هذا الملك، وله علينا خراج، في كل سنة يصعد مماليكه إلينا، وينزلون في بيوتنا، ويخرجوننا عنها، ويستحلون من فيها من النسوان، فتأتي الأولاد على هذه الصفة، وما لنا قدرة على دفع ذلك عنا، فقال ابن تومرت: والله إن الموت خير من هذه الحياة، وكيف رضيتم بهذا وأنتم أضرب خلق الله بالسيف وأطعنهم بالحربة؟ ! فقالوا: بالرغم لا بالرضا، فقال: أرأيتم لو أن ناصرا نصركم على أعدائكم، ما كنتم تصنعون؟ فقالوا: كنا نقدم أنفسنا بين يديه للموت، قالوا: ومن هو؟ قال: ضيفكم، يعني نفسه، فقالوا: السمع والطاعة، وكانوا يغالون في تعظيمه، فأخذ عليهم العهود والمواثيق، واطمأن قلبه، ثم قال لهم: استعدوا لحضور هؤلاء بالسلاح، فإذا جاءوكم .. فأجروهم على عوائدهم، وخلوا بينهم وبين النساء، وميلوا عليهم بالخمور، فإذا سكروا .. فآذنوني بهم، فلما حضر المماليك، وفعل معهم أهل الجبل ما أشار به وكان ليلا .. أعلموه بذلك، فأمر بقتلهم بأسرهم، فلم يمض من الليل سوى ساعة حتى أتوا على آخرهم، ولم يفلت منهم سوى مملوك واحد كان خارج المنازل لحاجة، وسمع التكبير عليهم والوقع بهم، فهرب من غير الطريق حتى خلص من الجبل، ولحق بمراكش، وأخبر الملك بما جرى، فندم الملك على فوات ابن تومرت من يده، وعلم أن الحزم كان فيما أشار به مالك بن وهيب، فجهز من وقته خيلا بمقدار ما يسع ذلك الوادي؛ فإنه ضيق المسلك، وعلم ابن تومرت أنه لا بد من عسكر يخرج إليهم، فأمر أهل الجبل بالقعود على أبواب الوادي وبمراصده، واستنجد لهم بعض

المجاورين، فلما وصلت الخيل إليهم .. أقبلت عليهم الحجارة من جانبي الوادي مثل المطر، وكان ذلك من أول النهار إلى آخره، فحال بينهم الليل، ورجع العسكر إلى الملك، وأخبروه بما تم لهم، فعلم أنه لا طاقة له بأهل الجبل لتحصنهم، فأعرض عنهم. وتحقق ابن تومرت ذلك منه، وصفا له مودة أهل الجبل، فعند ذلك استدعى الونشريشي المذكور وقال له: هذا أوان إظهار فضلك دفعة واحدة ليقوم لك مقام المعجزة؛ لنستميل بك قلوب من لا يدخل في الطاعة، ثم اتفقا على أنه يصلي الصبح ويقول بلسان فصيح بعد استعمال العجمة واللكنة في تلك المدة: إني رأيت البارحة في منامي وقد نزل ملكان من السماء وشقا فؤادي وغسلاه وحشياه علما وحكمة وقرآنا، فلما أصبح .. قال ذلك، وهو فصل يطول شرحه، فاتفق أن انقاد له كل صعب القياد، وعجبوا من حاله وحفظه القرآن في النوم، فقال له ابن تومرت: فعجل لنا البشرى في أنفسنا، وعرفنا أسعداء نحن أم أشقياء؟ فقال له: أما أنت .. فإنك المهدي القائم بأمر الله، ومن تبعك .. سعد، ومن خالفك .. هلك، ثم قال: اعرض علي أصحابك حتى أميز أهل الجنة من أهل النار، وعمل في ذلك حيلة قتل بها من خالف أمر محمد، وأبقى من أطاعه، وشرح ذلك يطول، وكان غرضه ألا يبقى في الجبل مخالف لابن تومرت، فلما قتل من قتل .. علم محمد أن في الباقين من له أهل وأقارب قتلوا، وأنهم لا تطيب قلوبهم بذلك، فجمعهم، وبشرهم بانتقال ملك صاحب مراكش إليهم، واغتنامهم أمواله، فسرهم ذلك وسلاّهم عمن قتل من أهليهم. وبالجملة: فإن تفصيل هذه الواقعة طويل، وخلاصة الأمر أن محمدا لم يزل حتى جهز جيشا عدد رجاله عشرة آلاف ما بين فارس وراجل، وفيهم عبد المؤمن والونشريسي، فنزل القوم لحصار مراكش، وأقاموا عليها شهرا، ثم كسروا كسرة شنيعة، وقتل الونشريسي في جماعة، وهرب عبد المؤمن في آخرين، وبلغ ابن تومرت الخبر وهو في الجبل، وحضرته الوفاة قبل عود أصحابه إليه، وأوصى من حضر أن يبلغ الغائبين أن النصر لهم، والعاقبة حميدة، فلا تضجروا، وليعاودوا القتال؛ فإن الله سيفتح على أيديهم، والحرب سجال، وإنكم ستقوون ويضعفون، وتكثرون ويقلون، وأنتم في مبدأ أمر، وهم في آخره، ومثل هذه الوصايا وأشباهها، وهي وصية طويلة. ثم إنه توفي في سنة أربع وعشرين وخمس مائة (1).

(1) في «الكامل في التاريخ» (8/ 660): توفي سنة (514 هـ‍)، وفي «تاريخ ابن خلدون» (6/ 305): توفي سنة (522 هـ‍).

2247 - [حماد بن مسلم الدباس]

وكان قوته من غزل أخت له رغيفا في كل يوم بقليل سمن أو زيت، ولم ينتقل عن هذا حين كثرت عليه الدنيا، ورأى أصحابه يوما وقد مالت نفوسهم إلى كثرة ما غنموا، فأمر بضم جميعه، وأحرقه وقال: من كان يبتغي الدنيا .. فما له عندي إلا ما رأى، ومن يبتغي الآخرة .. فجزاؤه على الله تعالى، وكان على خمول زيّه وبسط وجهه مهيبا منيع الحجاب إلا عند مظلمة، وله رجل يختص بخدمته والإذن عليه. قال صاحب كتاب «المغرب في أخبار أهل المغرب» في حقه: [من الكامل] آثاره تنبيك عن أخباره … حتى كأنك بالعيان تراه قدم في الثرى، وهمة في الثريا، ونفس ترى إراقة ماء الحياة دون إراقة ماء المحيا. وكان ابن تومرت كثيرا ما ينشد: [من الطويل] تجرد عن الدنيا فإنك إنما … خرجت إلى الدنيا وأنت مجرد وله شعر ومنه: [من المتقارب] أخذت بأعضادهم إذ نأوا … وخلّفك القوم إذ ودعوا فكم أنت تنهى ولا تنتهي … وتسمع وعظا ولا تسمع فيا حجر الشّحذ حتى متى … تسن الحديد ولا تقطع وذكر بعض المؤرخين أنه ادعى الإمامة، وأنه معصوم، قال: وكان على طريقة مثلى لا ينكر معها العصمة؛ فإنه لم يزل على حال واحدة من الزهد والتقلل والعبادة وإقامة السنن والشعائر، وكان ربما كاشف أصحابه، ووعدهم بأمور فتوافق، غير أنه أفسد بادعاء كونه المهدي، وبتسرعه في الدماء. قيل: إنه كان حاذقا في ضرب الرمل. ولم يفتح شيئا من البلاد، وإنما قرر القواعد ومهدها، ورتبها ووطدها، وكانت الفتوح على يد عبد المؤمن. 2247 - [حمّاد بن مسلم الدّبّاس] (1) أبو عبد الله حمّاد بن مسلم الدباس الشيخ الكبير، الولي الشهير.

(1) «المنتظم» (10/ 246)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 594)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 128)، و «العبر»

2248 - [محمد ابن عبدويه]

كان أميا، ففتح الله عليه بالمعارف والأسرار، وله كرامات شهيرة، وهو شيخ الشيخ محيي الدين عبد القادر الجيلاني. توفي في شهر رمضان سنة خمس وعشرين وخمس مائة. 2248 - [محمد ابن عبدويه] (1) محمد بن الحسن بن عبدويه أبو عبد الله المهروباني بفتح الميم، وإسكان الهاء، وضم الراء، وسكون الواو، ثم موحدة مفتوحة، ثم ألف، ثم نون مكسورة، ثم ياء النسب. قال الجندي: (لا أدري هل هي نسبة إلى جد أو بلد؟ ! ) (2). وقال بعضهم: لعله منسوب إلى ماهروبان-بزيادة ألف بين الميم والهاء-بلدة في ساحل البصرة. ولد المذكور سنة تسع وثلاثين وأربع مائة (3). وتفقه ببغداد بالشيخ أبي إسحاق الشيرازي، ثم دخل اليمن في آخر المائة الخامسة، فدخل عدن، ثم صار إلى زبيد، وفي أثناء إقامته بها نزل المفضل بن أبي البركات إليها معينا لبعض ملوك الحبشة على ابن عم له، فدخلها المفضل بجيشه وانتهبها، وانتهب للفقيه جملة مستكثرة، فانتقل الفقيه إلى جزيرة كمران، وذلك في سنة خمس وخمس مائة، وبقي مع الفقيه بقية من ماله، فاشترى بها جلابا، وسفر مواليه إلى الحبشة، وإلى عدن ومكة والهند، وبارك الله له فيه، فلما استقر بكمران، وشاع علمه .. قصده الناس من تهامة اليمن ونجده، فانتفع به وتفقه عليه جمع كثير، منهم: عبد الله بن أحمد الزبراني، وعبيد بن يحيى من سهفنة، وعمر بن علي السلالي، وعيسى بن عبد الملك المعافري، وعبد الله وعمر ابنا عبد العزيز بن قرة الأبينيان، وعمران بن موسى بن يوسف الوصابي وغيرهم، وأصحابه أكثر من أن تحصر، لكن هؤلاء من أعيانهم.

(1) - (4/ 64)، و «مرآة الجنان» (3/ 242)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 246). (1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 144)، و «السلوك» (1/ 279)، و «مرآة الجنان» (3/ 242)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 132)، و «تحفة الزمن» (1/ 205)، و «طبقات الخواص» (ص 277)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 207)، و «شذرات الذهب» (6/ 125). (2) «السلوك» (1/ 279). (3) وفي «السلوك» (1/ 279)، و «تحفة الزمن» (1/ 205): (سنة سبع وثلاثين وأربع مائة).

2249 - [عين القضاة الهمذاني]

وكان يقوم بكفاية المنقطعين من أصحابه، وكان متحريا في مطعمه بحيث لا يأكل إلا الأرز الذي تجلبه عبيده من بلاد الكفار. وكان التجار وغيرهم يقصدونه إلى الجزيرة؛ للتبرك، وربما جاءوا بنذر للدّرسة. وامتحن بالعمى، فأتى إليه الفقيه أبو بكر الحربي أحد تلامذته بطبيب من المهجم ليداويه، وشرط له شيئا، ثم إن الفقيه أملى على ابن ابنه أبياتا أنشدها، فكتبها الولد، وهي: [من الوافر] وقالوا قد دها عينيك سوء … فلو عالجته بالقدح زالا فقلت الرب مختبري بهذا … فإن أصبر أنل منه النوالا وإن أجزع حرمت الأجر منه … وكان خصيصتي منه الوبالا وإني صابر راض شكور … ولست مغيرا ما قد أنالا صنيع مليكنا حسن جميل … وليس لصنعه شيء مثالا وربي غير متصف بحيف … تعالى ربنا عن ذا تعالى فلما بلغ قوله: (وإني صابر راض شكور) .. رد الله عليه بصره، وأضاء له المسجد، وعاين ابن ابنه وهو يكتب، فقال له: أعط الطبيب ما شرطت له، فقد حصل الشفاء بإذن الله تعالى لا بمداواته. تفقه ببغداد على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، ودخل اليمن بكتاب «المهذب». قال الشيخ اليافعي: (وهو أول من دخل به اليمن على ما بلغني) اهـ‍ (1) توفي بالجزيرة المذكورة على الحال المرضي يوم الخميس لعشر خلون من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وخمس مائة في عشر الثمانين، وقبر إلى جنب مسجده من ناحية الشرق رحمه الله تعالى. 2249 - [عين القضاة الهمذاني] (2) أبو المعالي عبد الله بن محمد الهمذاني الملقب بعين القضاة، الفقيه العلامة الأديب.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 242). (2) «العبر» (4/ 65)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 540)، و «مرآة الجنان» (3/ 244)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 128)، و «شذرات الذهب» (6/ 124).

2250 - [السلطان محمود السلجوقي]

كان يضرب به المثل في الذكاء البارع. دخل في مذهب التصوف، وأخذ في الكلام والإشارات الدقيقة وما لا يفهم الخلق من أسرار الحقيقة، فنسب بسبب ذلك إلى الكفران، فقتل وصلب بهمذان في سنة خمس وعشرين وخمس مائة. 2250 - [السلطان محمود السلجوقي] (1) السلطان مغيث الدين محمود بن السلطان محمد بن السلطان ملك شاه السلجوقي. كان قد خطب له ببغداد وغيرها، وله معرفة بالنحو والشعر والتاريخ، وكان شديد الميل إلى أهل العلم والخير. وتوفي بهمذان سنة خمس وعشرين وخمس مائة، وخلف طفلا يسمى: داود، وكان في حجر آق سنقر الأحمديلي، وله ولاية أذربيجان، فعقد له الوزير أبو القاسم الأنساباذي السلطنة على كره من آق سنقر، وحسن له جمع الكلمة بذلك، فلما سكنت الدهماء .. توجه الأنساباذي إلى الري حتى أمن في ولاية السلطان سنجر. وكان السلطان محمود قد جعل لأخيه مسعود كنجة معيشة له، فتوجه إليها، فلما بلغه وفاة أخيه محمود .. عاد من طريقه طالبا للسلطنة. 2251 - [أبو بكر ابن زهر] (2) أبو بكر محمد بن عبد الملك بن أبي العلاء زهر الإيادي الأندلسي الإشبيلي، من بيت كلهم وزراء علماء رؤساء حكماء. قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية في كتابه «المطرب من أشعار المغرب»: وكان شيخنا أبو بكر-يعني: ابن زهر المذكور-بمكان من الفقه مكين، ومورد من الطب عذب، كان يحفظ شعر ذي الرمة وهو ثلث لغة العرب مع الإشراف على جميع أقوال أهل الطب،

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 29)، و «وفيات الأعيان» (5/ 182)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 524)، و «العبر» (4/ 66)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 246)، و «شذرات الذهب» (6/ 126). (2) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى هذه الترجمة في وفيات سنة (595 هـ‍) في مكانها الصحيح، فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 368)، والذي يجب أن يذكر في هذه السنة إنما هو جده أبو العلاء زهر بن عبد الملك الإيادي، ولكن المصنف تبع في ذلك اليافعي في «مرآة الجنان» (3/ 245).

والمنزلة العليا عند أصحاب المغرب، وكثرة الأموال والنشب، صحبته زمانا طويلا، واستفدت منه أدبا جليلا. اهـ‍ وله مصنفات في الطب وغيره. وله شعر جيد، ومنه ما أنشده وقد شاخ وغلب عليه الشيب: [من البسيط] إني رأيت إلى المرآة إذ جليت … فأنكرت مقلتاي كلّ ما رأتا رأيت فيها شويخا لست أعرفه … وكنت أعهده من قبل ذاك فتى فقلت أين الذي بالأمس كان هنا … متى ترحل عن هذا المكان متى فاستضحكت ثم قالت وهي معجبة … إن الذي أنكرته مقلتاك أتى كانت سليمى تنادي يا أخيّ وقد … صارت سليمى تنادي اليوم يا أبتا انتهى. واعترض عليه الشيخ اليافعي: (بأنه عرّض بذم الشيب الذي مدحه الشارع وجعله نور المسلم، وعارضه بقصيدة طويلة تنيف على ثمانين بيتا يقول فيها: [من البسيط] يا من يرى منقبات الشيب منقصة … لم يدر كم قيل في علياه حدثنا وكم روى من إمام نور ذاك غدا … وما به من وقار قد رووه لنا كذلك الحق يستحيي تبارك من … ذي شيبة كلّها تروي أئمتنا صغرته إذ شويخا قلت مع خطأ الت‍ … صغير أيضا خطا واو به قرنا كبره واقصد به تعظيم حرمة من … بالدين دانوا وزانوا بالحلى الزمنا قل غير ناو به للنفس مدحتها … فالله يعلم منك السر والعلنا لما نظرت إلى المرآة قد جليت … شاهدت في تلك شيخا قد علاه سنا فقلت من ذا وعهدي قبل ذاك فتى … بالزهو يرفل في ثوب الشباب هنا فقال منها لسان الحال ذاك مضى … في ليل جهل قبيل الصبح حين دنا وذا بدا حين فجر العقل ضاء به … نور الوقار مع الإسلام قد سكنا وبين ذين بدت أعلام نور بها … كهولة زانها وشي وحسن ثنا) (1) توفي ابن زهر المذكور في سنة خمس وعشرين وخمس مائة.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 246).

2252 - [علي بن سلمان البغدادي]

2252 - [علي بن سلمان البغدادي] (1) أبو الحسن علي بن سلمان الواعظ الفقيه (2)، المدرس بالمدرسة النظامية ببغداد، وأصله من أهل بغداد، وكان سافر عنها، وعاد فقيها أديبا، مليح الخط، مبرزا في ذلك كله. توفي سنة خمس وعشرين وخمس مائة. مذكور في الأصل. 2253 - [الملك الأكمل شاهنشاه] (3) الملك الأكمل أحمد بن الأفضل أمير الجيوش شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي المصري. سجن بعد قتل أبيه مدة إلى أن قتل الآمر وأقيم الحافظ، فأخرج الأكمل المذكور، وولي وزارة السيف والقلم، وكان شهما عالي الهمة كأبيه وجدّه، فحجر على الحافظ، ومنعه من الظهور، وأخذ جميع ما في القصر، وأهمل ناموس الخلافة العبيدية؛ لأنه كان سنيا كأبيه، لكنه أظهر التمسك بالإمام المنتظر، وأبطل من الأذان حي على خير العمل، وغير قواعد مواليه الباطنية، فأبغضه الدعاة والقواد، وعملوا عليه، فركب في المحرم للعب الكرة، فوثبوا عليه، وطعنه مملوك الحافظ بحربة، وأخرجوا الحافظ، ونزل إلى دار الأكمل، واستولى على خزائنه، وذلك في سنة ست وعشرين وخمس مائة. 2254 - [بوري تاج الملوك] (4) بوري-بضم الموحدة، وكسر الراء بين الواو والياء-الملقب بتاج الملوك، صاحب دمشق وابن صاحبها طغتكين، مملوك تاج الدولة السلجوقي. قفز عليه الباطنية فجرح، وتعلل أشهرا، ومات في سنة ست وعشرين وخمس مائة. وولي بعده ابنه شمس الملوك إسماعيل، وكان شجاعا مجاهدا جوادا.

(1) «معجم الأدباء» (5/ 142)، و «الوافي بالوفيات» (21/ 140). (2) في «معجم الأدباء» (5/ 142): (سليمان). (3) «تاريخ الإسلام» (36/ 140)، و «العبر» (4/ 67)، و «مرآة الجنان» (3/ 250)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 248). (4) «الكامل في التاريخ» (10/ 38)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 573)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 322)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 249)، و «شذرات الذهب» (6/ 129).

2255 - [عبد الله بن أبي جعفر المالكي]

2255 - [عبد الله بن أبي جعفر المالكي] (1) أبو محمد عبد الله بن أبي جعفر المالكي الإمام العلامة. انتهت إليه الرئاسة المالكية، وروى عن ابن عبد البر وغيره من الكبار، وسمع بمكة «صحيح مسلم» من أبي عبد الله الطبري. وتوفي سنة ست وعشرين وخمس مائة. 2256 - [ابن كادش العكبري] (2) أبو العز أحمد بن عبيد الله السلمي العكبري. روى عن الجوهري، والقاضي أبي الطيب الطبري وغيرهم، وهو آخر من روى عن القاضي أبي الحسن الماوردي. توفي سنة ست وعشرين وخمس مائة. 2257 - [عبد الله بن يزيد الميتمي] (3) عبد الله بن يزيد القسيمي المعروف بالميتمي، نسبة إلى وادي ميتم-بفتح الميم، وسكون المثناة تحت، وفتح المثناة فوق، ثم ميم-واد كبير بالقرب من إبّ، يسقي ماؤه وادي لحج، وعليه قرى كثيرة، ومزارع عظيمة، سمي باسم ملك من ملوك حمير. كان المذكور فقيها صالحا، عارفا فاضلا. أخذ عنه الفقيه يحيى بن محمد، وروى عنه الفقيه المالكي كتاب «بدائع الحكم والآداب» في الحديث عن مؤلفه نصر ابن نوح الفارسي. ويحكى أن الفقيه عبد الله رأى ليلة القدر، فسأل الله أن يرزقه مالا حلالا، وولدا

(1) «تاريخ الإسلام» (36/ 144)، و «العبر» (4/ 69)، و «مرآة الجنان» (3/ 251)، و «شذرات الذهب» (6/ 129). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 41)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 558)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 141)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 250)، و «شذرات الذهب» (6/ 129). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 117)، و «السلوك» (1/ 278)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 141).

2258 - [أبو الحسين بن الفراء الحنبلي]

صالحا، وأن يبارك له فيهم، فرزقه الله نحلا وولدا، وبارك له فيهم بحيث كان يبيع عسله بشيء لا يحصر، وولد جملة مستكثرة. وتوفي سنة ست وعشرين وخمس مائة. 2258 - [أبو الحسين بن الفراء الحنبلي] (1) أبو الحسين محمد، القاضي بن القاضي أبي يعلى الفراء الحنبلي البغدادي. كان مفتيا مناظرا، عارفا بالمذهب ودقائقه، أكثر الحط على الأشعرية. قتل ليلة عاشوراء من سنة ست وعشرين وخمس مائة، وأخذ ماله، ثم قتل قاتله. 2259 - [أحمد بن عبد الله العمراني] (2) أحمد بن عبد الله بن عمر بن الفقيه أحمد بن الفقيه إبراهيم بن الفقيه أبي عمران العمراني. ولد سنة ثلاث وستين وأربع مائة. وتفقه بالإمام زيد اليفاعي، وأبي بكر المحائي، وابن عبدويه. وكان أكبر من ابن عمه يحيى بن محمد بن عمر، لكن يحيى أشهر منه. وكان المذكور فقيها فاضلا، ورعا تقيا. توفي سنة ست وعشرين وخمس مائة. وكان ابنه عمر بن أحمد بن عبد الله فقيها ماهرا، تفقه بابن عم أبيه يحيى بن محمد بن عمر، وكان ميلاده سنة ثلاث وخمس مائة، ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة أبيه.

(1) «المنتظم» (10/ 253)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 601)، و «العبر» (4/ 69)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 159)، و «شذرات الذهب» (6/ 130). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 170)، و «السلوك» (1/ 292)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 108)، و «تحفة الزمن» (1/ 217)، و «هجر العلم» (4/ 2133).

2260 - [ابن الرطبي الشافعي]

2260 - [ابن الرّطبي الشافعي] (1) أحمد بن سلامة الكرخي أبو العباس الفقيه الشافعي. برع في المذهب وغوامضه على الشيخين أبي إسحاق الشيرازي وابن الصباغ حتى صار يضرب به المثل في الخلاف والمناظرة، ثم علّم أولاد الخليفة. وتوفي سنة سبع وعشرين وخمس مائة. 2261 - [أبو الفتح الميهني] (2) أبو الفتح أسعد الميهني الإمام العلامة. توفي سنة سبع وعشرين وخمس مائة. كان يتوقد ذكاء، ويرجع إلى خوف ودين. تفقه بمرو وغزنة، وشاع فضله، وبعد صيته، وولي نظامية بغداد مرّتين، وخرج له عدة تلامذة. مذكور في الأصل. 2262 - [أبو سعيد الصاعدي] (3) أبو سعيد محمد بن أحمد النيسابوري الصاعدي، رئيس نيسابور وصدرها، وقاضيها وعالمها. توفي سنة سبع وعشرين وخمس مائة. 2263 - [أبو خازم بن أبي يعلى الحنبلي] (4) أبو خازم محمد بن القاضي أبي يعلى الفراء الفقيه الحنبلي.

(1) «المنتظم» (10/ 257)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 610)، و «العبر» (4/ 71)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 396)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 18). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 207)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 633)، و «العبر» (4/ 71)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 42)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 252). (3) «سير أعلام النبلاء» (19/ 591)، و «العبر» (4/ 72)، و «مرآة الجنان» (3/ 252)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 251)، و «شذرات الذهب» (6/ 136). (4) «المنتظم» (10/ 259)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 604)، و «العبر» (4/ 73)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 160)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 251)، و «شذرات الذهب» (6/ 135).

2264 - [أبو نصر اليونارتي]

برع في المذهب والأصول والخلاف، وبرع في الزهد والديانة. صنف كتاب «التبصرة في الخلاف» و «رءوس المسائل» وشرح «مختصر الخرقي» وغير ذلك. وتوفي سنة سبع وعشرين وخمس مائة. 2264 - [أبو نصر اليونارتي] (1) أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن علي اليونارتي. حدث عن أبي بكر بن ماجه، وأبي بكر بن خلف الشيرازي وغيرهما من الأعيان. وعنه أحمد بن صالح بن شافع، وأبو الفتح بن المنى نصر بن فتيان. وكان حافظا متقنا، مقربا مجودا، كثير التلاوة للقرآن، خرج لنفسه معجما. وتوفي سنة سبع وعشرين وخمس مائة. 2265 - [عمرو بن أسعد الكلاعي] (2) عمرو بن أسعد بن الهيثم بن محمد بن الحسين بن محمد المشيّع-كاسم مفعول التشييع، بالتحتانية-ابن عبد الله بن ناكور-بالنون والراء-الكلاعي ثم الحميري. ولد في ذي الحجة سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة. وتفقه بأبيه، وسمع هو وأبوه وأخوه زيد بن أسعد «صحيح البخاري» على خير بن يحيى بن ملامس. وتوفي لسبع خلون من رجب سنة سبع وعشرين وخمس مائة.

(1) «الأنساب» (5/ 710)، و «المنتظم» (10/ 257)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 621)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1286)، و «العبر» (4/ 71)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 215)، و «شذرات الذهب» (6/ 133). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 112)، و «السلوك» (1/ 250)، و «العطايا السنية» (ص 487)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 206)، و «تحفة الزمن» (1/ 180)، و «هجر العلم» (2/ 940).

2266 - [السلطان ابن القبيب]

2266 - [السلطان ابن القبيب] (1) السلطان الحماس بن القبيب، صاحب صنعاء وأعمالها. وولي الأمر بعده ابنه الحاتم بن الحماس. وكان أعظم بني القبيب رئاسة، وأقواهم شوكة. فلما حضرته الوفاة .. جمع إخوته وهم: أبو الغارات، وعامر أبو الفتوح، ومحمد، وحضهم على الألفة، وأمرهم بالتساعد وأن يجعلوا رئيسهم ومقدمهم أبا الغارات، وأن يحلفوا له، فقالوا: لا نحلف، ولا نقدم علينا إلا محمدا، وكان أصغرهم، فلما رأى مخالفتهم لرأيه .. بكى بكاء شديدا، فقالوا: ما يبكيك؟ فقال: [من الطويل] فما الموت أبكاني ولا القبر راعني … ولا من حذار الموت يا صاح أجزع ولكنّ أقواما أخاف عليهم … وأخشى بأن يعطوا الذي كنت أمنع وتصبح آراء الرجال عليهم … تجور وإصلاح الدنية يوضع ثم توفي رحمه الله، فاختلف إخوته، وتفرقت آراؤهم، فاعتزلهم أهل صنعاء، ولم ينقادوا لهم، فاجتمعت همدان كافة، وقصدوا السلطان حميد الدولة حاتم بن أحمد بن عمران بن الفضل اليامي الآتي ذكره في العشرين بعد هذه (2). توفي الحماس في رمضان سنة سبع وعشرين وخمس مائة. 2267 - [أبو الوفاء الشيرازي] (3) أبو الوفاء أحمد بن علي الشيرازي الشيخ الكبير، صاحب الرباط والأصحاب والمريدين ببغداد. كان يحضر السماع. توفي سنة ثمان وعشرين وخمس مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 306)، و «اللطائف السنية» (ص 84). (2) انظر (4/ 194). (3) «المنتظم» (10/ 263)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 161)، و «العبر» (4/ 74)، و «مرآة الجنان» (3/ 253)، و «شذرات الذهب» (6/ 137).

2268 - [أبو علي الفارقي]

2268 - [أبو علي الفارقي] (1) أبو علي الحسن بن إبراهيم بن برهون الفارقي الفقيه الإمام، القاضي الشافعي. تفقه بمحمد بن بيان الكازروني، ثم ارتحل إلى الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، فحفظ عليه «المهذب» وتفقه به وبابن الصباغ، وحفظ «الشامل»، وكان مجودا لحفظ الكتابين المذكورين، ورعا، حافظا زاهدا. سمع من أبي جعفر بن المسلمة، والخطيب وجماعة، وولي قضاء واسط مدة. وعليه تفقه القاضي أبو سعد بن أبي عصرون. وله كتاب «الفوائد على المهذب» وفوائد مجموعة. توفي سنة ثمان وعشرين وخمس مائة، وولد سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة. مذكور في الأصل. 2269 - [زيد الفائشي] (2) زيد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن أحمد بن ميمون بن عبد الله بن عبد الحميد بن أبي أيوب أبو أحمد الفائشي، نسبة إلى القيل ذي فائش، واسمه: سلامة بن يزيد بن مرة الحميري، وإنما قيل له: ذو فائش بولد يقال له: فائش بفاء وألف، وهمزة مكسورة، وآخره شين معجمة. كان المذكور إماما عالما عاملا كاملا، عارفا بالقراءات والفقه، والنحو واللغة والأصولين، والدور والحساب. أخذ عن ابن عبدويه، وأسعد بن الهيثم، وخير بن يحيى بن ملامس، وأخذ علم القراءات عن أبي معشر الطبري، والنحو عن إبراهيم بن أبي عباد، واللغة عن عيسى بن إبراهيم الربعي مؤلف «نظام الغريب».

(1) «المنتظم» (10/ 263)، و «وفيات الأعيان» (2/ 77)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 608)، و «العبر» (4/ 74)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 57)، و «شذرات الذهب» (6/ 140). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 155)، و «السلوك» (1/ 285)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 85)، و «العطايا السنية» (ص 325)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 434)، و «تحفة الزمن» (1/ 211)، و «هجر العلم» (1/ 389).

وكان كثير الحج، فأخذ بمكة عن البندنيجي، وأبي عبد الله الطبري، وعبد الملك بن أبي مسلم النهاوندي إمام المقام. وكان جوالا في أنحاء اليمن، فلذلك كثر علمه، واتسع فضله، وجمع من الكتب ما يزيد على خمس مائة كتاب. وكان ورده في صلاته كل ليلة سبع القرآن، وصنف كتابا في الفقه سماه: «التهذيب» في مجلدين لطيفين. وتفقه به جمع كثير من الفضلاء، منهم: الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني، وعمر بن علقمة وغيرهم. وله مع ذلك أشعار مستحسنة، منها ما كتبه إلى السلطان أسعد بن وائل وكان قد ولاه الحكم بوحاظة فامتنع، فعتب عليه السلطان في ذلك، فارتحل من القرية التي هو ساكن فيها وهي قرية الجعامي-بفتح الجيم والعين المهملة-في وحاظة يريد قريته التي خرج منها وبها قومه، وهي دمت، وكتب إلى السلطان المذكور شعرا يقول فيه: [من الطويل] ألا إن لي مولى وقد خلت أنني … أفارق طيب العيش حين أفارقه جفاني فأقصاني بعيدا جفاؤه … وصرت بلحظي من بعيد أسارقه وأرقب عقبى للوداد جميلة … وصبرا إلى أن يرقع الخرق فاتقه وما كان سيري لاختيار فراقه … ولكنه ميل إلى ما يوافقه فلما وقف السلطان على كتاب الفقيه .. أمر برده من الطريق وإن كره، فلما رجع إلى السلطان .. قال له: يا سيدي الفقيه؛ أنا أستغفر الله من عتابك، ولك مني نصف ألف دينار، وإن شئت أرض الموجار، فقبل الفقيه منه الأرض، ولم تزل بيده ويد ذريته إلى أن انقرض أعيانهم وضعفوا. ولم يزل الفقيه على القراءة والإقراء والقرى إلى أن توفي في قرية الجعامي في رجب سنة ثمان وعشرين وخمس مائة، ويقال: إنه مات وهو ابن سبعين سنة، حكاه الإسنوي في «طبقاته» عن ابن سمرة (1).

(1) انظر «طبقات فقهاء اليمن» (ص 155).

2270 - [ابن أزهر]

2270 - [ابن أزهر] (1) عبد الله بن عبد الرزاق بن حسن بن أزهر أبو محمد. تفقه بأبي بكر بن جعفر، وارتحل هو والفقيه سالم بن عبد الله إلى الحافظ عبد الملك بن محمد بن أبي ميسرة بجبل الصلو، فسمعا منه «ناسخ القرآن ومنسوخه» للصفار. وبالفقيه عبد الله المذكور تفقه جمع كثير، منهم أبو بكر بن سالم وغيره. ودرّس بجامع ذي أشرق، وإليه انتهت رئاسة التدريس والفتوى بها، وكان فقيها عالما عاملا. وتوفي بذي أشرق سنة ثمان وعشرين وخمس مائة عن ست وثلاثين سنة (2). 2271 - [أبو الصّلت الأندلسي] (3) أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني الأندلسي. كان ماهرا في علوم الأوائل من الطبيعي والرياضي والإلهي، رأسا في علم الهيئة والنجوم والموسيقى. من تصانيفه: «رسالة العمل بالأصطرلاب» وكتاب «الأدوية المفردة» وكتاب في المنطق سماه: «تقويم الذهن» وكتاب سماه: «الانتصار في الرد على ابن رضوان» في رده على حنين بن إسحاق في مسائله، وصنف «الوجيز في علم الهندسة» للأفضل الملقب بشاهنشاه، وعرضه على شيخه أبي عبد الله الحلبي، فلما وقف عليه .. قال: هذا كتاب لا ينفع المبتدئ، ويستغني عنه المنتهى، وكان بديع النظم، ومما ينسب إليه من الشعر: [من الطويل] إذا كان أصلي من تراب فكلّها … بلادي وكلّ العالمين أقاربي ولا بد لي أن أسأل العيس حاجة … تشق على شم الذرى والغوارب

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 116)، و «السلوك» (1/ 276)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 125)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 121)، و «تحفة الزمن» (1/ 203)، و «هجر العلم» (2/ 729). (2) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 121)، وفي باقي المصادر: (عن ست وستين سنة). (3) «معجم البلدان» (3/ 37)، و «وفيات الأعيان» (1/ 243)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 634)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 163)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 402)، و «نفح الطيب» (2/ 105).

2272 - [المسترشد بالله]

ومنه: [من الطويل] وقائلة ما بال مثلك خاملا … أأنت ضعيف الرأي أم أنت عاجز فقلت لها ذنبي إلى القوم أنني … لما لم يحوزوه من المجد حائز وما فاتني شيء سوى الحظ وحده … وأما المعالي فهي عندي غرائز ومنه: [من الطويل] سكنتك يا دار الفناء مصدّقا … بأني إلى دار البقاء أصير وأعظم ما في الأمر أني صائر … إلى عادل في الأمر ليس يجور فيا ليت شعري كيف ألقاه عندها … وزادي قليل والذنوب كثير فإن أك مجزيّا بذنبي فإنني … بشر عقاب المذنبين جدير وإن يك عفو منه عنّي ورحمة … فثمّ نعيم دائم وسرور ومن مصنفاته كتاب «الحديقة» على أسلوب «يتيمة الدهر» للثعالبي، وكان يقال له: الأديب الحكيم. سكن مصر، فنفاه الأفضل، فانتقل إلى الإسكندرية، ثم إلى المهدية من بلاد المغرب، فنزل من صاحبها علي بن يحيى بن تميم بن المعز منزلة جليلة. وتوفي بالمهدية سنة ثمان وعشرين وخمس مائة، وقيل: سنة تسع وعشرين. 2272 - [المسترشد بالله] (1) الخليفة المسترشد بالله أبو منصور الفضل بن أبي العباس المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بأمر الله عبد الله بن محمد بن القائم الهاشمي العباسي. ولد سنة أربع وثمانين وأربع مائة، ووهموا من قال: سنة ست وثمانين. وبويع له صبيحة الليلة التي فيها مات أبوه، وهي ليلة الرابع والعشرين من ربيع الآخر من سنة اثنتي عشرة وخمس مائة.

(1) «المنتظم» (10/ 282)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 64)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 561)، و «العبر» (4/ 75)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 19)، و «البداية والنهاية» (12/ 709)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 256)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 509)، و «شذرات الذهب» (6/ 143).

2273 - [إسماعيل شمس الملوك]

كان بطلا شجاعا مقداما، شديد الهيبة، ذا رأي وفطنة وهمة عالية. قيل: لم يل الخلافة بعد المعتضد بالله أشهم منه، جدد قواعد الخلافة، ورمّ متشعثها، وهابته الملوك. روى الحديث عن أبي القاسم ابن بيان الرزاز بالزاي المكررة قبل الألف وبعدها. خرج من بغداد لمحاربة السلطان مسعود بن محمد بن ملك شاه، فالتقيا قرب همذان، فانكسر عسكر الخليفة، وأسر هو في جماعة من خواصه كما ذكرناه في الأحداث، وسار مسعود والخليفة في أسره من همذان إلى مراغة، ثم إنه وصل رسول من السلطان سنجر بن ملك شاه إلى ابن أخيه السلطان محمود، فخرج الناس والسلطان محمود في جنده لملاقاة الرسول، وكان وصل مع الرسول جماعة من الباطنية، فلما رأوا تفرق الناس عن خيمة الخليفة وكانوا على الحمارات .. نزلوا منها، وهجموا على الخليفة وهو في خيمة موكل به فقتلوه، وقتلوا جميعا، وذلك في ذي القعدة سنة تسع وعشرين وخمس مائة. ويقال: إن السلطان مسعود جهز الباطنية عليه، فمدة خلافته سبع عشرة سنة، ونصف تقريبا وعمره خمس وأربعون سنة وشهور. 2273 - [إسماعيل شمس الملوك] (1) إسماعيل الملقب بشمس الملوك بن تاج الملوك بوري بن طغتكين. ولي دمشق بعد أبيه، واستقلع من الفرنج عدة حصون، وكان وافر الحرمة، موصوفا بالشجاعة، لكنه كان ظالما مصادرا، جبارا مسودنا، فرتبت أمه زمرّد خاتون من وثب عليه فقتله في قلعة دمشق، وذلك في سنة تسع وعشرين وخمس مائة، ومدة دولته ثلاث سنين، وترتب في الملك بعده أخوه محمود. كذا في «تاريخ اليافعي»: (أن أمه بعثت إليه من قتله) (2)، وفي بعض التواريخ: أن أخاه محمودا هو الذي قتله، ولعلها التي رتبته لقتله، والله سبحانه أعلم.

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 58)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 575)، و «العبر» (4/ 77)، و «مرآة الجنان» (3/ 255)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 255)، و «شذرات الذهب» (6/ 148). (2) «مرآة الجنان» (3/ 256).

2274 - [دبيس الأسدي]

2274 - [دبيس الأسدي] (1) أبو الأغر دبيس بن الأمير سيف الدولة صدقة الأسدي، ملك العرب، صاحب الحلة. كان فارسا شجاعا مقداما، خرج على المسترشد بالله، ودخل خراسان والشام والجزيرة، واستولى على كثير من العراق، وهو من بيت كبير. قال ابن خلكان: (وإياه أراد الحريري في المقامة التاسعة والثلاثين بقوله: «أو الأسدي دبيس»؛ لأنه كان معاصره، فرام التقرب إليه بذكره) (2). وله نظم حسن، ومنه: [من الطويل] ألا قل لبدران الذي حنّ نازعا … إلى أرضه والحرّ ليس يخيب تمتع بأيام السرور فإنما … عذار الأماني بالهموم يشيب ولله في تلك الحوادث حكمة … وللأرض من كأس الكرام نصيب وكان ساعيا في هلاك المسترشد، ومجدا في تلفه، فلم يمتع بعده مدة كثيرة، بل قتل بعد المسترشد بأقل من شهر، قتله السلطان مسعود، أنفذ إليه غلاما وهو جالس في خيمة النوم غافل فضربه، فأبان رأسه، وذلك في آخر سنة تسع وعشرين وخمس مائة، وأظهر السلطان مسعود أنه إنما قتله أخذا بثأر المسترشد. كان دبيس طالبا الراحة، فقتل المسترشد، فكان قتله سببا لهلاك دبيس. 2275 - [عبد الغافر الفارسي] (3) عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي الشيخ الحافظ الأديب، مصنف «مجمع الغرائب» و «تاريخ نيسابور» و «المفهم في شرح مسلم». حدث عن جده لأمه أبي القاسم القشيري، وطبقته، وأجاز له أبو محمد الجوهري وغيره.

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 66)، و «وفيات الأعيان» (2/ 263)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 612)، و «العبر» (4/ 78)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 256). (2) «وفيات الأعيان» (2/ 263)، وانظر «مقامات الحريري» (ص 435). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 225)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1275)، و «العبر» (4/ 79)، و «شذرات الذهب» (6/ 152).

2276 - [ابن الحاج المالكي]

وكان إماما في الحديث واللغة، والأدب والبلاغة. توفي سنة تسع وعشرين وخمس مائة. مذكور في الأصل. 2276 - [ابن الحاج المالكي] (1) محمد بن أحمد التجيبي القرطبي المالكي قاضي الجماعة. كان من جلة العلماء وكبارهم مع الدين والخشوع. وروى عن أبي علي الغساني، وطائفة. قتل مظلوما بجامع قرطبة في صلاة الجمعة سنة تسع وعشرين وخمس مائة. 2277 - [ابن قبيس الغساني] (2) علي بن أحمد بن قبيس الغسّاني النحوي الزاهد، شيخ دمشق ومحدثها. روى عن أبي بكر الخطيب وكثيرين. قال السلفي: كان إماما زاهدا عابدا ثقة، لم يكن مثله في وقته بدمشق. وقال الحافظ ابن عساكر: (كان متحرزا متيقظا، منقطعا في بيته) (3). توفي سنة تسع وعشرين وخمس مائة (4). 2278 - [أبو سهل المزكي] (5) أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه الأصبهاني المزكي، راوي «مسند الرّوياني» عن أبي الفضل الرازي. توفي سنة ثلاثين وخمس مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (19/ 614)، و «العبر» (4/ 79)، و «شذرات الذهب» (6/ 153)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 322). (2) «سير أعلام النبلاء» (20/ 18)، و «العبر» (4/ 82)، و «مرآة الجنان» (3/ 257)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 259)، و «شذرات الذهب» (6/ 155). (3) «تاريخ دمشق» (41/ 237). (4) في جميع المصادر: (توفي سنة 530 هـ‍). (5) «المنتظم» (10/ 294)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 47)، و «العبر» (4/ 82)، و «شذرات الذهب» (6/ 156).

2279 - [ابن حمويه الجويني]

2279 - [ابن حمويه الجويني] (1) محمد بن حمويه الجويني-كذا في «تاريخ اليافعي» (2) وفي «كتاب الذهبي»: (محمود بن حمويه) (3) -الشيخ الكبير، العارف الشهير، أستاذ الصوفية بخراسان. روى عن موسى بن عمران الأنصاري وجماعة، وصنف في التصوف، وكان بعيد الصيت. توفي سنة ثلاثين وخمس مائة. 2280 - [أبو بكر الصالحاني] (4) أبو بكر محمد بن علي بن أبي ذرّ الصالحاني، مسند أصبهان في زمانه. توفي سنة ثلاثين وخمس مائة. 2281 - [أبو عبد الله الفراوي] (5) أبو عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي، نسبة إلى فراوة-بضم الفاء-بليدة مما يلي خوارزم، بناها عبد الله بن طاهر في خلافة المأمون، وهو يومئذ أمير خراسان. روى عن الكبار؛ سمع «صحيح البخاري» من سعيد بن أبي سعيد، و «صحيح مسلم» من عبد الغافر الفارسي، وسمع من الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، والحافظ أبي بكر بن أحمد بن الحسين البيهقي، والأستاذ أبي القاسم عبد الكريم القشيري، وإمام الحرمين، وصحبه وعلق عنه الأصول، وعن غيرهم.

(1) «المنتظم» (10/ 294)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 597)، و «العبر» (4/ 83)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 28)، و «شذرات الذهب» (6/ 156). (2) «مرآة الجنان» (3/ 258). (3) في كتب الذهبي وغيرها من المصادر: (محمد بن حمويه). (4) «سير أعلام النبلاء» (19/ 585)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 187)، و «العبر» (4/ 83)، و «مرآة الجنان» (3/ 258)، و «شذرات الذهب» (6/ 156). (5) «المنتظم» (10/ 295)، و «وفيات الأعيان» (4/ 290)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 615)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 323)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 166)، و «شذرات الذهب» (6/ 157).

2282 - [تميم الجرجاني]

وتفرد برواية عدة كتب للحافظ البيهقي، مثل «دلائل النبوة» و «الأسماء والصفات» و «البعث والنشور» و «الدعوات الكبيرة» و «الصغيرة». وكان فقيها شافعيا متفننا، مناظرا واعظا، نشأ بين الصوفية، وكان يحمل الطعام إلى المسافرين الواردين عليه، ويخدمهم بنفسه مع كبر سنه وقدره. خرج حاجا، فعقد له مجلس الوعظ ببغداد وسائر البلاد التي توجه إليها، وأظهر العلم الكثير بالحرمين حتى لقب بإمام الحرمين، ثم عاد إلى نيسابور، وقعد للتدريس، وفضائله كثيرة. توفي سنة ثلاثين وخمس مائة. 2282 - [تميم الجرجاني] (1) تميم بن أبي سعيد الجرجاني، مسند هراة في زمانه. توفي سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة. 2283 - [إسماعيل بن أبي القاسم النّيسابوري] (2) إسماعيل بن أبي القاسم النيسابوري. كان صوفيا صالحا، من أصحاب الأستاذ أبي القاسم القشيري. توفي سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة. 2284 - [أبو جعفر الهمذاني] (3) محمد بن أبي علي الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن جعفر الهمذاني أبو جعفر الحافظ.

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 20)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 236)، و «العبر» (4/ 85)، و «مرآة الجنان» (3/ 259)، و «شذرات الذهب» (6/ 159). (2) «سير أعلام النبلاء» (20/ 19)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 234)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 260)، و «شذرات الذهب» (6/ 159). (3) «سير أعلام النبلاء» (20/ 101)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 251)، و «العبر» (4/ 85)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 260)، و «شذرات الذهب» (6/ 160).

2285 - [يحيى ابن البناء]

حدث عن سعيد الزنجاني، وخلق كثير سمع منهم في رحلته. وعنه أبو العلاء بن العطار وغيره. وكان حافظا مكثرا رحالا، سمع بخراسان والعراق. وتوفي سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة. 2285 - [يحيى ابن البنّاء] (1) يحيى بن الحسن بن أحمد البناء البغدادي. كان ذا علم وصلاح. وتوفي سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة. 2286 - [أبو نصر الغازي] (2) أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله الأصبهاني الغازي أبو نصر، محدث أصبهان. حدث عن أبي الحسين بن النقور، وأبي عامر الأزدي، وابن منده وغيرهم. وعنه ابن السمعاني، والسلفي وغيرهما، وكان حافظا. قال ابن السمعاني: ما رأيت في مشايخي أكثر رحلة منه، كان ثقة حافظا. توفي سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة. 2287 - [أحمد القرطبي] (3) أحمد بن محمد القرطبي المالكي، أحد الأئمة. توفي سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 6)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 260)، و «العبر» (4/ 86)، و «مرآة الجنان» (3/ 259)، و «شذرات الذهب» (6/ 161). (2) «الأنساب» (4/ 275)، و «المنتظم» (10/ 305)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 8)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1276)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 262)، و «مرآة الجنان» (3/ 259)، و «شذرات الذهب» (6/ 162). (3) «كتاب الصلة» (1/ 79)، و «بغية الملتمس» (ص 166)، و «العبر» (4/ 87)، و «مرآة الجنان» (3/ 259)، و «شذرات الذهب» (6/ 162).

2288 - [أبو نصر شيخ الحرم]

2288 - [أبو نصر شيخ الحرم] (1) عبد الجبار بن إبراهيم بن أبي عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله محمد بن إسحاق ابن منده العبدي أبو نصر الأصبهاني، شيخ الحرم. سمع جده أبا عمرو، وعم أبيه أبا القاسم وغيرهما، وحدث. روى عنه أبو موسى المديني. ولد سنة ثمان وستين وأربع مائة، فيكون سماعه على عم أبيه حضورا. وتوفي بمكة في رمضان سنة إحدى وعشرين وخمس مائة. 2289 - [إسماعيل النيسابوري] (2) إسماعيل بن أحمد الفقيه الشافعي النيسابوري. تفقه على إمام الحرمين، وبرع في الفقه، وروى عن جماعة. توفي سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة. 2290 - [عبد المنعم القشيري] (3) عبد المنعم أبو المظفر بن الأستاذ أبي القاسم القشيري. حدث عن البيهقي، والكبار. آخر إخوته وفاة. توفي سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة.

(1) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (521 هـ‍) في مكانها الصحيح، فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 73). (2) «تبيين كذب المفتري» (ص 325)، و «المنتظم» (10/ 305)، و «طبقات الشافعية» لابن الصلاح (1/ 424)، و «العبر» (4/ 87)، و «مرآة الجنان» (3/ 259)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 44)، و «شذرات الذهب» (6/ 163). (3) «المنتظم» (10/ 306)، و «طبقات الشافعية» لابن الصلاح (2/ 573)، و «العبر» (4/ 88)، و «مرآة الجنان» (3/ 260)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 192)، و «شذرات الذهب» (6/ 164).

2291 - [علي الجذامي]

2291 - [علي الجذامي] (1) علي بن عبد الله أبو الحسن الأندلسي الجذامي، أحد الأئمة. صنف في التفسير والأصول، وأجاز له الحافظ ابن عبد البر. توفي سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة. 2292 - [أبو الحسن الكرجي] (2) محمد بن عبد الملك أبو الحسن الفقيه الشافعي، شيخ الكرج وعالمها. قال ابن السمعاني: أفنى عمره في طلب العلم، إمام ورع، فقيه محدث، مفت أديب. اهـ‍ توفي سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة، ولعله المذكور في الأصل. 2293 - [الرّاشد بالله] (3) الراشد بالله أبو جعفر بن المسترشد بالله بن المستظهر بالله. خطب له بولاية العهد أكثر أيام والده، وبويع له بعده، وكان شديد البطش، شجاع النفس، حسن السيرة، جوادا، شاعرا فصيحا. لم تطل دولته، وخلعوه لأمور ملفقة، وسار إلى أصبهان ومعه السلطان داود بن محمود، وتمرض هناك، فوثبت عليه الباطنية، فقتلوه في سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة.

(1) «بغية الملتمس» (ص 423)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 48)، و «العبر» (4/ 88)، و «الوافي بالوفيات» (21/ 209)، و «مرآة الجنان» (3/ 260)، و «شذرات الذهب» (6/ 164). (2) «المنتظم» (10/ 306)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 294)، و «العبر» (4/ 89)، و «مرآة الجنان» (3/ 260)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 262). (3) «المنتظم» (10/ 307)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 568)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 300)، و «فوات الوفيات» (4/ 168)، و «مرآة الجنان» (3/ 259)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 263)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 514).

2294 - [ابن مغيث القرطبي]

2294 - [ابن مغيث القرطبي] (1) يونس بن محمد بن مغيث القرطبي أبو الحسن. كان رأسا في الفقه والحديث، والأنساب والتواريخ، واللغة وعلو الإسناد. توفي سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة. 2295 - [فاطمة بنت زعبل] (2) فاطمة بنت علي أم الخير البغدادية المقرئة، المعروفة ببنت زعبل، بفتح الزاي والموحدة بينهما عين مهملة ساكنة. روت «صحيح مسلم» و «غريب الخطابي» عن الحافظ أبي الحسين الفارسي، وعاشت نيفا وتسعين سنة. وتوفيت سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة. 2296 - [سليمان ابن السري] (3) أبو داود سليمان بن عبد الله بن سليمان بن السري المشهور بالفضل. كان فقيها صالحا فاضلا، زاهدا ورعا متعففا، مقرئا للقرآن العظيم، وهو من ريمة المناخي. وأخوه عمرو بن عبد الله كان فقيها محققا. ولم أقف على تاريخ وفاة واحد منهما، وإنما ذكرتهما هنا؛ لأن الفقيه سليمان ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة.

(1) «الصّلة» (ص 688)، و «بغية الملتمس» (ص 513)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 123)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 306)، و «مرآة الجنان» (3/ 260)، و «شذرات الذهب» (6/ 167). (2) «سير أعلام النبلاء» (19/ 625)، و «العبر» (4/ 89)، و «مرآة الجنان» (3/ 260)، و «شذرات الذهب» (6/ 164)، و «أعلام النساء» (4/ 85). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 197)، و «السلوك» (1/ 342)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 486)، و «تحفة الزمن» (1/ 270).

22297 - [أبو العباس ابن أبي جمرة]

22297 - [أبو العباس ابن أبي جمرة] (1) أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة الشيخ أبو العباس. روى عن جماعة، وتفرد بالإجازة عن أبي عمرو الداني. توفي سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة. 2298 - [علي بن المسلّم] (2) أبو الحسن علي بن المسلّم السّلمي الشافعي، مدرس الغزالية، مفتي الشام في عصره. صنف في الفقه والتفسير، وتصدر للاشتغال والرواية. توفي سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة. 2299 - [محمود بن بوري] (3) محمود بن بوري صاحب دمشق (4). وليها بعد قتل أخيه شمس الملوك. وتوفي منصور المذكور سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة، كذا سماه: منصورا (5)، وفي «الذهبي»: (محمود بن بوري) (6).

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 91)، و «العبر» (4/ 91)، و «مرآة الجنان» (3/ 261)، و «الدّيباج المذهب» (1/ 190)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 265). (2) «سير أعلام النبلاء» (20/ 31)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 327)، و «العبر» (4/ 92)، و «مرآة الجنان» (3/ 261)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 235)، و «شذرات الذهب» (6/ 168). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 101)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 50)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 338)، و «العبر» (4/ 92)، و «مرآة الجنان» (3/ 261)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 264). (4) في جميع النسخ: (منصور بن بوري)، وغيرناه إلى الوجه الصحيح لما ستقف عليه في آخر الترجمة، ولما يأتي في الحوادث على جهة الصواب. (5) لم يذكر المصنف رحمه الله تعالى من الذي سماه كذلك، ولعله اليافعي كما هي العادة، ولكن الذي في «مرآة الجنان» (3/ 261): (محمود بن بوري) كما في جميع المصادر، والله أعلم. (6) انظر «العبر» (4/ 92).

2300 - [سالم الشعبي]

2300 - [سالم الشعبي] (1) سالم بن الفقيه عبد الله بن محمد بن سالم بن عبد الله بن يزيد الشعبي، ويقال له: اليزيدي، نسبة إلى جده المذكور. ولد في رمضان سنة إحدى وخمسين وأربع مائة. وتفقه بأبيه، وأخذ عن ابن أبي ميسرة، وهو أحد شيوخ عمر بن إسماعيل بن يوسف بن علقمة. وكان فقيها فاضلا مشهورا، أصل بلده ذبحان، من معشار الدملوة. وتوفي بذي أشرق في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة، وتقدم ذكر جده سالم بن عبد الله بن يزيد (2). 2301 - [القاضي الزّكي] (3) أبو المفضل القرشي يحيى بن علي قاضي دمشق، من أصحاب الفقيه الإمام نصر المقدسي. توفي سنة أربع وثلاثين وخمس مائة. 2302 - [البديع الأصطرلابي] (4) هبة الله بن الحسين الشاعر المشهور، البديع الأصطرلابي. كان وحيد زمانه في عمل الآلات الفلكية، متقنا لهذه الصناعة، وأحد الأدباء الفضلاء، أثنى عليه غير واحد من المؤرخين، وذكروا له عدة مقاطيع، منها قوله: [من الكامل] أهدي لمجلسه الكريم وإنما … أهدي له ما حزت من نعمائه

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 115)، و «السلوك» (1/ 276)، و «العطايا السنية» (ص 331)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 451)، و «تحفة الزمن» (1/ 202)، و «هجر العلم» (2/ 729). (2) انظر (3/ 402). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 110)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 63)، و «العبر» (4/ 93)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 334)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 266)، و «شذرات الذهب» (6/ 173). (4) «معجم البلدان» (7/ 202)، و «وفيات الأعيان» (6/ 50)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 361)، و «مرآة الجنان» (3/ 261)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 275).

كالبحر يمطره السحاب وما له … فضل عليه لأنه من مائه وكان كثير الخلاعة، يستعمل المجون في شعره. توفي سنة أربع وثلاثين وخمس مائة. والأصطرلابي، نسبة إلى الأصطرلاب-بفتح الهمزة، وسكون الصاد، وبعضهم يكتبها سين، وضم الطاء المهملات، وقبل لام الألف راء، وبعدها موحدة-وهو الآلة المعروفة. قال الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي: (قال كوشيار صاحب كتاب «الزيج» في رسالته التي وضعها في العلم الأسطرلابي: هو كلمة يونانية معناها: ميزان الشمس. وقيل: إن «لاب» اسم الشمس بلسان يونان، فكأنه قال: أسطر الشمس إشارة إلى الخطوط التي فيه. وقيل: إن أول من وضعه بطليموس صاحب المجسطي، وذلك أنه كان معه كرة فلكية وهو راكب، فسقطت منه، فداستها دابته فخسفتها، فبقيت على هيئة الأصطرلاب، وكان أرباب الرياضة يعتقدون أن هذه الصورة لا ترتسم إلا في جسم كريّ على هيئة الأفلاك، فلما رآه بطليموس على تلك الصورة .. علم أنه يرتسم في السطح ويكون نصف دائرة، ويحصل منه ما يحصل من الكرة، فوضع الأصطرلاب، ولم يسبق إليه) اهـ‍ (1) ووجدت في بعض التصانيف المؤلفة في هذا الفن أن «لاب» اسم ولد النبي إدريس صلّى الله على نبينا وعليه وسلم، وأنه أول من وضع ذلك، فلما فرغ منه .. وقف عليه والده النبي إدريس فقال: من سطر هذا؟ فقالوا له: هذه أسطر لاب، يعنون أسطر ابنه لاب، فشهر بذلك الاسم، والله سبحانه أعلم. قال اليافعي رحمه الله: (ولم يزل الأمر مستمرا على الكرة والأصطرلاب، ولم يهتد أحد من المتقدمين إلى أن هذا القدر يتأتى في الخط إلى أن استنبط الشيخ شرف الدين الطوسي المذكور في ترجمة الشيخ كمال الدين ابن يونس رحمهما الله-وهو شيخه في هذا العلم-أن يضع المقصود من الكرة والأصطرلاب في خط، فوضعه وسماه: العصا، وعمل له رسالة بديعة، وكان قد أخطأ في بعض هذا الوضع، فأصلحه الشيخ كمال الدين وهذبه،

(1) «مرآة الجنان» (3/ 262).

2303 - [زفرة الأصبهاني]

والطوسي أول من أظهر هذا في الوجود، وصارت الهيئة توجد في الكرة؛ لأنها تشتمل على الطول والعرض والعمق، وتوجد في السطح الذي هو مركب من الطول والعرض بغير عمق، ويوجد في الخط الذي هو عبارة عن الطول فقط، ولم يبق سوى النقطة، ولا يتصور أن يعمل فيها شيء؛ لأنها ليست جسما ولا شخصا ولا خطا، بل هي في طرف الخط كما أن الخط طرف السطح، والسطح طرف الجسم، والنقطة لا تتجزأ، فلا يتصور أن يرسم فيها شيء) اهـ‍ (1) 2303 - [زفرة الأصبهاني] (2) محمد بن أحمد بن علي، يعرف بزفرة، ويقال: ابن زفرة. سمع محمد بن أحمد بن محمد الفارسي، ويحيى بن عبد الوهاب بن منده. كان حافظا عمدة، معتنيا بالحديث. توفي سنة أربع وثلاثين وخمس مائة. 2304 - [أبو القاسم التيمي] (3) إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي بن أحمد بن طاهر التيمي الطّلحي أبو القاسم الأصبهاني، إمام أئمة وقته، وأستاذ علماء عصره. حدث عن أبي عمرو بن منده، وأبي نصر الزينبي، وأبي عيسى عبد الرحمن بن محمد بن زياد. وعنه ابن السمعاني، والسلفي، وابن عساكر وغيرهم. قال ابن السمعاني: هو أستاذي في الحديث، وعنه أخذت هذا القدر، وهو إمام في التفسير والحديث، واللغة والأدب، عارف بالمتون والأسانيد، أملى بجامع أصبهان قريبا من ثلاثة آلاف مجلس. وصنف في التفسير ثلاثين مجلدا كبارا. وتوفي سنة خمس وثلاثين وخمس مائة.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 262). (2) «تاريخ الإسلام» (36/ 350)، و «تبصير المنتبه» (4/ 1473)، و «شذرات الذهب» (6/ 172). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 113)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 80)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 367)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 211)، و «مرآة الجنان» (3/ 263)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 267).

2305 - [رزين بن معاوية الأندلسي]

2305 - [رزين بن معاوية الأندلسي] (1) رزين بن معاوية العبدري الأندلسي، مصنف «تجريد الصحاح». مات سنة خمس وثلاثين وخمس مائة. 2306 - [محمد بن عبد الباقي الأنصاري] (2) محمد بن عبد الباقي الأنصاري الحنبلي. سمع من علي بن عيسى الباقلاني، وأبي الطيب الطبري، وطائفة. وتفقه على القاضي أبي يعلى، وبرع في الحساب والهندسة، وشارك في العلوم. قال ابن السمعاني: ما رأيت أجمع للفنون منه، نظر في كل علم. توفي سنة خمس وثلاثين وخمس مائة. 2307 - [أبو يعقوب الهمذاني] (3) يوسف بن أيوب أبو يعقوب الهمذاني، شيخ الصوفية بمرو، وبقية مشايخ الطريقين. تفقه على الشيخ أبي إسحاق، وأحكم مذهب الشافعي، وناظر، ثم ترك ذلك وأقبل على شأنه. روى عن الخطيب والكبار، وسمع بأصبهان وبخارى وسمرقند، ووعظ وخوف، وانتفع به الخلق، وكان صاحب أحوال وكرامات. توفي في ربيع الأول سنة خمس وثلاثين وخمس مائة عن أربع وتسعين سنة.

(1) «الصلة» (1/ 186)، و «بغية الملتمس» (ص 293)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 204)، و «الديباج المذهب» (1/ 320)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 267)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 325). (2) «المنتظم» (10/ 326)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 113)، و «العبر» (4/ 96)، و «مرآة الجنان» (3/ 263)، و «البداية والنهاية» (12/ 722)، و «شذرات الذهب» (6/ 177). (3) «المنتظم» (10/ 328)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 114)، و «وفيات الأعيان» (7/ 78)، و «العبر» (4/ 97)، و «مرآة الجنان» (3/ 265)، و «البداية والنهاية» (12/ 722)، و «طبقات الشعراني» (1/ 135).

2308 - [الفتح القيسي]

2308 - [الفتح القيسي] (1) الفتح بن محمد بن عبيد الله بن خاقان أبو نصر القيسي. صاحب كتاب «قلائد العقيان» جمع فيه من شعراء المغرب طائفة كثيرة، وتكلم على ترجمة كل واحد منهم بأحسن عبارة وألطف إشارة، وله أيضا كتاب «مطمح الأنفس ومشرح التأنّس في ملح أهل الأندلس» وهو ثلاث نسخ: كبرى وصغرى ووسطى، وهو كثير الفائدة، وله غيرهما من المصنفات، وكلامه وكتبه تدل على فضله وغزارة مادته، وكان كثير الأسفار، سريع التنقلات. قال ابن دحية في كتابه «المطرب من شعر أهل المغرب»: لقيت جماعة من أصحابه حدثوني عنه وعن تصانيفه وعجائبه، وكان مخلوع العذار في دنياه، لكن كلامه في تواليفه كالسحر الحلال، والماء الزلال. قيل: ذبح في مسكنه في مراكش بإشارة أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين في سنة خمس وثلاثين وخمس مائة (2). 2309 - [ابن العريف الأندلسي] (3) أحمد بن محمد الصنهاجي الأندلسي أبو العباس ابن العريف، الشيخ الكبير، الصوفي الشهير، العارف بالله. كان له معرفة بعلوم، وعناية بالقراءات وجمع الروايات والطرق، متناهيا في الفضل والدين. وكان المريدون والعباد والزهاد يقصدونه، فلما كثر أتباعه .. خاف منه السلطان، وتوهم أن يخرج عليه، فطلبه إلى مراكش، فتوفي في الطريق قبل أن يصل إليه.

(1) «معجم الأدباء» (6/ 137)، و «وفيات الأعيان» (4/ 23)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 107)، و «مرآة الجنان» (3/ 264)، و «نفح الطيب» (7/ 29)، و «شذرات الذهب» (6/ 176). (2) في «معجم الأدباء» (6/ 138): مات في حدود سنة (533 هـ‍)، وفي «نفح الطيب» (7/ 35): (مات سنة (528 هـ‍). (3) «كتاب الصلة» (1/ 81)، و «بغية الملتمس» (ص 166)، و «وفيات الأعيان» (1/ 168)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 111)، و «العبر» (4/ 98)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 133)، و «مرآة الجنان» (3/ 267).

2310 - [المازري]

توفي سنة ست وثلاثين وخمس مائة، وقيل: توفي بعد أن دخل إلى السلطان، وكان من أهل المرية. 2310 - [المازري] (1) محمد بن علي التميمي المازري-نسبة إلى مازر بفتح الزاي، وقد تكسر، بليدة بجزيرة صقلية-المالكي الإمام، أحد الأئمة الأعلام، الفقيه المحدث، الأصولي الأديب. شرح «صحيح مسلم» شرحا جيدا سماه: كتاب «المعلم بفوائد مسلم» وعليه بنى القاضي عياض كتاب «الإكمال»، وله في الأدب كتب عديدة، وكان فاضلا متقنا. توفي ثامن عشر ربيع الأول، وقيل: ثاني الشهر من سنة ست وثلاثين وخمس مائة بالمهدية وعمره ثلاث وثمانون سنة. 2311 - [ابن السمرقندي] (2) إسماعيل بن أحمد السمرقندي الحافظ أبو القاسم. توفي سنة ست وثلاثين وخمس مائة. 2312 - [عبد الجبار الخواري] (3) عبد الجبار بن محمد الإمام المفتي الشافعي، إمام جامع نيسابور. تفقه على إمام الحرمين، وسمع البيهقي، والقشيري والجماعة. توفي سنة ست وثلاثين وخمس مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 285)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 104)، و «العبر» (4/ 100)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 151)، و «مرآة الجنان» (3/ 267)، و «شذرات الذهب» (6/ 186)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 311). (2) «المنتظم» (10/ 334)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 123)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 28)، و «العبر» (4/ 99)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 88)، و «مرآة الجنان» (3/ 267)، و «البداية والنهاية» (12/ 723). (3) «سير أعلام النبلاء» (20/ 71)، و «العبر» (4/ 99)، و «مرآة الجنان» (3/ 267)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 144)، و «شذرات الذهب» (6/ 185).

2313 - [ابن برجان الإشبيلي]

2313 - [ابن برّجان الإشبيلي] (1) عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال اللخمي الإشبيلي، شيخ الصوفية. كان من أهل المعرفة بالقراءات والحديث، وعلمي الكلام والتصوف مع الزهد والاجتهاد في العبادة. شرح أسماء الله الحسنى. وتوفي غريبا بمراكش في سنة ست وثلاثين وخمس مائة، وقبره بإزاء قبر ابن العريف. 2314 - [عبد الوهاب الحنبلي] (2) عبد الوهاب بن أبي الفرج عبد الواحد الشيرازي الدمشقي، الفقيه الحافظ الواعظ، شيخ الحنابلة بالشام بعد والده. توفي سنة ست وثلاثين وخمس مائة. 2315 - [هبة الله المقرئ] (3) هبة الله بن أحمد البغدادي المقرئ المحقق، إمام جامع دمشق. ختم عليه خلق كثير، وله اعتناء بالحديث. توفي سنة ست وثلاثين وخمس مائة. 2316 - [أبو الفتح البيضاوي] (4) عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد القاضي أبو الفتح البيضاوي، أخو قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي لأمه.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 236)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 72)، و «العبر» (4/ 100)، و «فوات الوفيات» (2/ 323)، و «مرآة الجنان» (3/ 267)، و «شذرات الذهب» (6/ 185). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 123)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 103)، و «العبر» (4/ 100)، و «مرآة الجنان» (3/ 268)، و «شذرات الذهب» (6/ 185). (3) «المنتظم» (10/ 336)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 945)، و «العبر» (4/ 101)، و «مرآة الجنان» (3/ 268)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 324)، و «شذرات الذهب» (6/ 187). (4) «المنتظم» (10/ 341)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 182)، و «العبر» (4/ 102)، و «مرآة الجنان» (3/ 268)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 131)، و «الجواهر المضية» (2/ 343)، و «شذرات الذهب» (6/ 188).

2317 - [علي بن يوسف بن تاشفين]

توفي سنة ست وثلاثين وخمس مائة. وفي الأصل عن «طبقات السبكي الكبرى»: أنه توفي سنة سبع وثمانين، وأنه ولد سنة تسع وخمسين وأربع مائة (1)، والظاهر أن الصواب في تاريخ وفاته ما ذكرته هنا. وفي «تاريخ اليافعي»: أنه توفي سنة سبع وثلاثين وخمس مائة (2). 2317 - [علي بن يوسف بن تاشفين] (3) علي بن يوسف بن تاشفين المضمودي البربري الملثم، سلطان المغرب. كان يرجع إلى عدل ودين وتعبد وحسن طوية، يؤثر أهل العلم ويعظمهم، وهو الذي أمر بإحراق كتب الإمام حجة الإسلام الغزالي، كذا في «تاريخ اليافعي» (4) والمعروف: أنه إنما همّ بتحريق «الإحياء» فقط؛ وذلك بترجيح ابن حرزهم له في ذلك وقوله: إن في «الإحياء» أشياء غير موافقة للكتاب والسنة، ثم رجع ابن حرزهم عن ذلك؛ لمنام رآه، فرجع السلطان أيضا عما همّ به (5). وهو الذي وثب عليه ابن تومرت الملقب بالمهدي الذي صحبه عبد المؤمن. توفي في رجب سنة سبع وثلاثين وخمس مائة. 2318 - [عمر النسفي] (6) عمر بن محمد النسفي السمرقندي الحنفي الإمام الحافظ. يقال: له مائة مصنف. توفي سنة سبع وثلاثين وخمس مائة.

(1) انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 131). (2) انظر «مرآة الجنان» (3/ 268)، وكذا تاريخ وفاته في جميع المصادر التي بين أيدينا. (3) «وفيات الأعيان» (7/ 123)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 124)، و «العبر» (4/ 102)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 341)، و «مرآة الجنان» (3/ 268)، و «شذرات الذهب» (6/ 188). (4) انظر «مرآة الجنان» (3/ 268). (5) انظر القصة في «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 258) في ترجمة الإمام الغزالي. (6) «سير أعلام النبلاء» (20/ 126)، و «العبر» (4/ 102)، و «مرآة الجنان» (3/ 268)، و «الجواهر المضية» (2/ 657)، و «تاج التراجم» (ص 219)، و «شذرات الذهب» (6/ 189).

2319 - [أبو المعالي القرشي]

2319 - [أبو المعالي القرشي] (1) أبو المعالي القرشي الشافعي قاضي دمشق وابن قاضيها. سمع من جمع، وتفقه على الإمام نصر المقدسي. وتوفي سنة سبع وثلاثين وخمس مائة. 2320 - [عبد الوهاب الأنماطي] (2) عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي الحافظ أبو البركات، مفيد بغداد. كان واسع الرواية، متقنا، دائم البشر، سريع الدمعة، جمع وخرّج وحصل، ولم يتزوج قط. توفي سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة. حدث عن أبي الحسين بن النقور وغيره. 2321 - [ابن طراد الزينبي] (3) علي بن طراد الزينبي الوزير أبو القاسم العباسي، وزير المسترشد والمقتفي. اشتغل بالعبادة والخير لما تغير عليه المقتفي إلى أن مات في سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة، كان يضرب بحسنه المثل في صباه. 2322 - [أبو الفتوح الأسفراييني] (4) محمد بن الفضل الأسفراييني أبو الفتوح الواعظ المتكلم.

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 137)، و «العبر» (4/ 103)، و «مرآة الجنان» (3/ 268)، و «شذرات الذهب» (6/ 190). (2) «المنتظم» (10/ 346)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 129)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1282)، و «العبر» (4/ 104)، و «مرآة الجنان» (3/ 268)، و «البداية والنهاية» (12/ 724)، و «شذرات الذهب» (6/ 191). (3) «المنتظم» (10/ 346)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 130)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 149)، و «العبر» (4/ 104)، و «مرآة الجنان» (3/ 269)، و «البداية والنهاية» (12/ 724)، و «شذرات الذهب» (6/ 192). (4) «تبيين كذب المفتري» (ص 328)، و «المنتظم» (10/ 348)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 129)، و «سير أعلام

2323 - [الزمخشري]

له تصانيف في الأصول والتصوف. قال الحافظ ابن عساكر: (أجرى من رأيته لسانا وجنانا، وأسرعهم جوابا، وأسلسهم خطابا، لازمت حضور مجلسه، فما رأيت مثله واعظا ولا مذكرا) اهـ‍ (1) توفي سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة. 2323 - [الزمخشري] (2) محمود بن عمر أبو القاسم الزمخشري الخوارزمي، صاحب «الكشاف» و «المفصل» وغيرهما. قيل: إن له ثلاثين مصنفا في التفسير والحديث والرواة والفرائض والنحو والفقه واللغة والأمثال والأصول والعروض والشعر، وكان إماما في جميع هذه العلوم، وكان معتزليا. يقال: إنه استفتح خطبة الكشاف بالحمد لله الذي خلق القرآن، فقيل له: ما تركته هكذا هجره الناس، فغيّره بالذي أنزل القرآن، وقيل: إنه إصلاح الناس لا إصلاح المصنف. جاور بمكة مدة حتى لقب جار الله، وصار ذلك اللقب علما عليه. وسقطت إحدى رجليه، قيل: بسبب برد وثلج شديد أصابه في بعض أسفاره، وقيل: سقط عن دابة، فانكسرت رجله، وبلغت إلى حالة اقتضت قطعها، قيل: إن ذلك بسبب دعاء والدته عليه في صغره، وذلك أنه أمسك عصفورا وربطه بخيط في رجله، ففلت من يده، فأدركه وقد دخل في خرق، فجذبه، فانقطعت رجله في الخيط، فتألمت والدته لذلك، ودعت عليه بقطع رجله كما قطع رجله. قيل: إنه كان معه محضر فيه شهادة خلق كثير ممن اطلعوا على حقيقة الأمر؛ خوفا من أن يظن أن قطعها لريبة.

= النبلاء» (20/ 139)، و «العبر» (4/ 105)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 323)، و «مرآة الجنان» (3/ 269)، و «شذرات الذهب» (6/ 194). (1) «تبيين كذب المفتري» (ص 328). (2) «المنتظم» (10/ 349)، و «معجم الأدباء» (7/ 91)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 130)، و «وفيات الأعيان» (5/ 168)، و «العبر» (4/ 106)، و «مرآة الجنان» (3/ 269)، و «الجواهر المضية» (3/ 447)، و «البداية والنهاية» (12/ 724)، و «بغية الوعاة» (2/ 279).

2324 - [أبو المعالي الحلواني]

ومن شعره يرثي شيخه أبا مضر: [من الطويل] وقائلة ما هذه الدرر التي … تساقط من عينيك سمطين سمطين فقلت لها الدر الذي كان قد حشى … أبو مضر أذني تساقط من عيني قال اليافعي: (وهذا مثل قول القاضي أبي بكر الأرجاني: [من الكامل] لم يبكني إلا حديث فراقهم … لما أسرّ به إليّ مودعي هو ذلك الدر الذي أودعتم … في مسمعي أجريته من مدمعي ولا يدرى أيهما أخذ من الآخر؛ لأنهما كانا متعاصرين؟ ! ) (1). يقال: إن الزمخشري أوصى أن يكتب على لوح قبره: [من الطويل] إلهي قد أصبحت ضيفك في الثرى … وللضيف حق عند كل كريم فهب لي ذنوبي في قراي فإنها … عظيم ولا يقرى بغير عظيم وأما الأبيات التي في أول تفسيره وهي: [من الكامل] يا من يرى مد البعوض جناحها … في ظلمة الليل البهيم الأليل ويرى مناط عروقها في نحرها … والمخ في تلك العظام النّحّل اغفر لعبد تاب من فرطاته … ما كان منه في الزمان الأول .. فلغيره، ولا دلالة فيها على رجوعه عن الاعتزال كما توهمه بعضهم. توفي في سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة. 2324 - [أبو المعالي الحلواني] (2) أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن أحمد بن محمد المروزي الحلواني (3) -بفتح الحاء المهملة، نسبة إلى الحلوى-البزاز.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 270). (2) «المنتظم» (10/ 352)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 135)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 114)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 503)، و «توضيح المشتبه» (3/ 292)، و «شذرات الذهب» (6/ 200). (3) في «المنتظم» (10/ 352)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 135)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 114): (عبد الله بن أحمد بن محمد).

2325 - [ابن الجواليقي]

حدث عن أبي محمد الدوني، وأبي المظفر موسى بن عمران. وعنه ابن السمعاني، ومحمود بن محمد بن عباس بن أرسلان. وكان حافظا فقيها، عالما نبيها. توفي سنة تسع وثلاثين وخمس مائة. 2325 - [ابن الجواليقي] (1) أبو منصور موهوب بن أبي طاهر الجواليقي اللغوي، الأديب البغدادي. كان إماما في فنون الأدب، دينا ثقة، غزير الفضل، وافر العقل، مليح الخط، كبير الصيت شرح «أدب الكاتب» وله «تتمة درة الغواص» للحريري. كان إماما للمقتفي بالله، وما زاده في أول دخوله على قوله: السلام على أمير المؤمنين، وكان ابن التلميذ النصراني قائما بين يدي المقتفي، وله إدلال الخدمة والصحبة، فقال له: ما هكذا تسلم على أمير المؤمنين يا شيخ! فلم يلتفت إليه، وقال للمقتفي: يا أمير المؤمنين؛ سلامي هو ما جاءت به السنة النبوية، ثم قال: ولو حلف حالف أن يهوديا ونصرانيا لم يصل إلى قلبه نوع من العلم على الوجه المرضي .. لما لزمته الكفارة؛ لأن الله سبحانه يختم على قلوبهم، ولن يفك ختم الله إلا الإيمان، فقال: صدقت، وأحسنت فيما فعلت، وكأنما ألجم ابن التلميذ بحجر مع فضله وغزارة أدبه. حكى إسماعيل ولد الجواليقي المذكور قال: كنت في حلقة والدي بعد الصلاة بجامع القصر والناس يقرءون عليه، فوقف عليه شاب وقال له: يا سيدي؛ ما معنى هذين البيتين: [من البسيط] وصل الحبيب جنان الخلد أسكنها … وهجره النار يصليني بها النارا فالشمس بالقوس أمست وهي نازلة … إن لم يزرني وبالجوزاء إن زارا فقال والدي: يا بني؛ هذا شيء من معرفة علم النجوم وتسييرها لا من صنعة أهل الأدب، قال: فانصرف الشاب من غير حصول فائدة، فاستحيى والدي أن يسأل عن شيء

(1) «المنتظم» (10/ 357)، و «معجم الأدباء» (7/ 152)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 139)، و «وفيات الأعيان» (5/ 342)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 89)، و «مرآة الجنان» (3/ 271)، و «البداية والنهاية» (12/ 726)، و «بغية الوعاة» (2/ 308)، و «شذرات الذهب» (6/ 207).

2326 - [أبو منصور الرزاز]

ليس عنده من علمه علم، وقام، وآلى على نفسه ألا يجلس في حلقته حتى ينظر في علم النجوم وتسييرها، ويعرف سير الشمس والقمر، فنظر في ذلك، وحصل معرفته، ثم جلس. ومعنى البيت المسئول عنه: أن الشمس إذا كانت في آخر القوس .. كان الليل في غاية الطول؛ لأنه يكون آخر فصل الخريف، وإذا كانت في آخر الجوزاء .. كان الليل في غاية القصر؛ لأنه آخر فصل الربيع، فكأنه يقول: إذا لم يزرني .. فالليل عندي في غاية الطول، وإن زارني .. كان عندي في غاية القصر. سمع الجواليقي من شيوخ زمنه، وأخذ عنه الناس علما جما، ومما ينسب إليه من الشعر هذان البيتان-وبعضهم يقول: هما لابن الخشّاب-: [من الكامل] ورد الورى سلسال جودك فارتووا … ووقفت خلف الورد وقفة حائم حيران أطلب غفلة من وارد … والورد لا يزداد غير تزاحم توفي سنة تسع وثلاثين وخمس مائة (1). 2326 - [أبو منصور الرزاز] (2) أبو منصور الرزاز. توفي سنة تسع وثلاثين وخمس مائة. 2327 - [أبو منصور الرزاز] (3) سعيد بن محمد البغدادي شيخ الشافعية، ومدرس النظامية. تفقه على الغزالي، وأسعد الميهني، وإلكيا، والشاشي، والمتولي، وروى عن رزق الله التميمي.

(1) كذا في «معجم الأدباء» (7/ 154)، و «وفيات الأعيان» (5/ 344)، و «مرآة الجنان» (3/ 271)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (540 هـ‍)، قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (20/ 90): (مات في المحرم سنة أربعين وخمس مائة، وغلط من قال: سنة تسع وثلاثين)، وسيذكره المصنف في الحوادث ممن توفي سنة (540 هـ‍). (2) «المنتظم» (10/ 351)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 136)، و «العبر» (4/ 107)، و «مرآة الجنان» (3/ 271)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 93)، و «البداية والنهاية» (12/ 725)، و «شذرات الذهب» (6/ 200). (3) هو صاحب الترجمة السابقة عينه.

2328 - [أم البهاء البغدادية]

توفي سنة تسع وثلاثين وخمس مائة. 2328 - [أم البهاء البغدادية] (1) فاطمة بنت محمد أم البهاء البغدادية، مسندة أصبهان، الواعظة. روت عن أبي الفضل الرازي وجماعة. وتوفيت سنة تسع وثلاثين وخمس مائة. 2329 - [ابن خيرون] (2) أبو منصور محمد بن عبد الملك البغدادي المقرئ، مصنف «المفتاح» و «الموضح في القراءات». توفي سنة تسع وثلاثين وخمس مائة. 2330 - [أبو سعد الأصبهاني] (3) أبو سعد أحمد بن محمد بن أبي سعد أحمد بن الحسن بن علي الأصبهاني البغدادي. حدث عن أبي بكر بن ماجه، وأبي القاسم وأبي عمرو ابني منده. وعنه ابن ناصر والسلفي وغيرهما. وكان حافظا متقنا، ثقة دينا، خيرا واعظا، يحفظ «صحيح مسلم»، وكان يملي الأحاديث عن ظهر قلب بلفظه. توفي سنة أربعين وخمس مائة. ***

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 148)، و «العبر» (4/ 109)، و «مرآة الجنان» (3/ 271)، و «شذرات الذهب» (6/ 201). (2) «المنتظم» (10/ 353)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 136)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 958)، و «العبر» (4/ 109)، و «مرآة الجنان» (3/ 271)، و «شذرات الذهب» (6/ 204). (3) «المنتظم» (10/ 356)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 139)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1284)، و «العبر» (4/ 110)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 325)، و «مرآة الجنان» (3/ 273)، و «البداية والنهاية» (12/ 726)، و «شذرات الذهب» (6/ 205).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والعشرون بعد الخمس مائة فيها: أقبل السلطان محمود بن محمد بن ملك شاه في جيوشه محاربا للمسترشد بالله، فتحول أهل بغداد كلهم إلى الجانب الغربي، ونزل محمود والعسكر في الجانب الشرقي، وتراموا بالنشاب، وترددت الرسل في الصلح، فلم يفعل الخليفة، فنهبت دار الخليفة، وخرج من المخيم والوزير ابن صدقة بين يديه، فقدموا السفن في دفعة واحدة، وعبر عسكر الخليفة، وألبسوا الملاحين السلاح، وسبح العبارون، وصاح المسترشد: يا آل بني هاشم، فتحركت النفوس معه، هذا وعسكر السلطان محمود مشغولون بالنهب، فلما رأوا الجد .. ذلوا وولوا الأدبار، وعمل فيهم السيف، وأسر منهم خلق كثير، وقتل جماعة أمراء، ودخل الخليفة داره، وكان معه يومئذ قريب من ثلاثين ألف مقاتل، ثم وقع الصلح (1). وفيها: ورد الخبر بأن سنجر بن ملك شاه صاحب خراسان قتل من الباطنية اثني عشر ألفا (2)، ومرض السلطان محمود وتعلل بعد الصلح، فرحل إلى همذان، وولي بغداد الأمير عماد الدين زنكي، ثم صرف زنكي بعد أشهر، وفوض إليه الموصل لموت متوليها، فسار إليها (3). وفيها: توفي أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد الهاشمي العباسي المتوكلي، وأبو الحسن علي بن عبد الواحد الدينوري، وأبو العز محمد بن الحسين بن بندار القلانسي، وعبد الله بن محمد البطليوسي النحوي. *** السنة الثانية والعشرون في أولها: تملك قيم الدولة عماد الدين زنكي بن آق سنقر حلب وأعمالها (4).

(1) «المنتظم» (10/ 221)، و «العبر» (4/ 48)، و «مرآة الجنان» (3/ 227). (2) «المنتظم» (10/ 224)، و «الكامل» (9/ 10)، و «العبر» (4/ 49)، و «مرآة الجنان» (3/ 227). (3) «المنتظم» (10/ 223)، و «العبر» (4/ 49)، و «مرآة الجنان» (3/ 227)، و «البداية والنهاية» (12/ 695). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 11)، و «العبر» (4/ 50)، و «مرآة الجنان» (3/ 228)، و «البداية والنهاية» (12/ 697).

السنة الثالثة والعشرون

وفيها: سار السلطان محمود بن محمد بن ملك شاه إلى خدمة عمه سنجر، فأطلق له دبيس بن صدقة من الاعتقال وقال: اعزل زنكي عن الموصل والشام، وولّ دبيسا، واسأل الخليفة أن يصفح عنه، فأخذه ورجع (1). وفيها: توفي أبو علي الحسن بن صدقة الوزير، وزير الخليفة المسترشد، كان ذا حزم وعقل، ودهاء ورأي، وأدب وفضل، والحافظ أبو محمد عبد الله بن أحمد الإشبيلي. وفيها: ظهير الدين طغتكين بن أتابك صاحب دمشق، وقام ابنه بوري بن طغتكين مقامه. *** السنة الثالثة والعشرون فيها: أصلح عماد الدين زنكي نفسه مع السلطان بأن يحمل للسلطان في السنة مائة ألف دينار وخيلا وثيابا، فأقره (2). وفي رمضان منها: هجم دبيس بن صدقة على نواحي بغداد وعلى الحلة، وبعث إلى المسترشد يقول له: إن رضيت عني .. رددت أضعاف ما ذهب من الأموال، فقصده عسكر محمود، فدخل البرية بعد أن أخذ من العراق نحو خمس مائة ألف دينار (3). وفيها: أخذ عماد الدين زنكي حماة، ثم نازل حمص، وأسر صاحبها وأخذه معه لمّا لم يقدر على أخذها، ورد إلى الموصل (4). وفيها: قتل بدمشق نحو ستة آلاف ممن كان يرمى بعقيدة الإسماعيلية، وذلك أن بهرام الأسدآبادي كان قد دخل الشام، وأضل خلقا كثيرا، وأقام داعيا بدمشق، فكثر أتباعه، وملك عدة حصون بالشام، ثم راسل الفرنج ليسلم إليهم دمشق فيما قيل، ويعوضوه بصور، وقرّر الباطنية بدمشق أن يغلقوا أبواب الجامع والناس في الصلاة، ووعد الفرنج أن يهجموا البلد حينئذ، فقتله بوري بن طغتكين-بفتح الطاء المهملة، وسكون الغين

(1) «المنتظم» (10/ 229)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 13)، و «العبر» (4/ 228)، و «مرآة الجنان» (3/ 50). (2) «المنتظم» (10/ 233)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 15)، و «العبر» (4/ 52)، و «مرآة الجنان» (3/ 229)، و «البداية والنهاية» (12/ 698). (3) «المنتظم» (10/ 234)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 16)، و «العبر» (4/ 52)، و «مرآة الجنان» (3/ 229)، و «البداية والنهاية» (12/ 698). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 18)، و «العبر» (4/ 52)، و «مرآة الجنان» (3/ 229).

السنة الرابعة والعشرون

المعجمة، ثم مثناة من فوق مفتوحة، ثم كاف، ثم مثناة من تحت ساكنة، ثم نون-علق رأسه على القلعة، ووضع السيف في الباطنية الإسماعيلية حتى قتل منهم المبلغ المذكور، وذلك يوم الجمعة في نصف رمضان، وسلم بهرام بانياس للفرنج، وجاءت الفرنج، فنازلت دمشق بدمشق، ثم تناجى عسكر دمشق والعرب والتركمان، فبيّتوا للفرنج، وقتلوا وأسروا (1). وفيها: توفي أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن الإمام أبي بكر البيهقي، سمع الكثير من جده، ومن الصابوني وجماعة، وأبو الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي الأصبهاني الرئيس، والفقيه العلامة يوسف بن عبد العزيز نزيل الإسكندرية. *** السنة الرابعة والعشرون فيها: التقى عماد الدين زنكي والفرنج بناحية حلب، وثبت الجمعان، ثم ولت الفرنج، فوضع السيف فيهم، وافتتح زنكي حصن الأثارب، ونازل حصن حارم (2). وفيها: أخذ السلطان محمود قلعة الألموت (3). وفيها: ظهر ببغداد ورستاقها عقارب طيارة ذوات شوكتين وستة أجنحة، قتلت جماعة أطفال (4). وفيها: توفي أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى الكلبي الغزي الشاعر المشهور، والإخشيذ إسماعيل بن الفضل الأصبهاني، وأبو محمد عبد الله بن محمد المصري المعروف بابن الغزال، وأبو عامر محمد بن سعدون العبدري الفقيه الحافظ الظاهري نزيل بغداد، ومحمد بن عبد الله بن تومرت المصمودي البربري الهرغي الحسني، ينتسب إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، الملقب بالمهدي، الساعي في زوال دولة ابن تاشفين، وأقام عبد المؤمن بن علي الكومي، وأبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد

(1) «المنتظم» (10/ 235)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 16)، و «العبر» (4/ 52)، و «مرآة الجنان» (3/ 229)، و «البداية والنهاية» (12/ 698)، و «شذرات الذهب» (6/ 110). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 22)، و «العبر» (4/ 55)، و «مرآة الجنان» (3/ 230). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 26)، و «العبر» (4/ 55)، و «مرآة الجنان» (3/ 230). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 25)، و «العبر» (4/ 55)، و «مرآة الجنان» (3/ 230)، و «البداية والنهاية» (12/ 699)، و «شذرات الذهب» (6/ 112).

السنة الخامسة والعشرون

المعروف بابن الأكفاني الأنصاري الدمشقي الحافظ، والآمر بأحكام الله أبو علي منصور بن المستعلي بالله العبيدي الباطني صاحب مصر، وأم إبراهيم فاطمة بنت عبد الله الأصبهانية الجوزدانية. *** السنة الخامسة والعشرون فيها: قبض على دبيس بن صدقة بقرب دمشق وقد ضل عن طريقه إلى صرخد وتقطع أصحابه، فلم يكن له منجا من العرب، فحمل إلى دمشق، فباعه صاحب دمشق بوري بن طغتكين من زنكي بن آق سنقر صاحب الموصل والشام بخمسين ألف دينار، وكان زنكي عدوه، فظن أنه سيهلكه، فلما حصل في قبضة زنكي .. أكرمه وأعظمه، وخوله المال والرجال، حتى قدمه على نفسه، ولما ورد الخبر إلى بغداد بأن دبيسا في أسر بوري .. أخرج ابن الأنباري كاتب الإنشاء إلى دمشق ليتوصل في أخذ دبيس وحمله إلى دار الخلافة لأجل العداوة التي كان دبيس متحققا بها، فلما وصل ابن الأنباري الرحبة .. علم بحصول دبيس عند زنكي، وأنفذ زنكي من قبض على ابن الأنباري، وحمله إلى قلعة الموصل (1). وفيها: مات السلطان محمود بن محمد بن ملك شاه بهمذان، وخلف ولدا طفلا يسمى: داود، كان في حجر آق سنقر الأحمديلي، وله ولاية أذربيجان، فعقد الأنساباذي السلطنة لداود المذكور على كره من آق سنقر، وحسن له جمع الكلمة، وكان السلطان محمود قد جعل لأخيه مسعود كنجة معيشة له، فكان مسعود قد توجه إليها، فلما علم بموت أخيه محمود .. عاد من طريقه طالبا للسلطنة. وفيها: توفي الشيخ الكبير الولي الشهير حماد بن مسلم الدباس، والإمام الكبير الولي الشهير محمد بن عبدويه، وأبو العلاء محمد بن عبد الملك بن زهر الإيادي الأندلسي الإشبيلي، وأبو المعالي عبد الله بن محمد الهمذاني الفقيه الأديب الملقب بعين القضاة، ومسند العراق هبة الله ابن حصين الشيباني البغدادي، ومحمد بن أحمد الرازي، وأبو غالب الماوردي، وأبو الحسن علي بن سلمان الواعظ. ***

(1) «المنتظم» (10/ 243)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 28)، و «البداية والنهاية» (12/ 701).

السنة السادسة والعشرون

السنة السادسة والعشرون فيها: وصل الملك مسعود بن محمد بن ملك شاه إلى بغداد في عشرة آلاف، وورد إليه مملوك أبيه قراجه الساقي صاحب فارس وخوزستان ومعه سلجوق شاه بن محمد بن ملك شاه، وانحدر زنكي بن آق سنقر وهزمه، وأسر جماعة من أصحابه، وعاد بهم معه، ودخل السفراء بينهم، فوقع الاتفاق، وخرجوا بأجمعهم، أعني سلجوق شاه ومسعود ابني محمد بن ملك شاه ومملوك أبيهما قراجة المذكور في ثلاثين ألفا لمحاربة عمهما السلطان سنجر بن ملك شاه، وألزم قراجة المسترشد بالخروج معهم فكرهه، فلم يعذره، بل تهدده وتوعده، حتى قال له: الذي يخاف من سنجر في الآجل فأعجله الآن، فلم يجد بدا من موافقتهم في الخروج معهم، وقطعت الخطبة السنجرية بالعراق، وخرج المسترشد بعدهم بأيام على ترتيب وتثبيط إلى خانقين، وكان السلطان سنجر قد ورد في العساكر العظيمة من خراسان ومن عساكر العراق التي لم تدخل في الزمرة ومعه ابن أخيه طغرلبك بن محمد بن ملك شاه والوزير الباباذي حتى نزل همذان في مائة وستين ألفا، فالتقى الجمعان بقرب الدينور، فاقتتلوا قتلة جاهلية على الملك لا على الدين، وبلغت القتلى أربعين ألفا، ولما رأى مسعود الغلبة .. جاء إلى بين يدي عمه سنجر، فعفى عنه، وأعاده إلى مكانه، وقرر سلطنة بغداد لطغرل بك المذكور، وأجلسه على سرير الملك، وجعل وزيره أبا القاسم الباباذي، وعاد سنجر إلى خراسان، وملك بلاد فارس وخوزستان التي كانت بيد قراجة؛ فإنه قتل في الواقعة (1). ثم إن السلطان سنجر هيأ دبيسا وزنكي بن آق سنقر لقصد بغداد وفتحها، فتوجها إليها من الموصل بالعدة التامة في سبعة آلاف فارس، وعاد المسترشد من خانقين وقد شارفا بغداد، فعبر في الجانب الغربي في ألفي فارس، وضعف عنهما، وطلب المقاربة، فاشتطّا، فقلدهما بغيهما، فشهر المسترشد سيفه، وحمل بنفسه، فانهزم دبيس وزنكي، وقتل من عسكرهما خلق (2).

(1) «المنتظم» (10/ 250)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 340)، و «العبر» (4/ 67)، و «مرآة الجنان» (3/ 250)، و «البداية والنهاية» (12/ 703). (2) «المنتظم» (10/ 250)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 37)، و «العبر» (4/ 67)، و «مرآة الجنان» (3/ 250)، و «البداية والنهاية» (12/ 704).

السنة السابعة والعشرون

وفيها: قبض على الوزير أبي القاسم علي بن طراد الزينبي، واستصفي ماله، وقبض معه على الحسين بن محمد بن الوزان كاتب الزمام (1). وفيها: كانت وقعة بين طغرلبك بن محمد وبين داود بن محمود وآق سنقر بهمذان، كان الظفر فيها لطغرل بك (2). وفيها: جمع دبيس بعد هزيمته جمعا، وقصد الحلة، وكانت الحلة وأعمالها بيد إقبال الخادم المسترشدي، فأمدّ إقبال بعسكر من بغداد، فهزم دبيس، وحصل في أجمة من قصب ثلاثة أيام لا يطعم ولا يشرب حتى أخرجه جمّاس على طول تعب (3). وفيها: توفي الملك الأكمل أحمد بن الأفضل أمير الجيوش شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي المصري، وتاج الملوك بوري بن طغتكين صاحب دمشق، والإمام العلامة أبو محمد عبد الله بن أبي جعفر المالكي، وأبو الحسين محمد بن القاضي أبي يعلى البغدادي الحنبلي، وأبو العز أحمد بن عبيد الله السلمي، وأبو الفضائل عبد الله بن محمد ابن الخاضبة المحدث، وكان ذا فنون، وأبو الفضل عبيد الله بن المظفر بن رئيس الرؤساء، وكان أديبا فاضلا كاملا. *** السنة السابعة والعشرون فيها: دخل مسعود بن محمد بن ملك شاه بغداد، فخطب له بالسلطنة، ومن بعده لابن أخيه داود بن محمود بن محمد، وخرج المسترشد مخيما ومعه الملكان مسعود بن محمد وابن أخيه داود، فخلع عليهما، وسيرهما إلى أذربيجان، وضم إليهما نظر الخادم ومعه لواء وخيمة سوداء لحرب طغرلبك، فلقوه وهزموه، واستقر مسعود بهمذان، وقتل آق سنقر الأحمديلي بعد الظفر به في خيمته، وظهر أن قتلته باطنية، واتهم مسعود بأنه وضع عليه، وأقام المسترشد مخيما بطريق خراسان حتى ورد إليه خبر النصر على طغرلبك (4). وفيها: جمع دبيس جمعا بواسط، وانضم إليه الواسطيون، فهزموا (5).

(1) «المنتظم» (10/ 251)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 40)، و «البداية والنهاية» (12/ 704). (2) «المنتظم» (10/ 250)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 40)، و «العبر» (4/ 67). (3) «المنتظم» (10/ 38)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 251)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 32). (4) «المنتظم» (10/ 255)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 44)، و «البداية والنهاية» (12/ 704). (5) «المنتظم» (10/ 256).

السنة الثامنة والعشرون

وفيها: سار الخليفة المسترشد بالله إلى الموصل في اثني عشر ألفا، فحاصرها ثمانين يوما وبها زنكي، فاندفع زنكي عنها؛ خوفا من الظفر به، وتحصن بها صاحبه جقر بن يعقوب في قطعة من الجيش، فأحسن السياسة في ضبطها، ثم ترجل المسترشد عنها؛ خوفا على بغداد من دبيس والسلطان مسعود، ولم يظفر بشيء منها (1). وفيها: قدمت التركمان، فأغاروا على أعمال طرابلس، فالتقاهم فرنج طرابلس، فهزمتهم التركمان (2). وفيها: توفي مسند العراق أبو غالب بن البناء البغدادي الحنبلي، وأبو العباس أحمد بن سلامة الكرخي الشافعي، والعلامة أبو الفتح الميهني أبو سعيد صاحب «التعليقة»، وأبو الحسن بن عبيد الله الزاغوني البغدادي شيخ الحنابلة، وأبو سعيد محمد بن أحمد الأصبهاني الصاعدي رئيس نيسابور وصدرها وقاضيها وعالمها، وأبو خازم محمد بن القاضي أبي يعلى الفراء الحنبلي الفقيه، وأبو بكر المزرفي، وأبو نصر اليونارتي. وفيها: قتل الوزير أبو القاسم الأنساباذي بنيسابور، قتله طغرلبك، وصلبه (3). *** السنة الثامنة والعشرون فيها: قدم رسول السلطان سنجر إلى بغداد، فأكرمه المسترشد بالله، وأرسل إليه بخلعة عظيمة الخطر قيمتها مائة وعشرون ألف دينار، ثم عرض المسترشد جنده، فبلغ خمسة عشر ألفا في عدد وزينة لم ير مثلها، وجدد المسترشد قواعد الخلافة، ونشر رميمها، وهابته الملوك (4). وفيها: وقع الاتفاق مع زنكي بن آق سنقر، ووصلت رسله بالتحف والهدايا (5).

(1) «المنتظم» (10/ 256)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 45)، و «العبر» (4/ 70)، و «مرآة الجنان» (3/ 252)، و «البداية والنهاية» (12/ 705). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 47)، و «العبر» (4/ 70)، و «مرآة الجنان» (3/ 252)، و «البداية والنهاية» (12/ 705). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 44). (4) «المنتظم» (10/ 261)، و «العبر» (4/ 73)، و «مرآة الجنان» (3/ 253). (5) «المنتظم» (10/ 261)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 54)، و «العبر» (4/ 73)، و «البداية والنهاية» (12/ 707).

السنة التاسعة والعشرون

وفيها: أعيد أبو القاسم علي بن طراد الزينبي إلى الوزارة، وقبض على نظر الخادم أمير الحاج، واستصفيت أمواله (1). وفيها: عاد طغرلبك إلى همذان، ومالت الأكراد إليه، وتوطد له الملك، وانحل الأمر إليه، فعاد إلى بغداد لإحياء الخدمة المسترشدية بعد أن كسر في حرب (2). وفيها: توفي شيخ الشافعية الحسن بن إبراهيم الفارقي، وأبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني الأندلسي-وقيل: في التي بعدها-وهبة الله بن عبد الله الواسطي. وفيها: توفي فهد بن أحمد بن قحطان في ذي الحجة، وولي تريم بعده شجعنة بن فهد. *** السنة التاسعة والعشرون في أول المحرم منها: توفي طغرلبك بن محمد بهمذان، وكان أخوه مسعود ببغداد، فأمره بالتوجه إلى الجبل، فتوانى، وبطن مع الأتراك، واطلع منه على سوء نية، فنفذ إليه من يصانعه على الخروج إلى الجبل، فبينما الحال على ذلك؛ إذ جاءه نعي أخيه طغرلبك، فسار إلى همذان (3). وفيها: عصي على السلطان مسعود جماعة من أمرائه، واستوحشوا منه، وانفردوا عنه في جمع كثير، فأسرى إليهم وكبسهم، وفرق شملهم، وورد منهم إلى بغداد جماعة في أسوأ حال، وكان مسعود بهمذان في ألف وخمس مائة فارس، وكان أصحاب الأطراف يكاتبون المسترشد، ويبذلون طاعتهم، فأصلح مسعود أكثرهم حتى صار في ستة عشر ألفا، وتسلل جماعة من أصحاب المسترشد حتى بقي في نحو خمسة آلاف فارس، ثم التقى مسعود والخليفة في رمضان، فانكسر عسكر الخليفة، وأحيط به وبخواصه، وحصل الخليفة في أسر مسعود، وأسر وزيره ووكيله قاضي القضاة والنقيبان وكاتب الإنشاء وعامة

(1) «المنتظم» (10/ 261)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 39)، و «البداية والنهاية» (12/ 707)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 39). (2) «المنتظم» (10/ 262)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 51). (3) «المنتظم» (10/ 269)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 57)، و «العبر» (4/ 75).

السنة الموفية ثلاثين بعد الخمس مائة

أصحابه، وأقام أهل بغداد عليه يوم العيد سنة المأتم، وهاشوا على شحنة مسعود، واقتتل الأجناد والعوام، وقتل جمع كثير، وأشرفت بغداد على النهب، فأمر الشحنة فنودي: إن سلطانكم آت بين يدي الخليفة وعلى كتفه الغاشية، فسكنوا، وسار مسعود ومعه الخليفة معتقلا إلى مراغة وبها داود بن محمود، وأرسل سنجر يهدد مسعودا ويخوفه، ويأمره أن يتلافى الأمر وأن يعيد المسترشد إلى دسته ويمشي في ركابه، فسارع إلى ذلك، وكان الخليفة قد جرح في فخذه في الواقعة، فأخفى أمره، وطوى ذلك عن كل أحد، ثم إنه ورد رسول من السلطان سنجر، فخرج الناس وخرج مسعود في جيشه لملاقاة الرسل، فهجم على سرادق المسترشد سبعة عشر من الباطنية فقتلوه، وقتلوا جميعا بظاهر مراغة، وجلس السلطان للعزاء، ووقع البكاء والنوح، وكتب مسعود إلى نائبه ببغداد أن يأخذوا البيعة لولد المسترشد، فبويع، ولقب بالراشد (1). وفيها: توفي صاحب دمشق شمس الملوك إسماعيل بن تاج الملوك بوري بن طغتكين، ورتّب بعده في الملك أخوه محمود بن بوري. وفيها: قتل أبو الأغر دبيس بن الأمير سيف الدولة صدقة الأسدي، ملك العرب. وفيها: توفي الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي صاحب «تاريخ نيسابور»، وقاضي الجماعة محمد بن أحمد التجيبي القرطبي المالكي. وكان الحسن بن الحافظ لدين الله العبيدي ولي عهد أبيه ثلاثة أعوام، فظلم وغشم وفتك، حتى قيل: إنه قتل في ليلة أربعين أميرا، فخافه أبوه، وجهز لحربه جماعة، فالتقاهم، واختبطت مصر، ثم دس عليه أبوه من سقاه السم فمات (2). وفيها: مات أبو طاهر الحداد الشاعر. *** السنة الموفية ثلاثين بعد الخمس مائة فيها: جاء أمير من جهة السلطان مسعود يطلب من الراشد بالله سبع مائة ألف دينار،

(1) «المنتظم» (10/ 270)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 61)، و «العبر» (4/ 75)، و «مرآة الجنان» (3/ 254)، و «البداية والنهاية» (12/ 709). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 60)، و «العبر» (4/ 78)، و «مرآة الجنان» (3/ 256)، و «شذرات الذهب» (6/ 148).

فاستشار الأعيان، فأشاروا بالتجنيد، فرد على مسعود بقوة نفس، وأخذ يتهيأ، فانزعج أهل بغداد، وعلقوا السلاح، ثم إن الراشد قبض على إقبال الخادم، وأخذت حواصله، فتألم العسكر لذلك، وشغّبوا، ووقع النهب، ثم جاء زنكي وسأل في إقبال سؤالا تحته إلزام، فأطلق له، واجتمع عند الراشد جملة من العساكر؛ فإنه ورد إليه زنكي بن آق سنقر من الشام والملك داود بن محمود بعساكر أذربيجان، وورد إليه صاحب قزوين وصاحب أصبهان في جندهما، وصاحب الحلة صدقة بن دبيس، فخرج بهم لحرب السلطان مسعود، فجاء عسكر مسعود، فنازلوا بغداد، وقاتلهم الناس، وخامر جماعة أمراء إلى الراشد، ثم بعد أيام وصل رسول مسعود يطلب من الراشد الصلح، فقرأ كتابه على الأمراء، فأبوا إلا القتال، فأقبل مسعود في خمسة آلاف راكب، ودام الحصار، واضطرب عسكر الخليفة، وجرت أمور يطول شرحها وذكرها، ثم كاتب السلطان مسعود زنكي بن آق سنقر ووعده ومناه، وكتب إلى الأمراء: إنكم إن قتلتم زنكي .. أعطيتكم بلاده، فعلم بذلك زنكي، فرحل هو والراشد عن بغداد، فدخلها مسعود، وأظهر العدل، واجتمع إليه الأعيان والعلماء، وحطوا على الراشد وطعنوا فيه، وقيل: إن مسعودا خوفهم وأرهبهم إن لم يخلعوا الراشد، فكتبوا محضرا بذلك، ووضعوا فيه خطوطهم بما يقتضي خلعه، وحكم ابن الكرخي الجزم بخلعه، وأحضروا محمد بن المستظهر، فبايعوه، ولقبوه: المقتفي لأمر الله، ثم أخذ مسعود جميع ما في دار الخلافة، حتى لم يدع فيها سوى أربعة أفراس (1). وفيها: كانت وقعة بين الملك داود وبين قراسنقر، كسر فيها داود (2). وفيها: توفي الحافظ أبو نصر إبراهيم بن الفضل الأصبهاني، وشيخ دمشق ومحدثها علي بن أحمد الغساني النحوي الزاهد، وأبو سهل محمد بن إبراهيم الأصبهاني المزكي، راوي مسند «الروياني» عن أبي الفضل الرازي. وفيها: الشيخ الكبير أبو عبد الله محمد بن حمويه الجويني، ومسند أصبهان أبو بكر محمد بن علي الصالحاني، وفقيه الحرم أبو عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي النيسابوري، والله سبحانه أعلم.

(1) «المنتظم» (10/ 283)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 71)، و «العبر» (4/ 79)، و «مرآة الجنان» (3/ 257)، و «البداية والنهاية» (12/ 712). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 80).

السنة الحادية والثلاثون

السنة الحادية والثلاثون فيها: وصل يمن العراق الخادم إلى بغداد رسولا من السلطان سنجر، وتمت البيعة المقتفية في خراسان، وخرج هذا الخادم، وأخذ بيعة زنكي وأهل الشام، ودفع زنكي الراشد المخلوع عن الموصل، وتسلل عنه الناس، وبقي حائرا، فنفذ مسعود ألفي فارس لتأخذه، ففاتهم، وجاء إلى مراغة، فبكى عند قبر أبيه، وحثى على رأسه التراب، فرق له أهل مراغة، وقام معه السلطان داود بن محمود، فالتقى داود ومسعود، فقتل خلق من جيش مسعود، وصادر مسعود الرعية ببغداد، وعسف (1). وفيها: أخذ زنكي بعلبك (2). وفيها: عقد للمقتفي بأمر الله على فاطمة بنت محمد بن ملك شاه (3). وفيها: كان أول ظهور علي بن مهدي بتهامة في ساحل وادي زبيد، وهي: العنبرة، وواسط، والقضيب، والأهواب، والفازة، وكان ينتقل في هذه الأماكن، وله فيها شهرة، وذكر بالصلاح والعبادة والمكاشفة، والحفظ والوعظ (4). وفيها: توفي فاتك بن منصور بن فاتك بن جياش بن نجاح الحبشي الجزلي، ولي ملك تهامة بعد أبيه منصور إلى أن توفي في التاريخ المذكور (5). وفيها: توفي إسماعيل بن أبي القاسم النيسابوري، وتميم الجرجاني، وطاهر بن سهل الأسفراييني، وأبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني، وهبة الله ابن الطبر، ويحيى بن البناء. *** السنة الثانية والثلاثون فيها: قويت شوكة الراشد المذكور، وكثرت جموعه، وسار إلى أصبهان ومعه السلطان داود بن محمود، فتمرض هناك، ووثب عليه جماعة من الباطنية فقتلوه (6).

(1) «المنتظم» (10/ 298)، و «العبر» (4/ 84)، و «مرآة الجنان» (3/ 295). (2) «العبر» (4/ 84)، و «مرآة الجنان» (3/ 259). (3) «المنتظم» (10/ 298)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 82)، و «البداية والنهاية» (12/ 714). (4) «السلوك» (2/ 516)، و «بهجة الزمن» (ص 119)، و «تحفة الزمن» (2/ 464). (5) «طراز أعلام الزمن» (3/ 9)، و «بهجة الزمن» (ص 96)، و «بغية المستفيد» (ص 65). (6) «المنتظم» (10/ 304)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 95)، و «العبر» (4/ 86)، و «مرآة الجنان» (3/ 259)،

وفيها: ماتت زبيدة بنت بركيارق بهمذان، زوجة السلطان مسعود، فعقد مسعود على بنت دبيس بن صدقة (1). وفيها: فتح الروم بزاعة، وقتلوا الرجال، وسبوا النساء والصبيان (2). وفيها: توفي أبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وبدر بن الشيخي، والحسين بن عبد الملك الخلال، وسعيد بن أبي الرجاء، وعلي بن علي ابن سكينة، وعبد المنعم ابن القشيري، وأبو الحسن الكرجي، وفاطمة بنت زعبل، وقيل: قتل الراشد بن المسترشد كما تقدم. وفي سنة اثنتين-وقيل: ثلاث وثلاثين وخمس مائة-: توفي الداعي أبو حمير سبأ بن أبي السعود بن زريع بن العباس بن المكرم الهمداني، صاحب عدن، والمستولي عليها، كان ملكا سعيدا، عاقلا رشيدا، جوادا شجاعا، عالي الهمة، ميمون النقيبة، وكان له من عدن حصن التعكر، وباب البر، وما يدخل منه، ولابن عمه علي بن أبي الغارات بن مسعود بن المكرم حصن الخضراء، وهو المستولي على البحر والمدينة، ثم إن نواب علي بن أبي الغارات لما انبسطت أيديهم وألسنتهم على نواب الداعي سبأ بن أبي السعود، وامتدت نواب علي بن أبي الغارات إلى ظلم الناس وعاثوا .. قدم الداعي سبأ قائده بلال بن جرير المحمدي، فولاه عدن، وأمره أن يعالج القوم، ويحرك القتال بعدن، ففعل ذلك، ثم نزل الداعي في جموع عظيمة من همدان وخولان ومذحج وحمير، ونزل بقرية بنا أبّه، ونزل ابن عمه علي بن أبي الغارات في جموعه بالرعارع وكانت قريته، ثم اقتتلوا أشد القتال، وقامت الحرب حتى كلّ الفريقان (3). قال عمارة: وأقامت فتنة الرعارع سنين، ثم اهتزم علي بن أبي الغارات إلى ناحية صهيب. وكان من عجائب الاتفاق أن بلال بن جرير المحمدي افتتح حصن الخضراء بعدن،

= و «البداية والنهاية» (12/ 715). (1) «المنتظم» (10/ 303)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 97)، و «البداية والنهاية» (12/ 716). (2) «المنتظم» (10/ 303)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 89)، و «البداية والنهاية» (12/ 716). (3) «السلوك» (2/ 501)، و «بهجة الزمن» (ص 81)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 456)، و «تحفة الزمن» (2/ 458)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 86).

السنة الثالثة والثلاثون

وأنزل الحرة بهجة أم علي بن أبي الغارات في اليوم الذي افتتح فيه الداعي سبأ بن أبي السعود الرعارع، فأرسل كل واحد منهما إلى الآخر بشيرا بالفتح، فالتقى البشيران في أثناء الطريق، ثم دخل الداعي عدن، فأقام بها سبعة أشهر، ثم توفي في التاريخ المذكور، فدفن في سفح جبل التعكر من عدن. قال الجندي: (وبعد سبع مائة أظهر المطر حفيرا في أصل التعكر بعدن، فتوهم الناس أنه مال، فطلع الوالي ومعه عدة من الناس، فاستخرجوا من ذلك الحفير صندوقا كبيرا مسمورا، ففتح، فوجد فيه رجل ملفف بثياب متى مسكت .. صارت رمادا، فأعادوه على حاله بصندوقه في حفرته، قال: ولعله الداعي سبأ بن أبي السعود) (1). *** السنة الثالثة والثلاثون فيها: كانت زلزلة عظيمة بجنزة (2). قال أبو الفرج ابن الجوزي: (أتت على مائة ألف وثلاثين ألفا أهلكتهم) (3). قيل: صار مكان الدماء أسود. وقال ابن الأثير: (هلك فيها مائتا ألف وثلاثون ألفا) (4). وفيها: وصلت ملكة بنت ملك شاه التي كانت زوجة المستظهر لملك كرمان ابن قاروت، وسيرت إليه، فكانت وفاتها هناك (5). وفيها: توفي زاهر الشحامي، وجمال الإسلام علي بن المسلّم، وشهاب الدين محمود بن بوري صاحب دمشق، وهبة الله السيّدي. ***

(1) «السلوك» (2/ 502). (2) «المنتظم» (10/ 311)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 108)، و «العبر» (4/ 91)، و «مرآة الجنان» (3/ 260)، و «البداية والنهاية» (12/ 718). (3) «المنتظم» (10/ 311). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 108)، في حوادث سنة (534 هـ‍). (5) «المنتظم» (10/ 311).

السنة الرابعة والثلاثون

السنة الرابعة والثلاثون فيها: حاصر زنكي دمشق (1). وفيها: زلزلت حلوان، وانقطع الجبل. وفيها: كانت زلزلة عظيمة بأعمال كنجة، وقيل: بل في سنة ثلاث وثلاثين، هلك فيها عالم كثير، وتهدمت قلعة لمجاهد الدين بهروز، فيها ذخائر، فذهب ما فيها (2). وفيها-أو في التي قبلها-: توفي علي بن الأغر بن الداعي سبأ بن أبي السعود بن زريع بن العباس اليامي الهمداني صاحب عدن والدملوة وغيرهما، واستولى على مملكة أبيه بعد وفاته، وهرب منه أخوه محمد بن سبأ الآتي ذكره (3)، فلاذ بمنصور بن المفضل بن أبي البركات، وكان علي المذكور يبغض بلال بن جرير وزير أبيه، وهمّ بقتله، فعاجلته المنية، فمات في التاريخ المذكور، فولي بعده أخوه محمد بن سبأ المذكور (4). وفيها: توفي قاضي دمشق أبو الفضل يحيى بن علي القرشي، والحافظ محمد بن أحمد، ويعرف بزفرة، ويقال: ابن زفرة، وهبة الله بن الحسين الشاعر الأصطرلابي. *** السنة الخامسة والثلاثون فيها: ألح زنكي على دمشق للحصار، وخرب وعاث بحوران، ثم التقاه عسكر دمشق، فقتل جماعة، ثم ترحل إلى الشرق (5). وفيها: مات قراسنقر صاحب أذربيجان، وهو من مماليك السلطان سنجر. وفيها: فتح زنكي بن آق سنقر شهرزور وأعمالها، وكانت بيد قفجاق التركماني، وله

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 105)، و «العبر» (4/ 93)، و «مرآة الجنان» (3/ 261)، و «البداية والنهاية» (12/ 721). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 108). (3) انظر (4/ 170). (4) «السلوك» (2/ 502)، و «بهجة الزمن» (ص 84)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 460)، و «تحفة الزمن» (2/ 458)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 503). (5) «العبر» (4/ 94)، و «مرآة الجنان» (3/ 263).

السنة السادسة والثلاثون

حكم نافذ على التركمان، فدفعه عنها بعد حرب (1). وفيها: مات يرنقش صاحب قزوين وزنجان وغيرهما من البلاد، وكان أقيم مقام قراسنقر. وفيها: توفي إسماعيل بن محمد التيمي، وأبو الحسن رزين العبدري، وأبو منصور القزاز قاضي المارستان، ويوسف بن أيوب الهمذاني. *** السنة السادسة والثلاثون فيها: كانت ملحمة عظيمة بين السلطان سنجر وبين الترك الكفرة فيما وراء النهر، أصيب فيها المسلمون، وأفلت سنجر في نفر يسير، بحيث وصل بلخ في ستة أنفس، وأسرت زوجته، وقتل من جيشه مائة ألف أو أكثر، قيل: كان في القتلى أربعة آلاف امرأة، وكان الترك في ثلاث مائة ألف فارس، فلما تمت الهزيمة على سنجر .. دخل خوارزم شاه مرو، وقتل فيها وقبض على أبي الفضل الكرماني الفقيه مقدم الحنفيين وعلى جماعة من الفقهاء (2). وفيها: حفر السلطان راشد بن أحمد بئر الجامع الداخلة بشبام. وفيها: توفي أبو سعد أحمد بن محمد الزّوزني، وأبو القاسم السمرقندي، وأبو العباس ابن العريف الصنهاجي، وعبد الجبار الخواري، وأبو الحكم عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال اللخمي الإشبيلي، وشرف الإسلام عبد الوهاب بن أبي الفرج الحنبلي، وهبة الله بن طاوس، ويحيى ابن الطراح. *** السنة السابعة والثلاثون فيها: ورد الروم في جمع عظيم، فحاصروا الفرنج بأنطاكية وبطرابلس (3).

(1) ذكر ابن الأثير في «الكامل في التاريخ» هذه الحادثة في سنة (534 هـ‍). (2) «المنتظم» (10/ 331)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 115)، و «العبر» (4/ 98)، و «مرآة الجنان» (3/ 266)، و «البداية والنهاية» (12/ 722). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 125)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 223).

السنة الثامنة والثلاثون

وفيها: توفي الحسين سبط الخياط، وسلطان المغرب علي بن تاشفين، وقيل: توفي سنة ست وثلاثين. وفيها: المنتجب محمد بن يحيى القرشي، ومفلح الرومي. *** السنة الثامنة والثلاثون فيها: حاصر سنجر مدينة خوارزم، وكاد أن يأخذها، فذلّ خوارزم شاه، وبذل الطاعة (1). وفيها: جمع السلطان العساكر لقصد الموصل والشام، وترددت رسل زنكي حتى تم الصلح على ثلاثين ألف دينار يحملها زنكي، فحملها، ثم تنقلت الأحوال، واحتيج إلى مداراة زنكي، ورد المال إليه (2). وفيها: قصد علي بن مهدي مدينة الكدراء في أربعين ألف رجل من أهل الجبال، فلقيهم صاحبها يومئذ القائد إسحاق بن مرزوق السحرتي فيمن معه، فهزم ابن مهدي وأصحابه، وقتل من أصحاب ابن مهدي طائفة، وعاد ابن مهدي إلى الجبال (3). وفيها: توفي عبد الوهاب الأنماطي، وعلي بن طراد الزينبي، وأبو الفتوح الأسفراييني، وأبو القاسم الزمخشري. *** السنة التاسعة والثلاثون فيها: أخذ زنكي الرها من الفرنج (4). وفي رجب منها: ولد الإمام شهاب الدين السهروردي.

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 128)، و «العبر» (4/ 103)، و «مرآة الجنان» (3/ 268)، و «البداية والنهاية» (12/ 723). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 126)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 224)، و «البداية والنهاية» (12/ 723). (3) «السلوك» (2/ 516)، و «بهجة الزمن» (ص 119)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 361)، و «تحفة الزمن» (2/ 465). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 131)، و «العبر» (4/ 106)، و «مرآة الجنان» (3/ 271)، و «البداية والنهاية» (12/ 725).

السنة الموفية أربعين بعد الخمس مائة

وفيها: سافر الفقيه أحمد بن محمد الحضرمي الحاسب من بلاد كندة، فلقي عمارة، وعرفهم فريضة زريق القائد، وحج ومات (1). وفيها: عمّر جامع شبام (2). وفيها: مات العوّام بن فهد، وولي تريم بعده فارس بن فهد. وفيها: توفي السلطان عبد الله بن أسعد بن وائل بن عيسى الوائلي، وولي بعد موت أبيه سنة خمس عشرة وخمس مائة كما تقدم. وفيها: توفي أبو البدر الكرخي، وأبو منصور الرزاز، وأبو الحسن شريح بن محمد بن شريح، وعلي ابن عبد السلام الكاتب، وأبو البركات عمر بن إبراهيم الزيدي، وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي، وأبو منصور بن خيرون المقرئ، وفاطمة بنت محمد البغدادية. *** السنة الموفية أربعين بعد الخمس مائة فيها: توفي أبو سعد أحمد بن محمد البغدادي، وعبد الرحمن بن أحمد البحيري، وموهوب الجواليقي (3). والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 146)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 12). (2) «تاريخ شنبل» (ص 35)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (ص 90). (3) انظر ما تقدم من الخلاف في تاريخ وفاته في ترجمته (4/ 123).

العشرون الثالثة من المائة السادسة

العشرون الثالثة من المائة السادسة [الاعلام] 2331 - [عماد الدين زنكي] (1) عماد الدين زنكي الملقب بالملك المنصور، صاحب الموصل. وكان أبو زنكي المذكور من الأمراء المتقدمين، وفوض إليه السلطان محمود بن ملك شاه ولاية بغداد في سنة إحدى وعشرين وخمس مائة، ثم أمره السلطان محمود بالتجهيز إلى الموصل، والاستعداد لقتال الفرنج بالشام، فوصل ملكها، ودفع الفرنج عن حلب وقد ضايقوها بالحصار، ثم عاد إلى الموصل، فأقام بها وهو من كبراء الدولة السلجوقية، فجلس له الباطنية يوم الجمعة في الجامع بزي الصوفية، فلما انفتل من صلاته .. قاموا إليه وأثخنوه جراحا، فمات من ذلك؛ لأنه كان تصدى لقتلهم، وقتل منهم عصبة كبيرة، فلما قتل .. رسم أمير المؤمنين المسترشد بتولية الموصل لولده زنكي المذكور، فتوجه زنكي إلى الموصل، فتسلمها وما والاها من البلاد كحلب وحماة وحمص وبعلبك والرها والمعرة وغير ذلك. وكان فارسا شجاعا، ميمون النقيبة، شديد البأس، قوي الرأس، عظيم الهيبة. حاصر قلعة جعبر حتى أشرف على أخذها، فوثب عليه ثلاثة من غلمانه وهو نائم، فقتلوه في سنة إحدى وأربعين وخمس مائة، وهربوا إلى قلعة جعبر. فلما قتل زنكي .. تولى الموصل بعده ابنه غازي، وتولى ابنه الآخر نور الدين محمود حلب وغيرها من نواحيها. 2332 - [ابن أبي سعد الصوفي] (2) أبو البركات إسماعيل بن الشيخ أبي سعد أحمد بن محمد النيسابوري البغدادي.

(1) «المنتظم» (10/ 361)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 142)، و «كتاب الروضتين» (1/ 154)، و «وفيات الأعيان» (2/ 327)، و «العبر» (4/ 112)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 221)، و «مرآة الجنان» (3/ 274)، و «شذرات الذهب» (6/ 209). (2) «المنتظم» (10/ 361)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 148)، و «العبر» (4/ 111)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 85)، و «مرآة الجنان» (3/ 274)، و «شذرات الذهب» (6/ 209).

2333 - [سعد الخير الأندلسي]

كان جليل القدر. توفي سنة إحدى وأربعين وخمس مائة. 2333 - [سعد الخير الأندلسي] (1) أبو الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري الأندلسي المحدث. كان فقيها عالما متقنا، رحل إلى المشرق، وتفقه بالغزالي. توفي سنة إحدى وأربعين وخمس مائة. 2334 - [عبد الله بن علي المقرئ] (2) أبو محمد عبد الله بن علي البغدادي المقرئ النحوي. توفي سنة إحدى وأربعين وخمس مائة. 2235 - [أبو الحسن الآبنوسي] (3) أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن الآبنوسي البغدادي الشافعي الوكيل. سمع وتفقه وبرع، وقرأ الكلام والاعتزال، ثم لطف الله به، وتحول سنيا. وتوفي سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة. 2336 - [أبو جعفر البطروجي] (4) أبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن الأندلسي البطروجي، أحد الأئمة.

(1) «المنتظم» (10/ 361)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 158)، و «العبر» (4/ 112)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 189)، و «مرآة الجنان» (3/ 274)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 90). (2) «المنتظم» (10/ 362)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 149)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 960)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 331)، و «مرآة الجنان» (3/ 275)، و «شذرات الذهب» (6/ 210). (3) «المنتظم» (10/ 367)، و «العبر» (4/ 114)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 114)، و «مرآة الجنان» (3/ 275)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 21)، و «شذرات الذهب» (6/ 213). (4) «بغية الملتمس» (ص 189)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1293)، و «العبر» (4/ 114)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 38)، و «مرآة الجنان» (3/ 275)، و «شذرات الذهب» (6/ 213).

2337 - [علي بن أبي نصر الصباغ]

أخذ عن أبي علي الغساني وغيره. وكان إماما حافظا، بصيرا بالحديث ومعرفة رجاله وعلله، وله مصنفات مشهورة، ومعرفة مذهب مالك ودقائقه. توفي سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة. 2337 - [علي بن أبي نصر الصباغ] (1) علي بن الإمام أبي نصر عبد السيد ابن الصباغ، يكنى بأبي القاسم. توفي سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة. 2338 - [نصر الله المصيصي] (2) نصر الله بن محمد المصيصي ثم الدمشقي، الفقيه الشافعي، الأصولي الأشعري. سمع من أبي بكر الخطيب، وتفقه على الإمام نصر المقدسي، ودرّس بالغزالية، وأفتى واشتغل، وصار شيخ دمشق في وقته. توفي سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة. 2339 - [ابن الشجري] (3) هبة الله بن علي العلوي الحسيني الشريف أبو السعادات المعروف بابن الشجري، النحوي اللغوي، صاحب التصانيف. كان متضلعا من علم الأدب وأشعار العرب، أملى أربعة وثمانين مجلسا مشتملة على خمسة فنون من علم الأدب، فرد عليه ابن الخشّاب في مواضع من الكتاب، فرد

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 167)، و «العبر» (4/ 115)، و «مرآة الجنان» (3/ 275)، و «شذرات الذهب» (6/ 214). (2) «تبيين كذب المفتري» (ص 330)، و «المنتظم» (10/ 370)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 118)، و «العبر» (4/ 116)، و «مرآة الجنان» (3/ 275)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 320)، و «شذرات الذهب» (6/ 215). (3) «المنتظم» (10/ 370)، و «معجم الأدباء» (7/ 209)، و «وفيات الأعيان» (6/ 45)، و «العبر» (4/ 116)، و «مرآة الجنان» (3/ 275)، و «بغية الوعاة» (2/ 324)، و «شذرات الذهب» (6/ 215).

أبو السعادات على ابن الخشّاب المذكور رده وبيّن وجوه غلطه في كتاب صغير سماه: «الانتصار» وله مجموع سماه: «الحماسة» يضاهي به «الحماسة» لأبي تمام الطائي، وله في النحو عدة تصانيف، وقرأ الحديث على جماعة من الشيوخ. وأخذ عنه الحافظ أبو سعد بن السمعاني. ولما قدم أبو القاسم الزمخشري بغداد قاصدا الحج .. قصد زيارته أبو السعادات الشجري المذكور، فلما اجتمع به .. أنشده قول المتنبي: [من الطويل] واستكبر الأخبار قبل لقائه … فلما التقينا صغّر الخبر الخبر ثم أنشد بعد ذلك: [من البسيط] كانت مساءلة الركبان تخبرني … عن جعفر بن فلاح أحسن الخبر ثم التقينا فلا والله ما سمعت … أذني بأحسن مما قد رأى بصري فقال أبو القاسم الزمخشري: روي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه لما قدم عليه زيد الخيل .. قال له: «يا زيد؛ ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته في الإسلام إلا رأيته دون ما وصف لي غيرك». قال ابن الأنباري: فخرجنا من عنده، فعجبنا كيف يستشهد الشريف بالشعر، والزمخشري بالحديث، وهو رجل أعجمي. وكان أبو السعادات نقيب الطالبيين بالكرخ نيابة عن والده، وله شعر حسن، ومنه من قصيدة له: [من الكامل] هذي السديرة والغدير الطافح … فاحفظ فؤادك إنني لك ناصح يا سدرة الوادي الذي إن ضله الس‍ … ‍اري هداه نشره المتفاوح هل عائد قبل الممات لمغرم … عيش تقضى في ظلالك صالح شط المزار به وبوّئ منزلا … بصميم قلبك فهو دان نازح غصن يعطفه النسيم وفوقه … قمر يحف به ظلام جانح ولقد مررنا بالعقيق فشاقنا … فيه مراتع للمها ومسارح ظلنا به نبكي فكم من مضمر … وجدا أذاع هواه دمع سافح توفي سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة.

2340 - [ابن مسهر الموصلي]

2340 - [ابن مسهر الموصلي] (1) أبو الحسن علي بن أبي الوفاء المعروف بابن مسهر الموصلي. كان شاعرا بارعا، رئيسا مقدما، مدح الخلفاء والملوك والأمراء، وديوان شعره في مجلدين. ومن غريب الاتفاق ما حكى أبو الفتح بن أبي الغنائم أنه رأى في منامه منشدا أنشده: [من الطويل] وأعجب من صبر القلوص التي سرت … بهودجك المزموم أنى استقلت وأطبق أحناء الضلوع على جوى … جميع وصبر مستحيل مشتّت قال أبو الفتح: فمكثت مدة أسائل عن هذين البيتين، فلم أجد عنهما مخبرا، ثم اتفق نزول ابن مسهر المذكور في ضيافتي، فتجارينا في بعض الليالي، فذكرت المنام الذي سمعت فيه البيتين، فقال: أقسم بالله إنهما من شعري من جملة قصيدة منها: إذا ما لسان الدمع نمّ على الهوى … فليس بسر ما الضلوع أجنت فو الله ما أدري عشية ودعت … أناحت حمامات اللوى أم تغنت وأعجب من صبر القلوص التي سرت … بهودجك المزموم أنى استقلت أعاتب فيك اليعملات على النوى … وأسأل عنك الريح من حيث هبت وأطبق أحناء الضلوع على جوى … جميع وصبر مستحيل مشتت فلما أنشدنا هذه الأبيات الرقاق .. عجبنا من هذا الاتفاق. توفي ابن مسهر المذكور سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة. 2341 - [أبو إسحاق الغنوي] (2) أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الغنوي الرقي الصوفي، الفقيه الشافعي.

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 391)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 234)، و «تاريخ الإسلام» (37/ 155)، و «الوافي بالوفيات» (21/ 129)، و «مرآة الجنان» (3/ 278). (2) «المنتظم» (10/ 376)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 165)، و «العبر» (4/ 119)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 118)، و «مرآة الجنان» (3/ 279)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 36)، و «شذرات الذهب» (6/ 220).

2342 - [المبارك الخفاف]

تفقه بالغزالي، وسمع رزق الله التميمي، وكان ذا سمت وعبادة، وهو راوي «خطب ابن نباتة». توفي سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة. 2342 - [المبارك الخفاف] (1) المبارك بن كامل الخفاف، محدث بغداد ومفيدها. وكان فقيرا متعففا. توفي سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة. 2343 - [ابن العربي المالكي] (2) أبو بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي المعافري الأندلسي الإشبيلي الحافظ. رحل إلى الشام، فتفقه بالإمام محمد بن الوليد الطرطوشي، وحج، ودخل بغداد، فصحب الإمام الغزالي، والإمام أبا بكر الشاشي وغيرهما من العلماء، وهو أول من دخل المشرق من علماء المغرب في الرحلة للعلم، ولقي بمصر والإسكندرية جماعة من المحدثين، فكتب عنهم، واستفاد منهم، ثم عاد إلى الأندلس، ثم إلى إشبيلية بعلم كثير، وولي القضاء ببلده، فانتفع الناس به؛ لإبرام أحكامه، ونفوذ أمره، وكان له في الظالمين صولة، ثم صرف عن القضاء، وأقبل على نشر العلم. ومن مصنفاته «عارضة الأحوذي في شرح الترمذي» وكان متبحرا في العلوم مع آداب، وحسن أخلاق، وكرم نفس. توفي سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة (3).

(1) «المنتظم» (10/ 379)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 164)، و «العبر» (4/ 119)، و «مرآة الجنان» (3/ 279)، و «شذرات الذهب» (6/ 221). (2) «كتاب الصلة» (1/ 590)، و «بغية الملتمس» (ص 92)، و «وفيات الأعيان» (4/ 296)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1294)، و «العبر» (4/ 125)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 330)، و «مرآة الجنان» (3/ 279)، و «شذرات الذهب» (6/ 232). (3) في «العبر» (4/ 125)، و «شذرات الذهب» (6/ 232): توفي سنة (546 هـ‍).

2344 - [ياقوت الرومي]

2344 - [ياقوت الرومي] (1) أبو الدر ياقوت الرومي، عتيق ابن البخاري. حدث بدمشق ومصر وبغداد. وتوفي سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة. 2345 - [أبو الحجاج الفندلاوي] (2) يوسف بن دوناس المغربي المالكي أبو الحجاج الفندلاوي. كان فقيها عالما صالحا، حلو المجالسة، شديد التعصب للأشعرية، صاحب حط على الحنابلة. قتل في سبيل الله في حصار الفرنج لدمشق مقبلا غير مدبر بالنيرب من سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة، وقبره يزار بمقبرة باب الصغير. 2346 - [نور الدولة شاهنشاه] (3) شاهنشاه بن نجم الدين أيوب. قتل في سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة في الوقعة التي اجتمع فيها الفرنج، وتقدموا إلى باب دمشق، فنصر الله المسلمين عليهم. 2347 - [الأرّجاني الشاعر] (4) أحمد بن محمد الأرّجاني-بفتح الهمزة، وكسر الراء مع خلاف في تشديدها وتخفيفها،

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 179)، و «العبر» (4/ 120)، و «مرآة الجنان» (3/ 280)، و «شذرات الذهب» (6/ 222). (2) «سير أعلام النبلاء» (20/ 209)، و «تاريخ الإسلام» (37/ 170)، و «العبر» (4/ 120)، و «مرآة الجنان» (3/ 280)، و «البداية والنهاية» (12/ 733)، و «شذرات الذهب» (6/ 222). (3) «وفيات الأعيان» (2/ 452)، و «تاريخ الإسلام» (37/ 145)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 93)، و «مرآة الجنان» (3/ 280). (4) «المنتظم» (10/ 382)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 174)، و «وفيات الأعيان» (1/ 151)، و «العبر» (4/ 121)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 373)، و «مرآة الجنان» (3/ 281)، و «شذرات الذهب» (6/ 224).

2348 - [علي بن أبي بكر الأشرقي]

وبعدها جيم-نسبة إلى أرجان، كورة من كور الأهواز من بلاد خوزستان. كان فقيها شاعرا، ولي قضاء تستر. وله ديوان شعر فيه كل معنى لطيف، ومن شعره: [من الكامل] أنا أشعر الفقهاء غير مدافع … في العصر أو أنا أفقه الشعراء شعري إذا ما قلت دوّنه الورى … بالطبع لا بتكلف الإلقاء كالصوت في قلل الجبال إذا علا … للسمع هاج تجاوب الأصداء ومنه: [من البسيط] شاور سواك إذا نابتك نائبة … يوما وإن كنت من أهل المشورات فالعين تنظر منها ما دنى ونأى … ولا ترى نفسها إلا بمرآة ومنه: [من الكامل] أنحوكم ويرد وجهي القهقرى … عنكم فسيري مثل سير الكوكب فالقصد نحو المشرق الأقصى لكم … والسير رأي العين نحو المغرب ومنه: [من الوافر] أحب المرء ظاهره جميل … لصاحبه وباطنه سليم مودته تدوم لكل هول … وهل كلّ مودته تدوم وهذا البيت الأخير يقرأ معكوسا؛ يعني: من آخره إلى أوله، لا يتغير شيء من لفظه ولا معناه. توفي سنة أربع وأربعين وخمس مائة. 2348 - [علي بن أبي بكر الأشرقي] (1) علي بن أبي بكر بن سالم بن عبد الله. ولد في شعبان سنة ست وعشرين وخمس مائة.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 190)، و «السلوك» (1/ 352)، و «العطايا السنية» (ص 450)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 239)، و «تحفة الزمن» (1/ 279)، و «هجر العلم» (2/ 735).

2349 - [أبو المحاسن الهروي]

وكان فقيها عالما تقيا، وبه تفقه إبراهيم بن علي، وأخوه أحمد بن علي، وعمر بن علي بن سمرة، صاحب «الطبقات» وغيرهم. وتوفي في جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وخمس مائة، كذا في «الخزرجي» تاريخ وفاته ومولده (1)، فيكون عمره ثمان عشرة سنة إلا شهرين تقريبا، فليحقق ذلك. ولا شك أن ذلك سبق قلم ووهم في تاريخ وفاته؛ لأنه ذكر أنه ممن تفقه به ابن سمرة صاحب «الطبقات»، وذكر أن مولد ابن سمرة في سنة سبع وأربعين وخمس مائة (2)، فليبحث عن تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى، والله سبحانه أعلم (3) 2349 - [أبو المحاسن الهروي] (4) أبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق الهروي الحنفي العبد الصالح، راوي «الصحيح» و «الدارمي». توفي سنة أربع وأربعين وخمس مائة. 2350 - [أبو الميمون العبيدي] (5) أبو الميمون عبد المجيد بن محمد العبيدي الرافضي، صاحب مصر، الملقب بالحافظ لدين الله. توفي سنة أربع وأربعين وخمس مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 239). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 437). (3) تحقيقه: أنه توفي سنة (574 هـ‍)، كما في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 190)، و «العطايا السنية» (ص 450)، وذلك لما أشار إليه المصنف من أن صاحب الترجمة شيخ ابن سمرة صاحب «الطبقات»، وابن سمرة ولد سنة (547 هـ‍)، فكيف يكون شيخه قبل أن يولد؟ ! (4) «تاريخ الإسلام» (37/ 183)، و «العبر» (4/ 121)، و «مرآة الجنان» (3/ 282)، و «الجواهر المضية» (1/ 385)، و «شذرات الذهب» (6/ 225). (5) «وفيات الأعيان» (3/ 235)، و «العبر» (4/ 122)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 126)، و «مرآة الجنان» (3/ 282)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 620)، و «شذرات الذهب» (6/ 226).

2351 - [علي بن المفضل]

2351 - [علي بن المفضل] (1) أبو الحسن علي بن أبي المكارم الإسكندراني المالكي الحافظ المقدسي. كان فقيها فاضلا حافظا، عارفا بالحديث وعلومه. صحب الحافظين أبا الطاهر السلفي والزكي عبد العظيم المنذري، ولازمه وانتفع به. قال ابن خلكان: أنشدني أبو الحسن المقدسي المذكور: [من الطويل] أيا نفس بالمأثور عن خير مرسل … وأصحابه والتابعين تمسكي عساك إذا بالغت في نشر دينه … بما طاب من نشر له أن تمسكي وخافي غدا يوم الحساب جهنما … إذا لفحت نيرانها أن تمسك وبيان هذا التجنيس في الثلاثة: أن الأول من التمسك بالشيء، والثاني من التطيب بالمسك، والثالث من مسه يمسه، وأصله في التطيب تتمسكي بتاءين، فحذفت إحداهما جوازا. قال: وأنشدني أيضا لنفسه: [من الطويل] ولمياء تحيي من تحيّي بريقها … كأنّ مزاج الراح بالمسك من فيها وما ذقت فاها غير أني رويته … عن الثقة المسواك وهو موافيها كأنه أخذه من قول الآخر: [من البسيط] يا أطيب الناس ريقا غير مختبر … إلا شهادة أطراف المساويك توفي سنة أربع وأربعين وخمس مائة. 2352 - [غازي بن زنكي] (2) غازي بن زنكي بن آق سنقر، صاحب الموصل.

(1) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى ترجمته في وفيات سنة (611 هـ‍) في مكانها الصحيح، فانظر مصادر ترجمته هناك (5/ 42). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 166)، و «كتاب الروضتين» (1/ 227)، و «وفيات الأعيان» (4/ 3)، و «العبر» (4/ 123)، و «مرآة الجنان» (3/ 283)، و «شذرات الذهب» (6/ 228).

2353 - [القاضي عياض]

أقطعه السلطان السلجوقي شهرزور، ولما قتل والده تحت قلعة جعبر كما تقدم في أول هذه العشرين (1) .. ملك ما كان لأبيه من الموصل وديار ربيعة، وأخوه نور الدين محمود حلب وما والاها من الشام، ولم تكن دمشق يومئذ لهم. وكان غازي المذكور يحب العلم وأهله، وينطوي على خير وصلاح، وبنى بالموصل المدرسة العتيقة. ولم تطل مدة مملكته، ومات سنة أربع وأربعين وخمس مائة. 2353 - [القاضي عياض] (2) القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن موسى اليحصبي، أحد الحفاظ الأعلام. سمع من أبي علي بن سكّرة، وأبي محمد بن عتاب، وطبقتهما، وأجاز له أبو علي الغساني. وولي قضاء سبتة مدة، ثم قضاء غرناطة. وله المصنفات المفيدة، منها: «الشفا بتعريف حقوق المصطفى»، و «مشارق الأنوار» في تفسير غريب الحديث، و «الإكمال» كمل به «المعلم في شرح مسلم» للإمام المازري. وكان إماما في الحديث وعلومه، والنحو واللغة، وكلام العرب وأيامها وأنسابها، وله ذكاء عظيم وشعر حسن منه: [من البسيط] الله يعلم أني منذ لم أركم … كطائر خانه ريش الجناحين فلو قدرت ركبت البحر نحوكم … فإنّ بعدكم عني جنى حيني توفي سنة أربع وأربعين وخمس مائة.

(1) انظر (4/ 142). (2) «كتاب الصلة» (2/ 453)، و «بغية الملتمس» (ص 437)، و «وفيات الأعيان» (3/ 483)، و «العبر» (4/ 122)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1304)، و «مرآة الجنان» (3/ 282)، و «شذرات الذهب» (6/ 226)، و «شجرة النور الزكية» (2/ 341).

2354 - [المبارك الكندي]

2354 - [المبارك الكندي] (1) المبارك بن أحمد الكندي البغدادي الخباز. سمع أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وطائفة. وتوفي سنة خمس وأربعين وخمس مائة. 2355 - [أبو علي النيسابوري] (2) أبو علي الحسين بن علي النيسابوري. روى عن الفضل بن المحب وجماعة. توفي سنة خمس وأربعين وخمس مائة. 2356 - [عامر الساوي] (3) عامر بن نجا بن عامر العربي الساوي. ذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر في كتاب «التبيين» قال: (سمعت الإمام أبا القاسم سعيد بن علي بن أبي القاسم بن أبي هريرة الأسفراييني الصوفي الشافعي بدمشق، قال: سمعت الشيخ الإمام زين القراء جمال الحرم أبو الفتح عامر بن نجا بن عامر الغزي الساوي بمكة حرسها الله تعالى، قال: دخلت المسجد الحرام يوم الأحد ما بين الظهر والعصر الرابع عشر من شوال سنة خمس وأربعين وخمس مائة، وذكر المنام المشهور في عرض العقائد على النبي صلّى الله عليه وسلم) (4)، ذكره السبكي في «الطبقات الكبرى» (5).

(1) «تاريخ الإسلام» (37/ 233)، و «العبر» (4/ 124)، و «مرآة الجنان» (3/ 284)، و «شذرات الذهب» (6/ 230). (2) «سير أعلام النبلاء» (20/ 223)، و «تاريخ الإسلام» (37/ 218)، و «العبر» (4/ 123)، و «مرآة الجنان» (3/ 284)، و «شذرات الذهب» (6/ 229). (3) «تبيين كذب المفتري» (ص 296)، و «مرآة الجنان» (3/ 187)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 227). (4) «تبيين كذب المفتري» (ص 296). (5) انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 227).

2357 - [الحرة أم فاتك]

2357 - [الحرة أم فاتك] (1) الحرة علم أم فاتك بن منصور بن فاتك بن جياش بن نجاح الحبشي الجزلي، صاحب زبيد. توفيت سنة خمس وأربعين وخمس مائة. 2358 - [أبو نصر الفامي] (2) الحافظ أبو النصر هبة الرحمن بن عبد الجبار. كان صالحا فاضلا متواضعا. سمع جماعة من شيوخ زمانه. توفي سنة ست وأربعين وخمس مائة. 2359 - [أبو الأسعد القشيري] (3) أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن الشيخ أبي القاسم القشيري، خطيب نيسابور ومسندها. سمع من جده حضورا، ومن جدته فاطمة بنت الدقاق. توفي سنة ست وأربعين وخمس مائة. 2360 - [الشيخ السعيد المحمدي] (4) أبو الندى بلال بن جرير المحمدي المنعوت بالشيخ السعيد، الموفق السديد، وزير الداعي محمد بن سبأ بن أبي السعود بن زريع بن العباس اليامي، صاحب عدن.

(1) «السلوك» (2/ 508)، و «تحفة الزمن» (2/ 461). (2) «تذكرة الحفاظ» (4/ 1309)، و «العبر» (4/ 124)، و «مرآة الجنان» (3/ 284)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 150)، و «شذرات الذهب» (6/ 231). (3) «سير أعلام النبلاء» (20/ 180)، و «العبر» (4/ 125)، و «مرآة الجنان» (3/ 284)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 329)، و «شذرات الذهب» (6/ 231). (4) «السلوك» (2/ 505)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 262)، و «تحفة الزمن» (2/ 458)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 32).

2361 - [ابن الدباغ اللخمي]

كان رجلا عاقلا، دينا كاملا، ولاه الداعي ابن أبي السعود أمر عدن لما عزم على مناجزة ابن عمه علي بن أبي الغارات، فقام أتم قيام، وحاصر حصن الخضراء حتى أخذه، واستنزل منه الحرة بهجة أم علي بن أبي الغارات، وملك البلاد بحسن سياسته، فمات سبأ بن أبي السعود عقب ذلك، واستخلف على البلاد ابنه عليا الأغر، وكان يبغض بلالا، فهم بقتله، فلم يساعده القدر، وعاجله الأجل، فمات بالدملوة عقب موت أبيه، فلما علم بلال بوفاته .. أرسل إلى أخيه محمد بن سبأ يستدعيه ويستحثه، وكان قد هرب من أخيه علي الأغر، ولاذ بالمفضل بن أبي البركات، فوصل سريعا إلى عدن، فمكنه بلال من البلاد، وسلم إليه الحصون، واستخلف له الناس، وزوجه بابنته. ولم يزل بلال في وزارة الداعي محمد بن سبأ، نافذ الكلمة، وافر الحرمة، ناصحا في الخدمة إلى أن توفي في سنة ست-أو سبع-وأربعين وخمس مائة، وأظنه توفي بعدن. 2361 - [ابن الدباغ اللخمي] (1) أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن يوسف الدباغ اللخمي ثم القرشي الحافظ. توفي سنة ست وأربعين وخمس مائة. 2362 - [أبو عبد الله الداني] (2) أبو عبد الله محمد بن الحسن المعروف بالداني، المقرئ الأستاذ. أخذ القراءات عن أبي داود وغيره، وسمع الحديث، وتصدر للإقراء وتعليم العربية. حدث عن أبي علي الصدفي، وأبي محمد بن عتاب وغيرهما. وعنه ابن بشكوال وغيره. وكان حافظا، عالما بالحديث وطرقه وتراجم رجاله جرحا وتعديلا، ثقة نبيلا، له تصانيف. وتوفي سنة سبع وأربعين وخمس مائة.

(1) «كتاب الصلة» (2/ 682)، و «بغية الملتمس» (ص 491)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1310)، و «العبر» (4/ 126)، و «مرآة الجنان» (3/ 285)، و «شذرات الذهب» (6/ 234). (2) «بغية الملتمس» (ص 70)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 980)، و «العبر» (4/ 126)، و «مرآة الجنان» (3/ 285)، و «شذرات الذهب» (6/ 238)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 344).

2363 - [أبو الفضل الأرموي]

2363 - [أبو الفضل الأرموي] (1) محمد بن عمر بن يوسف أبو الفضل الفقيه الشافعي. ولد ببغداد، وسمع جماعة، منهم: ابن المأمون، وابن المهتدي، وابن الخياط. وكان ثقة صالحا، تفقه على الشيخ أبي إسحاق، وانتهى إليه علو الإسناد بالعراق، وولي قضاء دير العاقول. توفي سنة سبع وأربعين وخمس مائة. 2364 - [الحرضي النيسابوري] (2) محمد بن منصور النيسابوري. شيخ صالح، سمع القشيري، ويعقوب الصيرفي، وإلكيا. وتوفي سنة سبع وأربعين وخمس مائة. 2365 - [السلطان مسعود السلجوقي] (3) السلطان مسعود بن محمد بن ملك شاه السلجوقي. اقتتل هو وأخوه محمود على الملك بعد موت أبيهما، فانتصر محمود على مسعود، ثم تنقلت الأحوال بمسعود المذكور إلى تسلطن، واستقل بالملك. وكان منهمكا في اللهو واللعب، فرق مملكته على أصحابه، ولم يكن له من السلطنة غير الاسم، وكان عدلا، لين الجانب، كبير النفس، حسن الأخلاق، كثير المزاح. يحكى أن القاضي كمال الدين محمد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري أرسله أتابك

(1) «المنتظم» (10/ 396)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 198)، و «العبر» (4/ 127)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 245)، و «مرآة الجنان» (3/ 285)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 165)، و «شذرات الذهب» (6/ 239). (2) «سير أعلام النبلاء» (20/ 258)، و «العبر» (4/ 127)، و «مرآة الجنان» (3/ 285)، و «شذرات الذهب» (6/ 239). (3) «المنتظم» (10/ 398)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 186)، و «وفيات الأعيان» (5/ 200)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 384)، و «العبر» (4/ 127)، و «مرآة الجنان» (3/ 285)، و «شذرات الذهب» (6/ 239).

2366 - [ابن طلاية العابد]

زنكي صاحب الموصل إلى السلطان مسعود برسالة، فوصل إليه، وأقام معه في العسكر، فوقف يوما القاضي كمال الدين على خيمة الوزير حتى قرب أذان المغرب، فعاد إلى خيمته، فأذن المغرب وهو في الطريق، فرأى فقيها في خيمته يصلي، فنزل، فصلي معه، ثم سأله القاضي كمال الدين من أين هو، فقال: أنا قاضي مدينة كذا، فقال له كمال الدين: القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وهما أنا وأنت، وقاض في الجنة، وهو من لا يعرف أبواب هؤلاء الظلمة ولا يراهم، فلما كان من الغد .. أحضر السلطان القاضي كمال الدين إليه، فلما دخل عليه ورآه .. ضحك السلطان وقال: القضاة ثلاثة، فقال كمال الدين: نعم يا مولانا، فقال: والله صدقت، ما أسعد من لا يرانا ولا نراه، وكان قد آذى الخليفة المقتفي، وقبض عليه شهرا. وتوفي السلطان مسعود المذكور في سنة سبع وأربعين وخمس مائة. 2366 - [ابن طلاية العابد] (1) أحمد بن أبي غالب البغدادي الوراق العابد أبو العباس. زاره السلطان مسعود في مسجده، فتشاغل عنه بالصلاة، وما زاده على أن قال: يا مسعود؛ اعدل، وادع لي، الله أكبر، وأحرم بالصلاة، فبكى السلطان، وأبطل المكوس والضرائب. توفي سنة ثمان وأربعين وخمس مائة. 2367 - [ابن منير الطرابلسي] (2) أبو الحسين أحمد بن منير الطرابلسي، نسبة إلى أطرابلس، مدينة بساحل الشام قرب بعلبك، وقد تحذف الألف من أولها، فيقال: طرابلس.

(1) «المنتظم» (10/ 400)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 210)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 260)، و «العبر» (4/ 129)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 277)، و «مرآة الجنان» (3/ 286)، و «شذرات الذهب» (6/ 241). (2) «كتاب الروضتين» (1/ 293)، و «وفيات الأعيان» (1/ 156)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 223)، و «العبر» (4/ 130)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 193)، و «مرآة الجنان» (3/ 287)، و «البداية والنهاية» (12/ 742)، و «شذرات الذهب» (6/ 241).

2368 - [ابن القيسراني]

كان المذكور شاعرا مشهورا، فائق النظم، لكنه رافضي، هجّاء، وله ديوان، ومن شعره: [من الكامل] وإذا الكريم رأى الخمول نزيله … في نزله فالحزم أن يترحلا كالبدر لما أن تضاءل جدّ في … طلب الكمال فحازه متنقلا سفها بحلمك إن رضيت بمشرب … رنق ورزق الله قد ملأ الملا ساهمت عيسك مرّ عيشك قاعدا … أفلا فليت بهن ناصية الفلا فارق ترق كالسيف سلّ فبان في … متنيه ما أخفى القراب وأخملا لا تحسبن ذهاب نفسك ميتة … ما الموت إلا أن تعيش مذللا لا ترض من دنياك ما أدناك من … دنس وكن طيفا حلا ثم انجلا وصل الهجير بهجر قوم كلما … أمطرتهم شهدا جنوا لك حنظلا لله علمي بالزمان وأهله … ذنب الفضيلة عندهم أن تكملا طبعوا على لؤم الطباع فخيرهم … إن قلت قال وإن سكتّ تأولا أنا من إذا ما الدهر هم بخفضه … سامته همته السماك الأعزلا وكان بينه وبين ابن القيسراني الشاعر الآتي قريبا (1) معارضة كجرير والفرزدق في زمانيهما، وكانا مقيمين بحلب، ومتنافسين في صناعتهما كما هو عادة النظراء، وتوفيا جميعا في سنة ثمان وأربعين وخمس مائة. 2368 - [ابن القيسراني] (2) أبو عبد الله محمد بن نصر المخزومي الخالدي-قال ابن خلكان: (نسبة إلى خالد بن الوليد المخزومي رضي الله عنه كما يزعم أهل بيته وإن كان أكثر المؤرخين والنساب يقولون: إن خالد بن الوليد رضي الله عنه لم يتصل نسبه، بل انقطع منذ زمان) (3) - المعروف بابن القيسراني.

(1) ترجمة ابن القيسراني بعد هذه الترجمة. (2) «معجم الأدباء» (7/ 49)، و «وفيات الأعيان» (4/ 458)، و «العبر» (4/ 132)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 112)، و «مرآة الجنان» (3/ 287)، و «شذرات الذهب» (6/ 248). (3) «وفيات الأعيان» (4/ 461).

2369 - [أبو الفتح الكروخي]

كان شاعرا مجيدا أديبا، من شعره: [من البسيط] والله لو أنصف العشاق أنفسهم … فدوك فيها بما عزّوا وما صانوا ما أنت حين تغنّي في مجالسهم … إلا نسيم الصبا والقوم أغصان ومنه من قصيدة وكان كثير الإعجاب به: [من الطويل] وأهوى الذي أهوى له البدر ساجدا … ألست ترى في وجهه أثر الترب وله من قصيدة رائقة، وهو معنى بديع: [من البسيط] هذا الذي سلب العشاق نومهم … أما ترى عينه ملأى من الوسن وكان بينه وبين ابن المنير المتقدم قريبا منافسة في الصناعة، ومعارضات، وهجاء، وتوفيا جميعا في سنة ثمان وأربعين وخمس مائة. 2369 - [أبو الفتح الكروخي] (1) أبو الفتح عبد الملك بن عبد الله الكروخي الهروي، المشهور بالخير والصلاح. توفي سنة ثمان وأربعين وخمس مائة. 2370 - [أبو الحسن الحنفي] (2) أبو الحسن علي بن الحسن الحنفي الزاهد الواعظ. درس بالصادرية، وكان معرضا عن الدنيا، مفخما معظما في الدولة، وقام عليه الحنابلة؛ لأنه تكلم فيهم. توفي سنة ثمان وأربعين وخمس مائة.

(1) «المنتظم» (10/ 401)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 273)، و «العبر» (4/ 131)، و «مرآة الجنان» (3/ 288)، و «شذرات الذهب» (6/ 244). (2) «كتاب الروضتين» (1/ 292)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 276)، و «العبر» (4/ 131)، و «مرآة الجنان» (3/ 288)، و «الجواهر المضية» (2/ 560)، و «شذرات الذهب» (6/ 244).

2371 - [ابن سلار الكردي]

2371 - [ابن سلار الكردي] (1) علي بن السلار الكردي ثم المصري، الملقب بالملك العادل، وزير الظافر العبيدي صاحب مصر. وكان سنيا شافعيا، شجاعا مقداما شهما، مائلا إلى أرباب الفضل والصلاح. عمر بالقاهرة مساجد، ولكن كانت له سطوة قاهرة، وسيرة جائرة. يحكى أنه في ابتداء الأمر شكى إلى الموفق أبي الكرم بن معصوم حاله من غرامة لزمته بسبب الولاية، فقال له الموفق: والله إن كلامك لا يدخل في أذني، فحقد عليه، فلما ترقى إلى درجة الوزارة .. طلبه، فاختفى منه مدة، ثم ظفر به، فألقاه على جنبه، وطرح لوحا تحت أذنه، ثم ضرب بمسمار طويل في أذنه الأخرى، فكان كلما صرخ .. يقول: دخل كلامي في أذنك أم لا؟ ! ولم يزل كذلك حتى خرج المسمار من الأذن التي على اللوح، ثم عطف المسمار على اللوح، ويقال: إنه شنقه بعد ذلك. ثم إنه جهز عسكرا إلى الشام، فجعل عليه عباس بن أبي الفتوح مقدما، فكره المقدم فراق مصر وما هو عليه من الراحة وما يقاسيه في لقاء العدو، فرزق على العادل من قتله على فراشه في واقعة يطول ذكرها، وذلك في سنة ثمان وأربعين وخمس مائة. 2372 - [مسلّم العمراني] (2) مسلّم-أي: بضم الميم، وفتح السين، وتشديد اللام-ابن أسعد بن عثمان بن أسعد بن عبد الله العمراني، ابن عم الشيخ يحيى بن أبي الخير، صاحب «البيان». كان فقيها فاضلا، صالحا زاهدا، إماما حافظا، محبا لفعل الخير، وله كتب جليلة على يد القاضي طاهر بن يحيى. وتوفي في عشر الخمسين وخمس مائة.

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 206)، و «كتاب الروضتين» (1/ 292)، و «وفيات الأعيان» (3/ 416)، و «العبر» (4/ 131)، و «الوافي بالوفيات» (21/ 138)، و «مرآة الجنان» (3/ 288)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 299)، و «شذرات الذهب» (6/ 246). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 189)، و «السلوك» (1/ 338)، و «العطايا السنية» (ص 632)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 344)، و «تحفة الزمن» (1/ 267)، و «هجر العلم» (4/ 2067).

2373 - [أبو الفتح الشهرستاني]

2373 - [أبو الفتح الشهرستاني] (1) أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني المتكلم الأشعري. تفقه بأبي نصر القشيري، وأحمد الخوافي وغيرهما. وبرع في الفقه، وقرأ الكلام على أبي القاسم الأنصاري، وتفرد فيه، وسمع الحديث. وكتب عنه الحافظ أبو سعد عبد الكريم السمعاني. وكان إماما مبرزا، فقيها متكلما، صنف «نهاية الإقدام في علم الكلام» وكتاب «الملل والنحل» و «تلخيص الأقسام لمذهب الأنام» وكان كثير المحفوظ، حسن المحاورة. أقام ببغداد ثلاث سنين، فظهر له قبول كبير عند العوام. توفي سنة ثمان وأربعين وخمس مائة. 2374 - [أبو طاهر المروزي] (2) أبو طاهر محمد بن محمد المروزي الحافظ، خطيب مرو. تفقه على أبي المظفر السمعاني وغيره، وسمع جماعة. وكان ذا معرفة وفهم مع الثقة والفضل والتعفف. توفي سنة ثمان وأربعين وخمس مائة. 2375 - [أبو الفتح الكشميهني] (3) أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني المروزي، آخر من روى كتاب «البخاري» عن محمد بن أبي عمران.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 273)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 286)، و «العبر» (4/ 132)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 278)، و «مرآة الجنان» (3/ 289)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 128)، و «شذرات الذهب» (6/ 246). (2) «المنتظم» (10/ 402)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1312)، و «العبر» (4/ 132)، و «مرآة الجنان» (3/ 291)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 187)، و «شذرات الذهب» (6/ 247). (3) «سير أعلام النبلاء» (20/ 251)، و «العبر» (4/ 133)، و «مرآة الجنان» (3/ 291)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 124)، و «شذرات الذهب» (6/ 248).

2376 - [هبة الله الحاسب]

كذا في تاريخ اليافعي، وذكره فيمن توفي سنة ثمان وأربعين وخمس مائة (1). 2376 - [هبة الله الحاسب] (2) هبة الله بن الحسين بن أبي شريك الحاسب. كان حشويا مذموما. توفي سنة ثمان وأربعين وخمس مائة. 2377 - [محيي الدين النيسابوري] (3) محيي الدين الإمام العلامة محمد بن يحيى النيسابوري، شيخ الشافعية، وصاحب الغزالي. قصده الفقهاء من البلاد، وانتهت إليه رئاسة المذهب بخراسان، درس بنظامية نيسابور، ثم بمدينة هراة في المدرسة النظامية. ومن جملة مسموعاته ما سمعه الشيخ أحمد بن علي المعروف بابن عبدوس بقراءة الإمام أبي نصر عبد الرحيم بن القشيري في سنة ست وتسعين وأربع مائة، وحضر بعض فضلاء عصره، وسمع فوائده، وحسن إلقائه، فأنشده: [من الوافر] رفاة الدين والإسلام تحيى … فمحيي الدين مولانا ابن يحيى كأن الله ربّ العرش يلقي … عليه حين يلقي الدرس وحيا ودرس بنظامية بلده، واستفاد منه خلق كثير، وبرع علما وزهدا، وصنف كتاب «المحيط في شرح الوسيط» و «الانتصاف في مسائل الخلاف» وغير ذلك من الكتب، وكان له حظ في التذكير، واستمداد في سائر العلوم، أثنى عليه عبد الغافر الفارسي في «تاريخ نيسابور».

(1) انظر «مرآة الجنان» (3/ 291)، وكذا سنة وفاته في باقي المصادر. (2) «سير أعلام النبلاء» (20/ 257)، و «العبر» (4/ 134)، و «مرآة الجنان» (3/ 292)، و «شذرات الذهب» (6/ 250). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 203)، و «وفيات الأعيان» (4/ 223)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 312)، و «العبر» (4/ 133)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 197)، و «مرآة الجنان» (3/ 290)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 25)، و «شذرات الذهب» (6/ 249).

2378 - [أبو منصور العبيدي]

توفي شهيدا رحمه الله في شهر رمضان من سنة ثمان وأربعين وخمس مائة، قتله الغز لما استولوا على نيسابور، ورثاه جماعة من العلماء، ومنهم أبو الحسن علي بن أبي القاسم البيهقي، قال فيه: [من الكامل] يا سافكا دم عالم متبحر … قد طار في أقصى الممالك صيته بالله قل لي يا ظلوم ولا تخف … من كان محيي الدين كيف تميته 2378 - [أبو منصور العبيدي] (1) أبو منصور إسماعيل الملقب بالظافر بالله بن الحافظ لدين الله العبيدي، سلطان مصر. كان منهمكا في الملاهي والقصف، وكان يأنس إلى نصر بن عباس ولد وزيره، وكان نصر في غاية الجمال، فاتهم الناس الظافر باللعب به، فقال له أبوه: قد أتلفت عرضك بصحبة الظافر، وتحدث الناس فيكما، فاقتله حتى تسلم من هذه التهمة، فدس نصر على الظافر من قتله، وأخفى جثته، وأعلم أباه عباسا بذلك، فلما كان الصبح من ليلة قتله .. حضر عباس إلى باب القصر، وطلب الحضور عند الظافر لشغل مهم، وطلبه الخدم في المواضع التي عادته أن يبيت فيها، فلم يوجد، فقيل لعباس: ما نعلم أين هو؟ فنزل عن مركوبه، ودخل القصر بمن معه وقال للخدم: أخرجوا إلي أخوي مولانا، فأخرجوا له جبريل ويوسف ابني الحافظ، فسألهما عنه، فقالا: سل ولدك؛ فإنه أعلم به منا، فأمر بضرب رقابهما وقال: هذان قتلاه، ثم استدعى عيسى ولد الظافر وعمره خمس سنين، وقيل: سنتان، فحمله على كتفه، ووقف في صحن الدار، وأمر أن يدخل الأمراء، فدخلوا، فقال: هذا مولانا؛ فقد قتل عماه أباه، وقد قتلتهما كما ترون، فالواجب إخلاص الطاعة للطفل، فصاحوا صيحة واحدة اضطرب منها الطفل، فمال على كتف العباس، ولقبه: الفائز، وسيره إلى أمه، واختل الطفل من تلك الصيحة، فصار يفزع في كل وقت ويختلج، وخرج عباس إلى داره، ودبر الأمور، وانفرد بالتصرف، وذلك في سنة تسع وأربعين وخمس مائة.

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 212)، و «كتاب الروضتين» (1/ 309)، و «وفيات الأعيان» (1/ 237)، و «العبر» (4/ 136)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 151)، و «مرآة الجنان» (3/ 295)، و «شذرات الذهب» (6/ 251).

2379 - [عباس الوزير العبيدي]

والجامع الظافري الذي بالقاهرة داخل باب زويلة منسوب إليه، وهو الذي عمره، ووقف عليه شيئا كثيرا على ما يقال. 2379 - [عباس الوزير العبيدي] (1) عباس وزير الظافر صاحب مصر. وكان الظافر يأنس إلى نصر بن عباس، وكان نصر جميلا، فاتهم الناس الظافر باللعب به، فأشار عليه والده بقتل الظافر ليسلم من التهمة، فقتله كما تقدم قريبا في ترجمة الظافر (2)، واستقل عباس بالوزارة وتدبير الأمر، فكتب أهل القصر إلى طلائع بن رزّيك الملقب بالصالح واستنصروه، فجهز على عباس، ودخل القاهرة، وخرج عباس وولده وجماعة يسيرة من أتباعه ومعهم شيء من المال، وقصدوا طريق الشام، فكاتبت أخت الظافر فرنج عسقلان بسببه، وشرطت لهم مالا جزيلا إذا هم أمسكوه، فخرجوا عليه، فصادفوه وقاتلوه، فقتل عباس، وأخذ ماله وولده، وانهزم بعض أصحابه إلى الشام، وسيرت الفرنج نصر بن عباس القاتل للظافر محتاطا به في قفص حديد، فلما وصل القاهرة .. تسلم رسولهم المال المشروط، وأخذوا نصرا المذكور، ومثلوا به، ثم صلبوه على باب زويلة، ثم أحرقوه، وأظن أن ذلك سنة تسع وأربعين وخمس مائة، أو في التي بعدها، وسيأتي ذكره قريبا في سنة خمس وخمسين وأنه توفي فيها (3)، والله سبحانه أعلم. 2380 - [أبو البركات الفراوي] (4) أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل بن الفراوي النيسابوري. كان رأسا في معرفة الشروط، حدث «بمسند أبي عوانة». ومات من الجوع بنيسابور في فتنة الغز سنة تسع وأربعين وخمس مائة.

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 214)، و «كتاب الروضتين» (1/ 309)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 152)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 310). (2) في الترجمة التي قبل هذه. (3) الوزير عباس وابنه نصر قتلا سنة (549 هـ‍) أو في التي بعدها، وأما الذي ستأتي ترجمته في وفيات سنة (555 هـ‍) .. فهو الفائز بنصر الله ابن الظافر، انظر (4/ 187). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 203)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 227)، و «العبر» (4/ 136)، و «مرآة الجنان» (3/ 295)، و «شذرات الذهب» (6/ 252).

2381 - [أبو العشائر القيسي]

2381 - [أبو العشائر القيسي] (1) أبو العشائر محمد بن خليل القيسي الدمشقي. صحب الإمام نصر المقدسي. وتوفي سنة تسع وأربعين وخمس مائة. 2382 - [المبارك الأزجي] (2) أبو المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري الحافظ. توفي سنة تسع وأربعين وخمس مائة. 2383 - [عبد الله الحربي] (3) عبد الله بن علي بن إبراهيم أبو محمد الحربي. ولد سنة ثلاث وثمانين وأربع مائة. وتفقه بابن سنان، وابن وليد، وكان فقيها كبيرا، عارفا، نقالا للمذهب. يحكى أن الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني لما اعتذر من أصحابه عن التدريس لاشتغاله بتصنيف «البيان» .. أشار على صهره الفقيه عثمان بن أسعد العمراني بالقراءة على هذا الفقيه، فارتحل إليه، وأخذ عنه. وتفقه به جماعة أيضا، منهم عثمان بن إبراهيم الأبرهي وغيره. وكان سكناه بالشعبانية من جهة تعز. وتوفي سنة تسع وأربعين وخمس مائة (4).

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 294)، و «العبر» (4/ 137)، و «مرآة الجنان» (3/ 296)، و «شذرات الذهب» (6/ 254). (2) «المنتظم» (10/ 407)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 260)، و «العبر» (4/ 138)، و «مرآة الجنان» (3/ 296)، و «شذرات الذهب» (6/ 254). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 164)، و «السلوك» (1/ 302)، و «العطايا السنية» (ص 374)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 122)، و «تحفة الزمن» (1/ 226)، و «هجر العلم» (4/ 1865). (4) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 123)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (547 هـ‍).

2384 - [الحكيم المغربي]

2384 - [الحكيم المغربي] (1) الأديب أبو الحكم عبيد الله بن المظفر بن عبد الله بن محمد بن الباهلي الحكيم الأديب، المعروف بالمغربي. ولد باليمن سنة ست وثمانين وأربع مائة، ونشأ بالمرية من بلاد الأندلس، وأقام ببغداد مدة يعلم الصبيان. وكان ذا معرفة بالأدب والطب والهندسة، وله ديوان شعر جيد، الغالب عليه الخلاعة والمجون، وله مصنف سماه: «نهج الوضاعة لأهل المجون والخلاعة» ومقصورة هزلية ضاهى بها «مقصورة ابن دريد» يقول فيه: [من الرجز] وكل ملموم فلا بد له … من فرقة لو لزقوه بالغرى وله مرثية في عماد الدين زنكي بن آق سنقر الأتابك، خلط فيها الجد بالهزل. وسكن دمشق، وله فيها أخبار طريفة تدل على خفة روحه. قال ابن خلكان: (رأيت في ديوانه أن أبا الحسين أحمد بن منير الطرابلسي الشاعر كان عند الأمراء بني منقذ في قلعة شيزر، وكانوا مقبلين عليه، وكان بدمشق يومئذ شاعر يقال له: أبو الوحش، كان بينه وبين أبي الحكم المذكور مودة وألفة، فعزم أبو الوحش أن يتقدم إلى شيزر يمدح بني منقذ ويسترفدهم، فالتمس من أبي الحكم المذكور أن يكتب له كتابا إلى ابن المنير بالوصية له في مساعدة أبي الوحش، فكتب أبو الحكم يقول: [من المنسرح] أبا الحسين استمع مقال فتى … عوجل فيما يقول فارتجلا هذا أبو الوحش جاء ممتدح ال‍ … قوم فنوّه به إذا وصلا واتل عليهم بحسن شرحك ما … أتلوه من حديثه جملا وخبّر القوم أنه رجل … ما أبصر الناس مثله رجلا تنوب عن وصفه شمائله … لا يبتغي عاقل به بدلا وهو على خفة به أبدا … معترف أنه من الثقلا

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 123)، و «تاريخ الإسلام» (37/ 368)، و «نفح الطيب» (2/ 133)، و «شذرات الذهب» (6/ 252).

2385 - [عمر السلالي]

يمت بالثلب والرقاعة والس‍ … خف [وأما بما سواه فلا إن أنت فاتحته لتخبر ما … يصدر عنه فتحت منه خلا فسمه إن حلّ خطة الخسف] (1) … وال‍ هون ورحب به إذا رحلا وسقّه السم إن ظفرت به … وامزج له من لسانك العسلا قال: وله أشياء كثيرة مستملحة) (2). توفي سنة تسع وأربعين وخمس مائة. 2385 - [عمر السلالي] (3) عمر بن علي بن أسعد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم السلالي. تفقه أولا بالجبل على عبد الله بن عمير العريقي وغيره، ثم ارتحل إلى تهامة، فأكمل تفقهه بكمران على ابن عبدويه، فقرأ عليه «المهذب» و «أصول الفقه»، وعاد إلى بلده، وسكن ضراس، ودرس بها. وأخذ عنه عبد الله بن مسعود، وعبد الرحمن بن يحيى بن أحمد الخليدي، وأسعد بن إبراهيم بن مقبل وغيرهم. وكان فقيها عالما، مشهورا بالعلم والفضل، يقول شعرا حسنا، ومنه ما رثى به ابن شيخه عبد الله بن الإمام محمد بن الحسن بن عبدويه، وقد ذكرنا جملة منها في ترجمته في العشرين قبل هذه (4). توفي المذكور سنة تسع وأربعين وخمس مائة عن ثلاث وستين سنة، وسيأتي ذكر أخيه حسين في العشرين بعد هذه (5).

(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «وفيات الأعيان» (3/ 125). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 124). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 160)، و «السلوك» (1/ 288)، و «العطايا السنية» (ص 488)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 421)، و «تحفة الزمن» (1/ 214)، و «هجر العلم» (2/ 730) و (3/ 1207). (4) انظر (4/ 75). (5) انظر (4/ 238).

2386 - [أبو العباس الأقليشي]

2386 - [أبو العباس الأقليشي] (1) أبو العباس أحمد بن معد التجيبي الأندلسي الأقليشي. سمع أبا الوليد بن الدباغ وطائفة، وبمكة من الكروخي. وكان زاهدا عارفا متقنا، وله تواليف مفيدة، وشعر في الزهد. توفي سنة خمسين وخمس مائة. 2387 - [محمد بن ناصر السلامي] (2) أبو الفضل محمد بن ناصر البغدادي الحافظ، محدث العراق. برع في اللغة، ثم اعتنى بالحديث، وكان ثقة ثبتا، حسن الطريقة، متدينا متعففا، وقف كتبا، وخلف ثيابا خلقة وثلاثة دنانير. ومات سنة خمسين وخمس مائة ولم يعقب. 2388 - [أبو الكرم الشهرزوري] (3) أبو الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري البغدادي، شيخ المقرئين. قرأ القرآن على عبد السيد بن عتاب، وطائفة، وسمع من إسماعيل بن مسعدة وغيره، وأجاز له أبو الغنائم بن المأمون وطائفة، وقرأ عليه خلق كثير. وصنف «المصباح» في القراءات العشر، وانتهى إليه علو الإسناد، وكان صالحا خيرا. توفي سنة خمسين وخمس مائة.

(1) «العبر» (4/ 139)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 183)، و «مرآة الجنان» (3/ 296)، و «بغية الوعاة» (1/ 392)، و «نفح الطيب» (2/ 598)، و «شذرات الذهب» (6/ 255). (2) «المنتظم» (10/ 411)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 222)، و «وفيات الأعيان» (4/ 293)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1289)، و «العبر» (4/ 140)، و «مرآة الجنان» (3/ 296)، و «شذرات الذهب» (6/ 256). (3) «المنتظم» (10/ 412)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 982)، و «العبر» (4/ 141)، و «مرآة الجنان» (3/ 296)، و «شذرات الذهب» (6/ 258).

2389 - [محمد بن ناصر السلامي]

2389 - [محمد بن ناصر السلامي] (1) محمد بن ناصر الحافظ السلامي البغدادي حافظ بغداد. كان أديبا، كثير البحث عن الفوائد. روى عن الأئمة فأكثر. وأخذ عنه علماء عصره، وأكثر ابن الجوزي الراوية عنه. توفي سنة خمسين وخمس مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» (2)، وينظر أهو أبو الفضل المتقدم قريبا أو غيره؟ ! (3) 2390 - [عمرو ابن السري] (4) عمرو-بفتح العين-ابن عبد الله بن سليمان بن السري اليمني، من جبال اليمن، من ريمة المناخي. ولد سنة ثلاث وخمس مائة. وتفقه بالإمام يحيى بن أبي الخير العمراني، وكان فقيها ورعا زاهدا. سمع مع شيخه الحديث على الحافظ العرشاني. وتزوج بابنة شيخه العمراني، وماتت عنده نفاسا، فتزوج أختها، فحملت أيضا، فخشي عليها الموت، فرأى النبي صلّى الله عليه وسلم يبشره بخلاصها وأنها تلد ابنا، وأمره أن يسميه: محمد الجسيم، وتلد بعده ابنا آخر، فيسميه: إسماعيل. فقال ابن سمرة: (حصل في وجه هذا الفقيه بثر، فتخوف من ذلك، وقصد ذي جبلة ليعرضه على الطبيب، فلما بات بها .. رأى المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام،

(1) سبق ذكره قبل ترجمتين. (2) ترجم له اليافعي في هذه السنة مرتين، انظر «مرآة الجنان» (296/ 3، 297). (3) نعم، هو بعينه. (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 197)، و «السلوك» (1/ 342)، و «مرآة الجنان» (3/ 297)، و «العطايا السنية» (ص 491)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 464)، و «العقد الثمين» (6/ 309)، و «تحفة الزمن» (1/ 270)، و «طبقات الخواص» (ص 246).

2391 - [سليمان ابن السري]

فقال: يا روح الله؛ امسح لي على وجهي، وادع لي بالشفاء، ففعل المسيح ذلك، فلما استيقظ .. أمر يده على وجهه للوضوء، فلم يجد شيئا من البثور، فاستشعر بالعافية، وحمد الله، فلما أصبح .. رأى وجهه في المرآة، فلم ير به بأسا، ورأى عليه نورا ساطعا، فعاد إلى بلده قبل لقاء الطبيب) (1). وتوفي بمكة حاجا في سنة خمسين-وقيل: خمس كما في «الخزرجي» (2) -وخمس مائة. 2391 - [سليمان ابن السري] (3) سليمان بن عبد الله بن سليمان بن السري، أخو الفقيه عمرو. ولد سنة اثنتين وخمس مائة. وكان فقيها مقرئا زاهدا. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة أخيه. 2392 - [ابن سبأ اليامي] (4) الداعي أبو عمران محمد بن سبأ بن أبي السعود بن زريع بن العباس اليامي، صاحب عدن والدملوة. لما توفي أبوه في التاريخ المتقدم ذكره (5) .. استولى على الملك ولده علي الأغر بن سبأ، فخاف منه أخوه محمد المذكور، فهرب منه، ولاذ بالمنصور بن المفضل بن أبي البركات، فلم تطل مدة ولاية علي الأغر، بل توفي بالدملوة في سنة أربع وثلاثين، فكتب بلال بن جرير إلى مولاه محمد بن سبأ المذكور يعلمه بموت أخيه، ويأمره بالمبادرة إلى عدن، ويعده بالقيام معه بالنفس والمال، فلما وصله كتاب بلال .. خرج مع الهمدانيين

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 196). (2) أي: خمس وخمسين، انظر «طراز أعلام الزمن» (2/ 464). (3) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (532 هـ‍)، فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 109). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 168)، و «السلوك» (2/ 503)، و «بهجة الزمن» (ص 84)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 189)، و «تحفة الزمن» (2/ 458)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 216). (5) أي: في حوادث سنة (532 هـ‍)، انظر (4/ 136).

2393 - [أبو القاسم الصوفي]

من عند منصور بن المفضل إلى عدن، فلما صار بالقرب منها .. لقيه بلال المذكور لقاء حسنا، وترجل بين يديه، وسار معه إلى المنظر فأقعده فيه، ثم نزل، واستحلف له العساكر جميعا، ثم بعد أيام أمره بالتقدم إلى الدملوة ويحاصر أنيسا ويحيى العامل، ففعل ذلك، واستولى على الدملوة وعلى جميع ولاية أبيه ببركة بلال ويمنه، وزوجه بلال بابنته، وصرف في جهازها أموالا جليلة. وفي أول مدته قدم من مصر القاضي الرشيد أحمد بن الزبير الأسواني برسالة من صاحب مصر إلى علي الأغر بن الداعي سبأ بتقليد الدعوة له سنة أربع وثلاثين، فوجده قد مات، فقلد الدعوة أخاه محمدا المذكور، ونعته بالمعظم، ووصفه بالمتوج المكين، ونعت وزيره الشيخ بلال بن جرير بالشيخ السعيد، الموفق السديد. وكان الداعي محمد المذكور كريما عادلا، جوادا ممدحا، يثيب على المدح، ويكرم أهل الفضل، وربما قال البيت والبيتين. بلغ من جوده أنه أشاع لكل من بلغ بابه أن يكتب حاجته ويرفعها إليه، فكل رقعة تصل إليه بمال أو ثياب فإنه يطلق عليها خطه وعلامته كائنا ما كان. وفي سنة سبع وأربعين ابتاع الداعي محمد بن سبأ من الأمير منصور بن المفضل جميع ما تحت يده من المعاقل والحصون والمدن بمائة ألف دينار، وهي ثمانية وعشرون حصنا، ومن المدائن مدينة ذي جبلة، ونزل منصور بن المفضل إلى حصنيه صبر وتعز، وصعد الداعي إلى المخلاف، فسكن بذي جبلة، وتزوج بزوجة الأمير منصور بن المفضل، وهنأه الشعراء بالمعاقل والعقيلة. ولم يزل على ما ذكرناه من الولاية والكرم والفعل الحسن إلى أن توفي في سنة خمسين وخمس مائة، فخلفه ولده عمران الآتي ذكره قريبا إن شاء الله تعالى (1). 2393 - [أبو القاسم الصوفي] (2) أبو القاسم إسماعيل بن علي بن الحسين النيسابوري الأصبهاني، مسند أصبهان، الصوفي.

(1) انظر (4/ 216). (2) «سير أعلام النبلاء» (20/ 245)، و «العبر» (4/ 143)، و «مرآة الجنان» (3/ 298)، و «شذرات الذهب» (6/ 261).

2394 - [علي اليزدي]

توفي سنة إحدى وخمسين وخمس مائة وقد نيف على مائة سنة. 2394 - [علي اليزدي] (1) أبو الحسين علي بن محمد اليزدي الشافعي المقرئ الزاهد. برع في القراءات والمذهب، وصنف في القراءات والفقه والزهد، وكان رأسا في الزهد والورع. توفي سنة إحدى وخمسين وخمس مائة. 2395 - [عمر الجماعي] (2) عمر-بضم العين وفتح الميم-ابن إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن يوسف بن عبد الله بن علقمة الجماعي، من قوم يقال لهم: بنو جماعة-بضم الجيم-من خولان. تفقه بسالم الأشرقي، ثم ترافق هو والشيخ يحيى بن أبي الخير إلى احاظة، فأخذ عن الإمام زيد بن الحسن الفايشي «المهذب» وشيئا من الأصول واللغة ك‍ «غريب أبي عبيد» و «مختصر العين» للخوافي و «نظام الغريب» وغير ذلك، وأدرك الحسن بن أبي عباد، فأخذ عنه «مختصره»، ثم عاد هو والشيخ يحيى إلى ذي السفال، فقرأ عليه الشيخ يحيى «كافي الصفار» و «معتمد البندنيجي». وكان إماما عالما فاضلا، مشهورا بالصلاح وصحبة الخضر. وتوفي بقريته ذي السفال سنة إحدى وخمسين وخمس مائة، كذا في «الخزرجي» (3)، وسيأتي قريبا ترجمة أخرى وأنه مات سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة (4).

(1) «معرفة القراء الكبار» (2/ 1010)، و «العبر» (4/ 143)، و «مرآة الجنان» (3/ 298)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 211)، و «شذرات الذهب» (6/ 263). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 163)، و «السلوك» (1/ 290)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 400)، و «تحفة الزمن» (1/ 215)، و «هجر العلم» (2/ 768). (3) انظر «طراز أعلام الزمن» (2/ 400). (4) انظر (4/ 177).

2396 - [ابن الحوراني]

2396 - [ابن الحوراني] (1) الشيخ أبو البيان بن محفوظ القرشي الشافعي، اللغوي الدمشقي الصوفي، المعروف بابن الحوراني. كان أستاذا ملازما للحفظ والمطالعة، كثير العبادة والمراقبة، ملازما للسنة، صاحب أحوال ومقامات، وله تواليف وأذكار مسجوعة، وكان هو والشيخ رسلان شيخي دمشق في عصرهما. توفي أبو البيان المذكور سنة إحدى وخمسين وخمس مائة. 2397 - [سرور الفاتكي] (2) القائد سرور أبو محمد بن عبد الله الفاتكي. كان أوحد أهل عصره عقلا وكمالا، وجودا وإفضالا، وأصله من حبش يقال لهم: الجزل (3). قال عمارة: كان أول أمره أن منصور بن فاتك بن جياش لما قتل أنيسا الوزير، وابتاع من ورثته الحرة الصالحة علم، وأولدها ولدا اسمه: فاتك بن منصور بن فاتك بن جياش، وابتاعت الحرة لولدها من الحبشة وصفانا صغارا .. كان سرور هذا أحدهم، فتربى في حجر الحرة تربية صالحة، فلما شب .. ولته زمام المماليك، وجعلت إليه الرئاسة على كل من في القصر، ثم ولي العرافة على طائفة من الجند، فملكهم بالإحسان والصفح، ثم ترقت به الحال إلى أن أخرج إقبالا من الوزارة وصار مكانه. وكان شجاعا مقداما، لا تهوله الرجال، أصبح الشريف غانم بن يحيى السليماني والوزير مفلح في جموع كثيرة من العرب وغيرهم على قتال سرور وهو في جمع قليل جدا، فلقيهم، وهزمهم.

(1) «معجم الأدباء» (7/ 159)، و «كتاب الروضتين» (1/ 330)، و «العبر» (4/ 144)، و «مرآة الجنان» (3/ 298)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 318)، و «بغية الوعاة» (2/ 312)، و «شذرات الذهب» (6/ 265). (2) «السلوك» (2/ 511)، و «بهجة الزمن» (ص 113)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 462)، و «تحفة الزمن» (2/ 462). (3) في «السلوك» (2/ 511)، و «تحفة الزمن» (2/ 462): (أمحرة).

2398 - [الخطيب الحصكفي]

وكان كريما جوادا، متواضعا حليما، منقادا للشريعة، محبا للعلماء والفضلاء. ولم يزل على السيرة المرضية إلى أن قتل في مسجده بزبيد في الركعة الثانية من صلاة عصر يوم الجمعة ثاني عشر رجب من سنة إحدى وخمسين وخمس مائة، قتله رجل من أصحاب ابن مهدي، ثم قتل قاتله المذكور تلك العشية بعد أن قتل جماعة من الناس، ثم تنافس القواد وأعيان الدولة على موضعه، واشتغلوا عن تدبير الملك وتحصين بيضته، فلم يلبثوا بعده إلا يسيرا حتى أزالهم علي بن مهدي، وملك زبيد، فسبحان من لا يحول ولا يزول ملكه! 2398 - [الخطيب الحصكفي] (1) يحيى بن سلامة الخطيب أبو الفضل. كان علامة زمانه، ومعرّيّ العصر في نظمه ونثره، ومن نظمه المحمود: [من البسيط] أشكو إلى الله من نارين واحدة … في وجنتيه وأخرى منه في كبدي ومن سقامين سقم قد أحل دمي … من الجفون وسقم حل في جسدي ومن نمومين دمعي حين أذكره … يذيع سري وواش منه بالرّصد ومن ضعيفين صبري حين أذكره … وودّه ويراه الناس طوع يدي وكان قد اشتغل بالأدب وبرع فيه، ثم اشتغل بالفقه على مذهب الإمام الشافعي، وأجاز فيه، وتولى الخطابة في فارقين، وتصدر للفتوى بها، واشتغل عليه الناس، وانتفعوا به. ولم يزل على رئاسته وجلالته وإفادته إلى أن توفي سنة إحدى وخمسين وخمس مائة كما في «تاريخ اليافعي» (2) وقيل: في سنة ثلاث وخمسين (3)، والله أعلم.

(1) «المنتظم» (10/ 433)، و «معجم الأدباء» (7/ 246)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 255)، و «وفيات الأعيان» (6/ 205)، و «مرآة الجنان» (3/ 298)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 330)، و «شذرات الذهب» (6/ 279). (2) انظر «مرآة الجنان» (3/ 298). (3) هما قولان في تاريخ وفاته، انظر «وفيات الأعيان» (6/ 210).

2399 - [سنجر السلجوقي]

2399 - [سنجر السلجوقي] (1) سنجر الملقب بالسلطان الأعظم بن السلطان ملك شاه السلجوقي، صاحب خراسان، وأحد ملوك الدهر. خطب له بالعراق وأرمينية وأذربيجان والشام والموصل وديار بكر وربيعة والجزيرة والحرمين وخراسان وغير ذلك. وكان وقورا مهابا، ذا حياء وكرم وشفقة على الرعية، ومع كرمه المفرط كان أكثر الناس مالا، يقال: اجتمع في خزائنه من الجوهر ألف وثلاثون رطلا. قال اليافعي: (وهذا ما لا يملكه خليفة ولا ملك فيما نعلم) (2). ولما خرجت الغز على أهل خراسان في سنة ثمان وأربعين وخمس مائة .. أسروا سنجر المذكور، وبقي في أيديهم-فيما أظن-إلى أن مات سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة (3). 2400 - [عبد الملك اليحصبي] (4) أبو مروان عبد الملك بن مسرّة اليحصبي ثم القرطبي، أحد الأعلام. جمع الحديث والفقه مع الأدب البارع والدين والورع والتواضع. توفي سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة. 2401 - [عثمان البيكندي] (5) عثمان بن علي البيكندي، قال اليافعي: (بالموحدة، ثم المثناة، ثم النون بين الكاف والدال المهملة على ما ضبطه بعضهم) (6).

(1) «المنتظم» (10/ 428)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 240)، و «كتاب الروضتين» (1/ 359)، و «وفيات الأعيان» (2/ 427)، و «العبر» (4/ 147)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 471)، و «مرآة الجنان» (3/ 300)، و «شذرات الذهب» (6/ 268). (2) «مرآة الجنان» (3/ 300). (3) في مصادر ترجمته: أنه تخلص منهم وعاد إلى السلطنة، ثم مات من القولنج. (4) «كتاب الصلة» (2/ 366)، و «بغية الملتمس» (ص 382)، و «تاريخ الإسلام» (38/ 89)، و «العبر» (4/ 148)، و «مرآة الجنان» (3/ 300)، و «شذرات الذهب» (6/ 269). (5) «سير أعلام النبلاء» (20/ 336)، و «العبر» (4/ 149)، و «مرآة الجنان» (3/ 300)، و «شذرات الذهب» (6/ 269). (6) «مرآة الجنان» (3/ 300).

2402 - [ابن عبد اللطيف الخجندي]

كان عالما ورعا، عابدا متعففا. توفي سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة. 2402 - [ابن عبد اللطيف الخجندي] (1) محمد بن عبد اللطيف الخجندي-بالخاء المعجمة، والدال المهملة بينهما جيم ونون- رئيس أصبهان وعالمها. قال ابن السمعاني: كان صدر العراق في زمانه على الإطلاق، إماما مناظرا، جوادا مهيبا. كان السلطان محمود يصدر عن رأيه، وكان بالوزراء أشبه منه بالعلماء. درس بنظامية بغداد، وكان يعظ وحوله السيوف. مات فجأة بقرية بين همذان والكرخ سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة. 2403 - [ابن خميس الجهني] (2) أبو عبد الله الحسين بن نصر الموصلي الجهني-نسبة إلى جهينة القبيلة المعروفة- المعروف بابن خميس، وخميس جده الأعلى. أخذ عن الإمام الغزالي وغيره، وولي القضاء برحبة مالك بن طوق، وصنف كتبا، منها «مناقب الأبرار» قال ابن خلكان: (على أسلوب «رسالة القشيري») (3). قال الشيخ اليافعي: (وليس فيها مما يناسب «الرسالة» سوى قوله: «ومنهم، ومنهم» فحسب، وليس فيه ما فيها من العقائد والآداب، وذكر المقامات والأحوال وأسمائها، واصطلاحات مشايخ الصوفية في ذلك، وغير ذلك مما في «الرسالة») (4).

(1) «المنتظم» (10/ 429)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 245)، و «العبر» (4/ 149)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 284)، و «مرآة الجنان» (3/ 300)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 655)، و «شذرات الذهب» (6/ 270). (2) «وفيات الأعيان» (2/ 139)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 291)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 78)، و «مرآة الجنان» (3/ 302)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 81)، و «شذرات الذهب» (6/ 269). (3) «وفيات الأعيان» (2/ 139). (4) «مرآة الجنان» (3/ 303).

2404 - [سليمان بن الفضل القاضي]

سكن في قرية من الموصل تجاور القرية التي فيها العين المعروفة بعين القيارة التي ينفع الاستحمام بها من الفالج والرياح الباردة، وهي مشهورة في بر الموصل. توفي سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة. 2404 - [سليمان بن الفضل القاضي] (1) سليمان بن الفضل القاضي، أحد الأئمة المشهورين، والعلماء المذكورين. ولي القضاء الأكبر في اليمن من صنعاء إلى عدن. قال الجندي: (عده عمارة في كتابه، وأثنى عليه وقال: قال عبد الله بن محمد القاضي: سليمان بن الفضل شيخ اللغة، وصدر الشريعة، وجمال الخطباء، وتاج الأدباء، قال: وظني-والله أعلم-أنه ولي بعد القاضي أبي بكر. وكان له شعر رائق ومنه: [من الخفيف] شئتم بالوصال ترك الوصال … واعتمدتم قطيعتي وملالي واستعضتم من التداني بعادا … وصدودا يزيد في بلبالي ليس من شيمة الوفا أن تلحوا … في التجني فيشتفي عذالي قال عمارة: ولي الحكم في عدن) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا بعد سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة اعتمادا على ما ظنه الجندي: أن ولايته القضاء كانت بعد القاضي أبي بكر اليافعي الجندي، والله سبحانه أعلم. 2405 - [عمر الجماعي] (3) عمر بن إسماعيل بن يوسف اليمني الفقيه الفاضل، الورع الزاهد. أخذ عن الإمام زيد بن الحسن «المهذب» وأصول الفقه، وكان رفيق الإمام يحيى بن

(1) «السلوك» (1/ 465)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 488)، و «تحفة الزمن» (1/ 378)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 96). (2) «السلوك» (1/ 465). (3) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (551 هـ‍)، فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 172).

2406 - [أبو الوقت السجزي]

أبي الخير في رحلتهما إلى وحاظة، ورويا عنه «غريب الحديث» لأبي عبيد، و «مختصر العين» للخوافي، وغير ذلك. وكان إماما فاضلا، أخذ عنه الإمام يحيى بن أبي الخير «كافي الصفار» في النحو، و «الجمل» للزجاجي، وأخذ عنه محمد بن موسى العمراني «الناسخ والمنسوخ» لأبي جعفر الصفار. وتوفي سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة، وقد سبق عن الخزرجي أنه توفي سنة إحدى وخمسين وخمس مائة. 2406 - [أبو الوقت السجزي] (1) أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي ثم الهروي، الصوفي الزاهد، مسند الدنيا. كان مكثر الحديث، عالي الإسناد، طالت مدته، فألحق الأصاغر بالأكابر. سمع «صحيح البخاري» و «مسند الدارمي» و «عبد بن حميد» من جمال الإسلام الداودي في سنة خمس وستين وأربع مائة، وهو آخر من روى عن الداودي في الدنيا، وسمع من محمد بن أبي مسعود الفارسي، ومن أبي عاصم الفضيلي وغيرهما. وصحب شيخ الإسلام الأنصاري، ودخل بغداد، فازدحم عليه الخلق. وكان خيرا، متواضعا، حسن السمت، متين الديانة. ولد بهراة في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وأربع مائة. وتوفي ببغداد في ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة، وتقدم الناس في الصلاة عليه الشيخ محيي الدين عبد القادر الجيلاني نفع الله به، ودفن في الشونيزية في الدكة التي فيها الشيخ رويم نفع الله بهم أجمعين.

(1) «المنتظم» (10/ 432)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 255)، و «كتاب الروضتين» (1/ 381)، و «وفيات الأعيان» (3/ 226)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 303)، و «العبر» (4/ 151)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 10)، و «مرآة الجنان» (3/ 304).

2407 - [كوتاه الأصبهاني]

2407 - [كوتاه الأصبهاني] (1) أبو مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد الأصبهاني الحافظ المعروف بكوتاه، أوحد وقته في علمه مع حسن طريقته وتواضعه. كان ذا عفة وقناعة، وإكرام للغرباء، حسن الحفظ، جيد المعرفة. توفي سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة. أثنى عليه ابن السمعاني وابن عساكر، ووصفه بالحفظ والإتقان (2). 2408 - [أبو حفص الصفار] (3) أبو حفص عمر بن أحمد النيسابوري الصفار الإمام العلامة. كان من كبار الشافعية، يذكر مع الإمام محمد بن يحيى، ويزيد عليه بالأصول، جامع لأنواع العلوم الشرعية، سديد السيرة. مات يوم عيد الأضحى من سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة. 2409 - [عبد الله بن عمر الحجري] (4) عبد الله بن عمر بن الفقيه يحيى بن عبد العليم. تفقه بابن عم أبيه يحيى. وكان فقيها زاهدا ورعا. قال ابن سمرة: (قتله أهل الفساد في قريتهم حجرة-بضم الحاء المهملة، وفتح الجيم

(1) «الأنساب» (2/ 108)، و «المنتظم» (10/ 432)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1314)، و «العبر» (4/ 152)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 50)، و «مرآة الجنان» (3/ 304)، و «شذرات الذهب» (6/ 277). (2) انظر «الأنساب» (2/ 107). (3) «سير أعلام النبلاء» (20/ 337)، و «العبر» (4/ 153)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 419)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 240)، و «شذرات الذهب» (6/ 278). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 172)، و «السلوك» (1/ 330)، و «تحفة الزمن» (1/ 253)، و «هجر العلم» (1/ 444).

2410 - [عبد الله بن محمد الحجري]

والراء، وآخره هاء-قرية بخدير الأعلى-بفتح الخاء المعجمة، وكسر الدال، وسكون المثناة تحت، ثم راء-في سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة) (1). 2410 - [عبد الله بن محمد الحجري] (2) عبد الله بن محمد بن يحيى بن عبد العليم (3). كان فقيها، عالما عاملا، زاهدا صالحا. قتله أهل الفساد في قريته سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة. 2411 - [عبد الله بن يحيى الصعبي] (4) عبد الله بن يحيى بن أبي الهيثم بن عبد السميع الصعبي ثم العنسي-بالنون-نسبة إلى القبيلة المعروفة: عنس بن مذحج، وكان يعرف بعبيد، على طريق التصغير. تفقه بمحمد بن مسلم الصعبي، ثم باليفاعي، فلما هاجر اليفاعي إلى مكة .. ارتحل الفقيه عبد الله المذكور هو والزبراني إلى الإمام محمد بن عبدويه المهروباني. وكان عالما عاملا، إماما كبيرا. أثنى عليه الإمام يحيى بن أبي الخير فقال: عبد الله بن يحيى شيخ الشيوخ. وانتفع به خلق كثير، وصاروا أئمة فقهاء كأبي السعود بن جبران-بالجيم والموحدة- ومحمد بن أحمد بن علقمة، وسعيد بن عبد الله اليحيوي وغيرهم، وإليه انتهى رئاسة التدريس. وصنف «الإيضاح» في أصول الدين و «التعريف» في الفقه، و «احتراز المهذب» وغير ذلك.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 172). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 157). (3) لم نجده في غير «طراز أعلام الزمن»، وفي هامش (ت): (هكذا في مسودة المصنف بخطه، ويحتمل أنه الذي قبله، وحصل الغلط في تسمية الأب، ويحتمل أنه غيره، وأنهما أبناء عم، والله أعلم). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 161)، و «السلوك» (1/ 289)، و «مرآة الجنان» (3/ 306)، و «العطايا السنية» (ص 373)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 140)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 161)، و «تحفة الزمن» (1/ 214)، و «طبقات الخواص» (ص 189)، و «شذرات الذهب» (6/ 276).

2412 - [فاتك بن محمد]

وكان صاحب كرامات ظاهرة، يروى أنه لما نهب الأملوك سهفنة، وفتكوا فيها .. لقي الفقيه جماعة من جهلتهم، فضربوه بسيوفهم، فلم تقطع فيه شيئا، فقيل: إنه كان يقرأ (يس)، والمشهور أنه كان يقرأ آيات الحفظ، وهي قوله تعالى: {وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، } {فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ، } {وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ، } {وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ، } {وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، } {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ، } {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ* إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ* وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ* ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعّالٌ لِما يُرِيدُ} إلى آخر السورة، وأنه أخذ ذلك من ورقة وجدها معلقة في عنق شاة يلاعبها الذئب وتلاعبه، ولا يضرها. توفي المذكور سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة عن ثمان وسبعين سنة، وكان يقول لأصحابه: إن بلغت الثمانين .. عملت لكم شكرانة، فمات قبل ذلك. 2412 - [فاتك بن محمد] (1) فاتك بن محمد بن منصور بن فاتك بن جياش، صاحب تهامة. ولي تهامة بعد موت عمه فاتك بن منصور بن فاتك بن جياش في سنة إحدى وثلاثين. ولم يزل واليا إلى أن قتله عبيده في مدة حصار علي بن مهدي لزبيد في سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة، وبه انقضت ولاية الأحبوش موالي بني زياد بتهامة، ثم ملك تهامة ابن مهدي في رجب من سنة أربع وخمسين وخمس مائة، فسبحان من لا يزول ملكه! 2413 - [الخشاب المقدسي] (2) علي بن عساكر المقدسي ثم الدمشقي الخشاب. صحب الفقيه نصر المقدسي. وتوفي سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة.

(1) «السلوك» (2/ 511)، و «بهجة الزمن» (ص 96)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 9)، و «تحفة الزمن» (2/ 462). (2) «سير أعلام النبلاء» (20/ 355)، و «العبر» (4/ 152)، و «مرآة الجنان» (3/ 304)، و «شذرات الذهب» (6/ 278).

2414 - [ابن التعاويذي]

2414 - [ابن التعاويذي] (1) محمد بن عبيد الله الكاتب الشاعر المشهور، المعروف بابن التعاويذي، نسبة إلى بيع التعاويذ-بالذال المعجمة-وهي الحروز. وله ديوان شعر، كان ابن البلدي وزير بغداد عاقب أرباب الولايات وصادرهم، فعمل المذكور أبياتا في ذلك، منها: [من الكامل] يا قاصدا بغداد جز عن بلدة … للجور فيها زخرة وعباب إن كنت طالب حاجة فارجع فقد … سدت على الراجي لها الأبواب ليست وما بعد الزمان كعهدها … أيام يعمر ربعها الطلاب ويحلها الرؤساء من ساداتها … والجلة الأدباء والكتاب والدهر في أولى حداثته ولل‍ … أيام فيها نضرة وشباب والفضل في سوق الكرام يباع بال‍ … غالي من الأثمان والآداب بادت وأهلوها معا فبيوتهم … ببقاء مولانا الوزير خراب وكان باسمه راتب في أيام الناصر لدين الله، فالتمس أن ينقل باسم أولاده، ولما عمي .. سأل أن يجدد له راتب مدة حياته، فكان يواصل بشيء من الخشكار الرديء، فكتب أبياتا إلى صاحب المخزن الملقب بفخر الدين، ومن جملتها: [من الكامل] حاشاك ترضى أن تكون جرايتي … كجراية البواب والنفّاط سوداء مثل الليل سعر قفيزها … ما بين طسوج إلى قيراط توفي سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة، قال الشيخ عبد الله اليافعي: (وذكره بعضهم في سنة أربع وثمانين وخمس مائة) (2).

(1) «كتاب الروضتين» (3/ 426)، و «وفيات الأعيان» (4/ 466)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 175)، و «العبر» (4/ 253)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 11)، و «مرآة الجنان» (304/ 3، 429)، و «شذرات الذهب» (6/ 462). (2) «مرآة الجنان» (3/ 304)، وفي «الروضتين» (3/ 426): توفي سنة (583 هـ‍)، وذكره اليافعي في وفيات سنة (553 هـ‍) وفي وفيات سنة (584 هـ‍)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (584 هـ‍).

2415 - [أبو جعفر العباسي]

2415 - [أبو جعفر العباسي] (1) أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي أبو جعفر، نقيب الهاشميين. حدث ببغداد وأصبهان. وكان صالحا، متواضعا فاضلا، مسندا. توفي سنة أربع وخمسين وخمس مائة. 2416 - [أبو زيد الحموي] (2) أبو زيد جعفر بن زيد الشامي الحموي، مؤلف «رسالة البرهان». كان صالحا عابدا، صاحب سنة وحديث. وتوفي سنة أربع وخمسين وخمس مائة. 2417 - [الحسن بن جعفر العباسي] (3) الحسن بن جعفر ابن المتوكل العباسي. كان أديبا شاعرا، صالحا. توفي سنة أربع وخمسين وخمس مائة. 2418 - [الملك علي بن مهدي] (4) أبو الحسن علي بن مهدي بن محمد بن علي بن داود بن محمد بن عبد الله بن ميمون الحميري ثم الرعيني.

(1) «المنتظم» (10/ 554)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 331)، و «العبر» (4/ 155)، و «مرآة الجنان» (3/ 307)، و «العقد الثمين» (3/ 148)، و «شذرات الذهب» (6/ 283). (2) «المنتظم» (10/ 441)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 340)، و «العبر» (4/ 155)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 105)، و «مرآة الجنان» (3/ 307)، و «شذرات الذهب» (6/ 285). (3) «المنتظم» (10/ 441)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 387)، و «العبر» (4/ 155)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 414)، و «مرآة الجنان» (3/ 307)، و «شذرات الذهب» (6/ 285). (4) «السلوك» (2/ 515)، و «بهجة الزمن» (ص 118)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 321)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 247)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 280)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 360)، و «تحفة الزمن» (2/ 464).

كان أبوه رجلا صالحا، سليم الصدر، ونشأ ولده هذا على طريق التصوف من العزلة وإظهار العبادة، ولم يزل من سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة كلما دخلت أشهر الحج .. يحج على نجيب له إلى سنة ست وثلاثين وخمس مائة، فكان يلقى علماء العراق والوعاظ، فيباحثهم في علومهم، ويتضلع من معارفهم، فأظهر الوعظ والتحذير من صحبة الملوك وحراستهم، وكان يتحدث في أحوال المستقبلات فيصدق، وكان ذلك من أقوى عدده في استمالة قلوب الغوغاء، وظهر أمره في سواحل وادي زبيد كالأهواب والقضيب والفازة والعنبرة وواسط، وكان يتنقل في هذه الأماكن، ويكثر الوعظ، وكان سريع الدمعة غزيرها، فظهر أمره في سنة إحدى وثلاثين، وشهر بالصلاح والمكاشفة، فثبت له بذلك عند الحرة علم أم فاتك بن منصور مكانة، فأطلقت له خراج أرضه وأراضي أقاربه وأصحابه ومن يلوذ به، فلم تكن هنيهة حتى قد أثروا، واتسعت بهم الحال، وركبوا الخيل، فكانوا كما قال المتنبي: [من الكامل] فكأنما نتجت قياما تحتهم … وكأنما ولدوا على صهواتها ثم أتاه قوم من أهل الجبال، فحالفوه على الدخول في طاعته، والنصرة له، والقيام معه، فقصد بهم مدينة الكدراء في أربعين ألفا، فلقيهم صاحبها يومئذ القائد إسحاق بن مرزوق السحرتي فيمن معه، فهزم ابن مهدي، وقتل طائفة من أصحابه، فارتفع ابن مهدي إلى الجبال، وذلك في سنة ثمان وثلاثين، وأقام بها إلى سنة إحدى وأربعين، ثم كاتب الحرة علم أم فاتك بن منصور في ذمة له ولمن معه، ففعلت على كره من أهل دولتها وفقهاء عصرها؛ ليقضي الله أمرا كان مفعولا، فعاد إلى وطنه، واستغل أملاكه عدة سنين وهي مطلقة من الخراج حتى اجتمع عنده مال جزيل، وكان يقول في وعظه: (أيها الناس؛ أزف الأمر، ودنا الوقت، كأنكم بما أقول لكم وقد شاهدتموه عيانا)، فلما توفيت الحرة علم في سنة خمس وأربعين .. بايعه أصحابه مرة ثانية على الجهاد بين يديه لأهل المنكر وهم الأحبوش ومن عاضدهم من العرب، وأكثرهم الأشاعر، وأمرهم بقتل من خالفه وإن كان من قومه أو قومهم، فلما انتظمت البيعة له .. قام فيهم خطيبا، فقال في أثناء خطبته: (والله ما جعل فناء الحبشة إلا بي وبكم، وعما قليل إن شاء الله فسوف تعلمون-والله العظيم رب موسى وهارون ورب إبراهيم-أني عليهم ريح عاد وصيحة ثمود، وأني أحدثكم فلا أكذبكم، وأعدكم فلا أخلفكم، ولئن كنتم أصحبتهم اليوم قليلا .. لتكثرن، وضعفاء .. لتشرفن، وأذلاء .. لتعزن حتى تصيروا مثلا في العرب والعجم؛ ليجزي الذين أساءوا بما

عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، فالأناة الأناة، فو حقّ الله العظيم على كل مؤمن موحد لأخدمنّكم بنات الحبشة وإخوانهم، ولأخولنكم أموالهم وأولادهم، ثم قرأ: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} الآية)، ثم ارتفع إلى الجبال إلى الداشر من بلاد خولان، ثم منه إلى حصن الشرف، وهو لبني خيوان من خولان، فسماهم الأنصار، وسمى من صعد معه من تهامة المهاجرين، ثم ساء ظنه بكل أحد ممن هو في صحبته؛ خوفا منهم، فاحتجب منهم، وأقام لأنصاره سبأ بن محمد [وأقام للمهاجرين رجلا من العمرانيين يسمى] التويتي (1) ونقبهما على الطائفتين، ولقب كل واحد منهما بشيخ الإسلام، فلا يخاطبه ولا يصل إليه أحد غيرهما، وربما احتجب فلا يرونه، ولم يزل يغادي الغارات على تهامة ويراوحها حتى أخرب الحراز المضاهية للجبال، والحبشة تبعث منها الجيوش، وتجرد العساكر في طلبه، فلا يغنون شيئا، فلم يزل ذلك دأبه إلى أن أخرب جميع الوادي، وبطل الحرث والعمارة في مدته، وانقطعت القوافل، وأمر أصحابه بسوق الأنعام والرقيق، وما عجز عقروه، ففعلوا من ذلك ما أرعب وأرهب، ثم دبر على قتل القائد سرور الفاتكي، فلم يزل يرصده حتى قتله في تاريخه المتقدم سنة إحدى وخمسين، فاشتغل رؤساء الحبشة بعده بالتنافس والتحاسد، ثم زحف ابن مهدي في جموعه على مدينة زبيد في جيوش لا تحصى، فصبر أهل زبيد على القتال والحصار ما لم يصبره غيرهم، حتى أكلوا الميتة من شدة الجهد والبلاء، وكان بينهم وبين ابن مهدي اثنين وسبعين زحفا، يقتل في كل زحف من عسكره كما يقتل منهم، واستنجد أهل زبيد بالإمام أحمد بن سليمان الهدوي صاحب صعدة، وشرطوا له أن يملكوه، فقال لهم الشريف: إن قتلتم مولاكم فاتكا .. نصرتكم على عدوكم، فوثب عبيد فاتك بن منصور على مولاهم، فقتلوه في سنة ثلاث وخمسين كما تقدم (2)، فأقام الشريف بزبيد ستة أيام، ثم رجع إلى بلده، وعجز عن نصرتهم، فاشتد الحصار، وضاق عليهم الأمر، وكثرت جيوش ابن مهدي، فأحاطوا بالمدينة من كل جانب حتى دخلها قهرا، وذلك في يوم الجمعة رابع عشر رجب من السنة المذكورة، فأقام بها بقية رجب وشعبان ورمضان، وتوفي سادس شهر شوال من سنة أربع وخمسين وخمس مائة، ودفن في الموضع المعروف بالمشهد، وكان قد عينه لولده، وأمره أن يجعله جامعا نظيرا لما فعلته الحرة بنت أحمد الصليحية بذي جبلة، ففعل ابنه جميع

(1) بياض في الأصول، والزيادة من «طراز أعلام الزمن» (2/ 362). (2) انظر (4/ 181).

2419 - [محمد شاه السلجوقي]

ما أوصى به أبوه مسجدا كبيرا تصلى فيه الجمعة، ثم خرب، وجعل إصطبلا لبعض الملوك. وكان علي بن مهدي من كمل الرجال، صبيحا، فصيحا، حسن الصوت، طيب النغمة، حلو الإيراد، غزير المحفوظات، قائما بالوعظ والتفسير وطريق التصوف، وهو الذي ذكره ابن خمرطاش في مقصورته المشهورة حيث يقول: [من الرجز] فقام فينا قائم من يعرب … لم يك بالنكس ولا الحبس الدوي وهي قصيدة طويلة، مدحه فيها بأتم المدح. ولابن مهدي شعر فصيح بليغ. 2419 - [محمد شاه السلجوقي] (1) السلطان محمد شاه بن السلطان محمود بن ملك شاه السلجوقي. كان كريما عاقلا. توفي سنة أربع وخمسين وخمس مائة. 2420 - [العميد بن القلانسي] (2) العميد بن القلانسي حمزة بن أسد التميمي الدمشقي. توفي سنة خمس وخمسين وخمس مائة. 2421 - [أبو جعفر الثقفي] (3) أبو جعفر عبد الواحد بن أحمد الثقفي قاضي العراق.

(1) «المنتظم» (10/ 441)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 265)، و «وفيات الأعيان» (5/ 183)، و «العبر» (4/ 155)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 8)، و «مرآة الجنان» (3/ 308)، و «شذرات الذهب» (6/ 287). (2) «معجم الأدباء» (4/ 164)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 388)، و «العبر» (4/ 156)، و «مرآة الجنان» (3/ 308)، و «شذرات الذهب» (6/ 290). (3) «المنتظم» (10/ 449)، و «تاريخ الإسلام» (38/ 164)، و «العبر» (4/ 157)، و «مرآة الجنان» (3/ 308)، و «شذرات الذهب» (6/ 291).

2422 - [السلطان خسرو شاه]

ولاه المقتفي قضاء القضاة. وتوفي سنة خمس وخمسين وخمس مائة. 2422 - [السلطان خسرو شاه] (1) السلطان خسرو شاه، سلطان غزنة. تملك بعد أبيه بهرام شاه. وتوفي سنة خمس وخمسين وخمس مائة. 2423 - [الفائز العبيدي] (2) أبو القاسم عيسى الملقب بالفائز بنصر الله بن الظافر العبيدي، صاحب مصر. أقيم بعد قتل أبيه وهو ابن خمس سنين أو سنتين كما تقدم قريبا في ترجمة أبيه (3). وتوفي الفائز المذكور سنة خمس وخمسين وخمس مائة، وأقيم بعده العاضد. 2424 - [الخليفة المقتفي لأمر الله] (4) الخليفة المقتفي لأمر الله محمد بن المستظهر بالله بن المقتدي بالله العباسي. كان عالما فاضلا، لبيبا حليما، شجاعا مهيبا، كامل السؤدد، خليقا للخلافة، لا يجري في دولته أمر وإن صغر إلا بتوقيعه. ولي خمسا وعشرين سنة، وجدد باب الكعبة، واتخذ لنفسه تابوتا من الباب القديم دفن فيه.

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 275)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 389)، و «العبر» (4/ 157)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 316)، و «مرآة الجنان» (3/ 308)، و «شذرات الذهب» (6/ 291). (2) «المنتظم» (10/ 449)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 270)، و «كتاب الروضتين» (1/ 389)، و «وفيات الأعيان» (3/ 491)، و «العبر» (4/ 156)، و «مرآة الجنان» (3/ 308)، و «شذرات الذهب» (6/ 290). (3) انظر (4/ 163). (4) «المنتظم» (10/ 449)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 270)، و «كتاب الروضتين» (1/ 389)، و «العبر» (4/ 156)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 94)، و «مرآة الجنان» (3/ 310)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 516)، و «شذرات الذهب» (6/ 288).

2425 - [محمد بن سعيد العدني]

وزر له علي بن طراد، ثم أبو نصر بن جهير، ثم علي بن صدقة، ثم ابن هبيرة، وحجبه أبو المعالي بن الصاحب، وجماعة بعده. وتوفي سنة خمس وخمسين وخمس مائة، وعقدت البيعة بعده لولده المستنجد بالله. 2425 - [محمد بن سعيد العدني] (1) محمد بن سعيد بن محمد. كان فقيها فاضلا، خيرا، عالما حافظا. كان يسكن العدن-بفتح العين والدال المهملتين، وآخره نون-موضع ببلد صهبان. وحج، وتوفي في رجوعه من الحج سنة خمس وخمسين وخمس مائة. 2426 - [أبو الفتوح الطائي] (2) أبو الفتوح الطائي محمد بن محمد الهمداني، صاحب «الأربعين». توفي سنة خمس وخمسين وخمس مائة. 2427 - [مقبل العلهي] (3) مقبل بن عثمان بن مقبل بن عثمان العلهي، نسبة إلى جد له اسمه: علة-بضم العين، وفتح اللام، وآخره هاء غير منقلبة-الدثيني، نسبة إلى دثينة كسفينة، الصقع المعروف شرقي عدن. خرج المذكور من بلده وبيته، وتزوج بقرية الظفر من بلاد الأعروق امرأة منهم، فلما رأى الغالب على تلك الجهة الجهل .. انتقل عنهم بامرأته إلى ذي أشرق، وكان قد تفقه في بلده، ثم أخذ عن الحافظ علي بن أبي بكر العرشاني.

(1) «العطايا السنية» (ص 548)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 194)، و «هجر العلم» (3/ 1398). (2) «العبر» (4/ 159)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 144)، و «مرآة الجنان» (3/ 310)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 188)، و «شذرات الذهب» (6/ 292). (3) «السلوك» (1/ 331)، و «العطايا السنية» (ص 639)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 177) و (3/ 370)، و «تحفة الزمن» (1/ 253).

2428 - [أبو حكيم النهرواني]

وكان فقيها جيدا، أديبا، حج هو وولده محمد في سنة خمس وخمسين وخمس مائة. وتوفي بمدينة إبّ لثمان بقين من ذي الحجة سنة ستّ وخمسين وخمس مائة، كذا ذكره الخزرجي في ترجمة الفقيه (1)، وذكر في ترجمة ولده أحمد بن مقبل أن الفقيه مقبلا توفي لثمان بقين من ذي الحجة سنة خمس وخمسين وخمس مائة، ولم يذكر موضع وفاته وأن ابنه محمدا توفي بعده بيسير (2)، فإن صح أنه مات بإب .. فالصواب الأول، والله سبحانه أعلم. 2428 - [أبو حكيم النهرواني] (3) أبو حكيم النهرواني الزاهد، أحد من يضرب به المثل في الحلم والتواضع. اجتهد جماعة على إغضابه فلم يقدروا. أنشأ مدرسة بباب الأزج. وتوفي سنة ست وخمسين وخمس مائة. 2429 - [يحيى ابن أبي أكدر] (4) يحيى بن سالم بن أبي أكدر الحضرمي التريمي، يكنى: أبا بكر، الإمام العالم، الفاضل الزاهد، التقي الورع، قاضي القضاة، وسيد القراء في عصره. تخلف أياما في البيت من مرض أصابه، فقال فيه تلميذه الإمام العلامة الأديب اللغوي علي بن محمد بن سالم يهنئه بالعافية: [من الكامل] لا نال جسمك بعدها الأسقام … وعدتك يا بن أولي النهى الآلام وبقيت ما بقي الزمان مسلما … فبنور علمك تشرق الأيام إنا حسبناك اعتللت وإنما اع‍ … تل النهى والعلم والإسلام

(1) «طراز أعلام الزمن» (3/ 371). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 178). (3) «المنتظم» (10/ 453)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 396)، و «العبر» (4/ 159)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 346)، و «مرآة الجنان» (3/ 310)، و «شذرات الذهب» (6/ 294). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 220)، و «العطايا السنية» (ص 188)، و «البرقة المشيقة» (1/ 67)، و «تاريخ شنبل» (ص 49)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 71)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 95).

2430 - [أحمد ابن أبي أكدر]

فاليوم شهر حين غبت وشهرنا … من طول مدته علينا عام فإذا احتبست فكل رحب ضيق … منا وكل ضيائنا إظلام قد حنّ مسجدنا لفقدك واشتكى … خللا وإن كثرت به الأقوام فاسلم لنا يحيى ليحيى ذكرنا … وعليك منا في الزمان سلام قال عبد الرحمن الخطيب: (قتل الإمام يحيى المذكور ظلما في جمع من صالحي تريم، قتلهم بعض الخوارج، خرج على البلاد سنة ست وخمسين وخمس مائة) اهـ‍ (1) والخارجي المذكور الذي خرج على البلاد وقتل جمعا من صالحيها .. هو عثمان الزنجيلي أمير عدن ونائبها لتوران شاه بن أيوب، استولى على بعض جهات حضر موت، وقتل جمعا من الصالحين كما ذكره الجندي (2)، وعزم عثمان الزنجيلي إلى حضر موت كان عند وصول طغتكين بن أيوب إلى اليمن، وذلك في عشر السبعين وخمس مائة، والظاهر أن الخارجي غيره. 2430 - [أحمد ابن أبي أكدر] (3) أحمد بن سالم بن أبي أكدر، أخو الذي قبله. كان فقيها صالحا أيضا. لم أقف على تاريخ وفاته، وأظنه قتل مع أخيه، والله سبحانه أعلم (4). 2431 - [سليمان شاه السلجوقي] (5) سليمان شاه بن السلطان محمد السلجوقي. قيل: كان أهوج أخرق، فاسقا، بل زنديقا يشرب الخمر في رمضان. قبض عليه الأمراء، ثم خنق في سنة ست وخمسين وخمس مائة.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 67). (2) انظر «السلوك» (2/ 524). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 220)، و «العطايا السنية» (ص 188)، و «تاريخ شنبل» (ص 49)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 71)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 95). (4) قتل مع أخيه صاحب الترجمة السابقة-كما في جميع المصادر-سنة (556 هـ‍). (5) «الكامل في التاريخ» (9/ 278)، و «العبر» (4/ 160)، و «مرآة الجنان» (3/ 310)، و «البداية والنهاية» (12/ 758)، و «شذرات الذهب» (6/ 295).

2432 - [عبد الله بن يحيى الملحمي]

2432 - [عبد الله بن يحيى الملحمي] (1) عبد الله بن الفقيه يحيى بن محمد بن عمر بن الفقيه أحمد بن الفقيه إبراهيم بن الفقيه عمران. ولد سنة ثلاث وعشرين وخمس مائة. وتفقه بتلميذ أبيه محمد بن سالم الأصبحي، وصحب زيدا اليفاعي. كان عالما فاضلا، دينا خيرا، وأبوه هو الذي مدح زيد بن عبد الله اليفاعي بقصيدة طويلة، أولها: [من الكامل] أحييت ذكر العلم وهو يبيس … وقتلت جهلا والمقانب شوس توفي الفقيه عبد الله المذكور سنة ست وخمسين وخمس مائة. 2433 - [طلائع الوزير] (2) طلائع بن رزّيك-بضم الراء، وتشديد الزاي المكسورة، وسكون الياء المثناة من تحت بعدها كاف-وزير صاحب مصر، الملقب بالملك الصالح. كان أديبا شاعرا، فاضلا، جوادا ممدحا، رافضيا، يجمع الفقهاء ويناظرهم على الإمامة والقدر، وله مصنف في ذلك، ومن شعره: [من الكامل] كم ذا يرينا الدهر من أحداثه … عبرا وفينا الصد والإعراض ننسى الممات وليس يجري ذكره … فينا فتذكرنا به الأمراض ومنه: [من الكامل] ومهفهف ثمل القوام سرت إلى … أعطافه النشوات من عينيه ماضي اللحاظ كأنما سلّت يدي … سيفي غداة الروع من جفنيه والناس طوع يدي وأمري نافذ … فيهم وقلبي الآن طوع يديه

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 215)، و «السلوك» (1/ 357)، و «العطايا السنية» (ص 378)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 161)، و «تحفة الزمن» (1/ 285)، و «هجر العلم» (4/ 2134). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 284)، و «كتاب الروضتين» (1/ 390)، و «وفيات الأعيان» (2/ 526)، و «العبر» (4/ 160)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 503)، و «مرآة الجنان» (3/ 310)، و «شذرات الذهب» (6/ 296).

فاعجب لسلطان يعم بعدله … ويجور سلطان الغرام عليه ومنه: [من الوافر] مشيبك قد نضى صبغ الشباب … وحل الباز في وكر الغراب تنام ومقلة الحدثان يقظى … وما ناب النوائب عنك ناب وكيف بقاء عمرك وهو كنز … وقد أنفقت منه بلا حساب وقصده المهذب عبد الله بن أسعد الموصلي من بلاد الموصل، ومدحه بقصيدته الكافية التي أولها: [من البسيط] أما كفاك تلافي في تلافيكا … ولست تنقم إلا فرط حبيكا وفيم تغضب إن قال الوشاة سلا … وأنت تعلم أني لست أسلوكا لا نلت وصلك إن كان الذي زعموا … ولا شفى ظمئي جود ابن رزّيكا وهي من نخب القصائد. ولما قتل نصر بن عباس سلطانه الظافر بإشارة والده الوزير كما تقدم ذلك في ترجمة إسماعيل الظافر (1) .. كان طلائع المذكور وآل منية حصيب في الصعيد، فكتب أهل القصر إليه، وسألوه الانتصار، وسودوا الكتاب، وقطعوا شعورهم، وسيروها طي الكتاب، فلما وقف طلائع على الكتاب .. أطلع من حوله من الأجناد، فأجابوه إلى الخروج معه، واستمال جمعا من العرب، وساروا قاصدين القاهرة وقد لبسوا السواد، فلما قاربوها .. خرج إليهم جميع من بها من الأمراء والأجناد والسودان، وبقي عباس وحده، فخرج في ساعته من القاهرة ومعه ابنه نصر قاتل الظافر، وشيء من ماله، وجمع يسير من أتباعه، ودخل الصالح طلائع القاهرة بغير قتال، وما قدم شيئا على النزول بدار عباس، وهي اليوم مدرسة للحنفية تعرف باليوسفية. وتكفل الصالح طلائع بالصغير الذي ولاه عباس، ولقبه بالفائز، ودبر أحواله إلى أن مات الفائز، وتولى العاضد مكانه والصالح مستمر على وزارته، وتزوج العاضد ابنته، فزادت حرمته، واغتر بطول السلامة، وكان العاضد تحت قبضه، فرزق من يقتله من أجناد الدولة، فكمنوا للصالح مرة بعد أخرى حتى قتلوه في سنة ست وخمسين وخمس مائة،

(1) انظر (4/ 163).

2434 - [ابن وهاس]

وخرجت الخلع لولده العادل، ولما جرح وأشرف على الموت .. أوصى ولده ألا يتعرض لشاور بسوء، وكان شاور قد تمكن من بلاد الصعيد. والصالح المذكور هو الذي بنى الجامع على باب زويلة بظاهر القاهرة. 2434 - [ابن وهاس] (1) الأمير علي بن عيسى بن حمزة السليماني، المعروف بابن وهاس. قال عمارة في «مفيده»: كان سيدا عالما، شاعرا فصيحا، أميرا كبيرا، قرأ على الزمخشري بمكة، وبرز عليه، وصرفت أعنة طلبة العلم بمكة إليه، وكان ذا فضل غزير، إماما في مذهب الزيدية. ولأجل ابن وهاس هذا صنف الزمخشري «الكشاف». وللزمخشري في ابن وهاس يمدحه: [من الطويل] ولولا ابن وهاس وسابق فضله … رعيت هشيما وانتقيت مصرّدا وله نظم جيد، ومنه ما مدح به شيخه أبا القاسم الزمخشري: [من الطويل] وأحر بأن تزهو زمخشر بامرئ … إذا عد من أسد الشرى زمخ الشرى جميع قرى الدنيا سوى القرية التي … تبوّأها لهم دارا فدا لزمخشرا ومنه: [من الطويل] وسائلة عني أهل هو كالذي … عهدنا صروم الحبل ممن يجاذبه أم ارتجعت منه الليالي وربما … تفلل من حد اليماني مضاربه فقلت لها إني لترّاك منزل … إليّ حبيب حين يزور جانبه ومنه ما كتبه إلى أمير مكة هاشم بن قليبة بن قاسم شفاعة في جماعة من الزيدية حجاج اليمن، أمر بهم إلى السجن: [من الطويل] أبا قاسم شكوى امرئ لك نصحه … تفكر فيها حظه فتحيرا على أي أمر ما تساق عصابة … إلى السجن والوا جدّك المتخيرا

(1) «معجم الأدباء» (5/ 227)، و «الوافي بالوفيات» (21/ 376)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 318)، و «العقد الثمين» (6/ 217).

2435 - [حميد الدولة اليامي]

ولم يعدلوا حلفا بكم آل أحمد … ولا أنكروا إذ أنكر الناس حيدرا أتاك بهم ما طن في مسمع الورى … وسارت به الركبان عدلا ومفخرا يجرون أطراف سريح على الوجا … مناقلة بين الهواجر والسرى لك الله جار من قلوب تطايرت … حشاه ومن دمع جرى فتحدرا ومن كل أواه وأشعث مخبت … إذا صد عن قصد البنية كبرا فأمر الأمير هاشم بإخراج المسجونين. وله مرثية في الأمير قاسم جد الأمير هاشم المذكور. توفي الأمير علي بن عيسى في سنة ست وخمسين وخمس مائة. 2435 - [حميد الدولة اليامي] (1) حاتم بن أحمد بن عمران بن الفضل اليامي الهمداني، الملقب: حميد الدولة. كان سيد همدان وكريمها، ومقدمها وزعيمها. لما انقضت أيام بني الغشم، وافترقت كلمتهم .. اجتمعت همدان بأسرها على حاتم المذكور، وحملوه على القيام بالأمر، وحلفوا له، فدخل صنعاء في سبع مائة فارس من همدان، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة. وفي أيامه ظهر الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان، واستولى على صعدة ونجران والجوف والظاهر، فحارب حاتما المذكور، وأخرجه من صنعاء في سنة خمس وأربعين وخمس مائة، ثم استرجع حاتم صنعاء من الإمام، ولم يزل باقيا بها إلى أن توفي في سنة ست وخمسين وخمس مائة. ولما رأى الشيخ الأديب عبد الله بن علي جنازة السلطان حاتم بن أحمد على أعناق الرجال من همدان وقد حملوه من درب صنعاء إلى المنظر .. قال: [من البسيط] حقا أحاتم ما ينفك منصلتا … حيا وميتا إمام الجحفل اللجب ما إن رأينا فهذا عادة عرفت … طودا يسير على الأعناق في خبب

(1) «بهجة الزمن» (ص 88)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 299).

2436 - [ابن أبي بكر الضرغام]

وكان لحاتم المذكور من الفصاحة والشجاعة والرجاحة والبراعة ما لم يكن لغيره، وهو القائل: [من الطويل] يقولون لي قد حزت مملكة الدرب … فأدمن على اللذات واللهو والشرب ولا تهجر الصهباء فهي لذيذة … مسهّلة ما كان من خلق صعب فقلت اذهبوا عني فلست ببارح … على مذهبي حسبي به مذهبا حسبي صبا القوم فانصبوا إلى أم وفرهم … فلست بمنصت إليها ولا صب ومنه ما قاله حين أخرج من صنعاء حين رأى إجماع الناس على حربه مع الإمام: [من الطويل] غلبنا بني حواء شرقا ومغربا … ولكننا لم نستطع غلب الدهر فلا لوم فيما لا يطاق وإنما … يلام الفتى فيما يطاق من الأمر توفي سنة ست وخمسين وخمس مائة. 2436 - [ابن أبي بكر الضرغام] (1) محمد بن أبي بكر بن سالم الأصغر، الملقب: الضرغام. ولد سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة. وكان فقيها صالحا تقيا. توفي سنة ست وخمسين وخمس مائة، كذا في «الخزرجي» نقلا عن «الجندي» تاريخ وفاته ومولده (2)، فيكون عمره خمسا وعشرين سنة تقريبا، وكأنه مات قبل أبيه، والله أعلم. 2437 - [أحمد ابن الهيثم] (3) أحمد بن الفقيه عمرو بن الفقيه أسعد بن الفقيه الهيثم.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 201)، و «السلوك» (1/ 351)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 121)، و «تحفة الزمن» (1/ 279)، و «هجر العلم» (2/ 735). (2) انظر «طراز أعلام الزمن» (3/ 122)، و «السلوك» (1/ 351). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 195)، و «العطايا السنية» (ص 219)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 134)، و «هجر العلم» (2/ 940).

2438 - [أبو الفتح المالكي]

ولد لسبع بقين من ذي القعدة سنة إحدى عشرة وخمس مائة. وكان فقيها ماهرا، حافظا عارفا، محققا متقنا مجتهدا. وتوفي في المحرم سنة ست وخمسين وخمس مائة. 2438 - [أبو الفتح المالكي] (1) أبو الفتح عبد الوهاب بن محمد المالكي (2) المقرئ. توفي سنة ست وخمسين وخمس مائة. 2439 - [أبو مروان ابن زهر] (3) أبو مروان عبد الملك بن زهر الإشبيلي، طبيب عبد المؤمن سلطان المغرب، وصاحب التصانيف. توفي سنة سبع وخمسين وخمس مائة. 2440 - [عدي الهكاري] (4) عدي بن مسافر الشامي الهكاري الشيخ الولي الشهير. صحب الشيخ عقيلا المنبجي، والشيخ حماد الدباس. انقطع إلى جبل الهكارية من أعمال الموصل، وبنى هناك زاوية، وتبعه خلق كثير، وعظم فيه الاعتقاد. من كراماته ما حكاه صاحبه إسرائيل بن عبد المقتدر وكان مختليا بنفسه في بعض

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 354)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 998)، و «العبر» (4/ 160)، و «مرآة الجنان» (4/ 312)، و «شذرات الذهب» (6/ 296). (2) نسبة إلى قرية المالكية التي على الفرات، وهو حنبلي المذهب. (3) «تاريخ الإسلام» (38/ 230)، و «العبر» (4/ 163)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 162)، و «مرآة الجنان» (3/ 312)، و «شذرات الذهب» (6/ 299). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 297)، و «وفيات الأعيان» (3/ 254)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 342)، و «العبر» (4/ 163)، و «مرآة الجنان» (3/ 312)، و «طبقات الشعراني» (1/ 137)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 268)، و «شذرات الذهب» (6/ 300).

2441 - [المؤيد الآلوسي]

الصحارى، فقال للشيخ: يا سيدي؛ أشتهي الانقطاع في هذا المكان، فلو كان عندي ماء أشرب منه وما أقتات به، فقام الشيخ إلى صخرتين هنالك، فوكز إحداهما، فانفجر منها عين ماء عذب، ووكز الأخرى، فنبت فيها في الوقت شجرة رمان، فقال لها الشيخ: أيتها الشجرة؛ انبتي بإذن الله يوما رمانا حلوا، ويوما رمانا حامضا، قال إسرائيل المذكور: فأقمت هنالك سنين آكل من تلك الشجرة رمانا حلوا وحامضا، أحسن رمان وأطيبه في الدنيا. توفي الشيخ عدي المذكور سنة سبع وخمسين وخمس مائة (1). 2441 - [المؤيد الآلوسي] (2) المؤيد بن محمد الآلوسي الشاعر المشهور. له نظم عجيب يشتمل على معان مبتكرة، من ذلك قوله في وصف طنبور: [من الوافر] وطنبور مليح الشكل يحكي … بنغمته الفصيحة عندليبا روى لما ذوى نغما فصاحا … حواها في تقلبها قضيبا كذا من عاشر العلماء طفلا … يكون إذا نشا شيخا أديبا ولبعضهم في هذا المعنى: [من الطويل] وعود له نوعان من لذة المنى … فبورك جان يجتنيه وغارس تغنت عليه وهو رطب حمامة … وغنت عليه قينة وهو يابس توفي سنة سبع وخمسين وخمس مائة. 2442 - [علي العرشاني الحافظ] (3) علي بن أبي بكر بن حمير بن تبع بن يوسف بن فضل أبو الحسن الفضلي-نسبة إلى جده فضل-الهمداني، المعروف بالعرشاني، الحافظ الكبير، والعالم الشهير.

(1) في «طبقات الشعراني» (1/ 138)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 269): توفي سنة (558 هـ‍). (2) «معجم الأدباء» (7/ 154)، و «وفيات الأعيان» (5/ 346)، و «تاريخ الإسلام» (38/ 240)، و «فوات الوفيات» (2/ 453)، و «مرآة الجنان» (3/ 314)، و «شذرات الذهب» (6/ 309). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 171)، و «السلوك» (1/ 303)، و «مرآة الجنان» (3/ 313)، و «العطايا السنية» (ص 445)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 236)، و «تحفة الزمن» (1/ 227)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 136)، و «طبقات الخواص» (ص 219)، و «هجر العلم» (3/ 1417).

ولد سنة أربع وتسعين وأربع مائة. وأخذ عن زيد بن الحسن الفايشي، وأسعد بن ملامس، ويحيى بن عمر الملحمي، وعبد الرحمن بن عثمان، وأبي بكر الخطيب، والقاضي مبارك وغيرهم. وكان إماما كبيرا، عالما عاملا، فاضلا حافظا، غلب عليه علم الحديث بحيث لم يكن في وقته أعلم به منه. وقدم إب سنة خمس وأربعين وخمس مائة، فاجتمع إليه بها خلق كثير، رأسهم الإمام محمد بن أحمد البريهي المعروف بسيف السنة، فأخذوا عنه، وكان هو القارئ، ثم ارتحل إلى عدن، فأخذ عنه بها القاضي أحمد القريظي وغيره من المغاربة وغيرهم. وممن أخذ عنه الإمام يحيى بن أبي الخير، وولده طاهر بن يحيى، والفقيه مقبل الدثيني. وكان الإمام يحيى يجله ويثني عليه ويقول: ما رأيت أحفظ منه، ولا أعرف، قيل له: ولا بالعراق؟ قال: ما سمعت. وله كرامات شهيرة، منها أنه كان يخرج أيام طلبه من عرشان، فيصل إحاظة وإلى المشيرق يقرأ ثم يعود، فلا يبيت إلا في بيته، وبين بيته وأحد الموضعين يوم للمجد، فلما كثر تردده .. طمع به قوم من العرب، فكانوا يقفون له في الطريق مرارا، ولا يدرون به حتى يجاوزهم مسافة لا يستطيعون إدراكه فيها، فلما تكرر ذلك وعلموا أنه محجوب عنهم .. غيروا نيتهم، ووقفوا له، فمر بهم يوما وقد وقفوا له، فقاموا إليه، وصافحوه، وتبركوا به، وسألوه الدعاء، وطلبوا منه أن يحل لهم ما كانوا أضمروا له. قال الجندي: (وهذا يدل على صحة تأويل من قال: معنى قوله صلّى الله عليه وسلم: «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى له» (1) أن معناه تحمله وتبلغه حيث ما يأمله ويريده؛ إعانة له على بعد المسافة) (2). وله كتاب «الزلازل والأشراط»، وكان مشتغلا بالتدريس، وأقرأ الحديث إلى أن مات، حتى أنه كان يقرأ عليه في مرض موته، فكان قد يغشى عليه، ثم يفيق، فيأمر القارئ بإعادة ما قرأه في حال الغفلة.

(1) أخرجه أبو داود (3641)، والترمذي (2682)، والنسائي (158)، وابن ماجه (223). (2) «السلوك» (1/ 303).

2443 - [عبد الرحمن الخطيب]

ولما احتضر .. سمعه جماعة من أهله وغيرهم يقول: لبيك لبيك، فقالوا: من تجيب؟ فقال: الله تعالى، ارفعوني إلى الله، ارفعوني إلى السماء، ثم توفي عقيب ذلك بقريته لعشر بقين من ذي القعدة سنة سبع وخمسين وخمس مائة. 2443 - [عبد الرحمن الخطيب] (1) عبد الرحمن بن عثمان بن أحمد بن الخطيب أبو محمد. كان فقيها فاضلا، عارفا كاملا. أخذ عن اللعفي، وابن عبدويه. وقدم عليه الحافظ علي بن أبي بكر العرشاني، فأخذ عنه، وبه تفقه القاضي التستري. قال الجندي: (ونسبه في الأعمور، وكان يسكن قرية شعبات بشين معجمة، وعين مهملة، ثم موحدة مفتوحات، ثم ألف، ثم مثناة من فوق) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا تبعا للعرشاني. 2444 - [أحمد بن قدامة] (3) أحمد بن قدامة بن محمد بن قدامة. كان خطيب جمّاعيل-بفتح الجيم، وتشديد الميم، وبعد العين المهملة مثناة من تحت- ففر بدينه من الفرنج، وكانوا يعرفون بالصالحية؛ لنزولهم بمسجد أبي صالح، ومن ثم قيل: جبل الصالحية. وكان المذكور قانتا لله، زاهدا صالحا، صاحب جد وصدق وحرص على الخير، رحمة الله تعالى عليه. توفي سنة ثمان وخمسين وخمس مائة.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 238)، و «السلوك» (1/ 305)، و «العطايا السنية» (ص 407)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 60)، و «تحفة الزمن» (1/ 229)، و «هجر العلم» (2/ 1047). (2) «السلوك» (1/ 305). (3) «تاريخ الإسلام» (38/ 246)، و «العبر» (4/ 164)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 83)، و «مرآة الجنان» (3/ 314)، و «شذرات الذهب» (6/ 304).

2445 - [علي اليهاقري]

2445 - [علي اليهاقري] (1) علي بن أحمد بن علي أبو الحسن اليهاقري، نسبة إلى اليهاقر-بمثناة من تحت، ثم هاء مفتوحتين، ثم ألف، ثم قاف مكسورة، ثم راء-قرية غربي الجند. تفقه بشيوخ الجند كزيد بن عبد الله اليفاعي، وزيد بن الحسن الفايشي، وقرأ على الفقيه سالم بن حسين الزوقري. وكان فقيها نبيها، مشهورا مذكورا. أثنى عليه ابن سمرة ثناء مرضيا، قال: (وهو أول من رويت عنه في الفقه. قال: ولما حصل في الأجناد الحرب من ابن مهدي .. انتقل الفقيه إلى قرية الأنصال من بلد العوادر، وتوفي بها سنة ثمان وخمسين وخمس مائة) (2). 2446 - [أسعد الجدني] (3) أسعد بن سليمان (4) أبو سليمان الجدني-نسبة إلى ذي جدن-الملك المشهور ابن حمير. كان فقيها فاضلا بحاثا، وكان زميلا لابن عمه سليمان بن أسعد بن محمد الجدني في القراءة على الفقيه أحمد بن علي اليهاقري، ومسكنهما ومنشأهما سودة-بفتح السين المهملة، وسكون الواو، وفتح الدال المهملة، وآخره تاء تأنيث-قرية على ثلث مرحلة من الجند كما ذكره الجندي (5). قال الجندي: (وكان الفقيه المذكور يتعانى استحضار الجن واستخدامهم، وليس له

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 3، 173)، و «السلوك» (1/ 329)، و «العطايا السنية» (ص 447)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 229)، و «تحفة الزمن» (1/ 252)، و «هجر العلم» (1/ 120) و (4/ 2379). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 3 و 173). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 173)، و «السلوك» (1/ 359)، و «العطايا السنية» (ص 268)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 201)، و «تحفة الزمن» (1/ 286). (4) في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 173)، و «السلوك» (1/ 359): (سلمان). (5) انظر «السلوك» (1/ 358).

2447 - [ابن القطان البغدادي]

عقب، قال: واصطلاح كثير من الناس أن من تعانى بذلك لا يعيش له ولد) (1). قال الخزرجي: (وقد رأينا كثيرا ممن يتعانى ذلك وله عدة أولاد، منهم الفقيه المشهور أبو بكر بن محمد بن عمر اليحيوي وغيره) اهـ‍ (2) ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ تبعا لشيخه اليهاقري. 2447 - [ابن القطان البغدادي] (3) هبة الله بن الفضل البغدادي المعروف بابن القطان، الشاعر المشهور. سمع الحديث من جماعة، وسمع عليه، وكان كثير المزاح والمداعبة. قال ابن السمعاني: كتبت عنه حديثين، وكان مليح الشعر، رقيق الطبع، إلا أن الهجاء غالب عليه. يحكى أنه دخل يوما على الوزير الزينبي وعنده الحيص بيص، فقال: قد عملت بيتين لا يمكن أن يعمل لهما ثالث؛ لأني قد استوفيت المعنى فيهما، فقال الوزير: فما هما؟ فأنشد: [من البسيط] زار الخيال بخيلا مثل مرسله … فما شفاني منه الضم والقبل ما زارني قط إلا كي يوافقني … على الرقاد فينفيه ويرتحل فالتفت الوزير إلى الحيص وقال له: ما تقول في دعواه؟ فقال: إن أعادهما .. سمع لهما الوزير ثالثا، فقال الوزير: أعدهما، فأعادهما، فوقف الحيص لحظة ثم قال: وما درى أن نومي حيلة نصبت … لطيفة حين أعيى اليقظة الحيل فاستحسن الوزير ذلك. توفي ابن القطان المذكور سنة ثمان وخمسين وخمس مائة (4).

(1) «السلوك» (1/ 359). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 201). (3) «المنتظم» (10/ 463)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 304)، و «وفيات الأعيان» (6/ 53)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 339)، و «تاريخ الإسلام» (38/ 275)، و «مرآة الجنان» (3/ 463). (4) في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 185)، و «السلوك» (1/ 337)، و «العطايا السنية» (ص 547): (ثمان وستين)، وفي «طراز أعلام الزمن» (3/ 291): (ثمان وخمسين وثمان مائة) وهو خطأ.

2448 - [محمد بن موسى العمراني]

2448 - [محمد بن موسى العمراني] (1) محمد بن موسى بن الحسين بن أسعد بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عمران العمراني، نسبة إلى جده عمران المذكور، وهو ابن عم الإمام يحيى العمراني. وكانت ولادته سنة تسع وأربعين وأربع مائة. وهو أول من لزم مجلس الإمام يحيى، وقرأ عليه سنة سبع عشرة وخمس مائة. وكان فقيها محققا مدققا، عارفا في فنون شتى، منها: الفقه والنحو واللغة، والحديث والأصلان، والفرائض والحساب والدور، وكان الإمام يحيى يثني عليه بجودة الفقه. وكان زاهدا عفيفا، حسن الأخلاق، رأس ودرّس أيام شيخه الإمام يحيى، وبه تفقه كثيرون. وتوفي نهار الأربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر شعبان سنة ثمان وخمسين وخمس مائة، رحمه الله تعالى (2). 2449 - [أحمد بن محمد العمراني] (3) ولده أحمد بن محمد بن موسى بن الحسين بن أسعد بن عبد الله بن محمد بن موسى العمراني. تفقه بأبيه، وولي قضاء الجند مدة. وكان عالما فاضلا، مشهورا، إليه انتهت رئاسة الفتوى بدلال، ناحية من جبل بعدان. ولم أتحقق تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لأبيه، والله سبحانه أعلم.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 185)، و «السلوك» (1/ 336)، و «العطايا السنية» (ص 546)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 290)، و «تحفة الزمن» (1/ 265)، و «هجر العلم» (4/ 2067). (2) كذا في «طراز أعلام الزمن» (3/ 291)، وفي باقي المصادر توفي سنة (568 هـ‍)، وهو الصواب؛ إذ ابن سمرة تلميذ صاحب الترجمة أعرف بشيخه، والله أعلم. (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 186)، و «السلوك» (1/ 336)، و «العطايا السنية» (ص 218)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 174)، و «تحفة الزمن» (1/ 265)، و «هجر العلم» (4/ 2070).

2450 - [أحمد بن يوسف التباعي]

2450 - [أحمد بن يوسف التباعي] (1) أحمد بن يوسف بن موسى بن علي أبو العباس التباعي الأصابي. تفقه بالفقيه محمد بن موسى بن الحسين العمراني، وبالفقيه عبيد الصعبي، وبالإمام يحيى بن أبي الخير العمراني. وكان فقيها، إماما فاضلا، عارفا زاهدا، وأصل بلده وصاب، وهو والد الفقيه موسى بن أحمد شارح «اللمع». ولم أتحقق تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا في طبقة شيخه محمد بن موسى المذكور. 2451 - [ابن سيف السنة] (2) إسماعيل بن الإمام سيف السنة أحمد بن محمد بن عبد الله بن مسعود أبو الذبيح البريهي السكسكي. كان فقيها فاضلا، أخذ عن علي بن الحسن الوصابي، ومحمد بن مصباح، ومحمد بن عبد العزيز، وخلق سواهم. وولي قضاء إب وجبلة من قبل القاضي مسعود بن علي، وكانت سيرته فيه مرضية. وتوفي بإب، وقبر عند قبر أبيه، ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ تبعا لغيره من أهلها. 2452 - [عبد المؤمن صاحب مغرب] (3) عبد المؤمن بن علي القيسي الكومي-بضم الكاف، وسكون الواو، وبعدها ميم-نسبة إلى كومية، قبيلة صغيرة نازلة بساحل البحر من أعمال تلمسان. كان أبوه عاقلا وقورا، وسطا في قومه، وكان يعمل الآنية من الطين، فكان يوما يعمل

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 198)، و «السلوك» (1/ 344)، و «العطايا السنية» (ص 219)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 190)، و «تحفة الزمن» (1/ 272)، و «هجر العلم» (4/ 1925). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 191)، و «السلوك» (1/ 322)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 211). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 299)، و «كتاب الروضتين» (1/ 403)، و «وفيات الأعيان» (3/ 237)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 366)، و «العبر» (4/ 165)، و «مرآة الجنان» (3/ 315)، و «شذرات الذهب» (6/ 305).

2453 - [أبو منصور الديلمي]

في الطين وابنه عبد المؤمن المذكور صبي صغير نائم تجاهه؛ إذ سمع دويا من السماء، فرأى سحابة سوداء من النحل قد هوت مطبقة على الدار، فنزلت كلها مجتمعة على عبد المؤمن وهو نائم، فغطته ولم يظهر من تحتها، ولا استيقظ لها، ثم طار عنه النحل بأجمعه ولم يجد به أثرا، ولم يجد به ألما، فسأل أبوه رجلا معروفا بالزجر عن ذلك فقال: يوشك أن يكون له شأن يجتمع على طاعته أهل المغرب، فقام نائبا عن محمد بن تومرت المعروف بالمهدي، فكان من أمره ما اشتهر، وكان ابن تومرت قد ظفر بكتاب يقال له: «الجفر» بفتح الجيم، ثم فاء ساكنة، ثم راء، وفيه ما يكون على يده، وقضية عبد المؤمن، وحليته واسمه وغير ذلك. حاصر عبد المؤمن مراكش أحد عشر شهرا، ثم افتتحها، واستوسق له الأمر، وامتد ملكه إلى المغرب الأقصى والأدنى، وبلاد إفريقية، وكثير من بلاد الأندلس، وسمي: أمير المؤمنين، وقصدته الشعراء بالمدائح الحسنة. ولما أنشده بعض الفقهاء: [من البسيط] ما هزّ عطفيه بين البيض والأسل … مثل الخليفة عبد المؤمن بن علي .. أشار إليه أن يقتصر على هذا البيت، وأمر له بألف دينار. ولما تهمدت البلاد والقواعد، وانتهت أيامه .. خرج من مراكش إلى مدينة سلا، فأصابه مرض شديد، وتوفي بها سنة ثمان وخمسين وخمس مائة، وعهد إلى ولده محمد، فاضطرب أمره، وأجمعوا على خلعه، وبويع أخوه يوسف. وكان عبد المؤمن ملكا عادلا، عظيم الهيبة، عالي الهمة، متين الديانة، يقرأ في كل يوم سبعا، ويصوم الاثنين والخميس، ويجتنب لبس الحرير، ويهتم بالجهاد والنظر في الأمور، كأنما خلق للملك. 2453 - [أبو منصور الديلمي] (1) شهردار بن شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الهمذاني أبو منصور بن أبي شجاع الحافظ ابن الحافظ.

(1) «طبقات الشافعية» لابن الصلاح (1/ 484)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 375)، و «العبر» (4/ 164)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 193)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 110)، و «شذرات الذهب» (6/ 305).

2454 - [سديد الدين ابن الأنباري]

حدث عن أبيه، وعبدوس بن عبد الله، ومكي بن السلار، وأجاز له أبو بكر بن خلف الشيرازي. وكان من الحفاظ الأدباء المعمرين، عاش خمسا وتسعين سنة. وتوفي سنة ثمان وخمسين وخمس مائة. 2454 - [سديد الدين ابن الأنباري] (1) محمد بن عبد الكريم الشيباني، سديد الدين ابن الأنباري، الكاتب البليغ. صاحب ديوان الإنشاء خمسين سنة، ومات في الوزارة، ونفذ رسولا. وكان ذا رأي وعقل وحزم. توفي سنة ثمان وخمسين وخمس مائة. 2455 - [ابن جسمر] (2) الحسين بن علي بن جسمر-بفتح الجيم، وسكون السين المهملة، وفتح الميم، وآخره راء-من أهل دمت-بفتح الدال المهملة، وسكون الميم، وآخره مثناة من فوق-صقع متسع قبلي تعز على نحو نصف مرحلة منها، تحتوي على قرى كثيرة. كان المذكور فقيها فاضلا، وكان الإمام يحيى يثني عليه بالحفظ وجودة المعرفة، وهو أحد أشياخ إبراهيم بن أسعد الوزيري. وتوفي غرة ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين وخمس مائة. 2456 - [العمراني صاحب «البيان»] (3) يحيى بن أبي الخير العمراني الفقيه الإمام، مفيد الطالبين، وقدوة الأنام، سارت

(1) «المنتظم» (10/ 463)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 304)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 350)، و «العبر» (4/ 165)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 279)، و «مرآة الجنان» (3/ 318)، و «شذرات الذهب» (6/ 308). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 195)، و «السلوك» (1/ 341)، و «العطايا السنية» (ص 302)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 358)، و «تحفة الزمن» (1/ 270)، و «هجر العلم» (2/ 633). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 174)، و «السلوك» (1/ 294)، و «مرآة الجنان» (3/ 318)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 336)، و «العطايا السنية» (ص 670)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 46)، و «تحفة الزمن» (1/ 318)، و «طبقات الخواص» (ص 363)، و «شذرات الذهب» (6/ 309).

بفضائله الركبان، أبو زكريا صاحب «البيان» من بني عمران (1)، المنتسبين إلى معد بن عدنان. ولد في سنة تسع وثمانين وأربع مائة، وهو أكثر من انتشر العلم عنه من أهل الطبقة. تفقه في بدايته بخاله أبي الفتوح، أخذ عنه «التنبيه» و «كافي الصّردفي» في الفرائض، ثم قرأ «التنبيه» ثانيا على موسى الصعبي، ثم قدم إليهم الفقيه عبد الله بن أحمد الزبراني باستدعاء من بعض مشايخ قومه بني عمران، فأخذ عنه «المهذب» و «اللمع» غيبا و «المخلص» و «الإرشاد» لابن عبدويه، وأعاد عليه «كافي الصردفي»، ثم ترافق هو والشيخ عمر بن علقمة إلى إحاظة، فقرأ عليه «المهذب» و «تعليقة الشيخ أبي إسحاق» في الأصول، و «الملخص» ثم «غريب أبي عبيد» وغير ذلك من مسائل الدور والخلاف، ثم لما عادا السفال .. درسا ما قرآه، ثم أخذ عنه «كافي الصفار» و «الجمل» في النحو، وقرأ الدور مرة ثانية على عمر بن بيش اللحجي، ويقال: الأبيني. قال الجندي: (وجدت تعليقة بخط الفقيه أبي الخطاب عمر بن محمد بن مضمون، فيها أن الإمام يحيى بن أبي الخير تعلم القرآن وأكمل حفظه غيبا، وقرأ «المهذب» و «التنبيه» و «الفرائض» ولم يبلغ من العمر غير ثلاث عشرة سنة من مولده، ثم لما قدم اليفاعي من مكة إلى الجند وقد صار هذا الشيخ يدرّس .. وصل الجند بجمع من درسته، فأخذ عنه «المهذب» ثالثة، ثم «النكت»، ثم طلع قرية سهفنة بعد موت اليفاعي، فأخذ بها عن القاضي مسلم بن أبي بكر كتاب «الحروف السبعة» في علم الكلام تأليف المراغي، ثم انتقل إلى ذي أشرق، فأخذ عن الفقيه سالم الأصغر «جامع الترمذي» وتزوج في سنة سبع عشرة وخمس مائة أم ولده طاهر، وكان تسرّى قبلها بحبشية، وفيها ابتدأ مطالعة الشروح، وجمع منها ما يزيد على «المهذب» كتابا سماه: «الزوائد» فرغ منه في سنة عشرين وخمس مائة. ثم حج وزار، واجتمع في مكة بالفقيه الواعظ المعروف بالعثماني، فجرت بينهما مناظرات في شيء من الفقه والأصولين، وكان العثماني على مذهب الأشعري في المعتقد، فناظر الشيخ مرارا، فكان الشيخ يقطعه ويقيم عليه الحجة بقوله: إن المسموع المفهوم ليس بكلام الله، بل عبارة، فيحتج عليه بقوله تعالى: {إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}

(1) وقد طبع الكتاب بحمد الله تعالى لأول مرة عن (دار المنهاج) سنة (2000 م) بعناية الشيخ قاسم محمد النوري.

ويقول: لفظة «هذا» لا تكون إلا إشارة إلى موجود عند كافة أهل اللغة، ولا يوجد إلا المسموع المفهوم. وقد حكي أنهما كانا يتناظران في المطاف، فمن شدة إفحام الشيخ للعثماني يمسح جبينه من شدة العرق. ثم رجع إلى اليمن، وألف «البيان»، وأورد فيه عدة مسائل عن العثماني تدل على علم العثماني وفضله وعدالته وجواز الأخذ عنه) اهـ‍ (1) قال الشيخ اليافعي: (قلت: وهذا الذي ذكره-يعني ابن سمرة-من نقله عن العثماني صحيح، وما ذكره من جواز الأخذ به غير صحيح؛ فإن للعثماني في المذهب وجوها ضعيفة، جماهير أصحابنا على خلافها، ومن ذلك ما نقل عنه أن المكي وغيره ممن ينشئ إحرام الحج من مكة إذا طاف عند خروجه إلى عرفة، وسعى بعده .. يجزيه عن السعي المفروض عليه في الحج، وهذا غير مسلم ولا موافق عليه؛ فإنه لا بد أن يقع السعي بعد طواف الإفاضة أو طواف القدوم، ولا يصح بعد طواف لا يتعلق بمناسك الحج، هذا هو المذهب الصحيح) اهـ‍ (2) كان حنبلي العقيدة؛ أي: يقول بالصوت والحرف والجهة كما هو مذهب الحشوية، وكان عليه عقيدة غالب أهل اليمن، حتى أن بعضهم سئل: من أين جاء أهل اليمن هذا الاعتقاد؟ فقال: غرهم صاحب «البيان»، كذا نقله اليافعي عن الشيخ عبد الله الساكن بذي السفال (3)، ولا شك أن أهل اليمن كانوا يعتقدون ذلك من قبل ظهور صاحب «البيان»، وقد رجع اليوم غالبهم أو كلهم عن هذا الاعتقاد، وصاروا كلهم أشعرية بحمد الله تعالى. وبلغني أنه كان رجوع غالبهم إلى الأشعرية على الشيخ الصالح سالم الأبيني نفع الله به. قال الشيخ اليافعي: (وقد بلغني أن الإمام القاضي طاهر بن الإمام يحيى بن أبي الخير المذكور لما شرح الله صدره للنور .. أنكر على والده مذهبه، وعنفه وهو في مكة بالمكاتبة) اهـ‍ (4) وفي «الجندي»: (أن فقهاء تهامة طلعوا إلى الشيخ يحيى هاربين من ابن مهدي،

(1) «السلوك» (294/ 1 - 295). (2) «مرآة الجنان» (3/ 320). (3) انظر «مرآة الجنان» (3/ 327). (4) «مرآة الجنان» (3/ 327).

2457 - [ابن خمرطاش]

فأنسوا، وأقاموا عنده أياما طويلة ميلا إلى الجنسية، وكونه يومئذ رأس الفقهاء، فحصل بين فقهاء ذي أشرق وفقهاء تهامة منافرة سببها المذاكرة في المعتقد، ومناظرات أدت إلى تكفير بعضهم البعض، والمنافرة بينهم، وكان الشيخ رحمه الله لا يعجبه ذلك، ولا يكاد يخوض بعلم الكلام، ولا يرضى لأحد من أصحابه ذلك، وظهر من طاهر ولده الميل والتظاهر بخلاف المعتقد الذي عليه والده وغالب فقهاء العصر من أهل الجند خاصة، فشق ذلك على الشيخ، وهجر ولده هجرا شاقا، وكان ذلك سنة أربع وخمسين وخمس مائة، ثم إن طاهرا لم يطق على هجر أبيه ولا هجر الفقهاء بذي أشرق، وكان سبب ذلك ما تحققوه فيه، وعلم أن لا زوال لذلك إلا إظهار التوبة والتبري مما كان أظهره، فلم يزل يتلطف على والده بذلك بإرسال من يقبل الشيخ منه، فقال للرسول: لا أقبل منه حتى يطلع المنبر بمحضر الفقهاء، ويعرض عليهم عقيدته، ويتبرأ مما سواها، فأجاب إلى ذلك، وحضر في يوم الجمعة الجامع، وصعد المنبر، وكان فصيحا مصقعا، فخطب، وذكر عقيدته التي الفقهاء متفقون عليها، وتبرأ مما سواها، فحين فرغ من ذلك .. التفت الشيخ إلى الفقهاء وهم حوله وقال: هل أنكر الإخوان من كلامه شيئا؟ قالوا: لا، وفي عقيب ذلك صنف كتاب «الانتصار»، وسبب تصنيفه ما حدث بين الفقهاء، ثم ظهور القاضي جعفر المعتزلي، ووصوله إبّ، واجتماعه بسيف السنة وقطعه له، وكان يود نزول اليمن، فقيل له: إن نزلت .. لقيت البحر الذي تغرق فيه: يحيى بن أبي الخير، فعاد القهقرى، وطلع إلى حصن شواحط، فأمر الشيخ يحيى إليه تلميذه الفقيه علي بن عبد الله الهرمي، فلحقه فيه، فناظره، وقطعه في عدة مسائل) اهـ‍ (1) توفي الشيخ يحيى بن أبي الخير في سنة ثمان وخمسين وخمس مائة. 2457 - [ابن خمرطاش] (2) أحمد بن خمرطاش الحميري أبو العباس السراجي. كان فقيها جليلا، نبيلا نبيها، أوحد بلغاء عصره، وسيد فصحاء دهره، صاحب الأبيات المشهورة بأبيات الفرج التي أولها: [من الرجز] إني لأرجو عطفة الله ولا … أقول إن قيل متى ذاك متى

(1) «السلوك» (1/ 297). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 69).

2458 - [أحمد بن زيد اليزني]

وهي أبيات مشهورة، يقال: إن فيها اسم الله الأعظم، وله المقصورة المعروفة ب‍ «الخمر طاشية» التي مدح فيها قومه، واستثار حفائظهم، التي أولها: [من الرجز] تأوب القلب تباريح الجوى … وعاده عائد شوق قد ثوى وهي نحو من ثلاث مائة بيت، وله قصيدة أخرى في التصوف والعقائد. وتوفي وهو شاب ابن ثماني عشرة سنة فارا في الجبل من ابن مهدي. ولم أتحقق تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ لوفاته في أيام ابن مهدي، وذكرته في الشافعية ظنا أيضا. 2458 - [أحمد بن زيد اليزني] (1) أحمد بن زيد بن محمد بن الحسين بن محمد بن إبراهيم بن عمر اليزني. تفقه بالإمام يحيى بن أبي الخير العمراني صاحب «البيان». وكان فقيها فاضلا، مجودا متقنا، مفتي ناحيته وفقيهها، وهو من قرية الأنصال، إحدى قرى العوادر، ووقف نسخة «البيان» على يد شيخه. وتوفي بالقرية المذكورة. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في طبقة شيخه العمراني. 2459 - [سليمان الصليحي] (2) سليمان بن فتح بن مفتاح الصليحي بالولاء. تفقه بالإمام يحيى بن أبي الخير، ولما فرغ من قراءة الكتب الفقهية والمسموعات .. قرأ عليه «مختصر العين» و «غريب الحديث»، وقال له: يا سليمان؛ لقد أخذت من الفقه ما ينفع قلب عارفه.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 209)، و «السلوك» (1/ 355)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 85)، و «تحفة الزمن» (1/ 283)، و «هجر العلم» (1/ 120). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 194)، و «السلوك» (1/ 341)، و «العطايا السنية» (ص 338)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 487)، و «تحفة الزمن» (1/ 269)، و «المدارس الإسلامية» (ص 5).

2460 - [أحمد القرتبي]

وكان سليمان المذكور فقيها عارفا. سكن الشوافي، ودرّس بها في أيام شيخه، وتفقه به جماعة من نواح شتى. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لشيخه. وكان أبوه فتح من خواص السيدة بنت أحمد، ولّته حصن التعكر حين استعادته من الذين أخذوه من المفضل، ثم إن عمران بن المسلم الخولاني خطب ابنة القائد فتح بن مفتاح، فلما كان ليلة الدخول بها .. غدر بفتح بن مفتاح هو وأخوه سليمان بن المسلم، وأخرجاه من الحصن، وتملكا الحصن، وذلك في ربيع الأول من سنة تسع عشرة وخمس مائة. 2460 - [أحمد القرتبي] (1) أحمد بن محمد بن إبراهيم، الأشعري نسبا، القرتبي، نسبة إلى القرتب-بضم القاف، وسكون الراء، وضم المثناة فوق، ثم موحدة، قرية كبيرة من وادي زبيد، إليها يضاف الباب الجنوبي من زبيد: باب القرتب-الإمام النسابة الحنفي. كان فقيها، مرضيا في الآداب، وكان يسكن القرية المذكورة، فتوفي بها، وقبره في المقبرة التي هي قبلي القرتب معروف باستجابة الدعاء عنده. ولم أقف على تاريخ وفاته، ولا ولادته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ لأنه كان معاصرا لصاحب «البيان». ولما امتدح الشيخ محمد بن علي بن مشعل .. جعل من أعظم مناقبه كون الإمام يحيى بن أبي الخير من قومه. 2461 - [الجواد الأصبهاني] (2) محمد بن علي المعروف بالجواد الأصبهاني، وزير صاحب الموصل.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 184)، و «السلوك» (2/ 380)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 141)، و «تحفة الزمن» (2/ 346)، و «هجر العلم» (3/ 1684). (2) «المنتظم» (10/ 466)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 312)، و «كتاب الروضتين» (1/ 420)، و «وفيات الأعيان» (5/ 143)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 349)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 159)، و «مرآة الجنان» (3/ 342)، و «العقد الثمين» (2/ 212)، و «شذرات الذهب» (6/ 308).

كان دمث الأخلاق، حسن المحاضرة، مقبول المفاكهة. استوزره صاحب الموصل، وفوض إليه الأمور وتدبير الدولة، فانبسطت يده بالعطاء والجود، حتى عرف بالجواد، وصار ذلك كالعلم عليه. كان له ديوان مرتب باسم أرباب الرسوم والقضاء لا غير، وكان يحمل كل سنة إلى الحرمين الشريفين من الأموال والكسوة للفقراء والمنقطعين ما يقوم بهم مدة سنة، وأجرى الماء إلى عرفات أيام الموسم من مكان بعيد، وعمل الدرج من أسفل الجبل إلى أعلاه، وبنى سور المدينة الشريفة وما كان قد خرب من مسجده صلّى الله عليه وسلم، وكان إقطاعه عشر مغل المدينة على جاري عادة وزراء الدولة السلجوقية، فوقع غلاء مفرط، فواسى الناس حتى لم يبق بيده شيء. ولما توفي السلطان غازي، وتولى أخوه قطب الدين .. استكثر إقطاع الجواد، وثقل عليه أمره، فقبض عليه، وحبسه إلى أن توفي في العشر الأخير من رمضان-وقيل: في شعبان-من سنة تسع وخمسين وخمس مائة، وكان يوما مشهودا من ضجيج الضعفاء والأرامل والأيتام حول جنازته، ودفن بالموصل إلى بعض سنة ستين، ثم نقل إلى مكة، وأحضر المشاهد كعرفة وغيرها، وكانوا يطوفون به في كل يوم مرارا مدة مقامهم بمكة، وكان يوم دخوله مكة يوما مشهودا من اجتماع الخلق والبكاء عليه، وكان معه شيخ مرتّب يذكر مآثره ومحاسنه إذا وصلوا به إلى المزارات والمواضع المعظمة، فلما انتهوا إلى الكعبة .. وقف وأنشد: [من السريع] يا كعبة الإسلام هذا الذي … جاءك يسعى كعبة الجود قصدت في العام وهذا الذي … لم يخل يوما غير مقصود ثم حمل إلى المدينة الشريفة، وأدخل بها المسجد الحرام، وطيف به حول الحجرة الشريفة. وكان له ولد من الأدباء الفضلاء، البلغاء الكرماء، يلقب: جلال الدين، وله ديوان رسائل أجاد فيه، جمعه أبو السعادات بن الأثير، وسماه: كتاب «الجواهر واللآلي من الإملاء المولويّ الوزيري الجلالي».

2462 - [أبو القاسم الجزيري]

2462 - [أبو القاسم الجزيري] (1) أبو القاسم عمر بن محمد الشافعي الجزيري، إمام جزيرة ابن عمر ومفتيها. تفقه على الغزالي، وسمع منه ومن أخيه أحمد، وصحب الشاشي صاحب كتاب «المستظهري»، واشتغل أولا على الشيخ أبي الغنائم السلمي الفارقي، وعلى الكبار، وصار أحفظ أهل زمانه للمذهب. وله مصنف كبير على إشكالات «المهذب» وغريب ألفاظه وأسماء رجاله، كان من العلم والدين بمحل رفيع. انتفع به خلق كثير. وتوفي سنة ستين وخمس مائة. 2463 - [أبو يعلى الصغير] (2) أبو يعلى الصغير محمد بن محمد بن القاضي الكبير أبي يعلى بن الفراء البغدادي الحنبلي. وكان ذكيا فصيحا، ولي قضاء واسط، ثم عزل منها. [وتوفي سنة ستين وخمس مائة]. 2464 - [أبو طالب العلوي] (3) أبو طالب طالب العلوي محمد بن محمد بن محمد الشريف الحسني البصري نقيب الطالبيين.

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 324)، و «وفيات الأعيان» (3/ 444)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 352)، و «العبر» (4/ 171)، و «مرآة الجنان» (3/ 344)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 251)، و «شذرات الذهب» (6/ 316). (2) «المنتظم» (10/ 472)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 353)، و «تاريخ الإسلام» (38/ 313)، و «مرآة الجنان» (3/ 344)، و «شذرات الذهب» (6/ 316). (3) «سير أعلام النبلاء» (20/ 423)، و «تاريخ الإسلام» (38/ 316)، و «مرآة الجنان» (3/ 344)، و «النجوم الزاهرة» (5/ 370)، و «شذرات الذهب» (6/ 317).

2465 - [ابن التلميذ]

روى عن أبي يعلى التستري، وجعفر العبادي وجماعة. استقدمه الوزير ابن هبيرة لسماع «السنن»، فروى الكتاب بالإجازة سوى الجزء الأول؛ فإنه بالسماع من التستري. وتوفي سنة ستين وخمس مائة. 2465 - [ابن التلميذ] (1) هبة الله بن صاعد الملقب: أمين الدولة، المعروف بابن التلميذ النصراني البغدادي، شيخ قومه وقسيسهم، وجالينوس عصره في الطب، وله تصانيف. مات سنة ستين وخمس مائة، ذكرته؛ تبعا لليافعي في «تاريخه». 2466 - [عبد الله الصرحي] (2) عبد الله بن المفضل بن عبد الملك الصرحي. تفقه بالفقيه عمر بن عبد الله. وكان فقيها عالما، مجودا، ولي قضاء ريمة. وتوفي على القضاء في سنة ستين وخمس مائة. 2467 - [عبد الرحمن الصرحي] (3) عبد الرحمن بن المفضل بن عبد الملك الصرحي. ولي خطابة حرض، وإليه انتهت رئاسة الفقه بها. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لأخيه عبد الله.

(1) «معجم الأدباء» (7/ 247)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 354)، و «تاريخ الإسلام» (38/ 327)، و «العبر» (4/ 172)، و «مرآة الجنان» (3/ 344)، و «شذرات الذهب» (6/ 318). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 216)، و «السلوك» (1/ 363)، و «العطايا السنية» (ص 378)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 158)، و «تحفة الزمن» (1/ 291). (3) ستأتي ترجمته، وفيها: أنه توفي لبضع وسبعين وخمس مائة، فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 278).

2468 - [الحسين المقيبعي]

2468 - [الحسين المقيبعي] (1) الحسين بن خلف بن حسين المقيبعي. وكان فقيها فاضلا، عارفا بالأصول والفروع والحديث، أحد فقهاء تهامة المشهورين. ولما ملك ابن مهدي تهامة، ونفر منه الفقهاء .. خرج المذكور إلى عدن، فأقام بها مدة، فأخذ عنه القاضي أحمد القريظي، وعلي بن عبد الله المليكي وغيرهما، ثم سافر من عدن إلى بلد السودان، فأقام بها مدة، ثم ركب البحر يريد عدن، فعصفت بهم الريح، وألقتهم إلى ساحل أنحى-بفتح الهمزة، وسكون النون، وفتح الحاء المهملة، ثم ألف مقصورة-فتوفي هنالك في نصف شوال من سنة ستين وخمس مائة، وقبره مشهور هناك يزار ويتبرك به أهل تلك الناحية، ولم أتحقق أنه شافعي المذهب، وإنما كتبته هنا ظنا. 2469 - [ابن هبيرة الوزير] (2) أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الوزير الملقب: عون الدين. دخل بغداد شابا، فطلب العلم، وتفقه، وسمع الحديث، وقرأ القراءات، وشارك في الفنون حتى صار من فضلاء زمانه، ثم دخل في الكتابة، وولي مشارفة الخزانة، ثم ديوان الخاص، ولم يزل يترقى في الخدمة السلطانية حتى استوزره المقتفي، وكان شامة بين الوزراء لعدله ودينه، وتواضعه ومعروفه وفضله. روى عن جماعة. وسمع منه الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي وخلق كثير. وشرح «الجمع بين الصحيحين»، وألف كتابا في العبادات على مذهب الإمام أحمد، واختصر كتاب «إصلاح المنطق»، وله أرجوزة في علم الخط، وأخرى في المقصور والممدود. ولما ولاه المقتفي الوزارة .. امتنع من لبس خلعة الحرير، وحلف أنه لا يلبسها.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 243)، و «السلوك» (1/ 327)، و «العطايا السنية» (ص 300)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 351)، و «تحفة الزمن» (1/ 250)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 59). (2) «المنتظم» (10/ 473)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 323)، و «كتاب الروضتين» (1/ 440)، و «وفيات الأعيان» (6/ 230)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 426)، و «العبر» (4/ 172)، و «مرآة الجنان» (3/ 344)، و «شذرات الذهب» (6/ 319).

ومدحه الشعراء، ولأبي الفتح محمد بن عبد الله سبط التعاويذي فيه قصيدة يقول في أولها: [من الطويل] سقاها الحيا من أربع وطلول … حكت دنفي من بعدهم ونحولي ضمنت لها أجفان عين قريحة … من الدمع مدرار الشئون همول لئن حال رسم الدار عما عهدته … فعهد الهوى في القلب غير محيل ومنها: دعوت سلوّا فيك غير مساعد … وحاولت صبرا عنك غير جميل تعرفت أسباب الهوى وحملته … على كاهل للنائبات حمول فلم أحظ من لحظ الغواني بطائل … سوى رعي ليل بالغرام طويل إلى كم تمنيني الليالي بماجد … رزين وقار الحلم غير عجول أهزّ اختيالا في ذراه معاطفي … وأسحب تيها في ثراه ذيولي لقد طال عهدي بالنوال وإنني … لصبّ إلى تقبيل كف منيل وإنّ ندى يحيى الوزير لكافل … بها لي وعون الدين خير كفيل وكان مجلسه معمورا بالعلماء والبحث وسماع الحديث، أهدي إليه دواة مرصعة بمرجان وفي مجلسه جماعة منهم حيص بيص، فقال الوزير: يحسن أن يقال في هذه الدواة شيء من الشعر، فقال بعض الحاضرين: [من الطويل] ألين لداود الحديد كرامة … يقدّره في السّرد كيف يريد ولان لك البلّور وهو حجارة … ومعطفه صعب المرام شديد فقال حيص بيص: إنما وصفت صانع الدواة ولم تصفها، فقال له الوزير: من عيّر .. غيّر، فقال: حيص بيص: [من البسيط] صيغت دواتك من يوميك فاشتبها … على الأنام ببلور ومرجان فيوم سلمك مبيض بفيض ندى … ويوم حربك قان بالدم القاني توفي الوزير المذكور في سنة ستين وخمس مائة. قال اليافعي في «تاريخه»: (وقد تقدمت حكاية في السبب الذي نال به الوزارة في

2470 - [الداعي المكرم عمران]

ترجمة السيد معروف-عرفنا الله ببركته-في سنة مائتين) اهـ‍ (1) والذي أشار إليه في ترجمة معروف هو ما ذكر بعضهم أنه سمع مشايخ بغداد يحكون أن عون الدين ابن هبيرة كان سبب وزارته أنه قال: ضاق ما بيدي حتى فقدت القوة أياما، فأشار إلي بعض أهلي أن أمضي إلى قبر معروف الكرخي رحمه الله، وأسال الله عزّ وجل عنده؛ فإن الدعاء عنده مستجاب، قال: فأتيت قبر معروف الكرخي رحمه الله، فصليت عنده ودعوت، ثم خرجت لأقصد البلد؛ يعني: بغداد، فاجتزت بمحلة من محال بغداد، فرأيت مسجدا مهجورا، فدخلته لأصلي فيه ركعتين، فإذا مريض ملقى على بارية، فقعدت عند رأسه، فقلت له: ما تشتهي؟ فقال: سفرجلة، قال: فخرجت إلى بقّال هناك، فرهنت مئزري على سفرجلتين وتفاحة، وأتيته بذلك، فأكل من السفرجلة، ثم قال: أغلق باب المسجد، فأغلقته، فتنحى من البارية وقال: احفر ههنا، فحفرت، فإذا بكوز، فقال: خذ هذا، فأنت أحق به، فقلت: أما لك وارث؟ فقال: لا، إنما كان لي أخ وعهدي به بعيد، وبلغني أنه قد مات ونحن في الرصافة، قال: فبينما هو يحدثني؛ إذ قضى نحبه، فغسلته وكفنته، ثم أخذت الكوز وفيه مقدار خمس مائة دينار، وأتيت إلى دجلة لأعبرها، وإذا بملاح في سفينة عتيقة وعليه ثياب رثة، فقال: معي معي، وإذا به من أكثر الناس شبها بذلك الرجل، فقلت: من أين أنت؟ قال: من الرصافة، ولي بنات، وأنا صعلوك، فقلت: ما لك أحد؟ قال: لا، كان لي أخ، ولي منه زمان، وما أدري ما فعل الله به، فقلت: ابسط حجرك، فبسط، فصببت المال فيه، فبهت، فحدثته الحديث، فسألني أن آخذ نصفه، فقلت: لا والله ولا حبة، ثم صعدت إلى دار الخليفة، وكتبت رقعة، فخرج عليها إشراف المخزن، ثم تدرجت إلى الوزارة (2). 2470 - [الداعي المكرم عمران] (3) الداعي المكرم عمران بن الداعي المعظم محمد بن سبأ بن أبي السعود بن زريع بن العباس بن المكرم الهمداني، صاحب عدن والدملوة وغيرهما، ولي ذلك بعد وفاة أبيه.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 346). (2) القصة في «مرآة الجنان» (1/ 462) في ترجمة معروف الكرخي. (3) «السلوك» (2/ 504)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 279)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 473)، و «العقد الثمين» (6/ 423)، و «تحفة الزمن» (2/ 459)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 183).

كان ملكا جوادا كريما، مئلافا، اقتفى سيرة أبيه مع أخلاق زائدة، وزيادة لائقة. أثنى عليه عمارة في «مفيده» فقال فيه: لله در الداعي عمران ما أغزر ديمة جوده، وأكرم ينعة عوده، وأكثر وحشته في هذا الطريق من النظراء، وأقل مؤانسيه فيها من الملوك والأمراء، ولا يكذب من قال: إن الوفاء والجود ملة عمران خاتمها، بل حاتمها. قال: ومما شاع من كرمه أن الأديب أبا بكر بن يحيى العيدي مدحه بقصيدة طويلة اقترحها عليه الداعي عمران، وصف فيها مجلسه وما يحتوي عليه من الآلات، وأولها: [من الكامل] فلك مقامك والنجوم كئوس … بسعوده التثليث والتسديس فطرب الداعي وارتاح، وسلم إليه ولده أبا السعود بن عمران وقال: قد أجزتك بهذا، فأقعده الأديب أبو بكر عن يمينه، فلم يلبث أن وصل أستاذ الدار يستأذنه في دخول الولد الدار إلى أهله، فأذن له الأديب في ذلك، فقال الداعي عمران للأديب: إذا أرغبوك في بيعه .. فاستنصف في الثمن، فلم يلبث إلا قليلا حتى خرج الولد في يده قدح من فضة فيه ألف دينار وسبع مائة دينار وخلعة، فقال له الداعي: بكم أتاك الولد، فأخبره بالمبلغ، فقال له الداعي: وقد أطلقت عليك مكس المركب الفلاني ألفي دينار، فاقبضها، وكتب له خطه بذلك، فقبضها. وللأديب أبي بكر العيدي فيه القصائد المختارة، وكذلك للفقيه عمارة فيه المدائح الفائقة. ولم يزل عمران المذكور قائما بدعوة الفاطميين إلى أن مات في سنة ستين وخمس مائة. قال الجندي: (فنقله الأديب أبو بكر بن أحمد العيدي من عدن إلى مكة المشرفة بعد أن طلا بدنه بالممسكات، وقبره بمكة المشرفة. قال: ومن مآثره الباقية بعدن المنبر المنصوب بجامعها، واسمه مكتوب عليه، وهو منبر له حلاوة في النفس، وطلاوة في العين) (1). وتوفي عن ثلاثة أولاد صغار لم يبلغوا الحلم، وهم: منصور ومحمد وأبو السعود، وجعل كفالتهم إلى الأستاذ أبي الدر جوهر المعظمي، فنقلهم إلى عنده بالدملوة، وتم

(1) «السلوك» (2/ 504).

2471 - [ابن الأبار الزبيدي]

وزيره ياسر بن بلال حافظا لهم عدن إلى أن انتزعها منه المعظم توران شاه بن أيوب في سنة تسع وستين كما سيأتي (1)، والله سبحانه أعلم. 2471 - [ابن الأبار الزّبيدي] (2) عبد الله بن أبي القاسم بن الحسن أبو محمد، المعروف بابن الأبار. تفقه بابن عبدويه، وحج، فأخذ عن أبي نصر البندنيجي. وكان فقيها مبرزا، محققا، كبير القدر، شهير الذكر، انتهت إليه رئاسة التدريس والفتوى بزبيد. وبه تفقه جماعة، منهم: عبد الله بن عيسى الهرمي، ومحمد بن عطية، وعمارة وغيرهم. وكان معظما عند الناس. وقف الشاعر المعروف بالفرنوق وقد اغتص مجلسه بالزحام من الطلبة، ولم يجد موضعا، فأنشد: [من المنسرح] مجلسك الرحب من تزاحمه … لا يسع المرء فيه مقعده كلّ على قدره ينال فذا … يلقط منه وذاك يحصده فقال الفقيه: افرجوا له، فأفرجوا له، وقعد. وكان مع كمال فضله له شعر جيد، ومنه مدح في الإمام ابن الصباغ «وشامله»: [من البسيط] أحيا الإمام أبو نصر بشامله … علم ابن إدريس ذي التحرير محتسبا وأوضح الحجج اللاتي إذا قرعت … سمع امرئ قد شدا في علمه طربا إذا تصوره ذو فطنة وذكا … حوى علوما وحاز العلم مكتسبا وصار صدرا إذا ما مشكل نزلت … سمعت منه لديها منطقا عجبا فالله يجزيه بالحسنى ويأجره … فيما ابتغاه ويعطيه الذي طلبا ولم أقف على تاريخ وفاته، وأظنها في هذه العشرين، والله أعلم. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما

(1) انظر (4/ 273). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 244)، و «السلوك» (1/ 326)، و «العطايا السنية» (ص 375)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 141)، و «تحفة الزمن» (1/ 249).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والأربعون بعد الخمس مائة فيها: أخذت الفرنج-خذلهم الله-طرابلس المغرب بالسيف، ثم عمروها (1). وفيها-وفي التي بعدها-: كان الغلاء المفرط بإفريقية، حتى أكلوا لحوم الآدميين (2). وفيها: توفي إسماعيل بن أبي سعد الصوفي، وسعد الخير بن محمد الأنصاري، ووجيه الشحامي، وزنكي بن آق سنقر. وفيها: قتل نعمان بن أحمد بن الدغار (3). *** السنة الثانية والأربعون فيها-كالتي قبلها-: كان الغلاء المفرط بإفريقية، حتى أكلوا لحوم الآدميين (4). وفيها: توفي أحمد بن عبد الله الأبنوسي، وأبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن البطروجي، ودعوان المقرئ، وعلي بن الإمام أبي نصر عبد السيد ابن الصباغ، وعمر بن ظفر المغازلي، وأبو عبد الله محمد بن علي الجلابي، وأبو الفتح نصر الله المصيصي، وأبو السعادات هبة الله ابن الشجري. *** السنة الثالثة والأربعون [فيها]: نازلت الفرنج دمشق في عشرة آلاف فارس وستين ألف راجل، فبرز لهم عسكر البلد، فاستشهد نحو مائتين، ثم برزوا في اليوم الثاني، فاستشهد جماعة، وقتل من الفرنج

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 140)، و «العبر» (4/ 111)، و «مرآة الجنان» (3/ 274)، و «شذرات الذهب» (6/ 209). (2) «العبر» (4/ 114)، و «مرآة الجنان» (3/ 275). (3) «تاريخ شنبل» (ص 35). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 154)، و «العبر» (4/ 114)، و «مرآة الجنان» (3/ 275)، و «شذرات الذهب» (6/ 213).

السنة الرابعة والأربعون

عدد كثير، فلما كان في اليوم الخامس .. وصل غازي وأخوه نور الدين في عشرين ألفا إلى حماة، وكان أهل دمشق في الاستغاثة والتضرع إلى الله تعالى، وأخرجوا المصحف العثماني إلى صحن الجامع، وضج النساء والأطفال مكشفين الرءوس، وصدقوا الافتقار إلى الله تعالى، فأغاثهم الله سبحانه، فركب قسيس الفرنج على حمار في عنقه صليب وفي يديه صليب وقال: أنا قد وعدني المسيح أن آخذ دمشق، فاجتمعوا حوله، وحمل على البلد، فحمل عليه المسلمون فقتلوه لعنه الله، وقتلوا حماره، وأحرقوا الصلبان، ووصلت النجدة، فانهزمت الفرنج، وأصيب منهم خلق (1). وفيها: تجمع أصحاب الأطراف للخروج على السلطان، وقصدوا العراق، وانضم إليهم علي بن دبيس، وجاء معهم محمد بن شاه بن محمود، وقام الظاهر ببغداد، ونهبوا السواد ثم تفرقوا، وفاز قيصر بأذربيجان (2). وفيها: توفي أبو تمام أحمد بن المؤيد بالله، وأبو إسحاق بن نبهان الغنوي، والخضر ابن عبدان، وقاضي القضاة علي بن الحسين الزينبي، ومحمد بن علي الداية، والمبارك بن كامل، وأبو الدر ياقوت الرومي، وأبو الحجاج يوسف الفندلاوي. وفيها: استشهد غازيا شاهنشاه بن نجم الدين أيوب. *** السنة الرابعة والأربعون فيها: غزا محمود بن زنكي بن آق سنقر، فقتل ملك أنطاكية، واستولى على عسكر الفرنج، وفتح كثيرا من قلاعهم (3). وفيها: مات غازي بن زنكي بن آق سنقر، وقام مقامه بالموصل أخوه مودود. وفيها: ورد السلطان سنجر الري (4). وفيها: قصد ملك شاه بن محمود همذان وعاث فيها، فقصد إليه عسكر دفعوه عنها.

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 158)، و «العبر» (4/ 116)، و «مرآة الجنان» (3/ 277)، و «البداية والنهاية» (12/ 731)، و «شذرات الذهب» (6/ 219). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 161)، و «العبر» (4/ 118)، و «البداية والنهاية» (12/ 732). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 170)، و «كتاب الروضتين» (1/ 204)، و «العبر» (4/ 120)، و «البداية والنهاية» (12/ 734). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 162)، و «تاريخ الإسلام» (37/ 20).

السنة الخامسة والأربعون

وفيها: كانت زلزلة بحلوان، فتقطع منها الجبل، وفسدت العقبة (1). وفيها: توفي أحمد بن نظام الملك الحسن بن علي وقد وزر للسلطان محمد، وبعده للمسترشد بالله. وفيها: توفي القاضي أبو بكر الأرجاني، وصاحب مصر الحافظ لدين الله عبد المجيد، والقاضي عياض اليحصبي. *** السنة الخامسة والأربعون فيها: أخذت العربان ركب العراق في عودهم من الحج، ونهب لخاتون أخت السلطان مسعود ما قيمته مائة ألف دينار، وتمزق الناس، ومات خلق جوعا وعطشا (2). وفيها: نازل السلطان نور الدين محمود بن زنكي دمشق وضايقها، فخرج إليه صاحبها مجير الدين، ووزيره ابن الصوفي، فخلع عليهما، ورجع إلى حلب وقد أحبته الناس لما رأوا من دينه (3). وفيها: توفي المبارك بن أحمد الكندي، ومحمد بن عبد العزيز بن البيع. *** السنة السادسة والأربعون فيها: توفي أبو النصر عبد الرحمن الفامي، وعمر بن علي البلخي، والقاضي أبو بكر بن العربي-فيما ذكره الذهبي (4) -ونوشتكين الرضواني، وأبو الأسعد هبة الرحمن القشيري، وأبو الوليد يوسف بن الدباغ. ***

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 172)، و «تاريخ الإسلام» (37/ 20)، و «البداية والنهاية» (12/ 734). (2) «المنتظم» (10/ 387)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 175)، و «العبر» (4/ 123)، و «مرآة الجنان» (3/ 284). (3) «كتاب الروضتين» (1/ 241)، و «العبر» (4/ 123)، و «مرآة الجنان» (3/ 284)، و «البداية والنهاية» (12/ 737). (4) انظر «العبر» (4/ 125).

السنة السابعة والأربعون

السنة السابعة والأربعون فيها: مات السلطان مسعود بن محمد بن ملك شاه السلجوقي، وأبو عبد الله بن غلام الفرس، وأبو الفضل الأرموي، ومحمد بن منصور الحرضي. وفيها: مات فارس بن فهد في صفر، وولي تريم بعده راشد بن شجعنة بن فهد (1). وفيها: مات عبد الباقي بن فارس بن راشد بن إقبال بمأرب (2). *** السنة الثامنة والأربعون فيها: خرجت الغز-وهم تركمان ما وراء النهر-على خراسان، فالتقاهم سنجر، فاستباحوا عسكره قتلا وأسرا، ثم هجموا نيسابور، فقتلوا فيها قتلا ذريعا، ثم أخذوا بلخ، وأسر السلطان سنجر، فبقي في أيديهم، وكانوا نحو مائة ألف، فلما ملكت الخطا ما وراء النهر .. طردوا عنها هؤلاء الغز، فنزلوا بنواحي بلخ، ثم بارزوا، وعملوا بخراسان ما لا يعمله الكفار؛ من القتل والسبي والمصادرة والعذاب، ثم تجمع عسكر خراسان، فواقعوا الغز وقعات كان الظفر في أكثرها للغز (3). وفي السنة المذكورة: أخذت الفرنج عسقلان بعد عدة حصارات، وكان المصريون يمدونها بالرجال والذخائر، فاختلف عسكرها، وقتل منهم جماعة، فاغتنم الفرنج غفلتهم، فركبوا الأسوار ودخلوها (4). وفيها: توفي أحمد بن أبي غالب الوراق، وأبو الحسين أحمد بن منير الأطرابلسي، وأبو عبد الله محمد بن نصر القيسراني، وأبو الفتح عبد الملك بن عبد الله الكروخي، وأبو الحسن علي بن الحسن الزاهد الحنفي الواعظ، وعلي بن السلار الكردي الملقب بالملك العادل وزير صاحب مصر الظافر العبيدي، وأبو الفتح محمد بن عبد الكريم

(1) «تاريخ شنبل» (ص 37)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (ص 90). (2) «تاريخ شنبل» (ص 37)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (ص 91). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 199)، و «العبر» (4/ 128)، و «مرآة الجنان» (3/ 286)، و «البداية والنهاية» (12/ 741). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 209)، و «كتاب الروضتين» (1/ 288)، و «العبر» (4/ 129)، و «مرآة الجنان» (3/ 286).

السنة التاسعة والأربعون

الشهرستاني المتكلم الأشعري، وأبو طاهر محمد بن محمد المروزي الحافظ خطيب مرو، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني، وهبة الله بن أبي شريك الحاسب الحشوي، والإمام محمد بن يحيى تلميذ الغزالي. وفيها: ولد شجعنة بن راشد بن شجعنة بن فهد الحضرمي (1). *** السنة التاسعة والأربعون فيها: تمكن الخليفة المقتفي بالله بموت السلطان مسعود، وكان عسكره ستة آلاف، فأنفق فيهم ثلاث مائة ألف دينار، وجهزهم مع الوزير ابن هبيرة، وحرض بعض كبار الدولة السلطان محمدا على قصد العراق، فجمع التركمان وجاء، فسار المقتفي لحربهم، ونازلهم أياما، ثم عمل المصاف في رجب، فانهزمت ميسرة المقتفي، فحمل بنفسه، ورفع الصرخة، وسل السيف، فوقعت الهزيمة على التركمان، فأخذ لهم فيما قيل: أربع مائة ألف رأس غنم، وأسرت أولادهم، ثم مالوا على واسط، فسار ابن هبيرة بالعساكر، فهزمهم ورجع منصورا، فتلقاه المقتدي (2). وفيها: نزل الخارجي علي بن مهدي إلى تهامة اليمن بمن معه من العساكر وهو يستبيح دماء المسلمين، وكان عقيدته التكفير بالذنب (3). وفيها أيضا: همّ محمد شاه قصد بغداد، فاستعرض الخليفة المقتدي جيشه، فزادوا على اثني عشر ألف فارس، فضعف عزم محمد شاه، وخامر عليه جماعة أمراء، ولجئوا إلى الخليفة (4). وفي صفر منها: أخذ نور الدين محمود بن زنكي دمشق من مجير الدين أبق بن بوري بن طغتكين على أن يعوضه بحمص، ولم يتم ذلك له، فغضب، وسار إلى بغداد، وبنى بها

(1) «تاريخ شنبل» (ص 38)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (ص 91). (2) «المنتظم» (10/ 403)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 205)، و «العبر» (4/ 134)، و «مرآة الجنان» (3/ 292). (3) «مرآة الجنان» (3/ 292)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 362). (4) «العبر» (4/ 135)، و «مرآة الجنان» (3/ 294).

السنة الموفية خمسين بعد الخمس مائة

دارا حسنة، وبقي بها مدة، وكتب المقتفي عهدا بالسلطنة لنور الدين، وأمره بالمسير إلى مصر، فاشتغل عن ذلك بحرب الفرنج (1). وفيها-وقيل: في سنة أربع وستين-: كانت قصة أهل قرية المغلف، وهي قرية بين الكدراء والمهجم قريبة من الجند، وفي كتاب «المستبصر» قال: هما قريتان من أعمال الحثة، تسمى إحداهما: المغلف، والأخرى: الأسيخلة، أرسل الله عليهم سحابة سوداء من قبل اليمن فيها رجف وبرق وشعل نار تلتهب، فلما رأوا ذلك .. زالت عقولهم من هول ما رأوا، فالتجأ من التجأ منهم إلى المساجد، فغشيهم العذاب، وحملت الريح أكثر أهل القرية من تحت الثرى بمساكنهم ومن فيها من الناس والدواب والنساء والأطفال، فألقتهم مكانا بعيدا على نحو من خمسة أميال، فوجدوا حيث ألقتهم الريح صرعى ولبعضهم أنين وهم صم بكم عمي حتى ماتوا، وقيل: احتملتهم الريح حتى ألقتهم في البحر، هكذا ذكر أبو الحسن الخزرجي عن الإمام علي بن أبي بكر بن فضيل (2)، وسيأتي في سنة أربع وستين كلام «المستبصر». وفيها: توفي مؤيد الدولة، وزير صاحب دمشق. وفيها: قتل الظافر إسماعيل بن الحافظ العبيدي صاحب مصر، ووزيره عباس، وابنه نصر بن عباس، وأبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، وأبو العشائر محمد بن خليل القيسي، وأبو المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري، ونصر بن المظفر البرمكي، وعبد الخالق الشحامي. *** السنة الموفية خمسين بعد الخمس مائة فيها: دخل طلائع القاهرة، فانهزم منه عباس وابنه نصر الذي كان قتل الظافر (3). وفيها: توفي الداعي أبو عمران محمد بن سبأ صاحب عدن والدملوة وغيرهما.

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 217)، و «كتاب الروضتين» (1/ 301)، و «العبر» (4/ 135)، و «مرآة الجنان» (3/ 295)، و «البداية والنهاية» (12/ 742). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 362). (3) «العبر» (4/ 139)، و «مرآة الجنان» (3/ 296).

السنة الحادية والخمسون

وفيها: توفي سعيد بن البناء، والحافظ محمد بن ناصر السلامي البغدادي، وأبو الفتح ابن عبد السلام، وأبو الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري. *** السنة الحادية والخمسون فيها: توفي إسماعيل بن علي النيسابوري، وسلمان الشحام، وعلي بن محمد اليزدي، ومحمد بن عبيد الله الرطبي، والشيخ أبو البيان. *** السنة الثانية والخمسون فيها: نازل بغداد محمد شاه بن السلطان محمود، واختلف عسكر الخليفة المقتفي عليه، وقاتلت العامة، ونهب الجانب الغربي، واشتد الخطب، واقتتلوا في السفن أشد قتال، وفرق المقتفي الأموال والسلاح، ونهض أتم نهوض، حتى إنه من جملة ما عمل له بعض الزجاجين ثمانية عشر ألف قارورة للنفط، ودام الحصار نحوا من شهرين، وقتل خلق من الفريقين، وجاءت الأخبار بأخذ همذان وهي لمحمد شاه، فقلق لذلك، وقلت عليهم الميرة، وجرت أمور طويلة، ثم ترحلوا خائبين (1). وفيها: خرجت الإسماعيلية على حجاج خراسان، فقتلوا وسبوا واستباحوا الركب، وضج الضعفاء والجرحى، وشيخ إسماعيلي ينادي: يا مسلمين؛ ذهبت الملاحدة فأبشروا، ومن هو عطشان .. سقيته، فبقي إذا كلمه أحد .. جهز عليه، فهلكوا كلهم إلى رحمة الله تعالى (2). وفيها: اشتد القحط بخراسان، وتخربت بأيدي الغز، ومات سلطانها سنجر، وغلب كل أمير على بلد، واقتتلوا، وتغيرت الرعية الذين نجوا من القتل (3).

(1) «المنتظم» (10/ 419)، و «العبر» (4/ 145)، و «مرآة الجنان» (3/ 299)، و «البداية والنهاية» (12/ 748). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 243)، و «العبر» (4/ 146)، و «مرآة الجنان» (3/ 299)، و «شذرات الذهب» (6/ 266). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 245)، و «العبر» (4/ 146)، و «مرآة الجنان» (3/ 299)، و «البداية والنهاية» (12/ 749).

السنة الثالثة والخمسون

وفيها: هزم نور الدين محمود بن زنكي الفرنج على صفد، وكانت وقعة عظيمة (1). وفيها: حصلت زلزلة عظيمة بالشام، فهلك بحلب تحت الردم نحو خمس مائة، وخربت أكثر حماة، ولم ينج من بعض البلاد إلا خادم وامرأة، ثم عمرها نور الدين (2). وفيها: أخذ نور الدين المذكور من الإفرنج غزة وبانياس (3). وفيها: توفي شمس الملك إبراهيم بن رضوان السلجوقي، تملك حلب مدة، ثم أخذها منه زنكي، وعوضه نصيبين. وفيها: توفي السلطان سنجر بن ملك شاه، وأبو علي الخراز، وعبد الصبور الهروي، وعثمان بن علي البيكندي، وأبو بكر بن الزاغوني، وأبو الحسن ابن الخل الفقيه، ونصر بن نصر العكبري، وأبو مروان عبد الملك بن مسرّة اليحصبي، ومحمد بن عبد اللطيف الخجندي، وأبو عبد الله الحسين بن نصر الموصلي. *** السنة الثالثة والخمسون قال ابن الأثير: (فيها: نزل ألف وسبع مائة من الإسماعيلية على روق كبير للتركمان، فجاوزه عسكر التركمان، فأحاطوا بهم، ووضعوا فيهم السيف، فلم ينج من الإسماعيلية إلا تسعة أنفس) (4). وفيها: توفي الحافظ أبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وعبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد الأصبهاني المعروف بكوتاه، وعلي بن عساكر الخشاب، وعمر بن أحمد الصفار، ومحمد بن عبيد الله الكاتب المعروف بابن التعاويذي. وإلى هذه السنة انتهى التاريخ المجهول الذي وقفت عليه ونقلت منه كثيرا. ***

(1) «المنتظم» (10/ 426)، و «العبر» (4/ 146)، و «مرآة الجنان» (3/ 299)، و «شذرات الذهب» (6/ 267). (2) «المنتظم» (10/ 426)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 237)، و «كتاب الروضتين» (1/ 332)، و «العبر» (4/ 146)، و «مرآة الجنان» (3/ 299)، و «البداية والنهاية» (12/ 748). (3) «العبر» (4/ 146)، و «مرآة الجنان» (3/ 299)، و «شذرات الذهب» (6/ 267). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 254).

السنة الرابعة والخمسون

السنة الرابعة والخمسون فيها: سار عبد المؤمن في مائة ألف، فنازل المهدية برا وبحرا، وأخذها من الفرنج بالأمان، فخرجوا منها في البحر وقت الشتاء، فغرق أكثرهم، ولله الحمد (1). وفيها: دخل الغز نيسابور، ووقعت فتنة وحروب، وحمية وعصبية بين الشافعية والعلوية ومعهم الحنفية في نيسابور، وتعبت الرعية، وأحرقت أسواق ومدارس، ووقع القتل في الشافعية، ثم انتصروا وبالغوا في أخذ الثأر، وحرقوا مدرسة الحنفية (2). وفيها: توفي محمد شاه بن السلطان محمود بن محمد بن ملك شاه السلجوقي، وكان كريما عاقلا. وفيها: توفي أحمد بن محمد العباسي نقيب الهاشميين، وأبو زيد جعفر بن زيد الحموي، والحسن بن جعفر بن المتوكل العباسي. *** السنة الخامسة والخمسون فيها: توفي سلطان غزنة خسرو شاه، والفائز بن الظافر العبيدي سلطان مصر، والخليفة المقتفي لأمر الله، وحمزة بن أسد القلانسي الدمشقي، وحمزة بن الحبوبي، وقاضي العراق أبو جعفر عبد الواحد بن أحمد الثقفي، وأبو الفتوح محمد بن محمد الطائي. *** السنة السادسة والخمسون فيها: توفي سلطان الغور الحسين بن الحسين، وسليمان شاه بن السلطان محمد السلجوقي، وطلائع بن رزيك الملقب بالملك الصالح وزير مصر، وسلطان ما وراء النهر خاقان محمود بن محمد التركي ابن بنت السلطان ملك شاه السلجوقي.

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 257)، و «العبر» (4/ 153)، و «مرآة الجنان» (3/ 307)، و «البداية والنهاية» (12/ 754)، و «شذرات الذهب» (6/ 282). (2) «العبر» (4/ 154)، و «مرآة الجنان» (3/ 307).

السنة السابعة والخمسون

وفيها: توفي أبو حكيم النهرواني الزاهد، وأبو الفتح عبد الوهاب بن محمد المالكي المقرئ. وفيها: ولي أحمد بن إبراهيم أبا جحوش قضاء شبام مكان أخيه (1). وفيها: ولد الإمام الرافعي. *** السنة السابعة والخمسون فيها: حج الركب العراقي، وحيل بينهم وبين البيت إلا شرذمة يسيرة، ورجع الناس بلا طواف (2). وفيها: قويت شوكة ابن مهدي، وأغار على الجند وبواديها، وقتل من قتل في تلك النواحي (3). وفيها: توفي أبو مروان عبد الملك بن زهر الإشبيلي الطبيب، والشيخ الصالح عدي بن مسافر الهكاري، والحافظ الكبير علي بن أبي بكر العرشاني اليمني، والمؤيد بن محمد الآلوسي الشاعر المشهور، وهبة الله بن أحمد الشبلي، وحمزة بن أحمد ابن كرّوس. *** السنة الثامنة والخمسون فيها: دخل مهدي بن علي بن مهدي الجند، فقتل أهلها، وأحرق المسجد، وكان ذلك في ثامن عشر شوال من السنة المذكورة، ثم عاد إلى زبيد، ومات بها، وولي أخوه عبد النبي المعروف بالسيد (4). وفيها: مات عبد المؤمن بن علي القيسي الكومي سلطان المغرب، والإمام يحيى بن أبي الخير العمراني صاحب «البيان»، وهبة الله بن الفضل البغدادي الشاعر المعروف بابن

(1) «تاريخ شنبل» (ص 41)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 92). (2) «المنتظم» (10/ 457)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 295)، و «العبر» (4/ 162)، و «مرآة الجنان» (3/ 312). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 179). (4) «السلوك» (2/ 519)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 412)، و «بغية المستفيد» (ص 76)، و «اللطائف السنية» (ص 94).

السنة التاسعة والخمسون

القطان، وأحمد بن قدامة، ومحمد بن عبد الكريم الشيباني الكاتب، والحافظ بن الحافظ شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي الهمذاني. *** السنة التاسعة والخمسون فيها: كسر نور الدين الفرنج، وأحاط بهم المسلمون، واستحر القتل فيهم، فأسر صاحب أنطاكية وصاحب طرابلس، وتسلّم نور الدين بعض القلاع (1). وفيها: سار ملك القسطنطينية بجيوشه قاصدا بلاد الإسلام، فلما قاربوا مملكة أرسلان .. جعل التركمان يبيتونهم ويغيرون عليهم في الليل حتى قتلوا منهم نحو عشرة آلاف، فردوا بذلة وخيبة، وطمع فيهم المسلمون، وأخذوا لهم عدة حصون (2). وفيها: سير نور الدين عسكرا إلى مصر مقدمهم أسد الدين شيركوه؛ نجدة لشاور، فدخلوا مصر، وقتلوا الملك المنصور ضرغام الدين الذي كان قهر شاور السعدي، ثم تمكن شاور، وخاف من عسكر نور الدين، واستنجد بالفرنج، فأنجدوه من القدس وما يليه، ثم صالحوا أسد الدين، ورجع إلى الشام (3). وفيها: مات صاحب سجستان نصر بن خلف، ووزير الموصل المعروف بالجواد الأصبهاني. وفيها: خرج عبد النبي بن علي بن مهدي في أصحابه إلى جهة أبين، فوصلها خامس عشر صفر من السنة المذكورة، فحرق أبين، وقتل من أهلها عالما، ورجع إلى زبيد (4). وفيها: توفي أبو سعد عبد الوهاب الكرماني، وعلي بن حمزة الهروي، وأبو الخير الباغبان. ***

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 308)، و «العبر» (4/ 166)، و «مرآة الجنان» (3/ 341)، و «البداية والنهاية» (12/ 763)، و «شذرات الذهب» (6/ 311). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 318)، و «العبر» (4/ 167)، و «مرآة الجنان» (3/ 341). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 305)، و «كتاب الروضتين» (1/ 403)، و «العبر» (4/ 167)، و «مرآة الجنان» (3/ 341)، و «البداية والنهاية» (12/ 762). (4) «طراز أعلام الزمن» (2/ 176)، و «بغية المستفيد» (ص 76)، و «اللطائف السنية» (ص 94).

السنة الموفية ستين بعد الخمس مائة

السنة الموفية ستين بعد الخمس مائة فيها: وقعت فتنة هائلة بأصبهان تعصبا للمذاهب، وبقي الشر والقتل والقتال ثمانية أيام، واحترقت أماكن كثيرة، وقتل خلق كثير (1). وفيها: توفي الوزير ابن هبيرة، والقاضي أبو يعلى الصغير البغدادي الحنبلي، والإمام أبو القاسم عمر بن محمد الشافعي الجزيري-بالجيم والزاي-إمام جزيرة ابن عمر ومفتيها، وأبو المعمر حذيفة بن سعد الأزجي. وفيها: توفي الداعي المكرم عمران بن محمد بن سبأ، صاحب عدن والدملوة وغيرهما. وفيها: توفي أبو العباس بن الحطيئة، وحسان بن تميم، وأبو المظفر الفلكي، وأبو طالب محمد بن محمد العلوي. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 322)، و «العبر» (4/ 169)، و «مرآة الجنان» (3/ 343)، و «البداية والنهاية» (12/ 765).

العشرون الرابعة من المائة السادسة

العشرون الرابعة من المائة السادسة [الاعلام] 2472 - [الحسن الرستمي] (1) حسن بن العباس الأصبهاني مسند أصبهان، الإمام أبو عبد الله الرستمي الفقيه الشافعي. سمع أبا عمرو بن منده، وطائفة. وتفرد، ورحل إليه. وكان زاهدا ورعا خاشعا، فقيها مفتيا محققا، تفقه بجماعة. توفي سنة إحدى وستين وخمس مائة. 2473 - [أبو محمد الصنهاجي] (2) أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن علي المغربي الصنهاجي الحافظ. روى عن أبي الحسن الجذامي، والقاضي عياض. وكان عالما بالحديث وطرقه، وبالنحو واللغة والنسب، كثير الفضائل. توفي سنة إحدى وستين وخمس مائة وقبره بظاهر بعلبك. 2474 - [عبد القادر الجيلاني] (3) أبو محمد محيي الدين عبد القادر بن أبي صالح موسى بن أبي عبد الله بن يحيى بن

(1) «المنتظم» (10/ 478)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 326)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 73)، و «العبر» (4/ 174)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 61)، و «مرآة الجنان» (3/ 347)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 64). (2) «تاريخ الإسلام» (39/ 81)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 466)، و «العبر» (4/ 174)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 536)، و «مرآة الجنان» (3/ 347)، و «شذرات الذهب» (6/ 330). (3) «المنتظم» (10/ 478)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 326)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 86)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 439)، و «العبر» (4/ 175)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 38)، و «مرآة الجنان» (3/ 347)، و «البداية والنهاية» (12/ 768)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 253).

محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب الجيلي الولي المشهور، شيخ الشيوخ. قيل: إنه منسوب إلى جيل-بكسر الجيم، وسكون المثناة من تحت-وهي بلاد متفرقة وراء طبرستان، ولد الشيخ عبد القادر بها في سنة سبعين أو إحدى وسبعين وأربع مائة، ودخل بغداد سنة ثمان وثمانين وهو ابن ثماني عشرة سنة، وهي التي توفي فيها رزق الله بن عبد الوهاب التميمي. واشتغل بالقرآن العظيم حتى أتقنه وعمّر بدراسته سره وعلنه. تفقه بأبي الوفاء علي بن عقيل، وأبي الخطاب محفوظ بن أحمد، وأبي الحسين محمود بن القاضي أبي يعلى، وأبي سعد بن المبارك بن علي المخرمي، وأخذ عنهم مذهبا وخلافا، وفروعا وأصولا. وسمع الحديث من جمع كثير، منهم: أبو غالب محمد بن الحسن الباقلاني، وأبو سعد محمد بن عبد الكريم، وأبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون وغيرهم. وقرأ الأدب على أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي، وصحب الشيخ العارف حماد بن مسلم الدباس وتأدب به، وأخذ عنه علم الطريقة، وأخذ الخرقة الشريفة من يد القاضي أبي سعد المخرمي مقدم الذكر. ولقي جماعة من أكابر المشايخ العارفين بالله، فأخذ عنهم، وتأدب بهم حتى فاق أهل زمانه، وتميز على أقرانه، ووقع له القبول التام، عند الخاص والعام، مع الهيبة والجلالة الوافرة. وجدد عمارة مدرسة شيخه أبي سعد المخرمي، وزاد فيها زيادة كثيرة، وفرغ من عمارتها في سنة ثمان وعشرين وخمس مائة، وتصدر فيها للتدريس والوعظ والفتوى، وقصد بالزيارة والنذور من أقاصي الدنيا، وانتفع به جمع من العلماء والصلحاء، وانتهت إليه تربية المريدين بالعراق، وقصده الناس من جميع الآفاق. قال الشيخ عبد الله اليافعي: (وأما كراماته .. فخارجة عن الحصر، وقد ذكرت شيئا منها في «نشر المحاسن») (1).

(1) «مرآة الجنان» (3/ 356).

2475 - [أبو سعد السمعاني]

واقتصر في «التاريخ» على واحدة منها، وهي: (أن دجاجة كان قد أكلها ولم يبق إلا عظامها، فقال: قومي بإذن الله تعالى الذي يحيى العظام وهي رميم، فقامت دجاجة سوية، وصاحت) (1). وغالب خرقة مشايخ اليمن ترجع إليه نفع الله به. أمه أم الخير فاطمة بنت أبي عبد الله الصومعي الزاهد، كان لها حظ وافر من الخير والصلاح، وكان الصومعي من جلة مشايخ جيلان ورؤساء زهادهم، له الأحوال السنية، والكرامات الجلية، وكان الشيخ عبد القادر-نفع الله به-يعرف في جيلان بسبط أبي عبد الله الصومعي. وأخو الشيخ عبد القادر أبو أحمد عبد الله نشأ نشوءا صالحا في العلم والخير، ومات بجيلان شابا. وعمته المرأة الصالحة أم محمد عائشة بنت عبد الله ذات الكرامات الظاهرة. يحكى أن بلاد جيلان أجدبت مرة، واستسقى أهلها فلم يسقوا، فأتى المشايخ إلى دار الشيخة عائشة المذكورة، وسألوها الاستسقاء لهم، فقامت إلى رحبة بيتها، وكنست الأرض، وقالت: يا رب؛ أنا كنست، فرشّ، فلم يلبثوا أن مطرت السماء كأفواه القرب، فرجعوا يخوضون في الماء. توفي الشيخ عبد القادر المذكور في سنة إحدى وستين وخمس مائة. 2475 - [أبو سعد السمعاني] (2) أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي السمعاني. توفي سنة إحدى وستين وخمس مائة. ذكره ابن الأثير الجزري في «مختصره» فقال: (أبو سعد واسطة عقد البيت السمعاني، وعينهم الباصرة، ويدهم الناصرة، وإليه انتهت رئاستهم، وبه كملت سيادتهم.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 356). (2) «المنتظم» (10/ 485)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 334)، و «اللباب في تهذيب الأنساب» (1/ 13)، و «وفيات الأعيان» (3/ 209)، و «العبر» (4/ 178)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1316)، و «مرآة الجنان» (3/ 366) و (3/ 371)، و «البداية والنهاية» (12/ 771).

2476 - [الخضر بن شبل]

رحل في طلب العلم والحديث إلى شرق الأرض وغربها، وشمالها وجنوبها، وإلى ما وراء النهر وسائر بلاد خراسان مرات، وإلى قومس والري وأصبهان وهمذان وبلاد الجبال والعراق والحجاز والموصل والجزيرة والشام وغيرها من البلاد التي يطول ذكرها، ويتعذر حصرها، ولقي العلماء وجالسهم وأخذ عنهم، واقتدى بأفعالهم الجميلة، وآثارهم الحميدة، وروى عنهم، وكانت عدة شيوخه تزيد على أربعة آلاف شيخ) (1). وكان حافظا ثقة، مكثرا، واسع العلم، كثير الفضائل، ظريفا لطيفا، مبجلا نظيفا، نبيلا شريفا. وصنف التصانيف الحسنة المفيدة، من ذلك: «تذييل تاريخ بغداد» للخطيب أبي بكر نحو خمسة عشر مجلدا، و «تاريخ مرو» يزيد على عشرين مجلدا، و «الأنساب» نحو ثماني مجلدات، وهو الذي اختصره ابن الأثير المذكور. ولد أبو سعد المذكور يوم الاثنين الحادي والعشرين من شعبان سنة ست وخمس مائة. وتوفي سنة إحدى وستين وخمس مائة كما تقدم، وهو مذكور في الأصل، لكن ذكر وفاته سنة اثنتين وستين وخمس مائة (2)، وأعاده اليافعي في سنة اثنتين وستين بأبسط مما ذكر أولا (3). وكان أبوه إماما فاضلا حافظا شافعيا، له عدة تصانيف، وشعر غسله قبل موته، وإملاء لم يسبق إلى مثله، وتوفي أبوه المذكور وقت فراغ الناس من صلاة الجمعة ثاني صفر سنة عشر وخمس مائة، والله أعلم. 2476 - [الخضر بن شبل] (4) أبو البركات الخضر بن شبل الفقيه الشافعي.

(1) «اللباب في تهذيب الأنساب» (1/ 14). (2) وممن ذكره في وفيات سنة (562 هـ‍): ابن الأثير في «اللباب» (1/ 16)، وابن خلكان في «وفيات الأعيان» (3/ 210) والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (4/ 1318)، و «العبر» (4/ 178)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (563 هـ‍). (3) انظر «مرآة الجنان» (3/ 371). (4) «تاريخ الإسلام» (39/ 115)، و «العبر» (4/ 177)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 340)، و «مرآة الجنان» (3/ 370)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 83)، و «شذرات الذهب» (6/ 340).

2477 - [ابن حمدون]

درّس بالغزالية والمجاهدية، وبنى له نور الدين مدرسته المعروفة بالعمادية. وتوفي سنة اثنتين وستين وخمس مائة. مذكور في الأصل. 2477 - [ابن حمدون] (1) أبو المعالي محمد بن أبي سعد الكاتب الملقب: كافي الكفاة البغدادي المعروف بابن حمدون. صاحب «التذكرة» وهي من أحسن المجاميع، تشتمل على تاريخ وأدب، ونوادر وأشعار لم يجمع أحد من المتأخرين مثله. وكان فاضلا، ذا معرفة تامة بالأدب والكتابة، من بيت مشهور بالرئاسة والفضل. ومن شعره لغز في المروحة: [من الطويل] ومرسلة معقودة دون قصدها … مقيدة تجري حبيس طليقها يمر خفيف الريح وهي مقيمة … ويسري وقد سدت عليها طريقها لها من سليمان النبي وراثة … وقد عزيت نحو النبيط عروقها إذا صدق النوء السماكي أمحلت … وتمطر والجوزاء ذاك حريقها تحيتها إحدى الطبائع إنها … لذلك كانت كل روح صديقها قال الإمام اليافعي: (وفي المروحة أنشدنا شيخنا الصالح أبو بكر بن السائغ لنفسه: [من الطويل] وفي عدن حرّ كأنّ لهيبه … من النار في أرجائها اليوم لائح أدافع عني بالمراوح جيشه … فيا ضعف من تحمي قفاه المراوح) (2) توفي ابن حمدون المذكور سنة اثنتين وستين وخمس مائة.

(1) «المنتظم» (10/ 482)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 332)، و «وفيات الأعيان» (4/ 380)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 136)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 357)، و «مرآة الجنان» (3/ 370)، و «البداية والنهاية» (12/ 770). (2) «مرآة الجنان» (3/ 371).

2478 - [أبو شجاع البسطامي]

2478 - [أبو شجاع البسطامي] (1) عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن نصر أبو شجاع البسطامي ثم البلخي، الإمام العلامة، ضياء الإسلام. حدث عن محيي السنة البغوي، وأبي القاسم أحمد بن محمد الخليل البلخي وغيرهما. وعنه أبو سعد السمعاني، وابنه أبو المظفر وغيرهما. وكان حافظا واعظا، أديبا مفننا، ومن تصانيفه: كتاب «مزاليق العزلة» وكتاب «لقطات العقول». توفي سنة اثنتين وستين وخمس مائة. 2479 - [أبو الحسن ابن عساكر] (2) هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عساكر أبو الحسن الفقيه الشافعي. قرأ القراءات، وسمع الحديث وتفقه، ودرّس بالغزالية وأفتى، واعتنى بفنون العلم. وكان ورعا خيرا، كبير القدر، عرضت عليه خطابة البلد فامتنع. توفي سنة ثلاث وستين وخمس مائة. 2480 - [أبو النجيب السهروردي] (3) أبو النجيب عبد القاهر بن عبد الله السهروردي القرشي التيمي الصدّيقي، بينه وبين أبي بكر الصديق رضي الله عنه اثنا عشر أبا. كان من أعيان المحققين، والصفوة العارفين، درّس بالنظامية وأفتى، وجمع وصنف، وكان يلقب: مفتي العراقين، وقدوة الفريقين.

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 452)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 129)، و «العبر» (4/ 178)، و «مرآة الجنان» (3/ 372)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 248)، و «شذرات الذهب» (6/ 341). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 311)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 181)، و «العبر» (4/ 184)، و «مرآة الجنان» (3/ 372)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 324)، و «شذرات الذهب» (6/ 343). (3) «المنتظم» (10/ 486)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 335)، و «وفيات الأعيان» (3/ 204)، و «العبر» (4/ 181)، و «مرآة الجنان» (3/ 373)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 173)، و «البداية والنهاية» (12/ 771)، و «شذرات الذهب» (6/ 346).

2481 - [القاضي الرشيد الغساني]

كان يشرح أحوال القوم، ويتطيلس ويلبس لباس العلماء، ويركب البغلة، وترفع بين يديه الغاشية على ما نقله بعض العلماء في تصنيفه. ومن كراماته ما روى بعض أصحابه وهو الشيخ أبو محمد عبد الله بن مسعود المعروف بالرومي قال: مررت مرة مع شيخنا أبي النجيب بسوق السلطان ببغداد، فنظر إلى شاة مسلوخة معلقة عند جزار، فوقف عنده، وقال له: إن هذه الشاة تقول لي إنها ميتة، فغشي على الجزار، فتاب على يد الشيخ المذكور، وأقر بصحة قوله. وله كرامات أخرى وكلام نفيس. توفي سنة ثلاث وستين وخمس مائة. 2481 - [القاضي الرشيد الغساني] (1) القاضي الرشيد أحمد بن القاضي الرشيد علي بن القاضي الرشيد إبراهيم بن محمد بن الحسين بن الزبير الغساني الأسواني. كان أوحد عصره في علم الشرع والشعر والرياضيات والأدب والهندسة، وكان شاعرا فصيحا. قدم رسولا من صاحب مصر إلى اليمن، فأقام به مدة، وانتفع الناس به وبعلمه، وصنف به «المقامات الحصيبية». وله شعر حسن، ومنه قوله في السلطان علي بن حاتم الهمداني صاحب صنعاء: [من الطويل] لئن أجدبت أرض الصعيد وأقحطوا … فلست أخاف القحط في أرض قحطان وقد كفلت لي مأرب بمآربي … فلست على أسوان يوما بأسوان وإن جهلت حقي زعانف خندف … فقد عرفت فضلي غطارف همدان توفي بمصر سنة ثلاث وستين وخمس مائة (2).

(1) «معجم الأدباء» (2/ 37)، و «وفيات الأعيان» (1/ 160)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 147)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 220)، و «بغية الوعاة» (1/ 337). (2) في «معجم الأدباء» (2/ 38)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 220): (قتل ظلما وعدوانا في محرم سنة 562 هـ‍).

2482 - [القاضي المهذب الغساني]

2482 - [القاضي المهذب الغساني] (1) أبو محمد الحسن المعروف بالقاضي المهذب بن القاضي الرشيد الغساني الأسواني. كان أوحد عصره في العلوم الشرعيات، والهندسة والرياضيات، والآداب والشعر، وكان هو وأخوه أحمد المعروف بالقاضي الرشيد مجيدين في نظمهما ونثرهما، وكان المهذب أشعر من أخيه الرشيد، والرشيد أعلم منه في سائر العلوم. ومن شعر المهذب: [من الكامل] وترى المجرة والنجوم كأنما … تسقي الرياض بجدول ملآن لو لم تكن نهرا لما عامت به … أبدا نجوم الحوت والسرطان قال اليافعي في «تاريخه»: (من شعره ما تقدم في سنة إحدى وستين: [من البسيط] غيري يغيّره عن حسن شيمته … صرف الزمان وما يأتي من الغير إلى آخر الأبيات) (2). قتل ظلما سنة ثلاث وستين وخمس مائة (3). 2483 - [الحسين السلالي] (4) الحسين بن الفقيه عمر بن علي بن أسعد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله السلالي الكناني. تفقه بأبيه غالبا، وابن أخت الصردفي. وكان الحسين فقيها عارفا مجودا. توفي في أحد الربيعين سنة ثلاث وستين وخمس مائة عن ثلاث وسبعين.

(1) «معجم الأدباء» (3/ 330)، و «وفيات الأعيان» (1/ 161)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 75)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 131)، و «فوات الوفيات» (1/ 337)، و «مرآة الجنان» (3/ 373)، و «حسن المحاضرة» (1/ 487). (2) «مرآة الجنان» (3/ 373). (3) تبع المصنف اليافعي في «مرآة الجنان» (3/ 373)، والصواب: أنه توفي سنة (561 هـ‍) كما في جميع المصادر، وأما الذي قتل ظلما سنة (563 هـ‍) على خلاف .. فهو أخوه القاضي الرشيد صاحب الترجمة السابقة. (4) «السلوك» (1/ 288)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 377)، و «تحفة الزمن» (1/ 214)، و «هجر العلم» (2/ 730).

2484 - [زياد الخولاني]

2484 - [زياد الخولاني] (1) زياد بن أسعد بن علي أبو محمد الخولاني. كان فقيها فاضلا، عارفا محققا، له مصنف استخرجه من كتاب «البيان» سماه: «التخصيص». وكان مسكنه وادي شقب بشين معجمة وقاف مفتوحتين، ثم موحدة. وهو الذي استنابه القاضي عبد الجبار على قضاء الجند، وكان القاضي عبد الجبار يتولى القضاء الأكبر لبني مهدي. توفي زياد المذكور في سنة ثلاث وستين وخمس مائة. 2485 - [زيد بن عبد الله الجندي] (2) أبو محمد زيد بن عبد الله بن حسان بن محمد بن زيد. كان قاضيا ووزيرا للأمير أحمد بن منصور بن المفضل بن أبي البركات، واستولى على حصن تعز برهة من الزمان حتى سلمه مع صبر إلى عبد النبي بن مهدي في سنة ستين وخمس مائة. وتوفي في الجند في سنة ثلاث وستين وخمس مائة. 2486 - [أسد الدين شيركوه] (3) أسد الدين شير كوه بن شاذي، عم السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي. كان أبوه شاذي متولي قلعة تكريت من قبل نائب السلطان غياث الدين مسعود السلجوقي، فلما مات شاذي .. ولى النائب قلعة تكريت ولده نجم الدين، وكان أسد الدين

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 217)، و «السلوك» (1/ 363)، و «العطايا السنية» (ص 330)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 432)، و «تحفة الزمن» (1/ 291). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 232)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 441)، و «تحفة الزمن» (1/ 331). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 342)، و «كتاب الروضتين» (2/ 68)، و «وفيات الأعيان» (2/ 479)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 587)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 194)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 214).

2487 - [شاور بن مجير]

مع أخيه نجم الدين بتكريت، فمرت عليهما امرأة تشتكي من إنسان تعرض لها، فأخذ أسد الدين حربة ذلك الإنسان، وقتله بها، فاعتقله أخوه نجم الدين، وكتب إلى النائب يعرفه بذلك، فجوّب له: إن لأبيكما علي حقا، وبيني وبينه مودة، فما يمكن أن يصلكما مني مكروه، ولكن انتقلا من بلدي، فلم يسعهما المقام بتكريت، فخرجا إلى الموصل، فأحسن إليهما الأتابك عماد الدين زنكي، وزاد في إكرامهما والإنعام عليهما، وأقطعهما إقطاعا حسنا، فلم يزل أسد الدين في خدمته، ثم في خدمة ولده نور الدين محمود بن زنكي، ولم يزل يترقى عند نور الدين محمود إلى أن أعطاه حمص وأعمالها، وسيره مرارا إلى مصر، وله الوقائع المشهورة مع الفرنج والمصريين. ومن أعجب ما اتفق له كما قاله ابن الأثير أنه كان في ألفي فارس، فخرج عليه المصريون بعساكرهم والفرنج بجمعهم في ألوف من الجنود، فهزمهم، وقتل من الفرنج ألوفا (1). وأرسله السلطان محمود في سنة أربع وستين إلى القاهرة ليساعد المصريين على الفرنج، فخرج إليها في نحو سبعين ألفا ما بين فارس وراجل، ودخل القاهرة، وجلس في دست الملك، وخلع عليه العاضد خلع السلطنة، وعهد إليه بوزارته، وأحس من شاور غدرا، فقبض عليه، ثم قطع رأسه، وأرسل به إلى العاضد بطلب لذلك من العاضد، ثم بعد شهرين مات أسد الدين المذكور، وذلك في سنة أربع وستين وخمس مائة ظنا، فقلد العاضد منصبه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي، ولقبه: الملك الناصر. 2487 - [شاور بن مجير] (2) شاور بن مجير. كان ولاه طلائع الملقب بالملك الصالح بلاد الصعيد، فلما مات الملك الصالح طلائع .. دخل شاور القاهرة بالعساكر، وقتل الملك العادل ولد الملك الصالح، وجلس مكانه. واستنجد مرة بنور الدين على الفرنج، فأنجده بعسكر جرار مقدمه أسد الدين شيركوه،

(1) انظر «الكامل في التاريخ» (9/ 327). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 337)، و «كتاب الروضتين» (2/ 55)، و «وفيات الأعيان» (2/ 439)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 514)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 95)، و «مرآة الجنان» (3/ 374)، و «شذرات الذهب» (6/ 351).

2488 - [ابن هذيل المقرئ]

ثم غدر بأسد الدين، وحالف الفرنج، وجعل لهم قطعة على مصر مائة ألف دينار وغير ذلك، وصالح أسد الدين على خمس مائة دينار، ورجع أسد الدين إلى الشام، ثم إن الفرنج قصدوا القاهرة، فاستنجد شاور بنور الدين، فجهز إليه أسد الدين في نحو سبعين ألفا، فتقهقرت الفرنج، ودخل أسد الدين القاهرة، وهمّ شاور بالغدر به، فقبض عليه أسد الدين، وقتله بإشارة العاضد في سنة أربع وستين وخمس مائة. 2488 - [ابن هذيل المقرئ] (1) أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن هذيل، شيخ المقرئين بالأندلس. كان مقرئا ورعا، زاهدا متواضعا، معرضا عن الدنيا، كثير الصيام والقيام والصدقة. توفي سنة أربع وستين وخمس مائة. 2489 - [زكي الدين القاضي] (2) زكي الدين أبو الحسن علي بن أبي المعالي محمد بن يحيى القرشي قاضي دمشق. استعفى من القضاء فأعفي، وسار فحج. وتوفي سنة أربع وستين وخمس مائة، وهو والد أبي المعالي محمد بن علي الآتي ذكره في العشرين التي بعد هذه (3). 2490 - [معمر العبشمي] (4) أبو أحمد معمر بن عبد الواحد بن رجاء بن عبد الواحد القرشي العبشمي الأصبهاني. سمع من جماعة كثيرين، منهم: أبو الفتح أحمد بن محمد الحداد، وابن الحصين.

(1) «بغية الملتمس» (ص 414)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 506)، و «معرفة القراء الكبار» (2/ 990)، و «مرآة الجنان» (3/ 374)، و «شذرات الذهب» (6/ 353). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 349)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 519)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 203)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 155)، و «مرآة الجنان» (3/ 374)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 235). (3) انظر (4/ 385). (4) «المنتظم» (10/ 492)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 348)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 213)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1319)، و «مرآة الجنان» (3/ 377)، و «البداية والنهاية» (12/ 778)، و «شذرات الذهب» (6/ 355).

2491 - [ابن شافع الجيلي]

وعنه أبو سعد السمعاني، وابن الجوزي وغيرهما. واعتنى بالحديث وجمعه، ووعظ وأملى، وكان ذا فنون ووجاهة. توفي بطريق الحجاز في ذي القعدة سنة أربع وستين وخمس مائة رحمه الله تعالى. 2491 - [ابن شافع الجيلي] (1) أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي ثم البغدادي، أحد العلماء والمعدلين، والفضلاء والمحدثين. قرأ بالروايات على سبط أبي منصور الخياط، وسمع من أبي غالب أحمد بن البناء، وأبي البركات بن الأنماطي وغيرهما. وحدث، وكان حافظا متقنا ثقة. صنف تاريخا على السنين وتوفي شابا وهو مسودة سنة خمس وستين وخمس مائة. 2492 - [ابن هلال الأزدي] (2) عبد الواحد ابن هلال الأزدي المعدل أبو المكارم. أجاز له الفقيه نصر، وسمع من غير واحد. وكان كثير العبادة والبر، رئيسا جليلا. توفي سنة خمس وستين وخمس مائة. 2493 - [ابن النقور البزاز] (3) أبو بكر ابن النّقّور-بالنون، والقاف المشددة، وآخره راء-عبد الله بن محمد البغدادي البزاز.

(1) «المنتظم» (10/ 494)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 356)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 572)، و «العبر» (4/ 190)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 421)، و «مرآة الجنان» (3/ 378)، و «شذرات الذهب» (6/ 356). (2) «سير أعلام النبلاء» (20/ 499)، و «العبر» (4/ 191)، و «مرآة الجنان» (3/ 378)، و «شذرات الذهب» (6/ 357). (3) «سير أعلام النبلاء» (20/ 498)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 224)، و «العبر» (4/ 190)، و «مرآة الجنان» (3/ 378)، و «شذرات الذهب» (6/ 357).

2494 - [أبو زرعة المقدسي]

ثقة محدث، من أولاد الشيوخ. توفي سنة خمس وستين وخمس مائة. 2494 - [أبو زرعة المقدسي] (1) أبو زرعة طاهر بن الحافظ محمد بن طاهر المقدسي الهمذاني. توفي سنة ست وستين وخمس مائة. 2495 - [أبو مسعود الأصبهاني] (2) أبو مسعود عبد الرحيم بن أبي الوفاء علي بن أحمد الأصبهاني الحافظ المعدل. توفي سنة ست وستين وخمس مائة. 2496 - [أبو عبد الله الزينبي] (3) أبو عبد الله محمد بن يوسف الزينبي، نزيل شاطبة وقاضيها. سمع من جماعة. قال بعضهم: كان عارفا بالأثر، مشاركا في التفسير، حافظا للفروع، بصيرا باللغة والكلام، فصيحا مفوها، مع الوقار والسمت، والصيام والخشوع. توفي سنة ست وستين وخمس مائة. حدث وصنف.

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 503)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 246)، و «العبر» (4/ 192)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 406)، و «مرآة الجنان» (3/ 378)، و «البداية والنهاية» (12/ 782)، و «شذرات الذهب» (6/ 359). (2) «سير أعلام النبلاء» (20/ 575)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 250)، و «العبر» (4/ 193)، و «مرآة الجنان» (3/ 379)، و «شذرات الذهب» (6/ 359). (3) «بغية الملتمس» (ص 142)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 508)، و «العبر» (4/ 193)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 250)، و «مرآة الجنان» (3/ 379)، و «بغية الوعاة» (1/ 277)، و «شذرات الذهب» (6/ 361).

2497 - [المستنجد بالله العباسي]

2497 - [المستنجد بالله العباسي] (1) أبو المظفر يوسف الخليفة المستنجد بالله بن محمد المقتفي لأمر الله بن أحمد المستظهر بالله بن المقتدي العباسي. بويع عند موت أبيه في ربيع الأول سنة خمس وخمسين وخمس مائة، وقيل: سنة ست وخمسين وخمس مائة، فمدة خلافته إحدى عشرة سنة وشهر، فلما توفي .. بويع ابنه أبو محمد الحسن، ولقب: المستضيء. توفي سنة ست وستين وخمس مائة. 1054 - [ابن الخلال] (2) يوسف بن محمد موفق الدين المعروف بابن الخلال القاضي الأديب، صاحب ديوان الإنشاء. توفي سنة ست وستين وخمس مائة. وولي بعده القاضي المعروف بالفاضل. 2499 - [عبد الجبار المعافري] (3) عبد الجبار بن محمد المغربي المعافري. كان إماما في اللغة وفنون الأدب، وانتفع به خلق كثير، اشتغل ببغداد، ودخل الديار المصرية. وتوفي سنة ست وستين وخمس مائة.

(1) «المنتظم» (10/ 502)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 357)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 412)، و «العبر» (4/ 194)، و «مرآة الجنان» (3/ 379)، و «البداية والنهاية» (12/ 783)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 522)، و «شذرات الذهب» (6/ 362). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 362)، و «وفيات الأعيان» (7/ 219)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 505)، و «العبر» (4/ 194)، و «مرآة الجنان» (3/ 379)، و «البداية والنهاية» (12/ 783). (3) «تاريخ الإسلام» (39/ 249)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 40)، و «مرآة الجنان» (3/ 379)، و «بغية الوعاة» (2/ 72).

2500 - [أحمد بن سليمان الزيدي]

2500 - [أحمد بن سليمان الزيدي] (1) إمام الزيدية أبو الحسن أحمد بن سليمان بن محمد بن المطهر بن علي بن أحمد الناصر بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. كان إماما فاضلا مشهورا، عالما عاملا، جمع من محاسن الخصال، وصنف كتاب «أصول الأحكام» في الأحاديث النبوية، فيه ثلاثة آلاف وثلاث مائة واثنا عشر حديثا. ظهر باليمن، ودعا إلى نفسه سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة، واستولى على صعدة ونجران والجوف والظاهر، ثم أخذ صنعاء في سنة خمس وأربعين وخمس مائة قهرا بالسيف من صاحبها السلطان حاتم بن أحمد بن عمران اليامي، ولما طال حصار ابن مهدي لأهل زبيد .. كتبوا إلى الإمام يستنجدونه، فوصل إلى زبيد وأقام بها ستة أيام، فتضرر الناس من عسكره، فارتفع عنهم. وعمي آخر عمره، ومات بحيدان من بلاد خولان في سنة ست وستين وخمس مائة. 2501 - [ابن سعدون القرطبي] (2) يحيى بن سعدون بن تمام الأزدي القرطبي الملقب: ضياء الدين، أحد الأئمة في القراءات، وعلوم القرآن، والحديث، والنحو واللغة وغير ذلك. دخل الإسكندرية ومصر وبغداد ودمشق وأصبهان، واستوطن الموصل، وأخذ عن الزمخشري. سمع الحديث من جمع كثير. وكان ثقة ثبتا، دينا ورعا، عليه وقار وسكينة، كثير الخير، قليل الكلام، وكان كثيرا ما يجري على لسانه: [من الوافر] جرى قلم القضاء بما يكون … فسيان التحرك والسكون

(1) «الحدائق الوردية» (ص 219)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 89)، و «تحفة الزمن» (2/ 23)، و «طبقات الزيدية الكبرى» (1/ 131). (2) «معجم الأدباء» (7/ 243)، و «وفيات الأعيان» (6/ 171)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1024)، و «العبر» (4/ 200)، و «مرآة الجنان» (3/ 380)، و «شذرات الذهب» (6/ 372).

2502 - [ابن الخشاب البغدادي]

جنون منك أن تسعى لرزق … ويرزق في غشاوته الجنين توفي سنة سبع وستين وخمس مائة. 2502 - [ابن الخشاب البغدادي] (1) أبو محمد عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب البغدادي النحوي، العلامة المحدث. أخذ العربية عن أبي السعادات بن الشجري، وابن الجواليقي. وأتقن النحو واللغة والتصريف، والنسب والفرائض، والحساب والهندسة، وسمع الحديث فأكثر، وكتب بخطه المليح «شرح اللمع» لابن جني و «الجمل» لعبد القاهر الجرجاني، ولم يكملهما. وكان إليه المنتهى في حسن القراءة وسرعتها وفصاحتها، وكان فيه بذاذة، وقلة اكتراث بالمأكل والملبس، وما تأهل قط ولا تسرى، وكان مع ذلك ظريفا مزاحا. وله شعر قليل، ومنه لغز في كتاب: [من الطويل] وذي أوجه لكنه غير بائح … بسرّ وذو الوجهين للسر مظهر تناجيك بالأسرار أسرار وجهه … فتسمعها بالعين ما دمت تنظر وهذا المعنى مأخوذ من قول المتنبي في ابن العميد: [من الكامل] خلفت صفاتك في العيون كلامه … كالخط يملأ مسمعي من أبصرا توفي في سنة سبع وستين وخمس مائة. وكان بينه وبين العماد صحبة ومكاتبات، قال العماد: فلما مات .. رأيته في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: خيرا، فقلت: فهل يرحم الله الأدباء؟ قال: نعم، قلت: وإن كانوا مقصرين؟ قال: يجري عتاب كثير يكون بعده النعيم. قال الشيخ عبد الله اليافعي: (هذا للمقصرين في الخيرات لا للعاصين من أولي

(1) «المنتظم» (10/ 506)، و «معجم الأدباء» (4/ 360)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 370)، و «وفيات الأعيان» (3/ 102)، و «العبر» (4/ 196)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 14)، و «مرآة الجنان» (3/ 381)، و «البداية والنهاية» (12/ 789).

2503 - [العاضد لدين الله العبيدي]

السيئات كأمثالنا) (1)، نسأل الله الكريم المسامحة والمجاوزة والعفو، آمين، آمين، آمين. 2503 - [العاضد لدين الله العبيدي] (2) العاضد لدين الله عبد الله بن يوسف بن الحافظ العبيدي، سلطان مصر، أحد خلفاء الباطنية. وليها بعد موت الفائز، وكان وزيره طلائع بن رزّيك الملقب بالملك الصالح، وتزوج ابنته، ثم دس إليه من قتله، فلما قتل .. أخرج العاضد خلع الوزارة لولده العادل بن الصالح، ثم غلب شاور على القاهرة، وقتل العادل، وقعد في دست الوزارة إلى أن دخل أسد الدين شيركوه مصر، فقبض على شاور، فأرسل العاضد إلى أسد الدين يطلب رأس شاور، فقطع رأسه، وأرسل به إلى العاضد، وأخرج العاضد خلع الوزارة لأسد الدين، فلم تطل مدته، مات بعد شهرين، فاستوزر العاضد السلطان يوسف بن أيوب، ولقبه: صلاح الدين، فلم يلبث أن قطع خطبة العاضد، وخطب للمستضيء العباسي، فيقال: إن العاضد مات غما لما علم بقطع خطبته، وقيل: مات بإسهال مفرط. وكان العاضد كريما جوادا، قال السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب: ما رأيت أكرم من العاضد، أخرج إلي لما عزمنا لملاقاة الفرنج في حصارهم لدمياط ألف ألف دينار سوى الثياب وغيرها. وفي أيامه قدم حسين بن نزار بن المستنصر في جموع من المغرب، فلما قرب منه .. غدر به أصحابه، وقبضوا عليه، وحملوه إلى العاضد، فذبحه صبرا. وتوفي العاضد في أوائل سنة سبع وستين وخمس مائة، فلما مات .. جلس صلاح الدين للعزاء، وبالغ في الحزن والبكاء وقال: لو علمت بموته عن قريب .. لما قطعت خطبته، وتسلم القصر وما حواه، وكان فيه من الأموال والذخائر، واحتيط على أهل القصر في مكان، وأفرد لهم وقرر لهم ما يكفيهم. وبموت العاضد المذكور انقرضت دولة العبيديين من مصر وأعمالها ومن غيرها، وانتقل

(1) «مرآة الجنان» (3/ 382). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 365)، و «كتاب الروضتين» (2/ 191)، و «وفيات الأعيان» (3/ 109)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 273)، و «العبر» (4/ 197)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 685)، و «مرآة الجنان» (3/ 382)، و «البداية والنهاية» (12/ 783)، و «شذرات الذهب» (6/ 368).

2504 - [ابن النعمة]

ملك مصر إلى بني أيوب، فسبحان من لا يزول ملكه! وكان ملوك العبيديين أربعة عشر، أول من ظهر منهم على إفريقية عبيد الله الذي ينتسبون إليه، ولقب بالمهدي، ثم بعده القائم بأمر الله، ثم المنصور، ثم المعز، ثم العزيز، ثم الحاكم، وهو الذي ملك مصر والشام والحجاز والمغرب، كذا في «تاريخ اليافعي» (1)، ولعله أول من جمع ملك هذه الجهات الأربع، وأما أول من انتقل منهم من المغرب إلى مصر، وجمع بين المغرب ومصر .. فالمعز، وكان من قبله حد ملكهم المغرب فقط، والله سبحانه أعلم، ثم بعد الحاكم الظاهر، ثم المستنصر، ثم المستعلي، ثم الآمر، ثم الحافظ، ثم الظافر، ثم الفائز، ثم العاضد، وهو آخرهم. وأما مدة دولتهم من أول استيلائهم على إفريقية إلى موت العاضد .. فمائتا سنة وست وستون سنة، ومنها إقامتهم بالمغرب ثمان وخمسون سنة، والباقي وهو مائتان وثمان سنين كانت إقامتهم بمصر، والله سبحانه أعلم. 2504 - [ابن النعمة] (2) أبو الحسن بن النعمة علي بن عبد الله الأنصاري الأندلسي، أحد الأعلام. تصدر لإقراء القرآن والحديث والفقه، والنحو واللغة. وكان عالما، حافظا للفقه والتفاسير ومعاني الآثار، مقدما في علم اللسان، فصيحا مفوها، ورعا فاضلا معظما، دمث الأخلاق، انتهت إليه رئاسة الإقراء والفتوى، وشرح «سنن النسائي» شرحا بليغا. وتوفي سنة سبع وستين وخمس مائة. 2505 - [ابن الحكيم الحنفي] (3) أبو المظفر محمد بن أسعد بن الحكيم.

(1) انظر «مرآة الجنان» (3/ 25). (2) «بغية الملتمس» (ص 424)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 584)، و «العبر» (4/ 198)، و «مرآة الجنان» (3/ 382)، و «بغية الوعاة» (2/ 171)، و «شذرات الذهب» (6/ 369). (3) «تاريخ الإسلام» (39/ 292)، و «العبر» (4/ 199)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 203)، و «مرآة الجنان» (3/ 382)، و «الجواهر المضية» (3/ 89)، و «تاج التراجم» (ص 236)، و «شذرات الذهب» (6/ 361).

2506 - [أبو حامد البروي]

سمع ودرّس وصنف، وله «تفسير القرآن» و «شرح مقامات الحريري». وكان له القبول التام في الوعظ بدمشق. وتوفي سنة سبع وستين وخمس مائة، وفي الأصل: محمد بن أسعد بن محمد بن الحسين أبو منصور العطاري الملقب بحفدة، وأنه ولد سنة ست وثمانين وأربع مائة، وتوفي بتبريز، قيل: سنة ستين، وقيل: سنة إحدى وسبعين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة، فينظر أهو المذكور هنا أم غيره؟ (1) 2506 - [أبو حامد البروي] (2) محمد بن محمد أبو حامد البروي الطوسي، تلميذ محمد بن يحيى. كان إليه المنتهى في معرفة علم الكلام والنظر، والبلاغة والجدل. برع في مذهب الأشعري، وله في الخلاف تعليقة جيدة، وله جدل مليح سماه: «المقترح في المصطلح» أكثر الفقهاء الاشتغال به، وشرحه الفقيه أبو الفتح مظفر بن عبد الله المصري شرحا مستوفى. دخل بغداد، وجلس للوعظ في النظامية والبهائية قريبا من النظامية، يذكر فيها كل يوم عدة دروس. وذكر بعض المؤرخين أنه وعظ وبعد صيته، وشغب على الحنابلة، فأصبح ميتا. فيقال: إن الحنابلة أهدوا له مع امرأة صحن حلوى مسمومة. توفي سنة سبع وستين وخمس مائة. 2507 - [عمر ابن أبي النهى] (3) عمر بن الحسين بن عيسى بن أبي النهى.

(1) الصواب: أنه غيره؛ لأن المصنف رحمه الله تعالى سيترجم له في وفيات سنة (571 هـ‍)، انظر (4/ 263). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 370)، و «وفيات الأعيان» (4/ 225)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 577)، و «العبر» (4/ 200)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 279)، و «مرآة الجنان» (3/ 382)، و «البداية والنهاية» (12/ 789)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 389). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 213)، و «السلوك» (1/ 355)، و «العطايا السنية» (ص 492)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 406)، و «تحفة الزمن» (1/ 283)، و «هجر العلم» (1/ 121).

2508 - [ابن قلاقس]

كان فقيها إماما، مشهورا نبيها، كاملا فاضلا، فرضيا حسابيا. سكن إبّ، ودرّس بجامعها، وبينه وبين صاحب «المهذب» رجلان: عمر بن علي السلالي، ثم ابن عبدويه، وبينه وبين الصردفي مؤلف «الكافي» رجلان أيضا. ولم يزل على الطريق المرضي إلى أن توفي ليلة عيد الفطر من سنة سبع وستين وخمس مائة. 2508 - [ابن قلاقس] (1) أبو الفتوح نصر الله ابن قلاقس الشاعر اللخمي الإسكندري. كان شاعرا مجيدا، فاضلا نبيلا. صحب الحافظ أبا طاهر السلفي وانتفع بصحبته، وأثنى عليه الحافظ المذكور. ودخل اليمن، وامتدح بعض الوزراء بعدن، فأحسن إليه، وأجزل صلته، ثم ركب البحر، فغرق جميع ما معه، فعاد إليه عريانا، وأنشده قصيدة مطلعها: [من الطويل] صدرنا وقد نادى السماح بنا ردوا … فعدنا إلى مغناك والعود أحمد وأنشده أيضا: [من مجزوء الكامل] سافر إذا حاولت قدرا … سار الهلال فعاد بدرا والماء يكسب ما جرى … طيبا ويخبث ما استقرا وبنقلة الدرر النفي‍ … سة بدّلت بالبحر نحرا توفي سنة سبع وستين وخمس مائة. 2509 - [أسعد العريقي] (2) أسعد بن يعفر بن سالم بن عيسى بن جعفر العريقي.

(1) «معجم الأدباء» (7/ 168)، و «كتاب الروضتين» (2/ 235)، و «وفيات الأعيان» (5/ 385)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 546)، و «مرآة الجنان» (3/ 383)، و «البداية والنهاية» (12/ 790)، و «شذرات الذهب» (6/ 371). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 217)، و «السلوك» (1/ 364)، و «العطايا السنية» (ص 268)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 207)، و «تحفة الزمن» (1/ 292)، و «هجر العلم» (2/ 734).

2510 - [عبد الرحيم الأصبهاني]

تفقه بالحاشدي، وكان أحد الفقهاء الفضلاء، والسادة النبلاء، وكان ممن حضر السماع على الحافظ بذي أشرق. وتوفي على الحال المرضي ليلة عيد الفطر سنة سبع وستين وخمس مائة. 2510 - [عبد الرحيم الأصبهاني] (1) عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن حمدان بن موسى الأصبهاني. حدث عن غانم البرجي، وابن الحصين وغيرهما، وأملى. وكان من الأئمة الحفاظ، وقيل: كان يحفظ «الصحيحين» بأسانيدهما. توفي سنة ثمان وستين وخمس مائة. 2511 - [نجم الدين والد صلاح الدين] (2) الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي-بالمعجمتين-الملقب بالملك الأفضل، والد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب وغيره، وأخو الملك أسد الدين شيركوه بن شاذي. كان أبوهما شاذي واليا على قلعة تكريت من جهة نائب السلطان غياث الدين مسعود السلجوقي، فلما مات شاذي .. جعل النائب ولاية قلعة تكريت إلى نجم الدين أيوب المذكور، فاتفق أن مرت امرأة تبكي من شخص تعرض لها، فأخذ أسد الدين الحربة من يد المعترض وقتله بها، فأمسكه أخوه نجم الدين، وكتب إلى النائب يعرفه بما اتفق، فجوّب النائب إليه: إن بيني وبين أبيكما مودة، وله علي حق لا يمكنني معاقبتكما بسببه، لكن اخرجا من بلدي، فخرجا من تكريت إلى الموصل، فأحسن إليهما الأتابك عماد الدين زنكي، وزاد في إكرامهما والإنعام عليهما، وأقطعهما إقطاعا حسنا، فلما ملك عماد الدين الأتابك قلعة بعلبك .. استخلف نجم الدين بها، فعمر بها خانقاه للصوفية تعرف بالنجمية نسبة إليه، فلما مات عماد الدين زنكي، وتولى ابنه محمود بعده .. لم يزل نجم الدين في

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 573)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 319)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1321)، و «شذرات الذهب» (6/ 377). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 385)، و «كتاب الروضتين» (2/ 248)، و «وفيات الأعيان» (1/ 255)، و «العبر» (4/ 203)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 47)، و «مرآة الجنان» (3/ 384)، و «البداية والنهاية» (12/ 791)، و «شذرات الذهب» (6/ 375).

2512 - [ملك النحاة]

خدمته، وزادت حرمته عنده، ولم يزل في خدمة السلطان محمود بالشام إلى أن تولى ولده صلاح الدين وزارة الديار المصرية في أيام العاضد العبيدي صاحب مصر، فاستدعى أباه نجم الدين المذكور من الشام وكان في خدمة السلطان نور الدين محمود بن زنكي، فجهزه نور الدين، وسيره إليه، فدخل القاهرة في رجب سنة خمس وستين وخمس مائة، وخرج العاضد إلى لقائه؛ إكراما لولده صلاح الدين، وفعل معه من الأدب ما هو اللائق بمثله، وعرض عليه ولده صلاح الدين أمر الوزارة، وجعله له وقال: يا ولدي ما اختار الله لهذا الأمر إلا أنت، وأنت أهل له، ولا ينبغي أن تغير موضع السعادة، ولم يزل عنده حتى استقل صلاح الدين بمملكة البلاد كما سيأتي في ترجمته (1)، ثم خرج صلاح الدين إلى الكرخ ليحاصرها وأبوه بالقاهرة، فركب يوما ليسير على عادة الجند، فخرج من أحد أبواب القاهرة، فشب به فرسه فألقاه، وبقي متألما أياما، ثم توفي في سنة ثمان وستين وخمس مائة رحمه الله. وكان رجلا مباركا، كثير الصلاح، مائلا إلى أهل الخير، حسن الثقة، جميل الطوية، دينا عاقلا كريما، وله مآثر محمودة. 2512 - [ملك النحاة] (2) أبو نزار الحسن بن صافي البغدادي المعروف بملك النحاة. كان نحويا بارعا، أصوليا متكلما، رئيسا ماجدا، سافر إلى خراسان وكرمان وغزنة، ورحل إلى الشام، واستوطن دمشق، ومن شعره: [من الطويل] سلوت بحمد الله عنها فأصبحت … دواعي الهوى من نحوها لا أجيبها على أنني لا شامت إن أصابها … بلاء ولا راض بواش يعيبها ولقب نفسه: ملك النحاة، وكان يسخط على من يخاطبه بغير ذلك، وأخذ عنه جماعة أدباء، واتفقوا على فضله ومعرفته. وعاش ثمانين سنة، كذا في «تاريخ اليافعي» وذكره فيمن توفي سنة ثمان وستين

(1) انظر (4/ 342). (2) «معجم الأدباء» (3/ 226)، و «وفيات الأعيان» (2/ 92)، و «العبر» (4/ 204)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 56)، و «مرآة الجنان» (3/ 386)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 63)، و «البداية والنهاية» (12/ 793)، و «بغية الوعاة» (1/ 504)، و «شذرات الذهب» (6/ 376).

2513 - [نور الدين بن زنكي]

وخمس مائة (1)، وكذا في «طبقات السبكي الكبرى» و «مختصرها» أنه توفي سنة ثمان وستين (2)، وفي «طبقات ابن شهبة» أنه توفي سنة اثنتين وستين، لكنه ذكر أنه ولد سنة سبع وسبعين وأربع مائة. والظاهر: أن ما في «طبقات ابن شهبة» من تاريخ وفاته سنة اثنتين وستين وهم (3)، والله سبحانه أعلم. 2513 - [نور الدين بن زنكي] (4) الملك العادل محمود بن عماد الدين زنكي. كان ملكا عادلا، زاهدا عابدا، متمسكا بالشريعة، مائلا إلى الخير، مجاهدا في سبيل الله، كثير الصدقات. ولد سنة إحدى عشرة وخمس مائة. لما قتل أبوه .. ملك أخوه سيف الدين الموصل وما والاها، وملك نور الدين الجهات الشامية، فسار إلى دمشق وصاحبها يومئذ مجير الدين أتابك الملك دقاق بن تتش-بالمثناة من فوق مكررة، ثم شين معجمة-السلجوقي، فحاصرها ستة أيام، ثم استولى عليها في صفر سنة تسع وأربعين وخمس مائة، ثم استولى على بقية بلاد الشام من حمص وحماة وبعلبك-وهو الذي بنى سورها-ومنبج وحران، وافتتح عدة حصون من بلاد الروم، واستفتح أيضا من بلاد الفرنج جملة ما يزيد على خمسين حصنا، وسير أسد الدين إلى مصر ثلاث مرات، وملّكها السلطان صلاح الدين في المرة الثالثة نيابة عن نور الدين، وجعل اسمه في الخطبة والسكة. وبنى المدارس الكبار في مدن الإسلام مثل دمشق وحلب وبعلبك ومنبج والرحبة، وبنى

(1) انظر «مرآة الجنان» (3/ 386). (2) انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 64). (3) في مطبوع «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 8): أنه ولد سنة (489 هـ‍)، وتوفي سنة (568 هـ‍). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 393)، و «كتاب الروضتين» (2/ 305)، و «وفيات الأعيان» (5/ 184)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 531)، و «العبر» (4/ 208)، و «مرآة الجنان» (3/ 386)، و «البداية والنهاية» (12/ 799)، و «شذرات الذهب» (6/ 378).

بالموصل الجامع النوري، وبحماه الجامع الذي على نهر العاصي، وجامع الرها، وجامع منبج، ومارستان دمشق، ودار الحديث بها. وبالجملة: فله من المناقب الحسنة والمآثر الحميدة ما يستغرق الوصف، حتى قال بعض المشايخ العارفين: إنه كان معدودا في الأولياء من الأربعين، والسلطان صلاح الدين من الثلاث مائة، قد صنف بعضهم في سيرته مصنفا. ومات في سنة تسع وستين وخمس مائة بعلة الخوانيق، فأشار عليه الأطباء بالفصد فامتنع، وكان مهابا فما روجع، ودفن في بيت بقلعة دمشق كان يلازم الجلوس فيه والمبيت أيضا، ثم نقل إلى تربته بمدرسته التي أنشأها عند باب سوق الخواصين. وروي عن جماعة أن الدعاء مستجاب عند قبره. وعهد بالملك إلى ولده الملك الصالح إسماعيل، فقام من بعده، وستأتي ترجمته في هذه العشرين إن شاء الله تعالى (1). وكان لموته وقع عظيم في قلوب الناس؛ لإحسانه وسيرته الحميدة. وكان بين نور الدين المذكور وبين سنان بن سليمان بن محمد الملقب راشد الدين صاحب قلاع الإسماعيلية ومقدم الفرقة الباطنية مكاتبات ومحاورات بسبب المجاورة، فكتب إليه نور الدين في بعض الأزمنة كتابا يهدّده فيه ويتواعده بسبب اقتضى ذلك، فشق على سنان، فكتب جوابه أبياتا ورسالة أحببت إيرادها هنا: [من البسيط] يا ذا الذي بقراع السيف هدّدنا … لا قام مصرع جنبي حين تصرعه قام الحمام على البازي يهدّده … فاستيقظت لأسود البر أضبعه أضحى يسدّ فم الأفعى بأصبعه … يكفيه ما قد تلاقي منه أصبعه وقال في الرسالة: وقفنا على تفصيله وجمله، وعلمنا ما هددنا به من قوله وعمله، في الله العجب من ذبابة تطنّ في أذن فيل، وبعوضة تعد في التماثيل! ولقد قالها من قبلك قوم آخرون، فدمرناها عليهم وما كان لهم من ناصرين، أو للحق تدحضون، وللباطل تنصرون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، وأما ما صدر من قولك في قطع رأسي وقلعك لقلاعي من الجبال الرواسي .. فتلك أماني كاذبة، وخيالات غير صائبة؛ فإن

(1) انظر (4/ 275).

2514 - [أبو العلاء العطار]

الجواهر لا تزول بالأعراض، كما أن الأرواح لا تضمحل بالأمراض، كم بين قوي وضعيف، ودني وشريف، فإن عدنا إلى الظواهر والمحسوسات، وعدلنا من البواطن والمعقولات .. قلنا أسوة برسول الله صلّى الله عليه وسلم في قوله: «ما أوذي نبي ما أوذيت» وقد علمتم بما جرى على عترته وأهل بيته وشيعته، والحال ما حال، والأمر ما زال، ولله الحمد في الآخرة والأولى؛ إذ نحن مظلومون لا ظالمون، ومغصوبون لا غاصبون، وإذا جاء الحق .. زهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا، وقد علمتم ظاهر حالنا، وكيفية رجالنا، وما يتمنونه من الفوت، ويتقربون به إلى حياض الموت، {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ} وفي أمثال العامة السائرة: أو للبط تهددون بالشط، فأعدّ للبلايا جلبابا، وتدرع للرزايا أثوابا، فلأظهرن عليك منك، ولأنعينّهم فيك عنك، فتكون كالباحث عن حتفه بظلفه، والجادع مارن أنفه بكفه، وما ذلك على الله بعزيز. وفي رواية: فإذا وقفت على كتابنا هذا .. فكن لأمرنا بالمرصاد، ومن حالك على اقتصاد، واقرأ أول (النحل) وآخر (ص). والصحيح: أنه كتب هذا اللفظ الأخير إلى السلطان صلاح الدين بن أيوب. 2514 - [أبو العلاء العطار] (1) أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمذاني المقرئ الحافظ. رحل، وحمل القراءات والحديث. شيخ همذان وقارئها وحافظها. قرأ بواسط على القلانسي، وببغداد على جماعة، وسمع من ابن بيان وطبقته، وبخراسان من الفراوي وطبقته، وبرع في علوم الحديث. وصنف كتاب «زاد المسافر» خمسون مجلدا، وحفظ كتاب «الجمهرة»، وكان إماما في اللغة.

(1) «المنتظم» (10/ 518)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 401)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 40)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1039)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1324)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 384)، و «مرآة الجنان» (3/ 389)، و «بغية الوعاة» (1/ 494)، و «شذرات الذهب» (6/ 382).

2515 - [عمارة الحكمي]

كان أبوه تاجرا، فأخرج جميع ما ورثه من أبيه، وسافر مرارا ماشيا يحمل كتبه على ظهره، ويبيت في المساجد، ويأكل خبز الدخن، وكان زاهدا متمسكا بالأثر. توفي سنة تسع وستين وخمس مائة. 2515 - [عمارة الحكمي] (1) عمارة بن علي بن زيدان بن أحمد الجدني الحكمي، نسبة إلى حكم بن سعد العشيرة، من مذحج. قال الجندي: (ولد لبضع عشرة وخمس مائة تقريبا) (2). قال ابن خلكان: (بمدينة مرطان من وادي وساع) (3). قال أبو الحسن الخزرجي: (وذكر عمارة في «مفيده»: أنه ولد بقرية الزرائب شرقي المخلاف السليماني، وأن أهل تلك الناحية باقون على اللغة العربية من الجاهلية إلى عصره لم تتغير لغتهم؛ لكونهم لم يخالطهم أحد من أهل الحاضرة في مناكحة ولا مساكنة، وهم أهل قرار لا يظعنون عنه، ولا يخرجون منه، فخرج من بلده لطلب العلم في سنة إحدى وثلاثين، فاشتغل بزبيد على الفقيه عبد الله بن الأبار خاصة، وأخذ عن غيره) (4). وكان فقيها نبيها فرضيا، نحويا لغويا، أديبا بليغا، شاعرا فصيحا. دخل عدن للتجارة، فألزمه الأديب أبو بكر بن أحمد العيدي أن يمدح الداعي محمد بن سبأ بن أبي السعود، وكانت بضاعته يومئذ في الأدب ضعيفة، فعمل شيئا لم يرتضه الأديب، فأعرض الأديب عن ذلك، وعمل على لسانه شعرا حسنا ذكر فيه المنازل من زبيد إلى عدن، وهنأ بها الداعي بإعراسه على ابنة وزيره الشيخ بلال، قال: وتولى عني إنشادها بالمناظر، وأنا حاضر كالصنم لا أنطق، وأخذ لي جائزة من الداعي بلال، ثم قال لي: قد

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 431)، و «السلوك» (1/ 360)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 592)، و «العبر» (4/ 208)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 384)، و «مرآة الجنان» (3/ 390)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 376)، و «شذرات الذهب» (6/ 387). (2) «السلوك» (1/ 360). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 432). (4) «طراز أعلام الزمن» (2/ 376).

اتسمت اليوم عند القوم بسمة شاعر، فطالع كتب الأدب، ولا تجمد على الفقه، فكان ذلك سبب اشتغالي بالشعر وصحبة الملوك. فلما صار عين أهل زمانه في الأدب .. لم يزل مصاحبا للملوك آل زريع خاصة، ثم صار يترسل بين الشريف بن فليتة صاحب مكة وبين صاحب مصر من العبيديين، ثم تديّر مصر، وصحب ملوك العبيديين، وله فيهم وفي وزرائهم الأشعار الفائقة. وألزمه القاضي الفاضل أن يضع مجموعا يتضمن أخبار جزيرة اليمن، فصنف كتابه «المفيد» المعروف «بمفيد عمارة»؛ احترازا عن «مفيد جياش»، ومن مصنفاته: «النكت العصرية في أخبار وزراء الدولة المصرية» وله ديوان جيد، وشعره رائق مؤنق، وله القصائد المختارات في العبيديين ملوك مصر الفائز والعاضد وأعيان دولتهم كشاور وبني رزّيك، وفي الزريعيين ملوك اليمن وخواص دولتهم كابن العيدي وبلال المحمدي وابنه ياسر وغيرهم، حدثناها اختصارا. ومن ذلك مدحه في شاور بعد عوده من حصار بلبيس: [من الكامل] أسمع بذا الفتح المبين وأبصر … واقصر عليه يد الهناء وأقصر فتح أضاء به الزمان كأنه … وجه البشير وغرة المستبشر فتح يذكّرنا وإن لم ننسه … ما كان من فتح الوصيّ لخيبر فتح تولد يسرة من عسرة … طالت وأي ولادة لم تعسر حملت به الأيام إلا أنها … وضعته تمّا عن ثلاثة أشهر تلقاه أول فارس إن أقبلت … خيل وأول راجل في العسكر هانت عليه النفس حتى أنه … باع الحياة فلم يجد من مشتر ضجر الحديد من الحديد وشاور … من نصر دين محمد لم يضجر حلف الزمان ليأتين بمثله … حنثت يمينك يا زمان فكفر ولما انقرضت دولة العبيديين على يد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب .. جعل عمارة يكثر ذكرهم، والتأسف عليهم، والدعاء على من كان سببا لهلاكهم، وكلما هم السلطان صلاح الدين بأذيته .. دافع عنه القاضي الفاضل، حتى كان من قوله فيهم: [من البسيط] لما رأيت عراص الدهر خالية … عن الأنيس وما في الربع سادات أيقنت أنهم عن ربعهم رحلوا … وخلفوني وفي قلبي حزازات

سألت أبله قلبي في السّلوّ وقد … يقال للبله في الدنيا إصابات فقال رأيي ضعيف لا يطاوعني … كيف السلو وأهل الفضل قد ماتوا يا رب إن كان لي في قربهم طمع … عجل بذاك فللتسويف آفات فلما سمع صلاح الدين هذه الأبيات .. كبر عليه، فأمر بشنقه بعد أن قالها بيسير، فشنق هو وجماعة ممن كان على رأيهم، فيقال: إنه تفاءل على نفسه باللحاق بهم، فلما خرجوا به ليشنقوه .. سألهم أن يمروا به على باب القاضي الفاضل، فلما علم القاضي بذلك .. أمر بإغلاق باب داره، فلما رآه عمارة مغلقا .. أنشد ارتجالا: [من مجزوء الكامل] عبد الرحيم قد احتجب … إن الخلاص من العجب فشنق في درب يعرف بخرابة السود بالقاهرة ثاني عشر رمضان من سنة تسع وستين وخمس مائة. قال الجندي: (واختلف المصريون في عمارة، فمنهم من يرى أنه مات على السنة ولم يدخل في مذهب العبيديين، وأثنى عليه ابن خلكان ثناء حسنا، وذكر أنه بذل له مال على الانتقال إلى مذهبهم فكره، وكان متعصبا للسنة) (1)، وأشار بذلك إلى ما في ديوان عمارة أن الصالح بن رزّيك أرسل إليه بثلاثة أكياس ذهبا ورقعة مكتوب فيها بخط الصالح: [من الكامل] قل للفقيه عمارة يا خير من … أضحى يؤلف خطبة وخطابا اقبل نصيحة من دعاك إلى الهدى … قل حطة وادخل إلينا البابا تلقى الأئمة شافعين ولا تجد … إلا لدينا سنة وكتابا وعلي أن يعلو محلك في الورى … وإذا شفعت إلي كنت مجابا وتعجل الآلاف فهي ثلاثة … صلة وحقك لا يعدّ ثوابا فأجابه عمارة مع رسوله فقال: [من الكامل] حاشاك من هذا الخطاب خطابا … يا خير من ملك الرقاب نصابا لكن إذا ما أفسدت علماؤكم … معمور معتقدي وصار خرابا ودعوتم فكري إلى أقوالكم … من بعد ذاك أطاعكم وأجابا فاشدد يديك على صفاء محبتي … وامنن علي وسد هذا البابا

(1) «السلوك» (1/ 362).

2516 - [محمد الحفائلي]

قال: (ومن المصريين من يرى أنه دخل في مذهبهم) (1). قال أبو الحسن الخزرجي: (وهو الراجح عندي، وأشعاره في مديح القوم مفصحة بذلك، والله سبحانه أعلم) (2). وكان عمارة يعرف عند أهل زبيد بعمارة الفرضي، وعند أهل عدن والجبال بالفقيه، وعند أهل بلاده بالجدني، وعند أهل مصر باليمني. 2516 - [محمد الحفائلي] (3) محمد بن عبد الله بن علي بن محمد بن أبي عقامة المعروف بالحفائلي. تفقه بأهل بيته. وكان فقيها نبيها فاضلا، متكلما مترسلا، رئيسا، شاعرا فصيحا ممدحا، يثيب الشعراء، وإليه وإلى ابن عمه عبد الله بن محمد بن أبي الفتوح انتهت رئاسة مذهب الشافعي بزبيد، وولي القضاء بزبيد من قبل الحبشة. ومن شعر الحفائلي ما كتبه إلى ابن عمه أبي العز: [من الكامل] رفقا فدتك أوائلي وأواخري … أين الأضاة من الفرات الزاخر أنت الذي نوهت بي بين الورى … ورفعت للسارين ضوء مفاخري ومن شعره في الحداثة: [من البسيط] وبكرة ما رأى الراءون مشبهها … كأنما سرقت حسّا من الزمن غيم وظل وروض مونق وهوى … يجري مع الروح مجرى الروح في البدن غنت بها الطير ألحانا وساعدها … رقص الغصون على إيقاعها الحسن فقد سكرت وما الصهباء دائرة … منها ولا نغمات العود في أذني ومنه في العتاب: [من الطويل] عذرتك لو كانت طريقا سلكتها … مع الناس أو لو كان شيئا تقدّما

(1) «السلوك» (1/ 362). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 393). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 240)، و «السلوك» (1/ 380)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 213)، و «تحفة الزمن» (1/ 307)، و «هجر العلم» (1/ 52).

2517 - [ابن الدهان النحوي]

فأما وقد أفردتني وخصصتني … فلا عذر إلا أن أعود مكرّما ومنه ما كتبه جوابا عن كتاب وصله من الفقيه عمارة: [من الطويل] إذا فاخرت سعد العشيرة لم يكن … لأخلافها إلا بأسلافك الفخر وبيتك منها يا عمارة شامخ … هوت تحته الشّعرى ودان له الشّعر ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا مع صاحبه عمارة. 2517 - [ابن الدهان النحوي] (1) سعيد بن المبارك البغدادي النحوي المعروف بابن الدهان، سيبويه زمانه. شرح «الإيضاح» في ثلاثة وأربعين مجلدا، وله مصنفات كثيرة. توفي سنة تسع وستين وخمس مائة. 2518 - [ابن قرقول] (2) إبراهيم بن يوسف بن قرقول الوهراني الحمزي، أحد الأعيان. سمع الكثير، وعني بالحديث، وكان حافظا للمتون، بصيرا بالرجال، فقيها مناظرا، ثقة مأمونا. له كتاب «المطالع» واختصر لابنيه كتاب الترمذي «الجامع». وتوفي سنة تسع وستين وخمس مائة. 2519 - [عبد النبي ابن مهدي] (3) عبد النبي بن علي بن مهدي، صاحب زبيد.

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 401)، و «وفيات الأعيان» (2/ 382)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 581)، و «العبر» (4/ 207)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 250)، و «مرآة الجنان» (3/ 390)، و «بغية الوعاة» (1/ 587)، و «شذرات الذهب» (6/ 384). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 62)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 520)، و «العبر» (4/ 205)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 171)، و «البداية والنهاية» (12/ 799)، و «شذرات الذهب» (6/ 382). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 183)، و «السلوك» (2/ 519)، و «بهجة الزمن» (ص 123)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 281)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 176)، و «تحفة الزمن» (2/ 468)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 127).

2520 - [علي ابن أبي قرة]

كان من أجواد الرجال، وأنجاد الأبطال. أغار على أبين، وعلى المخلاف السليماني، وأرسل أخاه أحمد بن علي، فأغار على الجوة وحرقها، ثم سار إلى عدن، وحاصر أهلها مدة، ثم ارتفع عنهم. وبالجملة: فكان ممن سعى في الأرض فسادا. قال عمارة: وكانت سيرة ابن مهدي أنه يقتل من يرتكب الكبائر من شرب الخمر وسماع الغناء وغير ذلك، ويقتل من تأخر عن مجلسي وعظه، وهما يوم الاثنين والخميس، ومن تأخر فيهما عن زيارة قبر أبيه، وكان يقتل المنهزم من عسكره، ولا سبيل إلى بقائه أبدا. قال: واجتمع لعبد النبي بن مهدي ملك الجبال والتهائم، وانتقلت إليه جميع أموال اليمن وذخائرها. وقتل في سنة تسع وستين وخمس مائة تاسع شوال، وقيل: عاشره، وقيل: في سنة سبعين وخمس مائة، وكانت دولة بني مهدي في اليمن خمس عشرة سنة وشهرين وأربعة وعشرين يوما. 2520 - [علي ابن أبي قرة] (1) علي بن عمر بن عبد العزيز بن أبي قرة. كان فقيها فاضلا، أثنى عليه ابن سمرة ثناء مرضيا وقال: (كان حافظا للتفسير، واعظا على المنابر، محققا لتعبير الرؤيا. يحكى أن رجلا رأى الفقيه نعيم بعد موته، فسأله عن تعبير منام، فقال: صرف التعبير عني إلى القاضي علي بن عمر بن أبي قرة) (2). وكان مقبول الكلمة، قيل: إن سبب ذلك أنه كان مع أبيه سائرا في طريق مكة، فلما بلغا السرين .. حانت وفاة أبيه، فلما حضرته الوفاة .. قال له: يا بني؛ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «دعوة الوالد والمسافر لا ترد» وأنا مسافر، وأحب أن أدعو لك،

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 222)، و «السلوك» (1/ 369)، و «العطايا السنية» (ص 452)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 313)، و «تحفة الزمن» (1/ 297)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 155)، و «هجر العلم» (3/ 1261). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 222).

2521 - [أبو القاسم ابن عساكر]

فدعا له، فأدرك طرفا من الدنيا أيام الشيخ ياسر بن بلال المحمدي. ولم يزل على حالة مرضية إلى أن توفي بالطرية على رأس سبعين وخمس مائة. 2521 - [أبو القاسم ابن عساكر] (1) الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر. كان إماما محدثا بارعا، حافظا متقنا ضابطا، ذا علم واسع، ناصرا للسنة، قامعا للبدعة، بحرا زاخرا، ومحققا ماهرا، جمع بين المعقول والمنقول، وميز بين الصحيح والمعلول، وكان شافعي المذهب، غلب عليه الحديث، واشتهر به، وبالغ في طلبه إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره. رحل، ولقي المشايخ، ورافق الحافظ أبا سعد عبد الكريم ابن السمعاني في الرحلة. وله التصانيف المفيدة، والتخاريج الحسنة، فمن مصنفاته «التاريخ الكبير» لدمشق في ثمانين مجلدا، ضمنه العجائب، وجعله على نسق «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي. حكي عن الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري أنه قال وقد جرى بين يديه ذكر «تاريخ ابن عساكر»: ما أظن هذا الرجل إلا عزم على وضع هذا التاريخ من يوم عقل على نفسه، وشرع في الجمع من ذلك الوقت، وإلا .. فالعمر يقصر عن أن يجمع الإنسان فيه مثل هذا الكتاب. اهـ‍ وله تواليف غيره حسنة ممتعة، وله شعر لا بأس به، ومنه: [من الوافر] ألا إن الحديث أجل علم … وأشرفه الأحاديث العوالي وأنفع كل نوع منه عندي … وأحسنه الفرائد في الأمالي وإنك لن ترى في العلم شيئا … يحققه كأفواه الرجال فكن يا صاح ذا حرص عليه … وخذه عن الرجال بلا ملال ولا تأخذه من صحف فترمى … من التصحيف بالداء العضال قال بعض أهل العلم بالحديث والتواريخ: ساد أهل زمانه في الحديث ورجاله، وبلغ

(1) «المنتظم» (10/ 531)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 422)، و «وفيات الأعيان» (3/ 309)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 554)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1328)، و «العبر» (4/ 212)، و «مرآة الجنان» (3/ 393)، و «البداية والنهاية» (12/ 818)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 215)، و «شذرات الذهب» (6/ 395).

2522 - [حفدة العطاري]

في الذروة العليا، ومن تصفح تاريخه .. علم منزلة الرجل في الحفظ، والضبط للعلم، والاطلاع، وجودة الفهم، والبلاغة، والتحقيق، والاتساع في علوم الحديث، وفضائل تحتها من المناقب والمحاسن كل طائل. ومن تواليفه الشهيرة كتاب «تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري» جمع فيه بين حسن العبارة والبلاغة، والإيضاح والتحقيق، واستيعاب الأدلة النقلية وطرقها مع إسناد كل طريق، وذكر فيه طبقات أعيان أصحابه من زمان الشيخ أبي الحسن إلى زمانه، وأوضح ما له من المناقب والمكارم، والفضائل والعزائم، ورد على من رماه وافترى عليه بالعظائم. قال الشيخ اليافعي: (وقد اختصرته في نحو ربعه، وسميته: «الشاش المعلم شاؤش كتاب المرهم») اهـ‍ (1) قال ابنه الحافظ أبو محمد القاسم: كان أبي رحمه الله مواظبا على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، ويختم في كل جمعة، وفي رمضان في كل يوم، ويحيي ليلة النصف والعيدين، كثير النوافل والأذكار، يحاسب نفسه كل يوم على كل لحظة تذهب في غير طاعة، سمع كثيرا من جماعة من المحدثين من نحو ألف وثلاث مائة شيخ وثمانين امرأة، وحدث بأصبهان وخراسان وبغداد وغيرها من البلاد، وسمع منه جماعة من كبار الحفاظ، وخلق كثير، وجم غفير. قال الحافظ الرهاوي: رأيت الحفاظ: السلفي، وأبا العلاء الهمداني، وأبا موسى المديني، فما رأيت فيهم مثل ابن عساكر رحمه الله تعالى. توفي سنة إحدى وسبعين وخمس مائة. 2522 - [حفدة العطاري] (2) أبو منصور محمد بن أسعد الطوسي المعروف بحفدة العطاري مجد الدين، الفقيه الشافعي، الأصولي الواعظ، راوي كتب الإمام البغوي عنه.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 394). (2) «المنتظم» (10/ 550)، و «وفيات الأعيان» (4/ 238)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 539)، و «العبر» (4/ 214)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 202)، و «مرآة الجنان» (3/ 397)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 92).

2523 - [عمر ابن أبي قرة]

اشتغل على الإمام السمعاني، ثم على الإمام البغوي. ارتحل إلى بلد كثير: مرو الروذ وبخارى والعراق والموصل، ووعظ بمرو وغيرها، واجتمع الناس عليه بسبب الوعظ، وسمعوا منه الحديث، وكانت مجالسه في الوعظ من أحسن المجالس، أنشد يوما على الكرسي: [من الطويل] تحية صوب المزن يقرؤها الرعد … على منزل كانت تحل به هند نأت فأعرناها القلوب صبابة … وعارية العشاق ليس لها رد توفي سنة إحدى وسبعين وخمس مائة. 2523 - [عمر ابن أبي قرة] (1) عمر بن عبد العزيز بن أبي قرة، والد الفقيه علي مقدم الذكر (2). تفقه بابن عبدويه. وبه تفقه محمد بن سعيد بن معن القريظي. وكان فقيها خيرا، عارفا بالفقة والأصول، ومحن بالقضاء في بلده أبين. وتوفي بالسرين عائدا من الحج كما قدمناه في ترجمة ولده علي، وأظن الفقيه عمر هذا توفي قبل هذه العشرين بزمان. وكذلك أخوه عبد الله كان فقيها خيرا، تفقه بابن عبدويه. ولهما أخ يعرف بالفقيه عبد العزيز، وكنيته: أبو قرة، توفي سنة إحدى وسبعين وخمس مائة. ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه عمر (3)، ولا وفاة أخيه عبد الله، فذكرتهما هنا؛ تبعا لأخيهما عبد العزيز.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 222)، و «السلوك» (1/ 326)، و «العطايا السنية» (ص 490)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 417)، و «تحفة الزمن» (1/ 249)، و «هجر العلم» (3/ 1260). (2) انظر (4/ 261). (3) وفي «العطايا السنية» (ص 490): توفي سنة (576 هـ‍).

2524 - [أبو محمد الديباجي]

2524 - [أبو محمد الديباجي] (1) أبو محمد عبد الله بن عبد الله (2) بن عبد الرحمن الأموي العثماني الديباجي، محدث الإسكندرية. كان صالحا متعففا، يقرئ النحو واللغة والحديث. توفي سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة. 2525 - [أبو الفضل الشهرزوري] (3) أبو الفضل قاضي القضاة ابن الشهرزوري. كذا فيما وقفت عليه من «تاريخ اليافعي»، وسقط شيء من النسخة. وذكره فيمن توفي سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة. 2526 - [أبو الفرج الوزير] (4) أبو الفرج محمد بن عبد الله بن هبة الله الوزير. كان جوادا سريا، معظما مهيبا. خرج للحج في تأهب عظيم، فوثب عليه واحد من الباطنية، فقتله في أوائل ذي القعدة من سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (20/ 596)، و «العبر» (4/ 214)، و «مرآة الجنان» (3/ 397)، و «حسن المحاضرة» (1/ 324)، و «شذرات الذهب» (6/ 400). (2) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 397)، وفي باقي المصادر: (عبد الله بن عبد الرحمن). (3) «وفيات الأعيان» (4/ 241)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 57)، و «تاريخ الإسلام» (40/ 104)، و «مرآة الجنان» (3/ 397)، و «شذرات الذهب» (6/ 403). (4) «المنتظم» (10/ 550)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 432)، و «العبر» (4/ 217)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 335)، و «مرآة الجنان» (3/ 398)، و «البداية والنهاية» (12/ 823)، و «شذرات الذهب» (6/ 407).

2527 - [أبو محمد المأموني]

2527 - [أبو محمد المأموني] (1) أبو محمد ابن المأمون الأديب هارون بن العباس العباسي المأموني البغدادي، صاحب «التاريخ» و «شرح مقامات الحريري». كذا في «تاريخ اليافعي»، وذكره فيمن توفي سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة (2). 2528 - [الحيص بيص] (3) أبو الفوارس سعد بن محمد التميمي الشاعر المعروف بالحيص بيص، وإنما قيل له: حيص بيص؛ لأنه رأى يوما الناس في حركة مزعجة وأمر شديد فقال: ما للناس في حيص بيص؟ أي: شدة واختلاط. كان أديبا متضلعا من اللغة، بصيرا بالفقه والمناظرة، وافر الأدب. قال الشيخ نصر الله بن مجلي وكان من ثقات أهل السنة: رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام فقلت له: يا أمير المؤمنين؛ تفتحون مكة وتقولون: من دخل دار أبي سفيان .. فهو آمن، ثم يتم على ولدك الحسين ما تم! فقال لي: أما سمعت أبيات ابن الصيفي (4) في هذا؟ فقلت: لا، فقال: اسمعها منه، ثم استيقظت، فبادرت إلى دار ابن الصيفي، فخرج إلي، فذكرت الرؤيا، فشهق وأجهش بالبكاء، وحلف بالله إن كانت خرجت من فمي أو خطي إلى أحد، وإن كنت نظمتها إلا في ليلتي هذه، ثم أنشدني: [من الطويل] ملكنا فكان العفو منا سجية … فلما ملكتم سال بالدم أبطح وحللتم قتل الأسارى وطالما … غدونا على الأسرى نعف ونصفح وحسبكم هذا التفاوت بيننا … وكل إناء بالذي فيه ينضح

(1) «تاريخ الإسلام» (40/ 135)، و «العبر» (4/ 217)، و «مرآة الجنان» (3/ 398)، و «شذرات الذهب» (6/ 407). (2) انظر «مرآة الجنان» (3/ 398). (3) «المنتظم» (10/ 557)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 438)، و «وفيات الأعيان» (2/ 362)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 61)، و «العبر» (4/ 219)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 165)، و «مرآة الجنان» (3/ 399)، و «البداية والنهاية» (12/ 827)، و «شذرات الذهب» (6/ 409). (4) وهو صاحب الترجمة.

2529 - [شهدة الكاتبة]

وله ديوان معروف. توفي في سنة أربع وسبعين وخمس مائة. 2529 - [شهدة الكاتبة] (1) شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج، الدينورية الأصل، البغدادية المولد والوفاة، الكاتبة، العابدة الصالحة، مسندة العراق. كتبت الخط الجيد، وكانت من أهل العلم والصلاح، ذات خير ودين. سمعت من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر، وأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي، وطراد بن محمد وغيرهم. وسمع منها خلق كثير. واشتهر ذكرها، وبعد صيتها، وكان لها السماع العالي، ألحقت الأصاغر بالأكابر. وتوفيت في سنة أربع وسبعين وخمس مائة. 2530 - [أبو عبد الله الأندلسي] (2) أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري الأندلسي القدوة، المشار إليه بالصلاح، والورع والزهد، وإجابة الدعوة. قرأ العربية، ولزم أبا بكر بن العربي مدة، وكان من أولياء الله تعالى الذين تذكر رؤيتهم بالله تعالى. وله كرامات مشهورة، وآثار مشكورة، مع الحظ الوافر من الفقه والقراءات. توفي سنة أربع وسبعين وخمس مائة.

(1) «المنتظم» (10/ 558)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 438)، و «وفيات الأعيان» (2/ 477)، و «العبر» (4/ 220)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 190)، و «مرآة الجنان» (3/ 400)، و «شذرات الذهب» (6/ 410). (2) «تاريخ الإسلام» (40/ 155)، و «العبر» (4/ 220)، و «مرآة الجنان» (3/ 400)، و «شذرات الذهب» (6/ 411).

2531 - [السديد السلماسي]

2531 - [السديد السلماسي] (1) السديد بن هبة الله بن عبد الله السّلماسي-بفتح السين المهملة واللام والميم، وبعد الألف سين مهملة أيضا، نسبة إلى سلماس، مدينة من بلاد أذربيجان-الفقيه الشافعي. كان إماما مسددا في الفتوى، أتقن عدة علوم، وتولى الإعادة بنظامية بغداد، وهو الذي شهر طريقة الشريف. وقيل: إنه كان يذكر طريقة الشريف و «الوسيط» و «المستصفى» للغزالي من غير مراجعة كتاب. انتفع به جمع كثير، وصاروا علماء مدرسين مصنفين، منهم: الإمامان عماد الدين محمد وكمال الدين موسى ولدا يونس، والشيخ شرف الدين أبو المظفر محمد بن علوان بن مهاجر وغيرهم من الأفاضل. توفي سنة أربع وسبعين وخمس مائة. 2532 - [المستضيء بأمر الله العباسي] (2) المستضيء بأمر الله بن المستنجد بن المقتفي بن المستظهر بن المقتدي العباسي الخليفة. بويع له بعد أبيه، وكان ذا دين، وحلم وأناة ورأفة، ومعروف زائد. قال ابن الجوزي: (أظهر من العدل والكرم ما لم نره في أعمارنا، ولم يكن للمال عنده وقع-أو قال: قدر-فرق مالا عظيما في الهاشميين وفي المدارس) اهـ‍ (3) قيل: كان يأمر ابن الجوزي بعقد مجلس الوعظ، ويجلس بحيث يسمع ولا يرى.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 237)، و «تاريخ الإسلام» (40/ 157)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 156)، و «مرآة الجنان» (3/ 400)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 23). (2) «المنتظم» (10/ 499)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 442)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 68)، و «العبر» (4/ 223)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 309)، و «مرآة الجنان» (3/ 401)، و «البداية والنهاية» (12/ 831)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 525). (3) «المنتظم» (10/ 499).

2533 - [اليسع الغافقي]

وفي أيامه اختفى الرفض ببغداد، وتلاشى بمصر والشام، وزالت دعوة العبيديين، وخطب له بديار مصر واليمن وبعض المغرب. وتوفي في سنة خمس وسبعين وخمس مائة، وبويع بعده ابنه الناصر لدين الله. 2533 - [اليسع الغافقي] (1) اليسع بن عيسى بن حزم الغافقي المقرئ. أخذ القراءات عن أبيه وغيره، وأقرأ بالإسكندرية والقاهرة، وقربه السلطان صلاح الدين، واحترمه. وكان فقيها مفتيا، محدثا مقرئا، أخباريا نسابا، بديع الخط. يقال: إنه أول من خطب بالدعوة العباسية بمصر. وتوفي سنة خمس وسبعين وخمس مائة. 2534 - [أبو المحاسن الزبيري] (2) أبو المحاسن عمر بن علي القرشي الزبيري الدمشقي القاضي الحافظ، نزيل بغداد. صحب أبا النجيب السهروردي، وسمع من أبي الدر ياقوت الرومي، وطائفة. ومات سنة خمس وسبعين وخمس مائة. 2535 - [ابن خير الإشبيلي] (3) محمد بن خير الإشبيلي الحافظ المقرئ. فاق الأقران في ضبط القراءات، وبرع في الحديث، واشتهر بالإتقان وسعة المعرفة بالعربية. وتوفي سنة خمس وسبعين وخمس مائة.

(1) «تاريخ الإسلام» (40/ 163)، و «العبر» (4/ 222)، و «مرآة الجنان» (3/ 402)، و «حسن المحاضرة» (1/ 429)، و «شذرات الذهب» (6/ 413). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 444)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 105)، و «تاريخ الإسلام» (40/ 175)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1365)، و «العبر» (4/ 224)، و «مرآة الجنان» (3/ 402)، و «شذرات الذهب» (6/ 416). (3) «بغية الملتمس» (ص 75)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 85)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1366)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1069)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 51)، و «مرآة الجنان» (3/ 402)، و «شذرات الذهب» (6/ 416).

2536 - [ابن أبي غالب الضرير]

2536 - [ابن أبي غالب الضرير] (1) محمد بن أبي غالب الضرير الحافظ. برع في الحديث حتى صار المرجوع إليه في معرفة رجاله وحفظه. توفي سنة خمس وسبعين وخمس مائة. 2537 - [منوجهر الكاتب] (2) أبو الفضل منوجهر بن محمد الكاتب. كان أديبا فاضلا، مليح الإنشاء، حسن الطريقة. روى عن جماعة، وروى «المقامات» عن الحريري. وتوفي سنة خمس وسبعين وخمس مائة. 2538 - [ابن عيّاد الأندلسي] (3) يوسف بن عبد الله الأندلسي الأستاذ المقرئ، المعروف بابن عياد. أخذ القراءات عن جماعة، وسمع من خلق كثير، واعتنى بصناعة الحديث، وكتب العالي والنازل، وبرع في معرفة الرجال، وصنف التصانيف الكثيرة. ومات سنة خمس وسبعين وخمس مائة. 2539 - [القريظي صاحب «المستصفى»] (4) محمد بن سعيد بن معن القريظي اللحجي-بفتح اللام، وسكون الحاء المهملة، ثم

(1) «تاريخ الإسلام» (40/ 181)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1381)، و «العبر» (4/ 225)، و «مرآة الجنان» (3/ 402)، و «شذرات الذهب» (6/ 417). (2) «معجم الأدباء» (7/ 146)، و «تاريخ الإسلام» (40/ 190)، و «العبر» (4/ 226)، و «مرآة الجنان» (3/ 402)، و «بغية الوعاة» (2/ 304)، و «شذرات الذهب» (6/ 418). (3) «سير أعلام النبلاء» (21/ 180)، و «تاريخ الإسلام» (40/ 191)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1065)، و «العبر» (4/ 226)، و «مرآة الجنان» (3/ 402)، و «شذرات الذهب» (6/ 419). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 225)، و «السلوك» (1/ 375)، و «مرآة الجنان» (3/ 403)، و «العطايا السنية» (ص 552)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 194)، و «تحفة الزمن» (1/ 302)، و «طبقات الخواص» (ص 322)، و «غربال الزمان» (ص 458)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 219).

2540 - [طاهر ابن الإمام العمراني]

جيم مكسورة-القاضي الإمام، الورع الزاهد، ذو الفضائل والمحاسن. صنف «المستصفى في سنن المصطفى» (1)، واختصر «الإحياء». قيل: إنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في النوم، فدعا له بالتثبيت. وتوفي سنة ست وسبعين وخمس مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» (2)، فليحقق ذلك، ولعله سنة ست وتسعين بتقديم المثناة (3). 2540 - [طاهر ابن الإمام العمراني] (4) طاهر بن الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني. ولي القضاء في أيام شمس الدولة. وتوفي بسهفنة يوم الجمعة منتصف الحجة من سنة ست وسبعين وخمس مائة (5).مذكور في الأصل. 2541 - [أبو طاهر السّلفي] (6) أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد الأصبهاني السّلفي-بكسر السين المهملة، وفتح اللام-الحافظ الكبير، مسند الدنيا.

(1) وقد طبع بحمد الله لأول مرة عن دار المنهاج سنة (2006 م) بعناية الأخوين: عبد اللطيف عبد اللطيف، وقاسم الحلبية. (2) انظر «مرآة الجنان» (3/ 403). (3) في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 225)، و «غربال الزمان» (ص 458) توفي سنة (576 هـ‍) كما ذكر اليافعي، وفي باقي المصادر: توفي سنة (575 هـ‍)، ولم نجد من ذكر وفاته سنة (596 هـ‍)، والله أعلم. (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 186)، و «السلوك» (1/ 337)، و «مرآة الجنان» (3/ 403)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 115)، و «العطايا السنية» (ص 355/)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 19)، و «العقد الثمين» (5/ 60)، و «تحفة الزمن» (1/ 265). (5) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 403)، وفي باقي المصادر: (توفي بقرية سير ليلة الأربعاء من أحد الربيعين سنة سبع وثمانين وخمس مائة). (6) «الكامل في التاريخ» (9/ 451)، و «كتاب الروضتين» (3/ 54)، و «وفيات الأعيان» (1/ 105)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 5)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1298)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 351)، و «مرآة الجنان» (3/ 403)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 32)، و «البداية والنهاية» (12/ 835).

2542 - [سعيد المأموني]

حدث بأصبهان-قال: وكنت ابن سبع عشرة سنة أو أقل أو أكثر-ورحل تلك السنة إلى بغداد، فأدرك بها أبا الخطاب ابن البطر، وعمل معجما لشيوخ بغداد، ثم حج، وسمع بالحرمين والكوفة والبصرة وهمذان وزنجان والري والدينور وقزوين وأذربيجان والشام ومصر، فأكثر وأطال، وتفقه بمذهب الشافعي على أبي الحسن إلكيا، وفي اللغة على الخطيب يحيى بن علي التبريزي، وبرع في الأدب، وجود القراءات بروايات، وسمع من الثقفي، وأحمد بن عبد الغفار، وخلق كثير، وخرج عنهم. واستوطن الإسكندرية بضعا وستين سنة مكبا على الاشتغال والمطالعة، والنسخ وتحصيل الكتب إلى أن توفي. وبنى له العادل علي بن السلار وزير الظافر العبيدي صاحب مصر مدرسة في الإسكندرية، وفوضها إليه. وحضر مجلسه السلطان صلاح الدين، وسمع منه الحديث. وتوفي بكرة الجمعة خامس ربيع الآخر من سنة ست وسبعين وخمس مائة. ومما وجد بخطه من قصيدة لمحمد بن عبد الجبار الأندلسي: [من الكامل] لولا اشتغالي بالأمير ومدحه … لأطلت في ذاك الغزال تغزّلي لكن أوصاف الجلال عذبن لي … فتركت أوصاف الجمال بمعزل 2542 - [سعيد المأموني] (1) سعيد بن الحسين العباسي أبو المفاخر المأموني، راوي «صحيح مسلم» بمصر. قال الذهبي: (روى الحديث هو وابنه ونافلته وحفيده) (2). وتوفي سنة ست وسبعين وخمس مائة.

(1) «تاريخ الإسلام» (40/ 212)، و «العبر» (4/ 229)، و «مرآة الجنان» (3/ 405)، و «حسن المحاضرة» (1/ 324)، و «شذرات الذهب» (6/ 423). (2) «العبر» (4/ 229).

2543 - [ابن الخراساني]

2543 - [ابن الخراساني] (1) أبو العز محمد بن محمد المعروف بابن الخراساني البغدادي الأديب، صاحب «العروض» و «النوادر»، وديوان شعره في مجلدات. كان صاحب ظرف وذكاء مفرط، وتفنن في الأدب. روى عن جماعة. ومات سنة ست وسبعين وخمس مائة. 2544 - [شمس الدولة توران شاه] (2) السلطان المعظم توران شاه-بضم التاء الفوقانية-ابن أيوب بن شاذي بن مروان الملقب: فخر الدين. جهزه أخوه الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب الديار المصرية في جيش عظيم إلى اليمن، وذلك حين بلغه أن عبد النبي بن مهدي قد ملك كثيرا من اليمن، واستولى على كثير من حصونها، ودانت له قبائلها، فخرج من مصر في رجب سنة تسع وستين وخمس مائة كما قاله ابن خلكان (3)، فدخل زبيد تاسع شوال من السنة المذكورة، ودخل عدن يوم الجمعة ثامن عشر أو تاسع عشر القعدة من السنة المذكورة، وافتتح صنعاء في المحرم أول سنة سبعين وخمس مائة، ثم وصل كتاب من أخيه صلاح الدين يسأله عن حاله، ويخبره بوفاة السلطان نور الدين محمود بن زنكي واستيلاء صلاح الدين على مملكة الشام بعد السلطان نور الدين، فأمر السلطان شمس الدولة الأديب أبا بكر بن أحمد العيدي أن ينوب عنه إلى أخيه، ويستأذنه في الوصول إليه، فأنشأ الأديب قصيدة، وأتبعها برسالة فريدة، فلما وصل الكتاب إلى السلطان صلاح الدين .. أذن لأخيه شمس الدولة في

(1) «معجم الأدباء» (7/ 34)، و «تاريخ الإسلام» (40/ 224)، و «العبر» (4/ 230)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 150)، و «مرآة الجنان» (3/ 405)، و «بغية الوعاة» (1/ 235)، و «شذرات الذهب» (6/ 424). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 451)، و «كتاب الروضتين» (3/ 63)، و «وفيات الأعيان» (1/ 306)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 53)، و «العبر» (4/ 228)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 441)، و «مرآة الجنان» (3/ 404)، و «البداية والنهاية» (12/ 833)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 266)، و «شذرات الذهب» (6/ 421). (3) انظر «وفيات الأعيان» (1/ 306).

2545 - [رضي الدين ابن منعة]

القفول، فاستناب في عدن وأعمالها عثمان بن علي الزنجيلي، وعلى زبيد وأعمالها من التهائم أبا الميمون مبارك بن كامل، وفي تعز وأعمالها ياقوت التعزي، وفي جبلة ونواحيها مظفر الدين قايماز، وسار إلى الشام في رجب سنة إحدى وسبعين، فقدم على أخيه صلاح الدين وهو محاصر حلب في ذي الحجة، وقيل: في رمضان من السنة المذكورة. ولم يزل نوابه يجبون له الأموال ويحملونها إليه إلى أن توفي بثغر الإسكندرية في سنة ست وسبعين وخمس مائة. وكان كريما جوادا، توفي وعليه مائة ألف دينار، فقضاها عنه أخوه صلاح الدين. ومن الغريب ما حكاه القاضي أحمد بن خلكان عن مهذب الدين أبي طالب محمد بن علي المعروف بابن الخيمي الحلبي نزيل مصر قال: رأيت في النوم شمس الدولة توران شاه بن أيوب وهو ميت، فمدحته بأبيات من الشعر وهو في القبر، فلف كفنه ورماه إلي، وأنشدني هذه الأبيات: [من البسيط] لا تستقلّنّ معروفا سمحت به … ميتا فأمسيت منه عاري البدن ولا تظنّنّ جودي شانه بخل … من بعد بذلي ملك الشام واليمن إني خرجت من الدنيا وليس معي … من كل ما ملكت كفي سوى كفني (1) 2545 - [رضي الدين ابن منعة] (2) أبو الفضل يونس بن محمد بن منعة رضي الدين الموصلي الشيخ الإمام، والد الشيخين: عماد الدين أبي حامد محمد، وكمال الدين أبي الفتح موسى. تفقه أبو الفضل المذكور أولا ببلده الموصل على تاج الإسلام الحسين بن نصير الكعبي الجهني، ثم انحدر إلى بغداد على مدرس النظامية الشيخ أبي منصور سعيد بن محمد، ثم رجع إلى الموصل، فأقبل عليه متوليها الأمير أبو الحسن والد الملك المعظم، وجعل إليه تدريس مسجده، وفوض إليه نظره. وكان يدرس ويفتي ويناظر إلى أن توفي في سنة ست وسبعين وخمس مائة.

(1) انظر «وفيات الأعيان» (1/ 309). (2) «وفيات الأعيان» (7/ 254)، و «تاريخ الإسلام» (40/ 300)، و «العبر» (4/ 238)، و «مرآة الجنان» (3/ 406)، و «شذرات الذهب» (6/ 439).

2546 - [غازي صاحب الموصل]

وكانوا بيت علم، خرج من بينهم جماعة علماء فضلاء، انتفع بهم أهل تلك البلاد وغيرها، وقصدوا من بلاد العراق والعجم. كذا في «تاريخ اليافعي» تاريخ وفاته (1)، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة تسع وسبعين وخمس مائة (2). 2546 - [غازي صاحب الموصل] (3) سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي بن آق سنقر، صاحب الموصل. ملكها بعد وفاة أبيه مودود، فلما بلغ نور الدين محمود بن زنكي موت أخيه مودود .. سار حتى خيم قبالة الموصل ولم يكن قصده مقاتلة أهلها، وأرسل إلى ابن أخيه سيف الدين، وعرفه صحة قصده، وصالحه، ودخل الموصل، وأقر سيف الدين بها، وزوجه ابنته، وأعطى أخاه عماد الدين بن مودود سنجار. فلما توفي نور الدين، وملك السلطان صلاح الدين دمشق، ونزل على حلب فحاصرها .. سير سيف الدين جيشا مقدمه أخوه عزّ الدين مسعود، فالتقوا عند قرون حماة، فانكسر عزّ الدين مسعود، فتجهز سيف الدين غازي بنفسه، وخرج صلاح الدين إلى لقائه، فتصافّا على تل السلطان بين حلب وحماة سنة إحدى وسبعين وخمس مائة، فانكسرت ميسرة صلاح الدين، فحمل صلاح الدين بنفسه، فانهزم جيش سيف الدين، ورجع إلى الموصل. وتوفي سيف الدين سنة ست وسبعين وخمس مائة، وتولى بعده أخوه عزّ الدين مسعود. 2547 - [الملك الصالح أبو الفتوح] (4) الملك الصالح أبو الفتح إسماعيل بن السلطان العادل نور الدين محمود بن زنكي بن آق سنقر.

(1) انظر «مرآة الجنان» (3/ 406).وهو كذلك في «وفيات الأعيان» (7/ 255). (2) انظر «العبر» (4/ 238). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 446)، و «كتاب الروضتين» (3/ 60)، و «وفيات الأعيان» (4/ 4)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 192)، و «العبر» (4/ 230)، و «مرآة الجنان» (3/ 405)، و «شذرات الذهب» (6/ 423). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 454)، و «كتاب الروضتين» (3/ 75)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 110)، و «الوافي

2548 - [ابن الأنباري]

مات أبوه بعد ختانه بأيام، فأوصى له بالسلطنة، فلم يتم له ذلك، وبقيت بيده حلب، وكان مع صغر سنه عاقلا دينا، محببا إلى أهل حلب بحيث أنه لما جاء صلاح الدين لتملك حلب .. قاتلوه قتال الموت، ولم يتركوا شيئا من مجهودهم. ولما توفي .. أقاموا عليه المأتم، وبالغوا في البكاء والنوح عليه، وفرش الرماد في الطرق. مات سنة سبع وسبعين وخمس مائة عن تسع عشرة سنة، وأوصى بحلب لابن عمه مسعود بن مودود، فجاء وتملكها. 2548 - [ابن الأنباري] (1) عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله كمال الدين أبو البركات المعروف بابن الأنباري، اللغوي النحوي، الفقيه الشافعي. تفقه في مذهب الإمام الشافعي بالنظامية، وتصدر لإقراء النحو واللغة، واشتغل عليه خلق كثير، وصاروا علماء. وصنف في النحو كتاب «أسرار العربية» وهو كتاب سهل المأخذ كثير الفائدة، وله في النحو غيره، وله كتاب «طبقات الأدباء» جمع فيه بين المتقدمين والمتأخرين مع صغر حجمه، وكتبه كلها نافعة. وكان مبارك التدريس، ما قرأ عليه أحد إلا وتميز، ثم انقطع في آخر عمره في بيته مشتغلا بالعلم والعبادة، وترك الدنيا وأهلها، ولم تزل سيرته حميدة. ولد سنة ثلاث عشرة وخمس مائة ببغداد. وتوفي سنة سبع وسبعين وخمس مائة.

= بالوفيات» (9/ 221)، و «مرآة الجنان» (3/ 407)، و «البداية والنهاية» (12/ 836)، و «شذرات الذهب» (6/ 425). (1) «الكامل في التاريخ» (9/ 457)، و «كتاب الروضتين» (3/ 100)، و «وفيات الأعيان» (3/ 139)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 113)، و «العبر» (4/ 231)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 247)، و «مرآة الجنان» (3/ 408)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 155)، و «بغية الوعاة» (2/ 86).

2549 - [شيخ الشيوخ ابن حمويه]

2549 - [شيخ الشيوخ ابن حمويه] (1) أبو الفتح عمر بن علي بن الشيخ محمد بن حمويه الجويني الصوفي، الملقب: شيخ الشيوخ. روى عن جده، والفراوي، وجماعة. ونصبه السلطان نور الدين محمود شيخ الشيوخ بالشام، وكان وافر الحرمة. توفي سنة سبع وسبعين وخمس مائة. 2550 - [ابن حميد الزوقري] (2) محمد بن حميد-بضم الحاء المهملة، وفتح الميم، وسكون المثناة من تحت، ثم دال مهملة-ابن أبي الحسين، تصغير الحسن بالمهملتين والنون-ووقع في بعض «الطبقات»: ابن أبي الخير، ضد الشر-ابن نمر بن عبد الله بن هلال بن أحمد بن نمر، من بيت رئاسة متأثلة يعرفون بالسلاطين بني نمر، وهم بطن من الركب بن أشعر يعرفون بالزواقر. ولد المذكور سنة ثمانين وأربع مائة. وتفقه بزيد بن عبد الله اليفاعي، وبزيد بن الحسن الفائشي، وأخذ بمكة عن أحمد المكي، وعن المقرئ الجبرتي. وكان فقيها صالحا، ورعا زاهدا. يحكى أنه رأى ليلة القدر بمكة، فلم يسأل الله غير الجنة وتمام قوت السنة. ومسكنه الملبد-بفتح الميم، وسكون اللام، وفتح الموحدة، وآخره دال مهملة-قرية من أعمال قياض-بضم القاف، وفتح المثناة من تحت، ثم ألف، ثم ضاد معجمة-وهو ناحية من أعمال تعز. وتوفي بمسكنه في شوال سنة سبع وسبعين وخمس مائة.

(1) «تاريخ الإسلام» (40/ 242)، و «العبر» (4/ 232)، و «مرآة الجنان» (3/ 408)، و «شذرات الذهب» (6/ 426). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 212)، و «السلوك» (1/ 292)، و «العطايا السنية» (ص 544)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 157)، و «تحفة الزمن» (1/ 218).

2551 - [حسان العمراني]

2551 - [حسان العمراني] (1) حسان بن الفقيه محمد بن موسى بن الحسين بن أسعد بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عمران العمراني. ولد سنة تسع وعشرين وخمس مائة. وتفقه بأبيه. وبه تفقه جماعة، منهم أحمد بن مقبل الدثيني. وكان فقيها بارعا محققا، ولي قضاء الجند، وإليه انتهت رئاسة الفتوى والتدريس بها. وتوفي لبضع وسبعين وخمس مائة (2). 2552 - [عبد الرحمن الصرحي] (3) عبد الرحمن بن المفضل بن عبد الملك الصرحي. كان فقيها فاضلا، عارفا ماهرا، وإليه انتهت رئاسة الفقه في حرض وما يليها، وولي القضاء بها، وكان رأسا. توفي لبضع وسبعين وخمس مائة. 2553 - [سليمان بن أحمد القاضي] (4) سليمان بن أحمد بن أسعد أبو داود القاضي المشهور.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 186)، و «السلوك» (1/ 352)، و «العطايا السنية» (ص 301)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 312)، و «تحفة الزمن» (1/ 280)، و «المدارس الإسلامية» (ص 132)، و «هجر العلم» (4/ 2070). (2) في «المدارس الإسلامية» (ص 132)، و «هجر العلم» (4/ 2070): (لبضع وتسعين وخمس مائة). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 216)، و «السلوك» (1/ 363)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 76)، و «تحفة الزمن» (1/ 291). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 237)، و «السلوك» (1/ 412)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 484)، و «تحفة الزمن» (1/ 336)، و «هجر العلم» (3/ 1453).

2554 - [علي ابن أبي الفتح]

كان فقيها ثبتا، عالما عاملا، صالحا ورعا زاهدا، وكانت أحكامه مرضية، وسيرته محمودة. توفي لبضع وسبعين وخمس مائة. 2554 - [علي ابن أبي الفتح] (1) علي بن عبد الله بن أبي الفتح. ولي قضاء جبلة بعد أبيه. وتوفي سنة سبع وسبعين-بالموحدة فيهما-وخمس مائة. 2555 - [ابن أبي الفتح] (2) عبد الله بن أبي الفتح. ولي قضاء جبلة من قبل النقوي، وكان عارفا محققا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وذكرته هنا في طبقة ابنه علي المذكور قبله. 2556 - [عثمان العمراني] (3) عثمان بن أسعد بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عمران العمراني أبو الفتوح. ولد سنة أربع وتسعين-وقال ابن سمرة: (سنة تسع وتسعين) (4) -وأربع مائة. أخذ عن الإمام يحيى بن أبي الخير، وأخذ عمن أخذ عنه العرشاني. وهو أحد شيوخ ابن سمرة. وكان فقيها فاضلا، صالحا عابدا، يقوم كل ليلة بسبع القرآن.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 235)، و «السلوك» (1/ 407)، و «العطايا السنية» (ص 379)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 141)، و «تحفة الزمن» (1/ 331). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 235)، و «السلوك» (1/ 407)، و «العطايا السنية» (ص 379)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 141)، و «تحفة الزمن» (1/ 331). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 189)، و «السلوك» (1/ 338)، و «العطايا السنية» (ص 434)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 183)، و «تحفة الزمن» (1/ 266)، و «هجر العلم» (4/ 2067). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 189).

2557 - [محمد الأصبحي]

وتوفي بالمصنعة سنة سبع وسبعين وخمس مائة. قال الجندي: (وأظنه أخا مسلم بن أسعد) (1)؛ أي: المذكور في العشرين التي قبل هذه (2)، كذا في «الخزرجي» نقلا عن الجندي (3)، فإن صح .. فلعله سقط هنا من نسب عثمان بن أسعد بن عبد الله جدان، وهما: أسعد وعثمان، كما قد علمته في نسب مسلم بن أسعد المذكور. 2557 - [محمد الأصبحي] (4) محمد بن سالم بن زيد بن إسحاق، الأصبحي نسبا، البعداني بلدا. ولد سنة خمس وتسعين وأربع مائة. وتفقه بالإمام يحيى بن محمد بن عمران. وكان إماما جليل القدر، شهير الذكر، مجتهدا مجودا، حسن الديانة. وبه تفقه أخوه عبد الله بن سالم، والفقيه فضل بن أسعد المليكي الآتي ذكره في العشرين بعد هذه (5). وتوفي سنة سبع وسبعين وخمس مائة، وقيل: سنة ست وسبعين. 2558 - [البوصيري] (6) هبة الله بن علي الأنصاري الخزرجي المصري المعروف بالبوصيري. كان أديبا كاتبا، له سماعات عالية، وروايات تفرد بها، وألحق الأصاغر بالأكابر في علو الإسناد، ولم يكن في آخر عصره في درجته مثله.

(1) «السلوك» (1/ 338). (2) انظر (4/ 160). (3) انظر «طراز أعلام الزمن» (2/ 183). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 169)، و «السلوك» (1/ 338)، و «العطايا السنية» (ص 547)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 184)، و «تحفة الزمن» (1/ 267)، و «هجر العلم» (4/ 2133). (5) انظر (4/ 391). (6) «وفيات الأعيان» (6/ 67)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 390)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 375)، و «العبر» (4/ 306)، و «مرآة الجنان» (3/ 409)، و «حسن المحاضرة» (1/ 324) و «شذرات الذهب» (6/ 550).

2559 - [أحمد الرفاعي]

سمع بقراءة جماعة من الكبار، ورحل إليه الطلاب من الأمصار. وتوفي سنة ثمان وسبعين وخمس مائة (1). 2559 - [أحمد الرفاعي] (2) شيخ الشيوخ، الولي الكبير، الصالح الشهير، أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد الشهير بالرفاعي. أصله من الغرب-بالغين المعجمة-ونزل أبوه البطائح بالعراق في قرية يقال لها: أم عبيدة-بفتح العين المهملة-وكسر الموحدة، ثم مثناة من تحت ساكنة، ثم دال، ثم هاء- قرى مجتمعة في وسط الماء بين واسط والبصرة، ولها بالعراق شهرة، فتزوج بأخت الشيخ منصور الزاهد، فولدت له الشيخ أحمد المذكور في سنة خمس مائة. فتفقه قليلا بمذهب الشافعي، ثم راض نفسه بالتواضع والقناعة، والذل والانكسار حتى طار اسمه في الأقطار، وتبعه خلق كثير، وأحسنوا الاعتقاد فيه كما هو الحقيق بذلك، والطائفة المعروفة بالبطائحية والرفاعية من الفقراء منسوبون إليه. قال ابن خلكان: (ولأتباعه أحوال عجيبة في النزول في التنانير وهي تضطرم نارا، فيطفئونها، ولزوم الحيات، ويقال: إنهم في بلادهم يركبون الأسود، ومثل هذا وأشباهه، ولهم مواسم يجتمع عندهم من الفقراء عالم لا يعد ولا يحصى، ويقومون بكفاية الكل منهم، قال: وأمورهم مشهورة مستفيضة، فلا حاجة إلى الإطالة. قال: وكان الشيخ أحمد مع اشتغاله بالعبادة له شعر، فمنه على ما قيل: [من الطويل] إذا جن ليلي هام قلبي بذكركم … أنوح كما ناح الحمام المطوق وفوقي سحاب يمطر الهم والأسى … وتحتي بحار للهوى تتدفق

(1) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 409)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (598 هـ‍). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 469)، و «وفيات الأعيان» (1/ 171)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 77)، و «العبر» (4/ 233)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 219)، و «مرآة الجنان» (3/ 409)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 23)، و «البداية والنهاية» (12/ 840)، و «طبقات الأولياء» (ص 93/)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 218).

2560 - [ابن بشكوال]

سلوا أم عمرو كيف بات أسيرها … تفك الأسارى دونه وهو موثق فلا هو مقتول ففي القتل راحة … ولا هو ممنون عليه فيطلق) (1) قال الشيخ عبد الله اليافعي: (وذكر غيره أن الأبيات المذكورة سمعها الشيخ أحمد من القوال، فكانت سبب موته. قال: والرفاعي، نسبة إلى رجل من العرب يقال له: رفاعة، كذا نقله من خط بعض أهل بيته) اهـ‍ (2) ولم يزل الشيخ على الحال المرضي إلى أن توفي بأم عبيدة خامس وعشرين جمادى الأخرى من سنة ثمان وسبعين وخمس مائة. وله كرامات كثيرة، ولابن عبد المحسن الواسطي مصنف في مناقبه. 2560 - [ابن بشكوال] (3) خلف بن عبد الملك الأنصاري الخزرجي المعروف بأبي القاسم بن بشكوال القرطبي، من علماء الأندلس. وله التصانيف المفيدة، منها كتاب «الصلة» ذيلا على «تاريخ علماء الأندلس» للقاضي أبي الوليد عبد الله المعروف بابن الفرضي. توفي سنة ثمان وسبعين وخمس مائة. 2561 - [أبو الفضل الطوسي] (4) أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي ثم البغدادي، خطيب الموصل. قرأ الفقه والأصول على إلكيا وأبي بكر الشاشي، والأدب على أبي زكريا التبريزي.

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 172). (2) «مرآة الجنان» (3/ 412). (3) «وفيات الأعيان» (2/ 240)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 139)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1339)، و «العبر» (4/ 234)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 369)، و «مرآة الجنان» (3/ 412)، و «البداية والنهاية» (12/ 841). (4) «سير أعلام النبلاء» (21/ 87)، و «العبر» (4/ 234)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 36)، و «مرآة الجنان» (3/ 413)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 119)، و «شذرات الذهب» (6/ 431).

2562 - [مسعود الطريثيثي]

وولي خطابة الموصل زمانا، وتفرد في الدنيا، وقصده الرحالون. ومات سنة ثمان وسبعين وخمس مائة. 2562 - [مسعود الطريثيثي] (1) أبو المعالي مسعود بن محمد النيسابوري. تأدب على أبيه، وتفقه بمحمد بن يحيى صاحب الغزالي، وسمع من جمع. وكان حسن الأخلاق، قليل التصنع. مات سلخ رمضان في سنة ثمان وسبعين وخمس مائة، ودفن يوم العيد. وكان عالما صالحا، ورعا زاهدا، صنف كتاب «الهادي» في الفقه، وهو مختصر نافع، لم يأت فيه إلا بالقول الذي عليه الفتوى. وعظ، وحصل له القبول ببغداد، ثم دمشق، ودرّس بالمجاهدية، ثم الغزالية، ثم خرج إلى حلب ودرّس بالمدرستين اللتين بناهما نور الدين وأسد الدين، ثم ذهب إلى همذان، ودرّس بها، ثم عاد إلى دمشق، ودرّس بالغزالية، وانتهت إليه رئاسة المذهب بدمشق. 2563 - [ابن بنت زيد اليفاعي] (2) عبد الله بن الفقيه محمد بن سالم بن عبد الله بن محمد بن سالم، ابن بنت الإمام زيد اليفاعي. ولد في صفر سنة اثنتين وخمس مائة. وكان فقيها عارفا، خيرا دينا، متفننا. وتوفي في المحرم أول سنة ثمان وسبعين وخمس مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (5/ 196)، و «العبر» (4/ 235)، و «مرآة الجنان» (3/ 413)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 297)، و «البداية والنهاية» (12/ 841)، و «شذرات الذهب» (6/ 432). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 212)، و «السلوك» (1/ 351)، و «العطايا السنية» (ص 392)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 147)، و «تحفة الزمن» (1/ 279).

2564 - [تاج الملوك بوري]

2564 - [تاج الملوك بوري] (1) بوري-بضم الموحدة، وسكون الواو، وكسر الراء-ابن أيوب بن شاذي الملقب بتاج الملوك، أخو السلطان صلاح الدين، وهو أصغر أولاد أبيه. قال ابن خلكان: (كانت فيه فضيلة، وله ديوان شعر فيه الغث والسمين، لكنه بالنسبة إلى مثله جيد، فمن شعره: [من مجزوء الكامل] يا حياتي حين يرضى … ومماتي حين يسخط آه من ورد على خد … يه بالمسك منقّط بين أجفانك سلطا … ن على ضعفي مسلّط قد تصبرت وإن برّ … ح بي الشوق وأفرط فلعل الدهر يوما … بالتلاقي منه يغلط ومنه أيضا: [من الطويل] أيا حامل الرمح الشبيه بقدّه … ويا شاهرا سيفا حكى لحظه عضبا ضع الرمح واغمد ما سللت فربما … قتلت وما حاولت طعنا ولا ضربا ومنه أيضا: [من السريع] أقبل من أعشقه راكبا … من جانب الغور على أشهب فقلت سبحانك يا ذا العلا … أشرقت الشمس من المغرب) (2) ولما حاصر صلاح الدين حلب .. أصاب تاج الملوك طعنة في ركبته، قال العماد الأصبهاني في «البرق الشامي»: (فبينما صلاح الدين جالس في سماط قد أعده في المخيم؛ ضيافة بعد الصلح وعماد الدين صاحب حلب إلى جانبه؛ إذ أسر الحاجب إلى صلاح الدين بموت أخيه تاج الملوك، فأمر بتجهيزه ودفنه سرا، وأعطى الضيافة حقها، ولم يتغير عن حالته) (3)، يقال: إنه كان يقول: ما أخذنا حلب رخيصة بقتل تاج الملوك. وكان ذلك في سنة تسع وسبعين وخمس مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 290)، و «تاريخ الإسلام» (40/ 278)، و «العبر» (4/ 237)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 320)، و «مرآة الجنان» (3/ 414)، و «شذرات الذهب» (6/ 436). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 290). (3) «البرق الشامي» (5/ 130).

2565 - [تقية الصورية]

2565 - [تقية الصورية] (1) تقية بنت غيث-بالغين المعجمة، ثم مثناة من تحت، ثم مثلثة-ابن علي السلمي الصوري، الشيخة الفاضلة. صحبت الحافظ أبا طاهر السلفي، وذكرها في بعض تعاليقه وأثنى عليها، ولها شعر جيد. قال الحافظ السلفي: عثرت في منزل سكناي، فانجرح أخمصي، فشقت وليدة في الدار خرقة من خمارها، وعصبته، فأنشدت تقية المذكورة في الحال لنفسها: [من الخفيف] لو وجدت السبيل جدت بخدي … عوضا من خمار تلك الوليدة كيف لي أن أقبّل اليوم رجلا … سلكت دهرها الطريق الحميدة وحكى الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري أنها نظمت قصيدة تمدح الملك المظفر عمر بن أخي السلطان صلاح الدين، وكانت القصيدة خمرية، وصفت بها آلة المجلس وما يتعلق بالخمر، فلما وقف عليها .. قال: كأن الشيخة تعرف هذه الأحوال من زمن صباها، فبلغها ذلك، فنظمت قصيدة أخرى حربية وصفت فيها الحرب وما يتعلق بها أحسن وصف، ثم سيرت بها إليه تقول: علمي بتلك كعلمي بهذه، وكان قصدها براءة ساحتها مما نسبها إليه في صباها رحمها الله تعالى. توفيت في سنة تسع وسبعين وخمس مائة. 2566 - [الأبله] (2) أبو عبد الله المعروف بالأبلة واسمه: محمد بن بختيار البغدادي الشاعر المشهور، أحد المتأخرين المجيدين.

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 297)، و «تاريخ الإسلام» (40/ 279)، و «العبر» (4/ 237)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 384)، و «مرآة الجنان» (3/ 415)، و «شذرات الذهب» (6/ 436). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 478)، و «وفيات الأعيان» (4/ 463)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 132)، و «العبر» (4/ 238)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 244)، و «مرآة الجنان» (3/ 416)، و «شذرات الذهب» (6/ 437).

2567 - [علي السيري]

جمع في شعره بين الصناعة والرقة، وله ديوان شعر كثير الوجود بأيدي الناس، ومن شعره: [من الكامل] دعني أكابد لوعتي وأعاني … أين الطليق من الأسير العاني آليت لا أدع الملام يغرني … من بعد ما أخذ الغرام عناني أو لا تروض العاذلات وقد أرى … روضات حسن في خدود حسان ولدي يلتمس السلوّ ولم يزل … حي الصبابة ميت السلوان يا برق إن تجف العقيق فطالما … أغنته عنك سحائب الأجفان في قصيدة طويلة. ومن شعره: [من الطويل] لئن وقرت يوما بسمعي ملامة … بهند فلا عفت الملامة في هند ولا وجدت عيني سبيلا إلى البكا … ولا بتّ في أصل الصبابة والوجد وبحت بما ألقى ورحت مقابلا … سماحة مجد الدين بالكفر والجحد توفي في سنة تسع وسبعين وخمس مائة. 2567 - [علي السيري] (1) علي بن الحسين بن أحمد أبو الحسن السّيري-بفتح السين المهملة، وسكون المثناة من تحت-قاضي زبيد. تفقه بأبي عمران موسى بن يوسف الوصابي، وبمشايخ زبيد. وكان عالما عارفا، محققا ورعا، امتحنه أهل زبيد بألف مسألة، فأجاب عنها بأجوبة بيّنة. ولما تولى الدمشقي القضاء الأكبر في اليمن من جهة شمس الدولة .. استناب القاضي المذكور حاكما في زبيد.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 242)، و «السلوك» (1/ 408)، و «مرآة الجنان» (3/ 415)، و «العطايا السنية» (ص 453)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 252)، و «تحفة الزمن» (1/ 332)، و «شذرات الذهب» (6/ 439).

2568 - [محمد ابن أبي قرة]

قال ابن سمرة: (كان مقطوعا بأمانته وديانته، ولقد سمعت من كرمه وفضله ما يتعجب منه السامع، ويعجز عن بلوغه الطامع) (1). توفي غريبا في قرية المصيرة-بضم الميم، وفتح الصاد المهملة، وسكون المثناة من تحت، وفتح الراء-بمخلاف الساعد قافلا من الحج سنة تسع وسبعين وخمس مائة، ووقع في «الخزرجي»: ست مائة، وهو وهم (2). 2568 - [محمد ابن أبي قرة] (3) محمد بن الفقيه علي بن عمر بن عبد العزيز بن أبي قرة، تقدم ذكر والده في هذه العشرين (4). قال ابن سمرة: (تفقه محمد المذكور بشيخي أبي عبد الله محمد بن موسى العمراني، وكان من أترابي أيام الدرس في مصنعة سير، ووليت بعده قضاء أبين سنة ثمانين وخمس مائة من جهة القاضي الأثير، وتزوجت زوجته) (5). وتوفي بخنفر في ذي القعدة سنة تسع وسبعين وخمس مائة في السنة التي قدم فيها السلطان طغتكين بن أيوب اليمن. 2569 - [خطاب الكناني] (6) خطاب بن كامل بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني أمير زبيد، أخو المبارك بن كامل. لما توجه المعظم توران شاه راجعا من اليمن إلى مصر في رجب سنة إحدى وسبعين وخمس مائة .. استخلف على تعز ونواحيها ياقوت التعزي، وعلى المخلاف والجند مظفر

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 243). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 252). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 223)، و «السلوك» (1/ 369)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 313)، و «تحفة الزمن» (1/ 297)، و «هجر العلم» (3/ 1261). (4) انظر (4/ 261). (5) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 223). (6) «السلوك» (2/ 524)، و «بهجة الزمن» (ص 131)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 58)، و «تحفة الزمن» (2/ 470).

2570 - [أحمد الصياد]

الدين قايماز، وعلى عدن ونواحيها عثمان الزنجيلي، وعلى زبيد وتهامة خطابا المذكور، وتوجّه إلى مصر ببقية الأمراء والعسكر الذين وصلوا معه. فلما توفي شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وقبض أخوه الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب على أبي الميمون المبارك بن كامل .. بعث الناصر مملوكه حطلبا إلى اليمن، وكتب إلى كافة الأمراء باليمن يأمرهم أن يجتمعوا على خطاب ويخرجوه من زبيد، ويتولى ولايته حطلبا، فلما وصل حطلبا إلى عدن .. التقاه عثمان الزنجيلي بالطاعة، ثم خرجا، فحطا بالجند، فوصلهما ياقوت من تعز، وقايماز من التعكر، وقصدوا زبيد، فهرب خطاب إلى حصن قوارير، فقبض حطلبا زبيد، وعاد كل من الأمراء إلى بلده، فلم يزل خطاب يراسل حطلبا ويهاديه حتى حصل بينهما ألفة، ثم إن حطلبا مرض مرضا شديدا، فلما أشرف على الموت .. استدعى خطابا، فوصله ليلا، فسلم إليه البلد، ثم مات حطلبا، فاستولى خطاب على البلاد، ورجع إلى ما كان فيه من الملك هنالك، فلم يزل مالكا لزبيد والتهائم إلى أن وصل سيف الإسلام طغتكين بن أيوب إلى اليمن، وذلك في شوال سنة تسع وسبعين وخمس مائة، فخرج خطاب في لقائه إلى الكدراء، فلما التقيا .. ترجل له سيف الإسلام، وأظهر الفرح به؛ إذ كان أول من لقيه من نواب أخيه، ثم قال له: أنت أخي بعد أخي، وسارا معا إلى زبيد، فأقام سيف الإسلام بزبيد مدة يسيرة، ثم استأذنه خطاب في التقدم إلى الديار المصرية، فأذن له سيف الإسلام، فتجهز، وبرز بأمواله وجميع ذخائره إلى خارج البلد، ثم رجع إلى سيف الإسلام للوداع، فقبض عليه، وأمر بقبض أمواله وأثاثه، ثم سجنه، ويقال: إنه أخذ منه سبعين غلاف زردية مملوءة ذهبا، ثم إن ياقوت التعزي بادر بالنزول من حصن تعز إلى سيف الإسلام بزبيد، فسلم إليه مفاتيح الحصن، فاستحسن منه ذلك، وأكرمه وأعاده على ولايته، وبعث معه بخطاب، وأمره أن يحبسه بحصن تعز، ثم بعد أيام أمر بقتله، فقتل في آخر سنة تسع وسبعين وخمس مائة. 2570 - [أحمد الصياد] (1) الشيخ الولي الصالح قطب الدين أبو العباس أحمد بن أبي الخير المعروف بالصياد، ذو الأحوال الظاهرة، والكرامات الباهرة.

(1) «السلوك» (2/ 39)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 73)، و «تحفة الزمن» (2/ 399)، و «طبقات الخواص» (ص 64)، و «تاريخ شنبل» (ص 51).

2571 - [إبراهيم الفشلي]

ولد سنة تسع وثلاثين وخمس مائة. وكان حنفي المذهب، وله كرامات كثيرة، وصنف بعضهم مصنفا في سيرته رضي الله عنه. وتوفي بين الظهر والعصر في تاسع شوال سنة تسع وسبعين وخمس مائة عن نحو من أربعين سنة، وقبره معروف مشهور، وذكروا أن الشيخ لما أدخل قبره .. انحرف بنفسه، فاتسع اللحد اتساعا عظيما. 2571 - [إبراهيم الفشلي] (1) الشيخ الصالح أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن عبد العزيز بن عبد الرحمن المعروف بالفشلي، أحد أصحاب الطريقة، ورجال الحقيقة. ناسكا عابدا، قانعا زاهدا، مشهورا، حسن السيرة، وله كرامات ظاهرة، وهو شيخ الشيخ أحمد الصياد، والذي كان يدله على الطريق إلى الله تعالى، أثنى عليه الصياد ثناء كثيرا. ولم أقف على تاريخ وفاته (2)، فذكرته تبعا لتلميذه الصياد نفع الله بهما آمين. 2572 - [أبو يعقوب صاحب المغرب] (3) أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي، صاحب المغرب. لما مات أبوه عبد المؤمن .. جعل الأمر بعده لولده محمد، وكان طائشا، شريبا للخمر، فخلعه الموحدون، واتفقوا على أبي يعقوب المذكور. وكان حلو الكلام، مليح المفاكهة، هذبه أبوه، وقرن به أكمل رجال الحرب والمعارف، فنشأ في ظهور الخيل بين أبطال الفرسان، وفي قراءة العلم بين أفاضل العلماء أولي التحقيق والإتقان.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 26)، و «طبقات الخواص» (ص 43). (2) في «طبقات الخواص» (ص 44): توفي سنة (613 هـ‍). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 480)، و «كتاب الروضتين» (3/ 223)، و «وفيات الأعيان» (7/ 130)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 98)، و «العبر» (4/ 239)، و «الوافي بالوفيات» (29/ 255)، و «مرآة الجنان» (7/ 417)، و «البداية والنهاية» (12/ 844).

2573 - [علي القريظي]

وكان بصيرا باللغة وأيام الناس، قوي المشاركة في علوم القرآن والحديث، قيل: كان يحفظ «الصحيحين»، وكان ميله إلى الحكمة والفلسفة أكثر من ميله إلى الأدب وبقية العلوم. وكان جماعا مناعا، ضابطا لخراج مملكته، عارفا بسياسة رعيته، والدنانير اليوسفية منسوبة إليه، تمهدت له الأمور، واستقرت قواعد ملكه، ودخل جزيرة الأندلس في مائة ألف فارس من العرب والموحدين، فتفقد أحوالها، ثم أخذ في استرجاع بلاد المسلمين من أيدي الفرنج وكانوا قد استولوا عليها، فاتسعت مملكته ببلاد الأندلس. وفي سنة خمس وسبعين قصد بلاد إفريقية، وفتح مدينة قفصة، ثم دخل الأندلس في سنة ثمانين وخمس مائة في جمع كثيف، وقصد غربي بلادها، فحاصر العدو هناك شهرين، وأصابه مرض، فمات منه في ربيع الأول من السنة المذكورة، وكان قد استخلف ولده يعقوب، وقيل: إنه لم يستخلفه، بل اتفق رأي قواد الموحدين وأولاد عبد المؤمن على تمليكه، فملكوه. وذكر بعض المؤرخين أنه افتتح الأندلس وغيرها، وتهيأ له من ذلك ما لم يتهيأ لأبيه، وهادن ملك صقلية على جزية يحملها، وكان يملي أحاديث الجهاد بنفسه على الموحدين، فتجهز لغزو النصارى، واستنفر الخلق في سنة تسع وسبعين، ودخل الأندلس، ثم تكلموا في الرحيل، فتسابق الجيش حتى بقي أبو يعقوب في قلة من الناس، فانتهزت الفرنج الفرصة وخرجوا، فحملوا على الناس، فهزموهم، وأحاطت الفرنج بالمخيم، فقتل على بابه طائفة من أعيان الجند، وخلصوا إلى أبي يعقوب، وطعن في بطنه، ومات بعد أيام يسيرة في رجب، وبايعوا ولده يعقوب، والله سبحانه أعلم. 2573 - [علي القريظي] (1) علي بن أبي بكر بن عبد الله بن داود القريظي الشافعي. كان فقيها فاضلا، معروفا مشهورا. أصله من لحج، ثم سكن زبيد، وبها توفي في سنة ثمانين وخمس مائة.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 203)، و «السلوك» (1/ 350)، و «العطايا السنية» (ص 449)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 241)، و «تحفة الزمن» (1/ 278)، و «هجر العلم» (1/ 141).

2574 - [علي المليكي]

2574 - [علي المليكي] (1) علي ابن عباس ابن مفلح المليكي. أصله من إبّ، وسكن عدن، وتفقه بها على الفقيه حسين بن خلف المقيبعي، وبالقاضي أحمد بن عبد الله القريظي، وسمع عنه الحديث. وكان فقيها عالما حافظا، ورعا زاهدا، عارفا بالفقه والحديث والتفسير والفرائض، وله فيه مختصر مفيد. وعنه أخذ إبراهيم بن حديق وغيره. وعرض عليه قضاء عدن فامتنع من ذلك، ثم خرج هاربا إلى الخبت، فأقام أياما، ثم رجع إلى عدن مريضا، وتوفي بها عقب ذلك في ربيع من سنة ثمانين وخمس مائة. 2575 - [أسعد الصليحي] (2) أسعد بن مسروق بن فتح بن مفتاح أبو عمرو الصليحي بالولاء. كان فقيها مجتهدا عارفا، ماهرا في الفقه، وهو ابن أخي سليمان بن فتح بن مفتاح الآتي ذكره إن شاء الله تعالى (3). ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ لأنه كان موجودا فيها. قال ابن سمرة: (سمع أسعد بن مسروق «الترمذي» معي بقراءتي على شيخي الإمام بذي أشرق، وذلك في سنة سبعين وخمس مائة) اهـ‍ (4) 2576 - [عبد الله الدمشقي] (5) عبد الله بن عمر الدمشقي.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 218)، و «السلوك» (1/ 364)، و «العطايا السنية» (ص 451)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 291)، و «تحفة الزمن» (1/ 292)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 152). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 239)، و «السلوك» (1/ 453)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 204)، و «تحفة الزمن» (1/ 280). (3) بل تقدمت ترجمته في العشرين قبل هذه، انظر (4/ 209). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 239). (5) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 242)، و «السلوك» (1/ 408)، و «العطايا السنية» (ص 379)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 137)، و «تحفة الزمن» (1/ 332)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 117).

2577 - [عبد الله الهرمي]

كان عالما مشهورا، دخل اليمن صحبة المعظم شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وكان المعظم قد تحقق علمه وفضله، فجعله قاضي القضاة في اليمن أجمع، وكان ذا مروءة طائلة، كريم النفس. ولما رجع شمس الدولة إلى الديار المصرية .. رجع القاضي معه، وكان له جاه عريض بمصر، ومكانة عظيمة عند السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. ولم أتحقق تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ لأن رجوع شمس الدولة إلى مصر كان في سنة إحدى وسبعين وخمس مائة، وهو إذ ذاك حي. 2577 - [عبد الله الهرمي] (1) عبد الله بن عيسى الهرمي، نسبة إلى الهرمة-بفتح الهاء والميم، بينهما راء ساكنة-قرية من وادي زبيد قريبة من البحر. تفقه بابن الأبار، وربما قيل: بابن عبدويه، ولما حج .. أخذ عن الشريف العثماني «الأربعين المقدسية» بأخذه لها عن مؤلفها أبي نصر المقدسي. وعنه أخذ الأحنف، وكان يثني عليه ثناء بليغا ويقول: ما رأيت أحفظ للمهذب ولا أذكر له منه، ولا أورع، وكان إذا طعم عند قوم .. قال: اللهم؛ اعمر منزلهم بالتقوى، ووسعه بالرزق. وكان فقيها، ورعا صالحا، مرجو الدعوة، من جلة الفقهاء. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لما يقال: إن ابن مهدي قتله ظلما، وكانت ولاية بني مهدي خمس عشرة سنة ونحو ثلاثة أشهر آخرها تاسع شوال من سنة تسع وستين وخمس مائة. 2578 - [ابن أبي الفتح] (2) عبد الله بن أبي الفتح.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 243)، و «السلوك» (1/ 328)، و «العطايا السنية» (ص 375)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 140)، و «تحفة الزمن» (1/ 251)، و «هجر العلم» (4/ 2326). (2) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (577 هـ‍)، فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 279).

2579 - [ابن المسلم]

ولي قضاء جبلة من قبل النقوي، وكان عارفا محققا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وذكرته هنا في طبقة أبيه علي (1)، وقد مر ذكره مع ابنه المذكور في سنة سبع وسبعين وخمس مائة. 2579 - [ابن المسلّم] (2) علي بن أسعد بن المسلّم بفتح السين واللام المشددة. كان فقيها عالما، مجتهدا، ولي قضاء جبلة أيام المعظم توران شاه بن أيوب، ومنه انتقل القضاء إلى أهل عرشان. ولم أقف على تاريخ وفاته (3). 2580 - [زيد الزبراني] (4) زيد بن عبد الله بن أحمد الزبراني. ولد سنة ست عشرة وخمس مائة قبل وفاة والده بنحو سنتين. وكان فقيها فاضلا، بارعا مشهورا. تفقه به جماعة، منهم: عمر بن علي بن سمرة مؤلف «الطبقات»، ومحمد بن أحمد الصعبي، وأحمد بن مقبل الدثني وغيرهم. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين يقينا، والله سبحانه أعلم.

(1) لم يترجم هنا لأبيه عليّ، وإنما ترجم له ولأبيه علي في وفيات سنة (577 هـ‍)، انظر (4/ 279). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 235)، و «السلوك» (1/ 408)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 234)، و «تحفة الزمن» (1/ 331)، و «هجر العلم» (2/ 980). (3) في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 235)، و «تحفة الزمن» (1/ 331)، و «هجر العلم» (2/ 980): توفي سنة (576 هـ‍)، وفي «السلوك» (1/ 408): توفي سنة (566 هـ‍). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 204)، و «السلوك» (1/ 351)، و «العطايا السنية» (ص 327)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 437)، و «تحفة الزمن» (1/ 278)، و «هجر العلم» (2/ 928).

2581 - [المدحدح]

2581 - [المدحدح] (1) محمد بن أبي بكر المدحدح-بضم الميم، وفتح الدالين، بينهما حاء ساكنة، وآخره حاء مهملات-الأشعري الفقيه الحنفي. أصله من أهل قرية التريبة بوادي زبيد. وكان من أكابر الحنفية، إماما عارفا، وهو الذي ناظر الإمام طاهر بن يحيى بن أبي الخير بحضرة عبد النبي بن مهدي، فقطعه طاهر. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين. 2582 - [ابن مفلّت] (2) محمد بن أبي بكر بن مفلّت-بضم الميم، وفتح الفاء واللام المشددة، ثم مثناة من فوق -ابن علي بن محمد بن إبراهيم بن سعيد بن قيس الهمداني الجحافي، نسبة إلى جحاف- بضم الجيم، وفتح الحاء المهملة، ثم ألف، ثم فاء-من أكبر جبال اليمن وأكثرها عربا. قدم المذكور إلى سير، فتفقه بها على محمد بن موسى بن الحسين العمراني. وكان فقيها فاضلا. وتوفي سنة سبع-أو ثمان-وسبعين وخمس مائة. وخلف ابنا اسمه: علي، كان صالحا، يقال: إنه حج أربعين حجة، وكان مشهورا بالعبادة والصلاح واستجابة الدعاء، ولم أقف على تاريخ وفاته. وسيأتي ذكر ولده عيسى بن علي في العشرين الرابعة من المائة السابعة إن شاء الله تعالى (3). ***

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 249)، و «السلوك» (2/ 47)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 127)، و «تحفة الزمن» (1/ 406)، و «هجر العلم» (1/ 251). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 186)، و «السلوك» (1/ 449)، و «العطايا السنية» (ص 554)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 128)، و «تحفة الزمن» (1/ 367)، و «هجر العلم» (1/ 118). (3) انظر (5/ 343).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والستون بعد الخمس مائة فيها: كثر ببغداد الرفض والسب، وعظم الخطب (1). وفيها: خرج عبد النبي بن علي بن مهدي في عسكر جرار نحو المخلاف السليماني، فقاتلهم قتالا شديدا، وقتل منهم طائفة معظمهم من الأشراف، وفي جملة من قتل وهاس بن غانم بن يحيى بن حمزة بن وهاس السليماني، كان من أمراء الأشراف وسادتهم، وفي قتله يقول عبد النبي المذكور في قصيدته المسمطة التي أولها: [من مجزوء البسيط] لمن طلول بالحما … كان كسين معلما تلقى بها المصلما … والأحقب المقدما ثم بعد أبيات قال: لوت بوهّاس ضحى … فابتدرته مرجما فظل من تحت الرحى … مرغما مضرما يقال: إنه لما قتل الشريف وهاس .. خرج أحد إخوته مستصرخا إلى الخليفة ببغداد، مستنصرا به على عبد النبي، فيقال: إن الخليفة كتب إلى صلاح الدين يوسف بن أيوب أن يجرد في نصرته عسكرا لقتال ابن مهدي، فجرد الملك الناصر أخاه شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وأن ذلك كان سبب دخول الغز اليمن، والله سبحانه أعلم (2). وفيها في غرة شهر ربيع منها: أخرج عبد النبي المذكور أخاه أحمد بن علي لعمارة الجند في عسكر جرار، فابتدأ في عمارتها خامس الشهر المذكور إلى آخر الشهر، ثم أغار على الجوة وكان فيها عسكر الداعي عمران بن محمد بن سبأ، فوقع بين العسكرين قتال شديد

(1) «المنتظم» (10/ 477)، و «العبر» (4/ 174)، و «مرآة الجنان» (3/ 346)، و «البداية والنهاية» (12/ 767)، و «شذرات الذهب» (6/ 328). (2) «السلوك» (2/ 519)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 176)، و «بغية المستفيد» (ص 77).

السنة الثانية والستون

انهزم فيه عسكر الداعي، ثم دخل أحمد بن مهدي الجوة وحرقها، فقال شاعر بني مهدي في ذلك: [من الكامل] بكرت تفلّ من الكماة ضراغما … وسرت تهز عواسلا وصوارما علوية مهدية قلدتها … من آل مهديّ هماما حازما وكذاك ليس تروق أبنية العلا … إلا إذا كنتم لهن دعائما صبّحت أكناف الجواة بغارة … شعواء طبّقت الجواة جماجما (1) وفيها: توفي القطب شيخ المشايخ عبد القادر الجيلاني، والحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الصنهاجي، وأبو عبد الله بن العباس الرستمي. *** السنة الثانية والستون [فيها]: سار أسد الدين شيركوه السير الثاني إلى مصر ببعض جيوش نور الدين الشهيد محمود بن زنكي، فنازل الجيزة شهرين، واستنجد شاور وزير مصر بالفرنج، فدخلوا إلى مرج النيل من دمياط، والتقى المصريون-وساعدتهم الفرنج-بأسد الدين شيركوه وعسكره، فانتصر أسد الدين عليهم، وقتل ألوف من الفرنج. قال ابن الأثير: (وهذا من أعجب ما ورخ؛ أن ألفي فارس تهزم عساكر مصر والفرنج! ) (2) ثم استولى أسد الدين على الصعيد، وتقوى بخراجها، وأقامت الفرنج بالقاهرة، ثم قصدوا الإسكندرية وقد أخذها صلاح الدين يوسف بن أيوب، فحاصروه أربعة أشهر، ثم كر أسد الدين منجدا له، فترحلت الملاعين الفرنج بعد أن استقر لهم بالقاهرة شحنة وقطيعة مائة ألف دينار في العام، وصالح شاور أسد الدين على خمسين ألف، أخذها أسد الدين، ونزل الشام (3).

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 177)، و «بغية المستفيد» (ص 77). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 328). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 327)، و «العبر» (4/ 176)، و «مرآة الجنان» (3/ 370)، و «شذرات الذهب» (6/ 337).

السنة الثالثة والستون

وفيها: قدم قطب الدين صاحب الموصل على أخيه نور الدين، فغزوا الفرنج، فأخذوا حصنا بعد حصن (1). وفيها: احتراق اللبادين احتراقا عظيما حتى صار تاريخا، وأقامت النار أياما (2). وفيها: توفي محمد ابن حمدون صاحب «التذكرة»، والخضر بن شبل الشافعي، وأبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني، وأبو شجاع عمر بن محمد البسطامي. *** السنة الثالثة والستون فيها: أعطى نور الدين لنائبه أسد الدين حمص وأعمالها، فبقيت في يده-أي: ويد أولاده من بعده-مائة سنة (3). وفيها: توفي الشيخ الولي الشهير أبو النجيب عبد القاهر بن عبد الله السهروردي. وفيها: قتل القاضي المهذب الحسن بن القاضي الرشيد الغساني الأسواني (4). وفيها: توفي أبو محمد عبد الله بن علي الأصبهاني المقرئ، كان عالما زاهدا، معمّرا. وفيها: توفي هبة الله بن عساكر الفقيه الشافعي. وفيها: قتل بحضر موت أبناء النعمان بن أحمد، وأبو الليل بن يماني بن الصقر (5). *** السنة الرابعة والستون فيها: ملكت الفرنج بلبيس، وحاصروا القاهرة، وأخذوا كل من كان خارج السور، فكاتب شاور نور الدين واستنجد به، وسود كتابه، وجعل في طيه ذوائب نساء القصر، وكان نور الدين بحلب، فكتب إلى أسد الدين وهو بحمص أن يسير إلى مصر لينجد شاور من

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 330)، و «العبر» (4/ 177)، و «مرآة الجنان» (3/ 370). (2) «تاريخ الإسلام» (39/ 8)، و «العبر» (4/ 177)، و «مرآة الجنان» (3/ 370). (3) «العبر» (4/ 180)، و «مرآة الجنان» (3/ 372)، و «شذرات الذهب» (6/ 344). (4) تقدم أن الذي قتل ظلما في هذه السنة إنما هو أخوه القاضي الرشيد، انظر تعليقنا (4/ 238). (5) «تاريخ شنبل» (ص 44).

السنة الخامسة والستون

الفرنج، فجمع أسد الدين شيركوه العساكر، وتوجه إلى مصر في سبعين ألفا ما بين فارس وراجل، وصحبه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب، وهو المسير الثالث إلى مصر، فتقهقرت الفرنج، ودخل أسد الدين القاهرة، وجلس في دست الملك، وخلع عليه العاضد خلع السلطنة، وعهد إليه بوزارته، ثم إن أسد الدين طلب من شاور مصروف العسكر، فساجله، وفهم أسد الدين من شاور أنه يريد أن يغدر به، فبادر وقبض عليه، فلما علم العاضد بقبض أسد الدين لشاور .. أرسل إليه يطلب رأس شاور، فقطعه، وأرسل به إلى العاضد (1). وفيها: توفي صاحب دمشق مجير الدين الملقب بالملك المظفر، وهو الذي أخذ منه نور الدين حلب، ومقرئ الأندلس أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن هذيل، والحافظ معمر بن عبد الواحد القرشي العبشمي، وأبو الحسن علي بن أبي المعالي محمد بن يحيى القرشي الأموي العثماني. وفيها: ثار السودان على صلاح الدين يوسف بن أيوب، فحاربهم، وظفر بهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة (2). *** السنة الخامسة والستون فيها: وقعت الزلزلة العظمى بالشام، حتى قال بعضهم: هلك بحلب تحت الهدم ثمانون ألفا (3). وفيها: حاصرت الفرنج دمياط خمسين يوما، فأجلب عليهم نور الدين محمود بن زنكي من الشام وصلاح الدين يوسف بن أيوب من مصر برا وبحرا، فارتحل الفرنج عنها خائبين (4).

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 337)، و «العبر» (4/ 184)، و «مرآة الجنان» (3/ 373)، و «البداية والنهاية» (12/ 772)، و «شذرات الذهب» (6/ 350). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 345)، و «كتاب الروضتين» (2/ 130)، و «البداية والنهاية» (12/ 775). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 352)، و «كتاب الروضتين» (2/ 154)، و «العبر» (4/ 189)، و «مرآة الجنان» (3/ 378)، و «البداية والنهاية» (12/ 779). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 350)، و «العبر» (4/ 189)، و «مرآة الجنان» (3/ 378)، و «البداية والنهاية» (12/ 778).

السنة السادسة والستون

وفيها: حاصر نور الدين سنجار، ثم أخذها بالأمان، وتوجه إلى الموصل، وبنى بها جامعا، ورتب أمورها، ثم رجع فنازل الكرك، ونصب عليها منجنيقا، ثم رحل عنها لحرب الفرنج، فانهزموا منه (1). وفيها: توفي صاحب الموصل قطب الدين مودود بن زنكي أخو السلطان نور الدين محمود بن زنكي، وأبو بكر ابن النّقّور، وأبو المكارم بن هلال الأزدي. *** السنة السادسة والستون فيها: توفي الخليفة المستنجد بالله يوسف بن المقتفي بن المستظهر العباسي، وتولى المستضيء العباسي. وفيها: خالف أهل حضر موت على الغز في المحرم منها (2). وفيها: خرج شجعنة بن راشد، وأخوه عبد الله من عدن. [وفيها: توفي] الحافظ أبو زرعة طاهر بن الحافظ محمد بن طاهر المقدسي، وأبو مسعود عبد الرحيم بن أبي الوفاء الأصبهاني، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الزينبي، ويوسف بن محمد المعروف بابن الجلال، وعبد الجبار بن محمد المغربي المعافري. *** السنة السابعة والستون في أوّلها: قطع السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب خطبة العاضد العبيدي من مصر، وخطب للمستضيء أمير المؤمنين العباسي، وكانت قد انقطعت الخطبة لبني العباس من مصر نحو مائتي سنة وتسع سنين، فأرسل الإمام ابن أبي عصرون رسولا بذلك إلى بغداد، فزينت بغداد فرحا، وأرسل المستضيء بالخلع لصلاح الدين ولسلطانه نور الدين محمود بن زنكي، وكانت خلعة نور الدين: فرجية، وجبة، وقباء، وطوق ذهب وزنه ألف دينار، وحصان بسرجه، وحصان يجنب بين يديه، وسيفان، ولواء، فقلد السيفين؛ إشارة إلى الجمع له بين الشام ومصر (3).

(1) «تاريخ الإسلام» (39/ 24)، و «العبر» (4/ 190)، و «مرآة الجنان» (3/ 378). (2) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى هذه الحادثة والتي بعدها في مكانهما الصحيح من سنة (576 هـ‍). (3) «المنتظم» (10/ 505)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 364)، و «كتاب الروضتين» (2/ 189)، و «العبر»

وفيها: مات العاضد لدين الله بن الحافظ العبيدي، يقال: مات غما لما سمع بقطع خطبته، وقيل: بإسهال مفرط. وفيها: سار نور الدين لحصار الكرك، وطلب صلاح الدين، فاعتذر، فلم يقبل عذره، وهم نور الدين بدخول مصر وعزل صلاح الدين عنها، فلما بلغ صلاح الدين ذلك .. جمع خواصه وفيهم والده نجم الدين وخاله شهاب الدين الحارمي في جماعة أمراء، فاستشارهم، فقال ابن أخيه عمر: إذا جاءنا .. قاتلناه، وتابعه غيره من الحاضرين على ذلك، فشتمهم والد صلاح الدين نجم الدين أيوب وزبرهم وقال لابنه: أنا أبوك، وهذا خالك، ففي هؤلاء من يريد لك الخير مثلنا؟ قال: لا، قال: والله؛ لو رأيت أنا وهذا نور الدين .. لم يمكنا إلا أن ننزل ونقبل الأرض، ولو أمرنا بضرب عنقك .. لفعلنا، فما ظنك بغيرنا؟ ! وهذه البلاد بلاد نور الدين، فإن أراد عزلك .. فلا يحتاج إلى المجيء إليك، بل يطلبك بكتاب، فتفرق الناس على ذلك، وكتب غير واحد من الأمراء بذلك المجلس إلى نور الدين، فصرف نور الدين همته عن دخول مصر، ثم خلا نجم الدين بابنه صلاح الدين وقال له: أنت جاهل، تجمع هذا الجمع وتطلعهم على سرك، فلو قصدك نور الدين .. لم تر منهم معك أحدا، فاكتب إليه، واخضع له، ففعل (1). وفي رجب منها: وصل راشد بن شجعنة إلى تريم راجعا من عدن، وفيه: بنى قارة العز (2). وفيها: ولد الشيخ أبو عمرو بن الصلاح بشهرزور. وفيها: وقعة مريمة في السرير من حضر موت (3). وفيها: توفي ضياء الدين يحيى بن سعدون القرطبي، وأبو محمد ابن الخشاب النحوي، وأبو الحسن علي بن عبد الله الأنصاري، وأبو المظفر محمد بن أسعد بن الحكيم، وأبو الفتوح نصر الله ابن قلاقس الشاعر.

= (4/ 194)، و «البداية والنهاية» (12/ 783). (1) «الكامل في التاريخ» (9/ 384)، و «كتاب الروضتين» (2/ 262)، و «العبر» (4/ 202)، و «مرآة الجنان» (3/ 384). (2) في «تاريخ شنبل» (ص 51)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 71)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 96): وقعت هذه الحادثة سنة (577 هـ‍). (3) «تاريخ شنبل» (ص 45)، وفي «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 92) سنة (566 هـ‍).

السنة الثامنة والستون

السنة الثامنة والستون فيها: دخل قراقوش-بالقاف المكررة، والراء، والشين المعجمة-ابن أخي السلطان صلاح الدين بلاد المغرب، فنازل طرابلس مدة، ثم افتتحها، وكانت للفرنج. وفيها: سير صلاح الدين بن أيوب أخاه شمس الدين توران شاه بن أيوب الملقب بالملك المعظم إلى اليمن، فافتتحه، وقبض على عبد النبي المتغلب على اليمن، ويقال: كان ذلك بإشارة من الخليفة العباسي إلى نور الدين محمود بن زنكي بأن يرسل أحدا من قبله إلى المتغلب باليمن لما شكاه أهل اليمن إلى الخليفة، فكتب نور الدين إلى صلاح الدين بإرسال أحد إلى اليمن، فأرسل أخاه شمس الدولة المذكور (1). وفيها: سار نور الدين محمود بن زنكي، فافتتح بهنسة وغيرها، ثم دخل الموصل، ودان له صاحب الروم (2). وفيها: سار ابن مهدي إلى عدن، وحاصر أهلها أياما، فلم يظفر منها بشيء، ثم ارتفع عنها، فوصل السلطان سلطان عدن حاتم بن علي بن الداعي سبأ بن أبي السعود الزريعي سادس القعدة من السنة المذكورة إلى صنعاء مستنصرا بالسلطان علي بن حاتم، فخرج في لقائه، وقابله بالإكرام والإسعاف إلى ما طلبه، فنهض علي بن حاتم من صنعاء بمن معه من همدان وغيرهم، وأجابته جنب ومذحج، وسار إلى نحو تعز، فالتقى هو وابن مهدي بذي عدينة في ربيع الأول من سنة تسع وستين، فانهزم عسكر ابن مهدي، وقتل منهم طائفة، ولما رأى ابن مهدي السلطان علي بن حاتم واقفا في كتيبة همدان وهي تبرق حديدا .. تمثل بقول أسعد الكامل: [من الكامل] واعلم بنيّ بأن كل قبيلة … ستذل إن نهضت لها قحطان ثم رجعوا-أعني ابن مهدي وعسكره-إلى زبيد (3)، فأقاموا بها إلى أن بلغهم وصول الملك المعظم توران شاه، فكان وصوله إلى زبيد سابع شوال من السنة المذكورة، وكانت

(1) في «كتاب الروضتين» (2/ 271)، و «وفيات الأعيان» (1/ 306)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 266) أن هذه الحادثة وقعت سنة (569 هـ‍). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 384)، و «كتاب الروضتين» (2/ 262)، و «العبر» (4/ 202)، و «مرآة الجنان» (3/ 384). (3) «طراز أعلام الزمن» (2/ 178)، و «بغية المستفيد» (ص 77)، و «اللطائف السنية» (ص 95).

السنة التاسعة والستون

الوقعة كما سيأتي قريبا ثاني يوم وصوله، وافتتح المدينة ثالث يوم وصوله (1)، فقبض على عبد النبي وأخويه جميعا. وفيها: توفي الأمير نجم الدين أيوب والد السلطان صلاح الدين يوسف، ووالد شمس الدولة توران شاه، ووالد سيف الدين طغتكين وغيرهم من الملوك. وفيها: توفي ملك النحاة أبو نزار الحسن بن صافي البغدادي. *** السنة التاسعة والستون فيها: وصل الملك المعظم توران شاه بن أيوب إلى زبيد، وفي ثاني يوم من وصوله كان القتال بينه وبين ابن مهدي، وافتتح المدينة يوم الاثنين تاسع شهر شوال من السنة المذكورة عند طلوع الشمس، وقيل: عند غروبها، وقبض على عبد النبي وأخويه جميعا كما تقدم آنفا، ثم قتل عبد النبي، قيل: في اليوم الذي افتتحت فيه المدينة، وقيل: في اليوم الثاني، وقيل: في سنة سبعين، والله سبحانه أعلم (2). وفيها: توفي الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، والحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني العطار المقرئ، وسعيد بن المبارك المعروف بابن الدهان، وعبد النبي الزنديق المتغلب على زبيد على قول كما مر، والفقيه عمارة اليمني. وفيها: وعظ الشهاب الطوسي ببغداد فقال: ابن ملجم لم يكفر بقتل علي رضي الله عنه، فرجموه بالآجر، وهاشت الشيعة، ولولا العلماء .. لقتل، وأحرقوا منبره، وهيئوا له للميعاد الآتي قوارير النفط ليحرقوه، ولامه نقيب النقباء، فأساء الأدب، فنفوه، وذهب إلى مصر، وارتفع بها شأنه وعظم (3). ***

(1) كانت الوقعة في السنة التي بعد هذه. (2) «السمط الغالي الثمن» (ص 16)، و «السلوك» (2/ 520)، و «بهجة الزمن» (ص 129)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 178)، و «اللطائف السنية» (ص 96). (3) «المنتظم» (10/ 513)، و «العبر» (4/ 205)، و «مرآة الجنان» (3/ 389).

السنة الموفية سبعين بعد الخمس مائة

السنة الموفية سبعين بعد الخمس مائة فيها: أخذ السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب دمشق من صاحبها الصالح إسماعيل بن محمود بن زنكي، وسار إسماعيل في حاشيته إلى حلب، ثم سار صلاح الدين، فحاصر حمص ورماها بالمجانيق، ثم سار، وأخذ حماة، ثم حاصر حلب، ثم رد وتسلم حمص، ثم عطف على بعلبك فتسلمها، ثم كرّ والتقى صاحب الموصل مسعود بن مودود، فانهزم عسكر الموصل أسوأ هزيمة، ثم وقع الصلح، فاستناب بدمشق أخاه سيف الإسلام طغتكين بن أيوب، وكان بمصر أخوه العادل (1). وفي المحرم من هذه السنة: قصد المعظم توران شاه صنعاء في جنوده، فارتفع عنها السلطان علي بن حاتم إلى براش، فأخرب المعظم الدرب، وكسر الخندق، ودخل صنعاء، ولم يقف بها، بل سار يريد تهامة، ولم يرجع إلى صنعاء، وعزم إلى مصر في سنة إحدى وسبعين، فاسترجع علي بن حاتم صنعاء من توران شاه (2). وفيها: توفي أحمد بن المبارك خادم الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي كان يبسط المرقّعة له على الكرسي. وفيها: مات القاضي علي بن عمر بن عبد العزيز بن أبي قرة، ومحمد بن عبد الله بن خليل بفاس، وخديجة بنت أحمد النهرواني. وفي رجب منها: توفي أبو القاسم بن الفقيه زيد بن الحسن بن محمد الفائشي مقدم الذكر (3)، قرأ هو وأخواه أحمد وعلي على أبيهم، وكان والدهم يقول: أحمد أقرؤكم، وعلي أكتبكم، وأبو القاسم أفقهكم، عاش أبو القاسم سبعين سنة، ولم أقف على تاريخ وفاة أخويه (4). ***

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 404)، و «كتاب الروضتين» (2/ 339)، و «العبر» (4/ 210)، و «مرآة الجنان» (3/ 392). (2) «السمط الغالي الثمن» (ص 18)، و «بهجة الزمن» (ص 130)، و «بغية المستفيد» (ص 79)، و «اللطائف السنية» (ص 97). (3) انظر (4/ 97). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 159)، و «السلوك» (1/ 287)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 436)، و «تحفة الزمن» (1/ 213).

السنة الحادية والسبعون

السنة الحادية والسبعون فيها: نقض صاحب الموصل الصلح، وسار إلى السلطان سيف الدين غازي، فالتقاه السلطان صلاح الدين بنواحي حلب، فانهزم غازي وجماعة، وكانوا ستة آلاف وخمس مائة، ولم يقتل سوى رجل واحد، ثم سار صلاح الدين، فأخذ منبج، ثم نازل قلعة عزاز، ووثب عليه الإسماعيلية فجرحوه في فخذه، فأخذوا وقتلوا، وافتتح القلعة، ثم نازل حلب شهرا، ثم وقع الصلح وترحل عنهم، وأطلق قلعة عزاز لعلي ولد السلطان نور الدين محمود بن زنكي (1). وفيها: توفي الحافظ شيخ الإسلام أبو القاسم بن الحسن بن هبة الله بن عساكر، والإمام أبو منصور محمد بن مسعود الطوسي المعروف بحفدة العطاري. *** السنة الثانية والسبعون فيها: أمر السلطان صلاح الدين ببناء السور الكبير المحيط بمصر والقاهرة من البر، وطوله تسع وعشرون ألف ذراع وثلاث مائة ذراع بالهاشمي، فلم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين، وأنفق فيه أموالا لا تحصى (2) وفيها: توجه السلطان صلاح الدين إلى الإسكندرية، وسمع الحديث من الحافظ السلفي (3). وفيها: أمر بإنشاء قلعة الجبل (4). وفيها: جمع مقدم السودان المسمى بالكنز جيشا بالصعيد، وسار بهم إلى القاهرة في مائة ألف، فخرج لحربه نائب مصر سيف الدين، فالتقوا، وانكسر الكنز، وقتل في المصاف من السودان قيل: ثمانون ألفا (5).

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 424)، و «كتاب الروضتين» (2/ 446)، و «العبر» (4/ 213)، و «مرآة الجنان» (3/ 397)، وفيها أن السلطان صلاح الدين رد القلعة إلى الملك الصالح إسماعيل. (2) «مرآة الجنان» (3/ 397)، و «العبر» (4/ 214). (3) «كتاب الروضتين» (2/ 448)، و «شذرات الذهب» (6/ 400)، (4) «كتاب الروضتين» (2/ 447)، و «تاريخ الإسلام» (40/ 15). (5) «العبر» (4/ 214)، و «مرآة الجنان» (3/ 397)، و «شذرات الذهب» (6/ 400).

السنة الثالثة والسبعون

وفيها: توفي أبو محمد عبد الله بن عبد الله العثماني الديباجي، وأبو الفضل قاضي القضاة ابن الشهرزوري، والأديب أبو محمد ابن المأمون هارون بن العباس العباسي. وفيها: التقى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب والفرنج، فانهزم عسكر صلاح الدين، ودخل الليل، واحتوت الفرنج على العسكر، وتمزق العسكر، وعطشوا في الرمال، واستشهد جماعة، وأسر جمع، منهم الفقيه عيسى الهكاري، وقتل ولد لتقي الدين عمره عشرون سنة، ونجا صلاح الدين بنفسه بعد تعب شديد، واشتغل السلطان بلم شعث الجيش، فانتهزت الفرنج الفرصة، فنزلوا على حماة وحاصروها أربعة أشهر (1). *** السنة الثالثة والسبعون فيها: وقعة الرملة، سار صلاح الدين من مصر، فسبى وغنم ببلاد عسقلان، وسار إلى الرملة، فالتقى الفرنج، فحملوا على المسلمين وهزموهم، وثبت السلطان صلاح الدين (2). وفيها: وقعة الخبة شبام، قتل فيها عبد الباقي بن فارس بن راشد بن أحمد بن الدغار في جماعة من أهل شبام (3). وفيها: توفي صدقة بن الحسين الناسخ، والسلطان أرسلان السلجوقي، ونور الدين أبو الفرج بن رئيس الرؤساء كما في «كتاب الذهبي»، وذكر اليافعي في «تاريخه» أن الوزير المذكور توفي سنة اثنتين وسبعين. وفيها: مات أحمد بن منجوه (4). ***

(1) هذه الحادثة هي تفاصيل لوقعة الرملة الآتية بعد هذه السنة، فانظر مصادر الحادثة هناك. (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 428)، و «كتاب الروضتين» (2/ 462)، و «العبر» (4/ 216)، و «مرآة الجنان» (3/ 398)، و «شذرات الذهب» (6/ 405). (3) «تاريخ شنبل» (ص 47)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 93)، و «تاريخ حضر موت» للحامد (2/ 420). (4) «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 70)، و «تاريخ حضر موت» للحامد (2/ 449).

السنة الرابعة والسبعون

السنة الرابعة والسبعون فيها: أخذ ابن قرايا الرافضي، ووجد في بيته سب الصحابة رضي الله عنهم، فقطعت يده ولسانه، ورجمته العامة، فهرب وسبح في الماء، فرموه بالآجر فغرق، فأخرجوه وأحرقوه، ثم ألحق ذلك بالتتبع على الرافضة، وأحرقت كتبهم، وانقمعوا حتى صاروا إلى ذلة اليهود، وتهيأ عليهم من ذلك ما لم يتهيأ ببغداد من نحو مائتين وخمسين سنة (1). وفيها: خرج نائب دمشق فرخ شاه بن أخي السلطان صلاح الدين فالتقى الفرنج، فهزمهم، وقتل مقدما لهم كان يضرب به المثل في الشجاعة (2). وفيها: أطلق السلطان صلاح الدين حماة عند موت صاحبها خاله شهاب الدين لابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه، وأطلق له أيضا المعرة ومنبج؛ وفاء منه، فبعث إليها نوابه (3). وفيها: توفي أبو الفوارس سعد بن محمد التميمي الشاعر المعروف بالحيص بيص، ومسندة العراق شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج الكاتبة الدينورية، والشيخ الصالح محمد بن أحمد الأنصاري الأندلسي، والسديد بن هبة الله السلماسي الفقيه. *** السنة الخامسة والسبعون فيها: نزل صلاح الدين على بانياس، وأغارت سراياه على الفرنج، ثم أخبر بجمع الفرنج وتهيئهم للمجيء، فبادر في الحال وكبسهم، فإذا هم في ألف قنطارية وعشرة آلاف راجل، فحملوا على المسلمين، فثبتوا لهم، ثم حمل المسلمون عليهم ووضعوا فيهم السيف، وأسروا مائتين وسبعين أسيرا، فيهم مقدمهم، فاستفكّ نفسه بألف أسير وبجملة من المال، وانهزم ملكهم جريحا (4).

(1) «المنتظم» (10/ 555)، و «العبر» (4/ 218)، و «مرآة الجنان» (3/ 398)، و «شذرات الذهب» (6/ 408). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 437)، و «كتاب الروضتين» (3/ 20)، و «العبر» (4/ 219)، و «مرآة الجنان» (3/ 399). (3) «تاريخ الإسلام» (40/ 29)، و «العبر» (4/ 219)، و «مرآة الجنان» (3/ 399). (4) «الكامل في التاريخ» (9/ 439)، و «كتاب الروضتين» (3/ 27)، و «العبر» (4/ 221)، و «مرآة الجنان» (3/ 401).

السنة السادسة والسبعون

وفيها: جاء أرسلان صاحب الروم في عشرين ألفا، فنهض إليه تقي الدين صاحب حماة وسيف الدين المشطوب في ألف فارس، فكبسوا على الروميين، فركب الروميون خيولهم عريا ونجوا، وحوى تقي الدين الخيام بما فيها، ثم منّ على الأسرى بأموالهم وسرحهم (1). وفيها: توفي الخليفة العباسي المستضيء بأمر الله، وبويع بعده لابنه أحمد الناصر لدين الله. وفيها: توفي تجني الوهبانية، وعبد الحق اليوسفي، وأبو المعالي ابن خلدون، وعيسى الدوشابي، والمبارك ابن الطباخ. وفيها: قتل راشد بن عبد الباقي بن فارس بن راشد بن إقيال، قتلته الثعين (2). وفيها: دخلت الغز حضر موت وأميرهم عثمان بن علي الزنجيلي بعد أن لقيهم السلطان راشد بن شجعنة وأبو الرشيد راشد بن أحمد إلى الغيل، فقبض عليهما، فدخلوا تريم يوم الجمعة لأربع خلون من ذي الحجة، وقبضوا عبد الله بن راشد وأخاه أحمد وابن أخيه أبا أحمد بن شجعنة، وحملوا إلى عدن، وولي عثمان الزنجيلي حضر موت جميعها (3). وفيها: توفي اليسع بن عيسى الغافقي المقرئ، والحافظ أبو المحاسن عمر بن علي القرشي الزبيري، والحافظ محمد بن أبي غالب الضرير، وأبو الفضل منوجهر الكاتب، والمقرئ يوسف بن عبد الله الأندلسي المعروف بابن عياد. *** السنة السادسة والسبعون فيها: نزل صلاح الدين حصنا من حصون بلاد الأرمن، فافتتحه وهدمه، ثم رجع، فوافاه التقليد وخلع السلطنة من الناصر لدين الله، فركب، وكان يوما مشهودا (4).

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 441)، و «كتاب الروضتين» (3/ 31)، و «العبر» (4/ 222)، و «مرآة الجنان» (3/ 401). (2) «تاريخ شنبل» (ص 48)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 93). (3) «تاريخ شنبل» (ص 48)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 70)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 94)، و «تاريخ حضر موت» للحامد (2/ 449). (4) «كتاب الروضتين» (3/ 55)، و «العبر» (4/ 227)، و «مرآة الجنان» (3/ 402)، و «شذرات الذهب» (6/ 420).

وفيها: تقدم السلطان سيف الإسلام طغتكين بن أيوب إلى بلاد اليمن مولّى عليها بعد أخيه شمس الدولة (1). وفيها: توفي القاضي محمد بن سعيد بن معن القريظي اليمني اللحجي، والقاضي طاهر بن الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني، وقد تقدم في ترجمة والده أنه خالف أباه في المعتقد (2)، فوفق لاعتقاد مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري، فشق ذلك على أبيه، ولم يرض عنه إلا بأن يرجع إلى معتقده الأول، فرجع، وقيل: إنه رجع إلى العقيدة الأشعرية، ولم يزل عليها إلى أن مات، ومن مصنفات الإمام طاهر: «مقاصد اللمع» في أصول الفقه، و «معونة الطلاب في معاني كتاب الشهاب»، وكتاب «مناقب الشافعي» وغير ذلك (3). وفيها: توفي الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي، والملك المعظم شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وأبو المفاخر المأموني راوي «صحيح مسلم» بمصر سعيد بن الحسين العباسي، وأبو الحسن علي بن عبد الرحيم السلمي المعروف بابن العصار، وأبو العز محمد بن محمد المعروف بابن الخراساني، وأبو الفضل يونس بن محمد بن منعة الموصلي، وصاحب الموصل غازي بن مودود بن زنكي، وتولى بعده أخوه عزّ الدين مسعود بن مودود. وفيها: توفي الشيخ مدافع، والقاضي طاهر بن الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني. وفي هذه السنة أو التي بعدها: قدم القاضي أثير الدين إلى اليمن صحبة مع سيف الإسلام طغتكين بن أيوب، وسمع عليه «الشهاب القضاعي» وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وسمعه وهو ابن ثلاث سنين، وسمع عليه جماعة، منهم ابن سمرة (4). وفيها: خالف أهل حضر موت على الغز في المحرم منها (5).

(1) «الكامل في التاريخ» (9/ 459)، و «كتاب الروضتين» (3/ 95)، و «العبر» (4/ 232)، و «مرآة الجنان» (3/ 403)، وفيها عدا «مرآة الجنان»: أن هذه الحادثة كانت سنة (578 هـ‍). (2) انظر (4/ 207). (3) تقدمت ترجمته في وفيات (576 هـ‍)، فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 271). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 230)، و «السلوك» (1/ 467)، و «تحفة الزمن» (1/ 379). (5) «تاريخ شنبل» (ص 49)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 71)، و «تاريخ حضر موت» للحامد (2/ 450).

السنة السابعة والسبعون

وفيها: خرج شجعنة بن راشد وأخوه عبد الله من عدن (1). *** السنة السابعة والسبعون فيها: توفي الملك الصالح إسماعيل بن السلطان نور الدين محمود بن زنكي، وكمال الدين عبد الرحمن بن محمد الأنباري النحوي، وشيخ الشيوخ أبو الفتح عمر بن علي الجويني. *** السنة الثامنة والسبعون فيها: افتتح السلطان صلاح الدين حران وسروج وسنجار ونصيبين والرقة والبيرة، ونازل الموصل، ولم يظفر بها لحصانتها، ثم جاءه رسول الخليفة يأمره بالرحيل عنها، وأخذ حلب من عزّ الدين مسعود وعوضه سنجار (2). وفيها: لبس الخليفة العباسي الناصر لدين الله لباس الفتوة من شيخ الفتوة عبد الجبار، ولهج بذلك، وبقي بلبس الملوك (3). وفيها-أو في التي قبلها-: بعث السلطان صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغتكين بن أيوب إلى اليمن، فدخله وتسلم من نواب أخيه شمس الدولة توران شاه (4). وفيها: توفي هبة الله بن علي الأنصاري المعروف بالبوصيري، والشيخ الصالح الولي أحمد الرفاعي، وأبو القاسم بن بشكوال خلف بن عبد الملك الخزرجي القرطبي، وأبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي، وأبو المعالي مسعود بن محمد النيسابوري. ***

(1) «تاريخ شنبل» (ص 50)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 71)، و «تاريخ حضر موت» للحامد (2/ 450). (2) «العبر» (4/ 232)، و «مرآة الجنان» (3/ 409)، و «شذرات الذهب» (6/ 427). (3) «الكامل في التاريخ» (9/ 481)، و «كتاب الروضتين» (3/ 202)، و «العبر» (4/ 239)، و «مرآة الجنان» (3/ 417). (4) تقدم الكلام على هذه الحادثة في حوادث سنة (576 هـ‍).

السنة التاسعة والسبعون

السنة التاسعة والسبعون فيها: توفي بوري بن أيوب الملقب تاج الملك، أخو السلطان صلاح الدين، وهو أصغر أولاد أبيه، وقاضي زبيد علي بن الحسين السّيري، والشيخة الفاضلة تقية بنت غيث السلمي الصوري، وأبو عبد الله محمد بن بختيار المعروف بالأبلة البغدادي الشاعر. وفيها: توفي الفقيه يونس بن محمد الموصلي، كذا في «الذهبي»، وذكره «اليافعي» فيمن توفي سنة ست وسبعين كما قدمناه فيها (1)، والله سبحانه أعلم. *** السنة الموفية ثمانين بعد الخمس مائة فيها: نازل السلطان صلاح الدين الكرك، ونصب عليها المجانيق، فجاءتها نجدة الفرنج، فرأى أن حصارها يطول، فسار وهجم نابلس، فنهب وسبى (2). وفيها: أخذ كحلان-بضم الكاف، وسكون الحاء المهملة-وأخرج منه أهله، وعقد في ولايته للشريف مهدي بن أسعد بن عبد الصمد الجوالي (3). وفيها: توفي سلطان الغرب أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن القيسي الكومي. وفيها: توفي عبد الرحيم بن شيخ الشيوخ، ومحمد بن أبي الصقر. وفيها: قرأ السلطان عبد الله بن راشد «صحيح البخاري» على الفقيه محمد بن أحمد بن النعمان (4). والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) تقدم الكلام عن تاريخ وفاته في ترجمته (4/ 275). (2) «الكامل في التاريخ» (9/ 481)، و «كتاب الروضتين» (3/ 202)، و «العبر» (4/ 239)، و «مرآة الجنان» (3/ 417). (3) «مرآة الجنان» (3/ 417). (4) «تاريخ شنبل» (ص 52)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 72)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 97)، و «تاريخ حضر موت» للحامد (2/ 450).

العشرون الخامسة من المائة السادسة

العشرون الخامسة من المائة السادسة [الاعلام] 2583 - [ابن عوف الزهري] (1) أبو الطاهر إسماعيل بن مكي صدر الإسلام المعروف بابن عوف الزهري الإسكندراني المالكي. تفقه بأبي بكر الطرطوشي، وسمع منه ومن عبد الله الرازي، وبرع في المذهب. وتخرج به الأصحاب، وقصده السلطان صلاح الدين، وسمع منه «الموطأ». ومات سنة إحدى وثمانين وخمس مائة، وعاش ستا وتسعين سنة. 2584 - [الصائغ الحنبلي] (2) محمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب بن حسين الصائغ الحنبلي. حدث عن محمد بن عبد الواحد الدقاق وغيره. وكان من الفقهاء الحفاظ المشهورين. توفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة، وعاش أربعا وثمانين سنة. 2585 - [البهلول] (3) محمد شمس الدين المعروف بالبهلول، صاحب أذربيجان وعراق العجم. يقال: كان له خمسة آلاف مملوك. مات سنة إحدى وثمانين وخمس مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (21/ 122)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 102)، و «العبر» (4/ 242)، و «مرآة الجنان» (3/ 419)، و «الديباج المذهب» (1/ 257)، و «شذرات الذهب» (6/ 441). (2) «سير أعلام النبلاء» (21/ 129)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 123)، و «العبر» (4/ 246)، و «النجوم الزاهرة» (6/ 101)، و «شذرات الذهب» (6/ 447). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 17)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 144)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 102)، و «العبر» (4/ 242)، و «مرآة الجنان» (3/ 419)، و «شذرات الذهب» (6/ 442).

2586 - [حياة الحراني]

2586 - [حياة الحراني] (1) حياة بن قيس الحراني الشيخ الكبير، الولي الشهير، صاحب الكرامات الخارقة، والأنفاس الصادقة، والمواهب الجزيلة، والأوصاف الجميلة. قال الشيخ أبو الحسن القرشي: أربعة من المشايخ يتصرفون في قبورهم كتصرف الأحياء، وهم: الشيخ معروف الكرخي، والشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ عقيل المنبجي، والشيخ حياة بن قيس الحراني رحمة الله عليهم أجمعين. ومن كلام الشيخ حياة رضي الله عنه: قيمة القشور بلبابها، وقيمة الرجال بألبابها، وعز العبيد بأربابها، وفخر المحبة بأحبابها، ثم قال: آثار المحبة إذا بدت .. أماتت أقواما، وأحيت أسرارا، ونفت أشرارا، وكشفت أستارا، وأنارت أسرارا، ثم أنشد: [من الكامل] وإذا الرياح مع العشي تناوحت … أسهرن حاسدة وهجن غيورا وأمتن ذا بوجود وجد دائم … وأقمن ذا وكشفن عنه ستورا استوطن حران إلى أن توفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة. 2587 - [ابن زكريا الشويري] (2) محمد بن زكريا الفقيه الفاضل المدرس بالشّويرى-بضم الشين المعجمة، وفتح الواو، وسكون المثناة من تحت، وفتح الراء-من بلاد اليمن. تفقه بالطويري وغيره. وكان فقيها مبرزا حافظا، نقالا للمذهب، انتفع به جمع من الطلبة، وبورك له في ذريته. وتوفي آخر أيام التشريق سنة إحدى وثمانين وخمس مائة. وخلفه في التدريس ولده إبراهيم، تفقه بأبيه، وفضل عليه في العلم، وكان يختم في رمضان كل يوم وليلة ختمة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (21/ 181)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 104)، و «العبر» (4/ 243)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 226)، و «مرآة الجنان» (3/ 519)، و «طبقات الأولياء» (ص 430)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (4/ 274)، و «شذرات الذهب» (6/ 442). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 245)، و «السلوك» (1/ 410)، و «مرآة الجنان» (3/ 422)، و «العطايا السنية» (ص 554)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 178)، و «تحفة الزمن» (1/ 334)، و «هجر العلم» (2/ 1143).

2588 - [ابن الدهان الموصلي]

قال الجندي وغيره: (ونسب بني زكريا في قطحان) اهـ‍ (1) 2588 - [ابن الدهان الموصلي] (2) عبد الله بن أسعد بن علي الموصلي المعروف بابن الدهان، الفقيه الشافعي، الأديب الشاعر النحوي، ذو الفنون. توفي بحمص في سنة إحدى وثمانين وخمس مائة، وكان مدرسا بها (3). 2589 - [ابن الخراط الإشبيلي] (4) عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الإشبيلي الحافظ المعروف بابن الخراط، أحد الأعلام، مؤلف «الأحكام الكبرى» و «الصغرى» و «الجمع بين الصحيحين» وكتاب «الغريبين» في اللغة وكتاب «الجمع بين الكتب الستة». نزل بجاية، وولي خطابتها، وتولى بها بعد ما لحقه محنة من الدولة. وكان قانعا متعففا، موصوفا بالصلاح والورع ولزوم السنة. توفي رحمه الله سنة إحدى وثمانين وخمس مائة. 2590 - [السهيلي] (5) أبو زيد عبد الرحمن بن الخطيب عبد الله بن الخطيب أحمد الخثعمي الأندلسي المالقي، نسبة إلى مالقة-بفتح اللام والقاف، وغلطوا ابن السمعاني في كسر اللام، مدينة كبيرة بالأندلس-المعروف بالسهيلي، نسبة إلى قرية بالقرب من مالقة سميت باسم

(1) «السلوك» (1/ 410). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 14)، و «كتاب الروضتين» (3/ 247)، و «وفيات الأعيان» (3/ 57)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 108)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 176)، و «مرآة الجنان» (3/ 422)، و «البداية والنهاية» (12/ 846). (3) ستأتي ترجمته بأبسط مما هنا، وقد بين المصنف رحمه الله تعالى هناك سبب إعادته لها، ، انظر (5/ 65). (4) «سير أعلام النبلاء» (21/ 198)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 111)، و «العبر» (4/ 243)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 64)، و «فوات الوفيات» (2/ 256)، و «مرآة الجنان» (3/ 422)، و «شذرات الذهب» (6/ 444). (5) «وفيات الأعيان» (3/ 143)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 113)، و «العبر» (4/ 244)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 170)، و «مرآة الجنان» (3/ 422)، و «البداية والنهاية» (12/ 847)، و «شذرات الذهب» (6/ 445).

2591 - [أبو موسى المديني]

الكوكب؛ لأنه لا يبين في بلاد الأندلس إلا من جبل مطل عليها. أخذ القراءة عن جماعة، وروى عن ابن المغربي، والكبار، وبرع في العربية والنحو واللغة، والأخبار والآثار، وصنف «الروض الأنف شرح السيرة لابن هشام» وكتاب «التعريف والإعلام فيما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام» وكتاب «نتائج الفكر»، ومسألة رؤية الله تعالى في المنام ورؤية النبي عليه الصلاة والسلام، ومسألة السر في الأعور الدجال، ومسائل كثيرة مفيدة. وله شعر حسن، ومنه: [من الكامل] يا من يرى ما في الضمير ويسمع … أنت المعد لكل ما يتوقع الأبيات الستة المشهورة التي يقال: ما سأل الله بها أحد حاجة إلا أعطاه إياها. كان ببلده يتصف بالعفاف، ويتبلغ بالكفاف، حتى نمي خبره إلى صاحب مراكش، فطلبه إليها، وأحسن إليه، وأقبل بوجه الإقبال عليه، وأقام بها نحو ثلاثة أعوام. وتوفي بها سنة إحدى وثمانين وخمس مائة. 2591 - [أبو موسى المديني] (1) أبو موسى محمد بن عمر الحافظ المعروف بالمديني، صاحب التصانيف. توفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» (2). 2592 - [سالم بافضل] (3) الفقيه سالم بن فضل. قال الخطيب عبد الرحمن: (كان من كبار الأئمة المجتهدين، والعلماء المدققين، والنظار الأصوليين، والمحدثين البارعين، مع كمال ورع وزهد وعمل، وكاد العلم أن

(1) «كتاب الروضتين» (3/ 249)، و «وفيات الأعيان» (4/ 286)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 152)، و «طبقات الحفاظ» (4/ 1334)، و «العبر» (4/ 246)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 246)، و «مرآة الجنان» (3/ 423)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 160)، و «شذرات الذهب» (6/ 448). (2) انظر «مرآة الجنان» (3/ 423)، وستأتي ترجمته بعد قليل بأبسط مما هنا. (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 61)، و «البرقة المشيقة» (ص 114)، و «تاريخ شنبل» (ص 52)، و «تاريخ حضر موت» للحامد (2/ 472).

يندرس بناحية حضر موت فأحياه الله تعالى بالفقيه سالم، وذلك أنه سافر إلى العراق وغيره في طلب العلم، وغاب أربعين سنة، حتى ظن أهله أنه قد مات، ثم بعد ذلك رأى بعض السادات في المنام وكأن الإمام سالم المذكور وصل إلى بلده ومعه جمال محملات ذهبا، فوصل الإمام ومعه جمال محملات كتب العلم؛ من الحديث والفقه وغيرهما، فأقبل عليه الطلبة من كل مكان، وانتفع به خلق كثير كالإمام علي بن أحمد بن أبي مروان، والإمام عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عبيد زكريا، والإمام محمد بن أحمد بن أبي الحب وغيرهم من الأئمة، حتى قيل: إنه بلغ في تريم في عصره ثلاث مائة مفتي. وله تصانيف مفيدة في التفسير وغيره، وله أقوال فائقة كالقصيدة الموسومة بالفكرية، وهي التفكر في خلق الله تعالى) (1). يقال: إنه يشفع كل يوم في خمسين معذبا، وكان بينه وبين الإمام محمد بن علي القلعي مراسلات، فكتب إليه القلعي في بعض مراسلاته: [من الكامل] أبرود وشي في المواسم تنشر … فمفوق ومسهم ومحبر أم عقد در بالشذور مفصل … زان الليالي نظمه والجوهر أم روضة أنف تبسّم نورها … لما بكى فيها السحاب الممطر أم طرس حبر كاد من أنواره … يبيض منه الحبر حين يسطر فالنظم سحر والبلاغة عسجد … واللفظ روض بالمعاني يثمر فكأنه نيل الأمان لخائف … أو كالفقيد به البشير يبشر أو كالشفاء لمدنف أو كالوصا … ل به المتيم بعد يأس يظفر أهداه أوحد عصره من لم يزل … فوق السماء له يشاد المفخر جرّت تريم على المجرة ذيلها … عجبا وحق لها الفخار الأكبر فالدهر من بعد العطول متوج … من مجده ومطوق ومسور نال ابن فضل في الفضائل رتبة … لم يستطعها منجد أو مغور علم ابن إدريس وإعراب الخلي‍ … ل وما حوى بقراط والإسكندر فبسالم سلمت شريعة أحمد … عما يؤدّ قناتها أو يكسر أضحى يدل على الرشاد مبينا … سبل الهدى وعن الضلال يحذر

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 63).

2593 - [يحيى بافضل]

لا زال للإسلام ينظم شمله … والدين يحمي سربه لا ينفر ثم الصلاة على النبي وآله … خير البرية شافع ومطهر توفي الفقيه سالم ليلة الجمعة لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانين وخمس مائة. قال الخطيب: (كان بين الإمام سالم وزوجته عهد أن من مات منهما قبل صاحبه ألا يتزوج الحي منهما بعده، فمات الإمام أولا، فتسارع الناس إلى خطبة زوجته، وتطاولوا في الخطبة، فامتنعت من ذلك للعهد المذكور، فألح عليها النساء وغيرهن في الزواج حتى أجابت إلى ذلك، فرأى بعض آل أبي تميم وكان من الأخيار كأن الإمام سالم دخل عليه، فسلم عليه الإمام، ثم قال: ألا ترى إلى هذه الفاعلة التاركة-يعني زوجته-مكرت بعهد الله؟ ! فقال له الرائي: ومن قد أخبركم بذلك وما بعد أحد مات بعد خطبتها من أهل البلد؟ ! قال الإمام: أخبرني الأعيرج، وكان الأعيرج من خدام السلطنة، فقال الرائي: وما أوصل الأعيرج إلى منزلتكم؟ فقال: مات غريبا، والغريب شهيد، فخرج الرائي بعد ما انتبه إلى منزل الأعيرج، وسأل عنه، فقالت زوجته: أرسله السلطان أمس بكتاب إلى أعلى، وما بعد أتى، فقال: ابكوا صاحبكم، أعظم الله أجركم فيه، قالت: ومن أخبرك؟ قال: أخبرني من لا يكذب، ثم جاء الخبر بعد ذلك أن الأعيرج طرقه طارق فمات في الطريق) (1). 2593 - [يحيى بافضل] (2) ولده يحيى بن سالم بن فضل. كان إماما فاضلا زاهدا. حكى الحافظ الخطيب عن الفقيه أحمد بن محمد بن أبي فضل وعمّه الشيخ فضل بن عبد الله قالا: (كان للفقيه يحيى بن سالم نخل، فلما وقع فيه الرطب .. خرج يوما ليقيمه، فدخل وقت الصلاة وهو في النخل، فخرج يسعى إلى المسجد، فوجد الناس قد انصرفوا من صلاة الجماعة، فتعب على فوات الجماعة تعبا شديدا وقال: لا بارك الله فيما شغلني

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 62). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 64)، و «البرقة المشيقة» (ص 115).

2594 - [فضل بن محمد]

عن صلاة الجماعة، ثم أوقف النخل جميعه في سبيل الله تعالى) (1) اهـ‍ قال الشريف علي بن أبي بكر باعلوي: (ولما مات يحيى بن سالم بن فضل .. رثاه أبو الحسن علي بن سالم الحجيشي بقصيدة من جملتها هذه الأبيات: [من الوافر] فلا خير يجيء من المنايا … إذا صالت ولا ينجي النحاء أما صالت على يحيى ولما … يصرح وجهها عنه الحياء فأصبح ثاويا في بطن لحد … يطول به لنازله الثواء هوى بدر الشريعة من سماه … وأصبح خائبا ذاك السناء ثوى يحيى السعيد وأي ثاو … عليه تحسد الأرض السماء وأصبح رهن بلقعة فقيدا … تعفيها الذواري والسماء ألا ليت الزمان ومن عليه … ومن فيه لمصرعه الفداء لقد جلت مصيبتنا بيحيى … فوا حزنا فقد عظم البلاء لقد حل البكاء لكل باك … على يحيى وقد عز العزاء إذا آن الفراق أتى سريعا … ولا ندري متى يقع اللقاء أحين ثمار أصل العلم طابت … لجانيها وحين أتى الإناء تعزّوا آل فضل في فقيد … بمثل فقيدكم عقم النساء تولى شخصه عنكم وأبقى … ثناء والحياة هي الثناء فرحمة بارئ الأرواح تترى … عليه لها رواح واغتداء وجاد حفيرة قد حلّ فيها … سحاب الوصل منه لها ارتواء تبارك من يدبر كل أمر … ويخلق ما يشاء لمن يشاء) (2) ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لأبيه. 2594 - [فضل بن محمد] (3) فضل بن محمد بن أبي فضل، تلميذ الفقيه سالم بن فضل مقدم الذكر.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 64). (2) «البرقة المشيقة» (ص 115). (3) «البرقة المشيقة» (ص 114).

2595 - [أبو موسى المديني]

قال الشيخ علي بن أبي بكر: (قال فيه أبو الحسن علي بن سالم الحجيشي: [من الخفيف] أنت يا فضل أفضل العصر حقا … أنت يا فضل معدن الإفضال أنت فرد الزمان حلما وعلما … أنت إنسان عين أهل الكمال فيك ما يدهش العقول وإن كن‍ … ت تدانى بشيمة الأبدال) انتهى ما ذكره الشيخ علي بن أبي بكر (1). ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لشيخه. 2595 - [أبو موسى المديني] (2) محمد بن أبي بكر عمر بن أحمد بن عمر أبو موسى الأصبهاني، أحد شيوخ الإسلام. حدث عن خلق، منهم: غانم البرجي، وأبو زكريا ابن منده، وأبو علي الحداد. وعنه أبو سعد بن السمعاني، وأبو بكر الحازمي وغيرهما. وكان كثير العلم، واسع الرواية، نهاية في علو الإسناد، كثير التقى والورع والزهادة، ومن مصنفاته: كتاب «اللطائف» وهو كاسمه، وغير ذلك. توفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة. 2596 - [صالح الهروي] (3) صالح بن أحمد بن أبي بكر بن منصور الهروي، أخص أصحاب أبي العلاء العطار، وبه سلك طريق الآثار. وكان حافظا متقنا، له يد في علم الكلام، واستنباط لمعاني الأحاديث والأحكام، مع زهد وورع، وشدة قيام على أهل البدع. توفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة.

(1) «البرقة المشيقة» (ص 114). (2) تقدمت ترجمته قبل قليل (4/ 314)، فانظر مصادر ترجمته هناك. (3) لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.

2597 - [عبد الله بن بري]

2597 - [عبد الله بن بري] (1) أبو محمد عبد الله المقدسي ثم المصري النحوي، الإمام العلامة، صاحب التصانيف. روى عن طائفة، وانتهى إليه علم العربية في زمانه، وقصد من البلاد لتحقيقه وتبحيره، وكان يلحن في حديثه، ويتبرم ممن يخاطبه بإعراب، وفيه سذاجة طبع. يقال: إنه كان يأخذ العنب في كمه مع الحطب والبيض، فيقطر ماء العنب على رجله، فيرفع رأسه ويقول: هذا من العجب، تمطر مع الصحو! توفي سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة. 2598 - [سالم الأخضري] (2) سالم بن مهدي بن قحطان بن حمير بن حوشب الأخضري. قال الجندي: (أظن مسكنه ذا عدينة) (3). تفقه بأهل تهامة، وكان فقيها عارفا مجودا، وأخذ «المهذب» عن راجح بن كهلان، عن ابن عبدويه. وهو أحد شيوخ ابن سمرة. وتوفي سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة. 2599 - [القاضي عيسى بن علي] (4) القاضي عيسى بن علي.

(1) «معجم الأدباء» (4/ 364)، و «وفيات الأعيان» (3/ 108)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 136)، و «العبر» (4/ 247)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 80)، و «مرآة الجنان» (3/ 424)، و «شذرات الذهب» (6/ 449). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 217)، و «السلوك» (1/ 363)، و «العطايا السنية» (ص 332)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 452)، و «تحفة الزمن» (1/ 291). (3) «السلوك» (1/ 363). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 236)، و «السلوك» (1/ 408)، و «مرآة الجنان» (3/ 425)، و «تحفة الزمن» (1/ 331).

2600 - [حسن الشيباني]

ولاه سيف الإسلام طغتكين بن أيوب قضاء الجند. وتوفي سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة (1). 2600 - [حسن الشيباني] (2) حسن بن أبي بكر بن أبي اختيار الشيباني الساكن في الخوهة من بلاد اليمن. توفي في سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة. تفقه على الشيخ الإمام محمد بن عبدويه المتقدم ذكره، وبعبد الله الهرمي، والطويري، لزم مجلسه سبع سنين، ورحل إلى عدن رحلتين بينهما أربعون سنة، وله مصنفات حسنة. وعرض عليه قضاء زبيد فامتنع واعتذر، فقيل له: أرشدنا إلى من تراه، فأشار بالقاضي عبد الله بن محمد بن أبي عقامة. 2601 - [عبد الجبار البغدادي] (3) عبد الجبار بن يوسف البغدادي شيخ الفتوة وحامل لوائها، علا شأنه لكون الخليفة تفتّى. وتوفي حاجا بمكة سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة. قال التقي الفاسي: (ذكره ابن البزوري فقال: تحلى بالعفة والدين، وتفرد بالعصبية والمروءة وشرف النفس والأبوة. انقطع إلى عبادة الله تعالى بموضع اتخذه لنفسه وبناه، فاستدعاه الإمام الناصر لدين الله، فلذلك صار المعول عليه. وذكر أنه خرج حاجا في السنة المذكورة، فأدركه الأجل بالمعلاة، ودفن هناك) (4).

(1) هذه سنة ولايته للقضاء كما في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 236)، وأما سنة وفاته .. فقد ذكرها الجندي في «السلوك» (1/ 408) سنة (600 هـ‍). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 246)، و «السلوك» (1/ 328)، و «مرآة الجنان» (3/ 425)، و «العطايا السنية» (ص 301)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 321)، و «تحفة الزمن» (1/ 252)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 50)، و «هجر العلم» (1/ 578). (3) «تاريخ الإسلام» (41/ 155)، و «العبر» (4/ 249)، و «مرآة الجنان» (3/ 426)، و «العقد الثمين» (5/ 326)، و «شذرات الذهب» (6/ 452). (4) «العقد الثمين» (5/ 326).

2602 - [ابن الدامغاني]

2602 - [ابن الدامغاني] (1) أبو الحسن علي بن أحمد الحنفي المعروف بابن الدامغاني، قاضي القضاة. كان وقورا محتشما ساكنا. توفي سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة. 2603 - [الأمير ابن المقدم] (2) محمد بن عبد الملك الأمير الكبير المعروف بابن المقدم. كان بطلا شجاعا، محتشما عاقلا، من أعيان أمراء الدولتين. شهد الفتوحات في سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة، وحج في تلك السنة، فلما نزل بعرفات .. رفع علم السلطان صلاح الدين، وضرب الكوسات، فأنكر عليه أمير ركب العراق، فلم يلتفت، وركب في طلبه، وركب إليه الآخر، فالتقوا، وقتل جماعة من الفريقين، وأصاب ابن المقدم سهم في عينه فخرج سريعا، ثم مات من الغد بمنى. 2604 - [ابن المني الحنبلي] (3) نصر بن فتيان، شيخ الحنابلة، الملقب: ناصر الإسلام. كان موصوفا بالورع والزهد والتعبد. وتوفي سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة.

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 46)، و «ذيل تاريخ بغداد» (18/ 80)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 157)، و «العبر» (4/ 249)، و «الجواهر المضية» (2/ 538)، و «البداية والنهاية» (12/ 860)، و «شذرات الذهب» (6/ 453). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 43)، و «كتاب الروضتين» (3/ 423)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 161)، و «العبر» (4/ 250)، و «مرآة الجنان» (3/ 426)، و «البداية والنهاية» (12/ 859)، و «شذرات الذهب» (6/ 454). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 46)، و «كتاب الروضتين» (3/ 426)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 166)، و «العبر» (4/ 251)، و «مرآة الجنان» (3/ 426)، و «البداية والنهاية» (12/ 859)، و «شذرات الذهب» (6/ 455).

2605 - [ابن الصاحب]

2605 - [ابن الصاحب] (1) ابن الصاحب هبة الله بن علي الملقب: مجد الدين. ولي أستاذية دار الخليفة المستضيء بالله، ولما ولي ابنه الناصر لدين الله .. رفع منزلة الوزير، وبسط يده. وكان رافضيا سبابا، لما تمكن .. أحيا شعار الإمامية، واشتهر بأشياء قبيحة، فقتل، وأخذت حواصله، ومن جملتها ألف ألف دينار، وذلك في سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة. 2606 - [أحمد الأشعري] (2) أحمد بن موسى بن الحسين بن قحيش الأشعري. ولد في رجب سنة خمس مائة. وأخذ الفقه عن الفقيه إسحاق بن حسن الأشعري، وأحمد بن إبراهيم بن أحمد اليافعي. وكان فقيها فاضلا. وتوفي سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة. 2607 - [الحسن الشيباني] (3) الحسن بن أبي بكر بن أبي اختيار أبو محمد الشيباني. ولد سنة إحدى-وقيل: اثنتين-وخمس مائة. وتفقه بالهرمي، وأخذ عن ابن عبدويه من أول «التنبيه» إلى النكاح، ولزم مجلس الطويري سبع سنين.

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 45)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 66)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 164)، و «العبر» (4/ 251)، و «مرآة الجنان» (3/ 426)، و «البداية والنهاية» (12/ 858)، و «شذرات الذهب» (6/ 458). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 238)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 178). (3) تقدمت ترجمته قريبا؛ فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 320).

2608 - [عثمان الزنجيلي]

وكان فقيها كبيرا فاضلا، مشهورا بمعرفة الفقه والحديث، و «مشكله» على «المهذب» يدل على ذلك، وله مصنفات أخرى غير «المشكل»، وكان يتردد ما بين قريته وهي الخوهة وزبيد وعدن. وعرض عليه قضاء زبيد أيام توران شاه فامتنع، ثم عرض عليه القاضي الأثير أيام سيف الإسلام فامتنع أيضا، فقال له: إن لم تفعل .. فدلنا على من يصلح للقضاء، فدلهم على عبد الله بن محمد بن أبي عقامة، فولوه. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأن ابن سمرة ذكر أنه اجتمع به في عدن سنة إحدى وثمانين وخمس مائة (1)، وقد سبق له قريبا ترجمة بأخصر مما هنا، وأنه كما في «تاريخ اليافعي» توفي سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة (2)، والله سبحانه أعلم. 2608 - [عثمان الزنجيلي] (3) الأمير عزّ الدين عثمان بن علي الزنجيلي-نسبة إلى زنجيلة، قرية من قرى دمشق-ويقال له: الزنجاري. كان أحد الأمراء الذين قدموا مع شمس الدولة توران شاه بن أيوب إلى اليمن، فلما رجع توران شاه إلى أخيه صلاح الدين بالديار المصرية .. استخلف نوابا على اليمن من جملتهم المذكور، استخلفه على عدن ونواحيها، فغزا الزنجيلي المذكور الجبال والتهائم، وأفسد منها مواضع كثيرة على شمس الدولة، ثم غزا حضر موت بطرا وأشرا، فقتل فقهاءها وقراءها قتلا ذريعا، ثم حصل بينه وبين خطاب نائب شمس الدولة على زبيد حروب كثيرة. قال الجندي: (وكان معدودا من الذين سعوا في الأرض فسادا) (4). وبنى مسجدا بعدن، ووقف عليه وقفا جزيلا، ووقف بعدن على الحرم الشريف وقفا عظيما.

(1) انظر «طبقات فقهاء اليمن» (ص 247). (2) انظر «مرآة الجنان» (3/ 425). (3) «السلوك» (1/ 462) و (2/ 524)، و «بهجة الزمن» (ص 132)، و «تاريخ ابن خلدون» (5/ 346)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 191)، و «العقد الثمين» (6/ 34)، و «تحفة الزمن» (2/ 470)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 131). (4) «السلوك» (2/ 524).

2609 - [عبد الله الزوقري]

ولما قدم سيف الإسلام طغتكين بن أيوب إلى زبيد في التاريخ المقدم ذكره (1)، وأسر خطاب بن منقذ، وقبض أمواله .. هرب عثمان الزنجيلي من عدن، وركب البحر، فأمر سيف الإسلام من يلتقي مراكبه من ساحل زبيد، فلم يفت منها غير المركب الذي هو فيه، فوصل إلى الشام، وسكن دمشق، وابتنى في ظاهرها مدرسة. ولما توفي بدمشق في سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة .. دفن في مدرسته. 2609 - [عبد الله الزوقري] (2) عبد الله بن الفقيه محمد بن حميد الزوقري. تفقه بالإمام سيف السنة، وهو أحد أصحاب اليفاعي. وكان فقيها فاضلا، كاملا، صحب الأستاذ جوهر المعظمي. وأخذ عنه الإمام بطال بن أحمد الركبي. وكان يسكن حيث يسكن أبوه، وتوفي هنالك في ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة. 2610 - [أسامة بن مرشد] (3) أسامة بن مرشد الكناني الشيزري أبو المظفر مؤيد الدولة، الأمير الكبير، أحد الأبطال المشهورين، والشعراء المجيدين. له عدة تصانيف في الأدب والأخبار، وديوان شعره في جز أين، ومن شعره: [من الكامل] لا تستعر جلدا على هجرانهم … فقواك تضعف عن صدود دائم واعلم بأنك إن رجعت إليهم … طوعا وإلا عدت عودة راغم

(1) انظر (4/ 309). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 199)، و «السلوك» (1/ 365)، و «العطايا السنية» (ص 378)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 146)، و «تحفة الزمن» (1/ 293). (3) «معجم الأدباء» (2/ 301)، و «كتاب الروضتين» (4/ 59)، و «وفيات الأعيان» (1/ 196)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 170)، و «العبر» (4/ 252)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 378)، و «مرآة الجنان» (3/ 427)، و «البداية والنهاية» (12/ 862)، و «شذرات الذهب» (6/ 459).

2611 - [أبو القاسم ابن حبيش]

وقال في ابن طليب المصري وقد احترقت داره: [من الكامل] انظر إلى الأيام كيف تسوقنا … قهرا إلى الإقرار بالأقدار ما أوقد ابن طليب قط بداره … نارا وكان خرابها بالنار وقال لغزا وقد قلع ضرسه: [من البسيط] وصاحب لا أملّ الدهر صحبته … يشقى لنفعي ويسعى سعي مجتهد لم ألقه مذ تصاحبنا فحين بدا … لناظري افترقنا فرقة الأبد وفسر هذا اللغز الإمام اليافعي حيث قال: [من البسيط] ضرس امرئ غاب عن عينيه في فمه … عليه في طحن ما يغذوه معتمد نعم الرحى صور الباري بحكمته … تراه عند انقلاع غير مرتدد (1) توفي سنة أربع وثمانين وخمس مائة. 2611 - [أبو القاسم ابن حبيش] (2) عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن يوسف، أبو القاسم ابن حبيش-وحبيش خاله، نسب إليه-الأنصاري الإمام، المقرئ المحدث، النحوي اللغوي. حدث عن أبي بكر بن العربي وغيره. ولي قضاء مرسية وخطابتها، واشتهر ذكره، وبعد صيته، وصنف كتاب «المغازي» في مجلدات، وكان من أئمة العلوم المذكورة. توفي سنة أربع وثمانين وخمس مائة. 2612 - [ابن شمس الأئمة] (3) عمر بن الإمام شمس الأئمة بكر ابن علي الحنفي، شيخ الحنفية في زمنه بما وراء النهر. توفي سنة أربع وثمانين وخمس مائة.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 428). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 79)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 186)، و «العبر» (4/ 252)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1077)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 258)، و «مرآة الجنان» (3/ 428)، و «بغية الوعاة» (2/ 85). (3) «سير أعلام النبلاء» (21/ 172)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 189)، و «العبر» (4/ 253)، و «مرآة الجنان» (3/ 428)، و «الجواهر المضية» (2/ 640).

2613 - [محمد المسعودي]

2613 - [محمد المسعودي] (1) محمد بن عبد الرحمن الخراساني الصوفي المعروف بالمسعودي، شارح «المقامات». كان يعلم الملك الأفضل عند السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، ثم أقام بدمشق يأخذ الناس عنه. توفي سنة أربع وثمانين وخمس مائة. رحل وكتب وسعى، وجمع فأوعى، استوعب في شرحه على «المقامات» ما لم يستوعبه غيره في خمس مجلدات كبار، لم يبلغ أحد ممن شرحها إلى هذا القدر ولا إلى نصفه، واستعان عليه بكتب نفيسة غريبة حصلت له في طريقه. وحكى أبو البركات الهاشمي قال: لما دخل السلطان صلاح الدين حلب .. نزل المسعودي المذكور إلى جامع حلب، وقعد في خزانة كتب الوقف، واختار منها جملة أخذها لم يمنعه منها أحد، ولقد رأيته يحشوها في عدل. وقال ابن النجار: كان من الفضلاء في كل فن؛ في الفقه والحديث والأدب، وكان من أظرف المشايخ وأجملهم. توفي عن اثنتين وثمانين سنة في سنة أربع وثمانين وخمس مائة كما تقدم، والله أعلم. 2614 - [الحازمي] (2) محمد بن موسى الحازمي-نسبة إلى جده حازم الهمذاني-الإمام الحافظ الكبير. سمع من أبي الوقت حضورا، وسمع من أبي زرعة، ومعمر بن الفاخر بالخاء

(1) «معجم الأدباء» (6/ 645)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 86)، و «وفيات الأعيان» (4/ 390)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 192)، و «العبر» (4/ 253)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 233)، و «مرآة الجنان» (3/ 428)، و «بغية الوعاة» (1/ 158). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 89)، و «كتاب الروضتين» (4/ 60)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 198)، و «العبر» (4/ 254)، و «طبقات الحفاظ» (4/ 1363)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 88)، و «مرآة الجنان» (3/ 429)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 13)، و «البداية والنهاية» (12/ 863).

2615 - [أحمد القريظي]

المعجمة، ورحل إلى العراق وأصبهان والجزيرة وبلاد فارس والشام وهمذان وغيرها من أقطار الإسلام. وصنف التصانيف المفيدة ك‍ «الناسخ والمنسوخ» وغيره، وكان إماما ذكيا، ثاقب الذهن، متبحرا في علم السنن، برع في الفقه، ومهر في الحديث، وكان بصيرا بالرجال والعلل، غلب عليه الحديث واشتهر به، وصنف فيه، وله كتاب «العجالة» في النسب، وكتاب «ما اتفق لفظه واختلف مسماه» في الأماكن والبلدان المشتبهة في الخط، وكتاب «الفيصل في مشتبه النسبة» وكتاب «سلسلة الذهب» فيما روى الإمام أحمد عن الشافعي و «شروط الأئمة» وغير ذلك من الكتب النافعة، وسكن في الجانب الشرقي من بغداد. ولم يزل مواظبا للاشتغال، ملازما للخير، ذا زهد وتعبد وتأله، وانقباض عن الناس إلى أن توفي رحمه الله تعالى، فدفن بالشونيزية إلى جانب سمنون بن حمزة مقابل قبر الجنيد رحمة الله على الجميع بعد أن صلّى عليه خلق كثير برحبة جامع القصر، وحمل إلى الجانب الغربي، فصلي عليه مرة أخرى، وفرق كتبه على أصحاب الحديث. وكانت ولادته في سنة ثمان-أو تسع-وأربعين وخمس مائة. ووفاته في سنة أربع وثمانين وخمس مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» تاريخ ولادته ووفاته (1)، فيكون عمره ستا وثلاثين سنة، والله أعلم. 2615 - [أحمد القريظي] (2) القاضي أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي سالم اليمني القريظي، قاضي عدن. أخذ عن القاضي أبي بكر الجندي، والمقيبعي وغيرهما. وعنه أخذ عمر بن علي بن سمرة الجعدي، والإمام بطال بن أحمد الركبي، ومحمد بن قاسم المعلم وغيرهم. وكان فقيها محدثا حافظا، مجودا في الحديث، عارفا باللغة والعربية، أقام في مجلس الحكم بعدن أربعين سنة، وانفصل عنه سنة إحدى وثمانين وخمس مائة.

(1) انظر «مرآة الجنان» (3/ 429). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 225)، و «السلوك» (1/ 466)، و «مرآة الجنان» (3/ 430)، و «العطايا السنية» (ص 230)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 109)، و «تحفة الزمن» (1/ 378)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 3).

2616 - [إسماعيل الدينوري]

توفي بها سنة أربع وثمانين وخمس مائة. وولي القضاء بعده عبد الوهاب بن علي المالكي من قبل أثير الدين، وهو آخر من عده ابن سمرة من قضاة عدن (1). 2616 - [إسماعيل الدينوري] (2) إسماعيل بن عبد الملك بن مسعود أبو الفداء الدينوري البغدادي. قدم من العراق، واستوطن عدن. وكان فقيها مشهورا، محدثا، عابدا زاهدا ذاكرا، ذا كرامات كثيرة، منها ما ذكره إمام مسجد المقرئ يوسف الصداي أنه قال له: يا مقرئ؛ أتريد أن أريك آية من آيات الله المحجوبة عن كثير من الناس؟ قال: نعم، فأدناه منه، ومسح بيده على وجه المقرئ وقال له: ارفع رأسك إلى السماء، فرفع رأسه ونظر إلى السماء، فرأى آية الكرسي مكتوبة بنور يخطف البصر، أولها بالمشرق: {اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، } وآخرها بالمغرب: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} قال المقرئ: بهذا أشهد، فاشهدوا على شهادتي! وكان الفقيه إسماعيل معروفا بالصحبة للخضر، ويزوره الخضر كثيرا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وزمنه معروف بمعاصريه، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لتلميذه القاضي أحمد القريظي المذكور قبله، وكذلك إنما ذكرته في الشافعية ظنا، والله سبحانه أعلم بالصواب. 2617 - [ابن أبي عصرون] (3) أبو سعد عبد الله بن محمد المعروف بابن أبي عصرون التميمي ثم الموصلي، فقيه الشام، قاضي القضاة، أحد الأعلام. تفقه بالموصل، وسمع بها، ثم رحل إلى بغداد، فقرأ القراءات، ودرس النحو

(1) انظر «طبقات فقهاء اليمن» (ص 225). (2) «السلوك» (1/ 324)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 231)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 21). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 76)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 117)، و «كتاب الروضتين» (4/ 108)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 217)، و «العبر» (4/ 256)، و «مرآة الجنان» (3/ 430)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 132)، و «البداية والنهاية» (21/ 864)، و «شذرات الذهب» (6/ 465).

2618 - [المبارك بن المبارك]

والأصلين، ودخل واسط، وتفقه بها، ورجع إلى الموصل بعلوم كثيرة، ودرّس بها وأفتى، ثم قدم حلب، ودرّس بها، ثم أقبل عليه نور الدين، فقدم معه عند مفتتح دمشق، ودرس بالغزالية، ثم ولي قضاء سنجار وحران مدة، ثم قدم دمشق، وولي القضاء لصلاح الدين. وله مصنفات كثيرة. وتوفي سنة خمس وثمانين وخمس مائة. 2618 - [المبارك بن المبارك] (1) شيخ الشافعية في وقته ببغداد المبارك بن المبارك، صاحب الخط المنسوب، ومؤدب أولاد الناصر لدين الله تعالى. درس بالنظامية، وتفقه به جماعة وحدث. وكان ذا علم وعمل، ونسك وورع. وجوّد الكتابة حتى بالغ بعضهم فقال: هو أكتب من ابن البواب، ثم اشتغل بالفقه، فبلغ فيه الغاية. وتوفي سنة خمس وثمانين وخمس مائة. 2619 - [محمود الأصبهاني] (2) أبو طالب محمود بن علي التميمي الأصبهاني، صاحب الطريقة في الخلاف. تفقه على الشهيد محمد بن يحيى تلميذ حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، وبرع في الخلاف، وصنف فيه «التعليقة» التي شهدت بفضله وتحقيقه، جمع فيها بين الفقه والتحقيق، وكان عمدة المدرسين في إلقاء الدروس، واشتغل عليه خلق كثير، وصاروا علماء.

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 77)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 122)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 224)، و «العبر» (4/ 257)، و «مرآة الجنان» (3/ 430)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 275)، و «طبقات الفقهاء الشافعيين» (2/ 271)، و «شذرات الذهب» (6/ 466). (2) «وفيات الأعيان» (5/ 174)، و «مرآة الجنان» (3/ 431)، و «شذرات الذهب» (6/ 467).

2620 - [البحراني]

وله اليد الطولى في الوعظ، وكان قاضيا، مدرسا، متفنّنا في العلوم. توفي سنة خمس وثمانين وخمس مائة. 2620 - [البحراني] (1) محمد بن يوسف البحراني-نسبة إلى البحرين، بليدة بالقرب من هجر-الشاعر المشهور. نظم الشعر وهو صغير بالبحرين على عادة العرب قبل أن ينظر في الأدب، ثم تفنن في علم العربية، وأتقن الشعر، وكان أعلم الناس بالعروض والقوافي، وأعرفهم بنقد الشعر وتمييز جيده من رديه، واشتغل بشيء من علوم الأوائل، وحل كتاب اقليدس، وأقام بشهرزور مدة، ثم قدم دمشق، وخدم السلطان صلاح الدين بقصيدة طويلة، ومدح المظفر صاحب إربل بقصيدة من جملتها: [من الرمل] رب دار بالغضا طال بلاها … عكف الركب عليها فبكاها درست إلا بقايا أسطر … سمح الدهر بها ثم محاها كان لي فيها زمان وانقضى … فسقى الله زماني وسقاها وله ديوان شعر ورسائل حسنة. توفي سنة خمس وثمانين وخمس مائة. قال الأزهري: (وإنما سميت: البحرين؛ لأن في ناحية قراها بحيرة على باب الأحساء، وقرى هجر، بينها وبين البحر الأخضر عشرة فراسخ، وقدرت البحيرة ثلاثة أميال في مثلها) (2). وعن أبي محمد اليزيدي قال: سألني المهدي وسأل الكسائي عن النسبة إلى البحرين وإلى الحصنين، لم قالوا: حصني وبحراني؟ فقال الكسائي: كرهوا أن يقول: حصناني؛ لاجتماع النونين، قال: وقلت أنا: كرهوا أن يقولوا: بحري؛ فيشبه النسبة إلى البحر.

(1) «وفيات الأعيان» (5/ 9)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 251)، و «مرآة الجنان» (3/ 431)، و «شذرات الذهب» (6/ 467). (2) «تهذيب اللغة» (5/ 40).

2621 - [أبو يعقوب الصوفي]

2621 - [أبو يعقوب الصوفي] (1) يوسف بن أحمد بن إبراهيم الصوفي أبو يعقوب، مفيد بغداد. حدث عن أبي الوقت، وإسماعيل السمرقندي وغيرهما. وله رحلة واسعة إلى عدة بلاد، جمع لنفسه أربعين حديثا. توفي سنة خمس وثمانين وخمس مائة. 2622 - [سيف السنة البريهي] (2) أحمد بن محمد بن عبد الله بن مسعود بن سلمة بن يوسف بن إسماعيل البريهي ثم السكسكي ثم الكندي، المعروف بسيف السنة، الإمام العالم العامل، العابد الورع الزاهد، الفقيه المحدث الأصولي، النحوي اللغوي، ذو التصانيف المفيدة، والكرامات العديدة. أخذ عن الإمامين: زيد اليفاعي ويحيى بن أبي الخير، وعن الحافظ علي بن أبي بكر العرشاني. وحج سنة ثمان وخمس مائة، فقرأ «صحيح مسلم» على الشيخ محمد بن الحسين الهروي. وأخذ عنه جمع من الفضلاء لا يحصون كثرة كمحمد بن مضمون، ويحيى بن فضل، وأحمد بن مقبل وغيرهم. ولم يكن بعد الشيخ يحيى بن أبي الخير صدرا غيره. وكان يسكن مدينة إبّ، وإليه انتهت الرئاسة فيها، وقصده الطلبة من أنحاء شتى، وانتفع به العالم، وكان كبير القدر، مشهور الذكر، كثير الاشتغال بالتدريس والنسخ، يبيع في كل عام «بيانا» و «مهذبا» و «كافيا»، وقد يكون معها «تنبيه» أيضا، ثم يرسل بذلك

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 119)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 239)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 232)، و «النجوم الزاهرة» (6/ 111)، و «شذرات الذهب» (6/ 467). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 190)، و «السلوك» (1/ 318)، و «العطايا السنية» (ص 215)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 156)، و «تحفة الزمن» (1/ 242)، و «تاريخ صلحاء اليمن» (ص 84).

إلى مكة يباع، ويشترى له به ورق ينسخ فيه ما يحتاجه من الكتب، ووقف كتبا كلها على طلبة العلم من أهل السنة، وكتب على كل كتاب منها: [من البسيط] هذا الكتاب لوجه الله موقوف … بتّا إلى الطالب السني مصروف كذا اقتصر الخزرجي على هذا البيت، وأظن أن بعده: ما للأشاعرة الضلال في كتبي … حق ولا للذي بالزيغ معروف ولقد أخطأ رحمه الله في جعله الأشاعرة ضلالا وهم رءوس أهل السنة كما قاله الشيخ أبو إسحاق الشيرازي وغيره، وإذا كان الشيخ أبو إسحاق، والقاضي أبو بكر الباقلاني، وأبو القاسم القشيري، وأبو حامد الغزالي، وأبو المعالي الجويني، وعزّ الدين بن عبد السلام، وأمثالهم من الأئمة الأعلام ضلالا .. فيا ليت شعري من هو المصيب! ! وبالجملة: فلا ينكر فضل سيف السنة وعلمه وصلاحه، ولكن هذا المعتقد غلب على جل علماء اليمن المتقدمين، وما أظنهم كانوا يوافقون الحنابلة إلا في القول بالصوت والحرف والجهة دون التجسيم والتشبيه. ومما يحكى من ورع سيف السنة أن الشيخ علي بن المعلم كان ملتزما للمخلاف أيام سيف الإسلام طغتكين بن أيوب، فصادر قوما على مال، وأراد أن يشتري به شيئا من أراضيهم، فوافقوه على ذلك؛ اتقاء سطوته، فجمع أعيان الفقهاء إلى منزله ومنهم سيف السنة، وأطعمهم طعاما، وأراد كتب شهادتهم على الوثيقة، فامتنع سيف السنة من كتب شهادته على ذلك، فقيل له: كيف أكلت الطعام ولم تشهد؟ ! فقال: قد ثبت أنه صلّى الله عليه وسلم وأصحابه أكلوا طعام الكفار، ولما سئل صلّى الله عليه وسلم على الشهادة .. أشار إلى الشمس وقال: «على مثلها فاشهد»، ثم خرج، فقال ابن المعلم: من هذا؟ فقيل له: هذا سيف السنة، فقال: صدق من سماه بذلك. ويروى أنه خرج يوما إلى زرعه، فرأى عجورة (1) من الزرع من أسفلها على عقد واحد وقد افترق أعلاها شجنان، في كل شجن سنبلة، فتعجب من ذلك، ومد يده ليأخذها من أسفلها، فوقعت يده على أحد الشجنين، فانسلخ في يده، فتأمله، فإذا فيه مكتوب: (لا إله إلا الله)، وفي الشجن الآخر: (محمد رسول الله) بخط عجيب، فتعجب من ذلك،

(1) العجورة: قصب الذرة.

2623 - [ابن صصرى]

وكسره، وأوصله إلى إبّ، فتعجب الناس جميعهم منه. ولما تهدمت إبّ .. أنشد: [من الطويل] خليلي من ذا عيشه قبلنا طابا … فلا تجزعا أن ناب إبّ الذي نابا فآدم في الفردوس ما طاب عيشه … ولا طاب في الدنيا وإن كان قد تابا ومن شعره: [من البسيط] يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته … أتطلب الربح فيما فيه خسران أقبل على النفس واستكمل فضائلها … فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان وامتحن بقضاء السحول، فكان يستنيب فيه. ولم يزل على أحسن طريقة إلى أن توفي في الثلث الأخير من ليلة الجمعة لعشر بقين من ذي القعدة سنة خمس وثمانين وخمس مائة رحمه الله. 2623 - [ابن صصرى] (1) أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن حسن بن محمد ابن صصرى الربعي التغلبي الدمشقي الحافظ. حدث عن جده ونصر الله المصيصي، وابن البطي، وأبي العلاء ابن العطار. وعنه ابنه سالم وغيره. وسمع من الحافظ ابن عساكر وغيره، وتخرج به. ورحل إلى العراق وهمذان وأصبهان والجزيرة وغير ذلك، وسمع من شيوخ جمة، وجمع وصنف «فضائل بيت المقدس»، و «فضائل الصحابة»، ولم يحدث إلا باليسير. وكان ذا ثقة وجلالة، وكرم ورئاسة. توفي سنة ست وثمانين وخمس مائة.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 146)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 237)، و «العبر» (4/ 258)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1358)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 292)، و «مرآة الجنان» (3/ 432)، و «شذرات الذهب» (6/ 468).

2624 - [الحسن بن علي القحفري]

2624 - [الحسن بن علي القحفري] (1) الحسن بن علي بن يعيش أبو محمد. تفقه بالإمام سيف السنة المذكور قبله (2)، وحذا حذوه مقالا وفعالا. وكان فقيها صالحا، ورعا دينا، يسكن شرقي قرية ذي سفال بمنزل يعرف بمنزل بني يعيش. قال الجندي: (وسمع في بعض مجاميع الحجيج بعرفات أو منى قائل يقول: يا أهل اليمن أبشروا؛ فإن الله قد غفر لكم ببركة حسن ابن يعيش) (3). وكان له ولد اسمه: أبو بكر، كان فقيها، أخذ عن ابن مضمون من قرية الملحمة وغيره، وعنه أخذ محمد بن مسعود في بدايته. ولم أتحقق تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لشيخه سيف السنة نفع الله بهم أجمعين. 2625 - [ابن الجد الفهري] (4) محمد بن عبد الله بن يحيى بن فرج بن الجد الفهري أبو بكر الإشبيلي، الحافظ النحوي. برع في الفقه والعربية، وانتهت إليه الرئاسة في الحفظ والفتيا. وتوفي سنة ست وثمانين وخمس مائة. 2626 - [أبو حامد الشهرزوري] (5) محمد بن محمد بن عبد الله الشهرزوري أبو حامد بن أبي الفضل قاضي القضاة.

(1) «السلوك» (2/ 236)، و «العطايا السنية» (ص 306)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 337)، و «تحفة الزمن» (1/ 527)، و «هجر العلم» (2/ 769). (2) أي: المذكور قبله بترجمة. (3) «السلوك» (2/ 236). (4) «بغية الملتمس» (ص 99)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 145)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 249)، و «العبر» (4/ 258)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 335)، و «مرآة الجنان» (3/ 432)، و «شذرات الذهب» (6/ 470). (5) «الكامل في التاريخ» (10/ 90)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 136)، و «كتاب الروضتين» (4/ 238)، و «وفيات الأعيان» (4/ 246)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 250)، و «العبر» (4/ 259)، و «مرآة الجنان» (3/ 432)، و «شذرات الذهب» (6/ 471).

2627 - [ابن الفخار المالقي]

له مع فضائله أشعار جيدة، منها قوله في وصف جرادة: [من الطويل] لها فخذا بكر وساقا نعامة … وقادمتا نسر وجؤجؤ ضيغم حبتها أفاعي الرمل بطنا وأنعمت … عليها جياد الخيل بالرأس والفم توفي سنة ست وثمانين وخمس مائة. 2627 - [ابن الفخار المالقي] (1) محمد بن إبراهيم بن خلف بن أحمد الأنصاري أبو عبد الله بن الفخّار بتشديد الخاء المعجمة فيما نقله أبو بكر بن نقطة (2)، وهو مخفف عند غيره. حدث عن أبي بكر ابن العربي ولازمه، وعن شريح بن محمد، وأبي مروان بن مرة. حفظ «سنن أبي داود» في شبيبته، وكان مقدما في الحفظ والمعرفة، معروفا بسرد الأسانيد والمتون، وهو ثقة مأمون. توفي سنة ست وثمانين وخمس مائة. 2628 - [عبد المنعم الفراوي] (3) عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي النيسابوري، مسند خراسان. سمع من جده، وجماعة غيره. توفي سنة سبع وثمانين وخمس مائة. 2629 - [الملك المظفر الأيوبي] (4) الملك المظفر عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي، صاحب حماة، ابن أخي السلطان صلاح الدين.

(1) سيعيد المصنف رحمه الله تعالى ترجمته في مكانها الصحيح من وفيات سنة (590 هـ‍)، فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 355). (2) انظر «تكملة الإكمال» (4/ 539). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 158)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 179)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 271)، و «العبر» (4/ 262)، و «مرآة الجنان» (3/ 433)، و «شذرات الذهب» (6/ 475). (4) «الكامل في التاريخ» (10/ 93)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 159)، و «كتاب الروضتين» (4/ 290)،

2630 - [الخبوشاني]

كان شجاعا مقداما، منصورا في الحروب، مؤيدا في الوقائع، وله مشاهد مشهورة مع الفرنج، وآثار حميدة في المصافات كما دلت عليه التواريخ. وله في أبواب البر معروف متسع، منها: مدارس شافعية ومالكية، وأوقاف كثيرة، وإحسانه كثير إلى العلماء والفقراء وأرباب الخير. ناب عن عمه صلاح الدين في الديار المصرية، ثم استدعاه صلاح الدين إليه إلى الشام، ورتب في الديار المصرية ولده الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين ومعه عمه الملك العادل، فشق ذلك على المظفر، وعزم على دخول بلاد المغرب، فقبح عليه أصحابه ذلك، فامتثل قول عمه، وحضر إلى خدمته، وخرج صلاح الدين، فالتقاه وفرح به، وأعطاه حماة. ومات سنة سبع وثمانين وخمس مائة، وترتب بعده ولده المنصور أبو المعالي الملقب: ناصر الدين. 2630 - [الخبوشاني] (1) محمد بن الموفق الصوفي الزاهد الفقيه نجم الدين الخبوشاني. اختصر «المحيط» لشيخه محمد بن يحيى تليمذ الغزالي في ستة عشر مجلدا، وسماه: «تحقيق المحيط»، كان صلاح الدين يبالغ في احترامه ويعتقده، وعمر له مدرسة الشافعي، وكان يبالغ في ذم العبيديين. ولما هاب صلاح الدين الإقدام على قطع خطبة العاضد .. وقف نجم الدين قدّام المنبر، وأمر أن يخطب الخطيب لبني العباس، ففعل ولم يقع إلا الخير. وهو الذي نبش ابن الكيزاني من قبره، وأخرجه من قبة تحت رجلي الإمام الشافعي وقال: لا يجتمع صديق وزنديق في موضع.

= و «وفيات الأعيان» (3/ 456)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 272)، و «العبر» (4/ 262)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 484)، و «مرآة الجنان» (3/ 433)، و «شذرات الذهب» (6/ 475). (1) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 161)، و «كتاب الروضتين» (4/ 293)، و «وفيات الأعيان» (4/ 239)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 278)، و «العبر» (4/ 262)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 99)، و «مرآة الجنان» (3/ 433)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 14)، و «طبقات الفقهاء الشافعيين» (2/ 226)، و «طبقات الأولياء» (ص 471).

2631 - [السهروردي المقتول]

توفي ابن الموفق المذكور في سنة سبع وثمانين وخمس مائة. وكان أصحاب ابن الكيزاني يصفون فضله ودينه، وأنه كان سليم الباطن، قليل المعرفة بأحوال الدنيا، وكان ابن الكيزاني المذكور من غلاة السنة، فلما نبش عليه .. ثارت حنابلة مصر على نجم الدين، ووقعت الفتنة، وصارت بينهم حروب كما قاله الذهبي (1). قال الشيخ اليافعي: (وقوله-يعني الذهبي-: «من غلاة أهل السنة وأهل الأثر» (2) أي: ممن يتغالى في تقرير الظواهر وعدم تأويلها، وإنما قال الذهبي: «وغلاة أهل السنة»؛ لأنه كان كثيرا ما يشير إلى أن الظاهرية هم أهل السنة مفهما بذلك أن اعتقاده موافق لأهل الظاهر، والله أعلم بالسرائر) اهـ‍ (3) 2631 - [السهروردي المقتول] (4) الحكيم شهاب الدين يحيى بن حبش-بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة، ثم شين معجمة-السهروردي المقتول بحلب. كان بارعا في الحكمة وعلوم الفلسفة وأصول الفقه، وشيخه وشيخ فخر الدين الرازي واحد، وهو مجد الدين الجيلي. وكان مفرط الذكاء، فصيح العبارة، مناظرا محجاجا، متزهدا، علمه أكثر من عقله. يقال إنه كان يعرف السيمياء، وله في الشعوذة أشياء، منها أنه خرج مع جماعة من دمشق، فلقوا بالقابون قطيع غنم مع تركماني، فاشتروا منه رأسا بعشرة دراهم، فقال صاحب الغنم: خذوا رأسا أصغر منه، فقال: امشوا، وأنا أقف معه وأرضيه، فتقدموا، وبقي هو يتحدث معه ويطيب قلبه إلى أن أبعد أصحابه، فتبعهم وترك التركماني، وبقي التركماني يمشي خلفه ويصيح به، فلم يلتفت إليه حتى لحقه وجذب يده اليسرى وقال: أين تروح وتخليني؟ ! فإذا بيده قد خلعت من كتفه وصارت في يد التركماني ودمها يجري،

(1) انظر «العبر» (4/ 263). (2) «العبر» (4/ 263). (3) «مرآة الجنان» (3/ 434). (4) «معجم الأدباء» (7/ 232)، و «وفيات الأعيان» (6/ 268)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 207)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 283)، و «العبر» (4/ 263)، و «مرآة الجنان» (3/ 434)، و «طبقات الفقهاء الشافعيين» (2/ 228)، و «شذرات الذهب» (6/ 476).

2632 - [ابن سمرة]

فبهت التركماني وتحير، ورمى اليد وخاف وهرب، وأخذ هو تلك بيده اليمنى، ولحق أصحابه، وهو يلتفت إليه حتى غاب عنه، ولما وصل إلى أصحابه .. رأوا في يده اليمنى منديلا لا غير. قال ابن خلكان: (ويحكى مثل هذا أشياء كثيرة، والله أعلم بصحتها) اهـ‍ (1) قال الشيخ عبد الله اليافعي: (ويحكى مثل ذلك عن ابن سيناء أيضا) (2). وللحكيم المذكور مصنفات عديدة: ك‍ «التنقيحات» في أصول الفقه، و «التلويحات» وكتاب «الهياكل»، و «الرسالة الغريبة» وغير ذلك. وله أشعار، منها الأبيات المشهورة التي أولها: [من الكامل] أبدا تحن إليكم الأرواح … ووصالكم ريحانها والراح قال ابن خلكان: (كان يتهم بانحلال العقيدة، والتعطيل، واعتقاد مذهب الحكماء، فلما وصل إلى حلب .. أفتى علماؤها بإباحة دمه بما ظهر لهم من سوء مذهبه في اعتقاده، وذلك في دولة الملك الظاهر بن السلطان صلاح الدين، فحبسه، ثم خنقه بإشارة والده صلاح الدين، وقيل: قتله وصلبه أياما) (3)، وقيل: خير بين أنواع القتل، فاختار الموت جوعا؛ لاعتياده الرياضة، فمنع من الطعام حتى تلف، وذلك سنة سبع وثمانين وخمس مائة. قال سبط ابن الجوزي: (وأهل حلب مختلفون في أمره، فأكثرهم ينسبه إلى الزندقة والإلحاد، ومنهم من يعتقد فيه الصلاح وأنه من أهل الكرامات ويقولون: ظهر لهم بعد قتله ما يشهد له بذلك)، والله أعلم بحاله. وقتل وعمره ثمان-وقيل: ست-وثلاثون سنة. 2632 - [ابن سمرة] (4) عمر بن علي ابن الحسين بن سمرة الجعدي، مؤلف «طبقات فقهاء اليمن».

(1) «وفيات الأعيان» (6/ 270). (2) «مرآة الجنان» (3/ 435). (3) «وفيات الأعيان» (6/ 272). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 3)، و «السلوك» (1/ 466)، و «العطايا السنية» (ص 494)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 437)، و «تحفة الزمن» (1/ 379)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 179)، و «هجر العلم» (1/ 119).

2633 - [عبد الله الحجري]

قال الجندي: (ولد بقرية أنامر سنة سبع وأربعين وخمس مائة) (1). وتفقه بعلي بن أحمد اليهاقري، وزيد بن عبد الله بن أحمد الزبراني، ومحمد بن موسى العمراني، والإمام طاهر بن يحيى بن أبي الخير العمراني وغيرهم. وكان فقيها فاضلا، عارفا متفننا، ولي القضاء بعدة أماكن من المخلاف من قبل طاهر بن يحيى، وترأس فيها بالفتوى، وولي قضاء أبين من قبل القاضي الأثير في سنة ثمانين وخمس مائة. قال: (وأظنه توفي هنالك بعد سنة ست وثمانين وخمس مائة) (2). 2633 - [عبد الله الحجري] (3) عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبيد الله الحجري الأندلسي، نزيل مرسية. حدث عن أبي بكر بن العربي وغيره. وعنه أبو الخطاب ابن أخيه وغيره. برع في علم الحديث، وتفنن في العلوم، وطال عمره، وشاع ذكره، وعظم قدره. وتوفي سنة سبع وثمانين وخمس مائة. 2634 - [إسماعيل الفرضي] (4) إسماعيل بن علي الشافعي الفرضي أبو الفضل، من أعيان المحدثين. تفقه على جمال الإسلام ابن المسلم وغيره، وسمع من هبة الله بن الأكفاني وطبقته، ورحل إلى بغداد، فسمع بها من جماعة، وكتب الحديث الكثير، وكان بصيرا بعقد الوثائق والسجلات. توفي سنة ثمان وثمانين وخمس مائة.

(1) «السلوك» (1/ 466)، وذكر ابن سمرة عن نفسه كما في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 3): أن مولده في قرية من قرى العواذر. (2) «السلوك» (1/ 467). (3) سيعيد المؤلف ترجمته في مكانها الصحيح في وفيات (591 هـ‍)، فانظر مصادر ترجمته هناك (4/ 359). (4) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 170)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 234)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 294)، و «العبر» (4/ 226)، و «مرآة الجنان» (3/ 437)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 52)، و «طبقات الفقهاء الشافعيين» (2/ 215)، و «شذرات الذهب» (6/ 480).

2635 - [أبو المرهف النميري]

2635 - [أبو المرهف النميري] (1) نصر بن منصور الشاعر أبو المرهف. كان ضريرا، قدم بغداد، فحفظ بها القرآن المجيد، وتفقه على مذهب الإمام أحمد، وسمع الحديث من القاضي ابن الباقلاني، وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك، وأبي الفضل بن الناصر وغيرهم، وقرأ الأدب على أبي منصور الجواليقي. وكان زاهدا ورعا. وله ديوان شعر، منه: [من الوافر] وأخوف ما أخاف على فؤادي … إذا ما أنجد البرق اللموع لقد حملت من طول التنائي … من الأحباب ما لا أستطيع كان حسن المقاصد في الشعر. توفي سنة ثمان وثمانين وخمس مائة. 2636 - [سعيد المسكيني] (2) سعيد بن أحمد بن إسماعيل المسكيني، صاحب حصن شواحط-بضم الشين المعجمة، وفتح الواو، ثم ألف، ثم حاء مكسورة، ثم طاء مهملتين-حصن بالقرب من قرية الملحمة، وهو لعرب يعرفون ببني مسكين، بيت رئاسة متأثلة، كانوا يملكون غالب السحول ونواحي من بعدان، وكان شيخ الحصن محمد بن أحمد بن إسماعيل عم صاحب الترجمة، فلما توفي .. خلفه أخوه أحمد، فلما توفي .. خلفه ابنه سعيد المذكور. وكان سعيد خيرا دينا. قرأ كتاب «النجم» بمكة على مصنفه أو على رجل على المصنف.

(1) «معجم الأدباء» (7/ 165)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 170)، و «كتاب الروضتين» (4/ 355)، و «وفيات الأعيان» (5/ 383)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 213)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 311)، و «مرآة الجنان» (3/ 438)، و «شذرات الذهب» (6/ 485). (2) «السلوك» (1/ 348) و (1/ 352)، و «العطايا السنية» (ص 336)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 469)، و «تحفة الزمن» (1/ 280)، و «هجر العلم» (2/ 1141).

2637 - [سعيد المسكيني]

وعن سعيد هذا أخذه جماعة من أكابر الفقهاء باليمن. ثم إن سيف الإسلام طغتكين بن أيوب لزم الشيخ سعيد المذكور في سنة أربع وثمانين حتى سلم إليه الحصن. ثم توفي في ذي القعدة من سنة ثمان وثمانين وخمس مائة، والله سبحانه أعلم. 2637 - [سعيد المسكيني] (1) الشيخ الرئيس أبو محمد سعيد بن أحمد بن إسماعيل المسكيني، صاحب حصن شواحط. كان فقيها فاضلا، ورئيسا كاملا. قال الجندي: (أثنى عليه ابن سمرة ثناء مرضيا وقال: رويت عنه كتاب «النجم» بروايته عن مصنفه. وقال صاحب «البيان»: سعيد بن أحمد يصلح للفتوى) (2). ولما قدم سيف الإسلام طغتكين بن أيوب إلى اليمن .. سلم إليه الشيخ سعيد حصن شواحط، وأقام في بعض الجهات إلى أن توفي رحمه الله في سنة ثمان وثمانين وخمس مائة. 2638 - [داود صاحب مكة] (3) داود بن عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن أبي هاشم العلوي الحسني، صاحب مكة شرفها الله تعالى. توفي سنة تسع وثمانين وخمس مائة. 2639 - [سلطان شاه] (4) محمود سلطان شاه، أخو الملك علاء الدين خوارزم شاه، ابنا أرسلان الخوارزمي. توفي سنة تسع وثمانين وخمس مائة.

(1) هذه الترجمة مكررة عن التي قبلها. (2) «السلوك» (1/ 352). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 125)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 323)، و «العبر» (4/ 268)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 493)، و «مرآة الجنان» (3/ 438)، و «العقد الثمين» (4/ 357)، و «شذرات الذهب» (6/ 487). (4) «الكامل في التاريخ» (10/ 124)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 218)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 346)، و «العبر» (4/ 268)، و «مرآة الجنان» (3/ 438)، و «شذرات الذهب» (6/ 487).

2640 - [سنان الإسماعيلي]

2640 - [سنان الإسماعيلي] (1) سنان بن سليمان (2) أبو الحسن البصري الإسماعيلي الباطني، صاحب الدعوة، وصاحب حصون الإسماعيلية. كان أديبا متكلما، عالما بالفلسفة، أخباريا شاعرا، وله رسالة إلى السلطان نور الدين تدل على غزارة معرفته في ذلك، وقد ذكرناها في ترجمة السلطان محمود بن زنكي (3). توفي المذكور سنة تسع وثمانين وخمس مائة (4). 2641 - [مسعود صاحب الموصل] (5) مسعود بن مودود بن أتابك زنكي السلطان عزّ الدين، صاحب الموصل. كان كثير الخير والإحسان، يزور الصالحين ويقربهم، وفيه حلم وحياء ودين، لا جرم أعقبه ذلك ما ذكره ابن الأثير أنه بقي عشرة أيام لا يتكلم إلا بالشهادتين وقراءة القرآن، ورزق خاتمة خير (6). وتوفي سنة تسع وثمانين وخمس مائة، ودفن في مدرسته بالموصل، وتملك بعده ولده نور الدين. 2642 - [صلاح الدين الأيوبي] (7) السلطان صلاح الدين الملك الناصر يوسف بن أيوب بن شاذي-بمعجمتين، بينهما

(1) «سير أعلام النبلاء» (21/ 182)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 325)، و «العبر» (4/ 269)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 463)، و «مرآة الجنان» (3/ 438)، و «شذرات الذهب» (6/ 483). (2) كذا هنا تبعا ل‍ «مرآة الجنان» (3/ 438)، وفي سائر المراجع: (سلمان). (3) راجع (4/ 253). (4) ذكره ابن العماد في وفيات سنة (588 هـ‍)، انظر «شذرات الذهب» (6/ 483). (5) «الكامل في التاريخ» (10/ 123)، و «كتاب الروضتين» (4/ 414)، و «وفيات الأعيان» (5/ 203)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 237)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 347)، و «العبر» (4/ 269)، و «مرآة الجنان» (3/ 438)، و «البداية والنهاية» (13/ 10)، و «شذرات الذهب» (6/ 488). (6) انظر «الكامل» (10/ 123). (7) «الكامل في التاريخ» (10/ 118)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 183)، و «كتاب الروضتين» (4/ 359)،

ألف، ثم ياء النسبة، ومعناه بالعربي: فرحان-صاحب الديار المصرية والبلاد الشامية والحجازية واليمنية الذي أعز الله به الإسلام، وأذل به أهل الشرك والصليب. ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة بقلعة تكريت لما كان أبوه واليا عليها من جهة مجاهد الدين متولي شحنة بغداد من قبل السلطان غياث الدين مسعود السلجوقي، ولم يزل في كنف أبيه حتى ترعرع. فلما أخذ نور الدين محمود زنكي دمشق .. لازم نجم الدين أيوب وولده صلاح الدين المذكور خدمته، وكانت مخائل السعادة لائحة على صلاح الدين، والنجابة تقدمه من حالة إلى حالة، ونور الدين يقدمه ويؤثره لما يعلم من صلاح الدين من فعل الخير والمعروف والاجتهاد في أمور الجهاد، حتى جهزه للمسير مع عمه أسد الدين شيركوه إلى الديار المصرية مرارا كما ذكرناه في ترجمة أسد الدين (1)، واستقر في آخرها أسد الدين في وزارة مصر بعد قتله لشاور، وذلك في سنة أربع وستين. ثم مات أسد الدين بعد قتله لشاور بشهرين، فاستمر ابن أخيه صلاح الدين في الوزارة، واستقرت له الأمور، وتمهدت له القواعد، وملك قلوب الرجال ببذل الأموال، وشكر نعمة الله، فتاب عن الخمر، وأعرض عن أسباب الهوى، وتقمص بقميص الجد والاجتهاد، وشن الغارات على الفرنج إلى الكرك والشوبك، هذا وهو وزير متابع للقوم، لكنه يقول بمذهب أهل السنة، ويجالس أهل العلم والتصوف، والناس يهرعون إليه من كل جانب، وهو لا يخيب قاصدا. واستدعى أباه نجم الدين من الشام، فسيره إليه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، فدخل مصر في أبهة عظيمة، وتلقاه العاضد بنفسه؛ إكراما لابنه صلاح الدين، ثم طلب من نور الدين أن يرسل إليه أخويه، فلم يجبه إلى ذلك وقال: أخاف أن يخالف عليك أحد منهم فتفسد البلاد. ثم أمره نور الدين بقطع خطبة العاضد من مصر وإقامة الخطبة العباسية، فأحجم السلطان صلاح الدين من ذلك؛ خوفا من وثوب المصريين عليه، ثم لم يجد بدا من الإجابة إلى

= و «وفيات الأعيان» (7/ 139)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 278)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 351)، و «العبر» (4/ 270)، و «مرآة الجنان» (3/ 439)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 339)، و «البداية والنهاية» (13/ 5)، و «شذرات الذهب» (6/ 448). (1) انظر (4/ 239).

ذلك، فخطب للمستضيء العباسي، ومات العاضد عقيب ذلك، فاستولى صلاح الدين على القصر بجميع ما فيه، ونقل أهل العاضد إلى مكان منفرد، ووكل بهم من يحفظهم كما تقدم في ترجمة العاضد (1). وطلب العادل نور الدين صلاح الدين من مصر إلى الشام، فاعتذر، فألح في طلبه وهم أن يصل بنفسه إلى مصر، وهم صلاح الدين بشق العصى ومقاتلة نور الدين، فأشار عليه أبوه بإظهار التذلل والخضوع لنور الدين، ويعلمه أنه عبده ونائبه في البلد وإن كان في باطن الأمر على خلاف ذلك، ففعل ما أشار به والده نجم الدين، فاستكان نور الدين لذلك، ورجع عما كان بصدده من قصد مصر، ثم توفي نور الدين في سنة تسع وسبعين. وخرج على صلاح الدين الكنز كبير السودان، جمع بأسوان جمعا عظيما من السودان زعم أنه يعيد الدولة المصرية، وانضم إليه المصريون، فجهز إليه صلاح الدين جيشا كثيفا مقدمهم أخوه الملك العادل، فكسرهم في سنة سبعين وخمس مائة، فاستقر لصلاح الدين قواعد الملك. وكان نور الدين قد خلف ولده الملك الصالح إسماعيل في دمشق، وكان شمس الدين ابن الداية بقلعة حلب قد حدثته نفسه بأمور، فسار الملك الصالح من دمشق إلى حلب، فوصل إلى ظاهرها ومعه سابق الدين، فخرج بدر الدين حسن بن الداية فقبض على سابق الدين، ولما دخل الملك الصالح القلعة .. قبض على شمس الدين ابن الداية وأخيه حسن، وأودع الثلاثة السجن، وفي ذلك اليوم قتل أبو الفضل بن الخشاب لفتنة جرت بحلب، وقيل: قتل قبل قبض أولاد الداية، ولما علم صلاح الدين بموت نور الدين وأن ولده الملك الصالح إسماعيل صبي لا يستقل بالأمر ولا ينهض بأعباء الملك .. ترك مصر، وتجهز إلى دمشق في جيش كثيف مظهرا أنه يتولى مصالح الملك الصالح، فدخلها بالتسليم في سنة سبعين وخمس مائة، وتسلم قلعتها، وفرح الناس به، وأنفق مالا عظيما. ثم سار إلى حمص فأخذ مدينتها، ولم يشتغل بقلعتها، ثم توجه إلى حلب فنازلها، فأنفذ سيف الدين غازي صاحب الموصل جيشا عظيما مقدمهم أخوه عزّ الدين مسعود لمقاتلة صلاح الدين، فلما علم بذلك صلاح الدين .. رحل عن حلب عامدا إلى حماة، ثم إلى حمص، فأخذ قلعتها، ورحل عزّ الدين إلى حلب، واستظهر بعسكر ابن عمه الملك

(1) انظر (4/ 247).

الصالح إسماعيل، وخرجوا في جمع عظيم، وسار صلاح الدين، فالتقوا على قرون حماة، فراسلهم صلاح الدين، واجتهد في الصلح فلم يقبلوا، فلاقاهم، فكسرهم وأسر جماعة منهم، ثم نزل على حلب، وصالحوه على أخذ المعرة وكفر طاب ومارين، ولما جرت هذه الوقعة .. كان سيف الدين غازي محاصرا أخاه عماد الدين صاحب سنجار؛ لأنه كان قد انتمى إلى صلاح الدين، ثم جمع العساكر وسار، وخرج ابن عمه الملك الصالح، فوصل إلى حلب، وصعد قلعتها، ووصل إلى صلاح الدين عسكر مصر، فالتقاهم، وكسرهم، وأسر منهم جمعا من كبار الأمراء، ثم منّ عليهم وأطلقهم، وعاد سيف الدين إلى حلب، فأخذ منها خزائنه وسار إلى بلاده، ومنع صلاح الدين من اتباع القوم، ونزل على خيامهم، وقسم الخزائن، وأعطى خيمة سيف الدين لابن أخيه، وسار إلى منبج فتسلمها، ثم إلى قلعة عزاز فحاصرها، ووثب جماعة من الإسماعيلية على صلاح الدين، فنجاه الله تعالى منهم، وظفره بهم، ثم سار، فنزل على حلب، وأقام عليها مدة، فأخرجوا له ابنة صغيرة لنور الدين، فسألته عزاز، فوهبها لها، وعاد صلاح الدين إلى مصر، فتفقد أحوالها. ثم تأهب للغزو، وخرج يطلب الساحل حتى وافى الفرنج على الرملة في أوائل سنة ثلاث وسبعين، فانكسر المسلمون، ولم يكن لهم حصن قريب يأوون إليه، فطلبوا جهة الديار المصرية، فضلوا في الطريق، وأسر منهم جمع، منهم الفقيه عيسى الهكاري، وكان ذلك وهنا عظيما جبره الله بوقعة بعدها، ثم التمس الروم من صلاح الدين الصلح، فصالحهم. وتوفي الملك الصالح إسماعيل في هذه السنة-أعني سنة ثلاث وسبعين-بعد أن استخلف أمراء حلب وأجنادها لابن عمه عزّ الدين مسعود صاحب الموصل، فتوجه عزّ الدين لقبض حلب؛ خوفا أن يسبقه إليها صلاح الدين، فقبضها، وصعد قلعتها، واستولى على حواصلها، وتزوج أم الملك الصالح، ثم قايض عزّ الدين أخاه عماد الدين صاحب سنجار عن حلب بسنجار، فخرج عزّ الدين عن حلب، ودخلها عماد الدين، وجاء صلاح الدين إلى حلب وحاصره، ثم اصطلحا على أن ينزل عماد الدين لصلاح الدين عن حلب، ويعوضه عنها الخابور ونصيبين وسروج، وسلم صلاح الدين قلعة حلب، وجعل فيها ولده الملك الظاهر، وكان صبيا، وطلب صلاح الدين أخاه الملك العادل من مصر ليجتمعوا على الكرك، فوصل إليه في جيش عظيم، واجتمعوا في شعبان سنة تسع وسبعين وخمس مائة، فلما بلغ الفرنج ذلك .. حشدوا خلقا كثيرا، وجاءوا إلى الكرك، فخاف صلاح الدين على

الديار المصرية، فسير إليها ابن أخيه تقي الدين، ورحل عن الكرك ومعه أخوه العادل، فدخل دمشق، ثم رجع العادل إلى مصر، ونازل صلاح الدين الموصل وحاصرها مرارا فلم يقدر عليها، وترددت الرسل بينه وبين صاحبها، ثم مرض صلاح الدين، فسار إلى حران، ولحقته الرسل بالإجابة إلى ما طلب، وتم الصلح على أن يسلم صاحب الموصل لصلاح الدين شهرزور وأعمالها وما وراء الفرات (1) من الأعمال، وأن يخطب له على المنابر، وينقش على السكة اسمه، وقبض نواب صلاح الدين البلد التي وقع الصلح عليها، وطال مرض صلاح الدين حتى أيسوا منه، فحلف الناس لأولاده، وكان عنده منهم الملك العزيز، وجاء أخوه العادل من حلب وهو ملكها يومئذ، فجعله وصيا على أولاده، وسلم إليه ولده العزيز، وجعله أتابكه، ثم من الله عليه بالعافية. وفي ربيع الآخر من سنة ثلاث وثمانين في يوم الجمعة-وكان كثيرا ما يقصد لقاء العدو يوم الجمعة عند الصلاة؛ تبركا بدعاء المسلمين والخطباء على المنابر-كانت وقعة حطين المباركة على المسلمين، سار صلاح الدين حتى نزل على بحيرة الطبرية على سطح الجبل ينتظر قصد الفرنج له، فلم يتحركوا ولا خرجوا عن منازلهم، فلما رآهم لا يتحركون .. ترك جريدة على طبرية، وترك الأطلاب على حالها قبالة العدو، وهجم طبرية فأخذها في ساعة واحدة، وأخذ الناس في النهب والسبي والقتل والحريق، وبقيت القلعة محمية بمن فيها، فلما بلغ العدو ذلك .. قلقوا ورحلوا نحوها، وبلغ السلطان ذلك، فترك على طبرية من يحاصرها، ولحق بالعسكر، فالتقى بالعدو على سطح طبرية، وحال الليل بين العسكرين، فناما على مصافهما ليلة الجمعة إلى بكرة يومها، واستعرت نار الحرب، واشتد الأمر، ولم تزل الحرب تضطرم، والفارس مع قرنه يصطدم، حتى حال بينهم الليل بظلامه، وبات كل واحد من الفريقين بمقامه إلى صبيحة يوم السبت، وتحقق المسلمون أن من ورائهم الأردن، ومن بين أيديهم بلاد العدو، وأنه لا ينجيهم إلا الاجتهاد في الجهاد، فحملوا بأجمعهم عليهم، وصاحوا صيحة رجل واحد، فألقى الله الرعب في قلوب الكافرين، وكان حقا عليه سبحانه نصر المؤمنين، فأحاط المسلمون بالكافرين من كل جانب، وأطلقوا فيهم السهام، وحكّموا فيهم السيوف القواضب، وأشعلوا حولهم النيران، وصدقوا فيهم الضرب والطعان، وأسر مقدمهم، وقتل الباقون.

(1) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 453)، و «الكامل» (10/ 10)، و «وفيات الأعيان» (7/ 172): (الزاب).

قال الشيخ اليافعي: (وقال بعض الرواة: حكى لي من أثق به أنه رأى بحوران شخصا واحدا معه نيف وثلاثون أسيرا قد ربطهم بطنب خيمة؛ لما وقع عليهم من الخذلان) (1). ثم رحل السلطان إلى عكا، فأخذها واستنقذ من كان بها من أسرى المسلمين، وكانوا أكثر من أربعة آلاف، واستولى على ما فيها من الأموال والذخائر والبضائع؛ لأنها كانت مظنة التجار، وتفرقت العساكر في بلاد الساحل، فأخذوا الحصون والقلاع والأماكن المنيعة، فأخذوا نابلس وحيفا وقيسارية وصفورية والناصرة، ولما استقرت قواعد عكا، وقسمت أموالها .. أخذ صلاح الدين يشن الغارات، ويفتح بلدا بعد بلد، فأخذ صيدا وعسقلان والرملة والداروم والأماكن المحيطة بالقدس، فيقال: إنه ألقيت في مخيمه رقعة فيها على لسان بيت المقدس: [من مجزوء الكامل] يا أيها الملك الذي … لقواعد الإسلام أسس يا من سطا بحسامه … ومعالم الصلبان نكس كل الأماكن طهرت … وأنا على شرفي منجس فشمر عن ساق الجد والاجتهاد في قصد القدس المبارك، واجتمعت إليه العساكر التي كانت متفرقة في الساحل، فسار نحوه معتمدا على الله، مفوضا أمره إلى الله، ومنتهز الفرصة في فتح باب الخير الذي حث الله على انتهازه بقول نبيه صلّى الله عليه وسلم: «من فتح له باب خير .. فلينتهزه؛ فإنه لا يعلم متى يغلق دونه» فنزل بالجانب الغربي، وكان مشحونا بالمقاتلة من الخيالة والرجالة، قيل: كان فيه من المقاتلة ما يزيدون على ستين ألفا خارجا عن النساء والصبيان، ثم انتقل لمصلحة رآها إلى الشمالي في يوم الجمعة العشرين من رجب ونصب المجانيق، وضايق البلد بالزحف والقتال حتى أخذ النقب في السور مما يلي وادي جهنم، فلما رأى أعداء الله ما نزل بهم من الأمر الذي لا مدفع لهم عنه، وظهرت لهم أمارات الفتح .. استكانوا، وطلبوا الأمان، واتفق الصلح على أن يسلموا القدس المبارك للمسلمين، وقطعوا على أنفسهم على كل رجل عشرين دينارا، وعن كل امرأة خمسة دنانير صورية، وعن كل صغير ذكر أو أنثى دينارا واحدا، فمن أحضر قطيعته .. نجا بنفسه، وإلا .. أخذ أسيرا، وعلى إفراج كل من كان بالقدس من أسارى المسلمين، وكانوا خلقا كثيرا، فتسلم المسلمون يوم الجمعة الميمون سابع وعشرين رجب المعظم، وذلك

(1) «مرآة الجنان» (3/ 454).

مثل الليلة التي عرج بالنبي صلّى الله عليه وسلم فيها على المشهور. وكان فتحا عظيما شهده من الأولياء والعلماء خلق، وقصده أهل الخير من البلدان القريبة والبعيدة، وارتفعت الأصوات بالتسبيح والدعاء، والتهليل والتكبير، وصليت فيه الجمعة يوم فتحه، واشر أبّ جماعة من العلماء للخطبة فيه، وكلهم قد هيأ خطبة تتضمن الفتح، فورد أمر السلطان صلاح الدين بأن يخطب أبو المعالي محمد بن علي بن محمد القرشي الأموي العثماني، وهو القائل لما فتح صلاح الدين مدينة حلب في شهر صفر: [من البسيط] وفتحك القلعة الشهباء في صفر … مبشر بفتوح القدس في رجب فكان كما قال، فسئل: من أين لك ذلك؟ فقال: أخذته من تفسير ابن برجان في قوله تعالى: {الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ، } فخطب خطبة بليغة افتتحها بحوامد القرآن ك‍ (الفاتحة) وأول (الأنعام) وآخر (بني إسرائيل) وأول (الكهف) و {قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى} وأول (سبأ) و (فاطر) ونحو ذلك. ونكس الصليب الذي كان على قبة الصخرة وكان شكلا عظيما. وكان استيلاء الفرنج على البيت المقدس في سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة، فلم يزل بأيديهم حتى استنقذه منهم صلاح الدين في السنة المذكورة. ثم بعد فتح بيت المقدس قصد صور وضايقها برا وبحرا، وأحضر آلات القتال، فأسر الفرنج جماعة من المسلمين فيهم المقدم والرئيس، فعظم ذلك على صلاح الدين، وهجم الشتاء، وتراكمت الأمطار والثلوج، وامتنع الناس من القتال بسبب الأمطار، فأشار عليه الأمراء بالرحيل ليستريح الرجال ويتجمعوا للقتال، فرحلوا عنها بما أمكن من آلات الحصار، وأحرقوا ما عجزوا عن حمله، فأخذ في طريقه طرسوس عنوة، ثم جبلة بالأمان، ولم يزل يأخذ بلدة بعد بلدة وقلعة بعد قلعة إلى أن بلغ برزيه، وهو من الحصون المنيعة في غاية القوة، يضرب بها المثل في بلاد الفرنج، تحيط بها أودية من جميع جوانبها، وعلوها خمس مائة ونيف وسبعون ذراعا، فأخذها عنوة، ثم كذلك بلدا بعد بلد حتى بلغ أنطاكية، فراسله أهلها في طلب الصلح، فصالحهم إلى سبعة أشهر على أن يطلقوا كل أسير عندهم، فإن جاء من ينصرهم وإلا .. سلموا البلد، ثم سار فدخل حلب، فأقام ابنه الظاهر بضيافته ثلاثة أيام، ثم دخل حماة، فأضافه ابن أخيه تقي الدين، فأعطاه جبلة

وبلدة أخرى، ثم دخل دمشق، فأقام بها، ثم نزل على صفد، فتسلمها بالأمان، ثم تسلم الكرك بالأمان، ثم كوكب، وسار مع أخيه العادل لزيارة القدس وليودع أخاه في توجهه إلى مصر، فعيد الأضحى بالقدس، ثم دخل عسقلان ونظر في أمورها وأخذها من أخيه العادل وعوضه عنها الكرك، ثم مر على بلاد الساحل يتفقد أحوالها، ثم دخل عكا، فأقام بها معظم المحرم يصلح أحوالها، وأمر بعمارة سورها، ثم سار إلى دمشق، فأقام بها إلى ربيع الأول، ثم خرج إلى شقيف أرنون وهي موضع حصين، فخيم بالقرب منه في مرج عيون، فأقام أياما يباشر قتاله والعساكر تتواصل إليه، فلما تحقق صاحب الشقيف أنه لا طاقة له به .. نزل إليه بنفسه، فلم يشعر به إلا وهو قائم على باب خميته، وكان من أكابر الفرنج وعقلائهم، يعرف بالعربية، وعنده اطلاع على شيء من الحديث والتواريخ، فأكرمه السلطان واحترمه، وأكل مع السلطان، ثم خلا به، وذكر أنه مملوكه ويحب طاعته، وأنه يسلم إليه المكان من غير تعب على أن يعطى موضعا يسكنه بدمشق، وإقطاعا بها يقوم به وبأهله، وشروطا غير ذلك، فأجابه إلى مرامه. وفي أثناء شهر ربيع الأول بلغه خبر تسليم الشوبك بالأمان، ثم ظهر للسلطان بعد ذلك أن جميع ما قاله صاحب الشقيف كان خديعة، فرسم عليه، ثم بلغه أن الفرنج نزلوا على عكا، فسير صاحب الشقيف إلى دمشق بعد الإهانة الشديدة، ودخل عكا بغتة لتقوى قلوب من بها، ثم استدعى العسكر من كل ناحية، وتكاثر الفرنج، واستفحل أمرهم، وأحاطوا بعكا وحصروها، ومنعوا من يدخل إليها ويخرج، فاجتهد السلطان حتى فتح طريقا إليها ليستمر السابلة بالميرة والنجدة، وسار الأمراء حتى فتحوا إليها طريقا سلكه المسلمون، ودخل السلطان عكا فأشرف على أمورها، وجرى بين الفريقين وقعات، فقيل للسلطان: إن الوخم قد وقع بعكا، وإن الموت قد فشا بين الطائفتين، فأنشد السلطان قول ابن الزبير لما تعارك هو ومالك بن الحارث المعروف بالأشتر يوم الجمل: [من مجزوء الخفيف] اقتلاني ومالكا … واقتلا مالكا معي يريد بذلك أنه قد رضي أن يتلف إذا أتلف الله أعداءه. ثم إن الإفرنج جاءتهم الأمداد من البحر، واستظهروا على المسلمين بعكا، فضاق المسلمون من ذلك، وعزموا على صلح الفرنج بأن يسلموا البلد، وجميع ما فيه؛ من الآلات والعدة والسلاح والمراكب، ومائتي ألف دينار، وخمس مائة أسير مجاهيل، ومائة

أسير معيّنين من جهتهم، ويخرجوا بأنفسهم سالمين، وما معهم من الأموال والأقمشة المختصة بهم وذراريهم ونسائهم، وكتبوا بذلك كتبا، فلما علم السلطان بذلك .. عظم عليه ذلك، وبقي مترددا فيه، فلم يشعر إلا وقد ارتفعت أعلام العدو وصلبانه وناره وشعاره على سور البلد، وصاح الفرنج صيحة واحدة، وعظمت المصيبة على المسلمين، واشتد حزنهم، ووقع فيهم الصياح والعويل. وذكر بعضهم: أن الفرنج خرجوا من عكا قاصدين أخذ عسقلان، فخاف السلطان أن يستولي الفرنج عليها، وتأخذ بها القدس، فأمر بإخرابها، وسارع في ذلك، وجرت أمور عظيمة، ووصل كتاب من الملك العادل بأن الفرنج تحدثوا معه في الصلح، وطلبوا جميع البلاد الساحلية، فرأى السلطان أن في ذلك مصلحة؛ لما علم في النفوس من الضجر، فكتب إليه بالإذن بذلك وتفويض الأمر إلى رأيه، والتمس بعض أكابر الفرنج الاجتماع بصلاح الدين بعد ما اجتمع بأخيه العادل، فأشار عليه أكابر دولته أن يكون ذلك بعد تمام الصلح، وقال صلاح الدين: متى صالحناهم .. لم نأمن غائلتهم، ولو حدث بي حادث الموت .. ما كانت تجتمع هذه العساكر وتقوى الفرنج، والمصلحة ألا نزول عن الجهاد حتى نخرجهم من الساحل أو نموت، ثم ترددت الرسل بينهم بالصلح، وجرت وقعات كثيرة، ثم وقع الصلح بينهم، وتردد المسلمون إلى بلاد الفرنج، وتردد الفرنج إلى بلاد المسلمين، وحملت البضائع والمتاجر إلى البلدان، وحضر منهم خلق كثير لزيارة القدس، وفسح للعساكر الواردة عليه المنجدة من البلاد البعيدة، وتوجه السلطان إلى القدس، وأخوه العادل إلى الكرك، وابنه الظاهر إلى حلب، وابنه الأفضل إلى دمشق، وأقام السلطان بالقدس يعطي الناس ويقطعهم، ويفسح لهم في التوجه إلى بلدانهم، وتأهب للمسير إلى الديار المصرية. قال ابن خلكان: (قال شيخنا ابن شداد: وأمرني بالمقام في القدس إلى حين عوده لعمارة مارستان أنشأه وتكميل المدرسة التي أنشأها) (1) فلما فرغ من افتقاده أحوال القلاع .. دخل دمشق وبها أولاده الكبار: الأفضل والظاهر والظافر، وأولاده الصغار، وجلس للناس يوم الخميس سابع وعشرين شوال من سنة ثمان وثمانين ولم يتخلف عنه الخاص والعام، وأنشده الشعراء، وأقام ينشر جناح عدله، ويهطل

(1) «وفيات الأعيان» (7/ 200).

سحاب إنعامه وفضله، ويكشف عن مظالم الرعايا، ولم يزل كذلك إلى ليلة السبت سادسة صفر، فأصابته الحمى، ولم يزل المرض يتزايد إلى أن توفي بعد صلاة الصبح السابع والعشرين من شهر صفر من سنة تسع وثمانين وخمس مائة، ولم يصب المسلمون بمثله بعد الخلفاء الراشدين، وارتفعت الأصوات بالبكاء، وعظم الضجيج عند ما أخرج تابوته، ودفن بمقابر الشهداء بالباب الصغير، ثم أعيد إلى الدار التي في البستان، ودفن في الصفة الغربية منها، وذكر بعضهم أنه بقي مدفونا بقلعة دمشق إلى أن بنيت له شمالية الكلاسة التي هي شمالي جامع دمشق، فنقل إليها يوم عاشوراء من سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة، ورتب عنده القراء ومن يخدم المكان، وأنشد في آخر سيرته بيت أبي تمام: [من الكامل] ثم انقضت تلك السنون وأهلها … فكأنها وكأنهم أحلام تغمده الله برحمته، لقد كان من محاسن الدنيا وغرائبها، ومن مصالح الأمور الدينية ودفع نوائبها. قال الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي: (كان صلاح الدين كاسمه؛ لما فتح من بلاد الكفار وعمرها بالإسلام، وما له من محاسن الأحكام، وما تضمنه فعل المعروف من النفع العام) (1). وله من المآثر الدينية المدرسة الصغرى بالقرافة المجاورة لضريح الشافعي رحمه الله، ومدرسة بالقاهرة جوار المشهد المنسوب إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما، وأوقف على ذلك وقفا جيدا، وجعل دار أسعد السعداء خادم المصريين خانقاه، ووقف عليها وقفا طائلا، وجعل دار عباس بن السلار مدرسة للحنفية، وعليها وقف جيد، وبنى المدرسة التي بمصر المعروفة بزين التجار وقفا للشافعية، ووقفها جيد أيضا، وله بمصر أيضا مدرسة للمالكية، وبنى بالقاهرة داخل القصر مارستانا له وقف جيد، وله بالقدس مدرسة وخانقاه وقفهما كثير، وغالب هذه الوقوفات والمدارس غير منسوبة إليه في الظاهر، ولا يعرف أنه أنشأها إلا من له اطلاع على التواريخ. وكان رحمه الله تعالى مع اتساع مملكته وعظيم سلطانه ورفيع مرتبته كثير التواضع واللطف، قريبا من الناس، رحيم القلب، كثير الاحتمال والمداراة، يحب العلماء وأهل الخير ويحسن إليهم، ويميل إلى الفضائل، ويستحسن الأشعار الجيدة ويرددها في

(1) «مرآة الجنان» (3/ 464).

مجلسه، حتى قيل: كثيرا ما كان ينشد قول أبي منصور محمد بن الحسين الحميري، وقيل: إنه قول أبي محمد أحمد بن علي بن خيران العامري: [من البسيط] وزارني طيف من أهوى على حذر … من الوشاة وداعي الصبح قد هتفا فكدت أوقظ من حولي به فرحا … وكاد يهتك ستر الحب بي شغفا ثم انتبهت وآمالي تخيل لي … نيل المنى فاستحالت غبطتي أسفا قيل: وكان يعجبه قول أبي الحسن المعروف بابن المنجم: [من الطويل] وما خضّب الناس البياض لقبحه … فأقبح منه حين يظهر ناصله ولكنه مات الشباب فسوّدت … على الرسم من حزن عليه منازله وكان يمسك بكريمته وينظر إليها ويقول: إي والله، مات الشباب. ومات رحمه الله ولم يخلف في خزائنه ذهبا ولا فضة سوى سبعة وأربعين درهما مصرية وخرصا واحدا من الذهب صوريا، ولم يخلف ملكا لا دارا ولا عقارا ولا مزرعة ولا بستانا. ومدحه الشعراء بغرر القصائد، فمن ذلك قصيدة المهذب أبو حفص عمر بن محمد المعروف بابن الشحنة الموصلي الشاعر التي أولها: [من الطويل] سلام مشوق قد براه التشوق … على جيرة الحي الذين تفرقوا وعدد أبياتها مائة وثلاثة عشر بيتا، وفيها البيتان السائران اللذان يتمثل بهما مدعي الأشجان، مع بعد المكان: أحدهما: وإني امرؤ أحببتكم لمكارم … سمعت بها والأذن كالعين تعشق والثاني: وقالت لي الأيام إن كنت واثقا … بأبناء أيوب فأنت الموفق وقال فيه بعض شعراء المشرق: [من البسيط] الله أكبر جاء القوس باريها … ورام أسهم دين الله راميها فكم لمصر على الأمصار من شرف … بيوسفين وهل أرض تدانيها

2643 - [ابن سالم]

فبابن يعقوب هزت جيدها طربا … وبابن أيوب هزت عطفها تيها قل للملوك تخلى عن ممالكها … فقد أتى آخذ الدنيا ومعطيها وفي ساعة موته كتب القاضي الفاضل إلى ولده الملك الظاهر صاحب حلب بطاقة مضمونها رسالة بديعة، مشتملة على معان رفيعة، مع الإيجاز الفائق، والمنطق الرائق، في حالة يذهب فيها الإنسان عن نفسه، والخطب الذي صير الضرغام في رمسه، وهي: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، } {إِنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ.} كتبت إلى مولانا السلطان الملك الظاهر أحسن الله عزاءه، وجبر مصابه، وجعل فيه الخلف في الساعة المذكورة، وقد زلزل المسلمون زلزالا شديدا، وقد حفرت الدموع المحاجر، وبلغت القلوب الحناجر، وقد ودعت أباك ومخدومي وداعا لا تلاقي بعده، وقد قبلت وجهه عني وعنك، وأسلمته إلى الله تعالى مغلوب الحيلة، ضعيف القوة، راضيا عن الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وبالباب من الجنود المجندة والأسلحة المعدّة ما لا يدفع البلاء، ولا يملك رد القضاء، وتدمع العين، ويخشع القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا عليك يا يوسف لمحزونون. وأما الوصايا .. فما يحتاج إليها، والآراء .. فقد شغلني المصاب عنها. وأما لائح الأمر .. فإنه إن وقع اتفاق .. فما عدمتم إلا شخصه الكريم، وإن كان غيره .. فالمصائب المستقبلة أهونها موته، وهو الهول العظيم، والسلام. 2643 - [ابن سالم] (1) محمد بن عبد الله بن الفقيه محمد بن سالم بن عبد الله بن محمد بن سالم. ولد سنة سبع وعشرين وخمس مائة. وإليه انتهت رئاسة الفتوى بذي أشرق، وكان فقيها مجودا. توفي في عشر التسعين وخمس مائة.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 201)، و «السلوك» (1/ 351)، و «العطايا السنية» (ص 551)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 147)، و «تحفة الزمن» (1/ 279)، و «هجر العلم» (2/ 735).

2644 - [أحمد الطالقاني]

2644 - [أحمد الطالقاني] (1) أبو الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني القزويني، الفقيه الشافعي الواعظ. درس بنظامية بغداد، وكان إماما في المذهب والخلاف. ومات سنة تسعين وخمس مائة. كان صاحب قدم راسخ في العبادة، كبير الشأن، عديم النظير، روى كتبا كبارا، ونفق كلامه بحسن سمته، وحلاوة منطقه، وكثرة محفوظاته، ورجع إلى قزوين سنة ثمانين، ولزم العبادة إلى أن مات في محرم من السنة المذكورة رحمه الله تعالى. 2645 - [الشاطبي] (2) أبو محمد القاسم بن فيرّة بن خلف الرعيني الشاطبي الضرير، ناظم القصيدة المشهورة في القراءات، وأخرى في الرسم، حقق القراءات على غير واحد، وسمع الحديث، وجمع. وكان إماما محققا لعدة من العلوم مع الزهد والورع، حسن المقاصد، مخلصا فيما يقول ويفعل. وكان كثيرا ما ينشد هذا اللغز (3)، وهو في ديوان الخطيب يحيى بن سلامة الخصفلي بخاء معجمة، وصاد مهملة بين اللام وبين الفاء، وياء النسب (4): [من الطويل] أتعرف شيئا في السماء يطير … إذا سار صاح الناس حيث يسير فتلقاه مركوبا وتلقاه راكبا … وكل أمير يعتليه أسير يحض على التقوى ويكره قربه … وتنفر منه النفس وهو نذير

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 200)، و «العبر» (4/ 271)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 253)، و «مرآة الجنان» (3/ 466)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 7)، و «طبقات الفقهاء الشافعيين» (2/ 215)، و «شذرات الذهب» (6/ 492). (2) «معجم الأدباء» (6/ 219)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 207)، و «وفيات الأعيان» (4/ 71)، و «العبر» (4/ 273)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1110)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 146)، و «مرآة الجنان» (3/ 467)، و «بغية الوعاة» (2/ 260)، و «شذرات الذهب» (6/ 494). (3) وهو في نعش الموتى. (4) كذا في الأصول، والصحيح: (الحصكفي)، انظر ترجمته في «الأنساب» (2/ 227)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 320)، و «معجم الأدباء» (7/ 246).

2646 - [ابن الدهان الفرضي]

ولم يستزر عن غربة في زيارة … ولكن على رغم المزور يزور ولد سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة. وخطب ببلده وهو فتى، ودخل مصر سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة، ولم يزل بها إلى أن توفي في سنة تسعين وخمس مائة، ودفن بالقرافة الصغرى في تربة القاضي الفاضل. 2646 - [ابن الدهان الفرضي] (1) أبو شجاع محمد بن علي المعروف بابن الدهان البغدادي الفرضي الحاسب الأديب. له أوضاع بالجداول في الفرائض وغيرها، وصنف «غريب الحديث»، ورمز فيه حروفا يستدل بها على أماكن الكلمات المطلوبة منه، وكان قلمه أبلغ من لسانه، وله «تاريخ» وغير ذلك، وله اليد الطولى في معرفة النجوم وحل الأزياج، وشعر جيد، منه ما كتبه إلى بعض الرؤساء وقد عوفي في مرضه: [من الخفيف] نذر الناس يوم برئك صوما … غير أني نذرت وحدي فطرا عالما أن يوم برئك عيد … لا أرى صومه ولو كان نذرا توفي سنة تسعين وخمس مائة. 2647 - [ابن الفخار المالقي] (2) أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الأنصاري المالقي الحافظ، صاحب الإمام ابن العربي. كان إماما معروفا، يسرد المتون والأسانيد، عارفا بالرجال واللغة، ورعا، جليل القدر. طلبه السلطان ليسمع بمراكش، فمات بها سنة تسعين وخمس مائة.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 214)، و «وفيات الأعيان» (5/ 12)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 392)، و «العبر» (4/ 274)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 164)، و «مرآة الجنان» (3/ 468)، و «شذرات الذهب» (6/ 496). (2) «بغية الملتمس» (ص 57)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 209)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 241)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 388)، و «العبر» (4/ 274)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1355)، و «مرآة الجنان» (3/ 469)، و «شذرات الذهب» (6/ 496).

2648 - [أبو مدين المغربي]

2648 - [أبو مدين المغربي] (1) أبو مدين شعيب بن الحسن-وقيل: ابن الحسين-المغربي الشيخ الكبير الشهير، قدوة العارفين، وأستاذ المحققين. صحب الشيخ الكبير العارف بالله أبا العز المغربي، وكمل على يديه. وصحبه جمع كثير من الفقهاء والصلحاء، وتخرج به جمع من أكابر المشايخ والأصفياء، كالشيخ عبد الرحيم القناوي، والشيخ أبي عبد الله القرشي، والشيخ عبد الله الفاسي، والشيخ أبي محمد صاحب الدكالي وغيرهم، وانتمى إليه عالم عظيم. وله كلام نفيس، وكرامات ظاهرة، منها أنه مر يوما على الساحل، فحمله الفرنج معهم أسيرا إلى سفينة عظيمة لهم فيها جمع من أسارى المسلمين، ثم عزموا على السير، ومدوا قلوع السفينة، فلم تسر بهم، ولا تحركت عن مكانها مع قوة الريح، فلما أيقنوا أنهم لا يقدرون على المسير، وخافوا أن يدركهم المسلمون .. قالوا: هذه بسبب هذا المسلم، ولعله من أصحاب السرائر-يريدون الشيخ المذكور-فأمروه بالنزول فقال: لا أفعل حتى تطلقوا كل من على سفينتكم من المسلمين، فلما علموا أنه لا بد من الذي قال .. فعلوا، وسارت بهم السفينة في الحال. ومن شعره: [من البسيط] يا من علا فرأى ما في الغيوب وما … تحت الثرى وظلام اليل منسدل أنت الغياث لمن ضاقت مذاهبه … أنت الدليل لمن حارت به الحيل إنا قصدناك والآمال واثقة … والكل يدعوك ملهوف ومبتهل فإن عفوت فذو فضل وذو كرم … وإن سطوت فأنت الحاكم العدل ومدحه بعض العلماء الصلحاء من أهل المغرب بقوله: [من الطويل] تبدت لنا أعلام علم الهدى حقا … فصار بشمس الدين مغربنا شرقا وأشرق منها كل من كان آفلا … فأصبح نور السعد قد ملأ الأفقا كان سلطان المغرب في زمانه قد أمره بإشخاصه إليه، فلما وصل إلى تلمسان .. قال:

(1) «سير أعلام النبلاء» (21/ 219)، و «العبر» (4/ 275)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 163)، و «مرآة الجنان» (3/ 469)، و «طبقات الأولياء» (ص 437)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 237)، و «شذرات الذهب» (6/ 495)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 396).

2649 - [عبد الله العمراني]

ما لنا وللسلطان! الليلة نزور الإخوان، ثم نزل واستقبل القبلة وتشهد وقال: ها قد جئت، ها قد جئت {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى} فمات في سنة تسعين وخمس مائة (1) وقد ناهز الثمانين، ودفن في جبانة العباد، وقبره بها ظاهر يزار نفع الله به، آمين. 2649 - [عبد الله العمراني] (2) عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن إسماعيل العمراني. كان فقيها عارفا تقيا. درس في قرية ضراس مدة إلى أن توفي في شهر جمادى الأولى من سنة تسعين وخمس مائة. 2650 - [علي الهرمي] (3) علي بن عبد الله بن عيسى بن أيمن بن الحسن بن خالد بن عبد الله الهرمي. مما نقل الجندي عن ابن سمرة أن نسبهم في نزار، وذريتهم اليوم الموجودين في الهرمة ينسبون إلى بني أمية (4). قال الخزرجي: (ولا تجتمع الأنساب إلى نزار مع الانتساب إلى بني أمية) (5). تفقه المذكور في بدايته بأبيه المتقدم ذكره (6)، ثم طلع الجبال، وسأل الإمام يحيى بن أبي الخير أن يسمعه «البيان» فقال الشيخ: لا، بل «المهذب» فقرأ عليه «المهذب» وكان الإمام يحيى يبين له المشكلات من كتاب «البيان» حتى فرغ الكتابين معا، وبين معانيهما في ضمن قراءته «المهذب»، ثم أخذ عنه كتابه «الانتصار»، ثم كتاب «الحروف السبعة» للمراغي.

(1) وفي «طبقات الأولياء» (ص 437): (توفي سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة)، وفي «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 244): (مات سنة نيف وثمانين وخمس مائة). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 193)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 153)، و «هجر العلم» (3/ 1207). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 244)، و «السلوك» (1/ 345)، و «العطايا السنية» (ص 448)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 303)، و «تحفة الزمن» (1/ 273)، و «هجر العلم» (4/ 2326). (4) انظر «السلوك» (1/ 345)، و «طبقات فقهاء اليمن» (ص 243). (5) «طراز أعلام الزمن» (2/ 140) في ترجمة أبيه. (6) انظر (4/ 292).

2651 - [علي اليحيوي]

وكان عالما كبيرا مشهورا، عارفا بأدلة الفقه، بصيرا بدقائقها وإشكالاتها. ولما نزل القاضي جعفر المعتزلي من صنعاء ونواحيها للمناظرة .. أمر الإمام يحيى بن أبي الخير الفقيه عليا هذا أن يطلبه في إبّ ونواحيها ويناظره، فسار إليه، فلم يجتمع به إلا بحصن شواحط-بضم الشين المعجمة، وفتح الواو، ثم ألف، ثم حاء مكسورة، ثم طاء مهملتين، حصن قريب من قرية الملحمة-متعززا بصاحب الحصن الشيخ محمد بن أحمد المسكيني-من عرب يعرفون ببني مسكين، بيت رئاسة متأثلة، خرج منهم جمع من الفضلاء -فناظره في خلق أفعال العباد، فأفحمه وقطع بعد أن كاد القاضي جعفر يستزل صاحب الحصن وغيره ويغويهم بتلبيساته ودعواته بأن لا أحد يفحمه، وأنه قد ناظر أهل العراق وغيرهم، فلم يقم له أحد بزعمه، فلما أفحمه الفقيه علي وأبلسه، وقطع حجته وأخرسه .. ضحك منه صاحب الحصن وأصحابه، وتحققوا كذبه في دعواه، وقال له الفقيه علي: أما النصيحة في الدين .. فإني أعلم أنك لا تقبلها، ولكن خذ مني نصيحة تنفعك في دنياك: لا تحاج ولا تجادل بعدها فقيها جدليا، والعجب منك كيف تكون بهذا الحال، وتقدم بلاد العلماء والفضلاء، وتظهر مقالتك، وتظن أنك تظفر بهم أو تظهر عليهم وهذا حالك ولم تبلغ غير إبّ! فكيف لو نزلت إلى ذي أشرق .. لوجدت بحرا تغرق في موجه، وما أرى أنك كنت تخلص! ! وتوفي الفقيه علي بقريته العقيرة سنة تسعين وخمس مائة تقريبا. 2651 - [علي اليحيوي] (1) علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الأغر اليحيوي. قال ابن سمرة: (تفقه بالفقيه علي بن عبد الله الهرمي المتقدم ذكره) (2). ونقل الجندي عن بعض أهل الفقيه عليّ المذكور: أن معظم تفقهه بأبيه، ثم بالفقيه علي الهرمي (3).

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 215)، و «السلوك» (1/ 359)، و «العطايا السنية» (ص 451)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 307)، و «تحفة الزمن» (1/ 286)، و «هجر العلم» (3/ 1436). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 215). (3) انظر «السلوك» (1/ 359).

2652 - [جاكير الزاهد]

وكان فقيها محققا عارفا. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة شيخه الفقيه علي الهرمي. 2652 - [جاكير الزاهد] (1) الشيخ جاكير، بالجيم والمثناة من تحت بين الكاف والراء. أصله من الأكراد، وسكن صحراء من صحارى العراق بالقرب من قنطرة الرصاص على يوم من سامراء. كان الشيخ أبو الوفاء يثني عليه، وينوه بذكره، وبعث إليه طاقيته مع الشيخ علي بن الهيتي ولم يكلفه الحضور. وكان جاكير المذكور صاحب كرامات ظاهرة، وأحوال باهرة. ومن كلامه: إذا قدحت نار التعظيم مع نور الهيبة في زناد السر .. تولد منها شعاع المشاهدة، فمن شاهد الحق عزّ وجل في سره .. سقط الكون من قلبه. ولم يزل رضي الله عنه مستوطنا الصحراء المذكورة إلى أن مات في سنة تسعين وخمس مائة (2)، وقبره بها ظاهر يزار، وقد عمر الناس عنده قرية؛ رغبة في مجاورته، والتماس بركته. 2653 - [عبد الله الحجري] (3) عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبيد الله المريّيّ الأندلسي، الحافظ القدوة، الإمام الزاهد، أحد العلماء الأعلام.

(1) «تاريخ الإسلام» (41/ 374)، و «العبر» (4/ 275)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 39)، و «مرآة الجنان» (3/ 471)، و «طبقات الأولياء» (ص 425)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 235)، و «شذرات الذهب» (6/ 499). (2) قال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (41/ 374)، والصفدي في «الوافي بالوفيات» (11/ 39): (مات سنة تسعين وخمس مائة أو بعدها بعام).وفي «طبقات الأولياء» (ص 427): (مات في شعبان سنة 679 هـ‍). (3) «بغية الملتمس» (ص 338)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 217)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 251)، و «العبر» (4/ 277)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1370)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 575)، و «مرآة الجنان» (3/ 473)، و «شذرات الذهب» (6/ 501).

2654 - [العفيف الأرسوفي]

سمع فأكثر على أبي الحسن بن مغيث، وابن العربي، والكبار. تفنن في العلوم، وبرع في الحديث، وطال، عمره، وشاع ذكره. سكن سبتة، فاستدعاه السلطان مولى مراكش ليسمع منه. مات سنة إحدى وتسعين وخمس مائة. 2654 - [العفيف الأرسوفي] (1) عبد الله بن محمد بن عبد الله، يلقب بالعفيف، ويعرف بالأرسوفي، صاحب المدرسة التي بقرب باب العمرة، والرباط الذي بقربها المعروف برباط أبي رقيبة. قال التقي الفاسي: (وهذا الرباط وقفه عن نفسه وعن موكله شريكه فيه القاضي عبد الرحيم بن علي البيساني على الفقراء والمساكين العرب والعجم، الرجال دون النساء، القادمين إلى مكة، والمجاورين بها على ألا يزيد الساكن في السكنى على ثلاث سنين. قال القاضي: كذا نقلت هذا من حجر الرباط المذكور، وتاريخه سنة إحدى وتسعين وخمس مائة) (2). 2655 - [السديد شيخ الطب] (3) شرف الدين عبد الله بن علي الشيخ السديد، شيخ الطب بالديار المصرية. أخذ الصناعة عن الموفق بن زربي، بالزاي، ثم الراء، ثم الموحدة، وياء النسب. وخدم العاضد صاحب مصر، ونال الحرمة والجاه العريض، عمر دهرا طويلا. وأخذ عنه النفيس بن الزبير. يحكى عنه أنه لما طهّر ولدا الحافظ لدين الله .. حصل للسديد نحو خمسين ألف دينار، وحصل له مرة ثلاثون ألف دينار. ومات سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة.

(1) «العقد الثمين» (5/ 247). (2) «العقد الثمين» (5/ 247). (3) «سير أعلام النبلاء» (21/ 389)، و «العبر» (4/ 279)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 334)، و «مرآة الجنان» (3/ 473)، و «حسن المحاضرة» (1/ 468)، و «شذرات الذهب» (6/ 506).

2656 - [محمود الواسطي]

2656 - [محمود الواسطي] (1) أبو القاسم محمود بن المبارك الواسطي ثم البغدادي الفقيه الشافعي، أحد الأذكياء المناظرين، المشار إليه في زمانه، والمقدم على أقرانه. درّس بالنظامية، وقدم دمشق، بنيت له مدرسة جاروخ-بالجيم في أوله، والخاء المعجمة في آخره-ثم توجه إلى شيراز، وبنى له ملكها مدرسة، ثم أحضره ابن القصاب وقدمه. توفي سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة. 2657 - [ابن المعلم الشاعر] (2) أبو الغنائم محمد بن علي المعروف بابن المعلم الشاعر المشهور. كان لطيف الطبع، رقيق الشعر، يكاد شعره يذوب من رقته. اشتهر شعره، وانتشر ذكره، ونبل بالشعر قدره، وحسن به حاله وأمره، وأكثر قوله في الغزل والمدح وفنون المقاصد، فغلب على شعره وصف الشوق والحب، وذكر الصبابة والغرام، مع سهولة اللفظ، وصحة المعاني، وكان بينه وبين ابن التعاويذي الشاعر تنافس، وهجاه ابن التعاويذي بأبيات. وحكي عن ابن المعلم أنه مر يوما ببغداد على الموضع الذي يعظ به الإمام أبو الفرج ابن الجوزي، فرأى الناس مزدحمين، فسأل عن سبب الازدحام، فقيل: هذا ابن الجوزي الواعظ جالس، ولم أكن علمت بجلوسه، فزاحمت وتقدمت حتى شاهدته وسمعت كلامه وهو يعظ، حتى قال مستشهدا على بعض إشاراته: ولقد أحسن ابن المعلم حيث يقول: [من البسيط] يزداد في مسمعي تكرار ذكركم … طيبا ويحسن في عيني تكرره قال: فعجبت من اتفاق حضوري واستشهاده بهذا البيت من شعري، ولم يعلم بحضوري لا هو ولا غيره.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 267)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 255)، و «العبر» (4/ 280)، و «مرآة الجنان» (3/ 473)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 287)، و «شذرات الذهب» (6/ 508). (2) «معجم الأدباء» (6/ 675)، و «وفيات الأعيان» (5/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 107)، و «العبر» (4/ 279)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 165)، و «مرآة الجنان» (3/ 474)، و «البداية والنهاية» (13/ 17)، و «شذرات الذهب» (6/ 507).

2658 - [يونس الهاشمي]

ومن شعر ابن المعلم: [من الكامل] ردوا علي شوارد الأظعان … ما الدار إن لم تغن من أوطاني ولكم بذاك الجزع من متمنع … هزأت معاطفه بغصن البان أبدى تلونه بأول موعد … فمن الوفيّ لنا بوعد ثاني فمتى اللقاء ودونه من قومه … أبناء معركة وأسد طعان نقلوا الرماح وما أظن أكفهم … خلقت لغير ذوابل المرّان وتقلدوا بيض السيوف فما ترى … في الحي غير مهند وسنان ولئن صددت فمن مراقبة العدا … ما الصد عن ملل ولا سلوان يا ساكني نعمان أين زماننا … بطويلع يا ساكني نعمان توفي سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة. 2658 - [يونس الهاشمي] (1) أبو محمد يونس بن يحيى بن أبي الحسن بن أبي البركات الهاشمي البغدادي، الشريف النسيب. قرأ عليه الفقيه العلامة أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد الزيادي العمدي المعروف بأبي قفل «صحيح البخاري» بمسجد الشجرة من ثغر عدن في سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة بروايته له عن الشيخ الصالح أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي الصوفي الهروي، كذا نقلته من ثبت الحرازي، وسيأتي قريبا له ترجمة بأبسط من هذا (2). 2659 - [عبد الله الوزير] (3) الوزير عبد الله (4) بن يونس البغدادي، وزير الخليفة الناصر لدين الله العباسي.

(1) «السلوك» (2/ 35)، و «العطايا السنية» (ص 689)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 110)، و «العقد الثمين» (7/ 500)، و «تحفة الزمن» (1/ 396)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 240). (2) لم يذكر المصنف ترجمة سوى هذه. (3) «سير أعلام النبلاء» (21/ 299)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 136)، و «العبر» (4/ 281)، و «مرآة الجنان» (3/ 476)، و «شذرات الذهب» (6/ 513). (4) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 476)، وفي باقي المصادر: (عبيد الله).

2660 - [عبد الله الأصبحي]

تفقه، واشتغل بالأصول والكلام، وقرأ القراءات، وسمع من أبي الوقت، وصنف كتابا في الكلام، ثم توكل لأم الخليفة، فترقى وعظم قدره حتى ولي الوزارة. وتوفي سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة. 2660 - [عبد الله الأصبحي] (1) عبد الله بن سالم بن زيد بن إسحاق، الأصبحي نسبا، البعداني بلدا. ولد سنة خمس وخمس مائة. وتفقه بأخيه محمد بن سالم، وأخذ عن صاحب «البيان»، وبيحيى بن أبي عمران وغيرهم. وبه تفقه جماعة، منهم صهره يحيى بن فضل زوج ابنته منيرة، وكانت من صالحي أهل زمانها. وتوفي عبد الله المذكور في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة (2). 2661 - [طغتكين الأيوبي] (3) السلطان الملك العزيز أبو الفوارس طغتكين بن أيوب بن شاذي الملقب بسيف الإسلام. بعثه أخوه الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى اليمن، فوصل إلى اليمن، فدخل مدينة زبيد ثالث عشر شوال من سنة تسع وسبعين كما قاله الجندي (4)، فأقام بها أياما، ثم طلع تعز، فعيد بها عيد النحر تلك السنة، وملك اليمن كله طوعا وكرها، واستولى على الحصون التي ملكها أخوه شمس الدولة توران شاه وزاد عليها، ودخل في طاعته أهل صنعاء وصعدة والجوف، وسوّر زبيد وصنعاء، وبنى عدة حصون باليمن،

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 192)، و «السلوك» (1/ 338)، و «العطايا السنية» (ص 376)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 111)، و «تحفة الزمن» (1/ 267). (2) كذا في المصادر، وفي «طبقات فقهاء اليمن» (ص 192): (ثلاث وسبعين). (3) «وفيات الأعيان» (2/ 523)، و «السمط الغالي الثمن» (ص 22)، و «السلوك» (2/ 526)، و «العبر» (4/ 281)، و «مرآة الجنان» (3/ 475)، و «البداية والنهاية» (7/ 20)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 21)، و «العقد الثمين» (5/ 62). (4) انظر «السلوك» (2/ 527).

واختط باليمن مدينة على قبلي الجند على أميال منها، وسماها: المنصورة، وذلك في سنة اثنتين وتسعين. وكان ملكا شجاعا كريما، حسن السياسة، حليما، محرابا لا يمل الحرب، وكان إذا تعرض له متظلم وهو في موكبه .. أمسك رأس حصانه، ولا ينصرف من مكانه حتى يكشف ظلامته. يحكى أن شخصا من أهل وادي سهام عزم من الكدراء إلى صنعاء يشكو إليه من ضامن السوق بالكدراء أخذ منه ثلاثة دراهم بغير موجب، فكسا الشاكي وزوده، وأمره بالرجوع إلى بلده وقال له: إذا كان اليوم الفلاني .. فواجهني في السوق فلا تتأخر، فلما كان يوم ميعاده .. ورد المتظلم السوق ينتظر وصول سيف الإسلام، فبينا هو واقف في السوق وقد اشتد الزحام .. إذ أقبل سيف الإسلام في قطعة من العسكر إلى الكدراء، فلما توسط السوق .. استدعى بالوالي والضامن والمشتكي، فشنق الضامن في السوق، وصرف الوالي عن تلك الجهة وقال: يظلم مثل هذا عندكم ولا تنصفونه، وتكلفوه الوصول إلى أبوابنا؟ ! والله لئن أتاني أحد شاكيا .. لأشنقنّ الوالي، فلم يمد أحد يده إلى ظلم أحد بعدها. وهو الذي قرر قواعد الملك باليمن، وضرب الضرائب السلطانية، وقنن القوانين، ويقال: إنه أول من جار على أهل النخل من وادي زبيد، حتى هرب طائفة من أهل النخل من أملاكهم، وكان يوصي العمال بالعدل والرفق في أصحاب الزرع خاصة، ويوصيهم بالعنف على أصحاب النخل. فلما استوثق له أمر اليمن .. دعته نفسه إلى شراء أراضي اليمن كلها حيث كانت، وأراد أن تكون أرض اليمن كلها ملكا للديوان، وكل من أراد حرث شيء منها .. استأجر من الديوان كما هو في ديار مصر، فندب المثمنين إلى سائر البلاد، وأمرهم أن يثمنوا البلاد بأسرها، فشق ذلك على أهل اليمن، فاجتمع جماعة من الصالحين، فدخلوا مسجدا وأقاموا فيه ثلاثة أيام يصومون النهار ويقومون الليل، فلما كان اليوم الثالث أو الرابع .. خرج أحدهم-وأظنه الشيخ دحمل-في وقت السحر إلى صحن المسجد، ونادى بصوت عال: يا سلطان السماء؛ اكف المسلمين سلطان الأرض، فقال له أصحابه: قليلا قليلا، فقال: قضيت الحاجة وحقّ المعبود؛ سمعت قارئا يقرأ: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ، } فلما كان وقت الظهر من ذلك اليوم وهو يوم الأربعاء سادس وعشرين شوال من سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة .. توفي سيف الإسلام، فبطل ذلك الأمر، ويقال: إنه لما أحس

2662 - [سلمان الجدني]

بالموت .. جعل يتقلقل ويقول: {ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ* هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ.} وكان مدة ملكه اليمن أربع عشرة سنة وأربعة عشر يوما (1). 2662 - [سلمان الجدني] (2) سلمان-بسكون اللام-ابن أسعد بن محمد الجدني-بفتح الجيم والدال، وكسر النون، نسبة إلى ذي جدن، أحد أذواء حمير-أبو عبد الله. تفقه المذكور بعلي بن أحمد اليهاقري. وكان فقيها فاضلا، خيرا دينا. كان يسكن سودة-بفتح السين والدال المهملتين، بينهما واو ساكنة، وآخره هاء التأنيث -قرية على ثلث مرحلة من الجند، وهي من قرى النّجاد-بكسر النون، وفتح الجيم، ثم ألف، ودال مهملة-صقع هنالك، وكانت القرية قد يطمع بها العدو ويغزوهم العرب إليها، وشرقيها جبل منيع، فأشار الفقيه على قومه بالانتقال إلى الجبل والسكنى في ذروته، وكان الفقيه أول من ابتنى في الجبل وسكنه، وتبعه الناس وسكنوا معه، وسموا الموضع: قناذر بقاف مضمومة، وموحدة مفتوحة، ثم ألف ساكنة، ثم ذال معجمة مكسورة، ثم راء ساكنة. توفي الفقيه المذكور عاشر رمضان سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة. 2663 - [أبو علي الزاهد] (3) أبو علي الحسن بن مسلم السيد الكبير، المشار إليه بالعراق. يقال: إنه من الأبدال.

(1) في «السلوك» (2/ 531): (وكان مدة ملكه على طريق التقريب سبع عشر سنة). (2) «السلوك» (1/ 358)، و «العطايا السنية» (ص 338)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 482)، و «تحفة الزمن» (1/ 285)، و «هجر العلم» (3/ 1763). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 156)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 300)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 158)، و «العبر» (4/ 283)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 270)، و «مرآة الجنان» (3/ 477)، و «شذرات الذهب» (6/ 517).

2664 - [زنكي صاحب سنجار]

تفقه وسمع من أبي البدر الكرخي. وكان كثير البكاء، دائم المراقبة، متبتلا في العبادة، مشهورا برفض الدنيا، زاره الخليفة العباسي الناصر لدين الله. توفي سنة أربع وتسعين وخمس مائة وقد بلغ التسعين. 2664 - [زنكي صاحب سنجار] (1) زنكي بن مودود الملك عماد الدين، صاحب سنجار. ملك حلب بعد ابن عمه الصالح إسماعيل بن نور الدين، فنازله السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، فأخذ منه حلب وعوضه بسنجار، وكان عادلا متواضعا. توفي سنة أربع وتسعين وخمس مائة. 2665 - [ابن الزبادة] (2) يحيى بن سعيد الواسطي قوام الدين المعروف بابن الزبادة (3)، صاحب ديوان الإنشاء ببغداد. انتهت إليه رئاسة الترسل مع معرفته بالفقه والأصول والكلام، والنحو والشعر. أخذ عن ابن الجواليقي، وحدث عن القاضي الأرجاني وغيره. وولي نظر واسط، ثم ولي حجابة الحجاب. ومات سنة أربع وتسعين وخمس مائة.

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 151)، و «وفيات الأعيان» (2/ 330)، و «العبر» (4/ 283)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 223)، و «مرآة الجنان» (3/ 477)، و «شذرات الذهب» (6/ 518). (2) «معجم الأدباء» (7/ 245)، و «الكامل في التاريخ» (10/ 155)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 315)، و «وفيات الأعيان» (6/ 244)، و «العبر» (4/ 284)، و «مرآة الجنان» (3/ 477)، و «البداية والنهاية» (13/ 22)، و «شذرات الذهب» (6/ 520). (3) في «معجم الأدباء» (7/ 245)، و «الكامل في التاريخ» (10/ 155)، و «البداية والنهاية» (13/ 22): (الزيادة) بالياء.

2666 - [الملك العزيز الأيوبي]

2666 - [الملك العزيز الأيوبي] (1) أبو الفتح عثمان بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي، صاحب مصر، الملقب بالملك العزيز. كان شابا ذا كرم وحياء وعفة. قالوا: وبلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة، ومن عفته أنه كان له غلام بألف دينار، فحل لباسه، ثم أدركه التوفيق، فتركه وأسرع إلى سرية له قضى حاجته منها. توفي سنة خمس وتسعين وخمس مائة، فأقيم مقامه ولده علي (2)، فاختلف الأمراء، وكاتب بعضهم الأفضل، فسار إلى مصر، ثم سار بالجيوش ليأخذ دمشق من عمه العادل، فوقع الحصار، ثم دخل الأفضل من باب السلامة، وفرحت به العامة، وحوصرت القلعة مدة. توفي سنة خمس وتسعين وخمس مائة. 2667 - [ابن رشد الحفيد] (3) أبو الوليد محمد بن أحمد القرطبي المعروف بابن رشد الإمام العلامة. تفقه وبرع، وسمع الحديث، وأتقن الطب، ثم أقبل على الكلام والعلوم الفلسفية حتى صار يضرب به المثل فيها. وكان ملازما للاشتغال، ذا ذكاء مفرط، صنف في الفقه والطب، والمنطق والرياضي والإلهي. وتوفي بمراكش في سنة خمس وتسعين وخمس مائة.

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 157)، و «كتاب الروضتين» (4/ 443)، و «وفيات الأعيان» (3/ 251)، و «العبر» (4/ 287)، و «مرآة الجنان» (3/ 478)، و «البداية والنهاية» (13/ 23)، و «النجوم الزاهرة» (6/ 129)، و «حسن المحاضرة» (2/ 19)، و «شذرات الذهب» (6/ 522). (2) كذا هنا تبعا ل‍ «مرآة الجنان» (3/ 479)، وكذا في «شذرات الذهب» (6/ 522) أيضا، وفي باقي المصادر: (محمد). (3) «بغية الملتمس» (ص 51)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 307)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 196)، و «العبر» (4/ 287)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 114)، و «مرآة الجنان» (3/ 479)، و «شذرات الذهب» (6/ 522).

2668 - [ابن زهر الإشبيلي]

2668 - [ابن زهر الإشبيلي] (1) محمد بن عبد الملك بن زهر الإيادي الإشبيلي، شيخ الطب، وجالينوس عصره. أخذ الصناعة عن أبي العلاء زهر بن عبد الملك، وبرع، وحمل الناس عنه. وكان جوادا ممدحا، محتشما، كثير العلم. يقال: إنه حفظ «صحيح البخاري» جميعه، وشعر ذي الرمة، وبرع في اللغة. وتوفي بمراكش في سنة خمس وتسعين وخمس مائة. 2669 - [ابن فضلان] (2) يحيى بن علي البغدادي الشافعي المعروف بابن فضلان. كان من أئمة علم الخلاف والجدل، مشارا إليه. توفي سنة خمس وتسعين وخمس مائة. 2670 - [محمد القريظي] (3) محمد بن سعيد بن معن القريظي. ولد سنة سبع وتسعين وأربع مائة. وتفقه بعمر بن عبد العزيز بن أبي قرة الأبيني المقدم ذكره (4). وكان فقيها ورعا، زاهدا صالحا، محدثا، غلب عليه علم الحديث. دخل عدن، فجمع الكتب الستة، وألف منها كتاب «المستصفى»، ثم كتاب «القمر» على منوال «الكوكب»، واختصر «إحياء علوم الدين»، وكتابه «المستصفى» من الكتب المباركة المتداولة في اليمن، يعتمده الفقهاء والمحدثون.

(1) «معجم الأدباء» (6/ 646)، و «وفيات الأعيان» (4/ 434)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 325)، و «العبر» (4/ 288)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 39)، و «مرآة الجنان» (3/ 479)، و «شذرات الذهب» (6/ 523). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 168)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 330)، و «العبر» (4/ 289)، و «مرآة الجنان» (3/ 479)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 322)، و «شذرات الذهب» (6/ 524). (3) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (576 هـ‍)، انظر مصادر ترجمته هناك (4/ 270). (4) انظر (4/ 264).

2671 - [علي القريظي]

يحكى عن الشريف أبي الجديد أنه قال: ثبت لي بطريق صحيح مسلّم عن الشيخ ربيع صاحب الرباط بمكة أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في سنة ست وتسعين وخمس مائة فقال له: من قرأ «المستصفى» الذي صنفه محمد بن سعيد كاملا .. دخل الجنة. قال ابن سمرة: (قيل: إنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم، فدعى له بالتثبيت) (1). قال الجندي: (ووجدت بخط الفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي-نفع الله به، آمين- ما مثاله: أخبرني الفقيه فلان-رجل سماه من أهل سردد-أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم يقول له: اقرأ كتاب «المستصطفى» على أبي الجديد أو على الفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي، ثم قرأ عليه الكتاب، ثم قال الفقيه: وهذا المنام يدل على بركة المصنف وفضله، وفضل البلد الذي صنف فيه) (2). وامتحن المذكور بقضاء لحج. ومسكنه قرية بنا أبّه العليا من وادي لحج، وله قرابة هنالك يعرفون بالقريظيين، إليهم خطابة القرية وخطابة فور، ولهم الجامع بالقرية المذكورة، ووقفه لهم، ونظره إليهم، يتوارثون ذلك إلى عصرنا هذا، يبدءون من غلة الوقف بعمارة الأرض والمسجد، فلذلك لم يطق أحد تغييره، ومن هم بذلك من الظلمة .. شغله شاغل عن ذلك. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي بالقرية المذكورة في جمادى الأخرى سنة خمس وتسعين وخمس مائة. 2671 - [علي القريظي] (3) علي بن سعيد بن معن القريظي. ولي القضاء بلحج بعد وفاة أخيه محمد بن سعيد صاحب «المستصفى». ولم أقف على تاريخ وفاته، ولم أعلم من حاله غير ذلك؛ فإني لم أقف له على ترجمة، وإنما ذكره الجندي استطرادا في ترجمة أخيه محمد المذكور قبله (4)، والله أعلم.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 225). (2) «السلوك» (1/ 375). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 225)، و «السلوك» (1/ 376)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 195)، و «هجر العلم» (1/ 140). (4) انظر «السلوك» (1/ 376).

2672 - [يعقوب صاحب المغرب]

2672 - [يعقوب صاحب المغرب] (1) أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي المنصور، صاحب المغرب، الملقب بأمير المؤمنين. لما مات أبوه .. اجتمع رأي المشايخ الموحدين وبني عبد المؤمن على تقديمه، فبايعوه وعقدوا له الولاية، فباشر تدبير المملكة أحسن مباشرة، رتب قواعد بلاد الأندلس وأصلح شأنها، وقرر المقاتلين في مراكزها في مدة شهرين، وأمر بقراءة البسملة في أول الفاتحة في الصلوات، وأرسل بذلك إلى سائر بلاد الإسلام التي في مملكته، فأجاب قوم وامتنع آخرون، ثم عاد إلى مراكش التي هي كرسي ملكهم، فخرج عليه ابن إسحاق الملثم في شعبان سنة ثمانين وخمس مائة، وملك بجاية وما حولها، فجهز إليه يعقوب عشرين ألف فارس وأسطولا في البحر، ثم خرج بنفسه في أول سنة ثلاث وثمانين، واستعاد ما أخذ من البلاد، ثم عاد إلى مراكش. وخرجت طائفة من الفرنج في جيش كثيف إلى بلاد الإسلام، فنهبوا وسبوا، فلما بلغه ذلك .. تجهز لقتالهم في جحفل عرمرم وكان قد كتب إليه ملك الفرنج يتهدد المسلمين، ومن جملة كتابه: باسمك اللهم فاطر السماوات والأرض، وصلّى الله على السيد المسيح، الرسول الفصيح، ثم عقب ذلك بالتوبيخ للأمير يعقوب والتهديد في كلام يطول. فلما وصل كتابه إلى الأمير يعقوب .. مزقه، وكتب على ظهر رقعة منه: {اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ، } والجواب ما ترى لا ما تسمع، ثم كتب بيت المتنبي المشهور: [من الطويل] ولا كتب إلا المشرفية عنده … ولا رسل إلا بالخميس العرمرم وضرب السرادقات بظاهر البلد من يومه، وأمر باستدعاء الجيوش من الأمصار، وجمع العساكر، وسار إلى البحر المعروف بزقاق سبتة، فعبر فيه إلى الأندلس، وسار حتى دخل

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 311)، و «وفيات الأعيان» (7/ 3)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 311)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 213)، و «العبر» (4/ 289)، و «مرآة الجنان» (3/ 479)، و «البداية والنهاية» (13/ 25)، و «شذرات الذهب» (6/ 525).

بلاد الفرنج وقد اعتدوا وحشدوا، فكانت وقعة الزلاقة المشهورة، وكسرهم كسرة شنيعة، واستأصلهم قتلا، ولم ينج منهم إلا ملكهم في نفر يسير، وغنم المسلمون أموالهم، حتى قيل: إنه حصل لبيت المال من دروعهم ستون ألف درع، وأما الدواب على اختلاف أنواعها .. فلم ينحصر لها عدد. وله مع الفرنج حروب عديدة أذلهم فيها، ونال منهم قتلا ونهبا وتخريبا لديارهم إلى أن التمسوا منه الصلح فصالحهم، وانتقل إلى مدينة سلا، وبنى بالقرب منها مدينة عظيمة على هيئة الإسكندرية سماها: رباط الفتح، ثم رجع إلى مراكش، وتوفي بها في سنة خمس وتسعين وخمس مائة. ثم إنه لما رجع إلى مراكش .. تجرد عن الملك، وساح في البلاد، وانتهى إلى بلاد المشرق وهو مستخف لا يعرف، ومات خاملا. قال الشيخ عبد الله اليافعي في «تاريخه»: (ويؤيد هذا القول ما سمعت ممن لا أشك في صلاحه من الفقراء الصادقين من بلاد المغرب: أن جمعا من شيوخ المغاربة ذكروا رسالة الأستاذ أبي القاسم القشيري وما جمع فيها من المشايخ المشارقة، فأحبوا معارضتها برسالة مشتملة على الشيوخ المغاربة، فقال: إن في رجال القشيرية من تجرد عن الملك، ولا تجد في شيوخ المغرب من هو كذلك، فما يتم لنا ذلك إلا بملك منها يزهد ويسلك طريق ابن أدهم، فجاء الولي الشهير أبو إبراهيم المغربي إلى أمير المؤمنين يعقوب المذكور واجتمع به، فسر به يعقوب، وأخرج له من خزائنه جواهر نفيسة؛ إكراما له في مجيئه إليه، فالتفت أبو إبراهيم إلى شجرة هنالك وإذا هي حاملة جواهر تدهش العقول، فدهش أمير المؤمنين يعقوب من ذلك، وهاله ما رأى من تصريف عباد الله في ملك الله، فاحتقر ما هو فيه من ملك الدنيا، فزهد فيه، وصار من كبار الأولياء) (1). وإلى الأمير يعقوب المذكور تنسب الدنانير اليعقوبية العربية. ولما اتفق له بمراكش ما اتفق من التزهد أو الموت .. بويع ولده أبو عبد الله محمد بن يعقوب، ولقب بالناصر، وارتجع المهدية من الملثم المتقدم ذكره وكان قد استولى عليها. وتوفي محمد بن يعقوب سنة ست عشرة وست مائة، يقال: إنه أوصى عبيده بحفظ بستانه وحراسته، ثم تنكر، وجعل يمشي في البستان ليلا، فلما رآه الحرس .. ابتدروه

(1) «مرآة الجنان» (3/ 483).

2673 - [إبراهيم العراقي]

بالرماح، فجعل يقول: أنا الخليفة، أنا الخليفة، فما تحققوه حتى هلك. ولم يزل بنو عبد المؤمن يتوارثون الملك إلى أن انتهى إلى أبي العلاء إدريس بن يوسف بن عبد المؤمن، فوقعت بينه وبين بني مريم حروب قتل فيها، فانقرضت دولة بني عبد المؤمن، واستولى بنو مريم على ملكهم. قال ابن خلكان: (ولم يزل الملك في عقبهم إلى الآن) (1). قال الشيخ اليافعي: (وهكذا هو إلى الآن؛ يعني: سنة خمسين وسبع مائة، إلا أنه قد تضعضع واضطرب؛ لعدم طاعة العرب) (2). وكان يعقوب المذكور ملكا جوادا عادلا، متمسكا بالشرع المطهر، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كما ينبغي من غير محاباة، ويصلي بالناس الخمس، ويلبس الصوف، ويقف للمرأة والضعيف، ويأخذ لهم حقهم من كل ظالم عنيف، أقام الحدود الشرعية حتى في أهله وأقاربه وعشيرته، فاستقامت له الأحوال، وعظمت الفتوحات، وكان قد أمر علماء زمانه ألا يقلدوا أحدا من الأئمة المتقدمين، بل تكون أحكامهم بما يؤدي إليه اجتهادهم من استنباطهم القضايا من الكتاب والسنة والإجماع والقياس. قال ابن خلكان: (وقد أدركنا جماعة من مشايخ المغرب وصلوا إلينا وهم على تلك الطريق، مثل أبي الخطاب بن دحية، وأخيه أبي عمرو، ومحيي الدين ابن العربي نزيل دمشق) (3). وكان محبا للعلماء، مقربا للأدباء، محسنا، مصغيا إلى المدح مثيبا عليه، وله ألف أبو العباس الحرادي كتابه الموسوم «بصفوة الأدب وديوان العرب» في مختار الشعر. قال ابن خلكان: (وهو مجموع مليح، أحسن في اختياره كل الإحسان) (4). 2673 - [إبراهيم العراقي] (5) أبو إسحاق إبراهيم بن منصور المصري المعروف بالعراقي؛ لرحلته إلى العراق وإقامته به مدة، الخطيب، شيخ الشافعية بمصر.

(1) «وفيات الأعيان» (7/ 18). (2) «مرآة الجنان» (3/ 483). (3) «وفيات الأعيان» (7/ 11). (4) «وفيات الأعيان» (7/ 12). (5) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 355)، و «وفيات الأعيان» (1/ 32)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 231)، و «العبر»

2674 - [ابن جهبل]

شرح «المهذب» شرحا جيدا في عشرة أجزاء. قال الشيخ عبد الله اليافعي: (وهو أول من شرحه فيما علمت، ثم شرحه الإمام أبو عمرو عثمان بن عيسى الماراني الملقب: ضياء الدين، شرحه في نحو عشرين مجلدا، وبلغ فيه إلى كتاب الشهادات، وسماه: «الاستقصاء لمذاهب العلماء والفقهاء»، ثم الإمامان الوليان الكبيران أبو الذبيح إسماعيل بن محمد الحضرمي، وأبو زكريا يحيى بن شرف النووي، وكانا متعاصرين، ماتا في سنة ست وسبعين وست مائة، ولا أدري أيهما أسبق بالشرح، ولذلك جمعتهما، وأكمل الحضرمي شرحه، وأما النووي .. فانتهى فيه إلى باب الربا ولم يكمله، ثم إن القاضي تقي الدين السبكي شرحه من الربا ولم يكمله أيضا) انتهى كلام الإمام اليافعي (1). وسمعت أن الإمام النووي رحمه الله أتم مسودة شرحه، وانتهى في تبييضها إلى باب الربا، والله سبحانه أعلم. 2674 - [ابن جهبل] (2) طاهر بن نصر الله بن جهبل صدر الدين الكلابي الشافعي الفرضي، مدرس مدرسة صلاح الدين بالقدس، وهو أحد من قام على الحكيم السهروردي، وأفتى بقتله. توفي سنة ست وتسعين وخمس مائة. 2675 - [القاضي الفاضل] (3) أبو علي عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الحسن اللخمي، العسقلاني المولد، المصري الدار، المعروف بالقاضي الفاضل بن القاضي الأشرف بن القاضي السعيد، وزير

= (4/ 291)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 151)، و «مرآة الجنان» (3/ 484)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 37)، و «شذرات الذهب» (6/ 529). (1) «مرآة الجنان» (3/ 484). (2) «تاريخ الإسلام» (42/ 243)، و «العبر» (4/ 292)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 411)، و «مرآة الجنان» (3/ 485)، و «طبقات الشافعية» لابن كثير (2/ 236)، و «شذرات الذهب» (6/ 530). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 172)، و «كتاب الروضتين» (4/ 472)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 351)، و «وفيات الأعيان» (3/ 158)، و «العبر» (4/ 293)، و «مرآة الجنان» (3/ 485)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 166)، و «البداية والنهاية» (13/ 31)، و «شذرات الذهب» (6/ 530).

2676 - [الشهاب الطوسي]

السلطان صلاح الدين، وتمكن منه غاية التمكن. وبرع في صناعة الإنشاء، وفاق المتقدمين، وله فيه الغرائب مع الإكثار. وله في النظم أشياء حسنة، منه ما أنشده عند وصوله إلى الفرات في خدمة السلطان صلاح الدين يتشوق إلى نيل مصر: [من الكامل] بالله قل للنيل عني إنني … لم أشف من ماء الفرات غليلا وسل الفؤاد فإنه لي شاهد … إن كان جفني بالدموع بخيلا يا قلب كم خلفت ثمّ بثينة … وأعيذ صبرك أن يكون جميلا رمز فيه إلى ما كان بين بثينة وجميل من الحب، وأعاذه بالله أن يكون متصفا بهيمان جميل وفرط حبه الذي لا يقوى عليه إنسان. ومن شعره: [من الكامل] وإذا السعادة لاحظتك عيونها … نم فالمخاوف كلهن أمان واصطد بها العنقاء فهي حبالة … وافتل بها الجوزاء فهي عنان قال الشيخ اليافعي: (والظاهر أن قوله: «افتل» بالفاء والمثناة من فوق، من فتل العنان) (1). قيل: إن كتبه بلغت مائة ألف مجلد، ودخله في السنة من مغله دون خمسين ألف دينار، وكان عمره بضعا وستين سنة. توفي سنة ست وتسعين وخمس مائة. 2676 - [الشهاب الطوسي] (2) الشهاب الطوسي أبو الفتح بن محمود نزيل مصر شيخ الشافعية.

(1) «مرآة الجنان» (3/ 487). (2) «كتاب الروضتين» (4/ 467)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 364)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 267)، و «العبر» (4/ 294)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 9)، و «مرآة الجنان» (3/ 487)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 396)، و «البداية والنهاية» (13/ 30).

2677 - [شمس الدين الحراني]

درس وأفتى ووعظ، وصنف، وتخرج به جماعة. وكان رئيسا معظما، يتيه على الملوك، يركب بالغاشية والسيوف المسلولة وينادى بين يديه: هذا ملك العلماء، وكان له صولة في القيام على الحنابلة ونصرة الأشاعرة. توفي سنة ست وتسعين وخمس مائة. 2677 - [شمس الدين الحراني] (1) أبو الفتوح (2) عبد المنعم بن عبد الوهاب بن سعد شمس الدين الحراني. تسرى بمائة وثمان وأربعين جارية. وكان صحيح الذهن والحواس إلى أن مات ببغداد في سنة ست وتسعين وخمس مائة. 2678 - [أسعد بن محمد] (3) أسعد بن محمد أبو محمد. كان فقهيا نبيها، أديبا لبيبا، عارفا بالفقه والعربية. وكان يدرس في منزله من ناحية أروس في حد الدملوة إلى أن توفي في سنة ست وتسعين وخمس مائة (4). 2679 - [علي ابن المعلم] (5) أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم المعلم، أصل بلده حدبة-بفتح الحاء والدال المهملتين، وبالموحدة المفتوحة، ثم هاء-قرية على قرب جبلة.

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 172)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 348)، و «وفيات الأعيان» (3/ 227)، و «العبر» (4/ 293)، و «مرآة الجنان» (3/ 488)، و «البداية والنهاية» (13/ 29)، و «شذرات الذهب» (6/ 534). (2) كذا كنيته في «مرآة الجنان»، وفي باقي المصادر: (أبو الفرج). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 226)، و «السلوك» (1/ 385)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 203)، و «تحفة الزمن» (1/ 310)، و «بغية الوعاة» (1/ 441)، و «هجر العلم» (1/ 58). (4) في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 226)، و «السلوك» (1/ 385)، و «تحفة الزمن» (1/ 310) توفي سنة (576 هـ‍). (5) «السلوك» (2/ 532)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 328)، و «تحفة الزمن» (2/ 476).

كان من أعيان اليمن المشهورين كرما وسخاء، وحلما ووفاء. فمن حلمه: أن جماعة من فقهاء السحول قدموا عليه أيام ولايته، فراجعوه في كشف مظلمة، فامتنع، فخلع بعض الفقهاء نعله وضربه بها، فلم يزده على قوله: يكفي يا فقيه، يكفي يا فقيه، فهم غلمانه بالبطش بالفقيه، فنهاهم عن ذلك، ولم يزل يستعطف الفقيه حتى سكن غضبه، وقضى حاجته فيما طلبه. ومن كرمه: ما رواه الجندي، عن الثقة، عن المقرئ حميد المؤذن بجبلة وكان من أعيانها قال: حضر عيد النحر ولا عندي شيء، فأشير علي بقصد ابن المعلم، فكتبت إليه ورقة أسأله فيها عشرة أذهاب ذرة وخمسة أذهاب بر (1)، وناولته الورقة، فعبس، وأعرض عني، فخرجت وأنا ألوم نفسي على قصده، فأمر من لحقني وردني إليه، فأدناني منه وقال: سبحان الله! المقرئ حميد، اسم كبير، وهمة ضعيفة، يصل إلي ويسألني شيئا حقيرا! فاعتذرت إليه، فناولني ورقة بيضاء وقال: اكتب جميع ما تحتاجه للعيد، فكتبت أطلب مائتي ذهب ذرة، ومائتي ذهب بر، ورأس بقر، ورأسي غنم، وكسوة لي ولأولادي، فلما قرأها .. أسفر وجهه، وكتب إلى نائبه بجبلة أن يسلم جميع ما ذكرت معجّلا، فسلم إليّ النائب جميع ذلك (2). وكان له مكانة عند سيف الإسلام طغتكين بن أيوب، وكان يلتزم جميع مخلاف جعفر بمال معلوم، فطلب منه سيف الإسلام الذي تضمن به البلاد، فعجز عنه، فقبض سيف الإسلام غالب أملاكه، وهرب ابن المعلم، وذلك في شعبان سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة، فنصّب القاضي منصوبا قضى السلطان عنه جميع أملاكه حيث كانت بما بقي عليه من الضمان، وكانت أمواله جليلة في أماكن كثيرة. فلما توفي سيف الإسلام في التاريخ المتقدم ذكره، وولي ابن المعز قطر اليمن .. أعاد ابن المعلم على عمالة المخلاف، فأقام يسيرا، ثم أسره، فأقام في الأسر ستة أشهر، وشنقه في عاشر المحرم من سنة ست وتسعين وخمس مائة.

(1) الأذهاب: جمع ذهب، مكيال معروف لأهل اليمن. (2) انظر «السلوك» (2/ 532).

2680 - [ابن الجوزي]

2680 - [ابن الجوزي] (1) أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي-بفتح الجيم، وسكون الواو، وفي آخره زاي، نسبة إلى موضع يقال له: فرضة الجوز-البغدادي التيمي البكري، يتصل نسبه بأبي بكر الصديق رضي الله عنه. قال ابن النجار: كان أبوه يعمل الصفر، واشتغل هو من صغره بأنواع العلوم الشرعية، حتى كان علامة عصره وإمام وقته في التفسير والحديث والفقه والوعظ والسير والتواريخ والطب وغير ذلك. وعظ من صغره وعظا فاق فيه الأقران، وحصل له القبول التام والاحترام. حكي أن مجلسه حزر بمائة ألف، وحضر مجلسه الخليفة المستضيء مرات من وراء الستر. وصنف «زاد المسير في علم التفسير» في أربعة أجزاء، أتى فيه بأشياء غريبة، وله «المنتظم» في التاريخ، كتاب كبير، وله «الموضوعات» في أربعة أجزاء، ذكر فيها كل حديث موضوع، وصنف كتبا كثيرة في فنون عديدة. قال ابن خلكان: (حتى نقلوا أنه حسبت الكراريس التي كتبها وقسمت على مدة عمره، فكان ما خص كل يوم تسع كراريس، وهذا شيء عظيم لا يقبله العقل، وجمع براية أقلامه التي كتب بها حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأوصى أن يسخن بها الماء الذي يغسل به بعد موته، فكفت، وفضل منها) (2). وله أشعار لطيفة، منها قوله معرضا بأهل بغداد: [من المتقارب] عذيري من فتية بالعراق … قلوبهم بالجفا قلّب يرون العجيب كلام الغريب … وقول القريب فلا يعجب

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 181)، و «كتاب الروضتين» (4/ 486)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 394)، و «وفيات الأعيان» (3/ 140)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 365)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 287)، و «العبر» (4/ 297)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 186)، و «مرآة الجنان» (3/ 489)، و «البداية والنهاية» (13/ 35). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 141).

2681 - [ابن المقرون]

ميازيبهم إن تندت بخير … إلى غير جيرانهم تقلب وعذرهم عند توبيخهم … مغنية الحي ما تطرب وله في مجالس وعظه أجوبة نادرة، منها أنه وقع النزاع بين الرافضة وأهل السنة في علي وأبي بكر رضي الله عنهما: أيهما أفضل؟ ورضوا جميعا بجواب ابن الجوزي، وأقاما شخصا يسأله عن ذلك وهو على الكرسي في مجلس وعظه، فقال: أفضلهما من كانت ابنته تحته، ونزل في الحال حتى لا يراجع في ذلك، فزعمت الرافضة أنه أراد عليا؛ لأن ابنة النبي صلّى الله عليه وسلم تحته، وقالت أهل السنة: بل أراد أبا بكر؛ لأن ابنته عائشة تحت النبي صلّى الله عليه وسلم، وهذا الجواب لو حصل بعد الفكر التام فضلا عن البديهة .. لكان في غاية الحسن. ولد سنة ثمان-وقيل: عشر-وخمس مائة. وتوفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مائة ببغداد. وكان ولده محيي الدين يوسف محتسب بغداد، وتولى تدريس المستنصرية لطائفة الحنابلة، وكان يتردد في الرسائل إلى الملوك، ثم صار أستاذ دار الخلافة. وكان سبطه شمس الدين أبو المظفر يوسف الواعظ المشهور له صيت وسمعة في مجالس وعظه، وقبول عند الملوك وغيرهم، وصنف تاريخا كبيرا، قال ابن خلكان: (رأيته بخطه في أربعين مجلدا سماه: «مرآة الزمان في تاريخ الأعيان») (1). 2681 - [ابن المقرون] (2) أبو شجاع بن المقرون البغدادي، أحد أئمة الإقراء. كان صالحا عابدا، ورعا، مجاب الدعوة، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، وكان يتقوت من كسب يده. توفي سنة سبع وتسعين وخمس مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 142). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 383)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 324)، و «العبر» (4/ 300)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1102)، و «مرآة الجنان» (3/ 492)، و «شذرات الذهب» (6/ 542).

2682 - [جوهر المعظمي]

2682 - [جوهر المعظمي] (1) أبو الدر الأستاذ جوهر بن عبد الله المعظمي، نسبة إلى سيده الداعي المعظم محمد بن سبأ بن أبي السعود بن زريع بن العباس بن المكرم الهمداني، صاحب عدن. كان المذكور خادما تقيا، عاملا ذكيا، عالما كاملا، حافظا، أجمع فقهاء عصره على تسميته بالحافظ؛ لأنه كان لا يحفظ شيئا فينساه. له مصنفات كثيرة في القراءات والحديث والوعظ، وكان يحب الفقهاء من أهل السنة ويجلهم ويحترمهم، ويكره مذهب مواليه، وببركته صار الإمام بطال بن أحمد الركبي إلى ما صار، وذلك أن أهله تركوه رهينة عند الطواشي جوهر المذكور، فأشفق عليه، وعلمه القرآن، ثم اشتغل بطلب العلم حتى صار إماما مبرزا. فلم يزل المذكور واليا على حصن الدملوة من قبل مواليه إلى أن وصل سيف الإسلام طغتكين بن أيوب من الديار المصرية، واستولى على جل مملكة اليمن، وغلب على كثير من حصونه ومدنه، ورأى جوهر أنه لا طاقة له به إن قصده، فباع إليه الحصن في سنة أربع وثمانين وخمس مائة، واشترط ألا ينزل من الحصن ولا يطلع لهم نائب حتى يكون عيال سيده كلهم خلف البحر من ناحية بر العجم، وأنهم يركبون من أي ساحل أرادوا من البحر، فأجابه سيف الإسلام إلى ذلك؛ لما يعلم من صعوبة الحصن، وأنه لا يؤخذ قهرا، فلما توثق جوهر، وقبض المال الذي اتفق عليه الحال .. جهز أولاد سيده جميعهم إلى ساحل المخا، وسار معهم في زي امرأة منهم، وأخذ مضنونهم، فنزل صحبته إلى ساحل المخا، وكان قد أرسل من هيأ له سفنا هنالك، فحين وصل إلى الساحل .. ركب هو ومواليه، وسار إلى بر العجم، وترك نائبا له في الحصن، فجهز بقية أموالهم وما يحتاجون له، وكتب له عدة أوراق في كل واحدة منها علامة بخطه، فكان النائب إذا احتاج إلى كتاب إلى سيف الإسلام أو أحد أمرائه .. كتب لهم في تلك الأوراق التي فيها علامة جوهر، فلا يشكون أن جوهرا في الحصن، وكان سيف الإسلام قد أضمر أنه إذا نزل من الحصن .. استرجع جميع ما أعطاه من المال وما أراد أيضا، فلما فرغ ما في الحصن .. نزل النائب، فسئل عن

(1) «السلوك» (1/ 383)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 287)، و «تحفة الزمن» (1/ 309)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 41).

2683 - [العماد الكاتب]

الطواشي فقال: إنه أول من نزل، فعجب سيف الإسلام من حزمه وعزمه ودينه وقال: كان ينبغي استخلافه على الحصن. ولم يزل جوهر بأرض الحبشة إلى أن توفي بها لبضع وتسعين وخمس مائة، والله سبحانه أعلم. 2683 - [العماد الكاتب] (1) أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني، المعروف بالعماد الكاتب، الوزير الفاضل. تفقه بالمدرسة النظامية، وأتقن الخلاف وفنون الأدب، وسمع الحديث. ولاه الوزير ابن هبيرة النظر بالبصرة، ثم بواسط، ثم انتقل إلى دمشق والسلطان يومئذ السلطان نور الدين محمود بن زنكي، فتعرف به، وعرف به السلطان صلاح الدين ووالده، ونوه بذكره القاضي كمال الدين الشهرزوري عند السلطان نور الدين، وعدد عليه فضائله، وأهله لكتابة الإنشاء. قال العماد: فبقيت متحيرا في الدخول فيما ليس من شأني ولا وظيفتي. وقال غيره: لم يكن قد مارس هذه الصناعة، فجبن عنها في الابتداء، فلما باشرها .. هانت عليه، وأجاد فيها، وأتى فيها بالغرائب، وكان ينشئ الرسائل باللغة العربية والعجمية أيضا، وحصل بينه وبين صلاح الدين مودة أكيدة، وعلت منزلته عند نور الدين، وصار صاحب سره، وسيره رسولا في أيام الخليفة المستنجد، فلما عاد .. فوض إليه التدريس في المدرسة المعروفة به، ثم رتبه في إشراف الديوان، ثم لما تسلم صلاح الدين قلعة حمص .. حضر بين يديه، وأنشده قصيدة، ثم لازمه، وترقى عنده حتى صار في جملة الصدور المعدودين، والأماثل الممجدين، يضاهي الوزراء، ويجري في مضمارهم، وكان القاضي الفاضل لاشتغاله بالقيام بالمصالح ينقطع في أكثر الأوقات عن خدمة السلطان صلاح الدين والعماد ملازم للباب، وهو صاحب السر المكتوم. وله التصانيف النافعة، منها: «خريدة القصر وجريدة العصر» جعله ذيلا على «زينة

(1) «معجم الأدباء» (7/ 10)، و «الكامل في التاريخ» (10/ 182)، و «كتاب الروضتين» (4/ 485)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 392)، و «وفيات الأعيان» (5/ 147)، و «العبر» (4/ 299)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 132)، و «مرآة الجنان» (3/ 492)، و «البداية والنهاية» (13/ 37)، و «شذرات الذهب» (6/ 541).

2684 - [المعز إسماعيل الأيوبي]

الدهر» تأليف أبي المعالي سعد بن علي الوراق الحظيري، والحظيري جعله ذيلا على «دمية القصر وعصرة أهل العصر» للباخرزي، والباخرزي جعل كتابه ذيلا على «يتيمة الثعالبي»، والثعالبي جعل كتابه ذيلا على كتاب «البارع» لهارون بن المنجم، وذكر العماد المذكور الشعراء الذين كانوا بعد المائة الخامسة إلى سنة اثنتين وسبعين بعدها، وجمع شعراء العراق والعجم والشام والجزيرة ومصر والمغرب، ولم يترك إلا النادر، وكتابه المذكور عشر مجلدات، وله كتاب «البرق الشامي» في سبع مجلدات، ووسمه «بالبرق»؛ لسرعة انقضاء تلك الأيام، وله غير ذلك من المصنفات. وله مع القاضي الفاضل مكاتبات ومحاورات لطاف، فمن ذلك ما يحكى عنه أنه لقيه يوما وهو راكب على فرس فقال له: سر فلا كبا بك الفرس، فأجابه الفاضل: دام علا العماد، فأتى كل منهما بما لا يتغير بالانعكاس، مثل قوله تعالى: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ.} واجتمع مع القاضي الفاضل في مركب السلطان وقد انتشر من الغبار لكثرة الفرسان ما سد الفضاء، فتعجبا من ذلك، فأنشد العماد في الحال: [من مجزوء الكامل] أما الغبار فإنه … مما أثارته السنابك والجو منه مظلم … لكن أنار به السنابك يا دهر لي عبد الرحي‍ … م فلست أخشى مسّ نابك توفي سنة سبع وتسعين وخمس مائة. 2684 - [المعز إسماعيل الأيوبي] (1) السلطان المعز إسماعيل بن طغتكين بن أيوب، سلطان اليمن. كان أكبر أولاد أبيه، وكان يعول عليه في كثير من أموره، فظهر لأبيه منه الخروج عن مذهب أهل السنة، فطرده، وخرج مغاضبا لأبيه يريد بغداد، فلما صار بالمخلاف السليماني .. بلغه وفاة أبيه، فرجع إلى اليمن، ودخل زبيد تاسع عشر ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة، فمكث فيها يوما، ثم طلع إلى تعز، وأظهر مذهبه القبيح، فقويت

(1) «السمط الغالي الثمن» (ص 43)، و «السلوك» (2/ 534)، و «بهجة الزمن» (ص 134)، و «العبر» (4/ 301)، و «مرآة الجنان» (3/ 494)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 220)، و «تحفة الزمن» (2/ 477)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 19).

2685 - [الخشوعي]

شوكة الإسماعيلية حتى طمعوا في إبطال مذهب أهل السنة. وكان المذكور فارسا شجاعا، سفاكا للدماء، سريع البطش، شديد العقوبة، كثير الجود على الشعراء وأهل اللهو، شاعرا فصيحا، ومن شعره: [من الطويل] وإني أنا الهادي الخليفة والذي … يقود رقاب الغلب بالضّمّر الجرد ولا بد من بغداد أطوي ربوعها … وأنشرها نشر السماسر للبرد وأنشر أعلامي على عرصاتها … وأظهر دين الله في الغور والنجد ويخطب لي فيها على كل منبر … وأحيي بها ما كان أسسه جدي ثم خولط في عقله، فادعى أنه قرشي النسب، وخوطب بأمير المؤمنين. وولع بأكل بني آدم، فانتدب لقتله جماعة من الأكراد، وقتلوه عند المسجد المعروف بمسجد شاشة-بمعجمتين، بينهما ألف، وهو مسجد شمالي زبيد فيما بين القوز الكبير المعروف بالمنظر وما بين زبيد-في رجب من سنة ثمان وتسعين وخمس مائة (1). 2685 - [الخشوعي] (2) أبو طاهر بركات بن إبراهيم المعروف بالخشوعي. سمع من ابن الأكفاني وجماعة. وتوفي سنة ثمان وتسعين وخمس مائة (3). 2686 - [لؤلؤ العادلي] (4) لؤلؤ الحاجب العادلي. كان شيخا أرمينيا، من غلمان القصر، فخدم مع صلاح الدين مقدما، وكان ميمون النقيبة، أينما توجه .. نصر وفتح له، وله مواقف حميدة بالسواحل.

(1) في «السلوك» (2/ 536)، و «تحفة الزمن» (2/ 478): توفي سنة (599 هـ‍). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 419)، و «وفيات الأعيان» (1/ 269)، و «العبر» (4/ 302)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 117)، و «مرآة الجنان» (3/ 495)، و «البداية والنهاية» (13/ 39)، و «شذرات الذهب» (6/ 545). (3) في «الوافي بالوفيات» (10/ 117)، و «البداية والنهاية» (13/ 39) توفي سنة (597 هـ‍). (4) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 417)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 384)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 363)، و «العبر» (4/ 304)، و «مرآة الجنان» (3/ 495)، و «شذرات الذهب» (6/ 548).

2687 - [أبو العباس ابن سالم]

ولما قصد جمع من أبطال الفرنج الحرم النبوي في البحر من الكرك والشوبك وعدتهم ثلاث مائة كلّهم أبطال مع طائفة من العرب المرتدة .. سير إليهم طائفة من المجاهدين مقدمهم لؤلؤ المذكور، فلما كانوا بالقرب من المدينة بينهم وبينها يوم .. لقيهم لؤلؤ في جمعه، فبذل الأموال للعرب، فخامروا معه، وذلت الفرنج، واعتصموا بجبل، فترجل لؤلؤ وصعد إليهم بالناس في تسعة أنفس، فهابوا وسلموا أنفسهم، فقيدهم كلهم وكان قد استعد قيودا بعددهم كأنه موقن بالنصر، وقدم بهم مصر، وكان يوما مشهورا. ثم كبر لؤلؤ وترك الخدمة، وكان يتصدق كل يوم باثني عشر ألف رغيف وعدة قدور، ويضعف ذلك في رمضان. توفي سنة ثمان وتسعين وخمس مائة. 2687 - [أبو العباس ابن سالم] (1) أحمد بن محمد بن سالم أبو العباس. كان فقيها ظريفا، خيرا، شاعرا فصيحا، وكان فيه خفة، فسمي لأجلها المخف، وكان يمدح أقيال اليمن ويأخذ جوائزهم. يروى أنه قدم المخادر على الشيخ عبد الله بن سعد بن ناجي، فلما استأذن .. قال له الرسول: إن الشيخ في حافة الحريم، فكتب في رقعة: [من مخلع البسيط] يقبح بالسيد الكريم … يقعد في حافة الحريم والوفد في الباب في انتظار … نظامه غير مستقيم ثم ختم الورقة وقال للخادم: إذا خرج الشيخ .. فأعطه الورقة، وسار من فوره إلى مقصده، فلما وقف الشيخ على الورقة .. عرف خطه، وشق عليه ذلك، فركب في أثره حتى أدركه بعد جهد جهيد، فأعاده، واعتذر إليه وأحسن إليه. ويحكى أنه ترك شيئا من كتبه عند مشايخ بني عمران في قلعة سير، فلما استعادها .. وجد الفأر قد عبث بها عبثا شديدا فقال: [من الوافر] مديح الفأر خير من هجاه … رجا شيئا فأدرك ما رجاه

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 212)، و «السلوك» (1/ 435)، و «العطايا السنية» (ص 228)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 152)، و «تحفة الزمن» (1/ 357).

وأعطي ما أراد وما تمنى … وأحظى الخلق من يعطى مناه بدار الشيخ أسعد حيث كانت … أكيتبتي وقد عظموا وتاهوا وقالوا قط ليس لنا مراح … من المحراب فهو لنا بناه إذا ما الهر وافى فرد يوم … أغاروا كلهم وجروا وراه فولى وهو في وجل شديد … ولم يلفت وأعطاهم قفاه جيوش لو أقام لهم قليلا … لطاح وأطعموه إذا خراه ولما قويت شوكة الإسماعيلية بانتقال المعز إسماعيل بن العزيز طغتكين بن أيوب إلى مذهبهم .. ألزموه بأن يلزم الخطباء يقعوا في الشيخين رضي الله عنهما في قطر اليمن، فقال: لا طاقة لي بالسواد الأعظم، قالوا: فليكن في جامع جبلة، فقال: لا أستطيع، ولا آمن هجوم العامة، فقالوا: فمر الخطيب يسقط ذكرهما من الخطبة، فساعدهم على ذلك، وألزم الخطيب إسقاط ذكرهما رضي الله عنهما، وكان القضاء يومئذ في أهل عرشان، فشق ذلك عليهم، وتحيروا بين الإقدام والإحجام، فقدم عليهم الفقيه أحمد المذكور وقال: لا تتعبوا أنفسكم، إذا التزمتم لي بقضاء ديني وسداد فاقتي .. كفيتكم أمر هذا الخطب المهم، فالتزموا له ذلك، فلما حضر وقت يوم الجمعة وقد بكر الإسماعيلية واجتمعوا من كل ناحية ليسمعوا إسقاط الشيخين من الخطبة .. فصعد الفقيه أحمد المنبر، وخطب خطبة بليغة، فلما صلّى على النبي صلّى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية .. قال: واعلموا رحمكم الله أن ذكر الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولعن باغضهما ليس شرطا في صحة الخطبة، وقد حصل لي ببركتهما كذا وكذا من المال، وكذا وكذا من الطعام، فعلى مبغضهما لعنة الله ولعنة اللاعنين، فشق ذلك على الإسماعيلية وقالوا: ذكرهما بأحسن ما يذكران به، ثم لم يرض إلا سبنا، فألزموا بأمر الخطيب أن يبقى على حاله الأول، وعادته المتقدمة، فقال: قد كنت خاشيا عليكم وعلى الخطيب أن تقع العامة بكم وبه، وأمر الخطيب أن يبقى على حالته الأولى. قال الجندي: (وقد سمعت أن الخطيب الذي خطب رجل من صهبان يقال له: الصبح) اهـ‍ (1) ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه أحمد المذكور، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في أيام المعز، وتوفي المعز سنة ثمان وتسعين وخمس مائة.

(1) «السلوك» (1/ 437).

2688 - [ابن الزكي]

2688 - [ابن الزكي] (1) أبو المعالي محمد بن القاضي زكي الدين علي بن القاضي منتجب الدين محمد بن يحيى القرشي الشافعي. مذكور في الأصل. ولد سنة خمسين وخمس مائة كما في الأصل. ولما فتح السلطان صلاح الدين قلعة حلب .. أنشده المذكور قصيدة من جملتها: [من البسيط] وفتحك القلعة الشهباء في صفر … مبشر بفتوح القدس في رجب فكان كذلك، فتح القدس بعد ذلك بمدة سابع وعشرين رجب، فقيل له: من أين أخذت ذلك؟ فقال: من تفسير ابن برّجان. وهو أول من خطب ببيت المقدس عند فتحه. توفي سنة ثمان وتسعين وخمس مائة. 2689 - [ابن أبي جمرة الفقيه] (2) محمد بن أحمد الأموي المرسي المالكي، أحد أئمة المذهب. عرض «المدونة» على والده، وأجاز له الكبار، وأفتى ستين سنة، وولي قضاء مرسية وشاطبة، وصنف التصانيف. وتوفي سنة تسع وتسعين وخمس مائة. 2690 - [غياث الدين الغوري] (3) غياث الدين أبو الفتح محمد، سلطان غزنة.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 429)، و «وفيات الأعيان» (4/ 229)، و «العبر» (4/ 305)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 169)، و «مرآة الجنان» (3/ 495)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 157)، و «البداية والنهاية» (13/ 40)، و «شذرات الذهب» (6/ 548). (2) «سير أعلام النبلاء» (21/ 398)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 410)، و «العبر» (4/ 309)، و «مرآة الجنان» (3/ 496)، و «شذرات الذهب» (6/ 556)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 393). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 189)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 471)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 320)، و «العبر» (4/ 308)، و «مرآة الجنان» (3/ 496)، و «البداية والنهاية» (13/ 42)، و «شذرات الذهب» (6/ 556).

2691 - [البرهان الحنفي]

كان ملكا جليلا عادلا، محببا إلى رعيته، كثير المعروف والصدقات، تفرد بالملك بعد أخيه السلطان شهاب الدين. وتوفي سنة تسع وتسعين وخمس مائة. 2691 - [البرهان الحنفي] (1) أبو الموفق مسعود بن شجاع المعروف بالبرهان الحنفي الإمام العلامة. درس في النورية والخاتونية، وكان صدرا معظما، مفتيا، رأسا في المذهب، وكان لا تغسل له فرجية بل يهبها ويلبس جديدة. توفي سنة تسع وتسعين وخمس مائة. 2692 - [ابن نجيّة الحنبلي] (2) أبو الحسن علي بن إبراهيم الأنصاري الدمشقي الحنبلي الواعظ. كان من رءوس العلماء. وتوفي سنة تسع وتسعين وخمس مائة. 2693 - [أحمد المساميري] (3) أحمد بن عباس المساميري الربعي، نسبة إلى ربيعة بن نزار. كان عالما كبير القدر، كثير المحفوظات، نحويا لغويا، متفننا، متقللا من الدنيا، من أقران أبي الخير بن منصور الشماخي، وكان كثيرا ما يقول: أبو الخير أكثر مني كتبا، وأنا أكثر منه علما.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 458)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 418)، و «العبر» (4/ 310)، و «مرآة الجنان» (3/ 496)، و «الجواهر المضية» (3/ 467)، و «تاج التراجم» (ص 302)، و «شذرات الذهب» (6/ 558). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 463)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 393)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 398)، و «العبر» (4/ 307)، و «مرآة الجنان» (3/ 496)، و «البداية والنهاية» (13/ 43)، و «شذرات الذهب» (6/ 554). (3) «السلوك» (2/ 374)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 91)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 324)، و «تحفة الزمن» (2/ 305).

2694 - [علم الدين الشاتاني]

وكان شاعرا فصيحا، وجلّ شعره مما يحث على مكارم الأخلاق، وعلو الهمة، وشرف النفس، ومنه: [من البسيط] لا يطلب العلم إلا الحر ذو الكرم … أو من له حسب الآباء والشيم ولوذعيّ أبيّ سيد فطن … معقّل يقظ مستقبل الفهم أما ذوو الضدّ ممن قد ذكرتهم … فالعيش عندهم من أشرف الهمم أف لهم ولدنياهم وما جمعوا … وحبّذا الجهبذ النقاد للكلم كل امرئ راسب في العلم عنصره … فإنه في اقتباس العلم ذو قرم عليك بالعلم إن العلم مجلبة … للفضل مدحرة للنقص والسدم وعدّ عما ترى من ثروة الوخم … فعيشه مثل عيش الشاء والنعم ولم يتأهل بامرأة قط إلى أن توفي في المحرم سنة تسع وتسعين وخمس مائة (1). 2694 - [علم الدين الشاتاني] (2) الحسن بن سعيد علم الدين الشاتاني كتثنية شاة مرفوعا. كان فقيها، وغلب عليه الشعر، وأجاد فيه واشتهر به. وأقبل عليه الوزير ابن هبيرة وأكرمه. أثنى عليه العماد الكاتب في «الخريدة» (3). وله قصيدة مدح بها صلاح الدين بن أيوب أولها: [من الطويل] أرى النصر معقودا برايتك الصفرا … فسر واملك الدنيا فأنت بها أحرى يمينك فيها اليمن واليسر في اليسرى … فبشرى لمن يرجو الندى بهما بشرى توفي سنة تسع وتسعين وخمس مائة (4).

(1) في «السلوك» (2/ 375)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 92)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 324) توفي سنة (699 هـ‍)، وفي «تحفة الزمن» (2/ 305): توفي سنة (799 هـ‍). (2) «خريدة القصر» (17/ 361)، و «وفيات الأعيان» (2/ 113)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 28)، و «مرآة الجنان» (3/ 496)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 61). (3) انظر «خريدة القصر» (17/ 364). (4) في «الوافي بالوفيات» (12/ 28) و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 62): توفي سنة (579 هـ‍).

2695 - [الشيخ القرشي]

2695 - [الشيخ القرشي] (1) الشيخ الصالح الولي الشهير أبو عبد الله محمد بن إبراهيم القرشي الهاشمي، قدس الله روحه. كان من أكابر الأولياء والعلماء، وقد اعتنى تلميذه أبو العباس أحمد بن علي القسطلاني بجمع كلامه وكراماته في بعض مصنفاته. ومن كراماته قال: عطشت بمنى، فوجدت أعاجم يستقون الماء من بئر، فقلت لأحدهم: ضع لي في هذه الركوة ماء، فضربني، ورمى بالركوة بعيدا، فمضيت لآخذها وأنا منكسر النفس، فوجدتها في بركة ماء حلو، فاستقيت، وجئت بها أصحابي فشربوا، وأعلمتهم بالقضية، فمضوا إلى المكان ليستقوا منه، فلم يجدوا ماء ولا أثرا، فعلمت أنها آية. توفي سنة تسع وتسعين وخمس مائة. 2696 - [الركن الطاوسي] (2) أبو الفضل محمد بن محمد بن محمد بن العراقي القزويني ركن الدين المعروف بالطاوسي-قيل: نسبة إلى طاوس بن كيسان التابعي-الإمام العلامة الحنفي. كان إماما فاضلا، مناظرا محجاجا في علم الخلاف، ماهرا فيه، اشتغل على الشيخ رضي الدين النيسابوري صاحب «الطريقة» في الخلاف، وبرّز فيه، وصنف ثلاث تعليقات في الخلاف: «مختصرة» و «مبسوطة» و «متوسطة»، وهو خير الطريقتين؛ لأن فقهها أكثر، وفيها فوائد جمة، وأجمع عليه الطلبة بمدينة همذان. وبنى له جمال الدين صاحب همذان مدرسة تعرف بالحاجبية. ومات سنة ست مائة.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 468)، و «وفيات الأعيان» (4/ 305)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 409)، و «العبر» (4/ 309)، و «مرآة الجنان» (3/ 496)، و «شذرات الذهب» (6/ 556). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 258)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 353)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 464)، و «العبر» (4/ 313)، و «مرآة الجنان» (3/ 498)، و «البداية والنهاية» (13/ 48)، و «شذرات الذهب» (6/ 563).

2697 - [أبو الفتوح العجلي]

2697 - [أبو الفتوح العجلي] (1) أسعد بن محمود بن خلف الأصبهاني الشافعي الواعظ، المعروف بأبي الفتوح العجلي، نسبة إلى بني عجل-بكسر العين المهملة، وسكون الجيم-ابن لجيم-بضم اللام، وفتح الجيم-أبو قبيلة معروفة في العرب. كان من الفقهاء الفضلاء، الموصوفين بالعلم والزهد، مشهورا بالعبادة والنسك والقناعة، لا يأكل إلا من كسب يده، وكان يورق ويبيع ما يتقوت به، وكان واعظا، ثم ترك الوعظ، وألف كتاب «آفات الوعاظ». سمع ببلده الحديث على جماعة، منهم الحافظ إسماعيل بن محمد بن الفضل، وأبو الوفاء غانم بن أحمد الجلودي وغيرهما، ووفد بغداد، وسمع بها من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي، وله إجازة حدث بها عن أبي القاسم زاهر بن طاهر، وأبي الفتح إسماعيل بن الفضل الإخشيذ وغيرهما، وعاد إلى بلده، وتبحر ومهر واشتهر، وصنف عدة تصانيف، منها: شرح مشكلات «الوسيط» و «الوجيز» للغزالي وله «تتمة التتمة» للمتولي، وعليه كان الاعتماد في الفتوى بأصبهان. توفي سنة ست مائة. 2698 - [ابن الشيخ عبد القادر] (2) عبد الرزاق بن الشيخ القطب عبد القادر بن أبي صالح الجيلي. أسمعه أبوه عن أبي الفضل الأرموي، وطبقته، ثم سمعه بنفسه. وكان حافظا عارفا. توفي سنة ست مائة (3).

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 204)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 10)، و «وفيات الأعيان» (1/ 208)، و «العبر» (4/ 311)، و «مرآة الجنان» (3/ 498)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 126)، و «البداية والنهاية» (13/ 47)، و «شذرات الذهب» (6/ 560). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 116)، و «العبر» (5/ 6)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1385)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 408)، و «مرآة الجنان» (3/ 500)، و «البداية والنهاية» (13/ 55)، و «شذرات الذهب» (7/ 18). (3) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 500)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (603 هـ‍)، وقد ذكره المصنف رحمه الله تعالى في حوادث تلك السنة، انظر (5/ 89).

2699 - [عبد الغني المقدسي]

2699 - [عبد الغني المقدسي] (1) عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي الحافظ الكبير. سمع بدمشق والإسكندرية وبغداد وأصبهان، وصنف التصانيف المفيدة، وإليه انتهى حفظ الحديث متنا وإسنادا ومعرفة مع الورع والعبادة، والتمسك بالأثر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد ألف الحافظ الملقب بالضياء جزءا في سيرته رحمه الله. توفي سنة ست مائة. 2700 - [فاطمة بنت سعد] (2) فاطمة بنت سعد الخير بن محمد أم عبد الكريم بن أبي حسن الأنصاري كذا في «تاريخ اليافعي» وذكرها في سنة ست مائة (3). 2701 - [عمر الكبيبي] (4) عمر بن محمد الكبيبي بضم الكاف، وفتح الموحدة، وسكون المثناة من تحت، وكسر الموحدة الثانية، ثم ياء النسب (5). كان فقيها فاضلا، تفقه بشيوخ الحصيب، وولي قضاء عدن سنة ثمانين وخمس مائة. وتوفي على رأس الست مائة. كذا في «الخزرجي» أنه ولي قضاء عدن سنة ثمانين وخمس مائة، وتقدم في هذه

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 17)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 442)، و «العبر» (4/ 313)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1372)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 29)، و «مرآة الجنان» (3/ 499)، و «البداية والنهاية» (13/ 46)، و «حسن المحاضرة» (1/ 304)، و «شذرات الذهب» (6/ 561). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 14)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 469)، و «العبر» (4/ 314)، و «مرآة الجنان» (3/ 500)، و «شذرات الذهب» (6/ 564). (3) انظر «مرآة الجنان» (3/ 500). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 224)، و «السلوك» (1/ 465)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 451)، و «تحفة الزمن» (1/ 377)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 180). (5) وفي «طبقات فقهاء اليمن» (ص 224): (الكثيبي).

2702 - [فضل المليكي]

العشرين في ترجمة القاضي أحمد بن عبد الله القريظي أنه ولي القضاء بعدن أربعين سنة، وانفصل عنه سنة إحدى وثمانين وخمس مائة، وولي القضاء بعده عبد الوهاب بن علي المالكي من قبل القاضي الأثير (1)، فكأن ولاية القاضي أحمد أربعين سنة لم تكن متوالية، بل تخللها ولاية الكبيبي، ولم تطل مدة ولاية الكبيبي أيضا، والله أعلم. 2702 - [فضل المليكي] (2) فضل بن أسعد بن حمير بن جعفر بن أبي سالم المليكي ثم الحميري. قال الجندي: (قدم والده أسعد من ردمان، وسكن موضعا من دلال، وكان ميلاد ابنه فضل هنالك في صفر سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة) (3). وأخذ عن الإمام محمد بن سالم الأصبحي المذكور في العشرين قبل هذه (4). أثنى عليه ابن سمرة ثناء مرضيا قال: (وهو فقيه مجود، ارتحل إليه الأصحاب؛ رغبة في علمه وكرمه) (5). ولم أتحقق تاريخ وفاته، والله سبحانه أعلم (6). 2703 - [محمد بن طاهر العمراني] (7) محمد بن الفقيه طاهر بن الإمام يحيى بن أبي الخير بن أسعد العمراني. ولد سنة ست وأربعين وخمس مائة.

(1) انظر (4/ 327). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 214)، و «السلوك» (1/ 357)، و «العطايا السنية» (ص 534)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 13)، و «تحفة الزمن» (1/ 285)، و «هجر العلم» (4/ 2133). (3) «السلوك» (1/ 357). (4) انظر (4/ 280). (5) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 214). (6) في «العطايا السنية» (ص 534)، و «هجر العلم» (4/ 2133): توفي لعشر خلون من المحرم سنة (595). (7) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 189)، و «السلوك» (1/ 377)، و «العطايا السنية» (ص 555)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 197)، و «تحفة الزمن» (1/ 304)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 220)، و «هجر العلم» (4/ 2071).

2704 - [محمد الحضرمي]

وتفقه بأبيه طاهر، وارتحل مع أبيه إلى مكة، فأخذ بها عن جماعة، وأخذ بها «سيرة ابن هشام» عن عمر بن عبد الحميد. وكان فقيها فاضلا، عالما عاملا، مجودا، أحد المشار إليهم في الفقه والدين والدراية، وإليه انتهت الرئاسة بعد أبيه. وولي قضاء عدن، فأخذ عنه بها جماعة من أهلها وغيرهم، وكان أهل عدن يقولون: ما دخل الثغر أحفظ منه، ولا أجود في النقل بعد جده منه. توفي على رأس ست مائة، وقيل: توفي لبضع عشرة وست مائة. 2704 - [محمد الحضرمي] (1) محمد بن عبد الله الحضرمي، أصل بلده تريم، قرية قديمة بحضر موت. وتفقه المذكور بالإمام يحيى بن أبي الخير العمراني، وعنه أخذ الحديث. وكان فقيها فاضلا محققا، عارفا بالفقه والأدب، والحديث واللغة وغير ذلك. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 2705 - [علي بن علوي باعلوي] (2) علي بن علوي بن محمد بن علوي بن عبيد [الله]-ويقال له: عبد الله أيضا-ابن أحمد بن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. قال الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي في كتابه «البرقة في لبس الخرقة»: (كان ممن خصه الله بسره، ونوّر بصيرته، ذكره الأئمة في طبقاتهم وتواريخهم وأثنوا عليه ثناء جميلا. قال: وكان إذا قال في صلاة أو غيرها وهو في بلده تريم أو غيرها: السلام عليك أيها

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 203)، و «السلوك» (1/ 350)، و «العطايا السنية» (ص 557)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 211)، و «تحفة الزمن» (1/ 278). (2) «السلوك» (2/ 463)، و «الجوهر الشفاف» (1/ 56)، و «البرقة المشيقة» (ص 137)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 169)، و «المشرع الروي» (2/ 230).

2706 - [محمد بن علي باعلوي]

النبي ورحمة الله وبركاته .. سمع جواب النبي صلّى الله عليه وسلم مخاطبا له: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته) (1). وكذلك ذكر أيضا هذه الحكاية الخطيب في كتابه «الجوهر الشفاف» (2). قال الخطيب: (وروينا أن بعض الموتى قبر إلى جنب قبر الشيخ علي بن علوي المذكور، فلما أدخل قبره .. فزع منه، فقيل له: أتفزع وأنت إلى جنب علي بن علوي خالع قسم؟ ! وكان الشيخ علي بن علوي المذكور هو الذي خلع نخل قسم آل باعلوي رضي الله عنهم) (3). ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة، والله سبحانه أعلم. 2706 - [محمد بن علي باعلوي] (4) محمد بن علي بن علوي بن محمد بن علوي بن عبيد [الله]-ويقال له أيضا: عبد الله- ابن أحمد بن عيسى، ولد المذكور قبله علي بن علوي. قال الشريف علي بن أبي بكر في كتابه «البرقة»: (كان إماما، متفننا في جميع أجناس العلوم، واحد عصره في العلم والعمل، وحيد وقته في الورع والزهد والصلاح، قال: وانتشرت علومه بجهات اليمن وحضر موت وظفار. قال: وهو من كبار مشايخ الشيخ سعد بن علي، والشيخ علي بن عبد الله الظفاريان. وكان في الكرم والجود بحرا زاخرا. انتقل آخر عمره إلى ظفار، وتوفي بها، وقبره هنالك مشهورا بإفاضة البركات، واستجابة الدعوات) اهـ‍ (5) وقال الخطيب في «الجوهر الشفاف»: (سمعت الشيخ الصالح محمد بن حسن المعلم بن أبي علوي رحمه الله يقول: كان الشيخ محمد بن علي ينفق على خلق كثير، فوفد

(1) «البرقة المشيقة» (ص 137). (2) انظر «الجوهر الشفاف» (1/ 56). (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 57). (4) «السلوك» (2/ 463)، و «الجوهر الشفاف» (1/ 57)، و «البرقة المشيقة» (ص 137)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 172)، و «المشرع الروي» (1/ 198). (5) «البرقة المشيقة» (ص 137).

2707 - [عبد الله بن أبي الفتوح]

عليه جملة من الضيفان، فقال لأهله: اصنعوا لهم طعاما، فقالوا: ما عندنا طعام ولا دقيق، فقال لهم الشيخ: اجمعوا التخامير، واخبزوها، وكانوا يبقون في أواني الرهى وهو دقيق الذرة، في كل واحد من الأواني شيئا يسيرا يسمونه: التخمور، وجمعه تخامير؛ ليخمر به الفطير الذي يضعونه فيها، قال: فجمعوا التخامير وخبزوها، فأملت سبع جفان خبزا من كثرة الأواني التي يضعون فيها الرهى لأجل الضيفان. قال: وكان وفاته بظفار الأولى، وهي مرباط، وقبره بها معروف يزار ويتبرك به) اهـ‍ (1) ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان في هذه المائة يقينا. 2707 - [عبد الله بن أبي الفتوح] (2) عبد الله بن أبي الفتوح الحرازي. كان شاعرا فصيحا، بليغا متنزها. قال عمارة: اجتمعت به غير مرة في الكدراء وفي زبيد عند القائد إسحاق بن مرزوق، قال: ومن شعره: [من الطويل] أنالتك أيام الزمان المطالبا … وأعلتك أبراج النجوم المناكبا وصاغت لك الأفلاك في دورانها … لبانات مجدود وساقت مآربا فكن واهبا للنيّرين ردافه … ودع عنك أملاك البرية جانبا ولم أقف على تاريخ وفاته، وذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه المائة يقينا، والله أعلم. 2708 - [إسماعيل القريظي] (3) إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الله بن أبي سالم القريظي أبو الفداء الخطيب، خطيب عدن. كان فقيها فاضلا، وخطيبا كاملا، معدودا من أفاضل العلماء. توفي على رأس الست مائة.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 57). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 141). (3) «العطايا السنية» (ص 264)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 208)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 18).

2709 - [محمد بن زيد القاضي]

2709 - [محمد بن زيد القاضي] (1) محمد بن زيد بن عبد الله بن حسان بن محمد بن زيد. كان فقيها عارفا، هاجر في فتنة ابن مهدي من الجند إلى مكة، واستوطنها عشر سنين؛ من سنة أربع وسبعين وخمس مائة إلى سنة أربع وثمانين. وكان مولده في سنة تسع وعشرين وخمس مائة. قال ابن سمرة: (ولزمت مجلسه ثلاث سنين غير قليل، فأخذت عنه العربية وشيئا في الفقه، وانتفعت به، فجزاه الله خيرا) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين، وأبوه كان قاضيا ووزيرا للأمير أحمد بن منصور بن المفضل، ثم تغلّب على حصن تعز مدة حتى سلمه هو وصبر إلى عبد النبي بن مهدي كما قد بيناه في العشرين قبل هذه (3). 2710 - [عبد الله ابن فليح] (4) عبد الله بن محمد بن جعفر بن فليح. كان فقيها فاضلا، صالحا مباركا، حسن السيرة، وكان له بجبل صبر أرض يزدرعها، فبورك له فيها. قال الجندي: وتوفي في المائة السادسة. 2711 - [أبو بكر ابن مسعود] (5) أبو بكر بن عبد الله بن مسعود.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 233)، و «السلوك» (1/ 407)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 441)، و «تحفة الزمن» (1/ 331). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 233). (3) انظر (4/ 239). (4) «السلوك» (2/ 58)، و «العطايا السنية» (ص 383)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 154)، و «تحفة الزمن» (1/ 415). (5) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 205)، و «السلوك» (1/ 351)، و «العطايا السنية» (ص 392)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 158)، و «تحفة الزمن» (1/ 278).

2712 - [عبد الله الفرسي]

تفقه بعبد الله ومحمد ابني سالم الأصبحيان، ودرس بالجبال. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته؛ تبعا لشيخه عبد الله بن سالم. وكذلك أبوه عبد الله بن مسعود كان فقيها فاضلا مجودا، تفقه بالمليكي، والسلالي، قال ابن سمرة: (وأخذ عن الإمام-أظنه-يحيى بن أبي الخير العمراني) (1). ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 2712 - [عبد الله الفرسي] (2) عبد الله بن منصور بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن علي بن محمد الفرسي-بفاء مضمومة، ثم راء ساكنة، ثم سين مهملة-من الفرس، جبل من العجم. كان فقيها عالما، يسكن قرية التريبة من وادي زبيد، وكان من أتراب الفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي. ولم أقف على تاريخ وفاته، والظاهر أنه في أواخر هذه المائة، أو أوائل التي بعدها (3). 2713 - [ابن أبي رازام] (4) عثمان بن أبي رازام أبو عمرو. كان من فقهاء الجند، كان فقيها فاضلا، عالما عارفا تفقه به ابنه وغيره. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا (5).

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 205). (2) «السلوك» (2/ 28)، و «العطايا السنية» (ص 383)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 158)، و «تحفة الزمن» (1/ 390)، و «هجر العلم» (1/ 253). (3) في «العطايا السنية» (ص 383): (توفي لبضع وثمانين وست مائة). (4) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 218)، و «السلوك» (1/ 338)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 185)، و «تحفة الزمن» (1/ 267). (5) وفي «طبقات فقهاء اليمن» (ص 218): (ومات نحو السبعين وخمس مائة).

2714 - [عثمان ابن الصريدح]

2714 - [عثمان ابن الصريدح] (1) عثمان بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن الفقيه عبد الله بن أحمد الصريدح الذي ذكره ابن سمرة (2). تفقه بعبد الله بن عيسى الهرمي. وعنه أخذ الفقيه علي بن عمر بن عجيل. وبنو الصريدح جميعا يسكنون قرية المدالهة، قرية مشهورة في ذؤال. ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه عثمان المذكور، وغالب الظن أنه كان في هذه المائة، أو في التي بعدها. 2715 - [علي الجشيبي] (3) علي بن إسماعيل بن إبراهيم بن حديق أبو الحسن السكسكي الجشيبي-بالجيم المفتوحة، والشين المعجمة-أصل بلده أتحم بفتح الهمزة، وسكون المثناة فوق، وفتح الحاء المهملة، ثم ميم. خرج هو وإخوته من بلدهم لأمر يوجب الخروج، فسكن الفقيه علي المذكور قناذر- بضم القاف، وفتح النون، وبعد الألف ذال معجمة مكسورة، ثم راء-قرية من أعمال الجند، وسكن أخوه الفقيه إبراهيم بن إسماعيل الآتي ذكره قريبا سودة (4)، من ناحية الجند أيضا. كان الفقيه علي المذكور فقيها مجودا. ولم أتحقق تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا؛ فإن ابنه الفقيه عبد الرحمن الآتي ذكره في العشرين الثالثة من المائة السابعة ولد سنة تسعين وست مائة (5).

(1) «السلوك» (2/ 372)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 195)، و «تحفة الزمن» (2/ 287)، و «هجر العلم» (4/ 1982). (2) انظر «طبقات فقهاء اليمن» (ص 245). (3) «السلوك» (2/ 95)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 234)، و «تحفة الزمن» (1/ 436)، و «هجر العلم» (3/ 1763). (4) صاحب الترجمة التي بعد هذه. (5) انظر (5/ 238).

2716 - [إبراهيم الجشيبي]

2716 - [إبراهيم الجشيبي] (1) إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن حديق بن إسحاق-أخو المذكور قبله-أبو إسحاق السكسكي ثم الجشيبي، نسبة إلى جشيب-بفتح الجيم، وكسر الشين المعجمة، ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم موحدة-رجل من السكاسك، ويقال لأولاده: الأجشوب، وهو بطن كبير من السكاسك، أصل بلده أتحم بفتح الهمزة، وسكون المثناة من فوق، وفتح الحاء المهملة، ثم ميم. خرج الفقيه إبراهيم من بلده المذكورة هو وثلاثة من إخوته فسكنوا أكمة سودة من ناحية الجند، فأدرك الفقيه سلمان (2)، فأخذ عنه، ثم طلع إلى ذي أشرق، فأخذ عن علي بن أبي بكر بن الإمام، وعن القاضي مسعود، ثم سار إلى ناحية جبأ بملازمة من الشيخ يحيى بن إسحاق ليقرئ ابنه أبا بكر بن يحيى بن إسحاق. وبه تفقه الفقيه أبو بكر بن يحيى بن إسحاق، والإمام بطال بن أحمد الركبي. وحضر السماع على سيف السنة في مسجد الجند. وكان فقيها بارعا، محققا، حاز بجبإ رئاسة الفقه والفتوى. وتوفي بقرية الحصاة من أعمال جبأ. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته بعد أخيه، والله أعلم. 2717 - [عمرو التباعي] (3) عمرو (4) -بفتح العين-ابن حمير بن عبد الحميد التباعي ثم السحولي المخادري. كان فقيها دينا خيرا، عابدا زاهدا، ملازما للسنة، كثير الحج، وربما جاور بمكة.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 231)، و «السلوك» (1/ 388)، و «العطايا السنية» (ص 155)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 15)، و «تحفة الزمن» (1/ 313)، و «هجر العلم» (1/ 298). (2) كذا في «طراز أعلام الزمن» (1/ 15)، وفي باقي المصادر: (سليمان). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 237)، و «السلوك» (1/ 341)، و «العطايا السنية» (ص 491)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 462)، و «العقد الثمين» (6/ 372)، و «تحفة الزمن» (1/ 269)، و «هجر العلم» (4/ 1971). (4) في «السلوك» (1/ 341)، و «تحفة الزمن» (1/ 269)، و «هجر العلم» (4/ 1971): (عمر).

2718 - [علي التباعي]

أخذ عن محمد بن مفلح العجيبي كتب الغزالي الفروعية، فقيل له: اقرأ مصنفاته في الأصول، فقال شعرا: [من الوافر] أحب فروعه وألح فيها … وأكره ما يصنّف في الأصول لأن مقاله فيه مقال … لأرباب الشريعة والعقول فلست بخائض ما عشت فيها … لأسلم ثمّ من خطر الدخول أدين بأصل أحمد طول عمري … ولست إلى سواه بمستميل قال الجندي: (أخبرت أنه مات بمكة في آخر المائة السادسة) (1). 2718 - [علي التباعي] (2) علي بن أبي بكر أبو الحسن التباعي. تفقه بابن سحارة، وبابن عمه عمرو بن حمير المذكور قبله. وكان فقيها عالما، صالحا زاهدا عابدا، غلب عليه العبادة والنسك، وقصد للزيارة من البعد، وبلده المخادر. يحكى أن الفقيه سفيان الأبيني قدم إليه المخادر، فخرج أهل القرية في لقائه، ولم يخرج الفقيه علي، فسأل عنه الفقيه سفيان، فقيل له: بلغه أنك تقول بالرقص مع الصوفية وهو يكره ذلك، فوقف الفقيه سفيان عن السير، وكان بالناس حاجة شديدة إلى المطر وقال: خيّروا الفقيه عليا بين أن يتلقانا وعلينا حصول المطر بإذن الله، أو يقف في بيته ونحن نصله وعليه حصول المطر، فلما بلغ الفقيه عليا ذلك .. بكى، وخرج مسرعا للقاء الفقيه سفيان، فلما تلاقيا .. تسالما واعتنقا وبكيا، ولم يسيرا غير قليل حتى وقع المطر عليهم كأفواه القرب. وحكى الجندي عن بعض مؤذني المخادر قال: أصابني وجع في صدري أتعبني، فألهمت زيارة الفقيه، والدعاء إلى الله تعالى عند تربته، والتوسل به إلى الله تعالى في حصول العافية، فنمت عقب ذلك، فرأيت في نومي الفقيه، فسألته أن يمسح على

(1) «السلوك» (1/ 341). (2) «السلوك» (2/ 182)، و «العطايا السنية» (ص 462)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 235)، و «تحفة الزمن» (1/ 494)، و «طبقات الخواص» (ص 211)، و «هجر العلم» (4/ 1970).

2719 - [محمد بن أحمد التباعي]

صدري، وأخبرته أن غرضي زيارته، فقال: مرحبا بك، فلما أصبحت .. غدوت إلى تربة الفقيه، فوجدت في شجرة من شجر الرمان التي عند قبره حبة رمان ولم يكن ذلك وقت الرمان، فأخذتها، فلما رجعت إلى البيت .. كسرتها، فوجدتها حلوة والعادة أن حمل ذلك الشجر يكون حامضا، فلما أكلت الحبة .. كانت سبب الشفاء بعون الله (1). وتوفي بالمخادر، وقبره في مقبرتها المعروفة بالمسدارة-بكسر الميم، وسكون السين، وفتح الدال المهملتين، ثم ألف، ثم راء مفتوحة، ثم هاء-وهي من التّرب المشهورة بالبركة. يحكى أن بعض الصالحين رأى النبي صلّى الله عليه وسلم وهو في طرفها يزور وجماعة يسألونه الشفاعة، فقال صلّى الله عليه وسلم: هذه خاتمي ذمام على أهل المسدارة من النار، ولما استفاض ذلك .. لم يكد أحد من أهل القرية يحب أن يقبر إلا فيها. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة شيخه وابن عمه عمرو بن حمير. 2719 - [محمد بن أحمد التباعي] (2) محمد بن أحمد بن علي بن أبي بكر التباعي، حفيد الفقيه علي المذكور قبله. كان فقيها فاضلا. تزوج بابنة أخي الفقيه عمر بن سعيد العقيبي، وسكن معها إلى أن توفي بذي عقيب. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته بعد جده علي. 2720 - [علي بن أبي بكر العلوي] (3) علي بن أبي بكر بن محمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل أبو الحسن العلوي الفقيه الحنفي، وهو جد الفقهاء العلويين بزبيد، وينتمون إلى علي راشد بن بولان بن سحارة بن غالب بن عبد الله بن عك (4).

(1) انظر «السلوك» (2/ 183). (2) «السلوك» (2/ 185)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 236)، و «تحفة الزمن» (1/ 496)، و «هجر العلم» (4/ 1971). (3) «السلوك» (2/ 48)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 244)، و «تحفة الزمن» (1/ 406). (4) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 244)، وفي باقي المصادر: (عبس).

2721 - [علي بن زيد الفائشي]

كان المذكور فقيها عارفا، محققا، جليل القدر. تفقه به جماعة من أصحاب أبي حنيفة، منهم الشريف عثمان بن عتيق الحسني الآتي ذكره في أول المائة التي بعد هذه (1). ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه علي، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا. 2721 - [علي بن زيد الفائشي] (2) علي بن الإمام زيد بن الحسن الفائشي، وتقدم بقية نسبه في ترجمة أبيه في العشرين الثانية من هذه المائة (3). تفقه المذكور بأبيه، ثم أكمل تفقهه بالإمام يحيى بن أبي الخير صاحب «البيان»، وهو معدود في أصحابه. وكان فقيها فاضلا، عارفا كاملا، والفقهاء الفائشيون قضاة حرض من ذريته، وخلفه ابن له يسمى: محمد بن علي، كان فقيها. ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه علي، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 2722 - [علي بن سالم العبيدي] (4) علي بن سالم بن عتاب (5) بن فضل بن مسعود العبيدي-بفتح العين، وكسر الموحدة- نسبة إلى جدّ له، ويقال له أيضا: العميدي-بالميم بدل الموحدة-نسبة إلى وادي عميد، موضع على نصف مرحلة من الجند. قال الفقيه عمارة: يسكن بقرية من قرى وادي عميد يقال لها: الظفير بفتح الظاء المشالة، وكسر الفاء، وسكون المثناة تحت، ثم راء.

(1) انظر (5/ 66). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 199)، و «السلوك» (1/ 343)، و «العطايا السنية» (ص 448)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 283)، و «تحفة الزمن» (1/ 272)، و «هجر العلم» (1/ 390). (3) انظر (4/ 97). (4) «السلوك» (1/ 377)، و «العطايا السنية» (ص 453)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 283)، و «تحفة الزمن» (1/ 305)، و «طبقات الخواص» (ص 215). (5) في «السلوك» (1/ 377): (عيان)، وفي «العطايا السنية» (ص 453): (غياث).

كان فقيها عارفا، مشهورا بالعبادة والصلاح واستجابة الدعاء، يقصد من أنحاء اليمن للتبرك به وطلب الدعاء. وعنه أخذ الفقيه سفيان الأبيني. قال الجندي: (وأخبرني شيخي أبو الحسن علي بن أحمد الأصبحي أنه ثبت له بنقل صحيح أن هذا الفقيه كان إذا قام لورده في الليل .. تضيء الغرفة كأن فيها شمعا يوقد، فيأتي الناس ويقفون يدعون حول بيته، يدعون الله، فلا يلبثون أن يجدوا أمارة القبول، وأن بعض الفقهاء زاره وبات عنده، فلما قام الفقيه لورده .. أضاءت الغرفة، فقال الزائر: لعل هذا من الشيطان، وقرأ شيئا من القرآن، فازداد الضوء حتى رأى الزائر نملة تمشي على جدار البيت. قال: وأخبرني الثقة من أهل العلم والدين أنه ثبت له عن هذا الفقيه: أن رجلا من أصحابه كان مشهورا بالأمانة والديانة، وكان الناس يودعونه أموالهم، فمات فجأة ولم يعرف أين ترك الودائع، فكاد أهل الودائع يمنعون من قبرانه، وخرج ولده وامرأته من البيت، واستخفيا عند بعض المعارف، ثم إن المرأة أرسلت ولدها إلى الفقيه المذكور تخبره بصورة الحال، فقدم الولد إلى الفقيه، وأخبره أنه ابن فلان، وأنه توفي فجأة، وأنه لم يعلم أين وضع ودائع الناس، وأن أصحاب الودائع ملازموننا بها، فاسترجع الفقيه وترحم على والده، ثم التقط حصاة بيضاء من الأرض وقال للصبي: اعرف هذه الحصاة، فإذا عدت .. فادخل البيت أنت ووالدتك سرا، فحيث تجدان هذه الحصاة من البيت، فاحفر ذلك الموضع، ثم إن الفقيه رمى بالحصاة نحو بيت الرجل، فعاد الولد إلى أمه وأخبرها بما كان من أمر الفقيه، فقالت: يا بني؛ قد عرفت من الفقيه أمور كثيرة أعظم من هذا، فلما كان الليل .. تسللوا ودخلوا البيت سرا ومعهم مصباح ومحفر، فرأت المرأة في البيت حصاة بيضاء كما وصف لها ابنها، فقالت: يا بني؛ هل تعرف الحصاة التي أراكها الفقيه؟ قال: نعم، فأرته الحصاة، فقال: هي والله هذه، فحفرا الموضع الذي كانت الحصاة فيه، فأخرجا ظرفا فيه ودائع الناس، كل وداعة مكتوب عليها اسم صاحبها، وما كان له لم يكتب عليه شيء، فلما أصبح الصبح .. دعا الصبي من كان في القرية من أهل الوداعة، وسأله عن أمارة ما هو له، فكل من تكلم بأمارة وداعته .. أعطاه، ثم وصل الباقون من البعد وأخذوا أموالهم.

2723 - [علي ابن أبي النهى]

قال الجندي: وكانت وفاته آخر المائة السادسة تقريبا) (1)، والله أعلم. 2723 - [علي ابن أبي النهى] (2) علي بن الفقيه عمر بن الحسين بن أبي النهى. كان مشهورا بكمال العبادة والصلاح. يحكى أن أباه الفقيه عمر المقدم ذكره في العشرين قبل هذه (3) كانت له امرأة غير أم ولده هذا، وكانت تكره الولد، وتشكو على أبيه منه كثيرا، ثم إنها أسمعت الولد يوما ما يكرهه وضيقت صدره، فكسر الإناء الذي فيه طحينهم وخرج عن البيت، وكان أبوه غائبا عن البيت، فلما دخل البيت .. أخبرته بفعل ولده، فخرج مغضبا إلى الجامع، وأمر الدّرسة بالطهارة والاجتماع لقراءة (يس) والدعاء بذهاب الولد، فقال بعضهم: المصلحة أن يدعى له بالهداية، فاستصوب الفقيه والحاضرون رأيه، فقرءوا (يس) بهذه النية، ودعوا بذلك، فاستجاب الله دعاءهم، فأقبل الولد على طلب العلم والعبادة، ولزم مقصورة جامع إب، واعتكف فيها، وكان غالب أكله أصول الأشجار، يقتلعها وييبسها ويدقها، ثم يستفها. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي. روى الجندي بسنده إلى الإمام محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف رحمه الله قال: كنا يوما وقوفا في الحرم؛ يعني: المكي شرفه الله، فسمعنا هاتفا من الهواء يقول: إن لله وليا يسمى: عليّ بن عمر، مات في الإقليم الأخضر من مخلاف جعفر، فصلوا عليه، قال: فصلينا عليه، ثم أرخت ذلك، حتى أتى أهل المخلاف، فسألتهم عمن مات في ذلك التاريخ، فقالوا: رجل يقال له: علي بن عمر، من أهل إب، ثم ذكروه بخير، فعلمت أنه المعني، ونبتت على قبره شجرة سدر يتبرك الناس بها، ويأخذ أصحاب الحمى من ورقها يطلون به رءوسهم فيبرءون من الحمى، واستفاض ذلك في جهات كثيرة، حتى كان يؤتى له من الأماكن البعيدة، ويعتمد عليه في الأمراض الشديدة، فاتفق أن وقع قتال بين أهل إب

(1) «السلوك» (1/ 378). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 212)، و «السلوك» (1/ 355)، و «العطايا السنية» (ص 450)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 406)، و «تحفة الزمن» (1/ 284)، و «طبقات الخواص» (ص 218). (3) انظر (4/ 249).

2724 - [كافور التقوي]

وبين باديتهم في بعض الأعياد على جاري عادتهم، انتصر فيه أهل البادية، ولم يطيقوا دخول المدينة، فقال بعض جهلتهم: اقصدوا بنا هذه الشجرة التي يعبدونها، فلنعقرها عليهم، فلا ينتفعون بها، فنهاهم بعض عقّالهم فلم ينتهوا، وأسرع بعض الجهال إليها بفأس فأسقطها، فأنف أهل المدينة، واجتمعوا وخرجوا، فهزموا أهل البادية، وقتلوا منهم طائفة، وكان عاقر الشجرة أول مقتول. قال الجندي: وتعرف تربته بتربة من سمع النداء بالصلاة عليه في الحرم ولم ير المنادي) (1). ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 2724 - [كافور التقوي] (2) أبو المسك كافور التقوي (3) الملقب: مجير الدين، أحد حكام الملك العزيز سيف الإسلام طغتكين بن أيوب. كان يتعانى القراءة، ومحبة أهلها، ومجالسة العلماء، وحسن الظن بهم. وكان شيخا في الحديث، أخذ عنه جماعة من العلماء، وابتنى بمغربة تعز المدرسة المعروفة بالمجيرية. وتوفي بتعز، وقبر بها قبلي قرية المحاريب. قال الجندي: وقبره معروف، يزار ويتبرك به، ولم أقف على تاريخ وفاته. 2725 - [علي بن رسول] (4) أبو الحسن علي بن رسول، واسم رسول: محمد بن هارون بن أبي الفتح بن يوحي بن رستم الغساني، الملقب: شمس الدين، جد ملوك اليمن بني الرسول.

(1) «السلوك» (1/ 357). (2) «السلوك» (2/ 98)، و «العطايا السنية» (ص 533)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 47)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 74)، و «تحفة الزمن» (1/ 439)، و «المدارس الإسلامية» (ص 9). (3) في «السلوك» (2/ 98): (النقي)، وفي «العطايا السنية» (ص 533): (التقي). (4) «العطايا السنية» (ص 441)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 281)، و «الدولة الرسولية في اليمن» (ص 32).

قدم اليمن صحبة سيف الإسلام طغتكين بن أيوب، فجعله أميرا في الجهات الحيسية. وكان أميرا ضخما، شجاعا شهما، عاقلا أديبا، وادعا لبيبا، متنسكا، حسن السيرة، يحب العلماء والصالحين، صحب الفقيه حسن الشيباني، وبشره بمصير الملك في ذريته، وكان يوصيه بالعدل في الرعية أيام ولايته في حيس، وكان يمتثل أمر الفقيه. قال الخزرجي: (توفي في ناحية الخبالي بالمعجمة والموحدة، ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين) اهـ‍ (1) قلت: وقد سنح لي هنا ذكر جماعة من فقهاء حضر موت لم أقف لهم على تراجم، فذكرتهم هنا؛ تبركا بهم نفع الله بهم. قال الشيخ الشريف علي بن أبي بكر باعلوي نفع الله بهم أجمعين: (وفي آل أبا فضل جماعة فضلاء، فقهاء صالحين، متقدمين ومتأخرين، فمن متقدميهم-على ما ذكرهم الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي نفع الله به-: الفقيه الإمام عبد الله بن أحمد فضل، والفقيه الإمام الأوحد محمد بن أحمد فضل، والفقيه الإمام العلامة المحقق فضل بن محمد بن أحمد فضل، وأخوه الإمام سعد بن محمد بن أحمد فضل. قال: ومنهم الشيخ الكبير العارف بالله الشهير أبو العباس فضل بن عبد الله بن فضل، ومنهم الفقيه يحيى بن فضل، ومنهم الفقيه العلامة أبو بكر بن الحاج فضل، ومنهم ابن أخيه عفيف الدين عبد الله بن فضل بن الحاج) انتهى ما ذكره الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي (2). وسيأتي ذكر الفقيه فضل بن محمد بن أحمد فضل وأخيه سعد في العشرين الخامسة من المائة بعد هذه (3). وسيأتي أيضا ذكر الفقيه فضل بن عبد الله بن فضل بن أحمد في العشرين الأولى من المائة التاسعة (4). ومن متأخري آل بافضل: شيخنا العلامة الصالح جمال الدين محمد بن أحمد فضل، وشيخنا الإمام الصالح عفيف الدين عبد الله بن عبد الرحمن بافضل-وأظنه من ذرية الفقيه

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 282). (2) «البرقة المشيقة» (ص 116). (3) انظر (5/ 485). (4) انظر (6/ 365).

أبي بكر بن الحاج فضل الذي ذكره الشيخ محمد بن علي-وأولادهما، وسيأتي ذكر الجميع إن شاء الله تعالى في المائة التاسعة (1). وبقية من ذكره الشيخ علي بن أبي بكر من آل أبي فضل لم أقف لهم على ترجمة، والله سبحانه أعلم. قال الشيخ علي بن أبي بكر نفع الله به: (ومن قدماء فقهاء تريم: الفقهاء بنو حاتم، الأئمة الكاملون، والعلماء المشهورون، الذين منهم الإمام العلامة الأديب اللغوي الفصيح أبو الحسن علي بن محمد بن حاتم، ومنهم شيخه المحقق قاضي القضاة وسيد القراء في عصره أبو بكر يحيى بن سالم أكدر، الذي قال فيه تلميذه الإمام علي بن حاتم لما عاده في مرضه: لا نال جسمك بعدها الأسقام، والشيخ الفقيه شهاب الدين أحمد سالم أكدر. قال: ومنهم الفقيه أبو الحسن علي بن أحمد بن أبي مروان، ومنهم الشيخ الإمام أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن عبيد، صاحب كتاب «الإكمال»، ومنهم الفقيه سعد با عبيد. قال: ومن فقهاء تريم: الفقهاء الأئمة الخطباء آل أبي الحب، الذين منهم: الإمام محمد بن أبي الحب، ووالده، وأعمامه، وإخوانه، وولده، الأئمة الصالحون، والعلماء العاملون. قال: ومن فقهاء تريم أيضا: علي بن يحيى بن ميمون. قال: ومن فقهاء تريم أيضا: الإمام الكبير، والقاضي المبارك الشهير، برهان الدين إبراهيم بن علي بن سالم الخزرجي الأنصاري، عرف بأبي شكيل، ومن فقهاء تريم: السلطان المبارك عبد الله بن راشد. قال: ومنهم: الفقهاء الصلحاء بنو حميد الذين منهم القاضي حافظ با حميد، والفقيه المبارك حميد المؤذن، والسيد الصالح خميس با حميد. قال: ومن فقهاء تريم: آل باعيسى الذين منهم القاضي التقي الورع الزكي شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد باعيسى. قال: ومن فقهاء تريم: آل باماجد الذين منهم: الفقيه الأديب برهان الدين إبراهيم باماجد، وأخوه الفقيه الصالح.

(1) انظر ترجمة محمد بافضل (6/ 530).

قال: ومن فقهاء تريم: الفقيه المفسر أبو بكر بابكير) اهـ‍ (1) وغالب هؤلاء قد ذكروا، أو سيذكرون في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى (2). قال الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي نفع الله به: (وأما فقهاء حضر موت من غير تريم .. فجموع كثيرة، منهم الفقهاء بنو شراحيل، والفقيه أبو بكر با مهرة، والفقيه الإمام محمد بن أبي بكر با عباد، والفقيه برهان الدين بن محمد با هرمز، وغيرهم من فقهاء شبام. -ومن فقهاء الهجرين: الفقيه الإمام المحدث ابن نعمان، والفقهاء بنو عقبة، والفقيه حماد، والفقيه سعيد با بصيل وغيرهم. قال: ومن فقهاء دوعن: الشيخ يوسف بن أحمد باناجه، والشيخ أحمد باحسن، والفقهاء آل با حسين الذين منهم الفقيه الصالح عبد الله با حسين، والفقيه باسالم، والفقيه الزاهد عبد الله بن محمد بن عثمان باعيسى، والإمام الفقيه الهويمل باعكابة وغيرهم. ومن الشحر: الفقهاء بنو السبتي، والفقهاء بنو شكيل، والفقهاء بنو حسان، الذين منهم: القاضي محمد بن سعد شكيل، والإمام أبو بكر السبتي، والفقيه عبد الرحمن السبتي، والإمام عبد الرحمن بن حسان، والفقهاء آل باقحطان الذين منهم وجيه الدين عبد الرحمن بن شجنعة، ومنهم: جمال الدين محمد بن أحمد باهراوة، والفقيه عفيف الدين عبد الله بن أحمد باهراوة، والفقيه عبد الله بن محمد با عشير، والفقيه جمال الدين محمد بن أحمد با عشير، وله قصائد جليلة في مدح الشيخ الجليل عفيف الدين عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن باعلوي نفع الله به) (3). وتقدم ذكر جماعة ممن ذكرهم كالقاضي محمد بن سعد أبي شكيل وغيره (4)، وغالبهم لم يذكر. وممن لم يذكره الشيخ علي بن أبي بكر نفع الله به من شبام: الفقهاء آل أبي مزروع،

(1) «البرقة المشيقة» (ص 116). (2) فمن الذين مرت ترجمتهم: يحيى بن سالم بن أبي أكدر (4/ 189)، وأخوه أحمد (4/ 190)، ومن الذين سترد ترجمتهم: عبد الله بن راشد (5/ 47)، وعلي بن محمد بن أبي حاتم (5/ 48)، ومحمد بن أبي الحب (5/ 44)، وأبو شكيل (5/ 259)، وحافظ با حميد (5/ 144)، وعبد الله بن عبد الرحمن عبيد (5/ 55). (3) «البرقة المشيقة» (ص 118). (4) ترجمة القاضي أبي شكيل ستأتي (6/ 233).

2776 - [محمد بن إبراهيم صاحب العمراني]

والفقهاء آل أبي صهي، ومن الهجرين: الفقهاء المشايخ آل ابن العفيف، والفقهاء آل با عفيف وغيرهم. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. 2776 - [محمد بن إبراهيم صاحب العمراني] (1) محمد بن إبراهيم بن الحسين. ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة. وتفقه بالإمام يحيى بن أبي الخير العمراني، وأخذ «نظام الغريب» عن القاسم بن زيد الفائشي. وكان فقيها فاضلا عارفا. وتفقه به جماعة، منهم: محمد بن مضمون وغيره. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 2727 - [محمد الجماعي] (2) محمد بن أحمد ابن الفقيه الصالح عمر بن إسماعيل بن علقمة الخولاني المعروف بالجماعي. ولد سنة أربع وثلاثين وخمس مائة. وتفقه بعبد الله بن يحيى الصعبي، وأخذ عن الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني، وأحمد بن أسعد بن الهيثم وغيرهما. وكان فقيها نبيها، ماهرا ذاكرا، وإليه انتهت رئاسة بلده خطابة وإمامة، وتدريسا وفتوى، لا تأخذه في الله لومة لائم.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 194)، و «السلوك» (1/ 340)، و «العطايا السنية» (ص 549)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 62)، و «تحفة الزمن» (1/ 269). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 200)، و «السلوك» (1/ 350)، و «العطايا السنية» (ص 55)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 81)، و «تحفة الزمن» (1/ 277)، و «هجر العلم» (2/ 768).

2728 - [محمد بن أحمد شيخ ابن سمرة]

وبه تفقه محمد بن جديل، ومحمد بن كليب البحري ثم الخولاني من أهل سهفنة وغيرهما. وكان مديد القامة، جميل الخلق، فرآه بعض الغز في الجند، فجعل يتعجب من حسن خلقه وبهجته، ثم قال: ما أظن هذا الرجل خليقا إلا من أكل اللحم وشرب الخمر، فلما بلغ الفقيه ذلك .. قال: والله؛ ما أعرف اسم الخمر إلا من الكتب. وهو أحد من حضر سماع «صحيح مسلم» في جامع الجند على الإمام سيف السنة، وسئل سيف السنة إذ ذاك عن رجل اقتطع مال مسلم وحلف عليه، أو فعل شيئا وحلف أنه ما فعله، فأجاب أنه لا شيء على فاعل ذلك غير الكفارة، ووافقه كافة الفقهاء على جوابه إلا محمد بن أحمد المذكور، فلم يوافق. قال ابن سمرة: (فلما فرغ سماعهم للكتاب .. كتب الإمام الإجازة لجميعهم غير محمد بن أحمد المذكور) (1). قال الجندي: (ولا أرى هذا النقل يصح عنه، فلا يظن بسيف السنة أنه بخلافه في مسألة اجتهادية يمتنع من حق وجب عليه! فقد ذهب محمد بن أحمد إلى مذهب مالك، وأراد بذلك حسم مادة المتجرئين على الأيمان؛ فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أجاب مرة بألاّ توبة للقاتل، وأخرى بأن له التوبة، فسئل عن اختلاف جوابه فقال: رأيت في وجه الأول الشر، فخشيت أن أجرئه، وفي وجه الثاني الندم، فخفت أن أقنطه، فينبغي ألاّ يسلك بالجماعي غير هذا المسلك) اهـ‍ (2) 2728 - [محمد بن أحمد شيخ ابن سمرة] (3) محمد بن أحمد بن النعمان. كان فقيها كبير القدر، شهير الذكر، طاف البلاد، ولقي المشايخ، ودخل أصبهان والإسكندرية، فأخذ عن الحافظ أحمد بن محمد السلفي.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 191). (2) «السلوك» (1/ 320). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 221)، و «السلوك» (1/ 464)، و «العطايا السنية» (ص 567)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 88)، و «تحفة الزمن» (1/ 376).

2729 - [محمد بن أسعد الحرازي]

وأخذ عنه بها، وهو أحد مشايخ ابن سمرة. ولم أقف على تاريخ وفاته. 2729 - [محمد بن أسعد الحرازي] (1) محمد بن أسعد. قال الجندي: (نسبه في حراز، وله هناك قرابة يعرفون ببني صالح، وكان المذكور يسكن السّودان بفتح السين المهملة) (2). قرأ على الإمام يحيى العمراني «التنبيه» و «المهذب». وكان فقيها فاضلا، مشهورا. قال: وممن أخذ عنه الإمام علي بن عبد الله بن عيسى بن أيمن الهرمي، وحضر مجلسه، وعلق عنه، وسمع منه كتبا مع عظم حاله وجودة معرفته. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 2730 - [محمد الأحنف] (3) محمد بن إسماعيل المعروف بالأحنف؛ لحنف كان به. ولد سنة تسع وخمس مائة. وتفقه بعبد الله بن عيسى الهرمي، وبالطويري. وكان فقيها فاضلا، محققا مدققا، عالما عاملا، صالحا، جليل القدر، مقصودا للزيارة. ولما وضع شيخه الهرمي السؤالات المشكلة في «المهذب» ولم يجب عليها أحد .. تصدر هو لجوابها، وسماها «ثمرة المهذب».

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 200)، و «السلوك» (1/ 349)، و «العطايا السنية» (ص 549)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 102)، و «تحفة الزمن» (1/ 276). (2) «السلوك» (1/ 349). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 246)، و «السلوك» (1/ 332)، و «العطايا السنية» (ص 545)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 107)، و «تحفة الزمن» (1/ 254).

وكان بينه وبين صاحب «البيان» مراجعات فيما يشكل عليهما. ولما قرأ «الوسيط» على شيخه الهرمي .. قال شيخه: لا أدري أينا انتفع بصاحبه؟ ! ولم أقف على تاريخ وفاته، وخلف ثلاثة أولاد، وهم: أبو بكر، ذكره ابن سمرة، قال: (وكان ترشح للفتوى، وتصدر للسؤال في أيام أبيه) (1)، وإسماعيل، وعبد الله، ذكرهما الجندي وقال: (رأسا في الفقه) (2). وكان الأحنف يسكن قرية الصوّ، من عزلة اللامية بوادي سهام. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 246). (2) «السلوك» (1/ 332).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والثمانون بعد الخمس مائة فيها: نازل صلاح الدين الموصل وكانت قد سارت إلى خدمته ابنة أستاذه الملك نور الدين محمود، زوجة صاحب الموصل عزّ الدين، وخضعت له، فردها خائبة، وحصر الموصل، فبذل أهلها نفوسهم، وقاتلوا أشد قتال، فندم صلاح الدين، وترحل عنها لحصانتها، ثم نزل على ميافارقين، فأخذها بالأمان، ثم رد إلى الموصل، فحاصرها، ثم وقع الصلح على أن يخطبوا له، وأن يكون صاحبها طوعه، وأن يكون لصلاح الدين شهرزور وحصونها، ثم رحل، فمرض مرضا شديدا بحران، حتى سقط شعر رأسه ولحيته، وأرجفوا بموته، ثم منّ الله عليه بالعافية (1). وفيها: هاجت فتنة عظيمة بين التركمان وبين الأكراد في الجزيرة، فقتل من الفريقين خلق لا يحصون (2). وفيها: توفي أبو الطاهر إسماعيل بن مكي المعروف بابن عوف الزهري الإسكندراني المالكي، والشيخ الصالح حياة بن قيس الحراني. وفيها: توفي الفقيه محمد بن زكريا الساكن بالشويرا، والمهذب بن الدهان عبد الله بن أسعد الموصلي، والحافظ عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الإشبيلي المعروف بابن الخراط، والإمام عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد المعروف بالسهيلي، وأبو اليسر شاكر، وعبد الرزاق النجار، وابن شاتيل، وأبو الجيوش عساكر المقرئ، والفضل بن الحسين البانياسي، وعمر الميانشي، وأبو سعد الصائغ، وأبو موسى المديني. *** السنة الثانية والثمانون قال العماد الكاتب: أجمع المنجمون في هذا العلم في جميع البلاد على خراب العالم

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 5)، و «كتاب الروضتين» (3/ 227)، و «العبر» (4/ 241)، و «البداية والنهاية» (12/ 844)، و «شذرات الذهب» (6/ 441). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 11)، و «العبر» (4/ 241)، و «مرآة الجنان» (3/ 419).

السنة الثالثة والثمانون

في شعبان عند اجتماع الكواكب الستة في الميزان بطريان الريح، وخوفوا بذلك ملوك الأعاجم والروم، فشرعوا في حفر مغارات، ونقلوا إليها الماء والزاد، وتهيئوا، فلما كانت الليلة التي عينها المنجمون بمثل ريح عاد ونحن جلوس عند السلطان والشموع توقد .. فلم تتحرك، ولم نر مثلها ليلة في ركودها. اهـ‍ (1) وفيها في يوم عاشوراء: فرش الرماد في أسواق بغداد، وعلقت المسوح، وناح أهل الكرخ، وتعدى الأمر إلى سب الصحابة رضي الله عنهم، وكانوا يصيحون: ما بقي كتمان. وقيل: وقعت فتنة ببغداد بين الرافضة وأهل السنة قتل فيها خلق كثير، وكان ذلك منسوبا إلى الصاحب الملقب بمجد الدين (2). وفي جمادى الآخرة منها: افتتح سيف الإسلام طغتكين بن أيوب حصن حب من اليمن بعد أن حاصره أكثر من سنة، وقتل جميع من كان فيه، ولم يسلم من القتل منهم إلا من لم يعرف، وتزلزل اليمن بأسره في ذلك اليوم (3). وفيها: توفي الإمام أبو محمد عبد الله المقدسي ثم المصري النحوي. *** السنة الثالثة والثمانون فيها: افتتح صلاح الدين الشام فتحا مبينا، وهزم الفرنج، وأسر ملوكهم، وكانوا أربعين ألفا، ونازل القدس وأخذه، وأخذ عكا، ثم جال وافتتح عدة حصون، وعز الإسلام وعلا، ودخل على المسلمين سرور لا يعلمه إلا الله (4). وفيها: قتل الرافضي ابن الصاحب ببغداد. وفيها: توفي القاضي عيسى بن علي، ولاه سيف الإسلام قضاء الجند (5)، والفقيه العامل حسن بن أبي بكر الشيباني. وفيها: قويت نفس السلطان ابن أرسلان، فأرسل إلى بغداد أن يعمر له دار السلطان،

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 19)، و «كتاب الروضتين» (3/ 263)، و «العبر» (4/ 246)، و «البداية والنهاية» (12/ 848)، و «شذرات الذهب» (6/ 449). (2) «تاريخ الإسلام» (41/ 11)، و «العبر» (4/ 247)، و «مرآة الجنان» (3/ 424). (3) «السمط الغالي الثمن» (ص 26)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 22). (4) «العبر» (4/ 248)، و «مرآة الجنان» (3/ 424)، و «شذرات الذهب» (6/ 452). (5) «مرآة الجنان» (3/ 425).

السنة الرابعة والثمانون

وأن يخطبوا له، ويرفع له الشأن، فأمر الناصر بهدم الدار وإخرابها، وأخرج رسوله منها بلا جواب (1). وفيها: توفي شيخ الفتوة عبد الجبار بن يوسف البغدادي، وعبد المغيث بن زهير محدث بغداد وصالحها، والقاضي ابن الدامغاني علي بن أحمد الحنفي، والأمير محمد بن عبد الملك المعروف بابن المقدم، وشيخ الحنابلة نصر بن فتيان، والصاحب هبة الله بن علي، وأبو السعادات القزاز. وفيها: بني مسجد الغريب بحضر موت، وهو أول ما بني في القرية (2). *** السنة الرابعة والثمانون فيها: افتتح الملك العادل أخو السلطان صلاح الدين الكرك بالأمان، سلموها لفرط القحط في رمضان (3). وفيها: توفي الأمير الكبير أسامة بن مرشد الكناني الشيزري، والإمام عبد الرحمن بن محمد بن حبيش الأنصاري، وشيخ الحنفية في زمانه بما وراء النهر عمر بن الإمام شمس الأئمة بكر بن علي، ومحمد بن عبد الرحمن المسعودي شارح «المقامات»، وأبو الفتح بن التعاويذي الشاعر المتقدم ذكره في سنة ثلاث وخمسين، قيل: إنه توفي في هذه السنة، أعني سنة أربع وثمانين، والحافظ محمد بن موسى الحازمي، وقاضي عدن أحمد بن عبد الله القريظي اللحجي. *** السنة الخامسة والثمانون فيها: التقى السلطان صلاح الدين والفرنج في أول شعبان، ثم التقاهم في وسط الشهر أيضا، فانهزم المسلمون، واستشهد منهم جماعة، وثبت السلطان والأبطال، وكروا على

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 44)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 17)، و «العبر» (4/ 248). (2) «تاريخ شنبل» (ص 53)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 98)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 72)، و «تاريخ حضر موت» للحامد (2/ 451). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 59)، و «العبر» (4/ 251)، و «مرآة الجنان» (3/ 427)، و «شذرات الذهب» (6/ 459).

السنة السادسة والثمانون

الفرنج، فوضعوا فيهم السيف حتى جافت الأرض من كثرة القتلى، ونازلت الفرنج عكا، فساق صلاح الدين وضايقهم، وبقوا محاصرين ومحصورين، وبقي الحصار والحالة هذه عشرون شهرا أو أكثر، وجاء الفرنج في البر والبحر، وملئوا السهل والوعر، حتى قيل: إن عدة من جاء منهم بلغت ست مائة ألف (1). وفيها: توفي الإمام أبو سعد عبد الله بن محمد المعروف بابن أبي عصرون، وشيخ الشافعية المبارك بن المبارك بن المبارك، وأبو طالب محمود بن علي التميمي الأصبهاني، ومحمد بن يوسف البحراني الشاعر، ويوسف بن أحمد الحافظ الصوفي. *** السنة السادسة والثمانون فيها: توفي الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله ابن صصرى، وأبو حامد محمد بن محمد بن عبد الله الشهرزوري قاضي القضاة، والحافظ محمد بن عبد الله الفهري الإشبيلي. *** السنة السابعة والثمانون فيها: اشتدت مضايقة الفرنج لعكا، وقلت الأقوات على المسلمين، فسلموها بالأمان (2). وفيها: توفي عبد المنعم بن عبد الله الفراوي، والملك المظفر صاحب حماة عمر بن شاهنشاه بن أيوب، والفقيه محمد بن الموفق الزاهد الصوفي، والحكيم يحيى بن حبش السهروردي، وعبد الرحمن الخرقي. *** السنة الثامنة والثمانون فيها: سار شهاب الدين الغوري صاحب غزنة بجيوشه، فالتقى ملك الهند، فانتصر

(1) «العبر» (4/ 255)، و «مرآة الجنان» (3/ 430)، و «البداية والنهاية» (12/ 863). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 95)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 70)، و «العبر» (4/ 261)، و «مرآة الجنان» (3/ 432)، و «البداية والنهاية» (12/ 874).

السنة التاسعة والثمانون

المسلمون، واستحر القتل بالهنود، وأسر ملكهم، وغنم المسلمون ما لا ينحصر، من ذلك أربعة عشر فيلا (1). وفيها: التقى المسلمون بالشام الفرنج غير مرة، كلها للمسلمين إلا واحدة مقدمها الملك العادل، انهزم المسلمون فيها (2). وفيها: توفي أبو الفضل إسماعيل بن علي الشافعي الفرضي، والإمام مقدم الجيوش علي بن أحمد بن أبي الهيجاء الهكاري، وأبو المرهف نصر بن منصور الشاعر المشهور، وعبد الوهاب بن أبي حبة، وقلج أرسلان بن مسعود صاحب الروم. *** السنة التاسعة والثمانون في شوال منها: قتل شماخ بن روضان، وشماخ بن قلسان، قتلهما بنو مرة بن روي بن مالك بن نهد (3). وفيها: توفي صاحب مكة داود بن عيسى بن فليتة، وسلطان شاه محمود أخو الملك علاء الدين خوارزم شاه ابنا أرسلان الخوارزمي، وسنان بن سليمان الإسماعيلي صاحب حصون الإسماعيلية، والسلطان عزّ الدين مسعود بن مودود صاحب الموصل، والسلطان صلاح الدين الملك الناصر يوسف بن أيوب، وأبو منصور بن عبد السلام. *** السنة الموفية تسعين بعد الخمس مائة فيها: سار بعض ملوك الهند، وقصد بلاد الإسلام، فطلبه شهاب الدين صاحب غزنة، فالتقى الجمعان على نهر ماجون (4). قال ابن الأثير: (وكان مع الهندي سبع مائة فيل، ومن العسكر ألف ألف نفس على

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 115)، و «العبر» (4/ 265)، و «مرآة الجنان» (3/ 437)، و «البداية والنهاية» (12/ 884). (2) «العبر» (4/ 265)، و «مرآة الجنان» (3/ 437). (3) «تاريخ شنبل» (ص 55)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 101). (4) «الكامل في التاريخ» (10/ 132)، و «العبر» (4/ 270)، و «مرآة الجنان» (3/ 466)، و «البداية والنهاية» (13/ 12).

السنة الحادية والتسعون

ما قيل، فصبر الفريقان، وكان النصر لشهاب الدين الغوري، وكثر القتل في الهنود حتى جافت منهم الأرض، وأخذ شهاب الدين تسعين فيلا، وقتل ملكهم، وكان قد شد أسنانه بالذهب، فما عرف إلا بذلك، وكان أكبر ملوك الهند، ودخل بلاده شهاب الدين، وأخذ من خزائنه ألف جمل وأربع مائة جمل، وعاد إلى غزنة، ومن جملة الفيلة فيل أبيض) (1). وفيها: توفي أبو محمد القاسم بن فيرة الشاطبي المقرئ، وأبو الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني القزويني، وأبو شجاع محمد بن علي المعروف بابن الدهان، والشيخ الصالح أبو مدين شعيب بن الحسن المغربي، والشيخ الصالح جاكير الكردي، والسلطان طغريل السلجوقي. *** السنة الحادية والتسعون في تاسع شعبان منها: كانت وقعة الزلاقة بين يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن وبين ملك الفرنج، فدخل يعقوب، وعدى من زقاق سبتة في مائة ألف غير المتطوعة، وأقبل الكافر عدو الله في مائتي ألف وأربعين ألفا، فنصر الله الإسلام وأهله، وانهزم الكلب في عدد يسير، وقتل من الفرنج مائة ألف وستة وأربعون ألفا، حتى زلقت الخيل في الدماء من كثرة القتلى، فسميت بذلك: الزلاقة، وأسر ثلاثون ألفا، وغنم المسلمون غنيمة لم يسمع بمثلها، حتى بيع السيف بنصف درهم، والحصان بخمسة دراهم، والحمار بدرهم (2). قال ابن الأثير: (وكان قد رأى عدو الله عند عزمه للقتال أنه راكب على فيل وبيده دف وهو ينقر به، فسأل معبري بلده، فلم يجد عندهم جوابا، فقيل له: إن في أسرى المسلمين شخص عارف بتعبير الرؤيا، فأحضره، وقص عليه الرؤيا، فقال: هذه يؤخذ تأويلها من القرآن العظيم، ولا أرى لك في التقدم؛ فإنك مهزوم مكسور، فقيل له: من أين أخذت ذلك؟ فقال: من قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، } ومن قوله تعالى: {فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ* فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ* عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ، } فقال له عدو الله: كذبت، مثل هذا الجيش يكسر، لو لاقيت بهذا الجيش جيش محمد

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 126). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 132)، و «العبر» (4/ 275)، و «البداية والنهاية» (13/ 14)، و «شذرات الذهب» (6/ 500).

السنة الثانية والتسعون

الذي فتح به مكة .. لفللته-معنى هذا الكلام-فتقدم على وجهه، فكان من خبره ما ذكرناه) (1). وفيها: سار الملك العزيز ولد صلاح الدين من مصر، فنزل بحوران ليأخذ دمشق من أخيه الأفضل، فأنجد الأفضل عمّه العادل، فرجع العزيز، فتبعاه، فدخل القاضي الفاضل في الصلح بينهم، وأقام العادل بمصر (2). وفيها: أزيلت الإباضية من مسجدهم بشبام (3). وفيها: توفي الإمام عبد الله بن محمد الأندلسي المريّيّ، وذاكر بن كامل، وأبو الحسن الأصفهاني. *** السنة الثانية والتسعون فيها: قدم العزيز دمشق مرة ثالثة ومعه عمه العادل، فحاصرا دمشق، وخامر جند الأفضل عليه، ففتحوا لهما، ودخلا في رجب، وزال ملك الأفضل، ورجع العزيز، وبقي العادل بدمشق، وخطب بها للعزيز قليلا (4). وفيها: اختط سيف الإسلام طغتكين بن أيوب في اليمن مدينة المنصورة قبلي الجند على أميال منها (5). وفيها: توفي الطبيب عبد الله بن علي المعروف بالسديد، والفقيه العالم محمود بن المبارك الواسطي، وأبو الغنائم محمد بن علي الشاعر المشهور بابن المعلم، وأحمد بن طارق، ويوسف بن معالى. ***

(1) ذكر ابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (8/ 308) هذه القصة في وقعة الزلاقة الأولى سنة (579 هـ‍). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 137)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 6)، و «العبر» (4/ 276)، و «مرآة الجنان» (3/ 473). (3) «تاريخ شنبل» (ص 56)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 104)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 73)، و «تاريخ حضر موت» للحامد (2/ 452). (4) «الكامل في التاريخ» (10/ 140)، و «العبر» (4/ 277)، و «مرآة الجنان» (3/ 473)، و «البداية والنهاية» (12/ 16). (5) «السلوك» (2/ 530)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 27)، و «تحفة الزمن» (2/ 474).

السنة الثالثة والتسعون

السنة الثالثة والتسعون فيها: افتتح العادل يافا (1). وفيها: أخذت الفرنج من المسلمين بيروت وهرب أميرها إلى صيدا (2). وفيها: توفي الملك العزيز طغتكين بن أيوب صاحب اليمن، والوزير عبد الله بن يونس البغدادي. وفيها: قتل شجعنة بن راشد لتسع ليال خلت من ربيع الآخر، قتله عبيد يقال لهم: آل أبي مالك بغير علم من أخيه عبد الله بن راشد، فقتلوا، وتولى عبد الله تريم بعده (3). وفي شوال منها: حالفت بنو حارثة ونهد وحضر موت على عبد الله بن راشد بعد إخراجه لابن أحمد بن نعمان من شبام، وملكها، وأخذ مصنعة خورة في رجب (4). *** السنة الرابعة والتسعون فيها: استولى علاء الدين خوارزم شاه على بخارى، وكانت للمعين صاحب الخطا، وجرى له معه خطوب وحروب، ثم انتصر علاء الدين خوارزم، وقتل من الخطا خلقا (5). وفيها: توفي صاحب سنجار عماد الدين زنكي بن مودود، وقوام الدين يحيى بن سعيد الواسطي المعروف بابن الزبادة، والسيد الكبير الحسن بن مسلم، وأبو الفضائل عبد الرحيم الكاغدي، وأبو الخير سلامة الحداد.

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 144)، و «العبر» (4/ 281)، و «مرآة الجنان» (3/ 475)، و «البداية والنهاية» (12/ 19)، و «شذرات الذهب» (6/ 510). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 145)، و «العبر» (4/ 281)، و «مرآة الجنان» (3/ 475)، و «البداية والنهاية» (12/ 19). (3) «تاريخ شنبل» (ص 57)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 105)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 73)، و «تاريخ حضر موت» للحامد (2/ 452). (4) «تاريخ شنبل» (ص 58)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 105)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 74)، و «تاريخ حضر موت» للحامد (2/ 452). (5) «الكامل في التاريخ» (10/ 155)، و «العبر» (4/ 283)، و «مرآة الجنان» (3/ 476)، و «البداية والنهاية» (12/ 22)، و «شذرات الذهب» (6/ 517).

السنة الخامسة والتسعون

وفيها: توفي راشد بن شجعنة بن فهد بن أحمد في المحرم منها، وفي جمادى أخذت نهد السرير (1). *** السنة الخامسة والتسعون فيها: بعث الخليفة خلع السلطنة لخوارزم شاه (2). وفيها: أخرج ابن الجوزي من سجن واسط، وتلقاه الناس، وبقي في المطمورة خمس سنين (3). قال الشيخ عبد الله اليافعي: (وسمعت أن سبب حبسه أنه كان ينكر على الشيخ محيي الدين عبد القادر الجيلاني، وكان بينه وبين ابن الشيخ عداوة بسبب الإنكار، قال: وأخبرني من وقف على كتاب له ينكر على الشيخ محيي الدين عبد القادر الجيلاني) (4). وفيها: قدم فخر الدين الرازي صاحب التصانيف المشهورة إلى هراة، ونال إكراما عظيما من الدولة، فاشتد ذلك على الكرامية، فاجتمع يوما هو والقاضي مجد الدين ابن القدوة وتناظرا، فاستطال فخر الدين على ابن القدوة وشتمه ونال منه، فلما كان من الغد .. جلس ابن عم مجد الدين، فوعظ الناس وقال: {رَبَّنا آمَنّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ، } أيها الناس؛ ما نقول إلا ما صح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأما قول أرسطو، وكفريات ابن سينا، وفلسفة الفارابي .. فلا نعلمها، فلأي شيء يشتم بالأمس شيخ من شيوخ الإسلام يذب عن دين الله؟ ! فبكى، وأبكى الناس، وضجت الكرامية، وثاروا من كل جانب، وحميت الفتنة، فأرسل السلطان الجند وسكنهم، وأمر الرازي بالخروج (5). قال الذهبي: (وفيها أيضا: كانت بدمشق فتنة الحافظ عبد الغني، وكان أمارا

(1) «تاريخ شنبل» (ص 58). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 167)، و «العبر» (4/ 285)، و «مرآة الجنان» (3/ 477). (3) «العبر» (4/ 285)، و «مرآة الجنان» (3/ 477)، و «البداية والنهاية» (12/ 26). (4) «مرآة الجنان» (3/ 477). (5) «الكامل في التاريخ» (10/ 165)، و «العبر» (4/ 285)، و «مرآة الجنان» (3/ 487)، و «البداية والنهاية» (12/ 25)، و «شذرات الذهب» (6/ 521).

السنة السادسة والتسعون

بالمعروف، داعية إلى السنة، فقامت عليه الأشعرية، وأفتوا بقتله، فخرج من دمشق مطرودا) (1). قال الشيخ اليافعي: (هذا كلام الذهبي في القضيتين معا، ومذهب الكرامية والظاهرية معروف) (2). وفيها: مات العزيز صاحب مصر عثمان بن السلطان صلاح الدين. وفيها: ظهر بدمشق شخص، وادعى أنه عيسى ابن مريم، فأضل طائفة، فأفتى العلماء بقتله، فقتل وصلب (3). وفيها: توفي الإمام أبو الوليد محمد بن أحمد القرطبي المعروف بابن رشد، وشيخ الطب محمد بن عبد الملك بن زهر الإيادي الإشبيلي، وصاحب المغرب أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن المنصور الملقب بأمير المؤمنين. وفيها: وقعة الشعبة، وهزيمة شبام من نهد (4). *** السنة السادسة والتسعون فيها: توفي السلطان علاء الدين خوارزم شاه، وتولى بعده ابنه قطب الدين محمد، والعلامة أبو إسحاق إبراهيم بن منصور المصري المعروف بالعراقي شارح «المهذب»، والإمام طاهر بن نصر الله بن جهبل الكلابي، وأبو علي عبد الرحيم بن علي المعروف بالقاضي الفاضل، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي، ومسعود الجمال، ومنصور الطبري. وفيها: كسر النيل من ثلاثة عشر ذراعا إلى ثلاثة أصابع، فاشتد الغلاء، وعدمت الأقوات، وعظم الخطب، إلى أن آل الأمر بهم إلى أكل موتى الآدميين (5).

(1) «العبر» (4/ 286). (2) «مرآة الجنان» (3/ 478). (3) «العبر» (4/ 286)، و «مرآة الجنان» (3/ 479)، و «البداية والنهاية» (12/ 25). (4) «تاريخ شنبل» (ص 59)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 106). (5) «العبر» (4/ 290)، و «مرآة الجنان» (3/ 484)، و «البداية والنهاية» (12/ 28)، و «شذرات الذهب» (6/ 528).

السنة السابعة والتسعون

وفيها: حصر الأفضل والظاهر ابنا صلاح الدين عمهما العادل بدمشق، ثم ارتحلا، فرجع الظاهر إلى حلب، ورجع الأفضل إلى مصر، فساق وراءه العادل، وأدركه عند الغرابي، ثم تقدم عليه، وسبقه إلى مصر، ورجع الأفضل خائبا إلى صرخد-بصاد مهملة، وخاء معجمة، بينهما راء ساكنة-وغلب العادل على مصر وقال: هذا صبي، وقطع خطبته، ثم أحضر ولده الكامل، وسلطنه على الديار المصرية، فلم ينطق أحد من الأمراء، وسهّل له ذلك اشتغال أهل مصر بالقحط (1). وفيها: وصلت القمر وافدين على عبد الله بن راشد، ومستصرخين له على أهل ظفار، فجهز لهم العسكر (2). وفيها: توفي الشهاب الطوسي أبو الفتح بن محمود، والإمام أبو الفتوح عبد المنعم بن عبد الوهاب الحراني، وأبو جعفر القرطبي، وخليل الراراني، وإسماعيل ابن ياسين، وعبد اللطيف ابن أبي سعد. *** السنة السابعة والتسعون فيها: تزايد الجوع والموت بالديار المصرية، ودام ذلك إلى نصف العام الثاني، حتى لو قيل: مات ثلاثة أرباع أهل البلد .. لم يبعد، والذي دخل تحت قلم الحشرية في مدة اثنين وعشرين شهرا مائتا ألف وأحد عشر ألفا بالقاهرة، وهو قليل بالنسبة إلى من هلك بمصر والحواضر وفي البيوت والطرق ومن لم يدفن، وذلك يسير في جنب من هلك بالإقليم، قيل: إنه كان بمصر ست مائة منسج، فلم يبق إلا خمسة عشر منسجا، فقس على هذا، وبلغ الفروج مائة درهم، ثم عدم الدجاج بالكلية لولا ما جلب من الشام، وأما أكل لحم الآدميين .. فشاع، بل تواتر (3). وفي شعبان منها: كانت الزلزلة العظمى التي عمت أكثر الدنيا (4).

(1) «العبر» (4/ 290)، و «مرآة الجنان» (3/ 484)، و «البداية والنهاية» (12/ 27). (2) «تاريخ شنبل» (ص 60). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 181)، و «العبر» (4/ 295)، و «مرآة الجنان» (3/ 488)، و «شذرات الذهب» (6/ 536). (4) «الكامل في التاريخ» (10/ 181)، و «العبر» (4/ 296)، و «مرآة الجنان» (3/ 488)، و «البداية والنهاية» (12/ 34).

السنة الثامنة والتسعون

قال أبو شامة: مات بمصر خلق تحت الهدم، قال: ثم هدمت نابلس، وذكر خسفا عظيما، وأحصى من هلك في هذه السنة، فكان ألف ألف ومائة ألف. وفيها: كرهت الأمراء بمصر العادل، وتطيروا بكعبه، فكاتبوا الأفضل، فأسرع الأفضل إلى حلب، وخرج معه أخوه، واتفقا على أن تكون دمشق للأفضل، ثم يسيرون إلى مصر، فإذا ملكاها .. استقر بها الأفضل، وبقي الشام كلها للظاهر، فنازلوا دمشق وبها المعظم، وقدم أبوه إلى نابلس، فاستمال الأمراء، وأوقع بين الأخوين، وكان من دهاة الملوك، فترحلوا (1). وفيها: كان بخراسان فتن وحروب عظيمة على الملك (2). وفيها: توفي الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي الواعظ، والمقرئ الصالح أبو شجاع بن المقرون البغدادي، والعماد الكاتب محمد بن محمد الأصبهاني، وعمرو بن علي الحربي. *** السنة الثامنة والتسعون فيها: تغلب قتادة بن إدريس الحسني على مكة، وزالت دولة بني فليتة (3). وفيها: أخذت نهد خريف السرير، واختلفوا على الطاعة لعبد الله بن راشد، ونزلوا تريم، ثم غدر بعضهم (4). وفيها: توفي المعز إسماعيل بن طغتكين بن أيوب صاحب اليمن، وبركات بن إبراهيم المعروف بالخشوعي، والحافظ أبو الثناء حماد بن هبة، ولؤلؤ العادلي، والقاضي محيي الدين أبو المعالي محمد بن يحيى القرشي الشافعي. ***

(1) «العبر» (4/ 296)، و «مرآة الجنان» (3/ 489)، و «البداية والنهاية» (12/ 34). (2) «العبر» (4/ 296)، و «مرآة الجنان» (3/ 489). (3) «العبر» (4/ 301)، و «مرآة الجنان» (3/ 494)، و «شذرات الذهب» (6/ 544). (4) «تاريخ شنبل» (ص 62).

السنة التاسعة والتسعون

السنة التاسعة والتسعون فيها: تمكن العادل من المماليك، وأبعد الملك المنصور علي (1) بن العزيز بن صلاح الدين، وأسكنه بمدينة الرها (2). وفيها: رمي بالنجوم كما ذكره جماعة، قال بعضهم: في سلخ المحرم ماجت النجوم، وتطايرت كتطاير الجراد، ودام ذلك إلى الفجر، وانزعج الخلق، وضجوا بالدعاء، قالوا: ولم يعهد مثل ذلك إلا عند ظهور نبينا محمد صلّى الله عليه وسلم (3). وفيها: توفي سلطان غزنة غياث الدين محمد، والقاضي محمد بن أحمد الأموي المرسي المالكي، والإمام مسعود بن شجاع المعروف بالبرهان الحنفي، والإمام أبو الحسن علي بن إبراهيم الأنصاري الحنبلي الواعظ، وعلم الدين الحسن بن سعيد الشاتاني، والشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن إبراهيم القرشي. *** السنة الموفية ست مائة فيها: نزل من السماء رماد أبيض يوما وليلة، وأظلمت الدنيا، وخاف الناس الهلاك، وظهر بعد ذلك رماد أسود، ووقعت زلازل، وحصلت أراجيف كما قاله الجندي، قال: (ومن عجيب ما جرى في ذلك الوقت أنه لما أظلمت الدنيا، واشتدت الظلمة .. كان جماعة من أهل زبيد قد خرجوا من باب الشبارق إلى المحرا هنالك يغتسلون، فلم يمكنهم الرجوع إلى بيوتهم لشدة الظلمة، وكان فيهم رجل أعمى، فقال لهم: من أعطاني منكم زبديا من الطعام .. أو صلته إلى بيته) (4)، فالتزموا له بذلك، فقاد كل واحد منهم إلى بيته، ثم كشف الله ذلك الأمر عنهم بعد يوم وليلة (5).

(1) في «الكامل في التاريخ» (10/ 192)، و «البداية والنهاية» (13/ 42): (محمد). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 192)، و «العبر» (4/ 306)، و «مرآة الجنان» (3/ 495)، و «البداية والنهاية» (13/ 42). (3) «العبر» (4/ 306)، و «مرآة الجنان» (3/ 495)، و «البداية والنهاية» (13/ 41)، و «شذرات الذهب» (6/ 551). (4) «السلوك» (2/ 537). (5) «السمط الغالي الثمن» (ص 110)، و «السلوك» (2/ 536)، و «بهجة الزمن» (ص 136)، و «بغية المستفيد» (ص 85)، و «تحفة الزمن» (2/ 478)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 75).

وفيها: وقعت فتنة بين صاحب الموصل نور الدين، وبين ابن عمه قطب الدين صاحب سنجار، فاستنجد القطب بجاره الملك الأشرف موسى وهو بحرّا، فسار معه، وعمل مصافا مع صاحب الموصل (1). وفيها: أخذت الفرنج فوة، واستباحوها، دخلوا إليها من فم رشيد في النيل، وهي بليدة حسنة (2). وفيها: اختلفت نهد على قسمة حضر موت، [ففرقهم] (3) الله تعالى (4). وفيها: توفي أبو الفضل محمد بن محمد بن محمد العراقي القزويني المعروف بالطاوسي الحنفي، والإمام أبو الفتوح العجلي أسعد بن محمود بن خلف، والحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي، والشيخ الحافظ عبد الرزاق بن الشيخ الكبير عبد القادر الجيلاني، وفاطمة بنت سعد الخير بن محمد، وأبو سعد بن الصفار. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما (5). ***

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 198)، و «العبر» (4/ 311)، و «مرآة الجنان» (3/ 498)، و «البداية والنهاية» (13/ 45). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 203)، و «العبر» (4/ 311)، و «شذرات الذهب» (6/ 560). (3) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ شنبل» (ص 63). (4) «تاريخ شنبل» (ص 63)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 75)، و «تاريخ حضر موت» للحامد (2/ 453). (5) تم الجزء الثاني من تاريخ الشيخ الإمام القاضي أبي محمد محمد الطيب بن عبد الله بن أحمد بامخرمة نفع الله تعالى به، وأعاد علينا من بركة من تضمنه من الصالحين، آمين يا رب العالمين. واتفق الفراغ من زبره ضحوة يوم الأحد ثامن وعشرين من شهر ذي الحجة الحرام آخر شهور السنة الموفية الألف من هجرته عليه أفضل الصلاة والتسليم.

طبقات المائة السابعة

[المجلد الخامس] طبقات المائة السابعة العشرون الأولى من المائة السابعة [الاعلام] 2731 - [أحمد الحربي] (1) أحمد بن سليمان الحربي المحدث المقرئ المفيد. توفي سنة إحدى وست مائة. 2732 - [عبد الرحيم بن محمد] (2) عبد الرحيم بن محمد بن أحمد (3)، الرجل الصالح، نزيل همذان. توفي في سنة إحدى وست مائة. 2733 - [ابن الخصيب] (4) محمد بن الحسين أبو المفضل المقرئ الدمشقي المعروف بابن الخصيب. توفي في سنة إحدى وست مائة. 2734 - [أبو عمرو الهدباني] (5) أبو عمرو [عثمان] بن عيسى الهدباني-بدال مهملة، ثم موحدة [ثم نون] بعد الألف (6)

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 56)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 44)، و «العبر» (5/ 1)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1128)، و «مرآة الجنان» (4/ 2)، و «شذرات الذهب» (7/ 6). (2) «تاريخ الإسلام» (43/ 56)، و «العبر» (5/ 1)، و «مرآة الجنان» (4/ 4)، و «شذرات الذهب» (7/ 7). (3) كذا في «العبر» (5/ 1)، و «شذرات الذهب» (7/ 7)، وفي «تاريخ الإسلام» (43/ 56)، و «مرآة الجنان» (4/ 2): (عبد الرحيم بن محمد بن محمد). (4) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 54)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 442)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 69)، و «العبر» (5/ 2)، و «مرآة الجنان» (4/ 2)، و «لسان الميزان» (7/ 93)، و «شذرات الذهب» (7/ 12). (5) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 90)، و «وفيات الأعيان» (3/ 242)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 476)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 97)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 503)، و «مرآة الجنان» (4/ 3)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 337)، و «البداية والنهاية» (13/ 130)، و «غربال الزمان» (ص 488)، و «شذرات الذهب» (7/ 14). (6) هكذا سيأتي في الحوادث (5/ 88)، وهو كذلك في «تاريخ الإسلام» (43/ 97) و «مرآة الجنان» (4/ 3) -

2735 - [أبو مروان الحضرمي]

-الماراني-براء بين ألفين، ونون بعد الثانية، نسبة إلى ماران-ضياء الدين، مصنف «الاستقصاء لمذاهب الفقهاء» شرح «المهذب». كان من أعلم الفقهاء في وقته بمذهب الإمام الشافعي، قرأ ومهر في فروع المذهب وأصوله، وشرح «المهذب» شرحا لم يسبق إلى مثله في نحو عشرين مجلدا سماه: «الاستقصاء»، وبلغ فيه إلى (الشهادات)، ولم يكمله، وشرح «لمع الشيخ أبي إسحاق الشيرازي» في أصول الفقه شرحا مستوفى في مجلدين وغير ذلك. أنشأ الأمير جمال الدين الهكّاري مدرسة في القاهرة ووقفها عليه، وفوّض تدريسها إليه، ولم يزل بها إلى أن توفي. وفوض إليه السلطان صلاح الدين القضاء بالديار المصرية. وهو في نسبه راجع إلى ابن عبدوس. توفي سنة اثنتين وست مائة بعد أن نيف على الثمانين (1)، ودفن بالقرافة الصغرى. 2735 - [أبو مروان الحضرمي] (2) الإمام العلامة أبو الحسن علي بن أحمد أبو مروان الحضرمي (3)، شيخ الشيخ الفقيه محمد بن علي باعلوي في علم الشريعة، وصاحب الفتاوى العظيمة، والمصنفات المفيدة. لم أقف على تاريخ وفاته، والظاهر أنه توفي في أواخر المائة السادسة، أو أوائل المائة السابعة (4)؛ فإنه لما حلق تلميذه الفقيه محمد بن علي رأسه، وسلك مسلك الصوفية، ولبس الخرقة المدينيّة من الشيخ عبد الله المغربي .. أنكر عليه شيخه أبو الحسن المذكور ذلك وهجره، ولم يزل مهاجرا له إلى أن توفي الفقيه أبو الحسن علي أبو مروان، وذلك في مبادئ تصوف الشيخ الفقيه محمد بن علي، والله سبحانه بحقيقة الأمر أعلم.

= و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 337) و «البداية والنهاية» (13/ 130) و «غربال الزمان» (ص 488)، وفي «وفيات الأعيان» (3/ 242) و «الوافي بالوفيات» (19/ 503) و «شذرات الذهب» (7/ 14): (الهذباني). (1) في «البداية والنهاية» (13/ 130): توفي سنة (622 هـ‍). (2) «السلوك» (2/ 463)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 225)، و «البرقة المشيقة» (ص 97)، و «تاريخ شنبل» (ص 83)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 656). (3) (أبو مروان): هو لقب له، كما نبه عليه في «السلوك» (2/ 463). (4) في «تاريخ شنبل» (ص 83) و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 656): توفي سنة (624 هـ‍).

2736 - [أبو العباس المريني]

2736 - [أبو العباس المريني] (1) أبو العباس أحمد بن إبراهيم المريني المغربي شيخ الشيوخ، الجامع بين الشريعة والحقيقة والطريقة. قال الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي نفع الله به: (وهذا الشيخ أبو العباس من أمثال الشيخ أبي مدين، والشيخ عبد القادر، والشيخ أبي الحسن الشاذلي ونظائرهم، صحبه سفيان اليمني وانتفع به، واستمد من بركات أنفاسه) اه‍ (2) ولم أقف على تاريخ وفاته، وغالب ظني أنه في أواخر المائة السادسة، أو أوائل السابعة، والله سبحانه أعلم. 2737 - [علي بن إسماعيل الحضرمي] (3) علي بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن إسماعيل الحضرمي أبو الحسن، عم الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي المشهور. كان المذكور فقيها محققا مدققا غواصا على دقائق الفقه، كان يرى أن من أوضح موضحتين، ثم رفع الحاجز بينهما-أي: قبل الاندمال-أن عليه خمسة عشر بعيرا أرش ثلاث موضحات، كما لو رفعه أجنبي، ولا يرجع إلى أرش موضحة، فأنكر عليه الفقهاء ذلك، فلم يلتفت إلى إنكارهم، ولم يزل مصرّا على ذلك إلى أن توفي. ثم إن ابن أخيه الفقيه إسماعيل الحضرمي وجد في بعض الشروح وجها في المذهب موافقا لاختيار عمه في المسألة، فكان إذا زار قبره .. قال: أبشرك يا عم؛ أني وجدت بعض أئمة المذهب يقول بقولك. والمذكور جد حضارم زبيد، وأخوه محمد بن إسماعيل جد حضارم الضّحي. ولم أقف على تاريخ وفاته، والظاهر أنه في أوائل هذه المائة، أو في أواخر التي قبلها.

(1) «البرقة المشيقة» (ص 110)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (4/ 147). (2) «البرقة المشيقة» (ص 110). (3) «السلوك» (2/ 334)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 234)، و «تحفة الزمن» (2/ 122)، و «هجر العلم» (3/ 1192).

2738 - [ابن نزيل]

2738 - [ابن نزيل] (1) محمد بن عبد الله بن جعفر بن نزيل-بضم النون، وفتح الزاي، وسكون المثناة تحت، آخره لام-يعرف هو وقومه ببني نزيل، نسبة إلى هذا الجد. قال الجندي: (وهم يرجعون إلى حكم بن سعد العشيرة من مذحج. تفقه المذكور بالإمام يحيى بن أبي الخير العمراني، وكان فقيها كبيرا، وهو أحد شيوخ الفقيه علي بن مسعود الشاوري) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته، وغالب ظني أنه كان في أوائل هذه المائة، أو أواخر التي قبلها. 2739 - [محمد الأكحل] (3) محمد بن أحمد الأكحل؛ لكحل كان بعينه، صاحب مرباط. قال الجندي: (من قوم يقال لهم: المنجويون، من بيت يقال لهم: آل بلخ-بضم الموحدة واللام، وآخره خاء معجمة-ونسبهم في مذحج. وكان أوحد زمانه كرما وحلما وتواضعا. قدم إليه الشاعر التكريتي، ومدحه بالقصيدة اللامية المشهورة التي قال فيها الأدباء: كل شعر يدرس إلا قصيدة التكريتي، فأجازه بمركب جاء له من البلاد، فلما وصل به التكريتي إلى عدن .. قبض عليه واليها، وأرسل به إلى سيف الإسلام طغتكين، فوبّخه على قوله في القصيدة: [من المديد] هو تاج والملوك حذا (4)

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 198)، و «السلوك» (1/ 345)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 210)، و «تحفة الزمن» (1/ 273)، و «هجر العلم» (3/ 1774). (2) «السلوك» (1/ 345). (3) «السلوك» (1/ 456)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 71)، و «تحفة الزمن» (1/ 369)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 194)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 92)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 593). (4) انظر القصيدة بتمامها في «السلوك» (1/ 456)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 94).

فلما علم الأكحل بما اتفق على التكريتي من القبض عليه وعلى ما معه .. أرسل إليه بمركب آخر وقال: يترك له عند بعض عدول البلد ينفقه منه، ويكسوه حتى يأتيه الفرج، فلما بلغ الخبر سيف الإسلام .. تعجب، فقال: يحق لمادح هذا أن يقول ما شاء، وأطلق التكريتي، وأطلق عليه ما أخذ منه. ومما يحكى من كرم هذا السلطان وجميل فعله أن جماعة من أعيان حضرموت قصدوه بهدايا تليق بأحوالهم، وصحبهم فقير، فسمعهم الفقير يذكرون السلطان بالجود والكرم، ويذكر كل منهم ما معه من الهدايا، فاجتنى الفقير ضغثا من الأراك الذي يستاك به عددهم سبعة، وجعلهم حزمة، فلما وصلوا مرباط، ودخلوا على السلطان بهداياهم .. دخل معهم الفقير وسلم، ووضع ما معه من الأراك بين يدي السلطان وأنشد: -[من الوافر] جعلت هديتي لكم سواكا … ولم أقصد به أحدا سواكا بعث إليك ضغثا من أراك … رجا أني أعود وأن أراكا (1) فأمر بأن تخلى لهم بيوت، وللفقير مثلهم، وأرسل للفقير بجاريتين ووصيف يخدمونه مدة إقامته، وكذا كان يفعل لكل ضيف يصله، فلما عزم الفقير على الرجوع إلى بلاده .. أمرهم أن يعطوه من كل شيء في خزائنه سبعة أجزاء؛ أي: مما كان يوزن بالبهار كالحديد والقار يعطى منه سبعة أبهرة، وما يوزن بالمن كالزعفران ونحوه يعطى منه سبعة أمنان، وكذلك ما يباع بالمكيال كيلا والموزون وزنا سبعا سبعا. وبالجملة: فمكارم هذا السلطان المذكور كثيرة. وتوفي على أحسن حال من العفاف والعدل بعد استكمال ست مائة من الهجرة، وقبر بين مرباط وظفار. قال الجندي: وذكر الثقات أن كثيرا ما يسمع من قبره قراءة القرآن، ولم يكن له عقب، ولا في أهله من يتأهل للملك، وكان محمد بن أحمد الحبوضي يتجر له، فقام بالملك بعده) (2).

(1).البيتان نسبهما أبو منصور الثعالبي في «يتيمة الدهر» (4/ 492) إلى أبي سعيد عبد الرحمن بن محمد بن دوست. (2) «السلوك» (1/ 456).

2740 - [أبو الفرج ابن المصوع]

2740 - [أبو الفرج ابن المصوع] (1) أبو الفرج عبد الرحمن بن المصوع، من بيت علم، وغلب عليه الأدب والتجارة مع النسك والعبادة. قال الجندي: (أخبرنا الفقيه محمد بن عمر صنو الفقيه صالح بن عمر البريهي، عن أبيه -وكان ممن طعن في السن-أن عمه قال: أخبرني الفقيه عبد الرحمن بن المصوع: أنه صلّى ذات ليلة العشاء في جماعة المسجد، ثم انقلب إلى أهله، فأتته امرأته وهي متطيبة فطلبها، فاعتذرت عن الإتيان، فتركها ونام قبل أن تأتيه، ثم لم يشعر إلا وهي تكبسه، فاستيقظ وجذبها إليه ليواقعها، فقالت: الآن كما فرغنا، فتشوّش الفقيه من ذلك القول وقام عنها، وأرّخ تلك الليلة، وامتنع من إتيانها وجماعها، فلما كان على انتهاء تسعة أشهر .. وضعت صبيا لم يكن في البلد أكثر شيطنة منه لا سيما في أوقات الصلاة، وكان كثير البول على من حمله خصوصا إذا كان من أهل الصلاة، وقلّ أن يبول إلا في مواضع الصلاة، وكان الفقيه قد عرف قلّ توفيقه وأنه سبقة من الشيطان، ولم يتكلم، فلما صار الصبي يمشي وقد فطم من الرضاع .. تركته أمه في المجلس يلعب والفقيه قائم يصلي الضحى، والولد قبالة طاقة من طيقان المجلس؛ إذ سمع الفقيه شخصا ينادي من الطاقة: يا قدار يا قدار، فأجابه الصبي بكلام فصيح: لبيك لبيك، قال: كيف أنت؟ قال: بخير وعلى خير، يكرمونني ويغذونني غذاء جيدا، فقال له: لا تكن إلا كما أعرف، ولا تتركهم يصلّون على طاهر، ولا تترك لهم ثوبا طاهرا ولا موضعا طاهرا حسبما أشكرك، فقال الصبي: السمع والطاعة، فودّعه الشخص ومضى، ولم يره الفقيه؛ لأنه كان يناجيه من خارج الطاقة، فلما فرغ الفقيه من صلاته .. صاح بالصبي: يا قدار؛ اذهب أذهبك الله، فنفر الصبي كأنه طائر، وخرج من تلك الطاقة التي حدثه الشخص منها، فلما سألت المرأة عن ابنها .. أخبرها الفقيه بقصته، فقالت: لو قلت لي يوم ولدته .. لكنت قتلته، فقال الفقيه: قد كفى الله شره وقلعه. ثم إن الفقيه بعد مدة سنين نزل إلى عدن بفوّة ليبيعها، فلما صار بالمفاليس .. لقيه جباة المكس هنالك وفيهم شاب جميل الخلق، فلما رأى الفقيه .. سلّم عليه سلام معرفة،

(1) «السلوك» (1/ 472)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 74)، و «تحفة الزمن» (1/ 383)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 124).

2741 - [شهاب الدين الغوري]

وأنزله في منزل جيد، وما برح يخدمه ويأمر أصحابه بخدمته ويقول لهم: إنه رجل صالح، فسأل الفقيه عنه، فقيل له: إنه نقيب العشارين، ولا نعرفه عمل خيرا قط إلا معك، فعجب الفقيه من ذلك، ثم سافر إلى عدن وقضى حوائجه، ورجع قافلا إلى بلده، فلما صار بالمفاليس .. لقيه النقيب وأصحابه، فأنزل الفقيه في منزله وأكرمه وتولى القيام بقضاء حوائجه، فقال له الفقيه: يا هذا؛ بم استحققت منك هذه الموالاة؟ فقال: يا سيدي؛ لك علي حقوق كثيرة، أما تعرفني؟ فقال الفقيه: لا والله ما عرفتك. قال: أنا عبدك قدار، ولست أنكر ما يجب لك علي من الحقوق، ولو كنت أعلم أنك تقبل ضيافتي .. لأضفتك، لكنّ معي هذين الزنبيلين، أحب أن تحملهما إلى والدتي، في أحدهما كسوة لها، وفي الآخر طيب، فحملهما الفقيه جبرا لباطنه، فلما وصل إلى بيته .. أخبر زوجته بما جرى له معه، فتعجبت من ذلك، وأوقدت التنور، وألقت فيه الزنبيلين بما فيهما. قال الجندي: وكان وجود هذا الفقيه في صدر المائة السابعة) (1)، والله سبحانه أعلم. 2741 - [شهاب الدين الغوري] (2) السلطان [محمد بن سام] أبو المظفر شهاب الدين الغوري، صاحب غزنة. كان ملكا جليلا مجاهدا واسع المملكة، افتتح جملة من بلاد الهند، حسن السيرة، وهو الذي وعظه الإمام فخر الدين الرازي فقال: يا سلطان العالم؛ لا سلطانك يبقى، ولا تلبيس الرازي يخفى، فانتحب السلطان باكيا. قتلته الإسماعيلية قبحهم الله بعد قفوله من غزو الهند في سنة اثنتين وست مائة.

(1) «السلوك» (1/ 472). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 84)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 322)، و «دول الإسلام» (2/ 109)، و «العبر» (5/ 4)، و «مرآة الجنان» (4/ 3)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 60)، و «البداية والنهاية» (13/ 51)، و «غربال الزمان» (ص 488)، و «شذرات الذهب» (7/ 14).

2742 - [دحمل الصهباني]

2742 - [دحمل الصهباني] (1) الشيخ الصالح دحمل-بفتح الدال وسكون الحاء المهملتين، وفتح الميم، ثم لام- الصوفي الصّهباني. كان رجلا ناسكا متعبدا مشهورا بالصلاح، يغلب عليه الوله، ويظهر للناس أن في عقله ضعفا، كان يأتي منابر الجوامع فيضربها بيده أو بعصا ويقول: يا حمار الكذابين. يقال: إنه وصل إلى قضاة عرشان في شفاعة، فلم يقبلوا منه، وكانوا على كمال من الدنيا، فرآهم في عجب عظيم، فخرج من عرشان مغضبا، فلما سار منها خطوات .. التفت إليها وقال: اهلكي عرشان، فلم يلبثوا غير يسير حتى زال عنهم القضاء إلى القاضي مسعود، كما ذكرناه في ترجمة القاضي أحمد العرشاني. ولما أراد سيف الإسلام طغتكين بن أيوب أن يشتري أراضي أهل اليمن بأسرها، ويجعلها في الديوان .. اجتمع جماعة من السادة المشايخ ومنهم الشيخ دحمل المذكور، واتفق رأيهم على أن يدخلوا مسجدا ولا يخرجوا منه حتى تنقضي الحاجة، فدخلوا بعض المساجد وأقاموا فيه ثلاثة أيام يصومون النهار، ويقومون الليل، ويدعون الله أن يدفع عنهم ما أراده سيف الإسلام، فلما كان في الليلة الثالثة .. خرج بعضهم-يقال: إنه الشيخ دحمل -فنادى بأعلى صوته: يا سلطان السماء؛ أنصفنا من سلطان الأرض، ثم قال: قضيت الحاجة والمعبود؛ فإني سمعت قارئا يقرأ: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ}، فتوفي سيف الإسلام في صبح تلك الليلة. ولم يزل الشيخ دحمل على السيرة المرضية إلى أن توفي بعد ست مائة. وقيل: كانت وفاته في دولة المنصور رحمه الله ونفع به آمين. 2743 - [حمزة بن علي] (2) أبو يعلى حمزة بن علي بن حمزة البغدادي المقرئ.

(1) «السلوك» (530/ 2 - 534)، «طراز أعلام الزمن» (1/ 415)، و «تحفة الزمن» (2/ 477)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (4/ 288)، و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 67). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 92)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 441)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 86)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1130)، و «العبر» (5/ 4)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 177)، و «مرآة الجنان» (4/ 3)، و «شذرات الذهب» (7/ 13).

2744 - [أبو السجاد الفرساني]

كان خيّرا زاهدا، بصيرا بالقراءات، حاذقا فيها. توفي سنة اثنتين وست مائة. 2744 - [أبو السجاد الفرساني] (1) بكر بن عمر بن يحيى أبو السجّاد الفرساني، التغلبي نسبا. كان فقيها كبيرا، عارفا ورعا زاهدا، تفقه بجبا. قال الجندي: (وأظنه أدرك أبا بكر بن يحيى بن إسحاق. ولما أتم تفقهه .. رجع إلى بلده موزع-وكان قومه قد اغتصبوا أرض موزع-فشق عليه وجود الطعام الحلال، وكان يجتلبه من الأماكن البعيدة، فلما طال عليه الأمر .. قصد موضعا مباحا لا يتصور أنه كان مملوكا لأحد من الناس، فعمره وازدرعه لنفسه، فكان يحصل منه ما يقوم بعائلته ودرسته والواردين إليه، وكان من أكبر أهل زمانه علما وعملا، سالكا طريق السلف. وله كرامات كثيرة، منها: ما ذكره الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل، وكان كثيرا ما يعظمه ويعدد فضائله، وذكر: أنه أوتي الاسم الأعظم، وأوتي خصيصة من خصائص الأنبياء وهي: أنه متى قعد على الأرض للبراز .. انفتحت له، وابتلعت ما خرج منه، فإذا قام .. التأمت. قال الجندي: وقد ذكر ذلك القاضي عياض في حق نبينا صلّى الله عليه وسلم فيما جمع من خصائصه عليه الصلاة والسلام. ويحكى: أن شخصا كان يحفظ زرع الفقيه، وكان لا يزال متعمما بخرق يلف بها رأسه، فخرج الفقيه يوما إلى الزرع، فوجده نائما وقد زالت عمامته عن رأسه، وإذا رأسه عظم لا جلد عليه، فتعجب الفقيه من انكشاف عظم رأسه، ثم أيقظه، فقام دهشا، فستر رأسه بتلك الخرق، فقال له الفقيه: لا بأس عليك، وهوّن عليه الحال، وسأله عن سبب ذلك فقال: كنت من أولاد زبيد المسرفين على أنفسهم، وكنت أنبش القبور، وأبيع أكفان الموتى، فتوفيت بنت لأحد التجار، وسمعت أنها كفنت بكفن نفيس، فنبشت قبرها ليلا،

(1) «السلوك» (2/ 387)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 258)، و «تحفة الزمن» (2/ 352)، و «هجر العلم» (4/ 2151).

2745 - [أبو الحسن الصوري]

فلما أن فتحت اللحد .. إذ بيد خرجت منه، فاختطفت جلدة رأسي التي رأيت، فقلت: يس يس، وتعوذت، فقالت: يا قليل التوفيق؛ أما آن لك [أن] تخشى الله وترعوي عن فعلك؟ ! فقلت مجيبا، ولا أعرف ممن يصدر الكلام: أنا التائب إلى الله، ولست أرى شخصا، فقالت: إن صدقت توبتك .. لم يضرك شيء، فاذهب وتب إلى الله تعالى، فذهبت [إلى] بيتي، وسترت حالي من أهلي وغيرهم، ومنّ الله علي بالعافية، فخرجت من زبيد، وساقني القدر إليك. قال الجندي: هذا ما ذكره قدماء القرية، وذكر غيرهم أنه حين قال: يس .. قال له قائل: أنا تبارك، لو كنت يس .. لأخذت جميع رأسك. قال: وبلغني أن رجلا نبش قبرا، فلما فتح اللحد .. خرجت منه يد قلعت إحدى عينيه، فقال: يس، فسمع قائلا يقول: أنا تبارك، لو كنت يس .. لقلعت عينيك معا. ولو لم يكن من كرامات الفقيه إلا فتح طريق مكة [لكفى]، وكان قد ضعف الحج وبطل حتى عميت الطريق، وقلّ عارفوها، فلم يزل الفقيه يسافر بالقافلة عدة سنين. فلما توفي الفقيه .. سافر بالقافلة بعده الفقيه عمر بن الأكسع المعروف بالعلم، ثم سافر بها الفقيه أحمد بن موسى عجيل وذريته من بعده، ثم بعد بني عجيل الشيخ عمر البركاني، ثم بعض أولاد البركاني المذكور. قال الجندي: وتوفي الفقيه بكر المذكور في صدر المائة السابعة بموزع، وقبره يمنى القرية مشهور، يتبرك به ويزار) (1). 2745 - [أبو الحسن الصوري] (2) أبو الحسن علي بن فاضل الصوري المصري الحافظ. كتب الكثير، وأكثر عن السّلفي، وسمع بمصر من الشريف الخطيب، وقرأ القراءات على القاضي. وتوفي سنة ثلاث وست مائة.

(1) «السلوك» (2/ 387). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 99)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 123)، و «العبر» (5/ 6)، و «مرآة الجنان» (4/ 4)، و «حسن المحاضرة» (1/ 305)، و «شذرات الذهب» (7/ 20).

2746 - [ابن النطروني]

2746 - [ابن النطروني] (1) أبو الفضل ابن النطروني عبد المنعم بن عبد العزيز بن أبي بكر بن عبد المؤمن العبدري الإسكندري. قدم بغداد وأقام بها، ومدح القاضي الإمام الناصر بعدة قصائد، وكان مالكيا أديبا. توفي سنة ثلاث وست مائة. ومن شعره: [من البسيط] يا ساحر الطّرف ليلي ما له سحر … وقد أضرّ بجفني بعدك السهر يكفيك مني إشارات بعين ضنى … لم يبق مني به عين ولا أثر ما صور الله هذا الحسن في بشر … وكان يمكن ألا تعبد الصور ومنها: [من البسيط] ما حرّموا غير وصلي في محرّمهم … وحال في صفر ما بيننا السفر وا حرّ قلباه إن لم يدن لي وطن … عمّا قليل وإن لم يقض لي وطر (2) كذا وجدته بخط الإمام محمد بن أبي بكر بن محمد بن الخياط. 2747 - [محمد القرشي] (3) محمد بن معمر القرشي الأصبهاني. كان يتعصّب لأبي العلاء المعري، ويطرب إذا قرئ عليه شعره؛ للجامع بينهما من العمى والأدب. توفي سنة ثلاث وست مائة مذكور في الأصل.

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 251)، و «ذيل تاريخ بغداد» لابن النجار (16/ 88)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 220)، و «فوات الوفيات» (2/ 405). (2) انظر القصيدة بتمامها في «الوافي بالوفيات» (19/ 220)، و «ذيل تاريخ بغداد» لابن النجار (16/ 89). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 104)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 428)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 130)، و «العبر» (5/ 7)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1386)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 44)، و «مرآة الجنان» (4/ 4)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 104)، و «شذرات الذهب» (7/ 21).

2748 - [أبو العباس الرعيني]

2748 - [أبو العباس الرعيني] (1) أبو العباس أحمد بن محمد الرعيني الإشبيلي المقرئ. كان من الأدب والزهد بمكان. توفي سنة أربع وست مائة. 2749 - [أبو ذر الجياني] (2) أبو ذر مصعب بن محمد الجياني النحوي اللغوي، صاحب التصانيف، وحامل لواء العربية بالأندلس. ولي خطابة إشبيلية مدة، ثم قضاء جيان، ثم تحول إلى فاس، وبعد صيته، وسارت الركبان بفضائله. توفي سنة أربع وست مائة. 2750 - [سالم بن بصري] (3) سالم بن بصري بن عبيد [الله]-ويقال له: عبد الله أيضا-ابن أحمد بن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. وبصري المذكور هو أخو علوي [بن عبيد الله] بن أحمد بن عيسى، جد الأشراف آل أبي علوي. وبصري هو جد سالم صاحب الترجمة، لا أبوه كما ذكره الشريف علي بن أبي بكر والخطيب عبد الرحمن (4)، والظاهر أنه جد أعلى (5).

(1) «تاريخ الإسلام» (43/ 139)، و «العبر» (5/ 9)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1136)، و «مرآة الجنان» (4/ 5)، و «شذرات الذهب» (7/ 23). (2) «سير أعلام النبلاء» (21/ 477)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 163)، و «العبر» (5/ 11)، و «مرآة الجنان» (4/ 5)، و «بغية الوعاة» (2/ 287)، و «شذرات الذهب» (7/ 27). (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 58)، و «البرقة المشيقة» (ص 67)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 148)، و (ص 464)، و «شمس الظهيرة» (1/ 61)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 476)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 99)، و «أدوار التاريخ الحضرمي» (1/ 199). (4) «البرقة المشيقة» (ص 67)، و «الجوهر الشفاف» (1/ 58). (5) ولعله الصواب، ونسبه: سالم بن بصري بن عبد الله بن بصري بن عبيد الله-ويقال له: عبد الله-ابن المهاجر إلى الله-

قال الشريف علي بن أبي بكر: (كان سالم بن بصري أعجوبة زمانه، وعلامة أوانه) (1). وقال الخطيب: (ومن أولاد عبيد الشيخ الكبير بصري، جد الشيخ الكبير، العارف بالله الشهير، الإمام المحقق، الجامع بين علمي الظاهر والباطن .. سالم بن بصري، كان فقيها فاضلا، كشافا للبليات، سمحا بالعطايا الجزيلات، جل أن يحيط بمحاسنه واصف. وحكي: أنه لما كثر الصالحون في تريم في عصر واحد .. جمعهم والي تريم وقال: انتقوا لي خياركم، وأراد يمتحنهم وهم لا يشعرون، فانتقوا له مائة رجل منهم وقالوا: هؤلاء خيارنا، فقال: انتقوا خير هؤلاء المائة، فانتقوا له من المائة عشرة، فقال: انتقوا لي خير هؤلاء العشرة، فاختاروا له منهم الشيخ الفقيه سالم بن بصري المذكور، فأرسل الوالي إلى امرأة بالبلد لها بنت جميلة، فأمرها أن تزين بنتها، وتدخل عليها الشيخ سالم لعلها تفتنه، وبذل لها على ذلك مالا جزيلا، فأجابته، وكان الشيخ سالم يزور القبور كل يوم، وكان ممره للزيارة على دار تلك المرأة، فزينت المرأة بنتها بما تقدر عليه من الحلي والحلل وقالت لها: إذا دخل عليك الشيخ سالم .. فتبرجي له، وتعلقي به، وراوديه عن نفسه، ثم قعدت المرأة على باب بيتها، فلما مر عليها الفقيه .. قالت له: لي بنت محمومة عساك تقرأ عليها، فقال: حتى أرجع من زيارة القبور، فلما رجع من الزيارة .. قالت له: بسم الله، فدخل الشيخ البيت ليقرأ على المحمومة، فأغلقت المرأة عليه الباب، ووقفت خارجا، فبرزت له البنت، وخلعت ثيابها، وتعلقت به تراوده عن نفسه، فخلع الشيخ نعله وضربها به، وكلما ضربها ضربة .. وقع موضعها حزازة جذام، ثم سار الجذام في جميع جسد البنت، فصاحت، فدخلت عليها أمها، وخرج الشيخ، فقالت البنت لأمها: ما أدخلت علي آدميا، ما أدخلت علي إلا أسدا! أو نحو هذا، فذهبت المرأة ببنتها إلى السلطان وأخبرته بالقصة وقالت له: ما أصاب بنتي هذا إلا من أجلك، فدواؤها عليك، فأرسل السلطان إلى الشيخ سالم، ولم يغضب الشيخ سالم، ولم يتغيّر حاله لا من فعل السلطان، ولا من فعل المرأة، فاستغفر السلطان واعتذر إليه ثم قال له: يا شيخ؛ هذه البنت أصابها ما ترى من عقوبتك، فعساك تبرئها، فأخذ الشيخ ماء وتفل فيه، وقرأ فيه ما تيسر، ومسح به جسد البنت، فبرئت من وقتها.

= أحمد بن عيسى. انظر «المشرع الروي» (2/ 111)، و «شمس الظهيرة» (1/ 61). (1) «البرقة المشيقة» (ص 68)، وعبارتها: (واحد زمانه، وفرد أوانه).

2751 - [مسعود بن علي العنسي]

توفي سنة أربع وست مائة، ورثاه الإمام المحقق محمد بن أحمد ابن أبي الحب التريمي بهذه الأبيات: [من الطويل] أيا سالم قلبي عليك تحرّقا … فلا تعذلوني إن دمعي قد ذرف أكفكف دمعا من حياء وحشمة … ومهما كففت الدمع من ناظري وكف وكنت إذا ما انهلّ دمعي بعبرة … وقلت له يا دمع حسبك كفّ كف أأجحده إحسانه وصنيعه … وأنساه لمّا أصبح اليوم في الحذف ومن ذا الذي ينسى صنائع سالم … فكم منة أسدى وكم محنة صرف فموت ابن بصريّ على الدين ثلمة … وفقد ابن بصريّ لظهر العلا قصف لقد كان بدرا يستضاء بنوره … وبحرا من المعروف من زاره غرف وكان أبيّا لا ينال مناره … ولكن إذا للحق صرّفته انصرف وكم واصف في الناس يكثر وصفهم … فيطنب إلا وهو فوق الذي وصف فيا قبره ماذا حويت من الكرم … ويا قبره ماذا جمعت من الشرف ويا قبره دامت عليك سحائب … ربيعيّة هطّالة ديمها وطف فيا ربّ شرّف قدره واعل داره … وأنزله في الفردوس في عالي الغرف وصلّ إلهي كلّ حين وساعة … على من حوى حقّا لأوصاف من وصف) انتهى (1). وفخذ هذا السيد كانوا أهل علم وعبادة، وزهد وصلاح، وقد انقرضوا ولم يبق من نسلهم أحد، ولهم مناقب ومآثر عديدة، وأوصاف حميدة، والله سبحانه أعلم. قال الشريف علي بن أبي بكر باعلوي نفع الله به: (توفي الشيخ سالم بن بصري والإمام علي [بن يحيى] بن ميمون التريمي الحضرمي في شهر واحد) (2). 2751 - [مسعود بن علي العنسي] (3) القاضي مسعود بن علي اليمني القرّي-بفتح القاف، وكسر الراء، ثم ياء النسب-ثم

(1) «الجوهر الشفاف» (2/ 58). (2) «البرقة المشيقة» (ص 70). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 216)، و «السلوك» (1/ 376)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 342)، و «تحفة الزمن» (1/ 303).

العنسي-بنون ساكنة بين المهملتين، نسبة إلى قبيلة كبيرة من مذحج-الجبائي الملقب كمال الدين. ولد سنة ثمان وأربعين وخمس مائة. وتفقه بعلماء عصره، فكان فقيها كبيرا، إماما مشهورا. شرح «لمع الشيخ أبي إسحاق» في أصول الفقه بكتاب سماه: «الأمثال». تفقه به جمع كثير، وأثنى عليه غالب العلماء، وامتحن بجعله قاضي القضاة باليمن، وكان من أثبت القضاة وأورعهم، واستناب في جميع النواحي باليمن من هو صالح للقضاء. قال الجندي والخزرجي: (لم يكن فيمن ولي القضاء أفقه منه مع الورع الشديد، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولم يزل على الحال المرضي مستمرا على القضاء إلى أن توفي سنة أربع وست مائة بذي أشرق رحمه الله تعالى ونفع به) اه‍ (1) وهو أول من انتشر عنه من الشافعية القول بعقد بيع العهدة، والعمل بمقتضى الوعد فيه، والله أعلم. وصح بأسانيد متواترة أن بعض التجار باع إلى الملك الذي ولى القاضي مسعود القضاء بضاعة كثيرة بمال جزيل، ثم إن الملك المذكور مطل التاجر بالثمن مرة بعد مرة بحيث قلق من ذلك، فرفع أمره إلى القاضي مسعود، فكتب إحضارا فيه: {إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا}، ليحضر فلان بن فلان إلى مجلس الشرع الشريف بذي أشرق، ولا يتأخر إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر. ثم أمر بالإحضار عونا، وأمره ألاّ يسلمه إلا ليد السلطان، فلما وقف عليه السلطان .. قال: نعم، أؤمن بالله واليوم الآخر، نعم، أؤمن بالله واليوم الآخر، ثم خرج من فوره، فركب دابة من دواب النوبة وسار إلى القاضي، فلما وصل إليه، وقرب من مجلسه بحيث يراه ويسمع كلامه .. قال له رافعا صوته: اتق الله، وساو خصمك، فقام التاجر بإزاء السلطان، وادعى عليه بالمال، فاعترف السلطان بالمال، فقال التاجر: التسليم، أو موجب الشرع، فقيل له: ألا تصبر حتى يصل السلطان إلى داره، فامتنع وقال: لا أفارقه

(1) «السلوك» (1/ 376)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 343).

2752 - [سنجر بن غازي]

حتى أقبض ما هو لي، فأمر السلطان من جاء بالمال، وتسلمه التاجر، وأبرأ ذمة السلطان، فحينئذ قام القاضي إلى السلطان واعتنقه، فقبل السلطان ما بين عينيه وقال: صدق من سمّاك كمال الدين، رحمهما الله تعالى ونفع بهما وبأهل العلم القائمين بالشريعة، آمين آمين. 2752 - [سنجر بن غازي] (1) سنجر بن غازي. كان ملكا غشوما ظلوما سيء السيرة، قتله ابنه غازي في سنة خمس وست مائة بعد أن حلف له العسكر، ثم وثب عليه من الغد خواص أبيه فقتلوه، وملّكوا أخاه الملك المعظم. 2753 - [عمر الجرهمي] (2) عمر بن محمد بن علي الجرهمي، نسبة إلى قوم يقال لهم: الجراهمة من ذي أشرق. تفقه بعبد الله بن الإمام، وبعلي الجنيد. وكان فقيها عارفا بعلم المواريث. ولي القضاء بذي أشرق، وتوفي بها في سنة خمس وست مائة. 2754 - [جمال الدين الطبري] (3) عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن علي بن الحسين الشيباني الطبري جمال الدين أبو محمد، ابن القاضي أبي المعالي، ولي قضاء مكة وخطبتها. قال القاضي (4): (ولم أدر متى مات، ولا متى كان ابتداء ولايته، ولا انتهاؤها، إلا

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 268)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 507)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 174)، و «العبر» (5/ 12)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 472)، و «مرآة الجنان» (4/ 5)، و «البداية والنهاية» (13/ 61)، و «شذرات الذهب» (7/ 29). (2) «السلوك» (1/ 447)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 450)، و «تحفة الزمن» (1/ 366)، و «هجر العلم» (2/ 737). (3) «التحفة اللطيفة» (2/ 101)، و «العقد الثمين» (5/ 298). (4) هو القاضي تقي الدين الفاسي صاحب «العقد الثمين».

2755 - [أبو المعالي التنوخي]

أنه كان قاضيا في سنة سبع وفي سنة ثمان وتسعين [وخمس مائة]، وفي سنة خمس وست مائة) (1). 2755 - [أبو المعالي التنوخي] (2) أسعد بن المنجى بن أبي البركات (3) القاضي، أبو المعالي التنوخي المغربي ثم الدمشقي. روى عن القاضي الأرموي، وتفقه بالشيخ عبد القادر-أظنه الجيلاني (4) -وغيره. ومات سنة ست وست مائة. 2756 - [أم هاني الأصبهانية] (5) أم هاني بنت أحمد بن عبد الله الأصبهانية. لها إجازة من أبي علي الحداد وجماعة، وسمعت المعجمين «الكبير» و «الصغير» للطبراني من فاطمة الجوزدانية، وروت عن عبد الواحد صاحب أبي نعيم، وهي آخر من روى عنه. توفيت سنة ست وست مائة. 2757 - [فخر الدين الرازي] (6) أبو عبد الله محمد [بن عمر] بن الحسين القرشي التيمي البكري، الإمام فخر الدين الرازي.

(1) «العقد الثمين» (5/ 298). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 176)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 436)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 200)، و «العبر» (5/ 17)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 249)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 44)، و «مرآة الجنان» (4/ 6)، و «شذرات الذهب» (7/ 36). (3) في جميع المصادر: (ابن بركات) عدا «العبر» (5/ 17) و «مرآة الجنان» (4/ 6)، فهي كما هنا، قال ابن العماد في «شذرات الذهب» (7/ 36): (ويقال في أبيه أيضا: أبو المنجى، وفي جده: أبو البركات). (4).وهو كذلك، ففي «تاريخ الإسلام» (43/ 200) و «شذرات الذهب» (7/ 36): (وأخذ الفقه عن الشيخ عبد القادر الجيلي وغيره)، والجيلي نسبة إلى (جيل)، ويقال لها أيضا: (جيلان)، و (كيلان). (5) «سير أعلام النبلاء» (21/ 481)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 206)، و «العبر» (5/ 17)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 249)، و «مرآة الجنان» (4/ 6)، و «شذرات الذهب» (7/ 37). (6) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 186)، و «وفيات الأعيان» (4/ 248)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 500)، -

توفي سنة ست وست مائة. مذكور في الأصل. ومما لم يذكر فيه أن بعض العلماء قال فيه: [من مجزوء الرمل] خصه الله برأي … هو للغيب طليعه فيرى الحقّ بعين … دونها حدّ الطّبيعه ومدحه الإمام يوسف بن أبي بكر بن محمد السكاكي الخوارزمي بقوله: [من مجزوء الرمل] إعلمن علما يقينا … أنّ ربّ العالمينا لو قضى في عالميهم … خدمة للأعلمينا أخدم الرازيّ فخرا … خدمة العبد ابن سينا حضر ابن عنين الدمشقي الشاعر درسه في يوم شات وقد سقط ثلج كثير، فسقطت بالقرب منه حمامة قد طردها بعض الجوارح، فلما وقعت .. رجع عنها [الجارح] خوفا من الحاضرين في المجلس، فلم تقدر الحمامة على الطيران؛ لخوفها وشدة البرد، فلما قام فخر الدين من درسه .. وقف عليها ورقّ لها وأخذها، ويقال: إنها سقطت في حجر الإمام فخر الدين، فأنشده ابن عنين في الحال: [من الكامل] يا بن الكرام المطعمين إذا شتوا … في كلّ مسغبة وثلج خاشف العاصمين إذا النفوس تطايرت … بين الصوارم والوشيج الراعف من نبّأ الورقاء أنّ محلّكم … حرم وأنك ملجأ للخائف؟ ! مع أبيات أخرى له (1). ومن شعر فخر الدين: [من الطويل] نهاية إقدام العقول عقال … وأكثر سعي العالمين ضلال وأرواحنا في وحشة من جسومنا … وحاصل دنيانا أذى ووبال ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا … سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا وكم من جبال قد علت شرفاتها … رجال فزالوا والجبال جبال

= و «تاريخ الإسلام» (43/ 211)، و «العبر» (5/ 18)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 248)، و «مرآة الجنان» (4/ 7)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 81)، و «البداية والنهاية» (13/ 65)، و «شذرات الذهب» (7/ 40). (1) انظرها في «معجم الأدباء» (7/ 60)، و «وفيات الأعيان» (4/ 251).

2758 - [أبو السعادات ابن الأثير]

وكم قد رأينا من رجال ودولة … فبادوا جميعا مسرعين وزالوا قال أبو عبد الله الحسين الواسطي: سمعت فخر الدين بهراة ينشد على المنبر عقيب كلام عاتب فيه أهل البلد: [من البسيط] المرء ما دام حيّا يستهان به … ويعظم الرّزء فيه حين يفتقد وهو الذي قال للسلطان شهاب الدين صاحب غزنة: يا سلطان العالم؛ لا سلطانك يبقى، ولا تدليس الرازي يخفى، فنحب السلطان يبكي. وكان يعظ باللسانين العربي والعجمي، ويحضر مجلسه الأكابر من الملوك والأمراء، وأرباب المذاهب والآراء، ويسألونه، وهو يجيب كل سائل بأحسن الأجوبة. وكان صاحب وقار وحشمة ومروءة، وبزّة حسنة وهيئة جميلة، إذا ركب .. مشى معه نحو ثلاث مائة مشتغل على اختلاف مطالبهم في التفسير والفقه والكلام والأصول والطب وغير ذلك. ورجع بسببه خلق كثير من الكرّاميّة وغيرهم إلى مذهب أهل السنة، ولم يزل بينه وبين الكرامية السيف الأحمر؛ ينال منهم وينالون منه سبّا وتكفيرا حتى قيل: إنّهم سموه فمات من ذلك بهراة يوم الاثنين يوم عيد الفطر سنة ست وست مائة، كما تقدم في أول ترجمته. وقد قدمنا في سنة خمس وتسعين ما اتفق بينه وبين المجد ابن القدوة حتى أخرج من هراة، وقصد ما وراء النهر، فجرى له أيضا هنالك كذلك؛ وذلك بسبب الكلام فيما يرجع إلى المذاهب والاعتقادات (1). 2758 - [أبو السعادات ابن الأثير] (2) أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد مجد الدين الشيباني الجزري الموصلي الكاتب، المعروف بابن الأثير، مصنف «جامع الأصول الستة»، و «النهاية في غريب الحديث»، وغير ذلك. مذكور في الأصل.

(1) انظر (4/ 420). (2) «معجم الأدباء» (6/ 291) «الكامل في التاريخ» (10/ 275)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 191)، و «وفيات الأعيان» (4/ 141)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 488)، و «العبر» (5/ 19)، و «مرآة الجنان» (4/ 11)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 366)، و «البداية والنهاية» (13/ 64)، و «بغية الوعاة» (2/ 374)، و «شذرات الذهب» (7/ 42).

2759 - [أسعد ابن مينا]

ومما لم يذكر في الأصل: أنّه ولي ديوان الإنشاء لمسعود بن مودود، ولابنه أرسلان صاحب الموصل، ثم عرض له فالج كف يده عن الكتابة، ورجليه عن الحركة، فلزم بيته، فعالجه بعض الأطباء، فلما أشرف على البرء .. ترك المداواة، وأعطى الطبيب ما يرضيه؛ إيثارا للانقطاع والدّعة وعدم التردد إلى الديوان مع المرض على الوصول والتردد إليهم مع العافية. ومن شعره ما أنشده للأتابك صاحب الموصل وقد زلت به بغلته: [من الرجز] إن زلّت البغلة من تحته … فإنّ في زلّتها عذرا حمّلها من علمه شاهقا … ومن ندى راحته بحرا توفي سنة ست وست مائة. 2759 - [أسعد ابن مينا] (1) أبو المكارم أسعد بن الخطير مهذب بن مينا، الكاتب الشاعر، كان ناظر الدواوين بالديار المصرية، وفيه فضائل عديدة، ونظم سيرة السلطان صلاح الدين. وله ديوان شعر، ومنه قوله: [من الوافر] تعاتبني وتنهى عن أمور … سبيل الناس أن ينهوك عنها أتقدر أن تكون كمثل عيني … وحقّك ما أضرّ عليّ منها؟ توفي سنة ست وست مائة. 2760 - [الهتار الصريفي] (2) الشيخ الصالح الولي أبو محمد عيسى بن إقبال بن علي بن عمر بن عيسى المعروف بالهتار، الصّريفي نسبا.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 180)، و «وفيات الأعيان» (1/ 210)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 485)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 201)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 19)، و «مرآة الجنان» (4/ 13)، و «البداية والنهاية» (13/ 62)، و «شذرات الذهب» (7/ 38). (2) «السلوك» (2/ 376)، و «مرآة الجنان» (4/ 358)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 481)، و «تحفة الزمن» (2/ 310)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 509)، و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 426)، و «هجر العلم» (1/ 251).

يقال: إنه كان في شبيبته قاطع طريق، فخرج يوما في جماعة من قرابته الصريفيين إلى بعض الطرق لما هم بصدده، فصادفوا امرأة سائرة في الطريق، فأعجبهم حسنها، فسألت بالله ألا يفضحوها ويأخذوا ما معها من ملبوس وغيره، فأبوا، ووقعوا بها جميعا ما خلا الهتار، فإنه ارتدع ولم يوافقهم، وفارقهم من ساعته، وتاب إلى الله تعالى، وسار إلى قرية التربية فتديرها، واشتغل بالعبادة والاجتهاد وسلوك الطريق حتى كان منه ما كان، فيقال: إنه مجذوب. وقيل: إنه اجتمع ببعض رجال الغيب، فحكّمه وعلّمه سلوك الطريق. وكان كبير القدر، مشهور الذكر، موفقا محفوظا، وكان يجتمع بالنساء ويحادثهن فلا يجد لذلك تغيّرا، وكان يجتمع في سماعه الرجال والنساء فلا يجد أحد تغيّرا، وله ولأصحابه في ذلك أخبار يطول شرحها. ولما قرب وفاته .. ألزم أولاده وأصحابه ألا يسلكوا في طريقته في خلطة النساء، وقال: إنكم لا تطيقون ذلك. وقال عند وفاته لابنه أبي بكر-وكان خليفته-: يا أبا بكر؛ يأتيك من هذا النهج-وأشار إلى ناحية القور الكبير-رجل ممتحن بمرض، فإذا أتاك .. حكّمه، وأبلغه عني السلام، واسأله الدعاء، فبعد وفاة الشيخ بأيام يسيرة قدم عليهم الشيخ مسعود من موالي عرب يسكنون على قرب من القور في حدود رمع امتحن بالجذام، فطرده مواليه، فخرج مطرودا حتى قدم التربية، فلما رآه الشيخ أبو بكر .. عرفه ورحّب به وأخذ عليه اليد، وأمره بالعود إلى مواليه، وأذن له في التحكيم، فرجع إلى بلده وقعد في القور في موضع رباطه الآن، وكان عقدة سلم، فكان يستظلّ بالشجرة حتى فطن له، وبني له موضع يستظل به، وظهرت له كرامات. ومن كرامات الشيخ عيسى الهتار أنه كان بزبيد وعنده بعض أصحابه من أهل الجند يسمى: علي الفتى، فالتفت إليه الشيخ وقال: يا علي؛ يولد لك في هذه الليلة ولد. قال: فلما عدت إلى الجند .. وجدت ابني حسينا قد ولد في تلك الليلة. وبالجملة: فكراماته كثيرة، ومناقبه شهيرة، رحمه الله ونفع به. وكانت وفاته في سنة ست وست مائة.

2761 - [السلطان أرسلان شاه]

2761 - [السلطان أرسلان شاه] (1) أرسلان شاه صاحب الموصل ابن السلطان مسعود، كان شهما شجاعا سائسا مهيبا. قال وزيره أبو السعادات ابن الأثير: (ما قلت له في فعل خير إلا وبادر إليه) (2). قال ابن خلكان: (وكان شهما عارفا بالأمور، تحول شافعيا، ولم يكن في بيته شافعي سواه، وبنى مدرسة للشافعية بالموصل قلّ أن توجد مدرسة في حسنها) (3). توفي بالشّطّ ظاهر الموصل في شبّارة-بشين معجمة، ثم موحدة مشددة، ثم ألف، ثم راء، ثم هاء، المعروفة بالحرّاقة عند أهل مصر، وأظنّها الزورق-وكتم موته حتى دخل به دار السلطنة بالموصل، وذلك في سنة سبع وست مائة. وخلّف ولدين: الملك القاهر مسعود، وتسلطن بعد أبيه، والملك المنصور زنكي، وسيأتي ذكرهما إن شاء الله تعالى. 2762 - [أسامة بن مرشد] (4) أسامة بن مرشد الكلبي الملقب مؤيد الدولة، من أكابر أهل قلعة شيزر وشجعانهم وعلمائهم. له تصانيف عديدة في فنون الأدب، وديوان شعر في جزءين، منه: [من الكامل] لا تستعر جلدا على هجرانهم … فقواك تضعف عن صدود دائم واعلم بأنّك إن رجعت إليهم … طوعا وإلا عدت عود الرّاغم ومنه في دار ابن طليب وقد احترقت: [من الكامل] انظر إلى الأيام كيف تسوقنا … قهرا إلى الإقرار بالأقدار ما أوقد ابن طليب قطّ بداره … نارا وكان خرابها بالنار

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 277)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 210)، و «وفيات الأعيان» (1/ 193)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 496)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 241)، و «العبر» (5/ 21)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 341)، و «مرآة الجنان» (4/ 13)، و «البداية والنهاية» (13/ 72)، و «شذرات الذهب» (7/ 46). (2) نقل الكلام عنه أخوه ابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (10/ 278). (3) «وفيات الأعيان» (1/ 193). (4) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (584 هـ‍)، وهو الصواب كما في مصادر ترجمته (4/ 324)، وقد تبع المصنف رحمه الله تعالى اليافعي في إعادة الترجمة في هذا الموضع.

2763 - [محمد بن الخطيب الحميري]

ومما يناسب هذه الحكاية أن شخصا يعرف بابن صورة المصري احترقت داره وكانت موصوفة بالحسن، فقال أبو الحسن بن مفرج المعروف بابن المنجم: [من الطويل] أقول وقد عاينت دار ابن صورة … وللنار فيها مارج متضرم كذا كلّ مال أصله من نهاوش … فعمّا قليل في نهابر يعدم وما هو إلا كافر طال عمره … فجاءته لمّا استبطأته جهنّم و(النهاوش): الحرام، و (النهابر): المهالك، أخذ ذلك من قوله صلّى الله عليه وسلم: «من أصاب مالا من نهاوش .. أذهبه الله في نهابر» (1). توفي أسامة المذكور في سنة سبع وست مائة. 2763 - [محمد بن الخطيب الحميري] (2) الشيخ محمد بن الفقيه الخطيب علي بن إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم بن علي بن محمد بن سليمان بن أحمد بن عباد الحميري الصحابي رضي الله عنه. كان محمد المذكور مشهورا بالزهد والصلاح، وكان من جلس عنده شم رائحة المسك تخرج من فيه. وحكي عنه أنه قال: أنا بدل من الأبدال. توفي بتريم ليلة الجمعة لأربع وعشرين من ربيع الأول سنة سبع وست مائة (3). 2764 - [عبد الوهاب ابن سكينة] (4) أبو أحمد عبد الوهاب [بن علي] ابن سكينة البغدادي الحافظ، مسند العراق، الصوفي.

(1) أخرجه القضاعي في «مسند الشهاب» (441)، و (442)، وأبو الحسن الرامهرمزي في «أمثال الحديث» (137)، وانظر «فيض القدير» (6/ 65)، و «كشف الخفاء» (2/ 226). (2) «الجوهر الشفاف» (60/ 1 - 61)، و «تاريخ شنبل» (ص 73). (3) في «الجوهر الشفاف» (1/ 61)، و «تاريخ شنبل» (ص 73): توفي سنة (609 هـ‍). (4) «الكامل في التاريخ» (10/ 280)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 201)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 502)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 252)، و «العبر» (5/ 23)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1131)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 309)، و «مرآة الجنان» (4/ 15)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 324)، و «البداية والنهاية» (13/ 72)، و «شذرات الذهب» (7/ 48).

2765 - [أحمد بن مسلمة التريمي]

سمع الحديث، وقرأ الفقه والقراءات، والنحو والخلاف. كانت أوقاته محفوظة، لا تمضي عليه ساعة إلا في تلاوة أو ذكر أو تهجد أو إسماع، يديم الصيام، ويستعمل السّنة في جميع أموره. توفي سنة سبع وست مائة. 2765 - [أحمد بن مسلمة التريمي] (1) أحمد بن مسلمة بن [محمد بن أبي] حيدرة الحضرمي التريمي. كان صالحا ورعا. توفي بتريم في ربيع الأول سنة سبع وست مائة (2). 2766 - [إبراهيم الشويري] (3) إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشّويري. ولد سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة (4). وتفقه بأبيه وبالطّويري شيخ أبيه. وبه تفقه ابن عمه محمد بن يوسف الشويري، والفقيه موسى بن علي بن عجيل، وعبد الله بن جعمان، وعلي بن قاسم الحكمي، وانتشر عنه الفقه انتشارا متسعا حتى نقل عن الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي أنه قال: لبني زكريا على غالب فقهاء اليمن منّة. وهو أكثر الفقهاء المتأخرين أصحابا. وكان إماما عاملا صالحا ورعا زاهدا، كان راتبه كل يوم سبعا من القرآن، واقتدى به في ذلك جمع كثير من أصحابه. ونقل عن الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل أنه قال: بلغني أن الفقيه إبراهيم بن عبد الله

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 73)، و «تاريخ شنبل» (ص 71). (2) في «الجوهر الشفاف» (1/ 73): (ربيع الآخر). (3) «السلوك» (1/ 410)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 72)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 23)، و «تحفة الزمن» (1/ 334). (4) في «السلوك» (1/ 410): (ولد سنة ست وثلاثين).

2767 - [أحمد المصبري]

ابن زكريا كان من الصالحين الكبار، العلماء المشهورين، وأنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام وقد سئل عن مسألة، فاستدعى بالثاني من «المهذب» وفتحه، ووضعه بين يديه، وأخذ ورقة ووضعها على ركبته الشريفة يستملي الجواب من «المهذب» ويكتبه في الورقة صلّى الله عليه وسلم. وكانت وفاته على الحال المرضي سنة سبع وست مائة (1). 2767 - [أحمد المصبري] (2) أحمد بن إبراهيم المصبري الحكمي. تفقه بالإمام إبراهيم ابن زكريا الشّويري، وكان يحفظ «وسيط الغزالي»، وله فتاوى تدل على جودة قريحته وصفاء ذهنه، وكان مسكنه في بيت أبي الخل في ناحية المهجم، فأخذ عنه جماعة منهم، كأحمد المدرس وغيره، وانتفعوا به انتفاعا عظيما، وأدركه الفقيه إسماعيل الحضرمي في أول طلبه، فقال: يكون إسماعيل هذا فقيها إن اشتغل؛ فإنه حاذق، فلما بلغ الفقيه إسماعيل كلامه .. أعجبه، وشمّر وجدّ في الطلب. وكان فقيها زاهدا ورعا، متقللا من الدنيا، صلبا في دينه، وتوفي على ذلك الحال المرضي. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة تبعا لشيخه الشويري. 2768 - [محمد الصريفي] (3) محمد بن عبد الله بن جعمان الصّريفي، نسبة إلى صريف بن ذؤال بن سنوة بن ثوبان بن عيسى بن سحارة بن عبد الله بن عك. تفقه المذكور بالفقيه إبراهيم بن عبد الله ابن زكريا الشويري. وكان فقيها كبير القدر، مشهور الذكر.

(1) في «السلوك» (1/ 411): توفي سنة (609 هـ‍). (2) «السلوك» (2/ 311)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 45)، و «تحفة الزمن» (2/ 41)، و «هجر العلم» (1/ 174). (3) «السلوك» (2/ 373)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 211)، و «تحفة الزمن» (2/ 288)، و «هجر العلم» (1/ 383).

2769 - [أحمد العرشاني]

وعنه أخذ الفقيه موسى بن علي بن عجيل الفرائض، وكان زميله في القراءة على الفقيه إبراهيم. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا تبعا لشيخه الشويري، والله أعلم. 2769 - [أحمد العرشاني] (1) أحمد بن الإمام الحافظ علي بن أبي بكر بن حمير العرشاني. ولد سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة. وتفقه بأبيه غالبا، ثم بغيره، وولي قضاء الجند، وذيل على «تاريخ الطبري»، وله مختصر جمع فيه من قدم اليمن من الفضلاء. وكان فقيها متقنا ماهرا متفننا خطيبا مصقعا، وقرأ عليه السلطان سيف الإسلام «موطأ مالك». ولما اشتهر القاضي مسعود بن علي بن مسعود العنسي بجودة الفقه، وانتهت إليه رئاسة الفتوى .. حسده العرشانيون، فجوّب بعض فقهاء عرشان على مسألة جوابا أخطأ فيه، فلما وقف القاضي مسعود على جوابه .. كتب تحته بمداد يعمل من الصبر لونه الحمرة: هذا المجيب لا يعرف شيئا، وتركه مهملا لم يعجمه، فأعجمه بمداد أسود، يجعل الجيم خاء، والياء نونا، والموحدة مثلثة، ثم تقدم القاضي أحمد بالسؤال وما عليه من الجواب إلى سيف الإسلام وقال: يا مولانا؛ ظهر هنا رجل يدعي الفقه، وصار يحتقر الفقهاء، ويسفه عليهم بلسانه، ثم لا يقنع باللفظ حتى صار يكتب ذلك بخطه، وأوقفه على الورقة، فعظم ذلك على سيف الإسلام، وأمر في الحال باستدعاء القاضي مسعود، فلما حضر بين يديه .. رمى إليه بالسؤال وقال له: الجواب الثاني خطك؟ فتأمّله القاضي مسعود، وعرف من أين أتى، فقال: سبحان الله! يا مولانا أنعموا النظر؛ فإن مداد النقط غير مداد الخط، والقبح من الذي نقط الحروف، فليتأمل مولانا السلطان ذلك، ثم أعاد الورقة إليه، فلما أدرك ذلك السلطان .. عرف أنها مكيدة، وكان قد نقلت إليه أمور ملأت صدره من القاضي

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 236)، و «معجم البلدان» (1/ 197)، و «السلوك» (1/ 365)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 120)، و «تحفة الزمن» (1/ 293)، و «إيضاح المكنون» (4/ 80)، و «هدية العارفين» (5/ 88)، و «هجر العلم» (3/ 1418).

2770 - [ابن قدامة المقدسي]

أحمد وأهل عرشان، فلما ظهرت له المكيدة .. تحقق صدق ما نقل إليه القاضي مسعود فقال: يا قاضي أحمد؛ الزم بيتك، وأنت يا قاضي مسعود؛ قد وليتك القضاء، فخرجا من عنده هذا مستمر وهذا معزول. ونسب الجندي الإعجام إلى القاضي أحمد المذكور (1). قال أبو الحسن الخزرجي: (ولا ينبغي أن يظن ذلك بالقاضي أحمد؛ لجلالته وموضعه من العلم، والذي يغلب على الظن أن الذي غيّر النقط غير القاضي أحمد، ثم أوقف القاضي أحمد على ذلك يستثير حفيظته وغضبه) (2). فلما توفي القاضي مسعود .. رجع القضاء في العرشانيين، فتولاه القاضي أحمد مدة، ثم عزل نفسه، وجعل ابنه عليا قاضيا. وتوفي القاضي أحمد المذكور بذي جبلة لعشر خلون من صفر سنة سبع وست مائة (3). 2770 - [ابن قدامة المقدسي] (4) أبو عمر محمد بن أحمد الشيخ الزاهد، المعروف بابن قدامة المقدسي. سمع من جمع، وكتب الكثير بخطه، وحفظ القرآن والحديث والفقه. وكان إماما فاضلا مقرئا زاهدا عابدا قانتا، خائفا من الله، منيبا إليه، كثير النفع للخلق، أوقاته مستقيمة على الطاعة؛ من الصلاة والصيام والذكر، وتعليم العلم مع الفتوة والمروءة والتواضع. خطب بجامع الجبل إلى أن توفي سنة سبع وست مائة.

(1) «السلوك» (1/ 366). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 122). (3) وقيل: سنة (609 هـ‍)، وفي «معجم البلدان» (1/ 197)، و «إيضاح المكنون» (4/ 80)، و «هدية العارفين» (5/ 88): توفي سنة (590 هـ‍). (4) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 202)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 266)، و «العبر» (5/ 25)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 116)، و «مرآة الجنان» (4/ 15)، و «البداية والنهاية» (13/ 69)، و «المقفى الكبير» (5/ 272)، و «شذرات الذهب» (7/ 50).

2771 - [سعد بن علي]

2771 - [سعد بن علي] (1) الشيخ الصالح العالم الرباني محمد، الملقب سعد بن علي تاج العارفين. كان صاحب كرامات وسلوك وإشارات. يحكى أنه لما أخرجه المنجوي من ظفار لقول المنجمين له: زوال ملكك على يد صوفي يجتمع عنده من الفقراء كذا وكذا، فاتفق اجتماع ذلك العدد عند الشيخ سعد بن علي، فأخرجه من بلده، فلما صار في البحر متوجها إلى الشحر .. تبعته جميع حيتان البحر من ظفار، وسارت بسيره، فالتفت إليها وقال لها: ارجعي؛ فإنه عاد لنا فيها نسل، وكانت امرأته حاملا في مبادئ حملها بحيث لم تعرف هي ولا غيرها أنها حامل، فرجع بعض الصيد إلى ظفار. ومنها: ما سمعته من الشيخ علي بن جار الله الحلواني-وكان رجلا صدوقا، واجتمع برجل من الأعراب المجاورين بالشحر، ووصفه بالعدالة والديانة-قال: دخلت ليلة مع السحر أزور تربة الشيخ سعد، فقرأت سورة {هَلْ أَتى}، فلما وصلت إلى قوله تعالى {وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً* عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً} .. أخذت أفكر كيف يكون الحلي عليهم، فأخذتني سنة، فرأيت فيها كأن الشيخ سعد خرج من التابوت نحو النصف الأعلى منه ويداه مكلّلتان بالحلي والجواهر التي لم تر عيني مثلها من المعصم إلى المنكب، وضرب بيديه جميعا التابوت وقال: هنا هو، هنا هو، فانتبهت فزعا، فغاب شخصه في التابوت. توفي بالشحر بعد قفوله من الحج في سنة سبع وست مائة. 2772 - [إبراهيم بن أحمد القريظي] (2) إبراهيم بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن سالم القريظي.

(1) «الجوهر الشفاف» (78/ 1 - 80)، و «البرقة المشيقة» (ص 43)، و (ص 98 - 100)، و «تاريخ شنبل» (ص 71)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 722). (2) «السلوك» (1/ 466)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 10)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 1)، و «هجر العلم» (1/ 141).

2773 - [أبو محمد المنجوي]

قرأ على أبيه وغيره، وأخذ عن القاضي الأثير، وعن الإمام محمد بن سعيد مؤلف «المستصفى». وعنه أخذ الشريف أبو الجديد، ومحمد بن عمر المعروف بالزيلعي، والفقيه حسين العديني (1)، وأبو السعود بن الحسن وغيرهم. وأظنه ولي القضاء بعدن، وكان فقيها نبيها بارعا محققا. وله عدة أولاد، منهم إسماعيل، كان فاضلا، ولم تزل خطابة عدن بأيدي ذريته حتى انقرضوا لبضع وسبع مائة. ولم يذكر الخزرجي تاريخ وفاته ولا مكانه، وذكرته في هذه الطبقة ظنا. 2773 - [أبو محمد المنجوي] (2) سعد بن سعيد بن مسعود أبو محمد المنجوي. كان رجلا صالحا، فقيها محققا، وشاعرا مفلقا، وخطيبا مصقعا مع صلاح نية، وحسن طوية، ولذلك أحبه الحبوضيون الذين ولوا ظفارا بعد المنجويين، وكانوا يقولون بمشورته، وزر لأحمد بن محمد الحبوضي، ثم لابنه إدريس، وفي أيامه خرج إلى مكة، ومنها إلى دمشق، وتوفي هنالك. وله شعر رائق، وغالبه في التجنيس، ومنه: [من مجزوء الكامل] يا من يعفّي دائما … بالحبر آثار المساطر انسخ فديتك مصبحا … وعن النساخة بالمساطر كان أخذه للعلم عن أبي بكر ابن أبي ماجد. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا تبعا للقاضي إبراهيم القريظي؛ فإن المنجوي يروي «الخطب النّباتية» عن القريظي المذكور بروايته لها عن الحسن الصغاني، وأظنه اجتمع بالقاضي إبراهيم القريظي بعدن، والله سبحانه أعلم.

(1) في «طراز أعلام الزمن» (1/ 10): (العدني). (2) «السلوك» (2/ 471)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 466)، و «تحفة الزمن» (2/ 443)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 121)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 90).

2774 - [أبو العباس العاقولي]

2774 - [أبو العباس العاقولي] (1) أبو العباس أحمد بن الحسن بن أبي البقاء العاقولي المقرئ. قرأ القراءات، وسمع الحديث والروايات المتعددات. وتوفي سنة ثمان وست مائة. 2775 - [سنقر الأتابك] (2) الأمير الكبير سنقر بن عبد الله الأتابك الملقب سيف الدين، أحد مماليك الملك العزيز سيف الإسلام طغتكين بن أيوب، وإنما قيل له: الأتابك؛ لأنه الذي ربّى الملك الناصر أيوب بن الملك العزيز طغتكين، وهذه الكلمة توضع لمن يربّي أولاد الملوك خاصة. قاله ابن خلكان (3). كان المذكور أميرا كبيرا، شهما شجاعا مقداما، حسن السياسة، كامل الرئاسة، فلما توفي سيف الإسلام طغتكين بن أيوب .. خدم بعده ابنه المعز إسماعيل بن طغتكين إلى أن توفي مقتولا كما تقدم (4)، فخدم ولده الناصر أيوب بن المعز إسماعيل (5)، وكان في سنّ الطفوليّة، فتولى سنقر المذكور خدمته والقيام بدولته، فأقطع الأمير وردشار صنعاء، فخالف عليه أهل صنعاء، فطلع إليهم سنقر في جيش عظيم، فتوددوا له، وأقطع يكتمر اليمني تهامة ما خلا الكدراء وزبيد، ونقض الأكراد الصلح، وتملكوا زبيد، فنزل سنقر من صنعاء إلى زبيد، وقتل من الأكراد مقتلة عظيمة، وحال بين الباقين وبين زبيد، واستولى

(1) «تكملة الإكمال» (1/ 418)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 234)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 21)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 287)، و «العبر» (5/ 27)، و «مرآة الجنان» (4/ 16)، و «توضيح المشتبه» (1/ 561)، و «تبصير المنتبه» (1/ 126)، و «غربال الزمان» (ص 492)، و «شذرات الذهب» (7/ 59). (2) «السلوك» (535/ 2 - 537)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 500)، و «تحفة الزمن» (478/ 2 - 479)، و «الفضل المزيد» (ص 85). (3) «وفيات الأعيان» (1/ 365). (4) انظر (4/ 382). (5) لعل الصواب: أن سنقر الأتابك خدم أخاه الناصر أيوب بن طغتكين؛ إذ أيوب الناصر أخو إسماعيل وليس ابنه، انظر «تاريخ الإسلام» (42/ 337)، و «السلوك» (2/ 534)، و «تحفة الزمن» (2/ 477)، وانظر ترجمة الملك الناصر أيوب الآتية (5/ 46).

2776 - [محمد بن أيوب الغافقي]

الأتابك على زبيد وعلى التهائم بأسرها إلى أن توفي سنة ثمان-وقيل: تسع-وست مائة. ومن مآثره الدينية مدرسة بذي هزيم، ناحية من نواحي تعز، وبها دفن، وبنى جامع المغربة بتعز، قال الخزرجي: (وعمل المنبر الذي فيه، وابتنى بزبيد مدرستين: إحداهما للشافعية تعرف بالعاصمية، نسبة إلى مدرسها الفقيه عمر بن عاصم، والثانية الدحمانية، نسبة إلى مدرسها الفقيه محمد بن إبراهيم بن دحمان الحنفي، وبنى الجامع الذي بخنفر من أرض أبين. قال الخزرجي: وهو الذي ينسب إليه الزبدي السنقري بزبيد) (1). 2776 - [محمد بن أيوب الغافقي] (2) محمد بن أيوب الغافقي الأندلسي. قرأ القراءات، وسمع الحديث، وتفقه بمذهب مالك، ولم يبق له في وقته نظير بشرق الأندلس في القراءات والفقه والعربية وفك الآثار وعقد الشروط. توفي سنة ثمان وست مائة. 2777 - [عماد الدين بن يونس] (3) محمد بن يونس الإمام العلامة الملقب عماد الدين الفقيه الشافعي، إمام وقته في الأصول والجدل والخلاف. اشتغل أولا بأبيه، ثم انتقل إلى بغداد، وتفقه على السديد محمد السّلماسي، وسمع الحديث من جماعة، وأعاد بنظامية بغداد، وكانت إليه الخطابة في الجامع المجاهدي بالموصل مع التدريس في عدة مدارس، وشرح «وجيز الغزالي»، وصنف كتاب «المحيط

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 502). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 233)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 18)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 305)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1155)، و «العبر» (5/ 28)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 239)، و «مرآة الجنان» (4/ 16)، و «بغية الدعاة» (1/ 58)، و «شذرات الذهب» (7/ 62). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 282)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 226)، و «وفيات الأعيان» (4/ 253)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 498)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 310)، و «العبر» (5/ 28)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 292)، و «مرآة الجنان» (4/ 16)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 109)، و «البداية والنهاية» (13/ 73)، و «شذرات الذهب» (7/ 63).

2778 - [القاضي السعيد هبة الله بن جعفر]

في الجمع بين المهذب والوسيط»، وله تعليقة في الخلاف والعقيدة، وكتاب في الجدل. تقدم كثيرا في دولة نور الدين أرسلان صاحب الموصل، كان يرجع إليه في الفتاوى، ويشير إليه في الأمور، ويبحث معه حتى انتقل بسببه من مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي، وتوجه رسولا إلى بغداد غير مرة، وولي قضاء الموصل. وكان شديد الورع والتقشف، لا يلبس الثوب الجديد حتى يغسله، ولا يمس القلم للكتابة إلا ويغسل يده، مع دماثة الأخلاق، وحسن الطباع. ولما توفي نور الدين أرسلان .. توجه المذكور إلى بغداد لتقرير ولده القاهر مسعود، فعاد بالخلع والتقليد، وتوفرت حرمته عند القاهر أكثر مما كانت عند أبيه. وتوفي سنة ثمان وست مائة. قال الملك المعظم صاحب إربل: رأيت الشيخ عماد الدين في النوم بعد موته فقلت له: ما مت؟ ! فقال: بلى، ولكني محترم. 2778 - [القاضي السعيد هبة الله بن جعفر] (1) القاضي السعيد أبو القاسم هبة الله بن القاضي الرشيد أبي الفضل جعفر بن المعتمد السعدي، الشاعر المشهور، المصري، صاحب الشعر البديع، والنظم الرفيع. ومنه في غزل قصيدة مدح بها القاضي الفاضل: [من الطويل] ولو أبصر النّظّام جوهر ثغرها … لما شكّ فيه أنه الجوهر الفرد ومن قال إن الخيزرانة قدّها … فقولوا له إياك أن يسمع القدّ كان أحد الفضلاء، أخذ الحديث عن أبي طاهر السّلفي، واختصر كتاب «الحيوان» للجاحظ، وسمى المختصر: «روح الحيوان». وكان بمصر شاعر يقال له: أبو المكارم هبة الله بن وزير، فبلغ القاضي السعيد أنه

(1) «معجم الأدباء» (7/ 196)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 231)، و «وفيات الأعيان» (6/ 61)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 480)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 314)، و «العبر» (5/ 2)، و «الوافي بالوفيات» (27/ 135)، و «مرآة الجنان» (4/ 17)، و «حسن المحاضرة» (1/ 488)، و «شذرات الذهب» (7/ 64).

2779 - [الحافظ النفزي]

هجاه، فأحضره إليه وأدبه وشتمه، فكتب إليه أبو الحسن المعروف بابن المنجم الشاعر المشهور: [من البسيط] قل للسعيد أدام الله نعمته … صديقنا ابن وزير كيف تظلمه صفعته إذ غدا يهجوك منتقما … وكيف من بعد هذا ظلت تشتمه هجو بهجو وهذا الصفع فيه ربا … والشرع ما يقتضيه بل يحرّمه وإن تقل ما لهجو عنده ألم … فالصفع والله أيضا ليس يؤلمه توفي سنة ثمان وست مائة. 2779 - [الحافظ النفزي] (1) أحمد بن هارون النّفزي الشاطبي الحافظ. سمع أباه، وابن هذيل، ولما حج .. سمع السّلفي. وكان عجبا في سرد المتون ومعرفة الرجال، مع الزهد والاقتداء بالسلف، متفننا في العلوم. عدم في وقعة العقاب في سنة تسع وست مائة الكائنة بين الفرنج والملك الناصر محمد بن يعقوب بالأندلس. 2780 - [أبو نزار الحضرمي] (2) أبو نزار ربيعة بن الحسن الحضرمي اليمني. مذكور في الأصل. كان محدثا، شافعي المذهب، تفقه بظفار، ورحل إلى العراق وأصبهان، وسمع من طائفة، منهم أبو المطهّر الصيدلاني. وكان كثير التعبد والعزلة، مجموع الفضائل. توفي سنة تسع وست مائة.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 242)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 13)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 323)، و «العبر» (5/ 31)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1389)، و «مرآة الجنان» (4/ 18)، و «نفح الطيب» (2/ 601)، و «شذرات الذهب» (7/ 68). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 251)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 14)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 327)، و «العبر» (5/ 31)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1393)، و «مرآة الجنان» (4/ 18)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 144)، و «غربال الزمان» (ص 493)، و «بغية الوعاة» (1/ 566)، و «شذرات الذهب» (7/ 69).

2781 - [عبد الرحمن بن منصور]

2781 - [عبد الرحمن بن منصور] (1) عبد الرحمن بن منصور بن أبي القبائل بن علي المكنى بأبي القبائل (2)، أصله من الشوافي، من عرب يقال لهم: بنو أبي النهى. تفقه بابن مضمون، وأخذ عن عبد الله بن أحمد بن أسعد بن أبي الهيثم كتاب «المصابيح». وكان فقيها فاضلا عالما عاملا. توفي على الإقامة في مسجد السنة سنة تسع وست مائة (3). 2782 - [محمد بن يعقوب صاحب المغرب] (4) محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي الكومي، صاحب المغرب، الملقب بأمير المؤمنين. كان طويل الصمت، ذا شجاعة وحلم. أخذ مدينة فاس في سنة تسع وتسعين، ثم حاصر المهدية أربعة أشهر، ثم تسلمها، وقيل: إنه أنفق في هذه السفرة مائة وعشرين حمل ذهب. وله مع الفرنج وقعات أنكاهم فيها وأذلهم. توفي سنة عشر وست مائة. 2783 - [أبو موسى الجزولي] (5) أبو موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي-بضم الجيم والزاي، ثم واو ساكنة، ثم لام- نسبة إلى جزولة، بطن من البربر.

(1) «معجم البلدان» (2/ 106)، و «السلوك» (166/ 2، 193)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 76)، و «تحفة الزمن» (1/ 483)، و (1/ 501)، و «هجر العلم» (3/ 1415). (2) في «معجم البلدان» (2/ 106)، و «هجر العلم» (3/ 1415): (أبو الفضائل). (3) في «معجم البلدان» (2/ 106): توفي في نحو سنة (590 هـ‍). (4) «سير أعلام النبلاء» (22/ 337)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 386)، و «العبر» (5/ 36)، و «دول الإسلام» (2/ 117)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 227)، و «مرآة الجنان» (4/ 19)، و «شذرات الذهب» (7/ 80). (5) «وفيات الأعيان» (3/ 488)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 497)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 263)، و «العبر» -

2784 - [أبو الفتح المطرزي]

كان إماما في النحو، كثير التطلع على دقائقه وغريبه وشاذه، وله فيه المقدمة المسماة ب‍ «القانون»، مع إيجازها مشتملة على كثير من النحو، اعتنى بشرحها جماعة من الفضلاء، وبعضهم وضع لها أمثلة، يقال: إنه جمعها من فوائد كثيرة من كلام شيخه، ومن فوائد بحوث جرت بين الطلبة، ولذلك كان إذا سئل: هذه من صنعتك؟ قال: لا. وكان عارفا بالمنطق، ورعا، أقام بمصر مدة، ثم رجع إلى المغرب، وأقام ببجاية، وانتفع به خلق كثير. وتوفي سنة عشر وست مائة (1). 2784 - [أبو الفتح المطرزي] (2) أبو الفتح ناصر بن أبي المكارم المطرّزي-نسبة إلى من يطرز الثياب ويرقمها، إما هو، أو أحد آبائه-الفقيه النحوي، الأديب الحنفي في الفروع، الخوارزمي. سمع الحديث من طائفة، وله معرفة تامة بالنحو واللغة، والغريب والشعر، وأنواع الأدب والفقه، وكان رأسا في الاعتزال، داعيا إليه. شرح «مقامات الحريري»، وتكلم على الألفاظ التي يستعملها الفقهاء، وهو للحنفية بمنزلة كتاب الأزهري للشافعية، انتفع الناس به وبكتبه، وبحث ببغداد مع جماعة من الفقهاء. وله شعر جيد، ومنه: [من الطويل] وإني لأستحيي من المجد أن أرى … حليف غوان أو أليف أغاني

= (5/ 24)، و «دول الإسلام» (2/ 115)، و «مرآة الجنان» (4/ 19)، و «البداية والنهاية» (13/ 79)، و «بغية الوعاة» (2/ 236)، و «شذرات الذهب» (7/ 49). (1) كذا في «وفيات الأعيان» (3/ 489) و «مرآة الجنان» (4/ 19) و «البداية والنهاية» (13/ 79)، وفي «تاريخ الإسلام» (43/ 263) و «دول الإسلام» (2/ 115) و «بغية الوعاة» (2/ 236) و «شذرات الذهب» (7/ 49): توفي سنة (607 هـ‍)، وفي «سير أعلام النبلاء» (43/ 497) و «العبر» (5/ 24): (توفي سنة سبع، وقيل: سنة ست، وقيل: سنة عشر). (2) «معجم الأدباء» (7/ 157)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 279)، و «وفيات الأعيان» (5/ 369)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 28)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 391)، و «فوات الوفيات» (4/ 182)، و «مرآة الجنان» (4/ 20)، و «تاج التراجم» (ص 309)، و «بغية الوعاة» (2/ 311).

2785 - [ابن خروف النحوي]

وقوله: [من الطويل] تعامى زماني عن حقوقي وإنه … قبيح على الزرقاء تبدي تعاميا فإن تنكروا فضلي فإن دعاءه … كفى لذوي الأسماع منكم مناديا يقال: كان بخوارزم خليفة الزمخشري. توفي سنة عشر وست مائة. 2785 - [ابن خروف النحوي] (1) أبو الحسن علي بن محمد الحضرمي-نسبة إلى حضرموت-المعروف بابن خروف النحوي، الأندلسي. كان فاضلا في العربية، وله فيها مصنفات تشهد بفضله وسعة علمه، شرح «كتاب سيبويه» و «جمل الزجاجي» (2). وتوفي سنة عشر وست مائة، أو تسع وتسعين وخمس مائة (3). 2786 - [علي بن المفضل] (4) علي بن المفضّل اللخمي المقدسي الإسكندراني الفقيه المالكي.

(1) «معجم الأدباء» (5/ 383)، و «وفيات الأعيان» (3/ 335)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 26)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 339)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 89)، و «فوات الوفيات» (3/ 84)، و «مرآة الجنان» (4/ 21)، و «البداية والنهاية» (13/ 63)، و «بغية الوعاة» (2/ 203)، و «نفح الطيب» (2/ 640). (2) انظر ترجمته في «وفيات الأعيان» (3/ 335)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 26)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 339)، و «مرآة الجنان» (4/ 21)، ووقع خلط بينه وبين معاصره وبلديّه علي بن محمد بن يوسف المعروف بابن خروف الشاعر في المصادر التالية: «معجم الأدباء» (5/ 383)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 89)، و «فوات الوفيات» (3/ 84)، و «البداية والنهاية» (13/ 63)، و «بغية الوعاة» (2/ 203)، و «نفح الطيب» (2/ 640)، وقد نبه على هذه المغايرة ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (3/ 335). (3) في مصادر الترجمة اختلاف في سنة وفاته، ولعل الخلط المشار إليه هو السبب في ذلك، ولم نجد من ذكر وفاته في سنة (599 هـ‍). (4) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 306)، و «وفيات الأعيان» (3/ 290)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 66)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 79)، و «العبر» (5/ 8)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1390)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 217)، و «مرآة الجنان» (4/ 21)، و «البداية والنهاية» (13/ 80)، و «حسن المحاضرة» (1/ 305)، و «شذرات الذهب» (7/ 87).

كان من أفاضل الفقهاء في مذهب مالك، ومن أكابر الحفاظ المشاهير في الحديث وعلومه. صحب الحافظ أبا الطاهر السّلفي، وانتفع بالشيخ زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، ولازم صحبته، وعليه تخرج. ومن شعره: [من المتقارب] تجاوزت ستين من مولدي … فأسعد أيامنا المشترك يسائلني زائري حالتي … وما حال من حلّ في المعترك ومنه: [من الطويل] أيا نفس بالمأثور من خير مرسل … وأصحابه والتابعين تمسّكي عساك إذا بالغت في نشر دينه … بما طاب من نشر له أن تمسّكي وخافي غدا يوم الحساب جهنّما … إذا لفحت نيرانها أن تمسّكي (1) ومنه أيضا: [من الطويل] ولمياء تحيي من تحيّي بريقها … كأنّ مزاج الراح بالمسك من فيها وما ذقت فاها غير أني رويته … عن الثقة المسواك وهو موافيها توفي سنة إحدى عشرة وست مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» هنا، وذكره الذهبي أيضا هنا (2)، وقد ذكره اليافعي أيضا فيمن توفي سنة أربع وأربعين وخمس مائة (3)، ولعل تلك سنة ولادته (4)، ولعل الحافظ الزكي المنذري هو الذي تخرج باللخمي المذكور وانتفع به، والله سبحانه أعلم بحقيقة الأمر، ونقلته كما وجدته (5).

(1) في هامش (م): (أن تمسكي الأولى من التمسك، والثانية من المسك، والثالثة من المس). (2) «العبر» (5/ 8)، وكذا في مصادر الترجمة. (3) «مرآة الجنان» (3/ 283). (4) وقد صرح بذلك الإمام المنذري في «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 306)، وابن خلكان في «وفيات الأعيان» (3/ 292). (5) قال الإمام المنذري في «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 307): (قرأت عليه الكثير، وكتبت عنه جملة صالحة، وانتفعت به انتفاعا كثيرا).

2787 - [أبو الحسن الهروي]

2787 - [أبو الحسن الهروي] (1) الشيخ أبو الحسن [علي] بن أبي بكر الهروي الذي طاف البلاد، وأكثر الزيارات حتى كاد يطبق الأرض بالدورات برا وبحرا سهلا ووعرا مع فضله ومعرفته بعلم السيمياء، وبه تقدم عند الظاهر بن السلطان صلاح الدين صاحب حلب، كان كثير الرعاية له، وبنى له مدرسة بظاهر حلب. قال ابن خلكان: (رأيت فيها بيتين مكتوبين بخط حسن [كأنهما] كتابة رجل فاضل نزل هناك، قاصدا الديار المصرية رحمه الله تعالى، وهما: [من الخفيف] رحم الله من دعا لأناس … نزلوا ههنا يريدون مصرا نزلوا والخدود بيض فلما … أزف البين عدن بالدمع حمرا وللهروي المذكور مصنفات، منها كتاب «الإشارات في معرفة الزيارات» و «الخطب الهروية» وغير ذلك) (2). توفي سنة إحدى عشرة وست مائة. 2788 - [محمد ابن أبي الحب] (3) محمد بن أحمد ابن أبي الحبّ-بضم الحاء المهملة، ثم موحدة-الحضرمي التريمي. قال الخطيب: (كان فقيها زاهدا عالما عاملا ورعا، وكان مسموع الكلمة، مقبول الشفاعة، مهابا عند السلاطين وغيرهم، يسعى بين الناس بالصلح، وله شعر حسن، منه ما كتبه إلى السلطان مستشفعا لأهل العطب في حط الخرس (4) -وكان السلطان قد همّ بل جدّ على أن يجعل على حظائر العطب بحضرموت شيئا من الخرس، ولم يكن على

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 315)، و «وفيات الأعيان» (3/ 346)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 56)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 81)، و «الوافي بالوفيات» (20/ 163)، و «مرآة الجنان» (4/ 22)، و «غربال الزمان» (ص 494)، و «شذرات الذهب» (7/ 90). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 347). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 222)، و «السلوك» (1/ 465)، و «الجوهر الشفاف» (68/ 1 - 69)، و «تحفة الزمن» (1/ 377)، و «البرقة المشيقة» (ص 117)، و «تاريخ شنبل» (ص 63)، و (ص 75)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 479)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 100)، و «أدوار التاريخ الحضرمي» (1/ 202). (4) الخرس: الضريبة. (لهجة يمنية).

2789 - [نجيب الدين العباسي]

العطب خرس قبل ذلك-: [من الطويل] مساكين أهل العطب ووا رحمتي لهم … فقارا عجافا من صرير المعاجل (1) يرومون أهل العطب أن يلحقوا الغنى … وأين الثريّا من يد المتناول فقبل السلطان شفاعته، وترك ما أراد، فكان بعد ذلك كل من أراد من ولاة الأمر بتريم [أن] يجعل على الأعطاب شيئا من الخرس اعتاق بعائق من الأمور: إما أن يزول الوالي، أو يصيب الأعطاب شيء من العاهات فتهلك، ولم يقض أحد منهم من نيته وطرا، ولم يقدر أحد منهم يخرس شيئا من الأعطاب إلى الآن ببركة شفاعة الفقيه، أنفذها الله حيا وميتا. توفي المذكور ليلة الأحد لأربع وعشرين خلت من ذي الحجة سنة إحدى عشرة وست مائة) (2). وفي النسخة التي نقلت منها سمّى الفقيه الشافع في العطب صاحب السر محمد بن أحمد ابن أبي الحب، ولم يذكر تاريخ وفاته، وسمّى الذي أرخ وفاته بالتاريخ المذكور محمد بن علي ابن أبي الحبّ، فما أدري هل هما شخص واحد أخطأ في اسم أبيه في إحدى الموضعين، أم هما شخصان؛ فإن في بني أبي الحب جماعة علماء فضلاء (3). قال في «البرقة»: (ومن فقهاء تريم: الفقهاء الأئمة الخطباء آل أبي الحب، الذين منهم الإمام محمد بن أحمد ابن أبي الحب، ووالده وأعمامه، وإخوانه وولده، الأئمة الصالحون، والعلماء العاملون) اه‍ (4) وأصلهم من ظفار، ثم انتقلوا إلى تريم، والله سبحانه أعلم. 2789 - [نجيب الدين العباسي] (5) العباس بن الحسين بن العباس العباسي الطبري نجيب الدين أبو الفضل، إمام مقام إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام.

(1) العطب: الاسم الشائع للقطن في اليمن. (لهجة يمنية). (2) «الجوهر الشفاف» (68/ 1 - 69). (3) في النسخة التي بين أيدينا من «الجوهر الشفاف» لا فرق بين اسم الشافع واسم الذي أرخ وفاته، وهو: محمد بن أحمد ابن أبي الحب. (4) «البرقة المشيقة» (ص 117). (5) «العقد الثمين» (5/ 91).

2790 - [الملك الناصر بن طغتكين]

سمع على أبي الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري جزءا فيه استعاذات النبي صلّى الله عليه وسلم، وهي خمسون حديثا، جمع عمرو بن شاهين بسماعه على أبي العلاء محمد بن عقيل، عن أبي الحسين بن الطيوري عنه. توفي ليلة الثلاثاء الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة إحدى عشرة وست مائة بمكة (1). 2790 - [الملك الناصر بن طغتكين] (2) السلطان الملك الناصر أيوب بن طغتكين بن أيوب بن شاذي. ولي اليمن بعد قتل أخيه المعز إسماعيل بن طغتكين بن أيوب، وذلك في سنة ثمان-أو تسع-وتسعين وخمس مائة، وكان شابا عاقلا وادعا، فقام بدولته الأمير سنقر الأتابك، وكان هو الذي رباه، ولذلك قيل له: الأتابك-وهذه الكلمة إنما توضع لمن يربي أولاد الملوك-فلما توفي سنقر الأتابك .. أسند أمر مملكته إلى الأمير علم الدين وردشار، وكان علم الدين المذكور مقداما شجاعا، فتصاول هو والإمام عبد الله بن حمزة على اليمن مصاولة شديدة، وكانت لهم أيام مشهورة، ووقعات مذكورة، فلما توفي علم الدين .. استوزر الناصر الأمير بدر الدين غازي بن جبريل (3)، فحمل السلطان على طلوع صنعاء وقتال الإمام عبد الله بن حمزة، فطلع بجيش كبير وأموال جمة، فلما استقر بصنعاء .. سمه وزيره-فيما يقال-فمات بها في المحرم أول سنة إحدى عشرة وست مائة، فطلاه الوزير بالممسكات، وحمله إلى تعز، فقبر هنالك رحمه الله. 2791 - [عبد الله بن سليمان] (4) الحافظ عبد الله بن سليمان الأندلسي.

(1) في «العقد الثمين» (5/ 91): (وتوفي ليلة الثلاثاء العشرين من ذي الحجة). (2) «السلوك» (2/ 536)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 337)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 29)، و «تحفة الزمن» (2/ 478)، و «الفضل المزيد» (ص 85). (3) الصواب: شجاع الدين، انظر ترجمته الآتية (5/ 52). (4) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 357)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 41)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 103)، و «العبر» (5/ 40)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1397)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 201)، و «مرآة الجنان» (4/ 23)، و «غربال الزمان» (ص 495)، و «بغية الوعاة» (2/ 44)، و «نفح الطيب» (4/ 334)، و «شذرات الذهب» (7/ 91).

2792 - [الحافظ الرهاوي]

كان موصوفا بالإتقان، حافظا لأسماء إشبيلية وقرطبة، وأدب أولاد المنصور صاحب المغرب. وتوفي سنة اثنتي عشرة وست مائة. 2792 - [الحافظ الرهاوي] (1) الحافظ عبد القادر الرّهاوي. كان مملوكا لبعض أهل الموصل فأعتقه، وحبّب إليه الحديث، فسمع كثيرا بأصبهان وهمذان، وهراة ومرو، وسجستان ونيسابور، وبغداد ودمشق ومصر، وصنف وجمع. له «الأربعون المتباينة الإسناد والبلاد» وهو شيء ما سبقه إليه أحد، ولا يرجوه بعده أحد. وكان حافظا ثبتا مع الورع الشديد، والزهد والنسك، وخشونة العيش، ختم به الحديث. توفي سنة اثنتي عشرة وست مائة. 2793 - [السلطان عبد الله بن راشد] (2) السلطان عبد الله بن راشد بن أبي قحطان الحميري. قال الخطيب في كتابه «الجوهر الشفاف»: (ولد بتريم سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة، وقرأ «صحيح البخاري» على الفقيه محمد بن أحمد بن أبي النعمان الهجراني سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة، وجمع الأحاديث على أبي الصيف، وابن المقدسي، وابن عساكر سنة ثمان وثمانين وخمس مائة، وولي السلطنة بحضرموت، وكان عصره أحسن

(1) «معجم البلدان» (3/ 106)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 332)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 71)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 107)، و «العبر» (5/ 41)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1387)، و «المختصر المحتاج إليه» (15/ 272)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 40)، و «مرآة الجنان» (4/ 23)، و «البداية والنهاية» (13/ 82)، و «غربال الزمان» (ص 495)، و «شذرات الذهب» (7/ 92). (2) «الجوهر الشفاف» (3/ 100)، و «البرقة المشيقة» (ص 117)، و «تاريخ شنبل» (ص 78)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 114)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 71)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 411)، و «أدوار التاريخ الحضرمي» (1/ 171).

2794 - [علي بن محمد التريمي]

العصور وخيرها، وصحب جماعة من أهل الزهد والتقى، والعلم والعمل والصلاح. وكان يقول: في بلادي-يعني: تريم-ثلاث خصال أفتخر بها على السلاطين: لا يوجد فيها حرام، ولا يوجد فيها سارق، ولا يوجد فيها محتاج. وكتب إليه الإمام العالم الزاهد محمد بن أحمد بن أبي الحب رسالة يقول فيها: [من الطويل] أيا علم الإفضال والجود والكرم … وعلاّمة الآداب والعلم والحكم ويا عصمة الله الذي الناس ترتجي … له دولة يرعى بها الذئب والغنم سلام أيها السلطان الميمون الولاية المباركة ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فإن شواهد الحال تشهد لك بتحقيق المعرفة وحقائق العلوم، ومكارم الأخلاق، ولطائف الآداب المقتضية في الدنيا للنماء والزيادة، والمفضية في العقبى إلى نيل السعادة، انتهى المقصود من الرسالة. ثم ترك السلطان الولاية في آخر عمره، فاعتزل عنها إلى الطاعات ونيل المكرمات واكتساب الخيرات، فقيل له في ترك الولاية، فقال: ما وجدنا آل حضرموت يوالوننا على الحق. وسافر ليصلح بين قبيلتين، فقتل في الطريق ظلما سنة اثنتي عشرة وست مائة رحمه الله تعالى آمين) (1). 2794 - [علي بن محمد التريمي] (2) علي بن محمد بن أبي حاتم التريمي. قال الخطيب فيه: (الإمام المشهور، العالم المشكور. وذكر أن الأديب نشوان الحميري لما دخل تريم، واجتمع بالإمام علي المذكور،

(1) «الجوهر الشفاف» (3/ 100)، وفي «تاريخ شنبل» (ص 78) و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 80) و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 414) و «أدوار التاريخ الحضرمي» (1/ 172): توفي سنة (616 هـ‍). (2) «الجوهر الشفاف» (3/ 105)، و «البرقة المشيقة» (ص 116)، و «تاريخ شنبل» (ص 65)، و «إدام القوت» (ص 892).

وبالإمام إبراهيم بن أبي بكر بن يحيى بن أبي ماجد، والإمام أبي بكر بن أحمد بن أبي ماجد، والإمام فضل بن إبراهيم بن أبي حوّاش، والإمام محمد بن أحمد ابن أبي الحب وغيرهم من العلماء الفضلاء .. أرسل بعد أن رجع إلى اليمن إليهم أبياتا يمدحهم فيها ويمدح سلطانهم عبد الله بن راشد بن أبي قحطان يقول فيها (1): [من الطويل] رعى الله إخواني الذين عهدتهم … ببطن تريم كالنجوم العوائم عليّا حليف النجدة ابن محمد … وأبنا أخيه الغرّ أبناء حاتم ومن في تريم من فقيه مهذّب … وسيد أهل العلم يحيى بن سالم والمراد ب‍ (يحيى بن سالم): يحيى بن سالم بن فضل (2)، وقد ذكرنا ترجمته في العشرين الأخيرة من المائة التي قبل هذه عند ذكر أبيه الفقيه سالم بن فضل (3). ثم قال: [من الطويل] أولئك أهل الفضل في ظلّ فاضل … عظيم من الأملاك عالي الدعائم أنست بهم من سالف الدهر برهة … فكانت لياليها كأحلام نائم وفارقتهم كرها ونار فراقهم … تأجّج ما بين الحشا والحزائم وهل لزمان الوصل بالوصل عودة … وهيهات ليس الصدع كالمتلائم وهل لي بأيام تقضّت برجعة … أو ابكي عليها بالدموع السواجم لئن بعدت أجسامنا فقلوبنا … تراكم بودّ غير واهي العزائم سلام عليكم من صديق بقلبه … جراح فراق ما لها من مراهم) (4) ولم أقف على تاريخ وفاة أحد من المذكورين، وإنما ذكرتهم؛ لأنهم كانوا جميعا في عصر السلطان عبد الله بن راشد بن أبي قحطان المذكور (5).

(1) لعل الصواب: أن الأديب نشوان لم يمدح السلطان عبد الله بن راشد، وإنما مدح أخاه السلطان شجعنة بن راشد المتوفى سنة (593 هـ‍)؛ لأن الأديب نشوان توفي سنة (573 هـ‍)، والسلطان عبد الله بن راشد تولى الملك سنة (593 هـ‍)، انظر تحقيق المسألة في «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 483). (2) رجح صالح الحامد في «تاريخ حضرموت» (2/ 484) أن المراد به: يحيى بن سالم أكدر، فليعلم. (3) انظر ترجمته (4/ 316). (4) «الجوهر الشفاف» (3/ 105). (5) مر في ترجمة (محمد بن أحمد ابن أبي الحب) ذكر وفاته، انظر (5/ 45)، وأما (علي بن محمد بن أبي حاتم) .. فقد ذكره شنبل في «تاريخه» (ص 65) في وفيات سنة (603 هـ‍).

2795 - [إبراهيم ابن أبي ماجد]

2795 - [إبراهيم ابن أبي ماجد] (1) إبراهيم بن أبي بكر بن يحيى بن أبي ماجد (2). قال فيه الخطيب: (الإمام العالم، الأديب المقدام الفاضل. قال: كان بعض العارفين يقول فيه: من أراد أن ينظر إلى ولي في زيّ ملك .. فلينظر إلى الأديب إبراهيم. كان بتريم، ثم انتقل آخر عمره إلى ظفار) (3). ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان معاصرا للسلطان عبد الله بن راشد، وسيأتي ذكره في العشرين بعد هذه (4). 2796 - [أبو بكر بن أبي ماجد] (5) أبو بكر محمد بن أبي ماجد (6). قال فيه الخطيب: (الإمام موضح المشكلات، العالم بالدقائق والجليات). ولم أقف على تاريخ وفاته، وذكرته هنا؛ لأنه كان معاصرا للسلطان عبد الله بن راشد. 2797 - [فضل ابن أبي حواش] (7) فضل بن إبراهيم بن أبي حوّاش. قال فيه الخطيب: (الإمام الجليل، والحبر التقي التّقي الأثيل) (8). ولم أقف على تاريخ وفاته، وكان في أيام السلطان عبد الله بن راشد.

(1) «السلوك» (2/ 470)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 17)، و «الجوهر الشفاف» (3/ 104)، و «تحفة الزمن» (2/ 443)، و «البرقة المشيقة» (ص 117)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 100). (2) «الجوهر الشفاف» (3/ 104). (3) في «الجوهر الشفاف» (3/ 104): (إبراهيم بن يحيى). (4) انظر (5/ 132). (5) «السلوك» (2/ 471)، و «الجوهر الشفاف» (3/ 104)، و «تحفة الزمن» (2/ 443). (6) في «الجوهر الشفاف» (3/ 104): (أبو بكر بن أحمد بن أبي ماجد). (7) «الجوهر الشفاف» (3/ 104)، و «إدام القوت» (ص 892). (8) «الجوهر الشفاف» (3/ 104).

2798 - [سعيد ابن أبي الحب]

2798 - [سعيد ابن أبي الحب] (1) سعيد بن محمد ابن أبي الحب. قال فيه الخطيب: (الحبر الزكي، الزاهد الولي، كان يسمّي الدرهم عقربا) (2). لم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان في أيام السلطان عبد الله بن راشد. 2799 - [الوجيه ابن الدهان] (3) المبارك بن المبارك النحوي الواسطي الوجيه، المعروف بابن الدهان. قرأ القرآن، وسمع الحديث من الحافظ أبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي، وكان حنبلي الفروع، ثم انتقل إلى مذهب أبي حنيفة، ولما شغر مجلس تدريس النحو بالنظامية، وشرط الواقف ألا يفوض إلا إلى شافعي المذهب .. انتقل إلى مذهب الشافعي، وفي ذلك يقول أبو البركات المؤيد ابن زيد التكريتي: [من الطويل] ومن مبلغ عني الوجيه رسالة … وإن كان لا تجدي إليه الرسائل تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل … وذلك لمّا أعوزتك المآكل وما اخترت رأي الشافعيّ تدينا … ولكنّما تهوى الذي منه حاصل وعمّا قليل أنت لا شك صائر … إلى مالك فافطن لما أنت قائل (4) وللوجيه المذكور مصنف في النحو، وشعر، منه: [من الخفيف] لست أستقبح اقتضاءك بالوع‍ … د وإن كنت سيد الكرماء فإله السماء قد ضمن الرز … ق عليه ويقتضي بالدعاء توفي الوجيه سنة اثنتي عشرة وست مائة.

(1) «الجوهر الشفاف» (3/ 104)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 85). (2) «الجوهر الشفاف» (3/ 104). (3) «معجم الأدباء» (6/ 282)، و «الكامل في التاريخ» (10/ 295)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 342)، و «وفيات الأعيان» (4/ 152)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 86)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 125)، و «العبر» (5/ 43)، و «مرآة الجنان» (4/ 24)، و «البداية والنهاية» (13/ 82)، و «غربال الزمان» (ص 495)، و «بغية الوعاة» (2/ 273)، و «شذرات الذهب» (7/ 97). (4) في هامش (ت): (أنا قائل)، وهي كذلك في «معجم الأدباء» (6/ 288)، و «الكامل في التاريخ» (10/ 295)، و «وفيات الأعيان» (4/ 153)، وغيرها.

2800 - [غازي بن جبريل]

2800 - [غازي بن جبريل] (1) الأمير الكبير شجاع الدين غازي بن جبريل، كان أوحد رجال عصره سياسة ورئاسة. ولما توفي الأمير سيف الدين سنقر الأتابك .. أقام الناصر أيوب بن العزيز طغتكين بن أيوب عوضه الأمير غازي المذكور، وكان الناصر يومئذ صغيرا، فحمله الأمير غازي على طلوع صنعاء لقتال المنصور عبد الله بن حمزة، فلما صار بصنعاء .. أقام فيها مدة يسيرة، ثم توفي الناصر في التاريخ المتقدم ذكره (2). قال الجندي: (ويقال: إن الأمير غازي أطعمه سما قاتلا، ثم طلاه بالممسكات، وحمله إلى تعز، فقبر في القبة التي هي قبلي ميدان تعز، وطمع غازي في الملك، فحالف العسكر واستولى على المملكة، ونزل من صنعاء، فلما صار بالسّحول في جملة عسكره .. أحاط بهم العرب فنهبوهم، فوصل غازي إلى إبّ، وكانت أم الناصر وسائر الخواتين في حصن حبّ، فطلع مماليك ابنها إليها، فشتمتهم وقرّعتهم بالكلام، وحملتهم على قتل غازي، فنزلوا إلى إبّ، فهجموا بيته وقتلوه واحتزوا رأسه، وطلعوا به إلى حبّ، وقبر باقي جثته في مقبرة إبّ على وفاء سنة من وفاة الناصر) (3). 2801 - [الأمير الجراحي] (4) الأمير فخر الدين عبد الله بن عيسى بن الحسن المهراني الجرّاحي، أخو الأمير جمال الدين أبي الهيجاء بن عيسى بن الحسن. وفي هذه العشرين توفي أيضا أخوه الأمير أبو الهيجاء المذكور، وماتا بمكة. توفي الأمير فخر الدين المذكور سنة اثنتي عشرة وست مائة.

(1) «السلوك» (2/ 537)، و «تاريخ ابن خلدون» (5/ 387)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 5)، و «تحفة الزمن» (2/ 479)، و «الفضل المزيد» (ص 86). (2) وذلك في ترجمته (5/ 46). (3) «السلوك» (2/ 537). (4) «العقد الثمين» (5/ 231).

2802 - [أبو الحسن ابن الصباغ]

2802 - [أبو الحسن ابن الصباغ] (1) أبو الحسن علي بن حميد الصّعيدي المعروف بابن الصباغ. كان من الأولياء الكبار، وله كرامات، منها أنه كان لأبيه أزيار فيها أصباغ مختلفة الألوان، يصبغ كل ثوب منها على حسب ما يريده صاحب الثوب من الألوان، فدفع إلى ولده أبي الحسن المذكور أثوابا ليصبغ كل ثوب في زير على حدته، فرمى أبو الحسن مجموع الثياب في زير واحد، ثم أخرجها من الزير وكل واحد مصبوغ بلون غير لون الآخر على حكم ما يريده صاحب الثوب. صحب الشيخ الكبير عبد الرحيم القناوي، وتخرج به، وصحبه خلق كثير من المريدين. وكان ابن الصباغ المذكور جليلا، وناهيك بجلالته أن الشيخ الشهير أبا عبد الله القرشي لما مات شيخه .. أصابته وحشة، فذهب إليه وتأنّس به رضي الله عن الجميع. توفي أبو الحسن المذكور سنة اثنتي عشرة وست مائة. 2803 - [أبو اليمن الكندي] (2) أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، البغدادي المولد والمنشأ، الدمشقي الدار والوفاة، النحوي اللغوي المقرئ. أكمل القراءات للعشرة وله عشرة أعوام، وهذا مما لم نعلمه تهيأ لأحد فيما قيل. أخذ عن الشريف أبي السعادات بن الشجري، وأبي محمد بن الخشاب، وأبي منصور الجواليقي.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 340)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 58)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 116)، و «العبر» (5/ 42)، و «الوافي بالوفيات» (21/ 77)، و «مرآة الجنان» (4/ 24)، و «طبقات الأولياء» (ص 452)، و «غربال الزمان» (ص 495)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 460) و (4/ 123)، و «شذرات الذهب» (7/ 96)، و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 321). (2) «معجم الأدباء» (4/ 273)، و «الكامل في التاريخ» (10/ 298)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 383)، و «وفيات الأعيان» (2/ 339)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 34)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 141)، و «العبر» (5/ 44)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1140)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 50)، و «مرآة الجنان» (4/ 26)، و «البداية والنهاية» (13/ 84)، و «بغية الوعاة» (1/ 570)، و «شذرات الذهب» (7/ 100).

2804 - [غازي بن صلاح الدين]

استوطن دمشق بعد أسفار سافرها، وكان له السماع العالي، والجاه الوافر عند الملك المعظم وغيره. وله شعر جيد، ومنه قوله حين طعن في السن: [من الطويل] أرى المرء يهوى أن تطول حياته … وفي طولها إرهاق ذلّ وإزهاق تمنيت في عصر الشبيبة أنني … أعمّر والأعمار لا شك أرزاق فلما أتاني ما تمنيت ساءني … من العمر ما قد كنت أهوى وأشتاق يخيّل لي فكري إذا كنت خاليا … ركوبي على الأعناق والسير إعناق ويذكرني مرّ النسيم وروحه … حفائر يعلوها من الترب أطباق وها أنا في إحدى وتسعين حجّة … لها فيّ إرعاد مخوف وإبراق يقولون ترياق لمثلك نافع … وما لي إلا رحمة الله ترياق توفي سنة ثلاث عشرة وست مائة (1)، ونزل الناس بموته درجة في القراءات والحديث. أدرك الزمخشري، وما أظنه أخذ عنه. 2804 - [غازي بن صلاح الدين] (2) أبو الفتح غازي الملك المعظم الظاهر، صاحب حلب، غياث الدين بن صلاح الدين يوسف بن أيوب، كان ملكا عظيما مهيبا، حازما متيقظا، حسن التدبير والسياسة، باسط العدل، محبا للعلماء، مجيزا للشعراء، كثير الاطلاع على أخبار الملوك وأحوال رعيته، عالي الهمة، حسن الذكاء. من ذكائه أنه جلس يوما يعرض العسكر، وكلما حضر جندي .. سأله الديوان عن اسمه، حتى حضر واحد، فسألوه فقبل الأرض، فلم يفطنوا لما أراد، فأعادوا سؤاله، فقال الملك الظاهر: اسمه غازي، وكان كذلك، وإنما لم يذكر اسمه؛ أدبا لموافقته لاسم السلطان. توفي سنة ثلاث عشرة وست مائة.

(1) في «معجم الأدباء» (4/ 274) توفي سنة (597 هـ‍). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 296)، و «وفيات الأعيان» (4/ 6)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 158)، و «العبر» (5/ 46)، و «مرآة الجنان» (4/ 27)، و «البداية والنهاية» (13/ 84)، و «شذرات الذهب» (7/ 102).

2805 - [عبد الله التريمي]

2805 - [عبد الله التريمي] (1) عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عبيد الحضرمي التريمي، صاحب كتاب «الإكمال»، الإمام وحيد عصره، وفريد دهره، الزاهد العامل. قال الخطيب عبد الرحمن: (سافر إلى الحج في زي الفقراء والمساكين، وأحب ألا يعرف، فدخل مكة وهو على تلك الصفة وإمام الحرمين إذ ذاك بها، فحضر عبد الله المذكور يوما حلقة إمام الحرمين وهو مختف بذلك الزي، وفي الحلقة فقهاء كثيرون، فألقى عليهم مسألة دقيقة غامضة جدا، فلم يقدر أحد من الحاضرين على جوابها، فلما لم يجب عنها أحد من الحاضرين .. لم يتمالك عبد الله حتى زحف إلى إمام الحرمين، وجوّب على تلك المسألة جوابا شافيا، فلما سمع منه إمام الحرمين ذلك الجواب .. قال له: من أنت؟ فإني أظن ما على وجه الأرض من يجوب مثل هذا الجواب، إلا أن تكون الإمام عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عبيد الحضرمي التريمي، فإن لم تكن هو .. فأنت اقتفيت (2)، أو كما قال، فقال عبد الله: بل أنا هو، رضي الله عنهما. توفي المذكور يوم الأربعاء لست من ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وست مائة (3)، وقبره وقبور قبيلته تحت الجبل المعروف بالفريط الأحمر) انتهى ما ذكره الخطيب (4). فإن أراد بإمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني الإمام المشهور شيخ الغزالي كما هو الظاهر .. ففيه نظر؛ لأن إمام الحرمين توفي سنة ثمان وسبعين وأربع مائة، وجاور بمكة أربع سنين قبل وفاته بنحو ثلاثين سنة، فإن صح ما ذكره الخطيب .. كان اجتماع الإمام عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عبيد بإمام الحرمين بمكة في عشر الأربعين وأربع مائة، فيكون بين وفاة الإمام عبد الله المذكور وبين اجتماعه بإمام الحرمين قريب من مائتي سنة، وهذا شيء يستبعد، إلا أن النسخة التي نقلت منها فيها السقم، فلعل انتقل نساخها من خمس مائة إلى ست مائة، أو لعل المراد بإمام الحرمين غير الإمام المشهور، فقد

(1) «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 126)، و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 123)، و «الجوهر الشفاف» (1/ 66)، و «البرقة المشيقة» (ص 117)، و «تاريخ شنبل» (ص 95)، و «هدية العارفين» (5/ 459)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 645)، و (2/ 720). (2) لعله أراد: (فأنت اقتفيت أثره). (3) في «تاريخ شنبل»: توفي سنة (611 هـ‍). (4) «الجوهر الشفاف» (1/ 66).

2806 - [معين الدين السهيلي]

ذكر التقي الفاسي أن شخصا من أهل مكة أو المجاورين بها-الشك مني-كان يسمى إمام الحرمين، والله سبحانه أعلم. 2806 - [معين الدين السهيلي] (1) محمد بن إبراهيم السهيلي الشافعي معين الدين، مؤلف «الكافية» في الفقه في مجلد، و «إيضاح الوجيز» في مجلدين، أحسن فيه، وله «القواعد»، وطريقة مشهورة في الخلاف. وكان إماما فاضلا متفننا مبرزا، انتفع الناس به وبكتبه من بعده، خصوصا «القواعد». توفي بكرة الجمعة حادي وعشرين رجب من سنة ثلاث عشرة وست مائة (2). 2807 - [العز المقدسي] (3) محمد بن الحافظ عبد الغني المقدسي الملقب بالعز. ارتحل وسمع وكتب الكثير، وكان حافظا ذا فنون ومروءة تامة، وديانة متينة، وقراءة حسنة، وفهم جيد. توفي سنة ثلاث عشرة وست مائة. 2808 - [علوي بن محمد بن علي] (4) علوي بن محمد بن علي بن علوي بن محمد بن علوي بن عبيد-ويقال أيضا: عبيد الله- ابن أحمد الشريف أبو علوي.

(1) «وفيات الأعيان» (4/ 256)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 62)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 164)، و «العبر» (5/ 46)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 8)، و «مرآة الجنان» (4/ 27)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 44)، و «غربال الزمان» (ص 497)، و «شذرات الذهب» (7/ 103). (2) في «شذرات الذهب» (7/ 103): (توفي عاشر رجب)، وفي «وفيات الأعيان» (4/ 256) و «تاريخ الإسلام» (44/ 164) و «الوافي بالوفيات» (2/ 8): (توفي في حادي عشر رجب). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 385)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 42)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 165)، و «العبر» (5/ 47)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1401)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 266) «مرآة الجنان» (4/ 28)، و «البداية والنهاية» (13/ 87)، و «شذرات الذهب» (7/ 104). (4) «الجوهر الشفاف» (1/ 58)، و «البرقة المشيقة» (ص 138)، و «تاريخ شنبل» (ص 76)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 175)، و (ص 483)، و «المشرع الروي» (2/ 209).

2809 - [الإمام المنصور عبد الله بن حمزة]

قال في «البرقة»: (كان من أكمل المشايخ العارفين، والأئمة الهادين، وكان سخيا جوادا، عالما عابدا، مواظبا على متابعة المصطفى صلّى الله عليه وسلم) (1). وحكى الخطيب في كتابه «الجوهر»: (أن الشيخ المعروف بالفقيه محمد بن علي بن محمد بن علي بن علوي زار قبور تريم، فلما وصل قبور أهله آل باعلوي .. رد على أهل القبور السلام، فرد عليه السلام السيدان الكبيران العارفان بالله: عمه علوي بن محمد بن علي صاحب الترجمة، والشيخ سالم بن أبي علوان من قبورهما نفع الله بهما. قال الخطيب: وتوفي الشيخ المذكور يوم الاثنين لأربع خلت من شهر القعدة سنة ثلاث عشرة وست مائة) (2). 2809 - [الإمام المنصور عبد الله بن حمزة] (3) الإمام المنصور بالله أبو محمد عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة بن الإمام أبي هاشم الحسن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يحيى بن عبد الله (4) بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، نسب فخم وشرف ضخم، وإمام من أئمة الإسلام، وقطب من أقطاب السادة الكرام. ولد في شهر ربيع الأول سنة إحدى وستين وخمس مائة، وتفنن في عدة من العلوم، وكان مختصا بعلم الأدب، كثير الاحتجاج على غريبي الكتاب والسنة بأشعار العرب، حتى قيل: إن محفوظه يزيد على مائة ألف بيت من أشعار العرب. وصنف التصانيف العجيبة في عدة فنون، وشرع في تفسير كتاب الله عزّ وجل، فلم يفرغ من سورة البقرة إلا في مجلد ضخم، واخترم دون إتمامه، وله عدة رسائل في الرد على المخالفين.

(1) «البرقة المشيقة» (ص 138). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 58). (3) «بهجة الزمن» (ص 134)، و «العقود اللؤلؤية» (30/ 1 - 33)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 102)، و «تحفة الزمن» (2/ 25)، و «هجر العلم» (1/ 493)، و (1283/ 3 - 1297). (4) في «طراز أعلام الزمن» (2/ 102): (عبد الرحمن بن يحيى) بإسقاط (عبد الله).

وله ألفاظ حكيمة، وكلمات أدبية تجري مجرى الأمثال السائرة، منها قوله: كتمان السر رأس مال الملوك. الإلحاح في مطالبة المفلس يؤدي إلى الإنكار. الإفراط في المزح يؤدي إلى العداوة، ونحو ذلك من الألفاظ الرشيقة. وكان شاعرا فصيحا، ومن شعره قوله: [من الكامل] كم بين قول فتى أبي عن جده … وأبي أبي فهو النبي الهادي وفتى يقول حكى لنا أشياخنا … ما ذلك الإسناد من إسنادي ومنه كما كتبه جوابا إلى السلطان الظاهر غازي بن الملك الناصر يوسف بن أيوب صاحب حلب، وقد كتب إليه يدعوه إلى دخول العراق، ويبذل نفسه للقيام بخدمته، فأجابه، وضمّن الجواب شعرا أوله: [من المتقارب] أتهجر معتمدا دارها … وتولي الملامة من زارها وفيها يقول: إلى حلب حيث صيد الملو … ك تحثو وتكرم زوارها سلالة من شاد دين الإل‍ … هـ وطهر بالسيف أوزارها فمات وأبقى لنا بعده … شموس المعالي وأقمارها وكانت دعوته في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة، وتابعه السيدان الأميران شيخا آل رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يحيى ومحمد ابني أحمد بن يحيى الهادي وكافة علماء الزيدية، واتصلت دعوته بالحجاز، فقام بها الشريف قتادة بن إدريس صاحب مكة أتم قيام، وأنفذ دعوته إلى الجيل والديلم والري، فتابعه الزيدية، وارتفع صيته، وخافه العباسيون ببغداد، وكتب دعوته إلى خوارزم شاه صاحب خراسان، فتلقاها بأحسن التلقي، وأعطى الشريف القادم بها مالا جزيلا. وهو الذي عمر حصن ظفار، وحصنه وشيده، وعمر مدارس العلم، وجمع في خزانته من الكتب ما ليس يلفى في سائر الخزائن، وأوقع بالمطرفية، فرقة من الزيدية ينتسبون إلى مطرف بن شهاب، ولهم اعتقادات فاسدة، منها قولهم: التأثير في العالم للطبائع الأربع، وأن الخلقة الشوهاء وحشرات الأرض وغير ذلك ليس من الله ولا باختياره، وكان قد فشا

2810 - [العماد المقدسي]

أمرهم، وظهر مذهبهم القبيح، وكان فيهم تقشف وعبادة استغووا بها عامة الناس، فجرّد السيف فيهم حتى كاد يأتي على آخرهم، وسبى ذراريهم، وخرب ديارهم، ومحا آثارهم، فأنشأ رجل منهم يقال له: ابن النساخ رسالة إلى الخليفة العباسي الناصر لدين الله، يقال: إن بسببها كان دخول المسعود بن الكامل اليمن في سنة اثنتي عشرة وست مائة، وإن الخليفة عزم على الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب المذكور بإرسال بعض ولده إلى اليمن لحرب الإمام عبد الله بن حمزة. وتوفي الإمام المنصور عبد الله بن حمزة لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم سنة أربع عشرة وست مائة. 2810 - [العماد المقدسي] (1) إبراهيم بن عبد الواحد المعروف بالعماد المقدسي، أخو الحافظ عبد الغني. قيل: كان صواما قواما، صاحب أحوال وكرامات، سمحا متفضلا، ورعا متواضعا. توفي سنة أربع عشرة وست مائة. 2811 - [عبد الصمد الخزرجي] (2) عبد الصمد بن محمد الأنصاري الخزرجي الدمشقي الشافعي، قاضي القضاة. سمع من الكبار، ودرس وأفتى، وبرع في المذهب، وانتهى إليه علو الإسناد، وكان من قضاة العدل، صالحا عابدا. توفي سنة أربع عشرة وست مائة.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 413)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 47)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 182)، و «العبر» (5/ 49)، و «المختصر المحتاج إليه» (15/ 131)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 49)، و «مرآة الجنان» (4/ 29)، و «البداية والنهاية» (13/ 91)، و «شذرات الذهب» (7/ 105). (2) «معجم البلدان» (2/ 241)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 415)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 80)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 203)، و «العبر» (5/ 50)، و «دول الإسلام» (2/ 119)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 451)، و «مرآة الجنان» (4/ 29)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 196)، و «البداية والنهاية» (13/ 92)، و «شذرات الذهب» (7/ 108).

2812 - [أبو محمد البزاز]

2812 - [أبو محمد البزاز] (1) عبد الله بن عبد الجبار بن عبد الله الأموي العثماني أبو محمد التاجر البزاز الكارمي الإسكندراني. أصله من شاطبة، وولد بالإسكندرية في رمضان سنة أربع وأربعين وخمس مائة وتديرها، وسمع بها من السّلفي وغيره، وبمصر من منجب المرشدي، وحدث بالإسكندرية ومصر، والصعيد واليمن، سمع منه الحافظ المنذري، وذكر في «التكملة» (2). قال التقي الفاسي: (ومنها (3) نقلت هذه الترجمة، وذكر أن الشيخ الحافظ أبا الحسن علي بن الفضل المقدسي يعظمه ويثني عليه كثيرا. وتوفي شهيدا-على ما قيل-في رابع عشرين ذي الحجة سنة أربع عشرة وست مائة) (4). 2813 - [الملك العادل] (5) السلطان الملك العادل سيف الدين محمد بن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي. كان أخوه صلاح الدين يستشيره ويعتمد على رأيه؛ لعقله ودهائه، واستنابه بمصر في حال غيبته بالشام، وكان يستدعي منه الأموال للإنفاق على الجند، فكتب إليه العماد الأصبهاني على لسان السلطان صلاح الدين يستحثه على إنفاذ الأموال حتى قال: يسير الحمل من مالنا أو من ماله، فشق ذلك على العادل، فشكى إلى القاضي الفاضل، فكتب القاضي الفاضل جوابه، ومن جملته: وأما ما ذكره المولى من قوله: يسير الحمل من مالنا أو من ماله .. فتلك لفظة لم يكن بها المقصود النجعة، وإنما المقصود بها من الكاتب السجعة، وكم من لفظة فظة، وكلمة فيها غلظة، جبرت عيّ الأقلام، وسدت خلل الكلام.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 416)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 199)، و «العبر» (5/ 50)، و «العقد الثمين» (5/ 195)، و «شذرات الذهب» (7/ 108). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 416). (3) أي: من «التكملة». (4) «العقد الثمين» (5/ 195). (5) «الكامل في التاريخ» (10/ 226)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 430)، و «وفيات الأعيان» (5/ 74)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 115)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 268)، و «العبر» (5/ 58)، و «مسالك الأبصار» (27/ 231)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 235)، و «مرآة الجنان» (4/ 30)، و «البداية والنهاية» (13/ 93)، و «شذرات الذهب» (7/ 117).

2814 - [أبو حامد العميدي]

ثم تنقلت بالعادل الأحوال حتى ملك مصر والشام واليمن، تسلطن ابنه الكامل بمصر، وابنه المعظم بالشام، وابنه الأشرف على الجزيرة، وابنه الأوحد على خلاط، وابن ابنه المسعود بن الكامل على اليمن. وكان ملكا جليلا، طويل العمر، عميق الفكر، بعيد الغور، جماعا للمال، ذا حلم وسؤدد، وله نصيب من صوم وصلاة، وكان يضرب به المثل في كثرة أكله، ولم يكن محببا إلى الرعية؛ لمجيئه بعد الدولتين النورية والصلاحية. توفي في سنة خمس عشرة وست مائة، وخلف تسعة عشر ابنا (1)، تسلطن منهم خمسة: الكامل والمعظم والأشرف والصالح وشهاب الدين غازي. 2814 - [أبو حامد العميدي] (2) أبو حامد محمد بن محمد العميدي الحنفي السمرقندي. كان كريم الأخلاق، كثير التواضع، طيب المعاشرة، إماما في فن الخلاف، وهو أول من أفرده بالتصنيف، ومن تقدمه كان يمزجه بخلاف المتقدمين. ومن تصانيفه كتاب «النفائس»، اختصره شمس الدين أحمد بن الخليل الشافعي الخويّي، وسماه: «عرائس النفائس». توفي العميدي المذكور سنة خمس عشرة وست مائة. 2815 - [الدامغاني] (3) أبو القاسم عبد الله بن الحسين الدامغاني، قاضي القضاة، الفقيه العلامة.

(1) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 30)، وفي «تاريخ الإسلام» (44/ 276) و «العبر» (5/ 58) و «الوافي بالوفيات» (2/ 236) و «غربال الزمان» (ص 497) و «شذرات الذهب» (7/ 117) عدد أولاده الذكور: (سبعة عشر)، وفي «مسالك الأبصار» (27/ 232): (ستة عشر). (2) «سير أعلام النبلاء» (22/ 76)، و (22/ 97)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 263)، و «العبر» (5/ 57)، و «دول الإسلام» (2/ 121)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 280)، و «مرآة الجنان» (4/ 31)، و «تاج التراجم» (ص 274)، و «شذرات الذهب» (7/ 116). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 448)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 241)، و «العبر» (5/ 56)، و «المختصر المحتاج إليه» (15/ 215)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 137)، و «مرآة الجنان» (4/ 31) «البداية والنهاية» (13/ 96)، و «شذرات الذهب» (7/ 114).

2816 - [زينب بنت الشعري]

ولي قضاء العراق ثمان سنين، ثم عزل. وتوفي سنة خمس عشرة وست مائة. 2816 - [زينب بنت الشعري] (1) أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن، الجرجاني الأصل، النيسابوري الدار، الصوفي المذهب، المعروف بالشّعري بفتح الشين المعجمة، وسكون العين المهملة، وكسر الراء. حدثت عن جمع من العلماء رواية وإجازة، كالإمام أبي المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري، والحافظ عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي، وأبي البركات عبد الله بن الإمام محمد بن الفضل الفراوي، والإمام أبي القاسم الزمخشري صاحب «الكشاف» وغيرهم، وكانت عالية الإسناد. توفيت سنة خمس عشرة وست مائة. 2817 - [أبو عبد الله الترخمي] (2) أحمد بن مسعود بن عبد الله بن مسعود بن عليان بن هشام أبو عبد الله التّرخمي-بضم المثناة فوق، وسكون الراء، وضم الخاء المعجمة، وآخره ميم-نسبة إلى ذي ترخم، أحد ملوك حمير. كان المذكور فقيها صالحا تقيا. توفي سنة خمس عشرة وست مائة.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 453)، و «وفيات الأعيان» (2/ 344)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 85)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 239)، و «العبر» (5/ 56)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 65)، و «مرآة الجنان» (4/ 31)، و «ذيل التقييد» (3/ 411)، و «شذرات الذهب» (7/ 113). (2) «السلوك» (2/ 222)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 177)، و «تحفة الزمن» (1/ 519)، و «هجر العلم» (2/ 982).

2818 - [محمد الصعبي]

2818 - [محمد الصعبي] (1) محمد بن أحمد بن أسعد الصعبي. تفقه بزيد بن عبد الله الزبراني، ومحمد بن أحمد الجماعي، وأخذ «البيان» عن سليمان بن فتح الصليحي، أحد أصحاب المصنف. وكان فقيها فاضلا صالحا تقيا ورعا. تفقه به أبو بكر بن ناصر في الفرائض خاصة، وأحمد بن ليث النزاري، وعلي بن الحسن الأصابي وغيرهم. وتوفي بالقرية في شهر رمضان سنة خمس عشرة وست مائة (2). 2819 - [أبو البقاء العكبري] (3) أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري الضرير النحوي، شارح كتاب «الإيضاح» لأبي علي الفارسي و «ديوان المتنبي» و «لمع ابن جني» و «مفصل الزمخشري» و «الخطب النّباتية» و «المقامات الحريرية»، وله «إعراب القرآن» و «إعراب الحديث» و «إعراب شعر الحماسة» وغير ذلك من المصنفات. أخذ النحو عن أبي محمد ابن الخشاب وغيره، وسمع الحديث من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطّي، ومن أبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي وغيرهما. ولم يكن في آخر عمره في عصره مثله في فنونه على ما قيل، وكان الغالب عليه علم النحو. توفي سنة ست عشرة وست مائة.

(1) «السلوك» (2/ 232)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 70)، و «تحفة الزمن» (1/ 524)، و «هجر العلم» (2/ 980). (2) المراد ب‍ (القرية): قرية سهفنة، وصاحب الترجمة من موضع منها يقال له: الحويّة، انظر «السلوك» (2/ 232). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 332)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 461)، و «وفيات الأعيان» (3/ 100)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 91)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 293)، و «العبر» (5/ 61)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 139)، و «مرآة الجنان» (4/ 32)، و «البداية والنهاية» (13/ 100)، و «توضيح المشتبه» (6/ 313)، و «بغية الوعاة» (2/ 38)، و «شذرات الذهب» (7/ 121).

2820 - [الملك المنصور قطب الدين]

2820 - [الملك المنصور قطب الدين] (1) صاحب سنجار الملك المنصور قطب الدين محمد بن عماد الدين زنكي. توفي سنة ست عشرة وست مائة فيما أظن (2). 2821 - [ابن شاس] (3) أبو محمد عبد الله المعروف بابن شاس الجذامي المصري، الإمام العلامة، شيخ المالكية، وصاحب كتاب «الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة»، كتاب حسن كثير الفوائد، وضعه على ترتيب «الوجيز» للغزالي. كان من أكابر العلماء العاملين، حج في أواخر عمره ورجع، وامتنع من الفتيا إلى أن مات مجاهدا في سبيل الله في أخذ العدو لدمياط في سنة ست عشرة وست مائة. 2822 - [علي بن القاسم ابن عساكر] (4) الحافظ علي بن القاسم بن الحافظ الكبير أبي القاسم ابن عساكر. توفي سنة ست عشرة وست مائة فيما أظن (5).

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 331)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 315)، و «العبر» (5/ 63)، و «مسالك الأبصار» «234/ 27»، و «مرآة الجنان» (4/ 35)، و «شذرات الذهب» (7/ 125). (2) جميع المصادر التي مرت ذكرت وفاته كذلك على جهة القطع. (3) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 468)، و «وفيات الأعيان» (3/ 61)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 98)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 296)، و «العبر» (5/ 61)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 651)، و «مرآة الجنان» (4/ 35)، و «البداية والنهاية» (13/ 102)، و «غربال الزمان» (ص 499)، و «حسن المحاضرة» (1/ 392)، و «شذرات الذهب» (7/ 123). (4) «الكامل في التاريخ» (10/ 332)، و «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 463)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 145)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 307)، و «العبر» (5/ 62)، و «الوافي بالوفيات» (21/ 391)، و «مرآة الجنان» (4/ 35)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 296)، و «البداية والنهاية» (13/ 100)، و «شذرات الذهب» (7/ 125). (5) جميع المصادر التي مرت ذكرت وفاته كذلك على جهة القطع.

2823 - [ابن الدهان الموصلي]

2823 - [ابن الدهان الموصلي] (1) أبو الفرج عبد الله بن أسعد بن علي المعروف بابن الدهان الموصلي، المنعوت بالمهذب. كان فقيها أديبا، شاعرا لطيف الشعر، مليح السبك، وله ديوان صغير كله جيد، ولما ضاقت به الحال بالموصل .. عزم على قصد الوزير بمصر المعروف بالملك الصالح طلائع بن رزّيك، وعجز عن استصحاب زوجته، فكتب إلى نقيب العلويين أبي طاهر زيد بن محمد الحسيني (2) هذه الأبيات: [من البسيط] وذات شجو أسال البين عبرتها … باتت تؤمل بالتقييد (3) إمساكي لحّت (4) … فلما رأتني لا أصيخ لها بكت فأقرح قلبي جفنها الباكي قالت وقد رأت الإجمال محدجة … والبين قد جمع المشكوّ والشاكي من لي إذا غبت في ذا المحل قلت لها … الله وابن عبيد الله مولاك لا تجزعي بانحباس الغيث عنك فقد … سألت نوء الثريا جود مغناك فتكفل الشريف ابن عبيد الله المذكور (5) لزوجته بجميع ما تحتاج إليه مدة غيبته عنها، فقدم إلى مصر، ومدح الصالح بقصيدته الكافية التي أولها: [من البسيط] أما كفاك تلافي في تلافيكا … ولست تنقم إلا فرط حبّيكا ومنها: أأمدح الترك أبغي الفضل عندهم … والشعر ما زال عند الترك متروكا

(1) «تاريخ دمشق» (27/ 82)، و «الكامل في التاريخ» (10/ 14)، و «كتاب الروضتين» (3/ 247)، و «وفيات الأعيان» (3/ 57)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 176)، و «تاريخ الإسلام» (41/ 108)، و «العبر» (4/ 243)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 67)، و «مرآة الجنان» (3/ 422)، و (4/ 35)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 120)، و «البداية والنهاية» (12/ 846)، و «المقفى الكبير» (4/ 576)، و «شذرات الذهب» (6/ 443). (2) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 35)، ونسخة في هامش «وفيات الأعيان» (3/ 57)، وفي باقي المصادر: (أبو عبد الله زيد بن محمد). (3) كذا في «تاريخ الإسلام» (4/ 108)، و «مرآة الجنان» (4/ 35)، وفي «وفيات الأعيان» (3/ 57)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 68)، و «المقفى الكبير» (4/ 577): (بالتفنيد). (4) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 35)، وفي باقي المصادر: (لجّت). (5) وهو نقيب العلويين المتقدم، وهو زيد بن محمد بن محمد بن عبيد الله الحسيني.

2824 - [أبو عمرو بن عتيق]

لا نلت وصلك إن كان الذي زعموا … ولا شفى ظمئي جود ابن رزّيكا وقال العماد الكاتب: (أنشدني المهذب: [من الكامل] تردي الكتائب كتبه فإذا انبرى (1) … لم تدر أنفذ أسطرا أم عسكرا) (2) وفي معنى تشبيه القلم بالعسكر قول بعضهم: [من البسيط] قوم إذا أخذوا الأقلام عن غضب … ثم استمدوا بها ماء المنيّات نالوا بها من أعاديهم وإن بعدوا … ما لم ينالوا بحد المشرفيّات توفي سنة ست عشرة وست مائة، كذا ذكره الشيخ عبد الله اليافعي في «تاريخه» فيمن توفي في هذه السنة (3)، وقد قدمه أيضا فيمن توفي في سنة إحدى وثمانين وخمس مائة (4)، ولعله الصواب؛ فقد ذكره كذلك غيره من المؤرخين (5)، والله سبحانه أعلم. 2824 - [أبو عمرو بن عتيق] (6) عثمان بن عتيق أبو عمرو (7) الحسيني، الشريف النسيب، الحنفي المذهب. تفقه بعلي بن أبي بكر العلوي، وبمحمد بن يوسف الضجاعي. وكان فقيها فاضلا صالحا، أخذ عنه أبو بكر ابن حنكاس وغيره من فضلاء الحنفية. وتوفي بزبيد لثلاث بقين من شوال سنة ست عشرة وست مائة (8).

(1) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 36)، وفي «خريدة القصر» في القسم الشامي (2/ 279)، و «المقفى الكبير» (4/ 577): (غدت)، وفي باقي المصادر: (انبرت). (2) «خريدة القصر» في القسم الشامي (2/ 279). (3) «مرآة الجنان» (4/ 35). (4) «مرآة الجنان» (3/ 422)، وكذلك قدمه المؤلف رحمه الله تعالى في وفيات سنة (581 هـ‍)، انظر (4/ 313). (5) انظر مصادر الترجمة. (6) «السلوك» (2/ 49)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 190)، و «تحفة الزمن» (1/ 407). (7) كذا في «تحفة الزمن» (1/ 407)، وفي (م)، و «السلوك» (2/ 49): (عمر). (8) في (م) بزيادة: (وقيل: ثمان عشرة وست مائة)، وفي «السلوك» (2/ 49)، و «تحفة الزمن» (1/ 407): (سنة ثمان عشرة، وقيل: ستة عشر وست مائة).

2825 - [محمد بن علي العرشاني]

2825 - [محمد بن علي العرشاني] (1) محمد بن الحافظ علي بن أبي بكر العرشاني. كان فقيها عالما صالحا ورعا. لما ولي أخوه أحمد المتقدم ذكره في هذه العشرين (2) القضاء .. هجره أخوه محمد، ولا أكل له طعاما، ولا دعس له بساطا. وتوفي في شهر رمضان سنة ست عشرة وست مائة، وله ذرية بزبيد يعرفون ببني قاضي الرفعة، معظمهم يزارون، وفيهم الخير. 2826 - [زكي الدين القرشي] (3) زكي الدين [الطاهر بن] محمد ابن يحيى القرشي الدمشقي قاضي القضاة. كان ذا هيبة وسطوة وحشمة، وكان الملك المعظم يكرهه، [فاتفق] أنه طالب جابي العزيزيّة (4) بالحساب، فأساء الأدب عليه، فأمر بضربه بين يديه، فوجد المعظم سبيلا إلى أذيته، فبعث إليه بخلعة أمير: قباء وكلوته (5)، وألزمه بلبسهما في مجلس حكمه، ففعل، ثم قام فدخل، ولزم بيته، ومات كمدا. يقال: إنه رمى قطعا من كبده، ومات كهلا في سنة سبع عشرة وست مائة، وندم المعظم على ما فعل حيث لا ينفع الندم.

(1) «السلوك» (1/ 304)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 238)، و «تحفة الزمن» (1/ 228)، و «هجر العلم» (3/ 1418). (2) انظر (5/ 32). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 8)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 336)، و «العبر» (5/ 67)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 408)، و «مرآة الجنان» (4/ 38)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 153)، و «البداية والنهاية» (13/ 98)، و «شذرات الذهب» (17/ 131). (4) العزيزية: إحدى مدارس الشافعية القديمة بدمشق، انظر «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 382). (5) الكلوته: لباس رأس من العصر المملوكي، مصنوع من القماش المزركش على هيئة طاقية، كانت تلبس إما لوحدها، أو بعمامة.

2827 - [أسد الشام اليونيني]

2827 - [أسد الشام اليونيني] (1) عبد الله بن عثمان اليونيني، الشيخ المقدام، أسد الشام. كان شيخا مهيبا، تام الشجاعة، أمّارا بالمعروف، نهّاء عن المنكر، كثير الجهاد، دائم الذكر، عظيم الشأن، صاحب مجاهدات، وكان الأمجد صاحب بعلبك يزوره، فكان يهينه ويقول: يا مجيد؛ أنت تظلم وتفعل، [وهو] يعتذر إليه. قيل: كان قوسه ثمانين رطلا، وكان لا يبالي بالرجال قلوا أو كثروا، وكان ينشد هذه الأبيات ويبكي: [من الطويل] شفيعي إليكم طول شوقي إليكم … وكل كريم للشفيع قبول وعذري إليكم أنني في هواكم … أسير ومأسور الغرام ذليل فإن تقبلوا عذري فأهلا ومرحبا … وإن لم تجيبوا فالمحب حمول سأصبر لا عنكم ولكن عليكم … عسى لي إلى ذاك الجناب وصول توفي وهو صائم في شهر ذي الحجة من سنة سبع عشرة وست مائة، وقد نيف على الثمانين. 2828 - [أبو الحسن الجويني] (2) أبو الحسن محمد بن عمر بن علي الجويني، شيخ الشيوخ بن شيخ الشيوخ. سمع من يحيى الثقفي، وأجاز له أبو الوقت وجماعة، وبرع في مذهب الشافعي ودرس وأفتى، وكان كبير القدر، ثم ولي بمصر مدرس الشافعي (3)، ، ومشهد الحسين. وبعثه الكامل رسولا يستنجد بالخليفة وجيشه على الفرنج، فأدركه الأجل بالموصل، فمات سنة سبع عشرة وست مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (22/ 101)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 338)، و «العبر» (5/ 67)، و «دول الإسلام» (2/ 124)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 316)، و «مرآة الجنان» (4/ 38)، و «البداية والنهاية» (13/ 109)، و «طبقات الصوفية» (4/ 398)، و «شذرات الذهب» (7/ 132)، و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 234). (2) «تكملة الإكمال» (2/ 20)، و «الكامل في التاريخ» (10/ 266)، و «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 15)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 79)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 376)، و «العبر» (5/ 70)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 259)، و «مرآة الجنان» (4/ 39)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 96)، و «البداية والنهاية» (13/ 109)، و «المقفى الكبير» (6/ 420)، و «حسن المحاضرة» (1/ 352)، و «شذرات الذهب» (7/ 137). (3) أي: في المدرسة الناصرية بجوار قبر الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، انظر «المقفى الكبير» (6/ 421).

2829 - [محمد الحكمي]

2829 - [محمد الحكمي] (1) الشيخ الصالح المشهور محمد بن أبي بكر الحكمي، من حكماء حرض، وهي أصل بلده. وكان نجارا كثير العبادة، فصحب الأحوري، فحصل له فتوح رباني، فخرج من بلده وعشيرته سائحا، واجتمع بالفقيه محمد بن حسين البجلي بعواجة، فأقام عنده، وحصل بينهما ألفة شديدة واتحاد عظيم، حتى [صارا] كنفس واحدة بحيث لا يذكر أحدهما غالبا إلا وذكر الآخر معه، ويحكى أن أحدهما أكل حبة موز أو قثاء، فمغصه باطنه، فتقيأها الآخر عنه، فبرئ من الماغص. وكان المذكور شيخا صالحا، عارفا عابدا زاهدا، ذا كرامات ظاهرة، وأحوال باهرة، وللأديب ابن حمير فيه وفي صاحبه البجلي القصد الطنانة في حياتهما وبعد مماتهما. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي في سنة سبع عشرة وست مائة، وقبر بتربة عواجة قريبا من قبر الفقيه محمد بن حسين البجلي، وعلى قرب منهما قبر المعلم حسين، وهو والد الفقيه محمد بن حسين البجلي المذكور، كان من أعيان الصالحين، ومن أهل الكرامات، وكان يقال: معلمان مباركان لهما ذرية طاهرة الغالب فيها الخير، وهما: المعلم حسين هذا وأولاده الفقهاء بنو البجلي، والآخر المعلم إسماعيل جد الحضارم، وهو جد الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي. 2830 - [رضي الدين الطوسي] (2) أبو الحسن المؤيد بن محمد الطوسي المقرئ رضي الدين. قصد من الأقطار للأخذ عنه. توفي سنة سبع عشرة وست مائة.

(1) «السلوك» (2/ 364)، و «مرآة الجنان» (4/ 360)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 116)، و «تحفة الزمن» (2/ 272)، و «غربال الزمان» (ص 500)، و «تاريخ شنبل» (ص 80)، و «طبقات الصوفية» (2/ 548)، و «شذرات الذهب» (7/ 137)، و «جامع كرامات الأولياء» (1/ 196)، و «هجر العلم» (3/ 1488). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 26)، و «وفيات الأعيان» (5/ 345)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 104)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 383)، و «العبر» (5/ 71)، و «دول الإسلام» (2/ 124)، و «مرآة الجنان» (4/ 39)، و «تاريخ شنبل» (ص 79)، و «شذرات الذهب» (7/ 138).

2831 - [علاء الدين خوارزم شاه]

2831 - [علاء الدين خوارزم شاه] (1) السلطان خوارزم شاه محمد بن السلطان الكبير علاء الدين. كان ملكا جليلا أصيلا، عالي الهمة، واسع الممالك، كثير الحروب، ذا ظلم وجبروت وغزو (2) ودهاء، وله وقائع مع الخطا وغيرهم. توفي سنة سبع عشرة وست مائة. 2832 - [ابن غليس] (3) علي بن محمد بن غليس-بضم الغين المعجمة، وفتح اللام، وسكون المثناة تحت، ثم سين مهملة-العريقي-بفتح العين المهملة، وكسر الراء، وسكون المثناة تحت، وكسر القاف-نسبة إلى المشايخ أهل ظفر عند الجند. كان المذكور فقيها، ارتحل إلى الشام والعراق، وجاور في المساجد الثلاثة الشريفة، وبينه وبين ابن أبي الصيف صحبة واخوة ومكاتبات، وكان هو وأخوه عمر بن محمد عظيمي القدر، قل أن يتفق أخوان كاتفاقهما، لا سيما على الدين والصلاح وفعل الخير وحسن السيرة، وكان عمر قليل السفر عن البلد، يقال: إنه أوتي الاسم الأعظم. قال الجندي: (ولقد سمعت بالنقل المتواتر أنهما اجتمعا يوما في مجلس خير، وكان حفلا، فتذاكروا فيه آلاء الله ونعمه، فنزلت عليهم من السماء ورقة خضراء مكتوب فيها بالنور: براءة من الله تعالى [ورسوله] لعمر وعلي ابني غليس من النار) (4). وكان علي ذا دنيا واسعة، ابتنى ثلاث مدارس في وصاب، ووقف عليها من ماله ومال

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 343)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 139)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 363)، و «العبر» (5/ 69)، و «دول الإسلام» (2/ 125)، و «مرآة الجنان» (4/ 39)، و «البداية والنهاية» (13/ 103)، و «شذرات الذهب» (7/ 136). (2) في (م)، و «مرآة الجنان» (4/ 39): (وعزّ). (3) «ذيل تاريخ بغداد» لابن النجار (19/ 33)، و «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 433)، و «السلوك» (2/ 292)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 361)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 111)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 352)، و «تحفة الزمن» (1/ 562). (4) «السلوك» (2/ 292).

2833 - [أبو القاسم الحبيشي]

أخيه، وأوقف عليها كتبا كثيرة، وكانا كروحين في جسد، إذا غاب علي .. كتب إلى عمر يذكره الله، ويحثه على الاجتهاد في العبادة. توفي علي لبضع عشرة وست مائة (1). 2833 - [أبو القاسم الحبيشي] (2) [أبو] القاسم بن سليمان الحبيشي. تفقه بشيوخ الملحمة، وأخذ عن الإمام طاهر بن يحيى العمراني، وسكن حصن أنور من بلد دمت (3)، وهو جبل مشهور. وتوفي لبضع عشرة وست مائة. 2834 - [نجم الدين الكبرى] (4) الشيخ الكبير نجم الدين الكبرى-بضم الكاف، وسكون الموحدة مقصورا-ذكر [أنه] كان في أيام صباه شديد الذكاء، لم يلق مؤدبه إلى أقرانه شيئا من المشكلات إلا سبقهم بثاقب ذهنه، فلقبوه: الطامة الكبرى، ثم غلب عليه ذلك اللقب، فحذفوا الطامة ولقبوه: الكبرى، وقيل: بفتح الموحدة ممدودا، هو نجم الكبراء، جمع كبير. رحل إلى الأقطار، وتنقل في الأمصار، وزار المشايخ الكبار، وحج راكبا وماشيا، وسمع الحديث والأخبار، والتفسير والآثار، من خلق كثير من الأخيار. ولبس الخرقة من الشيخ العارف بالله أبي الحسن إسماعيل القصري، ومن الشيخ أبي ياسر عمار بن ياسر التدليسي.

(1) كذا في «السلوك» (2/ 293)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (598 هـ‍). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 237)، و «السلوك» (1/ 412)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 18)، و «تحفة الزمن» (1/ 336). (3) في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 237)، و «السلوك» (1/ 412): (سكن حصن آل أيوب من أرض وسن). (4) «تكملة الإكمال» (2/ 63)، و (5/ 143)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 111)، و «تاريخ الإسلام» (42/ 392)، و «العبر» (5/ 73)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 263)، و «مرآة الجنان» (4/ 40)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 25)، و «المقفى الكبير» (1/ 549)، و «تاريخ شنبل» (ص 79)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 370)، و «شذرات الذهب» (7/ 141)، و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 504).

2835 - [موسى بن عبد القادر الجيلاني]

ولما حصر التتار لعنهم الله خوارزم في سنة سبع عشرة وست مائة (1) .. جمع الشيخ أصحابه وهم أكثر من ستين وقد هرب السلطان محمد وهم يظنون أنه بها، فدخلوا البلد، وكان من أصحاب الشيخ المذكور الشيخ سعد الدين الحموي، والشيخ علي لالا، وابن أخيه علي بن محمد مع جماعة من العارفين، فقال لهم الشيخ: قوموا وارتحلوا إلى بلادكم؛ فإنه قد خرجت نار من المشرق تحرق إلى قريب المغرب، وهي فتنة عظيمة ما وقع في هذه الأمة مثلها، فقال له بعضهم: لو دعوت الله أن يرفع هذه الفتنة عن بلاد المسلمين، فقال: هذا قضاء من الله محكم لا يرده، ولا ينفع فيه الدعاء، فقالوا له: معنا دواب تركب معنا، ونخرج الساعة، فقال: إني أقتل ههنا، ولم يأذن الله لي أن أخرج منها، فاستعدوا لخروجكم إلى خراسان، فخرجوا، ولما دخل الكفار البلد .. نادى الشيخ في أصحابه الذين لم يأمرهم بالخروج: الصلاة جامعة، ثم قال: قوموا على اسم الله تعالى نقاتل في سبيل الله، ودخل البيت، ولبس خرقة شيخه، وشد وسطه، وكانت عليه فرجية، وجعل الحجارة في جانبيها، وأخذ العنزة وخرج، ولما واجه العدو .. أخذ يرميهم بالحجارة حتى فرغ جميع ما معه، ورموه بالنبل حتى قتلوه في سنة ثمان عشرة وست مائة رحمه الله، ودفن في رباطه، ورثاه المؤيد بن يوسف الصلاحي بقصيدة يقول في أثنائها: [من البسيط] ما زال يجهد في مرضاة خالقه … وما أعدّ له الرحمن ما كسبا من ذا رأى بحر علم في بحار دم … يجري إذا ما طفت أنواره شببا (2) يهوى النجوم الدّراري من يكون لها … يوما نسيبا تدانيه إذا انتسبا يا يوم وقعة خورزم التي اتصفت … فجعتنا وفقدنا الدّين والحسبا أتح له يا إله الخلق نيل رضى … لا يدرك الكنه منه حاسب حسبا 2835 - [موسى بن عبد القادر الجيلاني] (3) أبو نصر موسى بن الشيخ الكبير القطب محيي الدين عبد القادر الجيلاني.

(1) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 41)، وفي «سير أعلام النبلاء» (22/ 113)، و «العبر» (5/ 74): سنة (618 هـ‍). (2) كذا في الأصول، وفي «مرآة الجنان» (4/ 42)، و «غربال الزمان» (ص 502): (سببا). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 46)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 150)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 431)، و «العبر» (5/ 75)، و «دول الإسلام» (2/ 127)، و «المختصر المحتاج إليه» (15/ 346)، و «مرآة الجنان» (4/ 42)، و «غربال الزمان» (ص 502)، و «شذرات الذهب» (7/ 146).

2836 - [مدافع المعيني]

روى عن أبيه، وسعيد بن البنّاء، وابن ناصر، وأبي الوقت، وسكن دمشق. وتوفي سنة ثمان عشرة وست مائة. 2836 - [مدافع المعيني] (1) مدافع بن أحمد المعيني، ثم الخولاني، الشيخ الكبير، العارف بالله الشهير، الرباني المربي. أصل بلده الوحيز (2) -بفتح الواو، وكسر الحاء المهملة، ثم مثناة من تحت، ثم زاي- قرية من أعمال تعز، قبالة القرية المعروفة بذي هزيم. قال الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي: (كان الشيخ مدافع من المشايخ العارفين الجامعين الكاملين في العلم بآداب الشريعة (3)، وسلوك الطريقة، ومشاهدة الحقيقة، ممن أجمع المشايخ والعلماء على كمال معرفته، وحسن سريرته وطريقته، أخذ يد التصوف من الشيخ الحداد بحق أخذه عن الشيخ عبد القادر الجيلاني. ثم بعد ذلك لما شاع في اليمن أن الشيخ عبد القادر يريد الحج في السنة القابلة .. سار الشيخ مدافع وجماعة من شيوخ اليمن إلى مكة المشرفة على نية الحج والزيارة والاجتماع بالشيخ عبد القادر، واجتمعت به المشايخ، ولبسوا من يده الخرقة الشريفة، فكان الشيخ مدافع ممن لبس الخرقة من يد الشيخ عبد القادر بغير واسطة) (4). وكان له ابنتان، فخطبهما منه أعيان أهل زمانه من أهل الدين والدنيا، فامتنع من تزويجهما، فسأله بعض خواصه عن سبب امتناعه من ذلك فقال: أزواجهما يأتيان من وراء البحر، فقدر الله وصول الشيخين الشريفين علي وعبد الملك ابني محمد بن أحمد بن جديد الحسينيّين من حضرموت إلى الشيخ مدافع؛ لقصد زيارته والتبرك به وأخذ اليد عنه، فزوجهما على ابنتيه، فعلم أن ما أخبر به كان من طريق الكشف.

(1) «السلوك» (136/ 2 - 137)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 223)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 337)، و «تحفة الزمن» (459/ 1 - 460)، و «البرقة المشيقة» (ص 79)، و «تاريخ شنبل» (ص 79)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (4/ 588)، و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 462)، و «أدوار التاريخ الحضرمي» (1/ 207). (2) في «السلوك» (2/ 137) و «تحفة الزمن» (1/ 460): (أصل بلده شرعب)، وأما قرية (الوحيز) .. فذكرا أنها كانت مسكنه، انظر «السلوك» (2/ 137)، و «تحفة الزمن» (1/ 460). (3) في الأصول: (العمل وآداب الشريعة)، والتصويب من «البرقة المشيقة». (4) «البرقة المشيقة» (ص 80).

2837 - [أبو الدر الكاتب]

وكان له القبول التام، والإجلال والإكرام، عند الخاص والعام، فخاف سلطان اليمن المسعود بن الكامل أن يقع منه ما وقع من مرغم الصوفي، فقبض عليه وعلى صهره الشريف علي بن محمد ابن جديد في شهر رمضان سنة سبع عشرة وست مائة، واعتقلهما في حصن تعز إلى سلخ ربيع الأول من سنة ثمان عشرة وست مائة، ثم أرسلهما إلى عدن، وسيرهما إلى الهند، فعصفت عليهم الريح، فسافروا بهم إلى الدمل (1)، فأقاما بها شهرين [وثلاثة أيام، ثم خرجا عنها لثلاث خلون من رمضان سنة ثمان عشرة وست مائة، فدخلا ظفار ولبثا بها ثمانية عشر يوما] (2) من السنة المذكورة، فتوفي الشيخ مدافع بظفار-رحمه الله-في تلك السنة فيما أظن، والله أعلم. 2837 - [أبو الدر الكاتب] (3) أبو الدر ياقوت بن عبد الله الموصلي الكاتب. أخذ النحو عن ابن الدهان، وقرأ عليه «ديوان المتنبي» و «مقامات الحريري» وجملة من تواليفه. وكان كاتبا مشهورا، خطه في نهاية الحسن مع فضل غزير، وعلم كبير، ونباهة تامة، قصده الناس من الأقطار، وسيّر إليه من بغداد النجيب أبو عبد الله الواسطي قصيدة مدحه بها، أولها: [من الخفيف] أين غزلان عالج والمصلّى … من ظباء سكنّ نهر المعلاّ (4) كتب نسخا كثيرة من «صحاح الجوهري» كل نسخة في مجلد تباع بمائة دينار. توفي سنة ثمان عشرة وست مائة.

(1) في «السلوك» (2/ 137): (الدينول)، وفي «العقود اللؤلؤية» (1/ 224): (الدنيول)، وفي «تحفة الزمن» (1/ 460): (الديبول)، وفي «تاريخ ثغر عدن» (2/ 158): (الديبل)، وفي «أدوار التاريخ الحضرمي» (1/ 208): (بندر دابول). (2) بياض في الأصول، وما بين المعقوفين زيادة من «السلوك» (2/ 137)، وما سيأتي في ترجمة (علي بن محمد بن أحمد بن جديد) يوضح ما هنا، انظر (5/ 79). (3) «معجم الأدباء» (7/ 230)، و «الكامل في التاريخ» (10/ 370)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 149)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 434)، و «وفيات الأعيان» (6/ 119)، و «مرآة الجنان» (4/ 42)، و «البداية والنهاية» (13/ 112)، و «غربال الزمان» (ص 502)، و «شذرات الذهب» (7/ 148). (4) انظر القصيدة بتمامها في «وفيات الأعيان» (6/ 120).

2738 - [أبو بكر بن يوسف التباعي]

2738 - [أبو بكر بن يوسف التباعي] (1) أبو بكر بن يوسف بن موسى بن يوسف بن موسى بن علي التباعي، أخو أحمد وموسى ابني يوسف، وهو عم الفقيه موسى بن أحمد شارح «اللمع»، وجد المقرئ الغيثي. تفقه المذكور بأخيه موسى، وكان فقيها مقرئا. وتوفي سنة ثمان عشرة وست مائة. 2839 - [ابن المشطوب] (2) أبو العباس [أحمد] بن الأمير سيف الدين أبي الحسن علي بن أحمد بن أبي الهيجاء، المعروف بابن المشطوب، لشطب كان بوجهه، وهو لقب والده. كان أميرا وافر الحرمة بين الملوك، معدودا بينهم كأحدهم، وكان عالي الهمة، غزير الجود، واسع الكرم، شجاعا أبيّ النفس، تهابه الملوك، وله وقائع مشهورة في الخروج عليهم، وهو من أمراء الدولة الصلاحية. وجرت له أمور وتنقلات، آخرها أن الملك الأشرف بن العادل قبض عليه في سنة تسع عشرة وست مائة، واعتقله في قلعة حران، وضيق عليه تضييقا شديدا بالحديد الثقيل في رجليه، والخشب في يديه إلى أن توفي في شهر ربيع الأول منها. ولما سجن .. كتب إليه بعض الأدباء: [من الرجز] يا أحمد ما زلت عمادا للدين … يا اشجع من أمسك سيفا بيمين لا تأس إذ حصلت في سجنهم … يوسف قد أقام في السجن سنين وهو مأخوذ من قول البحتري من جملة أبيات: [من الطويل] أما في رسول الله يوسف أسوة … لمثلك محبوسا على الظلم والإفك أقام جميل الصبر في السجن برهة … فآل به الصبر الجميل إلى الملك (3) قال ابن خلكان: (رأيت في بعض رسائل القاضي الفاضل أن الأمير سيف الدين

(1) «السلوك» (1/ 344)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 385)، و «تحفة الزمن» (1/ 273)، و «هجر العلم» (4/ 1925). (2) «وفيات الأعيان» (1/ 180)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 225)، و «مرآة الجنان» (4/ 43). (3) انظر «ديوانه» (2/ 371)، وفيه: (نبي الله)، و (الجور والإفك).

2840 - [علي بن أبي بكر البعقوبي]

المعروف بالمشطوب-يعني: والد صاحب الترجمة-كتب إلى الملك الناصر صلاح الدين يخبره بولادة ولده عماد الدين، وأن عنده امرأة أخرى ذكر أنها حامل، فكتب القاضي الفاضل جوابه: وصل كتاب الأمير دالاّ على الخبر بالولدين: الحالّ على التوفيق، والسائر-كتب الله سلامته-في الطريق، فسررنا بالغرة الطالعة من لثامها، وتوقعنا المسرة بالثمرة في كمامها) (1). قال: (ورأيت بخط القاضي الفاضل: ورد الخبر بوفاة الأمير سيف الدين المشطوب، أمير الأكراد وكبيرهم، سبحان الحي الذي لا يموت، وتهدم به بنيان قوم، والدهر قاض ما عليه لوم، قال: [وقوله: «وتهدم به بنيان قوم»] هذا الكلام حل فيه بيت «الحماسة»: [من الطويل] فما كان قيس هلكه هلك واحد … ولكنّه بنيان قوم تهدّما (2) وهذا البيت من جملة أبيات [لعبدة بن الطبيب] يرثي بها قيس بن عاصم التميمي المنقري الصحابي رضي الله عنه) (3). 2840 - [علي بن أبي بكر البعقوبي] (4) علي [بن أبي بكر محمد بن عبد الله] بن إدريس البعقوبي، صاحب الشيخ عبد القادر الجيلاني، كان من المشايخ الأجلاء العارفين. توفي سنة تسع عشرة وست مائة. 2841 - [أبو العباس الإربلي] (5) أبو العباس الخضر بن نصر الإربلي الفقيه الشافعي.

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 182). (2) «شرح ديوان الحماسة» (2/ 146). (3) «وفيات الأعيان» (1/ 183). (4) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 88)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 177)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 455)، و «العبر» (5/ 77)، و «المختصر المحتاج إليه» (15/ 314)، و «مرآة الجنان» (4/ 45)، و «توضيح المشتبه» (1/ 562)، و «تبصير المنتبه» (1/ 163)، و «شذرات الذهب» (7/ 150). (5) «تاريخ دمشق» (16/ 449)، و «وفيات الأعيان» (2/ 237)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 264)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 337)، و «مرآة الجنان» (4/ 45)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 83)، و «البداية والنهاية» (12/ 810)، و «غربال الزمان» (ص 502)، و «شذرات الذهب» (7/ 152).

2842 - [يونس الشيباني]

اشتغل ببغداد على إلكيا وابن الشاشي، ولقي جماعة من مشايخها، ثم رجع إلى إربل، وبنى له صاحبها مدرسة القلعة، فدرس بها زمانا، وهو أول من درس بإربل، وأقام بدمشق مدة. وكان عارفا بالمذهب والفرائض والخلاف، فاضلا ورعا زاهدا صالحا عابدا متقللا من الدنيا. وله تصانيف حسان في التفسير والفقه وغيرهما، وله كتاب ذكر فيه ستا وعشرين خطبة للنبي صلّى الله عليه وسلم بأسانيدها. واشتغل عليه خلق كثير، وانتفعوا به، منهم الإمام أبو عمرو عثمان بن عيسى الهدباني الماراني، شارح «المهذب» المتقدم ذكره في سنة اثنتين وست مائة (1). وتوفي أبو العباس المذكور ليلة الجمعة من سنة تسع عشرة وست مائة (2)، فتولى موضعه ابن أخيه نصر بن عقيل، وكان فاضلا، وقد تخرج بعمه المذكور. سخط عليه المعظّم صاحب إربل، فأخرجه منها، فانتقل إلى الموصل، فكتب إليه أبو الدر الرومي من بغداد-وكان صاحبه-: [من الطويل] أيا بن عقيل لا تخف سطوة العدى … وإن أظهرت ما أضمرت من عنادها وأقصتك يوما عن بلادك فتية … رأت فيك فضلا لم يكن في بلادها كذا عادة الغربان تكره أن ترى … بياض البزاة الشهب بين سوادها أشار بذلك إلى الجماعة الذين سعوا به حتى غيروا خاطر الملك عليه. 2842 - [يونس الشيباني] (3) الشيخ يونس بن يوسف الشيباني، الشهير بالأحوال الباهرة، والكرامات الظاهرة.

(1) انظر (5/ 7). (2) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 45) و «غربال الزمان» (ص 502) و «شذرات الذهب» (7/ 152)، والصواب: سنة (567 هـ‍) كما في «وفيات الأعيان» (2/ 238) و «تاريخ الإسلام» (39/ 264) و «الوافي بالوفيات» (13/ 338) و «طبقات الشافعية الكبرى» (7/ 83)، وفي «البداية والنهاية»: سنة (569 هـ‍). (3) «وفيات الأعيان» (7/ 256)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 178)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 471)، و «العبر» (5/ 77)، و «مرآة الجنان» (4/ 46)، و «طبقات الأولياء» (ص 490)، و «غربال الزمان» (ص 502)، و «طبقات الصوفية» (2/ 568)، و «شذرات الذهب» (7/ 153)، و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 539).

2843 - [الشريف أبو الجديد]

قال الذهبي: (وكان رحمه الله صاحب كشف وحال، يحكى عنه كرامات، وفي أصحابه الشطح، وقلة العقل، وكثرة الجهل) (1). توفي سنة تسع عشرة وست مائة. 2843 - [الشريف أبو الجديد] (2) علي بن محمد بن أحمد بن جديد بن علي بن محمد بن جديد بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر بن محمد بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، المعروف بالشريف أبي الجديد، من السادة أشراف حضرموت، بيت علم وصلاح ودين وعبادة. كان المذكور فقيها صالحا، ناسكا مجتهدا ورعا، محدثا حافظا عارفا بالحديث. أخذ بعدن عن القاضي إبراهيم بن أحمد القريظي «المستصفى» بأخذه له عن مؤلفه، وعزم هو وأخوه عبد الملك من عدن إلى الوحيز-بفتح الواو، وكسر الحاء، ثم مثناة من تحت ساكنة، ثم زاي-قرية من أعمال تعز، قبالة القرية المعروفة بذي هزيم؛ لزيارة الشيخ الصالح مدافع بن أحمد، فأقاما عنده أياما، وزوجهما بابنتيه، ثم سكنا بذي هزيم، وأقام أبو الجديد في اليمن مدة طويلة، وانتفع به الناس، وقصده الطلبة من أنحاء اليمن للأخذ منه، فممن أخذ عنه الفقيه محمد بن مسعود السفالي، وأبو بكر بن ناصر الحميري، وأحمد بن محمد الجنيد، ومحمد بن إبراهيم الفشلي، والفقيه عمرو بن علي التباعي وغيرهم. ولما قبض المسعود بن الكامل الشيخ مدافع بن أحمد في رمضان سنة سبع عشرة وست مائة .. قبض معه صهره أبا الجديد المذكور، واعتقلهما في حصن تعز إلى سلخ ربيع الأول من سنة ثمان عشرة، ثم أنزلهما إلى عدن، وسيرهما إلى الهند، فعصفت الريح بالمركب، فدخل بهم ظفار، وعزم أهل ظفار على الشيخ مدافع بالإقامة عندهم فقال: لا أكون عبدا

(1) «العبر» (5/ 78)، وانظر «سير أعلام النبلاء» (22/ 178)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 471). (2) «السلوك» (2/ 135)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 330)، و «العقد الثمين» (6/ 249)، و «تحفة الزمن» (1/ 459)، و «البرقة المشيقة» (ص 80)، و (ص 82)، و (ص 88) و «تاريخ ثغر عدن» (1/ 157)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 154) و (ص 466)، و «المشرع الروي» (2/ 233)، و «شمس الظهيرة» (1/ 62)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 701)، و «أدوار التاريخ الحضرمي» (1/ 206).

2844 - [عبد الله ابن جديد]

فرّارا، فلما طاب الريح .. سافروا بهم إلى بلد الدينور (1)، فأقاما بها شهرين وثلاثة أيام، ثم خرجا منها إلى ظفار في رمضان من السنة المذكورة، فتوفي الشيخ مدافع بظفار، ورجع الشريف أبو الجديد إلى اليمن، فلم تطب له الجبال، فنزل تهامة، ثم تقدم إلى المهجم، فأقام بقرية المرجف من أعمال سردد مدة يسيرة يدرّس فيها، ثم سار إلى مكة المشرفة، وتوفي بها في سنة عشرين وست مائة. 2844 - [عبد الله ابن جديد] (2) عبد الله بن محمد بن أحمد بن جديد، وتقدم بقية نسبه الشريف في ترجمة أخيه علي المذكور قبله، كان عالما صالحا. توفي بتريم، ولم أقف على تاريخ وفاته، غير أنها كانت قبل وفاة أخيه علي مقدم الذكر، وأظنه مات في هذه العشرين، أو التي قبلها (3). قال الشريف علي بن أبي بكر باعلوي: (كان عبد الله المذكور من الأئمة العاملين، والأوتاد الكاملين) (4). ولما توفي المذكور .. كتب الإمام محمد بن أحمد ابن أبي الحب الحضرمي رسالة إلى أخيه الإمام علي بن محمد ابن جديد على لسانه وعلى لسان السلطان عبد الله بن راشد يعزيانه بأخيه، ويحثه في الرجوع إلى حضرموت، وهي رسالة بليغة، أحببت ذكرها هنا؛ لأنها من عالم صالح إلى عالم صالح في عالم صالح رضي الله عنهم أجمعين وهي: سلام على حضرة سيدنا الفقيه الأجل ورحمة الله وبركاته من أخ له مقيم على عهده، مستقيم على وده، لا يألو جهدا في المناصحة، ولا يفصم عروة المصالحة، يقيم كتابه [منه] مقام المصافحة، وخطابه [له] مقام المناوحة، يلاحظ بعين أفكاره على بعد داره، ويخاطبه بلسان تذكاره على شط مزاره (5)، فهو كالمشاهد بين عينيه، وإن كان غائبا عن

(1) في المصادر اختلاف في اسم هذا البلد، وقد تقدم ذكره (5/ 74). (2) «البرقة المشيقة» (ص 81)، و «المشرع الروي» (2/ 195)، و «شمس الظهيرة» (1/ 63)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 708)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 158). (3) في «المشرع الروي» (2/ 195) و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 708): توفي سنة (608 هـ‍). (4) «البرقة المشيقة» (ص 81). (5) شط مزاره: بعد مزاره.

عينيه، ويرجو بذلك نفع إخوته، ورجاء بركته، وشمول دعوته، والانتظام في سلك أهل مودته، في يوم: {الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} جعلها الله تعالى اخوة صالحة لمرضاته، ومودة جامعة لطاعاته، نحمد إن شاء الله عاقبتها، ونجتني ثمرتها، ونحضر في حضرة القدس إن شاء الله تعالى. وبعد: أيها العلم الذي يهتدى بأنواره، والعالم الذي يقتدى بآثاره، والطّبّ الذي يستضاء بآرائه (1)، والطبيب الذي يستشفى بدوائه؛ فقد علمت ما كتب الله تعالى على العباد من الفناء، وأنه لا سبيل لمخلوق إلى البقاء، وإنما البقاء لخالق الأشياء، ومدبر القضاء، فأحسن الله عزاءك على فراق الشيخ الأجل عبد الله بن محمد، وجبر مصابك، وعظّم أجرك وثوابك، وإني لمعزيك به، وإنا المعزّون على فقده، والمصابون بوجده، فلقد ساءنا بعده، وأوحشنا فقده، وعظم علينا وجده، وأفل عنا سعده، وإن فجيعتنا به أعظم من فجيعتك، ولوعتنا به أشد من لوعتك، وروعتنا لفراقه أطم من روعتك، وكيف لا يكون ذلك وهو أليفنا في مكاننا، وشريفنا في زماننا، وهو أحد عبّادنا وأوتادنا (2)؟ ! ولقد كان نعم العون عند نزول النوائب، والمذخر لمخشي العواقب: [من الطويل] وبالكره منا فقده وفراقه … ولكنّ خطب الدهر بالناس يوقع وكنّا ذخرناه لكلّ ملمة … وسهم الرزايا بالذخائر مولع فليعتقد سيدنا الفقيه الأجل أن مصابنا به مثل مصابه، ونرجو أن ثوابنا على فراقه مثل ثوابه، ونسأل الله الكريم البر الرحيم أن يرحمه رحمة واسعة، ويغفر له مغفرة جامعة، ويوسع عليه في ضريحه، ويفتح أبواب الجنة لروحه، وأن يخلفه في [أهل] بيته وأهل مودته بما خلف به عباده الصالحين، وأن يرفع درجته في عليين. وبعد: فإنه لم يكن أحوج منا إلى لقاء الحضرة العزيزة ومشافهتها، والتمتع بالأنس بطلعتها، وقد علم الله سبحانه بما في النفوس إليه من الاشتياق، وما تضمنت الأحشاء من الإقلاق، وإنا لنستدعي أوبته في كل زمان، ونتمنى عوده في كل أوان، وإن كل مسألتنا إلى

(1) الطب-بفتح الطاء-: الرجل الماهر بعلمه، وفي «المشرع الروي» (2/ 234): (واللبيب). (2) في «المشروع الروي» (2/ 234): (وهو أحد علمائنا، وأوحد عبّادنا، وأجلّ أوتادنا).

2845 - [عبد الملك ابن جديد]

الرحمن، وجلّ اقتراحنا على الزمان: أن تحلّ عنا عقال الشر بإطلاق أوبتك، ويحلّ علينا وفد البشير بإشراق طلعتك، فانهض يا أبا الحسن نهضة لله خالصة تجزل بها مؤنتك، وتعقب بها غيبتك، وتصل بها شكرك ومعونتك، واحتسبها عند الله من جملة حجّاتك، حجة مبرورة، وزيارة مشكورة، ترجو بها نيل صلة أهل معرفتك ما ترجو من الثواب في يوم عرفتك، وتدرك من البر بزيارة هذه الأرحام والحرم ما تدرك من البر بزيارة تلك المشاهد والحرم، وإن وقوفك مع معشرك، أفضل من وقوفك في مشعرك، وكيف لا يكون ذلك وأنت تجبر بها قلوب أرحام منكسرة، وتحيي بها مسرة أيتام متحسرة، وتريش بها جناح أقارب مستحصّة (1)، وتبرد بها أكبادا بالحزن مختصة، وتسيغ بها ما حل بهم من الغصة، وتنتهز بها من صلة الأرحام أكبر فرصة، فما يطفئ عنهم غليل المفقود سوى رؤية وجهك المسعود، فبادر بها لهم ما دام الفرح دائما، والترح نائما، لعلك أن تطفئ لهم غليلا، أو يجدوا إلى السلوّ بها سبيلا، وتكون هذه الزيارة تصل بها مؤاخيك، وتطرد بها يتم بني أخيك، وتجبر بها عظمهم، وتبرئ بها سقمهم، وتكون أباهم وأمهم، هذا مع أنهم-والحمد لله-ببركة مخلّفهم ويمن مستخلفهم ملحوظون بعين رعايتنا، محوطون بعزيز ولايتنا (2)، ما صرف اليتم عنهم رواقا، ولا ضعضع فقد الأب لهم أعناقا (3)، فما جرى من اليتم إلا اسمه، ولم يتعلق بهم وسمه ولا رسمه، وناهيك من حسن نظرنا لهم، وملاحظتنا أحوالهم، أنّا نستدعيك لزيارتهم، ونستنهضك لعمارتهم، إذ كان لا يمحو عنهم يتمهم، ويزيل عنهم غمهم، إلا ملاحظة عمهم، وقد دعوناك ومثلك من لبّاهم، وأحيا برؤيته أباهم، وأنت تعرف أن حقهم من آكد الحقوق، وعقوقهم من أعظم العقوق، فالله تعالى يوفق سيدنا الأخذ بضده، ويلهمه الصواب في قصده، ويستعمله بأعمال البر، ويوفقنا وإياه لما فيه الخير. 2845 - [عبد الملك ابن جديد] (4) عبد الملك بن محمد بن أحمد بن جديد الحسيني، أخو علي وعبد الله ابني محمد المقدم ذكرهما.

(1) مستحصة: محلوقة، من الحص، وهو حلق الشعر. (2) في «المشرع الروي» (2/ 235): (محفوظون بغوث ولايتنا). (3) ضعضع: يقال: ضعضعه الدهر؛ أي: أذله وأخضعه. (4) «البرقة المشيقة» (ص 81)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 126)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 157)، و «المشرع الروي» (2/ 201)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 708).

2846 - [الإكنيتي]

قال فيه الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي: (الشيخ الفاضل، الإمام العامل، الفقيه الكامل، كان من العلماء العاملين، والعباد الزاهدين، أخذ يد التصوف من الشيخ مدافع، كما أخذ الشيخ مدافع من الشيخ عبد القادر الجيلاني) اه‍ (1) ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا تبعا لأخويه (2). 2846 - [الإكنيتي] (3) أحمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عليان بن محمد بن يحيى بن محمد الرّبيعي، ثم المليكي، ثم الرّعيني، ثم الحميري، المعروف بالإكنيتي، نسبة إلى إكنيت-بكسر الهمزة، وسكون الكاف، ثم نون مكسورة، ثم ياء آخر الحروف ساكنة، ثم مثناة من فوق- موضع على مرحلة من الجند. كان المذكور فقيها مشهورا مذكورا، وعليه قرأ الفقيه عبد الله كتاب «البيان» سنة ست عشرة وخمس مائة، وأخذ عنه أيضا «البيان» جماعة غير الفقيه عبد الله، منهم ابنه سبأ بن أحمد، وابن أخيه فضل بن عبد الرزاق بن عبد الله، وأخذ «البيان» عنهما جماعة كثيرون، إلا أن طريقة الفقيه عبد الله طبقت اليمن انتشارا. قال الجندي: (ولم أتحقق تاريخ وفاته، لكنه لم يعد ست عشرة سنة إلا قليلا، لا يجاوز سنة عشرين وست مائة) (4). 2847 - [فخر الدين ابن عساكر] (5) أبو المنصور عبد الرحمن بن محمد المعروف بفخر الدين ابن عساكر، شيخ الشافعية بالشام في عصره، ابن أخي الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، صاحب «تاريخ دمشق».

(1) «البرقة المشيقة» (ص 81). (2) في «المشرع الروي» (2/ 202) و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 708): توفي سنة (614 هـ‍). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 200)، و «السلوك» (1/ 348)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 94)، و «تحفة الزمن» (1/ 275)، و «هجر العلم» (1/ 115). (4) «السلوك» (1/ 348). (5) «الكامل في التاريخ» (10/ 382)، و «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 102)، و «وفيات الأعيان» (3/ 135)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 178)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 500)، و «العبر» (5/ 80)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 235)، و «مرآة الجنان» (4/ 47)، و «البداية والنهاية» (13/ 119)، و «شذرات الذهب» (7/ 163).

2848 - [موفق الدين ابن قدامة]

كان إمام وقته في علمه ودينه، درّس بالقدس زمانا وبدمشق، وانتفع به خلق كثير، وصاروا أئمة فضلاء. توفي سنة عشرين وست مائة. مذكور في الأصل. 2848 - [موفق الدين ابن قدامة] (1) عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، الشيخ موفق الدين المقدسي الحنبلي، صاحب التصانيف. حفظ القرآن وتفقه، ثم ارتحل إلى بغداد، فأدرك الشيخ عبد القادر، وسمع منه ومن جماعة، وانتهت إليه معرفة المذهب وأصوله مع التقى والزهد والورع، مستغرق الأوقات في العلم والعمل. رأى بعض الأئمة الإمام أحمد بن حنبل في النوم فقال: ما قصّر صاحبكم الموفق في «شرح الخرقي». قال الرائي: وسمعت الشيخ أبا عمرو بن الصلاح المفتي يقول: ما رأيت مثل الشيخ الموفق (2). توفي سنة عشرين وست مائة. 2849 - [علي العيدي] (3) علي بن يوسف العيدي، نسبة إلى عرب يقال لهم: الأعيود (4)، منهم بقية بأبين. كان المذكور فقيها فاضلا، كبير القدر، شهير الذكر، عارفا بالحديث، وكان صالحا، وفي آخر عمره (5) مال إلى طريقة التصوف.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 107)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 165)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 483)، و «العبر» (5/ 79)، و «دول الإسلام» (2/ 128)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 37) «مرآة الجنان» (4/ 47)، و «البداية والنهاية» (13/ 117)، و «غربال الزمان» (ص 503)، و «شذرات الذهب» (7/ 155). (2) والرائي هو: الإمام الحافظ الضياء المقدسي، وله في سيرة شيخيه الحافظ عبد الغني والشيخ الموفق كتاب في أربعة أجزاء، انظر «سير أعلام النبلاء» (23/ 128). (3) «السلوك» (2/ 444)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 374)، و «تحفة الزمن» (2/ 409)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 253). (4) كذا في «تاريخ ثغر عدن» (2/ 253): (العيدي)، و (الأعيود)، وفي «السلوك» (2/ 444): (العندي)، و (الأعنود)، وفي «تحفة الزمن» (2/ 409): (العبدي)، و (الأعبود). (5) في (م)، وفي «تاريخ ثغر عدن» (2/ 253): (أمره).

2850 - [عمر بن أبي بكر الناشري]

وكان الشيخ نعيم العشاري ناظرا على مسجد الرباط، فلما حضرته الوفاة .. أوصى أن يجعل الفقيه علي المذكور ناظرا على المسجد المذكور، فلم يزل ناظرا به إلى أن توفي بلحج، وخلفه في نظر المسجد الفقيه سالم بن محمد بن سالم بن عبد الله الآتي ذكره في العشرين بعد هذه (1). ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه علي المذكور، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين؛ فإن الشيخ نعيم توفي بعد الست مائة تقريبا كما قاله الجندي (2). 2850 - [عمر بن أبي بكر الناشري] (3) عمر بن أبي بكر بن محمد بن سلامة الناشري، أحد فقهاء القرية الناشرية. تفقه بالفقيه علي بن مسعود الكثبي، وكان فقيها عارفا مجودا. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أن الجندي ذكر أنه رأى تاريخ سماعه لقراءة «المهذب» في مدة آخرها ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وست مائة (4)؛ فلذلك ذكرته هنا. قال: (وكان أخوه أحمد بن أبي بكر فقيها فاضلا، تفقه بالفقيه أبي بكر بن يحيى الجبائي) (5). قال: (ولم أقف على تاريخ وفاة واحد منهما) (6). 2851 - [محمد ابن دحمان] (7) محمد بن إبراهيم بن دحمان، الفقيه الحنفي المضري، نسبة إلى مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

(1) انظر (5/ 133). (2) «السلوك» (1/ 369). (3) «السلوك» (2/ 314)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 404)، و «هجر العلم» (4/ 2166). (4) «السلوك» (2/ 314). (5) «السلوك» (2/ 314). (6) عبارة «السلوك» (2/ 314): (لم أكد أتحقق منهم غير هذين). (7) «السلوك» (2/ 49)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 62)، و «تحفة الزمن» (1/ 407)، و «المدارس الإسلامية في اليمن» (ص 24).

2852 - [محمد بن إسماعيل الحضرمي]

كان فقيها صالحا خيّرا ديّنا عارفا بالفقه، وكان الأتابك سنقر إذا هو بزبيد .. لا ينقطع عنه، وبنى له المدرسة المعروفة بالدّحمانية، عرفت بمدرسها المذكور، وخصها بالحنفية كما خص الشافعية بالمدرسة العاصمية، عرفت بمدرسها أيضا عمر بن عاصم، ولم تزل ذرية الفقيه محمد بن إبراهيم بن دحمان يتوارثون تدريس المدرسة الدّحمانية إلى أن انقرضوا، وكانوا أهل فضل ودين، وبهم عرفت المدرسة، ونسبت إليهم لطول إقامتهم بها، وتدريسهم فيها. وكان عبد الله بن الفقيه محمد بن إبراهيم المذكور من أعيان الفقهاء العلماء الصلحاء، وكذلك أخوه عمر، ولعمر ولد اسمه علي، درس بالمدرسة المذكورة. قال الخزرجي: (وآخر من درس منهم بها رجل يقال له: محمد بن أحمد، كان فقيها صالحا فهيما، فلما توفي ولم يكن بعده فيهم من يتأهل للتدريس .. درس بها الفقيه أحمد بن عثمان بن بصيبص، فلما توفي .. استمر عوضه أحمد بن محمد [المتيني] (1)، كان معروفا بالذكاء وجودة النظر) (2). 2852 - [محمد بن إسماعيل الحضرمي] (3) محمد بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن إسماعيل بن أحمد بن ميمون الحميري اليزني، نسبة إلى ذي يزن، والد سيف بن ذي يزن الحميري. تفقه بمحمد بن عبد الرحمن. وكان فقيها فاضلا صالحا، عالما كاملا عظيم القدر، يقصد للزيارة والتبرك من النواحي النازحة، كان يفتح عليه في بعض الساعات، فينادي بصوت: فتح الباب، فتح الباب، فيأتي الناس إليه، فيجدونه شاخصا، فيدعون الله بما شاءوا، فلا يكون أقرب من الاستجابة. وكان كثير الرغبة في قضاء الحوائج والسعي لها، وربما مشى فيها اليوم واليومين أو أكثر.

(1) زيادة من «طراز أعلام الزمن» (3/ 63). (2) «طراز أعلام الزمن» (3/ 63). (3) «السلوك» (2/ 333)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 107)، و «تحفة الزمن» (2/ 120)، و «غربال الزمان» (ص 525)، و «شذرات الذهب» (7/ 433)، و «هجر العلم» (3/ 1191).

2853 - [الثريبا]

يروى أن بعض الفقهاء رأى النبي صلّى الله عليه وسلم يقول له: اقرأ كتاب «المستصفى» على الفقيه أبي الجديد، أو على الفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي (1)، فقرأه على الفقيه محمد بن إسماعيل، ولما أخبره بالمنام .. قال الفقيه: الحمد لله حيث ذكر النبيّ صلّى الله عليه وسلم هذا الكتاب المصنف باليمن؛ فإن ذلك يدل على فضله، وفضل البلد التي صنف فيها، وحيث ذكر القراءة على من ذكر، وأذن بها. وكرامات الفقيه محمد أكثر من أن تحصر. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان حيّا في هذه العشرين يقينا، وفي التي بعدها ظنا؛ فإن ولده الفقيه إسماعيل ظهر سنة عشر وست مائة، وذكر أنه قرأ على أبيه (2)، والله أعلم. 2853 - [الثريبا] (3) محمد بن سعيد المعروف بالثّريبا-بضم المثلثة، وفتح الراء، وسكون المثناة تحت، ثم موحدة، ثم ألف-أصله من أبين. وكان من أتراب الفقيه مبارك الشّحبلي، وكان هذا أكبر من الشّحبلي سنّا. حمل إليه سنقر الأتابك مالا، وسأله قبوله كيف شاء؛ إما لنفسه، أو يفرقه على من يراه مستحقا له، فلم يقبله الفقيه، بل قال له: الصواب أنك تبني به جامعا أنفع لك من ذلك، فاعتمد الأتابك إشارته، وكانت مباركة، فبنى به جامع خنفر المشهور. ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه محمد بن سعيد المذكور، ولما توفي .. خلفه ابنه إبراهيم الآتي ذكره في آخر هذه المائة (4).

(1) هو صاحب الترجمة، وهو حضرمي بلدا، حميري يزني نسبا. (2) في الأصول: (وفي التي قبلها ظنّا)، وهو سهو بيّن، ولم يذكر الجندي تاريخ وفاته، وفي «هجر العلم» (3/ 1191): توفي سنة (615 هـ‍)، وفي «غربال الزمان» (ص 525)، و «شذرات الذهب» (7/ 433): توفي سنة (650 هـ‍)، وفي «تحفة الزمن» (2/ 122): توفي سنة (651 هـ‍). (3) «السلوك» (2/ 450)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 193)، و «تحفة الزمن» (2/ 415). (4) انظر (5/ 468).

2854 - [أحمد الكلالي]

2854 - [أحمد الكلالي] (1) أحمد بن أسعد الكلالي، نسبة إلى بطن من حمير يقال لهم: الكلول (2). وتفقه بعبد الله بن يحيى الصعبي، وعلي بن عبد الله الهرمي. وعنه أخذ القاضي مسعود بن علي العنسي. وكان فقيها فاضلا، ماهرا في الورع. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة تبعا لتلميذه القاضي مسعود بن علي تقريبا (3)، والله سبحانه أعلم. 2855 - [عبد الرحمن ابن أبي رزام] (4) عبد الرحمن من ذرية الفقيه عثمان بن أبي رزام الجندي المذكور في المائة التي قبل هذه (5)، كذا قال الجندي أنه من ذريته (6)، فما أدري أنه ولد عثمان، أو حفيده. ولي المذكور قضاء الجند حين صار القضاء الأكبر إلى القاضي أبي بكر بن أحمد بن محمد بن موسى العمراني، وذلك في أيام المسعود بن الكامل؛ ولذلك ذكرته هنا. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 216)، و «السلوك» (1/ 359)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 48)، و «تحفة الزمن» (1/ 286)، و «هجر العلم» (3/ 1208). (2) في «السلوك» (1/ 359) و «تحفة الزمن» (1/ 286): (نسبة إلى ذي كلال أحد أذواء- «التحفة»: أجداد- حمير)، وفي «طبقات فقهاء اليمن» (ص 216): (ونسبه من ولد عبد كلال الحميري). (3) تقدمت ترجمته (5/ 20). (4) «السلوك» (1/ 338). (5) انظر (4/ 396). (6) «السلوك» (1/ 338).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية بعد الست مائة فيها: تغلبت الفرنج على مملكة القسطنطينية، وأخرجوا الروم عنها بعد حصار طويل وحروب كثيرة (1). وفيها: توفي المحدث أحمد بن سليمان الحربي المقرئ المفيد، والرجل الصالح عبد الرحيم بن محمد بن أحمد نزيل همذان، وأبو المفضل محمد بن الحسين المقرئ الدمشقي المعروف بابن الخصيب. *** السنة الثانية فيها: سلم خوارزم شاه ترمذ إلى الخطا، فكان ذلك عين الخطا، وتشوش الناس لذلك، قيل: وما فعله إلا مكيدة؛ ليتمكن من ممالك خراسان (2). وفيها: توفي مدرس الأمينية المعروف بالتقي الأعمى، سرق ماله، فاتّهم به قائده، فاحترق قلبه، فأهلك نفسه، وجد مشنوقا بالمنارة الغربية نسأل الله العافية (3)، والعلامة أبو عمرو عثمان بن عيسى الهدباني الماراني، والسلطان أبو المظفر محمد بن [سام] شهاب الدين الغوري صاحب غزنة، وأبو العز عبد الباقي بن عثمان الهمذاني الصوفي، وكان ذا علم وصلاح، وأبو يعلى حمزة بن علي بن حمزة البغدادي المقرئ المعروف بابن القبّيطي. ***

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 205)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 8)، و «العبر» (5/ 1)، و «مرآة الجنان» (4/ 2)، و «شذرات الذهب» (7/ 5). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 229)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 10)، و «العبر» (5/ 3)، و «مرآة الجنان» (4/ 2). (3) «سير أعلام النبلاء» (21/ 422)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 83)، و «العبر» (5/ 4)، و «مرآة الجنان» (4/ 2)، و «البداية والنهاية» (13/ 52)، و «غربال الزمان» (ص 488)، و «شذرات الذهب» (7/ 13).

السنة الثالثة

السنة الثالثة فيها: وقعت حروب بخراسان، افتتح فيها خوارزم شاه بلخ وغيرها، واتسع ملكه (1). وفيها: نازلت الفرنج حمص، فسار إليهم المبارز وحاربهم (2). وفيها-وقيل: في سنة ست مائة-: توفي الحافظ الثقة عبد الرزاق بن الشيخ الكبير عبد القادر الجيلاني، لم ير مثله في وقته في تيقظه وتحريه. وفيها: توفي داود بن محمد بن محمود الأصبهاني، والحافظ أبو الحسن علي بن فاضل الصوري، والإمام محمد بن معمر القرشي، وأبو الحزم ضياء الدين الموصلي، وأبو الفضل النطروني واسمه: عبد المنعم. *** السنة الرابعة فيها: تملك الملك الأوحد أيوب بن العادل مدينة خلاط (3). وفيها: توفي أبو العباس أحمد بن محمد الرعيني الإشبيلي، وأبو ذر مصعب بن محمد الجياني النحوي، وابن الساعاتي علي بن محمد الشاعر المفلق، صاحب ديوان الشعر. *** السنة الخامسة فيها: توفي الملك سنجر بن غازي، والمحدث العالم محمد بن المبارك البغدادي، وأبو الجود غياث بن فارس اللخمي، مقرئ الديار المصرية. *** السنة السادسة فيها: نزلت الكرج-بالراء والجيم-على خلاط، فلما كادوا أن يأخذوها .. زحف ملكها في جيشه، فوصل إلى باب البلد (4).

(1) «تاريخ الإسلام» (43/ 14)، و «العبر» (5/ 5)، و «مرآة الجنان» (4/ 4)، و «شذرات الذهب» (7/ 17). (2) «تاريخ الإسلام» (43/ 14)، و «العبر» (5/ 5)، و «مرآة الجنان» (4/ 4)، و «البداية والنهاية» (13/ 54). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 261)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 18)، و «العبر» (5/ 9)، و «مسالك الأبصار» (27/ 210)، و «مرآة الجنان» (4/ 5)، و «البداية والنهاية» (13/ 56)، و «شذرات الذهب» (7/ 23). (4) «تاريخ الإسلام» (43/ 23)، و «العبر» (5/ 15)، و «دول الإسلام» (2/ 112)، و «مرآة الجنان» (4/ 5)، -

وفيها: توفي الأوحد بن العادل، فبرز إليه عسكر المسلمين، فتقنطر به فرسه (1)، فأحاط به المسلمون فأسروه، وهرب جيشه (2). وفيها: سار خوارزم شاه صاحب خراسان في جيوشه وقطع النهر، فالتقى الخطا، وكانت ملحمة عظيمة، انكسر فيها الخطا، وقتل منهم خلق كثير، واستولى خوارزم شاه على ما وراء النهر، وكان كشلوخان-بشين وخاء معجمتين-وعسكره قد أخرجتهم الخطا من أرضهم، وتولوا بلاد الترك، وجرت لهم خطوب مع الخطا (3)، فلما عرفوا أن خوارزم شاه كسرهم .. قصدوهم، فكاتب ملك الخطا في الحال خوارزم شاه يقول له: أما ما كان منك من أخذ بلادنا وقتل رجالنا .. فمغفور، وقد أتانا عدو لا قبل لنا به، ولو قد انتصروا علينا وأخذونا .. لم يكن لهم دافع عنك، والمصلحة أنك تسير إلينا وتنجدنا، فكاتب خوارزم شاه كشلوخان: أنا معك، وكاتب ملك الخطا كذلك، وسار بجيوشه إلى أن نزل بقرب مكان المصاف، فتوهم كلا الطائفتين أنه معهم وأنه كمين لهم، فالتقوا، فانهزمت الخطا، فمال حينئذ مع كشلوخان، ورأى رأيا سخيفا (4) وهو: أن يأمر أهل بلاد الترك بالجلاء إلى بخارى وسمرقند، ثم خربها جميعها، وشتت الناس (5). وفيها: توفي أبو المعالي التنوخي المغربي ثم الدمشقي، روى عن القاضي الأرموي، وتفقه على الشيخ عبد القادر وغيره. وفيها: توفي الإمام فخر الدين الرازي محمد بن عمر بن حسين، وأم هاني بنت أحمد بن عبد الله الأصبهانية، والعلامة مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد المعروف بابن الأثير، وأبو المكارم أسعد بن مهذب بن مينا الكاتب الشاعر. ***

= و «غربال الزمان» (ص 489). (1) كذا في المصادر، وهو من كلام العامة، والصواب أن يقال: تقطر به فرسه: ألقاه على جانبه وشقه، انظر «تاج العروس» (13/ 446). (2) «تاريخ الإسلام» (43/ 23)، و «العبر» (5/ 15)، و «مرآة الجنان» (4/ 6). (3) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 6)، وباقي المصادر تفيد: أن كشلوخان وعسكره قد خرجوا من أرضهم بأنفسهم لا بفعل الخطا، كما توضحه عبارة الذهبي في «العبر» (5/ 15): (وكانت طائفة من التتار [كشلوخان وعسكره] قد خرجوا من أرضهم قديما، ونزلوا بلاد الترك، وجرت لهم حروب مع الخطا). (4) في «مرآة الجنان»: (4/ 6): (نحسا)، وفي «العبر» (5/ 15): (حسنا). (5) «الكامل في التاريخ» (10/ 258)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 24)، و «العبر» (5/ 15)، و «دول الإسلام» (2/ 112)، و «مرآة الجنان» (4/ 6).

السنة السابعة

السنة السابعة فيها: توفي صاحب الموصل أرسلان شاه بن مسعود، ومؤيد الدولة أسامة بن مرشد الكلبي، والحافظ أبو أحمد عبد الوهاب ابن سكينة، والشيخ أبو عمر المقدسي الزاهد محمد بن أحمد المعروف بابن قدامة. *** السنة الثامنة فيها: قدم بغداد رسول جلال الدين حسن، صاحب الألموت بدخول قومه في الإسلام، وأنهم قد تبرّءوا من الباطنية، وبنوا المساجد والجوامع، وصاموا رمضان، فسرّ الخليفة بذلك (1). وفيها: وثب الشريف قتادة الحسني على الركب العراقي بمنى، فنهبهم، وقتل جماعة منهم، قيل: ضاع للناس في ذلك ما قيمته ألف ألف دينار (2). وفيها: توفي أبو العباس العاقولي أحمد بن الحسن، والعلامة الغافقي محمد بن أيوب، والإمام عماد الدين محمد بن يونس الشافعي، والقاضي السعيد هبة الله بن القاضي الرشيد جعفر [بن المعتمد] السعدي. *** السنة التاسعة فيها: كانت الملحمة العظمى بالأندلس بين الناصر محمد بن يعقوب وبين الفرنج، ونصر الله الإسلام والحمد لله، واستشهد بها عدد كثير، وتعرف بوقعة العقاب (3).

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 282)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 34)، و «العبر» (5/ 26)، و «مرآة الجنان» (4/ 15)، و «البداية والنهاية» (13/ 73)، و «غربال الزمان» (ص 492). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 281)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 35)، و «العبر» (5/ 26)، و «مرآة الجنان» (4/ 15)، و «البداية والنهاية» (13/ 73)، و «العقد الثمين» (7/ 49)، و «غربال الزمان» (ص 492)، و «شذرات الذهب» (7/ 59). (3) «تاريخ الإسلام» (43/ 39)، و «العبر» (5/ 30)، و «مرآة الجنان» (4/ 18)، و «غربال الزمان» (ص 493)، و «شذرات الذهب» (7/ 68).

السنة العاشرة بعد الست مائة

وفيها: توفي الحافظ أحمد بن هارون النّفزي الشاطبي، والملك الأوحد أيوب بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، كان ظلوما سفاكا لدماء الأمراء، وأبو نزار ربيعة بن الحسن الحضرمي. *** السنة العاشرة بعد الست مائة فيها: توفي تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله الدمشقي المعروف بابن عساكر والد العز النسابة، وأبو الفضل أحمد بن مسعود التركستاني، شيخ الحنفية بالعراق، ومدرس مشهد الإمام أبي حنيفة، وصاحب المغرب محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن القيسي، والسلطان شمس الدين صاحب همذان والري وأصبهان (1)، وأبو موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي صاحب المقدمة المشهورة في النحو، وعين الشمس بنت أحمد بن أبي الفرج الثقفية الأصبهانية، وأبو الفتح ناصر بن أبي المكارم المطرّزي، وأبو الحسن علي بن محمد الحضرمي المعروف بابن خروف. *** السنة الحادية عشرة فيها: توفي الحافظ المتقن عبد العزيز بن محمود المعروف بابن الأخضر البغدادي مسند العراق، والحافظ علي بن المفضل اللخمي المقدسي الإسكندراني المالكي، كذا في «تاريخ اليافعي»، وقد قدمه أيضا فيمن توفي في سنة أربع وأربعين وخمس مائة، وأظن أن ذكره في واحد من الموضعين وهم (2)، والله سبحانه أعلم. وفيها: توفي أبو الحسن بن أبي بكر الهروي. *** السنة الثانية عشرة فيها: سار المسعود بن الكامل من مصر إلى اليمن، فاستولى عليه بغير حروب (3).

(1) واسمه: (آي دغمش)، انظر «الكامل في التاريخ» (10/ 285)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 362). (2) الصواب أن سنة (544 هـ‍) هي سنة ولادته لا سنة وفاته، وقد توفي سنة (611 هـ‍) كما تقدم في ترجمته (5/ 43). (3) «تاريخ الإسلام» (44/ 8)، و «العبر» (5/ 39)، و «مرآة الجنان» (4/ 23).

السنة الثالثة عشرة

وفيها: استولى خوارزم شاه على غزنة، وهرب ملكها إلى نهاوند (1)، ثم جمع وحشد، والتقى صاحب غزنة (2). وفيها: انهزم الذي غلب على همذان والري وأصبهان (3)، ثم قتل (4). وفيها: توفي الحافظ عبد الله بن سليمان الأندلسي، والحافظ عبد القادر الرّهاوي، والمبارك بن المبارك النحوي الضرير المعروف بالوجيه ابن الدهان، والشيخ الولي الكبير علي بن حميد الصعيدي المعروف بابن الصباغ. *** السنة الثالثة عشرة فيها: قيل: وقع بالبصرة برد كالنارنجة الكبيرة (5)، وبعضها أكبر من ذلك (6). وفيها: توفي العلامة أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، والملك الظاهر غازي صاحب حلب، والإمام معين الدين محمد بن إبراهيم السهيلي الشافعي، والإمام محمد بن الحافظ عبد الغني المقدسي. *** السنة الرابعة عشرة فيها: سار خوارزم شاه إلى بغداد ليتملكها، ويحكم على الخليفة العباسي الناصر لدين الله في أربع مائة ألف راكب إلى أن وصل إلى همذان، فاتفق أن نزل بهمذان ثلج عظيم أهلك خيلهم، وركب هو يوما، فعثر به فرسه، فتطيّر، وقلّت الأقوات على جيوشه، ولطف الله بهم فرجعوا من حيث جاءوا، وكان الخليفة قد استعد له، وفرق الأموال

(1) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 23)، وفي «الكامل في التاريخ» (10/ 293)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 9)، و «مسالك الأبصار» (27/ 226): (لهاوور). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 292)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 9)، و «العبر» (5/ 40)، و «مرآة الجنان» (4/ 23). (3) واسمه: (منكلي). (4) «الكامل في التاريخ» (10/ 290)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 11)، و «العبر» (5/ 40)، و «مرآة الجنان» (4/ 23)، و «البداية والنهاية» (13/ 81). (5) النارنجة: واحدة النارنج، وهو ضرب من الليمون. (6) «الكامل في التاريخ» (10/ 297)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 14)، و «العبر» (5/ 44)، و «مرآة الجنان» (4/ 26)، و «غربال الزمان» (ص 496)، و «شذرات الذهب» (7/ 99).

السنة الخامسة عشرة

والسلاح، وراسله في الصلح فلم يلتفت إليه، قال الرسول: دخلت عليه في خيمة عظيمة، أطنابها حرير، وو هو قاعد على تخت، وعليه قباء يساوي خمسة دراهم، وقلنسوة جلد تساوي درهما، وفي الخدمة ملوك العجم وما وراء النهر، فسلمت، وفما ردّ ولا أمرني بالجلوس، فخطبت، وذكرت فضل بني العباس، وأطنبت في وصف الخليفة والترجمان يخبره، فقال: قل له: هذا الذي تصفه ما هو ببغداد، بل أنا أجيء وأقيم خليفة هكذا، ثم ردّنا بلا جواب (1). وفيها: تحزّبت الفرنج على الملك العادل، ونزلوا على عين جالوت في خمسة عشر ألفا، وقطعوا الشريعة (2)، وبيتوا اليزك-بالمثناة من تحت، والزاي-يعني: الحرس، وعاثوا في البلاد، وتهيأ أهل دمشق للحصار، واستحث العادل ملوك النواحي على النجدة، فرجعت الفرنج بالغنائم والسبي إلى نحو عكا-هكذا ذكره الذهبي: عكا بالألف (3) -وكانوا خمسة عشر ألفا (4). وفيها: توفي العماد المقدسي إبراهيم بن عبد الواحد، وقاضي القضاة عبد الصمد بن محمد الأنصاري الدمشقي. *** السنة الخامسة عشرة فيها: كسر الملك الأشرف موسى بن العادل ملك الروم كيكاوس، ثم أخذ عسكره وعسكر حلب، ودخل بلاد الفرنج؛ ليشغلهم عن دمياط، فأقبل صاحب الروم إلى أعمال حلب، وأخذ بعض نواحيها، فقصده الأشرف، وقدّم بين يديه العرب، فكسروا الروم وهزموهم (5). وفيها: التقى الملك المعظم بن العادل بالروم فكسرهم، وقتل منهم خلقا، وأسر مائة

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 300)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 15)، و «العبر» (5/ 47)، و «مسالك الأبصار» (27/ 228)، و «مرآة الجنان» (4/ 28)، و «البداية والنهاية» (13/ 89). (2) الشريعة: نهر الأردن. (3) «تاريخ الإسلام» (44/ 17)، و «العبر» (5/ 49). (4) «الكامل في التاريخ» (10/ 302)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 17)، و «العبر» (5/ 48)، و «مسالك الأبصار» (27/ 228)، و «مرآة الجنان» (4/ 28)، و «البداية والنهاية» (13/ 93). (5) «الكامل في التاريخ» (10/ 324)، و «تاريخ الإسلام» (44/ 19)، و «العبر» (5/ 52)، و «مسالك الأبصار» (27/ 230)، و «مرآة الجنان» (4/ 29).

السنة السادسة عشرة

فارس، ولكنه أدار المكوس والجبايات بدمشق، واعتذر بقلة المال، وخرب بانياس وبعض البلاد مما يلي تلك الجهة، وكانت قفلا للشام، وزعم أنه فعل ذلك؛ خوفا من استيلاء الفرنج، وكذلك خرب قلعة منيعة كان أنشأها على الطور، وعجز عن حفظها؛ لاحتياجه إلى المال والرجال (1). وفيها: توفي الملك العادل سيف الدين محمد بن الأمير نجم الدين أيوب، أخو السلطان صلاح الدين، والملك القاهر مسعود بن أرسلان شاه بن مسعود الأتابكي صاحب الموصل، والملك الغالب عزّ الدين كيكاوس صاحب الروم، والحافظ أبو العباس أحمد بن أحمد البندنيجي محدث بغداد، والفقيه أبو حامد محمد بن محمد بن محمد العميدي الحنفي السمرقندي، وأبو القاسم عبد الله بن الحسين الدامغاني، وأبو الفتوح محمد بن محمد بن محمد القرشي التيمي البكري الصوفي، وأم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن الجرجاني المعروف بالشّعري. *** السنة السادسة عشرة في أولها: خرب الملك المعظّم سور بيت المقدس؛ عجزا وخوفا من الفرنج أن تملكه، فتشتّت أهله وتضرروا، وكان هو مع أخيه الكامل في كشف الفرنج عن دمياط، وتمت لهم وللمسلمين حروب وقتال كثير، وجدّت الفرنج في محاصرة دمياط، وعملوا عليهم خندقا كبيرا، وثبت أهل البلد ثباتا لم يسمع بمثله، وكثر فيهم القتل والجراح، ثم عدمت الأقوات، فسلموها بالأمان، وتسارعت الفرنج من كل فج عميق، وشرعوا في تحصينها، وأصبحت دار هجرتهم، وترجّوا بها أخذ ديار مصر، وأشرف الإسلام على الانكسار والإدبار، وأقبل أعداء الله من المشرق والمغرب، وأقبل المصريون على الجلاء، فثبتهم الكامل إلى أن سار أخوه الأشرف (2) كما سيأتي في سنة ثمان عشرة (3). وفيها: توفي أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري، وأبو محمد عبد الله المعروف بابن

(1) «تاريخ الإسلام» (44/ 20)، و «العبر» (5/ 53)، و «مرآة الجنان» (4/ 29)، و «البداية والنهاية» (13/ 93). (2) «تاريخ الإسلام» (44/ 25)، و «العبر» (5/ 59)، و «دول الإسلام» (2/ 122)، و «مسالك الأبصار» (72/ 235)، و «مرآة الجنان» (4/ 31)، و «غربال الزمان» (ص 498)، و «شذرات الذهب» (7/ 118). (3) انظر (5/ 97).

السنة السابعة عشرة

شاس الجذامي المالكي، وست الشام خاتون بنت أيوب، أخت الملك العادل، توفيت بدمشق، ودفنت في مدرستها الشامية، وأبو الفرج عبد الله بن أسعد المعروف بابن الدهان الموصلي. *** السنة السابعة عشرة فيها: حصلت وقعة البرلّس بين الكامل والفرنج في شهر رجب، ونصر الله فيه المسلمين، وقتل من الملاعين عشرة آلاف، وانهزموا إلى دمياط (1). وفيها: حج بالعراقيين مملوك الخليفة الناصر لدين الله، اشتراه بخمسة آلاف دينار، وكان معه تقليد بمكة لحسن بن قتادة، وكان أبوه قد مات في وسط العام، فجاءه بعرفات راجح بن قتادة وقال: أنا أكبر أولاد قتادة فولّني، فتوهم حسن أنه معزول، فأغلق أبواب مكة، فركب المملوك ليسكّن الفتنة وقال: ما قصدي قتال، فثار به العبيد والأوباش والأشرار، وحملوا، وانهزم أصحابه، فتقدم عبد، فعرقب فرسه (2)، [فوقع]، فذبحوه وعلقوا رأسه، وأرادوا نهب العراقيين، فقام في ذلك أمير الشاميين المعتمد والي دمشق، ورد معه ركب العراق (3). وفيها: أخذت التّتار-بمثناة من فوق مكررة قبل الألف، وبعدها راء-كثيرا من البلدان، منها بخارى وسمرقند، ثم عبروا نهر جيحون، واستولوا على خراسان قتلا وسبيا وتخريبا إلى حدود العراق بعد أن هزموا جيوش خوارزم شاه ومزقوهم، ثم عطفوا على قزوين-وهي أكبر مدن تلك الجهة-فاستباحوها، ثم أذربيجان، وحاصروا تبريز وبها ابن البهلوان، فبذل لهم أموالا وتحفا، فرحلوا عنه، وحاربوا الكرج وهزموهم، ثم ساروا إلى مراغة وأخذوها بالسيف، ثم كروا نحو إربل، فاجتمع لحربهم عسكر العراق والموصل مع صاحب إربل فهابوهم، وعرجوا على همذان وأخذوها بالسيف وأحرقوها، ثم نزلوا على

(1) «الكامل في التاريخ» (44/ 36)، و «العبر» (5/ 64)، و «دول الإسلام» (2/ 124)، و «مرآة الجنان» (4/ 36)، و «غربال الزمان» (ص 499)، و «شذرات الذهب» (7/ 129). (2) عرقب فرسه: عطب عرقوبه، وعرقوب الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها. (3) «تاريخ الإسلام» (44/ 37)، و «العبر» (5/ 64)، و «مرآة الجنان» (4/ 36)، و «البداية والنهاية» (13/ 107).

السنة الثامنة عشرة

بيلقان وأخذوها بالسيف وقتلوا، ثم حاربوا الكرج أيضا، فقتلوا منهم نحو ثلاثين ألفا، ثم سلكوا طرقا وعرة في الجبال إلى أن وصلوا إلى بلاد اللان، وفيها طوائف من الترك وقليل من المسلمين، فالتقوا، فكانت الدائرة على اللان، فقتلوا وتكلكلت أيديهم مما قتلوا من النساء والأطفال فضلا عن الرجال. وكان خوارزم شاه بطلا مقداما، وعسكره أوباش ليس لهم إقطاع ولا ديوان، بل يعيشون من النهب والغارات، وهم ما بين تركي كافر، ومسلم جاهل، لا يعرفون تعبئة العسكر، ولا أدمنوا إلا على المهاجمة، وما لهم زرديات (1) ولا عدة جيدة للحرب، ثم إنه كان يقتل بعض القبيلة ويستخدم باقيها، ولم يكن فيه شيء من المداراة، لا لجنده ولا لعدوه، وتحرش بالتتار وهم يغضبون على من يرضيهم، فكيف من يغضبهم ويؤذيهم؟ ! فخرجوا وهم بنو أب، وأولو كلمة واحدة، وقلب واحد، ورئيس مطاع، فلم يمكن خوارزم شاه أن يقف بين أيديهم، ولكل أجل كتاب (2). وفيها: توفي قاضي القضاة زكي الدين [الطاهر بن] محمد ابن يحيى القرشي الدمشقي، والشيخ المقدام عبد الله بن عثمان اليونيني، وشيخ الشيوخ أبو الحسن محمد بن عمر بن علي الجويني، ومسند خراسان المؤيد بن محمد الطوسي، والسلطان محمد خوارزم شاه بن السلطان علاء الدين. *** السنة الثامنة عشرة فيها: سار الملك الأشرف موسى ينجد أخاه الكامل محمدا، وسار معه عسكر الشام، وخرجت الفرنج من دمياط بالفارس والراجل أيام زيادة النيل، فنزلوا على ترعة، فبثق المسلمون عليها [النيل]، فلم يبق لهم وصول إلى دمياط، وجاء الأسطول فأخذوا مراكب الفرنج، وكانوا مائة كند-بالنون والدال المهملة: المركب-وثمان مائة فارس، فيهم صاحب عكا، وخلق من الرجالة، فلما رأوا الغلبة .. بعثوا يطلبون الصلح، ويسلمون

(1) الزردية: درع من حديد. (2) «الكامل في التاريخ» (333/ 10 - 363)، و «تاريخ الإسلام» (37/ 44 - 52)، و «العبر» (5/ 64)، و «دول الإسلام» (2/ 124)، و «مسالك الأبصار» (27/ 242)، و «مرآة الجنان» (4/ 37)، و «البداية والنهاية» (13/ 102)، و «شذرات الذهب» (7/ 129).

السنة التاسعة عشرة

دمياط إلى الكامل، فأجابهم، ثم جاءه أخواه بالعساكر في رجب، وعمل سماطا عظيما (1)، وأحضر ملوك الفرنج، وأنعم عليهم، ووقف في خدمته أخواه المعظم والأشرف، وكان يوما مشهودا، وقام راجح الحلي، فأنشد قصيدة منها: [من الطويل] ونادى لسان الكون في الأرض رافعا … عقيرته في الخافقين ومنشدا أعبّاد عيسى إن عيسى وحزبه … وموسى جميعا ينصرون محمدا أشار إلى الإخوة الثلاثة (2). قال الشيخ اليافعي: (وما ألطف هذه الإشارة، وأطرف هذه العبارة، وأحسن سهولة هذا النظم وعذوبته! وأشار بعيسى إلى الملك المعظم، وبموسى إلى الملك الأشرف، وبمحمد إلى الملك الكامل، وحسن مطابقة الحال أن عيسى وموسى المذكورين كانا في خدمة محمد، ومتابعة طاعته وتبجيله واحترامه، كذلك موسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهما وعلى نبينا لم يزالا في تبجيل محمد صلّى الله عليه وسلم، ولو كانا حيين ما وسعهما إلا متابعته كما ورد في الحديث، وجاء في هذه المطابقة أعظم تبكيت للفرنج الحاضرين، بل لليهود والنصارى أجمعين) (3). وفيها: توفي الشيخ نجم الدين الكبرى، وأبو نصر موسى بن الشيخ عبد القادر الجيلاني، وأبو الدر ياقوت بن عبد الله الموصلي الكاتب. *** السنة التاسعة عشرة فيها: توفي الأمير أبو العباس أحمد بن الأمير سيف الدين علي بن أحمد بن أبي الهيجاء المعروف بابن المشطوب، والشيخ علي ابن إدريس البعقوبي، والخضر بن نصر الإربلي، والشيخ الصالح يونس بن يوسف الشيباني. ***

(1) السّماط: الصف. (2) «تاريخ الإسلام» (44/ 55)، و «العبر» (5/ 72)، و «البداية والنهاية» (13/ 111)، و «مرآة الجنان» (4/ 39)، و «شذرات الذهب» (7/ 140). (3) «مرآة الجنان» (4/ 40).

السنة الموفية عشرين بعد الست مائة

السنة الموفية عشرين بعد الست مائة فيها: اختطّ السلطان أحمد بن محمد الحبوضي مدينة ظفار، وأمر أهل مرباط بالانتقال عنها إلى ظفار، وكان ملكا جوادا، شجاعا شهما، حسن السيرة (1). يحكى أن أهل مملكته ووجوه دولته خامروا عليه في بعض السنين، فاعتقلوه ونصبوا ابن أخيه مكانه، فلم تكن سيرته مرضية، فكتب أحمد المذكور إلى الوزير ووجوه الدولة كتابا أودعه هذه الأبيات: [من الكامل] حاشاكم أن تقطعوا صلة الذي … أو تصرفوا علم المعارف أحمدا هو مبتدا نجباء أبنا جنسه … والله يأبى رفع غير المبتدا أغريتم الزمن المعاند باسمه … وحذفتموه كأنه ياء الندا وجعلتموه الحال بعد كلامكم … ومحلّه استفهام لفظ أوردا فأطلقوه، وعزلوا ابن أخيه، وولوه عليهم، فلم يحدث إليهم ولا إلى ابن أخيه شيئا يكرهونه، وهو أول من ملك ظفار من الحبوضيين، وقيل: إن أول من ملكها أبوه، ولم يزل الملك في أهله وعقبه إلى سنة ثمان وسبعين وست مائة، فحدث بين المظفر وسالم بن إدريس الحبوضي ما سيأتي بيانه في محله إن شاء الله تعالى (2). وفيها: توفي الفخر ابن عساكر، واسمه: عبد الرحمن بن محمد، وسلطان المغرب المستنصر بالله أبو يعقوب يوسف بن محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي، ولي الأمر عشر سنين بعد أبيه، ومات شابّا ولم يعقب، والشيخ موفق الدين عبد الله [بن أحمد] بن محمد بن قدامة المقدسي. والله سبحانه أعلم ***

(1) «السلوك» (2/ 470)، و «تحفة الزمن» (2/ 442). (2) انظر (5/ 368).

العشرون الثانية من المائة السابعة

العشرون الثانية من المائة السابعة [الاعلام] 2856 - [محمد البجلي] (1) محمد بن حسين البجلي. كان فقيها كبير القدر، شهير الذكر، صاحب عبادات وزهادات، وكرامات وإفادات، ومع جودة علمه وعمله كان إماما في الحقيقة، وله فيها مختصر يعرف ب‍ «اللباب». وله شعر حسن، ومنه: [من الطويل] ولو أن ما أسعى لنفسي وجدتني … كثير التواني في الذي أنا طالبه ولكنني أسعى لأنفع صاحبي … وشبع الفتى عار إذا جاع صاحبه (2) ومنه: [من البسيط] ألفت من نائبات الدهر أكبرها … فما أعود على شيء من الصغر تزيدني قسوة الأيام طيب ثنا … كأنني المسك بين الفهر والحجر (3) وكان كثير الاختلاط بالفقيه سفيان الأبيني، وطريقتهما واحدة، لكن تأخر موت الفقيه سفيان عن موت الفقيه محمد بن حسين. وكان الفقيه محمد ذا مكارم أخلاق، وشرف نفس، وعلو همة، ولما قدم عليه الشيخ الصالح محمد بن أبي بكر الحكمي مقدم الذكر .. حصل بينهما من الألفة والود ما قد ذكرناه في ترجمة الحكمي (4). وللأديب ابن حمير فيهما معا، وفي كل واحد منهما غرر القصائد.

(1) «السلوك» (2/ 363)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 146)، و «تحفة الزمن» (2/ 271)، و «طبقات الخواص» (ص 227)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 656)، و «هجر العلم» (3/ 1487). (2) البيتان في «ديوان الإمام الشافعي» مع اختلاف يسير (ص 38). (3) البيتان نسبهما أبو منصور الثعالبي في «يتيمة الدهر» (2/ 243) إلى أبي عثمان الخالدي مع اختلاف يسير، والفهر: حجر ناعم صلب يسحق به المسك وغيره. (4) انظر (5/ 69).

وتوفي الفقيه بقرية عواجة في شهور سنة إحدى وعشرين وست مائة، ورثاه الأديب ابن حمير بعدة قصائد، منها قوله: [من الكامل] لله آية سؤدد وجلال … حملوه من فوق السرير العالي ماذا تداولت الرقاب عشية … من بدر أندية وبحر نوال كنت الجمال لكل دهر عاطل … فاليوم عطل كل دهر خالي من للعظائم إن فقدت يزيلها … عن حالها ويفك كل عقال من صاحب الوجه الوسيم وصاحب ال‍ … جاه الجسيم وكعبة النزال يا بن الحسين لكم أجبت قبيلها … صوتي وكم أصغيت عند مقالي كانت بك الأوقات وهي منيرة … فاليوم أيام الغوير ليالي فقدت سهام سهولها وجبالها … بك ذروتي جبل من الأجبال كان اللهيف إلى ظلالك يلتجي … فاليوم قد أضحى بغير ظلال قد كنت برا للجميع ووالدا … للشيب والشبان والأطفال فاليوم ضاع السرب بعد رعاية … سلفت وبتّ الحبل بعد وصال لا الأثل من شطي سهام بمعشب … والماء حتى الماء غير زلال والأرض غير الأرض والدنيا سوى … ما كنت أعهد في الزمان الخالي كنت الهلال لغورها ولنجدها … فاليوم مغربها بغير هلال طود تصدع من بجيلة بعد ما … قد شاد أي معالم ومعالي إن يحملوك إلى الضريح لطالما … قد كنت عنهم حامل الأثقال أو يدفنوك فلا هوان إنما … للترب مسرى العارض الهطال أصل تركّب منه آدم وانثنى … فيه عقيب الشد والتّرحال بعد الثريا صرت في حفر الثرى … والدهر يرخص كل شيء غالي لو كان مثلك ما بكينا إنما … يبكى على الماضي بغير مثال والعيش آخره الفناء وإنما … نأسى لأهل الفضل والإفضال ونريد من ريب الزمان سلامة … أسلامة ترجى بغير زوال هي عادة الأيام إن هي ألبست … سلبت فضالة ذلك السربال والعمر نوم والمنيّة يقظة … والمرء بينهما طروق خيال بالله يا قبر الفقيه محمد … هل أنت عن علم تردّ سؤالي

2857 - [السلطان عبد الواحد بن يوسف]

بالله يا قبر الفقيه محمد … ماذا صنعت بوجهه المتلالي لو أن تربك بالترائب يشترى … وازنته المثقال بالمثقال لو كان لي أمر دفنتك في الحشى … وجعلت صفّ اللّبن من أوصالي ما الرّزء في فرس يموت وإنما … رجل بميتته ممات رجال وا وحشتاه على البلاد تعطلت … وخلت على كثر من الحلاّل ما لليالي في تهامة كلها … طالت وكانت قبل غير طوال عفت الديار فلا ديار وغاب من … قد كان مالا للقليل المال فهو الذي قد كان من أخلاقه … بذل الندى وهداية الضلال لهفي عليك ولهف عكّ كلّها … من أقدمين وأوسطين وتال لهف الصحائف والصحاف ولهف من … طلب المآل ولات حين مآل أبني الحسين عزاكم بمحمد … قول المسلّم لا الجليد القالي مات النبي وفيه أعظم أسوة … وصحابه بين الصفي والآل إن يقبض البدل المقدس منكم … فلأنتم لله من أبدال أو ينهدم جبل فمن أبنائه … وبني أبيه أيما أجبال والسر فيكم لا يزول ولم تزل … تلقى سجايا الليث في الأشبال خمسون من آل الحسين يقومهم … فرد عن النكبات ليس يبالي مستعصم بالله بل مستنصر … بالله صبّار على الأهوال يبقى عليّ لكم ويبقى صنوه … وأبو عتيق الساحب الأذيال فالله يرحم من مضى ويمدكم … بالعمر ما هبت رياح شمال 2857 - [السلطان عبد الواحد بن يوسف] (1) عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن، سلطان المغرب. ولي الأمر في سنة عشرين وست مائة، فلم يدار أمر الموحدين، فخلعوه وخنقوه في سنة إحدى وعشرين وست مائة، فمدة ولايته تسعة أشهر.

(1) «تاريخ الإسلام» (45/ 69)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 341)، و «العبر» (5/ 83)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 281)، و «شذرات الذهب» (7/ 168).

2858 - [أبو الحسن الفريثي]

وفي أيامه استولى على مملكة الأندلس ابن أخيه عبد الله بن يعقوب الملقب بالعادل، والتقى الفرنج، فهرب جيشه، فقصدوا مراكش بأسوأ حال، فقبضوا عليه، وتملك الأندلس أخوه إدريس مديدة، وخرج عليه محمد بن يوسف بن هود الجذامي، ودعا إلى بني العباس، فمال الناس إليه، فهرب إدريس بعسكره إلى مراكش، فالتقى صاحبها يومئذ يحيى بن محمد بن يعقوب بن يوسف، فهزم يحيى. 2858 - [أبو الحسن الفريثي] (1) الشيخ أبو الحسن علي الفريثي-بالفاء والراء، والمثناة من تحت، ثم مثلثة (2) -صاحب الأسرار والمعارف، والأحوال والأنوار. كان صاحب حال وكشف، وعبادة وصدق. توفي سنة إحدى وعشرين وست مائة. 2859 - [موسى التباعي] (3) موسى بن أحمد بن يوسف، شارح «اللمع» بشرحه المشهور. قال الجندي في وصفه: (أجمع الفقهاء أنه لم يكن لأهل اليمن في الشروح ما هو أكثر بركة منه، وأظهر نفعا، وأزول إشكالا في أصول الفقه منه، وهو الذي أشار إليه ابن الخطاب (4) في قوله من أبيات امتدحه بها: [من الطويل] ويكفيه فضلا ما أبان بشرحه … على لمع الشيخ الإمام أخي المجد) (5) تفقه بأهل بيته، ثم بالقاضي مسعود مقدم الذكر (6).

(1) «تاريخ الإسلام» (45/ 72)، و «العبر» (5/ 84)، و «مرآة الجنان» (4/ 48)، و «توضيح المشتبه» (7/ 89)، و «غربال الزمان» (ص 503)، و «شذرات الذهب» (7/ 168). (2) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 49)، والصواب: الفرنثي، نسبة إلى فرنث من قرى دجيل، وهو صاحب (الزواية الفرنثية)، انظر «توضيح المشتبه» (7/ 89)، و «الدارس» (2/ 161). (3) «السلوك» (2/ 283)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 372)، و «تحفة الزمن» (1/ 555)، و «هجر العلم» (4/ 1925). (4) كذا في «تحفة الزمن» (1/ 556)، وفي «السلوك» (2/ 283): (أبو الخطاب). (5) «السلوك» (2/ 283). (6) انظر (5/ 20).

2860 - [محمد النهيكي]

وكان إماما عالما في الفقه وأصوله، وقضيته مع علماء الزيدية الذين خرجوا إلى اليمن لمناظرة من فيها من الأئمة، ودمغه لهم، وبيان فضيحتهم، وتخجيلهم، واعترافهم بقيام الحجة عليهم .. مشهورة؛ فلا نطيل بها (1). ولم يزل على الحال المرضي حتى توفي سنة إحدى وعشرين وست مائة بقريته من أعمال حصن وصاب (2)، رحمه الله تعالى ونفع به. 2860 - [محمد النهيكي] (3) محمد بن أبي بكر ابن عبد الوهاب النهيكي. كان يسكن كونعة، القرية التي كان يسكنها الفقيه موسى بن أحمد التباعي شارح «اللمع». كان محمد المذكور فقيها فاضلا، سخي النفس، يقرئ الطلبة ويقوم بكفايتهم وكفاية الذين يقرءون على الفقيه موسى بن أحمد. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته مع الفقيه موسى. 2861 - [ابن زرقون] (4) أبو الحسين محمد بن محمد بن سعيد الأنصاري الإشبيلي، شيخ المالكية. كان من كبار المتعصبين للمذهب، فأوذي من جهة بني عبد المؤمن لما أبطلوا القياس، وألزموا الناس الأخذ بالأثر والظاهر. وصنف المذكور كتاب «المعلى في الرد على المحلى» لابن حزم. وتوفي سنة إحدى وعشرين وست مائة. وفيها: توفي أبو جعفر ابن المكرم، وأبو البركات ابن الجبّاب، وأبو طالب ابن عبد السميع، وأحمد ابن صرما.

(1) انظر الحادثة في «السلوك» (2/ 283)، و «تحفة الزمن» (1/ 556). (2) قريته: كونعة، كما سيأتي في الترجمة التي بعد هذه. (3) «السلوك» (2/ 285)، و «تحفة الزمن» (1/ 557)، و «هجر العلم» (4/ 1926). (4) «سير أعلام النبلاء» (22/ 311)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 76)، و «العبر» (5/ 85)، و «مرآة الجنان» (4/ 49)، و «الديباج المذهب» (2/ 241)، و «غربال الزمان» (ص 503)، و «شذرات الذهب» (7/ 169).

2862 - [أبو الدر مهذب الدين]

2862 - [أبو الدر مهذب الدين] (1) أبو الدر ياقوت بن عبد الله الرومي مهذب الدين، الشاعر المشهور. اشتغل بالعلم، وأكثر من الأدب، وأجاد في النظم، وله ديوان صغير، ومن شعره: [من البسيط] إن غاض دمعك والأحباب قد بانوا … فكلّ ما تدّعي زور وبهتان وكيف تأنس أو تنسى خيالهم … وقد خلا منهم ربع وأوطان لا أوحش الله من قوم نأوا فنأى … عن النواظر أقمار وأغصان ولما تميز ومهر .. سمى نفسه عبد الرحمن. مات سنة اثنتين وعشرين وست مائة، وفي بعض التواريخ أنه وجد ميتا في منزله ببغداد (2). 2863 - [أبو العباس الناصر لدين الله] (3) أبو العباس أحمد الخليفة الناصر لدين الله بن المستضيء بأمر الله العباسي. تولى الخلافة سنة خمس وسبعين وخمس مائة وهو ابن ثلاث وعشرين سنة. وكان فيه شهامة وإقدام، وعقل ودهاء، مستقلا بالأمور بالعراق، متمكنا من الخلافة، يتولى الأمور بنفسه، حتى كان يشق الدروب والأسواق أكثر الليل، والناس يتهيبون لقاءه. وما زال في عز وجلالة، واستظهار وسعادة إلى أن توفي في رمضان سنة اثنتين وعشرين وست مائة. وهو أطول بني العباس خلافة، كما أن الناصر لدين الله الأموي صاحب الأندلس أطول

(1) «معجم الأدباء» (7/ 229)، و «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 148)، و «وفيات الأعيان» (6/ 122)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 308)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 139)، و «مرآة الجنان» (4/ 49)، و «شذرات الذهب» (7/ 184). (2) كما في «سير أعلام النبلاء» (22/ 309)، و «وفيات الأعيان» (6/ 125). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 390)، و «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 160)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 192)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 83)، و «العبر» (5/ 87)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 310)، و «مرآة الجنان» (4/ 50)، و «البداية والنهاية» (13/ 124)، و «شذرات الذهب» (7/ 172).

2864 - [أبو الفضل ابن يونس]

بني أمية دولة، وكما أن المستنصر بالله العبيدي أطول العبيديين دولة، وكما أن السلطان سنجر بن ملك شاه أطول بني سلجوق دولة. 2864 - [أبو الفضل ابن يونس] (1) أبو الفضل أحمد بن موسى بن يونس الموصلي الشافعي، شارح «التنبيه». توفي سنة اثنتين وعشرين وست مائة. نقل اليافعي عن ابن خلكان أنه قال: (كان كثير المحفوظات، غزير المادة، حسن السمت، جميل المنظر، شرح كتاب «التنبيه» في الفقه، واختصر «إحياء علوم الدين» للإمام الغزالي مختصرين: كبيرا وصغيرا. قال: وكان يلقي في جملة دروسه من كتاب «الإحياء» درسا حفظا، ونسج على منوال والده في التفنن في العلوم، تخرج عليه جماعة كثيرة. قال: وتولى التدريس بمدرسة الملك المعظم صاحب إربل بعد والدي (2)، وكان وصوله إلى هناك من الموصل في أوائل شوال سنة عشر وست مائة، وكانت وفاة الوالد ليلة الاثنين الثاني والعشرين من شهر شعبان في السنة المذكورة. قال: وكنت أحضر درسه وأنا صغير، وما سمعت أحدا يلقي الدرس مثله، ولم يزل على ذلك إلى أن حج، ثم عاد وأقام قليلا، ثم انتقل إلى الموصل في سنة سبع عشرة وست مائة، وفوضت إليه المدرسة القاهرية، فأقام بها ملازم الاشتغال والإفادة، وقد كان من محاسن الوجود، وما أذكره إلا وتصغر الدنيا في عيني، وكان مبدأ شروعه في «شرح التنبيه» بإربل، واستعار منا نسخة «التنبيه» عليها حواش مفيدة بخط بعض الأفاضل، ورأيته بعد ذلك وقد نقل الحواشي كلها في «شرحه»، وكان اشتغاله على أبيه بالموصل، ولم يتغرب لأجل الاشتغال، وكان الفقهاء يتعجبون منه: كيف اشتغل في وطنه وبين أهله وفي عزه واشتغاله بالدنيا وخرج منه ما خرج؟ !

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 145)، و «وفيات الأعيان» (1/ 108)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 248)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 94)، و «العبر» (5/ 88)، و «مرآة الجنان» (4/ 50)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 39)، و «البداية والنهاية» (13/ 131)، و «شذرات الذهب» (7/ 174). (2) في الأصول و «مرآة الجنان» (4/ 51): (والده)، والصواب ما أثبت كما في «وفيات الأعيان» (1/ 108).

2865 - [الملك الأفضل بن صلاح الدين]

قال: وهو من بيت العلم-وأطنب المدح في أبيه وعمه وجده-قال: ولو شرعت في وصف محاسنه .. لأطلت، وفي هذا [القدر] كفاية. وقال غيره: عاش أبوه بعده سبع عشرة سنة) اه‍ (1) قال الشيخ اليافعي: (أما إطنابه في محاسنه .. فالمحاسن لها وجوه متعددة، فأثنى عليه بما شاهده منها فيه، وأما مدحه لكتابه «شرح التنبيه» .. فغير جدير بمدحه المذكور، فهو خال من التفصيل والتفريع والفوائد الموجودة في غيره، كشرح الإمام الفقيه ابن الرفعة الذي هو جدير بالمدح الكامل؛ لما تضمنه من الفوائد العقائل، وأما مدحه لإلقاء الدرس وأنه ما سمع مثله في الإلقاء المذكور .. فهو محتمل، ويكون ذلك بحسن سياقه، وتصرفه في المباحث وظرافته، ومزجه بالاستعارات المستحسنة والنوادر المستطرفة، وغير ذلك مما يطرب السامع، والمدح بذلك من مثل ابن خلكان ثناء عظيم، لصاحبه رافع) اه‍ (2) 2865 - [الملك الأفضل بن صلاح الدين] (3) الملك الأفضل علي بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب الأيوبي. لما مات أبوه .. تسلطن بدمشق، وتملك أخوه العزيز الديار المصرية، وأخوهما الظاهر حلب، وجرت للأفضل مع أخيه العزيز وقائع، آخر الأمر أن العزيز وعمه العادل حاصرا دمشق، وأخذاها من الأفضل، وأعطياه صرخد، ثم إن العادل استولى على مصر بعد موت العزيز، ودفع للأفضل عدة بلاد بالمشرق، ولم يحصل له إلا سميساط، فأقام بها إلى أن توفي سنة اثنتين وعشرين وست مائة. وكان في الأفضل فضيلة ونباهة، يحب العلماء ويعظم حرمتهم، وفيه عدل وحلم وكرم. سمع من جماعة، وله شعر وترسل وجودة كتابة، ومن شعره ما كتبه إلى الإمام الناصر

(1) «مرآة الجنان» (4/ 50)، وانظر «وفيات الأعيان» (1/ 108)، وقوله: (وقال غيره) هو الذهبي في «العبر» (5/ 89). (2) «مرآة الجنان» (4/ 51). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 390)، و «وفيات الأعيان» (3/ 419)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 294)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 123)، و «العبر» (5/ 91)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 342)، و «مرآة الجنان» (4/ 52)، و «البداية والنهاية» (13/ 127)، و «شذرات الذهب» (7/ 178).

2866 - [الفخر الفارسي]

يشكو عمه العادل وأخاه العزيز لما أخذا منه دمشق: [من البسيط] مولاي إن أبا بكر وصاحبه … عثمان قد غصبا بالسيف حق علي (1) وهو الذي كان قد ولاه والده … عليهما فاستقام الأمر حين ولي فخالفاه وحلاّ عقد بيعته … والأمر بينهما والنص فيه جلي فانظر إلى حظ هذا الاسم كيف لقي … من الأواخر ما لاقى من الأول فأجابه الإمام الناصر بجواب أوله: [من الكامل] وافى كتابك يا بن يوسف معلنا … بالود يخبر أن أصلك طاهر غصبوا عليّا حقه إذ لم يكن … بعد النبيّ له بيثرب ناصر فابشر فإن غدا عليه حسابهم … واصبر فناصرك الإمام الناصر (2) توفي الملك الأفضل في سنة اثنتين وعشرين وست مائة. 2866 - [الفخر الفارسي] (3) أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الفيروزاباذي الشافعي الصوفي، المعروف بالفخر الفارسي، صاحب العلوم الربانية الغامضة المستغربة في التصوف والوصل والمحبة. قال الشيخ اليافعي: (وأما قول الذهبي: إن في تصانيفه أشياء في التصوف والوصل والمحبة منكرة .. فكلام من ليس له بعلوم القوم مخبرة) (4). سمع المذكور من الحافظ السلفي.

(1) (أبو بكر): عمه العادل، و (عثمان): أخوه العزيز، وعبارة «وفيات الأعيان» (2/ 420): (فمن المنسوب إليه: أنه كتب إلى الإمام الناصر ... ). (2) في هامش (ق): (قال في الحاشية في الأم ما لفظه: أقول: هذه الأبيات ليست لائقة بمقام سيدنا أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وتلك طريقة الرافضة الملعونين، فتنزيه الكتب عن مثل هذا أولى، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 164)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 179)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 128)، و «العبر» (5/ 91)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 9)، و «مرآة الجنان» (4/ 53)، و «شذرات الذهب» (7/ 178). (4) «مرآة الجنان» (4/ 53)، وانظر قول الذهبي في «تاريخ الإسلام» (45/ 129)، و «العبر» (5/ 91).

2867 - [موسى العراقي]

وتوفي ثامن ذي الحجة (1) سنة اثنتين وعشرين وست مائة وقد نيف على التسعين، وقبره في قرافة مصر مشهور مقصود بالزيارة، نفع الله به آمين. 2867 - [موسى العراقي] (2) موسى بن عبد الله العراقي. كان فقيها دينا خيرا، ولديه دنيا واسعة، ابتنى مدرسة بمعشار نعمان، ناحية من نواحي وصاب، وجعل نظرها إلى بني فتح، وكانت له ابنة لا ولد له غيرها، فأزوجها على بعض بني فتح، وصار [ماله] إليهم. وتوفي في المحرم سنة اثنتين وعشرين وست مائة. 2868 - [بنو فتح] (3) محمد بن علي بن فتح، وأخوه طاهر. تفقها بإب على محمد بن موسى البريهي، وبالملحمة على محمد بن مضمون. وكانا فقيهين فاضلين، وإليهما كان قضاء بلدهما، وبهما تفقه أبو بكر الجناحي. وكذلك أخواهما أحمد بن علي بن فتح وحسن بن علي بن فتح كانا فقيهين جيدين، وأبوهم علي بن فتح كان مشهورا بالفضل والخير، وأصل بلدهم معشار نعمان، ناحية من نواحي وصاب، والظاهر أنهم كانوا في زمن الفقيه موسى بن عبد الله العراقي؛ فلذلك ذكرتهم في طبقته، والله سبحانه أعلم. 2869 - [مظفر العيلاني] (4) أبو العز مظفر بن إبراهيم العيلاني-بالعين المهملة-الشاعر المشهور المصري.

(1) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 53)، وفي «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 164) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 180) و «تاريخ الإسلام» (45/ 129): (سادس عشر ذي الحجة)، وفي «العبر» (5/ 91): (في أثناء ذي الحجة). (2) «السلوك» (2/ 296)، و «تحفة الزمن» (1/ 564). (3) «السلوك» (2/ 295)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 125)، و (3/ 242)، و «تحفة الزمن» (1/ 564). (4) «معجم الأدباء» (7/ 109)، و «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 168)، و «وفيات الأعيان» (5/ 213)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 174)، و «بغية الوعاة» (2/ 289)، و «شذرات الذهب» (7/ 194)، و «مرآة الجنان» (4/ 54).

كان أديبا عروضيا، شاعرا مجيدا، صنف في العروض مختصرا جيدا، وكان ضريرا. وله ديوان شعر رائق، ومن شعره: [من مجزوء الكامل] قالوا عشقت وأنت أعمى … ظبيا كحيل الطرف ألمى وحلاه ما عاينتها … فنقول قد شغفتك وهما فأجبت أني موسوي ال‍ … عشق إنصاتا وفهما أهوى بجارحة السما … ع ولا أرى ذات المسمّى ولما عاد الوزير صفي الدين ابن شكر من الشام إلى مصر .. خرج أصحابه للقائه إلى الخشبي، المنزلة المعروفة، وكتب مظفر الدين يعتذر عن تأخره عن التقائه بهذه الأبيات: [من البسيط] قالوا إلى الخشبي سرنا على عجل … نلقى الوزير جميعا من ذوي الرتب ولم تسر أيها الأعمى فقلت لهم … لم أخش من تعب ألقى ولا نصب وإنما النار في قلبي لوحشته … فخفت أجمع بين النار والخشب ومدح تقيّ الدين جماعة منهم مظفر الدين المذكور، فخلع على الجميع، ولم يخلع عليه، فكتب إلى تقي الدين: [من البسيط] ألعبد مملوك مولانا وخادمه … مظفر الشاعر الأعمى حليف ضنى يقبّل الأرض إجلالا لمالكه … رقّا وينهى إليه بعد كل هنا أن القميص جميع الناس قد بصروا … به وما منهم يعقوب غير أنا وله يوم رمي الشواني (1): [من البسيط] يا أيها الملك المسرور آمله … هذي شوانيك ترمي يوم سرّاء كأنما هي عقبان بها ظمأ … طارت من البر وانقضّت على الماء وله في يوم لعبها: [من البسيط] مولاي هذي الشواني في ملاعبها … مثل الشواهين في سهل وفي جبل (2) تسقي مجاذيفها ماء وتنفضه … نفض العقاب جناحيها من البلل

(1) الشواني: سفن حربية قديمة. (2) في «وفيات الأعيان» (5/ 216): (بين السهل والجبل).

2870 - [الظاهر بأمر الله]

قال الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي: (يعني بالمجاذيف المقاذيف التي يقذف بها الماء ليمشي المركب، وقد أبدع في حسن هذا التشبيه في الجميع وأطنب) (1). وله يصف فانوس الجامع العتيق بمصر: [من الطويل] أرى علما للناس في الصوم ينصب … على جامع ابن العاصي أعلاه كوكب وما هو في الظلماء إلا كأنه … على رمع زنجي سنان مذهب وسئل المظفر المذكور عن قول أبي العلاء المعري: أصلحك الله وأبقاك! لقد كان من الواجب أن تأتينا اليوم إلى منزلنا الخالي؛ لكي نحدث عهدا بك يا زين الأخلاء، فما مثلك من غيّر عهدا أو غفل. من أي بحر هو؟ وهل هو بيت واحد أم أكثر؟ فإن كان أكثر .. فهل أبياته على روي واحد أم هي مختلفة الروي؟ قال: فأفكر، ثم أجابه بأنه أربعة أبيات على رويّ اللام الساكنة، من بحر الرجز، وهي على صورة يسوغ استعمالها عند العروضيين، ومن لا يكون له بهذا الفن معرفة .. فإنه ينكرها؛ لأجل قطع الموصول منها، وهذه صورة أبياتها: [من مجزوء الرجز] أصلحك الله وأب‍ … قاك لقد كان من ال‍ واجب أن تأتينا ال‍ … يوم إلى منزلنا ال‍ خالي لكي نحدث عه‍ … دا بك يا زين الأخل‍ لاء فما مثلك من … غيّر عهدا أو غفل توفي مظفر المذكور في سنة ثلاث وعشرين وست مائة. 2870 - [الظاهر بأمر الله] (2) الخليفة الظاهر بأمر الله محمد بن الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بأمر الله. ولي الخلافة بعد أبيه، وكان ديّنا خيّرا عادلا، فرّق الأموال، وأبطل المكوس، وأزال المظالم، وأحسن إلى الناس.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 56). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 413)، و «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 182)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 264)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 165)، و «العبر» (5/ 95)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 95)، و «مرآة الجنان» (4/ 56)، و «البداية والنهاية» (13/ 132)، و «شذرات الذهب» (7/ 192).

2871 - [الإمام الرافعي]

وتوفي سنة ثلاث وعشرين وست مائة، فمدة خلافته تسعة أشهر ونصف. 2871 - [الإمام الرافعي] (1) أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي القزويني الإمام الكبير، مؤلف «العزيز شرح الوجيز» وغيره (2). ومن كراماته: أنه أضاءت له شجرة في بيته لما انطفأ السراج الذي يستضيء به عند كتبه بعض مصنفاته. توفي سنة ثلاث وعشرين وست مائة. 2872 - [جنكز خان] (3) تمرجين-بالمثناة من فوق، [والميم] والراء والجيم، والمثناة من تحت، والنون- طاغية التتار وسلطانهم الأعظم الذي خرب البلاد، وأفنى البرايا وأباد، وهو الذي جيش الجيوش، وخرج بهم من بادية الصين، ودانت له المغل (4)، وعقدوا له عليهم، وأطاعوه طاعة الأبرار للملك الجبار. وكان من دهاة العالم، وأفراد الدهر، وعقلاء الترك، وهو جد ابني العم بركة وهولاكو الذي استولى على بغداد كما سيأتي (5). واسمه قبل الملك: تمرجين بالمثناة من فوق، [والميم] والراء والجيم، والمثناة من تحت، والنون. وتوفي على الكفر إلى لعنة الله وسخطه في سنة أربع وعشرين وست مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (22/ 252)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 157)، و «العبر» (5/ 94)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 92)، و «مرآة الجنان» (4/ 56)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 281)، و «شذرات الذهب» (7/ 189). (2) قال الإمام السبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 281): (وقد تورع بعضهم عن إطلاق لفظ «العزيز» مجردا على غير كتاب الله فقال: «الفتح العزيز في شرح الوجيز»). (3) «سير أعلام النبلاء» (22/ 243)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 186)، و «العبر» (5/ 98)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 197)، و «مرآة الجنان» (4/ 57)، و «البداية والنهاية» (13/ 138)، و «النجوم الزاهرة» (6/ 268)، و «شذرات الذهب» (7/ 199). (4) المغل: مفرد المغول، وهم قوم من العجم. (5) انظر (5/ 284).

2873 - [ابن السكري]

2873 - [ابن السكري] (1) عبد الرحمن بن عبد العلي بن علي، قاضي القضاة عماد الدين ابن السكري المصري الشافعي. تفقه على الشهاب الطوسي، وبرع في المذهب، ودرس وأفتى، وولي قضاء القاهرة وخطابتها. وتوفي سنة أربع وعشرين وست مائة. 2874 - [الملك المعظم بن العادل] (2) الملك المعظم عيسى بن الملك العادل بن أيوب. ولد بالقاهرة، وحفظ القرآن، وبرع في الفقه، وشرح «الجامع الكبير» في عدة مجلدات بإعانة غيره، ولازم الاشتغال زمانا، وسمع «المسند» كله لابن حنبل مرارا، وكان حنفي المذهب، وله فيه مشاركة حسنة، وكان متعصبا لمذهبه، ولم يكن في بني أيوب حنفي سواه، وتبعه أولاده. وله رغبة في فن الأدب، يقال: إنه شرط لكل من حفظ «مفصل الزمخشري» مائة دينار وخلعة. وكانت مملكته متسعة بالشام، حج ومدحه جماعة من الشعراء فأحسنوا. وكان من النجباء الأذكياء، من ذكائه أن ابن عنين لما مرض كتب إليه: [من الكامل] انظر إليّ بعين مولى لم يزل … يولي الندى وتلاف قبل تلافي أنا ك‍ (الذي) أحتاج ما تحتاجه … فاغنم ثوابي والثناء الوافي فعاده بنفسه ومعه صرة فيها ثلاث مائة دينار، فقال: هذه الصلة، وأنا العائد. توفي بدمشق سلخ ذي القعدة من سنة أربع وعشرين وست مائة.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 210)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 197)، و «العبر» (5/ 99)، و «مرآة الجنان» (4/ 57)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 170)، و «شذرات الذهب» (7/ 200). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 425)، و «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 212)، و «وفيات الأعيان» (3/ 494)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 120)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 203)، و «العبر» (5/ 100)، و «مرآة الجنان» (4/ 57)، و «البداية والنهاية» (13/ 142)، و «شذرات الذهب» (7/ 201).

2875 - [أحمد ابن طاوس]

2875 - [أحمد ابن طاوس] (1) أبو المعالي أحمد بن الخضر الصوفي المعروف بابن طاوس. توفي سنة خمس وعشرين وست مائة. 2876 - [ابن الجواليقي] (2) الحسن بن إسحاق المعروف بابن الجواليقي، العلامة. توفي سنة خمس وعشرين وست مائة. 2877 - [أحمد بن تميم] (3) المحدث الرحال أحمد بن تميم بن هشام الأندلسي. توفي سنة خمس وعشرين وست مائة. 2878 - [محمد ابن أبي النهى] (4) محمد بن أسعد بن همدان بن يعفر، والد القاضي سليمان الجنيد. كان فقيها فاضلا، تفقه بمحمد بن علي العرشاني الحافظ، وأصل بلده ريمة المناخي، وكان يسكن قرية العدن من بلد صهبان، وعنه أخذ ابنه القاضي الجنيد.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 229)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 152)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 217)، و «العبر» (5/ 102)، و «مرآة الجنان» (4/ 58)، و «شذرات الذهب» (7/ 204). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 226)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 278)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 226)، و «العبر» (5/ 103)، و «الوافي بالوفيات» (11/ 401)، و «مرآة الجنان» (4/ 58)، و «شذرات الذهب» (7/ 204). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 224)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 301)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 216)، و «العبر» (5/ 102)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 281)، و «مرآة الجنان» (4/ 58)، و «شذرات الذهب» (7/ 204). (4) «السلوك» (1/ 444)، و «العطايا السنية» (ص 564)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 154)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 106)، و «تحفة الزمن» (1/ 363)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 204)، و «هجر العلم» (3/ 1398).

2879 - [علي بن أحمد العرشاني]

وتوفي في القرية المذكورة سنة خمس وعشرين وست مائة، ذكره في ترجمة ابنه؛ استطرادا (1). 2879 - [علي بن أحمد العرشاني] (2) علي بن القاضي أحمد بن الإمام الحافظ علي بن أبي بكر العرشاني. كان فقيها عارفا خيّرا ديّنا، ولي قضاء عدن في حياة أبيه، وتزوج بابنة الفقيه طاهر بن يحيى، وأقام بعد أبيه قاضيا مدة ثم عزل، فسكن سير مع امرأته، وولدت له ابنه عبد الله، وهو الذي كان سببا لوصول الفقيه أحمد بن محمد بن منصور الجنيد إلى عرشان؛ استدعاه القاضي علي بن أحمد المذكور ليقرئ ولده عبد الله، كما تقدم ذلك في ترجمة أحمد بن محمد بن منصور (3). وتوفي القاضي علي بقرية سير في رجب سنة خمس وعشرين وست مائة عن خمس وستين. 2880 - [علوان الخاوي] (4) أبو أحمد علوان الخاوي، نسبة إلى خاو-بخاء معجمة، ثم ألف، ثم واو-بلد قريبة من رأس نقيل صيد، وهو والد الشيخ أحمد بن علوان المشهور. كان المذكور كاتبا حسن الخط، وهو الذي نسخ من «البيان» نسخة بخطه، وتقدم بها صاحبها إلى العراق، فلما وصلت بغداد .. جعلت النسخة في أطباق الذهب، وحملت على رءوس المتفقهة من أهل بغداد، فقال بعض علماء العراق: ما كنا نظن أن في اليمن إنسانا حتى قدم علينا «البيان» بخط علوان، وأراد يحيى بن أبي الخير العمراني مجازاة علوان بشيء على نسخه «البيان»، فقال: ما أريد جزائي منك إلا أن تدعو لي أن الله تعالى يرزقني

(1) أي: ذكره الخزرجي في «طراز أعلام الزمن» (1/ 490). (2) «السلوك» (1/ 367)، و «تحفة الزمن» (1/ 295)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 135)، و «هجر العلم» (3/ 1419). (3) بل كما سيأتي في ترجمته، انظر (5/ 169). (4) «السلوك» (1/ 301)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 205)، و «تحفة الزمن» (1/ 226).

2881 - [أبو القاسم ابن صصرى]

ولدا صالحا، فدعا له بذلك، فرزقه الله ولده أحمد، فكان الشيخ أحمد بن علوان دعوة من دعوات صاحب «البيان». وكان علوان المذكور كاتب إنشاء الملك المسعود بن الكامل الأيوبي، فيقال: إنه سافر إلى جبال حجّة لبعض مخارجه، فحصل حرب شديد بين عسكر المسعود والعرب هنالك، فوقف علوان بجنب جبل هنالك وهو على بغلته، فانقطع من الجبل كسف وقع عليه وعلى بغلته، فكان آخر العهد به. والظاهر أن وفاته كانت في هذه العشرين، أو في التي قبلها؛ لأن دخول المسعود اليمن كان سنة ست عشرة وست مائة (1)، وكانت وفاته سنة خمس وعشرين وست مائة (2)، والله أعلم. 2881 - [أبو القاسم ابن صصرى] (3) أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ التغلبي الدمشقي، مسند الشام. توفي سنة ست وعشرين وست مائة. 2882 - [ياقوت الحموي] (4) ياقوت الرومي الحموي، ثم البغدادي التاجر، شهاب الدين الأخباري، صاحب التصانيف الأدبية في التاريخ والأنساب والبلدان وغير ذلك. أسر من بلاده صغيرا، فابتاعه رجل تاجر ببغداد، فلما كبر ياقوت .. قرأ شيئا من النحو واللغة، وشغله مولاه بالأسفار في متاجره، ثم جرت بينه وبين مولاه نبوة أوجبت عتقه، فأبعده عنه، فاشتغل بالنسخ، وحصلت له بالمطالعة فوائد.

(1) والصواب: أن دخوله كان سنة (612 هـ‍)، انظر «سير أعلام النبلاء» (22/ 331)، و «السلوك» (2/ 538). (2) في تاريخ وفاته خلاف، انظر ترجمته (5/ 121). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 240)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 282)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 248)، و «العبر» (5/ 105)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 80)، و «مرآة الجنان» (4/ 59)، و «شذرات الذهب» (7/ 208). (4) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 249)، و «وفيات الأعيان» (6/ 127)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 312)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 266)، و «العبر» (5/ 106)، و «مرآة الجنان» (4/ 59)، و «شذرات الذهب» (7/ 212).

صنف «إرشاد الألبّاء إلى معرفة الأدباء» في أربعة مجلدات، و [كتابا في] أخبار الشعراء المتأخرين والقدماء، وكتبا أخرى عديدة. وكانت له همة عالية في تحصيل المعارف، وله رسالة كتبها من الموصل إلى وزير [صاحب حلب] أبي الحسن علي بن يوسف الشيباني يصف فيها حاله، تشهد بفضله ومعرفته وبلاغته، يقول فيها-بعد كلام طويل مشتمل على ألفاظ جميلة، ومعان فضيلة-: وقد كان المملوك لما فارق ذلك الجناب الشريف، وانفصل عن مقر العز [اللباب] والفضل المنيف، أراد استعتاب الدهر الكالح، واستدرارا خلف الزمن الغشوم الجامح؛ اغترارا بأن في الحركة بركة، والاغتراب داعية الاكتساب، والمقام على الإقتار ذل وأسقام، وجليس البيت في المحافل سكيت: [من الطويل] فودعت من أهلي وفي القلب ما به … وسرت عن الأوطان في طلب اليسر سأكسب مالا أو أموت ببلدة … يقل بها فيض الدموع على قبري فامتطى غارب الأمل إلى الغربة، وركب [ركب] التطواف مع كل صحبة، قاطع الأغوار والأنجاد، حتى بلغ السد أو كاد، فلم يرفق به زمان حرون، ولا مكان حزون (1)، فلكأنه في جفن الدهر قذى، وفي حلقه شجى، تدافعه آمال الأمنيّة، حتى أسلمته إلى ربقة المنيّة: [من البسيط] لا يستقر بأرض أو يسير إلى … أخرى لشخص قريب عزمه نائي يوما بحزوا ويوما بالعقيق ويو … ما بالعذيب ويوما بالخليصاء وتارة ينتحي نجدا وآونة … شعب الحرون وحينا قصر تيماء (2) والمملوك مع ذلك يدافع الأيام ويزجيها، ويعلل المعيشة ويرجيها، متلفعا بالقناعة والعفاف، مشتملا بالنزاهة والكفاف، غير راض بذلك الشمل، ولكن مكره أخوك لا بطل، قد ألزم نفسه أن يستعمل طرفا طمّاحا، وأن يركب طرفا جمّاحا، وأن يلحف بيض

(1) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 62)، والعبارة في «وفيات الأعيان» (6/ 133) و «تاريخ الإسلام» (45/ 267): (فلم يصحب له دهره المرون، ولا رق له زمانه المفتون). (2) نسب صاحب الترجمة هذه الأبيات في «معجم البلدان» (2/ 386) إلى عبد الله بن أحمد بن الحارث، وفي (ق)، و «وفيات الأعيان» (6/ 133): (الحزون)، وفي «معجم البلدان» (2/ 386): (شعب العقيق).

2883 - [جوهر العدني]

طمع جناحا، وأن يستقدح زندا واريا أو شماحا: [من الوافر] وأدبني الزمان فلا أبالي … هجرت فلا أزار ولا أزور ولست بسائل ما عشت يوما … أسار الجند أم ركب الأمير ولقد ندب المملوك أيام الشباب بهذه الأبيات-وما أقل غناء الباكي على من عد في الرفات-: [من الطويل] تنكر لي مذ شبت دهري وأصبحت … معارفه عندي من النكرات إذا ذكرتها النفس حنت صبابة … وجادت شؤون الدمع بالعبرات إلى أن أتى دهر يحسّن ما مضى … ويوسعني تذكاره حسراتي والبيت الأخير مأخوذ من قول الآخر: [من الخفيف] رب دهر بكيت منه فلما … صرت في غيره بكيت عليه هذا ما اقتصرت عليه من بعض ما اقتصر عليه الشيخ اليافعي من رسالته الطويلة، الجليلة الفائقة الجميلة. قال الشيخ اليافعي: (وهو لعمري فيما يستحقه من النعوت من نفيس الجواهر كاسمه ياقوت) (1). توفي في شهر رمضان من سنة ست وعشرين وست مائة بحلب، وقد وقف كتبه، وكان لمّا تميز سمى نفسه: يعقوب. 2883 - [جوهر العدني] (2) الشيخ الكبير، الصالح الشهير، أبو البهاء جوهر بن عبد الله العدني. قال الشيخ عبد الله اليافعي: (كان عبدا عتيقا أميا، متسببا في السوق بعدن) اه‍ (3) وأظنه كان بزازا؛ فإن في خان عدن دكانا مشهورا على ألسنة الناس أنه دكان الشيخ جوهر، وقل أن يتسبب فيه متسبب إلا ويفتح الله عليه في دنياه.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 63). (2) «مرآة الجنان» (4/ 347)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 285)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 39)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 396)، و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 14). (3) «مرآة الجنان» (4/ 347).

وكان يحب الفقراء، ويجالسهم كثيرا ويعتقدهم، فعادت عليه بركتهم، فألحقه الله بهم؛ فإن المرء مع من أحب. قال اليافعي: (فلما احتضر الشيخ أبو حمران .. سئل: من يكون الشيخ بعدك؟ فقال: الذي يقع على رأسه الطائر الأخضر في اليوم الثالث من موتي هو الشيخ، فلما كان اليوم الثالث من موته .. حضر الفقهاء والفقراء والعوام في مسجده، وقعدوا ينتظرون ما يكون من وعد الشيخ، وفيهم المصدق والمكذب والمتشكك، وإذا بالطائر الموصوف قد أقبل وحط في طاقة المسجد، فعند ذلك تشوف للمشيخة كبار أصحاب الشيخ، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، فارتفع ذلك الطائر من موضعه الذي حط فيه أولا، ثم وقع على رأس الشيخ جوهر، فقام إليه الفقراء ليزفوه ويقعدوه في منصب الشيخ، فبكى وقال: أين أنا من هذا! وأنا رجل جاهل لا أصلح لهذا، ولا أعرف الطريق! فقالوا له: ما أقامك الحق في هذا المقام إلا وأنت أهل له، وسيعلمك ما تجهل، ويوليك التوفيق، فقال: إن كان ولا بد، فأمهلوني ثلاثة أيام، أسعى في براءة ذمتي برد الحقوق التي علي للناس والتخلص منهم، فأمهلوه، فلما مضت الثلاث .. قعد في منصب المشيخة، فكان كاسمه جوهرا، كتب إليه بعض المشايخ كتابا يسبه فيه، فكان جوابه إليه: [من الطويل] إذا سعدوا أحبابنا وشقينا … صبرنا على حكم القضا ورضينا وإن جيّش الأحباب جيشا من الجفا … بنينا من الصبر الجميل حصونا وإن بعثوا خيل الصدود مغيرة … بعثنا لهم خيل الوصال كمينا وإن شهروا أسيافهم لقتالنا … أتيناهم بالذل مدرّعينا أحبّاءنا جوروا وإن شئتم اعدلوا … صبرنا على حكم القضا ورضينا فلما وقف الشيخ على جوابه .. استغفر الله تعالى وتهيأ للاجتماع بالشيخ جوهر، ورحل من بلاده إليه، فلما اجتمع به .. كشف رأسه، واستغفر الله تعالى) (1). قال الخزرجي: (ولم أقف على تاريخ وفاة الشيخ جوهر) اه‍ (2) توفي الشيخ جوهر المذكور سنة ست وعشرين وست مائة.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 347)، وفيها البيت الأول فقط، وانظر الأبيات الأخرى في «تاريخ ثغر عدن» (2/ 40). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 287).

2884 - [الملك المسعود]

وأخبرني الثقة من فقراء زاويته أن ذلك مكتوب في تابوته، وكانت وفاته يوم الأربعاء بقايا رجب من السنة المذكورة، والله سبحانه أعلم. وله كرامات كثيرة شهيرة حذفناها اختصارا، ولأهل البلد وغيرهم فيه اعتقاد عظيم، نفع الله به آمين. 2884 - [الملك المسعود] (1) الملك المسعود يوسف بن الملك الكامل محمد بن أبي بكر العادل. كان سيّره جده العادل إلى اليمن فملكه، وملك الحجاز. قال التقي الفاسي: (والدراهم المسعودية بمكة منسوبة إليه) (2). فأقام باليمن مدة، ثم رجع إلى مصر، واستناب باليمن بعض بني الرسول، ثم عاد إلى اليمن وأقام به، ثم توجه إلى مصر بعد أن استناب باليمن عمر بن علي بن رسول الذي استولى على اليمن بعده، واستصحب في سفرته هذه بدر الدين وأسد الدين وغيرهما من بني الرسول، وذلك بإشارة نائبه المذكور؛ خشية أن يحصل منهم خلاف باليمن. فلما صار المسعود بمكة المشرفة .. توفي، فلما حضرته الوفاة .. أوصى أنه إذا مات .. لا يجهز بشيء من ماله، بل يسلم إلى شيخ من أكراد إربل كان مجاورا بمكة يسمى صديقا يجهزه، وكان من الصالحين، فلما مات .. تولى صديق المذكور تجهيزه، وكفنه في إزار قد أحرم فيه بالحج والعمرة سنين عديدة، وجهزه تجهيز الفقراء، وكان قد أوصى ألا يبنى على قبره، بل يدفن بين القبور، ويكتب على قبره: هذا قبر الفقير إلى الله تعالى يوسف بن محمد بن أبي بكر بن أيوب، ففعل به ذلك. ولما بلغ الكامل فعل الشيخ صديق .. كتب إليه يشكره ويسأله أن يذكر له حوائجه ليقضيها، فلم يرد عليه جوابا وقال: ما أستحق شكرا؛ إنما جهزت فقيرا. ثم إن عتيقه الصارم المسعودي الذي تولى القاهرة بنى عليه قبة.

(1) «السلوك» (2/ 538)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 331)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 273)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 315)، و «مرآة الجنان» (4/ 63)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 30)، و «العقد الثمين» (7/ 492)، و «تحفة الزمن» (2/ 480)، و «شذرات الذهب» (7/ 210). (2) «العقد الثمين» (7/ 495).

2885 - [سري العرشاني]

وكانت وفاة المسعود في سنة ست وعشرين وست مائة (1). 2885 - [سري العرشاني] (2) سري بن إبراهيم بن أبي بكر بن علي بن معاذ بن مبارك بن تبع بن يوسف بن فضل العرشاني، يجتمع مع الحافظ في تبع بن يوسف. كان فقيها ماهرا فاضلا، فروعيا أصوليا، له مصنفات في الأصول على مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري، ولي القضاء بصنعاء، فشكرت سيرته، وكان أحد عدول القضاة. يروى أنه اشترى أرضا فيها أصول كرم، ثم حضر عنده خصمان، فحكم على أحدهما بما أوجبه الشرع، ثم إن المحكوم عليه وصل ليلا إلى بيت القاضي ومعه شريم (3)، فقال للقاضي: هذا شريم، وقد اشتريته وأنا متقدم به إلى حظيرتك لأقطعها مكافأة لحكمك عليّ، فلاطفه القاضي، وأوجب له على نفسه غرم ما حكم به عليه أو بعضه، فلما أصبح .. باع الأرض التي اشتراها وقال: لا يصلح لحاكم أن يكسب مزرعة أصلا. وتوفي بصنعاء وهو على القضاء المرضي في سنة ست وعشرين وست مائة. 2886 - [زين الأمناء ابن عساكر] (4) أبو البركات الحسن بن محمد الدمشقي زين الأمناء، المعروف بابن عساكر. تفقه على جمال الأئمة علي بن الماسح، وروى عن أبي العشائر، وطائفة. وولي نظر الخزانة والأوقاف، ثم تزهد.

(1) كذا في المصادر، وفي «السلوك» (2/ 539) و «تحفة الزمن» (2/ 480): توفي سنة (625 هـ‍)، وقال التقي الفاسي في «العقد الثمين» (7/ 495): (وأما ما ذكره الجندي من أنه توفي مسموما في رجب-وقيل: في شعبان-سنة خمس وعشرين .. فخطأ بلا شك). (2) «السلوك» (1/ 367)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 465)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 43)، و «تحفة الزمن» (1/ 294)، و «هجر العلم» (3/ 1419). (3) الشّريم: المنجل، والجمع: شروم. (لهجة يمنية). (4) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 258)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 284)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 280)، و «العبر» (5/ 108)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 253)، و «مرآة الجنان» (4/ 64)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 141)، و «شذرات الذهب» (7/ 217).

2887 - [بهرام شاه]

وكان صالحا خيّرا، حسن السمت. توفي سنة سبع وعشرين وست مائة. 2887 - [بهرام شاه] (1) أبو المظفر بهرام شاه مجد الدين الملك الأمجد صاحب بعلبك، تملكها بعد أبيه خمسين سنة. وكان جوادا كريما، شاعرا محسنا. قتله مملوك له بدمشق في سنة ثمان وعشرين وست مائة. 2888 - [المهذب الدّخوار] (2) عبد الرحيم بن علي بن حامد الدمشقي شيخ الطب، المعروف بالمهذب. أخذ عن الموفق بن المطران، والرضي الرحبي، وأخذ الأدب عن الكندي، وانتهت إليه معرفة الطب، وله فيه تصانيف، وحظي عند الملوك. وعرض له في آخر عمره خرس، حتى لا يكاد يفهم كلامه، واجتهد في علاج نفسه إلى أن مات في سنة ثمان وعشرين وست مائة. ووقف المدرسة التي بالصاغة العتيقة من دمشق على الأطباء. 2889 - [ابن معط] (3) أبو الحسين يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي-نسبة إلى زواوة بفتح الزاي،

(1) «سير أعلام النبلاء» (22/ 330)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 305)، و «العبر» (5/ 110)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 304)، و «مرآة الجنان» (4/ 65)، و «البداية والنهاية» (13/ 153)، و «شذرات الذهب» (7/ 222). (2) «عيون الأنباء» (ص 728)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 316)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 317)، و «العبر» (5/ 111)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 383)، و «مرآة الجنان» (4/ 65)، و «البداية والنهاية» (13/ 151)، و «شذرات الذهب» (7/ 224). (3) «معجم الأدباء» (7/ 259)، و «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 292)، و «وفيات الأعيان» (6/ 197)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 324)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 331)، و «العبر» (5/ 112)، و «مرآة الجنان» (4/ 66)، و «بغية الوعاة» (2/ 344)، و «شذرات الذهب» (7/ 226).

2890 - [عبد الرحمن بن أبي السعود]

قبيلة كبيرة بظاهر بجاية من أعمال إفريقية-الحنفي، صاحب «الألفية» وغيرها من التصانيف المفيدة. كان أحد أئمة عصره في النحو واللغة، أقرأ العربية بدمشق مدة، وانتفع به خلق كثير، ثم رغبه الكامل في الانتقال إلى مصر، وقرر له على التصدر بجامع العتيق لإقراء الأدب رزقا، فانتقل إلى مصر. ولم يزل ينتفع الناس به بمصر إلى أن توفي بها في سنة ثمان وعشرين وست مائة، وقبر قرب قبر الشافعي رحمهما الله تعالى. 2890 - [عبد الرحمن بن أبي السعود] (1) عبد الرحمن بن أبي السعود، أبو محمد. كان فقيها صالحا، عالما عاملا، وكان زميلا لابن الرنبول في القراءة. توفي سنة ثمان وعشرين وست مائة. 2891 - [القاضي أحمد ابن أبي عيسى] (2) أحمد بن محمد بن محمد بن أبي عيسى قاضي تريم. قال الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي-نفع الله به، آمين-: (ومن فقهاء تريم آل باعيسى القاضي التقي، الورع الزكي، شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد باعيسى) (3). قال الخطيب عبد الرحمن: (لما توفي قاضي تريم .. امتنع الفقهاء من ولاية القضاء، فاتفق الأمر على أن يقرع بينهم، ومن خرجت قرعته ولي القضاء، فأقرع بينهم، فخرجت القرعة على الفقيه الإمام الورع الأثيل، السيد الزاهد الجليل، أحمد بن محمد ابن أبي عيسى، فأبى أن يدخل في القضاء، فأقرع ثانيا وثالثا، فلم تخرج إلا عليه، فأبى من ذلك، فقال له شيخه: ادخل فيه، وما لحقك فيه فهو في عنقي؛ لما يعرف من علمه وورعه، فأبى، فقال له السلطان: إن لم تل القضاء .. فارحل عن بلدي، فرحل عنها ومعه

(1) «السلوك» (2/ 272)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 56)، و «تحفة الزمن» (1/ 549). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 65)، و «البرقة المشيقة» (ص 117). (3) «البرقة المشيقة» (ص 117).

2892 - [يحيى بن معاذ الرازي]

أربعون نفسا من أهله وأقاربه، فلما زلزل أهله عن وطنهم .. رقّ لهم، فرجع ودخل في القضاء، وكان لا يحكم إلا وبينه وبين المتخاصمين ستر؛ لشدة ورعه. يقال: إنه في بعض الأيام أتت بقرتان إلى داره وصاحتا، فعرف أن صياحهما يشكوان أن سيدهما يستخدمهما خدمة عظيمة غليظة، ولا يشبعهما علفا، فأدخلهما القاضي داره وعشاهما، واستدعى سيدهما وقال له: لا يحل لك من الله أن تجيعهما، وتكلفهما ما لا يطيقان، فتكفل سيدهما أن يشبعهما، وألا يكلفهما ما لا يطيقان. وروي: أن البقرتين صاحتا تحت دار القاضي وانصرفتا، فقال القاضي لرجل: إنهما شاكيتان، اذهب معهما، وائتني بسيدهما، فذهب الرجل والبقرتان تمشيان قدامه كالدالات له على من ظلمهما، فلما وصلتا إلى باب سيدهما .. وقفتا، فدعا الرجل سيدهما، ومضى به إلى القاضي، فقال له القاضي ما تقدم ذكره، وتكفل له السيد بما تكفل) اه‍ (1) وهذه القصة تشبه قصة كسرى أنوشروان العادل مع الحمار. قال الخطيب: (توفي المذكور ليلة الاثنين آخر صفر سنة ثمان وعشرين وست مائة، وقبر عند قبور آل با علوي) (2) أي: بتريم، نفع الله بهم أجمعين. 2892 - [يحيى بن معاذ الرازي] (3) أبو زكريا يحيى بن معاذ الرازي الشيخ الجليل، أحد شيوخ «الرسالة» المشهورة. قال فيه الأستاذ أبو القاسم القشيري: (نسيج وحده في وقته، له لسان في الرجاء خصوصا، وكلام في المعرفة، خرج إلى بلخ، فأقام بها مدة، ورجع إلى نيسابور، ومات بها) (4). ومن كلامه: الكلام الحسن حسن، وأحسن من الكلام معناه، وأحسن من معناه استعماله، وأحسن من استعماله ثوابه، وأحسن من ثوابه رضى من يعمل له. وقال: ليكن حظ المؤمن منك ثلاث خصال: إن لم تنفعه .. فلا تضره، وإن لم تمدحه .. فلا تذمه، وإن لم تسره .. فلا تغمه.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 65). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 66). (3) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (258 هـ‍) في موضعها الصحيح؛ فانظر مصادر ترجمته هناك (2/ 563). (4) «الرسالة القشيرية» (ص 27).

2893 - [جلال الدين خوارزم شاه]

وله إشارات حسنة، وعبارات مستحسنة. كذا ذكره الشيخ عبد الله اليافعي فيمن توفي في سنة ثمان وعشرين وست مائة، وذكر أيضا: أن الخطيب البغدادي ذكره في «تاريخه» (1). ولا شك أن تاريخ وفاته وهم، وإنما ذكرته ليعلق في مظنته إن شاء الله تعالى. 2893 - [جلال الدين خوارزم شاه] (2) السلطان جلال الدين خوارزم شاه بن السلطان علاء الدين محمد. كان يضرب به المثل في الشجاعة والإقدام، كثير الجولان في البلاد؛ ما بين الهند إلى ما وراء النهر إلى العراق إلى فارس إلى كرمان إلى أرمينية وأذربيجان وغير ذلك. افتتح المدن، وسفك الدماء، وظلم وعسف. قالوا: وكان مع ذلك صحيح الإسلام، ربما بكى إذا قرأ في المصحف، ثم آل أمره إلى أن تفرق عنه جيشه، حتى قيل: إنه سار في نفر يسير، فبيّته كردي في منزله، وطعنه بحربة وقتله بها في سنة تسع وعشرين وست مائة (3). 2894 - [ابن نقطة] (4) محمد بن عبد الغني المعروف بابن نقطة الحنبلي، الحافظ الرحال. أكثر من كتابة الحديث وسماعه والرحلة فيه، ولقي المشايخ، وأخذ عنهم، واستفاد منهم، وعلق التعاليق.

(1) انظر «مرآة الجنان» (4/ 67)، وترجمته في «تاريخ بغداد» (14/ 212). (2) «سير أعلام النبلاء» (22/ 326)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 307)، و «العبر» (5/ 114)، و «مسالك الأبصار» (27/ 283)، و «مرآة الجنان» (4/ 67)، و «البداية والنهاية» (13/ 154)، و «شذرات الذهب» (7/ 229). (3) كذا في «العبر» (5/ 114)، و «مرآة الجنان» (4/ 67)، و «شذرات الذهب» (7/ 229)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (628 هـ‍)، وهو الصواب كما حققه الإمام الذهبي في «تاريخ الإسلام» (45/ 311). (4) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 300)، و «وفيات الأعيان» (4/ 392)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 347)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 371)، و «العبر» (5/ 117)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1412)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 267)، و «مرآة الجنان» (4/ 68)، و «شذرات الذهب» (7/ 234).

2895 - [أبو لكوط الدكالي]

ذيل على «إكمال الأمير ابن ماكولا» في مجلدين، وما أقصر فيه، وله كتاب في الأنساب، وكتاب «التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد». ذكره أبو البركات ابن المستوفي في «تاريخه» وأثنى عليه، وقال: (أنشدني لأبي علي محمد بن الحسين بن أبي الشّبل أحد شعراء العراق المجيدين: [من الكامل] لا تظهرنّ لعاذل أو عاذر … حاليك في الضراء والسراء فلرحمة المتوجعين مرارة … في القلب مثل شماتة الأعداء) (1) توفي سنة تسع وعشرين وست مائة. 2895 - [أبو لكوط الدكالي] (2) عبد الله بن عبد السلام بن عبد الرحمن الدّكّالي أبو لكوط، نزيل مكة المشرفة. قال التقي الفاسي: (ذكر القطب القسطلاني أنه كان من رجال الله، وأرباب المجاهدات والمكاشفات، وكان تارة يجري من أول الحرم إلى آخره، ومن أول المسعى إلى آخره وهو يذكر بصوت عال: الله، الله، وقصده بذلك كسر نفسه، وكسر جاهه وحشمته عند العامة. وكان يطوي الأيام والليالي. وهو من أصحاب الشيخ العارف أبي محمد صالح الدكالي، وأبو محمد من أصحاب الشيخ العارف بالله عبد الرزاق، وعبد الرزاق من أصحاب شيخ الشيوخ أبي مدين. قال التقي الفاسي: وأخبرني شيخنا السيد عبد الرحمن بن أبي الخير الفاسي أنه وجد بخط الشريف أبي عبد الله القاضي حكاية معناها: أن شخصا رئي بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي بحضور فلان الخياط في جنازتي بطاقية الشيخ أبي لكوط، وهذه منقبة عظيمة. توفي يوم الجمعة ثاني صفر سنة تسع وعشرين وست مائة) (3).

(1) «تاريخ إربل» (1/ 249). (2) «العقد الثمين» (5/ 201). (3) «العقد الثمين» (5/ 201).

2896 - [إبراهيم التنوخي]

2896 - [إبراهيم التنوخي] (1) إبراهيم بن شاكر التّنوخي الشافعي القاضي، بهاء الدين الكاتب البليغ، والد تقي الدين إسماعيل. وروى بالإجازة عن شهدة، وولي قضاء المعرّة في صباه خمس سنين، فقال: [من الوافر] وليت الحكم خمسا هن خمس … لعمري والصبا في عنفوان فلم تضع الأعادي قدر شاني … ولا قالوا فلان قد رشاني ولقد أحسن في ذلك، وأشار إلى أنه ولي القضاء خمس سنين وهو ابن خمس وعشرين سنة (2). توفي سنة ثلاثين وست مائة. 2897 - [إدريس صاحب المغرب] (3) إدريس بن يعقوب بن يوسف صاحب المغرب. بايعوه بالأندلس، ثم ملك مراكش، وعظم سلطانه، وكان بطلا شجاعا، ذا هيبة شديدة، وسفك للدماء. قطع ذكر ابن تومرت من الخطبة. وتوفي سنة ثلاثين وست مائة. 2898 - [الملك العزيز بن العادل] (4) الملك العزيز عثمان بن الملك العادل بن أيوب، أخو المعظم لأبويه.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 329)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 381)، و «العبر» (5/ 118)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 19)، و «مرآة الجنان» (4/ 69)، و «المقفى الكبير» (1/ 170)، و «شذرات الذهب» (7/ 237). (2) قال الإمام الصفدي رحمه الله تعالى في «الوافي بالوفيات» (6/ 19): (قلت: كذا نقلته من خط شمس الدين، ولعله ولي القضاء وعمره عشرون سنة حتى يصح قوله: «وليت الحكم خمسا هن خمس لعمري»). (3) «سير أعلام النبلاء» (22/ 342)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 337)، و «العبر» (5/ 118)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 230)، و «مرآة الجنان» (4/ 69)، و «شذرات الذهب» (7/ 237). (4) «تاريخ الإسلام» (45/ 393)، و «العبر» (5/ 119)، و «مرآة الجنان» (4/ 69)، و «البداية والنهاية» (13/ 161)، و «شذرات الذهب» (7/ 240).

2899 - [ابن الأثير المؤرخ]

اتفق موته ببستان له يسمى: الناعمة في عاشر رمضان سنة ثلاثين وست مائة. 2899 - [ابن الأثير المؤرخ] (1) أبو الحسن علي بن محمد الجزري-نسبة إلى جزيرة ابن عمر من أعمال الموصل، وهو رجل من أهل برقعيد، يقال له: عبد العزيز بن عمر، عرفت الجزيرة به-الإمام الحافظ ابن الأثير، مصنف «التاريخ» و «أسد الغابة»، واختصر كتاب «الأنساب» للسمعاني، واستدرك عليه في مواضع. سمع من الشيوخ بالموصل وبغداد، والقدس والشام وغير ذلك من البلدان. وتوفي سنة ثلاثين وست مائة. مذكور في الأصل. 2900 - [ابن عنين الشاعر] (2) أبو المحاسن محمد بن نصر [الله] شرف الدين الشاعر المعروف بابن عنين. قال ابن خلكان: (كان خاتمة الشعراء، لم يأت بعده مثله، ولا كان في [أواخر] عصره من يقاس به، ومع جودة شعره غير مقصور على أسلوب واحد، بل تفنن فيه، وكان غزير المادة من الأدب، مطلعا على معظم أشعار العرب. وكان مولعا بالهجاء، وله قصيدة طويلة جمع فيها خلقا من رؤساء دمشق، سماها: «مقراض الأعراض» فنفاه السلطان صلاح الدين من دمشق بسبب وقوعه في الناس، فلما خرج منها .. قال: [من الكامل] فعلام أبعدتم أخا ثقة … لم يجترم ذنبا ولا سرقا أنفوا المؤذّن من بلادكم … إن كان ينفى كلّ من صدقا وطاف البلاد من الشام والعراق، والجزيرة وأذربيجان، وخراسان وغزنة، وخوارزم

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 347)، و «وفيات الأعيان» (3/ 348)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 353)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 395)، و «العبر» (5/ 120)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 136)، و «مرآة الجنان» (4/ 70)، و «البداية والنهاية» (13/ 163)، و «شذرات الذهب» (7/ 241). (2) «معجم الأدباء» (7/ 59)، و «وفيات الأعيان» (5/ 14)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 411)، و «العبر» (5/ 122)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 122)، و «مرآة الجنان» (4/ 70)، و «البداية والنهاية» (13/ 161)، و «شذرات الذهب» (7/ 246).

وما وراء النهر، ثم دخل الهند، وكتب إلى أخيه من الهند إلى دمشق بهذين البيتين، والثاني منهما لأبي العلاء المعري، استعمله مضمنا: [من الكامل] سامحت كتبك في القطيعة عالما … أن الصحيفة لم تجد من حامل وعذرت طيفك في الجفاء لأنه … يسري ويصبح دوننا بمراحل) (1) ودخل اليمن في أيام توران شاه بعد أن نهب في طريق الحجاز، فوجده متجهزا إلى الشام، فحرضه على حرب الأشراف الذين نهبوه بقصيدة طويلة ذمهم فيها، فيقال: إنه رأى فاطمة رضي الله عنها وهي غضبانة عليه لهجوه أولادها فندم، ونظم قصيدة معظمة في مدح أهل البيت. ودخل اليمن أيضا في أيام العزيز الأيوبي ومدحه، فأعطاه وأجزل صلته، فعزم إلى مصر، فطالبه الديوان بزكاة ما معه على رسم أهل مصر، وواليها يومئذ العزيز بن صلاح الدين الأيوبي، فكتب إلى العزيز بهذين البيتين: [من البسيط] ما كلّ من يتسمّى بالعزيز لها … أهل ولا كلّ برق سحبه غدقه بين العزيزين بون في فعالهما … هذاك يعطي وهذا يأخذ الصدقه فأعفاه العزيز عن ذلك. ولما ملك العادل دمشق بعد موت أخيه صلاح الدين .. سار ابن عنين متوجها إليها، وكتب إلى العادل قصيدة يصف فيها دمشق، ويستأذنه في الدخول، ويذكر ما قاساه من الغربة، ولقد أحسن فيها كل الإحسان، واستعطفه أبلغ استعطاف، أولها: [من الكامل] ماذا على طيف الأحبة لو سرى … وعليهم لو ساعدوني بالكرى (2) وقال مشيرا إلى نفيه: فارقتها لا عن رضا وهجرتها … لا عن قلى ورحلت لا متخيّرا أسعى لرزق في البلاد مشتّت … ومن العجائب أن يكون مقتّرا وأصون وجه مدائحي متقنّعا … وأكفّ ذيل مطامعي متستّرا

(1) «وفيات الأعيان» (5/ 14)، وانظر بيت أبي العلاء في «سقط الزند» (ص 127). (2) في «معجم الأدباء» (7/ 61): (سامحوني).

ثم قال يشكو الغربة وما قاساه فيها: أشكو إليك نوى تمادى عمرها … حتى حسبت اليوم منها أشهرا لا عيشتي تصفو ولا رسم الهوى … يعفو ولا جفني يصافحه الكرى أضحي عن الأحوى المريع محوّلا … وأبيت عن ورد النّمير منفّرا النمير-بفتح النون، وكسر الميم، وسكون المثناة من تحت، ثم راء-: هو الماء الجاري. ومن العجائب أن يقيل بظلكم … كلّ الورى ونبذت وحدي بالعرا فلما وقف عليها العادل .. أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها .. قال: [من المتقارب] هجوت الأكابر في جلّق … ورعت الوضيع بسب الرفيع وأخرجت منها ولكنني … رجعت على رغم أنف الجميع وجلّق بضم الجيم-وفي «اليافعي» بكسر الجيم (1) -وتشديد اللام، ثم قاف: اسم مكان في الشام، وقيل: لقب دمشق. وله من قصيدة يذكر فيها أسفاره وتوجهه إلى جهة الشرق: [من الطويل] أشقّق قلب الشرق حتى كأنني … أفتّش في سودائه عن سنا الفجر قال ابن خلكان: (وله في عمل الألغاز اليد الطولى، ولم يكن له اعتناء بجمع شعره وتدوينه، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديوانا صغيرا لا يبلغ عشر نظمه، وفيه أشياء ليست له، قال: ورأيته في المنام ينشد أبياتا، فأعجبني منها بيت واحد وهو: [من السريع] والبيت لا يحسن إنشاده … إلا إذا أحسن من شاده فرددته في النوم، واستيقظت وأنا أحفظه، وليس هذا البيت موجودا في شعره. وكان وافر الحرمة عند الملوك، وولي الوزارة بدمشق آخر دولة المعظم، فلما وليها الأشرف .. أقام في بيته ولم يباشر بعدها خدمة إلى أن توفي في سنة ثلاثين وست مائة عن نحو ثمانين سنة) (2).

(1) انظر «مرآة الجنان» (4/ 72)، ولم نجد من ضبطها بضم الجيم، وإنما هي بكسر الجيم، ثم اللام المشددة المكسورة أو المفتوحة. (2) «وفيات الأعيان» (17/ 5 - 18).

2901 - [أحمد بن مقبل]

2901 - [أحمد بن مقبل] (1) أحمد بن الفقيه مقبل بن عثمان بن مقبل بن عثمان العلهي، نسبة إلى جد له اسمه: علة -بضم العين المهملة، وفتح اللام، ثم هاء غير منقلبة-الدّثيني، نسبة إلى دثينة الصقع المعروف شرقي عدن. ولد سنة ست وخمسين وخمس مائة. وتفقه بسيف السنة، وبزيد بن عبد الله الزّبراني وغيرهما. وبه تفقه عمر بن الحداد، وأحمد بن محمد بن الشكيل، وجمع كثير. وكان فقيها محققا مدققا، وكتابه «الجامع» في نحو أربعة مجلدات يدل على ذلك، وشرح مشكل «اللمع»، وصنف في أصول الفقه كتابا سماه: «الإيضاح». وامتحن بقضاء عدن مدة، ثم انتقل إلى بلده وهي قرية تسمى: عرج-بفتح العين والراء المهملتين، ثم جيم-قرية من ذي أشرق، وهو أول من أسسها وسكنها، وبها توفي في شعبان سنة ثلاثين وست مائة. 2902 - [أحمد بن عبد الله] (2) أحمد بن عبد الله بن محمد بن حميد. كان فقيها فاضلا، دينا خيرا، تفقه بالفقيه أحمد بن مقبل الدثيني المذكور قبله، وتزوج بابنته، وولي قضاء صنعاء، ثم تعز. كان أحد الرجال المعدودين. توفي بذي المليد بقياض-بضم القاف، وفتح المثناة تحت، ثم ألف، ثم ضاد معجمة- ناحية معروفة قبلي تعز. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في طبقة شيخه ابن مقبل، والله سبحانه أعلم.

(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 218)، و «السلوك» (1/ 448)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 53)، و «تحفة الزمن» (1/ 366)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 15)، و «هجر العلم» (2/ 728). (2) «السلوك» (2/ 281)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 108).

2903 - [إبراهيم ابن أبي ماجد]

2903 - [إبراهيم ابن أبي ماجد] (1) إبراهيم بن أبي بكر بن يحيى بن فضل المعروف بأبي ماجد. أصله من حضرموت، واستمر حاكما في مرباط، ثم في ظفار، وتوفي بظفار على ما قاله الجندي (2). وكان فقيها عارفا، وله ابن أخ اسمه: أبو بكر، تفقه بعمه إبراهيم المذكور. ومنهم يحيى بن أبي قصير (3)، كان فقيها فاضلا، أخذ عن القلعي وغيره، رحمة الله عليهم أجمعين. ولم أقف لهم على تاريخ وفاة واحد منهم، وإنما ذكرتهم في هذه الطبقة تبعا لشيخهم القلعي؛ فإنه توفي سنة ثلاثين وست مائة (4)، وأيضا فالظاهر أن أبا ماجد إنما ولي قضاء ظفار عند ما أمر السلطان أحمد بن محمد الحبوضي أهل مرباط بالانتقال إلى ظفار لما أحدثها بعد موت محمد بن أحمد الأكحل، وذلك في سنة عشرين وست مائة تقريبا (5)، والله سبحانه أعلم بالصواب. 2904 - [أحمد العياشي] (6) أحمد بن عمر أبو العباس العياشي، نسبة إلى جد اسمه: عياش بفتح العين المهملة، والياء المثناة من تحت المشددة، ثم ألف، ثم شين معجمة. كان فقيها مجودا، فاضلا محققا، امتحن بالعمى آخر عمره، فسأله فقيه عن مسألة

(1) تقدمت ترجمته (5/ 50)، فانظر مصادر ترجمته هناك. (2) انظر «السلوك» (2/ 471). (3) قوله: (ومنهم يحيى بن أبي قصير) أي: ومن أصحاب القلعي، انظر «السلوك» (470/ 2 - 471)، و «تحفة الزمن» (2/ 443). (4) لم يترجم له المصنف رحمه الله تعالى، وهو: أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن علي القلعي، انظر ترجمته في «طبقات فقهاء اليمن» (ص 220)، و «السلوك» (1/ 453)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (6/ 155)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 230)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 51)، و «تحفة الزمن» (1/ 369)، و «تاريخ شنبل» (ص 86). (5) كما مر في الحوادث (5/ 99)، وانظر ترجمة: (محمد بن أحمد الأكحل) (5/ 10). (6) «السلوك» (2/ 290)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 136)، و «تحفة الزمن» (1/ 561).

2905 - [سالم بن محمد العامري]

فقهية، فأجابه، فتردد السائل في قبول الجواب، فقال الفقيه لولد له حاضر: ناولني الكتاب الفلاني، وافتش على الباب الفلاني، ففتش الولد الكتاب، فلم يظفر بالمطلوب، فأخذ الفقيه الكتاب، وفي أول فتشه أوقف السائل على تصديق ما قاله. وكان الفقيه المذكور موجودا في سنة ثلاثين وست مائة، ولما توفي .. خلف ولدين: أبا بكر وغلبت عليه العبادة إلى أن توفي، ومحمدا لزم العكفة مدة في مسجد كظر-بفتح الكاف والظاء القائمة، وآخره راء-ناحية من وصاب، وكان يلقب شعيبا، وغلب اللقب على اسمه. وكان صاحب كرامات، روي: أنه لما توفي وحمل إلى المقبرة على أعناق الرجال؛ فلما ساروا به .. أذن المؤذن، فثقل حمله واشتد حتى عجز الذين يحملونه عن رفع أقدامهم عن الأرض، فوضعوا السرير عن رقابهم، ووقفوا حتى فرغ المؤذن من أذانه، ثم حركوا السرير، فوجدوه كما كان أول مرة، فحملوه وساروا به إلى القبر وهم يتعجبون من ذلك، فروى بعض أصحابه أن الفقيه المذكور كان أيام حياته إذا سمع المؤذن .. قام على قدميه، فجعل يجاوبه، فإذا فرغ المؤذن .. قعد، رحمه الله ونفع به آمين. 2905 - [سالم بن محمد العامري] (1) سالم بن محمد بن سالم بن عبد الله بن خلف بن يزيد بن أحمد بن محمد العامري. ولد سنة سبعين وخمس مائة. وكان فقيها كبيرا محدثا، غلب عليه علم الحديث، وكان زاهدا ورعا، ينتابه الناس من البعد للزيارة وقراءة العلم، وانتفع به وبصحبته خلق كثير، منهم الشيخ أحمد بن الجعد، وأبو شعبة، وكان من كرام الفقهاء، شريف النفس، عالي الهمة. ولم يزل على الطريق المرضي إلى أن توفي في سنة ثلاثين وست مائة، وقبره عند مسجد الرباط مشهور، يزار ويتبرك به. وخلف عدة أولاد منهم محمد وعبد الله، تفقها بأبيهما، ثم ارتحلا إلى الإمام بطال، فأخذا عنه.

(1) «السلوك» (2/ 445)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 52)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 452)، و «تحفة الزمن» (2/ 410)، «تاريخ ثغر عدن» (2/ 86).

2906 - [إبراهيم بن سليمان]

قال الجندي: (ولم تزل إمامة مسجد الرباط إلى سالم، وإلى ذريته من بعده إلى سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة) (1). 2906 - [إبراهيم بن سليمان] (2) إبراهيم بن سليمان بن محمد بن عجلان. اشتغل في أيام شبيبته بالفقه، فتفقه بعلي بن أبي القاسم السرددي، ويوسف بن أبي بكر اليحيوي وغيرهما. وأخذ الحديث عن الشريف أبي الجديد، ومحمد بن إسماعيل الحضرمي، والفقيه سالم الأبيني. وأخذ عنه جماعة من فقهاء تعز، كابن الصفي، وعثمان الشرعبي، وابن النحوي وغيرهم، واشتغل آخر أيامه بقراءة القرآن والحديث. وكانت له ضيعة يقتات منها، فلما مات .. وقفها ووقف كتبه على طلبة العلم، وتوفي وقد جاوز الثمانين. ولم أتحقق تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ تبعا لشيخه سالم الأبيني المذكور قبله. 2907 - [أحمد بن عبد الله الصريدح] (3) أحمد بن عبد الله بن أحمد الصّريدح الفقيه المشهور. كان عالما مباركا، حسن التدريس، غلبت عليه العبادة والنسك مع جودة العلم، كثير العلم، مقصودا للتبرك. توفي لنيف وعشرين وست مائة (4).

(1) «السلوك» (2/ 445). (2) «السلوك» (2/ 115)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 19)، و «تحفة الزمن» (1/ 446). (3) «السلوك» (1/ 409)، و «تحفة الزمن» (1/ 333)، و «تاريخ شنبل» (ص 84)، و «طبقات الخواص» (ص 82)، و «هجر العلم» (4/ 1981). (4) كذا في «تاريخ شنبل» (ص 84)، و «هجر العلم» (4/ 1981) توفي سنة (625 هـ‍).

2908 - [الحسين السروي]

2908 - [الحسين السروي] (1) الحسين بن عبد الله أبو عبد الله الدوغاني السروي. كان فقيها صالحا مجتهدا، كبير القدر، ورعا زاهدا عابدا، قدم على الفقيه سالم بن محمد بن سالم العامري إلى مسجد الرباط، وقرأ عليه وانتفع به، وتزوج بابنته، وكان قد تحصل عليه في بعض الأوقات غيبة، فيبقى مطروحا في مجلس الدرس، فإذا مر به الفقيه سالم وهو على ذلك الحال .. عجب وقال: بم زاد ابن أدهم على هذا؟ ! ورئي الشيخ الحارث (2) بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: استحققت العذاب، فشفع فيّ الفقيه حسين الدوغاني. وارتحل الحسين إلى الضّحي، وأخذ عن الفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لشيخه الفقيه سالم. 2909 - [عمر الرمادي] (3) عمر بن محمد بن داود الرمادي، ثم المذحجي، كذا قاله الجندي (4). كان فقيها فاضلا خيرا، ارتحل إلى عدن وأبين، فأخذ هنالك عن عدة من العلماء، منهم سالم صاحب الرباط. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا في طبقة شيخه الفقيه سالم المذكور. 2910 - [سيف الدين الآمدي] (5)

(1) «السلوك» (2/ 447)، و «تحفة الزمن» (2/ 412)، و «طبقات الخواص» (ص 128)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 356). (2) كذا في «تحفة الزمن» (2/ 412)، وفي «السلوك» (2/ 447)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 356): (الحارب)، وفي «طبقات الخواص» (ص 128): (بعض الولاة). (3) «السلوك» (2/ 298)، «تحفة الزمن» (1/ 566)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 180)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 446). (4) انظر «السلوك» (2/ 298). (5) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 359)، و «وفيات الأعيان» (3/ 293)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 74)، و «العبر» (5/ 124)، و «مرآة الجنان» (4/ 73)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 306)، و «البداية والنهاية» -

2911 - [ابن مغايظ القرطبي]

أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد سيف الدين الآمدي-بهمزة ممدودة، وميم مكسورة بعدها دال مهملة-نسبة إلى آمد، مدينة كبيرة من ديار بكر، مجاورة لبلاد الروم، الإمام العلامة، الأصولي الفقيه الحنبلي ثم الشافعي، صاحب التصانيف المفيدة. كان حنبلي الفروع، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي، ولازم أبا القاسم بن فضلان، واشتغل عليه في الخلاف وتميز فيه، واشتغل بفنون المعقول. ولم يكن في زمانه أحفظ منه للعلوم العقلية، ثم انتقل إلى مصر، ودرس بالجامع الظافري بالقاهرة وغيره، واشتهر فضله، وانتفع به الناس، فحسده جماعة من فقهاء وقته، ونسبوه إلى فساد العقيدة، وكتبوا بذلك محضرا يتضمن استباحة دمه، ووضعوا خطوطهم فيه. قال ابن خلكان: (وبلغني عن رجل منهم فيه عقل ومعرفة [أنه] لمّا رفع إليه المحضر ليكتب فيه خطه بإباحة دمه .. كتب: [من الكامل] حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه … فالقوم أعداء له وخصوم وكتب: فلان بن فلان) (1). ولما رأى الآمدي تألبهم عليه .. خرج من مصر مستخفيا، وأقام بحماة، فصنف في أصول الفقه والدين، والمنطق والحكمة والخلاف، ثم انتقل إلى دمشق، ودرس بالعزيزية، ثم عزل عنها، وأقام ببيته إلى أن توفي في سنة إحدى وثلاثين وست مائة عن ثمانين سنة، ودفن بسفح جبل قاسيون. مذكور في الأصل. 2911 - [ابن مغايظ القرطبي] (2) أبو عبد الله محمد بن عمر القرطبي المقرئ المالكي. كان متفننا في الفقه والقراءات، والعربية والتفسير، زاهدا صالحا.

= (13/ 165)، و «شذرات الذهب» (7/ 253). (1) «وفيات الأعيان» (3/ 293). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 358)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 79)، و «العبر» (5/ 125)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1270)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 261)، و «مرآة الجنان» (4/ 75)، و «العقد الثمين» (2/ 237)، و «شذرات الذهب» (7/ 254).

2912 - [عبد الله الأرمني]

سمع من عبد المنعم بن الفراوي وغيره، وقرأ على الإمام الشاطبي القراءات. وتوفي بالمدينة سنة إحدى وثلاثين وست مائة. 2912 - [عبد الله الأرمني] (1) عبد الله بن يونس الأرمني الشيخ القدوة، صاحب الزاوية بجبل قاسيون. كان صالحا متواضعا، مطّرحا للتكلف، يمشي وحده، ويشتري الحاجة، وله أحوال ومجاهدات وقدم في الفقر. توفي سنة إحدى وثلاثين وست مائة. 2913 - [أبو عبد الله ابن فضلان] (2) أبو عبد الله محمد بن يحيى البغدادي، قاضي القضاة ابن فضلان. توفي سنة إحدى وثلاثين وست مائة. 2914 - [الحسين الزبيدي] (3) الحسين بن المبارك-واسم المبارك: أبو بكر-أبو عبد الله الزّبيدي بفتح الزاي. كان إماما عالما، ارتحل هو وأخوه الحسن مقدم الذكر من زبيد إلى الشام (4)، وسمعا على أبي الوقت عبد الأول بن عيسى، وأسمع الحسين بدمشق، وألحق الصغار بالكبار.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 373)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 70)، و «العبر» (5/ 125)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 695)، و «مرآة الجنان» (4/ 75)، و «البداية والنهاية» (13/ 166)، و «شذرات الذهب» (7/ 255). (2) «تاريخ الإسلام» (46/ 83)، و «العبر» (5/ 126)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 200)، و «مرآة الجنان» (4/ 75)، و «شذرات الذهب» (7/ 257). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 361)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 357)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 60)، و «العبر» (5/ 124)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 30)، و «تحفة الزمن» (1/ 405)، و «شذرات الذهب» (7/ 252)، و «مجموع بلدان اليمن وقبائلها» (2/ 384). (4) لم نجد للحسن ترجمة فيما تقدم، وهو: أبو علي الحسن بن المبارك الحنفي المتوفى سنة (629 هـ‍)، انظر ترجمته في «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 303)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 341)، و «العبر» (5/ 113)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 212).

2915 - [أبو قفل الزيادي]

وعنه أخذ الحجار، والرشيد بن المعلم وغيرهما، وكان ثقة حافظا، حسن السيرة. وتوفي في سنة إحدى وثلاثين وست مائة. 2915 - [أبو قفل الزيادي] (1) عبد الله بن أحمد بن محمد أبو محمد الزيادي العمدي-بفتح العين المهملة- الحضرمي، عرف بأبي قفل. يروي عن الحافظ السلفي، وأخذ عن محمد بن طاهر بن الإمام يحيى بن أبي الخير «سيرة ابن هشام». كان فقيها فاضلا، ذا دنيا متسعة، أقام مدة يؤم بالناس بمسجد أبان بمدينة عدن، ثم ابتنى مسجدا لطيفا شرقي مسجد أبان، ولم يزل في المسجد الذي بناه إلى أن توفي. قال الجندي: (ولم أقف على تاريخ وفاته) (2). وذكر الفاسي في «تاريخ مكة» عن «طبقات السبكي»: (أن العفيف المطري ذكر أن أبا قفل المذكور كان رجلا صالحا، وكتب الكثير بخطه، ووقف كتبه بمكة، وأنه ولد في عشر من رمضان سنة تسع وخمسين وخمس مائة، وتوفي لست عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وست مائة) (3). 2916 - [صواب الخادم] (4) صواب الخادم شمس الدين العادلي، مقدم جيش الكامل.

(1) «السلوك» (2/ 420)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 92)، و «العقد الثمين» (5/ 101)، و «تحفة الزمن» (2/ 479)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 108). (2) «السلوك» (2/ 420). (3) «العقد الثمين» (5/ 101)، وانظر: «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 154)، ولكنه لم يأت إلا باسم صاحب الترجمة ولم يتكلم عنه بشيء، وقال محققه معلّقا: (والترجمة مبتورة هكذا في أصول «الطبقات الكبرى»، وقد جاءت كاملة في «الطبقات الوسطى» هكذا ... ) وأوردها كاملة. (4) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 397)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 101)، و «العبر» (5/ 128)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 339)، و «مرآة الجنان» (4/ 75)، و «شذرات الذهب» (7/ 261).

2917 - [ابن الفارض]

كان يضرب به المثل في الشجاعة، وكان له من جملة المماليك مائة خادم، فيهم جماعة أمراء. توفي صواب المذكور في سنة اثنتين وثلاثين وست مائة. 2917 - [ابن الفارض] (1) عمر بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، الشيخ العارف، المعروف بابن الفارض-بالفاء والراء بين الألف والضاد المعجمة-وهو الذي يكتب الفروض للنساء على الرجال. له ديوان شعر لطيف، وأسلوبه فيه ينحو منحى الفقراء. كان رجلا صالحا، كثير الخير، على قدم التجرد، حسن الصحبة، محمود العشرة، يقال: إنه ترنّم يوما في خلوته بقول الحريري: [من مجزوء الرجز] من ذا الذي ما ساء قط … ومن له الحسنى فقط فسمع قائلا يقول-لا يرى شخصه-: محمد الهادي الذي … عليه جبريل هبط وكان يقول: عملت في النوم بيتين، وهما: [من مجزوء الكامل] وحياة أشواقي إلي‍ … ك وحرمة الصبر الجميل لا أبصرت عيني سوا … ك ولا صبوت إلى خليل (2) ومن نظمه الفائق: [من الطويل] فإن شئت أن تحيا سعيدا فمت به … شهيدا وإلا فالغرام له أهل فمن لم يمت في حبه لم يعش به … ودون اجتناء النحل ما جنت النحل

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 388)، و «وفيات الأعيان» (3/ 454)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 368)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 109)، و «العبر» (5/ 129)، و «مرآة الجنان» (4/ 75)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 495)، و «شذرات الذهب» (7/ 261). (2) «ديوان ابن الفارض» (ص 182)، وفيه: (وتربة الصبر)، (ما استحسنت عيني سواك).

2918 - [أبو حفص السهروردي]

وما أحسن قوله في هذه القصيدة: نصحتك علما بالهوى والذي أرى … مخالفتي فاختر لنفسك ما يحلو (1) توفي في جمادى الأولى من سنة اثنتين وثلاثين وست مائة. 2918 - [أبو حفص السهروردي] (2) أبو حفص عمر بن محمد التيمي البكري السّهروردي، صاحب «العوارف» وغير ذلك من التصانيف الحسنة، وله عقيدة مشهورة صنفها بمكة المشرفة، وكان إذا أشكل عليه شيء منها .. يرجع فيه إلى الله تعالى، ويستخيره حول بيته، ويتضرع إليه في التوفيق لإصابة الحق. وكان فقيها شافعي المذهب، كثير الاجتهاد في العبادة والرياضة، وتخرج عليه خلق كثير من الصوفية، ولم يكن في آخر عمره مثله. صحب عمه الشيخ الإمام أبا النجيب، وأخذ عنه التصوف والوعظ، وذكر بعضهم أنه صحب أيضا قطب الأولياء الشيخ الكبير عبد القادر الجيلاني، ثم انحدر إلى الشيخ أبي محمد بن عبد بالبصرة، ورأى غيره من الشيوخ. وعقد مجلس الوعظ سنين بعد أن حصّل طرفا صالحا من الفقه والخلاف، وقرأ الأدب، وكان نفسه مباركا. وروي أنه أنشد يوما على الكرسي: [من الكامل] لا تسقني وحدي فما عودتني … أني أشح بها على جلاّسي أنت الكريم ولا يليق تكرما … أن تمنع الندماء دور الكاس (3) فتواجد الناس لذلك، وتاب جمع كثير. توفي سنة اثنتين وثلاثين وست مائة.

(1) «ديوان ابن الفارض» (ص 134). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 380)، و «وفيات الأعيان» (3/ 446)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 373)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 112)، و «العبر» (5/ 129)، و «مرآة الجنان» (4/ 79)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 338)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 492)، و «شذرات الذهب» (7/ 268). (3) في «وفيات الأعيان» (3/ 446): (أن يعبر).

2919 - [بهاء الدين بن شداد]

2919 - [بهاء الدين بن شداد] (1) يوسف بن رافع القاضي بهاء الدين أبو المحاسن (2)، المعروف بابن شداد، الأسدي الحلبي الشافعي. قرأ القراءات والعربية، وسمع الحديث، وبرع في الفقه والعلوم، وساد أهل زمانه. وصنف مصنفات، منها كتاب سماه: «ملجأ الحكام عند التباس الأحكام»، ومنها «دلائل الأحكام» وغيرهما. وكان بيده حل الأمور وعقدها، ليس لأحد معه كلام في الدولة، وللفقهاء في أيامه حرمة تامة. توفي سنة اثنتين وثلاثين وست مائة. 2920 - [الملك الزاهر] (3) الملك الزاهر أبو سليمان داود بن صلاح الدين يوسف بن أيوب، صاحب قلعة البيرة- بموحدة مكسورة، ثم مثناة من تحت ساكنة، ثم راء مفتوحة، ثم هاء-قلعة من ثغور الروم على الفرات بقرب سميساط. كان يحب العلماء وأهل الفضل، ويقصدونه من البلاد. توفي سنة اثنتين وثلاثين وست مائة.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 384)، و «وفيات الأعيان» (7/ 84)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 383)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 133)، و «العبر» (5/ 132)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1216)، و «الوافي بالوفيات» (29/ 196)، و «مرآة الجنان» (4/ 82)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 360)، و «شذرات الذهب» (7/ 276). (2) ستأتي كنيته في الحوادث (5/ 182): (أبو العز)، قال ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (7/ 84): (وكان يكنى أولا: أبا العز، ثم غير كنيته وجعلها أبا المحاسن). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 383)، و «وفيات الأعيان» (2/ 257)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 98)، و «العبر» (5/ 128)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 500)، و «مرآة الجنان» (4/ 75)، و «شذرات الذهب» (7/ 260).

2921 - [عبد الله المارديني]

2921 - [عبد الله المارديني] (1) عبد الله بن آي دغمش بن أحمد الدمشقي، أبو محمد المعروف بالمارديني. سمع من الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، وأبي نزار ربيعة الحضرمي، وصحب جماعة من المشايخ، وسلك طريقة الفقراء، وانقطع إليه جماعة، ورزق قبولا خصوصا من الأمراء، وكان كثير الإغلاظ عليهم. وانقطع بمكة إلى أن توفي بها في المحرم سنة اثنتين وثلاثين وست مائة. قال التقي الفاسي: (كتبت هذه الترجمة من «التكملة» للمنذري، وترجمه بالشيخ الصالح) (2). 2922 - [ابن دحية الكلبي] (3) أبو الخطاب عمر بن حسن الكلبي الداني الأندلسي، المعروف بابن دحية، الحافظ العلامة اللغوي. سمع الحديث، وجال في مدن الأندلس، وحج، ودخل العراق، وسمع «مسند الإمام أحمد»، وبأصبهان «معجم الطبراني»، وبنيسابور «صحيح مسلم» بعلو بعد أن حدث به في المغرب بالإسناد الأندلسي النازل، ويقال: إنه حفظه كله. كان من أعيان العلماء، ومشاهير الفضلاء، متقنا لعلم الحديث وما يتعلق به، عارفا بالنحو واللغة، وأيام العرب وأشعارها، جعله الكامل شيخ دار الحديث بالقاهرة، وقاضي القضاة بها، وضعفه جماعة. توفي سنة ثلاث وثلاثين وست مائة.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 381)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 102)، و «العقد الثمين» (5/ 117). (2) «العقد الثمين» (5/ 117). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 448)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 389)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 157)، و «العبر» (5/ 134)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1420)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 451)، و «مرآة الجنان» (4/ 84)، و «نفح الطيب» (2/ 99)، و «شذرات الذهب» (7/ 280).

2923 - [نصر بن عبد الرزاق الجيلاني]

2923 - [نصر بن عبد الرزاق الجيلاني] (1) نصر بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الجيلاني. سمع من شهدة، وطبقتها، ودرس وأفتى وناظر، وولي القضاء سنة ثلاث وعشرين، ثم عزل بعد أشهر. وكان متين الديانة، كثير التواضع، متحريا في القضاء، قوي النفس في الحق مع عدم التكلف والمحاباة، لطيفا ظريفا. توفي سنة ثلاث وثلاثين وست مائة. 2924 - [علي ابن لويذ] (2) علي بن محمد بن لويذ (3)، بضم اللام، وفتح الواو، وسكون المثناة من تحت، ثم ذال معجمة. قال الخطيب: (كان رجلا صالحا محروسا، فأجبره السلطان على أن ينفق على رام، وكان ذلك الرامي يراود بنات علي المذكور عن نفوسهن إذا غاب والدهن، وهن يأبين عليه، فلما علم أبوهن بذلك .. نهى الرامي عن فعله، فلم ينته، فأمر علي المذكور بعض غلمانه أن يحفر قبرا في داره، ففعل، وكمنا للرامي، فلما أتى الرامي على عادته .. قتله غلام الشيخ بأمر الشيخ، ودفنه في القبر، وكان للرامي أصحاب ففقدوه، وتعلقوا بعلي المذكور وقالوا: أنت قتلته، إن لم ترنا صاحبنا .. وإلا قتلناك، فلما عرف أنهم غير مندفعين عنه، ولا أحد يصرف شرهم عنه .. قال لهم: إني ما قتلت إلا كلبا أسود، ودفنته في داري، فقالوا: أرنا القبر، فإن وجدنا فيه صاحبنا .. قتلناك، وإن وجدنا كلبا .. تركناك، فأراهم القبر الذي دفن فيه الرامي، فنبشوه، فوجدوا صاحبهم قد استحال كلبا أسود، فذهبوا وتركوا الرجل لحال سبيله.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 419)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 396)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 173)، و «العبر» (5/ 136)، و «مرآة الجنان» (4/ 85)، و «شذرات الذهب» (7/ 281). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 72). (3) في «الجوهر الشفاف» (1/ 72): (ابن أبي لويذ).

2925 - [حافظ ابن أبي حميد]

قال الخطيب: وهذا الفعل من علي جائز في الشرع؛ فإن الرجل يدفع عن نفسه وعن أهله وماله بالكلام، فإن لم يكف عنه .. فبالبطش، فإن لم يكف عنه إلا بالقتل .. جاز قتله. وتوفي علي المذكور في ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وست مائة) (1). 2925 - [حافظ ابن أبي حميد] (2) حافظ بن محمد بن أبي حميد، قاضي تريم. كان فقيها فاضلا صالحا. توفي يوم الجمعة من جمادى الأخرى سنة ثلاث وثلاثين وست مائة. 2926 - [الملك المحسن بن صلاح الدين] (3) الملك المحسن أحمد بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. سمع الحديث، وكتب الكثير. وكان متواضعا متزهدا، كثير الإفضال على المحدثين. قال الذهبي: (وفيه تشيع قليل) (4). توفي سنة أربع وثلاثين وست مائة. 2927 - [أبو الربيع الكلاعي] (5) أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي البلنسي، مصنف «الاكتفاء في مغازي رسول الله صلّى الله عليه وسلم والثلاثة الخلفاء».

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 72). (2) «تاريخ شنبل» (ص 88). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 431)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 17)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 179)، و «العبر» (5/ 136)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 283)، و «مرآة الجنان» (4/ 85)، و «المقفى الكبير» (1/ 742)، و «شذرات الذهب» (7/ 284). (4) «العبر» (5/ 137). (5) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 461)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 134)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 190)، و «العبر» (5/ 137)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1417)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 432)، و «مرآة الجنان» (4/ 85)، و «شذرات الذهب» (7/ 287).

2928 - [الناصح ابن الحنبلي]

كان عارفا بالجرح والتعديل، ذاكرا للمواليد والوفيات، [وكان خطه] لا نظير له في الإتقان والضبط مع [الاستبحار في] الأدب والبلاغة، مجيدا في النظم وإنشاء الرسائل، خطيبا مفوها، حسن السرد والمساق مع الشارة الأنيقة (1). استشهد بالأندلس مقبلا غير مدبر في ذي الحجة من سنة أربع وثلاثين وست مائة. 2928 - [الناصح ابن الحنبلي] (2) عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب الشيرازي الأنصاري، الواعظ المفتي، عرف بالناصح ابن الحنبلي. انتهت إليه رئاسة المذهب بعد الشيخ الموفق، وله خطب ومقامات، و «تاريخ الوعاظ». توفي سنة أربع وثلاثين وست مائة. 2929 - [علاء الدين السلجوقي] (3) السلطان علاء الدين السلجوقي، صاحب الروم. كان ملكا جليلا، شهما شجاعا، وافر العقل، متسع الممالك، تزوج بابنة العادل، وامتدت أيامه. وتوفي سنة أربع وثلاثين وست مائة. 2930 - [الملك العزيز غياث الدين] (4) الملك العزيز غياث الدين محمد بن الملك الظاهر غازي بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، صاحب حلب، سبط الملك العادل.

(1) الشارة الأنيقة: اللباس الحسن. (2) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 429)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 6)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 196)، و «العبر» (5/ 138)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 291)، و «مرآة الجنان» (4/ 86)، و «المقفى الكبير» (4/ 80)، و «شذرات الذهب» (7/ 288). (3) «سير أعلام النبلاء» (23/ 24)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 210)، و «العبر» (5/ 139)، و «مرآة الجنان» (4/ 86)، و «البداية والنهاية» (13/ 171)، و «شذرات الذهب» (7/ 294). (4) «سير أعلام النبلاء» (23/ 202)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 215)، و «العبر» (5/ 140)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 306)، و «مرآة الجنان» (4/ 86)، و «البداية والنهاية» (13/ 171)، و «شذرات الذهب» (7/ 294).

2931 - [أبو الحسن القطيعي]

ولوه السلطنة بعد أبيه وعمره أربع سنين؛ لأجل والدته الصاحبة، وهي كانت الكلّ، وكان الأتابك يسوس الأمور. توفي سنة أربع وثلاثين وست مائة. 2931 - [أبو الحسن القطيعي] (1) أبو الحسن محمد بن أحمد البغدادي، المحدث المؤرخ. سمع من ابن الزاغوني، وطائفة، وأخذ الوعظ عن ابن الجوزي. وهو أول شيخ ولي مشيخة المستنصرية، وآخر من حدث ب‍ «البخاري» سماعا عن أبي الوقت، وضعفه ابن النجار. توفي سنة أربع وثلاثين وست مائة. 2932 - [الملك الأشرف بن الملك العادل] (2) الملك الأشرف موسى صاحب دمشق ابن الملك العادل أبي بكر محمد بن أيوب الأيوبي. ولد سنة ثمان وسبعين وخمس مائة (3)، وأول شيء ملكه الأشرف من البلاد مدينة الرها، ثم حرّان ونصيبين وسنجار، ومعظم بلاد الجزيرة وغيرها. ولما توفي أخوه الملك الأوحد، صاحب خلاط ونواحيها .. أخذ الأشرف مملكته مضافة إلى ملكه، فاتسع ملكه وبسط العدل على الناس، وبعد صيته.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 442)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 8)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 211)، و «العبر» (5/ 139)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 130)، و «مرآة الجنان» (4/ 86)، و «شذرات الذهب» (7/ 284). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 465)، و «وفيات الأعيان» (5/ 330)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 122)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 268)، و «العبر» (5/ 146)، و «مرآة الجنان» (4/ 87)، و «البداية والنهاية» (13/ 172)، و «شذرات الذهب» (7/ 306). (3) كذا في الأصول و «وفيات الأعيان» (5/ 333) و «مرآة الجنان» (4/ 88)، وفي «سير أعلام النبلاء» (22/ 123) و «تاريخ الإسلام» (45/ 268) و «العبر» (5/ 146) و «البداية والنهاية» (13/ 173) و «شذرات الذهب» (7/ 306): (ست وسبعين).

ولما أخذت الفرنج دمياط في سنة عشر وست مائة .. توجه ملوك الشام إلى الديار المصرية لإنجاد الملك الكامل، وتأخر عنه الملك الأشرف لمنافرة كانت بينهما، فجاءه أخوه الملك المعظم عيسى وأرضاه، فلم يزل يستعطفه حتى استصحبه معه، فعقب وصوله .. انتزعت دمياط من الفرنج، فكانوا يرون أن ذلك بسبب يمن غرته. ولما مات الملك المعظم عيسى بن الملك العادل، وتولى ولده الملك الناصر .. قصده عمه الملك الكامل محمد من الديار المصرية ليأخذ دمشق، فاستنجد الناصر بعمه الملك الأشرف، فحصل الاتفاق على تسليم دمشق للملك الأشرف، ويكون للناصر الكرك والشوبك، ونابلس وبيسان، وتلك النواحي، وينزل الأشرف عن حران والرها، وسروج والرقة ورأس عين، ويسلمها إلى الملك الكامل، فأقام الملك الأشرف بدمشق، ثم جرت أمور يطول ذكرها، ووقعت الوحشة بين الكامل والأشرف، واتفقت الملوك بأسرها مع الأشرف، وتعاهد هو وصاحب الروم وصاحب حماة وصاحب حمص وأصحاب المشرق على الخروج على الملك الكامل، ولم يبق مع الكامل سوى ابن أخيه الملك الناصر صاحب الكرك؛ فإنه توجه إلى خدمة الكامل بالديار المصرية، فلما عزموا على الخروج على الكامل .. مرض الملك الأشرف مرضا شديدا، وتوفي بدمشق في سنة خمس وثلاثين وست مائة، وتسلطن بعده أخوه الصالح إسماعيل. وكان الأشرف سلطانا حليما، واسع الصدر، كريم الأخلاق، كثير العطاء، لا يوجد في خزانته شيء مع اتساع مملكته، ولا تزال عليه الديون للتجار وغيرهم. طرب ليلة في مجلس أنسه، فأعطى صاحب الملاهي مدينة خلاط، فتوجه لقبضها من النائب، فعوضه النائب عنها جملة كثيرة من المال. وكان يميل إلى أهل الخير والصلاح، حسن الاعتقاد فيهم، بنى بدمشق دار الحديث، وفوض تدريسها إلى الشيخ أبي عمرو ابن الصلاح. وله مآثر حسنة، مدحه أعيان شعراء عصره، وكان محبوبا إلى الناس، مسعودا مؤيدا في الحروب، كسر أرسلان صاحب الموصل، وكان من الملوك المشاهير، وله مع صاحب الروم وابن عمه الملك الأفضل وقائع مشهورة.

2933 - [أبو المحاسن الشواء]

2933 - [أبو المحاسن الشواء] (1) أبو المحاسن يوسف بن إسماعيل المعروف بالشواء. كان أديبا فاضلا، متقنا لعلم العروض والقوافي، شاعرا. سمع له في النظم معان بديعة في البيتين والثلاثة، وله ديوان شعر كبير. قال ابن خلكان: (كان حسن المحاورة، مليح الإيراد مع السكون، جميل التأتي، أنشدته يوما في أثناء مناشدة قول شرف الدين أبي المحاسن المعروف بابن عنين: [من الكامل] مال ابن مازة دونه لعفاته … خرط القتادة أو منال الفرقد (2) مال لزوم الجمع يمنع صرفه … في راحة مثل المنادى المفرد فقال: هذا ليس بجيد؛ لأن المنادى المفرد قد لا يكون مضموما، بأن يكون نكرة غير مقصودة، كما يقال: يا رجلا، ولكن أنا أعمل شيئا في هذا. قال: ثم اجتمعنا بعد ذلك في الجامع فقال: قد عملت في ذلك المعنى شيئا فاسمعه، ثم أنشأ يقول: [من مخلع البسيط] لنا خليل له خلال … تعرب عن أصله الأخس أضحت له مثل حيث كف … وددت لو أنها كأمس قال ابن خلكان: فقلت له: هذا فيه كلام أيضا؛ فإن بعضهم يبني حيث على الفتح، وبعضهم على الكسر، وإن كان الأكثر على بنائها على الضم) (3). وبالجملة: فالبيتان الأولان أبلغ في المقصود. توفي المذكور سنة خمس وثلاثين وست مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (7/ 231)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 276)، و «العبر» (5/ 147)، و «مرآة الجنان» (4/ 89)، و «شذرات الذهب» (7/ 310). (2) العفاة: جمع عاف، وهم طلاب المعروف. (3) «وفيات الأعيان» (7/ 233).

2934 - [الملك الكامل بن الملك العادل]

2934 - [الملك الكامل بن الملك العادل] (1) أبو المعالي محمد الملك الكامل بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب الأيوبي. كان سلطانا معظما، جليل القدر، جميل الذكر، مكرما للعلماء، متمسكا بالسنة، حسن الاعتقاد، معاشرا لأرباب الفضائل، حازما في أموره، لا يضع الشيء إلا في محله من غير إسراف ولا تقتير، وكانت تبيت عنده كل ليلة جمعة جماعة من الفضلاء، ويشاركهم في مباحثاتهم، ويسألهم عن المواضع المشكلات من كل فن، وهو معهم كواحد منهم. بنى بالقاهرة دار حديث، ورتب فيها وقفا جيدا، وكان قد بنى على ضريح الشافعي رضي الله عنه قبة عظيمة، ودفن أمه عنده، وأجرى إليها ماء النيل ومدده بعيد، وغرم على ذلك جملة عظيمة. وأرسل ولده المسعود إلى اليمن فملكه مع الحجاز. وملك الكامل البلاد الشرقية والشامية، فكان الخطيب إذا وصل إلى ذكر الكامل .. قال: صاحب مكة وعبيدها، واليمن وزبيدها، ومصر وصعيدها، والشام وصناديدها، والجزيرة ووليدها، سلطان القبلتين، ورب العلامتين، وخادم الحرمين الشريفين، أبو المعالي محمد الملك الكامل ناصر الدين، خليل أمير المؤمنين. ولم يزل في علو شأنه وعظم سلطانه إلى أن أخذ دمشق من أخيه الملك الصالح إسماعيل بن الملك العادل محمد بعد حصار وجهد شديد، ثم مرض بعد دخوله دمشق بنحو شهرين، ولم يزل مريضا إلى أن توفي عصر الأربعاء حادي وعشرين رجب سنة خمس وثلاثين وست مائة. ودفن يوم الخميس بقلعة دمشق، وأخفي موته إلى يوم الجمعة، فلما دنت الصلاة .. قام بعض الدعاة على العريش الذي بين يدي المنبر، فترحم على الملك الكامل، ودعا لولده العادل، وكان أبوه قد استنابه على مصر، فاتفق الأمراء الذين كانوا حاضرين موت الكامل على ولاية ابنه العادل، ثم بنى له تربة مجاورة للجامع، ولها شباك إلى الجامع، ونقل الكامل إليها.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 485)، و «وفيات الأعيان» (5/ 79)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 127)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 254)، و «العبر» (5/ 144)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 193)، و «مرآة الجنان» (4/ 90)، و «البداية والنهاية» (13/ 175)، و «شذرات الذهب» (7/ 301).

2935 - [أبو العباس القسطلاني]

وكان عمره نحوا من أربعين سنة. وأقام ولده العادل في الملك إلى سنة سبع وثلاثين، ثم قبض عليه أمراء دولته، وطلبوا أخاه الملك الصالح أيوب، وكان قد استخلفه أبوه الكامل بالبلاد الشرقية، فوصل الصالح أيوب إلى مصر ومعه الملك الناصر صاحب الكرك، ودخلا القاهرة، وأدخل العادل في محفة وحوله جماعة كثيرة من الأجناد يحفظونه، واعتقله في القلعة، ولم يزل في الاعتقال إلى أن توفي في سنة خمس وأربعين وست مائة كما سيأتي (1). 2935 - [أبو العباس القسطلاني] (2) أبو العباس أحمد بن علي القسطلاني الفقيه المالكي، الشيخ الكبير الصالح، الملقب بزاهد مصر. سمع الحديث وتفقه، ودرس بمصر وأفتى، وصحب الشيخ الكبير أبا عبد الله القرشي، وكان القارئ في مواعيده، وتزوج بعد موت شيخه بزوجة شيخه، وله مؤلف جمع فيه كلام مشايخه، وخصوصا فتح الشيخ أبي عبد الله القرشي. وجاور بمكة إلى أن توفي بها في سنة ست وثلاثين وست مائة. قال اليافعي: (وقبره معروف يزار في الشعب الأيسر. قال: وبلغني أن أهل المدينة الشريفة احتاجوا إلى الاستسقاء وهو مجاور بها، فاتفق رأيهم أن يستسقي أهل المدينة الشريفة يوما [والمجاورون يوما]، فبدأ أهل المدينة بالاستسقاء، فلم يسقوا، فعمل هو طعاما كثيرا للفقراء والمساكين، واستسقى مع المجاورين فسقوا) (3).

(1) لم يترجم المصنف رحمه الله تعالى للملك العادل، ولم يذكر حادثة الاعتقال؛ لا في الحوادث، ولا في ترجمة أخيه الملك الصالح أيوب المتوفى سنة (647 هـ‍)، وانظر ترجمة الملك العادل في «تاريخ الإسلام» (47/ 301)، وفي «وفيات الأعيان» (84/ 5 - 86)، و «مرآة الجنان» (4/ 92) في ترجمة والده الملك الكامل. (2) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 508)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 279)، و «العبر» (5/ 148)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 238)، و «مرآة الجنان» (4/ 94)، و «العقد الثمين» (3/ 105)، و «المقفى الكبير» (1/ 533)، و «شذرات الذهب» (7/ 313). (3) «مرآة الجنان» (4/ 94).

2936 - [الزكي البرزالي]

2936 - [الزكي البرزالي] (1) أبو عبد الله محمد بن يوسف الإشبيلي، الملقب الزكي، الحافظ الجوال، محدث الشام ومفيده. سمع بالحجاز ومصر، والشام والعراق، وأصبهان وخراسان، والجزيرة فأكثر. وتوفي بحماة في رمضان سنة ست وثلاثين وست مائة. 2937 - [ابن الفقيه الموصلي] (2) ابن الفقيه الموصلي عبد الواحد بن إبراهيم بن الحسن بن نصر الله بن عبد الواحد أبو منصور. ولد بالموصل سنة إحدى وستين وخمس مائة، حضر على أبي الفضل بن الطوسي (3)، وكتب بخطه المليح. روى عنه ابن النجار، وأورد له من أبيات جيدة: [من الكامل] في ريقه طعم السّلاف ولونها … في خده واللطف في أخلاقه غفل الرقيب فزارني فوشى به … في ليل طرّته سنا إشراقه يشكو إليّ غرامه وأبثه … وجدي وما لاقيت من أشواقه حتى إذا ما الليل مدّ رواقه … وقضى بجمع الشمل بعد فراقه هجم الصباح على الدجى بحسامه … فظننت أن الصبح من عشاقه (4) وله ديوان لطيف. توفي سنة ست وثلاثين وست مائة. كذا وجدته بخط ابن الخياط إلا قوله: وله ديوان لطيف؛ فإني وقفت عليه.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 514)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 55)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 307)، و «العبر» (5/ 151)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1423)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 252)، و «مرآة الجنان» (4/ 94)، و «شذرات الذهب» (7/ 318). (2) «ذيل تاريخ بغداد» لابن النجار (16/ 108)، و «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 508)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 294)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 247)، و «فوات الوفيات» (2/ 413). (3) أي: سمع منه حضورا. (4) «ذيل تاريخ بغداد» (16)، والبيت الثالث غير موجود فيه.

2938 - [ابن الدبيثي]

2938 - [ابن الدبيثي] (1) أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي سعيد الدّبيثي، الفقيه الشافعي (2). توفي سنة سبع وثلاثين وست مائة. مذكور في الأصل. ومن شعره: [من الطويل] خبرت بني الأيام طرّا فلم أجد … صديقا صدوقا مسعدا في النوائب وأصفيتهم مني الوداد فقابلوا … صفاء ودادي بالقذى والشوائب وما اخترت منهم صاحبا ارتضيته … فأحمدته في فعله والعواقب قال الإمام اليافعي: (وهذه الأبيات تأخذ من أبيات الإمام الشافعي) (3). 2939 - [ابن المستوفي] (4) أبو البركات المبارك بن أبي الفتح أحمد بن المبارك اللخمي الإربلي، المعروف بابن المستوفي. كان رئيسا جليل القدر، كثير التواضع، واسع الكرم، لم يصل أحد من الفضلاء إلى إربل-خصوصا أهل الأدب-إلا وبادر إلى زيارته، وحمل إليه ما يليق بحاله. وكان عارفا بالحديث وعلومه، وأسماء رجاله، وما يتعلق به، ماهرا في النحو واللغة، والعروض والقوافي، وأشعار العرب وأخبارها، وأيامها وأمثالها، بارعا في علم الديوان وضبط حسابه وقوانينه. وكان مستوفي الديوان، وهو بمنزلة الوزير، ثم ولي الوزارة، وشكرت سيرته فيها إلى أن مات السلطان مظفر الدين، فقعد في بيته والناس يلازمون خدمته.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 528)، و «وفيات الأعيان» (4/ 394)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 68)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 342)، و «العبر» (5/ 154)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1414)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 102)، و «مرآة الجنان» (4/ 95)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 61)، و «شذرات الذهب» (7/ 324). (2) المعروف: بابن الدبيثي، نسبة إلى دبيثى، قرية بنواحي واسط العراق. (3) «مرآة الجنان» (4/ 95). (4) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 522)، و «وفيات الأعيان» (4/ 147)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 49)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 351)، و «العبر» (5/ 155)، و «مرآة الجنان» (4/ 95)، و «شذرات الذهب» (7/ 326).

وكان عنده من الكتب النفيسة شيء كثير. جمع تاريخا لإربل، وله كتاب «النظام في شرح شعر المتنبي وأبي تمام» وشرح أبيات «المفصل» للزمخشري (1)، وله ديوان شعر أجاد فيه، ومن شعره في تفضيل البياض على السمرة: [من الكامل] لا تخدعنّك سمرة غرّارة … ما الحسن إلا للبياض وجنسه فالرمح يقتل بعضه من غيره … والسيف يقتل كلّه من نفسه وصل إلى إربل شاعر، فأرسل إليه أبو البركات المذكور دينارا مثلوما على يد شخص يقال له الكمال (2)، فتوهم الشاعر أن الكمال قطع قراضة من الدينار (3)، فقصد استعلام الحال من أبي البركات، فكتب إليه: [من الكامل] يا أيها المولى الوزير ومن به … في الجود حقّا تضرب الأمثال أرسلت بدر التّمّ عند كماله … حسنا فوافى العبد وهو هلال ما عابه النقصان إلا أنه … بلغ الكمال كذلك الآجال (4) توفي المذكور بالموصل سنة سبع وثلاثين وست مائة، ورثاه يوسف بن النفيس الإربلي بقوله: [من الوافر] أبا البركات لو درت المنايا … بأنّك فرد عصرك لم تصبكا كفى الإسلام رزءا فقد شخص … عليه بأعين الثقلين يبكى قال ابن خلكان: (وهو من بيت كبير، أبوه تولى الاستيفاء بإربل، وعمه أبو الحسن كان فاضلا، وهو [الذي] نقل «نصيحة الملوك» للإمام الغزالي من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية؛ فإن الغزالي رحمه الله لم يضعها إلا بالفارسية كما هو مشهور بين الناس) (5).

(1) في كتاب سماه: «إثبات المحصل في نسبة أبيات المفصل». (2) الشاعر هو: عبد الرحمن بن أبي الحسن البوازيجي، والكمال هو: ابن الشعار المعروف، صاحب: «عقود الجمان». (3) قال ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (4/ 150): (والمثلوم: عبارة عن دينار تقطع منه قطعة صغيرة، وقد جرت عادتهم في العراق وتلك البلاد أن يفعلوا مثل هذا؛ لأنهم يتعاملون بالقطع الصغار، ويسمونها القراضة). (4) كذا في «شذرات الذهب» (7/ 327)، وفي «وفيات الأعيان» (4/ 150) و «مرآة الجنان» (4/ 97): (ما غاله). (5) «وفيات الأعيان» (4/ 151).

2940 - [ضياء الدين ابن الأثير]

2940 - [ضياء الدين ابن الأثير] (1) أبو الفتح نصر الله بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني ضياء الدين، المعروف بابن الأثير الجزري، العلامة الكاتب البليغ. ولد بجزيرة ابن عمر ونشأ بها، وانتقل مع والده إلى الموصل واشتغل بها، فحفظ كتاب الله الكريم، وحصّل طرفا صالحا من الأحاديث النبوية ومن النحو واللغة، وعلم البيان والأشعار، وحفظ ديوان: «أبي تمام» و «البحتري» و «المتنبي»، وكرر درسها حتى تمكن من صوغ المعاني، وصار الإدمان له خلقا وطبعا. ثم قصد صلاح الدين يوسف بن أيوب، واستوزره ولده الملك الأفضل، وحسنت حاله عنده، ولما توفي السلطان صلاح الدين، واستقل ولده المذكور بملك دمشق .. استقل ابن الأثير المذكور بالوزارة، وصار اعتماد الناس في أمورهم إلى الله ثم إليه، فأساء العشرة مع أهلها، فلما أخذت دمشق من الأفضل .. هم أهلها بقتل ابن الأثير، فأخرجه الحاجب مستخفيا في صندوق مقفل عليه، ثم صار إليه، وصحبه إلى مصر لما استدعي لنيابة ابن أخيه الملك المنصور، فلما أخذ العادل الديار المصرية .. خرج ابن الأثير منها مستترا أيضا، ثم خرج إلى حلب، ثم إلى الموصل، ثم إلى إربل، ثم إلى سنجار، ثم عاد إلى الموصل وأقام بها إلى أن توفي سنة سبع وثلاثين وست مائة. ومن تصانيفه «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر» في مجلدين، و «الوشي المرقوم في حل المنظوم»، وله مجموع اختار فيه شعر أبي تمام والبحتري وديك الجن والمتنبي في مجلد كبير. قال ابن المستوفي: نقلت من خطه في آخر هذا الكتاب ما مثاله: [من الطويل] تمتع به علقا نفيسا فإنه اخ‍ … تيار بصير بالأمور حكيم أطاعته أنواع البلاغة فاهتدى … إلى الشعر من نهج عليه قويم قال ابن خلكان: (ولابن الأثير كل معنى مليح في الترسل، ومنه قوله في نيل مصر: «وعذب رضابه، فضاهى جنى النحل، واحمر صفيحه، فعلمت أنه قد قتل المحل».

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 535)، و «وفيات الأعيان» (5/ 389)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 72)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 353)، و «العبر» (5/ 156)، و «مرآة الجنان» (4/ 97)، و «بغية الوعاة» (2/ 314)، و «شذرات الذهب» (7/ 328).

2941 - [أبو الحسن الحرالي]

وهو معنى بديع غريب كأنه أخذه من قول بعض العرب: [من الكامل] لله قلب لا يزال يروعه … برق الغمامة منجدا أو مغورا ما احمرّ في الليل البهيم صفيحه … متجردا إلا وقد قتل الكرى) (1) وقتل: بالقاف والمثناة من فوق. قال ابن خلكان: (وكان هو وأخواه مجد الدين أبو السعادات المبارك وأبو الحسن عزّ الدين علي كلهم نجباء رؤساء، لكل واحد منهم تصانيف) (2). 2941 - [أبو الحسن الحرّالي] (3) أبو الحسن علي بن أحمد التجيبي المرسي. كان متفننا، عارفا بالنحو والعلوم، والكلام والمنطق، سكن حماة. قال الذهبي: (وله تفسير عجيب) (4). توفي سنة سبع وثلاثين وست مائة. 2942 - الحسين العديني] (5) الحسين بن علي بن الحسين [بن علي] بن إسماعيل بن أحمد الزّبيدي-بضم الزاي، نسبة إلى القبيلة المشهورة-ويعرف بالعديني، نسبة إلى ذي عدينة، المدينة المشهورة تحت حصن تعز. كان خيرا، له مشاركات في الفقه، ومسموعات كثيرة على عدة من الفقهاء. وأخذ عنه جماعة من الفقهاء المعتبرين، كتب المسموعات كمحمد بن مصباح والفقيه عمر العقيبي وغيرهما.

(1) «وفيات الأعيان» (5/ 395). (2) «وفيات الأعيان» (5/ 397). (3) «سير أعلام النبلاء» (23/ 47)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 336)، و «العبر» (5/ 157)، و «مرآة الجنان» (4/ 100)، و «نفح الطيب» (2/ 187)، و «شذرات الذهب» (7/ 330). (4) «العبر» (5/ 157). (5) «السلوك» (2/ 70)، «تحفة الزمن» (1/ 422)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 62)، و «هجر العلم» (2/ 717)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 358).

2943 - [محمد بن الحسين العديني]

وكان يتعانى التجارة مع الورع، يحكى أنه باع فوّة (1) بعدن وقبض الثمن، فلما نقده .. خرج فيه ألفا درهم زيوف، فقيل له: ردها على المشتري، فقال: أخشى أن يغرّ بها غيري وأنا أحمل بها، وألقاها في البحر بموضع لا يكاد أحد يدركها. وبارك الله له في دنياه، واشترى بها الذكر الجميل من إطعام الطعام، وبذل المعروف، وإكرام الضيفان، فلما تكاثف دينه .. أراد التقصير عما يعتاده من إطعام الطعام، فسمع هاتفا يقول: يا حسين؛ أنفق وعلينا القضاء، فرجع عما عزم عليه. وتوفي وعليه دين عظيم، فقام بدينه عبد له، وعضده القاضي أسعد بن مسلم، ولم تمض مدة يسيرة إلا وقد انقضى، ولم يدفن حتى برئت ذمته من جميع دينه، ولم يكن له نظير في عصره. وتوفي على الحال المرضي من فعل المعروف لبضع وثلاثين وست مائة، وسكن بذي جبلة، ثم انفصل منها إلى الذنبتين، وبها توفي. 2943 - [محمد بن الحسين العديني] (2) محمد بن الحسين بن علي الزّبيدي مقدم الذكر. تفقه بالفقيه عمر بن سعيد وصحبه، وأقام مدة في الجند، ودرس بها. وتوفي بالذنبتين، ولم يذكر الجندي تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لأبيه. 2944 - [محيي الدين ابن عربي] (3) أبو بكر محمد بن علي بن محمد الحاتمي المرسي الصوفي محيي الدين ابن عربي (4).

(1) الفوة: عروق عشب تصبغ بها الثياب. (2) «السلوك» (2/ 71)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 155)، و «تحفة الزمن» (1/ 423)، و «هجر العلم» (2/ 720). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 555)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 48)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 374)، و «العبر» (5/ 158)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 173)، و «مرآة الجنان» (4/ 100)، و «البداية والنهاية» (13/ 184)، و «طبقات الأولياء» (469)، و «المقفى الكبير» (6/ 348)، و «شذرات الذهب» (7/ 332). (4) في هامش (م): (هو خاتم الولاية المحمدية، سمي بالشيخ الأكبر، والكبريت الأحمر؛ لغزارة علمه، واتساع فضله، وهو بريء من الإلحاد والحلول، حاشا وكلا عما نقول).

2945 - [الحسن السكوني]

مصنف «الفصوص»، و «الفتوحات المكية» وغيرهما. ولد سنة ستين وخمس مائة. وروى عن ابن بشكوال، وطائفة، وسكن الروم مدة، وتنقل إلى البلاد، ثم استقر بدمشق. ومن العلماء من يطعن فيه ويقدح، ومنهم من يعظمه ويمدح، والله أعلم بحقيقة حاله. ولقد أحسن الإمام النووي رحمه الله وقد سئل عنه وهو قريب من عصره فقال: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ}. توفي سنة ثمان وثلاثين وست مائة. 2945 - [الحسن السكوني] (1) الحسن بن راشد بن سالم بن راشد بن الحسن أبو محمد السكوني. تفقه بمحمد بن أحمد بن جديل بسهفنة، وأقام يدرس بالمصنعة مدة. وتفقه به خلق كثير، منهم القاضي بهاء الدين محمد بن أسعد العمراني وإخوته، وابن عمهم قاضي القضاة محمد بن أبي بكر. وعنه أخذ الخطيب علي بن عمر العبيدي (2)، وأبو بكر بن ناصر. وكان فقيها مشهورا، عارفا بالمذهب. أحس ليلة في بيته باللصوص، فنهض إليهم، فوقعوا به وجرحوه، فأقام مريضا إلى أن توفي في سلخ جمادى الأولى من سنة ثمان وثلاثين وست مائة. وكان له أخ يقال له: عبد الله، يروي عنه أبو بكر بن ناصر «التنبيه». قال الجندي: (ولم أتحقق من نعته شيئا، لكن يدل على جلالة قدره قراءة ابن ناصر عليه.

(1) «السلوك» (2/ 84)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 324)، و «تحفة الزمن» (1/ 431)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 65)، و «هجر العلم» (3/ 1466)، و (4/ 2071). (2) كذا في «تحفة الزمن» (1/ 431)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 65)، وفي «السلوك» (2/ 85)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 324): (العميدي).

2946 - [راشد بن الحسن السكوني]

وكان له ابن يقال له: محمد، كان فقيها فاضلا عارفا، ناظر جماعة من فقهاء الزيدية فقطعهم، ثم سموه فتوفي، وله ذرية بذي أشرق) (1). 2946 - [راشد بن الحسن السكوني] (2) راشد بن الفقيه حسن بن راشد بن سالم، ولد المذكور قبله. كان فقيها فاضلا، من ذرية الفقهاء الأفاضل. ولاه بنو عمران قضاء مدينة فشال رعاية لحق أبيه. فلما ولي بنو محمد بن عمر .. عزلوه بأحمد بن يعقوب الفاضل، فأقام الفاضل مدة، وفصله القاضي محمد بن أبي بكر اليحيوي كما ذكرناه في ترجمة أحمد الفاضل (3). ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه راشد، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ تبعا لأبيه، والله سبحانه أعلم. 2947 - [الحسن العامري] (4) الحسن بن علي بن مرزوق بن حسن بن علي العامري. تفقه بالإمام علي بن قاسم الحكمي فقيه زبيد، ودرس في قرية السآتي في مدرسة الشيخ محمد بن أحمد السيفي. وعنه أخذ جماعة من ذرية الهيثم وغيرهم. وكان فقيها عارفا فاضلا. توفي سنة ثمان وثلاثين وست مائة، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين. قال الخزرجي: (والصحيح الأول) (5).

(1) «السلوك» (2/ 85). (2) «السلوك» (2/ 373)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 418). (3) لم يترجم له المصنف رحمه الله تعالى، وانظر ترجمته في «السلوك» (2/ 370)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 189)، و «تحفة الزمن» (2/ 283)، و «هجر العلم» (3/ 1678). (4) «السلوك» (2/ 192)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 336)، و «تحفة الزمن» (1/ 500)، و «هجر العلم» (2/ 933)، و «المدارس الإسلامية» (ص 7). (5) «طراز أعلام الزمن» (1/ 336).

2948 - [عبد الله الذئابي]

2948 - [عبد الله الذئابي] (1) عبد الله بن علي الذئابي، نسبة إلى ذئاب، جمع ذئب للحيوان، قرية في وصاب [الأسفل]. تفقه المذكور بمصنعة سير على الفقيه حسن بن راشد مقدم الذكر (2) وعلى غيره، وكان عالما عاملا، مشهورا بالعلم والصلاح. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة شيخه حسن بن راشد. 2949 - [ابن بطال الركبي] (3) محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن بطّال، الإمام المشهور ببطال الركبي، نسبة إلى قبيلة كبيرة يقال لهم: الركب، يسكنون مواضع متفرقة من اليمن؛ بعضهم في الجبال المطلة على زبيد، وبعضهم في الجبال المطلة على حيس، وبعضهم في حدود الدملوة. والفقيه بطال المذكور من ركب الدملوة، يسكن قرية ذي يعمد بفتح المثناة تحت، وسكون العين المهملة، وكسر الميم، ثم دال مهملة. تفقه بإبراهيم بن حديق وغيره، وأخذ بجبإ عن محمد بن أبي القاسم الجبائي شارح «المقامات»، وبعدن عن القاضي أحمد القريظي، واجتمع بالإمام الحسن بن محمد الصغاني، فأخذ كلّ منهما عن الآخر. وجاور بمكة أربع عشرة سنة، فأخذ عن الواردين والمقيمين، وأخذ عن ابن أبي الصيف ولازم صحبته. وكان أحد العلماء المشهورين، عارفا بالفقه والأصول، والحديث والتفسير والقراءات، والنحو واللغة وغير ذلك مع العبادة والزهادة، والورع والهمة العالية، يختم

(1) «السلوك» (2/ 296)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 130)، و «تحفة الزمن» (1/ 565)، و «هجر العلم» (2/ 687). (2) انظر (5/ 157). (3) «السلوك» (2/ 399)، و «العقد الثمين» (3/ 376)، و «تحفة الزمن» (2/ 364)، و «بغية الوعاة» (1/ 43)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 200)، و «مجموع بلدان اليمن وقبائلها» (2/ 370)، و «المدارس الإسلامية» (ص 117)، و «هجر العلم» (2/ 809).

2950 - [سليمان بن الإمام بطال]

في كل يوم وليلة ختمة، ولقد صدق من قال في حقه: [من الطويل] وما سميت سوداء والعرض شائن … ولكنها أم المحاسن أجمعا وبه تفقه جمهور بن علي بن جمهور صاحب «المذاكرة»، والإمام أبو الخير بن منصور الشماخي، ويحيى بن إبراهيم الإبّي وغيرهم. وصنف «المستعذب في شرح غريب ألفاظ المهذب»، وخرج أربعين حديثا فيما يقال في المساء والصباح، وله «أربعون في لفظ الأربعين»، ويقول شعرا حسنا، وابتنى مدرسة في بلده. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي لبضع وثلاثين وست مائة بعد أن أوقف كتبه وجملة من أرضه على المدرسة، وخلفه أولاده فيها، واستمروا على تدريسها حتى دخل عليهم الدخيل، فخرج منهم من خرج إلى مذهب الإسماعيلية. 2950 - [سليمان بن الإمام بطال] (1) سليمان بن الفقيه بطال محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن بطال الركبي، ولد المذكور قبله. أخذ عن أبيه، وعن الإمام الحسن الصغاني. وكان فقيها، أديبا أريبا عارفا، حسن الخط، جميل الصورة جدا حتى أنه لما كان بعدن مع الصغاني .. كان الناس يصلون إلى المسجد زمرا زمرا ليس لهم غرض إلا التعجب من حسنه، وكان النساء يصلن ليلا، يظهرون أن غرضهم زيارة الإمام الصغاني، فلما كثر ذلك واشتهر .. حبسه والي عدن خشية الفتنة، فكان يكتب حروف أبجد مقطعة، فتباع كل رقعة بخمسة دنانير، يشترونها أولاد التجار يحررون عليها (2)، فكان يستعين بذلك على أمره، فلما عزم الصغاني على الخروج من عدن .. أخرجه الوالي، فخرجا معا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه توفي بعد أبيه بقليل.

(1) «السلوك» (2/ 405)، و «تحفة الزمن» (2/ 368)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 96)، و «المدارس الإسلامية» (ص 119)، و «هجر العلم» (2/ 811). (2) كذا في «تحفة الزمان» (2/ 368)، وفي «السلوك» (2/ 405) و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 67) و «المدارس الإسلامية» (ص 120): (يتحرزون).

2951 - [عبد الله الخطابي]

2951 - [عبد الله الخطابي] (1) عبد الله بن أحمد بن أبي القاسم بن أحمد بن أسعد الخطابي، نسبة إلى عرب يسكنون حازة القحمة، مدينة ذؤال. تفقه بمحمد بن مضمون، ومحمد بن جديل، وامتحن بقضاء السحول والمشيرق ووحاظة، وكان فقيها فاضلا، عارفا مجتهدا. وتوفي سنة ثمان وثلاثين وست مائة. قال الجندي: (وأخوه أحمد درس في مدرسة الزواحي، وكان يسكن أولا قرية الجعامي، ثم انتقل إلى قرية تعرف بدفنة-بفتح الدال، وكسر الفاء، وفتح النون، وآخره هاء تأنيث-ولم يزل بها إلى أن توفي، ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة أخيه) (2). 2952 - [عبد الرحمن الشهابي] (3) عبد الرحمن بن الفقيه يحيى بن سالم بن سليمان بن الفضل بن محمد بن عبد الله الشهابي ثم الكندي. كان فقيها خيرا، سليم الصدر، انتهت إليه رئاسة الفقه والفتوى بذي جبلة، وكان غالب أمور الفقهاء إنما تنتظم بعلمه ورأيه. وكان الفقهاء في أيامه لا يطلعون من مصلى العيد إلا إلى بيته، يحضرون على طعام نفيس يعمل لهم. ولما ابتنت الدار النجمي المدرسة المعروفة بالشرفية، نسبة إلى أخيها شرف الدين موسى بن علي بن رسول المتوفى بمصر .. كان هذا الفقيه أول من درس فيها؛ لأنه كان

(1) «السلوك» (2/ 212)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 91)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 65)، و «تحفة الزمن» (1/ 512)، و «هجر العلم» (1/ 391)، و (4/ 2322). (2) «السلوك» (2/ 212). (3) «السلوك» (2/ 176)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 77)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 251)، و «تحفة الزمن» (1/ 491)، و «المدارس الإسلامية» (ص 66).

2953 - [ابن الخباز]

أكبر الفقهاء يومئذ، وكان والده مدرسا في العومانية، فلما توفي والده .. انتقل المذكور إلى تدريس العومانية، ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي في جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وست مائة (1). 2953 - [ابن الخباز] (2) أحمد بن الحسين المعروف بابن الخباز، الإربلي ثم الموصلي الضرير، الإمام النحوي، صاحب المصنفات الأدبية. توفي سنة تسع وثلاثين وست مائة. 2954 - [الكمال ابن يونس] (3) أبو الفتح موسى بن يونس الموصلي كمال الدين، أبو شارح «التنبيه».مذكور في الأصل. بالغ فيه أثير الدين بن الأبهري حتى فضله على الإمام حجة الإسلام الغزالي في العلوم، وهيهات أن يلحق بحجة الإسلام فضلا أن يفضل عليه، وما الأمر إلا كما قال الشيخ أبو إسحاق-وقد سمع بعض أئمة الحنفية يفضل أبا حامد الأسفراييني على الإمام الشافعي- فقال: [من الكامل] نزلوا بمكة في قبائل نوفل … ونزلت بالبيداء أبعد منزل توفي ابن يونس المذكور في سنة تسع وثلاثين وست مائة.

(1) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 78)، وفي «السلوك» (2/ 176) و «تحفة الزمن» (1/ 491) و «العقود اللؤلؤية» (1/ 251) «المدارس الإسلامية» (ص 66): توفي سنة (688 هـ‍). (2) «تاريخ الإسلام» (46/ 389)، و «العبر» (5/ 159)، و «مرآة الجنان» (4/ 101)، و «البداية والنهاية» (13/ 185)، و «النجوم الزاهرة» (6/ 342)، و «بغية الوعاة» (1/ 304)، و «شذرات الذهب» (7/ 350). (3) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 583)، «وفيات الأعيان» (5/ 311)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 417)، و «العبر» (5/ 162)، و «مرآة الجنان» (4/ 101)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 378)، و «البداية والنهاية» (13/ 185)، و «شذرات الذهب» (7/ 356).

2955 - [عمار بن السبائي]

2955 - [عمار بن السبائي] (1) أبو محمد عمار بن السبائي (2). كان شيخا عظيم القدر، وكان ممتنعا على حصونه مع طاعته للسلطان، وكان المنصور الغساني يريد أخذ حصونه فلم يفعل، ورأى أن الاهتمام بغيره أولى، فوفد الأديب محمد بن حمير على عمار، فقام على باب داره ساعة من نهار يطلب الإذن فلم يؤذن له، فكتب رقعة يقول فيها: [من البسيط] بالباب أصلحك الله امرؤ لسن … أمضّه السير والإدلاج والسهر وافى إلى أرض خولان فصادفها … مثل القتادة لا ظلّ ولا ثمر فلما وقف عمار على البيتين .. وقّع على كتابه يقول: بل: مثل الغمامة فيها الظل والمطر ثم أذن له، وأكرمه وأنصفه، فلما انصرف ابن حمير عنه .. لقيه جماعة من عبيد عمار، فنهبوه وأخذوا ما معه، فاتهم أن عمارا أمرهم بذلك، فقدم على المنصور وأنشده في مجلس الشراب: [من البسيط] ما شاق قلبي أحداج وأكوار … ولا شجتني أعلام وآثار سررت باليمن الخضراء حين صفت … لابن الرسول فما في تلك أكدار وكان فيها عضاريط زعانفة … فما بقي من بني البظراء ديار لكن بقي فرد ثؤلول تعاب به … والنار تسهل مركوبا ولا العار إن قلت لم يبق سلطان سوى عمر … قالوا بلى وبقي السلطان عمار أو قلت لا قصر إلا قصر دملوة … قالوا براش يمين القصر والدار أو قلت ما أحسن المعشار من جؤة … قالوا وليس إلى ذبحان معشار فخذ يمينا ولا تقبل معاذره … فالكلب حيث خلا بالعظم جبار فأثار ذلك ما كان كامنا في نفس المنصور، فأمر أن يجعل عمار بن السبائي في سلة ويلقى من رأس الحصن، فألقي، فمات في سنة تسع وثلاثين وست مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 375)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 67). (2) في «العقود اللؤلؤية» (1/ 67): (الشيباني).

2956 - [المستنصر بالله]

2956 - [المستنصر بالله] (1) المستنصر بالله أبو جعفر منصور بن الظاهر بأمر الله محمد العباسي. كان محمود السيرة. توفي سنة أربعين وست مائة، فلما توفي .. بويع ولده المستعصم بالله. 2957 - [عبد الله العريقي] (2) عبد الله بن زيد بن مهدي العريقي-بفتح العين، وكسر الراء-من أعروق أيامة-بضم الهمزة، وفتح المثناة تحت، ثم ألف ثم ميم، ثم هاء تأنيث-قرية من حصن الشّذف، سكن بها قوم هذا الفقيه. قال الجندي: (وكان في القرية سد عظيم ينتفع به أهل القرية، فامتلأ السد ماء في بعض الأوقات، فخرج جماعة من صبيان القرية وفيهم ولد للفقيه صغير، فسقط في السد فمات، فقال الفقيه: لا بارك الله فيه من سد، فانشق السد، وتغير تغيرا فاحشا، وصار كلما أصلح السد من جهة .. انشق من جهة أخرى. تفقه المذكور بابن أبي اليقظان، وبسيف السنة، وجل روايته للفقه والحديث عنه. وكان مشهورا بالعلم والصلاح، دقيق النظر، ثاقب الفهم، حسن الفقه مجتهدا، يرجح في بعض مسائل الخلاف أقوال بعض الأئمة كأحمد وداود. وله مصنفات في الفروع والأصول. توفي معتكفا في جامع الصردف في عشر الأربعين وست مائة) (3).

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 607)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 155)، و «تاريخ الإسلام» (46/ 452)، و «العبر» (5/ 166)، و «مرآة الجنان» (4/ 104)، و «البداية والنهاية» (13/ 187)، و «شذرات الذهب» (7/ 361). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 218)، و «معجم البلدان» (4/ 164)، و «السلوك» (1/ 449)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 110)، و «تحفة الزمن» (1/ 283)، و (1/ 367)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 71)، و «هجر العلم» (3/ 1165). (3) «السلوك» (1/ 449).

2958 - عبد الله بن علي]

2958 - عبد الله بن علي] (1) عبد الله بن علي بن عثمان بن أحمد الخطيب. أخذ عن عبد الله العريقي، وكان فقيها عارفا محدثا، سكن قرية البرحة، وبها توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لشيخه. 2959 - [يحيى بن أحمد] (2) يحيى بن أحمد أظنه ابن عثمان بن أحمد الخطيب، ابن عم عبد الله بن علي مقدم الذكر. تفقه بعبد الله بن زيد العريقي، وكان فقيها عارفا. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لشيخه. 2960 - [علي بن قاسم الشراحيلي] (3) علي بن قاسم بن العليف بن هيس بن سليمان بن عمر بن نافع الحكمي الشراحيلي. تفقه بالشّويرى على إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن زكريا، ثم قدم [زبيد] فأخذ عن الفقيه عباس بن محمد، وأخذ بذي أشرق عن القاضي مسعود، وارتحل لطلب العلم إلى نواح شتى. وكان إماما كبيرا، عالما مشهورا، كان يحفظ «التنبيه» غيبا ولا يزال حاملا له، فقيل له: لم تحمله وأنت تحفظه؟ قال: أحتج به على أهل المراء. وكان مبارك التدريس، خرج من درسته نحو ستين مدرسا، منهم محمد بن الحطاب، وعمر بن عاصم، وإبراهيم بن القلقل، وعبد الرحمن بن مبارك السحيلي، وعمر بن مسعود وغيرهم.

(1) «السلوك» (2/ 257)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 132). (2) «السلوك» (2/ 257)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 132). (3) «السلوك» (1/ 473)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 326)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 69)، و «تحفة الزمن» (1/ 385)، و «طبقات الخواص» (ص 207)، و «تاريخ شنبل» (ص 92)، و «هجر العلم» (1/ 455)، و (2/ 1145).

2961 - [محمد بن أحمد العلهي]

وله مصنفات مفيدة، منها كتاب «الدور» في الفرائض، وكتاب «الدرر» فيه مشكلات «المهذب»، وله أسئلة غريبة عن مشكلات «التنبيه»، سيرها إلى بغداد، فأجاب عنها جماعة من علمائها، وجواب محمد بن يوسف الشويري عنها أرضى الأجوبة. وكان راتبه كل يوم سبع القرآن، ولوزم على القضاء، ثم على التدريس، ورسّم عليه في ذلك أياما وهو مصرّ على الامتناع مع الفقر والحاجة، وكان يسمى: الشافعي الصغير. وتوفي خامس رمضان سنة أربعين وست مائة. 2961 - [محمد بن أحمد العلهي] (1) محمد بن أحمد بن الفقيه مقبل بن عثمان العلهي. ولد سنة ست وتسعين وخمس مائة، وتفقه بأبيه، ودرس بمنصورية الجند، وتفقه به جماعة. وعاد إلى بلده، وتوفي بها سنة أربعين وست مائة، وسيأتي ذكر أخيه أبي بكر إن شاء الله تعالى في العشرين بعد هذه (2). 2962 - [سفيان اليمني] (3) الشيخ سفيان اليمني، ويقال له: الحصري أيضا بفتح الحاء والصاد المهملتين. قال الشيخ اليافعي في «تاريخه»: (وله كرامات كثيرة، منها قتله لليهودي الذي ولاه السلطان ويمشي في خدمة ركابه المسلمون أينما كان، وعجز الأمير وعسكره عند قتله على الوصول إلى قاتله سفيان المذكور بسوء، وعن دخولهم المسجد عليه فضلا عن إيصالهم سوءا إليه. قال: وقد أوضحت القضية وبينتها في كتاب «روض الرياحين» وغيره، وكان مشتغلا

(1) «السلوك» (1/ 448)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 71)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 87)، ، و «تحفة الزمن» (1/ 366)، و «هجر العلم» (2/ 729). (2) انظر (5/ 195). (3) «مرآة الجنان» (4/ 348)، و «روض الرياحين» (ص 419) و (ص 430)، و «طبقات الخواص» (ص 146)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 93)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 418)، و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 99).

2963 - [عبد المنعم الخيمي]

بالعلم، فقيل له في حال ورد عليه: إذا أردتنا .. فاترك القولين والوجهين، وذكره الشيخ صفي الدين في «رسالته» وأثنى عليه) اه‍ (1) صحب الشيخ شهاب الدين أبا العباس أحمد بن إبراهيم المريني المغربي وانتفع به، واستمد من بركات أنفاسه، وسار إلى حضرموت لزيارة الصالحين بها، فلازمه أهلها أن يستسقي بهم فقال لهم: اخرجوا، فأصلحوا مجاري الماء وطرقه، ففعلوا، فإذا السيل في مجاري أرضهم وسواقي بساتينهم، كرامة من الله تعالى للشيخ سفيان. واجتمع في سفرته تلك بالشيخ الفقيه محمد بن علي وهو إذ ذاك في أول فتحه، ومبتدأ كشفه، فحصل بينهما مذاكرات واستنباطات وانبساطات، واستمد كلّ منهما من صاحبه مددا عظيما، ثم رحل الشيخ سفيان إلى اليمن، فأرسل إليه الفقيه محمد بن علي إلى اليمن بكتاب لطيف، فيه كلام شريف من أسرار الحقائق، فجوب الشيخ سفيان إلى الفقيه محمد بما حصّل وقال: هذا شيء لم تبلغه أحوالنا فنصفه لك. ولم أقف على تاريخ وفاته، وذكرته هنا ظنا. 2963 - [عبد المنعم الخيمي] (2) عبد المنعم الخيمي المصري، الشيخ الفقيه، العالم العامل، تلميذ الشيخ شهاب الدين أبي العباس أحمد بن إبراهيم المريني المغربي. وكان مؤاخيا للشيخ سفيان اليمني، آخى بينهما شيخهما شهاب الدين أبو العباس المذكور، وذلك قبل أن يعرف أحدهما صاحبه، ولا رآه ولا كاتبه ولا راسله، [لا يرى أحدهما] (3) إلا قال له-على سبيل الكشف ونور الفراسة-: أخوك على الحقيقة سفيان اليمني، إني لأرى المدد يخرج إليهما من عين واحدة. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان معاصرا لسفيان اليمني، رحمهما الله ونفع بهما آمين.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 349)، وانظر «روض الرياحين» (ص 419) و (ص 430). (2) لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا. (3) زيادة منا اقتضاها السياق.

2964 - [إبراهيم أباططة]

2964 - [إبراهيم أباططة] (1) إبراهيم بن عمر بن عبد الرحمن أباططة الظفاري. كان فقيها نحويا لغويا، كاملا فاضلا، مشاركا في فنون كثيرة. وكان يدرس في مسجد السلطان أحمد بن محمد الحبوضي أول ملوك ظفار، وقيل: ثانيهم. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة ظنا، والله سبحانه أعلم. 2965 - [أبو بكر بن يحيى الجبائي] (2) أبو بكر بن يحيى (3) [بن إسحاق بن علي بن إسحاق العياني الجبائي. كان فقيها محققا، مشهورا بالعلم والصلاح. أخذ عن إبراهيم بن حديق، وعن الإمام سيف السنة عدة من كتب الحديث، وسمع عليه «صحيح مسلم» في مدينة زبيد. ولما رجع من حجه سنة ثمانين وخمس مائة إلى زبيد .. أخذ بها عن الفقيه عباس بن محمد. وممن أخذ عنه ولده يحيى، وأخوه محمد، ومن المشيرق أحمد بن محمد بن منصور، وعثمان بن أسعد وطائفة، ومن فقهاء تهامة إبراهيم بن علي بن عجيل، وعلي بن قاسم الحكمي. توفي سنة ثمان وعشرين وست مائة]. 2966 - [أحمد الحجوري] (4) أحمد بن محمد بن عيسى الحجوري.

(1) «السلوك» (2/ 476)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 28)، و «تحفة الزمن» (2/ 444). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 232)، و «السلوك» (1/ 386)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 196)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 48)، و «تحفة الزمن» (1/ 312)، و «طبقات الخواص» (ص 396)، و «هجر العلم» (1/ 295). (3) في هامش (ت): (أبو بكر بن يحيى، إذا وجدت ترجمته .. أثبتت ههنا؛ فإن المصنف ذكره في ترجمة تلميذيه أحمد وأحمد الآتي ذكرهما، ولم تتقدم له ترجمة فيما أظن، والله أعلم). (4) «السلوك» (2/ 410)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 172)، و «تحفة الزمن» (2/ 371).

2967 - [أحمد صاحب المشيرق]

تفقه بأبي بكر بن يحيى بن إسحاق الجبائي. وعنه أخذ سعد بن الفقيه إبراهيم بن حديق وغيره. وكان فقيها فاضلا، عالما عاملا، وأصل بلده حجرة. قال الجندي: (ومن أهل تلك الناحية أيضا عبد الله [بن محمد بن عبد الله] بن الحسن المطراني، وكان فقيها ماهرا، تفقه بزبيد على القاضي عبد الله العقامي، وعنه أخذ أيضا سعد الحديقي «التنبيه») (1). ولم أقف على تاريخ وفاته، ولا وفاة الفقيه أحمد المذكور، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لشيخه أبي بكر الجبائي. 2967 - [أحمد صاحب المشيرق] (2) أحمد بن محمد بن منصور أبو العباس، صاحب المشيرق. تفقه بالفقيه أبي بكر بن يحيى، وأخذ الحديث عن الشريف علي ابن أحمد بن أبي الجديد، وأقام بعرشان مدة يقرئ عبد الله ولد القاضي علي بن أحمد العرشاني، وكان فقيها دينا متورعا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لشيخه أبي بكر بن يحيى. 2968 - [الخضر بن محمد] (3) الخضر بن محمد بن مسعود بن سلامة، أصل بلده وصاب، كان فقيها فاضلا، عالما عاملا ورعا. قال الجندي: (أخبرني الثقة قال: كنت أتولى خدمة الفقيه محمد بن عمر-يعني: الجبرتي الآتي ذكره في هذه العشرين (4) -فخرجت معه إلى الغيل لأغسل ثيابه بحضرته،

(1) «السلوك» (2/ 410). (2) «السلوك» (2/ 211)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 174)، و «تحفة الزمن» (1/ 512)، «هجر العلم» (3/ 1421). (3) «السلوك» (2/ 221)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 390)، و «تحفة الزمن» (1/ 518). (4) توفي الفقيه محمد بن عمر سنة (635 هـ‍)، ولم يترجم له المصنف رحمه الله تعالى فيما تقدم ولا فيما يأتي في هذه-

2969 - [علي السرددي]

فبينا أنا وهو قعود؛ إذ أقبل فقيه من المشيرق يعرف بالخضر-يعني صاحب الترجمة-يمشي حافيا ونعله في يده، فلما رآه الفقيه .. تبسم وقال لي: يا فلان؛ هذا الفقيه فلان جاء يريد سلاما علي، ثم قال: لا إله إلا الله، قلت: فما حمله على المشي حافيا؟ قال: كراهية أن يدعس على ما بناه الأمير فخر الدين أبو بكر بن علي بن الرسول، وعن قريب يبني بنو الرسول بجبلة مدارس، ويقعد فيها مدرسا، ثم وصل الفقيه الخضر المذكور إلى الفقيه محمد بن عمر وسلم عليه، فرد عليه الفقيه السلام، وتسالما مسالمة مرضية، ثم تباحثا ساعة عن مسائل، ثم توادعا، وعاد الخضر من حيث جاء، ثم لم تطل المدة حتى بنى بنو الرسول المدارس، وطلبوا الفقيه الخضر من حيث هو، ودرس في المدرسة الرسولية) اه‍ (1) ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين، والله أعلم. 2969 - [علي السرددي] (2) علي بن أبي القاسم بن مفرج بن علي بن محمد المعروف بالسرددي. صحب الفقيه علي الثعباتي بتعز (3)، والتصق به، وأخذ عن الفقيه محمد بن مضمون، والفقيه علي بن قاسم الحكمي مقدم الذكر (4). ولما قدم الصغاني إلى تعز سنة ست وثلاثين وست مائة .. أخذ عنه «رسالته» و «مقامات الحريري». ولم أقف على تاريخ وفاته.

= العشرين، انظر ترجمته في «السلوك» (2/ 166)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 63)، و «تحفة الزمن» (1/ 484)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 225)، و «هجر العلم» (2/ 716). (1) «السلوك» (2/ 167). (2) «السلوك» (2/ 115)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 327)، و «تحفة الزمن» (1/ 447). (3) لعل الصواب: (علي العسقي)؛ لأن غالب من يرد إلى تعز من الفقهاء إنما يرد على الفقيه علي العسقي، وعليه ورد صاحب هذه الترجمة كما في ترجمة الفقيه علي العسقي الآتية، انظر (5/ 497)، والله أعلم. (4) انظر (5/ 165).

2970 - [أحمد المؤذن]

2970 - [أحمد المؤذن] (1) أحمد بن أبي حميد المؤذن بتريم (2). كان عبدا صالحا، يقال: إنه كان لا يؤذن وإن أذن المؤذنون حتى يسمع ديك العرش يصرخ لدخول ذلك الوقت، وإن بعض الناس كذبه في ذلك، فأسمعه صراخ الديك. ولم أقف على تاريخ وفاته. 2971 - [فتر] (3) فتر-بكسر الفاء، وسكون المثناة فوق (4)، ثم راء-من أهل مرباط. كان خيّرا ديّنا تقيا، من أهل الدين والدنيا، وكان يصحب الإمام أبا عبد الله محمد بن علي القلعي مقدم الذكر (5). وكان يقوم بكفاية الطلبة الذين يصلون إلى الإمام القلعي وإن كثروا في الغالب، وقل أن يدخل مرباط أحد إلا ولهذا التاجر عليه فضل وإحسان. قال الجندي: (ولم أتحقق تاريخ وفاته، وإنما ذكرته؛ لما فيه من الفضل والإحسان إلى كل إنسان، ودفن إلى جنب قبر الفقيه القلعي، وبينهما أذرع يسيرة. قال: وأخبرني الخبير أنه يوجد فأر يخرج من أحد القبرين ويدخل الآخر؛ يعني: قبر التاجر وقبر الفقيه، قال: وتفوح عند خروجها رائحة المسك، والواصلون إلى هنالك يتبركون بتربتهما، ويقصدونهما بالزيارة من الأماكن البعيدة)، رحمة الله عليهما (6).

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 148). (2) في «الجوهر الشفاف» (1/ 148): (حميد بن أبي حميد). (3) «السلوك» (1/ 455)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 10)، و «تحفة الزمن» (1/ 370). (4) كذا في «طراز أعلام الزمن» (3/ 10)، وفي «السلوك» (1/ 455): (أبو فير)، و (من تحت). (5) انظر الحاشية رقم (4) عن الإمام القلعي (5/ 132). (6) «السلوك» (1/ 455).

2972 - [فرج النوبي]

2972 - [فرج النوبي] (1) فرج بن عبد الله النوبي، من أصحاب الشيخ عيسى الهتار. كان صالحا خيّرا عابدا، مشهورا بالصلاح والكرامات، ولما اتفق من مرغم الصوفي ما تقدم ذكره في ترجمته (2) .. تشوش المسعود من طائفة الصوفية، وحرم على الناس لبس الدلوق (3) والمرقعات والطواقي، فخرج المسعود يوما من الجند للتصيد ومعه الفيل، فلقي الشيخ فرجا المذكور مقبلا من ناحية السودان-وهو موضع فيه ماء كثير-قد صلّى الشيخ فرج الصبح عند ذلك الماء، وأقبل يريد المدينة وهو لابس مرقعة ودلقة، فشق ذلك على المسعود حيث لم يمتثل أمره، وأمر الفيّال أن يطلق الفيل على الشيخ، فأطلقه عليه، وكان الشيخ على بعد منه وهو يسير مطرقا، فلما أحس بالفيل .. رفع رأسه وقال: الله، فوقع الفيل ميتا والفيال مغشيا عليه، فقيل للمسعود: أدرك نفسك، فنزل عن مركوبه، وأقبل إلى الشيخ يمشي كاشفا رأسه وهو يعتذر، فقال له الشيخ فرج: تأدب يا صبي مع الفقراء خيرا لك، فقال: سمعا وطاعة، وعاهده على التوبة، فمن تلك حسن ظن المسعود بالفقراء، وتأدب معهم، ثم كان من المسعود إلى الشيخ مدافع ما سيأتي في ترجمة الشيخ مدافع (4). ولم يزل الشيخ فرج على الحال المرضي إلى أن توفي بالجند، وقبره مشهور يزار ويتبرك به، وقلما قصد زائر تربته إلا وقضيت حاجته. قال الجندي: (وللشيخ فرج ذرية بالتريبة من وادي زبيد محمولون على الإكرام والإعزاز والاحترام) (5).

(1) «السلوك» (2/ 378)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 11)، و «تحفة الزمن» (2/ 312)، و «طبقات الخواص» (ص 257)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (3/ 63)، و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 438). (2) لم يترجم له المصنف-رحمه الله تعالى-فيما تقدم؛ فانظر ترجمته وشيئا من أخباره في «السلوك» (2/ 539)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 340)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 33)، و «تحفة الزمن» (1/ 461). (3) الدلق: بفتح الدال واللام-: لباس متسع الأكمام، يصنع من الصوف غالبا، كان شعار العلماء والقضاء والصوفية بمصر في العصر الفاطمي. (4) الصواب ما تقدم في ترجمته، انظر (5/ 73). (5) «السلوك» (2/ 378).

2973 - [راشد السنحاني]

2973 - [راشد السنحاني] (1) أبو الفضل راشد بن مظفر بن مسعود السنحاني. أحد أجواد العرب وشجعانهم، ورؤساء أهل عصره وأعيانهم، معينا للوافدين، ومغيثا للقاصدين، مقصودا ممدحا. مدحه فحول الشعراء، فأجازهم الجوائز السنية، وللأديب محمد بن حمير فيه غرر القصد الطنانة. توفي المذكور مقتولا في حرب مرغم الصوفي، ولم أقف على تاريخ وفاته، وكان حرب مرغم في أيام المسعود بن الكامل. 2974 - [الفضل بن مظفر السنحاني] (2) الفضل بن مظفر بن مسعود السنحاني. أحد الرؤساء المعدودين، والنجباء المقصودين، كان سيدا هماما، شجاعا مقداما، جوادا كريما، رئيسا حليما، مقصدا للأدباء، وملاذا للغرباء، وللأديب محمد بن حمير فيه غرر القصائد. ولما قتل أخوه راشد بن مظفر في حرب مرغم الصوفي في سنة اثنتين وعشرين وست مائة .. قام الفضل المذكور في مقامه، وأخذ بثأره، وساد وجاد، وانتشر ذكره في البلاد، ولم يزل محمود الثناء إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين يقينا، والله أعلم. 2975 - [عمر بن أسعد] (3) عمر بن أسعد بن محمد بن عبد الوهاب.

(1) «السلوك» (2/ 539)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 419)، و «تحفة الزمن» (1/ 461). (2) «طراز أعلام الزمن» (3/ 14). (3) «طراز أعلام الزمن» (2/ 399).

2976 - [علي بن عبد الله الكردي]

كان رجلا فاضلا، يسلك طريق الجد والاجتهاد في العبادة، ثم تغير حاله، فصار يخبر أنه الفاطمي المنتظر آخر الزمان. فلما بلغ خبره المنصور .. خشي أن يحدث منه ما حدث من مرغم الصوفي في أيام المسعود بن الكامل الأيوبي، استدعاه وسأله عما نقل عنه، فقال: نعم، فأمر به فشنق في الميدان؛ حسما لمادة المتعبدين عن ادعاء ذلك. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أن شنقه كان أيام المنصور في هذه العشرين، أو أوائل التي بعدها. 2976 - [علي بن عبد الله الكردي] (1) علي بن عبد الله بن عبد الرحيم الكردي. تفقه بإبراهيم ابن عجيل، وبعلي بن حسين البجلي، وعلي بن مسعود اللحجي. وكان فقيها عالما، محققا بارعا ورعا، كبير القدر، شهير الذكر، موصوفا بجودة الفقه ورصانة الدين. ولما كتب له الفقيه إبراهيم ابن عجيل إجازته .. قال: قرأ علي الفقيه السيد الأفضل، الورع الزاهد الأعدل، العابد المجتهد المتقن المتيقظ المحصل، أبو الحسن، وذكر اسمه ونسبه كما تقدم، وكفى بذلك شاهدا على فضله. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين يقينا؛ فإن الإجازة مؤرخة بسنة اثنتين وعشرين وست مائة، وانتفع به جمع كبير من الجبل وغيره. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «السلوك» (2/ 299)، و «العطايا السنية» (ص 466)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 302)، و «تحفة الزمن» (1/ 568).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والعشرون بعد الست مائة فيها: استولى السلطان جلال الدين بن السلطان محمد خوارزم شاه على بلاد أذربيجان، وراسله الملك المعظم، واتفق معه أنه يعينه على أخيه الملك الأشرف؛ لفساد حدث بينهما (1). وفيها: استولى لؤلؤ على الموصل، وخنق محمود بن القاهر، وزعم أنه مات (2). وفيها: غارت التتار إلى أن وصلوا إلى الري، وكان من سلم من أهلها قد تراجعوا إليها، وما شعروا إلا بالتتار قد أحاطوا بهم، فقتلوا وسبوا، ثم ساروا إلى ساوه (3)، ففعلوا بأهلها كذلك، ثم كذلك قاشان، ثم عطفوا إلى همذان، فأبادوا من بقي بها، ثم ساروا إلى توريز، فوقع بينهم وبين الخوارزمية مصاف (4). وفيها: توفي القاضي الأسعد أبو البركات عبد القوي بن القاضي عبد العزيز التميمي السعدي المصري المالكي، وعبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن سلطان المغرب، والشيخ الصالح علي الفريثي (5)، وشيخ المالكية محمد بن محمد بن سعيد الأنصاري الإشبيلي، وأبو جعفر ابن المكرم، وأبو طالب ابن عبد السميع. *** السنة الثانية والعشرون فيها: جاء جلال الدين بن خوارزم شاه، فوضع السيف في دقوقاء وأحرقها، وعزم على

(1) «سير أعلام النبلاء» (22/ 241)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 5)، و «العبر» (5/ 81)، و «مرآة الجنان» (4/ 48)، و «البداية والنهاية» (13/ 122). (2) «سير أعلام النبلاء» (22/ 241)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 5)، و «العبر» (5/ 81)، و «مرآة الجنان» (4/ 48)، و «شذرات الذهب» (7/ 166). (3) ساوه: بعد الألف واو مفتوحة بعدها هاء ساكنة، مدينة حسنة بين الري وهمذان. (4) «الكامل في التاريخ» (10/ 383)، و «العبر» (5/ 82)، و «مرآة الجنان» (4/ 48)، و «البداية والنهاية» (13/ 121)، و «شذرات الذهب» (7/ 66). (5) الصواب: الفرنثي، انظر ما تقدم في ترجمته (5/ 103).

السنة الثالثة والعشرون

هجم بغداد، فانزعج الخليفة الناصر لدين الله، وحصن بغداد، وأقام المجانيق، وأنفق ألف ألف دينار، وعلم جلال الدين أن الكرج قد خرجوا على بلاده، فساق إليهم، والتقاهم، وظفر بهم، فقتل منهم سبعين ألفا، ثم أخذ تفليس بالسيف، وقتل بها ثلاثين ألفا، وكان قد أخذ تبريز بالأمان، وتزوج بابنة السلطان ابن السلجوقي (1). وفيها: توفي الخليفة الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بأمر الله، وأبو الدر ياقوت بن عبد الله الرومي الملقب مهذب الدين، والإمام أحمد بن موسى بن يونس الموصلي، والملك الأفضل علي بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم الفيروزاباذي، وعبد المحسن بن الطوسي، والفخر بن تيمية، وأبو إسحاق بن البرني، والقزويني، وعلي بن أبي الكرم المكي، ابن البناء، والقاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي. *** السنة الثالثة والعشرون فيها: سار الملك الأشرف إلى أخيه المعظم وأطاعه، وسأله أن يكاتب جلال الدين بن خوارزم شاه ليحمل جيشه عليه ليترحل عن خلاط، فكتب إليه، فترحل عنها، وكان المعظم يلبس خلعة جلال الدين، ويركب فرسه، وإذا خاطب الأشرف .. حلف: وحياة رأس السلطان جلال الدين، فيتألم الأشرف من ذلك (2). وفيها: حارب جلال الدين بن خوارزم شاه المذكور التركمان ومزقهم، ثم التقى الكرج فهزمهم، وأخذ تفليس بالسيف، وكانت إذ ذاك دار ملكهم، لها في أيديهم أكثر من مائة سنة (3). وفيها: توفي أبو العز مظفر بن إبراهيم العيلاني الشاعر المشهور، والخليفة الظاهر

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 389)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 8)، و «العبر» (5/ 86)، و «مرآة الجنان» (4/ 49)، و «البداية والنهاية» (13/ 124)، و «شذرات الذهب» (7/ 171). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 418)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 13)، و «العبر» (5/ 93)، و «مرآة الجنان» (4/ 53)، و «البداية والنهاية» (13/ 131). (3) «الكامل في التاريخ» (10/ 408)، و (10/ 417)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 14)، و (45/ 19)، و «العبر» (5/ 93)، و «مرآة الجنان» (4/ 54)، و «البداية والنهاية» (131/ 13 - 132).

السنة الرابعة والعشرون

بأمر الله محمد بن الناصر لدين الله بن المستضيء بأمر الله، والإمام الجليل أبو القاسم الرافعي عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم رحمه الله تعالى ونفع به، آمين. *** السنة الرابعة والعشرون فيها: جاء الخبر إلى السلطان جلال الدين وهو بتوريز أن التتار قصدوا أصبهان وبها أهله، فسار إليها وتأهب للملتقى، فالتقى الجمعان في رمضان من السنة المذكورة، فكسرت ميمنة جلال الدين ميسرة التتار، ثم حملت ميسرته على ميمنة التتار فطحنتها أيضا، وتباشر الناس بالنصر، فخذله أخوه غياث الدين وولى، ثم كرت التتار مع كمينها، وحملوا حملة واحدة كالسيل، وقد أقبل الليل، فزالت الأقدام، وقتلت الأمراء، واشتد القتال، وتداعى بنيان جيش جلال الدين، وثبت هو في طائفة يسيرة، وأحيط به فانهزم، وطعن طعنة لولا الأجل .. لتلف، وتمزق جيشه إلا أن ميمنته صالت على ميسرة التتار حتى ولوا، فتبعت أقفيتهم، وما رجعوا إلا بعد يومين، ولم يسمع بمثل ذلك في الملاحم من انهزام كلا الفريقين (1). وفيها: مات طاغية التتار المسمى قبل الملك: تمرجين، وبعده: جنكز خان، وقاضي القضاة عماد الدين عبد الرحمن بن عبد العلي بن علي المصري المعروف بابن السكري، والملك المعظم عيسى بن الملك العادل. *** السنة الخامسة والعشرون فيها: توفي العلامة الحسن بن إسحاق المعروف بابن الجواليقي، والمحدث الرحال أحمد بن تميم بن هشام الأندلسي، وأبو المعالي أحمد بن الخضر الصوفي المعروف بابن طاوس. ***

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 424)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 20)، و «العبر» (5/ 97)، و «مرآة الجنان» (4/ 57)، و «البداية والنهاية» (13/ 137)، و «شذرات الذهب» (7/ 198).

السنة السادسة والعشرون

السنة السادسة والعشرون فيها: أخلى الكامل بيت المقدس، وسلمه إلى ملك الفرنج، نعوذ بالله من سخط الله، وانتهاك شعائر الله، وموالاة أعداء الله، ثم أتبع ذلك بحصار دمشق وإيذاء الرعية، وجرت بين عسكره وعسكر الناصر حروب، وقتل جماعة في غير سبيل الله تعالى، ووقع النهب في الغوطة والحواضر، وأحرقت الخانات والخوانق، ودام الحصار أشهرا، ثم اصطلحوا في شعبان، ورضي الناصر بالكرك ونابلس فقط، ثم دخل الكامل، وبعث جيشه يحاصرون حماة، ثم سلم دمشق بعد شهر إلى أخيه الأشرف، فأعطاه الأشرف حران والرقة والرها وغير ذلك، فتوجه إلى الشرق ليتسلم ذلك، ثم حاصر الأشرف بعلبك، فأخذها من الأمجد (1). وفيها: توفي مسند الشام أبو القاسم شمس الدين الحسين بن هبة الله بن محفوظ التغلبي الدمشقي، وأمة الله بنت أحمد بن عبد الله الآبنوسي، وياقوت الرومي الحموي، والملك المسعود بن الكامل. *** السنة السابعة والعشرون فيها: حاصر جلال الدين بن خوارزم شاه هو والخوارزمية خلاط، وقد كان حاصرها من قبل أربع مرات هذه خامستها، ففتح له بعض الأمراء بابا؛ لشدة القحط على أهلها، وحلف لهم جلال الدين وغدر، وعمل أصحابه بها كما يعمل التتار من القتل، ثم رفعوا السيف وأخذوا في المصادرة والتعذيب، وخاف أهل الشام وغيرهم من الخوارزمية، وعرفوا أنهم إن ملكوا .. أهلكوا، فاصطلح الأشرف وصاحب الروم علاء الدين، واتفقوا على حرب جلال الدين، وساروا، والتقوا في رمضان فكسروه كسرة شنيعة، واستباحوا عسكره، وهرب جلال الدين بأسوأ حال، فوصل إلى خلاط في سبعة أنفس، وقد قتلت أبطاله، وتمزقت رجاله، فأخذ حرمه وما خف حمله، وهرب إلى أذربيجان، ثم أرسل إلى الملك الأشرف في الصلح وذل، وأمنت خلاط، وشرعوا في إصلاحها (2).

(1) «الكامل في التاريخ» (10/ 434)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 32)، و «العبر» (5/ 104)، و «مرآة الجنان» (4/ 59)، و «البداية والنهاية» (13/ 144)، و «شذرات الذهب» (7/ 208). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 440)، و «تاريخ الإسلام» (36/ 45 - 41)، و «العبر» (5/ 107)، و «مرآة الجنان» -

السنة الثامنة والعشرون

وفيها: توفي الإمام أبو البركات الحسن بن محمد المعروف بابن عساكر، وعبد السلام بن عبد الرحمن الصوفي البغدادي، سمع أبا الوقت وجماعة كثيرة، وأبو محمد عبد السلام بن عبد الرحمن بن الشيخ العارف بالله أبي الحكم، ابن برّجان اللخمي المغربي ثم الإشبيلي، حامل لواء اللغة بالأندلس، كذا في «تاريخ اليافعي» (1)، فليحقق إن شاء الله تعالى. *** السنة الثامنة والعشرون لما علمت التتار بضعف جلال الدين بن خوارزم شاه .. بادروا لقتاله، فلم يقدم على لقائهم، فملكوا مراغة، وعاثوا وبدّعوا، وهرب هو إلى آمد، وتفرق جنده، فبيتته التتار ليلة فنجا بنفسه، وطمع الأكراد والفلاحون وكل أحد في جنده، وتخطفوهم، وانتقم الله منهم، وسارت التتار إلى بلاد بكر في طلب جلال الدين، ووصلوا إلى ماردين يسبون ويقتلون (2). وفيها: توفي أبو المظفر بهرام شاه صاحب بعلبك، وعبد الرحيم بن علي بن حامد شيخ الطب المعروف بالمهذب، والإمام النحوي يحيى بن عبد المعطي الزواوي الحنفي. قال الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي: (وفيها توفي الشيخ الجليل أبو زكريا يحيى بن معاذ الرازي، أحد شيوخ «الرسالة» المشهورة) اه‍ (3) ولا شك أن ما ذكره هنا وهم (4). *** السنة التاسعة والعشرون فيها: توفي السلطان جلال الدين خوارزم شاه بن السلطان علاء الدين محمد، والحافظ

= (4/ 64)، و «البداية والنهاية» (13/ 148)، و «شذرات الذهب» (7/ 216). (1) انظر «مرآة الجنان» (4/ 65). (2) «الكامل في التاريخ» (10/ 445)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 42)، و «العبر» (5/ 110)، و «مرآة الجنان» (4/ 65)، و «البداية والنهاية» (13/ 150)، و «شذرات الذهب» (7/ 222). (3) «مرآة الجنان» (4/ 66). (4) وقد سبق للمصنف رحمه الله تعالى بيان ذلك في ترجمته (5/ 125).

السنة الموفية ثلاثين بعد الست مائة

أبو موسى عبد الله بن الحافظ عبد الغني المقدسي، والموفق عبد الله بن يوسف، وفي «الذهبي» تسميته بعبد اللطيف البغدادي الشافعي (1)، والشيخ الجليل عمر بن عبد الملك الدّينوري، نزيل قاسيون، وكان من أصحاب الجد والمجاهدات، والأحوال السنيات، للحافظ محمد بن عبد الغني المعروف بابن نقطة. *** السنة الموفية ثلاثين بعد الست مائة فيها: أخذ الملك [الكامل] بن العادل آمد من صاحبها الملك المسعود مودود بن الملك الصالح الأتابكي بعد حصارها مدة، وسلمها الكامل إلى ولده الصالح نجم الدين أيوب، وكان مودود فاسقا، يأخذ الحرم [غصبا] (2). وفيها: حاصر صاحب الروم حران والرقة، واستولى على الجزيرة، وفعل الروم مع إسلامهم ما يفعلون مع كفرهم (3). وفيها: توفي القاضي بهاء الدين إبراهيم بن شاكر التّنوخي، وسلطان المغرب إدريس بن يعقوب بن يوسف، والملك العزيز عثمان بن العادل شقيق المعظم، اتفق موته ببستان له يسمى: الناعمة في عاشر رمضان، والحافظ أبو الحسن علي بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير صاحب «التاريخ»، والحافظ الرحال ابن الحاجب عمر بن محمد الدمشقي، خرج لنفسه «معجما» في بضع وستين جزءا، وصاحب إربل مظفر الدين أبو سعيد التركماني، وشرف الدين أبو المحاسن محمد بن نصر [الله] الشاعر المعروف بابن عنين. ***

(1) انظر «سير أعلام النبلاء» (22/ 320)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 353)، و «العبر» (5/ 115)، وكذلك تسميته: (عبد اللطيف) في «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 297)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 107)، و «مرآة الجنان» (4/ 68)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 313)، و «شذرات الذهب» (7/ 232)، وغير ذلك من المصادر، ولم نجد من سماه: عبد الله. (2) «تاريخ الإسلام» (45/ 48)، و «العبر» (5/ 117)، و «مرآة الجنان» (4/ 69)، و «البداية والنهاية» (13/ 158)، و «شذرات الذهب» (7/ 237). (3) «تاريخ الإسلام» (45/ 50)، و «العبر» (5/ 117)، و «مرآة الجنان» (4/ 69)، و «البداية والنهاية» (13/ 159).

السنة الحادية والثلاثون

السنة الحادية والثلاثون فيها: سار الملك الكامل بجيوش عظيمة إلى حد الروم، وقدّم بين يديه جيشا، فهزمهم صاحب الروم، وأسر صاحب حماة ومقدّم الجيش صوابا الخادم، فرد الكامل (1). وفيها: تسلطن بدر الدين لؤلؤ بالموصل (2). وفيها: تكامل بناء المستنصر لمدرسته ببغداد على المذاهب الأربعة، قال بعضهم: ولا نظير لها في الدنيا فيما أعلم (3). قال الشيخ عبد الله اليافعي: (مدرسة السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون التي بنى بمصر لنيف وستين وسبع مائة ما كان مثلها في الدنيا، لا المستنصرية ولا غيرها فيما شاع عن الجم الغفير) (4). وفيها: توفي العلامة أبو الحسن علي بن أبي علي الآمدي، والإمام محمد بن عمر القرطبي المقرئ المالكي، والشيخ القدوة عبد الله بن يونس الأرمني، وقاضي القضاة ابن فضلان محمد بن يحيى البغدادي. *** السنة الثانية والثلاثون فيها: ضربت ببغداد دراهم، وفرقت في البلد، وتعاملوا بها، وإنما كانوا يتعاملون بقراضة الذهب؛ القيراط والحبة ونحو ذلك (5). [وفيها: توفي] صواب الخادم العادلي، والشيخ شرف الدين عمر بن علي المعروف بابن الفارض، والشيخ الكبير أبو حفص عمر بن محمد التيمي البكري السّهروردي مصنف

(1) «تاريخ الإسلام» (46/ 5)، و «العبر» (5/ 123)، و «مرآة الجنان» (4/ 73)، و «النجوم الزاهرة» (6/ 282). (2) «تاريخ الإسلام» (46/ 6)، و «العبر» (5/ 23)، و «مرآة الجنان» (4/ 73)، و «شذرات الذهب» (7/ 251). (3) «تاريخ الإسلام» (46/ 6)، و «العبر» (5/ 123)، و «مرآة الجنان» (4/ 73)، و «البداية والنهاية» (13/ 63)، و «شذرات الذهب» (7/ 251). (4) «مرآة الجنان» (4/ 73). (5) «تاريخ الإسلام» (46/ 11)، و «العبر» (5/ 127)، و «مرآة الجنان» (4/ 75)، و «شذرات الذهب» (7/ 259).

السنة الثالثة والثلاثون

كتاب «العوارف»، والشيخ الجليل غانم بن علي المقدسي النابلسي، أحد عباد الله الأتقياء، والسادة الأولياء، وقاضي القضاة ابن شداد أبو العز يوسف بن رافع الأسدي، والملك الزاهر داود بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. *** السنة الثالثة والثلاثون فيها: أخذت الفرنج قرطبة واستباحوها (1). و[فيها]: جاءت فرقة من التتار، فكسرهم عسكر إربل، فما بالوا، وساقوا إلى بلد الموصل، فقتلوا وسبوا، فاهتم المستنصر بالله، وأنفق الأموال، فرجعوا (2). وفيها: عدا الكامل الفرات، واستعاد حران، وخرب قلعة الرها، وهرب منه نواب صاحب الروم، ثم كر إلى الشام خوفا من التتار؛ فإنهم دخلوا إلى سنجار، ثم حشد صاحب الروم، ونازل حران، وتعثر أهلها بين الملكين (3). وفيها: توفي الحافظ أبو الخطاب عمر بن حسن المعروف بابن دحية، ونصر بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخة الصالحة الصوفية زهرة بنت محمد بن أحمد بن حاضر، روت عن يحيى بن ثابت وغيره. *** السنة الرابعة والثلاثون فيها: نزلت التتار على إربل وحاصروها، وأخذوها بالسيف حتى جافت المدينة بالقتلى، وعصت القلعة بعد أن لم يبق من أخذها شيء من الموانع، وترحلت الملاعين عنها (4). وفيها: توفي السلطان أحمد بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، والحافظ

(1) «تاريخ الإسلام» (46/ 15)، و «مرآة الجنان» (4/ 84)، و «شذرات الذهب» (7/ 278). (2) «تاريخ الإسلام» (46/ 13)، و «العبر» (5/ 132)، و «مرآة الجنان» (4/ 84)، و «البداية والنهاية» (13/ 169)، و «شذرات الذهب» (7/ 278). (3) «تاريخ الإسلام» (14/ 46 - 15)، و «العبر» (5/ 33)، و «مرآة الجنان» (4/ 85)، و «البداية والنهاية» (13/ 169). (4) «تاريخ الإسلام» (46/ 18)، و «العبر» (5/ 136)، و «مرآة الجنان» (4/ 85)، و «البداية والنهاية» (13/ 170)، و «شذرات الذهب» (7/ 284).

السنة الخامسة والثلاثون

أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي، والناصح بن الحنبلي عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب الواعظ، وصاحب الروم السلطان علاء الدين السلجوقي، والملك العزيز غياث الدين محمد بن الظاهر الأيوبي، وأبو الحسن محمد بن أحمد البغدادي المحدث. *** السنة الخامسة والثلاثون فيها: عزمت طائفة كبيرة من الخوارزمية كانوا قد خدموا مع الصالح أيوب بن الملك الكامل على القبض عليه، فهرب إلى سنجار، فنهبوا خزائنه، فسار إليه لؤلؤ صاحب الموصل وحاصره، فحلق الصالح لحية وزيره وقاضي بلده بدر الدين السنجاري طوعا، ودلاّه من السور ليلا، فذهب واجتمع بالخوارزمية، وشرط لهم كل ما أرادوا، فساقوا من حران، وبيتوا لؤلؤا، فنجا بنفسه على فرس النوبة، وانتهبوا عسكره (1). وفيها: توفي الملك الأشرف موسى صاحب دمشق ابن الملك العادل، وأبو المحاسن يوسف بن إسماعيل المعروف بالشواء، والملك الكامل محمد بن العادل. *** السنة السادسة والثلاثون فيها: ضعفت سلطنة الملك الجواد بدمشق بعد أن محق الخزائن، فكاتب الملك الصالح أيوب بن الكامل وقايضه، فأعطاه دمشق بسنجار وعانة، فكانت صفقة خاسرة، فبادر الصالح وتسلم دمشق من الجواد؛ لأن المصريين ألحّوا على الجواد في أن ينزل عن دمشق ويعطى الإسكندرية، ثم ركب الصالح، وحمل الجواد الغاشية بين يديه، ثم أكل يديه ندما وسافر، وتوجه الصالح نحو الغور، وطلب عمّه إسماعيل من بعلبك ليتّفقا، فدبر إسماعيل أمره، واستعان بالمجاهد صاحب حمص، وهجم على دمشق فأخذها، فسمعت بذلك الأمراء، فتوجهت إليه، وبقي الصالح في طائفة، فأخذه عسكر الناصر صاحب الكرك واعتقله عنده (2).

(1) «تاريخ الإسلام» (46/ 20)، و «العبر» (5/ 141)، و «مرآة الجنان» (4/ 86)، و «البداية والنهاية» (13/ 176)، و «النجوم الزاهرة» (6/ 299). (2) «تاريخ الإسلام» (27/ 46 - 31)، و «العبر» (5/ 147)، و «مرآة الجنان» (4/ 93)، و «البداية والنهاية» (13/ 178).

السنة السابعة والثلاثون

وفيها: توفي الشيخ أحمد بن علي القسطلاني، والحافظ محمد بن يوسف الإشبيلي. *** السنة السابعة والثلاثون قد تقدم أن إسماعيل هجم على دمشق فملكها، وتسلم القلعة من الغد، واعتقل الصالح أيوب بالكرك أشهرا، فطلبه أخوه العادل من الناصر داود، وبذل فيه مائة ألف دينار، وكذا طلبه الصالح إسماعيل، فامتنع الناصر، ثم اتفق معه وحلفه، وسار به إلى الديار المصرية، فمالت إليه الكاملية، وقبضوا على العادل، وتملك الصالح أيوب بن الكامل مصر، ورجع الناصر داود [بخفي حنين] (1). وفيها: توفي الحافظ محمد بن سعيد الدّبيثي، وأبو البركات المبارك بن أحمد بن المبارك اللخمي المعروف بابن المستوفي، ونصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير. *** السنة الثامنة والثلاثون فيها: سلم الملك الصالح إسماعيل قلعة الشقيف للفرنج؛ لغرض في نفسه، فمقته المسلمون، وأنكر عليه الإمام عزّ الدين بن عبد السلام وأبو عمرو بن الحاجب، فسجنهما، وعزل ابن عبد السلام من خطابة جامع دمشق (2). وفيها: ولي القضاء الرفيع الجيلي (3). وفيها: توفي محمد بن علي الطائي الحاتمي المعروف بابن عربي. ***

(1) «تاريخ الإسلام» (46/ 32)، و «العبر» (5/ 152)، و «مرآة الجنان» (4/ 94)، و «البداية والنهاية» (13/ 180)، و «شذرات الذهب» (7/ 320). (2) «تاريخ الإسلام» (46/ 40)، و «العبر» (5/ 157)، و «مرآة الجنان» (4/ 100)، و «البداية والنهاية» (13/ 183)، و «شذرات الذهب» (7/ 331). (3) «العبر» (5/ 158)، و «مرآة الجنان» (4/ 100).

السنة التاسعة والثلاثون

السنة التاسعة والثلاثون فيها: توفي أحمد بن الحسين المعروف بابن الخباز النحوي، وأبو المعالي عبد الرحمن بن مقبل الواسطي الشافعي عماد الدين، وأبو الفتح كمال الدين موسى بن يونس الموصلي. *** السنة الموفية أربعين بعد الست مائة فيها: توفي صاحب المغرب الرشيد أبو محمد بن المأمون صاحب مراكش، والخليفة العباسي المستنصر بالله منصور بن محمد، وجمال النساء بنت أحمد بن أبي سعد الغراف- بالغين المعجمة، والراء، والفاء-البغدادية، سمعت من غير واحد من الشيوخ. *** ومما نقل من «تاريخ الفقيه ابن حسان» (1) و «تاريخ الذهبي» أن في سنة إحدى وعشرين وست مائة استولت نهد وأحلافها على شبام وتريم وسائر حضرموت، وقتلوا عمر بن مهدي في كثير من أصحابه. وفيها: ملك عبد الرحمن بن راشد بن إقبال الشحر. وفيها: توفي أبو جعفر ابن المكرم، وأبو البركات ابن الجبّاب، وأحمد ابن صرما، وأبو طالب ابن عبد السميع (2). *** وفي سنة اثنتين وعشرين وست مائة توفي عبد المحسن بن الطوسي، والفخر بن تيمية، وأبو إسحاق بن البرني، وعلي بن

(1) «تاريخ الفقيه ابن حسان» في عداد الكتب المفقودة، كما نبهنا عليه في مقدمة المصنف، وقد خرجنا الحوادث التي نقلها عنه المصنف من مصادر أهل اليمن. (2) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 255)، و «تاريخ شنبل» (ص 81 - 82)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 82)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 655).

وفي سنة ثلاث وعشرين وست مائة

أبي الكرم المكي، ابن البناء، والقاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي (1). *** وفي سنة ثلاث وعشرين وست مائة حصلت رابطة ابن الحبوضي في شبام بإذن مسعود. وفيها: جاءت سيول، فغيرت من الأموال في الصعيد والأشجار. وفيها: ساقت خيثمة عسكرا معهم جميل بن فاضل وفهد بن عبد الله ومحمد بن عمرو بن مهدي إلى بني حرام، وجرى بينهم قتال عظيم في الشقة عند شبام، فقتل جميل بن فاضل وولد فضالة بن شماخ وأناس غيرهم، ولم يقتل من بني حرام أحد. وفيها: سلم مسعود شبام إلى بني سعد، فملكوها. وفيها: توفي المبارك ابن أبي الجود، وابن أبي لقمة، والجمال المصري قاضي دمشق، والشمس البخاري، وأبو محمد بن الأستاذ، وأبو المحاسن المراتبي، وعبد الرحمن بن الخبازة (2). *** وفي سنة أربع وعشرين وست مائة توفي أبو هريرة بن الوسطاني، وعبد المحسن الخفيفي، والبهاء عبد الرحمن، وداود ابن الفاخر في رجب، وعبد الله بن نصر قاضي حران (3). *** وفي سنة خمس وعشرين وست مائة خرج مسعود بالعسكر إلى هينن والهجرين، فسلم أهل الهجرين البلاد له، وحاصر هينن، ورماها بالمنجنيق حتى أخربها، وحرقها، ثم نزلوا على حكمه.

(1) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 256). (2) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 256)، و «تاريخ شنبل» (ص 82 - 83)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 83)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 655). (3) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 257).

وفي سنة ست وعشرين وست مائة

وفيها: توفي أحمد بن البرّاج، وابن البن، وابن عفيجة، وأبو القاسم بن بقي، وعلوان أبو الشيخ أحمد بن علوان (1). *** وفي سنة ست وعشرين وست مائة طلع مسعود إلى الشحر فحصرهم، ثم اصطلح هو وابن إقبال. وفيها: حصر ابن خليل الشحر. وفيها: كان ابتداء الدولة الرسولية بالملك المنصور عمر بن علي بن رسول (2). وفيها: توفي الشيخ الولي الصالح جوهر الجندي ثم العدني المعروف بصاحب الطير الأخضر، وابن صصرى، وابن أبي حرب النرسي، وابن قنيدة (3). *** وفي سنة سبع وعشرين وست مائة توفي عبد السلام بن سكينة، كذا في «الذهبي» (4)، ولعله عبد السلام بن عبد الرحمن الصوفي المذكور في الأصل (5). *** وفي سنة ثمان وعشرين وست مائة اشترى مسعود شبام من عيسى بن فاضل، وعسكر إلى وادي عمد، وقاتل أهل عنق، ثم صالحهم، ورجع إلى تريم.

(1) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 258)، و «تاريخ شنبل» (ص 84)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 83)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 657). (2) الدولة الرسولية: قامت الدولة الرسولية على يد مؤسسها: عمر بن علي بن رسول، وامتدت من سنة (626 هـ‍) إلى سنة (858 هـ‍)، وكانت فترتها أزهى عصور اليمن، وقد تداول الحكم عليها عشرون ملكا، آخرهم: الحسين بن الظاهر. للتوسع ينظر «الدولة الرسولية في اليمن» لمؤلفه: محمد بن يحيى الفيفي، فقد قام بدراسة هذه الدولة من الناحية السياسية والحضارية. (3) في (ت): (سده)، «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 258)، و «تاريخ شنبل» (ص 84)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 83)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 657). (4) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 259). (5) هو عينه، كما هو واضح في «سير أعلام النبلاء» (22/ 333)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 287)، و «العبر» (5/ 109).

وفي سنة تسع وعشرين وست مائة

وفيها: استقل المنصور عمر بن علي بن رسول بالملك في اليمن. وفيها: توفي يونس الفارقي، ومحمد بن عصية، والداهري، وأبو نصر بن النرسي (1). *** وفي سنة تسع وعشرين وست مائة عمر آل كثير عينات. وفيها: توفي الحسن بن الزّبيدي (2). *** وفي سنة ثلاثين وست مائة قتل أهل الهجرين سكران بن عامر. وفيها: سمع الحجار «صحيح البخاري» على ابن الزّبيدي بدمشق مع عشرة. وفيها: توفي ابن سلاّم، وابن باقا، وعلي ابن الجوزي (3). *** وفي سنة إحدى وثلاثين وست مائة استولى المنصور الغساني على مكة، وطرد منها رتبة الكامل. وفيها: صال يماني بن جعفر على آل كثير في خيثمة، ودخل تحت عينات. وفي وسط المحرم منها: ولد الإمام النووي. وفيها: توفي ابن الزبيدي، وأبو نصر بن عساكر، وحسن بن السيد (4).

(1) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 259)، و «تاريخ شنبل» (ص 85)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 84)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 657). (2) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 259)، و «تاريخ شنبل» (ص 85)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 84)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 657). (3) «تاريخ الإسلام» (45/ 52)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 260)، و «تاريخ شنبل» (ص 86)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 84)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 658). (4) «العبر» (5/ 312)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 261)، و «تاريخ شنبل» (ص 87)، و «تاريخ حضرموت» -

وفي سنة اثنتين وثلاثين وست مائة

وفي سنة اثنتين وثلاثين وست مائة توفي ابن صبّاح في رجب، وابن عماد في صفر، وابن باسويه، وابن غسّان، ومحمود بن مندة، ومحمد بن عبد الواحد المديني (1). *** وفي سنة ثلاث وثلاثين وست مائة اشترى ابن إقبال تريم وشبام وجميع حضرموت. وفيها: توفي ابن روزبة، وابن الرّمّاح، والإربلي، وأبو حمزة (2). *** وفي سنة أربع وثلاثين وست مائة قتل ابن مهدي بأحور. [وفيها: توفي] سعيد ابن ياسين، وحمد بن صديق، وعبد القادر ابن أبي الفهم، والقطيعي، ومرتضى بن حاتم (3). *** وفي سنة خمس وثلاثين وست مائة توفي ابن اللّتّي، وابن بهروز، وأنجب الحمّامي، وابن الشيرازي، والحسين بن رئيس الرؤساء، وشمس الدين بن سني الدولة (4). ***

= للكندي (1/ 84)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 658)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 345)، و «تاريخ الإسلام» (45/ 385)، و «العبر» (5/ 119)، وغيرها من المصادر: أن الحسن بن السيد توفي سنة (630 هـ‍). (1) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 261). (2) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 262)، و «تاريخ شنبل» (ص 88)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 84)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 658). (3) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 262)، وقال الحامد في «تاريخ حضرموت» (2/ 658) عن حادثة قتل ابن مهدي هذه: (وهو مشكل، ولعله ابن مهدي آخر، أو أنه وهم، والله أعلم). (4) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 263).

وفي سنة ست وثلاثين وست مائة

وفي سنة ست وثلاثين وست مائة تولى ابن شماخ البلاد، وخرج عبيد آل إقبال وآل أبي قحطان سوى أحمد؛ فإنه تخلف في دمّون، ورد ابن إقبال سروم (1) إلى مسعود. ووجدت بخط الوالد رحمه الله: أن ابن شماخ جد آل عامر استولى في سنة ست وثلاثين وست مائة على جميع حضرموت، وأخرج بقية آل إقبال وجميع آل أبي قحطان من حضرموت، ثم إن السلطان الملك المنصور جهز ابن أبي زكري في عسكر، فلما حصلوا بالكسر .. لقيهم نهد وأحلافها، فوقع بينهم القتال عند أحروم عندل، فلم يظفر بهم، وانهزم العسكر، وقتل الأمير ابن أبي زكري، ورجع العسكر إلى اليمن، ورجع نهد إلى حضرموت، كذا بخط الوالد. والأمير ابن أبي زكري أظنه هو المذكور في ترجمة عبد الرحمن بن صالح بن إبراهيم العنزي وترجمة عمه علي بن إبراهيم، والله سبحانه أعلم. اه‍ وفي السنة المذكورة: دخل مسعود تريم، ونهب سوقها وشيئا من دورها، وحلوا خيلة، ولم تصلّ في تريم جمعة باقي رجب وشعبان وثلاث جمع في رمضان، ثم رجع بعض الناس، وأقيمت الجمعة. وفي شوال منها: وصل فهد والغزو أميرهم علاء الدين، وتسلموا البلاد من ابن شماخ. وفيها: توفي الصفراوي، والهمداني، وابن الحصيري (2)، وبدل التبريزي، والبرزالي (3). *** وفي سنة سبع وثلاثين وست مائة توفي سالم بن صصرى، وابن صابر، ومحمد بن طرخان، وعبد العزيز بن دلف،

(1) كذا في «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 85) و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 659) وفي «تاريخ شنبل» (ص 89): (شروم). (2) كذا في «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 263) و «شذرات الذهب» (7/ 319)، وفي «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 499) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 53) و «تاريخ الإسلام» (46/ 308): (الحصيري). (3) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 263)، و «تاريخ شنبل» (ص 89)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 85)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 658).

وفي سنة ثمان وثلاثين وست مائة

وشيركوه بحمص، والقاضي الخويّي، وعبد الرحيم بن الطّفيل، وثابت الخجندي بشيراز (1). *** وفي سنة ثمان وثلاثين وست مائة توفي علي بن مختار، والنجم بن راجح، وأبو علي بن المعز (2). *** وفي سنة تسع وثلاثين وست مائة توفي الإسعردي، وإسحاق بن طرخان، وإسماعيل بن ظفر، وأحمد بن المارستاني (3). *** وفي سنة أربعين وست مائة توفي العلم ابن الصابوني (4). والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وصحبه وسلم ***

(1) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 264). (2) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 265). (3) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 265). (4) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 266).

العشرون الثالثة من المائة السابعة

العشرون الثالثة من المائة السابعة [الاعلام] 2977 - [سلطان البعلبكي] (1) سلطان بن محمود البعلبكي، صاحب الأحوال والكرامات، أحد أصحاب عبد الله اليونيني، بمثناة من تحت مكررة قبل الواو وبين النونين، و [ياء] النسبة. توفي سنة إحدى وأربعين وست مائة. 2978 - [أم الفضل بنت الحبقبق] (2) أم الفضل كريمة بنت عبد الوهاب القرشية الزبيرية، مسندة الشام. روت كثيرا عن جماعة، وأجاز لها خلق كثير، منهم أبو الوقت السجزي وغيره. توفيت سنة إحدى وأربعين وست مائة. 2979 - [أمة الحكم بنت محمد] (3) أمة الحكم عائشة بنت محمد، الواعظة البغدادية. كانت صالحة تعظ النساء. توفيت سنة إحدى وأربعين وست مائة.

(1) «تاريخ الإسلام» (47/ 76)، و «العبر» (5/ 168)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 297)، و «مرآة الجنان» (4/ 104)، و «شذرات الذهب» (7/ 365). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 623)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 92)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 93)، و «العبر» (5/ 170)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 338)، و «مرآة الجنان» (4/ 104)، و «شذرات الذهب» (7/ 368). (3) «تاريخ الإسلام» (47/ 77)، و «العبر» (5/ 168)، و «مرآة الجنان» (4/ 104)، و «شذرات الذهب» (7/ 366).

2980 - [علي صاحب الوعل]

2980 - [علي صاحب الوعل] (1) علي بن محمد بن الفقيه علي بن إبراهيم المعروف بالخطيب الحميري التريمي. قال في «الجوهر الشفاف»: (كان رحمه الله من أكابر المشايخ المشهورين، وأعيان العارفين المحققين-وذكر له في الكتاب كرامات كثيرة-منها: أنه لما أراد الخروج يوم النحر إلى الجبّانة ليخطب بالناس .. قالت له زوجته: كيف تخرج وليس لعيالك أضحية؟ ! وألحّت عليه في ذلك، فقال: افتحوا بابكم، ورزقكم يأتيكم من الله، وخرج يصلي بالناس، وفتح أهله أبواب دارهم كما قال، فلما رجع إلى أهله بعد الصلاة .. أخذ السكين وقال لخادمه: ادخل الدرع، فأتني بالأضحية، فدخل الخادم الدرع، فوجد وعلا عظيما قد أهداه الله تعالى للشيخ ببركة صبره، فأخذه وساقه إلى الشيخ، فلما رآه الشيخ .. حمد الله تعالى وضحى به، وقسم بعضه على جيرانه، وترك بعضه لأهله وعياله رحمه الله ونفع به، توفي ليلة الجمعة للنصف من رمضان سنة إحدى وأربعين «641») كذا في «كتاب الخطيب» ولم يذكر المئين في النسخة التي وقفت عليها، ولعلها ست مائة كما رقّمته بالهندي، والله سبحانه أعلم (2). وكان ولده محمد بن علي خطيبا فصيحا مصقعا، وكان فاضلا صاحب كرامات، ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته مع أبيه، والله أعلم. 2981 - [أبو البركات النفيس] (3) أبو البركات محمد بن الحسين الأنصاري الحموي، المعروف بالنفيس. سمع بمكة من عبد المنعم الفراوي. توفي سنة اثنتين وأربعين وست مائة.

(1) «الجوهر الشفاف» (130/ 1 - 138)، و «تاريخ شنبل» (ص 92). (2) «الجوهر الشفاف» (130/ 1 - 138)، والنسخة التي عندنا ذكرت المئين. (3) «تاريخ الإسلام» (47/ 137)، و «العبر» (5/ 173)، و «مرآة الجنان» (4/ 105)، و «المقفى الكبير» (5/ 584)، و «شذرات الذهب» (7/ 374).

2982 - [تاج الدين ابن حمويه]

2982 - [تاج الدين ابن حمويه] (1) عبد الله-ويقال له: عبد السلام-الجويني الصوفي شيخ الشيوخ، المعروف بتاج الدين ابن حمويه. سمع من شهدة، والحافظ أبي القاسم بن عساكر. وتوفي سنة اثنتين وأربعين وست مائة. 2983 - [خاطب الحارثي] (2) خاطب بن عبد الكريم الحارثي (3). روى عن الحافظ ابن عساكر، وعاش خمسا وتسعين سنة. وتوفي سنة اثنتين وأربعين وست مائة. 2984 - [مسعود ابن الشكيل] (4) مسعود بن أحمد بن محمد بن سليمان بن أبي السعود المعروف والده بابن الشكيل، تقدم (5). تفقه بوالده، وكان فقيها عارفا، عابدا زاهدا صالحا، لم تعرف له صبوة. ولقد تذاكر جماعة من أترابه النساء وهو حاضر فقال: أما تستحيون من الله عن نظرهن، فو الله ما أكاد أحقق لون والدتي؟ ! توفي في حياة أبيه على الفراش المرضي تاسع عشر ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وست مائة.

(1) «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 637)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 123)، و «العبر» (5/ 172)، و «مرآة الجنان» (4/ 105)، و «البداية والنهاية» (13/ 194)، و «المقفى الكبير» (4/ 632)، و «شذرات الذهب» (7/ 371). (2) «تاريخ الإسلام» (47/ 117)، و «العبر» (5/ 172)، و «مرآة الجنان» (4/ 105)، و «شذرات الذهب» (7/ 371). (3) في الأصول والمصادر إلا «تاريخ الإسلام»: (حاطب)، والتصويب من «تكملة الإكمال» (212/ 2 - 213)، و «توضيح المشتبه» (3/ 28)، و «تبصير المنتبه» (1/ 392). (4) «السلوك» (2/ 230)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 155)، و «تحفة الزمن» (1/ 523). (5) صوابه: سيأتي، وهو واضح من قوله بعد: (توفي في حياة أبيه)، انظر ترجمته (5/ 237).

2985 - [عبد الله وعبد الرحمن ابنا محمد]

2985 - [عبد الله وعبد الرحمن ابنا محمد] (1) عبد الله وعبد الرحمن ابنا محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن زكريا. تفقها في بدايتهما على جدهما إبراهيم بن عبد الله، وبعده على تلميذه محمد بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن زكريا، فلما توفي محمد بن يوسف .. خلفاه في التدريس، فرأسا، ودرسا إلى أن توفيا. توفي عبد الرحمن سنة إحدى وأربعين وست مائة. وتوفي أخوه عبد الله بعده بسنة في سنة اثنتين وأربعين وست مائة. وكان أبوهما محمد بن إبراهيم فقيها فاضلا، عالما عاملا، غلب عليه العبادة رحمه الله تعالى. 2986 - [أبو بكر بن أحمد العلهي] (2) أبو بكر بن أحمد الفقيه بن مقبل بن عثمان العلهي. ولد سنة خمس وسبعين وخمس مائة. وكان فقيها فاضلا، وخطيبا كاملا، ولي خطابة زبيد سنين. وتوفي بها سنة اثنتين وأربعين وست مائة، وسيأتي ذكر ابنه عبد الله في العشرين الأخيرة (3). 2987 - [ابن يعيش النحوي] (4) أبو البقاء موفق الدين يعيش بن علي بن يعيش، الموصلي الأصل، الحلبي المولد والمنشأ، النحوي.

(1) «السلوك» (2/ 411)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 71)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 66)، و «تحفة الزمن» (1/ 335). (2) «السلوك» (1/ 448)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 132)، و «تحفة الزمن» (1/ 367). (3) انظر (5/ 395). (4) «وفيات الأعيان» (7/ 46)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 144)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 233)، و «العبر» (5/ 181)، و «الوافي بالوفيات» (29/ 34)، و «مرآة الجنان» (4/ 106)، و «بغية الوعاة» (2/ 351)، و «شذرات الذهب» (7/ 394).

أخذ النحو عن أبي السخاء الحلبي، وأبي العباس المغربي التبريزي (1). وسمع الحديث على أبي الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب الطوسي بالموصل، وعلى ابن سويدة التكريتي، وبحلب على أبي الفرج يحيى بن محمود الثقفي، والقاضي أبي الحسن ابن الطّرسوسي وغيرهم. وكان فاضلا، ماهرا في النحو والتصريف، اجتمع في دمشق بالشيخ تاج الدين أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي، وسأله عن مواضع مشكلة في العربية، وعن إعراب ما ذكره الحريري في (المقامة العاشرة) المعروفة بالرحبية، وهو قوله في آخرها: (إذا لألأ الأفق ذنب السّرحان، وآن ابتلاج الفجر وحان) (2)، فاستبهم جواب هذا على الكندي: هل (الأفق) و (ذنب السرحان) مرفوعان أو منصوبان؟ أو (الأفق) مرفوع و (ذنب السرحان) منصوب، أو على العكس؟ وقال له: قد علمت قصدك، وأنك تريد إعلامي بمكانتك من هذا العلم، وكتب له بخطه بمدحه والثناء عليه، ووصف تقدمه في الفن الأدبي. قال ابن خلكان: (إن «الأفق» مفعول، وفعله «لألأ»، وفاعله «ذنب»، وأما «السرحان» مخفوض بالإضافة إليه، والمراد ب‍ «ذنب السرحان»: الفجر الأول الكاذب؛ فإنه مشبه به في طوله في السماء، بخلاف الفجر الصادق؛ فإنه مشبه بجناحي الطير؛ لانتشاره يمينا وشمالا) (3). قال الشيخ اليافعي: (وهذا الذي أشار إليه من الإعراب من كونه هو المختار هو الذي ظهر لي وبادر إليه فهمي أول وقوفي على هذه المسألة قبل الوقوف على السؤال وما يحتمله من الأقوال) (4). توفي أبو البقاء المذكور سنة ثلاث وأربعين وست مائة.

(1) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 106)، وفي «وفيات الأعيان» (7/ 47): (النيروزي)، وفي «بغية الوعاة» (2/ 351): (البيزوري). (2) «مقامات الحريري» (ص 95). (3) «مرآة الجنان» (4/ 106). (4) «مرآة الجنان» (4/ 106).

2988 - [ابن الصلاح]

2988 - [ابن الصلاح] (1) أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الكردي الشهرزوري المعروف بابن الصلاح، شيخ الإسلام تقيّ الدين. كان أحد الفضلاء في التفسير والحديث والفقه، وأسماء الرجال وما يتعلق بعلم الحديث ونقل اللغة، وكانت له مشاركة في فنون عديدة. قال ابن خلكان: (وهو أحد أشياخي الذين انتفعت بهم، قال: وكانت فتاويه مسددة، قال: وبلغني أنه درس جميع كتاب «المهذب» قبل أن يطلع شاربه) (2). تولى بالموصل الإعادة عند الشيخ عماد الدين بن يونس، ثم سافر إلى خراسان، وحصّل بها علم الحديث، ورجع إلى الشام، وتولى تدريس المدرسة الناصرية المنسوبة إلى الملك الناصر صلاح الدين بالقدس، وأقام بها مدة، وانتفع به الناس. ثم انتقل إلى دمشق، وتولى تدريس الرواحية التي أنشأها أبو القاسم هبة الله بن عبد الواحد بن رواحة الحموي، وفوّض إليه الملك الأشرف بن الملك العادل تدريس دار الحديث التي بناها بدمشق، واشتغل عليه الناس بالحديث فيها ثلاث عشرة سنة. وتولى تدريس مدرسة ست الشام زمرد خاتون بنت أيوب شقيقة شمس الدولة، وكان يقوم بوظائف الجهات الثلاث من غير إخلال بشيء منها، وكان على قدم حسن من العلم والدين. صنف في علوم الحديث كتابا نافعا، وكذلك في مناسك الحج، جمع فيه أشياء حسنة يحتاج إليها، وله إشكالات على كتاب «الوسيط» في الفقه، وله «طبقات الشافعية»، اختصره الشيخ محيي الدين النووي، واستدرك عليه جماعة. ومن مشاهير شيوخه الفخر ابن عساكر، وزين الأمناء، والمؤيد الطوسي، وابن سكينة وغيرهم.

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 243)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 140)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 184)، و «العبر» (5/ 177)، و «مرآة الجنان» (4/ 108)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 326)، و «البداية والنهاية» (13/ 198)، و «شذرات الذهب» (7/ 383). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 243).

2989 - [أبو الحسن السخاوي]

وممن تفقه عليه وروى عنه الشيخ شهاب أبو شامة، والإمام تقي الدين بن رزين، والعلامة شمس الدين ابن خلكان وغيرهم. وجمع بعض أصحابه فتاويه في مجلد. ولم يزل أمره جاريا على السداد وصلاح الحال، والاجتهاد في الاشتغال بما ذكرنا، والنفع إلى أن توفي بدمشق في ربيع الآخر من سنة ثلاث وأربعين وست مائة. ودفن في مقابر الصوفية خارج باب النصر، رحمه الله، ومولده سنة سبع وسبعين وخمس مائة. 2989 - [أبو الحسن السخاوي] (1) أبو الحسن علي بن محمد السخاوي الهمداني، المقرئ النحوي، الإمام العلامة. أتقن علم القراءات على الإمام أبي القاسم الشاطبي بمصر، ثم انتقل إلى دمشق، وتقدم بها على علماء فنونه، وكان للناس فيه اعتقاد عظيم. شرح «مفصل الزمخشري» في أربع مجلدات، وشرح «الشاطبية» للإمام المذكور، وكان يزدحم عليه الناس بجامع دمشق لأجل القراءة عليه بحيث لا يصح لواحد منهم نوبة إلا بعد زمان، كذا قال ابن خلكان (2). قال: (ورأيته مرارا يركب بهيمة وهو يصعد إلى جبل الصالحيين وحوله اثنان أو ثلاثة، وكل واحد يقرأ في وظيفته في موضع غير موضع الآخر، والكل في دفعة واحدة، وهو يرد على الجميع. ولم يزل مواظبا على وظيفته إلى أن توفي بدمشق في سنة ثلاث وأربعين وست مائة وقد نيف على التسعين، ولما حضرته الوفاة .. أنشد لنفسه: [من السريع] قالوا غدا تأتي ديار الحمى … وينزل الركب بمغناهم وكل من كان مطيعا لهم … أصبح مسرورا بلقياهم

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 340)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 122)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 192)، و «العبر» (5/ 178)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1245)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 94)، و «مرآة الجنان» (4/ 110)، و «بغية الوعاة» (2/ 192)، و «شذرات الذهب» (7/ 385). (2) انظر «وفيات الأعيان» (3/ 340).

2990 - [ابن النجار]

قلت فلي ذنب فما حيلتي … بأي وجه أتلقّاهم قالوا أليس العفو من شأنهم … لا سيما لمن ترجّاهم رحمه الله تعالى ونفع به، آمين) (1). 2990 - [ابن النجار] (2) الحافظ الكبير محب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن البغدادي المعروف بابن النجار، صاحب «تاريخ بغداد». ولد سنة ثمان وسبعين وخمس مائة، ورحل إلى أصبهان وخراسان، والشام ومصر، وسمع من جماعة، وكتب شيئا كثيرا. وكان ثقة متقنا، واسع الحفظ، تام المعرفة بفنّه. توفي سنة ثلاث وأربعين وست مائة. 2991 - [ابن عساكر النسابة] (3) أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن ابن عساكر الدمشقي عزّ الدين النسابة، صدر كبير، محتشم فاضل. سمع من عم والده الحافظ. وتوفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وأربعين وست مائة. 2992 - [المنتجب بن أبي العز] (4) المنتجب بن أبي العز بن رشيد الهمذاني المقرئ، نزيل دمشق.

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 341). (2) «سير أعلام النبلاء» (23/ 131)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 217)، و «العبر» (5/ 180)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1428)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 9)، و «مرآة الجنان» (4/ 111)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 98)، و «البداية والنهاية» (13/ 199)، و «شذرات الذهب» (7/ 392). (3) «تاريخ الإسلام» (47/ 201)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 216)، و «العبر» (5/ 179)، و «شذرات الذهب» (7/ 391). (4) «سير أعلام النبلاء» (23/ 219)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 224)، و «العبر» (5/ 180)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1265)، و «مرآة الجنان» (4/ 108)، و «بغية الوعاة» (2/ 300)، و «شذرات الذهب» (7/ 393).

2993 - [إسماعيل الكوراني]

قرأ القراءات، وصنف شرحا كبيرا ل‍ «الشاطبية»، وشرحا ل‍ «مفصل الزمخشري». وتوفي سنة ثلاث وأربعين وست مائة. 2993 - [إسماعيل الكوراني] (1) إسماعيل بن علي الكوراني. كان زاهدا عابدا، قانتا صادقا، أمّارا بالمعروف، نهّاء عن المنكر، ذا غلظة على الملوك ونصيحة لهم. توفي سنة أربع وأربعين وست مائة. 2994 - [عمر الهزاز] (2) عمر بن أبي بكر بن عبد الله بن قيس بن أبي القاسم بن أبي الأغر (3) اليحيوي اليافعي، المعروف بالهزاز؛ لفالج كان به. تخرج بأخيه عبد الله، وكان فقيها بارعا، ورعا دينا. وامتحن بقضاء تعز، فكانت سيرته فيه مرضية. كان إذا مات أحد وله أولاد صغار، وبقي شيء من التركة بعد تجهيزه وديونه .. أمر المؤذن أن ينادي على جدار جامع المغربة وهو مشرف على السوق: ألا إن فلان بن فلان توفي، وخلف من العيال كذا، ومن الدّين كذا، ومن المال كذا، فقضي الدين، وبقي للعيال كذا، وقرر لهم الحاكم من النفقة في كل شهر كذا، فكان الناس يعرفون أموال اليتامى، ومع من هي، وما يصرف منها في كل شهر، وما يبقى. ولم يزل على القضاء المرضي إلى أن توفي بتعز في ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وست مائة، وكان للقاضي عمر بن أبي بكر أخ فقيه اسمه: يوسف، توفي قبله بثمانية أيام رحمهما الله.

(1) «تاريخ الإسلام» (47/ 245)، و «العبر» (5/ 184)، و «مرآة الجنان» (4/ 112)، و «شذرات الذهب» (7/ 397). (2) «السلوك» (2/ 98)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 73)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 401)، و «تحفة الزمن» (1/ 438)، و «هجر العلم» (3/ 1436). (3) في «السلوك» (2/ 98)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 73): (الأعز).

2995 - [إبراهيم الكاشغري]

2995 - [إبراهيم الكاشغري] (1) إبراهيم بن عثمان الزركشي. سمع من جماعة، ورحل إليه الطلبة من الآفاق والجهات، وكان آخر من بقي بينه وبين الإمام مالك خمسة أنفس ثقات، وتولى مشيخة المستنصرية. وتوفي ببغداد سنة خمس وأربعين وست مائة. 2996 - [أبو محمد الحريري] (2) الشيخ أبو محمد [علي] بن أبي الحسن بن منصور الدمشقي الصوفي. ولد بقرية بسر من حوران، ونشأ بدمشق، وتعلم بها نسج العتّابي، ثم تصوف، وعظم أمره وكثر أتباعه، وأقبل على سماعات الصوفية، وبالغ فيما يتعاطونه من ذلك، فمن يحسن به الظن .. يقول: هو صادق وصاحب حال وتمكين ووصال، ومن يسيء به الظن .. يرميه بالزندقة والضلال. قال الشيخ اليافعي: (هذا معنى ما أشار إليه الذهبي، وميله فيه إلى ما ذكرت من الوصف الأخير، كما هو مذهب أكثر الفقهاء الطعن في كثير من المشايخ؛ فإنه قال: «ومن خبر أمره .. رماه بالكفر والضلال» ثم قال: «وهو أحد من لا يقطع عليه بجنة ولا نار؛ فإنا لا نعلم بما ختم له، لكنه توفي في يوم شريف يوم الجمعة قبل العصر، اليوم السادس والعشرين من رمضان فجاءة-أي: في سنة خمس وأربعين وست مائة-وقد نيف على التسعين، انتهى كلام الذهبي. قال اليافعي: وفيه من التشكك ما فيه من تغليب التكفر، وأما عدم القطع المذكور .. فليس يخرج منه أحد سوى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ومن شهد له بذلك، ولم يزل

(1) «تاريخ إربل» (1/ 357)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 265)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 148)، و «العبر» (5/ 185)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 55)، و «مرآة الجنان» (4/ 112)، و «المنهل الصافي» (1/ 119)، و «شذرات الذهب» (7/ 399). (2) «سير أعلام النبلاء» (23/ 224)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 277)، و «العبر» (5/ 186)، و «فوات الوفيات» (3/ 6)، و «مرآة الجنان» (4/ 112)، و «البداية والنهاية» (13/ 205)، و «شذرات الذهب» (7/ 399).

2997 - [أبو علي الشلوبين]

الفقراء يذكرون عن الشيخ المذكور عجائب من الكرامات والتجريبات) (1)، والله سبحانه أعلم. 2997 - [أبو علي الشّلوبين] (2) أبو علي عمر بن محمد الأزدي الأندلسي الإشبيلي. انتهت إليه معرفة العربية في زمانه، وكان بحرا لا يجارى، وحبرا لا يبارى. تصدر لإقراء النحو نحوا من ستين عاما، وصنف التصانيف. سمع جماعة من الشيوخ، وأجاز له السلفي، وأخذ النحو عن غير واحد من النحاة. قال ابن خلكان: (رأيت جماعة من أصحابه فضلاء، وكلهم يقولون: ما يتقاصر الشيخ أبو علي المذكور عن أبي علي الفارسي، قالوا: وفيه مع هذه الفضيلة غفلة وصورة بله في الصورة الظاهرة حتى قالوا: إنه كان يوما على جانب نهر وبيده كراريس، فوقعت منه كراسة في الماء وبعدت عنه، فلم تصل يده إليها، فأخذ كراسة أخرى وجذبها بها، فتلفت الأخرى بالماء، وكان له مثل هذه الأشياء. وشرح «المقدمة الجزولية» شرحين: كبيرا وصغيرا، وله كتاب في النحو سماه: «التوطئة». وبالجملة-على ما يقال-: كان خاتمة أئمة النحو. توفي سنة خمس وأربعين وست مائة) (3). 2998 - [الملك غازي بن العادل] (4) الملك المظفر غازي بن الملك العادل، صاحب ميّافارقين وخلاط وغير ذلك.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 113)، وانظر قول الذهبي في «العبر» (5/ 186). (2) «وفيات الأعيان» (3/ 451)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 207)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 288)، و «العبر» (5/ 186)، و «مرآة الجنان» (4/ 113)، و «البداية والنهاية» (13/ 204)، و «الديباج المذهب» (2/ 71)، و «بغية الوعاة» (2/ 224)، و «شذرات الذهب» (7/ 402). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 451). (4) «تاريخ الإسلام» (47/ 290)، و «العبر» (5/ 187)، و «مرآة الجنان» (4/ 114)، و «البداية والنهاية» (13/ 206)، و «شذرات الذهب» (7/ 402).

2999 - [أبو محمد المحزقل]

كان فارسا شجاعا، وشهما مهيبا، وملكا جوادا. توفي سنة خمس وأربعين وست مائة. 2999 - [أبو محمد المحزقل] (1) الحسن بن إبراهيم أبو محمد المحزقل-بضم الميم، وفتح الحاء المهملة، وقيل: المعجمة، وسكون الزاي، وكسر القاف، وآخره لام (2) -الأشعري. كان فقيها فاضلا، يسكن قرية التّريبة من وادي زبيد، وبه تفقه جماعة، منهم ابن أخيه محمد بن الحسين بن إبراهيم المحزقل. وتوفي في شهر رجب من سنة خمس وأربعين وست مائة. 3000 - [محمد المحزقل] (3) محمد بن الحسين بن إبراهيم المحزقل. تفقه بعمه الحسن بن إبراهيم المذكور قبله، ثم بعلي ابن سليمان الوصابي وابن حنكاس بزبيد، وبه تفقه أبو بكر الأحمر. وكان فقيها فاضلا، عارفا بالفقه والحديث والتفسير. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لعمه. 3001 - [علي بن عبد الله] (4) علي بن عبد الله بن الفقيه محمد بن حميد. تفقه بأخيه أحمد، وبالقاضي إسماعيل، وكان فقيها عالما، مستطير الذكر بالعلم

(1) «السلوك» (2/ 376)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 312)، و «تحفة الزمن» (2/ 309)، و «هجر العلم» (1/ 252). (2) كذا في «طراز أعلام الزمن» (1/ 313) و «هجر العلم» (1/ 252)، وفي «السلوك» (2/ 376): (المحزقل)، وفي «تحفة الزمن» (2/ 309): (المحرقل). (3) «السلوك» (2/ 376)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 312)، و «تحفة الزمن» (2/ 310)، و «هجر العلم» (1/ 252). (4) «السلوك» (2/ 281)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 307)، و «تحفة الزمن» (1/ 554).

3002 - [ابن الحاجب]

والخير، وولي قضاء تعز، وتفقه به ابن عمه يحيى بن عمر بن عثمان بن الفقيه محمد بن حميد، ومحمد بن الفقيه سليمان بن الفقيه بطال-الذي يقال: إنه أول من أصيب بالانتقال من مذهب السنة إلى مذهب الشيعة من أهل بيته-وغيرهما. وتوفي في يوم الجمعة في عيد الفطر من سنة خمس وأربعين وست مائة. 3002 - [ابن الحاجب] (1) أبو عمرو عثمان بن عمر الكردي الأسنائي-بفتح الهمزة، وسكون السين المهملة، وقبل الألف نون-ثم المصري، الإمام العلامة، الفقيه المالكي، الأصولي النحوي المقرئ، المعروف بابن الحاجب، صاحب التصانيف المشتملة على التحقيق. ولد سنة سبعين بأسنا، كان والده حاجبا للأمير عزّ الدين الصلاحي، واشتغل هو في صغره بالقرآن الكريم، ثم بالفقه على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه، ثم بالعربية والقراءات، وبرع في علومه وأتقنها غاية الإتقان، ثم انتقل إلى دمشق، فدرّس بجامعها في زاوية المالكية، وأكب الخلق على الاشتغال عليه، وتبحر في العلوم، قيل: وكان الغالب عليه علم العربية، وصنف في مذهبه مختصرا، وفي النحو مقدمة وجيزة، ومثلها في التصريف، وشرح المقدمتين، وصنف في أصول الفقه. قال ابن خلكان: (وكل تصانيفه في نهاية الحسن والإفادة، وخالف النحاة في مواضع، وأورد عليهم إشكالات تبعد الإجابة عنها. قال: وجاءني مرارا بسبب أداء شهادات، وسألته عن مواضع في العربية مشكلة، فأجاب عنها أبلغ إجابة بسكون كثير وتثبت تام، ومن جملة ما سألته عنه اعتراض الشرط على الشرط في قولهم: «إن أكلت إن شربت» لم يتعين تقديم الشرب على الأكل بسبب وقوع الطلاق، حتى لو أكلت ثم شربت .. لم تطلق؟ وسألته عن بيت المتنبي وهو قوله: [من البسيط] لقد تصبرت حتى لات مصطبر … فالآن أقحم حتى لات مقتحم

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 248)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 264)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 319)، و «العبر» (5/ 189)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1287)، و «مرآة الجنان» (4/ 114)، و «البداية والنهاية» (13/ 208)، و «الديباج المذهب» (2/ 78)، و «بغية الوعاة» (2/ 134)، و «شذرات الذهب» (7/ 405).

3003 - [ابن البيطار الطبيب]

ما السبب الموجب لخفض (مصطبر) و (مقتحم)، و (لات) ليست من أدوات الجر؟ فأطال الكلام فيهما، وأحسن الجواب عنهما، قال: ولولا التطويل .. لذكرت ما قاله. ثم انتقل إلى الإسكندرية للإقامة، فلم تطل إقامته هناك. وتوفي بها في سنة ست وأربعين وست مائة، ودفن خارج باب البحر بتربة الشيخ ابن أبي شامة) انتهى كلام ابن خلكان (1). قال الشيخ اليافعي: (وبلغني أنه كان محبا للشيخ الإمام شيخ الإسلام عزّ الدين بن عبد السلام، وأنه لما حبسه السلطان كما تقدم بسبب إنكاره عليه .. دخل ابن الحاجب المذكور معه الحبس لموافقته ومراعاة صحبته، ولعل انتقاله إلى مصر كان بسبب انتقال الإمام عزّ الدين المذكور، والله أعلم. ولكن قد تقدم أن الملك الصالح حبس هذين الإمامين المذكورين؛ لإنكارهما عليه) (2). 3003 - [ابن البيطار الطبيب] (3) عبد الله بن أحمد المالقي المعروف بابن البيطار الطبيب، صاحب كتاب «الأدوية المفردة». انتهت إليه المعرفة بتحقيق النبات وصفاته، ومنافعه وأماكنه. وله اتصال بخدمة الكامل، ثم ابنه الصالح. توفي بدمشق سنة ست وأربعين وست مائة. 3004 - [السلطان السعيد] (4) أبو الحسن علي بن المأمون إدريس صاحب المغرب المعتضد، ويقال له أيضا: السعيد.

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 250)، وانظر بيت المتنبي في «ديوانه» (4/ 40). (2) «مرآة الجنان» (4/ 115). (3) «سير أعلام النبلاء» (23/ 256)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 311)، و «العبر» (5/ 189)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 51)، و «مرآة الجنان» (4/ 115)، و «نفح الطيب» (2/ 691)، و «شذرات الذهب» (7/ 405). (4) «وفيات الأعيان» (7/ 17)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 186)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 321)، و «العبر» (5/ 190)، و «العسجد المسبوك» (2/ 568)، و «مرآة الجنان» (4/ 115)، و «شذرات الذهب» (7/ 408).

3005 - [القاضي الأكرم الشيباني]

ولي الأمر بعد أخيه عبد الواحد، وقتل على ظهر جواده وهو يحاصر حصنا بتلمسان في سنة ست وأربعين وست مائة، وولي بعده المرتضى، وامتدت دولته عشرين عاما. 3005 - [القاضي الأكرم الشيباني] (1) الوزير أبو الحسين علي بن يوسف الشيباني، وزير حلب، وصاحب التصانيف والتواريخ. جمع من الكتب على اختلاف أنواعها ما لا يوصف، وكانت تساوي نحوا من أربعين ألف دينار. توفي سنة ست وأربعين وست مائة. 3006 - [ابن صاحب بيت عطا] (2) أحمد بن عطاء صاحب بيت عطا، القرية المعروفة بسردد. كان فقيها محققا، يذكر بالخير التام كوالده، وإليه وصل الشيخ أبو الغيث بن جميل لما قوي أمر الزيدية في الجبال الشامية، فنزل الشيخ أبو الغيث في أصحابه من الجبال إلى تهامة، فنزل على الفقيه أحمد بن عطاء المذكور. ولم أقف على تاريخ وفاة أحمد، وإنما ذكرته هنا؛ لأن نزول الشيخ أبي الغيث عليه كان أيام قيام الشريف المهدي أحمد بن الحسين بدعوة الزيدية، وكان قيامه في هذه العشرين في سنة ست وأربعين وست مائة (3). 3007 - [صاحب بيت عطا] (4) عطاء صاحب بيت عطا، والد المذكور قبله.

(1) «سير أعلام النبلاء» (23/ 227)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 324)، و «العبر» (5/ 191)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 338)، و «مرآة الجنان» (4/ 116)، و «بغية الوعاة» (2/ 212)، و «شذرات الذهب» (7/ 408). (2) «السلوك» (2/ 347)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 202)، و «تحفة الزمن» (2/ 182). (3) كما سيأتي في ترجمته (5/ 247). (4) «السلوك» (2/ 347)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 202)، و «تحفة الزمن» (2/ 182).

3008 - [أبو الحسن العامري]

كان فقيها فاضلا، خيرا دينا، وإلى ولده أحمد بن عطاء وصل الشيخ أبو الغيث بن جميل كما تقدم قريبا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لابنه أحمد. 3008 - [أبو الحسن العامري] (1) علي بن أحمد بن داود بن سليمان أبو الحسن العامري. تفقه بالفقيه علي بن قاسم صاحب زبيد، وقرأ عليه «المهذب». وكان فقيها فاضلا، أثنى عليه شيخه في إجازته ثناء مرضيا. وكان له أخ ولي نظارة عدن مدة، فكان الفقيه علي يدخل إلى أخيه، ويقيم بمسجد الشجرة يدرس. وتفقه به جماعة من أهل عدن ولحج وغيرهما، وعنه أخذ مشقر في بدايته، وكان مبارك التدريس، ومن شعره: [من الكامل] الصبر أحسن ما استعنت به … في كل أمرك فالزم الصّبرا والصبر مطعمه نظير اسمه … لكن عواقب أمره أمرى توفي بالرعارع سنة ست وأربعين وست مائة. 3009 - [أبو العباس النزاري] (2) أبو العباس أمين الدين أحمد بن محمد بن مفضّل بن عبد الكريم بن أسعد بن سبأ النّزاري. كان رجلا مشهورا مذكورا، عالي الهمة، ذا مروءة وديانة، ومحبة للفقهاء وصحبتهم، مقصودا ممدوحا.

(1) «السلوك» (2/ 442)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 223)، و «تحفة الزمن» (2/ 408)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 134)، و «هجر العلم» (2/ 890). (2) «السلوك» (2/ 407)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 173)، و «تحفة الزمن» (2/ 369)، و «المدارس الإسلامية» (ص 90)، و «هجر العلم» (1/ 402).

3010 - [ابن رواحة الصقلي]

ومن مدائحه قول بعض الشعراء فيه من قصيدة قال الجندي: (أنشدنيها بعض الفضلاء، فعلق بذهني منها هذه الأبيات: [من البسيط] يا طالب الجود يمّم للندى جؤة … وانزل فقد حلّ فيها الوابل السّكب واقصد بمدحي أمين الدين إن له … مواهبا ليس يحصي عدّها الكتب فاضت بحار يديه للورى ذهبا … فهل سمعتم ببحر موجه الذهب واستصغرت نفسه الدنيا لقاصده … فلو حواها لكانت بعض ما يهب) (1) أصله من ناحية أبين، وانتقل جده مفضل إلى الجؤة فسكنها، والتزم أبو العباس أمين الدين المذكور البلاد من عدن إلى الجند. وله مآثر حميدة في قرية وعلان والجؤة والسّمكر وغير ذلك، وكان عادة السلاطين خروجهم إلى المخارج، أو رجوعهم منها يطلبون المعونة، وهو مال يفرق في كل سنة على جميع جهات اليمن، فطلب المنصور منه ذلك، فخرج من الجؤة إلى المفاليس، وأرسل إلى سائر جهاته أن يصلوه بما جرت به العادة، فأصبحوا جميعهم بالسلاح حول داره، ودخلوا عليه الدار وقتلوه في سنة ست وأربعين وست مائة رحمه الله. 3010 - [ابن رواحة الصقلي] (2) أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الأنصاري الحموي الشافعي، ابن رواحة. توفي سنة ست وأربعين وست مائة. 3011 - [صفية القرشية] (3) صفية بنت عبد الوهاب القرشية، أخت كريمة. لم تسمع شيئا، بل أجاز لها مسعود الثقفي والكبار، وتفردت في زمانها.

(1) «السلوك» (2/ 408). (2) «تاريخ إربل» (1/ 412)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 261)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 314)، و «العبر» (5/ 189)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 144)، و «العسجد المسبوك» (2/ 568)، و «المقفى الكبير» (4/ 392)، و «شذرات الذهب» (7/ 405). (3) «سير أعلام النبلاء» (23/ 270)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 310)، و «العبر» (5/ 188)، و «شذرات الذهب» (7/ 404).

3012 - [الملك الصالح نجم الدين]

توفيت بحماة في رجب سنة ست وأربعين وست مائة. 3012 - [الملك الصالح نجم الدين] (1) الملك الصالح بن الملك الكامل بن الملك العادل. كان وافر الحرمة، عظيم الهيبة، طاهر الذيل، خليقا للملك، ظاهر الجبروت. توفي سنة سبع وأربعين وست مائة. 3013 - [الملك المنصور ابن رسول] (2) السلطان الملك المنصور عمر بن علي بن رسول، واسم رسول: محمد بن هارون بن أبي الفتح بن يوحي بن رستم الغساني الجفني الملقب نور الدين، أول من ملك اليمن من بني رسول. كان في بدء أمره أحد أمراء المسعود بن الكامل، وكان له ثلاثة إخوة: بدر الدين حسن، وفخر الدين أبو بكر، وشرف الدين موسى، أبناء علي بن رسول، وكانوا في غاية الشجاعة والإقدام، وكان نور الدين مع شجاعته وادعا عاقلا، حسن السياسة، ثاقب الرأي، فكان المسعود يحبه ويميل إليه من بين إخوته، ويقلده الأمور، ويثق به لعقله ورئاسته، ولا يطمئن إلى أحد من إخوته وإن كانوا أكبر منه؛ لما يرى منهم ويسمع، فولاه مكة المشرفة لبضع عشرة وست مائة، فحسنت سيرته فيها، وظهر ولده المظفر بها في سنة سبع عشرة أو تسع عشرة. ولما سار المسعود من اليمن إلى مصر سنة عشرين وست مائة .. استنابه في اليمن، فكان جيد السيرة، محبوبا عند الناس، حافظا للبلاد، إلى أن رجع المسعود، فكانت وقعة عصر بصنعاء بين الأشراف وبين بني رسول في سنة ثلاث وعشرين، انتصر فيها بنو رسول على الأشراف، فلما علم المسعود بذلك .. خاف على اليمن من بني رسول، فرجع إلى اليمن

(1) «سير أعلام النبلاء» (23/ 187)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 337)، و «العبر» (5/ 193)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 55)، و «مرآة الجنان» (4/ 116)، و «البداية والنهاية» (13/ 209)، و «شذرات الذهب» (7/ 411). (2) «السلوك» (2/ 541)، و «بهجة الزمن» (ص 139)، و «العقود اللؤلؤية» (26/ 1 - 88)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 422)، و «العقد الثمين» (6/ 339)، و «تحفة الزمن» (2/ 481)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 174)، و «المدارس الإسلامية» (ص 38).

في سنة أربع وعشرين، وقبض على بني رسول، وأرسل بهم إلى مصر تحت الاعتقال، واستبقى منهم المنصور؛ لما بينهما من المودة، ولما أراد الله به من اتصاله بالملك. ثم عزم المسعود إلى الديار المصرية في سنة ست وعشرين، واستناب المنصور على اليمن، فلما بلغ مكة .. توفي، فلما علم المنصور بموته .. قام بالأمر قياما كليا، وأظهر أنه نائب لبني أيوب، فلم يغير سكة ولا خطبة، وأضمر الاستقلال بالملك، وجعل يولّي الحصون من يرتضيه ويثق به، ويعزل من يخشى منه خلافا، وإن ظهر له من أحد خلاف أو عصيان .. عمل في قتله أو أسره، فاستولى على البلاد التهامية بأسرها، ثم سار إلى الجبال، فتسلم حصن التّعكر وخدد وصنعاء، واستولى على اليمن بأسره، ثم نازع الكامل في ولايته مكة. وفي سنة ثلاثين أظهر الاستقلال، وأمر أن يخطب باسمه على المنابر، وأن تضرب السكة باسمه. وأرسل إلى المستنصر العباسي ببغداد يطلب منه نيابة السلطنة في قطر اليمن، فوصله ذلك من الخليفة في البحر على طريق البصرة. وكان ملكا ضخما، شجاعا شهما، لا يمل الحرب، عارفا حازما، سريع النهضة عند الحادثة، لم يقنع باقتلاعه ملك اليمن من بني أيوب واستقلاله به بعد أن كان نائبهم حتى طرد عساكرهم مرة بعد أخرى عن مكة المشرفة. وله مآثر دينية، منها مدرسة بمكة، وأخرى بعدن، وأخرى في حد المنسكية من نواحي سهام، ومدرستان بتعز، وثلاث مدارس بزبيد، ورتب في كل مدرسة مدرسا ومعيدا ودرسة، وإماما ومؤذنا، ومعلما وأيتاما يتعلمون القرآن العظيم، وأوقف عليها أوقافا جيدة تقوم بكفاية الجميع. ولما رجع من صنعاء إلى الجند .. وثب عليه جماعة من مماليكه فقتلوه في قصر الجند تاسع ذي القعدة من سنة سبع وأربعين وست مائة. ويقال: إن الذي شجعهم على ذلك ابن أخيه أسد الدين محمد بن الحسن بن علي بن رسول؛ وذلك لما فهم من عمه أنه شاء أن ينتزع منه صنعاء ويقطعها ولده المظفر، فعامل المماليك على قتل عمه، ووعدهم ما اطمأنت إليه نفوسهم، وقد بسطنا ترجمته في «التاريخ» المختص بالثغر (1).

(1) انظر «تاريخ ثغر عدن» (2/ 174).

3014 - [إبراهيم القلقل]

3014 - [إبراهيم القلقل] (1) إبراهيم بن علي القلقل (2) بقافين مكسورتين بينهما لام، ثم لام أخرى آخره. كان فقيها جليل القدر، محققا مدققا ورعا، له فتاوى تدل على سعة علمه، لوزم على التدريس في منصورية زبيد فامتنع، ورسّم عليه بسبب ذلك، فبقي في الترسيم إلى أن وصل العلم بوفاة الملك المنصور، فكان ذلك سبب إطلاقه من الترسيم. قال الجندي: (وإليه ينسب محل القلقل، غربي زبيد) (3). ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ لأن موت المنصور كان في ذي القعدة من سنة سبع وأربعين وست مائة كما تقدم قريبا، والله سبحانه أعلم. 3015 - [الأمير فخر الدين] (4) أبو الفضل يوسف بن شيخ الشيوخ صدر الدين محمد بن عمر الجويني. ولد بدمشق، وسمع من غير واحد. طعن يوم المنصورة، ووقع به ضربتان في وجهه فسقط. وكان رئيسا محتشما، سيدا معظما، ذا عقل ورأي ودهاء، وشجاعة وكرم. سجنه السلطان سنة أربعين، وقاسى شدائد، وبقي في الحبس ثلاث سنين، ثم أخرجه وأنعم عليه، وقدمه على الجيش. توفي في سنة سبع وأربعين وست مائة.

(1) «السلوك» (1/ 474)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 71)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 27)، و «تحفة الزمن» (1/ 386). (2) كذا في «العقود اللؤلؤية» (1/ 71) و «تحفة الزمن» (1/ 386) وفي «السلوك» (1/ 474)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 27): (ابن القلقل). (3) «السلوك» (1/ 475). (4) «سير أعلام النبلاء» (23/ 100)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 372)، و «العبر» (5/ 194)، و «العسجد المسبوك» (2/ 571)، و «مرآة الجنان» (4/ 117)، و «البداية والنهاية» (13/ 210)، و «شذرات الذهب» (7/ 413).

3016 - [إبراهيم بن الحسن الشيباني]

3016 - [إبراهيم بن الحسن الشيباني] (1) إبراهيم بن الحسن بن أبي بكر أبو إسحاق الشيباني. تفقه بأبيه، وكان عالما عاملا، ورعا زاهدا، وعمّر طويلا حتى أدرك أيام المظفر، وزاره المظفر إلى منزله بالخوهة في أيام والده المنصور، فبشره بالملك وقال له: الملك لك بالسيف، لا أسد الدين، ولا فخر الدين، ولا قطب الدين، فكان كما قال، فلما ولي المظفر .. سامحه في خراج أرضه وأراضي أهله ونخيلهم. ويروى: أنه كان يصحبه الجن، ويقرءون عليه، وله معهم أخبار. ولم أقف على تاريخ وفاته، وظني أنه مات في أوائل ولاية المظفر، وكانت ولايته سنة سبع وأربعين وست مائة؛ ولذلك ذكرته في هذه الطبقة، والله سبحانه أعلم. وكان أخوه فالح بن الحسن فاضلا عالما، وظهر له ولد اسمه علي بن فالح، كان فقيها فاضلا، وخلف ثلاثة بنين: محمد بن علي، وكان فقيها، سكن البرقة، وولي قضاءها. وأبو بكر بن علي، تفقه، وولي خطابة حيس وقضاءها. وعثمان بن علي، كان مقرئا فاضلا، عارفا بالقراءات السبع، تأهل بزبيد، وكان يدرس الفقه في مسجد الهند بزبيد. وكان لإبراهيم بن الحسن صاحب الترجمة أخ يسمى: عبد الله بن الحسن، وكان شاعرا فصيحا، عارفا بأنساب العرب وأخبارها وأشعارها وأيامها. ولم أقف على تاريخ وفاة أحد منهم، فذكرتهم؛ تبعا لصاحب الترجمة. 3017 - [إبراهيم ابن عجيل] (2) إبراهيم بن علي ابن عجيل أبو إسحاق، عم الفقيه أحمد. تفقه بمحمد بن القاسم المعلم، وأبي بكر بن يحيى بن إسحاق، والقاضي مسعود،

(1) «السلوك» (1/ 329) و (2/ 385)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 18) و (1/ 321)، و «تحفة الزمن» (1/ 252) و (2/ 351)، و «طبقات الخواص» (ص 47)، و «هجر العلم» (1/ 578). (2) «السلوك» (1/ 414)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 49) و «طراز أعلام الزمن» (1/ 26)، و «تحفة الزمن» (1/ 338)، و «طبقات الخواص» (ص 45)، و «هجر العلم» (1/ 221).

3018 - [أسعد بن محمد العمراني]

وأبي سحارة، والقاضي الأشرف، وأخيه موسى وغيرهم. وبه تفقه جماعة، منهم ابن أخيه الإمام أحمد. وكان فقيها محققا، مدققا متفننا، عارفا باللغة والنحو، والفرائض والحساب، والفقه وغير ذلك. وله عدة مصنفات، منها «شرح نظام الغريب»، ومختصر في الفقه سماه: «المعونة لقراء المهذب» (1). وتوفي لبضع وأربعين وست مائة. 3018 - [أسعد بن محمد العمراني] (2) أسعد بن محمد بن موسى بن الحسين بن أسعد بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عمران العمراني. تفقه بأبيه، وكان فقيها فاضلا، عارفا كاملا، ولما توفي ابن أخيه أبو بكر بن أحمد بن محمد بن موسى العمراني في أيام المنصور وكان يلي القضاء الأكبر .. أضاف السلطان القضاء إلى القاضي أسعد المذكور، فتوقف عن قبوله، فقال له السلطان: بينما يكمل ابن أخيك؛ يعني: ولد القاضي أبي بكر بن أحمد بن موسى، وكان الولد إذ ذاك مراهقا، فتقلد أسعد بن محمد المذكور القضاء الأكبر، وسار فيه سيرة مرضية، فلما كمل ابن أخيه وبرع في الفقه وغيره .. كتب القاضي أسعد المذكور إلى السلطان يخبره بذلك ويعتذر من القضاء، فعذره السلطان، وولى ابن أخيه، وهو القاضي محمد بن أبي بكر بن أحمد بن محمد بن موسى. ولم أقف على تاريخ وفاة القاضي أسعد، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في أيام المنصور.

(1) في «تحفة الزمن» (1/ 339): (وله مصنفات، منها مختصر في الفقه سماه «العون»، ومنها «المعونة» على «كافي الصردفي»). (2) «السلوك» (1/ 425)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 204)، و «تحفة الزمن» (1/ 349)، و «هجر العلم» (4/ 2071).

3019 - [عبد الرحمن بن أبي الخير]

3019 - [عبد الرحمن بن أبي الخير] (1) عبد الرحمن بن أبي الخير بن جبر، الأول ضد الشر، والثاني ضد الكسر. كان فقيها عالما صالحا، عارفا بالفقه، سيما كتب الغزالي، كان يقال له: فارس «الوسيط» ورائض «البسيط». تفقه في الضّحي على الفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي. وبه تفقه أبو الخير ابن جبر الآتي ذكره (2). كان الفقيه سالم إذا سئل عن صاحب الترجمة .. قال: ذاك من الراسخين في العلم. وسئل بعض الفقهاء عنه فقال: حقيق بقول الشاعر: [من الكامل] عقم النساء فما يلدن بمثله … إن النساء بمثله عقم (3) كان يقوم كل ليلة بالقرآن الكريم في ركعتين. قال الجندي: (أخبرني الفقيه أبو بكر بن أحمد الرنبول، عن الفقيه محمد أخيه، عن الفقيه أبي الخير-وكان أحد تلاميذه-: أنه سمعه يقول: كنت أسمع القصاص يقولون: قال موسى: يا رب؛ اجعلني من أمة محمد، فأنكر ذلك في خاطري وأقول: ما هذا بالصحيح؛ فإن الله تعالى يقول: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي} وقال: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً}، وقال صلّى الله عليه وسلم: «كل أهل الجنة جرد مرد إلا موسى» (4)، ثم قدر الله أني رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام وهو عن يميني وموسى عن شمالي، فقلت: يا موسى؛ أأنت قلت: رب؛ اجعلني من أمة محمد؟ ثم رجعت إلى نفسي: كيف أسأله بحضرة النبي صلّى الله عليه وسلم! فقلت للنبي: يا رسول الله؛ هل قال موسى لربه: رب؛ اجعلني من أمة محمد؟ فسكت النبي صلّى الله عليه وسلم، فأعدت السؤال ثانيا، فسكت، فأعدت السؤال ثالثا، فقال صلّى الله عليه

(1) «السلوك» (2/ 447)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 53)، و «تحفة الزمن» (2/ 412)، و «طبقات الخواص» (ص 168)، و «هجر العلم» (3/ 1261). (2) انظر (6/ 34). (3) البيت لأبي دهبل الجمحي، انظر «عيون الأخبار» (1/ 279). (4) أخرجه ابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (4/ 48)، والعقيلي في «الضعفاء» (2/ 579)، وانظر «كشف الخفاء» (1/ 234).

3020 - [عمران الصوفي]

وسلم: نعم نعم نعم، فلم أنكر بعد ذلك سماع ذلك من قاص ولا غيره. ولما احتضر هذا الفقيه .. سمع به الشيخ أحمد بن الجعد وكان قد أقعد، فقال لأصحابه: احملوني إلى الفقيه، فحمل إليه، فلما صار عنده .. قال: يا فقيه عبد الرحمن؛ هذا وقت سلوكك إلى المقام العلوي، وأريد منك الصحبة، فقال: يا شيخ؛ ثبتت. قال الجندي: وكانت وفاته على الطريق المرضي لسبع وأربعين وست مائة) (1). 3020 - [عمران الصوفي] (2) الشيخ الصالح عمران الصوفي، جد الفقيه سليمان بن محمد بن عمران. صحب الشيخ علي الحداد بحق صحبته للشيخ عبد القادر الجيلاني. وكان لزوما للسنة، نفورا عن البدعة، متمسكا بأذيال العلم، له كرامات ظاهرة، من أعيان مشايخ الصوفية. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي بجبلة في سنة سبع وأربعين وست مائة. 3021 - [سليمان حفيد عمران الصوفي] (3) سليمان بن محمد بن عمران أبو الربيع. ولد سنة ثلاثين وست مائة. وتفقه بعمر بن مسعود الأبيني، وعمر بن سعيد العقيبي، وأبي بكر الجناحي (4). وكان فقيها نقالا، له فضل ودين، سافر إلى الديار المصرية فانقطع خبره. وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لجده الشيخ عمران الصوفي.

(1) «السلوك» (2/ 448)، وفي «طراز أعلام الزمن» (2/ 54)، و «طبقات الخواص» (ص 169): (لبضع وأربعين وست مائة). (2) «السلوك» (2/ 176)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 471)، و «تحفة الزمن» (1/ 490)، و «طبقات الخواص» (ص 249). (3) «السلوك» (2/ 176)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 492) و (2/ 472)، و «تحفة الزمن» (1/ 490). (4) كذا في «السلوك» (2/ 176)، وفي «طراز أعلام الزمن» (1/ 493)، و «تحفة الزمن» (1/ 490)، (الجباحي).

3022 - [التاج المأربي]

3022 - [التاج المأربي] (1) عبد الله بن محمد بن عبد الله أبو محمد المأربي-بالراء، والموحدة-البلد المضاف إليها سد مأرب، الملقب بالتاج. تفقه بالفقيه عمر بن سعيد العقيبي. وكان فقيها خيرا، صالحا دينا. وتوفي في رجب سنة سبع وأربعين وست مائة في حياة شيخه، فلما دفن .. وقف شيخه على قبره وهو مصغ إلى القبر بأذنه، ثم قال: بشرني والله يا تاج الدين، بشرني والله يا تاج الدين، فسئل الشيخ عن ذلك فقال: لم أر أحدا سبق الملكين قبل أن يسألاه غير هذا. 3023 - [عجيبة بنت أبي بكر] (2) عجيبة بنت الحافظ أبي بكر محمد بن أبي غالب الباقداري البغدادي. سمعت من عبد الحق وعبد الله بن منصور الموصلي، وهي آخر من روى بالإجازة عن مسعود والرستمي وجماعة. توفيت في صفر سنة سبع وأربعين وست مائة. 3024 - [الملك الصالح عماد الدين] (3) الملك الصالح عماد الدين أبو الجيش إسماعيل بن العادل. كان من جملة أسارى الصالحية، فأخذوه بالليل وأعدموه. توفي سنة ثمان وأربعين وست مائة.

(1) «السلوك» (2/ 250)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 152)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 81)، و «تحفة الزمن» (1/ 535)، و «طبقات الخواص» (ص 187)، و «هجر العلم» (2/ 731). (2) «سير أعلام النبلاء» (23/ 232)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 364)، و «العبر» (5/ 194)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 524)، و «شذرات الذهب» (7/ 412). (3) «تاريخ الإسلام» (47/ 382)، و «العبر» (5/ 198)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 215)، و «مرآة الجنان» (4/ 118)، و «البداية والنهاية» (13/ 212)، و «المنهل الصافي» (2/ 420)، و «شذرات الذهب» (7/ 416).

3025 - [غياث الدين توران شاه]

3025 - [غياث الدين توران شاه] (1) الملك المعظم غياث الدين بن الصالح. توفي أبوه، فحلف له الأمراء، وقعدوا وراءه، وجرى من كسر الفرنج ما جرى على يده. صدرت منه أمور، ضربه بسببها مملوك بسيف فتلقاه بيده، ثم هرب إلى برج خشب، فرموه بالنفط، فرمى بنفسه وهرب إلى النيل، فأتلفوه، وبقي ملقى على الأرض ثلاثة أيام حتى انتفخ، ثم واروه، وخطب بعده على منابر الإسلام لشجر الدر أم خليل، وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى (2). توفي المعظم المذكور سنة ثمان وأربعين وست مائة. 3026 - [ابن الجميزي] (3) أبو الحسن علي بن هبة الله اللخمي الشافعي المقرئ الخطيب، المعروف بابن الجمّيزي. سمع بدمشق من الحافظ ابن عساكر، وببغداد من شهدة وجماعة، وقرأ القراءات على أبي الحسن البطائحي، وقرأ كتاب «المهذب» على القاضي أبي سعد ابن أبي عصرون، وأبو سعد على القاضي أبي علي الفارقي، عن مؤلفه الشيخ الإمام أبي إسحاق، وسمع بالإسكندرية من السّلفي. وتفرد في زمانه، ورحل إليه الطلبة، ودرّس وأفتى، وانتهت إليه مشيخة العلم بالديار المصرية. وتوفي سنة تسع وأربعين وست مائة.

(1) «سير أعلام النبلاء» (23/ 193)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 386)، و «العبر» (5/ 199)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 445)، و «مرآة الجنان» (4/ 118)، و «المقفى الكبير» (2/ 625)، و «شذرات الذهب» (7/ 417). (2) انظر (5/ 240). (3) «سير أعلام النبلاء» (23/ 253)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 425)، و «العبر» (5/ 203)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1289)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 284)، و «مرآة الجنان» (4/ 119)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 301)، و «البداية والنهاية» (13/ 214)، و «شذرات الذهب» (7/ 425).

3027 - [جمال الدين ابن مطروح]

3027 - [جمال الدين ابن مطروح] (1) الأمير الصاحب جمال الدين ابن مطروح أبو الحسن (2) يحيى بن عيسى المصري. اتصل بخدمة السلطان الملك الصالح بن الملك الكامل بن الملك العادل بن أيوب وكان إذ ذاك نائبا عن أبيه بالديار المصرية، فلما اتسع ملك الكامل بالبلاد المصرية بل بالبلاد الشرقية .. ولاه نائبا عنه أيضا، وكان ابن مطروح في خدمته، ولم يزل يقرب منه ويحظى عنده إلى أن ملك دمشق، فرتب لها نوابا، وصار ابن مطروح في صورة وزير لها، ثم سيره مع عسكر إلى حمص لاستنقاذها من نواب الملك الناصر بن الملك العزيز، ثم بلغه أن الفرنج اجتمعوا بجزيرة قبرس على عزم قصد الديار المصرية، فسير إلى العسكر المذكور يعودون لحفظ الديار المصرية، فعادوا، وابن مطروح في الخدمة، والملك الصالح متغير عليه لأمور نقمها عليه، فواظب على الخدمة مع الإعراض عنه، ولما مات الملك الصالح .. وصل ابن مطروح إلى مصر وأقام بها في داره، ولم يزل ابن مطروح مطروحا من الولايات إلى أن مات سنة تسع وأربعين وست مائة (3). وكانت أوقاته جميلة، وخلاله حميدة، جمع بين الفضل والمروءة والأخلاق الرضية. وله ديوان شعر، ومن جملته قوله من قصيدة: [من الكامل] يا صاحبيّ ولي بجرعاء الحمى … قلب أسير ما له من فاد سلبته مني يوم بانوا مقلة … مكحولة أجفانها بسواد (4) وله بيتان ضمنهما بيت المتنبي، وأحسن فيهما، وهما: [من الطويل] إذا ما سقاني ريقه وهو باسم … تذكرت ما بين العذيب وبارق

(1) «وفيات الأعيان» (6/ 258)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 273)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 433)، و «العبر» (5/ 204)، و «مسالك الأبصار» (27/ 350)، و «العسجد المسبوك» (2/ 585)، و «مرآة الجنان» (4/ 119)، و «البداية والنهاية» (13/ 215)، و «السلوك» للمقريزي (ج /1 ق 382/ 2)، و «حسن المحاضرة» (1/ 490)، و «شذرات الذهب» (7/ 427). (2) كذا في «وفيات الأعيان» (6/ 258) و «مرآة الجنان» (4/ 119) و «حسن المحاضرة» (1/ 490)، وفي «تاريخ الإسلام» (47/ 433) و «العسجد المسبوك» (2/ 585) و «السلوك» للمقريزي (ج /1 ق 382/ 2) و «شذرات الذهب» (7/ 427): (أبو الحسين). (3) في «البداية والنهاية» (13/ 215) توفي سنة (650 هـ‍)، وفي «حسن المحاضرة» (1/ 490) توفي سنة (654 هـ‍). (4) «ديوان ابن مطروح» (ص 53).

3028 - [عبد الخالق النشتبري]

ويذكرني من قده ومدامعي … مجرّ عوالينا ومجرى السوابق (1) وهذا البيت للمتنبي من قصيدة له بديعة، وهو: [من الطويل] تذكرت ما بين العذيب وبارق … مجرّ عوالينا ومجرى السوابق (2) قال ابن خلكان: (وبلغني أنه كتب رقعة تتضمن شفاعة في قضاء شغل بعض أصحابه إلى بعض الرؤساء، [فكتب ذلك الرئيس في جوابه: «هذا الأمر فيه عليّ مشقة»، فكتب جوابه ثانيا]: «لولا المشقة» فلما وقف عليها ذلك الرئيس .. قضى شغله وفهم قصده، وهو قول المتنبي: [من البسيط] لولا المشقة ساد الناس كلهم … الجود يفقر والإقدام قتّال) (3) 3028 - [عبد الخالق النّشتبري] (4) أبو محمد عبد الخالق بن الأنجب بن معمر الفقيه ضياء الدين، شيخ ماردين. روى عن أبي الفتح بن شاتيل وجماعة، وكان له مشاركة قوية في العلوم. قال الحافظ الدمياطي: توفي في الثاني والعشرين من ذي الحجة سنة تسع وأربعين وست مائة وقد جاوز المائة. وقال غيره: كان يذكر أنه ولد سنة سبع وثلاثين وخمس مائة؛ أي: فيكون عمره إذن مائة واثنتي عشرة سنة. 3029 - [أبو نصر ابن العليق] (5) أبو نصر الأعز بن فضائل البغدادي البابصري، المعروف بابن العلّيق.

(1) «ديوان ابن مطروح» (ص 159). (2) «ديوان المتنبي» (2/ 317). (3) «وفيات الأعيان» (6/ 265)، وانظر بيت المتنبي في «ديوانه» (3/ 287). (4) «سير أعلام النبلاء» (23/ 239)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 418)، و «العبر» (5/ 202)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 91)، و «المنهل الصافي» (7/ 150)، و «شذرات الذهب» (7/ 423). (5) «تكملة الإكمال» (4/ 197)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 238)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 414)، و «العبر» (5/ 202)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 290)، و «شذرات الذهب» (7/ 423).

3030 - [الكمال إسحاق]

روى عن شهدة وعبد الحق وجماعة، وكان صالحا. توفي في رجب سنة تسع وأربعين وست مائة. 3030 - [الكمال إسحاق] (1) الكمال إسحاق بن أحمد المغربي (2) الشافعي المفتي، تلميذ ابن الصلاح. كان إماما بارعا، زاهدا عابدا. توفي بالرواحية في سنة خمسين وست مائة. 3031 - [الحسن الصغاني] (3) أبو الفضائل رضي الدين الحسن بن محمد الصغاني العدوي العمري الهندي اللغوي، نزيل بغداد. كان إليه المنتهى في معرفة اللغة، وله مصنفات كبار في ذلك، وله بصر في الفقه والحديث مع الدين والأمانة. توفي سنة خمسين وست مائة. 3032 - [سعد الدين ابن حمويه] (4) سعد الدين ابن حمويه محمد بن المؤيد الجويني الصوفي.

(1) «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 18)، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 248)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 441)، و «العبر» (5/ 205)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 403)، و «مرآة الجنان» (4/ 120)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 126)، و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 274)، و «شذرات الذهب» (7/ 430). (2) كذا في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 18) و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 126) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 274). (3) «سير أعلام النبلاء» (23/ 282)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 443)، و «العبر» (5/ 205)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 240)، و «مرآة الجنان» (4/ 121)، و «تاج التراجم» (ص 155)، و «بغية الوعاة» (1/ 519)، و «شذرات الذهب» (7/ 431). (4) «تاريخ الإسلام» (47/ 454)، و «العبر» (5/ 206)، و «مرآة الجنان» (4/ 121)، و «شذرات الذهب» (7/ 434).

3033 - [الرشيد ناظر الأيتام]

كان صاحب أحوال ورياضات، وله أصحاب ومريدون وكلام. سكن سفح جبل قاسيون مدة، ثم رجع إلى خراسان، فتوفي هنالك في سنة خمسين وست مائة. 3033 - [الرشيد ناظر الأيتام] (1) الرشيد ابن مسلمة أبو العباس أحمد بن مفرج بن علي الدمشقي، ناظر الأيتام. ولد سنة خمس وخمسين وخمس مائة. وأجاز له الشيخ عبد القادر الجيلاني، وهبة الله الدقاق، وابن البطي وغيرهم، وسمع من الحافظ ابن عساكر، وتفرد في وقته. وتوفي سنة خمسين وست مائة. 3034 - [علي بن مسعود السباعي] (2) علي بن مسعود بن علي بن عبد الله السّباعي-نسبة إلى بطن من قدم يقال لهم: بنو السّباعي-ثم الكثبي-بضم الكاف، وسكون المثلثة، وكسر الموحدة-نسبة إلى جد، ثم القدمي، نسبة إلى قدم بن قادم، بطن من همدان. قرأ المذكور بحراز القراءات السبع، وتفقه بها بعض الفقه، ثم عاد إلى بلده المخلافة، ووصل إلى جبل تيس إلى الفقيه محمد بن عبد الله بن نزيل، أحد أصحاب الشيخ يحيى بن أبي الخير، فقرأ عليه «المهذب»، ثم وصل إلى جبا، فأخذ «البيان» عن الفقيه أبي بكر بن يحيى، وأخذ أيضا عن الفقيه أبي بكر الحجوري، ثم عاد إلى المخلافة، فترأس بها ودرس. وكان فقيها فاضلا زاهدا، لم يقبض دينارا ولا درهما، ذا فنون كثيرة، انتشر عنه العلم في جهة المخلافة وحجّة وغيرها انتشارا كليا، وتفقه به خلق كثير، وكانت حلقته تجمع نحوا من مائتي متفقه غالبهم ذو فقر وإيثار.

(1) «سير أعلام النبلاء» (23/ 281)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 439)، و «العبر» (5/ 205)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 185)، و «شذرات الذهب» (7/ 430). (2) «السلوك» (2/ 319)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 102)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 353)، و «تحفة الزمن» (2/ 99)، و «طبقات الخواص» (ص 220)، و «هجر العلم» (1/ 34).

3035 - [أبو الغيث بن جميل]

يحكى أنه حصلت عليهم أزمة شديدة، لحقهم منها ضرر شديد، فبعث بعض أهل تلك الناحية لرجل منهم بقرص خبز؛ لما يعلم من ضرورته، فأخذ الدّرسي القرص، وآثر به سرا صاحبا له، وأوهمه أنه قد انقضت حاجته من الطعام من موضع آخر، ثم إن الآخر آثر به صاحبا آخر سرا، ولم يزل كذلك حتى عاد القرص إلى الذي أعطيه أولا، فوصل به إلى الفقيه وأخبره القصة، فقال: الحمد لله الذي جعل في أصحابي صفة من صفات أصحاب الصفة وأنصار نبيه صلّى الله عليه وسلم، وقسم القرص على عددهم. فلما ظهر عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة، وغلب على تلك الناحية .. خرج الفقيه هذا في نحو ستين طالبا وقصد تهامة، فمر ببيت خليفة من أعمال المهجم، فأضافه هو وأصحابه جميعهم شيخ القرابليّين عمران بن قبيع ثلاثة أيام، وسأله أن يقف معه، ويدرس في قريته، فأجابه إلى ذلك، فأقام عنده عدة سنين إلى أن توفي الإمام عبد الله بن حمزة ووهن أمر الزيدية، فعاد الفقيه إلى بلده، فأقام بها مدة قدم في أثنائها الشيخ أبو الغيث بن جميل، وابتنى هنالك رباطا، وأقاما متعاضدين مدة، فلما ظهر الإمام أحمد بن الحسين، واشتدت شوكة الزيدية هنالك .. خرج الفقيه والشيخ معا إلى تهامة، فنزل الشيخ على الفقيه عطاء، ونزل الفقيه علي بن مسعود على صهره الفقيه عمرو بن علي التباعي، وكان مزوجا على بنت أخي الفقيه علي بن مسعود، ولم يزل الفقيه مقيما عند صهره بأبيات حسين إلى أن توفي في عشر الخمسين وست مائة. 3035 - [أبو الغيث بن جميل] (1) الشيخ الجليل السيد العارف بالله تعالى أبو الغيث بن جميل اليمني، شيخ الشيوخ، ذو المقامات العلية، والأحوال السنية. كان قدس الله روحه عبدا يقطع الطريق، فبينما هو كذلك كامن للقافلة؛ إذ سمع هاتفا يقول: (يا صاحب العين؛ عليك أعين) فوقع ذلك منه موقعا أزعجه عما كان عليه، وأقبل به على الإقبال إلى الله تعالى والإنابة إليه.

(1) «السلوك» (1/ 332)، و «مرآة الجنان» (4/ 121)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 107)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 208)، و «تحفة الزمن» (1/ 255)، و «طبقات الخواص» (ص 406)، و «غربال الزمان» (ص 526)، و «شذرات الذهب» (7/ 442)، و «هجر العلم» (1/ 219).

وصحب في بدايته الشيخ ابن أفلح اليمني حتى ظهر عليه صدق الإرادة، وسيماء السعادة، وبدت منه كرامات: منها: أنه خرج يحتطب ومعه حمار يحمل عليه الحطب، فوثب الأسد على الحمار فافترسه، فجمع الحطب، وحمله على الأسد والأسد مطيع، وساقه إلى أن وصل به إلى طرف البلد، ثم حط عنه الحطب وقال له: اذهب. ومنها: أن زوجة شيخه المذكور طلبت منه شراء عطر من السوق، فذهب ليشتري لها، فكلم بعض العطارين في ذلك، فقال العطار: ما عندي شيء، فقال له أبو الغيث: ما عندك شيء، فانعدم في الحال جميع ما كان في دكان العطار، فجاء إلى الشيخ يشكو إليه ما جرى على حوائجه من أبي الغيث، فاستدعى به الشيخ، وخاصمه بسبب إظهار ما ظهر له من الكرامة وقال له: سيفان لا يصلحان في غمد واحد، اذهب عني، فداراه أبو الغيث وتضرع له والتزم به، فأبى أن يصحبه، فذهب يلتمس من يصحب من الشيوخ لينتفع به، فكل من التمس منه الصحبة يقول: اكتفيت، ما تحتاج إلى شيخ، حتى جاء إلى الشيخ الكبير العارف بالله الخبير السيد المبجل المعروف بعلي الأهدل، فالتمس منه الصحبة، فأنعم له بذلك. قال أبو الغيث: فلما صحبته .. كأني قطرة وقعت في بحر. وقال أيضا: كنت عند ابن أفلح لؤلؤة بهماء، فثقبها الأهدل، وعلقها في عنقي. قال الشيخ اليافعي: (كأنه يشير إلى أن محاسن أحواله المشكورة كانت عند ابن أفلح مستورة، فلما صحب الأهدل .. أظهر محاسنه التي يجليها عليه لكل من يجتليها) (1). قال: (وله من الكلام في الحقائق الغامضات الدقائق، ما لا يفهمه إلا الخواص من الخلائق، ومن المواهب والعطاء الجسيم، ما لا ينال إلا من فيض فضل الله العظيم) (2). توفي الشيخ أبو الغيث في سنة إحدى وخمسين وست مائة.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 122). (2) «مرآة الجنان» (4/ 126).

3036 - [عبد الواحد ابن الزملكاني]

3036 - [عبد الواحد ابن الزملكاني] (1) عبد الواحد بن خطيب زملكا عبد الكريم بن خلف الأنصاري السماكي الإمام العلامة كمال الدين الشافعي، المعروف بابن الزملكاني، صاحب علم المعاني والبيان. كان ذكيا سريا ذا فنون، ولي قضاء صرخد، ودرّس ببعلبك، وتوفي بدمشق، وله نظم رائق. توفي سنة إحدى وخمسين وست مائة. 3037 - [ابن حمير الأديب الشاعر] (2) الأديب الشاعر المشهور أبو عبد الله محمد بن حمير الهمداني. كان شاعرا فصيحا مفوها، صاحب نوادر وعجائب، وطرائف وغرائب، شاعر عصره على الإطلاق. قال أبو الحسن الخزرجي: (رأيت بخط الفقيه أحمد بن عثمان بن بصيبص النحوي هذين البيتين: [من الكامل] أما قصائد قاسم بن هتيمل … فمذاقها أحلى من الصهباء هو شاعر في عصره فطن ول‍ … كنّ ابن حمير أشعر الشعراء) (3) مدح المنصور، وابنه المظفر، والإمام محمد بن الحسين البجلي، ومشايخ العرب كأبي بكر بن معيبد الأشعري، وعون بن حسين الزميلي وغيرهما بغرر القصائد. وجلّ مدائحه في صاحبي عواجة محمد بن أبي بكر الحكمي ومحمد بن الحسين البجلي، وله في الهزليات والمجون شيء كثير.

(1) «تاريخ الإسلام» (48/ 101)، و «العبر» (5/ 208)، و «مرآة الجنان» (4/ 127)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 316)، و «السلوك» للمقريزي (ج /1 ق 389/ 2)، و «شذرات الذهب» (7/ 438). (2) «العقود اللؤلؤية» (1/ 110)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 157)، و «تحفة الزمن» (2/ 222)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 210). (3) «طراز أعلام الزمن» (3/ 158)، والبيتان نسبا لمنصور ابن سحبان، انظر «العقود اللؤلؤية» (1/ 111).

ولما أمر المنصور بقبض خيول العرب .. قبض حصانه من جملة ما قبض، فقال: [من مجزوء الرجز] مولاي نور الدين لا … لاقيت صرف النّوب وعشت ألفي سنة … في خفض عيش خصب سمعت منكم خبرا … أطلت فيه عجبي إن كان من قصدكم … أخذ خيول العرب فإنني من ساعتي … أسلخ منهم نسبي أكون زنجيا ولا … أدخل في ذا النسب وما اختلاطي بهم … هذا أشد التعب والمرء معذور إذا … جانب أهل الريب وهو أكثر من ذلك. يروى أنه مدح عمران المقصري، فامتهله شهرا، فلما انقضى الشهر .. أرسل إليه رجلا شاعرا يعتذر له منه، فكتب إليه ابن حمير: [من الكامل] حاشاك يا عمران تنقض صحبتي … وتضيع عقد مودتي ووفائي ووعدتني بالخير شهرا كاملا … وقطعت بعد الشهر حبل رجائي وبعثت نحوي شاعرا بمعاذر … في رحم أخت الشعر والشعراء والله ما يثنون عنك بمثل ما … أثني ولا يهجون مثل هجائي وحاشا أخلاق سيدي الفقيه اللبيب النبيه أن يضيع أسباب الأخوة، وأن يقطع حبل المروّة، وأن يكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة، تعدني شهرا، وتتبعه عذرا، أرسلت إليّ نابغة الأشعار، وجهينة الأخبار، يعتذر إلي اعتذار الفقير، ويدل علي إدلال العزيز القدير، اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير: [من الرمل] لا تهيج الأسد من غاباتها … لا تثير النار من تحت الضّرم ههنا والله سيل عرم … يأخذ الحجاج من وسط الحرم الله أكبر، نسخ العيان السماع، وحلت الفرقة في الاجتماع، وخربت خيبر فلا امتناع،

3038 - [الأمير سهيل ناصح الدين]

وأخذ ابن يامين-بالصّواع، ولا بد أن ينصب الميزان، ويجازى بفعله كل إنسان، فبأي آلاء ربكما تكذبان. فلما وقف عمران على كتابه .. لم يكن جوابه إلا أن أخذ حصانا، وجره بنفسه حافيا مقرعا، ومضى به بعده حتى لحقه فسلم عليه، وأعطاه الحصان واعتذر إليه. توفي بزبيد في سنة إحدى وخمسين وست مائة، وقبر بمقبرة باب سهام في قبر الشيخ الصالح مرزوق. 3038 - [الأمير سهيل ناصح الدين] (1) أبو عمر سهيل بن الوليد المزني، الملقب ناصح الدين. كان شيخا رئيسا جوادا، مطاعا في قومه، معظما في عشيرته، مقصودا ممدحا، يجزل العطاء لمن قصده. وللأديب ابن حمير فيه القصد الطنانة، ومن محاسن شعر ابن حمير فيه قوله: [من البسيط] يا أخت مازن ما لي بالهوى قبل … فما الملام وما التعنيف والعذل قلت اتئد وهو شيء لا يلائمني … قلت اصطبر ومكان الصبر مشتعل لا تسألنّي عن قلبي ولا كبدي … فذا وذاك مع الحي الذي رحلوا فارقتهم وبودي لا أفارقهم … وأصعب الأمر ما تعيى به الحيل شدوا وما وقفوا بانوا وما لطفوا … ساروا وما عطفوا جاروا وما عدلوا يا حاديا إبل الأحباب ويحك قف … فلست تعلم ما سارت به الإبل وهي أطول من ذلك. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لمادحه ابن حمير. 3039 - [محمد اليونيني] (2) الشيخ محمد بن الشيخ الكبير عبد الله اليونيني.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 502). (2) «تاريخ الإسلام» (48/ 107)، و «العبر» (5/ 210)، و «مرآة الجنان» (4/ 128)، و «العسجد المسبوك» (2/ 599).

3040 - [عبد الرحمن بن مكي]

صحبه الشيخ عثمان البعلبكي، وكان الشيخ عثمان المذكور صاحب أحوال وكرامات، ورياضات ومجاهدات (1). توفي الشيخ محمد وصاحبه عثمان المذكور في سنة إحدى وخمسين وست مائة. 3040 - [عبد الرحمن بن مكي] (2) السبط جمال الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي ثم الإسكندراني. ولد سنة سبعين وخمس مائة، وسمع من جده السّلفي، وأجاز له عبد الحق وشهدة وخلق، وانتهى إليه علو الإسناد بالديار المصرية، وكان عريا من العلم. توفي بمصر رابع شوال من سنة إحدى وخمسين وست مائة. 3041 - [عبد الله الصامت] (3) عبد الله بن عبد العزيز الكردي أبو محمد المعروف بالصامت، نزيل مكة. قال التقي الفاسي: (ذكره ابن مسدي في «معجمه» وقال: شيخ قديم، له جولات برسم السياحة، وكان يذكر أنه يعيش مائة وعشرين عاما، ويدرك عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام؛ لرؤيا رآها، وأنه سمع بالمدينة من أبي يوسف الكحال «الأربعين الطائية»، وحدث بها عنه عن مؤلفها، قال: وهذا غلط؛ فإن أبا يوسف إنما سمعها من يونس بن يحيى الهاشمي عن الطائي. وتوفي بمكة في ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وست مائة) (4).

(1) أدرج المصنف رحمه الله تعالى ترجمة البعلبكي ضمن ترجمة اليونيني، وانظر ترجمة البعلبكي في «سير أعلام النبلاء» (23/ 295)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 102)، و «العبر» (5/ 209)، و «مرآة الجنان» (4/ 228). (2) «سير أعلام النبلاء» (23/ 278)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 97)، و «العبر» (5/ 208)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 286)، و «حسن المحاضرة» (1/ 327)، و «شذرات الذهب» (7/ 438). (3) «العقد الثمين» (5/ 203). (4) «العقد الثمين» (5/ 203).

3042 - [أقطايا الفارس]

3042 - [أقطايا الفارس] (1) الأمير فارس الدين التركي الصالحي أقطايا (2). كان كريما شجاعا، اشتراه الصالح بألف دينار، فلما تسلطن الملك المعز .. بالغ أقطايا في الإذلال والتجبر، وبقي يركب ركبة ملك. وتزوج بابنة صاحب حماة، وقال للمعز: أريد أعمل العرس في قلعة الجبل، فأخلها لي، وكان يدخل الخزائن ويتصرف في الأموال، واتفق المعز وزوجته شجر الدر عليه، ورتبا من قتله في سنة اثنتين وخمسين وست مائة، وأغلقت أبواب القلعة، فركب مماليكه، وكانوا سبع مائة، وأحاطوا بالقلعة، فألقي إليهم رأسه، فهربوا وتفرقوا. 3043 - [أبو البركات ابن تيمية] (3) أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد المجد ابن تيمية الحراني الحنبلي. ولد على رأس التسعين وخمس مائة، ورحل إلى بغداد في صحبة ابن عمه السيف عبد الغني. توفي يوم عيد الفطر سنة اثنتين وخمسين وست مائة. 3044 - [سليمان بن موسى الجون] (4) أبو الربيع سليمان بن موسى بن سليمان بن علي بن الجون، الأشعري نسبا، الحنفي مذهبا.

(1) «سير أعلام النبلاء» (23/ 197)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 118)، و «العبر» (5/ 211)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 317)، و «مرآة الجنان» (4/ 128)، و «المنهل الصافي» (2/ 502)، و «شذرات الذهب» (7/ 441). (2) هكذا ضبط اسمه المؤلف في الحوادث (5/ 277)، ويقال أيضا: (أقطاي). (3) «سير أعلام النبلاء» (23/ 291)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 127)، و «العبر» (5/ 212)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 428)، و «مرآة الجنان» (4/ 128)، و «البداية والنهاية» (13/ 219)، و «المنهل الصافي» (7/ 293)، و «شذرات الذهب» (7/ 443). (4) «السلوك» (2/ 50)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 119)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 494)، و «تحفة الزمن» (1/ 408)، و «طبقات الخواص» (ص 150)، و «هجر العلم» (4/ 2040).

3045 - [حميد المحلي]

كان فقيها كبيرا، عالما عاملا، عارفا بالفقه والنحو، واللغة والأدب، شرح «الخمرطاشية» شرحا جيدا سماه: «الرياض الأدبية»، يقال: إنه صنفه وهو ابن ثمان عشرة سنة. وكان آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، ولما ظهرت السبوت (1) بزبيد، وعمل فيها المنكر .. هاجر مع جماعة من الفقهاء من زبيد إلى الحبشة، فسكن الفقيه سليمان قرية في الحبشة يقال لها: رورة-براءين مهملتين، الأولى مضمومة، والثانية مفتوحة، بينهما واو ساكنة، وبعد الثانية هاء تأنيث-إلى أن توفي سنة اثنتين وخمسين وست مائة. وكان الفقيه أبو بكر بن عيسى بن حنكاس مزوجا على أخت الفقيه سليمان المذكور، فلما بلغ الفقيه ابن دعاس العلم بوفاة الفقيه سليمان المذكور .. كتب إلى صهره ابن حنكاس كتابا يعزيه فيه، وفي أثناء الكتاب أبيات من جملتها: [من الخفيف] غير أنا نقول ما دام فينا … نجل عيسى لم نرز في نجل موسى ولعمري عليه يوسى (2) … ولكن ببقاء الإمام ذا الجرح يوسى (3) 3045 - [حميد المحلي] (4) أبو عبد الله حميد بن أحمد المحلي، الزيدي مذهبا، الملقب حسام الدين. كان من عيون علماء الزيدية وأفاضلهم، وله التصانيف الحسنة، والرسائل البديعة. قتله الأشراف بنو حمزة في حرب الإمام أحمد بن الحسين بالبون في سنة اثنتين وخمسين وست مائة، وفي الليلة التي قتل في صبيحتها رأى الإمام قائلا يقول: يقتل اليوم نظير الحسين بن علي، أو علي بن الحسين، فقتل الفقيه حميد في ذلك اليوم قبل الإمام أحمد بن الحسين رحمهم الله.

(1) السبوت: بدعة ابتدعها بعض ملوك بني رسول بزبيد، وهي خروج الناس إلى مزارع النخل، واختلاط الرجال بالنساء. (2) في هامش (ت): (من الأسى وهو الجزع). (3) في هامش (ت): (من آسى الجرح إذا داواه). (4) «السلوك» (2/ 308)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 115)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 384)، و «تحفة الزمن» (1/ 579)، و «طبقات الزيدية الكبرى» (1/ 421)، و «هجر العلم» (2/ 882).

3046 - [الكمال بن طلحة]

3046 - [الكمال بن طلحة] (1) الكمال محمد بن طلحة النّصيبيني المفتي الشافعي. كان رئيسا محتشما، بارعا في الفقه والخلاف، ولي الوزارة، ثم زهد وجمع نفسه. وتوفي بحلب في شهر رجب وقد جاوز السبعين سنة اثنتين وخمسين وست مائة، وله «دائرة الحروف». قال الشيخ اليافعي: (وابن طلحة المذكور لعله الذي روى عن السيد الجليل المقدار، الشيخ المشكور عبد الغفار، صاحب الزاوية في مدينة قوص. قال: وأخبرني الرضي بن الأصمع قال: طلعت جبل لبنان، فوجدت فقيرا فقال لي: رأيت البارحة في المنام قائلا يقول: [من الكامل] لله درّك يا بن طلحة ماجدا … ترك الوزارة عامدا فتسلطنا لا تعجبوا من زاهد في زهده … في درهم لما أصاب المعدنا قال: فلما أصبحت .. ذهبت إلى الشيخ ابن طلحة، فوجدت السلطان الملك الأشرف على بابه وهو يطلب الإذن عليه، فقعدت حتى خرج السلطان، فدخلت عليه، فعرّفته بما قال الفقير، فقال: إن صدقت رؤياه .. فأنا أموت إلى أحد عشر يوما، فكان كذلك. قال اليافعي: وكأنه أخذ هذا التعبير من حروف بعض كلمات النظم المذكور، وأظنها والله أعلم قوله: «أصاب المعدنا»؛ فإنها أحد عشر حرفا، وذلك مناسب من جهة المعاني؛ فإن المعدن الذي هو الغنى المطلق والملك المحقق ما يلقونه من السعادة الكبرى والنعمة العظمى بعد الموت) (2). 3047 - [الفقيه المقدم محمد بن علي] (3) الفقيه الإمام العالم الجليل، ذو المجد الأثيل، والمنح الجزيل، والمناصب العالية،

(1) «سير أعلام النبلاء» (23/ 293)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 134)، و «العبر» (5/ 213)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 176)، و «مرآة الجنان» (4/ 128)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 63)، و «المقفى الكبير» (5/ 753)، و «شذرات الذهب» (7/ 447). (2) «مرآة الجنان» (4/ 128). (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 77)، و «البرقة المشيقة» (ص 49) و (ص 95)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 200)، و «المشرع الروي» (2/ 2).

والأنوار المتلالية، والأحوال الصادقة، والكرامات الخارقة، والمقامات السامية، والبركات النامية، قدوة العارفين، ومرشد السالكين، الشريف الحسيب النسيب، محمد بن علي بن محمد بن علي بن علوي بن محمد بن علوي بن عبيد الله-ويقال له: عبد الله أيضا-ابن أحمد بن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. اشتغل في شبيبته بالعلم، فقرأ في بلده تريم على الإمام علي بن أحمد بن سالم أبي مروان، ولازمه حتى فاق في العلم أهل زمانه، وتقدم على أقرانه، وقرأ بتريم أيضا على الإمام عبد الله بن عبد الرحمن بن عبيد وغيرهما. ثم حصلت له إشارة ربانية، وجذبة رحمانية، فاشتغل بالله في السر والعلانية، وأقبل على العبادة القلبية والبدنية حتى ظهرت عليه أمارات السعادات، وبدت منه أحوال أهل الإرادات، فكان يلقب بمفتي الفريقين، وقدوة أهل الطريقين، وكان أهل بلدة تريم إذ ذاك أهل علم وورع وزهد، وتمسك بالعلم الشرعي والعمل به، ولم يكن لهم في ذلك الزمان من يعرف طريق الصوفية، ولا من يكشف عن أحوالهم، فالفقيه محمد بن علي المذكور أول من تصوف، وأول من استعمل السماع من أهل باعلوي، بل من أهل بلدة تريم. قال الخطيب: (ذكر أن رجلا من أهل الصلاح يقال له: الفضل وصل من دمشق إلى حضرموت، فقال للفقيه محمد بن علي: إنه لا يفك قفل قلبك إلا الشيخ عبد الرحمن المقعد، وكان الشيخ المقعد إذ ذاك بمكة، فسار الفقيه محمد بن علي قاصدا نحوه، فبلغه خبر وفاته في أثناء الطريق، فرجع إلى تريم. وكان الشيخ عبد الرحمن المذكور من كبار تلامذة الشيخ أبي مدين، وكان شيخه أبو مدين قد أمره بالسفر إلى حضرموت وقال له: إن لنا فيها أصحابا، فسر إليهم، وخذ عليهم عقد التحكيم ولبس الخرقة-أو كما قال له-وإنك لا تصل إليهم، بل تموت في أثناء الطريق، وترسل إليهم من يأخذ عليهم، فسافر الشيخ عبد الرحمن طالبا حضرموت، فمات في أثناء الطريق، فلما حضرته الوفاة .. أمر تلميذه الشيخ الصالح عبد الله المغربي بالمسير إلى حضرموت وقال له ما قال شيخه أبو مدين، وفي رواية أنه قال له أيضا: اذهب إلى حضرموت تجد فيها الفقيه محمد بن علي باعلوي عند الفقيه علي بن أحمد أبي مروان يستقي منه طارحا سلاحه عند رجليه، فاغمزه من عند الفقيه وحكمه، واذهب إلى قيدون تجد فيها سعيد بن عيسى فحكمه.

قال في الشيخ عبد الله المغربي المذكور: وكان من أولاد ملوك أرض الغرب، فآثر سلوك هذه الطريقة، ففتح له حتى كان من كبار المشايخ. قال الشيخ عبد الله: فلما وصلت تريم .. وجدت الشيخ محمد بن علي كما قال الشيخ عبد الرحمن، فغمزته وحكمته، وما شاور شيخه أبا مروان، فلما رجع إليه وفي رأسه الخرقة .. اغتاظ عليه وقال له: رجوناك إماما مثل ابن فورك، فتركت صحبتنا، ورجعت إلى زي الصوفية-أو كما قال أبو مروان-وهاجره شيخه أبو مروان إلى أن توفي. ويقال: إن الشيخ عبد الله المغربي قال للشيخ محمد بن علي باعلوي: أي لؤلؤة عجماء لو ثقبت؟ ! فقال الشيخ محمد: وما الثقب؟ قال: التحكيم، فانخلع الشيخ محمد عما هو عليه من زي الفقهاء، وترك صحبتهم، وتحكم للشيخ عبد الله، ولبس منه الخرقة، وأقبل على الله بكليته، في سره وعلانيته. ولما قصد الشيخ سفيان اليمني حضرموت لزيارة النبي هود عليه الصلاة والسلام .. دخل تريم، واجتمع به الشيخ محمد بن علي، وأخذ عنه، فحصل للشيخ محمد مع الشيخ سفيان زيادة تأديب وتهذيب وتقريب، ثم رجع الشيخ سفيان إلى عدن، وكان الشيخ محمد يكاتبه ويراجعه فيما يرد عليه من العلوم اللدنية، والفتوحات الإلهية، فكتب إليه الشيخ سفيان مرة في بعض أجوبته: هذا شيء لم تبلغه أحوالنا فنصفه لك. وحكي عن الشيخ إبراهيم بن يحيى بن أبي فضل قال: اشتهر بحضرموت ثلاثة رجال بالصلاح: الشيخ الكبير الفقيه محمد بن علي المذكور، والشيخ عبد الله بن إبراهيم بن أبي قشير، ورجل غريب يظهر أشياء تعرف وتنكر، فدخلت على الشيخ أبي الغيث بن جميل ببيت عطاء لأسأله عن أحوال هؤلاء الثلاثة، فبدأني بالكلام قبل أن أسأله وقال: جئت تسأل عن الشيخ محمد بن علي والشيخ عبد الله ابن أبي قشير ورجل غريب؟ قلت: نعم، قال: أما الشيخ محمد بن علي .. فما وصلنا درجته حتى نصفها لك، وأما أبو قشير .. فمن الصالحين، وأما الغريب .. فهو على صفة غير محمودة، نسأل الله العفو والعافية) (1). وللفقيه محمد بن علي المذكور كرامات كثيرة شهيرة في حياته وبعد مماته، فمن أراد ذلك .. فعليه بكتاب الخطيب (2).

(1) «الجوهر الشفاف» (79 - 85). (2) انظر «الجوهر الشفاف» (77 - 109).

وأخذ عنه وانتفع به وقرأ على يده جمع كثير، وجم غفير، منهم المشايخ الأجلاء الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن با عبّاد، والشيخ سعيد بن عمر بالحاف، والشيخ عبد الله بن إبراهيم بن أبي قشير، وقد أشار إلى ذلك الفقيه ابن حسان بقوله: [من الطويل] بصحبته سر السراية قد سرى … لعبّادهم بحر المكارم زاخر وقامع نفس بالرياضة حبذا … قشيريهم قل في لحاف فظافر من أبيات يمدح بها الشيخ محمد بن علي المذكور. وورد عليه حال في آخر عمره أخذه عن حسه، فمكث مائة ليلة لا يأكل ولا يشرب ولا يصلي، وكان الفقيه يخبر في تلك الغيبة بأشياء وعجائب من أخبار البلاد البعيدة والأمور المغيبة؛ أخبر بأنه يقع غرق ببغداد، وأن الخليفة يقتل، وقال: إن البحر انفجر، فحصل بحضرموت سيل عظيم-وهو الذي يسمى جاحشا-أخرب كثيرا من البلاد، وأخذ كثيرا من الناس. فلما طالت غيبته على أهله .. طالبوه أن يأكل شيئا، فلما كان آخر يوم من عمره .. أكرهوه على إيلاج شيء من الطعام إلى بطنه، فلما ولج الطعام بطنه .. سمعوا هاتفا يقول: أنتم ضجرتم منه، نحن نقبله، وفي رواية أخرى: لما أحس بالطعام .. فتح عينيه وقال: ضجرتم مني. وتوفي رحمه الله ليلة الأحد آخر ذي الحجة سنة ثلاث وخمسين وست مائة. وكان رحمه الله شديد التواضع، كثير الخمول، باذل نفسه، حتى إنه يحمل السمك في كفه من السوق إلى أهله. وكان يستغل من نخله نحو عشرة آلاف قهاول، وينفقه كله في سبيل الله، ولا يدخر منه شيئا، وكان يجلس ضيفه على زير التمر يأكل منه حاجته، يفعل ذلك؛ لالتماس البركة من أيدي المسلمين، ولما ورد: «أن الله يستحيي أن يحاسب على سؤر الضيف» قيل: ولو كان حراما. وكان رحمه الله إذا ورد عليه الحال .. ينشد هذه الأبيات: [من الطويل] ودادك بحر والقلوب شفاشف … وشوقك موج والبحار عواصف وأنت دليل القلب في لجج الهوى … ومنقذه إن قابلته المتالف فكن لي يا مولاي عزا وناصرا … لعبد ذليل في هواك موالف

3048 - [إبراهيم بن إدريس السرددي]

ومدحه بعض العارفين بقوله: [من الطويل] كمال جمال الدين كلّ به اعترف … وفي فضله ما شك شخص ولا وقف لقد حاز مجدا شامخا في اعتلائه … على كل مجد مجده رافع الشنف ترى كل شيخ في الورى متصرف … على كل شيخ نافذ الحكم عنه كف كذاك أولو التصريف من بعد موتهم … تصرفه فيهم تصرّفهم صرف فيا حبذا من سيد ما أجلّه … وناهيك في هذا التصرف من شرف فإني بمدحي فيه أطنب طاقتي … وعلمي به من فوق أوصاف من وصف إلهي بهذا القطب نور بصيرتي … وكن ملحقي يا رب مع صالح السلف فما وقف المداح في بحر فضله … على ساحل هيهات كلا ولا طرف ومن ذلك البحر المحيط امتداده … وأنواره من شمس أحمد تلتحف أدم يا إلهي من صلاتك هاطلا … عليه وآل مع سلام به التحف وأحمد ربي حمده اللائق الذي … يكافي مزيدا أو يوالي لما طرف وأسأل منه لي كمال سعادة … بخاتمة حسنى ولطف ومؤتلف 3048 - [إبراهيم بن إدريس السرددي] (1) إبراهيم بن إدريس بن الحسن بن إسحاق الأزدي نسبا، السّرددي بلدا. كان فقيها ماهرا عارفا، مشتغلا بالفقه، وأصل بلده المهجم، كانت مدينة الوادي سردد، وكانت قراءته بالضّحي، وهي قرية من أعمال المهجم، وهو الذي علم الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي القرآن الكريم، وكان في أثناء تعليمه له يقرأ الفقه، ثم قدم عدن، فأدرك بها القاضي إبراهيم بن أحمد القريظي المتقدم ذكره (2)، فأخذ عنه كتاب «المستصفى»، كما أخذه عن مصنفه، وأخذ عن الإمام الصغاني جميع مروياته. قال الجندي: (وعنه أخذ شيخنا أحمد بن علي الحرازي جميع ما يرويه عن الصغاني، وكانت وفاته لبضع وخمسين وست مائة) (3).

(1) «السلوك» (2/ 420)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 15)، و «تحفة الزمن» (2/ 379)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 2)، و «هجر العلم» (3/ 1192). (2) انظر (5/ 34). (3) «السلوك» (2/ 420).

3049 - [عبد الله ابن أبي قشير]

3049 - [عبد الله ابن أبي قشير] (1) عبد الله بن إبراهيم بن أبي قشير، كان من الصالحين الكبار. وحكى الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي والخطيب عبد الرحمن عن الشيخ إبراهيم بن يحيى بن أبي فضل قال: (لما اشتهر بحضرموت ثلاثة رجال بالصلاح: الفقيه محمد بن علي باعلوي، والشيخ عبد الله بن إبراهيم بن أبي قشير، ورجل غريب يظهر أشياء تعرف وتنكر .. رحلت إلى بيت عطاء إلى الشيخ أبي الغيث بن جميل لأسأله عن هؤلاء الثلاثة، فلما دخلت عليه .. بدأني قبل أن أسأله وقال: جئت تسأل عن الشيخ محمد بن علي والشيخ عبد الله ابن أبي قشير ورجل غريب؟ فقلت: نعم، فقال: أما الشيخ محمد بن علي .. فما وصلنا درجته حتى نصفها لك، وأما أبو قشير .. فمن الصالحين، وأما الرجل الغريب .. فهو على صفة غير محمودة، نسأل الله تعالى العفو والعافية) اه‍ (2) ولم أقف على تاريخ وفاة أبي قشير المذكور، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان معاصرا للفقيه محمد بن علي رحمهم الله ونفع بهم، آمين. 3050 - [الشهاب القوصي] (3) إسماعيل بن حامد الأنصاري الشافعي أبو حامد الشهاب القوصي. روى عن جماعة، وخرّج لنفسه «معجما» في أربع مجلدات كبار. قال الذهبي: (وفيه غلط كثير) (4). وكان أديبا أخباريا، فصيحا مفوها، بصيرا بالفقه. توفي سنة ثلاث وخمسين وست مائة.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 84)، و «البرقة المشيقة» (ص 103). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 84)، و «البرقة المشيقة» (ص 103). (3) «سير أعلام النبلاء» (23/ 288)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 143)، و «العبر» (5/ 214)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 105)، و «مرآة الجنان» (4/ 129)، و «المقفى الكبير» (2/ 88)، و «شذرات الذهب» (7/ 449). (4) «تاريخ الإسلام» (48/ 143)، و «العبر» (5/ 214).

3051 - [أبو الحجاج البياسي]

3051 - [أبو الحجاج البيّاسي] (1) أبو الحجاج يوسف بن محمد الأنصاري، أحد فضلاء الأندلس وحفاظها المتقنين. كان أديبا بارعا فاضلا، مطلعا على أقسام كلام العرب من النظم والنثر، وراويا لوقائعها وحروبها وأيامها. قال ابن خلكان: (وجمع للأمير أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد صاحب إفريقية كتابا سماه: «كتاب الإعلام بالحروب الواقعة في صدر الإسلام»، وابتدأ فيه بمقتل عمر رضي الله عنه، وختمه بخروج الوليد بن طريف على هارون الرشيد ببلاد الجزيرة الفراتية. ومما ينسب إليه أنه قال حين كف بصره (2): [من البسيط] إن يأخذ الله من عينيّ نورهما … ففي لساني وقلبي منهما نور قلبي ذكيّ وذهني غير ذي دخل … وفي فمي صارم كالسيف مطرور توفي أبو الحجاج المذكور سنة ثلاث وخمسين وست مائة) (3). 3052 - [نجم الدين الرازي] (4) عبد الله بن محمد الرازي الصوفي شيخ الطريق، العارف بالله تعالى ذو التحقيق. سمع الكثير من جماعة، وصحب الشيخ نجم الدين الكبرى، وهو من شيوخ الدمياطي. توفي سنة أربع وخمسين وست مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (7/ 238)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 158)، و «مرآة الجنان» (4/ 129)، و «نفح الطيب» (3/ 316)، و «بغية الوعاة» (2/ 359)، و «شذرات الذهب» (7/ 451). (2) نسب ابن خلكان البيتين في «وفيات الأعيان» (7/ 242)، إلى ابن عباس رضي الله عنهما في معرض ذكره لنماذج من كتاب «الحماسة» لصاحب الترجمة. (3) «وفيات الأعيان» (7/ 238). (4) «تاريخ الإسلام» (48/ 167)، و «العبر» (5/ 218)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 579)، و «مرآة الجنان» (4/ 136)، و «شذرات الذهب» (7/ 457).

3053 - [عيسى اليونيني]

3053 - [عيسى اليونيني] (1) عيسى بن أحمد اليونيني، الشيخ الكبير الشأن، صاحب الشيخ الكبير المتقدم ذكره عبد الله (2). كان صواما قواما، متبتلا قانتا، منقطع القرين، خشن العيش في ملبسه ومطعمه، يقال له: سلاب الأحوال، بحدة فيه مع ذلك. توفي سنة أربع وخمسين وست مائة. 3054 - [سبط ابن الجوزي] (3) أبو المظفر يوسف التركي ثم البغدادي المعروف بسبط ابن الجوزي، سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي. أسمعه جده منه ومن جماعة، وقدم دمشق سنة بضع وست مائة، ووعظ بها، وحصل له القبول العظيم؛ للطف شمائله وعذوبة وعظه. وله تفسير في تسعة وعشرين مجلدا، وشرح «الجامع الكبير»، وجمع مجلدا في مناقب أبي حنيفة، ودرس وأفتى، وكان في شبيبته حنبليا، ولم يزل وافر الحرمة عند الملوك. توفي سنة أربع وخمسين وست مائة. 3055 - [أحمد بن الشكيل] (4) أحمد بن محمد بن سليمان بن أبي السعود أبو العباس الطوسي المعروف بابن الشكيل. ولد سنة ثمان وخمسين وخمس مائة، وهي السنة التي توفي فيها صاحب «البيان».

(1) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 24)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 174)، و «العبر» (5/ 218)، و «العسجد المسبوك» (2/ 622)، و «مرآة الجنان» (4/ 136)، و «شذرات الذهب» (7/ 459). (2) انظر (5/ 68). (3) «وفيات الأعيان» (3/ 142)، و «الجواهر المضية» (3/ 633)، و «ذيل مرآة الزمان» (1/ 39)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 296)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 183)، و «العبر» (5/ 220)، و «مرآة الجنان» (4/ 136)، و «شذرات الذهب» (7/ 460). (4) «السلوك» (2/ 230)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 122)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 155)، و «تحفة الزمن» (1/ 523).

3056 - [عبد الرحمن ابن حديق]

وتفقه بأحمد بن مقبل من عرج، ثم بحسن بن راشد من العماقي، ثم بأحمد الصّراري من قرية المجزف. وتزوج امرأة من الفقهاء بني أيمن أصحاب العماقي، فولدت له مسعودا وعبد الله، وكان يسكن عزلة ريدة، بفتح الراء، وسكون المثناة تحت، وفتح الدال المهملة، وآخره هاء تأنيث. وكان فقيها صالحا، مستجاب الدعوة، نسخ بيده عدة كتب، واشترى كذلك، ووقفها على طلبة العلم من ذريته وغيرهم. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي في صفر سنة أربع وخمسين وست مائة، وقبره مشهور مقصود للزيارة وقضاء الحوائج، يسمع ليلة الجمعة في الغالب من يقرأ القرآن في قبره. 3056 - [عبد الرحمن ابن حديق] (1) عبد الرحمن بن علي بن إسماعيل ابن حديق أبو الفرج، أحد فقهاء قناذر، بضم القاف وفتح النون، ثم ألف، ثم ذال معجمة مكسورة، ثم راء. كان فقيها عالما، عاملا صالحا، قوالا بالحق، تناظر هو وابن ناصر في جامع الجند، وعنه أخذ جماعة من الفقهاء. يروى أن المنصور بن علي بن رسول وجبت عليه كفارة الجماع في شهر رمضان، فاستدعى فقهاء الجند ونواحيها وفيهم الفقيه عبد الرحمن المذكور، فسألهم عن المسألة، فأجابوه بما يجاب به سائر الناس، والفقيه عبد الرحمن ساكت، فقيل له: ما لك لا تتكلم؟ فقال: حتى أعرف صاحب القضية، فقيل له: هو السلطان، فقال: لا يجزئه إلا صوم شهرين متتابعين، فنازعه الفقهاء في ذلك، فقال: الغرض حسم المادة لمعاودة الذنب، ولا يكون ذلك من السلطان إلا بصوم شهرين، فأعجب السلطان جوابه. أقول: واتفق مثل ذلك للإمام يحيى بن يحيى الأندلسي أحد رواة «الموطأ» عن مالك، وذلك أن بعض سلاطين الأندلس وجبت عليه كفارة في شهر رمضان، فأفتاه الإمام يحيى

(1) «السلوك» (2/ 95)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 121)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 60)، و «تحفة الزمن» (1/ 436)، و «هجر العلم» (3/ 1763).

3057 - [تاج الدين المظفري]

بلزوم صوم شهرين متتابعين، فقال له الفقهاء: لم لا تفتيه بالإعتاق كما هو مذهب مالك؟ فقال: الغرض حسم المادة، ويسهل على السلطان أن يطأ في كل يوم من رمضان، ويعتق ثلاثين رقبة، ولا يحسم المادة في حقه إلا لزوم صوم شهرين. توفي ابن حديق المذكور في سنة أربع وخمسين وست مائة. وولد سنة تسعين وخمس مائة، وخلفه ابن له يسمى: عبد الله، ولي الحكم في بلده ونواحيها التي تسمى النّجاد، بكسر النون، وفتح الجيم، ثم ألف، ثم دال مهملة. قال الجندي: (ولم يكن فقيها كأبيه) (1). 3057 - [تاج الدين المظفري] (2) أبو البهاء بدر بن عبد الله المظفري الملقب تاج الدين. كان من خدام الحرة بنت جوزة، وكان بين المظفر وبين خالته بنت جوزة من التنافس ما هو معروف، وكان بدر يتظاهر بحب المظفر، فلما رأت منه الميل إلى المظفر .. أمرت بحبسه، فلم يزل محبوسا إلى أن توفي المنصور، فخرج بدر من الحبس قهرا على الحباس، فحث والدة المظفر وأخته المعروفة بالشمسية على القيام بحفظ زبيد، وتقلد أمر القتال، واستخدم الرجال، وأنفق الأموال من عنده، والمظفر إذ ذاك في المهجم، وبنت جوزة وأولادها بتعز، فحفظ زبيد وحماها عمن قصدها إلى أن وصل المظفر من المهجم إلى زبيد، فشكر همته، وأحسن إليه الإحسان الكلي. وكان جوادا، عالي الهمة، شريف النفس، يحب العلم والعلماء، وله بزبيد مدرستان وخانقاه، وفي الجبل في قرية الوحيز مدرسة، وأوقف على كل واحدة وقفا جيدا، وأوقف شيئا خالصا للعمارة؛ لئلا يدخل الضرر على المرتبين، وجميع وقفه بوادي زبيد. قال الخزرجي: (وسمعت من غير واحد أن المظفر كره أن يسامحه في أراضيه التي أوقفها لكثرتها، فرأى النبي صلّى الله عليه وسلم يقول له: يا يوسف؛ سامح بدرا في أرضه؛ فإنا قد سامحناه، أو كلاما نحو هذا، فسامحه المظفر عند ذلك.

(1) «السلوك» (2/ 95). (2) «السلوك» (2/ 45)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 120)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 254)، و «تحفة الزمن» (1/ 403)، و «المدارس الإسلامية» (ص 176).

3058 - [شجر الدر]

وكانت وفاته بتعز في سنة أربع وخمسين وست مائة) (1). 3058 - [شجر الدر] (2) شجر الدر أم خليل، تقدم ذكرها في ترجمة الملك المعظم بن الملك الصالح (3). كانت بارعة الحسن، ذات عقل ودهاء، وأحبها الملك الصالح، ولما توفي .. أخفت موته، وكانت تعلّم بخطها علامته، ونالت من سعادة الدنيا أعلى الرتب بحيث إنه خطب لها على المنابر، وملّكوها عليهم أياما، فلم يتم ذلك، وتملك المعز المذكور (4)، فتزوج بها، فكانت ربما تحكم عليه. وكانت تركية، ذات شهامة وإقدام وجرأة، وآل أمرها إلى أن قتلت تحت قلعة مصر مسلوبة، ثم دفنت بتربتها في سنة خمس وخمسين وست مائة. 3059 - [نجم الدين البادرائي] (5) نجم الدين أبو محمد عبد الله بن أبي الوفاء محمد البادرائي الشافعي الفرضي. سمع من جماعة، وبرع في المذهب، ودرس بالنظامية، ثم ترسل عن الخلافة غير مرة، وبنى بدمشق مدرسة كبيرة، وولي في آخر عمره قضاء العراق خمسة عشر يوما، وكان متواضعا، دمث الأخلاق، سريا محتشما. توفي سنة خمس وخمسين وست مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 255). (2) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 61)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 198)، و «العبر» (5/ 222)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 120)، و «مرآة الجنان» (4/ 137)، و «البداية والنهاية» (13/ 234)، و «حسن المحاضرة» (2/ 31)، و «شذرات الذهب» (7/ 463). (3) انظر (5/ 217). (4) لم يتقدم له ذكر، وهو: أيبك بن عبد الله التركماني، المتوفى سنة (655 هـ‍)، انظر ترجمته في «سير أعلام النبلاء» (23/ 198)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 193)، و «البداية والنهاية» (13/ 234)، و «شذرات الذهب» (7/ 463). (5) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 70)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 332)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 200)، و «العبر» (5/ 223)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 580)، و «مرآة الجنان» (4/ 137)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 159)، و «شذرات الذهب» (7/ 464).

3060 - [شرف الدين المرسي]

3060 - [شرف الدين المرسي] (1) أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن أبي الفضل السلمي الأندلسي العلامة شرف الدين، المحدث المفسر النحوي. رحل إلى أقصى خراسان، وسمع الكثير، ورأى الكبار. وكان جامعا لفنون العلم، ذكيا ثاقب الذهن، صاحب تصانيف كثيرة مع زهد وورع، وفقر وتعفف. توفي سنة خمس وخمسين وست مائة. 3061 - [عمر بن مفلح] (2) عمر بن مفلح ابن محيوب-بفتح الميم، وسكون الحاء المهملة، وضم المثناة تحت، وسكون الواو، وآخره موحدة (3) -الربعي النزاري. كان فقيها فاضلا لا سيما في علم الأدب، وكان أخذه له عن الإمام بطال الركبي، وله إجازة عامة منه، وكان جوالا في اليمن من بلدة أبين وجبا والجند وتعز. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه أجاز لحسن بن علي في سنة خمس وخمسين وست مائة. 3062 - [القاسم بن محمد الخزرجي] (4) القاسم بن محمد بن أحمد بن حسان الخزرجي الأنصاري. كان فقيها صالحا مقرئا، أخذ عن الإمام سيف السنة كتاب «الشريعة» للآجري.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 76)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 312)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 211)، و «العبر» (5/ 224)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 354)، و «مرآة الجنان» (4/ 137)، و «بغية الوعاة» (1/ 144)، و «شذرات الذهب» (7/ 465). (2) «السلوك» (2/ 449)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 454)، و «تحفة الزمن» (2/ 414). (3) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 454)، وفي «السلوك» (2/ 449) و «تحفة الزمن» (2/ 414): (ابن مهيوب، بفتح الميم، وسكون الهاء ... ). (4) «السلوك» (1/ 393)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 45)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 123)، و «تحفة الزمن» (1/ 318)، و «المدارس الإسلامية» (ص 94)، و «هجر العلم» (1/ 299).

3063 - [الأمين بن موسى التباعي]

وله ابن ابن اسمه عبد الله بن محمد بن قاسم، كان فقيها صالحا فاضلا، تفقه بمحمد بن حسين الأصابي، وأخذ عنه «شرح اللمع» للوصابي، كما أخذه عن مصنفه، وأخذ أيضا عن الإمام بطال بن أحمد، وعنه أخذ أحمد بن محمد الوزيري. قال الجندي: (وهو أحد شيوخ شيخي أحمد بن علي السرددي، وكان له ابن اسمه إبراهيم، تفقه بأبي بكر بن عمر السّهامي، أحد أصحاب ابن قاسم، وبالإمام بطال، وبمحمد بن حسين المرواني، ودرس بذي هزيم بمدرسة الطواشي مختص. توفي ليلة الجمعة ثامن عشر رمضان سنة خمس وخمسين وست مائة) (1). 3063 - [الأمين بن موسى التباعي] (2) الأمين (3) بن موسى بن أبي بكر بن يوسف بن موسى بن يوسف بن موسى بن علي التباعي. تفقه بمحمد بن علي الفتحي، وكان فقيها فاضلا، مشهورا بالصلاح والعبادة وصحبة الخضر، وكثيرا ما يرى النبي صلّى الله عليه وسلم. توفي في شهر رجب سنة خمس وخمسين وست مائة. 3064 - [أحمد بن علي الشعبي] (4) أحمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن سالم الأصغر اليزيدي ثم الشعبي نسبا الأشرقي، ونسبه في بني الإمام، وإليه تنسب المدرسة الأشرقية في تعز، قاله الجندي (5). تفقه بالفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي، وبه تفقه محمد بن عباس، وجماعة من أهل تعز، وكان فقيها مشهورا، مباركا صالحا.

(1) «السلوك» (1/ 393). (2) «السلوك» (2/ 286)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 290)، و «تحفة الزمن» (1/ 557)، و «هجر العلم» (4/ 1926). (3) في «طراز أعلام الزمن» (3/ 290) و «هجر العلم» (4/ 1926): (محمد الأمين). (4) «السلوك» (2/ 109)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 126)، و «تحفة الزمن» (1/ 443)، و «المدارس الإسلامية» (ص 8)، و «هجر العلم» (2/ 737). (5) انظر «السلوك» (2/ 109).

3065 - [أبو الحسن الشاذلي]

يروى عنه قال: كنت يوما بالضحي أطالع «التنبيه» في ظل المسجد، فرأيت على ورق الكتاب نورا يتلألأ، فرفعت رأسي؛ فإذا شيخ ذو لحية عظيمة يطالع معي في الكتاب، ففزعت منه، فوضعت الكتاب بمكان عال، ووليت ساعة ثم رجعت فلم أر أحدا، ورأيت على الكتاب نورا كما يكون أثر الحيوان الذي يسمى النوراني (1)، فأخبرت الفقيه إسماعيل بذلك، فقال: ذلك الشيخ أبو إسحاق مصنف الكتاب، وقد كان يأتيني أيام القراءة. ودرس بالمدرسة المذكورة إلى أن توفي. ولم أتحقق تاريخ وفاته، وأظنه توفي قبل ستين وست مائة؛ لأن الجندي ذكر: (أنه خلفه ولد له، تفقه، وصحب الصوفية، وكان يغلب عليه المجون، وولي القضاء في بعض بوادي تعز، فسار يوما منفردا، فقتل في الطريق ولم يعرف قاتله، قال الجندي: وذلك على رأس تسعين وست مائة) (2). ومدرسته المذكورة أنشأها ياقوت الجمالي، كان واليا في حصن تعز، وهو الذي أنشأ القبة الجمالية، نسبة إليه، وذلك في زمان سيف الإسلام طغتكين بن أيوب. وخلف أحمد المذكور أخاه سليمان، كان ذاكرا ل‍ «البيان»، عارفا به، أخذه عنه عدة من فقهاء تعز، سكن هو وأخوه مدينة تعز، وقرآ بها إلى أن توفيا رحمة الله عليهما. 3065 - [أبو الحسن الشاذلي] (3) الشيخ الكبير العارف بالله تعالى أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلي الشريف الحسني. كان مبدأ ظهوره بشاذلة على القرب من تونس. قال الشيخ تاج الدين بن عطاء الله: لم يدخل في طريق القوم حتى قعد للمناظرة، وكان متضلعا بالعلوم الظاهرة، جامعا لفنونها من تفسير وحديث ونحو وأصول وآداب، وله سياحات كثيرة، وكرامات شهيرة، ثم جاءه بعد ذلك العطاء الكثير، والفضل الغزير،

(1) في «السلوك» (2/ 109): (النوارى)، وفي «طراز أعلام الزمن» (1/ 126): (النوارسي). (2) «السلوك» (2/ 110). (3) «تاريخ الإسلام» (48/ 273)، و «العبر» (5/ 232)، و «الوافي بالوفيات» (21/ 214)، و «مرآة الجنان» (4/ 140)، و «طبقات الأولياء» (ص 458)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 470)، و «شذرات الذهب» (7/ 481).

3066 - [علي الخباز]

واعترف بعلو منزلته من عاصره من أكابر العلماء والأولياء. توفي سنة ست وخمسين وست مائة. 3066 - [علي الخباز] (1) الشيخ علي المعروف بالخباز. أحد مشايخ العراق، وصاحب الأحوال والكرامات. قتل شهيدا سنة ست وخمسين وست مائة. 3067 - [شعلة المقرئ] (2) محمد بن أحمد الموصلي الحنبلي المقرئ العلامة. كان فاضلا صالحا محققا، اختصر «الشاطبية». توفي بالموصل سنة ست وخمسين وست مائة عن ثلاث وثلاثين سنة. 3068 - [ابن العلقمي الوزير] (3) محمد بن محمد الوزير الرافضي (4)، عرف بابن العلقمي، الملقب مؤيد الدين. ولي وزارة العراق أربع عشرة سنة، وكان ذا غل وحقد على أهل السنة، قرر مع التتار أمورا كانت سبب دخولهم بغداد، ثم انعكس حاله، وأكل يده ندما، وبقي بعد تلك الرتبة الرفيعة في حالة وضيعة حتى صاحت امرأة به وهو مارّ: يا بن العلقمي؛ أهكذا كنت في أيام أمير المؤمنين؟ !

(1) «تاريخ الإسلام» (48/ 278)، و «العبر» (5/ 233)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 357)، و «مرآة الجنان» (4/ 147)، و «البداية والنهاية» (13/ 250)، و «شذرات الذهب» (7/ 485). (2) «سير أعلام النبلاء» (23/ 360)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 282)، و «العبر» (5/ 234)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1340)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 122)، و «مرآة الجنان» (4/ 147)، و «شذرات الذهب» (7/ 486). (3) «تاريخ الإسلام» (48/ 290)، و «العبر» (5/ 235)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 184)، و «مرآة الجنان» (4/ 147)، و «البداية والنهاية» (13/ 249)، و «شذرات الذهب» (7/ 470). (4) كذا في جميع المصادر، وفي «البداية والنهاية» (13/ 249)، و «شذرات الذهب» (7/ 470): (محمد بن أحمد).

3069 - [الصرصري المادح]

وولي مع غيره وزارة التتار ببغداد بطريق الشركة. مرض بعد قليل، ثم مات غما وغبنا في سنة ست وخمسين وست مائة. 3069 - [الصرصري المادح] (1) أبو زكريا يحيى بن يوسف الصرصري الأصل، البغدادي الضرير، الشيخ الصالح القدوة. كان إليه المنتهى في معرفة اللغة وحسن الشعر، ومدائحه سائرة، وله ديوان شعر مشهور. قيل: إنه قتل بعكازه بعض التتار، ثم استشهد في سنة ست وخمسين وست مائة. 3070 - [أبو العباس القرطبي] (2) أبو العباس أحمد بن عمر الأنصاري المالكي القرطبي المحدث، نزيل الإسكندرية. كان من كبار الأئمة، سمع بالمغرب من جماعة، واختصر «الصحيحين»، وصنف كتاب «المفهم في شرح مختصر مسلم» (3). 3071 - [أبو علي البكري] (4) الحافظ أبو علي الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عمروك بن محمد البكري. توفي سنة ست وخمسين وست مائة.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 257)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 303)، و «العبر» (5/ 237)، و «فوات الوفيات» (4/ 298)، و «مرآة الجنان» (4/ 147)، و «البداية والنهاية» (13/ 247)، و «شذرات الذهب» (7/ 493). (2) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 95)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 224)، و «العبر» (5/ 226)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 264)، و «مرآة الجنان» (4/ 138)، و «الديباج المذهب» (1/ 210)، و «شذرات الذهب» (7/ 473). (3) لم يذكر المصنف رحمه الله تعالى تاريخ وفاته، وكانت وفاته رحمه الله تعالى سنة (656 هـ‍) كما في جميع المصادر، وكما سيأتي في الحوادث (5/ 285). (4) «سير أعلام النبلاء» (23/ 326)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 234)، و «العبر» (5/ 227)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 251)، و «شذرات الذهب» (7/ 474).

3072 - [الملك الناصر داود]

3072 - [الملك الناصر داود] (1) الملك الناصر داود بن المعظم بن العادل صاحب الكرك صلاح الدين. أجاز له المؤيد الطوسي، وسمع ببغداد. وكان حنفيا فاضلا، مناظرا ذكيا، بصيرا بالآداب، بديع النظم. توفي سنة ست وخمسين وست مائة. 3073 - [المستعصم بالله] (2) الخليفة المستعصم بالله عبد الله بن المستنصر بالله العباسي، آخر الخلفاء العراقيين، وكانت دولتهم خمس مائة وأربعا وعشرين سنة. وكان جيدا كريما، سليم الباطن، قليل الرأي، حسن الديانة، مبغضا للبدعة. سمع، وأجيز له، ثم رزق الشهادة في دخول التتار بغداد في سنة ست وخمسين وست مائة، وتسمى: سنة المصائب؛ لأنه لم يحصل في غيرها من المصائب على المسلمين ما حصل فيها، يقال: إن القتلى فيها ببغداد بلغوا ألف ألف وثمان مائة ألف وكسرا. 3074 - [محيي الدين ابن الجوزي] (3) محيي الدين يوسف بن الإمام أبي الفرج بن الجوزي. ضرب عنقه هو وأولاده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم في سنة ست وخمسين وست مائة. وكان سفير الخلافة، وأستاذ دار المستعصم، كثير المحفوظ، قوي المشاركة في العلوم، وافر الحشمة.

(1) «وفيات الأعيان» (3/ 496)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 376)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 238)، و «العبر» (5/ 229)، و «مرآة الجنان» (4/ 139)، و «الجواهر المضية» (2/ 188)، و «شذرات الذهب» (7/ 475). (2) «سير أعلام النبلاء» (23/ 174)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 258)، و «العبر» (5/ 230)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 641)، و «مرآة الجنان» (4/ 139)، و «البداية والنهاية» (13/ 240)، و «شذرات الذهب» (7/ 467). (3) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 332)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 372)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 306)، و «العبر» (5/ 237)، و «مرآة الجنان» (4/ 147)، و «شذرات الذهب» (7/ 494).

3075 - [الإمام المهدي أحمد بن الحسين]

3075 - [الإمام المهدي أحمد بن الحسين] (1) الإمام المهدي لدين الله أحمد بن الحسين بن أحمد بن القاسم بن عبد الله بن القاسم بن أحمد بن أبي البركات إسماعيل بن أحمد بن القاسم بن محمد بن القاسم ترجمان الدين بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. كان إماما فاضلا، عالما عاملا، سيدا كاملا، حسن السيرة، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر. وكان قيامه في ثلا سنة ست وأربعين وست مائة، فأجابه خلق كثير من أنحاء اليمن، وكان أمثل الأئمة الزيدية في عصره، حليما كريما جوادا، ممدحا مقصودا، وللفقيه القاسم بن علي بن هتيمل فيه غرر المدائح، وكذلك الأديب ابن حمير. ولما انتشرت دعوته .. أجابه كافة الشيعة وعلماء الزيدية، ودخل في طاعته بنو حمزة وبنو الهادي من الأشراف، واتفقت كلمتهم عليه مدة، ثم اختلف الإمام وبنو حمزة، فخلعوا طاعته، وحاربوه، وانضم إليهم جماعة من علماء الزيدية فقتلوه في سلخ صفر سنة ست وخمسين وست مائة، وقيل: إنه قتل في اليوم الذي قتل فيه الخليفة المستعصم بالله العباسي، وتوجد عند قبره رائحة المسك. 3076 - [أحمد بن الإمام عبد الله بن حمزة] (2) الأمير شمس الدين أبو الحسن أحمد بن الإمام عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة بن أبي هاشم الحمزي. كان أميرا كبيرا، رئيسا شجاعا مشهورا، جوادا مذكورا، إليه انتهت رئاسة بني حمزة وغيرهم من أشراف الشرف قاطبة. وكان شاعرا فصيحا، يقصده الشعراء ويمدحونه، فيجيزهم الجوائز السنية، وللأديب القاسم بن علي بن هتيمل فيه غرر القصائد.

(1) «السلوك» (2/ 548)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 124)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 60)، و «تحفة الزمن» (2/ 486)، و «طبقات الزيدية الكبرى» (1/ 110)، و «هجر العلم» (2/ 471). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 98).

3077 - [ابن تامتيت]

فلما توفي في ربيع الآخر أو جمادى الأولى من سنة ست وخمسين وست مائة .. قام برئاسة الأشراف بعده أخوه نجم الدين موسى بن الإمام عبد الله بن حمزة، ثم توفي، فخلفه أخوه الحسن بن الإمام عبد الله بن حمزة، ثم توفي، فخلفه أخوه داود بن عبد الله. 3077 - [ابن تامتّيت] (1) أبو العباس أحمد بن محمد الفاسي المحدث المعمر، نزيل القاهرة. كان صالحا خيّرا، روى بالإجازة العامة عن أبي الوقت. وتوفي سنة سبع وخمسين وست مائة. 3078 - [الملك الرحيم] (2) بدر الدين لؤلؤ الأرمني صاحب الموصل، الملقب بالملك الرحيم، مملوك نور الدين أرسلان شاه. كان مدبر دولة أستاذه، ثم آل أمره إلى أن استقل بالسلطنة. وكان حازما شجاعا، مدبرا خبيرا. توفي سنة سبع وخمسين وست مائة. 3079 - [عبد الرحمن بن موسى التباعي] (3) عبد الرحمن بن الفقيه موسى بن أحمد بن يوسف التباعي. ولد سنة ست عشرة وست مائة قبل موت أبيه بخمس سنين. وتفقه بالفقيه أبي بكر الجناحي (4)، وكان فقيها فاضلا مشهورا.

(1) «تاريخ الإسلام» (48/ 312)، و «العبر» (5/ 238)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 384)، و «مرآة الجنان» (4/ 148)، و «شذرات الذهب» (7/ 499). (2) «سير أعلام النبلاء» (23/ 356)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 322)، و «العبر» (5/ 240)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 407)، و «مرآة الجنان» (4/ 148)، و «المنهل الصافي» (9/ 178)، و «شذرات الذهب» (7/ 499). (3) «السلوك» (2/ 285)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 76)، و «تحفة الزمن» (1/ 557)، و «هجر العلم» (4/ 1926). (4) كذا في «السلوك» (2/ 285)، وفي «طراز أعلام الزمن» (3/ 76)، و «تحفة الزمن» (1/ 557): (الجباحي).

3080 - [أحمد بن عبد الرحمن التباعي]

ولم يزل على أحسن حال إلى أن توفي لبضع وخمسين وست مائة. 3080 - [أحمد بن عبد الرحمن التباعي] (1) أحمد بن عبد الرحمن بن الفقيه موسى بن أحمد بن يوسف التباعي. كان فقيها ماهرا، ولي القضاء في بعض جهات وصاب، وكان يقال له: القاضي لذلك، وكان يسكن في بيت منفرد قريب من قرية والده التي تسمى: كونعة. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة أبيه. 3081 - [علي بن الحسن الأصابي] (2) علي بن الحسن، الأصابي بلدا، القعيطي نسبا. ولد سنة سبع وسبعين وخمس مائة. تفقه بمحمد بن جديل من أهل سهفنة، وبيحيى بن فضل وغيرهما. وكان فقيها أصوليا فروعيا، نحويا لغويا، عارفا بالتفسير والحديث، عالما عاملا صالحا، ولما ابتنى المظفر مدرسته بتعز .. أمر أن يرتب فيها مدرسا يكون أعلم فقهاء تعز، فرتب المذكور، فدرس فيها أشهرا قلائل، ثم رجع إلى بلده السّحول، وتفقه به جمع كثير، منهم عمر الشبوي، وأبو بكر بن غازي وغيرهما، وصنف كتابا ضمنه الرد على الزيدية، وآخر فيه الرد على من يكفر تارك الصلاة، وغير ذلك من المصنفات المفيدة. قال الجندي: (وهو الذي سن الأذان لمن يسد اللحد على الميت، ومن وقته إلى عصرنا اعتمده كثير من الناس، يفعلونه بالمخلاف خاصة وفي غيره. قال الجندي: ولما فعل مرة بحضرة شيخنا أبي الحسن الأصبحي .. سألته عن معناه، فقال: هو منقول عن الفقيه علي بن الحسن، وكان فقيها عالما، ولعله أخذه من الأذان في أذن المولود، ويقول: ذاك أول خروجه إلى الدنيا، وهذا أول خروجه إلى الآخرة. قال الجندي: وأخبرني الثقة أنه طالع في «إحياء علوم الدين»، فرغب إلى العزلة

(1) «السلوك» (2/ 285)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 94) و (2/ 76)، و «هجر العلم» (4/ 1927). (2) «السلوك» (2/ 186)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 128)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 249)، و «تحفة الزمن» (1/ 497)، و «طبقات الخواص» (ص 212)، و «المدارس الإسلامية» (ص 108).

والعبادة، فصالح غرماءه، وقضى ديونه، ثم ارتحل إلى قفر حاشد، وهو موضع لا يسكنه إلا الوحوش كالأسود وغيرها، ويسكنه البدو على حذر من الأسود، قال: فلما وصله وعزم على دخوله .. لم يهب شيئا، ولا داخله فزع حتى وصل إلى شجرة تحتها عين ماء تجري، قال: فأقمت عندها أربعين يوما والأسود تمر بي يمينا وشمالا ولا أهابها، وإنما هي عندي كالغنم، وأنا أقتات من الشجر، وأصلي ما استطعت، ثم سمعت صوت جماعة يقرءون القرآن، وآخرين يسبحون بنغمات طيبة، وكانت قد سقطت قواي من عدم الطعام، فحين سمعت الأصوات انتعشت قواي، فجعلت أسير وأتتبع الأصوات، فلم ألق أحدا، فقلت في نفسي: لو كان فيّ شيء من الخير .. لكنت ألقى القوم ولم يحتجبوا عليّ، فسمع قائلا يقول: يا فقيه علي؛ إن الله لم يستعملك لهذا، عد إلى بيتك، وانشر العلم، فهو أفضل من العبادة التي أقبلت عليها، فقلت له: سألتك بالله الذي أعطاك ما أعطاك، هل أنت إنسي أم جني؟ فقال: بل إنسي، فقلت: أظهر شخصك، فظهر رجل في صورة حسنة عليه مدرعة وقلنسوة، الجميع من صوف، فسلم، ورددت عليه، ثم أعاد علي ما كان كلمني به غيبا مشاهدة، فقلت في نفسي: لعل هذا شيطان، فقال: والله ما أنا بشيطان، ولقد نصحتك، فإن شئت .. فأقم، وإن شئت .. فرح بعد استخارة الله تعالى، ثم غاب عن بصري، فصليت الاستخارة، فلم أكد أفرغها حتى عرض بخاطري ذكر ابنة لي صغيرة كنت محبا لها، فلم أطق الوقوف بعد ذلك، بل عزمت إلى منزلي، فلما أخذت في ذلك .. داخلتني الوحشة من القفر، وصرت كلما سمعت حركة في طريقي .. ارتبت منها وأنا مع ذلك سائر حتى أتيت البيت. فلما قرب من المنزل .. رآه بعض من يعرفه، فبادر إلى أهل المنزل وبشرهم بوصوله، فكساه بعضهم ثوبا بشارة، فخرج الناس من القرية للقائه، فوجدوه يتلألأ نورا بحيث يعجز ناظره عن تأمله لذلك، ثم أقبل على نشر العلم بجد واجتهاد إلى أن توفي سنة سبع وخمسين وست مائة. وكان مسكنه المعيرير-بضم الميم، وفتح العين المهملة، ثم مثناة من تحت ساكنة، ثم راءين مهملتين بينهما مثناة من تحت ساكنة-قرية من ناحية المخادر، وبها توفي، وحمل على أعناق الرجال إلى قرية المحفد، ودفن قبلي مدرسته، وقبره يزار، وتوجد منه رائحة المسك خصوصا ليلة الجمعة، وعمره ثمانون سنة) (1).

(1) «السلوك» (187/ 2 - 189).

3082 - [عبد الله بن محمد المغلسي]

3082 - [عبد الله بن محمد المغلسي] (1) عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عامر المغلسي الهمداني. تفقه بعلي بن الحسن الأصابي، وبعبد الله بن ناجي. وكان فقيها صالحا، صحب الفقيه عمر بن سعيد العقيبي، ولما رجع شيخه الفقيه علي الأصابي من العزلة عن الناس من قفر حاشد إلى البلد، وجاء البشير بوصوله .. أعطى الفقيه عبد الله ثوبه للبشير. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة شيخه. 3083 - [أحمد ابن سني الدولة] (2) أحمد بن يحيى بن هبة الله الدمشقي الشافعي، قاضي القضاة، صدر الدين. توفي سنة ثمان وخمسين وست مائة. مذكور في الأصل. 3084 - [الملك السعيد] (3) الملك السعيد حسن بن العزيز عثمان بن العادل صاحب الصبيبة وبانياس، تملك بعد أخيه الملك الظاهر، فأخذ الصبيبة منه الملك الصالح، وأعطاه إمرة مصر، فلما قتل المعظم بن الصالح .. ساق إلى غزة وأخذ ما فيها، وأخذ الصبيبة، فتملكها. وكان بطلا شجاعا، قاتل يوم عين جالوت، فلما انهزمت التتار .. جيء به إلى الملك المظفر، فضرب عنقه في سنة ثمان وخمسين وست مائة.

(1) «السلوك» (2/ 189)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 150)، و «تحفة الزمن» (1/ 499). (2) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 385)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 332)، و «العبر» (5/ 244)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 250)، و «مرآة الجنان» (4/ 149)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 41)، و «شذرات الذهب» (7/ 504). (3) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 366)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 340)، و «العبر» (5/ 245)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 100)، و «مرآة الجنان» (4/ 149)، و «المنهل الصافي» (5/ 90)، و «شذرات الذهب» (7/ 505).

3085 - [قطز الملك المظفر]

3085 - [قطز الملك المظفر] (1) الملك المظفر سيف الدين قطز-بالقاف والطاء والزاي-المعزّي. لما مات المعز .. كان أتابك ولده المنصور، فلما رآه لا يغني شيئا .. عزله، وتسلطن. وكان بطلا شجاعا، ديّنا مجاهدا، انكسرت التتار على يده، واستعاد منهم الشام، وقتل في سنة ثمان وخمسين وست مائة. 3086 - [أبو عبد الله اليونيني] (2) محمد بن أحمد اليونيني، الشيخ الفقيه الإمام. كان عالما زاهدا، خاشعا قانتا لله، عظيم الهيبة، مليح الصورة، حسن السمت والوقار. توفي سنة ثمان وخمسين وست مائة. 3087 - [ابن الأبار] (3) أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي، الكاتب الأديب، الحافظ العلامة، أحد أئمة الحديث. قرأ القراءات، واطلع على الأثر، وبرع في البلاغة والنظم والنثر. وكان ذا جلالة، قتله صاحب تونس ظلما في سنة ثمان وخمسين وست مائة.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 28)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 200)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 352)، و «العبر» (5/ 247)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 251)، و «مرآة الجنان» (4/ 149)، و «البداية والنهاية» (13/ 263)، و «شذرات الذهب» (7/ 507). (2) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 429)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 356)، و «العبر» (5/ 248)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 121)، و «مرآة الجنان» (4/ 150)، و «البداية والنهاية» (13/ 266)، و «شذرات الذهب» (7/ 508). (3) «سير أعلام النبلاء» (23/ 336)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 363)، و «العبر» (5/ 249)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1452)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 355)، و «مرآة الجنان» (4/ 150)، و «نفح الطيب» (2/ 589)، و «شذرات الذهب» (7/ 510).

3088 - [أبو بكر بن قوام]

3088 - [أبو بكر بن قوام] (1) أبو بكر بن قوام الشيخ الكبير. كان زاهدا عابدا قدوة، صاحب حال وكشف وكرامات، وله رواية. توفي سنة ثمان وخمسين وست مائة. 3089 - [الملك الكامل بن المظفر] (2) الملك الكامل ناصر الدين محمد بن الملك المظفر غازي بن الملك العادل. كان عالما فاضلا، شجاعا عادلا، محسنا إلى الرعية، ذا عبادة وورع، لم يكن في بيته من يضاهيه، حاصرته التتار عشرين شهرا حتى فني أهل البلد بالوباء والقحط، ثم دخلوا وأسروه، وضرب ملكهم عنقه، وطيف برأسه، ثم علق على باب الفراديس بعد أخذ حلب، ثم دفنه المسلمون بمسجد الرأس داخل الباب، وذلك في سنة ثمان وخمسين وست مائة. 3090 - [علي بن أحمد الحرازي] (3) علي بن أحمد بن الحسن الحرازي. ولد بزبيد، وتفقه بها، ثم صار إلى عدن، فصحب الشيخ إبراهيم السّرددي المذكور أولا (4)، وأخذ عن الصغاني وغيره. وكان فقيها عارفا، صالحا فاضلا تقيا. وتوفي بعدن سنة ثمان وخمسين وست مائة.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 392)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 372)، و «العبر» (5/ 250)، و «مرآة الجنان» (4/ 150)، و «طبقات الأولياء» (ص 486)، و «شذرات الذهب» (7/ 511). (2) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 430)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 201)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 366)، و «العبر» (5/ 249)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 306)، و «مرآة الجنان» (4/ 150)، و «شذرات الذهب» (7/ 510). (3) «السلوك» (2/ 420)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 136)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 223)، و «تحفة الزمن» (2/ 379)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 134). (4) انظر (5/ 234)، وذكر المصنف رحمه الله تعالى في ترجمة إبراهيم السرددي أنه أخذ عليه كذلك أحمد بن علي الحرازي شيخ الجندي، وهو ابن صاحب الترجمة الآتي ذكره (6/ 102)؛ فلا إشكال.

3091 - [عمر بن مسعود الأبيني]

3091 - [عمر بن مسعود الأبيني] (1) عمر بن مسعود بن محمد بن سالم، الحميري نسبا، الأبيني بلدا. تفقه بالفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي، وبعلي بن قاسم الحكمي، والإمام بطال بن أحمد الركبي، وإبراهيم بن علي بن عجيل وغيرهم. وكان فقيها مشهورا، عارفا محققا، متعففا متورعا، لزوما للسنة، معروفا بصحبة الخضر، ودرس بنظامية ذي هزيم. وبه تفقه محمد بن سالم البانة، وإبراهيم بن عيسى الجندي، وسعيد بن أنعم، وخلق سواهم، يقال: إنه خرج من أصحابه أربعون مدرسا. وتوفي على الطريق المرضي ثامن شوال سنة ثمان وخمسين وست مائة، فخلفه في التدريس بالمدرسة المذكورة تلميذه سعيد بن منصور المعروف بابن أنعم الآتي ذكره في العشرين بعد هذه (2). 3092 - [أبو المعالي الباخرزي] (3) أبو المعالي سعيد بن المطهر الباخرزي سيف الدين، الحافظ العارف، صاحب نجم الدين الكبرى، كان إماما في السنة، رأسا في التصوف. توفي سنة تسع وخمسين وست مائة. 3093 - [الملك الظاهر بن العزيز] (4) الملك الظاهر غازي بن العزيز بن الظاهر بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، شقيق الملك الناصر يوسف، أمهما تركية.

(1) «السلوك» (2/ 141)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 132)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 453)، و «تحفة الزمن» (1/ 463)، و «المدارس الإسلامية» (ص 95). (2) انظر (5/ 345). (3) «سير أعلام النبلاء» (23/ 363)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 387)، و «العبر» (5/ 254)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 262)، و «مرآة الجنان» (4/ 151)، و «شذرات الذهب» (7/ 516). (4) «سير أعلام النبلاء» (23/ 359)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 392)، و «العبر» (5/ 255)، و «مرآة الجنان» (4/ 151)، و «المنهل الصافي» (8/ 363)، و «شذرات الذهب» (7/ 516).

3094 - [ابن سيد الناس]

كان شجاعا جوادا، قتل مع أخيه بين يدي الطاغية الكافر ملك التتار هولاكو في سنة تسع وخمسين وست مائة. 3094 - [ابن سيد الناس] (1) محمد بن أحمد الإشبيلي الخطيب الحافظ، المعروف بابن سيد الناس. عني بالحديث فأكثر، وحصل الأصول النفيسة، وختم به معرفة الحديث بالمغرب. توفي بتونس في رجب سنة تسع وخمسين وست مائة. 3095 - [محمد بن أحمد العنسي] (2) محمد بن أحمد بن مصباح بن عبد الرحيم العنسي-بنون بين المهملتين-الأحولي، قال الجندي: (نسبة إلى ذي حوال-بضم الحاء المهملة، وفتح الواو، ثم ألف، ثم لام-قرية من وادي ذي جبلة) (3)، قال الخزرجي: (والصواب أن يقال فيه: الحوالي) (4). ولد المذكور سنة سبع وسبعين وخمس مائة، وأخذ عن أبي جديد، وإسماعيل بن سيف السنة، ومحمد بن مضمون وغيرهم. ولما علم بمعمر في الهند (5) .. ارتحل إليه، فوجده قد توفي قبل قدومه بقليل، فدخل يزد، وأخذ بها عن محمد بن إبراهيم اليزدي، ثم عاد إلى جبلة، فقعد عطّارا مع الاشتغال بقراءة الكتب واستماعها، وتحصيل أسانيدها، والاجتهاد في طلب عواليها، ولما بنت الدار النجمي المسجد المنسوب إليها بجبلة .. جعلته مدرسا فيه. وكان فقيها متدينا، صالحا لما أهّل له من التدريس، وعنه أخذ جمع كثير؛ لعلو سنده وغزر روايته، منهم الفقيه عمر بن سعيد العقيبي.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 131)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 392)، و «العبر» (5/ 255)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1450)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 121)، و «مرآة الجنان» (4/ 151)، و «شذرات الذهب» (7/ 517). (2) «السلوك» (2/ 168)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 135)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 86)، و «تحفة الزمن» (1/ 484)، و «المدارس الإسلامية» (ص 71). (3) «السلوك» (2/ 68). (4) «طراز أعلام الزمن» (3/ 87). (5) هو رتن الهندي، شيخ دجال بلا ريب، ظهر بعد الست مائة فادعى الصحبة، انظر «ميزان الاعتدال» (2/ 45)، و «الإصابة» (1/ 515).

3096 - [الملك الناصر بن العزيز]

وتوفي لأربع بقين من ذي القعدة سنة تسع وخمسين وست مائة، وخلفه في تدريس المدرسة ابنه حسين الآتي ذكره في العشرين الأخيرة من هذه المائة (1). 3096 - [الملك الناصر بن العزيز] (2) الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن العزيز بن الظاهر بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب. سلطنوه بعد أبيه وهو ابن سبع سنين، ودبّر المملكة شمس الدين لؤلؤ، والأمر كله راجع إلى جدته الصاحبة ضيفة بنت العادل، أخت الملك الكامل، ولأجل هذا سكت [الكامل] عنه، فلما ماتت .. استقل [الملك الناصر]، واشتغل عنه الكامل بعمه الملك الصالح وعمره إذ ذاك أربع عشرة سنة، ثم أخذ عسكره له حمص، ثم سار هو وتملك دمشق، ودخل بابنة السلطان علاء الدين صاحب الروم. وكان حسن الأخلاق جوادا، يقول الشعر، ويجيز عليه، وللشعراء في أيامه دولة. وقع في قبضة التتار، فذهبوا به إلى ملكهم هولاكو، فأكرمه، فلما بلغه كسر جيشه على عين جالوت .. غضب، وأمر بقتله، فتذلل له، فأمسك عن قتله، فلما بلغه كسر جيشه مرة أخرى .. تنمّر عدو الله وأمر بقتله وقتل أخيه الظاهر، فقتلا في سنة تسع وخمسين وست مائة، وكان فيه بعض عقل مع ملابسة الفواحش على ما قيل. 3097 - [المستنصر بالله الأسود] (3) المستنصر بالله أحمد بن الظاهر محمد بن الناصر لدين الله العباسي الأسود. قدم مصر في سنة تسع وخمسين وست مائة، وأثبتوا نسبه، ثم عقدوا له الخلافة في رجب، فأول من بايعه الملك الظاهر ركن الدين، ثم الأعيان على مراتبهم، وصلّى بالناس

(1) انظر (5/ 395). (2) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 461)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 204)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 400)، و «العبر» (5/ 256)، و «مرآة الجنان» (4/ 151)، و «شذرات الذهب» (7/ 518). (3) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 163)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 168)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 406)، و «العبر» (5/ 258)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 384)، و «مرآة الجنان» (4/ 152)، و «البداية والنهاية» (13/ 274)، و «المنهل الصافي» (2/ 72).

3098 - [عز الدين بن عبد السلام]

يوم الجمعة وخطب، ثم ألبس السلطان خلعة بيده وطوّقه، وأمر له بكتابة تقليد بالأمر، وركب السلطان بتلك الخلعة الخليفية، وزينت القاهرة. وهو الثامن والثلاثون من خلفاء بني العباس. وكان جسيما شجاعا، عالي الهمة، رتب له السلطان أتابكا، وأستاذ دار، وحاجبا وكاتب إنشاء، وجعل له خزانة، ومائة فرس، وثلاثين بغلا، وستين جملا، وعدة مماليك، فلما قدم دمشق وسار إلى العراق .. استماله الحاكم بأمر الله العباسي، وأنزله معه في دهليزه، ثم دخل المستنصر هيت، ثم التقى المسلمون والتتار، فانهزم التركمان والعرب، وأحاطت التتار بعسكر المستنصر، فحرقوا وساقوا، فنجا طائفة منهم الحاكم، وقتل المستنصر، وقيل: عدم ولم يعلم ما جرى له، وقيل: قتل ثلاثة من التتار، ثم تكاثروا، فاستشهد رحمه الله، وذلك في سنة ستين وست مائة. 3098 - [عزّ الدين بن عبد السلام] (1) الشيخ الفقيه الإمام العلامة المفتي المدرس القاضي الخطيب سلطان العلماء، وفحل النجباء، المقدم في عصره على سائر الأقران، بحر العلوم والمعارف، والمعظم في البلدان، ذو التحقيق والإتقان، شيخ الإسلام عزّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي الشافعي. قال أهل الطبقات: سمع من عبد اللطيف بن أبي سعد، والقاسم بن عساكر، وجماعة. وتفقه على الفقيه الإمام العلامة فخر الدين بن عساكر، وبرع في الفقه والأصول والعربية، واختلاف المذاهب والعلماء، وأقوال الناس ومآخذهم حتى قيل: بلغ رتبة الاجتهاد المطلق، ورحل إليه الطلبة من سائر البلاد. وممن أخذ عنه الإمام شرف الدين الدمياطي، والقاضي الإمام المفيد تقي الدين ابن دقيق العيد وغيرهما.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 505)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 416)، و «العبر» (5/ 260)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 520)، و «مرآة الجنان» (4/ 153)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 209)، و «البداية والنهاية» (13/ 274)، و «المنهل الصافي» (7/ 286)، و «شذرات الذهب» (7/ 522).

3099 - [ابن العديم الصاحب]

قال الشيخ اليافعي: (وكان عزّ الدين المذكور رضي الله عنه يصدع بالحق ويعمل به، متشددا في الدين، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا يخاف سطوة ملك ولا سلطان، بل يعمل بما أمر الله ورسوله وما يقتضيه الشرع المطهر، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وأنكر رضي الله عنه صلاة الرغائب، والنصف من شعبان. قال: ووقع بينه وبين شيخ دار الحديث الإمام أبي عمرو بن الصلاح رحمه الله في ذلك منازعات ومحاربات شديدات، وصنف كل واحد منهما في الرد على الآخر، واستصوب المحققون مذهب الإمام ابن عبد السلام في ذلك، وشهدوا له بالبروز بالحق، وكان ظهور صوابه في ذلك جديرا بما أنشده في «عقيدته» في الاستشهاد على ظهور الحق: [من البسيط] لقد ظهرت فما تخفى على أحد … إلا على أكمه لا يعرف القمرا ومن مصنفاته: «التفسير الكبير»، وكتاب «القواعد الكبرى»، و «مختصر النهاية»، و «العقيدة»، وغير ذلك. ولما سلّم الملك الصالح إسماعيل بن الملك العادل صفد-قلعة في بلاد الشام-ساء ذلك المسلمين، ونال منه الشيخ الإمام عزّ الدين على المنبر، ولم يدع له في الخطبة، وكان خطيبا بدمشق، فغضب الملك المذكور، وعزله وسجنه، ثم أطلقه، فتوجه إلى الديار المصرية هو والإمام ابن الحاجب بعد أن كان معه في الحبس، فتلقاه الملك الصالح نجم الدين أيوب صاحب مصر وأكرمه، وفوض إليه قضاء مصر وخطابة الجامع، فقام بذلك أتم قيام، وتمكن من الأمر بالمعروف. وتوفي رحمه الله بمصر سنة ستين وست مائة، وشيعه الملك الظاهر، وكان قد ولي قضاء القضاة، وعزل نفسه رضي الله عنه وعمره اثنتان وثمانون سنة) (1). 3099 - [ابن العديم الصاحب] (2) عمر بن أحمد العقيلي الحلبي، العلامة المعروف بكمال الدين بن العديم الصاحب، من بيت قضاء وحشمة.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 155). (2) «ذيل مرآة الزمان» (1/ 510)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 421)، و «العبر» (5/ 261)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 421)، و «مرآة الجنان» (4/ 158)، و «البداية والنهاية» (13/ 275)، و «شذرات الذهب» (7/ 525).

3100 - [إبراهيم أبو شكيل]

سمع بدمشق وبغداد، والقدس والنواحي، وأجاز له المؤيد وخلق. وكان قليل المثل، عديم النظير فضلا ونبلا، ورأيا وحزما، وذكاء وبهاء، وكتابة وبلاغة، ودرس وأفتى وصنف، وجمع تاريخا لحلب في نحو ثلاثين مجلدا، وولي خمسة من آبائه القضاء على نسق، وقد ناب في سلطنة دمشق عن الناصر. وتوفي بمصر في سنة ستين وست مائة. 3100 - [إبراهيم أبو شكيل] (1) إبراهيم بن علي بن سالم أبو إسحاق الخزرجي الأنصاري، المعروف بأبي شكيل، وبه لقب ابن أخيه الآتي ذكره إن شاء الله تعالى (2). ونسبه في بني ساعدة بن كعب بن الخزرج كما قاله نور الدين علي بن الحسن الخزرجي (3)، لا كما قال الجندي في تيم الله بن الخزرج (4)؛ إذ ليس في الخزرج تيم الله بن الخزرج، وإنما تيم الله بن عمرو بن الخزرج، وهو الذي يسمى النجار، وليس أبو شكيل من بني النجار، وإنما هو من بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، والله سبحانه أعلم. تفقه المذكور بفقهاء بلده تريم، ثم ارتحل إلى الشحر، وأخذ عن أحمد السّبتي، وامتحن بقضاء الشحر من قبل سلطانها عبد الرحمن بن إقبال، ثم عزل نفسه، وعاد إلى بلده تريم. وكان فقيها فاضلا، عارفا ورعا، عاملا بعلمه، ثم رجع إلى الشحر، فخرج السلطان وأهل البلد للقائه؛ فرحا بقدومه، فقال له السلطان: لعلك تعطفت علينا، وعزمت على معاودة بلدنا، فقال: إنما جئت من جهة حكومات حكمت بها، وأنا متردد فيها، فأحببت التحلل من أهلها، فلا أرى الأجل إلا قد قرب، ثم جعل يسأل عن القوم، وكلما اجتمع بأحد منهم .. سأله عن حكومته، واستبرأه منها ومن مأثمها، فآخر من وصله عجوز، فلما أخبرها بالأمر واستحلها .. بكت بكاء شديدا، ثم أحلته بعد أن سألته الدعاء، فمد يده ودعا

(1) «السلوك» (2/ 464)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 25)، و «تحفة الزمن» (2/ 429)، و «تاريخ شنبل» (ص 98)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 131). (2) انظر (6/ 233). (3) انظر «طراز أعلام الزمن» (1/ 25). (4) انظر «السلوك» (2/ 464).

3101 - [علوان الجحدري]

لها، ثم سار من فوره راجعا إلى بلده، فبعث السلطان عبد الرحمن إلى ابن أخيه بشيء من المال يعطيه الفقيه يتزود به، فلما أخبر الفقيه بذلك .. قال: لا حاجة لي بشيء إلا منك، فالذي أريده منك كذا وكذا زادا، وكذا وكذا من الحوائج، فأخذ له حاجته بمبلغ زهيد، فلما وصل منزله .. أبرك جمله على باب بيته، ونزل منه، فانعسفت رجله، فلم يدخل إلى بيته إلا محمولا، ومرض أياما، ثم توفي على رأس ستين وست مائة (1)، وتأمل فقهاء عصره تلك الحكومات التي استبرأ منها، فوجدوه قد حكم في كلها بظاهر الشرع، إلا أن الورع يتردد في صحتها باطنا. 3101 - [علوان الجحدري] (2) أبو منصور علوان بن عبد الله بن سعيد الجحدري، ثم المذحجي نسبا، الكردي لقبا. كان قيلا من أقيال اليمن، وأوحد أعيان رؤساء الزمن، شجاعا مقداما، مطعاما مطعانا، عزيز الجار، رحيب الدار، عفيف الإزار، منيع الذمار، ملك حجرا ونواحيها، وتغلب على حصونها: العروسين ووعل والنويرة ونعمان شرقي الجند، وحارب ملوك الغز، فلم يظفروا منه بطائل. وكان شاعرا فصيحا، وهو القائل أيام قتال المنصور: [من البسيط] من تاب عن حرب نور الدين من جزع … فإنني عنه ما عمّرت لم أتب فلما طال عليه الحصار من المنصور .. باع حصونه عليه بمال جزيل، وأضمر المنصور أنه إذا نزل من الحصن .. أسره، واستعاد منه ما قبض من المال، فنزل متنكرا مع النساء، وترك خلفه من يجهز ما في الحصن ويتبعه به، وقد كتب له عدة علامات، فصار النائب يكتب تحتها بما شاء إلى السلطان وغيره، فلما فرغ ما في الحصن .. نزل نائبه، ثم سئل عن الشيخ فقال: هو أول من نزل مع الحريم-كما نقل عن جوهر المعظمي حين باع الدّملوة على سيف الإسلام طغتكين بن أيوب (3) -ولم يزل المنصور يسعى في لزومه حتى اتفق له ذلك، فأتي به إليه أسيرا، فحبسه في حصن حب مدة، فكان يدعو الله تعالى ويتضرع إليه خلف كل

(1) في «تاريخ شنبل» (ص 98)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 131) توفي سنة (662 هـ‍). (2) «السلوك» (2/ 194)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 138)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 206)، و «تحفة الزمن» (1/ 501). (3) انظر ما نقل عن جوهر المعظمي في ترجمته (4/ 379).

صلاة في الخلاص من حبسه، فرأى في النوم من يقول له: ادع الله بهذه الكلمات: اللهم؛ إني أسألك بما ألهمت به عيسى من معرفتك، وما علمته من أسمائك التي صعد بها إلى سمائك، وبما علمته من ربوبيتك ووحدانيتك؛ إلا فككت أسري برحمتك، فلم يزل يكرر ذلك الدعاء حتى أطلقه الله، ورد عليه حصونه كلها. ولما توفي المنصور، ونزل المظفر من تهامة، وحط على حصن تعز .. استعان بالشيخ علوان المذكور، فأقبل إليه بنحو عشرين ألفا من مذحج، فلما أخذ المظفر حصن تعز .. جعل الجند للشيخ علوان ولمن معه نهبا، فلما علم أهل الجند بتوجه علوان إليهم لنهبها .. أغلقوا أبواب الجند، واجتمعوا في مسجدها على تلاوة القرآن والصلاة والتضرع إلى الله بكفاية شر علوان، فرأى علوان في المنام كأن مسجدا يطوف حول المدينة وفيه جماعة يصلون ويقرءون القرآن، وعلى أبوابه جماعة بأيديهم سيوف مصلتة، وهم يهمون بضرب من دنا منهم أو دنا من المدينة، قال: فقلت لبعضهم وأنا بعيد منه: ما هذا؟ فقال: مسجد الجند يطوف حولها ويحميها من تعدّي علوان عليها أو على أهلها، وهؤلاء ملائكة على بابه واقفون يصدون عنه من أراده وأهله بسوء، وهؤلاء الذين في وسطه أهله يدعون الله بكفاية شر علوان، فاستيقظ علوان، وقص الرؤيا على فقيهه عبد الله بن يحيى بن أحمد ابن أبي الليث الهمداني الآتي ذكره في العشرين بعد هذه (1)، ثم قال: ومن تكن الملائكة تحرسهم .. فكيف يليق التعرض لهم؟ ! فقال له الفقيه: لا مصلحة لك في ذلك، فارتحل عنهم، وتاب الشيخ علوان في آخر عمره، وحسنت توبته، وصلح أمره، وقال يعاتب نفسه: [من الطويل] وقد كان ظني الغيّ واللهو إنما … يكونان في عصر الشباب الغرانق فلما أتاني الشيب وانقرض الصبا … نظرت وذاك الغيّ غير مفارق فقال بلى لكن رأيتك ربما … تكون بإحدى الحالتين موافقي فقلت له لا مرحبا بك بعدها … وإنك مني طالق وابن طالق فقال سمعنا ما حلفت به لنا … وكم مثلها قد قلتها غير صادق فقلت أمن بعد الطلاق فقال لي … وأيّ طلاق للنساء الطوالق فقلت له لي منك جار يجيرني … فقال ومن هو قلت ذو العرش خالقي

(1) انظر (5/ 399).

3102 - [الحسين بن محمد السحولي]

فولّى له مني ضجيج فقلت لا … تضجّ وبادر نحو كل منافق ومن محاسن علوان رحمه الله تعالى: كان متى بلغه أن يتيمة بلغت الزواج ولم يرغب فيها أحد .. خطبها لنفسه، وأحضر لها مالا له قدر وتزوجها، ثم يخلو بها ويطلقها، وربما يطلقها قبل الدخول بها، فيرغب فيها غيره؛ إما للمال، أو شحا على زواجته (1). ولم يزل على الطريق المرضي إلى أن توفي على رأس ستين وست مائة، وخلف ولدين ضعفا عن القيام مقامه، فباعا الحصون على الملوك. 3102 - [الحسين بن محمد السحولي] (2) الحسين بن محمد بن الحسين أبو عبد الله. كان فقيها صالحا، عابدا زاهدا، مشهورا باستجابة الدعوة. قال الجندي: (أخبرني الثقة أن الفقيه سعيد بن منصور أثقله الدين، فقصد زيارة الفقيه حسين المذكور من بلده، فلما اجتمع به .. سأله أن يدعو له بقضاء الدين، فدعا له الفقيه حسين: اللهم؛ اقض دينه، وفرج همه، فلما رجع إلى منزله .. وجد رسل الشيخ علوان ينتظرونه، فخرج معهم إلى الشيخ علوان، وكان باب علوان كأبواب الملوك، فلم يجتمع به إلا بعد يومين أو ثلاثة، فلما اجتمع به .. قال له: يا فقيه؛ خطر ببالي منذ مدة أن أبني مدرسة، ثم فكرت أن هذه البلدة ليست ببلد مدارس، وأن عمل المدارس فيها إضاعة للمال، فلما كان ليلة كذا، وعزمت على ما كنت نويته من قبل .. وقع في قلبي أن أجعلك مدرسها، فأرسلت إليك، ثم لم يبق عزمي على ذلك بعد ما أرسلت إليك، فبالله عليك، ما كان من فعلك تلك الليلة-يعني الليلة التي اجتمع فيها هو والفقيه حسين-فأخبره باجتماعه بالفقيه حسين، ودعاء الفقيه حسين له بقضاء الدين، فقال له الشيخ علوان: كم دينك؟ فأخبره به، فلما أخبره به .. أذن له في الرجوع إلى بلده، فخرج من عنده ولم يصله بشيء، فما وصل الفقيه سعيد إلى منزله إلا وجد فيه طعاما كثيرا، وأحمالا من الزبيب والحطب، وكيسا فيه الدين الذي ذكره لعلوان، ومثله، فقيل له: هذا أرسل به إليك الشيخ علوان،

(1) كذا في مصادر الترجمة، وفي «طراز أعلام الزمن» (2/ 211). (2) «السلوك» (2/ 193)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 378)، و «تحفة الزمن» (1/ 501)، و «طبقات الخواص» (ص 128)، و «هجر العلم» (3/ 1416).

3103 - [سعيد بن منصور]

فعجب الفقيه من أدب علوان، وعلم أن ذلك ببركة الفقيه حسين) (1). وتوفي الفقيه حسين بقرية العراهد من وادي السّحول، وكان مسكنه بها، وهي بفتح العين المهملة والراء، ثم ألف بعدها هاء مكسورة، ثم دال مهملة. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان حيّا في أيام الشيخ علوان الجحدري المذحجي. 3103 - [سعيد بن منصور] (2) سعيد بن منصور بن علي بن عبد الله بن إسماعيل بن أحمد بن أبي الخير بن الحسين بن مسكين أبو محمد. تفقه بمحمد بن مضمون، وكان فقيها صالحا، في غاية من الزهد والورع والعبادة مع الاشتغال بقراءة الكتب، ودرس بالمدرسة النجمية بذي جبلة. وكان بينه وبين الفقيه عمر بن سعيد العقيبي صحبة ومؤاخاة ومعاقدة على أن من مات منهما قبل صاحبه .. حضره الآخر، وتولى غسله والصلاة عليه، فقدر الله موت الفقيه سعيد ببلده دلال بعد أن زهد في المدرسة، وأوصى إلى من يثق به أن يرسل رسولا قاصدا متى أن مات إلى الفقيه عمر بن سعيد يعلمه بموته، وتوفي نصف الليل، فبادر الوصي، فأرسل قاصدا إلى الفقيه عمر بن سعيد، فلما بلغ نصف الطريق .. واجهه الفقيه عمر بن سعيد مقبلا، فقال له: مات الفقيه؟ قال: نعم. وكانت للفقيه سعيد كرامات ظاهرة في حياته وبعد موته، منها ما يروى أن زريعا الحداد دخل عليه عقب عيد النحر وكان بينهما صحبة متأكدة، فقال: يا سيدي الفقيه؛ رأيت ما كان أحلى الحج في هذه السنة، فنظره الفقيه بازورار، ففهم زريع كراهية الفقيه لذلك، فسكت مستحيا، ثم جعل الفقيه يعتذر له، ويغالط الحاضرين، قال المخبر: فلما خرج الحاضرون .. قلت للفقيه: يا سيدي؛ نحن محبوكم وصحبناكم، ثم يحصل لكم هذا النصيب الوافر فلا تشركوننا فيه، ولا في شيء منه؟ ! فأراد الفقيه مغالطتي وإنكار ذلك،

(1) «السلوك» (2/ 193). (2) «السلوك» (2/ 169)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 137)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 473)، و «تحفة الزمن» (1/ 485)، و «طبقات الخواص» (ص 144)، و «هجر العلم» (1/ 258).

3104 - [عبد الله الجماعي]

فلم أقبل منه، فقلت: سألتك بالله يا سيدي إلا ما أخبرتني كيف تفعلون؟ هل هو طيران أم خطو أم ما ذلك؟ فقال له الفقيه: هو شيء لا أستطيع تكييفه، بل هو قدرة من قدرة الله تعالى، يختص بها من يشاء من عباده. قال: وبلغني وفاته في نحو من ستين وست مائة بعد أن بلغ عمره نحوا من ثمانين سنة، وكل ذلك على طريق التقريب، والله أعلم. 3104 - [عبد الله الجماعي] (1) عبد الله بن عبد الرحمن بن الفقيه محمد بن أحمد بن الفقيه عمر بن إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن يوسف بن علقمة الجماعي ثم الخولاني، وجماعة-بضم الجيم-بطن من خولان. ولد سنة إحدى وتسعين وخمس مائة، وأدرك جده محمد بن أحمد، وأخذ عنه. وعنه أخذ الفقيه محمد بن أبي بكر الأصبحي، والفقيه محمد بن عمر الزيلعي، وسمعا منه كتاب «الرقائق» لابن المبارك. وكان عارفا بالفقه والحديث والتفسير، يحفظ «تفسير النقاش» حفظا جيدا، محبوبا عند الناس، مقبول الشفاعة، وكان يتنعم في مطعمه وملبسه فيدّان، فإذا ضاق حاله من الدين .. نزل إلى منصورية الجند، وتخلى له مدرسها عن منصبه، فيدرس بها مدة بقدر ما يحصل له من معلومه قضاء دينه، ولا يأكل من معلومها شيئا، فإذا قضى دينه .. رجع إلى بلده مبادرا، ومن بقي عليه شيء من قراءته لم يتمها .. لحقه إلى بلده، فيتم قراءته هنالك. وكان صاحب كرامات ومكاشفات، ومنها قصة الهرة المشهورة، وهو أنه كان ليلة قائما يصلي ورده، وسمع من الشارع في قبالة الطاق الذي في بيته من ينادي: يا مسعودة، يا مسعودة، فأخفّ الفقيه الصلاة، ثم أشرف من الطاق، فإذا كلب على جذم حائط (2) يحدث هرة خرجت من بيت الفقيه حين دعاها، فقالت له الهرة: من أين جئت؟ قال: من زبيد اليوم؛ لأن الملك المعز قتل، وأريد أبلّغ الخبر صنعاء، ولكني جوعان، فانظري لي

(1) «السلوك» (1/ 470)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 119)، و «تحفة الزمن» (1/ 382)، و «هجر العلم» (2/ 771)، و «المدارس الإسلامية» (ص 41). (2) جذم حائط: بقية حائط.

شيئا آكله، فقالت له: ليس في البيت شيء إلا وقد غطي وذكر اسم الله عليه، قال: فما فيه صغير قد أكل شيئا فنام قبل أن يغسل فمه؟ قالت: بلى، ولكني أخشى أن تضره، قال: لا، ولكن إذا أصبح وعلى فيه شيء .. فاطلوه بطحلب الجرة (1)، ثم غاب الكلب عن نظر الفقيه، ورجع الفقيه إلى ورده وإذ به يسمع بكاء ابن له صغير في مهده، فاستيقظت أمه، وحركته حتى نام، فلما أصبح .. ظهر على فم الصبي بثر، فقالت أمه للفقيه: انظر هذا الذي أصبح على فم ابني، فقال: منك، تطعمينه ولا تغسلين له فمه من الطعام، فذكرت أنها لم تغسل فمه تلك الليلة من الطعام، فأخذ الفقيه طحلب الجرة، وطلا به فم الصبي فبرئ، ثم أقبلت الهرة تمشي على عادتها، فقال لها الفقيه: هكذا يا مسعودة تساعدين علينا؟ ! فنظرت إلى الفقيه ساعة ثم ولت، فقال الفقيه: قد ربينا هذه الهرة، فالله عليها خير حفظا، فنزلت الهرة إلى الدّهليز، وأرادت تخرج من طاقة، فحنبت فيها (2)، فلما كان بعد يومين .. فقدت، فبحثوا عنها، فوجدوها قد حنبت في تلك الطاقة، فأمر الفقيه من خلصها وأتى بها إليه، فقال لها: لا بأس عليك، لا تغيري الصحبة. فلما اشتهرت هذه الحكاية .. صار كل من حصل عليه بثر حول فمه طلاه بطحلب الجرة فبرئ، وجرب ذلك مرارا. وكان الفقيه المذكور خطيب بلده وإمام جامعها. وتوفي نحوا من سنة ستين وست مائة، وحضر دفنه خلق لا يحصون. قال الجندي: (ومن غريب ما جرى يوم موته أنه كانت له بقرة-غالب إدامه من درها ودهنها-هلكت يوم وفاته، وأخرجت من الموضع قبل أن يخرجوا بالفقيه، وكان بينه وبين مؤذن مسجده مودة أكيدة، فلما توفي الفقيه .. خرج المؤذن في جملة المشيعين، وخرج معه بولد صغير له يحمله على كتفه؛ خوفا عليه من الزحام، فلما فرغ من الدفن .. جعل يطلب ولده يمينا وشمالا، فلما لم يبن .. صاح به، فأجابه الصبي وهو على كتفه، فتعجب الناس من اشتغال خاطره حتى نسي ابنه وهو على كتفه) (3).

(1) الطحلب-بضم الطاء واللام، وبفتح اللام أيضا-: الخضرة التي تعلو الماء الراكد. (2) حنبت: علقت (لهجة يمنية). (3) «السلوك» (1/ 472).

3105 - [علي بن عمر]

3105 - [علي بن عمر] (1) علي بن عمر بن علي بن مسعود بن أخي القاضي مسعود بن علي بن مسعود. كان فقيها عارفا محققا، ولي قضاء صنعاء برهة من الزمان، ثم استعفى المنصور الغساني عن القضاء فأعفاه، وولي قضاء صنعاء بعده أخوه لأمه عمر بن سعيد الآتي ذكره (2). وحج القاضي علي بن عمر سنة تسع وخمسين وست مائة. وتوفي بعد عوده من الحج من صفر من سنة ستين وست مائة. 3106 - [محمد بن أبي بكر العمراني] (3) محمد بن القاضي أبي بكر بن أحمد بن محمد بن موسى بن الحسين العمراني. كان فقيها فاضلا، حسن الفقه، توفي أبوه وهو مراهق، فأضاف المنصور القضاء إلى عمه أسعد بن محمد بن موسى المتقدم ذكره (4)، فتوقف عن القبول، فقال له المنصور: إلى أن يكمل ولد القاضي أبي بكر لمكان أبيه من القضاء، فلما كمل .. كتب القاضي أسعد إلى السلطان يخبره بكماله، فولاه السلطان قضاء الأقضية، فسلك فيه مسلك أبيه من حسن الطريقة، ولين الأخلاق المحمودة. وكان محمود السيرة إلى أن توفي على الطريق المرضي في عشر الستين وست مائة. 3107 - [الحسين بن محمد العدني] (5) الحسين بن محمد بن عدنان أبو عبد الله.

(1) «السلوك» (1/ 443)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 137)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 314)، و «تحفة الزمن» (1/ 363)، و «هجر العلم» (2/ 736) و (4/ 1979). (2) انظر (5/ 413). (3) «السلوك» (1/ 425)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 109)، و «تحفة الزمن» (1/ 349)، و «هجر العلم» (4/ 2070). (4) انظر (5/ 213). (5) «السلوك» (2/ 424)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 380)، و «تحفة الزمن» (2/ 381)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 63).

3108 - [عبد الله ابن الضرغام]

كان فقيها فاضلا، دينا تقيا، حسن السيرة، قانعا من الدنيا باليسير، وكان إمام مسجد الزنجبيلي بعدن مدة، ثم إن أهل تانة كتبوا إلى المظفر يسألونه أن يبعث إليهم فقيها يكون حاكما بينهم، فكتب المظفر إلى نائبه بعدن يأمره أن ينظر فقيها جيدا عارفا، يصلح لما طلبوه، فعين الفقيه حسينا المذكور، فأمره السلطان أن يزوده، ويبعث به إليهم، ففعل ذلك، وسار الفقيه إليهم، فأقام عندهم إلى أن توفي، وكانوا يثنون عليه في حكمه. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في أيام المظفر (1). 3108 - [عبد الله ابن الضرغام] (2) عبد الله بن محمد بن الضرغام. كان فقيها فاضلا، تفقه به جماعة، منهم علي بن أحمد الجنيد، وعمر بن محمد الجرهمي، وابن عمه سليمان وغيرهم. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لابني عمه سليمان وأحمد ابني علي (3). 3109 - [عثمان ابن شاوح] (4) أبو عفان عثمان بن علي بن سعيد بن شاوح. كان فقيها صوفيا، تفقه ثم تصوف وصحب الشيخ مدافع بن أحمد مقدم الذكر في العشرين الأولى من هذه المائة (5)، ولما لزم المسعود الشيخ مدافع ونفاه عن بلده .. استخلف الشيخ مدافع الفقيه عثمان بن شاوح على أصحابه. ويحكى أن الشيخ عليّا الرّميمة قال للقاضي تقي الدين محمد بن علي: يا قاضي؛ من السلطان اليوم؟ قلت له: الملك المظفر، قال: هكذا كنت أظن، حتى كانت ليلة أمس،

(1) وقد امتدت دولته من سنة (647 هـ‍) إلى سنة (694 هـ‍). (2) «السلوك» (1/ 438)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 149)، و «تحفة الزمن» (1/ 359). (3) لم يترجم المصنف رحمه الله تعالى لسليمان وأحمد ابني علي، فكيف تكون ترجمة عبد الله تابعة لترجمتهما؟ ! . (4) «السلوك» (2/ 107)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 257)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 192)، و «تحفة الزمن» (1/ 441)، و «طبقات الخواص» (ص 193). (5) انظر (5/ 73).

3110 - [محمد بن علي الحكمي]

فقمت لوردي، فبينا أنا أصلي؛ إذ سمعت جميع البيت حتى الخشب والصرب (1) وما فيه من آلة يقول: جاء السلطان، جاء السلطان بفرح، حتى سمعت طاقيتي تقول ذلك، حتى الحيوان الذي في البيت، فغلب على ظني أن المظفر سيصل إلي، فلما أصبحت .. أمرت أهلي بتنظيف البيت، فلما دفيت الشمس .. أقبل الفقيه عثمان ابن شاوح يسير على ضعف وفي يده عصا يتوكأ عليها، وكان له بالقرب من بيتي مزرعة فيها زرع جيد، فدخل عليّ البيت، وصافحني بعد السلام، فقلت له: يا فقيه؛ ما أحسن زرع ضيعتك، فتنفس الصعداء وقال: ضيعتي آخرتي، فحين قال ذلك .. غلب على ظني أنه السلطان المعني، فقلت له: نعم أنت السلطان، فقال: وقد أعلموك؟ ! أحسن الله العاقبة والخاتمة. قال الجندي: (وأخذ الخرقة عن هذا الفقيه جماعة، منهم الشيخ عمر المسن، وله قرابة يعرفون ببني شاوح هم أولاد أخيه، وأما هو .. فلا عقب له، ولا أظنه تأهل بامرأة قط) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في أيام المظفر. 3110 - [محمد بن علي الحكمي] (3) محمد بن الفقيه علي بن محمد الحكمي، تقدم ذكر أبيه في العشرين قبل هذه (4). كان المذكور فقيها بارعا، عارفا مجتهدا، درس بعد أبيه بمدرسة الميلين بزبيد، ولم تزل ذريته يتوارثون التدريس فيها مدة طويلة، وما برحوا يجللون ويحترمون ببركته. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين؛ فإن الجندي ذكر أنه رأى إجازة له في إقرائه لبعض الطلبة في كتاب «المهذب» مؤرخة بجمادى الأولى من سنة خمسين وست مائة (5).

(1) الصرب: الأعواد الصغار التي توضع على خشب السقف (لهجة يمنية). (2) «السلوك» (2/ 107). (3) «السلوك» (2/ 475)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 242)، و «تحفة الزمن» (1/ 386)، و «المدارس الإسلامية» (ص 12). (4) لم يتقدم لأبيه ذكر، وانظر ترجمته في مواضع ترجمة ابنه من المصادر المتقدمة. (5) انظر «السلوك» (2/ 475).

3111 - [عمر بن إبراهيم الحداد]

3111 - [عمر بن إبراهيم الحداد] (1) عمر بن إبراهيم بن علي الحداد، أصله من سهفنة، ونسبه صعبي. تفقه بعرج على الفقيه أحمد بن مقبل الدّثيني، ثم رحل إلى تهامة، فقرأ بها على الفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي، ثم عاد إلى سهفنة، ثم إلى عرج إلى الفقيه أحمد بن مقبل. وكان فقيها صالحا، زاهدا عابدا، خيّرا ورعا، وكان بينه وبين الفقيه أبي بكر بن محمد بن ناصر مؤاخاة، وكثيرا ما يتزاوران. قال ابن ناصر: ما أحد هون الدنيا فهانت عليه مثل الفقيه عمر بن الحداد. وكان كثير الحج والزيارة، توفي بالمدينة. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة ابن ناصر المذكور (2). 3112 - [محمد السباعي] (3) محمد بن خليفة السّباعي. تفقه بعمه علي بن مسعود مقدم الذكر (4)، وأخذ عن الزبير، وكان فقيها عارفا. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لشيخه علي بن مسعود. 3113 - [محمد بن عبد الله الحارثي] (5) محمد بن عبد الله بن عبد المحمود الحارثي-نسبة إلى جد له اسمه الحارث-وكانت أمه من قرابة الفقيه علي بن مسعود، فلما رأى اجتهاد خاله علي بن مسعود وما ظهر عليه من

(1) «السلوك» (2/ 236)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 394)، و «تحفة الزمن» (1/ 527)، و «هجر العلم» (2/ 981). (2) لم يترجم المصنف رحمه الله تعالى لابن ناصر، وهو أبو بكر بن محمد بن ناصر الحميري، انظر ترجمته في «السلوك» (2/ 68)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 186)، و «طبقات الخواص» (ص 397). (3) «السلوك» (2/ 322)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 178)، و «تحفة الزمن» (2/ 103)، و «هجر العلم» (4/ 1979). (4) انظر (5/ 221). (5) «السلوك» (2/ 322)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 213)، و «تحفة الزمن» (2/ 102)، و «هجر العلم» (4/ 1980).

3114 - [جعفر بن أبي الفهم]

بركة العلم .. جدّ المذكور في الاشتغال بطلب العلم حتى صار فقيها كبيرا، عارفا مشهورا فاضلا خصوصا في علم الفلك، وابتنى له المظفر جامع واسط، فدرس فيه. قال الجندي: (وقيل: إنما بناه لبعض بني الدليل، والله أعلم بالصواب) (1). ولم أقف على تاريخ وفاته، وغالب ظني أنه كان في هذه العشرين حيا موجودا. 3114 - [جعفر بن أبي الفهم] (2) جعفر بن أبي الفهم الملقب عزّ الدين. كان أميرا جليلا، نبيها فاضلا أديبا، حسن المحاضرة، حضر مجلس المظفر وفيه طائر قد علم أنه إذا أشير إليه .. غرد وطرب، فأشار إليه المظفر، ففعل ما يعتاد من ذلك، فقال الأمير عزّ الدين في ذلك: [من المنسرح] أيوسف العصر أنت سلطان … عبدك فيما يراه حيران أجابك الطير إذ أشرت له … أيوسف أنت أم سليمان وهو الذي أرسله المظفر إلى الخليفة المستعصم بالله بن المستنصر العباسي ببغداد في سنة تسع وأربعين وست مائة، فسار طريق براقش، وسلك الرمل، واتخذ الأدلة من البادية، يحكى أنهم ساروا من براقش إلى العراق أربعة عشر يوما، فحضر مقام الخليفة، وعرض عليه الكتاب، فقرأه الخليفة، وأمر أن يكتب له منشورا، وولاّه اليمن، وقال الخليفة: كم جائزة صاحب اليمن؟ فقالوا: عشرة آلاف دينار وخلعة، فقال الأمير عزّ الدين: وكم جائزة صاحب مصر؟ قالوا: أربعون ألفا، فقال عزّ الدين: لا أقبل لمخدومي دونها، فقال له الوزير: إن إقليم مصر كبير، أكبر من إقليم اليمن، فقال عزّ الدين: ما كان في اليمن من ضعف فأوصاف مخدومي تجبره، فقال له الخليفة: لقد سررنا بمقالتك، ثم قال: أجيزوه بجائزة صاحب مصر، ففعلوا، ثم رجع عزّ الدين بن أبي الفهم إلى اليمن ومعه رسول الخليفة، فلما وصل إلى اليمن .. ألبس المظفر الخلعة، وقرأ له المنشور، وولاه العهد بوكالة المستعصم بالله.

(1) «السلوك» (2/ 322). (2) «السلوك» (2/ 571)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 283)، و «تحفة الزمن» (2/ 500).

3115 - [الحسن ابن فيروز]

ولم أقف على تاريخ وفاة ابن أبي الفهم، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين، والله أعلم. 3115 - [الحسن ابن فيروز] (1) الحسن بن أبي بكر بن فيروز. كان أميرا كبيرا، عالي الهمة، كبير النفس دينا، يحب الفقهاء والصالحين، متنسكا، كثير التلاوة، ابتنى مدرسة في إب. قال الجندي: (وبنو فيروز قوم أكراد تديروا مدينة إبّ واستوطنوها من قديم، وكانوا أهل فراسة ورئاسة، والغالب عليهم فعل الخير، وابتنوا عدة مدارس في إب، ووقفوا عليها، وفيهم جماعة يميلون إلى العبادة والتنسك، ولما قتل المماليك المنصور عمر بن علي بن رسول في قصر الجند .. تركوه مطروحا في القصر وخرجوا من الجند هاربين، وكان المظفر في المهجم، وأولاده من بنت جوزة في تعز، فاجتمع بنو فيروز، وحملوا المنصور قتيلا في محمل إلى تعز، وقاموا على غسله ودفنه والقراءة عليه كما ينبغي لمثله، ولولا عزمهم وتشميرهم يومئذ .. لم يقدم عليه أحد من الناس، فكان المظفر يعرف لهم ذلك) (2). 3116 - [داود المكين] (3) أبو العز (4) داود بن عبد الله الملقب بالمكين. كان من أعيان الكتاب وفضلائهم. يحكى أنه كان بزبيد يحاسب كتابها، وبها يومئذ كاتبان يعرف أحدهما بالمكين، فكتب إليه صاحبه كتابا يخبره فيه بنصيبه من شيء اقتسماه، وربما سيره مع الرسول، وقال لغلامه: تقدم بهذه الورقة إلى المكين، فظن الرسول أنه يعني المشدّ، فأعطاه الورقة وكان

(1) «السلوك» (2/ 164)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 322)، و «تحفة الزمن» (1/ 482). (2) «السلوك» (2/ 114). (3) «السلوك» (2/ 564)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 396)، و «تحفة الزمن» (2/ 496). (4) كذا في «طراز أعلام الزمن» (1/ 396)، وفي «السلوك» (2/ 564): (أبو العزيز)، وفي «تحفة الزمن»: (2/ 496): (أبو الغوائر).

3117 - [عبد الله ابن أبي عقامة]

في ملأ من الناس، فلما عرف ما فيها .. سكت، فلازمه الرسول بالجواب، فقال: ما لك عندي جواب، فرجع الرسول إلى أستاذه وأخبره بالقصة، فداخله من ذلك فزع عظيم، وأيقن بالعقاب الشديد من المكين، وأعيته الحيلة، فوقف في بيته يوما أو يومين، ثم سار إلى المكين لما يعتاده من الوصول إليه والانقياد لأمره، فلما دخل عليه .. بشّ به وآنسه من نفسه بخلاف ما يعتاده، فلما أراد الانصراف .. قال له: لا تعد إلى مثل ما فعلت، فما كل أحد يحتمل هذا، وكان له عند المنصور وجاهة عظيمة. قال الجندي: (وأحسبه أدرك الدولة المظفرية) (1). ولم يزل على أحسن سيرة إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، والله سبحانه أعلم. 3117 - [عبد الله ابن أبي عقامة] (2) عبد الله بن محمد بن القاضي أبي الفتوح عبد الله بن علي بن محمد بن علي بن أبي عقامة. تفقه بالفقيه حسن الشيباني، فلما ندب القاضي أثير الدين الفقيه حسن قاضي زبيد في صدر دولة طغتكين بن أيوب وامتنع من القضاء .. استشاره القاضي أثير الدين فيمن يوليه مكانه، فأشار بالقاضي عبد الله المذكور لما قد خبره من دينه وفقهه، فولي القضاء في زبيد من جهة أثير الدين. قال الجندي: (ولم يكن ثبتا في القضاء، فلما استمر الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي في القضاء الأكبر، وتحقق منه ما يوجب العزل .. ترجح له عزله، فكتب إلى المظفر يخبره بذلك ويستشيره، فاستعطف المظفر قلب الفقيه إسماعيل، وكتب إليه: يا سيدي؛ هو من بيت علم أنت تعلم حالهم وسابقتهم في هذا الشأن، فتصدق عليه بالعطف والصبر؛ كرامة لسلفه، وخرج الجواب مختوما معنونا بالقاضي، فظن الرسول أنه قاضي البلد، فذهب إليه، ففضه وقرأ كتاب الفقيه إسماعيل وجواب السلطان له، ثم

(1) «السلوك» (2/ 564). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 247)، و «السلوك» (1/ 381)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 150)، و «تحفة الزمن» (1/ 307)، و «هجر العلم» (1/ 53).

3118 - [عبد الله المطراني]

طواه، واعتذر وقال: اذهبوا به إلى قاضي القضاة، وأعلموه أن الرسول غلط فوصل إليّ، فظننت أنه إليّ ففتحته، وتغير خاطر الفقيه إسماعيل؛ إذ كان لا يحب وقوف القاضي عليه لو أجابه السلطان إلى عزله، فكيف مع عدم ذلك! ! قال الجندي: ولم يزل بنو أبي عقامة قضاة زبيد، وربما كانوا قضاة في غالب التهائم منذ دخل ابن زياد اليمن ومعه محمد بن هارون-أي: جدهم-إلى صدر الدولة المظفرية، حتى كان آخر من ولي القضاء منهم إبراهيم في الدولة المظفرية، ثم إن القاضي إبراهيم ابن أبي عقامة خرج يباشر أرضا له في ناحية المسلب، ثم رجع إلى زبيد، فعثرت به دابته في رجوعه، فسقط عنها، فاندقت عنقه، فمات لفوره ولم يرفع إلا ميتا، وهو آخر من ولي القضاء من بني أبي عقامة) (1). ولم يذكر الجندي تاريخ وفاة القاضي عبد الله المذكور، والظاهر أنها في صدر الدولة المظفرية، فوضع ترجمته في هذه العشرين أنسب منه في غيرها، والله سبحانه أعلم. 3118 - [عبد الله المطراني] (2) عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحسن المطراني. تفقه بزبيد على القاضي عبد الله بن محمد العقامي، وعنه أخذ سعد الحديقي «التنبيه». وكان فقيها عالما عارفا مجتهدا. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ***

(1) «السلوك» (1/ 381). (2) «السلوك» (2/ 410)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 150)، و «تحفة الزمن» (2/ 371).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والأربعون بعد ست مائة فيها: حكمت التتار على بلاد الروم، وألزم صاحبها ابن علاء الدين بأن يحمل لهم كل يوم ألف دينار ومملوكا وجارية وفرسا وكلب صيد (1). وفيها: توفي سلطان بن محمود البعلبكي صاحب الأحوال والكرامات، أحد أصحاب عبد الله اليونيني، وكريمة بنت عبد الوهاب الزبيرية، وعائشة بنت محمد الواعظة البغدادية، كانت صالحة تعظ النساء، والجواد الذي تسلطن بدمشق بعد الكامل، وكان جواد من أمرائه. *** السنة الثانية والأربعون فيها: طلب الملك الصالح الخوارزمية، واجتمعت بعسكر مصر في غزة، وجاءتهم الخلع والنفقات والثياب، وبعث الناصر داود عسكره من الكرك؛ نجدة لإسماعيل، ثم وقع المصاف بقرب عسقلان، فانتصر الخوارزمية والمصريون على الشاميين والفرنج، واستحر القتل في الفرنج، وأسرت ملوكهم، وخاف إسماعيل، فحصّن دمشق، واستعد فيها (2). وفيها: توفي أبو البركات محمد بن الحسين المعروف بالنفيس، وشيخ الشيوخ عبد الله الجويني الصوفي. *** السنة الثالثة والأربعون فيها-وقيل: في التي قبلها-: حاصرت الخوارزمية دمشق وعليهم الصاحب معين الدين، واشتد الخطب، وأحرقت الحواصل، ورمي بالمجانيق من الفريقين، وتعب

(1) «تاريخ الإسلام» (47/ 7)، و «العبر» (5/ 167)، و «دول الإسلام» (2/ 156)، و «مرآة الجنان» (4/ 104)، و «شذرات الذهب» (7/ 363). (2) «تاريخ الإسلام» (47/ 10)، و «العبر» (5/ 171)، و «دول الإسلام» (2/ 157)، و «مرآة الجنان» (4/ 105).

السنة الرابعة والأربعون

الدمشقيون في ولاية الصالح إسماعيل، وذاقوا من القحط والخوف والوباء ما لا يعبّر عنه، ودام الحصار خمسة أشهر إلى أن ضعف إسماعيل، وفارق دمشق، وتسلمها الصاحب معين الدين، فغضبت الخوارزمية من الصلح، ونهبوا داريا، وترحلوا، وراسلوا الصالح إلى بعلبك، وصاروا معه، وردوا فحاصروا دمشق، فأفرط السعر في الغلاء حتى بلغت الغرارة (1) بدمشق بألف وست مائة درهم، وأكلت الجيف، وتفاقم الأمر مع الخمور والفواحش (2). وفيها: عمّر مقدم الجامع بشبام، وجدّد لها منبر، وذلك بأمر الملك المنصور عمر بن علي بن رسول على يد السلطان عبد الرحمن بن راشد بن إقبال في ولاية نصار (3). وفيها: توفي أبو البقاء ابن يعيش الموصلي، والحافظ القدوة أبو العباس أحمد بن عيسى بن الموفق المقدسي الصالحي، والعلامة المفتي أبو العباس أحمد بن محمد بن الحافظ عبد الغني المقدسي، والقاضي الأشرف أبو العباس أحمد بن القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي اللخمي البيساني ثم المصري، والصاحبة ربيعة خاتون أخت صلاح الدين والعادل، ودفنت بمدرستها بالجبل، والمنتجب بن أبي العز بن رشيد الهمذاني نزيل دمشق، قرأ القراءات على غير واحد من الشيوخ، وشرح «الشاطبية» و «المفصل» للزمخشري، وتصدر للإقراء، وشيخ الإسلام أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح، والإمام علم الدين علي بن محمد السخاوي المقرئ، والحافظ الكبير محمد بن محمود البغدادي المعروف بابن النجار. *** السنة الرابعة والأربعون فيها: اتفق الصالح إسماعيل مع الخوارزمية، واستمال الصالح أيوب صاحب حمص وأفسده على إسماعيل، ثم كتب إلى عسكر حلب يحثهم على حرب الخوارزمية وأنهم قد خربوا الشام، فبادر نائب حلب شمس الدين لؤلؤ، واجتمع معه صاحب حمص بالعرب

(1) الغرارة: وعاء من الخيش ونحوه، يوضع فيه القمح ونحوه. (2) «تاريخ الإسلام» (47/ 16)، و «العبر» (5/ 173)، و «دول الإسلام» (2/ 158)، و «مرآة الجنان» (4/ 105)، و «البداية والنهاية» (13/ 195). (3) «تاريخ شنبل» (ص 92)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 86)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 129).

السنة الخامسة والأربعون

والتركمان بعسكر دمشق، وأقبل الملك الصالح مع الخوارزمية إلى الملتقى، واتفق معهم الناصر داود، فجهز الصالح صاحب مصر جيشا، فكسروا الخوارزمية، وساقوا، فنازلوا الكرك، وتسلموا بعلبك وبصرى، وحملوا أولاد إسماعيل إلى القاهرة، والتجأ هو إلى حلب، وانقضت دولته، وصفت الشام لنجم الدين الصالح أيوب فقدمها، وقدم دمشق، ثم مر إلى بعلبك وإلى صرخد، فأخذها وأخذ الصّبيبة من الملك السعيد بن العزيز وهو ابن عمه، ثم مر ببصرى وبالقدس، فأمر بعمارة سورها وأن يصرف مغلها في سورها (1). وفيها: توفي الملك المنصور بن المجاهد، والزاهد إسماعيل بن علي الكوراني. وفيها: خرج نصار بالغز وأميرهم ابن سعد الدين، وجمع لهم مسعود بعد أن غزا بني حرام، فرجع الغز من صيف بعد أن أقاموا بها مدة (2). *** السنة الخامسة والأربعون فيها: أخذ المسلمون من الفرنج طبرية، ثم بعدها بأيام أخذوا عسقلان (3). وفيها: أخذ نجم الدين الصبيبة من الملك السعيد، وعوضه أموالا وخبز مائة فارس بمصر (4). وفيها: نازل عسكر حلب مدينة حمص وأخذوها بعد أشهر (5). وفيها: توفي إبراهيم بن عثمان الكاشغري الزركشي، وأبو علي بن محمد الأزدي الأندلسي الإشبيلي النحوي، والملك المظفر غازي بن الملك العادل، والشيخ أبو محمد بن أبي الحسن بن منصور الدمشقي الصوفي. ***

(1) «تاريخ الإسلام» (47/ 23)، و «العبر» (5/ 181)، و «دول الإسلام» (2/ 160)، و «مرآة الجنان» (4/ 111). (2) «تاريخ شنبل» (ص 93)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (2/ 86)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 129). (3) «تاريخ الإسلام» (47/ 31)، و «العبر» (5/ 185)، و «دول الإسلام» (2/ 161)، و «مرآة الجنان» (4/ 112)، و «شذرات الذهب» (7/ 399). (4) «تاريخ الإسلام» (47/ 32)، و «العبر» (5/ 185)، و «مرآة الجنان» (4/ 112). (5) «تاريخ الإسلام» (47/ 35)، و «العبر» (5/ 185)، و «مرآة الجنان» (4/ 112).

السنة السادسة والأربعون

السنة السادسة والأربعون فيها: توفي الإمام أبو عمرو عثمان بن عمر الكردي المعروف بابن الحاجب، والطبيب عبد الله بن أحمد المالقي المعروف بابن البيطار، وصاحب المغرب أبو الحسن علي بن إدريس المعتضد، والوزير علي بن يوسف الشيباني. *** السنة السابعة والأربعون فيها: عمل الأمجد حسن على أبيه، فراح إلى مصر، وسلم الكرك إلى الصالح أيوب (1). وفيها: نازلت الفرنج دمياط بحرا وبرا، وكان بها فخر الدين بن الشيخ في عسكر، وملكها الفرنج بلا طعنة ولا ضربة، وكان السلطان الملك الصالح أيوب على المنصورة، فغضب على أهلها كيف سيبوها! حتى إنه شنق ستين نفسا من أعيان أهلها، وقامت قيامته على العسكر بحيث إنهم خافوا منه وهموا به، فقال لهم فخر الدين بن الشيخ: أمهلوه؛ فإنه على شفا، فمات السلطان في نصف شعبان بالمنصورة، وكتم موته نحو ثلاثة أشهر، فكان يخطب باسمه وهو ميت، ثم إن مملوكه أقطايا-بالقاف، والطاء المهملة، وبين الألفين مثناة من تحت-ساق على البريد إلى أن عبر الفرات، وساق إلى أن بلغ إلى الملك المعظم بن الصالح أيوب، فجاء به معه حتى قدم دمشق، فدخلها في دست السلطنة، وجرت للمصريين مع الفرنج حروب إلى أن اتفقت وقعة المنصورة، وذلك أن الفرنج حملوا ووصلوا إلى دهليز السلطان، فركب مقدم الجيش فخر الدين بن الشيخ وقاتل إلى أن قتل، وانهزم المسلمون، ثم كروا على الفرنج، ونزل النصر بحمد الله، فقتل من الفرنج مقتلة عظيمة، ثم قدم الملك المعظم بعد أيام (2). وفيها: كان ابتداء دولة المظفر يوسف بن عمر (3).

(1) «تاريخ الإسلام» (47/ 41)، و «العبر» (5/ 192)، و «دول الإسلام» (2/ 162)، و «مرآة الجنان» (4/ 116). (2) «تاريخ الإسلام» (47/ 41)، و «العبر» (5/ 192)، و «دول الإسلام» (2/ 162)، و «مرآة الجنان» (4/ 116)، و «شذرات الذهب» (7/ 411). (3) «العقود اللؤلؤية» (1/ 85)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (2/ 87)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 129).

السنة الثامنة والأربعون

السنة الثامنة والأربعون استهلت والفرنج على المنصورة، والمسلمون بإزائهم مستظهرون؛ لانقطاع الميرة عن الفرنج، ووقوع المرض في خيلهم، وعزم ملكهم على السير في الليل إلى دمياط، ففهم المسلمون ذلك، وكان الفرنج قد عملوا جسرا من صنوبر على النيل ونسوا قطعه، فعبر عليه المسلمون، وأحدقوا بهم، فتحصنوا بقرية منية أبي عبد الله، وأخذ أسطول المسلمين أسطولهم أجمع، وقتل منهم خلق، فطلب ملكهم الطواشي رشيد وسيف الدين القيمري فأتياه، فكلمهم في الأمان على نفسه وعلى من معه، فعقدا له الأمان، وانهزم جلّ الفرنج، فحمل عليهم المسلمون ووضعوا فيهم السيف، وغنم الناس ما لا ينحصر، وأركب ملك الفرنج في حراقة (1)، والمراكب الإسلامية محدقة به تخفق بالكوسات والطبول، وفي البر الشرقي الجيش سائر تحت ألوية النصر، وفي البر الغربي العربان والعوام، وكانت ساعة عجيبة، واعتقل ملك الفرنج بالمنصورة، وكانت الأسرى نيفا وعشرين ألفا، فيهم ملوك وكبار الدولة، وكانت القتلى سبعة آلاف، واستشهد من المسلمين نحو مائة نفس، وخلع الملك المعظم على الكبار من الفرنج خمسين خلعة، فامتنع الكلب ملكهم من لبسها وقال: أنا مملكتي بقدر مملكة صاحب مصر، كيف ألبس خلعته؟ ! ثم بدت من المعظم خفة وطيش وأمور خرج عليه بسببها مماليك أبيه فقتلوه، وقدموا على العسكر عزّ الدين التركماني الصالحي، وساقوا إلى القاهرة بعد أن استردوا دمياط من الفرنج، وذلك أن حسام الدين بن أبي علي أطلق ملك الفرنج على أن يسلم دمياط وعلى بذل خمس مائة ألف دينار، فأركب بغلة، وساق معه الجيش إلى دمياط، فما وصلوا إلا وأوائل المسلمين قد ركبوا أسوارها، فاصفر لون ملك الفرنج، فقال حسام الدين: هذه دمياط قد ملكناها، والرأي ألا يطلق هذا؛ لأنه قد اطلع على عورتنا، فقال عزّ الدين التركماني: لا أرى الغدر، فأطلقه. ولما قتل الملك المعظم .. قصد الملك الناصر صاحب حلب دمشق، واستولى عليها، ثم بعد أشهر قصد الديار المصرية ليتملكها، فالتقى هو والمصريون بالعباسة، فانهزم المصريون ودخل أوائل الشاميين القاهرة، وخطب بها للناصر، فالتف على عزّ الدين التركماني والفارس أقطايا نحو ثلاث مائة من الصالحية، وهربوا نحو الشام، فصادفوا فرقة

(1) الحراقة: ضرب من السفن، فيها مرامي النيران، يرمى بها على العدو في البحر.

السنة التاسعة والأربعون

من الشاميين، فحملوا عليهم وهزموهم، فأسر نائب الملك الناصر، وهو شمس الدين لؤلؤ، فذبحوه وحملوه على طلب الناصر (1)، وكسروا سناجقه (2)، ونهبوا خزائنه، وساقوا إلى غزة، ودخلت الصالحية بأعلام الناصر منكسة وبالأسارى، وهم: ولد السلطان الكبير صلاح الدين، والملك الأشرف موسى بن صاحب حمص، والملك الصالح إسماعيل بن العادل، وطائفة، وقتل عدة أمراء (3). وفيها: توفي أبو الجيش إسماعيل بن العادل الملقب بالملك الصالح، خطب بعده على منابر الإسلام لشجر الدر أم خليل، حظيّة أبيه وزوجته. *** السنة التاسعة والأربعون فيها: أقامت عساكر الشام على غزة نحوا من سنتين؛ خوفا من المصريين، وترددت الرسل بين الناصر والمعز (4). وفيها: تملك المغيث بن الملك العادل بن الملك الكامل الكرك والشّوبك، سلمها إليه متوليها الطواشي صواب (5). وفيها: ثارت الحرب بين عمر بن مسعود ومحمد بن كليب، وافترقت بنو حرام فرقتين، وجرت لقية بينهم في قصعان، ثم التقوا عند مدورة، فقتل عمر بن عيسى (6). وفيها: كان سيل جاحش (7).

(1) الطلب: فرقة من الجيش، تتكون من سبعين إلى مائتي جندي. (2) السنجق: العلم أو الراية. (3) «تاريخ الإسلام» (47/ 49)، و «العبر» (5/ 195)، و «دول الإسلام» (2/ 164)، و «مرآة الجنان» (4/ 117)، و «شذرات الذهب» (7/ 414). (4) «تاريخ الإسلام» (47/ 65)، و «العبر» (5/ 201)، و «مرآة الجنان» (4/ 119). (5) «تاريخ الإسلام» (47/ 65)، و «العبر» (5/ 201)، و «دول الإسلام» (2/ 167)، و «مرآة الجنان» (4/ 119). (6) «تاريخ شنبل» (ص 94)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 88)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 663)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 130). (7) «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 88)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 663)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 130).

السنة الموفية خمسين بعد الست مائة

وفيها: قدم النووي دمشق لطلب العلم (1). وفيها: توفي العلامة علي بن هبة الله اللخمي المعروف بابن الجميزي، والصاحب جمال الدين ابن مطروح يحيى بن عيسى المصري. *** السنة الموفية خمسين بعد الست مائة فيها: توفي الكمال إسحاق بن أحمد المغربي، والإمام اللغوي الحسن بن محمد الصغاني، وسعد الدين ابن حمويه محمد بن المؤيد الجويني. *** السنة الحادية والخمسون فيها: توفي شيخ الشيوخ أبو الغيث بن جميل نفع الله به، والملك الصالح صلاح الدين بن الملك الظاهر غازي بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، والإمام عبد الواحد بن عبد الكريم المعروف بابن الزملكاني، والشيخ محمد بن عبد الله اليونيني. وفيها: توفي السبط في شوال، وصالح المدلجي، وابن النجار الكاتب. *** السنة الثانية والخمسون فيها: تسلطن الملك المعز عزّ الدين (2). وفيها: توفي الأمير فارس الدين التركي الصالحي أقطايا، ومجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله الحراني الحنبلي، والكمال محمد بن طلحة النّصيبيني الشافعي. وفيها: توفي [السديد] مكي، و [الرشيد] العراقي، وبدرة زوجة المجد ابن تيمية، وفرج الحبشي، والشمس الخسروشاهي، وعيسى الخياط. ***

(1) «تاريخ شنبل» (ص 94). (2) «تاريخ الإسلام» (48/ 10)، و «العبر» (5/ 210)، و «مرآة الجنان» (4/ 128).

السنة الثالثة والخمسون

السنة الثالثة والخمسون فيها: توفي إسماعيل بن حامد، عرف بالشهاب القوصي، والإمام المفتي المعمر ضياء الدين الكلبي الشافعي، كذا في «تاريخ اليافعي» ولم يسمه (1)، والنّظام البلخي محمد بن محمد الحنفي نزيل حلب، كان فقيها مفتيا بصيرا بالمذهب، وأبو الحجاج يوسف بن محمد الأنصاري أحد فضلاء الأندلس، وعلي بن معالي الرصافي. وفيها: وقعت الفتنة بين عمر بن مسعود وأحمد بن لبيد، وأقبل أحمد ببني حنش (2)، واجتمعوا للقتال بين بور وقارة جشيب (3)، وهزم عمر ومن معه، وقتل خلق من البدو والقرار (4)، كذا في «تاريخ ابن حسان» (5). *** السنة الرابعة والخمسون في جمادى الآخرة منها: ظهرت نار بظاهر المدينة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام بواد يقال له: وادي أحيليين-بالحاء المهملة، وتكرير المثناة من تحت ثلاث مرات -في الحرة الشرقية تدب دبيب النمل إلى جهة الشمال، وتأكل ما أتت عليه من أحجار وجبال، ولا تأكل الشجر، وعلى عظمها وشدة ضوئها لم يكن لها حر، ومكثت أياما، وظن أهل المدينة أنها القيامة، وضجوا إلى الله تعالى، وكان نساء المدينة يغزلن على ضوئها بالليل على أسطحة البيوت، وهي التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى من أقصى الشام، فلما هابها أهل المدينة .. أرسل واليها الشريف منيف بن شيحة شخصين من أصحابه ليختبرا النار؛ هل أحد يقوى على القرب منها، فذهبا إليها، وقربا منها، فلم يجدا لها حرا، فأدخل أحدهما سهما له فيها، فأكلت النصل دون العود، ثم قلبه وأدخله فيها من جهة

(1) انظر «مرآة الجنان» (4/ 129)، واسمه: صقر بن يحيى بن سالم الحلبي. «شذرات الذهب» (7/ 450). (2) كذا في «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 663)، وفي «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 88): (حنيش)، وفي «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 130): (حميش)، وفي «تاريخ شنبل»: (ص 95): (وقتل أحمد بن حبيش). (3) كذا في «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 663)، وفي «تاريخ شنبل» (ص 95): (جشير)، وفي «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 88) و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 131): (مسيب). (4) القرار: سكان المدن والقرى عكس البدو (لهجة حضرمية). (5) «تاريخ شنبل» (ص 95)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 88)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 663)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 130).

الريش، فأكلت الريش فحسب، وذكر بعضهم أن علة عدم أكلها للشجر كونه صلّى الله عليه وسلم حرّم شجر المدينة. قال الشيخ اليافعي: (وهذا الذي ذكره إنما يصح لو كان السهم المذكور متخذا من شجر حرم المدينة، ولم يعهد أن السهام تتخذ من الحرم المذكور، قال: والذي يظهر-والله أعلم -أن هذه النار لما كانت من آيات الله العظام .. جاءت خارقة للعادة، مخالفة في تأثيرها للنار المعتادة؛ فإن النار تأكل الخشب دون الحجر، فجاءت هذه على عكس تلك من أكل الحجر دون الخشب، وهذا أبلغ في العبر، وأقوى في الأثر) اه‍ (1) وكانت تذيب كل ما مرت عليه من الأحجار والجبال حتى يصير سدّا لا مسلك فيه لإنسان ولا دابة، حتى إنها سدت وادي الشطاه (2) بسد عظيم بالحجر المسبوك بالنار، حتى قال بعض المؤرخين في معرض التعظيم له: ولا كسد ذي القرنين طولا وعرضا وارتفاعا، وانقطع بسبب ذلك سيل وادي الشطاه، وانحبس دون السد المذكور، وكان يجتمع الماء خلفه حتى يصير بحرا مد البصر عرضا وطولا، كأنه نيل مصر في زيادته، ثم انخرق هذا السد من تحته في سنة تسعين وست مائة؛ لتكاثر الماء خلفه، فجرى في الوادي المذكور سنة كاملة ملأ ما بين جنبتي الوادي، ثم انخرق مرة أخرى في العشر الأول بعد السبع مائة، فجرى سنة كاملة وأزيد، ثم انخرق في سنة أربع وثلاثين وسبع مائة، وكان ذلك بعد تواتر أمطار عظيمة بالحجاز في تلك السنة، وكثر الماء وعلا من جانبي السد ومن دونه مما يلي الجبل وغيره، فجاء سيل طام لا يوصف، ومجراه ملاصق لقبة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه قبلي جبل عنين بفتح العين المهملة، ومثناة من تحت بين نونين الأولى مكسورة. قال الشيخ اليافعي: (ولعله الجبل الذي أمر صلّى الله عليه وسلم الرماة أن يقفوا عليه، وحفر السيل المذكور واديا آخر قبلي الجبل المذكور، وبقيت القبة والجبل المذكوران في وسط السيل، وتمادت مدة جريه قريبا من سنة) (3). وفي أول ليلة من شهر رمضان من السنة المذكورة: احترق المسجد الشريف النبوي بعد

(1) «مرآة الجنان» (4/ 132)، . (2) في «تاريخ الإسلام» (48/ 20): (الشظاه). (3) «مرآة الجنان» (4/ 133)، وانظر الحادثة في «ذيل مرآة الزمان» (1/ 5)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 18)، و «مرآة الجنان» (4/ 131)، و «البداية والنهاية» (13/ 221)، و «شذرات الذهب» (7/ 454).

صلاة التراويح على يد فرّاش في الحرم يعرف بأبي بكر المراغي؛ لسقوط ذبالة من يده في المساق من غير اختيار منه، حتى احترق هو أيضا، واحترق جميع سقف المسجد الشريف، حتى لم يبق إلا السواري قائمة، وحيطان المسجد الشريفة، والحائط الذي بناه عمر بن عبد العزيز حول الحجرة الشريفة المجعول على خمسة أركان؛ لئلا يصلّى إلى الضريح الطاهر الشريف، ووقع ما ذكر من الحريق بعد أن عجز عن إطفائه كل فريق، فسقف في أيام المستعصم في سنة خمس وخمسين من تلك الحجرة الشريفة وما حولها من الحائط القبلي وإلى الحائط الشرقي إلى باب جبريل المعروف قديما بباب عثمان، ومن جهة المغرب إلى المنبر الشريف، ثم قتل الخليفة المستعصم في أول سنة ست وخمسين، فوصلت الآلات من مصر من صاحبها يومئذ الملك المنصور علي بن المعز الصالحي، ووصل أيضا من صاحب اليمن يومئذ الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول آلات وأخشاب، فعملوا إلى باب السلام المعروف قديما بباب مروان، ثم عزل صاحب مصر، وتولى مكانه مملوك أبيه سيف الدين قطز سنة ثمان وخمسين، فكان العمل في تلك السنة من باب السلام إلى باب الرحمة المعروف قديما بباب عاتكة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية، كانت لها دار مقابل الباب، فنسب إليها، ومن باب جبريل إلى باب النساء المعروف قديما بباب ريطة بنت أبي العباس السفاح، وتولى مصر آخر تلك السنة الملك الظاهر ركن الدين الصالحي، فعمل باقي أيامه في المسجد الشريف، وأرسل الملك المظفر صاحب اليمن في سنة ست وخمسين بمنبر عمله من الصندل، فوضع موضع منبر النبي صلّى الله عليه وسلم، ولم يزل يخطب عليه إلى سنة ست وستين وست مائة، فأرسل الملك الظاهر ركن الدين الصالحي منبرا، فقلع منبر صاحب اليمن، وحمل إلى حاصل الحرم. قال الشيخ اليافعي: (وهو باق إلى اليوم، ونصب منبر الظاهر مكانه) اه‍ (1) وقد احترق المنبران جميعا، الظاهري والمظفري في الحريق الكائن في سنة ست وثمانين وثمان مائة، كما سيأتي بيان ذلك في محله إن شاء الله تعالى (2). وفي السنة المذكورة-أعني سنة أربع وخمسين وست مائة-: زاد دجلة زيادة عظيمة

(1) «مرآة الجنان» (4/ 135). (2) انظر (6/ 497)، وانظر الحادثة في «ذيل مرآة الزمان» (1/ 10)، و «تاريخ الإسلام» (48/ 24)، و «مرآة الجنان» (4/ 134)، و «البداية والنهاية» (13/ 227)، و «وفاء الوفا» (2/ 598)، و «شذرات الذهب» (7/ 455).

السنة الخامسة والخمسون

ما سمع بمثلها، حتى حصل الغرق ببغداد، وغرق فيه خلق كثير، ووقع شيء كثير من الدور على أهلها، وأشرف الناس على الهلاك، وغرقت المراكب في أزقة بغداد، وركب الخليفة في مركب، وابتهل الخلق إلى الله تعالى بالدعاء (1). وفيها: ملكت التتار سائر بلاد الروم بالسيف (2). وفيها: توفي الشيخ عبد الله بن محمد الرازي الصوفي، والشيخ عيسى بن أحمد اليونيني، والواعظ المؤرخ يوسف التركي المعروف بسبط ابن الجوزي. وفيها: توفي الصوري، وابن النحاس الأصم، وابن وثيق، وأبو بكر ابن المقدسية. *** السنة الخامسة والخمسون فيها: قتل الملك المعز صاحب مصر، وزوجته أم خليل المعروفة بشجر الدر، والعلامة نجم الدين أبو محمد عبد الله بن محمد البادرائي، والعلامة شرف الدين محمد بن عبد الله بن محمد السلمي الأندلسي، واليلداني، والمرسي. *** السنة السادسة والخمسون فيها: دخلت التتار بغداد، ووضعوا السيف، واستمر القتل والسبي نيفا وثلاثين يوما، حتى قيل: إن القتلى ألف ألف وثمان مائة ألف وكسر، وسبب دخولهم وزير المستعصم المعروف بابن العلقمي الملقب بالمؤيد، كان رافضيا خبيثا، فجرى على إخوانه الرافضة نهب وخزي، فحمله ذلك على موادّة الكفار؛ ظنا منه أن الأمر يتم له، وأنه يبقى خليفة علويا، فكان يكاتبهم سرا، ويسهل لهم الأمر، ولا يدع المكاتبات تصل إلى الخليفة ممن يرفع إليه الإعلام، فلما وصلوا بغداد .. أشار ابن العلقمي المذكور على المستعصم بالله أني أخرج إليهم في تقرير الصلح، فخرج الخبيث، وتوثق لنفسه بالأمان ورجع، فقال للخليفة: إن الملك قد رغب في أن يزوج ابنته بابنك الأمير أبي بكر، وأن تكون الطاعة كما كان أجدادك مع الملوك السلجوقية، ثم يرتحل، فخرج إليه المستعصم في أعيان الدولة،

(1) «تاريخ الإسلام» (48/ 23)، و «مرآة الجنان» (4/ 135)، و «غربال الزمان» (ص 531)، و «شذرات الذهب» (7/ 455). (2) «تاريخ الإسلام» (48/ 25)، و «مرآة الجنان» (4/ 135)، و «غربال الزمان» (ص 531).

السنة السابعة والخمسون

ثم استدعى الوزير العلماء والرؤساء ليحضروا العقد بزعمه وكيده، فخرجوا، فضربت رقاب الجميع، وصار كذلك، تخرج طائفة بعد طائفة وتضرب أعناقهم، حتى بقيت الرعية بلا راع، وقتل من أهل الدولة وغيرهم ما قتل من العدد المذكور (1). وفيها: توفي أبو الفضل زهير بن محمد المهلبي، وأبو العباس أحمد بن عمر القرطبي، والحافظ أبو علي الحسن بن محمد بن محمد ابن عمروك التيمي، والشرف الإربلي الحسين بن إبراهيم الهذباني، والملك الناصر داود بن المعظم بن العادل، والخليفة المستعصم بالله، والحافظ الكبير زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري الشامي، ثم المصري الشافعي، صاحب التصانيف، وله معجم كبير مروي، ولي مشيخة الكاملية مدة، وانقطع بها مدة نحوا من عشرين سنة مكبا على العلم والعبادة والإفادة، وكان ثبتا حجة، متبحرا في فنون الحديث، عارفا بالفقه والنحو مع الزهد والورع، والصفات الحميدة، والشيخ الكبير أبو الحسن علي بن عبد الله الشاذلي، والشيخ الصالح علي المعروف بالخباز، والمقرئ محمد بن حسن المغربي، والوزير الرافضي محمد بن محمد المعروف بابن العلقمي، والشيخ الصالح يحيى بن يوسف الصرصري، ويوسف بن الشيخ أبي الفرج عبد الرحمن المعروف بابن الجوزي، وسيف الدين المشد، وعثمان بن خطيب القرافة. *** السنة السابعة والخمسون فيها: قبض غلمان المعز على ابن أستاذه الملك المنصور، وتسلطن قطز، ولقب بالملك المظفر؛ لحاجة الوقت إلى ملك كاف (2). وفيها: توفي صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ، والمحدث أبو العباس أحمد بن محمد الفاسي، وأبو الحسين بن السراج، والصدر ابن المنجى. ***

(1) «تاريخ الإسلام» (48/ 33)، و «العبر» (5/ 225)، و «مرآة الجنان» (4/ 137)، و «البداية والنهاية» (13/ 235)، و «شذرات الذهب» (7/ 467). (2) «تاريخ الإسلام» (48/ 45)، و «العبر» (5/ 238)، و «مرآة الجنان» (4/ 148)، و «البداية والنهاية» (13/ 253).

السنة الثامنة والخمسون

السنة الثامنة والخمسون في ثاني صفر منها: نزل ملك التتار على حلب، فلم يصبح عليهم الصباح إلا وقد حفروا خندقا عمق قامة وعرض أربعة أذرع، وبنوا حائطا ارتفاع خمسة أذرع، فنصبوا عشرين منجنيقا، وألحوا بالرمي، وشرعوا في نقب السور (1). وفي تاسع صفر: ركبوا الأسوار، ووضعوا السيف يومهم ومن الغد، فقتل أمم، واستتر خلق، وبقي القتل والسبي خمسة أيام، ثم نودي برفع السيف، وأذن المؤذن يوم الجمعة، وأقيمت الجمعة بأناس، ثم أحاطوا بالقلعة فحاصروها، ووصل الخبر يوم السبت إلى دمشق، فهرب الناصر، ثم حملت مفاتيح حماة إلى الطاغية المذكور، واسمه: هولاكو، وحاصرت التتار دمشق، ورموا برج الطارمة بعشرين منجنيقا فتشقق، وطلب أهلها الأمان فأمنوهم، وسكنها النائب كتبغا، وتسلموا بعلبك وقلعتها، وأخذوا نابلس ونواحيها بالسيف، ثم ظفروا بالملك، وأخذوه بالأمان، وساروا إلى ملكهم، فرعى له صحبته، وبقي في خدمته أشهرا، ثم قطع الفرات راجعا، وترك في الشام فرقة من التتار، وتأهب المصريون، وشرعوا في المسير، وثارت النصارى بدمشق، ورفعت رءوسها، ورفعوا الصليب، ومروا به، وألزموا الناس القيام له من حوانيتهم، ووصل جيش الإسلام عليهم الملك المظفر، والتقى الجمعان على عين جالوت غربي بيسان، فنصر الله دينه على سائر الأديان، والحمد لله اللطيف المنان، وقتل في المصاف مقدم التتار كتبغا وطائفة من أمراء المغول، ووقع بدمشق النهب والقتل في النصارى، وأحرقت كنيسة مريم، وذلك في أواخر رمضان، وعيّد المسلمون على خير عظيم، فلما رجع الملك المظفر بعد شهر إلى مصر .. أضمر شرا لبعض أهل الدولة، وآل الأمر إلى أن رماه بهادر المعزي فقتله بقرب قطية، وتسلطن ركن الدين الملك الظاهر، وكان الظاهر قد ساق وراء التتار إلى حلب، وطمع في أخذ حلب، وكان قد وعده بها المظفر، فلما رجع .. أضمر له الشر، وحلف الأمراء بدمشق للنائب بها علم الدين الحلبي، ولقب بالملك المجاهد، وخطب له بدمشق مع الملك الظاهر (2).

(1) «تاريخ الإسلام» (48/ 49)، و «العبر» (5/ 241)، و «مرآة الجنان» (4/ 148)، و «شذرات الذهب» (7/ 502). (2) «تاريخ الإسلام» (48/ 49)، و «العبر» (5/ 241)، و «مرآة الجنان» (4/ 142)، و «البداية والنهاية» (13/ 256)، و «شذرات الذهب» (7/ 502).

السنة التاسعة والخمسون

وفي آخر هذه السنة المذكورة: كرت التتار على حلب، وأخذوها (1). وفيها: توفي قاضي القضاة صدر الدين ابن سني الدولة أحمد بن يحيى بن هبة الله الدمشقي الشافعي. مذكور في الأصل، والملك المعظم بن السلطان الكبير صلاح الدين، والملك السعيد حسن بن العزيز عثمان بن العادل صاحب الصّبيبة، والملك المظفر سيف الدين قطز، والإمام الحافظ محمد بن أحمد اليونيني، والحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي، والملك الكامل ناصر الدين محمد بن المظفر غازي بن العادل، والشيخ الصالح أبو بكر بن قوام البالسي، وإبراهيم بن خليل، وعبد الله بن الخشوعي، والعماد عبد الحميد وأخوه محمد، ولاحق الأرتاحي، والمحب المقدسي. *** السنة التاسعة والخمسون اجتمع في أولها خلق من التتار، فأغاروا على حلب، ثم ساقوا إلى حمص لما بلغهم مصرع الملك المظفر، فصادفوا على حمص صاحبها الأشرف والمنصور صاحب حماة وحسام الدين في ألف وأربع مائة، والتتار في ستة آلاف، فحمل المسلمون حملة صادقة، وكان النصر ولله الحمد، ووضعوا السيف في الكفار قتلا حتى أبادوا أكثرهم، وهرب مقدمهم بأسوأ حال، ولم يقتل من المسلمين سوى رجل واحد، ودخل علم الدين الحلبي الملقب بالملك المجاهد قلعة دمشق، فنازله عسكر مصر، فبرز إليهم وقاتلهم، ثم رد، فلما كان في الليل .. هرب إلى قلعة بعلبك، فقبض عليه علاء الدين الوزيري وقيده، ثم حبسه الملك الظاهر مدة طويلة (2). وفيها: قدم إلى مصر أحمد بن الظاهر محمد بن الناصر لدين الله العباسي الأسود، فأثبتوا نسبه، ثم بويع، ولقب المستنصر بالله بلقب أخيه صاحب بغداد، وأول من بدأ بمبايعته الملك الظاهر، ثم الأعيان على مراتبهم، ثم صلّى بالناس يوم الجمعة وخطب، وألبس السلطان خلعة بيده، وطوقه، وأمر له بكتابة تقليد بالأمر، ورتب السلطان له أتابك وأستاذ دار وحاجبا وكاتب إنشاء، وجعل له خزانة، ومائة فرس، وثلاثين بغلا، وستين جملا، وعدة مماليك، وقدم دمشق مع السلطان، فعزل نجم الدين بن سني الدولة عن القضاء، وولي مكانه أبو العباس ابن خلكان، ثم سار المستنصر ليأخذ بغداد من التتار،

(1) «العبر» (5/ 243)، و «مرآة الجنان» (4/ 149)، و «شذرات الذهب» (7/ 504). (2) «تاريخ الإسلام» (48/ 70)، و «العبر» (5/ 251)، و «مرآة الجنان» (4/ 150)، و «شذرات الذهب» (7/ 513).

السنة الموفية ستين بعد الست مائة

ويقيم بها كسلفه، فدخل هيت، ثم التقى المسلمون والتتار، فانهزم التركمان والعرب، وأحاطت التتار بعسكر المستنصر، فنجا طائفة من عسكره، منهم الحاكم الذي عقدت له الخلافة من بعده، وقتل المستنصر، وقيل: عدم، وقيل: قتل ثلاثة من التتار، ثم تكاثروا عليه فاستشهد، وذلك في سنة ستين وست مائة كما سيأتي (1). وفيها: توفي الإمام أبو المعالي سعيد بن المطهر الباخرزي، والملك الظاهر غازي، والحافظ ابن سيد الناس محمد بن أحمد الإشبيلي، والملك الناصر يوسف بن العزيز بن الظاهر، ومحمد بن الأنجب النعال، ومكي بن عبد الرزاق. *** السنة الموفية ستين بعد الست مائة فيها: أخذت التتار الموصل بخديعة بعد حصار أشهر، ثم وضعوا السيف في المسلمين تسعة أيام، وأسروا صاحبها الملك الصالح إسماعيل، ثم قتلوه بعد أيام، وقتلوا ولده علاء الدين (2). وفيها: عدم المستنصر بالله أحمد بن الظاهر بالعراق في وقعته مع التتار (3). وفيها: توفي شيخ الإسلام عزّ الدين بن عبد السلام، والصاحب ابن العديم عمر بن أحمد العقيلي الحلبي، العلامة المعروف بكمال الدين ابن العديم، من بيت القضاء والحشمة، ولي خمسة من آبائه على نسق القضاء، وسمع وهو بدمشق والقدس وبغداد وغيرها، وأجاز له المؤيد وخلق، ودرس وأفتى وصنف، وناب في سلطنة دمشق، وعلّم عن الناصر، وكان عديم النظير فضلا ونبلا، ورأيا وحزما، وذكاء وبهاء، وكتابة وبلاغة، وتوفي بمصر في سنة ستين وست مائة. وفيها: توفي نقيب الأشراف بهاء الدين علي بن محمد. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «تاريخ الإسلام» (48/ 75)، و «العبر» (5/ 252)، و «مرآة الجنان» (4/ 151)، و «شذرات الذهب» (7/ 513). (2) «تاريخ الإسلام» (48/ 83)، و «العبر» (5/ 258)، و «مرآة الجنان» (4/ 152)، و «شذرات الذهب» (7/ 521). (3) «العبر» (5/ 259)، و «مرآة الجنان» (4/ 152)، و «غربال الزمان» (ص 538).

العشرون الرابعة من المائة السابعة

العشرون الرابعة من المائة السابعة [الاعلام] 3119 - [سليمان بن خليل العسقلاني] (1) سليمان بن خليل العسقلاني الإمام الجليل الشافعي، خطيب الحرم، سبط عمر بن عبد المجيد الميانشي، وهو الذي جمع المنسك الكبير المفيد، المعروف بين فقهاء مكة ب‍ «منسك الفقيه سليمان». توفي سنة إحدى وستين وست مائة. 3120 - [محمد بن إبراهيم الفشلي] (2) محمد بن إبراهيم بن علي بن عبد العزيز بن عبد الرحمن المعروف بالفشلي. ولد رابع شهر شعبان سنة خمس وست مائة (3)، وأخذ عن جماعة من الأكابر كالشريف أبي جديد، وابن حروبة الموصلي وغيرهما. وارتحل إلى مكة والمدينة، فأخذ عن ابن أبي الصيف، وعمر بن عبد المجيد القرشي وغيرهما. وكان فقيها عارفا محدثا، غلب عليه علم الحديث، وكان فيه إماما. وأخذ عنه جمع كثير من أهل اليمن، منهم أحمد بن علي السرددي شيخ الجندي، والإمام علي بن محمد بن حجر الأزدي الهجراني ثم العدني، وغيرهما. وكانت له مكانة عند المنصور وولده المظفر، وسمع عليه عدة من كتب الحديث في جمع كثير.

(1) «تاريخ الإسلام» (49/ 71)، و «العبر» (5/ 264)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 374)، و «مرآة الجنان» (4/ 159)، و «العقد الثمين» (4/ 603)، و «شذرات الذهب» (7/ 529). (2) «السلوك» (2/ 29)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 141)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 66)، و «تحفة الزمن» (1/ 390). (3) كذا في «طراز أعلام الزمن» (3/ 66)، وفي «السلوك» (2/ 29) و «العقود اللؤلؤية»: (مولده رابع عشر شعبان سنة خمس وثمانين وخمس مائة).

3121 - [محمد القيقل]

ركب دابته يوما بزبيد لبعض حوائجه، فمرت الدابة على كلب فنبحها، فجفلت بالفقيه عن ظهرها، فوقع على الأرض ميتا رحمه الله تعالى، وذلك في عاشر شهر رمضان سنة إحدى وستين وست مائة. 3121 - [محمد القيقل] (1) محمد بن سليمان القيقل-بقافين مفتوحتين بينهما مثناة من تحت ساكنة، وآخره لام- وأصله من محل ماتع، قرية من قرى وادي زبيد على جانبه الأيمن. كان فقيها محدثا فاضلا، وهو الذي سمع المظفر الحديث بقراءته على الفقيه محمد بن إبراهيم الفشلي المذكور قبله. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة شيخه الفشلي رحمهما الله تعالى آمين. 3122 - [سعيد الفراوي] (2) أبو محمد سعيد الأديب، نزيل قرية الفراوي. وكان عابدا صالحا زاهدا، مشهورا بالخير في تلك الناحية، لازما طريقة التنسك، وله بعض اشتغال بالكتب إلى أن توفي في سنة إحدى وستين وست مائة، وحضر دفنه عالم لا يحصون كثرة، فيهم الفقيه عمر بن سعيد، والشيخ علي بن عبد الله صاحب المقداحة. وكان دفنه آخر النهار، فبات في قريته جماعة من الذين حضروا دفنه، فيروى أنه حصل لهم من بعض جيرانهم تورة مملوءة لحوحا وإناء من الزّوم (3)، فتقلد أحد الرجلين بكفاية الحاضرين من اللحوح، وتقلد الآخر بكفايتهم من ذلك الزوم، ففعلا ذلك حتى صدر الحاضرون شباعا، ثم بعد أيام وصل الفقيه حسين بن الفقيه أبي السعود، فأقام في الموضع وأحياه، رحمة الله عليهم أجمعين.

(1) «السلوك» (2/ 33)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 196)، و «تحفة الزمن» (1/ 394). (2) «السلوك» (2/ 214)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 143)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 469)، و «تحفة الزمن» (1/ 515). (3) التورة: وعاء واسع يصنع من خوص النخل ونحوه. واللّحوح-بفتح فضم-: خبز يصنع من الذرة، ليّن رقيق. والزّوم- بفتح فسكون-: إدام للطعام، يتخذ من اللبن المغلي المتبل ببعض البهارات (لهجات يمنية).

3123 - [الأديب ابن الرفاء]

3123 - [الأديب ابن الرفاء] (1) عبد العزيز بن محمد الأنصاري الدمشقي ثم الحموي شرف الدين، شيخ الشيوخ الأديب، كان أبوه قاضي حماة، ويعرف بابن الرّفّاء. له محفوظات كثيرة، وفضائل شهيرة، وحرمة وجلالة. توفي سنة اثنتين وستين وست مائة. 3124 - [الملك المغيث بن العادل] (2) الملك المغيث عمر بن العادل بن الكامل بن العادل بن أيوب الأيوبي. حبس بعد موت عمه الصالح بالكرك، فلما قتلوا ابن عمه المعظم .. أخرجه معتمد الكرك الطواشي، وسلطنه بالكرك. وكان كريما مبذرا لأمواله، فقلّ ما عنده حتى سلّم الكرك إلى الظاهر صاحب مصر، ونزل إليه فخنقه، وكذلك خنق عمّه أباه العادل. توفي المغيث سنة اثنتين وستين وست مائة. 3125 - [محيي الدين ابن سراقة] (3) أبو بكر محمد بن محمد الأنصاري الشاطبي الإمام محيي الدين ابن سراقة، شيخ دار الحديث الكاملية بالقاهرة. سمع من جماعة، وله مؤلفات. توفي سنة اثنتين وستين وست مائة.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 239)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 101)، و «العبر» (5/ 268)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 546)، و «مرآة الجنان» (4/ 160)، و «المنهل الصافي» (7/ 293)، و «شذرات الذهب» (7/ 535). (2) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 297)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 107)، و «العبر» (5/ 269)، و «مرآة الجنان» (4/ 160)، و «شذرات الذهب» (7/ 537). (3) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 304)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 112)، و «العبر» (5/ 270)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 208)، و «مرآة الجنان» (4/ 160)، و «شذرات الذهب» (7/ 538).

3126 - [أبو القاسم القباري]

3126 - [أبو القاسم القباري] (1) أبو القاسم بن المنصور الإسكندراني القباري. كان صالحا قانتا مخلصا مع زهد وورع بالغ، حتى كان له بستان يعمله، ويتبلغ منه. وله ترجمة مفردة، جمعها ناصر الدين ابن المنيّر. توفي سنة اثنتين وستين وست مائة. 3127 - [أبو عبد الله الرجيلي] (2) أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن رشيد البغدادي الفقيه الشافعي الواعظ، ناظم الوترية. كان عارفا بالفقه والخلاف، أعاد بنظامية بغداد، ووعظ بمصر والإسكندرية. وسمع منه جماعة، منهم العلامة شرف الدين أحمد بن عثمان السخاوي إمام الأزهر، وسمع منه قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة قصائده الوتريات، ورافقه في الحج، ودخل إفريقية، وجال في بلاد المغرب، وكان ظاهر الدين والصلاح. توفي سنة اثنتين وستين وست مائة. 3128 - [أحمد بن عبد الله المري] (3) أحمد بن عبد الله بن أسعد بن إبراهيم أبو العباس الوزيري-نسبة إلى وزيرة، قرية من بلد شرعب في ناحية المداد، مطلة على تهامة، تزيد على مرحلة من تعز في جهة القبلة- الأنصاري الأوسي، المعروف بالمري، نسبة إلى جد له اسمه مري، بضم الميم، وفتح الراء، وسكون الياء آخر الحروف. كان فقيها فاضلا، عارفا كاملا، تفقه بأبيه، ودرس بعد ابن مضمون بوزيرية تعز، وبه سميت الوزيرية؛ لطول إقامته بها، وحج ورجع، فأقام بزبيد.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 315)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 122)، و «العبر» (5/ 271)، و «مرآة الجنان» (4/ 160)، و «توضيح المشتبه» (7/ 166)، و «شذرات الذهب» (7/ 540). (2) «مرآة الجنان» (4/ 160)، و «المقفى الكبير» (5/ 437)، و «غربال الزمان» (ص 542). (3) «السلوك» (2/ 115)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 145)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 96)، و «تحفة الزمن» (1/ 447)، و «المدارس الإسلامية» (ص 47).

3129 - [أحمد بن محمد الوزيري]

وأخذ عنه فقهاء بزبيد وغيرهم، كالفقيه عمر بن عاصم، ويحيى بن زكريا وغيرهما. وتوفي بزبيد في رجب سنة اثنتين وستين وست مائة، وقبر بباب القرتب. وخلف أولادا أفقههم سليمان، تفقه في بدايته بالفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي، وأخذ عن أبي الخير بن منصور الشماخي وغيره. وكان فقيها صالحا زاهدا، يقول الشعر، غالبه في مديح النبي صلّى الله عليه وسلم وفي الزهد، ومنه: [من الطويل] سبيلك في الدنيا سبيل مسافر … ولا بد من زاد لكل مسافر ولا بد في الأسفار من حمل عدة … ولا سيما إن خفت سطوة قاهر ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة أبيه. 3129 - [أحمد بن محمد الوزيري] (1) أحمد بن محمد بن الفقيه إبراهيم بن أسعد، الوزيري بلدا، الأنصاري الأوسي. ولد سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة، ونشأ بالبادية، ولم يشتغل بشيء من العلوم حتى بلغ أربعين سنة، فوصل إلى ابن عمه أحمد بن عبد الله المذكور قبله، فلم يتركه يصافحه ولا يدنو منه، وطوى عنه حصير الصلاة، فقال: لم تفعل هذا يا بن عمي؟ فقال: لأنك جاهل لا تتحرز من نجاسة، ولا تجتنب ما ينبغي لك اجتنابه، فداخله من ذلك غيظ عظيم، فلحق بعبد الله بن محمد الجبائي بناحية جبا، فتفقه به، ثم عاد إلى ابن عمه، فأكمل عليه قراءته، وظهرت فائدته، فلما حج ابن عمه .. استنابه في تدريس الوزيرية كما تقدم، فأخذ عنه جماعة كابن النحوي، وابن البانة، وحسن بن علي الإبّي وغيرهم، وكان فقيها فاضلا. ولم أتحقق تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ تبعا لابن عمه وشيخه (2).

(1) «السلوك» (2/ 117)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 142)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 140)، و «تحفة الزمن» (1/ 448)، و «المدارس الإسلامية» (ص 48). (2) في «العقود اللؤلؤية» (1/ 143): توفي في سلخ ذي القعدة سنة (661 هـ‍).

3130 - [علي بن حاتم الكناني]

3130 - [علي بن حاتم الكناني] (1) علي بن حاتم الكناني. كان فقيها فاضلا، عالما عاملا، وكان له ولدان خيّران تفقها بأبيهما، وأحكما القراءات السبعة. وكان يسكن النادرة، قرية من صعيد لحج، فغزاهم جمع من العجالم والأجعود ليلا (2)، وأرادوا نهب القرية، فخرج الفقيه وولداه ليصدوا الناس عن النهب، فوقعوا مع من لا يعرفهم، فقتلوهم؛ جهلا بهم لنيف وستين وست مائة. قال الجندي: (ومن يومئذ خربت القرية، فهي خراب إلى الآن) (3). 3131 - [محمد بن عبد الله الجزري] (4) أبو عبد الله محمد بن عبد الله الجزري الملقب شمس الدين. أصله من أهل الجزيرة؛ أي: جزيرة الموصل، وكان من أبناء أعيانها، متأدبا ظريفا، فقدم عدن، فجعله المظفر على ديوان النظر بالثغر. وكان فيه مكارم أخلاق، ما قصده قاصد .. فخاب، وكان يعمل كل يوم سماطا يحضره جمع كثير من التجار والفقراء، لا يمنع منه أحد. ولديه مشاركة في العلوم، فكان يقرئ جمعا من الطلبة تارة في بيته، وتارة في الفرضة (5). قال الجندي: (ولولا أنه كان عسوفا .. لكان من أفاضل الناس ظاهرا وباطنا.

(1) «السلوك» (2/ 442)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 249)، و «تحفة الزمن» (2/ 408). (2) العجالم والأجعود: قبيلتان من القبائل اليمنية. (3) «السلوك» (2/ 442). (4) «السلوك» (1/ 441)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 208)، و «تحفة الزمن» (1/ 361)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 221)، و «المدارس الإسلامية» (ص 62). (5) الفرضة: ثلمة من النهر يستقى منها، أو مرفأ السفن، فلعل المراد هنا: ميناء عدن كما علق الشيخ عبد الله الحبشي في «طراز أعلام الزمن» (3/ 208).

قال: وحكى والدي عن الفقيه أبي بكر السرددي قال: كنت بلحج أعلّم لبعض أعيانها، فجرى ذكر أبي نواس وأبياته الكافيّة التي يقول فيها: [من الرمل] أنعمي بالوصل يا سيدتي … وانحلينا عسلا من عككك ما على أهلك بل ما ضرهم … لو مشينا ساعة في سككك ليتني جارك بل يا ليتني … تكة منقوشة من تككك قال: فحاول جماعة ممن يتعانى الأدب التذييل عليها بأبيات على لفظها، فلم يقدروا، فقلت في ذلك أبياتا، منها: ليتني يا دار سلمى ليتني … دكة مفروشة من دككك ثم ساقني المقدور إلى عدن، وعرضت لي حاجة إلى الجزري، فكتبت إليه في حاجتي، فلما وقف على رقعتي .. استدعاني ورحب بي وأكرمني، واستنشدني الأبيات، فرويتها له، وعمل غالب أهل عدن كل منهم أرجوحة، وهي المدروهة، وتسمى في عرف الناس اليوم: المدراهة، وهو ما يعتاد أهل اليمن عمله لمن حج أول حجة، وعند نصبها- إذا كانت لرجل ذي رئاسة-يقوم الشعراء بأشعارهم يمدحون بها من عملها ومن عملت له، وكان الجزري قد عمل واحدة باسم السلطان، فأشار إليّ أن أعمل شيئا من الشعر في ذلك المعنى، ففعلت، فلما اجتمع الناس عند ذلك، وأراد الشعراء إنشاد ما نظموا .. أمرني بإنشاد ما قد عملت، فقمت بقصيدة في السلطان، فرمى علي بكسوة جيدة، فتشبه به جماعة من التجار، ثم رمى لي بدنانير من الذهب، ففعل الحاضرون مثله، فاجتمع لي من الذهب والفضة والكسوة شيء كثير، وكله ببركات الجزري. ولما رجع المظفر من الحج .. أقام بتعز مدة، ثم نزل إلى عدن، فاشتكى أهل عدن إليه من الجزري، فأمر القاضي البهاء أن يحاقق بينه وبينهم، فقالوا: لا نفعل ذلك حتى يكون بأيدينا ذمة من السلطان أنه لا يعود الجزري متصرفا علينا، ففعل لهم المظفر ذلك، وحاقق بينه وبينهم القاضي البهاء في الجامع، وحققوا عليه جملة مستكثرة، وهموا أن يبطشوا به لولا أن جماعة من غلمان الدولة حموه من ذلك، فصودر، ثم ضرب ثلاث ضربات، فسلّم ثلاثين ألف دينار، ثم ضرب بعد ذلك وعصر، فلم يقدر على شيء، فآل به الحال أن صار جواريه وبناته يدرن في بيوت الناس من أصحابه وغيرهم، واشتد به الضرر، فلما تحقق

3132 - [زريع الحداد]

للمظفر حاله .. أمر بإطلاقه، ووعده الخير، فأنشد: [من الطويل] وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل (1) … وتوفي ضمنا من العذاب لنيف وستين وست مائة) (2). 3132 - [زريع الحداد] (3) الشيخ الصالح زريع بن محمد الحداد، أصله من جبل بعدان، من قرية النظاري، وكان في ابتداء أمره معجبا بنفسه. يحكى أنه خطر له خاطر في امرأة من ذوات الستر، باهية الجمال، وقد أضر بها الفقر، فأرسل لها بشيء على أن تواصله، فأبت من ذلك، ثم اشتدت بها الحاجة والفاقة، فأرسل إليها بشيء-وهي في تلك الضرورة-على أن تواصله، فقبلت، وواعدته أن يأتيها في وقت معين، فوافاها في ذلك الوقت، فلما خلا بها .. ارتعدت كالسعفة وقالت: والله؛ هذا أمر لم أعرفه ولا تعودته، ولا اعتاده أحد من أهلي، فأحلها مما أعطاها وخرج عنها، فقالت له: زحزحتني عن النار زحزحك الله عنها، فكان ذلك سبب توبته وصلاح حاله، فلزم النسك والتعبد، ولزم صحبة الفقيه سعيد بن منصور، والفقيه محمد بن مضمون وغيرهما من الصالحين، وظهرت له كرامات، منها أنه كان يمسك القطعة الحديد بيده وهي نار تشتعل، فلا تضره. وتوفي لنيف وستين وست مائة. 3133 - [الأمير بدر الدين الرسولي] (4) الأمير الكبير أبو محمد الحسن بن علي بن رسول الملقب بدر الدين.

(1) عجز بيت، وصدره: (دنت وظلال الموت بيني وبينها)، وهو لامرئ القيس بن عابس الكندي، انظر «تاريخ دمشق» (9/ 253). (2) «السلوك» (1/ 442). (3) «السلوك» (2/ 171)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 424)، و «تحفة الزمن» (1/ 486)، و «طبقات الخواص» (ص 137)، و «هجر العلم» (4/ 2191). (4) «السمط الغالي الثمن» (ص 161)، و «السلوك» (2/ 283)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 34) و (1/ 146)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 329)، و «تحفة الزمن» (1/ 556).

دخل اليمن صغيرا مع أبيه في سنة تسع وسبعين وخمس مائة صحبة سيف الإسلام طغتكين. ولما وصل المسعود يوسف بن الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب من مصر إلى زبيد وقد تغلب على اليمن سليمان بن تقي الدين .. تحير وأراد أن يكتب إلى سليمان بأن يكون على الجبال، ويبقى هو على التهائم، فقوّى الأمير بدر الدين المذكور عزم المسعود، وحثه على الطلوع إلى تعز، وأمره أن يكتب إلى الخدام يتهددهم إن لم يلزموا سليمان، ففعل المسعود ذلك، وسار إلى تعز، وأسر سليمان بن تقي الدين، واستولى المسعود على قطر اليمن، فحظي الأمير بدر الدين، وعظم قدره عنده، ولما رجع المسعود إلى الديار المصرية في سنة عشرين وست مائة .. ترك اليمن في يد الأمير بدر الدين المذكور وأخيه نور الدين عمر بن علي، وحلف العساكر لهما، فجمع الشريف عزّ الدين محمد بن الإمام عبد الله بن حمزة جموعا كثيرة، وقصد بها صنعاء، فتوجه إليه الأمير بدر الدين وأخوه نور الدين، والتقوا بعصر، وحصلت بينهم مقتلة عظيمة، وانهزم الشريف وأصحابه، ورجع الأميران بمن معهم إلى صنعاء، وفي ذلك يقول العماد الشيزري وكان كاتب الملك المسعود: [من الطويل] ألا هكذا للملك تعلو المراتب … وتسمو على رغم العداة المناقب فتوح سرت في الأرض حتى تضوعت … مشارقها من ذكرها والمغارب بسيف الجواد ابن الرسول توطدت … قواعد ملك ربه عنه غائب فولوا ومن طعن القنا في ظهورهم … عيون ومن ضرب السيوف حواجب فلما اتصل علم هذه الوقعة إلى الديار المصرية .. خشي المسعود على اليمن من بني رسول، فانقلب سريعا إلى اليمن، فدخل تعز في صفر سنة أربع وعشرين وست مائة، وقبض على بدر الدين وفخر الدين وشرف الدين أولاد علي بن رسول، وقيدهم في رجب من السنة المذكورة، ويقال: إن ذلك بإشارة من أخيهم نور الدين عمر بن علي بن رسول، وأرسل بهم إلى مصر، فأقام بدر الدين هناك معتقلا إلى أن ولي المظفر يوسف بن عمر، فاجتمع رأي أهل مصر على أن يطلقوه من السجن، ويستنيبوه في اليمن، ويكون تحت طاعتهم، فحلف لهم على ذلك وقال: لو وطئت اليمن .. ما تخلف عني منهم أحد، فأرسلوه، فلما وصل علمه إلى المظفر .. أمر كافة النواب بإكرامه، وأنه الكبير، وأن كل من في البلاد تحت طاعته، فنزل من السواحل الشامية، وتلقته العساكر، وساروا في

3134 - [ابن مسدي]

خدمته، فدخل زبيد، وخرج منها إلى حيس، وخرج المظفر من تعز في لقائه، فاجتمعا بحيس، فنزلا عن فرسيهما واعتنقا، ثم ركبا إلى دار السلطنة، ونزل كلّ في ناحية من الدار، فلما استقرا في موضعهما .. أمر المظفر للفور من قبض على عمه وقيده، وأرسل به إلى تعز، وأودعه دار الأدب. ولم يزل معتقلا بها إلى أن توفي في سنة اثنتين وستين وست مائة. 3134 - [ابن مسدي] (1) محمد بن يوسف بن مسدي الحافظ الأزدي الغرناطي. سمع من جمع كثير، وصنف. وتوفي بمكة سنة ثلاث وستين وست مائة. 3135 - [أبو المحاسن السنجاري] (2) أبو المحاسن يوسف بن الحسن الزرزاري (3) بدر الدين السّنجاري الشافعي، قاضي القضاة. كان صدرا معظما، جوادا ممدحا. ولي قضاء بعلبك وغيرها، ثم ولاه الملك الصالح نجم الدين أيوب مصر والوجه القبلي، ثم ولي قضاء القضاة بعد شرف الدين بن عين الدولة، وباشر الوزارة، وكان له من الخيل والمماليك ما ليس لوزير مثله. ولم يزل في الارتفاع إلى أوائل الدولة الظاهرية، فعزل، ولزم بيته. وتوفي سنة ثلاث وستين وست مائة.

(1) «العبر» (5/ 274)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1448)، و «مرآة الجنان» (4/ 162)، و «العقد الثمين» (2/ 403)، و «شذرات الذهب» (7/ 543). (2) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 332)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 162)، و «العبر» (5/ 274)، و «مرآة الجنان» (4/ 162)، و «الوافي بالوفيات» (29/ 183)، و «البداية والنهاية» (13/ 287)، و «شذرات الذهب» (7/ 544). (3) كذا في «ذيل مرآة الزمان» (2/ 332)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 162)، وفي «العبر» (5/ 274) و «الوافي بالوفيات» (29/ 184) و «شذرات الذهب» (7/ 544): (الزراري).

3136 - [أحمد بن علي الخلي]

3136 - [أحمد بن علي الخلي] (1) أحمد بن علي الخلّي أبو العباس، والد الفقيه إسماعيل الخلي. تفقه بتهامة على الفقيه إسماعيل الحضرمي، وبه سمى ابنه: إسماعيل، وذكر أنه ببركة دعائه حصل لابنه إسماعيل ما حصل. كان المذكور فقيها فاضلا كاملا. توفي بمصنعة بني قيس سنة ثلاث وستين وست مائة. 3137 - [يونس بن يحيى القصار] (2) ذو النون يونس بن يحيى بن أبي الحسن بن أبي بركات بن أحمد بن عبيد الله القصار البغدادي الهاشمي، الفقيه المحدث. كان إماما بارعا، عارفا بالحديث ورجاله وطرقه، أقام بمكة إماما بالمقام مدة (3)، وأخذ عنه بها القاضي إسحاق الطبري وغيره، وأقام بزبيد مدة، فأخذ عنه الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي، وقيل: إن الآخذ عنه والده الفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي. قال الجندي: (ولم أتحقق ما آل أمره إليه رحمه الله) (4). وقد قيل: إنه توفي سنة ثلاث وستين وست مائة فيما حكاه ابن نقطة وغيره (5)، وذكرته هنا تبعا للخزرجي؛ فإنه ذكره في حرف الذال المعجمة، ولعل ذكره في حرف الياء آخر

(1) «العقود اللؤلؤية» (1/ 152)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 122)، و «هجر العلم» (1/ 575). (2) «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 228)، و «السلوك» (2/ 35)، و «سير أعلام النبلاء» (22/ 12)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 319)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 416) و (4/ 110)، و «ذيل التقييد» (3/ 358)، و «العقد الثمين» (4/ 368) و (7/ 500)، و «تحفة الزمن» (1/ 396). (3) كذا في «طراز أعلام الزمن» (1/ 417) و (4/ 110)، ونقله التقي الفاسي في «العقد الثمين» (7/ 501) عن الجندي في «تاريخه»، ثم قال: (وهذا غريب، وأظنه وهم في ذلك؛ لأن الإمام به في وقت مجاورة يونس غيره، اللهم إلا أن يكون أمّ نيابة، وهو بعيد من مراد الجندي، والله أعلم)، لكن عبارة الجندي في «السلوك»: «35/ 2»: (أقام بمكة مدة أيام بالمقام). (4) «السلوك» (2/ 36). (5) في «التقييد» لابن نقطة (ص 490) وغيره من المصادر توفي سنة (608 هـ‍)، فما حكاه المصنف رحمه الله تعالى عن ابن نقطة سهو واضح؛ إذ أن ابن نقطة توفي سنة (629 هـ‍)، فكيف يذكره في وفيات سنة (663 هـ‍)؟ ! ولعل المصنف رحمه الله تعالى تبع الخزرجي في «طراز أعلام الزمن» (1/ 417)، والله أعلم.

3138 - [زريع بن محمد الهمداني]

الحروف أنسب (1)، ولم يذكره الفاسي في «تاريخه» في شيء من الحرفين (2)، والعجب أنه ذكر في ترجمة القاضي إسحاق بن أبي بكر الطبري أنه سمع بمكة «صحيح البخاري» على يونس بن يحيى الهاشمي (3). 3138 - [زريع بن محمد الهمداني] (4) زريع بن محمد بن عبد الواحد بن مسعود بن عبد الله الهمداني ثم اليامي. تفقه بالفقيهين محمد بن إسماعيل الحضرمي، وعلي بن قاسم الحكمي. وكان فقيها فاضلا، عارفا كاملا، صاحب روايات وأخبار مستحسنة، وأسانيد عالية، وكرامات ظاهرة، وبه تفقه ابن الرنبول في بدايته، وكان أبوه محدثا. وتوفي سنة ثلاث وستين وست مائة. 3139 - [القاضي الرشيد الإخميمي] (5) القاضي الرشيد ذو النون بن محمد بن ذي النون المصري، الإخميمي بلدا، الشافعي مذهبا، العلوي نسبا، الملقب رشيد الدين. كان من أعيان الزمان، وفضلاء الأعيان. قدم اليمن صحبة المسعود يوسف بن الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب، وولي عدن مرارا، وحسنت سيرته، واشتهرت فضيلته، وكانت حضرته موردا للعلماء، ومقصدا للفضلاء، يشبه الصاحب ابن عباد في عصره.

(1) ذكره الخزرجي رحمه الله تعالى في «طراز أعلام الزمن» في موضعين؛ الأول في (حرف الذال) (1/ 416)، والثاني في (حرف الياء) (4/ 110). (2) في النسخة التي بين أيدينا من المطبوع ذكرت الترجمة في الموضعين؛ الأول في (حرف الذال) (4/ 368)، وقد بين محقق الكتاب أنها وجدت في حواشي نسخة واحدة فقط بخط مخالف، والعبارة قريبة مما هنا، فلعل صاحب الحاشية قيدها من هذا الكتاب، والثاني في (حرف الياء) (7/ 500)، فلعلها سقطت من نسخة المصنف، والله أعلم. (3) انظر «العقد الثمين» (3/ 291). (4) «السلوك» (2/ 449)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 151)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 424)، و «تحفة الزمن» (2/ 414). (5) «طراز أعلام الزمن» (1/ 416)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 77)، و «الأعلام» (3/ 8)، و «المدارس الإسلامية» (ص 31).

3140 - [عثمان بن يحيى]

وولي وزارة المنصور عمر بن علي بن رسول، وأنشأ المدرسة الرشيدية بتعز، ووقف عليها وقفا جيدا. ولم يزل على الحالة المرضية من الرئاسة الكاملة، والحشمة الوافرة عند الخاص والعام إلى أن توفي بتعز في سنة ثلاث وستين وست مائة. 3140 - [عثمان بن يحيى] (1) عثمان بن يحيى بن الفقيه فضل. كان فقيها صالحا، أديبا عارفا، له محفوظات جيدة، وبديهة حسنة، وكان حاضر الجواب نظما ونثرا. يحكى أن الأمير علي بن يحيى العنسي كان يحب صحبة الفقهاء والفضلاء مع ما فيه من المروءة والإنصاف، فعمل يوما طعاما وفيه صحن مملوء لحوحا وزوما، وجمع الفقهاء عليه، ومن جملتهم الفقيه عثمان المذكور، وكان صحن اللّحوح بعيدا من الفقيه، وكان يمد يده إليه ولا يناله إلا بمشقة، فأنشد الأمير علي بن يحيى حين رآه يمد يده إليه: [من الكامل] بعد اللّحوح عن الفقيه الأوحد … عثمان بل خير البرية عن يد فأجابه مرتجلا: ترد المواسم إن أمرت بنقله … ويطول منك الباع إن قصرت يدي فقام الأمير بنفسه مسرعا، فاحتمل الصحن ووضعه بين يدي الفقيه، ثم قال للفقيه: أراك تحب اللحوح، وقد وهبت لك الجربة الفلانية (2)؛ لتكون برسمه، فقبلها الفقيه، وكانت تساوي ألف دينار. ومن نظم الفقيه: [من مخلع البسيط] طوبى لمن عاش فرد يوم … ونفسه فيه مطمئنه ولا له في الملا عدوّ … ولا لخلق عليه منه

(1) «السلوك» (1/ 432)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 147)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 199)، و «تحفة الزمن» (1/ 355). (2) الجربة-بكسر الجيم-: البقعة الكبيرة الخصيبة المحددة من بقع الأراضي الزراعية المختلفة (لهجة يمنية).

3141 - [علي الرميمة]

قال الجندي: (توفي الفقيه عثمان لثلاث بقين من رمضان سنة ثلاث وستين وست مائة، وكان أبوه يحيى وأخواه أبو بكر وعلي مقبورين في فسقية (1) واحدة شرقي مسجدهم من قرية الملحمة، فقيل للفقيه عثمان: نقبرك معهم؟ فقال: لا، إني أخشى أن أؤذيهم؛ إنهم كانوا على طريق كامل من الورع، فقبر وحده قريبا منهم) (2). 3141 - [علي الرميمة] (3) الشيخ الصالح أبو الحسن علي بن أحمد الرّميمة. صحب الشيخ مدافع بن أحمد، ولزم طريق العزلة بجبل صبر. وكان شيخا مباركا، ذا كرامات، منها ما أخبر عنه القاضي محمد بن علي قال: كان المظفر قد بعث الشيخ عبد الله بن عباس والأمير ابن الداية إلى مصر لحاجة، فاتصل العلم باليمن أن الشيخ عبد الله بن عباس توفي بمصر، وكان يصحبني، فمررت ببابه، فسمعت في بيته بكاء أزعجني، فطلعت إلى الشيخ علي الرميمة، وأخبرته بموت ابن عباس المذكور، فأطرق ساعة، ثم رفع رأسه إليّ وقال: لم يمت إلا ابن الداية، وأما ابن عباس .. ففي عافية، فأخبر أهله بذلك، فنزلت مسرعا بذلك، ثم بعد أيام وصل العلم المحقق بموت ابن الداية، وأن ابن عباس في عافية. ولم يزل الشيخ على الطريق المرضي إلى أن توفي في يوم الجمعة خامس وعشرين شهر رمضان من سنة ثلاث وستين وست مائة. 3142 - [أحمد بن علي الحكمي] (4) أحمد بن الإمام أبي الحسن علي بن قاسم الحكمي. تفقه بأبيه، وخلفه في التدريس، واستفاد به كثير من الطلبة.

(1) الفسقية: حوض من الرخام ونحوه، مستدير غالبا، تمج الماء فيه نافورة، يكون في القصور والحدائق. (2) «السلوك» (1/ 433). (3) «السلوك» (2/ 105)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 148)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 224)، و «تحفة الزمن» (1/ 441)، و «طبقات الخواص» (ص 211). (4) «العقود اللؤلؤية» (1/ 71)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 125).

3143 - [أحمد بن عبد الله الصقلي]

وكان فقيها نبيها، ذكيا فطنا، عارفا جليل القدر. وتوفي على الحال المرضي تاسع ربيع الآخر سنة أربع وستين وست مائة. 3143 - [أحمد بن عبد الله الصقلي] (1) أحمد بن عبد الله بن شعيب التميمي الصقلي ثم الدمشقي، المقرئ الأديب الإمام جمال الدين. توفي سنة أربع وستين وست مائة. 3144 - [عباس بن عبد الجليل] (2) الأمير الكبير عباس بن عبد الجليل بن عبد الرحمن التغلبي. كان ذا مال كثير، وأكثر ماله من التجارة، وكان كثير الصدقة، معروفا بفعل الخير إذا أقبل الحجاج من الحج وهو في بلده أحسن إليهم وكساهم، وأعطاهم ما يبلغون به قصدهم، ومن كان من أهل البلد .. أعطاه ما يزيل به وعثاء السفر، وقد يتشبه بالحجاج ناس في زيهم يقصدونه، ويعطيهم ما يليق بحالهم. وكان كثيرا ما يتولى في عدن، وتولى في زبيد أيضا، وله مسجد ومدرسة بزبيد، ومدرسة بجبل ذخر، وهو أصل بلده، ومسجد بقرية السلامة، وآخر بأبيات حسين. وله معاملة حسنة مع الله تعالى إلى أن توفي في سنة أربع وستين وست مائة. 3145 - [آي دغدي العزيزي] (3) آي دغدي العزيزي الأمير الكبير جمال الدين. كان شجاعا مقداما، عاقلا محتشما، جليل القدر، كثير الصدقات، حسن الديانة،

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 350)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 168)، و «العبر» (5/ 276)، و «مرآة الجنان» (4/ 162)، و «شذرات الذهب» (7/ 548). (2) «السلوك» (1/ 440)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 153)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 35)، و «تحفة الزمن» (1/ 361)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 105)، و «المدارس الإسلامية» (ص 169). (3) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 350)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 172)، و «العبر» (5/ 277)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 484)، و «مرآة الجنان» (4/ 162)، و «المنهل الصافي» (3/ 159)، و «شذرات الذهب» (7/ 549).

3146 - [أحمد بن سالم المصري]

من جلة الأمراء ومتميزيهم، حبسه المعز مدة، ثم أخرجه المظفر يوم عين جالوت، وكان الملك الظاهر يحترمه ويتأدب معه، جهزه في سنة أربع وستين وست مائة، فأغار على بلاد سيس، ثم خرج على صفد، فتمرض. توفي بدمشق ليلة عرفة من السنة المذكورة. 3146 - [أحمد بن سالم المصري] (1) الشيخ أحمد بن سالم المصري النحوي، نزيل دمشق. كان فقيرا متزهدا، محققا للعربية. توفي سنة أربع وستين وست مائة. 3147 - [الحسن وعبد الرحمن ابنا صصرى] (2) بهاء الدين الحسن بن سالم التغلبي الدمشقي، عرف بابن صصرى، وأخوه شرف الدين عبد الرحمن بن سالم. وليا المناصب الكبار، ونظرا للديوان، وتوفيا سنة أربع وستين وست مائة. 3148 - [سليمان الجنيد] (3) سليمان الملقب بالجنيد بن محمد بن أسعد بن همدان بن يعفر أبو الربيع. ولد بقرية العدن من بلد صهبان في سنة اثنتين وست مائة، وأخذ عن أبيه. وكان فقيها فاضلا، رئيسا نبيلا، زاهدا عابدا، امتحن بقضاء عدن، ثم زبيد، وذكر بعضهم أنه إنما امتحن بذلك؛ لأنه عاب بعض حكام أهل زمانه في شيء مما هو به، فقيل له: سنذيقك ما ذاق، فلما امتحن بقضاء عدن .. استغفر الله وتاب، ثم عزل نفسه، وعاد

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 349)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 167)، و «العبر» (5/ 276)، و «مرآة الجنان» (4/ 163)، و «المنهل الصافي» (1/ 299)، و «بغية الوعاة» (1/ 308)، و «شذرات الذهب» (7/ 546). (2) «ذيل مرآة الزمان» (354/ 2 - 355)، و «تاريخ الإسلام» (174/ 49 - 175)، و «العبر» (5/ 277)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 25) و (18/ 148)، و «مرآة الجنان» (4/ 163)، و «شذرات الذهب» (7/ 549). (3) «السلوك» (1/ 444)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 154)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 489)، و «تحفة الزمن» (1/ 363)، و «طبقات الخواص» (ص 149)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 97).

3149 - [محمد بن عبد الله التباعي]

إلى بلده، فقيل له: ولك قضاء زبيد، فامتحن به، ثم عزل، وعاد إلى بلده، ثم انتقل إلى ذي أشرق. وكان مشهورا باستجابة الدعاء، مقصودا بالزيارة، له كرامات كثيرة. وتوفي على الطريق المرضي في نصف صفر من سنة أربع وستين وست مائة بقرية ذي أشرق رحمه الله ونفع به. 3149 - [محمد بن عبد الله التباعي] (1) محمد بن عبد الله بن علي بن ناجي بن عبد الحميد، كان فقيها فاضلا. توفي في شوال سنة أربع وستين وست مائة. 3150 - [عبد الله بن علي التباعي] (2) عبد الله بن علي بن ناجي بن عبد الحميد التباعي. كان فقيها فاضلا، تفقه بابن سحارة، وعنه أخذ جماعة، وكان يسكن في القريعا-بضم القاف، وفتح الراء، وسكون المثناة تحت، وفتح العين المهملة، وآخره ألف-قرية بالقرب من المخادر. قال الجندي: (ولم أتحقق له تاريخا) اه‍ (3) وذكرته هنا؛ تبعا لابنه محمد المذكور قبله مع أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا (4). 3151 - [علي بن سير الواسطي] (5) علي بن سير بن إسماعيل بن الحسن الواسطي (6).

(1) «السلوك» (2/ 184)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 214)، و «تحفة الزمن» (1/ 496). (2) «السلوك» (2/ 184)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 135)، و «تحفة الزمن» (1/ 496). (3) «السلوك» (2/ 184). (4) في (ق): (هذه المدة). (5) «السلوك» (2/ 65) و (2/ 158)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 157)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 287)، و «تحفة الزمن» (1/ 419) و (1/ 474). (6) في الموضع الثاني من «السلوك» (2/ 158)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 287): (علي بن شبيب).

قال الجندي: (كان فقيها صالحا فاضلا، قدم تعز، فنزل في خانكة قليم السيفي. وأخذ عنه فقهاء تعز أحاديث المعمّر رتن الهندي بروايته لها عن الشيخ الفقيه داود بن أسعد بن حامد القفال المنحروري قال: سمعت المعمّر رتن بن مندر-على وزن مفعل- ابن مندي-بفتح الميم، وسكون النون، وكسر الدال، ثم مثناة آخر الحروف-الصراف السندي قال: كنت في بدء أمري أعبد صنما ببلدي، فرأيت في منامي قائلا يقول لي: اطلب لك دينا غير هذا، قلت: من أين أطلبه؟ قال: بالشام، قال: فأتيت الشام، فوجدتهم على النصرانية، فتنصرت، ثم رأيت بعد أيام قائلا يقول لي: اطلب لك دينا غير هذا، قلت: فأين أطلبه؟ قال: بالحجاز، فقصدت المدينة، وأسلمت على يد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وسألته أن يدعو لي بطول العمر، فمسح بيده الكريمة على رأسي، ثم خرجت معه غزاة اليهود، ولما عدت معه .. استأذنته في العود إلى بلدي؛ لأجل والدتي، فأذن لي. وذكر أن بلده كانت تسمى وكاوور-بفتح الواو والكاف، ثم ألف، ثم واو مضمومة، ثم واو ساكنة، ثم راء-بينها وبين الملتان أربعة عشر فرسخا، ثم سميت بعد ذلك: سورباه -بضم السين مهملة، وسكون الواو، وبراء ثم موحدة مفتوحتين، ثم ألف ثم هاء-برجل من ولد سامة بن لؤي اسمه سور، ثم سميت: أهراووت-بفتح الهمزة، وسكون الهاء، وفتح الراء، ثم ألف، ثم واوين الأولى مضمومة، والثانية ساكنة، ثم مثناة من فوق- وبذلك تعرف إلى الآن. قال: وتواتر عند أهل بلده أنه بلغ من العمر نحو سبع مائة سنة ببركة دعاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم وإمرار يده الكريمة على رأسه، قال: فأقمت ببلدي مدة، ثم خرجت إلى بلد يقال لها: بترهند-بكسر الموحدة، وسكون المثناة من فوق، وخفض الراء، وكسر الهاء، وسكون النون-بلد من أعمال السند؛ لأدعو حكيما بها اسمه: هربال-بكسر الهاء، وسكون الراء، وفتح الموحدة، ثم ألف ولام-ويعرف بالصفار، فأدركته في آخر عمره، فدعوته إلى الإسلام، فأسلم على يدي. ثم لم تطل مدة المعمّر فتوفي بعد إسلام الحكيم بثلاثة أيام، وذلك في رجب سنة ثمان وست مائة، ودفن في بترهند.

3152 - [أحمد بن نعمة النابلسي]

قال الواسطي: سمعت ذلك كله من تلميذ المعمّر-وهو داود المقدم ذكره-في قرية من صعيد مصر يقال لها أسيوط) (1). قال الجندي: (ثم سافر الواسطي المذكور إلى الجند؛ لغرض الرّجبيّة (2)، فأخذته بطنه، فلما أحس بثقل المرض .. حمل على جمل، فلما صار على باب الجند .. برك الجمل ولم يقم، وضرب ولم يقم، فقال: بخ بخ لكم يا أهل الجند، هذا علامة موتي، وقد وعدني ربي أن يغفر لي ولمن قبر حولي، ثم أعيد إلى الموضع الذي نزل فيه، وهو المدرسة الشقيرية، فتوفي مبطونا لبضع وعشرين ليلة مضت من رجب سنة أربع وستين وست مائة، وقبره عند جبل صبر مشهور، يزار ويتبرك به) (3). 3152 - [أحمد بن نعمة النابلسي] (4) أحمد بن نعمة كمال الدين النابلسي، خطيب القدس. كان صالحا متعبدا متزهدا. توفي سنة خمس وستين وست مائة. 3153 - [إسماعيل الكوراني] (5) إسماعيل الكوراني الشيخ القدوة. صاحب صدق وتحقيق، وورع دقيق، كان مقصودا بالزيارة. توفي سنة خمس وستين وست مائة.

(1) «السلوك» (2/ 158). (2) الرجبية: ذبيحة شهر رجب. (3) «السلوك» (2/ 65). (4) «تاريخ الإسلام» (49/ 186)، و «العبر» (5/ 279)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 217)، و «مرآة الجنان» (4/ 163)، و «شذرات الذهب» (7/ 552). (5) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 364)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 188)، و «العبر» (5/ 280)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 212)، و «مرآة الجنان» (4/ 163)، و «المنهل الصافي» (2/ 427)، و «شذرات الذهب» (7/ 552).

3154 - [أبو شامة]

3154 - [أبو شامة] (1) عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي ثم الدمشقي المعروف بأبي شامة-لشامة كبيرة فوق حاجبه الأيسر-الشافعي المقرئ النحوي المؤرخ. أتقن القراءات والفقه، وبرع فيهما وفي النحو، وسمع الحديث، وشرح «الشاطبية» شرحا جيدا، واختصر «تاريخ ابن عساكر» في خمسة عشر مجلدا ضخما، ثم اختصره في خمس مجلدات، ونظم «مفصل الزمخشري»، وله «كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية»، وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية، وكان متواضعا. توفي في سنة خمس وستين وست مائة. 3155 - [تاج الدين ابن القسطلاني] (2) الشيخ تاج الدين علي بن الشيخ القدوة أبي العباس أحمد بن علي القيسي، عرف بابن القسطلاني، المصري المالكي المفتي. سمع بمكة من طائفة كثيرة، ودرس بمصر، وولي مشيخة الكاملية إلى أن توفي في سابع شوال (3) سنة خمس وستين وست مائة عن سبع وسبعين سنة. قال الشيخ اليافعي: (وقد يشتبه ذلك بالقطب ابن القسطلاني على من ليس عنده علم؛ لاشتراك أبويهما في الكنية والاسم، وكلاهما زاهد عالم، مصري مالكي، وكلا الوالدين عالم مفتي، وشيخ الحديث في الكاملية، لكن قطب الدين تأخرت وفاته إلى سنة ست وثمانين، وهو أجل الرجلين قدرا، وأشهرهما ذكرا) اه‍ (4)

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 367)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 194)، و «العبر» (5/ 280)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1334)، و «مرآة الجنان» (4/ 164)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 165)، و «بغية الوعاة» (2/ 77)، و «شذرات الذهب» (7/ 553). (2) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 371)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 200)، و «العبر» (5/ 281)، و «مرآة الجنان» (4/ 164)، و «العقد الثمين» (6/ 136)، و «الدليل الشافي» (1/ 447)، و «شذرات الذهب» (7/ 556). (3) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 164) و «شذرات الذهب» (7/ 556)، وفي «تاريخ الإسلام» (49/ 201) و «العبر» (5/ 281): (في سابع عشر)، وفي «ذيل مرآة الزمان» (2/ 372): (بكرة السابع والعشرين). (4) «مرآة الجنان» (4/ 164).

3156 - [أحمد بن علوان الصوفي]

3156 - [أحمد بن علوان الصوفي] (1) الشيخ الصالح الولي المشهور أبو العباس شهاب الدين أحمد بن علوان (2). كان والده من أهل خاو-بفتح الخاء المعجمة بعدها ألف، ثم واو-بلد قريبة من رأس نقيل صيد، وكان كاتب إنشاء الملك المسعود بن الكامل، يروى أنه سار مع المسعود إلى حجّة لبعض مخارجه فحصل حرب هنالك بينه وبين العرب، وكان علوان واقفا على بغلة تحت جبل هنالك، فانقطع من الجبل كسف فوقع عليه، وكان آخر العهد به، وهو الذي دخل كتاب «البيان» العراق بخطه، فقال أهل العراق: ما كنا نظن أن في اليمن إنسان، حتى قدم علينا «البيان» بخط علوان. ويحكى أن الإمام يحيى بن أبي الخير أراد أن يجيزه شيئا على كتابته «البيان» فقال علوان: ما أريد إجازتي، إلا أن تدعو لي أن الله يرزقني ولدا صالحا، فدعا له، فرزقه الله الشيخ أحمد المذكور، فنشأ على ما جرت به عادة أولاد الكتاب والرؤساء من التنعم والترفه، ثم قصد باب السلطان للخدمة، ففي أثناء الطريق وقع طائر على كتفه، ومد منقاره إلى فمه، ففتح الشيخ فاه، فصب الطائر فيه شيئا، فابتلعه الشيخ، ثم رجع من طريقه، فلزم الخلوة أربعين يوما، ثم خرج، فظهر منه الإشارات والكرامات، وألقي له المحبة في قلوب الخاص والعام، وله مع الشيخ أبي الغيث مخاطبات ومراسلات. وكان مسكنه بلد من المعافر يعرف بذي الجنان، كجمع جنّة، ثم تأهل بامرأة من يفرس، وسكن معها بيفرس إلى أن توفي بها في شهر رجب من سنة خمس وستين وست مائة. 3157 - [أبو الفضائل الصغاني] (3) الإمام العلامة أبو الفضائل الحسن بن محمد الصغاني.

(1) «السلوك» (1/ 394)، و «مرآة الجنان» (4/ 357)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 160)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 110)، و «تحفة الزمن» (1/ 319)، و «طبقات الخواص» (ص 69)، و «تاريخ شنبل» (ص 99)، و «طبقات الصوفية» المناوي (2/ 381)، و «هجر العلم» (2/ 750). (2) كذا في «طبقات الخواص» (ص 69)، وفي باقي المصادر: (أبو الحسن). (3) «السلوك» (2/ 401)، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 282)، و «تاريخ الإسلام» (47/ 443)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 240)، و «الجواهر المضية» (2/ 82)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 338)، و «العقد الثمين» (4/ 176)، و «تحفة الزمن» (2/ 365)، و «بغية الوعاة» (1/ 519)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 53)، و «شذرات الذهب» (7/ 431).

كان إماما كبيرا، عالما عاملا بارعا، فاضلا متفننا كاملا، عارفا بالنحو واللغة، والتفسير والحديث، والفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة. وله المصنفات المفيدة: ذيل على «صحاح الجوهري» وسماه: «التكملة والذيل والصلة»، ومن مصنفاته «مشارق الأنوار»، وشرح «البخاري» شرحا مختصرا، وله كتاب «العباب» الذي لم يصنف مثله في فنه، يقال: إنه وصل فيه إلى مادة (بكم)، فقال فيه بعضهم: [من مجزوء الرجز] إن الصغاني الذي … حوى العلوم والحكم صار قصارى أمره … أن انتهى إلى بكم وله غير ذلك من المصنفات، ودخل اليمن مرارا، وأقام بعدن، وقصده جمع من العلماء للأخذ عنه، وصحبه سليمان بن الفقيه بطال، وأقام معه بعدن مدة، ثم طلعا إلى بلدهم، فأخذ عنه الإمام بطال وغيره، وقدم تعز، فأخذ عنه بها جماعة، منهم الشيخ منصور بن حسن، والفقيه أحمد بن علي السرددي. وفي آخر عمره أقام بمكة. وتوفي ببغداد فجاءة سنة خمس وستين وست مائة (1)، ورثاه تلميذه أحمد بن محمد بن عمر بن إسماعيل الشهرزوري-كما رواه الجندي عن ابن أخيه علي بن الحسن (2) بن محمد بن عمر الشهرزوري (3) -بقصيدة يقول فيها: [من البسيط] أقول والشمل في ذيل النوى عثرا … يوم الوداع ودمع العين قد كثرا أبا الفضائل قد زودتني أسفا … أضعاف ما زدت قدري في الورى أثرا قد كنت تودع سمعي الدر منتظما … فخذه من جفن عيني الآن منتثرا وأخذ هذا المعنى من قول الزمخشري في ترثيته شيخه أبا مضر: [من الطويل] وقائلة ما هذه الدرر التي … تساقطها عيناك سمطين سمطين

(1) كذا في «طراز أعلام الزمن» (1/ 339)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 54)، وفي «السلوك» (2/ 404)، و «تحفة الزمن» (2/ 367) توفي سنة (640 هـ‍)، وقيل: سنة (650 هـ‍)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (650 هـ‍). (2) كذا في «طراز أعلام الزمن» (1/ 340)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 55)، وفي «السلوك» (2/ 404): (الحسين). (3) «السلوك» (2/ 404).

3158 - [أبو الحسن الدهان]

فقلت هي الدر اللواتي حشى بها … أبو مضر أذني تساقطن من عيني وكان الصغاني شاعرا فصيحا، ومن محاسن شعره ما رواه الجندي عن شيخه أحمد بن علي السرددي قال: أخبرني والدي أنه سمع الصغاني كثيرا ما ينشد لنفسه: [من الطويل] تعلمت أسباب القناعة يافعا … وكهلا فكانا في حياتي ديدني وقد كان أوصاني أبي حفّ بالرضا … بألاّ أوافى مطعما من يدي دني والصغاني بفتح الصاد المهملة، والغين المعجمة بعدها ألف، ثم نون، ثم ياء نسب، وفيها لغة: يقال فيه أيضا: الصاغاني بزيادة ألف بين الصاد والغين. وذكر الخزرجي في «تاريخه» له قصيدة طويلة نحو خمسين بيتا، مشتملة على ألفاظ غريبة، ومعاني عجيبة، وجناس بديع، مستشهدا بها على أنه يقال: صاغاني، يقول في أولها: [من البسيط] أنساني الدهر أعطاني وأوطاني … وحطني ووهاد الخسف أوطاني ويقول في آخرها: فقلت يا دهر سالمني مسالمة … فإنني عمريّ ثم صاغاني فانصاغ ينقاد إذعانا وسالمني … ومد ضبعي وناغاني وصاغاني (1) وقد أوردناها بجملتها في «تاريخ عدن»، فمن أحب الوقوف عليها .. فليراجعه (2). 3158 - [أبو الحسن الدهان] (3) علي بن موسى السعدي المصري أبو الحسن الدهان، المقرئ الزاهد. قرأ القراءات، وتصدر بالفاضلية، وكان ذا علم وعمل. توفي سنة خمس وستين وست مائة.

(1) انظر «طراز أعلام الزمن» (1/ 341). (2) انظر «تاريخ ثغر عدن» (2/ 55). (3) «تاريخ الإسلام» (49/ 202)، و «العبر» (5/ 281)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1338)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 252)، و «مرآة الجنان» (4/ 165)، و «شذرات الذهب» (7/ 557).

3159 - [الأمير المرتضى بن أبي إبراهيم]

3159 - [الأمير المرتضى بن أبي إبراهيم] (1) المرتضى أبو حفص عمر بن أبي إبراهيم القيسي المؤمني، صاحب المغرب. ولي الملك بعد ابن عمه المعتضد، وامتدت أيامه، وكان مستضعفا، دخل ابن عمه أبو دبوس الملقب بالواثق بالله إدريس مرّاكش، فهرب المرتضى، فظفر به عامل الواثق في سنة خمس وستين وست مائة، وأقام الواثق ثلاثة أعوام، ثم قامت دولة بني مرين، وزالت دولة آل عبد المؤمن (2). 3160 - [صالح بن إبراهيم العثري] (3) صالح بن إبراهيم بن صالح بن علي بن أحمد العثري. كان فقيها صالحا، عالما عاملا، فاضلا كاملا، من أهل الدين والدنيا، وممن يضرب به المثل في الكمال، وكانت حلقته فوق مائة طالب. ولي قضاء تهامة أجمع، وكان قضاؤه مرضيا، وكان ذا ثروة تامة، وشفقة على الأيتام، كان يصنع في نصف شعبان حلوى كثيرة، ويفرقها على الأيتام والضعفاء، ثم على خواص أصحابه، ثم على الفقهاء بأسرهم. يحكى أنه كان ليلة نائما بالقرب من امرأته، فسمعته يقول وهو نائم: أنا أسبق، أنا أسبق، فلما استيقظ .. سألته عن موجب قوله: أنا أسبق، فغالطها في ذلك، فألحت عليه، فقال: رأيت أني أنا والفقيه عمرو بن علي التباعي والشيخ عيسى بن حجاج نستبق إلى الجنة، فقلت: أنا أسبق، أنا أسبق، فسبقتهما، ثم إن الثلاثة المذكورين ماتوا بعد نحو شهرين من الرؤيا في وعد واحد، وكان الفقيه صالح المذكور أولهم وفاة. وتوفي في جمادى الأولى من سنة خمس وستين وست مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (7/ 18)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 202)، و «العبر» (5/ 282)، و «مرآة الجنان» (4/ 165)، و «شذرات الذهب» (7/ 557)، و «الاستقصاء» (2/ 252). (2) انظر أخبار الدولتين في «الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى» (2/ 99) و (3/ 3). (3) «السلوك» (2/ 327)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 165)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 5)، و «تحفة الزمن» (2/ 112)، و «طبقات الخواص» (ص 155)، و «تاريخ شنبل» (ص 99).

3161 - [عمر ابن رشيد]

3161 - [عمر ابن رشيد] (1) عمر بن محمد بن رشيد، بضم الراء، وفتح الشين المعجمة، وسكون المثناة تحت، ثم دال مهملة. كان فقيها صالحا، عابدا زاهدا ورعا، قدم هو وأخوه أبو بكر رغبة في صحبة الشيخ علي بن مرتضى خليفة الشيخ ابن أبي الباطل على أصحابه، وكان قدومهما قبل قدوم الحضارم زبيد. توفي الفقيه عمر المذكور سنة خمس وستين وست مائة، وهو جد الفقيه محمد بن عبد الله الحضرمي لأمه. وتوفي أبو بكر قبله في سنة أربع وستين وست مائة، ولأبي بكر ولد اسمه محمد، سيأتي ذكره في أول المائة بعد هذه (2). 3162 - [عمرو بن علي التباعي] (3) عمرو-بفتح العين-بن علي بن عمرو بن محمد بن عمرو بن سعد (4) بن أبي جعفر بن عباس-بموحدة ومهملتين-التباعي، نسبة إلى ذي تباع، أحد أذواء حمير، ووهم من نسبهم إلى همدان. ولد المذكور سنة ثمان وثمانين وخمس مائة في بلد بني شاور من مخلاف حجة. صحب الفقيه علي بن مسعود وتفقه به، ثم طلع الجبال، فأخذ عن أبي بكر بن يحيى «غريبي الهروي»، ثم تقدم إلى مصنعة سير، فقرأ بها على الحسن بن راشد «مسند الإمام أحمد ابن حنبل» وأخذ عن ابن أبي الصيف، وأبي جديد وغيرهما من الأئمة الكبار. وكان إماما بارعا مشهورا، أثنى عليه شيخه علي بن مسعود، ولقبه بمظفر الدين،

(1) «السلوك» (2/ 42)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 154)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 447)، و «تحفة الزمن» (1/ 401)، و «طبقات الخواص» (ص 236). (2) انظر (6/ 35). (3) «السلوك» (2/ 339)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 166)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 465)، و «تحفة الزمن» (2/ 140)، و «طبقات الخواص» (ص 247)، و «المدارس الإسلامية» (ص 170)، و «هجر العلم» (1/ 35). (4) كذا في «طبقات الخواص» (ص 247)، وفي «السلوك» (2/ 339) و «تحفة الزمن» (2/ 140): (سعيد)، وفي «العقود اللؤلؤية» (1/ 166) و «طراز أعلام الزمن» (2/ 465): (أسعد).

وأعطاه كتبه في آخر الأمر، واستخلفه على تدريس أصحابه، فتفقه به جمع كثير، وصاروا أئمة فضلاء، كالإمام علي بن إبراهيم البجلي، والإمام أحمد بن علي بن هلال وغيرهم. حكي أن الفقيه أحمد بن إبراهيم المصبري ناظر فقهاء زبيد، فلم يجد عندهم مقنعا، فتمثل بقول الأول: [من مجزوء الرجز] لما دخلت اليمنا … رأيت وجهي حسنا أفّ لها من بلدة … أفقه من فيها أنا (1) ثم قصد أبيات حسين، وكلما مر بفقيه .. قصده وناظره، فقصد مدرسة الفقيه علي بن مسعود لمناظرته، فكان أول من لقيه عمرو هذا، فظن أنه الفقيه علي بن مسعود، ففاتحه السؤال، فلم يزل الفقيه عمرو يجيبه ويستزيده حتى نضب ما عنده، ثم ألقى عليه الفقيه عمرو سؤالات أجاب عن بعضها وتوقف عن البعض، فقال له الفقيه عمرو: كيف رأيت وجهك الآن؟ ! -إشارة إلى البيت الذي كان يتمثل به-فقال: يا سيدي؛ المعذرة إلى الله ثم إليك يا أبا الحسن، فعلم الفقيه عمرو أنه لم يعرفه، وأنه ظن أنه الفقيه علي بن مسعود، فقال له: عند ذلك: لست الفقيه علي، بل أنا بعض تلاميذه، ها هو ذاك في محراب المسجد، فاقدم عليه، فقدم عليه، ولم يزد على السلام، وطلب الدعاء وقال في نفسه: إذا كان هذا درسيّ من درسته .. فكيف حال المدرس؟ ! قال الجندي: (وحصل بين الفقيه عمرو وبين الشيخ أبي الغيث بن جميل ألفة، يقال: ترك الشيخ السماع في آخر عمره بإشارة الفقيه عمرو، فلما علم الشيخ علي الشّنيني صاحب القرشية أن الشيخ أبا الغيث ترك السماع بإشارة الفقيه .. قصد أبيات حسين، فوجد الفقيه والشيخ مجتمعين، فقال للفقيه عمرو: كيف تنكر يا فقيه أحوال الفقراء؟ ! فقال الفقيه: إنما أنكر على من أنكر الله ورسوله عليه، فقال الشيخ علي الشّنيني: إن كان ما نقول حقا .. فما تقول هذه السارية؟ فاضطربت السارية، فقال الفقيه عمرو: لقد علمت أن ستر أحوال الصالحين عليهم أحرى بهم، ثم ضرب الجدار، وإذا به قد اضطرب، وكادت الخشبة تقع في الأرض، فبادر الشيخان إلى الإنصاف والاستغفار. ولم يزل الفقيه عمرو على الحال المرضي من التدريس والفتوى ونشر العلم إلى أن توفي

(1) البيتان لأبي نخلة، انظر «تاريخ دمشق» (7/ 303)، مع اختلاف فيهما.

3163 - [محمد بن عمر الذئابي]

عصر يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة خمس وستين وست مائة) (1). 3163 - [محمد بن عمر الذئابي] (2) محمد بن عمر بن أحمد بن عمر، أصله من الذئاب، القرية المعروفة بوصاب. تفقه بالمخلافة على الفقيه عمرو بن علي التباعي. وكان فقيها زاهدا، عابدا ورعا، مشهورا بالصلاح. ولم أقف على تاريخ وفاته، فليذكر في طبقة شيخه التباعي إن شاء الله تعالى (3) 3164 - [ابن الحطاب الزوقري] (4) محمد بن أبي بكر بن أبي الحسن (5) بن عبد الله الزوقري ثم الركبي، المعروف بابن الحطاب. ولد آخر المائة السادسة، وتفقه بالإمام علي بن قاسم الحكمي، وتزوج بابنة شيخه. وكان فقيها فاضلا كبيرا، عالما عاملا، محققا للفروع والأصول، والنحو واللغة، والحساب والحديث والقراءات. اجتمع الفقهاء مرة في وليمة وفيهم شيخه، وتأخر حضوره، فكانوا في انتظاره، فوصل وعليه ثياب نفيسة، وقعد في صدر المجلس، فنبزوه بالعجب، فقال: كيف لا أعجب وأنا ابن عشرين علما ليس في الحاضرين من يناظرني في واحد منها؟ ! ثم أنشد قول المتنبي: [من الخفيف] إن أكن معجبا فعجب عجيب … لم يجد فوق نفسه من مزيد فبلغ كلامه شيخه، فقال: شغله الله، فلم يمض غير يسير حتى اعتراه ما سنذكره.

(1) «السلوك» (2/ 341). (2) «السلوك» (2/ 296)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 248)، و «تحفة الزمن» (1/ 565)، و «هجر العلم» (2/ 687)، و (4/ 1980). (3) موضع هذه الترجمة في الأصول في آخر العشرين الثانية من المائة السابعة، وقد نقلناها إلى هنا؛ استجابة لأمر المؤلف رحمه الله تعالى. (4) «السلوك» (1/ 475)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 110)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 162)، و «تبصير المنتبه» (2/ 508)، و «تحفة الزمن» (1/ 386). (5) كذا في «طراز أعلام الزمن» (3/ 110) و «تحفة الزمن» (1/ 386)، وفي «السلوك» (1/ 475) و «العقود اللؤلؤية» (1/ 162) و «تبصير المنتبه» (2/ 508): (الحسين).

أصل بلده النّويدرة، ثم سكن زبيد، وحاز مسجد الأشاعر على الحنفية، فكان يدرس فيه، وإذا دخل الوقت .. بادر بالصلاة، فتعب من ذلك الحنفية، فلم يحفل بهم، وكان لا يوجد إلا مدرسا أو مصليا، ثم إنه في بعض الأيام استدعى أخاه أبا الحسن وهو جد بني الحطاب الموجودين في النويدرة، فقال له: إني رأيت الباري سبحانه وتعالى يقول لي: يا محمد؛ أنا أحبك، فقلت: يا رب؛ من أحببته .. ابتليته، فقال لي: استعدّ للبلاء، فكن يا أخي على حذر من أمري، فلما كان آخر ذلك اليوم .. صلّى العصر بالأشاعر، ثم خرج إلى بيته، فغشي عليه في الطريق، فيقال: إن الفقيه إسماعيل الحضرمي مرّ به وهو في تلك الحالة، فقبل بين عينيه وقال له: أهلا بك يا محبوب، وهو إذ ذاك ابن خمس وعشرين سنة، ففسخ عليه شيخه نكاح ابنته، واشترى له جارية من ماله تقوم به، وخطبت زوجته فقالت: لا أريد به بدلا حيا ولا ميتا، فكانت الجارية تربيه وتحفظه، وربما ضربته، وكان غالب أحيانه مربوطا إلى شيء أكيد، وكان الطلبة وغيرهم من أصحابه يقرءون عليه في أوقات يكون فيها حاضر الذهن، ويباحثونه في العلم، فإذا تغير .. خرجوا عنه، ومن لم يعرف حاله .. صفقت الجارية فيخرج، وكان من أكثر الناس حفظا للآثار والأمثال والأخبار. يحكى أن المظفر قال لجلسائه: أذكر بيتين كنت أحفظهما في الصغر، لا أذكر منهما غير حضني أو حضنا، أود روايتهما ولو بمال، وأخبر بحال الفقيه المذكور وأنه قد يفيق في بعض الأوقات ويسأل عن عدة مسائل فيجيب عنها، فسئلت الجارية عن وقت صفاء ذهن الفقيه، فقالت: بين المغرب والعشاء، فلما كان مع المغرب .. أرسل لها المظفر بمركوب وغلام يركبه، وأمرها أن تصل مع الفقيه إلى حضرة السلطان، وكانت الجارية قد استعدت لذلك بغسل الفقيه وتنظيفه، فحضر مجلس المظفر وهو غاص بالفقهاء والأمراء وأعيان الدولة، فسئل عن أي مكان هو فيه، فقال: مقام السلطان الملك المظفر، ثم قال: يا يوسف؛ كان والدك صاحبي، فقال له السلطان: نعم الصاحب أنت يا فقيه، ثم سئل عن الحاضرين شخصا شخصا، وكلما سئل عن شخص .. قال: هو فلان بمعرفة شافية، حتى سئل عن ابن دعاس وكانت بينهما مكارهة فقال: هذا ابن عم أخيه فقيل له: إن السلطان كان يحفظ أيام الصغر بيتين نسيهما، غير أن في أحدهما حضني أو حضنا، فقال: هما بيتان مشهوران، يقول صاحبهما: [من مجزوء الرمل] راحة المرء صغيرا … بين حضني والديه فإذا ماتا أحالا … بشقا الدنيا عليه

فقال المظفر: هما والله البيتان، وسر بهما، فخلع عليه السلطان، ثم تكلم بكلام غير منضبط، فقالت الجارية: هذا أوان تغير حاله، فأعيد إلى بيته مسرعا. ويحكى أن المظفر قد أمر من عد له ثلاث مائة دينار، ثم استشار ابن دعاس فيما سيعطيه، فقال ابن دعاس: إنّ هذا لا يعرف ما صار إليه، وإنما يصير إلى جارية، فبينما هم في المشاورة؛ إذ قال ابن الحطاب: من هذا الذي اختصه مولانا بمشاورته، فقال السلطان: هذا الفقيه سراج الدين، فقال ابن الحطاب: ومن سراج الدين؟ ! ما نعرف سراج الدين وجمال الدين وبدر الدين وشمس الدين إلا محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال المظفر لابن دعاس: أحرقتنا بنارك، وأعطاه الثلاث مائة. ثم إن المظفر أمر الطبيب بمباشرة ابن الحطاب، ووعده على عافيته إعطاء ما سأل، فيحكى أنه نظر إليه واستبشر له بالفرج، فقال له ابن دعاس: والله لئن تعافى لا ترك لك ولا لأحد من الفضلاء قدرا؛ فإنه في كل علم باقعة، فوقع في نفس الطبيب ما قاله ابن دعاس فقال للمظفر: هذا لا يصح إلا بالعراق، فقال المظفر: فلو بعثناه إلى العراق وتداوى ثم رجع .. هل يخشى عليه شيء؟ فقال: نعم، فأعرض السلطان عن ذلك، وأجرى على الفقيه كل يوم عشرين درهما، فلم يزل ابن دعاس بالسلطان حتى نقصها، ثم صارت بعد ذلك إلى درهمين، واستمر ذلك بعد موته على ذريته. حكى الجندي عن والده: (أنه زار الفقيه ومعه شخص من أصحابه، قال: فسلمنا عليه، فرد السلام علينا ردا جيدا، ثم قال لصاحبي: يا محمد؛ هل جئتنا بشيء؟ فقال: جئت بنفسي، فأنشد ابن الحطاب ارتجالا: [من الطويل] أتانا أخ من غيبة كان غابها … وكان إذا ما غاب ننشده الركبا فقلنا له هل جئتنا بهدية … فقال بنفسي قلت نطعمها الكلبا قال: وكان بينه وبين الفقيه موسى بن أحمد التباعي شارح «اللمع» صحبة ومكاتبة، وأنه لما دخل كتابه «شرح اللمع» إلى زبيد .. كتب إليه بشعر يقول فيه: [من الطويل] ترى دهسات الرمل من جانب الند … على عهدها أم قد تغيرن من بعدي منازل من مي عهدنا بها المها … لها فتكة تربى على صولة الأسد هنالك إذ مي على أيمن الحمى … وهند بيسراه فيا لك من هند سقى الله ربعا للأحبة باللوى … على عقدات الكثب والسهل كالعقد

3165 - [عيسى بن حجاج العامري]

خليلي لا تربع على الربع بعدها … وأنفق نفيس العمر في طلب المجد إذا كنت شهما فاترك اللهو جانبا … ونافس على عليا المراتب بالجد كفعل عماد الدين موسى بن أحمد … حليف المعالي جامع المجد والحمد فتى ترك اللذات في طلب العلا … فأرقته همّات له قمة السعد متى تلقه تلق ابن إدريس فقهه … وسفيان في جمع التنسك والزهد ويكفيه فضلا ما أبان بشرحه … على لمع الشيخ الإمام أخي المجد فعندي أن الشيخ لو عاين شرحه … لقال له: أحسنت لم تعد ما عندي لئن كان إبراهيم أدمج متنه … لقد حل موسى كل ما فيه من عقد وعذراء من علم الأصول تمنعت … على كل بحّاث وكل أخي نقد أهاب بها يوما فألقت قناعها … وجاءته طوعا في جلابيبها تردي توفي بزبيد سنة خمس وستين وست مائة) (1). 3165 - [عيسى بن حجاج العامري] (2) الشيخ الصالح أبو محمد عيسى بن حجاج العامري-قال الجندي: نسبه في بني عامر، عرب يسكنون جبلا تحت حصن الشرف من ناحية وصاب-ويقال له: الغيثي، نسبة إلى الشيخ أبي الغيث بن جميل؛ إذ كان أحد أعيان أصحابه. وكان الشيخ عيسى المذكور صاحب حال، ويقال: صاحب تربية وعلم من علوم الصوفية. وله كرامات مشهورة، وكان مصاحبا للقاضي صالح بن إبراهيم بن صالح العثري، وللفقيه عمرو بن علي التباعي المتقدم ذكرهما، فتوفي الثلاثة في أسبوع واحد (3). وكانت وفاة الشيخ عيسى لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى من سنة خمس وستين وست مائة (4).

(1) «السلوك» (1/ 478) و (2/ 27). (2) «السلوك» (2/ 343)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 167)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 484)، و «تحفة الزمن» (2/ 146)، و «طبقات الخواص» (ص 252)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 511). (3) تقدمت ترجمتها تقريبا. (4) في «تحفة الزمن» (2/ 147)، و «طبقات الخواص» (ص 254)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 512) توفي سنة (564 هـ‍).

3166 - [إبراهيم المقدسي خطيب الجبل]

3166 - [إبراهيم المقدسي خطيب الجبل] (1) إبراهيم بن عبد الله المقدسي، خطيب الجبل بن الخطيب شرف الدين. كان فقيها إماما، بصيرا بالمذهب، صالحا عابدا، مخلصا منيبا، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، قوّالا بالحق، صاحب أحوال وكرامات. سمع من جمع، وقد جمع ابن الخباز سيرته في مجلد. توفي سنة ست وستين وست مائة. 3167 - [السلطان ركن الدين السلجوقي] (2) السلطان ركن الدين بن السلطان غياث الدين السلجوقي، صاحب الروم. كان هو وأبوه مقهورين مع التتار، له الاسم ولهم التصرف، وشي به إليهم، ونمّ عليه أنه يكاتب الملك الظاهر، فقتلوه خنقا، وأظهروا أنه رماه فرسه، ثم أجلسوا في الملك غياث الدين وعمره عشر سنين. توفي ركن الدين سنة ست وستين وست مائة. 3168 - [الحسن بن مفرح القرشي] (3) الحسن بن مفرح القرشي (4)، نسبة إلى قريش بن كنانة. كان فقيها فاضلا، أخذ عن البرهان الحصري، وخلفه ابن له اسمه أحمد، كان فقيها عارفا، درس بزبيد مدة، وتوفي بها في ربيع الأول سنة ست وستين وست مائة، ويقال: إنه أدرك البرهان الحصري.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 388)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 216)، و «العبر» (5/ 284)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 35)، و «مرآة الجنان» (4/ 165)، و «المنهل الصافي» (1/ 84)، و «شذرات الذهب» (7/ 560). (2) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 403)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 230)، و «العبر» (5/ 285)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 383)، و «مرآة الجنان» (4/ 166)، و «شذرات الذهب» (7/ 563). (3) «السلوك» (2/ 332)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 347)، و «تحفة الزمن» (2/ 118)، و «هجر العلم» (3/ 1193). (4) في الأصول و «طراز أعلام الزمن» (1/ 347): (الحسن بن محمد).

3169 - [مجد الدين والد ابن دقيق العيد]

3169 - [مجد الدين والد ابن دقيق العيد] (1) علي بن وهب القشيري المالكي الإمام العلامة مجد الدين، شيخ أهل الصعيد، ونزيل قوص، والد الإمام المشهور ابن دقيق العيد. كان مجد الدين المذكور جامعا لفنون من العلم، موصوفا بالصلاح والتأله، معظما في النفوس. روى عن غير واحد. توفي سنة سبع وستين وست مائة. 3170 - [الحسن بن علي الحميري] (2) الحسن بن علي بن عمر بن محمد بن علي بن أبي القاسم الحميري أبو محمد. ولد لسبع خلون من ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وست مائة. وتفقه بعبد الله بن علي العرشاني بجبلة، وأخذ عن أبي السعود بن الحسين، وعلي بن أبي القاسم السرددي، وسليمان الجنيد، والفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي وغيرهم. وأخذ «البيان» عن أحمد بن إبراهيم المليكي عن المصنف. وكان شديد الاجتهاد في طلب العلم، حتى ذكر أنه أقام سنة يصلي الصبح بوضوء العشاء، وكان يبيت يطالع الكتب، ولا يسأل عن طعام ولا شراب حتى يؤتى به، ولا يشتغل بأهل ولا ولد. قال الجندي: (ولقد أخبرني الثقة أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم قد أتاه في جماعة منهم الإمام الشافعي رضي الله عنه، فاستحيى وقال: يا رسول الله؛ بم استحققت هذه الزيارة؟ ! فقال: «باجتهادك في طلب العلم، وتتبعك الأسانيد العالية». وكان إماما بارعا، عارفا محققا مباركا، رحالا في طلب العلم، بلغه أن الفقيه محمد

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 420)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 244)، و «العبر» (5/ 286)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 298)، و «مرآة الجنان» (4/ 166)، و «نيل الابتهاج» (1/ 363)، و «شذرات الذهب» (7/ 565). (2) «السلوك» (2/ 156)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 171)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 334)، و «تحفة الزمن» (1/ 473)، و «طبقات الخواص» (ص 123).

3171 - [ابن المبرذع الأصبحي]

ابن الهرمل له رواية مسندة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم عالية السند، فارتحل إليه حتى أخذها عنه، فقال له ابن الهرمل: نحب أن نسمع عليك «البيان»، فأجابه إلى ذلك، وكان وقت قراءة «البيان» قد يرفع الفقيه حسن رأسه إلى السقف فيرى حنشا مدليا رأسه من جوانب الخيمة كالمستمع حتى تنقضي القراءة، ثم يدخل رأسه، فأخبر الفقيه بذلك يوما، فقال له ابن الهرمل: هذا رجل من فقهاء الجن، قرأ علي «التنبيه» و «المهذب»، وهو الذي سألني أن أسألك إسماعنا «البيان». وللفقيه حسن مصنفات في الحديث، وذيّل «طبقات ابن سمرة»، ولما حضرته الوفاة .. كان آخر كلام سمع منه الشهادة. وتوفي في ربيع الأول سنة سبع وستين وست مائة) (1). 3171 - [ابن المبرذع الأصبحي] (2) إبراهيم بن علي بن محمد بن منصور بن عواض أبو إسحاق الأصبحي، عرف بابن المبرذع. كان فقيها نبيها، نحويا لغويا، عارفا بالحساب ومعرفة المواقيت، صنف «اليواقيت في معرفة المواقيت» كتاب جليل يدل على سعة علم مصنفه، وأخذ عنه عدة من الفقهاء، واستجازوه. وتوفي لبضع وستين وست مائة. 3172 - [عثمان بن أبي سوادة] (3) عثمان بن محمد بن أبي سوادة الحضرمي الحنفي مذهبا، تفقه بيحيى بن عطية (4).

(1) «السلوك» (2/ 156). (2) «السلوك» (2/ 61)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 27)، و «تحفة الزمن» (1/ 417). (3) «السلوك» (2/ 50)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 179)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 193)، و «تحفة الزمن» (1/ 408)، و «المدارس الإسلامية» (ص 57). (4) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 194) و «المدارس الإسلامية» (ص 57)، وفي باقي المصادر: (به تفقه يحيى بن عطية).

3173 - [علوي بن الفقيه المقدم]

وكان فقيها فاضلا، ورعا زاهدا، عارفا بمذهبه، وكان من أتراب الفقيه أبي بكر بن حنكاس، واستمر معيدا بزبيد. وتوفي بها في رجب سنة سبع وستين وست مائة (1). 3173 - [علوي بن الفقيه المقدم] (2) علوي بن الفقيه محمد بن علي بن محمد بن علي بن علوي، وتقدم بقية نسبه الشريف في ترجمة أبيه (3). قال الخطيب رحمه الله: (كان من جهابذة العارفين، وكبراء المقربين، وصاحب الكرامات الخارقة، والأحوال الفائقة، والمقامات العلية، والعلوم اللدنية، والأسرار الإلهية) (4)، وذكر له في كتاب «الجوهر الشفاف» جملة كرامات (5). قال: (وتوفي رحمه الله في يوم الجمعة في ذي القعدة سنة سبع وستين وست مائة) (6). 3174 - [عبد الله بن الفقيه المقدم] (7) عبد الله بن الفقيه محمد بن علي بن محمد بن علي بن علوي، أخو المذكور قبله. قال الخطيب رحمه الله: (كان من أعيان العارفين، صاحب الأنفاس الصادقة، والكرامات الخارقة، والآيات الباهرة، والأنوار الزاهرة-وذكر له كرامات، منها-: أنه خرج إلى زرعه، فسمعه كله يذكر الله تعالى، وروي أنه كان يسمع تسبيح الجمادات. توفي رحمه الله لاثنتين وعشرين من ذي القعدة سنة اثنتين وست مائة)، كذا في «الشفاف» بإسقاط الأعشار، فليحقق ذلك (8).

(1) في «السلوك» (2/ 50)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 179) توفي سنة (669 هـ‍). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 109)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 217) و (ص 511)، و «المشرع الروي» (2/ 210)، و «شمس الظهيرة» (1/ 79). (3) انظر (5/ 231). (4) «الجوهر الشفاف» (1/ 123). (5) انظر «الجوهر الشفاف» (109 - 123). (6) كذا في «غرر البهاء الضوي» في الموضع الثاني (ص 521)، وفي الموضع الأول منه (ص 221)، و «الجوهر الشفاف» (1/ 124)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (669 هـ‍). (7) «الجوهر الشفاف» (1/ 124)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 223) و (ص 522)، و «شمس الظهيرة» (1/ 78). (8) «الجوهر الشفاف» (125/ 1 - 126)، والنسخة التي بين أيدينا ذكرت الأعشار، وكانت وفاته سنة (662 هـ‍).

3175 - [عبد الغفار القزويني]

3175 - [عبد الغفار القزويني] (1) عبد الغفار بن عبد الكريم القزويني، مؤلف «الحاوي الصغير». كان رحمه الله تعالى إماما عارفا، عالما بارعا مجيدا. قال الشيخ اليافعي فيه: (ألين له الفقه كما ألين الحديد لداود-وقال في كتابه «الحاوي» المذكور-: المشتمل على الأسلوب الغريب، والنظم العجيب) (2). توفي رحمه الله تعالى سنة ثمان وستين وست مائة، وقيل: سنة خمس وستين، وعلى الثاني اقتصر جماعة (3).مذكور في الأصل. 3176 - [قاضي القضاة يحيى بن أبي المعالي] (4) أبو الفضل قاضي القضاة يحيى بن قاضي القضاة أبي المعالي محمد بن قاضي القضاة أبي الحسن بن قاضي القضاة منتجب الدين (5) القرشي الدمشقي الشافعي. تفقه بالفخر ابن عساكر، وولي قضاء دمشق مرتين، وكان صدرا معظما، معرقا في القضاء. قال الذهبي: (له في ابن عربي عقيدة تجاوز الوصف-قال-: وكان يفضل عليا على عثمان) (6) أي: كما ذهب إليه سفيان الثوري، ومحمد بن إسحاق، والحسين بن الفضل وغيرهم، بل هو منسوب إلى أهل الكوفة قاطبة، ونسبه الذهبي إلى التشيع (7)، وكأنه أخذه من قوله: [من الطويل] أدين بما دان الوصي ولا أرى … سواه وإن كانت أمية محتدي

(1) «تاريخ الإسلام» (49/ 197)، و «مرآة الجنان» (4/ 167)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 277)، و «شذرات الذهب» (7/ 570). (2) «مرآة الجنان» (4/ 167). (3) كالذهبي في «تاريخ الإسلام» (49/ 197)، والسبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 278). (4) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 440)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 270)، و «العبر» (5/ 289)، و «مرآة الجنان» (4/ 169)، و «البداية والنهاية» (13/ 299)، و «شذرات الذهب» (7/ 570). (5) في «تاريخ الإسلام» (49/ 270): (منتخب الدين). (6) «تاريخ الإسلام» (49/ 272)، و «العبر» (5/ 289). (7) انظر «العبر» (5/ 289).

3177 - [محمد ابن الهرمل القحري]

ولو شهدت صفين خيلي لأعذرت … وساء بني حرب هنالك مشهدي قال الذهبي: (سار أبو الفضل المذكور إلى خدمة هولاكو، فأكرمه، وولاه قضاء الشام، وخلع عليه خلعة سوداء مذهّبة، فلما تولى الملك الظاهر .. أبعده إلى مصر، وألزمه المقام بها، وبها توفي في سنة ثمان وستين وست مائة) (1). 3177 - [محمد ابن الهرمل القحري] (2) محمد بن عبد الله بن علي الهرمل، الشهير بالقحري، بضم القاف، وسكون الحاء المهملة، ثم راء، نسبة إلى قحر بن جبل، بطن مشهور من عك. سمع «البيان» على الفقيه حسن بن علي، وكان عالما عاملا، فاضلا صالحا زاهدا، يقوم بالمنقطع من الطلبة وغيرهم، وتفقه به جماعة كثيرة، كالفقيه علي الصريدح، والفقيه علي الجحيفي، وعلي بن عبد الله العامري وغيرهم. وله مصنف يسمى: «التحفة» ضمنه زيادات «الوسيط» على «المهذب»، ومن ورعه أنه كان لا يغسل ثيابه إلا بالحطم، فورد عليه الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي، فسأله صابونا ليغسل ثيابه، فقال: مذ سمعت أن الولاة يطرحون الجلجلان (3) على الناس كرهت الغسل بالصابون، ولم أغسل ثيابي إلا بالحطم، فقال الفقيه إسماعيل: غلبنا هذا الرجل بورعه. وكان مشهورا بالدين المتين، وحسن الخلق والجود والكرم، يقال: إنه لما توفي .. بكي عليه في أربعين بيتا، فسئلوا عن ذلك، فقالوا: كان يقوم بكفايتنا، وما يعلم بنا أحد، ولا بعضنا ببعض، وامتحن آخر عمره بالعمى، ثم رد الله عليه بصره. وتوفي لثمان خلون من رجب سنة ثمان وستين وست مائة بالعطفة، بكسر العين وسكون الطاء المهملتين، وفتح الفاء، ثم هاء، قرية من قرى سهام بين القحمة والكدراء.

(1) «العبر» (5/ 290). (2) «السلوك» (2/ 369)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 177)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 215)، و «تحفة الزمن» (2/ 282)، و «طبقات الخواص» (ص 289)، و «هجر العلم» (3/ 1489)، و «مجموع بلدان اليمن» (3/ 606). (3) الجلجلان: السمسم.

3178 - [الشيخ علي صاحب المقداحة]

3178 - [الشيخ علي صاحب المقداحة] (1) الشيخ الصالح أبو الحسن علي بن عبد الله صاحب المقداحة. كان من كبار العباد، وأعيان الزهاد. حكى الجندي عن الثقة: (أن الشيخ كان في بدايته يرعى غنما يملكها في نواحي المشيرق-تصغير مشرق-فبينا هو ساهر ليلة على سطح بيته مع أهله؛ إذ أقبل فقير، فقالت المرأة للزوج: انزل إلى الفقير، واعتذر منه، فقد تعشينا، وما معنا شيء، فلما هم الشيخ بذلك .. أمسكت رجلاه عن المشي، فوقع في نفسه أن ذلك حال الفقير، فغير نيته، وعزم على تلقيه، فانطلقت رجله، فنزل إلى الفقير وسلم عليه، وأدخله منزله ورحب به وقال لامرأته: اصنعي لنا طعاما نأكله، فأبت، فضربها بعود شجها في رأسها، ثم أخذ الطعام، وجعل يطحن بنفسه، فاستحيت المرأة، وربطت رأسها، وطحنت وعصدته، وقربته إليهم، فأكل الشيخ والفقير، ثم مسح الفقير على رأس الشيخ وصدره، ثم ودّعه وسار، فوقع في قلب الشيخ العزم للحج، فباع غنمه، وقضى المرأة صداقها، وتزود بالباقي إلى مكة، فحج ورجع إلى الجند لخدمة الشيخ عبد الله بن الرّميش، بضم الراء، وفتح الميم، وسكون المثناة تحت، ثم شين معجمة، فالتزم بخدمة الرباط، وظهر للرميش منه أمور عظيمة، وأحوال خارقة، فهم أن يحكمه، فقيل له خطابا: ليس من أصحابك، هو من أصحاب الشيخ أبي الغيث، فقال له: يا علي؛ تقدم إلى الشيخ أبي الغيث، فهو شيخك فاصحبه، فنزل إلى تهامة. ويروى أن الشيخ أبا الغيث كان يقول للفقراء: يقدم عليكم فقير كبير القدر من هذه الجهة، ويشير إلى الطريق التي جاء منها، فكان الفقراء كل يوم يخرجون إلى تلك الجهة ينتظرونه، فدخل الشيخ علي القرية على حين غفلة من الفقراء، فدخل الرباط، فرحب به الشيخ أبو الغيث، وحكمه من ساعته، فكان يقال: نساجة صاحب المقداحة للرميش، وقصارته لأبي الغيث. وأقام عند الشيخ أبي الغيث مدة، ثم انتقل إلى بلده، وقصد مسجدا خرابا يومئذ بالموضع المعروف بالمقداحة، وكان يومئذ خلاء ليس به ساكن، فاعتكف فيه، ثم قدم إلى

(1) «السلوك» (2/ 215)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 175)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 297)، و «تحفة الزمن» (1/ 515)، و «طبقات الخواص» (ص 213)، و «هجر العلم» (4/ 2101).

3179 - [قاضي حماة ابن البارزي]

المسجد رعاء، فسلموا على الشيخ، ولم يزالوا يأتونه، وعلم به الناس، فوصلوه، وأكثروا زيارته، وبنوا له المسجد والرباط، واجتمع عنده جمع كثير أقاموا الجمعة والجماعة، ولازموا الطريق الشرعية، وصحبه جمع كثير، وتحكموا على يده، فرباهم التربية الشرعية المحققة؛ من الصيام والقيام والزهد والورع، فلما أقبل الناس على الشيخ بالفتوح .. كان يقبله قبول فازع منه، لا يكاد يبيت بيده شيء منه. كان لا يميز نفسه على أصحابه، ولا حرمته على حريمهم، وإذا وصل إليه فتوح .. وصل إلى الصغير كما يصل إلى الكبير، حتى إن بعضهم قدّم إليه قليل زبيب لا يكفي الجماعة، فنقعه حتى انحل ماؤه، وشرب كل منهم نصيبه. ويحكى أن نقيب الفقراء استعمل عدة مصاون لنساء الفقراء (1)، وجعل في واحد منها خيط حرير، فلما رآها الشيخ .. قال: لم عملت لهذا علما دون غيره؟ فقال: جعلته باسم أم الفقراء-يعني زوجة الشيخ-فقطع الشيخ منه الحرير حتى صار دونهن قيمة، وأعطاه زوجته. وبالجملة: فمناقبه كثيرة. ولم يزل على أحسن سيرة وسريرة إلى أن توفي في جمادى الآخرة من سنة ثمان وستين وست مائة، ودفن في طرف الرباط، وقام بعده بالرباط الشيخ سليمان بن يحيى، من مشايخ ذي السّفال، وممن صحب الشيخ المذكور. ورئي الشيخ بعد موته، فقيل له: من استخلفت على أصحابك وموضعك؟ فقال: الخضر، فلما احتضر الشيخ سليمان .. استخلف صالحا ولد الشيخ علي المذكور صاحب المقداحة على الرباط، فأقام الشيخ صالح مدة، ثم توفي، وبقي الرباط فارغا عن قائم، فكتب أصحاب الشيخ علي إلى محمد ولد الشيخ صاحب المقداحة الآتي ذكره في أول المائة التي بعد هذه) (2). 3179 - [قاضي حماة ابن البارزي] (3) إبراهيم بن المسلم بن هبة الله الشافعي الحموي، الإمام قاضي حماة.

(1) المصون-بكسر الميم وسكون الصاد وفتح الواو-: الخمار. (2) «السلوك» (2/ 215)، وانظر ترجمة محمد ولد صاحب الترجمة (6/ 63). (3) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 457)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 276)، و «العبر» (5/ 291)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 146)، و «مرآة الجنان» (4/ 170)، و «المنهل الصافي» (1/ 176)، و «شذرات الذهب» (7/ 572).

3180 - [ابن قرقول الحمزي]

تفقه بالفخر ابن عساكر، وأعاد له، ودرس بالرواحية، ثم تحول إلى حماة، ودرس بها وأفتى وصنف، وكان ذا علم ودين. توفي سنة تسع وستين وست مائة. 3180 - [ابن قرقول الحمزي] (1) إبراهيم بن يوسف الحمزي المعروف بابن قرقول-بضم القافين، وسكون الراء بينهما، وبعد الواو لام-صاحب «مطالع الأنوار» على مثال كتاب «مشارق الأنوار» للقاضي عياض، وكان من الأفاضل، وصحب جماعة من فضلاء الأندلس. صلّى الجمعة بالجامع، وتوفي أول وقت العصر من ذلك اليوم، فلما حضرته الوفاة .. تلا (سورة الإخلاص)، وجعل يكررها بسرعة، ثم تشهد ثلاث مرات، وسقط على وجهه ساجدا، فوقع ميتا رحمه الله، وكان ذلك في سنة تسع وستين وست مائة (2). 3181 - [حسن الصقلي المقرئ] (3) حسن بن أبي عبد الله الأزدي الصقلي، الشيخ الصالح المقرئ. قرأ القراءات على السخاوي، وسمع الكثير، وأجاز له المؤيد الطوسي، وكان ورعا مخلصا، متقللا من الدنيا. توفي سنة تسع وستين وست مائة.

(1) «وفيات الأعيان» (1/ 62)، و «سير أعلام النبلاء» (20/ 520)، و «تاريخ الإسلام» (39/ 331)، و «العبر» (4/ 205)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 171)، و «مرآة الجنان» (4/ 170)، و «الاستقصاء» (2/ 209)، و «شذرات الذهب» (6/ 382) و (7/ 573). (2) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 170)، وترجم له ابن العماد في وفيات سنة (569 هـ‍) (6/ 382)، ووفيات سنة (669 هـ‍) (7/ 573)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (569 هـ‍)، ولعل المصنف رحمه الله تعالى تبع اليافعي في ذكره في وفيات سنة (669 هـ‍). (3) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 458)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 279)، و «العبر» (5/ 291)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1341)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 92)، و «مرآة الجنان» (4/ 171)، و «شذرات الذهب» (7/ 572).

3182 - [ابن سبعين الصوفي]

3182 - [ابن سبعين الصوفي] (1) عبد الحق بن إبراهيم المرسي المتصوف المعروف بابن سبعين، الملقب بالشيخ قطب الدين. قال الذهبي: (كان من زهاد الفلاسفة، ومن القائلين بوحدة الوجود، له تصانيف وأتباع يقدمهم يوم القيامة، توفي كهلا في سنة تسع وستين وست مائة) (2). قال الشيخ اليافعي: (وكذلك سمعت كثيرا من أهل العلم ينسبونه إلى الفلسفة وعلم السيمياء، ويحكون عنه حكايات في ذلك، وأصحابه يعظمونه كثيرا، وكان له جاه كبير عند صاحب مكة، وبسبب ذلك وعداوته وخوف شره خرج الإمام قطب الدين ابن القسطلاني من مكة، وأقام بمصر) (3). 3183 - [البهاء عمر بن محمد] (4) أبو الخطاب عمر بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن الحسين الكناني الملقب بالبهاء. كان من أعيان اليمن، وأفراد الزمن، كاتبا خيرا، عفيفا كريما جوادا، ولما علم المظفر بأمانته وحسن سياسته .. أراد أن يجعله صاحب ديوان الشحر، فأرسل إليه الوزير-وهو القاضي البهاء محمد بن أسعد العمراني-وأمره أن يتجهز إلى الشحر، فأجاب، وسأله عن اسمه، فقال: عمر، وعن لقبه، فاستحيى أن يقول البهاء، فحضر من عرّف الوزير بلقبه، فلقبه الوزير العفيف. فلما صار في الشحر .. زرع الجميل مع أهله وغير أهله، وله في ذلك أخبار مدونات. ولم يزل هنالك إلى أن توفي أول سنة تسع وستين وست مائة.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 460)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 283)، و «العبر» (5/ 291)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 60)، و «مرآة الجنان» (4/ 171)، و «الإحاطة في أخبار غرناطة» (4/ 31)، و «العقد الثمين» (5/ 326)، و «نفح الطيب» (2/ 196)، و «شذرات الذهب» (7/ 573). (2) «العبر» (5/ 291) (3) «مرآة الجنان» (4/ 171)، وكان ابن القسطلاني ينكر على ابن سبعين بمكة من أحواله كثيرا، انظر «الوافي بالوفيات» (2/ 134)، و «شذرات الذهب» (7/ 694)، وسيترجم له المصنف رحمه الله تعالى (5/ 415). (4) «السلوك» (2/ 569)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 449)، و «تحفة الزمن» (2/ 499).

3184 - [الحسين بن أبي السعود الهمداني]

3184 - [الحسين بن أبي السعود الهمداني] (1) أبو عبد الله الحسين بن أبي السعود بن الحسين بن مسلم بن علي الهمداني. كان من خير أهل زمانه، متنسكا متورعا، حسن التدبير والسيرة، سالكا طريق الخير والعبادة، معروفا بالصلاح. وكان مولده سنة خمس وعشرين وست مائة. وتوفي في شعبان سنة تسع وستين وست مائة، ولما توفي .. حضر دفنه جمع كثير، أحصي القراء فيهم، فكانوا سبع مائة رجل، قاله الجندي (2). 3185 - [سلار الإربلي] (3) أبو الفضائل الكمال سلاّر بن الحسن الإربلي، تلميذ ابن الصلاح، وشيخ النووي. توفي سنة سبعين وست مائة. مذكور في الأصل. 3186 - [تاج الدين ابن يونس] (4) الإمام عبد الرحيم بن محمد بن محمد بن يونس، مؤلف «التعجيز». توفي سنة سبعين وست مائة (5).

(1) «السلوك» (2/ 219)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 178)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 351)، و «تحفة الزمن» (1/ 517)، و «هجر العلم» (3/ 1613). (2) انظر «السلوك» (2/ 219). (3) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 479)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 305)، و «العبر» (5/ 293)، و «مرآة الجنان» (4/ 171)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 149)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 18)، و «شذرات الذهب» (7/ 578). (4) «وفيات الأعيان» (4/ 255)، و «ذيل مرآة الزمان» (3/ 14)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 70)، و «العبر» (5/ 293)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 391)، و «مرآة الجنان» (4/ 171)، و «شذرات الذهب» (7/ 579). (5) كذا في «العبر» (5/ 293)، و «مرآة الجنان» (4/ 171)، و «شذرات الذهب» (7/ 579)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (671 هـ‍).

3187 - [القاضي الرئيس ابن صصرى]

3187 - [القاضي الرئيس ابن صصرى] (1) محمد بن سالم بن الحافظ أبي المواهب التغلبي الدمشقي عماد الدين، القاضي الرئيس. سمع من جماعة. قال الذهبي: (كان كامل السؤدد، متين الديانة، وافر الحرمة) (2). توفي سنة سبعين وست مائة. 3188 - [أحمد بن محمد الصعبي] (3) أحمد بن محمد بن أحمد بن أسعد أبو العباس الصعبي. ولد على رأس عشر وست مائة، وتفقه بابن ناصر، وبعمر بن الحداد وغيرهما. وبه تفقه جماعة، منهم محمد بن أسعد الجعميم، وأحمد بن أبي بكر التباعي وغيرهما. وكان فقيها عالما، عاملا صالحا، زاهدا عابدا متعففا، قليل الكلام، إلا في مذاكرة العلم، وكان لا يأخذ العلم إلا عمن عرفه ووثق بدينه. يقال: إنه قدم عليهم رجل غريب، متظاهر بالعلم ومعرفته، وعرّض للفقيه وأصحابه أن يقرئهم، فقال له الفقيه: إنا لا نأخذ إلا عمن تحققنا دينه وأمانته، وأنت رجل غريب، ربما أوقعتنا في محذور لا نشعر به، ولم يأخذ عنه شيئا. ولما تحقق المظفر صلاحه .. سأل من القاضي أسعد بن مسلم أن يجمع بينه وبينه، فقال القاضي: إن علم بشيء من هذا .. لم يساعد، ولكني سأخادعه، فلم يزل يتلطف في الحيلة ومخادعة الفقيه حتى جمع بينه وبين السلطان وحدهما من غير علم من الفقيه بأنه

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 486)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 312)، و «العبر» (5/ 294)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 84)، و «مرآة الجنان» (4/ 172)، و «شذرات الذهب» (7/ 580). (2) «العبر» (5/ 294). (3) «السلوك» (2/ 232)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 173)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 142)، و «تحفة الزمن» (1/ 525)، و «طبقات الخواص» (ص 79)، و «هجر العلم» (2/ 980).

3189 - [إسماعيل الديداري]

السلطان، فقام له السلطان وآنسه، وبش به وأجلسه عنده، وسأله الدعاء، فدعا موجزا، وخرج مسرعا، وعتب على القاضي في ذلك. وكانت له كرامات كثيرة، منها أن المظفر زاره بعد ذلك إلى بيته بسهفنة، وسأله أن يطعمه شيئا، فدخل الفقيه موضعا من بيته، ثم أخرج للسلطان خبز بر، ولم يكن يعهد في بيته شيء منه، فأكل منه السلطان ووزيره القاضي بهاء الدين، ثم أخذا منه شيئا؛ تبركا وليطعما من أحبا، فلما خرجا .. خرج الفقيه معهما يوادعهما إلى الباب، فدخلت امرأته مجلسه، فوجدت بقية الخبز في المائدة، فتعجبت من ذلك؛ إذ لم تكن تعهد معه شيئا. وتوفي على الحال المرضي ليلة الجمعة في سنة سبعين وست مائة (1)، وقبر في المقبرة الغربية من سهفنة عند قبر والده. 3189 - [إسماعيل الديداري] (2) إسماعيل بن علي أبو علي الدّيداري-بفتح الدالين بينهما مثناة من تحت ساكنة، وبعد الثانية ألف، ثم راء، ثم ياء النسب-نسبة إلى قوم يقال لهم: الديادير، يسكنون وصاب. تفقه المذكور بالفقيه علي بن عبد الله الكردي، ودرس في جامع الشعيبيين. وكان فقيها فاضلا، عارفا كاملا. توفي سلخ ذي الحجة سنة سبعين وست مائة. وكان أبوه الفقيه علي المذكور فقيها فاضلا، تفقه بسليمان بن فتح، أحد أصحاب صاحب «البيان»، وبأحمد بن يوسف والد الفقيه أحمد بن موسى شارح «اللمع». ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لولده، والله سبحانه أعلم. 3190 - [شرف الدين ابن النابلسي] (3) أبو المظفر يوسف بن الحسن الحافظ، المعروف بالشرف ابن النابلسي.

(1) في «السلوك» (2/ 234)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 173)، و «تحفة الزمن» (1/ 525) توفي سنة (667 هـ‍). (2) «السلوك» (2/ 288)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 232)، و «تحفة الزمن» (1/ 559)، و «هجر العلم» (3/ 1338). (3) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 27)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 80)، و «العبر» (5/ 297)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1462)، و «مرآة الجنان» (4/ 172)، و «شذرات الذهب» (7/ 585).

3191 - [عبد الهادي بن عبد الكريم القيسي]

سمع وكتب الحديث. وكان فهما يقظا، حسن الحفظ، مليح النظم، ولي مشيخة دار الحديث النورية. وتوفي سنة إحدى وسبعين وست مائة. 3191 - [عبد الهادي بن عبد الكريم القيسي] (1) عبد الهادي بن عبد الكريم القيسي المصري المقرئ الشافعي. قرأ القراءات السبعة، وسمع من جمع، وكان صالحا كثير التلاوة. توفي سنة إحدى وسبعين وست مائة. 3192 - [علي بن الحسين البجلي] (2) علي بن الحسين البجلي، صنو الفقيه محمد بن حسين البجلي المشهور، صاحب الحكمي. كان علي المذكور فقيها محققا، غواصا على دقائق الفقه، كثير الاشتغال به والتدريس له، وتفقه به جماعة. وكان كريما، شريف النفس، عالي الهمة، باذلا نفسه في قضاء حوائج الناس، سيما الأصحاب، والقاصدين من الطلاب. قال الجندي: (وربما فضله الناس في جميع ذلك على أخيه، وكان إذا عوتب على الكرم والمروءة .. تمثل بقول القائل: [من المنسرح] تلك بنات المخاض راتعة … والعود في كوره وفي قتبه لا يستفيق من مضاض رحلته … من راحة العالمين في تعبه وعمي في آخر عمره، وتوفي في ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وست مائة) (3).

(1) «تاريخ الإسلام» (50/ 71)، و «العبر» (5/ 295)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1319)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 246)، و «مرآة الجنان» (4/ 172)، و «حسن المحاضرة» (1/ 435)، و «شذرات الذهب» (7/ 583). (2) «السلوك» (2/ 364)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 184)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 252)، و «تحفة الزمن» (1/ 277)، و «طبقات الخواص» (ص 269)، و «هجر العلم» (3/ 1488). (3) «السلوك» (2/ 365)، والبيت الأول في «ديوان أبي تمام» (1/ 172).

3193 - [سعد بن عبد الله التريمي]

3193 - [سعد بن عبد الله التريمي] (1) سعد بن عبد الله بن أبي أكدر الحضرمي التريمي. كان صالحا فاضلا. روى الخطيب عن أحمد بن الفقيه علي بن سالم قال: (زرت مع والدي قبور تريم، فلما وقفنا على قبر سعد المذكور .. قال والدي: كان صاحب هذا القبر خياطا، وكان يذكر الله تعالى مع كل كتبة يخيطها في الثوب، فخاط مرة قميصا، فلما خلصه .. ذكر أنه لم يذكر الله مع كتبة واحدة من ذلك القميص؛ سهوا منه، فنقض خياطة ذلك القميص جميعه، ثم خاطه خياطا آخر، وذكر الله تعالى مع كل كتبة يخيطها فيه. توفي رحمه الله يوم الخميس لسبع خلت من جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعين وست مائة) (2). 3194 - [أقطاي المستعرب] (3) فارس الدين أقطاي الصالحي الأتابك، الأمير الكبير. أمّره أستاذه الملك الصالح، ثم ولي نيابة السلطنة للمظفر قطز، فلما قتل المظفر .. قام مع الظاهر، وسلطنه في الوقت. وكان من رجال العالم حزما ورأيا، وعقلا ومهابة، وناب مدة للملك الظاهر. وتوفي سنة اثنتين وسبعين وست مائة. 3195 - [كمال الدين الضرير] (4) الشيخ كمال الدين أحمد بن علي الضرير المحلي، شيخ القراء بالقاهرة، انتفع به جماعة.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 238)، و «تاريخ شنبل» (ص 100). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 238). (3) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 45)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 86)، و «العبر» (5/ 297)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 318)، و «مرآة الجنان» (4/ 172)، و «البداية والنهاية» (13/ 309)، و «المنهل الصافي» (2/ 504)، و «شذرات الذهب» (7/ 586). (4) «تاريخ الإسلام» (50/ 83)، و «العبر» (5/ 297)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1397)، و «حسن المحاضرة» (1/ 435)، و «شذرات الذهب» (7/ 586).

3196 - [أبو الفرج الحنبلي التاجر]

ومات في ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وست مائة. 3196 - [أبو الفرج الحنبلي التاجر] (1) النجيب عبد اللطيف بن عبد المنعم بن الصّيقل أبو الفرج الحراني الحنبلي التاجر، مسند الديار المصرية. ولد بحران سنة سبع وثمانين وخمس مائة، ورحل به أبوه، فأسمعه الكثير من ابن كليب، وابن الجوزي، وابن أبي المجد وغيرهم. وتوفي أوائل صفر عن خمس وثمانين سنة في سنة اثنتين وسبعين وست مائة. 3197 - [إبراهيم ابن حجر] (2) إبراهيم بن أحمد بن محمد بن حجر-بضم الحاء المهملة، وسكون الجيم، ثم راء- ابن أخي الفقيه ابن حجر. كان عابدا زاهدا، غلبت عليه العبادة. وأقام بمكة إلى أن توفي في شوال اثنتين وسبعين وست مائة. 3198 - [مسند الشام التنوخي] (3) الشيخ تقي الدين مسند الشام أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله التنوخي الدمشقي الكاتب المنشئ. ولد سنة تسع وثمانين وخمس مائة، وروى الكثير عن الخشوعي، فمن بعده، وله شعر جيد وبلاغة، وفيه خير وعدالة. توفي في شهر صفر من سنة اثنتين وسبعين وست مائة.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 50)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 98)، و «العبر» (5/ 298)، و «مرآة الجنان» (4/ 173)، و «الدليل الشافي» (1/ 428)، و «شذرات الذهب» (7/ 586). (2) «السلوك» (2/ 424)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 144)، و «تحفة الزمن» (2/ 381). (3) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 38)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 88)، و «العبر» (5/ 299)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 71)، و «البداية والنهاية» (13/ 310)، و «المنهل الصافي» (3/ 382)، و «شذرات الذهب» (7/ 590).

3199 - [ابن الحجاج الرزاز]

3199 - [ابن الحجاج الرزاز] (1) أبو عيسى عبد الله بن عبد الواحد بن علاّق الأنصاري المصري الرزاز، المعروف بابن الحجّاج. سمع البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وكان آخر من حدث عنهما. توفي في أول ربيع الأول من سنة اثنتين وسبعين وست مائة، وله ست وثمانون سنة. 3200 - [ابن مالك النحوي] (2) أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن مالك الطائي الجيّاني، إمام العربية، ترجمان الأدب، وحجة لسان العرب، النحوي اللغوي، صنف التصانيف المفيدة، وكان واحد زمانه في علم اللسان. روى عن السخاوي وغيره، وأخذ النحو عن غير واحد، وتقدم وتميز في فن النحو والقراءات، وأربى على كثير ممن تقدمه في هذا الشأن مع الدين والصدق، وحسن السمت، وكثرة النوافل، وكان كامل العقل، وكثير الوقار والتؤدة، وانتفع به الطلبة. ومن تصانيفه: «تسهيل الفوائد» و «الكافية الشافية» وشرحها و «الألفية» وأشياء كثيرة. وممن روى عنه ولده الإمام بدر الدين، والشيخ علاء الدين بن العطار، وجماعة. وتوفي بدمشق في سنة اثنتين وسبعين وست مائة. 3201 - [القاضي سليمان الفرساني] (3) سليمان بن محمد الفرساني أبو محمد.

(1) «تاريخ الإسلام» (50/ 94)، و «العبر» (5/ 299)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 301)، و «توضيح المشتبه» (3/ 125)، و «شذرات الذهب» (7/ 590). (2) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 76)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 108)، و «العبر» (5/ 300)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 359)، و «مرآة الجنان» (4/ 172)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 67)، و «البداية والنهاية» (13/ 310)، و «بغية الوعاة» (1/ 130)، و «شذرات الذهب» (7/ 590). (3) «السلوك» (2/ 389)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 493)، و «تحفة الزمن» (2/ 354).

3202 - [عبد الوهاب العريقي]

تفقه بابن عمه الفقيه بكر، وسلك طريقه زهدا وورعا، حتى إنه أحيا عدة أراض في رأس وادي موزع كما فعل شيخه. وكان يسكن قرية بقرب أرضه تعرف بالقحقح، بقافين مفتوحين بعد الأولى حاء مهملة ساكنة، وآخره حاء مهملة. وامتحن بقضاء موزع، وكان غالب أحواله إنما يستنيب في القضاء رجلا سكن موزع، ومهما حصل له من جامكية .. صرفها فيما يتوجه عليه من الجور في أرضه (1)، ثم لنائبه في القضاء. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي لنيف وسبعين وست مائة. وخلفه ابنه عمر في قضاء موزع، فلما تحقق قاضي القضاة أنه غير صالح .. فصله بمحمد بن أبي الخير بن منصور الشماخي. 3202 - [عبد الوهاب العريقي] (2) الشيخ الكبير أبو محمد عبد الوهاب بن رشيد بن عزان العريقي. كان رجلا رئيسا شجاعا، سمحا جوادا، وكانت العوادر كلها تحت يده، وكان يحمل للملوك إتاوة معروفة في كل سنة، وكان يفعل الخير كثيرا. أنشأ مدرسة في حصن الظّفر، ووقف عليها وقفا جيدا، ودرس بها جماعة من الفضلاء، كالبهاء الجندي المؤرخ، وابن حمزة وغيرهما. يحكى أنه كان ممتحنا بشرب الخمر لا يصحو عنه، فزار مرة الفقيه عمر بن سعيد العقيبي، وربط منديله في رقبته إلى رجل الفقيه وقال: لا أفتحه حتى تعطيني عهدا على التوبة، وذمة من الشراب، فتوقف الفقيه عليه ساعة يراوده على الترك فأبى، فأجابه إلى ما يريده، وعاهده على التوبة، وكان ذلك في شهر رمضان، فلما كان ليلة العيد .. نازعته نفسه إلى شرب شيء من الخمر، وكان قد ادخر شيئا منها، فأمر بإحضارها وتهيئة الموضع لذلك، فلما رفع الكأس إلى فمه .. إذ وقع على ظهره ضرب سياط كأنه النار، فرمى

(1) المراد: أنه صرفها في رسوم الضرائب. (2) «السلوك» (2/ 207)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 187)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 174)، و «تحفة الزمن» (1/ 509)، و «المدارس الإسلامية» (ص 129).

3203 - [سبأ بن سليمان]

بالكأس من يده، وركض إناء الخمر برجله حتى انكسر وتبدد، وأمر صائحا يصيح بتحريم الشراب، ويأمرهم بتبديد ما معهم من الخمر؛ حسما للمادة. قال الراوي: رأيت أثر الضرب في ظهره ظاهرا بينا. وسنذكر في ترجمة سبأ بن سليمان الآتية بعد ترجمة الشيخ عبد الوهاب ما فيه منقبة للشيخ عبد الوهاب المذكور. توفي الشيخ المذكور عائدا من زيارة رسول الله صلّى الله عليه وسلم في سنة اثنتين وسبعين وست مائة، وكان قد حج تلك السنة، وزار الضريح الشريف، وسمعه جماعة وهو يقول: يا رسول الله؛ أنا جارك من العود إلى الظلم، اللهم؛ لا تعدني إليه. فتوفي على مرحلة من المدينة، فأعاده أصحابه إلى البقيع، وقبر به رحمه الله. 3203 - [سبأ بن سليمان] (1) سبأ بن سليمان أبو محمد. كان رجلا ناسكا، ورعا زاهدا عابدا، فقيها مجودا، غلبت عليه العبادة. وله كرامات كثيرة، منها أنه وصل الجابي يطلبه بشيء من مظالم الديوان، فلم يجد الفقيه في البيت، فأخذ بقرة ينتفع بها عيال الفقيه، فلما علم الفقيه بذلك .. تعب وقال: والله لأقرأنّ الليلة القرآن، ولأدعونّ على الجابي وعلى السلطان، فلما أقبل الليل .. استقبل القبلة، وابتدأ في قراءة القرآن، فلما مضى بعض الليل والفقيه مستمر على قراءته .. أخذته عينه، فسمع قائلا يقول: يا سبأ؛ تريد أن تغير نظام العالم في حق بقرتك؟ ! أو كما قال، فاستيقظت، واستغفرت الله تعالى، ورجعت عما عزمت عليه، وعزمت على الصبر. قال الجندي: (وروى الفقيه إبراهيم بن محمد المأربي قال: خرجت مع الفقيه سبأ بن سليمان، وكان ذا دين وورع، فمررنا بمصنعة سير، فدعانا القضاة إلى طعامهم وقت العشاء، فتعشينا عندهم، فلما أصبحنا .. أزعجني الفقيه سبأ على المسير، فقلت: ألا نقف للغداء؟ فقال: لا حاجة لنا به، وهمّ بمفارقتي، فخرجنا وسرنا حتى بلغنا الظّفر حصن الشيخ عبد الوهاب، فالتقانا ورحب بنا وأنزلنا في موضع من داره، وأتانا بشيء من

(1) «السلوك» (2/ 254)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 460)، و «تحفة الزمن» (1/ 537)، و «طبقات الخواص» (ص 142)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (4/ 319).

3204 - [وجيه الدين ابن العمادية]

الطعام، فامتنع الفقيه سبأ من أكله، فشق بي ذلك، فأمسينا ولم نأكل شيئا، فأراد الشيخ أن يكرهه على الأكل، فمنعته عن ذلك، فلما نمنا شيئا من الليل .. إذ بالفقيه سبأ يوقظني ويقول: انظر لي شيئا من الطعام، وكان من عادة الشيخ عبد الوهاب أن يتفقد الضيف بعد هجعة من الليل، فبينا نحن في الحديث وأنا ألومه على ترك الطعام؛ إذ بالشيخ قد وصل إلينا بطعام، فأكلنا منه أكلا جيدا، ثم سألته عن سبب امتناعه من الأكل أول الليل، فقال: رأيت ليلة تعشينا مع القضاة أنه أتاني آت في منامي وجر برجلي ودلاني في موضع يشبه البئر يتوهج نارا وهو يقول لي: عاد تأكل خبز أهل سير، عاد تأكل خبز أهل سير، عاد تأكل خبز القضاة وأنا أقول: لا أعود، لا أعود آكل خبز القضاة، فحلفني على ذلك أيمانا مغلظة، فلما أصبحت .. كان مني ما رأيت من الامتناع، ثم لما وصلنا إلى هذا الرجل الجاهل .. قلت: إذا كان هذا حال من أكل خبز القضاة وهم يعرفون ما يحل وما يحرم .. فكيف يكون حالي إذا أكلت خبز هذا الرجل الجاهل؟ ! فنمت، فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم وهو يقول لي: كل طعام عبد الوهاب؛ فهو منا. فأخبرت الشيخ عبد الوهاب بذلك، فقال: لست أهلا لذلك، ولكن النبي صلّى الله عليه وسلم أهل الكرم والتكرم) (1). ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه سبأ بن سليمان المذكور، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في حياة الشيخ عبد الوهاب بن رشيد العريقي المذكور قبله، فذكرته؛ تبعا له، والله أعلم. 3204 - [وجيه الدين ابن العمادية] (2) منصور بن سليم الهمداني الإسكندراني وجيه الدين. توفي سنة ثلاث وسبعين وست مائة، كذا في «اليافعي» (3)، وفي الأصل أنه توفي سنة ست وسبعين وست مائة (4).

(1) «السلوك» (2/ 208). (2) «ذيل تكملة الإكمال» لصاحب الترجمة (1/ 347)، و «ذيل مرآة الزمان» (3/ 103)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 141)، و «العبر» (5/ 301)، و «مرآة الجنان» (4/ 173)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 375)، و «شذرات الذهب» (7/ 595). (3) انظر «مرآة الجنان» (4/ 173). (4) لم نجد من أرخ وفاته سنة (676 هـ‍)، وذكر المصنف رحمه الله تعالى الكلام نفسه في الحوادث (5/ 387).

3205 - [عبد الله بن محمد الأذرعي]

3205 - [عبد الله بن محمد الأذرعي] (1) عبد الله بن محمد الأذرعي قاضي القضاة شمس الدين الحنفي، المشار إليه في مذهبه، مع الدين والصيانة، والتواضع والتعفف. توفي سنة ثلاث وسبعين وست مائة. 3206 - [أحمد بن يحيى] (2) أحمد بن يحيى بن محمد بن مضمون أبو العباس. أخذ عن ابن عمه أبي بكر بن عبد الله الصفوي. كان فقيها مشاركا في عدة فنون، مشهورا بالكرم والجود وإطعام الطعام حتى أفنى جملة مستكثرة من ماله في ذلك، فلامه الأمير علي بن يحيى العنسي على ذلك؛ شفقة منه له، وقال: تعاهدني على ألاّ تعود إلى ذلك، فقال: أستخير الله تعالى، فصلى صلاة الاستخارة ونام، فسمع قائلا يقول له: يا فقيه أحمد؛ أنفق، فأنت ممن وقي شح نفسه، فعزم على البقاء على حاله، وأعلم الأمير بذلك، فبكى الأمير وقال: {فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ}. توفي في قريته الملحمة سنة ثلاث وسبعين وست مائة. 3207 - [عمر بن سعيد العقيبي] (3) عمر بن سعيد بن أبي السعود بن أحمد بن أسعد العقيبي الهمداني. أخذ عن محمد بن مصباح وغيره، وكان معظم تفقهه بمحمد بن عمر الجبرتي، وارتحل

(1) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 95)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 131)، و «العبر» (5/ 301)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 582)، و «مرآة الجنان» (4/ 173)، و «البداية والنهاية» (13/ 312)، و «الجواهر المضية» (2/ 336)، و «شذرات الذهب» (7/ 594). (2) «السلوك» (1/ 401)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 188)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 188)، و «تحفة الزمن» (1/ 327)، و «هجر العلم» (4/ 2139). (3) «السلوك» (2/ 239)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 149)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 408)، و «تحفة الزمن» (1/ 529)، و «طبقات الخواص» (ص 234)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 504)، و «هجر العلم» (2/ 783).

إلى وصاب، فأخذ عن الفقيه أبي بكر الجباحي شيئا من كتب الحديث و «شرح اللمع» لموسى بن أحمد الوصابي، وقرأ «البيان» على الفقيه عبد الله بدار القاضي أسعد حين اجتمع الفقهاء لذلك. وكان فقيها فاضلا عارفا، عاملا صالحا، ورعا زاهدا، جامعا بين العلم والعمل، موفقا من صغره إلى كبره. يحكى أنه خرج يوما في صغره إلى المعلامة (1) ومعه كسرة خبز يأكلها في الطريق وهو سائر، فلقيه شخص حسن الهيئة جميل الخلق وقال له: أنت فقيه وتأكل بالنهار، فاستحيى الفقيه من كلامه. وكان غالب أيام الفقيه الصيام، لا يفطر إلا الأيام المكروهة، ثم لا يأكل إلا ما عرف حله. أجمع الناس على زهده وورعه، وكمال عبادته، وصيانة عرضه، وتضلعه من العلوم الشرعية. وحج، فاجتمع بالشيخ أبي الغيث بن جميل، وسأله أن يمسح على صدره، ويبصق في فيه، ويدعو له، ففعل الشيخ ذلك، فقيل للشيخ: كيف رأيت الجبلي؟ فقال: رأيت رجلا كاملا. ولم يكن له نظير في حسن الصحبة. يحكى أن بعض الولاة كان كثير التردد إليه والصحبة له، فلما بلغه خبر موته .. قال لأصحابه: باسم الله على السير إلى قبران هذا الصاحب، فوافقوه بظواهرهم مع كراهتهم في الباطن، فلما صاروا في أثناء الطريق .. التفت إلى أكثرهم كراهية في الباطن، فقال يا فلان؛ إنما يقام على الساقط، وأما غيره .. فينجو برجليه. ولما توفيت عمة المظفر المعروفة بالنجمية بجبلة .. حضر دفنها المظفر، وجمع كثير من الفقهاء المشهورين والعلماء المذكورين، فأوقف الناس ساعة جيدة وهو يقول: لا يؤم الناس في الصلاة عليها إلا الفقيه عمر بن سعيد، وكان الفقيه قد صار في الطريق، فما زالوا في انتظاره حتى قدم وتقدم، فصلى بالناس، ورأى رجل قبلي التّعكر نورا من الأرض

(1) المعلامة: محل تعليم القرآن ومبادئ القراءة والكتابة للصغار (لهجة يمنية).

3208 - [سعد مولى فاتن المعزي]

صاعدا حتى خرق السماء، فسأل عن ذلك الفقيه أحمد بن جبريل فقال له: بقبلي التّعكر القطب، ويوم يموت ترتج الأرض بموته، فاتفق رجفانها يوم موت الفقيه عمر بن سعيد المذكور. وعلى الجملة، فمكارمه وكراماته أكثر من أن تحصر. وتوفي بين المغرب والعشاء من ليلة السبت لليلتين بقيتا من الحجة آخر سنة ثلاث وسبعين وست مائة (1). وتربته مشهورة، مقصودة للزيارة، قل أن ينقطع الزوار عنها ليلا ونهارا، وما استجار بها أحد إلا وقي، وإن همّ به أحد بسوء .. سلط الله عليه شاغلا يشغله حتى لا يطيق شيئا. وكان أصحاب الفقيه يقولون: ظهر حال الفقيه بعد موته أكثر مما كان في حال حياته، نفع الله به، آمين. 3208 - [سعد مولى فاتن المعزي] (2) سعد (3) بن عبد الله مولى فاتن بن عبد الله المعزي مولى المعز إسماعيل بن طغتكين بن أيوب. تفقه بعمر بن سعيد، وكان فقيها فاضلا، له اجتهاد في طلب العلم، ملك عدة كتب، منها «وجيز الغزالي» فلما بيعت تركته .. بيع «وجيزه» بعشرة دنانير، فرآه بعض أصحابه في النوم بعد وفاته وهو يقول: سبحان الله؛ يباع «الوجيز» الذي لي بعشرة دنانير! والله لو أعطيت فيه ما أعطيت .. ما بعته، أو كما قال. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لشيخه عمر بن سعيد. 3209 - [سليمان المشوري] (4) سليمان بن محمد المشوري، نسبة إلى قرية يقال لها: مشورة، بفتح الميم، وسكون

(1) في جميع المصادر: توفي سنة (663 هـ‍). (2) «السلوك» (2/ 250)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 468)، و «تحفة الزمن» (1/ 536). (3) كذا في «طراز أعلام الزمن» (1/ 468)، وفي (ق) و «السلوك» (2/ 250)، و «تحفة الزمن» (1/ 536): (سعيد). (4) «السلوك» (2/ 250)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 494)، و «تحفة الزمن» (1/ 536).

3210 - [محمد بن الحسين الزبيدي]

الشين المعجمة، وفتح الواو والراء، وآخره هاء تأنيث. تفقه بعمر بن سعيد العقيبي، وكان فقيها صالحا، خيرا دينا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لشيخه. 3210 - [محمد بن الحسين الزبيدي] (1) محمد بن الحسين بن علي بن الحسين، الزّبيدي نسبا. كان فقيها فاضلا عارفا، صحب عمر بن سعيد العقيبي، وأقام مدة بالجند يدرس فيها بمدرسة الأمير ميكائيل. وتوفي بالذّنبتين، ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة صاحبه عمر بن سعيد. 3211 - [فاتن المعزي] (2) أبو اليمن فاتن بن عبد الله المعزّي مولى المعز إسماعيل بن العزيز طغتكين بن أيوب. كان خادما حبشيا، متعلقا بأذيال العلم ومحبة العلماء وصحبتهم، صحب الفقهاء بني جديل بسهفنة، وابتنى عندهم مسجدا، ووقف عليه وقفا جيدا يقوم بكفاية إمام ومؤذن وقيم ومعلم وأيتام عشرة يتعلمون القرآن، وابتنى مسجدين آخرين: أحدهما بطرف جبلة، والآخر على طريق الطالع من جبلة إلى ذي عقيب بموضع يقال له: المسانيف، وفيه قبره. وكان يصحب الفقيه سليمان الجنيد، والفقيه عمر بن سعيد العقيبي نفع الله بهما، وكانا مجمعين على دينه وصلاحه، وإذا اجتمع بأحدهما .. لاطفه، وتهذب له، وسأله الدعاء. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لصاحبيه الإمامين: الجنيد وعمر بن سعيد، والمرء مع من أحب، رحمه الله (3).

(1) «السلوك» (2/ 71)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 155)، و «تحفة الزمن» (1/ 423)، و «المدارس الإسلامية» (ص 36)، و «هجر العلم» (2/ 720). (2) «السلوك» (2/ 250)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 9)، و «تحفة الزمن» (1/ 536)، و «المدارس الإسلامية» (ص 15). (3) ذكره هنا تبعا لترجمة (عمر بن سعيد) التي مرت قبل قليل، وانظر ترجمة (سليمان الجنيد) (5/ 304).

3212 - [عيسى بن علي الهمداني]

3212 - [عيسى بن علي الهمداني] (1) عيسى بن علي بن محمد بن أبي بكر بن مفلّت-بضم الميم، وفتح الفاء واللام المشددة، ثم مثناة من فوق-ابن علي بن محمد بن إبراهيم بن سعيد بن قيس الهمداني، كذا ساق الجندي نسبه (2). تفقه بفقهاء المصنعة، وكان ينقل «المهذب» حفظا. ولي قضاء الجند نحوا من خمس وأربعين سنة، وكان إذا حضر مجلسا .. لم يكن لأحد معه قدر، ولا تأخذه في الله لومة لائم، يقول الحق ولو على نفسه. ولما أراد المظفر الزواج بابنة الشيخ العفيف .. استدعى هذا القاضي، فلم يعقد له حتى استكمل شرائط العقد، ولم يتساهل في ذلك بشيء، فأعجب السلطان ذلك وقال: لو كان متساهلا في شيء من حكمه .. لتساهل معنا في مرادنا، وذكر يوما عند المظفر القضاة والمنكحون فقال: كل نكاح لا يكون بحضرة القاضي عيسى حاكم الجند .. لا يكاد يوثق بصحته. وكانت جامكيته من جزية اليهود في الجند، وهي خمسة عشر دينارا. وله أرض بقرب الجند، وأرض ببلده يأتيه منها ما يقوم بكفايته، ومع ذلك كان الغالب على حاله المسكنة والدّين، وقل أن يدان من أهل الجند؛ تورعا، ومات وعليه دين نحو ست مائة دينار. وتوفي على الحال المرضي في جمادى الأولى من سنة ثلاث وسبعين وست مائة. وعمر فوق مائة سنة لم يتغير له عقل ولا اختل له فهم، يحضر المجالس الفقهية، والمواكب الملوكية، يستضاء برأيه، وينتفع بعلمه. وقبر تحت جبل ضرب، وقد تقدم ذكر جده محمد في المائة قبل هذه (3).

(1) «السلوك» (1/ 450)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 189)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 486)، و «تحفة الزمن» (1/ 368)، و «هجر العلم» (1/ 118). (2) انظر «السلوك» (1/ 450). (3) انظر (4/ 294).

3213 - [الخضر بن عبد الله الجويني]

3213 - [الخضر بن عبد الله الجويني] (1) شيخ الشيوخ سعد الدين الخضر بن شيخ الشيوخ تاج الدين عبد الله بن شيخ الشيوخ أبي الفتح عمر بن القدوة الزاهد محمد بن حمويه الجويني ثم الدمشقي. توفي سنة أربع وسبعين وست مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» (2)، ولعله الذي قام في إبطال الخمور بدمشق كما تقدم في سنة ثمان وستين وست مائة، والله سبحانه أعلم (3). 3214 - [ظهير الدين الزنجاني] (4) محمود بن عبد الله ظهير الدين أبو الثناء الزنجاني الشافعي المفتي. أحد مشايخ الصوفية، صحب الشيخ شهاب الدين السّهروردي، وروى عنه وعن غيره. وتوفي في رمضان سنة أربع وسبعين وست مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» (5)، ولعله محمود بن عبد الله بن عبد الرحمن أبو الثناء المراغي المذكور في الأصل أنه ولد سنة خمس وست مائة، وتوفي سنة إحدى وثمانين وست مائة، وإلا .. فقد وافقه في الاسم واسم الأدب والكنية والعمر، والله سبحانه أعلم (6). 3215 - [محمد بن أحمد الجرف] (7) محمد بن أحمد بن أبي بكر بن موسى المعروف بالجرف، بفتح الجيم، وسكون الراء، ثم فاء آخره.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 162)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 151)، و «العبر» (5/ 303)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 332)، و «مرآة الجنان» (4/ 173)، و «شذرات الذهب» (7/ 597). (2) انظر «مرآة الجنان» (4/ 173). (3) صوابه: كما سيأتي في الحوادث في تلك السنة، انظر (5/ 386). (4) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 161)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 170)، و «العبر» (5/ 303)، و «معجم الشيوخ» للذهبي (2/ 331)، و «مرآة الجنان» (4/ 174)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 370)، و «شذرات الذهب» (7/ 600). (5) انظر «مرآة الجنان» (4/ 174). (6) بين المصنف رحمه الله تعالى أنه تبع اليافعي فيما ذكره عن صاحب الترجمة، والصواب في اسم أبيه: (عبيد الله)، مما يوضح أن (محمود المراغي) غير صاحب الترجمة جزما، انظر ترجمته في «ذيل مرآة الزمان» (4/ 177)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 89)، و «معجم الشيوخ» للذهبي (2/ 328)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 369)، ثم في المصادر اختلاف في كنية صاحب الترجمة؛ ففي «تاريخ الإسلام» (50/ 170) و «معجم الشيوخ» للذهبي (2/ 331) و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 370): (أبو المحامد)، وفي باقي المصادر: (أبو الثناء) كما ذكر المصنف. (7) «السلوك» (2/ 448)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 77)، و «تحفة الزمن» (2/ 413)، و «هجر العلم» (3/ 1261).

3216 - [أسعد بن مسلم]

تفقه بابن الرنبول، وكان فقهيا فاضلا عارفا، ولي قضاء بلده. وتوفي أواخر شهر رمضان سنة أربع وسبعين وست مائة عن نيف وستين سنة، وخلفه ابنه إبراهيم الآتي ذكره في العشرين الأولى بعد هذه المائة (1). 3216 - [أسعد بن مسلم] (2) القاضي أسعد بن مسلم، كان من أهل الدين والورع، والفضل والمروءة والعقل، كما شهد له بذلك أعيان زمانه. وكان يكثر من إطعام الطعام، لا يخلو منزله عن الوافدين والواردين. اجتمع به في بيته أبو الخطاب عمر بن سعيد العقيبي، وسليمان الجنيد، فباتا عنده في صلاة وقيام وركوع وسجود، وبات القاضي أسعد نائما، قال الراوي-وهو الفقيه عبيد السهولي-: فتحيرت؛ هل أوافقهما في الصلاة، أو أوافقه في النوم؟ وبقيت أنازع نفسي في ذلك، فأوجز الفقيه سليمان الجنيد في صلاته، ثم سلم وقال: يا فلان؛ صاحبك هذا من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فلا تعلمه بذلك. اه‍ والظاهر أنه لم يكن فقيها؛ فإن الخزرجي لم يصفه بالفقه، ولا يلزم من وصفه بالقضاء أن يكون فقيها، فقد تطلق هذه اللفظة على الوزير وغيره من متولّي أمور الدولة. توفي في شهر صفر من سنة أربع وسبعين وست مائة بمصنعة سير. 3217 - [سعيد بن أنعم الجيشي] (3) سعيد بن منصور بن محمد بن أحمد الجيشي، بفتح الجيم، وسكون المثناة تحت، وكسر الشين المعجمة. وكان والده منصور يلقب بأنعم، فكان الفقيه يعرف بسعيد بن أنعم، وأصل بلده مصنعة سير.

(1) انظر (6/ 69). (2) «السلوك» (2/ 235)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 199)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 204)، و «تحفة الزمن» (1/ 526)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 17)، و «هجر العلم» (4/ 2072). (3) «السلوك» (2/ 142)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 199)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 475)، و «تحفة الزمن» (1/ 463)، و «المدارس الإسلامية» (ص 95)، و «هجر العلم» (4/ 2072).

3218 - [سليمان بن النعمان]

كان فقيها فاضلا، تقيا نقيا، خيّرا عارفا، تفقه بالفقيه عمر بن مسعود ابن سالم، ولما مات شيخه .. خلفه في تدريس المدرسة النظامية بذي هزيم. ولم يزل على التدريس بها على أحسن حال إلى أن توفي في سنة أربع وسبعين وست مائة، وخلفه في تدريس المدرسة ولد شيخه عبد الله بن الفقيه عمر بن مسعود. ولم تطل مدته، بل توفي على رأس سنة من قعوده، وذلك في سنة خمس-وقيل: سنة ست-وسبعين، رحمهم الله أجمعين. 3218 - [سليمان بن النعمان] (1) سليمان بن النعمان. كان فقيها عابدا، زاهدا صالحا، ذا كرامات وإفادات. توفي بالجند. وكان ابنه محمد بن سليمان فقيها فاضلا مجودا. تفقه بسعيد بن منصور مقدم الذكر قريبا، ودرس بمدرسة الشيخ عبد الله بن العباس بالجند، وتوفي هنالك. ولم أقف على تاريخ وفاته ولا وفاة أبيه، وإنما ذكرتهما هنا؛ تبعا للفقيه سعيد بن منصور. 3219 - [أحمد ابن أبي عصرون] (2) الشيخ أبو المعالي أحمد بن عبد السلام، المعروف بابن أبي عصرون التميمي الشافعي، كذا في «تاريخ اليافعي»، وذكره فيمن توفي سنة خمس وسبعين وست مائة، وفي النسخة المنقول منها سقم كثير (3).

(1) «السلوك» (2/ 61)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 494)، و «تحفة الزمن» (1/ 417). (2) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 189)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 176)، و «العبر» (5/ 305)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 60)، و «مرآة الجنان» (4/ 174)، و «شذرات الذهب» (7/ 602). (3) انظر «مرآة الجنان» (4/ 174)، وفي جميع المصادر وفاته في تلك السنة أيضا.

3220 - [محمد بن يحيى صاحب تونس]

3220 - [محمد بن يحيى صاحب تونس] (1) محمد بن يحيى بن عبد الواحد، صاحب تونس. كان ملكا صاحب سياسة وعلوّ همة، شديد البأس، جوادا ممدحا، تزف إليه كل ليلة جارية. تملك تونس بعد أبيه، ثم قتل عمّيه وجماعة من الخوارج [عليه]، فتمهد له الملك. وتوفي سنة خمس وسبعين وست مائة. 3221 - [عبد الله بن عمر الخولاني] (2) عبد الله بن عمر أبو محمد الخولاني. ولد سنة إحدى وست مائة، وقرأ القرآن، ثم لازم القراءة في الفقه والحديث، وأخذ عن حسن بن راشد، وأبي بكر بن ناصر، وجمع غيرهم نحو عشرين شيخا. وكان فقيها متفننا، مجتهدا جوادا، عالي الهمة، له مسموعات وإجازات كثيرة، درس في مصنعة سير، وحج ثلاث سنين. وتوفي في شهر رمضان سنة خمس وسبعين وست مائة. 3222 - [عبد الله بن عمر الحميري] (3) عبد الله بن الفقيه عمر بن مسعود بن محمد بن سالم الحميري. كان فقيها عالما مبرزا، متفننا في علوم شتى، درس في مدرسة ذي هزيم من مدينة تعز. وتوفي سنة خمس وسبعين وست مائة.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 209)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 201)، و «العبر» (5/ 306)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 202)، و «مرآة الجنان» (4/ 174)، و «شذرات الذهب» (7/ 608). (2) «السلوك» (2/ 231)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 137)، و «تحفة الزمن» (1/ 524)، و «هجر العلم» (4/ 2076). (3) «السلوك» (2/ 142)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 200)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 140)، و «تحفة الزمن» (1/ 463)، و «المدارس الإسلامية» (ص 96).

3223 - [عبد المولى بن أحمد الظفاري]

3223 - [عبد المولى بن أحمد الظفاري] (1) عبد المولى بن أحمد بن محمد الأصبحي الظفاري أبو محمد، أصله من اليمن، وولد بظفار. وتفقه بسعد المنجوي، وكان فقيها فاضلا، إماما في النحو بحيث يسمى بسيبويه، وكان معلما لإدريس الحبوضي، فلما صار الملك إليه .. استوزره، وكان يتبرك برأيه، ولا يكاد يقطع أمرا دونه. وكان غالب أحواله النظر في الكتب قراءة وإقراء، وله تصنيف حسن في الأحكام، وشعر جيد، ومنه: [من البسيط] إن السكوت بلا فكر هو الهوس … وكل نطق خلا عن حكمة خرس والعلم جوهرة ما إن له بدل … فلا يفت عاقل من طائل نفس وكانت طريقته مرضية إلى أن توفي سنة خمس وسبعين وست مائة. ورأى بعض الصالحين بظفار صاحبها إدريس بعد موته، فسأله عن حاله، فقال: الملك عسر، الملك عسر لولا ما منّ الله به علينا من صحبة الفقيه عبد المولى؛ هدانا السبيل، ودلنا الطريق. وكان له ولد اسمه محمد، خلفه، وسلك طريقته، وولي القضاء، ولما توفي إدريس، وتولى ابنه سالم بن إدريس، وكان قد عجز الفقيه عبد المولى وضعف عن الحركة .. فصحب سالم ابنه محمد بن عبد المولى. ومات محمد المذكور بعد والده بسنة، والله أعلم. 3224 - [محمد بن عبد الله العمراني] (2) محمد بن عبد الله بن أسعد بن محمد بن موسى العمراني. كان فقيها فاضلا، عارفا مجتهدا، درس مدة بجامع المصنعة، وصنف كتابا في الرقائق

(1) «السلوك» (2/ 473)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 169)، و «تحفة الزمن» (2/ 444). (2) «السلوك» (1/ 429)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 296)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 205)، و «تحفة الزمن» (1/ 352)، و «إيضاح المكنون» (1/ 153)، و «هدية العارفين» (2/ 132)، و «هجر العلم» (4/ 2072).

3225 - [الملك الظاهر بيبرس]

سماه: «جامع أسباب الخيرات ومثير عزم أهل الكسل والفترات»، قال الجندي: (وهو أحسن كتب المتعبدين) (1). وله مختصر سماه: «البضاعة لمن أحب صلاة الجماعة» و «التبصرة في علم الكلام»، وشرح «التنبيه» شرحا لائقا. قال: (وعنه أخذت بعض «كافي الصردفي» و «المهذب» وبعض مصنفه في الرقائق، وبعض شرحه على «التنبيه»، وقرأت عليه جميع مصنفه المسمى «بالبضاعة» و «إيضاح الأصبحي») (2). وتوفي في شوال سنة خمس وسبعين وست مائة (3). 3225 - [الملك الظاهر بيبرس] (4) السلطان الظاهر أبو الفتوح ركن الدين بيبرس التركي الصالحي النجمي، صاحب مصر والشام. اشتراه الأمير علاء الدين الصالحي، فلما قبض الملك الصالح على علاء الدين المذكور .. أخذه، وكان من جملة مماليكه، ثم طلع شجاعا فارسا إلى أن بهر أمره، وبعد صيته، وشهد وقعة المنصورية بدمياط، ثم صار أمير [الدولة] المعزّية، وتنقلت به الأحوال إلى أن ولي السلطنة في سابع عشر ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وست مائة. وكان ملكا سريّا، غازيا مجاهدا مؤيدا، عظيم الهيبة، خليقا للملك، يضرب بشجاعته المثل، له أيام بيض في الإسلام، وفتوحات مشهورة، ومواقف مذكورة. قال الشيخ عبد الله اليافعي: (ولولا ظلمه وجبروته في بعض الأحيان .. لعدّ من الملوك العادلين، والسلاطين الممدوحين بحسن السيرة) (5).

(1) «السلوك» (1/ 430). (2) «السلوك» (1/ 430). (3) كذا في «إيضاح المكنون» (1/ 154) و «هدية العارفين» (2/ 132)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (395 هـ‍). (4) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 239)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 216)، و «العبر» (5/ 308)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 329)، و «مرآة الجنان» (4/ 175)، و «البداية والنهاية» (13/ 317)، و «المنهل الصافي» (3/ 447)، و «النجوم الزاهرة» (7/ 94)، و «شذرات الذهب» (7/ 610). (5) «مرآة الجنان» (4/ 175).

3226 - [إسماعيل بن محمد الحضرمي]

توفي رحمه الله ثامن وعشرين شهر المحرم من سنة ست وسبعين وست مائة بقصره بدمشق، وخلف من الأولاد: الملك السعيد محمدا ولي السلطنة بعده، والخضر، وسلامش، وسبع بنات، ودفن بتربة أنشأها [ابنه]. 3226 - [إسماعيل بن محمد الحضرمي] (1) إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن إسماعيل بن أحمد بن ميمون الحضرمي الحميري اليزني-نسبة إلى الملك ذي يزن-الإمام العارف بالله، إمام اليمن، وبركة الزمن، شيخ الطريقين، وقدوة الفريقين، الملقب بقطب الدين. ولد تاسع ذي الحجة سنة إحدى وست مائة. ويحكى أن أباه لما تزوج أمه .. قيل له: يا محمد؛ يأتيك من زوجتك هذه ولدان: محدّث-بفتح الدال-ومحدّث-بكسرها-فأتت بإسماعيل هذا، وهو الذي داله مفتوحة، ثم أتت بإبراهيم، وهو الذي داله مكسورة. تفقه الفقيه إسماعيل المذكور بأبيه وعمه علي بن إسماعيل، وأخذ عن جماعة من الكبار، كيونس بن يحيى، والبرهان الحصري وغيرهما. وبه تفقه عدة من العلماء الأفاضل، كالفقيه عبد الله بن أبي بكر الخطيب، وهو أول من اشتغل عليه، والفقيه أحمد بن أبي بكر الرنبول، والقاضي أحمد بن علي العامري شارح «التنبيه»، والفقيه علي بن أحمد الجحيفي وغيرهم من الفضلاء. وشرح «المهذب» شرحا حسنا شافيا، وله المصنفات المفيدة، وكان نقالا للفروع، غواصا على دقائقه، وكان مبارك التدريس. ولد بقرية الضّحي، وبها نشأ، ثم استوطن زبيد، واجتمع به المظفر غير مرة، وسمع عليه «صحيح البخاري»، فلما بلغ القارئ إلى ذكر الخمر وتحريمه .. أشار الفقيه إلى القارئ بإعادة الباب وأحاديثه مرارا بحيث فهم السلطان أنه يعرض له بإبطاله، فقال: قد فهمنا غرضك يا فقيه، ونحن نأمر بإبطال الخمر إن شاء الله تعالى، فاستمر القارئ على

(1) «السلوك» (2/ 36)، و «مرآة الجنان» (4/ 175)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 130)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 201)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 233)، و «تحفة الزمن» (1/ 397)، و «طبقات الخواص» (ص 95)، و «غربال الزمان» (ص 551)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 390)، و «هجر العلم» (3/ 1191).

3227 - [عمر بن أبي بكر الناشري]

قراءته، فلما انقضى المجلس .. أمر المظفر بالنداء بإبطال الخمر، فاعترضه بعض جلسائه في ذلك حتى صده عن ذلك الغرض. وولي القضاء الأكبر في تهامة، واستخلف في كل بلد من يصلح للقضاء من أهل الفقه والصلاح والورع، وشرط على الجميع ألا يحكم أحد إلا بمحضر من الفقهاء، وولى صهره علي بن أحمد قضاء زبيد، فدخل عليه الفقيه إسماعيل بن محمد بيته، فوجد عنده ثيابا فاخرة لم يعرفها معه من قبل، فقال له: أنى لك هذه الثياب يا فلان؟ ! فقال له: من بركتك يا أبا الذبيح، فقال: ذبحني الله إن لم أعزلك، ثم عزله، فأقام في القضاء سنة، ثم عزل نفسه، وكتب إلى المظفر في شقف-وقيل: في عظم-: يا يوسف؛ قد عزلت نفسي، وكتب إليه مرة أخرى: يا يوسف؛ كثر شاكوك، وقل شاكروك، فإما عدلت، وإلا .. اعتزلت، وكان المظفر يقول لحجّابه: لا تتركوه يدخل علي حتى تستأذنوني؛ خوفا من أن يراه ملابسا ما يكرهه، فما شعر به إلا وقد دخل عليه من غير أن يراه الحجاب. وله كرامات شهيرة، وإشارات شريفة. ويروى أنه كان يقول: كل شيء قدرت على الزهد فيه إلا المرأة الحسناء والدابة النفيسة. وكان يحضر مجلس الشيخ أبي الغيث بن جميل، وينتسب إليه في التصوف. توفي بقرية الضّحي تاسع ذي الحجة سنة ست وسبعين وست مائة عن خمس وسبعين سنة فقط من غير زيادة ولا نقصان، نفع الله به آمين آمين آمين. 3227 - [عمر بن أبي بكر الناشري] (1) عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يعقوب الناشري الملقب نجم الدين. تفقه بالفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي، وكان فقيها فاضلا، عارفا كاملا، عاملا عالما، متعففا متواضعا، أشبه الناس بالفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي. حدثت له غيبة، فأوصاه الفقيه إسماعيل ألا يدع ركعتين في جوف الليل، فتزوج في

(1) «السلوك» (2/ 371)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 402)، و «تحفة الزمن» (2/ 65)، و «طبقات الخواص» (ص 239)، و «هجر العلم» (4/ 2166).

3228 - [عمر بن محمد المقرئ]

غيبته، ثم رجع، فلما قدم على الفقيه إسماعيل .. كان أول ما سأله عنهما، فقال: ما تركتهما ولا ليلة عرسي، فقبّل الفقيه بين عينيه، وولي قضاء القحمة من قبل الفقيه إسماعيل الحضرمي، وقيل: من قبل القاضي البهاء العمراني. وتوفي بزبيد، ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة شيخه (1). قال الخزرجي: (وذريته يعرفون عند قرابتهم ببني عمر، وهم بيت علم وصلاح) (2). 3228 - [عمر بن محمد المقرئ] (3) عمر بن محمد بن أحمد المقرئ. كان فقيها صالحا، عابدا زاهدا. سكن قرية السّورة، بضم المهملة، وفتح الواو والراء، ثم هاء تأنيث، فلما ولي الفقيه إسماعيل الحضرمي القضاء الأكبر .. جعله قاضيا ببلده؛ لمعرفته بعلمه وصلاحه، وكان صاحب كرامات متعددة، فلما مات .. استخلف ابنه عبد الله في القضاء؛ تبركا بإشارة الفقيه إسماعيل. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا في طبقة الفقيه إسماعيل. 3229 - [الإمام النووي] (4) الشيخ الإمام محيي الدين، محرر المذهب، ومنقحه ومهذبه ومصححه، أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري بن حسن النووي، صاحب التصانيف المفيدة. قال بعض المؤرخين وأهل الطبقات: ولد سنة إحدى وثلاثين وست مائة في العشر الأوسط من المحرم، وقدم دمشق في سنة تسع وأربعين، وقرأ «التنبيه» في أربعة أشهر ونصف، وحفظ ربع «المهذب» في بقية السنة، ومكث قريبا من سنتين لا يضع جنبه على

(1) في «تحفة الزمن» (2/ 67)، و «طبقات الخواص» (ص 239): (وكانت وفاته بذي الحجة سنة ست وسبعين وست مائة، على القرب من وفاة شيخه الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 402). (3) «السلوك» (2/ 299)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 446)، و «تحفة الزمن» (1/ 568). (4) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 273)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 246)، و «العبر» (5/ 312)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1470)، و «فوات الوفيات» (4/ 264)، و «مرآة الجنان» (4/ 182)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 395)، و «البداية والنهاية» (13/ 322)، و «شذرات الذهب» (7/ 618).

الأرض، وكان يقرأ في اليوم اثني عشر درسا على المشايخ شرحا وتصحيحا في «المهذب» و «الوسيط» و «الجمع بين الصحيحين» و «صحيح مسلم» وأسماء الرجال، وفي «اللمع» لأبي إسحاق في أصول الفقه، و «اللمع» لابن جني في النحو، و «إصلاح المنطق» لابن السكيت، وفي التصريف، و «المنتخب» في أصول الفقه، وكتاب آخر في الأصول لم يسموه، وكان له في «الوسيط» درسان. حكي عنه أنه قال: عزمت مرة على الاشتغال بالطب، فاشتريت «القانون»، فأظلم عليّ قلبي، وبقيت أياما لا أشتغل بشيء، ففكرت، فإذا هو من «القانون»، فبعته في الحال. قالوا: وكان لا يدخل الحمام، ولا يأكل من فواكه دمشق، ولا يأكل في اليوم والليلة سوى أكلة بعد العشاء، ولا يشرب سوى شربة بعد السحر، وكان كثير السهر في العبادة والتلاوة والتصنيف، صابرا على خشونة العيش والورع الذي لم يبلغنا عن أحد في زمانه ولا قبله، وكان نزوله في المدرسة الرواحية. قال الشيخ اليافعي: (وسمعت من غير واحد أنه إنما اختار النزول بها على غيرها لحلها؛ إذ هي من بناء بعض التجار) اه‍ (1) وذكر والده أنه لما حج معه سنة إحدى وخمسين .. حمّ من حين خروجه من البلد إلى يوم عرفة، فما تأوه ولا تضجر. ولزم الاشتغال ليلا ونهارا حتى فاق الأقران، ثم أخذ في التصنيف من حدود الستين وست مائة إلى أن مات. فمن مصنفاته المشهورة: «الروضة» و «المنهاج» و «المناسك» و «تهذيب الأسماء واللغات» و «شرح مسلم» و «شرح المهذب» وكتاب «التبيان في آداب حملة القرآن» وكتاب «الإرشاد» وكتاب «التقريب والتيسير» وكتاب «الرياض» وكتاب «الأذكار» وكتاب «الأربعين» وكتاب «طبقات الفقهاء الشافعية» اختصره من كتاب ابن الصلاح، وزاد عليه أسماء نبه عليها، وغير ذلك مما اشتهر في سائر الجهات، وظهر به النفع والبركات. وسمع الكثير من القاضي الرضي ابن البرهان، والشيخ عبد العزيز الحموي، وجماعة،

(1) «مرآة الجنان» (4/ 183).

3230 - [الزكي البيلقاني]

منهم شيخه الكمال، وإسحاق بن أحمد المغربي، وسمع صحيحي: «البخاري» و «مسلم»، وسنن: «أبي داود» و «الترمذي» و «النسائي» و «ابن ماجه» و «الدارقطني»، و «شرح السنة»، ومسند: «الإمام الشافعي» و «الإمام أحمد»، وأشياء كثيرة، وأخذ علم الحديث عن الزّين بن خالد. وروى عنه جماعة من أئمة الفقهاء والحفاظ، منهم الإمام علاء الدين ابن العطار، والشيخ أبو الحجاج المزي، والقاضي جمال الدين الزرعي، والإمام شمس الدين ابن النقيب، وهو آخر من بقي من أعيان أصحابه، وخلق كثير. وكان رحمه الله رأسا في الزهد، وقدوة في الورع، عديم النظير في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أنكر على الملك الظاهر حتى أغضبه، وهمّ أن يبطش به، فوقاه الله شره، ثم قبل منه، وعظمه حتى كان يقول: أنا أفزع منه. قالوا: وكان لا يؤبه له بين الناس، قانعا باليسير، راضيا عن الله، والله عنه راض، مقتصدا إلى الغاية في ملبسه ومطعمه وأثاثه. ولي مشيخة دار الحديث، ولم يتناول من معلومها شيئا، بل كان يجتزى بالقليل مما يبعث به إليه أبوه. توفي رحمه الله في سنة ست وسبعين وست مائة. 3230 - [الزكي البيلقاني] (1) الزكي بن الحسن البيلقاني أبو أحمد الفقيه البارع المناظر. كان متقدما في الأصلين وغيرهما من المعقولات. أخذ عن الإمام فخر الدين الرازي، وسمع من المؤيد الطوسي، وتفقه بجماعة، منهم فخر الإسلام محمد بن أبي بكر النوقاني، قرأ عليه كتاب «الوجيز» بقراءته على شيخه الإمام العلامة الشهيد أبي سعد محمد بن يحيى النيسابوري بقراءته على شيخه ومصنفه الإمام

(1) «السلوك» (2/ 430)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 224)، و «العبر» (5/ 310)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 211)، و «مرآة الجنان» (4/ 187)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 146)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 428)، و «تحفة الزمن» (2/ 385)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 80).

3231 - [القاضي عبد الله العرشاني]

الأوحد أبي حامد الغزالي، وتفنن في العلوم بالإمام العلامة قطب الدين إبراهيم بن علي الأندلسي، المعروف بالمصري. وأقام بعدن إلى أن توفي بها سنة ست وسبعين وست مائة. وكان صاحب ثروة وتجارة، وعاش خمسا وتسعين سنة، وتفقه به جماعة، ورووا عنه، وانتفعوا به، وممن أخذ عنه الإمام أبو الخير بن منصور الشماخي. قال الجندي: (وكان مولده على سبيل التقريب سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة، وكان فاضلا في علم المواريث والحساب، وأخذ عنه الأصول والمنطق جماعة، منهم أحمد بن محمد الحرازي وغيره، وقرأ عليه القاضي محمد بن أسعد العنسي قاضي عدن كتاب «الوجيز» للغزالي، ودرّس بمنصورية عدن، ثم حصل بينه وبين القاضي محمد بن أسعد مواحشة) (1). قال الشيخ اليافعي: (وبلغني أن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الحضرمي قرأ على البيلقاني المذكور) (2). 3231 - [القاضي عبد الله العرشاني] (3) عبد الله بن علي بن القاضي أحمد بن الحافظ علي بن أبي بكر العرشاني. ولد في جمادى الأخرى سنة خمس وتسعين وخمس مائة، وأمه ابنة القاضي طاهر بن الإمام يحيى العمراني. وتفقه بالفقيه أحمد بن محمد الجنيد، ثم بالفقيه سعد المخزومي، وأخذ عن الفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي، وحسن بن راشد، وعمر بن عبد الله الحرازي وغيرهم. وكان فقيها مبرزا، عارفا فاضلا، ذاكرا للفقه. يحكى أن الفقيه أبا بكر بن دعاس الحنفي لما وصل إلى جبلة مع المظفر .. جعل يدور على الفقهاء في مدارسهم، ويمتحنهم بمضادة المذهب، فدخل المدرسة النجمية، وكان الفقيه عبد الله المذكور بها، فألقى عليه مسائل، فأجابه فيها بجواب شاف وهو غير محتفل

(1) «السلوك» (2/ 430). (2) «مرآة الجنان» (4/ 188). (3) «السلوك» (1/ 368)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 123)، و «تحفة الزمن» (1/ 295)، و «المدارس الإسلامية» (ص 69)، و «هجر العلم» (3/ 1421).

3232 - [مكرم العدوي]

به ولا عارف له، ثم أقبل عليه يسأله ويراجعه، فاعترف له ابن دعاس بجودة الفقه وقال: ما كنت أظن مثل هذا في الجبال، وكان هو المفتي أيام قضاء محمد بن يوسف اليحيوي، فلما تكرر من محمد بن يوسف ما لا يليق بالقضاء .. كتب إليه: [من الطويل] أما تتقي ذا العرش يوم حسابه … أما ترعوي عن موبقات العظائم كأنك بالدنيا وقد زال ظلها … ويذهب ما فيها كأضغاث حالم وكان يحب الخمول، صبورا على التدريس، تفقه به جمع كثير. توفي لنصف ذي الحجة من سنة ست وسبعين وست مائة. 3232 - [مكرم العدوي] (1) عبد الله بن محمد بن مسعود بن أحمد بن سالم العدوي، الملقب بمكرم (2). كان فقيها فاضلا صالحا، متمسكا بالأثر، عارفا بالحديث والفقه، والنحو واللغة، وغيرها من العلوم. قال الجندي: (قرأت عليه «التبصرة» في أصول الدين، و «الرسالة الجديدة» للشافعي وغيرهما) (3). دخل عليه بعض أصحابه من الفقهاء في مرضه وكان يوم أحد قبل وفاته بخمسة أيام، فجعل يودعه ويستحله، فقال له: أنت في خير وعافية، فقال: لم يبق من عمري سوى خمسة أيام، فقال له: ما الدليل على ذلك؟ فقال: رأيت الحق نهار أمس، فهممت أن أعتلق به، فقيل لي: بعد ست، فوقع في نفسي أنها ستة أيام، وقد مضى لي يوم. فلما حضرته الوفاة .. أغمي عليه، ثم أفاق فقال لمن حوله: أين الثوب الذي أعطاني ربي؟ ولازم على ذلك، فأعطوه ثوبا من ثيابهم، فرده وقال: إن الثوب الذي أعطاني ربي

(1) «السلوك» (2/ 245)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 307) و «طراز أعلام الزمن» (2/ 155)، و «تحفة الزمن» (1/ 532)، و «هجر العلم» (1/ 289). (2) كذا في «العقود اللؤلؤية» (1/ 307) و «طراز أعلام الزمن» (2/ 155)، و «هجر العلم» (1/ 289)، وكنيته: (أبو محمد)، وفي «السلوك» (2/ 245) و «تحفة الزمن» (1/ 532): (أبو عبد الله محمد-عرف بمكرم-ابن مسعود بن أحمد بن سالم العدوي). (3) في «السلوك» (2/ 245).

3233 - [محمد بن حسن الفارسي]

لا يشبه ثياب الآدميين، وما كان ربي يرجع في هبته، ثم عاد في غشيته، وكان آخر كلامه لا إله إلا الله. وتوفي في نصف المحرم أول سنة ست وسبعين وست مائة (1). 3233 - [محمد بن حسن الفارسي] (2) محمد بن حسن بن علي التيمي الفارسي (3)، أصل بلده دار جرذ، بالجيم المكسورة، وسكون الراء، ثم ذال معجمة آخره. يقال: إن نسبه يرجع إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه. خرج أبوه من أرض فارس إلى مكة، فجاور بها ست عشرة سنة، ثم قدم إلى عدن فتديرها، وولد ولده محمد هذا المذكور بها، فقرأ على البيلقاني الفقه والمنطق والأصول، وأخذ عن الصغاني اللغة، وأخذ عن الشريف أبي الفضل الطب والمنطق أيضا والموسيقى وعلم الفلك، وكان محققا لجميع هذه الفنون، وله في كل منها مصنف. وتوفي سنة ست وسبعين وست مائة بعدن. 3234 - [محمد بن الحسن الصمعي] (4) محمد بن الحسن الصّمّعي-نسبة إلى صمّع، بفتح الصاد المهملة والميم المشددة، ثم عين مهملة، قرية بوادي رمع مشهورة-الحنفي مذهبا. كان فقيها عالما، عاملا كاملا، نحويا لغويا أديبا، غلب عليه علم الأدب، ودرس

(1) في «السلوك» (2/ 246) و «العقود اللؤلؤية» (1/ 307) و «هجر العلم» (1/ 289): توفي سنة (696 هـ‍)، وقال الإمام الخزرجي رحمه الله تعالى في «طراز أعلام الزمن» (2/ 156) بعد ما ذكر وفاته سنة (676 هـ‍): (ويغلب على ظني أنها سنة ست وتسعين، بتقديم التاء المثناة قبل السين، ظنّا لا رواية، والله أعلم). (2) «السلوك» (2/ 429)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 204)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 124)، و «تحفة الزمن» (2/ 384)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 209). (3) كذا في «طراز أعلام الزمن» (3/ 124)، واسمه في باقي المصادر: (محمد بن أبي بكر بن محمد بن حسن بن علي)، ولعله الصواب، كما نبه عليه المصنف في «تاريخ ثغر عدن» (2/ 209)، وكما ذكره الخزرجي نفسه على جهة الصواب في «العقود اللؤلؤية» (1/ 204). (4) «العقود اللؤلؤية» (1/ 203)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 132)، و «بغية الوعاة» (1/ 91)، و «هدية العارفين» (2/ 132)، و «المدارس الإسلامية» (ص 54).

3235 - [آق سنقر الفارقاني]

بمنصورية زبيد الحنفية، وأخذ عنه جمع كثير، وله في النحو عبارات مرضية. ومن تصانيفه كتاب «الغاية والمثال» في العروض، كتاب جليل في فنه، يدل على معرفته وفضله. وتوفي بزبيد سنة ست وسبعين وست مائة. 3235 - [آق سنقر الفارقاني] (1) الفارقاني شمس الدين آق سنقر الظاهري، أستاذ دار الملك الظاهر. جعله الملك السعيد بن الظاهر نائبه، فلم ترض خاصة السعيد بذلك، ووثبوا على الفارقاني فاعتقلوه، ولم يقدر السعيد على مخالفتهم، فقيل: إنهم خنقوه. وكان وسيما جسيما، شجاعا نبيلا، ذا خبرة ورأي، ومهابة ووقار، وفيه ديانة وإيثار. توفي سنة سبع وسبعين وست مائة. 3236 - [نجم الدين ابن إسرائيل] (2) محمد بن سوار الشيباني الدمشقي الفقير نجم الدين، الأديب البارع، صاحب الحريري، المعروف بابن إسرائيل. كان روح المشاهد وريحانة المجامع، فقيرا ظريفا نظيفا، مليح النظم، رائق المعاني. قيل: في بعض نظمه التصريح وفي بعضه التلويح بالاتحاد. توفي سنة سبع وسبعين وست مائة. 3237 - [الوزير ابن حنا] (3) علي بن محمد المصري الوزير ابن حنا الكاتب بهاء الدين.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 298)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 262)، و «العبر» (5/ 314)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 310)، و «مرآة الجنان» (4/ 188)، و «المنهل الصافي» (2/ 494)، و «شذرات الذهب» (7/ 622). (2) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 405)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 280)، و «العبر» (5/ 316)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 143)، و «مرآة الجنان» (4/ 188)، و «البداية والنهاية» (13/ 327)، و «شذرات الذهب» (7/ 626). (3) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 384)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 276)، و «العبر» (5/ 315)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 30)، و «مرآة الجنان» (4/ 188)، و «البداية والنهاية» (13/ 327)، و «شذرات الذهب» (7/ 624).

3238 - [ابن الظهير الإربلي]

أحد رجال الدهر حزما ورأيا، وجلالة ونبلا، وقياما بأعباء الأمور مع الدين والعفة، والسيرة الحميدة، والمحاسن العديدة، والثروة الكثيرة، والفتوة الشهيرة. ابتلي بفقد ولديه الصدرين فخر الدين ومحيي الدين، فصبر وتجلد، وله من المناقب والمآثر حظ وافر. توفي سنة سبع وسبعين وست مائة. 3238 - [ابن الظهير الإربلي] (1) أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن أبي شاكر، العلامة ابن الظهير الإربلي الحنفي الأديب. ولد سنة اثنتين وست مائة. وتوفي في ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وست مائة. 3239 - [محمد بن عربشاه] (2) محمد بن عربشاه بن أبي بكر بن أبي نصر المحدث ناصر الدين أبو عبد الله الهمذاني ثم الدمشقي. روى عن ابن الزبيدي، والمسلم المازني، وابن صباح، وكتب الكثير، وكان ثقة صحيح النقل. توفي في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وست مائة. 3240 - [أبو العباس السبتي] (3) أحمد بن محمد بن يحيى أبو العباس السّبتي، بكسر السين المهملة، وسكون

(1) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 386)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 278)، و «العبر» (5/ 316)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 123)، و «البداية والنهاية» (13/ 327)، و «الجواهر المضية» (3/ 52)، و «شذرات الذهب» (7/ 626). (2) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 433)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 289)، و «العبر» (5/ 317)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 93)، و «الدليل الشافي» (2/ 654)، و «شذرات الذهب» (7/ 627). (3) «السلوك» (2/ 458)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 175)، و «تحفة الزمن» (2/ 423).

3241 - [عثمان بن حسين]

الموحدة، وكسر المثناة فوق، ثم ياء النسب. قال الجندي: (يرجع نسبه إلى ضمعج بن أوس الصحابي، أصله من حضرموت، وتدير مرباط، فلما عمرت ظفار .. سكنها) (1). وكان فقيها فاضلا، خيّرا ورعا، عظيم الجاه، مسموع الكلمة. أخذ عن الإمام محمد بن علي القلعي، فاستوحش منه السلطان أحمد بن محمد الحبوضي، فأمره بالخروج من ظفار، فخرج إلى ساحل حيريج، فسكن هنالك مدة، ثم استدعاه صاحب الشحر عبد الرحمن بن إقبال، فجعله حاكما في الشحر، فأحبه أهل البلد؛ لدينه وورعه، فأقام بها إلى أن توفي لبضع وسبعين وست مائة تقريبا. وله مصنفات حسنة، شرح «التنبيه» شرحا مفيدا، أثنى عليه الفقهاء، وانتفعوا به، فلما توفي .. خلفه ابنه عبد الرحمن، فسلك طريقة أبيه في الدين والورع إلى أن توفي لبضع وسبعين وست مائة. 3241 - [عثمان بن حسين] (2) عثمان بن حسين بن عمر أبو عمر. تفقه بعليّ بن مسعود الحجي، وتلميذه عمرو بن علي التباعي وغيرهم. وكان فقيها فاضلا، مائلا إلى التصوف والعبادة. وبه تفقه ابن عمه أحمد بن الفقيه محمد بن عمر، وهو أحد شيوخ الغيثي. توفي سنة سبع وسبعين وست مائة. 3242 - [عمر بن عثمان] (3) عمر بن عثمان بن حسين بن عمر. كان فقيها فاضلا، يحفظ «التنبيه» استظهارا، ويعرف «المهذب» وغيره من كتب الفقه، وامتحن بقضاء موزع والبرقة، وكان الذكر عنه حسنا جميلا.

(1) «السلوك» (2/ 458). (2) «السلوك» (2/ 297)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 184)، و «تحفة الزمن» (1/ 565). (3) «السلوك» (2/ 297)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 185)، و «تحفة الزمن» (1/ 565).

3243 - [عمر ابن عقبة]

وبه تفقه جماعة، منهم أحمد الثابتي وغيره، وكان يسكن القحّار-بفتح القاف والحاء المشددة، وبعدها ألف، وراء-جبل قرب بلده. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لأبيه عثمان المذكور قبله (1). 3243 - [عمر ابن عقبة] (2) عمر بن الفقيه عبد الله المعروف بابن عقبة، منسوبا إلى بني عقبة، القضاة الذين ذكرهم ابن سمرة في قضاء جبلة. تفقه بعبد الرحمن بن سعيد العقيبي وغيره من فقهاء جبلة، ودرس بمدرسة الجبابي، إنشاء الأمير أسد الدين محمد بن الحسن. وكان فقيها فاضلا. توفي في أثناء صفر سنة سبع وسبعين وست مائة (3). 3244 - [ابن البانة العنسي] (4) محمد بن سالم بن علي العنسي-بنون ساكنة بين مهملتين-المعروف بابن البانة. تفقه بالفقيه عمر بن مسعود الأبيني، وبالوزيري، وأخذ عن المقدسي، وكان فقيها عارفا، مجودا حافظا. يحكى أنه دخل يوما على الأشرف وعنده شيء من التحف فقال له: يا فقيه؛ ليس مع الفقهاء شيء من هذا؟ فقال: عندهم ما قال الشاعر: [من الكامل] شيئان أحسن من عناق الخرّد … وألذّ من شرب القراح الأسود

(1) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 185)، حيث جعل (عمر) هذا ابنا لصاحب الترجمة السابقة، وفي «السلوك» (2/ 297) و «تحفة الزمن» (1/ 565): أن الكلام المذكور هنا هو عن (عمر بن أحمد بن محمد)، ولعله الصواب؛ لأن الخزرجي نفسه قد ترجم ل‍ (عمر بن أحمد بن محمد) في مكان آخر من «طراز أعلام الزمن» (2/ 398)، وذكر في ترجمته ما ذكره المصنف هنا في هذه الترجمة. نعم؛ ل‍ (عثمان بن حسين) حفيد اسمه: (عمر بن علي بن عثمان)، وسيترجم له المصنف (6/ 88)، والله أعلم. (2) «السلوك» (2/ 179)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 314)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 418)، و «تحفة الزمن» (1/ 492)، و «المدارس الإسلامية» (ص 126). (3) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 418)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (697 هـ‍). (4) «السلوك» (2/ 118)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 186)، و «تحفة الزمن» (1/ 448).

وأجل من رتب الملوك عليهم … ثوب الحرير مطرز بالعسجد سود الدفاتر أن أكون نديمها … طول النهار وبرد ظل المسجد فقال له الأشرف: نعم ما حفظت. كان يجتمع بالمقدسي كثيرا، ويتذاكران في علم الكلام بما لا تحتمله أفهام العوام، حتى نسبا إلى الزندقة والكفر، وشهد عليهما الفقيه أحمد بن الصفي أنهما ينكران صدق القرآن ويقولان: ليس هو كلام الله، فاجتمع الفقهاء إلى رأس المفتين يومئذ بتعز وهو أبو بكر بن آدم الزيلعي، وتشاوروا في أمرهما، فاتفق رأي الفقهاء على أن تصلى الجمعة بجامع المغربة، فإذا خرج ابن البانة والمقدسي .. قتلناهما، وأرحنا منهما الإسلام والمسلمين، فسمع ابن البانة بما تمالأ عليه الفقهاء، فتقدم إلى المقدسي، وعرفه الأمر وحذره، وأمره بالتقدم إلى الواثق والالتزام به، وهو إذ ذاك نائب عن أبيه المظفر بتعز، ثم سار ابن البانة مبادرا من تعز إلى زبيد، فلما كان يوم الجمعة .. طلع الفقيه أبو بكر بن آدم من ذي عدينة إلى جامع المغربة، واجتمع إليه الفقهاء للأمر الذي قد بيتوه، فلما حان وقت الصلاة .. دخل المقدسي ومعه جماعة من خدم الواثق يحرسونه بالسلاح، فلم يتم للفقهاء ما أرادوه منه. ولما وصل ابن البانة إلى زبيد .. قصد الأشرف بن المظفر لمعرفة كانت بينهما وجوار، وكتب قصة يشكو فيها من فعل الفقهاء معه، فلما وقف المظفر على القصة .. شق عليه الأمر، وخشي مسارعة الفقهاء إلى شقاق يصعب علاجه، فكتب إليهم: أظلمتم الضياء، وخبطتم في عشواء، فاقتصروا عن هذه الأهواء، واشتغلوا بالنصوص؛ فإنك يا بن آدم- أعني المتفقهة وأمثالك ممن هو في تلك الجهة-لم تحط علما بما هو في كتابه تعالى، ولو بهت أحدكم وسئل عن مسألة على قولين .. لم يكن في قدرته الجواب عنها حتى يكشف ويطالع، فإذا كان بغيتكم ما أفنيتم فيه أعماركم .. فكيف تخرجون إلى أهوية تقيمون لها أمثالا بظاهر ألفاظكم مما يستدل بها على أهويتكم، فاعتمدوا على الكتاب والسنة والصحيح من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، واتركوا التمسك بالموضوعات عن النبي صلّى الله عليه وسلم، فلهذا علماء يوردون ويصدرون، ولستم من ذلك النمط في شيء، فالحذر الحذر كل الحذر، ومن حذّر فقد أنذر، فإن اقتصرتم، وإلا .. قصركم السيف عن طول اللسان؛ فإنما قصدكم التلبيس على العوام بقيل وقال.

3245 - [الأمير أسد الدين الرسولي]

ثم أرسل به إلى والي حصن تعز، وأمره أن يأمر الخطيب بقراءته على المنبر يوم الجمعة بحضرة الفقهاء وغيرهم، ففعل ذلك، فتفرق الفقهاء من ذلك، وتفرقوا في البلاد، وأقام أعيانهم بتعز مهاجرين للمقدسي وابن البانة، ولم يزل ابن البانة ملتصقا بالأشرف، ثم تلطف ودخل على القاضي البهاء محمد بن أسعد العمراني وهو يومئذ قاضي الأقضية مع الوزارة، فحلف له أنه ما تغير عن معتقد أهل السنة، وأراه كتابا صنفه يدل على رجوعه، فقبل منه بعض القبول، وأكثر الفقهاء لم يصدقه على ذلك. فلم يزل على تلك الحال إلى أن توفي ليلة عيد الفطر من سنة سبع وسبعين وست مائة. قال الجندي: (وأخبرني الثقة قال: كنت كثيرا ما أرى الفقيه أحمد بن الصفي إذا زار القبور ومر بقبر ابن البانة .. عرج عنه، ثم رأيته مرة قاعدا عنده كاشفا رأسه، فسألته عن السبب، فقال: رأيته البارحة على حالة حسنة وعنده كتب كثيرة حوله، فقال لشخص عنده: هات الكتاب الفلاني للفقيه؛ ليزول عن قلبه ما يجده، فقلت: يا سيدي؛ أنت صادق، ثم اعتنقته واعتنقني، وزال ما في باطني، وعزمت على زيارته) اه‍ (1) وأما المقدسي .. فلم يزل مقيما بتعز على جوار من الواثق بن المظفر مدة يسيرة بعد ذلك، ومرض مرضا شديدا، وتوفي والفقهاء مهاجرون له، فلم يحضر دفنه غير نفر يسير من عوام الناس. وكان فقيها عارفا، أصوليا منطقيا، قدم تعز، ودرس في المدرسة العليا المعروفة بمغربة تعز بمدرسة أم السلطان. 3245 - [الأمير أسد الدين الرسولي] (2) الأمير أسد الدين أبو عبد الله محمد بن الحسن بن علي بن رسول. كان أميرا كبيرا فارسا، مشهورا بالقوة والشجاعة، يقال: إنه كان إذا قبض بيده على ركاب الفارس .. ألقى بعضه إلى بعض، فلا ينتفع به صاحبه. أقطعه عمه المنصور عمر بن علي بن رسول صنعاء في سنة سبع وعشرين، فأقام بها إلى

(1) «السلوك» (2/ 118). (2) «السمط الغالي الثمن» (ص 276)، و «السلوك» (1/ 404)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 204)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 135)، و «تحفة الزمن» (1/ 329)، و «المدارس الإسلامية» (ص 121).

سنة خمس وأربعين، فبلغ المنصور عنه أمور غير مستحسنة، فاستدعاه من صنعاء، فلما صار قريبا من عمه .. بلغه غضب عمه عليه، فكر راجعا إلى صنعاء، فخالف على عمه، فحالف الإمام أحمد بن الحسين، فقصد المنصور صنعاء لحربهما، ولما علم أسد الدين بوصول المنصور إلى صنعاء .. تقدم إليه إلى ذمار، واستعطفه، وسار بين يديه إلى صنعاء، فأقام المنصور بصنعاء أياما، ثم نزل إلى اليمن، وصحبه أسد الدين، فلما صار بذمار .. رده عمه إلى صنعاء، فلم يزل بها إلى أن توفي عمه، فقصد الإمام أحمد بن الحسين والأمير أحمد بن الإمام عبد الله بن حمزة صنعاء وملكاها، وخرج أسد الدين منها إلى براش، فلم يزل يغادي أهل صنعاء القتال ويراوحهم، ثم اصطلح هو والإمام أحمد بن الحسين، وجهزه الإمام لحرب ابن عمه المظفر بن منصور في عسكر جرار حتى حط بالشّوافي، وتقدم إليه المظفر في عساكره، فلما التقيا .. سعى بنو حاتم بالصلح بين المظفر وبين ابن عمه أسد الدين بموضع يقال له: الموسعة، ثم رده المظفر إلى صنعاء في جيش كثيف لحرب الإمام أحمد بن الحسين، فدخل صنعاء، وأقام بها أياما، ولما قبض المظفر على عمّيه بدر الدين أبو أسد الدين وفخر الدين أبو بكر بن علي بن رسول عند وصولهما من مصر وسجنهما .. ازداد أسد الدين نفورا من ابن عمه، فدخل في طاعة الإمام، وباع عليه براش بمائتي ألف درهم، وسيره الإمام إلى ذمار في عسكره، وجرد المظفر الأمير علي بن يحيى العنسي الآتي ذكره (1) والطواشي في عسكر جرار، فحصل بين العسكرين وقائع مشهورة، ثم فسد ما بين أسد الدين وبين الإمام؛ لكونه لم يحصل له من قيمة براش إلا التافه اليسير، فسار أسد الدين إلى رداع، وقصد الشيخ علوان بن عبد الله الجحدري المتقدم ذكره على ما بينهما من العداوة (2)، فلم يزل علوان يلاطف المظفر ويسأله الذمة للأمير أسد الدين حتى أذمّ له على يده، وأمره بالمسير إلى صنعاء، فسار إليها، فلما علم به الإمام .. خرج من صنعاء، ودخلها أسد الدين في سنة إحدى وخمسين، وأقام بها إلى سنة ثمان وخمسين، ثم إن المظفر طلع إلى صنعاء في سنة تسع وخمسين، وكان أسد الدين يومئذ بذمرمر، فطلب من المظفر أن يجهزه إلى حضرموت، فجهزه، فلما أن صار بالجوف .. أوقع بآل راشد بن منيف وكانوا حلفاء المظفر، فقتل منهم جماعة، وتعب المظفر من ذلك، وتعذر على أسد الدين المسير إلى حضرموت، فأقام بظفار الأشراف أياما، ثم حط

(1) انظر (5/ 396). (2) انظر (5/ 260).

3246 - [أبو محمد الحجاجي]

بالمدورة، وكان يغير على صنعاء وفيها الأمير علي بن يحيى العنسي، فأمده المظفر بسنجر الشعبي، فلما علم أسد الدين بذلك .. ارتفع عن محطته، ولحق ببلاد الأشراف، وضاقت به المسالك، ولحقه ضرر شديد حتى باع بعض ثيابه، فكتب إلى المظفر كتابا يقول فيه: [من الطويل] فإن كنت مأكولا فكن أنت آكلي … وإلا فأدركني ولمّا أمزّق (1) فأمر المظفر الأمير علي بن يحيى العنسي والأمير عبد الله بن العباس بالمسير إلى أسد الدين، فما زالا به حتى نزل إلى المظفر بزبيد، فقبض المظفر عليه وعلى الأمير علي بن يحيى، وأرسل بهما تحت الحفظ إلى حصن تعز، فلما صار أسد الدين بحصن تعز .. أقبل على الاشتغال بمطالعة الكتب وقراءة العلم، فكان يستدعي الفقهاء إلى موضعه، فيقرأ عليهم، ويحسن إليهم، وقرأ فيه غالب المسموعات في الحديث على الفقيه أحمد بن علي السرددي شيخ المحدثين بتعز، ونسخ بيده عدة مجلدات ومقدمات شريفة، وأوقفها في أماكن متعددة. ولم يزل بالسجن على أحسن حال إلى أن توفي ثالث عشر ذي الحجة من سنة سبع وسبعين وست مائة عن نيف وستين سنة. ومن مآثر أسد الدين الدينية مدرسة بإبّ، ومدرسة بقرية الجبابي، وفيها قبره، وعليها وقف عظيم؛ شيء للوارد يطعم منه على قدر حاله، وشيء لمدرس ودرسة. 3246 - [أبو محمد الحجاجي] (2) أبو محمد عبد الله بن العباس بن علي بن مبارك الحجاجي ثم الشاكري الهمداني. كان من أعيان الزمان، له مشاركة في فنون من العلوم. أخذ عن الفقيه الجزيري «مقامات الحريري» وغيرها، وأخذ عن إسحاق الطبري، والعماد الإسكندراني وغيرهم، وجمعت خزانته نحو خمسة آلاف كتاب.

(1) البيت للممزّق العبدي، انظر «طبقات فحول الشعراء» (1/ 274). (2) «السلوك» (2/ 62)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 115)، و «تحفة الزمن» (1/ 417)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 115)، و «المدارس الإسلامية» (ص 172).

3247 - [ابن الحكيم الحموي]

وولي كتابة الجيش للمسعود بن الكامل، وديوان النظر بعدن، وأرسله المظفر إلى مصر مرارا، وهو الذي وصله بالاستنابة من الخليفة العباسي صاحب بغداد. ولم يزل عند المظفر على إعزاز وإكرام إلى أن توفي بتعز لبضع وسبعين وست مائة، وله مدرسة بالجند، وسبيل، وحائط، وحوض. 3247 - [ابن الحكيم الحموي] (1) الشيخ نجم الدين ابن الحكيم عبد الله بن محمد الحموي الصوفي. كان له زاوية بحماة، وفيه أخلاق حميدة، وتواضع، وخدمة للفقراء. صحب الشيخ إسماعيل الكوراني. توفي بدمشق سنة ثمان وسبعين وست مائة، ودفن بمقابر الصوفية. 3248 - [عبد السلام المقدسي الواعظ] (2) الشيخ عبد السلام بن أحمد بن الشيخ القدوة غانم بن علي المقدسي الواعظ، أحد المبرزين في الوعظ والنظم والنثر. توفي سنة ثمان وسبعين وست مائة. 3249 - [الملك السعيد بن بيبرس] (3) السلطان الملك السعيد ناصر الدين أبو المعالي محمد بن الملك الظاهر ركن الدين بيبرس. كان كريما حسن الطباع، فيه عدل ولين، وإحسان ومحبة للخير.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 30)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 305)، و «العبر» (5/ 320)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 583)، و «مرآة الجنان» (4/ 190)، و «شذرات الذهب» (7/ 631). (2) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 13)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 306)، و «العبر» (5/ 321)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 414)، و «مرآة الجنان» (4/ 190)، و «البداية والنهاية» (13/ 334)، و «شذرات الذهب» (7/ 632). (3) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 33)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 311)، و «العبر» (5/ 321)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 274)، و «مرآة الجنان» (4/ 190)، و «البداية والنهاية» (13/ 334)، و «شذرات الذهب» (7/ 632).

3250 - [عمر بن محمد السمرقندي]

خلعه أمراؤه، ومات بقلعة الكرك في سنة ثمان وسبعين وست مائة، ثم نقل بعد سنة ونصف إلى تربة والده. وتملك بعده الكرك أخوه خضر. 3250 - [عمر بن محمد السمرقندي] (1) عمر بن محمد بن أبي بكر السمرقندي. وصل إلى اليمن، ودخل الجند، فأخذ عنه فقهاؤها أحاديث المعمّر رتن بروايته لها عن الشيخ موسى بن مجلي بن مقلد الدنيسري، عن الشيخ أبي الرضا المعمّر رتن بن نصر بن كربال-بكسر الكاف، وسكون الراء، وفتح الموحدة، ثم ألف ولام-الهندي. وتقدم آنفا في ترجمة علي بن سير الواسطي روايته أحاديث المعمّر عن الشيخ داود بن أسعد المنحروري عن المعمر رتن. واتفق الواسطي والسمرقندي على أن اسم الشيخ المعمّر: رتن، بالراء والتاء المفتوحتين، ثم النون، واختلفا في اسم أبيه وجده، فالسمرقندي قال: ابن نصر بن كربال، والواسطي قال: ابن مندر بن مندي، وكذلك اختلفا في نسبته، فالسمرقندي نسبه إلى الهند، والواسطي نسبه إلى السند، قال الجندي: (وهو الصحيح-قال-: وكذلك الكتاب الذي رواه السمرقندي مخالف لكتاب الواسطي في الغالب، وكتاب الواسطي سماه: «قريب العهد المروي عن المعمّر الهندي»، وكتاب السمرقندي إنما هو أحاديث منثورة-قال-: ولم أتحقق لها اسما) (2). ولم أتحقق تاريخ وفاة السمرقندي، وإنما ذكرته هنا؛ ظنا. 3251 - [سعيد بن أسعد الحرازي] (3) أبو محمد سعيد بن أسعد بن علي، الحرازي نسبا، وبلده قرية المشراح من وادي نخلان.

(1) «السلوك» (2/ 159)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 288)، و «تحفة الزمن» (1/ 475). (2) «السلوك» (2/ 160). (3) «السلوك» (2/ 89)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 216)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 470)، و «تحفة الزمن» (1/ 434)، و «هجر العلم» (2/ 952).

3252 - [السلطان سالم الحبوضي]

كان ديّنا تقيا، حافظا للقرآن، حسن الخط والصوت، كان يعلم الأشرف بن المظفر، وكان كثيرا ما يصده عن أمور لا تليق به، فلما توفي .. ترحم عليه وقال: لقد كان يردنا عن كثير مما لا يليق بنا. والغالب عليه الخير وصحبة الفقيه إسماعيل الحضرمي وأمثاله، وهو الذي عمل الحوض في سفل النقيل الأسفل من النقيلين، وجر إليه الماء. تزوج في السّمكر، وحدث له بها أولاد، وأقام بها إلى أن توفي في سنة ثمان وسبعين وست مائة. 3252 - [السلطان سالم الحبوضي] (1) السلطان سالم بن إدريس بن أحمد بن محمد الحبوضي، صاحب ظفار. قتل في أيام المظفر، وذلك أن المظفر كان أرسل بهدية لبعض ملوك فارس، فرمت بهم الريح على ظفار، فاستولى سالم المذكور على الهدية، فكتب إليه المظفر: لم تجر بهذا عادة من أهلك، ونحن نحاشيك في قطع السبيل، وأنت تعلم ما بيننا وبينك، والمكافأة بيننا، غير أنا نتأدب بآداب القرآن؛ فإن الله تعالى يقول: {وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً}، فازداد غلظة، ورجع جوابه يقول فيه: هذا الرسول، فأين العذاب؟ ! فجهز المظفر عليه من عدن جيشا في البحر صحبة الأمير غازي بن المعمار، فوصل إلى ساحل ظفار، ورجع مثل ما راح، فلما رجع ابن المعمار من ظفار .. جهز سالم بن إدريس عسكرا، وسار نحو عدن، فوصل إلى ساحل عدن، ثم رجع والمظفر إذ ذاك في الجند، فاستشاط غيظا، ونزل إلى عدن، وجهز إلى ظفار عسكرا كثيفا، وفرقهم ثلاث فرق: فرقة في البحر، وفرقة في البر في طريق الساحل، وفرقة في طريق النجد طريق حضرموت، فاجتمعت العساكر ببندر ريسوت، ثم ساروا حتى بلغوا عوقد، محلة من محال ظفار، فخرج إليهم سالم بن إدريس في عسكره، فلما اصطدموا .. كانت الهزيمة في أهل ظفار، وقتل سالم في سنة ثمان وسبعين وست مائة، ودخلت عساكر المظفر إلى ظفار، واستولى المظفر على مملكة ظفار.

(1) «السمط الغالي الثمن» (ص 505)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 207)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 442)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 83)، و «هدية الزمن» (ص 93).

3253 - [ابن إلياس البعلبكي]

3253 - [ابن إلياس البعلبكي] (1) محمد بن داود البعلبكي الحنبلي. توفي سنة تسع وسبعين وست مائة. والفقيه المعمّر أبو بكر بن هلال الحنفي، توفي أيضا في هذه السنة. 3254 - [أبو القاسم الرافضي] (2) أبو القاسم بن حسين الحلي الرافضي الفقيه المتكلم، شيخ الشيعة وعالمهم. سكن حلب مدة، فصفع بها؛ لكونه سب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. توفي سنة تسع وسبعين وست مائة (3). 3255 - [أحمد بن أسعد الأصبحي] (4) أحمد بن أسعد بن أبي بكر أبو العباس الأصبحي، والد صاحب «المعين». كان فقيها عارفا ناسكا، ذا دين متين، وكان خطيب قرية الذّنبتين. وتوفي ليلة الجمعة لست بقين من ربيع الأول سنة تسع وسبعين وست مائة (5). 3256 - [أبو العباس الكواشي] (6) أبو العباس أحمد بن يوسف بن حسن الشيباني الموصلي الكواشي، الشيخ العلامة،

(1) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 59)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 327)، و «العبر» (5/ 324)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 63)، و «مرآة الجنان» (4/ 191)، و «شذرات الذهب» (7/ 635). (2) «ذيل مرآة الزمان» (3/ 434)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 336)، و «العبر» (5/ 325)، و «مرآة الجنان» (4/ 191)، و «البداية والنهاية» (13/ 331)، و «شذرات الذهب» (7/ 637). (3) في «ذيل مرآة الزمان» (3/ 434) و «البداية والنهاية» (13/ 331): توفي سنة (677 هـ‍)، وقال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (50/ 337): (وقيل: إنه توفي سنة سبع وسبعين). (4) «السلوك» (2/ 74)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 218) و «طراز أعلام الزمن» (1/ 48)، و «تحفة الزمن» (1/ 425)، و «هجر العلم» (2/ 719). (5) في «السلوك» (2/ 74) توفي سنة (699 هـ‍). (6) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 104)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 342)، و «العبر» (5/ 327)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1361)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 291)، و «مرآة الجنان» (4/ 192)، و «شذرات الذهب» (7/ 638).

3257 - [أبو الحسن الجزري الزاهد]

المفسر المقرئ، المحقق الزاهد، القدوة موفق الدين. توفي سنة ثمانين وست مائة. مذكور في الأصل. 3257 - [أبو الحسن الجزري الزاهد] (1) أبو الحسن علي بن أحمد الجزري الزاهد، القدوة الشافعي، صاحب حال وكشف، وعبادة وتبتل. توفي سنة ثمانين وست مائة. 3258 - [عمر ابن بنت الأعز] (2) عمر بن عبد الوهاب العلامي الشافعي المصري، قاضي القضاة، صدر الدين بن قاضي القضاة تاج الدين، المعروف بابن بنت الأعز. ولي قضاء الديار المصرية نحو سنة، ثم عزل. وتوفي يوم عاشوراء في سنة ثمانين وست مائة. مذكور في الأصل. 3259 - [محمد ابن سني الدولة] (3) محمد بن أحمد بن يحيى الدمشقي الشافعي، عرف بابن سني الدولة. توفي سنة ثمانين وست مائة. مذكور في الأصل. 3260 - [تقي الدين ابن رزين] (4) أبو عبد الله محمد بن الحسين شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين ابن رزين العامري الحموي الشافعي.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 112)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 357)، و «العبر» (5/ 329)، و «مرآة الجنان» (4/ 192)، و «شذرات الذهب» (7/ 640). (2) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 119)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 360)، و «العبر» (5/ 329)، و «مرآة الجنان» (4/ 192)، و «البداية والنهاية» (13/ 343)، و «شذرات الذهب» (7/ 640). (3) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 123)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 362)، و «العبر» (5/ 330)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 127)، و «مرآة الجنان» (4/ 192)، و «البداية والنهاية» (13/ 342)، و «شذرات الذهب» (7/ 641). (4) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 124)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 365)، و «العبر» (5/ 331)، و «الوافي بالوفيات» -

3261 - [جمال الدين ابن الصابوني]

ولد سنة ثلاث وست مائة، واشتغل من الصغر، فحفظ «التنبيه»، و «الوسيط»، و «المفصل»، و «المستصفى» للغزالي، وبرع في الفقه والعربية والأصول، وشارك في المنطق والكلام، والحديث وفنون العلوم. وأفتى وله ثمان عشرة سنة في أيام شيخه ابن الصلاح، وأمّ بدار الحديث، وولي الوكالة في أيام الناصر مع تدريس الشامية. وتوفي في رجب سنة ثمانين وست مائة، وله فتاوى مجموعة. مذكور في الأصل. 3261 - [جمال الدين ابن الصابوني] (1) أبو حامد محمد بن علي المعروف بابن الصابوني الحافظ، شيخ دار الحديث النورية. حصل الأصول، وجمع وصنف. وتوفي سنة ثمانين وست مائة. 3262 - [بدر الدين بن لؤلؤ] (2) يوسف بن لؤلؤ الشاعر المشهور، أحد شعراء الدولة الناصرية. توفي سنة ثمانين وست مائة. 3263 - [السلطان علاء الوليدي] (3) العلاء بن عبد الله بن محمد بن العلاء أبو السمو الوليدي الحميري. قال الجندي: (كان مسكنه عفينة-بفتح العين، وكسر الفاء، وسكون المثناة تحت،

= (3/ 18)، و «مرآة الجنان» (4/ 192)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 46)، و «البداية والنهاية» (13/ 344)، و «شذرات الذهب» (7/ 642). (1) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 125)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 368)، و «العبر» (5/ 332)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 188)، و «مرآة الجنان» (4/ 193)، و «شذرات الذهب» (7/ 643). (2) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 134)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 377)، و «العبر» (5/ 333)، و «مرآة الجنان» (4/ 193)، و «شذرات الذهب» (7/ 644). (3) «السلوك» (2/ 89)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 221)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 204)، و «تحفة الزمن» (1/ 433)، و «هجر العلم» (2/ 952).

3264 - [علي بن أحمد الجنيد]

ثم نون مفتوحة، ثم هاء-قرية من معشار تعز، يسكن بها جماعة من قومه إلى الآن، يعرفون بالأخاصر، أهل رئاسة، وكان علاء المذكور يعرف بالسلطان علاء، وانتقل إلى السّمكر، فأخذ في الجند عن ابن المبرذع وغيره، وبزبران عن ابن رفيد، وبتعز عن علي السرددي، وبجبلة عن محمد بن مصباح، وأخذ عن الشيخ أحمد بن علوان، وكان بينهما مودة واخوة، وأجازه في جميع مقروءاته ومنظوماته ومنثوراته، وكان إذا انقطع من زيارة ابن علوان .. وصله ابن علوان إلى السمكر، وأقام عنده أياما. سأل ابن علوان عن أرجى آية في القرآن فقال: قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ}. وكان صالحا، ذا محفوظات وروايات كثيرة من الأشعار والأخبار، متقنا فن الأدب، وأخذ عنه يوسف بن يعقوب الجندي والد المؤرخ وغيره. بورك له في دينه ودنياه، يحكى أنه كان لا يزرع أرضه إلا على حساب، فكان لا يكاد يأتيه من أرضه شيء، وغالب أوقاته يشتري لدوابه ما يقيتهم، فقيل له: يا فقيه؛ دع عنك التنجيم في هذه السنة، وازرع توكلا على الله، فوقع ذلك في قلبه، فأمر بتوله (1) إذا ذرأ الناس .. أن يذرأ، ففعل ذلك، فجاءه زرع كثير، وغلة جيدة، فاستمر على ذلك إلى أن توفي على رأس ثمانين وست مائة) (2). 3264 - [علي بن أحمد الجنيد] (3) علي بن أحمد بن محمد منصور الجنيد أبو الحسن. تفقه بالفقيه حسن بن راشد، وبعمر بن يحيى وغيرهما. وكان فقيها فاضلا، صالحا خيرا، امتحن بقضاء ذي أشرق، وإليه انتهى تدريسها. يروى أنه كان يوما قاعدا في مجلس التدريس؛ إذ قال لأصحابه: نحن اليوم فقهاء، وغدا نكون صوفية، فلما كان اليوم الثاني .. قدم إليه جبريل الصوفي من أهل بعدان من

(1) البتول: الأجير الذي يعمل في حراثة الأرض عند الملاك وكبار المزارعين (لهجة يمنية). (2) «السلوك» (2/ 89). (3) «السلوك» (1/ 445)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 220)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 230)، و «تحفة الزمن» (1/ 364)، و «المدارس الإسلامية» (ص 137)، و «هجر العلم» (2/ 737).

3265 - [أحمد بن عمر المزيحفي]

أصحاب الشيخ عمر ابن المسن فقال له: يا علي؛ كن معنا، ومد يده إليه، فحكمه، ثم نصبه شيخا، وأذن له في التحكيم. ودرس في الأسدية بمغربة تعز مدة إلى أن توفي في أول الحجة سنة ثمانين وست مائة عن أربع وخمسين سنة. 3265 - [أحمد بن عمر المزيحفي] (1) أحمد بن عمر بن هاشم بن الحسين بن عمر بن أبي السعود، الخزاعي نسبا، المزيحفي بلدا، نسبة إلى المزيحفة-بضم الميم، وفتح الزاي، وسكون المثناة تحت، وكسر الحاء المهملة، ثم فاء مفتوحة، ثم هاء-قرية كبيرة جنوبي وادي زبيد، فيها طائفة من خزاعة هم رؤساء القرية المذكورة، وهم أهل الفقيه. كان المذكور فاضلا عالما، عاملا متفننا، سيما في الفرائض والحساب والهندسة، شرح «مختصر الخوارزمي» في الجبر والمقابلة شرحا جيدا، وصنف كتاب «جواهر الحساب»، قال الجندي: (يوجد منه الجزء الأول، ويقال: إنه مات قبل تمامه) (2). وولي عمالة ديوان المخلاف. وسكن ذا جبلة، فأخذ عنه صالح بن عمر البريهي، وأبو بكر بن أحمد المأربي وغيرهما، وأخذ عنه طائفة من أهل تهامة. توفي بزبيد على رأس ثمانين وست مائة. قال الجندي: (ومن المزيحفة المذكورة عمر بن واقص، بالقاف والصاد المهملة، كان فقيها متفننا عارفا، وله مصنفات في النحو. ومنها أيضا أحمد بن محمد، كان فقيها مشهورا، تفقه، ثم سافر إلى الحبشة، فأخذ عنه هنالك كثير من الناس) (3).

(1) «السلوك» (2/ 381)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 139)، و «تحفة الزمن» (2/ 347)، و «هجر العلم» (4/ 2040). (2) «السلوك» (2/ 381). (3) «السلوك» (2/ 381).

3266 - [الحسين بن علي الحميري]

ولم يذكر الجندي زمانهما، فذكرناهما هنا؛ تبعا للفقيه أحمد المزيحفي، وأظن أن المزيحفي المذكور شافعي المذهب، والله أعلم. 3266 - [الحسين بن علي الحميري] (1) الحسين بن علي بن عمر بن محمد بن علي بن أبي القاسم الحميري. ولد في جمادى الأولى سنة ثمان وست مائة، وتفقه بأبيه. وكان فقيها عارفا، فاضلا عابدا زاهدا. يحكى أنه في أيام تفقهه رتّب في مدرسة عومان مع الفقيه يحيى بن سالم، فباع شيئا من كيلته بدراهم، وربطها في طرف ثوبه، ثم فتحها لأخذ شيء احتاج إليه منها، فوجدها عقارب، ففزع ورماها من ثوبه، ولم يأخذ بعد ذلك شيئا من طعام المدرسة. ويروى أنه وجد يوما عند قبر أبيه مغشيا عليه، فحمل إلى بيته، فلما أفاق .. سئل عن سبب الغشيان فقال: كنت أقرأ على والدي، فغلطت، فسمعته يرد عليّ من القبر، فلم أتمالك أن غشي عليّ. توفي في المحرم أول سنة ثمانين وست مائة. 3267 - [عيسى بن مطير] (2) عيسى بن مطير-تصغير مطر-ابن علي بن عثمان الحكمي، أصله من حكماء حرض، وكان أبوه من أعيانهم وكبرائهم. وخرج عيسى هذا من بلده لطلب العلم، فقصد المخلافة، فأخذ عن سليمان ابن الزبير الآتي ذكره في العشرين بعد هذه (3). ولما بنى المظفر مدرسته التي بتعز .. استدعاه من بلده إلى تعز، فلما حضر مقامه ..

(1) «السلوك» (2/ 161)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 221)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 359)، و «تحفة الزمن» (1/ 480)، و «طبقات الخواص» (ص 126)، و «المدارس الإسلامية» (ص 67). (2) «السلوك» (2/ 344)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 489)، و «تحفة الزمن» (2/ 148)، و «طبقات الخواص» (ص 254)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (4/ 502)، و «المدارس الإسلامية» (ص 111)، و «هجر العلم» (1/ 36). (3) انظر «448/ 5».

سأله عما قرأ من الكتب، فأعلمه، فقال له المظفر: لم لا قرأت شيئا من كتب أصول الدين؟ فقال له: قد قرأت ما عرفت به ربي وصفاته وحرمة نبيي ومبدئي ومعادي، فقال له: ذلك المطلوب ما هو؟ قال: كتاب الله وسنة رسوله والنحو واللغة، فقال: صدقت، ونعم ما علمت، ولكن لو ظهر عليكم خارجي بماذا كنتم تقابلونه؟ فقال له الفقيه: بسيفك المسلول، فقال له المظفر: أحسنت، هكذا كان الصدر الأول من السلف رضي الله عنهم، فعرض عليه أن يدرس بمدرسته، فاعتذر الفقيه بأنه رجل تهامي، لا صبر له على الجبال الوعرة والبلاد الباردة، فقال له السلطان: ليس هذا عذرا وأنت ذكرت لي أنك قرأت على ابن الزبير بالمخلافة، وهي أشد بردا من هذه البلد، وأضنك عيشا، فقال: الآن حججتني، سمعا وطاعة لما تريد. قال الجندي: (قال عثمان الشرعبي: فلما استمر مدرسا في المدرسة .. ظهرت الفوائد الجمة على الطلبة، وأنارت الأنوار الفقهية والحديثية والنحوية واللغوية، وكان يسمع في أرجاء المدرسة صرير الأقلام، وانتفع به الخاص والعام، وكان مجلسه محفوفا بالبركات، محفوظا عن الزلات، إذا تعرض فيه متعرض لنحو غيبة .. زبره الفقيه، وكان يقرئ الحديث في رجب وشعبان ورمضان، فيحضر مجلسه المدرسون، والشيوخ الصالحون، والشباب التائبون. وكان كثير الورع، محفوظا عن أكل ما فيه شبهة، لا يأكل إلا ما تحقق حله، وإن أكل شيئا فيه شبهة .. لا يستقر في بطنه منه شيء، قال عثمان الشرعبي: عمل بعض جيران المدرسة طعاما لحادث حدث له، فطلب جيرانه وجماعة من الفقهاء المدرسين فيهم الفقيه عيسى، فأكلوا، وأكل الفقيه معهم، فلما رجع الفقيه إلى بيته .. لم يستقر ذلك الطعام في جوفه، وتقيأه جميعه، ثم أخرج قطعة دم، ثم سأل الفقيه عثمان عن الرجل الذي دعاهم إلى بيته، فقال: هو عبد من عبيد الطبلخانة (1)، فقال: لو علمت حاله .. لامتنعت، لكن قلدت الفقهاء. فأقام الفقيه على التدريس في المدرسة المظفرية سنين، ثم عاد إلى بلده، فأقام أياما يسيرة، ثم توفي في سنة ثمانين تقريبا) (2).

(1) الطبلخانة: المكان المعد لحفظ الطبول والأبواق والصنوج التي يستخدمها الجيش في الموسيقى العسكرية. (2) «السلوك» (2/ 345).

3268 - [عبد العزيز الأبيني]

3268 - [عبد العزيز الأبيني] (1) عبد العزيز بن أبي القاسم أبو محمد الأبيني. كان فقيها فاضلا، صالحا عابدا، ورعا زاهدا، أعاد في منصورية عدن، وكان ينوب القضاة في الحكم، فناب القاضي محمد بن علي الفائشي، فبينما هو يوما جالس في محل الحكم، فحكم بين خصوم، وسجل لهم؛ إذ جاءه الكاتب بعشرة دنانير فضة، فسأله عن ذلك، فقال: جرت عادة القاضي أن يأخذ على كل سجل خمسة عشر دينارا، للكاتب منها خمسة، وللقاضي عشرة، فاستحلفه القاضي أنه قد جرت عادة القاضي بذلك، وأنه لم يحابه في ذلك، فلما حلف .. عزل القاضي نفسه عن النيابة، ولم يعد إليها حتى توفي رحمه الله تعالى. فخلفه ابن له اسمه: أبو القاسم بن عبد العزيز، أعاد في المدرسة المذكورة، وناب عن القضاة في الحكم، فبينا هو جالس في مجلس حكمه؛ إذ جاءته امرأة تشكو من زوجها بسوء عشرته، وتبرجت للقاضي، فأعجبه جمالها، فتحدث بينها وبين زوجها بالإصلاح فامتنعت، وخرجت عن مجلس الحكم، ونفرت عن الصلح نفورا شديدا، وأرادت أن تبذل شيئا على التخلص من الزوج، فأفتاها من أفتاها بأن ترتد عن الإسلام والعياذ بالله تعالى، ففعلت ذلك، فانفسخ النكاح، وكان المظفر يومئذ بعدن، ومعه قاضي القضاة البهاء، فقال السلطان: إن سكتنا عن هذه القصة .. استمر النساء على ذلك، كلما كرهت امرأة زوجها .. ارتدت عن الإسلام، فأمر السلطان بإحراقها، فجمع لها حطب كثير في ساحل حقّات، وأشبوا النار، وأخرجت المرأة، فلما قربت من النار .. هالها ما رأت من التهابها، وجعل الناس يهللون ويصيحون، ويأمرونها بالشهادتين وإخلاص التوبة، وروجع السلطان في ذلك، فأمر بإطلاقها بعد أن يئست من نفسها، فلما أطلقت .. أقامت مدة في بيتها، ثم خطبها القاضي وتزوجها، فقال كثير من الناس: إنه أمرها بما فعلت من الردة، فلما تشكك القاضي أبو بكر ابن الأديب في أمرهما .. عزله عن الإعادة وعن نيابة الحكم (2)، فتعانى التجارة إلى الهند حتى اعتفّ واكتفّ، وتوفي مسافرا إلى الهند.

(1) «السلوك» (2/ 436)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 81)، و «تحفة الزمن» (2/ 390)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 126) و (2/ 191)، و «المدارس الإسلامية» (ص 63). (2) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 82) و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 192)، ثم قال المصنف رحمه الله تعالى فيه: (كذا في «الخزرجي» قضية المرأة كانت والمظفر بعدن، وأن أبا بكر ابن الأديب عزل نائبه أبا القاسم المذكور بسبب زواجه-

3269 - [ابن النكزاوي]

ولم أقف على تاريخ وفاته ولا وفاة والده، وإنما ذكرتهما؛ لأنهما كانا في أيام المظفر. 3269 - [ابن النكزاوي] (1) عبد الله بن عمر ابن أبي زيد الإسكندراني أبو محمد المعروف بابن النّكزاوي، بفتح النون-وقيل: بكسرها-وسكون الكاف، وفتح الزاي، ثم ألف، ثم واو مكسورة، ثم ياء النسب. كان فقيها عالما، عارفا بالقراءات السبع، وله في القراءات مصنف يسمى: «الكامل»، وهو كاسمه، انتفع به علماء هذا الفن نفعا تاما. قدم عدن تاجرا، فأخذ عنه جماعة، منهم شيخ القراء في عصره أحمد بن علي الحرازي، وكان أخذه منه في مدة آخرها سنة خمس وستين وست مائة. ثم رجع إلى بلاده، فتوفي بها، ولم أتحقق تاريخ وفاته، كذا في «الخزرجي» (2). والذي وقفت عليه في ثبت القاضي شهاب الدين أحمد الحرازي: عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر بن أبي زيد المدني، الأنصاري نسبا، الإسكندراني مولدا، المالكي مذهبا (3). وذكر الحرازي أنه قرأ عليه «الموطأ» رواية يحيى بن يحيى بروايته له عن الإمام أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد الأنصاري التلمساني، عرف بابن الجرح.

= للمرأة، فاقتضى ذلك أن ابن الأديب ولي قضاء عدن في أيام المظفر، ولا أظن أنه ولي قضاء عدن في زمن المظفر، وإنما وليها في أيام المؤيد سنة «704 هـ‍»، فلعل العازل لأبي القاسم الأبيني عن النيابة هو القاضي محمد بن علي الفائشي، فليحقق ذلك)، وفي «السلوك» (2/ 437) و «تحفة الزمن» (2/ 391): (هو أبو بكر ابن الجنيد). (1) «السلوك» (2/ 432)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 144)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1371)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 138)، و «تحفة الزمن» (2/ 387)، و «بغية الوعاة» (2/ 58)، و «حسن المحاضرة» (1/ 436)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 117). (2) انظر «طراز أعلام الزمن» (2/ 138). (3) وكذلك اسمه في «تاريخ الإسلام» (51/ 144) و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1371)، وفيهما: توفي فجأة سنة (683 هـ‍).

3270 - [محمد بن الحسين المرواني]

3270 - [محمد بن الحسين المرواني] (1) محمد بن الحسين المرواني الأصابي. تفقه بابن سجارة، وبأبي بكر بن إسحاق، وكان فقيها فاضلا، عارفا مجودا، درس في المصراخ-بكسر الميم، وسكون الصاد المهملة، وفتح الراء، وبعد الألف خاء معجمة- قرية من ناحية جبا، وبها أخذ عنه جماعة كالفقيه عمران بن النعمان، وعمر بن الحداد، ومحمد بن مسعود وغيرهم. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة تلميذه محمد بن مسعود (2). 3271 - [عبد الرحمن بن خليفة السباعي] (3) عبد الرحمن بن خليفة السباعي، ابن أخي الفقيه علي بن مسعود السباعي. تفقه بالإمام عمرو بن علي التباعي مقدم الذكر (4)، وكان فقيها فرضيا، مشهورا بالذكاء. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة شيخه. 3272 - [الأمير غازي بن المعمار] (5) أبو محمد غازي بن المعمار شهاب الدين، الأمير الكبير، من أمراء الدولة المظفرية. كان كثيرا ما يتولى المدن الكبار كزبيد وعدن، وكان كامل الفضل والفضيلة، يقول

(1) «السلوك» (1/ 394)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 156)، و «تحفة الزمن» (1/ 319)، و «المدارس الإسلامية» (ص 219). (2) لعله: (محمد بن مسعود بن إبراهيم السفالي) المتوفى سنة (677 هـ‍)، لكن لم يترجم له المصنف رحمه الله تعالى في هذه العشرين، انظر ترجمته في «السلوك» (2/ 237)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 280)، و «تحفة الزمن» (1/ 527)، و «هجر العلم» (2/ 770). (3) «السلوك» (2/ 322)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 178)، و «تحفة الزمن» (2/ 103)، و «هجر العلم» (4/ 1979). (4) انظر (5/ 313). (5) «السلوك» (2/ 571)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 185)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 5)، و «تحفة الزمن» (2/ 500)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 187)، و «هدية الزمن» (ص 93).

3273 - [الفضل بن عواض المليكي]

شعرا حسنا، ومنه ما وجد بعد موته تحت رأسه: [من مخلع البسيط] وشيخ سوء له ذنوب … تعجز عن حملها المطايا قد بيضت شعره الليالي … وسودت قلبه الخطايا فامنن عليه يا إلهي … فأنت ذو المن والعطايا (1) وهو أول من سن قراءة الحديث وكتب الوعظ بمسجد الأشاعر بعد صلاة الصبح والعصر في كل يوم، ووقف على ذلك وقفا جيدا بعد أن نصب منبرا شرقي المسجد يقعد عليه القارئ ليسمع قراءته كل من كان في المسجد. قال الخزرجي: (وهو مستمر على ذلك إلى عصرنا لم يغير منه شيء، يدعى له على المنبر في المسجد المذكور بكرة وعشية) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في سنة اثنتين وسبعين وست مائة يقينا، وفي سنة ثمان وسبعين ظنا، والله أعلم. 3273 - [الفضل بن عواض المليكي] (3) الفضل بن عواض المليكي، أحد مشايخ بلد مذحج. كان شجاعا كريما، من أعيان المشايخ وذوي الرئاسة والسياسة مع كثرة فعله للخير، مقصودا مألوفا، وله عند المظفر منزلة عظيمة. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه نزل مع المظفر إلى عدن لما نزل إليها للتجهيز على ظفار، وكان أخذ المظفر لظفار الحبوضي في سنة ثمان وسبعين وست مائة. 3274 - [راشد بن شجعنة] (4) أبو الفتح راشد بن شجعنة بن باقي بن راشد بن إقبال، أحد أمراء الشحر، وليها بعد

(1) ذكر الجندي في «السلوك» (2/ 571) أن البيت الثالث من إلحاق والده بالبيتين الأولين. (2) «طراز أعلام الزمن» (3/ 6). (3) «السلوك» (2/ 171)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 14)، و «تحفة الزمن» (1/ 487)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 190). (4) «السلوك» (2/ 468)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 418)، و «تحفة الزمن» (2/ 433)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 408).

عمه عبد الرحمن بن راشد في سنة أربع وستين وست مائة، فلم يزل واليها إلى سنة ست وسبعين، ثم إنه واصل سالم بن إدريس صاحب ظفار، وربما حالفه، فجهز المظفر عسكرا إلى الشحر صحبة الأمير بندقدار، وهرب راشد المذكور إلى ظفار، فأكرمه صاحبها سالم بن إدريس وأحسن إليه، فلما أخذ المظفر ظفار، وقتل سالم بن إدريس .. وصل راشد إلى باب المظفر، فأودعه سجن زبيد، ثم أخرجه من السجن، فأقام بزبيد إلى أن توفي بها. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين. ***

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والستون بعد الست مائة فيها: عقد مجلس عظيم للبيعة، وجلس الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد بن الأمير أبي علي حفيد المسترشد بالله العباسي، فأقبل عليه الملك الظاهر، ومد يده إليه وبايعه بالخلافة، ثم بايعه الأعيان، وقلد حينئذ السلطنة للملك الظاهر، فلما كان من الغد .. خطب بالناس خطبة حسنة افتتحها ب‍ (الحمد لله الذي أقام لآل العباس ركنا وظهيرا)، ثم كتب بدعوته وإمامته إلى الأقطار، ومكث في الخلافة أربعين سنة وأشهرا (1). وفيها: خرج الظاهر إلى الشام، وتحيل على صاحب الكرك الملك المغيث حتى نزل إليه، فكان آخر العهد به، وكان للمغيث ولد صغير يلقب بالعزيز، فنصبه الملك الظاهر أميرا، وجعل له بمصر مائة فارس، ولم يزل في خدمة الظاهر إلى فتح أنطاكية، ثم قبض عليه واعتقله، وقبض الظاهر أيضا على ثلاثة كانوا نظراء له في الرتبة والجلالة، وهم: الرشيدي وآقوش البرلي والدمياطي، كانوا أنكروا عليه إعدامه المغيث (2). وفيها: وصل مقدم التتار في طائفة كبيرة قد أسلموا، فأنعم عليهم الملك الظاهر (3). وفيها: توفي الإمام سليمان بن خليل العسقلاني، وأبو محمد القاسم بن أحمد المرسي النحوي المتكلم شيخ القراء بالشام، والكمال الضرير أبو الحسن علي بن شجاع الهاشمي العباسي المصري الشافعي شيخ القراء، صاحب الشاطبي وزوج ابنته، وعبد الغني ابن بنين، والجمال الأنباري، وعزّ الدين الرّسعني، والتقي الناشري. ***

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 186)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 5)، و «العبر» (5/ 263)، و «شذرات الذهب» (7/ 528). (2) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 192)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 6)، و «العبر» (5/ 263)، و «شذرات الذهب» (7/ 528). (3) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 195)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 8)، و «العبر» (5/ 263)، و «شذرات الذهب» (7/ 528).

السنة الثانية والستون

السنة الثانية والستون فيها: توفي الشيخ شرف الدين عبد العزيز بن محمد الأنصاري المعروف بابن الرّفّاء، له محفوظات، والملك المغيث عمر بن العادل بن الكامل بن العادل، والملك الأشرف مظفر الدين موسى بن المنصور بن المجاهد، صاحب حمص والرحبة، والإمام محيي الدين محمد بن محمد الأنصاري المعروف بابن سراقة، وأبو القاسم بن المنصور الإسكندراني. وفيها-أو في التي بعدها-: توفي ناظم الوترية الواعظ محمد بن أبي بكر بن رشيد البغدادي. وفيها: توفي الضياء ابن البالسي. *** السنة الثالثة والستون فيها: التقى أبو عبد الله بن الأحمر سلطان المسلمين بالمغرب مع ملك الفرنج، فانهزم الملاعين، وأسر ملكهم، ثم أفلت، وحشد وجيّش ونازل غرناطة، فخرج إليهم ابن الأحمر المذكور، وكسرهم أيضا، وأسر منهم عشرة آلاف، وقتل المسلمون منهم فوق الأربعين ألفا، وجمعوا كوما هائلا من رءوس الفرنج، وأذّن عليه المسلمون، واستعادوا عدة مدائن من الفرنج (1). وفيها: حاصر الملك الظاهر قيساريّة، وافتتحها عنوة، وعصت القلعة أياما، ثم أخذت مع غيرها بالسيف، ثم رجع السلطان الظاهر إلى مصر، فسلطن ولده الملك السعيد (2). وفيها: جدد الظاهر بمصر أربعة حكام من المذاهب؛ لأجل توقف تاج الدين ابن بنت الأعز عن تنفيذ كثير من القضايا، فتعطلت الأمور، فأشار جمال الدين آي دغدي العزيزي على الظاهر بنصب القضاة الأربعة، فأعجب السلطان ذلك، وفعله في آخر السنة المذكورة، ثم فعل ذلك بدمشق (3).

(1) «تاريخ الإسلام» (49/ 15)، و «العبر» (5/ 272)، و «مرآة الجنان» (4/ 161)، و «شذرات الذهب» (7/ 541). (2) «تاريخ الإسلام» (49/ 17)، و «العبر» (5/ 272)، و «البداية والنهاية» (13/ 285)، و «شذرات الذهب» (7/ 541). (3) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 324)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 21)، و «العبر» (5/ 272)، و «شذرات الذهب» (7/ 542).

السنة الرابعة والستون

ويحكى أن الظاهر رئي بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: ما عاقبني على شيء كما عاقبني على جعل المذاهب الأربعة، أو نحو ذلك. وفيها: توفي أبو إسحاق إبراهيم بن عمر المعين القرشي المحدث المتقن، كتب وأكثر، وتوفي فجاءة، والحافظ ابن مسدي محمد بن يوسف، وبدر الدين السّنجاري يوسف بن الحسن، وفراس العسقلاني. *** السنة الرابعة والستون فيها: غزا الملك الظاهر، وبث جيوشه بالسواحل، فأغاروا على بلاد عكا وصور وطرابلس وحصن الأكراد، ثم نزل على صفد، فأخذت في أربعين يوما بخديعة، ثم ضربت رقاب مائتين من فرسانهم، وقد استشهد عليها خلق كثير (1). وفيها: استباح المسلمون قارة، وسبي منها ألف نفس، وجعلت كنيستها جامعا (2). وفيها: توفي أحمد بن عبد الله بن شعيب الصقلي، والأمير الكبير آي دغدي العزيزي، والشيخ أحمد بن سالم المصري، وبهاء الدين الحسن، وشرف الدين عبد الرحمن بن سالم ابن صصرى، ومقدم التتار وقائد الكفار إلى عذاب النار هولاكو بن قاآن المغلي الذي أباد العباد، بعثه ابن عمه القاءان الكبير على جيش المغل، فطوى الممالك، وأخذ حصون الإسماعيلية وأذربيجان، والروم والعراق، والجزيرة والشام، وكان ذا سطوة ومهابة، وعقل وغور، وعزم وحزم، ودهاء وخبرة بالحروب، وشجاعة ظاهرة، وكرم مفرط، ومحبة لعلوم الأوائل من غير فهم لها، وكان يصرع في اليوم مرة ومرتين منذ قتل الشهيد الملك الكامل محمد بن غازي، ومات على كفره في السنة المذكورة، وقيل: في التي قبلها، وخلّف سبعة عشر ابنا، تملك منهم ابنه أبغا، وكان القاءان الكبير قد استناب هولاكو على خراسان وما يفتتحه (3).

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 337) «تاريخ الإسلام» (49/ 23)، و «العبر» (5/ 275)، و «شذرات الذهب» (7/ 546). (2) «تاريخ الإسلام» (49/ 25)، و «العبر» (5/ 275)، و «شذرات الذهب» (7/ 546). (3) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 357)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 180)، و «العبر» (5/ 278)، و «مرآة الجنان» (4/ 163)، و «البداية والنهاية» (13/ 289)، و «شذرات الذهب» (7/ 550).

السنة الخامسة والستون

وفيها: توفي إسماعيل ابن الدرجي، والرضي ابن البرهان، والموقاني. *** السنة الخامسة والستون في أولها: كبا الفرس بالملك الظاهر، فانكسر فخذه، وحدث له منها عرج (1). وفيها: توفي خطيب القدس أحمد بن نعمة النابلسي، والشيخ إسماعيل الكوراني، والإمام عبد الرحمن بن إسماعيل عرف بأبي شامة المقرئ، وقاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز عبد الوهاب بن خلف المصري، والشيخ تاج الدين علي بن أحمد بن علي عرف بابن القسطلاني المالكي، وأبو الحسن الدهان علي بن موسى السعدي، والمرتضى عمر بن أبي إبراهيم القيسي صاحب المغرب، والشيخ الصالح أحمد بن علوان. *** السنة السادسة والستون فيها: افتتح السلطان الملك الظاهر بلدانا كثيرة في بلاد الشام، منها حصن الأكراد، وأعمال طرابلس، وأنطاكية وأخذها في أربعة أيام، وحصر من قتل بها، فكانوا أكثر من أربعين ألفا (2). وفيها: كانت الصعقة العظمى على الغوطة يوم ثالث نيسان إثر حوطة السلطان عليها، ثم صالح أهلها على ست مائة ألف درهم، فأضر بالناس، وباعوا بساتينهم بالهوان (3). وفيها: توفي خطيب الجبل إبراهيم بن عبد الله المقدسي، وصاحب الروم ركن الدين بن غياث الدين السلجوقي، والضياء الطوسي عبد العزيز بن محمد شارح «الحاوي» (4)، والحبيس النصراني الكاتب ثم الراهب، أقام بمغارة بجبل حلوان بقرب القاهرة، قيل: إنه وقع بكنز الحاكم صاحب مصر، فواسى منه الفقراء والمستورين من كل ملة، واشتهر أمره،

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 360)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 28)، و «العبر» (5/ 279)، و «مرآة الجنان» (4/ 163). (2) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 374)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 35)، و «العبر» (5/ 283)، و «شذرات الذهب» (7/ 560). (3) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 386)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 38)، و «العبر» (5/ 283). (4) الصواب: أن الضياء الطوسي توفي سنة (706 هـ‍)، وقد ترجم له المصنف رحمه الله تعالى في وفيات تلك السنة، انظر (6/ 38).

السنة السابعة والستون

وشاع ذكره، وأنفق في ثلاث سنين أموالا عظيمة، فأحضره السلطان وتلطف به، فأبى أن يعرفه حقيقة الأمر، وأخذ يراوغه ويغالطه، فلما أعياه .. بسط عليه العذاب، فمات. وقيل: إن مبلغ ما وصل إلى بيت المال من جهته في المصادرة في مدة سنتين ست مائة ألف دينار، وقد أفتى غير واحد بقتله؛ خوفا على ضعفاء الإيمان من المسلمين أن يضلهم ويغويهم (1). وفيها: توفي الحسن ابن المهير، وابن الحلوانية. *** السنة السابعة والستون فيها: نزل السلطان الظاهر على خربة اللصوص، ثم ركب وساق في البريد سرا إلى مصر، فأشرف على ولده السعيد وكان قد استنابه بمصر، ثم رد إلى الخربة، وكانت الغيبة أحد عشر يوما، أوهم فيها أنه متمرض في المخيم (2). وفيها: احترق زرع حضرموت في الزبان (3). وفيها: فرغ الإمام النووي من تأليف كتاب «الأذكار» (4). وفيها: توفي الإمام مجد الدين علي بن وهب القشيري المالكي والد الإمام تقي الدين ابن دقيق العيد. وفيها: توفي مظفر ابن الحنبلي، والأبيوردي، والتقي الحوراني. *** السنة الثامنة والستون فيها: تسلم السلطان الملك الظاهر حصون الإسماعيلية، وقرر على زعيمهم حسن بن الشعراني أن يحمل كل سنة مائة ألف وعشرين ألفا، وولاه على الإسماعيلية (5).

(1) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 389)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 221)، و «العبر» (5/ 284)، و «شذرات الذهب» (7/ 561). (2) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 407)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 43)، و «العبر» (5/ 285)، و «مرآة الجنان» (4/ 166). (3) «تاريخ شنبل» (ص 100). (4) «الأذكار» (ص 664). (5) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 431)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 49)، و «العبر» (5/ 287)، و «شذرات الذهب» (7/ 567).

السنة التاسعة والستون

وفيها: أبطلت الخمور بدمشق، وقام في تبطيلها الشيخ خضر شيخ السلطان قياما كليا، وكبس دور النصارى واليهود، حتى كتبوا على أنفسهم بعد القسامة أنه لم يبق عندهم منها شيء (1). وفيها-وقيل: في سنة خمس وستين-: توفي الإمام نجم الدين عبد الغفار القزويني مؤلف «الحاوي الصغير»، ومحيي الدين قاضي القضاة أبو الفضل يحيى بن محمد القرشي الدمشقي الشافعي، وابن عبد الدائم، والكرماني. *** السنة التاسعة والستون فيها: افتتح السلطان حصن الأكراد بالسيف، ثم نازل حصن عكار وأخذه بالأمان، فتذلل له صاحب طرابلس، وبذل له ما أراد، وهادنه عشر سنين (2). وفيها: جاء سيل عظيم، فغلقت أبواب دمشق، وطغا الماء وارتفع، وأخذ البيوت والجمال والأموال، وارتفع عند باب الفرج ثمانية أذرع، حتى ارتفع الماء فوق أسطحة عديدة، وضج الخلق، وابتهلوا إلى الله تعالى، وأشرف الخلق على التلف، ولو ارتفع ذراعا آخر .. لغرق نصف دمشق (3). وفيها: توفي قاضي حماة شمس الدين إبراهيم بن المسلم بن هبة الله الحموي، والإمام إبراهيم بن يوسف الحمزي المعروف بابن قرقول، والمقرئ الصالح حسن بن أبي عبد الله الأزدي الصقلي، وعبد الحق بن إبراهيم المرسي المتصوف المعروف بابن سبعين، وأبو الحسن ابن عصفور، وإسحاق ابن بلكويه، والمجد ابن عساكر. *** السنة الموفية سبعين بعد ست مائة فيها: توفي الكمال سلاّر بن الحسن الإربلي، والإمام عبد الرحيم بن محمد بن

(1) «تاريخ الإسلام» (49/ 50)، و «العبر» (5/ 288)، و «مرآة الجنان» (4/ 167). (2) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 444)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 53)، و «العبر» (5/ 290)، و «شذرات الذهب» (7/ 572). (3) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 451)، و «تاريخ الإسلام» (49/ 55)، و «العبر» (5/ 290)، و «شذرات الذهب» (7/ 572).

السنة الحادية والسبعون بعد ست مائة

محمد بن يونس الموصلي، مصنف «التعجيز» مختصر «الوجيز»، والقاضي الرئيس محمد بن سالم بن صصرى، وأبو بكر النشبي، وأحمد بن زين الدين، والجمال البغدادي. *** السنة الحادية والسبعون بعد ست مائة فيها: توفي الحافظ يوسف بن الحسن ابن النابلسي، والمحدث العالم ابن الهامل محمد بن عبد المنعم، أحد من له اعتناء بالحديث، وعبد الهادي بن عبد الكريم القيسي المصري. *** السنة الثانية والسبعون فيها: توفي المؤيد ابن القلانسي رئيس دمشق أبو المعالي أسعد بن المظفر بن أسعد التميمي، حدث بمصر ودمشق، كذا في «تاريخ اليافعي» (1)، والأمير فارس الدين أقطاي الصالحي، وإمام العربية أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن مالك، والنجيب عبد اللطيف بن عبد المنعم أبو الفرج الحراني، مسند الديار المصرية، وأبو محمد إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر التنوخي، وأبو عيسى عبد الله بن عبد الواحد بن علاّق الأنصاري، وكمال الدين أحمد بن علي الضرير، ويحيى بن الناصح، والكمال التفليسي، والكمال بن عبد. *** السنة الثالثة والسبعون فيها: توفي الحافظ وجيه الدين منصور بن سليم الهمداني، كذا في «تاريخ اليافعي» (2)، وذكر غيره أنه توفي سنة ست وسبعين وست مائة، وقاضي القضاة عبد الله بن محمد بن عطاء الأذرعي الحنفي، وعمر الإربلي. ***

(1) انظر «مرآة الجنان» (4/ 172). (2) انظر «مرآة الجنان» (4/ 173).

السنة الرابعة والسبعون

السنة الرابعة والسبعون فيها: توفي شيخ الأدب التاج الصرخدي محمود بن عابد التميمي الشاعر المجيد، كان قانعا زاهدا معمرا، وشيخ الشيوخ سعد الدين الخضر بن عبد الله بن عمر ابن حمويه الجويني ثم الدمشقي، وأبو الثناء محمود بن عبد الله الزنجاني (1)، وأبو الفتح عثمان ابن عوف. وفيها: ملك يماني بن أحمد بن لبيد سروم، وسار ابن مسعود إلى اليمن في جماعة من حرام ولم يرجعوا بأحد (2). وفيها: ولد القاضي محمد بن سعد أبو شكيل بالشحر (3). *** السنة الخامسة والسبعون فيها: كاتبت أمراء الروم الملك الظاهر، وقوّوا عزمه على أخذ الروم، فسار وقطع البلاد، ثم وقع صاحب مقدمته سنقر الأشقر على ثلاثة آلاف من التتار، فهزمهم وأسر منهم، وأشرف الجيش من الجبال، فإذا بالتتار قد عبّؤوا أحد عشر طلبا، الطلب ألف فارس، فلما التقى الجمعان .. حملت ميسرتهم على سناجق السلطان-يعني راياته-وعطفوا على ميمنة السلطان، فرد فيها بنفسه، وحمل بها حملة صادقة، فترجلت التتار، وقاتلوا أشد قتال، فأخذتهم السيوف، وأحاطت بهم العساكر المحمدية حتى قتل أكثرهم، وقتل من أمراء المسلمين جماعة، ثم سار الملك الظاهر يخترق مملكة الروم، ونزل إليه ولاة القلاع، وقدم سنقر الأشقر لتطمئن الرعية، ثم وصل، فنصرته الروم، فتلقاه أعيانها، وترجلوا، ودخلها، وجلس على سرير ملكها، وصلّى الجمعة بجامعها، ثم بلغه أن أعداء الله عازمون على طلبه، فرحل عنها، فجرى بعده بالروم خبطة ومحنة عظيمة، فقصدهم أبغا ملك التتار وقال: أنتم باغون علينا، ووضع السيف فيهم، ولم يقبل لهم عذرا، فيقال: إنه قتل من الروم ما يزيد على مائتي ألف، وهم مسلمون، فإنا لله وإنا إليه راجعون (4).

(1) مر التعليق عليه في التراجم أن الصواب في اسم أبيه: (عبيد الله)، انظر (5/ 344). (2) «تاريخ شنبل» (ص 101)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 90)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 507)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 132). (3) «تاريخ شنبل» (ص 101)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 132). (4) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 175)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 23)، و «العبر» (5/ 304)، و «مرآة الجنان» (4/ 174).

السنة السادسة والسبعون

وفيها: توفي أبو المعالي أحمد بن عبد السلام المعروف بابن أبي عصرون، ومحمد بن يحيى صاحب تونس، والشمس علي مدرس القيمرية، والشمس بن عبد الوهاب، والبدر محمد ابن الفويرة. *** السنة السادسة والسبعون في أولها: قدم السلطان الملك الظاهر، فنزل بجوسقه الأبلق، ثم مرض في نصف المحرم، وتوفي بعد ثلاثة عشر يوما، فأخفي موته، وسار نائبه وهو يوهم أن السلطان مريض إلى أن دخل مصر بالجيش، فأظهر موته، وعمل العزاء، وحلفت الأمراء لابنه الملك السعيد بن الظاهر (1). وفيها: توفي الإمام إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الحضرمي، والإمام محيي الدين يحيى بن شرف النووي، والإمام الزكي بن الحسن البيلقاني، والخزندار الظاهري نائب سلطنة مولاه، والشيخ خضر بن أبي بكر المهراني، والشمس ابن العماد، وعامر القلعي، والكمال ابن فارس. *** السنة السابعة والسبعون فيها: قدم الملك السعيد، وعمرت القباب، ودخل القلعة، فأسقط ما وضعه أبوه على الأمراء، فسر الناس بذلك، ودعوا له (2). وفيها: وثب خاصة السعيد على شمس الدين آق سنقر الفارقاني فاعتقلوه وخنقوه (3). وفيها: توفي الأديب نجم الدين محمد بن سوار الشيباني، وأبو الفضل الصدر سليمان بن أبي العز الأذرعي قاضي القضاة، شيخ الحنفية وأحد من انتهت إليه رئاسة المذهب في زمانه، والكاتب الوزير بهاء الدين علي بن محمد المصري المعروف بابن حنا،

(1) «تاريخ الإسلام» (50/ 29)، و «العبر» (5/ 307)، و «مرآة الجنان» (4/ 175)، و «شذرات الذهب» (7/ 610). (2) «تاريخ الإسلام» (50/ 34)، و «العبر» (5/ 313)، و «البداية والنهاية» (13/ 324). (3) تقدم بيان ذلك في ترجمته (5/ 358).

السنة الثامنة والسبعون

وابن الظهير، وابن العديم الحنفيان، ومؤمل البالسي، وابن عربشاه، والشهاب ابن الجزري. *** السنة الثامنة والسبعون فيها: اختلفت خواص الملك السعيد عليه، وخرج بعضهم عن الطاعة، وتابعه نحو أربع مائة من الظاهرية، فعسكر السعيد بالقطيفة ينتظر الجيش الذين ساروا للإغارة على بلاد سيس مع الأمير سيف الدين قلاوون، فقدموا، ونزل الكل في بعض المنازل، وراسلوا الملك السعيد، ثم اجتمع مقدم الخارجين عن الطاعة بسيف الدين قلاوون وغيره من كبار الجيش، وأفسد نياتهم، واستمروا كلهم إلى مصر، فسار السعيد وراءهم، وبعث خزائنه إلى الكرك، ثم دخل قلعة القاهرة بعد مناوشة الحروب، قتل جماعة، ثم حاصروه بالقلعة حتى ذل لهم وخلع نفسه من السلطنة وقنع بالكرك، فرتبوا في السلطنة أخاه سلامش-بسين مهملة في أوله، وشين معجمة في آخره-وعمره سبع سنين، وجعلوا سيف الدين قلاوون أتابكه، وجعل لسنقر الأشقر نيابة دمشق (1). وفي الحادي والعشرين من رجب من السنة المذكورة: تسلطن الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي من غير نزاع ولا قتال، ولا اختلف عليه اثنان، وحلف له أمراء الشام، وشيل من الوسط سلامش (2). وفي آخر شهر الحجة: ركب سنقر بعد العصر من الدار المسماة عندهم دار السعادة، وهجم على القلعة فتملكها، وحلفوا له، وأعلنوا البشائر والأفراح في الحال، ولقبوه السلطان الملك الكامل شمس الدين سنقر الصالحي، وقبض على نائب القلعة حسام الدين لاجين وغيره ممن لم يحلف له من الأمراء (3). وفيها: توفي الشيخ شرف الدين عبد الله بن عبد الله بن عمر الجويني، والشيخ نجم

(1) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 1)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 36)، و «العبر» (5/ 317)، و «مرآة الجنان» (4/ 189)، و «البداية والنهاية» (13/ 332). (2) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 8)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 40)، و «العبر» (5/ 318). (3) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 11)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 42)، و «العبر» (5/ 319)، و «مرآة الجنان» (4/ 189).

السنة التاسعة والسبعون

الدين ابن الحكيم عبد الله بن محمد الحموي الصوفي، والشيخ عبد السلام بن أحمد المقدسي، والملك السعيد محمد بن الظاهر، وابن الصيرفي، وابن أبي الخير. *** السنة التاسعة والسبعون فيها: تحارب المصريون والشاميون، وقاتل سنقر الأشقر بنفسه قتالا ظهرت فيه شجاعته، لكن خامر عليه أكثر عسكره وخذلوه، وبقي في طائفة قليلة، فانصرف ولم يتبعه أحد، ونزل المصريون في خيام الشاميين، وحكم مقدمهم بدمشق، وسار ابن مهنا بسنقر إلى الرحبة، وجاء تقليد دمشق لحسام الدين لاجين المنصوري، وحصل الصفح من السلطان عمن قام مع سنقر، ثم توجه هو إلى ساحل الشام، فاستولى على بلدان كثيرة، ثم بعد أيام وصلت التتار إلى حلب، فعاثوا ووضعوا السيف، ورموا النار في المدارس، وأحرقوا منبر الجامع، وأقاموا يومين، ثم ساقوا المواشي والغنائم (1). وفي آخر السنة: سار السلطان إلى الشام غازيا، فنزل قريبا من عكا، فخضع له أهلها وراسلوه في الهدنة، وجاء إلى خدمته عيسى بن مهنا، فصفح عنه وأكرمه (2). وفيها: توفي محمد بن داود البعلبكي الحنبلي، والفقيه المعمّر أبو بكر بن هلال الحنفي، وأبو القاسم بن حسين الحلي الرافضي، وابن النّن، ويوسف الفقاعي الزاهد، والمحيي ابن تميم. *** السنة الموفية ثمانين بعد ست مائة فيها: قبض السلطان على جماعة من الأمراء، فهرب السعدي والهاروني إلى سنقر، ودخل السلطان دمشق، وبعث عسكرا حاصروا شيزر وأخذوها، فرضي سنقر، وصالح السلطان، فأطلق له عدة بلدان، منها أنطاكية وغيرها (3).

(1) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 40)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 45)، و «العبر» (5/ 322)، و «مرآة الجنان» (4/ 190). (2) «العبر» (5/ 323)، و «مرآة الجنان» (4/ 191)، و «شذرات الذهب» (7/ 634). (3) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 87)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 54)، و «العبر» (5/ 325)، و «مرآة الجنان» (4/ 191).

وفي شهر رجب منها: كانت وقعة حمص، أقبل سلطان التتار، فطوى البلاد بجيوشه من ناحية حلب، وسار السلطان بجيوشه، فالتقوا شمالي تربة خالد بن الوليد رضي الله عنه، وكان ملك التتار في مائة ألف، والمسلمون في خمسين ألفا أو دونها، فحملت التتار، واستظهروا، واضطربت ميمنة المسلمين، ثم انكسرت الميسرة مع طرف القلب، وثبت السلطان بحلقته، واستمرت الحرب من أول النهار إلى اصفرار الشمس، وحملت الأبطال بين يدي السلطان عدة حملات، وتبين يومئذ فوارس الإسلام الذين لم يخلفهم الوقت، مثل سنقر، والوزيري، والسعدي، وأزدمر، وحسام الدين لاجين، وعلم الدين الدواداري وغيرهم، واستغاث الخلق والأطفال، وتضرعوا إلى الله تعالى، فنزل المدد من الله تعالى والنصر وفتح الله، فانكسر أعداء الله، فأصيب ملكهم بطعنة يقال إنها من يد الشهيد الأمير أزدمر، وطلع من جهة الشرق عيسى بن مهنا، فاستحكمت هزيمتهم، وركب المسلمون أقفيتهم، والحمد لله (1). وفيها: توفي المفسر أبو العباس أحمد بن يوسف بن حسن الكواشي، والزاهد علي بن أحمد الجزري، والقاضي صدر الدين عمر بن عبد الوهاب بن خلف عرف بابن بنت الأعز، وابن سني الدولة محمد بن أحمد بن يحيى الدمشقي، وشيخ الإسلام تقي الدين محمد بن الحسين المعروف بابن رزين، والحافظ أبو حامد محمد بن علي المعروف بابن الصابوني، وابن علان، وأبو القاسم الإربلي، وابن أبي الدينة. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ***

(1) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 93)، و «تاريخ الإسلام» (50/ 57)، و «العبر» (5/ 326)، و «دول الإسلام» (2/ 203)، و «مرآة الجنان» (4/ 191)، و «البداية والنهاية» (13/ 340).

العشرون الخامسة من المائة السابعة

العشرون الخامسة من المائة السابعة [الاعلام] 3275 - [ابن خلكان] (1) أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلّكان شمس الدين، مؤلف التاريخ المشهور. ولد سنة ثمان وست مائة، وتفقه بالموصل على الكمال بن يونس، وبالشام على ابن شداد، وسمع من ابن مكرم، وأجاز له المؤيد الطوسي وجماعة، ولقي الكبار، وبرع في الفضائل والآداب، وسكن مصر مدة، وناب في القضاء، ثم ولي قضاء الشام عشر سنين معزولا به عزّ الدين بن الصباغ، ثم عزل بعز الدين المذكور، فأقام معزولا سبع سنين بمصر، ثم رد إلى قضاء الشام، وعزل به ابن الصباغ، وتلقاه يوم دخوله نائب السلطنة وأعيان الدولة، وكان يوما مشهودا. روى عنه قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وبه تخرج الحافظان أبو الحجاج المزي، وعلم الدين البرزالي. وكان عارفا بالمذهب، عالما بارعا، سديد الفتاوى، جيد القريحة، وقورا رئيسا، حسن المذاكرة، حلو المحاضرة، بصيرا بالشعر، حميد الأخلاق، أخباريا، عارفا بأيام الناس، وكتابه «وفيات الأعيان» يشهد بفضل مؤلفه واتساع اطلاعه ومعرفته. ومن شعره: [من الخفيف] أيّ ليل على المحب أطاله … سائق الظعن يوم زمّ جماله يزجر العيس طاويا يقطع المه‍ … مه عسفا سهوله ورماله يسأل الربع عن ظباء المصلى … ما على الربع لو أجاب سؤاله هذه سنة المحبين يبكو … ن على كل منزل لا محالة

(1) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 149)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 65)، و «العبر» (5/ 334)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 308)، و «مرآة الجنان» (4/ 193)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 33)، و «البداية والنهاية» (13/ 347)، و «شذرات الذهب» (7/ 647).

3276 - [الشيخ كتيلة الحربي]

ومنها: يا عريب الحمى اعذروني فإني … ما تجنبت أرضكم عن ملاله فصلونا إن شئتم أو فصدّوا … لا عدمناكم على كل حاله توفي سنة إحدى وثمانين وست مائة. مذكور في الأصل. 3276 - [الشيخ كتيلة الحربي] (1) الشيخ عبد الله بن أبي بكر الحربي، بقية شيوخ العراق. كان صاحب أحوال وكرامات، وله أصحاب وأتباع، تفقه وسمع الحديث. قال الشيخ الذهبي: (كان شيخنا شمس الدين الدباهي يحكي لنا عنه عجائب وكرامات) (2). توفي سنة إحدى وثمانين وست مائة. 3277 - [عبد السلام الزواوي] (3) عبد السلام بن علي المالكي القاضي الإمام زين الدين المقرئ. برع في الفقه وعلوم القرآن، والزهد والإخلاص، وقرأ القراءات على السخاوي، وولي مشيخة الإقراء بتربة أم صالح اثنتين وعشرين سنة، وقرأ عليه خلق كثير، وولي القضاء تسعة أعوام، ثم عزل نفسه يوم موت رفيقه شمس الدين ابن عطاء. واستمر على التدريس والإقراء إلى أن توفي في رجب سنة إحدى وثمانين وست مائة.

(1) «تاريخ الإسلام» (51/ 76)، و «العبر» (5/ 335)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 87)، و «مرآة الجنان» (4/ 197)، و «شذرات الذهب» (7/ 651). (2) «العبر» (5/ 335). (3) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 173)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 78)، و «العبر» (5/ 335)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1350)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 431)، و «مرآة الجنان» (4/ 197)، و «شذرات الذهب» (7/ 652).

3278 - [حسين بن محمد الأحولي]

3278 - [حسين بن محمد الأحولي] (1) حسين بن محمد بن أحمد بن مصباح الأحولي. تقدم ذكر أبيه في العشرين الثالثة (2)، فلما مات أبوه .. خلفه حسين المذكور، وكان فيه أريحيّة وشرف نفس. وتوفي سنة إحدى وثمانين وست مائة. وسيأتي ذكر ولده أبي بكر أول المائة بعد هذه (3). 3279 - [عبد الله بن أبي بكر العلهي] (4) عبد الله بن أبي بكر بن أحمد بن الفقيه مقبل بن عثمان العلهي. ولد سنة ثمان وست مائة، وتفقه بجده أحمد، وعرض عليه بنو عمران قضاء عدن حيث كان جده، فكره وامتنع. وتوفي بقريته عرج في رمضان سنة إحدى وثمانين وست مائة. 3280 - [محمد بن الحسين الحضرمي] (5) محمد بن الحسين بن علي بن المحترم (6) الحضرمي. يقال: إن بينه وبين الفقيه أبي الخير بن منصور قرابة، وردّه الخزرجي (7). كان فقيها نبيها، فاضلا عارفا، غلب عليه الأدب مع جودة الخط، علّم المؤيد بن

(1) «السلوك» (2/ 169)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 227)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 87)، و «تحفة الزمن» (1/ 485). (2) انظر (5/ 255). (3) لم يترجم له المؤلف رحمه الله تعالى، انظر ترجمته في «طراز أعلام الزمن» (3/ 87) و (4/ 138). (4) «السلوك» (1/ 448)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 226)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 133)، و «تحفة الزمن» (1/ 367)، و «هجر العلم» (2/ 731) و (3/ 1416). (5) «السلوك» (2/ 31)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 226)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 155)، و «تحفة الزمن» (1/ 392). (6) في «السلوك» (2/ 31) و «تحفة الزمن» (1/ 392): (المحرم). (7) انظر «طراز أعلام الزمن» (3/ 156).

3281 - [الأمير شمس الدين العنسي]

المظفر، واجتهد عليه، وببركة تعليمه كان المؤيد من أعيان الرجال عقلا ونبلا، وكان له جاه عريض. وتوفي سنة إحدى وثمانين وست مائة. 3281 - [الأمير شمس الدين العنسي] (1) الأمير شمس الدين أبو الحسن علي بن يحيى العنسي-بنون ساكنة بين عين وسين مهملتين، نسبة إلى عنس، قبيلة كبيرة من مذحج-أصل بلده المكنّة-بفتح الميم والكاف، والنون المشددة، ثم هاء-قرية من بلد صهبان. وكان جوادا مقصودا، قلّما قصده قاصد فخيبه، يحب الفقهاء والفضلاء والصالحين، ويتواجد بهم، ويتأدب معهم، ويقبل شفاعتهم، وإذا تكلم أحد على فقيه في مجلس السلطان بسوء .. كذبه، ورد عليه، وقد قدمنا في العشرين قبل هذه قصته مع الفقيه عثمان بن يحيى بن فضل (2). ولما ابتنى المنصور مدرسته بالجند .. استدعى الفقيه أبا بكر بن ناصر من الذّنبتين، فأمره أن يدرس بها فاعتذر، وقال له: أتبيعنا كتبك؟ قال: لا، قال: فتخرج من بلادنا؟ قال: نعم، ثم ولى خارجا عازما على ذلك، وكان ذلك بحضرة الأمير علي بن يحيى، فقال الأمير علي بن يحيى: يا مولانا؛ رجل علامة عصره، مثله يطلب من أقاصي البلاد وأنت تخرجه من بلادك! قال: فما وجد لنا جوابا غير لا، قال: يا مولانا؛ إن أشق ما على الفقيه بيع كتبه، فرأى أنك قد سألته أمرا عظيما، فأجاب بأشق جواب، فأمر المنصور برد الفقيه وقال له: قف في بيتك، فما لأحد عليك تعرض، وادع لنا. وكان بناحية بلد بني حبيش عبد الله القرين، وكان من الفقهاء الصالحين، يصحب الأمير، ويذكره بالخير، ويدعو له، فعوتب على ذلك وقيل له: هذا رجل يرتكب المحرمات؟ ! فقال: إن دخل علي بن يحيى النار .. فإنها صحبة حمار ابن حمار، والله لا مات إلا طاهرا مطهرا، فقيل له: وما تطهيره؟ فقال: القيد والحبس، فلما تم على الأمير ما سيأتي ذكره .. علم صدق الفقيه.

(1) «السمط الغالي الثمن» (ص 276)، و «السلوك» (1/ 402)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 224)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 370)، و «تحفة الزمن» (1/ 327)، و «المدارس الإسلامية» (ص 142). (2) انظر (5/ 301).

وكان للأمير علي بن يحيى عند المنصور مكانة؛ لكون المنصور ابن عمته، وقيل: ابن خالته، فلما توفي المنصور، وولي ابنه المظفر، ولزم ابن عمه فخر الدين أبا بكر بن الحسن بن علي بن رسول .. شق ذلك على الأمير علي بن يحيى، وكان يميل إلى أولاد عم المظفر أسد الدين وفخر الدين المذكور، فكتب الأمير علي بن يحيى إلى أسد الدين محمد بن الحسن بن علي بن رسول يحثه على القيام على المظفر واستنقاذ أخيه فخر الدين من الأسر أبياتا يقول فيها: [من الكامل] لو كنت تعلم يا محمد ما جرى … لشننتها شعث النواصي ضمّرا ترمي بها دربي تعزّ على الوجى … لتنال مجدا أو تشيد مفخرا جردا تراها في الأعنة شزّبا … تفري السّباسب واليباب المقفرا قدها عرابا من يريم ومرخة … ودثينة حقّا ودع عنك المرا واجنح إلى الملك المفضل لذ به … شاوره فيه وقل له ماذا ترى أضحى ابن أمك في القيود مكبلا … حاشا لمثلك أن تنام ويسهرا لا بد أن تنجي أخاك حقيقة … منها وإما أن تموت فتعذرا إن ابن برطاس تمكن فرصة … آه على موت يباع فيشترى صح يا لحمزة يأت واخصص أحمدا … لتخصّ من بين النجوم الأزهرا (1) واتصل علم ذلك بالمظفر، وأضمرها في نفسه، وتغافل عنه، وأبقاه على ما يعتاده في أيام المنصور من الإعزاز والإكرام، ولم يزل ينقل عنه إلى المظفر ما لا يحسن نقله من صحيح وغيره، فلما كان سنة ثمان وخمسين، وحصل الخلاف من أسد الدين على ابن عمه المظفر بصنعاء .. أمر المظفر الأمير علي بن يحيى أن يطلع إلى صنعاء، ويسعى في الصلح بينه وبين ابن عمه أسد الدين؛ لما يعلم بينهما من الود، وأرسل معه الشيخ عبد الله بن عباس، فنزل أسد الدين صحبة الأمير علي بن يحيى والشيخ عبد الله بن عباس إلى زبيد والمظفر يومئذ بها، فأنزل أسد الدين في دار أبيه، فوقف بها بعض يوم، ثم استدعى به وبالأمير علي بن يحيى وقيدهما، وبعث بهما إلى حصن تعز في سنة ثمان وخمسين كما

(1) في هامش (ت): (يريد-والله أعلم-الأمير أحمد بن الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة، وآل حمزة كل من ينسب إلى جده حمزة المذكور).

3282 - [الشهاب ابن تيمية]

اقتضاه كلام الخزرجي في ترجمة الأمير علي بن يحيى (1)، أو في سنة خمس وسبعين كما اقتضاه كلامه في ترجمة أسد الدين (2). وفي ذلك يقول أبو بكر بن دعاس: [من البسيط] ما دار في فلك الأيام ذا أبدا … كلا ولا دار للأقوام في خلد إن الكسوف جميعا والخسوف معا … في ساعة في نزول الشمس بالأسد فلم يزل الأمير شمس الدين علي بن يحيى مسجونا إلى أن توفي في صفر من سنة إحدى وثمانين وست مائة. 3282 - [الشهاب ابن تيمية] (3) أبو أحمد عبد الحليم بن عبد السلام الحراني، عرف بالشهاب ابن تيمية الحنبلي. تفقه على والده، ورحل في صغره، فسمع بحلب من جماعة، وصار شيخ حران وحاكمها وخطيبها بعد موت والده، ثم انتقل بأهله وأصحابه إلى الشام. وتوفي سنة اثنتين وثمانين وست مائة. 3283 - [ابن قدامة الجماعيلي] (4) الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن القدوة الزاهد محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي.

(1) انظر «طراز أعلام الزمن» (2/ 372). (2) لم نجد في ترجمة (أسد الدين محمد بن الحسن بن علي بن رسول) في «طراز أعلام الزمن» (3/ 135) ما يقتضي أن المظفر بعث بهما إلى حصن تعز في سنة (675 هـ‍)، بل فيه ما يقتضي عكس ذلك؛ لأن أسد الدين توفي سنة (677 هـ‍)، والخزرجي نص في ترجمته على أنه أقام في السجن عدة سنين، والصواب ما ذكر في ترجمة (علي بن يحيى)، كما في «السلوك» (1/ 403)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 132) في حوادث سنة (658 هـ‍)، ولأنه اجتمع مع والده بدر الدين الحسن بن علي مسجونا في حصن تعز، وكانت وفاة والده في سنة (662 هـ‍). (3) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 185)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 104)، و «العبر» (5/ 338)، و «مرآة الجنان» (4/ 197)، و «البداية والنهاية» (13/ 349)، و «شذرات الذهب» (7/ 656). (4) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 186)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 106)، و «العبر» (5/ 338)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 240)، و «مرآة الجنان» (4/ 197)، و «البداية والنهاية» (13/ 348)، و «ذيل التقييد» (2/ 506)، و «شذرات الذهب» (7/ 657).

3284 - [علي بن يعقوب الموصلي]

تفقه على عمه الموفق، وبحث عليه «المقنع» وعرضه، وصنف له شرحا في عشر مجلدات. قيل: كان منقطع القرين، عديم النظير علما وفضلا وجلالة، وقد جمع المحدث نجم الدين إسماعيل بن الخباز له سيرة في مائة وخمسين جزءا، غالبها لا تعلق له بالترجمة إلا على سبيل الاستطراد. توفي سنة اثنتين وثمانين وست مائة. 3284 - [علي بن يعقوب الموصلي] (1) أبو الحسن علي بن يعقوب العماد الموصلي المقرئ الشافعي. انتهت إليه رئاسة الإقراء، وكان فصيحا مفوها، فقيها مناظرا، يكرّر على «الوجيز» للغزالي. توفي سنة اثنتين وثمانين وست مائة. 3285 - [عبد الله بن يحيى الفراوي] (2) عبد الله بن يحيى بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي الليث، الهمداني نسبا، الفراوي بلدا. ولد سنة تسعين وخمس مائة، وأدرك الفقيه أحمد ابن إبراهيم الإكنيتي مقدم الذكر (3) أحد أصحاب الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني، فسمع عليه «البيان». وكان فقيها عالما مشهورا، وهو الذي انتشر عنه سماع «البيان» بالسند العالي. ويحكى أن المظفر يوسف بن عمر أخذ عنه «البيان» بمحضر القاضي البهاء وأعيان الفقهاء، ثم قال له: يا فقيه؛ لكم سمعت «البيان»؟ قال: لخمس وعشرين سنة،

(1) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 192)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 116)، و «العبر» (5/ 339)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1397)، و «مرآة الجنان» (4/ 198)، و «شذرات الذهب» (7/ 661). (2) «السلوك» (2/ 204)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 174)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 159)، و «تحفة الزمن» (1/ 508)، و «المدارس الإسلامية» (ص 131). (3) انظر (5/ 82).

3286 - [محمد بن أحمد المقدسي]

فقال: على ابن كم؟ قال: ابن خمس وثمانين سنة، فقال له: بذلك أدركت، وكان عمر الفقيه إذ ذاك سبعين سنة، وإنما قراءته ل‍ «البيان» كانت سنة ست عشرة وست مائة. ودرس بمدرسة الشيخ علي بن محمد الحميري، فقصده الناس للأخذ عنه. يحكى أنه قال: كنت أيام طلبي للعلم كثيرا ما أرى النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام، ولقد أعرف مرة كنت سائرا إلى الشيخ الذي أنا أقرأ عليه، فاشتقت إلى رؤية النبي صلّى الله عليه وسلم، فملت عن الطريق، فنمت، فرأيته صلّى الله عليه وسلم، ثم أنا الآن لا أجد ذلك، وكان يتأسف على ذلك. توفي بقرية مسورة-بفتح الميم والواو بينهما سين مهملة ساكنة، وبعد الواو راء مفتوحة، ثم هاء تأنيث-تحت حصن بيت عزّ لنيف وثمانين وست مائة (1). 3286 - [محمد بن أحمد المقدسي] (2) محمد بن أحمد المقدسي الشافعي المفتي مدرس الشامية. ولي نيابة القضاء عن ابن الصائغ، وكان بارعا في المذهب، متين الديانة، خيرا ورعا. توفي سنة اثنتين وثمانين وست مائة، أظنه مذكورا في الأصل: محمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد، والله سبحانه أعلم. 3287 - [أحمد بن محمد المأربي] (3) أحمد بن محمد بن عبد الله المأربي. تفقه بالفقيه الصالح عمر بن سعيد العقيبي، وكان فقيها فاضلا، فروعيا أصوليا، أثنى عليه الإمام أبو الحسن الأصبحي ثناء مرضيا، وكان يستجود معرفته بالأصول والفروع. توفي للنصف من رمضان من سنة اثنتين وثمانين وست مائة.

(1) في «العقود اللؤلؤية» (1/ 174): توفي سنة (668 هـ‍). (2) «ذيل مرآة الزمان» (2/ 195)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 120)، و «العبر» (5/ 340)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 131)، و «مرآة الجنان» (4/ 198)، و «شذرات الذهب» (7/ 662). (3) «السلوك» (2/ 250)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 156)، و «تحفة الزمن» (1/ 536)، و «هجر العلم» (2/ 731).

3288 - [ابن جعام الحساني]

3288 - [ابن جعام الحساني] (1) عثمان بن محمد بن علي بن أحمد أبو عفان الحساني ثم الحميري، يعرف بابن جعّام- بفتح الجيم والعين المهملة، ثم ألف وميم-تفقه بفقهاء جبلة، وكان فقيها صالحا ورعا، معروفا بالدين المتين، وصدق الحديث، وأداء الأمانة. وكان موسرا، يقارض مياسير أهل جبلة إلى عدن، حسن المعاملة، أمّ في المدرسة النجمية، ثم ظهر به جرح استضر عليه، وما برح يسيل الماء منه، فكره أن يصلي بالناس لذلك؛ تورعا، فقيل له: استنب ببعض معلومك، فقال: لا حاجة لي بذلك، وكان قد اشترى أرضا بجبل بعدان في قرية يقال لها: عارب-بإهمال العين ثم ألف، ثم خفض الراء، وآخرها موحدة-فانتقل إليها بأولاده وزوجته الحرة بنت عمران الصوفي، ولم تكن بدونه في الصلاح والعبادة والورع. ولم يزل مقبلا على قراءة الكتب والعبادة إلى أن توفي على الحال المرضي في شوال سنة اثنتين وثمانين وست مائة. 3289 - [محمد بن أحمد الشبرمي] (2) محمد بن أحمد بن أسعد الشّبرمي-بضم الشين المعجمة، وسكون الموحدة، وضم الراء، ثم ميم مكسورة بعدها ياء النسب-قال الجندي: (نسبة إلى قوم يسكنون الذّنبتين، ويتعانون الكتابة) (3). تفقه المذكور بأبي الحسن علي بن أحمد الأصبحي، وكان فقيها مجتهدا، صالحا متعبدا، أثنى عليه شيخه الأصبحي. وتوفي لنيف وثمانين وست مائة تقريبا.

(1) «السلوك» (2/ 199)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 234)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 196)، و «تحفة الزمن» (1/ 505)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 132)، و «المدارس الإسلامية» (ص 71)، و «هجر العلم» (3/ 1385). (2) «السلوك» (2/ 83)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 69)، و «تحفة الزمن» (1/ 430)، و «هجر العلم» (2/ 720). (3) «السلوك» (2/ 83).

3290 - [محمد ابن أبي القبائل]

3290 - [محمد ابن أبي القبائل] (1) محمد الملقب سفيان بن الفقيه عبد الرحمن بن منصور بن أبي القبائل. ولد سنة سبع وست مائة قبل وفاة أبيه بسنتين أيام قدوم سفيان الأبيني إلى جبلة للزيارة، فلذلك لقب سفيان. وتفقه بالفقيه عمر الحرازي، وابن مصباح، وبالصوفي من أهل الملحمة وغيرهم، ولزم مسجد السنة كأبيه، ولم يلتمس له شيئا؛ إذ كان في غنى عنه، وبورك له في العلم. وكان شديدا في ذات الله، قائلا بالحق عاملا به، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، وكان بينه وبين الفقيه عمر بن سعيد العقيبي مودة. وتوفي على الحال المرضي سنة اثنتين وثمانين وست مائة. وكانت أم الفقيه محمد المذكور ابنة الشيخ علي بن كحيل امرأة صالحة عابدة، قارئة لكتاب الله تعالى، ذات مروءة، خطبها الفقيه سفيان الأبيني فقالت: لا أتزوج بعد أبي القبائل أحدا، ولا أغير صحبته، هذا مع اتفاق الناس على صلاح الفقيه سفيان الأبيني. 3291 - [علم الدين سنجر الشعبي] (2) الأمير سنجر بن عبد الله الشعبي الملقب علم الدين. كان من مماليك المنصور عمر بن علي بن رسول، فولاه حصن تعز، فلم يزل واليا على الحصن إلى أن توفي المنصور، فطلع المظفر من تهامة، وحاصر حصن تعز وفيه علم الدين من جهة بنت جوزة (3) خالة المظفر، فلما أعياه الأمر .. كتب إلى خالته بنت جوزة (4) يسألها أن تسلم إليه الحصن ويكون ولده الأشرف وأخته وأمهما رهائن عندها، وكتبت إلى الأمير علم الدين بتسليم الحصن إلى المظفر، فسلمه إليه بعد أن توثق لنفسه، فبذلك حظي عند

(1) «السلوك» (2/ 174)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 233)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 201)، و «تحفة الزمن» (1/ 489). (2) «السلوك» (2/ 565)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 94)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 497)، و «تحفة الزمن» (2/ 496). (3) في «العقود اللؤلؤية» (5/ 95) و «طراز أعلام الزمن» (1/ 498): (بنت حوزة). (4) في «العقود اللؤلؤية» (5/ 95) و «طراز أعلام الزمن» (1/ 498): (بنت حوزة).

3292 - [ابن المنير]

المظفر، ولم يزل يرقيه في الخدمة حتى أقطعه صنعاء. ولم تزل صنعاء إقطاعه حتى انهدم القصر ومعه جماعة، منهم محمد بن حاتم صاحب «العقد الثمين»، وقاضي الشرع عمر بن سعيد، ماتوا كلهم ولم يسلم منهم سوى الشخصين المذكورين، وذلك في سنة اثنتين وثمانين وست مائة. 3292 - [ابن المنير] (1) أحمد بن محمد الجذامي الإسكندراني المالكي، ناصر الدين بن المنيّر، قاضي الإسكندرية وفاضلها. برع في الفقه والأصول، والعربية والبلاغة، وصنف التصانيف المفيدة. توفي سنة ثلاث وثمانين وست مائة. 3293 - [ابن البارزي] (2) عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله الجهني الشافعي، عرف بابن البارزي، قاضي القضاة وابن قاضيها. كان بصيرا بالفقه والأصول، والكلام والأدب، وله شعر بديع، وديانة متينة مع صدق وتواضع. توفي بتبوك في ذي القعدة سنة ثلاث وثمانين وست مائة، وحمل إلى المدينة. مذكور في الأصل. 3294 - [عيسى بن مهنا] (3) عيسى بن مهنا، ملك العرب، ورئيس آل فضل. كانت له المنزلة العالية عند السلطان، وصيت شائع في البلدان.

(1) «العبر» (5/ 342)، و «حسن المحاضرة» (1/ 272)، و «شذرات الذهب» (7/ 666). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 149)، و «العبر» (5/ 343)، و «مرآة الجنان» (4/ 198)، و «شذرات الذهب» (7/ 667). (3) «تاريخ الإسلام» (51/ 155)، و «العبر» (5/ 344)، و «مرآة الجنان» (4/ 199)، و «شذرات الذهب» (7/ 668).

3295 - [ابن الصائغ]

توفي في ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وست مائة. وقام بعده ولده حسام الدين مهنا، صاحب تدمر. 3295 - [ابن الصائغ] (1) أبو المفاخر محمد بن عبد القادر الأنصاري الدمشقي الشافعي، عرف بابن الصائغ. توفي سنة ثلاث وثمانين وست مائة. مذكور في الأصل. 3296 - [المنصور صاحب حماة] (2) الملك المنصور صاحب حماة ناصر الدين محمد بن الملك المظفر تقي الدين محمود بن المنصور محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب. تملك بعد أبيه سنة اثنتين وأربعين وعمره عشر سنين رعاية لأمه الصاحبة بنت الكامل. توفي سنة ثلاث وثمانين وست مائة، سامحه الله بعفوه. 3297 - [ابن النعمان التلمساني] (3) أبو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان التلمساني، الشيخ الإمام، الكبير الشأن، القدوة المشهور. قدم الإسكندرية شابا، فسمع بها من محمد بن عماد والصفراوي. وكان عارفا بمذهب مالك، راسخ القدم في العبادة والنسك، أشعري العقيدة. توفي في رمضان سنة ثلاث وثمانين وست مائة، وله مناقب مشهورة، وسيرة مشكورة.

(1) «تاريخ الإسلام» (51/ 161)، و «العبر» (5/ 344)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 270)، و «مرآة الجنان» (4/ 199)، و «شذرات الذهب» (7/ 669). (2) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 236)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 169)، و «العبر» (5/ 345)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 11)، و «مرآة الجنان» (4/ 200)، و «شذرات الذهب» (7/ 670). (3) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 236)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 170)، و «العبر» (5/ 346)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 89)، و «مرآة الجنان» (4/ 200)، و «المقفى الكبير» (7/ 221)، و «شذرات الذهب» (7/ 670).

3298 - [عباس السكسكي]

3298 - [عباس السكسكي] (1) عباس بن منصور بن عباس أبو الفضل البريهي السكسكي. ولد سنة ست عشرة وست مائة تقريبا، قاله الجندي (2). وتفقه بالفقيه عمر بن مسعود الأبيني، ومحمد بن إسماعيل الحضرمي، وبطال بن أحمد الركبي وغيرهم، وكان فقيها كبيرا، عالما عاملا، محققا مدققا، ورعا. ولي قضاء تعز، وكانت أرزاق القضاة من جزية اليهود، فلما أراد المظفر أن يبني مدرسته التي في مغربة تعز .. أمر بجمع الجزية من كل بلد وتعويض أربابها من مال الخراج، فعزل القاضي عباس نفسه بسبب ذلك، ولزم بيته، ودرس بالزّاتية وبالنجمية، وانتفع به خلق كثير كابن سالم (3)، وابن الأحنف وابن أبي الرجاء وغيرهم. وصنف في الأصول مختصا سماه: «البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان». يروى أنه حدثت بتهامة مسألة اضطرب فيها أجوبة فقهاء تهامة وفقهاء الجبل، وفي تلك المدة وصل كتاب «العزيز شرح الوجيز» للرافعي من الشام إلى اليمن، ففتش عن المسألة فيه، فوافق منصوصه جواب القاضي عباس هذا وحده، ولم يوافق أحدا غيره ما قاله صاحب «العزيز». ولم يزل على التدريس والفتوى إلى أن توفي سنة ثلاث وثمانين وست مائة. كان من أعرف الناس بمصنفات الشيخ أبي إسحاق، وأكثرهم لها درسا، ورؤي بعض الصالحين بعد موته، فسئل عن الفقيه عباس بن منصور فقال: هو في ضيافة الشيخ أبي إسحاق. 3299 - [عبد الله التاجري] (4) عبد الله بن محمد التاجري (5).

(1) «السلوك» (2/ 173)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 46)، و «تحفة الزمن» (1/ 488)، و «المدارس الإسلامية في اليمن» (ص 75). (2) «السلوك» (2/ 173). (3) في «السلوك» (2/ 174) و «تحفة الزمن» (1/ 489): (كابن مسلم). (4) «السلوك» (2/ 125)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 156)، و «تحفة الزمن» (1/ 453). (5) في «السلوك» (2/ 125): (الباحري)، وفي «طراز أعلام الزمن» (2/ 156) و «تحفة الزمن» (1/ 453): (الباجري).

3300 - [عثمان الخطابي]

كان فقيها فاضلا، عارفا بتعبير الرؤيا، اختصر كتاب القادري في التعبير، وله شعر حسن. كان كثير المخالطة لأهل الذمة، فاتهم بتغيير الدين، ولولا التجاؤه إلى أمير يسمى: الطنبغا .. لقتل. قال الجندي: (أخذ عن ابن المبرذع كتابه «اليواقيت في المواقيت») (1). توفي في سنة ثلاث وثمانين وست مائة. 3300 - [عثمان الخطابي] (2) عثمان بن عبد الله ابن أبي القاسم بن أحمد بن أسعد الخطابي، نسبة إلى بني خطاب- بمعجمة، ثم مهملة-عرب يسكنون حازة القحمة بمدينة ذؤال، وكان يعرف عثمان بصاحب هدافة. ولد سنة ثمان عشرة وست مائة. وتفقه بعلي بن أبي السعود، وبعثمان أحد فقهاء الوزيرة، وكان فقيها حسن الفقه، غلبت عليه العبادة والتصوف، صبورا على إطعام الطعام، ذا كرامات ظاهرة، ينتابه الزوار من كل ناحية، يقال: إنه أوتي الاسم الأعظم. وتوفي على الطريق المرضي من الزهد والعبادة وإطعام الطعام في سنة ثلاث وثمانين وست مائة. وامتحن بالجذام، عافانا الله منه، حتى سقطت رجله اليسرى (3) من الكعب، وكان عظيم الحال. 3301 - [علي بن عبد الله الهيثم] (4) علي بن عبد الله بن محمد بن أحمد ابن الفقيه أسعد بن الفقيه الهيثم.

(1) «السلوك» (2/ 125). (2) «السلوك» (2/ 212)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 186)، و «تحفة الزمن» (1/ 513)، و «هجر العلم» (4/ 2322). (3) في «السلوك» (2/ 213) و «تحفة الزمن» (1/ 514): (اليمنى). (4) «السلوك» (1/ 431)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 237)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 306)، و «تحفة الزمن» (1/ 353)، و «هجر العلم» (2/ 940).

3302 - [محمد بن عبد الله النقيب]

ولد غرة صفر سنة سبع عشرة وست مائة. وتفقه بالفقيه أبي بكر بن ناصر، وكان فقيها عالما، محققا، ولي القضاء ببلده قرية الذنبتين، وكان يتردد بين بلده والجند وتعز. قال الجندي: (اجتمعت به، فرأيت رجلا مباركا) (1). توفي لسبع بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين وست مائة. 3302 - [محمد بن عبد الله النقيب] (2) محمد بن عبد الله بن أبي غريب، ويعرف بالنقيب. قال الخطيب: (كان متخليا من الدنيا، لا يبرح في المسجد. وقال الشيخ فضل بن عبد الله: كان النقيب المذكور كثير الاجتماع بأبي العباس الخضر) (3). وذكر له الخطيب في «الجوهر» كرامات، وأنه توفي سنة ثلاث وثمانين وست مائة (4). 3303 - [برهان الدين النسفي] (5) محمد بن محمد بن محمد الحنفي برهان الدين النسفي، الإمام العلامة، صاحب التصانيف في الخلاف. تخرج به خلق، وطالت حياته. ولد سنة ست مائة، وتوفي سنة أربع وثمانين وست مائة.

(1) «السلوك» (1/ 431). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 238)، و «تاريخ شنبل» (ص 105). (3) «الجوهر الشفاف» (238/ 1 - 239). (4) «الجوهر الشفاف» (238/ 1 - 239). (5) «تاريخ الإسلام» (51/ 179)، و «العبر» (5/ 346)، و «مرآة الجنان» (4/ 200)، و «تاج التراجم» (ص 246)، و «شذرات الذهب» (7/ 672).

3304 - [ست العرب]

3304 - [ست العرب] (1) أم الخير ست العرب بنت يحيى الدمشقية الكندية. سمعت من مولاهم التاج الكندي، وحضرت سماع «الغيلانيات» على ابن طبرزد. وتوفيت سنة أربع وثمانين وست مائة. 3305 - [أبو عبد الله الصائن] (2) أبو عبد الله محمد البصري الصائن، مقرئ بلاد الروم المجود الضرير. قرأ القراءات، وكان بصيرا بمذهب الشافعي، خيرا صالحا. توفي سنة أربع وثمانين وست مائة. 3306 - [أبو المسك الطواشي] (3) أبو المسك كافور الطواشي الصوابي الصالحي شبل الدولة، خزندار قلعة دمشق. كان عاقلا دينا، محبا للحديث، روى عن جماعة. توفي سنة أربع وثمانين وست مائة. 3307 - [المنشئ ابن شداد] (4) محمد بن إبراهيم الأنصاري الحلبي ابن شداد الرئيس المنشئ البليغ الذي جمع

(1) «تاريخ الإسلام» (51/ 183)، و «العبر» (5/ 347)، و «مرآة الجنان» (4/ 201)، و «شذرات الذهب» (7/ 672). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 185)، و «العبر» (5/ 347)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1385)، و «مرآة الجنان» (4/ 201)، و «شذرات الذهب» (7/ 673). (3) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 270)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 193)، و «العبر» (5/ 349)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 310)، و «مرآة الجنان» (4/ 201)، و «شذرات الذهب» (7/ 677). (4) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 270)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 194)، و «العبر» (5/ 349)، و «مرآة الجنان» (4/ 201)، و «شذرات الذهب» (7/ 677).

3308 - [الأمير ناصر الدين الحراني]

«السيرة» للملك الظاهر، «وتاريخا» لحلب. توفي سنة أربع وثمانين وست مائة. 3308 - [الأمير ناصر الدين الحراني] (1) الأمير ناصر الدين محمد بن الافتخار الحراني، والي دمشق، ومشدّ الأوقاف. كان من عقلاء الرجال وألبائهم مع الفضيلة والديانة، والمروءة الكاملة، ونفاذ الكلمة في الدولة. استعفى من الولاية، فأعفي، ثم أكره على نيابة حمص، فلم تطل مدته بها. وتوفي في سنة أربع وثمانين وست مائة، ونقل إلى دمشق. 3309 - [الإخميمي] (2) الشيخ الجليل شرف الدين محمد بن الحسن الإخميمي، نزيل سفح قاسيون. كان صاحب توجه وتعبد وجلالة. توفي سنة أربع وثمانين وست مائة. 3310 - [عمر بن عاصم التغلبي] (3) عمر بن عاصم بن محمد بن عاصم بن محمد بن عاصم التغلبي، نسبة إلى تغلب- بالمثناة والمعجمة-بطن من كنانة (4). كان فقيها كبيرا، فاضلا، عارفا بالفقه والحديث، والنحو واللغة. وبه تفقه يوسف بن يعقوب الجندي والد المؤرخ، وأخذ عنه الإمام إسماعيل بن محمد

(1) «تاريخ الإسلام» (51/ 196)، و «العبر» (5/ 349)، و «مرآة الجنان» (4/ 201)، و «شذرات الذهب» (7/ 678). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 197)، و «العبر» (5/ 350)، و «مرآة الجنان» (4/ 201)، و «شذرات الذهب» (7/ 678). (3) «السلوك» (2/ 31)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 239)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 415)، و «تحفة الزمن» (1/ 393). (4) في مصادر الترجمة: (اليعلي).

3311 - [مشقر]

الحضرمي والإمام علي بن أحمد الأصبحي «خلاصة الغزالي»، وإليه انتهت رئاسة الفقه والفتوى بزبيد، وصنف كتابا أفرد فيه زوائد «البيان» على «المهذب»، ونقل إلى القاضي البهاء أنه ما قصد بذلك إلا حط «البيان» وألا يلتفت إليه مع وجود «المهذب» (1)، فحصل في نفس القاضي البهاء منه، فأمر نائبه في الوقف بزبيد بعناده وتعقيد الأمور عليه، فعامله النائب بما لا يليق، فكتب الفقيه عمر إلى المظفر كتابا يشكو فيه من النائب، وفيه أبيات من الشعر يقول فيها: [من الكامل] خربت مدارسكم معا يا يوسف … وفتى وحيش لو علمت المتلف فلما قرأ المظفر كتابه .. قال للقاضي البهاء: من الناظر على مدارس زبيد؟ فقال: يا مولانا؛ ابن وحيش، قال: لا يكون له نظر على مدرسة الفقيه ابن عاصم، فقال: سمعا وطاعة، ثم جوب له المظفر: قد صرفناه عن النظر عن مدرستك، فاترك عليها من اخترته. وله أشعار مستحسنة، منها في ذم المدارس والتعلق بها: [من الكامل] بيع المدارس لو علمت بدارس … غال وأخسر صفقة للمشتري دعها ولازم للمساجد دائما … إن شئت تظفر بالثواب الأوفر وتوفي المذكور صبح يوم الخميس لخمس بقين من ربيع سنة أربع وثمانين وست مائة. ويشبه أن الفقيه عمر بن عاصم المذكور عمر دهرا طويلا؛ فإن الخزرجي ذكر في ترجمة الفقيه محمد بن إبراهيم بن دحمان الحنفي أن الأتابك سنقر بنى المدرسة المعروفة بالعاصمية، ورتب فيها الفقيه عمر بن عاصم المذكور، وخصها بالشافعية (2)، وسنقر توفي سنة ثمان وست مائة، وأقل ما يتأهل فيه الإنسان للتدريس بعد عشرين سنة، فيكون الفقيه جاوز المائة أو ناهزها، والله سبحانه أعلم بحقيقة الأمر. 3311 - [مشقر] (3) محمد بن إبراهيم المعروف بمشقر بفتح الميم، وسكون الشين المعجمة، وضم القاف، وآخره راء.

(1) في «السلوك» (2/ 32): (وألا يلتفت إليه مع وجود مصنفه و «المهذب»). (2) «طراز أعلام الزمن» (3/ 62). (3) «السلوك» (2/ 443)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 68)، و «تحفة الزمن» (2/ 408)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 255).

3312 - [إبراهيم بن يحيى]

تفقه في بدايته بابن داود، فلما توفي .. ارتحل إلى أبين، فتفقه بمبارك الشّحبلي، ثم كان كمال تفقهه بالإمام أحمد بن موسى بن عجيل. وكان فقيها فاضلا، من خيار الفقهاء معرفة وصلاحا. توفي سنة أربع وثمانين وست مائة. 3312 - [إبراهيم بن يحيى] (1) إبراهيم بن يحيى بن أحمد بن محمد بافضل. صحب الشيخ أبا الغيث بن جميل، ولبس الخرقة منه، وسلك على طريقته، وسار بسيرته، وأكثر الاختلاف إلى بيت عطاء لزيارته. وله تواليف مفيدة في سلوك الطريقة وعلوم الحقيقة، وله كلام في الحقائق. قال الخطيب: (كان من السادات العارفين، وأكابر الشيوخ المحققين، وذكر له كرامات، قال: وقال في بعض مصنفاته: وردت علي رقعة من الفقيه ابن العربي، فإذا فيها: ورد علينا فقير وقال لنا: الفقير يحيي ويميت بإذن الله، والفقير يقول للشيء: كن، فيكون بإذن الله، والفقير {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، } فأشكل علينا، فقال الشيخ إبراهيم شعرا: [من الوافر] إذا لم أفتكم بصريح علم … فلا من بعدها تستفتيوني بما في محكم القرآن أفتي … وإلا بعد هذا كذّبوني وتوفي رحمه الله سنة أربع وثمانين وست مائة) (2). 3313 - [أحمد السكسكي] (3) أحمد بن حمزة بن علي بن الحسن (4) الهرامي (5) ثم السكسكي.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 146)، و «البرقة المشيقة» (ص 54)، و «تاريخ شنبل» (ص 105). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 146). (3) «السلوك» (2/ 95)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 69)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 241)، و «تحفة الزمن» (1/ 431). (4) كذا في «العقود اللؤلؤية» (1/ 241)، وفي باقي المصادر: (الحسين). (5) في (م): (الهزامي)، وفي «السلوك» (2/ 85) و «تحفة الزمن» (1/ 431): (الهرمي).

3314 - [علي الهجراني]

كان فقيها فاضلا، درس في مدرسة الشيخ عبد الوهاب بن رشيد في ناحية الظفر، وله شعر حسن، ومنه القصيدة التي رحلها من قريته الذّكرة-بذال معجمة، ثم كاف، ثم راء مفتوحات، وآخره هاء التأنيث، قرية قبليّ الجند، من أعمالها-وأول القصيدة: [من الكامل] هل شمت برقا بالشآم الغارب … متململا مثل اجتماح الحاجب (1) وهي قصيدة طويلة تزيد على سبعين بيتا، رحلها من قريته الذّكرة إلى مكة المشرفة. وتوفي بقريته المذكورة في صفر سنة أربع وثمانين وست مائة. 3314 - [علي الهجراني] (2) علي بن محمد بن حجر بن أحمد بن علي بن أحمد بن حجر-بضم الحاء المهملة، وسكون الجيم، وبالراء فيهما-الأودي (3) نسبا، الهجراني بلدا، نسبة إلى بلد بين الشحر وحضرموت. ولد سنة ثمان وتسعين وخمس مائة تقريبا. وكان فقيها فاضلا، محدثا، له مسموعات وإجازات، وكان من أهل المروءات والديانات، ولديه دنيا متسعة بحيث بلغ الفرض الزكوي في ماله أربعين ألفا، فكان يتصدق بذلك في غالب أيامه، حتى كان لا يكاد تنقطع صدقته مع تورعه من أن يختلط بماله ما فيه شبهة، ولا يبايع من يتهم بذلك، ولا من يحتكر الطعام، وكان كل من قدم عدن من أهل العلم إنما ينزل في الغالب على هذا الفقيه، فينزله في بعض بيوته على قرب منه، ويجتمع الناس به للقراءة في مسجد السماع، وسمي بذلك؛ لكثرة ما كان يسمع فيه من الكتب على وارديه. وممن قدم عليه الضياء بن العلج المغربي، والفقيه أبو الخير بن منصور الشماخي، وربما قيل: إنه أخذ عنه ومات قبله بنحو خمس سنين.

(1) في «السلوك» (2/ 85): (القارب)، وفيه وفي «طراز أعلام الزمن» (1/ 69) و «تحفة الزمن» (1/ 431): (متلملما). (2) «السلوك» (2/ 422)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 243)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 337)، و «تحفة الزمن» (2/ 380)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 158). (3) في (م) و «السلوك» (2/ 422) و «طراز أعلام الزمن» (2/ 237) و «العقود اللؤلؤية» (1/ 243): (الأزدي).

3315 - [عمر الجميلي]

وأخذ عن ابن حجر جماعة من أهل عدن كالإمام أحمد بن علي الحرازي، وأحمد القزويني، ومحمد بن حسين الحضرمي ومات قبله وغيرهم. ولم يزل على ما ذكر من الإسماع وفعل المعروف إلى أن توفي خامس صفر من سنة خمس وثمانين وست مائة عن ثمان وثمانين سنة. وخلّف ولدين، وهما محمد وعبد الله، فمحمد تفقه وتزوج في حياة أبيه، وكان فيه سخاء مفرط، لا يبقي شيئا، ولا يخيب له قاصد، فلما مات أبوه .. تضعضع حاله، وركبه دين كثير، فألح عليه بعض مستحقي الدين في الطلب، وأفحش عليه في القول، فشنق نفسه في يوم الجمعة لأيام مضين من شهر القعدة سنة خمس وثمانين وست مائة، فرأى بعض الأخيار أن النبي صلّى الله عليه وسلم دخل إلى عدن في جماعة من أصحابه للصلاة عليه. ورأت بعض أخواته-وكن صالحات-أباها بعد موت أخيها، فسألته عن حاله فقال: مذ وصلنا وأخوك ونحن في ملازمة الله تعالى أن يغفر له جنايته على نفسه، فلم يفعل ذلك إلا بعد مشقة شديدة، وإشراف على اليأس من ذلك. 3315 - [عمر الجميلي] (1) عمر بن سعيد بن محمد بن علي الربيعي الجميلي. ولد على رأس ست مائة، وأخذ عن أخيه لأمه علي بن عمر وغيره بصنعاء وغيرها من بلاد اليمن. وكان فقيها نبيها، مشهورا مذكورا، عارفا بالحديث والتفسير والفقه، خطيبا فصيحا بليغا، إذا حضر مجلسا .. لم يبق لأحد فيه قدر. ولي قضاء صنعاء حين عزل أخوه نفسه واعتذر، وكتب إلى المستعصم آخر خلفاء بغداد يسأله الإذن له في الحكم بصنعاء وذمار ونواحيهما، فأجابه إلى ذلك، فلم يكن للقاضي البهاء حكم في شيء من تلك النواحي، فلذلك كان بينهما مكارهة، وقد همّ البهاء بكسر حرمته، فلم يستطع ذلك؛ لتوفر حرمته وعظم قدره عند المظفر وغيره من الملوك والأمراء.

(1) «السلوك» (1/ 446)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 241)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 412)، و «تحفة الزمن» (1/ 365)، و «هجر العلم» (2/ 736).

3316 - [الشهاب الخيمي]

وكان حسن السياسة في القضاء، لينا من غير ضعف، شديدا من غير عنف مع صيام وقيام وكثرة تلاوة، محبا للسنة، مجانبا لأهل البدعة، وكانت جامكيته وجامكية القضاة قبله من جزية اليهود، فلما مات .. أخذ بنو عمران الجزية إليهم، وجعلوا لكل حاكم جامكية في الوقف، وربما جعلوه من مال الديوان، فصار الحكام يأخذون ما لا يجوز لهم أخذه، ويمنعون مما يتوجه لهم. ومن غريب ما اتفق له أنه كان قاعدا في دار الإمارة بصنعاء مع جماعة فيهم الأمير الشعبي والأمير محمد بن حاتم وأخوه علي بن حاتم وغيرهم، فانهدمت الدار عليهم، فمات الجميع بالهدم ولم يخرج سالما إلا القاضي عمر المذكور والأمير محمد بن حاتم. وكان القاضي عمر يقول: لما تهورت الدار .. رأيت رجلا كبير القدر قد التقى عني خشبة وسجفا سقفهما علي، فلم يصلني الهدم، فقلت له: من أنت الذي منّ الله عليّ بك في هذا الوقت؟ فقال: إبراهيم الخليل. وتوفي على القضاء بصنعاء سنة خمس وثمانين وست مائة تقريبا رحمه الله. 3316 - [الشهاب الخيمي] (1) الشهاب محمد بن عبد المنعم بن محمد بن الخيمي الأنصاري اليمني ثم المصري، الصوفي الشاعر، المحسن، حامل لواء النظم في وقته. سمع «جامع الترمذي» من علي بن البناء، وأجاز له عبد الوهاب بن سكينة. توفي في شهر رجب من سنة خمس وثمانين وست مائة عن اثنتين وثمانين سنة أو أكثر. 3317 - [أبو اليمن ابن عساكر] (2) عبد الصمد بن عبد الوهاب بن زين الأمناء بن عساكر الدمشقي المكي، الإمام العالم الزاهد المحدث الماهر.

(1) «تاريخ الإسلام» (51/ 236)، و «العبر» (5/ 354)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 50)، و «شذرات الذهب» (7/ 686). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 268)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 447)، و «مرآة الجنان» (4/ 202)، و «المنهل الصافي» (7/ 266)، و «شذرات الذهب» (7/ 692).

3318 - [القطب ابن القسطلاني]

روى عن جده الشيخ الموفق وطائفة. وكان صالحا خيرا، قويّ المشاركة في العلوم، بديع النظم، لطيف الشمائل، صاحب توجه وصدق. جاور بمكة أربعين سنة، ثم دعاه الوزير المعروف بابن حنا إلى التدريس لما بلغه من فضله، فأجابه بهذه الأبيات: [من البسيط] يا من دعاني إلى أبوابه كرما … إني إلى باب بيت الله أدعوكا ومن حداني إلى تدريس مدرسة … إني إلى السعي والتطواف أحدوكا أبيت لله جارا لا ألوذ بما … شيء سواه وهذا القدر يكفيكا وأنثني طائفا من حول كعبته … أرى ملوك الدنا عندي مماليكا توفي سنة ست وثمانين وست مائة وقد نيف على السبعين. 3318 - [القطب ابن القسطلاني] (1) محمد بن أحمد بن علي المكي ثم المصري الشهير بقطب الدين ابن القسطلاني، الإمام الكبير، المحدث الشهير. كان أبوه الشيخ أبو العباس القسطلاني زاهد مصر، وتلميذ الشيخ أبي عبد الله القرشي، فلما توفي شيخه .. تزوج بامرأته المرأة الصالحة بإشارة من الشيخ القرشي بعد موته، فولدت له ولدا مباركا مكاشفا، فلما حضرته الوفاة .. حزن عليه أبواه حزنا شديدا، فقال لهما: لا تحزنا، فسوف يأتيكما بعدي ولد عالم يكون من صفته كذا وكذا، فولدت أمه بعده الشيخ قطب الدين المذكور في سنة أربع عشرة وست مائة. فسمع القطب من الشيخ شهاب الدين السهروردي، ومن المحدث أبي الحسن علي بن البناء، وجماعة، وتفقه وأفتى ورحل، فسمع ببغداد ومصر والشام والجزيرة، قال اليافعي: حتى بلغني أن له ألف شيخ (2).

(1) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 330)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 277)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 132)، و «مرآة الجنان» (4/ 202)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 43)، و «البداية والنهاية» (13/ 357)، و «شذرات الذهب» (7/ 694). (2) «مرآة الجنان» (4/ 202).

3319 - [بدر الدين ابن مالك]

ولي مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة، وكان ممن جمع بين العلم والعمل والورع وخوف الله عزّ وجل. توفي سنة ست وثمانين وست مائة. 3319 - [بدر الدين ابن مالك] (1) أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني المعروف ببدر الدين، شيخ العربية، وإمام أهل اللسان، وقدوة أرباب المعاني والبيان. مذكور في الأصل. توفي سنة ست وثمانين وست مائة. 3320 - [ابن الصيقل الحراني] (2) عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن الصيقل مسند الوقت عزّ الدين أبو العز الحراني. روى عن أبي حامد بن جوالق، ويوسف بن كامل، وطائفة، وأجاز له ابن كليب، فكان آخر من روى عن أكثر شيوخه. توفي لأربع عشرة ليلة خلت من رجب سنة ست وثمانين وست مائة. 3321 - [علي المنصوري] (3) علي بن أسعد بن محمد بن علي بن إبراهيم بن تبع بن علي بن منصور المنصوري، نسبة إلى جده منصور المذكور. تفقه بأحمد بن عبد الله الوزيري، وكان فقيها عارفا فاضلا.

(1) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 329)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 283)، و «مرآة الجنان» (4/ 203)، و «بغية الوعاة» (1/ 225)، و «شذرات الذهب» (7/ 696). (2) «ذيل مرآة الزمان» (4/ 328)، و «تاريخ الإسلام» (51/ 270)، و «البداية والنهاية» (13/ 358)، و «المنهل الصافي» (7/ 281)، و «شذرات الذهب» (7/ 692). (3) «السلوك» (2/ 229)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 248)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 233)، و «تحفة الزمن» (1/ 522)، و «هجر العلم» (3/ 1680).

3322 - [أبو إسحاق الأندلسي]

وتوفي بقريته القدمة-بضم القاف، وسكون الدال المهملة، وفتح الميم، ثم هاء تأنيث -في ربيع الأول من سنة ست وثمانين وست مائة. 3322 - [أبو إسحاق الأندلسي] (1) أبو إسحاق إبراهيم بن عبد العزيز الرعيني الأندلسي المالكي، الإمام المحدث الفقيه. سمع من جماعة، وسكن دمشق، وقرأ الفقه، وتقدم في الحديث مع الزهد والعبادة، والإيثار والحرمة، والصفات الحميدة. ناب في القضاء، وولي مشيخة دار الحديث الظاهرية. وتوفي سنة سبع وثمانين وست مائة. 3323 - [ياسين الحجام] (2) الشيخ ياسين المغربي الحجام. كان جرائحيا على باب الجابية، وكان من أولي الأنفاس الصادقة، والأحوال الخارقة، يتستر بالحجامة عن ظهور الولاية والكرامة. وكان الإمام محيي الدين النووي يزوره ويتبرك به ويقبل إشارته، أشار عليه أن يرد الكتب إلى أهلها، وأن يعود إلى بلده وزيارة أهله، ففعل النووي رحمه الله، وتوفي عند أهله. توفي الشيخ المذكور في ربيع الأول من سنة سبع وثمانين وست مائة وقد قارب الثمانين. 3324 - [ابن النفيس] (3) علي بن أبي الحزم القرشي علاء الدين الدمشقي المعروف بابن النفيس. شيخ الطب في الديار المصرية مع الذكاء المفرط، والذهن الخارق، والمشاركة في

(1) «تاريخ الإسلام» (51/ 293)، و «مرآة الجنان» (4/ 204)، و «المقفى الكبير» (1/ 228)، و «شذرات الذهب» (7/ 699). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 318)، و «مرآة الجنان» (4/ 206)، و «البداية والنهاية» (13/ 360)، و «شذرات الذهب» (7/ 704). (3) «تاريخ الإسلام» (51/ 311)، و «مرآة الجنان» (4/ 207)، و «البداية والنهاية» (13/ 360)، و «حسن المحاضرة» (1/ 470)، و «شذرات الذهب» (7/ 701).

3325 - [محمد بن عباس الشعبي]

الفقه والأصول، والحديث، والعربية، والمنطق. توفي في سنة سبع وثمانين وست مائة. 3325 - [محمد بن عباس الشعبي] (1) محمد بن عباس-بالموحدة، والمهملة-الشعبي، من أشعوب سامع، جبل بناحية الدّملوة. تفقه المذكور بابن البانة، وبالأشرفي، وبالقاضي محمد بن علي-أظنه-الرياحي. وكان فقيها صالحا، ورعا زاهدا، طلبه المؤيد في أيام أبيه ليقرأ عليه، فاعتذر منه، وأشار عليه بأن يقرأ على الفقيه أحمد بن علي الجنيد الآتي ذكره. وكان محميا عن المعاصي، قال: لقد راودتني امرأة أيام الشبيبة عن نفسي، فلما عزمت على ذلك .. صار ذكري كفتيلة قطن مبلولة. وولي القضاء بتعز، وحج، فدعا عند الحجر الأسود أن يعصمه الله عن القضاء والفتوى، قال: فلما صرت بين مكة والمدينة .. رأيت في المنام حلقة عظيمة، ووسط هالتها شخص كأنه القمر ليلة التمام، فسألت عنه، فقيل: إنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ورأيت رجلا يسأله عن مسألة في ورقة قد ناوله إياها وفي يده صلّى الله عليه وسلم جزء من «المهذب» وهو ينظر تارة في الجزء وتارة في المسألة، فجعلت أتعجب، واستيقظت ولم أكره الفتوى بعد ذلك؛ اقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبقيت على كراهة القضاء، فعوفيت منه. وتوفي على الطريق المرضي يوم الاثنين غرة ذي الحجة سنة سبع وثمانين وست مائة. 3326 - [برهان الدين الجعبري] (2) أبو إسحاق القدوة إبراهيم بن معضاد الجعبري الصوفي، وترجمته مشهورة، وفضائله شهيرة كثيرة.

(1) «السلوك» (2/ 108)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 197)، و «تحفة الزمن» (1/ 442)، و «المدارس الإسلامية» (ص 49). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 295)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 147)، و «مرآة الجنان» (4/ 204)، و «طبقات الأولياء» (ص 412)، و «المقفى الكبير» (1/ 320)، و «شذرات الذهب» (7/ 698).

3327 - [العماد بن العماد]

وله في عراض بيت الشيخ عبد القادر الجيلاني: [من الكامل] أنا بلبل الأفراح .... (1) … فقال: أنا صرّد المرحاض أملأ بيره … نتنا وفي البيداء كلب أجرب دخل عليه بعض الصوفية فقال: يا سيدي؛ سمعت بيتين من منشد فأعجباني، فقال: ما هما؟ فقال: [من الطويل] وقائلة أنفقت عمرك مسرفا … على مسرف في تيهه ودلاله فقلت لها كفي عن اللوم إنني … شغلت به عن هجره ووصاله فقال له الشيخ: ما هذا مقامك، ولا مقام شيخك، فأطرق التلميذ، ثم رفع رأسه وقال: يا سيدي؛ قد وقع لي بيتان غيرهما، فقال: قلهما، فقال: [من الطويل] وقائلة طال انتسابك دائما … إليه فهل يوما خطرت بباله فقلت لها ما كنت أهلا لهجره … فما تعتريني شبهة في وصاله قال اليافعي: (أنشدنا عنه ولده الشيخ ناصر الدين: [من الطويل] أحن إلى لمع السراب بأرضكم … فكيف إلى ربع به مجمع السرب فوا أسفي دون السراب وإنني … أخاف بأن يقضي على ظمئي نحبي ومذ بان ذاك الركب عنّي لم أزل … أعفّر مني الخدّ في أثر الركب) (2) 3327 - [العماد بن العماد] (3) أحمد بن إبراهيم المقدسي الصالحي، الشيخ العماد بن العماد.

(1) في هامش (ت): وبيت الشيخ عبد القادر الجيلاني نفع الله به: أنا بلبل الأفراح أملأ دوحها طربا وفي العلياء باز أشهب (2) «مرآة الجنان» (4/ 206)، وفي هامش (ت): (لعل تركه لتاريخ وفاة الشيخ المذكور سهو، والله أعلم)، وقد توفي في المحرم سنة سبع وثمانين وست مائة وقد جاوز الثمانين بسنوات، انظر مصادر الترجمة. (3) «تاريخ الإسلام» (51/ 321)، و «العبر» (5/ 357)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 218)، و «مرآة الجنان» (4/ 207)، و «شذرات الذهب» (7/ 705).

3328 - [العلم ابن الصاحب]

سمع من جماعة، واشتغل وتفقه، ثم تفقر، وصار له أتباع ومريدون طعن فيهم الذهبي، والله أعلم بهم (1). توفي سنة ثمان وثمانين وست مائة. 3328 - [العلم ابن الصاحب] (2) أبو العباس أحمد بن يوسف المصري، عرف بالعلم ابن الصاحب. اشتغل ودرس وتميز، ثم تفقر وتجرد، وغض منه الذهبي، ثم قال: ونوادره مشهورة، وزوائده حلوة، وله أولاد رؤساء (3). توفي سنة ثمان وثمانين وست مائة. 3329 - [زينب بنت مكي] (4) أم أحمد زينب بنت مكي بن علي الحراني، الشيخة المعمّرة العابدة. سمعت من حنبل، وابن طبرزد، وست الكتبة، وطائفة، وازدحم عليها الطلبة، وعاشت أربعا وتسعين سنة. وتوفيت سنة ثمان وثمانين وست مائة. 3330 - [الفخر البعلبكي] (5) عبد الرحمن بن يوسف الفخر البعلبكي المفتي. سمع من القزويني، وابن الزبيدي، وجماعة، وتفقه بدمشق على التقي بن العز،

(1) «العبر» (5/ 357). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 322)، و «العبر» (5/ 357)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 292)، و «مرآة الجنان» (4/ 207)، و «البداية والنهاية» (13/ 362)، و «شذرات الذهب» (7/ 705). (3) «العبر» (5/ 357). (4) «تاريخ الإسلام» (51/ 327)، و «العبر» (5/ 358)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 67)، و «مرآة الجنان» (4/ 207)، و «شذرات الذهب» (7/ 706). (5) «تاريخ الإسلام» (51/ 330)، و «العبر» (5/ 358)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 311)، و «مرآة الجنان» (4/ 208)، و «البداية والنهاية» (13/ 364)، و «شذرات الذهب» (7/ 706).

3331 - [شمس الدين الأصبهاني]

وعرض كتاب «علوم الحديث» على مؤلفه ابن الصلاح، وأخذ الأصول عن السيف الآمدي. وتخرج به جماعة. وكان من العلماء الصالحين العاملين. توفي سنة ثمان وثمانين وست مائة. 3331 - [شمس الدين الأصبهاني] (1) أبو عبد الله محمد بن محمود بن محمد شمس الدين الأصبهاني. توفي في رجب سنة ثمان وثمانين وست مائة وقد نيف على السبعين. 3332 - [الشاب الظريف] (2) محمد بن العفيف التلمساني. كان ظريفا شاعرا، وشعره في غاية الحسن. مات في رجب عن نحو ثلاثين سنة في سنة ثمان وثمانين وست مائة، كذا وجدته بخط ابن الخياط، وسيأتي قريبا أنه توفي في سنة تسعين وست مائة، وأن اسمه: سليمان (3). 3333 - [عبد الله بن عبد الرحمن] (4) عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن الفقيه إبراهيم بن زكريا. ولد سنة تسع عشرة وست مائة.

(1) «تاريخ الإسلام» (51/ 348)، و «العبر» (5/ 359)، و «مرآة الجنان» (4/ 208)، و «شذرات الذهب» (7/ 710). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 340)، و «العبر» (5/ 359)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 129)، و «المقفى الكبير» (5/ 694)، و «شذرات الذهب» (7/ 708). (3) الذي سيأتي قريبا (5/ 431) هو الأب: عفيف الدين التلمساني سليمان بن علي وليس الابن؛ أي: الشاب الظريف الذي يترجم له هنا. (4) «السلوك» (1/ 411)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 250)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 118)، و «تحفة الزمن» (1/ 335).

3334 - [أبو بكر بن عبد الله]

وتفقه بابن عمه محمد بن عمر بن يحيى، وأخذ عن صالح بن علي الحضرمي، وولي قضاء الكدراء من قبل بني عمران، وكان فقيها فاضلا، عالما عاملا، وقدم تعز. وأخذ عنه أبو بكر بن النحوي «وجيز الغزالي». توفي سنة ثمان وثمانين وست مائة. 3334 - [أبو بكر بن عبد الله] (1) أبو بكر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن الفقيه إبراهيم بن زكريا، ولد المذكور قبله. ولي قضاء الكدراء بعد أبيه. وكان أحد أجواد زمانه، شريف النفس، عالي الهمة، صاحب محفوظات حسنة، وروايات مستحسنة، وامتحن في آخر عمره بفقر مدقع، وعزله بنو محمد بن عمر عن القضاء بغير جرم ولا سبب، بل كراهة لمن ولاه كما جرت به عادة أهل الوقت. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة أبيه. 3335 - [عثمان بن يوسف] (2) عثمان بن يوسف بن شعيب بن إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل. تفقه بصالح بن عمر البريهي، ثم ارتحل إلى جبا، فأخذ عن عبد الله بن عمر، وعن الفقيه إسماعيل الخلي، ثم إلى تهامة، فأخذ عن إبراهيم بن علي البجلي صاحب شجينة، ثم رجع إلى بلده، فانتهت إليه الرئاسة بها، فكان مدرسها ومفتيها وحاكمها. وكان عارفا بالفقه والقراءات، والحساب والفرائض. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين وست مائة.

(1) «السلوك» (1/ 411)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 250)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 118)، و «تحفة الزمن» (1/ 335). (2) «العقود اللؤلؤية» (1/ 253)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 202).

3336 - [علي بن محمد القيني]

3336 - [علي بن محمد القيني] (1) علي بن محمد بن عثمان بن محمد بن أبي الفوارس القيني-بفتح القاف، وسكون المثناة تحت، وكسر النون، ثم ياء النسب-نسبة إلى القيانة، بطن من عك. تفقه بالإمام بطال بن أحمد، وأخذ عن الشريف أبي جديد، وعلي بن مسعود وغيرهما. وكان فقيها عارفا، محققا، عالما عاملا، صالحا ورعا، وكان الفقيه إسماعيل الحضرمي يكثر زيارته. وتوفي سنة ثمان وثمانين وست مائة وقد بلغ عمره نيفا وثمانين سنة. 3337 - [أبو الخطاب القدسي] (2) أبو الخطاب عمر بن عبد الرحمن بن حسان القدسي. قال الجندي: (ولد بالقدس سنة أربع وست مائة، وقيل ست وست مائة، ونشأ به، ثم لحق بأم عبيدة وهو ابن اثنتي عشرة سنة، فأدرك بها الشيخ نجم الدين المعروف بالأخضر من ذرية أخي الشيخ أحمد الرفاعي، فأخذ عليه العهد، وتربى بين يديه، فلما رأى كماله .. أمره أن يحج، ثم يدخل اليمن ليلبس الخرقة، وأخبره أنه يجتمع فيه برجل مبارك ينتفع به في دينه ودنياه، ففعل ذلك. ولما دخل اليمن .. اجتمع بالفقيه عمر بن سعيد العقيبي مقدم الذكر في العشرين قبل هذه (3)، فأقام عنده بذي عقيب أياما، وذلك في سنة تسع وأربعين، فشهره وبجله، وأسكنه موضعا بالقرب منه يعرف بالمعاين (4)، ثم انتقل منه إلى عدة أماكن بني فيها ربط، حتى كان آخر رباط سكنه الذهوب تحت مدينة إب، فلم يزل به حتى توفي ليلة الجمعة لثمان

(1) «السلوك» (2/ 349)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 253)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 343)، و «تحفة الزمن» (2/ 214). (2) «السلوك» (2/ 60)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 251)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 416)، و «تحفة الزمن» (1/ 415)، و «طبقات الخواص» (ص 245)، و «هجر العلم» (2/ 783). (3) انظر (5/ 339). (4) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 417)، وفي «السلوك» (2/ 60): (يعرف بالمشعب)، وفي «العقود اللؤلؤية» (1/ 251): (يعرف بالمعر).

3338 - [السلطان قلاوون]

بقين من ربيع الآخر من سنة ثمان وثمانين وست مائة بعد أن انتشرت عنه الخرقة الرفاعية لا سيما في جهة المخلاف. ولم يخلف إلا ابنة تزوجها خليفته الشيخ عيسى بن محمد بن عمران الصوفي) (1). 3338 - [السلطان قلاوون] (2) السلطان الملك المنصور سيف الدين أبو المعالي وأبو الفتوح قلاوون التركي الصالحي النجمي. كان من أكابر الأمراء زمن الظاهر، وتملك في رجب سنة ثمان وسبعين، وكسر التتار على حمص، وغزا الفرنج غير مرة. وتوفي بالمخيم بظاهر القاهرة وقد عزم على الغزاة في سادس ذي القعدة سنة تسع وثمانين وست مائة، ثم دفن بتربته بين القصرين. 3339 - [عبد الكافي الدمشقي] (3) عبد الكافي بن عبد الملك الدمشقي الشافعي المفتي، خطيب دمشق. سمع من ابن صباح، وابن الزبيدي، وجماعة، وناب في القضاء مدة. وكان دينا، حسن السمت، للناس فيه عقيدة كبيرة. توفي سنة تسع وثمانين وست مائة. 3340 - [الرشيد الفارقي] (4) أبو حفص عمر بن إسماعيل بن مسعود الرشيد الفارقي الشافعي الأديب.

(1) «السلوك» (2/ 60). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 382)، و «العبر» (5/ 363)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 266)، و «مرآة الزمان» (4/ 208)، و «البداية والنهاية» (13/ 365)، و «شذرات الذهب» (7/ 715). (3) «تاريخ الإسلام» (51/ 373)، و «العبر» (5/ 362)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 71)، و «مرآة الجنان» (4/ 208)، و «شذرات الذهب» (7/ 714). (4) «تاريخ الإسلام» (52/ 376)، و «العبر» (5/ 363)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 431)، و «مرآة الجنان» (4/ 208)، و «بغية الوعاة» (2/ 216)، و «شذرات الذهب» (7/ 715).

3341 - [أبو بكر المنصوري]

سمع من الفخر، وابن الزبيدي وغيرهما، ودرس بالناصرية مدة، ثم بالظاهرية. وكان أديبا بارعا، خنق في بيته بالظاهرية، وأخذ ماله سنة تسع وثمانين وست مائة، ودرس بعده علاء الدين بن بنت الأعز، والفارقي مذكور في الأصل. 3341 - [أبو بكر المنصوري] (1) أبو بكر بن علي بن أسعد بن محمد المنصوري. ولد في شوال سنة تسع وثلاثين وست مائة (2). وتفقه بأبي بكر بن العراف، وابن البانة (3)، وأخذ عن المقدسي. [ثم أخوه عمر] درس في النظامية مدة، وكف بصره، فعاد إلى بلده القدمة، واستناب ولده في المدرسة (4). ولم أقف على تاريخ وفاته إلا أنه كان موجودا سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة (5)، وذكرته هنا؛ تبعا لأبيه (6). وأخوه أحمد كان فقيها أيضا، تفقه بأبيه رحمهما الله تعالى. 3342 - [أحمد بن أبي بكر الفايشي] (7) أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن أبي القاسم الفايشي-بالفاء، ثم ألف، ثم مثناة تحت، ثم شين معجمة-نسبة إلى ذي فايش الأصغر، أحد أذواء حمير، وأصله من اليهاقر-بمثناة من تحت مفتوحة، ثم هاء، ثم ألف ساكنة، ثم قاف مكسورة، ثم راء-قرية عند الجند.

(1) «السلوك» (2/ 229)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 256)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 233)، و «تحفة الزمن» (1/ 463)، و «المدارس الإسلامية» (ص 96)، و «هجر العلم» (3/ 1680). (2) في «العقود اللؤلؤية» (1/ 256): توفي سنة (689 هـ‍). (3) في «تحفة الزمن» (1/ 464): (البابة). (4) وقع خلط بين ترجمة أبي بكر وترجمة أخيه عمر في «المدارس الإسلامية» (ص 96) و «طراز أعلام الزمن» (2/ 234)، وتبعه المصنف على ذلك، انظر «السلوك» (2/ 229). (5) في مصادر الترجمة عدا «السلوك» (2/ 229): توفي سنة (689 هـ‍). (6) نقلنا ترجمة أبيه إلى موضعها الصحيح (5/ 416). (7) «السلوك» (2/ 86)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 255)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 51)، و «تحفة الزمن» (1/ 432)، و «المدارس اليمنية» (ص 40)، و «هجر العلم» (4/ 2379).

3343 - [أبو العباس الحرازي]

تفقه المذكور بيحيى بن محمد بن فليح وغيره، وأخذ النحو عن عثمان بن رفيد الزبراني، ودرس بمنصورية الجند، وكان فقيها فاضلا، حسن التدريس، مباركا. توفي بالجند سنة تسع وثمانين وست مائة، وقبره بالمقبرة القبلية. 3343 - [أبو العباس الحرازي] (1) أحمد بن محمد بن عيسى الحرازي أبو العباس. كان فقيها فاضلا، عارفا بالأصول والفروع، وغلب عليه علم الكلام، واشتهر به، وله فيه مصنفات جيدة على طريقة الإمام الأشعري. وكان غالب قراءته على البيلقاني بعدن، وعنه أخذ طريق التصوف أيضا. وأخذ عنه جماعة من أهل زبيد وتعز، وكانت مسكنه ومستقره. توفي سنة تسع وثمانين وست مائة. 3344 - [أحمد بن يوسف] (2) أحمد بن يوسف بن أحمد بن الفقيه عمرو بن الفقيه أسعد بن الفقيه الهيثم. تفقه بمحمد بن مضمون بن أبي عمران، وأخذ عن ابن سحارة (3). وكان فقيها عارفا، خيرا دينا ورعا، وكان فقيه بلده. وتوفي بها سنة تسع وثمانين وست مائة. 3345 - [محمد بن أسعد] (4) محمد بن أسعد بن يوسف بن أحمد بن الفقيه عمرو بن الفقيه أسعد بن الفقيه الهيثم. أخذ عن محمد بن مصباح وغيره. وتوفي ببلده آخر أيام التشريق سنة تسع وثمانين وست مائة.

(1) «السلوك» (2/ 46)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 172)، و «تحفة الزمن» (1/ 403). (2) «السلوك» (1/ 431)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 189)، و «تحفة الزمن» (1/ 354). (3) في «طراز أعلام الزمن» (1/ 190): (ابن أبي سحارة). (4) «السلوك» (1/ 432)، و «تحفة الزمن» (1/ 354).

3346 - [أسعد بن يوسف]

3346 - [أسعد بن يوسف] (1) أسعد بن يوسف بن أحمد بن الفقيه عمرو بن الفقيه أسعد بن الفقيه الهيثم، والد المذكور قبله. كان فقيها فاضلا، خيرا دينا، وهو أول من تدير الجرينة، وانتقل إليها من الحجفة- بضم الحاء المهملة، وسكون الجيم، وفتح الفاء، ثم هاء-وفقهاؤها ذريته، وهو الذي بنى مسجدها. ولم أتحقق تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا في طبقة ولده محمد المذكور قبله. 3347 - [يوسف بن علي] (2) يوسف بن الفقيه علي بن عبد الله بن محمد بن أحمد مقدم الذكر في هذه العشرين (3). ولد أول ربيع الأول سنة خمسين وست مائة. وتفقه بأبيه، ثم بالفقيه محمد بن أبي بكر الأصبحي، وكان فقيها بارعا، وولي قضاء بلده كأبيه، وناب القاضي عمر بن سعيد على قضاء صنعاء، ودرس في مدرسة الزواحي- بفتح الزاي والواو، ثم ألف، ثم حاء مهملة مكسورة، ثم مثناة تحت-قرية من نواحي بلدهم أنشأ فيها بعض مشايخ بني وائل مدرسة درس فيها المذكور. وتوفي لسبع بقين من شعبان سنة تسع وثمانين وست مائة. وسيأتي ذكر أخيه أبي بكر بن علي المشيرقي في العشرين الثانية من المائة التي بعد هذه إن شاء الله تعالى (4).

(1) «السلوك» (1/ 431)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 207)، و «تحفة الزمن» (1/ 354). (2) «السلوك» (1/ 431)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 237)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 80)، و «تحفة الزمن» (1/ 353)، و «المدارس الإسلامية» (ص 92)، و «هجر العلم» (2/ 940). (3) انظر (5/ 406). (4) لم يترجم له المؤلف رحمه الله تعالى، وانظر ترجمته في «السلوك» (1/ 431)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 146).

3348 - [الأمير أبو العباس]

3348 - [الأمير أبو العباس] (1) الأمير أبو العباس محمد بن عباس بن عبد الجليل. كان أميرا كبيرا، هماما مقداما، نال مرتبة عالية عند المظفر، وجعله من جملة خواصه وجلسائه، ثم نقل عنه إلى المظفر ما لا يحتمله الملوك، فأمر بقبضه وكحله، فكحل في زبيد سنة ثلاث وسبعين (2)، وارتحل إلى بيت الفقيه ابن عجيل، وأقام به إلى أن توفي في شهر رمضان من سنة تسع وثمانين وست مائة. 3349 - [ابن عجيل] (3) أحمد بن موسى بن علي الذؤالي المعروف بابن العجيل، الإمام الشهير، السيد الجليل، العالم الحفيل، أصله من عرب يقال لهم: المعازبة-بالعين المهملة، والزاي، والموحدة-يسكنون قريبا من زبيد. ولد سنة ثمان وست مائة. واشتغل على عمه إبراهيم، ولازمه اثنتي عشرة سنة يقرأ فيها الفنون التي قد أتقنها عمه؛ من علم الحديث، والفقه، والأصول، والعربية مع خلو البال. وأخذ بمكة عن الإمام محمد بن يوسف بن مسدي-بفتح الميم، وسكون السين، وكسر الدال المهملتين-والإمام سليمان بن خليل العسقلاني، والإمام إسحاق بن أبي بكر الطبري، وباليمن عن الفقيه محمد بن إبراهيم الفشلي. وبه انتفع خلق، وصاروا أئمة كالإمام علي بن إبراهيم البجلي الساكن في شجينة، والإمام أبي الحسن علي بن أحمد بن الصريدح، والإمام أبي بكر بن الأديب اللحجي، والإمام علي بن عبد الله الجبرتي المشهور بالفرضي، وابنه الإمام إبراهيم بن أحمد وغيرهم من الأئمة الأعلام.

(1) «السلوك» (2/ 570)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 255)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 199)، و «تحفة الزمن» (2/ 500)، و «هجر العلم» (1/ 226). (2) في «العقود اللؤلؤية» (1/ 255) و «طراز أعلام الزمن» (3/ 199): (كحل سنة 693 هـ‍)، وفي «هجر العلم» (1/ 226): (كحله سنة 663 هـ‍). (3) «مرآة الجنان» (4/ 209)، و «السلوك» (1/ 416)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 257)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 179)، و «تحفة الزمن» (1/ 340)، و «طبقات الخواص» (ص 57)، و «تاريخ شنبل» (ص 107)، و «غربال الزمان» (ص 566)، و «هجر العلم» (1/ 222).

3350 - [أحمد الواسطي]

وله معرفة تامة بالفقه والأصول والكلام، حتى قال فيه الإمام أبو الحسن الأصبحي ما قاله أبو أحمد الأسفراييني في حق ابن سريج: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه. وروى عنه الإمام رضي الدين إبراهيم بن محمد الطبري إمام المقام الشريف بمكة. وكان رحمه الله كثير التردد إلى الحج والزيارة، ويسير بالقافلة إلى مكة. وكان زاهدا ورعا، متقنا للعلوم، صاحب قدر كبير، وصيت شهير. قال الشيخ اليافعي: (ولعله كان يزيد على الإمام النووي في ورعه وأدبه، وزهده وتقشفه) (1)، وكان معيشته من الذرة الحمراء والقطيب والمخيض من اللبن مع الجاه الواسع، وقبول الكلمة، والشفاعة في الأمور العظام، أعفيت بشفاعته جملة أراضي من الخراج السلطاني، وكان هو يسلم الخراج على أرضه، فقيل له: ألا تتكلم في ذلك؟ فقال: أكون من الرعية الدفّاعة. قال فيه بعضهم: مثل أحمد بن موسى في الأولياء كيحيى بن زكريا في الأنبياء كأنه يشير إلى ما ورد: «ما منا إلا من عصى أو هم بمعصية إلا يحيى بن زكريا» (2). وكراماته كثيرة شهيرة، وكان كثير الشفاعة لا يرد من سأله، حتى قال: أظن أني ما أموت إلا وأنا أكتب شفاعة، فكان كما ظن، مات وفي يده القلم والقرطاس يكتب شفاعة يوم الثلاثاء ما بين الظهر والعصر لخمس بقين من ربيع الأول سنة تسعين وست مائة وقيل: إحدى وتسعين. وكان رحمه الله تعالى صاحب كرامات شهيرة، يظهر منها ما يظهر على كره منه، وكان أكثر الناس لها كتما نفع الله به، آمين. 3350 - [أحمد الواسطي] (3) أحمد بن هلال الواسطي نسبة إلى واسط، قرية من وادي مور بتهامة.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 213). (2) أخرجه الإمام الطبري في «التفسير» (6976)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/ 468) مرفوعا، وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (20279) موقوفا على الحسن البصري. (3) «السلوك» (2/ 314)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 187)، و «تحفة الزمن» (2/ 53).

3351 - [أحمد الزيلعي]

تفقه بالفقيه أحمد بن موسى بن عجيل. وكان فقيها نبيها، مجودا ذكيا، ورعا زاهدا، مشهورا بمعرفة «الوسيط» المعرفة التامة. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ تبعا لشيخه. 3351 - [أحمد الزيلعي] (1) أحمد بن محمد بن المعلم عمر بن الأكسع، المعروف بالزيلعي. كان فقيها صالحا، ماهرا في العلم، وكان جده المعلم كثير الحج، ويتصدى لرئاسة القافلة السائرة إلى مكة المشرفة للحج. ويحكى أن الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل حج في شبوبته في قافلة ابن الأكسع، فلما رأى ما يقاسي الفقيه عمر الأكسع من العرب، وأنه لولا عزمه وهمته .. لم يطق الناس سفر الحجاز قال له: يا معلم عمر؛ كيف يصنع الناس بعدك في أمر الحج؟ ! فقال له: أنت لهم بعد الله يا أحمد، فكان كما قال، فلما توفي الفقيه عمر الأكسع .. خلفه الفقيه أحمد في رئاسة القافلة السائرة إلى مكة، فعدّ ذلك من الفقيه عمر مكاشفة. قال الجندي: (وأظن أن الفقيه عمر الأكسع أخذ ذلك-يعني: رئاسة القافلة-عن الفقيه بكر الفرساني) (2). ولم أتحقق تاريخ وفاة الفقيه أحمد ولا جده الفقيه عمر الأكسع، وإنما ذكرتهما هنا؛ تبعا للفقيه أحمد بن موسى بن عجيل؛ لأنهما كانا في عصره، والله أعلم. 3352 - [عبد الله ابن جعمان] (3) عبد الله بن الفقيه محمد بن عبد الله بن جعمان. كان تربا للفقيه أحمد بن موسى بن عجيل كما كان أبوه زميلا لأبيه، وكان فقيها.

(1) «السلوك» (2/ 371)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 170)، و «تحفة الزمن» (2/ 287). (2) «السلوك» (2/ 372). (3) «السلوك» (2/ 373)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 211)، و «تحفة الزمن» (2/ 288)، و «هجر العلم» (1/ 388).

3353 - [السويدي الطبيب]

ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا مع تربه الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل رحمهما الله تعالى (1)، وسيأتي ذكر ولديه محمد وعمر في المائة بعد هذه إن شاء الله تعالى (2). 3353 - [السويدي الطبيب] (3) أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن طرخان الأنصاري السويدي، الحكيم العلامة، شيخ الأطباء. أخذ الأدب عن ابن معطي، والطب عن المهذب، وسمع من طائفة، وبرع في الطب، وصنف كتاب «الباهر في الجواهر» و «التذكرة» في الطب، وفاق على الأقران، وكتب الكثير بخطه المليح، ونظر في التعليقات. ومات سنة تسعين وست مائة. 3354 - [سلامش الملك] (4) سلامش-بالمهملة في أوله، والمعجمة في آخره-الملك العادل بن الملك الظاهر بيبرس الصالحي الذي سلطنوه عند خلع الملك السعيد بن الظاهر، ثم خلعوه بعد ثلاثة أشهر، فبقي خاملا بمصر، فلما تسلطن الأشرف .. أخذه وأخاه الخضر، وأهّلهم، وجهزهم إلى بلاد الأشكري. مات سلامش سنة تسعين وست مائة. 3355 - [العفيف التلمساني] (5) سليمان بن علي المعروف بعفيف [الدين] التلمساني الشاعر.

(1) تقدمت ترجمته قبل قليل. (2) انظر (6/ 109). (3) «تاريخ الإسلام» (51/ 397)، و «العبر» (5/ 366)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 123)، و «مرآة الجنان» (4/ 216)، و «المقفى الكبير» (1/ 301)، و «شذرات الذهب» (7/ 718). (4) «تاريخ الإسلام» (51/ 404)، و «العبر» (5/ 367)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 326)، و «مرآة الجنان» (4/ 216)، و «النجوم الزاهرة» (7/ 286)، و «شذرات الذهب» (7/ 719). (5) «تاريخ الإسلام» (51/ 406)، و «العبر» (5/ 367)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 408)، و «مرآة الجنان» (4/ 216)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 29)، و «شذرات الذهب» (7/ 719).

3356 - [ابن سباع]

أحد الزنادقة كما قاله الذهبي، قال: (قيل له مرة: أأنت نصيريّ؟ فقال: النّصيريّ بعض منّي. قال: وأما شعره ففي الذروة العليا من حيث البلاغة والبيان، لا من حيث الاتحاد) (1). توفي سنة تسعين وست مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» اسمه وتاريخ وفاته (2). ونقلت من خط الإمام ابن الخياط خلاف هذا في اسمه وتاريخ وفاته كما مر في سنة ثمان وثمانين وست مائة (3)، والله أعلم. 3356 - [ابن سباع] (4) أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري الشافعي، المعروف بابن سباع، الملقب تاج الدين الفركاح-لحنف في رجله-الإمام شيخ الإسلام، والد الإمام برهان الدين. سمع من طائفة، منهم ابن الزبيدي، وتفقه بالإمامين عزّ الدين بن عبد السلام، وابن الصلاح، واشتغل، وأفتى. وكان مع فرط ذكائه وتوقد ذهنه ملازما للاشتغال، مقدما في المناظرة، متبحرا في الفقه وأصوله، ومن وقف على مؤلفه الذي وضعه على أبواب «التنبيه» وسماه: «كتاب الإقليد في درء التقليد» .. علم محل الرجل من العلم، وله اختيارات في المذهب مشى على أكثرها ولده. وله شعر جيد، وفضائل كثيرة، ومحاسن غزيرة مع لطف الطباع، وميل إلى استماع السماع كولده الشيخ برهان الدين. خرج له الحافظ علم الدين البرزالي مشيخة على مائة شيخ في عشرة أجزاء، سمعها عليه تقي الدين بن تيمية، والحافظ أبو الحجاج المزي، ونجم الدين بن صصرى، وعلاء الدين بن العطار وغيرهم من الأعيان.

(1) «العبر» (5/ 367). (2) «مرآة الجنان» (4/ 216). (3) الذي مر ذكره (5/ 421) هو ابنه الشاب الظريف محمد بن العفيف التلمساني. (4) «تاريخ الإسلام» (51/ 414)، و «العبر» (5/ 367)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 96)، و «مرآة الجنان» (4/ 218)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 163)، و «البداية والنهاية» (13/ 374)، و «شذرات الذهب» (7/ 721).

3357 - [علاء الدين ابن الزملكاني]

وتخرج به جمع كثير، وخلائق لا يحصون. توفي سنة تسعين وست مائة، وتأسف الناس على فراقه رحمه الله تعالى. مذكور في الأصل مختصرا. 3357 - [علاء الدين ابن الزملكاني] (1) أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري الدمشقي، عرف بابن الزملكاني، الإمام المفتي علاء الدين. توفي سنة تسعين وست مائة. 3358 - [الفخر ابن البخاري] (2) الفخر علي بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن السعدي المقدسي الصالحي الحنبلي، مسند الدنيا. ولد في آخر سنة خمس وتسعين. وسمع من حنبل، وابن طبرزد، والكندي، وخلق، وأجاز له أبو المكارم اللبان، وابن الجوزي، وخلق كثير، وطال عمره، ورحل الطلبة إليه من البلاد، وألحق الأحفاد بالأجداد. توفي ثاني ربيع الآخر (3) سنة تسعين وست مائة. 3359 - [محمد بن الحسين الهمداني] (4) محمد بن الحسين بن أبي السعود بن الحسين بن مسلم بن علي الهمداني.

(1) «تاريخ الإسلام» (51/ 427)، و «العبر» (5/ 369)، و «مرآة الجنان» (4/ 219)، و «البداية والنهاية» (13/ 375)، و «شذرات الذهب» (7/ 726). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 422)، و «العبر» (5/ 368)، و «البداية والنهاية» (13/ 373)، و «شذرات الذهب» (7/ 723). (3) في (ق) و (م): (ربيع الأول). (4) «السلوك» (2/ 219)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 179)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 153)، و «تحفة الزمن» (1/ 517)، و «هجر العلم» (3/ 1613).

3360 - [أبو الحسن الأهدل]

ولد لليلتين خلتا من ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وست مائة. وكان صاحب مسموعات وقراءات. غلبت عليه العبادة مع الزهد والورع وكثرة تلاوة القرآن. وكان يسكن مدينة الفراوي، وتوفي بها لخمس بقين من ربيع الأول سنة تسعين وست مائة، وحضر دفنه خلق كثير من نواح شتى، منهم محمد بن أبي بكر الأصبحي مقدم الذكر (1)، وأبو بكر بن أحمد التباعي، وكان به رمد يعاوده، فأخذ ممّا اجتمع من الغسل في سرّة الفقيه محمد بن الحسين، فمسح به ظاهر عينيه وباطنهما، فلم يرمد بعد إلى أن توفي. 3360 - [أبو الحسن الأهدل] (2) الشيخ الكبير أبو الحسن علي بن عمر الأهدل. كان كبير القدر، شهير الذكر، شريف النسب، يقال: إنه من ولد الحسين بن علي رضي الله عنهما. قدم جده محمد من العراق إلى اليمن على قدم التصوف، وسكن أجواف السوداء من وادي سهام. وكان حفيده علي المذكور صاحب تربية وكرامات ظاهرة، ولما خرج الشيخ أبو الغيث من زبيد من عند شيخه ابن أفلح .. مرّ بالشيخ علي الأهدل، فأقام عنده مدة، وتهذب به، فكان يقول: خرجت من ابن أفلح لؤلؤة عجماء، فثقبني الأهدل. واختلف فيمن أخذ عنه اليد، فقيل: صحب رجلا سائحا من أصحاب الشيخ عبد القادر الجيلاني يقال له: محمد بن سبأ (3) الأحوري، وقيل: رأى أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فصافحه وأخذ اليد عنه، وقيل: صحب الخضر.

(1) بل ستأتي ترجمته (5/ 441). (2) «العقود اللؤلؤية» (1/ 263)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 315)، و «تحفة الزمن» (2/ 237)، و «طبقات الخواص» (ص 195). (3) في «العقود اللؤلؤية» (1/ 263): (محمد بن سنان).

3361 - [أبو إسحاق الجندي]

وبالجملة فكراماته كثيرة، وأحواله شهيرة. ولم يزل على الطريقة المرضية إلى أن توفي في سنة تسعين وست مائة. 3361 - [أبو إسحاق الجندي] (1) إبراهيم بن عيسى بن علي ابن مفلّت-بضم الميم، وفتح الفاء، وتشديد اللام المفتوحة، ثم مثناة من فوق-أبو إسحاق الجندي. تفقه بأبيه، ثم بفقهاء المصنعة، ثم بعمر بن مسعود الأبيني، وأخذ عن كل من ورد إلى الجند من العلماء. وتفقه به أبو بكر بن فليح، وأبو بكر بن المغربي، ويوسف بن يعقوب الجندي والد البهاء المؤرخ، وأبو الحسن الأصبحي صاحب «المعين» وغيرهم. وكان فقيها كبير القدر، شريف النفس، استدعاه الملك المظفر لما تحقق علمه وصلاحه، وأمره أن يقرئ ولده الملك الأشرف، ولما حضر مجلسه، وقرأ عليه وباحثه .. وجده عالما مبرزا، فاضلا، مشاركا في الفنون، فلازمه أن يكون له وزيرا، فامتنع، فأجرى له نفقة جيدة كل سنة، وكان لبسه القطن. وتوفي بالجند سنة تسعين وست مائة. 3362 - [أحمد بن خطاب] (2) أحمد بن خطاب بن الفقيه أبي بكر بن خطاب أبو العباس. تفقه بالفقيه أحمد بن موسى بن عجيل، وكان شيخه ابن عجيل يجلّه ويبجله، ويثني عليه ثناء حسنا. وكان فقيها فاضلا كاملا. توفي في أحد ربيعي سنة تسعين وست مائة (3).

(1) «السلوك» (1/ 451)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 260)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 35)، و «تحفة الزمن» (1/ 368)، و «المدارس الإسلامية» (ص 88)، و «هجر العلم» (1/ 118). (2) «السلوك» (2/ 360)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 69)، و «تحفة الزمن» (2/ 237). (3) في «السلوك» (2/ 360)، و «تحفة الزمن» (2/ 237): (سنة ثمان وتسعين وست مائة).

3363 - [الخضر المغربي]

3363 - [الخضر المغربي] (1) الخضر بن محمد أبو محمد المغربي. كان مقرئا عارفا، فاضلا مجتهدا، محققا. أخذ عن ابن الحذاء في جبا، وعن ابن الحرازي في عدن. وتوفي سنة تسعين وست مائة. 3364 - [أبو بكر المغربي] (2) أبو بكر بن محمد، أخو الخضر المذكور قبله. تفقه بالإمام أبي الحسن علي بن أحمد الأصبحي، وبابن الإمام في عدن، ودرس بالشقيرية. وكانت وفاته تقريبا لنيف وتسعين وست مائة. 3365 - [عبد الرحمن الحميري] (3) عبد الرحمن بن حسن بن علي بن عمر بن محمد بن علي بن أبي القاسم الحميري أبو الفرج (4). تفقه بأبيه، وبالفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي، وبالقاضي عباس (5) من جبلة. وكان فقيها نبيها، عارفا صالحا، تقيا ورعا، رتّب معيدا في مظفرية تعز، ثم انتقل إلى

(1) «السلوك» (2/ 63)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 390)، و «تحفة الزمن» (1/ 418)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 69). (2) «السلوك» (2/ 63)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 390)، و «تحفة الزمن» (1/ 418)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 69)، و «المدارس الإسلامية» (ص 89). (3) «السلوك» (2/ 160)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 263)، و «تحفة الزمن» (1/ 476)، و «المدارس الإسلامية» (ص 21). (4) كنيته في مصادر الترجمة التي ذكرتها: (أبو القبائل). (5) في «السلوك» (2/ 160) و «تحفة الزمن» (1/ 479): (عياش).

3366 - [عبد الرحمن الهمداني]

تدريس أتابكية ذي هزيم، ثم زهد في الجميع ولزم بيته في مغربة تعز، وحصل به في آخر عمره مرض طال به، فأشير عليه بالطلوع إلى صنعاء ليخترف فيها العنب، فاكترى حمارا من رجل غريب، فلما انفرد الرجل به في الطريق .. قتله، وأخذ ما كان معه، وذلك في سنة تسعين وست مائة، فجمع الله له بين شهادتين: الغربة والقتل. 3366 - [عبد الرحمن الهمداني] (1) عبد الرحمن بن سعيد بن علي بن إبراهيم بن أسعد بن أحمد الهمداني، يجتمع مع الفقيه عمر بن سعيد العقيبي في أسعد بن أحمد. ولد سنة ست وثلاثين وست مائة. وتفقه بعمر بن سعيد، وكان عمر بن سعيد أخا لأبيه من أمه، ولما توفي الفقيه عمر بن سعيد .. خلفه الفقيه عبد الرحمن في مجلسه، وعكف عليه أصحابه، وتفقه به جماعة من أهل عصره. وكان فقيها فاضلا، ناسكا، كثير الحج والزيارة. قال الجندي: (وهو أول من أدخل «العزيز شرح الوجيز» إلى الجبال) (2). وتوفي المذكور في المحرم أول سنة تسعين وست مائة عن ثلاث وخمسين سنة. 3367 - [عبد الله الشعبي] (3) عبد الله بن علي، ابن عم الفقيه عثمان بن أبي بكر بن منصور الشعبي. كان فقيها حافظا، وكان يلقب بالأصم؛ لصمم كان به (4). توفي سنة تسعين وست مائة.

(1) «السلوك» (2/ 243)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 262)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 56)، و «تحفة الزمن» (1/ 531)، و «هجر العلم» (2/ 783). (2) «السلوك» (2/ 243). (3) «السلوك» (2/ 274)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 184). (4) الأصم هو عثمان وليس عبد الله كما في «طراز أعلام الزمن» (2/ 184).

3368 - [الخطيب ابن المرحل]

3368 - [الخطيب ابن المرحل] (1) أبو حفص عمر بن مكي بن عبد الصمد الشافعي الأصولي المتكلم، خطيب دمشق. توفي سنة إحدى وتسعين وست مائة، وولي بعده الخطابة الشيخ عزّ الدين الفاروثي. مذكور في الأصل. 3369 - [أحمد بن يحيى] (2) أحمد بن الفقيه يحيى بن زكريا. ولد سنة تسع وأربعين وست مائة ثاني عشر جمادى الأخرى منها. وكان عالما عاملا، عالي الهمة، حسن السيرة، مرضي الطريقة، ذا مروءة ظاهرة، حسن الصحبة لمن صحبه. توفي سنة إحدى وتسعين وست مائة. 3370 - [محمد المذحجي] (3) محمد بن أسعد بن عبد الله بن سعيد المقرئ العنسي-بنون ساكنة بين مهملتين- المذحجي. كان فقيها، غواصا على الدقائق، عالما عاملا، عارفا بالفروع والأصول، وله في كل منهما تصنيف حسن. ولي قضاء عدن مدة طويلة، فأخذ عنه ابن الحرازي وغيره، وكان يحب الاختلاط بالفقهاء ومواصلتهم، فكان مدرس عدن يومئذ والمعيد، والطلبة يصلون كل يوم إلى بابه، ويحضرون مجلسه، فيلتقيهم بالبشر والإكرام، ويلقي عليهم المسائل من الكتب التي يعانون

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 129)، و «العبر» (5/ 373)، و «مرآة الجنان» (4/ 219)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 342)، و «المنهل الصافي» (8/ 335)، و «شذرات الذهب» (7/ 731). (2) «السلوك» (2/ 126)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 187)، و «تحفة الزمن» (1/ 453)، و «هجر العلم» (2/ 1144). (3) «السلوك» (1/ 438)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 144)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 103)، و «تحفة الزمن» (1/ 359)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 202).

3371 - [مجد الدين الطبري]

قراءتها، فمن وجده ذاكرا شكره، وبارك عليه، ووعده بالخير، وحثه على زيادة الاجتهاد. وله مكارم أخلاق، وكرم طباع، قلّما قصده أحد إلا وواساه بما يليق به من نفسه أو جاهه مع الورع والعفة والتنزه عما يتهم به حكام عدن وغيرهم من المحاباة في الأحكام مع كثرة العبادة والصدقة. وكان فيه حمية وعصبية، لما دخل الشمس البيلقاني إلى عدن .. آنسه وصحبه، وتتلمذ له، فقرأ عليه «وجيز الغزالي»، وكان البيلقاني أشعري العقيدة، والقاضي حنبليها، فلما ظهر للقاضي مخالفة البيلقاني له في العقيدة .. انشقت العصا بينهما، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة الزكي البيلقاني في «التاريخ» المختص بالثغر (1). وتوفي القاضي المذكور بعدن لاثنتي عشرة بقيت من صفر من سنة إحدى وتسعين وست مائة، ودفن بالقطيع في حياط ينسب إلى بيت الفارسي، وإلى جنب قبره قبور جماعة من الحكام الذين تولوا بعدن. 3371 - [مجد الدين الطبري] (2) عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم مجد الدين أبو محمد الطبري الشافعي، إمام المساجد الثلاثة. ولد تاسع شهر رمضان سنة تسع وعشرين وست مائة بمكة. وسمع بها من علي بن المقيّر «سنن أبي داود»، وسمع بها أيضا من ابن الجميزي، وابن منجال، وشعيب الزعفراني وغيرهم، ورحل إلى القاهرة، وسمع بها من الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام، والحافظ رشيد الدين العطار (3) وغيرهما، وبدمشق من ابن علان، وابن مسلمة وجماعة. وخرج لنفسه جزءا عن جماعة من شيوخه.

(1) «تاريخ ثغر عدن» (2/ 81). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 121)، و «معجم الشيوخ» (1/ 334)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 586)، و «العقد الثمين» (5/ 267). (3) في «تاريخ الإسلام» (52/ 122)، و «معجم الشيوخ» (1/ 334)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 586): (ابن العطار)، وفي «العقد الثمين» (5/ 268): (ابن رشيد الدين العطار).

3372 - [محمد بن عبد القدوس]

سمع منه في محرم سنة ست وستين جماعة من الأعيان، منهم الوجيه الشيبي، والبرزالي وذكره في «معجمه» وقال: كان من أعيان الشيوخ جلالة وفضلا ونبلا. أفتى بمكة مدة، وأم بها، ثم بالحرم النبوي، ثم بقبة بيت المقدس، ولما نقل على كره منه من إمامة الروضة النبوية إلى الإمامة بالمسجد الأقصى .. كتب إليه الإمام أبو الحسن علي بن المظفر الوداعي (1) بهذين البيتين في سنة سبع وسبعين وست مائة: [من الكامل] أمفارق البيت الحرام مجاورا … بالقدس ما لك قد ندمت عليه فالمسجد الأقصى عظيم شأنه … ولذاك أسري بالنبي إليه توفي بالقدس ثامن عشر شوال سنة إحدى وتسعين وست مائة، وصلي عليه من الغد بالمسجد الأقصى، ودفن بمقبرة ما علاه (2). 3372 - [محمد بن عبد القدوس] (3) محمد بن عبد القدوس، الأزدي نسبا، الظفاري بلدا. كان فقيها فاضلا، عارفا خصوصا في علم الأدب، نظم «التنبيه»، وله ديوان شعر يقال: إنه بلّه قبل موته، ومن شعره: [من البسيط] من أين لي يوم ألقى الله معذرة … أنجو بها من عذاب الخالق الباري ذنبي عظيم وعفو الله أعظم من … ذنبي وجرمي وعصياني وأوزاري وله مصنف يسمى: «العلم في معرفة القلم» كامل الإفادة في فنه، وهو الخط وما يتعلق به من القلم غيره، صنفه لخزانة السلطان سالم بن إدريس الحبوضي، ولما ورد كتاب المظفر إلى سالم بن إدريس المذكور بالتوعد والتهدد وفي آخره قوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ} الآية .. أمر سالم الفقيه المذكور أن يجيب عن الكتاب، فجوّب بجواب شاف، وجوّب عن الآية الكريمة بقوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً* فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً* لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً}.

(1) في (م) و «العقد الثمين» (5/ 269): (الوادعي). (2) في «العقد الثمين» (5/ 268): (المقبرة ماملاّ)، وفي «التحفة اللطيفة» (1/ 379): (بمقبرة مانلا). (3) «السلوك» (2/ 469)، و «طراز أعلام الزمان» (3/ 203)، و «تحفة الزمن» (2/ 434).

3373 - [محمد بن أبي بكر الأصبحي]

وتوفي المذكور قبل وصول الواثق إلى ظفار بنحو سنة، وكان وصول الواثق في سنة اثنتين وتسعين وست مائة. 3373 - [محمد بن أبي بكر الأصبحي] (1) محمد بن أبي بكر بن منصور الأصبحي. تفقه بمنصور بن محمد بن منصور الأصبحي، وكان فقيها فاضلا، صالحا محققا، مدققا، موفقا في الجواب، مبارك التدريس. انتفع به خلق كثير، وصار غالبهم علماء أئمة، منهم علي بن أحمد الأصبحي، وهو ابن عمته، وعبد الوهاب بن الفقيه أبي بكر بن ناصر، وعبد الله بن سالم وغيرهم. وكانت حلقته قد تجمع مائتي طالب في كثير من الأوقات، وكان بالمصنعة، ثم انتقل إلى إب، فتلقاه أهلها تلقاء حسنا، وقاموا بكفاية من وصل معه من الطلبة. ومن مصنفاته: «الفتوح في غرائب الشروح»، و «الإيضاح في مذاكرة المسائل المشكلة من التنبيه والمصباح»، و «الإشراف في تصحيح الخلاف» وغير ذلك. وكان مع ذلك زاهدا، عابدا متورعا، راتبه كل يوم سبع القرآن، وكان يختم في رمضان ستين ختمة: ختمة بالنهار، وختمة بالليل، وقرأ في رمضان الذي توفي عقبه خمسا وسبعين ختمة. يروى أنه قال: جعل الله أربعة من الملائكة لغضبه، وهم عزرائيل ومالك ومنكر ونكير، وقد سألت الله ألا يريني أحدا منهم، وأرجو أنه قد استجاب لي. وتوفي بحر المدفن أسرع من لمح البصر، فعلم أنه لم ير عزرائيل. ورآه بعض الفقهاء بعد موته، فسأله عما فعل الله به فقال: أخذ بيدي، وأدخلني الجنة، وقال: هل وجدت منكرا ونكيرا؟ فقال: لا، بل سمعت صوتا لا أدري أهو منهما أم من غيرهما؟ ! ثم أسمعني كلاما حفظت منه ما هذا مثاله: قل للرجلين انصرفا عن الفقيه كلاكما، قل للرجلين انصرفا عن الفقيه قبل أن يراكما، قل للرجلين انصرفا عن الفقيه واعلما أنه مولاكما، فهذا يدل على أنه لم ير الآخرين.

(1) «السلوك» (2/ 72)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 264)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 128)، و «تحفة الزمن» (1/ 423)، و «طبقات الخواص» (ص 327)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 204).

3374 - [القاضي البيضاوي]

وتوفي بإب صبح الجمعة سادس شوال سنة إحدى وتسعين وست مائة، وقبر إلى جنب سيف السنة رحمهما الله تعالى ونفع بهما، آمين. 3374 - [القاضي البيضاوي] (1) عبد الله بن عمر بن محمد ناصر الدين البيضاوي، نسبة إلى قرية يقال لها: البيضاء على مرحلة من شيراز، خرج منها جده، فسكن شيراز مدينة الملك. تفقه المذكور في المنقولات بأبيه، وفي المعقولات بشرف الدين شعبة أوحد علماء عصره بشيراز. وله التصانيف المفيدة، ومن أجلها «التفسير» مختصر «الكشاف»، و «الطوالع» و «المصباح» و «المنهاج» كلها في الأصول، و «الغاية القصوى» في الفروع وغير ذلك، وكان له من الأصحاب والتصانيف ما ليس لغيره. وممن أخذ عنه محمد بن إبراهيم الزنجاني، وعبد الحميد بن عبد الرحمن الجيلوني. ولي قضاء شيراز كأبيه من قبله. وتوفي ببرمة من أعمال أذربيجان سنة اثنتين وتسعين وست مائة (2). 3375 - [المسند ابن الواسطي] (3) أبو إسحاق إبراهيم بن علي الصالحي، المعروف بابن الواسطي، العلامة المسند، الزاهد القدوة. سمع وتفقه وأتقن ودرس بالصاحبية.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 220)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 157)، و «البداية والنهاية» (13/ 356)، و «غربال الزمان» (ص 570)، و «بغية الوعاة» (2/ 50)، و «شذرات الذهب» (7/ 685). (2) قد وقع الخلاف في تاريخ وفاة الإمام البيضاوي؛ ففي «البداية والنهاية» (13/ 356) و «بغية الوعاة» (2/ 50): توفي سنة (685 هـ‍)، وقد نقل ابن العماد في «الشذرات» (7/ 686) عن السبكي والإسنوي أنه توفي سنة (691 هـ‍)، وفي «شذرات الذهب» (7/ 685): توفي سنة (695 هـ‍)، وقد تبع المصنف اليافعي في «مرآة الجنان» (4/ 220) فذكر وفاته سنة (692 هـ‍). (3) «تاريخ الإسلام» (52/ 148)، و «العبر» (5/ 375)، و «مرآة الجنان» (4/ 221)، و «البداية والنهاية» (13/ 383)، و «الدارس في تاريخ المدارس» (2/ 82)، و «شذرات الذهب» (7/ 733).

3376 - [جمال الدين المقرئ]

وكان فقيها زاهدا، عابدا مخلصا قانتا، صاحب جد وصدق، وقول بالحق، وهيبة في النفوس. توفي سنة اثنتين وتسعين وست مائة. 3376 - [جمال الدين المقرئ] (1) أبو إسحاق إبراهيم بن داود بن ظافر العسقلاني، القاضي جمال الدين الدمشقي المصري، صاحب السخاوي. ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح مدة، وسمع من ابن الزبيدي وجماعة، وكتب الكثير. وتوفي سنة اثنتين وتسعين وست مائة. 3377 - [إبراهيم الأرموي] (2) الشيخ الجليل القدوة إبراهيم بن عبد الله الأرموي. روى عن الشيخ الموفق وغيره. وكان صالحا قانتا لله، منيبا زاهدا عابدا. توفي سنة اثنتين وتسعين وست مائة، وحضره القضاة وملك الأمراء، وحمل على الرءوس. 3378 - [شيخ القراء المكين الأسمر] (3) عبد الله بن منصور الإسكندراني، شيخ القراء بالإسكندرية، الشيخ الكبير، السيد الشهير.

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 146)، و «العبر» (5/ 374)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 345)، و «مرآة الجنان» (4/ 220)، و «شذرات الذهب» (7/ 734). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 147)، و «العبر» (5/ 375)، و «مرآة الجنان» (4/ 220)، و «المقفى الكبير» (1/ 238)، و «شذرات الذهب» (7/ 734). (3) «تاريخ الإسلام» (52/ 157)، و «العبر» (5/ 376)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1367)، و «مرآة الجنان» (4/ 221)، و «شذرات الذهب» (7/ 735).

3379 - [عبد الرحمن العنسي]

أثنى عليه الشيخ أبو الحسن الشاذلي، والتاج ابن عطاء الله وقال: كنت أنا وهو معتكفين في العشر الأواخر من رمضان، فلما كان ليلة ست وعشرين .. قال: أرى الملائكة في تعبئة وتهيئة كما يتهيأ أهل العرس قبله بليلة، فلما كانت ليلة سبع وعشرين وهي ليلة جمعة .. قال: رأيت الملائكة تنزل من السماء ومعها أطباق النور، فلما كان ليلة ثمان وعشرين .. قال: رأيت هذه الليلة كالمتغيظة وهي تقول: هب أن لليلة القدر حقا، أما لي حق يرعى؟ ! قال الشيخ عبد الله اليافعي: (لعل تغيظها على الناس من أجل تركهم إحياءها، واهتمامهم بليلة القدر دونها مع كونها جارة لها، وحق الجار أن يكرم بشيء مما أكرم به جاره، وأما أطباق النور .. فلعلها هدية لمن أحيا ليلة القدر ومن أناله الله شيئا من بركاتها) (1). توفي المذكور سنة اثنتين وتسعين وست مائة. 3379 - [عبد الرحمن العنسي] (2) عبد الرحمن بن محمد بن أسعد بن محمد بن عبد الله بن سعيد العنسي بالنون بين العين والسين المهملتين. كان فقيها فاضلا، ولي قضاء عدن أياما، ثم كاده تاجر يقال له: ابن بكاش إلى المظفر، وكذب عليه، فحمل المظفر كلامه على الصدق، فأمر القاضي البهاء أن يعزله عن القضاء، فعزله لأجل مكيدة التاجر لا غير، فلما انفصل من قضاء عدن .. لزم بيته. وكان ذا عبادة وزهادة، واجتهاد في العلم، وشهر بذلك، فكرهه بعض أهل عصره، وكاده إلى القضاة أهل سير، فكرهوه، فلما ظهر له منهم الكراهة .. لاذ بالأشرف عمر بن المظفر؛ خوفا من الشر، فقربه وآنسه، وجعله وزير بابه، وأحسن إليه إحسانا تاما كليا، ولم يزل عنده مبجلا مجللا إلى أن توفي في آخر يوم من رمضان سنة اثنتين وتسعين وست مائة. قال الجندي: (ولم يفلح التاجر الذي كاده، بل أخرجه الله من عدن وجوار

(1) «مرآة الجنان» (4/ 221). (2) «السلوك» (1/ 443)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 268)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 67)، و «تحفة الزمن» (1/ 363)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 120)، و «هجر العلم» (2/ 738).

3380 - [أبو الحسن ابن ثمامة]

المسلمين، وأسكنه بين الكفار في الهند، فلم يزل يخدم رجلا من ملوك الهند إلى أن توفي هنالك على حال غير مرضي عند ذوي الدين والدنيا) اه‍ (1) 3380 - [أبو الحسن ابن ثمامة] (2) علي بن محمد بن أحمد بن نجاح، المعروف بابن ثمامة بمثلثة مضمومة، وميمين مفتوحتين بينهما ألف، وآخره هاء تأنيث، ونسبه في بني كنانة، أهل الضّحي. ولد سنة سبع وعشرين وست مائة. وتفقه بالفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي، وتزوج بابنته، فظهر له منها ولداه إسماعيل ومحمد الآتي ذكرهما في المائة التي بعد هذه (3). وكان إماما عالما، صالحا ورعا زاهدا، مبارك التدريس، عظيم الخشية لله تعالى، كثير الخشوع، سريع الدمعة عند ذكر الله تعالى، حتى كان يسمى: البكاء. استخلفه صهره الفقيه إسماعيل على قضاء القحمة، فكان أحسن القضاة سيرة، وأطهرهم سريرة. يحكى أنه تداعى عنده خصمان، وكان المدعى عليه بينه وبين القاضي صحبة قديمة من قبل ولاية القضاء، وقد تقدمت منه إلى القاضي هدية، فوضع القاضي كمه على وجهه، وحكم بينهما بطريق الشرع المرضي البين، فلما انقضت حكومتهما .. عزل نفسه. وتوفي آخر ذي الحجة من سنة اثنتين وتسعين وست مائة. 3381 - [عمر الأحولي] (4) عمر بن الفقيه محمد بن أحمد بن مصباح الأحولي العنسي، تقدم ذكر أبيه في العشرين الثالثة (5).

(1) «السلوك» (1/ 443). (2) «السلوك» (2/ 42)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 268)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 332)، و «تحفة الزمن» (1/ 401)، و «المدارس الإسلامية» (ص 97)، و «هجر العلم» (3/ 1194). (3) انظر ترجمة إسماعيل (6/ 56)، وترجمة محمد (6/ 204). (4) «السلوك» (2/ 169)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 269)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 87)، و «تحفة الزمن» (1/ 485). (5) انظر (5/ 255).

3382 - [خليل بن قلاوون]

فلما توفي أخوه حسين المذكور في هذه العشرين (1) .. خلفه في تدريس النجمية. وكان فقيها كبيرا، زاهدا عابدا، صالحا ورعا، خيرا دينا، حج ستا وثلاثين حجة. وتوفي سنة اثنتين وتسعين وست مائة. 3382 - [خليل بن قلاوون] (2) الملك الأشرف صلاح الدين خليل بن الملك المنصور قلاوون. ولي السلطنة بعد أبيه في ذي القعدة سنة تسع وثمانين، وصفّى في أيامه سواحل الشام من النصارى. وفي المحرم من سنة ثلاث وتسعين وست مائة اجتمع عليه نائبه بيدرا ولاجين وجماعة وقتلوه، وتسلطن بيدرا، ولقب بالملك القاهر، فأقبل كتبغا والخاصكيّة (3) وحملوا على بيدرا فقتلوه. 3383 - [ابن الخويّي] (4) شهاب الدين قاضي القضاة محمد بن قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر الشافعي. روى عن ابن المقير وطائفة. وكان من أعلم أهل زمامه، وأكثرهم تفننا، وأحسنهم تصنيفا، وأحلاهم مجالسة. ولي قضاء حلب، ثم قضاء الشام. وتوفي في العشر الأخير من رمضان سنة ثلاث وتسعين وست مائة.

(1) انظر (5/ 395). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 180)، و «العبر» (5/ 378)، و «الوافي بالوفيات» (13/ 399)، و «مرآة الجنان» (4/ 222)، و «المقفى الكبير» (3/ 793)، و «شذرات الذهب» (7/ 738). (3) الخاصكية: قسم من المماليك السلطانية، يختارهم السلطان من الأجلاب الذين دخلوا خدمته صغارا، وهم يدخلون على الملك في أوقات خلواته وفراغه بغير إذن، وينالون من ذلك ما لا يناله أكابر المقدمين، ويتميزون عن غيرهم بحملهم سيوفهم ولباسهم المطرز المزركش. (4) «تاريخ الإسلام» (52/ 191)، و «العبر» (5/ 379)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 137)، و «مرآة الجنان» (4/ 222)، و «بغية الوعاة» (1/ 23)، و «البداية والنهاية» (13/ 387)، و «شذرات الذهب» (7/ 739).

3384 - [الملك الحافظ غياث الدين]

3384 - [الملك الحافظ غياث الدين] (1) الملك الحافظ غياث الدين محمد بن شاهنشاه بن الملك الأمجد صاحب بعلبك. روى «صحيح البخاري»، ونسخ الكثير بخطه. وتوفي في سنة ثلاث وتسعين وست مائة. 3385 - [شمس الدين الدمياطي] (2) محمد بن عبد العزيز المقرئ شمس الدين الدمياطي. أخذ القراءات عن السخاوي، وتصدر، وقرأ عليه جماعة لعلو روايته. توفي سنة ثلاث وتسعين وست مائة. 3386 - [ابن سلعوس] (3) محمد بن عثمان التنوخي، عرف بابن سلعوس، الوزير الكامل، مدبر الممالك شمس الدين التاجر الكاتب. ولي حسبة دمشق، فاستصغره الناس عنها، فلم ينشب أن ولي الوزارة، ودخل دمشق في موكب عظيم لم يعهد مثله. وعذبه كتبغا حتى أنتن جسده من شدة الضرب، وقطع منه اللحم الميت، وأخذت أمواله، ومات في العذاب سنة ثلاث وتسعين وست مائة. 3387 - [سليمان بن علي] (4) سليمان بن علي بن سليمان (5).

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 195)، و «العبر» (5/ 379)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 147)، و «مرآة الجنان» (4/ 222)، و «البداية والنهاية» (13/ 387)، و «شذرات الذهب» (7/ 740). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 197)، و «العبر» (5/ 379)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1407)، و «مرآة الجنان» (4/ 222)، و «شذرات الذهب» (7/ 741). (3) «تاريخ الإسلام» (52/ 199)، و «العبر» (5/ 380)، و «مرآة الجنان» (4/ 222)، و «المقفى الكبير» (6/ 204)، و «شذرات الذهب» (7/ 741). (4) «السلوك» (2/ 246)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 487)، و «تحفة الزمن» (1/ 533)، و «هجر العلم» (1/ 290). (5) في «السلوك» (2/ 246)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 487): (بن أبي سليمان).

3388 - [سليمان الجيشي]

كان فقيها فاضلا دينا. تفقه بتهامة وغيرها، وكان مذكورا بحسن الفقه، ولين الجانب، ولطافة الخلق، حافظا لصحبة الأصحاب، قائما بحالهم. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه ولد سنة ثلاث وتسعين وست مائة، فحقه أن يذكر في المائة التي بعد هذه. 3388 - [سليمان الجيشي] (1) سليمان بن محمد بن الزبير بن أحمد الجيشي، نسبة إلى جد له اسمه: جيش-بفتح الجيم، والمثناة من تحت، ثم شين معجمة-الشاوري، نسبة إلى شاور بن قدم بن قادم، أبو قبيلة من همدان. تفقه المذكور بعلي بن مسعود، وأخذ عنه القرآن والنحو واللغة، وغلبا عليه، وأخذ الأدب خاصة عن الفقيه إبراهيم بن علي بن عجيل. وعنه أخذ جماعة، منهم محمد بن عمر، وعلي بن عطية الشغدري. وبه تفقه ابنا أخيه محمد وطلحة ابنا الزبير بن محمد بن الزبير. وكان فقيها عالما، عارفا محققا، كبير القدر، شهير الذكر، إليه انتهت رئاسة التدريس في بلده. قيل: إنه عاش مائة سنة وخمس سنين. ولم يزل على الطريق المرضي من لزوم الجمعة والجماعة، ومواظبة العلم قراءة وإقراء. وكان حسن الخط، جيد الضبط، نسخ بيده عدة كتب في فنون كثيرة. قال الجندي: (وتوفي لنيف وتسعين وست مائة تقريبا، ورثاه ابن أخيه محمد بقصيدة طويلة حسنة جدا يقول فيها: [من الطويل] خليلي أما الصبر فهو بنا أحرى … ولكننا والله لا نملك الصبرا وكيف نطيق الصبر أو نملك الحجى … وشمس الهدى والدين قد أودع القبرا) (2)

(1) «السلوك» (2/ 321)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 491)، و «تحفة الزمن» (2/ 101)، و «هجر العلم» (4/ 1979). (2) «السلوك» (2/ 321).

3389 - [محمد الحارثي]

وسيأتي ذكر محمد في أول المائة بعد هذه (1). 3389 - [محمد الحارثي] (2) محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد المحمود الحارثي ثم الشاوري. تفقه بأبيه، وسليمان ابن الزبير وغيرهما، وكان فقيها ورعا، عارفا، مشهورا بالدين والصلاح، والورع والزهد، وكثرة إطعام الطعام، وله كرامات كثيرة، وكان يسكن قرية قومه بني الحارث تحت حصن لبني شاور يقال له: كحلان. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا مع شيخه سليمان بن محمد بن الزبير المذكور قبله. 3390 - [أبو العباس الفاروثي] (3) أبو العباس أحمد بن إبراهيم الواسطي عزّ الدين الفاروثي، الإمام العالم، الواعظ المقرئ المفسر، الخطيب الشافعي الصوفي، شيخ العراق. كان متضلعا من العلوم والآداب، حسن التربية للمريدين، لبس الخرقة من الشيخ شهاب الدين السهروردي، وسمع منه ومن جمع كثير. وسمع منه الكثير في الحرمين والعراق ودمشق، وجاور بمكة مدة، وقرأ عليه الرضي الطبري «الحاوي الصغير» بأخذه له عن مصنفه الإمام عبد الغفار القزويني، ثم قدم بعد المجاورة إلى الشام في سنة إحدى وتسعين (4)، فولي بها مشيخة دار الحديث الظاهرية، وإعادة الناصرية، وتدريس النجيبية، ثم ولي خطابة البلد بعد الزين ابن المرحل.

(1) انظر (6/ 40). (2) «السلوك» (2/ 322)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 213)، و «تحفة الزمن» (2/ 102)، و «هجر العلم» (4/ 1980). (3) «تاريخ الإسلام» (52/ 206)، و «العبر» (5/ 281)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1387)، و «مرآة الجنان» (4/ 223)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 6)، و «طبقات الفقهاء الشافعيين» (2/ 365)، و «المقفى الكبير» (1/ 350)، و «شذرات الذهب» (7/ 743). (4) كذا في «العبر» (5/ 381) و «مرآة الجنان» (4/ 223) و «شذرات الذهب» (7/ 743) نقلا عن الإمام الذهبي، وفي باقي مصادر الترجمة كان قدومه سنة تسعين.

3391 - [المحب الطبري]

وكان خطيبا بليغا، ثم عزل بعد سنة بالخطيب الموفق، فسافر مع الحجاج، ودخل العراق. وتوفي بواسط سنة أربع وتسعين وست مائة. وكان كثير الاشتغال بالعبادة، وكتبه أكثر من ألفي مجلد، ذو كرم وسعة صدر ووجاهة عند الأمراء والكبراء. 3391 - [المحب الطبري] (1) أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر المكي الشافعي، المعروف بالمحب الطبري، شيخ الحرم، العلامة الحافظ. ولد سنة خمس عشرة وست مائة. اشتغل بقوص على الشيخ مجد الدين القشيري، وسمع من ابن المقير، وابن الجمّيزي وجماعة غيرهما. وصنف في الفقه والحديث كتبا مبسوطات ومختصرات، منها «شرح التنبيه»، وهو شرح حسن، وصنف في المناسك وفي الألغاز، وكتابه في أحاديث الأحكام في عشر مجلدات أجاد فيه وأفاد، وهو كتاب حافل، جمع فيه بين الحديث الحسن والصحيح، وقد يورد فيه الضعيف من غير تنبيه على ضعفه. وكان إماما عالما، مجتهدا، عارفا بالفقه والآثار. وبالجملة فكان محدث الحجاز، وشيخ الشافعية في زمنه، وله الجاه العظيم عند المظفر الرسولي، طلبه المظفر إلى اليمن، فلما وصل إليه .. أكرمه وبجله، وعظمه وأجله، وسمع عليه كثيرا من أمهات الحديث ومن مصنفاته وغيرها. وله شعر حسن. وتوفي في ذي القعدة سنة أربع وتسعين وست مائة. مذكور في الأصل.

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 210)، و «العبر» (5/ 282)، و «مرآة الجنان» (4/ 224)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 18)، و «طبقات الفقهاء الشافعيين» (2/ 366)، و «المنهل الصافي» (1/ 342)، و «شذرات الذهب» (7/ 743).

3392 - [شرف الدين المقدسي]

3392 - [شرف الدين المقدسي] (1) أبو العباس أحمد بن أحمد بن نعمة الشافعي، ابن المقدسي، الإمام العلامة شرف الدين، خطيب دمشق ومفتيها، وشيخ الشافعية بها. سمع من السخاوي وابن الصلاح، وتفقه على الإمام ابن عبد السلام، وبرع في الأصول والفقه والعربية، وناب في الحكم مدة، ودرس بالشامية والغزالية، وصنف في الأصول، وكتب الخط الفائق. وكان ثاقب الذهن، مفرط الذكاء، كيّسا، متواضعا، متنسكا. توفي في رمضان سنة أربع وتسعين وست مائة. 3393 - [الملك المظفر صاحب اليمن] (2) الملك المظفر يوسف بن الملك المنصور عمر بن علي بن رسول صاحب اليمن. وليه نيفا وأربعين سنة، أقطعه أبوه المهجم، وتوفي أبوه وهو بالمهجم، فوصل إلى الشيخ أبي الغيث بن جميل، فقال له الشيخ: ما تطلب؟ قال: الملك، قال: وليتك، فقدم إلى زبيد وتسلمها، ثم إلى تعز فتسلمها، ثم تسلم الجبال، ودان له اليمن جميعه. وكان له مشاركة في العلوم، يحب مجالسة العلماء، ويعتقد الصالحين. سمع من المحب الطبري وغيره، وحج في خمس مائة فارس. وله حكايات ظريفة: منها: أنه كتب إليه بعض الناس كتابا على وجه المؤانسة والمزاح قال فيه: قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وأخوك بالباب يطلب منك نصيبه من بيت المال، فأرسل

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 205)، و «العبر» (5/ 380)، و «مرآة الجنان» (4/ 225)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 15)، و «طبقات الفقهاء الشافعيين» (2/ 365)، و «المقفى الكبير» (1/ 361)، و «شذرات الذهب» (7/ 742). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 234)، و «العبر» (5/ 384)، و «الوافي بالوفيات» (29/ 263)، و «مرآة الجنان» (4/ 225)، و «البداية والنهاية» (13/ 391)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 81)، و «شذرات الذهب» (7/ 746).

3394 - [أبو الرجال بن مري]

إليه بدرهم وقال في جوابه: إخواني المؤمنون كثير في الدنيا، ولو قسمت عليهم بيت المال .. ما حصل لكل واحد درهم. وأرسل إليه إنسان: أنا كاتب أحسن الخط الظريف، والكشط اللطيف، فقال في جوابه: ما ذكرت من حسن كشطك يدل على كثرة غلطك. ومنها: أن جماعة بعدن من أرباب الدولة اجتمعوا على اللعب واللهو وملئوا أزيارا كثيرة من الخمر، فأراقها الشيخ الكبير عبد الله بن أبي بكر الخطيب، فشكوه إلى المظفر، فأجابهم أن هذا لا يفعله إلا صالح أو مجنون، وكلاهما ما لنا معهما كلام. توفي المظفر سنة أربع وتسعين وست مائة. 3394 - [أبو الرجال بن مري] (1) أبو الرجال بن مري، الشيخ الكبير، الولي الشهير، صاحب كشف وأحوال، له موقع في النفوس وإجلال. توفي يوم عاشوراء سنة أربع وتسعين وست مائة وقد نيف على الثمانين. 3395 - [ابن الساعاتي] (2) أحمد بن علي الإمام، مظفر الدين ابن الساعاتي، شيخ الحنفية. كان ممن يضرب به المثل في الذكاء والفصاحة وحسن الخط. وله مصنفات في الفقه والأصول والأدب مفيدة، كان مدرس الحنفية بمستنصرية بغداد. توفي سنة أربع وتسعين وست مائة. 3396 - [عبد الله البلعاني] (3) عبد الله بن عبيد بن أبي بكر بن عبد الله البلعاني.

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 237)، و «العبر» (5/ 385)، و «مرآة الجنان» (4/ 227)، و «شذرات الذهب» (7/ 747). (2) «مرآة الجنان» (4/ 227)، و «الجواهر المضية» (1/ 208)، و «المنهل الصافي» (1/ 420)، و «الدليل الشافي» (1/ 63)، و «تاج التراجم» (ص 95). (3) «السلوك» (1/ 391)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 286)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 122)، و «تحفة الزمن» (1/ 316)، و «المدارس الإسلامية» (ص 174)، و «هجر العلم» (1/ 297).

3397 - [عبيد الترخمي]

ولد في ربيع الأول سنة إحدى وست مائة، وتفقه بعلي بن قاسم الحكمي بزبيد، وعمر بن مفلح من أبين. وكان فقيها فاضلا عارفا، درس بالنجاحية من مغربة تعز. وعنه أخذ جماعة من فقهاء تعز. قال الخزرجي: (أثنى عليه الفقيه عثمان الشرعبي في «تعليقته» ثناء حسنا) (1). وتوفي بجبا رابع عشر شعبان سنة أربع وتسعين وست مائة. وكان له ولدان: يحيى، كان مقرئا للسبعة، طالبا للفقه، ومحمد، تعلق بالكتابة في دواوين الدولة. 3397 - [عبيد الترخمي] (2) عبيد بن أحمد بن مسعود بن عبد الله بن مسعود بن عليان بن هشام الترخمي. ولد في شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وست مائة. وتفقه بأبي بكر بن ناصر، وعلي بن الحسن الوصابي وغيرهما، ثم ارتحل إلى زبيد، فأخذ الفرائض عن سعيد بن معاوية، و «التنبيه» عن الفقيه علي بن قاسم، وسمع «البيان» على عبد الله بن يحيى، وحج، فأخذ بمكة عن الشيخ الصالح بشير بن أبي بكر التبريزي. وتفقه به جماعة من بلده وغيرها، وسمع منه «البيان» صالح بن عمر البريهي، وأحمد بن أبي بكر بن أبي الخير، وجمع كثير غيرهم. وكان فقيها نبيها، عارفا محققا. قال الجندي: (ذكر الثقة عنه قال: رأيت ليلة أني مار في طريق، فوردت على ثلاث طرق، يمناهن متسعة، والوسطى أضيق منها، ثم يسراهن أضيق من الكل، فتحيرت أيها أسلك، ثم قوي عزمي على الطريق الوسطى فسلكتها، فلما صرت بها .. لقيني رجل فقال

(1) «العقود اللؤلؤية» (1/ 286). (2) «السلوك» (2/ 222)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 287)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 179)، و «تحفة الزمن» (1/ 519)، و «المدارس الإسلامية» (ص 16)، و «هجر العلم» (2/ 982).

3398 - [الجميميم الصعبي]

لي: أما الطريق الكبيرة .. فطريق ابن حنبل، والذي سلكت طريق الشافعي، والتي عن يسراها طريق مالك) (1). وتوفي فجأة لثمان بقين من صفر من سنة أربع وتسعين وست مائة. 3398 - [الجميميم الصعبي] (2) محمد بن أسعد بن علي بن فضل الصعبي، الملقب بالجميميم (3) بجيم كسورة، ثم ميمين أولهما مكسورة بينهما ياء مثناة من تحت ساكنة، ثم ياء أيضا، ثم ميم. تفقه بأحمد بن محمد بن أحمد، ودرس بعد شيخه المذكور. وكان فقيها صالحا تقيا، مبارك التدريس، موفق الفتوى، سأله جماعة أن يسمعهم كتاب النقاش، فأجابهم إلى ذلك، وكان القارئ لغالب الكتاب الفقيه صالح بن عمر، قال: وكان الفقيه قد ينعس في أثناء القراءة، فينام، فيغلب على الظن أنه لا يسمع، فأردت أن أكاسر عن القراءة، فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم قاعدا في موضع الفقيه وهو يقول لي: اقرأ يا صالح، فقرأت ولم أسكت، ثم إن الفقيه فتح عينيه عقب ذلك وتبسم إليّ خاصّة، وفي أثناء قراءتهم للكتاب وردت عليهم مسألة نحوية، فلم يجسر الجماعة يفتئتون على الفقيه بالجواب، ولا استجازوا يعلمونه بالسؤال؛ لعلمهم بقصور معرفته في النحو، ثم لم يجدوا بدّا من عرض ورقة السؤال عليه، فلما وقف الفقيه عليه .. أخذ القلم وأجاب جوابا شافيا ارتضاه الجماعة، وتعجبوا من ذلك. وتوفي على الحال المرضي بالقرية في سنة أربع وتسعين وست مائة. 3399 - [التاج ابن قريش] (4) التاج إسماعيل بن إبراهيم ابن قريش المخزومي المحدث.

(1) «السلوك» (2/ 222). (2) «السلوك» (2/ 234)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 288)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 102)، و «تحفة الزمن» (1/ 526)، و «هجر العلم» (2/ 980). (3) في «طراز أعلام الزمن» (3/ 103): (بالجمعميم)، وفي باقي مصادر الترجمة: (بالجعميم). (4) «تاريخ الإسلام» (52/ 212)، و «العبر» (5/ 382)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 64)، و «المنهل الصافي» (2/ 375).

3400 - [النفيس ابن بطال]

كان عالما جليلا، له معرفة وفهم. سمع من جعفر الهمداني وابن المقير وهذه الطبقة. مات فجأة في رجب سنة أربع وتسعين وست مائة. 3400 - [النفيس ابن بطال] (1) سليمان بن عبد الله بن محمد بن سليمان بن بطال، الملقب بالنفيس، أمه ابنة الفقيه بطال بن أحمد، ويجتمع مع الفقيه بطال بن أحمد من قبل الآباء في محمد بن سليمان؛ لأن عبد الله والد الفقيه سليمان وأحمد والد (2) الفقيه بطال أخوان. تفقه بجده بطال بن أحمد، فلما توفي .. ارتحل إلى تهامة، فقرأ على الفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي، ولما حصل الخلف بينه وبين بني عمه وأولاد شيخه الإمام بطال .. انتقل عن بلده، وسكن جوار الملك المظفر عند بستان ثعبات، فأخذ عنه فقهاء تعز مصنفات شيخه وجده بطال ك‍ «المستعذب» وغيره، وتفقه به جماعة منهم. وتوفي لبضع وسبعين وست مائة. 3401 - [ابن الحامض] (3) أبو الخطاب محفوظ بن عمر بن أبي بكر البغدادي، ابن الحامض. روى عن جماعة. وتوفي سنة أربع وتسعين وست مائة. 3402 - [سبأ الدمتي] (4) سبأ بن عمر الدمتي أبو محمد. كان فقيها خيرا ديّنا، قرأ القراءات السبع على رجل من بلاد صهبان، وأخذ كتب

(1) «السلوك» (2/ 406)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 486)، و «تحفة الزمن» (2/ 369). (2) في «السلوك» (2/ 406)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 486): (ولد الفقيه بطال). (3) «تاريخ الإسلام» (52/ 230)، و «العبر» (5/ 384)، و «شذرات الذهب» (7/ 745). (4) «السلوك» (2/ 434)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 287)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 462)، و «تحفة الزمن» (2/ 388)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 89)، و «هجر العلم» (2/ 633).

3403 - [عبد الرحمن العمراني]

الحديث عن عبد الله بن أسعد الحذيفي وغيره، وتفقه بجماعة، ثم صار إلى عدن، ورتّب في مسجد السوق صاحب المنارة، فكان يقرأ فيه القرآن والحديث. وعنه أخذ أبو العباس الحرازي «الصحيحين» وامتحن في آخر عمره بكفاف بصره. وتوفي في شهر رمضان سنة أربع وتسعين وست مائة. 3403 - [عبد الرحمن العمراني] (1) عبد الرحمن بن عبد الله بن أسعد بن الفقيه محمد بن موسى العمراني. كان فقيها، مقرئا فاضلا في علم القراءات السبع، مشهورا بها، محققا لها، وله في الفقه فضل ظاهر، ويد طولى. توفي سلخ رمضان سنة أربع وتسعين وست مائة، كذا ذكر الخزرجي هنا وفاته سنة أربع وتسعين بتقديم التاء على السين، ثم أعاد ذكره في ترجمة أخيه محمد بن عبد الله بن أسعد، وذكر أن عبد الرحمن المذكور توفي سلخ رمضان في سنة أربع وسبعين؛ أي: بتقديم السين على الموحدة، وكل ذلك في الموضعين بحراسة القلم، لا بتحقيق الضبط، فليحقق ذلك إن شاء الله تعالى (2). 3404 - [بنت الواسطي] (3) أم محمد بنت علي الواسطي الزاهدة العابدة الصالحة. روت عن الشيخ الموفق. وماتت وقد قاربت التسعين في سنة خمس وتسعين وست مائة. 3405 - [ابن بنت الأعز] (4) عبد الرحيم بن عبد الوهاب الشافعي قاضي القضاة تقي الدين بن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز، قاضي الديار المصرية.

(1) «العقود اللؤلؤية» (1/ 288)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 58)، و (3/ 205)، و «هجر العلم» (4/ 2076). (2) التحقيق أنه توفي سنة (674 هـ‍)، وكذلك عند الخزرجي، في الموضعين في النسخة التي بين أيدينا. (3) «مرآة الجنان» (4/ 228)، و «شذرات الذهب» (7/ 751). (4) «تاريخ الإسلام» (52/ 261)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 179)، و «مرآة الجنان» (4/ 228)، و «طبقات الفقهاء الشافعيين» (2/ 368)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 82)، و «المنهل الصافي» (7/ 188).

3406 - [إبراهيم العقيبي]

توفي سنة خمس وتسعين وست مائة، وولي بعده الشيخ ابن دقيق العيد. كذا في «تاريخ اليافعي» أن اسمه: عبد الرحيم (1)، وفي «ابن شهبة» وغيره (2) أن اسمه: عبد الرحمن، وهو مذكور في الأصل، فيه اسمه: عبد الرحمن، ولعله الصواب إن شاء الله تعالى. 3406 - [إبراهيم العقيبي] (3) إبراهيم بن محمد بن سعيد بن علي بن إبراهيم بن أسعد العقيبي، ابن أخي الفقيه عمر بن سعيد. ارتحل إلى تهامة، فأخذ بها على الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي. وكان فقيها فاضلا، صالحا ورعا، له قراءات وسماعات وإجازات، وغلبت عليه العبادة والخشوع، وكان سريع الدمعة، متى سئل الدعاء .. مد يده ودعا وهو يبكي. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي ثالث عشر ربيع الأول سنة خمس وتسعين وست مائة. 3407 - [أسعد بن عبد الله العمراني] (4) أسعد بن عبد الله بن أسعد بن محمد بن موسى بن الحسين بن أسعد بن عبد الله بن محمد بن موسى أبو عبد الله العمراني. كان فقيها فاضلا، مصقعا لبيبا، كان ينوب أباه في الخطابة والقضاء بالجند. وتوفي سلخ القعدة سنة خمس وتسعين وست مائة.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 228). (2) انظر «طبقات الشافعية» (3/ 23)، وباقي مصادر الترجمة. (3) «السلوك» (2/ 243)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 295)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 38)، و «تحفة الزمن» (1/ 531). (4) «السلوك» (1/ 430)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 203)، و «تحفة الزمن» (1/ 352)، و «هجر العلم» (4/ 2075).

3408 - [الوزير بهاء الدين]

3408 - [الوزير بهاء الدين] (1) الوزير الكبير القاضي أبو عبد الله محمد بن أسعد بن الفقيه محمد بن موسى بن الحسين بن أسعد بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عمران العمراني، الملقب بهاء الدين، وزير الدولة المظفرية. ولد سنة ثمان عشرة وست مائة، وتفقه بحسن بن راشد. ولما مات المنصور عمر بن علي بن رسول، واختلف أولاده وهم المظفر وأخواه الفائز والمفضل، وأقبل المظفر من المهجم، وطلع إلى الجبل بعد أن أخذ زبيد .. نزل إليه القاضي محمد بن أسعد من المصنعة بإشارة من ابن عمه ليحتاط له، فواجه المظفر بجبا، فاختطب له بها خطبة في أول جمعة، وكانت أول بلدة من الجبال خطب له فيها، ثم صحبه هنالك، واستحلف له الأيفوع وغيرهم من العرب، ولم تزل الصحبة تتأكد بينه وبين المظفر حتى آلت إلى الوزارة مع قضاء الأقضية. وكان المذكور فقيها عارفا، ذكيا لبيبا، خطيبا مصقعا، ذا دهاء وسياسة، وكان يحب العلماء ويجلهم، ويحترمهم ويبجلهم في الغالب من أحواله، وهو ممن جمع بين الوزارة وقضاء الأقضية، ولم يزل مستمرا عليهما إلى جمادى الأخرى من سنة أربع وتسعين وست مائة. ثم إن المظفر استخلف ابنه الأشرف على المملكة، وأقامه مقام نفسه، وحلّف له العسكر، فأشار القاضي البهاء على المظفر أن يجعل أخاه حسان بن أسعد وزير الأشرف، ففعل ذلك، وبقي القاضي بهاء الدين على القضاء وحده، ورفعت دواة الوزارة لأخيه حسان بعد الاستنابة بسبعة أيام (2)، فكان يتراجع هو وأخوه فيما يرد عليه. ولم يزل على ذلك إلى أن توفي في النصف من شهر ربيع الأول من سنة خمس وتسعين وست مائة. واستمر حسان على الوزارة والقضاء إلى أن عزل كما سيأتي في ترجمته (3).

(1) «السلوك» (1/ 426)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 291)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 105)، و «تحفة الزمن» (1/ 350)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 203)، و «المدارس الإسلامية» (ص 145)، و «هجر العلم» (4/ 2073). (2) في «السلوك» (1/ 426) و «هجر العلم» (4/ 2073): (تسعة أيام). (3) انظر (6/ 51).

3409 - [أحمد بن البناء]

3409 - [أحمد بن البناء] (1) الإمام العالم الورع الزاهد أبو العباس أحمد بن البناء، أصل بلده ظفار الأشراف. وتفقه أولا بمذهب الزيدية، ثم اتسع علمه وصار مجتهدا لا يقلد إماما ولا غيره في شيء من المسائل. وكان كثير العزلة عن الناس، حسن السيرة إلى أن توفي في سنة خمس وتسعين (2) وست مائة. 3410 - [أحمد السرددي] (3) أحمد بن الإمام علي بن أبي القاسم بن مفرج (4) بن علي بن محمد السرددي. كان فقيها محققا، بارعا متفننا، غلب عليه فن الحديث والأدب. وأخذ عن الفقيه إسماعيل الحضرمي، ومحمد بن إبراهيم الفشلي، وعمرو بن علي التباعي، والعماد الإسكندراني، والقطب القسطلاني، وإسحاق الطبري وغيرهم من الأئمة الأعلام. وعنه أخذ غالب فقهاء تعز. كتب الحديث وغالب كتب الأدب، وكانت كتبه مضبوطة محققة. قال الجندي: (وعنه أخذت عدة كتب، وقرأت عليه أسباب الأئمة الأربعة (5) جمع ابن أبي الصيف، والقصيدة الرائية التي أولها: [من الطويل] تدبر كلام الله واتّبع الخبر … ودع عنك رأيا لا يلائمه أثر) (6)

(1) «السلوك» (2/ 303)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 307)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 58)، و «تحفة الزمن» (1/ 576). (2) وقيل: سنة ست وتسعين وست مائة. (3) «السلوك» (2/ 119)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 294)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 126)، و «تحفة الزمن» (1/ 449). (4) في (ت) و (م) و «طراز أعلام الزمن» (1/ 126): (مفرح). (5) في «السلوك» (2/ 119): (أسباب الأئمة الأربعين)، وفي «طراز أعلام الزمن» (1/ 126): (أنساب الأربعة الأئمة)، وفي «تحفة الزمن» (1/ 450): (أنساب الأئمة الأربعة). (6) «السلوك» (2/ 119).

3411 - [عبد الله الفايشي]

وتوفي سنة خمس وتسعين وست مائة. 3411 - [عبد الله الفايشي] (1) عبد الله بن عمر بن سالم أبو محمد الفايشي. ولد سنة تسع وخمسين وست مائة. وسافر من بلده جبلة إلى أبين، فأخذ بها عن محمد بن إبراهيم، وعن ابن الرنبول، ثم ارتحل إلى تهامة، فأخذ عن الإمام أحمد بن موسى بن عجيل. وكان فقيها فاضلا، عارفا بالفقه والقراءات والنحو، وله في النحو مصنف مفيد يسمى: «اللوامع» نحا فيه نحو «مقدمة طاهر»، وله يد في الحديث والأصول واللغة. قال الجندي: (قدم اليمن علينا، فأخذت «أربعين الإمام بطال الركبي» بروايته لها عن الإمام التهامي عن مصنفها، وكان أوحد زمانه علما وعملا، درس بالنجمية. ولما مرض مرض موته .. دخل عليه جماعة من الفقهاء للزيارة، فرأوه غير مكترث لما نزل به وهو يوصي بتقوى الله وصية من قد علم أنه منزول به، فقالوا له: نجدك في عافية، وكلامك كلام من قد تحقق نزول الموت به، فقال: رأيت البارحة أن سقف بيتي هذا كشف حتى رأيت السماء، ونوديت منها: أقدم يا فقيه؛ إنا نجدك من باب الترحيب، ونوديت باسمي واسم أبي: أقدم من حياتك، فعلمت أن أجلي قد دنا) (2). وتوفي في شعبان سنة خمس وتسعين وست مائة رحمه الله تعالى ونفع به، آمين. 3412 - [ابن حزابة] (3) محمد بن أبي بكر بن حزابة بضم الحاء المهملة، وفتح الزاي، ثم ألف، ثم موحدة، ثم هاء.

(1) «السلوك» (2/ 178)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 294)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 138)، و «تحفة الزمن» (1/ 492)، و «المدارس الإسلامية» (ص 70)، و «هجر العلم» (1/ 391). (2) «السلوك» (2/ 178). (3) «السلوك» (2/ 427)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 203)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 109)، و «تحفة الزمن» (2/ 383)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 204).

3413 - [محيي الدين الزبداني]

تفقه بأبي شعبة، وقرأ شيئا من الأصول على البيلقاني. وكان فقيها فاضلا، وكان يبيع العطر بعدن. وتوفي قبل شيخه أبي شعبة بأشهر قلائل، وذلك في سنة ست وتسعين (1) وست مائة، وصلّى عليه شيخه أبو شعبة بوصية منه. 3413 - [محيي الدين الزبداني] (2) يحيى بن محمد بن عبد الصمد محيي الدين الزبداني، مدرس مدرسة جده. توفي سنة ست وتسعين وست مائة. 3414 - [عبيد المقرئ] (3) عبيد بن محمد المقرئ. كان فقيها نبيها، عارفا بالقراءات السبع، أخذها عن ابن الحداد، وأخذ عنه كثير من الناس. وامتحن إخوته وأبوه بالعمى، وكانوا بيت حفظ للقرآن العظيم، ثم حج عبيد هذا، وزار الضريح الشريف، واستجار برسول الله صلّى الله عليه وسلم من العمى، فأجاره الله وكفاه ذلك. توفي في شهر شوال سنة ست وتسعين وست مائة. 3415 - [علي العزيري] (4) علي بن عمر بن إسماعيل بن زيد بن يحيى أبو الحسن العزيري (5) -بضم العين المهملة،

(1) كذا في «طراز أعلام الزمن» (3/ 110)، وفي «السلوك» (2/ 427) و «العقود اللؤلؤية» (1/ 204) و «تحفة الزمن» (2/ 383): (ست وسبعين)، وفي «تاريخ ثغر عدن» (2/ 205): (سنة ست وثمانين وست مائة). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 313)، و «معجم الشيوخ» (2/ 373)، و «مرآة الجنان» (4/ 228)، و «شذرات الذهب» (7/ 762). (3) «السلوك» (1/ 293)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 180)، و «تحفة الزمن» (1/ 318)، و «هجر العلم» (1/ 297). (4) «السلوك» (2/ 413)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 306)، و «تحفة الزمن» (2/ 373)، و «هجر العلم» (1/ 116). (5) في «العقود اللؤلؤية» (1/ 306)، و «هجر العلم» (1/ 116): (العزيزي).

3416 - [الملك الأشرف عمر بن يوسف]

ثم زاي مفتوحة-نسبة إلى عزير-بضم العين المهملة، ثم زاي مفتوحة، ثم مثناة من تحت، ثم راء-اسم أحد أجداده، ثم الشعبي، من قوم يقال لهم: بنو الشاعر، بطن من الأشعوب. تفقه برجل يسمى: منصورا، وكان بين قوم الفقيه منصور وبين قوم العزيري شنآن، فكان قوم الفقيه منصور لا يعجبهم تعليم ابن عمهم للعزيزي، فكان لا يلتفت إلى مرادهم، بل اجتهد عليه، وهذبه. وكان العزيري المذكور عارفا بالفقه والأصلين، والنحو واللغة، وله شعر رائق، وكان شريف النفس، عالي الهمة، مجللا عند أهل بلده وغيرهم، وكان يكرم واصليه، ويحسن إليهم. وكان شجاعا، يحكى أن أعداءه كانوا يغزونه في جمع كثير يريدون قتله ونهب بيته، فيخرج إليهم وحده، فيقاتلهم ويهزمهم، وربما قتل أو جرح بعضهم. وكان شديد العدو، يحكى أنه كان إذا عدا خلف ظبي في البيداء .. لزمه. توفي ببلده في جمادى الأولى سنة ست وتسعين وست مائة. 3416 - [الملك الأشرف عمر بن يوسف] (1) السلطان الأشرف عمر بن المظفر يوسف بن المنصور عمر بن علي بن رسول الغساني الجفني. كان أكبر بني أبيه وأرشدهم، أقطعه أبوه المهجم، ثم أقطعه صنعاء، ثم في جمادى الأولى سنة أربع وتسعين فوض إليه الملك العقيم، ومكنه أزمة الأمر القويم، واستخلفه على البلاد والعباد. وتوفي أبوه في رمضان من السنة المذكورة، فاستولى على الحصون والمدن وسائر المخاليف في البلاد كلها. وكان أخوه المؤيد مقطعا في الشحر، فجمع عساكره ومن أطاعه من عرب تلك الناحية، وسار إلى اليمن منازعا لأخيه الملك الأشرف في الملك، وجهز إليه الأشرف العساكر من الترك وأمراء الأشراف وغيرهم، فالتقوا بالدعيس قرب أبين، فانكشف عن المؤيد من جمعه

(1) «العقود اللؤلؤية» (1/ 297)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 454)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 181).

3417 - [الكمال الفويرة]

من العرب، ولزم المؤيد وولداه، ودخل الأشرف زبيد في جمادى الأخرى من سنة خمس وتسعين وست مائة وبين يديه المصاحف والمقدمات، وكان يوما مشهودا، فأقام بها إلى شعبان من السنة المذكورة، ثم طلع إلى تعز في شهر رمضان، فأقام بها إلى أن توفي لسبع بقين من المحرم سنة ست وتسعين وست مائة. وكان ملكا سعيدا، عاقلا رشيدا، فاضلا أديبا، كاملا لبيبا، اشتغل بطلب العلم في حياة أبيه حتى برع في كثير من العلوم، وشارك فيما سواها، وله مصنفات كثيرة في فنون عديدة، وكان محبوبا عند الناس على اختلاف حالاتهم وتباين طبائعهم، رءوفا بالرعية، برا بقرابته، محبا لهم، وهو أول من سن عديد النخل بالفقهاء العدول، فأزال ما نزل بأهل النخل من الجور المهول. ومن مآثره الدينية المدرسة الأشرفية بتعز، رتب فيها إماما ومؤذنا، وقيما ومعلما، وأيتاما يتعلمون القرآن، ومدرسا للفقه على مذهب الشافعي، وجملة من الطلبة يقرءون عليه، وأوقف على الجميع ما يقوم بكفايتهم. ومن مدّاحه الأديب البارع أخو كندة، والأديب الفاضل القاسم بن علي هيتمل وغيرهما من شعراء عصره. 3417 - [الكمال الفويرة] (1) عبد الرحمن بن عبد اللطيف البغدادي المقرئ، شيخ المستنصرية. توفي سنة سبع وتسعين وست مائة. 3418 - [عائشة المقدسية] (2) عائشة بنت المجد عيسى بن الشيخ موفق الدين المقدسي. كانت مباركة صالحة عابدة. روت عن جدها، وابن راجح. وتوفيت سنة سبع وتسعين وست مائة.

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 328)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 169)، و «مرآة الجنان» (4/ 229)، و «شذرات الذهب» (7/ 765). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 327)، و «مرآة الجنان» (4/ 229)، و «شذرات الذهب» (7/ 765).

3419 - [شمس الدين الأيكي]

3419 - [شمس الدين الأيكي] (1) محمد بن أبي بكر الفارسي شمس الدين الشافعي، الأصولي المتكلم. درس بالغزالية مدة، ثم تركها. وتوفي في رمضان بالمزة سنة سبع وتسعين وست مائة وهو من أبناء السبعين. 3420 - [ابن أبي الجعد] (2) أحمد بن أبي الجعد (3)، الشيخ الصالح، الولي المشهور. صحب الشيخ سالم بن محمد الأبيني، فلما توفي .. تقدم إلى الشيخ الأهدل فصحبه، وأخذ عنه اليد، وعاد إلى بلده أبين، فسكن قرية الطرية، ولم يزل بها إلى أن توفي لبضع وتسعين وست مائة. وكان رجلا صالحا، حسن السيرة، صدوقا. وصحبه خلق لا يحصون كثرة، وأخذوا عنه اليد، وكان ذا كرامات مشهورة. سئل عن صفة الفقير فقال: من كان له مدرعة من الجوع، وسراويل من العفاف، وطاقية من الخضوع، ملونة بالخشوع (4)، تجري منها الدموع، وتسقى منها الربوع، ورداء من الحياء، ومسبحة من المراقبة، وسواك من القناعة، وزاوية من العلم، وعكاز من التوكل، ومشعل من الإيثار، ونعلان من الصبر، وطعام من الذكر، وشراب من المحبة، وبسطة من الأنس، وبيت من العزلة، فذلك هو الفقير الخطير، [فمن كان هذا لباس باطنه .. فليلبس ظاهره ما شاء].

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 339)، و «مرآة الجنان» (4/ 229)، و «البداية والنهاية» (13/ 405)، و «حسن المحاضرة» (1/ 471)، و «شذرات الذهب» (7/ 767). (2) «السلوك» (2/ 446)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 58)، و «تحفة الزمن» (2/ 410)، و «طبقات الخواص» (ص 72)، و «هجر العلم» (3/ 1260). (3) كذا في «هجر العلم» (3/ 1260)، وفي (ق) وباقي مصادر الترجمة: (أحمد بن الجعد). (4) كذا في «تحفة الزمن» (2/ 411)، وفي «السلوك» (2/ 446): (ملوية بالخشوع)، وفي «طراز أعلام الزمن» (1/ 58): (مملوءة عينه بالخشوع).

3421 - [مبارز الزبيدي]

3421 - [مبارز الزبيدي] (1) مبارز بن غانم الزّبيدي، نسبة إلى زبيد، وهو منبه بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن زبيد الأكبر، وهو بطن من مذحج. كان المذكور شيخا مشهورا من مشايخ الصوفية، وكان يصحب الشيخ محمد بن ظفر المذكور في ترجمة أبيه ظفر، وكان الشيخ محمد بن ظفر إذا وصل على قدم السياحة إلى بلد مبارز .. يجتمع بمبارز، فيلازم مبارز محمد بن ظفر أن يدخل بيته، فلا يفعل، فسأله عن السبب، فقال: أنت رجل لا تصلي، ولا تعرف الحلال من الحرام، فقال له مبارز: علمني، وأنا أقبل منك، فعلمه الفقيه ما لا بد له منه من تعليمه، فصار يرتاض برياضة الفقيه محمد بن ظفر حتى ظهر فيه أمر عظيم، وصار صاحب كرامات ومجاهدات، وهو مع ذلك على عادته من ركوب الخيل، والتحلي بالمشيخة العربية والصوفية. وارتحل إلى أبين، فأدرك الشيخ أحمد بن الجعد، فصحبه، وأقام بنظره أياما، فأعجبه حاله، فنصبه شيخا، وأحسن إليه، واستأذنه في بناء رباط بمرخزة، قرية يقال: إنها في ضحضاح حجر، فأذن له، فابتنى بها رباطا واسعا حسنا. ولم أتحقق تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لشيخه أحمد بن الجعد نفع الله بهم، آمين. وحجر يتصل بجبل جحاف-بضم الجيم، وفتح الحاء المهملة، ثم ألف، ثم فاء-من جبال اليمن المشهورة. 3422 - [محمد بن ظفر الشميري] (2) محمد بن ظفر، الشميري نسبا، والفراوي بلدا. قال الجندي: (كان أبوه ظفر حواطا (3) لبعض ولاة البلد، وأصله من قرية يقال لها:

(1) «السلوك» (2/ 264)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 55)، و «تحفة الزمن» (1/ 543). (2) «السلوك» (2/ 261)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 31)، و «تحفة الزمن» (1/ 542)، و «طبقات الخواص» (ص 301)، و «هجر العلم» (3/ 1614). (3) في «السلوك» (2/ 261): (خراصا).

المردع-بفتح الميم، وسكون الراء، وفتح الدال المهملة، وآخره عين مهملة-من ناحية حجر على مرحلة من شرقي الجند، فلما شب ولده محمد صاحب الترجمة .. علمه القرآن، وفتح الله عليه، فخرج مهاجرا لأبويه؛ إذ كانت سيرتهما غير محمودة. وكان محمد من العارفين، أهل الكرامات والرياضات والسياحات، والتفرد في الخلوات، يقال: إنه حج، فأدرك الشيخ أبا العباس المغربي بالطائف، فحصل له منه نفس وتحكيم، وانتفع به الفقيه محمد، وتهذب وارتاض، وأخذ عنه الطريق. ومن غريب ما يحكى عن الشيخ محمد بن ظفر أن امرأته فاطمة لم يكن له زوجة غيرها وكانا متصادقين في الصحبة حجا وجاورا في الحرمين سبع سنين، ويقال: إنهما تعاهدا أن من مات منهما .. لم يتزوج الآخر بعده، فتوفي الشيخ محمد بن ظفر قبل امرأته، فلما انقضى إحدادها .. خطبها جماعة من أعيان البلد لكونها من قبيل كبير، فامتنعت؛ وفاء للعهد، فخطبها الشيخ مبارز بن غانم تلميذ الشيخ محمد بن ظفر من أهلها، فأجابوه إلى ذلك، وألحوا عليها في التزويج منه، وكانت معتكفة على قبر زوجها الشيخ محمد بن ظفر؛ إذ هو من المقاصد المشهورة للتبرك، وقالوا لها: إما أن تتزوجي بالشيخ مبارز، أو تروحي معنا إلى بلادنا، فاختارت الزواج بالشيخ مبارز بشرط ألا ينقلها من الموضع الذي هي فيه، فانتظم العقد، وتواعدوا للزفاف في يوم معلوم، فلما كان ذلك اليوم .. وصل الشيخ مبارز إلى الموضع الذي هي فيه، وظلت تتهيأ للدخول، فبينا هي كذلك؛ إذ غفت إغفاءة، ثم استيقظت تبكي، وكان كرّ (1) كان الفقيه محمد يلبسه، وأوصى أن يدفن ذلك الكر معه، فدفن معه، وجعلت تبكي وتقبّل الكر وتقول: المعذرة إليك يا بن ظفر؛ فإنني مقهورة، فسألها أهلها عن سبب بكائها، فقالت: أما تعلمون أن هذا الكر كر الفقيه، وأنه دفن معه؟ ! قالوا: بلى، قالت: فإني رأيت الفقيه هذه الساعة، وقال لي: امتنعي، وقولي بيني وبين الفقيه عهد أن من سبق صاحبه بالموت .. لم يتزوج الآخر بعده، وأني كنت استحييت أن أذكر لكم ذلك، فلما كان هذه الساعة .. أتاني الفقيه وعاتبني وقال: يا فلانة؛ ما هذا فعل من يعاهد! فلما اعتذرت بأنكم أكرهتموني .. قال: لا عليك، امتنعي وقولي: هذا الكر أمارة من الفقيه إليكم، لا تكرهوني، وعرفوا مبارزا يطلقني، ويذهب إلى رباطه، فأخرج الكر إلى مبارز، فلما رآه عظم ذلك عليه، فلما أخبروه بذلك .. عاد مسرعا إلى رباطه، ولم تكن تطل مدته.

(1) الكرّ: الكساء.

3423 - [أبو العباس الهمداني]

قال الجندي: وقد بلغت تربته قاصدا زيارته، فأقمت عنده أياما وهو في مسجد، وإلى جنبه قبر امرأته المذكورة، وببركته ما زالت تربته محترمة ما قصدها أحد بسوء إلا خذله الله، وليس في تلك الناحية مزار أكثر من تربته تقصد للزيارة واقتضاء الحوائج التي تطلب من الله تعالى، وتراب تربة الفقيه يشم منه رائحة المسك. وروي أن سبب سكنى الفقيه في المردع أنه ورد وهو شاب إلى القرية، فوجد ثلاث بنات قد طلين وجوههن بالشّباب (1)، فسلم عليهن وقال: من كانت تحب الله ورسوله .. أزالت عن وجهها ما عليه، فبادرت إحداهن فأزالته، فدخل حبها في قلبه، فسأل عن وليها وتزوجها، ثم سكن معهم، وألقيت بينهم المحبة، وهم ناس يعرفون بآل سعيد) (2). ولم أتحقق تاريخ وفاة الفقيه محمد بن ظفر، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا للشيخ أحمد بن الجعد؛ فإنه كان موجودا في أيامه، وأظنه وصل إلى إبين مع الشيخ مبارز لزيارة الشيخ أحمد بن الجعد نفع الله بهم أجمعين. 3423 - [أبو العباس الهمداني] (3) أحمد بن الحسين بن أبي السعود بن الحسين بن مسلم بن علي الهمداني أبو العباس. ولد تاسع ذي الحجة سنة إحدى وستين وست مائة. وتفقه بمحمد بن أبي بكر الأصبحي، وكان يكثر مراجعة الفقيه أبي الحسن علي بن أحمد الأصبحي فيما يشكل عليه من المسائل. وكان فقيها بارعا، مجتهدا، محصّلا ورعا. ولما استمر في قرية الفراوي-بفتح الفاء والراء، ثم ألف ساكنة، ثم واو مكسورة، ثم ياء النسب-لم يأخذ شيئا من وقف الرباط الذي أوقفته الدار الشمسي أخت المظفر على الواقف في رباط القرية المذكورة؛ تورعا. وتوفي لثلاث عشرة بقيت من ذي القعدة سنة سبع وتسعين وست مائة.

(1) في «السلوك»: (2/ 263)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 33): (بالشاب). (2) «السلوك» (2/ 261). (3) «السلوك» (2/ 219)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 313)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 68)، و «تحفة الزمن» (1/ 517)، و «هجر العلم» (3/ 1613).

3424 - [محمد بن سعد الحميري]

3424 - [محمد بن سعد الحميري] (1) محمد بن سعد بن الحسن بن شريك جد الصباحي ثم الحميري. تفقه بزبيد، وكان فقيها فاضلا، خاصة في الأدب، درس بمدرسة الحمادي، وهي مدرسة لبعض مشايخ بني أبي المعالي الحرازيين. وعنه أخذ المقرئ محمد بن يوسف الغيثي صاحب وصاب، ومحمد بن عثمان الوهبي الوزيري، وأحمد بن علي النجار وغيرهم. وتوفي بريمة المناخي لبضع وتسعين وست مائة. 3425 - [ابن الثريبا] (2) إبراهيم بن محمد بن سعيد المعروف والده بالثّريبا. كان فقيها فاضلا صالحا، ارتحل إلى تهامة برفاقة الفقيه محمد بن إبراهيم المعروف بمشقر مقدم الذكر (3)، فقصد الإمام أحمد بن موسى بن عجيل، فأسكنهما في بيت واحد. قال الفقيه مشقر: فبينما نحن ذات ليلة نصلي التراويح خلف الفقيه أحمد؛ إذ رأيت صاحبي ذهب نحو البيت ولم يتم معنا التشفيع، فلما فرغنا من الصلاة .. أتيت المنزل، فوجدته باكيا حزينا متألما، فسألته عن سبب ذلك، فلم يجبني، ثم بات ليلته على ذلك لم يطعم شيئا، ثم ظل كذلك وبات ولم يفطر على شيء، فلما أصبحت .. جئت إلى الفقيه أحمد لأقرأ عليه، فأردت أن أبتدئه بسؤال عن الفقيه في أمره، فنهرني الفقيه أحمد وقال: لا نشك أن إبراهيم من الأبدال، فلما عدت من القراءة إلى البيت .. وجدته على ذلك الحال، فلم أزل ألاطفه وأسأله عن سببه، فقال: أما رأيت تلك الليلة النور الذي نزل ونحن في الصلاة، وغشي على الفقيه أحمد دون غيره، فشق علي ذلك حيث لم يحصل لي منه نصيب، ولا لغيري، فقلت له: ما رأى ذلك إلا أنت، وقد قال الفقيه: لا نشك أنك من الأبدال، ثم عقب ذلك عاد إلى بلده أبين، فلزم مسكنه، وابتنى به مصلى، ولزم العزلة والعبادة إلى أن توفي لبضع وتسعين وست مائة.

(1) «السلوك» (2/ 257)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 191)، و «تحفة الزمن» (1/ 540)، و «المدارس الإسلامية» (ص 134). (2) «السلوك» (2/ 451)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 193)، و «تحفة الزمن» (2/ 415). (3) انظر (5/ 410).

3426 - [أحمد بن محمد بن عمر]

3426 - [أحمد بن محمد بن عمر] (1) أحمد بن محمد بن عمر بن أحمد أبو الحسن. تفقه بابن عمه عثمان، وهو أحد شيوخ الفقيه محمد بن يوسف الغيثي المقرئ. وكان فقيها فاضلا، خيرا مباركا. توفي سنة سبع وتسعين وست مائة. 3427 - [أحمد بن محمد بن عمر] (2) أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن عمر أبو العباس (3). تفقه بابن عمه الفقيه عثمان بن حسين وغيره. وأخذ عن (4) عمر بن محمد بن داود الرمادي، والمقرئ محمد بن يوسف الغيثي وغيرهما. وتوفي سنة سبع وتسعين وست مائة. وكان والده محمد بن عمر فقيها زاهدا، صالحا عابدا. تفقه بالمخلافة على الفقيه عمرو بن علي التباعي وغيره. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لابنه. 3428 - [الأمير الشريف علي بن عبد الله] (5) الشريف الأمير الكبير أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسين (6) بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة الملقب جمال الدين.

(1) «السلوك» (2/ 297)، و «تحفة الزمن» (1/ 565)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 170). (2) «السلوك» (1/ 297)، و «تحفة الزمن» (1/ 565)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 171). (3) هذه الترجمة مكررة عن التي قبلها، فهما ترجمة واحدة، والله أعلم. (4) لعل الصواب: (وأخذ عنه عمر ... )؛ لأنه تقدم في الترجمة التي قبل هذه أن محمد بن يوسف الغيثي هو تلميذ للمترجم له، ووفاة الغيثي لبضع وعشرين وسبع مائة كما في «طراز أعلام الزمن» (3/ 332)، والله أعلم بالصواب. (5) «السلوك» (2/ 87)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 324)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 292)، و «تحفة الزمن» (1/ 432)، و «هجر العلم» (4/ 1922). (6) في «السلوك» (2/ 87): (ست وثمانين).

كان أميرا كبيرا، فارسا شجاعا مقداما، مشهورا، عالي الهمة، صحب المظفر ولاذ به، ودخل في طاعته، وذلك في سنة ست وسبعين (1) وست مائة، ولم يزل على ذلك إلى أن استمر المؤيد مقطعا في صنعاء، وذلك في سنة سبع وثمانين، فحصلت الوحشة بينه وبين الشريف، فأخرج الشريف حريمه من صنعاء ليلا، وامتنع من الوصول إلى المؤيد، وكتب الشريف إلى المظفر وقال: تعلم يا مولانا أن ولدك ملك شاب قادر، وأقل العبيد يخشى منه بادرة، فأكثر ما تقول: أخطأ داود. ثم تأكدت الوحشة، وتظاهر الشريف بالخلاف ومراسلة الإمام مطهر بن يحيى وموافقة الأشراف على حرب المظفر، وذلك في سنة اثنتين وتسعين بعد أن استخلف ولده الأشرف، ولما مات المظفر .. تنازع الأشرف والمؤيد، فكتب الأشرف إلى الشريف يستدعيه لحرب المؤيد، فوصل بعسكر جرار، فكانت وقعة الدعيس المشهورة، لزم فيها المؤيد وولداه الظافر والمظفر، فأنعم الأشرف على الشريف، وأعطاه مالا جزيلا، وكتب له بإقطاع العظيمة والميقاع، وذلك في سنة خمس وتسعين، فلما توفي الأشرف، وولي المؤيد مكانه في سنة ست وتسعين .. لم يكن له همة إلا بلاد الشريف، فطلع البلاد العليا، وحط على الميقاع في آخر سنة سبع وتسعين، ثم ارتفع عنه، ثم عاد إليه في صفر من سنة ثمان وتسعين، فحاصره وضيق عليه تضييقا شديدا، فلما ضاق الشريف .. كتب إلى المؤيد في الصلح وطلب الذمة، ثم وصل إلى المؤيد، وتلقاه المؤيد لقاء حسنا، وأكرمه إكراما تاما، وأذم على يده لسائر الأشراف، ورجع المؤيد إلى صنعاء، ثم إلى تعز، ثم إلى زبيد، ثم رجع إلى تعز والشريف في جميع ذلك صحبته، فعيد الشريف بتعز عيد الفطر، ثم استودع السلطان وهما على السماط، وتوجه إلى بلاده في شوال من السنة المذكورة. قال ولده الشريف إدريس: تذاكرنا يوما عند والدي إنصاف المؤيد وما أعطاه من الأموال في ثمانية أشهر من يوم خروجه من الميقاع سلخ صفر إلى أن فارقه مستهل شوال، فحسبناه جملا لا تدقيقا، فكان أكثر من سبعين ألف دينار خارجا عن الكسوات والخيول والعروض والآلات. وكان الشريف جمال الدين فصيحا، وله شعر جيد في مدح المظفر وغيره.

(1) في «السلوك» (2/ 87) و «العقود اللؤلؤية» (1/ 324) و «هجر العلم» (4/ 1922): (الحسن).

3429 - [الملك المنصور لاجين]

ولما توفي في سنة سبع وتسعين وست مائة في جمادى الأخرى منها .. تمثل ابنه بقول زياد الأعجم: [من الكامل] مات المغيرة بعد طول تعرض … للقتل بين أسنة وصفائح قال المؤلف: وما في أثناء الترجمة من نزوله مع المؤيد في سنة ثمان وتسعين يدل على أن وفاته كانت في سنة تسع وتسعين بتقديم التاء فيهما، والظاهر أنه تصحيف من الناسخ، والله سبحانه أعلم. 3429 - [الملك المنصور لاجين] (1) الملك المنصور حسام الدين لاجين المنصوري السيفي، صاحب مصر والشام. تسلطن سنة ست وتسعين. وفي سنة ثمان وتسعين وست مائة هجم عليه سبعة أنفس وهو يلعب بعد العشاء بالشطرنج، ما عنده إلا قاضي القضاة حسام الدين الحنفي، والأمير عبد الله، ويزيد البدوي، وإمامه ابن العسال، قال القاضي حسام الحنفي: رفعت رأسي، فإذا سبعة أسياف تنزل عليه، ثم قبضوا على نائبه فذبحوه من الغد، ونودي للملك الناصر، وأحضروه من الكرك، وكان في لاجين دين وعدل، ومدة ولايته سنتان. 3430 - [الملك المظفر صاحب حماة] (2) الملك المظفر تقي الدين محمود بن الملك المنصور، آخر ملوك حماة. توفي سنة ثمان وتسعين وست مائة. 3431 - [الملك الأوحد] (3) الملك الأوحد يوسف بن الناصر صاحب الكرك، ابن المعظم.

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 369)، و «العبر» (5/ 386)، و «مرآة الجنان» (4/ 229)، و «البداية والنهاية» (14/ 409)، و «شذرات الذهب» (7/ 769). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 367)، و «العبر» (5/ 389)، و «مرآة الجنان» (4/ 229)، و «البداية والنهاية» (14/ 5)، و «شذرات الذهب» (7/ 773). (3) «تاريخ الإسلام» (52/ 374)، و «العبر» (5/ 390)، و «مرآة الجنان» (4/ 229)، و «البداية والنهاية» (14/ 412).

3432 - [حجة العرب ابن النحاس]

سمع من ابن اللتي، وروى عنه الدمياطي في «معجمه». وتوفي بالقدس سنة ثمان وتسعين وست مائة. 3432 - [حجة العرب ابن النحاس] (1) أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن النحاس الحلبي العلامة، حجة العرب، وشيخ العربية بالديار المصرية. توفي سنة ثمان وتسعين وست مائة. 3433 - [ابن القواس] (2) ابن القواس مسند الوقت ناصر الدين أبو حفص عمر بن عبد المنعم بن عمر الطائي الدمشقي. توفي ثامن ذي القعدة سنة ثمان وتسعين وست مائة وله ثلاث وتسعون سنة. أجاز له الكندي، وحضر على أبي القاسم ابن الحرستاني. 3434 - [إبراهيم المأربي] (3) إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل المأربي، الأشرقي بلدا. ولد سنة خمس عشرة وست مائة. وتفقه بالفقيه عمر بن سعيد العقيبي إلى أن برع في الفقه، ودرس في حياة شيخه بعد الفقيه أبي السعود. قال الجندي: (ولما صار القضاء الأكبر إلى بني محمد بن عمر .. جعلوه قاضيا في جبلة، فأقام بها إلى أن توفي في رمضان سنة ثمان وتسعين وست مائة، فرآه بعض أصحابه

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 361)، و «العبر» (5/ 389)، و «مرآة الجنان» (4/ 229)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 183)، و «شذرات الذهب» (7/ 772). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 356)، و «العبر» (5/ 388)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 520)، و «المنهل الصافي» (8/ 300)، و «شذرات الذهب» (7/ 772). (3) «السلوك» (2/ 249)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 321)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 39)، و «تحفة الزمن» (1/ 534)، و «هجر العلم» (2/ 784).

3435 - [عبد الرحمن الحجاجي]

بعد موته فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: وما عسى أن يفعل بي ولم يقتسم ورثتي بعدي دينارا ولا درهما. وحمل على أعناق الرجال من ذي جبلة إلى ذي عقيب، وقبر عند قبر أبيه رحمة الله عليهما) (1). 3435 - [عبد الرحمن الحجاجي] (2) عبد الرحمن بن أسعد بن محمد بن يوسف الحجاجي الركبي الأشعري. تفقه بعبد الله بن عبيد السحيقي، ثم ارتحل إلى عدن، وأخذ بها عن الفقيه أبي بكر المقرئ (3)، وأخذ عن البيلقاني. وكان كامل الفقه، مبارك التدريس، درس في بلده أروس-بفتح الهمزة، وسكون الراء، وفتح الواو-قرية من أعمال الدملوة، فأخذ عنه بها جماعة وانتفعوا به، منهم محمد بن أبي بكر بن مسيح (4)، وعلي بن محمد السحيقي وغيرهما. وولي قضاء عدن، وحسنت سيرته فيه، فأتته في بعض الأيام امرأة تشكو من أبيها أنه يعضلها عن التزويج وأنه يراودها عن نفسها، فاشمأز القاضي من ذلك وقال: أعوذ بالله من الإقامة في بلدة يكون فيها هذا، وخرج من فوره عن البلد، فلما صار بمسجد المباه .. صلّى ركعتين، ودعا أن الله لا يعيده إلى هذه القرية، فلما صار بالمفاليس .. توفي، وذلك في سنة ثمان وتسعين وست مائة. 3436 - [عبد الله الشكيل] (5) عبد الله بن أحمد بن محمد الشكيل.

(1) «السلوك» (2/ 249). (2) «السلوك» (2/ 411)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 323)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 50)، و «تحفة الزمن» (2/ 373)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 118)، و «هجر العلم» (1/ 58). (3) في «السلوك» (2/ 412)، و «تحفة الزمن» (2/ 373): (أبو بكر بن المقرئ). (4) كذا في «السلوك» (2/ 412)، وفي «طراز أعلام الزمن» (2/ 51): (مشبح)، وفي «العقود اللؤلؤية» (1/ 323) و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 118): (مسبح). (5) «السلوك» (2/ 231)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 321)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 92)، و «تحفة الزمن» (1/ 523)، و «هجر العلم» (2/ 769).

3437 - [يوسف الحرازي]

ولد سنة سبع عشرة وست مائة. أخذ في بدايته عن أبيه، ثم عن ابن ناصر بالذنبتين، ثم عن عبد الله بن عمران. وكان فقيها فاضلا صالحا، جميل الخلق، حسن القامة، ذا لحية حسنة، قال: ما فاتتني صلاة العشاء لوقتها، ولا أتيت كبيرة منذ بلغت، وما ذقت سكّرا قط مع كونه كثيرا في بلدهم. يروى عن الفقيه صالح بن عمر البريهي أنه رأى في منامه قائلا يقول له: إذا أردت أن تنظر شيبة أبي بكر الصديق، فاخرج ضحى ليلتك هذه إلى صلب ذي السفال؛ فإنك تلقى الرجل، قال: فخرجت أول وقت الضحى نحو الصلب المشار إليه، فلم ألق ذا شيبة غير الفقيه عبد الله بن شكيل، فلم أشك أنه المعنيّ، فسلمت عليه، وتبركت به. وكانت وفاته ليلة الجمعة غرة القعدة سنة ثمان وتسعين وست مائة. 3437 - [يوسف الحرازي] (1) يوسف بن عمران بن النعمان بن زيد الحرازي. قال الجندي: (أخذت عنه بعض «فرائض الصردفي»، ورتّبه بنو عمران مدرسا في الشقيرية بالجند، فلما ولي القضاء الأكبر بنو محمد بن عمر .. جعلوه قاضيا بالجند، وكان في قضائه متحريا ورعا. ولم تطل مدته في القضاء، بل توفي على الطريق المرضي أول سنة ثمان وتسعين وست مائة) (2). 3438 - [محمد التهامي] (3) محمد بن إبراهيم التهامي. قدم هو وأخواه علي وأحمد ابنا إبراهيم من تهامة، فصحبوا الفقيه بطال بن أحمد،

(1) «السلوك» (2/ 61)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 323)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 100)، و «تحفة الزمن» (1/ 417)، و «المدارس الإسلامية» (ص 89). (2) «السلوك» (2/ 61). (3) «السلوك» (2/ 445)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 62)، و «تحفة الزمن» (2/ 410).

3439 - [ابن الفرج الإشبيلي]

وأخذوا عنه وتفقهوا به، ونزلوا إلى أبين، فصحبوا الفقيه سالم بن محمد بن سالم مقدم الذكر (1)، وأخذوا عنه، واستحبوا به، واستحبّ بهم. وكان محمد المذكور فقيها نبيها. وتوفي بمسجد الرباط سنة ثمان وتسعين وست مائة. أما أخوه علي .. فصحب الشيخ أبا معبد، وسكن ميفعة، ودرس هنالك، وانتشر عنه الفقه انتشارا حسنا، وكان له ولد اسمه: محمد بن علي بن إبراهيم، كان فقيها حسنا، مدرسا. 3439 - [ابن الفرج الإشبيلي] (2) أحمد ابن الفرج (3) الإشبيلي، الإمام المحدث الحافظ. تفقه على الإمام عزّ الدين بن عبد السلام، وحدث عن ابن عبد الدائم وطبقته. وكان ذا ورع وعبادة وصدق، وله حلقة اشتغال بجامع دمشق. توفي سنة تسع وتسعين وست مائة. 3440 - [نجم الدين ابن ملي] (4) أحمد ابن مكي (5) العلامة نجم الدين. كان أحد أذكياء الرجال وفضلائهم في الفقه والأصول، والطب والفلسفة، والعربية والمناظرة، كذا في «تاريخ اليافعي» (6) ذكره في سنة تسع وتسعين، ولم يزد على ذلك، وما أدري من يعني، وما أظنه نجم الدين القمولي؛ فإن نجم الدين أحمد بن مكي القمولي

(1) انظر (5/ 133). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 383)، و «العبر» (5/ 393)، و «مرآة الجنان» (4/ 231)، و «المقفى الكبير» (1/ 561)، و «شذرات الذهب» (7/ 775). (3) في (ق): (الفرح)، وقد اختلفت كتب التاريخ في ضبط اسم والده. (4) «تاريخ الإسلام» (52/ 387)، و «العبر» (5/ 394)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 305)، و «مرآة الجنان» (4/ 231)، و «طبقات الفقهاء الشافعيين» (2/ 367)، و «المقفى الكبير» (1/ 572)، و «شذرات الذهب» (7/ 777). (5) في مصادر الترجمة إلا «مرآة الجنان» (4/ 231): (أحمد بن محسن بن ملي). (6) «مرآة الجنان» (4/ 231).

3441 - [خديجة الصالحية]

شارح «الوسيط» توفي سنة سبع وعشرين وسبع مائة، إلا أن يكون الشيخ اليافعي رحمه الله ذكر مولده في هذه السنة، وهو بعيد، والله سبحانه أعلم بمن أراد (1). 3441 - [خديجة الصالحية] (2) خديجة بنت التقي محمد بن محمود أم محمد. روت عن ابن الزّبيدي (3). 3442 - [خديجة أمة العزيز] (4) [خديجة بنت يوسف بن غنيمة] (5) وتكنى: أمة العزيز، روت الكثير عن طائفة، وقرأت في النحو، وجودت الخط على جماعة، وكانت عالمة فاضلة. توفيت في رجب سنة تسع وتسعين وست مائة. 3443 - [صفية بنت عبد الرحمن] (6) صفية بنت عبد الرحمن بن عمرو. روت عن الشيخ الموفق. وعدمت بالجبل سنة تسع وتسعين وست مائة. 3444 - [القاضي عزّ الدين] (7) عبد العزيز عزّ الدين قاضي القضاة بن قاضي القضاة محيي الدين بن محمد بن الزكي القرشي.

(1) الصواب: أنه أحمد بن محسن بن ملي. (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 403)، و «العبر» (5/ 397)، و «معجم الشيوخ» (1/ 233)، و «مرآة الجنان» (4/ 231). (3) توفيت سنة (699 هـ‍). (4) «تاريخ الإسلام» (52/ 404)، و «العبر» (5/ 398)، و «معجم الشيوخ» (1/ 234)، و «مرآة الجنان» (4/ 231)، و «شذرات الذهب» (7/ 781). (5) جمع المؤلف رحمه الله تعالى بين الترجمتين، وقد فصلنا بينهما بهذه الزيادة، فأدخلنا اسم صاحب الترجمة الثانية، وهي: (خديجة بنت يوسف بن غنيمة). (6) «تاريخ الإسلام» (52/ 413)، و «العبر» (5/ 399)، و «مرآة الجنان» (4/ 231)، و «شذرات الذهب» (7/ 783). (7) «تاريخ الإسلام» (52/ 421)، و «العبر» (5/ 400)، و «مرآة الجنان» (4/ 231)، و «شذرات الذهب» (7/ 785).

3445 - [إمام الدين القزويني]

درس في العزيزية، وولي نظر الجامع وغير ذلك. ومات كهلا سنة تسع وتسعين وست مائة. 3445 - [إمام الدين القزويني] (1) أبو القاسم (2) عمر بن عبد الرحمن القزويني الشافعي، إمام الدين، قاضي القضاة. كان مجموع الفضائل، تام الشكل. توفي بالقاهرة سنة تسع وتسعين وست مائة. 3446 - [ابن غانم المقدسي] (3) محمد بن سليمان (4) الإمام شمس الدين ابن غانم المقدسي الشافعي، سبط الشيخ غانم. توفي سنة تسع وتسعين وست مائة. 3447 - [كرت نائب طرابلس] (5) الأمير سيف الدين نائب السلطنة بطرابلس. حمل مرات، وقتل جماعة، ثم قتل في سنة تسع وتسعين وست مائة، وكان ذا دين وخير وشجاعة. 3448 - [أبو محمد المرجاني] (6) أبو محمد عبد الله بن محمد المرجاني المغربي، الشيخ الكبير، الولي الشهير.

(1) «العبر» (5/ 402)، و «مرآة الجنان» (4/ 232)، و «البداية والنهاية» (14/ 421)، و «المنهل الصافي» (8/ 293)، و «شذرات الذهب» (7/ 787). (2) كذا في «العبر» (5/ 402) و «مرآة الجنان» (4/ 232)، وفي باقي مصادر الترجمة: (أبو المعالي). (3) «تاريخ الإسلام» (52/ 441)، و «العبر» (5/ 402)، و «مرآة الجنان» (4/ 232)، و «البداية والنهاية» (14/ 421)، و «شذرات الذهب» (7/ 788). (4) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 232) و «البداية والنهاية» (14/ 421)، وفي باقي مصادر الترجمة: (محمد بن سلمان). (5) «تاريخ الإسلام» (52/ 436)، و «العبر» (5/ 406)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 333)، و «مرآة الجنان» (4/ 232)، و «الدليل الشافي» (2/ 555). (6) «تاريخ الإسلام» (52/ 465)، و «العبر» (5/ 408)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 595)، و «مرآة الجنان» -

3449 - [هدية المقدسية]

قال فيه الذهبي: (الواعظ المذكّر، أحد مشايخ الإسلام علما وعملا) (1). وقال الشيخ اليافعي: (وكان من أكابر السادات الصوفية الكرام، كان مفتوحا عليه في العلوم الربانية والأسرار الإلهية، قال: ومما بلغني عنه أنه قيل له: قال فلان: رأيت عمود نور ممتدا من السماء إلى فم الشيخ أبي محمد المرجاني في حال كلامه، فلما سكت .. ارتفع ذلك العمود، فتبسم وقال: ما عرف يعبّر، بل لما ارتفع العمود .. سكتّ. قال الشيخ اليافعي: يعني رضي الله عنه أنه كان يتكلم بالأسرار عن مدد من الأنوار، فلما انقطع المدد بالنور الممدود .. انقطع النطق بالكلام المحمود. قال: وبلغني من كراماته أنه حضر مجلسه بعض المنكرين بنية الاعتراض عليه في كلامه، وكان ذلك الشخص أعور، فقال الشيخ أبو محمد في أثناء كلامه قبل أن يضيء النهار: الله أكبر، حتى العوران جاءوا للاعتراض والإنكار، أو كما قال، وكان من عادته رحمه الله أنه لا يقوم من مجلسه حتى يرتفع النهار، فبقي ذلك الأعور في حياء وخجل؛ خوفا من أن يقوم فيخرج، فيعلم الحاضرون أنه المراد، أو يقعد، فيعرف إذا طلع النهار أنه المنكر عليه السيء الاعتقاد، فبينا هو متحير في ذلك؛ إذ أطفأ الشيخ القنديل سترا منه وفتوة، فانفض المجلس ولم يعرف الأعور من غيره) (2). وتوفي بتونس سنة تسع وتسعين وست مائة. 3449 - [هدية المقدسية] (3) هدية بنت عبد الحميد المقدسية الصالحية. روت «الصحيح» عن ابن الزبيدي. وتوفيت بالجبل سنة تسع وتسعين وست مائة.

= (4/ 232)، و «شذرات الذهب» (7/ 787). (1) «العبر» (5/ 408). (2) «مرآة الجنان» (4/ 232). (3) «تاريخ الإسلام» (52/ 461)، و «العبر» (5/ 407)، و «معجم الشيوخ» (2/ 362)، و «مرآة الجنان» (4/ 232)، و «شذرات الذهب» (7/ 792).

3450 - [ابن الفرج الإشبيلي]

3450 - [ابن الفرج الإشبيلي] (1) أحمد بن فرج الإشبيلي الإمام الحافظ. قال الذهبي: (تفقه بابن عبد السلام، وحدث عن ابن عبد الدائم، وطبقته، وكان له حلقة اشتغال بجامع دمشق، وكان ذا ورع وعبادة وصدق، وتوفي سنة تسع وتسعين وست مائة عن خمس وستين سنة) اه‍ (2) وهو ناظم القصيدة المشهورة التي ضمنها أنواع الحديث، وأولها: [من الطويل] غرامي صحيح والرجا فيك معضل … وحزني ودمعي مرسل ومسلسل 3451 - [زينب أم الفقراء] (3) المرأة الصالحة زينب بنت الشيخ أحمد بن محمد بن علي بن أبي علوي الشريفة الحسينية، زوجة الشيخ الفقيه محمد بن علي نفع الله به. كانت من الصالحات العابدات الزاهدات. قال الخطيب: (روي أنه وقع ليلة عارض مطر جيد على وادي دمّون، فظن الناس أن ذلك الوادي يفيض سيلا لما يرون عليه من المطر، فخرج آل أبي صاع يريدون يسقون أرضهم من السيل، فلما رأتهم زينب المذكورة وكانوا من أقاربها .. قالت لهم: ارجعوا، فليس وادي دمّون يفيض الليلة بسيل أصلا؛ فإني سمعت في السحاب قائلا يقول: قيدون قيدون عند ما تقولون: دمّون دمّون وقت المطر عليها، فرجعوا ولم يفض وادي دمّون تلك الليلة، ثم ضبطوا على قولها، فجاء الخبر أن وادي قيدون فاض تلك الليلة، وسقى أراضيها، وبين قيدون وتريم مسيرة ثلاثة أيام. توفيت رحمها الله تعالى يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة من شوال سنة تسع وتسعين وست مائة) (4).

(1) تقدمت هذه الترجمة (5/ 475). (2) «العبر» (5/ 393). (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 130). (4) «الجوهر الشفاف» (1/ 130).

3452 - [أبو العلاء الكلاباذي]

3452 - [أبو العلاء الكلاباذي] (1) أبو العلاء محمود بن أبي البكر البخاري الصوفي الحافظ. سمع الكثير بخراسان والشام ومصر، وكتب الكثير، ووقف أجزاءه. وكان إماما في الفرائض، مصنفا فيها، له حلقة اشتغال. راح مع التتار؛ قيل: خوفا من الغلاء، فأقام بماردين شهورا، ومات بها سنة سبع مائة. 3453 - [ابن الحكيم البكري] (2) الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الصالحي شيخ البكرية. له أصحاب، وفيه خير، وله سيرة محمودة. توفي سنة سبع مائة. 3454 - [أم الخير القرشية] (3) أم الخير زينب بنت قاضي القضاة محيي الدين يحيى بن محمد بن الزكي القرشي الدمشقي. روت عن ابن المقير وجماعة. وتوفيت سنة سبع مائة. 3455 - [أحمد بن يوسف] (4) أحمد بن يوسف (5) بن عبد الرحمن بن أبي القاسم بن سليمان بن جابر.

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 490)، و «العبر» (5/ 412)، و «مرآة الجنان» (4/ 234)، و «الجواهر المضية» (3/ 453)، و «شذرات الذهب» (7/ 798). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 470)، و «العبر» (5/ 410)، و «مرآة الجنان» (4/ 234)، و «شذرات الذهب» (7/ 795). (3) «تاريخ الإسلام» (52/ 476)، و «العبر» (5/ 411)، و «معجم الشيوخ» (1/ 258)، و «مرآة الجنان» (4/ 234)، و «شذرات الذهب» (7/ 797). (4) «السلوك» (2/ 268)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 190)، و «هجر العلم» (3/ 1640). (5) في «السلوك» (2/ 268) و «هجر العلم» (3/ 1640): (أحمد بن سفيان).

3456 - [سليمان الوزيري]

تفقه بعبد الرحمن العقيبي، وبعلي بن العسيل. وكان فقيها فاضلا صالحا، خيرا مباركا، دينا مجتهدا. ولم يزل على الطريق المرضي إلى أن توفي في أواخر سنة سبع مائة في قائمة بني حبيش. 3456 - [سليمان الوزيري] (1) سليمان بن أحمد بن عبد الله بن أسعد بن إبراهيم المراني (2) الوزيري. تفقه بالفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي وغيره، وأخذ الحديث عن أبي الخير بن منصور، وعن السلطان علاء السمكري. وله شعر حسن، ومنه في الزهد قوله: [من الطويل] سبيلك في الدنيا سبيل مسافر … ولا بد من زاد لكل مسافر ولا بد في الأسفار من حمل عدة … ولا سيما إن خفت سطوة قاهر وغالب شعره في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان يسكن قرية المصيابة- بكسر الميم، وسكون الصاد المهملة، ثم مثناة من تحت، ثم ألف، ثم باء موحدة، ثم هاء-من مخلاف شرعب. وتوفي على رأس سبع مائة. وكان له ثلاثة إخوة، تفقهوا أيضا. 3457 - [عثمان الشعبي] (3) أبو عمرو عثمان بن أبي بكر بن المنصور الشعبي. تفقه بفقهاء المصنعة وأهل سهفنة، ثم انتقل إلى تهامة فتفقه بفقيهيها: الإمام أحمد بن موسى بن عجيل، وإسماعيل بن محمد الحضرمي.

(1) «السلوك» (2/ 116)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 146)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 485)، و «تحفة الزمن» (1/ 447). (2) في «السلوك» (2/ 115): (المري). (3) «السلوك» (2/ 273)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 328)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 184)، و «تحفة الزمن» (1/ 550)، و «هجر العلم» (4/ 2072).

3458 - [أبو بكر الحكمي]

وكان فقيها صالحا، عارفا محققا، معروفا بطول الصيام والقيام، قلّما يفطر، كثير الحج والزيارة. وتوفي بالمدينة في آخر المائة السابعة، ودفن بالبقيع، وكان يلقب بالأصم لصمم كان به. 3458 - [أبو بكر الحكمي] (1) أبو بكر بن الفقيه علي بن محمد الحكمي. كان فقيها مباركا، ذا مروءة وفضل، درس بمدرسة الميلين بعد أخيه محمد المتقدم ذكره في العشرين الثالثة (2)، وكف بصر أبي بكر المذكور في آخر المائة السابعة. 3459 - [عبد الرحمن الخطيب] (3) عبد الرحمن بن يحيى الخطيب، من ذرية علي بن محمد الخطيب المذكور في العشرين الثالثة من هذه المائة (4). قال في «الجوهر الشفاف»: (كان عبد الرحمن المذكور رحمه الله قاطعا همته عن الدنيا بالكلية، وراغبا في عبادة ربه، ألحّ عليه أخوه يوما في الخروج معهم إلى النخل لقطع خريفه، فقطع أخوه وأخدامه خريف موضع من النخل، فعزم عبد الرحمن عند ذلك الخريف المقطوع، وذهبوا إلى مكان آخر ليقطعوا خريفه، فعقبهم إلى الشيخ أناس، وطلبوا منه شيئا من التمر، فلم يرد عليهم الشيخ جوابا، وكأنه كان في حال الغيبة والفناء، فقال واحد منهم: إن الشيخ راح عند ربه، خذوا الخريف، فحمل أصحابه الخريف وذهبوا به. توفي في آخر القرن السابع بتريم، وقبره مشهور باستجابة الدعاء عنده) (5).

(1) «السلوك» (1/ 475)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 340)، و «تحفة الزمن» (1/ 386)، و «المدارس الإسلامية» (ص 12). (2) انظر (5/ 268). (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 230). (4) انظر (5/ 193). (5) «الجوهر الشفاف» (1/ 230).

3460 - [منصور الفرسي]

3460 - [منصور الفرسي] (1) منصور بن حسن بن منصور بن إبراهيم بن علي الفرسي، وهو ابن أخي الفقيه عبد الله بن منصور مقدم الذكر في آخر المائة الخامسة (2). كان منصور المذكور من أعيان الكتّاب في الدولة المظفرية وصدر الدولة المؤيدية، لم يكن له نظير في معرفة كتب الأدب، ولا في كثرة المحفوظات نظما ونثرا، يقال: إن محفوظه من الشعر يزيد على عشرة آلاف بيت، وأخذ عن الصاغاني «مقامات الحريري» وغيرها، وعن زكريا بن يحيى الإسكندراني وغيره عدة من كتب الحديث. وكان غالب أوقاته ناظرا إما بعدن، وإما بجبلة. وتوفي بجبلة ناظرا بها في عاشر المحرم أول سنة سبع مائة. 3461 - [أبو بكر الأهدل] (3) أبو بكر بن الشيخ علي بن عمر الأهدل. كان شيخا فاضلا فقيها، غلب عليه التصوف. يحكى أن الشيخ أبا الغيث بن جميل مرّ بهم في بعض أسفاره، فأقام عندهم أياما في رباطهم، فاجتمع عنده جماعة من الفقهاء، وسألوه عن مسألة، فبادر الشيخ أبو بكر وأجاب السائل، فقال الشيخ أبو الغيث: خذوا جوابكم منكم. وطال عمر الشيخ أبي بكر حتى قيل: إنه بلغ عمره خمس عشرة سنة ومائة سنة. وتوفي سنة سبع مائة. 3462 - [عبد الرحمن الأثوري] (4) عبد الرحمن بن عبد الله بن علي أبو الفرج الأثوري، نسبة إلى الأثاور-بهمزة، ثم

(1) «السلوك» (2/ 28)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 329)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 391)، و «هجر العلم» (1/ 253). (2) انظر (4/ 396). (3) «السلوك» (2/ 360)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 329)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 316)، و «تحفة الزمن» (2/ 548)، و «طبقات الخواص» (ص 381)، و «هجر العلم» (4/ 2004). (4) «السلوك» (2/ 153)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 58)، و «تحفة الزمن» (1/ 471).

3463 - [عبد الرحمن بن محمد باعلوي]

مثلثة مفتوحتين بعدهما ألف ساكنة، ثم واو مكسورة، ثم راء-عرب يسكنون الهشمة. وكان الفقيه عبد الرحمن يسكن العدنة-بفتح العين، وكسر الدال المهملتين، ثم نون مفتوحة، ثم هاء تأنيث-قرية شرقي تعز قريبة منها. أخذ المذكور عن الفقيه عمر بن مسعود الأبيني وغيره. وكان عارفا بالفقه واللغة، والفرائض والحساب، مشهورا بالعلم والصلاح. يروى أن المظفر سأل فقهاء تعز عن مال لنا من الماء، أصله من الماء، ولا يناله الماء؟ فقال الفقيه عبد الرحمن: هو اللؤلؤ. قال الجندي: (وكانت وفاته آخر المائة السابعة تقريبا) (1). 3463 - [عبد الرحمن بن محمد باعلوي] (2) عبد الرحمن بن الفقيه محمد بن علي بن محمد بن علي بن علوي باعلوي، وتقدم بقية نسبه الشريف في ترجمة والده (3). كان فاضلا صالحا، قال فيه حفيده الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي: (هو الذي طما على البسيطة فضله، وعلى المعالي كماله ومجده) اه‍ (4) وقال الخطيب: (كان رحمه الله من المشايخ العارفين، الورعين الموفقين، صاحب الكرامات الباهرة، والأحوال الفاخرة، والمقامات الجليلة، والمواهب الجزيلة، وذكر له كرامات، وذكر أنه توفي بعد الحج قاصدا الزيارة مع بعض الركبان في موضع منقطع عن الماء، فلما عجز أصحابه عن تحصيل ماء غسله .. أنبع الله لهم عينا في تلك البرية وعليها دلو، فلما شرعوا في غسله .. تهيأ للركب الانتقال، وأخذوا في أهبة الارتحال، فانزعج أصحاب الشيخ لذلك، فبينا هم كذلك من خوف ارتحال الناس؛ إذ قيل: إن الجمل الذي يحمل محمل الأمير ضلّ، فنزل الناس ولم يزالوا مقيمين حتى جهز الشيخ أصحابه ودفنوه، فلما فرغوا من دفنه .. غابت العين والدلو معا، وقيل: إن الجمل الذي ضلّ وجد، فرحل الناس) (5).

(1) «السلوك» (2/ 154). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 126)، و «البرقة المشيقة» (ص 36). (3) انظر (5/ 230). (4) «البرقة المشيقة» (ص 36). (5) «الجوهر الشفاف» (1/ 126).

3464 - [فضل بن محمد]

ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في أواخر هذه المائة يقينا، والله سبحانه أعلم. 3464 - [فضل بن محمد] (1) فضل بن الإمام العالم العلامة الورع الزاهد محمد بن أحمد بن أبي فضل. قال الخطيب: (كان من العلماء العاملين، والفقهاء المدققين، والزهاد الورعين المجتهدين، ونبلاء الصفوة المقربين، وكان جوادا سخيا، يتدين وينفقه في سبيل الله وعلى الضيفان والفقراء، حتى إن كثيرا من الأوقات يطلع الفجر وأهله يخبزون للضيفان، إذا صدروا .. ورد غيرهم، ومات وعليه دين كثير، منه لشخص واحد من آل أبي الفيل ألف قهاول، فلما توفي .. أبرأه غرماؤه عن جميع ما لهم عليه، فرأى بعض الأخيار أبا الفيل المذكور بعد موته فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: نفعني الفقيه فضل؛ يعني حماه عما يخاف. وكان لا يقبل من أحد شيئا، فلما حج هو وأخوه سعد .. احتال بعض أهل اليمن، فأعطى أخاه سعدا مالا وقال له: لا تخبر أخاك بهذا المال حتى تصلا إلى حضرموت، لعل إذا بعدت المسافة .. قبله أخوك، فلما رجعا إلى حضرموت بعد الحج .. أحضر أخوه سعد المال إلى فضل، وأخبره بالقصة (2)، فأبى الفقيه فضل أن يقبله، وألزم أخاه سعدا أن يرد المال إلى من أخذه منه، فرجع سعد من حضرموت إلى اليمن بذلك المال، ورده على صاحبه. ومن دقيق ورعه أن شخصا ساومه في نيل ليشتريه منه، ففصلا ثمنه، ولم يقع بينهما بيع ولا شراء، وذهب الرجل ليأتي بالثمن المفصول ويشتري النيل، فلم يتيسر له ثمنه، ثم بعد مدة طويلة غلا النيل غلاء عظيما، فأتى الرجل إلى الفقيه ليشتري منه النيل، فساومه فيه مساومة جديدة، وأراد أن يأخذه بالسعر الغالي سعر الوقت، فقال الفقيه: أليس قد حصل بيني وبينك فصل في ثمنه؟ قال: بلى، ولكن لم أشتره بعد، فقال الفقيه: أنا لا أخلف قولي، خذ النيل بالثمن الذي قد اتفقنا عليه أولا، فأبى الرجل وقال: أنا ما أريد النيل إلا لغيري، وأنت أحق بما زاد لك، فقال الفقيه: خذ النيل بالثمن الأول، وبعه بما شئت.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 231)، و «البرقة المشيقة» (ص 54)، و «تاريخ شنبل» (ص 105). (2) في (ق) و (م): (القضية).

3465 - [ابن أبي حرمي]

وكان له خادم ينظر في مصالح زرعه، فاستأجر ذلك الخادم دابة فيها شبهة بغير علم الفقيه، وأسنى بها (1) في ذلك الزرع مع دواب الفقيه، ثم علم الفقيه بذلك، فخرج مع غلمانه إلى الزرع، فقال لمسقيه: أرني من أين بدأتم بالسقي من حين سنيتم على تلك الدابة، فأراه جميع ما سقوا من حين سنوا على تلك الدابة، فأمر الفقيه غلمانه بقلع ذلك المسقي كله، فقلعوه من أصله، ورموه في الخلاء، ولم يطعم من ذلك المقلوع شيئا من دوابه مع حاجته إليه رضي الله عنه. ولم أقف على تاريخ وفاته، وكان موجودا في هذه المائة، والله سبحانه أعلم. وولده محمد بن فضل كان من الصالحين الكبار، وذكر له الخطيب جملة كرامات، ولم أقف على تاريخ وفاته، وغالب ظني أنه توفي في حياة أبيه، أو بعده بقليل. وكان أخوه سعد بن الإمام محمد بن أحمد بن أبي فضل تقيا ورعا، زاهدا، عالما في الطب والكيمياء، وكان لا يستعمل منها إلا عند الحاجة والضرورة قدر الكفاية فقط، وكان منقادا لأخيه فضل المذكور، لا يفعل شيئا إلا بأمره حتى البول كان يستأذن أخاه فيه، فقيل له في ذلك، فقال: أخاف أن يتشعب خاطره من أجلي، فإذا أخبرته أين أنا .. قرّ خاطره رضي الله عنهم. ولما حج سعد المذكور وأخوه فضل .. اجتمعا بكثير من كبار الأئمة، واجتمعا بالشيخ الإمام البارزي، وكان يسألهما عن مشايخ حضرموت، ويبحث عن مناقبهم وأخبارهم، وكان سعد المذكور يشرح له حالهم، وعجائب سرهم، وغرائب أحوالهم، فهيج ذلك شوقه وأزعجه، فأنشأ يقول: [من الطويل] وحدثتني يا سعد عنهم فزدتني … شجونا فزدني من حديثك يا سعد) (2) ولم أقف على تاريخ وفاته أيضا. 3465 - [ابن أبي حرمي] (3) عبد الله بن إبراهيم بن مسعود ابن أبي حرمي الحضرمي التريمي. كان من الصالحين الورعين.

(1) أسنى بها: استعملها في سقي الزرع، ومنه السانية، وهي الدابة التي تستخدم في سقي الزرع. (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 231). (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 237).

3466 - [عبد الله با عباد]

قال حفيده محمد بن أبي بكر ابن أبي حرمي: كان لجدي عبد الله بن إبراهيم المذكور إبل يرعاهن رجل، فكان ذلك الرجل يسرق قضبان المسلمين ويطعمه الإبل، فأطلع الله جدي على فعل ذلك الرجل فقال له: لا بقيت تطعم إبلي الحرام أصلا، فلم ينته الرجل، فأتى مرة إلى الإبل بقضب مسروق، فلم تطعمه أصلا، ثم أتى إليها بقضب من قضب جدي فأكلته. وسافر المذكور للحج في آخر عمره وهو شيخ كبير، فلما بعد عن البلد .. سقط من البعير، فانكسرت رجله، فقيل له: عسى في هذا خيرة لك عن المسير، فارجع إلى أهلك وولدك، فأبى وقال: بل الخير في هذا، وهو علامة القبول إن شاء الله تعالى، ثم سافر ولم يعقه ذلك عن المسير. ولم أقف على تاريخ وفاته. 3466 - [عبد الله با عباد] (1) عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن أبو عباد الشيخ الصالح، العالم العامل، أصل بلده شبام، من حضرموت. ولم أقف على تاريخ وفاته (2)، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا. 3467 - [محمد بن عبد علي] (3) الشيخ محمد بن الشيخ عبد علي بن عواض بن سري. ولما توفي أبوه كما تقدم ذكره في العشرين الثالثة (4) .. قام ابنه محمد هذا مقامه، وسار سيرة أبيه من مواصلة الغز والإطعام. وكان جوادا لا يخيب سائلا، وكان السّؤّال يمتحنونه، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي في الدولة المظفرية. ولم أقف على تاريخ وفاته.

(1) «تاريخ شنبل» (ص 106)، و «تحفة الزمن» (2/ 435)، و «طبقات الخواص» (ص 176). (2) في مصادر الترجمة: توفي سنة سبع وثمانين وست مائة. (3) «السلوك» (2/ 210)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 341)، و «تحفة الزمن» (1/ 511). (4) لم يترجم له المؤلف رحمه الله تعالى، وانظر ترجمته في مواضع ترجمة ابنه.

3468 - [علي بن محمد بن عبد علي]

3468 - [علي بن محمد بن عبد علي] (1) الشيخ علي بن الشيخ محمد بن الشيخ عبد علي بن عواض بن سري، ولد المذكور قبله. كان من أعيان مشايخ العرب، ورث المشيخة عن أبيه وجده، وكان عالي الهمة، كبير النفس، من كرام العرب وشجعانهم، يحب الصالحين، والعلماء الراشدين. ولما توفي والده محمد .. أرسل المظفر ابنه الأشرف إلى علي هذا معزيا له بأبيه، فكان من إكرامه للأشرف وتبجيله له شيء عظيم، فلم ينزل الأشرف من حصنهم بيت عزّ إلا وقد تحقق في نفسه أن لا ملك إلا معهم، وأنه لا حصن كحصنهم، فأعلم أباه المظفر بعظيم حالهم، فأضمر المظفر في نفسه أخذ الحصن منهم، فلم يكن غير قليل حتى نزل علي بن محمد المذكور إلى المظفر للسلام عليه، وكانت عادته وعادة أسلافه مواصلة الملوك، فلزمه المظفر واعتقله في حصن الدملوة مدّة، والحصن في يد ولده يوسف بن علي، فلما طال سجنه، وطمع الأعداء بهم مع ميل السلطان عنهم .. سلّم الولد يوسف الحصن إلى المظفر، وأطلق له أباه، فسكن حجرا، وابتنى هنالك مدرسة جيدة. قال الجندي: (وذكر الثقات أن علوان الجحدري كان متأدبا مع الشيخ علي بن محمد بن عبد علي وقومه) (2). وتوفي المذكور آخر المائة السابعة تقريبا. 3469 - [إبراهيم الملحاني] (3) إبراهيم بن محمد أبو إسحاق، مسكنه قرية الدّوم من جبل ملحان-بكسر الميم، وسكون اللام، وفتح الحاء المهملة، ثم ألف ونون-جبل شرقي مدينة المهجم. تفقه المذكور بأحمد بن الحسن الخلي.

(1) «السلوك» (2/ 209)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 342)، و «تحفة الزمن» (1/ 511). (2) «السلوك» (2/ 210). (3) «السلوك» (2/ 326)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 36)، و «تحفة الزمن» (2/ 111)، و «طبقات الخواص» (ص 57).

3470 - [أحمد ابن أبي الخل]

وكان فقيها صالحا، ذا كرامات، وهو من قوم في تلك الناحية يعرفون ببني إدريس، وكان في قومه ناس يتظاهرون بشرب الخمر، فنهاهم، فلم ينتهوا، فدعا عليهم، فسلط الله عليهم الجذام، ثم الفناء، وكانوا نحوا من أربعين رجلا. وكان أهل بلده لا يورّثون النساء، فأجبرهم على توريثهنّ، فلما توفي الفقيه .. عادوا إلى حالهم الأول. وكان له ولدان فقيهان: عبد الله وعلي. قال الخزرجي: (ولم أقف على تاريخ وفاة أحد منهم) اه‍ (1) وإنما ذكرته في هذه الطبقة ظنا (2). 3470 - [أحمد ابن أبي الخل] (3) أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن يوسف بن إبراهيم بن حسين بن حماد بن أبي الخل. ولد سادس عشر شوال سنة ثمان وأربعين وست مائة. تفقه بعمه صالح بن أحمد، وتزوج بابنته، وأكمل تفقهه بالفقيه إسماعيل الحضرمي. وكان فقيها بارعا، ماهرا محجاجا، عارفا بأخبار المتقدمين، غواصا على دقائق الفقه، ولما بلغ المظفر كماله ونبله وصلاحيته للقضاء الأكبر .. استدعاه إلى تعز، وسأله أن يلي قضاء تهامة، فاعتذر، وقبل المظفر عذره، ثم استأذنه في الرجوع إلى بلده، فأذن له، فسار من فوره وتوجّع في الطريق، ولم يصل إلى حيس إلا وقد أشفى على الموت، فتوفي بها، وقبر في المقبرة الشرقية على يمين الخارج من حيس إلى قرية السلامة. ولم أقف على تاريخ وفاته (4)، وإنما ذكرته هنا؛ لموته في أيام المظفر، والله سبحانه أعلم.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 36). (2) في «تحفة الزمن» (2/ 111): (توفي سنة أربع عشرة وسبع مائة). (3) «السلوك» (2/ 338)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 59)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 262)، و «تحفة الزمن» (2/ 135)، و «هجر العلم» (1/ 172). (4) في «السلوك» (2/ 338) و «العقود اللؤلؤية» (1/ 263) و «تحفة الزمن» (2/ 135) و «هجر العلم» (1/ 172): (كانت وفاته نهار الأربعاء سادس عشر شوال سنة تسعين وست مائة).

3471 - [ابن علاف]

3471 - [ابن علاف] (1) أحمد بن محمد بن سالم أبو العباس المعروف بابن علاف. تفقه في بدايته بأبي رشاح، وبأحمد بن أباططة، وبابن عبد القدوس وهو خاله، وزوّجه بابنته. ولما عزل شيخه أبو رشاح عن القضاء .. ولي هذا مكانه إلى أن توفي، فأعيد أبو رشاح في القضاء. وكان فقيها جيدا صالحا، أرسله الواثق بن المظفر إلى أخيه الأشرف معزيا بأبيهما المظفر، ثم أرسله مرة ثانية إلى أخيه المؤيد معزيا بأخيهما الأشرف، فاجتمع به الفقهاء في المرة الثانية وباحثوه، واعترفوا بفضله، وأثنوا عليه الثناء الحسن. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في أيام المؤيد أول ولايته. 3472 - [سليمان الحرازي] (2) سليمان بن النعمان بن زيد الحرازي. كان فقيها عابدا، وله كرامات وإفادات، وغلبت عليه العبادة. وتوفي بالجند، وقبره يقصد للتبرك به والزيارة. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 3473 - [عبد الرحمن العثري] (3) عبد الرحمن بن القاضي صالح بن الفقيه إبراهيم العثري. تقدم ذكر أبيه في العشرين الرابعة (4).

(1) «السلوك» (2/ 475)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 155)، و «تحفة الزمن» (2/ 446). (2) «السلوك» (2/ 61)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 494)، و «تحفة الزمن» (1/ 417). (3) «السلوك» (2/ 328)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 56)، و «تحفة الزمن» (2/ 114). (4) لم يترجم له المؤلف رحمه الله تعالى، وانظر ترجمته في «السلوك» (2/ 327)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 5)، و «طبقات الخواص» (ص 155).

3474 - [علي العثري]

كان عبد الرحمن المذكور فقيها عارفا، محققا، أول من رتّب مدرسا في الجامع المظفري بالمهجم، وكان راغبا في ازدراع الأرض، مشغولا لا يكاد يفرغ للتدريس، فكتب الطلبة إلى المظفر يشكون حالهم معه، فصرفه المظفر عن التدريس، ورتّب مكانه الفقيه جمال الدين أحمد بن علي العامري شارح «التنبيه»، فلم يزل الفقيه جمال الدين مستمرا في التدريس إلى أن توفي. ثم إن الفقيه علي بن إبراهيم بن صالح عم الفقيه عبد الرحمن طلب من الفقيه عبد الرحمن شيئا، فلم يعطه ما يرضيه، فرفع إلى المظفر أن الأمير ابن أبي زكريا أودع الفقيه عبد الرحمن-أو أودع أباه-مالا جليلا، فحاقق السلطان بينهما، وكانت المهجم إقطاع الأمير ابن أبي زكريا، وكان يصحب القضاة بني صالح ويحبهم ويعتقدهم، فترك عندهم مالا له قدر، وأمرهم أن يتصدقوا عنه على من يعرفون استحقاقه، فصرفوا منه جملة مستكثرة ولم يبق منه غير قدر يسير وقت رفاعة الرافع، فطولب المرفوع عليه بأصل المال كله ولم يقبل قوله في صرف ما ذكر، فصودر الفقيه عبد الرحمن مصادرة قبيحة باع فيها رجال بني صالح ونساؤهم جميع ما يملكونه حتى تخلص، وكان ذلك سبب سقوطهم وفقرهم. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا أيام المظفر. 3474 - [علي العثري] (1) علي بن إبراهيم بن صالح بن علي بن أحمد العثري، عم المذكور قبله. ولاه المظفر قضاء المهجم؛ مكافأة لما فعله مع ابن أخيه عبد الرحمن بن صالح بن إبراهيم، فلم تحمد سيرته فيه، وتأذى الناس به تأذيا كليا، وهمّ القاضي البهاء بعزله، فلم يساعده المظفر، فلم يزل قاضيا بها إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في أيام المظفر. قال الجندي: (وكان الأولون من بني صالح يغلب عليهم الدين والكرم ومواساة المحتاجين، وخصالهم الحميدة أكثر من أن تحصر، ثم حدث منهم شباب سلكوا غير طريقهم، وفعلوا ما لا يليق بهم، فروى بعض الناس أنه رأى بين بيوتهم في بعض الليالي

(1) «السلوك» (2/ 329)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 57)، و «تحفة الزمن» (2/ 114).

3475 - [عبد الله ابن أبي عقامة]

شخصا من الجن رجلاه في الأرض ورأسه في السماء، وفي رجله وعنقه أغلال الحديد وهو يقول: [من الوافر] أراني الله دورهم خلاء … مفدفدة بأجمعها سواء فلم يقم الرائي إلا مدة يسيرة حتى صودر عبد الرحمن؛ يعني: ابن صالح بن إبراهيم على ما مر في ترجمته آنفا) (1). 3475 - [عبد الله ابن أبي عقامة] (2) عبد الله بن علي بن أبي عقامة. قال عمارة: كان فقيها فاضلا، أديبا شاعرا، فصيحا مترسلا، ومن شعره قوله: [من الخفيف] ما لهذا الوفاء في الناس قلاّ … أتراهم جفوه حتى استقلاّ ومن ترسّله ما كتبه إلى ابن عمه أبي حامد بن أبي عقامة: سل عني قومك، وأمسك ويومك .. تجدني معظما في النفوس، قاعدا على قمم الرءوس. ولم أقف على تاريخ وفاته، والظاهر أنه في هذه المائة متقدما على هذه العشرين، والله سبحانه أعلم. 3476 - [محمد الحفائلي] (3) محمد بن عبد الله بن محمد (4) بن علي بن أبي عقامة المعروف بالحفائلي-لقب من ألقاب المكتب-القاضي بن القاضي، وهو ولد المتقدم ذكره [قبله]، كذا في الخزرجي (5)، وذكر في الأول أنه عبد الله بن علي بن محمد، وذكر في الولد أنه محمد بن

(1) «السلوك» (2/ 329). (2) «السلوك» (1/ 380)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 132)، و «تحفة الزمن» (1/ 306)، و «هجر العلم» (1/ 52). (3) «السلوك» (1/ 380)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 213)، و «تحفة الزمن» (1/ 307)، و «هجر العلم» (1/ 52). (4) كذا في الأصول، وفي مصادر الترجمة: (محمد بن عبد الله بن علي). (5) «طراز أعلام الزمن» (3/ 213).

عبد الله بن محمد بن علي، فجعل أبا الأول علي بن محمد، وجد الثاني محمد بن علي، والظاهر أنه وقع تقديم أحد الاسمين على الآخر في أحد الموضعين وهما، فليحقق ذلك (1). كان الحفائلي المذكور فقيها نبيها، عاقلا فاضلا، شاعرا فصيحا، يثيب على المدح، وإليه انتهت رئاسة مذهب الشافعي بزبيد ونواحيها وإلى حاكمها يومئذ ابن عمه عبد الله بن محمد بن أبي الفتوح. ومن شعر الحفائلي ما كتبه جوابا إلى ابن عمه أبي العز بن أبي الفتوح حيث يقول: [من الكامل] رفقا فدتك أوائلي وأواخري … أين الأضاة من الفرات الزاخر أنت الذي نوّهت بي بين الورى … ورفعت للسارين ضوء مفاخري وله من قصيدة يتشوق فيها إلى إخوانه: [من البسيط] تشتاقكم كلّ أرض تنزلون بها … كأنكم لبقاع الأرض أمطار ومنه ما كتبه إلى الفقيه عمارة: [من الطويل] إذا فخرت سعد العشيرة لم يكن … لأخلافها إلا بأسلافك الفخر وبيتك منها يا عمارة شامخ … هوت تحته الشّعرى ودان له الشّعر ومنه عتابا: [من الطويل] عذرتك لو كانت طريقا سلكتها … مع الناس أو لو كان شيئا تقدما فأما وقد أفردتني وخصصتني … فلا عذر إلا أن أعود تكرّما ومنه: [من البسيط] وبكرة ما رأى الراءون مشبهها … كأنها سرقت حسنا من الزمن غيم وظل وروض مونق وهوى … يجري مع الروح مجرى الروح في البدن غنت بها الطير ألحانا وساعدها … رقص الغصون على إيقاعها الحسن فقد سكرت وما الصهباء دائرة … فيها ولا نغمات العود في أذني ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان في هذه المائة يقينا.

(1) في النسخة التي بين أيدينا من «طراز أعلام الزمن» لا يوجد فيها الخلاف الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى في اسم أبي الأول وجد الثاني.

3477 - [عبد الوهاب بن أبي بكر]

3477 - [عبد الوهاب بن أبي بكر] (1) عبد الوهاب بن الفقيه أبي بكر بن ناصر. تفقه بمحمد بن أبي بكر الأصبحي غالبا، وكان فقيها عالما، عاملا كاملا. أخذ عنه الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الأصبحي في بدايته «المهذب» و «كافي الصردفي»، وكان يثني عليه كثيرا ويقول: انتفعت بالقراءة عليه انتفاعا جيدا، وتوفي بخبت البزواء بين مكة والمدينة حاجّا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه المائة يقينا. 3478 - [عثمان الخولاني] (2) عثمان بن أبي الحكيم (3) بن الفقيه محمد بن أحمد بن الفقيه عمر بن إسماعيل بن علقمة الجماعي الخولاني. قال الجندي: (كان عثمان هذا ووالده فقيهين فاضلين، مشهورين بالفقه والحفظ، دخل عثمان عدن، فأخذ عنه عبد الرحمن الأبيني المدرس وجماعة من فقهاء عدن «البيان»، ولم أتحقق لأحد منهما تاريخا) اه‍ (4) فذكرتهما هنا؛ لأنهما كانا موجودين في هذه المائة يقينا. 3479 - [عثمان بن أبي الفتوح] (5) عثمان بن القاضي أبي الفتوح عبد الله بن علي بن محمد بن علي بن أبي عقامة أبو العز التغلبي الفقيه الشافعي.

(1) «السلوك» (2/ 81)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 174)، و «تحفة الزمن» (1/ 429)، و «هجر العلم» (2/ 718). (2) «السلوك» (1/ 472)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 185)، و «تحفة الزمن» (1/ 383)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 130). (3) في «السلوك» (1/ 472) و «تحفة الزمن» (1/ 383): (عثمان بن عبد الحكيم). (4) «السلوك» (1/ 472). (5) «السلوك» (1/ 261)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 188)، و «تحفة الزمن» (1/ 189)، و «هجر العلم» (1/ 53).

كان فقيها نبيها، عارفا محققا، أديبا لبيبا، شاعرا فاضلا، ولي القضاء في الأعمال المضافة لزبيد كحيس فشال. قال عمارة: وكان من المجيدين المكثرين في كل فن، وكان جوادا ممدحا، يخلع على الشعراء ويغنيهم، ومن شعره قوله في زريق بن عبد الله الفاتكي من قصيدة طويلة: [من الكامل] نفسي إليك كثيرة الأنفاس … لولا مقاساة الزمان القاسي ومن شعره في الفخر قوله من قصيدة مشهورة: [من الطويل] بأي المعالي من صفاتك أكلف … وقد لاح لي طوق من النفس أكلف (1) ومنها: [من الطويل] أصخ أذنا وانظر بعينك هل ترى … من الناس إلا من عقامة تردف ثم ضمن فقال: [من الطويل] ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا … وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا ومن مراثيه قوله في أهله وقد زار مقابرهم بالعرق من زبيد في مقبرة باب سهام: [من الكامل] يا صاح قف بالعرق وقفة معول … وانزل هناك فثمّ أكرم منزل نزلت به الشم البواذخ بعد ما … لحظتهم الجوزاء لحظة أسفل أخواي والولد العزيز ووالدي … يا حطم رمحي عند ذاك ومنصلي هل كان في اليمن المبارك قبلنا … أحد يقيم صغا الكلام الأميل حتى أنار الله سدفة أهله … ببني عقامة بعد ليل أليل لا خير في قول امرء متمدّح … لكن طغى قلمي وأفرط مقولي ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا.

(1) في «طراز أعلام الزمن» (2/ 189): (وقد لاح طومار من النفس).

3480 - [عثمان بن محمد بن مقرة]

3480 - [عثمان بن محمد بن مقرة] (1) عثمان بن محمد بن مقرة أبو عفان. كان فقيها، مقرئا للسبعة، مجودا للقرآن بها، عارفا بوجوهها، ومسكنه قرية الأوشج بضم الهمزة بعد آلة التعريف بعدها واو ساكنة، ثم شين معجمة مكسورة، ثم جيم. وخلف ابنا اسمه: علي، كان عارفا بفنون الأدب، وله ولد اسمه: محمد-قال الجندي: (وهو الذي وجدته يوم قدمتها، فألفيته عارفا بالأدب-رحمة الله عليهم أجمعين) (2). ولم أقف على تاريخ الفقيه عثمان، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا. 3481 - [علي ابن مياس] (3) علي بن أحمد بن مياس الواقدي أبو الحسن، وأمه بنت الفقيه محمد بن سعيد بن معن القريظي مؤلف «المستصفى». ويقال: إنه ولد في أيام جده، فحمل إليه، ورآه ودعا له، فنشأ نشوءا حسنا، واشتغل بالعلم الشريف، وولي قضاء لحج بعد جده أحمد عم والدته. وكان فقيها عارفا، صالحا خيرا دينا. ولم أقف على تحقيق وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة، وسيأتي ذكر ابنه محمد (4) وحفيده أحمد (5) في العشرين بعد هذه. 3482 - [علي العسقي] (6) علي بن أسعد بن سليمان العسقي.

(1) «السلوك» (2/ 385)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 197)، و «تحفة الزمن» (2/ 352). (2) «السلوك» (2/ 385). (3) «السلوك» (2/ 441)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 231)، و «تحفة الزمن» (2/ 407)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 135)، و «هجر العلم» (1/ 141). (4) انظر (6/ 68) من المطبوع. (5) انظر (6/ 116) من المطبوع. (6) «السلوك» (2/ 152)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 232)، و «تحفة الزمن» (1/ 471).

3483 - [علي الثعباتي]

كان فقيها صالحا، ذا مروءة، وكان من ورد إلى تعز إنما يأنس بهذا الفقيه، وإليه ورد الفقيه علي السرددي الآتي ذكره قريبا (1)، فعرفه بالبلد وأهلها، وكانت تعز أقل البلاد فقهاء بحيث لا يكاد يوجد في البلاد فقيه من أهلها. وكان الفقيه علي بن أسعد المذكور محكّما في إنكاح من لا ولي لها في عسق-بفتح العين والسين المهملتين، ثم قاف-قرية صغيرة شرقي مغربة تعز على طريق القاصد من عدينة إلى ثعبات، فيحكى أن قوما من الشعابيّة (2) ومن الرّعاء وصلوا إلى عسق لعقد نكاح، فلم يجدوا الفقيه، فقالت والدته: أنا أعقد لكم، فعقدت لهم النكاح وهم يظنون صحة ذلك، وتقدموا بلدهم، فلما وصل الفقيه .. أخبرته والدته بما اتفق، فشق ذلك عليه، وسألها عن بلدهم، فأخبرته، فخرج من فوره إليهم، فأخبرهم بعدم صحة العقد الأول، وعقد لهم النكاح، وكان من لطف الله أن الرجل لم يدخل بالمرأة، ثم رجع إلى قريته ولاطف أمه، ونهاها عن المعاودة إلى مثل ذلك، وأنها إن فعلت ذلك .. أثمت إثما عظيما. ولما بنى ياقوت الجمالي والي الحصن القبة المعروفة بقبة الجمالي في مغربة تعز .. رتّب الفقيه المذكور إماما فيها، وكان ذلك في إقبال شهر رمضان، فأمره الأمير أن يشفّع به في الحصن، ويستنيب في القبّة، ففعل، فلما كان ليلة الختم في الحصن .. حصل للفقيه من الأمير وحاشيته نحو خمس مائة دينار وكسوة جيدة، فاشترى بها أرضا، وبنى عندها بيتا، وسكن فيه قانعا بمتحصل الأرض، وزهد في إمامة القبة، وكان على طريقة محمودة. ولم أتحقق تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة، والله أعلم. 3483 - [علي الثعباتي] (3) علي الثعباتي، نسبة إلى ثعبات البلدة المعروفة قرب تعز. كان فقيها صالحا، ناسكا عابدا مجتهدا، مشهورا بالفضل والبركة واستجابة الدعاء، وأمّ بمسجد ثعبات. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا.

(1) بل تقدمت ترجمته في العشرين قبل هذه، انظر (5/ 170). (2) في «السلوك» (2/ 153) و «طراز أعلام الزمن» (2/ 232): (الشعبانية). (3) «السلوك» (2/ 153)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 233)، و «تحفة الزمن» (1/ 471).

3484 - [علي بن أبي السعود]

3484 - [علي بن أبي السعود] (1) علي بن أبي السعود بن الحسن. كان فقيها فاضلا، نحويا لغويا، وهو أول من درس بالنجمية بذي جبلة، ثم استدعاه المظفر إلى تعز ليقرئ ولده الأشرف النحو، فأقام بتعز مدة يقرئه النحو وغيره إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 3485 - [علي بن شافع] (2) علي بن شافع بالمعجمة، والفاء، والعين المهملة. كان فقيها عارفا مشهورا. تفقه بالإمام أحمد بن موسى بن عجيل، وكان ذا نسك واجتهاد، وكان هو وأولاده يسكنون الجرابية-بفتح الجيم والراء المخففة، ثم ألف، ثم موحدة، ثم مثناة تحت، ثم هاء تأنيث-قرية من أعمال حرض. وكان له ثلاثة أولاد: محمد، تفقه بأبيه، وغلبت عليه العبادة والنسك، فكان يحج كل سنة ماشيا، وأحمد، وتفقه بأبيه وبعلي بن الصريدح، وإبراهيم، تفقه بعلي بن الصريدح، وكان الثلاثة فقهاء مجودين، نسّاكا مجتهدين، إلا أن محمدا غلبت عليه العبادة، فكان يحج كل سنة ماشيا. ولم أقف على تاريخ وفاة والدهم ولا أحد من الأولاد، إلا أنهم كانوا موجودين في هذه المائة. 3486 - [أحمد بن عبد الرحمن الخطيب] (3) أحمد بن عبد الرحمن بن الفقيه عبد الله بن علي بن عثمان بن أحمد الخطيب.

(1) «السلوك» (2/ 171)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 286)، و «تحفة الزمن» (2/ 347)، و «بغية الوعاة» (2/ 167)، و «المدارس الإسلامية» (ص 68)، و «هجر العلم» (3/ 1685). (2) «السلوك» (2/ 313)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 290)، و «تحفة الزمن» (2/ 11). (3) «السلوك» (2/ 257)، و «تحفة الزمن» (1/ 540).

3487 - [علي بن عقبة]

أخذ عن جده، وكان عابدا زاهدا ورعا، ذا مسموعات وإجازات. توفي على الطريق المرضي آخر المائة السابعة (1). 3487 - [علي بن عقبة] (2) علي بن عقبة بن أحمد بن محمد أبو الحسن الزيادي ثم الخولاني. كان فقيها فاضلا لا سيما في علم الأدب، وله شعر جيد، ومنه: [من الطويل] إذا لم يكن للمرء ذي الحلم جاهل … يدافع عن أعراضه ويناضل خطت قدم الأعدا إليه تعمّدا … ونال سفيه عرضه وهو غافل وكان ممن يقدم على المظفر، وله منه رزق يعتاده، فحسده بعض أعدائه، وكاده عند السلطان، فأمر به فحبس في عدن، فعمل قصيدة يعتذر فيها، فلما وقف عليها المظفر .. جوّب له بقول ابن دريد في مقصورته: [من الرجز] من لم يقف عند انتهاء قدره … تقاصرت عنه فسيحات الخطا فجوب الفقيه علي عن البيت المذكور بقول ابن دريد أيضا: [من الرجز] هل أنا بدع من عرانين علا … جار عليهم صرف دهر واعتدى فلما وقف السلطان على جوابه .. صفح عنه وأمر بإطلاقه. ولما توفي .. خلفه ابن له اسمه أحمد، تفقه بالفقيه إسماعيل الحضرمي، ثم أخذ عن البيلقاني، وعنه أخذ القاضي محمد بن سعد أبو شكيل «التنبيه» خاصة، وعاد إلى حجر فتديّرها، وامتحن آخر عمره بالعمى، وتوفي بقرية يقال لها: الصدارة-بفتح الصاد والدال المهملتين، ثم ألف، ثم راء مفتوحة، ثم هاء تأنيث-وهي قرية بحجر الدغار بين أحور والشحر، وأصل بلدهم الهجرين. ولم أقف على تاريخ وفاتهما، إلا أنهما كانا موجودين في هذه المائة.

(1) في النسخ: (السادسة)، والصواب ما أثبت. (2) «السلوك» (2/ 461)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 310)، و «تحفة الزمن» (2/ 426)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 154).

3488 - [علي بن عيسى النخعي]

ولما توفي أحمد .. خلفه ابناه أبو بكر ومحمد، فمات محمد طالبا للعلم بتعز في رجب سنة تسع عشرة وسبع مائة، وأما أبو بكر .. فرأيته بعدن في سنة وفاة أخيه انتهى (1). 3488 - [علي بن عيسى النخعي] (2) علي بن عيسى بن محمد بن مقبل النخعي ثم الأبيني. كان فقيها عارفا، محققا، دخل عدن، وحضر مجلس القاضي محمد بن أسعد العنسي وهو يلقي المسائل على الفقهاء، فكان هو المتصدي لجوابها، فأعجب به القاضي إعجابا شديدا، وكتب إلى قاضي القضاة يسأله أن يرتّبه مدرسا في منصورية الجند، فرتّبه فيها. فدرّس فيها مدة، ثم نقل إلى مدرسة بتعز، فاستمر مدرسا فيها إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا. 3489 - [علي بن أبي الغيث] (3) علي بن أبي الغيث بن أحمد بن أبي الحسن (4). كان فقيها محدثا، وكان يسكن خنفر. وكان المنصور عمر بن علي بن رسول إذا دخل عدن .. زاره، والتمس بركته ودعاءه، وقبل شفاعته. وتزوج بابنة الفقيه علي بن أحمد بن مياس مقدم الذكر (5)، وظهر له منها ثلاثة أولاد: عبد الله، وأبو بكر، وعمر؛ [فعمر] (6) تفقه بعمر بن محمد بن معمر أحد أصحاب

(1) في هامش (ت): (الظاهر أنه نقل هذا عن الجندي، فكان ينبغي له أن يقول: قال الجندي على عادته؛ فإن المصنف لم يكن موجودا في سنة «719 هـ‍» وأظنه سهوا منه. والله أعلم) قلنا: الكلام موافق لما في «الجندي» (2/ 462). (2) «السلوك» (2/ 62)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 319)، و «تحفة الزمن» (1/ 418)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 156)، و «المدارس الإسلامية» (ص 42). (3) «السلوك» (2/ 449)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 320)، و «تحفة الزمن» (2/ 414)، «تاريخ ثغر عدن» (2/ 156). (4) في «السلوك» (2/ 449) و «الطراز» (2/ 320): (الحسين). (5) انظر (5/ 496). (6) سقطت من النسخ، واستدركت من «الجندي» (2/ 450).

3490 - [علي العثري]

الشحبلي، وبه تفقه ابن الأديب، وكان فاضلا، مات خاله محمد بن علي بن مياس على قضاء عدن، وتوفي أول ولاية خاله بعد ابن الجنيد بدون السنة بلحج، وأما أبو بكر .. فتفقه بتهامة، وكان غالب إقامته بلحج، وكان مذكورا بالدين والمروءة. ولم أقف على وفاة الفقيه علي المذكور، ولا أحد من أولاده المذكورين، إلا أنهم كانوا في هذه المائة. 3490 - [علي العثري] (1) علي بن الفقيه محمد بن الفقيه إبراهيم بن صالح بن علي بن أحمد العثري. كان فقيها عارفا. خلف عمه صالح بن إبراهيم بن صالح في رئاسة البيت وقضاء المهجم، وكانت المهجم إقطاع الأشرف بن المظفر من أبيه، فحدث ما أوجب الوحشة بين الأشرف والقاضي علي المذكور، فخرج من بلده نافرا إلى الجند، فأقام بها أياما، ثم تقدم إلى لحج وعدن، فأدرك بلحج الشيخ الصالح المعروف بابن قادر (2)، فأقام عنده مدة في رباطه، وتزوج بابنته، وظهر له منها ابنه حسن، ثم رجع إلى المهجم بعد مراسلة بينه وبين الأشرف، فأحسن إليه الأشرف إحسانا كليا حتى تبدلت الوحشة أنسا. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين ظنا، وفي التي قبلها يقينا، والله سبحانه أعلم. 3491 - [علي الظفاري] (3) علي بن يحيى بن محمد بن عبد الله بن أباططة الظفاري، أصله من حضرموت من تريم من ناس يعرفون بالخطباء. كان فقيها فاضلا.

(1) «السلوك» (2/ 328)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 327)، و «تحفة الزمن» (2/ 113)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 156). (2) كذا في «تاريخ ثغر عدن» (2/ 157)، وفي «السلوك» (2/ 328) و «طراز أعلام الزمن» (2/ 327): (ابن بادر)، وفي «تحفة الزمن» (2/ 113): (ابن نادر). (3) «السلوك» (2/ 472)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 373)، و «تحفة الزمن» (2/ 444).

3492 - [عمر الأفعوي]

قدم المذكور إلى ظفار مع أبي ماجد، فعلم السلطان إدريس بن أحمد بن محمد الحبوضي القرآن، وببركته صار السلطان إدريس إلى ما صار إليه، ثم توفي، فخلفه من أهله ولده محمد، وكان ممن جمع بين الفقه والصلاح، وهو أول من ولي الخطابة بظفار، وكانت الخطابة قبلهم في آل حمدي، فنقلوا إلى خطابة طاقة، قرية من أعمال ظفار، وجعل مكانهم الفقيه محمد بن علي بن يحيى المذكور، وكان خطيبا مصقعا، وفقيها فاضلا محققا، عارفا بالفرائض وغيرها، وله أرجوزة نظمها في علم الفرائض، وكان صالحا، سمع أهل ظفار في ليلة موته مناديا ينادي: إن الله اصطفى آدم من أهل زمانه، واصطفى نوحا من أهل زمانه، ثم أعيان الرسل كذلك حتى جاء إلى نبينا محمد صلّى الله عليه وسلم، ثم قال بعده: واصطفى الحسن، ثم جماعة كذلك حتى قال: واصطفى محمد بن أباططة في أهل زمانه، وإنه منتقل منهم هذه الليلة. ولم أقف على تاريخ وفاته ولا وفاة والده، إلا أنهما كانا موجودين في هذه المائة يقينا. 3492 - [عمر الأفعوي] (1) عمر بن إبراهيم بن عيسى بن مفلح بن زكريا الأفعوي-نسبة إلى الأشتر النخعي الملقب بالأفعى، أحد أصحاب علي رضي الله عنه-أصله من شبوة، قرية قديمة بين جردان وبيجان. تفقه بعلي بن الحسن الوصابي، ثم ارتحل إلى تهامة، فأخذ الفرائض عن ابن معاوية. وكان فقيها كبيرا، عالي القدر، مشهور الذكر، وامتحن بقضاء السحول، فكان من أحسن القضاة سيرة، وأعفهم سريرة، ثم عزل نفسه، وعاد إلى بلده موضع يقال له: الظفر على قرب من بلد آل الرغب (2)، وانتابه الناس للأخذ عنه، وممن قرأ عليه المقرئ ابن يوسف الغيثي وغيره. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في النصف الأخير من هذه المائة يقينا.

(1) «السلوك» (2/ 271)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 395)، و «تحفة الزمن» (1/ 549). (2) في (ق) و (م) و «طراز أعلام الزمن» (2/ 395): (الزعب)، وفي «السلوك» (2/ 271): (على قرب من بلد الرغب).

3493 - [عمر ابن الحذاء]

3493 - [عمر ابن الحذاء] (1) عمر بن أحمد بن أسعد بن عمر المعروف بابن الحذاء، قال الجندي: (وأظنه كان يعمل النعال؛ فلذا سمي: الحذاء) (2). كان من أعلام الدهر، وإليه انتهت رئاسة القراءات في اليمن، وكان عظيم البركة، قلّما قرأ عليه أحد .. إلا انتفع به. وكان صاحب كرامات: منها: ما حكاه الجندي عن الثقة: (أنه آواه الليل إلى قرية غير قريته، فعزم على الخروج منها إلى قريته بعد أن صلّى العشاء، وكانت ليلة مظلمة، شديدة الريح، فلازمه أهل القرية على المبيت عندهم، فأبى، فقالوا: يا مقرئ؛ إنها ظلمة، فقال: أسرجوا لي سراجا، وهو يضيء لي في الطريق، ففعلوا له ذلك وهم يظنون أنه لا يثبت معه ساعة واحدة، فلم يزل السراج يضيء حتى وصل المقرئ إلى بيته، فطفئ. ومنها: أنه زار مرة قبور أهله ومعاريفه ومشاهير الفقهاء؛ إذ سمع مناديا ينادي من قبر: يا مقرئ عمر؛ أنت ما تزور إلا أصحاب الجاهات! فالتفت إلى القبر فزاره، ولم يبرح يزوره كلما وصل إلى تلك المقبرة قبل كل أحد، وأعلم الناس بما سمع، قال الجندي: فصار القبر مزورا إلى عصرنا هذا) (3). وكان مسكن المقرئ عمر قرية شرقي جبا تعرف بالمتقولة (4) بفتح الميم والتاء المثناة فوق، وضم القاف، وسكون الواو. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 3494 - [عمر وعبد الله ابنا دينار] (5) عمر بن أبي بكر بن دينار وأخوه عبد الله.

(1) «السلوك» (1/ 392)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 397)، و «تحفة الزمن» (1/ 317)، و «طبقات الخواص» (ص 244)، و «هجر العلم» (1/ 297). (2) «السلوك» (1/ 392). (3) «السلوك» (1/ 392). (4) في «السلوك» (1/ 392) و «هجر العلم» (1/ 297): (متفولة). (5) «السلوك» (2/ 382)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 401)، و «تحفة الزمن» (2/ 348).

3495 - [عمر اليهاقري]

كانا فقيهين خيرين فاضلين. ولم أقف على تاريخ وفاتهما، إلا أنهما كانا موجودين في هذه المائة يقينا. 3495 - [عمر اليهاقري] (1) عمر بن أبي بكر بن معوضة اليهاقري، نسبة إلى اليهاقر، قرية من أعمال الجند. كان فقيها فاضلا، دينا أديبا كاملا، أخذ علم الأدب عن السلطان علاء بن عبد الله السمكري مقدم الذكر. قال الجندي: (وكان زميله في الأخذ عنه والدي يوسف بن يعقوب، وكان يختلف إليه من الجند إلى السمكر، وكان موصوفا بالذكاء وجودة الحفظ والإتقان) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة، والله أعلم. 3496 - [عمر بن أبي الحب] (3) عمر بن أبي الحب بالحاء المهملة، ثم الموحدة. كان فقيها صالحا، عابدا زاهدا ورعا، وكان يشارك ابن أبي الموالي (4) في قضاء ظفار، وكان قضاؤه مرضيا؛ لورعه وزهده، وكان صبيحا، من أحسن الناس صورة. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأن الجندي ذكر أنه: (تردد في السفارة بين المظفر وبين سالم بن إدريس الحبوضي لمّا وقع الخلف بينهما) اه‍ (5) وذلك في أوائل هذه العشرين (6).

(1) «السلوك» (2/ 63)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 404)، و «تحفة الزمن» (1/ 418)، و «هجر العلم» (4/ 2381). (2) «السلوك» (2/ 63). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 222)، و «السلوك» (2/ 474)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 405)، و «تحفة الزمن» (2/ 445). (4) في «السلوك» (2/ 474): (أبا عبد المولى محمدا) وفي «الطراز» (2/ 405): (ابن عبد المولى محمدا). (5) «السلوك» (2/ 474). (6) لعله في العشرين التي قبل هذه؛ لأنه تقدم أن السلطان سالم بن إدريس المذكور قتل سنة (678 هـ‍).

3497 - [عمر الحربي]

فلما توفي .. خلفه ابن عمه حسين (1) بن أبي الحب، كان فقيها أديبا، فاضلا وسيما. ولم أقف أيضا على تاريخ وفاته، فلما توفي .. خلفه أبو رشاح. قال ابن سمرة: (ومنهم ابن أبي الحب) (2)، ولم يسمه، تفقه بطاهر بن يحيى بن أبي الخير، قال: (وهو الذي مدح طاهرا بالشعر المذكور مع ذكره) (3). قال الجندي: وفي آل أبي الحب جماعة يسكنون ظفار وعدن. 3497 - [عمر الحربي] (4) أبو الخطاب عمر الحربي نسبة، إمّا إلى الحربية، الناحية المعروفة من أعمال سردد، وإما قوم يقال لهم: بنو حرب. كان فقيها نبيها، نحويا لغويا، حسابيا فرضيا، أخذ الفرائض عن علي بن عبد الله الزيلعي، وعنه أخذ القاضي محمد بن علي الخلي. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في أواخر هذه المائة يقينا. وخلف ولدين: عبد الرحمن وإسماعيل، سيأتي ذكرهما في أول المائة التي بعد هذه (5). 3498 - [عمر الشاوري] (6) عمر بن عبد الله الشاوري، ربيب الفقيه سليمان بن محمد بن الزبير مقدم الذكر (7)، وبه تفقه. وكان فقيها مجودا، مسددا في الفتوى.

(1) في «تحفة الزمن» (2/ 445): (حسن). (2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 222). (3) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 222). (4) «السلوك» (2/ 352)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 405). (5) لم يترجم لهما المؤلف رحمه الله تعالى، وانظر ترجمتها في مواضع ترجمة والدهما. (6) «السلوك» (2/ 324)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 418)، و «تحفة الزمن» (2/ 104)، و «هجر العلم» (1/ 149). (7) انظر (5/ 448).

3499 - [عمر بن المبارك]

لزم المسجد نيفا وعشرين سنة، ثم لحقه مرض، فلم يكد ينقطع عن الجمعة والجماعة والمدرسة. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 3499 - [عمر بن المبارك] (1) عمر بن المبارك بن مسعود بن سالم بن سعيد بن عمر بن علي بن أحمد بن ميسرة بن جعف بكسر الجيم، وسكون العين المهملة، ثم فاء، النسبة إليه جعفي. كان فقيها صالحا واعظا، ويعرف بصحبة الفقيه سفيان الأبيني، وكان كبير القدر، مشهور الذكر. حج ثم زار الضريح الشريف، فيروى أنه أنشد بمسجد الرسول صلّى الله عليه وسلم قصيدة مدح فيها النبي صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما وأهل المدينة يومئذ غالبهم رفضة يبغضون الشيخين، فاستدعاه رجل يدّعي أنه شريف إلى منزله ليكرمه، فلما صار بمنزله .. خيره بين أن يخرج لسانه فيقطعها، أو يقطع رأسه، فمد الفقيه لسانه، فقطع منها جزءا، وناوله الفقيه وقال: هذه جائزتك في مدح أبي بكر وعمر، ونال منهما، فأخذ الفقيه لسانه بيده وخرج إلى الضريح الشريف، فوقف وشكا حاله بقلبه، فلما تهور الليل .. غلبه النوم، فرأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في منامه ومعه الشيخان، فوقف على رأس الفقيه وقال: يا أبا بكر؛ أعد على هذا لسانه، فأخذ أبو بكر رضي الله عنه القطعة من يده، ووضعها على موضع القطع، وتفل عليها وقال: التئمي بحول الله وقدرته، فعادت كما كانت، ثم مسح رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيده على رأسه وشيء من جسده، ثم صاحباه رضي الله عنهما كذلك، ودعوا له، فاستيقظ ولسانه صحيح وهو في عافية، فعاد إلى بلده. ثم حج في السنة الثانية، وزار وأنشد بحضرة الضريح الشريف قصيدة مدح فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم في الموضع الذي قام فيه أولا، فلما فرغ من نشيده .. استدعاه شاب حسن الصورة إلى منزله ليكرمه ويتبرك

(1) «السلوك» (2/ 268)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 444)، و «تحفة الزمن» (1/ 457)، و «طبقات الخواص» (ص 242)، و «النسبة» (ص 221)، و «مجموع بلدان اليمن» (1/ 263).

3500 - [عمر النزاري]

به، فسار به إلى البيت الذي لا ينكره، قال: فنفرت منه نفسي، ثم دخلت متوكلا على الله عزّ وجل، فوجدت في الدار قردا مربوطا إلى خشبة بسلاسل الحديد، فلما رآني .. جعل يتوثّب حتى كاد يقطع السلاسل، فزجره الشاب، وهمّ بضربه، ودخل بي إلى موضع بعيد منه، وأتى بطعام فأكلنا منه، فلما فرغنا من الطعام .. قال لي: يا فقيه؛ أتعرف هذه الدار؟ قلت: نعم، قال: فهل تعرف هذا القرد المربوط؟ قلت: لا، فقال: هذا الشيخ الذي قطع لسانك، وأنا ولده، وإنه نام بعد أن قطع لسانك مع امرأته، فلم يستيقظ إلا وهو يصيح صياح القرد، فأسرجنا في ذلك الليل، فوجدناه قد صار قردا على هذه الصورة التي رأيت، فربطناه حيث رأيت، وقد تبنا عن مذهبه ومعتقده، ونحن نحبّ الشيخين أبا بكر وعمر، ونحبّ من يحبّهما، فعجبت من ذلك عجبا شديدا، فخرجت من عندهم (1). ثم عاد إلى اليمن، وتوفي بقريته حصي بموضع يسمى الشعرة. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 3500 - [عمر النزاري] (2) عمر بن محمد بن الشيخ أحمد بن محمد بن مفضل بن عبد الكريم بن أسعد بن سبأ النزاري. تفقه بالوعلاني وغيره من أصحاب الإمام بطال، وربما أدرك الإمام بطال بن أحمد، وأخذ عنه. وكان فقيها فاضلا عارفا، ذا فراسة وشجاعة. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا. 3501 - [عمر المسلماني] (3) عمر بن محمد بن سالم الزبيدي المسلماني، لقب بذلك؛ لأنه تزوج امرأة مسلمانية.

(1) في هامش (م) كلام محي مجمله، يفهم منه إنكار للقصة، وأنها موضوعة لا يقبلها العقل. (2) «السلوك» (2/ 407)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 446)، و «هجر العلم» (1/ 404). (3) «السلوك» (2/ 227)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 447)، و «تحفة الزمن» (1/ 521).

3502 - [عمر ابن أبي الفوارس]

كان فقيها، تفقه بالربيضة (1)، وهو من ذي القوبي (2) بضم القاف، وسكون الواو، وكسر الباء، وآخره ياء النسب. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 3502 - [عمر ابن أبي الفوارس] (3) عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس. كان فقيها فاضلا، عارفا بفنون الأدب، وله مسموعات، قال الجندي: (أخبرني بذلك بعض أهله) (4). ولم أقف على تاريخ وفاته، وأظنه كان في هذه المائة. 3503 - [أبو بكر بن عبد الرحمن] (5) أبو بكر بن عبد الرحمن، من بني العسيل (6)، خطباء قائمة بني حبيش. ولد المذكور سنة خمس وستين وست مائة تقريبا. وتفقه بعلي بن العسيل، وبإسماعيل من مصنعة سير (7). قال الجندي: (كان فقيها، وهو أمثل حكام الناحية في معرفة الفقه، وكذلك والده كان فقيها أيضا، وأخوه أحمد بن عبد الرحمن كان فقيها أيضا. قال الجندي: أخبرني أن مولده في رجب سنة ثمانين وست مائة، وأن أخاه أبا بكر ولد قبله بست عشرة سنة.

(1) هو عبد العزيز بن عمران بن محمد بن أفلح، عرف بالربيضة، انظر «السلوك» (2/ 226). (2) في «السلوك» (2/ 226) و «تحفة الزمن» (1/ 521): (ذي القوفي)، وفي «طراز أعلام الزمن» (2/ 447): (ذي القوتي). (3) «السلوك» (2/ 349)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 451)، و «تحفة الزمن» (2/ 214). (4) «السلوك» (2/ 349). (5) «السلوك» (2/ 267)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 452)، و «تحفة الزمن» (1/ 546). (6) في «طراز أعلام الزمن» (2/ 452) و «تحفة الزمن» (1/ 546): (الغسيل) هنا وفي المواضع الآتية من هذه الترجمة. (7) في «السلوك» (2/ 267): (بمصنعة سير).

3504 - [أحمد بن سفيان]

قال الجندي: ومن بني العسيل علي بن محمد بن عبد الله بن جابر (1)، كان فقيها مشهورا، له مشاركة في الفقه وغيره) (2). ولم أقف على تاريخ وفاة أحد منهم. 3504 - [أحمد بن سفيان] (3) أحمد بن سفيان بن عبد الرحمن بن أبي القاسم بن سليمان بن جابر. تفقه بعبد الرحمن العقيبي، وبالفقيه علي بن العسيل. وكان فقيها صالحا، وهو من فقهاء القائمة قائمة بني حبيش من بني العسيل. وتوفي بالقائمة في أواخر السبع مائة. 3505 - [عمران بن ثواب] (4) عمران بن ثواب بفتح المثلثة والواو، ثم ألف، ثم موحدة، أصله من يافع، وسكن ناحية الدملوة. وكان فقيها فاضلا، عارفا كاملا. كان موجودا في هذه المائة. 3506 - [يحيى بن عمران بن ثواب] (5) يحيى بن عمران بن ثواب. كان عارفا بفنون شتى، وكان كريما جوادا، وله شعر حسن، ومنه قوله: [من الكامل] شيئان أحسن من عناق الخرّد … وألذ من شرب القراح الأسود

(1) في «السلوك» (2/ 267): (علي بن أحمد بن عبد الله بن جابر). (2) «السلوك» (2/ 267). (3) «السلوك» (2/ 268)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 542)، و «تحفة الزمن» (1/ 546)، و «هجر العلم» (3/ 1640). (4) «السلوك» (2/ 409)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 470)، و «تحفة الزمن» (2/ 371)، و «هجر العلم» (1/ 444). (5) «السلوك» (2/ 409)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 471)، و «تحفة الزمن» (2/ 371)، و «هجر العلم» (1/ 444).

3507 - [سليمان بن محمد الصوفي]

وأجل من رتب الملوك عليهم … وشي الحرير مطرّز بالعسجد سود الدفاتر أن أكون نديمها … طول النهار وبرد ظل المسجد فإذا هما اجتمعا لشخص فارغ … عن كلّ همّ نال أبعد مقصد وعلا المفاخر والمحامد كلّها … وحوى المحامد في الحياة وفي الغد ثم الصلاة على النبي وآله … ما أرقلت عيس بقاع جدجد ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 3507 - [سليمان بن محمد الصوفي] (1) سليمان بن محمد بن الشيخ عمران الصوفي. ولد سنة ثلاثين وست مائة. وتفقه بعمر بن مسعود الأبيني، وعمر بن سعيد العقيبي، وأبي بكر الجناحي (2) وغيرهم. وكان فقيها فاضلا، نقّالا للعلم، حافظا له، تقدم إلى مصر لطلب العلم، وتوفي هناك. ولم أقف على تاريخ وفاته. 3508 - [عمران الحرازي] (3) عمران بن النعمان بن زيد الحرازي. كان فقيها مقرئا، غلب عليه علم القراءات، ناب عن القاضي عيسى في قضاء الجند، ثم نقله بنو عمران إلى زبيد، ودرس في مدرسة القراء بها-إنشاء الطواشي بدر بن عبد الله المظفري-فلم يزل مستمرا على الإقراء إلى أن توفي بها.

(1) «السلوك» (2/ 176)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 493)، و «تحفة الزمن» (1/ 490). (2) في «طراز أعلام الزمن» (2/ 493) و «تحفة الزمن» (1/ 490): (الجباحي). (3) «السلوك» (2/ 61)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 480)، و «تحفة الزمن» (1/ 417)، و «المدارس الإسلامية» (ص 180).

3509 - [عيسى بن المعيري]

ولم أقف على تحقيق تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين، أو التي قبلها. 3509 - [عيسى بن المعيري] (1) عيسى بن المعيري، نسبة إلى المعايرة، الفقيه الحنفي مذهبا. تفقه بأبي بكر بن يوسف المكي. وكان فقيها صالحا عارفا، مجتهدا في الطلب على مذهب أبي حنيفة. توفي قبل شيخه، فلما توفي شيخه المكي .. رآه بعض أصحابه في النوم فسأله عن هذا الرجل، فقال: لم أقدر أجتمع به من شدة ما هبته. ولم أقف على تاريخ وفاته ولا وفاة شيخه، إلا أنهما كانا في هذه المائة يقينا، والله سبحانه أعلم. 3510 - [مبارك الشحبلي] (2) مبارك بن محمد بن علي بن عبد الله الشحبلي بفتح الشين المعجمة، وسكون الحاء المهملة، وفتح الموحدة، ثم لام، ثم ياء النسب. تفقه بعلي بن قاسم الحكمي. وكان فقيها عارفا، محققا، كان من أبرك الناس تدريسا، انتشر عنه الفقه انتشارا كليا. وعنه أخذ عمر بن محمد بن معمر، وعلي بن عيسى النخعي، ومحمد بن أحمد بن صالح، ومحمد بن علي بن جميل وغيرهم. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا، وكان من أتراب الفقيه محمد بن سعيد الثريبا المذكور في أول هذه المائة، فلعلّ ذكر الشحبلي معه أولى.

(1) «السلوك» (2/ 56)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 492)، و «تحفة الزمن» (1/ 413)، و «طبقات الخواص» (ص 256). (2) «السلوك» (2/ 450)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 56)، و «تحفة الزمن» (2/ 414).

3511 - [عمر ابن معمر]

3511 - [عمر ابن معمر] (1) عمر بن محمد بن أحمد بن معمر. تفقه بمبارك الشحبلي، ولما توفي شيخه .. قام مقامه في التدريس، فتفقه به جماعة: منهم عمر بن أبي الغيث، وكان عمر هذا فقيها محدثا، درس بجامع خنفر مدة طويلة. ومنهم إبراهيم بن محمد بن سعد الحضرمي المعروف بالأشل؛ لشلل كان به. ولم أقف على تاريخ وفاته. 3512 - [محمد بن إبراهيم الهمداني] (2) محمد بن إبراهيم بن محمد بن سعيد بن أبي السعود بن أسعد بن أحمد الهمداني، وهو ابن ابن أخي الفقيه عمر بن سعيد العقيبي. ولد سنة ست وستين وست مائة، وارتحل إلى تهامة، فتفقه بزبيد، ثم خرج إلى شجينة، فقرأ بها على الفقيه علي بن إبراهيم البجلي، ثم سار إلى أبيات حسين، فأدرك أحمد بن حسن البجلي، فأخذ عنه، ورجع إلى بلده بعد أن صحح «تنبيهه» و «مهذبه» على «تنبيه» و «مهذب» الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل، ثم نزل إلى الذنبتين، فقرأ على الإمام علي بن أحمد الأصبحي بعض «وسيط الغزالي». قال الجندي: (ومن هنالك وقع بيني وبينه أنس ومعرفة، وهو الذي رغبني في طلوع المخلاف وخلطة أهله ومعرفتهم، فلما طلعت إليهم .. أقمت عنده، وقرأت على والده «الأربعين الطائية»، وكان رئيسا في بلده، مشارا إليه بالتمييز بين أهله؛ لقدم السن ومعرفة الناس والإصلاح بينهم، وغلب عليه الاشتغال بذلك عن التدريس وغيره، وكان ابنه محمد صاحب الترجمة فقيها فاضلا، ماهرا عارفا) (3). ولم أقف على تاريخ وفاته.

(1) «السلوك» (2/ 450)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 56)، و «تحفة الزمن» (2/ 414). (2) «السلوك» (2/ 244)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 67)، و «هجر العلم» (2/ 784). (3) «السلوك» (2/ 244).

3513 - [محمد بن أحمد الحنفي]

3513 - [محمد بن أحمد الحنفي] (1) محمد بن أحمد البخاري الحنفي ظهير الدين. كان فقيها كبيرا، عالما، حافظا لمذهبه. دخل اليمن سنة ثمان وثمانين وست مائة، ووصل إلى زبيد بخدم وحشم وأبهة ظاهرة، وناظر الشافعية ورأسهم إذ ذاك أحمد بن سليمان الحكمي، ثم رجع إلى بلده. ولم أقف على تاريخ وفاته. 3514 - [محمد الضمعجي] (2) محمد بن أحمد بن يحيى، ينسب إلى ضمعج الصحابي. تفقه بالإمام القلعي، ولزم مجلسه بعده، وكان مبارك التدريس، وعنه أخذ السبتي صاحب الشحر. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. 3515 - [محمد بن أبي بكر بن الدليل] (3) محمد بن أبي بكر بن الدليل، الربعي نسبا. كان فقيها فاضلا، وكان للمظفر فيه حسن اعتقاد، وبسببه بنى مدرسته التي في قرية الواسط، وأصل مسكن بني الدليل العنبرة، قرية من قرى سهام، ثم انتقلوا إلى المقصرية من نواحي المهجم بسبب مصاهرتهم لبني أبي الفوارس. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة. قال الجندي: (أظن أبا بكر الدليل والد محمد المذكور، وكان يذكر بالفقه والتدقيق، وبه تفقه أخوه عبد الله) (4) الآتي ذكره بعد هذا.

(1) «السلوك» (2/ 142)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 77). (2) «السلوك» (2/ 463)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 89)، و «تحفة الزمن» (2/ 427). (3) «السلوك» (2/ 350)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 121)، و «تحفة الزمن» (2/ 215). (4) «السلوك» (2/ 350).

3516 - [عبد الله بن الدليل]

3516 - [عبد الله بن الدليل] (1) عبد الله بن الدليل، عم محمد المذكور. قال الجندي: (أظنه تفقه بأخيه أبي بكر) (2). وكان فقيها فاضلا، عارفا بالفقه، يقال: إنه نظير الفقيه عمر بن علي في معرفة الفقه، وكان مسددا في الفتوى، ماهرا في استخراج دقائق الفقه بحيث إن حكام المهجم كانوا لا يضعون خطوطهم على سجل حكمي حتى يعرض على المذكور، فيتصفحه، ويصلحه، وإلا .. فلا يكاد يسلم من زيادة أو نقص. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أن الظاهر أنه كان موجودا في هذه المائة. 3517 - [محمد بن أبي بكر اليماني] (3) محمد بن أبي بكر اليماني. كان فقيها فاضلا، غلبت عليه العبادة، وكان صاحب كرامات، ومسكنه صقع من حراز، يعرف بصعفان. وسيأتي ذكر ولده أحمد في العشرين الثانية من المائة بعد هذه (4). 3518 - [محمد القرتبي] (5) محمد بن حمزة القرتبي. تفقه بعمرو بن علي التباعي. وكان فقيها صالحا، مشهورا بالكرم والدين، والاجتهاد في العلم، وجودة البحث. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة.

(1) «السلوك» (2/ 349)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 121)، و «تحفة الزمن» (2/ 215). (2) «السلوك» (2/ 350). (3) «السلوك» (2/ 303)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 130)، و «تحفة الزمن» (1/ 571). (4) لم يترجم له المؤلف رحمه الله تعالى، وانظر ترجمته في «طراز أعلام الزمن» (1/ 145). (5) «السلوك» (2/ 319)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 156)، و «تحفة الزمن» (2/ 96)، و «هجر العلم» (3/ 1686).

3519 - [محمد الخولاني]

3519 - [محمد الخولاني] (1) محمد بن سالم أبو عقبة، الخولاني نسبا، والهجراني بلدا. كان فقيها فاضلا، وله تصانيف جيدة، وخطب مستحسنة. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان في هذه المائة، وسيأتي ذكر ابنه عبد الرحمن في أول المائة الثامنة (2). 3520 - [محمد بن سعيد الأهزوني] (3) محمد بن سعيد، من قوم أفاضل أخيار يقال لهم: الأهزون-نسبة إلى جد لهم اسمه: هزان بكسر الهاء، وفتح الزاي، ثم ألف، ونون-يسكنون جحاف-بضم الجيم، وفتح الحاء المهملة، ثم ألف، ثم فاء-جبل يتصل بناحية حجر. تفقه المذكور بأهل جبا، وكان فقيها فاضلا. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة، وسيأتي ذكر ابنيه الخضر وعمران في أول المائة التي بعد هذه (4). 3521 - [ابن تويم] (5) محمد بن سليمان بن علي بن أسعد المعروف بابن التّويم-بضم المثناة فوق، ثم واو مفتوحة، ثم مثناة من تحت ساكنة، ثم ميم-كذا في «الخزرجي»: (محمد بن علي بن أسعد) (6)، وأظن أن عليا جده، وأنه سقط من نسخة «الخزرجي» بينه وبين جده ذكر أبيه، ولعل اسم أبيه: سليمان، أصله من سهفنة، ونسبه في الصعبيين.

(1) «السلوك» (2/ 461)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 185). (2) انظر (6/ 46). (3) «السلوك» (2/ 265)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 193). (4) انظر (6/ 46). (5) «السلوك» (2/ 93)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 195)، و «تحفة الزمن» (1/ 435)، و «هجر العلم» (2/ 981). (6) «طراز أعلام الزمن» (3/ 195).

3522 - [محمد الشبامي]

ولد سنة ستين وست مائة. وتفقه بمحمد بن أسعد بن الجميميم مقدم الذكر (1)، ثم صار إلى قرامد-بفتح القاف والراء، ثم ألف ساكنة، ثم ميم مكسورة، ثم دال مهملة، قرية من قرى الجند-بسؤال من أهلها، فصار إماما وخطيبا بها، وانتفع به جماعة في قراءة القرآن والعلم. وبه تفقه عبد الرحمن بن علي العامري، وأحمد بن عبد الرحمن العامري، ومحمد بن عمر الوجيهي وغيرهم. ولم يزل يفتي ويقرئ بالقرية المذكورة إلى أن توفي، ولم أقف على تاريخ وفاته. 3522 - [محمد الشبامي] (2) محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ذئب الحضرمي الشبامي. كان فقيها فاضلا، عارفا بالفقه والنحو والأدب، شاعرا مجيدا، نظم «التنبيه»، وله عدة قصائد، منها قوله: [من المتدارك] أرسوم ربوع أم رمم … لاحت فدموعك تنسجم أم وشم معاصم رقّشه … وتأنق فيه من يشم قال الجندي: (وهي قصيدة طويلة تنيف على مائة بيت، فيها حكم وأمثال، وله ذرية منهم بقية بعدن يتعانون التجارة، يعرفون ببني أبي ذئب) (3). ولم أقف على تاريخ وفاته، والظاهر أنه كان موجودا في هذه المائة. 3523 - [أبو النصر المكي] (4) عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين بن عبد الملك الطبري أبو النصر (5) المكي، سبط سليمان بن خليل.

(1) انظر (5/ 454)، وفيها ذكرنا الاختلاف في ضبط لقبه. (2) «السلوك» (1/ 463)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 212). (3) «السلوك» (1/ 463). (4) «العقد الثمين» (5/ 248). (5) في «القعد الثمين» (5/ 248): (أبو النضر).

3524 - [عبد الله السجزي]

قال التقي الفاسي: (سمع من أبي الحسن بن المقير «اليقين» لابن أبي الدنيا، وسمع من ابن أبي حرمي نسخة أبي مسهر الغساني ويحيى بن صالح الوحاظي وما معهما وغير ذلك على جده وغيره، وحدث. سمع منه جد أبي أبو عبد الله الفاسي بقراءة ابن عبد الحميد في يوم عاشوراء سنة سبع وثمانين وست مائة بالحرم الشريف، قال: ولم أدر متى مات) (1). 3524 - [عبد الله السجزي] (2) عبد الله بن علي بن يوسف بن أبي بكر بن الفتح بن عمر بن (3) أحمد بن محمد السجزي، إمام مقام أصحاب أبي حنيفة بمكة هو وأبوه وجده وجد أبيه. ولد سنة ثلاث وعشرين وست مائة، وسمع من شعيب الزعفراني وغيره. قال التقي الفاسي: (هكذا ذكره أبو حسان (4) في شيوخه، ولم يذكر متى مات، ولعله مات في عشر التسعين، أو في العشر التي بعدها، وأظنه ولي الإمامة بعد أبيه التاج الحنفي المتقدم ذكره) اه‍ (5). 3525 - [محمد ابن الرصاص] (6) محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين الرصاص، أوحد علماء الزيدية في عصره. كان فقيها كبيرا، عالما مشهورا. وبه تفقه السيد يحيى السراجي، والسيد الشريف إدريس وغيرهما. وأبوه أحمد هو الذي قام بدعوة الإمام أحمد بن الحسين، وهو أول من خلعه. وكان أحمد المذكور أزرق العينين، فدخل بعض العلماء حوث، واجتمع به، فقال: رأيت شيئين عجيبين: أحدهما أزرق العينين في مسجد سلمة بحوث لا يصطلى بناره.

(1) «العقد الثمين» (5/ 248). (2) «العقد الثمين» (5/ 214). (3) في «العقد الثمين» (5/ 214): (بن أبي الفتح بن عمر بن علي بن أحمد ... ). (4) في «العقد الثمين» (5/ 214): (أبو حيان ... ). (5) في «العقد الثمين» (5/ 215): (الآتي ذكره). (6) «السلوك» (2/ 309)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 82)، و «تحفة الزمن» (1/ 580).

3526 - [الأمير قاسم الذروي]

والحسين جد أبي صاحب الترجمة، هو شيخ المنصور عبد الله بن حمزة. ولصاحب الترجمة ولد يسمى: أحمد، كان عالما دينا، وكان أهل حوث يعولون في غالب أمورهم عليه. ولم أقف على تاريخ وفاة أحد منهم، إلا أن أحمد وابنه محمد كانا في هذه المائة يقينا، وأما الحسين .. فأظنه توفي في المائة قبل هذه، والله سبحانه أعلم. 3526 - [الأمير قاسم الذروي] (1) أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن غانم بن ذروة بن حسين بن يحيى الذروي، نسبة إلى جده ذروة بن حسين بن يحيى بن أبي الطيب داود بن عبد الرحمن بن داود المحمود بن موسى بن عبد الله بن سليمان بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، صاحب المخلاف السليماني، الملقب بشجاع الدين. كان أميرا كبيرا، مشهورا مذكورا، جوادا هماما، شجاعا مقداما، وللقاسم بن هتيمل فيه عدة قصائد مختارات، ولما مات .. رثاه بمراثي طنانات تركتها؛ اختصارا، وأهل المخلاف السليماني يحفظون كثيرا من مدائحه فيه، يقول بعضهم لبعض: أسمعنا قول قاسم في قاسم. ولم أقف على تاريخ قتله رحمه الله، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا. 3527 - [ابن هتيمل الشاعر] (2) أبو سلطان القاسم بن علي بن هتيمل الشاعر المشهور، شاعر المخلاف السليماني، زيدي المذهب. كان شاعرا فصيحا بليغا، حسن الشعر، جيد السبك، مداحا، عفيفا عن الهجاء والسب، عارفا بالفقه والنحو واللغة، والتواريخ والسير، والأنساب وأيام العرب. وكان جل مدائحه في المظفر، وفي الإمام أحمد بن الحسين القاسمي، وفي الأمير

(1) «طراز أعلام الزمن» (3/ 22)، و «تحفة الزمن» (2/ 10). (2) «العقود اللؤلؤية» (1/ 280)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 32)، و «تحفة الزمن» (2/ 10)، و «هجر العلم» (3/ 1212).

3528 - [عبد العزيز القلعي]

أحمد بن الإمام عبد الله بن حمزة، وفي الأمير أحمد بن علي العقيلي صاحب حلي، وفي الشريف القاسم بن علي الذروي المذكور قبله. وكان يمدح المظفر مدح خائف وجل، وإذا مدح أشراف المشرق .. أطرب وأطنب، وإذا مدح أهل المخلاف .. لا يبالي أصاب أو أخطأ. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا، والله سبحانه أعلم. 3528 - [عبد العزيز القلعي] (1) أبو محمد عبد العزيز القلعي المغربي، الفقيه المالكي. تفقه بالشريف المراكشي، ثم قدم اليمن في الدولة المظفرية، فقابله القاضي البهاء مقابلة مرضية، ثم بلغ القاضي عنه أنه يحتقر الفقهاء ويستقلهم ويتظاهر بذلك، وكلما ذكر له عالم .. قال: ما يسوى بيضة، فجفاه قاضي القضاة وقلاه، وجانبه الفقهاء، ونسب إلى البدعة، فخرج من تعز، وطلع البلاد العليا، وخالط الأشراف، وقيل: إنه دخل في مذهبهم، فأفادوه مالا جزيلا، فسار إلى مكة المشرفة، فأراد المغاربة قتله، فخرج هاربا، ولم يعلم ما آل أمره إليه بعد ذلك. 3529 - [عثمان الشعبي] (2) عثمان بن عبد الله بن محمد بن علي الشعبي (3). كان رجلا جلدا شجاعا، كريما جوادا، مطعاما للطعام، ذا دنيا واسعة، وترأس بها، وأمر قومه بالامتناع عن تسليم الواجبات السلطانية، فأجابوه إلى ذلك، ثم أظهر الخلاف، ومنع الجباة من التطرق إلى بلده وقومه، ثم اشتد أمره، وكثر ماله ورجاله، فاستولى على الحصن، ثم استخلف، واستجلب قلوب الناس بالعدل والإنصاف وكثرة الصدقة ومحبة العلماء والصالحين وعمارة المساجد.

(1) «السلوك» (2/ 151)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 83)، و «تحفة الزمن» (1/ 480). (2) «السلوك» (2/ 294)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 187)، و «تحفة الزمن» (1/ 563). (3) في «السلوك» (2/ 294) و «تحفة الزمن» (1/ 563): (الشعيبي).

وكانت له امرأة صالحة، كثيرة فعل الخير، يحكى أن زوجها الشيخ عثمان المذكور أعطاها صداقها وقال: عاملي به، واشتري به شيئا ينفعك وينفع عائلتك، وكان وقت خصاصة، فجعلت تشتري الطعام وتصنعه خبزا للفقراء والمساكين وأبناء السبيل حتى أتت على جميع الصداق، فسألها زوجها عما فعلت به، فقالت: تركته ذخيرة، فأعجبه ذلك، وهي أم ابنه أحمد بن عثمان، وهو الذي خلف أباه على الحصن، وسار سيرة والده في فعل الخير والإحسان إلى أن توفي، وخلفه ابنه مظفر الآتي ذكره في أول المائة التي بعد هذه. ولم أقف على تاريخ وفاة الشيخ عثمان ولا ابنه، إلا أنهما كانا موجودين في هذه المائة. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما ***

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والثمانون بعد الست مائة فيها: توفي القاضي أحمد بن محمد بن إبراهيم بن خلكان صاحب التاريخ المشهور، والشيخ عبد الله بن أبي بكر الحربي، والإمام زين الدين عبد السلام بن علي المالكي، وطاغية التتار المغلي (1)، كان نصرانيا، جرح يوم المصاف على حمص، وحصل له ألم وغم بالكسرة، واعتراه فيما قيل: صرع متدارك كما اعترى أباه هولاوو، فهلك إلى لعنة الله، توفي أول المحرم من السنة المذكورة. وفيها: توفي الزواوي، وإسماعيل المليجي، والأمين الأشتري، والبرهان بن الدرجي، والمقداد. *** السنة الثانية والثمانون فيها: قتل عامر بن فضالة بن شماخ بعمد، ومات علي بن عمر بن مسعود بتريم (2). وفيها: توفي الشهاب ابن تيمية عبد الحليم بن عبد السلام الحراني الحنبلي، والإمام شمس الدين عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي، والعماد الموصلي علي بن يعقوب المقرئ الشافعي، والرشيد الصدر الأجل الأوحد المحيي ابن القلانسي أبو الفضل يحيى بن علي التميمي الدمشقي، وشمس الدين محمد بن أحمد الشافعي، ومحيي الدين ابن الحرستاني، والشرف ابن القواس، والجمال الجزائري، والشمس ابن جعوان. ***

(1) «تاريخ الإسلام» (51/ 92)، و «العبر» (5/ 337)، و «مرآة الجنان» (4/ 197)، و «شذرات الذهب» (7/ 654). (2) «تاريخ شنبل» (ص 104).

السنة الثالثة والثمانون

السنة الثالثة والثمانون في شعبان منها: كانت الزلزلة (1) الهائلة بدمشق، فخربت البيوت، وانطمت الأنهار (2). وفيها: توفي الإمام ناصر الدين ابن المنيّر أحمد ابن محمد الجذامي الإسكندراني المالكي، والإمام ابن البارزي عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله الجهني، وأبو المفاخر قاضي القضاة محمد بن عبد القادر الأنصاري الشافعي المعروف بابن الصائغ، والشيخ أبو عبد الله محمد بن موسى التلمساني، والملك المنصور صاحب حماة محمد بن المظفر محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب الأيوبي، وشيخ العرب عيسى بن مهنا. *** السنة الرابعة والثمانون فيها: توفي الإمام النسفي محمد بن محمد بن محمد الحنفي، وأم الخير ست العرب بنت يحيى الدمشقية، والصائن أبو عبد الله محمد البصري، وشبل الدولة الطواشي كافور الصوابي الصالحي، والمنشئ البليغ محمد بن إبراهيم عرف بابن شداد، والشيخ شرف الدين الإخميمي محمد بن الحسن، [وابن الزكي محيي الدين، وأبو المعالي علي بن محمد بن يحيى القرشي الدمشقي الشافعي قاضي القضاة محيي الدين بن قاضي القضاة زكي الدين بن قاضي القضاة منتجب الدين] (3)، وأبو بكر بن الأنماطي، والرشيد سعيد، وابن بلبان. ***

(1) الصواب: (الزيادة) كما في «تاريخ الإسلام» (51/ 11) و «العبر» (5/ 342)، والمقصود: زيادة الماء. (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 11)، و «العبر» (5/ 342)، و «مرآة الجنان» (4/ 198)، و «شذرات الذهب» (7/ 666). (3) هذه ترجمة واحدة، وموضعها الصحيح في وفيات سنة خمس وثمانين وست مائة، وفيها خلط، وصوابها: (ابن الزكي قاضي القضاة بهاء الدين أبو الفضل يوسف بن قاضي القضاة محيي الدين يحيى بن قاضي القضاة محيي الدين أبي المعالي محمد بن قاضي القضاة زكي الدين علي بن قاضي القضاة منتجب الدين محمد بن يحيى القرشي الدمشقي الشافعي)، انظر ترجمته في «تاريخ الإسلام» (51/ 252)، و «العبر» (5/ 356)، و «شذرات الذهب» (7/ 688).

السنة الخامسة والثمانون

السنة الخامسة والثمانون فيها: أخذت الكرك (1) من الملك المسعود خضر بن الملك الظاهر، ونزل منها، وسار إلى مصر. وفيها: توفي الشهاب محمد بن عبد المنعم الخيمي والشريشي العلامة جمال الدين محمد بن أحمد البكري الوائلي الأندلسي (2)، الفقيه المالكي، الأصولي المفسر، كان بارعا في مذهب مالك، محققا للعربية، عارفا بالكلام والنظر، جيد المشاركة في العلوم، ذا زهد وتعبد، وابن شيبان، والصفي خليل، وبهاء الدين ابن الزكي، والشيخ حسن الراشدي، وشامية بنت البكري، وعبد الرحيم ابن الزجاج، والمجد ابن المهتار. *** السنة السادسة والثمانون فيها: أخرج أهل الهجرين رابطة الغزّ منها (3). وفيها: خرج الشيخ أبو عباد إلى الغريب (4). وفيها: توفي الإمام أبو اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب ابن عساكر، والإمام قطب الدين ابن القسطلاني محمد بن أحمد بن علي المكي، وبدر الدين محمد بن محمد بن عبد الله ابن مالك الطائي، وقاضي القضاة بدر الدين (5) خضر السنجاري، والعز الحراني، والوجيه السبتي، والشرف بن بليمان. ***

(1) «تاريخ الإسلام» (51/ 17)، و «العبر» (5/ 351)، و «مرآة الجنان» (4/ 201)، و «شذرات الذهب» (7/ 681). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 230)، و «العبر» (5/ 354)، و «مرآة الجنان» (4/ 201)، و «البداية والنهاية» (13/ 355)، و «شذرات الذهب» (7/ 685). (3) «تاريخ شنبل» (ص 106)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 119)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 668)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 137). (4) «تاريخ شنبل» (ص 106)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 137). (5) كذا في «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 286)، وفي «البداية والنهاية» (13/ 358) و «النجوم الزاهرة» (7/ 373) و «شذرات الذهب» (7/ 690): (برهان الدين).

السنة السابعة والثمانون

السنة السابعة والثمانون فيها: رعى ابن شماخ زرع صوح، وحل تحت الشناهز (1). وفيها: توفي الإمام المحدث إبراهيم بن عبد العزيز الرعيني الأندلسي المالكي، والشيخ إبراهيم بن معضاد الجعبري، والشيخ ياسين الحجام المغربي، وابن النفيس علاء الدين علي بن أبي الحزم القرشي الطبيب، وأبو إسحاق اللوري، والقطب الزهري. *** السنة الثامنة والثمانون في ربيع الأول منها: نزل السلطان الملك المنصور قلاوون مدينة طرابلس، ودام الحصار والقتال، ورمي المجانيق الكبار، وحفرت النقوب ليلا ونهارا إلى أن افتتحها بالسيف في رابع ربيع الآخر، وغنم المسلمون مالا جزيلا لا يحد ولا يوصف، وكان سورها منيعا، قليل المثل، وهي من أحسن المدائن وأطيبها، فأخربها، وتركها خاوية على عروشها، ثم أنشئوا مدينة على ميل من شرقيها، وجاءت رديئة الهواء والمزاج على ما ذكر بعضهم (2). وفيها: توفي الشيخ العماد أحمد بن إبراهيم المقدسي الصالحي، وأبو العباس أحمد بن يوسف المصري عرف بالعلم ابن الصاحب، والشيخة المعمّرة زينب بنت مكي الحراني، وعبد الرحمن بن يوسف المعروف بالفخر البعلبكي، وشمس الدين الأصبهاني أبو عبد الله محمد بن محمود، وابن الكمال، والمهذب الشروطي، والمنصور صاحب حماة، والتقي الجرائدي. *** السنة التاسعة والثمانون فيها: أخرجت أهل صيف رابطة الغز من حصنهم (3).

(1) «تاريخ شنبل» (ص 106)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 138)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 119)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 668)، وقد وقعت هذه الحادثة في «تاريخ حضرموت» للكندي (2/ 138) و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 668) في حوادث سنة (688 هـ‍). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 26)، و «العبر» (5/ 365)، و «مرآة الجنان» (4/ 207)، و «البداية والنهاية» (13/ 360)، و «غربال الزمان» (ص 564)، و «شذرات الذهب» (7/ 705). (3) «تاريخ شنبل» (ص 107)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 668)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 138).

السنة الموفية تسعين بعد الست مائة

وفيها: توفي السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون التركي الصالحي النجمي، وخطيب دمشق عبد الكافي بن عبد الملك الدمشقي، والرشيد الفارقي عمر بن إسماعيل بن مسعود، ونجم الدين قاضي الحنابلة، وفخر الدين ابن عز القضاة، والشمس ابن الزين. *** السنة الموفية تسعين بعد الست مائة فيها: فوض السلطان الأشرف خليل بن قلاوون الوزارة إلى شمس الدين ابن سلعوس، ونيابة الملك إلى بدر الدين بيدرا، فسار بالجيوش إلى الشام، ونزل على عكا في رابع ربيع الآخر، وجدّ المسلمون في حصارها، واجتمع عليها أمم لا يحصون، فلما استحكمت النقوب، وتهيأت أسباب الفتح .. أخذ أهلها في الهزيمة في البحر، فافتتحت بالسيف بكرة الجمعة سابع عشر جمادى الأولى، وصير المسلمون سماءها أرضا، وطولها عرضا، وأخذ المسلمون بعد يومين مدينة صور بلا قتال؛ لكون أهلها هربوا في البحر لما علموا بأخذ عكا، وسلمها الرعية بالأمان، وأخربت أيضا، ثم افتتح الشجاعي صيدا في رجب، وأخربت، ثم افتتح بيروت بعد أيام، وهدمها، ولما رأى أهل حصن عثليث-بمثلثة بعد العين المهملة مكررة في آخره-خلو الساحل من عباد الصليب .. أحرقوا حواصلهم، وهربوا في البحر، فهدمه المسلمون، وكذلك فعل بأهل طرسوس (1)، فتسلمها الطباخي، فلم يبق للنصارى بأرض الشام معقل ولا متحصّن بحمد الله (2). وفيها: توفي الإمام الجليل أحمد بن موسى ابن عجيل، وشيخ الأطباء إبراهيم بن محمد بن طرخان، والملك العادل سلامش بن الملك الظاهر بيبرس الصالحي، وسليمان بن علي التلمساني الأديب، والإمام عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري الملقب بالفركاح، والد الإمام برهان الدين ابن الفركاح، والإمام علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري ابن الزملكاني، والفخر ابن البخاري في ربيع الآخر، وغازي الحلاوي في صفر، وشمس الدين الخابوري، وشمس الدين عبد الواسع الأبهري، والنجم ابن المجاور، ومحمد بن عبد المؤمن.

(1) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 209) و «غربال الزمان» (ص 565)، وفي «تاريخ الإسلام» (51/ 52) و «العبر» (5/ 365) و «البداية والنهاية» (13/ 370): (أنطرسوس). (2) «تاريخ الإسلام» (51/ 44)، و «العبر» (5/ 364)، و «مرآة الجنان» (4/ 209)، و «غربال الزمان» (ص 565).

السنة الحادية والتسعون

وفيها: قتل آل لبيد بن باقي يماني بن أحمد بن لبيد، وحصرهم بنو ظنة بالأصلح (1). *** السنة الحادية والتسعون فيها: توفي خطيب دمشق عمر بن مكي بن عبد الصمد الشافعي. وفي جمادى الأولى منها: قدم السلطان الملك الأشرف خليل بن قلاوون دمشق، ثم سار ونازل قلعة الروم في جمادى الآخرة، فنصب عليها المجانيق، وجدّ في حصارها، وفتحت بعد خمسة وعشرين يوما وأهلها نصارى من تحت طاعة التتار، فلما رأوا أن التتار لا ينجدونهم .. ذلّوا وسلموا، وما أحسن ما قال الشهاب محمود في كتاب «الفتح»: فسطا خميس الإسلام في السبت على أهل الأحد، فبارك الله للأمة في سبتها وخميسها (2). وفيها: توفي الرضي ابن دبوقا، وعلاء الدين ابن صصرى. *** السنة الثانية والتسعون فيها: سلم صاحب سيس قلعة بهنسا للسلطان صفوا، لم يلق طعنا ولا ضربا، فضربت البشائر في رجب (3). وفيها: توفي الإمام ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي صاحب التفسير وغيره، والقاضي أبو إسحاق إبراهيم بن داود بن ظافر العسقلاني، والشيخ الجليل إبراهيم بن عبد الله الأرموي، والعلامة ابن الواسطي إبراهيم بن علي الصالحي، والجمال الفاضلي (4)، والمحيي بن عبد الظاهر، والكمال ابن النصيبي. وفيها: ولد الشيخ عبد الله بن محمد بن عمر عباد (5).

(1) في «تاريخ شنبل» (ص 107): (بالمليح)، وفي «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 668) نقلا عن أبي مخرمة: (بالأصبح). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 12)، و «العبر» (5/ 371)، و «مرآة الجنان» (4/ 219)، و «البداية والنهاية» (13/ 376)، و «غربال الزمان» (ص 569)، و «شذرات الذهب» (7/ 729). (3) «تاريخ الإسلام» (52/ 21)، و «العبر» (5/ 374)، و «مرآة الجنان» (4/ 219)، و «البداية والنهاية» (13/ 381)، و «شذرات الذهب» (7/ 733). (4) الجمال الفاضلي هو نفسه أبو إسحاق إبراهيم بن داود العسقلاني. (5) «تاريخ شنبل» (ص 108)، وفيه: (عبد الله بن محمد با عباد).

السنة الثالثة والتسعون

السنة الثالثة والتسعون فيها: قتل السلطان الملك الأشرف خليل بن قلاوون في الصيد، ثم قتل نائبه بيدرا الذي تسلطن بعده، وحلفوا للسلطان الملك الناصر محمد بن المنصور قلاوون وهو ابن تسع سنين، وجعلوا نائبه كتبغا، وسلط العذاب على الوزير ابن سلعوس حتى مات، وأخذت أمواله، ثم قتل الشجاعي (1). وفيها: توفي قاضي القضاة شهاب الدين بن قاضي القضاة شمس الدين بن الخليل بن سعادة بن جعفر، كذا في «تاريخ اليافعي» (2) ولم يسمه ولا أباه، واسم أبيه: أحمد، والملك الحافظ غياث الدين محمد بن شاهنشاه بن صاحب بعلبك الملك الأمجد، وشمس الدين الدمياطي محمد بن عبد العزيز المقرئ، والوزير الكامل محمد بن عثمان التنوخي عرف بابن سلعوس، والتقي بن مزير، وابن الجويني. *** السنة الرابعة والتسعون في المحرم منها: تسلطن الملك العادل كتبغا المنصوري، وزينت مصر والشام (3). وفيها: خرج الملك المؤيد إلى الشحر وعمته الشمسية معه، وأقام فيها ثلاثة أشهر (4). وفيها: مات الملك المظفر صاحب اليمن يوسف بن عمر في رمضان، وقام ابنه الملك الأشرف عمر بعده باليمن، فلما بلغ المؤيد موت أبيه .. سار إلى اليمن، وقبض على أن قيصر أميره (5)، وسار إلى اليمن، وترك النواب في الشحر وشبام، وأخذ البر وقصد لحج بالعسكر، فواجهه عسكر أخيه الأشرف، فكانت وقعة الدعيس (6)، مسك فيها المؤيد

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 27)، و «العبر» (5/ 377)، و «مرآة الجنان» (4/ 222)، و «البداية والنهاية» (13/ 384)، و «غربال الزمان» (ص 570)، و «شذرات الذهب» (7/ 738). (2) «مرآة الجنان» (4/ 222). (3) «تاريخ الإسلام» (52/ 34)، و «العبر» (5/ 380)، و «مرآة الجنان» (4/ 223)، و «البداية والنهاية» (13/ 389)، و «غربال الزمان» (ص 571). (4) «العقود اللؤلؤية» (1/ 275)، و «تاريخ شنبل» (ص 108)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 119)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 668). (5) هكذا في الأصول، وفي «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 119): (وقبض على ابن فيض، وترك النواب في شبام وغيرها). (6) في «تاريخ شنبل» (ص 109): (وقعة بصهيب).

السنة الخامسة والتسعون

وولداه (1)، واستقامت ولاية الأشرف على اليمن والشحر وما لأبيه بحضرموت وغيرها (2). وفيها: توفي الإمام أبو العباس أحمد بن إبراهيم الواسطي عزّ الدين الفاروثي، والإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر المكي الشافعي، عرف بالمحب الطبري، وخطيب دمشق الإمام أبو العباس أحمد بن نعمة بن المقدسي الشافعي، والشيخ الكبير أبو الرجال بن مري، والإمام مظفر الدين أحمد بن علي المعروف بابن الساعاتي شيخ الحنفية. *** السنة الخامسة والتسعون استهلت: وأهل الديار المصرية في قحط شديد ووباء مفرط حتى أكلوا الجيف، وأما الموت .. فيقال: أخرج في يوم واحد ألف وخمس مائة جنازة، وكانوا يحفرون الحفائر الكبار، ويدفنون فيها الجماعة الكبيرة، وبلغ الخبز كل رطل وثلث بالمصري بدرهم، وبلغ في دمشق كل عشر أواق بدرهم في جمادى الآخرة، وارتفع فيه الوباء والقحط من مصر، ونزل الإردب إلى خمسة وثلاثين (3). وفيها: وقع في اليمن مطر عظيم شديد، عم اليمن جميعه، وكان فيه برد عظيم قتل عدة من الأغنام، ونزلت يومئذ بردة عظيمة كالجبل الصغير لها شناخيب (4)، يزيد كل واحد منها على ذراع، فوقعت في مفازة بين بلد سنحان (5) والراحة، فغاب في الأرض أكثرها، وبقي بعضها ظاهرا على وجه الأرض، فكان يدور حوله عشرون رجلا لا يرى بعضهم بعضا، ووقعت أخرى مما يلي خولان، حاول قلبها من موضعها أربعون رجلا فما أمكنهم، فسبحان من أبدع ذلك قدرته، واخترعته حكمته! ! (6)

(1) في «تاريخ شنبل» (ص 109): (وولده). (2) «العقود اللؤلؤية» (1/ 284)، و «تاريخ شنبل» (ص 109)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 119)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 668)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 138). (3) «تاريخ الإسلام» (52/ 39)، و «مرآة الجنان» (4/ 227)، و «البداية والنهاية» (13/ 394)، و «غربال الزمان» (ص 573). (4) كذا في «العقود اللؤلؤية» (1/ 290)، وفي «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 120)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 669): (لها شرفات). (5) في «العقود اللؤلؤية» (1/ 290): (سيجان)، وفي «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 120): (سيحان)، وفي «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 669): (بيحان). (6) «العقود اللؤلؤية» (1/ 290)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 120)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 669).

السنة السادسة والتسعون

وفيها: توفيت أم محمد بنت علي الواسطي، وقاضي الديار المصرية تقي الدين عبد الرحيم بن قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب ابن بنت الأعز الشافعي، وولي بعده الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد، كذا في «تاريخ اليافعي» أن اسمه: (عبد الرحيم) (1)، وفي «طبقات ابن شهبة» وغيره أن اسمه: (عبد الرحمن) (2). وفيها: قدم شيخ الشيوخ إبراهيم بن الشيخ سعد الدين بن حمويه الجويني، فسمع الحديث، وروى عن أصحاب المؤيد الطوسي، وأخبر أن ملك التتار غازان بن أرغون أسلم على يده بواسطة نائبه توروز-بالراء بين الواوين، والزاي في آخره (3) -وكان يوما مشهودا (4). وفيها: توفي نجم الدين بن حمدان، وزين الدين بن المنجّى، والشرف حسن القاضي، ومحيي الدين ابن النحاس، والتاج ابن أبي عصرون، والرضي القسنطيني، والموفق النصيبي ببعلبك. *** السنة السادسة والتسعون فيها: توجه الملك العادل كتبغا إلى مصر، فلما بلغ بعض الطريق .. وقف حسام الدين لاجين على اثنين من أمرائه كانا جناحيه، فقتلهما، فخاف العادل، وركب سرا وهرب في أربعة مماليك، وساق إلى دمشق، فلم ينفعه ذلك، وزال ملكه، وخضع المصريون لحسام الدين لاجين، ولم يختلف عليه اثنان، ولقب بالملك المنصور، وأخذ العادل فأسكن قلعة صرخد، فقنع بها غير مختار (5). وفيها: توفي يحيى بن محمد بن عبد الصمد الزبداني، والتاج عبد الخالق، وعزّ الدين

(1) «مرآة الجنان» (4/ 228). (2) «طبقات الشافعية» (3/ 23)، وانظر «تاريخ الإسلام» (52/ 42)، و «مرآة الجنان» (4/ 228)، و «البداية والنهاية» (13/ 394)، و «شذرات الذهب» (7/ 752). (3) في «تاريخ الإسلام» (52/ 37)، و «شذرات الذهب» (7/ 748): (نوروز)، وفي «مرآة الجنان» (4/ 228)، و «غربال الزمان» (ص 573): (بوروز). (4) «تاريخ الإسلام» (52/ 37) وقد ذكر هذه الحادثة في حوادث سنة أربع وتسعين وست مائة، و «مرآة الجنان» (4/ 228)، و «غربال الزمان» (ص 573)، و «شذرات الذهب» (7/ 748). (5) «تاريخ الإسلام» (52/ 51)، و «مرآة الجنان» (4/ 228)، و «البداية والنهاية» (13/ 299)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 109)، و «شذرات الذهب» (7/ 758).

السنة السابعة والتسعون

ابن عوض القاضي، وابن الظاهري، والضياء عيسى السّبني (1)، والشمس بن حازم، والقاضي دانيال، والعفيف ابن مزروع، والأشرف الرسولي، واستولى المؤيد داود على ما كان لأبيه في اليمن والشحر وحضرموت (2). وفيها: توفي الخطيب عبد الله بن أبي بكر الموزعي (3)، ونجزت عمارة مسجد الخوقة (4) بشبام (5). *** السنة السابعة والتسعون في ليلة السبت آخر جمادى الآخرة منها: وقع في قطر اليمن مطر عظيم، وكان حدوثه على مضي النصف من الليل، وكان فيه رعد عظيم وريح شديدة، ومعظمها بتهامة، حتى قيل: إن الريح أخرجت سفنا من ساحل بحر الشرجة والأهواب بما فيها وطرحتها على الساحل، وهدمت حصونا كبيرة شامخة في جبال تهامة، واقتلعت أشجارا عظيمة بأصولها (6). قال الخزرجي: (وأظنها التي تسمى: مطرة السبت؛ فإنها مشهورة مذكورة، وهي في أواخر المائة السابعة، وقلّ من يعرفها في عصرنا هذا، وأدركت جماعة ممن يعرفها، وقد انقرضوا الآن؛ لتقادم العهد) اه‍ (7) وفيها: توفي مسند العراق عبد الرحمن بن عبد اللطيف البغدادي، وعائشة بنت المجد عيسى بن موفق الدين المقدسي، والإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر الفارسي، والجمال ابن واصل، والشهاب العابر، والكمال الفويرة (8).

(1) كذا في «شذرات الذهب» (7/ 761)، وفي «تاريخ الإسلام» (52/ 306)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 111): (السبتي). (2) «العقود اللؤلؤية» (1/ 299)، و «تاريخ شنبل» (ص 109)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 559). (3) في «العقود اللؤلؤية» (1/ 311) و «تاريخ شنبل» (ص 109): (توفي سنة سبع وتسعين وست مائة)، ونسبته في «العقود اللؤلؤية»: (السعدي)، وفي «تاريخ شنبل»: (الشعبي). (4) في «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 670): (الحوفة). (5) «العقود اللؤلؤية» (1/ 311)، و «تاريخ شنبل» (ص 109). (6) «بهجة الزمن» (ص 192)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 309)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 509). (7) «العقود اللؤلؤية» (1/ 310). (8) والكمال هذا هو عبد الرحمن بن عبد اللطيف البغدادي المذكور كما في مصادر ترجمته.

السنة الثامنة والتسعون

السنة الثامنة والتسعون فيها: قتل الملك المنصور حسام الدين لاجين المنصوري السيفي، وصاحب حماة الملك المظفر تقي الدين محمود بن الملك المنصور آخر ملوك حماة، والملك الأمجد يوسف بن الناصر صاحب الكرك ابن المعظم، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن النحاس، والصاحب التقي توبة، وناصر الدين عمر ابن القواس، والعماد عبد الحافظ. *** السنة التاسعة والتسعون في أوائلها: قصد التتار الشام، فوصل السلطان الملك الناصر إلى دمشق، وانجفل الناس من كل وجه، وهجّوا على وجوههم، وسار الجيش، وتضرّع الخلق إلى الله تعالى، والتقى الجمعان بين حمص وسلمية، واستظهر المسلمون، وقتل من التتار نحو عشرة آلاف، وثبت ملكهم غازان، ثم حصل تخاذل، وولّت الميمنة بعد العصر، وقاتلت الخاصكيّة أشد القتال إلى الغروب، وكان السلطان آخر من انصرف بحاشيته نحو بعلبك، وتفرق الجيش وقد ذهبت أمتعتهم ونهبت أموالهم، ولكن قل من قتل منهم، وجاء الخبر إلى دمشق من غد، فحار الناس وأبلسوا، وأخذوا يتسلّون بإسلام التتار، ويرجون اللطف، فتجمع أكابر البلد، وساروا إلى خدمة غازان، فرأى لهم ذلك، وفرح بهم وقال: نحن قد بعثنا بالأمان قبل أن تأتوا، ثم انتشرت جيوش التتار بالشام، وذهب للناس من الأهل والمال ما لا يحصى، وحمى الله دمشق من النهب والسبي والقتل، ولكن صودروا مصادرة عظيمة، ونهب ما حول القلعة لأجل حصارها، وثبت متوليها علم الدين ثباتا كليا، حتى هابه التتار، ودام الحصار أياما عديدة، وأخذت الدواب جميعها، واشتد العذاب في المصادرة مع الغلاء والجوع وأنواع الهم والفزع، لكنهم بالنسبة إلى ما جرى بجبل الصالحية من السبي والقتل أحسن حالا، فقيل: إن الذي وصل إلى ديوان غازان من البلد ثلاثة آلاف ألف وست مائة سوى ما أخذ في الترسيم والبرطيل ولشيخ الشيوخ، وكان إذا ألزم التاجر بألف درهم .. ألزمه عليها فوق المائتين ترسيما يأخذه التتار، ثم أعان الله، فترحل غازان في ثامن عشر (1) جمادى الأولى، وكان قدومه ومحاربته في أواخر ربيع الأول، ثم ترحل بقية التتار

(1) في «العبر» (5/ 392)، و «مرآة الجنان» (4/ 230)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 127): (ثاني عشر).

بعد ترحله بعشرة أيام، ودخلت جيوش المسلمين القاهرة في غاية الضعف، وفتحت بيوت المال، وأنفق فيهم نفقة لم يسمع بمثلها، ومدة انقطاع خطبة الناصر من خوف التتار مائة يوم (1). وفيها-أعني تسع وتسعين-: توفي المحدث أحمد بن فرج الإشبيلي، والعلامة نجم الدين أحمد ابن مكي (2)، وأم محمد خديجة بنت محمد بن محمود، وصفية بنت عبد الرحمن بن عمرو، وعبد العزيز بن يحيى بن محمد بن الزكي القرشي، وأبو القاسم عمر بن عبد الرحمن القزويني، ومحمد بن سليمان بن غانم المقدسي، والأمير سيف الدين نائب السلطنة، وهدية بنت عبد الحميد المقدسية، والشيخ أبو محمد عبد الله بن محمد المرجاني المغربي. وفيها: توفي جملة من شيوخ الحديث بدمشق والجبل أكثر من مائة نفس، وقتل بالجبل ومات بردا وجوعا نحو أربع مائة نفس، وأسر نحو أربعة آلاف، منهم سبعون من ذرية الشيخ أبي عمرو (3). وفيها: توفي قاضي دمشق إمام الدين، والعماد ابن الشقاري (4)، والشرف ابن عساكر، والموفق الحموي الخطيب، وعلم الدين الدواداري، والصاحب فخر الدين ابن الشيرجي، والبدر ابن هود، والشمس ابن الفخر، والجمال الباجربقيّ، والبهاء ابن النحاس الحنفي، والبهاء البرزالي، والجمال عمر العقيمي. وفيها-وقيل: في السبع مائة (5) -: جاء السيل العظيم المسمى بالهميم، فأخرب الأحجال (6)، وأخذ كثيرا من الآدميين والمواشي، وأخذ قطعة من شبام فيها ثلاثة مساجد وما والاها من الديار، وكان ذلك يوم الاثنين الثالث من شهر رمضان (7).

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 70)، و «العبر» (5/ 391)، و «مرآة الجنان» (4/ 230)، و «البداية والنهاية» (14/ 413)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 115). (2) الصواب: أنه أحمد ابن ملي، كما تقدم في ترجمته (5/ 476). (3) «العبر» (5/ 393)، و «مرآة الجنان» (4/ 231)، و «غربال الزمان» (ص 574)، و «شذرات الذهب» (7/ 775). (4) في «شذرات الذهب» (7/ 793): (السفاري). (5) في «تاريخ شنبل» (ص 110)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 138): (في سنة ثمان وتسعين وست مائة). (6) في «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 138): (الأحقال). (7) «تاريخ شنبل» (ص 110)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 121)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 509)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 138).

السنة الموفية سبع مائة

السنة الموفية سبع مائة فيها: حصلت أراجيف بالتتار، وجاز غازان بجيشه الفرات، وقصد حلب، فتشوشت الخواطر، وهجّ الخلق على وجوههم في الوحل والأمطار، وأكريت المحارة إلى مصر بخمس مائة درهم، وبيع اللحم بتسعة دراهم، وبقي الخوف أياما، ثم رجع غازان مما ناله من المشاق بكثرة الثلوج والأمطار، وكل هذا في أوائل السنة (1). وفي شعبان: لبست اليهود والنصارى بمصر والشام العمائم الصفر والزرق والحمر، ومنعوا من ركوب الخيل بالسروج، وألزموا بسائر الشروط العمرية (2). وفيها: توفي أبو العلاء محمود بن أبي بكر البخاري الصوفي الحافظ، والشيخ إسماعيل بن إبراهيم الصالحي، وأم الخير زينب بنت يحيى بن محمد بن الزكي، والعز أحمد بن العماد، والعز ابن الفراء، ويوسف الغسولي، والعماد ابن سعد، والخضر ابن عبدان، والصدر الأرموي. والله سبحانه أعلم ***

(1) «تاريخ الإسلام» (52/ 98)، و «العبر» (5/ 408)، و «مرآة الجنان» (4/ 234)، و «البداية والنهاية» (14/ 422)، و «شذرات الذهب» (7/ 794). (2) «تاريخ الإسلام» (52/ 105)، و «مرآة الجنان» (4/ 234)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 133).

طبقات المائة الثامنة

[المجلد السادس] طبقات المائة الثامنة العشرون الأولى من المائة الثامنة [الاعلام] 3530 - [أبو الحسين اليونيني] (1) أبو الحسين علي بن محمد اليونيني الإمام المحدث. توفي ببعلبك شهيدا من جرح في دماغه من مجنون وثب عليه بسكين في سنة إحدى وسبع مائة. 3531 - [ركن الدين السمرقندي] (2) عبد الله بن محمد السمرقندي ركن الدين، شيخ الحنفية، ومدرس الظاهرية. خنق وألقي في بركتها، وأخذ ماله، وذلك في سنة إحدى وسبع مائة، ثم ظهر أن قاتله قيم الظاهرية، فشنق على ظاهرها. 3532 - [الحاكم بأمر الله] (3) الخليفة الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد بن الأمير الحسن الراشد العباسي أمير المؤمنين (4). أحضر إلى مصر، وأثبتوا نسبه، وأول من بايعه الظاهر ركن الدين بيبرس العلائي البندقداري الصالحي، ثم بايعه الأمراء والكبراء، فلما تمت بيعته. نصّب الملك الظاهر، واستخلفه على المملكة الإسلامية كما تقدم ذلك، وأقام بمصر أربعين سنة، وهو أول خليفة أقام بمصر.

(1) «معجم الشيوخ» (2/ 40)، و «مرآة الجنان» (4/ 235)، و «البداية والنهاية» (14/ 428)، و «الدرر الكامنة» (3/ 98)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 198)، و «غربال الزمان» (ص 575)، و «شذرات الذهب» (8/ 8). (2) «مسالك الأبصار» (27/ 490)، و «مرآة الجنان» (4/ 235)، و «البداية والنهاية» (14/ 426)، و «غربال الزمان» (ص 575). (3) «مسالك الأبصار» (27/ 400)، و «مرآة الجنان» (4/ 235)، و «البداية والنهاية» (14/ 427)، و «الدرر الكامنة» (1/ 119)، و «غربال الزمان» (ص 575)، و «شذرات الذهب» (8/ 6). (4) في «مسالك الأبصار» (27/ 400): (الحسن بن راشد)، وقد وقع اختلاف كثير في نسبه.

3533 - [أحمد بن عمر الأبيني]

وتوفي سنة إحدى وسبع مائة عن ثلاث وستين سنة، ودفن بجوار السيدة نفيسة، رحمه الله تعالى. 3533 - [أحمد بن عمر الأبيني] (1) أحمد بن عمر بن أحمد بن محمد بن غيلان الأبيني. تفقه بابن الرنبول، وكان فاضلا، معروفا بجودة الفقه، له سؤالات وجوابات حسنة. قال: الجندي: (ووردت منه أسئلة إلى شيخنا أبي الحسن علي بن أحمد الأصبحي فاستجادها، وأجابه عنها. قال: وتوفي بعد سبع مائة) (2). 3534 - [عمر بن محمد الوصابي] (3) عمر بن محمد بن عبد الله بن سلمة الحبيشي الوصابي. تفقه بالفقيه إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد المأربي وبغيره من العلماء. وكان فقيها عالما، عاملا عابدا، زاهدا ورعا، مشهورا بالصلاح والعبادة، ولي القضاء في بلده. ولم يزل على الطريقة المريضة إلى أن توفي في جمادى الآخرة من سنة إحدى وسبع مائة. 3535 - [عبد الله بن أسعد العمراني] (4) أبو عمران عبد الله بن أسعد بن الفقيه محمد بن موسى العمراني. كان جوادا كريما، كثير الصدقة وفعل المعروف، له كرامات ظاهرة وجاه عريض أيام وزارة أخيه محمد بن أسعد الملقب بالبهاء.

(1) «السلوك» (2/ 450)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 134)، و «تحفة الزمن» (2/ 415). (2) «السلوك» (2/ 450). (3) «العطايا السنية» (ص 513)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 337)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 448)، و «هجر العلم» (1/ 307). (4) «السلوك» (1/ 427)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 343)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 94)، و «تحفة الزمن» (1/ 350)، و «هجر العلم» (4/ 2071).

3536 - [ابن الخلال]

وكان فقيها صالحا، له مقروءات ومسموعات، وكان خطيبا مصقعا، ولما تولى الوزارة والقضاء الأكبر القاضي موفق الدين علي بن محمد اليحيوي في أول أيام المؤيد .. حمل إلى السلطان من العمرانيين ما الله أعلم بصحته حتى تغير عليهم ظاهر السلطان وباطنه، فقبض على الفقيه عبد الله المذكور وولده عمران وأخيه حسان بن أسعد، فضرب حسان وابن أخيه عمران ضربا مبرحا كما سنذكره في ترجمة حسان (1)، وهموا بضرب القاضي عبد الله، فحماه الله منهم، فما همّ أحد بضربه إلا ضربه الله ببلاء من عنده للفور، حتى إن بعض الجاندارية (2) دخل على الفقيه عبد الله وكلمه بسوء أدب وتهدده بالضرب، فبزقه الفقيه بزقة انقطع منها شيء من أمعائه، ووقع مغشيا عليه، فلم يفق من غشيته إلا وقد حمل إلى بيته، ولم يزل مريضا لا ينفع نفسه بنفاعة. ثم إن بنت أسد الدين زوجة المؤيد شفعت فيهم، فأطلقوا من السجن، وأمروا بسكنى سهفنة، ورهن القاضي عبد الله ولده عمران، ورهن القاضي حسان ولده محمدا، فأنزل الرهائن إلى زبيد. وأقام القاضي عبد الله بسهفنة إلى أن توفي بها في ذي الحجة سنة إحدى وسبع مائة، وحضر دفنه جمع كثير من الجند وغيرها، وكان فيهم الإمام أبو الحسن علي بن محمد الأصبحي، فروى من حضر دفنه أنه كان ذلك اليوم على قرية سهفنة جراد عظيم، ولم يكن خارجها شيء، ولم يزل الجراد حول القرية وحول النعش إلى أن قبر، ثم لم يوجد منه شيء بعد دفنه، فسئل الإمام أبو الحسن علي بن محمد الأصبحي عن ذلك فقال: ما هو بعيد أن يكون الجراد ملائكة حضروا دفن القاضي عبد الله، فإن حق القاضي عبد الله عند الله كبير؛ لكثرة إطعامه وصدقته رحمه الله ونفع به، آمين. 3536 - [ابن الخلال] (3) المسند بدر الدين بن علي ابن الخلال الدمشقي.

(1) انظر (6/ 52). (2) الجاندارية: صنف من العسكر ينحصر عملهم عند مباشري الديوان، يعملون بإمرة أمير يسمى: أمير جاندار، وذلك في العصرين الأيوبي والمملوكي. (3) «معجم الشيوخ» (1/ 211)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 294)، و «مرآة الجنان» (4/ 238)، و «الدرر الكامنة» (2/ 21)، و «شذرات الذهب» (8/ 11).

3537 - [كتبغا الملك العادل]

حدث عن مكرم، وابن الشيرازي، وابن المقير، وكريمة وغيرهم، وتفرد بالرواية. وتوفي سنة اثنتين وسبع مائة. كذا في «تاريخ اليافعي»: بدر الدين بن علي، ولم يبين اسمه (1). وفي «تاريخ الذهبي» أنه أبو علي بن الخلال، فكناه بأبي علي، ولم يسمه أيضا (2). 3537 - [كتبغا الملك العادل] (3) الملك العادل كتبغا متولي حماة. تسلطن بمصر عامين، وخلع. وتوفي سنة اثنتين وسبع مائة. 3538 - [محمد بن قايماز] (4) محمد بن قيماز شمس الدين المقرئ. قرأ على السخاوي بالسبع، وسمع من ابن صباح، وابن الزبيدي، وكان خيرا متواضعا. وتوفي سنة اثنتين وسبع مائة. 3539 - [أبو محمد القرطبي] (5) أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطائي القرطبي الإمام الأديب. سمع «الموطأ» و «كامل المبرد» في سنة عشرين وست مائة. وعمر دهرا، ومات سنة اثنتين وسبع مائة عن مائة سنة.

(1) في النسخة التي بين أيدينا من «تاريخ اليافعي» (4/ 238): (بدر الدين الحسن بن علي). (2) انظر «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 294). (3) «دول الإسلام» (2/ 236)، و «مرآة الجنان» (4/ 238)، و «البداية والنهاية» (14/ 436)، و «الدرر الكامنة» (3/ 262)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 206)، و «شذرات الذهب» (8/ 11). (4) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 294)، و «مرآة الجنان» (4/ 238)، و «الدرر الكامنة» (4/ 143)، و «شذرات الذهب» (8/ 13). (5) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 294)، و «معجم الشيوخ» (1/ 341)، و «مرآة الجنان» (4/ 238)، و «الديباج المذهب» (1/ 399)، و «الدرر الكامنة» (2/ 303)، و «شذرات الذهب» (8/ 14).

3540 - [ابن دقيق العيد]

3540 - [ابن دقيق العيد] (1) تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب ابن دقيق العيد القشيري الشافعي، شيخ الإسلام، صاحب «الإلمام» و «شرح العمدة» وكتاب «الإمام». روى عن ابن الجميزي وغيره. وكان رأسا في العلم والعمل، عديم النظير، أجل علماء وقته قدرا، وأكثرهم علما ودينا، وورعا واجتهادا في طلب العلم ونشره ليلا ونهارا مع كبر سنه وشغله بالحكم. ولد بينبع من أرض الحجاز في شعبان سنة خمس وعشرين وست مائة، ونشأ بمصر، واشتغل أولا بمذهب الإمام مالك، ودرس فيه بقوص، ثم اختار مذهب الإمام الشافعي، فانتقل إليه، واشتغل به، وتبحر فيه حتى بلغ فيه الغاية بحيث قيل: إنه آخر المجتهدين، وبرع في علوم كثيرة سيما علم الحديث، ورحل إليه الطلبة من الآفاق، ووقع على علمه وزهده وورعه الاتفاق. وله الاعتقاد الحسن في المشايخ وأهل الصلاح، قال الشيخ اليافعي في «تاريخه»: (حتى بلغني أنه كان يزور بعض المشايخ، فإذا بلغ بابه .. نزل عن البغلة، ونزع الطيلسان والعمامة، ودخل عليه بطاقية على رأسه، قال: ومن المشهور أنه ركبته ديون، فرحل إلى الشيخ الكبير ابن عبد الظاهر، فلما سلم عليه .. قدم له الشيخ مأكولا ومن جملته سميط، وكان من عادته لا يأكل السميط؛ لأنه يشوى وفيه أثر الدم، فقال له تلميذه: يا سيدي؛ هذا سميط، فقال له: ليس هذا موضع ذاك؛ يعني: الموضع الذي ينكره ويترك أكله فيه، يريد أن هذا موضع موافقة الشيخ في كل ما يفعله، فأكل من ذلك، فلما فرغ .. قدم الفقراء آلة السماع، وكان من عادته لا يحضر السماع، فقال له التلميذ: يا سيدي؛ أراهم قد قدموا آلة السماع، فقال: اسكت، ما هذا موضع ذاك؛ يعني: ما قدمنا ذكره من عدم الإنكار واستعمال الاحترام والتسليم، فسمع الفقراء بحضوره وهو ساكت، فلما انقضى

(1) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 294)، و «معجم الشيوخ» (2/ 249)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 193)، و «مرآة الجنان» (4/ 236)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 207)، و «البداية والنهاية» (14/ 435)، و «الديباج المذهب» (2/ 297)، و «الدرر الكامنة» (4/ 91)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 206)، و «شذرات الذهب» (8/ 11).

3541 - [أحمد المنتابي]

سماعهم .. أنشد الشيخ بيت المتنبي: [من الطويل] وفي النفس حاجات وفيك فطانة … سكوتي بيان عندها وخطاب (1) فقال له الشيخ رضي الله عنه: انقضت الحاجة، فخرج من عنده ورجع إلى القاهرة، فوجد ديونه قد قضيت، وردت الدفاتر التي كتب فيها الدين؛ وذلك أن الوزير الكبير ابن حنا سأل عنه، فقالوا: قصد الشيخ ابن عبد الظاهر لدين عليه، فاستدعى بأرباب الديون، فأعطاهم ديونهم، وأخذ منهم الأوراق المكتوبة بذلك. قال: وقد جعله بعضهم مجددا لدين الأمة على رأس المائة السابعة، وقد قدمت ذكر الأئمة المجدد بهم دين الأمة على رأس المئين الست قبله فيما تقدم من هذا التاريخ وفي كتاب «المرهم والشاش المعلم» وغير ذلك من كتبي) (2). توفي الفقيه تقي الدين المذكور في سنة اثنتين وسبع مائة عن سبع وسبعين سنة رحمه الله ونفع به. وفيها-أعني: سنة اثنتين وسبع مائة-: توفي الحسن بن علي الخلال (3). 3541 - [أحمد المنتابي] (4) أحمد بن محمد ابن عبد الحميد المنتابي، من قوم يعرفون ببني المنتاب-بضم الميم، وسكون النون، وفتح المثناة من فوق، ثم ألف، ثم موحدة-وكان يعرف بابن الحميد (5)، بفتح الحاء المهملة، وكسر الميم، نسبة إلى جده عبد الحميد، وهو من قوم يعرفون ببني المحلي، قال الجندي: (زيدية إلى عصرنا) (6). تفقه المذكور بابن جبر، وبالقاضي عمر بن سعيد، وأخذ الأصول عن شخص يعرف

(1) «ديوان المتنبي» بشرح العكبري (1/ 198). (2) «مرآة الجنان» (4/ 236). (3) تقدمت ترجمته قبل قليل، انظر (6/ 9). (4) «السلوك» (1/ 304)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 344)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 170)، و «تحفة الزمن» (1/ 577). (5) كذا في «طراز أعلام الزمن» (1/ 170)، وفي باقي مصادر الترجمة: (وشهر بابن الحميدي). (6) «السلوك» (2/ 304).

3542 - [الحسن الشرعبي]

بالإربلي، والنحو عن الوشاح، وإليه انتهت رئاسة الفتوى على مذهب الشافعي بصنعاء وأعمالها. وتوفي في شوال سنة اثنتين وسبع مائة عن نيف وسبعين سنة. 3542 - [الحسن الشرعبي] (1) الحسن الشرعبي أبو محمد، هكذا ذكره الجندي ولم يسمّ والده (2)، وشرعب صقع قبلي تعز. تفقه المذكور بالإمام علي بن قاسم الحكمي، وأقام بموزع، وولي قضاءها مدة، وحسنت سيرته فيه، وسأله المظفر أن يدرس بزبيد في مدرسة امرأته مريم ابنة الشيخ العفيف (3)، فأجاب إلى ذلك بشرط أن يكون ابنه نائبا عنه في قضاء موزع، فدرس بزبيد في المدرسة المذكورة، وقصده الطلبة من الأنحاء البعيدة والقريبة. قال الجندي: (وقرأت عليه بعض «المهذب» تبركا به؛ إذ كان من أصحاب علي بن قاسم، وتفقه به جماعة كثيرون، فلم يزل مدرسا بالمدرسة المذكورة إلى أن كبر وهرم، وضعف عقله وبصره، فاستمر عوضه في التدريس معيده، وهو الفقيه محمد بن عبد الله الحضرمي. ورجع الفقيه إلى موزع، فأقام بها إلى أن توفي في سنة المجاعة الشديدة سنة اثنتين وسبع مائة. وكان راتبه كل يوم سبع القرآن، وكان يقول: أخذت ذلك عن شيخي علي بن قاسم الحكمي كما أخذه عن شيخه إبراهيم بن زكريا. وأقام ولده في قضاء موزع، وكان قضاؤه غير مرضي إلى أن ولي بنو محمد بن عمر القضاء الأكبر، فعزلوه عن القضاء) (4).

(1) «السلوك» (2/ 392)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 347)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 325)، و «تحفة الزمن» (2/ 355)، و «المدارس الإسلامية» (ص 161)، و «هجر العلم» (4/ 2151). (2) في النسخة التي بين أيدينا من «السلوك» (2/ 392): (أبو محمد بن الحسن الشرعبي). (3) في (ق) و «المدارس الإسلامية» (ص 161)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 408): (ابن العفيف). (4) «السلوك» (2/ 392).

3543 - [سعيد بن عمر الأعرج]

3543 - [سعيد بن عمر الأعرج] (1) سعيد ابن عمر-عرف بالأعرج؛ لعرج كان به-اللحاوي ثم الحرضي. كان فقيها، يصحب المشايخ الفرسانيين أصحاب موزع، فلما توفي أبوه وكان حاكما بها .. جعل ابنه سعيدا هذا مكانه، فقدم في أثناء قضائه الفقيه حسن الشرعبي المذكور قبله، فكان يدرس ويفتي، فتعب الفقيه سعيد من ذلك، فانتقل من موزع إلى موضع يعرف بالجرت-بفتح الجيم، وكسر الراء، وسكون المثناة فوق (2) -فتوفي بها. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لمعاصرته الفقيه حسن الشرعبي، وأظنه متقدم الوفاة؛ فإن الفقيه حسن الشرعبي عمر طويلا، وكان له ابن اسمه: سعد (3)، ولي قضاء موزع مدة، ثم حصل بينه وبين الفرسانيين وحشة أفضت إلى قتله في أواخر سنة سبع وعشرين وسبع مائة. 3544 - [محمد بن إبراهيم] (4) محمد بن إبراهيم بن سالم بن مقبل (5)، لقبه أخوه أحمد بن إبراهيم بمشقر؛ محبة لشيخه مشقر. تفقه محمد بإسماعيل الخلي، وكان فقيها فيه فضل ومروءة، وله مناقب عديدة. توفي آخر سنة اثنتين وسبع مائة. وكان له عم يسمى: علي بن سالم بن مقبل، تفقه على الجعميم بسهفنة، وتوفي بذي السّفال طالبا للعلم.

(1) «السلوك» (2/ 390)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 473)، و «تحفة الزمن» (2/ 355)، و «هجر العلم» (4/ 2152). (2) في «السلوك» (2/ 391) و «تحفة الزمن» (2/ 355): (الجريب: بفتح الجيم، وخفض الراء، وسكون الياء المثناة من تحت، ثم باء موحدة). (3) في «السلوك» (2/ 391): (أسعد). (4) «السلوك» (2/ 266)، و «تحفة الزمن» (1/ 545). (5) سيذكر المصنف رحمه الله تعالى في وفيات سنة (718 هـ‍) ترجمة اتفقت في اسمها مع اسم صاحب هذه الترجمة إلى آخر النسب، فانظر ما ذكرناه هناك (6/ 107).

3545 - [عمر بن عيسى الهرمي]

3545 - [عمر بن عيسى الهرمي] (1) عمر بن عيسى بن إسماعيل الهرمي-نسبة إلى الهرمة بفتح الهاء، وسكون الراء، وفتح ما عداها، قرية في سفل وادي زبيد-الإمام الحنفي النحوي. كان فقيها محققا، عارفا بالأدب والفرائض، والدور والحساب، والتصريف والعروض. صحب الأشرف بن المظفر إلى أن مات، ثم صحب المؤيد، وصنف للأشرف ولأولاده عدة مصنفات في النحو وغيره. وتوفي لنيف وسبع مائة. 3546 - [عمر بن عيسى العامري] (2) عمر بن عيسى بن محمد بن سليمان المسلي ثم العامري. كان فقيها أديبا، شاعرا لبيبا، فصيحا عارفا، وكان يسكن العقلة، بضم العين المهملة، وسكون القاف، وفتح اللام، وآخره هاء. توفي سنة الخصاصة العظمى سنة اثنتين وسبع مائة. 3547 - [إسماعيل ابن ثواب] (3) إسماعيل بن يحيى بن عمران بن ثواب. تفقه تفقها جيدا، ومحن بقضاء الدملوة، ثم حج وعاد، فتوفي في الطريق في المحرم سنة اثنتين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 383)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 440)، و «تحفة الزمن» (2/ 348)، و «بغية الوعاة» (2/ 222)، و «هجر العلم» (4/ 2327). (2) «السلوك» (2/ 266)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 440)، و «تحفة الزمن» (1/ 545)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 344). (3) «السلوك» (2/ 410)، و «تحفة الزمن» (2/ 371)، و «هجر العلم» (1/ 445).

3548 - [أبو القاسم الجبرتي]

3548 - [أبو القاسم الجبرتي] (1) أبو القاسم بن علي بن موسى الجبرتي، الزيلعي لقبا. تفقه بالإمامين أحمد بن موسى بن عجيل، وإسماعيل بن محمد الحضرمي، ثم دخل زبيد، فأخذ بها عن الفقيه محمد بن علي بن إسماعيل، ابن عم الإمام إسماعيل الحضرمي. وكان فقيها بارعا، يعرف «المهذب» معرفة تامة، ثم ارتحل إلى إب، فدرس بالمدرسة السنقرية، وانتفع به الناس انتفاعا عظيما لا سيما أهل إب ونواحيها. وتوفي بإب في سنة اثنتين وسبع مائة عن ستين سنة، ودفن بجنب الإمام سيف السنة. 3549 - [الوزير عمران بن عبد الله] (2) القاضي الوزير عمران بن القاضي عبد الله بن أسعد بن محمد بن موسى العمراني، وزير الواثق بن المظفر. كان فقيها فاضلا، عارفا بالنحو وغيره، تفقه بأهله وغيرهم. استوزره الواثق إبراهيم بن المظفر مدة، فلما أقطعه أبوه ظفار الحبوضي، وأراد التقدم إليها .. كره أبوه وأعمامه أن يتركوا ولدهم القاضي عمران أن يتقدم مع الواثق إلى ظفار، فاعتذروا له منه، فعذره عن ذلك، فأقام وولي قضاء تعز مكان عمه حسان، ولما صودر والده وأعمامه في أول الدولة المؤيدية .. كان عمران ممن صودر معهم، وكان من أشدهم عذابا، ثم إنهم أطلقوا بشرط أن يسكنوا بسهفنة ويرهنوا بعض أولادهم، فرهن القاضي عبد الله ولده عمران المذكور، ورهن القاضي حسان بن أسعد ابنه محمد بن حسان، فأمر المؤيد بإنزال الرهائن إلى زبيد، وذلك في رجب سنة ثمان وتسعين وست مائة، فلم يزالوا هناك إلى أن توفي القاضي عمران المذكور في أول سنة اثنتين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 162)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 343)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 31) و (4/ 217)، و «تحفة الزمن» (1/ 481)، و «المدارس الإسلامية» (ص 140). (2) «السلوك» (1/ 468)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 343)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 472)، و «تحفة الزمن» (1/ 380).

3550 - [محمد بن يوسف الخولاني]

3550 - [محمد بن يوسف الخولاني] (1) الفقيه محمد بن يوسف بن مسعود الخولاني. كان إماما في جامع الجند إلى أن توفي ليلة عيد الفطر من سنة اثنتين وسبع مائة. 3551 - [إبراهيم الرقي] (2) إبراهيم بن أحمد الرّقّي الحنبلي الشيخ الصالح. كان من الأولياء الكبار، وله تصانيف محركة إلى الله تعالى. حدث عن عبد الصمد بن أبي الجيش، وله نظم كثير، وخبرة بالطب، ومشاركات في العلوم. توفي سنة ثلاث وسبع مائة. 3552 - [ست الأهل البعلبكية] (3) ست الأهل بنت علوان البعلبكّيّة المعمرة. كانت صالحة خيرة، أكثرت الرواية عن البهاء عبد الرحمن. وعمرت دهرا، وتوفيت ببعلبك سنة ثلاث وسبع مائة. 3553 - [ابن الخباز] (4) إسماعيل بن إبراهيم ابن الخباز. مات سنة ثلاث وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 65)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 332)، و «تحفة الزمن» (1/ 419)، و «هجر العلم» (2/ 929). (2) «معجم الشيوخ» (1/ 127)، و «دول الإسلام» (2/ 237)، و «مسالك الأبصار» (27/ 495)، و «مرآة الجنان» (4/ 238)، و «البداية والنهاية» (14/ 438)، و «الدرر الكامنة» (1/ 14)، و «شذرات الذهب» (8/ 15). (3) «الإعلام بالوفيات» (ص 295)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 116)، و «مرآة الجنان» (4/ 238)، و «الدرر الكامنة» (2/ 125)، و «شذرات الذهب» (8/ 16). (4) «الإعلام بالوفيات» (ص 295)، و «الدرر الكامنة» (1/ 362)، و «المنهل الصافي» (2/ 382)، و «مرآة الجنان» (4/ 239)، و «شذرات الذهب» (8/ 16).

3554 - [زين الدين الفارقي]

3554 - [زين الدين الفارقي] (1) زين الدين عبد الله بن مروان الفارقي. توفي سنة ثلاث وسبع مائة. 3555 - [أحمد بن سليمان الحكمي] (2) أحمد بن سليمان بن أبي بكر الحكمي أبو العباس شهاب الدين. ولد سنة خمس وأربعين وست مائة. وتفقه بصالح بن علي الحضرمي، وأبي بكر بن عبد الله الريمي. وتفقه به جمع كثير، منهم محمد بن عبد الله الحضرمي. وكان فقيها بارعا، فاضلا محققا، إليه انتهت رئاسة الفقه والفتوى بزبيد وأعمالها، ودرس في منصورية زبيد العليا، ولما توفيت الدار الشمسي بنت المنصور عمر بن علي بن رسول ولم يكن لها وارث إلا أخوها الفائز بن المنصور .. أوصت بجلّ أموالها لابن أخيها المؤيد بن المظفر بن المنصور، وكان معتقلا مع أخيه الأشرف بن المظفر، وكان الأشرف يحب ألا تصح الوصية، وأن يكون ميراثا لوارثها؛ ليشتريه منه، فكتب سؤال بصورة الحال، وعرض على الفقهاء، فأجاب الفقيه أحمد بن سليمان المذكور بأن الوصية غير جائزة فيما زاد على الثلث، وأفتى الفقيه أبو الحسن علي بن أحمد الأصبحي صاحب «المعين» بجوازها إذا أجاز الوارث، ثم توفي الأشرف عن قريب، وولي بعده أخوه المؤيد، فعزل الفقيه أحمد المذكور عن التدريس في المدرسة المذكورة، وقطعه عن أسبابه كلها، فأقام يدرس تارة في الجامع، وتارة في داره. قال أبو الحسن الخزرجي: (أخبرني الفقيه أحمد بن علي بن سالم الأبيني، قال: أخبرني الفقيه علي الواسطي، قال: كان للفقيه أحمد بن سليمان المذكور أرض يحترثها

(1) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 295)، و «مرآة الجنان» (4/ 239)، و «البداية والنهاية» (14/ 439)، و «الدرر الكامنة» (2/ 304)، و «شذرات الذهب» (8/ 16). (2) «السلوك» (2/ 34)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 355)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 87)، و «تحفة الزمن» (1/ 395)، و «المدارس الإسلامية» (ص 51).

3556 - [الحسين ابن شبيل]

يحصل له من مغلها كل سنة أربعون مدا، وكان يحصل له من المدرسة المنصورية أربعون مدا أيضا، فلما قطع عن أسبابه في المدرسة .. كانت أرضه تغل ثمانين مدا في كل سنة ببركة العلم الشريف. وتوفي ثامن شعبان سنة ثلاث وسبع مائة، وكان له ولد يسمى: محمدا، تولى إعادة المنصورية أيام أبيه، وتوفي قبل أبيه بستة أيام رحمهما الله تعالى) (1). 3556 - [الحسين ابن شبيل] (2) الحسين بن محمد بن علي بن شبيل-تصغير شبل-أبو محمد. كان فقيها صالحا فاضلا، ناسكا مجتهدا، عارفا بالفقه. قال الجندي: (ونسبه في همدان، وكان يسكن ريمة الأشابط إلى أن توفي في سنة ثلاث وسبع مائة) (3). 3557 - [سعيد بن عمران العودي] (4) سعيد بن عمران أبو محمد العودوي، كذا في الأصل، وأظن الواو زيادة من الناسخ؛ لأنه ذكر أن أصل بلده يعرف بالعود، بفتح العين المهملة، وسكون الواو، وآخره دال مهملة. كان فقيها فاضلا، تفقه بالإمام علي بن أحمد الأصبحي، ودرس في مدرسة الحرة حلل، ثم انتقل إلى ذي أشرق، ولم يزل بها إلى أن توفي عقب وفاة شيخه الأصبحي، وذلك في المحرم سنة ثلاث وسبع مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 88). (2) «السلوك» (2/ 290)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 358)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 347)، و «تحفة الزمن» (1/ 560). (3) «السلوك» (2/ 290). (4) «السلوك» (1/ 447)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 472)، و «تحفة الزمن» (1/ 336)، و «هجر العلم» (2/ 738)، و «المدارس الإسلامية» (ص 148).

3558 - [أبو الفرج الحكمي]

3558 - [أبو الفرج الحكمي] (1) عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبد الرحمن الحكمي أبو الفرج، الملقب: قمر مجبول (2). كان فقيها نبيها، عارفا صالحا، درس بالمدرسة العفيفية بزبيد. وتوفي بزبيد سنة ثلاث وسبع مائة. 3559 - [أحمد بن إبراهيم] (3) أحمد بن إبراهيم بن سالم بن مقبل بن أسعد. قرأ على مشقر بلحج، وعلى ابن المقرئ بعدن. وكان فقيها، وفيه محبة لأبناء الجنس. توفي أول سنة ثلاث وسبع مائة، وقبر بموضع من ذي حران يقال له: موبران (4). 3560 - [محمد بن عثمان الوهبي] (5) محمد بن عثمان بن عبد الله بن أبي بكر بن علي الوهبي ثم الكندي. تفقه بالفقيه عمر بن عاصم، وبأحمد الوزيري. وكان فقيها فاضلا عارفا. توفي في رجب سنة ثلاث وسبع مائة عن سبع وخمسين سنة.

(1) «السلوك» (2/ 35)، و «العطايا السنية» (ص 414)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 52)، و «تحفة الزمن» (1/ 396)، و «المدارس الإسلامية» (ص 162). (2) «السلوك» (2/ 35): (عمر مخبول). (3) «السلوك» (2/ 266)، و «العطايا السنية» (ص 255)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 358)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 45)، و «تحفة الزمن» (1/ 545)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 3)، و «هجر العلم» (2/ 759). (4) في «السلوك» (2/ 266): (مويران). (5) «السلوك» (2/ 45)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 356)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 224)، و «تحفة الزمن» (1/ 403).

3561 - [عثمان بن هاشم الجحري]

3561 - [عثمان بن هاشم الجحري] (1) عثمان بن الفقيه هاشم الحجري-بتقديم الجيم المفتوحة على الحاء الساكنة، ثم راء مكسورة، ثم ياء نسب-أصله من بلاد جبل تيس. وتفقه بعمرو بن علي التباعي، ثم صحب الشيخ عيسى بن حجاج الغيثي، والشيخ علي الشّنيني، وفتح له في الحكمة، وفسر كلام المحققين تفسيرا وافيا، وكان يتكلم بحضرة شيخيه، فيقبلان منه ولا ينكران عليه. وتوفي سنة ثلاث وسبع مائة. 3562 - [محمد بن عثمان الجحري] (2) محمد بن عثمان بن الفقيه هاشم الجحري. تفقه بالفقيه محمد بن عمرو التباعي، وأخذ عنه الحديث أيضا، وعن أخيه إبراهيم. ولم أتحقق تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في سنة عشرين وسبع مائة، فذكرته هنا؛ تبعا لأبيه عثمان المذكور قبله، وجده هاشم تديّر موضعا من ناحية أبيات حسين يقال له: بيت العبش-بكسر العين المهملة، وسكون الموحدة، وآخره شين معجمة-وبها ولد محمد بن عثمان المذكور. 3563 - [أبو الحسن الأصبحي] (3) أبو الحسن علي بن أحمد بن أسعد بن أبي بكر بن محمد بن عمر بن أبي الفتوح بن علي بن صبيح الأصبحي، الإمام المشهور، مصنف «المعين»، و «غرائب الشرحين»، و «أسرار المهذب» وغير ذلك من الكتب المفيدة النافعة، وله الفتاوى المشهورة.

(1) «السلوك» (2/ 343)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 197)، و «تحفة الزمن» (2/ 111) و (2/ 146)، و «طبقات الخواص» (ص 192)، و «هجر العلم» (1/ 42). (2) «السلوك» (2/ 343)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 198) و (3/ 225)، و «تحفة الزمن» (2/ 111) و (2/ 146). (3) «السلوك» (2/ 74)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 128)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 353)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 216)، و «تحفة الزمن» (1/ 425)، و «تاريخ شنبل» (ص 11)، و «هجر العلم» (2/ 719)، و «المدارس الإسلامية» (ص 109).

ولد لخمس بقين من ذي الحجة سنة أربع وأربعين وست مائة. وتفقه أولا بالفقيه عبد الوهاب بن أبي بكر بن ناصر، ثم أتقن الفقه وحققه على ابن خاله محمد بن أبي بكر الأصبحي، وأخذ عليه كتب الحديث أيضا، ولما قدم المحب الطبري من مكة إلى تعز بطلب من المظفر .. وصل إليه الأصبحي، وقرأ عليه في الفقه والحديث، وكان من المحققين للفقه، العارفين به، ليس له نظير في عصره، وكفى بتصانيفه المذكورة شاهدا بذلك، وكان الفقهاء إذا تماروا في شيء .. لم يقنعهم جواب بعضهم لبعض حتى يعرفوا مأخذه، فيسألونه عمّن نصّ عليها من العلماء، فيجيبهم جوابا محققا، حتى قال بعض أكابر المدرسين في عصره بمحضر جماعة من الفقهاء: مثل هذا الفقيه وسائر الفقهاء مثل قوم ولجوا بحرا يغوصون فيه لطلب الجواهر وكان فيهم رجل مجيد في الغوص، خبير بالموضع، فإذا غاص .. قصد المواضع التي يعرفها، فيقع على الجواهر النفيسة فيخرجها، فاعترف الحاضرون بصحة ذلك. وكان حسن الخلق، دائم البشر، حسن الألفة مع نزاهة عرض وزهد وورع. درس بالمظفرية بالمغربة أياما قلائل بإلزام وحوالة من القاضي البهاء، ثم عاد إلى بلاده نافرا من غير إذن القاضي ولا غيره، يقال: إنه رأى في المنام والده قد دخل في مجلس التدريس من المدرسة، قال: فلما دنوت لأسلم عليه .. قطب في وجهي ولم يرد [أن] يصافحني، فاستيقظت وعلى ظني أن سبب ذلك قبولي لطعام المدرسة، فقمت بليلتي، وسافرت. وكان يقول الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، ويشهد له ما أفتى به من صحة وصية الدار الشمسي بنت المنصور عمر بن علي بن رسول بجلّ أموالها لابن أخيها المؤيد بن المظفر-وهو معتقل في حبس أخيه الأشرف بن المظفر-إذا أجاز الوارث-وهو الفائز بن المنصور-ما زاد على الثلث، وكان الأشرف يحب بطلان الوصية؛ ليشتري ذلك من الفائز كما تقدم ذلك في ترجمة الإمام أحمد بن سليمان الحكمي (1)، وإلى ذلك أشار الفقيه هارون السروي في قصيدة مدح بها الإمام المذكور بقوله: [من الكامل] لما دعاه من الملوك متوج … متغطرس وجنوده أفواج

(1) انظر (6/ 18).

إذ قال للنفس اصبري لا تجزعي … لو ثار من كرّ عليك عجاج فلأفتين بصحيح ما صححته … لو شاع ذا ما شاعه الحجّاج ثم قال: وإلى المهيمن أشتكي من لوعتي … فعسى برأفته تقضّى الحاج وإلى سلالة أحمد علم الهدى … بل بحرنا المتغطمط المواج ناهيك من متهلل بعليّنا … بل بدرنا وسراجنا الوهاج كم معضل قد فكّه بذكائه … وسل المعين ففيه ما تحتاج أفخر به من راسخ علامة … متتوّج ورعا ونعم التاج أوصافه جم وإني معجم … يا ليتني الخطفي والعجاج فعليه في الليل البهيم وفي الضحى … منّي سلام ريحه آراج ولما اشتهر كتابه «المعين» .. امتدحه جماعة من فضلاء عصره، منهم الفقيه أحمد بن منصور الشمسي المدرس بضراس فقال: [من البسيط] إن المعين لعون يستضاء به … أحصى الخلاف وأبدى الآن مشكله لله لله ما أحصى مصنفه … للطالبين بيانا حين أكمله خاض التصانيف تصحيحا ليودعه … في ضمنه فكفى عنها وسهّله أعطاه مولاه يوم الدين مغفرة … يرضى بها وبدار الخلد خوّله وكان له محفوظات كثيرة من الأخبار والأشعار. قال الجندي: (أنشدني من لفظه للإمام الشافعي في النهي عن أكل التراب: [من المتقارب] دع الطين معتقدا مذهبي … فقد صدّ عنه حديث النبي من الطين ربي برا آدما … فآكله آكل للأب) (1) وله كرامات كثيرة، كتب له المظفر مسامحة في خراج أرضه، ثم كتب الأشرف بن المظفر مسامحة زائدة على مسامحة أبيه، فلما كان سنة سبع عشرة وسبع مائة في أثناء دولة المؤيد .. غيّر كثير من المسامحات في الجند وغيرها، فكتب ورثة الفقيه إلى المؤيد يشكون

(1) «السلوك» (2/ 80).

حالهم، فأمر المؤيد بإجرائهم على المسامحة المظفرية دون الأشرفية، فشق ذلك على أهله؛ لأن المسامحة الأشرفية أكثر من المظفرية بكثير، فرأى أحدهم الفقيه في النوم، وقال له: يا فلان؛ إذا لم يكتب لكم السلطان على المسامحة الأشرفية .. هاتها إليّ، أنا أكتب لكم عليها، فلما أصبح الصباح وأشرقت الشمس .. نودي من باب السلطان: أين ورثة الفقيه الأصبحي يأتون بمسامحتهم؟ فأتوا بها، فأمر المؤيد بإجرائها مسرعا. ومن غريب ما اتفق له أنه خرج إلى أرض له وفيها بتول له يحرث، فسأل البتول هل عنده ماء؟ فأشار إليه البتول إلى موضع، فقصده الفقيه، فوجد عنده حنشا، فقتله، وإذ به يجد نفسه في أرض لا يعرفها بين قوم لا يعرفهم، لهم خلق غريب، بعضهم يقول: قتلت ابني، وبعضهم: قتلت أخي، وبعضهم: قتلت أبي، ففزع منهم فزعا شديدا، قال: وإذا برجل منهم يقول لي: قل: أنا بالله وبالشرع، قال: فقلت ذلك، فدافع عني جماعة وقالوا: امضوا به إلى الشرع، فمضيت أنا وهم حتى أتيت دارا كبيرة، فخرج منها شخص كهيئة الرخم الأبيض، فقعد على شيء مرتفع، قال: فادعى عليّ بعض الخصوم، فدنا مني صاحبي الأول وقال: قل: ما قتلت إلا حنشا، فقلت ذلك، فقال القاضي: سمعت بأذني رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من تشبه بشيء من الهوام .. فلا قود على قاتله ولا دية، فسقط في أيدي القوم، وإذ بي قد صرت في موضعي، وكان البتول قد رأى الفقيه حين وصل إلى موضع الماء، ثم غاب عن بصره ساعة جيدة، ثم ظهر، قال البتول: وقال الفقيه حين وصل: يا فلان؛ جرى لبعض رعية الأجناد ما هو كذا وكذا، وأخبر بالقصة، قال: فعرفت أنه هو الذي جرى له ما جرى، فقلت له: سألتك بالله، هل هو أنت؟ فسكت وغالط بحديث آخر، فلما بلغ المظفر ذلك .. سأل عن حاله، فقيل: هو فقير، فقال: الحمد لله الذي جعل مثل هذا في بلادنا وزماننا، رجل عالم زاهد متورع. وأخذ عنه جمع كثير، وتفقه به جماعة، منهم عيسى بن أبي بكر، وسعيد العودوي، وعمر الحبيشي، ومحمد بن جبير، وإسماعيل بن محمد الخلي، وأبو بكر بن المقرئ وغيرهم. وتوفي في رابع عشر المحرم سنة ثلاث وسبع مائة، وقبر إلى جنب قبر أبيه قبلي الذنبتين، وحضر دفنه جم غفير يزيدون على ثلاثة آلاف شخص غالبهم من أعيان الفقهاء ووجوه الناس، رحمه الله ونفع به، آمين آمين.

3564 - [أحمد بن محمد الصبري]

3564 - [أحمد بن محمد الصبري] (1) أحمد بن محمد بن عبد الله الصبري، نسبة إلى جبل صبر المشهور باليمن. تفقه أولا بشخص فاضل وصل إليه إلى صبر، ثم أكمل تفقهه بالإمام أبي الحسن علي بن أحمد الأصبحي، وولي القضاء في جبل صبر. وكان مرضي القضاء، حسن السيرة، عالي الهمة، كثير الأنس للأصحاب، زاهدا ورعا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لشيخه أبي الحسن الأصبحي رحمهما الله تعالى. 3565 - [علي بن أبي بكر الحكمي] (2) علي بن أبي بكر بن الفقيه علي بن محمد الحكمي. كان فقيها مجودا. درس في العاصمية بزبيد إلى أن توفي في المحرم سنة ثلاث وسبع مائة. قال الجندي: (وخلفه ابن له اسمه: أبو بكر بن علي بن أبي بكر بن علي بن محمد، كان فقيها، درس بمدرسة الميلين بعد عمه عمر بن أبي بكر بن الفقيه علي) اه‍ (3) 3566 - [عمر بن أبي بكر العرشاني] (4) عمر بن أبي بكر بن عمر بن الفقيه علي بن أبي بكر العرشاني. ولد سنة اثنتين وثلاثين وست مائة. وكان فقيها مجودا، فاضلا كاملا، صاحب مسموعات وإجازات على طريقة ابن عمه

(1) «السلوك» (2/ 135)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 156)، و «تحفة الزمن» (1/ 458). (2) «السلوك» (1/ 475)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 359)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 340)، و «تحفة الزمن» (1/ 386)، و «المدارس الإسلامية» (ص 31). (3) «السلوك» (1/ 475). (4) «السلوك» (1/ 368)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 355)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 402)، و «تحفة الزمن» (1/ 296)، و «هجر العلم» (3/ 1421).

3567 - [عمر بن علي اللحجي]

أحمد، وكان كريم النفس، يطعم الطعام، ويكرم من قصده، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي سابع عشر شعبان سنة ثلاث وسبع مائة. 3567 - [عمر بن علي اللحجي] (1) عمر بن علي اللحجي، أصله من لحج. قال الخزرجي: (أظنه من ذرية علي بن زياد الزيادي، وتديّر أهله زبيد من مدة قديمة، فنشأ بها، وتفقه بالفقيه أبي بكر الريمي وغيره. وكان فقيها عارفا فاضلا، ودرس بهكارية زبيد، وأعاد بالنظامية. وكان مذكورا بالخير كثيرا إلى أن توفي ليلة الجمعة ثالث رمضان سنة ثلاث وسبع مائة) (2). 3568 - [القاسم بن علي الهمداني] (3) القاسم بن علي بن عامر بن الحسين بن علي بن أحمد بن قيس الهمداني. تفقه بحجة، وكان عالما، صالحا ورعا، ولي قضاء عدن، فلم تذم سيرته فيه. وتوفي ثاني عشر القعدة سنة ثلاث وسبع مائة. 3569 - [علي بن صالح الحسيني] (4) علي بن صالح الحسيني، نسبة إلى جد اسمه: حسين مصغرا. قال الجندي: (ومن قرابته جماعة يعرفون ببني حسين وليسوا بقرشيين. تفقه المذكور بتهامة على الفقيه عمرو بن علي التباعي، وعبد الله بن محمد الذيابي.

(1) «السلوك» (2/ 34)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 356)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 439)، و «تحفة الزمن» (1/ 395)، و «المدارس الإسلامية» (ص 103). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 439). (3) «العقود اللؤلؤية» (1/ 357)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 19)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 192). (4) «السلوك» (2/ 295)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 359)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 290)، و «تحفة الزمن» (1/ 563).

3570 - [علي بن محمد الخطيب]

وكان عالما مجودا، محققا، نقالا لفروع الفقه، وله فتاوى تدل على تجويده وتحقيقه، وكان الإمام ابن العجيل يراجعه ويثني عليه. قال الجندي: وتوفي سنة ثلاث وسبع مائة تقريبا) (1). 3570 - [علي بن محمد الخطيب] (2) علي بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن إبراهيم الخطيب. قال عبد الرحمن بن محمد الخطيب في كتابه «الجوهر الشفاف»: (كان من الفضلاء العارفين، والصفوة المقربين، وكان سخيا كريما، لا يأكل إلا مع ضيف، فإذا لم يأته ضيف .. بقي باهتا، ويمشي يمينا وشمالا حتى يجد من يأكل معه، وكان رحمه الله تعالى قليل الغضب، وإذا غضب لا يزيد على قول: سبحان الله. وذكر له كرامات، منها: أن جماعة قصدوا نخله ليسرقوا من تمره، فأعمى الله أبصارهم كلهم، فلم يقدروا على المخرج، ولم ينظروا الطريق، فأحسوا برجل من خارج النخل في الطريق فدعوه، فدلهم على الطريق، وقادهم إلى بيوتهم، فباتوا ليلتهم مكروبين، ثم أصبحوا عميانا، فراحوا إلى الشيخ علي بن محمد المذكور، واعتذروا منه واستغفروا، فمسح يده على وجوههم، وما رفعها إلا وقد زال عنهم العمى، فخرجوا من عنده مبصرين وهم يقولون: يا علي يا بن محمد يا نجم الصباح … إذا جاءك العميان راحوا صحاح توفي في شعبان سنة ثلاث وسبع مائة) (3). 3571 - [محمد بن عيسى العامري] (4) الشيخ محمد بن الشيخ عيسى بن حجاج العامري.

(1) «السلوك» (2/ 295). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 208). (3) «الجوهر الشفاف» (209/ 1 - 212). (4) «طراز أعلام الزمن» (2/ 486)، و «تحفة الزمن» (2/ 171)، و «طبقات الخواص» (ص 254).

3572 - [عمر بن علي العلوي]

كان خيّرا دينا، صالحا تقيا، سلك طريقة أبيه، وكان ميلاده سابع وعشرين رجب سنة ثلاث وخمسين وست مائة. وتوفي سنة ثلاث وسبع مائة. 3572 - [عمر بن علي العلوي] (1) عمر بن علي العلوي، نسبة إلى جده علي بن راشد بن بولان بن سحارة بن غالب بن عبد الله بن عك. ولد المذكور سنة أربع وستين وست مائة. وتفقه بجده أبي أمه الإمام أبي بكر بن حنكاس. وكان فقيها عالما في مذهب الحنفية، عارفا، شريف النفس، جوادا، معروفا بالذكاء وجودة النظر. صنف في فضائل شيخه أبي بكر بن حنكاس مختصرا لطيفا، ومن مصنفاته «منتخب الفنون»، كتاب نفيس مفيد في بابه. وابتنى مدرسة في زبيد في سنة ثلاث وتسعين وست مائة. وتوفي سابع عشر رجب سنة ثلاث وسبع مائة. وكان له عدة أولاد نجباء، أجلهم قدرا، وأشهرهم ذكرا إبراهيم الآتي ذكره (2). 3573 - [الركن الطاوسي] (3) أحمد بن عبد المنعم بن أبي الغنائم الطاوسي، كبير الصوفية بدمشق، المعمّر، ركن الدين. توفي سنة أربع وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 256)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 448)، و «تحفة الزمن» (1/ 539)، و «المدارس الإسلامية» (ص 215). (2) انظر (6/ 272). (3) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 295)، و «مرآة الجنان» (4/ 239)، و «الدرر الكامنة» (1/ 193)، و «غربال الزمان» (ص 578)، و «شذرات الذهب» (8/ 20).

3574 - [ابن الرفاعي]

3574 - [ابن الرفاعي] (1) تاج الدين بن الرفاعي، شيخ البطائحية. توفي سنة أربع وسبع مائة عن سن كبيرة، وشهرة كبيرة، كذا في «تاريخ اليافعي» (2). 3575 - [محمد بن يوسف الإربلي] (3) أبو عبد الله محمد بن يوسف الإربلي ثم الدمشقي الشيخ، كبير الذهبيين بالإسكندرية. توفي سنة أربع وسبع مائة. 3576 - [تاج الدين الغرافي] (4) علي بن أحمد الحسيني الغرافي تاج الدين الإمام المحدث. توفي سنة أربع وسبع مائة. 3577 - [أحمد بن عمر الزيلعي] (5) أحمد بن عمر الزيلعي أبو العباس الجبرتي العقيلي-بفتح العين، نسبة إلى عقيل بن أبي طالب-صاحب المحمول، والمحمول مسجد مشهور على ساحل البحر من ناحية المحالب، أقام به الفقيه أحمد المذكور مدة حتى عرف به. وكان فقيها كبيرا، عالما عاملا، عابدا زاهدا صالحا، ملازما للكتاب والسنة، ذا مجاهدات ومكاشفات.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 239)، و «البداية والنهاية» (14/ 444)، و «غربال الزمان» (ص 578). (2) انظر «مرآة الجنان» (4/ 239). (3) «معجم الشيوخ» (2/ 310)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 295)، و «مرآة الجنان» (4/ 239)، و «الدرر الكامنة» (4/ 315)، و «شذرات الذهب» (8/ 21). (4) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 295)، و «مرآة الجنان» (4/ 239)، و «الدرر الكامنة» (3/ 17)، و «غربال الزمان» (ص 578)، و «شذرات الذهب» (8/ 21). (5) «السلوك» (2/ 317)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 365)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 134)، و «تحفة الزمن» (2/ 77)، و «طبقات الخواص» (ص 74)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (3/ 10)، و «هجر العلم» (4/ 1929).

3578 - [علي بن أحمد العسيل]

يحكى أنه قدم عليه جماعة للزيارة ومعهم دراهم جاءوه بها فتحا، فوضعوها بين يديه، فجعل يقلبها بمسواك في يده درهما درهما، فرد على واحد منهم ثلاثة دراهم، وعلى آخر ستة عشر درهما، فذكر صاحب الثلاثة الدراهم أنها لعجوز تحت يدها أيتام، وذكر صاحب الستة عشر أنها من شيخ الصميين، كان نذر بها للفقيه، فلما علما من الفقيه أنه لا يقبلها منهما .. احتالا على إيصالها إلى الفقيه على يد غيرهما، فأخرج الفقيه الدراهم بأعيانها، وكان لا يكتسب محراثة ولا زراعة ولا دروزة (1)، وإذا علم أن أحدا من أصحابه دروز .. طرده. توفي باللّحيّة-كتصغير اللحية-قرية على ساحل البحر من وادي مور معروفة-في سنة أربع وسبع مائة. 3578 - [علي بن أحمد العسيل] (2) علي بن أحمد بن علي العسيل، من قوم يعرفون ببني عسيل، وهم فقهاء قائمة بني حبيش وخطباؤها، وفيهم الخير. ولد لأربع بقين من رمضان سنة ست وأربعين وست مائة. قدم الفقيه علي المذكور إلى جبلة طالبا للعلم، فلما كان في بعض الأعياد .. دخل الفقيه سفيان الجامع، فلم يجد فيه أحدا غير هذا الفقيه مكبا على مطالعة «البيان»، فأعجبه ذلك منه، ولازمه على القعود معه، وزوجه بابنته. وتفقه بصهره سفيان، وبأبي بكر بن العراف، وعباس البريهي، ولما مات صهره سفيان .. استخلفه على مسجده، فأقام به مدة، ثم ارتحل إلى مصنعة سير، فتفقه بها. ولما ولي بنو محمد بن عمر القضاء والوزارة في صدر الدولة المؤيدية .. صحبهم. وحج سنة أربع وسبع مائة. وتوفي بعد الحج بجدّة آخر الحجة من السنة المذكورة. وكان فقيها شهما فاضلا، عالما عاملا.

(1) الدروزة: الخياطة. (2) «السلوك» (2/ 178)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 364)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 228)، و «تحفة الزمن» (1/ 492)، و «هجر العلم» (3/ 1639).

3579 - [التقي بن المحب الطبري]

3579 - [التقي بن المحب الطبري] (1) عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الملقب بالتقي بن المحب الطبري المكي، خطيب الحرم الشريف. ولد سنة أربع وأربعين وست مائة بمكة، وسمع بها من ابن الجميزي «الأربعين البلدانية» للسلفي، ومن المرسي «صحيح ابن حبان» وغيره. وحدث وأفتى، وولي خطابة مكة سنة ثلاث وسبعين وسبع مائة، وناب في الحكم عن أخيه القاضي جمال الدين. وتوفي ليلة الجمعة تاسع رمضان سنة أربع وسبع مائة بحميترى، ودفن إلى جانب سيدي الشيخ أبي الحسن الشاذلي. 3580 - [العلم العراقي] (2) عبد الكريم بن علي الأنصاري المصري الشهير بالعلم العراقي. توفي سنة أربع وسبع مائة. مذكور في الأصل. 3581 - [ابن بهرام الدمشقي] (3) محمد بن محمد بن بهرام الدمشقي الشافعي شمس الدين، قاضي حلب وخطيبها، وهو الذي عزل زين الدين بن قاضي الخليل من الحكم، وكان مشكورا، يدري المذهب. توفي بحلب سنة خمس وسبع مائة. 3582 - [شرف الدين الجذامي] (4) يحيى بن أحمد بن عبد العزيز الصواف شرف الدين الجذامي المالكي، الإمام المعمّر.

(1) «العقد الثمين» (5/ 99). (2) «ذيل تذكرة الحفاظ» (ص 95)، و «مرآة الجنان» (4/ 240)، و «السلوك» للمقريزي (ج /1 ق 13/ 1)، و «الدرر الكامنة» (2/ 399)، و «حسن المحاضرة» (1/ 363). (3) «الوافي بالوفيات» (1/ 209)، و «مرآة الجنان» (4/ 240)، و «الدرر الكامنة» (4/ 171)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 220)، و «شذرات الذهب» (8/ 24). (4) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 296)، و «معجم الشيوخ» (2/ 367)، و «مرآة الجنان» (4/ 240)، -

3583 - [محمد بن عبد المنعم]

سمع منه قاضي القضاة السبكي وجماعة. ويروي عن ابن عماد، والصفراوي، وتلا عليه بالسبع. وتوفي بالإسكندرية سنة خمس وسبع مائة عن ست وتسعين سنة. 3583 - [محمد بن عبد المنعم] (1) أبو عبد الله محمد بن عبد المنعم بن شهاب المعمّر. مات بمصر سنة خمس وسبع مائة. 3584 - [أبو العباس الفزاري] (2) أحمد بن إبراهيم بن سباع الفزاري الشافعي، خطيب دمشق، الإمام الكبير. أحكم العربية، وقرأ الحديث، وروى عن السخاوي، والعز النسّابة، والتاج القرطبي. وأقرأ زمانا مع الكيس والتواضع والتصوف. كان فصيحا، طيب الصوت، عديم اللحن. توفي بدمشق سنة خمس وسبع مائة، وشيعه ملك الأمراء والأعيان. مذكور في الأصل. 3585 - [شرف الدين الدمياطي] (3) عبد المؤمن بن خلف شرف الدين الدمياطي الشافعي. سمع من ابن المقير، وابن رواحة، وإبراهيم بن الخير، وابن مختار وغيرهم. وتوفي سنة خمس وسبع مائة. مذكور في الأصل.

= و «السلوك» (ج /2 ق 21/ 1)، و «الدرر الكامنة» (4/ 410)، و «شذرات الذهب» (8/ 25). (1) «معجم الشيوخ» (2/ 227)، و «مرآة الجنان» (4/ 240)، و «السلوك» (ج /2 ق 21/ 1)، و «الدرر الكامنة» (4/ 32)، و «شذرات الذهب» (8/ 25). (2) «معجم الشيوخ» (1/ 27)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1479)، و «مرآة الجنان» (4/ 240)، و «البداية والنهاية» (14/ 449)، و «الدرر الكامنة» (1/ 89)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 217)، و «شذرات الذهب» (8/ 23). (3) «معجم الشيوخ» (1/ 424)، و «مرآة الجنان» (4/ 241)، و «البداية والنهاية» (14/ 449)، و «الدرر الكامنة» (2/ 417)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 218)، و «المنهل الصافي» (7/ 367)، و «شذرات الذهب» (8/ 23).

3586 - [بنت الإسعردي]

3586 - [بنت الإسعردي] (1) زينب بنت سليمان بن رحمة الإسعردي. سمعت من ابن الزبيدي، وأحمد بن عبد الواحد البخاري، وعلي بن حجاج وجماعة، وعمرت بضعا وثمانين سنة، وتفردت بأشياء. وتوفيت بمصر سنة خمس وسبع مائة. 3587 - [السلطان أبو يعقوب المريني] (2) السلطان أبو يعقوب يوسف بن السلطان يعقوب بن عبد الحق المريني، صاحب بلاد المغرب. توفي سنة خمس وسبع مائة (3). 3588 - [طاهر بن عبد الله المهدي] (4) طاهر بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن عيسى المهدي أبو الطيب، أصله من قرية الملحكي. وتفقه في جبلة بعبد الله بن علي العرشاني. وكان فقيها عالما، فاضلا، عارفا، محققا، ولي قضاء بعدان مدة إلى أن توفي في شهر رمضان سنة خمس وسبع مائة.

(1) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 296)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 67)، و «مرآة الجنان» (4/ 241)، و «الدرر الكامنة» (2/ 119)، و «شذرات الذهب» (8/ 23). (2) «دول الإسلام» (2/ 240)، و «مرآة الجنان» (4/ 241)، و «الدرر الكامنة» (4/ 480)، و «شذرات الذهب» (8/ 25). (3) في «الدرر الكامنة» (4/ 482): توفي سنة (706 هـ‍). (4) «السلوك» (2/ 198)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 369)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 17)، و «تحفة الزمن» (1/ 505)، و «هجر العلم» (4/ 2128).

3589 - [أبو الخير المأربي]

3589 - [أبو الخير المأربي] (1) أبو الخير بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن جبر-ضد الكسر- المأربي، نسبة إلى مأرب، البلد المعروفة. قدم أبوه عبد الله إلى ميفعة وقد تفقه، فأحبه أهل البلد واعتلقوا به، فأقام عندهم مفتيا وحاكما إلى أن توفي، فخرج ابنه أبو الخير المذكور من ميفعة طالبا للعلم، فقصد الطرية، وقرأ على الفقيه عبد الرحمن بن أبي الخير المقدم ذكره في العشرين الثالثة من المائة السابعة (2)، ويقال: إن بينهما قرابة لازمة، فتفقه به تفقها جيدا، ثم عاد إلى حجر، وخلت الشحر عن حاكم بموت قاضيها عبد الرحمن السّبتي المقدم (3)، فطلب أبو الخير المذكور إلى الشحر، وجعل حاكما ومفتيا، فانتفع به أهل الشحر، وانتشر عنه الفقه انتشارا كليا. وتفقه به جماعة من أهل الشحر وحضرموت، منهم أحمد بن عبد الرحمن السبتي، وحسن بن علي باجبير الحضرمي-وكان فقيه الشحر في عصره-ثم علي بن عبد الله با أسد الحضرمي، وعبد الله بن أحمد با حارث من شبام، ويعرف بعبيد-تصغير عبد-ومحمد بن مسعود عرف بأبي بهير من بور. فلم يزل أبو الخير حاكم الشحر ومفتيها إلى أن ملكها المظفر يوسف بن عمر في سنة ست وسبعين وست مائة، فنصّب القاضي البهاء فيها حاكما من قضاة إبين يقال له: عمر بن محمد بن إبراهيم الكريدي-مصغر كردي-فلزم الفقيه أبو الخير بيته، فكان الكريدي يستدعي الفقيه أبا الخير في قضايا لا يليق استحضاره فيها ولا يجوز، وإذا حضر .. تسفه عليه تسفها لا يفعله إلا السّفلة فضلا عن قاض إلى قاض، وكان أهل الشحر يقولون: بينهما في الفقه والدين كما بين البهيمة والآدمي، فلما طال على الفقيه أبي الخير الفحش وسوء الأدب من القاضي الكريدي .. خرج من الشحر إلى حضرموت، فأقام بها مدة، ثم عاد إلى حجر مسكنه أولا، فلم يزل بها إلى أن توفي على رأس خمس وسبع مائة، وقبره هناك مشهور يزار ويتبرك به في قرية تعرف بالحصين-تصغير حصن-وخلفه ابن هناك اسمه: أحمد، كان

(1) «السلوك» (2/ 456)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 89)، و «تحفة الزمن» (2/ 420). (2) انظر (5/ 214). (3) انظر (5/ 359).

3590 - [أحمد بن عبد الرحمن السبتي]

فقيه الناحية وحاكمها، ثم سكن قرية ميفعة التي اختطها الشيخ الصالح أبو معبد محمد بن محمد بن معبد الدوعني. 3590 - [أحمد بن عبد الرحمن السبتي] (1) أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن يحيى الشحري السّبتي-بكسر السين-كما قاله الجندي (2). تفقه بالفقيه أبي الخير بن عبد الله بن إبراهيم بن جبر، وكان فقيها فاضلا. ولما ساءت سيرة القاضي عمر بن محمد الكريدي بالشحر وكان المظفر قد جعل شخصا من أعيان التجار يقال له: الكمال بن العسقلاني ناظرا في الشحر، وكان من أعيان الناس وفضلائهم .. فكتب ابن العسقلاني المذكور إلى قاضي القضاة محمد بن أسعد العمراني يخبره بسوء سيرة القاضي محمد بن عمر الكريدي، ويحقق أن لابن السبتي ولدا قد صار فقيها يصلح أن يكون قاضيا، والناس محبون له، ومائلون إليه، فليتصدق مولانا باستمراره قاضيا في البلاد، فأجابه القاضي إلى ذلك، فأقام حاكما في البلاد ومفتيا إلى أن توفي. ولم أتحقق تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لشيخه أبي الخير المذكور، والله سبحانه أعلم. 3591 - [محمد ابن رشيد] (3) محمد بن أبي بكر بن محمد بن رشيد، بضم الراء، وفتح الشين، وسكون المثناة تحت، ثم دال مهملة. كان فقيها صالحا متعبّدا، درّس في منصورية زبيد عند ما عزل المؤيد الفقيه أحمد بن سليمان الحكمي عن تدريسها وسائر أسبابه بسبب إفتائه ببطلان وصية الدار الشمسي، وقد قدمنا ذلك في ترجمة الفقيه أحمد بن سليمان الحكمي (4). وتوفي ابن رشيد المذكور ثاني عشر شوال سنة خمس وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 459)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 175)، و «تحفة الزمن» (2/ 424). (2) انظر «السلوك» (2/ 458). (3) «السلوك» (2/ 42)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 369)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 126)، و «تحفة الزمن» (1/ 401)، و «المدارس الإسلامية» (ص 51). (4) انظر (6/ 18).

3592 - [عيسى بن أبي بكر الحكمي]

3592 - [عيسى بن أبي بكر الحكمي] (1) عيسى بن أبي بكر الحكمي، عم الفقيه أحمد بن سليمان الحكمي. تفقه بالفقيه أبي بكر الريمي. وكان فقيها فاضلا مشهورا، من فقهاء زبيد، مرضي الديانة، محمود السيرة، امتحن آخر عمره بالعمى. وتوفي بزبيد سنة خمس وسبع مائة. 3593 - [محمد بن عبد الله الريمي] (2) محمد بن عبد الله بن سليمان بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الله. قال الخزرجي: (هكذا نسبه الجندي، ولم ينسبه إلى قبيلة ولا أب ولا حرفة) (3). كان فقيها عارفا، وربما أخذ عن ابن عمه. ودرس بتعز مدة، ثم رجع إلى بلده، وتوفي بها سنة خمس وسبع مائة. 3594 - [أبو بكر بن أحمد باعلوي] (4) أبو بكر بن أحمد بن الفقيه محمد بن علي بن محمد بن علي بن علوي باعلوي الشريف الحسيني. قال الخطيب: (كان من أجلاّء المشايخ العارفين، شاهده بعض حجاج أهل تريم بالموقف، وكان إذ ذاك ببلده تريم) (5). توفي سنة خمس وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 35)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 369)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 484)، و «تحفة الزمن» (1/ 395). (2) «السلوك» (2/ 257)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 211)، و «تحفة الزمن» (1/ 540)، و «هجر العلم» (1/ 134). (3) «طراز أعلام الزمن» (3/ 211). (4) «الجوهر الشفاف» (1/ 204)، و «المشرع الروي» (2/ 24)، و «شمس الظهيرة» (1/ 383). (5) «الجوهر الشفاف» (1/ 204).

3595 - [أحمد بن أبي بكر باعلوي]

3595 - [أحمد بن أبي بكر باعلوي] (1) أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن الفقيه محمد بن علي باعلوي. قال الخطيب: (كان عابدا صالحا، متواضعا فقيرا، مات في الطريق راجعا من الحج بموضع لا ماء فيه، فأنبع الله عينا عند قبور أهل تلك البلدة التي مات فيها حتى غسلوه منها) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لأبيه. 3596 - [محمد بن عبد الله باعلوي] (3) محمد بن عبد الله بن الفقيه محمد بن علي بن الشيخ محمد بن علي بن علوي باعلوي. قال الخطيب: (كان رحمه الله شديد الزهد، كثير الجوع، جاع مرة حتى وجد ملقى على الأرض من الجوع، فذهب بنو عمه إلى داره ليأتوا له بما يأكله، فلم يجدوا فيه شيئا، فذهبوا إلى أخته، فلم يجدوا له شيئا غير قليل ضدح (4)، فطبخوه له، ويقال: إنهم غسلوا إناء الرّهي (5)، فطبخوا غسله وسقوه إياه) (6). وذكر له الخطيب في كتابه «الجوهر» كرامات (7). ولم أقف على تاريخ وفاته، وغالب ظني أنه كان موجودا في أوائل هذه المائة، وذكرته هنا؛ تبعا لأبي بكر ابن عمه أحمد نفع الله بهم أجمعين. 3597 - [محمد الدثيني] (8) الشيخ محمد بن أبي بكر الدثيني، أصله من دثينة، وكان يسكن رباطا خارجا عن ظفار الحبوضي.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 205)، و «المشرع الروي» (2/ 47)، و «شمس الظهيرة» (1/ 384). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 205). (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 207)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 223)، و «المشرع الروي» (1/ 187). (4) الضدح: نبات حولي زراعي، ذو أوراق خضراء، يعرف بالملوخية. (5) الرهي: الحب غير اليابس، المأخوذ من الحقل مباشرة ليسحق بالمرهى، وهو الرحى. (لهجة يمنية). (6) «الجواهر الشفاف» (1/ 207). (7) انظر «الجوهر الشفاف» (1/ 207). (8) «السلوك» (2/ 218)، و «تحفة الزمن» (1/ 517).

3598 - [محمد ابن رشيد]

وله كرامات كثيرة، وكانت يده للشيخ مدافع بن أحمد المقدم ذكره (1)، ولما توفي في سنة خمس وسبع مائة .. خلفه ابنه أبو بكر بن محمد. قال الجندي: (كان مذكورا بالدين المتين والطريق المرضية إلى أن توفي، ولم أقف على تاريخ وفاته) (2). 3598 - [محمد ابن رشيد] (3) محمد بن أبي بكر بن محمد بن رشيد. كان أحد الفقهاء المعدودين، والعلماء المبرزين مع الصلاح والعبادة والزهد وحسن السيرة. توفي ثاني عشر شوال في سنة خمس وسبع مائة، وخلفه ولدان فقيهان، درّسا بعد أبيهما، ثم توفيا بعد موته بسنة. 3599 - [ضياء الدين الطوسي] (4) عبد العزيز بن محمد ضياء الدين الطوسي، شارح «الحاوي الصغير» و «المختصر» في الأصول. كان عالما عاملا فاضلا، درس وأعاد في عدة مدارس بدمشق، ومات بها في سنة ست وسبع مائة رحمه الله تعالى. مذكور في الأصل. ووقع في «تاريخ اليافعي» أنه توفي سنة ست وستين وست مائة (5)، ثم ذكر أنه توفي مصنف «الحاوي» سنة ثمان وستين بخلف (6).

(1) انظر (5/ 37). (2) «السلوك» (2/ 281). (3) تقدمت ترجمته قبل قليل (6/ 35) فانظر مصادر ترجمته هناك. (4) «الوافي بالوفيات» (18/ 556)، و «مرآة الجنان» (4/ 241)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 85)، و «البداية والنهاية» (14/ 453)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 225)، و «شذرات الذهب» (8/ 27). (5) انظر «مرآة الجنان» (4/ 166). (6) انظر «مرآة الجنان» (4/ 167).

3600 - [أحمد بن محمد باعلوي]

والصواب: أن الطوسي توفي سنة ست وسبع مائة كما قدمناه، وذكره اليافعي أيضا في هذه السنة (1). 3600 - [أحمد بن محمد باعلوي] (2) أحمد بن الفقيه محمد بن علي بن محمد بن علي بن علوي باعلوي الشريف الحسيني، أصغر أولاد أبيه. قال الخطيب: (كان رحمه الله عالما فاضلا، فصيحا شريفا، متواضعا، من أجلاء المشايخ العارفين، له كرامات باهرة، وكان يتمنى الشهادة-موتة الشهيد-فمات غريقا في سيل عظيم بقرية العجز سنة ست وسبع مائة، وقبر تحت مسجد آل أبي قشير) (3). 3601 - [محمد بن أحمد القزاز] (4) محمد بن أحمد بن أبي بكر الحراني القزاز، الشيخ الكبير. كان كثير التلاوة، شهير الزهادة. روى عن عبد الله بن النحال وجماعة، وتفرد بالرواية، وكتب عنه الذهبي. وتوفي بمكة سنة سبع-أو ست-وسبع مائة. 3602 - [تاج الدين ابن حنّا] (5) الصاحب تاج الدين محمد بن الصاحب فخر الدين محمد بن الوزير بهاء الدين علي بن محمد بن حنّا. حدث عن سبط السّلفي.

(1) انظر «مرآة الجنان» (4/ 241). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 128)، و «تاريخ شنبل» (ص 112)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 525)، و «المشرع الروي» (2/ 84). (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 128). (4) «ذيل العبر» للذهبي (ص 37)، و «مرآة الجنان» (4/ 242). (5) «معجم الشيوخ» (2/ 275)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 217)، و «مرآة الجنان» (4/ 242)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 228)، و «شذرات الذهب» (8/ 28)، و «الأعلام» (7/ 32).

3603 - [ابن مطرف الأندلسي]

وكان محتشما وسيما، شاعرا متمولا، من رجال الكمال. توفي بمصر سنة سبع وسبع مائة. 3603 - [ابن مطرف الأندلسي] (1) أبو عبد الله محمد بن حجاج بن إبراهيم الحضرمي الإشبيلي، المعروف بابن مطرف الأندلسي، الإمام القدوة الكبير، العارف بالله الشهير. كان يطوف في اليوم والليلة خمسين أسبوعا. ومن كراماته ما حكي عنه أنه قال للشيخ أبي محمد البسكري وقد جاء إلى الشيخ ابن مطرف المذكور يستودعه فقال له: بلغني أن الفقير ما فيه ماء، وستلقون شدة، ثم تغاثون، فلما بلغوا الفقير .. وجدوه كما ذكر فقيرا من الماء، وتقدموا إلى طرف البرامين، واشتد عليهم الحر، ولم يكن معهم من الماء إلا شيء يسير، فذهب أحدهم ليشرب، فقال له الشيخ أبو محمد: إن شربت منه .. تلفت، ولكن بل حلقك، ثم قاسوا شدة الحر والعطش، ولم يجدوا ما يستظلون به، وإذا بسحابة بدت لنا من بعض الآفاق، ولم تزل ترتفع حتى استوت فوق رءوسنا، ثم صبت علينا حتى سال ما حولنا، فشربوا واغتسلوا وتوضئوا، واستقوا ما شاءوا، ثم مشوا خطوات، فلم يجدوا للمطر شيئا من الأثر. توفي ابن مطرف المذكور بمكة في رمضان سنة سبع وسبع مائة عن نيف وتسعين سنة (2)، وحمل نعشه صاحب مكة حميضة بن أبي نمي. 3604 - [محمد بن الزبير الجيشي] (3) محمد بن الزبير بن محمد بن الزبير الجيشي. تفقه بعمه سليمان بن محمد بن الزبير، وأخذ عنه الفقه والأدب.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 242)، و «العقد الثمين» (1/ 452)، و «غربال الزمان» (ص 579)، و «شذرات الذهب» (8/ 30). (2) صوب العلامة تقي الدين الفاسي في «العقد الثمين» (1/ 453) أنه توفي سنة (706 هـ‍). (3) «السلوك» (2/ 321)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 178)، و «تحفة الزمن» (2/ 102)، و «هجر العلم» (4/ 1980).

3605 - [طلحة بن الزبير الجيشي]

وكان فقيها فاضلا، عارفا، ولي قضاء لاعة وخطابتها، ويقول شعرا حسنا، وله قصائد تدل على فضله وجودة معرفته. وتوفي لبضع وست مائة، كذا في «الخزرجي» (1)، وهو وهم لا شك فيه؛ فإنه يذكر في ترجمة عمه سليمان أنه لما توفي .. رثاه ابن أخيه محمد بن الزبير (2)، فالصواب أن وفاته لبضع وسبع مائة. ومن شعره قوله في مديح رسول الله صلّى الله عليه وسلم من قصيدة: [من الكامل] إن كنت ترغب أن تنال مناكا … ويفيض من خير الزمان نداكا فامدح رسول الله تحظ بمدحه … يوم الحساب ويستبين هداكا ومنه قوله في مرثاة عمه سليمان: [من الطويل] خليلي أما الصبر فهو بنا أحرى … ولكننا والله لا نملك الصبرا وكيف نطيق الصبر أو نملك الحجى … وشمس الضحى والدين قد أودع القبرا وكان ولده أحمد فقيها ذا فضل ودين، وعاش إلى سنة إحدى وعشرين وسبع مائة. 3605 - [طلحة بن الزبير الجيشي] (3) طلحة بن الزبير بن محمد بن الزبير. تفقه بعمه سليمان بن محمد بن الزبير، وغلبت عليه العبادة، وكان مشهورا بالصلاح. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لأخيه محمد بن الزبير. 3606 - [رشيد الدين المقرئ] (4) محمد ابن أبي القاسم المقرئ الإمام رشيد الدين، شيخ المستنصرية. روى عن جماعة وتفرد، وشارك في الفضائل واشتهر. ومات ببغداد سنة سبع وسبع مائة.

(1) انظر «طراز أعلام الزمن» (3/ 178). (2) انظر «طراز أعلام الزمن» (2/ 492). (3) «السلوك» (2/ 321)، و «تحفة الزمن» (2/ 102)، و «هجر العلم» (4/ 1980). (4) «معجم الشيوخ» (2/ 204)، و «دول الإسلام» (2/ 240)، و «مرآة الجنان» (4/ 243)، و «شذرات الذهب» (8/ 29).

3607 - [عبد الكافي العبيدي]

3607 - [عبد الكافي العبيدي] (1) عبد الكافي العبيدي شمس الدين، شيخ الشافعية. مات بتبريز سنة سبع وسبع مائة وقد أسن، وخلّف كتبا تساوي ستين ألفا. 3608 - [محمد بن أبي العزّ] (2) محمد بن أبي العز بن شرف بن بيان الأنصاري شهاب الدين (3)، مسند دمشق، شيخ الرواية بالدار الأشرفية. حدث عن ابن الزبيدي، والناصح، وابن صباح وغيرهم، وتفرد واشتهر. وتوفي بدمشق سنة سبع وسبع مائة عن ثمان وثمانين سنة. 3609 - [ربيع اللخمي] (4) ربيع بن أبي القاسم اللخمي الدمشقي الأعرج جمال الدين أبو الزهراء. أنشد لنفسه سنة سبع وسبع مائة: [من المجتث] إذا أردت ثناء … يبقى على طول دهرك فاقنع ولاق ببشر … واصبر وقف عند قدرك 3610 - [أحمد بن عبد الدائم الميموني] (5) أحمد بن عبد الدائم بن علي أبو العباس الميموني.

(1) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 296)، و «مرآة الجنان» (4/ 243). (2) «معجم الشيوخ» (2/ 322)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 296)، و «مرآة الجنان» (4/ 243)، و «الدرر الكامنة» (4/ 49)، و «غربال الزمان» (ص 580)، و «شذرات الذهب» (8/ 30). (3) كذا في «معجم الشيوخ» (2/ 322)، وفي باقي المصادر: (مشرف بن بيان). (4) لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا. (5) «السلوك» (2/ 124)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 375)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 92)، و «تحفة الزمن» (1/ 452)، و «المدارس الإسلامية» (ص 33).

3611 - [أحمد بن عبد الله الجبرتي]

ولد سنة أربعين وست مائة. وتفقه في بدايته بفقهاء تعز كابن البانة، وأبي بكر العراف وغيرهما، ثم ارتحل إلى تهامة، فأخذ عن الفقيه إسماعيل الحضرمي، وأخذ الحديث عن الفقيه أحمد بن علي السرددي، والفقيه إسحاق الطبري وغيرهما. وعنه أخذ البهاء الجندي وغيره. وكان يعلم العادل بن الأشرف، فلما ابتنى الأشرف مدرسته التي بالمغربة .. جعله مدرسها، وهي من أضعف المدارس وقفا، وكان الأشرف يتفقده ولا يغفل عنه، فأشير عليه بعد موت الأشرف بالانتقال إلى غيرها من المدارس التي لها وقف حامل، فقال: لا أغير صحبة الأشرف حيا وميتا. وإليه انتهت رئاسة الفتوى بتعز. وتوفي فجأة لثمان بقين من صفر سنة سبع وسبع مائة. 3611 - [أحمد بن عبد الله الجبرتي] (1) أحمد بن عبد الله الجبرتي، نسبة إلى جبرة، قرية من بلاد السودان. تفقه بالفقيه محمد بن أبي بكر الأصبحي، ثم بتلميذه الإمام علي بن أحمد الأصبحي. وكان فقيها فاضلا عالما، ناسكا متدينا. ثم قدم الذنبتين، فأقام بها إلى أن توفي سنة سبع وسبع مائة. 3612 - [أحمد بن علي الظفاري] (2) أحمد بن علي الظفاري. كان فقيها جيدا فاضلا، حافظا للقرآن، حسن السيرة. قدم من ظفار الحبوضي قاصدا الحج، فحصل بينه وبين الفقيه أبي بكر بن محمد اليحيوي

(1) «السلوك» (2/ 83)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 374)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 97)، و «تحفة الزمن» (1/ 430)، و «هجر العلم» (2/ 720). (2) «السلوك» (2/ 145)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 123)، و «تحفة الزمن» (1/ 467).

3613 - [الخضر بن عبد الله الحيي]

ألفة ومحبة عظيمة، فأقام عنده، وعلم ولده محمدا، وهو الذي صار إليه القضاء الأكبر ببركته، فلما دنت وفاة الفقيه أبي بكر بن محمد .. أسند إليه وصيته، وجعله خليفته على كره من إخوة الفقيه أبي بكر، وسعى جماعة في قتله وإهانته بالضرب، فلم يساعدهم السلطان؛ لما تقرر عنده من فضله وصلاحه مما سمعه من ثناء الفقيه أبي بكر عليه. ولما صادر السلطان القاضي محمد بن أبي بكر بن محمد وسجنه .. أقام في السجن نحو سنة، ولم يتغير حال على نفقة أولاد الفقيه أبي بكر بن محمد؛ لقيام المذكور بهم، وحفظه للوصية بهم، وسعى في إطلاق القاضي محمد بن أبي بكر من السجن، ولم يزل يلاطف السلطان له ويستعفيه حتى عفا عنه وأطلقه. ولم يزل الفقيه أحمد على الحال المرضي إلى أن توفي بعد سنة سبع وسبع مائة. 3613 - [الخضر بن عبد الله الحيي] (1) الخضر بن عبد الله بن محمد بن مسعود بن محمد الحيّي، نسبة إلى بطن من خولان يقال لهم: بنو حيّ، بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثناة تحت. تفقه المذكور بأحمد بن حسين الحكمي، وأخذ عن محمد بن عمرو بن علي التباعي، وكان فقيها فاضلا مشهورا. وتوفي سنة سبع وسبع مائة. 3614 - [الخضر وعمران ابنا محمد بن سعيد] (2) الخضر بن محمد بن سعيد، من قوم يقال لهم: الأهزون. تفقه المذكور بمصنعة سير على الفقيه محمد بن أبي بكر الأصبحي، وكان فقيها ورعا. توفي في شوال سنة سبع وسبع مائة. وكان له أخ اسمه: عمران، كان فقيها مرضيا، عارفا ورعا، تفقه بمحمد بن

(1) «السلوك» (2/ 346)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 376)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 390)، و «تحفة الزمن» (1/ 175)، و «هجر العلم» (1/ 45). (2) «السلوك» (2/ 265)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 193)، و «تحفة الزمن» (1/ 544).

3615 - [ابن سرداب]

أبي بكر الأصبحي أيضا، ولم أقف على تاريخ وفاته. وتقدم ذكر أبيهما في آخر المائة السابعة (1). 3615 - [ابن سرداب] (2) علي بن إبراهيم المعروف بابن سرداب. تفقه بمحمد بن عمرو بن علي التباعي، وبالخضر بن عبد الله بن محمد. وكان فقيها فاضلا عارفا، يسكن أبيات حسين، ودرس في جامعها. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة شيخه الخضر بن عبد الله. 3616 - [صالح بن أحمد المأربي] (3) صالح بن أحمد بن محمد بن يوسف بن إبراهيم بن حسين بن حماد بن أبي الخل المأربي -بالراء، والموحدة-نسبة إلى مأرب، الصقع المعروف الذي فيه السد المشهور. تفقه المذكور بالفقيه عمرو بن علي التباعي. وكان عالما عاملا، لا يمل الصلاة ليلا ولا نهارا، حتى كان يقول لدرسته: لا تأتوني إلا في وقت كراهة الصلاة. يقال: إن راتبه كل يوم ألف ركعة، وعمي آخر عمره، فكان يعرف الداخل عليه قبل أن يتكلم. وتوفي سنة سبع وسبع مائة بعد أن جاوز سبعين سنة. وكان له من الولد أحمد ومحمد وإبراهيم: فأما محمد .. فغلبت عليه العبادة بعد أن تفقه تفقها حسنا، وعلقه دين كثير، طلع بسببه إلى الجبل، فتوفي في ذي عقيب من مخلاف جعفر، وقبر بالقرب من قبر الفقيه عمر بن سعيد، وأما إبراهيم .. فتفقه، وتوفي شابا ابن

(1) انظر (5/ 515). (2) «السلوك» (2/ 347)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 212)، و «تحفة الزمن» (2/ 176)، و «هجر العلم» (1/ 42)، و «المدارس الإسلامية» (ص 172). (3) «السلوك» (2/ 336)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 376)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 6)، و «تحفة الزمن» (2/ 133)، و «طبقات الخواص» (ص 156).

3617 - [عبد الرحمن بن الجنيد]

خمس وعشرين سنة في حياة أبيه في سنة خمس وسبع مائة، وأما أحمد بن صالح .. فكان له ولد اسمه: محمد، تفقه بمحمد بن عبد الرحمن، كان فقيها مجتهدا، مشهورا في عصره، ولم أقف على تاريخ وفاته. 3617 - [عبد الرحمن بن الجنيد] (1) عبد الرحمن بن الجنيد بن الفقيه عبد الرحمن ابن زكريا. ولد سنة ثلاث وستين وست مائة. وتفقه بعلي بن إبراهيم البجلي. وتوفي سنة سبع-أو ثمان-وسبع مائة. 3618 - [عبد النبي بن منصور] (2) عبد النبي بن منصور بن عمر بن أسعد، أصله من الصّفة-بكسر الصاد المهملة، وفتح الفاء، ثم هاء-عزلة من جبال عنّة-بفتح العين المهملة والنون المشددة، ثم هاء-جبال معروفة قبلي الجند. كان المذكور فقيها فاضلا، عارفا كاملا، كريم النفس، عالي الهمة. درس بذي جبلة مدة إلى أن توفي في شهر رمضان لبضع وسبع مائة. 3619 - [عبد الرحمن بن محمد الخولاني] (3) عبد الرحمن بن محمد بن سالم أبو عقبة الخولاني الهجراني. كان زميلا للفقيهين ابن الرنبول، وأبي الخير الشماخي. وتوفي لبضع وسبع مائة.

(1) «السلوك» (1/ 412)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 51)، و «تحفة الزمن» (1/ 336)، و «هجر العلم» (2/ 1145). (2) «السلوك» (2/ 180)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 178)، و «تحفة الزمن» (1/ 493). (3) «السلوك» (2/ 461)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 185)، و «تحفة الزمن» (1/ 426).

3620 - [علي بن عثمان الأشنهي]

وخلف ولدين فقيهين، وهما: أحمد وأبو بكر، وكان أبو بكر حاكم الهجرين، ويشتغل بقيد الأوابد، كذا في «الجندي». (1) 3620 - [علي بن عثمان الأشنهي] (2) علي بن عثمان الأشنهي، بشين معجمة ساكنة. كان فقيها فاضلا، دخل اليمن من طريق الحجاز، وأقام بسيفيّة تعز أياما، وأخذ عنه بها جماعة من الفقهاء «الحاوي الصغير» وغيره، ورتّب مدرسا في مظفرية تعز. ويروى أنه كان معيدا، وقيل: مدرسا في نظامية بغداد. قال الجندي: (قدمت عليه وهو مقيم في السيفيّة يقرئ الناس كتاب «الحاوي الصغير»، وأما كتب الشيخ أبي إسحاق، وكتب الإمام الغزالي التي أهل اليمن عاكفون عليها .. فلا يكاد يعرفها، ثم إنه رجع إلى بلده من طريق عدن سنة سبع وسبع مائة. قال الجندي: وبلغنا أن المركب الذي سافر فيه غرق) (3). 3621 - [عمر بن محمد الصهباني] (4) عمر بن محمد بن سليمان بن حميد الصهباني. قال الجندي: (أصله من ناحية المسواد من موضع يعرف بالعرمة، بفتح العين المهملة، وسكون الراء، وفتح الميم، ثم هاء تأنيث. ابتنى والده أو جده مدرسة جيدة في موضعه، وكان يستدعي الفقهاء يدرسون بها، وكان عمر المذكور يقرأ عليهم حتى تفقه، ثم صار يحسدهم وينكد عليهم لينفرهم ويستولي عليها، فيقال: إنه أفحش على رجل منهم يقال له: أبو بكر بن غازي، ففارقها الفقيه، ودعا عليه، فلم يفلح، فاستولى على المدرسة بعد الفقيه أبي بكر أياما، ثم أوقع الله الشر

(1) انظر «السلوك» (2/ 461). (2) «السلوك» (2/ 144)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 375)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 308)، و «تحفة الزمن» (1/ 466)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 153)، و «المدارس الإسلامية» (ص 13). (3) «السلوك» (2/ 144). (4) «السلوك» (2/ 256)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 448)، و «تحفة الزمن» (1/ 539)، و «المدارس الإسلامية» (ص 215).

3622 - [الفارس محمد بن أحمد]

بينه وبين أهله، فنفر منهم؛ تخشيا من القتل، وصار إلى قرية الجبابي، ودرس في مدرسة أسد الدين، ثم انتقل إلى بني ناجي، ودرس معهم في قرية المخادر، فلما أقام المؤيد بني محمد بن عمر في القضاء والوزارة .. جعلوه بنجمية ذي جبلة، وصار شيخ بلده، يركب وبين يديه الشفاليت والسلاح كعادة أهله (1)، فحبس بعض أهله الذي كان خائفا منهم، وأخاف بعضا، فما أصدق المتنبي حيث يقول: [من الكامل] والظلم من شيم النفوس فإن تجد … ذا عفّة فلعلّة لا يظلم (2) ولم يزل كذلك حتى توفي لبضع وسبع مائة) (3). 3622 - [الفارس محمد بن أحمد] (4) محمد بن أحمد بن خضر بن يونس بن الحسام الملقب: بدر الدين، أمه زهراء بنت الأمير بدر الدين حسن بن علي بن رسول. كان فارسا شجاعا، مطالعا لكتب التواريخ، عارفا بأيام الناس، سليم الصدر. لما قدم جده بدر الدين من مصر .. تقدم للقائه، ثم لزم معه، فلما سجن جده بدر الدين .. سجن محمد المذكور بعدن، ثم أعيد إلى سجن جده بتعز، فلم يزل مسجونا في دار الأدب بتعز إلى أن مات جده وخاله ومن كان مسجونا [منهما]، ثم أخرج من السجن، وسكن داره المعروف بالمنظر إلى أن توفي في النصف من شعبان تقريبا من سنة سبع وسبع مائة. وخلف ولدين: هما خليل وعثمان، فتوفي عثمان بصنعاء، وعاش خليل بعده مدة، وكان على طريقة أبيه من مطالعة الكتب ومعرفة أيام الناس وأخبارهم مع دين وخير. ولم أقف على تاريخ وفاتهما.

(1) الشفاليت: طائفة من المقاتلين، لهم زي خاص يعرفون به، وكانوا في العهد العثماني يخدمون في المعسكرات لقاء أجر محدد من خزينة الدولة. (2) «ديوان المتنبي» بشرح العكبري (4/ 125). (3) «السلوك» (2/ 255). (4) «السلوك» (2/ 563)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 79)، و «تحفة الزمن» (1/ 495)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 197).

3623 - [عمر بن سعيد الحرازي]

3623 - [عمر بن سعيد الحرازي] (1) عمر بن سعيد بن أسعد بن علي، الحرازي نسبا. خدم الأشرف بن المظفر سنين، ثم صحب الفقيه أبا بكر بن محمد بن عمر اليحيوي وشغف به، فترك الخدمة، وتزهد وتعبد حتى صار له ذكر مستفيض، ثم سلك طريق العامة من الزراعة وغيرها إلى أن توفي (2). 3624 - [عثمان الحلبوني] (3) عثمان الحلبوني الشيخ الكبير القدوة. كان ذا كشف وتوجّه وجدّ، ترك الخبز سنين. ومات بالصعيد، فطلع النائب والقضاة إلى جنازته، وذلك في سنة ثمان وسبع مائة. 3625 - [فاطمة بنت سليمان] (4) أم عبد الله فاطمة بنت سليمان بن عبد الكريم الأنصاري المعمّرة. لها إجازة من جماعة، وسمعت المسلّم المازني، وكريمة، وابن رواحة، روت الكثير. وكانت صالحة، ولم تتزوج. توفيت بدمشق سنة ثمان وسبع مائة عن قريب تسعين سنة.

(1) «السلوك» (2/ 90)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 217)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 471)، و «تحفة الزمن» (1/ 434)، و «هجر العلم» (2/ 952). (2) في «السلوك» (2/ 90): (إلى أن توفي نهار الأحد لعشر بقين من جمادى الأولى سنة سبع وسبع مائة). (3) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 297)، و «مرآة الجنان» (4/ 244)، و «البداية والنهاية» (14/ 458)، و «الدرر الكامنة» (2/ 442)، و «شذرات الذهب» (8/ 32). (4) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 297)، و «مرآة الجنان» (4/ 244)، و «الدرر الكامنة» (2/ 222)، و «شذرات الذهب» (8/ 32).

3626 - [الملك المسعود بن الملك الظاهر]

3626 - [الملك المسعود بن الملك الظاهر] (1) الملك المسعود نجم الدين خضر بن الملك الظاهر. مات فجأة في أول الكهولة في رجب سنة ثمان وسبع مائة. 3627 - [ظهير الدين ابن منعة] (2) محمد بن عبد الله بن منعة البغدادي ظهير الدين، شيخ الحرم. جاور بمكة أربعين سنة، وحدث عن الشرف المرسي. وتوفي بمكة سنة ثمان وسبع مائة (3). 3628 - [ابن سامة الطائي] (4) محمد بن عبد الرحمن بن سامة الطائي الحافظ مفيد مصر شمس الدين. توفي بالمهجم من اليمن (5) سنة ثمان وسبع مائة. 3629 - [ابن الموازيني] (6) أبو جعفر محمد بن علي السلمي العباسي الدمشقي، مسند الشام. كان متزهدا، حج مرارا، وجاور.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 244)، و «السلوك» (ج /2 ق 51/ 2)، و «الدرر الكامنة» (2/ 83). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 43)، و «مرآة الجنان» (4/ 244)، و «البداية والنهاية» (14/ 459)، و «العقد الثمين» (2/ 75)، و «غربال الزمان» (ص 580)، و «شذرات الذهب» (8/ 32). (3) في مصادر الترجمة: (توفي بالمهجم من اليمن)، وفي «البداية والنهاية» (14/ 459) ما يوهم أن وفاته كانت بمكة. (4) «معجم الشيوخ» (2/ 209)، و «ذيل العبر» للذهبي (ص 43)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 238)، و «مرآة الجنان» (4/ 245)، و «الدرر الكامنة» (3/ 497)، و «شذرات الذهب» (8/ 33). (5) في «معجم الشيوخ» (2/ 209) و «الدرر الكامنة» (3/ 498): (مات بالقاهرة)، وفي «شذرات الذهب» (8/ 33): (ودفن بالقرافة)، ولم أجد من ذكر وفاته بالمهجم، والغالب أنه سبق نظر؛ لأن المهجم هي مكان وفاة صاحب الترجمة التي قبل هذه، فليتنبه! ! . (6) «معجم الشيوخ» (2/ 237)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 297)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 213)، و «مرآة الزمان» (4/ 245)، و «الدرر الكامنة» (4/ 63)، و «شذرات الذهب» (8/ 34).

3630 - [محمد بن عبد الله اليعلوي]

وتفرد عن أبي القاسم ابن صصرى، والبهاء عبد الرحمن، ورحل إليه. توفي بدمشق سنة ثمان وسبع مائة عن أربع وتسعين سنة. 3630 - [محمد بن عبد الله اليعلوي] (1) محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن زاكي المقرئ اليعلوي، نسبة إلى عرب يعرفون ببني يعلى. كان عارفا بالقراءات السبع، مباركا صالحا. أخذ عنه المقرئ محمد بن علي الحرازي وغيره، وقصد من الأماكن البعيدة، وانتفع به الناس انتفاعا عظيما. يقال: إنه كان يقرئ الجن أيضا، ومسكنه قرية أسخن بفتح الهمزة والخاء المعجمة بينهما سين مهملة ساكنة، ثم نون آخره. وله مصنفات عديدة مفيدة. وتوفي سنة ثمان وسبع مائة. 3631 - [القاضي حسان بن أسعد] (2) القاضي أبو محمد حسان بن أسعد بن محمد بن موسى العمراني. أوحد الرجال المعدودين فضلا وعقلا، ورئاسة ونبلا، وكان وجيها نبيها، كاملا فقيها. ولما استخلف المظفر يوسف بن عمر ابنه الأشرف عمر بن يوسف على قطر اليمن وذلك في جمادى الآخرة من سنة أربع وتسعين وست مائة .. جعل القاضي حسان المذكور وزيرا له، فأقام في الوزارة بقية أيام المظفر ومدة الأشرف. فلما ولي المؤيد داود بن يوسف مملكة اليمن بعد موت أخيه الأشرف .. فصل القاضي

(1) «السلوك» (2/ 302)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 384)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 208)، و «تحفة الزمن» (1/ 570)، و «هجر العلم» (1/ 112). (2) «السلوك» (1/ 426)، و «العطايا السنية» (ص 307)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 18)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 310)، و «تحفة الزمن» (1/ 350)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 48)، و «هجر العلم» (4/ 2074).

3632 - [أحمد بن علي الخطيب]

حسان عن الوزارة، واستوزر القاضي موفق الدين علي بن محمد اليحيوي، وأمر بني عمران جميعا أن يسكنوا سهفنة على الإعزاز والإكرام، ثم نقل عنهم إلى المؤيد أمور-الله أعلم بصحتها-غيّرت عليهم باطن السلطان وظاهره، فصودر القاضي حسان المذكور مصادرة شديدة، وضرب هو وابن أخيه عمران بن عبد الله بن أسعد ضربا مبرحا، ثم قيد القاضي حسان وابناه، فأمر بهم إلى عدن، وسجنوا بها في سجن ضيق جدا قد أعده لهم، فأقاموا فيه ثلاث سنين وأربعة أشهر. ثم توفي القاضي حسان في أوائل سنة ثمان وسبع مائة، وقبر في مقبرة ابن أبي الباطل رحمه الله. 3632 - [أحمد بن علي الخطيب] (1) أحمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن إبراهيم الخطيب الحضرمي التريمي، تقدم ذكر أبيه في سنة ثلاث وسبع مائة (2). قال في كتاب «الجوهر الشفاف»: (كان من أصحاب الأحوال الفاخرة، والكرامات الظاهرة، والمقامات العلية، والمعارف السنية، وكان مجاب الدعوة) (3). وذكر له في الكتاب كرامات كثيرة (4). ولد بتريم لست خلت من جمادى الأولى سنة ست وسبعين وست مائة، وتوفي بها لعشرين من شوال سنة ثمان وسبع مائة. قال رحمه الله: كل من كان من الجن ساكنا في بيت من بيوت المسلمين .. فإن سيماهم كسيما أهل ذلك البيت إن كان خيرا أو غيره، والله أعلم. 3633 - [خديجة بنت عمر] (5) أم عمر خديجة بنت عمر بن أحمد الجليلة.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 212). (2) انظر (6/ 27). (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 224). (4) انظر «الجوهر الشفاف» (212/ 1 - 224). (5) «معجم الشيوخ» (1/ 231)، و «مرآة الجنان» (4/ 245)، و «شذرات الذهب» (8/ 31).

3634 - [ابن الزبير المقرئ]

روت عن الركن إبراهيم الحنفي. وماتت بحماة سنة ثمان وسبع مائة في عشر التسعين. 3634 - [ابن الزبير المقرئ] (1) أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي، الحافظ العالم، المقرئ النحوي، ذو العلوم. مات بغرناطة سنة ثمان وسبع مائة. 3635 - [ابن عطاء الله الإسكندراني] (2) الشيخ الكبير الشهير تاج الدين أحمد بن محمد ابن عطاء الله الشاذلي الإسكندراني، صاحب الشيخ أبي العباس المرسي. كان فقيها عالما، ينكر على الصوفية، ثم جذبته العناية، فصحب أبا العباس المرسي، وانتفع به، وفتح له على يديه، ومن أراد الاطلاع على فضائله وفضائل شيخه وشيخ شيخه أبي الحسن الشاذلي .. فليطالع كتابه الموسوم ب‍: «لطائف المنن». وله نظم جيد ومنه: [من الطويل] وكنت قديما أطلب الوصل منهم … فلما أتاني الحلم وارتفع الجهل تبينت أن العبد لا طلب له … فإن قربوا فضل وإن بعدوا عدل وإن أظهروا لم يظهروا غير وصفهم … وإن ستروا فالستر من أجلهم يحلو توفي بمصر سنة تسع وسبع مائة.

(1) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 297)، و «مرآة الجنان» (4/ 245)، و «الدرر الكامنة» (1/ 84)، و «المنهل الصافي» (1/ 212)، و «بغية الوعاة» (1/ 291)، و «شذرات الذهب» (8/ 31). (2) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 297)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 57)، و «مرآة الجنان» (4/ 246)، و «الديباج المذهب» (1/ 211)، و «الدرر الكامنة» (1/ 273)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 280)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (3/ 8)، و «شذرات الذهب» (8/ 36).

3636 - [أبو العباس الزانكي]

3636 - [أبو العباس الزانكي] (1) أحمد بن أبي طالب الحمامي البغدادي الزانكي المعمّر الصالح أبو العباس المسند. مات بمكة سنة تسع وسبع مائة عن بضع وثمانين سنة. 3637 - [شهدة العقيلية] (2) شهدة بنت الصاحب كمال الدين عمر بن العديم العقيلي. ولدت يوم عاشوراء. ولها حضور وإجازة من جماعة من الشيوخ، وكانت تكتب وتحفظ أشياء، وتتزهد وتتعبد. ذكر الذهبي أنه سمع منها (3)، وعمرت دهرا. توفيت بحلب سنة تسع وسبع مائة. 3638 - [أبو إسحاق المخرمي] (4) أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الحسن بن صدقة المخرمي المقرئ المعمّر. مات بدمشق سنة تسع وسبع مائة. 3639 - [أبو سليمان الجبرتي] (5) داود بن إبراهيم أبو سليمان الجبرتي الزيلعي، نسبة إلى زيلع المعروفة ببرّ العجم.

(1) «معجم الشيوخ» (1/ 117)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 297)، و «مرآة الزمان» (4/ 247)، و «العقد الثمين» (3/ 49)، و «الدرر الكامنة» (1/ 142)، و «شذرات الذهب» (8/ 36). (2) «معجم الشيوخ» (1/ 300)، و «مرآة الجنان» (4/ 247)، و «الدرر الكامنة» (2/ 195)، و «شذرات الذهب» (8/ 38). (3) انظر «معجم الشيوخ» (1/ 301). (4) «معجم الشيوخ» (1/ 132)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 297)، و «مرآة الجنان» (4/ 247)، و «الدرر الكامنة» (1/ 23)، و «شذرات الذهب» (8/ 36). (5) «السلوك» (2/ 126)، و «العطايا السنية» (ص 307)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 395)، و «تحفة الزمن» (1/ 454)، و «طبقات الخواص» (ص 133)، و «المدارس الإسلامية» (ص 153).

3640 - [عثمان بن يحيى المليكي]

تفقه المذكور بفقهاء ذي جبلة ونواحيها، ودرس بشمسية تعز. وكان فقيها صالحا، خيرا دينا ورعا، متمسكا بالأثر، محميا عن الشبهات. يحكى أنه كان يقرأ بعرشان على القاضي أحمد بن عبد الله، وكان مع القاضي راع يرعى له غنما وفيها كبش مربّى سمين، فأصابه مرض ومات في الحال، فلم يهن ذلك على الراعي، فذبحه بعد أن مات، وحمله إلى بيت القاضي مذبوحا وقال: إنه أصابه مرض، فخشيت أن يموت، فاستدركته، فحملوا كلامه على الصدق، فطبخوه، وعملوا منه عشاء للقاضي ومن معه، فلما حضر الفقيه داود مع جماعة القاضي للعشاء ورأى الطعام .. كرهه، فلازمه القاضي على الأكل منه، فأكل لقمة حياء من القاضي، فلما وضع اللقمة في فيه .. ضرب عليه ضرسه، فأخرج اللقمة من فيه وقام، فاستدعى الراعي واستخبره وحلفه، فأخبره بحقيقة الأمر، فعلم أنّ الله تعالى حماه. وكان مبارك التدريس، ما قرأ عليه أحد إلا انتفع بالقراءة عليه نفعا ظاهرا، وكان مجاب الدعوة. توفي على الحال المرضي في صفر سنة تسع وسبع مائة. 3640 - [عثمان بن يحيى المليكي] (1) عثمان بن يحيى بن عثمان بن يحيى بن الفقيه فضل. كان فقيها عارفا، خيرا متأدبا، له شعر حسن، ومنه قوله في معرفة أولي العزم من الرسل: [من الطويل] أولو العزم فاحفظهم لعلك ترشد … فنوح وإبراهيم هود محمد هكذا في «الخزرجي» جعلهم أربعة، وجعل هودا منهم (2)، والمعروف أن أولي العزم خمسة، وأن هودا ليس منهم (3)

(1) «السلوك» (2/ 432)، و «العطايا السنية» (ص 438)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 390)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 198)، و «تحفة الزمن» (1/ 355)، و «هجر العلم» (2/ 1964). (2) انظر «العقود اللؤلؤية» (1/ 390)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 198). (3) أولو العزم من المرسلين خمس: إبراهيم وموسى وعيسى ونوح ومحمد عليهم الصلاة والسلام. أولو العزم من المرسلين خمس تعد نوح ابراهيم موسى وعيسى محمد

3641 - [إسماعيل ابن ثمامة]

، وقد جمعتهم مع أهل الكساء في قولي: [من الطويل] أولو العزم إبراهيم ثم المكلّم … وعيسى ونوح والنبي المعظم وعدتهم خمس كعدة ذي الكسا … وهم حسن ثم الحسين المكرم وجدهم مع والديهم بحقهم … سألتك يا من بالبرية أرحم تحطني من الآفات في الدين والدنا … وتغفر لي ذنبا به أنت أعلم والفقيه عثمان هو الذي خمّس مديح ابن حمير الذي أوله: [من الكامل] يا من لعين قد أضر بها السهر … [وأضالع حدب طوين على الشرر] فقال في صدر البيت: قلبي المعنّى صار حلفا للفكر … وكذاك سمعي خانني ثم البصر ودموع عيني في المحاجر كالمطر … يا من لعين قد أضر بها السهر وأضالع حدب طوين على الشرر وتوفي مبروقا يوم الجمعة حادي عشر ذي الحجة من سنة تسع وسبع مائة عن ست وثلاثين سنة، وقبر بالمحيب-بكسر الميم، وسكون الحاء المهملة، وفتح المثناة تحت، وآخره موحدة-قرية قبالة الملحمة، أول من سكنها الفقيه عثمان بن يحيى بن الفقيه فضل، جد المذكور هنا. 3641 - [إسماعيل ابن ثمامة] (1) إسماعيل بن الفقيه علي بن محمد بن أحمد بن نجاح المعروف بابن ثمامة، تقدم ذكر أبيه في العشرين قبل هذه (2). وإسماعيل هذا أحد الاثنين اللذين رزقهما الفقيه علي من بيت الفقيه إسماعيل الحضرمي.

(1) «السلوك» (2/ 42)، و «العطايا السنية» (ص 265)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 392)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 332)، و «تحفة الزمن» (1/ 402)، و «هجر العلم» (2/ 1194)، و «المدارس الإسلامية» (ص 97). (2) انظر (5/ 445).

3642 - [علي بن علوي باعلوي]

كان المذكور فقيها عارفا، محققا، كريم النفس، عالي الهمة. توفي في جمادى الأولى من سنة تسع وسبع مائة، درس بنظامية زبيد موضع أبيه. 3642 - [علي بن علوي باعلوي] (1) علي بن علوي بن الفقيه محمد بن علي بن محمد بن علي بن علوي باعلوي. قال الخطيب: (كان من أجلاء المشايخ وأكابر الصفوة المقربين) (2)، وذكر له كرامات. توفي لتسعة عشر من رجب سنة تسع وسبع مائة. وقال الشيخ علي بن أبي بكر: (كان لعلي بن علوي المذكور في الحقائق والمعارف قدم راسخ، أدرك جده الفقيه محمد بن علي وهو في سن التمييز، ولبس الخرقة من والده، وحج وزار، فلبس الخرقة منه خلق كثير بحضرموت واليمن ومكة والمدينة وغيرها. قال: وكان أكبر من أخيه عبد الله سنا وحالا، وعلما وعرفانا) اه‍ (3) 3643 - [الأمير طغريل المؤيدي] (4) الأمير الكبير أبو علي طغريل بن عبد الله التركي المؤيدي الملقب سيف الدين، أحد مماليك المؤيد داود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول. ولما تحقق المؤيد نجابته، وعرف شهامته وبسالته .. أقطعه وادي لحج، فأوقع في الجحافل والعجالم، وقتل منهم نحو أربعين، ثم أوقع بهم وقعة أخرى في الدعيس، فقتل منهم نحو سبعين، فانقمعت مادة أهل الفساد، ثم فصله عنها، وأقطعه صنعاء، ثم فصله عنها، وأقطعه أبين، ثم فصله عنها، وأقطعه صنعاء مرة ثانية، ثم فصله عنها، وأقطعه ذمار، فأقام بها إلى أن قتله أكراد ذمار في ذي القعدة سنة تسع وسبع مائة.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 151)، و «البرقة المشيقة» (ص 58)، و «المشرع الروي» (2/ 231). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 151). (3) «البرقة المشيقة» (ص 58). (4) «السلوك» (2/ 555)، و «بهجة الزمن» (ص 259)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 386)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 28)، و «تحفة الزمن» (2/ 491)، و «هدية الزمن» (ص 98).

3644 - [علي بن مفلح الكوفي]

3644 - [علي بن مفلح الكوفي] (1) علي بن مفلح الكوفي. تفقه بابن الحرازي بعد أن أخذ عنه القراءات. وكان فقيها فاضلا، عارفا بالقراءات السبع، خيرا، حسن السيرة، كثير الإحسان إلى طلبة العلم، كثير المواساة لهم، وحج في آخر عمره، وامتحن بالفقر. وتوفي في آخر سنة تسع وسبع مائة. 3645 - [أحمد السروجي] (2) أحمد بن إبراهيم السروجي الحنفي قاضي القضاة شمس الدين. عزل في سنة عشر وسبع مائة، وطلب من دمشق ابن الحريري، فولّي مكانه. وتوفي السروجي بعد أيام (3) في ربيع الآخر من السنة المذكورة وله ثلاث وسبعون سنة. صنف التصانيف واشتهر. 3646 - [سلاّر المغلي] (4) سيف الدين سلاّر المغلي نائب المماليك. بلغ من الجاه والعز والمال ما لا مزيد عليه، تمكن إحدى عشرة سنة، وكان إقطاعه نحوا من أربعين طبلخانة، ثم هلك جوعا كما استفاض. وكان عاقلا، ذا هيبة، قليل الظلم. وتوفي سنة عشر وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 440)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 392)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 355)، و «تحفة الزمن» (2/ 392)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 164). (2) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 298)، و «مرآة الزمان» (4/ 248)، و «الجواهر المضية» (1/ 123)، و «البداية والنهاية» (14/ 470)، و «الدرر الكامنة» (1/ 91)، و «شذرات الذهب» (8/ 44). (3) في (ت) و «مرآة الجنان» (4/ 248): (بعده بأيام). (4) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 298)، و «فوات الوفيات» (2/ 86)، و «مرآة الجنان» (4/ 248)، و «البداية والنهاية» (14/ 469)، و «الدرر الكامنة» (2/ 179).

3647 - [سيف الدين قبجق]

3647 - [سيف الدين قبجق] (1) سيف الدين قبجق المنصوري الأمير الكبير، أحد الشجعان الأبطال. كان تركيا، تام الشكل، محببا إلى الرعية. يقال: إنه سقي ومات بحماة سنة عشر وسبع مائة (2). 3648 - [كمال الدين ابن النحاس] (3) إسحاق بن أبي بكر بن إبراهيم الأسدي الحلبي كمال الدين ابن النحاس، الإمام العالم المسند. سمع ابن يعيش، وابن قميرة، وابن رواحة. ومات في رمضان سنة عشر وسبع مائة عن بضع وسبعين أو ثمانين سنة. 3649 - [القطب الشيرازي] (4) محمود بن مسعود بن مصلح الشيرازي قطب الدين، الإمام العلامة، عالم العجم. له تصانيف وتلامذة، وذكاء باهر، ومزاح ظاهر. توفي بتبريز سنة عشر وسبع مائة عن ست وسبعين سنة. 3650 - [ابن الرفعة] (5) الإمام العلامة نجم الدين أحمد بن محمد المشهور بابن الرفعة، أحد الأئمة الجلّة علما وفقها ورئاسة.

(1) «دول الإسلام» (2/ 243)، و «مرآة الجنان» (4/ 248)، و «البداية والنهاية» (14/ 470)، و «الدرر الكامنة» (3/ 241)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 216). (2) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 248)، وفي باقي المصادر: (مات بحلب، ودفن بحماة). (3) «معجم الشيوخ» (1/ 169)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 298)، و «مرآة الزمان» (4/ 248)، و «الدرر الكامنة» (1/ 356)، و «شذرات الذهب» (8/ 41). (4) «دول الإسلام» (2/ 243)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 298)، و «مرآة الجنان» (4/ 248)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 386)، و «الدرر الكامنة» (4/ 339)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 213). (5) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 298)، و «مرآة الجنان» (4/ 249)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 24)، و «البداية والنهاية» (14/ 471)، و «الدرر الكامنة» (1/ 284)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 213)، و «شذرات الذهب» (8/ 41).

3651 - [علي اليعقوبي]

شرح «التنبيه» شرحا حفيلا لم يعلّق على «التنبيه» نظيره، جاء فيه بالغرائب المفيدة لكل طالب، وكذلك شرح «الوسيط» وأودعه علوما جمة، ونقلا كثيرا، ومناقشات حسنة بديعة، وهو شرح بسيط جدا، ولم يكمل. سمع الحديث من غير واحد، وحدث بشيء يسير من تصنيفه في أمر الكنائس وتخريبها، وولي حسبة الديار المصرية، ودرس بالمعزيّة بها. كان مولده في سنة خمس وأربعين وست مائة. وكان في عرف بعض الفقهاء قد وقع الاصطلاح على تلقيبه بالفقيه، حتى صار علما عليه إذا أشير إليه. قال الشيخ اليافعي: (وكذلك صار هذا اللفظ في بعض بلاد اليمن علما على شمس الدين الفقيه الكبير الولي الشهير أحمد بن موسى المعروف بابن عجيل) اه‍ (1) 3651 - [علي اليعقوبي] (2) علي بن علي بن أسمح اليعقوبي، الشيخ العالم المتفنن. كان يحفظ «مصابيح البغوي» و «مفصل الزمخشري» و «مقامات الحريري» وغيرها، وركب البغلة، ثم تزهد، وهاجر إلى دمشق، واستمر بدلق ومئزر أسود (3)، وتردد إلى المدارس وأقرأ العربية. وتوفي سنة عشر وسبع مائة. 3652 - [عبد اللطيف الحموي] (4) عبد اللطيف بن محمد الحموي ثم المصري القاضي بدر الدين بن القاضي تقي الدين بن رزين. كان إماما متقنا، عارفا بالمذهب، درس وأفتى وأعاد لأبيه، وولي قضاء العسكر،

(1) «مرآة الجنان» (4/ 249)، ولم يذكر المصنف رحمه الله تعالى وفاته، وفي جميع المصادر: توفي سنة (710 هـ‍). (2) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 298)، و «مرآة الجنان» (4/ 449)، و «الدرر الكامنة» (3/ 86)، و «شذرات الذهب» (8/ 43). (3) الدلق: دويبة نحو الهرة طويلة الظهر، والمراد: الفرو الذي يتخذ منه. (4) «مرآة الجنان» (4/ 249)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 97)، و «السلوك» (ج /2 ق 96/ 1)، و «الدرر الكامنة» (2/ 409)، و «شذرات الذهب» (8/ 48).

3653 - [أحمد بن إبراهيم المعجلي]

ودرّس بالظاهرية وغيرها، وخطب بالجامع الأزهر، وحدث عن جماعة. وتوفي سنة عشر وسبع مائة (1).مذكور في الأصل. 3653 - [أحمد بن إبراهيم المعجلي] (2) أحمد بن إبراهيم بن محمد بن سبأ المعجلي. تفقه بأبيه وغيره. وتوفي على رأس عشر وسبع مائة تقريبا، والله سبحانه أعلم. 3654 - [إبراهيم بن محمد المعجلي] (3) إبراهيم بن محمد بن سبأ أبو إسحاق المعجلي، والد الذي قبله، من عرب أخيار يعرفون بالمعاجلة، أهل دين ولزوم سنة، ولهم الحصن الذي يسمى: مسار-بفتح الميم والسين المهملة، وألف، وراء-وهو الحصن الذي ظهر منه علي بن محمد الصليحي صاحب اليمن في عصره، وكانوا يسكنون بيت المعجل، قرية من أعمال مسار. تفقه إبراهيم المذكور بالفقيه علي بن مسعود الشاوري، ثم عاد إلى بلده المذكورة، فانتشر عنه العلم فيها انتشارا حسنا. وكان فقيها مشهورا، عارفا مذكورا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ تبعا لابنه أحمد المذكور قبله، والله سبحانه أعلم. 3655 - [عبد الرزاق بن محمد الجبرتي] (4) عبد الرزاق بن محمد الجبرتي-نسبة إلى جبرة، قرية من بلاد السودان من أرض العجم- يقال: إنه شريف النسب.

(1) في «شذرات الذهب» (8/ 48): توفي سنة (711 هـ‍). (2) «السلوك» (2/ 302)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 37)، و «تحفة الزمن» (1/ 570). (3) «السلوك» (2/ 301)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 37)، و «تحفة الزمن» (1/ 570). (4) «السلوك» (2/ 129)، و «العطايا السنية» (ص 423)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 394)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 79)، و «تحفة الزمن» (1/ 455)، و «المدارس الإسلامية» (ص 176).

3656 - [علي بن عبد الله الخطابي]

تفقه بمحمد بن عباس، وعلي بن أحمد الجنيد، وكان فقيها فاضلا، عارفا محققا. ودرس في النجاحية بتعز إلى أن توفي في صفر سنة عشر وسبع مائة. ويروى أنه لما توفي وغسل وكفن وحمل نعشه .. جاء طائر من الهواء، فدخل في أكفانه ولم ير بعد ذلك، حكاه الجندي في «تاريخه» (1). 3656 - [علي بن عبد الله الخطابي] (2) علي بن عبد الله بن أحمد بن أبي القاسم بن أحمد بن أسعد الخطابي، نسبة إلى بني خطاب، وتقدم ذكر أبيه في العشرين الثانية من المائة السابعة (3). ولد سنة ست عشرة وست مائة. وتفقه بالإمام أبي بكر ابن ناصر، وكان فقيها محققا مدققا، محجاجا، يسكن منزل جديد-بفتح أوله، وكسر ثانيه، وسكون ثالثه، ثم دال مهملة-قرية من أعمال يفوز. وامتحن آخر عمره بالعمى، وتوفي على ذلك على رأس عشر وسبع مائة. 3657 - [أحمد بن محمد الخطابي] (4) أحمد بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي القاسم بن أحمد بن أسعد الخطابي. كان فقيها فاضلا، تفقه بأهله، وأخذ الحديث عن محمد بن مصباح، وربما قال شيئا من الشعر. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا في طبقة عمه علي بن عبد الله الخطابي. 3658 - [أبو بكر بن عمر المهيري] (5) أبو بكر بن عمر المهيري، بضم الميم، وفتح الهاء، وسكون المثناة تحت، ثم راء، ثم ياء النسب.

(1) انظر «السلوك» (2/ 129). (2) «السلوك» (2/ 213)، و «العطايا السنية» (ص 474)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 395)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 291)، و «تحفة الزمن» (1/ 514)، و «هجر العلم» (4/ 2322). (3) انظر (5/ 161). (4) «السلوك» (2/ 214)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 292)، و «تحفة الزمن» (1/ 514)، و «هجر العلم» (4/ 2323). (5) «السلوك» (2/ 384)، و «تحفة الزمن» (2/ 351).

3659 - [محمد ابن صاحب المقداحة]

ولد بحيس، وتفقه بالفقيه إسماعيل الحضرمي، وكان عارفا بالفقه والحساب. وتوفي على رأس عشر وسبع مائة. 3659 - [محمد ابن صاحب المقداحة] (1) الشيخ محمد بن الشيخ علي صاحب المقداحة، وقد تقدم ذكر والده في العشرين الرابعة من المائة التي قبل هذه (2). وكان محمد المذكور خرج في أيام أبيه وساح في البلاد، فبلغ ظفار الحبوضي، وقعد عند الشيخ محمد بن أبي بكر الدثيني المتقدم ذكره قريبا (3)، فلما توفي الشيخ صالح بن الشيخ علي صاحب المقداحة، وشغر الرباط عن شيخ يقوم به .. كتب أصحاب الشيخ علي كتابا إلى ظفار إلى محمد بن الشيخ علي وإلى شيخه محمد بن أبي بكر الدثيني يخبرونهما بشدة الحاجة إلى قائم يقوم بالموضع، ولا يوجد له غير محمد بن الشيخ علي، فلما وصل العلم إلى ظفار .. جهزه الشيخ محمد بن أبي بكر، وألزمه أن يعود إلى موضع أبيه، فوصل من ظفار، وأقام بموضع أبيه، وابتنى هنالك رباطا على صفة ربط ظفار ومساجدها، وقام بالموضع قياما مرضيا إلى أن توفي في سنة عشر وسبع مائة. قال الجندي: (واجتمعت به مرة بالجند، فرأيته رجلا عاقلا لبيبا، عارفا بالطريق) (4). وخلفه بالرباط ابن له صغير اسمه: يوسف، فأقام بالموضع إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته. 3660 - [عمر بن عثمان العياني] (5) عمر بن عثمان بن الشيخ يحيى بن إسحاق العياني، نسبة إلى قوم يعرفون بالأعيون، من

(1) «السلوك» (2/ 218)، و «العطايا السنية» (ص 604)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 396)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 300)، و «تحفة الزمن» (1/ 517)، و «هجر العلم» (4/ 2102). (2) انظر (5/ 325). (3) انظر (6/ 37). (4) «السلوك» (2/ 218). (5) «السلوك» (1/ 391)، و «العقود اللؤلؤية» (8/ 394)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 421)، و «تحفة الزمن» (1/ 316)، و «هجر العلم» (1/ 296).

3661 - [عبد الله بن عمر العياني]

قرية يقال لها: عيانة، بضم العين المهملة، وفتح المثناة تحت، ثم ألف، ثم نون مفتوحة، ثم هاء تأنيث. ولد المذكور في سنة ثمان وعشرين وست مائة. وكان فقيها عارفا، غلب عليه الاشتغال بكتب الحديث. وتوفي في صفر سنة عشر وسبع مائة. 3661 - [عبد الله بن عمر العياني] (1) عبد الله بن الفقيه عمر بن عثمان بن الشيخ يحيى بن إسحاق العياني ثم السكسكي. ولد في شعبان سنة أربع وخمسين وست مائة، ثم ارتحل إلى زبيد، فأخذ بها عن ابن ثمامة، وانتهى إليه الحكم والتدريس بجبا. قال الجندي: (وهو أحد المعدودين من فقهاء العصر، وأخذ عنه جمع كثير، وله تصنيف حسن، وفيه أنس للواصلين، وقيام للقاصدين) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لأبيه، وكذلك أخوه محمد بن عمر بن عثمان كان فاضلا في القراءات السبع. 3662 - [محمد بن عبد الرحمن الشهابي] (3) محمد بن عبد الرحمن بن الفقيه يحيى بن سالم. كان فقيها نبيها، عارفا بالأصول والفروع، صحب الفقيه أبا بكر بن محمد بن عمر اليحيوي مدة طويلة، فنال بسببه منالة جيدة، وبعثه المؤيد رسولا إلى الشريف جمار أمير المدينة ليقوم على الشريف أبي نمي صاحب مكة؛ لشنآن كان بين الشريف أبي نمي وبين الفقيه من السنة التي حج فيها الفقيه، فلزمه أبو نمي، وصادره هو وصاحبه محمد الدمشقي

(1) «السلوك» (1/ 391)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 421)، و «تحفة الزمن» (1/ 316)، و «هجر العلم» (1/ 296). (2) «السلوك» (1/ 391). (3) «السلوك» (2/ 176)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 395)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 202)، و «المدارس الإسلامية» (ص 72).

3663 - [أبو حفص السهمي]

بمال لما علم أنهما أرسلا إلى جمار بأذيته، فاقترضا المال من حاجّ اليمن، ثم عادا إلى اليمن. قال الجندي: (وأظن حجهم كان سنة ثمان وتسعين وست مائة) (1). وتوفي المذكور في جمادى الأولى سنة عشر وسبع مائة بعد وفاة صاحبه الفقيه أبي بكر بن محمد اليحيوي بعد أن اتسعت دنياه اتساعا كليا. 3663 - [أبو حفص السهمي] (2) أبو حفص عمر بن عبد النصير السهمي القرشي، الإمام الناظم، الزاهد العابد. حدث بدمشق عن ابن المقير، وابن الجميزي، وحج مرات. مات بالثغر سنة إحدى عشرة وسبع مائة، والمراد بالثغر: الإسكندرية. 3664 - [فخر الدين ابن عساكر] (3) إسماعيل بن نصر الله بن تاج الأمناء بن عساكر السيد الفاضل فخر الدين. حدث عن جماعة، وكان مكثرا، وشيوخه نحو التسعين، وفيه تدين مع خفة، ويذاكر بأشياء. توفي بدمشق سنة إحدى عشرة وسبع مائة، وشيعه الكبراء. 3665 - [فاطمة البطائحية] (4) أم محمد فاطمة بنت الشيخ إبراهيم بن محمود بن جوهر البطائحي السيدة الصالحة. روت «الصحيح» عن ابن الزبيدي مرات، وسمعت «صحيح مسلم» من غيره، وكانت صالحة متعبدة. وتوفيت سنة إحدى عشرة وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 177). (2) «معجم الشيوخ» (2/ 76)، و «مرآة الجنان» (4/ 250)، و «الدرر الكامنة» (3/ 174)، و «شذرات الذهب» (8/ 52). (3) «معجم الشيوخ» (1/ 180)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 299)، و «مرآة الجنان» (4/ 250)، و «الدرر الكامنة» (1/ 382)، و «شذرات الذهب» (8/ 47). (4) «معجم الشيوخ» (2/ 103)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 299)، و «مرآة الجنان» (4/ 250)، و «الدرر الكامنة» (3/ 220)، و «شذرات الذهب» (8/ 52).

3666 - [محمد بن أحمد الدباهي]

3666 - [محمد بن أحمد الدباهي] (1) محمد بن أحمد الدباهي الإمام القدوة الشيخ شمس الدين الصوفي الحنبلي. كان ذا تأله وصدق وعلم. توفي سنة إحدى عشرة وسبع مائة. 3667 - [أحمد بن إبراهيم الواسطي] (2) أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الواسطي عماد الدين، الإمام العارف القدوة، صاحب التصانيف في التصوف. كان من سادة السالكين، وله مشاركة في العلوم، وعبارة عذبة، ونظم جيد. توفي سنة إحدى عشرة وسبع مائة عن أربع وخمسين سنة. 3668 - [شعبان الإربلي] (3) شعبان بن أبي بكر الإربلي، شيخ مقصورة الحلبيين، الشيخ القدوة العارف. كان متواضعا، وافر الحرمة. توفي سنة إحدى عشرة وسبع مائة عن سبع وثمانين سنة، وكانت جنازته مشهودة. 3669 - [ابن منظور] (4) محمد بن مكرم الأنصاري الرويفعي جمال الدين القاضي المنشئ.

(1) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 299)، و «معجم الشيوخ» (2/ 168)، و «مرآة الجنان» (4/ 250)، و «الدرر الكامنة» (3/ 375)، و «شذرات الذهب» (8/ 50). (2) «معجم الشيوخ» (1/ 29)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 299)، و «مرآة الجنان» (4/ 250)، و «الدرر الكامنة» (1/ 91)، و «المنهل الصافي» (1/ 210)، و «شذرات الذهب» (8/ 45). (3) «معجم الشيوخ» (1/ 297)، و «مرآة الجنان» (4/ 251)، و «البداية والنهاية» (14/ 474)، و «الدرر الكامنة» (2/ 189)، و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 486)، و «شذرات الذهب» (8/ 49). (4) «ذيل العبر» للذهبي (ص 62)، و «معجم الشيوخ» (2/ 288)، و «فوات الوفيات» (4/ 39)، و «مرآة الجنان» (4/ 251)، و «الدرر الكامنة» (4/ 262)، و «بغية الوعاة» (1/ 248)، و «شذرات الذهب» (8/ 49).

3670 - [رشيد بن كامل]

يروي عن مرتضى، وابن المقير، ويوسف بن المخيلي، وابن الطفيل. وحدث بدمشق، واختصر «تاريخ بن عساكر»، وله نظم ونثر، قيل: وفيه تشيع. توفي سنة إحدى عشرة وسبع مائة. 3670 - [رشيد بن كامل] (1) رشيد بن كامل الرقي الشافعي شيخ الأدباء رشيد الدين. درس وأفتى، وبرع في الأدب، وحدث عن ابن مسلمة، وابن علان. وتوفي سنة إحدى عشرة وسبع مائة. 3671 - [مسعود الحارثي] (2) مسعود بن أحمد الحارثي سعد الدين قاضي الحنابلة بمصر. حدث وكتب وصنف. وكان دينا صينا، وافر الجلالة، فصيحا ذكيا، حكم سنين، وكان من أئمة الحديث والمفتين. وتوفي سنة إحدى عشرة وسبع مائة. 3672 - [ابن أبي جمرة خطيب غرناطة] (3) أبو محمد عبد الله بن أبي جمرة المرسي خطيب غرناطة العلامة. خرّ من فوق المنبر يوم الجمعة، ومات فجأة في سنة إحدى عشرة وسبع مائة عن نيف وثمانين سنة (4).

(1) «معجم الشيوخ» (1/ 242)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1496)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 124)، و «مرآة الجنان» (4/ 251)، و «الدرر الكامنة» (2/ 110)، و «شذرات الذهب» (8/ 47). (2) «معجم الشيوخ» (2/ 339)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 299)، و «مرآة الجنان» (4/ 251)، و «البداية والنهاية» (14/ 475)، و «الدرر الكامنة» (4/ 347)، و «شذرات الذهب» (8/ 53). (3) «الوافي بالوفيات» (17/ 113)، و «مرآة الجنان» (4/ 251)، و «الدرر الكامنة» (2/ 254)، و «شذرات الذهب» (8/ 43). (4) في «الدرر الكامنة» (2/ 254)، و «شذرات الذهب» (8/ 43): توفي سنة (710 هـ‍).

3673 - [عبد الله بن محمد الرباعي]

3673 - [عبد الله بن محمد الرباعي] (1) عبد الله بن محمد بن جابر بن أسعد بن أبي الخير أبو محمد العودري ثم السكسكي المعروف بالرّباعي؛ لأنه كان له أربع أصابع. تفقه بإبراهيم بن عيسى وغيره من فقهاء الجند، وأخذ النحو عن أحمد بن أبي بكر وغيره، وسمع الحديث من عبد الله بن عمران الخولاني. وكان فقيها بارعا متفننا، وحصل بينه وبين أهل قريته وحشة، ففر منهم إلى البلاد العليا، فأدب للشريف علي بن عبد الله بن حمزة ولديه إدريس وداود، وانتفعا به انتفاعا كثيرا، وأحسن إليه الشريف إحسانا كليا، واستخلص له من السلطان مسموحا بخراج أرضه. ولم يزل على حالة مرضية إلى أن توفي في نصف صفر سنة إحدى عشرة وسبع مائة. 3674 - [محمد بن علي الواقدي] (2) محمد بن علي بن أحمد بن مياس الواقدي. تفقه بأهل عدن، وكان فقيها عارفا خيرا. وكان ينوب ابن الجنيد على القضاء بعدن، فلما توفي .. جعل مكانه، فسار سيرة الغالب عليها الخير، وكان يتعانى التجارة مع مسافري البحر، والزراعة في بلده لحج، ومسكنه مسكن أخواله القريظيين بنا أبّة العليا، واستمر على قضاء عدن حتى عزله بنو محمد بن عمر بالقاضي عبد الرحمن بن أسعد الحجاجي. قال الجندي: (وقدمت عليه سنة تسع وسبع مائة، فوجدته على باب داره يقرئ شيئا من كتب الحديث، وكان له ملتقى حسن، قال: وسمعت العدول في عدن ينزهونه عما ينسب إلى غيره من الحكام.

(1) «السلوك» (2/ 86)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 399)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 146)، و «تحفة الزمن» (1/ 432)، و «هجر العلم» (4/ 2381). (2) «السلوك» (2/ 441)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 400)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 231)، و «تحفة الزمن» (2/ 407)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 223)، و «هجر العلم» (1/ 140).

3675 - [عبد الله بن عمر العرشاني]

ولم يزل كذلك إلى أن توفي في رجب سنة إحدى عشرة وسبع مائة) (1). 3675 - [عبد الله بن عمر العرشاني] (2) عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن الفقيه علي بن أبي بكر العرشاني. كان فقيها خيرا دينا، له أخلاق رضية على منوال والده. قال الجندي: (لما توفي والده سنة ثلاث وسبع مائة .. خلفه ولده عبد الله المذكور) (3)، ثم ذكر أن عبد الله توفي سنة إحدى وسبع مائة بعد أن بلغ عمره ستا وأربعين سنة. والظاهر أنه سقط عند الجندي العشرات في وفاة عبد الله المذكور، فتكون وفاته سنة إحدى عشرة-أو إحدى وعشرين-وسبع مائة أو نحو ذلك، والله سبحانه أعلم (4). قال الجندي: (ولما توفي عبد الله المذكور .. خلفه أخوه أبو بكر، وكان فقيها، ذا دين متين، ومكارم أخلاق) (5)، ولم يذكر تاريخ وفاته. 3676 - [إبراهيم بن محمد الجرف] (6) إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن موسى المعروف بالجرف، بفتح الجيم، وسكون الراء، ثم فاء آخره. تفقه بأبيه، وشيخ أبيه أحمد بن الرنبول. ولاه بنو محمد بن عمر قضاء الكدراء، فقرأ في أثناء ذلك على الفقيه علي بن إبراهيم البجلي صاحب شجينة، ثم انتقل إلى أحور، فأقام بها قاضيا ومفتيا إلى أن توفي سلخ

(1) «السلوك» (2/ 441). (2) «السلوك» (1/ 369)، و «العطايا السنية» (ص 393)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 402)، و «تحفة الزمن» (1/ 496)، و «هجر العلم» (3/ 1422). (3) «السلوك» (1/ 369). (4) في النسخة التي بين أيدينا من «السلوك» (1/ 369): توفي سنة (711 هـ‍)، وفي «العطايا السنية» (ص 393): توفي سنة (710 هـ‍). (5) «السلوك» (3/ 369). (6) «السلوك» (2/ 449)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 77)، و «تحفة الزمن» (2/ 413)، و «هجر العلم» (3/ 1261).

3677 - [أبو محمد النقاش]

جمادى الأخرى من سنة إحدى عشرة وسبع مائة، فخلفه ابنه أحمد الآتي ذكره في العشرين بعد هذه (1). 3677 - [أبو محمد النقاش] (2) منتخب الدين أبو محمد إسماعيل بن عبد الله بن علي الحلبي المعروف بالنقاش. كان من أعيان عصره، وكبراء أهل دهره، وأصله من حلب، ثم حج وأقام بمكة مدة، ثم قدم زبيد، فأمر المظفر والي زبيد بأن يجله ويبجله. وكان متورعا متزهدا، مشاركا للفقهاء في الفقه والأصول، فجرى يوما ذكر الصحابة رضي الله عنهم في بعض مجالس الفقهاء والمفاضلة بينهم، فسمع منه تقديم علي رضي الله عنه على غيره، فاتّهم بالرفض، وأشاعوا ذلك عنه، فهجرهم، ولزم بيته، وكان يتعانى الزراعة وهو على جلالته واحترامه من السلطان، وتزوج المؤيد بنته آمنة المعروفة بجهة صلاح، فولدت له المجاهد، فازداد حظوة وعلوّ قدر. ولم يزل على جلالته إلى أن توفي سنة إحدى عشرة وسبع مائة. 3678 - [الواثق إبراهيم بن يوسف] (3) الواثق إبراهيم بن المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول. أقطعه أبوه ظفار في سنة اثنتين وتسعين وست مائة، فسار إليها، ولم يزل فيها محمود السيرة إلى أن توفي بها في سنة إحدى عشرة وسبع مائة. وكان له مشاركة في الفقه والنحو واللغة، وله شعر حسن، منه ما كتبه إلى والده من جملة قصيدة يمدحه فيها: [من الطويل] ما أنت إلا دوحة أنا غصنها … وأحسن ما في الدوح غصن مثمر

(1) انظر (6/ 232). (2) «السلوك» (2/ 44)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 399)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 230)، و «تحفة الزمن» (1/ 402) و (2/ 318). (3) «السلوك» (2/ 553)، و «بهجة الزمن» (ص 266)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 398)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 43)، و «تحفة الزمن» (1/ 490).

3679 - [أبو إسحاق الحنبلي]

قال الخزرجي: (واستقل أولاده بالملك هناك، فهم ملوك ظفار إلى يومنا هذا) (1). 3679 - [أبو إسحاق الحنبلي] (2) أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الحنبلي، الفقيه الإمام، الزاهد القدوة، شيخ بعلبك. قال الذهبي: (كان قليل المثل، خيرا منورا، أمارا بالمعروف، نهاء عن المنكر، قال: وحدث عن جماعة، وسماهم الذهبي) (3). توفي سنة اثنتي عشرة وسبع مائة. 3680 - [الملك المظفر غازي] (4) الملك المظفر شهاب الدين غازي بن الناصر داود بن المعظم بن العادل الأيوبي. كان عاقلا دينا. حدث عن الصدر البكري، وخطيب مردا. ومات سنة اثنتي عشرة وسبع مائة. 3681 - [ست الأجناس المصرية] (5) ست الأجناس بنت عبد الوهاب بن عتيق المصرية. روت عن جماعة، وتفردت بأشياء. وتوفيت سنة اثنتي عشرة وسبع مائة عن اثنتين وثمانين سنة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 44). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 68)، و «معجم الشيوخ» (1/ 124)، و «مرآة الزمان» (4/ 252)، و «الدرر الكامنة» (1/ 8)، و «غربال الزمان» (ص 583)، و «شذرات الذهب» (8/ 54). (3) «ذيل العبر» (ص 68). (4) «معجم الشيوخ» (2/ 96)، و «مرآة الزمان» (4/ 252)، و «البداية والنهاية» (14/ 479)، و «الدرر الكامنة» (3/ 215)، و «شذرات الذهب» (8/ 56). (5) «ذيل العبر» للذهبي (ص 71)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 300)، و «مرآة الجنان» (4/ 252)، و «الدرر الكامنة» (4/ 384)، و «غربال الزمان» (ص 583)، و «شذرات الذهب» (8/ 57).

3682 - [القاضي محمد الهزاز]

وذكر الذهبي فيمن توفي سنة اثنتي عشرة وسبع مائة: هدية بنت عسكر، ولعلها ست الأجناس المذكورة هنا، والله أعلم (1). 3682 - [القاضي محمد الهزاز] (2) محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن أبي بكر الهزاز اليحيوي اليافعي، أحد القضاة اليحيويين قضاة الدولة المؤيدية. كان فقيها عاقلا، زاهدا متعففا، الغالب عليه سلوك طريق الزهد بحيث يقال: إنه ما اكتسب شيئا من الدنيا، ولا تزوج امرأة قط. وكان عمه أبو بكر بن محمد بن عمر هو الذي تولى تربية ابن أخيه المذكور. ولم يتصلوا بالوزارة والقضاء الذي كانوا فيه إلا بعد أن تفقه محمد المذكور وتعبد وحج وجاور بمكة والمدينة وعرف الناس يمنا وحجازا، وكان ينوب عمّه القاضي موفق الدين علي بن محمد بن عمر وزير المؤيد في قضايا الناس، ويباشر أحكامهم، وما فعله لا يعارضه فيه أحد من أهله ولا من غيرهم، وكان هو المتولي لفصل قضايا الفقهاء والحكام غالبا، حتى كان يظن أنه قاضي القضاة. وصله يوما بعض أفاضل الغرباء، فلم يقض حاجته، ولم يحفل به، فخرج مغضبا، وكتب إليه يعاتبه على جفائه له، فقال: أحسنوا إلى خلق الله؛ مكافأة لإنعامه، فالنبي صلّى الله عليه وسلم قال: «أحسنوا مجاورة نعم الله بالإحسان إلى خلقه، فما نفرت من قوم فعادت، وإنما يعرف قدر الفضلاء من كان منهم» ثم قال: وإذا كنت فاضلا أو في بلدك فاضل .. فقد كتبت إليك بيتين عرفني بفحواهما، وهما: [من المتقارب] وما سائر قد يرى مقبلا … وطورا على خلفه مدبرا وليس له أرجل إن مشى … ويسبق كل الورى إن جرا فلما وقف القاضي عليهما .. أوقف عليهما جماعة ممن يغشاه ممن يعرف بالفضل.

(1) ذكر الذهبي هدية بنت عسكر مع ست الأجناس في «ذيل العبر» (ص 70)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 299)، وهي غير ست الأجناس جزما، انظر «الدرر الكامنة» (4/ 403)، و «شذرات الذهب» (8/ 57). (2) «السلوك» (2/ 131)، و «العطايا السنية» (ص 601)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 404)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 85)، و «تحفة الزمن» (1/ 456)، و «هجر العلم» (3/ 1439).

3683 - [محمد بن أحمد الشويري]

قال الجندي: (فلم ينقل أن أحدا منهم أشار بجواب، فوصل من أخبر الإمام أبا الحسن علي بن أحمد الأصبحي بذلك في محضر جماعة من أصحابه، فأعجبه الشأن وقال: ما أراه أراد بهما إلا النعمة) (1). وتوفي المذكور تاسع عشر القعدة من سنة اثنتي عشرة وسبع مائة، شرب شربة، فانطلقت بطنه، ثم اعتصم، وتوفي ودفن بالأجيناد، مقبرة أهل تعز. وتوفي عمه بعده بنصف شهر في ثالث الحجة من السنة المذكورة. 3683 - [محمد بن أحمد الشويري] (2) محمد بن أحمد ابن زكريا. ولد لثمان بقين من جمادى الأخرى سنة إحدى وتسعين وست مائة. وتفقه بابن الصفي، وكان فقيها عارفا، ذكيا، نقالا للمذهب، ذا مروءة وحمية على الأصحاب وأبناء الجنس. كان معيدا مع الفقيه داود بن إبراهيم الجبرتي في شمسية تعز، فلما توفي الفقيه داود .. خلفه في تدريسها إلى أن توفي لست خلون من صفر سنة اثنتي عشرة وسبع مائة. كذا في «الخزرجي» أنّ ميلاده سنة إحدى وتسعين بالمثناة قبل السين (3)، ولعله سنة إحدى وسبعين بالسين قبل الموحدة، والله سبحانه أعلم (4). 3684 - [الملك المظفر بن المؤيد] (5) الحسن بن داود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول الملقب بالمظفر بن المؤيد. كان عاقلا رشيدا، ورعا وقورا، محبا للعلماء والصالحين، دينا، لم تعلم له صبوة،

(1) «السلوك» (2/ 132). (2) «السلوك» (2/ 129)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 89)، و «تحفة الزمن» (1/ 453)، و «هجر العلم» (2/ 1145)، و «المدارس الإسلامية» (ص 156). (3) انظر «طراز أعلام الزمن» (3/ 89). (4) ولعله الصواب كما في باقي المصادر. (5) «العطايا السنية» (ص 311)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 403)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 323)، و «بهجة الزمن» (ص 268)، و «الأعلام» (2/ 190)، و «المدارس الإسلامية» (ص 212).

3685 - [محمد بن أحمد السبتي]

حسن السيرة، وجيها، مهيبا غاية المهابة، حتى إن والده كان يهابه ويكرمه، أقطعه صنعاء ومخالفها، فأقام بها سنة، ثم تركها متبرما منها. ولما حضرته الوفاة .. أوصى ألا يصاح عليه، ولا يشق عليه ثوب، ولا يعقر على قبره شيء من الخيل، وألا يغشى نعشه إلا بثوب قطن، وأن تبنى له مدرسة في ناحية المحارب من تعز، وأن يدفن في مقابر المسلمين، فنفذ والده جميع ما وصى به إلا الدفن [فإنه] أمر أن يدفن عند أخيه الظافر في مؤيدية تعز. ورثاه جماعة من الشعراء بعدة من القصائد، وكتب الفقيه عبد الله ابن جعفر إلى المؤيد يعزيه عن ولده بهذه الأبيات: [من المتقارب] أخير الملوك وسلطانها … ويا من له طاعة تفترض فلا ملك ناقض عقده … ولا ملك عاقد ما نقض ولا عوض منك في ذا الورى … وكل الورى أنت منهم عوض قال الخزرجي: (كان المظفر من أحسن الملوك سيرة في سريرة وعلانيته. ويروى أن سراويله كانت إذا وضعت على من تعسرت عليها الولادة .. وضعت للفور) (1). توفي الحسن المذكور في ذي القعدة من سنة اثنتي عشرة وسبع مائة. 3685 - [محمد بن أحمد السبتي] (2) محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن يحيى السّبتي الشحري، من أصحاب ابن الرنبول. كان فاضلا محققا، حسن الأخلاق، مرضي الفتوى، خطيبا مصقعا، فصيحا بليغا، عالي الهمة، شريف النفس، حسن القيام بمن يصله من أبناء جنسه.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 324). (2) «السلوك» (2/ 459)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 404)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 176)، و «تحفة الزمن» (2/ 424).

3686 - [الفخر التوزري]

قال الجندي: (وردت منه أسئلة إلى الإمام أبي الحسن علي بن أحمد الأصبحي تدل على تحقيقه وتدقيقه) (1). وتوفي على الطريق المرضي في سنة اثنتي عشرة وسبع مائة عن بضع وأربعين سنة. 3686 - [الفخر التوزري] (2) أبو عمرو عثمان بن محمد بن عثمان التّوزري المحدث الحافظ فخر الدين المجاور بمكة. سمع السبط، وابن الجمّيزي، وعدة، وقرأ ما لا يوصف كثرة، وكان قد تلا بالسبع. ومات بمكة سنة ثلاث عشرة وسبع مائة. قال الشيخ عبد الله اليافعي: (ورأيته في السنة التي قبلها يحدث في المسجد الحرام، وحضرت في بعض مجالسه، وسمعت شيئا من أحاديثه المقروءة عليه) (3). 3687 - [عبد الله بن محمد الشافعي] (4) عبد الله بن محمد الشافعي، أصله من جرانع-بفتح الجيم والراء، ثم ألف، ثم نون مكسورة، ثم عين مهملة-قرية الشّذف، بفتح الشين، وكسر الذال المعجمتين، وآخره فاء. كان فقيها فاضلا، خيرا، ذا مروءة لعارفيه وقاصديه، وكان يحكم بين أهل بلده على طريق الإصلاح. وتوفي في المحرم سنة ثلاث عشرة وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 459). (2) «معجم الشيوخ» (1/ 437)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 300)، و «مرآة الجنان» (4/ 253)، و «البداية والنهاية» (14/ 481)، و «العقد الثمين» (6/ 41)، و «السلوك» (ج /2 ق 133/ 1)، و «الدرر الكامنة» (2/ 449)، و «شذرات الذهب» (8/ 60). (3) «مرآة الجنان» (4/ 253). (4) «السلوك» (2/ 279)، و «العطايا السنية» (ص 399)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 149)، و «تحفة الزمن» (1/ 553)، و «هجر العلم» (1/ 372).

3688 - [إبراهيم بن عبد الله الشافعي]

3688 - [إبراهيم بن عبد الله الشافعي] (1) إبراهيم بن عبد الله بن محمد الشافعي. تفقه بصالح بن عمر البريهي، وبابن أخيه محمد بن عبد الرحمن، ثم ذهب إلى جبا، فأخذ عن عثمان، ثم رجع إلى بلده، فأقام بها إلى أن توفي. وكذلك أخوه يحيى بن عبد الله، تفقه بفقهاء ذي السّفال أيضا، ثم بجبا، ثم بالدملوة، ثم رجع إلى بلده، فأقام يتعانى التجارة. ولم أقف على تاريخ وفاتهما، فذكرتهما؛ تبعا لأبيهما. 3689 - [عثمان بن عبد الله العياني] (2) عثمان بن عبد الله بن الفقيه محمد بن يحيى. تفقه بتهامة على الفقيه عبد الله بن إبراهيم بن عجيل، وأخذ عن أخيه يحيى. وكان فقيها صالحا ورعا، لا يزال يدرّس في البيت، قلّ أن يخرج منه، وكان مبارك التدريس، متقللا عن الدنيا، لزوما للسنة. قال الجندي: (وأخبرني ابن أخيه علي بن أبي بكر أنه أسرّ إليه بأنه رأى لثمان بقين من رجب جماعة فيهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، فدنا مني، وقبل بين عيني، فقلت: اللهم؛ اجعلها لي عندك وديعة وذخرا، واغفر لي يا خير الغافرين، وما أظنني أعيش بعدها إلا يسيرا؛ فإنّ ابن نباتة الخطيب رأى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم يقبله، فلم يعش بعد ذلك غير اثني عشر يوما، فإن عشت .. فلا تخبر بها أحدا، وإن مت .. فأنت بالخيار-قال-: إنه لم يعش بعد ذلك إلا اثني عشر يوما، وتوفي خامس شعبان سنة ثلاث عشرة وسبع مائة عن ثلاث وستين سنة) (3).

(1) «السلوك» (2/ 279)، و «العطايا السنية» (ص 171)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 149)، و «تحفة الزمن» (1/ 553)، و «هجر العلم» (1/ 372). (2) «السلوك» (1/ 389)، و «العطايا السنية» (ص 438)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 407)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 190)، و «تحفة الزمن» (1/ 314)، و «طبقات الخواص» (ص 192)، و «هجر العلم» (3/ 1525). (3) «السلوك» (1/ 389).

3690 - [عمر بن محمد المري]

3690 - [عمر بن محمد المري] (1) عمر بن محمد بن مسعود بن يحيى بن محمد بن المبارك المري، من قائمة بني حبيش. تفقه بأبي الحسن الأصبحي صاحب «المعين»، وبابن الرنبول وغيرهما. وكان فقيها عارفا، ورعا صالحا، ودرس بالسحول. وكان يختلف بين بلده والسحول، فقتله بعض قطاع الطريق في سنة ثلاث عشرة وسبع مائة. 3691 - [القاسم بن الحسين الغراوي] (2) القاسم بن الحسين بن أبي السعود، الهمداني نسبا، الفراوي بلدا. ولد في رجب سنة ثلاث وستين وست مائة. وكان فقيها زاهدا، ورعا، ذا دين متين، ثم سلك طريق التصوف، وصحب الشيخ عمر القدسي، وتحكم على يده، فنصبه شيخا. وكان على حال مرضي؛ من سعة الأخلاق، وكثرة الإنفاق، وإيناس الواردين، والقيام بحالهم مع الاشتغال بمطالعة الكتب، وحج مرارا. وتوفي في رمضان سنة ثلاث عشرة وسبع مائة. 3692 - [عفيف الدين ابن جعفر] (3) أبو محمد عبد الله بن علي بن جعفر الملقب بالعفيف الشاعر البليغ الفصيح الأديب. كان ذا دين متين، وعقل رصين، لم يحك عنه ما يشين دينه، وما ينقص مروءته، كثير

(1) «السلوك» (2/ 267)، و «العطايا السنية» (ص 510)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 408)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 452)، و «تحفة الزمن» (1/ 545)، و «هجر العلم» (2/ 1053)، و (3/ 1640)، و «المدارس الإسلامية» (ص 190). (2) «السلوك» (2/ 220)، و «العطايا السنية» (ص 530)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 409)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 18)، و «تحفة الزمن» (1/ 518)، و «طبقات الخواص» (ص 261). (3) «السلوك» (2/ 352)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 109)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 409)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 124)، و «الدرر الكامنة» (2/ 253)، و «تحفة الزمن» (2/ 217).

العبادة، وصولا للرحم، قائما بأصحابه، باذلا لهم جاهه، وولي كتابة الإنشاء في الدولة المؤيدية. وله القصد الطنانة في مدح الملوك والأمراء والأشراف خصوصا المؤيد داود بن المظفر. وله القصائد المشهورة في مدح الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم، ومن أشهرها القصيدة التي توسل فيها إلى الله سبحانه وتعالى بالأنبياء والمرسلين ومشايخ الصوفية في شفاء ولده من جرح أعيى الأطباء علاجه، فيقال: إنه صبيحة ما قال القصيدة أصبح الولد معافى، وهي مشهورة متداولة بين الناس، وأولها: [من الطويل] أمعلمها وجناء كالسهم ترتمي … مضمّرة تهوي بها ريش قشعم أقم صدرها نحو الشآم وجز بها … إلى مسجد فوق الجبيل مهدّم ولا تهملنها في فلاة وحثها … إلى أن ترى من يثرب خير معلم وحطّ بها في روضة نبوية … وصل على ذاك النبي وسلم ثم ذكر جمعا كثيرا من الأنبياء والمرسلين، والصحابة والتابعين، ومشايخ الصوفية من الشاميين واليمنيين، ثم قال بعد ذلك: وقل يا رسول الله والعصبة التي … دعوتكم بالمدح مني المنظم عسى منكم نحو الإله شفاعة … تكون شفا جرح لأحمد مؤلم تعبت من الطفل الذي هو يشتكي … إليّ كشكوى معدم حول معدم وما لي لا جاه وحول وقوة … ولكنكم جاهي وحصني وملزمي وما قدر هذا في كرامة جاهكم … وجاهكم يطفي لهيب جهنم ولي بعض حاجات أريد قضاءها … فلا تهملوا الحاجات منكم لمسلم سلام على المختار ثم تحيّة … عليكم جميعا ما بدت زهر أنجم وهي طويلة، مشهورة الفضل والبركة. توفي رحمه الله في جمادى الأولى من سنة ثلاث عشرة وسبع مائة.

3693 - [ابن المعلم الحنفي]

3693 - [ابن المعلم الحنفي] (1) إسماعيل بن عثمان ابن المعلم رشيد الدين القرشي الدمشقي الإمام العلامة المعمّر، شيخ الحنفية. سمع من ابن الزبيدي، والسخاوي، وجماعة، وتلا بالسبع على السخاوي، وتفرد، وأفتى ودرس، ودخل القاهرة سنة سبع مائة. وتوفي بمصر سنة أربع عشرة وسبع مائة عن إحدى وتسعين سنة، وتغيّر قبل موته بسنة أو أكثر، وانهرم. وتوفي قبله بقليل ابنه المفتي تقي الدين. 3694 - [سليمان التركماني] (2) الشيخ سليمان التركماني الموله. قال الذهبي: (كان يجلس بسقاية باب البريد وعليه عباءة نجسة ووسخ، وهو ساكن، قليل الحديث، له كشف وحال من أنواع أخبار الكهنة، وإنه كان لا يصلي، ويأكل في رمضان، وللناس فيه اعتقاد زائد، وكان شيخنا إبراهيم مع جلالته يخضع له، ويجلس عنده) اه‍ (3) وحمل الشيخ اليافعي ما يصدر من هذا وأمثاله؛ من ترك الصلاة والصوم على التستر، ودفع قصد اعتقاد الناس فيهم مع احتمال فعلهم للصلاة ونحوها في وقتها كما اتفق ذلك لقضيب البان والشيخ ريحان وغيرهما من المجرّبين (4). وبالجملة: فينبغي أن يسلّم بحالهم، ولا يقتدى بأفعالهم، ونكل أمورهم إلى العالم بها سبحانه وتعالى. توفي الشيخ سليمان المذكور سنة أربع عشرة وسبع مائة.

(1) «معجم الشيوخ» (1/ 176)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 301)، و «مرآة الجنان» (4/ 253)، و «البداية والنهاية» (14/ 483)، و «الجواهر المضية» (1/ 418)، و «الدرر الكامنة» (1/ 369)، و «شذرات الذهب» (8/ 61). (2) «مرآة الجنان» (4/ 253)، و «البداية والنهاية» (14/ 483)، و «شذرات الذهب» (8/ 62). (3) «ذيل العبر» (ص 79). (4) انظر «مرآة الجنان» (4/ 253).

3695 - [فاطمة البغدادية]

3695 - [فاطمة البغدادية] (1) أم زينب فاطمة بنت عباس البغدادية الشيخة العالمة، الزاهدة القانتة الواعظة، سيدة نساء زمانها. كانت وافرة العلم، قانعة باليسير، حريصة على النفع والتذكير، ذات إخلاص وخشية، وأمر بالمعروف. انتفع بها خلق من النساء، وانصلح بها نساء دمشق، ثم نساء مصر، وكان لها قبول زائد، ووقع في النفوس. توفيت بمصر في ذي الحجة سنة أربع عشرة وسبع مائة عن نيف وثمانين سنة. 3696 - [جمال الدين اللخمي] (2) جمال الدين بن عطية اللخمي العدل (3)، المنفرد برواية «كرامات الأولياء» عن مظفر الفوّي، بضم الفاء، وتشديد الواو. من أبناء الثمانين (4). توفي بالثغر سنة أربع عشرة وسبع مائة. 3697 - [إبراهيم بن أحمد المنبهي] (5) إبراهيم بن أحمد بن سالم بن عمران السهلي المنبهي. ولد سنة ثلاث وتسعين وست مائة.

(1) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 301)، و «مرآة الجنان» (4/ 254)، و «البداية والنهاية» (14/ 484)، و «الدرر الكامنة» (3/ 226)، و «حسن المحاضرة» (1/ 336)، و «شذرات الذهب» (8/ 63). (2) «مرآة الجنان» (4/ 254)، و «السلوك» (ج /2 ق 141/ 1)، و «الدرر الكامنة» (2/ 456)، و «غربال الزمان» (ص 584)، و «حسن المحاضرة» (1/ 336)، و «شذرات الذهب» (8/ 64). (3) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 254)، و «غربال الزمان» (ص 584)، و «شذرات الذهب» (8/ 64)، وفي باقي المصادر: (جمال الدين عطية). (4) أي: توفي وهو من أبناء الثمانين. (5) «السلوك» (2/ 186)، و «العطايا السنية» (ص 167)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 414)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 10)، و «تحفة الزمن» (1/ 497)، و «هجر العلم» (4/ 1973).

3698 - [أحمد بن محمد الرعاوي]

وتفقه بأبيه وأخيه حتى برع واشتهر. وكان فقيها عالما عاملا، ورعا زاهدا. يحكى أنه نسخ «المهذب» لنفسه وهو يدرس القرآن، فختم على كل جزء منه عشر ختمات، فختم أربعين ختمة على أربع مجلدات، وهذه كرامة واضحة؛ إذ لا يمكن [لأحد أن] يسمع شيئا بأذنه حال اشتغاله بالنسخ، فضلا عن أن يشتغل به لسانه وقلبه. وتوفي على الحال المرضي سنة أربع عشرة وسبع مائة. 3698 - [أحمد بن محمد الرعاوي] (1) أحمد بن محمد الرعاوي. كان فقيها فاضلا، خيرا دينا، كثير المروءة. وكان فقيرا، كثيرا العائلة، فألجأه الفقر إلى قبول القضاء بالجند، فأقام بها شهرين، ثم مرض، وطلع بلده بالفراوي، فأقام أياما مريضا، ثم توفي لأربع من شوال سنة أربع عشرة وسبع مائة. 3699 - [صالح بن عمر البريهي] (2) صالح بن عمر بن أبي بكر بن إسماعيل أبو محمد البريهي السكسكي. ولد سنة خمس وثلاثين وست مائة. وتفقه بالفقيه محمد بن مسعود، ثم ارتحل هو والإمام أبو الحسن الأصبحي إلى أبين، فأخذا عن ابن الرنبول. وكان فقيها فاضلا، إماما كاملا، عارفا بالنحو واللغة، والفرائض والجبر والمقابلة.

(1) «السلوك» (2/ 221)، و «العطايا السنية» (ص 225)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 152)، و «تحفة الزمن» (1/ 518). (2) «السلوك» (2/ 237)، و «العطايا السنية» (ص 351)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 412)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 8)، و «تحفة الزمن» (1/ 528)، و «طبقات الخواص» (ص 156)، و «بغية الوعاة» (2/ 11)، و «هجر العلم» (2/ 770).

وله تصنيف مفيد قصد به شرح «كافي الصردفي». وتفقه به جماعة، منهم محمد بن أحمد بن سالم، وأبو بكر بن علي المقدم ذكرهما (1)، وابن أخيه، وأحمد الشوافي، وعنه أخذ أبو الحسن الأصبحي «نظام الغريب» وغيره. قال الجندي: (وأخذت عنه «السيرة» (2) و «الشريعة» للآجري، وكتاب «الحجة»، وكان عالي الهمة، صابرا على إطعام الطعام، مجانبا لمن يتهم في دينه أو معتقده، وما أحسن ما قال فيه علي بن محمد حيث يقول: [من الوافر] فيا أهل السّفال لقد علوتم … بصالح كل أهل الأرض طرا فقريتكم تطاول طور سينا … فتعلوه وتعلو طور بصرى مشاهد وجهه أحرزت نورا … مقبّل نعله قد نلت أجرا هو النبأ المبين بلا خلاف … هو البحر المحيط يفيض درا ورثت محمدا عملا وعلما … فسرّ محمد دنيا وأخرى) (3) قال أبو الحسن الخزرجي: (الرواية: «فداك محمد دنيا وأخرى»، ولكنها كلمة استبشعتها، فعوضت عنها كلمة توازنها، وهي «فسر محمد») اه‍ (4) وكأن الخزرجي: قرأه (فداك) بالمهملة، والظاهر أنه بالذال المعجمة، فلا بشاعة إذن؛ إذ ليس فيه سوى تشبيه الممدوح بالإمام الشافعي رضي الله عنه في دنياه بالعلم، وفي الأخرى بالعمل، والله سبحانه أعلم. وكان الفقيه صالح المذكور يقول لأصحابه كما يقول الصعبي: إن بلغت ثمانين .. عملت شكرانة، فتوفي قبل ذلك بقليل ليلة الجمعة ثالث عشر شوال سنة أربع عشرة وسبع مائة عن تسع وسبعين سنة تقريبا.

(1) ترجمة (محمد بن أحمد) ستأتي، انظر (6/ 260)، وأما (أبو بكر بن علي) .. فلم ندر من هو، ولعله: أبو بكر بن علي بن عبد الله، المعروف بالمشيرقي، توفي لبضع وعشرين وسبع مائة، انظر «السلوك» (1/ 431)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 146)، و «تحفة الزمن» (1/ 354). (2) في «السلوك» (2/ 238): «التبصرة». (3) «السلوك» (2/ 237). (4) «طراز أعلام الزمن» (2/ 8).

3700 - [صالح بن جبارة الطرابلسي]

3700 - [صالح بن جبارة الطرابلسي] (1) الفقيه العالم العامل الصالح المحدث أبو عبد الله صالح بن جبارة بن سليمان الطرابلسي المغربي. تفقه في بلده بمحمد بن إبراهيم التلمساني، ودخل عدن، وانتفع به جماعة من أهلها وغيرهم، وأخذوا عنه. وكان كثير الخشوع إذا قرأ القرآن في صلاة أو غيرها، تنحدر دموعه على خديه. وتوفي بعدن في سنة أربع عشرة وسبع مائة، وقبر إلى جنب قبر الفقيه أبي شعبة، والظاهر أنه مالكي المذهب؛ فهو الغالب على المغاربة. 3701 - [الأمير إدريس الحمزي] (2) الأمير الكبير عماد الدين إدريس بن علي بن عبد الله بن الحسن بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة، وبقية نسبه تقدم في ذكر والده (3). كان شجاعا كريما، جوادا متلافا، ولي القحمة ولحج للمؤيد، وله في المؤيد أشعار رائقة، وكان فقيها نبيها، لبيبا أديبا، متصفا بصفات الإمامة، جوادا ممدحا، مدحه جمع من الشعراء، وأجازهم جوائز سنية، ومن تصانيفه «كنز الأخيار في معرفة السير والأخبار» وكتاب «السول في فضائل بنت الرسول». وبالجملة: مصنفاته حسنة، وأفعاله مستحسنة رحمه الله. وكان ولده محمد بن إدريس فقيها بارعا متفننا، عارفا بالأصول والفروع، وله شعر حسن، ومصنفات كثيرة على مذهب أهل البيت. وحفيده إدريس بن محمد بن إدريس كان خاملا، لم يكن كأبيه في العلم، ولا كجده في الجود، ولا كجد أبيه في الشجاعة والإقدام.

(1) «السلوك» (2/ 434)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 414)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 6)، و «تحفة الزمن» (2/ 389)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 98). (2) «العطايا السنية» (ص 459)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 410)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 190)، و «الدرر الكامنة» (1/ 345)، و «المنهل الصافي» (2/ 285)، و «طبقات الزيدية الكبرى» (1/ 241)، و «هجر العلم» (4/ 1922). (3) انظر (5/ 469).

3702 - [علي بن عبد الله الفرضي]

قال الخزرجي: (وكان هؤلاء الثلاثة في الغاية القصوى من العلم والجود والشجاعة) (1). ولم أقف على تاريخ وفاتهما، وسيأتي ذكر ولده عبد الله بن إدريس في العشرين الخامسة من هذه المائة (2). توفي الأمير إدريس في ربيع الآخر من سنة أربع عشرة وسبع مائة. 3702 - [علي بن عبد الله الفرضي] (3) علي بن عبد الله الزيلعي المعروف بالفرضي. أخذ عن أبي الخير بن منصور، وعن الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل، والفقيه أحمد بن سليمان الحكمي. وكان عالما مشهورا، مجودا، سيما في علم الفرائض، ولذلك قيل له: الفرضي، وله مشاركة بالفقه والحديث، والتفسير والنحو، درس بناحية زبيد، وانتفع به جمع كثير من أهل زبيد، وكان من [خيار] الفقهاء وأحسنهم. وتوفي سنة أربع عشرة وسبع مائة. 3703 - [ركن الدين الحسن] (4) الحسن بن محمد العلوي الحسيني السيد ركن الدين (5). كان صاحب تصانيف، وكان لا يحفظ القرآن، ولا بعضه، ومع هذا كانت جامكيته في الشهر ألفا وست مائة درهم. وتوفي بالموصل سنة خمس عشرة وسبع مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 194). (2) الضمير في (ولده) عائد على إدريس حفيد صاحب الترجمة كما في «طراز أعلام الزمن» (1/ 194)، ولم نجده في العشرين المذكورة، والله أعلم. (3) «السلوك» (2/ 45)، و «العطايا السنية» (ص 470)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 411)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 297)، و «تحفة الزمن» (1/ 403)، و «المدارس الإسلامية» (ص 184). (4) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 301)، و «مرآة الجنان» (4/ 255)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 407)، و «الدرر الكامنة» (2/ 16)، و «غربال الزمان» (ص 584)، و «شذرات الذهب» (8/ 65). (5) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 255)، و «غربال الزمان» (ص 584)، وفي باقي المصادر: (الحسن بن شرف شاه).

3704 - [أبو العباس ابن الأحيمر]

3704 - [أبو العباس ابن الأحيمر] (1) أحمد بن محمد بن حسين أبو العباس المعروف بابن الأحيمر، ونسبه في بني زكريا. تفقه بعلي بن إبراهيم البجلي، وولي القضاء من قبل جمال الدين محمد بن أبي بكر اليحيوي في سنة خمس عشرة وسبع مائة. وكان يسكن قرية على المحجة تعرف ببيت ميفا، بكسر الميم، وسكون المثناة التحتية، وفتح الفاء، وسكون الألف. وكان له ابن يسمى: محمدا، تفقه بأبيه، ثم توفي. وكان له ابن أخ اسمه: أحمد بن عمر الغنمي، بفتح الغين المعجمة، وسكون النون، وكسر الميم، ثم ياء النسب. قال الخزرجي: (الظاهر، بل الغالب أنه منسوب إلى الجهة المعروفة بالغنمية هنالك، والغنمية منسوبة إلى غنم بن عبيد بن ثوبان بن عبس، قبيلة مشهورة من عك، وتفقه أحمد بن عمر بعمه المذكور، ثم بعلي بن إبراهيم البجلي، ثم ارتحل إلى المهجم، فأكمل الفقه على القاضي جمال الدين أحمد بن علي العامري، وأخذ عنه سائر الكتب المسموعات، وكان غالب إقامته بالمهجم، كثير الاشتغال بمطالعة الكتب وقراءة القرآن) (2). ولم أتحقق تاريخ وفاته ولا وفاة عمه، وإنما ذكرتهما في هذه الطبقة؛ لأن عمه كان موجودا فيها، والله سبحانه أعلم. 3705 - [أحمد بن علي السهفني] (3) أحمد بن علي بن أبي بكر بن أسعد بن زريع بن أسعد أبو العباس.

(1) «السلوك» (2/ 358)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 149)، و «تحفة الزمن» (2/ 229)، و «هجر العلم» (2/ 1145). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 149). (3) «السلوك» (2/ 227)، و «العطايا السنية» (ص 255)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 418)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 119)، و «تحفة الزمن» (1/ 521)، و «هجر العلم» (2/ 981).

3706 - [عمر بن سليمان الجنيد]

لازم الفقيه صالح بن عمر البريهي، وبه تفقه، وعليه قرأ، وأنس به، ودرس بجامع سهفنة في حياة شيخه المذكور، وكان فقيها فاضلا، عالما عابدا. توفي في ربيع الآخر سنة خمس عشرة وسبع مائة. 3706 - [عمر بن سليمان الجنيد] (1) عمر بن القاضي الجنيد سليمان بن محمد بن أسعد بن همدان بن يعفر. تفقه بالفقيه سعيد بن عمران العودري، وكان فقيها صالحا، دينا تقيا، صاحب [كرامات] كثيرة. توفي بذي أشرق في المحرم سنة خمس عشرة وسبع مائة. وكان أخوه أحمد بن الجنيد متعبدا، يجب العزلة، عاش إلى سنة ست وعشرين وسبع مائة. 3707 - [علي بن إبراهيم البجلي] (2) أبو الحسن علي بن إبراهيم بن محمد بن حسين البجلي، ولد سنة ثلاث-أو أربع- وثلاثين وست مائة. وتفقه بعمه إسماعيل بن محمد بن حسين، ثم ارتحل إلى أبيات حسين، فأكمل تفقهه بالفقيه عمرو بن علي التباعي، وأخذ عنه «البيان» و «المهذب» أخذا مرضيا، وحفظ «المهذب» غيبا حفظا ميز فيه بين الفاء والواو، ثم صار إلى الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل، فأخذ عنه، ثم عاد إلى بلده، وسكن قرية جدته، وهي شجينة، ولزم طريق الورع والزهد والتدريس، فانتابه الناس من كل جهة، وشهر بالعلم والصلاح، وسكن في القرية خلق كثير حتى صارت من أكبر القرى، يأمن فيها الخائف، ويعلم فيها الجاهل. وكان إماما عالما عاملا، صالحا زاهدا عابدا، مواظبا على استعمال الطاعات الواجبة

(1) «السلوك» (1/ 445)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 418)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 491)، و «تحفة الزمن» (1/ 364)، و «هجر العلم» (2/ 736). (2) «السلوك» (2/ 366)، و «مرآة الجنان» (4/ 210)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 416)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 212)، و «تحفة الزمن» (2/ 278)، و «طبقات الخواص» (ص 202)، و «هجر العلم» (2/ 1040)، و «المدارس الإسلامية» (ص 226).

3708 - [أحمد بن علي الحكمي]

والمستحبة، لا يرد سائلا خائبا، وكان من أبرك الناس تدريسا، وأكثرهم تبعا، إن وقف في بيته .. أطعم الواردين والطلبة والمنقطعة، وإن سافر للحج .. أنفق في الطريق وفي مكة ما يجاوز الحد. حج نيفا وثلاثين حجة، ولم يكن في مدرسي تهامة والجبال المتأخرين أكثر أصحابا منه. تخرج به نحو مائة مدرس، منهم أخوه عمر، ومحمد بن عمر، وعبد الله بن الأحمر، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وعلي بن مهدي الحضرمي وغيرهم. وتوفي على الطريق المرضي في المحرم أول سنة خمس عشرة وسبع مائة. 3708 - [أحمد بن علي الحكمي] (1) أحمد بن علي بن هلال الحكمي. تفقه بعمرو بن علي التباعي، وزامله في القراءة الفقيه علي بن إبراهيم البجلي، ومحمد بن الفقيه عمرو التباعي. وكان فقيها فاضلا، عارفا مسددا، موفقا في الفتوى. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لزميله البجلي. 3709 - [إدريس بن المفضل] (2) إدريس بن المفضل أبو محمد. تفقه بعلي بن إبراهيم البجلي صاحب شجينة. وكان فقيها، محققا للمذهب، معروفا بالحفظ والذكاء، وحسن الأخلاق، وكرم النفس، ولم يكن في ناحيته أفقه منه. في آخر عمره سكن المخلاف السليماني في محلة قبلي النّجميّة، ثم سكن النّجميّة. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لشيخه.

(1) «السلوك» (2/ 312)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 133)، و «تحفة الزمن» (2/ 10). (2) «السلوك» (2/ 313)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 194)، و «تحفة الزمن» (2/ 10).

3710 - [عمر بن علي الذئابي]

3710 - [عمر بن علي الذئابي] (1) عمر بن علي بن عثمان بن حسين. تفقه بابن عمه أحمد بن محمد وغيره. وكان فقيها صالحا ورعا، مطعما للطعام، يسكن الضّنجوج-بضم الضاد المعجمة، وسكون النون، وضم الجيم، ثم واو ساكنة، ثم جيم-موضع سفل وصاب. وتوفي سنة خمس عشرة وسبع مائة 3711 - [محمد بن أحمد الملحمي] (2) محمد بن أحمد بن يحيى بن مضمون. كان فقيها عارفا، نحويا لغويا، خطيبا مصقعا، ولي قضاء صنعاء، فكان سديد الأحكام، مبالغا في إقامة الحق وإماتة البدعة. كان يحلّف الإسماعيلية بأيمان تشق عليهم، وبلغه أن بعضهم لما مات .. دفن معه مصحف، فأمر من نبش القبر وأخرج المصحف، فشق ذلك عليهم، وبذلوا الأموال في عزله، فعزل بغير وجه يوجب العزل، فعاد إلى بلده الملحمة، ثم استمر مدرسا في مدرسة إب، فلما دنت وفاته .. رجع إلى بلده، ومات بها في سنة خمس عشرة وسبع مائة. 3712 - [الصفي الهندي] (3) محمد بن عبد الرحيم بن محمد الهندي الملقب: صفي الدين. ولد بالهند ليلة الجمعة ثالث عشر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وست مائة.

(1) «السلوك» (2/ 297)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 438)، و «تحفة الزمن» (1/ 566)، و «هجر العلم» (2/ 687) و (3/ 1136). (2) «السلوك» (1/ 406)، و «العطايا السنية» (ص 593)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 417)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 90)، و «تحفة الزمن» (1/ 330)، و «هجر العلم» (4/ 2139)، و «المدارس الإسلامية» (ص 124). (3) «معجم الشيوخ» (2/ 216)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 301)، و «مرآة الجنان» (4/ 272)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 162)، و «البداية والنهاية» (14/ 486)، و «الدرر الكامنة» (4/ 14)، و «شذرات الذهب» (8/ 68).

3713 - [النجم الطوفي]

وقرأ على جده لأمه، وخرج من بلده دهل سنة سبع وستين (1)، فدخل اليمن، وأكرمه المظفر، وأعطاه مالا جزيلا، ثم تقدم إلى مكة، فحج وجاور بها ثلاث أشهر، ثم تقدم إلى الديار المصرية، فأقام بها أربع سنين، ثم تقدم إلى الروم على طريق أنطاكية، فأقام بها إحدى عشرة سنة، وأكرمه القاضي سراج الدين صاحب التحصيل، ثم رجع إلى الشام سنة خمس وثمانين، فاستوطن دمشق، ودرس فيها بالدولعية والرواحية والأتابكية والظاهرية، وانتصب للإفتاء والإقراء والتصدر، وانتفع به الناس وبتلاميذه، وكان خطه في غاية الرداءة. وتوفي بدمشق سادس وعشرين صفر سنة خمس عشرة وسبع مائة. 3713 - [النجم الطوفي] (2) النجم سليمان بن عبد القوي الحنبلي النسفي الشاعر (3)، صاحب «شرح الروضة». كان على بدعته كثير العلم، متدينا. مات ببلد الخليل سنة ست عشرة وسبع مائة. 3714 - [ست الوزراء] (4) ست الوزراء بنت عمر بن أسعد التنوخية. روت عن أبيها القاضي شمس الدين، وابن الزبيدي، وحدثت ب‍ «الصحيح» و «مسند الشافعي» بدمشق ومصر مرات، وكانت على خير. وتوفيت فجأة في شعبان سنة ست عشرة وسبع مائة عن اثنتين وتسعين سنة.

(1) في «البداية والنهاية» (14/ 486)، و «الدرر الكامنة» (4/ 14): (دهلي)، وفي «شذرات الذهب» (8/ 68): (دلي). (2) «أعيان العصر» (2/ 445)، و «مرآة الجنان» (4/ 255)، و «الدرر الكامنة» (2/ 145)، و «غربال الزمان» (ص 585)، و «بغية الوعاة» (1/ 599)، و «شذرات الذهب» (8/ 71). (3) لم ينسبه إلى (نسف) إلا اليافعي في «مرآة الجنان» (4/ 255). (4) «معجم الشيوخ» (1/ 292)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 302)، و «مرآة الجنان» (4/ 255)، و «البداية والنهاية» (14/ 491)، و «الدرر الكامنة» (2/ 129)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 237)، و «غربال الزمان» (ص 585)، و «شذرات الذهب» (8/ 73).

3715 - [السلطان خربندا]

3715 - [السلطان خربندا] (1) السلطان خربندا بن أرغون سلطان التتار. هلك بمراغة (2) في آخر رمضان من سنة ست عشرة وسبع مائة ولم يكتهل، وكانت دولته ثلاث عشرة سنة، أظهر الرفض بمملكته، وغيرت الخطبة في أيامه، وتملك بعده ابنه أبو سعيد. 3716 - [الصدر ابن مكتوم] (3) أبو الفداء إسماعيل بن يوسف بن مكتوم القيسي الدمشقي، السيد صدر الدين المعمر المقرئ. سمع مكرما، وابن الشيرازي، والسخاوي، وقرأ عليه بثلاث روايات. وكان فقيها مقرئا، وتفرد بأجزاء. وتوفي سنة ست عشرة وسبع مائة. 3717 - [فاطمة بنت النفيس] (4) أم أحمد فاطمة بنت النفيس محمد بن الحسين بن رواحة. روت أجزاء عن عمها بطرابلس ومصر، وسمع منها الذهبي. وماتت بحماة سنة ست عشرة وسبع مائة.

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 88)، و «دول الإسلام» (2/ 253)، و «مرآة الجنان» (4/ 255)، و «البداية والنهاية» (14/ 489)، و «الدرر الكامنة» (3/ 378)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 238)، و «غربال الزمان» (ص 585)، و «شذرات الذهب» (8/ 74). (2) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 255)، و «غربال الزمان» (ص 585)، وفي «البداية والنهاية» (14/ 489)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 239): (ودفن بتربته بالمدينة التي أنشأها التي يقال لها: السلطانية). (3) «معجم الشيوخ» (1/ 181)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 302)، و «دول الإسلام» (2/ 253)، و «مرآة الجنان» (4/ 255)، و «الدرر الكامنة» (1/ 384)، و «غربال الزمان» (ص 585)، و «شذرات الذهب» (8/ 70). (4) «معجم الشيوخ» (2/ 112)، و «مرآة الجنان» (4/ 255)، و «شذرات الذهب» (8/ 74).

3718 - [ابن المرحل]

3718 - [ابن المرحّل] (1) محمد بن عمر بن مكي الشيخ العلامة صدر الدين بن الشيخ العلامة زين الدين المعروف بابن المرحل، وابن الوكيل؛ لأن أباه ولي وكالة بيت المال. ولد بدمياط، ونشأ بدمشق، وسمع من ابن علان، والقاسم الإربلي، وأفتى عن اثنتين وعشرين سنة، وحفظ «المقامات» في خمسين يوما، وتخرج به الأصحاب. وكان أحد الأذكياء النجاب، وله نظم رائق، ومزح. توفي سنة ست عشرة وسبع مائة. مذكور في الأصل. 3719 - [أبو إسحاق الإشبيلي] (2) أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الغافقي الإشبيلي النحوي، ذو العلوم، عالم سبتة. سمع التفسير، وبحث «كتاب سيبويه»، وتلا بالسبع. وله تصانيف وجلالة وتلامذة. توفي سنة ست عشرة وسبع مائة. 3720 - [محمد ابن سفيان] (3) محمد بن علي بن سفيان. تفقه تفقها جيدا، ثم سافر إلى الهند، فتأهل بها، وأقام هناك إلى أن توفي في سنة ست عشرة وسبع مائة.

(1) «معجم الشيوخ» (2/ 259)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 264)، و «مرآة الجنان» (4/ 256)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 253)، و «البداية والنهاية» (14/ 492)، و «الدرر الكامنة» (4/ 115)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 233)، و «شذرات الذهب» (8/ 74). (2) «دول الإسلام» (2/ 353)، و «مرآة الجنان» (4/ 256)، و «الدرر الكامنة» (1/ 13)، و «بغية الوعاة» (1/ 405)، و «شذرات الذهب» (8/ 70). (3) «السلوك» (2/ 439)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 61)، و «تحفة الزمن» (2/ 391).

3721 - [عبد الرحمن ابن سفيان]

3721 - [عبد الرحمن ابن سفيان] (1) عبد الرحمن بن علي بن سفيان-أخو المذكور قبله-أبو الفرج. ولد لبضع وستين وست مائة، وأصل بلده عدن، وتفقه بابن الأديب، وابن الحرازي وغيرهما من الواردين كالزنجاني والقلهاتي وغيرهما. وكان فقيها فاضلا، عارفا بالنحو والعروض، وله خلق حسن، وكان كثير الحج. وفي مدة إقامته بعدن يدرس في بيته، وبه تفقه جماعة من أهل عدن. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لأخيه. 3722 - [عبد الله بن خيران] (2) عبد الله بن خيران أبو محمد. كان فقيها عارفا، يسكن قرية من أعمال السمدان من قوم يقال لهم: بنو حران، يسكنون قرية يقال لها: السّعة، بضم السين وفتح العين المهملتين. وقبل قضاء بلده من قبل بني محمد بن عمر اليحيوي، ثم نقلوه إلى قضاء حيس، فأقام بها قاضيا إلى أن توفي في شهر رمضان من سنة ست عشرة وسبع مائة. 3723 - [عزّ الدين النشائي] (3) عمر بن أحمد بن أحمد بن مهدي المدلجي الكناني (4)، المعروف بعز الدين النشائي، الإمام العلامة المدرس، المفتي الشافعي. كان من أورع أهل زمانه، ودرس وأفتى بالمدرسة الفاضلية بالقاهرة، واشتغل الطلبة عليه، وانتفعوا به.

(1) «السلوك» (2/ 439)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 61)، و «تحفة الزمن» (2/ 391)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 120). (2) «السلوك» (2/ 417)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 101)، و «تحفة الزمن» (2/ 377). (3) «مرآة الجنان» (4/ 256)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 371)، و «العقد الثمين» (6/ 283)، و «الدرر الكامنة» (3/ 149)، و «غربال الزمان» (ص 585)، و «بغية الوعاة» (2/ 215)، و «حسن المحاضرة» (1/ 364)، و «شذرات الذهب» (8/ 80). (4) كذا نسبه اليافعي في «مرآة الجنان» (4/ 256)، ولم نجدها في غيره من المصادر.

3724 - [علي الجبني]

وتوفي بمكة في ذي القعدة سنة ست عشرة وسبع مائة، كذا في الأصل اسمه: عمر بن أحمد، وفي «تاريخ اليافعي» سماه: أحمد بن أحمد المدلجي الكناني، وأرخ وفاته بست عشرة وسبع مائة (1)، وذكر في الأصل أنه توفي سنة عشر وسبع مائة، فيحتمل أنه سقط في الأصل ذكر الآحاد، فليحقق ذلك، والله سبحانه أعلم (2). 3724 - [علي الجبني] (3) الشيخ علي بن محمد الجبني (4) الصوفي الإمام المحدث. روى عن الفخر علي، وتاج الدين الفزاري. وكان دينا تقيا، مؤثرا، كثير المحاسن. مات سنة سبع عشرة وسبع مائة. 3725 - [جمال الدين الزواوي] (5) محمد بن سليمان الزواوي الإمام جمال الدين، قاضي المالكية المعمر. ولي قضاء دمشق ثلاثين سنة. وتوفي بها سنة سبع عشرة وسبع مائة. 3726 - [إبراهيم بن عمر المذحجي] (6) إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن عمر المذحجي الجبيري، نسبة إلى جد يقال له: جبير، تصغير ضد الكسر.

(1) انظر «مرآة الجنان» (4/ 256). (2) جل المصادر تعزو وفاته إلى سنة (716 هـ‍). (3) «معجم الشيوخ» (2/ 43)، و «مرآة الجنان» (4/ 257)، و «الدرر الكامنة» (3/ 110)، و «شذرات الذهب» (8/ 81). (4) في «الدرر الكامنة» (3/ 110): (الختني). (5) «معجم الشيوخ» (2/ 194)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 302)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 137)، و «مرآة الجنان» (4/ 257)، و «البداية والنهاية» (14/ 497)، و «الدرر الكامنة» (3/ 448)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 239)، و «شذرات الذهب» (8/ 82). (6) «السلوك» (2/ 418)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 424)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 28)، و «تحفة الزمن» (2/ 378).

3727 - [إسماعيل ابن عجيل]

تفقه في بدايته ببعض فقهاء حجرة، ثم بعثمان بن عبد الله، وابن عم له اسمه: عبد الله بن عمر الإسحاقيين الجبائيين. وكان فقيها فاضلا، محمود السيرة. [وكان] يسكن معشار حصن يمين في قرية يقال لها: نابه في محراف (1) الوسط إلى أن توفي بالقرية المذكورة في ربيع الأول من سنة سبع عشرة وسبع مائة. 3727 - [إسماعيل ابن عجيل] (2) إسماعيل بن الفقيه أحمد بن موسى ابن عجيل. كان فقيها مرضيا. توفي سنة سبع عشرة وسبع مائة. 3728 - [أبو بكر ابن عجيل] (3) أبو بكر بن الفقيه أحمد بن موسى ابن عجيل. تفقه بخاله علي بن أحمد الصريدح. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته؛ تبعا لأخيه إسماعيل (4). 3729 - [الحسين ابن أسيد] (5) الحسين بن محمد بن أسيد-تصغير أسد-ابن أسحم، بفتح الهمزة، وسكون السين وفتح الحاء المهملتين، ثم ميم.

(1) في (م): (مخراف)، وفي «السلوك» (2/ 418): (محارث)، وفي «طراز أعلام الزمن» (1/ 28): (محراب). (2) «السلوك» (1/ 423)، و «العطايا السنية» (ص 267)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 422)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 183)، و «تحفة الزمن» (1/ 346)، و «هجر العلم» (1/ 226). (3) «السلوك» (1/ 423)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 57)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 183)، و «تحفة الزمن» (1/ 346)، و «هجر العلم» (1/ 226). (4) في «العقود اللؤلؤية» (2/ 57): توفي سنة (730 هـ‍). (5) «السلوك» (2/ 211)، و «العطايا السنية» (ص 309)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 423)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 337)، و «تحفة الزمن» (1/ 512)، و «هجر العلم» (3/ 1166).

3730 - [جمال الدين ابن سلامة]

كان فقيها فاضلا، عالما عاملا، عابدا مجتهدا، خيرا. توفي بمكة سنة سبع عشرة وسبع مائة. وكان عمه أبو بكر بن محمد بن أسحم فقيها فاضلا، تفقه بعلي بن الحسن الوصابي. وكان ابن عمه علي بن منصور بن أسحم فقيها عارفا بالفرائض، ولي الحكم في بلد بني سيف الدين. ولم أتحقق تاريخ وفاتهما، فذكرتهما في هذه الطبقة؛ تبعا للفقيه حسين المذكور. 3730 - [جمال الدين ابن سلامة] (1) الشيخ الصالح جمال الدين محمد بن أبي بكر بن سلامة، وقد ذكره حفيده أحمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن سلامة في كتابه «المسلك الأرشد». توفي سنة سبع عشرة وسبع مائة. 3731 - [ابن الأحنف] (2) أحمد بن أبي بكر بن عمر أبو العباس المعروف بابن الأحنف. ولد سنة إحدى وأربعين وست مائة. وتفقه بعباس بن منصور، من فقهاء جبلة. وصنف في الحديث والتفسير واللغة، ودرس في أشرفية ذي جبلة، ثم انتقل إلى مؤيدية تعز، فدرس بها، وانتفع به الناس. وكان فقيها ماهرا، حافظا نقالا للمذهب. وتوفي بذي جبلة لعشر بقين من جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وسبع مائة. 3732 - [عبد الرحمن بن محمد القرشي] (3) عبد الرحمن بن محمد بن حمزة القرشي.

(1) لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا. (2) «السلوك» (2/ 177)، و «العطايا السنية» (ص 253)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 423)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 54)، و «تحفة الزمن» (1/ 491)، و «بغية الوعاة» (1/ 299)، و «المدارس الإسلامية» (ص 74). (3) «السلوك» (2/ 319)، و «العطايا السنية» (ص 417)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 68)، و «تحفة الزمن» (2/ 96).

3733 - [عبد الكريم بن علي الوجيي]

تفقه بعلي بن محمد الحكمي، وبأحمد بن إسماعيل الحضرمي. وكان فقيها فاضلا، عارفا كاملا، لزم مجلس أبيه، فرأس ودرس، وسلك طريقة أبيه في شرف النفس وعلو الهمة إلى أن توفي لبضع عشرة وسبع مائة. 3733 - [عبد الكريم بن علي الوجيي] (1) عبد الكريم بن علي بن إسماعيل أبو محمد. كان فقيها صالحا، عارفا بالقراءات السبع. أخذ عن الحذاء، وأخذ عنه خلق كثيرون. وكان من صالحي أهل زمانه وخيارهم، ما قرأ عليه أحد .. إلا انتفع به، ولا حقق عليه أحد شيئا .. فنسيه. وكان أول أمره ينسج الثياب بيده، فكان القارئ يقرأ عليه وهو يشتغل بيده، فلا يفوته شيء من غلطه، وفي آخر عمره ترك النساجة، واشتغل بالخياطة، وكان قوته من صنعته، ولا يرد السائل خائبا. ولم يزل كذلك إلى أن توفي سنة سبع عشرة وسبع مائة في مسكنه بقرية الوجي-بفتح الواو، وكسر الجيم، وسكون الياء آخره-قرية من جبا. قال الجندي: (وكان ولده إمام الجامع بجبا وخطيبه) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته. 3734 - [علي بن محمد الخلي] (3) علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن يوسف الخلي، أحد فقهاء بني الخل، وأمه من بني صالح.

(1) «السلوك» (1/ 394)، و «العطايا السنية» (ص 424)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 422)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 83)، و «تحفة الزمن» (1/ 319)، و «هجر العلم» (4/ 2329). (2) «السلوك» (1/ 394). (3) «السلوك» (2/ 331)، و «العطايا السنية» (ص 479)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 342)، و «تحفة الزمن» (2/ 116).

3735 - [أحمد بن الأحوس]

ولد بالمهجم وبها نشأ. وتفقه بعلي بن عمرو التباعي، وكان فقيها فاضلا مشهورا. ثم ذهب في آخر الأمر إلى قومه وقريتهم، فتوفي بها لبضع عشرة وسبع مائة، وخلفه ولده محمد الآتي ذكره في العشرين بعد هذه (1). 3735 - [أحمد بن الأحوس] (2) أحمد بن الأحوس أبو العباس (3). تفقه بعلي بن محمد الخلي المذكور قبله، وأخذ الفرائض والحساب عن والده محمد الخلي. وكان فقيها كاملا مسددا. توفي عائدا من الحج، ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لشيخه. 3736 - [صالح بن محمد السوادي] (4) صالح بن محمد بن عمر بن حسن بن أحمد أبو محمد السوادي ثم الخولاني. ولد سنة ثلاث وثمانين وست مائة. وتفقه هو وزميله ابن عمه محمد بن عمر بن محمد بن عمر على الفقيه علي بن أحمد الصريدح تفقها جيدا. وكان صالح المذكور فقيها فاضلا مشهورا، له فضل ومروءة، وهو رئيس أهل ناحيته ذي حمد-بفتح الحاء المهملة، وضم الميم، وآخره دال مهملة-قرية تحت حصن الشرف من ناحية وصاب، وإليه انتهت الرئاسة في بلده. قال الجندي: (وذريته هنالك رؤساء، ناحيتهم بعد الفقيه، ولم أقف على تاريخ

(1) لم نجده في العشرين المذكورة، وانظر ترجمته في المواضع التي ذكر فيها والده من المصادر المذكورة. (2) «السلوك» (2/ 352)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 46)، و «تحفة الزمن» (2/ 212). (3) في «السلوك» (2/ 352): (الأحوش). (4) «السلوك» (2/ 291)، و «العطايا السنية» (ص 350)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 9)، و «تحفة الزمن» (2/ 561).

3737 - [عمر بن أبي بكر الشعبي]

وفاته، وكان والده رحمه الله فقيها جيدا، وكانت له أرض في ناحية بلده المذكورة، فأوقفها على طلبة العلم الشريف بالقرية المذكورة وما قرب منها، وتوفي لبضع عشرة وسبع مائة) (1) 3737 - [عمر بن أبي بكر الشعبي] (2) عمر بن أبي بكر بن أبي القاسم الشعبي. كان فقيها نبيها، أديبا لبيبا، نحويا لغويا، شريف النفس، عالي الهمة، كثير الخير والمعروف. وتوفي على الحال المرضي سلخ صفر سنة سبع عشرة وسبع مائة. 3738 - [محمد ابن ثواب] (3) محمد بن يحيى بن عمران بن ثواب-بفتح المثلثة والواو، ثم ألف، ثم موحدة-وتقدم ذكر أبيه وجده في المائة قبل هذه (4). كان فقيها فاضلا، ذا فطنة ثاقبة، ودين كامل، وأنس لقاصديه، وامتحن بقضاء بلده، وعمي في آخر عمره ولم يتغير حاله من التدريس والفتوى، والقيام بالوارد والقاصد. وتوفي لبضع عشرة وسبع مائة. 3739 - [أحمد ابن ثواب] (5) أحمد بن محمد بن يحيى بن عمران بن ثواب. تفقه، وولي قضاء بلده، وهو آخر من ذكره الجندي من الفقهاء من بني عمران بن ثواب.

(1) لعل الصواب أن النقل عن الخزرجي، فالعبارة بعينها في «طراز أعلام الزمن» (2/ 10)، وصالح بن محمد صاحب الترجمة معاصر للجندي، فكيف تكون ذريته رؤساء في عصره؟ ! . (2) «السلوك» (2/ 97)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 363)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 403)، و «تحفة الزمن» (1/ 438). (3) «السلوك» (2/ 410)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 471)، و «تحفة الزمن» (2/ 371)، و «هجر العلم» (1/ 445). (4) انظر (5/ 509). (5) «السلوك» (2/ 410)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 471)، و «هجر العلم» (4/ 445).

3740 - [أبو بكر بن محمد الفارسي]

3740 - [أبو بكر بن محمد الفارسي] (1) أبو بكر بن محمد بن حسن بن علي التيمي الفارسي (2). ولد المذكور بعدن في المحرم أول سنة ست وخمسين وست مائة، وأخذ في الغالب على أبيه. وكان فقيها فاضلا، اشتهر بعلم الحساب كأبيه، وكان لبيبا جوادا، شريف النفس، ما قصد لأمر إلا وأعان فيه بطاقته. نال شفقة من المؤيد، وأجرى عليه رزقا في كل شهر بواسطة وزرائه اليحيويين، فلما حصل على القاضي محمد بن أبي بكر اليحيوي ما حصل، وتعدى الأمر إلى أصحابه وأصحاب أهله .. احترق المذكور بنارهم؛ إذ كان معروفا بصحبتهم، فاستدعاه المؤيد من عدن، وأحضر له من شهد عليه بأنه تكلم على الدولة، فبعث به إلى نائب لحج ليصادره، فصادره مصادرة شديدة، ثم إن المؤيد أمر باطلاعه إليه، فلما صار بالهشمة .. توفي من ألم الضرب والعذاب، وذلك في رمضان سنة سبع عشرة وسبع مائة. 3741 - [عبد الرحمن بن محمد القرشي] (3) عبد الرحمن بن الفقيه محمد بن حمزة القرشي. تفقه بعلي بن محمد الحكمي، وأحمد بن إسماعيل الحضرمي، ولزم مجلس أبيه، فرأس ودرس، وسلك طريقته في فعل الخير وشرف النفس وعلو الهمة إلى أن توفي لبضع عشرة وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 429)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 125)، و «تحفة الزمن» (2/ 385)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 29). (2) كذا في «طراز أعلام الزمن» (3/ 124)، وفي باقي المصادر: (أبو بكر بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن حسن بن علي)، ولعله الصواب، وقد مر التنبيه على ذلك في ترجمة أبيه المتوفى سنة (676 هـ‍)، انظر (3/ 3007) من المطبوع. (3) تقدمت هذه الترجمة (6/ 95) مع اختلاف يسير؛ فانظر مصادر الترجمة هناك.

3742 - [محمد بن عبد الله الخلي]

3742 - [محمد بن عبد الله الخلي] (1) محمد بن عبد الله بن عبد الحميد بن محمد بن يوسف بن إبراهيم بن حسين بن حمّاد بن أبي الخل. تفقه بابن عمه محمد بن الحسن، وبالجمال محمد بن أحمد العامري شارح «التنبيه»، وبالفقيه سليمان بن الزبير. وكان فقيها فاضلا، عارفا بالفقه والنحو واللغة. وتوفي لبضع عشرة وسبع مائة. 3743 - [نجم الدين الحموي] (2) عبد الله بن محمد بن أبي المكارم نجم الدين الحموي. قال التقي الفاسي: (ذكره البرزالي في «تاريخه» وقال: كان شيخا صالحا، أقام بمكة مدة طويلة، وصاهر رضي الدين الطبري إمام المقام، وكان من أصحاب الشيخ نجم الدين بن الحكيم الحموي، ويحفظ عنه حكايات وأشياء حسنة، وذكر أنه توفي يوم الخميس ثامن صفر سنة سبع عشرة وسبع مائة، ودفن في المعلاة. قال الفاسي: وهو والد الشيخ ضياء الدين الحموي. قال: ووجدت بخط جدي الشريف أبي عبد الله الفاسي: أنشدني الشيخ الصالح أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي المكارم الحموي نزيل حرم الله بمكة المشرفة، يقول: سمعت شيخنا الإمام العارف نجم الدين عبد الله بن محمد بن أبي المكارم ينشد كثيرا: [من الطويل] ولما تلاقينا على الدار هللت … ومالت إلى أن قلت خفّ وقارها وقالت لك البشرى انقضت مدة النأى … وألقت عصاها واستقر قرارها قال: ووجدت بخطه أيضا أنه أخبره أن نجم الدين بن الحكيم هذا توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وست مائة) (3).

(1) «السلوك» (2/ 238)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 212)، و «تحفة الزمن» (2/ 136)، و «هجر العلم» (1/ 173). (2) «العقد الثمين» (5/ 277). (3) «العقد الثمين» (5/ 277).

3744 - [محمد بن عمر البالسي]

3744 - [محمد بن عمر البالسي] (1) الشيخ الإمام محمد بن عمر بن الشيخ الكبير أبي بكر بن قوام البالسي. روى عن أصحاب ابن طبرزد، وكان محمود الطريقة، متين الديانة. توفي سنة ثمان عشرة وسبع مائة. وحفيده محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمر بن الشيخ الكبير بن قوام مذكور في الأصل، فليعلم ذلك، والله سبحانه أعلم. 3745 - [أبو بكر التونسي] (2) أبو بكر بن محمد بن قاسم المرسي التونسي الشافعي، شيخ القراء والنحاة. كان دينا صينا ذكيا، تخرج به الفضلاء. قال الذهبي: (حدثني عن الفخر علي) اه‍ (3) وتوفي سنة ثمان عشرة وسبع مائة. 3746 - [زينب بنت عبد الله] (4) زينب بنت عبد الله بن الرضي. روت عن الحافظ، وتفردت بأجزاء. وماتت بالصالحية عن نيف وثمانين سنة سنة ثمان عشرة وسبع مائة.

(1) «معجم الشيوخ» (2/ 260)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 302)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 284)، و «مرآة الجنان» (4/ 257)، و «البداية والنهاية» (14/ 502)، و «الدرر الكامنة» (4/ 124)، و «شذرات الذهب» (8/ 89). (2) «معجم الشيوخ» (2/ 417)، و «ذيل العبر» للذهبي (ص 99)، و «مرآة الجنان» (4/ 258)، و «الدرر الكامنة» (4/ 461)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 243)، و «شذرات الذهب» (8/ 86). (3) «ذيل العبر» (ص 99). (4) «معجم الشيوخ» (1/ 250)، و «مرآة الجنان» (4/ 258).

3747 - [أحمد القضاعي]

3747 - [أحمد القضاعي] (1) أحمد بن سلامة القضاعي فخر الدين العلامة، قاضي المالكية بدمشق. كان حميد السيرة، بصيرا بالعلم، محتشما. توفي سنة ثمان عشرة وسبع مائة. 3748 - [أحمد بن علي الحرازي] (2) أحمد بن علي بن أحمد بن الحسن أبو العباس الحرازي صفي الدين. ولد سنة ثلاث وأربعين وست مائة. وتفقه بعبد الرحمن الأبيني، وبأبي شعبة، وأخذ عن أبي حجر وغيره، وأخذ علم القراءات السبع عن عبد الله ابن عمر النكزاوي، وقرأ عليه بالحروف السبعة لما قدم إلى عدن، وأخذ أيضا عن المقرئ سبأ. وعنه أخذ البهاء الجندي وغيره، وانتفع به جمع كثير. وكان إماما، عالما عاملا، فقيها نحويا لغويا، مقرئا أصوليا، متفننا في علوم كثيرة، وكانت إقامته بعدن، وامتحن بقضائها مدة من قبل ابن الأديب لما ولي القضاء الأكبر، وكان حسن الأخلاق، سليم الصدر، خيرا، لم تعرف له صبوة، محببا إلى الناس. وتوفي لسبع بقين من رجب سنة ثمان عشرة وسبع مائة، وقبر جنب أبيه عند مصلى العيد، وقبر ابن أبي الباطل، وعمل التاجر سليمان بن محمد محمود على قبره صندوقا حسنا. 3749 - [الحسن بن علي النظاري] (3) الحسن بن علي بن الفقيه يحيى بن فضل.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 258)، و «البداية والنهاية» (14/ 505)، و «الديباج المذهب» (1/ 218)، و «الدرر الكامنة» (1/ 140)، و «غربال الزمان» (ص 586)، و «شذرات الذهب» (8/ 86). (2) «السلوك» (2/ 425)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 431)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 115)، و «تحفة الزمن» (2/ 382)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 6). (3) «السلوك» (1/ 435)، و «العطايا السنية» (ص 307)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 427)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 336)، و «تحفة الزمن» (1/ 357)، و «هجر العلم» (4/ 1964) و (4/ 2193)، و «المدارس الإسلامية» (ص 238).

3750 - [أبو القاسم الهمداني]

كان فقيها فاضلا، سكن قرية النظاري، وكان يدرس هناك بمدرسة أنشأتها امرأة، وأوقفت عليها وقفا جيدا. وكان الفقيه صاحب دنيا واسعة، فخشي من تعسف الولاة على نفسه وعلى الوقف، فلاذ بالفقيه أبي بكر بن محمد بن عمر اليحيوي، فلم يزل الفقيه المذكور مستقيم الحال إلى أن انحط بنو محمد بن عمر في أيام المؤيد، فصودر هذا الفقيه مصادرة شديدة وحبس. وتوفي عقب ذلك في سنة ثمان عشرة وسبع مائة. 3750 - [أبو القاسم الهمداني] (1) أبو القاسم بن محمد بن الحسين بن أبي السعود بن الحسين بن مسلم بن علي الهمداني. ولد في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وست مائة. قال الجندي: (كان فقيها مذكورا بالدين المتين، وتوفي على ذلك لخمس بقين من شعبان سنة ثمان عشرة وسبع مائة) (2). 3751 - [عبد الرحمن ابن أبي الخل] (3) عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن أبي الخل أبو عبد الله، أحد فقهاء المهجم. كان فقيها فاضلا، عارفا بالتفسير والحديث، والفقه وعلم الحقيقة، وتفقه به جماعة من أهل بلده. وحصل على قرابته جور من بعض عمال المهجم، فطلعوا إلى المؤيد يشكون من الوالي، وطلع الفقيه مع أهله إلى تعز، فأشكاهم السلطان بعض الإشكاء، ثم رجعوا إلى بلدهم، فمرض الفقيه في الطريق، فلم يصلوا به إلى حيس إلا وقد توفي، فقبر إلى جنب

(1) «السلوك» (2/ 221)، و «العطايا السنية» (ص 531)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 45)، و «تحفة الزمن» (1/ 518)، و «هجر العلم» (3/ 1614). (2) «السلوك» (2/ 221). (3) «السلوك» (2/ 238)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 431)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 50)، و «تحفة الزمن» (2/ 129)، و «هجر العلم» (1/ 173).

3752 - [عبد الرزاق السهولي]

قبر ابن عمه أحمد بن الحسن المذكور في العشرين التي قبل هذه (1). وتوفي عبد الرحمن المذكور سنة ثمان عشرة وسبع مائة. 3752 - [عبد الرزاق السهولي] (2) عبد الرزاق بن الفقيه أبي بكر بن محمد بن أحمد بن الجنيد. كان فقيها خيرا، تقيا جيدا، عالي الهمة. ولاه القاضي أبو بكر بن الأديب قضاء جبلة، فكانت سيرته مرضية، مذكورا بالخير، موصوفا بالورع الشديد، ثم انفصل عن القضاء، وعاد إلى قريته بالسهولة، فأقام فيها إلى أن توفي في شهر رمضان سنة ثمان عشرة وسبع مائة. وولده أحمد اشتغل بالفقه، وولي قضاء موزع مدة، فحمدت سيرته فيه. ولم أقف على تاريخ وفاته. 3753 - [أبو عمرو الشرعبي] (3) عثمان بن محمد أبو عمرو الشرعبي. تفقه بالقاضي محمد بن علي، وبابن عباس الشعبي. وكان فقيها عارفا، محققا، حسن الخلق، كثير البشاشة ممن يترجى بركة دعائه. قال الجندي: (وعنه أخذت غالب أخبار فقهاء تعزو نعوتهم، وكان قد جمع من أخبارهم عدة كراريس، فلما أخبرته بما جمعت .. أعجبه ذلك، وأعطاني الكراريس التي جمعها، فوجدته قد جمع من ذلك كثيرا، إلا أنه لم يذكر وفاة ولا ميلادا) (4). درس في أسدية تعز مدة طويلة إلى أن توفي سابع صفر سنة ثمان عشرة وسبع مائة.

(1) انظر (5/ 589). (2) «السلوك» (2/ 225)، و «العطايا السنية» (ص 429)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 76)، و «تحفة الزمن» (1/ 520)، و «هجر العلم» (2/ 983). (3) «السلوك» (2/ 126)، و «العطايا السنية» (ص 439)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 429)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 194)، و «تحفة الزمن» (1/ 454)، و «المدارس الإسلامية» (ص 137). (4) «السلوك» (2/ 126).

قال الجندي: (روى الفقيه عثمان بن محمد الشرعبي من لفظه-وكان ثقة-قال: ظهر من نواحي بعض بلاد مخلاف جعفر حنش عظيم ينبح نباح الكلب، فنزل على قرية قريبة من موضع ظهوره، فجعل يصيح بصوته حتى أفزع أهل القرية، وهموا بالانتقال عنها؛ لشدة ما داخلهم من الفزع من كبره وشدة صوته، فتقدم جماعة منهم إلى بعض صالحي بلدهم وشكوا إليه حالهم مع الحنش، وسألوه الدعاء، فقال: تقدموا بأجمعكم إلى جبل يقابل موضع الحنش، ثم هللوا ونادوا: يا الله يا ربنا؛ هذا الثعبان الذي أرسلته لا طاقة لنا به، فذهبوا وفعلوا ما أمرهم به، فبيناهم على ذلك الحال؛ إذ انقض طائر عظيم أبيض الجسد أصفر المنقار والمخالب، فجعل يحارب الثعبان، فإذا أقبل عليه الطائر .. نفخه الثعبان، فيخرج من فيه نار، فيهرب الطائر، فتحرق النار ما مرت به من شجر وغيره، ثم يعود الطائر عليه مسرعا، فيضرب رأسه بمخالبه، فلم يزالا كذلك ساعة جيدة حتى كان آخر أمره وقد تعب الحنش، فضرب الطائر رأسه بمخالبه حتى كاد يغيبها، ثم أتبع ذلك بمنقاره، فجعل الحنش يتضرب ساعة وهو ممسك له حتى مات، فتركه ميتا وطار عنه، فأقبل أهل القرية على الحنش، فوجدوا ما لم يروا ولا سمعوا بمثله، فجروه إلى جانب الموضع الذي كان فيه، وحفروا له حفيرا عظيما، وقلبوا الحنش إليه، ثم واروه بالتراب) (1)، كذا ذكر الجندي هذه الحكاية في ترجمة عبد الرحمن بن الحسن بن علي الحميري المذكور في آخر المائة السابعة (2)، وذكرها الخزرجي في ترجمة الفقيه عثمان بن محمد الشرعبي الراوي للقصة (3). قال أبو الحسن الخزرجي: (ولم أر لها تعلقا بترجمة الفقيه عبد الرحمن بن حسن الحميري) (4). فتبعت الخزرجي وذكرتها في ترجمة الفقيه عثمان، ويحتمل أن الذي أشار عليهم بصعود الجبل والابتهال إلى الله تعالى في دفع الحنش عنهم هو الفقيه عبد الرحمن الحميري؛ فلذلك ذكره الجندي في ترجمته، والله سبحانه أعلم.

(1) «السلوك» (2/ 161). (2) انظر (5/ 436). (3) انظر «طراز أعلام الزمن»: (2/ 194). (4) «طراز أعلام الزمن»: (2/ 194).

3754 - [منصور بن علي العزيزي]

3754 - [منصور بن علي العزيزي] (1) منصور بن الفقيه علي بن عمر بن إسماعيل بن زيد بن يحيى العزيزي. كان فقيها، نحويا لغويا، أصوليا فرضيا، مذكورا بالشجاعة ومكارم الأخلاق كأبيه، ويقول شعرا جيدا، وله قصيدة في المعتقد تبرأ فيها من كل معتقد يخالف السنة، وعرضها على الفقيه صالح بن عمر البريهي صاحب السفال، فارتضاها، وأخذها بقراءة بعض أصحابه على ناظمها بحضرته، وامتحن بقضاء الدملوة من قبل ابن الأديب. وتوفي في أول سنة ثمان عشرة وسبع مائة. 3755 - [محمد بن علي العزيزي] (2) محمد بن الفقيه علي بن عمر بن إسماعيل العزيزي، وتقدم ذكر أبيه وأخيه منصور (3). وخدم محمد هذا الدولة المؤيدية، وكان كاتب الإنشاء، ذا دراية ثاقبة، وله شعر حسن، وكان يحب أبناء جنسه من الفقهاء، ويعتني بحوائجهم. وتوفي غرة رجب من السنة المذكورة سنة ثمان عشرة وسبع مائة بعد وفاة أخيه منصور بأشهر. 3756 - [عمر بن أحمد الأصبحي] (4) عمر بن أحمد بن أسعد بن أبي بكر بن محمد بن عمر بن أبي الفتوح الأصبحي، صنو الإمام علي بن أحمد الأصبحي. كان المذكور أحد الحفظة للقرآن الكريم المذكورين بجودة الحفظ، وله مشاركة جيدة في الفقه.

(1) «السلوك» (2/ 414)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 306) و (1/ 428)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 312)، و «تحفة الزمن» (2/ 374)، و «هجر العلم» (1/ 116). (2) «السلوك» (2/ 413)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 306) و (1/ 429)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 312)، و «تحفة الزمن» (2/ 374)، و «هجر العلم» (1/ 116). (3) انظر ترجمة أبيه (5/ 461)، وأخوه منصور هو صاحب الترجمة التي قبل هذه. (4) «السلوك» (2/ 83)، و «العطايا السنية» (ص 506)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 396)، و «تحفة الزمن» (1/ 430)، و «هجر العلم» (2/ 721).

3757 - [القاسم بن محمد الفراوي]

وكان خطيب جامع الجند إلى أن توفي في ثامن شهر رمضان سنة ثمان عشرة وسبع مائة قبل وفاة أخيه إبراهيم بنحو عشرة أيام. 3757 - [القاسم بن محمد الفراوي] (1) القاسم بن محمد بن الحسين بن أبي السعود، الهمداني نسبا، الفراوي بلدا. كان فقيها عارفا، مشهورا بالصلاح والزهد والعبادة إلى أن توفي لخمس بقين من شعبان سنة ثمان عشرة وسبع مائة. وولد سنة خمس وثمانين وست مائة. وأخوه الحسين بن محمد بن الحسين ولد في ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وست مائة، وتفقه بأخيه أحمد الآتي ذكره في العشرين بعد هذه (2). قال الجندي: (وقرأ عليّ «بانت سعاد» بتخميس الظفاري وغير ذلك) (3). ولم أقف على تاريخ وفاته. 3758 - [محمد بن إبراهيم] (4) محمد بن إبراهيم بن سالم بن مقبل (5). تفقه بالفقيه إسماعيل الخلي، وقدم سهفنة، فأخذ عن فقيهها ابن جديل، وأخذ عن صالح بن علي الحضرمي وغيره.

(1) «السلوك» (2/ 221)، و «العطايا السنية» (ص 531)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 45)، و «تحفة الزمن» (1/ 518)، و «هجر العلم» (3/ 1614). (2) انظر (6/ 163). (3) «السلوك» (2/ 221). (4) «السلوك» (2/ 266)، و «العطايا السنية» (ص 68)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 432)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 65)، و «تحفة الزمن» (1/ 545)، و «هجر العلم» (2/ 759). (5) ذكر المصنف رحمه الله تعالى في وفيات سنة (702 هـ‍) ترجمة اتفقت في اسم صاحبها مع اسم صاحب هذه الترجمة إلى آخر النسب، مع تشابه بينهما في بعض الأمور، انظر (6/ 14)، وكل من ترجم ل‍ (محمد بن إبراهيم بن سالم) عدا صاحب «السلوك»، و «تحفة الزمن» .. ذكر عنه ما يوافق هذه الترجمة حتى في تاريخ الوفاة، كما في المصادر التي ذكرناها، ولعل اسم صاحب هذه الترجمة سقط من «السلوك»؛ لأن الجندي ذكر لصاحب هذه الترجمة تاريخي وفاة، ثم تبعه صاحب «تحفة الزمن»، والله أعلم.

3759 - [إبراهيم بن أحمد الأصبحي]

وكان فقيها دينا، عارفا مجتهدا، ذا مروءة، كثير البر والمعروف على أبناء الجنس. وتوفي بذي حران سنة ثمان عشرة وسبع مائة. 3759 - [إبراهيم بن أحمد الأصبحي] (1) إبراهيم بن أحمد بن أسعد بن أبي بكر بن محمد بن عمر بن أبي الفتوح بن علي بن أبي الفتوح أبو إسحاق الأصبحي. ولد تاسع ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وست مائة. وتفقه في بدايته بأخيه أبي الحسن علي بن أحمد الأصبحي، ثم ارتحل إلى أبين، فقرأ على الفقيه أبي بكر بن أحمد بن الأديب «التنبيه» و «المهذب» و «الوسيط» و «اللمع»، وانتفع بالقراءة عليه انتفاعا كثيرا. وتفقه به جماعة في لحج وأبين وعدن، وكان يتردد بينها، ثم رجع إلى بلده المعروفة بالذنبتين، فدرس في مسجدها مدة، ثم ارتحل إلى تعز لما اشتد به الوقت وضاق عليه الحال، فدرس في عدة من مدارسها. وكان فقيها بارعا، متنسكا تقيا، لم تعرف له صبوة، من أهل المروءة والفضل. وتوفي تاسع عشر شهر رمضان سنة ثمان عشرة وسبع مائة. 3760 - [الشيخ مظفر الشعبي] (2) الشيخ مظفر بن أحمد بن عثمان بن عبد الله بن محمد بن علي الشعبي. خلف أباه أحمد، وسار برعية بلده أحسن سيرة، ومشى على منهاج أبيه وجده في محبة العلماء والصالحين وفي فعل الخير إلى أن توفي عائدا من الحج سنة ثمان عشرة وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 82)، و «العطايا السنية» (ص 164)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 428)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 8)، و «تحفة الزمن» (1/ 429)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 1)، و «هجر العلم» (2/ 721)، و «المدارس الإسلامية» (ص 165). (2) «السلوك» (2/ 294)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 188)، و «تحفة الزمن» (1/ 563).

3761 - [عمر بن عبد الله الصريفي]

3761 - [عمر بن عبد الله الصريفي] (1) عمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعمان الصريفي. كان فقيها خيرا، وغلب عليه فن الفرائض. وتوفي عائدا من الحج سنة ثمان عشرة وسبع مائة. وأخوه محمد بن عبد الله كان فقيها خيرا فاضلا، تفقه بعبد الله بن إبراهيم بن علي بن عجيل حين كان ساكنا معهم في القرية. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته مع أخيه. 3762 - [عيسى الصالحي] (2) عيسى بن عبد الرحمن الصالحي المطعّم مسند الوقت، الشّرف (3). توفي سنة تسع عشرة وسبع مائة. 3763 - [محمد بن يحيى القرطبي] (4) محمد بن يحيى القرطبي أبو عبد الله العلامة، شيخ مالقة. تفرد بالسماع عن الكبار ومات بمالقة سنة تسع عشرة وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 373)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 431)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 211)، و «تحفة الزمن» (2/ 282)، و «هجر العلم» (1/ 383). (2) «دول الإسلام» (2/ 258)، و «معجم الشيوخ» (2/ 85)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 303)، و «مرآة الجنان» (4/ 258)، و «البداية والنهاية» (14/ 509)، و «الدرر الكامنة» (3/ 204)، و «شذرات الذهب» (8/ 94). (3) سمي بالمطعّم؛ لأنه كان يطعم الأشجار. (4) «الوافي بالوفيات» (5/ 205)، و «مرآة الجنان» (4/ 258)، و «الدرر الكامنة» (4/ 280)، و «شذرات الذهب» (8/ 95).

3764 - [أحمد بن عمر الحميري]

3764 - [أحمد بن عمر الحميري] (1) أحمد بن عمر أبو العباس الحميري. تفقه بالحميري فقيه ريمة، وكان المذكور فقيها فاضلا، زاهدا ورعا عابدا، امتحن بالعمى آخر عمره، وكان يسكن دمت العليا. وتوفي في رجب سنة تسع عشرة وسبع مائة. 3765 - [محمد بن أحمد الخلي] (2) محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف بن إبراهيم بن حسين بن حمّاد-بفتح الحاء المهملة، وتشديد الميم-ابن أبي الخل. تفقه بالإمام أحمد بن موسى بن عجيل، وكان فقيها عارفا، زاهدا ورعا، لم يتزوج مدة حياته. وتوفي سنة تسع عشرة وسبع مائة عن نحو ثمانين سنة (3)، ذكره الخزرجي استطرادا في ترجمة أبيه أحمد بن محمد المذكور، وذكر أن أباه المذكور كان فقيها فاضلا، عارفا بالفقه والفرائض، ويعرف بالمدرس؛ لأنه أول من درس من بني أبي الخل (4). ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في هذه الطبقة؛ تبعا لابنه محمد المذكور، والله سبحانه أعلم. 3766 - [أحمد بن عبد الله الشغدري] (5) أحمد بن عبد الله بن حسن بن عطية الشغدري.

(1) «السلوك» (2/ 259)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 434)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 134)، و «تحفة الزمن» (1/ 541)، و «هجر العلم» (2/ 633). (2) «السلوك» (2/ 336)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 433)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 162)، و «تحفة الزمن» (2/ 129)، و «هجر العلم» (1/ 172). (3) في «السلوك» (2/ 336)، و «تحفة الزمن» (2/ 129): توفي سنة (717 هـ‍). (4) انظر «طراز أعلام الزمن» (1/ 162). (5) «السلوك» (2/ 323)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 434)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 97)، و «تحفة الزمن» (2/ 104)، و «هجر العلم» (1/ 155) وقد اضطربت الأصول في هذه الترجمة وفي الترجمتين اللتين بعدها؛ لاضطراب المصادر التي نقل عنها المصنف رحمه الله تعالى، فما قيل في الأول قيل في الثاني وفي الثالث، ولم نهتد نحن أيضا إلى التمييز بينها، والله أعلم بالصواب.

3767 - [عبد الله بن حسن الشغدري]

ولد سنة إحدى وخمسين وست مائة. وتفقه بعم أبيه أحمد بن علي بن عطية، وولي قضاء المخلافة، ثم قضاء المهجم، ثم عزله ابن الأديب، فولي القضاء ببلده إلى أن توفي في رجب سنة تسع عشرة وسبع مائة. وكان فقيها نبيها، محمود السيرة في قضائه. وكان له ولد اسمه: أحمد، أفقه من أبيه، ولي قضاء المهجم أيام عبد الرحمن الظفاري، ثم عزله ابن الأديب برجل من الحضارم، وذكرته في طبقة أبيه تبعا. ولم أقف على تاريخ وفاته. 3767 - [عبد الله بن حسن الشغدري] (1) عبد الله بن حسن بن عطية أبو محمد الشغدري. ولد سنة إحدى وخمسين وست مائة. وتفقه بعم أبيه أحمد بن علي الشغدري، وكان فقيها فاضلا. ولي قضاء المخلافة، ثم نقل إلى قضاء المهجم من قبل القاضي محمد بن أبي بكر اليحيوي، فلما تولى ابن الأديب .. عزله عن قضاء المهجم، واستمر على قضاء بلده المخلافة إلى أن توفي في شهر رجب من سنة تسع عشرة وسبع مائة. 3768 - [أحمد بن عبد الله الشغدري] (2) أحمد بن عبد الله بن حسن بن عطية الشغدري. كان فقيها فاضلا، يقال: إنه أفقه من أبيه. ولي قضاء المهجم أيام القاضي عبد الرحمن الظفاري، فلما عاد ابن الأديب .. عزله وولى بعض الحضارم، وهو الذي كان ولاه حين عزل أباه عبد الله بن حسن عن قضاء المهجم. ولم أقف على تاريخ وفاة الولد، فذكرته في طبقة أبيه.

(1) «السلوك» (2/ 323)، و «العطايا السنية» (ص 392)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 434)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 101)، و «تحفة الزمن» (2/ 104)، و «هجر العلم» (1/ 149). (2) «السلوك» (2/ 323)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 101)، و «تحفة الزمن» (2/ 104)، و «هجر العلم» (1/ 155).

3769 - [الشريف حميضة]

3769 - [الشريف حميضة] (1) الشريف حميضة بن أبي نمي الحسني صاحب مكة المشرفة. كانت له سطوة وإقبال، وسعادة عاجلة. وكان يقول: لأبي نمي خمس فضائل: الشجاعة والكرم والحلم والشعر والسعادة، قال: فورث هذه الخمسة خمسة من أولاده، فالشجاعة لعطيفة، والكرم لأبي الغيث، والحلم لرميثة، والشعر لشميلة، والسعادة لي، حتى لو قصدت جبلا .. لدهكته. كان قد نزع عن طاعة السلطان الملك الناصر، وتولى مكة أخوه عطيفة، وجاء بجيش يريد أخذ مكة، وقتل جماعة من الفقهاء والمجاورين على ما قيل، فخرج إليه إخوته عطيفه وعطاف وآخر من إخوته مع عسكر ضعيف، فنصرهم الله عليه وكسروه، وانهزم ولم يكن قبل ذلك يكسر، بل كانت العرب تهابه هيبة عظيمة، ثم بعد كسرته المذكورة بأيام يسيرة قتله جندي، التصق به بالبرية فقتله غيلة وهو نائم، ثم قتل السلطان الجندي لغدره. قال الشيخ اليافعي: (ويقال: إن ذلك من تحت مكيدة السلطان، جاء إليه الجندي في صورة هارب من السلطان) (2). وكان قتله في سنة عشرين وسبع مائة. 3770 - [أبو العباس الأحنف] (3) إبراهيم بن أبي بكر بن عمر أبو إسحاق الأحنف. تفقه بأخيه أحمد وغيره، وأمّ بالمدرسة الشرفية بذي جبلة. وكان فقيها فاضلا، زاهدا ورعا متواضعا، جامعا لخصال الخير. توفي لخمس بقين من رجب سنة عشرين وسبع مائة، والشرفية منسوبة إلى الأمير شرف الدين موسى بن علي بن رسول رحمه الله.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 259)، و «العقد الفريد» (4/ 232)، و «الدرر الكامنة» (2/ 78)، و «شذرات الذهب» (8/ 97). (2) «مرآة الجنان» (4/ 259). (3) «السلوك» (2/ 178)، و «العطايا السنية» (ص 166)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 435)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 17)، و «تحفة الزمن» (1/ 491)، و «المدارس الإسلامية» (ص 75).

3771 - [موسى ابن عجيل]

3771 - [موسى ابن عجيل] (1) موسى بن الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل. تفقه بأبيه، وكان فقيها عارفا. توفي سادس شعبان سنة عشرين وسبع مائة. 3772 - [عبد المؤمن البارقي] (2) عبد المؤمن بن عبد الله بن راشد أبو محمد البارقي ثم النهمي، نسبة إلى عرب يسكنون بلد بني شهاب يعرفون ببني بارق، نسبة إلى عمرو بن براقة أحد رؤساء العرب الذين قتلوا مع الحسين بن علي رضي الله عنهما، وفيه يقول بعض قومه: [من البسيط] عمرو بن براقة النهمي يرفعها … عن الحسين وإن أنكرته فسل قاله الجندي (3). وقال الخزرجي: (الظاهر أنه منسوب إلى قيل معروف من الأزد، نزلوا على ماء بالسراة يقال له: بارق، فسموا به، كما أن غسان سميت بالماء الذي نزلت عليه) (4). قال الجندي: (وكان عبد المؤمن قد رسخ في السمعلة، وأقام بها إلى أن صار ابن خمسين سنة، ثم تشكك في كونه على حق أو باطل، فجعل يزور المساجد المشهورة والترب المباركة، ويسأل الله أن يريه الحق حقا ويرزقه اتباعه، قال: فخرجت مرة من صنعاء لزيارة تربة الفقيه منصور بن جبر، فلما وقفت على قبر الفقيه، فقلت: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، لا إله إلا الله .. رأيت الفقيه خرج من قبره من رأسه إلى سرته وقال لي: صدقت، لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقلت له: يا فقيه منصور؛ هل أنا صادق فيما قلت؟ قال: نعم، والعلامة تصبح غدا في يمينك إن شاء الله تعالى، فلما أصبحت ..

(1) «السلوك» (1/ 423)، و «العطايا السنية» (ص 645)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 438)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 183)، و «تحفة الزمن» (1/ 346). (2) «السلوك» (2/ 305)، و «العطايا السنية» (ص 432)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 436)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 170)، و «تحفة الزمن» (1/ 577). (3) انظر «السلوك» (2/ 305). (4) «طراز أعلام الزمن» (2/ 170).

3773 - [أحمد بن عبد الرحمن باعلوي]

تأملت كفي، فوجدت فيها مكتوبا «لا إله إلا الله» سطر، و «محمد رسول الله» سطر آخر، فلما وفقه الله للحق، ومالت نفسه إلى مذهب الشافعي .. هم الإسماعيلية بقتله، فتقدم إلى القاضي يومئذ وهو عمر بن سعيد، وأخبره أنه يريد الدخول في مذهب أهل السنة، لكنه يخشى من الشيعة، فتقدم به القاضي إلى الأمير سنجر الشعبي، وأخبره بالقصة، فقال: من سكب عليه كوز ماء .. سكبنا عليه كوزا من دم، فتاب على يد القاضي بحضرة الأمير، وأخذ منهما العهود على حمايته ورعايته، فلما توثق منهما .. تظاهر بمذهب أهل السنة، وجعل يسب الشيعة ويذكر قبائح مذهبهم، فسعوا في هلاكه، فحماه الله منهم بالدولة) (1). وكان مباركا زاهدا، ورعا قنوعا، يقال: إنه لازم الاعتكاف في جامع صنعاء أربعين سنة، وكان عارفا بالنحو واللغة، منتهيا في ذلك، قرأ كتب الحديث، وبعض كتب الفقه، و «بداية الهداية»، قال: رأيت بعد خروجي من مذهب الإسماعيلية في المنام كأن رجلين جميلين أتياني ومعهما شيء كالعطب المنفوش، فدساه في منخري حتى أفرغاه، فقصصت ذلك على السيد السراجي، فقال: ذاك الإيمان غرز في باطنك. قال الخزرجي: (وله أرجوزة في معرفة ما يكتب بالظاء خاصة مفيدة، يقول في أولها: يقول عبد المؤمن المستفتح … بحمد رب العرش كيما ينجح ثم الصلاة والسلام السرمدي … على النبي المصطفى محمد إني رأيت النطق بالظاءات … ملتبسا بالنطق بالضادات فاخترت ضبط الظاء حتى تعرفا … والضاد بعد ليس فيه من خفا وأتمها على هذا الأسلوب، ورتبها على ترتيب حروف المعجم) (2). ولم يزل على الطريق المرضي إلى أن توفي سلخ صفر سنة عشرين وسبع مائة. 3773 - [أحمد بن عبد الرحمن باعلوي] (3) أحمد بن عبد الرحمن بن علي بن الشيخ الفقيه محمد بن علي باعلوي الشريف الحسيني، الفقيه الأجل، العالم العامل.

(1) «السلوك» (2/ 305). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 172). (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 129)، و «تاريخ شنبل» (ص 114)، و «المشرع الروي» (2/ 62).

3774 - [محمد بن عبد الوهاب العريقي]

قال الخطيب: (كان رحمه الله عالما فاضلا، زاهدا ورعا، شريفا متواضعا) (1). توفي يوم الربوع ثامن عشر ربيع الآخر سنة عشرين وسبع مائة، وذكر له في «الجوهر الشفاف» كرامات (2). 3774 - [محمد بن عبد الوهاب العريقي] (3) الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن رشيد بن عزان العريقي، صاحب العودرية. ولي المشيخة بعد أخيه مبارز مقدم الذكر في أواخر المائة التي قبل هذه (4)، وكان المذكور من أعيان المشايخ على النحو من طريقة مبارز، وهو الذي رباه إلى أن قتل في ذي القعدة من سنة عشرين وسبع مائة. فخلفه ابنان له: أحمد، وهو الأكبر، وكان مشهورا بالجود والكرم، وعلي، وكان فارسا شجاعا. ولم أتحقق تاريخ وفاتهما. 3775 - [عثمان صاحب الحود] (5) عثمان بن محمد صاحب الحود، بضم الحاء المهملة، وإسكان الواو، وآخره دال مهملة. كان مشهورا بالصلاح. وتوفي على رأس عشرين وسبع مائة. وخلفه ولده محمد، كان معروفا بالخير والصلاح أيضا، وأصله من بلاد السلاطين المعروفة بعتمة-بضم العين المهملة، ومثناة من فوق-وهم قوم من خولان، أهل رئاسة سامية، ومكارم مشهورة، والله أعلم.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 129). (2) انظر «الجوهر الشفاف» (1/ 129). (3) «السلوك» (2/ 209)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 176). (4) لم نجده في أواخر تلك المائة، وقد توفي لنيف وتسعين وست مائة، انظر ترجمته في «السلوك» (2/ 209)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 176). (5) «السلوك» (2/ 298)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 195)، و «تحفة الزمن» (1/ 566).

3776 - [سليمان بن محمود التاجر]

3776 - [سليمان بن محمود التاجر] (1) التاجر الفاضل سليمان بن محمود بن أبي الفضل. وكان حسن الخلق، كثير الصدقة، يفعل الخير للأكابر والأصاغر عموما، وقل من يدخل [عدن] بطلب معروف إلا ويقصده، وقبر إلى جنب الصفي الحرازي. توفي بعدن في شهر المحرم أول سنة عشرين وسبع مائة. 3777 - [عبد الله ابن خليل المكي] (2) عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل المكي المحدث القدوة. ولد سنة أربع وتسعين وست مائة. وهو غاية في الورع والدين، والانقباض عن الناس، وحسن السمت، والتعفف، وهو جيد الفقه، قوي المذاكرة في الرجال، كثير العلم، ثم دخل في المنطق، فالله يسلمه. 3778 - [أبو العباس الواقدي] (3) أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن مياس أبو العباس الواقدي. كان فقيها فاضلا، من أعيان أهل زمانه كرما وفضلا، ورئاسة ونبلا، ما صحب أحدا .. إلا وكان له عليه الفضل، وما قصده قاصد .. إلا وأعطاه ما يؤمله. ولي قضاء لحج غرة المحرم سنة اثنتي عشرة وسبع مائة، فلما كان سنة أربع عشرة، واستمر القاضي جمال الدين محمد اليحيوي في القضاء الأكبر .. حصل بينه وبينه تشويش، سببه: أن الفخر ابن الفارسي وعضده الفاروق صهر الفقيه أحمد ما برحا يكرران حديثه على القاضي اليحيوي حتى استدعاه إلى تعز بعنف، وطلع جماعة من أهل لحج يشكونه، فبينا

(1) «تاريخ ثغر عدن» (2/ 98). (2) توفي صاحب الترجمة سنة (777 هـ‍)، وسيترجم له المصنف رحمه الله تعالى في مكانه الصحيح بترجمة وافية؛ فانظر مصادر ترجمته (6/ 314). (3) «السلوك» (2/ 441)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 169)، و «تحفة الزمن» (2/ 407)، و «هجر العلم» (1/ 141).

3779 - [الحسين السودي]

هو في محاققتهم عند القاضي؛ إذ قبض عليه السلطان وصادره، فندم القاضي اليحيوي على طلبه حين لا ينفع الندم، وأقام في الترسيم والمصادرة عدة سنين، وعاقب الله كل من ساعد على طلبه في قضيته بالمصادرة، فصودر القاضي جمال الدين اليحيوي، وصودر الفاروق صهره، وصودر الفخر ابن الفارسي كما هو مذكور في تراجمهم. ولم أقف على تاريخ وفاة ابن مياس، وإنما ذكرته هنا؛ لكونه موجودا في هذه العشرين. 3779 - [الحسين السودي] (1) الحسين بن أبي بكر بن حسين-وقيل: ابن علي-السّودي، نسبة إلى بني سود، بفتح السين. تفقه بسليمان بن الزبير، وغلب عليه النسك والعبادة وسلوك الطريق. وكان فقيها عالما، فاضلا ورعا زاهدا، معظما عند الناس، له كرامات كثيرة، وكان ينكر على الفقراء الرقص والسماع، وبلغ ملوك اليمن عنه أنه يتصل بأئمة الزيدية، فكرهوه، وهموا باعتقاله، فسلمه الله منهم. قال الخزرجي: (ولم أقف على تاريخ وفاته، وكان موجودا سنة اثنتين وسبع مائة، وقيل: إنه توفي لبضع وسبع مائة) (2). 3780 - [أبو الطيب المغلسي] (3) طاهر بن عبيد بن منصور بن أحمد أبو الطيب المغلّسي، من معشار أنور. كان فقيها أصوليا، نحويا لغويا، محدثا محققا، متعففا، قانعا من الدنيا بما اتفق

(1) «السلوك» (2/ 315)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 366)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 349)، و «طبقات الخواص» (ص 127)، و «هجر العلم» (3/ 1765). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 350)، وذكره في «العقود اللؤلؤية» (1/ 366) في وفيات سنة (704 هـ‍). (3) «السلوك» (2/ 189)، و «العطايا السنية» (ص 358)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 17)، و «تحفة الزمن» (1/ 499)، و «طبقات الخواص» (ص 161)، و «هجر العلم» (2/ 1053)، و «المدارس الإسلامية» (ص 190).

3781 - [عبيد بن أحمد المغلسي]

منها، سأله القاضي موفق الدين علي بن محمد اليحيوي وزير المؤيد أن يلي القضاء بعدن، فلم يجبه إلى ذلك، فبعث إليه بشيء من الدنيا، فلم يأخذه ورده على الوزير. وكان لا يتعرض لأحد من أبناء الدنيا في شيء، فركبه دين عظيم، فاستمر مدرسا بشنين في مدرسة الشيخ عمر بن منصور الحبيشي بلدا والقسيمي؛ لما به من الضرورة، وكان يقتات من أرضه، ويصرف ما يحصل له من المدرسة في قضاء الدين، فلما انقضى دينه، ولم يبق منه شيء .. ترك المدرسة، وعاد إلى بلده. قال الجندي: (اجتمعت به مرارا، فوجدته كاملا في العلم والصلاح وسلامة الصدر، انتفع به جماعة من أهل بلده وغيرهم، منهم ابن أخيه عبيد بن أحمد بن عبيد الله الآتي ذكره) (1). ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين. وشنين-بفتح الشين المعجمة، ونونين الأولى منهما مكسورة بينهما مثناة من تحت ساكنة-قرية معروفة، والقسيمي، نسبة إلى موضع يسمى: قسيم، بضم القاف، وفتح السين المهملة، وسكون المثناة من تحت، ثم ميم (2). 3781 - [عبيد بن أحمد المغلّسي] (3) عبيد بن أحمد بن عبيد بن منصور بن أحمد المغلّسي، من معشار أنور. أخذ عن عمه طاهر بن عبيد مقدم الذكر (4)، وكان فقيها مرضيا. جعله القاضي أبو بكر بن محمد بن عمر اليحيوي حاكما بجبلة، فلم يزل حاكما بها إلى أن تولى القضاء الأكبر ابن الأديب، فعزله. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين.

(1) «السلوك» (2/ 190)، وترجمة (عبيد بن أحمد) تأتي بعد هذه الترجمة. (2) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 17)، وفي «السلوك» (2/ 189): (والقسيمي نسبا إلى رجل اسمه قسيم). (3) «السلوك» (2/ 190)، و «العطايا السنية» (ص 431)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 17)، و «تحفة الزمن» (1/ 500). (4) صاحب الترجمة السابقة.

3782 - [عبد الرحمن ابن عجيل]

3782 - [عبد الرحمن ابن عجيل] (1) عبد الرحمن بن الفقيه إبراهيم بن علي بن عمر بن عجيل. كان فقيها كبيرا، عارفا محققا مدرسا، انتفع به خلق كثير من الطلبة، وكان أوحد أهل زمانه علما وعملا. توفي لنيف وسبع مائة، وتقدم ذكر أبيه في العشرين الثالثة من المائة السابعة (2). وكان للفقيه عبد الرحمن أخ يسمى: عبد الله، كان فقيها مجودا، ولم أقف على تاريخ وفاته (3). 3783 - [عبد الرحمن النزيلي] (4) عبد الرحمن النّزيلي، أحد فقهاء بني نزيل-بضم النون، وفتح الزاي، وسكون المثناة، وآخره لام-وهم بيت علم يسكنون جبل تيس، وكان عبد الرحمن هذا مسكنه رهبان، بضم الراء، وسكون الهاء، وفتح الموحدة، ثم ألف ونون. كان فقيها مشهورا بالصلاح، وكان له ابن تفقه ثم حج، فلما قضى حجه ورجع .. توفي في البحر سنة سبع عشرة وسبع مائة. ولم أقف على تاريخ وفاة عبد الرحمن المذكور. 3784 - [أبو الفرج ابن أبي الخل] (5) عبد الرحمن بن يوسف بن أحمد بن محمد بن يوسف بن أبي الخل المكنى: أبا الفرج.

(1) «السلوك» (1/ 423)، و «العطايا السنية» (ص 414)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 49)، و «تحفة الزمن» (1/ 346)، و «هجر العلم» (1/ 226). (2) انظر (5/ 212). (3) كذا في «العطايا السنية» (ص 414) و «طراز أعلام الزمن» (2/ 49)، وفي «السلوك» (1/ 423) و «تحفة الزمن» (1/ 346) ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى عن عبد الرحمن هو في وصف عبد الله، ولم يذكرا عن عبد الرحمن شيئا. (4) «السلوك» (2/ 324)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 77)، و «تحفة الزمن» (2/ 109)، و «هجر العلم» (3/ 1774). (5) «السلوك» (2/ 338)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 78)، و «تحفة الزمن» (2/ 134)، و «هجر العلم» (1/ 172).

3785 - [أبو محمد السودي]

كان فقيها عارفا، كاملا محدثا، تفقه بابن عمه أحمد، وبعلي بن إبراهيم البجلي. عاش إلى سنة عشرين وسبع مائة، ولم أقف على تاريخ وفاته. وكان ابن عمه محمد بن عبد الرحمن فقيه قومه والمدرس فيهم، وإليه انتهت رئاسة الفتوى، وكان فقيها ورعا، عابدا زاهدا، له رياضة مذكورة، وكرامات مشهورة. 3785 - [أبو محمد السودي] (1) عبد الله بن السّودي-بفتح السين المهملة-أبو محمد. كان فقيها خيرا، عابدا زاهدا، سكن موضعا من أعمال المهجم يقال له: القناوص، بفتح القاف والنون، ثم ألف، ثم واو مكسورة، ثم صاد مهملة. وشي به إلى المؤيد أنه يدعو أهل تهامة إلى الدخول في مذهب الزيدية، فقبض عليه والي المهجم بإشارة السلطان، وأرسله تحت الحفظ إلى زبيد والمؤيد يومئذ بها، فسجنه أياما، ثم أخرج من السجن بشرط ألا يخرج من زبيد إلا بفسح من السلطان. قال الجندي: (ولما محنت بحسبة زبيد .. اجتمعت به فيها سنة خمس عشرة وسبع مائة، فرأيته رجلا مباركا، حسن الألفة، عالي الهمة، صبورا على إطعام الطعام مع الغربة والأسر، وكان مع ذلك يقرأ كتب الحديث هو وأخوه يوسف على الفقيه أحمد بن أبي الخير، ولم يزل مقيما بزبيد على أحسن سيرة إلى سنة ثمان عشرة، فأذن له المؤيد في العود إلى بلده وأهله بعد أن أحضره إلى مقامه وسأله عن حاجة يقضيها له، فلم يقترح على السلطان إلا أن يكون الفقيه محمد بن أحمد العجمي خطيبا في جامع زبيد، فأجابه إلى ذلك) (2). فأقام الفقيه في قريته على عادته من الإطعام والقيام والصيام إلى أن توفي بها، ولم أقف على تاريخ وفاته. وامتحن الله كل من تعصب على الفقيه وكاده بمحن كثيرة؛ نصفة من الله تعالى للفقيه.

(1) «السلوك» (2/ 316)، و «العطايا السنية» (ص 400)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 111)، و «تحفة الزمن» (2/ 95)، و «هجر العلم» (3/ 1765). (2) «السلوك» (2/ 316).

3786 - [محمد ابن زكريا]

وكان أخوه يوسف المذكور فقيها ذكيا، ذاكرا للفقه، فيه مروءة وإحسان كثير كما في أخيه، ولم أقف على تاريخ وفاته أيضا. 3786 - [محمد ابن زكريا] (1) محمد بن عمر بن الفقيه عبد الرحمن ابن زكريا. ولد سنة سبع وستين وست مائة. وتفقه بعلي بن إبراهيم البجلي. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة ابن عمه عبد الرحمن (2). 3787 - [أبو بكر ابن زكريا] (3) أبو بكر بن محمد بن أبي بكر بن عمر، قال الجندي: (ولعله عمر بن يحيى بن زكريا) (4). تفقه أولا بعلي بن إبراهيم البجلي، ثم أكمل تفقهه بابن الأحمر. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة ابن عمه. 3788 - [أسعد بن إبراهيم] (5) أسعد بن إبراهيم، خطيب قرية جرانع وإمام جامعها. تفقه بجبا وبتهامة، وقرأ على البهاء الجندي «الخطب النباتية». قال الجندي: (وكان فقيها فاضلا).

(1) «السلوك» (1/ 412)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 261)، و «تحفة الزمن» (1/ 336)، و «هجر العلم» (2/ 1145). (2) هو عبد الرحمن بن الجنيد، تقدمت ترجمته (6/ 46). (3) «السلوك» (1/ 412)، و «العطايا السنية» (ص 185)، و «تحفة الزمن» (1/ 336)، و «هجر العلم» (2/ 1145). (4) «السلوك» (1/ 412). (5) «السلوك» (2/ 279)، و «تحفة الزمن» (1/ 553)، و «هجر العلم» (1/ 372).

3789 - [علي بن أبي بكر السكسكي]

3789 - [علي بن أبي بكر السكسكي] (1) علي بن أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن يحيى السكسكي. كان فقيها بارعا، عارفا متقنا، إليه انتهت رئاسة التدريس والفتوى، وربما كان أكثر تلقيا للأصحاب، وإيناسا لهم، وصبرا عليهم. قال الجندي: (سألته عن ميلاده، فقال: سنة ثلاث وسبعين وست مائة) (2). 3790 - [يوسف بن أبي بكر السكسكي] (3) يوسف بن أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن يحيى السكسكي. ولد سنة سبع وثمانين وست مائة. وكان فقيها فاضلا، متفننا، عارفا بالفرائض، معروفا بالخير، وفعل المعروف، وأداء الأمانة بحيث كان غالب ودائع أهل الجهة تكون عنده. ولم أقف على تاريخ وفاته ولا وفاة أخيه علي (4). 3791 - [علي بن الشقراء] (5) علي بن الشقراء بن أبي الحوافر. كان فقيها عالما، نحويا لغويا، طبيبا ماهرا، عارفا محققا، يقال: إن بعض سفراء اليمن سأل صاحب مصر عن طبيب، فقال: وما تريدون منه ومعكم ابن أبي الحوافر؟ ! وكان إذ ذاك باليمن.

(1) «السلوك» (1/ 391)، و «العطايا السنية» (ص 469)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 241)، و «تحفة الزمن» (1/ 316)، و «هجر العلم» (1/ 297). (2) «السلوك» (1/ 391). (3) «السلوك» (1/ 391)، و «العطايا السنية» (ص 688)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 14)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 78)، و «تحفة الزمن» (1/ 316)، و «هجر العلم» (1/ 297). (4) في جميع المصادر عدا «طراز أعلام الزمن»: توفي يوسف بن أبي بكر سنة (723 هـ‍). (5) «السلوك» (2/ 148)، و «العطايا السنية» (ص 472)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 289)، و «تحفة الزمن» (1/ 468)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 151).

3792 - [عمر بن أحمد الوصابي]

قال الجندي: (ما علمت طبيبا سنيا ورد اليمن مثله (1). قال: وكان صاحب محفوظات، منها ما أنشدنيه بعض الأصحاب عنه: [من البسيط] ما غيّر السّرج أخلاق الحمير ولا … نقش البراذع أخلاق البراذين كم بغلة نجبت من دون والدها … وكم عمائم خزّ فوق يقطين قدم اليمن سنة خمس عشرة وسبع مائة، فأقام بها سنتين، ولم يطب له اليمن، فرجع إلى مصر بعد أن باع شيئا من كتبه) (2). 3792 - [عمر بن أحمد الوصابي] (3) عمر بن أحمد بن الفقيه محمد بن عمر بن أحمد بن عمر الذئابي الوصابي. كان فقيها فاضلا عارفا، يحفظ «التنبيه» استظهارا، أقام بتهامة مدة، وولي قضاء موزع ونواحيها، وكان حسن السيرة، وتفقه به جماعة. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في أوائل هذه المائة ظنا. 3793 - [أبو بكر ابن دينار] (4) أبو بكر بن عبد الله بن أبي بكر بن دينار. كان فقيها عارفا. قال الجندي: (اجتمعت به في سنة خمس عشرة وسبع مائة، فوجدته عارفا، فقيها كاملا) (5). ولم أقف على تاريخ وفاته، وقد تقدم ذكر أبيه وعمه آخر المائة التي قبل هذه (6).

(1) في «السلوك» (2/ 148): (طبيبا نطاسيا)، وفي باقي المصادر كما هنا، والنطاسي: الحاذق بالطب. (2) «السلوك» (2/ 148). (3) «السلوك» (2/ 297)، و «العطايا السنية» (ص 513)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 398)، و «تحفة الزمن» (1/ 565)، و «هجر العلم» (4/ 2157). (4) «السلوك» (2/ 382)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 401)، و «تحفة الزمن» (2/ 348). (5) «السلوك» (2/ 382). (6) انظر (5/ 503).

3794 - [أبو بكر بن غازي]

3794 - [أبو بكر بن غازي] (1) أبو بكر بن غازي. تفقه بتهامة على الحضارم، وعلى الفقيه علي بن الحسين الوصابي. وكان فقيها صالحا، ودرس بالعرمة بمدرسة بناها محمد بن سليمان بن حميد الصهباني أو أبوه، ولما تفقه عمر بن محمد بن سلمان .. سعى في تنفير الفقيه أبي بكر بن غازي عن المدرسة-ليستولي عليها-بالإيذاء والتنكيد، فلما طال ذلك على الفقيه أبي بكر .. فارق المدرسة، ودعا على الولد المذكور، فاستولى عمر على المدرسة، ولم يفلح بعدها. ولم أقف على تاريخ وفاة أبي بكر المذكور. 3795 - [عمر بن محمد المتوجي] (2) عمر بن محمد بن عبد الله بن عمران المتوّجي-بضم الميم، وفتح المثناة فوق، وفتح الواو المشددة، ثم جيم، ثم ياء النسب-ثم المراني ثم الخولاني. ولد سنة ست وأربعين وست مائة. وكان فقيها فاضلا عارفا، تغلب عليه العبادة والعزلة عن الناس. درس بتعز في المدرسة العمرية، وكلفه دين عظيم، فارتحل إلى عدن؛ سعيا في قضائه، فتوفي عقيب وصوله إليها، ودفن عند مصلى العيد وقبر الشيخ ابن أبي الباطل (3). 3796 - [عمر بن محمد النحوي] (4) عمر بن محمد بن عمر بن سعيد النحوي.

(1) «السلوك» (2/ 256)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 448)، و «تحفة الزمن» (1/ 539)، و «المدارس الإسلامية» (ص 215). (2) «السلوك» (2/ 127)، و «العطايا السنية» (ص 508)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 391)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 449)، و «تحفة الزمن» (1/ 454)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 180)، و «المدارس الإسلامية» (ص 116). (3) لم يذكر المصنف رحمه الله تعالى تاريخ وفاته، وفي جميع المصادر: توفي سنة (709 هـ‍). (4) «السلوك» (2/ 126)، و «العطايا السنية» (ص 507)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 451)، و «تحفة الزمن» (1/ 453).

3797 - [القاسم بن علي الركبي]

كان فقيها فاضلا، جامعا لفنون العلم من الفقه والفرائض والحساب والطبّ. صحب الواثق بن المظفر، وسار معه إلى ظفار لما أقطعه إياها والده، فلما توفي الواثق .. لم تطب له ظفار، فعاد إلى اليمن، وكان عدلا أمينا. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين يقينا. 3797 - [القاسم بن علي الركبي] (1) القاسم بن علي بن القاسم الركبي. تفقه بالإمام أبي الحسن الأصبحي، فلما توفي الأصبحي .. تقدم إلى تهامة، فأخذ بها عن ابن الصريدح، ثم طلع الجبل، وولي قضاء الجند. وكان فقيها فاضلا، عارفا، ولم يزل على قضاء الجند إلى أن تولى ابن الأديب القضاء الأكبر في سنة ست عشرة وسبع مائة، فعزله عن قضاء الجند، وجعل مكانه محمد بن قيصر الآتي ذكره (2). ولم أقف على تاريخ وفاة القاسم. 3798 - [كهلان بن أحمد] (3) كهلان بن أحمد بن يوسف بن خلدوا أبو زيد. ولد سنة تسع وسبعين وست مائة. وتفقه بعثمان الجبائي، وكان فقيها فاضلا، عارفا كاملا، ولي قضاء بلده، ثم فصله ابن الأديب. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين. قال الجندي: (ومن بني خلدوا جماعة منهم منيف وشرف، تفقها بفقيه يعرف بابن سويد، كان مسكنه قرية السعة من أعمال السمدان، والله سبحانه أعلم) (4).

(1) «السلوك» (2/ 64)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 21)، و «تحفة الزمن» (1/ 418)، و «هجر العلم» (4/ 2380). (2) لم نجده فيما يأتي، انظر ترجمته في «السلوك» (2/ 64)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 273)، و «تحفة الزمن» (1/ 418). (3) «السلوك» (2/ 416)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 49)، و «تحفة الزمن» (2/ 376). (4) «السلوك» (2/ 416).

3799 - [محمد بن إبراهيم الزنجاني]

3799 - [محمد بن إبراهيم الزنجاني] (1) محمد بن إبراهيم بن إسماعيل الزنجاني-نسبة إلى زنجان، بلدة عظيمة من بلاد العجم- التيمي، نسبة إلى تيم قريش، وقيل: إنه صديقي، قدم أبوه من زنجان إلى شيراز فاستوطنها، وظهر له بها محمد المذكور، فأخذ عن الإمام ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي. وكان إماما فاضلا، شرح مصنفات إمامه ك‍ «الغاية القصوى» و «المنهاج» و «الطوالع» و «المصباح» واختصر «المحرر»، وله كتاب في التفسير. قال الجندي: (قدم اليمن رسولا في الدولة المؤيدية مرتين، الثانية منهما سنة ثمان عشرة وسبع مائة، وانتفع به الناس في الدين والدنيا. قال: فأخذت عنه بعدن «الرسالة الجديدة» للشافعي، و «الأحاديث السباعية»، وجملتها أربعة عشر حديثا، وممن أخذ عنه عبد الرحمن بن علي بن سفيان، وسالم بن عمران بن أبي السرور، ومحمد بن عثمان الشاوري وغيرهم. قال: ولم أر مثله في الفقهاء القادمين من العجم شرف نفس، وعلو همة، ما قصده طالب حاجة فرجع خائبا. اجتمع بالمؤيد في زبيد، ثم عاد إلى بلده، وبلغني الآن أنه قاضي شيراز، وكان من أكابر أصحاب البيضاوي) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته (3). 3800 - [محمد ابن صبيح] (4) محمد بن أبي بكر بن صبيح. كان فقيها، معروفا بالخير والدين، ولي قضاء حيس مدة، فلما توفي .. خلفه ابنه

(1) «السلوك» (2/ 435)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 60)، و «تحفة الزمن» (2/ 389)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 193)، و «هدية العارفين» (6/ 144). (2) «السلوك» (2/ 435). (3) في «هدية العارفين» (6/ 144): توفي سنة (721 هـ‍). (4) «السلوك» (2/ 384)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 122)، و «تحفة الزمن» (2/ 351).

3801 - [محمد بن أبي بكر الدمتي]

أبو بكر بن محمد في القضاء، فساءت سيرته، فعزله بنو محمد بن عمر. ولم أقف على تاريخ وفاة واحد منهما، وإنما ذكرتهما هنا؛ لأن ولاية بني محمد بن عمر القضاء الأكبر في أواخر المائة السابعة أول ولاية المؤيد إلى نحو خمس عشرة سنة من المائة الثامنة. 3801 - [محمد بن أبي بكر الدمتي] (1) محمد بن أبي بكر، من أهل دمت. تفقه بأهل تعز، وولي قضاء حيس، ثم نقل إلى الكدراء، وكل ذلك في ولاية بني محمد بن عمر القضاء. 3802 - [محمد بن عمر الوجيهي] (2) محمد بن عمر الوجيهي، من أهل قرامد، قرية من قرى الجند. تفقه بابن التّؤيم محمد بن سليمان بن علي بن أسعد، قرأ عليه الفرائض و «التنبيه» و «المهذب» و «البخاري» و «الشريعة» للآجري. وكان فقيها مجتهدا في طلب العلم، يعرف الفرائض معرفة مليحة. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان في أوائل هذه المائة ظنا. 3803 - [أحمد بن عبد الرحمن العامري] (3) أحمد بن عبد الرحمن بن علي العامري. تفقه بابن التّؤيم المذكور، قرأ عليه «التنبيه» و «المهذب» والفرائض و «الشريعة» للآجري. وكذلك والده عبد الرحمن، تفقه بابن التّؤيم أيضا، وكانا فقيهين خيرين، ولم أقف على تاريخ وفاتهما، إلا أنهما كانا في أوائل هذه المائة ظنا.

(1) «السلوك» (2/ 384)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 122)، و «تحفة الزمن» (2/ 351). (2) «السلوك» (2/ 93)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 196)، و «تحفة الزمن» (1/ 436). (3) «السلوك» (2/ 93)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 196)، و «تحفة الزمن» (1/ 436).

3804 - [محمد بن عبد الله العلهي]

3804 - [محمد بن عبد الله العلهي] (1) محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن أحمد بن مقبل الدثيني العلهي. كان فقيها نبيها، عارفا مجودا. قال الجندي: (قدمت بلدهم سنة سبع عشرة وسبع مائة، فوجدت له مكارم أخلاق، وكان أهل بلده يرجعون إلى قوله، ولم يكن مثل أهله في الفقه) اه‍ (2) ولم أقف على تاريخ وفاته، وقد تقدم ذكر أبيه وجده وجد أبيه في المائة السابعة (3). 3805 - [محمد بن أحمد التباعي] (4) محمد بن أحمد بن الفقيه علي بن أبي بكر التباعي (5). كان فقيها فاضلا، زاهدا ورعا، تزوج ابنة أخي الفقيه صالح بن عمر بن سعيد، وسكن معها في ذي عقيب إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، والظاهر أنه كان موجودا في أوائل هذه المائة. 3806 - [عمر بن العماد] (6) عمر بن العماد. كان أبوه العماد كاتبا مصريا، فوصل إلى اليمن بصحبة التاج بن الموصلي، والمنبجي،

(1) «السلوك» (1/ 449)، و «العطايا السنية» (ص 565)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 205)، و «تحفة الزمن» (1/ 367)، و «هجر العلم» (3/ 1416). (2) «السلوك» (1/ 449)، والجملة الأخيرة في نسخة «السلوك» التي بين أيدينا: (وليس فيهم أحد يشتغل بالفقه فأذكره). (3) انظر ترجمة أبيه (5/ 395)، وترجمة جده (5/ 195)، وترجمة جد أبيه (5/ 131). (4) «السلوك» (2/ 185)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 236)، و «تحفة الزمن» (1/ 496)، و «هجر العلم» (2/ 784) و (4/ 1971). (5) في جميع النسخ: (محمد بن عبد الله بن علي بن ناجي بن عبد الحميد التباعي)، وهو سهو تبع فيه الخزرجي في «طراز أعلام الزمن» (3/ 214)؛ لأن (محمد بن عبد الله التباعي) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (664 هـ‍)، انظر (5/ 305)، ووقع في هذا السهو أيضا صاحب «العطايا السنية» (ص 587)، والله أعلم. (6) «السلوك» (2/ 575)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 439)، و «تحفة الزمن» (2/ 503).

3807 - [معوضة بن محمد]

وابن الجلاد الحاسب، وكان ابنه عمر صاحب الترجمة عاقلا لبيبا كاملا، من رؤساء الدولة المؤيدية، ممن رباه المؤيد، وكان رفيقا بالناس، كاشفا لمضارهم، قامعا للظّلمة من الكتاب وغيرهم. وامتحن آخر عمره بمرض اعتذر به عن الخدمة قال الجندي: (أخبرني الفقيه إبراهيم الأصبحي وأخوه عمر، عن الفقيه محمد الذخري أنه أخبره ثقة أنه رأى ملكين نزلا من السماء، والتفا على قرب من بيت المذكور وعليهما لباس أخضر، فقال أحدهما للآخر: أين تريد؟ فقال: زيارة هذا البيت، وأشار إلى بيت ابن العماد، فقال له الآخر: كيف تزوره وهو متصرف، على يديه مظالم العباد! فقال: إنه يحترم الصالحين، ويحب الفقهاء) (1). ولم أقف على تاريخ وفاته (2). 3807 - [معوضة بن محمد] (3) الشيخ معوضة بن محمد بن سعيد، شيخ القائمة قائمة بني حبيش. كان من أعيان مشايخ الوقت، مذكورا بالدين المتين، ومحبة الفقراء والمساكين، والعلماء والصالحين، والصيام والقيام، والإفضال والإنعام، والعدل في الأحكام وإن كان مشوبا بجهل؛ فإنه لما قتل قطاع الطريق الفقيه عمر بن محمد بن مسعود المقري مقدم الذكر في هذه العشرين .. احتال الشيخ معوضة المذكور حتى لزم القاتل، وجاء به إلى تربة الفقيه يوم ثالث القراءة، واستدعى بولد الفقيه وهو صغير، فسلم إليه، وقال: اضربه؛ فهو قاتل أبيك، فضربه حتى قتله بعد ساعة لصغره. ولم أقف على تاريخ وفاة الشيخ معوضة، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين. وصلّى الله على محمد وسلم ***

(1) «السلوك» (2/ 575). (2) في «السلوك» (2/ 575) و «تحفة الزمن» (2/ 503): توفي في أول سنة (713 هـ‍). (3) «السلوك» (2/ 267)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 452)، و «تحفة الزمن» (1/ 546)، و «هجر العلم» (3/ 1640).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية بعد السبع مائة فيها: توفي الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد العباسي أمير المؤمنين، ودفن عند السيدة نفيسة، وكانت خلافته أربعين سنة وشهرا، وعهد بالخلافة بعده إلى ولده المستكفي بالله أمير المؤمنين، وقوي تقليده بعد عزاء والده، وخطب له على المنابر. وفيها: توفي الإمام علي بن محمد اليونيني ببعلبك شهيدا، وشيخ الحنفية العلامة ركن الدين عبد الله بن محمد السمرقندي. وفيها: وقع جراد لم يسمع بمثله إلى دمشق، ترك غالب الغوطة عصيا مجردة، ويبست أشجار خارجة عن الانحصار (1). وفيها: توفي علي ابن تيمية، وخديجة بنت الرضي، والتقي ابن مؤمن، والوجيه ابن منجا، والأبرقوهي، وأبو نمي صاحب مكة. وفيها: بنى الشيخ محمد بن عمر-يعني: أبا عباد-داره بصفح الحول، وهو أول دار بني بالغرفة، ثم بنى الناس بعده، وسكنها الناس بعد ذلك (2). *** السنة الثانية فيها: طرق قازان الشام في نحو أربعة آلاف، فلاقاه السلطان في ألف وخمس مائة، فالتقيا بعرض، ونصر الله الإسلام وأهله، وقتل من التتار خلق كثير، وأسر مقدمهم، وتأخر جند الأطراف إلى حمص، ثم جهز قازان جيوشه مع نائبه خطلو شاه، فسافر إلى مرج دمشق، وتأخر المسلمون، وبات أهل دمشق في بكاء وخطب شديد واستغاثة بالله تعالى، وقدم السلطان، وانضمت إليه جيوشه، وكان المصاف على مرج الصّفّر، فهزم العدو الميمنة، واستشهد رأس الميمنة الحسام أستاذ دار في جماعة أمراء، وثبت السلطان

(1) «دول الإسلام» (2/ 233)، و «مرآة الجنان» (4/ 235)، و «البداية والنهاية» (14/ 426)، و «غربال الزمان» (ص 575). (2) «تاريخ شنبل» (ص 110)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 139)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 671).

السنة الثالثة

كعوائده، ونزل النصر، وشرع التتار في الهزيمة، وتبعهم المسلمون قتلا وأسرا، ومزقوا كل ممزق، وتخطفهم الناس إلى الفرات، وسلم شطرهم في ضعف شديد، وجوع وحفاء وفزع، ودخل السلطان والخليفة راكبين والحمد لله. ومن الشهداء: الفقيه إبراهيم بن عبيدان، والأمير صلاح الدين بن الكامل، والأمير علاء الدين الجاكي، والأمير حسام الدين قرمان وغيرهم (1). وفي ذي الحجة من السنة المذكورة: زلزلت مصر، وتساقطت الدور، ومات بالإسكندرية تحت الردم نحو المائتين، فكانت آية، وافتتحت جزيرة أرواد، وأسر من الفرنج نحو خمس مائة (2). وفيها: توفي عبد الحميد بن أحمد بن خولان البناء، وشيخ الإسلام تقي الدين بن دقيق العيد أبو الفتح محمد بن علي بن وهب، والمسند بدر الدين بن علي بن الخلال الدمشقي، كذا في «تاريخ اليافعي»: ابن علي، ولم يذكر اسمه (3)، والملك العادل كتبغا، والمقرئ شمس الدين محمد بن قايماز، والأديب أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطائي القرطبي. وفيها: أخذ من دمشق قاضيها ابن جماعة، وولي بعده ابن صصرى (4). وفيها: توفي كمال الدين ابن العطار. *** السنة الثالثة فيها: انتصر المسلمون على عساكر التتار بمرج الصّفّر، وكان عدة الذين قتلوا من التتار يوم الوقعة مائة ألف، قيل: وعشرين ألف قتيل (5). وفيها: توفي الشيخ إبراهيم بن أحمد الرّقّي الحنبلي، والمعمّرة ست الأهل بنت علوان

(1) «دول الإسلام» (2/ 234)، و «مسالك الأبصار» (27/ 492)، و «البداية والنهاية» (14/ 431)، و «مرآة الجنان» (4/ 235). (2) «دول الإسلام» (233/ 2 - 237)، و «البداية والنهاية» (429/ 14 - 435)، و «مسالك الأبصار» (491/ 27 - 495)، و «مرآة الجنان» (4/ 236). (3) في النسخة التي بين أيدينا من «تاريخ اليافعي» (4/ 238): (بدر الدين الحسن بن علي). (4) «البداية والنهاية» (14/ 430)، و «مرآة الجنان» (4/ 238). (5) «دول الإسلام» (2/ 237)، و «مسالك الأبصار» (27/ 496)، و «البداية والنهاية» (14/ 437).

السنة الرابعة

البعلبكية، وإسماعيل بن إبراهيم ابن الخباز، وزين الدين عبد الله بن مروان الفارقي، وخطيب بعلبك الضياء، والحموي نائب دمشق، وقازان. *** السنة الرابعة فيها: تكلم ابن النقيب وغيره في فتاوى لابن العطار فيها تخبيط، وسعوا إلى القضاة، فخار ابن العطار وأرعب، وبادر إلى الحاكم ابن الحريري، فأسلم بدعوى صورت، فحقن دمه، ثم ندم، ولامه أصحابه، وبلغ النائب، فغضب من الفتن، واعتقل ابن النقيب أربع ليال، فأنكروا (1). وفيها: توفي المحدث علي بن مسعود بدمشق، وبالمدينة النبوية صاحبها الشريف جمّار بن شيحة الحسيني، والضياء عيسى بن محمد شيخ المغارة، والمعمر ركن الدين أحمد بن عبد المنعم بن أبي الغنائم الطاوسي كبير الصوفية بدمشق، وشيخ البطائحية تاج الدين بن الرفاعي بقرية أم عبيدة عن سن كبيرة، وشهرة كثيرة، والشيخ أبو عبد الله محمد بن يوسف الإربلي ثم الدمشقي كبير الذهبيين بالإسكندرية، وتاج الدين علي بن أحمد الحسيني الغرّافي شيخ الإسكندرية الإمام المحدث، وبمصر عالمها العراقي عبد الكريم بن علي الأنصاري المصري الشافعي المفسر. *** السنة الخامسة فيها: كانت فتنة شيخ الحنابلة ابن تيمية، وسؤالهم عن عقيدته، وعقد له ثلاث مجالس، وقرئت عقيدته الملقبة بالواسطية، وضايقوه، وثارت الغوغاء والفقهاء له وعليه، ثم إنه طلب على البريد إلى مصر، وأقيمت عليه دعوى عند قاضي المالكية، فاستخصمه ابن تيمية المذكور وقاموا، فسجن هو وأخوه بضعة عشر شهرا، ثم أخرج، ثم حبس بحبس الحاكم، ثم أبعد إلى الإسكندرية، فلما تمكن السلطان سنة تسع .. طلبه واحترمه، وصالح بينه وبين الحاكم، وكان الذي ادعى عليه بمصر أنه يقول: الرحمن على

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 26)، و «مرآة الجنان» (4/ 239)، و «البداية والنهاية» (4/ 444)، و «الدرر الكامنة» (3/ 6).

السنة السادسة

العرش حقيقة، وأنه يتكلم بحرف وصوت تعالى الله عن ذلك، ثم نودي بدمشق وغيرها من كان على عقيدة ابن تيمية .. حل ماله ودمه (1). وفيها: جاء تقليد بخطابة الشيخ برهان الدين بعد عمه، وباشر وخطب، ثم ترك، واختار بقاءه بالبادرائية بعد أن صلّى خمسة أيام (2). وفيها: مات بحلب العلامة شمس الدين محمد بن محمد بن بهرام الدمشقي، وبمصر محمد بن عبد المنعم بن شهاب، وبالإسكندرية شرف الدين يحيى بن أحمد بن عبد العزيز الصواف، وبدمشق خطيبها الإمام شرف الدين أحمد بن إبراهيم بن سباع الفزاري، والحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي، والمعمرة زينب بنت سليمان بن رحمة الإسعردي بمصر، وصاحب المغرب يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المريني، والبدر بن التوزي. *** السنة السادسة فيها: ظهر ابن الشحنة، نبه عليه ابن الحلبية وقال: عند المعظمية شيخ حجار من أهل الصالحية، سلوه هل سمع شيئا؟ فإن هذا رجل مسن وعمره بالجبل، فلعله قد سمع، فسأله المحبّ: أما سمعت شيئا؟ فقال: كان شيء وراح، وسألوه عن اسمه، وفتشوا الطباق، فظهر اسمه على ابن اللّتّي في أجزاء، وسألته عن سنه إذ ذاك، فقال: أذكر موت المعظم، فسألته عن حصار الناصر، فعرفه وقال: كنت أروح بين إخوتي إلى الكتّاب حينئذ، وهو شيخ كامل البنية، له همة وجلادة، وقوة نفس، وعقل جيد، وسمعه ثقيل، وقد ذهب غالب أسنانه، وقد روى «الصحيح» أكثر من ستين مرة، وإليه المنتهى في الثبات وعدم النعاس، وحج سنة الطيار، وفيه دين وملازمة للصلاة؛ لكن ربما أخرها في السفر ويقضيها على طريقة العوام، كذا وجدته بخط الفقيه محمد بن أبي بكر الخياط، وذكر أنه من «المعجم المختص» للذهبي (3).

(1) «مرآة الجنان» (4/ 240)، و «البداية والنهاية» (445/ 14 - 447)، و «غربال الزمان» (ص 578). (2) «مرآة الجنان» (4/ 240)، و «البداية والنهاية» (14/ 448)، و «غربال الزمان» (ص 578). (3) انظر «معجم الشيوخ» للذهبي (1/ 118).

السنة السابعة

وفيها: توفي العلامة ضياء الدين عبد العزيز بن محمد الطوسي بدمشق، والعلامة نصير الدين عبد الله بن عمر الفاروثي ببغداد. وفيها: قدم من الشرق الشيخ براق العجمي في جمع نحو المائة في رءوسهم قرون لبابيد، ولحاهم دون الشوارب محلّقة، وعليهم أجراس، ودخلوا في هيئة يجرون بشهامة، فنزلوا بالمنيبع، ثم زاروا القدس، وشيخهم من أبناء الأربعين، فيه إقدام وقوة نفس وصولة، فما مكنوا من المضي إلى مصر، وكان تدق له نوبة، ونفذ إليه الكبار غنما ودراهم (1). وفيها: توفي أمير سلاح بكتاش، وجمال الدين بن السواملي، وخطيب دمشق ابن إمام الكلاسة، وسنقر القضائي. *** السنة السابعة قال الذهبي: (فيها: عقد مجلس بالقصر، واستتيب النجم ابن خلكان من العبارات القبيحة، ودعاوى غير صحيحة، واختلفت فيه الآراء، ومال إلى الرفق به الشيخ برهان الدين، فتاب) (2). وفيها: توفي بمكة الشيخ محمد بن أبي بكر الحراني القزاز، وبمصر الصاحب تاج الدين محمد بن الصاحب فخر الدين محمد بن الوزير بهاء الدين علي بن محمد بن حنّا، وبمكة الشيخ الكبير أبو عبد الله محمد بن حجاج الحضرمي الإشبيلي المعروف بابن مطرف الأندلسي، وببغداد مسندها الإمام رشيد الدين محمد ابن أبي القاسم المقرئ، وبتبريز عالمها شمس الدين عبد الكافي العبيدي شيخ الشافعية، وبدمشق مسندها محمد بن أبي العز بن شرف بن بيان الأنصاري. وفيها: قتل خطلو شاه بكيلان. ***

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 24)، و «مرآة الجنان» (4/ 241)، و «البداية والنهاية» (14/ 450)، و «غربال الزمان» (ص 579). (2) «ذيل العبر» (ص 27).

السنة الثامنة

السنة الثامنة فيها: أطلقت حماة لنائبها قبجق، وسار السلطان إلى الكرك ليحج، فدخلها، وبعث نائبها جمال الدين إلى مصر، وزهد في مملكة محجور عليه فيها، ولوح بعزل نفسه، فوثب على الملك بيبرس الجاشنكير وتسلطن، ولقب بالمظفر، وأقر على نيابة الملك سلار، وحلف له أمراء النواحي، وجاء كتاب الناصر من الكرك: أن له عليهم بيعة بالطاعة، وقد أمرهم بالطاعة لمن يتولى ويشير بالاتفاق، وما فيه تصريح بعزل نفسه (1). وفيها: مات الشيخ الحلبوني، ورئيس الطب بمصر ابن أبي خليقة، قيل: تركته ثلاث مائة ألف دينار، والمعمرة أم عبد الله فاطمة بنت سليمان بن عبد الكريم الأنصاري، والملك المسعود نجم الدين خضر بن الظاهر، وبمكة شيخ الحرم ظهير الدين محمد بن عبد الله بن منعة البغدادي، وبالمهجم من اليمن الحافظ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن سامة الطائي مفيد مصر، وبدمشق أبو جعفر محمد بن علي السلمي العباسي الدمشقي، وبحماة أم عمر خديجة بنت عمر بن أحمد، وبغرناطة الحافظ أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي، وشهاب بن علي، والعماد بن الطبال. *** السنة التاسعة فيها: بعث بابن تيمية مع مقدم إلى الإسكندرية، واعتقل ببرج، ومن أراد دخل عليه، وأبطلت الخمور والفاحشة من السواحل (2). وفي وسط السنة: ثار أمراء، وهموا بقتل السلطان المظفر بيبرس فتحرز، فساقوا على حمية إلى العريش، ثم دخلوا الكرك وحركوا همة السلطان، وكان رأسهم نغية المنصوري، وهم فوق المائة، فسار السلطان قاصدا دمشق، وراسل الأفرم، فتوقف وقال: كيف هذا وقد حلفنا للمظفر؟ ! ثم خذل، وفر إلى الشقيف، ثم دخل السلطان إلى قصر الميدان، فأتاه مسرعا نائب حلب قراسنقر، ونائب حماة قبجق، ونائب الساحل أسندمر، والتف إليه جميع عسكر الشام، ثم سار بهم بعد أيام في أهبة عظيمة نحو مصر، فبرز المظفر في

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 40)، و «مرآة الجنان» (4/ 244)، و «البداية والنهاية» (4/ 457). (2) «مرآة الجنان» (4/ 245)، و «البداية والنهاية» (14/ 459)، و «غربال الزمان» (ص 580).

السنة الموفية عشر بعد السبع مائة

جيوشه، فخامر عليه جماعة من الأمراء، فخارت قوته، فانهزم نحو المغرب، ودخل السلطان إلى مقر ملكه يوم الفطر بلا ضربة ولا طعنة، ثم أمسك عدة أمراء عتاة، وخذل المظفر، فجاء إلى خدمة السلطان، فوبخه ثم خنقه، وأباد جماعة من رءوس الشر وتمكن، وهرب نائبه سلار نحو تبوك، ثم خدع، فجاء برجله إلى أجله، فأميت جوعا، وأخذ من أمواله ما يضيق عنه الوصف؛ من الجواهر والعين والملابس والمزركش والخيل المسومة ما قيمته أزيد من ثلاثة آلاف ألف دينار، {قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1). وفيها: أظهر خربندا ملك العراقين بمملكته الرفض، وغيرت الخطبة، وجرت فتن كثيرة كبار (2). وفيها: توفي الشيخ الكبير تاج الدين أحمد بن محمد بن عطاء الله الشاذلي بمصر، ومات بمكة مسندها أبو العباس أحمد بن أبي طالب الحمامي البغدادي، وبحلب المعمرة شهدة بنت الصاحب كمال الدين عمر بن العديم العقيلي، وبدمشق المقرئ أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الحسن بن صدقة المخرمي، وشمس الدين بن أبي الفتح، ونجم الدين بن صاحب «الحاوي». *** السنة الموفية عشر بعد السبع مائة فيها: عزل قاضي القضاة ابن جماعة بنائبه جمال الدين الزرعي؛ لكونه امتنع يوم عقد مجلس السلطنة للمظفر، فرآها له السلطان، ثم بعد عام أعيد ابن جماعة إلى القضاء، ثم جاء كتاب بعزل ابن الوكيل، وولي مشيخة الخوانق بدمشق الشهاب الكاشغري الشريف، وفي نيسان نزل مطر أحمر (3). وفيها-أعني سنة عشر وسبع مائة-: توفيت ببغداد ست الملوك فاطمة بنت علي بن علي.

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 45)، و «دول الإسلام» (2/ 241)، و «مرآة الجنان» (4/ 245)، و «البداية والنهاية» (14/ 461). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 46)، و «مرآة الجنان» (4/ 246)، و «البداية والنهاية» (14/ 466). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 51)، و «مرآة الجنان» (4/ 248)، و «غربال الزمان» (ص 581).

السنة الحادية عشرة

وفيها: توفي قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن إبراهيم السروجي الحنفي، وسيف الدين سلار المغلي نائب المماليك، والأمير الكبير سيف الدين قبجق المنصوري، والمسند العالم إسحاق بن أبي بكر بن إبراهيم ابن النحاس الحنفي، وبتبريز العلامة قطب الدين محمود بن مسعود بن مصلح الشيرازي، والإمام العلامة نجم الدين أحمد بن محمد المعروف بابن الرفعة، شارح «التنبيه» وغيره، والعالم المتفنن علي بن علي بن أسمح اليعقوبي، والعلامة بدر الدين عبد اللطيف بن تقي الدين محمد بن رزين، ونجم الدين عبد الله بن أبي السعادات، والبهاء علي ابن القيم. *** السنة الحادية عشرة فيها: عزل عن دمشق واليها قراسنقر المنصوري، وأعيد إلى القضاء ابن جماعة، وجعل الزرعي قاضي العسكر (1). و[فيها]: مات بالثغر-يعني: الإسكندرية-عمر بن عبد النصير السهمي القرشي، وبدمشق فخر الدين إسماعيل بن نصر الله بن أحمد بن عساكر، والسيدة الصالحة أم محمد فاطمة بنت الشيخ إبراهيم بن محمود البطائحي، والشيخ شمس الدين محمد بن أحمد الدباهي، والإمام أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الواسطي، والشيخ شعبان بن أبي بكر الإربلي، والقاضي المنشئ محمد بن مكرم الأنصاري الرويفعي، والأديب رشيد بن كامل الرقي الشافعي، وقاضي الحنابلة بمصر سعد الدين مسعود بن أحمد الحارثي، وخطيب غرناطة عبد الله بن أبي جمرة المرسي، والعماد ابن البالسي، والشرف بن الوحيد المجوّد. *** السنة الثانية عشرة فيها: قطع خبز الأمير مهنّا؛ لكونه ساق إليه جماعة من النواب والأمراء فأجازهم، ومسك خلائق من الأمراء وحبسوا، وحدث أحداث كثيرة من عزل وتولية (2). وفيها: حج السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، ودخل مكة بعد الركب

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 57)، و «دول الإسلام» (2/ 244)، و «مرآة الجنان» (4/ 250). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 65)، و «مرآة الجنان» (4/ 251)، و «البداية والنهاية» (14/ 476).

السنة الثالثة عشرة

المصري، ساق في أيام يسيرة، وحج وانصرف راجعا قبل الركب (1). قال الشيخ عبد الله اليافعي: (وتلك السنة كان أول حجي عقب بلوغي، ورأيت السلطان يطوف بالكعبة وعليه ثياب إحرام من صوف وهو يعرج في مشيته. قال اليافعي: ثم رجعت إلى اليمن، وعدت إلى مكة سنة ثمان عشرة، وسمعت بها الحديث، وازددت من الاشتغال بأنواع العلوم، وتأهلت، وأولدت من بنات أكابر الحرمين وأئمتهم وقضاتهم) (2). وفيها: ولد الفقيه الفاضل جمال الدين محمد بن أبي بكر عباد ليلة الثلاثاء الرابع من ربيع الأول (3). وفيها: مات شيخ بعلبك الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الحنبلي، وصاحب ماردين المنصور نجم الدين غازي بن المظفر، والملك المظفر شهاب الدين غازي بن الناصر داود، وست الأجناس بنت عبد الوهاب بن عتيق المصرية، والشيخ علي ابن هارون، وهدية بنت عسكر، وأحمد بن محمد بن العماد الحنبلي، والنور علي ابن الصواف، والحسن سبط زيادة، وملك القفجاق طقطاي، وتملك أزبك خان. *** السنة الثالثة عشرة فيها: وصل السلطان من الحج إلى دمشق حادي عشر المحرم لابسا عباءة وعمامة، وصلّى جمعتين بالمقصورة (4). وفي ربيع الآخر منها: مات بمكة الحافظ فخر الدين عثمان بن محمد التّوزري، والشهاب الدّشتي، ومحمد بن عمر بن خطيب بيت الآبار، وعزّ الدين الكولمي، وبيبرس العديمي. ***

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 67)، و «مرآة الجنان» (4/ 251)، و «البداية والنهاية» (14/ 478). (2) «مرآة الجنان» (252/ 251/4). (3) «تاريخ شنبل» (ص 112). (4) «ذيل العبر» للذهبي (ص 73)، و «مرآة الجنان» (4/ 252)، و «غربال الزمان» (ص 583).

السنة الرابعة عشرة

السنة الرابعة عشرة فيها: توفي بمصر العلامة شيخ الحنفية رشيد الدين إسماعيل بن عثمان بن المعلم القرشي الدمشقي، وبدمشق سليمان التركماني الموله، والعالمة الزاهدة أم زينب فاطمة بنت عباس البغدادية، والعدل جمال الدين بن عطية اللخمي، وملك جيلان دوباج، وعلاء الدين الباجي. وفيها: مات يماني بن عمر بن مسعود، وتولى تريم بعده ابنه عبد الله بن يماني. *** السنة الخامسة عشرة في أولها: سار نائب دمشق بجيوش الشام إلى ملطية فافتتحها، وسبيت النساء والذراري وعدد من المسلمات، وعم النهب، وأحرقوا في نواحيها، وفارقوها بعد ثلاث، وقتل بملطية عدة من النصارى (1). وفيها: درس بالأتابكية قاضي القضاة ابن صصرى، وبالظاهرية ابن الزملكاني (2). وفيها: قتل أحمد الرويس الأقباعي؛ لاستحلاله للمحارم وتعرضه للنبوة وقوله: أتاني النبي صلّى الله عليه وسلم وحدثني، ومات سلطان الهند علاء الدين محمود فيها أو السنة التي قبلها، وتسلطن بعده ابنه غياث الدين (3). وفيها: مات بالموصل السيد ركن الدين الحسن بن محمد العلوي الحسيني، والصفي الهندي محمد بن عبد الرحيم، وقاضي الحنابلة تقي الدين سليمان، وعزّ الدين موسى بن علي الحسيني. *** السنة السادسة عشرة فيها: ولي قضاء الحنابلة بدمشق شمس الدين بن مسلّم، بفتح السين واللام وتشديدها (4).

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 81)، و «مسالك الأبصار» (27/ 511)، و «مرآة الجنان» (4/ 254). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 82)، و «مرآة الجنان» (4/ 254)، و «البداية والنهاية» (14/ 485). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 81)، و «مرآة الجنان» (4/ 254)، و «البداية والنهاية» (14/ 486). (4) «ذيل العبر» للذهبي (ص 86)، و «مرآة الجنان» (4/ 255)، و «البداية والنهاية» (14/ 487).

السنة السابعة عشرة

وفيها: مات العلامة النجم سليمان بن عبد القوي الحنبلي، ومسندة الوقت ست الوزراء بنت عمر بن أسعد التنوخية، وبحماة أم أحمد فاطمة بنت النفيس محمد بن الحسين بن رواحة، وسلطان التتار غياث الدين خربندا بن أرغون، والمقرئ صدر الدين إسماعيل بن يوسف بن مكتوم القيسي، وبمصر العلامة زين الدين محمد بن عمر بن مكي بن المرحل الشافعي، وبسبتة عالمها النحوي إبراهيم بن الغافقي الإشبيلي، والعلامة أحمد بن أحمد بن مهدي المعروف بعز الدين النشائي رحمهم الله، كذا في «تاريخ اليافعي» أن اسمه: أحمد بن أحمد، وأنه مات في سنة ست عشرة، وقد مر في التراجم ما فيه (1)، وشمس الدين عبد القادر ابن الحظيري، وعلاء الدين بن مظفر الكندي صاحب «التذكرة»، ورشيد الدولة. *** السنة السابعة عشرة فيها: حدثت الزيادة الكبرى ببعلبك، فغرق في البلد مائة وبضع وأربعون نسمة، وخرق السيل سورها الحجارة مساحة أربعين ذراعا، ثم تدكدك بعد مكانه مسيرة خمس مائة ذراع، فكان ذلك آية بينة، وتهدم من البيوت والحوانيت نحو ست مائة موضع (2). وفيها: قدم السلطان الناصر محمد بن قلاوون إلى غزة، وإلى الكرك، ثم رجع (3). وفيها: ظهر جبلي، وادعى أنه المهدي بجبلة، وثار معه خلق من النصيرية والجهلة، وبلغوا ثلاثة آلاف، فقال: أنا محمد المصطفى، ومرة قال: أنا علي، وتارة قال: أنا محمد بن الحسن المنتظر، فزعم أن الناس كفرة، وأن دين النصيرية على الحق، وأن الناصر صاحب مصر قد مات، وعاثوا في السواحل، واستباحوا جبلة، ورفعوا أصواتهم يقولون: لا إله إلا علي، ولا حجاب إلا محمد، ولا باب إلا سلمان، ولعنوا الشيخين، وخربوا المساجد، وكانوا يحضرون المسلم إلى طاغيتهم ويقولون: اسجد لإلهك، فسار إليهم عسكر طرابلس، وقتل الطاغية وجماعة، ومزقوا (4).

(1) انظر (6/ 93). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 91)، و «مسالك الأبصار» (27/ 516)، و «البداية والنهاية» (14/ 493)، و «شذرات الذهب» (8/ 78). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 91)، و «مرآة الجنان» (4/ 256). (4) «ذيل العبر» للذهبي (ص 91)، و «مسالك الأبصار» (27/ 518)، و «مرآة الجنان» (4/ 256)، و «البداية والنهاية» (14/ 495).

السنة الثامنة عشرة

وفي المحرم منها: مات الشيخ المحدث علي بن محمد الجبني الصوفي. وفيها: مات بدمشق قاضي المالكية المعمر محمد بن سليمان الزواوي، وكاتب السر شرف الدين بن فضل الله. *** السنة الثامنة عشرة فيها: كان القحط المفرط بالجزيرة وديار بكر، فأكلت الميتة، وبيعت الأولاد، وجلا الناس، ومات بعض الناس من الجوع، وجرى ما لا يعبّر عنه، وكان ببغداد أيضا قحط لكن دون ذلك، وجاءت بأرض طرابلس زوبعة أهلكت جماعة، وحملت الجمال في الجو، وفي الأصل: الجبال بالموحدة (1). وفيها: أمسك السلطان جماعة أمراء (2). وفيها: مات الشيخ محمد بن عمر بن الشيخ الكبير أبي بكر بن قوام البالسي بزاويته، وبدمشق الإمام الكبير أبو الوليد محمد بن أبي القاسم القرطبي إمام محراب المالكية، ومسند الوقت الصالح أبو بكر بن المسند زين الدين أحمد بن عبد الدائم المقدسي، والعلامة كمال الدين أحمد بن الشيخ الصالح جمال الدين محمد بن أحمد بن الشريسي، كذا في «تاريخ اليافعي» وأنه توفي سنة ثمان عشرة (3)، وفي الأصل أنه توفي سنة عشرة، فلعله سقط الأعشار من الأصل، فليحقق ذلك، وكذا هو في «الذهبي» أيضا أنه توفي سنة ثمان عشرة (4). وفيها: توفي شيخ القراء والنحاة المجد أبو بكر بن محمد بن قاسم المرسي التونسي، وماتت بالصالحية زينب بنت عبد الله بن الرضي، وقاضي المالكية بدمشق أحمد بن سلامة القضاعي. ***

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 96)، و «مسالك الأبصار» (27/ 518)، و «مرآة الجنان» (4/ 257)، و «البداية والنهاية» (14/ 499). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 96)، و «مرآة الجنان» (4/ 257). (3) انظر «مرآة الجنان» (4/ 258). (4) انظر «ذيل العبر» (ص 99)، و «دول الإسلام» (2/ 256)، وكذا في المصادر الأخرى أنه توفي سنة (718 هـ‍).

السنة التاسعة عشرة

السنة التاسعة عشرة فيها: حج السلطان الناصر من مصر (1). وفيها: كانت الملحمة العظمى بالأندلس بظاهر غرناطة، قتل من الفرنج أزيد من ستين ألفا، ولم يقتل ممن عرف من عسكر المسلمين سوى ثلاثة عشر نفسا (2). وفيها: مات مسند الوقت الشرف عيسى بن عبد الرحمن الصالحي المطعّم، وبمالقة شيخها العلامة أبو عبد الله محمد بن يحيى القرطبي عن ثلاث وتسعين سنة، تفرد بالسماع عن الكبار، والتاج الأفضلي، والشيخ نصر المنبجي، وإبراهيم بن النصير، والشهاب الكفري. وفيها: وقعة بين التتار مهولة (3). وفيها: عمّر الجانب النجدي من جامع شبام بحضرموت (4). *** السنة الموفية عشرين بعد السبع مائة فيها: تسلطن بحماة الأمير عماد الدين الأيوبي، ولقب بالملك المؤيد، وكان حج مع السلطان في السنة قبلها (5). وفيها: قتل بمصر إسماعيل المقرئ على الزندقة، وسب الأنبياء، وقتل بدمشق عبد الله الرومي الأزرق مملوك التاجي، ادعى النبوة (6). وفيها: عقد للسلطان على أخت أزبك التي قدمت في البحر، وخلع على الكريم، وابن جماعة، وكاتب السر وغيرهم (7).

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 104)، و «مرآة الجنان» (4/ 258). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 104)، و «مرآة الجنان» (4/ 258)، و «شذرات الذهب» (8/ 93). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 101)، و «البداية والنهاية» (14/ 507). (4) «تاريخ شنبل» (ص 114)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 672). (5) «ذيل العبر» للذهبي (ص 109)، و «مسالك الأبصار» (27/ 522)، و «البداية والنهاية» (14/ 509). (6) «ذيل العبر» للذهبي (ص 109)، و «مرآة الجنان» (4/ 259)، و «البداية والنهاية» (14/ 509). (7) «ذيل العبر» للذهبي (ص 109)، و «مرآة الجنان» (4/ 259)، و «البداية والنهاية» (14/ 509).

وفيها: غضب السلطان على آل فضل، واحتيط على إقطاعهم بعد أن أعطاهم قناطير من الذهب بحيث أنه أعطاهم في السنة التي قبلها ألف ألف وخمس مائة ألف درهم (1). وفيها: غزا الجيش بلاد سيس، لكن غرق في نهر جاهان منهم خلق كثير (2). وفيها: حبس ابن تيمية بقلعة دمشق؛ لإفتائه في الطلاق مخالفا لجماهير أهل السنة، وأمسك نائب غزة الجاولي، وجاء بالسلطانية برد كبار، وزنت منه واحدة ثمانية عشر درهما، فاستغاث الخلق وبكوا، فأبطلت الفاحشة، وبددت الخمور أجمع بهمة علي شاه الوزير، وزوج من العواهر خمسة آلاف في نهار واحد، وشقق ألوف من الظروف (3). وفيها: ابتني الجامع الكريمي بالعينات، وسيق إليه ماء كثير (4). وفيها: حج الرجبيون، منهم القاضي فخر الدين المصري، وجماعة من العلماء ووجوه الناس (5). وفيها: توفي المعمر المقرئ الرحلة أبو علي الحسن بن عمر بن عيسى الكردي، وصاحب مكة الشريف حميضة بن أبي نمي الحسني. وفيها: توفي القاضي زين الدين محمد بن محمد ابن رشيق، وعبد الرحيم خطيب المنشيّة، وأبو الفتح القرشي، والأمين بن النحاس، والعماد بن الجرائدي، والله سبحانه أعلم. وصلّى الله على سيدنا محمد وسلم قال الجندي: (وبعد سبع مائة أظهر المطر حفيرا في أصل التّعكر بعدن، فتوهم الناس أنه مال، فطلع الوالي ومعه عدة من الناس، فاستخرجوا من ذلك الحفير صندوقا كبيرا مسمورا، ففتح، فوجد فيه رجل ملفف بثياب متى مسكت .. صارت رمادا، فأعادوه على حاله في صندوقه وفي حفرته.

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 109)، و «مرآة الجنان» (4/ 259). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 110)، و «مرآة الجنان» (4/ 259)، و «البداية والنهاية» (14/ 509). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 110)، و «مرآة الجنان» (4/ 259)، و «البداية والنهاية» (14/ 510)، و «غربال الزمان» (ص 587). (4) «ذيل العبر» للذهبي (ص 110)، و «مرآة الجنان» (4/ 259)، و «البداية والنهاية» (14/ 511). (5) «ذيل العبر» للذهبي (ص 110)، و «مرآة الجنان» (4/ 259)، و «البداية والنهاية» (14/ 511).

قال الجندي: ولعله الداعي سبأ بن أبي السعود) اه‍ (1) وربما تقدم هذا في ترجمة سبأ المذكور (2)، ووجه تعلقه بما هنا ظهور الحفير في هذا التاريخ. والله أعلم ***

(1) «السلوك» (2/ 502). (2) انظر (4/ 137).

العشرون الثانية من المائة الثامنة

العشرون الثانية من المائة الثامنة [الاعلام] 3808 - [أحمد بن المعين النويري] (1) أحمد بن المعين الهمداني النويري المالكي، الرئيس الأكمل المحتشم، صهر الوزير ابن حنا، وخطيب الفيوم. كان يضرب به المثل في المكارم والسؤدد. مات بالفيوم سنة إحدى وعشرين وسبع مائة. 3809 - [نجم الدين الأصبهاني] (2) الشيخ الولي نجم الدين عبد الله بن محمد بن محمد الأصبهاني رحمه الله، وترجمته مشهورة، وذكر له «اليافعي» كرامات كثيرة (3). توفي سنة إحدى وعشرين وسبع مائة، وسيأتي قريبا له ترجمة بأبسط من هذا (4). 3810 - [عبد الله الدلاصي] (5) الشيخ الإمام المقرئ أبو محمد عبد الله المعروف بالدلاصي. يقال: إنه سمع رد السلام من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. توفي سنة إحدى وعشرين وسبع مائة، وسيأتي له ترجمة قريبا بأبسط من هذا (6).

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 817)، و «مرآة الجنان» (4/ 261)، و «السلوك» للمقريزي (ج /2 ق 233/)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 254)، و «شذرات الذهب» (8/ 100). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 118)، و «مرآة الجنان» (4/ 261)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 599)، و «أعيان العصر» (2/ 723)، و «العقد الثمين» (5/ 271)، و «شذرات الذهب» (8/ 101). (3) انظر «مرآة الجنان» (261/ 4 - 264). (4) انظر (6/ 149). (5) «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 304)، و «مرآة الجنان» (4/ 265)، و «الوافي بالوفيات» (17/ 238)، و «أعيان العصر» (2/ 691)، و «الدرر الكامنة» (2/ 266)، و «النجوم الزاهرة» (6/ 251). (6) انظر (6/ 148).

3811 - [محمد ابن رشيد الفهري]

3811 - [محمد ابن رشيد الفهري] (1) العلامة أبو عبد الله [محمد بن عمر بن محمد] بن رشيد الفهري، حافظ المغرب. توفي سنة إحدى وعشرين وسبع مائة. 3812 - [أحمد بن علي العامري] (2) أحمد بن علي بن عبد الله العامري الحكمي. ولد سنة أربعين وست مائة، وهي السنة التي توفي فيها علي بن قاسم الحكمي. وتفقه بخاله الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي، وأخذ عن الإمام أحمد بن موسى ابن عجيل. وعنه أخذ الفقيه محمد بن عبد الله الحضرمي وغيره ممن لا يحصى كثرة. وشرح «التنبيه» شرحا مفيدا، وسماه: «هداية المبتدي وتذكرة المنتهى»، وله شرح على «الوسيط». وكان عالما عاملا، محققا مدققا، مبارك التدريس، درس في المهجم نحوا من خمسين سنة، فلذلك عرف بالمدرس، وامتحن بقضاء المهجم من قبل بني محمد بن عمر، فلما صار القضاء الأكبر إلى القاضي محمد بن أبي بكر اليحيوي .. استدعاه، فلما وصل إليه علم الطلب .. عزل نفسه عن القضاء، وكان سهل الأخلاق، لين الجانب، سليم الصدر، مشهور البركة. توفي مستهل صفر سنة إحدى وعشرين وسبع مائة (3). يروى أن بعض الحضارم رأى النبي صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما والفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي والفقيه إسماعيل الحضرمي في الليلة التي توفي فيها الفقيه جمال الدين، قال الرائي لجده محمد بن إسماعيل: من هؤلاء يا جد؟ فقال: هذا

(1) «الوافي بالوفيات» (4/ 284)، و «مرآة الجنان» (4/ 266)، و «الدرر الكامنة» (4/ 111)، و «شذرات الذهب» (8/ 102). (2) «السلوك» (2/ 330)، و «العطايا السنية» (ص 247)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 439)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 123)، و «تحفة الزمن» (2/ 115)، و «الدرر الكامنة» (1/ 224)، و «طبقات الخواص» (ص 81)، و «هجر العلم» (3/ 1193). (3) في «الدرر الكامنة» (1/ 224): توفي سنة (725 هـ‍).

3813 - [أحمد بن علي الصريفي]

رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهذان صاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، جئنا في طلب الفقيه جمال الدين، فاستيقظ الرائي من نومه، وإذا به سمع قائلا يقول: مات الفقيه جمال الدين، رحمه الله تعالى ونفع به. 3813 - [أحمد بن علي الصريفي] (1) أحمد بن علي أبو العباس الصريفي. تفقه بأحمد بن الحسين بن أبي الخل، وبالقاضي جمال الدين أحمد بن علي العامري، وأخذ الفرائض والحساب عن محمد بن علي بن عبد الله بن أبي الخل. وكان فقيها مجودا، متفننا ذكيا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ تبعا لشيخه العامري. 3814 - [عبد الرحمن بن أبي بكر الشعبي] (2) عبد الرحمن بن أبي بكر بن سبأ الشعبي أبو الفرج. تفقه بمحمد الأصبحي، وتزوج بابنته، وهو وصيه ومنصوبه على أولاده. وكان فقيها عارفا، فاضلا جيدا، ولي قضاء بلده من جهة بني محمد بن عمر، ثم انفصل عن القضاء وهو على سيرة محمودة إلى أن توفي في شعبان سنة إحدى وعشرين وسبع مائة. 3815 - [محمد بن الحسين البجلي] (3) محمد بن الحسين بن عبد الله بن المعلم حسين البجلي، حفيد أخي الفقيه محمد بن الحسين البجلي المتقدم ذكره (4).

(1) «السلوك» (2/ 348)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 122)، و «تحفة الزمن» (2/ 198). (2) «السلوك» (2/ 256)، و «العطايا السنية» (ص 416)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 438)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 52)، و «تحفة الزمن» (1/ 539). (3) «السلوك» (2/ 365)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 440)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 154)، و «تحفة الزمن» (2/ 278)، و «هجر العلم» (3/ 1489). (4) انظر (5/ 100).

3816 - [عبد الله بن سليمان الشيباني]

كان فقيها فاضلا، عالما عاملا، يحفظ «الوجيز». ودرس في جامع قرية عواجة إلى أن توفي في شهر ربيع الآخر من سنة إحدى وعشرين وسبع مائة، وبه انتفع جمع وتفقهوا. 3816 - [عبد الله بن سليمان الشيباني] (1) عبد الله بن سليمان بن محمد بن عبد الله الشيباني. قال التقي الفاسي: (هو من ذرية الشيبانيين الذين كانوا قضاة مكة، ووجدت على حجر قبره بالمعلاة أنه توفي في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وسبع مائة، وترجمته فيه: بالشاب القاضي، وترجمة والده: بالقاضي أيضا) (2). 3817 - [عبد الله الدلاصي] (3) عبد الله بن عبد الحق بن عبد الله بن عبد الأحد بن علي المخزومي المصري أبو محمد عفيف الدين القاضي، مقرئ مكة وعابدها. ولد أول رجب سنة ثلاثين وست مائة. وقرأ ختمة لنافع على أبي محمد عبد الله بن لب بن خيرة الشاطبي، وسمع منه «التيسير» للداني و «الموطأ»، وقرأ بالروايات بعشرين كتابا على الكمال إبراهيم بن أحمد بن فارس التميمي في سنة أربع وستين [بدمشق]، وسمع بمكة على أبي اليمن بن عساكر «صحيح مسلم» و «رسالة القشيري» وغير ذلك، وجاور بمكة جل عمره. وحدث وأقرأ، وقرأ عليه جماعة، منهم أبو عبد الله الوادياشي عدة ختم، قال: وذكر لي أن له أكثر من ستين سنة يقرئ كتاب الله تعالى بغير أجر إلا ابتغاء الثواب. تفقه أولا لمالك، فاتفق أن استنابه إمام المالكية في بعض الصلوات، قال: فصليت في مقام المالكية قبل أن يصلي الشافعي، فجرى في ذلك كلام وإنكار، فتعب باطني، فنمت تلك الليلة، فرأيت في النوم كأني صاعد إلى جهة الصفا، فرأيت فاطمة بنت رسول الله

(1) «العقد الثمين» (5/ 173). (2) «العقد الثمين» (5/ 173). (3) تقدمت ترجمته في أول هذه العشرين، فانظر مصادر ترجمته هناك (6/ 145).

3818 - [نجم الدين الأصبهاني]

صلّى الله عليه وسلم وهي تقول لي: عليك بمذهب ابن عمي محمد بن إدريس الشافعي، فانتقل رحمه الله تعالى إلى مذهب الشافعي. وذكر اليافعي في «تاريخه» له كرامات عديدة، منها: (أنه سمع رد السلام من سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، وأنه كان قد انحنى انحناء كثيرا، فإذا جاء إلى الحجر الأسود .. زال ذلك الانحناء وقبّله، وأنه كان عنده طفل غابت أمه عنه، فبكى الطفل، فدر ثديه باللبن، وأرضع ذلك الطفل حتى سكت) (1). وتوفي ليلة الجمعة رابع عشر المحرم سنة إحدى وعشرين وسبع مائة بمكة. 3818 - [نجم الدين الأصبهاني] (2) عبد الله بن محمد بن محمد بن علي بن الشيخ نجم الدين الأصبهاني، نزيل مكة. ولد سنة ثلاث وأربعين وست مائة، وأتقن مذهب الشافعي، وبرع في علم الأصول، وصحب أبا العباس المرسي، ودخل في طريق الحب. قال رضي الله عنه: قال لي شيخ في بلاد العجم: إنك ستلقى القطب في الديار المصرية، فخرجت لذلك، فخرج عليّ جماعة في بعض الطريق، فأمسكوني وكتفوني وقالوا: هذا جاسوس، وهمّ بعضهم بقتلي، فمنعه بعضهم، فبت مكتوفا أفكر في أمري وما بي جزع الموت، وإنما بي أن أموت قبل أن أعرف ربي، فنظمت أبياتا وضمنتها قول امرئ القيس، ومن جملة أبياته التي ذكر هذان البيتان: [من الوافر] وقد أوطيت نعلي كل أرض … وقد أتعبت نفسي باغترابي وقد طوّفت بالآفاق حتى … رضيت من الغنيمة بالإياب فما أتممت الإنشاد حتى انقض علي رجل صفته كذا وكذا كانقضاض البازي وقال: قم يا عبد الله، فأنا مطلوبك، وحلّ كتافي، فلما قدمت الديار المصرية .. سمعت بشيخ يقال له: أبو العباس المرسي، فلما رأيته .. عرفت أنه الذي أطلقني، ثم تبسم وقال: لقد أعجبني إنشادك وتضمينك وقولك كذا وكذا ليلة أسرت، فصحبه ولازمه إلى أن مات المرسي، وأوصى الشيخ نجم الدين بالذهاب إلى مكة، فجاور بها بضعا وعشرين سنة،

(1) «مرآة الجنان» (4/ 265). (2) تقدمت ترجمته في أول هذه العشرين، فانظر مصادر ترجمته هناك (6/ 145).

ولم يزر النبي صلّى الله عليه وسلم، فعتب عليه في ذلك مع جلالة قدره، ويجاب عنه بما ذكره اليافعي في «تاريخه»: (أن شخصا من الأولياء يقال له: الشيخ محمد البغدادي، كان يسكن في رباط مراغة، قال: لما رجعت من زيارة النبي صلّى الله عليه وسلم إلى مكة .. فكرت في الشيخ نجم الدين، وعتبت عليه في قلبي كونه لا يقصد المدينة الشريفة ويزور، قال: ثم رفعت رأسي، فإذا به في الهواء مارا إلى جهة المدينة، ونادى: يا محمد؛ كذا وكذا، وذكر كلاما نسيته) اه‍ (1) ومن كراماته ما في «تاريخ اليافعي» أيضا: (أن الإمام علي بن إبراهيم البجلي اليمني قال له في بعض حجاته: تركت ولدي مريضا، فلعل تراه في بعض أحوالك، وتخبرني كيف هو، فزيّق الشيخ في الحال، ثم رفع رأسه وقال: ها هو قد تعافى، وهو الآن يستاك على سرير وكتبه حوله، ومن صفته كذا وكذا، وما كان رآه قبل ذلك. ومنها: أنه طلع يوما في جنازة بعض الأولياء، فلما جلس الملقن عند رأسه يلقنه .. ضحك الشيخ نجم الدين، فسئل عن سبب ضحكه، فقال: سمع صاحب القبر يقول: ألا تعجبون لميت يلقن حيا) (2). وذكر الشيخ اليافعي: (أن الشيخ نجم الدين الأصبهاني كان يصلي مدة فوق جبل أبي قبيس مقتديا بالإمام، مقلدا لبعض المذاهب، قال اليافعي: وكذلك أدركت الشيخ أبا هادي المغربي يصلي كذلك في جبال مكة مقتديا بإمام الجماعة، فأنكر عليه الناس، فكان يقول إذا جئت إليه: ما تقول في هؤلاء المتعوبون؟ قال اليافعي: ولعل سبب ذلك ما ذكره الإمام أبو حامد الغزالي أنه أدرك بعض الشيوخ بمكة لا يحضر الصلاة في المسجد الحرام، قال: فسألته عن سبب تخلفه، فذكر كلاما معناه أنه يدخل عليه في خروجه من الضرر أكثر مما يدخل عليه من النفع) اه‍ (3) وقد أثنى على النجم الأصبهاني جمع من العلماء؛ كالبرزالي، والصلاح الصفدي، والإمام اليافعي، والحافظ الذهبي.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 264). (2) «مرآة الجنان» (261/ 4 - 262). (3) نقله صاحب «العقد الثمين» (5/ 274) عن كتاب لليافعي اسمه: «الإرشاد والتطريز في فضل ذكر الله وتلاوة كتابه العزيز».

3819 - [حسن بن علي باعلوي الترابي]

وتوفي في جمادى الآخرة بمكة سنة إحدى وعشرين وسبع مائة، ودفن بالمعلاة بالقرب من الفضيل بن عياض عن ثمان وسبعين سنة. 3819 - [حسن بن علي باعلوي الترابي] (1) حسن بن علي بن الفقيه محمد بن علي باعلوي. قال فيه الخطيب التريمي: (الفقيه العالم، الزاهد الورع العابد-قال-: كان شديد الزهد، مدققا في الورع، وكان من شدة ورعه لا يتسعر قوته في أوان الرخاء، بل يتسعر قوت كل يوم بيومه، وكان يسمى: الترابي من شدة تقشفه، وكان يتهجد وسط الليل، وله معاملة مع الله سرا) (2). توفي سنة إحدى وعشرين وسبع مائة. 3820 - [الملك المؤيد بن المظفر الغساني] (3) الملك المؤيد داود بن المظفر يوسف بن المنصور عمر بن علي بن رسول الغساني الجفني ملك اليمن. ولد في صفر سنة اثنتين وستين وست مائة بالجند. فلما شبّ وظهرت عليه مخائل النجابة .. أقطعه أبوه إقطاعا حاملا في التهائم، ثم أقطعه صنعاء، ثم أقطعه الشحر، واستخلف ولده الأشرف بن المظفر، وأحلف له العساكر، فتقدم المؤيد إلى الشحر ونفسه غير طيبة، فبلغه موت أبيه في أثناء الطريق واستقلال الأشرف بالملك، فرجع من الشحر، وجمع جموعا من العرب يريد تعز، وجهز إليه الأشرف العساكر، فالتقوا بالدعيس، موضع بناحية أبين، فتأخرت العرب عن المؤيد، وأحاط به العساكر وأسروه، وأسر معه ولداه المظفر والظافر، وأودعوهم دار الإمارة في حصن تعز، وذلك في المحرم سنة خمس وتسعين وست مائة، فأقام في الحبس إلى المحرم من سنة ست

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 188)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 359) و (ص 629)، و «المشرع الروي» (ص 91). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 188). (3) «السلوك» (2/ 555)، و «ذيل العبر» للذهبي (ص 120)، و «مرآة الجنان» (4/ 266)، و «العطايا السنية»، و (ص 318)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 440)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 400)، و «الدرر الكامنة» (2/ 99)، و «تحفة الزمن» (2/ 491)، و «تاريخ ثغر عدن»، (2/ 72)، و «شذرات الذهب» (8/ 100).

3821 - [عبد الله بن أسعد الحذيفي]

وتسعين وست مائة، وتوفي الأشرف، فاتفق رأي الحاضرين على إخراج المؤيد من حبسه وتقليده الأمر، فاستدعي به من دار الإمارة، ونعي له أخوه، فترحم عليه واسترجع، ثم قلد الأمر، وأقعد على تخت الملك، وأمر بتجهيز أخيه وتنفيذ وصيته، واستولى على المملكة اليمنية بأسرها، وجرت أموره على السعد والتوفيق. وكان غاية في الجود والشجاعة، فمن غرائب جوده أنه وهب خزانة عدن بأسرها لبعض خواصه، ومن غريب بأسه أنه أمر أن يطلق الأسد في مجلسه، فأطلق، فعضه، وأخذ المؤيد سيفا وجحفه (1)، وأقبل على الأسد، وأقبل عليه الأسد وبربر عليه، وما زال يداعبه ساعة من النهار حتى أمكنته الفرصة، فضربه بالسيف ضربة أخرج منها حشوته، وألقاه عقيرا. ومن مآثره الدينية: المدرسة التي أنشأها بمغربة تعز، وأوقف عليها من الأطيان والبساتين والمياه والحوانيت والحمامات شيئا كثيرا، وكانت أيامه في اليمن من أحسن الأيام. وتوفي في آخر يوم من القعدة، أو أول ذي الحجة من سنة إحدى وعشرين وسبع مائة، فكانت مدة ولايته نحوا من ست وعشرين سنة، ثم ولي ابنه المجاهد قطر اليمن في سنة وفاة أبيه. 3821 - [عبد الله بن أسعد الحذيفي] (2) عبد الله بن أسعد أبو عمران الحذيفي، نسبة إلى قوم يقال لهم: الأحذوف بالفاء. تفقه بالعماري، وسكن قرية الحصابيين. وكان فقيها فاضلا، عظيم العبادة، صبورا على إطعام الطعام، مشهور الذكر، حسن المعاملة. توفي سنة إحدى وعشرين وسبع مائة.

(1) الجحف: الضرب بالسيف. (2) «السلوك» (2/ 258)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 438)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 93)، و «تحفة الزمن» (1/ 540)، و «هجر العلم» (1/ 476).

3822 - [رضي الدين الطبري]

3822 - [رضي الدين الطبري] (1) إبراهيم بن محمد الطبري رضي الدين الإمام العلامة المحدث، إمام مقام إبراهيم الخليل عليه أفضل الصلاة والسلام بالحرم الشريف. كان رحمه الله مع اتساعه في رواية الحديث [له معرفة] بالفقه والعربية وغيرهما من العلوم. سمع وقرأ وأخذ عن جماعة من أهل مكة والواردين إليها من الفضلاء والأكابر، وانتفع به أئمة كبار، منهم الإمام عبد الله بن أسعد اليافعي. ومن مؤلفاته كتاب «الجنة مختصر شرح السنة» للإمام البغوي وغير ذلك، وتفرد في آخر عمره بالرواية خصوصا برواية «صحيح البخاري» واعترف له الأئمة بالجلالة. ولم يزل في نشر العلم وإسماع الحديث إلى أن توفي في سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. 3823 - [زينب بنت شكر] (2) أم محمد زينب بنت أحمد بن عمر بن أبي بكر بن شكر المقدسي المعمرة الرحلة. سمعت من غير واحد، وتفردت بالأجزاء الثقفيات (3). وتوفيت بالمقدس في ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة عن أربع وتسعين سنة. 3824 - [إبراهيم ابن سالم] (4) إبراهيم بن يحيى بن سالم. كان فقيها خيرا دينا، غلب عليه العبادة والنسك، ودرس في العومانية بعد موت ابن أخيه محمد بن عبد الرحمن بن يحيى بن سالم.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 267)، و «البداية والنهاية» (14/ 517)، و «العقد الثمين» (3/ 240)، و «الدرر الكامنة» (1/ 54)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 255). (2) «دول الإسلام» (2/ 262)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 305)، و «مرآة الجنان» (4/ 269)، و «الدرر الكامنة» (2/ 118)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 258). (3) كذا في «مرآة الجنان» (4/ 269)، وفي «ذيل العبر» للذهبي (ص 126): (بأجزاء كالثقفيات). (4) «السلوك» (2/ 180)، و «العطايا السنية» (ص 166)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 7)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 43)، و «تحفة الزمن» (1/ 493)، و «المدارس الإسلامية» (ص 66).

3825 - [أبو رشاح بن أبي بكر]

ولم يزل بها على أحسن حال إلى أن توفي رابع شوال في سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. 3825 - [أبو رشاح بن أبي بكر] (1) إبراهيم بن أبي بكر بن إسحاق، عرف بأبي رشاح. كان فقيها، عالما عاملا، عارفا بالتعبير، منقبضا عما لا يليق بالفقهاء، حسن التوكل، وقيل له في ذلك، فقال: أخشى إن عملت برأيي .. أن أوتى من قبله. يروى أنه مر في طريق يريد مدرسة، فلما صار قريبا منها .. إذا أقبل فرس فلت من يد صاحبه والناس يصيحون بعده بالتحذير منه، فحول الفقيه وجهه إلى الحيطان وقفاه إلى الفرس، فلما وصل الفرس إلى الفقيه .. عدل عنه ولم يقاربه، فعجب الناس من ذلك. ولي القضاء ببلده ظفار، وبه تفقه خلق كثير من ناحيته، منهم عبد الله بن إبراهيم باخلف، وخلفه في القضاء، وكان مذكورا بالفقه ومكارم الأخلاق. وتوفي سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. 3826 - [أحمد بن إسماعيل الحضرمي] (2) أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الحضرمي. كان فقيها فاضلا، صالحا ورعا، مبارك التدريس، موفقا في الفتوى، وكان أحد الفقهاء الذين حضروا مجلس المؤيد للنظر في قضية أبي شكيل وأبي بكر بن علي المشيرقي، وذلك بمدينة الجند سنة ست عشرة وسبع مائة، فأشار إليه المؤيد بالنظر فيها، فلم يفعل، وكانوا قد اتفقوا قبل حضور مقام السلطان على الإشارة بقضاء ابن الأديب، وأن القاضي أبا بكر بن علي المشيرقي يعترف بأنه كان مكرها فيما حكم به على أبي شكيل، فكان الأمر كما ذكر، ثم إن المؤيد كتب إلى عامل المهجم يعطي الفقيه أحمد بن إسماعيل المذكور مالا لقضاء دين كان عليه.

(1) «السلوك» (2/ 475)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 17)، و «تحفة الزمن» (2/ 445). (2) «السلوك» (2/ 335)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 8)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 49)، و «تحفة الزمن» (2/ 123)، و «هجر العلم» (3/ 1194).

3827 - [أحمد بن موسى الجعفي]

وتوفي المذكور في ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة (1). 3827 - [أحمد بن موسى الجعفي] (2) أحمد بن موسى بن عمر بن المبارك بن مسعود بن سالم بن سعيد بن عمر بن علي بن أحمد بن ميسرة بن جعف. كان فقيها عارفا، وشيخا صوفيا متدينا، حسن السيرة، طاهر السريرة. توفي سلخ شعبان سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة، ودفن برباط أثعب-بفتح الهمزة، وسكون المثلثة، وفتح العين المهملة، ثم موحدة-ودفن عند والده وابن عمه صوفي بن يحيى. 3828 - [يوسف بن محمد الحميري] (3) يوسف بن محمد بن أسعد بن يوسف بن أحمد بن الفقيه عمرو بن أسعد بن الهيثم. كان حاكما في أيام بني محمد بن عمر، وانفصل في أيام الفتن وخلاف الدول لنيف وعشرين وسبع مائة. 3829 - [عبد الرحمن بن عبيد الترخمي] (4) عبد الرحمن بن الفقيه عبيد بن أحمد بن مسعود بن عليان بن هشام الترخمي، أحد فقهاء السّهولة بفتح السين. ولد سنة ثلاث وستين وست مائة، وأخذ عن أبيه وغيره. وكان فقيها ماهرا، حاذقا ذكيا، ولي قضاء زبيد من قبل اليحيويين، فأقام في القضاء إلى أن عزل بأبي شكيل في سنة سبع وسبع مائة، واستوطن زبيد، ودرس في ناحيتها

(1) كذا في «طراز أعلام الزمن» (1/ 50)، وفي باقي المصادر: (وكانت وفاته بقرية الضحي لأيام بقين من صفر). (2) «السلوك» (2/ 270)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 10)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 184)، و «تحفة الزمن» (1/ 548)، و «هجر العلم» (2/ 856). (3) «السلوك» (1/ 432)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 207)، و «تحفة الزمن» (1/ 354). (4) «السلوك» (2/ 226)، و «العطايا السنية» (ص 415)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 7)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 59)، و «تحفة الزمن» (2/ 318)، و «المدارس الإسلامية» (ص 177)، و «هجر العلم» (2/ 982).

3830 - [عبد الرحمن بن محمد الحميري]

المعروفة بمدرسة المبرذعين، فلم يزل مدرسا بها إلى أن توفي في جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. 3830 - [عبد الرحمن بن محمد الحميري] (1) عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن أبي الرجاء أبو الفرج. كان فقيها فاضلا، محققا. ولما توفي والده في التاريخ المتقدم ذكره .. استمر عوض أبيه مدرسا في مدرسة البرحة (2)، ولم يزل على أحسن سيرة إلى أن توفي في نصف شوال سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. 3831 - [عبد الصمد بن سعيد الهمداني] (3) عبد الصمد بن سعيد بن علي بن إبراهيم بن أسعد بن أحمد الهمداني، صنو الفقيه عبد الرحمن بن سعيد المقدم ذكره (4). ولد ثاني صفر سنة ست وخمسين وست مائة. وتفقه بإبراهيم المأربي أحد أصحاب عمه، وعنه أخذ الجندي المؤرخ «البيان»، قال: (وكان مشهورا بالدين والصلاح والفلاح، وإليه انتهت الرئاسة في الفقه والدين، والورع والزهد، وكان فقيها فاضلا، سلك طريقة عمر بن سعيد العقيبي؛ من الصيام والقيام والاشتغال بالعلم) (5). يروى أن المظفر حسن بن المؤيد داود بن يوسف بن عمر لما اشتد به مرض موته .. قال

(1) «السلوك» (2/ 255)، و «العطايا السنية» (ص 416)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 11)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 70)، و «تحفة الزمن» (1/ 538)، و «المدارس الإسلامية» (ص 79)، و «هجر العلم» (1/ 135). (2) والده: محمد بن يحيى بن أبي الرجاء بن الحباب بن أبي القاسم الحميري، توفي سنة (720 هـ‍)، ولم نجده في وفيات تلك السنة، ولا في العشرين الأولى كلها، فانظر مصادر ترجمته في «السلوك» (2/ 254)، و «العطايا السنية» (ص 607)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 435)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 322)، و «تحفة الزمن» (1/ 538)، و «هجر العلم» (1/ 135)، و «المدارس الإسلامية» (ص 79). (3) «السلوك» (2/ 244)، و «العطايا السنية» (ص 427)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 8)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 80)، و «تحفة الزمن» (1/ 532)، و «هجر العلم» (1/ 289). (4) انظر (5/ 437). (5) «السلوك» (2/ 244).

3832 - [عمر بن عبد الرحمن المقرئ]

لأبيه: أحب أن أرى الفقيه عبد الصمد بن سعيد قبل الموت، فكتب المؤيد إلى الفقيه عبد الصمد يعلمه بمرض ولده وأنه يحب أن تراه وتدعو له قبل الموت، وسأله أن يتفضل بالوصول لله تعالى، فوصل الفقيه إلى تعز ليلا، ودخل على المريض، ودعا له، ورجع إلى بلده وهي قرية تسمى: الثمد-بفتح المثلثة والميم، وآخره دال مهملة-وكانت مأمنا للخائفين، وملاذا للمتجورين، وبيته مقصدا للوافدين. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. 3832 - [عمر بن عبد الرحمن المقرئ] (1) عمر بن الفقيه عبد الرحمن بن سعيد بن علي بن إبراهيم الهمداني المعروف بالمقرئ، لقب من ألقاب المكتب. تفقه بعمه عبد الصمد بن سعيد المتقدم ذكره (2)، وكان فقيها فاضلا. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لشيخه وعمه عبد الصمد. 3833 - [علي بن أحمد الصريدح] (3) علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد الصريدح. تفقه في بدايته بابن الهرمل وغيره، ثم بالإمام أحمد بن موسى ابن عجيل. قال الجندي: (قدمت عليه قريته-يعني: قرية المدالهة، قرية معروفة قبالة قرية الفقيه أحمد بن موسى-في سنة أربع وسبع مائة، فوجدته رجلا مباركا، قليل المثل في فقهاء العصر، نقالا للفقه، فأخذت عنه بعض «التنبيه» قراءة، وبعضه إجازة؛ للتبرك، وكان فيه خير كثير، وأنس للأصحاب، وحصل عليه في آخر عمره تغفيل) (4). وتوفي لنيف وعشرين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 246)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 417)، و «تحفة الزمن» (1/ 533)، و «هجر العلم» (1/ 290). (2) هو صاحب الترجمة السابقة. (3) «السلوك» (1/ 410)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 90)، و «تحفة الزمن» (1/ 334)، و «طبقات الخواص» (ص 83)، و «هجر العلم» (4/ 1981). (4) «السلوك» (1/ 410).

3834 - [عثمان بن أبي بكر المرادي]

وأخوه عبد الله بن أحمد بن عبد الله تفقه بعمه يوسف، ثم بالإمام أحمد. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة أخيه. وجدّهما عبد الله بن أحمد الصريدح، المالكي النسب-نسبة إلى مالك بن ذؤال، قبيلة مشهورة باليمن-كان فقيها مشهورا صالحا، يسكن القرية المذكورة، وكان الفقيه أحمد يثني عليه في معرفة الأدب. 3834 - [عثمان بن أبي بكر المرادي] (1) عثمان بن أبي بكر بن سعيد بن أحمد المرادي. تفقه بأبي عبد الله الدلالي، وبفقهاء ذي أشرق. وكان فقيها فاضلا، معروفا بعلو الهمة، وشرف النفس، وإطعام الطعام. وتوفي على الطريق المرضي سلخ المحرم سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. 3835 - [أبو الحسن الجحيفي] (2) أبو الحسن علي بن أحمد بن سليمان بن محمد الجحيفي-بضم الجيم، ثم الحاء المهملة المفتوحة، ثم مثناة تحت، ثم فاء، نسبة إلى قرية قرب ذمار خرج منها جماعة من قوم هذا الفقيه، فسكنوا وادي سهام من تهامة-ثم السهامي. ولد بسهام سنة ست وثلاثين وست مائة. وتفقه بابن الهرمل، وأخذ عن غيره أيضا، ثم صعد الجبل، فقصد بني دروب، فاعتلقوا به، فوقف عندهم، وقصد من الجبال والتهائم للأخذ عنه، وتفقه به جمع كثير. وكان مذكورا بحسن التدريس وجودة الفتوى مع التواضع والقيام بحال الطلبة والواردين. وتوفي لنيف وعشرين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 210)، و «العطايا السنية» (ص 440)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 7)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 183)، و «تحفة الزمن» (1/ 512)، و «هجر العلم» (4/ 2128). (2) «السلوك» (2/ 300)، و «العطايا السنية» (ص 477)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 226)، و «تحفة الزمن» (1/ 568).

3836 - [أحمد بن علي الجحيفي]

3836 - [أحمد بن علي الجحيفي] (1) أحمد بن علي بن أحمد بن سليمان بن محمد الجحيفي. تفقه بأبيه، وبابن الصريدح، وكان مذكورا بجودة الفقه وحسن السيرة كأبيه. ولم أقف على تحقيق وفاته، فذكرته مع أبيه (2). 3837 - [عبد الرحمن بن محمد أباططة] (3) عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله أباططة الظفاري. قدم هو وأحمد بن عبد الرحمن بن أحمد أباططة الآتي ذكره إلى اليمن (4)، فلاذا بالفقيه شرف الدين أحمد بن علي الظفاري المتقدم ذكره في العشرين قبل هذه (5)، وكان للفقيه شهاب الدين وصلة بالمؤيد، فجعلهما بإشارته معلّمين لابنه المجاهد، ولأولاد أبيه المظفر، فلما توفي المؤيد وصار الملك للمجاهد .. جعل معلمه عبد الرحمن المذكور قاضي قضاة اليمن، فأقام في القضاء مدة يسيرة إلى أن قتل في سابع جمادى الأخرى في سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة ليلة لزم المنصور بن المظفر ابن أخيه المجاهد، وكان الفقيه عبد الرحمن غالبا على كل أمور المجاهد. 3838 - [عمر بن إبراهيم البجلي] (6) عمر بن إبراهيم بن محمد بن حسين البجلي. ولد سنة سبع وعشرين وست مائة. ولما رأى أخاه عليا-وكان أصغر منه-قد رأس في

(1) «السلوك» (2/ 300)، و «العطايا السنية» (ص 242)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 226)، و «تحفة الزمن» (1/ 569). (2) في «العطايا السنية» (ص 242): توفي سنة (741 هـ‍). (3) «السلوك» (2/ 473)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 3)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 374)، و «تحفة الزمن» (2/ 444). (4) انظر (6/ 191). (5) انظر (6/ 43). (6) «السلوك» (2/ 367)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 9)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 396)، و «تحفة الزمن» (2/ 277)، و «هجر العلم» (2/ 1040)، و «المدارس الإسلامية» (ص 195).

3839 - [عمر بن عثمان الحساني]

العلم والتدريس .. نشط المذكور للطلب، فقرأ على أخيه علي، وتفقه به ولازمه حتى برع. وكانت لديه دنيا متسعة، يحج كثيرا، ويطعم جماعة من الطلبة، وابتنى مدرسة في قريته ودرس فيها، وقصده الطلبة والزوار والضيوف، وعمي في آخر عمره. وتوفي في ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. 3839 - [عمر بن عثمان الحساني] (1) عمر بن الفقيه عثمان بن محمد بن علي بن أحمد الحساني ثم الحميري. استظهر القرآن، وقرأ «التنبيه» على فقهاء جبلة، وقرأ على البهاء الجندي «المعين» و «التبصرة» في الكلام، و «مختصر الحسن» وكان فقيها جيدا صالحا. وتوفي في القعدة سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. 3840 - [عمر بن محمد الحجري] (2) عمر بن محمد بن مسعود الحجري. تفقه بإسماعيل الخلي، ثم أكمل تفقهه بالفقيه صالح بن عمر البريهي. وكان فقيها عارفا، أقام في السمكر بسؤال من أهلها يخطب ويدرس في الجامع، ثم ولاه ابن الأديب قضاء السمكر، فاستمر فيه نحو سنة، ثم انفصل، وأقام على التدريس والخطابة إلى أن توفي في النصف من شعبان سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. 3841 - [محمد بن أحمد الحضرمي] (3) محمد بن أحمد الحضرمي، أصل بلده موضع يسمى: رخمة كالطائر المعروف. كان المذكور فقيها نبيها، مشهورا بالدين المتين والورع.

(1) «السلوك» (2/ 201)، و «العطايا السنية» (ص 509)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 60)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 420)، و «تحفة الزمن» (1/ 506)، و «هجر العلم» (3/ 1386). (2) «السلوك» (2/ 90)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 7)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 451)، و «تحفة الزمن» (1/ 434)، و «هجر العلم» (2/ 952). (3) «السلوك» (2/ 273)، و «العطايا السنية» (ص 279)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 47)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 79)، و «تحفة الزمن» (1/ 550).

3842 - [إقبال الهندي]

ولم يزل حاكما ببلده إلى سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. ولم أقف على تاريخ وفاته (1). 3842 - [إقبال الهندي] (2) إقبال بن عبد الله الهندي المقرئ. قال الجندي: (كان المذكور عبدا لخادم يقال له: إقبال الدوري، وكان من مياسير أهل عدن) (3). وكان عاقلا دينا، مشتغلا بالقراءات السبع، قرأ على ابن الحرازي بعدن، فاستفاد وأفاد، فلما سافر سيده من عدن .. خرج إقبال منها أيضا، وسكن المهجم، فحصل عليه عسف من بعض ولاتها، فارتحل عنها إلى تعز، وأقام بها إلى أن توفي في سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. 3843 - [قطب الدين السنباطي] (4) الفقيه الإمام المدرس المفيد الشافعي مصنف «زوائد التعجيز على التنبيه» (5). كان من أعيان الأئمة الشافعية وخيارهم، درس وأعاد في مدارس، وانتفع به خلق كثير، وناب في الحكم عن قاضي القضاة الزرعي، ثم عن قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، وتولى وكالة بيت المال، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي رابع عشر ذي الحجة من سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» ولم يذكر اسمه في النسخة التي وقفت عليها، ثم أعاده في سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة، وسماه: الشيخ قطب الدين

(1) في «العطايا السنية» (ص 279)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 47): توفي سنة (727 هـ‍). (2) «السلوك» (2/ 440)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 10)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 242)، و «تحفة الزمن» (2/ 392)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 23). (3) «السلوك» (2/ 440). (4) «مرآة الجنان» (4/ 269)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 164)، و «البداية والنهاية» (14/ 519)، و «الدرر الكامنة» (4/ 16)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 257)، و «حسن المحاضرة» (1/ 364)، و «شذرات الذهب» (8/ 104). (5) كذا في «مرآة الجنان»، وفي باقي المصادر: («تصحيح التعجيز»).

3844 - [نجم الدين ابن صصرى]

السنباطي محمد بن عبد الصمد بن عبد القادر (1). وقد ذكره ابن شهبة فيمن توفي سنة اثنتين وعشرين (2). 3844 - [نجم الدين ابن صصرى] (3) أبو العباس أحمد بن محمد نجم الدين المعروف بابن صصرى التغلبي الشافعي. سمع من جماعة، وأفتى ودرس. وله النظم والترسل، والخط المليح، والدروس الطويلة، والفصاحة والمكارم مع دين وحسن سريرة. ولي قضاء دمشق إحدى وعشرين سنة، ومات بها في ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. 3845 - [أبو نصر ابن مميل] (4) أبو نصر محمد بن محمد بن محمد بن هبة الله بن الشيرازي، شمس الدين الدمشقي، مسند الوقت. سمع من جماعة، وله مشيخة وعوال. وكان ساكنا وقورا، منقبضا عن الناس. توفي بالمزة ليلة عرفة سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. 3846 - [أبو العباس ابن الهيثم] (5) أحمد بن أحمد بن يوسف بن أحمد بن الفقيه عمر بن الهيثم المشهور أبو العباس.

(1) انظر «مرآة الجنان» (4/ 284). (2) انظر «طبقات الشافعية» (2/ 289)، وكذلك تاريخ وفاته في باقي المصادر. (3) «سير أعلام النبلاء» (21/ 264)، و «معجم الشيوخ» (1/ 91)، و «أعيان العصر» (1/ 327)، و «مرآة الجنان» (4/ 327)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 20)، و «البداية والنهاية» (14/ 521)، و «الدرر الكامنة» (1/ 263)، و «شذرات الذهب» (8/ 107). (4) «معجم الشيوخ» (2/ 279)، و «مرآة الجنان» (4/ 270)، و «البداية والنهاية» (14/ 524)، و «الدرر الكامنة» (4/ 233)، و «شذرات الذهب» (8/ 111). (5) «السلوك» (1/ 432)، و «العطايا السنية» (ص 248)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 17)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 354)، و «تحفة الزمن» (1/ 46).

3847 - [أبو العباس الفراوي]

كان فقيها فاضلا صالحا، ذا خلق رصين، ودين متين، عارفا بالفقه معرفة شافية. وعمي في آخر عمره، ثم قتله أهل الفساد في سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. 3847 - [أبو العباس الفراوي] (1) أحمد بن محمد بن الحسين بن أبي السعود أبو العباس الهمداني الفراوي. ولد ثالث عشر جمادى الأخرى سنة ثمانين وست مائة. وتفقه بصالح بن عمر البريهي، ورزق بصيرة في العلم، وتوفيقا في الدين، وزهادة في الدنيا. كان فقيها صالحا، خيرا دينا، ذا كرامات كثيرة وحسن الخلق، لين الجانب، مطعما للطعام، كثير الورع إلى أن توفي على الطريقة المرضية خامس شوال سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. 3848 - [عبد الحميد الجيلوني] (2) عبد الحميد بن عبد الرحمن بن عبد الحميد أبو محمد الجيلوني، نسبة إلى كورة جيلون، وهو جبل ببلاد فارس. ولد سنة ثمان وأربعين وست مائة ببلاد فارس، وذكر أنه تفقه بالبصرة على رجل من أهل اليمن يسمى: منصور بن فلاح، فلما توفي شيخه .. خرج إلى قرية فاروث، فقرأ على عزّ الدين أحمد بن إبراهيم الفاروثي، ثم خرج إلى ولد مصنف «الحاوي»، فقرأ عليه «الحاوي»، وأخذ عنه النحو، وقرأ عليه «البيضاوي». وكان عارفا فقيها، محققا، ولم يدخل اليمن أحد أعرف ب‍ «الحاوي» منه، ودخل اليمن سنة تسع عشرة وسبع مائة من طريق الحجاز، وقدم تعز، فأكرمه حاكمها يومئذ القاضي عمر بن أبي بكر العزاف وآنسه، ورغبه في الإقامة بها، ورتبه مدرسا في المؤيدية

(1) «السلوك» (2/ 220)، و «العطايا السنية» (ص 254)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 17)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 149)، و «تحفة الزمن» (1/ 518)، و «هجر العلم» (3/ 1614). (2) «السلوك» (2/ 146)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 45)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 15)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 48)، و «تحفة الزمن» (1/ 467)، و «النسبة إلى البلدان» (ص 206)، و «شذرات الذهب» (8/ 167)، و «المدارس الإسلامية» (ص 204).

3849 - [عمر بن عبد الله العتمي]

وغيرها، ثم حصل بينه وبين قاضي القضاة أبي بكر بن الأديب وحشة، فعزله عن أسبابه، فسافر إلى عدن في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة، فتوفي في الطريق في ذلك الشهر، وصنف كتابا على منوال «الحاوي» سماه: «بحر الفتاوي» يزيد على «الحاوي» بقدر نصفه، وأظنه شرحه في مجلدين. 3849 - [عمر بن عبد الله العتمي] (1) عمر بن عبد الله بن سليمان، الكندي نسبا، والعتمي بلدا. ولد سنة سبعين وست مائة تقريبا. وتفقه بأبي القاسم، والأصبحي، وبصالح بن عمر وغيرهم. وكان فقيها فاضلا، عارفا كاملا، وأم بمدرسة حسن بن فيروز التي بإب. وتوفي سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. 3850 - [محمد بن أبي بكر الزيلعي] (2) محمد بن أبي بكر بن علي الزيلعي الجدايي، نسبة إلى جداية-بكسر الجيم، وفتح الدال المهملة، ثم ألف، ثم مثناة من تحت مفتوحة، ثم هاء تأنيث-صقع معروف في بلاد السودان. أخذ القراءات السبع بحراز عن ابن زاكي، وبوصاب عن الغيثي. وكان فقيها، عارفا بالقراءات السبع، معروفا بتجويد القراءة، وعنه أخذ جماعة. وتوفي في صفر سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. 3851 - [محمد بن أبي بكر] (3) محمد بن أبي بكر بن محمد بن إسماعيل بن الفقيه أبي بكر بن محمد بن أسعد بن

(1) «السلوك» (2/ 164)، و «العطايا السنية» (ص 508)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 16)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 418)، و «تحفة الزمن» (1/ 482)، و «المدارس الإسلامية» (ص 189). (2) «السلوك» (1/ 393)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 14)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 123)، و «تحفة الزمن» (1/ 318)، و «هجر العلم» (1/ 298). (3) «السلوك» (2/ 411)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 16)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 124)، و «تحفة الزمن» (2/ 372).

3852 - [الطواشي صلاح المؤيدي]

مسيح، بلده معشار الدملوة في ناحية تعرف بابن الأمكر. ولد المذكور لأربع بقين من رمضان سنة اثنتين وسبعين وست مائة. وتفقه بعبد الرحمن الحجاجي غالبا، وبيوسف بن عبد الملك وغيرهما، ودرس مع بني بطال مدة، ونظر في كتبهم، فانتفع بها انتفاعا جيدا. وكان فقيها صالحا، مشهورا بالدين، وإتقان العلم، واستجابة الدعاء. وتوفي على الطريق المرضي في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. قال الجندي: (وفي هذه المذكورة فقيه اسمه: عبد الرحمن بن محمد، يعرف بجودة الدين، وكثرة الخير، ومعرفة الأسماء، كان يسكن قرية اللفج، بلامين، ثم فاء مفتوحة، ثم جيم) (1). ولم أقف على تاريخ وفاته. 3852 - [الطواشي صلاح المؤيدي] (2) الطواشي صلاح بن عبد الله المؤيدي ثم المجاهدي. كان زمام باب المؤيد، ثم جعله زمام جهة والدة السلطان المجاهد، وإليه تنسب، وبه تعرف، فيقال: جهة صلاح. كان ذا رئاسة حسنة، وصفات مستحسنة إلى أن توفي في رمضان من سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. 3853 - [الأمير أحمد بن أزدمر] (3) الأمير الكبير الملقب شهاب الدين أحمد بن أزدمر بزبيد. كان أبوه أكبر أمراء الدولة المظفرية، ولما خالف المؤيد داود بن يوسف على أخيه الأشرف، وجمع العسكر من الشحر؛ إذ كانت إقطاعه حياة أبيه، وقصد تعز .. جرد الأشرف عسكرا من الغز والأشراف فيهم أحمد بن أزدمر المذكور لقتال أخيه المؤيد، فكانت

(1) «السلوك» (2/ 411). (2) «العطايا السنية» (ص 352)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 17)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 10). (3) «السلوك» (2/ 572)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 46)، و «تحفة الزمن» (2/ 502).

3854 - [الملك المنصور بن المظفر]

وقعة الدعيس المشهورة، أسر فيها المؤيد وولداه حسن وعيسى. وكان أحمد المذكور ممن بالغ في الأمر يومئذ، فلما تحقق الأشرف اجتهاده ونصحه .. أقطعه حرض، فلما مات الأشرف .. تولى بعده المؤيد، فقبض على الأمير المذكور، ولم يزل معتقلا نحو ست وعشرين سنة مدة ولاية المؤيد، فلما تولى المجاهد بن المؤيد .. أطلقه من الاعتقال، ولما اعتقل المجاهد في حصن تعز، وتولى عمه المنصور أيوب بن يوسف .. أقطع الأمير المذكور حرض، فلما خرج المجاهد من الاعتقال واستولى المرة الثانية .. طلبه من حرض، فتخوف، ووقف في قرية السلامة، ولما خالفت المماليك على المجاهد وأخذوا زبيد للظافر .. طلع الأمير أحمد المذكور إلى المجاهد، وتكفل له بإعادة زبيد، فأضاف إليه المجاهد عسكرا جيدا من الخيل والرجل، ونزل زبيد، فحط في البستان، فقصده المماليك من زبيد على حين غفلة، فانهزم عسكره، وقتل طائفة منهم، وجرح الأمير المذكور جراحات شديدة، ثم أسر، وحمل إلى زبيد، ومات بها في آخر شعبان من سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. 3854 - [الملك المنصور بن المظفر] (1) السلطان الملك المنصور أيوب بن المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول الغساني. وكان محبوبا عند أبيه المظفر، وكان أخوه المؤيد أيضا يحبه ويكرمه دون سائر إخوته، فلما تولى المؤيد، وولى ولده المجاهد قطر اليمن .. أقام مدة يسيرة، ثم حصل من العسكر خلاف وخروج عن طاعته، فاجتمع جمهور العسكر على لزوم المجاهد، فلزموه، وتقدموا به إلى عمه أيوب المذكور، ثم طلع المنصور حصن تعز في جلالة الملك وناموس السلطنة، وطلع بابن أخيه معه تحت الحفظ، فأودعه دار الأدب، ثم إن والدة المجاهد استخدمت عسكرا جيدا، فوصلوا إلى تعز ليلا، وطلعوا الحصن من ناحية الشريف، فلما تصوروا في الحصن بمساعدة بعض أهله .. كمنوا على باب الدورة إلى أن أسفر النهار، ونزل الخادم بمفاتيح أبواب الحصن، فلما فتح باب الدورة .. هجم العسكر على البواب فقتلوه وأخذوا منه المفاتيح التي معه بأسرها، فدخلوا باب القصر، فوجدوا المنصور قاعدا في مجلس هنالك، فأغلقوا عليه باب المجلس الذي هو فيه، ووقف بعضهم على باب المجلس

(1) «السلوك» (2/ 557)، و «بهجة الزمن» (ص 287)، و «العطايا السنية» (ص 279)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 14)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 250)، و «تحفة الزمن» (2/ 493).

3855 - [محمد بن حسان العمراني]

يحفظه، ونزل الباقون إلى مجلس المجاهد، فكسروا الأقفال، وحملوه بقيده، وأطلعوه الحصن، ثم أنزلوا المظفر، فحبسوه في الموضع الذي كان المجاهد محبوسا فيه، وذلك كله في شهر رمضان سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة، وكان المنصور قد أرسل ولده الظاهر عبد الله بن أيوب إلى حصن الدملوة حافظا لها، فلما علم بقبض والده .. تغلب على الحصن، واستمال معظم العسكر، فانتشرت الفتن في البلاد كما سيأتي ذلك. ولم يزل المنصور مسجونا في حصن تعز مع ابن أخيه المؤيد إلى أن توفي في شهر صفر من سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. 3855 - [محمد بن حسان العمراني] (1) محمد بن القاضي حسان بن أسعد العمراني. كان رهينة بزبيد، فلما حبس أبوه بعدن في سنة أربع وسبع مائة .. حبس هو أيضا بزبيد في حبس ضيق، وكان كثيرا ما يرى خارج الحبس يصلي في المساجد، فلما بلغ المؤيد ذلك .. أمر بإطلاقه، وأسكنه دار عمه القاضي بهاء الدين، وجعل له رزقا يقتاته، فلما توفي المؤيد، وتولى المجاهد .. شفع فيه وفي إخوته الأمير شجاع الدين عمر بن يوسف، فأمر بإطلاقهم من زبيد، فسكنوا سهفنة، وفيها توفي محمد بن حسان في شهر صفر من سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. 3856 - [علي ابن جبريل] (2) الإمام المفتي نور الدين علي بن يعقوب البكري الشافعي، وهو الذي آذى ابن تيمية، وأقدم على الإنكار الغليظ على الملك الناصر، وسلم من بطشه وفتكه، ولم يزد على الأمر بإخراجه من بلاده، وقيل: إنه أمر بقطع لسانه، فتلجلج، وظهر عليه الخوف، [فقال السلطان]: لو ثبت .. لكان عندي عظيم الشأن. توفي كهلا في سنة أربع وعشرين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (1/ 429)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 312)، و «تحفة الزمن» (1/ 352)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 49)، و «هجر العلم» (4/ 2076). (2) «الوافي بالوفيات» (22/ 331)، و «أعيان العصر» (3/ 581)، و «مرآة الجنان» (4/ 271)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 370)، و «البداية والنهاية» (14/ 530)، و «الدرر الكامنة» (3/ 139)، و «حسن المحاضرة» (1/ 365).

3857 - [علاء الدين ابن العطار]

3857 - [علاء الدين ابن العطار] (1) علي بن إبراهيم بن العطار علاء الدين الإمام المفتي الزاهد، تلميذ النووي. توفي في ذي الحجة سنة أربع وعشرين وسبع مائة. 3858 - [صفي الدين الهندي] (2) محمد بن عبد الرحيم الشيخ صفي الدين الأصولي الفقيه الإمام العلامة الشافعي، نزيل دمشق. تفقه بجده لأمه، وأخذ عن سراج الدين الأرموي العقليات، وسمع من الفخر علي، ودرس بالظاهرية والجامع الأموي، وصنف وأفتى، وكان فيه دين وتعبد، وتخرج به أئمة فضلاء. وتوفي سنة أربع وعشرين وسبع مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» (3)، وهو مذكور في الأصل، لكن ذكر فيه أنه توفي سنة خمس وعشرين (4). 3859 - [أحمد المخزمي] (5) أحمد بن أبي بكر بن إبراهيم الرنبول الأبيني ثم المخزمي-بفتح الميم، وسكون الخاء المعجمة، وفتح الزاي، وكسر الميم، ثم ياء النسب-نسبة إلى بطن من كندة يقال لهم: المخازمة. ولد المذكور سنة ست وثلاثين وست مائة.

(1) «معجم الشيوخ» (2/ 7)، و «مرآة الجنان» (4/ 272)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 130)، و «البداية والنهاية» (14/ 532)، و «الدرر الكامنة» (3/ 5)، و «شذرات الذهب» (8/ 114). (2) تقدم في وفيات سنة (715 هـ‍)، وهو الصحيح كما في جميع المصادر، فانظر مصادر ترجمته هناك (6/ 88). (3) انظر «مرآة الجنان» (4/ 272). (4) ذكرنا أنه مر في سنة (715 هـ‍)، وعليه: فلعل صواب عبارة الأصل هنا: أنه توفي سنة خمس عشرة، والله أعلم. (5) «السلوك» (2/ 454)، و «العطايا السنية» (ص 256)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 24)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 50)، و «النسبة إلى البلدان» (ص 308)، و «هجر العلم» (4/ 1960).

3860 - [أبو الذبيح المسلي]

وتفقه بالفقيه زريع، ثم ارتحل إلى الضحي، وأكمل تفقهه على الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي، وأخذ عن القاضي إسحاق الطبري، وروي أنه أخذ عن ابن العجيل أيضا. وكان عارفا بالفقه والحديث والتفسير، عابدا ورعا زاهدا، مبارك التدريس، أخذ عنه جمع كثير ونجبوا ورأسوا ودرسوا، مثل الفقيه علي بن محمد الأصبحي، وصالح بن عمر البريهي، وإسماعيل بن أحمد الخلي وغيرهم. وكان فيه من غزارة النقل وكمال الفضل وثبات العقل ما يعجب ويطرب، وعمي في آخر عمره، وكان له كرامات ظاهرة. وتوفي ثاني عشرين رمضان سنة أربع وعشرين وسبع مائة. وكان له ولدان: محمد وأبو بكر، تفقها تفقها جيدا، وتوفي محمد في حياة أبيه سنة سبع وسبع مائة، وتصوف أبو بكر، وأخذ اليد عن أصحاب الشيخ أحمد بن الرفاعي، وله في عدن رباط مشهور، وكان يدرس الفقه، وتوفي بقرية المحل من أعمال أبين رحمهم الله تعالى ونفع بهم. 3860 - [أبو الذبيح المسلي] (1) إسماعيل بن أحمد بن علي بن محمد بن سليمان أبو الذبيح المسلي، نسبة إلى مسلية بن عمرو بن عامر من مذحج، ويعرف بالخلّي، نسبة إلى خلّة-بفتح الخاء المعجمة واللام المشددة، ثم هاء تأنيث-قرية بحجر. تفقه أولا بعمه، ثم بالفقيه أحمد بن منصور، ثم بالإمام علي بن أحمد الأصبحي، ثم بابن الرنبول، ثم أخذ عن صالح بن عمر البريهي وغيره. وكان فقيها بارعا، مجودا، لم يكن له نظير في تلك الناحية. وتوفي لعشر بقين من شعبان سنة أربع وعشرين وسبع مائة بعد أن بلغ عمره خمسا وستين سنة.

(1) «السلوك» (2/ 260)، و «العطايا السنية» (ص 266)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 24)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 211)، و «تحفة الزمن» (1/ 541)، و «النسبة إلى البلدان» (ص 252)، و «هجر العلم» (1/ 575).

3861 - [أحمد بن محمد باعلوي]

3861 - [أحمد بن محمد باعلوي] (1) أحمد بن محمد باعلوي. كان فقيها فاضلا. توفي سنة أربع وعشرين وسبع مائة. وابن عمه محمد بن علي باعلوي كان فقيها صالحا، وكان أبوه علي عابدا مجتهدا، عظيم القدر، لا يكاد يفتر عن الصلاة، وكان إذا تشهد في صلاته وقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .. كرر ذلك كثيرا، فقيل له في ذلك، فقال: لا أزال أفعل ذلك حتى يرد علي صلّى الله عليه وسلم. والحسن بن محمد بن علي باعلوي كان فقيها صالحا، خيرا دينا، يحفظ «وجيز الغزالي» حفظا متقنا. وكان ابن عمه عبد الرحمن بن علي باعلوي فقيها أيضا. هكذا ذكر الخزرجي هؤلاء الجماعة من آل باعلوي في ترجمة الحسن بن محمد بن علي باعلوي نقلا عن الجندي، قال: (ولم يذكر تاريخ وفاة الباقين) اه‍ (2) فذكرتهم أنا هنا؛ تبعا لمن تحققت تاريخ وفاته حتى تراجع تراجمهم من «تاريخ ابن حسان» أو من «البرقة المشيقة» أو غير ذلك إن شاء الله تعالى (3). 3862 - [باحسان الحضرمي الشبامي] (4) عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد باحسان الحضرمي الشبامي. قدم زبيد وهو ابن أربعين سنة، فتفقه في أبيات حسين، ثم سافر إلى مكة، فأدرك ابن السبعين، وأخذ عن أصحابه، وقرأ النحو والحديث، وصنف فيهما، وله يد في

(1) «السلوك» (2/ 463)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 347)، و «تحفة الزمن» (2/ 428). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 347). (3) لم نجد إلا تاريخ وفاة علي باعلوي والد محمد بن علي باعلوي، وقد توفي لبضع وعشرين وسبع مائة، انظر «طبقات الخواص» (ص 223). (4) «السلوك» (2/ 32)، و «العطايا السنية» (ص 414)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 23)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 68)، و «تحفة الزمن» (1/ 394)، و «هجر العلم» (1/ 37).

3863 - [أحمد بن سليمان]

التصوف، صحب الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي، والإمام أحمد بن موسى بن عجيل، وجماعة من أصحاب الشيخ أبي الغيث بن جميل. وكان عابدا ورعا زاهدا، وتوفي على ذلك سنة أربع وعشرين وسبع مائة بعد أن عمر ما يزيد على مائة سنة ولم يتغير له سمع ولا بصر ولا ذهن، قاله الجندي (1). 3863 - [أحمد بن سليمان] (2) أحمد بن الفقيه سليمان، من عزلة بني قيس. تفقه بمصنعة سير، وكان فقيه تلك الناحية، مذكورا بالفقه، وشرف النفس، وعلو الهمة. توفي سنة أربع وعشرين وسبع مائة. 3864 - [محمد بن سليمان] (3) محمد بن سليمان، أخو المذكور أولا. تفقه بابن الرنبول، وبأهل المصنعة. قال الجندي: (اجتمعت به في المصنعة أيام قراءتي بها، فرأيته كاملا) (4). ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا في طبقة أخيه أحمد بن سليمان المذكور أولا، وكان أبوهما سليمان فقيها خيرا دينا. 3865 - [عبد الله ابن القرين] (5) عبد الله بن محمد بن أبي السعود بن القرين. تفقه بأحمد بن أبي بكر بن المبارك، وكان فقيها فاضلا، زاهدا ورعا، صحب الأمير

(1) انظر «السلوك» (2/ 33). (2) «السلوك» (2/ 260)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 86)، و «تحفة الزمن» (1/ 541). (3) «السلوك» (2/ 260)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 86)، و «تحفة الزمن» (1/ 541). (4) «السلوك» (2/ 260). (5) «السلوك» (2/ 259)، و «العطايا السنية» (ص 399)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 148)، و «تحفة الزمن» (1/ 541).

3866 - [عبد الملك الطميلي]

علي بن يحيى العنسي، والفقيه أحمد بن أبي بكر بن المبارك شيخ المذكور، من قرية في عزلة بني قيس تسمى: ألخ، بضم الهمزة، وسكون اللام، وبالخاء المعجمة. ولأحمد بن أبي بكر بن المبارك هذا ذرية ببلده. ولم أقف على تاريخ وفاة القرين وشيخه. 3866 - [عبد الملك الطميلي] (1) عبد الملك بن محمد الطميلي، من بطن من الأشعوب يقال لهم: بنو حرب. تفقه أولا بأهل تعز، ثم صار إلى الذنبتين، فأخذ عن الإمام علي بن أحمد الأصبحي أخذا جيدا، فلما ازدحمت الطلبة على الأصبحي .. انتقل منه إلى تلميذه سعيد العودري، فأكمل تفقهه به، ثم رجع إلى بلده، فكان فقيه بلده، ومفتي ناحيته. وكان فقيها عارفا، زاهدا عابدا. وتوفي مستهل صفر من سنة أربع وعشرين وسبع مائة. قال الجندي: (وكان أبوه فقيها، وكذلك أخوه أبو القاسم بن محمد كان فقيها، تفقه بأبيه، وأخذ عن أخيه) (2)، ولم أقف على وفاتهما، فذكرتهما هنا. 3867 - [أبو حربة] (3) الشيخ الإمام الصالح جمال الدين محمد بن يعقوب الشهير بأبي حربة، وشهرته بذلك؛ لأنه أشار إلى بعض الظلمة بسبّابته، فمات في الحال، فكان لا يزال قابضا لإصبعه لا يشير بها إلى شيء البتة، وله كرامات ظاهرة، وفضائل باهرة، نفع الله به. حج، وتوفي عقيب الحج في سنة أربع وعشرين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 414)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 167)، و «تحفة الزمن» (2/ 374). (2) لم نجد قول الجندي في النسخة التي بين أيدينا من «السلوك»، وقد نقله الخزرجي في «طراز أعلام الزمن» (2/ 168). (3) «السلوك» (2/ 317)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 70)، و «تحفة الزمن» (2/ 88)، و «طبقات الخواص» (ص 274)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 231).

3868 - [تقي الدين ابن الصائغ]

3868 - [تقي الدين ابن الصائغ] (1) محمد بن أحمد بن عبد الخالق المصري تقي الدين الشافعي الخطيب، عرف بابن الصائغ، شيخ القراء. تلا بالسبع على الكمال بن فارس، واشتهر، وأخذ عنه خلق، ورحل إليه. وكان ذا دين وخير وفضيلة، ومشاركات قوية. توفي بمصر سنة خمس وعشرين وسبع مائة. 3869 - [علي بن جابر الهاشمي] (2) علي بن جابر الهاشمي اليمني الشافعي نور الدين، شيخ الحديث بالمنصورية. حدث عن الزكي البيلقاني، وعرض عليه «الوجيز» للغزالي. وتوفي سنة خمس وعشرين وسبع مائة. مذكور في الدفة (3). 3870 - [محمد بن أحمد الأميوطي] (4) محمد بن أحمد بن إبراهيم الأميوطي الشافعي القاضي الإمام العلامة الورع عزّ الدين. حدث عن القطب القسطلاني وغيره، وتفقه به الطلبة، وحكم بالكرك نحوا من ثلاثين سنة. وتوفي بها سنة خمس وعشرين وسبع مائة. وهو والد شرف الدين قاضي بلبيس، ثم قاضي مدينة الرسول صلّى الله عليه وسلم وخطيبها وإمامها.

(1) «معرفة القراء الكبار» (3/ 1442)، و «أعيان العصر» (4/ 250)، و «مرآة الجنان» (4/ 274)، و «البداية والنهاية» (14/ 535)، و «الدرر الكامنة» (3/ 320)، و «حسن المحاضرة» (1/ 439)، و «شذرات الذهب» (8/ 123). (2) «أعيان العصر» (3/ 322)، و «مرآة الجنان» (4/ 274)، و «الدرر الكامنة» (3/ 35)، و «حسن المحاضرة» (1/ 338)، و «شذرات الذهب» (8/ 123). (3) لعل المقصود: مذكور في الأصل، كما هي عادته. (4) «ذيل العبر» للذهبي (ص 141)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 144)، و «أعيان العصر» (4/ 240)، و «مرآة الجنان» (4/ 274)، و «شذرات الذهب» (8/ 124).

3871 - [سليمان الجعفري]

3871 - [سليمان الجعفري] (1) سليمان بن هلال الهاشمي الجعفري-نسبة إلى جعفر الطيار، بينهما ثلاثة عشر أبا- الحوراني الشافعي. تفقه بالشيخين محيي الدين النواوي وتاج الدين [ابن الفركاح]، وحدث عن أبي اليسر، والمقداد، وكان عارفا بالفقه، وناب عن ابن صصرى. وكان فيه تزهد وتواضع، وترك للرئاسة والتصنع مع السماحة والمروءة والرفق؛ يمشي إلى الشاهد ليسمع منه الشهادة، وإلى الخصم الفقير، وربما نزل في طريق داريا عن حمارته، فحمل عليها حزمة حطب لمسكينة. توفي رحمه الله تعالى سنة خمس وعشرين وسبع مائة. مذكور في الأصل. 3872 - [ابن الأديب] (2) أبو بكر بن أحمد بن عمر المعروف بابن الأديب الإمام العلامة الشافعي اليمني. تفقه على الإمام أحمد بن موسى بن عجيل، وعن الإمام أحمد بن الرنبول. وكان عارفا بالفقه والأصلين، نجيبا بارعا، ولي قضاء عدن خاصة، ثم قضاء الأقضية بقطر اليمن، وبه تفقه قاضيا عدن الإمام حسن بن أبي السرور، والقاضي شرف الدين أحمد الحرازي وغيرهما. توفي سنة خمس وعشرين وسبع مائة. 3873 - [أبو إسحاق ابن فاتك] (3) إبراهيم بن عمر بن فاتك أبو إسحاق.

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 142)، و «دول الإسلام» (2/ 268)، و «مرآة الجنان» (4/ 274)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 40)، و «البداية والنهاية» (14/ 536)، و «الدرر الكامنة» (2/ 165)، و «شذرات الذهب» (8/ 121). (2) «السلوك» (2/ 451)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 38)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 116)، و «تحفة الزمن» (1/ 297)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 242). (3) «السلوك» (2/ 314)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 34)، و «تحفة الزمن» (2/ 53)، و «هجر العلم» (1/ 220).

3874 - [الحسن بن علي العثري]

كان فقيها بارعا، عاملا مجتهدا، مشهورا بالعلم والصلاح. أصله من بيت عطا، قرية بنواحي سردد، سكنها الشيخ أبو الغيث بن جميل، وبها توفي ودفن. واستمر الفقيه المذكور مدرسا في المدرسة المظفرية بقرية واسط المحالب من وادي مور، ولما استمر ابن الأديب في القضاء الأكبر .. عزله بالفقيه إبراهيم العسلقي، فلامه الناس على عزله بابن فاتك، فأعاده في موضعه. ولم يزل باذلا نفسه لطلبة العلم إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ لمعاصرته لابن الأديب. 3874 - [الحسن بن علي العثري] (1) الحسن بن علي بن محمد بن إبراهيم بن الفقيه صالح بن علي العثري. كان فقيها فاضلا، أمه بنت الشيخ الصالح المعروف بابن بارد (2)، من أهل لحج، وبها كان ظهوره، فلما شب وعرف أنه غريب هنالك وأن أهله فقهاء المهجم ورؤساؤها .. قصد المهجم بعد وفاة أبيه غالبا، فتفقه بعلي بن أحمد الخلي، ثم عاد إلى لحج، وأكمل تفقهه بابن الأديب، وولي قضاء الكدراء مدة القاضي موفق الدين علي بن محمد اليحيوي، ثم عزل نفسه عن القضاء، فلما صار القضاء إلى شيخه ابن الأديب .. لازمه أن يكون قاضيا في أي موضع أحب فأبي، فجعله مدرسا بزبيد في المدرسة العاصمية. وكان من أحسن الفقهاء خلقا ومروءة، وحمية على الأصحاب، إلا أنه كان ممتحنا بغالب أحوال الفقهاء من الفقر والدّين. قال الجندي: (وتوفي في الدولة المجاهدية، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لشيخه ابن الأديب) (3).

(1) «السلوك» (2/ 329)، و «العطايا السنية» (ص 310)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 335)، و «تحفة الزمن» (2/ 114)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 53)، و «المدارس الإسلامية» (ص 30). (2) في «السلوك» (2/ 328): (ابن نادر)، وفي «طراز أعلام الزمن» (1/ 355): (ابن زياد)، وفي «تحفة الزمن» (2/ 113): (ابن بادر)، وفي «تاريخ ثغر عدن» (2/ 52): (ابن قادر). (3) في «العطايا السنية» (ص 311)، و «المدارس الإسلامية» (ص 30): (توفي لبضع وثلاثين وسبع مائة).

3875 - [الحسن بن محمد العكاري]

3875 - [الحسن بن محمد العكاري] (1) الحسن بن محمد بن عمر العكاري، من قوم يقال لهم: الأعكور، قال الجندي: (نسبهم في السكاسك) (2). ولد في جمادى الآخرة سنة سبع وسبعين وست مائة. وتفقه في بدايته بالإمام علي بن أحمد الأصبحي، فلما توفي الأصبحي .. انتقل إلى ذي السفال، وأكمل تفقهه بالفقيه صالح بن عمر البريهي. وكان فقيها بارعا فاضلا، خطيبا ماهرا، خطب بالجند مدة، ودرس بذي أشرق. وتوفي في ربيع الأول سنة خمس وعشرين وسبع مائة. قال الجندي: (وبه تفقه أخوه حسين بن محمد بن عمر، واستمر قاضيا بالجند، محن به أهل الجند كما محنوا قبل بابن قيصر) (3). 3876 - [أبو الربيع الصعبي] (4) سليمان بن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن سالم أبو الربيع الصعبي. كان فقيها فاضلا، عارفا محققا، يعرف «البيان» معرفة تامة، أخذه عن جماعة، فرتب مدرسا في المدرسة بذي هزيم. وتوفي بتعز. وترك ولدا اسمه: عبد الرحمن، تفقه بعض التفقه، وتوفي على الطلب في ذي القعدة سنة خمس وعشرين وسبع مائة. ولم أقف على وفاة الفقيه سليمان بن علي.

(1) «السلوك» (2/ 84)، و «العطايا السنية» (ص 308)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 36)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 347)، و «تحفة الزمن» (1/ 431)، و «هجر العلم» (3/ 1468)، و «المدارس الإسلامية» (ص 148). (2) «السلوك»: (2/ 84). (3) «السلوك»: (2/ 84). (4) «السلوك» (1/ 438)، و «العطايا السنية» (ص 340)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 487)، و «تحفة الزمن» (1/ 359)، و «هجر العلم» (2/ 730)، و «المدارس الإسلامية» (ص 21).

3877 - [عبد الله بن عمر بن سالم]

3877 - [عبد الله بن عمر بن سالم] (1) عبد الله بن عمر بن سالم. تفقه بفقهاء جبا، ولما أخرب المؤيد بلاد خولان .. سكن الفقيه المذكور الذّخف-بفتح الذال والخاء المعجمتين، ثم فاء-قرية من نواحي قدس-بفتح القاف والدال المهملة، ثم سين مهملة-ناحية من أعمال الدملوة، فأقام بها إلى أن توفي في ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وسبع مائة (2). 3878 - [أبو محمد العياشي] (3) عبد الله بن محمد بن سبأ أبو محمد الريمي العياشي-بالمثناة تحت، وإعجام الشين- نسبة إلى جد له اسمه: عياش، وأصله من ريمة الأشابط. وتفقه بإب على يحيى بن إبراهيم، ثم ارتحل إلى تعز، فتفقه بالفقيه أبي بكر ابن العراف، وابن الصفي وغيرهما من فقهاء تعز، ودرس، وناب في قضاء تعز، ثم عزل. وتوفي في رجب سنة خمس وعشرين وسبع مائة. 3879 - [أبو الحسن الوزيري] (4) علي بن عمر الوزيري أبو الحسن. كان فقيها فاضلا، عارفا كاملا، ولي قضاء مدينة فشال. قال الجندي: (وصحبته أيام محنت بحسبة زبيد، فوجدته ذا مروءة وعقل وافر. توفي بالهرمة أيام خروج الناصر بن الأشرف على المجاهد، وذلك في سنة خمس وعشرين وسبع مائة) (5).

(1) «السلوك» (2/ 258)، و «العطايا السنية» (ص 398)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 53)، و «تحفة الزمن» (1/ 541). (2) في «السلوك» (2/ 258): (سنة تسع وعشرين وسبع مائة). (3) «السلوك» (2/ 128)، و «العطايا السنية» (ص 396)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 37)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 148)، و «تحفة الزمن» (1/ 454)، و «المدارس الإسلامية» (ص 174). (4) «السلوك» (2/ 373)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 316)، و «تحفة الزمن» (2/ 304). (5) السلوك (2/ 373)، وفيه: (توفي بالمغربة ... ).

3880 - [سراج الدين ابن ظافر]

3880 - [سراج الدين ابن ظافر] (1) عمر بن أحمد بن الخضر الأنصاري الخزرجي الشافعي المفتي، خطيب المدينة الشريفة وقاضيها. ولد سنة ست وثلاثين وست مائة. ونشأ بالقاهرة، وتفقه بها على الشيخ سديد الدين، وعلى نصير الدين بن الطباخ، وعلى الشيخ فخر الدين بن طلحة، وسمع الرشيد العطار، وحضر دروس الإمام عزّ الدين بن عبد السلام، ودروس قاضي القضاة تقي الدين بن رزين، وله إجازة من المرسي والمنذري والقسطلاني. ولي قضاء المدينة وخطابتها أربعين سنة، ثم تعلل، وصار إلى مصر ليتداوى، فأدركه الأجل بالسويس سنة ست وعشرين وسبع مائة. 3881 - [موسى بن محمد اليونيني] (2) موسى بن الفقيه الشيخ محمد اليونيني الصدر الكبير قطب الدين، صاحب «التاريخ». سمع وأخبر عن جماعة، وكان شيخ بعلبك. وتوفي بها في سنة ست وعشرين وسبع مائة. 3882 - [أمة الرحمن الحنبلية] (3) أمة الرحمن ست الفقهاء بنت الشيخ تقي الدين إبراهيم الواسطي المعمرة. سمعت وأخبرت عن جمع كثير، وكانت مباركة صالحة. توفيت بالصالحية سنة ست وعشرين وسبع مائة-وهي والدة فاطمة بنت الدباهي-عن ثلاث وتسعين سنة.

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 145)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 418)، و «أعيان العصر» (3/ 590)، و «مرآة الجنان» (4/ 275)، و «الدرر الكامنة» (3/ 149)، و «شذرات الذهب» (8/ 129). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 145 - 146)، و «معجم الشيوخ» (2/ 348)، و «أعيان العصر» (5/ 486)، و «مرآة الجنان» (4/ 276)، و «البداية والنهاية» (14/ 542)، و «الدرر الكامنة» (4/ 382). (3) «دول الإسلام» (2/ 268)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 117)، و «أعيان العصر» (2/ 399)، و «مرآة الجنان» (4/ 276)، و «الدرر الكامنة» (2/ 127)، و «شذرات الذهب» (8/ 128).

3883 - [ابن المطهر الشيعي]

3883 - [ابن المطهر الشيعي] (1) حسن بن المطهر الشيعي، صاحب التصانيف. مات بالحلة سنة ست وعشرين وسبع مائة عن ثمانين وأزيد. 3884 - [حماد القطان] (2) حماد القطان الشيخ الكبير. كان يقرئ القرآن، ويحكي عجائب عن الفقراء، ويحضر السماع ويصيح، وله وقع في القلوب، عاش ستا وتسعين سنة. ومات بالعقيبة سنة ست وعشرين وسبع مائة. 3885 - [قاضي القضاة ابن مسلّم] (3) شمس الدين بن محمد بن مسلّم الصالحي الإمام الزاهد التقي، قاضي الحنابلة بالمدينة الشريفة. كان من قضاة العدل، بصيرا بمذهبه، عارفا بالعربية، كبير القدر، ولي القضاء إحدى عشرة سنة. وحج ثلاثا، وفي الرابعة أدركه الأجل في سنة ست وعشرين وسبع مائة، كذا في «تاريخ اليافعي»: شمس الدين بن محمد غير مسمى (4).

(1) «دول الإسلام» (2/ 268)، و «مرآة الجنان» (4/ 276)، و «البداية والنهاية» (14/ 541)، و «الدرر الكامنة» (2/ 71). (2) «دول الإسلام» (2/ 269)، و «أعيان العصر» (2/ 295)، و «مرآة الجنان» (4/ 276)، و «البداية والنهاية» (14/ 542)، و «الدرر الكامنة» (2/ 74)، و «شذرات الذهب» (8/ 129). (3) «دول الإسلام» (2/ 269)، و «الوافي بالوفيات» (5/ 28)، و «أعيان العصر» (5/ 263)، و «مرآة الجنان» (4/ 276)، و «البداية والنهاية» (14/ 542)، و «الدرر الكامنة» (4/ 258)، و «شذرات الذهب» (8/ 130). (4) في النسخة التي بين أيدينا من «مرآة الجنان» (4/ 276) اسمه: (شمس الدين محمد بن مسلم الصالحي)، ولعل النسخة التي أخذ منها المصنف توجد فيها زيادة (ابن) بين (شمس الدين) و (محمد)، ولذلك ذكر أنه غير مسمى؛ لأن والد (شمس الدين) اسمه: (مسلم) وليس (محمدا) كما هو في جميع المصادر، والله أعلم.

3886 - [أحمد ابن أبي بكر اليماني]

3886 - [أحمد ابن أبي بكر اليماني] (1) أحمد بن محمد بن أبي بكر اليماني الساكن بحراز. كان فقيها صالحا ورعا، جوادا كريما، مشهورا بإطعام الطعام وإكرام الوافدين، صابرا على السعي في قضاء حوائج الناس إلى الأماكن البعيدة والقريبة، وجيها عند الناس، مقبول الكلمة إلى أن توفي سنة ست وعشرين وسبع مائة. 3887 - [عبد الله بن عمر بن عثمان] (2) عبد الله بن عمر، من أهل جبا. ولد سنة أربع وخمسين وست مائة. وارتحل إلى زبيد، فأخذ بها عن جماعة، وولي القضاء والتدريس في ناحية جبا. وكان من الفقهاء المشهورين، الأخيار المعدودين، يستأنس به الواصلون، ويقوم بالقاصدين، وإليه انتهت رئاسة الفتوى، وله تصنيف في الفقه مشهور، وخرج من جبا أيام الفتن، ثم عاد إليها. وتوفي سنة ست وعشرين وسبع مائة. 3888 - [أبو بكر الحساني] (3) أبو بكر بن الفقيه عثمان بن محمد الحساني ثم الحميري. تفقه بجبلة على جماعة، وسمع هو وأخوه هارون «المعين» على الجندي بقراءة أخيهما عمر، وكان أبو بكر موصوفا بالفقه. توفي سلخ شعبان سنة ست وعشرين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 303)، و «العطايا السنية» (ص 243)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 43)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 145)، و «تحفة الزمن» (1/ 571). (2) «السلوك» (1/ 391)، و «العطايا السنية» (ص 394)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 139)، و «تحفة الزمن» (1/ 316)، و «هجر العلم» (1/ 296). (3) «السلوك» (2/ 201)، و «طراز أعلام الزمن» (4/ 27)، و «تحفة الزمن» (1/ 506)، و «هجر العلم» (3/ 1386).

3889 - [إبراهيم ابن عجيل]

3889 - [إبراهيم ابن عجيل] (1) إبراهيم بن الإمام أحمد بن موسى بن علي بن عمر بن عجيل أبو إسحاق. أخذ الفقه عن أبيه، والنحو عن الفقيه عمر بن الشيخ، من أهل الشّريج-بفتح الشين المعجمة، وكسر الراء، ثم مثناة من تحت ساكنة، ثم جيم-قرية من قرى المهجم. وكان من الفقهاء المبرزين، والعلماء المجودين، وهو أكبر بني أبيه، وكان صالحا ورعا زاهدا، يحب الاعتزال عن الناس، قل من يجتمع به من الواصلين إليه. وتوفي على الطريق المرضي في سنة سبع وعشرين وسبع مائة. 3890 - [كمال الدين ابن الزملكاني] (2) محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري الدمشقي الشافعي كمال الدين، الملقب بفخر المجتهدين، قاضي حلب. أفتى وصنف، وتخرج به الأصحاب، وكان سيال الذهن. طلب ليشافهه السلطان بقضاء دمشق، فأدركه الأجل، فتوفي في سنة سبع وعشرين وسبع مائة. 3891 - [أحمد بن سليمان الجنيد] (3) أحمد بن سليمان الجنيد بن محمد بن أسعد بن أبي البهاء. كان فقيها نبيها، صالحا ورعا زاهدا، يحب العزلة عن الناس. وتوفي على أحسن حال لبضع وعشرين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (1/ 422)، و «العطايا السنية» (ص 161)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 45)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 14)، و «تحفة الزمن» (1/ 346)، و «هجر العلم» (1/ 226). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 154)، و «دول الإسلام» (2/ 270)، و «مرآة الجنان» (4/ 277)، و «البداية والنهاية» (14/ 548)، و «الدرر الكامنة» (4/ 74)، و «شذرات الذهب» (8/ 140). (3) «السلوك» (1/ 445)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 89)، و «تحفة الزمن» (1/ 364).

3892 - [شرف الدين ابن الجنيد]

3892 - [شرف الدين ابن الجنيد] (1) أحمد بن الفقيه علي بن أحمد بن محمد بن منصور بن الجنيد أبو الحسن شرف الدين. ولد في صفر سنة سبع وخمسين وست مائة. وكان فقيها، عالما بالفقه والأصول، والنحو واللغة، وله شعر حسن، وكلام مرضي في التصوف. ولما توفي والده بتعز .. رتب معيدا في الأسدية، وهي التي كان أبوه يدرس فيها، وقرأ عليه المؤيد وأحبه وأنس به، وكانت كلمته عنده مقبولة قبل ولايته وبعدها، وأجرى له رزقا يقوم بكفايته، وأقطعه أراضي. وتوفي في يختل-بفتح المثناة تحت، وسكون الخاء المعجمة، وضم المثناة فوق، ثم لام: قرية بناحية الجند-ثاني عشر جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وسبع مائة. 3893 - [ابن الدهش العريقي] (2) الحسين بن علي بن أبي بكر بن الوليد أبو عبد الله المعروف بابن الدهش العريقي-بفتح العين، وكسر الراء، وسكون المثناة من تحت، ثم قاف، ثم ياء النسب-نسبة إلى عرب يقال لهم: الأعروق مشهورين في ناحية الشّذف-بفتح الشين، وكسر الذال المعجمتين، وآخره فاء-حصن معروف. كان المذكور فقيها بارعا، مشهورا في ناحيته، تفقه بابن سالم وغيره من أهل جبلة. قال الجندي: (وأخذت عنه مقدمة طاهر بن بابشاذ بشرحها) (3). ودرس بذي جبلة. وتوفي سنة سبع وعشرين وسبع مائة (4).

(1) «السلوك» (2/ 91)، و «العطايا السنية» (ص 45)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 45)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 117)، و «تحفة الزمن» (1/ 435)، و «المدارس الإسلامية» (ص 139). (2) «السلوك» (2/ 181)، و «العطايا السنية» (ص 309)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 357)، و «تحفة الزمن» (1/ 494)، و «المدارس الإسلامية» (ص 76). (3) «السلوك» (2/ 181). (4) في «العطايا السنية» (ص 309): توفي سنة (729 هـ‍).

3894 - [عبد الله بن عبد الرحمن الشعبي]

3894 - [عبد الله بن عبد الرحمن الشعبي] (1) عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الشعبي. ولد في جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين وست مائة. وكان عارفا بالفقه والنحو واللغة، ذكيا، مسددا في أحكامه، موفقا في فتاويه. ولي قضاء الدملوة من قبل ابن العزيزي منصور مدة، ثم تركه وحج، فلما توفي ابن العزيزي .. عاد إلى القضاء، ثم تركه تورعا إلى أن توفي في المحرم سنة سبع وعشرين وسبع مائة، واستخلف فيه أخا له اسمه: أحمد، وكان مولد أحمد في رجب سنة إحدى وتسعين وست مائة، وكان أخوه إبراهيم أيضا عارفا بالفقه والقراءة والعربية، وكان تقيا ورعا، محمود السيرة، ولم أقف على تاريخ وفاته ولا وفاة أخيه. وكان أبوهم عبد الرحمن، وجدهم محمد، وجد أبيهم عبد الرحمن كلهم فقهاء فضلاء، ولم أقف على تاريخ وفاتهم. 3895 - [علي بن موسى الهاملي] (2) علي بن موسى الهاملي الفقيه الحنفي. كان فقيها كبيرا، عالما عاملا، متفننا، نحويا لغويا، شاعرا فصيحا، عظيم القدر، عالي الهمة، مسموع القول عند الملوك فمن دونهم، جوادا كريما، كثير إطعام الطعام، حسن السيرة، طاهر السريرة، له أشعار رائقة، ومدائح في رسول الله صلّى الله عليه وسلم فائقة، ومن بديع شعره قصيدة ضمنها مدح النبي صلّى الله عليه وسلم، وهي خمسة وثلاثون بيتا، رتب أوائل أبياتها على حروف المعجم إلى تسعة وعشرين بيتا، يحتوي كل بيت منها على حروف المعجم كلها، وما بعد التاسع والعشرين، فليس فيه التزام شيء، ومن شعره قوله: [من الكامل] جنب كرامتك اللئام فإنهم … إن أنت جدت عليهم لم يشكروا وإذا افتقرت إليهم لم تلقهم … وإذا عرتك مصيبة لم ينصروا

(1) «السلوك» (2/ 416)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 69)، و «تحفة الزمن» (2/ 375). (2) «السلوك» (2/ 386)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 356)، و «طبقات الخواص» (ص 210)، و «بغية الوعاة» (1/ 469)، و «هجر العلم» (1/ 486)، و «المدارس الإسلامية» (ص 56).

3896 - [ابن العجمي]

ومنه قوله: [من الوافر] كفاف العيش في الدنيا كفاني … لعلمي أن ما فيه كفاني دعاني من ملامكما دعاني … فما المعنى إذا الداعي دعاني ومنه قوله: [من الطويل] ومن يطلب الدنيا ويكره سحتها … ويطمع يوما أن ينال حلالها ويسمع منه أنها ما حلت له … ويسمع منها أنه ما حلالها فيزهد ويترك شهدها وزعافها … يكن آمنا يوم الحساب خبالها وغائلة الإنسان إن خاف جوعها … فلا بأس من حل إذا ما خبالها وطوبى لعبد آثر الله ربه … وصرّم عنه إن أطاق حبالها فقد سعدت يوم القيامة نفسه … وجيء بحور كاللآلي حبالها توفي المذكور لبضع وعشرين وسبع مائة أول الدولة المجاهدية. 3896 - [ابن العجمي] (1) محمد بن أحمد بن جامع المعروف بابن العجمي الخطيب الأصفهاني المباركي، نسبة لأبيه إلى شيخ له من أهل شيراز، كان إذا زار مريضا ودعا له .. عوفي، فسمي لذلك: مباركا، ونسب إليه أصحابه، فكان الشيخ أحمد بن جامع من أصحابه، وهو أول من دخل اليمن منهم، فسكن حرض مدة، ثم انتقل إلى القحمة، ثم إلى زبيد. قال الجندي: (وكان بين والدي وبينه صحبة أدت إلى الألفة بيني وبين ولده محمد المذكور) (2). فانتقل محمد المذكور يطلب العلم، وأخذ عن جماعة من أعيان علماء الوقت حتى صار فقيها فاضلا. وكان صاحب مروءة، وحسن خلق، وشرف نفس، ومواساة للأصحاب.

(1) «السلوك» (2/ 316)، و «العطايا السنية» (ص 596)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 45)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 78)، و «تحفة الزمن» (2/ 95). (2) لم نجد قول الجندي في ترجمة (محمد) صاحب الترجمة، ولعله ذكره في ترجمة أبيه عرضا، وقد نقل كلامه الخزرجي في «طراز أعلام الزمن» (3/ 78).

3897 - [محمد أبو مسلمة]

صنف كتابا في الرقائق، وتولى الخطابة بزبيد في سنة ثمان عشرة وسبع مائة، ولم يزل مستمرا فيها إلى أن توفي في الرابع عشر من ربيع الأول سنة سبع وعشرين وسبع مائة. قال أبو الحسن الخزرجي: (وولي الخطابة بعده الفقيه عمر المقدسي إلى نيف وأربعين وسبع مائة، ثم انفصل عنها، وتولاها الفقيه عبد الرحمن بن عبد الله الدملوي المذكور في العشرين بعد هذه) (1). 3897 - [محمد أبو مسلمة] (2) محمد بن أحمد أبو مسلمة، أصله حضرمي، وولد بقرية الطرية من أبين. وتفقه بأبين على ابن الرنبول، وإبراهيم التهامي، وإبراهيم بن الجرف. وكان فقيها صالحا فاضلا، عالما عاملا، قدم لحج وتديرها بأمر ابن مياس، وامتحن آخر عمره بالعمى وحصر البول. وتوفي ببنا أبّة في سلخ صفر من سنة سبع وعشرين وسبع مائة. وكان له ولد فقيه أيضا، تفقه بابن الرنبول، وتوفي قبل أبيه بمدة سنين. 3898 - [محمد ابن أبي النهي] (3) محمد بن أسعد بن همدان بن يعفر بن أبي النهى. تفقه بمحمد بن علي الحافظ العرشاني. وكان فقيها فاضلا، عارفا محققا. أصل بلده ريمة المناخي، وسكن قرية العدن-بالعين والدال المهملتين، ثم نون-بلدة في صهبان، وتوفي بها لبضع وعشرين وسبع مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (3/ 78). (2) «السلوك» (2/ 444)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 47)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 86)، و «تحفة الزمن» (2/ 409)، و «هجر العلم» (3/ 1260). (3) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (625 هـ‍)، وذكر أن وفاته كانت في تلك السنة، وهو الصحيح كما في جميع المصادر، ولعل سبب الإعادة هنا: أنه تصحفت عليه (ست مائة) إلى (سبع مائة)، فانظر مصادر ترجمته هناك (5/ 114).

3899 - [أبو الحسن الزيلعي العقيلي]

3899 - [أبو الحسن الزيلعي العقيلي] (1) علي بن أبي بكر بن محمد أبو الحسن الزيلعي العقيلي، نسبة إلى جده عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب، وإلى زيلع بندر الحبشة المعروف، وأصل بلدهم بطة، بلدة من بلدان الحبش، صاحب قرية السلامة شرقي مدينة حيس من وادي نخلة، وأول من سكنها جده محمد، وولد بها الفقيه علي ووالده أبو بكر، وتفقه الفقيه علي تفقها جيدا. وكان ذا عبادة وزهادة، وكرامات عديدة، وببركته عمرت قرية السلامة، وقصدها الناس من كل ناحية، وكانت حرما آمنا، وكان له مكارم أخلاق، وصبر على إطعام الطعام، وحج سنة سبع وعشرين وسبع مائة، فتوفي بمكة آخر ذي الحجة من السنة المذكورة. وكان والده الفقيه أبو بكر بن محمد مباركا، كثير الحج، حج تسع حجج، وتوفي في العاشرة، وكان ابن العجيل قد حج تلك السنة، فقال ابن عجيل لأهل مكة: ما كنتم فاعلين لكبراء قريش فافعلوا، فقد تحققت بأنه قرشي، فجهزوه، وطافوا به حول البيت أسبوعا، وقبروه بالأبطح رحمه الله. 3900 - [تقي الدين ابن تيمية] (2) أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله المعروف بابن تيمية الشيخ الحافظ الكبير تقي الدين. ولد يوم الاثنين عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وست مائة بحران. وسمع من جماعة، وبرع في حفظ علم الحديث والأصلين، وكان يتوقد ذكاء، قيل: مصنفاته أكثر من مائتي مجلد. وله مسائل غريبة أنكر عليه فيها وحبس بسببها لمباينتها لمذهب أهل السنة، ومن أقبحها نهيه عن زيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلم، وطعنه في مشايخ الصوفية العارفين كحجة

(1) «السلوك» (2/ 383)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 54)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 243)، و «العقد الثمين» (6/ 144)، و «تحفة الزمن» (2/ 350)، و «طبقات الخواص» (ص 205)، و «هجر العلم» (2/ 944). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 157)، و «دول الإسلام» (2/ 272)، و «معجم الشيوخ» (1/ 56)، و «مرآة الجنان» (4/ 277)، و «البداية والنهاية» (14/ 552)، و «الدرر الكامنة» (1/ 144)، و «شذرات الذهب» (8/ 142).

3901 - [الأمير جوبان]

الإسلام أبي حامد الغزالي، والأستاذ أبي القاسم القشيري، والشيخ أبي الحسن الشاذلي، والشيخ ابن العريف وغيرهم، وكذلك ما عرف من مذهبه كمسألة الطلاق وغيرها، وكذلك عقيدته في الجهة وما نقل عنه فيها. اعتقل بقلعة دمشق، ومنع-قبل وفاته بخمسة أشهر-من الدواة والورق. وتوفي معتقلا سنة ثمان وعشرين وسبع مائة. 3901 - [الأمير جوبان] (1) جوبان نائب المشرق. كان له فضل وإحسان خصوصا على أهل الحرمين، له مدرسة بالمدينة الشريفة. قتل بهراة، ونقل تابوته إلى المدينة، وأرادوا دفنه في مدرسته، فمنعهم السلطان من دفنهم فيها، فدفن بالبقيع سنة ثمان وعشرين وسبع مائة. 3902 - [كمال الدين ابن الزملكاني] (2) أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الواحد المعروف بابن نبهان الخزرجي الشافعي، الإمام العلامة الأوحد، مفتي الشام، شيخ الشافعية، قاضي القضاة كمال الدين أبو المعالي. سمع من أبي الغنائم وجماعة من الكبار. وكان فصيحا مفوها، له خبرة بالمتون، ومعرفة بالمذهب وأصوله والعربية، له اليد البيضاء في النظم والنثر. تفقه بتاج الدين، وأفتى وهو ابن نيف وعشرين سنة، وكان يضرب المثل بذكائه ومناظرته. توفي سنة ثمان وعشرين وسبع مائة، كذا في «تاريخ اليافعي»: المعروف بابن

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 159)، و «دول الإسلام» (2/ 272)، و «مرآة الجنان» (4/ 278)، و «البداية والنهاية» (14/ 557)، و «الدرر الكامنة» (1/ 541)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 272). (2) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (727 هـ‍)، وهو الصحيح كما في جميع المصادر، فانظر مصادر ترجمته هناك (6/ 181).

3903 - [أحمد بن إبراهيم التباعي]

نبهان (1)، وذكره ابن قاضي شهبة وغيره، ونسبوه إلى أبي دجانة بن خرشة الصحابي الأنصاري، وقال: عرف بابن الزملكاني، وذكر أنه توفي سنة سبع وعشرين وسبع مائة (2). 3903 - [أحمد بن إبراهيم التباعي] (3) أحمد بن إبراهيم بن عمرو بن علي بن عمرو التباعي. تفقه بعمه محمد بن عمرو. كان عارفا بارعا، سالكا أحسن طريق. وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبع مائة. 3904 - [برهان الدين التباعي] (4) إبراهيم بن عمرو بن علي بن عمرو التباعي أبو إسحاق برهان الدين. تفقه بأبيه، وأخيه، وسليمان بن الزبير وغيرهم، وأخذ الحديث عن الإمام أبي الخير بن منصور، وزامل الفقيه عيسى بن مطير في القراءة ل‍ «تفسير» الواحدي على أبي الخير المذكور، وغلب عليه علم الحديث والتفسير واللغة. وكان فقيها فاضلا مشهورا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ تبعا لابنه أحمد، وظاهر كلام الخزرجي أنه توفي قبل ابنه أحمد، والله سبحانه أعلم (5). 3905 - [أحمد ابن صبرة الحميري] (6) أحمد بن سليمان بن أحمد بن صبرة الحميري.

(1) انظر «مرآة الجنان» (4/ 278). (2) انظر «طبقات الشافعية» له (2/ 291). (3) «السلوك» (2/ 343)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 35). (4) «السلوك» (2/ 343)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 35)، و «تحفة الزمن» (2/ 145)، و «هجر العلم» (1/ 38). (5) انظر «طراز أعلام الزمن» (1/ 35). (6) «السلوك» (2/ 163)، و «العطايا السنية» (ص 252)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 54)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 87)، و «تحفة الزمن» (1/ 481)، و «المدارس الإسلامية» (ص 188).

3906 - [محمد بن عثمان الهزاز]

ولد سنة ثمان وخمسين وست مائة بالمشرعة، قرية من معشار حصن أنور من وادي السحول. تفقه بأبي القاسم غالبا، هكذا قال الجندي (1)، وأخذ عن محمد الأصبحي، وقرأ القرآن على طاهر بن عبيد. وولي قضاء إبّ مدة، ثم عزل برجل من أولاد القاضي علي بن عمر على كره من قاضي القضاة يومئذ ابن الأديب، وكان إمام الجامع، ودرس في مدرسة من مدارس بني فيروز، ثم قيل للمجاهد: إنه لا يصلح لقضاء إب غيره، فأمر بإعادته، فامتنع، فقيل له: استنب من تراه يصلح، فاستناب أحمد بن قيصر إلى أن توفي، فأمر المؤيد نائبه بالاستقلال. وكان فقيها بارعا ماهرا، متفننا. وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبع مائة. 3906 - [محمد بن عثمان الهزاز] (2) محمد بن عثمان بن عمر بن أبي بكر الهزاز اليحيوي. تفقه ودرس في مدرسة أم السلطان بتعز، ثم رتب في المؤيدية، وكان فريد قومه في شرف النفس وعلو الهمة. توفي سنة ثمان وعشرين وسبع مائة. 3907 - [برهان الدين الفزاري] (3) إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري المصري الإمام شيخ الإسلام برهان الدين بن الإمام تاج الدين.

(1) انظر «السلوك» (2/ 163). (2) «السلوك» (2/ 131)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 50)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 197)، و «تحفة الزمن» (1/ 456)، و «هجر العلم» (3/ 1442)، و «المدارس الإسلامية» (ص 84). (3) «دول الإسلام» (2/ 272)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 43)، و «أعيان العصر» (1/ 85)، و «مرآة الجنان» (4/ 279)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 312)، و «البداية والنهاية» (14/ 563)، و «الدرر الكامنة» (1/ 34)، و «شذرات الذهب» (8/ 154).

3908 - [علاء الدين القونوي]

توفي سنة تسع وعشرين وسبع مائة وله سبعون سنة، كذا في «تاريخ اليافعي» (1)، وذكر في «ابن شهبة» ما يقتضي أن عمره اثنتان وستون سنة؛ لأنه ذكر أنه ولد سنة ست وستين وست مائة في ربيع الأول، وتوفي في جمادى الأولى من السنة المذكورة (2). قال الشيخ عبد الله اليافعي: (كان في خلقه حدة، اجتمعت به في مسجد الخيف، وسأله بعض العوام وأنا حاضر عنده فيمن قال: أحرمت لله بحجة وعمرة مفردة، ما حكمه؟ وكان قد صدر ذلك من العامي، فقال له: ما قال من العلماء بهذا اللفظ أحد، فقلت له: فإذا قد وقع هذا اللفظ من صاحبه .. كيف يكون الحكم؟ فانزعج انزعاجا شديدا ولم يجب بشيء. قال الشيخ اليافعي: يحتمل أن يكون محرما بالحج والعمرة معا، ويكون قوله: «مفردة» لفظا باطلا ليس له معنى؛ لحصول قصد الحج والعمرة معا منه، وتعقيبه بلفظ يناقضه لا يعتبر؛ لأنهما إذا وقعا .. لا يرتفعان، ويحتمل أنه قصد الإحرام بحجة مفردة، فسبق لفظه إلى قوله: «وعمرة» [مدخلا لفظ العمرة بسبق لسانه من غير فصل بين الحجة ووصفها بالإفراد] فيكون محرما بالحج فقط، وإذا احتمل .. حكمنا بالأحوط وهو صحة الإحرام بالمتيقن فقط وهو الحج الداخل في التقديرين معا، فينبغي له أن يحرم بالعمرة بعد الفراغ من أعمال الحج، ولا يجوز أن يحرم بها قبل ذلك؛ لأنه لا يجوز إدخال العمرة على الحج، هذا ما ظهر لي) اه‍ (3) 3908 - [علاء الدين القونوي] (4) علي بن إسماعيل بن يوسف التبريزي المعروف بالقونوي الفقيه الإمام الشافعي الأصولي، قاضي القضاة، شيخ الشيوخ. اشتغل بالعلوم في بلده على جماعة، ثم قدم دمشق في سنة ثلاث وتسعين، وأخذ في

(1) انظر «مرآة الجنان» (4/ 279). (2) في النسخة التي بين أيدينا من «طبقات الشافعية» (2/ 314): (ولد في شهر ربيع الأول سنة ستين وست مائة) كما في باقي المصادر، فتكون نسخة المصنف فيها زيادة (ست)، والله أعلم. (3) «مرآة الجنان» (4/ 279). (4) «دول الإسلام» (2/ 273)، و «أعيان العصر» (5/ 285)، و «مرآة الجنان» (4/ 280)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 132)، و «البداية والنهاية» (14/ 564)، و «الدرر الكامنة» (3/ 24)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 279).

3909 - [أبو العباس الشماخي]

الاشتغال والتحصيل على الشيخ نجم الدين بن مكي، والشيخ شمس الدين الإيجي، وتصدر للاشتغال بجامعها، وولي تدريس الإقبالية، ثم قدم القاهرة، فولي بها وظائف كبار، وتصدر للفتوى والاشتغال، ونفع الطلبة، واشتهر صيته، وعلا ذكره، وشرح «الحاوي» شرحا حسنا جامعا بين الاقتصاد والتحقيق، وله «شرح التعرف في التصوف»، واختصر «منهاج الحليمي»، وله حواش ونكت وتعاليق في الأصول. وتوفي سنة تسع وعشرين وسبع مائة عن بضع وسبعين سنة. 3909 - [أبو العباس الشماخي] (1) أحمد بن أبي الخير بن منصور الشماخي السعدي الفقيه الإمام المحدث شهاب الدين أبو العباس. ولد تاسع شهر صفر سنة خمس وخمسين وست مائة. وأخذ عن أبيه وغيره من الأئمة الثقات، وعنه أخذ كافة علماء اليمن كالفقيه إبراهيم بن عمر العلوي، وإبراهيم بن محمد الوزيري، والمقرئ علي بن شداد وغيرهم ممن لا يحصى كثرة. وكان إماما جليلا لا سيما في الحديث وعلومه، عالما بالتفسير والنحو واللغة، وكانت إليه الرحلة من سائر الآفاق، وسمع منه المؤيد الغساني «سنن أبي داود»، وظهر له كرامات، وكان له عدة أولاد رؤساء نجباء، وانتشرت ذريته بزبيد، وهم بيت رئاسة وعلم في الحديث وغيره. وأقام الفقيه نحوا من سنتين لا يطيق القيام إلى أن توفي خامس عشر جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وسبع مائة. 3910 - [أحمد بن عبد الرحمن أباططة] (2) أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله أباططة الظفاري، أصل بلدهم تريم

(1) «السلوك» (2/ 30)، و «العطايا السنية» (ص 248)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 35)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 83)، و «تحفة الزمن» (1/ 392)، و «بغية الوعاة» (1/ 306). (2) «السلوك» (2/ 473)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 374)، و «تحفة الزمن» (2/ 444).

3911 - [سليمان ابن عذيب]

حضرموت، ثم انتقلوا إلى ظفار، ثم وصل الفقيه أحمد المذكور والفقيه عبد الرحمن المقدم ذكره في هذه العشرين في سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة إلى اليمن (1)، فلاذا بالفقيه شرف الدين أحمد بن علي الظفاري مقدم الذكر في العشرين قبل هذه (2)، وكان للفقيه شرف الدين اتصال بالمؤيد، فجعلهما بإشارته معلمين لابنه المجاهد، ولأولاد أبيه المظفر، فلما توفي المؤيد، وولي المجاهد، وقتل الفقيه عبد الرحمن كما قدمناه في ترجمته .. انتقل الفقيه أحمد المذكور إلى زبيد، وأقام بها إلى أن توفي في ربيع الأول من سنة تسع وعشرين وسبع مائة. 3911 - [سليمان ابن عذيب] (3) سليمان بن أحمد بن عذيب (4). تفقه بأخيه محمد بن مسعود المعروف بالمكرم، وعلى غيره. قال الجندي: (وكان ممن سمع معي على أخيه «الشمائل» وغالب ما قرأت عليه، وبعد أن قرأ وسمع عدة كتب أقبل على العبادة) (5). وكان فقيها فاضلا، ثبتا خيرا دينا. توفي في شعبان سنة تسع وعشرين وسبع مائة. 3912 - [محمد بن أبي بكر اليحيوي] (6) محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمر اليحيوي. ولد سابع عشر الحجة سنة أربع وتسعين وست مائة (7).

(1) انظر (6/ 159). (2) انظر (6/ 43). (3) «السلوك» (2/ 246)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 485)، و «تحفة الزمن» (1/ 533)، و «هجر العلم» (1/ 290). (4) كذا في «طراز أعلام الزمن» (1/ 485)، وفي باقي المصادر: (سليمان بن أبي بكر بن عذيب). (5) «السلوك» (2/ 246). (6) «السلوك» (2/ 122)، و «العطايا السنية» (ص 599)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 46)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 127)، و «تحفة الزمن» (1/ 451)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 205)، و «هجر العلم» (3/ 1438). (7) في «العقود اللؤلؤية» (2/ 46): ولد سنة (674 هـ‍).

3913 - [الحسن ابن مختار الدولة]

وكان فقيها فاضلا دينا، واستمر في قضاء الأقضية في سنة أربع عشرة وسبع مائة، فقام كقيام أبيه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكان ذا همة عالية وشرف، كثير الافتقاد للمنقطعين من أهل العلم وغيرهم، وله في مدته مآثر جيدة لم يعملها سلفه، ولما حصل بين الناصر بن الأشرف وبين ابن عمه المؤيد ما حصل .. اتهمه المؤيد في القضية، فعزله وأقصاه، ثم صادره وسجنه، ثم ولي القضاء الأكبر مدة يسيرة في أول دولة المجاهد، ولم تزل تتطور به الأحوال إلى أن قتل صبرا في صفر سنة تسع وعشرين وسبع مائة. 3913 - [الحسن ابن مختار الدولة] (1) أبو محمد الحسن بن أحمد بن نصر بن علي بن مختار الدولة، وزير أحد العبيديين ملوك مصر. وقدم الحسن المذكور إلى اليمن في آخر الدولة المؤيدية، وكان من أعيان الفضلاء الواصلين من مصر. له معرفة بالفقه والنحو والأصول، والحساب والفرائض، والجبر والمقابلة والفلك، وله شعر حسن، ولما تحقق المجاهد فضله .. جعله من جملة خواصه، وكان يتوسط معه لأهل الفضل بالخير. ولم يزل مستقيم الحال إلى أن توفي سنة تسع وعشرين وسبع مائة. 3914 - [هندوه بن عمر الخولاني] (2) هندوه بن عمر بن مسلم الخولاني. تفقه هو وأخوه عبد الله بجبا، ولما أخرب المؤيد بلاد خولان .. خرج عنها إلى جبا ونواحي الدّملوة، فلما تفقه .. عاد إلى بلده. وكان مذكورا بالفقه وإطعام الطعام. وتوفي سابع شهر رمضان سنة تسع وعشرين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 144)، و «العطايا السنية» (ص 308)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 53)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 313)، و «تحفة الزمن» (1/ 466)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 49). (2) «السلوك» (2/ 258)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 53)، و «تحفة الزمن» (1/ 541).

3915 - [علي بن عمر الخولاني]

3915 - [علي بن عمر الخولاني] (1) علي بن عمر بن مسلم الخولاني، أخو المذكور قبله. كان رجلا مباركا، يقرأ للسبعة. ولما أخرب المؤيد بلاد خولان .. سكن عليّ المذكور قرية الخناجن. وكان يذكر بالخير والفضل، باذلا نفسه للطلبة من قراء القرآن، فتخرج به عدة من المقرئين، ثم حصل عليه مرض، فنزل له أخوه هندوه، وحمله إلى بلدهم، فأقام بها على ما هو عليه من إقراء القرآن ومساعدة الطلبة إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته مع أخيه (2). 3916 - [نجم الدين الطبري] (3) محمد بن محمد بن أحمد الإمام نجم الدين بن الإمام جمال الدين بن الإمام محب الدين الطبري، قاضي مكة ومدرسها، ومفتيها وشيخ حرمها. ولد سنة ثمان وخمسين وست مائة. تفقه على جده محب الدين، وعم جده يعقوب بن أبي بكر الطبري، وسمع من جماعة. وكان إماما ورعا أديبا، حليما كريما، حسن الاعتقاد في الفقراء والعباد، حسن الأخلاق مع التواضع، منصفا في البحث، جمع المناصب الكبيرة بالحرم الشريف. قرأ «الحاوي الصغير» وشرحه على الإمام عزّ الدين الفاروثي بروايته له عن مصنفه، وكان محفوظه «المحرر»، وكان معجبا ب‍ «الحاوي الصغير»، وقال: لو جاء «الحاوي» قبل أن أحفظ «المحرر» .. لم أشتغل ب‍ «المحرر».

(1) «السلوك» (2/ 258)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 53)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 312)، و «تحفة الزمن» (1/ 541). (2) في «طراز أعلام الزمن» (2/ 313): توفي سنة (765 هـ‍). (3) «الوافي بالوفيات» (1/ 228)، و «أعيان العصر» (5/ 127)، و «مرآة الجنان» (4/ 281)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 267)، و «الدرر الكامنة» (4/ 162)، و «شذرات الذهب» (8/ 165).

3917 - [زين الدين الكحال]

وله نظم حسن، ومنه: [الكامل] أشبيهة البدر التمام إذا بدا … حسنا وليس البدر من أشباهك مأسور حسنك إن يكن مستشفعا … فإليك بالحسن البديع بجاهك أشفى أسى أعيى الأساة دواؤه … وشفاه يحصل بارتشاف شفاهك فصليه واغتنمي بقاء حياته … لا تقطعيه جفا بحق إلهك وانتفع به جماعة، منهم الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي. قال الشيخ اليافعي: (وكانت والدته من الصالحات، وكان قد تمرض في شبابه، ففجعت عليه فجعا شديدا، فمر بها شيخ لا تعرفه، فقال لها: لا تخافي عليه، ما يموت حتى يكون سنه سني سبعين سنة، فلما مرض مرض موته، وكان قد بلغ السبعين، ونسي ما قال الرجل لوالدته، وكان يرجو العافية، فدخل عليه صهره إمام المقام أحمد بن الرضي الطبري وهو جاهل بكونه قد بلغ السبعين فقال له: ما عليك شر إن شاء الله تعالى، قد بشرت والدتك أنك تعيش سبعين سنة، فصاح الشيخ نجم الدين، وأيقن بالموت، فمات بمكة في ذلك المرض في سنة ثلاثين وسبع مائة) (1). 3917 - [زين الدين الكحال] (2) أيوب بن نعمة النابلسي الكحال زين الدين المعمر. حدث عن جماعة، وتفرد بمصر ودمشق. وتوفي سنة ثلاثين وسبع مائة وقد نيف على التسعين. 3918 - [ابن الشحنة] (3) أحمد بن أبي طالب بن نعمة الصالحي الحجار شهاب الدين المعروف بابن الشحنة المعمر، مسند الدنيا.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 282). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 166)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 308)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 54)، و «أعيان العصر» (1/ 672)، و «مرآة الجنان» (4/ 283)، و «الدرر الكامنة» (1/ 434)، و «شذرات الذهب» (8/ 163). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 164)، و «معجم الشيوخ» (1/ 118)، و «أعيان العصر» (1/ 405)، و «مرآة الجنان» (4/ 281)، و «البداية والنهاية» (14/ 568)، و «الدرر الكامنة» (1/ 142)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 281).

3919 - [عبد الله بن علي الحسيني]

حدث يوم موته وله مائة وبضع سنين. سمع ابن الزبيدي، وابن اللّتّي، وأجاز له ابن روزبه والقطيعي وعدة، ونزل الناس بموته درجة. توفي سنة ثلاثين وسبع مائة. 3919 - [عبد الله بن علي الحسيني] (1) عبد الله بن الفقيه علي بن صالح الحسيني، تقدم ذكر والده في العشرين الأولى (2). وكان المذكور وأخوه عبد الله بن علي معروفين بالعلم والصلاح. ولي عبد الله القضاء ببلد الروحاء من أعمال وصاب. وتوفي سنة ثلاثين وسبع مائة. وأصل بلدهما الحقيبة-كحقيبة الرجل-عزلة من أعمال وصاب. 3920 - [عثمان بن علي] (3) عثمان بن علي، من معشار نعمان ناحية من نواحي وصاب. ولي قضاء بلده. وعاش إلى سنة ثلاثين وسبع مائة. 3921 - [الفاروق بن مشقر] (4) الفاروق بن محمد بن إبراهيم المعروف والده بمشقر، تقدم ذكر والده في آخر المائة السابعة (5).

(1) «السلوك» (2/ 295)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 291)، و «تحفة الزمن» (1/ 564). (2) انظر (6/ 26). (3) «السلوك» (2/ 296)، و «تحفة الزمن» (1/ 564). (4) «السلوك» (2/ 443)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 68)، و «تحفة الزمن» (2/ 408)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 255). (5) انظر (5/ 410).

3922 - [عبد الرحمن بن علي الخطيب]

كان المذكور فقيها، مذكورا بالخير والإنسانية لولا ما حصل بينه وبين صهره أحمد بن محمد بن علي بن مياس من المقاولة التي أدت إلى مصادرة ابن مياس كما ذكرنا ذلك في ترجمته في العشرين الأولى (1)، فلما صودر القاضي أحمد بن مياس .. اعتنى الفخر الفارسي بالفاروق المذكور، فجعل قاضيا بلحج مكان صهره ابن مياس، فلم يزل مستمرا على قضاء لحج إلى أن انفصل جمال الدين محمد بن أبي بكر اليحيوي عن القضاء الأكبر، فلزم الفاروق، وصودر، ثم أطلق، فجعله ابن الأديب حاكما بموزع. وتوفي في ربيع الأول من سنة ثلاثين وسبع مائة. 3922 - [عبد الرحمن بن علي الخطيب] (2) عبد الرحمن بن علي الخطيب، من خطباء تريم. كان رجلا صالحا، قال في «الجوهر»: (كان يسمى: الشوكة؛ لشدة حمايته لأهله وأصحابه، فلا يريد أحد بهم سوءا إلا ويصيبه في جسده مكروه حتى يرتدع عما يريد) (3). توفي سنة ثلاثين وسبع مائة. 3923 - [سلطان المغرب المريني] (4) السلطان أبو سعيد عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني سلطان المغرب. مات سنة إحدى وثلاثين وسبع مائة، وكان مدة ولايته اثنتين وعشرين سنة، وتملك بعده ابنه السلطان الفقيه الإمام أبو الحسن، كذا في «تاريخ اليافعي» (5)، ولعله سقط من النسخة شيء.

(1) انظر (6/ 116). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 224). (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 225). (4) «ذيل العبر» للذهبي (ص 168)، و «دول الإسلام» (2/ 274)، و «أعيان العصر» (3/ 232)، و «مرآة الجنان» (4/ 283)، و «البداية والنهاية» (14/ 574)، و «الدرر الكامنة» (2/ 452)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 290). (5) انظر «مرآة الجنان» (4/ 283).

3924 - [عبد الرحمن بن محمد الحضرمي]

3924 - [عبد الرحمن بن محمد الحضرمي] (1) عبد الرحمن بن محمد بن يعقوب الحضرمي. كان من عباد الله الصالحين. قال الخطيب: (ذكر حفيده محمد بن عمر بن أبي يعقوب قال: لما حضرت جدّه عبد الرحمن المذكور الوفاة .. قال لبنته: ائتيني بماء أشربه، فلما ذهبت لتأتيه بالماء .. سمعه الذين كانوا عنده يقول: لا لا، ويكررها، ثم أتته بالماء، فأخذه وشربه، ثم قال لمن عنده: لما ذهبت بنتي لتأتيني بالماء .. أتاني عقبها إبليس-نعوذ بالله منه-في غير صورته؛ لئلا أعرفه بماء معه وقال لي: هاك، اشرب ومت يهوديا أو نصرانيا؛ فإن دين محمد ليس على شيء-كذب لعنه الله-قال: فلم أطعه وقلت: لا لا، فلما تم كلامه .. تشهد ومات رضي الله عنه) اه‍ (2) وهذا يؤيد ما ذكره الفقهاء من استحباب تجريع المحتضر الماء، وذكروا أن الشيطان يأتيه بماء زلال يفتنه به، نعوذ بالله من ذلك، اللهم؛ ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. وكان موته رحمه الله ونفع به يوم الربوع للنصف من ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وسبع مائة. 3925 - [أحمد ابن القلانسي] (3) أحمد بن محمد قاضي القضاة جمال الدين القلانسي التميمي الشافعي، قاضي العسكر، ووكيل بيت المال، ومدرس الأمينية والظاهرية. كان عالما محتشما، مليح الشكل، لين الكلمة، حدث عن ابن البخاري. وتوفي سنة إحدى وثلاثين وسبع مائة.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 239)، و «تاريخ شنبل» (ص 118). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 239). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 168)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 125)، و «أعيان العصر» (1/ 361)، و «مرآة الجنان» (4/ 283)، و «البداية والنهاية» (12/ 575)، و «الدرر الكامنة» (1/ 300)، و «المنهل الصافي» (2/ 184).

3926 - [الحسن بن أحمد المنبهي]

3926 - [الحسن بن أحمد المنبهي] (1) الحسن بن أحمد بن سالم بن عمران المنبهي السهلي أبو الفضل. ولد مستهل شعبان سنة سبع وثمانين وست مائة. وتفقه بصالح بن عمر البريهي، وأخذ عن الفقيه عثمان الجبائي بجبا، وحفظ «التنبيه» غيبا، وحصل «المنهاج» نسخا ونقلا في أربعة أشهر، ونقل طائفة من «المهذب». وكان أوحد زمانه في العلم والعمل، والفضل والورع، مجاب الدعوة، مشهورا بالصلاح، وجيها عند الناس إلى أن توفي في سنة إحدى وثلاثين وسبع مائة. 3927 - [عبد الله بن علوي باعلوي] (2) عبد الله بن علوي بن الفقيه محمد بن علي بن محمد بن علي بن علوي باعلوي الحسيني. قال الخطيب في كتاب «الجوهر الشفاف»: (كان رحمه الله سخيا كريما، زاهدا متواضعا، كثير الذكر والاعتبار، يؤثر الخمول، ويكره الشهرة، يذل نفسه، مجتهدا في العبادة. قال الفقيه علي بن سالم: كنت أنا والشيخ عبد الله بن علوي مجاورين بمكة شرفها الله تعالى، فدخل علينا شهر رمضان، فكنا إذا فرغنا من صلاة التراويح .. أحرم كل واحد منا بركعتين، وقرأ فيهما القرآن كله، ولا نفطر إلا بعد فراغنا منهما، وقال: كنت أتدارس أنا والشيخ عبد الله بن علوي القرآن بعد صلاة الصبح، فما نذهب حتى نقرأ نصف القرآن ونصلي بعده الضحى. وروي أن أهل مكة استسقوا به مرتين فسقوا في الحال)، وذكر له في الكتاب كرامات كثيرة (3). توفي بتريم للنصف من جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 186)، و «العطايا السنية» (ص 309)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 59)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 313)، و «تحفة الزمن» (1/ 497)، و «هجر العلم» (4/ 1973). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 170)، و «تاريخ شنبل» (ص 118)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 227)، و «المشرع الروي» (2/ 184). (3) «الجوهر الشفاف» (170/ 1 - 185).

3928 - [أبو العباس ابن فليتة]

3928 - [أبو العباس ابن فليتة] (1) الكاتب الأديب البليغ الشاعر الفصيح اللبيب أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن فليتة. كان خليعا ماجنا، عفيفا، منزها عما يقوله، وله ديوان شعر نحو مجلدين: الأول في العربيات مرتبا على حروف المعجم، والثاني فيما سوى العربيات؛ من الحمينيات (2)، والساحليات، والبال بال (3)، والدوبيتات (4)، يسمى: «سوق الفواكه ونزهة المتفاكه»، وله كتاب في الباءة سماه: «رشد اللبيب في معاشرة الحبيب»، وله مدائح كثيرة في المؤيد وولده المجاهد. ومن شعره ما قاله في بعض قضاة عصره: [من البسيط] لنا قضاة كفانا الله شرهم … قاضي مدينتنا أوفاهم أدبا عند الرضا بخلاف الشرع يأمرنا … نعوذ بالله من هذا إذا غضبا ومنه في بعض أصحابه من الولاة: [من الطويل] لنا صاحب الله يصلح أمره … يتيه على أصحابه في ولايته يسيء إلينا في الولاية جهده … ويسألنا في العزل محو إساءته ولايته للأصدقاء بلية … فيا رب متعنا بطول بطالته وقال في معنى عرض له: [من البسيط] لا تعجبن من الخزان إن منعوا … من اللآمة ما يعطي السلاطين فهكذا لم تزل في الأرض ساكنة … على الكنوز النفيسات الشياطين توفي في سنة إحدى وثلاثين وسبع مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 162). (2) الحميني: الشعر العامي. (3) الساحليات، والبال بال: من فنون الشعر المحدثة. (4) الدوبيت: من فنون الشعر المعربة، نقل من الفارسية إلى العربية.

3929 - [الملك المؤيد صاحب حماة]

3929 - [الملك المؤيد صاحب حماة] (1) الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل بن الأفضل الأيوبي الحموي صاحب حماة. نظم «الحاوي»، وله تاريخ وكتاب «تقويم البلدان»، وفيه فضائل وفلسفة. توفي سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة. 3930 - [ياقوت الحبشي] (2) ياقوت الحبشي الشاذلي، الشيخ الكبير، العارف بالله الشهير، صاحب الكرامات والأحوال السنية، والمقامات العلية. كان تلميذ الشيخ أبي العباس المرسي. توفي ياقوت المذكور سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة. 3931 - [قطب الدين السنباطي] (3) محمد بن عبد الصمد بن عبد القادر الأنصاري المصري الشيخ قطب الدين السنباطي الإمام الشافعي، مصنف «زوائد التعجيز على التنبيه». كان من أعيان الشافعية، وخيار الفقهاء وأكابرهم، ناب في الحكم عن قاضي القضاة الزرعي، ثم عن قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، وتولى وكالة بيت المال، واستمر على ذلك إلى أن مات سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة، كذا ذكره اليافعي في «تاريخه» في سنة اثنتين وثلاثين (4)، وتقدم ذكره قريبا في سنة ثلاث وعشرين، لكن لم يسمه ولم

(1) «ذيل العبر» (ص 170)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 173)، و «أعيان العصر» (1/ 503)، و «فوات الوفيات» (1/ 183)، و «مرآة الجنان» (4/ 284)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 403)، و «البداية والنهاية» (14/ 577). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 173)، و «مرآة الجنان» (4/ 284)، و «البداية والنهاية» (14/ 578)، و «الدرر الكامنة» (4/ 408)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 295)، و «حسن المحاضرة» (1/ 454)، و «شذرات الذهب» (8/ 181). (3) تقدمت ترجمته في وفيات سنة (722 هـ‍)، وقد أعاده المصنف هنا تبعا لليافعي رحمهما الله تعالى، فانظر مصادر ترجمته هناك (6/ 161). (4) انظر «مرآة الجنان» (4/ 284).

3932 - [عمر بن عبد الله العمراني]

ينسبه (1)، وهو مذكور في الأصل عن ابن شهبة وغيره، وأنه توفي في سنة اثنتين وعشرين. 3932 - [عمر بن عبد الله العمراني] (2) عمر بن عبد الله بن محمد بن أسعد العمراني. كان فقيها فاضلا، مذكورا بالفضل والمعروف، حسن السيرة، كثير الإنصاف. تولى قضاء الأقضية في الجبال من قبل الظاهر عبد الله بن أيوب. وتوفي لنيف وثلاثين وسبع مائة. 3933 - [فخر الدين ناظر الجيش] (3) محمد بن فضل الله فخر الدين، ناظر الجيش المصري، وكاتب المماليك. له جلالة وشهرة، وأوقاف وثروة، ومعروف وإحسان. قال الشيخ اليافعي: (رأيته في المسجد الحرام يمشي مع القاضي نجم الدين الطبري وهو يدور على أهل الخير والصلاح من المجاورين، ويفرق عليهم الدنانير، فلما رآني نجم الدين المذكور .. مال به إلى عندي. قال: وبلغني أنه حج مع الناصر بن قلاوون في بعض حجاته، فلما مر السلطان بوادي بني سالم .. بدا له جبل ورقان وكان فخر الدين المذكور قريبا منه فقال: يا فخر؛ من في رأس هذا الجبل؟ قال: غلمان مولانا السلطان، فقال السلطان: ليس النازلون في هذا الجبل لي بغلمان، يعني أن من كان ساكنا في هذا الجبل المنيع .. فليس في طاعتي، ولا بي مبال. قال الشيخ اليافعي: وفي هذا المعنى خطر لي هذان البيتان: [من الهزج] إذا ما كنت في حصن … علا في رأس ورقان فإني لا أبالي … بوال أو بسلطان)

(1) انظر «مرآة الجنان» (4/ 269). (2) «العطايا السنية» (ص 505)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 419)، و «هجر العلم» (4/ 2077). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 173)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 335)، و «أعيان العصر» (5/ 53)، و «مرآة الجنان» (4/ 284)، و «البداية والنهاية» (14/ 578)، و «الدرر الكامنة» (4/ 138)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 295).

3934 - [البرهان الجعبري]

قال: وهذا الجبل المذكور يؤتى منه بالعسل الفائق، وأخبرني من له به خبرة أن فيه أشجارا وأزهارا، ونباتا وأنهارا لا توجد في غيره من البلاد) (1). توفي نجم الدين المذكور سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة بعد أن أحيط على حواصله. 3934 - [البرهان الجعبري] (2) إبراهيم بن عمر الجعبري الشافعي برهان الدين المقرئ الإمام العلامة شيخ بلاد الخليل. تنيف مصنفاته على المائة، وقد نظم ذلك في أبيات فقال: [من الطويل] أيا سائلي عن عد ما قد جمعته … من الكتب في أثناء عمري من العلم أصخ لي فقد عرفت ذاك بنيف … على مائة ما بين نثر إلى نظم ومن عجب زادت على العمر تسعة … وعشرا وما أدري متى منتهى يومي فخذ منه ما تختار واسمح بنشره … على طالبيه داعيا لي على رقمي وخذ مولدي في أربعين مقرّبا … وستّ مئات أو مئين على الرسم فكان وجودي في الوجود جميعه … كطيف خيال زار في نوم ذي حلم إلهي فاختم لي بخير وكفّرن … ذنوبي عسى ألقاك ربّ بلا إثم بحق القرآن والنبيّ محمد … تقبل دعائي ربّ شفّعه في جرمي فأنت غنيّ عن عذابي وإنني … فقير إلى رحماك يا واسع الحلم توفي سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة. مذكور في الأصل. 3935 - [الحسن ابن القماح] (3) الحسن بن محمد ابن عبد الرحمن السخاوي القاضي شمس الدين المعروف بابن القماح الفقيه العلامة، الشافعي النحوي، اللغوي البارع، الفاضل المتفنن بن الإمام جمال الدين بن الإمام تقي الدين.

(1) «مرآة الجنان» (284/ 4 - 285). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 174)، و «معرفة القراء الكبار» (3/ 1462)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 73)، و «أعيان العصر» (1/ 103)، و «مرآة الجنان» (4/ 285)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 398)، و «البداية والنهاية» (14/ 579)، و «الدرر الكامنة» (1/ 51)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 296). (3) «مرآة الجنان» (4/ 286)، و «الدرر الكامنة» (2/ 41).

3936 - [محمد ابن نجاح]

تولى القضاء، وكان فاضلا عالما، ذكيا، فقيها نبيلا، يحفظ «مقامات الحريري» و «ديوان المتنبي» وغير ذلك، وفيه مكارم أخلاق. توفي سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة. ومما روي عنه قال: أنشدنا شيخنا زين الدين بن الرعاد النحوي لما توفي القاضي كمال الدين النسائي وولي بعده القاضي كمال الدين بن عيسى القليوبي بالغربية هذين البيتين- وكتب بهما إلى عيسى المذكور-: [من الخفيف] نقل الناس وهو نقل غريب … أن بعد الكمال يحدث نقص فأتانا بعد الكمال كمال … وأتانا بعد الأعم الأخص وذكر اليافعي أنه توفي ليلة الجمعة ثامن شهر شوال من السنة المذكورة، كذا في «تاريخ اليافعي»: القاضي شمس الدين المعروف بابن القماح الحسن بن محمد بن عبد الرحمن السخاوي، فليحقق ذلك إن شاء الله تعالى (1). وفي الأصل: أنه شمس الدين بن القماح، وسماه: محمد بن أحمد بن إبراهيم بن حيدرة بن علي بن عقيل أبو المعالي، وذكر أنه توفي سنة إحدى وأربعين وسبع مائة (2). 3936 - [محمد ابن نجاح] (3) محمد بن الفقيه علي بن محمد بن أحمد بن نجاح، عرف بابن ثمامة، تقدم ذكر أبيه في آخر المائة السابعة (4). ولد المذكور سنة أربع وسبعين وست مائة. وكان فقيها فاضلا مباركا، مذكورا بالدين المتين، والعبادة والزهادة، وحسن

(1) انظر «مرآة الجنان» (4/ 286). (2) لا خلاف بين ما ذكر اليافعي وما هو موجود في الأصل؛ فهما عالمان اثنان، كلاهما شمس الدين، وكلاهما ابن القماح، انظر ترجمة الثاني في «ذيل العبر» للذهبي (ص 221)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 150)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 92)، و «الدرر الكامنة» (3/ 303)، و «شذرات الذهب» (8/ 230). (3) «السلوك» (2/ 43)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 333)، و «تحفة الزمن» (1/ 402)، و «طبقات الخواص» (ص 225)، و «المدارس الإسلامية» (ص 97)، و «هجر العلم» (3/ 1194). (4) انظر (5/ 445).

3937 - [بدر الدين ابن جماعة]

التدريس، درس بنظامية زبيد مكان أبيه وأخيه إسماعيل، ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي في سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة. 3937 - [بدر الدين ابن جماعة] (1) محمد بن إبراهيم ابن جماعة شيخ الإسلام بدر الدين الحموي الكناني الشافعي قاضي القضاة. ولد بحماة سنة تسع وثلاثين وست مائة. وسمع سنة خمسين من شيخ الشيوخ الأنصاري، وبمصر من الرضي ابن البرهان، والرشيد العطار، وبدمشق من ابن أبي اليسر، وطائفة، وأجاز له خلائق، ودرس وأفتى وحدث. وكان قوي المشاركة في علوم الحديث، عارفا بالتفسير والفقه وأصوله، ذكيا يقظا، مناظرا متقنا، مفسرا، خطيبا مفوها، ورعا صينا، وافر العقل، حسن الهدي، متين الديانة، ذا تعبد وأوراد، وحج واعتمار. نقل إلى خطابة القدس، ثم طلبه الوزير ابن السلعوس، فولاه قضاء مصر، فارتفع شأنه، ثم بعث إلى قضاء الشام، ثم ولي خطابة دمشق-وكان يخطب في الشام-ثم طلب لقضاء مصر بعد ابن دقيق العيد، وامتدت أيامه، وحمدت أحكامه، وكثرت أمواله، وحسنت أعماله، وترك الأخذ عن القضاء؛ عفة، ثم شاخ وثقل سمعه، ثم أضرّ، وعزل نفسه، وأقبل على شأنه. وتفرد وصنف في علوم الحديث والأحكام، وله وقع في القلوب، وجلالة في الصدور، وكان والده من الصالحين. توفي سنة ثلاث وثلاثين وسبع مائة. مذكور في الأصل باختصار.

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 178)، و «معجم الشيوخ» (2/ 130)، و «الوافي بالوفيات» (2/ 18)، و «أعيان العصر» (4/ 208)، و «مرآة الجنان» (4/ 287)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 139)، و «البداية والنهاية» (14/ 582)، و «الدرر الكامنة» (3/ 280)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 298)، و «شذرات الذهب» (8/ 184).

3938 - [ابن جهبل]

3938 - [ابن جهبل] (1) أحمد بن يحيى المعروف بابن جهبل الإمام شهاب الدين الشافعي. تفقه على الشرف ابن المقدسي، وابن الوكيل، وابن النقيب، وسمع من الفخر علي، وابن الزين، وابن الفاروثي، ودرس بالصلاحية في القدس مدة، واشتغل وأفتى، وبرع في الفقه. [ثم] ولي مشيخة الظاهرية، ثم نقل إلى تدريس البادرائية، وله محاسن وفضائل، وفيه خير وتعبد، وحج غير مرة. قال الشيخ اليافعي: (واجتمعت به بالمدينة الشريفة، وسألته عن مسألة خطرت ببالي، وهي في الذكر الوارد في كفارة المجلس: لا يخلو أن يكون الشخص صادقا في قوله: «وأتوب إليك» أو كاذبا، فإن كان صادقا .. فالمغفرة تحصل بمجرد التوبة، ولا تفتقر إلى الذكر المذكور في قوله: «سبحانك اللهم وبحمدك ... » إلى آخره، وإن كان كاذبا .. فكيف تحصل له مغفرة مع إخباره بتوبة هو كاذب فيها، مصرّ في نفسه على معاصيها، قال: فأجابني بجواب في الحال ليس بشاف في هذا السؤال، وليس هو الآن لي على بال) اه‍ (2) توفي المذكور سنة ثلاث وثلاثين وسبع مائة. مذكور في الأصل. 3939 - [الشيخ علي الواسطي] (3) الشيخ الكبير الولي الشهير علي بن الحسن الواسطي الشافعي. كان شديد المجاهدة؛ يغتسل لكل فريضة في البرد الشديد وغيره. وكان ذا همة عالية، حج مرارا كثيرة واعتمر-على ما روى بعضهم-أكثر من ألف عمرة، وتلا أزيد من أربعة آلاف ختمة، وطاف مرات في كل ليلة سبعين أسبوعا. قال الشيخ اليافعي: (رأيته يسرع في طوافه مثل ما يرمل المحرم أو أسرع-قال-: وبلغني أن بعض الناس كان ينكر عليه في إسراعه، فرأى المنكر النبي صلّى الله عليه وسلم،

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 178)، و «دول الإسلام» (2/ 276)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 252)، و «مرآة الجنان» (4/ 288)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 34)، و «البداية والنهاية» (14/ 582)، و «الدرر الكامنة» (1/ 329). (2) «مرآة الجنان» (4/ 288). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 179)، و «معجم الشيوخ» (2/ 24)، و «أعيان العصر» (3/ 327)، و «مرآة الجنان» (4/ 288)، و «البداية والنهاية» (14/ 584)، و «الدرر الكامنة» (3/ 37)، و «شذرات الذهب» (8/ 184).

3940 - [أبو الحسن الأبيني]

فذكر له إسراع الواسطي في طوافه، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: قل له: إن قدر يزيد على ذلك الإسراع .. فليفعل-قال-: والذي فهمت منه أنه كان في عدوه ذلك واجدا، ويدل عليه أني رأيته يطوف في شدة الحر، فسألته عن ذلك، فقال: ما أجد حرا. قال: وبلغني أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في اليقظة، فسألته عن ذلك، فأقر به. توفي ببدر محرما متوجها إلى الحج في سنة ثلاث وثلاثين وسبع مائة. قال الشيخ اليافعي: وكان في ذلك الوقت ثلاثة رجال واسطيون كلهم ملاح، مع تفاوت طريقتهم في أوصاف الصلاح: أحدهم: الشيخ علي المذكور، كانت طريقته الانفراد والبعد من الناس كلّهم كأنه أسد، وكان مهنا ملك العرب يحبه ويعظمه، ويقسم برأسه. الثاني: الشيخ عزّ الدين الواسطي، وكانت طريقته القرب من كل أحد مطلقا، حتى لو جاءه صغير .. ذهب به حيث شاء، وكان سليم الصدر، لا يدري ما عليه الناس، حتى أنه دخل العسكر المدينة مع الشريف ودي، فلما رآهم .. قال: ما هؤلاء؟ وكانوا قد حاصروا المدينة أياما كثيرة، وما عنده شعور بذلك، وهو في ذلك الوقت إمام الناس في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان أكثر مجاورته بالمدينة الشريفة. قال الشيخ اليافعي: وهو آخر من ألبسني الخرقة، وبينه بين الشيخ شهاب الدين السهروردي واحد. والثالث: من الواسطيين المذكورين: ابن الشيخ أحمد الواسطي، كانت طريقته متوسطة بين طريقتي المذكورين، يتقرب من الفقراء، ويتباعد من أهل الدنيا، وكان صاحب جد واجتهاد) اه‍ (1) 3940 - [أبو الحسن الأبيني] (2) علي بن سالم بن أبي الفرج بن سلام أبو الحسن الأبيني. كان عالما عاملا، ورعا فاضلا، عارفا محققا. تفقه ببلده، فاستدعاه المؤيد إلى زبيد، فأقر مدرسا في السيفية الكبرى، وقصده

(1) «مرآة الجنان» (288/ 4 - 290). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 286)، و «المدارس الإسلامية» (ص 85).

3941 - [فتح الدين ابن سيد الناس]

الطلبة، وتفقه به جمع، منهم الإمام جمال الدين محمد بن عبد الله الريمي، وامتحن بقضاء زبيد، فكان حسن السيرة، مرضي السريرة، لينا من غير ضعف، قويا من غير عنف، لا تأخذه في الله لومة لائم. قال أبو الحسن الخزرجي: (أخبرني من أثق به أنه كان على باب حاكم الشرع بزبيد جماعة من الأعوان وفيهم نقيب لهم كان شرس الأخلاق، فلما استمر القاضي علي بن سالم في القضاء بزبيد، وتبين له سوء سيرة النقيب .. نهاه، فلم ينته، فعزله ونقب غيره، فتحمل عليه النقيب بالناس، فلم يقبل القاضي، وكان المجاهد إذ ذاك بزبيد، فكتب النقيب قصته إلى المجاهد، وضمن نقابة باب حاكم الشرع كل شهر بمال معلوم، فلما وقف المجاهد على القصة .. أخبر الحاضرين عنده بمضمونها فقالوا: لم تجر بذلك عادة، فقال السلطان: يكتب له، فإن كان القاضي شهما .. منع من نفسه، ثم كتب له المجاهد باستمراره على حكم ما بذل، فلما برز الجواب .. وقع في يد النقيب المذكور، وتقدم النقيب بخط المجاهد إلى القاضي، وأوقفه عليه، فأمر القاضي الأعوان بلزمه، وطلب المحتسب وقال له: أدب هذا وعزره، فضرب بالسياط ضربا شديدا، ثم حلق رأسه، وأركبه جملا، وأمر من يصفعه، فتقدم به الأعوان وأهل السوق إلى باب الدار، ثم داروا به في المدينة، فلما وصلوا به إلى باب الدار .. أشرف المجاهد فرآه، فلم يزد على أن قال: صفعوه والله. ولم يزل القاضي المذكور مستمرا في القضاء إلى أن توفي في صفر من سنة ثلاث وثلاثين وسبع مائة) (1). 3941 - [فتح الدين ابن سيد الناس] (2) أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد ابن سيد الناس الحافظ العلامة المتفنن. روى عن جماعة، ورحل وحدث، وجمع وصنف، وله النظم والنثر، ومعرفة الرجال، وبراعة الخط. توفي سنة أربع وثلاثين وسبع مائة. مذكور في الأصل.

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 286). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 182)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 289) و «فوات الوفيات» (3/ 278)، و «مرآة الجنان» (4/ 291)، و «البداية والنهاية» (14/ 188)، و «الدرر الكامنة» (4/ 208)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 303).

3942 - [قاضي تونس]

3942 - [قاضي تونس] (1) أبو إسحاق إبراهيم بن الحسن بن عبد الرفيع الربعي التونسي الإمام العلامة قاضي القضاة. روى عن جماعة. وتوفي سنة أربع وثلاثين وسبع مائة عن تسع وتسعين سنة وأشهر. 3943 - [عمر بن أبي بكر التباعي] (2) عمر بن الفقيه أبي بكر بن أحمد بن الفقيه علي بن أبي بكر التباعي. تفقه على فقهاء بلده بالمخادر من ناحية السحول، ثم ارتحل إلى زبيد، فتفقه بها بأحمد بن سليمان الحكمي وغيره. وكان فقيها فاضلا، عارفا بالفروع والأصول، درس بمدرسة محمد بن ميكائيل التي بزبيد، وكان شريف النفس، عالي الهمة. توفي سنة أربع وثلاثين وسبع مائة. 3944 - [الزواوي المقرئ] (3) عبد الله بن موسى بن عمر بن موسى بن يومن-بضم المثناة من تحت، ثم واو ساكنة، ثم ميم ونون-الزواوي-أي: بضم الزاي، ثم واوين بينهما ألف-أبو محمد المقرئ، نزيل مكة. قال التقي الفاسي: (قرأ القرآن بالروايات على العفيف الدلاصي، وسمع بالقاهرة من التقي ابن دقيق العيد وغيره، وبمكة عن المفتي عماد الدين عبد الرحمن بن محمد الطبري

(1) «الوافي بالوفيات» (5/ 343)، و «أعيان العصر» (1/ 70)، و «مرآة الجنان» (4/ 291)، و «الدرر الكامنة» (1/ 23)، و «المنهل الصافي» (1/ 60). (2) «السلوك» (2/ 181)، و «العطايا السنية» (ص 509)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 62)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 400)، و «تحفة الزمن» (1/ 494)، و «هجر العلم» (4/ 1972)، و «المدارس الإسلامية» (ص 252). (3) «أعيان العصر» (2/ 735)، و «العقد الثمين» (5/ 290)، و «الدرر الكامنة» (2/ 307)، و «التحفة اللطيفة» (2/ 427).

3945 - [السلطان الظاهر الرسولي]

«صحيح مسلم»، ومن الأمين محمد بن القطب القسطلاني «الموطأ» رواية يحيى بن يحيى، وعلى التوزري «جامع الترمذي». كان مقرئا مباركا، زاهدا عفيفا، يقال: إنه يحفظ «الموطأ». قدم الحجاز قبل التسعين، وأقام بمكة أكثر من المدينة، سمع منه الأقشهري وغيره من شيوخنا، وكان كثير الأمراض، ومن عباد الله الصالحين. توفي بمكة في ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وسبع مائة) (1). 3945 - [السلطان الظاهر الرسولي] (2) السلطان الظاهر عبد الله بن السلطان المنصور أيوب بن السلطان الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول. قد ذكرنا أن أباه المنصور لما لزم وخلع من السلطنة .. تغلب الظاهر المذكور على حصن الدملوة (3)، ثم إن المماليك الذين كانوا ألزموا المجاهد لم يأمنوا منه، فهرب رؤساؤهم إلى الظاهر في الدملوة، فحملوه على طلب الملك، وبذلوا له من أنفسهم حسن الطاعة، فاستحلفهم واستخدمهم، وفرق فيهم أموالا عظيمة، فساروا إلى المجاهد، فحصروه بحصن تعز، ونصبوا عليه المنجنيق نحو أحد عشر شهرا، ولم ينالوا منه ما يريدون، واحتووا على تهامة بأسرها، وأخذوا عدن للظاهر، ونزل الظاهر من الدملوة إلى عدن، ثم ارتفع الحصار عن تعز، ونزل المماليك إلى تهامة، فنزل المجاهد من تعز إلى عدن، وحط على الظاهر وهو مقيم بعدن، وضيق عليه ضيقا شديدا، ثم ارتفع المجاهد من عدن بمكيدة، وخرج الظاهر من عدن، فطلع حصن السّمدان، فأقام فيه، ونزل المجاهد إلى تهامة، فاستولى عليها، ثم طلع إلى تعز، فأقام بها أياما، ثم سار إلى عدن، فأخذها قهرا بالسيف في سنة ثمان وعشرين وسبع مائة، فاستوسقت [له البلاد طوعا وكرها، وأقام الظاهر في السمدان، وافترق] عنه من كان معه من العسكر والغلمان، فطلب من المجاهد الذمة،

(1) «العقد الثمين» (5/ 290). (2) «العطايا السنية» (ص 403)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 61)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 99)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 113). (3) انظر (6/ 167).

3946 - [مهنا ملك العرب]

فأذم عليه، فلما نزل على الذمة .. اعتقله المجاهد في دار الأدب بتعز، فلم يزل معتقلا إلى أن توفي في شهر ربيع الأول من سنة أربع وثلاثين وسبع مائة. 3946 - [مهنا ملك العرب] (1) حسام الدين مهنا ملك العرب وابن ملكها عيسى بن مهنا الطائي. توفي في سنة خمس وثلاثين وسبع مائة، وأقاموا عليه المأتم، ولبسوا السواد، وكان فيه خير وتعبد. 3947 - [زينب السلمية] (2) زينب بنت الخطيب يحيى بن الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام السلمية المعمرة. روت عن جماعة، وحدثت بالكثير وتفردت. وماتت سنة خمس وثلاثين وسبع مائة عن سبع وثمانين سنة. 3948 - [قطب الدين الحلبي] (3) عبد الكريم بن عبد النور الحلبي الإمام الحافظ قطب الدين. تلا بالسبع على إسماعيل المليحي، وسمع من جماعة، وصنف وخرج وأفاد مع الصيانة والأمانة، والتواضع والعلم، ولزوم الاشتغال والتأليف. حج مرات، وعمل «تاريخا» لمصر بيض بعضه، وشرح «السيرة» لعبد الغني في

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 187)، و «دول الإسلام» (2/ 280)، و «أعيان العصر» (5/ 459)، و «مرآة الجنان» (4/ 291)، و «البداية والنهاية» (14/ 593)، و «الدرر الكامنة» (4/ 368)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 302)، و «شذرات الذهب» (8/ 195). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 187)، و «معجم الشيوخ» (1/ 257)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 68)، و «أعيان العصر» (2/ 391)، و «مرآة الجنان» (4/ 291)، و «الدرر الكامنة» (2/ 122)، و «شذرات الذهب» (8/ 192). (3) «معرفة القراء الكبار» (3/ 1478)، و «معجم الشيوخ» (1/ 412)، و «أعيان العصر» (3/ 135)، و «مرآة الجنان» (4/ 291)، و «البداية والنهاية» (14/ 592)، و «الجواهر المضية» (2/ 454)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 306)، و «شذرات الذهب» (8/ 193).

3949 - [عبد الله بن محمد الأحمر]

مجلدين، وعمل «أربعين تساعيات»، و «أربعين بلدانيات»، و «أربعين متباينات»، وشرح معظم «البخاري» في مجلدات. وتوفي سنة خمس وثلاثين وسبع مائة. 3949 - [عبد الله بن محمد الأحمر] (1) عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن محمد الأحمر الأنصاري الخزرجي الساعدي، من بني ساعدة بن كعب بن الخزرج. وتفقه بالفقيه علي بن إبراهيم البجلي. وكان فقيها كبيرا، عارفا عالما، محققا، وبه تفقه ولداه عثمان ومحمد، والقاضي أحمد بن عبد الله التهامي، وخلق كثير من أهل زبيد وغيرهم، ودرس في سابقية زبيد مدة، وفي مجاهدية تعز، وهو أول من درس بها. قال الجندي: (وهو أمثل من يشار إليه في الفقهاء، مبارك التدريس، صبورا على الطلبة، متواضعا، حسن السيرة) (2). توفي بتعز في سنة خمس وثلاثين وسبع مائة. 3950 - [علي ابن ممدود البندنيجي] (3) أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن ممدود البغدادي الصوفي الرحلة (4). سمع، وأجازه جماعة، وتفرد. وتوفي بدمشق سنة ست وثلاثين وسبع مائة عن اثنتين وتسعين سنة.

(1) «السلوك» (2/ 369)، و «العطايا السنية» (ص 395)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 64)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 154)، و «تحفة الزمن» (2/ 281)، و «هجر العلم» (2/ 1041)، و «المدارس الإسلامية» (ص 162). (2) «السلوك» (2/ 369). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 189)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 141)، و «أعيان العصر» (3/ 515)، و «مرآة الجنان» (14/ 292)، و «البداية والنهاية» (4/ 595)، و «السلوك» للمقريزي (ج /2 ق 406/ 2)، و «الدرر الكامنة» (3/ 119)، و «شذرات الذهب» (8/ 199). (4) كذا في «مرآة الجنان»، وفي «السلوك» (ج /2 ق 406/ 2): (علي بن محمد بن محمد بن ممدود)، وفي باقي المصادر: (علي بن محمد بن ممدود).

3951 - [عائشة الحرانية]

3951 - [عائشة الحرانية] (1) عائشة بنت محمد بن مسلم الحرانية. روت حضورا وسماعا عن جماعة. وتوفيت سنة ست وثلاثين وسبع مائة عن تسعين سنة. 3952 - [الوزير غياث الدين] (2) محمد بن فضل الله الهمداني الوزير المعظم غياث الدين. كان وزيرا عادلا، عالما، محبا في العلم والخير وأهلهما، له مآثر وصدقات ومعروف، متصفا بالإنصاف. توفي سنة ست وثلاثين وسبع مائة، ينظر أهو المذكور آنفا في سنة اثنتين وثلاثين أم غيره؟ (3) 3953 - [عماد الدين ابن القيسراني] (4) الصاحب الأمجد عماد الدين إسماعيل بن محمد بن الصاحب بن القيسراني. كان منشئا بليغا رئيسا، دينا صينا نزها. روى عن غير واحد. وتوفي سنة ست وثلاثين وسبع مائة.

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 192)، و «معجم الشيوخ» (2/ 93)، و «الوافي بالوفيات» (16/ 608)، و «مرآة الجنان» (4/ 292)، و «الدرر الكامنة» (2/ 238)، و «شذرات الذهب» (8/ 199). (2) «الوافي بالوفيات» (4/ 329)، و «أعيان العصر» (5/ 58)، و «مرآة الجنان» (4/ 292)، و «الدرر الكامنة» (4/ 135). (3) هو غيره جزما، ومن خلال مصادر الترجمتين يتضح ذلك، فانظر ترجمة المذكور آنفا (6/ 202). (4) «ذيل العبر» للذهبي (ص 193)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 217)، و «مرآة الجنان» (4/ 292)، و «البداية والنهاية» (14/ 597)، و «الدرر الكامنة» (1/ 378)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 311)، و «المنهل الصافي» (2/ 423)، و «شذرات الذهب» (8/ 198).

3954 - [عبد الله القسطلاني المالكي]

3954 - [عبد الله القسطلاني المالكي] (1) عبد الله بن عبد الرحمن بن الضياء محمد بن عمر القسطلاني المكي المالكي، أخو الشيخ خليل المالكي. قال التقي الفاسي: (سمع من الرضي الطبري بعض «الترمذي»، ومن العز يوسف بن الحسن الزرندي، والشريف أبي عبد الله الفاسي بالمدينة «العوارف» للسهروردي، وأجاز له من دمشق جماعة في سنة ثلاث عشرة من شيوخ ابن خليل باستدعائه واستدعاء البرزالي، وما علمته حدث. قال: وذكر البرزالي أن العفيف بن المطري كتب إليه يذكر أنه ناب في الإمامة عن أخيه. وكان فقيها مباركا. توفي يوم عيد النحر من سنة ست وثلاثين وسبع مائة) (2). 3955 - [الشيخ محمد المرشدي] (3) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن المجد المرشدي الشيخ الكبير الشهير. قال الشيخ اليافعي: (أخبرني أنه صحب سبعين من الشيوخ، منهم الشيخ أبو العباس المرسي، والإمام الكبير أحمد بن موسى بن عجيل، حفظ القرآن، وقرأ كتاب «التنبيه»، ثم انقطع في زاويته يطعم الطعام الكثير للجم الغفير في الوقت الحاضر بحيث لو اجتمع عنده أكبر عسكر في الورى .. لعجل لهم في الحال ما احتوى من القرى، فيخرج ذلك من خزانة له صغيرة ليس فيها شيء يرى. وذكر الشيخ اليافعي: أنه كاشفه بأشياء على وجه الكرامة، قال: ومع ذلك فالناس مختلفون فيه، وأكثرهم يعتقدونه، ونقل عن ابن تيمية أنه قال: هو مخدوم؛ يعني: يستخدم الجن بما يحضره في الحال من الأطعمة الكثيرة النفيسة التي يعجز السلطان في

(1) «العقد الثمين» (5/ 200). (2) «العقد الثمين» (5/ 200). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 198)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 372)، و «مرآة الجنان» (4/ 292)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 154)، و «البداية والنهاية» (14/ 601)، و «الدرر الكامنة» (3/ 462)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 313)، و «شذرات الذهب» (8/ 203).

3956 - [أسد الدين الأيوبي]

الغالب عن إحضارها في الحال، ومنهم من تشكك فيه. قال الشيخ اليافعي: بلغني عن الشيخ عبد الهادي المغربي أنه لما ذكر عنده .. قال: لا أشك أنه حصل له نصيب من أحوال الفقراء، إلا أن الفقراء لا يرضون بشهرة هذه الكرامات. وعن الشيخ حسين الحاكي أنه قال: لو كان يظهر على يدي مثل هذا الذي يظهر على يديه .. لدخلت في سرب تحت الأرض. وعن الشيخ خليفة الشاذلي-وقد ذكر المرشدي عنده-قال ما معناه: متى يتفرغ هذا الرجل لذكر الله؟ ! شغل أوقاته بمن يأتيه من الأمراء والوزراء وغيرهم من أهل الدنيا! قال الراوي: فلما سمعنا من الشيخ خليفة هذا الكلام .. أتينا الشيخ محمد نزوره، فقال لنا: قولوا للفقيه خليفة: ما شغلوني عن الله طرفة عين، أو قال: لو شغلوني عن الله طرفة عين .. ما سلمت عليهم) (1). توفي المذكور بقريته منية مرشد كهلا في رمضان سنة سبع وثلاثين وسبع مائة. 3956 - [أسد الدين الأيوبي] (2) الملك المعمر أسد الدين عبد القادر بن عبد العزيز بن السلطان الملك المعظم. روى «السيرة» وأجزاء عن خطيب مردا، وتفرد. وكان مليح الشكل، ممتعا بحواسه، ما تسرّى ولا تزوج. توفي سنة سبع وثلاثين وسبع مائة. 3957 - [أبو تاشفين] (3) أبو تاشفين عبد الرحمن بن موسى صاحب تلمسان.

(1) «مرآة الجنان» (293/ 4 - 295). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 199)، و «معجم الشيوخ» (1/ 406)، و «الوافي بالوفيات» (19/ 37)، و «أعيان العصر» (3/ 118)، و «مرآة الجنان» (4/ 296)، و «البداية والنهاية» (14/ 601)، و «الجواهر المضية» (2/ 447)، و «السلوك» للمقريزي (ج /2 ق 426/ 2)، و «الدرر الكامنة» (2/ 390)، و «شذرات الذهب» (8/ 202). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 199)، و «الوافي بالوفيات» (18/ 290)، و «أعيان العصر» (3/ 46)، و «مرآة الجنان» (4/ 296)، و «الدرر الكامنة» (2/ 348)، و «شذرات الذهب» (8/ 202)، و «الاستقصاء» (3/ 123).

3958 - [عبد الله بن عبد الرحمن العرشاني]

كان سيّئ السيرة، منطويا على خبث السريرة، قتل أباه. وكان بطلا شجاعا، تملك نيفا وعشرين سنة، ثم حاصره سلطان المغرب أبو الحسن المريني مدة، ثم برز عبد الرحمن ليكبس على المريني، فلم يتم له ذلك، وطال عليه الحصار حتى دخلت البلد عليه عنوة، فقاتل على حصانه حتى قتل في رمضان سنة سبع وثلاثين وسبع مائة. 3958 - [عبد الله بن عبد الرحمن العرشاني] (1) عبد الله بن عبد الرحمن بن منصور بن عبد الله بن الحافظ علي بن أبي بكر العرشاني أبو محمد. ولد في رجب سنة خمس وست مائة. وتفقه بابن عمه عبد الله بن علي، وأخذ مسموعات كثيرة عن عبيد بن أحمد صاحب السهولة، وعن الإمام صالح بن عمر صاحب ذي السفال وغيرهما. وكان فقيها مبرزا، نقالا عاقلا، ذا مروءة مذكورة، وآثار مشهورة. توفي لبضع وثلاثين وسبع مائة، كذا في «تاريخ الخزرجي» تاريخ مولده ووفاته (2)، فيقتضي أن عمره مائة وثلاثون سنة تقريبا، وهذا مستبعد؛ فإن مثل ذلك يستغرب، ويوصف بطول العمر جدا، ولم يصفه بشيء من ذلك، والظاهر أن ميلاده بعد الثلاثين وست مائة؛ فإن شيخه صالح بن عمر ولد سنة خمس وثلاثين وست مائة، فلعله سقط العشرات من ميلاده من «الخزرجي»، أو أنه ولد سنة خمس وسبع مائة، فيكون عمره نحو الثلاثين تقريبا، والله سبحانه أعلم (3). 3959 - [عمر بن عبد الله الحرازي] (4) عمر بن عبد الله بن علي بن عيسى الحرازي.

(1) «السلوك» (1/ 369)، و «العطايا السنية» (ص 394)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 118)، و «تحفة الزمن» (1/ 296)، و «هجر العلم» (3/ 1422). (2) انظر «طراز أعلام الزمن» (2/ 118). (3) والاحتمال الثالث: تصحيف كلمة (خمسين) إلى (خمس)، وهو الصحيح؛ إذ مولده في باقي المصادر سنة (650 هـ‍)، والله أعلم. (4) «السلوك» (2/ 168)، و «العطايا السنية» (ص 502)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 418)، و «تحفة الزمن» (1/ 484).

3960 - [علي ابن ميمون الحميري]

كان فقيها عارفا فاضلا، درس في مسجد السنة بذي جبلة، وهو أحد مشايخ عبد الله بن عبد الرحمن ابن علي العرشاني مقدم الذكر. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته في طبقة تلميذه المذكور. 3960 - [علي ابن ميمون الحميري] (1) أبو الحسن علي بن إبراهيم بن صالح بن علي بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن إسماعيل بن أحمد بن ميمون الحميري. اشتغل في بدايته بقراءة الفقه حتى ظهر على أترابه، فسأله شيخه محمد بن عبد الله الحضرمي عن مسألة، فتوقف في الجواب عنها، فقرعه الفقيه وقال: لا تأتي منك فائدة، فأنف من ذلك، وترك الاشتغال بالفقه، واشتغل بالقراءات السبع حتى صار فيها إماما ماهرا، عارفا بوجوهها، وإليه انتهت رئاسة القراءة في زبيد ونواحيها، وانتفع به جمع من الطلبة انتفاعا كاملا. وتوفي بزبيد لبضع وثلاثين وسبع مائة. 3961 - [شعيب العباسي] (2) محمد بن أحمد بن عمران العباسي المعروف بشعيب، غلب لقبه على اسمه. كان فقيها خيرا دينا، اعتكف في مسجد بلده سنين. فلما توفي، وحمل على أعناق الرجال، وساروا به إلى المصلى .. أذن المؤذن، فثقل عليهم ثقلا عظيما بحيث لم يستطيعوا إقلال أقدامهم، فوضعوا السرير على الأرض، فلما فرغ المؤذن .. عادوا إلى حمل السرير، فوجدوه خفيفا كما حملوه أول مرة، فذكر بعض خواص الفقيه أنه كان من دأب الفقيه إذا سمع المؤذن .. قام قائما على قدميه حتى يفرغ من إجابته. وتوفي لبضع وثلاثين وسبع مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 212). (2) «السلوك» (2/ 291)، و «العطايا السنية» (ص 612)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 80)، و «تحفة الزمن» (1/ 561)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 153)، و «هجر العلم» (2/ 1053).

3962 - [ابن الرضي الصالحي]

3962 - [ابن الرضي الصالحي] (1) أبو بكر بن محمد الرضي الصالحي القطان الصالح المسند. سمع من خطيب مردا، وعبد الحميد بن الهادي، وسمع من عبد الله بن الخشوعي، وابن خليل، وابن البرهان، وتفرد، وأكثروا عنه، له إجازة من السبط وجماعة. توفي سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة عن تسعين سنة. 3963 - [شرف الدين ابن البارزي] (2) هبة الله بن عبد الرحيم بن إبراهيم البارزي الجهني القاضي الإمام شرف الدين بن القاضي الإمام نجم الدين بن القاضي الإمام شمس الدين. روى عن جده، وأجازه جماعة، منهم الكمال الضرير. كان صاحب فنون وتصانيف مع صلاح وتواضع، تخرج به الأصحاب وانتفعوا به. قال الذهبي: (وبلغ رتبة الاجتهاد) (3). وأفتى رحمه الله بجواز سفر المرأة الحائض قبل طواف الإفاضة مع نحر بدنة كمذهب الحنفية؛ نظرا إلى المشقة الحاصلة على النساء بطروء الحيض عليهن قبل طواف الإفاضة، فإن أقمن بمكة إلى الطهر للطواف .. انقطعن عن الركب، وانقطعن بمكة عن النفقة، واختلاف الأمة رحمة، ولا مذهب للعامي على الراجح، بل له أن يتبع في كل مسألة إماما من الأئمة المتبوعين ما لم يتتبع الرخص. لكن رد عليه ذلك الشيخ اليافعي وقال: (إن ما ذكره خارج عن الكتاب والسنة والقياس

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 200)، و «الإعلام بوفيات الأعلام» (ص 312)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 252)، و «أعيان العصر» (1/ 723)، و «مرآة الجنان» (4/ 296)، و «الدرر الكامنة» (1/ 459)، و «شذرات الذهب» (8/ 205). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 202)، و «معجم الشيوخ» (2/ 356)، و «الوافي بالوفيات» (27/ 172)، و «أعيان العصر» (5/ 532)، و «مرآة الجنان» (4/ 297)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 387)، و «البداية والنهاية» (14/ 604)، و «الدرر الكامنة» (4/ 401)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 315)، و «شذرات الذهب» (8/ 209). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 202).

3964 - [القاضي ابن جملة]

والإجماع) كذا في «تاريخه» بعد قوله أولا: (كمذهب الحنفية) (1)، فليحقق ذلك (2)، والله سبحانه أعلم. توفي المذكور بحماة سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة. مذكور في الأصل. 3964 - [القاضي ابن جملة] (3) يوسف بن إبراهيم الأنصاري القاضي جمال الدين ابن جملة. توفي سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة. مذكور في الأصل. 3965 - [ابن المرحل العثماني] (4) محمد بن عبد الله بن عمر بن مكي القرشي العثماني الأموي الشافعي الإمام زين الدين بن المرحل. توفي سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة. مذكور في الأصل. 3966 - [ابن الكتاني الدمشقي] (5) عمر بن أبي الحزم الدمشقي الكتاني أبو حفص زين الدين العلامة الشافعي (6). توفي سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة. مذكور في الأصل.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 297). (2) قال الإمام ابن الهمام في «شرح فتح القدير» (1/ 147): (ولو فعلته الحائض .. كانت عاصية معاقبة، وتتحلل به من إحرامها لطواف الزيارة، وعليها بدنة)، وانظر «حاشية ابن عابدين» (7/ 137). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 202)، و «الوافي بالوفيات» (29/ 72)، و «أعيان العصر» (5/ 595)، و «مرآة الجنان» (4/ 298)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 392)، و «البداية والنهاية» (14/ 604)، و «الدرر الكامنة» (4/ 443)، و «شذرات الذهب» (8/ 210). (4) «ذيل العبر» للذهبي (ص 203)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 374)، و «مرآة الجنان» (4/ 298)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 157)، و «البداية والنهاية» (14/ 603)، و «الدرر الكامنة» (3/ 479)، و «شذرات الذهب» (8/ 208). (5) «ذيل العبر» للذهبي (ص 203)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 448)، و «مرآة الجنان» (4/ 299)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 377)، و «البداية والنهاية» (14/ 605)، و «الدرر الكامنة» (3/ 161)، و «حسن المحاضرة» (1/ 366)، و «شذرات الذهب» (8/ 205). (6) وفي بعض المصادر: (الكتناني)، قال الإمام ابن حجر في «تبصير المنتبه» (3/ 1208): (ويعرف بالكتناني، بزيادة نون).

3967 - [عبد الله بن عمر الناشري]

قال اليافعي: (كان فيه زعارة، وقوة نفس، وقلة إنصاف، أخبرني بعض فضلاء المصرين قال: جئت مع والدي إلى الشيخ زين الدين المذكور، فلما قربنا من الباب .. قال لي والدي: لا تدخل معي، بل قف قليلا، ثم ادخل، قال: فلما دخل والدي فسلم .. سمعته يقول له-البعيد-: حمار، ثم وقفت قليلا ودخلت، فقال لي: إيش أنت؟ فقلت: يا سيدي؛ جحش، ولد ذلك الحمار، فضحك هو ومن عنده) (1). 3967 - [عبد الله بن عمر الناشري] (2) عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن الناشري. كان فقيها عالما عاملا، كثير النسك والعبادة، لازما طريق السلف الصالح، يحب الخلوة والفرار من الناس، والعكوف في المساجد المهجورة. وكان يتعانى التجارة؛ تدينا منه، ثم ألجأه الفقراء إلى قبول القضاء، فولي قضاء القحمة بعد القاضي علي بن محمد بن أبي بكر الناشري، فأقام على ذلك إلى أن توفي في سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة. قال ولده إسماعيل: كان والدي إذا وجدني قد فترت في أيام الطلب كلح (3) علي وقال: يا ولدي؛ من لم يكن له ورد .. فهو قرد. وكان يقول: بركة الأوقات توزيع الأعمال وتوظيف الوظائف عليها، وكان كثيرا ما يرى النبي صلّى الله عليه وسلم في منامه، وبشره في بعض مناماته ببشارات. 3968 - [أحمد بن عمر الناشري] (4) أحمد بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يعقوب الناشري، تقدم ذكر أبيه في العشرين الرابعة من المائة قبل هذه (5).

(1) «مرآة الجنان» (299/ 4 - 300). (2) «السلوك» (2/ 371)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 136)، و «تحفة الزمن» (2/ 67) و (284)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 186)، و «هجر العلم» (4/ 2166). (3) الكلوح: تكشر في عبوس. (4) «طراز أعلام الزمن» (2/ 402)، و «تحفة الزمن» (2/ 67)، و «هجر العلم» (4/ 2167)، و «المدارس الإسلامية» (ص 179). (5) انظر (5/ 351).

3969 - [عمر بن أحمد السهلي]

وكان أحمد المذكور فقيها فاضلا عارفا، درس بناحية زبيد إلى أن مات بها، ولا عقب له. ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لأخيه عبد الله المقدم ذكره قبله. 3969 - [عمر بن أحمد السهلي] (1) عمر بن أحمد بن سالم بن عمر المنبهي السهلي. ولد غرة رمضان سنة ست وتسعين وست مائة، وتفقه بأهل الجبال، ثم نزل تهامة، فأخذ عن الفقيه محمد بن عبد الله الحضرمي وغيره من فقهاء زبيد. وكان فقيها فاضلا عارفا. ولم يزل بزبيد إلى أن توفي بها في سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة. 3970 - [ابن الصائغ الدمشقي] (2) محمد بن محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق أبو اليسر الأنصاري الدمشقي، عرف بابن الصائغ. ولد سنة ست وسبعين وست مائة. وسمع كثيرا من أبيه، وابن شيبان، والفخر علي، وعدة، وحفظ «التنبيه»، ولازم جده الشيخ برهان الدين، وحدث ب‍ «صحيح البخاري»، وولي قضاء القضاة، فاستعفى رحمه الله، وصمم على الامتناع، فاحترمه الناس وأحبوه لتواضعه ودينه وتعبده. حج غير مرة، وخطب بالقدس مدة مديدة، ثم ترك، وكان كبير القدر، جامع المحاسن، عالما صالحا خاشعا، مقتصدا في لباسه. حصّل في صغره، ودرس وهو أمرد، وزار بيت المقدس عند قرب أجله بقليل، وانتقل إلى دمشق، فمات بها سنة تسع وثلاثين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 186)، و «العطايا السنية» (ص 509)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 67)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 398)، و «تحفة الزمن» (2/ 319)، و «هجر العلم» (4/ 1973). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 206)، و «الوافي بالوفيات» (1/ 332)، و «فوات الوفيات» (3/ 293)، و «مرآة الجنان» (4/ 301)، و «الدرر الكامنة» (4/ 226)، و «شذرات الذهب» (8/ 216).

3971 - [محمد ابن الشيخ عبد القادر الجيلي]

3971 - [محمد ابن الشيخ عبد القادر الجيلي] (1) شمس الدين محمد المنتسب إلى الشيخ الكبير عبد القادر الجيلي، والشيخ عبد القادر جده الرابع. كان شمس الدين المذكور عالما صالحا، وقورا، وافر الجلالة. روى عن الفخر علي بدمشق، وحج مرتين. وتوفي في سنة تسع وثلاثين وسبع مائة. 3972 - [الحافظ البرزالي] (2) القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي الإمام الحافظ علم الدين الشافعي، صاحب «التاريخ» و «المعجم الكبير». روى عن خلق كثير، وقرأ وكتب وأفاد مع الصدق والتواضع والإتقان وكثرة المحاسن. مات بخليص محرما بالحج في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وسبع مائة. قال اليافعي: (وعليه أممت الشاميين في الصلاة عليه في خليص بإشارة بعضهم، وكان قد وقف جميع كتبه، وأوصى بثلثه، وحج خمس مرات) (3). 3973 - [أحمد ابن جبران] (4) أحمد بن سالم بن عمران بن أحمد بن عبد الله بن جبران-بضم الجيم، وسكون الموحدة، وفتح الراء، ثم ألف ونون-أبو العباس (5) المعروف بالمنبهي، نسبة إلى منبه بن خولان.

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 208)، و «الوافي بالوفيات» (3/ 149) و «أعيان العصر» (4/ 463)، و «مرآة الجنان» (4/ 303)، و «الدرر الكامنة» (3/ 452)، و «شذرات الذهب» (8/ 217). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 209)، و «معجم الشيوخ» (2/ 115)، و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1423)، و «الوافي بالوفيات» (24/ 161)، و «مرآة الجنان» (4/ 303)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 381)، و «البداية والنهاية» (14/ 607)، و «الدرر الكامنة» (3/ 237)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 319)، و «شذرات الذهب» (8/ 214). (3) «مرآة الجنان» (4/ 303). (4) «السلوك» (2/ 185)، و «العطايا السنية» (ص 254)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 68)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 85)، و «تحفة الزمن» (1/ 497)، و «هجر العلم» (4/ 1972). (5) كذا في «طراز أعلام الزمن» (1/ 85)، وفي باقي المصادر: (أبو الحسن).

3974 - [وجيه الدين الناشري]

ولد سنة خمس وخمسين وست مائة. وكان فقيها صالحا، ورعا زاهدا، كثير التلاوة والعزلة عن الناس خصوصا في شهر رمضان، كان لا يكلم فيه أحدا من أمر الدنيا، بل يكون تاليا لكتاب الله، أو صامتا. ولم يكن أحد في زمانه على منواله إلى أن توفي في سلخ ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وسبع مائة. وكان له خمسة أولاد: أكبرهم محمد ولد سنة سبع وسبعين وست مائة، تفقه بصالح بن عمر البريهي، وكان فقيها دينا، مفتي البلد ومدرسها. وأبو بكر، ولد ثامن القعدة سنة ثلاث وثمانين وست مائة، تفقه بصالح بن عمر أيضا، وارتحل إلى جبا، فأخذ بها عن عثمان، وحفظ «التنبيه» و «منهاج النووي». وحسن، ولد سنة سبع وثمانين وست مائة، وتفقه بصالح، وبعثمان المذكور كأخيه، وحفظ «التنبيه» و «المنهاج» وبعض «المهذب»، وأقام مدرسا في مدرسة شنين مدة. وعمر، وقد تقدم ذكره آنفا. وإبراهيم، وقد ذكرناه في العشرين الأولى من هذه المائة (1)، والله سبحانه أعلم. 3974 - [وجيه الدين الناشري] (2) علي بن محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن أبو الحسن الناشري الملقب وجيه الدين. ولد سنة ثمان وثمانين وست مائة، وأمه عائشة بنت عبد الله بن محمد الحضرمي. وتفقه بأبيه وغيره، وكان مشهورا بجودة الفقه وشرف النفس، فاضلا، عالما عاملا، ناسكا ورعا، قوالا بالحق، نقالا لمختصرات الفقه، وله تصنيف حسن سماه: «غنية ذوي التمييز فيما شذ من الوسيط عن الوجيز».

(1) انظر (6/ 80). (2) «السلوك» (2/ 371)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 336)، و «تحفة الزمن» (2/ 68)، و «هجر العلم» (4/ 2167)، و «المدارس الإسلامية» (ص 86).

3975 - [زينب المقدسية]

ولي قضاء القحمة بعد أبيه إلى سنة ثلاث وثلاثين، ثم نقل إلى قضاء زبيد، فانتشر عنه من حسن السيرة في القضاء ما هو مشهور. يحكى أنه اتفقت حكومة للسلطان المجاهد، فحكم على السلطان بموجب الشرع، ولم يحابه في شيء، ثم عزل نفسه عن القضاء، وحرص المجاهد على إعادته إلى القضاء، فلم يفعل، وقنع بتدريس السيفية بزبيد، ثم نقله المجاهد بعد ذلك إلى تعز، فكان تارة يدرس بالمجاهدية، وتارة بالمؤيدية إلى أن توفي بتعز في سنة تسع وثلاثين وسبع مائة. 3975 - [زينب المقدسية] (1) أم أحمد زينب بنت الكمال أحمد بن عبد الرحيم المقدسية، مسندة الشام، المرأة الصالحة. روت عن جماعة سماعا وإجازة، وروت كتبا كبارا، وتفردت، وتكاثروا عليها. توفيت سنة أربعين وسبع مائة وهي عذراء عن أربع وتسعين سنة. 3976 - [المستكفي بالله العباسي] (2) المستكفي بالله سليمان بن الحاكم أحمد بن الأمير الحسن الراشد العباسي الخليفة بمصر. بويع له عند موت أبيه في سنة إحدى وسبع مائة، فأقام إحدى وأربعين سنة، وخلع. وتوفي سنة أربعين وسبع مائة. 3977 - [البدر محمد بن إسماعيل] (3) محمد بن إسماعيل بن علي بن محمد بن أحمد بن نجاح، عرف بابن ثمامة،

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 213)، و «معجم الشيوخ» (1/ 248)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 68)، و «أعيان العصر» (2/ 390)، و «مرآة الجنان» (4/ 305)، و «الدرر الكامنة» (2/ 117)، و «شذرات الذهب» (8/ 221). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 214)، و «الوافي بالوفيات» (15/ 349)، و «أعيان العصر» (2/ 419)، و «البداية والنهاية» (14/ 609)، و «الدرر الكامنة» (2/ 141)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 322)، و «المنهل الصافي» (6/ 18)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 570)، و «شذرات الذهب» (8/ 222). (3) «السلوك» (2/ 43)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 332)، و «هجر العلم» (3/ 1195).

3978 - [مسعود الجاوي]

تقدم ذكر أبيه وجده (1)، وكان المذكور يلقب بالبدر. وكان فقيها حسن الفقه، مبرزا. توفي سنة أربعين وسبع مائة. قال الشيخ اليافعي: (إلى هنا-يعني: سنة أربعين وسبع مائة-انتهى «تاريخ الذهبي» (2) وكذلك انتهى في نيف وستين وست مائة «تاريخ ابن خلكان»، ومنهما «تاريخي» هذا، وها أنا أذكر بعض من توفي من الأعيان في عشر سنين أخرى التقطهم من بعض ما ذكره بعض المتأخرين) اه‍ (3) 3978 - [مسعود الجاوي] (4) الشيخ مسعود الجاوي-بالجيم، وبعد الألف واو-نسبة إلى جاوة، بلدة بالسند. قال الشيخ عبد الله بن أسعد: (هو أول من ألبسني الخرقة بإشارة وقعت له، قال: وحضرنا معه عند قبر بعض الصالحين، ففهمت منه أنه كلمه من قبره. قال: وكان ممن لقي الشيخ الإمام إسماعيل بن محمد الحضرمي، وكان كثيرا ما يجتمع مع شيخنا الشيخ محمد بن أحمد الذهيبي البصال بساحل ضراس).انتهى ما ذكره اليافعي (5). 3979 - [ابن الصارم] (6) أحمد بن إبراهيم بن بليه المعروف بابن الصارم (7). تفقه بمفضل بن أبي بكر بن يحيى الخياري، وأخذ النحو عن أحمد الفايشي، ودرس

(1) انظر ترجمة أبيه (6/ 56)، وترجمة جده (5/ 445). (2) المراد به: «ذيل العبر». (3) «مرآة الجنان» (4/ 305). (4) «مرآة الجنان» (4/ 309)، و «تحفة الزمن» (2/ 393)، و «طبقات الخواص» (ص 341)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 259). (5) «مرآة الجنان» (4/ 309). (6) «السلوك» (2/ 65)، و «العطايا السنية» (ص 249)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 44)، و «تحفة الزمن» (1/ 419)، و «المدارس الإسلامية» (ص 90). (7) في «السلوك» (2/ 60): (بن بلسة)، وفي «المدارس الإسلامية» (ص 90): (بن بلسنة).

3980 - [أحمد بن سليمان]

في المدرسة الشقيرية بالجند، وأم بجامعها المبارك، ثم استمر قاضيا في سنة خمس وعشرين وسبع مائة، فسار بالناس سيرة مرضية. وكان فاضلا عارفا، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ لأنه كان موجودا في سنة خمس وعشرين وسبع مائة كما تقدم. والشقيرية: منسوبة إلى امرأة كانت مزوجة على مملوك اسمه: شقير-بضم الشين المعجمة، وفتح القاف، وسكون آخر الحروف، ثم راء-وكانت المرأة ماشطة لبنت الأتابك سنقر المعروفة ببنت جوزة، وكانت بنت جوزة زوجة المسعود يوسف بن الكامل، ثم تزوجها بعده المنصور عمر بن علي بن رسول، فظهر له منها المفضل والفائز، فلما توفيت ماشطتها المذكورة .. أوصت بدارها التي تسكنها وبأرض كانت اشترتها لأولاد مولاتها المذكورين، فلما علمت بنت جوزة بذلك .. قالت: نحن في غنى عن هذا، وأمرت أن تجعل الدار مدرسة، وأن توقف الأرض عليها، ففعل ذلك، وعرفت المدرسة بالشقيرية. 3980 - [أحمد بن سليمان] (1) أحمد بن سليمان. تفقه بمصنعة سير، وكان معروفا بالفقه، وشرف النفس، وعلو الهمة، وكان حاكم تلك الناحية. توفي سنة أربع وعشرين وسبع مائة تقريبا. قال الجندي: (وكان له أخ يقال له: محمد بن سليمان، تفقه بابن الرنبول، وبأهل المصنعة، وكان رجلا كاملا) (2)، ولم أقف على تاريخ وفاته. 3981 - [أحمد بن علي الشغدري] (3) أحمد بن علي بن عطية الشغدري-بفتح الشين وسكون الغين المعجمتين، وفتح الدال

(1) تقدمت ترجمته وترجمة أخيه محمد المذكور معه في موضعهما الصحيح، انظر مصادر ترجمتهما هناك (6/ 171). (2) «السلوك» (2/ 260). (3) «السلوك» (2/ 322)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 124)، و «تحفة الزمن» (2/ 103)، و «هجر العلم» (1/ 155).

3982 - [أحمد بن علي الحميري]

المهملة، وكسر الراء، ثم ياء النسب، لقب من ألقاب الصغار، لقب جده علي بن عطية، قاله الجندي (1)، وقيل: نسبة إلى رجل كان يسمى كذلك، وكان شجاعا، ذا همة عالية، فلما نشأ علي بن عطية، وظهرت منه شهامة .. لقب بذلك-الشاوري. كان فقيها نبيها، فاضلا كاملا، تفقه به كثير من أهل ناحيته، منهم ابن أخيه علي بن عطية بن علي بن عطية. ولم أقف على تاريخ وفاته. 3982 - [أحمد بن علي الحميري] (2) أحمد بن القاضي علي بن عمر بن محمد بن علي بن أبي القاسم الحميري. كان فقيها فاضلا، عابدا مجتهدا، ولي القضاء بإبّ في أيام المنصور، ولم يزل حاكما بها إلى أن تولى بنو محمد بن عمر القضاء الأكبر، فعزلوه بمحمد بن يحيى سنة إحدى وسبع مائة. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين. 3983 - [إسماعيل القلهاتي] (3) إسماعيل بن أحمد بن دانيال أبو الذبيح المعروف بالقلهاتي، أصل بلده هرموز، وبها ولد سنة ست وثمانين وست مائة، وتفقه بها على رجل قدمها من أصحاب البيضاوي، وبغيره من الواردين إلى هرموز وقلهات. وكان جامعا بين رئاستي الدين والدنيا، وله معرفة تامة بالفقه والنحو، واللغة والحديث، والمنطق والأصول، وكان يقرئ في مذهب أبي حنيفة أيضا؛ اقتدارا منه، وإلا .. فهو شافعي المذهب. وكان بينه وبين سلطان هرموز صحبة أكيدة، فلما قتل السلطان .. أخرج من هرموز،

(1) انظر «السلوك» (2/ 322). (2) «السلوك» (2/ 162)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 125)، و «تحفة الزمن» (1/ 481). (3) «السلوك» (2/ 149)، و «العطايا السنية» (ص 265)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 210)، و «تحفة الزمن» (1/ 469)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 18).

3984 - [عثمان بن محمد اليحيوي]

فقصد مقدشوه، فلم تساعده الريح، فسار إلى عدن، وذلك في سنة ثمان عشرة وسبع مائة. قال الجندي: (وكنت إذ ذاك محتسبا بعدن، فاجتمعت به، فوجدته فاضلا كاملا عارفا، فقرأت عليه بعض «المفصل»، وكان إماما في الأدب، فلما سمع المؤيد بفضله .. طلب إلى زبيد، فلم يزل ملازما باب السلطان إلى أن توفي المؤيد وولي المجاهد مدة، ثم افتسح منه للرجوع إلى بلده (1)، فأذن له، فنزل إلى عدن، وسافر منها إلى هرموز) (2)، فأقام بها إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين. 3984 - [عثمان بن محمد اليحيوي] (3) عثمان بن محمد بن عمر بن أبي بكر الهزاز اليحيوي] (4). تفقه بفقهاء تعز، وكان فقيها عارفا، ودرس في مدرسة أم السلطان، وصودر هو وأخواه أسعد وإبراهيم، ولما منّ الله عليهم بالإطلاق .. عاد إلى ذي السفال، وهي أصل مسكنه، وابنتى مسجدا في قرية الوحص بالقرب من مسكنه، فلما اضطرب اليمن بعد موت المؤيد .. عاد إلى سكنى تعز، واستعاد تدريس المدرسة المذكورة، ولما خالف أهل صبر في سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة .. رجع إلى ذي السفال [فأقام فيها مدة ثم رجع إلى تعز]، فأقام بها إلى أن توفي. ولم أتحقق تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين، والله سبحانه أعلم. 3985 - [علي بن عبيد الترخمي] (5) علي بن الفقيه عبيد بن أحمد بن مسعود الترخمي.

(1) في «العطايا السنية» (ص 266): (واستأذنه في الرجوع)، وهو المراد بقوله: (افتسح)، والله أعلم. (2) «السلوك» (2/ 149). (3) «السلوك» (2/ 131)، و «العطايا السنية» (ص 439)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 197)، و «تحفة الزمن» (1/ 456)، و «هجر العلم» (3/ 1438)، و «المدارس الإسلامية» (ص 84). (4) في «السلوك» (2/ 131): (محمد بن محمد بن عمر). (5) «السلوك» (2/ 226)، و «العطايا السنية» (ص 475)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 308)، و «تحفة الزمن» (1/ 520)، و «هجر العلم» (2/ 982)، و «المدارس الإسلامية» (ص 115).

3986 - [علي بن عطية الشغدري]

ولد ثاني عشر رمضان سنة ستين وست مائة. وكان فقيها فاضلا عارفا، ولاه بنو محمد بن عمر قضاء تعز أيام قيامهم في القضاء، فأقام سنين، ثم فصلوه، فلما ولي ابن الأديب القضاء الأكبر .. أعاده على قضاء تعز، فلبث أشهرا، ثم عزله، فلما توفي المؤيد، وحصل ما حصل من الاختلاف، وولي السلطنة المنصور بن أيوب .. أعاد ابن الأديب في القضاء الأكبر بعد قتل القاضي عبد الرحمن الظفاري، فكتب ابن الأديب باستمرار القاضي علي المذكور في قضاء تعز، فلم يزل إلى سنة أربع وعشرين، فلما حصل الحصار على حصن تعز .. تقدم القاضي على الظاهر بالدملوة، وسأله أن يبقيه على قضاء تعز فأبقاه، واستمر حتى ارتفعت المحطة، ثم أقام أياما، فرأى من المجاهد انقباضا، فافتسح منه، وعاد بلده. قال الجندي: (وكانت سيرته في القضاء في الغالب مرضية) (1)، ولم أقف على تاريخ وفاته. وكان له ولد تفقه بأهل زبيد تفقها مرضيا، ودرس بعد موت عمه عبد الرحمن بن عبيد في المدرسة التي كان يدرس فيها عمه. قال الجندي: (وكان الطلبة يقدمونه على عمه في الفقه والدين) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته أيضا. 3986 - [علي بن عطية الشغدري] (3) علي بن عطية بن علي بن عطية الشغدري. ولد علي المذكور سنة خمسين وست مائة تقريبا. وتفقه بعمه أحمد بن علي المقدم ذكره آنفا (4)، وأخذ عن الفقيه سليمان بن محمد بن الزبير، وسلك طريقته، وعن محمد بن الفقيه عمرو، وبه تفقه منصور بن مسعود، وتزوج بابنته.

(1) «السلوك» (2/ 226). (2) «السلوك» (2/ 226). (3) «السلوك» (2/ 322)، و «العطايا السنية» (ص 479)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 309)، و «تحفة الزمن» (2/ 103)، و «هجر العلم» (2/ 856). (4) انظر (6/ 226).

3987 - [علي بن محمد الأصبحي]

نظم «مقدمة طاهر» في النحو، وله منظومة في القراءات السبع تعجب وتطرب. سكن في حفاش-بضم الحاء المهملة، وفتح الفاء، ثم ألف، ثم شين معجمة-جبل معروف، جبل قريب من ناحية بلده، وقريته باقل-بالموحدة، ثم ألف، ثم قاف، ثم لام -رباط مشهور في تلك الناحية. قال الجندي: (أخبرني الثقة أنه كان فقيها فرضيا، نحويا لغويا، مقرئا محدثا، أوحد عصره في إتقان الفنون المذكورة، وكان موجودا إلى سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة) (1). ولم أقف على تاريخ وفاته، وقد ذكرنا في ترجمة عمه نسبته إلى الشغدري. 3987 - [علي بن محمد الأصبحي] (2) علي بن محمد الأصبحي. تفقه بالإمام علي بن أحمد الأصبحي، ثم سار إلى زبيد، فتفقه ببعض فقهائها، وسكنها إلى سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة، وكان فقيها فاضلا جيدا. ولم أقف على تاريخ وفاته. 3988 - [علي بن يوسف العنقبي] (3) علي بن يوسف بن عمر بن جعفر العنقبي، نسبة إلى عنقبة-بضم العين المهملة، وسكون النون، وضم القاف، وفتح الموحدة-وادي من أعمال حصن الشرف من ناحية وصاب يقال لموضعه: الجدلة بكسر الجيم، وسكون الدال المهملة، وفتح اللام، ثم هاء تأنيث. تفقه المذكور بتهامة على الفقيه عمرو بن علي التباعي، وكان من أعيان الفقهاء، عارفا، محققا مدققا فاضلا، وكان نظيرا لعلي بن صالح الحسيني مقدم الذكر (4)، وربما فضل عليه.

(1) «السلوك» (2/ 323). (2) «السلوك» (2/ 82)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 335)، و «تحفة الزمن» (1/ 429)، و «هجر العلم» (2/ 721). (3) «السلوك» (2/ 292)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 375)، و «تحفة الزمن» (1/ 562). (4) انظر (6/ 26).

3989 - [عمر بن سلمان]

ولم أقف على تاريخه، فذكرته في طبقة علي بن صالح في العشرين الأولى من هذه المائة، فتقديمه فيها أولى (1). 3989 - [عمر بن سلمان] (2) عمر بن سلمان. ولد سنة إحدى وعشرين وست مائة. وتفقه بأبي بكر بن عمر النحوي. وكان فقيها فاضلا عارفا، درس بمغربة تعز في مدرسة أم السلطان، وبزبيد بالمدرسة الأشرفية. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أن الجندي ذكر: (أنه اجتمع به في زبيد سنة إحدى وعشرين وسبع مائة، وكان ذا حمية ومروءة ظاهرة على الأصحاب وغيرهم) اه‍ (3) كذا في «الخزرجي» تاريخ ولادته واجتماعه، فيكون عمره مائة سنة، أو أكثر، ومثل ذلك يوصف في الغالب بطول العمر، وأيضا فإن ميلاد شيخه أبي بكر بن عمر النحوي في سنة ست وأربعين وست مائة، وأقل زمن يمكن أن يتصدى فيه للتدريس بعد البلوغ، فيكون ابتداء قراءته على الفقيه أبي بكر وهو ابن أربعين سنة، وهذا مستبعد، والظاهر أن الوهم حصل من الخزرجي أو الجندي في تاريخ مولده، والله سبحانه أعلم (4). 3990 - [أبو القاسم البارقي] (5) أبو القاسم بن عبد المؤمن بن عبد الله بن راشد البارقي. كان فقيها عارفا، بارعا في النحو، وجل إقامته وقراءته بصنعاء، ثم نزل اليمن بعد وفاة

(1) كذا في جميع الأصول، ولعل صواب العبارة: فذكره في طبقة علي بن صالح المذكور في العشرين الأولى. (2) «السلوك» (2/ 130)، و «العطايا السنية» (ص 498)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 415)، و «تحفة الزمن» (1/ 455)، و «المدارس الإسلامية» (ص 84). (3) انظر «السلوك» (2/ 130). (4) وأيضا في «العطايا السنية» (ص 498) مولده سنة (621 هـ‍). (5) «السلوك» (2/ 306)، و «العطايا السنية» (ص 531)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 78)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 18)، و «تحفة الزمن» (1/ 579)، و «بغية الوعاة» (2/ 256)، و «المدارس الإسلامية» (ص 22).

3991 - [أحمد الجرف]

أبيه، فاتصل بكاتب الدرج يومئذ المعروف بابن المجيد، فجعله نائبا في تدريس النحو بمؤيدية تعز، ثم قرأ «المهذب» على الفقيه أبي بكر بن جبريل، وأعاد في المؤيدية، ودرس بأتابكية ذي هزيم، ثم طلع بلده صنعاء، وتوفي بها. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في سنة ثمان وعشرين وسبع مائة (1). 3991 - [أحمد الجرف] (2) أحمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن موسى المعروف بالجرف. تفقه بأبيه، وبابن السبتي في الشحر، وبعلي بن إبراهيم في شجينة، وولي قضاء ذبحان من قبل ابن الأديب. قال الجندي: (وبلغني أنه انفصل عنه في سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة) (3)؟ ولم أقف على تاريخ وفاته. اه‍ 3992 - [محمد بن أحمد الفارسي] (4) محمد بن أحمد بن منصور الفارسي، من أبناء الفرس، جيل من العجم، دخلوا اليمن مع سيف بن ذي يزن، فسكنوا صنعاء، ثم افترقوا في البلاد. وكان محمد هذا فقيها عاقلا لبيبا، غلب عليه علم الأدب، وكان في ناحية السفل من زبيد. قال الجندي: (وله ولد تفقه بابن الأحمر الخزرجي وغيره، واشتغل بطلب العلم، واجتمعت به في زبيد سنة إحدى وعشرين وسبع مائة) (5)، ولم أقف على تاريخ وفاته ولا وفاة ابنه.

(1) في «العطايا السنية» (ص 531) و «العقود اللؤلؤية» (2/ 78)، و «المدارس الإسلامية» (ص 22): توفي سنة (745 هـ‍). (2) «السلوك» (2/ 449)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 78)، و «تحفة الزمن» (2/ 414). (3) «السلوك» (2/ 449). (4) «السلوك» (2/ 382)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 88)، و «تحفة الزمن» (2/ 348). (5) «السلوك» (2/ 382).

3993 - [أبو شكيل الأنصاري]

3993 - [أبو شكيل الأنصاري] (1) محمد بن سعد بن محمد بن علي بن سالم المعروف بأبي شكيل الأنصاري الخزرجي. قال الجندي: (نسبه في تيم الله بن الخزرج) (2). قال أبو الحسن الخزرجي: (تيم الله اسم النجار، وإنما هم من بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، ويقال: إنهم من ولد سعد بن عبادة) اه‍ (3) ولد المذكور سنة أربع وستين وست مائة. وتفقه بأبي أسد، وبأبي الخير بن عبد الله بن إبراهيم المأربي، وأكمل تفقهه بأبي بكر بن الأديب، وأجاز له الإمام أحمد بن أبي الخير بن منصور الشماخي، والإمام علي بن عبد الله الجبرتي، والإمام عبد الحميد بن عبد الرحمن الجيلوني وغيرهم. وكان فقيها عالما، محققا مدققا، نقالا غواصا للدقائق، وشرح «الوسيط» شرحا حسنا مطولا، واختصره تلميذه ابن السبتي، وله «فتاوى» مجموعة تدل على فضله، وغزارة علمه، ودقة فهمه. ولاه بنو محمد بن عمر قضاء زبيد، فأقام على ذلك مدة طويلة، وسار فيه سيرة مرضية، واستعان على قيام حاله بالزراعة والتجارة، ولما ولي محمد بن أبي بكر القضاء الأكبر في سنة أربع عشرة .. حمل إليه عن القاضي أبي شكيل ما يوجب المباينة، ففصله عن قضاء زبيد بالمشيرقي في أول سنة خمس عشرة، وصودر بالسجن والترسيم، فلما ولي ابن الأديب القضاء الأكبر .. أعاده في قضاء زبيد، فأقام شهرا، ثم عزله المؤيد، فانتقل إلى قرية السلامة متجورا عند الفقيه علي بن أبي بكر الزيلعي، فلما توفي ابن الحرازي قاضي عدن في سنة ثمان عشرة .. راجع ابن الأديب لأبي شكيل أن يكون حاكما بعدن ومدرسا بها، فأجيب إلى التدريس دون الحكم، فأقام مدرسا بعدن إلى سنة عشرين وسبع مائة، ثم استفسح، وسار إلى بلده الشحر لزيارة أهله، واستناب في التدريس أخاه، فأقام بالشحر إلى سنة ثلاث وعشرين، ثم سار منها طريق البر إلى مكة، وحج وعاد إلى اليمن في طريق

(1) «السلوك» (2/ 460)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 191)، و «تحفة الزمن» (2/ 425)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 218). (2) نقل كلامه الإمام الخزرجي في «طراز أعلام الزمن» (3/ 191). (3) «طراز أعلام الزمن» (3/ 191).

3994 - [أبو بكر السبتي]

تهامة، فلما صار بتعز .. لقيه الفقهاء وسلموا عليه، وكتب له المجاهد بالجلالة والاحترام، فأقام بتعز أياما، ثم تقدم نحو عدن، فتبعه جندار إلى لحج فارتاب منه ورجع إلى تعز، فلما علم المجاهد برجوعه .. قال: ما ارتاب إلا من ريبه، فأمر باطلاعه الحصن، وطولب بنحو عشرة آلاف دينار، فلما نزل المجاهد إلى عدن سنة تسع وعشرين .. نزل صحبته، وتحلل أمره. ولم أقف على تاريخ وفاته. 3994 - [أبو بكر السبتي] (1) أبو بكر بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد السبتي. تفقه بأخيه محمد، وبخاله القاضي محمد بن سعد باشكيل. وكان فقيها بارعا مشهورا مباركا في عدة فنون، وولي قضاء الشحر إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته في هذه الطبقة؛ تبعا لشيخه أبي شكيل. 3995 - [داود بن مظفر الشعبي] (2) داود بن مظفر بن أحمد بن عثمان بن عبد الله الشعبي. لما مات أبوه في التاريخ المتقدم ذكره .. خلفه على مشيخة قومه (3)، وكان يذكر عنه الدين المتين، والخير التام كعادة سلفه، وأنه كان يكثر تلاوة القرآن العظيم. فلما كان سنة تسع وعشرين وسبع مائة (4) .. قتل ابن عم له يقال له: العوام، وكان له كثير من البلاد، فاستولى داود على غالب بلده دون حصن يعرف بقشط، فاجتلب ابن أصهب قلوب ولد العوام، فأخرج داود عن بلده بحصن الشرف، وأقام به إلى سنة ثلاثين وسبع مائة، كذا في «تاريخ الخزرجي» (5).

(1) «السلوك» (2/ 460)، و «تحفة الزمن» (2/ 424). (2) «السلوك» (2/ 294)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 188). (3) انظر (6/ 108). (4) في «السلوك» (2/ 295): (تسع عشرة وسبع مائة)، وفي «طراز أعلام الزمن» (2/ 188): (سبع وعشرين وسبع مائة). (5) انظر «طراز أعلام الزمن» (2/ 188).

3996 - [الأمير أبو الحسن الهكاري]

3996 - [الأمير أبو الحسن الهكاري] (1) أبو الحسن علي بن محمد بن علي الهكاري. كان أميرا كبيرا، عالي الهمة، حسن السيرة، عدلا في أحكامه، محببا إلى رعيته، ولي الشد بزبيد في آخر أيام المظفر، وفي أيام ولده الأشرف، فشكرت الرعية سيرته. وامتحن في آخر الدولة المؤيدية بالسجن إلى أن توفي منقطعا على العبادة. وله مدرسة مشهورة بزبيد، وكان له ولد دين حسن السيرة. ***

(1) «السلوك» (2/ 575)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 352)، و «تحفة الزمن» (2/ 503)، و «المدارس الإسلامية» (ص 213).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والعشرون بعد السبع مائة فيها: أطلق ابن تيمية بعد الحبس خمسة أشهر، ونهبت الحرامية في جمع كثير سوق الثلاثاء في بغداد علانية، فانتدب لهم عسكر، فقتلوا فيهم مقتلة نحو المائة، وأسروا جماعة، ووقع الحريق الكبير بالقاهرة ودام أياما، وذهبت الأموال، ثم ظفر بفاعليه، وهم جماعة من النصارى يعملون قوارير تنقدح بما فيها، فقتل جماعة، وكان أمرا مزعجا، قيل: فعلوه لإحراق كنيسة لهم، وأخرب ببغداد موضع الفاحشة، وأريقت الخمور، وأخربت كنيسة اليهود (1). وفيها: حج نائب دمشق وصحبته خطيب البلد وقاضيها جلال الدين القزويني وجماعة من العلماء والأكابر (2). وفيها: مات بمكة الشيخ الكبير نجم الدين عبد الله بن محمد بن محمد الأصبهاني، والشيخ الكبير أبو محمد المعروف بالدلاصي، وصاحب اليمن الملك المؤيد داود بن المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول، وبمصر المحدث تقي الدين محمد بن عبد الحميد الهمداني المصري، وبفاس حافظ المغرب الإمام العلامة أبو عبد الله ابن رشيد الفهري، وبالفيوم خطيبها أحمد بن المعين الهمداني النويري المالكي. وفيها: مات شيخ الشيعة وفاضلهم الشمس محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمداني ثم الدمشقي، وسعد الدين ابن سعد. وفيها: نظرت نار من شبام بالليل بين الديار في مواضع من البلد، فكانت ترى في الجو، ولم يعرف من أين بدو ظهورها، وعقيب هذا الحادث وقع القحط العظيم والموت الذريع في الآدميين والمواشي، فهلك فيه خلق كثير، ودام ذلك إلى أول السنة التي تليها (3).

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 115)، و «دول الإسلام» (2/ 260)، و «مرآة الجنان» (4/ 260)، و «البداية والنهاية» (512/ 14 - 513). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 116)، و «مرآة الجنان» (4/ 261)، و «البداية والنهاية» (14/ 513). (3) «تاريخ شنبل» (ص 115)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 123)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 672).

السنة الثانية والعشرون

وفيها: كان ابتداء دولة المجاهد الغساني باليمن. وفيها: وقع الحرب بين نهد والغز، وأعان الغز بنو سعد، فوقع بينهم لقية في الحول تسمى: لقية الشعب، قتل فيها قتلى من الفريقين، أكثرهم من ديوان الغز (1). *** السنة الثانية والعشرون فيها: لزم المجاهد ابن عمه محمد الناصر بن عمر الأشرف من تربة الفقيه عمر بن سعيد، وأودعه سجن عدن (2). وفي شهر جمادى الآخرة: لزم العسكر بثعبات، وساروا به إلى عمه المنصور بن المظفر بعد أن عقدوا الولاية له، فاعتقله بحصن تعز (3). وفيها: قتل قاضي القضاة عبد الرحمن الظفاري والأمير الشجاع عمر بن يوسف بن منصور في ليلة واحدة، في الليلة التي لزم فيها المجاهد (4). وفي رمضان من السنة المذكورة: أطلق المجاهد، وعقدت له الولاية مرة ثانية، ولزم المنصور، وحبس موضع ما كان المجاهد محبوسا، ونهبت تعز نهبا عظيما (5). وفيها: مات الإمام المحدث رضي الدين الطبري إبراهيم بن محمد إمام مقام الخليل بمكة، والمعمرة زينب بنت أحمد بن عمر المقدسي بالقدس، والمحيي عبد الرحمن ابن جماعة بالثغر؛ يعني: الإسكندرية، وعبد الرحمن بن رواحة بأسيوط، وشيخ الشيعة محيي الدين بن عدنان الحسيني. *** السنة الثالثة والعشرون فيها: توفي المنصور أيوب بن المظفر.

(1) «تاريخ شنبل» (ص 115)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 123). (2) «العقود اللؤلؤية» (2/ 3)، و «بهجة الزمن» (ص 287)، و «بغية المستفيد» (ص 95). (3) «العقود اللؤلؤية» (2/ 3)، و «بهجة الزمن» (ص 287)، و «بغية المستفيد» (ص 95). (4) «العقود اللؤلؤية» (2/ 3). (5) «العقود اللؤلؤية» (2/ 6)، و «بهجة الزمن» (ص 289).

السنة الرابعة والعشرون

وفيها: أخذ المماليك زبيد للظاهر بن المنصور (1). وفي آخر شعبان منها: أخذ ابن الدويدار عدن للظاهر بن المنصور بإعانة بعض المرتبين من يافع (2). وفيها: وقع الخلاف في حضرموت، وصال ابن يماني على الغز، فأخذ الحول، وحصر شبام، ثم ارتفع من تحتها، وأخذ سيؤون (3). وفيها: عدت آل كثير في بور، فأخذوها، وقتلوا جماعة من آل أبي نجار (4). وفيها: أمسك الكريم السلماني، وقتل السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، وزالت سعادته التي كان يضرب بها المثل، ومات بدمشق قاضيها نجم الدين أحمد بن محمد ابن صصرى، وبهاء الدين القاسم بن مظفر ابن تاج الأمناء ابن عساكر مسند الشام، وبالمزة المسند شمس الدين أبو نصر محمد بن محمد بن محمد بن هبة الله بن الشيرازي. وفيها: مات مصنف «زوائد التعجيز على التنبيه»، كذا في «تاريخ اليافعي» ولم يسمه (5)، والصفي محمود بن أبي بكر اللغوي، والكمال بن الفوطي. *** السنة الرابعة والعشرون فيها: كان الغلاء بالشام، وبلغت الغرارة أزيد من مائتي درهم أياما، ثم جلب القمح من مصر بإلزام السلطان لأمرائه، فنزل إلى مائة وعشرين درهما، ثم بقي شهرا، ونزل السعر بعد شدة، وأسقط مكس الأقوات بالشام بكتاب سلطاني، وكان على الغرارة ثلاثة ونصف (6). قال الشيخ اليافعي: (وهذا الغلاء المذكور في الشام هو عندنا بالحجاز رخص، ولقد بلغ ثمن الغرارة الشامية في مكة وقت كتابتي لذكر هذا الغلاء المذكور فوق ألف وثلاث مائة درهم) اه‍ (7)

(1) «العقود اللؤلؤية» (2/ 12)، و «بهجة الزمن» (ص 291). (2) «العقود اللؤلؤية» (2/ 13)، و «هدية الزمن» (ص 98). (3) «تاريخ شنبل» (ص 116)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 124)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 139). (4) «تاريخ شنبل» (ص 116)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (2/ 124). (5) انظر ما تقدم في ترجمته (6/ 161). (6) «ذيل العبر» للذهبي (ص 132)، و «دول الإسلام» (2/ 265)، و «مرآة الجنان» (4/ 270). (7) «مرآة الجنان» (4/ 271).

السنة الخامسة والعشرون

وفيها-وقيل: في سنة خمس وعشرين كما في «الذهبي» (1) -: حج ملك التكرور موسى بن أبي بكر الأسود في ألوف من عسكره، فنزل سعر الذهب درهمين، ودخل على السلطان، فسلم ولم يجلس، ثم أركب حصانا، وأهدى هو إلى السلطان أربعين ألف مثقال، وإلى نائبه عشرة آلاف، وهو شاب عاقل، حسن الشكل، راغب في العلم، مالكي المذهب، وحصل بين أصحابه التكاررة وبين الترك فتنة شهروا فيها السيوف (2). قال الشيخ اليافعي: (ولقد رأيته في منزله في الشباك المشرف على الكعبة وهو يسكّن أصحابه التكاررة، ويشير عليهم بالرجوع عن القتال، شديد الغضب عليهم في تلك الفتنة قال: وذلك من رجحان عقله؛ إذ لا ملجأ ولا ناصر في غير وطنه وأهله وإن ضاق الفضاء بخيله ورجله) (3). وفي حادي وعشرين ربيع الأول منها: حصر عسكر الظاهر المجاهد في تعز، ودام الحصار إلى العشرين من ذي الحجة (4). وفيها: توفي بمصر الإمام الزاهد علي بن يعقوب البكري الشافعي. وفيها: خنق بأسوان الصاحب عبد الكريم بن هبة الله القبطي المسلماني، وبدمشق الإمام علاء الدين علي بن إبراهيم بن العطار تلميذ النووي رحمه الله، والشيخ صفي الدين محمد بن عبد الرحيم الأصولي الشافعي (5)، والركن عمر العتبي. *** السنة الخامسة والعشرون في جمادى الأولى منها: كان غرق بغداد المهول، حتى بقيت كالسفينة، وساوى الماء الأسوار، وغرق أمم من الفلاحين، وعظمت الاستغاثة بالله، ودام خمس ليال، وعملت سكور فوق الأسوار، ولولا ذلك .. لغرق جميع البلد، وليس الخبر كالعيان، وقيل: تهدم بالجانب الغربي خمسة آلاف بيت.

(1) الذي في «ذيل العبر» (ص 133)، و «دول الإسلام» (2/ 265): أنه حج في سنة (724 هـ‍). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 133)، و «دول الإسلام» (2/ 265)، و «مرآة الجنان» (4/ 271). (3) «مرآة الجنان» (4/ 271). (4) «بهجة الزمن» (ص 296)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 20)، و «الفضل المزيد» (ص 95). (5) انظر ما تقدم في ترجمته (6/ 168).

ومن الآيات أن مقبرة الإمام أحمد ابن حنبل غرقت سوى البيت الذي فيه ضريحه؛ فإن الماء دخل في الدهليز علو ذراع ووقف بإذن الله تعالى، وبقيت البواري عليها غبار حول القبر، وجر السيل أخشابا كبارا، وحيات غريبة الشكل، صعد بعضها في النخل، ولما نضب؛ أي: غار الماء .. نبت على الأرض شكل بطيخ كعظيم القثاء (1). وفيها: في سابع عشر منها: وصل من مصر نحو ألفي فارس؛ نجدة للملك المجاهد صاحب اليمن على من كان قد استولى باليمن من قرابته، وممن خالف عليه ابن عمه الملك الظاهر وهو محصور في حصن تعز يرمى بالمنجنيق، فيصيب ما حوله من الجدران، ومعهم ألفا راجلة واثنا عشر ألف جمل تحمل أزوادهم وأمتعتهم، وفيهم أربعة أمراء، والتعويل منهم على أميرين بيبرس وطيلان، فعاثوا في اليمن، وأتلفوا زروعها، وسبوا حريمها، ورجع العسكر المذكور من طريقهم التي جاءوا فيها في شعبان من السنة المذكورة وقد موتت خيلهم ولم يقضوا حاجة لعسر جبال اليمن، وتحصن أهلها في الحصون العالية (2). وفيها: ضرب بمصر الشهاب بن مري التيمي وسجن لنهيه عن الاستغاثة والتوسل بأحد غير الله، ومقت لذلك، ثم نفي إلى الجزيرة، فأقام هناك سنين (3). وفيها: رجع ملك التكرور موسى بن أبي بكر من الحج، فخلع عليه السلطان خلعة الملك، وعمامة مدورة، وجبة سوداء، وسيفا مذهبا (4). وفي خامس وعشرين ربيع الأول منها: خطب بزبيد للمجاهد، ولم يخطب بعد ذلك للظاهر على منبر من منابر تهامة (5). وفيها: نزل المجاهد إلى عدن، وحاصر نحو سبعة أيام، ثم ارتفع عنها (6). وفيها: احترقت قرية السلامة احتراقا عظيما، وهلك في الحريق نحو من خمسين نفسا من الآدميين ما خلا الدواب، وتلف فيها من الأموال ما لا ينحصر، وكان غالب أموال

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 136)، و «دول الإسلام» (2/ 266)، و «مرآة الجنان» (4/ 272). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 137)، و «دول الإسلام» (2/ 266)، و «مرآة الجنان» (4/ 273)، و «البداية والنهاية» (4/ 533)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 32)، و «السلوك» للمقريزي (ج /2 ق 259/ 1). (3) «دول الإسلام» (2/ 266)، و «مرآة الجنان» (4/ 273)، و «البداية والنهاية» (4/ 533)، و «السلوك» للمقريزي (ج /2 ق 263/ 1). (4) «ذيل العبر» للذهبي (ص 138)، و «مرآة الجنان» (4/ 273). (5) «العقود اللؤلؤية» (2/ 27)، و «السلوك» للمقريزي (ج /2 ق 265/ 1). (6) «العقود اللؤلؤية» (2/ 35).

السنة السادسة والعشرون

الناس فيها من الاختلاف والفتن التي وقعت أول أيام المجاهد (1). وفيها: مات بمصر شيخ القراء تقي الدين محمد بن أحمد بن عبد الخالق المصري عرف بابن الصائغ، وشيخ الحديث بالمنصورية علي بن جابر الهاشمي اليمني الشافعي، وبالكرك القاضي عزّ الدين محمد بن أحمد بن إبراهيم الأميوطي الشافعي، حكم بالكرك نحوا من ثلاثين سنة، وتفقه به الطلبة، وحدث عن القطب القسطلاني وغيره، وهو والد شرف الدين قاضي بلبيس ثم قاضي المدينة الشريفة وخطيبها وإمامها، وبدمشق شيخ الإسلام سليمان بن هلال الهاشمي الجعفري، وباليمن قاضي القضاة أبو بكر بن أحمد بن عمر عرف بابن الأديب، وإبراهيم الصياح، والشهاب أحمد بن العفيف، والشهاب محمود صاحب ديوان الإنشاء، والعفيف إسحاق، وخطيب العقبة صدر الدين سليمان. *** السنة السادسة والعشرون فيها: نزل المجاهد إلى عدن وبها ابن عمه الظاهر، فحاصرها أياما، وكانت العساكر تخرج إليه من عدن ويقاتلونه، والحرب بينهم سجال، ثم ارتفع عنها في ربيع الآخر من السنة المذكورة (2). وفيها: مات بالسويس عمر بن أحمد بن الخضر الأنصاري الخزرجي الشافعي خطيب المدينة الشريفة وقاضيها، وببعلبك الشيخ قطب الدين موسى بن محمد اليونيني، وبالحلة ابن المطهر الشيعي حسن، وبالعقيبة الشيخ الكبير حماد القطان، وبالمدينة الشريفة قاضي الحنابلة شمس الدين بن محمد بن مسلّم الصالحي. وفي هذه السنة: ماتت ست الفقهاء بنت الشيخ إبراهيم الواسطي، والجمال بن البتي. وفي شعبان: حبس الشيخ تقي الدين؛ يعني: ابن تيمية، وعزروا جماعة [من أتباعه] (3). ***

(1) «العقود اللؤلؤية» (2/ 29). (2) «السلوك» (2/ 603)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 40). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 143)، و «دول الإسلام» (2/ 268)، و «البداية والنهاية» (14/ 539)، و «شذرات الذهب» (8/ 127).

السنة السابعة والعشرون

السنة السابعة والعشرون فيها: حاصر ودي بن جماز المدينة جمعة، وأحرق بابها، ودخلها، وقتلوا القاضي هاشم بن علي، وعبد الله بن العابد، ودخل قوصون بابنة للسلطان الملك الناصر (1). وفيها: رجم أهل الإسكندرية أميرها، وأحرقوا الباب، وأخرجوا المسجونين، فبعث إليهم السلطان أربعة أمراء، وأمر بإخرابها، فأهانوا أهلها، وصادروهم حتى افتقر خلق كثير، ووسطوا (2) ثلاثين نفسا (3). وفيها: طلب ابن الزملكاني قاضي حلب إلى مصر ليولّى قضاء دمشق بعد أن عرض قضاء دمشق على أبي اليسر ابن الصائغ، وجاءه التشريف، فصمم وامتنع وبكى، فأعفي مكرما (4). وفيها: أخذ المجاهد منصورة الدملوة من الظاهر بمساعدة مرتبيها (5). وفي شهر رمضان: نزل المجاهد إلى عدن، فحط باللخية، وزحف عسكره على البلد، وخرج إليه عسكر البلد مع قلتهم، ودامت الحرب بينهم إلى أن أخذها (6). وفيها: توفي القدوة الزاهد عبد الله بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، أخو الإمام الكبير تقي الدين ابن تيمية، والملك الكامل محمد بن السعيد عبد الملك بن الصالح إسماعيل بن العادل، وببليبس قاضي حلب فخر المجتهدين محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري، هو ابن الزملكاني المطلوب من حلب ليولّى قضاء مصر، فأدركه القضاء قبل القضاء، والشمس محمد ابن منعة القنوي، وعلي بن عمر الواني، وصاحب تونس زكريا اللحياني. ***

(1) «ذيل العبر» (ص 149)، و «مرآة الجنان» (4/ 276)، و «البداية والنهاية» (14/ 544)، و «غربال الزمن» (ص 594). (2) التوسيط: قطع الشيء نصفين. (3) «ذيل العبر» (ص 150)، و «دول الإسلام» (2/ 269)، و «مرآة الجنان» (4/ 276)، و «البداية والنهاية» (14/ 544). (4) «ذيل العبر» (ص 151)، و «دول الإسلام» (2/ 270)، و «مرآة الجنان» (4/ 277)، و «البداية والنهاية» (14/ 545). (5) «السلوك» (2/ 604)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 43). (6) «السلوك» (2/ 603)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 44).

السنة الثامنة والعشرون

السنة الثامنة والعشرون فيها: قدم صاحب الروم ابن جوبان بعسكر إلى السلطان الملك الناصر، ووصل الماء إلى القدس بعد عمل الصناع فيه ستة أشهر (1). وفيها: مات ببغداد مفتيها وشيخها جمال الدين عبد الله بن محمد بن العاقولي الواسطي، والإمام الواعظ مسند العراق شيخ المستنصرية عفيف الدين أبو عبد الله محمد بن عبد المحسن البغدادي، ومات بقلعة دمشق معتقلا تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، وقيل: بهراة جوبان نائب المشرق. وفيها: توفي الإمام محمد بن علي بن عبد الواحد المعروف بابن نبهان (2)، وقاضي الحنفية بمصر ابن الحريري، وقراسنقر بمراغة. *** السنة التاسعة والعشرون فيها: توفي الإمام برهان الدين بن الإمام تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري، وبدمشق العلامة علاء الدين علي بن إسماعيل بن يوسف القونوي شارح «الحاوي»، ومجد الدين إسماعيل شيخ الحنابلة، ويونس الدبابيسي بمصر، وشيخ الحنابلة تقي الدين الزريراتي، والرئيس عزّ الدين ابن القلانسي. *** السنة الموفية ثلاثين بعد السبع مائة فيها: قدم على قضاء دمشق علم الدين الأخنائي، فاستناب مدرس الشامية ابن المرجل، ونقل من طرابلس إلى قضاء حلب الشيخ شمس الدين ابن النقيب (3). وفيها: مات مسند الدنيا المعمر شهاب الدين أحمد أبي بن طالب بن نعمة الصالحي الحجار المعروف بابن الشحنة، وبمكة قاضيها نجم الدين محمد بن محمد بن أحمد

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 155)، و «دول الإسلام» (2/ 271)، و «مرآة الجنان» (4/ 277)، و «البداية والنهاية» (14/ 549). (2) انظر ما تقدم في ترجمته (6/ 187). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 163)، و «مرآة الجنان» (4/ 281)، و «البداية والنهاية» (14/ 565).

السنة الحادية والثلاثون

الطبري، والمعمر ركن الدين أيوب بن نعمة النابلسي ثم الدمشقي الكحال. وفي المحرم منها: حصل الصلح بين المجاهد والظاهر، وما زال حال الظاهر يضعف، وحال المجاهد يستفحل. وفي شهر ربيع الآخر منها: نزل شيء يشبه الرماد في عدة نواح من اليمن، وذلك ببلد ذبحان وما يقاربها، وربما كان ذلك بلحج وعدن (1). وفي أواخر صفر منها: حصل في تعز وزبيد ونواحيهما مرض غريب، وهو زكام وسعال شديد ونواغز في الجنوب (2)، فهلك منه خلق كثير، وكانوا يسمونه: بدور، وكانت تلك السنة تسمى: سنة بدور (3). قال الخزرجي: وأخبرني من أثق به أن الخطيب صعد المنبر في جمعة في جامع زبيد في تلك المدة وخطب، فلم يسمعه أحد، ولا عرف ما يقول؛ لكثرة سعال الناس وتواتره، وأنه لم يسلم منه من الناس إلا قليل منهم، وكانت إقامته نحو شهرين، وكان القادمون من البلاد البعيدة إذا سئلوا عن هذا المرض .. أجابوا بأنه موجود في كل بلد من التهائم والجبال. *** السنة الحادية والثلاثون فيها: وصل إلى بلاد حلب نهر الساجور بعد غرامة كبيرة، وحفر زمن طويل في جريانه (4). وفيها: مات ببلاد المغرب سلطانها أبو سعيد عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني، وقاضي القضاة أحمد بن محمد ابن القلانسي. وفيها: الأمير الكبير نائب السلطان أرغون، وقاضي الحنابلة عزّ الدين، وعزّ الدين إبراهيم ابن العجمي. ***

(1) «السلوك» (2/ 618). (2) النغزة: اسم لما يصيب الإنسان من ألم في جوفه. (3) «السلوك» (2/ 618)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 261). (4) «ذيل العبر» للذهبي (ص 166)، و «دول الإسلام» (2/ 274)، و «مرآة الجنان» (4/ 283)، و «شذرات الذهب» (8/ 166).

السنة الثانية والثلاثون

السنة الثانية والثلاثون فيها: جاء بحمص سيل، فغرق خلق، منهم في حمام النائب بظاهرها نحو المائتين من نساء وأولاد (1). وفي ربيع الأخر منها: تسلطن الملك الأفضل علي بن المؤيد إسماعيل الحموي الأيوبي، وركب بالقاهرة بالغاشية والعصائب (2). وفيها: تزوج محمد بن السلطان علي بنت الأمير الكبير بكتمر، قيل: جهزت بألف ألف دينار، واحتفلوا للعرس بما لا يوصف، وأقيمت بالشامية جمعة (3). وفيها: توفي صاحب حماة الملك المؤيد عماد الدين بن الأفضل الأيوبي، والولي الكبير ياقوت الحبشي الشاذلي صاحب الشيخ أبي العباس المرسي، والشيخ قطب الدين السنباطي محمد بن عبد الصمد بن عبد القادر الأنصاري المصري، وفخر الدين محمد بن فضل الله ناظر الجيش المصري، وبرهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري شيخ بلد الخليل، والقاضي شمس الدين المعروف بابن قماح الحسن بن محمد بن عبد الرحمن السخاوي الشافعي، كذا في «تاريخ اليافعي» فليحقق ذلك إن شاء الله تعالى (4). والشيخ عبد الرحمن القرامزي، وقاضي الحنابلة شرف الدين عبد الله ابن الحافظ، وقاضي دمشق علم الدين محمد بن أبي بكر ابن الأخنائي الشافعي. وفيها: مات الشيخ الصالح الفقيه أحمد بن سعيد بن العفيف. وفيها: ولد الفقيه الصالح حماد بن محمد أبو زمجي. *** السنة الثالثة والثلاثون فيها: توفي شيخ الإسلام بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني الحموي، والإمام شهاب الدين أحمد بن يحيى ابن جهبل، ومات ببدر الشيخ الكبير علي بن حسن الواسطي، ومسند حماة التاج أحمد بن مزيز، والمعمرة أسماء بنت صصرى.

(1) «ذيل العبر» للذهبي (ص 169)، و «دول الإسلام» (2/ 275)، و «شذرات الذهب» (8/ 171). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 169)، و «مرآة الجنان» (4/ 283)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 100). (3) «ذيل العبر» للذهبي (ص 169)، و «البداية والنهاية» (14/ 576)، و «النجوم الزاهرة» (9/ 101). (4) انظر «مرآة الجنان» (4/ 286)، وانظر ما تقدم في ترجمته (6/ 204).

السنة الرابعة والثلاثون

السنة الرابعة والثلاثون فيها: زالت دولة الغز في شبام بأخذ أولاد حسن بن محمد بن ناجي في ربيع، وكانت ولايتهم عشرين يوما، ثم أخذ بنو سعد البلاد (1). قال الذهبي: (وفيها: جاء بطيبة سيل عظيم أخذ الجمال وعشرين فرسا، وخرب أماكن) (2). قال الشيخ اليافعي: (قد رأيت سيلا عظيما يجري في وادي قناة، واستمر ذلك ستة أشهر أو أكثر، وكان قد طلع في قبة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أذرعا، ودار بجبل الرماة من جهة القبة المذكورة، ومن جهة المدينة الشريفة، وأقمت أياما وليالي كثيرة أتوضأ منه مع الشيخ المتجرد عبد الرحمن الحبشي نفع الله به) اه‍ (3) وفيها: توفي الحافظ أبو الفتح محمد بن محمد بن سيد الناس، والإمام أبو إسحاق إبراهيم بن الحسن بن عبد الرفيع الربعي التونسي، وقاضي القضاة جمال الدين سليمان بن عمر الزرعي، والقدوة نجم الدين القبابي بحماة، والصاحب غبريال. *** السنة الخامسة والثلاثون فيها: توفي ملك العرب حسام الدين مهنا بن عيسى بن مهنا الطائي، والإمام الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبي، والمعمرة زينب بنت الخطيب يحيى بن الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام السلمية، والبرهان رئيس المؤذنين، وابنه الأمين المحدث، والمعمر عبد الله بن أبي التائب، والبهاء بن خطيب بعلبك المجود، والشمس محمد بن أبي بكر بن طرخان. ***

(1) «تاريخ شنبل» (ص 119)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 141)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 125)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 511). (2) «ذيل العبر» (ص 180). (3) «مرآة الجنان» (4/ 291).

السنة السادسة والثلاثون

السنة السادسة والثلاثون فيها: نزلت بردة من السماء في سفل وادي مور طولها مائة وستون ذراعا، وعرضها عشرة أذرع، وسمكها نحو من قامتين، فلما ذابت .. سقي بمائها أربع قطع من الأرض في ذلك الموضع (1). وفيها: وقعت رجفة عظيمة، وزلزلة شديدة في اليمن، حتى إن بعضهم حكى أنه رأى شجرة مالت حينئذ حتى وقعت أغصانها على الأرض، ثم رجعت واستقامت في منبتها بقدرة الله تعالى. وفيها: كانت وقعة مهيم بحضرموت التي انتصر فيها الغز على بني حرام (2). وفيها: بنيت قرية زاهر بوادي عمد، والله سبحانه أعلم (3). وفيها: توفي بدمشق الرحلة أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن ممدود البغدادي (4)، وعائشة بنت محمد بن مسلم الحرانية، وسلطان العراق الذي ملك بعد أبي سعيد ضربت عنقه صبرا يوم الفطر، وكانت دولته نصف سنة، والوزير غياث الدين محمد بن فضل الله الهمداني، والصاحب عماد الدين إسماعيل بن محمد ابن القيسراني، والمعمر علي بن محمد البندنيجي، وقاضي العراق قطب الدين أخوين، والكمال ابن الشيرازي مدرس الناصرية، والعز ابن القلانسي، والشيخ أحمد الصرخدي، وملك الشرق أبو سعيد، وعائشة أخت محاسن، وعلاء الدين القلانسي، والشهاب بن عديسة. *** السنة السابعة والثلاثون فيها: توفي الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن المجد المرشدي، والملك المعمر أسد الدين عبد القادر بن عبد العزيز بن الملك المعظم. وفيها: قتل صاحب تلمسان أبو تاشفين عبد الرحمن بن موسى.

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 264). (2) «تاريخ شنبل» (ص 119)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (2/ 125)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 140). (3) «تاريخ شنبل» (ص 119)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 140). (4) انظر ما تقدم في ترجمته (6/ 212).

السنة الثامنة والثلاثون

وفيها: توفي بتبوك علاء الدين ابن غانم، ثم أخوه شهاب الدين، والمحدث محب الدين بن المحب، وشيخ نابلس شمس الدين بن العفيف، وعلي بن أبي المعالي المعري، والشمس نقيب الشامية. *** السنة الثامنة والثلاثون فيها: توفي المسند الصالح أبو بكر بن محمد الرضي الصالحي القطان، وبحماة قاضيها الإمام هبة الله بن القاضي نجم الدين عبد الرحيم بن القاضي شمس الدين إبراهيم البارزي الجهني، والقاضي ابن جملة جمال الدين يوسف بن إبراهيم الأنصاري، والعلامة زين الدين محمد بن عبد الله بن عمر بن مكي عرف بابن المرحل، والعلامة زين الدين عمر بن أبي الحزم الدمشقي المعروف بابن الكتاني، والنجم بن عنتر، وصالح الإسنوي، وابن المجد عبد الله القاضي، ومحيي الدين بن فضل الله كاتب السر. *** السنة التاسعة والثلاثون في رجب منها: وقع بطرابلس الشام زلزلة هلك بها ستون نفسا (1). وفي الشهر المذكور: قدم قاضي القضاة تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي إلى الشام متوليا قضاء الأقضية في البلاد الشامية، وفرح العالم به لدينه وعفته، وعلومه الباهرة، وأوصافه الجميلة (2). وفيها: توفي بدمشق الإمام العلامة قاضي القضاة جلال الدين القزويني الشافعي، والإمام العلامة أبو اليسر محمد بن محمد الأنصاري الدمشقي المعروف بابن الصائغ، وشيخ بلاد الجزيرة الإمام القدوة شمس الدين محمد المنتسب إلى الشيخ الكبير عبد القادر الجيلاني. وفيها: مات صاحب التاريخ المشهور محمد بن إبراهيم بن الجزري الدمشقي عن إحدى وثمانين سنة.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 300)، و «شذرات الذهب» (8/ 211). (2) «ذيل العبر» للذهبي (ص 204)، و «مرآة الجنان» (4/ 300)، و «البداية والنهاية» (14/ 606).

السنة الموفية أربعين بعد السبع مائة

وفيها: مات بخليص محرما الحافظ العلامة علم الدين القاسم بن محمد البرزالي، والمفتي صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق الحنبلي، وقاضي حلب فخر الدين ابن خطيب جبرين. *** السنة الموفية أربعين بعد السبع مائة في صفر منها: هبت بجبل طرابلس ريح فيها سموم وعواصف على جبل عكا، وسقط نجم اتصل نوره بالأرض برعد عظيم، وعلقت منه نار في أراضي الجون أحرقت أشجارا وأيبست أثمارا وأحرقت منازل، وكان ذلك آية عظيمة، ونزلت من السماء نار بقرية الفيجة على قبة خشب أحرقتها وأحرقت إلى جانبها ثلاثة بيوت، قال الشيخ اليافعي: (كل هذا صح واشتهر) (1). وفيها: توفي بمصر أبو بكر بن إسماعيل بن عبد العزيز الإمام مجد الدين السنكلومي شارح «التنبيه»، ومسندة الشام أم عبد الله زينب بنت الكمال أحمد بن عبد الرحيم المقدسية، والشيخ إبراهيم ابن القرشية، والمستكفي بالله؛ أي: الخليفة بمصر، كذا في «الذهبي» (2) وذكره غيره أن المستكفي توفي سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى (3). والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ***

(1) «مرآة الجنان» (4/ 303)، وانظر الحادثة في «ذيل العبر» للذهبي (ص 211)، و «شذرات الذهب» (8/ 219). (2) أي: في «ذيل العبر» (ص 214). (3) ذكره المصنف رحمه الله تعالى في وفيات سنة (742 هـ‍)، لكن الصواب أنه توفي سنة (740 هـ‍) كما في جميع المصادر، فنقلنا ترجمته إلى وفيات سنة (740 هـ‍)، فتكون ترجمته قد تقدمت (6/ 224).

العشرون الثالثة من المائة الثامنة

العشرون الثالثة من المائة الثامنة [الاعلام] 3997 - [أبو العباس الجحيفي] (1) أحمد بن علي بن سليمان أبو العباس الجحيفي. تفقه بأبيه، وبابن الصريدح، وكان فقيها ماهرا بارعا، حسن الفقه، سهل الأخلاق، ذا سيرة حسنة وأخلاق مرضية. توفي سنة إحدى وأربعين وسبع مائة. 3998 - [أحمد بن يحيى السهروردي] (2) أحمد بن يحيى بن محمد القرشي البكري السهروردي الشافعي الكاتب، الإمام العلامة الأوحد، شمس الدين. سمع الحديث، وأجاز له جمع، وشارك في طرف من العلوم، وبلغ الغاية في الأدب واللغة، وفاق في صناعة الخط وحسن الكتابة، وتقدم في صناعة الموسيقى، وصار شيخ الكتاب، ورئيس أهل الأدب. توفي سنة إحدى وأربعين وسبع مائة. 3999 - [الملك الناصر بن قلاوون] (3) الملك الناصر محمد بن قلاوون، صاحب الديار المصرية والشامية والحجازية. ولي

(1) «السلوك» (2/ 300)، و «العطايا السنية» (ص 242)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 226)، و «تحفة الزمن» (1/ 569). (2) «أعيان العصر» (1/ 414)، و «مرآة الجنان» (4/ 305)، و «الدرر الكامنة» (1/ 335)، و «غربال الزمان» (ص 608). (3) «أعيان العصر» (5/ 73)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 353)، و «فوات الوفيات» (4/ 35)، و «ذيل العبر» للحسيني (ص 223)، و «البداية والنهاية» (14/ 613)، و «السلوك» للمقريزي (ج /2 ق 523/ 2)، و «المقفى الكبير» (7/ 162)، و «الدرر الكامنة» (4/ 144)، و «شذرات الذهب» (8/ 233).

بعد قتل أخيه خليل الملقب بالأشرف، وذلك في المحرم سنة ثلاث وتسعين وست مائة، وعمره إذ ذاك تسع سنين، وخلع في المحرم سنة أربع وتسعين وست مائة، وتولى كتبغا المنصوري الملقب بالعادل، فأقام سنتين، ثم هرب في المحرم سنة ست وتسعين وست مائة، فتولى المنصور حسام الدين لاجين المنصوري، فأقام في الملك سنتين، وقتل في القلعة حادي عشر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وست مائة، ثم عاد للملك الملك الناصر محمد بن قلاوون، وتعطلت السلطنة أحدا وأربعين يوما، إلى أن حضر إلى القلعة سادس جمادى الأولى من سنة ثمان وتسعين، فأقام عشر سنين وستة أشهر، ثم عزم إلى الحج في رمضان من سنة ثمان وسبع مائة، وعرج إلى الكرك، وأرسل يخبر الأمراء أنه أقام بها ورجع عن السلطنة لما قصرت يده في مملكته بوجود سلار وبيبرس، وكان ذلك تدبيرا منه، وذلك في عاشر شوال من السنة المذكورة، فولوا الملك المظفر بيبرس الجاشنكير المنصوري الذي كان أستاذ دار الناصر المذكور، ويعرف بالعثماني، وذلك بإشارة سلار، فأقام بيبرس أحد عشر شهرا، وخلع نفسه ثم هرب. ثم عاد الملك إلى الناصر بن قلاوون المذكور إلى المملكة ثالثا، فعمر الجامع الجديد بمصر سنة اثنتي عشرة وسبع مائة، والقصر بالقلعة سنة أربع عشرة وسبع مائة، وجامع القلعة سنة ثمان عشرة وسبع مائة، وسافر إلى الحجاز الشريف بالركب سنة تسع عشرة، وحفر الخليج الناصري المتوصل إلى سرياقوس، وعمر عليه القناطر، وكذلك القناطر بالجيزة، وغير ذلك من ميادين وقصور وجوامع، وسافر أيضا إلى الحجاز الشريف سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة. وتوفي يوم الأربعاء تاسع عشر الحجة من سنة إحدى وأربعين وسبع مائة، ودفن على والده بالقبة المنصورية، فكانت مدة ولايته الأخيرة اثنتين وثلاثين سنة وسبعة أشهر ونصف، وجملة ولايته أربع وأربعون سنة وخمسة عشر يوما خارجا عما بين ذلك من ولاية غيره. ثم تولى ولده أبو بكر الملقب بالملك المنصور، فأقام شهرين وأياما، وخلع في صفر من سنة اثنتين وأربعين، وقتل بقوص. ثم ولوا أخاه الأشرف علاء الدين كجك وعمره ست سنين، فأقام ثمانية أشهر، والأمر في دولتهما لقوصون وبشتك، فعزلوه، وتوفي بقوص بعد أربع سنين. ثم تولى أخوه الملك الناصر أحمد-وكان مقيما بالكرك-وهو ثالث من ولي مصر من

4000 - [ابن الجباس الصوفي]

أولاد محمد بن قلاوون، فلما خلع أخوه الأشرف كجك .. حضر إلى مصر ووليها في عاشر شوال سنة اثنتين وأربعين، فأقام ثلاثة أشهر، وخلع في ثامن وعشرين المحرم سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة. ثم ولي ملك مصر بعد خلعه أخوه الملك الصالح عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون، وأقام في الملك ثلاث سنين وشهرين ونصف إلى أن توفي في ربيع الآخر سنة ست وأربعين وسبع مائة، وهو رابع من ولي مصر من أولاد محمد بن قلاوون. ثم ولي ملك مصر بعد موته أخوه الكامل شعبان بن الناصر محمد بن قلاوون، وهو خامس من ولي مصر من أولاد محمد بن قلاوون، فأقام سنة ونحو شهرين، ثم حبس مكان أخيه أمير حاج، وأخرج أمير حاج وتسلطن، فحبس على سماط شعبان، وتغدى شعبان بما عمل لأمير حاج في الحبس، فأقام الملك المظفر أمير حاج في المملكة سنة وثلاثة أشهر وعشرة أيام، ثم أمسك، ومات ثاني عشر رمضان من سنة ثمان وأربعين وسبع مائة، وهو سادس من ولي ملك مصر من أولاد محمد بن قلاوون. 4000 - [ابن الجباس الصوفي] (1) أحمد بن منصور الشيخ شهاب الدين المعروف بابن الجباس الصوفي، الأديب الشاعر. ومن شعره: [من الخفيف] زاد وجدي فلست أملك صبرا … أعظم الله لي في الصبر أجرا راسل الوجد مهجتي فدموعي … أرسلت رسلها على الخد تترى صنت سرّ الهوى فنمّ بي الدمع … فلولا الدموع لم أبد سرا يا عذولي دع الملام فإني … أرى موتي على الصبابة أحرى لا تلمني على الغرام ولكن … خذ من الوجد والصبابة حذرا مع أبيات أخرى منها: يا عزيز الجمال رفقا بقلبي … إن فيه ليوسف الحسن مصرا توفي سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة.

(1) «الوافي بالوفيات» (8/ 190)، و «أعيان العصر» (1/ 394)، و «مرآة الجنان» (4/ 305)، و «المقفى الكبير» (1/ 689)، و «الدرر الكامنة» (1/ 319)، و «المنهل الصافي» (2/ 224)، و «الدليل الشافي» (1/ 90).

4001 - [سعد بن محمد المعلم]

4001 - [سعد بن محمد المعلم] (1) سعد بن محمد بن أبي عبيد الحضرمي التريمي المعلم. قال الخطيب: (المعلم الصالح، التقي الورع الزاهد، الولي العابد. قال: سبق نظره إلى امرأة، فدعا على بصره بالعمى، فعمي، وكان يصوم الدهر؛ ما أفطر إلا أياما قلائل، وختم على يديه مائة وأربعون إنسانا، قال الشيخ فضل بن عبد الله: كان سعد المعلم يقرأ القرآن في كل جمعة ختمة، ويقرأ من يوم السبت إلى يوم الاثنين ختمة، ومن يوم الثلاثاء إلى يوم الخميس ختمة، كأنما هؤلاء الختمات عليه فرض عين؛ لا يدعها، وله ختمة يمكث فيها أربعة أشهر، يقرؤها من بعد صلاة الضحى إلى قرب الزوال ببكاء وخشوع، وكان يقرأ في شهر رمضان وعشر ذي الحجة كل يوم ختمة، وحج وزار النبي صلّى الله عليه وسلم. وتوفي في شهر صفر سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة) (2). ورثاه محمد بن مسعود العمري بقصيدة طويلة أولها: [من الكامل] يا سعد يا ذا الفضل رعت فؤادي … ونفيت عن طرفي لذيذ رقادي وقطعت من خوف المحامل مهجتي … يوم النوى وتقطعت أكبادي يوم الصوارخ والنوائح والبكا … تجري الدموع فخددت أخدادي يوم عبوس والشموس كواسف … والبدر فيها قد بدا بسواد والأرض مادت أو تكاد تميد بي … والنائحات سوارح وغوادي والصالحون جميعهم في ضجة … يبكي الجميع على الحكيم الهادي يبكي على سعد الذي كانت له … آي القرآن رواتب الأوراد الصائم القوام في غسق الدجا … بل جائع من غير قلة زاد سعد الذي ملئت جوارح جسمه … خوف الإله وضجّة الميعاد أعمى عن الدنيا أصم عن الخنى … لا معجبا كلا ولا متبادي

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 241). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 241).

4002 - [عبد الله بن عبد الوهاب الضهابي]

يطوي الهواجر بالتعطش والطوى … والليل يقطعه بغير رقاد ينهى عن الفحشا ويأمر بالهدى … وينوح نوح حمائم في الوادي وهي طويلة. 4002 - [عبد الله بن عبد الوهاب الضهابي] (1) عبد الله بن عبد الوهاب. تفقه بذي السفال على الفقيه صالح بن عمر البريهي، وعلى ابن أخيه محمد بن عبد الرحمن، فلما توفي الفقيه صالح .. وقع بينه وبين الفقيه عبد الرحمن وحشة، وكان يتكلم عليهم، فيحكى أنه رأى الفقيه صالح في المنام وهو يقول له: اجتهد، وأنا أجتهد. وولاه ابن الأديب قضاء صعدة، فأقام بها أياما، ثم رجع إلى تعز، ثم ارتحل إلى المهجم، فأقام فيها إلى أن توفي في سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة. وكان فقيها نبيها، عالما عاملا. 4003 - [عبيد الله العبري] (2) عبيد الله بن محمد العبري الفرغاني الحنفي الإمام العلامة، قاضي القضاة. كان إماما بارعا متقنا، يضرب بذكائه ومناظرته المثل، وتخرج به جماعة، وكان يعرف المذهبين: الشافعي والحنفي، أقرأهما، وصنف فيهما، وأما الأصول والمعقول .. فتفرد فيهما بالإمامة. وله تصانيف مفيدة، منها: «شرح الغاية» في الفقه على مذهب الشافعي، و «شرح الطوالع» و «شرح المصباح» و «شرح المنهاج» للبيضاوي، وغير ذلك من التصانيف والأمالي والتعاليق. ولي قضاء تبريز وأعمالها إلى أن توفي في سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 254)، و «العطايا السنية» (ص 397)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 76)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 121)، و «تحفة الزمن» (1/ 538)، و «هجر العلم» (3/ 1237). (2) «مرآة الجنان» (4/ 306)، و «طبقات الشافعية» لابن شهبة (3/ 39)، و «الدرر الكامنة» (2/ 433)، و «غربال الزمان» (ص 609)، و «شذرات الذهب» (8/ 241).

4004 - [أحمد بن أبي بكر باعلوي]

4004 - [أحمد بن أبي بكر باعلوي] (1) أحمد بن الشيخ أبي بكر بن الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن علي باعلوي. قال فيه أخوه الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي: (من كمل الأخيار، والسادة الأبرار، يعظم الخير وأهله، والعلم وطلبته، كثير المداومة للأذكار، آناء الليل وأطراف النهار، أشار إليه والده الشيخ أبو بكر، أخذ عن أخيه الشيخ عبد الله بن أبي بكر، ولبس الخرقة أيضا في حال تمييزه عن يد والده الشيخ أبي بكر، وأخذ عن عمه الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن، نفع الله بهم) (2). ولم أقف على تاريخ وفاته (3). 4005 - [أحمد بن عمر باعلوي] (4) أحمد بن عمر بن علي بن عمر بن أحمد بن الفقيه محمد بن علي باعلوي. قال الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي نفع الله به: (لبس المذكور الخرقة من الشيخ عبد الرحمن بن محمد باعلوي، وتحكم عليه، وله إجازات في طرق الخرقة، وأسانيد مسلسلة في خرق الصوفية، مثل: الخرقة الحسينية العلوية، والخرقة القادرية، والمدينية، والرفاعية، والسهروردية، وغير ذلك من خرق الصوفية مسندة بسلاسلها الوفية، إلى مشايخها الرضية) اه‍ (5) ولم أقف على تاريخ وفاته (6).

(1) «البرقة المشيقة» (ص 45)، و «تاريخ شنبل» (ص 191)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 272)، و «المشرع الروي» (2/ 50)، و «شمس الظهيرة» (1/ 187). (2) «البرقة المشيقة» (ص 45). (3) لم يذكر أخوه في «البرقة المشيقة» تاريخ وفاته، وفي «تاريخ شنبل» (ص 191)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 272)، و «المشرع الروي» (2/ 50)، و «شمس الظهيرة» (1/ 187) توفي سنة (869 هـ‍)، وهو كذلك؛ لأن والده أبا بكر باعلوي المعروف بالسكران توفي سنة (821 هـ‍)، انظر «المشرع الروي» (2/ 34). (4) «البرقة المشيقة» (ص 45)، و «المشرع الروي» (2/ 80)، و «شمس الظهيرة» (1/ 372). (5) «البرقة المشيقة» (ص 45). (6) في «المشرع الروي» (2/ 80): توفي سنة (842 هـ‍).

4006 - [محمد بن عبد الله باعلوي]

4006 - [محمد بن عبد الله باعلوي] (1) محمد بن عبد الله بن علوي بن الفقيه محمد بن علي باعلوي الحسيني. تقدم بقية نسبه الشريف في ترجمة جد أبيه الفقيه محمد بن علي الشيخ الصالح (2). ذكر له الخطيب في «الشفاف» كرامات، وذكر أنه توفي لأربع وعشرين من شعبان سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة (3). 4007 - [علوي بن أحمد باعلوي] (4) علوي بن أحمد بن الفقيه محمد بن علي بن محمد بن علي بن علوي باعلوي الحسيني. قال في «الشفاف»: (وكان سليم القلب، شديد المجاهدة، كثير التلاوة لكتاب الله تعالى، حتى إنه يوم مات قرأ اثني عشر جزءا)، وذكر أنه توفي لأربع وعشرين من شعبان سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة (5)، فكأنه توفي هو والذي قبله في يوم واحد. وأخوه عمر بن أحمد كان رجلا صالحا، ذكر له في «الشفاف» كرامة، ولم يذكر تاريخ وفاته، فذكرته مع أخيه (6). 4008 - [محمد بن أحمد باعلوي] (7) محمد بن أحمد بن الفقيه محمد بن علي بن الشيخ محمد بن علي بن علوي باعلوي. قال الخطيب في كتابه «الجوهر الشفاف»: (كان المذكور شديد الزهد، قانعا بما يحصل له من الدنيا؛ فكان له سهمان في نخل ورثهما، فأعطي سهما منهما، ولم يعط الآخر، فقيل له: إن لك سهمين ولم تعط إلا سهما! فقال: ما جاء من الدنيا .. كفى.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 185)، و «المشرع الروي» (1/ 186). (2) انظر (5/ 230). (3) انظر «الجوهر الشفاف» (185/ 1 - 186). (4) «الجوهر الشفاف» (1/ 190)، و «المشرع الروي» (2/ 205)، و «شمس الظهيرة» (1/ 375). (5) «الجوهر الشفاف» (1/ 190)، وفي «شمس الظهيرة» (1/ 375): توفي سنة (747 هـ‍). (6) انظر «الجوهر الشفاف» (1/ 189). (7) «الجوهر الشفاف» (1/ 201)، و «المشرع الروي» (1/ 175)، و «شمس الظهيرة» (1/ 372).

4009 - [محمد بن علي باعلوي]

وكانت له ضأنة، فأكلها الذئب أو ضاعت، فقال: لا بأس، عاد معي ثلاثة دنانير، خذوا لي بها غيرها. وكان مشتغلا بالله تعالى، مجتهدا في العبادة، قال ولده عمر: مكث والدي خمسا وعشرين سنة لا ينام من الليل إلا قدر قراءة جزء من القرآن، قال: ومكث قدر ست أو سبع سنين ما نام إلا قدر قراءة ربع جزء. وكانت عادته أن يخرج من بيته لصلاة الضحى، فيتوضأ، ويعتكف حتى يصلي بذلك الوضوء الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم يعود إلى بيته، ويقضي ما شاء الله من شأنه، ثم يعود إلى المسجد حتى يصلي بذلك الوضوء الصبح من اليوم الثاني، ثم يعود إلى بيته بعد صلاة الصبح، ويمكث فيه إلى الضحى، هكذا دأبه، وعمي في آخر عمره. وكان يوم الجمعة يتوضأ في المسجد الذي يصلي فيه الأوقات، ثم يأتيه أحد من بيته يقوده إلى الجامع، فتوضأ في بعض الجمع على عادته، ووقف في المسجد ينتظر أحدا يأتيه من بيته، فلم يأته منهم أحد، فأتاه رجل وسار به إلى الجامع، فسار الشيخ معه، ولم يدر من هو، فرآه من في الجامع مقبلا إليهم يسير وحده ولم يروا معه قائدا، فلما دخل الجامع .. قال له الناس: أنت اليوم أتيت بلا قائد؟ ! فقال: أو ما رأيتم معي أحدا؟ قالوا: لا، فعرف الشيخ أن الذي قاده الخضر. توفي رحمه الله لأربع وعشرين من شعبان سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة) (1). كذا ذكر في «الجوهر» وفاة هؤلاء الثلاثة في يوم واحد، فما أدري أنه اتفق ذلك، أو أنه غلط من الناسخ في بعضهم؟ فليحقق ذلك! والله سبحانه أعلم. 4009 - [محمد بن علي باعلوي] (2) محمد بن علي بن الفقيه أحمد بن أبي علوي باعلوي. قال: ما أقع في شدة واستغثت بجدي الفقيه محمد بن علي رضي الله عنه .. إلا تنكشف عني في الحال. قال: أتيت مرة من الحبشة ومعي وصائف، فلما دخلت مرسى عدن وأمير عدن إذ ذاك

(1) «الجوهر الشفاف» (201/ 1 - 203). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 99).

4010 - [عبد الله ابن عجيل]

يأخذ كل ما دخل عدن من الوصائف، فيرسلهن للسلطان من غير شراء من أهلهن ولا رد عوض بهن، فاستغثت بجدي الفقيه محمد بن علي رحمه الله، ثم خرجت من المركب، فلما وصلت البر إذا برجل قائم يقول لي: امض بوصائفك ههنا، فسلكت الطريق التي أمرني، ولم أزل فيها حتى دخلت شوارع عدن، ولم أجد في طريقي أحدا مع كون طرق عدن لا تنقطع عن المار فيها، فسلمت وصائفي ببركته رحمه الله. ذكره الخطيب في «الجوهر الشفاف» (1). 4010 - [عبد الله ابن عجيل] (2) عبد الله بن أحمد بن أبي بكر بن الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل اليمني. توفي في ذي الحجة سنة أربع وأربعين وسبع مائة بمكة، ودفن بالمعلاة. قال التقي الفاسي: (ومن حجر قبره نقلت نسبه هكذا ووفاته، وترجم فيه: بالفقيه العالم الصالح) (3). 4011 - [محمد بن عبد اللطيف السبكي] (4) العلامة محمد بن عبد اللطيف السبكي. توفي سنة أربع وأربعين وسبع مائة. 4012 - [الملك المؤيد بن المجاهد الرسولي] (5) داود الملقب بالمؤيد بن السلطان المجاهد علي بن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن المنصور عمر بن علي بن رسول.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 99). (2) «العقد الثمين» (5/ 97). (3) «العقد الثمين» (5/ 97). (4) «الوافي بالوفيات» (3/ 284)، و «ذيل العبر» للحسيني (ص 241)، و «مرآة الجنان» (4/ 307)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 167)، و «الدرر الكامنة» (2/ 25)، و «شذرات الذهب» (8/ 245). (5) «العطايا السنية» (ص 318)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 76)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 397).

4013 - [عبد الله الكازروني المكي]

ولد سنة عشرين وسبع مائة. وكان أكبر بني أبيه، ثم ظهر لأبيه بعده يحيى المظفر، وكان يحبه أبوه حبا شديدا، ويفضله على سائر إخوته، فأنف المؤيد من تقديم أخيه المظفر عليه وهو أصغر منه، فخرج عن طاعة أبيه، واستولى على الجثّة-وكانت إقطاعه-وعلى المهجم، وطرد أمير المهجم منها، فجرد إليه أبوه العساكر صحبة الأمير طغى الخراساني، والوزير موفق الدين عبد الله بن علي اليحيوي، فلا طفاه، وضمنا له الرضا عند والده التام والصفح، وأن يقرّه في منزلته، ولا يقدم عليه أحدا من إخوته، فسار معهما إلى والده، فلما حضر بين يدي أبيه .. عاتبه على فعله، وضربه بيده ضربة بدبوس فاضت منها نفسه. وكان خروجه عن الطاعة، ورجوعه إليها، وقتله في سنة أربع وأربعين وسبع مائة. 4013 - [عبد الله الكازروني المكي] (1) عبد الله بن علي بن محمد بن عبد السلام بن أرى المعالي الكازروني المكي، مؤذن الحرم الشريف. قال التقي الفاسي: (سمع من الفخر التوزري أجزاء من «صحيح البخاري»، ولعله سمعه كله، وما علمته حدث. وفي حجر قبره أنه توفي خامس وعشرين رمضان سنة أربع وأربعين وسبع مائة) (2). 4014 - [محمد ابن النقيب] (3) شمس الدين العلامة محمد بن أبي بكر ابن النقيب. توفي في سنة خمس وأربعين وسبع مائة.

(1) «العقد الثمين» (5/ 213). (2) «العقد الثمين» (5/ 213). (3) «ذيل العبر» للحسيني (ص 248)، و «مرآة الجنان» (4/ 307)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 307)، و «طبقات الشافعية» لابن شهبة (3/ 50)، و «الدرر الكامنة» (3/ 398)، و «شذرات الذهب» (8/ 249).

4015 - [محمد بن عيسى الحكمي]

4015 - [محمد بن عيسى الحكمي] (1) محمد بن الإمام عيسى بن مطير بن علي بن عثمان الحكمي. أمه بنت الفقيه عمرو بن علي التباعي. تفقه بخاله محمد بن عمرو. وكان فقيها جيدا، صالحا، مسددا في الفتوى، ذا دين متين. وتوفي ثامن عشر ربيع الأول سنة ست وأربعين وسبع مائة (2). 4016 - [محمد بن أحمد المنبهي] (3) محمد بن أحمد بن سالم بن عمران بن أحمد بن عبد الله بن جبران السهلي المنبّهي. تفقه بالفقيه صالح بن عمر البريهي. وكان فقيها عارفا، محققا، تقيا، دينا، حسن التدريس، وإليه انتهت رئاسة الفتوى بالمخادر والسحول، وكان أحد المعدودين المشار إليهم. توفي سنة ست وأربعين وسبع مائة. 4017 - [فخر الدين الجاربردي] (4) العلامة فخر الدين أبو المكارم أحمد بن الحسن، نزيل تبريز. الفقيه الشافعي، أحد شيوخ الإسلام البارعين في المعقول والمنقول، الجامعين لفنون العلم.

(1) «السلوك» (2/ 346)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 491)، و «الدرر الكامنة» (4/ 141)، و «تحفة الزمن» (2/ 150)، و «هجر العلم» (1/ 36). (2) في «الدرر الكامنة» (4/ 141): توفي سنة (744 هـ‍). (3) «السلوك» (2/ 186)، و «العطايا السنية» (ص 604)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 78)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 80)، و «تحفة الزمن» (1/ 497)، و «هجر العلم» (4/ 1972). (4) «مرآة الجنان» (4/ 307)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 8)، و «طبقات الشافعية» لابن شهبة (3/ 10)، و «الدرر الكامنة» (1/ 123)، و «النجوم الزاهرة» (10/ 145)، و «بغية الوعاة» (1/ 303)، و «شذرات الذهب» (8/ 256).

4018 - [السلطان إسماعيل ابن قلاوون]

له حواض على «الكشاف» في عشر مجلدات، وشرح «منهاج البيضاوي» في الأصول، وشرح «الهداية» للحنفية، و «تصريف ابن الحاجب»، وغير ذلك. مذكور في الأصل. توفي في سنة ست وأربعين وسبع مائة. 4018 - [السلطان إسماعيل ابن قلاوون] (1) الملك الصالح عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون. ولي ملك مصر بعد خلع أخيه أحمد، وأقام ثلاث سنين وشهرين ونصفا إلى أن توفي في رابع ربيع الآخر سنة ست وأربعين وسبع مائة. وهو رابع من ولي مصر من أولاد محمد بن قلاوون، وقد قدمنا ذكره في ترجمة أبيه استطرادا (2). 4019 - [شرف الدين ابن حنا] (3) أبو عبد الله محمد بن الصاحب الفقيه الزاهد أحمد بن الصاحب الفقيه فخر الدين بن الصاحب الكبير الوزير بهاء الدين علي بن محمد المعروف بابن حنا. كان شرف الدين المذكور فقيها قدوة، مدرسا مفتيا، مع تواضع وحسن اعتقاد في أهل الخير والصلاح. توفي ليلة الجمعة ثامن شهر رمضان سنة سبع وأربعين وسبع مائة. 4020 - [أحمد بن يحيى الكندي] (4) أحمد بن يحيى بن أبي بكر بن محمد الكندي.

(1) «الوافي بالوفيات» (9/ 219)، و «أعيان العصر» (1/ 524)، و «البداية والنهاية» (14/ 640)، و «السلوك» للمقريزي (ج /2 ق 619/ 3)، و «الدرر الكامنة» (1/ 380)، و «النجوم الزاهرة» (10/ 142)، و «شذرات الذهب» (8/ 255). (2) انظر (6/ 252). (3) «الدرر الكامنة» (3/ 357)، و «حسن المحاضرة» (1/ 341). (4) «السلوك» (2/ 164)، و «العطايا السنية» (ص 253)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 187)، و «تحفة الزمن» (1/ 482)، و «المدارس الإسلامية» (ص 188).

4021 - [العفيف باحسان الحضرمي]

تفقه بالفقيه أحمد بن سليمان بن صبرة، ودرس بمدينة إب في مدرسة حسن بن فيروز، ثم انتقل إلى تدريس مؤيدية تعز، فأقام بها مدة على أحسن حال إلى أن توفي بها لبضع وأربعين وسبع مائة، وحمل إلى إب، وقبر عند قبر سيف السنة. وكان فقيها فاضلا بحاثا، حسن التدريس، مفرط الذكاء، ورعا زاهدا، رحمه الله. 4021 - [العفيف باحسان الحضرمي] (1) عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد باحسان الحضرمي الملقب بالعفيف. كان من أكابر أهل زبيد وأعيانهم، وله نخل كثير بوادي زبيد، وكانت البيوت المطلة على سوق الفوفل كلها ملكه، وتزوج المجاهد ابنته، فازداد وجاهة. ولم يزل على ذلك إلى أن توفي سنة سبع وأربعين وسبع مائة. وتقدم ذكر أبيه في الفقهاء في هذه العشرين (2). 4022 - [نور الدين الفارقي التاجر] (3) أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سعادة الفارقي، التاجر الكارمي، الملقب: نور الدين. قدم من مصر إلى اليمن في أيام المجاهد، فنال من المجاهد شفقة تامة، وترقى في الخدم السلطانية شيئا فشيئا حتى استمر مشدا الدواوين، وكان محبوبا عند الرعية لحسن طريقته، مبغضا إلى النواب والكتاب لتحقيقه وتدقيقه، فرموه عن قوس واحدة، وتكلموا عليه عند المجاهد، حتى استوحش منه السلطان، وأمر بالقبض عليه، فهرب إلى بيت ابن العجيل متجوّرا، فتحقق للسلطان بهربه صحة ما نقل عنه، فأمر بقبضه من الجورة، فقبض، وصودر مصادرة قبيحة إلى أن توفي في المصادرة في آخر سنة سبع وأربعين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 33)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 199). (2) بل سيأتي في آخر هذه العشرين، انظر (6/ 288). (3) «طراز أعلام الزمن» (2/ 139)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 137).

4023 - [إبراهيم بن مهنا الحنفي]

4023 - [إبراهيم بن مهنا الحنفي] (1) الإمام البارع الحنفي برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن مهنا. ولد سنة ثمان وثمانين وست مائة. وكان فقيها محققا، ورعا، نحويا ذكيا، تقيا ناسكا، معروفا بالصلاح. وبه تفقه كثير من أهل زبيد وغيرهم. ودرس في الدّعّاسية بزبيد، ولم يزل مستمرا على التدريس بها إلى أن توفي في سنة سبع وأربعين وسبع مائة، وقيل: في سنة ثلاث، والأول أقرب إلى الصواب. 4024 - [أبو عبد الله البصال] (2) الشيخ الولي الصالح أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهيبي-كتصغير الذهب-المعروف بالبصال بالموحدة، والصاد المهملة المشددة. كان فقيها نبيها، صالحا ناسكا، عابدا زاهدا، ورعا، مشهور الفضل، صاحب مكاشفات ومشاهدات، وكرامات ومقامات، وله أحوال فائقة، وأقوال صادقة. تفقه بالإمام المعروف بعبيد بن علي بن سفيان، وقيل: اسمه: عبد الرحمن بن علي بن سفيان الصوري، وصحب الشيخ عمر الصفار وانتفع به كثيرا، وكان كثيرا ما يجتمع هو ومسعود الجاوي في ساحل ضراس. وأخذ عنه جماعة، منهم الإمام عبد الله بن أسعد اليافعي، قال: (وهو أول من انتفعت به، قرأت عليه القرآن الكريم، وقرأت عليه «التنبيه») (3). وأثنى عليه الشيخ عبد الله بن أسعد الثناء المرضي، وهو أهل لذلك وحقيق به، قال: (وجمع شيخنا البصال كتابا ألفه في الفقه ينتفع به الفقيه وغيره، يتعلق بشرح «التنبيه»، وفيه فوائد عديدة، ونكت مفيدة) (4).

(1) «السلوك» (2/ 56)، و «العطايا السنية» (ص 163)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 76)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 42)، و «تحفة الزمن» (1/ 413)، و «المدارس الإسلامية» (ص 150). (2) «مرآة الجنان» (4/ 308)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 77)، و «الدرر الكامنة» (3/ 377)، و «لحظ الألحاظ» (ص 115)، و «غربال الزمان» (ص 610)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 198)، و «شذرات الذهب» (8/ 270). (3) «مرآة الجنان» (4/ 310). (4) «مرآة الجنان» (4/ 310).

4025 - [محمد بن عبد الرحمن البريهي]

توفي رضي الله عنه بعدن سنة ثمان وأربعين وسبع مائة كما ذكره اليافعي في «تاريخه»، ودفن بالمجنة المعروفة بحافة البصال، وبه عرفت، وكانت من قبل تعرف بالبرارين، وقبره في الحياط الذي هو آخر المجنة المذكورة من جهة القبلة المعروف بتربة القاضي عمر، وفي هذا الحياط جماعة من أفاضل العلماء وأكابر الأولياء، كالإمام عمر بن علي بن عفيف، وتلميذه الإمام الصالح محمد با حميش، والقاضي عيسى بن محمد اليافعي، وأولاده عمر وعلي، وغيرهم من الأفاضل رضي الله عنهم، وكان بعض الصالحين إذا زارهم .. قال: هذه التربة روضة من رياض الجنة، نفع الله بهم، وأعاد علينا من بركاتهم، آمين، آمين. 4025 - [محمد بن عبد الرحمن البريهي] (1) محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن أبي بكر بن إسماعيل البريهي السكسكي، صاحب ذي السفال. ولد في جمادى الأولى سنة إحدى وسبع مائة. وتفقه بعمه صالح بن عمر، وأخذ عن أبي الحسن الأصبحي. وكان فقيها بارعا محققا، متمسكا بالآثار، حسن الفقه، جيد المعرفة في عدة فنون من العلم، إليه انتهت رئاسة الفتوى والتدريس ببلده، وقصده الطلبة من نواح شتى، درس بمدرسة ذي السفال وبمؤيدية تعز، واختصر «صحيح مسلم»، وله فتاوى جمعها بعض أصحابه. وتوفي سنة ثمان وأربعين وسبع مائة. 4026 - [أبو الحسن الطواشي] (2) أبو الحسن علي بن عبد الله اليمني، الطواشي نسبا، الشافعي مذهبا، الصوفي الحلوي، الشيخ الكبير، الصالح الشهير.

(1) «السلوك» (2/ 238)، و «العطايا السنية» (ص 606)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 81)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 200)، و «تحفة الزمن» (1/ 528)، و «المدارس الإسلامية» (ص 78). (2) «مرآة الجنان» (4/ 310)، و «لحظ الألحاظ» (ص 115)، و «غربال الزمان» (ص 610)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 198)، و «شذرات الذهب» (8/ 227).

4027 - [المظفر أمير حاج ابن قلاوون]

أطنب الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي في فضائله ومناقبه، وله في مدحه القصائد الطنانة، وهو جدير بذلك، وذكر له كرامات كثيرة، قال: (منها ما أخبرني بعض أصحابه وأولاده، واستفاض في جهته وبلاده، أنه قال لأمراء زمانه الطاغين في مكانه: إن لم تنتهوا عن كذا وكذا من المعاصي والمظالم وإلا .. جاءتكم النار، فقيل له: متى تجيء النار؟ قال: ليلة الجمعة، فلما كان سحر ليلة الجمعة .. طلع مؤذن الجامع المنارة ليذكر، فرأى نارا مقبلة من الجو مثل المنارة تدنو إليهم قليلا قليلا، فصاح: ألا جاءكم ما أوعدكم به الشيخ علي، فخرج الأميران في ذلك الوقت، وقصدا الشيخ، وكان نازلا خارج البلد في بيت وحده، فأظهرا له التوبة، وبكيا وتضرعا، ومرغا خدودهما على الرماد بين يديه، وإذا بالنار قد انقسمت نصفين، فذهب أحدهما في جهة، والنصف الآخر في جهة راجعين عن البلاد برحمة الرحمن الجواد. ومنها: أن شخصا يسمى ثابتا قعد للشيخ في طريقه إلى الجمعة، فلما مر عليه الشيخ قاصدا الجامع لصلاة الجمعة .. أطلق ثابت لسانه فيه وسبه، فهم بعض أصحاب الشيخ بالبطش بثابت، فقال لهم الشيخ: دعوه، معه ما يكفيه، فاشتعل في الحال نارا، فأخذ من حضر ماء، فجعلوا يصبون على تلك النار لتنطفئ، فأحرقت ما شاء الله من جسمه ولحيته) (1). توفي الشيخ علي المذكور سنة ثمان وأربعين وسبع مائة (2). 4027 - [المظفر أمير حاج ابن قلاوون] (3) الملك المظفر أمير حاج بن الناصر محمد بن قلاوون. ولي ملك مصر عند خلع أخيه شعبان، كان في حبس أخيه شعبان، فأخرج من الحبس، وسلطنوه، وحبسوا شعبان مكانه، فأقام في المملكة سنة وثلاثة أشهر وعشرة أيام، ثم أمسك.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 316). (2) في «شذرات الذهب» (8/ 227): توفي سنة (741 هـ‍). (3) «الوافي بالوفيات» (11/ 237)، و «أعيان العصر» (2/ 176)، و «البداية والنهاية» (14/ 649)، و «السلوك» للمقريزي (ج /2 ق 713/ 3)، و «الدرر الكامنة» (2/ 3)، و «النجوم الزاهرة» (10/ 178)، و «المنهل الصافي» (5/ 50)، و «شذرات الذهب» (8/ 263).

4028 - [محمد بن منير الزيلعي]

ومات ثاني عشر رمضان من سنة ثمان وأربعين وسبع مائة، وهو سادس من ولي مصر من أولاد محمد بن قلاوون، وقد مر ذكره في ترجمة أبيه استطرادا (1). 4028 - [محمد بن منير الزيلعي] (2) محمد بن منير بن عبد الله الزيلعي، ابن أخي الفقيه علي بن عبد الله الزيلعي المعروف بالفرضي المتقدم ذكره في أول هذه المائة (3). قرأ على الفقيه أحمد بن أبي الخير، ثم على الفقيه إبراهيم بن عمر العلوي. وكان فقيها، مشتغلا بعلم الحديث، فصيحا، خطاطا. استوطن زبيد إلى أن توفي بها في ربيع الأول من سنة تسع وأربعين وسبع مائة. 4029 - [ابن عدلان] (4) العلامة شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان المعروف بابن عدلان. توفي سنة تسع وأربعين وسبع مائة. 4030 - [شمس الدين الأصبهاني] (5) محمود بن عبد الرحمن بن أحمد العلامة شمس الدين الأصبهاني. توفي سنة تسع وأربعين وسبع مائة.

(1) انظر (6/ 252). (2) «السلوك» (2/ 45)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 82)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 297)، و «تحفة الزمن» (1/ 403)، و «المدراس الإسلامية» (ص 184). (3) انظر (6/ 84). (4) «الوافي بالوفيات» (2/ 168)، و «أعيان العصر» (4/ 297)، و «مرآة الجنان» (4/ 331)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 97)، و «الدرر الكامنة» (3/ 333)، و «حسن المحاضرة» (1/ 368). (5) «الوافي بالوفيات» (25/ 365)، و «أعيان العصر» (5/ 400)، و «مرآة الجنان» (4/ 331)، و «الدرر الكامنة» (4/ 327)، و «بغية الوعاة» (2/ 278)، و «حسن المحاضرة» (1/ 472)، و «شذرات الذهب» (8/ 281).

4031 - [ابن اللبان]

4031 - [ابن اللبان] (1) أبو عبد الله محمد بن أحمد، العلامة المعروف بابن اللبان المصري. توفي سنة تسع وأربعين وسبع مائة. 4032 - [الأمير النقاش الحلبي] (2) الأمير شهاب الدين أبو العباس أحمد بن علي بن إسماعيل الحلبي النقاش. كان أميرا عاقلا دينا، ذا همة عالية، ونفس سامية، محبا للعلماء، مشاركا لهم في عدة فنون، وجيها عند السلطان، مسموع القول، حسن السيرة. أقطعه المجاهد الغنيمة من وادي سهام، وكان يحمل منها كل سنة اثني عشر ألف دينار، ولم يزل يسامح الناس، ويحسن إليهم، ويبسط العدل فيهم والرفق بهم، حتى بلغ خراج تلك الجهة في السنة الواحدة سبعة وأربعين ألف دينار ببركة العدل والرفق بالرعية. وكان عفيفا، منقبضا عن الناس، كثير البر والصدقة، إلى أن توفي في سادس القعدة من سنة تسع وأربعين وسبع مائة. 4033 - [نجم الدين الأصفوني] (3) العلامة نجم الدين عبد الرحمن بن يوسف الأصفوني الشافعي، نزيل الحرم الشريف. مولده سنة سبع وسبعين وست مائة. وتوفي آخر أيام التشريق في منى سنة خمسين وسبع مائة، ودفن بالمعلاة. سمع الحديث على جماعة، وتفقه، وقرأ الأصول والعربية، والفرائض والجبر والمقابلة، وقرأ القرآن للسبعة.

(1) «الوافي بالوفيات» (2/ 168)، و «أعيان العصر» (4/ 299)، و «ذيل العبر» للحسيني (ص 271)، و «مرآة الجنان» (4/ 333)، و «الدرر الكامنة» (3/ 330)، و «حسن المحاضرة» (1/ 369)، و «شذرات الذهب» (8/ 279). (2) «العطايا السنية» (ص 259)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 82)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 119). (3) «مرآة الجنان» (4/ 334)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 81)، و «العقد الثمين» (5/ 415)، و «الدرر الكامنة» (2/ 350)، و «النجوم الزاهرة» (10/ 248)، و «حسن المحاضرة» (1/ 368).

وله مصنفات، منها: «مختصر الروضة» في مجلدين، اشتهر في كثير من البلاد. وكان رحمه الله حسن الأخلاق، سليم الباطن، مشهورا بالصلاح وكثرة المحاسن، حسن الاعتقاد. قال الشيخ اليافعي: (رآني في وقت وقال لي: كنت إذا رأيتك في المنام في بلادي وأنا مريض .. تعافيت) اه‍ (1) قلت: إلى هنا انتهى تاريخ الشيخ الإمام عبد الله بن أسعد اليافعي رحمه الله تعالى ونفع به، واعتذر رحمه الله حيث لم يذكر فقهاء اليمن وصالحيه المتأخرين بأنه لم يقف لليمن على تاريخ سوى «تاريخ ابن سمرة»، ذكر فيه من هاجر من أعيان أهل اليمن من الصحابة وغيرهم ممن روي عنه الحديث، ومن بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم إلى اليمن من الصحابة رضي الله عنهم إما قاضيا وإما عاملا، ثم ذكر فقهاء التابعين فمن بعدهم إلى عصره، ولم يتعرض لذكر الشيوخ من الصوفية العارفين، وعمن لم يطلع عليه من الفقهاء النائيين، وعن جميع المتأخرين. قال الشيخ اليافعي: (ولم أذكر أنا من الذين ذكرهم إلا أفرادا من أعيان أعيانهم؛ كطاوس، ووهب بن منبه، وعمرو بن دينار، والشيخ عبد الرزاق، وآخرين من بعدهم كالإمام ابن عبدويه، وزيد اليفاعي، ويحيى بن أبي الخير العمراني وغيرهم) انتهى كلام الشيخ اليافعي (2). وكأنه رحمه الله لم يقف على «تاريخ الجندي»، فقد استوعب فيه جملة من فقهاء اليمن وصالحيه ومشايخه؛ من العرب والقبائل والوزراء والسلاطين والأمراء، وبلغ فيه إلى أوائل دولة المجاهد، واختصره الشيخ الشريف عبد الرحمن بن حسين الأهدل، وذيل عليه إلى نحو سنة خمسين وثمان مائة، وقد نقلت بحمد الله غالب ما في «الجندي» و «تاريخ الشريف عبد الرحمن بن حسين» إلى هذا المجموع، يسر الله تمامه، وأحسن العاقبة، وجعله خالصا لوجهه الكريم، آمين.

(1) «مرآة الجنان» (4/ 334). (2) «مرآة الجنان» (4/ 336).

4034 - [عمر بن علي الناشري]

4034 - [عمر بن علي الناشري] (1) عمر بن الفقيه علي بن محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن الناشري. كان فقيها صالحا، ولي قضاء القحمة، ثم تركه تدينا، واكتفى بتدريس سيفية زبيد إلى أن توفي في آخر أيام التشريق من سنة إحدى وخمسين وسبع مائة. 4035 - [علي بن نوح الأبوي] (2) علي بن نوح بن علي الأبوي-بضم الهمزة، وفتح الموحدة، وكسر الواو، نسبة إلى أبي بن كعب الأنصاري، سيد القراء-موفق الدين، الزيلعي الأصل، الزبيدي الدار والوفاة، أصله من بلد السودان. كان فقيها بارعا، عارفا بالأصول والفروع، حنفي المذهب، نقالا للحديث، حافظا لمعانيه، وكان ينقل «الهداية» عن ظهر الغيب. درس بزبيد في المنصورية الحنفية، وأخذ عنه بها جمع كثير. وكان مبارك التدريس، معروفا بالفقه والصلاح إلى أن توفي في سنة إحدى وخمسين وسبع مائة. 4036 - [الطواشي بارع المؤيدي] (3) أبو نصر بارع بن عبد الله المؤيدي المجاهدي، الملقب: جمال الدين. كان خادما شهما، ذا شجاعة وفراسة، وكرم ورئاسة، وكان المجاهد يجله، ويوليه الولايات ويقدمه. ولما تقدم المجاهد إلى مكة المشرفة في سنة إحدى وخمسين وسبع مائة .. ولاه حصن أرياب، وجرد معه عسكرا جيدا، فأقام هنالك إلى أن أراد الله تعالى ما أراد مما قدمناه في

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 336)، و «تحفة الزمن» (2/ 69)، و «هجر العلم» (4/ 2167)، و «المدارس الإسلامية» (ص 86). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 369)، و «طبقات الخواص» (ص 226)، و «هجر العلم» (2/ 946)، و «المدارس الإسلامية» (ص 55). (3) «العطايا السنية» (ص 292)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 87)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 253).

4037 - [عبد الرحمن الدملوي الخطيب]

ترجمة القاضي موفق الدين عبد الله بن علي اليحيوي (1)، فسار الطواشيّ بارع المذكور من أرياب إلى تعز، فجرت القضية هنالك، فأمر الأمير أهيف بشنقه وشنق القاضي موفق الدين، فشنقا في أواخر المحرم من سنة اثنتين وخمسين وسبع مائة. 4037 - [عبد الرحمن الدملوي الخطيب] (2) عبد الرحمن بن عبد الله بن منصور الدملوي الفقيه الخطيب. كان فقيها ناسكا، خطيبا صالحا. ولي خطابة زبيد بعد الفقيه عمر المقدسي، ولم يزل في الخطابة إلى أن توفي في ذي الحجة سنة تسع وأربعين وسبع مائة، فولي الخطابة بعده ولده محمد بن عبد الرحمن، وكان أفصح من خطب، وأحسن من قرأ في عصره، واستمر في الخطابة إلى أن توفي في أول سنة اثنتين وخمسين وسبع مائة، فولي الخطابة بعده أخوه عمر بن عبد الرحمن الآتي ذكره في العشرين الخامسة (3). 4038 - [الشاعر ابن زنقل] (4) الأديب الشاعر الفصيح أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زنقل. كان فقيها نبيها، شاعرا فصيحا، له معرفة بفنون الأدب وأيام العرب، وأشعاره رائقة معجبة، مدح عمر الزعيم وغيره من مشايخ العرب بالقصائد الطنانة من العربيات والمكسرات، وله في المجاهد الأشعار الرائقة، والمدائح الفائقة، فمن قوله في مدح المجاهد: [من المتقارب] أعد من لعوب وتلك الملاعب … وعن عرب المنحنى والأعارب حديثا وصرّح بذكر القطين … وعرض بهنداته والزيانب فتلك الجآذر بيض النحا … ئر سود الغدائر زجّ الحواجب ثقال الروادف لدن المعا … طف خضر المطارف حمر المضارب

(1) بل كما سيذكره في ترجمته بعد ترجمتين. (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 59). (3) انظر (6/ 349). (4) «طراز أعلام الزمن» (3/ 63)، و «مصادر الفكر الإسلامي» (ص 421).

4039 - [الوزير موفق الدين اليحيوي]

فأحلى الحديث أحاديثهن … فزد لا قضى الله منها المآرب فهن الصوادق إن أوعدن‍ … ك وإن وعدنك فهن الكواذب وهن الندامى إذا ما الدّنا … ن لها حبب مثل نار الحباحب وهي طويلة، تغزل فيها بوصف الخمر والساقي، وقال في التخلص من الغزل إلى المدح: وساق يسل ظبا مقلتي‍ … هـ كسل المجاهد بيض القواضب توفي الأديب المذكور لنيف وخمسين وسبع مائة. 4039 - [الوزير موفق الدين اليحيوي] (1) الوزير موفق الدين أبو محمد عبد الله بن علي بن محمد بن عمر اليحيوي. كان فقيها نبيها، عاقلا كاملا، رئيسا جوادا، فصيحا، خطاطا، كامل الأوصاف، جمع له المجاهد بين الوزارة وقضاء الأقضية. ولما عزم المجاهد للحج سنة إحدى وخمسين .. جعله مقدما في تعز وأعمالها، وندب معه قطعة من العسكر، وجعل الطواشي أهيف نائبا في حصن تعز، والطواشي بارعا نائبا في حصن أرياب، فلما لزم المصريون المجاهد، وساروا به إلى الديار المصرية .. وقع في اليمن اضطراب شديد، وكان الوزير إذ ذاك بجبلة، فنزل إلى تعز، واجتمع بالطواشي أهيف في حصن تعز، ثم نزل إلى بيته، فلما علم الطواشي بارع بنزول الوزير من جبلة إلى تعز .. نزل هو أيضا من أرياب يريد تعزّ، فلما صار بالجند .. كتب إليه الطواشي أهيف: أعلمني ما سبب نزولك عن عهدتك؟ وما مرادك بجمع العسكر؟ فلم يجد عذرا يقيمه غير الوزير، فكتب إلى أهيف: إن الوزير كتب إلي بأن أصل بعسكر الجبل، فوصلت بهم، فإن تأمرني بالوصول .. وصلت، وإن تأمرني بالرجوع .. رجعت، ولم يكن الوزير كتب إليه بشيء من ذلك، وإنما جعله عذرا، فرسم الطواشي أهيف على الوزير وحبسه عنده في الحصن، ثم قبض أمير الحصن وهو علي بن محمد القاهري وكاتبه ونقيبه وحبسهم، فلما علم الطواشي بارع بما اتفق للوزير والجماعة .. سرى من الجند ليلا، فأصبح في المجاهدية بتعز

(1) «العطايا السنية» (ص 404)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 87)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 134)، و «هجر العلم» (3/ 1439).

4040 - [إبراهيم بن عمر العلوي]

متجوّرا، فأمر أهيف من لزمه من محراب المدرسة، وأطلعه الحصن، وقابل بينه وبين الوزير، فقال الوزير للطواشي بارع: إن كنت كتبت إليك كما تزعم .. فأوقفني على خطي، فقال: وأين أجد كتابك الساعة وقد أخذ جميع ما عندي؟ ! فقيدهما أهيف، ثم شنقهما في الثامن والعشرين من المحرم سنة اثنتين وخمسين وسبع مائة. 4040 - [إبراهيم بن عمر العلوي] (1) الإمام العلامة الحافظ المحدث برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن علي بن عمر بن محمد بن أبي بكر العلوي-نسبة إلى علي بن راشد بن بولان، قبيلة مشهورة باليمن من قبائل عك-الحنفي مذهبا. ولد بزبيد سنة ثلاث وتسعين وست مائة. وقرأ مسموعات فقه مذهبه على الفقيه أبي بكر بن عمر بن جابر المقصري الحنفي، وكتب الحديث والتفسير على الإمام أحمد بن أبي الخير بن منصور، والحافظ المعمر إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبري، وخلق سواهم من الأئمة الأعلام، وأجاز له جمع غفير. وأخذ عنه جمع من الأفاضل كالإمام محمد بن عبد الله الريمي، والمقرئ محمد بن عثمان بن سنينة وغيرهما. وكان إماما جليلا، فقيها نبيها، عالما عاملا كاملا، باذلا نفسه للطلبة، وإليه انتهت الرئاسة في معرفة الحديث وعلومه، وارتحل إليه الناس من الأقطار. ولم يزل قائما بنشر الحديث والعلم إلى أن توفي في سنة اثنتين وخمسين وسبع مائة. 4041 - [علي بن أحمد الجنيد] (2) علي بن الفقيه أحمد بن علي بن الجنيد بن محمد بن منصور أبو الحسن. ولد في شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وست مائة.

(1) «العطايا السنية» (ص 172)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 90)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 28)، و «تحفة الزمن» (2/ 314)، و «طبقات الخواص» (ص 54)، و «مصادر الفكر الإسلامي» (ص 52). (2) «السلوك» (2/ 135)، و «العطايا السنية» (ص 472)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 93)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 226)، و «تحفة الزمن» (2/ 318)، و «المدارس الإسلامية» (ص 138).

4042 - [عبد الله بن التاج الخطيب]

وتفقه بفقهاء تعز، وبابن الأديب، وأخذ عن ابن الأحمر بزبيد. وكان فقيها، نحويا لغويا، طبيبا، أديبا لبيبا، وله شعر حسن، ومنه: [من الكامل] اصبر على ألم الخطوب فربما … وافى بما تختاره المكروه أوما رأيت الورد لما هزهم … شوق إلى أزهاره ضربوه درس في أسدية تعز، وأعاد في الصلاحية، ثم قلده المجاهد القضاء الأكبر من المملكة اليمنية، فسار فيه سيرة مرضية إلى أن توفي في سنة ثلاث وخمسين وسبع مائة. 4042 - [عبد الله بن التاج الخطيب] (1) عبد الله بن التاج الخطيب علي بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الطبري المكي. قال التقي الفاسي: (سمع من الزين الطبري، وابن أخيه قاضي مكة شهاب الدين الطبري، وخطب نيابة عن أبيه التاج مدة طويلة بمكة، وكان خطيبا بليغا، مات سنة ثلاث وخمسين وسبع مائة بمكة، ودفن بالمعلاة بقرب القبر الذي يقال له: قبر خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. قال الفاسي: إن مولده بعد العشرين وسبع مائة) (2). 4043 - [الحاكم العباسي الثاني] (3) الحاكم الثاني ابن المستكفي بالله سليمان بن الحاكم الأول أحمد العباسي، الخليفة بمصر. بويع له يوم خلع أبيه، فأقام إحدى عشرة سنة. وتوفي سنة ثلاث وخمسين وسبع مائة (4).

(1) «العقد الثمين» (5/ 211). (2) «العقد الثمين» (5/ 211). (3) «أعيان العصر» (1/ 220)، و «المقفى الكبير» (1/ 387)، و «الدرر الكامنة» (1/ 137)، و «النجوم الزاهرة» (10/ 290)، و «المنهل الصافي» (1/ 308)، و «الدليل الشافي» (1/ 48)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 578)، و «شذرات الذهب» (8/ 296). (4) في «أعيان العصر» (1/ 221)، و «المقفى الكبير» (1/ 389): توفي سنة (749 هـ‍).

4044 - [عبد الأكبر ابن الجنيد]

4044 - [عبد الأكبر ابن الجنيد] (1) عبد الأكبر بن أبي بكر بن محمد بن الفقيه أحمد الملقب بالجنيد. كان فقيها جليلا، نبيها نبيلا، عابدا زاهدا تقيا، متواضعا، حسن السيرة. ولي قضاء الشوافي مدة، ثم ولي القضاء بتعز، وكان مرضي القضاء، ثم تولى القضاء الأكبر أيام المجاهد، وكانت سيرته مرضية، وله فهم وسياسة في الأحكام، كثير العبادة. وتوفي في السهولة سنة أربع وخمسين وسبع مائة. 4045 - [ابن العراف الحفصي] (2) عمر بن الفقيه أبي بكر بن محمد بن سعيد الحفصي-نسبة إلى المقرئ أبي عمرو حفص بن عمر المعروف بالدوري، أحد الرواة عن أبي عمرو بن العلاء الأزدي-المعروف بابن العراف. ولد تاسع المحرم سنة ثمان وثمانين وست مائة. وتفقه بابن النحوي، وتزوج ابنته، ولما مرض ابن النحوي .. أوصى إليه، فقضى دينه، وضم تركته، وقام بذلك أتم قيام، وخلفه في تدريس الغرابية. وحج سنة خمس وعشرين، وجاور بمكة سنتين، ثم عاد إلى اليمن، فعظمت منزلته عند المجاهد، ودرس في المجاهدية التي في ناحية الجبل، وفي الأسدية، وأقرأ الحديث بدار المضيف، وولي قضاء تعز من قبل ابن الأديب، وقدم في أيامه الفقيه عبد الحميد الجيلوني إلى تعز، فالتقاه الفقيه وأكرمه. وكان فقيها عارفا، محققا مشهورا، من أهل الزهد والورع والصلاح وسعة الفقه، بشوشا كريم النفس، حسن الأخلاق، مألفا للأصحاب. وتوفي في جمادى الأخرى سنة أربع وخمسين وسبع مائة.

(1) «السلوك» (2/ 225)، و «العطايا السنية» (ص 429)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 99)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 48)، و «تحفة الزمن» (1/ 520)، و «هجر العلم» (2/ 983). (2) «السلوك» (2/ 133)، و «العطايا السنية» (ص 508)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 98)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 403)، و «تحفة الزمن» (1/ 457)، و «هجر العلم» (2/ 945)، و «المدارس الإسلامية» (ص 45).

4046 - [الكاتب أبو الحسن المجاهدي]

4046 - [الكاتب أبو الحسن المجاهدي] (1) الكاتب أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عمار المجاهدي صفي الدين المعروف بالنشو، أحد خواص المجاهد، وأحظاهم لديه، أصله من ذي جبلة، وكان متهما هو وأهله بالسمعلة. وكان فصيحا صبيحا، كاتبا مجيدا، وهو الذي احتال في قتل عكم الوهباني أحد بني عبيدة، كان قد عاث في البلاد، وأكثر فيها الفساد، وكان مقيما في بيت حسين، يأخذ كل سفينة غصبا، إذا قصده أحد الأمراء .. هرب حيث لا يدرك، وإذا رجع العسكر من بلاده .. رجع إليها، فيهجم بيوت التجار والرعايا، ويأخذ ما يريد، ويقتل من يريد، فكثرت الشكوى منه إلى المجاهد، فلما ندب ابن عمار المذكور في سنة خمسين وسبع مائة لحمل أموال الجهات الشامية التهامية .. أوصاه وأكد عليه في لزوم عكم وقتله، فلم يزل ابن عمار يتلطف في الحيلة حتى وصل إليه عكم وابن عمه، فقتلا في آخر السنة المذكورة، فازداد عند المجاهد علوا ومنزلة، ولم يزل عنده في أعلى محل إلى أن توفي بزبيد في ثالث عشر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وسبع مائة. 4047 - [الأمير حسام الدين لاجين] (2) لاجين بن عبد الله التركي الأمير الكبير، الملقب: حسام الدين. كان شجاعا مقداما، ذا سياسة ورئاسة، له وقعات مشهورة، وفعلات مذكورة. لما أفسدت بنو عبيدة-وهم بطن من عنس بن سحارة بن غالب بن عبد الله بن عك- أبيات حسين من أعمال سردد، فكانوا يدخلون البيت ويسرقون ما فيه، وإن انتبه صاحب البيت .. لا يقدر يمنعهم، ولا يستصرخ عليهم، ولا يتكلم بأسمائهم إلى حاكم البلد؛ خوفا على نفسه، ثم يرسل إليهم يستفدي منهم ما أخذوه بما أرادوا .. ولاه المجاهد أبيات حسين، فشردهم عن البلاد، وأمنت البلد معه أمانا شديدا، حتى كان أهلها يلعبون ويغنون:

(1) «العقود اللؤلؤية» (2/ 96)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 143). (2) «العقود اللؤلؤية» (72/ 2 - 100)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 50).

4048 - [أبو الدر الطواشي]

في دولتك واحسام … أمهر يرعى امحمام (1) ثم فصله عنها بعد أن أمنت البلاد، وانقطعت مواد أهل الفساد، فولاه وادي رمع، وأقام فيه مدة، وغزا المعازبة وغيرهم، ثم أغار في يوم من الأيام وقد جعلوا له عدة مكامن، فلما توسط بين المكامن .. خرجوا عليه فقتلوه، وقتل معه جماعة من عسكره في خامس وعشرين ربيع الآخر من سنة خمس وخمسين وسبع مائة. 4048 - [أبو الدر الطواشي] (2) أبو الدر جوهر بن عبد الله الرضواني الطواشي. خدم جهة صلاح والدة المجاهد، وجعلته زمام قصرها، فارتفع شأنه، وعلا صيته، وظهرت له سيرة حسنة، وسياسة مستحسنة، فأسند إليه المجاهد كثيرا من أموره. وكان عالي الهمة، كريم النفس، مطعما للطعام، يحب فعل الخير، أنشأ مدرسة بتعز، ومسجدا بزبيد، وابتنى سبلا في طريق القرتب من زبيد، وأوقف على الجميع وقفا جيدا، وسكن مكة المشرفة مدة، ثم عاد إلى اليمن، فندبه المجاهد سفيرا إلى الديار المصرية، فقام بما يجب عليه أكمل قيام، وعاد على أحسن حال، ثم ندبه مرة أخرى، فركب من ساحل المخا صلاة العصر، فلما كان نصف الليل .. اندق المركب على شعب، فانكسر وهلك من فيه قريبا من جبل الزقر في آخر ذي الحجة من سنة خمس وخمسين وسبع مائة، فوجد المذكور ميتا بعد أيام قلائل، فحمل إلى زبيد، ودفن بها. 4049 - [محمد بن علي الخطيب] (3) محمد بن علي الخطيب، من خطباء تريم. قال في «الجوهر الشفاف»: (قال الشيخ فضل بن عبد الله بن أبي فضل: ما نعرف في وقتنا ممن رأينا يكثر العبادة والاجتهاد والذكر الصافي مثل محمد بن علي الخطيب. اه‍

(1) قوله: (أمهر) و (امحمام) هو على لغة حمير المسماة ب‍ (الطمطمانية)، بإبدال لام (أل) ميما. (2) «العطايا السنية» (ص 290)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 101)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 284)، و «العقد الثمين» (3/ 448). (3) «الجوهر الشفاف» (1/ 225).

4050 - [علي ابن ندى العرضي]

قال في «الجوهر»: وكان إذا صلّى الظهر .. ابتدأ يقرأ من أول القرآن قراءة حسنة، بيّنة لينة، ليست بقراءة عجلة ولا هذرمة، ثم ما يقع العصر إلا وقد ختم القرآن كله، وكانت هذه الختمة من رواتبه) (1)، وذكر له في الكتاب كرامات (2). توفي في المحرم سنة خمس وخمسين وسبع مائة. 4050 - [علي ابن ندى العرضي] (3) علي بن أحمد بن محمد بن صالح بن ندى العرضي (4). ولد بدمشق سنة سبع وسبعين وست مائة. وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في استدعاء مؤرخ بشهر شوال من سنة سبع وخمسين وسبع مائة. 4051 - [ابن الحداد الحنفي] (5) يحيى بن علي بن أبي الحسن مجلي بن محمد بن طاهر بن محمد بن الحداد الحنفي. ولد سنة ست وستين وست مائة. وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في سنة سبع وخمسين وسبع مائة، ومات في شهر الإجازة.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 228). (2) انظر «الجوهر الشفاف» (225/ 1 - 228). (3) «ذيل العبر» للحسيني (ص 366)، و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 125)، و «الدرر الكامنة» (3/ 20)، توفي صاحب الترجمة سنة (764 هـ‍). (4) من هذه الترجمة إلى ترجمة (زيد بن عبد الرحمن المغربي) سيستطرد المصنف رحمه الله تعالى في ذكر تراجم مختصرة لعلماء أفاضل أجازوا للإمام مجد الدين الشيرازي صاحب «القاموس المحيط»، الآتي ذكره في حوادث السنة السابعة عشرة من المائة التاسعة (6/ 388)، وذلك لأن كل هذه الإجازات كانت سنة (757 هـ‍)، وسنذكر مصدرين أو ثلاثة لكل ترجمة-بالإضافة إلى تاريخ وفاة صاحبها-إن عثرنا عليها؛ لأن المصنف رحمه الله تعالى نبه في آخر هذه التراجم أنه نقلها عن خط الفقيه محمد بن أبي بكر الخياط المتوفي سنة (839 هـ‍)، الآتية ترجمته (6/ 398)، وهو تلميذ المجد الشيرازي، ولعل المصنف أخذ تلك التراجم من كراسة له جمعها في شيوخه، كما ذكر البريهي في «طبقات صلحاء اليمن» (ص 230)، والله أعلم. (5) «الوفيات» لابن رافع (2/ 194)، و «الدرر الكامنة» (4/ 422).

4052 - [الشريف أبو بكر الحسني]

4052 - [الشريف أبو بكر الحسني] (1) أبو بكر عبد المنعم بن محمد بن محمد الحسني. أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في استدعاء مؤرخ بشوال سنة سبع وخمسين وسبع مائة. 4053 - [ابن إمام الصخرة] (2) محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن يعقوب البياني الخزرجي. أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في استدعاء مؤرخ بالتاريخ السابق. 4054 - [محمود بن خليفة المنبجي] (3) محمود بن خليفة بن محمد بن خلف المنبجي. أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في استدعاء مؤرخ بالتاريخ السابق. 4055 - [محمد بن الموصلي] (4) محمد بن الموصلي الشافعي. أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في استدعاء مؤرخ بالتاريخ السابق. 4056 - [محمد بن إبراهيم البغدادي] (5) محمد بن إبراهيم بن علي-المذكور آنفا-البغدادي. ولد في ربيع الآخر سنة سبع وثمانين وست مائة. وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في استدعاء مؤرخ بالتاريخ السابق.

(1) «لحظ الألحاظ» (ص 145)، توفي صاحب الترجمة سنة (765 هـ‍). (2) «الدرر الكامنة» (3/ 295)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 89)، توفي صاحب الترجمة سنة (766 هـ‍). (3) «الدرر الكامنة» (4/ 323)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 92)، توفي صاحب الترجمة سنة (767 هـ‍). (4) لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا. (5) لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.

4057 - [محمد بن العطار الشافعي]

4057 - [محمد بن العطار الشافعي] محمد بن العطار الشافعي. أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في استدعاء مؤرخ بالتاريخ السابق. 4058 - [أبو العباس الحريري] (1) الشيخ المعمر أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد الولي بن جبارة المقدسي. ولد سنة ثلاث وستين وست مائة. وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في استدعاء مؤرخ بشوال سنة سبع وخمسين وسبع مائة. 4059 - [عمر بن عثمان المقدسي] (2) عمر بن عثمان بن سالم بن خلف بن فضل المقدسي. ولد لثمان خلون من شعبان سنة ثمان وسبعين [وست مائة]. وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في استدعاء مؤرخ بالتاريخ السابق. 4060 - [محمد بن محمد الفندقي] (3) محمد بن محمد بن علي بن عبد الحميد الفندقي. أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في استدعاء مؤرخ بالتاريخ السابق.

(1) «ذيل العبر» للحسيني (ص 316)، و «شذرات الذهب» (8/ 318)، توفي صاحب الترجمة سنة (758 هـ‍). (2) «الدرر الكامنة» (3/ 175)، و «شذرات الذهب» (8/ 325)، توفي صاحب الترجمة سنة (760 هـ‍). (3) «الدرر الكامنة» (4/ 200)، توفي صاحب الترجمة بعد السبعين وسبع مائة.

4061 - [أبو عبد الله الحفة]

4061 - [أبو عبد الله الحفة] (1) الشيخ الصالح المعمر أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد المقرئ، المعروف بالحفة الحنبلي. أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ السابق ذكره. 4062 - [عبد الله بن محمد المطري] (2) عبد الله بن محمد بن أحمد بن خلف السعدي الخزرجي المطري. أجاز بالمدينة لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ السابق ذكره. 4063 - [ابن قيم الضيائية] (3) الشيخ المعمر عبد الله بن محمد بن إبراهيم المقدسي. أجاز بدمشق لجماعة، منهم المجد الشيرازي في استدعاء مؤرخ بالتاريخ السابق. 4064 - [محمد بن أحمد المقدسي] (4) محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر. أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ المذكور. 4065 - [يوسف بن محمد السرمري] (5) يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد السّرّمرّي الحنبلي. ولد بسرمر في أواخر رجب سنة ست وتسعين وست مائة.

(1) «الوفيات» لابن رافع (ص 209)، و «الدرر الكامنة» (3/ 294)، وتوفي صاحب الترجمة سنة (759 هـ‍). (2) «الدرر الكامنة» (2/ 284)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 85)، توفي صاحب الترجمة سنة (765 هـ‍). (3) «ذيل العبر» للحسيني (ص 335)، و «الوفيات» لابن رافع (2/ 229)، و «الدرر الكامنة» (2/ 283)، توفي صاحب الترجمة سنة (761 هـ‍). (4) «الدرر الكامنة» (3/ 304)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 195)، توفي صاحب الترجمة سنة (780 هـ‍). (5) «الدرر الكامنة» (4/ 473)، و «شذرات الذهب» (8/ 429)، توفي صاحب الترجمة سنة (776 هـ‍).

4066 - [أحمد ابن خولان الحنفي]

وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ السابق. 4066 - [أحمد ابن خولان الحنفي] (1) أحمد بن علي بن أبي بكر بن نصر بن بحتر بن خولان الحنفي. ولد في ذي القعدة سنة أربع وثمانين وست مائة. وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ المذكور. 4067 - [محمود بن عبد الحميد المعري] (2) الشيخ الصالح محمود بن نجم الدين عبد الحميد بن سليمان الحنفي. أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ السابق ذكره. 4068 - [ابن الزقاق المقرئ] (3) أحمد بن محمد بن أحمد بن محمود بن أبي القاسم المعروف بابن الزقاق المقرئ. أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ المذكور. 4069 - [محمد بن محمد الماكسيني] (4) محمد بن أبي عبد الله محمد بن سلامة الماكسيني. أجاز الجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ المذكور. 4070 - [ابن الكردي الهكاري] (5) محمد بن إبراهيم بن داود الشهير بابن الكردي.

(1) «ذيل العبر» للحسيني (ص 328)، و «الدرر الكامنة» (1/ 206)، توفي صاحب الترجمة سنة (760 هـ‍). (2) «الدرر الكامنة» (4/ 327)، توفي صاحب الترجمة سنة (757 هـ‍). (3) «ذيل العبر» للحسيني (ص 361)، و «الدرر الكامنة» (1/ 250)، توفي صاحب الترجمة سنة (764 هـ‍). (4) «الدرر الكامنة» (4/ 180)، توفي صاحب الترجمة سنة (767 هـ‍). (5) «الدرر الكامنة» (3/ 279)، و «النجوم الزاهرة» (10/ 331).

4071 - [أحمد بن الحسن الصهوري]

أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في شوال سنة سبع وتسعين، كذا وجدته في الأصل، وما أظنه إلا في التاريخ السابق، فليحقق ذلك! (1) 4071 - [أحمد بن الحسن الصهوري] أحمد بن الحسن بن الخضر الصهوري الشافعي أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ المذكور. 4072 - [الصفدي] (2) خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي. ولد سنة ست وتسعين وست مائة بصفد. وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ المذكور. 4073 - [علي بن إبراهيم الجنائزي] (3) علي بن إبراهيم بن علي الشافعي. ولد سنة ثمانين وست مائة. وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ المذكور. 4074 - [يوسف بن محمد المرداوي] (4) يوسف بن محمد بن عبد الله الحنبلي. أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ المذكور.

(1) وتحقيقه: أن الإجازة كانت في التاريخ السابق كما ظنه المصنف رحمه الله تعالى؛ لأن صاحب الترجمة توفي سنة (759 هـ‍)، والله أعلم. (2) «ذيل العبر» للحسيني (ص 364)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 5)، و «الدرر الكامنة» (2/ 87)، توفي صاحب الترجمة سنة (764 هـ‍). (3) «الدرر الكامنة» (3/ 8)، توفي صاحب الترجمة سنة (764 هـ‍). (4) «الدرر الكامنة» (4/ 470)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 100)، توفي صاحب الترجمة سنة (769 هـ‍).

4075 - [أبو العباس ابن قدامة المقدسي]

4075 - [أبو العباس ابن قدامة المقدسي] (1) أحمد بن الحسن بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي. ولد يوم الاثنين تاسع شعبان سنة ثلاث وتسعين وست مائة. وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في سنة سبع وخمسين وسبع مائة. 4076 - [ابن نباته الشاعر] (2) محمد بن محمد ابن نباتة. أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ المذكور. 4077 - [الحسين ابن أبي الخير الحنبلي] (3) الحسين بن علي بن أبي بكر بن محمد بن أبي الخير الحنبلي، التبريزي الأصل، الموصلي. ولد سنة تسعين وست مائة. وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ السابق ذكره. 4078 - [زيد بن عبد الرحمن المغربي] (4) زيد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز الشافعي. ولد سنة تسع وتسعين وست مائة. وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي في التاريخ السابق ذكره. كذا نقلته-أعني جميع ما يتعلق بإجازة الجماعة المذكورين لمن ذكر في سنة سبع

(1) «الدرر الكامنة» (1/ 120)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 108)، و «شذرات الذهب» (8/ 376)، توفي صاحب الترجمة سنة (771 هـ‍). (2) «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 219)، و «الدرر الكامنة» (4/ 216)، توفي صاحب الترجمة سنة (768 هـ‍). (3) «الدرر الكامنة» (2/ 59)، و «شذرات الذهب» (8/ 321)، توفي صاحب الترجمة سنة (759 هـ‍). (4) «الدرر الكامنة» (2/ 116)، توفي صاحب الترجمة سنة (762 هـ‍).

4079 - [أبو إسحاق الوزيري]

وخمسين وسبع مائة-من خط الفقيه محمد بن أبي بكر الخياط رحمه الله تعالى ونفع به، آمين. 4079 - [أبو إسحاق الوزيري] (1) إبراهيم بن محمد أبو إسحاق الوزيري الإمام المحدث. أخذ عن الإمام أحمد بن أبي الخير وغيره. وتصدر للإقراء بزبيد بعد وفاة الحافظ إبراهيم بن عمر العلوي، واستفاد عليه خلق كثير، وتفرد في آخر عمره بالرواية. وكان فقيها عارفا، محدثا مشهورا. وتوفي لبضع وخمسين وسبع مائة. 4080 - [علي بن حسن الملكحي] (2) علي بن القاضي حسن الملكحي الفقيه الشافعي. كان فقيها عارفا بالمذهب، ماهرا في العلوم، تقيا ذكيا. توفي سنة سبع وخمسين وسبع مائة (3). 4081 - [يحيى ابن أبي عافي] (4) يحيى بن علي بن أبي عافي الحضرمي التريمي، مؤذن مسجد آل باعلوي. قال الخطيب: (كان مجتهدا في العبادة، ويقوم الليل مع آل باعلوي. قال: روي أنه لما توفي .. أعتق الله لقدوم روحه أربعين معذبا من الأموات؛ كرامة له) (5).

(1) «العطايا السنية» (ص 172)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 40). (2) «العطايا السنية» (ص 474)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 252)، و «هجر العلم» (4/ 2128). (3) في «العطايا السنية» (ص 474): توفي سنة (716 هـ‍). (4) «الجوهر الشفاف» (1/ 243). (5) «الجوهر الشفاف» (1/ 243).

4082 - [سالم بن نصر الحرازي]

توفي في ربيع الأول سنة سبع وخمسين وسبع مائة. 4082 - [سالم بن نصر الحرازي] (1) سالم بن نصر الحرازي بالولاء. تفقه بسيده أحمد بن علي الحرازي وغيره. وكان فقيها عالما، محققا، متفننا في فنون شتى. ولي القضاء بعدن مدة، وحمدت سيرته فيه، وكان قوالا بالحق، حسن الخلق، لين الجانب، مبارك التدريس، وإليه انتهت رئاسة الفتوى بعدن وما والاها. وتوفي بعدن سنة ثمان وخمسين وسبع مائة. 4083 - [علي ابن ثمامة] (2) علي بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن نجاح، عرف بابن ثمامة. كان فقيها فاضلا، درس بنظامية زبيد بعد أبيه. وتوفي في أثناء سنة تسع وخمسين وسبع مائة. 4084 - [إسحاق الكلالي] (3) إسحاق بن أحمد بن الفقيه يحيى بن زكريا بن محمد بن أسعد بن عبد الله الكلالي، نسبة إلى عبد كلال بن معاوية، بطن من حمير. ولد في ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وست مائة. وتفقه بأخويه محمد وداود وغيرهما. ودرس في أتابكية ذي هزيم، ثم في مؤيدية تعز. وكان فقيها فاضلا، محققا، نقالا للمذهب، لا تدور الفتوى في تعز إلا عليه وعلى

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 453)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 86). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 333)، و «المدارس الإسلامية» (ص 98). (3) «السلوك» (2/ 133)، و «العطايا السنية» (ص 264)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 102)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 195)، و «تحفة الزمن» (1/ 457)، و «المدارس الإسلامية» (ص 20).

4085 - [الحسن الحلبوبي]

الفقيه أبي بكر بن جبريل، خيرا دينا، متواضعا، شريف النفس، معظما عند الناس. كيد عند المجاهد بأنه يسعى في فساد ملكه، فكحله، ثم ندم على كحله لما تحقق براءة ساحته، فلما كحل .. انتقل من تعز، واستوطن زبيد ناشرا للعلم بها إلى أن توفي على رأس الستين، وقيل: اثنتين وستين وسبع مائة (1). وممن تفقه به علي بن عبد الله الشاوري، ومحمد بن أحمد الميفعي، وأبو بكر بن علي الحضرمي المقرئ المعروف بأبي نافع، وغيرهم من أهل زبيد وغيرها. 4085 - [الحسن الحلبوبي] (2) الحسن بن عبد الله بن أبي السرور أبو محمد صاحب الحلبوبي-بضم الحاء المهملة، وسكون اللام، وضم الموحدة الأولى، وكسر الثانية، بينهما واو ساكنة، وآخره ياء النسب -قرية معروفة بين الجوة وعدن على يمين السائر إلى عدن. تفقه بابن الأديب، ولما توفي ابن الحرازي حاكم عدن .. جعله ابن الأديب مكانه على قضاء عدن ونواحيها، ولما تغلب الملك الظاهر عبد الله بن المنصور أيوب على عدن ونواحيها .. جعله قاضي القضاة في البلاد التي تغلب عليها أجمع، فكان إذا خرج من عدن .. استناب بها ابن عمه سالم بن عمران بن أبي السرور. وكان الحسن المذكور فقيها جليلا، فاضلا نبيلا، عالما عاملا، مشاركا في فنون كثيرة، وجيها نبيها، حسن السيرة، مرضي السريرة، جوادا، لا يرد من قصده خائبا. ويقال: إنه أوتي الاسم الأعظم. قال الخزرجي: (وحدثني من أثق به ممن يعرفه المعرفة التامة أنه قال لجلسائه يوما: لولا مخافة صاحب الدولة .. لكنا نجعل هذا الجبل ذهبا أو فضة ينتفع به الناس، وأشار إلى جبل قريب من موضعه يسمى: البريج) (3). ولم يزل ساكنا بالحلبوب إلى أن توفي في شهر رجب سنة ستين وسبع مائة رحمه الله تعالى، آمين.

(1) في «العطايا السنية» (ص 264)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 102): توفي سنة (756 هـ‍). (2) «السلوك» (2/ 398)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 328)، و «تحفة الزمن» (2/ 364)، و «طبقات الخواص» (ص 124)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 50)، و «هجر العلم» (1/ 480). (3) «طراز أعلام الزمن» (1/ 328).

4086 - [سالم بن عمران بن أبي السرور]

4086 - [سالم بن عمران بن أبي السرور] (1) سالم بن عمران بن أبي السرور، ابن عم الفقيه حسن المتقدم ذكره. كان فقيها فاضلا، عالما عاملا، خيرا دينا، استمر معيدا في منصورية عدن مدة، وذلك بعد وفاة ابن المقرئ. ولما تولى ابن عمه الحكم في عدن بعد ابن الحرازي .. كان ابن عمه هذا ينوبه في الحكم إذا خرج من عدن. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لابن عمه الفقيه حسن رحمهما الله تعالى. 4087 - [الوزير علي بن محمد] (2) الوزير جلال الدين أبو الحسن علي بن محمد بن أبي بكر بن عمار. كان كاملا لبيبا عاقلا، ذا رئاسة وسياسة. ولاه المجاهد النظر بعدن، ثم ولاه الوزارة بعد أخيه صفي الدين، وكان سعيد المباشرة. وتوفي في عشرين شعبان من سنة ستين وسبع مائة. 4088 - [عمر بن سعيد التعزي] (3) عمر بن سعيد بن معتب التعزي. كان فقيها نبيها متفننا، عارفا بالفقه والنحو والفرائض. درس بمظفرية تعز، وولي القضاء بتعز، فشكرت سيرته فيه، ثم عزله المجاهد بسبب

(1) «السلوك» (2/ 439)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 451)، و «تحفة الزمن» (2/ 364)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 85)، و «المدارس الإسلامية» (ص 64). (2) «العطايا السنية» (ص 483)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 111)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 337)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 158). (3) «العطايا السنية» (ص 514)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 190)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 413)، و «المدارس الإسلامية» (ص 113).

4089 - [محمد الشبامي العطار]

كونه صلّى العيد والسلطان في الميدان لم يصل إلى المصلى، ثم أعيد في قضاء تعز. قال أبو الحسن الخزرجي: (أخبرني الفقيه محمد بن أحمد الوصابي الخطيب بالمجاهدية قال: كنت أنا ورفيق لي نقرأ على القاضي عمر بن سعيد، وكان فيه انبساط كثير، ينبسط معنا وننبسط معه، فوصلنا إليه يوم ورد الأمر باستمراره قاضيا، فقرأنا عليه مدرسنا، ثم قال أحدنا لصاحبه: كيف يهنّأ القاضي بولاية القضاء؟ فأجابنا القاضي وقال: يقال له: لقد ذبحت بغير سكين، وبكى عند ذلك) (1). يحكى أنه كان في مجلس حكمه، فدخل عليه خصمان يتنازعان، فلما رآهما .. احمر وجهه، وكرر التعوذ، ثم قام من المجلس، وأمر أحد الجماعة الحاضرين أن يحكم بينهما، فحكم النائب بينهما بما تقرر في الشرع، ثم سئل بعد ذلك عما كان منه من النفور والتعوذ، فقال: كان أحد المتنازعين صاحبا لي، له علي منة، عرفت أنه يريد مني أن أحابيه في الحكم. ولم أقف على تاريخ وفاته، وزمنه معروف بزمن مولّيه (2). 4089 - [محمد الشبامي العطار] (3) محمد بن عبد الرحمن بن أحمد باحسان الحضرمي الشبامي العطار. تفقه ببلده، ثم أكمل تفقهه بزبيد. وتوفي بها. وكان فقيها فاضلا عارفا. ولم أقف على تاريخ وفاته. 4090 - [عبد الله بن عبد الملك المرجاني] (4) عبد الله بن عبد الملك بن الشيخ أبي محمد عبد الله بن محمد بن محمد البكري، التونسي الأصل، الإسكندري المولد، المكي الدار، المعروف بالمرجاني.

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 413). (2) في «العقود اللؤلؤية» (2/ 190)، و «المدارس الإسلامية» (ص 113): توفي سنة (788 هـ‍). (3) «السلوك» (2/ 33)، و «العطايا السنية» (ص 572)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 199)، و «تحفة الزمن» (1/ 594). (4) «العقد الثمين» (5/ 203)، و «التحفة اللطيفة» (2/ 354)، و «هدية العارفين» (5/ 463).

سمع [ ... ] (1). قال الفاسي: (وألف تاريخا للمدينة مشتملا على فوائد كثيرة، إلا أن كثيرا منها لا تعلق له بالتاريخ، سماه: «بهجة النفوس والأسرار في تاريخ دار هجرة المختار» في مجلد، رأيته بخطه، وأنه ابتدأ في تأليفه تاسع شوال من سنة إحدى وخمسين وسبع مائة، وتمامه سادس عشر الشهر المذكور، وله أيضا نظم. قال: وكان توجه إلى بلاد المغرب، وانقطع خبره) (2). ***

(1) بياض في الأصول، والترجمة أخذها المصنف من «العقد الثمين»، وفيه بياض أيضا. (2) «العقد الثمين» (5/ 203).

الحوادث منقول من «تاريخ ابن حسان»

الحوادث منقول من «تاريخ ابن حسان» في سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة : توفي الشيخ شماسة بن أحمد بحيريج (1). في تاسع صفر سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة : دفع وادي زبيد دفعة عظيمة بسيل عظيم، فهلك بسببه من أهل قرية المسلب نحو مائة وخمسين نفسا غير البهائم (2). وفي سنة أربع وأربعين وسبع مائة : جارية من بيت الأمير بدر الدين محمد بن الفخر يقال لها: غناء، ولدت ولدا على وفاء سبعة أشهر من حمله، وجهه وجه جدي، وله قرنان، وأربع أعين، ثنتان من قدام، وثنتان من خلف، وآذانه في رأس الكتفين، في كل كتف أذن، وأنفه أعوج، وله سن وناب ولسان ابن آدم، وشعره بين الجنبين، وله أربع أرجل، في كل رجل أربع أصابع، وكوع حمار، وبه عجز مشقوق، وله من قدامه ذكر، ومن خلفه فرج أنثى، فسبحان الخلاق العليم! ! (3) وفي سنة سبع وأربعين وسبع مائة : عمر الطاقان البحري والشرقي من جامع شبام. وفيها: مات عبد الله بن يماني بن عمر بن مسعود، وولي أخوه أحمد (4). وفي سنة سبع وأربعين وسبع مائة أو قريب منها : ظهرت الفتنة وحرب السوق الأولى في الهجرين بين [ ... ] (5). وفي سنة ثمان وأربعين وسبع مائة : خالف آل حسن على آل جميل في شبام، وقربوا أحمد بن يماني بن عمر بن مسعود. وفي شعبان من السنة المذكورة: دخلها آل جميل، وعادوا هم وآل حسن على ما كانوا عليه.

(1) «تاريخ شنبل» (ص 120). (2) «العقود اللؤلؤية» (2/ 75)، و «تاريخ شنبل» (ص 121)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 126). (3) «العقود اللؤلؤية» (2/ 76). (4) في «تاريخ شنبل» (ص 121)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 140)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 126) كانت هذه الحادثة سنة (745 هـ‍). (5) بياض في الأصول.

وفي سنة اثنتين وخمسين وسبع مائة

وفيها: مات الفقيه الشيخ أبو بكر با حفص بالنغير. وفيها: توفي محمد بن أحمد الذهيبي المعروف بالبصال بعدن. وفيها: أخذ أحمد بن يماني قارة الشناهزة (1). وفي سنة اثنتين وخمسين وسبع مائة : قدم البوني المغربي إلى حضرموت. وفي سنة أربع وخمسين وسبع مائة : بنيت فضح (2). وفي جمادى الأخرى منها: ولد الإمام إسماعيل بن أبي بكر المقرئ، مصنف «الإرشاد» و «الروض» و «عنوان الشرف» وغيرها (3). وفي سنة سبع وخمسين وسبع مائة : مات أحمد بن عبد الله أبو دجانة. وفيها: تخلى آل عامر من شبام. وفيها: اصطلح أهل الهجرين من بعد فرقتهم وحربهم قريبا من عشر سنين؛ أي: مدة الحرب والفرقة. وفيها: قدّم أحمد بن يماني ولده محمد في تريم وفي جميع ممالكه، والله سبحانه أعلم (4). انتهى المنقول من «تاريخ ابن حسان». وفيها: أجاز محمد بن أبي القاسم التونسي لجماعة، منهم المجد الشيرازي في استدعاء مؤرّخ بشوال منها. وفيها: أجاز أبو بكر بن أحمد بن أبي الفتح بن إدريس بن شامة لجماعة، منهم المجد الشيرازي. وفيها: أجاز يوسف بن محمد بن محمد المحدث لجماعة، منهم المجد الشيرازي.

(1) انظر حوادث سنة (748 هـ‍) في «تاريخ شنبل» (ص 122)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 141)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 126). (2) في «تاريخ شنبل» (ص 126)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 141) كانت هذه الحادثة سنة (755 هـ‍). (3) في «تاريخ شنبل» (ص 126)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 127) ولد سنة (755 هـ‍)، وكذلك في مصادر ترجمته، انظر «طراز أعلام الزمن» (1/ 212)، و «الضوء اللامع» (2/ 292). (4) انظر حوادث سنة (757 هـ‍) في «تاريخ شنبل» (ص 127)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 141)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 127).

وفيها: أجاز علي بن إبراهيم بن أبي الهيجاء الشافعي لجماعة، منهم المجد الشيرازي. وفيها: أجاز محمد بن إسماعيل بن جميل لجماعة، منهم المجد الشيرازي. وفيها: أجاز يعقوب بن يعقوب الحريري البعلي لجماعة، منهم المجد الشيرازي. ولد يعقوب المذكور في سنة خمس وسبعين وست مائة. وفيها: أجاز أبو الحرم محمد بن محمد بن محمد بن أبي الحرم القلانسي لجماعة، منهم المجد الشيرازي. ولد أبو الحرم المذكور سنة ثلاث وثمانين وست مائة. وفيها: أجاز خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي الشافعي، وأظنه مؤلف «القواعد» المشهورة، أجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي. ولد خليل بدمشق في أحد الربيعين سنة أربع وتسعين وست مائة (1). وفيها: أجاز محمد بن علي الأنفي لجماعة، منهم المجد الشيرازي. وفيها: أجاز أبو بكر بن أحمد بن محمد بن عمر بن عيسى الأموي الشافعي لجماعة، منهم المجد الشيرازي. ولد أبو بكر المذكور سنة تسعين وست مائة. وفيها: أجاز أحمد بن ظهيرة القرشي لجماعة، منهم المجد الشيرازي. وفيها: أجاز محمد بن عبد الواحد بن طاهر المقدسي الصوفي لجماعة، منهم المجد الشيرازي. ولد سنة اثنتين وثمانين وست مائة ظنا. وفيها: أجاز أحمد بن محمد بن إبراهيم الشافعي المقدسي لجماعة، منهم المجد الشيرازي. وفيها: أجاز محمد بن حامد بن أحمد بن عبد الرحمن الشافعي المقدسي لجماعة، منهم المجد الشيرازي.

(1) ولد في ربيع الأول، وهو نفسه صاحب «القواعد»، انظر «الدرر الكامنة» (2/ 90)، و «شذرات الذهب» (8/ 327).

ولد المذكور سنة اثنتين وسبع مائة ظنا (1). وفيها: أجاز محمد بن محمد بن أبي القاسم التونسي المالكي لجماعة، منهم المجد الشيرازي. ولد في أوائل سنة إحدى وثمانين وست مائة. وفيها: أجاز محمد بن أحمد العمري المكي الحرازي لجماعة، منهم المجد الشيرازي. وفيها: أجاز لجماعة-منهم المجد الشيرازي-أحمد بن محمد بن كامل بن تمام بن شعبان بن معالي بن سالم، التدمري الأصل، الخليلي الدار، الشافعي المذهب، نزيل الخليل عليه الصلاة والسلام، والخطيب والإمام والمصدّر بمسجده صلّى الله عليه وسلم. ولد تاسع رجب سنة اثنتين وسبع مائة. وفيها: أجاز محمد بن أحمد بن عبد الله بن مروان أحد المؤذنين بمقام الخليل لجماعة، منهم المجد الشيرازي. ولد سنة ثمان وسبع مائة. وفيها: أجاز إبراهيم بن محمد بن أيوب بن أحمد بن سور العمادي أحد المصنفين بالمقام الشريف الخليلي لجماعة، منهم المجد الشيرازي. ولد سنة تسع وتسعين وست مائة. وفيها: أجاز موسى بن بدر شيخ حرم الخليل للمجد الشيرازي وغيره. ولد سنة اثنتين وسبع مائة. وفيها: أجاز محمد بن أبي القاسم بن إسماعيل بن مظفر الفارقي للمجد الشيرازي وغيره. ولد في ذي الحجة سنة ست وسبعين وست مائة. وفيها: أجاز أحمد بن محمد بن عبد الرحمن العسجدي للمجد الشيرازي وغيره. ولد في رمضان سنة ست وثمانين وست مائة.

(1) في «الدرر الكامنة» (3/ 417) ولد سنة (702 هـ‍)، أو سنة (703 هـ‍).

وفيها: أجاز مظفر بن علاء الدين-يعرف باللحاظ-للمجد الشيرازي وغيره. وفيها: أجاز محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يعقوب الطبري للمجد الشيرازي وغيره في استدعاء مؤرخ بشوال منها. وفيها: أجاز الشيخ شهاب الدين أحمد بن أبي الحسن بن الإمام الحرائري الرصدي للشيخ مجد الدين الشيرازي وغيره. وفيها: أجازت أم أيمن بركة ابنة الحافظ أبي الفتح محمد بن محمد بن محمد اليعمري للمجد الشيرازي وغيره. وفيها: أجاز محمد بن علي بن يوسف بن إدريس الحراوي، ومحمد بن محمد الإبرسوي للمجد الشيرازي وغيره في استدعاء مؤرخ بشوال منها. وفيها: أجاز الشيخ المعمر نور الدين علي بن أحمد بن عبد المحسن ابن الرفعة العدوي لجماعة، منهم المجد الشيرازي. ولد مستهل تسع وستين وست مائة، وسمع جميع «الغيلانيات» على غازي الحلاوي. وفيها: أجاز عمر بن محمد بن عبد الجليل بن أبي الرضا بن يونس الفوّي للمجد الشيرازي وغيره. ولد سنة إحدى وسبع مائة. وفيها: أجاز محمد بن أحمد بن أبي بكر ابن إبراهيم الربعي للمجد الشيرازي وغيره. ولد بمصر في شعبان سنة ثلاث وسبع مائة. وفيها: أجاز الشيخ الصالح المعمر عماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن أبي الحسين بن أبي الليث اللخمي النسكي الإسكندري للمجد الشيرازي وغيره. ولد تقريبا سنة اثنتين وسبعين وست مائة. وفيها: أجاز محمد بن أحمد بن هبة الله القرشي الأموي للمجد الشيرازي وغيره. ولد بالإسكندرية في ذي الحجة سنة تسع وسبعين وست مائة. وفيها: أجاز محمد بن أحمد بن علي الحسني الشاذلي للمجد الشيرازي وغيره. ولد سنة سبع وثمانين وست مائة.

وفيها: أجاز أبو الدر جوهر بن عبد الله المدلي الغزي الكويكي ثم الإسكندري للمجد الشيرازي وغيره. وفيها: أجاز عبد الله بن أبي بكر بن عمر البابلي للمجد الشيرازي وغيره. ولد في سابع وعشرين شهر شوال سنة إحدى وتسعين وست مائة. وفيها: أجاز محمد بن عطاء الله بن عبد المغيث بن السخاوي، ومحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن الربعي، ومحمد بن موسى بن عبد الحق التونسي للمجد الشيرازي وغيره. وفيها: أجاز للمجد الشيرازي وغيره السيد الأجل محب الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن عيسى الحسيني الشعرستاني الإسكندري، أجاز له ابن البخاري، وقرأ عليه القاضي مجد الدين حديثا من «جزء الأنصاري» المودعة مشيخة الفخر. وفيها: أجاز للمجد الشيرازي وغيره أحمد بن عبد الحق بن عبد الله بن يحيى القرشي. وفيها: أجاز للمجد الفيروزابادي وغيره محمد بن أبي بكر بن محمد المخزومي ابن الدماميني. ولد سنة إحدى وسبع مائة. وفيها: أجاز للمجد وغيره الشيخ مجد الدين محمد بن إسماعيل بن منصور بن عبد القوي الربعي الإسنائي. ولد سنة ست مائة وخمس وثمانين تقريبا. وفيها: أجاز الشيخ الصالح الفقيه أبو هلال خميس بن أبي العيد هلال بن عمار بن أبي البركات غنام العباسي المقرئ للمجد الشيرازي وغيره. وفيها: أجاز أبو القاسم عبد الرحمن بن نصر الله بن أبي القاسم بن عبد الله بن محمد بن طلائع بن القاسم الكناني القرشي للمجد الشيرازي. وفيها: أجاز علي بن حسن بن علي بن يوسف بن أبي بكر بن أبي الفتح بن علي إمام مقام الحنفية بالحرم الشريف، الحسني نسبا، المكي بلدا للمجد الشيرازي وغيره. وفيها: أجاز سعد الله بن عمر بن محمد الأسفراييني، ومحمد بن داود بن ناصر الصالحي للمجد الشيرازي وغيره.

وفيها: أجاز للمجد الشيرازي وغيره في استدعاء مؤرخ بشوال منها الفقيه العالم الصالح جمال الدين محمد بن علي بن عبد الله اليماني الراساني، له حظ وافر من العلم، وخط مليح كتب به كثيرا، وحقق كتبه على كتب الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل. وفيها: أجاز علي بن عيسى الحرثي القرشي الكناني للمجد الشيرازي وغيره. وفيها: أجاز للمجد الشيرازي وغيره علي بن عبد الله بن عبد السلام مؤذن الحرم الشريف، سمع منه جمال الدين بن ظهيرة «الموطأ». وفيها: أجاز أحمد بن محمد بن محمد القسطلاني المكي، وأحمد بن عبد الرحيم الأنصاري العزي للمجد الشيرازي وغيره. وفيها: أجاز نصر الله بن هود بن أبي بكر، نزيل حرم الله للمجد الشيرازي وغيره. وفيها: أجاز للمجد الشيرازي وغيره القاسم بن محمد بن إسماعيل الطبري، سمع منه الجمال بن ظهيرة، وأجاز للشريف التقي الفاسي. وفيها: أجاز للمجد الشيرازي وغيره الإمام العلامة قاضي المدينة الشريفة عبد الله بن محمد بن فرحون المالكي المدني، ذو المحاسن الدينية والدنيوية، وله في النحو اليد الطولى، وفي العبادة الحظ الوافر، ذكر اليعمري ترجمته في «تاريخ المالكية» (1). وفيها في أوائل شوال منها: توفي شهاب الدين أحمد بن عبد الله بن عبد الله الشريفي، وأجاز للمجد الشيرازي وغيره في استدعاء مؤرخ بسنة موته. وكانت ولادته بقوص من صعيد مصر سنة ثلاث وسبعين وست مائة. وفيها: أجاز للمجد الشيرازي وغيره عبد الرحمن بن أحمد الواسطي الشهير بابن البغدادي، ومحمد بن أحمد بن عبد الله ابن عبد المعطي الأنصاري المكي، وإبراهيم بن أحمد الأردبيلي المكي، وعبد الدائم بن عبد المحسن بن أبي الحسن البغدادي الواعظ بن الدواليبي، وعلي بن محمد بن إبراهيم [ ... ] (2)، ومحمد بن صبيح بن عبد الله المكي، وأبو عبد الله أحمد بن نصر بن محمد السيدي القرشي، وعبد الرحمن بن عباس بن عبد الرحمن الحسباني، وعلي بن محمد البابي، وشمس الأئمة محمود بن إسماعيل بن رشيد الدين بن محمود الصوفي الكردي، وإبراهيم بن محمد بن شريك الحنبلي،

(1) أي: «الديباج المذهب»، انظر ترجمته فيه (1/ 400). (2) بياض في الأصول.

وفي سنة ثمان وخمسين وسبع مائة

وعبد الصمد [ ... ] (1) بن أبي البركات النحسلي، الزنجاني محتدا، التبريزي مولدا، ومحمد بن عثمان بن خضر الشافعي خطيب المدينة، رحمهم الله تعالى ونفع بهم، آمين وفيها: أجاز لمجد الدين الشيرازي وغيره باستدعاء مؤرخ بشوال منها أم محمد ست الكل بنت الإمام شهاب الدين أحمد بن الرضي إبراهيم الطبري، وأم محمد حسنة بنت محمد بن كامل بن يعسوب الحسني، وأم الحسن فاطمة بنت أحمد بن عطية بن ظهيرة، وأم الهدى عائشة بنت الخطيب تقي الدين عبد الله بن الحافظ محب الدين الطبري، تروي عن جدها المحب الطبري، وعنها الإمام جمال الدين بن ظهيرة إجازة، وأم الحسن فاطمة بنت الإمام أحمد بن قاسم الحرازي، وأم محمد زينب بنت أحمد بن ميمون التونسي، كل هؤلاء أجزن لمن ذكر في التاريخ المذكور. وفي سنة ثمان وخمسين وسبع مائة : أجاز أحمد بن محمد الدلاصي المؤذن الأنصاري للمجد الشيرازي وغيره. ولد سنة خمس وتسعين وست مائة. وفيها: أجاز للمجد الشيرازي وغيره عبد الله بن عبد الرحمن الهاشمي الطالبي العقيلي. وفيها: أجاز للمجد الشيرازي وغيره أحمد بن محمد بن أبي بكر العسقلاني. وفيها: أجاز للمجد الشيرازي وغيره محمد بن عبد العزيز بن الشيخ العالم العارف نجم الدين سليمان بن الشيخ الزاهد العابد زين الدين إبراهيم المهرهسي (2) الأردبيلي. وفي خامس رمضان سنة ستين وسبع مائة : كانت المطرة المشهورة باليمن في مدينة زبيد ونواحيها، فتهدمت المساكن والبيوت على أهلها، وامتلأت الآبار ماء، ومات تحت الهدم نحو من مائة إنسان (3). والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) بياض في الأصول. (2) هكذا رسمها في (ت)، وفي باقي النسخ كلمة غير مقروءة. (3) «العقود اللؤلؤية» (2/ 110)، و «بغية المستفيد» (ص 98)، و «تاريخ شنبل» (ص 129) وفيه: كانت هذه الحادثة سنة (759 هـ‍).

العشرون الرابعة من المائة الثامنة

العشرون الرابعة من المائة الثامنة [الاعلام] 4091 - [الملك الناصر حسن ابن قلاوون] (1) الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، صاحب مصر. وليها بعد مسك أخيه أمير حاج في رمضان سنة ثمان وأربعين وسبع مائة، ثم خلع في جمادى الآخرة من سنة اثنتين وخمسين، وولي مكانه أخوه صالح، ولقب بالملك الصالح صلاح الدين، ومسك صالح في شوال سنة خمس وخمسين، وعاد الملك الناصر حسن إلى الولاية ثانيا، ثم مسك وقتل عند مملوكه يلبغا في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وسبع مائة، فجملة ولايته عشر سنين. وبني في أيامه جامع سيخون سنة خمس وخمسين، وخانقاه سيخون سنة ست وخمسين، وخانقاه ضرغتمس سنة سبع وخمسين، ومدرسة السلطان حسن المذكور سنة ثمان وخمسين. وهو سابع الإخوة المتولين من أولاد محمد بن قلاوون. 4092 - [أحمد العسلقي] (2) الكاتب النجيب أحمد بن علي بن قبيب العسلقي شهاب الدين، أحد أعيان الدولة المجاهدية. نال من المجاهد شفقة تامة، فولاه شد الوادي زبيد، ثم باشر بعد ذلك في جهات المملكة اليمنية بأسرها، وتقدم بهدية جليلة إلى مصر، ورجع إلى اليمن، فارتفع شأنه عند السلطان، وعظمت منزلته. وكان متنسكا، كثير التلاوة، قريب الجناب، حسن السيرة. قتل بأيدي العرب المفسدين بوادي سهام في أواخر سنة اثنتين وستين وسبع مائة.

(1) «ذيل العبر» للحسيني (ص 303)، و «البداية والنهاية» (14/ 703)، و «الدرر الكامنة» (2/ 38)، و «النجوم الزاهرة» (10/ 187)، و «سمط النجوم العوالي» (4/ 32). (2) «العطايا السنية» (ص 259) و «العقود اللؤلؤية» (1/ 117)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 132).

4093 - [الوزير أبو الخطاب]

4093 - [الوزير أبو الخطاب] (1) الوزير المجاهدي أبو الخطاب عمر بن عبد الرحمن بن عبد الحميد بن الخطبا القرشي المخزومي، الملقب: فتح الدين. كان أوحد زمانه، وسيد أقرانه رئاسة وعقلا، وكمالا ونبلا، وكان بارعا في الصناعات، جيد الخط والحظ. ولي شدّ الخاص وغيره من الشدود، فحسنت سيرته، ثم استوزره المجاهد، فكان حسن السيرة، محمود السريرة. وتوفي آخر صفر من سنة اثنتين وستين وسبع مائة. 4094 - [أحمد بن يوسف الحنفي] أحمد بن يوسف الحنفي. روى عن المحب الطبري إجازة، وأجازه أبو اليمن بن عساكر، وسمع «تاريخ المدينة» لابن النجار من أبي الحسن علي بن أحمد بن الغرافي عنه، وأجاز للمجد الشيرازي وغيره. وتوفي سنة اثنتين وستين-أو سبعين-وسبع مائة. 4095 - [الخليفة المعتضد بن المستكفي بالله] (2) المعتضد أبو بكر بن المستكفي بالله سليمان بن الحاكم أحمد بن الأمير الحسن الراشد الخليفة بمصر العباسي. بويع له يوم مات أخوه الحاكم الثاني سنة ثلاث وخمسين وسبع مائة، فأقام في الخلافة عشر سنين. وتوفي سنة ثلاث وستين وسبع مائة.

(1) «العطايا السنية» (ص 516)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 119)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 417). (2) «البداية والنهاية» (14/ 722)، و «السلوك» للمقريزي (ج /3 ق 77/ 1)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 14).

4096 - [عثمان بن عبد الله الأحمر]

4096 - [عثمان بن عبد الله الأحمر] (1) عثمان بن الفقيه عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن محمد الأحمر الأنصاري الساعدي. تفقه بأبيه وغيره، ودرّس. قال الخزرجي: (ولم أقف على تاريخ وفاته) (2)، ورأيت في هامش نسخة من «التاريخ» أنه توفي سنة ثلاث وستين وسبع مائة. 4097 - [عبد الله بن محمد المصري] (3) عبد الله بن محمد بن كثير صلاح الدين المصري. قال التقي الفاسي: (سمع من عبد الله بن علي بن عمر الصنهاجي وغيره، ولا أدري هل حدث أم لا؟ وتوفي خامس ذي القعدة سنة ثلاث وستين وسبع مائة بمكة، ودفن بالمعلاة، ذكره شيخنا الحافظ أبو زرعة في «تاريخه») اه‍ (4) 4098 - [الملك المجاهد الرسولي] (5) السلطان الملك المجاهد علي بن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن المنصور عمر بن علي بن رسول. توفي سنة أربع وستين وسبع مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 154)، و «هجر العلم» (2/ 1041). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 155). (3) «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 103)، و «العقد الثمين» (5/ 262)، و «السلوك» للمقريزي (ج /3 ق 79/ 1). (4) «العقد الثمين» (5/ 262). (5) «العطايا السنية» (ص 480)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 123)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 253)، و «العقد الثمين» (6/ 158)، و «الدرر الكامنة» (3/ 49)، و «تاريخ شنبل» (ص 130)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 139).

4099 - [عبد الله البريهي السكسكي]

4099 - [عبد الله البريهي السكسكي] (1) عبد الله بن محمد بن عمر بن أبي بكر بن إسماعيل البريهي ثم السكسكي، صاحب قرية ذي السفال. كان فقيها فاضلا، ورعا زاهدا، عابدا صالحا، صوفيا، جمع بين الطريقتين، وحاز شرف المنزلتين، متفننا في أنواع العلوم؛ كالحديث والتفسير والفقه والنحو واللغة والتصوف. تحكم على يده جماعة من الفضلاء، واستحسن سيرته كافة العلماء، وكان سهل الأخلاق، مبارك التدريس، له صبر على الطلبة، كثير الحج إلى بيت الله الحرام، يحج في جمع كثير، وجم غفير، وله مع العرب في طريق الحجاز حكايات يطول شرحها، ولأهل الحرمين الشريفين وغيرهم من المصريين فيه اعتقاد عظيم، وله مقامات مشهورة، وفضائل مأثورة. توفي في المحرم أول سنة أربع وستين وسبع مائة. 4100 - [علي بن عمر المقرئ] (2) علي بن عمر بن مسلم أبو الحسن الفقيه المقرئ. جمع بين الفقه والقراءات السبع، وحاز فضيلتي العلم والعمل. وكان مشهورا بالدين المتين والورع والزهد والعبادة. ولما أخرب المؤيد بلاد خولان .. انتقل المذكور إلى الحناجر، فأقام يقرئ الناس القرآن الكريم هنالك، وكان مبارك التدريس، ما قرأ عليه أحد إلا انتفع به، فتخرج على يده عدة مقرءين لا يحصون كثرة، ثم رجع إلى بلده في آخر عمره. وتوفي على الطريق المرضية من فعل الخير والقراءة والإقراء في سنة خمس وستين وسبع مائة.

(1) «العطايا السنية» (ص 401)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 130)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 154)، و «طبقات الخواص» (ص 188)، و «بغية الوعاة» (2/ 59)، و «هجر العلم» (2/ 772). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 312).

4101 - [محمد بن علي باعلوي]

4101 - [محمد بن علي باعلوي] (1) محمد بن علي بن علوي بن الفقيه محمد بن علي باعلوي. قال الخطيب التريمي: (كان من أجلاء المشايخ العارفين، وأكابر الأولياء المتقدمين، ونبلاء الصفوة المحققين، مكث نحو عشرين سنة يصلي الصبح بوضوء العشاء-وذكر له في كتابه «الشفاف» كرامات كثيرة-وقال: توفي يوم الاثنين لعشرين من شعبان سنة خمس وستين وسبع مائة) (2). قال الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي: (كان محمد بن علي المذكور ذا همم عالية، وعزائم سامية، بحر جود وسخاء، حرية وفتوة ووفاء، صحبه الشيخ فضل بن عبد الله، ولبس من يده الخرقة، ولازم مجالسته، وكان الشيخ فضل يثني عليه كثيرا، ويعظمه) اه‍ (3) 4102 - [محمد باعلوي صاحب العمائم] (4) محمد بن علوي بن أحمد بن الفقيه محمد بن علي باعلوي الشريف الحسيني. قال الخطيب: (كان عالما عاملا، بارعا ورعا كاملا، كثير الفكر والخشوع والعبادة والذكر والتلاوة لكتاب الله تعالى، وكان يحيي ما بين العشاءين بقراءة «إذا زلزلت». وقال شيخنا الشيخ عبد الرحمن: اتفق أهل زماننا أن بقية العلماء العاملين-أو قال: الصالحين-الفقيه ابن علوي، وكان يزور القبور كل يوم، ويكثر المكث فيها. قال علي بن عمر علوي: سرت من تريم إلى القارة للبحث عن تحقيق هلال بعض الشهور، فمررت على المقبرة، فإذا الفقيه ابن علوي فيها، ولم يزل فيها إلى أن رجعت من القارة إلى تريم وبينهما نحو ثلاثة أميال، وكان يقول في القبور: يا واسع المغفرة والرحمة؛ اغفر لنا وارحمنا، وارحمهم ووالدينا ووالديهم، واجعلنا وإياهم من الذين آمنوا بما أنزلت على رسلك.

(1) «الجوهر الشفاف» (152/ 1 - 168)، و «البرقة المشيقة» (ص 59)، و «تاريخ شنبل» (131)، و «المشرع الروي» (ص 198)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 143). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 168). (3) «البرقة المشيقة» (ص 59). (4) «الجوهر الشفاف» (1/ 190)، و «تاريخ شنبل» (ص 131)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 319)، و «المشرع الروي» (1/ 189).

4103 - [علي بن علوي باعلوي]

سمع أن الفقيه علي بن أحمد بن أبي مروان قرأ «التنبيه» و «المهذب» و «الوجيز» و «الوسيط» في العلم، وأتقن قراءة كل كتاب منها في سنة، فقال: أما يقع لأحد مثل هذا؟ ! فسافر إلى مقدشوه، وقرأ على الفقيه ابن عبد الصمد هذه الكتب المذكورة قراءة إتقان؛ كل كتاب في سنة، وحصل له ما تمناه، واجتهد في قراءة العلم ليلا ونهارا حتى احترق له من نار السراج الذي يطالع على ضوئه بالليل نحو ثلاث عشرة عمامة عند ما يغلبه النوم، وكان إذا اشتد به السهر، وغلبه النوم .. يخرج في الليل إلى البحر، ويدرس ما قرأه؛ لئلا يغلبه النوم. وقرأ عليه بتريم جماعة وانتفعوا به، وصاروا أئمة، منهم الشيخ فضل بن عبد الله بن أبي فضل، صحبه وقرأ عليه في الفقه والأصول والحديث والتفسير والرقائق بمذاكرة لائقة، ومنهم الفقيه العالم الشيخ الصالح محمد بن أبي بكر بن عمر بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله با عبّاد. قال الشيخ فضل: قال الفقيه محمد بن علوي رحمه الله: لما قدر الله سبحانه عليّ كسر رجلي، وذهب بي أهلي إلى المجبّر يجبرها .. وقع معي ريبة عظيمة من ألم التجبير، ودخل على أهلي لأجلي تعب عظيم، فلما وصلت إلى المجبر .. صرفت فكري في أهل النار وما هم فيه، فلم أحس بألم التجبير)، وذكر له في الكتاب كرامات (1). وبالجملة: فكان من كبار العلماء العاملين، والزهاد المجتهدين، مع سماحة اليدين، كان يتعاهد جيرانه ويقول: إذا لم يكن معكم شيء .. سيروا إلينا، وخذوا قوتكم، ولما سافر أخوه إلى مكة وجاور بها .. قام بعائلة أخيه القيام التام حتى ركبه الدين. وتوفي في عشر ذي الحجة سنة سبع وستين وسبع مائة. 4103 - [علي بن علوي باعلوي] (2) علي بن علوي بن الشيخ أحمد بن الفقيه محمد بن علي باعلوي، أخو الذي قبله.

(1) «الجوهر الشفاف» (190/ 1 - 193). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 193)، و «تاريخ ثغر عدن» (ص 154)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 324)، و «المشرع الروي» (2/ 228).

قال الخطيب في كتابه «الشفاف»: (كان رحمه الله شديد الاجتهاد في العبادة، كثير الخلوة، مشتغلا بالله تعالى عما سواه، يخرج من أهله وسط الليل وهم نيام إلى خلواته، ولا يعود إليهم إلا بعد العشاء، فيجد غالبهم قد نام؛ فلذلك كان أولاده لا يرونه، ولا يعرفون شخصه، ويقولون لأمهم: أين أبونا؟ أما لنا أب؟ ! فتخبرهم بما هو فيه. وكان كثير الاستغراق في الذكر وقراءة القرآن، قال عبد الله بن أبي زغيفان: دخلت تريم يوما بعد صلاة الصبح، فإذا الشيخ علي بن علوي وهو مستغرق في قراءة هذه الآية: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ}، ولم يزل يقرؤها ويرددها مستغرقا فيها إلى صلاة الظهر، وقرأ مرة في (سورة طه) فلما بلغ قوله تعالى: {فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى} .. جعل يرددها ويتواجد ساعة حتى غشي عليه. توفي بمكة بعد أن جاور بها مدة. وعن بعض آل تريم قال: كنت بمكة يوم مات الشيخ علي بن علوي، فحضرت جنازته، فلما أدخلوه اللحد .. رأيتهم دفنوه من غير أن يضعوا فوقه لبنا، فصحت وأنكرت عليهم في ذلك، فقال القاضي وكان حاضرا عند القبر: اسكت؛ فإنا ما وجدنا في القبر أحدا، ما دفنا إلا الكفن وحده. وقال بعض الثقات: لما دفن الشيخ علي بن علوي رحمه الله .. رأى الذين عنده طيورا خضرا يدخلن عليه ويخرجن) (1). ولم أقف على تاريخ وفاته، وذكرته هنا؛ تبعا لأخيه الفقيه محمد بن علوي. ذكر له الخطيب في كتابه جملة كرامات (2). ودخل عدن من طريقه إلى الحج، فاجتمع بالقاضي رضي الدين أبي بكر الحبيشي، فقال له: سيأتيك أحد الأولاد يقرأ عليك، فاستوص به خيرا، وكان ذلك قبل أن يتزوج، ثم سافر وجاور بمكة زمانا، ثم عاد إلى بلده وتزوج، فظهر له ولده أبو بكر، فلما كبر .. دخل إلى عدن، وقرأ على القاضي رضي الدين الحبيشي، فاجتهد عليه القاضي لوصية أبيه.

(1) «الجوهر الشفاف» (193/ 1 - 197). (2) انظر «الجوهر الشفاف» (193/ 1 - 200).

4104 - [عبد الرحمن بن علوي باعلوي]

4104 - [عبد الرحمن بن علوي باعلوي] (1) عبد الرحمن بن علوي بن أحمد باعلوي. ذكره في «الجوهر الشفاف»، وذكر له كرامات (2). ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لأخيه الفقيه محمد بن علوي. 4105 - [شبل الدولة المجاهدي] (3) أبو المسك كافور وازان المجاهدي المؤيدي، الملقب: شبل الدولة. كان أستاذا هماما، فارسا مقداما، له همة عليّة، ونفس أبيّة. تولى حصن تعز مرارا، وكذا حصن الدملوة، وكان حسن السيرة، له أفعال مستحسنة، ومن مآثره المسجد الذي بعدن المعروف بمسجد الطواشي كافور إضافة إليه، وأوقف عليه وقفا جيدا يقوم بإمام ومؤذن وقيّم، ومعلم أيتام، وله مسجد في منصورة الدملوة، والله سبحانه أعلم. توفي في سنة سبع وستين وسبع مائة. 4106 - [أبو العباس بن بصيص] (4) الإمام النحوي، اللغوي العروضي، الأديب الفرضي، الفقيه الحنفي المتفنن، أبو العباس أحمد بن عثمان بن أبي بكر بن بصيبص الزّبيدي-بالفتح، نسبة إلى البلد المعروفة-الزّبيدي بالضم، نسبة إلى القبيلة المشهورة. أخذ النحو عن الرقبي وغيره. وعنه أخذ الفقيه محمد الزوكي، والفقيه عبد اللطيف الشرجي، وغيرهما من أئمة عصره.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 200). (2) انظر «الجوهر الشفاف» (200/ 1 - 201). (3) «العطايا السنية» (ص 533)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 49)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 47). (4) «العطايا السنية» (ص 257)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 136)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 109)، و «تحفة الزمن» (2/ 321)، و «بغية الوعاة» (1/ 335)، و «مصادر الفكر الإسلامي» (ص 381).

4107 - [الإمام اليافعي]

وإليه انتهت رئاسة النحو بزبيد، وارتحل إليه الطلبة، وله تصانيف حسنة، منها شرح «مقدمة طاهر» شرحا جيدا. توفي بزبيد حادي وعشرين شعبان من سنة ثمان وستين وسبع مائة، وقبره قبلي قرية النويدرة. 4107 - [الإمام اليافعي] (1) عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي الإمام العالم، العامل الصالح، العابد القانت، الأواب، فضيل مكة وفاضلها، وعالم الأبطح وعاملها. قال الإسنوي: (كان إماما يسترشد بعلومه ويقتدى، وعلما يستضاء بنوره ويهتدى) (2). ولد قبل السبع مائة، وبلغ بالاحتلام سنة إحدى عشرة، وكان في ذلك السن ملازما لبيته، تاركا لما يشتغل به الأطفال من اللعب، فلما رأى والده آثار الصلاح عليه ظاهرة .. بعث به إلى عدن، فقرأ بها القرآن، واشتغل بالعلم، وحج الفرض سنة اثنتي عشرة، وعاد إلى بلاده، وحبّب إليه الخلوة والانقطاع، والسياحة في الجبال، وصحبة الفقراء المتجردين. ثم صحب شيخه الشيخ علي الطواشي، وهو الذي سلّكه الطريق، ثم عاد إلى مكة سنة ثمان عشرة، وتزوج، وأقام بها مدة ملازما للعلم، ثم ترك التزويج نحو عشر سنين يتردد في تلك المدة بين الحرمين. ورحل إلى الشام سنة أربع وثلاثين، وزار القدس والخليل، وأقام بالخليل نحو مائة يوم، ثم قصد الديار المصرية مخفيا أمره، فزار الإمام الشافعي وغيره من المشاهد، وكان أكثر إقامته في القرافة في مسجد ذي النون المصري، وحضر عند الشيخ حسين الجاكي في مجلس وعظه، وعند الشيخ عبد الله المنوفي وغيرهما.

(1) «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 33)، و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 579)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 96)، و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 225)، و «العقد الثمين» (5/ 104)، و «الدرر الكامنة» (2/ 247)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 93)، و «المنهل الصافي» (7/ 74)، و «طبقات الخواص» (ص 172)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 109)، و «شذرات الذهب» (8/ 362). (2) «طبقات الشافعية» (2/ 589).

ثم سافر إلى مكة، وتزوج، وأولد عدة أولاد، ثم عاد إلى اليمن سنة ثمان وثلاثين لزيارة شيخه الشيخ الطواشي، ومع هذه الأسفار لم تفته حجة في هذه السنين، ثم عاد إلى مكة، وأنشد لسان الحال: [من الطويل] فألقت عصاها واستقر بها النوى … كما قر عينا بالإياب المسافر وعكف على التصنيف والإقراء والإسماع، وصنف تصانيف كثيرة في أنواع من العلوم، منها: «المرهم في أصول الدين» و «روض الرياحين» و «ذيله» و «نشر المحاسن» و «تاريخه» ابتدأ فيه من الهجرة، وقصيدة نحو ثلاثة آلاف بيت في العربية وغيرها، ذكر أنها تشتمل على قريب عشرين علما، وبعض هذه العلوم متداخل كالتصريف مع النحو، والقوافي مع العروض، ونحو ذلك، وكتاب سماه: «الإرشاد والتطريز» (1) و «الدرة المستحسنة في تكرير العمرة في السنة» وغير ذلك، وله نظم رائق، وقلّما صنف مصنفا إلا وفيه نظم. وكان كثير العبادة والورع، وافر الصلاح والبركة، والإيثار للفقراء، والانقباض عن أهل الدنيا، مع إنكار عليهم، كثير الإيثار والصدقة مع الاحتياج، وكان نحيفا، ربعة من الرجال. وتوفي ليلة الأحد المسفر صباحها عن العشرين من جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وسبع مائة، وبيعت حوائجه الحقيرة بأغلى الأثمان، بيع له مئزر عتيق بثلاث مائة درهم، وطاقية بمائة، وقس على ذلك. ومن شعره: [من الطويل] ألا أيها المغرور جهلا بعزلتي … عن الناس ظنا أن ذاك صلاح تيقن بأني حارس شرّ كلبة … عقور لها في المسلمين نباح وناد بنادي القوم باللّوم معلنا … على يافعي لا عليك جناح

(1) وقد طبع بحمد الله تعالى محققا بعناية أخينا الشيخ أنس محمد عدنان الشرفاوي بدار المنهاج.

4108 - [أحمد بن عبد الرحمن الحبيشي الوصابي]

4108 - [أحمد بن عبد الرحمن الحبيشي الوصابي] (1) أحمد بن عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سلمة الحبيشي الوصابي. ولد سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. وتفقه بأبيه أولا، ثم بالفقيه أبي بكر بن جبريل، وأخذ عن القاضي عبد الأكبر وغيره. وانتفع به جمع كثير. وله تصانيف مفيدة، منها كتاب «الإرشاد إلى معرفة سباعيات الأعداد»، وهو تصنيف عجيب، وله ديوان شعر جيد. وكان فقيها فاضلا، أديبا نقالا، لم يكن له في زمانه نظير. وتوفي سلخ المحرم سنة تسع وستين وسبع مائة. 4109 - [ابن برهان الطبري] (2) عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يعقوب بن أبي بكر الطبري المكي، المعروف بابن البرهان. سمع من الرضي الطبري «سداسيات الرازي» التي روتها فاطمة بنت نعمة الحزّام، وحدث بها عنه، وأجاز له مع ابن عمه جمال الدين بن البرهان من دمشق: الدشتي، والقاضي سليمان، وابن مكتوم، وابن عبد الدائم، وجماعة. وكان صالحا خيرا. قال الفاسي: (كان حيا في سنة تسع وستين وسبع مائة بمكة، وتوفي بها في هذا التاريخ أو قريبا منه عن سن عالية) (3).

(1) «العطايا السنية» (ص 257)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 138)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 93)، و «طبقات الخواص» (ص 170)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 30)، و «مصادر الفكر الإسلامي» (ص 326). (2) «العقد الثمين» (5/ 241)، و «الدرر الكامنة» (2/ 283). (3) «العقد الثمين» (5/ 242).

4110 - [ابن مسكن]

4110 - [ابن مسكّن] (1) عبد الله بن أحمد بن حسن بن يوسف بن محمد بن مسكّن بن معين بن يحيى القرشي الفهري المكي، المعروف بابن مسكّن. قال التقي الفاسي: (سمع من عثمان بن الصفي، والسراج الدمنهوري، والفخر التوزري، وكان يحضر دروس القاضي أبي الفضل النويري، وذكر أنه قرأ «التنبيه» على خاله علي بن محمد بن عبد الرحمن الطبري. مات بمكة في عشر السبعين وسبع مائة، ودفن بالمعلاة) (2). 4111 - [علي بن أبي بكر الحميري] (3) علي بن أبي بكر بن محمد بن علي بن شداد أبو الحسن الحميري موفق الدين، الفقيه الشافعي، المقرئ، النحوي اللغوي، المحدث، المحقق المدقق في هذه العلوم كلها، وإليه انتهت الرئاسة في هذه العلوم خصوصا علم القراءات. وكان تفقهه وأخذه عن جمع من العلماء، منهم المقرئ سالم بن حاتم الحيي، والإمام أحمد بن علي الحرازي، ومحمد بن علي الحرازي-وليس هو بأخي أحمد المذكور قبله- وأحمد بن يوسف الريمي وغيرهم. وأجاز له من مكة الإمام عبد الله بن عبد الحق الدلاصي، ومحمد بن إبراهيم القصري وغيرهم. وسمع الحديث على أبي العباس أحمد بن أبي الخير الشماخي. وكان مبارك التدريس، ما قرأ عليه أحد إلا انتفع به، وإليه انتهت الرحلة في علمي الحديث والقراءات، وقصده الطلبة من أقطار النواحي. وتفقه به جماعة في القراءات وغيرها، منهم المقرئ موسى بن راشد الحرازي، والمقرئ محمد بن عثمان بن شنينة، ومحمد بن شريف العدلي، ومحمد بن أحمد

(1) «العقد الثمين» (5/ 98). (2) «العقد الثمين» (5/ 98). (3) «العطايا السنية» (ص 480)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 244)، و «تحفة الزمن» (2/ 317)، و «طبقات الخواص» (ص 231)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 138).

4112 - [بكر ابن حسن الحنفي]

العدلي، وأبو بكر بن علي بن نافع الحضرمي، وما من هؤلاء إلا من رأس ودرّس. قال أبو الحسن الخزرجي: (أخبرني شيخي المقرئ جمال الدين محمد بن عثمان بن شنينة-وكان عبدا صالحا-قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم في النوم، وسألته أن أقرأ عليه شيئا من القرآن، فقال: اقرأ على ابن شداد؛ فقد قرأ علينا) (1). وتوفي المذكور بزبيد تاسع شوال سنة إحدى وسبعين وسبع مائة، وقبره معروف بباب سهام يزار ويتبرك به. 4112 - [بكر ابن حسن الحنفي] (2) الشيخ الصالح أبو محمد بكر بن محمد بن حسن بن مرزوق بن حسن الصوفي الحنفي مذهبا. كان شيخا جليلا، ناسكا مجتهدا، عارفا بطريق الصوفية، مقدما على مشايخ عصره، وجيها عند الناس، مسموع الكلمة، مقبول الشفاعة، عارفا بالحساب ومسير الفلك، أخذ ذلك عن الحسن بن أحمد بن المختار، ولبس الخرقة من أبيه، ولبسها أبوه من جده، وجده من جد أبيه الحسن بن مرزوق، وله رباط بزبيد، ورباط بتعز. قال الخزرجي: (وأخبرني الشيخ الصالح يحيى بن محمد المرزوقي فقال: سألت الشيخ بكر بن محمد في السنة التي توفي فيها عن عمره فقال: هذه السنة لي ست وتسعون سنة) (3). وكانت له كرامات مشهورة. وتوفي بزبيد في شوال من سنة اثنتين وسبعين وسبع مائة. 4113 - [عمر بن محمد العلوي] (4) عمر بن محمد بن أحمد بن الفقيه محمد بن علي باعلوي. كان شيخا كريما مباركا، لا يتعشى حتى يدور على جيرانه بيتا بيتا، فمن وجده منهم بلا

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 245). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 261)، و «طبقات الخواص» (ص 118)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 29). (3) «طراز أعلام الزمن» (1/ 261). (4) «الجوهر الشفاف» (1/ 203)، و «المشرع الروي» (ص 249).

4114 - [عفيف الدين القرتبي]

عشاء .. كال له عشاءه، وكان مع ذلك فقيرا يظهر الغنى. توفي يوم الربوع لتسع وعشرين من رمضان سنة اثنتين وسبعين وسبع مائة. 4114 - [عفيف الدين القرتبي] (1) عثمان بن أبي القاسم بن أحمد، القرتبي نسبا، الحنفي مذهبا، الملقب بعفيف الدين. تفقه بالفقيه علي بن نوح، وبالفقيه إبراهيم بن عمر العلوي. وكان فقيها عالما عاملا، صالحا زاهدا، قانعا باليسير من الدنيا، عرض عليه التدريس بمنصورية زبيد، فامتنع منه مع فقره وحاجته. وكان كثير الصلاة، محافظا عليها بجميع آدابها، حتى قيل: إن صلاته كانت تشبّه بصلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وانتفع به وتفقه عليه جم غفير؛ كحسن بن عطاف، وأبي بكر الجابري، وعلي بن سعلة وغيرهم. ولم يزل على حالة مرضية وسيرة مرضية إلى أن توفي في قرية القرتب لنيف وسبعين وسبع مائة (2). 4115 - [إبراهيم ابن مطير] (3) إبراهيم بن محمد بن عيسى بن مطير. ولد في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وسبع مائة (4). وكان جلّ تفقهه بأبيه. وبه تفقه جم غفير، منهم الإمام علي بن أبي بكر الأزرق. وكان فقيها نبيها، مشهورا بجودة العلم، مدققا، ثقة، بارعا، حسن الأخلاق،

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 193)، و «طبقات الخواص» (ص 194)، و «هجر العلم» (3/ 168). (2) في «طبقات الخواص» (ص 194): توفي سنة (776 هـ‍). (3) «العطايا السنية» (ص 173)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 150)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 40)، و «تحفة الزمن» (2/ 151)، و «هجر العلم» (1/ 36). (4) في «العطايا السنية» (ص 173): ولد سنة (707 هـ‍).

4116 - [عبد الله الخطيب]

متواضعا، محبوبا عند الناس، إليه انتهت رئاسة الفتوى والتدريس، ورحل إليه الناس، وكان مسكنه أبيات حسين، قرية من أعمال المهجم. توفي بها بعد نصف ليلة الجمعة رابع وعشرين القعدة سنة ثلاث وسبعين وسبع مائة. 4116 - [عبد الله الخطيب] (1) عبد الله بن محمد بن علي بن إبراهيم الخطيب. قال ابن عمه الخطيب: (كان المذكور عبدا صالحا، جاور بمكة عشرين سنة، صحب فيها كثيرا من المشايخ الصالحين، منهم الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي، وكتب جملة من مصنفاته، وقرأها أو قابلها عليه، وأرسل بها إلى أولاده بحضرموت. وتوفي بمكة سنة ثلاث وسبعين وسبع مائة قبل شيخه عبد الله بن أسعد بنحو سنتين) (2). 4117 - [الوزير أبو حسان] (3) الوزير الكبير أبو حسان محمد بن حسان المجاهدي الأفضلي، الملقب: جمال الدين. ولد سنة ثلاث وسبع مائة. وربي في الخدم السلطانية، فندبه المجاهد لاستخراج الأموال، وقدمه في فتوحات كثيرة في التهائم والجبال، ثم استوزره بعد ذلك، فارتفع ذكره، ووافق خبره خبره. وكان من أفراد الدهر حلما وكرما، ورأيا وبأسا. فلم يزل وزيرا للمجاهد إلى أن توفي في سنة ثلاث وسبعين وسبع مائة (4)، وقام بالسلطنة بعده ولده الأفضل، فاستوزره أيضا، واعتمد في تدبير مملكته عليه، وكان حسن المحاورة، لين الجانب، يحب العلماء والصالحين، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي ثالث الحجة من السنة المذكورة.

(1) «الجوهر الشفاف» (3/ 65). (2) انظر «الجوهر الشفاف» (3/ 65)، وفيه أنه توفي سنة (793 هـ‍)، وعليه فيكون صاحب الترجمة قد توفي بعد شيخه بخمس وعشرين سنة؛ لأن الشيخ اليافعي توفي سنة (768 هـ‍). (3) «العطايا السنية» (ص 623)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 150)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 130). (4) في هامش (ت): (كان ينبغي له أن يؤخر ذكر «تاريخه» إلى بعد ذكر الأفضل؛ فإنه يوهم أن وفاته كانت قبل المجاهد، أو أن المجاهد توفي في التاريخ المذكور وليس كذلك، فتأمله! ).

4118 - [ابن الهليس المخزومي]

4118 - [ابن الهليس المخزومي] (1) عبد الله بن يحيى القرشي المخزومي، المعروف بابن الهليس. قال الفاسي: (كان من أعيان تجار اليمن، حج في سنة اثنتين وسبعين وسبع مائة، ورجع إلى اليمن، فأدركه الأجل بمرسى البضيع في صفر سنة ثلاث وسبعين وسبع مائة، ودفن بمكة) (2). 4119 - [ابن كثير] (3) إسماعيل ابن كثير القرشي الشافعي الحافظ، مؤلف «التاريخ» المشهور. ولد سنة إحدى وسبع مائة. ولم يكن في آخر زمانه له نظير في معرفة الحديث. وله مصنفات مليحة مفيدة في الحديث. وأجاز لجماعة، منهم المجد الشيرازي. توفي سنة أربع وسبعين وسبع مائة. 4120 - [عبد القادر الحنفي القرشي] (4) عبد القادر بن محمد ابن نصر الله القرشي، صاحب «الجواهر المضية في طبقات الحنفية». أجاز للمجد الشيرازي وغيره. ومات سنة خمس وسبعين وسبع مائة بعد أن اختلط.

(1) «العقد الثمين» (5/ 298). (2) «العقد الثمين» (5/ 298). (3) «تذكرة الحفاظ» (4/ 1508)، و «ذيل تذكرة الحفاظ» للحسيني (ص 58)، و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 358)، و «الدرر الكامنة» (1/ 373)، و «شذرات الذهب» (8/ 397). (4) «لحظ الألحاظ» (ص 157)، و «الدرر الكامنة» (2/ 392)، و «إنباء الغمر» (1/ 66)، و «الدليل الشافي» (1/ 422)، و «تاج التراجم» (ص 196)، و «حسن المحاضرة» (1/ 407)، و «شذرات الذهب» (8/ 409).

4121 - [الأمير زياد الكاملي]

4121 - [الأمير زياد الكاملي] (1) الأمير الكبير زياد بن أحمد الكاملي، الملقب: فخر الدين. كان أميرا كبيرا، عالي الهمة، شديد البأس، كريم النفس، سار مع المجاهد لما لزم إلى مصر، ودار في أطراف الشام، ورجع معه إلى اليمن، ولم يزل في خدمته إلى أن توفي المجاهد وتولى ولده الأفضل، فجهزه في عسكر كثيف لقتال ابن ميكائيل المتغلب على تهامة، فهزم أصحاب ابن ميكائيل، وتبع ابن ميكائيل إلى المهجم، ثم إلى حرض حتى تلاشى أمر ابن ميكائيل وزال كأن لم يكن. ولم يزل الأمير زياد ينتقل في جهات اليمن جنوبا وشمالا-وله في العرب وقعات مشهورة، وكان محسنا إلى الرعية، محبوبا إلى كافة الناس-إلى أن قتل غيلة على فراشه؛ وذلك أنه كان مقطعا في الجثة، فتزوج امرأة من البادية هنالك، فكان يأتيها ليلا يبيت معها وليس معه من يحرسه، فدخل عليه ابن عمّ لها وهو نائم، فقتله في شهر رجب من سنة خمس وسبعين وسبع مائة. 4122 - [علي بن محمد باعلوي] (2) علي بن محمد بن علوي بن الفقيه محمد بن علي باعلوي. قال الخطيب في كتابه «الجوهر»: (كان ذا مروءة عظيمة، وفتوة جسيمة، ونفس كريمة، وقدر عليّ، وعقل زكي، وفضل نبويّ، وأخلاق رضية، وهمة علية، وأحوال فاخرة، وأنفاس صادقة) (3)، وذكر له كرامات، وإخبار عن مغيّبات وقعت كما أخبر به. توفي يوم الربوع خامس ذي القعدة سنة خمس وسبعين وسبع مائة. 4123 - [عبد الله ابن خليل المكي] (4) عبد الله بن محمد بن أبي بكر عبد الله بن خليل بن إبراهيم بن يحيى العسقلاني بهاء الدين

(1) «العقود اللؤلؤية» (2/ 152)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 431). (2) «الجوهر الشفاف» (3/ 30). (3) «الجوهر الشفاف» (3/ 32). (4) «معجم الشيوخ» (1/ 330)، و «ذيل تذكرة الحفاظ» للحسيني (ص 47)، و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 408)، و «العقد الثمين» (5/ 262)، و «الدرر الكامنة» (3/ 291)، و «إنباء الغمر» (1/ 127)، و «شذرات الذهب» (8/ 434).

أبو محمد، المعروف بابن خليل، المكي ثم المصري. ذكر الذهبي عنه: أنه ولد سنة أربع وتسعين وست مائة بمكة (1). قال التقي الفاسي: (وذكر لي شيخنا القاضي جمال الدين بن ظهيرة: أن المحدث شرف الدين محمد بن محمد المقدسي نزيل مصر أخبره: أن الشيخ بهاء الدين بن خليل المذكور أملى عليه: أنه ولد سنة خمس وتسعين وست مائة بمكة، قال: وكنت أمليت على الحافظ الذهبي أن مولدي سنة أربع وتسعين، وهو خطأ) اه‍ (2) سمع بمكة من يحيى بن محمد بن علي الطبري، وعلي التوزري، وعلي الصفي، والرضي الطبريّين، والمجد أحمد بن ديلم الشيبي وغيرهم، وسمع بدمشق على الدشتي، والقاضي سليمان بن حمزة وغيرهما، وبحلب على أبي سعيد بيبرس بن عبد الله العديمي وغيره، ثم رحل إلى مصر في سنة إحدى وعشرين، فسمع، وأخذ العلم من الشيخ علاء الدين القونوي، والشيخ تقي الدين السبكي، والشيخ شمس الدين الأصبهاني شارح «ابن الحاجب»، والشيخ أبي حيان، وقرأ بها على التقي الصائغ بالروايات، وقرأ قبل ذلك بالروايات على الدلاصي بمكة، ثم صحب الشيخ ياقوت مولى الشيخ أبي العباس المرسي وتلميذه مدة، فعادت بركته عليه، فتجرد، وساح بديار مصر مدة سنين لا يعرف له موضع، ثم عاد إلى القاهرة، وانقبض عن الناس، فلوطف حتى أسمع كثيرا من مسموعاته، وجلس لذلك يومين في الجمعة غالبا، هما يوم الجمعة والثلاثاء. وكانت تعتريه بحضرة الناس حالة ينال فيها كثيرا من شخص يقال له: إبراهيم الجعبري، ومن أحمد بن إبراهيم الجعبري، ويلعن إبراهيم، ويديم لعنه حتى ينقطع نفسه، وسئل عن ذلك فقال: ما ترونه يدق فوق رأسي؟ ! وكان يلعن القطب الهرماس إمام جامع الحاكم بالقاهرة؛ لكونه أدخل شيئا من طريق العامة في دار بناها، ثم هدمت الدار، يقال: إن الشيخ عبد الله المذكور أخذ حصى ورمى به إلى جهة دار الهرماس في اليوم الذي هدمت فيه قبل هدمها. وولي مشيخة الخانقاه الكريمية بالقرافة، وإعادة تدريس درس القلعة، وإعادة درس الحديث بالمنصورية بالقاهرية، وكان يتقوت من معالم ووظائف وليها.

(1) انظر «معجم الشيوخ» (1/ 330). (2) «العقد الثمين» (5/ 267).

4124 - [أحمد بن محمد الخطيب]

وكان محدثا حافظا، فقيها، حفظ «المحرر»، مقرئا نحويا، صالحا، كبير القدر، عجبا في الزهد والانقطاع عن الناس وحب الخمول، أثنى عليه بذلك الحسيني والذهبي وغيرهما من الحفاظ. قال التقي الفاسي: (وصح لي عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن لؤلؤ المعروف بابن النقيب مؤلف «مختصر الكفاية» لابن الرفعة أنه قال ما معناه: رجلان من أهل عصرنا: أحدهما يؤثر الخمول جهده، وهو الشيخ عبد الله بن خليل المكي-يعني المذكور-وآخر يؤثر الظهور جهده، وهو الشيخ عبد الله اليافعي. وذكر أنه كان يميل إلى سماع الغناء الذي يسميه أهل الحجاز: المقرون، وهو نوع من القصب الذي كان بعض السلف يتغنى به) (1). وتوفي بمنزله سطح الجامع الحاكمي بالقاهرة ثاني جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وسبع مائة، ودفن بالقرافة بالقرب من الشيخ تاج الدين بن عطاء. 4124 - [أحمد بن محمد الخطيب] (2) أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن الفقيه علي بن إبراهيم الخطيب، من خطباء تريم. ولد بتريم سنة إحدى وعشرين وسبع مائة، وتوفي بها أيضا لأربع وعشرين من المحرم سنة سبع وسبعين وسبع مائة. قال الخطيب في كتابه «الجوهر»: (كان المذكور كثير التلاوة، شديد الاجتهاد، صاحب همة عالية، وهيبة في القلوب، ومنزلة جليلة) (3)، وذكر له في الكتاب جملة من الكرامات. وكان يعلم القرآن، وختم على يديه خلق كثير، وجملة من السادة الأفاضل؛ كالشيخ عبد الرحمن بن محمد باعلوي، وحسن وحسين ابني أبي علوي، والشيخ فضل بن عبد الله بن أبي فضل، والفقيه علي بن أبي حرمي وغيرهم.

(1) «العقد الثمين» (5/ 266). (2) «الجوهر الشفاف» (3/ 54). (3) «الجوهر الشفاف» (3/ 59).

4125 - [الملك شعبان ابن قلاوون]

وكان مرضه الذي توفي فيه مرضا هينا، ما يظن أحد أنه يموت فيه، وأتاه ناس يستودعونه يريدون السفر فقال لهم: قفوا حتى تصلوا على الجنازة، ولم يدروا من الذي يموت، فمات بعد خروجهم عنه بقليل وهو جالس، رحمه الله. وكانت له بنت صالحة تسمى: عائشة، توفيت بعد أبيها في رمضان سنة أربع وتسعين وسبع مائة، سمع بعض الأخيار ليلة صبيحة موتها قائلا يقول: هذه الجنازة مغفور لها، ومن صلّى عليها .. غفر له، فلما أصبح .. سأل: هل في تلك الدار مريض؟ فأخبر بها، وكان ذلك الرجل غريبا يريد السفر مع أصحاب له، فأتوا جميعا حتى صلوا عليها. وله بنت أخرى أيضا تسمى: أسماء، صالحة مباركة، ماتت بعد أبيها بزمن، وعاشت إلى سنة أربع عشرة وثمان مائة. 4125 - [الملك شعبان ابن قلاوون] (1) الملك الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون. تولى يوم خلع ابن عمه المنصور محمد بن حاجي في سنة أربع وستين، فأقام في الملك أربع عشرة سنة وشهرين وخمسة عشر يوما، ثم خلع، وقتل خامس ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وسبع مائة، وكان سنّه إذ ذاك أربعا وعشرين سنة، وهو الذي بنى الأشرفية تجاه القلعة برأس الصورة، وهدم أكثرها بعده. 4126 - [الملك الأفضل بن المجاهد] (2) السلطان الملك الأفضل العباس بن المجاهد علي بن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن المنصور عمر بن علي بن رسول الغساني، ملك اليمن. ولي الملك بأقطار المملكة اليمنية يوم وفاة أبيه، وكان وفاة أبيه بعدن خامس وعشرين

(1) «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 448)، و «السلوك» للمقريزي (ج /3 ق 282/ 1)، و «الدرر الكامنة» (2/ 190)، و «إنباء الغمر» (1/ 158)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 75). (2) «العقود اللؤلؤية» (2/ 157)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 36)، و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 447)، و «العقد الثمين» (5/ 94)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 149)، و «المنهل الصافي» (7/ 56)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 105)، و «شذرات الذهب» (8/ 443).

4127 - [محمد بن حسن باعلوي]

جمادى الأولى من سنة أربع وستين، فسار منها إلى تعز، وجهز ابن زياد لقتال ابن ميكائيل المتغلب على تهامة كما تقدم. وكان ملكا عالي الهمة، شديد البأس، حازما عازما يقظا، أوقع بالقرشيين والمعازبة والجحافل والعجالم وسائر العرب المفسدين وقعات انحسم بها مادة الفساد. وكان فقيها نبيها، عارفا بالفقه والنحو واللغة والأنساب والتواريخ، مشاركا في غير ذلك. وله مصنفات، منها: كتاب «بغية ذوي الهمم في معرفة أنساب العرب والعجم»، وكتاب «نزهة العيون في معرفة الطوائف والقرون»، وكتاب «العطايا السّنيّة» في معرفة طبقات فقهاء اليمن، واختصر «تاريخ ابن خلكان» اختصارا حسنا. وأنشأ مدرسة بتعز، ومدرسة بمكة المشرفة ملاصقة للحرم الشريف من ناحية المسعى، وأوقف على الجميع وقفا جيدا. وتوفي بزبيد في شعبان من سنة ثمان وسبعين وسبع مائة، ونقل إلى تعز، فدفن في مدرسته. 4127 - [محمد بن حسن باعلوي] (1) محمد بن حسن بن علي بن الفقيه محمد بن علي باعلوي الحسيني. قال في «الشفاف»: (كان من كبار الصالحين، وله ذوق في تلاوة القرآن) (2). توفي رحمه الله يوم الثلاثاء حادي عشر شوال سنة ثمان وسبعين وسبع مائة. 4128 - [عبد الرحمن بن عمر الحبيشي] (3) عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن عبد الله بن سلمة الحبيشي أبو محمد. ولد في ربيع الآخر من سنة خمس وثمانين وست مائة.

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 188)، و «المشرع الروي» (1/ 177). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 188). (3) «العطايا السنية» (ص 418)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 64)، و «طبقات الخواص» (ص 169)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 29)، و «المدارس الإسلامية» (ص 205).

وتفقه بصالح بن عمر البريهي، ومحمد بن عبد الله بن محمد الحضرمي مفتي زبيد، وأبي بكر بن جبريل العدلي-باللام-وغيرهم. وأخذ الحديث عن أحمد بن أبي الخير بن منصور، وإبراهيم بن عمر العلوي، وعمر بن علي الشعبي، والنحو عن أحمد بن أبي بكر الرقبي، ومهر في جميع هذه العلوم، وشارك في غيرها. وكان إماما محققا مدققا، فصحيا شاعرا مترسلا، يخترع المعاني الغريبة، ويرتجل الخطب العجيبة، مع الاجتهاد في النسك والعبادة؛ من كثرة التلاوة للقرآن، مساعدا لطالب العلم، فانتفع به عالم لا يحصون كثرة، حتى لا يكاد يوجد بعده في جميع جهات وصاب فقيه إلا وهو تلميذه وتلميذ تلميذه. وله المصنفات العجيبة؛ ككتاب «النظم والبيان»، وكتاب «الاعتبار لذوي الأبصار»، وكتاب «الإرشاد للأمراء والعلماء والمتعلمين والمتنسكين والعبّاد»، وكتاب «البلغة في اللغة»، توفي قبل تهذيبه وترتيبه، فرتبه حفيده عبد القدوس محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، وزاد فيه زيادات معلومة، وله غير ذلك من الكتب المفيدة والفتاوى الحسنة، وديوان شعره في مجلدين ضخمين، كله في الأدعية والمواعظ والاستغفار ومدح الرسول عليه الصلاة والسلام. وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويجاهر الولاة بالزجر عن المعاصي، وولي القضاء في جميع جهات وصاب، وكان لا تأخذه في الله لومة لائم. وله منامات عجيبة، منها: رأى في المنام وكوشف بوقت موته قبل موته بسنين عديدة. وقال في قصيدته العينية التي أنشأها بعد الأربعين وسبع مائة يخاطب نفسه فيها: [من الطويل] إذا ما انقضى السبع المئين وبعدها … ثمانون فاعلم أن موتك واقع قال حفيده عبد القدوس محمد بن أحمد بن عبد الرحمن: قرأتها عليه مرارا، وباحثته عن ذلك، فقال: هو ما أقول، فقلت له: من أين أخذت؟ قال: شيء لا بد منه ذلك الوقت. قال: وذكر ذلك في قصائد كثيرة ينعى نفسه للوقت الذي مات فيه. وتوفي يوم السبت لست ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ثمانين وسبع مائة.

4129 - [عمر بن عبد الله با مهرة]

قال: ورأينا له من الأنوار والكرامات الدالة على التقدم في الفضل أشياء عجيبة، رحمه الله. وكان له ولد يقال له: عبد الله، ولد عاشر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة، وختم القرآن في أقرب مدة، وتفقه على والده. وكان فطنا ذكيا، فقيها، زاهدا عابدا، ملازما لتلاوة القرآن. وتوفي في حياة أبيه سنة ثلاث وخمسين وسبع مائة. 4129 - [عمر بن عبد الله با مهرة] (1) عمر بن عبد الله بن عمر بن عبد الله با مهرة الحضرمي، وأظنه من شبام. قرأ «التنبيه» و «الوسيط» للغزالي على شيخه الإمام الصالح محمد بن أبي بكر بن عمر با عباد. وأجازه جماعة من الفقهاء الفضلاء، منهم شيخه با عباد المذكور، والشيخ الصالح الإمام محمد بن علوي بن أحمد، والفقيه الموفق عمر بن محمد حضارم، والفقيه الصالح برهان إبراهيم بن الفقيه محمد بن عيسى مطير، والفقيه شهاب الدين أحمد بن الشيخ أبي بكر بن الشيخ محمد بن حفص العمدي. وأخذ عنه جماعة، منهم الفقيه محمد بن حكم بن عبد الله بن إبراهيم بن الشيخ الصالح عبد الله بن إبراهيم باقشير، قرأ عليه «التنبيه» و «الوسيط» للغزالي، وأجازه إجازة عامة. وكان الفقيه عمر با مهرة المذكور فقيها محققا مدققا. ولم أقف على تاريخ وفاته (2)، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين، وأن تاريخ إجازته للفقيه حكم بن عبد الله باقشير مؤرّخ بشهر القعدة من سنة سبع وسبعين وسبع مائة. 4130 - [عبد الله بن عمر با مهرة] (3) عبد الله بن عمر بن عبد الله با مهرة، والد المذكور قبله. كان إماما عارفا، محققا، ولي القضاء بحضرموت.

(1) «تاريخ شنبل» (ص 144)، و «تاريخ جواهر الأحقاف» (2/ 149). (2) في مصادر ترجمته: توفي سنة (784 هـ‍). (3) «السلوك» (2/ 469)، و «تحفة الزمن» (2/ 434).

4131 - [محمد بن عبد الله العمقاني]

روى عن الفقيه الصالح أحمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن محمد بن الرنبول، وعن القاضي جمال الدين محمد بن السبتي. وتفقه به جماعة، منهم الشيخ الصالح محمد بن أبي بكر بن عمر با عباد، والفقيه الصالح محمد بن عبد الله بن يرشد العمقاني. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان في هذه المائة تحقيقا. 4131 - [محمد بن عبد الله العمقاني] محمد بن عبد الله بن يرشد العمقاني الفقيه الصالح. قرأ «التنبيه» بزبيد على القاضي العلامة نور الدين علي بن سالم الأبيني. وأخذ عنه الشيخ الصالح محمد بن أبي بكر با عباد. ولم أقف على تاريخ وفاته، وكان في هذه المائة يقينا، والله أعلم. 4132 - [محمد بن حكم باقشير] (1) محمد بن الفقيه الصالح حكم بن عبد الله بن إبراهيم بن الشيخ الكبير الولي الشهير عبد الله بن إبراهيم باقشير، الفقيه العالم، الورع المتقن المحصل. قرأ على الفقيه عمر بن عبد الله با مهرة «التنبيه» و «الوسيط»، وأجازه إجازة عامة، وكذلك أجازه الشيخ الصالح محمد بن أبي بكر بن عمر با عباد إجازة عامة. وكان موجودا في أواخر هذه المائة (2). 4133 - [غرس الدين الفارقي] (3) يحيى بن علي بن أبي بكر بن سعادة الفارقي، الملقب: غرس الدين. كان لديه معرفة في الطب، وناب والده أيام استمراره في الشد.

(1) «الجوهر الشفاف» (3/ 177)، و «تاريخ شنبل» (ص 169). (2) ذكره المؤرخ شنبل في «تاريخه» (ص 169) في وفيات سنة (829 هـ‍). (3) «طراز أعلام الزمن» (2/ 240).

4134 - [محمد بن الحسين السراج]

وتوفي في الدولة الأفضلية سنة [ ... ] وسبع مائة، كذا بيض في «الخزرجي» على موضع الآحاد والأعشار (1). 4134 - [محمد بن الحسين السراج] (2) محمد بن الحسين بن علي السّرّاج-بفتح السين المهملة والراء المشددة، ثم ألف وجيم -الصنعاني الفقيه الشافعي. كان فقيها فاضلا، محققا مدققا، عارفا بالحديث وبطرقه ورجاله، أعرف الناس في عصره ب‍ «الحاوي الصغير». وكان وجيها عند الناس، وكان المجاهد يصله كل سنة بصلة جيدة، ثم بعده ابنه الأفضل. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين. والله سبحانه أعلم ***

(1) من قوله: (كان لديه ... إلخ) إنما هو عن أخيه محمد، وأما يحيى .. فقد قال عنه الخزرجي في «طراز أعلام الزمن» (2/ 240): (وأما يحيى .. فكان يلقب غرس الدين، وكان عاقلا وادعا، وكان تعلقه بخدمة السلطان قليلا، توفي غريقا في البحر في الهدية التي تقدم بها إلى الديار المصرية سنة ست وخمسين وسبع مائة). (2) «السلوك» (2/ 305)، و «العطايا السنية» (ص 621)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 155)، و «تحفة الزمن» (1/ 577)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 25).

الحوادث

الحوادث في سنة اثنتين وستين وسبع مائة وما قبلها : كان خراب زبيد وتهامة من المعازبة، وظهور الأشراف وإمامهم المسمى: علي بن محمد في صغدة وما حولها (1). وفي سنة ثلاث وستين : ظهر نجم لم ير مثله ذلك الوقت بالمغرب، ورئي كالسلسلة قدر ذراع أو أقل أو أكثر، ثم انتقل إلى ناحية المشرق ليالي، ثم لم ير بعد ذلك (2). وفيها: توفي الشيخ عبد الله بن محمد بن عمر با عباد ليلة الخامس والعشرين من رجب. وفي سنة ثمان وستين : توفي الإمام عبد الله بن أسعد اليافعي. وفي سنة تسع وستين وسبع مائة : قتل فاضل بن جميل، قتله عبيد بني ظنّة، فثارت الحرب بذلك السبب بين آل جميل وبني ظنة (3). وفي سنة سبعين وسبع مائة في نصف رجب منها : مات محمد بن أحمد بن يماني، وتنازع الولاية بعده ولده عبد الله وابن أخيه راصع بن دويس، ثم ولي راصع بعده بأيام (4). وفي سنة إحدى وسبعين في شهر شعبان منها : أخرج آل جميل رتبة السلطان من شبام (5). وفي سنة ثلاث وسبعين : عقد إمام الزيدية علي بن محمد الإمامة لابنه صلاح الدين (6). وفي سنة أربع وسبعين : كانت وقعة بحران بالكسر، [فهزم مذحج] (7) آل عامر وأحلافهم، وقتل منهم ومن عسكرهم قريب من ثلاثين (8).

(1) «العقود اللؤلؤية» (2/ 107)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 268)، و «تاريخ شنبل» (ص 128)، و «تاريخ حضر موت» للكندي (1/ 128). (2) «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 677). (3) «تاريخ شنبل» (ص 133)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (2/ 129)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 677). (4) «تاريخ شنبل» (ص 133)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 129)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 144). (5) «تاريخ شنبل» (ص 134)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 130)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 146). (6) «اللطائف السنية» (ص 157)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 679). (7) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ شنبل» (ص 136). (8) «تاريخ شنبل» (ص 136)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 131)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 147).

وفي سنة خمس وسبعين وسبع مائة

وفي هذه السنة: صال آل عامر وراصع بن دويس على أهل العرض من نهد ومذحج وغيرهم، فلم يقع قتال، فلسوا نخل حورة، ووطئوهم وطئا عنيفا (1). وفي سنة خمس وسبعين وسبع مائة : عدا عمر بن محفوظ في الهجرين، وأخرج أهل السوق، فحلوا قيدون (2). وفيها: وقع القحط بحضرموت، وغلت الأسعار فيها، حتى بيع التمر رطل بدرهم، والطعام شطر بدرهم، وبيع الفقوز ستون بدرهم، وبلغ سعر الطعام بدوعن مصرا (3) بدينار. وفيها: خرج سلطان ظفار المظفر بن الفائر بن الجواد ليلا ليتنزه، فقتل غيلة، فلم يصبح له عين ولا أثر، ولا عرف من اغتاله، والله سبحانه أعلم (4). انتهى ما شوهد مما التقطه الوالد رحمه الله بخطه من «تاريخ ابن حسان». وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «تاريخ شنبل» (ص 136)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 132)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 147). (2) «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 150). (3) المصر: نوع من مكاييل اليمن يساوي مدا. (4) «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 680).

العشرون الخامسة من المائة الثامنة

العشرون الخامسة من المائة الثامنة [الاعلام] 4135 - [الملك المنصور محمد بن حاجي] (1) الملك المنصور محمد بن حاجي بن الناصر محمد بن قلاوون. ولي الملك بعد عمه حسن، فأقام سنتين وثلاثة أشهر، ثم خلع، فأقام بالقلعة من خامس شهر شعبان إلى أن مات في سنة إحدى وثمانين وسبع مائة، وصلّى عليه برقوق العثماني. 4136 - [الوزير عمر ابن معيبد] (2) الوزير الكبير تقي الدين أبو حفص عمر بن أبي القاسم معيبد الأفضلي الأشرفي، وزير الدولتين، وفارس الحلبتين. كان أديبا لبيبا، فاضلا كاملا، جوادا كريما. ولاه الأفضل شد الحلال، وجباية الأموال، فكان من أكمل الرجال، في معاملات العمال. ولما توفي الوزير محمد بن حسان .. قلده الأفضل أمر الوزارة في المملكة اليمنية، وذلك ثاني عشر ربيع الأول من سنة أربع وسبعين وسبع مائة، فكانت له السيرة الحسنة، والآثار المستحسنة، وكان أحق من قيل له سيد الوزراء؛ لجوده وسماحته، وحلمه ورجاحته، وبأسه وسياسته، وفضله ورئاسته. وابتنى مدرسة في ناحية المحاريب من تعز جعل فيها بركة ومطاهر، ورتب فيها إماما، ومؤذنا، وقيما، ومعلما، وأيتاما يتعلمون القرآن الكريم، ومدرسا في الفقه على مذهب الشافعي، وطلبة يقرءون عليه، ووقف على الجميع ما يقوم بكفايتهم.

(1) ستأتي ترجمته في موضعها الصحيح من وفيات سنة (801 هـ‍)، فانظر مصادر ترجمته هناك (6/ 360). (2) «العطايا السنية» (ص 517)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 441)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 170)، و «إنباء الغمر» (1/ 205)، و «المدارس الإسلامية» (ص 260).

4137 - [محمد بن عبد الرحمن الحبيشي]

وكان مقصودا ممدحا، مدحه جماعة من فضلاء عصره، فأجازهم الجوائز السنية، وللإمام مطهر بن محمد بن مطهر الشريف الحسني الهادوي فيه غرر المدائح. ولم يزل في الوزارة إلى أن توفي ليلة الحادي والعشرين من المحرم في سنة إحدى وثمانين وسبع مائة، وولي الوزارة بعده ابنه علي الآتي ذكره في هذه العشرين (1). 4137 - [محمد بن عبد الرحمن الحبيشي] (2) محمد بن عبد الرحمن الحبيشي الأصابي الإمام العالم العلامة، مؤلف كتاب «البركة» وغيره. ولد لخمس بقين من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وسبع مائة. وكان مشغولا بالعلم طول عمره، ولم يشتغل بغيره، وكان له معرفة جيدة في القراءات السبع، والتفسير، والحديث وشروحه، والفقه، واللغة والآداب، والحكمة. وكان فقيها فاضلا، عالما عاملا، صالحا، متفننا، جامعا لأنواع العلوم والفضائل. أخذ عن والده، وعن الفقيه إبراهيم بن عمر العلوي، والفقيه محمد بن عبد الملك الديداري. وله مصنفات مفيدة، منها: كتاب «البركة في السعي والحركة» (3)، وكتاب «عمدة الطالب في الاعتقاد الواجب»، وكتاب «فرحة القلوب وسلوة المكروب»، وكتاب «التذكير بما إليه المصير»، وكتاب «النورين في إصلاح الدارين» (4)، وكتاب «نشر طي التعريف في فضل حملة العلم الشريف» (5)، وله نظم جيد في مدح النبي صلّى الله عليه وسلم، وفي غيره، وله غير ذلك من الرسائل والمنظومات، لكن لم يندر (6) من تصانيفه إلا ما كان فيه حكم أو وصية أو مدائح نبوية.

(1) انظر (6/ 334). (2) «العطايا السنية» (ص 621)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 200)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 28)، و «تاريخ شنبل» (ص 140)، و «الروض الأغن» (3/ 63)، و «إيضاح المكنون» (4/ 647). (3) يصدر قريبا محققا عن دار المنهاج. (4) وقد صدر محققا عن دار المنهاج بعناية الشيخ قصي حلاّق. (5) وقد تشرفت دار المنهاج بطبع هذا الكتاب بعناية الشيخ قصي حلاق. (6) يندر: يظهر ويعرف.

4138 - [الملك المنصور علي بن شعبان]

وكان لا يساويه بل لا يدانيه أحد في عصره في صحة خاطره، وجودة فكره، وكمال مروءته، وعلو همته، ورفضه اللذات النفسانية، ومطالعته للأنوار البرهانية، ونقله لنصوص الأصحاب وعباراتهم، وتتبعه لموافقاتهم ومناقضاتهم، وله عليهم استدراكات حسنة، وتنبيهات على المواضع المشكلة، وله إبدالات وتتمات جعلها معلقات فوق ما وقع من الإشكالات في «بحر الفتاوي» و «بهجة الحاوي» من الألفاظ الركيكات والمناقضات، كذا وجدته غير منسوب إلى شيء من التواريخ، ولا عرفت كاتبه، وغالب المصنفات التي ذكرها قد وقفت عليها منسوبة إلى الإمام المذكور، وغالبها أيضا مشهور النسبة إلى الإمام الحبيشي المذكور. توفي رحمه الله آخر يوم من رجب سنة اثنتين وثمانين وسبع مائة. وفيها (1): مسك بركة، وقتل بالإسكندرية، وكانت سببا لشهرة خليل بن عرام. 4138 - [الملك المنصور علي بن شعبان] (2) الملك المنصور علي بن الملك الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون، صاحب مصر وأعمالها. ولي يوم خلع أبوه وقتل، وذلك في سنة ثمان وسبعين وسبع مائة، فأقام في الولاية خمس سنين وأربعة أشهر. وكان محجوبا لصغر سنه، والكلام لبرقوق. وتوفي يوم الأحد ثالث وعشرين صفر سنة ثلاث وثمانين وسبع مائة. 4139 - [الملك الصالح حاجي بن شعبان] (3) الملك الصالح حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون، صاحب مصر.

(1) أي: في سنة اثنتين وثمانين وسبع مائة، انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 494)، و «السلوك» للمقريزي (ج /3 ق 396/ 1)، و «إنباء الغمر» (1/ 215)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 202). (2) «ذيل العبر» (2/ 514)، و «السلوك» للمقريزي (ج /3 ق 284/ 1)، و «إنباء الغمر» (1/ 232)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 148)، و «الدليل الشافي» (1/ 457). (3) «النجوم الزاهرة» (11/ 206)، و «الدليل الشافي» (1/ 257)، و «الضوء اللامع» (3/ 87).

4140 - [جمال الدين العديمي]

وليها بعد أن توفي أخوه المنصور علي بن حاجي، وذلك في صفر من سنة ثلاث وثمانين وسبع مائة، فأقام نحو سنة ونصف وعمره ست سنين، والأمر في أيامه لبرقوق، ثم خلع في رمضان سنة أربع وثمانين، وتولى الملك الظاهر برقوق العثماني، فأقام نحو سبع سنين، ثم اختفى في جمادى الآخرة من سنة إحدى وتسعين، ثم ظهر، وجهز إلى الكرك، ثم عاد الملك إلى الملك حاجي بن الأشرف شعبان المذكور، ولقب بالملك المنصور بعد أن كان لقبه في الأول: الملك الصالح، فأقام سبعة، ثم ظهر برقوق في المحرم من سنة اثنتين وتسعين، فخلع المنصور حاجي نفسه من السلطنة، ودخل برقوق القاهرة متوليا وحاجي بن شعبان على يمينه والخليفة على يساره (1). 4140 - [جمال الدين العديمي] (2) عبد الله بن عمرو بن أبي جرادة العديمي الحنفي، الملقب: جمال الدين، قاضي القضاة بحماة وأعمالها. قال التقي الفاسي: (كذا وجدته مذكورا في حجر قبره بالمعلاة، وذكر فيه: أنه توفي رابع عشر الحجة سنة ثلاث وثمانين وسبع مائة، وما علمت من حاله سوى هذا، وبيت ابن العديم بيت مشهور بحلب، وولي القضاء منهم بها جماعة) اه‍ (3) 4141 - [شهاب الدين المخزومي] (4) الناظر شهاب الدين أبو العباس أحمد بن القاضي فتح الدين عمر بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن الخطباء القرشي المخزومي، أحد أعيان الدولة الأفضلية. نشأ في الدولة المجاهدية، وتولى نظر الثغر بعدن سنة اثنتين وستين وسبع مائة، فلما توفي المجاهد .. ولاه الأفضل أبين، ثم فصله عنها، ثم أعاده إليها؛ إذ لم يضبطها غيره مثله. وكان شهما جوادا، ضابطا سائسا، حسن الأخلاق، محمود السيرة.

(1) لم يذكر المصنف رحمه الله تعالى تاريخ وفاته، وفي مصادر الترجمة توفي سنة (814 هـ‍). (2) «العقد الثمين» (5/ 222). (3) «العقد الثمين» (5/ 222). (4) «العطايا السنية» (ص 260)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 138)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 12).

4142 - [إسماعيل بن عبد الله الناشري]

ولم يزل يتنقل في الولايات إلى أن توفي في شعبان من سنة ثلاث وثمانين وسبع مائة. 4142 - [إسماعيل بن عبد الله الناشري] (1) إسماعيل بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن الناشري. تفقه بأبيه، وولي قضاء القحمة والكدراء، ثم المهجم، ثم تركه تعففا وتدينا، وأقام بالمهجم مدة ينشر العلم. وكان فقيها فاضلا، عالما صالحا، عابدا زاهدا، سالكا طريق السلف في إيثار الزهد والتواضع، ومجانبة أهل الدولة، وملازمة الخمول. ولم يزل على الحال المرضي والطريق المحمودة إلى أن توفي بالمهجم آخر يوم من شعبان سنة أربع وثمانين وسبع مائة. 4143 - [عبد الله بن محمد الفاسي] (2) عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسني الفاسي المكي. قال التقي الفاسي: (سمع بمكة من القاضي عزّ الدين بن جماعة وغيره. وذكر لي والدي-وهو عمه-أن له نظما، وأنه توفي في سنة أربع وثمانين وسبع مائة بالقاهرة) (3). 4144 - [جمال الدين الجلاد] (4) أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن يوسف الجلاد، الملقب: جمال الدين. ولد سنة أربع وعشرين وسبع مائة. أحد أعيان الزمن، وأفرس كتّاب اليمن، تفقه بالفقيه علي بن نوح الحنفي.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 231)، و «هجر العلم» (4/ 2168). (2) «العقد الثمين» (5/ 260). (3) «العقد الثمين» (5/ 260). (4) «طراز أعلام الزمن» (3/ 69)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 175)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 194)، و «المدارس الإسلامية» (ص 252).

4145 - [عمر الرفاعي]

وكان فقيها في مذهب الحنفية، عالما بعلم الفلك والحساب، وكان شادّ الدواوين في المملكة اليمنية، وأقطعه الأفضل حرض، ثم رمع، وولاه الأشرف نظر ثغر عدن مرتين، وتوفي بها في المرة الأخيرة في جمادى الأخرى من سنة أربع وثمانين وسبع مائة. وكان جوادا سمحا، وفيه مروءة وإنسانية، يحب العلماء ويجلهم، وبنى مدرسة للحنفية بزبيد، وأوقف فيها كتبا كثيرة نفيسة. 4145 - [عمر الرفاعي] (1) الفقيه عمر-الملقب بالرفاعي-ابن الحافظ إبراهيم بن عمر بن علي العلوي المقدم ذكره (2). تفقه بالفقيه محمد أبي يزيد، وقرأ على المقرئ علي بن أبي بكر بن شداد، وهو أول من قعد في موضع أبيه من إخوته، وأحيا المدرسة، وجمع الدرسة عليه، وأقرأ الحديث وغيره. وكان عارفا بالفقيه والحديث والفرائض، وأظنه حنفي المذهب كأبيه. وأخوه محمد بن إبراهيم تفقه بأبي يزيد أيضا، وبالفقيه علي بن عثمان المطيب، وأقرأ الحديث على الجمال الريمي، وعلى أخويه عمر وسليمان ابني إبراهيم، وأقرأ الحديث في مدرسة والده، ودرس في صلاحية زبيد. وله ولد يقال له: أبو القاسم بن محمد، ويلقب بالهمام، فقيه بارع متقن [ربما] يكون أفقه من أبيه، له قراءات في فنون كثيرة، واشتغل بفن الأدب. هكذا ذكرهما أبو الحسن الخزرجي، ولم يذكر وفاتهما، وإنما ذكرهما في هذه الطبقة؛ تبعا للفقيه عمر الرفاعي صاحب الترجمة؛ فإنه توفي في سنة أربع وثمانين، والله سبحانه أعلم بالصواب (3).

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 33). (2) انظر (6/ 272). (3) انظر «طراز أعلام الزمن» (1/ 33).

4146 - [أحمد التهامي]

4146 - [أحمد التهامي] (1) أحمد بن عبد الله بن أحمد أبو العباس شهاب الدين التهامي. ولد سنة إحدى وسبع مائة. وتفقه بأبيه، ثم بصهره الفقيه عبد الله بن الأحمر، وأخذ عنه كثير من الطلبة. وولي القضاء سنة ثلاث وثلاثين وسبع مائة بعد موت القاضي علي بن سالم الأبيني إلى أن توفي. وكان معظم استمراره حاكما بزبيد، وولي قضاء المهجم نحو ست سنين، ثم أعيد إلى زبيد. وكان عالما عاملا، عاقلا لبيبا، حسن السيرة، محمود القضاء، لا يعاب بشيء أبدا إلى أن توفي في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وسبع مائة. ثم ولي القضاء بعده بزبيد وأعمالها ابنه إبراهيم بن أحمد، ولم يكن في درجة الكمال، فأقام سنة، ثم فصل بالقاضي أحمد بن أبي بكر الناشري سنة ست وثمانين وسبع مائة. 4147 - [شمس الدين الدمشقي] (2) محمد بن أحمد بن صقر الغساني أبو عبد الله شمس الدين الدمشقي الفقيه الشافعي. نشأ بالشام، وبها تفقه حتى بلغ الغاية، ثم حج وجاور بمكة مدة، وأخذ بها عن جماعة من العلماء، ودخل اليمن صحبة المجاهد في حجته الأولى سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة، واستوطنه، وأفضل عليه المجاهد، وولاه القضاء الأكبر في جميع قطر اليمن. وكان إماما بارعا، متفننا محققا، مشاركا في عدة علوم. فلم يزل على القضاء الأكبر مدة ولاية المجاهد وابنه الأفضل وصدرا من ولاية الأشرف إلى أن توفي في أواخر شوال من سنة خمس وثمانين وسبع مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 95). (2) «طراز أعلام الزمن» (3/ 80)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 177)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 183)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 199)، و «شذرات الذهب» (8/ 497).

4148 - [عبد الله الكردي]

4148 - [عبد الله الكردي] (1) عبد الله بن أبي بكر المعروف بالكردي، نزيل مكة. قال التقي الفاسي: (كان رجلا صالحا، كثير العبادة، منعزلا عن الناس، مقبلا على شأنه، وكان يجتمع عليه جماعة لقراءة «الحاوي الصغير»، وكان يحضر عنده شيخنا الشيخ برهان الدين الأبناسي في حالة اشتغاله بالحرم الشريف سنة ثمان وستين ومعه نسخة ينظر فيها، ولا يتكلم شيئا. واشتهر في آخر عمره، واعتقد. وصحب الشيخ عبد الله اليافعي، وكان يحضر مجلسه، ووقف كتبا كثيرة، وجعل مقرها رباط ربيع، وكان يسكن برباط رامشت. توفي سنة خمس وثمانين وسبع مائة، ودفن بالمعلاة، وقد بلغ الستين أو جاوزها) (2). 4149 - [الملك الصالح الحسن بن المجاهد] (3) الحسن بن علي المجاهد بن داود المؤيد بن يوسف المظفر بن عمر المنصور، الملقب بالملك الصالح. خرج هو وأخوه العادل حمزة عن طاعة أبيهما، ولحقا بمخلاف جعفر، فأقاما هنالك حتى توفي أبوهما وأخوهما الأفضل، وولي ابنه الأشرف إسماعيل بن العباس، وقد توفي العادل، وبقي الصالح في حالة شديدة، فاستدعاه ابن أخيه الأشرف، وأنعم عليه، وأطلق عليه أملاكه، وأذن له في سكنى حيس، فلم يزل بها إلى أن توفي هنالك في سنة ست وثمانين وسبع مائة. 4150 - [أحمد بن أبي بكر الحضرمي] (4) أحمد بن أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن علي الحضرمي أبو العباس شهاب الدين.

(1) «العقد الثمين» (5/ 116). (2) «العقد الثمين» (5/ 116). (3) «العطايا السنية» (ص 311)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 329)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 119). (4) «طراز أعلام الزمن» (1/ 52)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 184).

4151 - [عبد الله بن الزين الطبري]

تفقه بعمه محمد بن عبد الله الحضرمي وغيره. وتخرج به علي بن محمد بن فخر، وعلي بن محمد الأقعش، وغيرهما من أعيان العلماء. ودرس في أشرفية زبيد، ثم في منصوريتها العليا. وكان فقيها فاضلا، خيرا دينا، متواضعا، حسن الأخلاق، لين الجانب، محبوبا عند الناس، ساعيا في قضاء حوائجهم. وتوفي سادس رجب سنة سبع وثمانين وسبع مائة. 4151 - [عبد الله بن الزين الطبري] (1) عبد الله بن الزين أحمد بن محمد بن المحب أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الطبري المكي الشافعي. قال التقي الفاسي: (ولد سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. وأجاز له في دمشق جماعة، منهم الحجار سنة ثمان وعشرين، ومن مصر الدبوسي والواني وغيرهما، ومن الإسكندرية إبراهيم الغرافي، ووجيهة، وسمع بمكة على الحجي «صحيح البخاري»، وسمع بالمدينة على الزبير الأسواني «الشفا» للقاضي عياض، وسمع على المطري وغيره، وسمع بدمشق من القاضي شهاب الدين بن فضل الله قصيدة من نظمه، وحدث. سمع منه شيخنا ابن سكر وغيره. سافر إلى بلاد الهند ثم عاد منه، وانقطع ببرية من بلاد الحجاز بضع عشرة سنة، ثم عاد إلى مكة، ثم توجه إلى المدينة زائرا، فمات بها في أحد الجماديين سنة سبع وثمانين وسبع مائة، ودفن بالبقيع بقرب قبر إبراهيم بن النبي صلّى الله عليه وسلم، وله اشتغال كثير، ومعرفة بالرمل. قال الفاسي: وهو خال الوالد) (2).

(1) «العقد الثمين» (5/ 100)، و «الدرر الكامنة» (2/ 245)، و «إنباء الغمر» (1/ 308)، و «التحفة اللطيفة» (2/ 291). (2) «العقد الثمين» (5/ 100).

4152 - [الوزير علي ابن معيبد]

4152 - [الوزير علي ابن معيبد] (1) الوزير بن الوزير أبو الحسن علي بن التقي عمر بن أبي القاسم بن معيبد. كان أديبا لبيبا عاقلا، جوادا كريما، شريف النفس، عالي الهمة حسن السياسة، كامل الرئاسة. نال شفقة من الأشرف بن الأفضل، فقربه وأدناه حتى صار أخص جلسائه، وأعز أصفيائه. ولما توفي والده تقي الدين .. قلده الأشرف أمر وزارته، واختصه بمشورته وإشارته، وذلك في سنة إحدى وثمانين، ثم أضاف إليه شدّ الحلال، واستخراج الأموال، وكان عنده مسموع الكلمة. ولم يزل في الوزارة إلى أن توفي في التاريخ المذكور بتعز. وله بتعز مسجد ببركة ومطاهر، ورتب فيه إماما ومؤذنا وقيما، ومعلم أيتام، وأوقف على الجميع ما يكفيهم. وكان كثير التلاوة للقرآن، حافظا له، حسن الصوت، جوادا ممدحا، مدحه جماعة من الشعراء فأجازهم الجوائز السنية، وممن مدحه الإمام مظهر بن محمد بن مظهر بقصيدة يقول فيها: [من البسيط] فلك الخلافة قد أرست على الجودي … حين استمر أميرا حضرم الجود علي الذي أسّس العليا وشيدها … نور الهدى صفوة الغرّ الصناديد ومن نظم محمد بن حسن بن العليف في مدح الوزير المذكور: [من الطويل] بنو برمك كانوا وآل معيبد … عليّهم في الفضل أعلى مراتبا تشابهت الأكفاء من كل جانب … فأضحوا لقيطا في اشتباه وحاجبا (2) وهذا الذي أضحى وكل لفضله … مقرّ بأن الشمس تخفي الكواكبا عظيم مهيب في العيون تخاله … على الأرض نورا في السماوات ثاقبا توفي في سنة سبع وثمانين وسبع مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 314)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 182). (2) في هامش (ت): (لقيط وحاجب: شاعران).

4153 - [الأمير الكبير أهيف]

4153 - [الأمير الكبير أهيف] (1) أبو الحزم أهيف بن عبد الله المؤيدي المجاهدي الأفضلي، الأمير الكبير. كان فارسا هماما، شجاعا مقداما، فتّاكا سفّاكا، غشمشما، لا ينثني عما يقصده، شديد العقوبة، طائش السيف، لا يعرف العفو، وهو الذي قتل القاضي موفق الدين عبد الله بن علي اليحيوي وزير المجاهد، والطواشي بارعا-وهو أستاذه الذي رباه-على ظن وتوهّم، وكانت مع ذلك أيامه أحسن الأيام؛ لما شمل الناس من الأمن التام، والعدل في الأحكام، وعدم المحاباة في الأقوال والأفعال، فكان القوي والضعيف، والدني والشريف عنده سواء. خدم المؤيد، ثم ابنه المجاهد، ثم ابنه الأفضل، ثم ابنه الأشرف، وكان ناصحا في الخدمة، سائسا ضابطا كافيا فيما يتولاه. ولما كثر المفسدون بزبيد في الدولة الأفضلية .. ندبه الأفضل في قطعة من العسكر، فحطّ في حائط لبيق، ولم يزل يخادع أهلها حتى دخلها عليهم قهرا، فقتل منهم مقتلة عظيمة، فولاه السلطان زبيد في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وسبع مائة، فعمر البلاد، وحصنها بالسور والأبراج. ولم يزل واليا بها إلى أن توفي في شوال سنة سبع وثمانين وسبع مائة. 4154 - [الخليفة الواثق بالله عمر] (2) الخليفة الواثق بالله عمر بن إبراهيم ابن المستمسك محمد. بويع له بمصر يوم خلع المتوكل على الله محمد بن المعتضد، وذلك في سنة خمس وثمانين وسبع مائة، فأقام في الخلافة نحو ثلاث سنين. وتوفي سنة ثمان وثمانين وسبع مائة.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 246)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 183)، و «الدرر الكامنة» (1/ 419). (2) «إنباء الغمر» (1/ 325)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 596)، و «شذرات الذهب» (8/ 520).

4155 - [السلطان حق الدين أرعد]

4155 - [السلطان حق الدين أرعد] (1) السلطان حق الدين بن أحمد حرب أرعد، من بني ولسمع. كان سلفه مسلمين مقيمين بالحبشة، ويتولون الإمارة للحطي ملك الحبشة في بلدان من ولايته، وأول من هاجر منهم إلى بر سعد الدين وجاهد الكفار هو السلطان حق الدين المذكور، وذلك في سنة ثمان وسبعين وسبع مائة. فلم يزل يجاهد الكفار، فيدال عليهم، ويدالون عليه إلى أن قتل شهيدا في سبيل الله في سنة ثمان وثمانين وسبع مائة، فمدة ولايته عشر سنين (2). ثم ولي بعده أخوه السلطان سعد الدين في صفر من السنة المذكورة، وبه عرف ذلك البر، فسمي: بر سعد الدين إلى يومنا هذا. 4156 - [محمد ابن ثمامة] (3) محمد بن علي بن محمد بن علي بن أحمد بن نجاح، عرف بابن ثمامة. كان فقيها صوفيا، شيخا في الطريقين، له مصنفات في الفقه، ومصنفات في الحقيقة. درس بنظامية زبيد بعد أبيه، ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي في آخر صفر من سنة ثمان وثمانين وسبع مائة. قال أبو الحسن الخزرجي: (وهو آخر من ولي تدريس النظامية من بني ثمامة) (4). 4157 - [الأمير صارم الدين] (5) الأمير الكبير صارم الدين أبو محمد داود بن محمد بن داود بن عبد الله بن يحيى بن الحسن بن حمزة بن سليمان بن علي بن حمزة الشريف الحمزي.

(1) «الدرر الكامنة» (3/ 342). (2) في «الدرر الكامنة» (3/ 343): توفي سنة (776 هـ‍)، فمدة ولايته تسع سنين. (3) «العقود اللؤلؤية» (2/ 333)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 189)، و «طبقات الخواص» (ص 225)، و «المدارس الإسلامية» (ص 98)، و «مصادر الفكر الإسلامي» (ص 211). (4) «طراز أعلام الزمن» (2/ 333). (5) «العقود اللؤلؤية» (2/ 190)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 398)، و «إنباء الغمر» (1/ 323)، و «شذرات الذهب» (8/ 517)، و «الأعلام» (2/ 334).

4158 - [حسن ابن علي باعلوي]

وكان أميرا جليلا نبيلا، وكان هو وآباؤه ملوك صنعاء. ثم إن الإمام صلاح الدين محمد بن علي بن محمد الهادوي جمع جمعا عظيما، وحط على صنعاء، وضيق على أهلها حتى دخلوا في طاعته، ودخل الإمام صلاح الدين صنعاء، واستولى عليها، وذلك في سنة ثلاث وثمانين وسبع مائة، وخرج الشريف داود من صنعاء، وقصد الأشرف إسماعيل بن العباس، فقابله الأشرف بالإجلال والإعظام، وأقام معه على الإعزاز والإكرام إلى أن توفي بزبيد في ذي القعدة من سنة ثمان وثمانين وسبع مائة. 4158 - [حسن ابن علي باعلوي] (1) حسن بن علي بن محمد بن علي بن علوي بن الفقيه محمد بن علي باعلوي. قال الخطيب في «الجوهر»: (كان شديد الورع والزهد، مدققا فيهما. اكترى مرة بعيرا يحمل عليه طعاما، فلما بلغ بالحمولة بعض الطريق .. بلغه أن ذلك البعير مع صاحبه حرام، فقال الشيخ لصاحب البعير: خذ البعير بما عليه، فأبى المكري أن يأخذ طعام الشيخ، فلم يدعه الشيخ حسن حتى أخذ الطعام؛ تورعا أن يأخذ شيئا حمل على حرام، وهذا من دقيق الورع) (2). ونظيره ما يحكى عن بعض رجال «الرسالة»: أنه حبس، فحملت إليه أخته طعاما من ثمن غزلها، وأوصلته على يد السجان، فلم يأكله، فعاتبته على ذلك، فقال: الطعام حلال، ولكنه وصلني على طبق حرام (3). ومن دقيق ورع الشيخ حسن المذكور: أنه دخل عليه بعض أوقات الصلاة وهو عند بئر سانية وقد غاب أحد سناتها، فأمر الشيخ صبيا أن يربط على الساني الأدلاء ويصبها حتى يتوضأ، ففعل ما أمره به، أو الصبي فعل ذلك بغير أمر الشيخ، فلما توضأ الشيخ وصلّى .. بحث عن سن الصبي، فإذا هو لم يبلغ، فسأل عن رشيد الصبي، فلم يجد له رشيدا، فتحير الشيخ فيما فعل الصبي، فقيل له: الصبي يرضى لك بذلك، وما يريد منك إلا البركة، فأبى الشيخ، ولم يزل مكانه حتى أرسل إلى والي البلد، ورشد على ذلك الصبي

(1) «الجوهر الشفاف» (3/ 32)، و «البرقة المشيقة» (ص 41)، و «المشرع الروي» (2/ 90). (2) «الجوهر الشفاف» (3/ 33). (3) هو ذو النون المصري رحمه الله تعالى، انظر القصة في «إحياء علوم الدين» (3/ 20).

4159 - [إبراهيم الجبلي]

رشيدا، فأعطى الشيخ لرشيد الصبي ملحفة أجرة لما فعله الصبي، ثم طلب من الصبي بعد ذلك أن يحل له. وتوفي يوم الجمعة لأحد وعشرين من ربيع الثاني سنة تسع وثمانين وسبع مائة. 4159 - [إبراهيم الجبلي] (1) أبو عبد الله الشيخ إبراهيم الجبلي الصوفي. كان شفلوتا يحمل السلاح (2)، ويخدم غلمان السلطان، ثم أقلع عن ذلك، وأقبل على عبادة الله والانقطاع إليه، وصحب الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي صاحب زبيد، وظهرت عليه أمارات القبول. وكان كثير الاجتهاد في العبادة، قانعا من الدنيا بما اتفق له منها، صابرا على ذلك، محبوبا عند الناس، لين الجانب، حسن الأخلاق. استوطن آخر عمره أبيات حسين، وظهر له بها أولاد. وتوفي بها في رجب سنة تسعين وسبع مائة. 4160 - [عفيف الدين النشاوري] (3) عبد الله بن محمد بن محمد بن سليمان عفيف الدين أبو محمد المكي، المعروف بالنشاوري. ولد سنة إحدى وسبع مائة، وهي السنة التي توفي فيها أبو نمي صاحب مكة، إلا أنه كان يكتب مولده في سنة خمس وسبع مائة احتياطا. أجاز له في سنة ثلاث عشرة القاسم بن عساكر، والحجار، ووزيرة، وخلق سواهم من دمشق باستدعاء البرزالي وابن خليل، وسمع من الرضي الطبري الكتب الستة خلا «سنن ابن ماجه» وهو خاتمة أصحاب الرضي الطبري بالسماع.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 17). (2) الشفلوت: مفرد شفاليت، وهم المرتزقة من الفرسان وأهل الحرب، وقيل: هم طائفة من العرب ملفقين من كل قبيلة يأكلون العلوفة السلطانية، ويخدمون العسكر سفرا وحضرا، ويربون شعورهم. (3) «العقد الثمين» (5/ 270)، و «الدرر الكامنة» (2/ 300)، و «إنباء الغمر» (1/ 358)، و «شذرات الذهب» (8/ 537).

4161 - [الوزير وجيه الدين بن المقرئ]

وحدث بمكة كثيرا، وبالقاهرة، قال: (سمع منه جماعة من أعيان شيوخنا كابن سكر وغيره، قال: وسمعت منه شيئا من «سنن النسائي» عن الرضي الطبري إجازة في سنة تسع وثمانين بعد أن حصل له تغير قليل، لكنه أجاز لي مروياته غير مرة، وكان حسن الطريقة بأخرة) (1). توفي في أول العشر الأول من ذي الحجة بمكة سنة تسعين وسبع مائة، ودفن بالمعلاة. 4161 - [الوزير وجيه الدين بن المقرئ] (2) الوزير الكبير الأشرفي وجيه الدين عبد الرحمن بن المقرئ علي بن عباس، أحد وزراء الدولة الأشرفية. ولد سنة إحدى وأربعين وسبع مائة. وتأدب وتهذب وأخذ عن أبيه، وعن الفقيه عمر بن سعيد التعزي، والفقيه جمال الدين محمد بن عبد الله الريمي، وأخذ النحو عن أحمد بن بصيبص. وكان بارعا في الفقه والنحو والعروض والفرائض. وجعله الأفضل كاتب إنشائه، ثم استمر ناظرا في جبلة، فلما توفي الأفضل .. اختصه الأشرف، فجعله أحد جلسائه، ثم ولاه القضاء الأكبر في قطر اليمن بعد وفاة ابن صفر، وذلك في آخر سنة خمس وثمانين وسبع مائة، ثم في رمضان من سنة سبع وثمانين قلده الوزارة في المملكة، فكان محمود المشورة، حسن السيرة، طاهر السريرة. [من الرمل] باطن كالظاهر المحمود في … طاعة الله وسر كالعلن همة تصبو إلى بيض العلا … لا إلى اللهو وخضراء الدمن ولم يزل على الوزارة على الحال المرضي إلى أن توفي بتعز في شهر الحجة من سنة تسعين وسبع مائة.

(1) القائل هو التقي الفاسي رحمه الله تعالى، انظر «العقد الثمين» (5/ 271). (2) «العقود اللؤلؤية» (2/ 200)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 61).

4162 - [محمد بن عبد الله الريمي]

4162 - [محمد بن عبد الله الريمي] (1) محمد بن عبد الله بن أبي بكر الريمي أبو عبد الله جمال الدين النزاري، شارح «التنبيه». ولد طلوع شمس الأحد أول شعبان من سنة عشر وسبع مائة. وتفقه بالقاضيين: علي بن محمد الناشري وعلي بن سالم الأبيني، والفقيهين: أبي بكر بن جبريل ويوسف بن محمد الأكسع وغيرهما، وأخذ الحديث عن الحافظ إبراهيم بن عمر العلوي. وكان إماما عالما، فصيحا منطقيا، محجاجا مناظرا، أوحد الفقهاء المبرزين، والعلماء المجودين، وإليه انتهت رئاسة الفتوى في جميع أقطار اليمن، وانتشر صيته في الأمصار، وكانت الرحلة إليه من سائر الأقطار، وقصد بالفتاوى من شاسع البلدان. وتفقه به جمع كثير؛ كالفقيه علي بن عبد الله الشاوري، وإسماعيل بن أبي بكر المقرئ، وعلي بن محمد بن فخر، وإبراهيم بن عبد الله بن أبي الخير، وعبد الله بن محمد الناشري، ووالده محمد بن عبد الله الناشري، وغيرهم من أهل تهامة، والفقيه أبو بكر بن محمد الخياط، وصالح بن محمد الدمتي، وعبد الرحمن بن أبي بكر الزوقري، ومحمد بن عمر العودري، وغيرهم من فقهاء الجبال، وما من هؤلاء إلا من رأس ودرس. وله مصنفات مفيدة، منها «التفقيه شرح التنبيه» في أربعة وعشرين مجلدا، و «المعاني البديعة في اختلاف علماء الشريعة»، وكتاب في اتفاق العلماء، وآخر يسمى: «المصان» وله بحث حسن، واستدراك مستحسن. وكان له الجاه العظيم عند الملوك فمن دونهم، خصوصا المجاهد؛ فإنه كان له عنده مكانة علية، أعطاه مرة أربعة شخوص من ذهب، وزن كل شخص منها مائتي مثقال، مكتوب على كل شخص منها: [من الطويل] إذا جادت الدنيا عليك فجد بها … على الناس طرا قبل أن تتفلت

(1) «العطايا السنية» (ص 620)، و «العقود اللؤلؤية» (2/ 218)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 206)، و «الدرر الكامنة» (3/ 486)، و «تحفة الزمن» (2/ 319)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 182)، و «شذرات الذهب» (7/ 555)، و «المدارس الإسلامية» (ص 257).

4163 - [ابن الجلاد الفرضي]

فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت … ولا البخل يبقيها إذا ما تولت وكان حسن الوساطة بين السلطان والرعية، كثير السعي في قضاء حوائج الأصحاب من السلطان وغيره، وكان مع ذلك باذلا نفسه للطلبة، يقوم بحاجة الغرباء والمنقطعين منهم من النفقة والكسوة، ويعطيهم ما يحتاجونه من ورق ومداد لتحصيل الكتب، وجمعت خزانته نحو ألفي مجلد. وولاه الأشرف القضاء الأكبر في قطر اليمن، فلم يزل على ذلك إلى أن توفي بزبيد رابع وعشرين شهر صفر سنة اثنتين وتسعين وسبع مائة عن اثنتين وثمانين سنة، وقبر على باب مشهد الشيخ الصالح أحمد الصياد. وبالجملة: فكان ممن أوتي بسطة في العلم والمال والجاه والعمر، رحمه الله تعالى، آمين. 4163 - [ابن الجلاد الفرضي] (1) أبو العباس أحمد بن موسى بن علي بن زكريا الفقيه، الحنفي مذهبا، الفرضي، النخلي-بفتح النون، وإسكان الخاء المعجمة، وكسر اللام-المعروف بابن الجلاد. ولد آخر ذي الحجة سنة سبع مائة. تفقه بوالده، وكان فقيها فاضلا، فرضيا، بارعا في معرفة الحساب والفرائض، والهندسة، والجبر والمقابلة، والدور، والمعاياة. كان مبارك التدريس، كريم النفس، حسن الأخلاق، محققا لمذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله. توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وسبع مائة. 4164 - [أحمد بن زيد الشاوري] (2) أحمد بن زيد الشاوري الفقيه الإمام، الورع الزاهد، شهاب الدين أبو العباس.

(1) «العقود اللؤلؤية» (2/ 218)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 179)، و «الدرر الكامنة» (1/ 322)، و «إنباء الغمر» (1/ 404)، و «تحفة الزمن» (2/ 349). (2) «العقود اللؤلؤية» (2/ 221)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 84)، و «الدرر الكامنة» (1/ 134)، و «إنباء الغمر» (1/ 422)، و «تحفة الزمن» (2/ 106)، و «طبقات الخواص» (ص 77).

كان إماما عالما عاملا، جوادا كريما، شديد الورع، باذلا نفسه لطلبة العلم، مسموع الكلمة، مطاعا في بلده وناحيته. وبه تفقه جمع كثير من أهل تلك الناحية. وكانت بلاده مطيفة ببلاد الزيدية، ولم يقل بقولهم، ولا اقتدى بفعلهم، فسار إليه إمام الزيدية محمد بن علي بن محمد الهدوي الملقب (صلاح) في جمع كثير من الزيدية وغيرهم، فلما صار قريبا من موضع الفقيه .. أرسل طائفة من العسكر، فقصدوا الفقيه إلى منزله، فقتلوه، وقتلوا جماعة من أصحابه ظلما وعدوانا، ونهبوا بيته وناحيته نهبا شديدا، وكان في بيته أموال جليلة مودعة للناس، وذلك حادي عشر رجب سنة ثلاث وتسعين وسبع مائة. ولم تطل مدة الإمام صلاح، بل عوقب عقوبة شديدة، وكذلك الذين باشروا قتل الفقيه بأيديهم، وعمل بعض الفقهاء الشاوريين قصيدة يرثيه فيها، أولها: [من الوافر] ألا شلت يمينك يا صلاح … وعجل يومك القدر المتاح وسمعت شيخنا القاضي شهاب الدين أحمد المزجد يذكر أن للفقيه شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر المقرئ في ذلك قصيدة أولها: [من الوافر] أراني الله رأسك يا صلاح … تداوله الأسنة والرماح ويحكى عن الإمام المذكور أنه قال: لما وصلت أنا والعسكر إلى بلد الفقيه أحمد بن زيد .. أمرت العسكر ألا تغير على أحد بنهب ولا غيره، إلا أنكم إذا دخلتم على الفقيه ابن زيد .. فاحملوا ما عنده من الكتب، فلما دخلوا عليه .. حملوا كتبه، وجاءوني بها، فوجدت معظمها في الأصول والاعتقادات، فأمرت بقتله ونهب بلده، فلما قتل وسرنا راجعين .. فتوسطت البغلة في واد بين جبلين، وأسرعت في مشيها، فظن الغلمان أني حثثتها لحاجة الإنسان، فتأخروا عني، فلما انفردت .. قابلني الفقيه أحمد بن زيد وقرب مني في الجانب الأيسر، فرأيته يمد إصبعه السبابة كأنها خنجر، فطعن بها البغلة في خاصرتها، فنفرت بي نفرة شديدة ألقتني عن ظهرها، وكانت رجلي في الركاب، فسحبتني نحو ميل، فما أنقذت منها إلا وقد صرت شا أهلك (1)، فو الله ما بي إلا هو قتلته فقتلني.

(1) شا: في كلام أهل اليمن بمعنى «سين التسويف» أو «سوف».

4165 - [أبو محمد السوسي]

4165 - [أبو محمد السوسي] (1) عبد الله بن عبد الحق السوسي أبو محمد. ونقل التقي الفاسي عن تعليق جده أبي عبد الله الفاسي: (أنه أدرك المذكور جماعة من دكالة، من أصحاب الشيخ أبي صالح المقيمين في الحجاز، وصحبهم. وكان لا يمشي إلى أحد بسبب رفق (2)، وربما قيل له: لك عند فلان كذا، تمشي تأخذه؟ فيأبى، ولا يمشي إلى أحد، ولم يزل عزمه يشتد. قال: أخذ نفسه في آخر أمره بطريق من الورع لم أسمع أن أحدا تعاطاها ممن سكن الحجاز فيمن تأخر، ولم يزل عليها إلى أن توفي في رجب من سنة ثلاث وتسعين وسبع مائة (3) بمكة، ودفن بالمعلاة) (4). 4166 - [عبد الله بن ظهيرة المخزومي] (5) عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المخزومي، عفيف الدين أبو محمد المكي، والد قاضي قضاة مكة جمال الدين. قال التقي الفاسي: (سألت عنه ولده شيخنا القاضي جمال الدين، فذكر أنه ولد سنة ثمان وعشرين وسبع مائة، وقرأ ببعض الروايات على الشيخ برهان الدين المسروري، وحفظ «التنبيه»، واشتغل بالفقه قليلا على الشيخ نجم الدين، وله نظم كثير، وكان مواظبا على تلاوة القرآن، لا يترك ذلك إلا في أوقات الضرورة كالأكل وشبهه) (6) اه‍ قال التقي الفاسي: (وسمع على عيسى بن عبد الله الحجي «صحيح البخاري»، وسمع عليه وعلى الجمال محمد بن الصفي الطبري وجمال الدين الواسطي «جامع

(1) «العقد الثمين» (5/ 199). (2) أي: الانتفاع. (3) في هامش (ت): (في مسودة المصنف بخطه: وست مائة، فليبحث عن ذلك)، وكذا في «العقد الثمين» (5/ 199): أنه توفي سنة ثلاث وتسعين وست مائة، وقد وهم المؤلف رحمه الله تعالى بذكره في هذه الطبقة. (4) «العقد الثمين» (5/ 199). (5) «العقد الثمين» (5/ 183)، و «الدرر الكامنة» (2/ 264)، و «الدليل الشافي» (1/ 385)، و «شذرات الذهب» (8/ 570). (6) «العقد الثمين» (5/ 184).

4167 - [الوزير أبو محمد النظاري]

الترمذي»، وعلى الزين الطبري وعثمان بن الصفي والآقشهري «سنن أبي داود»، وسمع على الآقشهري «الموطأ» و «الشفا»، وعلى الواسطي وغيره «مسند الشافعي»، وحدث. سمع منه بقراءته ولده شيخنا القاضي جمال الدين، وذكر أنه توفي نهار الخميس العشرين من ربيع الأول سنة أربع وتسعين وسبع مائة بمكة، ودفن بالمعلاة) اه‍ (1) 4167 - [الوزير أبو محمد النظاري] (2) الوزير الأشرفي وجيه الدين أبو محمد بن الفقيه محمد بن عبد الله النظاري. كان نظام الفضلاء، وخاتم النبلاء، فقيها نبيها، نحويا لغويا، يقول شعرا حسنا، ويترسل ترسلا بليغا، شجاعا حليما، جوادا كريما. نال من الأفضل شفقة، فكان أول من يدخل عليه، وآخر من يخرج عنه، فلما توفي الأفضل .. استوزره ولده الأشرف، ثم اسود ما بينه وبين السلطان حتى ضاق عليه الزمان والمكان، فنفر عن أوطانه في البلاد العليا، وذلك في سنة ثلاث وثمانين، فلم يزل مقيما هنالك إلى أول سنة خمس وتسعين، ثم وصل على الذمة السلطانية، فآنسه الأشرف، وقربه وأدناه. ولم يزل عنده مقبول الصورة، محمود المشورة، إلى أن توفي يوم الجمعة سادس شوال من سنة خمس وتسعين وسبع مائة. 4168 - [أحمد بن عبد الرحمن الشماخي] (3) أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أبي الخير الشماخي السعدي، محدث بن محدث بن محدث بن محدث بن محدث. ولد سنة تسع وستين وسبع مائة.

(1) «العقد الثمين» (5/ 184). (2) «العقود اللؤلؤية» (2/ 248)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 69). (3) «العقود اللؤلؤية» (2/ 270)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 93)، و «المدارس الإسلامية» (ص 52).

4169 - [محمد بن علي بن أحمد الجنيد]

وكان فقيها، نحويا لغويا، محدثا، متفننا في عدة علوم، ذكيا بارعا، درس في منصورية العليا، ومؤيدية تعز. توفي غرة ربيع الأول سنة سبع وتسعين وسبع مائة في حياة أبيه. وأبوه شيخ الحديث في عصره، وكان هو أفقه من أبيه، وأكثر مشاركة في العلوم من جده عبد الله، وإلى جد أبيه أحمد تنتهي أسانيد المحدثين في اليمن. 4169 - [محمد بن علي بن أحمد الجنيد] (1) محمد بن الفقيه علي بن الفقيه أحمد بن علي بن أحمد الجنيد بن محمد بن منصور. كان فقيها عالما، ولي قضاء تعز مدة، فحسنت سيرته فيه، ونال شفقة من الأشرف بن الأفضل، ثم انفصل عن تعز، وولي قضاء عدن، فأقام بها مدة، ثم طلبه الأشرف ليوليه القضاء الأكبر بعد موت القاضي ركن الدين أبي بكر بن يحيى بن عجيل، فأقام أياما، وعاجله الأجل، فتوفي بتعز سادس رمضان سنة سبع وتسعين وسبع مائة، بموحدتين بينهما مثناة. 4170 - [سليمان بن علي بن أحمد الجنيد] (2) سليمان بن الفقيه علي بن الفقيه أحمد بن علي بن أحمد الجنيد بن محمد بن منصور. ولي قضاء موزع مدة، ثم قضاء زبيد، ثم قضاء تعز مدة، ثم انفصل أياما، ثم أعيد إلى قضاء تعز، ثم نقل إلى قضاء عدن، ثم انفصل عنها، ثم أعيد إلى قضاء عدن. قال الخزرجي: (وكان وادعا، كريم النفس، منقبضا عن الناس) (3). ولم يذكر وقت وفاته ولا مكانه، وأظنه توفي بعدن على قضائها، ذكرته هنا تبعا للذي قبله.

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 227)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 222). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 227)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 95). (3) «طراز أعلام الزمن» (2/ 227).

4171 - [عبد الله بن محمد الهبي]

4171 - [عبد الله بن محمد الهبي] (1) عبد الله بن محمد بن علي المعروف بالهبّي، بضم الهاء وتشديد الموحدة. كان من أعيان تجار عدن، وكان يتردد للتجارة منها إلى مكة، ثم انتقل بأهله وعياله من عدن إلى مكة، وأقبل عليه صاحب مكة أحمد بن عجلان، ورعاه لذلك من بعده من أمراء مكة، ثم قل ما بيده، فنقل أولاده إلى اليمن، ثم سار من مكة إلى اليمن، فأدركه الأجل بأبيات حسين إثر وصوله إليها في سنة سبع وتسعين وسبع مائة. وكان ذا عقل، ومروءة كثيرة، وخير. وقد يلتبس بالهني-بالنون-راوي «جامع الترمذي» عن أبي الأخضر. 4172 - [عبد الرحمن بن عبد الله الشماخي] (2) عبد الرحمن بن عبد الله بن الفقيه أحمد بن الإمام أبي الخير بن منصور الشماخي السعدي أبو أحمد الفقيه المحدث. أخذ علم الحديث عن أبيه، وأبوه عن جده. وكان فقيها، صالحا تقيا، متواضعا، لين الجانب. قال الخزرجي: (قرأت عليه «البخاري» كلّه، وأجازني فيه) (3). وتزوج الأشرف بن الأفضل ابنته لمكانه من العلم، فازداد بذلك وجاهة ونباهة. وحصل به مرض تطاول به إلى أن توفي في ربيع الأول من سنة ثمان وتسعين وسبع مائة (4). 4173 - [عبد الله بن صالح البريهي] (5) عبد الله بن الفقيه صالح بن عمر بن أبي بكر بن إسماعيل البريهي السكسكي الشافعي أبو محمد، الملقب: عفيف الدين.

(1) «العقد الثمين» (5/ 281)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 118). (2) «العقود اللؤلؤية» (2/ 274)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 58). (3) «طراز أعلام الزمن» (2/ 58). (4) في «العقود اللؤلؤية» (2/ 274): توفي سنة (797 هـ‍). (5) «العطايا السنية» (ص 402)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 112)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 185)، و «المدارس الإسلامية» (ص 247)، و «هجر العلم» (2/ 773).

4174 - [علي بن عبد الله الشاوري]

ولد بذي السفال من مخلاف جعفر. وتفقه بأبيه، وبابن عمه محمد بن عبد الرحمن، وشارك في فنون كثيرة من العلوم، واتفق أهل عصره على صلاحه وفضله. وكان حسن التدريس، لين الجانب، سهل الأخلاق، متواضعا. ودرس بأفضلية تعز من سنة خمس وستين إلى أن توفي في شهر رجب من سنة ثمان وتسعين وسبع مائة. وكان خطيبا فصيحا. 4174 - [علي بن عبد الله الشاوري] (1) علي بن عبد الله أبو الحسن الشاوري الفقيه الشافعي، الملقب: موفق الدين. قال أبو الحسن الخزرجي: (أخبرني الشيخ الصالح يحيى بن محمد المرزوقي أنه ولد بعدن سنة ست وثلاثين وسبع مائة) (2). وتعلم القرآن الكريم بها، واشتغل بشيء من الفقه، ثم ارتحل إلى زبيد، فقرأ للسبع على المقرئ محمد بن عثمان بن سنينة، وأخذ عن المقرئ علي بن شداد كثيرا من كتب الحديث والقراءات، وقرأ النحو على أحمد بن عثمان بن بصيبص حتى برع فيه، وقرأ الفقه على الشيخ إسحاق بن أحمد بن زكريا، والفقيه عبد الله بن محمد الهبيري، وعلى الإمام محمد بن عبد الله الريمي وغيرهم. ودرس في السابقية مدة، ثم تركها، فأقام يقرئ الناس في بيته، وانتفع به خلق كثير كإبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن أحمد بن أبي الخير، وعلي بن عثمان الأحمر، وولده، وعلي بن [ ... ] (3) المذاهبي، وما من هؤلاء إلا من كمل ودرس. وكان فقيها نبيها، محققا للفروع والأصول، والحديث والقراءات، والنحو واللغة، والعروض والفرائض، متواضعا، باذلا نفسه للطلبة، يسعى في حاجة الصغير والكبير.

(1) «العقود اللؤلؤية» (2/ 283)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 301)، و «بغية الوعاة» (2/ 173)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 152)، و «المدارس الإسلامية» (ص 161)، و «هجر العلم» (1/ 149). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 301). (3) بياض في الأصول، وكذا في «تاريخ ثغر عدن» (2/ 153)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 301).

4175 - [العفيف عبد الله الحموي]

ولما توفي قاضي القضاة زكي الدين أبو بكر بن يحيى بن عجيل .. عيّن الفقيه علي المذكور للقضاء الأكبر، فامتنع أشد الامتناع، ولم يجب إلى ذلك. وقرأ عليه الأشرف بن الأفضل شيئا من «التنبيه». وتوفي تاسع وعشرين صفر من سنة ثمان وتسعين وسبع مائة (1). 4175 - [العفيف عبد الله الحموي] (2) عبد الله بن الضياء محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي المكارم الحموي المكي، يلقب بالعفيف. قال التقي الفاسي: (قرأ القرآن على الشيخ ناصر الدين العقيبي، وحفظ «التنبيه» و «الحاوي» و «ألفية ابن مالك» و «مقامات الحريري»، وسمع على الفخر عثمان بن الصفي الطبري «سنن أبي داود»، وسمع في سنة سبع وأربعين «موطأ مالك» -رواية يحيى بن بكير-عن الإمامين سراج الدين الدمنهوري وفخر الدين النويري، وقرأ في الفقه على القاضي أبي البقاء السبكي وغيره وكان يحبه ويثني عليه-على ما بلغني-وانقطع إلى ولده القاضي ولي الدين، وما علمته حدث. ثم توجه إلى الرحبة، واستوطنها حتى مات، أظنه في سنة ثمان وتسعين وسبع مائة) (3). 4176 - [الأمير شجاع الدين الأشرفي] الأمير شجاع الدين عمر بن سليمان الإبّي الأشرفي. كان واليا بلحج في سنة ست وثمانين، وصادره الأشرف مصادرة شديدة في المحرم أول سنة تسع وتسعين. و[توفي] في صفر من سنة تسع وتسعين وسبع مائة.

(1) في «طراز أعلام الزمن» (2/ 302)، و «بغية الوعاة» (2/ 173): توفي سنة (778 هـ‍). (2) «العقد الثمين» (5/ 246). (3) «العقد الثمين» (5/ 246).

4177 - [إسماعيل بن علي ابن ثمامة]

4177 - [إسماعيل بن علي ابن ثمامة] (1) إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن الفقيه علي بن محمد بن أحمد بن نجاح، عرف بابن ثمامة. وكان إخباريا، عارفا بالتواريخ، حافظا. قال أبو الحسن الخزرجي: (وهو الذي أخبرني بكثير من أحوال أهله وتاريخ وفياتهم) (2). وأمّ بنظامية زبيد كأبيه، وعمّر طويلا. ولد سنة عشر أو إحدى عشرة وسبع مائة. وتوفي أول ليلة من شوال سنة تسع وتسعين وسبع مائة. 4178 - [الخليفة المتوكل بن المعتضد] (3) الخليفة بمصر المتوكل على الله محمد بن المعتضد بالله أبي بكر بن المستكفي بالله سليمان بن الحاكم أحمد بن الأمير الحسن الأرشد العباسي. بويع له يوم مات أبوه بعهد من أبيه، فأقام في الخلافة اثنتين وعشرين سنة، وخلع في سنة خمس وثمانين. ثم بويع له ثانيا عند ما لزم المعتصم بن الواثق داره، وذلك في سنة إحدى وتسعين، فأقام سبع عشرة سنة. وتوفي سنة ثمان وثمان مائة. 4179 - [عمر بن عبد الرحمن الدملوي] (4) عمر بن الفقيه عبد الرحمن بن عبد الله بن منصور الدملوي، الخطيب بن الخطيب.

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 332)، و «المدارس الإسلامية» (ص 103)، و «هجر العلم» (3/ 1195). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 332). (3) ستأتي ترجمته في موضعها الصحيح من وفيات سنة (808 هـ‍)؛ فانظر مصادر ترجمته هناك (6/ 368). (4) «العقود اللؤلؤية» (2/ 295)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 59).

4180 - [علي بن عثمان الأحمر]

ولي الخطابة بجامع زبيد بعد موت أخيه محمد، وكان حسن الصوت كأخيه، فلم يزل خطيب المدينة وقارئ الحديث بمسجد الأشاعر إلى أن توفي في ربيع الأول من سنة ثمان مائة، فولي الخطابة بعده محمد بن عمر بن عبد الرحمن. قال الخزرجي: (ورزق الفقيه عبد الرحمن سعادة في ولده بأوفى حظ في حسن الصوت، وجودة القراءة، فلم يكن في وقتهم من يتقدم عليهم، وحظوا في أصواتهم ما لم يحظ غيرهم، ولقد كان لهم عبد حبشي يؤذن في بعض المساجد، فكان يستحسن أذانه على عدة من مؤذني ذلك الوقت) (1). 4180 - [علي بن عثمان الأحمر] (2) علي بن عثمان بن الفقيه عبد الله بن محمد الأحمر الأنصاري مقدم الذكر (3). قال الخزرجي: (تفقه بالشاوري، وبلغ درجة التدريس. وكان عاقلا ورعا مجتهدا. تخرج به جماعة من أولاده وغيرهم) (4). وتوفي في رمضان سنة ثمان مائة. 4181 - [عبد اللطيف الأبيني] (5) أبو محمد عبد اللطيف بن محمد بن القاضي علي بن سالم الأبيني الزبيدي سراج الدين. كان أوحد كملة الزمان، وأعظم نصحاء السلطان. ولد بزبيد آخر المحرم-أو أول صفر-سنة ثلاث وثلاثين وسبع مائة، وناب عن أبيه في ولاياته. ولما توفي والده وقد ظهرت نجابته، وارتفعت مكانته .. ولاه المجاهد الغساني شد

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 59). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 155)، و «هجر العلم» (2/ 1041). (3) انظر (6/ 347). (4) «طراز أعلام الزمن» (2/ 155). (5) «العقود اللؤلؤية» (2/ 299)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 86)، و «العقد الثمين» (5/ 489)، و «المدارس الإسلامية» (ص 276).

4182 - [علي بن عثمان المطيب]

الأوقاف بزبيد، ثم ولاه الأفضل بعد موت أبيه المجاهد شد وادي زبيد، فحمدت سيرته فيه. ثم في سنة إحدى وسبعين هرب من زبيد إلى مكة؛ خوفا من الطواشي أهيف الأمير بزبيد، وسمع بمكة من الكمال بن حبيب وغيره، واستمر مجاورا على طريقة حسنة، وتولى نظر المدارس الغسانية بمكة وهي: المنصورية، والمجاهدية، والأفضلية بعد عزل القاضي أبي الفضل النويري عنها في أثناء سنة ست وثمانين. ولما كثر طلب الأشرف الغساني له بعد موت الأفضل .. توجه من مكة إلى زبيد في سنة تسعين وسبع مائة، فقوبل بالقبول التام، والإجلال والإكرام، ثم قلده شد الوادي بزبيد، فعمر البلاد، فلما تحقق السلطان أمانته وحسن سيرته .. أضاف إليه سائر جهات الوادي ونظر الأوقاف، فعمر المدارس والمساجد والسبل، وعظمت مكانته عند السلطان، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي بزبيد في ذي القعدة من سنة ثمان مائة. 4182 - [علي بن عثمان المطيب] (1) علي بن عثمان المطيب، الحنفي المذهب. تفقه بعلي بن نوح، والفقيه إبراهيم بن عمر العلوي، وأخذ الحديث عنه وعن المقرئ علي بن أبي بكر بن شداد. وكان فقيها نبيها، ورعا قنوعا، شريف النفس، حسن السيرة، إليه انتهت رئاسة الحنفية بزبيد، ودرس في دعاسية زبيد، ثم في منصوريتها السفلى الحنفية، ثم ولاه الأشرف القضاء على مذهب الإمام أبي حنيفة. قال الخزرجي: (ولم يكن أحد يلي القضاء قبله من أصحاب أبي حنيفة بزبيد مذ كانت فيما علمت) اه‍ (2) ولم يزل قضاء الحنفية مستمرا في زبيد في بني المطيب إلى عصرنا هذا سنة عشرين وتسع مائة. ولم يذكر الخزرجي تاريخ وفاته، وذكرته هنا ظنا.

(1) «طراز أعلام الزمن» (2/ 309)، و «المدارس الإسلامية» (ص 56). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 309).

4183 - [محمد بن علي العامري]

4183 - [محمد بن علي العامري] (1) محمد بن علي العامري، من الفقهاء العامريين بحرض. كان فقيها فاضلا، عارفا متواضعا. قال أبو الحسن الخزرجي: (قرأت عليه طائفة من «التنبيه» بمكة المشرفة تجاه الكعبة المعظمة، وقرأ علي طائفة من «البقرة» بقراءة عبد الله بن كثير هنالك؛ التماس البركة، وذلك في آخر سنة ثلاثة وسبعين وسبع مائة، ولم أقف على تاريخ وفاته) اه‍ 4184 - [محمد بن أحمد اليافعي] (2) محمد بن أحمد بن عراف اليافعي. كان فقيها عارفا، خيرا دينا. وهو أحد شيوخ أبي الخير الحضرمي، أخذ عنه «الفائق في الوعظ» بأخذه له عن أبي قيصر الظفاري عن القلعي. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان في هذه المائة. 4185 - [محمد بن خضر الدلي] (3) محمد بن خضر بن غياث الدين محمد بن مشيد الدين الكاملي الدلي القرشي الزبيري، الفقيه الحنفي، الملقب: غياث الدين. قال أبو الحسن الخزرجي: (دخل اليمن قاصدا الحج في أوائل سنة ثلاث وتسعين وسبع مائة، فقرأ عليه جماعة من أهل عدن في النحو والمعاني والبيان، ثم سار في البحر قاصدا الحج، فانكسر به المركب في محاذاة زبيد، فخرج هو وأصحابه إلى ساحل زبيد، ثم دخل زبيد، فاجتمعت عليه الطلبة من الحنفية والشافعية يقرءون عليه في جامع زبيد، وكانت

(1) «هجر العلم» (1/ 457). (2) «السلوك» (2/ 456)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 80)، و «تحفة الزمن» (2/ 420). (3) «طراز أعلام الزمن» (3/ 174)، و «تحفة الزمن» (2/ 328)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 214).

4186 - [أبو بكر بن علي باعلوي]

حلقته تزيد على المائتين، يقرءون عليه في الفقه والنحو والأصول وغير ذلك؛ فإنه كان عارفا بالأصول والفروع على مذهب الحنفية، والنحو واللغة، والحديث والتفسير، والقراءات السبع، والمنطق، والمعاني والبيان، مع الزهد والورع والتواضع. قال: وقرأت عليه «العوارف» وكتابه الذي صنفه في فروع الحنفية بأمر الأشرف، ونال من السلطان الأشرف شفقة تامة، واحتراما زائدا، واعتقادا حسنا، أعطاه بعدن ألف دينار، وبزبيد لما دخلها منكسرا ألفا أخرى، ولما خرج منها قاصدا الحج .. ألف ثالثة، وعرض عليه القضاء الأكبر بقطر اليمن، فامتهل إلى وقت رجوعه من الحج، ثم سار من زبيد إلى مكة المشرفة للحج في شوال من السنة المذكورة، فحج ورجع إلى بلده على طريق العراق في سنة أربع وتسعين وسبع مائة) (1). ولم أقف على تاريخ وفاته. 4186 - [أبو بكر بن علي باعلوي] (2) أبو بكر بن الشيخ علي بن علوي بن أحمد باعلوي. ارتحل إلى عدن لطلب العلم، فقرأ على القاضي محمد بن عيسى الحبيشي ولازمه، واعتنى به القاضي الحبيشي، وقام بأمره أحسن قيام، وذلك بوصية من والد الشيخ على ما ذكرناه في ترجمة والده في العشرين قبل هذه (3)، فأدرك، وبرع في العلم في مدة يسيرة. يقال: إنه ورد سؤال من السلطان على القاضي محمد بن عيسى الحبيشي، فلم يظهر له جواب، فأوقفه على فقهاء البلد وطلبتها (4)، فلم يظهر لهم الجواب، ثم عرضه على أبي بكر المذكور، فأجاب عنه بأتم جواب، فلما بلغ السلطان خبره .. أرسل إليه، وسلطه على خزانة الكتب ليأخذ منها ما شاء، فلم يأخذ منها شيئا؛ تورعا، إلا أنه وجد «التنبيه» بخط مؤلفه الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، فأخذه للتبرك به. ولم أقف على تاريخ وفاته، وذكرته في هذه المائة؛ لأنه كان موجودا بها يقينا، والله سبحانه أعلم.

(1) «طراز أعلام الزمن» (174/ 3 - 177). (2) «تاريخ ثغر عدن» (2/ 27)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 326)، و «المشرع الروي» (2/ 42). (3) انظر (6/ 303). (4) في هامش (ت): (صوابه: فأوقف عليه فقهاء البلد).

4187 - [علي بن حسان الزاهد]

4187 - [علي بن حسان الزاهد] (1) علي بن حسان الفقيه الزاهد. روى الخطيب عن حفيده الفقيه عبد الله بن الإمام العالم عبد الرحمن بن الفقيه الزاهد علي بن حسان قال: (كان جدي علي بن حسان المذكور قاضيا في ريدة المشقاص، وكان شيخا كريما، فإذا أتاه خصمان يتحاكمان ووقع الحكم على المعسر .. قال لخصمه: هذا معسر، فاتركه لحال سبيله وأنا أقضي عنه، فيتركه الخصم، ويقضي جدي عن المعسر، وكان هذا دأبه؛ يصلح بين الناس، ويدفع لمن استضعف من ماله كثيرا حتى يصلح فيما بينهم) اه‍ (2) ولم أقف على تاريخ وفاته، وغالب ظني أنه كان موجودا في هذه المائة، والله سبحانه أعلم. 4188 - [محمد بن أبي بكر با عباد] (3) أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عمر بن محمد-عرف جده بأبي عباد الحضرمي-الإمام العالم العامل، الولي الصالح. قال الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي نفع الله به: (كان من كبار الأئمة المحققين، الجامعين بين جميع أنواع العلوم، فاق أئمة زمانه علما وعملا، وزهدا وورعا) (4). وللشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن أسعد اليافعي في الفقيه جمال الدين المذكور قصائد جليلة، منها: [من الرمل] كيف لا أملأ أسماع العلا … ولمولانا على الكون الولا من أحاديثك يا شمس الضحى … وهي ريحان وراح تجتلى وبك الله يوالي فضله … في البرايا ويغيث المبتلى لو كانت الدار تدني مغرما … لتبوأنا شباما منزلا

(1) «الجوهر الشفاف» (1/ 240). (2) «الجوهر الشفاف» (1/ 240). (3) «البرقة المشيقة» (ص 63)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 754). (4) «البرقة المشيقة» (ص 64).

4189 - [أبو زكريا العفيفي المالكي]

وأخذ عن الإمام محمد با عباد المذكور جمع من العلماء والفضلاء، منهم الشيخ فضل بن عبد الله بافضل، صحبه، ولازم خدمته، والاقتداء بسيرته، والاقتفاء لطريقته، ولبس عنه الخرقة، واستمد من بركاته، وكان الشيخ محمد يعظم الشيخ فضلا المذكور كثيرا، ويجله ويبجله. وعن الشيخ فضل قال: سألت الشيخ جمال الدين محمد بن أبي بكر عباد: هل العلم أوسع من الجهل، أو الجهل أوسع من العلم؟ فقال رضي الله عنه: أما على المتحري .. فالعلم أوسع من الجهل، وأما على المتجري .. فالجهل أوسع من العلم. وقرأ الشيخ أبو عباد المذكور كثيرا في الفقه وغيره على القاضي محمد بن سعد باشكيل، وأجازه إجازة عامة، وأجاز للشيخ أبي عباد المذكور عبد الله بن أسعد اليافعي، والإمام يحيى بن أبي بكر بن عبد القوي البوني. ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة يقينا، والله سبحانه أعلم (1). وأخذ عن الشيخ أبي عباد المذكور جماعة، وصاروا أئمة فضلاء، منهم: الإمام محمد بن حكم بن عبد الله بن إبراهيم باقشير، وابن عمه عبد الله بن سعد بن عبد الله بن إبراهيم باقشير وغيرهما. 4189 - [أبو زكريا العفيفي المالكي] (2) أبو زكريا يحيى بن أبي بكر بن عبد القوي بن عبد الله البوني ثم التونسي، المغربي العفيفي، الهذلي المالكي. سمع من شمس الدين محمد بن محمد بن الحسن بن نباتة الحديث المسلسل بالأولية، والمسلسل بالتبسم، ومسلسل الثلاثي، و «صحيح البخاري» وغيره، وروى «الحاوي» وغيره عن الحافظ أبي الحجاج يوسف بن الزكي المزي، وعن الحافظ شمس الدين الذهبي، والإمام أحمد بن علي الجزري، والشريف أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن المظفر الحسيني الشافعي، والإمام أبو سليمان بن داود بن إبراهيم بن داود العطار

(1) سيذكر المصنف رحمه الله تعالى في حوادث سنة (801 هـ‍) أنه توفي في تلك السنة، انظر (6/ 383). (2) لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.

الشافعي، والإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الخباز، والشيخ العلامة أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن النقيب الشافعي، وقاضي القضاة شرف الدين هبة الله بن عبد الرحيم البارزي الجهني، وغيرهم من الأئمة. ودخل البوني المذكور اليمن وحضرموت، ودخل شبام، فأجاز للشيخ الصالح الإمام محمد بن أبي بكر با عباد إجازة عامة، وذلك في رجب سنة اثنتين وخمسين وسبع مائة. ***

طبقات المائة التاسعة

طبقات المائة التاسعة

العشرون الأولى من المائة التاسعة

العشرون الأولى من المائة التاسعة [الاعلام] 4190 - [عبيد الحرفوش] (1) عبد الله بن سعد بن عبد الكافي المصري، نزيل مكة، المعروف بالشيخ الحرفوش. قال التقي الفاسي: (هكذا أملى علي نسبه ولده علي. كان ممن يشار إليه بالصلاح بمكة، يقال: إنه أخبر بوقعة الإسكندرية في وقتها، وكانت في أوائل شهر المحرم سنة سبع وستين وسبع مائة، هجمتها الفرنج، وقتلوا وأسروا ونهبوا من فيها. قال: وأخبرني بعض الناس أنه قدم مكة مع شيخنا القاضي عزّ الدين الطيبي في موسم سنة إحدى وتسعين بنية المجاورة بمكة في العام القابل، فاجتمع بالشيخ الحرفوش، وذكر له ذلك، قال: يا أخي؛ ما فيها إقامة، ثم أردف هذا الكلام بقوله: ما عليها مقيم، انتهى، فانثنى عزم الطيبي عن المجاورة، واكترى ورجع إلى القاهرة، وكانت تبدو منه كلمات فاحشة على طريقة الحرافيش بمصر تؤدي إلى زندقة، نسأل الله لنا وله المغفرة. جاور بمكة أزيد من ثلاثين سنة على ما بلغني، وبها مات سنة إحدى وثمان مائة، ودفن بالمعلاة بقرب السور وقد بلغ الستين أو جاوزها) (2). 4191 - [الخليفة المعتصم بن الواثق] (3) الخليفة المعتصم زكريا بن الواثق إبراهيم بن المستمسك محمد. بويع له بمصر يوم مات أخوه المستعصم عمر بن الواثق، وذلك في سنة ثمان وثمانين وسبع مائة، فأقام في الخلافة سنتين ونصف.

(1) «العقد الثمين» (5/ 171)، و «إنباء الغمر» (2/ 73)، و «الضوء اللامع» (5/ 20)، و «شذرات الذهب» (9/ 17). (2) «العقد الثمين» (5/ 171). (3) «مآثر الإنافة» (2/ 180)، و «إنباء الغمر» (3/ 71)، و «الضوء اللامع» (2/ 233)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 597)، و «تاريخ الخميس» (2/ 383)، و «النجوم الزاهرة» (8/ 13).

4192 - [الملك المنصور محمد بن حاجي]

وخلع في سنة إحدى وتسعين وسبع مائة، ولزم داره إلى أن مات في سنة إحدى وثمان مائة. 4192 - [الملك المنصور محمد بن حاجي] (1) الملك المنصور محمد بن حاجي بن الناصر محمد بن قلاوون. تولى مصر وأعمالها عند قتل عمه حسن. وأقام في القلعة من شعبان سنة أربع وستين وسبع مائة إلى أن مات في إحدى وثمان مائة. 4193 - [السلطان برقوق بن آنص] (2) الملك الظاهر برقوق العثماني. كان اسمه: الطنبغا، فسماه أستاذه يلبغا الكبير: برقوقا لنتوء في عينه، فغلب عليه الاسم الثاني. تقدم ورأس، ولم يزل يترقى في الخدم السلطاني إلى أن تولى الملك المنصور علي بن الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون، وذلك في سنة ثمان وسبعين وسبع مائة، وكان محجوبا لصغر سنه، والكلام والفتق والرتق لبرقوق المذكور إلى أن توفي المنصور وتولى أخوه حاجي بن الملك الأشرف شعبان، وذلك في صفر من سنة ثلاث وثمانين وسبع مائة، والأمر في أيامه أيضا لبرقوق المذكور، ثم خلع حاجي في سنة أربع وثمانين، وتولى الملك الظاهر برقوق المذكور، فأقام نحو سبع سنين، ثم اختفى في جمادى الآخرة من سنة إحدى وتسعين، ثم ظهر، فجهز إلى الكرك، وكان قد بدأ بعمارة البرقوقية في سنة ثلاث وثمانين، وفرغ منها في سنة ثمان وثمانين. ولما اختفى برقوق .. عاد الملك الصالح حاجي بن الأشرف إلى الملك ثانيا في شعبان،

(1) «السلوك» للمقريزي (ج /3 ق 975/ 3)، و «إنباء الغمر» (2/ 83)، و «الدليل الشافي» (2/ 611)، و «الضوء اللامع» (7/ 216)، و «شذرات الذهب» (9/ 22). (2) «السلوك» للمقريزي (ج /3 ق 476/ 2)، و «إنباء الغمر» (2/ 66)، و «النجوم الزاهرة» (11/ 221)، و «الدليل الشافي» (1/ 187)، و «الضوء اللامع» (3/ 10)، و «شذرات الذهب» (9/ 16)، و «الإعلام» (2/ 48).

4194 - [شرف الدين الفارقي]

ولقب بالملك المنصور في المرة الثانية، فأقام سبعة أشهر، ثم ظهر برقوق، فخلع حاجي نفسه من السلطنة عند ظهور برقوق، وذلك في المحرم من سنة اثنتين وتسعين وسبع مائة، ودخل برقوق القاهرة متوليا بأبهة السلطنة وحاجي عن يمينه والخليفة على يساره، وأقام متوليا تسع سنين وتسعة أشهر إلى أن توفي في شوال سنة إحدى وثمان مائة، ودفن بتربته بالصحراء، فمدة ولايته الأولى والثانية ست عشرة سنة وأربعة أشهر ونصف. 4194 - [شرف الدين الفارقي] (1) حسين بن علي بن أبي بكر بن سعادة الفارقي الملقب: شرف الدين. نال شفقة تامة من الأشرف بن الأفضل، وترقى في الخدم السلطانية إلى أن استوزره الأشرف في جمادى من سنة سبع وثمانين وسبع مائة، ثم صرف عن الوزارة، وولي النظر في ثغر عدن، ثم صرف عنه، ثم اعتذر إليه، ثم جعله وزيرا مشاركا للوزير أحمد بن معيبد، فكانا وزيرين؛ إذا غاب أحدهما .. خلفه الآخر، وإن حضرا .. كانا معا إلى أن توفي ليلة الخامس عشر من شعبان من سنة عشر وثمان مائة (2). 4195 - [عبد الله ابن عبد المعطي] (3) عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المعطي الأنصاري الخزرجي المكي. قال الفاسي: (سمع [ ... ] (4)، وسكن اليمن مدة سنين، ثم عاد إلى مكة وأقام بها، ثم عاد إلى اليمن، وتوفي به في أوائل سنة ثلاث وثمان مائة وقد بلغ الخمسين أو جاوزها فيما أظن، وهو أخو قطب الدين محمد، ويعرف والدهما بابن الصفي؛ لأنه ابن بنت الصفي الطبري) اه‍ (5)

(1) «تاريخ ثغر عدن» (2/ 62). (2) في «تاريخ ثغر عدن» (2/ 62): توفي سنة (801 هـ‍). (3) «العقد الثمين» (5/ 240)، و «الضوء اللامع» (5/ 45). (4) بياض في الأصول، وكذا في «العقد الثمين» (5/ 240). (5) «العقد الثمين» (5/ 240).

4196 - [عبد الله البجائي]

4196 - [عبد الله البجائي] (1) عبد الله المغربي المعروف بالبجائي. قال التقي الفاسي: (كان رجلا مباركا، كثير التلاوة للقرآن العظيم، يجهر بذلك في المسجد، وعلى قراءته أنس. جاور بمكة سنين كثيرة على طريقة حسنة، وتوفي بها في أوائل سنة ثلاث وثمان مائة، ودفن بالمعلاة) (2). 4197 - [علي بن جميع الأمير] (3) علي بن جميع الأمير المشهور. توفي بعدن سنة ثلاث وثمان مائة. 4198 - [وجيه الدين العلوي الحنفي] (4) أبو محمد عبد الرحمن بن الفقيه محمد بن يوسف بن عمر بن علي، العلوي نسبا، الحنفي مذهبا، الملقب: وجيه الدين، أوجه أهل عصره جلالة ورئاسة، ونباهة ونفاسة. ولد في ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وسبع مائة. وترقى في الخدم السلطانية، والمباشرات الديوانية، وشد في سائر الجهات اليمانية، فحسده قرناؤه، وكاده أعداؤه عند السلطان الأشرف، فغضب عليه، واعتقله مدة، فلما تحقق براءته عما نسب إليه .. أطلقه من الاعتقال، ولم يزل عنده مجللا معظما، مسموع الكلمة. وكان ذا رأي سديد، وبأس شديد، له نظر في كثير من العلوم، ومشاركة في المنثور

(1) «العقد الثمين» (5/ 304)، و «الضوء اللامع» (5/ 76). (2) «العقد الثمين» (5/ 304). (3) لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا. (4) «طراز أعلام الزمن» (2/ 70)، و «الضوء اللامع» (4/ 153)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 120)، و «المدارس الإسلامية» (ص 281).

4199 - [عبد اللطيف بن أبي بكر الشرجي]

والمنظوم، ومن محاسن شعره القصيدة البديعية التي أودعها سائر فنون البديع، وشرحها شرحا شافيا، وله عدة قصائد في مديح المصطفى صلّى الله عليه وسلم. ومدحه عدة من فضلاء الشعراء. ومن محاسنه الدينية المدرسة التي أنشأها بزبيد، ورتب فيها إماما ومؤذنا وقيما، ومدرسا وطلبة على مذهب الإمام أبي حنيفة، ومدرسا وطلبة على مذهب الإمام الشافعي، وأوقف على الجميع وقفا جيدا يقوم بكفايتهم، وكانت عمارته للمدرسة سنة خمس وتسعين وسبع مائة. يقال: إنه لما عزم على عمارة المدرسة .. اشترى أرضا، وحفر فيها بئرا للماء، ثم استعمل من الأرض المذكورة آجرا، ونقل منها الطين إلى المدرسة، فكان جملة الآجر والطين من تلك الأرض؛ احترازا منه أن يدخل في عمارتها شيئا لا يملكه، وهذا شيء لم يسبقه إليه أحد. ومن محاسنه التي فاق بها أبناء جنسه وكثيرا من غيرهم: أن مأكوله وملبوسه ونفقات أهله وأقاربه وعمارة بيوته وأراضيه وجميع ما يتصدق به من غلة أرضه التي يملكها .. لا يستعمل في ذلك شيئا من غيرها أبدا! وكان كثير الصدقة على أقاربه وجيرانه وغيرهم، لا يسأل شيئا فيردّ سائله خائبا رحمه الله. وقد بسطت ترجمته في التاريخ المختص بالثغر (1). 4199 - [عبد اللطيف بن أبي بكر الشرجي] (2) الإمام العالم الحافظ أبو عبد الله عبد اللطيف بن أبي بكر بن أحمد بن عمر الشرجي- نسبة إلى الشرجة بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء، وكسر الجيم، ثم هاء تأنيث، قرية مشهورة فيما بين حيس وزبيد، بها ولد أول شوال سنة سبع وأربعين ونشأ، فنسب إليها- المالكي نسبا، الحنفي مذهبا، سراج الدين، شيخ نحاة مصره، وإمامهم في عصره.

(1) انظر «تاريخ ثغر عدن» (2/ 120). (2) «العقود اللؤلؤية» (2/ 314)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 84)، و «إنباء الغمر» (2/ 121)، و «الضوء اللامع» (4/ 325)، و «بغية الوعاة» (2/ 107)، و «شذرات الذهب» (9/ 32)، و «المدارس الإسلامية» (ص 26).

4200 - [الملك الأشرف بن الأفضل]

وارتحل إلى زبيد لطلب العلم سنة اثنتين وستين وسبع مائة، فقرأ في النحو والآداب على الفقيه أحمد بن عثمان بن بصيبص، وأدام مجلسه إلى أن مات، ثم أخذ عن الفقيه محمد بن أبي بكر الزوكي، واستمر عوضه في تدريس النحو بالمدرسة الصلاحية، فأفاد واستفاد، وانتشر ذكره في البلاد، ورحل إليه الطلبة من أنحاء اليمن، وأخذ الفقه عن الفقيه علي بن عثمان المطيب، والفقيه عثمان بن أبي القاسم القرتبي، والفقيه أبي يزيد السراج، وأخذ الحديث والتفسير عن المقرئ علي بن شداد. وجمع كتبا كثيرة بخطه وبغير خطه، وضبطها أجود الضبط على الأمهات المنسوبة، واستمر مدرسا في الفقه بالدحمانية. وقرأ عليه الأشرف الغساني «مختصر الحسن بن أبي عباد»، ثم «مقدمة طاهر»، ثم «لمع ابن جني»، ثم «جمل الزجاجي»، وغير ذلك من كتب النحو. وبإشارة السلطان شرح «ملحة الإعراب» شرحا مفيدا، ونظم «مختصر الحسن» و «مقدمة طاهر»، واختصر كتاب «المحرر» في النحو، وصنف كتابا سماه: «الإعلام بمواضع اللام في الكلام». وكان قدره عظيما، ومحله جسيما، إلى أن توفي سنة ثلاث وثمان مائة رحمه الله (1). وكان له عدة أولاد أفقههم وأعقلهم وأكملهم أحمد، وهو أوسطهم سنا، ساد في زمن الشباب، وبرع في الفقه والنحو والآداب، وأخذ عن والده، وجماعة من فقهاء عصره، وتفنن ودأب، وحصل كثيرا مما طلب، وكان حسن الخط، جيد الضبط، عارفا ذكيا، ناسكا تقيا، حافظا مرضيا. 4200 - [الملك الأشرف بن الأفضل] (2) السلطان الملك الأشرف إسماعيل بن الأفضل العباس بن المجاهد علي بن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن المنصور عمر بن علي بن رسول الغساني الجفني. ولد رابع ذي الحجة سنة إحدى وستين وسبع مائة.

(1) كذا في «طراز أعلام الزمن» (2/ 85)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (802 هـ‍). (2) «العقود اللؤلؤية» (2/ 316)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 222)، و «السلوك» للمقريزي (ج /3 ق 1074/ 3)، و «إنباء الغمر» (2/ 158)، و «النجوم الزاهرة» (13/ 25)، و «الدليل الشافي» (1/ 124)، و «الضوء اللامع» (2/ 299)، و «شذرات الذهب» (9/ 45).

4201 - [فضل بن عبد الله الحضرمي]

وولي ملك اليمن يوم وفاة أبيه حادي وعشرين شعبان سنة ثمان وسبعين وسبع مائة، فقابله الإقبال، وساعده السعد، ووافقه التوفيق، وسار بالناس سيرة مرضية في نشر العدل والرفق بالرعية. وكان واسع الحلم، كثير العفو، متحريا في سفك الدماء، جوادا، محبوبا عند الناس، وللإمام مطهر بن محمد بن مطهر الهدوي، والفقيه علي بن محمد الناشري، والفقيه إسماعيل بن أبي بكر المقرئ فيه غرر القصائد. وكان مشاركا في فنون العلم من النحو والإعراب، والفقه والآداب، والتاريخ والأنساب، والحساب والأسطرلاب، وغير ذلك. أخذ النحو عن الفقيه عبد اللطيف الشرجي، والفقه عن الفقيه علي بن عبد الله الشاوري، وسمع الحديث على القاضي مجد الدين الشيرازي. وكان يضع وضعا ويحد حدا في التصنيف، ويأمر من يتم على ذلك الوضع، فما ارتضاه .. أثبته، وما لم يرتضه .. حذفه، وما رآه ناقصا .. تمّمه، فمن ذلك «العسجد المسبوك والجوهر المحكوك في أخبار الخلفاء والملوك»، و «العقود اللؤلؤية في أخبار الدولة الرسولية» ومصنفات في النحو، ومصنفات في الفلك. وعمر جامع المملاح، قرية على باب زبيد القبلي، وله الزيادة الشرقية في جامع عدينة، ومدرسة بتعز والحوض الأشرفي بين تعز والجند، وأوقف أرضا بوادي لحج على المقيم برباط الشيخ أبي الغيث الذي بعدن، ووقفه باق إلى الآن تحت يد ورثة الشيخ فاضل الغيثي خادم الرباط، وعمرت في أيامه المدارس والمساجد والسبل. ولم يزل حاله مستقيما وأموره منتظمة إلى أن توفي في سنة ثلاث وثمان مائة. 4201 - [فضل بن عبد الله الحضرمي] (1) الشيخ فضل بن عبد الله بن الفقيه فضل بن محمد بن أحمد بن أبي فضل. كان شديد الزهد والورع، كثير الخوف، محميا عن الوقوع في الشبهة فضلا عن الحرام.

(1) «الجوهر الشفاف» (3/ 69)، و «طبقات الخواص» (ص 258)، و «تاريخ شنبل» (ص 156).

يحكى أن ابن بوز أمير الشحر أراد أن يدخل الشيخ فضل في شيء من الدنيا، فلم يقدر على ذلك؛ لشدة تحرز الشيخ عنه وعن سواه من مداخلات أبناء الدنيا فضلا عن الظّلمة، وعلم ابن بوز أن للشيخ شاة يأكل من لبنها، فدفع إلى امرأة شيئا من النوى لتبيعه على أهل الشيخ، فذهبت به المرأة، وباعته إلى أهل الشيخ فضل، فرضخوه، وأطعموه تلك الشاة، فلما حلبوها تلك الليلة بعد أن أطعموها ذلك النوى وأتوا بلبنها إلى الشيخ .. رده وقال: هذا اللبن غير ثابت، فبحث أهله عن ذلك النوى، فأخبروا بخبره، فباعوا تلك الشاة، ولم يأكل الشيخ من لبنها بعد أن أكلت ذلك النوى أصلا. قال الشيخ الفقيه محمد بن أبي بكر بن أبي عباد شيخ الشيخ فضل: جربت جميع أصحابي ونفسي، فوجدت أنا نتكلم بالكلام الطيب ثم نخلط معه غيره إلا الشيخ فضل؛ فإنه منزه عن الفضول فضلا عن الغيبة. قال أحمد بن علي حرمي: سمعت الشيخ علوي بن محمد بن أبي علوي يقول: جميع الصالحين الذين لحقتهم اجتهدوا في العبادة، ثم دخلت عليهم الدواخل ففتروا عن العبادة إلا الشيخ فضل ما هو بريء من إعانة من فضل الله سبحانه وتعالى، فقال أحمد بن علي حرمي المذكور: فأخبرت الشيخ فضل بما قاله علوي، فأنشد هذا البيت: [من السريع] عودتني الفضل فلا تنسني … فالناس ألاّف لما عودوا وتوفي رحمه الله ليلة الأحد لإحدى وعشرين من شوال سنة خمس وثمان مائة. قال الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي: (صحب الشيخ فضل المذكور جمعا من العلماء الصالحين، وأخذ عنهم اليد، ولبس منهم الخرقة من آل باعلوي وغيرهم: فمن آل باعلوي: الشيخ عبد الله بن علوي بن أحمد بن الفقيه محمد بن علي، وأخوه علي بن علوي، وابنه محمد بن علي بن علوي، وابنه الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن علي، والإمام محمد بن علوي بن أحمد بن الفقيه محمد بن علي، وأخوه علي بن علوي بن أحمد. ومن غير آل باعلوي: الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي، وشيخه علي بن عبد الله الطواشي، والإمام محمد بن أبي بكر با عباد، وخلق كثير من أهل اليمن والحجاز وحضرموت وغير ذلك) (1).

(1) «البرقة المشيقة» (ص 57 - 66).

4202 - [محمد بن علي باعلوي]

وعمر الشيخ فضل أربع وسبعون سنة، رحمه الله ونفع بهم، آمين. 4202 - [محمد بن علي باعلوي] (1) محمد بن علي بن عمر بن أحمد بن الفقيه محمد بن علي باعلوي. قال الخطيب: (كان شديد العبادة والخوف، كثير الخشوع والبكاء والتلاوة لكتاب الله تعالى. قال: وكان إذا أخذ مضجعه .. يتقلب يمينا وشمالا، ويبكي ويقول: ويل لي! ويل لي! أو نحو هذا، ويمكث كذلك ما شاء الله، وتقول له زوجته عند ذلك: هنيئا لعينيك، أو نحو ذلك، وذكر له في الكتاب كرامات. قال: وتوفي يوم الأحد لأحد عشر من شوال سنة سبع وثمان مائة) (2). 4203 - [حسن المعلم باعلوي] (3) الشيخ المعلم حسن بن محمد بن الفقيه الزاهد حسن بن علي بن الفقيه محمد بن علي باعلوي. قال الخطيب: (كان شديد المجاهدة، تاركا لفضول النفس وأمور الدنيا. قال: وكان من السادات المتقدمين، والجهابذة العارفين؛ وذكر له كرامة. قال: وتوفي يوم الخميس من شوال سنة سبع وسبع مائة) (4)، كذا في الأصل، وأظن أن صوابه: سبع وثمان مائة، والله سبحانه أعلم (5). 4204 - [بهاء الدين الكازروني] (6) عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد السلام بن أبي المعالي،

(1) «الجوهر الشفاف» (3/ 42). (2) «الجوهر الشفاف» (3/ 42). (3) «الجوهر الشفاف» (3/ 42)، و «المشرع الروي» (2/ 91)، و «شمس الظهيرة» (2/ 446). (4) «الجوهر الشفاف» (3/ 43). (5) في النسخة التي بين أيدينا: توفي سنة (777 هـ‍)، وفي «المشرع الروي» (2/ 92): توفي سنة (775 هـ‍). (6) «العقد الثمين» (5/ 212)، و «الضوء اللامع» (5/ 34).

4205 - [الخليفة المتوكل بن المعتضد]

الكازروني الأصل، المكي المولد والدار، الملقب بهاء الدين، رئيس المؤذنين بمكة المشرفة، ولي ذلك سنين كثيرة. قال التقي الفاسي: (وناب في الحسبة بمكة عن جدي قاضي مكة أبي الفضل النويري وقتا يسيرا. قال: ولما تولى شيخنا القاضي جمال الدين بن ظهيرة بعد عزل القاضي عزّ الدين محمد بن القاضي محب الدين النويري في موسم سنة ست وثمان مائة .. استنابه أيضا في ذلك، فباشره حتى انقطع لمرضه الذي مات به في يوم الجمعة تاسع عشر من شعبان سنة ثمان وثمان مائة بمكة، ودفن بالمعلاة. قال التقي الفاسي: وصح لي عن صاحبنا سعد الدين مسعود بن محمد بن أبي شعيب البخاري المكي-وكان صاحبا لعبد الله المذكور-قال: كنت حاضرا عنده بعد أن أخذ في النزع قال: فسمعته يقول: أنا ما أعرفك يا شيطان، أو أنت الشيطان؟ ! أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، ثم فاضت روحه عقب كلامه. قال الفاسي: هذا معنى ما بلغني عنه في هذه الحكاية، وكأن الشيطان تراءى له ليفتنه، فعصمه الله تعالى ببركة ذكره الله تعالى في الأسحار التي يعتاد المؤذنون فعلها كل ليلة) (1). وقد مضى ذكر جده في العشرين الثالثة من الطبقة التي قبل هذه (2). 4205 - [الخليفة المتوكل بن المعتضد] (3) الخليفة المتوكل على الله محمد بن المعتضد بالله أبي بكر بن المستكفي. بويع له يوم مات أبوه في سنة ثلاث وستين وسبع مائة بعهد منه، فأقام في الخلافة اثنتين وعشرين سنة، وخلع في خمس وثمانين وسبع مائة. ولما خلع المعتصم زكريا بن الواثق في سنة إحدى وتسعين .. أعيد المتوكل إلى الخلافة ثانيا، فأقام في الخلافة سبع عشرة.

(1) «العقد الثمين» (212/ 5 - 213). (2) انظر (6/ 259). (3) «إنباء الغمر» (2/ 343)، و «الضوء اللاّمع» (7/ 168)، و «تاريخ الخميس» (2/ 382)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 591)، وقد تقدمت ترجمته سهوا (6/ 349)، في وفيات سنة (799 هـ‍).

4206 - [محمد بن عبد الرحمن الخطيب]

وتوفي سنة ثمان وثمان مائة. فجملة مدة ولايته تسع وثلاثون سنة، وعمره ثمان وستون سنة. وخلف عشرة أولاد ذكور، ولي الخلافة منهم خمسة يأتي ذكرهم إن شاء الله تعالى. 4206 - [محمد بن عبد الرحمن الخطيب] (1) محمد بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن إبراهيم الخطيب. قال الخطيب في كتابه «الجوهر»: (كان كثير الخوف، مدققا في الورع، فقيرا عن الدنيا، مستضعفا في دنياه. وذكر له في الكتاب كرامة، وأنه توفي لسبعة عشر من جمادى الثاني سنة ثمان وثمان مائة) (2). 4207 - [السلطان عبد العزيز بن برقوق] (3) الملك المنصور عبد العزيز. ولي مصر وأعمالها عند اختفاء أخيه الملك الناصر فرج، فأقام في الولاية نحو شهر صفر، ثم ظهر أخوه الملك الناصر، فأمسكه وحبسه بالإسكندرية في جمادى الأولى من سنة تسع وثمان مائة، وقتل بالإسكندرية عقب ذلك من تلك السنة. 4208 - [الأديب أبو الحسن الناشري] (4) الأديب البليغ أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن الناشري.

(1) «الجوهر الشفاف» (3/ 66). (2) «الجوهر الشفاف» (3/ 66). (3) «السلوك» للمقريزي (ج /4 ق 33/ 1)، و «إنباء الغمر» (2/ 352)، و «النجوم الزاهرة» (13/ 41)، و «المنهل الصافي» (7/ 272)، و «الدليل الشافي» (1/ 414)، و «الضوء اللامع» (4/ 217). (4) «طراز أعلام الزمن» (2/ 333)، و «إنباء الغمر» (2/ 441)، و «الضوء اللامع» (5/ 290)، و «شذرات الذهب» (9/ 145)، و «هجر العلم» (4/ 2169)، و «المدارس الإسلامية» (ص 34).

4209 - [شيخ بن علي باعلوي]

قرأ جل مسموعات الفقه والنحو، وسمع كثيرا من الحديث، وغلب عليه الشعر، فمدح الملوك والوزراء، وقصد الأشراف والأمراء، فأجيز الجوائز السنية. وكان كريم النفس، عالي الهمة، جوادا متلافا، لا يمسك شيئا، نال من الأشرف شفقة تامة، وله فيه القصائد الفاخرة، والمدائح الباهرة. وكان أوحد زمانه، وفريد أقرانه، حسن المحاضرة، كثير المحفوظات، عارفا بالأخبار والتواريخ والأنساب، مشاركا في كثير من العلوم. وذكر الخزرجي: أنه كان موجودا في سنة ثمان مائة (1). ووجدت بخط شيخنا الحافظ السخاوي: أنه توفي راجعا من الحج بحرض من بلاد اليمن في النصف الأول من صفر أو الذي بعده من سنة اثنتي عشرة وثمان مائة (2). 4209 - [شيخ بن علي باعلوي] (3) شيخ بن علي بن محمد بن علي بن علوي بن الفقيه محمد بن علي باعلوي. توفي في بعض أحجال العجز منتصف رجب سنة ثلاث عشرة وثمان مائة، فأخبر عمه الشيخ عبد الرحمن بوفاته فقال: (هذه موتة الصوفية، مكث رحمه الله سنينا عديدة يدور في الخلوات والصحاري شتاء وصيفا، وتمر عليه الليالي الشديدة البرد، والأيام الشديدة الحر، والأمطار القوية وهو في الصحراء، ولا يبالي بشيء منها) (4). وذكر له الخطيب في «الجوهر» كرامات. 4210 - [أحمد بن أبي حجر] (5) الفقيه أحمد بن محمد بن أبي حجر. كان يقوم آخر الليل يقرأ القرآن ويبكي من خشية الله تعالى، وكان يبالغ في كتمان البكاء، وكان ملازما لصلاة الجماعة، وإذا فاتته الجماعة .. حزن حزنا شديدا.

(1) انظر «طراز أعلام الزمن» (2/ 335). (2) انظر «الضوء اللامع» (5/ 291). (3) «الجوهر الشفاف» (3/ 34)، و «المشرع الروي» (2/ 124)، و «شمس الظهيرة» (1/ 332). (4) «الجوهر الشفاف» (3/ 34). (5) «الجوهر الشفاف» (3/ 86).

4211 - [القاضي أبو العباس الناشري]

وتوفي لتسع وعشرين من رجب سنة ثلاث عشرة وثمان مائة. 4211 - [القاضي أبو العباس الناشري] (1) أحمد بن القاضي رضي الدين أبي بكر بن القاضي موفق الدين علي بن محمد أبو العباس شهاب الدين القاضي الناشري. ولد أول يوم من سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة. وتفقه بأبيه، وأبوه بجده، وجده بجد أبيه. وتفقه به جم غفير، منهم: أخوه القاضي موفق الدين علي بن أبي بكر، وموسى بن محمد الضجاعي، ومحمد بن أحمد الجبرتي، وعلي بن محمد بن فخر، وغيرهم من الأفاضل. وكان غاية في الحفظ وإتقان المذهب، باذلا نفسه لطلب العلم، متواضعا زاهدا، قانعا من الدنيا بالقليل. إليه انتهت الرئاسة والفتوى بزبيد، ودرس في صلاحية زبيد، وولي قضاءها، ثم فصل بابن عمه محمد بن عبد الله الناشري، ثم أعيد، ثم فصله سليمان بن علي الجنيد، ثم أعيد، ثم فصل بأخيه علي بن أبي بكر الناشري، وكان كما قيل في علي رضي الله عنه: سلك بالناس مضيقا، فلم يدع له الحق صديقا. وله مصنفات مفيدة، ومذاكرات جيدة، مع الورع التام، والجلالة والاحترام. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي في يوم الجمعة رابع عشر المحرم سنة خمس عشرة وثمان مائة. 4212 - [ابن العليف الأديب] (2) الأديب البليغ أبو عبد الله محمد بن الحسن ابن العليف، أوحد شعراء عصره، وفصحاء دهره.

(1) «طراز أعلام الزمن» (1/ 53)، و «إنباء الغمر» (2/ 525)، و «الضوء اللامع» (1/ 257)، و «طبقات الخواص» (ص 91)، و «تاريخ شنبل» (ص 160)، و «شذرات الذهب» (9/ 163)، و «هجر العلم» (4/ 2170)، و «المدارس الإسلامية» (ص 222). (2) «طراز أعلام الزمن» (3/ 140)، و «العقد الثمين» (1/ 471)، و «إنباء الغمر» (2/ 532)، و «شذرات الذهب» (9/ 168)، و «البدر الطالع» (ص 674).

كان شاعرا فصيحا بليغا، حسن السبك، جيد المعاني، وكان معجبا بنفسه، مغاليا في استحسان شعره، حتى إنه ليفضله على شعر المتنبي وأبي تمام، ولا تنكر فصاحته وبلاغته، ولكن أين السّنام من المنسم؟ ! وفي شعره الغلو في الرفض والتشيع، ومن شعره في ذلك قوله: [من الوافر] فقلت رضيت بالإسلام دينا … وتوحيدي لرب العالمينا وتقديمي على زيد وعمرو … وتفضيلي أمير المؤمنينا أقول لمن يقدمهم عليه … خطيبا قائما في المسلمينا صددت الكأس عنا أمّ عمرو … وكان الكأس مجراها اليمينا وقال يمدح الأشرف بن المفضل بقصيدة وازن بها قصيدة المتنبي العينية التي يمدح بها سيف الدولة، وأولها: [من البسيط] غيري بأكثر هذا الناس ينخدع … إن قاتلوا جبنوا أو حدثوا شجعوا (1) فقال ابن العليف في أول قصيدته: [من البسيط] الله لي عوض عن وصل من قطعوا … رزقي عليه فلا فقد لما منعوا وقال يمدح الوزير علي بن عمر بن معيبد الأشرفي: [من الطويل] بنوا برمك كان وآل معيبد … عليّهم في الفضل أعلى مراتبا تشابهت الأكفاء في كل أمة … فكانوا لقيطا في اشتباه وحاجبا وهذا الذي أضحى وكل لفضله … مقر بأن الشمس تخفي الكواكبا عظيم مهيب في العيون تخاله … على الأرض نورا في السماوات ثاقبا ومن شعره ما كتبه إلى صديق له في وصف الشيب: [من الوافر] لقد بدلت كافورا بمسك … عهدناه بلمّتك الكريمه وكان المسك أدنى منه عرفا … لناشقه وأغلى منه قيمه وله أشعار كثيرة يمدح بها أمراء مكة: كعنان بن مغامس، وحسن بن عجلان وغيرهما، وأئمة الزيدية؛ كعلي بن محمد الهدوي، وولده الإمام صلاح، وملوك اليمن وغيرهم، ووصلوه بصلات جزيلة، وكان ضنينا بشعره، ومنقبضا عن الناس.

(1) «ديوان المتنبي» بشرح العكبري (2/ 221).

4213 - [الملك الناصر فرج]

قال الخزرجي: (أقام مدة باليمن، ثم رجع إلى المخلاف، وكان آخر العهد به في سنة ثلاث وثمانين وسبع مائة) اه‍ (1) ووجدت بخط شيخنا الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي: (أن المذكور ولد بأرض حلي بن يعقوب سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة، وتردد إلى مكة كثيرا، وسمع بها من القاضي عزّ الدين بن جماعة، وأنه توفي بمكة سابع رجب سنة خمس عشرة وثمان مائة، ودفن بالمعلاة) اه‍ (2) 4213 - [الملك الناصر فرج] (3) الملك الناصر أبو السعادات فرج، صاحب مصر وأعمالها. ولي بعد موت برقوق، وذلك في سنة إحدى وثمان مائة، فأقام في الولاية ست سنين ونصف تقريبا، ثم اختفى، وتولى أخوه الملك المنصور عبد العزيز، فأقام في الولاية نحو شهر ونصف، ثم ظهر الناصر أبو السعادات المذكور، فأمسك أخاه عبد العزيز وحبسه بالإسكندرية في ثالث عشر جمادى الأولى، وقتل بها عقبه، وذلك في سنة ثمان وثمان مائة، وعاد الملك الناصر إلى السلطنة ثانيا، فأقام ست سنين وتسعة أشهر، ثم كان منه ما كان من ذبح أخيه وغير ذلك، فقتل بدمشق شر قتلة في حادي عشر صفر سنة خمس عشرة وثمان مائة. فجملة ولايته الأولى والثانية ثلاث عشرة سنة وأربعة أشهر، ثم تولى بعده الملك العادل أمير المؤمنين أبو الفضل العباس بن المتوكل العباسي، وستأتي ترجمته في العشرين بعد هذه إن شاء الله تعالى. 4214 - [عبد الله بن محمد العمري] (4) عبد الله بن محمد بن أحمد بن قاسم العمري عفيف الدين بن القاضي تقي الدين بن الشيخ شهاب الدين الحرازي المكي.

(1) «طراز أعلام الزمن» (3/ 141). (2) انظر «إنباء الغمر» لابن حجر (2/ 532). (3) «السلوك» للمقريزي (ج /4 ق 8/ 1)، و «إنباء الغمر» (2/ 530)، و «النجوم الزاهرة» (13/ 48)، و «الدليل الشافي» (2/ 520)، و «الضوء اللامع» (6/ 168)، و «حسن المحاضرة» (2/ 105)، و «شذرات الذهب» (9/ 167). (4) «العقد الثمين» (5/ 241)، و «إنباء الغمر» (3/ 25)، و «الضوء اللامع» (5/ 46).

4215 - [السلطان سعد الدين]

قال التقي الفاسي: (سمع على والده «الشمائل» للترمذي وغير ذلك، وعلى ابن الزين القسطلاني بعض «الموطأ»، ومن القاضي عزّ الدين بن جماعة، والشيخ خليل المكي وغيرهما، وقرأ بنفسه على عمته، وله اشتغال ونظر كثير في كتب العلم. قرأت عليه بليّة من بلد الحجاز أحاديث من «الموطأ»، وسمع منه أخي عبد اللطيف وغيره من أصحابنا) (1). توفي بمكة في ذي القعدة سنة ست عشرة وثمان مائة وهو في أثناء عشر السبعين. 4215 - [السلطان سعد الدين] (2) السلطان المجاهد سعد الدين بن أحمد حرب أرعد. ولي الملك بعد موت أخيه حق الدين في صفر سنة ثمان وثمانين وسبع مائة. وغزا الحطّى إلى بلاد الحبشة مرارا، ويعود منصورا. وفي سنة ثمان مائة نصره الله على الكافر صاحب الحبشة نصرا عظيما، قتل من عسكر الكافر نحو ألفي فارس، ومن الرّجل نحو عشرة آلاف، ونهب منهم أموالا جليلة، وخلقا كثيرا. وفي سنة إحدى عشرة وثمان مائة أرسل ابنيه إلى ملك اليمن أحمد الناصر بن الأشرف يستنجد به على الكافر، فقابلا السلطان بتعز، فأكرمهما، ووعدهما النصرة، وقام المقرئ إسماعيل في ذلك أتم قيام، وخطب الناس خطبة تتضمن فضل الجهاد والمرابطة، وحثهم على نصرة الدين، وإعانة سعد الدين، ثم انثنى عزم السلطان عن ذلك، فجهزهما إلى أبيهما بهدايا وغيرها، ولم يمدهما بعسكر ولا خيل. وقتل سعد الدين رحمه الله تعالى شهيدا في سادس ذي الحجة سنة سبع عشرة وثمان مائة، ومدة ولايته ثلاثون سنة إلا شهرين تقريبا، وتولى بعده ابنه السلطان صبر الدين.

(1) «العقد الثمين» (5/ 241). (2) «السلوك» للمقريزي (ج /4 ق 839/ 2)، و «إنباء الغمر» (2/ 237)، و «الضوء اللامع» (7/ 16).

4216 - [عبد الله بن صالح الجدي]

4216 - [عبد الله بن صالح الجدّي] (1) عبد الله بن صالح بن أحمد بن عبد الكريم بن أبي المعالي يحيى بن عبد الرحمن الشيباني المكي الجدّي، يلقب بالعفيف. سمع بمكة من الفخر التوزري والسراج الدمنهوري «الموطأ» رواية يحيى بن بكير، وعن عثمان بن الصفي الطبري كتاب «الأزرقي» وسمع من القاضي عزّ الدين بن جماعة وغيره بعض «الترمذي»، وحدث. قال التقي الفاسي: (سمعت منه بجدة حديث ابن عباس رضي الله عنهما في حفظ القرآن، وبهدة بني جابر «ثلاثي الترمذي». وكان يقيم بجدة كثيرا يخطب الناس بها، ويباشر لهم عقود الأنكحة، وفيه خير. توفي في ربيع الآخر سنة سبع عشرة وثمان مائة عن سبع وسبعين يزيد قليلا أو ينقص قليلا) (2). 4217 - [عبد الله بن محمد باعلوي] (3) عبد الله بن محمد بن علي بن علوي بن الفقيه محمد بن علي باعلوي. قال الخطيب: (كان شريفا متواضعا، كريما سخيا، صاحب صفات حميدة، ومعاملات جلية، وأوصاف زكية) (4).وذكر له في «الجوهر» كرامة. توفي يوم الجمعة من شوال سنة ثمان عشرة وثمان مائة. 4218 - [عبد الرحمن السقاف باعلوي] (5) الشيخ الكبير الولي الشهير وجيه الدين عبد الرحمن بن محمد بن علي بن محمد بن علوي بن الفقيه محمد بن علي باعلوي.

(1) «العقد الثمين» (5/ 178)، و «إنباء الغمر» (3/ 43)، و «الضوء اللامع» (5/ 21). (2) «العقد الثمين» (5/ 178). (3) «الجوهر الشفاف» (3/ 37)، و «تاريخ شنبل» (ص 162)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (1/ 138)، و «شمس الظهيرة» (1/ 305). (4) «الجوهر الشفاف» (3/ 37). (5) «الجوهر الشفاف» (2/ 2)، و «البرقة المشيقة» (ص 143)، و «تاريخ شنبل» (ص 163)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 254)، و «المشرع الروي» (2/ 141)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 741)، و «شمس الظهيرة» (1/ 85).

4219 - [علوي بن محمد مولى الدويلة]

كان كثير التهجد والتلاوة، وكان كثير التزوج، وكان لا ينقص من قيامه وتهجده ليلة الزفاف شيئا فضلا عن غيرها، وكان لا يدخل عليه وقت الصلاة المفروضة إلا وهو في المسجد. وكان فيه ورع شديد؛ بحيث إنه إذا عزل شيئا من الصدقة ليعطيه من يستحقه وبقي بيده شيء يسير من رطوبة التمر .. لا يستحل لعقه، بل يغسله بالماء. وغرس نخلا كثيرا لم يحضر على غرس شيء منه، ولا نظر إليه؛ لزهده وقلة التفاته إلى الدنيا. نعم؛ اعتنى بغرس يسمى: أبا حبيش، وهو نخل كثير، حضر على غرسه، وكلما غرس نخلة .. قرأ عندها سورة (يس)، ولما فرغ من غرسه .. قرأ عند كل نخلة منها ختمة من القرآن، ثم تصدق بذلك النخل على أولاده؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، على أن يهلل كل واحد منهم في كل شهر سبعين ألفا، وتهلل الأنثى في كل شهر خمسة وثلاثين ألفا، ويهبونه جميع ذلك. وذكر له الخطيب في كتابه «الجوهر» كرامات كثيرة في حياته وبعد مماته، رحمه الله (1)، ولأولاده ونسله إلى الآن الميزة والرئاسة على سائر آل أبي علوي. توفي رحمه الله ليلة الجمعة لثلاث وعشرين من شعبان سنة تسع عشرة وثمان مائة ببلدة تريم، وحضر دفنه [خلائق لا يحصون] (2)، وأظنه عمر كثيرا؛ فإن الخطيب ذكر في شيء من كراماته في المنامات التي رؤيت له وأرخه بسنة سبع وثلاثين؛ والشيخ عبد الرحمن إذ ذاك قد اشتهر بالفضل والصلاح والمشيخة، رحمه الله تعالى ونفع به وبسلفه، آمين. 4219 - [علوي بن محمد مولى الدويلة] (3) علوي بن محمد بن علي بن محمد بن علوي بن الفقيه محمد بن علي باعلوي، أخو الشيخ عبد الرحمن فيما أظن (4).

(1) انظر «الجوهر الشفاف» (2/ 2 - 106). (2) بياض في الأصول، والاستدراك من «المشرع الروي» (2/ 246). (3) «الجوهر الشفاف» (3/ 19)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 253)، و «المشرع الروي» (2/ 209)، و «شمس الظهيرة» (1/ 305). (4) نعم هو أخوه كما في جميع المصادر، وقد لازمه حتى تخرج به، انظر «المشرع الروي» (2/ 210).

4220 - [إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي]

قال الخطيب: (كان من كبار المشايخ العارفين، وذكر له كرامات، وأنه توفي لثمان وعشرين في المحرم سنة ثمان وسبعين وثمان مائة، كذا في الأصل، ولعله سنة ثمان وسبعين وسبع مائة (1). قال: ورثاه الإمام عبد الرحمن بن الإمام علي بن حسان بقصيدة طويلة، وذكرها الخطيب في كتابه بتمامها) (2). 4220 - [إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي] (3) الشيخ الصالح أبو الفداء إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الصمد الجبرتي، شيخ شيوخ الحقيقة، وسيد رجال الطريقة. ولد في شعبان سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة، وفي ذلك يقول تلميذه الشيخ أبو العباس أحمد بن أبي بكر الرداد: [من السريع] حدثنا الشيخ بميلاده … عمره الله ولا أفقده وكان قد أرصد تاريخه … في بعض هذي الكتب من أرصده في شهر شعبان المجيد الذي … شعّب فيه الفضل من مجده في سنة اثنين وعشرين من … بعد المئين السبع قد جرده كم حدث الشيخ به هكذا … ما نقص القول ولا زيده يا رب زدنا منك في عمره … حتى تقول المائة استنجده كان في أول أمره يعلم الأولاد القرآن، ويشتغل بالتنسك والعبادة، وصحب مشايخ الصوفية حتى فتح الله عليه، وصحبه عدة من الناس على اختلاف حالاتهم، وتباين طبقاتهم. وكان شيخا فاضلا، ناسكا، عارفا بالله، مثابرا على طاعة الله، محبوبا عند عباد الله، وله كرامات مشهورة، ومقامات مذكورة، وعبارات حسنة، وإشارات مستحسنة.

(1) في النسخة التي بين أيدينا من «الجوهر الشفاف» (3/ 23): توفي لثمانية عشر من المحرم سنة (778 هـ‍)، وكذا في «المشرع الروي» (2/ 210)، وفي «شمس الظهيرة» (1/ 305)، توفي سنة (798 هـ‍). (2) «الجوهر الشفاف» (3/ 23). (3) «طراز أعلام الزمن» (1/ 208)، و «إنباء الغمر» (2/ 272)، و «تحفة الزمن» (2/ 334)، و «طبقات الخواص» (ص 101)، و «الضوء اللامع» (2/ 282)، و «البدر الطالع» (ص 154).

4221 - [أحمد بن أبي بكر الرداد]

ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه العشرين، والله سبحانه أعلم (1). 4221 - [أحمد بن أبي بكر الرداد] (2) أحمد بن القاضي سراج الدين أبي بكر بن محمد الرداد القرشي التيمي، الفقيه الصوفي أبو العباس شهاب الدين. ولد خامس وعشرين من جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وسبع مائة. وتفقه بأبيه وغيره؛ كالفقيه جمال الدين الريمي، ورضي الدين أبي بكر بن سلامة وغيرهما. وعنه أخذ جمع كثير. وله فهم جيد، وقريحة متوقدة، وبرع في فنون، ثم اشتغل بالنسك والعبادة، وحج وزار، وظهرت له كرامات كثيرة، وأحبه الأشرف بن الأفضل واعتقده، وقبل منه، وكان واسطة خير للناس، وأحبه الناس على اختلاف طبقاتهم، وأقبلت عليه الدنيا، وكان أحسن الناس سيرة، وأطهرهم سريرة، عالما عاملا، عارفا فاضلا صالحا، وله الشعر الرائق، والنثر الفائق، والمصنفات المفيدة، في الحقيقة وسلوك الطريقة. ولبس خرقة التصوف من الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي، وخرقته أهدلية جيلانية. وكان ممن يعتقد ابن عربي ويميل إلى كلامه، ويقرره ويشرحه على رءوس الأشهاد، ويحط على من حط في ابن عربي، ويتحامل في الانحراف على من خالف ابن عربي ولم يرتض كلامه، وثارت الفتنة بينه وبين الفقيه إسماعيل المقرئ بسبب ذلك، وتأذى به جمع من الفقهاء؛ فإنه ولي القضاء الأكبر، وكانت أسبابهم ومعايشهم على يديه، فمنهم من اتبع هواه، ووافقه فيما يراه، ومنهم من خالفه وعاداه، فقطع أسبابهم، وسعى في إتلافهم، وربما تلف بسببه جماعة منهم. وكان يميل إلى سماع الدف والشبابة كثيرا.

(1) لم يذكر الخزرجي في «طراز أعلام الزمن» تاريخ وفاته، وفي باقي المصادر: توفي سنة (806 هـ‍). (2) «طراز أعلام الزمن» (55/ 1» (إنباء الغمر» (3/ 177)، و «تحفة الزمن» (2/ 337)، و «طبقات الخواص» (ص 88)، و «الضوء اللامع» (1/ 260)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 299)، و «تاريخ شنبل» (ص 164).

4222 - [علي بن أحمد الجلاد]

وكانت له حرمة وافرة، وقبول تام عند الناصر الغساني، وبذلك نال ما نال. ومن مؤلفاته: «الوسيلة» المشهورة الجامعة لرجال «الرسالة»، و «موجبات الرحمة» وغير ذلك (1). 4222 - [علي بن أحمد الجلاد] (2) علي بن أحمد بن موسى بن علي أبو الحسن الجلاد الركبي النخلي، الفقيه الحنفي. قال أبو الحسن الخزرجي: (ولد في السنة التي ولدت فيها، سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة) (3). وتفقه بأبي زيد محمد بن عبد الرحمن السراج، والنحو عن الفقيه أحمد بن عثمان بصيبص، والحديث عن الفقيه علي بن أبي بكر شداد المقرئ. وكان عارفا بالفقه، والنحو واللغة، والقراءات والحديث، والفرائض، والجبر والمقابلة، والحساب والهندسة وغير ذلك، بارعا في كل فن، مفرطا في الذكاء، كامل الأدب، حافظا لأشعار العرب، شرح «كافي الصردفي» شرحا حسنا. ولم أقف على تاريخ وفاته، وأظنه كان حيا في هذه العشرين. 4223 - [علي بن أبي بكر الناشري] (4) علي بن أبي بكر بن علي بن محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يعقوب موفق الدين أبو الحسن الناشري، القاضي بن القاضي. ولد خامس عشر ربيع الأول سنة أربع وخمسين وسبع مائة. وتفقه بأبيه وأخيه القاضي أحمد، وبالفقيه أبي المعالي، وأخذ عن عمه القاضي محمد بن عبد الله الناشري، وعن القاضي جمال الدين الريمي.

(1) لم يذكر المصنف رحمه الله تعالى تاريخ وفاته، وفي جميع المصادر: توفي سنة (821 هـ‍). (2) «طراز أعلام الزمن» (2/ 230)، و «تحفة الزمن» (2/ 349)، و «بغية الوعاة» (2/ 146). (3) «طراز أعلام الزمن» (2/ 231). (4) «طراز أعلام الزمن» (2/ 241)، و «تحفة الزمن» (2/ 326)، و «الضوء اللامع» (5/ 205)، و «شذرات الذهب» (9/ 366)، و «المدارس الإسلامية» (ص 197).

4224 - [الأمير عيسى ابن حسان]

وكان كثير الحج والزيارة في شبيبته، فأخذ عن الزين العراقي، والزين المراغي، والبرهان الأبناسي، والجمال الأسيوطي، والنسيم الكازروني وغيرهم. كان إماما عالما، أحد أعلام الدهر، ولي قضاء حيس سنة إحدى وتسعين، ثم قضاء زبيد في سنة ثلاث وتسعين، وكان حسن السيرة، مرضي السريرة، وكان الأشرف يجله ويبجله، ودرس في أشرفية زبيد. وأظنه توفي في أول هذه المائة، ولم أقف على تحقيق وفاته (1). ووجدت بخط الإمام جمال الدين محمد بن أبي بكر الخياط رحمه الله قال: أنشدنا قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أبي بكر بن علي بن محمد بن أبي بكر الناشري الشافعي قال: أنشدني والدي إجازة إن لم يكن سماعا قال: أنشدني والدي كذلك لنفسه: [من الوافر] وحقك ما اعتمدت خلاف أمرك … ولم أقصد معاندة لزجرك ولكن المقادر أوقعتني … بما في اللوح مكتوب بسطرك وما قدري وهل أنا غير عبد … يصرّفه اختيارك تحت قهرك ولا لي غير فضلك من ملاذ … وإن أنا ما قدرتك حق قدرك فسكن روعتي برضاك عني … وجلل روعتي بجميل سترك وهب لي في الحياة وفي مماتي … سعادة عارف فان بذكرك 4224 - [الأمير عيسى ابن حسان] (2) أبو محمد عيسى ابن حسان الأمير الكبير، الملقب: غياث الدين. ولد لبضع وخمسين وسبع مائة. ونال من الأشرف بن الناصر شفقة تامة، فجعله أستاذ داره، فكان ناصحا للسلطان، خبيرا بمصالح الديوان، ولما رأى منه علو الهمة وحسن الخدمة .. قدمه على سائر النواب والغلمان، فجعل إليه النقض والإبرام، فكان هو الذي يصدر ويورد، ويحل ويعقد، برأي صائب، وعقل ثاقب، وفراسة صادقة، وسياسة لائقة. ولم يذكر الخزرجي وفاته، وأظنه توفي بعد الثمان مائة.

(1) في «الضوء اللامع» (5/ 205)، و «شذرات الذهب» (9/ 366): توفي سنة (844 هـ‍). (2) «العقود اللؤلؤية» (2/ 241)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 488).

4225 - [الأمير نجم الدين الأشرفي]

4225 - [الأمير نجم الدين الأشرفي] (1) أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد الشرف بن يوسف بن منصور الأمير الكبير، الملقب: نجم الدين، أحد الأمراء الأشرفية. كان أميرا كبيرا، نبيها عاقلا، حسن السيرة، ولاه الأشرف في سنة سبع وتسعين وسبع مائة بعد وفاة ابن عمه الأمير عزّ الدين هبة بن محمد بن أبي بكر بن يوسف بن منصور، فأقام في الولاية إلى أثناء شهر رجب من سنة ثمان وتسعين وسبع مائة، ثم فصله عن الولاية بالأمير شجاع الدين عمر بن سليمان الإبّي، فساءت سيرته، وشكاه أهل البلاد، فلما تحقق السلطان قبح فعله .. فصله، وأعاد الأمير نجم الدين المذكور في المحرم أول سنة تسع وتسعين. ولم أتحقق تاريخ وفاته، إلا أن الظاهر أنه كان حيا في هذه العشرين، والله سبحانه أعلم. 4226 - [سليمان بن إبراهيم العلوي] (2) سليمان بن إبراهيم بن عمر بن علي أبو الربيع نفيس الدين العلوي الحنفي، الحافظ المحدث، شيخ مشايخ المحدثين في عصره، وأوحد الفقهاء المجتهدين في مصره. أخذ الفقه عن الفقهاء الأثبات، والحديث عن الأئمة الثقات. ولد سادس عشر رجب سنة خمس وأربعين وسبع مائة. وأجاز له أبوه في سنة اثنتين وخمسين، وتفقه بأبي يزيد محمد بن عبد الرحمن السراج وغيره من فقهاء الحنفية، وقرأ على المقرئ علي بن بكر بن شداد، وكتب الحديث. وحج في سنة اثنتين وثمانين، فأخذ بمكة المشرفة عن القاضي مجد الدين الشيرازي، والقاضي أبي الفضل محمد بن أحمد النويري، والحافظ زين الدين العراقي، وغيرهم من الحفاظ.

(1) «العقود اللؤلؤية» (2/ 259)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 61). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 482)، و «إنباء الغمر» (3/ 286)، و «تحفة الزمن» (2/ 315)، و «طبقات الخواص» (ص 55)، و «الضوء اللامع» (3/ 259)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 207)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 94)، و «المدارس الإسلامية» (ص 224).

4227 - [الأمير عبد الله بن إدريس]

وحدث في صلاحية زبيد مدة، ثم نقل إلى تدريس الحديث بالمجاهدية والأفضلية بتعز، فانتقل إليها واستوطنها، وقصده الطلبة من أنحاء الجبال والأماكن البعيدة، وتفقهوا به، فممن أخذ عنه: أخوه محمد بن إبراهيم العلوي، ومحمد بن إبراهيم الصنعاني، ومحمد بن عبد الرحمن العواجي، وعبد الرحمن بن أبي بكر صاحب اللفج، وصالح بن محمد الدمتي، والفقيه أبو بكر بن محمد الخياط، وخلق لا يحصون. وجمع من الكتب النفاس ما لم يجمعه غيره، وكان جيد الضبط، حسن القراءة، أعرف أهل عصره بالحديث وطرقه، وفنونه ومتونه. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا سنة عشر وثمان مائة (1). وفيها: دخل عدن، وقرأ عليه بها القاضي ابن كبّن «عمدة الأحكام» للمقدسي. ثم وقفت على خطه الذي لا شك فيه، وأنه قرأ «البخاري» في سنة أربع عشرة، وما أدري كم عاش بعد ذلك، والله سبحانه أعلم. 4227 - [الأمير عبد الله بن إدريس] (2) عبد الله بن إدريس بن محمد بن إدريس بن علي بن عبد الله بن الحسن بن حمزة، وبقية نسبه الشريف تقدمت عند ذكر جد جده علي بن عبد الله الأمير الكبير (3)، من أمراء الدولة الأشرفية. كان المذكور عاقلا، حسن السيرة، لين الأخلاق، عظيم القدر، متواضعا، جوادا كريما، له نظر في العلم واشتغال به. ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ تبعا لسلطانه الأشرف. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وسلم ***

(1) لم يذكر الخزرجي في «طراز أعلام الزمن» تاريخ وفاته، وفي باقي المصادر: توفي سنة (825 هـ‍). (2) «طراز أعلام الزمن» (1/ 194). (3) انظر (6/ 469).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية بعد الثمان مائة في خامس رمضان منها: توفي إمام المحدثين وسيد الفقهاء المبرزين محمد بن أبي بكر بن عمر با عباد، والشيخ الصالح أحمد بن سعيد با وزير بقرية حورة، والشيخ تقي الدين سعيد بن الشيخ محمد بن سعيد بالحاف بالشحر، والفقيه الصالح أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن العواجي بلحج من أرض اليمن. وفيها: قتل الشيخ أحمد بن جسار بحضرموت، قتله أهل مور آل كثير (1). وفيها: توفي بمكة عبد الله بن سعد المعروف بعبيد الحرفوش. *** السنة الثانية بعد ثمان مائة فيها: توفي الفقيه عفيف الدين عبد الله بن علي بن إبراهيم با حاتم في شهر صفر. *** السنة الثالثة فيها: توفي الخطيب وجيه الدين عبد الرحمن بن عيسى أباططة الظفاري، والملك الأشرف بن الأفضل الغساني بن المجاهد علي بن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن المنصور عمر بن علي بن رسول تاسع عشر ربيع الأول، وتولى ولده الناصر أحمد وقد كان بويع له في مرض أبيه ثامن الشهر المذكور، وكان السيري قد حط على حصن الحمراء في مدة مرض الأشرف، وساعده ولده مهدي صاحب سناح، فخرج الناصر سادس عشر الشهر المذكور قبل وفاة أبيه بثلاثة أيام، فأخذ سناح وغيره، ورفع السيري من مكانه، ونهب ما معهم، وقتل من المعازبة جمعا كثيرا، وولى عليهم امرأة منهم، ولم يحدث منهم بعد ذلك حادث (2).

(1) «تاريخ شنبل» (ص 154)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (ص 155). (2) «بغية المستفيد» (ص 104)، و «الدولة الرسولية في اليمن» (ص 111).

السنة الرابعة

وفي شوال منها: أخذ الناصر حصن المهور، وهو حصن عظيم، به انحسمت مادة الخلاف في مخالف سهام وتلك الأطراف (1). وفيها: توفي علي بن جميع بعدن، وعبد الله المغربي المعروف بالبجائي بمكة، وعبد الله بن محمد بن أحمد ابن عبد المعطي الأنصاري الخزرجي المكي، والإمام عبد اللطيف بن أبي بكر الشرجي، والقاضي وجيه الدين عبد الرحمن بن محمد بن يوسف العلوي صاحب البديعية. *** السنة الرابعة في أول يوم منها: أخذ الناصر حصون ريمة وسائر ما هنالك على يد الأمير بدر الدين بن زياد الكاملي والطواشي نظام الدين خضير الخازندار الأشرفي (2). وفيها: قدم القاضي موفق الدين علي بن أحمد الأصبحي المعروف بالضرعاني إلى الشحر ناصرا والأمير يومئذ ابن شماسة، فقتل القاضي المذكور في تلك السنة. وفيها: ولد القاضي جمال الدين محمد بن مسعود بن أبي شكيل فيما أظن. وفيها: توفي محمد بن راصع بطريق حضرموت خارجا من ظفار. *** السنة الخامسة فيها: توفي الشيخ الصالح جمال الدين محمد بن عبد الله أبا عباد، والشيخ الصالح شرف الدين محمد بن عثمان العمودي، والشيخ الصالح عفيف الدين عبد اللطيف بن أحمد العراقي صاحب الرباط المشهور والذرية المباركة بعدن. وفي شهر رمضان منها: توفي الشيخ الصالح علي بن سعيد با وزير بالشحر، ونقل إلى الغيل. وفي شوال منها: مات الإمام العلامة بقية المجتهدين عمر بن رسلان البلقيني.

(1) «بغية المستفيد» (ص 105)، و «الدولة الرسولية في اليمن» (ص 113). (2) «بغية المستفيد» (ص 105)، و «الدولة الرسولية في اليمن» (114).

السنة السادسة

وفيها: ولد الفقيه عفيف الدين عبد الله بن علي باشكيل بغيل أبي وزير، والشيخ الكبير العارف بالله فضل بن عبد الله توفي بالشحر. *** السنة السادسة فيها: قصد محمد بن أبي القاسم بن نجاح الأشعري مدينة زبيد، وحاول الملك بها فلم يظفر منه بشيء، فلم ير في زبيد إلا مقتولا، وكان ظهوره وقتله يوم الجمعة تاسع عشر ربيع الأول من السنة المذكورة (1)، وضربت العرب به المثل فقالوا: ملك نجاح، ساعة وراح (2). *** السنة السابعة فيها: قدم الشريف المنتصر على الملك الناصر، فوصله بمائة دينار (3). وفيها: توفي محمد بن علي بن عمر باعلوي، والمعلم حسن بن محمد باعلوي. *** السنة الثامنة فيها: أخذ الناصر مدينة دثينة، ودخلها قهرا، وانتهب أموال أهلها (4). وفيها: توفي محمد بن عبد الرحمن بن علي الخطيب. *** السنة التاسعة فيها: تقدم الناصر إلى جازان لتغلب حصل من صاحبها عن تسليم عادته في كل سنة، فدخل الناصر مدينة جازان ولم يجد بها أحدا، وأقام بها أياما، ثم سأل صاحبها الذمة

(1) في «اللطائف السنية» (ص 164): كان ذلك سنة (808 هـ‍). (2) «بغية المستفيد» (ص 108)، و «اللطائف السنية» (ص 163). (3) «بغية المستفيد» (ص 105). (4) «بغية المستفيد» (ص 105)، و «الدولة الرسولية في اليمن» (ص 115).

السنة العاشرة بعد ثمان مائة

فأعطاه، فنزل إليه، فأنعم عليه الناصر، ووجه به إلى زبيد صحبة الأمير محمد بن زياد الكاملي، وتوجه الناصر إلى حلي، فلقيه صاحبها إلى البرك بهدايا وتحف، وترجل له، ومشى تحت ركابه، وسأل منه إقالة العثرة، وحمل إليه القرآن العظيم وقال: إن هذه البلدة ضعيفة لا تحتمل وطأة السلطان، فقبل منه، ورده إلى بلاده سالما مسرورا بعد أن قرر عليه أن يقود في كل سنة إلى بابه خمسين فرسا، ورجع الناصر إلى جازان، فأمّر عليها أحد الأشراف من قرابة صاحبها، ثم رجع إلى زبيد، فاستشفع إليه صاحب جازان بعلماء زبيد وصلحائها، وكان محبوبا عند كافة الناس لفعله الخير، فشفعهم فيه، وخلع عليه خلعا، وضرب له طبلخانة بأربعة أعلام، وكساه من ملابيسه، وأعطاه عشرين ألف دينار وخمسين عبدا، وسيره إلى بلاده مكرما، وأمر سائر أمرائه أن يشيعوه إلى بيت الفقيه ابن عجيل (1). *** السنة العاشرة بعد ثمان مائة [ ...... ] (2) *** السنة الحادية عشرة فيها: وصل ابنا سعد الدين المجاهد إلى الملك الناصر مستنجدين به على الحطي الكافر، فواجهاه بتعز، فأكرمهما، ووعدهما النصرة، وقام المقرئ إسماعيل في ذلك أتم قيام، فخطب الناس وحثهم، وحث الناصر على نصرتهما، فأجابه إلى ذلك، ثم حصل من كسر على الناصر حتى ثناه عن عزمه في ذلك (3). *** السنة الثانية عشرة في يوم الجمعة ثالث وعشرين جمادى الآخرة منها: توفي الشيخ معوضة بن تاج الدين جد السلاطين بني طاهر بن معوضة، والأديب البليغ علي بن محمد بن إسماعيل الناشري.

(1) «بغية المستفيد» (ص 105). (2) بياض في الأصول. (3) «السلوك» للمقريزي (ج /4 ق 839/ 2)، و «إنباء الغمر» (2/ 238)، و «بغية المستفيد» (ص 106)، و «الدولة الرسولية في اليمن» (ص 178).

السنة الثالثة عشرة

السنة الثالثة عشرة فيها: توفي الفقيه أحمد بن محمد بن أبي حجر. *** السنة الرابعة عشرة [ ...... ] (1) *** السنة الخامسة عشرة فيها: توفي القاضي رضي الدين أحمد بن أبي بكر الناشري، والأديب البليغ محمد بن الحسن بن العليف. وفيها أو في التي بعدها: بنت الحرة أم الملوك جهة الطواشي فرحان المدرسة الفرحانية بزبيد، وأنشأت أيضا بركة الأشاعر، وكان جماعة المسجد قليلين قبل إنشائها، فكثر اجتماعهم بالمسجد المذكور بعد إنشائها، وارتفق بها الناس ارتفاقا عظيما (2). *** السنة السادسة عشرة [ ....... ] (3) *** السنة السابعة عشرة فيها: قدم الشيخ طاهر بن معوضة على الملك الناصر، فأكرمه وأنعم عليه وعلى من وصل معه (4).

(1) بياض في الأصول. (2) «بغية المستفيد» (ص 108)، و «المدارس الإسلامية» (ص 289). (3) بياض في الأصول. (4) «بغية المستفيد» (ص 106).

السنة الثامنة عشرة

وفيها: توفي القاضي مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي في شهر شوال من السنة المذكورة، وقيل: توفي في سنة ست عشرة. *** السنة الثامنة عشرة [ ........ ] (1) *** السنة التاسعة عشرة [ ........ ] (2) *** السنة الموفية عشرين بعد الثمان مائة فيها: قصد صاحب صنعاء بلاد المشايخ بني طاهر أمناء السلطان الناصر، فلما بلغ الناصر الخبر .. تجهز إليه، فالتقيا بموضع يقال له: الضرام، فانكسر الإمام وعسكره، وقتل منهم جمع كثير، وتبعهم السلطان إلى وادي خبان، ثم رجع إلى المقرانة وكان قد أمر بعمارة دار النعيم بها، فأعطى البنائين عند وصوله عشرين ألف دينار، ثم سار إلى بلد العجالم، ثم إلى إبين، ثم إلى دثينة، ثم إلى الزاهر بلاد علي بن الحسام، ثم إلى عدن، ثم إلى تعز، ثم إلى زبيد، فبلغه أن جهة وصاب حصل فيها فساد عظيم، فقصدها، وأخذ أربعين حصنا من حصونهم، ثم أخذ حصن ركنة زحفا بنفسه، ثم حصن قوارير قهرا، وأعجبه حصن قوارير، فبنى فيه قصورا مشيدة ودورا شامخة، وجل خشبها من الصندل (3). والله أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) بياض في الأصول. (2) بياض في الأصول. (3) «بغية المستفيد» (ص 106)، و «الدولة الرسولية في اليمن» (ص 119).

العشرون الثانية من المائة التاسعة

العشرون الثانية من المائة التاسعة [الاعلام] 4228 - [الملك المؤيد شيخ المحمودي] (1) الملك المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي الظاهري. ولي ملك مصر لما خلع الخليفة أبو الفضل العباسي الملقب الملك العادل، وذلك في شهر شعبان سنة خمس عشرة وثمان مائة، وأقام المؤيد في الملك نحو ثمان سنين ونصف إلى أن توفي في المحرم من سنة أربع وعشرين وثمان مائة. وفي أيامه بنيت المدرسة المؤيدية، بدأ فيها سنة سبع عشرة، وكملت سنة عشرين. فلما توفي المؤيد في التاريخ المذكور .. ولي الملك بعده ابنه المظفر أبو السعادات والأمر في أيامه لتتر، فأقام سبعة أشهر وأياما، ثم خلع بالشام، وتولى الملك الظاهر أبو الفتح تتر في آخر شعبان من السنة المذكورة، فأقام نحو ثلاثة أشهر، وتوفي أول ذي الحجة من السنة المذكورة، وتولى ولده الملك الصالح، فأقام نحو أربعة أشهر، وخلع في ربيع الآخر من سنة خمس وعشرين، ثم تولى الملك الأشرف أبو النصر برسباي الدقماقي، وسيأتي ذكره (2). 4229 - [السلطان صبر الدين] السلطان المجاهد صبر الدين بن السلطان المجاهد سعد الدين. تولى بعد قتل والده بسنة، وذلك في سنة تسع عشرة وثمان مائة فيما أظن. وتوفي سنة خمس وعشرين وثمان مائة. ومدة ولايته نحو سبع سنين.

(1) «إنباء الغمر» (3/ 256)، و «المنهل الصافي» (6/ 263)، و «الدليل الشافي» (1/ 346)، و «الضوء اللامع» (3/ 308)، و «النجوم الزاهرة» (14/ 1)، و «شذرات الذهب» (9/ 240). (2) انظر (6/ 402).

4230 - [العفيف المزرق]

ووقع فيما وقفت عليه من خط الفقيه المقرئ إبراهيم بن أبي بكر بن إبراهيم بن عمر بن أحنبر الجبرتي الوادي: أن والده السلطان سعد الدين تولى المملكة في صفر من سنة ثمان وثمانين وسبع مائة، وأنه قتل شهيدا في سادس الحجة سنة سبع عشرة وثمان مائة، ومدة ولايته ثلاثون سنة إلا شهرين ينقص خمسة أيام، قال: ثم تولى بعده ولده السلطان صبر الدين سنة ست عشرة وثمان مائة، وكان بين ولايته وولاية أبيه سنة فترة، ثم نزل إلى سبارة، وتولى على المسلمين بعد الفترة بسنة، وتوفي سنة خمس وعشرين، ومدة ولايته عشر سنين مع الفترة. انتهى المراد مما وقفت عليه من خط الفقيه إبراهيم، ولا شك في وهمه في ذلك في تاريخ ابتداء ولاية صبر الدين وفي مدة ولايته كما يعلم ذلك من انتهاء ولاية أبيه، والله سبحانه أعلم. 4230 - [العفيف المزرق] (1) عبد الله بن علي بن موسى المكي المعروف بالمزرق، الملقب بالعفيف. قال التقي الفاسي: (كان يخدم الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة، ويتوسط بينه وبين التجار بخير، وكان مخدومه يأتمنه ويحترمه ويكرمه، ونال وجاهة عند الناس، واكتسب دنيا وعقارا. وكان فيه عقل ومروءة، وحسن عشرة للناس، بحيث يجمع بين صحبة شخصين متباعدين، وكل منهما يراه صديقا. ولما حصل التنافر بين الشريفين بركات وإبراهيم ابني الشريف حسن بن عجلان .. بدا من العفيف المرزق ميل إلى الشريف إبراهيم، فلم يسهل ذلك بجماعة الشريف بركات، فأغراه بعضهم بقتله، ووافق الشريف على ذلك، فاستدعاه إلى منزله، ومسكه وضيق عليه، ثم شنق في حال غفلة من الناس ليلة عاشر رجب سنة ست وعشرين وثمان مائة، ودفن بالمعلاة، وتأسف الناس عليه كثيرا، سامحه الله تعالى. وعاش أربعين سنة أو نحوها) (2).

(1) «العقد الثمين» (5/ 213)، و «الضوء اللامع» (5/ 35). (2) «العقد الثمين» (5/ 213).

4231 - [العفيف العجمي]

4231 - [العفيف العجمي] (1) عبد الله بن محمد بن علي بن عثمان، الأصبهاني الأصل، المكي، المعروف بالعجمي، ويلقب بالعفيف. قال التقي الفاسي: (ذكر لي بعض أصحابنا المحدثين أنه سمع شيئا من «صحيح ابن حبان» على الجمال محمد بن أحمد بن عبد المعطي المكي، وما علمته حدث، وصحب بمكة واليمن جماعة من الصالحين منهم الشيخ أحمد الحرضي بأبيات حسين، وكان يذاكر بكثير من حكايات الصالحين، وبمسائل من الفقه، وفيه مروءة وإكرام لمن قصده. توفي سابع عشر جمادى الأولى من سنة سبع وعشرين وثمان مائة بمكة، ودفن بالمعلاة) (2). 4232 - [الإمام الجزري] (3) الحافظ شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن محمد الجزري. توفي في حدود سنة ثلاثين وثمان مائة (4). 4233 - [محمد بن عمر المالكي] محمد بن عمر بن راشد بن خالد بن مالك، المالكي نسبا، والشافعي مذهبا، الفقيه الإمام الفاضل أبو عبد الله، ينتسب إلى خولان بن عمر. كان إماما فاضلا، ورعا زاهدا عابدا، متقللا من الدنيا، مقبلا على شأنه، مراقبا، مداوما على الذكر، لا يكاد يفتر إلا عند الضرورة إلى ما لا بد منه مما هو في طبع البشر. نشأ بأبين عدن، وطلب العلم، فتخرج بجماعة، منهم السبتي شارح «الوسيط»،

(1) «العقد الثمين» (5/ 278)، و «الضوء اللامع» (5/ 59). (2) «العقد الثمين» (5/ 278). (3) «الضوء اللامع» (9/ 255)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 345)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 207)، و «شذرات الذهب» (9/ 298)، و «البدر الطالع» (ص 775). (4) في مصادر الترجمة: توفي سنة (833 هـ‍).

وكبر جاهه، وبعد صيته، وصحب كثيرا من الأخيار أرباب القلوب والمشاهدات. ولم يزل على هذا حتى احتاج الديوان بأبين إلى العجور ليطعموه خيلهم ومواشيهم، فلم يجدوا ذلك عند غيره؛ إذ كان له كثير من الأراضي بأبين مما اكتسبه آباؤه المنتقلون نجعة من عمقين-واد بين جردان وحبان-بسبب قتل وقع بينهم وبين بني عمهم، فطلب منه الديوان شيئا من العجور، فامتنع عليهم وقال: أخشى أن تجري علي بذلك العادة، فيتحرم مالي بهذه الأراضي من الجلالة، فأخذوا منه العجور قهرا، فخرج من أبين إلى أحور، فاتبعوه إلى أحور، وعاهدوه أنهم لا يعودون لمثل صنيعهم هذا، وسألوه أن يرضى عنهم ويعفو عما كان منهم إليه، فرجع، وأقام بها مبجلا معظما. ثم بعد عدة سنين كان منهم إليه أخيرا كما كان أولا، فخرج من أبين قائلا: أبين طالق ثلاثا، لا أعود إليها، فأتبعوه وأرادوا رجوعه، فامتنع، ثم خرج من أحور إلى واد بين أحور وحبان يقال له: الخبر-بفتح الخاء المعجمة، ثم موحدة ساكنة، وآخره راء مهملة- وبه قرية بها سلطان يعرف بالسلطان باحمل-بالحاء المهملة المفتوحة، وفتح الميم-كان يجمع من الجنود عددا كثيرا، وسلاطين جهته طوع حكمه، لا يخرجون عن رأيه، فتلقاه بالقبول والإعظام، والإجلال والإكرام، وزوجه بابنته، فولدت منه بولده فخر الدين الفقيه أبو بكر بن محمد الآتي ذكره، ثم تزوج بعدها بالخبر المذكور بنت رئيس قوم حلفاء للسلطان باحمل المذكور، فولدت منه بالفقيه الإمام نور الدين علي بن محمد، ثم نقله بنو عبد الواحد بعد موت السلطان المذكور إلى المصنعة، مدينة وادي حبان، وتبوأ بها بيتا بقرب الجامع تحت الحصن، فكان معززا مبجلا، معظما مغتبطا به، فنشأ له بالمصنعة المذكورة من الزوجة الثانية أم الفقيه علي: الفقيه الإمام المتفنن المتقن المحقق المدقق شرف الدين إسماعيل بن محمد، ثم الفقيه الإمام الورع الزاهد العابد الناسك كمال الدين إسرائيل بن محمد، ثم الفقيه إبراهيم بن محمد، وكلهم أئمة أخيار صالحون، فنشئوا في حجر أبيهم نفع الله بهم آمين إلى أن ترعرعوا، وراهق منهم أو بلغ الفقيه أبو بكر والفقيه علي، فسافرا لطلب العلم الشريف إلى اليمن في حياة والدهما، فأما أبو بكر .. فلم يبلغني كيفية طلبه، وبالجملة: فهو فقيه ورع زاهد، وأما الفقيه علي .. فعلى ما سنذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى. وكان للفقيه محمد بن عمر المذكور من المجاهدات والعبادات والأوراد ما يجل عن الحصر، فمما يروى عنه: أنه كان يقرأ (قل هو الله أحد) في كل يوم أربعين ألفا غير الذي

له من الأوراد الواردة في الأخبار، وكان إذا قرأ ورده .. يأتي الطير والوحش تحت بيته يستمعون له حتى يفرغ، فتنصرف. وكان له من الإخبار بالمغيبات ما يكثر تعداده ويستلزم البسط، لكني أشير إلى أنموذج من ذلك: فمما روى الثقات عنه: أنه كان يحضر إلى الجامع بقرب بيته رجل صالح من أهل الكشف والتمكين من أهل المصنعة، وقد كان ألزمه أن يتدارس القرآن هو وأولاده فيما بين المغرب والعشاء وآخر الليل، فلما كان يوم التروية .. لم يحضر، ولا ليلة عرفة، ولا صبيحتها، ولا ليلة العيد، ولم يجتمع به الفقيه وأولاده إلا بعد صلاة عيد الأضحى، فقال الفقيه له: ما سبب تخلفك عن الأولاد في هذه الأوقات؟ فاعتذر إليه بأنه كان يطلب ما لا بد منه من حوائج البيت لأجل العيد، فقال له: لا، بل الأمر غير هذا. لله رجال بمنى نالوا المنى … أيديهم مخضوبة بسواد (1) يشير إلى أن سبب غيبته في هذه الأوقات: هو حج بيت الله الحرام وتأدية مناسك الحج، وبقوله: (أيديهم مخضوبة بسواد) إلى ما كان هذا الرجل الصالح عليه من معاناة صبغ الثياب بالنيل. ومن ذلك ما بلغنا عنه: أنه كان أضر في آخر عمره، وكان ولده الفقيه علي مسافرا بأرض اليمن، فاشتاقت إليه أمه، فقال لها: إنه الآن يقدم، فكأنها لم تعتمد على قوله، فأمرها أن تنظر من كوة في البيت إلى الطريق التي يسلكها القادمون من اليمن، فنظرت، فرأته، أو كما قيل. وكان رحمه الله ونفع به لكثرة مراقبته ودوام فكره ما رئي ضاحكا قط إلا مرة، رأوا أسنانه لتبسم حصل منه بسبب صبي من أولاده كان يلعب بين يديه. وله كرامات كثيرة شهيرة، منها: أن خطيب الجامع جاء إليه يوما وقد خرجت عينه على خده من وجع كان بها، فأخذها الفقيه بيده المباركة وردها، فكانت أحسن عينيه، وهذه نظير ما صح أنه صلّى الله عليه وسلم رد عين قتادة بن النعمان رضي الله عنه.

(1) صدر هذا البيت غير موزون، وعجزه من البحر الكامل.

4234 - [علي بن محمد بن عمر]

ولم أقف على تاريخ وفاة الفقيه المذكور، وذكرته هنا في طبقة ابنيه الفقيهين الجليلين علي وإسماعيل الآتي ذكرهما (1). 4234 - [علي بن محمد بن عمر] علي بن محمد بن عمر بن راشد، ولد المذكور قبله. كان فقيها إماما، بارعا في العلوم، شيخا كبيرا، تقيا نقيا، فاضلا كاملا مفضالا، ذا كرم وجود وسخاء. نشأ بالخبر الوادي المذكور في ترجمة والده، وقرأ القرآن بحبان، وسافر إلى عدن لطلب العلم، فدخلها، ولقي بها جماعة من العلماء، فقرأ «منهاج الإمام محيي الدين النووي» وخرج إلى حبان، وأدرك والده حيا ضريرا، فسأله عما قرأ من الكتب، فقال له: قرأت «منهاج النووي»، فأنكر عليه وزجره، وأمره بالرجوع وقال له: عليك ب‍ «الروضة»، فرجع ووصل إلى مدينة زبيد وهو في عنفوان شبابه حديث السن، فدخل في بعض مدارسها على شيخ بالمدرسة إمام، في حلقته كثرة من الطلبة والمناظرين، وكان من عادة ذلك الشيخ أنه لا يقوم لأحد من الناس وإن كان السلطان أو شيخا كبيرا أو عالما شهيرا، فلما دخل الفقيه علي عليهم المدرسة .. سلم عليهم، فردوا، وقام هذا الشيخ له قياما تاما، فلما تسالما .. انصرف الفقيه إلى نحو الأماكن المعدة للتوضؤ والاغتسال مطاهر المدرسة، فرآه الشيخ يتردد متحيرا غير عارف بها، ففطن منه مقصوده، فنهض إليه، وأخذ بيده، وأدخله المطاهر، ورجع إلى موضع الحلقة للتدريس والمناظرة، فسمع الفقيه علي وهو يتوضأ من يخاطب الشيخ من الدرسة ويقول له: يا شيخ؛ العجب منك أنك يدخل عليك السلطان وفلان وفلان من المشايخ والعلماء فلا تقوم لأحد، وهذا شاب غريب حديث السن قمت له! ما هذا من عادتك؟ ! فقال: نعم، هذا الغلام سيكون له في بلده شأن. ثم إن الفقيه علي قرأ على الشيخ المذكور في «الروضة» حتى أكملها فيما أظن، فورد على شيخه سؤال، وكتب عليه جوابا، وعرضه على الدّرسة جميعهم، فكلهم كتب عليه تصحيحا، وأما الفقيه علي .. فقيل إنه قال: لو سئلت .. لأجبت بخلاف هذا، فاغتنمها

(1) ترجمة ابنه علي هي الترجمة الموالية، وانظر ترجمة ابنه إسماعيل (6/ 397).

منه حاسدوه من الدّرسة، فوشوا به إلى الشيخ، فوقع في نفس الشيخ، وعزم على امتحان الفقيه بحضرة الناس، فأمر الشيخ بإحضاره عند صلاة الجمعة على رءوس الأشهاد، فكان يسأله عن مسائل مشكلات، فيجيبه الفقيه عن كل مسألة بفرع من «الروضة» حتى جاء على أربعين مسألة، فأذن المؤذن للعصر، فترك سؤاله. وبلغني أن الفقيه علي بن محمد المذكور كان يقول: لو زاد سألني .. لم يحضرني جواب، فعد ذلك من جملة كراماته رحمه الله ونفع به. ثم إنه خرج إلى بلده حبان، فأقام بها أياما ولم ينتظم له بها أمر المعاش، فأنشأ برحبة محصن، قرية غلب عليها اليوم اسم الحوطة بأسفل وادي عمقين، وعمر حواليها مواتا، وفطر به أبيارا، وأقام هنالك على أحسن سيرة، وأطهر سريرة؛ يكرم الضيف، ويؤمن الخائف، وينشر العلم، وظهر له من الكرامات ما يجل عن الحصر، ومنها: أنه كان يرى جبريل وميكائيل. ومنها: أنه إذا أشرف في البئر يكلمه ويقول له: إنك ستملكني .. فيكون كذلك. ومنها: إخباره عن المغيبات، إلى غير ذلك مما لا يحتمل الموضع بسطه. وله قصيدة مطولة مباركة، مشهورة الفضل، يتوسل فيها بالكتب المنزلة، والملائكة المقربين، والأنبياء والمرسلين، والأولياء والصالحين، أولها: [من الطويل] لمن خاطر بالهمّ والغم يشحر … وجسم به النيران تلظى وتسعر وجسم نحيل من مآثر ما به … وعقل عقيل الرأي في الأمر مفكر وجربت لنجاح المطالب، وقضاء المآرب. ولم يزل رحمه الله على الحال المرضي إلى أن توفي في المحرم سنة اثنتين وثلاثين وثمان مائة. وله ذرية صالحة، وفيهم كثرة، ومنهم الفقهاء والصالحون، يطعمون الطعام، ويؤثرون المقام، لا يكاد يسافر منهم أحد إلا النزر اليسير، مدة الزمن القصير. وأما أخوه الفقيه العالم الرباني إسماعيل بن محمد .. فستأتي ترجمته قريبا إن شاء الله تعالى في سنة أربع وثلاثين (1).

(1) انظر (6/ 397).

4235 - [الملك الصالح محمد بن تتر]

4235 - [الملك الصالح محمد بن تتر] (1) الملك الصالح بن الملك الظاهر تتر. ولي ملك مصر يوم وفاة والده، وذلك في أواخر سنة أربع وعشرين وثمان مائة، فأقام في الملك نحو أربعة أشهر، ثم خلع في ثامن ربيع الآخر من سنة خمس وعشرين، وتولى أبو النصر برسباي الدقماقي. وأقام بالقلعة مكرما في أحسن عيشة إلى أن مات بالطاعون في سنة ثلاث وثلاثين وثمان مائة في دولة الملك الأشرف أبو النصر برسباي الدقماقي. 4236 - [المستعين بالله العباسي] (2) أبو الفضل العباس-الملقب بالمستعين بالله-ابن المتوكل على الله محمد بن المعتضد أبو بكر الخليفة العباسي. بويع له بمصر يوم مات أبوه، وذلك في سنة ثمان وثمان مائة، فأقام خليفة إلى سنة أربع عشرة، ثم لما قتل الناصر فرج بدمشق في سنة خمس عشرة .. تسلطن العباس المذكور، ولقب بالملك العادل، فأقام في السلطنة ستة أشهر، وكان في سلطنته قد استناب المؤيد شيخا، وشاركه شيخ في الخطبة أيضا، وكان الأمر لشيخ، ثم خلع العباس المذكور في نصف شعبان من السنة المذكورة-أعني سنة خمس عشرة-وتولى الملك المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي، وأقام الخليفة بالقلعة محبوسا إلى أن أرسله إلى الإسكندرية في سنة تسع عشرة، وصحبته أولاد الناصر فرج، وهم: فرج ومحمد وخليل. ولم يزل المستعين محبوسا بالإسكندرية إلى أن مات في سنة ثلاث وثلاثين وثمان مائة.

(1) «إنباء الغمر» (3/ 450)، و «الدليل الشافي» (2/ 630)، و «الضوء اللامع» (7/ 374)، و «شذرات الذهب» (9/ 297). (2) «إنباء الغمر» (3/ 445)، و «النجوم الزاهرة» (13/ 51)، و «الضوء اللامع» (4/ 19)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 598)، و «تاريخ الخميس» (2/ 384)، و «شذرات الذهب» (9/ 295).

4237 - [شرف الدين أبو الذبيح]

4237 - [شرف الدين أبو الذبيح] (1) إسماعيل بن محمد بن عمر الحباني، شيخ الإسلام، ومفتي الأنام، بحر الحقيقة، وموضح الطريقة، أبو الذبيح شرف الدين. كان فقيها إماما، جامعا لفنون العلم. نشأ بالمصنعة، مدينة حبّان، وقرأ بها القرآن، ثم سافر لطلب العلم الشريف، فلقي جماعة من الأئمة الأعلام، مشايخ الإسلام، منهم: الفقيه الإمام جمال الدين محمد بن عيسى اليافعي، والفقيه جمال الدين محمد بن عيسى الحبيشي، فتخرج بهما، ودأب في الطلب، واشتغل حتى برع وتميز، فكانت له اليد الطولى في الفقه والنحو واللغة، والتفسير والحديث، والأصلين، وبلغ في تحقيق هذه العلوم النهاية، وكتب الكثير بخطه الحسن، ودرس وأفتى، وقصد بالفتاوى من جميع الجهات سيما من جهة حضرموت، وانتشرت عنه الفتاوى المشهورة، ومن طالعها وتأمل مسلكه في تنقيح أجوبتها وتحريرها وعدم اقتصاره على حكاية المعتمد من الطريقين أو القولين أو الوجهين أو غير ذلك حتى يأتي بجميع ما في المسألة من الخلاف بين الأصحاب ثم في آخر الجواب يختصر ما بسطه أولا فيقول: فتمخض من هذا-أو فتلخص، أو فتحصل، أو نحو ذلك-كذا وكذا .. عرف محل الرجل (2)، وقضى العجب، واعتقد بأنه من منازل التبحر والتحقيق في أعلى الرتب، هذا مع ما انضم إليه من الصلاح والورع والزهد، وترك طلب الرئاسة بالتصدر في المدارس، وولاية الأوقاف والوظائف، بل كان من شأنه القناعة والإقبال على شأنه، وبذل نفسه في بلده وحيثما كان للتدريس والفتوى؛ ابتغاء وجه الله تعالى، وكان يؤثر الفقر على الغنى. يحكى عنه أن بعض من يباشر خدمته رحمه الله قال له يوما بكلام أفضى به إلى أن حمي الفقيه وضرب خشبة كان جالسا عندها في مسجد الجامع؛ فإذا هي ذهب، فغشي على الخادم المذكور، فما أفاق إلا وهي على حالها الأول، فترك ما كان يجاهر الفقيه به من حثه على طلب الغنى.

(1) «إيضاح المكنون» (4/ 156)، و «هدية العارفين» (5/ 216)، و «معجم المؤلفين» (1/ 379)، و «مصادر الفكر الإسلامي» (ص 219). (2) قوله: (عرف محل الرجل) جواب «من» الشرطية من قوله: (ومن طالعها).

4238 - [جمال الدين ابن الخياط]

اشتهرت هذه الحكاية في الجهة بحيث صارت تعلم ضرورة بالتواتر، والخشبة باقية إلى الآن في المسجد يتبرك الناس بالتماسها وتقبيلها. وللفقيه المذكور كرامات كثيرة شهيرة غير هذه لا نطول بذكرها. توفي رحمه الله في ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين وثمان مائة. 4238 - [جمال الدين ابن الخياط] (1) الحافظ جمال الدين محمد بن أبي بكر ابن الخياط. توفي بالطاعون الواقع في سنة تسع وثلاثين وثمان مائة. 4239 - [عبد الولي الوحصي] (2) الفقيه عبد الولي بن محمد الوحصي. توفي في الطاعون الواقع في سنة تسع وثلاثين وثمان مائة. 4240 - [القاضي إسماعيل الريمي] (3) القاضي إسماعيل بن عبد الله بن محمد الريمي، قاضي تعز. توفي في الطاعون الواقع في سنة تسع وثلاثين وثمان مائة. 4241 - [القاضي عبد الرحمن العرشاني] (4) القاضي عبد الرحمن بن محمد العرشاني، قاضي تعز. توفي في الطاعون الواقع في سنة تسع وثلاثين وثمان مائة (5).

(1) «إنباء الغمر» (4/ 34)، و «لحظ الألحاظ» (ص 300)، و «الضوء اللامع» (7/ 194)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 229)، و «بغية المستفيد» (ص 113). (2) «الضوء اللامع» (5/ 96)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 228)، و «بغية المستفيد» (ص 113). (3) «الضوء اللامع» (2/ 301)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 219)، و «بغية المستفيد» (ص 113). (4) «الضوء اللامع» (4/ 121)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 219)، و «بغية المستفيد» (ص 113)، و «هجر العلم» (3/ 1422). (5) كذا في الأصول و «بغية المستفيد» (ص 113)، وفي «طبقات صلحاء اليمن» (ص 219) و «هجر العلم» (3/ 1422): -

4242 - [القاضي أبو بكر العرشاني]

4242 - [القاضي أبو بكر العرشاني] (1) القاضي أبو بكر بن محمد العرشاني، أخو الذي قبله. توفي في الطاعون الواقع في سنة تسع وثلاثين وثمان مائة. 4243 - [القاضي الحبيلي] (2) القاضي محمد بن أبي بكر الحبيلي، قاضي الجند. توفي في الطاعون الواقع في سنة تسع وثلاثين وثمان مائة. 4244 - [محمد بن عبد الله الكاهلي] (3) الفقيه محمد بن عبد الله الكاهلي. توفي بمدينة إبّ في الطاعون الواقع في سنة تسع وثلاثين وثمان مائة. 4245 - [عبد الله العمودي] (4) الفقيه الإمام أبو محمد، العالم العامل، الآمر بالمعروف، الناهي عن المنكر، بجهة دوعن عبد الله بن محمد بن عثمان العمودي النوحي. استولى على وادي دوعان، وسكن الخريبة، وأقام لهم الشريعة، وأحيا السنة، وأطفأ البدعة، لكن لم يوافق ذلك هواهم، فحاربوه وأخرجوه وأحرقوا كتبه كما نقل عن الثقات، فانتقل إلى ذمار، وتوفي بها في سنة أربعين وثمان مائة. والله أعلم، وصلّى الله على محمد وآله وصحبه وسلم ***

= توفي سنة (836 هـ‍)، وفي «الضوء اللامع» (4/ 121): توفي سنة (837 هـ‍). (1) «الضوء اللامع» (4/ 121)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 220)، و «بغية المستفيد» (ص 113)، و «هجر العلم» (3/ 1422). (2) «بغية المستفيد» (ص 113). (3) «الضوء اللامع» (8/ 121)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 94)، و «بغية المستفيد» (ص 113). (4) «البرقة المشيقة» (ص 118)، و «تاريخ شنبل» (ص 175)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 161).

الحوادث

الحوادث كان الخواجا إبراهيم من تجار أهل الهند يتردد إلى عدن كل سنة للتجارة، وله مراكب، فحصل عليه جور في ولاية الوجيه عبد الرحمن بن علي بن جميع على عدن، وذلك في آخر أيام الناصر بن الأشرف، فحشر تجار الهند على التجويز بعدن إلى جدة، وجمع نحو سبعة عشر مركبا، وجنب بهم على عدن مجاوزا إلى جدة، وذلك في سنة تسع وعشرين وثمان مائة، وكان الناصر قد توفي إذ ذاك، وتولى ابنه عبد الله المنصور، وأمر بإزالة المظالم بعدن، ولم يتصل العلم بالخواجا إبراهيم المذكور، فمر بالمراكب [ ...... ] (1) مراكبه، وغرق رجاله، وذهبت أمواله، فلما علم التجار بما اتفق لإبراهيم المذكور .. ما عاد جاز أحد معه إلا القليل، وكان غالبهم يدخلون إلى عدن، وإلى ذلك أشار المقرئ شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر في قصيدة مدح بها المنصور يقول في أولها: [من الطويل] جرى لك في خرق العوائد والعرف … غرائب أدناها يجلّ عن الوصف فمن شط عنك اليوم جهلا وغرة … أتاك ذليلا في غد راغم الأنف وقال في أثنائها: وأشقى الورى هذا المعذب نفسه … بما خاض من موج ومن مسلك عسف وهجر بلاد أنت سلطان أهلها … إلى بلد للهسف لاقاه والخسف وما زال يرمى بالخطوب ونفسه … تقطع من فرط التأسف واللهف وقال أيضا في قصيدة أخرى يمدح بها المنصور: [من الطويل] ألم ير إبراهيم إذ طوحت به … يد الجهل فاستعصى وعض الشكائما وغر رجالا واستفز عصابة … ليقطع بالتجويز عنك المواسما فخانته أقدار السما وبدا له … من الله أمر لم يكن عنه عالما ولاقى هوانا مثله لم يلاقه … وخسفا وهسفا موجعا ومقاوما وهي طويلة أيضا. ***

(1) بياض في الأصول.

السنة الثامنة والثلاثون

السنة الثامنة والثلاثون فيها: توفي الإمام العالم القاضي مسعود بن سعد بن أحمد بن سعد أبي شكيل. [ .......... ] (1) *** السنة التاسعة والثلاثون حصل في اليمن طاعون عظيم عام، وكثر في الجبال، ومات بسببه من أعيانها خلائق لا يحصون كالحافظ جمال الدين محمد بن أبي بكر ابن الخياط، والفقيه عبد الولي بن محمد الوحصي، وقاضي تعز إسماعيل بن عبد الله بن محمد الريمي، والقاضي عبد الرحمن بن محمد العرشاني قاضي تعز أيضا، وأخيه القاضي أبي بكر، وقاضي الجند الفقيه محمد بن أبي بكر الحبيلي، والفقيه محمد بن عبد الله الكاهلي بمدينة إب وغيرهم (2). قال الحافظ ابن الديبع نفع الله به: (وهذه السنة يؤرخ بها عوام من أدركناه من أهل اليمن فيقولون: «سنة الجفلّة» بكسر الجيم والفاء، وتشديد اللام المفتوحة، ثم هاء تأنيث) (3). *** السنة الموفية أربعين بعد ثمان مائة في شعبان منها: ولد شيخنا الإمام العلامة الصالح جمال الدين محمد بن أحمد فضل نفع الله به آمين، آمين، آمين. وفيها: توفي الشريف الصالح علي بن عبد الرحمن بن محمد باعلوي نفع الله به آمين، آمين، آمين. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) بياض في الأصول. (2) «بغية المستفيد» (ص 113). (3) «بغية المستفيد» (ص 113).

العشرون الثالثة من المائة التاسعة

العشرون الثالثة من المائة التاسعة [الاعلام] 4246 - [السلطان برسباي] (1) السلطان الملك الأشرف أبو النصر برسباي. ولي السلطنة بمصر وغيرها لما خلع الملك الصالح بن تتر، وذلك في ربيع الأول من سنة خمس وعشرين وثمان مائة، فأقام في السلطنة ستة عشر شهرا وثمانية أيام. وتوفي ثالث عشر ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثمان مائة، ودفن بتربته. وعمر في أيامه المدرسة التي بالقصر ما بين القاهرة (2)، والتربة خارج باب النصر نحوا من تربة الظاهر برقوق، والمدرسة بالخانقاه السرياقوسية. وفي أيامه فتحت قبرص في سنة تسع وعشرين وثمان مائة، وأحضر ملكها أسيرا، ومنّ عليه، وأعاده إلى بلده بمن شاء من جماعته، وصار يرسل الجزية في كل سنة بحمد الله إلى يومنا هذا في سنة اثنتين وثمانين وثمان مائة، وأظن ذلك مستمرا إلى عصرنا هذا، وهو سنة اثنتين وثلاثين وتسع مائة، والله سبحانه أعلم. وفي سنة ست وثلاثين وثمان مائة سافر الأشرف المذكور إلى آمد، فلما توفي في التاريخ المتقدم ذكره .. تولى الملك ولده العزيز أبو المحاسن يوسف. 4247 - [الملك الظاهر يحيى بن إسماعيل] (3) الملك الظاهر يحيى بن الأشرف إسماعيل بن الأفضل العباس بن علي المجاهد الغساني.

(1) «إنباء الغمر» (4/ 78)، و «الضوء اللامع» (3/ 8)، و «النجوم الزاهرة» (14/ 242)، و «الدليل الشافي» (1/ 186)، و «شذرات الذهب» (9/ 247)، و «البدر الطالع» (ص 178). (2) كذا في الأصول، والعبارة في «شذرات الذهب» (9/ 249): (وهو الذي أنشأ المدرسة الأشرفية في القاهرة بين القصرين). (3) «الضوء اللامع» (10/ 222)، و «بغية المستفيد» (ص 109)، و «اللطائف السنية» (ص 164)، و «المدارس الإسلامية» (ص 269).

لما خالف على الناصر أخوه حسين، وتسلطن بزبيد، ولقب بالظافر .. نزل الناصر من تعز، ودخل زبيد قهرا، وقبض على أخيه حسين المذكور ومن معه، وقيده وأودعه دار الأدب بحصن تعز، ثم بلغه أن أخاه حسينا المذكور أحدث خلافا آخر بتعز، فبادر الناصر إلى تعز، وحصر أخاه في الحصن عدة أيام، وأخذه قهرا، وقبض على أخيه، وأرسله إلى حصن ثعبات مرسّما عليه، وأمر أخاه شقيقه الملك الظاهر صاحب الترجمة أن يسير إليه في جماعة ويسمل عينيه، ففعل ذلك الظاهر، وذلك في سنة اثنتين وعشرين وثمان مائة، ثم ندم الناصر على ما صدر منه، ولام أخاه الظاهر على المبادرة، وخشي من بداره، فاعتقله بحصن الدملوة، ويقال: بحصن ثعبات، فلم يزل الظاهر معتقلا بقية أيام الناصر وأيام ولديه المنصور عبد الله والأشرف إسماعيل، فلما قبض الأشرف في سنة إحدى وثلاثين وثمان مائة كما ذكرناه في ترجمته في العشرين قبل هذه (1) .. أجمعوا على إقامة عمه الملك الظاهر المذكور، فأخرج من السجن صبيحة الجمعة عاشر جمادى الأخرى من السنة المذكورة، وبايعوه، فركب من فوره إلى دار العدل بتعز، وأرسل بابن أخيه الأشرف تحت الحفظ إلى حصن الدملوة، فسجن هنالك حتى توفي، وأرسل المقرئ شرف الدين من زبيد إلى الظاهر بقصيدة طويلة يهنّئه فيها بالملك يقول في أولها: [من الطويل] ولما أراد الله أن الهدى يحيى … ثنى الملك عن هذا وقلده يحيى ولم يثن عنه الملك إلا وقد أتى … بأمر عظيم لا تداوى به الأدوا ومنها: وليس لإسماعيل ذنب لأنه … على يده أيد أوامرها أقوى وما كان إلا صورة يحملونها … على كل ما يهوون لا بعض ما يهوى وهي طويلة، فلما وقف عليها الظاهر .. أعجبته، فاستدعى المقرئ إلى تعز، وأنشده القصيدة بحضرته، فأجازه عليها عشرة آلاف دينار، ثم لما وصل المقرئ إلى تعز .. مدحه بقصيدة أخرى ميمية عدد أبياتها أحد وأربعون بيتا، فأعجبت السلطان، وأجازه بكل بيت منها ألف دينار، وأحال له بذلك على الجهات الشامية واليمنية وبثغر عدن، وأكد على

(1) في هامش (ت): (اعلم أنه تتقدم له ترجمة في العشرين قبل هذه، ووجدت في هامش الأم ما مثاله: اعلم أنا لم نظفر من هذه العشرين وقت تبييض هذا التاريخ إلا بشيء يسير، فهي مفقودة، ولعل الله يمن بوجودها فتلحق. انتهى).

المشدّين في خلاصه، فلم يخلفوا عليه درهما واحدا، واستعظم المقرئ الجائزة، وخشي الحسد، فكتب إلى السلطان يحقر نفسه في قبض هذه العطية الكثيرة، ويسأل العوض عنها ألفي دينار فقال: [من الكامل] يا من يثير بأريحية جوده … سحبا يعاور في حياها المغدق ارفق بعبدك واسقه متمهلا … إن قام يستسقيك ما لا يغرق في نصف نصف النصف مما جدت لي … أضعاف ما أرجو وما أنا أنفق من كان لا يرضى عطاه فأنت من … يرضى ببعض البعض مما يرزق فأبقى السلطان الصدقة الأولى على حالها، وزاده ألفي دينار حوالة على عبد الرحمن بن علي بن جميع بعدن، فتخلص المقرئ الأول والآخر، فناهيك من كرم وسخاء، وجود ووفاء. وفي ذي القعدة من سنة ولايته: نزل إلى زبيد، وأمر بتجديد درب زبيد وتحصينها. وفي سنة ثلاث وثلاثين: نكل بالجند الذين خلعوا ابن أخيه إسماعيل الأشرف أشد النكال، وأذاقهم شديد الوبال، وكانوا قد طغوا وبغوا، وزعموا أنهم يقيمون من شاءوا ويخلعون من شاءوا، فأبادهم قتلا وتغريقا، ونفيا وتفريقا، ثم صادر وزير ابن أخيه شرف الدين إسماعيل بن عبد الله العلوي، وقتل أخاه الشهاب العلوي، وخرب بيوتهم، ونهب أموالهم، ودمر أحوالهم كما ذكرنا ذلك في ترجمة القاضي شرف الدين المذكور في العشرين قبل هذه، واستوزر القاضي تقي الدين عمر بن الوزير شرف الدين أبي القاسم بن معيبد، وأمر حكام ثغر عدن أن يجهزوا مراكب الديوان مشحونة بالرجال والسلاح، ويتقدموا إلى باب المندب يرصدون من مر عليهم من مراكب الهند إلى جدّة، ويلزموهم الرجوع إلى عدن، فبادر النواب إلى ذلك، ووقفوا بباب المندب، فظفروا ببعض مراكب الهند وأخذوهم وأدخلوهم إلى عدن قهرا، واستصفيت أموالهم، وإلى ذلك أشار شرف الدين المقرئ في بعض قصائده التي يمدح بها الظاهر حيث يقول: [من الطويل] ومن عجب بغي المراكب هذه … بتجويزها يا ويل من ركب البغيا لقد حذّروا هذا فكانوا ببغيهم … لما سمعوا صما وما أبصروا عميا فأعرضت عنهم والمقادير خلفهم … تسوقهم كالبدن نحوكم هفيا

فلما دنوا منكم ولم تحفلوا بهم … أغارت عليهم كل داهية دهيا وجاءتهم الأمواج من كل جانب … فما برحت للبر تطويهم طيا وكان لديهم مركب فيه بغيه … فظلوا به يسقون أموالهم سقيا وجاءت بهم مما بعثت كتائب … مراكبهم تمشي بهم نحوهم مشيا فأدركهم من جانب المندب القضا … بريح فرت أوداج مركبهم فريا وقدم عليه الشيخ علي بن طاهر بن معوضة بن تاج الدين إلى تعز، فواجهه بدار الشجرة، فأكرم نزله، وأجزل صلته، وذلك سنة خمس وثلاثين. وفي هذه السنة: ابتدأ بعمارة المدرسة الظاهرية بتعز. وفيها: وصل [ .... ] (1) إلى عدن [ .... ] (2) تلك السنة إلى عدن للتفرج على مراكبهم وزيهم، واشترى من بضائعهم وتحفهم، وباع إليهم وحوشا، وحصل منهم جملة مستكثرة. وفي مدة إقامته بعدن: بلغه [ .... ] (3) المعازبة والكعبين بوادي ذوال من تهامة، فخرج مسرعا، وطوى المراحل طيا، فلم يشعروا به إلا والرماح والسيوف تنوشهم قتلا وحزا، وذلك في شعبان من السنة المذكورة. وفي سنة اثنتين وأربعين وثمان مائة: تقدم الظاهر من تعز إلى زبيد يوم الاثنين سادس وعشرين رجب، ودخل زبيد وهو مريض، فأقام بها ثلاثة أيام، وتوفي يوم الجمعة آخر شهر رجب من السنة المذكورة، فأجمع أهل الحل والعقد على مبايعة ابنه الأكبر سنا الملك الأشرف إسماعيل، فلما انعقدت بيعته .. أمر بتجهيز والده، فغسله بأمره شيخ الإسلام جمال الدين محمد بن الطيب بن أحمد الناشري، وقاضي الشريعة حينئذ بزبيد شهاب الدين أحمد أبو الفضل بن علي الناشري، وخطيب زبيد الفقيه كمال الدين موسى بن محمد الضجاعي، ثم جهزه أحسن الجهاز، ثم صلّى عليه، وأمر شيخ الإسلام الطيب الناشري أن يتقدم به إلى تعز، وهو الذي أدخله قبره رحمه الله، وقبر بمدرسته الظاهرية بتعز، وكان رحمه الله سلطانا حازما، وملكا شهما.

(1) بياض في الأصول. (2) بياض في الأصول. (3) كلمة غير واضحة في المخطوطات.

4248 - [محمد بن سعيد كبن]

ومن مآثره الدينية المدرسة التي بتعز، والمدرسة التي بثغر عدن عند باب الساحل، وأبطل ضمان الحسبة والمحناط، ورد كثيرا من المظالم إلى أهلها، وجميع أفعاله مستحسنة، ولم ينقم عليه إلا ما فعله بابن العلوي، وما حمله على ذلك إلا أحقاد سابقة من دولة أخيه الناصر وما بعدها، وهو آخر ملوك بني غسان المعتبرين، ولم يل بعده من يؤبه به. وعمرت زوجته الحرة جهة الطواشي اختيار الدين ياقوت المدرسة الياقوتية بزبيد غربي الخان المجاهدي منها، وعمرت المدرسة الياقوتية بثغر عدن بحافة الشيخ البصال، رتبت في كلّ منهما إماما ومدرسا في الفقه، ودرسة وأيتاما يتعلمون القرآن الكريم. وسقطت في أيامه منارة مسجد الجند الشرقية، فأمر بعمارتها من خالص ماله، ووقع في آخر أيامه الطاعون بالجبال وعدن، ومات بذلك عالم كثير. ولما توفيت والدته الحرة أم الملوك جهة الطواشي فرحان (1) في سنة ست وثلاثين بزبيد .. أنشأ مدرسة عظيمة على ضريحها، ورتب فيها إماما وخطيبا، وأيتاما ومعلما لهم، وعشرين قارئا يقرءون القرآن عند ضريحها عقيب كل صلاة، ورتب لهم ما يقوم بكفايتهم رحمه الله تعالى. 4248 - [محمد بن سعيد كبّن] (2) القاضي جمال الدين محمد بن سعيد بن علي بن محمد كبّن-بفتح الكاف، وكسر الموحدة المشددة، ثم نون ساكنة-الطبري الإمام العالم العلامة، القاضي الفقيه، المحدث الأصولي، المتكلم، الجامع لأشتات العلوم. ولد ليلة الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة ست وسبعين وسبع مائة بالموحدة فيهما، وكان في ابتداء أمره يعاني التجارة، فعزم من عدن إلى الهند، ودخل به المركب إلى الشحر، واجتمع بالشيخ فضل نفع الله به، فقال له ما معناه: ارجع يا قاضي عدن، فوقع ذلك منه موقعا، فاشتغل بالطلب، فقرأ في الشحر على الفقيه عبد الله بن علي أبي حاتم

(1) في (م) و (ل): (مرجان). (2) «إنباء الغمر» (4/ 127)، و «تحفة الزمن» (2/ 398)، و «الضوء اللامع» (7/ 250)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 331)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 256).

«التنبيه» جميعه، ومن أول «المهذب» إلى المساقاة، ثم رجع إلى عدن، ولازم القاضي رضي الدين الحبيشي، وتفقه به، وقرأ عليه كثيرا من الكتب الفقهية والحديثية وغيرها، ثم ارتحل إلى زبيد، فأخذ عن علمائها كالقاضي مجد الدين الشيرازي، والشيخ أحمد الرداد وغيرهما، واجتمع بشمس الدين الجزري، واستجاز منه، واستجاز من خلق عظيم بالمكاتبة وغيرها. وعنه أخذ القاضي أبو شكيل، وعليه تفقه، وبه انتفع، وأخذ عنه أيضا الفقيه ابن عطيف، والمقرئ يوسف وغيرهم. وأخذ عن محمد بن علي العقيلي النويري، وخالد بن الشيبي وغيرهما، وبالمدينة عن ابن المراغي، وأظنه اجتمع بسراج الدين بن النحوي فاستجاز منه، واستجاز من عدة شيوخ بالمكاتبة من دمشق ومصر والقاهرة، وأخذ عن الشيخ الأبناسي، والشيخ شهاب الدين أحمد بن عمر الأنصاري السهروردي النائب، وأخذ عن الشيخ أصيل الدين عبد الرحمن الدهعلي، وعن الشيخ نور الدين علي بن محمد الحنفي الطحنشهاوي وغيرهم. وولي قضاء عدن، وباشره بعفة وصيانة وديانة، وحسن سيرة، ومهابة، ونفوذ كلمة. وحدثني من لا أتهمه عن الشيخ خليل المؤذن صاحب القاضي المذكور قال: استفسح القاضي ابن كبن من الأشرف أو ابنه الناصر-الشك مني-في الحج، ونيّب في القضاء شخصا عينه، وذكر للسلطان أنه أصلح منه للقضاء، فأذن له في ذلك، فحج وزار ثم رجع إلى عدن وقد استقل نائبه بالقضاء من جهة السلطان، فراجع في رجوع ذلك إليه، فكتب إليه السلطان: لا يمكن عزل من قد شهدت له بأنه أصلح منك بك، فتعب من ذلك، فلم يكن غير أيام يسيرة حتى وصله منشور الولاية وفيه: أن توليته كانت بالإشارة النبوية، فيقال: إن السلطان رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام يأمره بتوليته. انتهى وعزل مرة أو مرتين بالقاضي تقي الدين عمر بن محمد اليافعي. وكان راتبه كل ليلة ألف مرة من الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم كما أخبرني بذلك بعض من أدركه، وسبب ذلك ما وجدته بخطه قال: (حصلت عليّ شدة من مكيدة، الله يعلم بأنها مكذوبة، فضقت في بعض أيامها بعد صلاة الظهر، فأردت إنشاء قصيدة، فبدأت بهذه الأبيات: [من الكامل] ما لي سوى جاه النبي محمد … جاه به أحمى وأبلغ مقصدي

فلكم به زال العنا عني وقد … أعدمت في ظن العدو المعتدي ولكم به نلت المنى من كل ما … أبغيه من قبل العلا والسؤدد يا عين كفي الدمع لا تذرينه … من ذا الأوان واحبسي ثم اجمدي يا نفس لا تعيي أسا وتأسّفا … فلنعم وصف الصابر المتجلد يا قلب لا تيأس وكن قلب امرئ … أمسى يرجي غارة من أحمد فعسى يوافيك اليسار معسيا … ولعل تأتيك الإغارة في غد قال: فلما وصلت إلى البيت الأخير منها .. ألقي علي نوم غالب، فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم دخل بيتي، فقبلت قدمه اليمنى، فرفع رأسي من تحت ذقني بيده اليمنى المكرمة، فرفعت رأسي، وأطرقت، ثم قال لي وهو قائم: قد جئناك مغيرين، والزم الصلاة علي في كل ليلة ألف مرة، فانتبهت ولم أجد لذلك الضيق أثرا، فسكن حالي، وبعد ثلاثة أيام زالت تلك الشدة وآثار تلك المكذبة، ولم أدر بأي شيء كان سبب زوالها، وذلك في آخر الدولة المنصورية) انتهى ما وجدته. وكان فيه حدة مزاج، وحرارة مفرطة، ويعرف لغات شتى، تحاكم إليه مرة شخصان، وأحدهما يدعي أن الآخر رقيقه، والمدعى عليه يزعم أنه حر الأصل، وهو أعجمي اللسان، ومعه جماعة شهود يزعمون أنهم يعرفونه من بلده ويعرفون أبويه مؤمنين على الإسلام، فرطن القاضي ساعة مع العبد (1)، ثم قال لسيده: خذ بيد عبدك، وزجر الشهود وتهددهم، فسأله بعض الحاضرين عن ذلك فقال: إني سألت العبد عن أصله، وكيف سبب خروجه من بلده، ووقوعه تحت يد هذا، فزعم أنه كان بالحبشة على دين الكفر، فسرقه الكفار وباعوه على شخص، فباعه ذلك الشخص على المدعي. ومن تصانيفه: «المفتاح» نكت على «الحاوي» وشرح «الجعبرية» في الفرائض سماه: «رقم الجمال في شرح منظومة اللآل» و «الدر النظيم في الكلام على بسم الله الرحمن الرحيم» وله أيضا غير ذلك من الفوائد. ولما ارتفع الطاعون الواقع في زمنه بعدن .. عقبه وباء عظيم، فأمر الناس بالتوبة وفعل الخير، وحثهم على التضرع والابتهال إلى الله تعالى في رفع ذلك، واستسقى بهم في رفعه، وصنف في ذلك كتابا سماه: «وصف الطلب في كشف الكرب» وله منسك لطيف

(1) أي: تكلم معه بلغته.

4249 - [الأمير شكر العدني]

جامع، وله شعر حسن وقصائد في مدح النبي صلّى الله عليه وسلم. وبالجملة: فتصانيفه قليلة بالنسبة إلى ما عنده من العلم، وإنما بسطت الكلام فيه؛ لأني لم أقف له على ترجمة فيما وقفت عليه من الطبقات والتواريخ، وهو جدير بالترجمة المعظمة. وتوفي يوم الأحد سابع أو ثامن شهر رمضان من سنة اثنتين وأربعين وثمان مائة، ودفن في تربة الشيخ جوهر. وكان رحمه الله يعتقد ابن عربي ويلقبه بمحيي الدين، وما أظن ذلك منه إلا تقليدا لمشايخه كالقاضي مجد الدين الشيرازي، وشهاب الدين أحمد الرداد، من غير وقوف منه على ما نسب إليه. 4249 - [الأمير شكر العدني] (1) الأمير شكر العدني. قتل في وقعة تسمى: القاهرة، بين المعازبة والدولة، قتل فيها من عسكر السلطان الأشرف إسماعيل بن الظاهر جمع كثير، منهم: شكر المذكور، والأمير عبد الله بن زياد وغيرهم، وذلك يوم الأربعاء التاسع والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وثمان مائة. 4250 - [محمد بن حسن باعلوي] (2) محمد بن حسن المعلم بن محمد بن الفقيه الزاهد حسن المعلم بن علي بن الفقيه محمد بن علي بن علوي باعلوي. قال الخطيب: (كان من كبار المشايخ الكاملين السالكين، المحققين العارفين، صاحب الكرامات الخارقة، والأنفاس الصادقة) (3)، وذكر له في الكتاب جملة كرامات.

(1) «بغية المستفيد» (ص 114). (2) «الجوهر الشفاف» (3/ 43)، و «البرقة المشيقة» (ص 41)، و «تاريخ شنبل» (ص 177)، و «المشرع الروي» (1/ 177)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 691). (3) «الجوهر الشفاف» (3/ 46).

4251 - [أبو بكر بن محمد باعلوي]

توفي يوم الجمعة لسبع عشرة من ذي الحجة (1) سنة خمس وأربعين وثمان مائة. قال الشيخ علي بن أبي علوي نفع الله به: (كان محمد بن حسن المذكور صاحب مجاهدة وفتح في القرآن، له إشراف على البرزخ، والاطلاع على أهله، والاجتماع بالموتى يقظة ومناما، ولديه علوم لدنية، وإلهامات رحمانية، وغالب ذلك في غرائب أسرار القرآن، وما به مصالح الإنسان، قال: صحبناه وجلسنا معه كثيرا مع مذاكرة، ودرسنا معه القرآن جماعة ووحدانا، وهو ممن أخذ عن الشيخ عبد الرحمن نفع الله بهم أجمعين) (2). 4251 - [أبو بكر بن محمد باعلوي] (3) أبو بكر بن محمد بن الفقيه الزاهد حسن المعلم بن علي بن الفقيه محمد بن علي باعلوي، عم المذكور قبله. قال الخطيب: (كان فاضلا مجتهدا، قال: وكان يشاهد الأموات والملائكة كثيرا) اه‍ (4) ولم أقف على تاريخ وفاته، فذكرته هنا؛ تبعا لابن أخيه. 4252 - [سعد بن علي با مذحج] (5) سعد بن علي با مذحج. قال الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي: (كان المذكور من السالكين المجذوبين، والسادة المقربين، وأفراد الزهاد الكاملين، حصل له بعد المجاهدات العظيمة والرياضات الشديدة فتح عظيم، ووهب جسيم، خدم الشيخ عبد الرحمن بن محمد باعلوي وصحبه، ولبس الخرقة من يده، ولنا به صحبة أكيدة، ومودة شديدة، قرأت عليه «الإحياء» للغزالي مرتين، و «رياض الصالحين» للنووي، و «منهاج العابدين» و «الأربعين الأصول»

(1) في «المشرع الروي» (1/ 179): (وكانت وفاته ليلة الاثنين لثلاث عشرة بقين من ذي الحجة). (2) «البرقة المشيقة» (ص 41). (3) «المشرع الروي» (2/ 43)، و «شمس الظهيرة» (2/ 447). (4) «الجوهر الشفاف» (3/ 48). (5) «البرقة المشيقة» (ص 42)، و «تاريخ شنبل» (ص 184)، و «مواهب القدوس» (ص 103)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 694).

للغزالي، و «رسالة القشيري»، و «العوارف» للسهروردي، و «بداية الهداية» و «شرح أسماء الله الحسنى» للغزالي، وكتاب «المعرفة» للمحاسبي، وكتاب «التجريد في معاني كلمة التوحيد» وكتاب «روض الرياحين» و «المائتي حكاية» و «نشر المحاسن» وكتاب «الإرشاد» الجميع للإمام عبد الله بن أسعد اليافعي، وكتاب «تحفة المتعبد» وغير ذلك من علوم الكتاب والسنة، وله في علوم الدين رسوخ واف، وفي العمل بها كمال شاف) اه‍ (1) وقال الفقيه الإمام العلامة محمد بن عمر بحرق في كتابه «مواهب القدوس في مناقب ابن العيدروس» في الكلام على قول الشيخ أبي بكر بن عبد الله العيدروس: [من الوافر] ولا تنسى كمال الدين سعدا في قصيدته المشهورة التي أولها: ببسم الله مولانا ابتدينا وكان-يعني الشيخ سعدا المذكور-من أهل العلم والعمل، والعبادة والزهادة، والأخلاق الرضية، والسيرة المرضية، مما نشير إلى اليسير منه الدال على الكثير، وناهيك بعظم أحواله اعتناء الشيخ عبد الله بن أبي بكر العيدروس بالتصنيف فيها؛ فإن العظيم لا يعظم في عينه إلا عظيم، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهل الفضل، وإذا صنف العيدروس في مناقبه الجليلة، واعتنى بأحواله الجميلة .. فقد أغنى ثناؤه عن كل وصف، والشهادة منه خير من شهادة ألف. وها أنا أشير إلى بعض ما ذكره رضي الله عنه في ترجمته وسيرته ملخصا لكلامه، فقال رضي الله عنه-ومن خطه الكريم نقلت-: كان شيخنا الشيخ العارف بالله تاج الأنوار، وقطب الأحوال، سعد بن علي بن عبد الله با مذحج الحضرمي التريمي عارفا بالله وبأمر الله، على الشريعة والطريقة والحقيقة أدركناه وصحبناه، وحفظنا منه كرامات كثيرة، ووقائع عظيمة لا يمكن شرحها، وقد أظهرنا بعضها. قال: وتعلم القرآن وحفظه، وقرأ في الفقه «التنبيه» و «المنهاج»، وفي التفسير «تفسير الواحدي» و «البغوي» و «تأويل القرآن» للسلمي، وفي الطريقة «بداية الهداية» و «منهاج العابدين» و «الأربعين الأصل» و «إحياء علوم الدين» للغزالي، وأخذ الخرقة الصوفية من الشيخ عبد الرحمن، وأكثر مقروءاته على والده الشيخ علي، وكان يحبه حبا

(1) «البرقة المشيقة» (ص 42).

4253 - [الخليفة المعتضد بالله]

شديدا، ويثني عليه ثناء عظيما، ويشهر أحواله غاية ونهاية. ثم قال بعد كلام: وكان ملازما لتلاوة القرآن، متورعا، شديد المجاهدة اه‍ (1) وقرأ سعد بن علي على الفقيه العلامة الصالح محمد بن حكم باقشير، أحد مشايخ شيخ بن الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن علي باعلوي نفع الله بهم أجمعين. ولم أقف على تاريخ وفاته، وذكرته هنا؛ تبعا لمن قبله. 4253 - [الخليفة المعتضد بالله] (2) الخليفة المعتضد أبو الفتح داود بن المتوكل محمد بن المعتضد أبي بكر بن المستكفي العباسي. بويع له يوم خلع أخيه المستعين من السلطنة في سنة خمس عشرة وثمان مائة، فأقام في الخلافة ثلاثين سنة. وتوفي سنة خمس وأربعين وثمان مائة وقد قارب سبعين سنة، وصلّى عليه الملك الظاهر جقمق، ومشى في جنازته. 4254 - [الملك الأشرف إسماعيل بن الظاهر] (3) السلطان الملك الأشرف إسماعيل بن الظاهر يحيى بن الأشرف إسماعيل بن الأفضل العباسي الغساني الرسولي. بويع له يوم وفاة أبيه في آخر رجب سنة اثنتين وأربعين وثمان مائة، فلما تمت بيعته .. أمر بتجهيز والده الظاهر، فجهز أحسن جهاز، ثم صلّى عليه، وأمر شيخ الإسلام القاضي الطيب الناشري أن يتقدم به إلى تعز ويدفنه في مدرسته الظاهرية. ومشى الأشرف على طريقة والده في حسن السياسة، ودانت له البلاد والعباد، واشتهر في جملة معارك بالفراسة وقوة القلب والشجاعة، والإقدام والنجدة والشهامة، حتى قيل:

(1) «مواهب القدوس» (ص 103). (2) «إنباء الغمر» (4/ 189)، و «الضوء اللامع» (3/ 215)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 602)، و «تاريخ الخميس» (2/ 384)، و «شذرات الذهب» (9/ 371). (3) «الضوء اللامع» (2/ 308)، و «بغية المستفيد» (ص 113)، و «اللطائف السنية» (ص 165).

4255 - [المفضل أسد الدين]

لم يسبقه أحد من آبائه إلى ذلك، وباشر الأمور بنفسه، وتولى ما يعنيه، وكان فيه إقدام عظيم، حتى كان يقال له: المجنون بسبب ذلك. وفي أيامه: فقدت عمته جهة شفيق ابنة الملك الأشرف بن الأفضل. وفي أيامه: هجم القرشيون قرية المملاح بظاهر زبيد، ونهبت القيسارية، وله مع العرب معارك له وعليه. ولما أعياه أمر المعازبة .. طلب جملة من مشاهيرهم، وعمل لهم سماطا في بيت الفقيه ابن عجيل، فلما قعدوا عليه يأكلون .. أمر العساكر بضرب رقابهم، فضرب على السماط رءوس أربعين نفرا منهم، ولم ينج منهم إلا اليسير. وأنشأ بركة عظيمة في جامع زبيد، وعمر جملة من سقوفه، وأصلح متشعثه، وأقام فيه درسة يقرءون القرآن عقيب كل صلاة، ورتب لهم ما يقوم بكفايتهم. وهو أعرق الناس في الملك، فهو الأشرف بن الظاهر بن الأشرف بن الأفضل بن المجاهد بن المؤيد بن المظفر بن المنصور، ولم يشاركه في ذلك إلا ابن عمه عبد الله المنصور بن الناصر بن الأشرف، ولا يوجد في الملوك من ولي الملك هكذا ثمانية على نسق واحد إلا فيهما. وتوفي الأشرف يوم الثلاثاء من شهر شوال سنة خمس وأربعين وثمان مائة بدار السرور من تعز، ودفن بالظاهرية عند والده، وولي بعده ابن عمه المظفر يوسف بن المنصور عمر بن الأشرف إسماعيل بن العباس الأفضل بن المجاهد. 4255 - [المفضل أسد الدين] (1) المفضل أسد الدين محمد بن إسماعيل بن عثمان بن الأفضل بن العباس. لما خالف جماعة من المماليك العبيد على المظفر يوسف بن المنصور عمر بن الأشرف إسماعيل بن الأفضل العباس، ونزلوا من عند المظفر من تعز إلى زبيد .. أقاموا المفضل المذكور سلطانا بتربة الطلحية، ودخل زبيد خامس المحرم أول سنة ست وأربعين، فصرف أموالا كثيرة، وأدخل العرب زبيد، وفرق عليهم جملة من الخيل والأسلحة من الدار حتى قويت شوكتهم، وأخذوا نخل وادي زبيد على أهله، واقتسمته القرشيون والمعازبة،

(1) «بغية المستفيد» (ص 116)، و «اللطائف السنية» (ص 166).

4256 - [أحمد الناصر بن الظاهر]

ومنعوا منه أهله رأسا، فأرسل المظفر إلى زبيد الطواشي محسن، والصياحي، والوجيه ابن حسان، والشيخ شمس الدين علي بن طاهر بن معوضة، فلما علم نجيب بوصولهم .. لزم المفضل المذكور، فلما دخلوا زبيد .. خرج نجيب بالمفضل إلى تعز في ثامن ربيع الآخر من السنة المذكورة، واستشهد المفضل [ .... ] (1). 4256 - [أحمد الناصر بن الظاهر] (2) القاتل أحمد الناصر بن الظاهر يوسف بن عبد الله بن المجاهد علي بن المؤيد داود (3). أرسل العسكر بزبيد بعد لزوم المفضل إلى المظفر يطلبون الجامكية فلم يصلهم منه شيء، فقالوا: إن المظفر غير صالح للملك، فخرجوا إلى حيس يلتمسون من بها من أولاد الملوك، فوجدوا الناصر المذكور، فسلطنوه، وزفوه إلى الدار الكبير الناصري بزبيد، وذلك في سلخ جمادى من سنة ست وأربعين، ولم يكن بذاك، ونهبت العبيد في أيامه نهبا فاحشا، ولم يسلم من النهب إلا بيوت القضاة، وقتل من أهل زبيد أربعة نفر، ومن العبيد واحد، وخرج في شعبان السلطان لمباشرة نخل وادي زبيد، فقام نحو خمسين من عوارين أهل زبيد ليغلقوا أبواب المدينة، وظنوا أنهم لا يغلبون، فأغلقوا الأبواب، وأتوا إلى باب الشبارق ليغلقوه، فوجدوا عسكر السلطان عليه، فحاصوا حيصة حمر الوحش، ورجعوا هاربين، فتسوروا الدروب، واستجاروا ببيوت المناصب، ونهبت العساكر البلد نهبا شنيعا، ثم قدم الناصر البلد بعد صلاة المغرب، فأمر بالنهب وبقتل من وجد من صغير وكبير، فلم يبق لأهل زبيد باقية، ولم يسلم من النهب سوى بيوت جماعة من الدولة، وأصبحت زبيد خرابا كأن لم تغن بالأمس، ولقب هذا السلطان بالخاسر؛ لوقوع هذه القبائح في أيامه، [ثم لزم]، ثم إن العسكر أخرجوه من زبيد سالما إلى الطلحية هو وأولاده، وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثمان مائة وسبع وأربعين، وقام بالأمر بعده الملك المسعود أبو القاسم بن الأشرف إسماعيل بن أحمد الناصر.

(1) بياض في الأصول، وانظر التكملة من «بغية المستفيد» (ص 116). (2) «بغية المستفيد» (ص 117)، و «اللطائف السنية» (ص 167). (3) كذا في «اللطائف السنية» (ص 167)، وفي «بغية المستفيد» (ص 117): (أحمد الناصر بن الظاهر بن يوسف بن عبد الله المجاهد علي الرسولي).

4257 - [السلطان بدلاي]

4257 - [السلطان بدلاي] (1) السلطان المجاهد بدلاي بن سعد الدين. ولي بعد أخيه محمد بن سعد الدين، وذلك في اليوم الرابع من جمادى الأولى من سنة ست وثلاثين وثمان مائة. وقتل شهيدا في أجبرة آخر السادس والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وأربعين وثمان مائة. ومدة ولايته ثلاث عشرة سنة، ثم تولى بعده ولده السلطان محمد بن بدلاي. 4258 - [المستكفي بالله أبو الربيع] (2) الخليفة بمصر المستكفي بالله سليمان بن المتوكل على الله محمد بن المعتضد أبي بكر بن المستكفي سليمان بن الحاكم. بويع له يوم مات أخوه المعتضد أبو الفتح داود، وذلك في سنة خمس وأربعين وثمان مائة. وتوفي سنة خمس وخمسين وثمان مائة، وبلغ من العز فوق أخيه، وحمل السلطان الملك الظاهر جقمق نعشه، فمدة ولايته عشر سنين، وعمره نحو ستين سنة. 4259 - [السلطان جقمق] (3) السلطان الملك الظاهر أبو سعيد جقمق العلائي علي بن إينال، صاحب مصر والشام والحجاز. ولي يوم خلع الملك العزيز أبو المحاسن يوسف بن الأشرف برسباي، وذلك في آخر ربيع الأول من سنة اثنتين وأربعين وثمان مائة، فأقام في الملك نحو خمس عشرة سنة،

(1) «السلوك» للمقريزي (ج /4 ق 940/ 2)، و «الضوء اللامع» (3/ 4). (2) «النجوم الزاهرة» (16/ 1)، و «الدليل الشافي» (1/ 320)، و «الضوء اللامع» (3/ 269)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 605)، و «تاريخ الخميس» (2/ 384)، و «شذرات الذهب» (9/ 415). (3) «النجوم الزاهرة» (15/ 465)، و «الدليل الشافي» (1/ 246)، و «الضوء اللامع» (3/ 71)، و «شذرات الذهب» (9/ 425).

4260 - [محمد بن أحمد با حنان]

وعمّر في أيامه أشياء كثيرة؛ من مساجد، وجوامع، وقناطر، وجسور، وغير ذلك مما فعله هو وأرباب دولته، وكان مغرما بحب الأيتام والإحسان إليهم ولغيرهم. وتوفي ثالث صفر سنة سبع وخمسين وثمان مائة بعد أن فوض أمر السلطنة لولده المنصور أبو السعادات عثمان في ابتداء توعكه ثاني وعشرين المحرم من السنة المذكورة، ودفن بتربة الأمير قاني باي الجركسي. وأقام ولده المنصور عثمان بعده في الولاية أربعين يوما، وخلع مستهل ربيع الأول من السنة المذكورة، وجهز إلى الإسكندرية، وتولى الملك الأشرف أبو النصر إينال العلائي الظاهري الناصري. 4260 - [محمد بن أحمد با حنان] (1) محمد بن أحمد با حنان الحضرمي. قدم من بلده تريم إلى عدن قاصدا ابن عمه محمد بن عبد الرحمن با حنان وكان تاجرا بعدن، فأرسله إلى الحبشة مع بعض سفّارته كالصبي، فمات جميع السفارة الذين أرسلهم محمد بن عبد الرحمن با حنان إلى الحبشة، ماتوا بها بالطاعون، وسلم محمد بن أحمد با حنان صاحب الترجمة، فلما علم محمد بن عبد الرحمن بموتهم .. أيس من المال الذي معهم؛ لما يعرف من حال أهل الحبشة أن من مات فيها من التجار .. استولوا على ماله، ولما يعرفه من ضعف حال ابن عمه وعدم اهتدائه إلى حفظ المال؛ لأنه أول سفر له، ثم إن محمد بن أحمد با حنان وصل إلى عدن وصحبته جميع المال الذي أرسله ابن عمه مع السّفارة لم يفت منه شيء سوى ما دافع به عن المال، فاستفحله، وعرف شهامته ونجابته في أمر الدنيا، فزوجه بابنته. ولما توفي محمد بن عبد الرحمن المذكور .. خلف ولدا غير رشيد وبنتا وهي زوجة الجمال محمد بن أحمد با حنان، فنصبه على عياله، وبارك الله له في متجره، فاكتسب مالا جزيلا، ولما حصل الجور على الرعية والمتسببين في أيام الناصر بن الأشرف .. هرب غالب الناس من عدن ولحج، وباعوا أملاكهم بأبخس ثمن، فانتهز با حنان الفرصة، واشترى

(1) «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 165) نقلا عن «قلادة النحر».

4261 - [أحمد بن محمد بن أفلح]

جملة من العقار من دور وفنادق ودكاكين بثغر عدن، وجملة من الأراضي المزدرعة بوادي لحج، وهي التي عاد نفعها على أولاده من بعده. وكان له معروف وإحسان عام على الفقراء والأمراء وغيرهم، وأنشأ بعدن مدرسة بسوق الخزف، وأوقف على مصالحها فندقا بعدن، وأوقف أرضا بلحج نصفها على مصالح المدرسة وقومتها؛ من الإمام والمؤذن، والبرّاح (1) والسردال (2)، ومعلم الأيتام، وقارئ الحديث، والنصف الآخر على ذريته، وكان مع كثرة ماله في غاية التواضع في المأكل والملبس وغير ذلك مع قيامه وصيامه. ويحكى عنه أنه كان يكره استيلاء المشايخ بني طاهر على عدن، ويتمنى أن يميته الله قبل أخذهم لها، وإذا سئل عن ذلك .. قال: إذا دخلوا عدن .. أبطلوا علينا المتجر، وجعلوا عدن زريبة للفوّة؛ لأنهم نشئوا على التكسب والتجارة، وعرفوا ما فيها من المصالح، فلا يتركون ذلك، والسلطان إذا تعلق بالمتجر .. أبطل متجر التجار، وتعطل عليهم الكسب، فكان كما تفرس رحمه الله، وأعطاه الله ما تمناه، فمات سنة ست وخمسين وثمان مائة قبل أخذ بني طاهر عدن بسنتين. 4261 - [أحمد بن محمد بن أفلح] (3) الشيخ الصالح شهاب الدين أحمد بن محمد بن أفلح. توفي بزبيد يوم الثلاثاء تاسع ربيع الآخر من سنة ستين وثمان مائة، وشيعه المجاهد علي بن طاهر، وحمل جنازته، وقبر عند جده بمقبرة باب سهام، وقبره بها مشهور يزار ويتبرك به، نفع الله به، آمين. 4262 - [المؤيد حسين بن الظاهر] (4) المؤيد حسين بن الظاهر يحيى بن الأشرف إسماعيل بن الأفضل العباس بن المجاهد علي الرسولي الغساني.

(1) البرّاح: الذي ينظف برك المساجد. (2) في (م) و (ل): (السرادل). (3) «الضوء اللامع» (2/ 146)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 314)، و «بغية المستفيد» (ص 125). (4) «بغية المستفيد» (ص 119).

ولاه العبيد مدينة زبيد في آخر يوم من شعبان سنة خمس وخمسين وثمان مائة والمسعود إذ ذاك بتعز، فنزل إلى زبيد في رمضان ولم يدخلها، بل استقر خارجها ليحارب المؤيد، فأحس من جنده بمكر وخداع، فرجع المسعود إلى تعز، ثم إلى عدن، وبقي المؤيد بزبيد إلى أن خلع المسعود نفسه، وخرج من عدن إلى العارة، ثم إلى هقرة، وذلك في سادس جمادى الآخرة من سنة ثمان وخمسين وثمان مائة، فلما علم المؤيد بذلك .. خرج من زبيد، ودخل عدن سابع وعشرين الشهر المذكور، قيل: كان ذلك باستدعاء جماعة من كبار يافع الذين بعدن، ولم يزل بها إلى أن دخلها المشايخ بنو طاهر في ثالث وعشرين شهر رجب من السنة المذكورة، فلزم المؤيد الجورة، فآمناه ولم يغيرا عليه حالا، بل جعلاه في بيت، وأجريا عليه الكفاية، واشتريا منه ما معه من الخيل والسلاح وغير ذلك، ثم ضاقت به عدن، فاستفسح في الخروج منها، فأذنوا له، فخرج منها إلى زبيد، فأقام بها ليس له أمر ولا نهي سوى اسم السلطنة كما كان بعدن مدة إقامته بها والحل والربط بزبيد بيد العبيد، وهم يفعلون بزبيد الفعائل إلى أن حط تحتها الشيخ علي بن طاهر، فخطب بها خطبة الجمعة حادي عشر الحجة من سنة تسع وخمسين للشيخ عامر بن طاهر، وعاد الشيخ علي بن طاهر أحاط بجنب البلد، وذلك بتدبير الأمير زين الدين جياش السنبلي وتقدير العزيز العليم، فاستجار المؤيد ببيت الشيخ الغزالي، ودخل الشيخ علي بن طاهر زبيد ضحى السبت ثاني عشر شهر الحجة آمنا من غير قتال ولا خوف، وخرج المؤيد إلى مكة، ثم قصد مصر، فأكرمه سلطانها إينال الأجرود، ورتب له مرتبا يقوم بكفايته بمكة المشرفة، فرجع إلى مكة، واستقر بها إلى أن توفي. ولم أقف على تاريخ وفاته، والظاهر أنها كانت في العشرين بعد هذه، وإنما ذكرته هنا؛ لتحقق وجوده في سنة ستين، ومن عجيب الاتفاق أن المشايخ عامر وعلي ابني طاهر دخلا عدن واستوليا عليها والمؤيد بها، ثم دخلا زبيد والمؤيد بها أيضا، وذلك دليل تأييدهما. ***

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والأربعون في ثالث عشر ذي الحجة منها: توفي الملك الأشرف أبو النصر برسباي الدقماقي سلطان مصر والشام والحجاز [ ......... ] (1). *** السنة الثانية والأربعون فيها: توفي الملك الظاهر يحيى بن إسماعيل الأشرف، وولي اليمن ابنه الأكبر الأشرف إسماعيل بن يحيى الظاهر. وفي سلخ ذي الحجة من السنة المذكورة: فقدت جهة شفيق ابنة الملك الأشرف إسماعيل بن الأفضل، عمة الأشرف بن الظاهر (2). وفي رمضان منها: توفي القاضي جمال الدين محمد بن سعيد كبّن قاضي عدن رحمه الله. وفيها: خلع الملك العزيز أبو المحاسن يوسف بن الأشرف برسباي عن ولاية مصر (3) [ .......... ] (4). *** السنة الثالثة والأربعون في صفر منها: هجم القرشيون قرية المملاح بظاهر زبيد، ونهبت القيسارية (5) [ ....... ] (6).

(1) بياض في الأصول. (2) «بغية المستفيد» (ص 114). (3) «شذرات الذهب» (9/ 352). (4) بياض في الأصول. (5) «بغية المستفيد» (ص 114). (6) بياض في الأصول.

السنة الرابعة والأربعون

السنة الرابعة والأربعون [ ......... ] (1). *** السنة الخامسة والأربعون فيها: توفي الخليفة بمصر المعتضد أبو الفتح داود بن المتوكل محمد بن المعتضد أبو بكر العباسي. وفيها: طلب الأشرف جماعة من مشاهير المعازبة، وعمل لهم سماطا ببيت الفقيه ابن عجيل، فلما قعدوا عليه يأكلون .. أمر العساكر بضرب رءوسهم، فضرب على السماط رءوس أربعين منهم، ولم ينج منهم إلا اليسير (2). وفي شهر شوال منها: توفي السلطان الأشرف إسماعيل بن الظاهر يحيى بن إسماعيل الغساني، وولي بعده ابن عمه المظفر يوسف بن المنصور عمر بن الأشرف إسماعيل بن الأفضل العباس. وفيها: خالف جماعة من الجند والترك الذين بايعوا المظفر، وخرجوا عن طاعته، ونزل المماليك من عنده إلى زبيد وصحبتهم يشبك الخاصكي وكان صاحب شدة وبأس، ففعل هو والمماليك أفاعيل بزبيد (3). وفيها: توفي الشريف محمد بن حسن المعلم باعلوي بتريم [ ....... ] (4). *** السنة السادسة والأربعون في أولها: اتفق الخارجون عن طاعة المظفر من الترك وغيرهم على إقامة الملك المفضل أسد الدين محمد بن إسماعيل بن عثمان بن الأفضل بن العباس، فأقاموه سلطانا بتربة الطلحية، ودخل زبيد خامس المحرم من السنة المذكورة، وصرف أموالا كثيرة، وأدخل

(1) بياض في الأصول. (2) «بغية المستفيد» (ص 115)، و «اللطائف السنية» (ص 166). (3) «بغية المستفيد» (ص 116)، و «اللطائف السنية» (ص 166). (4) بياض في الأصول.

العرب زبيد، وفرق عليهم جملة من الخيل والأسلحة من الدار حتى قويت شوكتهم، وأخذوا نخل وادي زبيد على أهله، واقتسمه القرشيون والمعازبة، ومنعوا منه أهله رأسا، ثم اختلف فيه القرشيون، ولم يتطرق المعازبة إليه، وبقي النخل في أيدي القرشيين إلى أن تولى الشيخ علي بن طاهر وملك البلاد، فرده إلى أهله كما سيأتي (1). وفيها: نزل إلى زبيد من قبل المظفر الطواشي محسن، والشهاب الصياحي، والوجيه ابن حسان، والشيخ شمس الدين علي بن طاهر، فلما علم الطواشي نجيب بوصولهم .. لزم المفضل بزبيد، فلما دخلوا زبيد .. خرج نجيب بالمفضل إلى تعز في ثامن ربيع الآخر، ومات الوجيه ابن حسان في ذلك اليوم، واستشهد المفضل في شعب الديار، ثم طلع الشيخ علي بن طاهر من زبيد باستدعاء المظفر له في تاسع الشهر المذكور، وفي عاشره قتل يشبك الخاصكي المفسد، ثم قدم نجيب من تعز وصحبته أربعون عبدا، فلزم جماعة من أعيان البلد في جامع زبيد لفتنة أرادها، فقتل وطرح، وانتهب بيته، واستجار الصياحي عند الشيخ إسماعيل بن أبي بكر الجبرتي، وافتدى محسن نفسه بألفي درهم، فسلمها بعد أن نهب بيته، ثم طلب العبيد جوامكهم، فكتب إلى المظفر بذلك، فلم يجيء جوابه، فنهب العبيد الغلة من جميع الأراضي حول زبيد، واستدام ذلك، ثم أظهر العسكر أن المظفر غير قائم بأمر الخلافة لضعفه، فخرج جماعة من العبيد إلى حيس، وبحثوا عمن هناك من الملوك، فوجدوا أحمد الناصر بن الظاهر يوسف بن عبد الله بن المجاهد علي الرسولي، فولوه سلطانا، وزفوه إلى الدار الكبير الناصري سلخ جمادى الآخرة ولم يكن بذاك (2). وفي خامس رجب: اجتمع العبيد إلى باب الدار بزبيد، وضرب نفيرهم، وصاحوا صيحة منكرة، وساروا لوقتهم ينهبون ويقتلون من وجدوا، فانتهبوا بيوتا كثيرة، وقصدوا بيوت التجار، ولم يزالوا كذلك من ضحى ذلك اليوم إلى عصره، وسلمت بيوت القضاة، وقتل من أهل زبيد أربعة نفر، ومن العبيد واحد (3). وفي سادس شعبان: خرج السلطان الناصر لمباشرة النخل بوادي زبيد، فقام جماعة من عوارين أهل زبيد نحو الخمسين ليغلقوا أبواب المدينة، وظنوا أنهم لا يغلبون، فأغلقوا الأبواب، وأتوا إلى باب الشبارق ليغلقوه، فوجدوا عسكر السلطان عليه، فحاصوا حيصة

(1) «بغية المستفيد» (ص 116)، و «اللطائف السنية» (ص 166)، وانظر (6/ 429). (2) «بغية المستفيد» (ص 116)، و «اللطائف السنية» (ص 167). (3) «بغية المستفيد» (ص 117)، و «اللطائف السنية» (ص 167).

السنة السابعة والأربعون

حمر الوحش، ورجعوا هاربين، وتسوروا الدروب، واستجاروا ببيوت المناصب، فنهبت العساكر البلد نهبا عظيما شنيعا، ثم قدم السلطان بعد صلاة المغرب، فأمر بالنهب وبقتل من وجد من صغير وكبير، فلم يبق لأهل زبيد باقية، حتى أخرجوا ما في الآبار وغيرها، ولم يسلم من النهب إلا بيوت جماعة من الدولة، وأصبحت زبيد حصيدا كأن لم تغن بالأمس (1). *** السنة السابعة والأربعون فيها: أخرج العسكر أحمد الناصر من زبيد إلى الطلحية سالما هو وأولاده، وقام بالأمر بعده بزبيد الملك المسعود أبو القاسم بن الأشرف إسماعيل بن أحمد الناصر ليلة الاثنين ثاني عشر ربيع الأول وعمره إذ ذاك ثلاث عشرة سنة، ثم دخل عدن في منتصف القعدة من السنة المذكورة وبنو طاهر إذ ذاك بلحج معاونين للمظفر وفي أنفسهم ما فيها من طلب الاستبداد بذلك؛ لما رأوا من ضعف المملكة وانحلال أمرها (2). *** السنة الثامنة والأربعون خرج المسعود من عدن إلى لحج لمحاربة بني طاهر، فنال منهم، ودخل لحج (3). وفيها: وقع باليمن طاعون عظيم، كان معظمه في الجبال، ومات فيه خلائق لا يحصون، منهم المقرئ العلامة عفيف الدين عثمان بن عمر الناشري، توفي بمدينة إب من السنة المذكورة (4). *** السنة التاسعة والأربعون فيها: قدم الأمير زين الدين جياش السنبلي إلى زبيد مقدما من قبل المسعود، فاصطلح

(1) «بغية المستفيد» (ص 117)، و «اللطائف السنية» (ص 167). (2) «بغية المستفيد» (ص 118)، و «اللطائف السنية» (ص 167). (3) «بغية المستفيد» (ص 118)، و «اللطائف السنية» (ص 168). (4) «بغية المستفيد» (ص 118).

السنة الموفية خمسين

هو والمعازبة، ونابذ القرشيين، وغزا المخيريف قرية الأشاعر فأخربها، وغزا القرشيين (1). وفي رمضان منها: قتل السلطان المجاهد بدلاي بن سعد الدين شهيدا بأجبرة رحمه الله، وتولى بعده ولده السلطان محمد بن بدلاي. *** السنة الموفية خمسين فيها: كانت الوقعة المشهورة بالعذيب الأخرى، وذلك أن الأمير جياش السنبلي نزل بالنخل أيام حلوله ومعه المعازبة والعبيد والعساكر، فحمل عليه القرشيون في النخل صبيحة الأربعاء ثامن عشر ربيع الآخر من السنة المذكورة، فانكسر الأمير، وهرب العبيد والقواد، وقتل الأمير عماد الدين يحيى بن زياد، وصهره عبد الله بن عمر بن حسين الدمرداشي، والمشد محمد بن معوضة، وحمزة بن الملك العادل، وجماعة من بني إقبال، وسلم الأمير زين الدين جياش وبنو عمه (2). وفيها: قصد المسعود تعز، وحاصر المظفر بحصنها، فتعب المظفر من ذلك، وأرسل إلى بني طاهر، فنزل إليه الشيخ عامر بن طاهر مناصرا له على المسعود، وأقام بدار القسطال ليحارب المسعود من قرب، فلم يزل الشهاب الصياحي يعمل الحيلة في إخراج الشيخ عامر بن طاهر من القسطال حتى انحاز إلى بلده راضيا مختارا، ولم يزل المسعود بدار الوعد من مدينة تعز إلى نصف رمضان من سنة اثنتين وخمسين (3). *** السنة الحادية والخمسون فيها: توفي شيخ الإسلام، قاضي القضاة، حافظ العصر شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر رحمه الله تعالى، وذلك في ليلة السبت ثامن وعشرين ذي الحجة (4) [ ....... ] (5).

(1) «بغية المستفيد» (ص 118)، و «اللطائف السنية» (ص 168). (2) «بغية المستفيد» (ص 118). (3) «بغية المستفيد» (ص 118)، و «اللطائف السنية» (ص 168). (4) الصواب ذكره في السنة التي بعد هذه؛ لأنه توفي سنة (852 هـ‍)، انظر ترجمته في «الضوء اللامع» (2/ 36)، و «النجوم الزاهرة» (15/ 532)، و «شذرات الذهب» (9/ 395). (5) بياض في الأصول.

السنة الثانية والخمسون

السنة الثانية والخمسون فيها: وصل بنو طاهر مرة أخرى إلى تعز سعدة (1) للمظفر على المسعود، فخرج المسعود من تعز سالما يوم الجمعة خامس عشر رمضان، فبلغ موزع، ثم هقرة، ثم عدن، فدخلها ثالث شوال (2)، ثم نزل المشايخ بنو طاهر والمظفر إلى لحج في ذي الحجة (3) والمسعود بعدن، وحصل بينهما مقاتلة، قتل من عسكر المسعود جماعة (4) [ ......... ] (5). *** السنة الثالثة والخمسون فيها: حج شيخنا الوالد على قدم التجرد طريق السراة، وعند رجوعه من الحج دخل عدن لطلب العلم، ولازم القاضي محمد بن أحمد با حميش، وقرأ عليه كثيرا [ ......... ] (6). *** السنة الرابعة والخمسون فيها: خلّى المظفر بين المسعود وبين حصن تعز، فقبضه المسعود (7). وفيها: حصل بزبيد جوع عظيم وغلاء شديد، وتعرف بسنة محرر (8) [ ..... ] (9). ***

(1) أي: مناصرين. (2) في «بغية المستفيد» (ص 119): (السادس من شوال). (3) في «بغية المستفيد» (ص 119): (في ذي القعدة). (4) في «بغية المستفيد» (ص 119)، و «اللطائف السنية» (ص 168). (5) بياض في الأصول. (6) بياض في الأصول. (7) «بغية المستفيد» (ص 119)، و «اللطائف السنية» (ص 168). (8) «بغية المستفيد» (ص 119). (9) بياض في الأصول.

السنة الخامسة والخمسون

السنة الخامسة والخمسون فيها: ولى العبيد بزبيد المؤيد حسين بن الظاهر يحيى بن إسماعيل الأشرف، وذلك في آخر شعبان بعد أن استفحل أمرهم بزبيد، واستقلوا بالأمر دون مواليهم، وفعلوا الأفاعيل، وأخذوا كل سفينة غصبا، ولما علم المسعود بذلك .. نزل إلى زبيد ولم يدخلها، بل استقر خارجها ليحارب المؤيد، فأحس من عساكره مكرا وخداعا، فرجع إلى تعز، ثم إلى عدن (1). وفيها: توفي الخليفة بمصر المستكفي سليمان بن المتوكل بن المعتضد [ ..... ] (2). *** السنة السادسة والخمسون فيها: توفي الجمال محمد بن أحمد با حنان التاجر المشهور بعدن [ ........ ] (3). *** السنة السابعة والخمسون فيها: توفي السلطان الملك الظاهر جقمق صاحب مصر والشام، وتولى ابنه المنصور أبو السعادات عثمان، وخلع بعد أربعين يوما [ ........ ] (4). *** السنة الثامنة والخمسون في المحرم منها: نزل المشايخ بنو طاهر إلى عدن بعسكر ضليع، فخرج إليهم عسكر المسعود، فنال منهم ونالوا منه، ثم رجع بنو طاهر إلى بلدهم، وكان في أيام المسعود الفتنة قائمة بين قبيلتين من يافع تعرف إحداهما بآل أحمد والأخرى بآل كلد، وكانوا يتحاربون في نفس البلد، وينهبون بيوت التجار والأغراب، ولا يسلم منهم إلا من لجأ إلى أحد من كبار يافع ونقبائهم، وربما كان التاجر قد يأخذ جماعة من يافع بالجامكية يبيتون فوق

(1) «بغية المستفيد» (ص 119). (2) بياض في الأصول. (3) بياض في الأصول. (4) بياض في الأصول.

سطح بيته ومعهم الحجارة يرجمون من قصد ذلك البيت بالنهب، وكان الحصون بيد آل أحمد، وهم رتبتها، وآل كلد في البلد، وهم أكثر عددا من آل أحمد، والحرب بينهم سجال، ولا ينقادون للمسعود، ولا يمتثلون أمره، وإنما هو معهم صورة، له الخطبة والسكة لا غير. خرج مرة يقرع بينهم في حرب كانت بينهم، فرموه بالحجارة حتى أدموه، وقتل شخص منهم في الحرب، فدفنوه قائما؛ تفاؤلا منهم بقيام الشر والفتنة نعوذ بالله من الجهل. ولما رأى المسعود عدم الانقياد من يافع مع تردد المشايخ بني طاهر لحصار البلد .. خشي أنهم يسلموه إليهم، فخرج من عدن إلى العارة طريق البحر، ثم خرج من العارة إلى هقرة، واستجار بها عند الشيخ الصالح عبد الله بن أبي السرور، وذلك في سادس جمادى الآخرة من السنة المذكورة. ولما علم المؤيد بخروج المسعود من عدن .. خرج من زبيد، ودخل عدن في يوم الرابع والعشرين من الشهر المذكور، ولما خشي آل أحمد الغلبة من آل كلد .. خرج جماعة من نقبائهم، منهم: النقيب طاهر بن عامر، والنقيب بأكسامه وغيرهما، وقصدوا المشايخ بني طاهر، وباعوهم البلد، واشترطوا عليهم شروطا، منها: أن يبقوا نقباء آل أحمد على نقابتهم، وتقدمهم على يافع، وأن يخرج آل كلد من البلاد ولا يقتل منهم أحد، وشروطا أخرى، فلما قرروا الكلام مع بني طاهر على ذلك وتحالفوا على ذلك .. نزل نقباء يافع إلى عدن، ثم نزل المشايخ آل طاهر بعدهم في جيش عظيم، وحطوا في المياه، ودخل المجاهد شمس الدين علي بن طاهر عدن ليلة الجمعة الثالث والعشرين من شهر رجب من السنة المذكورة ليلا من السور بالحبال في جماعة قليلة من عسكره من جانب حصن التعكر، ولما صار المجاهد بالحبل بين الحصن والأرض .. همّ النقيب القحاط-أحد المرتبين بالحصن-الغدر به وقطع الحبل ليسقط إلى الأرض، فمنعه النقيب طاهر، والنقيب باكسامة، والنقيب أحمد، وغيرهم ممن قد حلف لبني طاهر، فلذلك كان الشيخ علي بن طاهر يراعي النقباء المذكورين ويحترمهم ويكرمهم، ولم يكن للقحاط عنده منزلة ولا ميزة بالكلية، فلما استقر المجاهد بالحصن .. ضربت بها الطبول ليلا، وصيح فيها بالنصر للمشايخ بني طاهر، فلما سمع بذلك آل كلد .. سقط في أيديهم وأيقنوا بالهلاك، فما أمكنهم إلا لزوم الجور والحوط رجالهم ونساؤهم، وتركوا البيوت خلية ليس فيها ساكن. ولما كان صبيحة تلك الليلة: فتح باب البرود، ودخل منه الشيخ عامر بن طاهر صبيحة

الجمعة هو وباقي العسكر، فاستولى السادة المشايخ علي وعامر ابنا طاهر بن معوضة على البلد، وقبضا حصونها، ونادوا فيها بالأمان لعامة الناس إلا آل كلد، فلهم مهلة ثلاثة أيام، ومن وجد منهم بالبلد بعد الثالث .. فدمه هدر، فتفرق آل كلد شذر مذر، منهم من خرج إلى زيلع، وإلى بربرة، وإلى سائر بر العجم، وخرج غالبهم إلى الشحر، ولزم جماعة ممن تخشى معرتهم، وقيدوهم، كالشهاب (1) الصياحي، والنقيب ابن عثمان وغيرهما، وأخرجا الأمير جياش السنبلي من عدن مطرودا، فخرج هو ومن معه من أهله وكانوا نحو الثلاثين، واستقر بموزع. ولما دخل المشايخ عدن .. لزم المؤيد الجورة، فآمناه ولم يغيرا عليه حالا، بل جعلاه في بيت مجللا محترما، وأجروا عليه الكفاية، واشتريا منه ما معه من الخيل والسلاح وغير ذلك. وأما المسعود .. فإنه لما استقر بهقرة عند الشيخ عبد الله بن أبي السرور كما ذكرناه، وخلت زبيد من المؤيد .. خرج العبيد إلى هقرة، ولازموا المسعود على الدخول معهم إلى زبيد، فاستوثق منهم بالأيمان، ودخلها متوليا لها يوم الاثنين ثاني رمضان، وأقام بزبيد إلى حادي وعشرين شوال، فلما رأى أمر العبيد غير منضبط له .. أرسل للشيخ عبد الله بن أبي السرور صاحب هقرة، فجاءه، وخرج في صحبته على نية السفر إلى تعز، فلما استقر بمدينة حيس .. خلع نفسه، ورجع العبيد إلى زبيد منكسرين، وبلغ المسعود مع الشيخ عبد الله بن أبي السرور إلى هقرة، فأقام بها مدة، ثم خرج من هقرة إلى مكة المشرفة صحبة الشيخ إسماعيل بن أبي السرور كما ذكرنا ذلك في ترجمته (2). وفي شهر القعدة من السنة المذكورة: قبض المشايخ بنو طاهر حصن التعكر باليمن (3). وفيها: وصل إليهما إلى عدن الشيخ يحيى بن عمر الثابتي، صاحب الحديدة، وحلف لهما، ودعا إليهما (4). ***

(1) كذا في (ت)، وفي باقي الأصول: (كالوجيه). (2) «بغية المستفيد» (ص 121). (3) «بغية المستفيد» (ص 122). (4) «بغية المستفيد» (ص 123).

السنة التاسعة والخمسون

السنة التاسعة والخمسون تقدم في السنة التي قبلها أن المشايخ علي وعامر ابني طاهر لما دخلا عدن .. أخرجا الأمير جياش بن سليمان السنبلي من عدن مطرودا، فخرج إلى موزع هو ومن معه من أهله وكانوا نحو ثلاثين، فلما استقر بموزع .. كاتب العبيد ليأذنوا له في دخول زبيد، فرضي بعضهم، وكره البعض، وممن رضي بدخوله يوسف بن الفلفل، وهو طاغيتهم يومئذ، أدخله زبيد على غضب الكارهين، فلما استقر بها .. أظهر لهم النصح، فأمنوه، فكتب إلى الملك المجاهد علي بن طاهر يخبره بانحلال أمر العبيد وضعف شوكتهم، فرد إليه الجواب بأن يسعى في الإفساد بين العبيد وتفريق كلمتهم، فلم يزل يعمل الحيلة حتى حالف عبيد السعد وعبيد الشمسي للملك المجاهد، فلما استوثق منهم بذلك .. راسل الملك المجاهد مع جماعة من كبراء البلد وقضاتها وعلمائها، فلما وصله الكتب .. خرج من عدن ثالث شوال من سنة تسع وخمسين إلى بلده جبن، فجمع الجند إلى تعز، فواجهه القرشيون بتعز وكانوا في غاية الكثرة واجتماع الكلمة، فأكرمهم وأنعم عليهم، ووعدهم بكل جميل، ثم سار من تعز إلى موزع، فدخلها في ذي القعدة، فلما سمع به العبيد .. حاصوا حيصة حمر الوحش ولم ينتظم لهم أمر، فأرسل المجاهد للشيخ يحيى بن عمر الثابتي صاحب الحديدة بمال، وأمره أن يستقر ببيت الفقيه ابن عجيل، ويواعد العرب هنالك، فوصل إليها، واستقر بها في جماعة من أهله، ثم عزم المجاهد من موزع إلى حيس، فدخلها ليلة عيد النحر، فاشتد ضيق العبيد، وبلغت القلوب منهم الحناجر (1). وفي ليلة الحادي عشر من ذي الحجة: خرج جماعة من العبيد المعروفين بعبيد فشال هاربين تسوروا الدروب (2). وفي صبيحة تلك الليلة: جمع الأمير جياش السنبلي عنده أكابر العبيد، وأمر مناديا ينادي في المدينة بأن البلد للملك المجاهد علي بن طاهر، فقال له فرج خيري أحد طغاة العبيد: من أذن لك في هذا النداء؟ وأراد إثارة الفتنة، فأمر الأمير أخويه إسماعيل والصديق أن يقتلاه، فقتلاه، ورميت جثته إلى الشارع من كوة بدار الأمير والعبيد مجتمعون حول البيت من الموافقين والمخالفين، ثم قبض على عبد الله بن زيتون أحد طغاة العبيد

(1) «بغية المستفيد» (ص 122). (2) «بغية المستفيد» (ص 123).

السنة الموفية ستين بعد ثمان مائة

ورأس الفتنة وعلى جماعة منهم ممن يخشى أذيتهم، وحفظهم، فلما علم بذلك بقية العبيد .. تفرقوا، وتسوروا الدروب، وتمزقوا كل ممزق، وكانوا نحو أربع مائة، وقبض من خيلهم نحو خمسة وعشرين فارسا (1)، وكادت الجمعة تفوت ولم يصل إلا القليل من الناس، وخطب بها للظافر عامر بن طاهر، واستجار المؤيد حسين ببيت الشيخ الغزالي. ومن غريب الاتفاق أن الملكين ابني طاهر اتفق دخولهما مدينتي عدن وزبيد والمؤيد في كل واحدة منهما، وذلك دليل تأييدهما، وأن الخطيب خطب خطبة العيد بزبيد يوم الخميس للمؤيد، وخطب خطبة الجمعة ثاني يوم للظافر عامر بن طاهر (2). وفي ليلة السبت: تسور جماعة من العبيد السور، واستجار جماعة منهم بمناصب البلد، وخرج الأمير ركن الدين عبد الرحمن بن محمد بن زياد الكاملي إلى باب الشبارق، وكسر قفل الباب، وخرج فارا إلى المجاهد (3). وفي ضحى يوم السبت ثاني أيام التشريق: دخل الملك المجاهد علي بن طاهر مدينة زبيد من غير قتال ولا حرب وفي صحبته العلامة شمس الدين يوسف بن يونس الجبائي المقرئ والقرشيون، وانقادت له العرب، وذلت له الأقران، ودانت له العباد، وأمنت به البلاد، وانحسمت به مادة الفساد، وكان في القرشيين طغي وبغي، فانتشروا في البلاد لنهب بيوت العبيد، ويقال: إن الشيخ علي بن طاهر كان قد وعدهم بنهبها، فثار أهل زبيد والعرب الذين بها على القرشيين عصر ذلك اليوم، فقتلوا منهم نحو خمسة عشر نفرا، فضاق القرشيون، ورأوا أنهم إن أمسوا بزبيد .. هلكوا، فلجئوا إلى الأمير زين الدين السنبلي، فاستأذن لهم المجاهد في الفسح، ففعل، فخرجوا مع غروب الشمس مطرودين مدحورين وأهل زبيد يتبعونهم ويصيحون عليهم ويرمونهم بالحجارة من فوق الأسطحة، واستقر الناس بعد ذلك (4). *** السنة الموفية ستين بعد ثمان مائة في ربيع الآخر منها: دخل الملك الظافر صلاح الدين عامر بن طاهر مدينة زبيد، فأقام

(1) في «بغية المستفيد» (ص 123): (نحو خمسة عشر فرسا). (2) «بغية المستفيد» (ص 123). (3) «بغية المستفيد» (ص 124). (4) «بغية المستفيد» (ص 124).

بها أياما، ثم طلع هو وأخوه المجاهد علي بن طاهر إلى تعز، ثم دخل المجاهد عدن (1). وفي هذا الشهر: توفي الشيخ الصالح أحمد ابن أفلح. وفي أواخر رجب منها وأوائل شعبان: حصل جراد عظيم، عم جميع الآفاق (2). وفي رمضان منها: وقع بزبيد مطر وفيه برد عظيم، وبقي على وجه الأرض وسطوح البيوت والبراري بعد جفاف المطر زمانا، فسبحان الفعال لما يريد (3)! وفي آخر ذي الحجة منها: توفي شيخ القرشيين الصديق بن محمد بن غراب، فضعفت شوكة القرشيين جدا (4). والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وسلم ***

(1) «بغية المستفيد» (ص 125). (2) «بغية المستفيد» (ص 125). (3) «بغية المستفيد» (ص 125). (4) «بغية المستفيد» (ص 125).

العشرون الرابعة من المائة التاسعة

العشرون الرابعة من المائة التاسعة [الاعلام] 4263 - [حمزة بن محمد النقاش] (1) الفقيه صلاح الدين حمزة بن محمد النقاش، نحوي زبيد في وقته. توفي سادس ذي القعدة سنة إحدى وستين وثمان مائة. 4264 - [محمد بن أحمد أبو حميش] (2) محمد بن أحمد بن عبد الله أبو حميش الإمام العالم العلامة، العابد الزاهد الصالح. أصله من الغيل، ثم انتقل إلى عدن، ولازم الإمام علي بن عمر بن عفيف الهجراني، وقرأ عليه كثيرا من كتب الفقه والحديث والتفسير وغيره حتى صار فيها إماما مبرزا، واستجاز من الشيخ الإمام الجزري وغيره من الأئمة الواردين إلى عدن، وولي قضاء عدن مرتين أو ثلاثا، في كل مرة يلي نحو السنة. وفيه صيانة وديانة وأمانة. وعنه أخذ مشايخنا: شيخنا الوالد عبد الله بن أحمد بامخرمة، وشيخنا العلامة محمد بن أحمد أبو فضل، والفقيه محمد بن محمد الموزعي، والفقيه بامخرم، وغيرهم من الأئمة الأعلام. ولم يزل على قدم الجد والاجتهاد والتشمير في الطاعات إلى أن توفي قبل الفجر ليلة الأحد الثالث والعشرين من شهر رمضان المعظم من سنة إحدى وستين وثمان مائة رحمه الله ونفع به (3). ورثاه بعضهم فقال: [من الطويل] رحلت جمال الدين عنا موليا … ورحت وخليت الأنام هيامى

(1) «بغية المستفيد» (ص 126). (2) «الضوء اللامع» (6/ 328)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 334)، و «بغية المستفيد» (ص 126). (3) في «طبقات صلحاء اليمن» (ص 334): توفي سنة (862 هـ‍).

4265 - [محمد بن طاهر بن معوضة]

وحلّيت في دار القرار وحلّيت … بك الأرض إذ فيها سكنت إماما وضيعت طلابا فهاموا تحيرا … وأضحت علوم الدين منك أيامى سقى الله تربا ضم أعظمك التي … تظل وتمسي سجدا وقياما 4265 - [محمد بن طاهر بن معوضة] (1) الشيخ محمد بن طاهر بن معوضة بن تاج الدين، أخو السلطانين علي وعامر ابني طاهر. قتل بموضع يسمى: رمم (2) في وقعة كانت بين صاحب صنعاء وبين عسكر الشيخ عامر بن طاهر، وقتل فيها جماعة من أهل الجوف، منهم سلطان الجوف علي بن مخارش، وذلك في رمضان سنة أربع وستين وثمان مائة. 4266 - [شمس الدين علي الجرداني] (3) شمس الدين علي بن عيسى الجرداني الفقيه الإمام العالم الصالح. كان محترما، مقبول الكلمة عند الملكين علي وعامر ابنا طاهر، ولهما فيه حسن اعتقاد، وهو حقيق بذلك. ولما بلغ عامر بن طاهر أن أبا دجانة استولى على الشحر وأخرج نوابه منها .. كتب إلى الفقيه شمس الدين المذكور أن يتوجه إلى الشحر، فتجهز، وتوجه إليها، فمرض في الطريق فقال: ردوني، فردوه، فمرض سبعة أيام، وتوفي رحمه الله ببلده في أوائل سنة ست وستين وثمان مائة، وكان من أهل الدين والصلاح رحمه الله.

(1) «روضة الأخبار» (ص 127)، و «بغية المستفيد» (ص 128)، و «اللطائف السنية» (ص 184). (2) كذا في «بغية المستفيد» (ص 128)، وفي «روضة الأخبار» (ص 126): (رضم)، وفي «اللطائف السنية» (ص 184): (رفع). (3) «بغية المستفيد» (ص 129)، و «هجر العلم» (1/ 308).

4267 - [الأمير جياش السنبلي]

4267 - [الأمير جياش السنبلي] (1) الأمير الكبير جياش بن سليمان السنبلي. ولي إمارة عدن مدة للمسعود، ثم أرسله المسعود إلى زبيد أميرا عليها من قبله، فدخلها في سنة تسع وأربعين وثمان مائة، واصطلح هو والمعازبة، ونابذ القرشيين، وغزا المخيريف قرية الأشاعر، فأخربها، وغزا القرشيين، ونزل النخل أيام حلوله ومعه المعازبة والعبيد والعساكر، فحمل عليه القرشيون إلى النخل، فانكسر الأمير جياش، وقتل من أصحابه جماعة، ثم رجع إلى عدن، وكان له مع المشايخ بني طاهر وقائع عظيمة، كسرهم مرارا عند ما يصلون إلى عدن ويحاصرونها فيخرج إليهم بعسكر البلد ويردهم عنها خائبين. ولما استولى المشايخ بنو طاهر على عدن، وذلك في سنة ثمان وخمسين وثمان مائة .. أخرجوه منها مطرودا، فخرج منها هو ومن معه من أهله وكانوا نحو الثلاثين، واستقر بموزع، ولم يزل يكاتب العبيد في دخول زبيد حتى دخلها برضى البعض وكراهة الأكثر منهم، فلما دخلها .. أظهر لهم النصح، فأمنوه، فكاتب للمجاهد بن طاهر يعلمه بانحلال أمر العبيد وضعف شوكتهم، فجوب عليه يحثه على الإفساد بين العبيد وتفريق كلمتهم، فلم يزل يعمل الحيلة في ذلك حتى حالف عبيد السيد وعبيد الشمسي للشيخ علي بن طاهر، فلما استوثق بذلك منهم .. راسل الشيخ علي بن طاهر مع جماعة من كبراء البلد وقضاتها وعلمائها، فلما وصلته الكتب .. خرج الشيخ علي بن طاهر من عدن لأخذ زبيد، فلما استقر بحيس .. هرب جماعة من العبيد المعروفين بعبيد فشال من زبيد، وتسوروا الدروب، فجمع الأمير زين الدين المذكور أكابر العبيد عنده في الدار، وأمر بأن ينادى في المدينة بأن البلد للملك المجاهد علي بن طاهر، فقال له فرج خيري أحد طغاة العبيد: من أذن لك في هذا النداء؟ وأراد فتنة، فأمر الأمير زين الدين أخويه الصديق وإسماعيل فضرباه بالسيف حتى برد، ورميت جثته إلى الشارع والعبيد مجتمعون حول البيت من الموافقين والمخالفين، ثم قبض على عبد الله بن زيتون أحد طغاة العبيد ورأس الفتنة وعلى جماعة من طغاتهم، وحفظهم، فلما علم بذلك العبيد .. تفرقوا، وتسوروا الدروب، وكانوا نحو

(1) «الضوء اللامع» (3/ 86)، و «بغية المستفيد» (ص 118 - 126)، و «اللطائف السنية» (ص 181)، و «هجر العلم» (2/ 631).

4268 - [عبد الله العيدروس]

أربع مائة، وذلك في يوم جمعة، فخطب بها للظافر عامر بن طاهر، واستجار المؤيد ببيت الشيخ الغزالي، ودخل الشيخ علي بن طاهر زبيد يوم السبت آمنا مطمئنا من غير حرب ولا قتال بتقدير العزيز العليم، ثم تدبير الأمير زين الدين المذكور. وبالجملة: فكان للأمير المذكور الاجتهاد التام والقيام الكامل في أخذ زبيد للمشايخ بني طاهر، وكان ناصحا لهم، وصادقا معهم في الحروب وغيرها، ومع ذلك كله لم يكن عندهم محمولا على السلامة، وكان في أنفسهم-فيما بلغني-عليه شيء؛ لما حصل منه عليهم في أيام المسعود. ولما ثارت الحرب بين المشايخ بني طاهر وبين صاحب صنعاء في رجب من سنة ثلاث وستين .. هجم جياش المذكور محطة صاحب صنعاء، وقتل من أصحابه جماعة، وأخذ خيلهم، ولما بلغ المشايخ انتزاع أبي دجانة للشحر من نائبهم .. تجهز الشيخ عامر بن طاهر إلى الشحر طريق البر في عسكر عظيم فيهم الأمير زين الدين المذكور، فافتتحها الأمير زين الدين المذكور بعد أن هرب أبو دجانة منها، وأرسل الأمير ولده علم الدين سليمان بن جياش بشيرا بالفتح، ورجع الأمير المذكور صحبة الشيخ عامر بن طاهر طريق البر إلى عدن، فلما وصل عدن .. بلغه أن صاحب صنعاء أخذ ذمار، فتوجه الظافر إلى ذمار، وصحبه الأمير زين الدين المذكور، فاستعاد ذمار من صاحب صنعاء في رجب من سنة ست وستين وثمان مائة. وفي ذلك الشهر توفي الأمير زين الدين المذكور، ودفن بدمت رحمه الله. وكان فارسا مقداما، شجاعا هماما، ميمون النقيبة، محمود الفعال، باذل النصيحة لمخدومه رحمه الله. واستمر ولده علم الدين سليمان أميرا عوضه. 4268 - [عبد الله العيدروس] (1) الشيخ الكبير، الولي الشهير، الصالح العارف بالله الخبير، عبد الله بن أبي بكر بن

(1) «الجوهر الشفاف» (2/ 145)، و «البرقة المشيقة» (ص 148)، و «الضوء اللامع» (5/ 16)، و «تاريخ شنبل» (ص 190)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 560)، و «المشرع الروي» (2/ 152)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 757).

عبد الرحمن باعلوي الشريف الحسيني الملقب بالعيدروس؛ أي: رئيس الصوفية. كان صاحب كرامات وفضائل شهيرة، وقد صنف الشريف عمر بن عبد الرحمن باعلوي مصنفا في فضائله ومناقبه وكراماته رضي الله عنه، وكذلك الخطيب صاحب «الجوهر الشفاف» له مصنف في فضائله وكراماته ومناقبه. قال السيد الشريف عمر بن عبد الرحمن في كتابه «فتح الله الرحيم الرحمن»: كان رضي الله عنه عالما عاملا، وإماما فاضلا، وقدوة كاملا، وسالكا واصلا، جامعا بين العلم الظاهر والباطن. ثم قال: وكان مدمنا على مطالعة الكتب النافعة، قلّ أن يفتر وقتا عن المطالعة، وقرأ في علم الشريعة الشريف العالي «التنبيه» و «المنهاج» و «خلاصة الغزالي» قراءة محققة مكررة، وكان له اعتماد على هؤلاء الثلاثة المذكورين، السادة المشهورين، وكان له فيهم حبا مبرحا، واعتقادا مصححا، وكان يحب أهل الشريعة ويوقرهم، ويخدم أهل السنة وينصرهم، ويبغض أهل البدع ويحقرهم. قال السيد عمر وغيره: وتفقه في علم الشريعة على الفقيه سعد بن عبد الله بن أبي عبيد، والفقيه عبد الله باهراوة، والفقيه عبد الله باقشير، والفقيه علي بن محمد أبي عمار، وغيرهم من العلماء الأخيار، وفي علم الصوفية كان أكثر إقباله وقراءته في كتب الإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي خصوصا كتاب «إحياء علوم الدين»؛ فإنه يكاد يحفظه نقلا، وله كلام في علم الحقيقة مفيد، ووصايا جامعة نافعة، ومؤلفات. وتخرج به جماعة كصنوه الشيخ علي بن أبي بكر، والشيخ عمر بن عبد الرحمن صاحب الحمراء، والفقيه الصالح عبد الله بن عبد الرحمن با وزير وغيرهم. ولبس الخرقة من جده شيخه الشيخ عبد الرحمن السقاف، ومن أبيه أبي بكر، وعمه الشيخ عمر بن عبد الرحمن وغيرهم. وأخذ الخرقة واليد عنه جماعة كهم وغيرهم كالفقيه العلامة عبد الله با كثير. توفي رحمه الله ونفع به سنة خمس وستين وثمان مائة بقرب الشحر، وحمل إلى بلده تريم، فدفن بها.

4269 - [القائم بأمر الله حمزة]

4269 - [القائم بأمر الله حمزة] (1) أبو البقاء حمزة الملقب: القائم بأمر الله بن المتوكل على الله محمد بن المعتضد أبي بكر بن المستكفي بالله سليمان بن الحاكم أحمد بن الأمير الحسن الراشد العباسي الخليفة بمصر. بويع له يوم مات أخوه المستكفي بالله سليمان في سنة خمس وخمسين وثمان مائة، فأقام في الخلافة أربع سنين، وخلعه الملك الأشرف إينال سنة تسع وخمسين، وأرسله إلى الإسكندرية، فأقام بها إلى أن توفي سنة اثنتين وستين وثمان مائة (2). 4270 - [الملك إينال العلائي] (3) الملك الأشرف أبو النصر إينال العلائي الظاهري الناصري، صاحب مصر والشام والحجاز. بويع له يوم خلع الملك المنصور أبو السعادات عثمان بن الملك الظاهر أبو سعيد جقمق، وذلك يوم الاثنين ثامن ربيع الأول من سنة سبع وخمسين وثمان مائة، واستمر سلطانا إلى أن خلع نفسه من السلطنة وعقدها لولده الملك المؤيد شهاب أبي الفتح أحمد في يوم الأربعاء رابع عشر ليلة خلت من جمادى الأولى سنة خمس وستين وثمان مائة، وتوفي بعد أن فوض الأمر لولده بيوم، ودفن بتربته التي أنشأها بالصحراء في القبة بجوار مدرسته. وكان قليل السماع للكلام في الناس رحمه الله. ثم توفي ولده الملك المؤيد أبو الفتح أحمد، فأقام أربعة أشهر وأربعة أيام، وخلع يوم الأحد تاسع عشر رمضان من السنة المذكورة، وتولى الملك الظاهر أبو سعيد خشقدم الناصري ثم المؤيدي.

(1) «النجوم الزاهرة» (16/ 193)، و «المنهل الصافي» (5/ 183)، و «الدليل الشافي» (1/ 279)، و «الضوء اللامع» (3/ 166)، و «تاريخ الخلفاء» (ص 607)، و «حسن المحاضرة» (2/ 79)، و «تاريخ الخميس» (2/ 385). (2) في «تاريخ الخلفاء» (ص 607) و «حسن المحاضرة» (2/ 80): توفي سنة (863 هـ‍). (3) «النجوم الزاهرة» (16/ 57)، و «الدليل الشافي» (1/ 175)، و «الضوء اللامع» (2/ 328)، و «حسن المحاضرة» (2/ 106)، و «شذرات الذهب» (9/ 449)، و «الأعلام» (2/ 35).

4271 - [أبو اليسر ابن مبارز]

4271 - [أبو اليسر ابن مبارز] (1) أبو اليسر محمد بن إسماعيل مبارز الفقيه العلامة جمال الدين، مفتي زبيد وعالمها، المشار إليه في علم الفرائض. توفي بزبيد ليلة الثامن عشر من صفر سنة ثمان وستين وثمان مائة عن تسع وعشرين سنة. وخلفه في القيام بذلك أخوه العلامة جمال الدين أبو النجا محمد الطيب بن إسماعيل مبارز، وهما خالا الفقيه وجيه الدين عبد الرحمن الديبع. 4272 - [أحمد الجبرتي] (2) الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد الجبرتي، صاحب المداجر. كان صالحا ورعا زاهدا. له خط مليح جدا، قيل: كان يكتب في كل سنة مصحفا بيده، ويرسل به إلى مكة، فيباع ثمّ، وينفق ثمنه على نفسه طول سنته، وكان هذا دأبه. وله كرامات كثيرة: منها: ما أخبرني الشهاب أحمد بن محمد الحراني عن أبيه وكان لأبيه صحبة واعتقاد في الشيخ أحمد الجبرتي المذكور، وكان إذا دخل من الهند .. يطلع غالبا إلى تعز لزيارة الشيخ أحمد الجبرتي، ويهدي له شيئا من تحف الهند، فاتفق أن طلع إلى تعز من سنة ثمان وستين وثمان مائة، فاستصحب معه هدية للشيخ أحمد الجبرتي: شقتين بيرم عال، وقليل عود، وشيء من أطياب الهند على جاري عادته، فاتفق موت الشيخ يوم دخول الجمال الحراني إلى تعز، ومات الشيخ قبل أن يواجهه الحراني، فتقدم إلى أولاد الشيخ للتعزية، وقدم إليهم ما استصحبه معه من الهدية للشيخ، فتعجب الفقراء وأولاد الشيخ من ذلك وقالوا: إن الشيخ أحمد قال لنا في مرة: لا تهتموا من تجهيزي؛ فإن تجهيزي على يد رجل يقدم من جهة البحر، فلما توفي الشيخ ولم يقدم علينا أحد .. صرنا متعجبين من قول الشيخ، ومتحيرين في أمر تجهيزه، فساقه الله على يديك تصديقا لما قاله.

(1) «بغية المستفيد» (ص 131). (2) «الضوء اللامع» (2/ 217)، و «تاريخ شنبل» (ص 191)، و «بغية المستفيد» (ص 133).

4273 - [الظافر عامر بن طاهر]

ومنها: ما أخبرني الشهاب أحمد الحراني أيضا: أن أباه مرض بعدن مرضا شديدا، وطال مرضه، وغشي عليه في بعض الأوقات حتى ظن أهله أنه غشيه الموت، فبكوا عند رأسه، فأفاق وقال لهم: ظننتم أني مت؟ لا تشجنوا؛ أنا ما أموت إلا في رجب؛ لأن الشيخ أحمد الجبرتي قال لي: إن لله عتقاء في شهر رجب، وأرجو أن تموت فيه لتكون من عتقائه، قال: وذلك في جمادى الأولى أو ربيع، ثم هان ما به من شدة المرض، وبقي متألما ألما خفيفا لا يظن أنه يموت منه، واستمر به المرض إلى أن دخل شهر رجب، فدخل عليه عياله وأهله يطرحون عليه بركة الشهر، فقال لهم: استهل الشهر؟ قالوا: نعم، قال: أديروا بسريري القبلة، فقلنا له: إنك في خير وعافية، فقال: أديروا بي القبلة، فلم يعذرهم حتى قلبوا به القبلة، فأخذ في الذكر والاستغفار إلى السحر، وتوفي آخر الليل أول ليلة من شهر رجب. وبالجملة: فكرامات الشيخ أحمد الجبرتي كثيرة، ومناقبه شهيرة. وتوفي رحمه الله ليلة السادس عشر من شوال سنة ثمان وستين وثمان مائة. 4273 - [الظافر عامر بن طاهر] (1) السلطان الملك الظافر عامر بن طاهر بن معوضة بن تاج الدين القرشي الأموي العمري، كذا وجدت نسبته في «تاريخ زبيد» لحافظها الديبع، وكأنه منسوب إلى عمر بن عبد العزيز بن مروان الخليفة (2). كان كثير التردد إلى عدن للتجارة قبل أن يستولي عليها. أخبرني عبد الله بن محمد بافضل الملقب: بامشتير-وكان ثقة-قال: دخلت عدن مرارا من طريق البر في قافلة عامر بن طاهر للتجارة قبل أن يلي. انتهى ثم دخلها متوليا عليها يوم السبت رابع وعشرين رجب من سنة ثمان وخمسين وثمان مائة، وكان قد دخلها أخوه الشيخ علي بن طاهر، وكانت الخطبة والسكة باسمه في كل بلد افتتحها هو وأخوه مع أنه أصغر سنا من أخيه، وذلك برضى من أخيه الشيخ علي بن طاهر

(1) «روضة الأخبار» (ص 231)، و «الضوء اللامع» (4/ 16)، و «بغية المستفيد» (ص 121)، و «الأعلام» (3/ 252). (2) انظر «بغية المستفيد» (ص 121).

4274 - [عثمان المحالبي]

إلى سنة أربع وستين، ثم استمرت الخطبة والسكة في جميع المملكة اليمنية باسم الشيخ علي بن طاهر، وذلك برضى من أخيه الشيخ عامر بن طاهر وإشارة له بذلك. وقتل تحت صنعاء في سنة سبعين وثمان مائة. 4274 - [عثمان المحالبي] (1) عثمان بن إسماعيل المحالبي. باشر في الثغر في الدولة الظاهرية. وتوفي سابع عشر صفر من سنة إحدى وسبعين وثمان مائة. 4275 - [علي الشرعبي] (2) علي بن محمد الشرعبي شمس الدين، الإمام العلامة المقرئ. توفي بمدينة تعز سنة إحدى وسبعين وثمان مائة، ولم يخلف بعده مثله في علمه. 4276 - [أبو بكر ابن خطاب] (3) أبو بكر بن عبد الله بن خطاب الفقيه رضي الدين، إمام مسجد الأشاعر بزبيد. توفي بها ليلة الأربعاء الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة إحدى وسبعين وثمان مائة. 4277 - [جمال الدين أبو شكيل] (4) القاضي جمال الدين محمد بن مسعود بن سعد بن أحمد أبو شكيل الأنصاري الخزرجي، يرجع نسبه إلى سعد بن عبادة الصحابي رضي الله عنه.

(1) «بغية المستفيد» (ص 135). (2) «الضوء اللامع» (6/ 3)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 241)، و «بغية المستفيد» (ص 135). (3) «بغية المستفيد» (ص 136). (4) «طبقات صلحاء اليمن» (ص 336)، و «الضوء اللامع» (10/ 50)، و «تاريخ شنبل» (ص 193)، و «بغية المستفيد» (ص 136)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 170).

ولد المذكور بغيل أبي وزير سنة أربع وثمان مائة فيما أظن، ويوم ولادته عزل والده القاضي مسعود عن قضاء الشحر، فكان يتيمن به. ونقل القرآن ببلده، واشتغل ببلده على والده، ثم ارتحل إلى عدن للأخذ عن القاضي محمد بن سعيد كبّن، فقرأ عليه ولازمه وانقطع إليه، قرأ عليه «التنبيه» و «المنهاج» و «الحاوي» وحصّل الجميع بخطه، وحشى النّسخ المذكور من شروح الكتب المذكورة، وقرأ عليه غيرها من كتب الفقه والحديث والتفسير كثيرا، ولازم القاضي ابن كبن إلى أن مات، ولبس الخرقة الشاذلية. وكان لديه شيء من حطام الدنيا يتسبب فيه بالتجارة والتسفير، ويستعف به عن الحاجة إلى الناس، ولما بنيت المدرسة الظاهرية بعدن .. رتب فيها معيدا. ولما توفي شيخه، وولي القضاء ابنه عبد العزيز بن القاضي محمد بن سعيد كبّن، وكان قاصر اليد في الفقه .. فكان القاضي محمد بن مسعود قائما بحجته، ومراعيا له، وربما جلس قريبا منه في مجلس الحكم لينبهه على ما غمض من المسائل، كل ذلك رعاية لحق والده، ولما صودر القاضي عبد العزيز المذكور، وباع كتبه وأثاث بيته في المصادرة .. اشترى منه القاضي أبو شكيل المذكور كثيرا من كتب شيخه ومن أثاث البيت، واشترى منه داره التي كان يسكنها شيخه. وولي القضاء بعدن في الدولة المسعودية في شهر رمضان في سنة سبع وأربعين، ثم عزل في ذي القعدة من سنة إحدى وخمسين، ثم أعيد إلى القضاء في شهر رمضان من سنة اثنتين وخمسين وثمان مائة في الدولة المسعودية أيضا، واستمر فيه إلى سنة إحدى وستين وثمان مائة، ثم صرف عنه في الدولة الظاهرية في سنة إحدى وستين وثمان مائة. وصنف على «المنهاج» شرحا مفيدا جمع فيه بين كلام الإسنوي والسبكي والأذرعي وابن النحوي في شروحهم، وسلك فيه أسلوبا غريبا لم يعهد مثله في الشروح، بلغ فيه إلى خيار النكاح ومات عنه مسودة، فبيضه حفيده عمر بن عبد الرحمن أبو شكيل، سمعت الوالد رحمه الله يقول: إنه شرح جيد لم يوضع مثله على «المنهاج»، لو تم .. لأغنى عن كل شرح، وكان تصنيفه له في حياة شيخه. يحكى أنه رأى في المنام كأن الشيخين الرافعي والنووي يعطيانه ورقا وأقلاما، فقص الرؤيا على شيخه ابن كبن، فقال له القاضي ابن كبّن: الشيخان يلتمسان منك شرحا على

4278 - [جمال الدين الصامت]

«المنهاج» فشرع فيه، وبلغني أنه حين ولي القضاء .. لم يتفرغ للعمل فيه. توفي يوم السبت رابع شهر شوال من سنة إحدى وسبعين وثمان مائة. ووقع في «تاريخ الديبع» أنه توفي منتصف شوال سنة اثنين وسبعين (1)، والمعروف ما قدمناه، والله سبحانه أعلم. 4278 - [جمال الدين الصامت] (2) الفقيه الصالح جمال الدين محمد الصامت بن أحمد الناشري، وأظنه أخا الطيب بن أحمد الناشري مصنف «الإيضاح». توفي يوم الخميس تاسع عشر شوال (3) من سنة ثلاث وسبعين وثمان مائة بزبيد فيما أظن رحمه الله ونفع به، آمين. 4279 - [وجيه الدين الشويهر] (4) الفقيه الصالح وجيه الدين عبد الرحمن بن أبي بكر الشويهر الحنفي الأديب الشاعر. كان إماما في العربية. أخذ عنه شيخنا الفقيه علي بن زيد الشرعبي النحو، وله شعر جيد مشهور. توفي بزبيد يوم الثلاثاء ثاني المحرم من سنة أربع وسبعين وثمان مائة. 4280 - [أبو العباس الهتار] (5) الشيخ الصالح أبو العباس بن الغزالي بن طلحة الهتار. توفي بزبيد ثالث شعبان من سنة أربع وسبعين وثمان مائة.

(1) انظر «بغية المستفيد» (ص 136). (2) «طبقات الخواص» (ص 93) في ترجمة والده استطرادا، و «بغية المستفيد» (ص 137). (3) في «بغية المستفيد» (ص 137): (التاسع والعشرين). (4) «الضوء اللامع» (4/ 72)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 316)، و «بغية المستفيد» (ص 137). (5) «بغية المستفيد» (ص 137).

4281 - [جمال الدين الناشري]

4281 - [جمال الدين الناشري] (1) القاضي جمال الدين محمد بن أبي الفضل الناشري، قاضي الشريعة بزبيد. توفي ليلة الاثنين الخامس والعشرين (2) من شعبان سنة أربع وسبعين وثمان مائة، واستمر في وظيفته أخوه القاضي موفق الدين علي الناشري في التاريخ المذكور. 4282 - [محمد الطيب الناشري] (3) القاضي جمال الدين محمد الطيب بن أحمد بن أبي بكر الناشري، قاضي القضاة، وشيخ الإسلام. ولد في ذي القعدة سنة إحدى وثمانين وسبع مائة. وأخذ عن والده وغيره، وولي القضاء الأكبر بقطر اليمن. ومن مصنفاته: «الإيضاح» نكت على «الحاوي الصغير» في ثلاثة مجلدات كبار، جمع فيه فأوعى. وتوفي بزبيد يوم الخميس رابع شوال من سنة أربع وسبعين وثمان مائة، وكان الشيخ علي بن طاهر إذ ذاك بنخل المدبّي ومعه ابن سفيان، فحضر القراءة عليه، وعزى المجاهد لأهله، واستقام معهم ابن سفيان في العزاء. وولي بعده قضاء الأقضية ولده عبد الله. 4283 - [الشريف علي بن سفيان] (4) الشريف علي بن سفيان، كذا كان مشهورا بالشرف، وكذلك ذريته وقرابته إلى الآن يعرفون بالأشراف، ويذكرون أن نسبهم يعود إلى سفيان بن عبد الله الأبيني صاحب الحوطة

(1) «بغية المستفيد» (ص 137). (2) في «بغية المستفيد» (ص 137): (الثالث والعشرين). (3) «الضوء اللامع» (6/ 298)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 317)، و «بغية المستفيد» (ص 138)، و «المدارس الإسلامية» (ص 304). (4) «الضوء اللامع» (5/ 225)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 180)، و «بغية المستفيد» (ص 138)، و «المدارس الإسلامية» (ص 336).

4284 - [إسماعيل بن أبي بكر الجبرتي]

المشهورة بلحج، ولم أر أحدا من المؤرخين ذكره بالشرف، والله سبحانه أعلم بحقيقة الأمر. صحب المذكور الشيخ علي بن طاهر قبل ولايته صحبة أكيدة، وحج معه قبل الولاية، فلما بلغا جازان أو حلى-الشك مني-قصرت بالشيخ علي بن طاهر النفقة، واحتاج، ولم يعرف أحدا يقترض منه، فاقترض له ابن سفيان من بعض التجار السفارة للجمال محمد بن قاسم حمام ما يحتاج إليه. ولابن سفيان في قيام الدولة الطاهرية قيام حسن، دخل عدن مرارا قبل استيلائهم عليها في أيام المسعود، تارة يدخلها ظاهرا متسترا بالتجارة، وتارة مختفيا، وفي كل ذلك يدخل بمال، ويفسد به عسكر البلد، ففطن به في بعض الدخلات، فخاف أن يلزموه ويؤذوه، فاستجار بزاوية الشيخ الصالح عبد الله بن عبد اللطيف العراقي حتى خرج من البلد سالما. [ ........ ] (1) 4284 - [إسماعيل بن أبي بكر الجبرتي] (2) الشيخ شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر الجبرتي الصوفي. كان في نفس الشيخ علي بن طاهر منه شيء بسبب ما جرت به عادة صوفية الوقت من حماية من لاذ بهم من المفسدين من قطاع الطريق وغيرهم؛ يمنعونهم حتى من الحقوق المتوجهة عليهم شرعا، وطلبه إلى الدار بزبيد مرارا ليهتك حرمته وينال منه غرضه، فيحميه الله منه، ويخرج سالما مجملا، وكان قاضي القضاة الطيب الناشري يعذل الشيخ علي بن طاهر عن التعرض له، ولا يصغي إلى عذله، ويتكلم عليه، ويسفه عليه بعض غلمان الدولة بمجلس السلطان، فأمر بعض فقرائه أن يضرب المتكلم، فخلع الفقير نعله، وضربه ضربات بحضرة الشيخ علي بن طاهر، وخرج الشيخ والفقير سالمين لم يتعرض لهما. وفي سنة خمس وستين: قبض الشيخ علي بن طاهر جميع ما تحت الشيخ إسماعيل المذكور؛ من الأوقاف والأملاك السلطانية بسبب مكيدة كيد بها الشيخ إسماعيل بأنه يكاتب

(1) بياض في الأصول. (2) «الضوء اللامع» (2/ 292)، و «طبقات الخواص» (ص 107)، و «بغية المستفيد» (ص 129، 139).

4285 - [علي بن أبي بكر الحسيني]

صاحب جازان ويطمعه في البلد، فعاتبه الملك المجاهد على ذلك، فأنكر ذلك، وحلف وهو صادق، وإنما وشى به بعض أعدائه، فلما تحقق المجاهد براءته بعد مدة .. عطف عليه، ورد عليه بعض ما أخذ منه. ولم يزل وافر الحرمة، نافذ الكلمة، مقبول الشفاعة عند السلطان فمن دونه إلى أن توفي ليلة الخميس سابع عشر ربيع الأول من سنة خمس وسبعين وثمان مائة. وبعده بنحو شهر توفي أخوه الشيخ عبد الرزاق، وذلك في ليلة الأربعاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة. 4285 - [علي بن أبي بكر الحسيني] (1) الشيخ الكبير الشهير، العارف بالله تعالى علي بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد الشريف الحسيني رحمه الله تعالى ونفع به. كان من العلماء الراسخين، والأئمة العارفين. تربى بعمه الشيخ الكبير سراج الدين عمر بن الشيخ عبد الرحمن، ثم بأخيه الشيخ عبد الله بن أبي بكر، وأخذ العلم عن جماعة ممن أخذ عنهم أخوه حتى برع في العلم، ثم أمره أخوه الشيخ عبد الله بملازمة كتاب «إحياء علوم الدين» فقرأه على أخيه مدة حياته خمسا وعشرين مرة، وكان الشيخ عبد الله يصنع عند كل ختمة ضيافة عامة للفقراء وطلبة العلم الشريف، ثم إن الشيخ عليا ألزم ولده الشريف الشيخ عبد الرحمن بن علي قراءته عليه مدة حياته، فختمه أيضا عليه خمسا وعشرين مرة، فمجموع ذلك قراءة وإقراء خمسون مرة. وكان رحمه الله جامعا بين الشريعة والحقيقة. وله رحمه الله مؤلفات نافعة جامعة، ونظم رائق، ومن أجل مؤلفاته: كتاب «معارج الهداية» جمع فيه زبدة السلوك مع صغر حجمه، وله وصايا نافعة، وكلامه رضي الله عنه نظما ونثرا أشبه شيء بكلام الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي رضي الله عنهم أجمعين. وأكبر أولاد سيدي الشيخ علي بن أبي بكر سنا وقدرا السيد الشريف الشيخ المربي العارف

(1) «تاريخ شنبل» (ص 207)، و «مواهب القدوس» (ص 30)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 586)، و «المشرع الروي» (2/ 215)، و «الروض الأغن» (2/ 108)، و «مصادر الفكر الإسلامي» (ص 334)، و «الترياق الشافي» (ص 300).

4286 - [السلطان محمد بن بدلاي]

بالله تعالى عمر بن علي، توفي رحمه الله بالوهط، قرية بين عدن ولحج في سنة تسع وتسعين وثمان مائة. وتوفي الشيخ علي رضي الله عنه بتريم حضرموت، ودفن بها يوم الأحد ثاني عشر من شهر المحرم سنة خمس وسبعين وثمان مائة وعمره نحو سبع وسبعين رضي الله عنه ونفع به وبسلفه، كذا تاريخ وفاته في «الترياق» للسيد الشريف عمر باشيبان (1)، وفي «مواهب القدوس» أنه توفي سنة خمس وتسعين وثمان مائة (2). 4286 - [السلطان محمد بن بدلاي] السلطان المجاهد محمد بن بدلاي بن سعد الدين. تولى بعد قتل أبيه لست وعشرين خلون من رمضان سنة تسع وأربعين وثمان مائة. وله في مجاهدة كفار الحبشة وقائع مشهورة، هزم جمعهم مرارا، ثم نزل متوليا على بر سعد الدين إلى أن توفي ليلة الأربعاء الثاني من شهر رجب من سنة خمس وسبعين وثمان مائة، فمدة ولايته ست وعشرون سنة. ثم تولى بعده ابنه إبراهيم عقب موت والده، وتوفي يوم الاثنين الثاني من شهر الحجة سنة ست وسبعين وثمان مائة، فمدة ولايته سنة وخمسة أشهر، ثم ولي بعده أخوه السلطان شمس الدين بن محمد بن بدلاي، وستأتي ترجمته في العشرين بعد هذه إن شاء الله تعالى (3). 4287 - [الملك أبو سعيد خشقدم] (4) الملك الظاهر أبو سعيد خشقدم الناصري ثم المؤيدي، صاحب مصر والشام.

(1) انظر «الترياق الشافي» (ص 309). (2) في النسخة التي بين أيدينا من «مواهب القدوس» (ص 30): توفي سنة (894 هـ‍)، وفي باقي المصادر: توفي سنة (895 هـ‍). (3) لم نجد ترجمته في تلك العشرين. (4) «النجوم الزاهرة» (16/ 253)، و «البدر الطالع» (ص 253)، و «شذرات الذهب» (9/ 467)، و «الأعلام» (2/ 305).

4288 - [أبو بكر الزيلعي]

ولي يوم خلع المؤيد أبو الفتح أحمد، وذلك تاسع عشر رمضان سنة خمس وستين وثمان مائة. وتوفي يوم السبت عاشر ربيع الأول من سنة اثنتين وسبعين وثمان مائة، ودفن بتربته التي أنشأها تجاه قبة القصر بالصحراء رحمه الله. وهو السلطان الأول من الأروام بالديار المصرية إن لم يكن المعز أيبك التركماني ولاجين من الأروام. ثم تولى الملك الظاهر أبو نصر بلباي (1) العلائي المؤيدي يوم وفاة الظاهر خشقدم، فأقام سبعة وخمسين يوما، ثم خلع يوم السبت سابع جمادى الأولى، وجهز إلى الإسكندرية، وأقام بها إلى أن مات. ثم تولى الملك أبو سعيد تمربغا الظاهري يوم خلع بلباي، فأقام نحو شهرين أيضا، وخلع يوم الاثنين سادس رجب من سنة اثنتين وسبعين وثمان مائة، وجهز مكرما على أحسن حال إلى ثغر دمياط، وخرج منها لأمر، فلم يبلغه، فأعيد إلى الإسكندرية، فسكن بها في أي مكارسا، فأقام بها إلى أن توفي. ويوم خلع الظاهر تمربغا تولى السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي المحمودي، وستأتي ترجمته في أوائل المائة العاشرة إن شاء الله تعالى (2). 4288 - [أبو بكر الزيلعي] (3) الفقيه الأديب أبو بكر بن أحمد العقيلي الزيلعي. توفي بزبيد ليلة الأحد تاسع وعشرين جمادى الأولى من سنة سبع وسبعين وثمان مائة. 4289 - [عبد الرحمن بن الطيب] (4) الفقيه عبد الرحمن بن الطيب بن عباس. توفي بزبيد ليلة الخميس حادي عشر جمادى الآخرة من سنة سبع وسبعين وثمان مائة.

(1) في «النجوم الزاهرة» (16/ 356): (يلباي). (2) انظر (6/ 525). (3) «بغية المستفيد» (ص 142). (4) «بغية المستفيد» (ص 142).

4290 - [محمد بن أبي بكر الجبرتي]

4290 - [محمد بن أبي بكر الجبرتي] (1) الشيخ محمد بن أبي بكر الجبرتي الصوفي. توفي بزبيد ظنا ليلة الخميس التاسع والعشرين من شعبان (2) سنة سبع وسبعين وثمان مائة. 4291 - [إسماعيل بن محمد الجبرتي] (3) الشيخ الصالح إسماعيل بن محمد بن إبراهيم الجبرتي. توفي بمكة المشرفة في تاسع شوال بعد أن تحلل من إحرامه، ودفن بالمعلاة بمقابر بني الزمزمي. 4292 - [أحمد بن الطيب الناشري] (4) الفقيه العلامة شهاب الدين أحمد بن شيخ الإسلام الطيب بن أحمد الناشري، أحد فقهاء زبيد، ومفتيها. توفي حادي وعشرين جمادى الأولى من سنة ثمان وسبعين وثمان مائة. 4293 - [أحمد بن موسى المشرع] (5) الشيخ شهاب الدين أحمد بن موسى المشرع. توفي في سلخ القعدة من سنة ثمان وسبعين وثمان مائة ببيت الفقيه ابن عجيل، ودفن في قبر الفقيه أحمد بن موسى عجيل قبل وفاة أبيه بأربعين يوما.

(1) «بغية المستفيد» (ص 142). (2) في «بغية المستفيد» (ص 142): (الثاني والعشرون). (3) «بغية المستفيد» (ص 142). (4) «الضوء اللامع» (1/ 320)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 319)، و «بغية المستفيد» (ص 143)، و «هجر العلم» (4/ 2181). (5) «الضوء اللامع» (2/ 228)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 316)، و «بغية المستفيد» (ص 143)، و «هجر العلم» (1/ 229).

4294 - [موسى بن أحمد المشرع]

4294 - [موسى بن أحمد المشرع] (1) الفقيه الأجل كمال الدين موسى بن أحمد المشرع عجيل. توفي يوم الجمعة حادي عشر المحرم من سنة تسع وسبعين وثمان مائة بزبيد بعد وفاة ابنه أحمد بأربعين يوما، ودفن بمقبرة باب سهام قريبا من مشهد الشيخ إسماعيل الجبرتي. 4295 - [جهة شكر] (2) جهة شكر بنت الملك الأشرف إسماعيل بن العباس. توفيت سابع صفر من سنة تسع وسبعين وثمان مائة بزبيد، ودفنت بالتربة الفرحانية. 4296 - [عمر البزاز] (3) السيد الشريف تقي الدين عمر بن أحمد البزاز الزبيدي. كان رحمه الله ذا سمت حسن، وسيرة مليحة، وكرم زائد مع ما هو فيه من الفقر. توفي بزبيد في شهر رجب من سنة ثمانين وثمان مائة، ودفن في مشهد الشيخ الصالح أحمد الصياد، وكان له مشهد عظيم رحمه الله. 4297 - [علي بن إبراهيم الزيلعي] (4) الفقيه العلامة شمس الدين علي بن إبراهيم الزيلعي، أحد المفتين بزبيد. عمي في آخر عمره. وتوفي في منتصف رمضان من سنة ثمانين وثمان مائة.

(1) «طبقات صلحاء اليمن» (ص 315)، و «بغية المستفيد» (ص 144)، و «هجر العلم» (1/ 230). (2) «بغية المستفيد» (ص 144). (3) «بغية المستفيد» (ص 146). (4) «الضوء اللامع» (5/ 160)، و «بغية المستفيد» (ص 146).

4298 - [سعد بن علي الناشري]

4298 - [سعد بن علي الناشري] (1) الفقيه الصالح سعد بن علي الناشري، نائب الأحكام الشرعية بزبيد عن ابن أخيه محمد بن أبي الفضل بن علي الناشري. توفي بزبيد في ثامن وعشرين القعدة من سنة ثمانين وثمان مائة. وصلّى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم ***

(1) «بغية المستفيد» (ص 147)، و «هجر العلم» (4/ 2181).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والستون بعد الثمان مائة في خامس المحرم منها: قدم المجاهد علي بن طاهر إلى زبيد، وطلب المفسدين من القرشيين، فاستجاروا عند الشيخ إسماعيل الجبرتي، فقبض خيلهم، ثم ردها لهم (1). وفي الشهر المذكور: أخذ ابن لبين-كتصغير لبن-حصن تعز، فوصل إليه العسكر المجاهدي، فأسروه، وقتلوا من أصحابه نحو الخمسين، واستعادوا الحصن منه (2). وفي أواخر ربيع الآخر من السنة المذكورة: تجهز صاحب الشحر أبو دجانة محمد بن سعد بن فارس الكندي من الشحر ليأخذ مدينة عدن، وذلك أن يافع الذين خرجوا من كلد وغيرهم حسّنوا له ذلك، ورغبوه في أخذها، وزعموا أنهم يعرفون مواضع يدخل منها إلى البلد من غير الأبواب، منها الموضع الذي فيه الحصن المعروف بالقفل، ولم يكن إذ ذاك به حصن، وإنما بني بعد ذلك، وسمي بالقفل؛ لأنه كالقفل على المدينة، فتجهز في تسعة مراكب ومعه جماعة من يافع ومهرة وغيرهم، وحيّر السنابيق عن الوصول إلى عدن؛ لئلا يردوا العلم بتجهيزه، فخرج سنبوق من الشحر خفية في الليل، ووصل إلى عدن، وأخبر بالتجهيز، ولم يكن في البلد إذ ذاك أحد من السلاطين، ولا بها عسكر، وإنما كان فيها الشريف علي بن سفيان أميرا، وأخبر الواصلون في السنبوق أن غرض أبي دجانة وأصحابه الدخول إلى البلد من الموضع الذي منه حصن القفل الآن، فجعل فيه ابن سفيان رتبة من البرابر والجيوش؛ لعدم العسكر في البلد، وبلغني أنهم أرادوا أن ينصبوا المدافع في الدرب ليرموا إلى جهة التجهيز إذا وصل، فلم يجدوا في البلد إلا أربعة أو خمسة مكاحل صغار، وذلك لضعف البلد، وكتب ابن سفيان إلى المشايخ يعلمهم بما بلغه من الخبر، ويستحثهم في الوصول أو المدد بالعساكر، ووصل أبو دجانة في تسعة مراكب إلى فوق البندر، ورام دخول البندر، فلم يقدر، وأصاب المراكب ريح عظيمة انكسر من مراكبه مركبان، ثم قدم الملك الظافر عامر بن طاهر إلى عدن قبل المغرب من يوم الاثنين الرابع والعشرين من الشهر المذكور بعساكر ضليعة، ففرح الناس بوصوله، وقوي الريح في تلك الليلة قوة عظيمة،

(1) «بغية المستفيد» (ص 125). (2) «بغية المستفيد» (ص 126).

وانقطع رجاء صاحب الشحر من البلد، فأصبح يوم الاثنين متوجها نحو بلده هاربا، فانفتح المركب الذي هو فيه، ونبذه إلى ساحل المكسر، فخرج الظافر بعساكره من باب البر، وخرج معه نقباء يافع آل أحمد، فأسر أبو دجانة وابن أخيه، وبادر نقباء يافع آل أحمد إلى قتل مبارك الثابتي، وهو الذي كان سببا في تجهيز أبي دجانة، وبادروا أيضا إلى قتل ابن عمه حسب أن خرجا من البحر؛ خشية أن يؤسرا، فيكيداهم بالصحيح والسقيم، ولام الملك الظافر نقباء يافع على قتل الثابتي، وكان غرضه أسره، وأسر جماعة من عسكر أبي دجانة من يافع وغيرهم، وأركب أبو دجانة على جمل ليراه الناس، وأدخل به وبالأسرى إلى عدن، وكان يوما مشهودا. ويحكى أنه قيل للشيخ عامر بن طاهر وأبو دجانة في الميدان والخيل تلعب فيه: إنه محسوب لأبي دجانة أن يشرف من دار السعادة، فأمر باطلاعه إليه مقيدا، وأمر بأن يشرف من الروشن على الذين يلعبون في الميدان. ولم يزل أبو دجانة محبوسا مقيدا إلى أن وصلت والدته بنت معاشر من الشحر، وكانت امرأة كاملة، ذات حزم وعزم، يقال: إنها نهته عن التجهيز إلى عدن، وعذلته عن ذلك، فلم يصغ إلى كلامها ليقضي الله أمرا كان مفعولا، وهي التي ضبطت الشحر في غيبة ولدها، فلما وصلت إلى عدن .. سعت في فكاك ابنها، ويسلم لهم الشحر، فأطلق أبو دجانة من القيد والحبس، وجعل هو ووالدته في بيت تحت الحفظ إلى أن قبض نائبهم الشحر .. فأطلقوه هو ووالدته، فسارا إلى بلدهم حيريج، وتوفي أبو دجانة عقب وصوله إلى بلده. ويقال: إنه لم يخرج من عدن إلا مسموما، والله أعلم بحقيقة الأمر. ولما وصل أبو دجانة إلى فوق البندر .. خاف أهل البلد من دخوله ونهبه للبلد؛ لأن غالب عسكره أوباش مجمّع، فرأى بعضهم في النوم كأن باب الساحل مفتوحا، وأن الشيخ محمد برسة الجبرتي مادا ذراعيه بين البابين، وطالت ذراعه حتى بلغت من الباب إلى الباب كالمانع للناس من الدخول، فأصبح يخبر الناس بذلك، ويبشرهم بالأمان (1). وفي ذي الحجة منها: استولى عباس الحبيشي على مخلافه، فنزل إليه المجاهد من بلده، واستقر بجبلة في الشهر المذكور (2).

(1) «تاريخ شنبل» (188)، و «بغية المستفيد» (ص 126)، و «اللطائف السنية» (183)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 147)، و «جواهر تاريخ الأحقاف» (2/ 168)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 581). (2) «بغية المستفيد» (ص 126)، وتتمة القصة ستأتي في حوادث سنة (862 هـ‍).

السنة الثانية والستون

وفي رمضان منها: توفي القاضي جمال الدين محمد بن أحمد أبي حميش بعدن. وفي القعدة الحرام: توفي الفقيه صلاح الدين حمزة بن محمد النقاش النحوي بزبيد. *** السنة الثانية والستون في المحرم أو صفر منها: نزل الإمام صاحب صنعاء من بلده قاصدا بلد بني طاهر، فتلقاه الملك الظافر عامر بن طاهر، واصطلحا، ورجع صاحب صنعاء إلى بلده (1). وتقدم في سنة إحدى وستين (2): أن الملك المجاهد علي بن طاهر لما بلغه استيلاء عباس الحبيشي على مخلافه .. نزل إليه من بلده، واستقر بجبلة، ولم يزل المجاهد بجبلة إلى ربيع الأول من هذه السنة، وقتل من أصحاب الحبيشي جموعا لا تنحصر، ثم ارتفع. وفي ذي القعدة منها: أخذ السلطان عبد الوهاب بن داود بن طاهر جملة من حصون الحبيشي (3). وفي هذه السنة: منع المجاهد علي بن طاهر القرشيين، ولم يعطهم من مال النخل شيئا، بل قيد منهم جماعة، وطلع بهم إلى المقرانة (4). وفيها: توفي الخليفة أبو البقاء حمزة الملقب بالقائم بأمر الله بمصر. *** السنة الثالثة والستون في رجب أو شعبان منها: ثارت الحرب بين صاحب صنعاء وبين آل طاهر، وهجم الأمير زين الدين جياش السنبلي محطة صنعاء، وقتل من أصحابه جماعة، وأخذ خيلهم (5). ***

(1) «بغية المستفيد» (ص 127)، و «اللطائف السنية» (ص 183). (2) انظر (6/ 451). (3) «بغية المستفيد» (ص 127)، و «اللطائف السنية» (ص 183). (4) «بغية المستفيد» (ص 127). (5) «بغية المستفيد» (ص 127).

السنة الرابعة والستون

السنة الرابعة والستون فيها: استقرت الخطبة، وضربت السكة باسم المجاهد علي بن طاهر؛ إذ هو الأكبر بعد أن كان ذلك باسم أخيه الملك الظافر عامر بن طاهر، وذلك برضى أخيه الظافر وإيثاره له (1). وفي جمادى الأولى منها: وقع حريق عظيم بزبيد، ابتداؤه من باب القرتب، وانتهاؤه إلى قبلي باب الشبارق، وكان بعض أهل الحريق قد جعل أمتعته في بئر خرابة هناك، فدخلتها النار، وأحرقت ما فيها، ولم يشعر بذلك أحد، فلما كان الغد من يوم أربع (2) .. استأجر رجلين ليخرجا له ما في البئر، فنزلا على ظن أن النار لم تدخلها، فاحترقا وهلكا، ولا حول ولا قوة إلا بالله (3). وفي رمضان منها: التقت عساكر الظافر وصاحب صنعاء بموضع يسمى: رمم، وقتل من أصحاب الجوف جماعة، منهم سلطان الجوف علي بن مخارش، قتله الشيخ عبد الوهاب بن داود، وقتل الشيخ محمد بن طاهر بن معوضة بن تاج الدين، وأسر في هذه الوقعة الفقيه عبد الصمد الخلي، ومكث في الأسر عندهم سنتين، ثم خلصه الله ببركة سلفه (4). *** السنة الخامسة والستون في أول شهر رجب منها: استولى الملك المجاهد علي بن طاهر على ذمار (5). وفي رمضان منها: كانت الحرقة بزبيد، احترق قريب نصف المدينة، وجاءت بعد الحريق ريح عاصف، فأشفق الناس منها أن تعم المدينة، فأرسل الله المطر، فأطفأها بقدرته (6).

(1) «بغية المستفيد» (ص 127)، و «اللطائف السنية» (ص 184). (2) في «بغية المستفيد» (ص 128): (فلما كان في غد يوم الحريق .. استأجر ... ). (3) «بغية المستفيد» (ص 128). (4) «بغية المستفيد» (ص 128)، و «اللطائف السنية» (ص 184). (5) «بغية المستفيد» (ص 128)، و «اللطائف السنية» (ص 184). (6) «بغية المستفيد» (ص 128).

السنة السادسة والستون

وفيه أيضا: قدم المجاهد علي بن طاهر إلى زبيد، وخرج منها إلى نخل المعازبة، وعيد هنالك عيد الفطر، وغزا عبيد اللواء ثالث شوال، فهزمهم وبدد شملهم، وأباد منهم أمما، وتسلم حصن قمرة من حصون اللواء، فانحسمت مادة الشر (1). وفيه: قبض المجاهد ما تحت يد الشيخ إسماعيل بن أبي بكر الجبرتي من الأوقاف والأملاك السلطانية بسبب مكيدة كيد بها الشيخ إسماعيل عند المجاهد بأنه كاتب صاحب جازان وأطمعه في البلد، وعاتبه المجاهد على ذلك، فأنكر، وحلف وهو صادق، وإنما وشى به بعض أعدائه، فلما تحقق المجاهد براءته بعد مدة .. عطف عليه، ورد إليه بعض ما أخذ منه (2). وفيها: توفي الفقيه أبو القاسم الحوالي وكان مشدّا بزبيد. وفيها: توفي الشريف الولي الكبير عبد الله العيدروس بن أبي بكر بن عبد الرحمن باعلوي، والسلطان الملك الأشرف أبو النصر إينال بمصر. *** السنة السادسة والستون فيها: عدّ نخل المدبّي، فكان الخراجي منه مائة ألف وألف عود، والمعفى لبني عجيل خاصة خمسة عشر ألف عود، ولسائر الصوفية أربعة آلاف عود (3). وفيها: توفي الفقيه الصالح شمس الدين علي بن عيسى الجرداني ببلده. وكان أبو دجانة أخذ الشحر من نواب بني طاهر، واستولى عليها، فتجهز الظافر بنفسه إلى الشحر طريق البر في عساكر عظيمة بحيث بلغ كراء الجمال التي تحمل الأثقال إلى الشحر اثني عشر ألف دينار، فلما بلغ أبو دجانة بأن الظافر قريب من الشحر .. خرج منها خائفا على نفسه ليلة الجمعة سابع عشر صفر، فافتتحها الأمير جياش السنبلي، وأرسل ولده علم الدين بشيرا بالفتح، ثم دخلها الشيخ عبد الملك بن داود بعده، ونهب البلد نهبا ذريعا، ثم دخلها الملك الظافر، وأمر بالكف عن النهب، وأسر جماعة، وسيرهم في السفن إلى

(1) «بغية المستفيد» (ص 129). (2) «بغية المستفيد» (ص 129). (3) «بغية المستفيد» (ص 129).

عدن، وقرر أمور البلد، وجعل أميرها أحمد بن إسماعيل بن سفر اليمني (1)، وألزم بدر بن عبد الله الكثيري صاحب ظفار وحضرموت إعانته؛ إذ كان خصما للمهرة أخوال أبي دجانة وجنده، وخرج الظافر منها إلى عدن في طريق البر يوم الجمعة أول يوم من ربيع الأول، فلما دخل عدن .. بلغه أن صاحب صنعاء أخذ ذمار، وكان الشيخ عبد الوهاب بن داود إذ ذاك قريبا منه، فجمع الجموع، وقاومه إلى أن وصل عمه الظافر، واستعادها منه في رجب، وأخرب القصر، ونهبت عساكر الظافر البلد، وحصر الإمام في حصن هران مدة، ثم هرب، فأخذه أهل عرقوب، فأسروه وسلموه إلى الإمام مطهر (2). وفي جمادى الأولى: استولى الظافر على بحرانة وما والاها من الحصون والقلاع (3). وفي جمادى الأخرى منها: استولى الحبيشي على حصن علب وما والاها، فجهز الملك المجاهد العساكر، وانتزع منه بعد مدة (4). وفي شهر رجب: توفي الأمير جياش بن سليمان السنبلي، واستمر ولده علم الدين سليمان أميرا. وفي شوال منها: استولى الملكان المجاهد والظافر على مدينة صنعاء، دخلها بعض الأمراء من قبلهما، ورتب فيها رتبة جيدة، ثم دخلها الشيخ عبد الوهاب بن داود بن طاهر متوليا أمرها من قبل عمه، وأقطع بنو طاهر ابن الإمام قرى ومعاقل كثيرة، وجعلوه مقدما فيها (5). وفي رمضان منها: ولد الشيخ عامر بن عبد الوهاب بن داود (6). وفي رابع المحرم منها: ولد الفقيه الصالح المحدث وجيه الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد بن عمر الديبع الشيباني، محدث زبيد، وصاحب «تاريخها»، ومن «تاريخه» نقلت غالب ما ذكرته من أوائل المائة التاسعة، أبقاه الله ونفع به (7).

(1) «بغية المستفيد» (ص 129)، و «اللطائف السنية» (ص 184). (2) في «بغية المستفيد» (ص 130): (أحمد بن إسماعيل بن شقراء). (3) «بغية المستفيد» (ص 130). (4) «بغية المستفيد» (ص 130). (5) «بغية المستفيد» (ص 130). (6) «بغية المستفيد» (ص 130). (7) «بغية المستفيد» (ص 129).

السنة السابعة والستون

السنة السابعة والستون في جمادى الأخرى منها: قدم مشايخ بني حفيص، ومنهم أحمد بن أبي الغيث، ومحمد بن أبي القاسم على الملك المجاهد بزبيد، فوصلهما بجوائز سنية (1). وفيها: تظلم الناس من الشريف علي بن سفيان بزبيد، فغضب عليه الشيخ عامر بن طاهر، فخرج من زبيد مهانا إلى بلده الظّبيّات، ثم عزم إلى المجاهد علي بن طاهر بعدن، وخرج منها صحبته، ولم يزل في صحبته إلى أن نزل زبيد (2). وفيها: أسرف أبو القاسم الحوالي في الظلم وأمعن، فشكاه أهل زبيد إلى الشيخ علي بن طاهر، فأمر بإحضاره إلى مجلس الشرع الشريف أعزه الله، ومن أقام عليه بينة .. غرمه، ثم تصدق الشيخ علي بن طاهر على المظلومين بأربع مائة أشرفي ذهبا (3). *** السنة الثامنة والستون فيها: أبطل المجاهد علي بن طاهر المكس عن أشياء كالليمون، والوزف (4)، والعسل، والسمك (5). وفيها: قدم الشيخ شرف الدين الشبيكي (6) ثم الشيرازي إلى زبيد، وعقد به مجلسا للوعظ (7). وفيها: أنف المجاهد من أخيه الظافر لما فعله بابن سفيان ومتابعته له، وخاصمه، ثم اصطلحا، وطلعا إلى بلدهما (8). وفي جمادى الأولى منها: نزل الشيخ عبد الملك بن داود إلى زبيد وصحبته ابن

(1) «بغية المستفيد» (ص 130). (2) «بغية المستفيد» (ص 131). (3) «بغية المستفيد» (ص 131). (4) في «بغية المستفيد» (ص 131): (والموز). (5) «بغية المستفيد» (ص 131). (6) في «بغية المستفيد» (ص 131): (الشيفكي). (7) «بغية المستفيد» (ص 131). (8) «بغية المستفيد» (ص 131).

سفيان، فأقام الشيخ عبد الملك بزبيد، وخرج ابن سفيان إلى الشام (1). وفيها: نزل المجاهد إلى زبيد بعد أن استولى على بعض الحصون قاصدا إلى الحج إلى بيت الله الحرام، فعرج عن دخول زبيد، فخرج إليه القضاة والعلماء والصالحون مستشفعين بالقرآن العظيم يحملونه بين أيديهم ويسألونه ترك ما نواه، فأسكتهم بالدخول معهم إلى زبيد وهو مصمم على ما نواه، ولما علم أخوه الظافر بذلك وكان في بلده أرسل ابن أخيه الشيخ محمد بن داود يستعطفه في الترك، فقدم محمد بن داود زبيد أول رمضان (2)، وأقام أياما، ثم عزم إلى عدن طريق الساحل (3). وفي يوم الاثنين تاسع عشر رمضان: قدم الشريف إدريس بن قاسم بن حسن بن عجلان الحسني، ابن عم الشريف محمد بن بركات أمير مكة في جماعة من خواصه على المجاهد بزبيد، فأجزل صلته، وأكرم نزله، ثم توجه إلى الظافر ببلده، فقابله بأحسن من ذلك (4). وفي يوم الأحد رابع عشر شوال: أصبح الملك المجاهد مفقودا من زبيد، وذلك أنه خرج من السور ليلا في ثلاثة عبيد، فأصبح الناس كالغنم بلا راعي، وغلقت أبواب المدينة، فخرج بعده ابن سفيان في جمع عظيم ليرده، فوجده قد ركب البحر، فرجعوا، وقام ابن سفيان بأمر زبيد، ورتّب العساكر، وضبط أمور البلد، وأرسل إلى الملك الظافر يخبره بذلك، وبقي الناس حيارى ثلاثة أيام، ثم إن المجاهد نزل في ساحل البحر من الحديدة، وعرج إليه صاحب الحديدة الشيخ إبراهيم بن عمر الثابتي، وقاضيها محمد بن عبد القادر الناشري، وصوفيها الشيخ إدريس الجبرتي وغيرهم، فكلموه في الرجوع ولم يعذروه، فرجع في البحر إلى ساحل البقعة، فلما علم ابن سفيان برجوعه .. تجهز بالعساكر للقائه، وتجهز معه العلامة شمس الدين المقرئ، التقيا بالبقعة، وعزما معا في طريق البر طريق الساحل إلى عدن، ودخلا من طريقهما، ثم عدن (5) في آخر شهر شوال المذكور، وفرح الناس فرحا عظيما، ثم نزل أخوه الظافر إليه، والتقيا بعدن، واصطلحا، وعزما إلى بلدهما (6).

(1) «بغية المستفيد» (ص 131). (2) في «بغية المستفيد» (ص 132): (أول شعبان). (3) «بغية المستفيد» (ص 132). (4) «بغية المستفيد» (ص 132). (5) في «بغية المستفيد» (ص 133): (ودخلا في طريقهما موزع، ثم دخلا عدن). (6) «بغية المستفيد» (ص 132).

السنة التاسعة والستون

وفي شهر شوال: توفي الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد الجبرتي صاحب المداجر ببلده تعز، ودفن بالأجيناد. وفي ثامن عشر صفر: توفي بزبيد الفقيه جمال الدين محمد بن إسماعيل مبارز. *** السنة التاسعة والستون في أولها أو أواخر التي قبلها: اصطلح المشايخ بنو طاهر مع الشيخ عباس بن الجلال بن عبد الباقي الحبيشي صاحب خدد، وواجههما، وأنعما عليه، ورضيا عنه (1). وفي المحرم منها: استعاد الإمام محمد بن الناصر بلدة صنعاء، وذلك أنه كان بها من قبل بني طاهر الأمير محمد بن عيسى البعداني، فخرج من صنعاء لحاجة، ودخل عليه الليل وهو خارج صنعاء، فأتى محمد بن عيسى المعروف بشارب في جماعة من الجند إلى تحت القصر، وصاحوا بالنقيب بفتح الباب، فقال: من؟ قالوا: الأمير محمد بن عيسى، فظن أنه الأمير البعداني، ففتح القصر، فدخل شارب ومن معه، فقتلوا النقيب وغيره، وأخرجوا بقية الرتبة، واستولوا على القصر بعد أن أغلقوا أبواب المدينة، فرجع الأمير محمد بن عيسى من خارج صنعاء إلى ذمار، ثم إلى المقرانة، فلما بلغ ذلك الخبر الملك الظافر عامر بن طاهر .. تجهز إلى صنعاء في جمع عظيم نحو ألف وثلاث مائة فارس وما لا يحصى من الرّجل، فصالحه الإمام على مال يؤديه إليه، فرجع سالما إلى بلده وبها أخوه المجاهد، ثم نزلا إلى زبيد (2). وفي رجب منها: اصطلح الملكان علي وعامر والحبيشي مع صاحب بعدان الشيخ محمد بن أحمد بن الليث السيري، وقلد المجاهد الشريف علي بن سفيان أمور تهامة (3). *** السنة الموفية سبعين بعد ثمان مائة في منتصف ربيع الأول منها: أخذ ابن سفيان حصن الشريف، وعمره، وعمر حصنا آخر في القاهرة تحت الحصن المذكور، وغزا المعازبة وجمعهم متوفر وقد ملأت مواشيهم

(1) «بغية المستفيد» (ص 133). (2) «بغية المستفيد» (ص 133)، و «اللطائف السنية» (ص 185). (3) «بغية المستفيد» (ص 134).

السنة الحادية والسبعون

الفجاج، فقتل جماعة منهم، وانتهب ما معهم من المواشي وغيرها (1). وفي جمادى الأخرى: غزا ابن سفيان العبيد العامريين وهم في مخلاف منيع، فدخل عليهم، وبدد شملهم، وقتل منهم جماعة، وانتهب بلادهم، وأخذ حصن الضامر الذي لا يمكن أخذه، فانهدّ ركنهم، وانكسرت قوتهم (2). وفي رجب منها: استولى المجاهد على حصن حب المشهور بالمنعة بمخلاف بعدان بعد حصار طويل، وهو حصن ذي رعين (3). وفيه: غزا الظافر صنعاء، فعقر زرعها، وأخرب معاقلها، ثم رجع إلى بلده سالما (4). وفي ذي القعدة منها: اجتمع المجاهد والظافر بعدن، ثم خرج الظافر منها قاصدا صنعاء باستدعاء من أهلها على ما قيل، فعملوا عليه المكيدة، فوصلها في جمع عظيم غير حازم ولا متهيّئ لقتال، فحمل عليه أميرها محمد بن عيسى المعروف بشارب في جموعه، فانهزم العسكر السلطاني، وثبت الظافر فيمن معه، وقاتلوا قتالا شديدا، فقتل الملك الظافر عامر بن طاهر في جماعة من أصحابه في يوم الاثنين سابع الشهر المذكور، وكان أخوه الشيخ علي بن طاهر عذله عذلا شديدا عن هذا المخرج خصوصا، ونهاه عن قتال أهل صنعاء، فلم يلتفت إلى مقالته لينفذ الله فيه أمره، وكان أمر الله قدرا مقدورا، ولما بلغ المجاهد قتل أخيه .. خرج من عدن مبادرا إلى جهة بلده، فأقام بجبيل بدر أياما، ثم نزل إلى ذي جبلة، فأقام بدار السلامة حتى سكن الحال، وخرج ابن سفيان من زبيد إلى فشال، ورابط المعازبة، ودافعهم، وكاتب الملك المجاهد، فنزل إلى زبيد (5). *** السنة الحادية والسبعون في سابع عشر صفر منها: توفي القاضي عفيف الدين عثمان بن إسماعيل المحالبي في شهر ربيع الأول.

(1) «بغية المستفيد» (ص 134). (2) «بغية المستفيد» (ص 134). (3) «بغية المستفيد» (ص 134). (4) «بغية المستفيد» (ص 134). (5) «بغية المستفيد» (ص 134).

وفيها: توفي المقرئ شمس الدين علي بن محمد الشرعبي بمدينة تعز. وفي الشهر المذكور: غزا المجاهد المعازبة بمكان يعرف بملقى الواديين، فقتل منهم سبعة، وأثخن آخرين، وانهزموا، وأغار عليهم في اليوم الثاني، فقتل منهم خمسة عشر نفرا، وأسر نساءهم، ونهب مواشيهم، وهربوا حتى بلغوا موضعا يقال له: بيت ملوح (1)، فحاصرهم فيه، فضاقوا، ثم هربوا إلى موضع آخر، فتبعهم، ولم يزل يتابعهم حتى دخلوا هيجة العامريين، فأقام المجاهد بقرية شجينة، وحصرهم نحو ثمانية عشر يوما حتى أدوا الطاعة وسلموا اثنين وخمسين فرسا، وارتفع عنهم، ودخل زبيد ثامن عشر ربيع الآخر (2). وفيها: أن آل أيوب الجحافل هجموا وادي لحج، فنهبوا الرّعارع ومنيبّة وغيرهما من قرى لحج نهبا شنيعا، وسبوا الأولاد والنساء، وفعلوا كل منكر، وأسروا أولاد الشيخ إبراهيم بن راجح وغيره، فلما بلغ ذلك الشيخ علي بن طاهر وهو بزبيد .. خرج منها مبادرا إلى عدن في ثاني وعشرين الشهر المذكور (3). وفي فجر يوم الاثنين سابع جمادى الأولى: حصلت بزبيد زلزلة عظيمة فزعت الناس منها، ثم حصلت أخرى في ثاني يومها دونها قبل صلاة الظهر (4). وفي عاشر الشهر المذكور: أمر المجاهد بالقبض على الفقيه محمد بن أحمد الأمين عجيل، فقبض، وقيد، وطلع به إلى تعز مقيدا، ورسم عليه الصنديد ابن وهبان، وربما زيد قيدا آخر على قيده الأول (5). وفي ثامن وعشرين القعدة: توفي الفقيه أبو بكر بن عبد الله بن خطاب، إمام مسجد الأشاعر. ***

(1) في «بغية المستفيد» (ص 135): (يقال له: نقب ميلوخ). (2) «بغية المستفيد» (ص 135). (3) «بغية المستفيد» (ص 135). (4) «بغية المستفيد» (ص 136). (5) «بغية المستفيد» (ص 136).

السنة الثانية والسبعون

السنة الثانية والسبعون في ثامن ذي القعدة: دخل الملك المجاهد مدينة عدن، وأقام بها أياما، ثم سار منها إلى تعز، ثم إلى زبيد، فدخلها سادس ذي الحجة (1). وفي ثاني يوم من قدومه: احترقت قرية مقبلة-من قرى اللامية-جميعها (2). وفي ثالث قدومه وهو ثامن ذي الحجة: وقع بزبيد حريق عظيم، حرقت فيه بيوت لا تحصى، وأموال جليلة، ودواب كثيرة، ولم يحترق فيه آدمي بلطف الله تعالى، فمنع المجاهد أهل زبيد من بناء الخوص مطلقا، وألزم أصحاب الأبواب ألا يدخل عليهم من آلة بنيانه ولا من العجور شيء (3). وفي شوال منها: توفي القاضي جمال الدين محمد بن مسعود أبو شكيل الأنصاري بمدينة عدن، وهو جدّي من جهة الأم رحمه الله، كذا ذكر حافظ زبيد عبد الرحمن الديبع وفاته في هذه السنة (4)، والمعروف أنه توفي رابع شوال من سنة إحدى وسبعين، والله سبحانه أعلم. وفيها: توفي الملك الظاهر خشقدم الناصر صاحب مصر والشام. *** السنة الثالثة والسبعون فيها: قدم ابن سفيان من البلاد الشامية إلى زبيد بعد إيقاعه بالكعبيين، وقبض خيولهم، وأسر جماعة منهم (5). وفي شوال: توفي الفقيه الصالح جمال الدين محمد الصامت بن أحمد الناشري رحمه الله، آمين. ***

(1) «بغية المستفيد» (ص 136). (2) «بغية المستفيد» (ص 136). (3) «بغية المستفيد» (ص 136). (4) «بغية المستفيد» (ص 136). (5) «بغية المستفيد» (ص 137).

السنة الرابعة والسبعون

السنة الرابعة والسبعون في محرم منها: توفي الفقيه الصالح وجيه الدين عبد الرحمن بن أبي بكر الشّويهر الحنفي رحمه الله. وفي ثالث ربيع الآخر: قتل ابن سفيان من الرماة فوق المائة، ولزم من رءوسهم فوق الخمسين، ونهب ما لا يحصى من المواشي (1). وفي ثالث عشر رجب: خرج ابن سفيان إلى بلاد الزيدية، وكانت بينه وبين بني حفيص وقعة في ثاني عشر الشهر المذكور (2) قتل فيها أبو الغيث بن محمد بن حفيص في جماعة من أهله وجماعة من العرب يزيدون على الثلاث مائة، واستجار أحمد بن أبي الغيث ببيت الفقيه ابن حشيبر، وأخذ ابن سفيان قرية الشريج بعد أن كان ابن حفيص عمرها ليتحصن فيها، فانعكس أمله، وعمّر ابن سفيان القرية وحصنها، ورتب فيها عسكرا أمر عليهم الأمير علم الدين سليمان بن جياش السنبلي، ثم رجع إلى زبيد (3). وفي سادس وعشرين رمضان: استولى الزيديون على قرية الشريج التي كانت الدولة قد أخذتها على أحمد بن أبي الغيث بن حفيص، وقتلوا ممن بها من عسكر الدولة جمعا كثيرا، ونجا الأمير سليمان بن جياش، وعيسى بن حاتم وغيرهم (4). وفي شعبان: توفي قاضي الشريعة بزبيد جمال الدين محمد بن أبي الفضل الناشري رحمه الله، واستمر في وظيفته أخوه القاضي موفق الدين علي. وفيه أيضا: توفي الشيخ الصالح أبو العباس بن الغزالي بن طلحة الهتار رحمه الله. وفي رابع شوال: توفي شيخ الإسلام قاضي القضاة جمال الدين محمد الطيب بن أحمد الناشري بزبيد. ***

(1) «بغية المستفيد» (ص 137). (2) في «بغية المستفيد» (ص 137): (ثامن عشر الشهر المذكور). (3) «بغية المستفيد» (ص 137). (4) «بغية المستفيد» (ص 137).

السنة الخامسة والسبعون

السنة الخامسة والسبعون في أول المحرم: دخل الشيخ عبد الوهاب بن داود إلى زبيد وصحبته الشريف علي بن سفيان-والملك المجاهد إذ ذاك بزبيد-فخرجا صحبة المجاهد إلى نخل المعازبة على طريق بيت الفقيه ابن عجيل، فقتلوا منهم جماعة، ونهبوهم نهبا عظيما، ثم رجع المجاهد إلى زبيد، وتقدم الشريف علي بن سفيان والشيخ عبد الوهاب بن داود إلى بيت حسين وبلد الزيديين ليأخذوا بثأر من قتل بقرية الشريج من الدولة، فحصل بينهم وبين الزيديين معركة قتل فيها الشريف علي بن سفيان ثاني عشر المحرم، ثم انتصر الشيخ عبد الوهاب عليهم، فقتل منهم نيفا على المائتين، ثم قدم زبيد رابع صفر (1). وفي سابع عشر ربيع الأول: توفي شيخ الشيوخ إسماعيل بن أبي بكر الجبرتي الصوفي رحمه الله. وفي ليلة الثاني والعشرين من ربيع الآخر: توفي أخوه الشيخ عبد الرزاق بن أبي بكر. وفي رجب: قلد المجاهد القاضي شرف الدين إسماعيل بن محمد الأحمر شؤون الرعية بزبيد، وجعله مستوفيا، وأذن لأهل زبيد في بناء الخوص بشفاعته بعد أن كان منعهم من ذلك؛ خوفا من الحريق كما تقدم ذلك في سنة اثنتين وسبعين (2)، ولم يقبل في ذلك شفاعة قاضي القضاة الطيب الناشري، ولا شفاعة غيره، ثم عزم المجاهد من زبيد إلى عدن، وعيّد بها عيد الفطر، وخرج إلى ساحل حقّات لصلاة العيد على جاري العادة وكان قد طلع على جبل حقّات جماعة من غوغاء يافع وغيرهم ليتفرجوا على دخوله، فلما فرغ من الخطبة والصلاة، وسار للدخول إلى البلد .. وقع بين المتفرجين على الجبل مراماة بالحجر، فلما قرب السلطان من الباب .. وجه سفهاؤهم رمي الحجر إلى جهة السلطان، فلما رأى الحجر تقع على عسكره من الجبل .. وقف، ودعا كبراء يافع ونقباءهم وهم: النقيب باكسامة، والنقيب طاهر، والنقيب أحمد، وكانوا معه بحقات، فقال: ما هذا إلا بيعة في البلد، فقالوا: حاشى يا مولانا، وإنما الجهلة من المتفرجين وقع بينهم مزاحمة على الموضع أفضى إلى المراماة، فأمرهم أن يتقدموا بقطعة من العسكر وينزلوا المتفرجين من الجبل، فتقدموا إليهم، وأنزلوهم الجميع، فدخل الشيخ رحمه الله إلى المدينة سالما.

(1) «بغية المستفيد» (ص 138). (2) انظر (6/ 461).

السنة السادسة والسبعون

وقيل: إنه أصابه حجر في رأسه على المشدة، فلما فرغ من السماط .. ألزم نقباء يافع إحضار من فعل ذلك، فأحضروا جماعة من يافع ممن يعرف بالشر، فقيد البعض، ونفى البعض، ومن ذلك اليوم لم تصل صلاة العيد إلا بالجامع المبارك (1). نعم؛ إلا زمن الأمير مرجان، فخرج مرة أو مرتين إلى حقّات لصلاة العيد. وقد كان شيخنا القاضي شهاب الدين المزجّد رحمه الله أراد مرة الخروج إلى حقات لصلاة العيد، فأشار عليه القاضي عبد العزيز بن إسحاق الناظر بالثغر إذ ذاك بالترك؛ خشية من وقوع فتنة بالبلد، فترك ذلك (2). وفي ذي القعدة: خرج المجاهد من عدن إلى زبيد، وصحبته ابنا أخيه أحمد ويوسف ابنا عامر، والأمير عمر بن عبد العزيز. وفي ذي الحجة منها: كان وجود الذهب الأشرفي قريبا من قرية واسط من قرى وادي زبيد، وشدت الرحال لأجل ذلك من الأماكن البعيدة، ووجد فيه هنالك جملة مستكثرة، وأباح المجاهد للناس ما وجدوه من ذلك (3). *** السنة السادسة والسبعون في المحرم منها: أقطع المجاهد البلاد الشامية للأمير عبد العزيز الحبيشي، فخرج إليها في عسكر جرار، فأقام بالمراوعة أياما دخل عليه فيها علي بن أبي الغيث بن حفيص، والفقيه محمد بن أبي بكر بن الحسين، والفقيه علي بن حشيبر، فأسرهم، وأرسل بهم إلى زبيد (4). *** السنة السابعة والسبعون في شهر المحرم منها: مرض المجاهد علي بن طاهر بزبيد مرضا أشرف منه على الموت، واستخلف ابن أخيه عبد الوهاب بن داود، وحلف له العرب والعساكر، وذلك

(1) «بغية المستفيد» (ص 139). (2) «بغية المستفيد» (ص 140). (3) «بغية المستفيد» (ص 140). (4) «بغية المستفيد» (ص 141).

السنة الثامنة والسبعون

عصر يوم الاثنين خامس الشهر المذكور، ثم من الله عليه بالعافية (1). وفي ثاني ربيع منها: قدم الشيخ عبد الوهاب بن داود إلى زبيد بغتة، فقرر أمور الرعية، وقبض على عمر بن عبد العزيز، وعزم به صحبته في أعيان الكتّاب ثامن الشهر المذكور، فواجهوا المجاهد بثغر عدن، فأنكر على عمر بن عبد العزيز أمورا أحدثها وأفعالا ارتكبها، وقيده بعدن، وخرج به صحبته من عدن مقيدا، ثم أطلقه بعد مدة على مال سلّمه، ثم حط على الشيخ إدريس بن عبد الجلال الحبيشي بخدد وما والاه، ثم ارتفع عنه، ودخل زبيد وصحبته ابن أخيه الشيخ يوسف بن عامر (2). وفي ليلة الأحد تاسع وعشرين جمادى الأولى: توفي الفقيه الأديب أبو بكر بن أحمد العقيلي الزيلعي. وفي حادي عشر جمادى الآخرة: توفي الفقيه عبد الرحمن بن الطيب بن عباس. وفي آخر شعبان: توفي الشيخ محمد بن أبي بكر الجبرتي الصوفي. وفي ثالث شوال: طلع المجاهد من زبيد إلى تعز، ووقع بينه وبين الحبيشي وقائع انتصر المجاهد فيها، وأخذ على الحبيشي عدة حصون، منها المصنعة والحفيراء، ثم رجع إلى تعز (3). وفي تاسع شوال: توفي الشيخ الصالح إسماعيل بن محمد بن إبراهيم الجبرتي بمكة المشرفة بعد أن تحلل من إحرامه، كذا في «تاريخ الحافظ وجيه الديبع» (4) وكأنه أراد التحلل عن إحرامه بالعمرة. *** السنة الثامنة والسبعون في عاشر المحرم منها: دخل المجاهد زبيد في عساكر عظيمة وفي صحبته ابنا أخويه عبد الوهاب بن داود ويوسف بن عامر، والأمير عمر بن عبد العزيز، وتصدق المجاهد

(1) «بغية المستفيد» (ص 141)، و «اللطائف السنية» (ص 187). (2) «بغية المستفيد» (ص 142). (3) «بغية المستفيد» (ص 142). (4) «بغية المستفيد» (ص 143).

السنة التاسعة والسبعون

بزبيد صدقة عظيمة؛ من الذهب والطعام والتمر والثياب (1). وفي جمادى الأولى: توفي الفقيه شهاب الدين أحمد بن الطيب الناشري بزبيد. وفي سلخ القعدة: توفي شهاب الدين أحمد بن موسى المشرع ببيت الفقيه ابن عجيل. *** السنة التاسعة والسبعون في صفر: توفي العلامة كمال الدين موسى بن أحمد المشرع عجيل بزبيد. وفي سابع صفر: توفيت جهة شكر ابنة الملك الأشرف إسماعيل بن العباس بزبيد. وفي ربيع الأول: اصطلح الملك المجاهد والشيخ إدريس بن الجلال الحبيشي صلحا تاما، ودخل المجاهد إلى تعز (2). وفي أوائل شعبان: جهز المجاهد علي بن طاهر إلى المجاهد بالحبشة شمس الدين محمد بن بدلاي بن سعد الدين مائة وخمسة أفراس من الخيل العربية، ومن السيوف والرماح والدروع شيئا كثيرا؛ إعانة له بذلك (3). وفي خامس شعبان: قدم الشيخ شمس الدين يوسف بن عامر إلى زبيد، واستقر بها إلى أن وصل عمه المجاهد، فدخلها في نصف رمضان، وبعث الأمير بحير بن محمد وهبان في عسكر حافل إلى الزيدية، وحصل على الأمير عمر بن عبد العزيز وهن وترسيم ومصادرة وقيد، ثم طلع المجاهد إلى تعز في سابع شوال (4)، وقرر ابن أخيه يوسف بن عامر نائبا عنه بزبيد، فضبط الأمور أحسن ضبط، وأحب أهل العلم، وحصّل جملة من الكتب النفيسة، وجمع النساخ عنده والمقابلين لذلك، وسار بالناس سيرة حسنة، ودوّخ المعازبة وغيرهم من العرب المفسدين (5). ***

(1) «بغية المستفيد» (ص 143). (2) «بغية المستفيد» (ص 144). (3) «بغية المستفيد» (ص 144). (4) في «بغية المستفيد» (ص 145): (في السابع والعشرين من شوال). (5) «بغية المستفيد» (ص 144).

السنة الموفية ثمانين بعد الثمان مائة

السنة الموفية ثمانين بعد الثمان مائة في صفر منها: طلع المجاهد من زبيد إلى تعز وصحبته الفقيه تقي الدين عمر بن محمد الفتى، وشيخنا الفقيه جمال الدين محمد بن حسين القماط، والفقيه عبد الله الهبي، وأمرهم بافتقاد أمر الوقف في تعز كما فعل بزبيد، وعزل من لم يكن أهلا للولاية في ذلك، فلم يتفق شيء من ذلك (1). وفي منتصف جمادى الأخرى: قدم المجاهد من عدن إلى زبيد، وثاني يوم قدومه دخل الشيخان عبد الوهاب بن داود وأحمد بن عامر إلى زبيد في عساكر عظيمة، ثم خرج المجاهد وأولاد أخيه الشيخ عبد الوهاب والشيخ أحمد والشيخ يوسف أبناء عامر إلى بلاد بني حفيص، فلما بلغوها .. طلب أحمد بن أبي الغيث الأمان، واستشفع بالعلماء والصالحين، وحمل القرآن العظيم على رأسه، ودخل إلى المجاهد، فقبله وعفا عنه، وقدّم ابن أبي الغيث للمجاهد خيلا معظمة، وبذل له أموالا كثيرة، واستنابه المجاهد في الزيدية، وعضده بعز الدين بن حفيص، ثم رجع إلى زبيد (2). وفي شهر رجب: توفي الشريف تقي الدين عمر بن أحمد البزاز بزبيد. وفي ثاني عشر رجب: طلع الشيخان عبد الوهاب بن داود وأحمد بن عامر من زبيد إلى تعز، وبقي بها المجاهد وابن أخيه يوسف بن عامر، وتصدق المجاهد بصدقة عظيمة؛ من البز والنقد، والطعام والأرز والسكر، وغير ذلك (3). وفي منتصف رمضان: توفي الفقيه علي بن إبراهيم الزيلعي أحد المفتين بزبيد. وفي سادس شوال: طلع المجاهد إلى تعز (4). وفي أواخر شهر القعدة: توفي الفقيه الصالح سعد بن علي الناشري. والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «بغية المستفيد» (ص 145). (2) «بغية المستفيد» (ص 146). (3) «بغية المستفيد» (ص 146). (4) «بغية المستفيد» (ص 147)، وفيه أن ذلك في آخر الشهر المذكور.

العشرون الخامسة من المائة التاسعة

العشرون الخامسة من المائة التاسعة [الاعلام] 4299 - [يحيى ابن أفلح] (1) يحيى بن محمد بن أفلح، الشيخ الصالح الشهير عماد الدين. توفي بقرية الزريبة من وادي زبيد في خامس وعشرين ربيع الأول من سنة إحدى وثمانين وثمان مائة. 4300 - [عمر الخامري] (2) الفقيه عمر الخامري. كان رجلا مجذوبا، وله كرامات ومكاشفات. توفي بحيس ثالث شهر القعدة من سنة إحدى وثمانين وثمان مائة. 4301 - [عبد الله بن الطيب الناشري] (3) القاضي عفيف الدين عبد الله بن الطيب الناشري قاضي القضاة، شيخ الإسلام وابن شيخه. توفي بزبيد ليلة الأحد الثامن من شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وثمانين وثمان مائة. 4302 - [يحيى بن أحمد الجهمي] (4) الفقيه الصالح عماد الدين يحيى بن أحمد الجهمي، صاحب المصباح. كان رجلا مباركا.

(1) «بغية المستفيد» (ص 147). (2) «بغية المستفيد» (ص 147). (3) «الضوء اللامع» (5/ 45)، و «بغية المستفيد» (ص 148)، و «هجر العلم» (4/ 2182). (4) «بغية المستفيد» (ص 148)، و «هجر العلم» (4/ 2055).

4303 - [إدريس الحبيشي]

توفي ببلده من أصاب سحر ليلة الخميس سادس ربيع الأول من سنة اثنتين وثمانين وثمان مائة. 4303 - [إدريس الحبيشي] (1) الشيخ إدريس بن محمد بن الجلال الحبيشي، صاحب خدد-بفتح الخاء المعجمة، ثم دالين مهملتين، الأولى مكسورة-وهو معقل عظيم، وله معشار واسع. ولم تزل المشايخ بنو طاهر يوالون عليه الحصار المرة بعد المرة، فتارة يدالون عليه، وأخرى يدال عليهم إلى شهر القعدة من سنة اثنتين وثمانين وثمان مائة، فنصب الملك المجاهد علي بن طاهر المنجنيقات على حصن الشيخ إدريس المذكور المعروف بالخضراء بقرب خدد المذكور، فأخرب أكثره، ثم نزل إليه الحبيشي باذلا للطاعة، وسلم الحصون التي تحت يده خدد وغيره، ومضى تحت ركاب الملك المجاهد إلى أن قتله عمر بن عبد العزيز بعدن في يوم الجمعة ثامن وعشرين المحرم من سنة ثلاث وثمانين وثمان مائة. 4304 - [وجيه الدين المخادري] (2) القاضي وجيه الدين عبد الرحمن بن عبد العليم المخادري. ولي قضاء عدن في بضع وستين وثمان مائة من قبل الشيخ عامر بن طاهر بعد أن خرج الوالد من عدن إلى الشحر هاربا من قضاء عدن. ولم يزل على القضاء إلى أن توفي بها يوم السبت تاسع وعشرين المحرم من سنة ثلاث وثمانين وثمان مائة، ودفن بتربة الشيخ محمد أبا شعبة الحضرمي نفع الله به. وكان رحمه الله قاصر المعرفة في الفقه وغيره، وكان الفقيه إبراهيم الشرعبي يسميه: قفة الجهل، وكان كثيرا ما يعارضه في أحكامه. مات بعض التجار بعدن، فبني من إرثه عليه قبة حجر بأمر القاضي المخادري، فسرى عليها الفقيه إبراهيم الشرعبي في درسته، فهدمها، ولم ينتطح في ذلك عنزان. وله نظم ضعيف.

(1) «بغية المستفيد» (ص 149). (2) «طبقات صلحاء اليمن» (ص 56)، و «بغية المستفيد» (ص 149)، و «هجر العلم» (4/ 1973).

4305 - [الملك المجاهد علي بن طاهر]

4305 - [الملك المجاهد علي بن طاهر] (1) الملك المجاهد علي بن طاهر بن معوضة بن تاج الدين. توفي سنة ثلاث وثمانين وثمان مائة [ ........ ] (2). 4306 - [عمر بن عبد المجيد الناشري] (3) عمر بن عبد المجيد الناشري. لما عزل الملك المنصور عبد الوهاب بن داود القاضي علي بن أحمد الناشري عن قضاء زبيد بسبب إنكاره لما أودعه الشيخ يوسف بن عامر بن طاهر من المال، وحلفه على ذلك .. جعل عوضه القاضي عمر المذكور قاضيا بزبيد، وذلك في جمادى الأخرى من سنة ثلاث وثمانين. ولم تطل مدة ولاية القاضي عمر المذكور، بل توفي يوم الجمعة الرابع والعشرين من شهر شعبان من السنة المذكورة، فاستمر عوضه القاضي جمال الدين محمد بن عبد السلام قاضيا بزبيد في ثامن شهر رمضان، وناب في القضاء مدة مرض القاضي عمر بن عبد المجيد وبعد وفاته إلى أن ولى القاضي محمد بن عبد السلام شيخنا القاضي تقي الدين حمزة بن عبد الله الناشري، وذلك بإذن شيخ الإسلام وجيه الدين عبد الرحمن بن الطيب الناشري. 4307 - [إسماعيل ابن مبارز] (4) أبو المعروف إسماعيل بن محمد ابن مبارز الفقيه العالم العلامة الصالح. توفي بزبيد ضحى يوم الأربعاء خامس عشر المحرم من سنة أربع وثمانين وثمان مائة، ودفن عصر ذلك اليوم قبلي تربة الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي نفع الله بهم، آمين.

(1) «الضوء اللامع» (5/ 233)، و «التحفة اللطيفة» (3/ 225)، و «بغية المستفيد» (ص 149)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 573). (2) بياض في الأصول. (3) «الضوء اللامع» (6/ 99)، و «بغية المستفيد» (ص 155)، و «هجر العلم» (4/ 2182). (4) «الضوء اللامع» (2/ 305)، و «بغية المستفيد» (ص 156)، و «تاج العروس» (15/ 27).

4308 - [أحمد بن عامر بن طاهر]

4308 - [أحمد بن عامر بن طاهر] (1) الشيخ أحمد بن عامر بن طاهر. دخل عدن وزبيد وغيرهما مرارا مع عمه الملك المجاهد علي بن طاهر. ولما توفي عمه في سنة ثلاث وثمانين .. كان عنده بجبن، فبايع ابن عمه الملك المنصور عبد الوهاب بن داود؛ امتثالا لما عهد به عمه علي بن طاهر من تولية الشيخ عبد الوهاب بعده، ونزل الشيخ عبد الوهاب مبادرا إلى عدن، وأقام الشيخ أحمد بن عامر بجبن حتى جهز عمه، وقرأ عليه ثلاثة أيام. وجمع العساكر، ونزل بها إلى عدن، ودخلها والشيخ عبد الوهاب بها، ثم خرجا جميعا إلى المقرانة، ثم إلى تعز، ثم إلى زبيد لما بلغهم منابذة الشيخ يوسف بن عامر ومخالفته، فاتفق ما ذكرناه في ترجمة الشيخ يوسف من خروجه إلى الشيخ عبد الوهاب بنفسه من غير قتال، ثم دخلوا جميعا إلى زبيد. ولما بلغ الشيخ عبد الوهاب رجوع الشيخ يوسف من الجحادر إلى بني حفيص ومصاهرته لهم .. نزل إلى زبيد وصحبته الشيخ أحمد بن عامر، فدخلا زبيد في شوال سنة أربع وثمانين، ثم خرجا مبادرين إلى بلاد بني حفيص، فحاول الشيخ عبد الوهاب صلحهم، فلم يجيبوه، فقاتلهم يوم الخميس مستهل القعدة وكان الشيخ أحمد بن عامر في جبل عبس وطائفة من العسكر، فلما حصلت الحملة عليهم .. انكشفوا عنه، فشب به الفرس وكان مظاهرا بين درعين، فسقط عن فرسه، وجرح جراحات مثخنة، ومات بعد ساعة في ذلك اليوم، وحمل إلى قرية الضّحي، قرية الفقيه إسماعيل الحضرمي، فغسل، وكفن، وصلي عليه، ثم حمل إلى قبر الفقيه أحمد بن موسى عجيل، ودفن معه في قبره. 4309 - [إسماعيل الحندج] (2) الشيخ إسماعيل بن علي الحندج. توفي بشرجة حيس ليلة الأربعاء الثالث والعشرين من جمادى الآخرة من سنة خمس وثمانين وثمان مائة.

(1) «بغية المستفيد» (ص 156). (2) «الضوء اللامع» (2/ 301)، و «بغية المستفيد» (ص 157).

4310 - [إسماعيل المزجاجي]

4310 - [إسماعيل المزجاجي] (1) الشيخ الصالح إسماعيل بن العماد المزجاجي. توفي بقرية المزجاجة في شهر جمادى الأولى من سنة خمس وثمانين وثمان مائة، ودفن بالظاهرية قريبا من قرية المزجاجة. 4311 - [الطواشي كافور] (2) الطواشي كافور القاسمي خادم الحرم الشريف النبوي. توفي بزبيد مستهل رجب من سنة خمس وثمانين وثمان مائة. 4312 - [علي بن أحمد الناشري] (3) القاضي موفق الدين علي بن أحمد الناشري. ولي قضاء زبيد مدة، وكان الشيخ يوسف بن عامر يدنيه ويكرمه أيام إمرته على زبيد في أيام عمه علي بن طاهر وبعد أن توفي عمه. ولما خرج الشيخ يوسف من زبيد إلى الحجاز .. رفع إلى المنصور عبد الوهاب بن داود أن الشيخ يوسف أودع عند جماعة من أهل زبيد مالا جزيلا، منهم القاضي علي المذكور، فسأل كلّ من اتّهم بشيء من ذلك، فأقر، وأتى بما عنده، إلا القاضي علي المذكور، فأنكر أن يكون عنده شيء للشيخ يوسف، وحلفه المنصور على ذلك، فحلف عليه، فسقط من عين المنصور، وعزل عن القضاء بالقاضي تقي الدين عمر بن عبد المجيد الناشري، ثم رضي المنصور عليه، وألزمه صحبته، ثم اتصل بصحبة ولده الظافر عامر بن عبد الوهاب، فسافر معه وأنس به، وحصل بينهما اتحاد عظيم، وأحبه الظافر صلاح الدين، وبقي على أسبابه، واتسع جاهه، ولم يذهب عنه إلا محنة الحكم بين الناس.

(1) «بغية المستفيد» (ص 157)، و «هجر العلم» (4/ 2033). (2) «الضوء اللامع» (6/ 226)، و «بغية المستفيد» (ص 158). (3) «الضوء اللامع» (5/ 171)، و «بغية المستفيد» (ص 158)، و «هجر العلم» (4/ 2182).

4313 - [الأمير أحمد السنبلي]

ولم يزل على ذلك إلى أن توفي بزبيد في تاسع شهر رجب (1) من سنة ست وثمانين وثمان مائة، ودفن بباب سهام مقابر أهله. وكان من أهل العلم والدين، وصيانة العرض، والعفة والنزاهة، ولم يخلف بعده مثله من أهله. 4313 - [الأمير أحمد السنبلي] (2) الأمير أحمد بن فخر الدين السنبلي. توفي لعشرين في المحرم سنة سبع وثمانين وثمان مائة. 4314 - [عمر بن الفتى الأشعري] (3) تقي الدين عمر بن محمد الفتى بن معيبد الأشعري الإمام العالم العلامة. تفقه بشرف الدين إسماعيل بن أبي بكر المقرئ وغيره. وبرع في الفقه، وله فيه مصنفات مفيدة، منها: «مختصر المهمات» و «أنوار الأنوار مختصر الأنوار» وغير ذلك. وكان عبدا صالحا متواضعا. تخرج به جماعة، وصاروا أئمة علماء. توفي بزبيد ثاني عشر صفر من سنة سبع وثمانين وثمان مائة. 4315 - [علي ابن وهبان] (4) الأمير علي بن محمد بن وهبان، وأظنه أخا بحير بن محمد بن وهبان. جهز الملك المنصور عبد الوهاب بن داود جيشا إلى العبيد العامريين الذين كانوا يقطعون الطريق ويخيفون السبيل بتهامة، وأمر على الجيش أميرين: عمر بن عبد العزيز

(1) في «الضوء اللامع» (5/ 172): (ثامن شعبان). (2) «بغية المستفيد» (ص 161). (3) «الضوء اللامع» (6/ 132)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 314)، و «بغية المستفيد» (ص 162). (4) «بغية المستفيد» (ص 162).

4316 - [أبو بكر باشراحيل]

الحبيشي، وعلي بن محمد بن وهبان المذكور، فتوغل ابن وهبان المذكور في بلد العبيد، فحمل عليه العبيد، فقاتل حتى قتل مع أكثر العسكر الذين معه، وذلك في أوائل شهر القعدة من سنة سبع وثمانين وثمان مائة. 4316 - [أبو بكر باشراحيل] (1) أبو بكر بن عبد الرحمن بن شراحيل باشراحيل الإمام العالم العامل، المحدث الحافظ، الحضرمي. أصل بلده شبام من حضرموت، ثم انتقل إلى اليمن، فلازم حافظ اليمن الإمام يحيى العامري، وقرأ عليه في الحديث كثيرا حتى صار فيه ماهرا، وكان الغالب عليه علم الحديث، وله مشاركة في غيره من الفقه والنحو وغير ذلك. وصنف كتابا على «البخاري» و «مسلم» و «الموطأ» على نهج «مشارق الأنوار» للقاضي عياض سماه: «مفتاح السنة» وزاد فيه زيادات من «القاموس» وغيره، وهو كتاب مفيد في فنه. ثم أقام في قرية الحمراء من وادي لحج عند شيخها الشريف عمر بن عبد الرحمن باعلوي، وتأهل بها، وأولد، وقام الشريف عمر المذكور بكفايته وكفاية عائلته القيام التام. وتوفي بها ليلة الثلاثاء من شهر رمضان المعظم سنة ثمان وثمانين وثمان مائة، وأم في الصلاة عليه شيخنا الوالد رحمه الله، وكان بينه وبين الوالد ألفة عظيمة، وللوالد فيه اعتقاد وحسن ظن، ولما تقدم للصلاة عليه .. لم يتمالك أن تنشج بالبكاء مع ما كان في الوالد رحمه الله من قوة الجنان، والصبر التام عند الحدثان، وحصل الأسف عليه كثيرا رحمه الله ونفع به، آمين. 4317 - [أحمد ابن حفيص] (2) الشيخ أحمد بن أبي الغيث بن حفيص، أمير القبيلة الزيدية بجهة تهامة.

(1) «تاريخ شنبل» (ص 201)، و «هدية العارفين» (5/ 237). (2) «بغية المستفيد» (ص 164).

4318 - [بحير ابن وهبان]

كان شجاعا فارسا مقداما، فاتن الدولة كثيرا، وقد يصالحهم أحيانا، وله مع الدولة وقائع مشهورة تارة له وغالبها عليه. ولما استقوت الدولة في أيام الملك المنصور عبد الوهاب بن داود، واستولوا على بلدانه، وقهروه .. خرج هاربا بعائلته وحاشيته حتى بلغ إلى أبي عريش بجازان، فأقام بها مدة، ثم ساقه القدر المحتوم، فرجع إلى الزيدية مختفيا. وكان الأمير بحير بن محمد بن وهبان قد تجهز إلى البلاد الشامية بإشارة من الملك المنصور في سنة سبع وثمانين وثمان مائة، ومع الأمير بحير الأميران سليمان بن جياش السنبلي، وهلال بن فهد المخلافي، فظفرا بابن حفيص المذكور بعد تعب شديد وسياسة عظيمة، فتوجه به الأمير هلال إلى زبيد والملك المنصور بها، فدخل به زبيد عاشر عشرة من أولاده وأقاربه على جمل حاسر الرأس، مقيدا، راكبا على جمل، ثم طلع بقيدين إلى تعز. ولم يزل المذكور مأسورا بحصن تعز إلى أن توفي في شهر ربيع الآخر من سنة تسع وثمانين وثمان مائة، وشيع جنازته جمع. 4318 - [بحير ابن وهبان] (1) الشيخ بحير بن محمد بن محمد بن وهبان الشرعبي. خدم الملك المجاهد علي بن طاهر، ثم ابن أخيه الملك المنصور عبد الوهاب بن داود، وتقدم عنده، وعظمت منزلته لديه. وتوفي في أواخر شهر رجب من سنة تسع وثمانين وثمان مائة ببلده شرعب. 4319 - [عبد الله بن محمد الهبي] (2) الفقيه عبد الله بن محمد الهبّي. كان كثيرا ما يلي قسم الصدقات التي يتصدق بها الشيخ علي بن طاهر بزبيد، تارة مستقلا، وتارة مشاركا لغيره.

(1) «بغية المستفيد» (ص 164). (2) «الضوء اللامع» (5/ 69)، و «بغية المستفيد» (ص 164).

4320 - [عمر بن عبد الرحمن باعلوي]

ولما بحث الشيخ علي بن طاهر عن أوقاف زبيد، ووجد غالبها مع من لا يستحقه .. أمر الفقيه عبد الله المذكور وغيره أن يباشروا الوقف، وأن يواسوا به بين بني الناشري وبين غيرهم من الفقهاء المنقطعين عن الأسباب، ويرتبوا لكل أحد ما يناسب حاله، ففعلوا ذلك، وحصل به النفع العام. ثم طلع الشيخ علي بن طاهر إلى تعز وصحبته الفقيه عبد الله المذكور وشيخنا القاضي محمد بن حسين القماط ليفعلا بأوقاف تعز والجبال ما فعل بأوقاف زبيد، فلم يتم له ذلك، ورجع الفقيهان إلى بلدهما زبيد. ولم يزل الهبّي بزبيد، وإليه نظر مسجد الأشاعر وأمره إلى أن توفي في سادس عشر رجب من سنة تسع وثمانين وثمان مائة. 4320 - [عمر بن عبد الرحمن باعلوي] (1) عمر بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن علي باعلوي الشريف الحسيب النسيب، سراج الدين، الولي الصالح. ولد ببلدة تريم من حضرموت، ونشأ بها، وصحب الشيخ عبد الله بن أبي بكر باعلوي، ولبس منه الخرقة، وتربى وتخرج، وقرأ عليه، وحج مرارا، وجد واجتهد في العبادة، وكان معتقدا عند الدولة وغيرهم من الناس. وله مشاركة في الفقه والأدب والتصوف، وفعل الخير، وإحسان جم على الخاص والعام، وأقام بقرية الحمراء من وادي لحج، واتسع جاهه، وكبر صيته في أواخر أيام الملك المجاهد علي بن طاهر ودولة ابن أخيه الملك المنصور عبد الوهاب، فبذل جاهه وماله في نفع المسلمين، وكان يطعم الطعام. وبلغني أن خطه كان طلقا عند الديوان بعدن، يوصل بما شاء لمن شاء، ولا يراجع السلطان في ذلك. وكان لعبد العزيز بن إسحاق الناظر بثغر عدن فيه اعتقاد عظيم. ولما تخوف الشيخ عبد الباقي بن محمد بن طاهر من عبد الوهاب بن داود .. فر من

(1) «الضوء اللامع» (6/ 91)، و «تاريخ شنبل» (ص 202)، و «بغية المستفيد» (ص 164)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 623)، و «المشرع الروي» (2/ 240).

4321 - [إسماعيل ابن بكر]

الجبل إلى قرية الحمراء مستجيرا بالشريف عمر المذكور، فأصلح بينه وبين ابن عمه، ورجع الشيخ عبد الباقي إلى منزله بجبن. وله شعر حسن وقصائد طنابة في مدح النبي صلّى الله عليه وسلم، وفي مدح السادة بني جعمان، كالفقيه إبراهيم بن أبي القاسم بن جعمان وغيرهم، كشيخنا الفقيه جمال الدين أبي الفضل، والشيخ قاسم بن محمد العراقي، وغيرهما من العلماء والأولياء. وله مصنف في مناقب شيخه الشريف عبد الله العيدروس بن أبي بكر. وقرأ على الوالد في كتب مختصرة في النحو وغيره، وقرأ على شيخنا الإمام جمال الدين أبي الفضل. وفلج في آخر عمره، وثقلت لسانه، ثم استدعاه الشيخ عبد الوهاب بن داود إلى تعز هو والوالد، فلما وصلا إلى تعز .. مرضا جميعا، ومات الشريف عمر المذكور بتعز في يوم السبت السادس والعشرين من شهر رمضان من سنة تسع وثمانين وثمان مائة، ودفن بالأجيناد، وعلى قبره قبة عظيمة نفع الله به، آمين (1). 4321 - [إسماعيل ابن بكر] (2) إسماعيل بن إبراهيم بن بكر الإمام العالم العلامة. فقيه زبيد ومفتيها، وكان له مشاركة في الطب. توفي بزبيد في ليلة الأحد ثامن شهر الحجة من سنة تسع وثمانين وثمان مائة. 4322 - [سليمان بن جياش] (3) الأمير علم الدين سليمان بن جياش السنبلي. كان رحمه الله شجاعا مهابا، تقيا نقيا، حافظا لكتاب الله عزّ وجل، كثير التلاوة له. حج وزار في سنة ثمان وثمانين، ورجع إلى اليمن.

(1) في هامش (ت): (قال الديبع في «تاريخه الصغير»: فأمر الملك المنصور بتجهيزه ودفنه وإفراد قبره، وأمر أن يبنى على قبره قبة عظيمة، فامتثل أمره الشريف. انتهى). (2) «الضوء اللامع» (2/ 281)، و «بغية المستفيد» (ص 165)، و «هجر العلم» (2/ 1146). (3) «بغية المستفيد» (ص 165).

4323 - [محمد بن الملك المنصور]

وتوفي بزبيد ليلة العشرين من رمضان سنة تسعين وثمان مائة. 4323 - [محمد بن الملك المنصور] (1) الشيخ محمد بن الملك المنصور عبد الوهاب بن داود. كان فيه من النجابة والشجاعة والنجدة ما يستفحله به أبوه ويقدمه في ذلك على أخيه صلاح الدين عامر. دخل عدن مرتين في صحبة أبيه وأخيه. وتوفي بتعز ثامن عشر شوال من سنة تسعين وثمان مائة. 4324 - [الفضل بن علي دغشر] (2) الفضل بن علي دغشر. كان مشد زبيد في الدولة المجاهدية، واضطربت أحواله في الدول المنصورية إلى أن توفي في ثاني وعشرين شوال من سنة تسعين وثمان مائة. 4325 - [عبد الله ابن جعمان] (3) عبد الله بن عمر ابن جعمان الفقيه الإمام العلامة، الصالح، المعمر، عفيف الدين. توفي تاسع وعشرين ربيع الأول من سنة إحدى وتسعين وثمان مائة ببيت الفقيه ابن عجيل. 4326 - [محمد بن عبد القادر الناشري] (4) محمد بن عبد القادر الناشري القاضي جمال الدين، حاكم الشريعة ببندر الحديدة. مات فجأة: صلّى الجمعة وصلاة العصر بجامعها، ثم ذهب إلى بيته، فاضطجع على

(1) «بغية المستفيد» (ص 165). (2) «بغية المستفيد» (ص 166). (3) «الضوء اللامع» (5/ 38)، و «بغية المستفيد» (ص 166)، و «هجر العلم» (1/ 385). (4) «بغية المستفيد» (ص 166)، و «هجر العلم» (4/ 2182).

4327 - [قاسم بن وهبان]

فراشه، ومات، وذلك في ثامن جمادى الأولى من سنة إحدى وتسعين وثمان مائة، وولي وظيفته بعده ابنه عبد الله. 4327 - [قاسم بن وهبان] (1) الأمير قاسم بن وهبان. أرسله الملك المنصور عبد الوهاب بن داود إلى بلد الزيدية مقدما فيها، وتجاوز إلى مور، وقهر العرب وعنف عليهم في الخراج، فضاقوا منه، فتمالأ عليه الزعليون والصّمّيون لما خرج من مور إلى الزيدية فقتلوه في جماعة من عسكره ثالث شهر شعبان من سنة إحدى وتسعين وثمان مائة. 4328 - [علي بن الطيب النجار] (2) الفقيه علي بن الطيب النجار. كان يدعي الوصول إلى علم الكيمياء. خرج مع الأمير قاسم بن وهبان إلى الزيدية في سنة إحدى وتسعين وثمان مائة، فجعله الأمير ناظرا على أوقاف المساجد والآبار هناك، وقتل مع ثلاثين في شعبان من السنة المذكورة. 4329 - [أحمد المحتجب] (3) الشيخ شهاب الدين أحمد بن طلحة الهتار المعروف بالمحتجب. توفي بزبيد يوم الجمعة سادس عشر رمضان من سنة إحدى وتسعين وثمان مائة. 4330 - [محمد بن علي الحداد] (4) الفقيه جمال الدين محمد بن علي الحداد المعروف بصاحب الذراع.

(1) «بغية المستفيد» (ص 167). (2) «بغية المستفيد» (ص 167). (3) «بغية المستفيد» (ص 167). (4) «الضوء اللامع» (8/ 227)، و «بغية المستفيد» (ص 167)، و «هجر العلم» (2/ 710).

4331 - [عبد الملك بن داود]

كان موجها، مسموع الكلمة مع المجاهد علي بن طاهر، ثم مع المنصور عبد الوهاب بن داود، وكان باذلا جاهه لقضاء حوائج الناس. توفي ببلده في العشرين من شهر شوال من سنة إحدى وتسعين وثمان مائة. دخل عدن مرارا مع المجاهد، ثم مع المنصور. 4331 - [عبد الملك بن داود] (1) الشيخ عبد الملك بن داود بن طاهر، شقيق الملك المنصور عبد الوهاب بن داود. توفي ببلده جبن في سنة اثنتين وتسعين وثمان مائة. 4332 - [أحمد الجبرتي] (2) الأمير شهاب الدين أحمد الجبرتي السنبلي. توفي في المقرانة سنة اثنتين وتسعين وثمان مائة. 4333 - [أحمد ابن عبد اللطيف الشرجي] (3) أحمد بن أحمد بن عبد اللطيف الشرجي الحافظ المحدث العلامة. توفي بزبيد ليلة السبت تاسع ربيع الثاني من سنة ثلاث وتسعين وثمان مائة، ودفن بها ضحى يومها بتربة الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي، نفع الله بهم أجمعين. 4334 - [يحيى بن أبي بكر العامري] (4) أبو زكريا يحيى بن أبي بكر بن محمد العامري شيخ مشايخنا، الإمام العالم، الحافظ الصالح العابد.

(1) «بغية المستفيد» (ص 168). (2) «بغية المستفيد» (ص 170). (3) «الضوء اللامع» (1/ 214)، و «بغية المستفيد» (ص 171)، و «هجر العلم» (2/ 1043)، و «المدارس الإسلامية» (27). (4) «الضوء اللامع» (10/ 224)، و «تاريخ شنبل» (ص 205)، و «بغية المستفيد» (ص 171)، و «البدر الطالع» (ص 846)، و «هجر العلم» (1/ 457).

4335 - [الصديق بن علي المطيب]

غلب عليه علم الحديث، وكان فيه متقنا، وعارفا به وبطرقه وعلومه. قرأ على جماعة من الأئمة، واستجاز من آخرين. وقرأ عليه في الحديث خلق كثير من تهامة اليمن ونجده، منهم: شيخنا الشريف حسين بن الصديق الأهدل، والفقيه أبو بكر باشراحيل وغيرهم. وله مصنفات مفيدة، منها: «بهجة المحافل في السير والمعجزات والشمائل» و «الرياض المستطابة فيمن سمي في الصحيحين من الصحابة» وغير ذلك. وتوفي ببلده حرض في عاشر جمادى الأخرى من سنة ثلاث وتسعين وثمان مائة. 4335 - [الصّديق بن علي المطيب] (1) الصديق بن علي المطيب، قاضي الحنفية بزبيد، الإمام العلامة. توفي بزبيد ليلة الأربعاء سادس وعشرين رمضان من سنة ثلاث وتسعين وثمان مائة. 4336 - [الملك عبد الوهاب ابن طاهر] (2) الملك المنصور عفيف الدين عبد الوهاب بن داود بن طاهر بن معوضة بن تاج الدين القرشي الأموي العمري. عهد إليه عمه الملك المجاهد علي بن طاهر بالولاية في مرضه القديم. توفي ببلده جبن في سادس جمادى الأولى من سنة أربع وتسعين وثمان مائة. [ ........ ] (3). 4337 - [عمر قرينع] (4) عمر قرينع ويقول العامة: قرينا بالألف بدل العين.

(1) «الضوء اللامع» (3/ 320)، و «بغية المستفيد» (ص 171). (2) «الضوء اللامع» (5/ 100)، و «تاريخ شنبل» (ص 206)، و «بغية المستفيد» (ص 172)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (2/ 573). (3) بياض في الأصول. (4) «بغية المستفيد» (ص 175).

4338 - [أحمد بن محمد المقرطس]

كان مجذوبا، وللناس فيه اعتقاد حسن. توفي بزبيد يوم الأحد رابع رمضان من سنة أربع وتسعين وثمان مائة، وأعظم الناس أمره، وكان له مشهد عظيم. 4338 - [أحمد بن محمد المقرطس] (1) أحمد بن محمد المعروف بالمقرطس، شيخ دار الضرب بزبيد، وقابض أموال السلطان بها. ولما ولي الأمير محمد بن عيسى البعداني إمارة زبيد .. تزوج أخت المقرطس المذكور، فعظم أمره، وزادت حرمته، فكان لا يمنع من الدخول على الأمير أيّ وقت شاء. ولما ولي الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب اليمن، وحصلت الفتن من أخواله عبد الله بن عامر وإخوته، وكان غالب العسكر الذي مع الأمير البعداني بزبيد من مدل وغيرها الذي قد استولى الشيخ عبد الله بن طاهر على بلدانهم .. فخامروا على الأمير البعداني، وهموا بقتله، وساعدهم المقرطس على ذلك، فدخل على الأمير في الدار الكبير صبيح يوم الاثنين ثاني عشر رمضان من سنة أربع وتسعين وثمان مائة من غير استئذان على جاري عادته، ودخل معه شخصان من أهل مدل ليقتلا الأمير، ولم يكن عند الأمير سوى عبد في حاشية المجلس، فلما دخل .. وثب على الأمير ليلزمه، وأشار إلى الرجلين أن يقتلا الأمير، فأمر الأمير العبد الذي في حاشية المجلس أن يقتل المقرطس، فبادر العبد، وضرب المقرطس بالسيف ضربة قطع بها عضده، فأفلت الأمير، وأدهش من لقيه بذهب كان ينثره لهم حتى خرج من الدار، وقتل الرجلان اللذان دخل بهما صحبته، واختفى المقرطس في دار الضرب إلى نصف النهار، فأنذروا به، فلما علم بذلك .. خرج ليستجير ببيت الشيخ ابن أبي العباس الهتار، فواجهه ديواني-يقال له: الشوكة-في الطريق، فضربه بعود في رأسه، فسقط عند باب حسن الأقطع في الطريق، وطعنه عبد آخر في صدره طعنات، فمات، وسلب ثيابه، وطرح في الطريق عاريا، ثم أرسل الأمير من ستره وحمله إلى بيته، فجهّز، وصلي عليه، ودفن عصر ذلك اليوم.

(1) «بغية المستفيد» (ص 176).

4339 - [محمد الحكمي]

4339 - [محمد الحكمي] (1) محمد بن المعروف الحكمي، صاحب الملكة-قرية من قرى وادي رمع-الشيخ الكبير الصالح، جمال الدين. توفي بقريته المذكورة ليلة الخميس ثامن عشر ذي الحجة من سنة أربع وتسعين وثمان مائة، ودفن ظهر يوم الخميس المذكور. 4340 - [عبد الرحمن بن الطيب الناشري] (2) عبد الرحمن بن الطيب بن أحمد الناشري الإمام بن الإمام بن الإمام، شيخ الإسلام وابن شيخه، قاضي القضاة، وجيه الدين. توفي بزبيد ليلة السبت سابع وعشرين شهر الحجة من سنة أربع وتسعين وثمان مائة، وبموته شغرت وظيفة قضاء الأقضية. 4341 - [عبد الله بن أحمد العقيلي] (3) الفقيه عبد الله بن أحمد العقيلي. لما وقعت فتنة المقرطس بزبيد في سنة أربع وتسعين .. كان من جملة من اتهم في القضية أحمد بن الفقيه عبد الله المذكور، فبالغ الأمير محمد بن عيسى البعداني في الإغراء بهم إلى الملك الظافر حتى ضيق عليهم خاطره، فأمر بقبض بيوتهم وأراضيهم، فتفرقوا شذر مذر، ومزقوا كل ممزق، ورسّم على الفقيه عبد الله المذكور في بيت النقيب الوجيه بن إقبال، فلم يزل في الترسيم إلى أن توفي ليلة الاثنين سادس وعشرين صفر من سنة خمس وتسعين وثمان مائة، وحمل إلى عند ابنه، وكان مستجيرا ببيت الشيخ الغزالي، فجهزه، ودفنه بمقبرة باب القرتب بمشهد الفقيه أبي بكر الحداد رحمه الله.

(1) «بغية المستفيد» (ص 178). (2) «طبقات صلحاء اليمن» (ص 319)، و «بغية المستفيد» (ص 178)، و «هجر العلم» (4/ 2183). (3) «بغية المستفيد» (ص 179).

4342 - [شداد بن محرم العنسي]

4342 - [شدّاد بن محرم العنسي] (1) شداد بن محرم العنسي الأمير الكبير. قتل في الربيعتين (2) سنة خمس وتسعين وثمان مائة. 4243 - [عبد اللطيف الشرجي] (3) عبد اللطيف بن محمد بن زين الدين الشرجي الحنفي، الفقيه سراج الدين. توفي بزبيد يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى من سنة خمس وتسعين وثمان مائة. 4344 - [إسماعيل ابن ناصر] (4) إسماعيل بن محمد بن ناصر، إمام مسجد الأشاعر بزبيد. توفي بها في رابع عشر ربيع الأول من سنة خمس وتسعين وثمان مائة. 4345 - [عبد الله الحكمي] (5) عبد الله بن إبراهيم الحكمي الشيخ، صاحب بيت العقار. توفي بزبيد عاشر شعبان سنة خمس وتسعين وثمان مائة، ودفن بتربة الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي. 4346 - [عبد الباقي مكرد] (6) عبد الباقي بن عمر العجلمي المعروف بمكرد. ولي الإمارة في أول خلافة الملك الظافر بلحج، ثم ولي إمرة زبيد في ذي الحجة من سنة

(1) «بغية المستفيد» (ص 179). (2) في «بغية المستفيد» (ص 179): (بالرباعتين). (3) «بغية المستفيد» (ص 180). (4) «بغية المستفيد» (ص 180). (5) «بغية المستفيد» (ص 181). (6) «الضوء اللامع» (10/ 168)، و «بغية المستفيد» (ص 182).

4347 - [الأمير أحمد السنبلي]

أربع وتسعين وثمان مائة، فضبط أمورها، وأحسن تدبيرها. ولم يزل يغير على المعازبة، ويأخذهم قليلا قليلا حتى خرج إليهم في ليلة الثلاثاء سادس شعبان من سنة ست وتسعين وثمان مائة، فصبحهم بكرة يومها، وهزمهم، وقتل منهم نحو الستين، ثم إنهم اجتمعوا وحملوا عليه، فانكشف عنه أصحابه، فأحاط به المعازبة وقتلوه، واستقلعوا من خيل الدولة جملة، وكان يوما عظيما؛ أوله له، وآخره عليه. 4347 - [الأمير أحمد السنبلي] (1) أحمد بن إسماعيل السنبلي الأمير شهاب الدين. غزا العبيد الحرابة (2) في تهامة، ودخل عليهم إلى المواضع العسرة من حازتهم، فأخذ دوابهم، ولما أراد الخروج .. أخذت العبيد عليه بمجامع الطرق وقتلوه هو وولده في جماعة غيرهما، وأخذوا خيلهم، وذلك في شهر ذي القعدة من سنة ست وتسعين وثمان مائة. 4348 - [أبو القاسم جعمان] (3) الفقيه الصالح شرف الدين أبو القاسم بن الإمام العالم الصالح برهان الدين إبراهيم بن أبي القاسم جعمان. توفي ببيت الفقيه ابن عجيل ليلة الخميس أول ليلة من سنة سبع وتسعين وثمان مائة، وأسف عليه والده أسفا شديدا، ومات والده بعده بأيام قلائل. 4349 - [إبراهيم جعمان] (4) إبراهيم بن أبي القاسم جعمان الإمام العالم الصالح. توفي في تاسع عشر صفر من سنة سبع وتسعين وثمان مائة.

(1) «بغية المستفيد» (ص 184). (2) في «بغية المستفيد» (ص 184): (عبيد لام). (3) «بغية المستفيد» (ص 184). (4) «الضوء اللامع» (1/ 117)، و «بغية المستفيد» (ص 184)، و «هجر العلم» (1/ 385).

4350 - [محمد بن أحمد الأمين]

4350 - [محمد بن أحمد الأمين] (1) الفقيه محمد بن أحمد الأمين عجيل. توفي بزبيد، وحمل إلى بيت الفقيه ابن عجيل، وغسّل، وكفّن، وصلّى عليه، ودفن عند الإمام أحمد بن موسى عجيل. 4351 - [الوجيه ابن إقبال] (2) الوجيه بن محمد بن إقبال النقيب. توفي تحت بيضا حصي في أول يوم من ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وثمان مائة. 4352 - [حسن الصياحي] (3) حسن بن عبد الرحمن الصياحي الفقيه الأديب الشاعر، شيخنا العلامة، مفتي تعز. كان شاعرا مفلقا، إماما في علم الحساب والفرائض، والجبر والمقابلة، [وله في علم النحو والفقه مشاركة جيدة، وكان قد اتحد بالملك الظافر ولازم بابه] (4) إلى أن توفي بتعز في ضحى يوم السبت تاسع عشر من شوال سنة ثمان وتسعين وثمان مائة. 4353 - [عيسى بن محمد الناشري] (5) عيسى بن محمد الناشري الفقيه العالم العلامة الصالح. ولي قضاء لحج، فعزل قاضيها محمد بن عبد الله الناشري، فأقام به أشهرا، ثم عزل نفسه تدينا. ورجع إلى زبيد، وأقام بها إلى أن توفي بها صبح يوم الثلاثاء منتصف ربيع الأول من سنة تسع وتسعين وثمان مائة.

(1) «بغية المستفيد» (ص 185). (2) «بغية المستفيد» (ص 178). (3) «الضوء اللامع» (3/ 103)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 249)، و «بغية المستفيد» (ص 188). (4) بياض في الأصول، والاستدراك من «بغية المستفيد» (ص 189). (5) «بغية المستفيد» (ص 189).

4354 - [الصديق بن علي الخياط]

4354 - [الصديق بن علي الخياط] (1) الصديق بن علي الخياط، وزير الشريف أحمد بن دريب صاحب جازان. أرسله مخدومه إلى الملك الظافر بهدية، وهي ست رءوس من الخيل الجيدة المكملة، فمات في الطريق بين بيت الفقيه ابن عجيل وزبيد في ثامن جمادى الأولى من سنة تسع وتسعين وثمان مائة، فأسف عليه الظافر كثيرا؛ إذ كان في كتب الشريف إلى الظافر: وعلى لسان السفير الخياط ما يحقق لكم كفاية. 4355 - [موسى بن أحمد الناشري] (2) موسى بن أحمد الناشري الفقيه كمال الدين. حصل بزبيد مطر، ثم نزلت عقب ذلك صاعقة على داره، وكان في ناحية وابنه علي في مكان آخر من الدار، فاحترق الفقيه المذكور وابنه علي وماتا، ولم يعرف السابق منهما، وذلك عشية الخميس ثالث رجب من سنة تسع وتسعين وثمان مائة. 4356 - [عبد الرحمن باعمر] (3) عبد الرحمن بن أحمد باعمر باعلوي الشريف الحسيني الحضرمي. كان مقيما بزبيد ولديه شيء من حطام الدنيا يتجر فيه. وكان عبدا صالحا، كثير الصدقة والإطعام، مواظبا على الصلوات جماعة في مسجد الأشاعر. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي بزبيد عصر الخميس ثامن عشر رجب من سنة تسع وتسعين وثمان مائة.

(1) «بغية المستفيد» (ص 190). (2) «الضوء اللامع» (10/ 176)، و «بغية المستفيد» (ص 193)، و «هجر العلم» (4/ 2183). (3) «بغية المستفيد» (ص 193).

4357 - [عبد اللطيف المشرع]

4357 - [عبد اللطيف المشرع] (1) عبد اللطيف بن موسى المشرع عجيل الإمام العلامة الصالح، سراج الدين. توفي بزبيد ظنا ليلة التاسع والعشرين من شهر المحرم أول سنة تسع مائة. 4358 - [يحيى بن محمد الصامت] (2) يحيى بن محمد الصامت الناشري الفقيه العلامة، مفتي زبيد. توفي يوم السبت ثامن عشر المحرم من سنة تسع مائة. 4359 - [إسماعيل المشرع] (3) الشيخ إسماعيل بن أحمد المشرع عجيل. توفي بزبيد ليلة الثلاثاء سادس جمادى الآخرة من سنة تسع مائة. 4360 - [قاسم بن محمد العراقي] (4) الشيخ قاسم بن محمد بن الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف العراقي الولي الصالح. قرأ على القاضي محمد با حميش فيما أظن، وقرأ على شيخنا جمال الدين أبي الفضل كثيرا، وصحبه صحبة أكيدة، وكذلك كان بينه وبين الشريف عمر بن عبد الرحمن باعلوي صاحب الحمراء صحبة ومودة أكيدة. وله خط حسن، ومشاركة جيدة في الفقه والنحو، واستقامة على الكتاب والسنة في غالب أحواله مع سكينة ووقار، عليه سيما الصالحين، وكان أفقه وأصلح من أبيه وجده رحم الله الجميع ونفع بهم، آمين. توفي بعدن في جمادى الآخرة من سنة تسع مائة.

(1) «الضوء اللامع» (4/ 339)، و «بغية المستفيد» (ص 194)، و «هجر العلم» (1/ 232). (2) «الضوء اللامع» (10/ 243)، و «بغية المستفيد» (ص 194)، و «هجر العلم» (4/ 2183). (3) «الضوء اللامع» (2/ 290)، و «بغية المستفيد» (ص 197)، و «هجر العلم» (1/ 230). (4) «الضوء اللامع» (6/ 190)، و «بغية المستفيد» (ص 198).

4361 - [محمد الطاهر ابن جعمان]

4361 - [محمد الطاهر ابن جعمان] (1) محمد الطاهر بن أحمد بن عمر بن جعمان الإمام العلامة، الولي الصالح. توفي بمنزله من بيت الفقيه ابن عجيل في ليلة الجمعة رابع عشر رجب من سنة تسع مائة. قال الحافظ وجيه الدين الديبع: (ولم يخلف بعده من السادة بني جعمان مثله) (2). 4362 - [حسن الهتار] (3) حسن بن أبي العباس الهتار، الشيخ نور الدين. توفي بزبيد ليلة الأربعاء سادس عشر رمضان من سنة تسع مائة، وكان له مشهد عظيم. 4363 - [محمد بن عبد الله الناشري] القاضي محمد بن عبد الله الناشري. قدم عدن، وقرأ على شيخنا محمد بن حسين القماط، وولي قضاء وادي لحج مدة، ثم عزل عنه، فلزم بيته بعدن إلى أن مات في سنة تسع مائة. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «الضوء اللامع» (7/ 26)، و «بغية المستفيد» (ص 198)، و «هجر العلم» (1/ 386). (2) «بغية المستفيد» (ص 198). (3) «بغية المستفيد» (ص 198).

الحوادث

الحوادث السنة الحادية والثمانون بعد الثمان مائة في خامس وعشرين ربيع الأول منها: توفي الشيخ الصالح يحيى بن محمد بن أفلح بقرية الزريبة من وادي زبيد. وفي جمادى الأولى: جهز المجاهد علي بن طاهر نيفا وخمسين فرسا مكملة العدة إلى المجاهد ابن سعد الدين بالحبشة؛ إعانة في سبيل الله (1). وفي رجب: قدم المجاهد إلى زبيد وصحبه بنو أخيه: الشيخ عبد الوهاب بن داود، والشيخ عبد الباقي بن محمد بن طاهر، والشيخ أحمد بن عامر بن طاهر، فوقفوا بها إلى رمضان، ثم طلع الشيخ عبد الوهاب والشيخ أحمد بن عامر إلى الجبل (2). وفي شعبان: جهز المجاهد ابن أخيه يوسف بن عامر إلى الزيدية، فاستقر بالمراوعة، وقابله بنو حفيص بالسمع والطاعة وبذل الخراج، ودخلت عليه القبائل، فأجازهم (3). وفي شوال: غزا الشيخ يوسف بن عامر بن سليمان بطريق تعز، وتسلم حصونهم، وأخرب معاقلهم، وقتل جماعة منهم (4). وفي آخر شوال: طلع المجاهد من زبيد إلى تعز وصحبته ابنا أخيه عبد الباقي بن محمد ويوسف بن عامر (5). وفي ثالث شهر القعدة: توفي الفقيه عمر الخامري بمدينة حيس. *** السنة الثانية والثمانون فيها: فصل الشرف إسماعيل بن محمد الأحمر عن ولاية زبيد بالفقيه عبد الله بن أحمد

(1) «بغية المستفيد» (ص 147). (2) «بغية المستفيد» (ص 147). (3) «بغية المستفيد» (ص 147). (4) «بغية المستفيد» (ص 147). (5) «بغية المستفيد» (ص 147).

العقيلي، وطلب الشرف أحمد إلى عدن ليولى نظرها، فلم يتفق (1). وفي ليلة الثامن من ربيع الأول: توفي شيخ الإسلام عفيف الدين عبد الله بن الطيب الناشري، واستمر عوضه أخوه شيخ الإسلام وجيه الدين عبد الرحمن بن الطيب الناشري. وفي ربيع الأول: كانت الوقعة المشهورة بين الشريف محمد بن بركات صاحب الحجاز وبين الشريف أبي الغوائر أحمد بن دريب بن خالد صاحب جازان بسبب وحشة حصلت بينهما، وذلك أن الشريف محمد بن بركات وقع بينه وبين بعض إخوته-وأظنه إبراهيم- منافرة، فأراد إبراهيم المسير إلى مصر ليشكو أخاه، فلم يمكنه العزم إلى مصر لا من ينبع ولا من المدينة ولا من غيرهما رعاية لأجل الشريف محمد بن بركات، فتوجه إلى اليمن إلى جازان، فأركبه صاحب جازان من بندوة إلى سواكن، ثم توجه من سواكن إلى مصر، فكان ذلك سبب الوحشة بينهما، فتجهز الشريف محمد بن بركات من مكة في جمع عظيم، فوصل إلى جازان، وترددت الرسل بينه وبين صاحب جازان، فلم ينتظم بينهما صلح، فوقعت بينهما وقعة عظيمة كاد ينهزم فيها الشريف محمد بن بركات، وكان قد استعد معه جملة من المحلقة المطلية بالذهب، من رآها .. لا يشك في أنها أشرفية ذهب خصوصا العرب الذين لا يميزون بين رزن الذهب وخفة الفضة، فلما رأى الانحلال في أصحابه .. بث ذلك في عسكر صاحب جازان، وأفسدهم عليه بالدرهم حتى تخاذلوا عنه، وانهزم صاحب جازان، وقتل من أصحابه نحو الخمسة عشر، ودخل الشريف محمد بن بركات جازان وأحرقها ونهبها، وانتهكت به الحرمات، وانكشفت به العورات، وجرى على نساء صاحب جازان من الذل والإهانة وكشف الحجاب ما لم يكن في حساب (2). وفي هذه السنة: قدم ولد صاحب جازان بعد الكسرة إلى زبيد وبها يومئذ الشيخ يوسف بن عامر، فكساه وأنعم عليه، وسيره إلى عمه الملك المجاهد بعدن في جملة فرسان، فلقيه المجاهد بها، وأنعم عليه، وأعطاه مالا جزيلا، ورده إلى بلده مكرما، وخاف المجاهد من تطرق الشريف محمد بن بركات إلى زبيد وأعمالها، فأرسل إلى سلطان مصر قايتباي بهدية عظيمة وكتاب فيه شفاعة لصاحب جازان بأن يقصر الشريف محمد بن بركات عن العود إلى جازان، فكتب الأشرف قايتباي إلى الشريف محمد بن بركات بأن

(1) «بغية المستفيد» (ص 147). (2) «بغية المستفيد» (ص 148).

السنة الثالثة والثمانون

جازان بلدنا، وأنا قد تصدقنا على الشريف أحمد بن دريب، فلا لك إليه اعتراض بعد هذا (1). وفي ربيع الأول: توفي الفقيه الصالح يحيى بن أحمد الجهمي المعروف بصاحب المصباح ببلده في أصاب. وفي ذي القعدة منها: نصب الملك المجاهد المنجنيقات على حصن الشيخ إدريس المعروف بالخضراء بقرب خدد، وأخرب أكثرها، ثم نزل إليه الحبيشي باذلا الطاعة، وسلم الحصن، ومضى تحت ركابه وخدمته (2). *** السنة الثالثة والثمانون في ثامن وعشرين المحرم منها: قتل الشيخ إدريس بن محمد بن الجلال الحبيشي صاحب خدد بعدن. وفي تاسع وعشرين الشهر المذكور: توفي قاضي عدن وجيه الدين عبد الرحمن بن عبد العليم المخادري. وفي الشهر المذكور: خرج الملك المجاهد من عدن إلى بلده وقد ابتدأ به المرض، فأقام بلحج أياما، وبجبيل بدر أياما، ثم دخل جبن، واستدعى شيخنا القاضي جمال الدين محمد بن حسين القماط من تعز، فواجهه بجبن، فولاه بها قضاء عدن في آخر ربيع الأول (3). وفي عاشر ربيع الآخر: توفي الملك المجاهد علي بن طاهر بن معوضة بن تاج الدين ببلده جبن رحمه الله، وكان قد عهد إلى ابن أخيه الشيخ عبد الوهاب بن داود في مرضه القديم كما قدمناه (4)، فبادر الشيخ عبد الوهاب بن داود ليلة وفاة عمه بعد اتفاق الكلمة عليه إلى النزول إلى عدن وفي صحبته شيخنا القاضي جمال الدين محمد بن حسين القماط، فدخلها يوم الثلاثاء ثالث عشر ربيع الآخر بغتة قبل أن يعلم أهل البلد بوفاة عمه، وأظهر

(1) «بغية المستفيد» (ص 149). (2) «بغية المستفيد» (ص 149). (3) «بغية المستفيد» (ص 149). (4) انظر (6/ 464).

لأهل الباب ورقة عليها علامة عمه في دخوله إلى عدن لتجهيز الموسم، ودخلها في عسكر قليل غالبهم من وادي لحج أقروض وعقارب وعبادل، فلما استقر بالدار، وواجهه نقباء الحصون ونقباء يافع ووجوه البلد .. أظهر وفاة عمه، وبايعهم لنفسه، ولقب بالملك المنصور، وأقام الشيخ أحمد بن عامر بجبن أياما قلائل جهز فيها عمه، وقرأ عليه، وجمع العساكر، ونزل بهم إلى عدن، وأقام الملك المنصور بعدن أياما، فدبر أمورها، وقرر قواعدها، وسار بالناس سيرة جميلة، وفرق في العساكر أموالا جزيلة وكساوي جليلة، وجدد لشيخنا القاضي محمد بن حسين القماط ولاية القضاء بعدن، وأقام بها إلى آخر الشهر، ثم خرج منها هو وابن عمه الشيخ أحمد بن عامر، وحمل أموالا جزيلة عظيمة إلى المقرانة يقال: إن مبلغه خمسة لكوك ذهب، ومن الفضة ما لا يحصى، ثم نزل من المقرانة إلى تعز، ثم إلى زبيد وابن عمه الشيخ يوسف بن عامر إذ ذاك بها منابذا للمنصور، مستعدا لقتاله ومخالفته بعد أن كتب إليه المنصور بالملاطفة ووعده بتقريره على ما كان عليه في زمن عمه المجاهد، وأرسل إليه بمال صحبة الشرف الأحمر، فلم يقبل الصلح، ونزع اليد من الطاعة، وشحن الحجارة على الدروب، وكلف أهل زبيد حمل السلاح وطلوع الدروب، وتوعد أهل زبيد بالنهب وغيره إن لم ينصروه، وأمر الخطيب أن يخطب لبني طاهر على العموم، ولما قرب الملك المنصور من زبيد .. أمر الشيخ يوسف عبيد السلطان وعبيد السيد أن يخرجوا لحراسة البلد من خارجها، فلما خرجوا .. ذهبوا إلى الملك المنصور، وقام الشيخ بحير بن محمد بن وهبان في هذا الأمر قياما عظيما، وكان باطنه مع الشيخ عبد الوهاب، وظاهره مع الشيخ يوسف، فلما علم الشيخ يوسف بذهاب العبيد إلى المنصور .. خرج ليردهم، فأغلق الشيخ بحير في وجهه أبواب زبيد، فرجع إلى المدينة، فلم يفتح له الباب، وأعلنوا بالتنصير للملك المنصور، فتوجه الشيخ يوسف إلى حصن قوارير وقد كان شحنه ما يحتاج إليه، وكانت ليلة مظلمة، ولم يجد من يرشده الطريق، فأشار عليه بعض خواصه بالرجوع إلى طاعة ابن عمه وتسليم الأمر إليه، فذهب إلى محطة المنصور تلك الليلة، فلما قرب من المحطة .. ماجت المحطة، واضطرب الناس ظنا أنه جاء لحرب، فلما ظهر الحال .. سكن الناس، فدخل على ابن عمه الملك المنصور، فعاتبه عتابا لطيفا، وقابله بالإكرام والإحسان، وأمره بالتوجه إلى خيمة أخيه أحمد والنوم عنده، ودخل صحبته إلى زبيد في ثاني عشر جمادى الأولى من السنة المذكورة في خمس مائة فارس وألف راجل، فأقام بزبيد مدة يمهد قواعدها ويقرر أمورها، ووفدت عليه قبائل العرب، فأجزل صلاتها. وأما الشيخ يوسف بن عامر .. فلم يطب له المقام بزبيد، واشتد غمه، وتخوف من ابن

السنة الرابعة والثمانون

عمه لما سبق منه، فاستشفع إليه بأخيه الشيخ أحمد بن عامر، وحمل إليه القرآن العظيم ليفسح له في الخروج والذهاب حيث شاء، ففعل بعد امتناع شديد حياء من أخيه الشيخ أحمد بن عامر ومراعاة له، فخرج يوم الأربعاء ثاني يوم من دخول المنصور زبيد، وخرج صحبة الحاج محمد صاحب الذراع والشيخ محرم العنسي، فكاد أن يفتك بهما لشدة غيظه، فوصل إلى البقعة وقد أعدت له هناك سفينة، فركبها يوم الخميس رابع عشر الشهر المذكور، فبلغ إلى قرب مكة المكان الذي كان فيه الشريف محمد بن بركات صاحب الحجاز نازلا به، فواجه الشريف ثمّ، فأكرم منزله، وأقام عنده مدة، ثم رجع إلى اليمن، وكان عند خروجه من زبيد قد أودع مالا عند جماعة من أهل زبيد، كالقاضي علي بن أحمد الناشري، والجمال القميري، وأشياء كثيرة ببيت الشيخ الغزالي، وأشياء عند الشيخ أحمد الشنيني صاحب القرشية، فطالبهم المنصور بما عندهم، فكلّ سلّم ما عنده إلا القاضي الناشري فإنه أنكر ذلك، فطلب منه يمينه فحلف؛ إذ يجوز للوديع أن يحلف على نفي الوديعة إذا خاف عليها ممن يأخذها، فكان ذلك سبب سقوطه عند المنصور، فعزله عن القضاء بالقاضي تقي الدين عمر بن عبد المجيد الناشري، ولم تطل مدة القاضي عمر المذكور، فتوفي رابع وعشرين شعبان من السنة المذكورة، واستمر عوضه القاضي جمال الدين محمد بن عبد السلام الناشري قاضيا بزبيد (1). *** السنة الرابعة والثمانون في المحرم منها: توفي الفقيه العالم إسماعيل ابن مبارز. وفيها: رجع الشيخ يوسف بن عامر من الحجاز إلى اليمن، ودخل بلاد بني حفيص، فأكرمه الشيخ أحمد بن أبي الغيث، وأكرم نزله، وزوجه بنتا له، ولبث عندهم إلى أن نزل المنصور عبد الوهاب بن داود وصحبه الشيخ أحمد بن عامر إلى زبيد في شوال من السنة المذكورة، وخرجا مسرعين من زبيد إلى بلد بني حفيص، وحاول المنصور صلحهم فلم يجيبوه إلى ذلك، فقاتلهم يوم الخميس مستهل القعدة، فقتل الشيخ أحمد بن عامر، ثم لما علم الشيخ يوسف بن عامر بقتل أخيه .. كر هو وجند المنصور على بني حفيص، فكانت

(1) «بغية المستفيد» (ص 149).

الدائرة على بني حفيص، قتل منهم أكثر من أربع مائة قتيل، وانهزموا، ثم دخل المنصور إلى زبيد وصحبه الشيخ يوسف، ثم طلعا إلى تعز (1). وفي شهر ربيع الآخر منها: حصل في اليمن غلاء عظيم، واستدام إلى سنة ست، واشتد في جمادى الآخرة منها، وعمّ زبيد وتعز وعدن وصنعاء وصعدة والشحر ومقدشوه وزيلع وبر سعد الدين، واشتد بزيلع وبرّها، وعدم الطعام بها أياما حتى أكلوا الجلود، وتعب الناس لذلك، وماتوا موتا ذريعا، وغاية الغلاء الذي حصل بعدن بلغ قيمة الزيدي الذرة أربعة دنانير، والمكيال العدني ثلاثين دينارا، ورآه الناس غلاء عظيما. وأمر شيخنا القاضي جمال الدين محمد بن حسين القماط الناس بالاستسقاء، ونادى فيهم بصيام ثلاثة أيام، ويخرجون صبح الرابع صائمين، وأمرهم بالتوبة والخروج من المظالم، فامتثلوا، وخرجوا في اليوم الرابع صائمين إلى حقات، وصلوا صلاة الاستسقاء، وخطب بهم الخطيب خطبة بليغة، ثم صبر أياما، وأمر الناس بالصيام والخروج ثانيا إلى حقات لصلاة الاستسقاء، وندب التجار إلى إخراج شيء على سبيل الصدقة، فأجابوه إلى ذلك، وسلم كل واحد على ما قدره الله له، فاشترى به القاضي طعاما وغنما وبقرا، ومدّ سماطا للفقراء بحقات بعد انصراف الناس من صلاة الاستسقاء، فحصل المطر في ذلك اليوم في البلد، ثم حصل عقب ذلك أمطار كثيرة وسيول عظيمة بوادي لحج وبوادي زبيد تفجرت منه الأعين، وزاد زيادة بالغة، ونزل سعر الطعام، فبلغ المكيال بعدن عشرين دينارا، ثم نزل إلى ثمانية عشر دينارا، ثم إلى خمسة عشر دينارا فضة، واستمر على ذلك مدة إلى سنة ست، ثم لم يزل السعر يرخص حتى بلغ المكيال العدني ستة دنانير، فلله الحمد والمنة (2). وفي آخر هذه السنة: حج سلطان الديار المصرية الملك الأشرف قايتباي، سار من مصر بعد مسير الحاج بأيام في خمس مائة راحلة متجردا للحج، ولم يعلم الحاج بمخرجه، فحج وزار المدينة الشريفة، وأمر الناظر بفتح حاصل الحرم النبوي، ففتحه له، فحمل ما وجد فيه من الذهب والفضة من قناديل وغيرها، وعزم به صحبته إلى مصر، فلامه الناس في ذلك، ولم يعلموا ما قصد بذلك، فلما وصل إلى مصر .. اشترى بذلك أراضي مزدرعة بمصر؛ لتحمل غلتها كل سنة إلى أهل المدينة، ويقسّم على من بها من صغير وكبير وذكر

(1) «بغية المستفيد» (ص 156). (2) «بغية المستفيد» (ص 157).

السنة الخامسة والثمانون

وأنثى، وأراد أن يجعل ذلك كمطبخ الخليل صلّى الله عليه وسلم بالقدس، ولم يزل ذلك مستمرا أيام ولايته، وحصل به النفع العام لأهل المدينة (1). *** السنة الخامسة والثمانون في أولها: قيد الشيخ عبد الوهاب بن داود ابن عمه يوسف بن عامر بتعز لمكيدة ظهرت للمنصور من الشيخ يوسف، ولم يزل ينقله من سجن إلى سجن ومن بلد إلى بلد حتى استقر في رداع العرش إلى أن مات بها. وفي صفر: أجريت عين المغرس بزبيد على نظر القاضي شرف الدين الأحمر (2). وفي ثالث وعشرين جمادى الآخرة: توفي الشيخ إسماعيل بن علي الحندج. وفي مستهل رجب: توفي الطواشي كافور القاسمي خادم الحرم الشريف النبوي بزبيد. وفي رابع عشر: وقع بزبيد حريق عظيم (3). وفي شهر جمادى الأولى: توفي الشيخ إسماعيل العماد المزجاجي بقرية المزجاجة. *** السنة السادسة والثمانون في تاسع عشر صفر منها: قتل أمير البلاد الحيسية عمر العدار بحد بني سيف (4). وفي ربيع الثاني: تسلم المنصور حصن خدد المشهور بالمنعة بعد طول حصاره من دولة عمه المجاهد إلى هذا التاريخ، ووجد به عددا وذخائر كثيرة (5). وفي تاسع رجب: توفي القاضي موفق الدين علي بن أحمد الناشري بزبيد. وفي الشهر المذكور: وقع بزبيد حريق عظيم، وتلف فيه بعض بني آدم، ودواب، وأموال كثيرة (6).

(1) «بغية المستفيد» (ص 157). (2) «بغية المستفيد» (ص 157). (3) «بغية المستفيد» (ص 158). (4) «بغية المستفيد» (ص 158). (5) «بغية المستفيد» (ص 158). (6) «بغية المستفيد» (ص 159).

وفي هذه السنة: تصدق المنصور بصدقة جليلة تنيف على أربعين ألف أشرفي من الذهب وخمسة وستين ألف دينار من الفضة، ووقعت من الناس موقعا عظيما؛ لحصولها في وقت الحاجة، وعمومها لجميع الناس (1). وفيها: توفي قاضي تعز محمد بن داود الوحصي، وولي قضاء تعز بعده القاضي أبو بكر بن علي بن عمران. وفي تاسع شعبان: قدم المنصور إلى زبيد، وجهز الأمير عمر بن عبد العزيز وسليمان بن جياش إلى الزيدية في عسكر عظيم، ثم رجعا إلى زبيد على صلح من بني حفيص والزيديين كافة، ووصل معهم جماعة من بني حفيص، والفقهاء بني حشيبر، وبني مطير، والقاضي جمال الدين محمد بن أحمد الأشخر، ووصلوا بأولاد أحمد بن أبي الغيث على سبيل الرهائن (2). وفي ثالث عشر رمضان: احترق الحرم الشريف النبوي، وذلك أنه حصل مطر بالمدينة، ونزلت عقبه صاعقة على المنارة التي تلي الضريح الشريف والمؤذن واقف يذكر بها، فاحترقت المنارة، ومؤذنها، والقبة الشريفة، والدرابزين في الروضة، وخزانة حاصل الحرم الشريف، واحترق في الحرم الشريف نحو ثلاثة عشر نفرا، فلما بلغ الخبر سلطان الديار المصرية الملك الأشرف قايتباي .. أرسل الخواجا محمد بن الزمن لعمارته، فعمره عمارة جيدة لم يسبق إلى مثلها (3). وفي الشهر المذكور أيضا: جعل الملك المنصور النظر في وقف زبيد وأعمالها لشيخ الإسلام وجيه الدين عبد الرحمن بن الطيب الناشري (4). وفي عاشر ذي القعدة: قدم الشريف أبو الغوائر أحمد بن دريب بن خالد صاحب جازان على الملك المنصور بزبيد في عسكر كثير من الخيل والرّجل، فلما علم المنصور بقدومه .. احتفل به، وهيأ له الضيافة الخاصة والعامة، وخرج في جيوشه للقائه إلى ظاهر زبيد، فلما واجهه .. نزل المنصور من فرسه وترجل، ثم ترجل الشريف، وتسالما، واعتنقه، ثم ركبا معا، وقدمه المنصور عليه، وتماشيا ساعة، وتفرقا، فدخل المنصور من باب سهام الذي

(1) «بغية المستفيد» (ص 159). (2) «بغية المستفيد» (ص 159). (3) «بغية المستفيد» (ص 160). (4) «بغية المستفيد» (ص 160).

السنة السابعة والثمانون

خرج منه للقائه، وأرسل مع الشريف طائفة من جنده وأمرائه إلى بستان حائط لبيق، وقال الشريف هناك إلى العصر، ثم دخل من باب الشبارق دخولا معظما، ودخل على المنصور في الدار الكبير الناصري، فأكرمه وعظمه، وأعلى منزلته، وطلب القضاة والعلماء والأمراء والأعيان لحضور الضيافة، وكان يوما معظما أظهر فيه الملك المنصور التواضع والبرّ لذرية رسول الله صلّى الله عليه وسلم والقيام بواجب حقهم، ثم أنزله بدار المعاصر، وأعطاه مالا جزيلا، ولم يزل عنده محترما إلى أن طلع المنصور إلى تعز سابع عشر الشهر المذكور، وخرج الشريف المذكور لوداعه، فلما رجع .. منع من دخول المدينة إلا بإشارة من المنصور، فنزل الشريف بقرية النويدرة أياما، ثم توجه إلى بلده ثالث وعشرين الشهر المذكور (1). وفي هذه السنة: وقّع بعض الكتاب إلى المنصور أن الشرف الأحمر وأصحابه أخذوا من مال السلطان أشياء مختلفة الأنواع، فرسّم على الشرف الأحمر وأصحابه ومنهم الفقيه محمد الشجون، وأدّبهم، وعزلهم عن وظائفهم، وولى الفقيه وجيه الدين عبد الرحمن بن إبراهيم العلوي والفقيه محمد الهمام في عمالة الديوان، وقاضي حيس الفقيه أحمد البجلي الاستيفاء، ثم استدعى المنصور بالقاضي شرف الدين أبي القاسم بن محمد الجلاد من مدينة عدن، وولاه وظيفة الاستيفاء بزبيد في أوائل ذي القعدة من السنة المذكورة (2). وفي تاسع عشر ذي الحجة: وقع بزبيد حريق عظيم، واحترق في المدرسة العفيفية رجل يسمى بابن مجمل، وكان يوما عظيما، واحترق من شجر العنب شيء كثير، فلهذا تعرف عند أهل زبيد بحرقة العنب (3). *** السنة السابعة والثمانون في عشرين المحرم منها: توفي الأمير أحمد بن فخر الدين السنبلي. وفي ليلة الاثنين ثاني عشر صفر: توفي العالم العامل العلامة تقي الدين عمر بن محمد الفتى بن معيبد الأشعري، عالم زبيد ومفتيها.

(1) «بغية المستفيد» (ص 160). (2) «بغية المستفيد» (ص 161). (3) «بغية المستفيد» (ص 161).

السنة الثامنة والثمانون

وفي ليلة الثالث من شهر رمضان: حصل بزبيد وقت الإفطار مطر عظيم كأفواه القرب، وكان فيها برق عظيم وصواعق مفزعة (1). وفي شوال: قدم المنصور إلى زبيد وصحبته الأميران عمر بن عبد العزيز الحبيشي ومحمد بن عيسى البعداني، وكان الأمير بحير بن محمد بن وهبان قد تجهز إلى البلاد الشامية قبل قدوم المنصور بإشارته ومع الأمير بحير الأميران سليمان بن جياش السنبلي وهلال بن فهد المخلافي، والقاضي جمال الدين المحالبي، وكان الشيخ أحمد بن أبي الغيث بن حفيص قد هرب إلى قرية أبي عريش من قرى جازان، ثم ساقه القدر، فرجع إلى الزيدية مختفيا، فظفّر الله به، فأسره الأميران بحير وهلال بعد تعب عظيم وسياسة وسعي، وتوجه به الأمير هلال إلى زبيد، فدخل به زبيد عاشر عشرة من أولاده وأقاربه على جمل حاسر الرأس مقيدا في مستهل القعدة، ثم طلع بهم مقيدين صحبته إلى تعز، وقبل خروج المنصور إلى تعز أرسل جيشا إلى العبيد العامريين كانوا يقطعون الطريق ويخيفون السبيل، وأمر على الجيش أميرين: عمر بن عبد العزيز، وعلي بن محمد بن وهبان، فتوغل ابن وهبان في بلد العبيد، فحمل عليه العبيد، فقاتل قتالا شديدا حتى قتل أكثر العسكر الذين معه، وذلك في أوائل القعدة (2). وفي يوم الخميس رابع عشر الشهر المذكور: كان بمكة السيل المشهور، أخرب أكثر بيوتها، ودخل الحرم الشريف، فانغلق باب إبراهيم من شدة السيل، فانسد طريق الماء، وملأ الحرم الشريف، وبلغ إلى قفل باب الكعبة المشرفة، وحمل المنبر، ومات من الغرق بالحرم الشريف زهاء مائة نفس (3). *** السنة الثامنة والثمانون في شهر صفر منها: توفي مؤذن مسجد الأشاعر بزبيد عبد الرحمن بن محمد المحنكل. وفي الشهر المذكور: عدا الزيديون على الأمير هلال والشرف الأحمر ومن معهما من

(1) «بغية المستفيد» (ص 162). (2) «بغية المستفيد» (ص 162). (3) «بغية المستفيد» (ص 163).

السنة التاسعة والثمانون

الدولة هنالك، فقتلوا هلالا وابنه، وأفلت منهم الشرف الأحمر وبه جراحات أصابته غير مثخنة، وكان المنصور إذ ذاك بالجبل، فجهز الأمير عمر بن عبد العزيز في عساكر عظيمة إلى الزيدية، ثم تجهز هو بنفسه إليها بعده، فقدم زبيد في جمادى الآخرة، وخرج إلى الزيدية مسرعا، ووقف بالضّحي، وأمر بنهب قرى الزيدية، وحرقت بيت الفقيه ابن حشيبر وصاعل، ثم جعل الأمير سليمان بن جياش السنبلي مقدما هنالك على عساكر كثيرة، ثم رجع إلى زبيد (1). وفي مستهل جمادى الأولى: انقضّ كوكب عظيم من المشرق آخذا في المغرب والشام قدر أربع منازل، وحصلت بعد ذلك رجفة عظيمة (2). وفي هذه السنة: حج الأمير علم الدين سليمان بن جياش، وزار قبر النبي صلّى الله عليه وسلم، وعاد إلى اليمن في التي تليها (3). وفيها: توفي الحافظ أبو بكر بن عبد الرحمن باشراحيل. *** السنة التاسعة والثمانون في ليلة الثامن والعشرين من ربيع الآخر: انقضّ كوكب عظيم الجرم من المشرق إلى المغرب، وحصل ظهر يوم الخميس زلزلة عظيمة بزبيد حتى اهتزت سقوف البيوت، وخرج أهلها منها خائفين على أنفسهم، وكذلك أهل الأسواق، واستدام ذلك إلى غروب الشمس (4). وفي الشهر المذكور: توفي الشيخ أحمد بن أبي الغيث بن حفيص أسيرا بحصن تعز، فغسل وكفن، ثم صلي عليه في جمع، ودفن. وفي آخر شهر رجب: توفي الشيخ بحير بن محمد ابن وهبان. وفيه أيضا: توفي الفقيه عبد الله بن محمد الهبي. وفي أواخر شهر رمضان: توفي الشريف الصالح عمر بن عبد الرحمن باعلوي بتعز.

(1) «بغية المستفيد» (ص 163). (2) «بغية المستفيد» (ص 163). (3) «بغية المستفيد» (ص 163). (4) «بغية المستفيد» (ص 164).

السنة الموفية تسعين بعد ثمان مائة

وفي آخره أيضا: أخذ المنصور بلاد ذمار قهرا بالسيف، وأخرج منها ولد الشريف مطهر مقهورا (1). وفي سابع عشر شوال: قدم المنصور إلى زبيد وصحبته بنو عمه: الشيخ عبد الله وإبراهيم ابنا عامر بن طاهر، وعبد الباقي بن محمد بن طاهر، فأقام بها ثلاثة أيام، ثم خرج إلى الزيدية، ثم رجع إلى زبيد ولم يلق كيدا (2). وفي ثامن الحجة: توفي الفقيه إسماعيل بن إبراهيم بن بكر. *** السنة الموفية تسعين بعد ثمان مائة في عاشر ربيع الأول منها: عمل المنصور سماطا معظما بزبيد في الدار الكبرى، وحشد إليه وجوه الناس، وأمر بقراءة المولد في مدرسته المباركة، فقرئ ليلة الاثنين الحادية عشرة منه، وكان القارئ قاضي زبيد محمد بن عبد السلام الناشري، وحضر القراءة الملك المنصور وقاضي القضاة شيخ الإسلام عبد الرحمن بن الطيب الناشري (3). وفي ليلة العشرين من رمضان: توفي الأمير علم الدين سليمان بن جياش السنبلي بزبيد. وفي ثامن شوال: توفي الشيخ محمد بن الملك المنصور عبد الوهاب بن داود. وفي رابع عشر شوال: قدم إلى زبيد صلاح الدين عامر بن عبد الوهاب في عسكر عظيم وصحبته الشيخ محمد وعلي ابنا الشيخ عبد الملك بن داود وولدا عمه محمد بن داود، وخرج إلى الزيدية، وحاصر الفئة الباغية منهم في حازة بلدهم، وقطع عليهم الماء حتى أدوا الطاعة، وسلموا مائة وثلاثين فرسا، وأربعين جملا من الجمال البحرية النفيسة، وأربعين ألف دينار (4). وفي ثاني وعشرين الشهر: توفي الفضل بن علي دغشر. وفي ثاني عشر شوال: توفي الفقيه الصالح أحمد بن علي الفاضل. ***

(1) «بغية المستفيد» (ص 165). (2) «بغية المستفيد» (ص 165). (3) «بغية المستفيد» (ص 165). (4) «بغية المستفيد» (ص 166).

السنة الحادية والتسعون

السنة الحادية والتسعون في آخر ربيع الأول منها: توفي الإمام العلامة الصالح المعمر عبد الله بن عمر بن جعمان ببيت الفقيه ابن عجيل. وفي ربيع الثاني: أمر الملك المنصور بعمارة مسجد الأشاعر وكان قد أشرف على الخراب، فعمره عمارة جيدة (1). وفي ثامن جمادى الأولى: توفي قاضي الحديدة محمد بن عبد القادر الناشري، واستمر بعده ولده عبد الله في وظيفته. وفي الشهر المذكور: خرج إبراهيم بن عامر بن طاهر مغاضبا لابن عمه الملك المنصور، متوجها إلى بلد بني حبيش، فلزمه النقيب محمد الحفصي، وأرسل به إلى المنصور، فقيّده، وأودعه دار الأدب عند أخيه يوسف بحصن رداع العرش (2). وفي هذه السنة: خرج الأمير قاسم بن وهبان إلى بلد الزيدية مقدما فيها، وتجاوز إلى مور، وقهر العرب، وعنف عليهم في الخراج، فلما خرج من مور .. قتلوه في جماعة من عسكره فيهم الفقيه علي بن الطيب النجار الذي كان يدّعي الوصول إلى علم الكيمياء، وذلك في شهر شعبان من السنة المذكورة، وكان المنصور إذ ذاك برداع، فلما علم .. أرسل الأمير عمر بن عبد العزيز في عسكر عظيم، ثم تبعه المنصور، فدخل زبيد ثامن وعشرين شعبان، فبلغ الأمير عمر بن عبد العزيز إلى واسط مور، فأذعن الرعية للطاعة، وسلموا الخراج والخيل، وأخذ الخراج من الواعظات والصميين والزعليين والزيديين، وأدوا إليه أكثر من مائة رأس من الخيل، فأرسل بذلك إلى المنصور بزبيد. وقرئ «الشفا» بزبيد بحضرة المنصور، وكان القارئ القاضي محمد بن عبد السلام الناشري، وشيخ المجلس شيخ الإسلام وجيه الدين عبد الرحمن بن الطيب الناشري (3). وفي سادس عشر رمضان: توفي الشيخ أحمد بن طلحة الهتار المعروف بالمحتجب. وفي حادي عشر شوال: طلع المنصور من زبيد إلى الجبل (4).

(1) «بغية المستفيد» (ص 166). (2) «بغية المستفيد» (ص 166). (3) «بغية المستفيد» (ص 167). (4) «بغية المستفيد» (ص 167).

السنة الثانية والتسعون

وفي العشرين منه: توفي الفقيه جمال الدين محمد بن علي الحداد المعروف بصاحب الذراع نفع الله به. *** السنة الثانية والتسعون في عاشر ربيع الآخر منها: عدا أناس من بني غبيق على الجمال محمد بن أبي الشيخ الأحمر والفقيه أبي القاسم بن علي راجح، وهما كاتبان تركهما الأمير عمر بن عبد العزيز من قبله بالبلاد الشامية، فأفحشا في الظلم والعسف، فقتلوهما والمنصور إذ ذاك بتعز، فلما بلغه الخبر .. نزل إلى زبيد، فدخلها تاسع جمادى الأولى (1). وفي آخر جمادى الأولى: توفي الشيخ عبد الملك بن داود شقيق الملك المنصور، ولما علم الزيديون ومن معهم بدخول المنصور إلى زبيد ومعهم إذ ذاك أبو القاسم الشرياني .. حملوا هم والشرياني على الأمير عمر بن عبد العزيز ومن معه في بلد الجرابح ثاني عشر جمادى الآخرة وعسكر الأمير قليلون، فانكسر الأمير وعسكره، وهرب الأمير إلى بلد الزعليين، ووقف بها إلى أن وصل إليه المنصور في أثناء جمادى الثاني في جند عظيم، فقصد المنصور بلاد الزيدية، فلم يجد بها أحدا، فخربها ونقض أبنيتها، وحرقها، ورجع إلى زبيد، فدخلها مستهل رجب، ثم طلع إلى تعز في سادسه، ثم نزل إلى عدن، ثم رجع إلى تعز، ثم طلع إلى بلده بأهله منتقلا إلى داره التي بناها بجبن التي يضرب بها المثل، يقال: إنها اشتملت على ثلاث مائة مقصورة (2). وفي آخر يوم من شعبان: وقع إعصار عظيم فيما بين قريتي المدبّي وخلب من ناحية جازان بحيث يراه أهل القريتين، وفي رأسه نار تشتعل حتى وصل إلى أبيات من أعلى القريتين، فوقع فيها، وطيرها، وأحرق أهلها، وكانوا نحو أربعة وعشرين نفسا، ووقعت امرأة منهم من أعلى الإعصار محرقة مفصلة، وبقي منهم أناس احترق بعضهم، وشلّت أيدي بعضهم، ولم يبق للبيوت أثر، ثم أخذ الإعصار في المشرق، فأحرق الظباء ودواب كثيرة قطعهم أيضا، نسأل الله العافية والسلامة (3).

(1) «بغية المستفيد» (ص 168). (2) «بغية المستفيد» (ص 168). (3) «بغية المستفيد» (ص 169).

السنة الثالثة والتسعون

وفي السنة المذكورة: ألقى البحر بساحل أبين بحذاء لخبة دابة يقال لها: العنبر، طولها تسعة وعشرون ذراعا، وقيل: ثلاثة وثلاثون ذراعا، وجثتها كالسفينة العظيمة، وعرض جبهتها ستة أذرع ونصف، ووقب عينها يقعد فيه الإنسان، فسبحان الخالق ما يشاء! (1) وفي يوم عيد الفطر: توفيت أم الملوك زوجة الملك المنصور الحرة فاطمة بنت الملك الظافر عامر بن طاهر بجبن (2). وفي عاشر القعدة: حصل بمدينة عدن مطر عظيم، وهاجت بعده ريح عظيمة انكسر بسببها مركبان ببندر عدن، أحدهما لسلطان كنباية، فيه أموال عظيمة وخلق كثير، هلك أكثرهم، وتلف فيهما من الأموال ما لا يحصى، وكان الأمير بعدن إذ ذاك عمر بن علي العنسي، فاعتنى بحفظ الأموال على أربابها، وبلغ الجهد في ذلك (3). وفي الشهر المذكور: قدم الشيخ أحمد بن محمد بن داود إلى زبيد أميرا من قبل عمه المنصور في عسكر ضليع، فأقام بزبيد، وأرسل العساكر إلى الأمير عمر بن عبد العزيز بالزيدية تقوية له (4). وفي ذي الحجة: توفي الأمير شهاب الدين أحمد الجبرتي بن جياش السنبلي في المقرانة. *** السنة الثالثة والتسعون في منتصف ربيع الأول منها: قدم المنصور إلى زبيد في عسكر عظيم، وولي الشهاب أحمد بن عبد القادر السباك المعروف بالدّبج نظر الأوقاف والمساجد والمدارس بزبيد وأعمالها من تحت نظر شيخ الإسلام وجيه الدين الناشري، وكان القاضي المذكور هو الساعي في ذلك، وتصدق بزبيد بصدقة جليلة نحو ثلاث مائة أشرفي وثلاث مائة مد طعام زبيدي (5).

(1) «بغية المستفيد» (ص 169). (2) «بغية المستفيد» (ص 169). (3) «بغية المستفيد» (ص 169). (4) «بغية المستفيد» (ص 170). (5) «بغية المستفيد» (ص 170).

السنة الرابعة والتسعون

وفي خامس وعشرين جمادى الأولى: عزل الفقيه أحمد البجلي عن قضاء حيس لموجبات أوجبت ذلك، وولي القضاء عيسى بن محمد الناشري عوضه، ثم رضي عن البجلي، ورده إلى وظيفته في شعبان، وقبض على محمد بن عبد اللطيف المحالبي، وطلع به مقيدا إلى تعز، ثم إلى بلده (1). وفي شهر ربيع الثاني: توفي المحدث بزبيد الحافظ أحمد بن أحمد الشرجي. وفي عاشر جمادى الآخرة: توفي حافظ الديار اليمنية يحيى بن أبي بكر العامري ببلده حرض. وفي سادس وعشرين رمضان: توفي بزبيد قاضي الحنفية بها الصديق بن علي المطيّب. وفي حادي عشر القعدة: حصلت ريح عظيمة انكسر بسببها في بندر عدن ثلاثة عشر مركبا، وفي الشحر وغيرها من البلاد (2). *** السنة الرابعة والتسعون في منتصف المحرم منها: دخل السلطان صلاح الدين عامر بن عبد الوهاب زبيد وصحبته ابن عمه الشيخ أحمد بن محمد بن داود في خيل وعساكر كثيرة، وأخرج أكثر العسكر صحبة الأمير محمد بن عيسى البعداني إلى الزيدية، فسلمت الزيدية وغيرهم من العرب إلى الأمير البعداني خيلا ومالا جزيلا، فقدم به إلى زبيد، وقدم معه مشايخ العرب، ومنهم أبو القاسم الشرياني، فأكرمه السلطان صلاح الدين، وأطلق أولاد أحمد بن أبي الغيث بن حفيص من قيودهم وكان قد نزل بهم صحبته، وكساهم، وأنعم عليهم، وصرف لهم خيلا يركبونها بعد أن توثق منهم بالأيمان والرهائن من نسائهم وأولادهم (3). وفي مدة إقامته بزبيد: أمر القضاة والعلماء بعمارة ما تشعّث من المساجد والمدارس، ثم طلع إلى تعز سادس ربيع الأول، ثم إلى جبن، واجتمع بوالده هنالك، ثم مرض والده ولم يزل ينقص عليه إلى أن مات منه في سابع جمادى الأولى من السنة المذكورة، وكان قد عهد إلى ولده الملك الظافر صلاح الدين عامر، واتفقت كلمة أهل الحل والعقد عليه بعد

(1) «بغية المستفيد» (ص 170). (2) «بغية المستفيد» (ص 171). (3) «بغية المستفيد» (ص 171).

موت أبيه، فبادر بإرسال ابن عمه محمد بن عبد الملك بن داود إلى عدن وصحبته الأمير علي بن محمد البعداني، فدخلها عشية ثاني أو ثالث يوم من موت عمه الملك المنصور، وأقام الملك الظافر بجبن ثلاثة أيام جهز فيها والده، وقرر أموره، ثم انتقل إلى المقرانة، وأقطع خاله عبد الله بن عامر بن طاهر البلاد الشرقية، فأظهر الرضى والتسليم، ثم عزم الملك الظافر إلى تعز، فدخلها سادس عشر الشهر. ثم بلغه أن أخواله الشيخ عبد الله ومحمد وعمر أولاد عامر بن طاهر نقضوا العهد، ودعوا إلى أنفسهم، واستخدموا الجيوش من يافع وأهل جبن وغيرهم، وأخذوا حصن جبن، وانتهبوا الدار التي بناها المنصور بجبن، وخربوا بعضها، ونهبوا بيت علي الدرجاني وابن خلف، وبيت الشيخ عبد الملك بن داود، وبيت الأمير محمد بن عيسى البعداني والقاضي عمر بن محمد الجبني، وغيرها من البيوت، وخربوا أكثر البيوت التي بأسفل جبن، فطلع الملك الظافر من تعز ثاني وعشرين الشهر في خيل كثيرة وجمع عظيم، فحط عليهم في الحصن سادس وعشرين الشهر، فلما وصل الظافر إلى جبن .. نزل القاضي عمر بن محمد للسلام عليه، فأمر الشيخ محمد بن عامر بنهب بيته، فنهب، وانتهكت حرمه، ونهب له من الكتب النفيسة ما ينيف على ألف وخمس مائة كتاب. وأما الشيخ عبد الله بن عامر .. فإنه لما علم بتوجه الظافر إلى جبن .. خرج منها إلى جبل حرير، ثم إلى بلد يافع، وقتل من أصحابه جملة، وأسر من بين يديه ابن أخيه الشيخ داود بن أحمد بن عامر، ونهب المال الذي في صحبته. ولما قامت يافع في نصرة الشيخ عبد الله بن عامر .. كتب الشيخ الظافر إلى ابن عمه محمد بن عبد الملك بعدن يأمره بإخراج يافع منها، فأخرج منهم نحو خمس مائة إنسان، ثم اصطلح الملك الظافر ومن بقي من أخواله بجبن على يد الأمير عمر بن عبد العزيز الحبيشي على أن يعطيهم الملك الظافر في كل عام من مال عدن أربعين ألف دينار، ويقطعهم من البلاد جبل حرير والشعيب، فرفع المحطة عنهم، وكان قد حط عليهم خمسة وخمسين يوما (1). وفي ثالث وعشرين شهر شعبان: توفي الفقيه عبد الله بن أبي بكر خطاب، إمام مسجد الأشاعر، وتوجه الظافر إلى المقرانة، ثم إلى رداع العرش ليتفقد أحوال تلك الجهات،

(1) «بغية المستفيد» (ص 172).

فبلغه أن أخواله المذكورين نقضوا الصلح، فنزل الشيخ محمد بن عامر والمنتصر العربي وابن صاحب مرعيت إلى تعز ثالث رمضان، وكان جماعة من أهل تعز قد خامروا ورخصوا للشيخ محمد بن عامر أخذها، فوصل الشيخ محمد ومن معه على غرة إلى تعز وبها يومئذ شيخ الإسلام العلامة شمس الدين يوسف المقرئ بن يونس الجبائي، فأمر الناس بالفطر والقتال، فقاتلهم من لم يخامرهم، فهزموهم، وقتل ابن صاحب مرعيت في جماعة، ورجعوا خائبين، وكان الأمير عمر بن عبد العزيز إذ ذاك بتعز، فخرج ولم يقاتلهم، فاتهم في ذلك، ثم حصلت عليه مكائد كثيرة أفضت إلى غضب الظافر عليه والعسف والهسف، ثم قيد يوم الجمعة عشرين في شهر رمضان ببلد العربيين بعد وقعة صهبان، وسجن (1). وفي رابع رمضان: توفي عمر قرينع. وكان من جملة من خالف على الملك الظافر مع خاله الشيخ عبد الله بن عامر: عبد الباقي بن محمد بن طاهر، فنزل عبد الباقي المذكور إلى عدن، وأخذها للشيخ عبد الله بن عامر في الظاهر وغرضه في الباطن استخلاصها لنفسه دون غيره، فوصل إلى لحج بجمع أكثرهم من يافع، فتقدم طائفة من عسكره، فنهبوا وعاثوا، فخرج عليهم رتبة لحج، فهزموهم، ثم أقبل الشيخ عبد الباقي في بقية عسكره، فانهزم عنه رتبة لحج إلى السائلة، فلام أصحابه على النهب، ودخل الرعارع، ولم يغير على أحد شيئا، ثم تقدم إلى عدن ومعه نحو مائة سلم ليرتقي بها عسكره إلى الدروب، فوصل إلى المياه في آخر ليلة الثلاثاء عاشر رمضان، فوقع بين عسكره وبين المرتّبين بالحصون مهاوشة، وأخرب أصحابه بعض شيء من درب حوشب، فلما كان صبيحة ذلك اليوم .. خرج إليه الشيخ محمد بن عبد الملك من عدن في جمع عظيم غالبهم من عساكر المراكب البحرية؛ لأنه وصل في الموسم، وكان في البلد جملة خشب، فاستعان الشيخ محمد بن عبد الملك برجالها وآلاتها من المدافع وغيرها، فالتقى الجمعان عند جبل حديد، فنصر الله الشيخ محمد بن عبد الملك، وانهزم الشيخ عبد الباقي بن محمد بعد أن انكسرت يده وانهزم جل عسكره، وانحاز جمع من عسكره غالبهم من يافع إلى جبل حديد، فحط الشيخ محمد بن عبد الملك تحتهم ولم يتبع المنهزمين، ولو تبعهم .. لاستأصل شأفتهم ولم يبق منهم باقية، لكن رأى الأمر كما قيل: [من الكامل] ما في قتيل فرّ مرعوبا سمن

(1) «بغية المستفيد» (ص 174).

فحضر الذين بجبل حديد، فلما أيسوا عن المنقذ .. طلبوا النزول على الأمان، فآمنهم من القتل، ونزلوا إلى الشيخ محمد بن عبد الملك بعد أن سلموا ما بأيديهم من السلاح، فأسرهم، ودخل بهم إلى عدن مربوطين بالحبال، فكحل بعضهم، وقطع عراقيب بعض من السحب والعبيد، وقيّد بقيتهم من العرب والقبائل (1). وفي مدة إقامة الظافر برداع: وصل إليه القاضي عبد العليم البريهي قاضي مدينة إبّ رسولا من قبل أهل بعدان يخبره بأن البلد مضطربة، ولا يسكنها إلا وصوله إليها، فنزل إلى إبّ، ومر في طريقه على بلد بني سيف قبلي مدينة إب، فأخذ حصنهم بعد ما قاتلوه وقتل منهم جماعة ولزم آخرين، ثم دخل إب حادي عشر رمضان، ثم خرج منها إلى بلد صهبان في منتصف الشهر، فالتقى هو وخاله الشيخ محمد بن عامر، ومع الشيخ محمد بن عامر المنتصر العربي، فوقعت بينهم وقعة عظيمة تحت النجد الأحمر من طرف بلد صبهان، انتصر الظافر عليهم، وقتل من عساكرهم ما لا يحصى، وأسر منهم خمس مائة وأربعين رجلا، وأخذ جميع ما معهم من الذخائر والعدد والأموال، وذلك يوم الخميس تاسع عشر رمضان (2). وفي شهر رمضان أيضا: ثارت فتنة المقرطس بزبيد، وذلك أن أحمد بن محمد المقرطس شيخ دار الضرب بزبيد وقابض أموال السلطان بها كان قد بايع جماعة من العسكر المقيمين بزبيد على قتل أميرها محمد بن عيسى البعداني، وكان له من الأمير مكانة لكونه أخا لزوجة الأمير، ولا يمنع من الدخول على الأمير أيّ وقت شاء، فدخل على الأمير في الدار الكبير صبح يوم الاثنين ثاني عشر رمضان، ودخل معه برجلين من أهل مدل ليقتلا الأمير، ولم يكن عند الأمير سوى عبد في حاشية المجلس، فلما دخل .. وثب على الأمير ليلزمه، وأشار إلى الرجلين أن يقتلا الأمير، وأشار الأمير إلى العبد الذي في حاشية المجلس أن يقتل المقرطس، فبادر العبد فضرب المقرطس بالسيف ضربة قطع بها عضده، فأفلت الأمير وهرب، وأدهش من لقيه بذهب كان ينثره لهم حتى خرج من الدار، وقتل الرجلان اللذان دخل بهما صحبته، واختفى المقرطس في دار الضرب إلى نصف النهار، فأنذروا به، فلما علم بذلك .. خرج من الدار ليستجير ببيت الشيخ حسن بن أبي العباس الهتار، فواجهه ديوانيّ-يقال له: الشوكة-في الطريق، فضربه بعود في رأسه فسقط في

(1) «بغية المستفيد» (ص 176). (2) «بغية المستفيد» (ص 175).

الطريق، وطعنه عبد آخر في صدره طعنات فمات، وسلبت ثيابه، وطرح في الطريق عريانا، ثم أرسل الأمير من ستره وحمله إلى بيته، فجهز، وصلي عليه، ودفن عصر ذلك اليوم. وأما الأمير محمد بن عيسى البعداني .. فإنه لما خرج المقرطس مخذولا، وقتل الرجلان اللذان دخل بهما من أهل مدل .. صعد الأمير إلى سطح الدار بنفسه، واستغاث وصاح بالعساكر، فأقبلوا إليه وحموه من المفسدين، وأغلقت أبواب المدينة، وسكنت الفتنة، وقيد الأمير جماعة ممن كان بايع المقرطس، منهم غرامة بن حيان، واستجار جماعة منهم ببيت الشيخ الغزالي، فقبضت خيلهم، ثم خرجوا به بالشفاعة مطرودين مهانين إلى بلادهم، وأرسل الأمير إلى الملك الظافر يخبره بما اتفق ويستمده جندا، ولم يأمن أحدا من عساكره الذين معه، فأرسل إلى صاحب المصباح الفقيه محمد بن يحيى الجهمي، فوصله مبادرا، فسأله أن يستخدم له جندا من أهل أصاب، فطلع بسبب ذلك إلى بلده، ثم نزل بخمس مائة شفلوت، ثم دخل بهم زبيد في أبّهة عظيمة وعدّة حرب قويّة، فأقاموا بزبيد نحوا من نصف شهر حتى وصلت العساكر الظافرية من قبل السلطان، ثم فسح الأمير لأهل وصاب، فرجعوا إلى بلادهم شاكرين لمعروف الأمير وإحسانه. واتهم الأمير في هذه القضية أيضا أحمد بن الفقيه عبد الله العقيلي، وبالغ في ذلك، وأغرى بهم حتى ضيق عليهم خاطر الملك الظافر، فأمر بقبض بيوتهم وأراضيهم، فتفرقوا شذر مذر، وتمزقوا كل ممزق، وثبت الأمير بزبيد حازما إلى أن استدعاه الملك الظافر في ذي الحجة، فواجهه بتعز، وعوضه بزبيد الشيخ عبد الباقي مكرد بن عمر العجلمي أميرا، فضبط أمورها، وأحسن تدبيرها (1). وفي يوم الجمعة سلخ شوال: توفي النقيب الوجيه بن محمد بن إقبال. وفي ثامن عشر ذي الحجة: توفي الشيخ الصالح محمد بن المعروف الحكمي صاحب المملكة. وفي سابع وعشرين الشهر: توفي شيخ الإسلام وجيه الدين عبد الرحمن بن الطيب الناشري، ثم أمر الظافر محمد بن عيسى البعداني بالنزول إلى عدن، ونزل عقبه الظافر إلى

(1) «بغية المستفيد» (ص 176).

السنة الخامسة والتسعون

عدن، فدخلها البعداني أولا، ثم دخلها الملك الظافر، وذلك في أواخر هذه السنة أو أوائل التي بعدها (1). *** السنة الخامسة والتسعون في أولها أو في أواخر التي قبلها: دخل الملك الظافر عدن، فأقام بها أياما قلائل، ثم بلغه أن خاله الشيخ عبد الله بن عامر أخذ حصن السدف (2)، فتعب لذلك تعبا عظيما، ثم وصل إليه علي بن محمد النظاري في ذلك اليوم مبشرا برجوع الحصن، فسر الظافر بذلك سرورا عظيما، وأعطى البشير مالا جزيلا، ثم طلع الملك الظافر وابن عمه الشيخ محمد بن عبد الملك إلى بلادهما، وترك الأمير محمد بن عيسى البعداني أميرا بعدن، فلم تطل مدته، بل عاجلته منيته، فتوفي في أوائل شهر صفر من السنة المذكورة، ومرّ الظافر في طلوعه من عدن إلى بلده على الجند، فحصلت زلة من الشيخ أحمد بن محمد بن داود أفضت إلى تقييده وإيداعه دار الأدب بحصن تعز (3). وفي ليلة الاثنين سادس وعشرين صفر: توفي الفقيه عبد الله بن أحمد العقيلي. وفي هذه السنة: حصل بين الملك الظافر وبين أخواله معارك يطول شرحها، انتصر في أكثرها عليهم، منها وقعة النّمصة؛ التقى الظافر وخاله عبد الله بموضع يقال له: النّمصة، فنصر الظافر على خاله، وقتل منهم فوق العشرة، واقتلع منهم نحو ثلاثين فرسا، ولم ينج إلا بنفسه (4). وفي العشر الوسطى من ربيع الأول: حط الظافر على جبن، وحصرها، ولازم حصارها، وقتل من عسكرهم طوائف، وكان الشيخ عبد الله بن عامر والشيخ عبد الباقي بن محمد بن طاهر بالربيعتين (5) -موضع قرب جبن-بأهليهم وأموالهم وذخائرهم؛ لأنها رباط يستجار به، من دخله أمن على روحه وماله، فكانا يغيران أطراف محطة الظافر، ويأوون

(1) «بغية المستفيد» (ص 178). (2) «بغية المستفيد» (ص 178): (حصن الشدف). (3) «بغية المستفيد» (ص 178). (4) «بغية المستفيد» (ص 179). (5) في «بغية المستفيد» (ص 179): (بالرباعتين) في هذا الموضع وفيما بعده من المواضع.

إلى المكان المذكور، فأرسل الظافر إليهم الأمير شداد بن محرم العنسي في عسكر، فقتل الأمير شداد بالربيعتين في أوائل ربيع الآخر. وفي نصف ربيع الآخر: انتقى الظافر من كل قبيلة من القبائل الذين معه في المحطة جماعة، واختارهم، وغزا بهم إلى الربيعتين ومعه ابن عمه الشيخ محمد بن عبد الملك، فأمرهم بقتل من وجدوه مخالفا وألا ينهبوا من الأموال شيئا وإن ظفروا بها، فالتقى الجمعان بالربيعتين، فانتصر الظافر عليهم نصرا عظيما، وقتل منهم فوق السبعين، وطرح بعضهم نفسه في الآبار، وانهزم الشيخان عبد الله بن عامر وعبد الباقي بن محمد إلى فحال (1)، ولزم الشيخ داود بن تاج الدين بن طاهر ومحمد بن عباس بن علي بن الحسام الزاهر صاحب الشوافي خال الشيخ يوسف بن عامر، وأسرا، ورجع الظافر إلى محطة جبن منصورا، وانتهب الناس المكان المذكور نهبا عظيما، فلما علم بذلك .. أمر بجمع ما نهب، فأخذ ما وجد عليه اسم بني طاهر، وأمر برد غيره على أهله (2). وفي جمادى الأولى: تسلم الظافر حصن جبن، وخرج من فيه على الذمة، ولم يغير على أحد منهم سوى الحرة بنت عباس بن علي بن الحسام أم الشيخ يوسف بن عامر فإنه احتفظ بها؛ إذ قيل: إنها السبب في إثارة هذه الفتنة، وكان الشيخ عبد الله بن عامر إذ ذاك بجبل جحاف، ولم يكن منه ولا من إخوته بعد ذلك كثير نكاية (3). وفي رابع عشر ربيع الأول: توفي إمام مسجد الأشاعر الفقيه إسماعيل بن محمد بن ناصر. وفي سابع عشر جمادى الأولى: توفي الفقيه سراج الدين عبد اللطيف بن محمد الشرجي الحنفي. وفي ثالث شعبان: دخل الشيخ محمد بن عبد الملك بن داود زبيد في عسكر كثيف وصحبته الفقيه جمال الدين النظاري، وشيخ الإسلام يوسف المقرئ بن يونس الجبائي، ثم خرج الشيخ محمد إلى المعازبة، فحصرهم في حازة بلدهم وضيق عليهم حتى أدوا الطاعة وسلموا من الخيل نحو التسعين فرسا، ثم ارتفع عنهم، ودخل اللامية وبيت الفقيه ابن حشيبر، فجبى خراجها وخراج الواديين سردد ومور، ثم رجع إلى زبيد، ثم أعاد الكرة

(1) كذا في الأصول، وفي «بغية المستفيد» (ص 179): (بخال)، وفي بعض أصولها: (نجال). (2) «بغية المستفيد» (ص 179). (3) «بغية المستفيد» (ص 180).

السنة السادسة والتسعون

على المعازبة، فصبحهم بكرة، فقتل منهم فوق الأربعين، ثم دخل زبيد، وأقام بها إلى ثاني القعدة، وكتب إليه الظافر بقصيدة من نظم البدر الصيّاحي يشوقه إلى جبن، ويخبره بصلاح أحوالها، فطلع من زبيد إلى تعز، ثم إلى جبن (1). وفي عاشر شعبان: توفي الشيخ عبد الله بن إبراهيم الحكمي صاحب بيت العقار بمدينة زبيد. وفي شهر رمضان: نزل الظافر إلى عدن، وعيد بها عيد الفطر، وجهز المراكب إلى الهند، ثم طلع إلى بلده في شوال، ثم توجه منها في سابع عشر ذي القعدة لقتال أهل ذمار، ومرّ طريقه برداع، فأقام بها إلى أن اجتمعت إليه العساكر من الجهات، فتقدم بهم إلى ذمار، وحط خامس وعشرين الشهر، ولم يزل حاطا عليها إلى أن افتتحها عنوة في سابع ذي الحجة، وكان أهلها قد بنوا سورها وحصّنوها تحصينا عظيما، وكان القائم في ذلك الشريف محمد بن علي الوشلي، وخرج جماعة من أهلها لقتال عسكر الظافر، فهزمتهم عساكر الظافر هزيمة عظيمة، وقتل الشريف محمد بن الحسن من أهل الجوف في جمع عظيم، واستقلع فرسه، وخربت العساكر الظافرية دربها، ودخل الملك الظافر البلد من موضع التخريب، واستولى عليها، ورتب في حصونها من يثق به، ثم سأل أهلها الذمة فأجابهم إلى ذلك، واشترط عليهم تخريب ما بنوا من سورها، فبادروا إلى ذلك، ثم رجع إلى بلده، وأقام بها أياما، ثم نزل إلى تعز، ثم إلى زبيد (2). *** السنة السادسة والتسعون في ثامن شهر صفر منها: دخل الملك الظافر زبيد وفي صحبته ابنا عميه الشيخ محمد بن عبد الملك والشيخ داود بن محمد بن داود، وهي أول دخلة دخلها، ثم خرج إلى الجهات الشامية، فقصد الزيدية، فدخل عليه جماعة من بني حفيص والزيديين وفيهم سالم بن قاسم الشرياني، فلزمهم، وقيدهم لذنوب سلفت منهم، ثم غزا المعازبة، ثم دخل زبيد، وأمر بعمارة القصر الذي على باب الشبارق المسمى بدار السّلا، فعمّر عمارة جيدة، ثم طلع إلى تعز في جمادى الأولى، واستخلف بزبيد الأمير عبد الباقي بن عمر

(1) «بغية المستفيد» (ص 180). (2) «بغية المستفيد» (ص 181).

السنة السابعة والتسعون

العجلمي المعروف بمكرد، ثم إن المعازبة قتلوا الأمير مكرد المذكور في أوائل شعبان، فلما علم الظافر بقتل الأمير مكرد .. أرسل إلى زبيد أخاه الشيخ عبد الملك بن عبد الوهاب، فاستقر الشيخ عبد الملك بزبيد، وخرج الجبني إلى بيت الفقيه ابن عجيل (1). وفي شوال: كانت المحطة تحت حصن الظفر، واستولى الظافر على جميع ما هنالك، وتقدم إلى مكان يعرف بالصفراء، وأخذ حصن ثماد قهرا، وقتل من أصحابه جماعة، ثم حط على حصن عقيان (2) وحصره أياما، وكان به خاله الشيخ محمد بن عامر، فقبض عليه، وتسلم الحصن المذكور في أول ذي الحجة، وتسلم جميع ما كان بأيدي أخواله من الحصون، ولم يبق بأيديهم سوى حصن الساقة وحصن المعفاري، ويأتي ذكر أحدهما (3). وفي هذه الأيام: قدم الشهاب أحمد بن قيصر على الملك الظافر من الديار المصرية بمرسوم شريف، وخلعة شريفة، وسيف، وخاتم، ومروحة متوجة باسم أمير المؤمنين: (من الخليفة المتوكل على الله عزّ الدين أبي العز عبد العزيز بن يعقوب بن المتوكل على الله العباسي)، فقابله بالإكرام والإنعام، وأجازه بالجوائز العظام (4). وفي شهر ذي القعدة: قتل الأمير أحمد بن إسماعيل السنبلي هو وولده. وفي أوائل القعدة (5): قبض الظافر على خاله الشيخ محمد بن عامر بجحاف، وأودعه دار الأدب برداع العرش عند إخوانه (6). *** السنة السابعة والتسعون في أولها: توفي الفقيه أبو القاسم بن إبراهيم بن أبي القاسم جعمان ببيت الفقيه ابن عجيل. وفي شهر صفر: توفي والده الإمام إبراهيم بن أبي القاسم جعمان.

(1) «بغية المستفيد» (ص 182). (2) كذا في الأصول، وفي «بغية المستفيد» (ص 183): (عمقيان). (3) «بغية المستفيد» (ص 183). (4) «بغية المستفيد» (ص 184). (5) كذا في الأصول، وفي «بغية المستفيد» (ص 184): (وفي أواخر ذي القعدة). (6) «بغية المستفيد» (ص 184).

وفي شهر صفر: قدم الشريف رميثة بن بركات-أخو الشريف محمد بن بركات لأبيه- على الشيخ عبد الملك بن عبد الوهاب بزبيد، وأكرمه وأحسن نزله، ثم سيره إلى أخيه الملك الظافر، فأكرمه وعظمه، ثم رجع إلى زبيد، ثم إلى الجهات الشامية، وبلغ صنعاء- فيما قيل-ثم رجع إلى زبيد وبها الملك الظافر، فلم يزل عنده على الحال المرضي حتى طلع الظافر إلى تعز، فاستأذنه الشريف إلى بيلول، فأذن له، وأعطاه مركوبا حسنا ومجهزة ومالا، وتوجه إلى بيلول وإلى بلد الديالكة (1)، ثم إلى مصر (2). وفي جمادى الأولى: أخذ الظافر حصن الساقة بالسيف قهرا (3). وفي شهر ربيع الآخر: استدعى الظافر أخاه الشيخ عبد الملك من زبيد، فطلع إليه إلى تعز، فأقام عنده إلى أن نزل صحبة أخيه الظافر، فدخلا زبيد منتصف شهر رجب (4). وفي عاشر شعبان: مات الفقيه محمد بن أحمد الأمين عجيل بزبيد. وفي نصف رمضان: طلع الظافر من زبيد إلى تعز، وأمّر بزبيد الشيخ طاهر بن شريف، فسار بالناس سيرة حسنة، وأمر بهدم جامع زبيد، فعمر عمارة جيدة (5). وفي شعبان: توجه الشيخ عبد الباقي بن محمد بن طاهر من مكان يعرف بعين بامعبد قريب ميفعة إلى بلاد بربرة، فلما علم الظافر بذلك .. أرسل إلى المجاهد بن سعد الدين، وأمره بحفظه عنده، فأرسل المجاهد من ذكر إلى بربرة من قبضه ووجه به إليه في ثالث رمضان، فأقام عند المجاهد أياما، فاتفق نزول عسكر الحطي إلى ذكر، فحضر الجهاد معهم، وقاتل، وأبان عن شجاعة وشدة بأس، فأكرمه ابن سعد الدين، وفسح له بالرجوع إلى بلده، فرجع واستقر ببلد يافع (6). وفي آخر السنة: حط الظافر على بيضا حصي (7). ***

(1) كذا في الأصول، وفي «بغية المستفيد» (ص 185): (التاكة). (2) «بغية المستفيد» (ص 184). (3) «بغية المستفيد» (ص 185). (4) «بغية المستفيد» (ص 185). (5) «بغية المستفيد» (ص 186). (6) «بغية المستفيد» (ص 186). (7) «بغية المستفيد» (ص 186).

السنة الثامنة والتسعون

السنة الثامنة والتسعون في أول يوم من ربيع الأول: مات النقيب الصديق بن الوجيه بن إقبال تحت بيضا حصي. وفي سابع عشر ربيع الأول: تسلم الملك الظافر حصن المعافري (1) المشهور بالمنعة، وذلك بعد أن خرج منه جمع كثير من يافع يريدون الهجوم على محطة الظافر وهو إذ ذاك ببيضا حصي، فلما علم الظافر .. أرسل طائفة من عسكره يأخذون لهم بمجامع الطرق، فلما التقى الفريقان .. كانت الصولة لعسكر الظافر، فقتل من يافع فوق المائة، وأسر مثل ذلك، وكان تسلّم حصن المعافري على يد الشيخ عبد الملك بن عبد الوهاب والفقيه محمد النظاري (2). وفي تاسع عشر ربيع الآخر: أخذ الظافر حصن مدينة بيضا حصي المسمى بشمر جناح قهرا بالسيف، وهو حصن عظيم مشهور بالمنعة، وبأخذه انقطعت مادة الخلاف في البلاد الشرقية، وقتل أبو بكر بن مزاحم في خلائق، وقبض على علي ابن مزاحم في آخرين، وأخربت المدينة، فلما علم أهل حصن مفلحة وحصن الكلب وحصن رداع الحرامل بقبضه لحصن البيضاء .. سلموا حصونهم بالرضا منهم (3). وفي سادس وعشرين جمادى الأخرى: أطلق الأمير عمر بن عبد العزيز من السجن والقيد، ورضي عليه السلطان، وأنعم عليه (4). وفي تاسع شعبان: قدم الأمير علي بن محمد البعداني إلى زبيد، وقلع ثمرة نخل المدبّي جميعها، ثم رجع إلى الجبل على طريق حيس (5). وفي عيد الفطر من هذه السنة: افترق أهل زبيد فرقتين، ففرقة أفطرت وعيدت يوم الاثنين، وهم المقرئ يوسف بن يونس الجبائي وجماعته وطائفة يسيرة من أهل البلد، وفرقة أفطرت وعيدت يوم الثلاثاء، وهم القاضي محمد بن عبد السلام وجماعته وغالب أهل

(1) كذا في الأصول، وفي «بغية المستفيد» (ص 186): (المعفاري) في هذا الموضع وفيما بعده من المواضع. (2) «بغية المستفيد» (ص 186). (3) «بغية المستفيد» (ص 187). (4) «بغية المستفيد» (ص 188). (5) «بغية المستفيد» (ص 188).

السنة التاسعة والتسعون

البلد، وذلك لاختلاف المقرئ والقاضي ابن عبد السلام في ثبوت الشهر (1). وفي يوم السبت تاسع عشر شوال: توفي شيخنا مفتي تعز بدر الدين حسن بن عبد الرحمن الصيّاحي. وفي ثاني عشر القعدة: ابتدئ في عمارة ما خرب من سور زبيد بأمر الملك الظافر (2). *** السنة التاسعة والتسعون في تاسع وعشرين المحرم: توفي الفقيه جمال الدين محمد الزين إبراهيم) (3) بن عمر بن مظفر رحمه الله بزبيد. وفي ليلة الثلاثاء سلخ صفر: توفي الجمال محمد بن عبد اللطيف المحالبي. وفي ثالث ربيع: قدم الملك الظافر إلى زبيد وصحبته الشيخ محمد بن عبد الملك، وعبد الله بن أحمد بن عامر، وداود بن محمد، وداود بن علي بن تاج الدين، والأميران عمر بن عبد العزيز الحبيشي وعلي بن محمد بن عيسى البعداني، فعرج الظافر عن دخول زبيد وغزا المعازبة، فأباد منهم جمعا، ونهب أموالهم، ودخل زبيد (4). وفي منتصف ربيع الأول: توفي بزبيد قاضي لحج الفقيه عيسى بن محمد الناشري. وفي شهر ربيع الثاني: عطف الظافر على الفقيه أحمد بن عبد الله العقيلي ورضي عنه، ورد عليه جميع ما أخذ له، وآمنه (5). وفي ثامن جمادى الأولى: قدم الظافر من الجهات الشامية إلى زبيد (6). وفي ليلة قدومه: توفي الصديق بن علي الخياط وزير الشريف أحمد بن دريب صاحب جازان، وكان قدم من الشريف رسولا إلى الظافر بهدية، وهي ست رءوس من الخيل الجيدة المكملة، فمات في الطريق بين بيت الفقيه ابن عجيل وزبيد، فأسف عليه الظافر كثيرا؛ إذ

(1) «بغية المستفيد» (ص 188). (2) «بغية المستفيد» (ص 189). (3) في «بغية المستفيد» (ص 189): (جمال الدين محمد الزين بن إبراهيم). (4) «بغية المستفيد» (ص 189). (5) «بغية المستفيد» (ص 189). (6) «بغية المستفيد» (ص 190).

كان في كتب الشريف إلى الظافر: وعلى لسان الصديق الخياط ما يحقق لكم كفاية (1). وفي الشهر المذكور: توجه الشيخ يحيى بن الصديق بن يحيى الثابتي من بلاده الحديدة إلى عدن مسافرا، فلزمه بباب المندب ضامن البلد عمر العقد وقيده، وأرسل به إلى زبيد إلى الملك الظافر (2). وفي يوم الجمعة رابع عشر الشهر: عزل الفقيه الخطيب عبد المنعم الضجاعي عن وظيفة خطبة الجمعة بزبيد لهفوة حصلت من ولده موسى، واستمر في وظيفته المذكورة الفقيه أبو القاسم بن عبد الرحمن الدبر خطيب الحديدة وكان قد قدم زبيد متعرضا لمعروف السلطان، فأقره في ذلك يوم الخميس العشرين من الشهر المذكور، وخلع عليه، وأعطاه مالا جزيلا، وكتب له بالجلالة والاحترام (3). وفي يوم الجمعة المذكور: وقف الملك الظافر لله تعالى جميع ما دخل في مسجد الجامع من بنائه؛ من الطين والآجر والأخشاب والحديد وغير ذلك، وفوض إلى الفقيه الصالح عمر بن جعمان تدريس الفقه في الجامع المذكور، وولّى الفقيه أحمد الزبيدي- وكان قد قدم من مكة متعرضا لمعروف السلطان-تدريس القراءات السبع في الجامع المذكور (4). وفي ليلة الأربعاء رابع جمادى الآخرة: توفي الشيخ محمد بن جار الله العطري بزبيد. وفي تاسع الشهر المذكور: ولّى الملك الظافر شيخنا القاضي شهاب الدين أحمد بن عمر المزجد بزبيد قضاء عدن، وعزل شيخنا القاضي جمال الدين محمد بن حسين القماط عن قضاء عدن (5). وفي ذلك اليوم: وقف السلطان لمصالح جامع زبيد أرضا نفيسة تعرف بأم الرزق، تغل في كل سنة مائة مد زبيدي، وأراضي أخرى غيرها، ورتب في المسجد ثلاثين درسيّا يقرءون خلف كل صلاة، ويدعون بإيصال ثواب ذلك إلى والده، ويدعون له بالتوفيق والثبات والنصر والظفر، وجعل في الجامع ثلاثة خدام يقومون فيه، وأمر أن يفرش جميع المسجد

(1) «بغية المستفيد» (ص 190). (2) «بغية المستفيد» (ص 190). (3) «بغية المستفيد» (ص 190). (4) «بغية المستفيد» (ص 191). (5) «بغية المستفيد» (ص 191).

ولا تطوى فرشه، وجعل نظر ذلك إلى العفيف عبد الله بن حسين الشرعبي، وعزل الشهاب الدّبج عن النظر في الجامع المذكور (1). وفي عاشر جمادى الآخرة: طلع الظافر من زبيد إلى تعز على طريق حيس وصحبته شيخنا القاضي أحمد بن عمر المزجد بعد أن ولاه قضاء عدن، فدخل المزجد عدن في أواخر الشهر، وأقام شيخنا القاضي جمال الدين محمد بن حسين القماط أياما قضى فيها حوائجه، ثم توجه إلى زبيد طريق البحر، وولّى بزبيد الشيخ شمس الدين علي بن شجاع العنسي الأحكام السلطانية، فضبط البلد، وأحسن تدبيرها وسياستها (2). وفي ثالث رجب: توفي الفقيه موسى بن أحمد الناشري رحمه الله بسبب صاعقة نزلت على بيته عقب مطر في ذلك اليوم مات بها الفقيه المذكور وولده علي، ولم يعرف السابق منهما، وكانا مفترقين كل واحد منهما في مكان. وفي ثامن عشر رجب: توفي الشريف عبد الرحمن بن أحمد باعمر باعلوي. وفي خامس وعشرين رجب: قدم شيخنا القاضي محمد بن حسين القماط من عدن إلى زبيد (3). وفي سادس شوال: تسلم الملك الظافر حصون الجحادر، وهي: العروسين، والنبيلة، والذيل، والشرنمة، وذخر، والحدة، وأكمة قيراط، وقبضها وتصدق على أهلها بمال جزيل (4). وفي شوال: ولدت امرأة بقرية المنصورة من بلاد اللامية مولودا عجيب الخلقة؛ عيناه في جبهته، وحاجباه من تحتهما، وله مثل فم الكلب، ولم يكن له أنف إلا جحران، ويداه مثل يد السبع، وعليهما شعر أسود إلى المفصلين، وكفاه مثل كف القرد، ولا فرج له ولا ذكر ولا دبر، بل هو ممسوح، ولم يعش إلا ساعة من النهار أو دونها، فسبحان الخالق لما يشاء! (5) ***

(1) «بغية المستفيد» (ص 192). (2) «بغية المستفيد» (ص 192). (3) «بغية المستفيد» (ص 193). (4) «بغية المستفيد» (ص 193). (5) «بغية المستفيد» (ص 193).

السنة الموفية تسع مائة

السنة الموفية تسع مائة في ثامن عشر المحرم: توفي الفقيه يحيى بن محمد الصامت الناشري مفتي زبيد. وفي ليلة التاسع والعشرين من الشهر: توفي العلامة سراج الدين عبد اللطيف بن موسى المشرع عجيل. وفي حادي وعشرين ربيع الأول: طلع من زبيد الأمير علي بن شجاع العنسي، وذلك باستدعاء الظافر له إلى تعز، واستناب بزبيد ولده الشجاع، ثم دخل الملك الظافر إلى زبيد ثاني عشر ربيع الآخر وصحبته ابن خاله الشيخ أحمد بن عامر، وداود بن علي بن تاج الدين، والأمير علي بن شجاع (1). وفي خامس عشر الشهر: اشترى الملك الظافر برقع الكعبة المشرفة من تركة هارون وكيل وقف الحرم المكي، وأمر بتعليقه على باب محراب الجامع الذي أنشأ عمارته بزبيد، وأمر بقراءة المولد فيه، فقرئ ليلة الجمعة تاسع عشر الشهر المذكور، وجعل القراء خمسة في نواحي المسجد، وعمل للناس بركة عظيمة، وهي التي جعلها عوضا عن بركة والده في الجامع المذكور، وملئت من السكر الأبيض المذاب بالماء المطيب بالمسك والماورد، وكان السقاة يدورون بذلك ويسقون الناس عموما وخصوصا، وحضر لسماع المولد بنفسه، وأمر بعمارة مسجد ابن خراج بزبيد، وعمر مسجد السابق الذي هو غربي رحبة الدار الكبيرة، فجعله مدرسة عظيمة، وكانت المياه التي تخرج من المغتسلين بمدرسة والده بزبيد تخرج إلى مصب قريب من المدرسة، فتضرر جيران المدرسة بذلك، ورفعوا الأمر إليه، فأمر بعمارة جسر ينفذ إلى خارج المدينة للمياه المذكورة، ففعل، وأنفق في ذلك مالا جزيلا، وأمر بمباشرة المساجد والمدارس بزبيد، وإصلاح ما تشعث منها، وإحياء ما دثر من رسومها (2). وفي سابع وعشرين الشهر المذكور: سقطت قبة الدار الكبير الناصري العليا التي على الباب، وكانت جديدة العهد، وكان المنوّرون إذ ذاك فوقها ينورونها، فسلم بعضهم، ومات بعضهم، وكان الملك الظافر تحتها، فحسب أن قام من تحتها هو ومن معه سقطت (3).

(1) «بغية المستفيد» (ص 194). (2) «بغية المستفيد» (ص 195). (3) «بغية المستفيد» (ص 196).

وفي مدة إقامته بزبيد: قدم إليه بكتاب «الخادم» للزركشي، اشتري له من مكة بتسعين دينارا ذهبا، وهو أربعة عشر مجلدا، كل مجلد خمسة وعشرون كراسا خماسيات، فحصل منه جملة نسخ، أرسل بواحدة منها إلى عدن إلى شيخنا جمال الدين أبي الفضل، وأصل النسخة التي وصلت من مكة نسخة سقيمة جدا، فنقل منها على ما فيها من السقم (1). وفي خامس جمادى الأولى: حصل في جزيرة بربرة طوفان عظيم غرق في بندرها من السفن ست وعشرون سفينة فيها من الطعام ما ينيف على ألفي طنم، ومن الرقيق جملة مستكثرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (2). وفي ثالث وعشرين الشهر: ولد الشيخ عبد الوهاب بن الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب (3). وفي ليلة الثلاثاء سادس جمادى الآخرة: توفي الشيخ إسماعيل بن أحمد المشرع عجيل بزبيد. وفي خامس عشر الشهر (4): طلع الظافر من زبيد إلى تعز على طريق العقبة، وتصدق بصدقة عظيمة عميمة، ولما وصل تعز .. أمر بتخريب درب المنصورة لموجبات أوجبت ذلك، ويقال: إنه بعد ذلك ندم على تخريبه، وأمر بعمارة حصن حبّ المشهور بالمنعة (5). وفي الشهر المذكور: توفي بعدن الشيخ قاسم بن محمد العراقي رحمه الله ونفع به وبسلفه، آمين. وفي ليلة الجمعة رابع عشر رجب: توفي العالم الصالح محمد الطاهر بن أحمد بن عمر بن جعمان رحمه الله. وفي ليلة الأربعاء سادس عشر رمضان: توفي بزبيد الشيخ حسن بن أبي العباس الهتار. وفي يوم عيد الفطر: وقع بزبيد حريق عظيم، وكانت الريح شديدة، فتلف فيه جملة من الأموال والبهائم والبيوت ما لا يحصى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولما بلغ

(1) «بغية المستفيد» (ص 196). (2) «بغية المستفيد» (ص 197). (3) «بغية المستفيد» (ص 197). (4) «بغية المستفيد» (ص 197). (5) «بغية المستفيد» (ص 197).

خبر الحريق إلى السلطان .. أمر بصدقة جليلة؛ من الذهب خمس مائة أشرفي، ومن الدراهم ستة آلاف دينار، وبخمسين مد زبيدي طعاما، وأمر بتفرقة ذلك على الضعفاء المحترقة بيوتهم الذين لا يقدرون على العمارة (1). وفي مستهل الحجة منها: تولى الفقيه العلامة أحمد بن الإمام محمد الطاهر بن أحمد بن جعمان قضاء الأعمال الحيسية، وكانت ولايته بالمقرانة، فنزل منها إلى زبيد، ثم خرج إلى حيس، وعزل القاضي عبد الغفار بن أبي القاسم البجلي عن قضاء حيس لموجبات أوجبت ذلك (2). والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) «بغية المستفيد» (ص 198). (2) «بغية المستفيد» (ص 198).

طبقات المائة العاشرة

طبقات المائة العاشرة

العشرون الأولى من المائة العاشرة تمام الألف

العشرون الأولى من المائة العاشرة تمام الألف [الاعلام] 4364 - [أبو القاسم الشرياني] (1) أبو القاسم الشرياني التهامي. كان مشهورا بالشجاعة، خالف على السلطان وشق العصا، ونهب الأموال، وأتلف الأنفس، ثم قدم إلى زبيد هو وولده وابن راسين على الذمة صحبة الشيخ العفيف ابن مرزوق في جمادى الأولى من سنة إحدى وتسع مائة، ثم توجهوا إلى تعز، فواجهوا الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب بها، فعفا عنهم سالف جناياتهم، وأكرمهم، وألزمهم سكنى زبيد بأهليهم، فرجعوا إلى زبيد. وتوعك الشرياني قبل دخوله إلى زبيد، وتوفي بزبيد عقب دخولها، ودفن بمقبرة بني مرزوق. 4365 - [السلطان قايتباي] (2) الملك الأشرف أبو النصر قايتباي، سلطان مصر والشام والحجاز. تولى يوم خلع الطاهر أبو سعيد تمربغا، وذلك يوم الاثنين سادس رجب سنة اثنتين وسبعين وثمان مائة باتفاق من الأمراء ووجوه الناس بعد امتناعه من ذلك، فألحوا عليه ولم يعذروه. وحج وزار في سنة أربع وثمانين، وبنى بمكة مدرسة عظيمة، وأوقف عليها وقفا جزيلا بمكة. ولما بلغ المدينة الشريفة للزيارة، وتوجه راجعا إلى مصر .. أخذ حاصل الحرم النبوي من قناديل الذهب والفضة وغير ذلك، فنقم ذلك عليه من لم يعرف مقصده، فلما بلغ

(1) «الفضل المزيد» (ص 231). (2) «الضوء اللامع» (6/ 201)، و «التحفة اللطيفة» (3/ 410)، و «حسن المحاضرة» (2/ 106)، و «النور السافر» (ص 36)، و «تاريخ الشحر» (ص 15)، و «شذرات الذهب» (10/ 12).

4366 - [أبو شكيل ابن الطاهر]

مصر .. اشترى بذلك أراضي مزدرعة بمصر، وكان يحمل مغلها كل سنة إلى المدينة، فيقسم على كل من بها من متوطن ومجاور؛ من رجل وامرأة، وصبي وبالغ، وحر وعبد بحيث يصل إلى كل واحد من أهل المدينة كفايته من الحنطة، فحصل بذلك النفع العام لأهل المدينة، وحمدوه في فعله، وأراد أن يجعل ذلك كسماط الخليل المستمر بالقدس، ولم يزل جاريا إلى أن توفي. ولم يزل بعد وفاته تارة يسبرونهم، وتارة يقطعونهم، وتارة يسبرونهم بالبعض؛ وذلك لاستيلاء أيدي الخونة على الأراضي المذكورة. واحترق الحرم الشريف النبوي في زمنه في سنة ست وثمانين وثمان مائة، فعمره على يد الخواجا بن الزمن عمارة جيدة على ما هو عليه الآن، وصرف عليه مالا جزيلا. وبالجملة: فلم يل بعده مثله. وتوفي سنة إحدى وتسع مائة في ذي الحجة. 4366 - [أبو شكيل ابن الطاهر] (1) محمد بن الطاهر بن عبد الرحمن بن القاضي محمد بن مسعود أبو شكيل الأنصاري. ولد بعد وفاة جده بقليل في سنة اثنتين وسبعين وثمان مائة، وتوفي والده وهو ابن سنة، فنصب عليه والدي الفقيه عبد الله بن أحمد بامخرمة، فعلمه القرآن وأدبه وهذبه، ونشأ في طلب العلم وتحصيل الكتب شراء وتنسيخا، وبخطه حضر دروس الوالد. وقرأ عليّ «صحيح البخاري» وغيره، وقرأ على الشريف حسين بن الصديق الأهدل «العدة» للجزري وغيرها، وأجازه الشريف المذكور إجازة عامة، وقرأ على الفقيه يعقوب الحبّاني. وكان له حسن ظن، وعقيدة في متصوفة الوقت، وفيه حسن أخلاق وكرم نفس. حج في سنة إحدى وتسع مائة، وقرأ على شيخنا الإمام عبد الله با كثير «عقيدة النسفي» يقينا وغيرها ظنا، واستجاز منه ومن الشريف السمهودي وغيره من فقهاء الحرمين الشريفين.

(1) «تاريخ الشحر» (ص 24).

4367 - [عبد الله بن أحمد بامخرمة]

وصدر إلى عدن في المحرم أو في صفر من سنة اثنتين وتسع مائة، فأقام بعد وصوله إلى عدن نحو سبعة أيام صحيحا، ثم مرض وحمّ، ولم تزل به الحمى إلى أن توفي أواخر شهر صفر المذكور رحمه الله، ودفن بتربة الشيخ جوهر في قبر جده القاضي محمد بن مسعود أبي شكيل وهو ابن خالي، وكان بيني وبينه ألفة ومودة أكيدة من الصغر إلى أن توفي رحمه الله تعالى. 4367 - [عبد الله بن أحمد بامخرمة] (1) أبو الطيب عبد الله بن أحمد بن علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن إبراهيم الشهير بأبي مخرمة، الإمام العالم العلامة، البحر الحبر الفهامة، والدي وشيخي. ولد ببلده الهجرين ليلة الأربعاء الثاني عشر من شهر رجب سنة ثلاث وثلاثين وثمان مائة كما وجد بخطه، وذكر أنه نقله من خط الثقة وخبره، وربى يتيما في حجر أمه، وكفله خاله أبو بكر باقضام. وكان ذكيا من صباه رحمه الله، سمعته رحمه الله يقول: لما عرضت لوحي على المعلم في (سورة الأعراف) .. قرأت: (قال عذابي أصيب به من أساء) بالسين المهملة، وفتح الهمزة الأخيرة، من الإساءة، فرده عليه: (من أشاء) بالشين المعجمة، وضم الهمزة الأخيرة، من المشيئة، فوافق ذلك ما اتفق لإمامنا الشافعي رحمه الله في صباه عند حفظه لهذه الآية؛ فإنه قرأها أيضا بالسين المهملة (2). وحج من بلده ماشيا مع آل باعصيّة طريق السراة في سنة ثلاث وخمسين، وأسقط فرضه. فلما رجع من الحج .. دخل عدن لطلب العلم، فقصد القاضي محمد بن أحمد با حميش، فقرأ عليه، وسمع كثيرا من كتب الفقه ك‍ «التنبيه» و «المنهاج» و «الحاوي» وغير ذلك، وأقبل عليه القاضي با حميش إقبالا كليا لما رأى من نجابته وذكائه، وأجاز له الفقيه با حميش إجازة عامة، وقرأ النحو على الفقيه ابن أزهر، قرأ عليه «ألفية ابن مالك»،

(1) «الضوء اللامع» (5/ 8)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 337)، و «الفضل المزيد» (ص 238)، و «تاريخ شنبل» (ص 215)، و «النور السافر» (ص 58)، و «تاريخ الشحر» (ص 25)، و «شذرات الذهب» (10/ 30)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 153). (2) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (15/ 145)، وفيه أن الذي اتفق له قراءتها كذلك: هو حماد الرواية.

وقرأ على القاضي محمد بن مسعود باشكيل كثيرا من كتب الحديث والتفاسير وغيرها، وأجاز له إجازة عامة في جميع أنواع العلوم، وزوجه القاضي باشكيل بابنته، وقرأ على الفقيه البرجمي كتاب «المصابيح» وأجازه فيه وفي غيره، ودخل شبام حضرموت، فأجاز له عالمها الإمام الصالح با هرمز إجازة عامة. وولي قضاء عدن مدة يسيرة، فباشره بعفة وجد واجتهاد، فأنصف الضعيف من القوي، وكان في خلقه حدة، فخرج من عدن مختفيا متنزها من القضاء، فقصد الشحر، فأكرمه واليها يومئذ بدر بن عبد الله الكثيري، وصحبه، وكان بينهما ألفة أكيدة، ومودة شديدة، ثم رجع إلى عدن وقد تولى قضاءها القاضي عبد الرحمن بن عبد العليم البريهي، ولم يزل يتردد بين الشحر وعدن، وأكثر إقامته بعدن. وقرأ عليه جمع واستفادوا، وصاروا أئمة، منهم: شيخنا الإمام عبد الله بن عبد الرحمن بافضل، والفقيه عمر بن أحمد با كثير، والفقيه علي بن زيد الشرعبي، والفقيه عمران بن بشر الحبلى، والفقيه محمد بن علي العفيف وغيرهم. وله نكت على «جامع المختصرات» للنشائي، يذكر فيه المواضع التي وقعت في الكتاب على غير الصواب، وله أيضا عليه تأليف لطيف، يذكر فيه المسائل التي ذكرها في الكتاب في غير مظنتها على نمط «خبايا الزوايا» للزركشي، وله نكت على «ألفية ابن مالك»، وشرح على «ملحة الحريري»، وفتاوى مجموعة رتبها على أبواب الفقه، وشرح «منظومة ابن ياسمين» في الجبر والمقابلة. وصحب الشريف عمر بن عبد الرحمن باعلوي، والشيخ أحمد بن محمد العمودي صاحب قيدون صحبة أكيدة، فكان لهما حسن ظن وعقيدة قوية. عزم مع الشريف عمر بن عبد الرحمن في سنة تسع وثمانين إلى تعز، ومرضا جميعا بتعز، فتوفي الشريف عمر بها في رمضان من السنة المذكورة، ونقه الوالد من مرضه قليلا، فعزم إلى بلده طريق البر على زهراء وردمان. ولم يزل ذلك المرض مستمرا به، تارة يقوى عليه، وتارة يهون إلى أن توفي منه في سحر ليلة الاثنين لتسع بقيت من المحرم الحرام من سنة ثلاث وتسع مائة بعدن، ودفن بتربة الشيخ جوهر الجندي نفع الله به قبالة ضريح شيخه القاضي جمال الدين محمد بن مسعود باشكيل رحمه الله.

4368 - [الأمير محمد بن بركات]

وكان رحمه الله يصدع بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، يجاهر السلطان فمن دونه. 4368 - [الأمير محمد بن بركات] (1) الشريف محمد بن بركات، أمير الحجاز. ضبطه ضبطا جيدا، وحسم مادة أهل الفساد بالقتل والشنق والقطع وغير ذلك. توفي في الليلة التي توفي فيها الوالد، وهي ليلة الاثنين الثاني والعشرين من شهر المحرم من سنة ثلاث وتسع مائة، وكانت وفاته خارج مكة بوادي الأبيار، وحمل إلى مكة، ودفن بها في تربته بالمعلاة. وولي بعده أكبر أولاده الشريف بركات بن محمد. 4369 - [حسين بن الصديق الأهدل] (2) الشريف حسين بن الصديق بن حسين بن عبد الرحمن الأهدل، شيخنا. كان فقيها، عارفا بمتن الحديث. قرأ على الإمام الحافظ يحيى العامري الأمهات الستة وغيرها من كتب الحديث، ثم عزم إلى مكة ملازما لمجالس الفقه والحديث. ثم إنه تصوف، ولبس الدلق، وحمل الزنبيل، ودار في الأسواق وعلى البيوت كعادة صوفية الوقت، فنقم على ذلك [فلم يلتفت إلى عذل عاذل] (3)، ثم رجع إلى بلده. وكان يسعى بين الدولة والعرب المفسدين بالصلح والذمة. ثم دخل عدن، وصاهر الكتاب بني إسحاق، ودرس في الحديث والفقه والنحو في جامع عدن وفي بيته، وانتفع به جمع في دينهم ودنياهم.

(1) «الضوء اللامع» (7/ 150)، و «التحفة اللطيفة» (3/ 530)، و «الفضل المزيد» (ص 238)، و «النور السافر» (ص 67). (2) «الضوء اللامع» (3/ 144)، و «الفضل المزيد» (ص 243)، و «النور السافر» (ص 53)، و «تاريخ الشحر» (ص 31)، و «شذرات الذهب» (10/ 29). (3) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 32).

4370 - [محمد بن أحمد بافضل]

وتوفي في شهر ذي القعدة من سنة ثلاث وتسع مائة بعدن (1)، ودفن بتربة أهله بالشاذلية. 4370 - [محمد بن أحمد بافضل] (2) أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن علي بافضل، شيخنا الإمام العالم العامل، الولي الصالح. ولد بتريم سنة أربعين وثمان مائة-فيما أظن-ونشأ بغيل أبي وزير، وحفظ القرآن، واشتغل على الفقيه باعديل، وقرأ «الإحياء»، ثم دخل عدن قاصدا القاضي جمال الدين محمد بن أحمد با حميش، فقرأ عليه «التنبيه» وغيره من كتب الفقه، فلما توفي شيخه الفقيه با حميش .. أقيم مقامه في التدريس، وتزوج بزوجة شيخه، فعمر الله به الدين، وأحيا به معالمه. وقرأ على القاضي محمد بن مسعود باشكيل في كتب الحديث والتفسير، وأجازه القاضيان أبو حميش وأبو شكيل، وأفتى ودرس ونشر العلم، وقصدته الطلبة من أنحاء اليمن لعلمه وفضله وصلاحه. وبالجملة: فلم يكن في وقته مثله، وله تواليف حسنة، منها: «العدة والسلاح في أحكام النكاح» لا يستغني عنه كل من تصدى لعقود الأنكحة، و «شرح ألفية البرماوي» اختصره من شرح مصنفها، وله كتاب موضوع على تراجم «البخاري» يذكر فيه وجه مناسبة الترجمة للحديث، وفيه فوائد جمة، وله رسالة في العمل بالربع المجيّب. وكان متفننا في جميع العلوم، حسن المذاكرة، موظف أوقاته على العبادة والطاعة، لا تلقاه إلا في طاعة؛ من تدريس أو تصنيف أو قراءة قرآن أو ذكر، ومجالسه محفوظة. قرأت عليه «صحيح البخاري» وشرحه على «البرماوية»، وقواعده التي اختصرها من «قواعد الزركشي»، وسمعت عليه «تفسير البيضاوي» و «الحاوي» و «صحيح مسلم» وغير ذلك، وانتفعت به كثيرا جزاه الله عنا أفضل الجزاء، وانتفع به جمع كثير وصاروا فضلاء، كالفقيه إسماعيل الحرداني، وولده الفقيه عبد الله بافضل وغيرهما.

(1) في «تاريخ الشحر» (ص 31): توفي سنة (904 هـ‍). (2) «الضوء اللامع» (7/ 14)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 336)، و «الفضل المزيد» (ص 243)، و «النور السافر» (ص 49)، و «تاريخ الشحر» (ص 29)، و «شذرات الذهب» (10/ 28).

4371 - [يوسف بن عمر البزاز]

وبالجملة: فلا يأتي الزمان بمثله، وغالب ظني أنه مجدد قرنه. انتقل إلى رحمة الله في شهر شوال من سنة ثلاث وتسع مائة، ودفن بتربته المعروفة بحافة البصال شرقي الصفار. 4371 - [يوسف بن عمر البزاز] (1) الشريف يوسف بن عمر البزاز الزبيدي. لما توفي أخوه بعدن .. جعل المذكور عوضه في دار صلاح وكيلا في البيع والشراء. وكان رحمه الله يفعل الخير كثيرا خصوصا لأهل تهامة، وبسط يده بالعطاء والسلف للناس من دار صلاح، فلما افتقد الظافر عامر بن عبد الوهاب الدار المذكور، واستعرض ما فيها .. وجد قد فات منها جانب كبير، شيء على اسم عبد الله العفري، وغالبه على اسم الشريف، فلزم العفري وصودر، وحمى الله الشريف ببركة سلفه ومعروفه، كما قيل: (إن صاحب الندى إذا سقط .. وقع على متكا) وبقي على وظيفته في الدار، إلا أنه أخذ على يده من إطلاق التصرف فيها، فقل بذله لقلّ موجوده، لا لقلّ جوده، ولم يتغير حاله من حسن خلقه ولين جانبه، كما قيل: [من البسيط] قالوا تغيرت قلت الدهر غيرني … ما قلّ جودي ولكن قلّ موجودي إني وإن لم يكن في نبقتي ثمر … للمجتنين ولكن ليّن العود وتوفي رحمه الله في آخر القعدة أو في شهر الحجة من سنة ثلاث وتسع مائة بعدن، ودفن بتربة الشيخ جوهر. 4372 - [عبد الله العمودي أبو مخرمة] (2) عبد الله المعروف بالعمودي بن عبد الله بن أحمد أبو مخرمة. ولد بعدن سنة إحدى وثمانين وثمان مائة. وحفظ القرآن غيبا وله دون عشر سنين، وكان فيه فهم وذكاء مفرط، واشتغل على أخيه

(1) «الفضل المزيد» (ص 243). (2) «تاريخ الشحر» (ص 35).

4373 - [محمد بن عبد الله أبو مخرمة]

الفقيه أحمد في علم الحساب، فجوده في مدة يسيرة، وقرأ على والده قليلا، وعلى أخويه الفقيه أحمد والطيب ابني عبد الله بامخرمة، وله معرفة جيدة باللغة والنحو، وله ديوان شعر، وشعره جيد جدا. حج على قدم التجرد ورجع إلى عدن، وعزم إلى والده بالهجرين من طريق البر، فلما وصل الهجرين .. وجد والده قد خالفه راجعا إلى عدن، فأقام بالهجرين أياما، ثم رجع إلى عدن، واجتمع فيها بوالده. ثم عزم إلى مكة طريق البر، فدخل صنعاء، وامتدح إمامها محمد بن الناصر بقصيدة فائقة، ثم تقدم إلى جازان وقد هيأ قصيدة معظمة مدح بها الشريف أحمد بن دريب صاحب جازان، فمات بحرض قبل أن يصل إلى جازان رحمه الله، وذلك في شهر [ربيع الثاني] (1) من سنة ثلاث وتسع مائة. 4373 - [محمد بن عبد الله أبو مخرمة] (2) محمد بن عبد الله بن أحمد أبو مخرمة، أخي لأبي. ولد ببلده الهجرين في سنة ثلاث وسبعين وثمان مائة، وحفظ بها القرآن العظيم، ثم رحل إلى عدن لطلب العلم في سنة اثنتين وتسعين وثمان مائة، فقرأ عليّ «التنبيه» جميعه قراءة فهم وتثبت، وقرأ عليّ غير ذلك من الكتب الفقهية والنحوية، ولازم الفقيه علي الشرعبي، واشتغل عليه كثيرا في النحو وغيره، وقرأ على أخيه شيخنا الفقيه أحمد قليلا، ثم عزم إلى بلده مع شيخنا الوالد في سنة أربع وتسع مائة (3)، فأقام بها قليلا، ثم رجع إلى عدن ملازما للاشتغال بطلب العلم الشريف، وكان له مشاركة في الفقه وغيره، وقرأ على الشريف حسين بن الصديق الأهدل في الحديث، وصحبه ولازمه. فحدث به مبادئ الضرر ولم يتحقق أنه جذام، وظهر به مبادئ الجذام من نحول الأصابع والأطراف، فعزم إلى الهند للتداوي، فأقام بها نحو سنتين ولم يؤثر فيه الدواء، فرجع إلى عدن والضرر ظاهر عليه، فلزم البيت، وقصده الناس للتبرك والزيارة، وكان

(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 35). (2) لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا. (3) في هذا التاريخ نظر؛ فقد تقدم في ترجمة والد المصنف رحمهما الله تعالى أنه توفي سنة (903 هـ‍)، انظر (6/ 528).

4374 - [الشريف هزاع بن محمد]

شيخه الشريف يكثر التردد إليه ويلامسه ويخالطه كثيرا. ثم عزم إلى الشحر قاصدا زيارة والدته، فلما وصل الشحر .. وصلت إليه والدته، فمكثت عنده أياما، وكان في خلقه حدة، فلم يطب لها المقام عنده، فرجعت إلى بلدها، وعزم معها لاستعطاف خاطرها، فلما كان في أثناء الطريق .. شق عليه السفر من الألم الذي به، فرجع إلى الشحر، وأقام بها إلى أن توفي في سنة ست وتسع مائة. وكان له كتب غالبها ورثه من والده، وشيء منها بخطه وبخط غيره، فأوقفها جميعها عند موته على طلبة العلم الشريف بثغر عدن، وجعل النظر في ذلك لأخويه شيخنا الفقيه أحمد ومسطر ذلك رحمه الله تعالى. 4374 - [الشريف هزاع بن محمد] (1) الشريف هزاع بن محمد بن بركات بن حسن بن عجلان. كان مضمر التعب من أبيه بسبب تقديم أخيه بركات عليه، ولم يظهر منه في حياة أبيه سوء، فلما توفي والده، وأسند الأمر إلى الشريف بركات، وجعل لهزاع إقطاعات معلومة .. قبلها في الظاهر وهو غير راض في الباطن، وأظهر الرضى منتهزا للفرصة، ولم يزل ملائما لأخيه في الظاهر. فلما تولى الملك العادل طومانباي مصر بعد الأشرف جنبلاط .. طرد أميرا من أمراء جنبلاط يقال له: قانصوه البرج إلى مكة، فلما وصل البرج إلى مكة .. لم يلتفت إليه الشريف بركات ولا القاضي أبو السعود مراعاة للسلطان طومانباي، وكان هزاع يواصله ويهاديه ويكثر التردد إليه إذ ذاك. فلما فقد طومانباي من مصر، وتولى بعده الأشرف قانصوه الغوري .. كتب لقانصوه البرج إلى مكة، وجعله نائبه بها، فلما وصلته الكتب بذلك .. جاءه الشريف بركات والقاضي أبو السعود للسلام عليه، فلم يأذن لهما؛ لما في نفسه من عدم الاحتفال به قبل ذلك، ووعد هزاع أن يجعل له ولاية مكة ويخلع أخاه بركات منها، فأمره بالخروج إلى ينبع، وأرسل لأمير الحاج المصري أن يواجه هزاع، ويطلق المراسيم السلطانية عليه،

(1) «الضوء اللامع» (10/ 208)، و «الفضل المزيد» (ص 265)، و «تاريخ الشحر» (ص 50)، و «السناء الباهر» (ص 59).

ويلبسه الخلع السلطانية، ففعل ذلك، فألبس هزاع الخلعة التي جيء بها لبركات، وألبس أخاه الجازاني الخلعة التي كان يلبسها قايتباي أخاه بركات، فتوجه هزاع مع الركب المصري إلى مكة ومعه الأشراف بنو إبراهيم في نحو مائة فارس، ومعه زبيد أخوال الجازاني، فلما علم بركات بذلك .. خرج في عسكره إلى وادي مرّ، والتقى الجمعان الشريفان بمن معهما، وكف الركب المصري نفسه وعسكره عن مساعدة أحدهما، فانكسر الشريف هزاع مرات، وقتل من أصحابه نحو الثلاثين، فعبث أصحاب بركات بالركب، ونهبوا أطرافه، فحمل الركب مع هزاع حملة رجل واحد، فهزم بركات، وقتل ولده أبو القاسم في جماعة من العسكر، واستولوا على محطة الشريف بركات بما فيها من الأموال والنساء، وانتهبت خزانته، فعزم الشريف بركات إلى جدّة، فنهبها. ودخل هزاع مكة متوليا صحبة الركب المصري، واضطربت أحوال الناس، وكثر الخوف والنهب في الطرقات، ورجع حجاج البحر من الطريق وكان فيهم من قد أحرم فرجع قبل التحلل، وارتكبوا محظورات الإحرام جهلا، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وكان الحج ضعيفا، ولم يحج الشريف بركات. فلما انقضى الحج .. عرف هزاع أن لا طاقة له بمقاومة أخيه بركات، وتخوف منه الهجوم عليه بمكة، فتوجه صحبة الركب الشامي إلى ينبع، وتبعه الشريف بركات، فحماه الركب الشامي منه، فرجع بركات إلى مكة، واستقر بها، وأمنت الناس في الطرقات. وفي جمادى الأولى: جمع الشريف هزاع جيشا غالبهم بنو إبراهيم أشراف ينبع، فقصد بهم مكة، فخرج إليه الشريف بركات في عسكره، فالتقيا بموضع يقال له: طرف البرقاء، فانكسر الشريف بركات كسرة شنيعة، وقتل أخوه أبو دعلج، ومن الأشراف بني نمي نحو سبعة أنفار، وانهزم بركات حتى بلغ إلى سبخة الغراب من ناحية اليمن، ووصل هزاع إلى ظاهر جدة، ونادى الأمان للناس، وقرر أحوالهم، وأرسل أخاه الجازاني إلى مكة ليقرر أحوال أهلها، ثم خشي غادرته، فتبعه إلى مكة في عساكره. وكان العرب والأشراف الذين مع هزاع قد شرطوا عليه نهب مكة إن ظفروا بها ثلاثة أيام، ثم لما ظفر بها .. لم يسهل عليه نهبها، فصالحهم على النهب على مال جزيل نحو سبعة آلاف أشرفي، فرضوا بذلك، فأخذ ذلك من تجار مكة بطيبة خواطرهم ليسلموا من النهب، ودفعها إلى من معه.

4375 - [عبد الله بن عامر بن طاهر]

ووصلته المراسيم والخلع من مصر، وكان رجلا حازما شهما، له تدبير ورأي، وشفقة تامة على الرعية، وهيبة قوية عند جنده؛ فإنهم الذين أقاموه وآزروه، ومع ذلك فلم يكن لأحد معه كلمة. وكان في نفسه من القاضي أبي السعود، ويجامله كثيرا في الظاهر، ومع ذلك فلم يأمن منه القاضي حتى استجار منه بأخيه الجازاني، فأجاره. ولم تطل مدة ولايته؛ لأنه دخل مكة وهو مريض، ولم يزل المرض مستمرا به إلى خامس عشر رجب من السنة المذكورة (1)، فتوفي رحمه الله بمكة، ودفن بمقبرتهم. 4375 - [عبد الله بن عامر بن طاهر] (2) الشيخ عبد الله بن عامر بن طاهر. توفي معتقلا بدار الأدب من رداع العرش في شوال من سنة سبع وتسع مائة والملك الظافر محاصر لصنعاء يومئذ، [وكان مرضه من الحمى المطبقة، فأقام خمسة أيام، ثم توفي في اليوم السادس من مرضه، فأحضر الموكل به أعيان البلد ورؤساءها وأشهدهم على موته، ثم جهز أحسن الجهاز، وصلي عليه في جمع، ودفن في مجنة رداع العرش، رحمه الله تعالى] (3). 4376 - [القاضي أبو السعود] (4) القاضي أبو السعود بن القاضي إبراهيم بن علي بن ظهيرة، قاضي مكة المشرفة وابن قاضيها. قرأ على أبيه، وأكثر قراءته على عمه القاضي أبي بكر، وولي القضاء بعد أبيه. وكانت له حرمة عظيمة وجاه كبير عند الشريف محمد بن بركات، ثم مع ولده بركات من

(1) لم يتقدم ذكر لأية سنة في هذه الترجمة، والمراد: سنة (907 هـ‍)؛ لأن المصنف رحمه الله تعالى ذكر في حوادث تلك السنة وفاة صاحب الترجمة، انظر (6/ 557). (2) «الفضل المزيد» (ص 270). (3) بياض في الأصول، والاستدراك من «الفضل المزيد» (270). (4) «الفضل المزيد» (270)، و «النور السافر» (ص 80)، و «تاريخ الشحر» (ص 50)، و «السناء الباهر» (ص 60).

بعده بحيث كان أوامره في الحجاز أنفذ من أوامرهما، رغبة منهما في ذلك واختيارا، لا كراهة وإجبارا. فلما وقعت الفتنة بين الشريف بركات وأخيه هزاع بوادي مرّ، وانكسر فيها الشريف بركات، ونهب مخيّمه وحرمه .. أمده القاضي أبو السعود بالمال والأثاث والخدم، ويقال: إنه الذي أشار عليه بنهب جدّة ليتقرر عند المصريين عجز غير بركات. وكان القاضي أبو السعود إذ ذاك مرتابا من الشريف هزاع كثيرا، يرى أن هزاعا لو تمكن منه .. لأتلفه؛ لما كان يرى منه من الميل إلى بركات في حياة أبيه وبعد وفاته، فلما انكسر الشريف المرة الثانية، ونهب مخيمه .. تخيل للقاضي أبي السعود أن الشريف بركات قد انقضت أيامه، وأدبرت سعادته، فالتجأ القاضي إلى الشريف جازاني بن محمد بن بركات، فخفره من هزاع وحماه منه. فلما أمن جانبه من هزاع .. أرسل الشريف بركات إلى القاضي يريد منه المساعدة كالمرة الأولى، فاعتذر إليه القاضي، فوقع في نفس الشريف منه، ووجد أعداء القاضي مدخلا عليه عند الشريف، فأوغروا صدر الشريف عليه بالحق والباطل. فلما توفي هزاع .. شمر القاضي أبو السعود همته في تولية الجازاني على مكة وأعمالها، وكتب بذلك إلى المصريين، ورجح لهم أنه أصلح للحجاز من بركات، وأن بركات ما هو إلا راعي معزى، فتم للقاضي ما أراد، ووصلت المراسيم والخلع من مصر للجازاني. فجمع الشريف بركات جندا عظيما من اليمن والشرق وغير ذلك، وقصد أخاه الجازاني بمكة، وعلم الجازاني أنه لا طاقة له به .. فخرج من مكة إلى ينبع، ودخل الشريف بركات بعساكره، وكان يجامل القاضي في الظاهر كثيرا ويحترمه، ويراعيه ويستشيره، وكان محتذرا من هجوم الجازاني وبني إبراهيم عليه، فلم يزل محتفظا بالعسكر بمكة، فيقال: إن القاضي أشار عليه بأنك قد أمنت من خصمك، ولا حاجة إلى جمع الجند، فقد تأذى أهل مكة من انبساطهم وفسادهم، وهذا شهر رمضان مقبل لا يحتمل ذلك، والمصلحة أنك تفسح لكل ينصرف إلى أهله وبلده، فأصغى الشريف بركات إلى مشورته، وفرق الجند، ولم يبق معه إلا خاصته ومن يلوذ به، فيقال: إن القاضي كتب إلى الجازاني أن بركات قد فرق جنده ولم يبق أحد عنده، فلا يكون أسرع من وصولك إلى مكة على غرة وغفلة لتقبض عليه، وأرسل مكتّبا بالورقة، فشاع بمكة أن القاضي أرسل قاصدا إلى ينبع، فأرصد

الشريف بركات الطريق لقاصد القاضي، فظفروا به وفتشوه، فوجدوا معه الورقة، فأتوا به وبالورقة إلى الشريف بركات وهو بمكة، فلما وقف على خط القاضي .. تحقق أن القاضي ساع في هلاكه، ولم يعلم القاضي بذلك. ويقال: إن الورقة مكيدة زورت على خط القاضي توصلا إلى هلاكه، والله أعلم بحقيقة الأمر. فلما فرغ القاضي من التدريس بالحرم بعد طلوع الشمس، وطاف بالبيت سبوعا على جاري عادته .. أتاه رسول الشريف يستدعيه، فخرج من الحرم إلى دار الشريف قبل أن يصل إلى بيته، فدخل وأراد الجلوس بقرب الشريف على جاري عادته، فأخرج عن ذلك المجلس، ورمى إليه الشريف بالورقة وقال له: كنا نسمع ولم نصدق حتى شاهدنا خطك، فيقال: إنه أنكر أن يكون ذلك خطه، وأراد تقطيعها، فاجتذبها الشريف منه، فأراد اجتذابها من يد الشريف على ما يألفه من الانبساط والاستدلال، فلطمه الشريف قايتباي لطمة فاحشة حتى أسقط عمامته من رأسه، وأراد هسفه وضربه، فمنعه الشريف بركات من ذلك، ثم أمر به، فنقل إلى مجلس آخر، وجعل عليه الترسيم، وأرسل في الحال من احتاط على بيوته، وأخرج أولاد القاضي وحرمه من البيت مجردين ليس معهم سوى ثياب أبدانهم، وسمر على بيوت القاضي وأملاكه وحواصله جميعها، ثم جمع الفقهاء وأعيان البلاد وأوقفهم على الورقة، فقرروا أنها خط القاضي، فكتب محضرا بما اتفق من القاضي، وأخذ عليه خطوط الحاضرين من الفقهاء والأعيان والأمراء، فكتب كل منهم على قدر ما في نفسه من الضغن والإحن على القاضي، ثم أخذ في مصادرة القاضي وتعذيبه بأنواع العذاب من العصاريات وغيرها، ورسّم على كبار عياله كالقاضي صلاح الدين وغيره، ولم يزل يستجر منه المال، ثم سعي بين الشريف والقاضي على أن يبذل القاضي مبلغا جزيلا من المال، وعلى أن يخرج ولده القاضي صلاح الدين، فيبيع أملاك القاضي في تحصيل المبلغ المذكور، فأطلق القاضي صلاح الدين، فباع كتب والده وملابسه وذخائره ومصاغه وأثاثه وشيئا من عقاره بأبخس ثمن، ورهن بعض العقار حتى سلم المبلغ المشروط، ثم إن الشريف أرسل بالقاضي إلى جدّة في الترسيم، وأركب في البحر من جدة إلى جزيرة القنفدة قرب حلى، ثم أتبعه بعياله إلى الجزيرة، فتم بالجزيرة هو وعياله وعليهم الترسيم، فلما قرب الركب المصري من وصول مكة، وعلم الشريف أنهم ساعون في خلاص القاضي .. أرسل بريدا إلى ابن ركوب أمير القنفدة بأن يغرّق القاضي حال أن يصله كتابه، فأركبه في

4377 - [محمد بن ناصر]

سنبوق موهما أنه شاء يردّه إلى جدّة، فلما توسط به البحر .. غرّقه ثمّ، وذلك في أوائل شهر الحجة من سنة سبع وتسع مائة. ومنذ لزم القاضي إلى أن غرّق .. أعرض عن كل شغل، واشتغل بتلاوة كتاب الله عزّ وجل، فكان كثير التلاوة، ولا يفتر عنها لا ليلا ولا نهارا، هكذا بلغني، فختم الله له بالشهادة من وجوه، مات غريقا غريبا مظلوما. وكان رحمه الله حسن الأخلاق، كثير المراعاة والمواصلة للواردين إلى مكة من الفضلاء والعلماء والأمراء وغيرهم من ذوي الأقدار رحمه الله وتجاوز عنه بمنه وكرمه، آمين. 4377 - [محمد بن ناصر] (1) الإمام محمد بن ناصر، صاحب صنعاء، الملقب: صلاح الدين. كان عالما في مذهبه، حسن السياسة في مملكته، متنظّرا في حال رعيته. كان بينه وبين الملك الظافر مواصلة ومهاداة، والحال بينهما سديد في الظاهر، فلما توجه الظافر لحصار صنعاء المرة الأولى، وأخبر صاحب صنعاء بذلك .. قال: لا يمكن أن يفعل هذا صلاح الدين؛ لأن ما بيننا وبينه ما يوجب ذلك، ولم يصدق حتى وصلت المحطة إلى تحت صنعاء، ووصل إلى قصره شيء من المدافع التي يرمى بها إلى صنعاء، لا جرم لحسن نيته وصدق سريرته لم يتمكن الظافر مع كثرة جنوده وقوته من بلده. وتوفي سابع وعشرين شعبان من سنة ثمان وتسع مائة. 4378 - [الشريف جازاني] (2) الشريف جازاني بن محمد بن بركات. ولد سنة اثنتين وثمانين وثمان مائة. دخل والده جازان، ونهبها وسبى حريمها من الأشراف وغيرهم، فلذلك سمي: جازاني، وأمه أخت مالك بن رومي شيخ زبيد الحجاز، وربى في حجر والده.

(1) «الفضل المزيد» (ص 275)، و «النور السافر» (ص 85)، و «تاريخ الشحر» (ص 59). (2) «الفضل المزيد» (ص 280)، و «تاريخ الشحر» (ص 58)، و «السناء الباهر» (ص 69).

4379 - [أحمد بن سالم الدوعني]

ولما حصلت الفتنة بين هزاع وبركات ابني محمد في سنة ست وتسع مائة .. كان الجازاني مع أخيه هزاع، وكان الشريف هزاع يراعيه ولا يخالف كلامه لأجل أخواله زبيد، فلما توفي هزاع سنة سبع وتسع مائة .. تولى الجازاني إمرة مكة، وأقام القاضي أبو السعود همته في ذلك، وكتب إلى أهل مصر بتأهّله لذلك، فوصله الخلع والمراسيم من مصر بالولاية على مكة، وكسر الشريف بركات مرارا. ولما لزم المصريون الشريف بركات وأخوه قايتباي، وحملاهما مقيدين إلى مصر، واستقل الجازاني بإمرة مكة .. تعسف فيها وظلم، وصادر التجار، ومن لم يعطه ما يريد .. عذبه بأنواع العذاب من الضرب وغيره، وكان قد قتل جماعة من الترك وأهل مكة بسبب نصرتهم لبركات. وفي رجب من سنة تسع وتسع مائة: دخل المطاف، وشرع في الطواف، فتقدم إليه تركي كأنه طائف، فلما قرب منه .. طعنه في جنبه فسقط، وكان جماعة من الترك في المسجد بالقرب من المطاف، فلما سقط الجازاني .. تواثبوا عليه بالطعن حتى ذفّفوه ولم ينتطح فيه عنزان، وبقي مرميا به في المطاف إلى آخر النهار، ثم حمل إلى المعلاة، وقبر بمقبرة والده، وولّى الترك أخاه حميضة مكانه. 4379 - [أحمد بن سالم الدوعني] الفقيه أحمد بن سالم با نقيب الدوعني. قدم من بلده إلى عدن لطلب العلم، فنقل «المنهاج»، وقرأ كثيرا من كتب الفقه والحديث والتفسير على شيخنا جمال الدين محمد بن أحمد بافضل، وانتفع به كثيرا، وقدّمه على الدرسة، وجعله ناظرا عليهم. وحصّل كتبا كثيرة، وأفتى ودرس، وانتفع به جمع من الطلبة. وكان لديه قليل من حطام الدنيا يتجر فيه ويعامل الناس به. ولم يزل على التدريس والفتوى إلى أن توفي في أواخر جمادى الأولى من سنة عشر وتسع مائة.

4380 - [أحمد بن عبد الله بلعس]

4380 - [أحمد بن عبد الله بلعس] (1) الفقيه أحمد بن عبد الله بلعس (2) اليافعي. أكثر اشتغاله على شيخنا جمال الدين محمد بن أحمد بافضل، قرأ عليه كثيرا من كتب الفقه والحديث وغير ذلك، وقرأ على شيخنا الوالد في الحساب والفرائض. وكان ذكيا لبيبا، حسن الأخلاق، لطيف المعاشرة. ولما ابتنى الشريف علي بن سفيان مدرسته بعدن .. رتّب فيها مدرسا في الفقه والحديث. وكان له نغمة حسنة وراحلة مليحة في قراءة الحديث، وكان يقرأ الحديث بدار السعادة بحضرة المجاهد علي بن طاهر، وكان يقرأ الحديث بعد صلاة الجمعة على كرسي لزق المقصورة، فكان المجاهد علي بن طاهر إذا فرغ من صلاة الجمعة .. أقام بالمقصورة يسمع الحديث، وربما أقام إلى صلاة العصر. وحج، وأخذ بمكة عن ابن عطيف وغيره. وأرسله المجاهد علي بن طاهر إلى المجاهد ابن سعد الدين مرارا بهدية من الخيل المسرجة وغيرها، ثم أرسله المنصور عبد الوهاب بن داود بعد عمه إلى المجاهد ابن سعد الدين بهدايا جزلة، وحصل بسبب ذلك [ ... ] (3). وكان لديه كتب كثيرة، وكان يبذلها لمن أراد إعارتها. وقرأ عليه جمع من الطلبة وانتفعوا به، ثم ركن إلى البطالة ومجالسة أهل الدنيا. ولما ثارت الفتنة بين الظافر عامر بن عبد الوهاب وأخواله، ومالت يافع مع عبد الله بن عامر .. رفع عنه إلى الشيخ محمد بن عبد الملك أنه تكلم على الدولة بما لا يليق، فأمر بإخراجه من عدن، فأخرج منها على وجه قبيح، ثم شفع فيه شيخنا جمال الدين محمد بن أحمد أبو الفضل، فأذن له في الدخول على أن يلزم بيته ويترك الفضول. ولم يزل مقيما بعدن إلى أن توفي بها في شهر ذي الحجة من سنة عشر وتسع مائة.

(1) «الفضل المزيد» (ص 288). (2) في «الفضل المزيد» (ص 288): (العنس). (3) بياض في الأصول.

4381 - [أحمد بن عبد الله مخرمة]

4381 - [أحمد بن عبد الله مخرمة] (1) الفقيه شهاب الدين أحمد بن عبد الله مخرمة، أخي وشيخي. ولد في صفر سنة ست وستين وثمان مائة بعدن، وحفظ بها القرآن، وقرأ على والده في الحساب والجبر والمقابلة والفرائض حتى حقق ذلك تحقيقا شافيا، ثم سار مع والده إلى الهجرين، فأقام بها أشهرا، ورجع إلى عدن في سنة ثلاث وثمانين، ثم قدم الوالد بعده بقليل إلى عدن في سنة أربع وثمانين، فزوجه بابنة شيخنا الإمام جمال الدين محمد بن أحمد بافضل، واشتغل على الوالد في قراءة كتب الفقه، وقرأ عليه «التنبيه» وبعض «المنهاج» فيما أظن، ثم تغير حاله وترك الطلب [ ... ] (2) شيخنا لذلك، وطيب النفس في أمر الدنيا بالتجارة، فأذن له والده على كره منه لذلك، فسافر إلى هرموز قاصدا التجارة، فعصفت عليهم الريح [ ... ] (3) ورأوا من التعب والشدة والهلكة [ ... ] (4) فتوّهوا في ظفار، فلما دخل ظفار وقد شاهد من أهوال البحار ما تحار معه الأفكار .. ندم على ما صدر منه، وترك العزم إلى هرموز، ورجع من ظفار إلى عدن مجدا مجتهدا في طلب العلم، فشرع في نقل «جامع المختصرات» وقراءته على والده إلى أن ختمه قراءة وحفظا، وجد واجتهد، وأعجب به والده كثيرا. ودرس في منصورية عدن في الفقه، وفي ظاهريتها في الحديث، وقرأ على والده [ ... ] (5) مسلم، ولما سار الوالد إلى تعز صحبة الشريف عمر بن عبد الرحمن باعلوي في سنة ثمانين [ ... ] (6) درس [ ... ] (7) فيه شيخنا الوالد رحمه الله، وقرأ على شيخنا الإمام أبي الفضل «الصحيحين» و «جامع المختصرات» وغير ذلك. ودرس وأفتى شابا، ولم يضع خطه على فتوى إلا في الفرائض، فكان يجيب فيه خطا، وقرأت عليه «التنبيه» و «المنهاج» وكثيرا من كتب الحديث، وبه تخرجت، وعليه انتفعت

(1) «النور السافر» (ص 98)، و «تاريخ الشحر» (ص 77)، و «شذرات الذهب» (10/ 71). (2) بياض في الأصول. (3) بياض في الأصول. (4) بياض في الأصول. (5) بياض في الأصول. (6) بياض في الأصول. (7) بياض في الأصول.

4382 - [حسن بن أحمد المزجد]

رحمه الله، وكان في خلقه حدة، وفيه [ ... ] (1) من أبناء جنسه من طلبة الفقه خصوصا القراء. وله مؤلفات: شرح على «جامع المختصرات» ونكت وأشياء في الحديث وغيره مات عنها مسوّدة، وكان ضعيف الخط جدا، ولذلك لا يكاد ينتفع بما تركه من المسوّدات. ولم يزل مشتغلا بالعلم تدريسا وتحصيلا وتصنيفا إلى أن مرض مرض الموت، وطال مرضه أياما، وتوفي عصر الجمعة عاشر جمادى الأخرى من سنة إحدى عشرة وتسع مائة. 4382 - [حسن بن أحمد المزجد] القاضي بدر الدين حسن بن شيخنا القاضي شهاب الدين أحمد بن عمر المزجّد. ولد بزبيد، ونشأ في حجر والده، فهذبه وأدبه. وقرأ على والده كثيرا في الفقه والحديث والنحو وغير ذلك. وكان له في كل فن من الفنون مشاركة جيدة، وله قريحة حسنة، وشعر جيد. ولما ولي والده قضاء ثغر عدن في سنة تسع مائة .. وصل إلى عدن صحبة والده، ولما توجه والده إلى زبيد لزيارة أهله وعياله .. ناب والده في قضاء عدن. ثم ولي قضاء لحج في سنة إحدى وتسع مائة فيما أظن، فباشره بعفة وصيانة، وديانة وأمانة، ولم يزل قاضيا بلحج إلى أن صرف والده من قضاء عدن إلى قضاء زبيد في سنة ست وتسع مائة، فصرف القاضي حسن المذكور من قضاء لحج إلى قضاء تعز. ولم يزل قاضيا بتعز إلى أن توفي بها في أوائل سنة إحدى عشرة وتسع مائة. 4383 - [أحمد بن دريب] (2) الأمير الكبير الشريف أحمد بن دريب صاحب جازان، المشهور بالكرم والإحسان، ما قصده قاصد فرجع خائبا. قصده الشريف محمد بن بركات إلى بلده جازان وأخرجه منها، ونهب خزائنه وحرائمه،

(1) بياض في الأصول. (2) «الفضل المزيد» (ص 292)، و «تاريخ الشحر» (ص 78)، و «السناء الباهر» (ص 99).

4384 - [أبو بكر العيدروس]

ثم رجع [وسالمه] (1) إلى أن توفي في شهر شوال من سنة إحدى عشرة وتسع مائة. 4384 - [أبو بكر العيدروس] (2) الشريف فخر الدين بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن باعلوي المعروف بالعيدروس، وهو لقب لقّب به والده بعض سياحي العجم لما دخل تريم لزيارة الشيخ عبد الله بن أبي بكر المذكور، ومعناه: زعيم الصوفية. ولد أبو بكر المذكور ببلدة تريم في آخر سنة خمسين-أو أول إحدى وخمسين-بعد ثمان مائة، وتوفي والده في سنة خمس وستين وهو طفل. قرأ على عمه الشيخ علي بن أبي بكر في «الإحياء» وغيره، واشتغل على غيره أيضا من فقهاء تريم وغيرهم في سنة ثمانين وثمان مائة أو إحدى وثمانين، فدخل الشحر وعدن، ثم عزم منها إلى مكة طريق البر، وحج، ورحل فدخل زيلع، ثم عدن، ثم رجع إلى بلده تريم، فأقام بها إلى سنة [ ... ] (3)، ثم خرج منها من ضيم حصل عليه من ولاتها قاصدا الحج، وسلك طريق البر من بلده، ودخل لحج، فأكرمه الشريف عمر بن عبد الرحمن باعلوي غاية الإكرام، وعاملوه بالجلالة والاحترام، وحصل له من السلطان عبد الوهاب بن داود نهاية الإحسان والإنعام. وتوجه إلى مكة وحج ورجع إلى اليمن، ولم يقدر له الرجوع إلى وطنه، فالتمس من موهوبات الشيخ عبد الوهاب في جهة موزع ما يقيم حاله في إكرام وافديه وقاصديه، فأنعم له بذلك، وتهيأ للمسير إلى ما هنالك، فاتفق وفاة الشريف عمر بن عبد الرحمن باعلوي، فاستقر مكانه في قرية الحمراء في إكرام الوافدين، وحصل له القبول التام عند السلطان فمن دونه، فأقام بالحمراء برهة، ولم يطب له المقام بها، فدخل عدن وتديّرها: [من الطويل] وألقت عصاها واستقر بها النوى … كما قر عينا بالإياب المسافر وكان رحمه الله لا يدخر شيئا من الدنيا، يحصل له الفتوح العظيمة، فيفرقها على من يستحقها ومن لا يستحقها، ويستدين بالزيادة ويبذله.

(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 57). (2) «مواهب القدوس» (ص 4)، و «غرر البهاء الضوي» (ص 283)، و «النور السافر» (ص 124)، و «تاريخ الشحر» (ص 83)، و «شذرات الذهب» (10/ 91)، و «المشرع الروي» (2/ 34). (3) بياض في الأصول.

4385 - [الشريف محمد بن حسين]

وكان للسلطان صلاح الدين عامر بن عبد الوهاب فيه اعتقاد عظيم على غيره من سائر الناس؛ لأنه لا يرد له شفاعة، ولحقه دين عظيم ينيف على عشرة آلاف دينار، وكان يظن أن يقضيها عنه السلطان عامر بن عبد الوهاب، وربما كتب إليه بذلك [ ... ] (1) ولم يفعل، فقيض الله له قضاءها من حيث لا يحتسب، وذلك أن صهره ناصر الدين باحلوان كان له فيه حسن ظن واعتقاد عظيم، فلما بلغه أنه كتب إلى الشيخ عامر في قضاء دينه ولم يساعده على ذلك .. أرسل بمال جزيل؛ من الخلع واللباس والذهب السنبرا ما ينيف على خمسة عشر ألف أشرفي، وأصحبه صهره الشريف أحمد بن أبي بكر المذكور لقضاء دين والده، فوصل الشيخ أحمد المذكور بالمال المذكور ووالده مريض، فسر الشريف أبو بكر بذلك سرورا عظيما، وأمر ولده أحمد أن يقضي عنه جميع دينه، ولا يحاسب أحدا بما قبضه من المنافع، فصالح الشيخ أحمد غرماء والده، وحاسبهم بما قبضوه من المنافع، واستبرأ منهم ذمة والده. وله رحمه الله كرامات كثيرة، وللخلق فيه اعتقاد عظيم. وتوفي في شهر شوال من سنة أربع عشرة وتسع مائة، وقبره بعدن مشهور، بنى عليه الشيخ عامر قبة معظمة، وبنى عليه الأمير مرجان الظافري رباطا [كبيرا] (2) ودارا كبيرة لزقه بالرباط لسكنى الشيخ القائم بالتربة، وبنى الشيخ عبد الملك بن محمد ثلاثة أروقة محيطة بالقبة، وعليه من الجلالة والاحترام ما يليق بذلك المقام. ولكل من الإمام محمد بحرق والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن با وزير تأليف في كراماته وفضائله ومناقبه رحمه الله ونفع به وبسلفه، آمين. 4385 - [الشريف محمد بن حسين] (3) الشريف محمد بن حسين، صاحب صعدة. لما حاصر السلطان عامر بن عبد الوهاب صنعاء الحصار الأول باقي أيام محمد بن الناصر .. كتب آل صنعاء إلى البهال مستنجدين به، وجعلوا له شيئا معلوما كل سنة، فأتى

(1) بياض في الأصول. (2) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 86). (3) «النور السافر» (ص 136)، و «تاريخ الشحر» (ص 89).

4386 - [عبد الله ابن سفيان]

إلى صنعاء في جمع عظيم، وكسر عسكر السلطان، وارتفع السلطان من تحت صنعاء، ثم عاد السلطان لمحاصرة صنعاء بعد موت ابن الناصر، ووصل البهال في جنده إلى صنعاء لينقذهم، فوقع بينه وبين عسكر السلطان قتال انهزم فيه البهال وقتل من عسكره عالم كثير، وأسر شيخ الزيدية الوشلي، وانتهب مخيم البهال، ورجع مهزوما. وتوفي بصعدة في رجب سنة خمس عشرة وتسع مائة. 4386 - [عبد الله ابن سفيان] (1) الشريف عبد الله بن علي بن سفيان. ولي إمرة عدن مرارا في أيام المنصور عبد الوهاب بن داود وفي أيام الظافر عامر بن عبد الوهاب، وولي إمرة لحج وأبين وزبيد، وأي موضع تولاه .. أصلحه ولمّ شعثه؛ لأنه كان ذا ملاءة ويسار، فيدفع ويداري بمال نفسه معرة المفسدين. ولما غدر بنو الشكاعي بالرتبة التي في حصن الشريف، وقتلوا النقيب، واستقروا فيه .. نسب ذلك إلى تقصير من الشريف المذكور ومن عبد الوهاب بن محرم العنسي، فألزمهم السلطان أن يحاصروا الحصن ويحطوا تحته، وتكون الصرفة عليهم في قبيل تقصيرهم، فخرج الشريف عبد الله بن سفيان المذكور من زبيد في رمضان من سنة سبع عشرة وتسع مائة، وحط على الحصن، ثم لحقه عبد الوهاب العنسي في جمع كثير، فلم يزالوا حاطين على الخضراء إلى أوائل سنة ثمان عشرة وتسع مائة، فلم ينالوا منه شيئا، فأضر بهم كثرة المصروف ومرض الشريف بن سفيان وهو في المحطة، وطال به المرض، فلما ثقل مرضه .. حمل من المحطة إلى بيت الفقيه ابن عجيل. وتوفي في آخر ربيع الآخر من سنة ثمان عشرة وتسع مائة، ولم يخلف أولادا، وإنما ورثه أخواه عبد الرحمن وفلان. 4387 - [ريحان الصلاحي] (2) النقيب ريحان الصلاحي الظافري.

(1) «الفضل المزيد» (ص 338). (2) «الفضل المزيد» (ص 350)، و «تاريخ الشحر» (ص 104).

4388 - [محمد الصائغ]

لما توفي الشيخ عبد الوهاب، وبويع الشيخ عامر، ونزل إلى تعز .. جعله على خزائن المقرانة، فلما ثارت الفتنة والمخالفة من الشيخ عبد الله بن عامر وإخوانه بأخذهم جبن ومخالفتهم على السلطان .. ضبط ريحان المذكور المقرانة وحزم بها، وظهرت شهامته وأمانته، ثم جعله خازنا بدار صلاح بعدن أياما، وحصل بينه وبين ناظرها يومئذ القاضي عبد العزيز بن إسحاق بعض وحشة، فلما وصل السلطان إلى عدن .. رفع إليه القاضي عبد العزيز المذكور عن ريحان المذكور أمورا غيرت خاطر السلطان عليه، فعزله، وخرج به معه من عدن، ثم ولي إمرة لحج، فأقام بها مدة، فكاده خطيبها أحمد بن شكر، وشهد عليه عند السلطان بأنه تزوج عربية، وزعم أنه حر الأصل ليس بمملوك، فعزله عن لحج، وبقي معزولا مدة، ثم ولي إمرة زبيد مدة، ثم عزل عنها، ثم قدمها مستخلصا للأموال السلطانية بها في شهر رمضان من سنة تسع عشرة وتسع مائة، فمرض، ولم يزل بها مريضا بوجع السل إلى أن توفي بها في شهر المحرم من سنة عشرين وتسع مائة. 4388 - [محمد الصائغ] (1) الإمام العالم العلامة جمال الدين محمد بن الصديق المعروف بالصائغ أبو النجباء. ولد ببيت الفقيه من تهامة، ونشأ بها، وحفظ القرآن، واشتغل بطلب العلوم الشرعية والعقلية وجد فيها واجتهد، فمهر فيها، وفاق أقرانه. ولما أخرب الشيخ عبد الوهاب بن داود بلاد بني حفيص، ونقل أهلها عنها .. نقل الفقيه المذكور إلى زبيد نقل إكرام وإعزاز، وجعل له من الأسباب الحافلة ما يزيد على القيام بحاله، فأقام بزبيد ينشر العلم تدريسا وإفتاء، وقصد بالفتوى من الجهات البعيدة، وعمي آخر عمره. وتوفي بزبيد ليلة السبت حادي عشر ربيع الأول من سنة عشرين وتسع مائة، ودفن غربي مشهد الشيخ أحمد الصياد رحمه الله ونفع به، آمين. 4389 - [الأمير علي العنسي] (2) الأمير الكبير الشيخ علي بن شجاع العنسي.

(1) «الفضل المزيد» (ص 350)، و «النور السافر» (ص 152)، و «تاريخ الشحر» (ص 104). (2) «الفضل المزيد» (ص 351)، و «تاريخ الشحر» (ص 104).

4390 - [الوجيه عبد الرحمن ابن سفيان]

توفي برداع العرش مستهل رجب من سنة عشرين وتسع مائة. [ونعم الرجل كان؛ عقلا ورجاحة، ودينا وأمانة، آنس الله غربته، آمين] (1). 4390 - [الوجيه عبد الرحمن ابن سفيان] (2) الشريف وجيه الدين عبد الرحمن بن علي بن سفيان. أمه من أهل زبيد، ولذلك كانت إقامته بها، ولم يخرج عنها، ولم يتعلق بخدمة الدولة، بل كان متسترا منهم بالاشتغال بطلب العلم، وله فيه بعض مشاركة. ولما مات أخوه العفيف عبد الله بن سفيان بتهامة في سنة ثمان عشرة .. طلب السلطان من بقية إخوته أن يبيعوه أملاكهم بعدن ولحج وزبيد من الأراضي والبساتين وغير ذلك، فأجابه إلى ذلك بعضهم، وباع حصته بثمن نزر، ولوزم عبد الرحمن المذكور أن يبيع حصته بمثل ما باع إخوانه، فأبى وامتنع من ذلك، فتغير عليه خاطر السلطان، وقبض عليه شيئا من أملاكه، وطلع به صحبته إلى الجبل، ثم إلى صنعاء، فمات بها يوم الجمعة ثامن وعشرين شوال من سنة عشرين وتسع مائة. 4391 - [أحمد بن نصير] أحمد بن نصير بن علي بن العقرب. أوقف مائة سهم وثمانية عشر سهما وخمس سهم من أصل مائة سهم وأربعة وأربعين سهما في ساباطين حجر بحافة محمد بن عبد الرحمن با حنان بالقرب من سوق الفارض على الرباط المعروف قديما بالشيخ جوهر بن عبد الله، ثم من بعده بالشيخ الصالح سعد بن علي الحداد، وحديثا بمحمد بن أحمد العواجي، وجعل النظر في ذلك إلى محمد بن أبي القاسم العواجي المذكور، ثم من بعده إلى من يتعين شيخا في الرباط، ثم إلى الأرشد فالأرشد من أولاد الشيخ محمد بن أبي القاسم العواجي وأولاد أولاده أبدا ما تناسلوا وتعاقبوا، وشرط الواقف أن يرصد ربع أجرة الوقف المذكور لعمارة الوقف، وباقي الأجرة-وهو ثلاثة أرباعها

(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «الفضل المزيد» (ص 351). (2) «الفضل المزيد» (ص 353)، و «تاريخ الشحر» (ص 104).

4392 - [عبد اللطيف العواجي]

-يعد لإصلاح ما تشعث من الرباط المذكور ومن مقالده وترميمها، وفي سقاء الرباط المذكور، وفي شراء دليّ وحبال، وفي شراء حصر للرباط المذكور، وشرط أن يصرف في كل شهر لمن أقام بالرباط أربعة دراهم، وذلك في سنة ثماني عشرة وتسع مائة. 4392 - [عبد اللطيف العواجي] الشيخ سراج الدين عبد اللطيف بن الشيخ عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الشيخ الأجل الصالح محمد بن أبي القاسم العواجي. ومحمد بن أبي القاسم المذكور هو أول من ولي نظر التربة المذكورة من آل العواجي، وكان النظر قبله للشيخ سعد بن علي الحداد، ولم يكن للحداد المذكور إلا بنت، فزوجها على محمد بن أبي القاسم العواجي المذكور، وفوض إليه النظر على التربة بعد موته، فلم يزل نظر التربة المباركة إليه، ثم إلى أولاده وأولاد أولاده من بعده إلى وقتنا هذا. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

الحوادث

الحوادث السنة الأولى بعد تسع مائة حصل بناحية بحر الهند طوفان عظيم تغير بسببه جملة مراكب، غرق ببندر الديو عشرة مراكب، وفي الباحة أربعة، وتلف فيها من الأموال والأنفس ما لا ينحصر، وغالب المراكب انكسر أدقالهم (1)، ورموا بغالب حملهم (2). وفيها: وصل كتاب «فتح الباري شرح البخاري» للحافظ ابن حجر، اشتراه الظافر من مكة بمائة وخمسين أشرفي، وحصلت نسخة أخرى عليه، وقفها الظافر بجامع زبيد، وعزم بالتي وصلته من مكة إلى بلاده (3). وفي جمادى الأولى: قدم أبو القاسم الشرياني ومعه ولده وابن راسين صحبة الشيخ عبد الله مرزوق بعد طول خلافهم، فوصلوا زبيد على الذمة، ثم توجهوا إلى تعز، فعفا عنهم الظافر سالف جناياتهم وأكرمهم، وألزمهم سكنى زبيد بأهلهم، فرجعوا إلى زبيد، وتوعك الشرياني قبل رجوعه إلى زبيد، ومات عقب دخوله زبيد، ودفن بمقبرة بني مرزوق (4). وفيها: مات سلطان مصر الملك الأشرف قايتباي. *** السنة الثانية بعد تسع مائة فيها: تحرك محمد بن علي الوشلي وأصحاب ذمار للخلاف، وخالف أهل المصنعة، ولم يظفر أحد منهم بشيء (5).

(1) الأدقال-جمع دقل-: خشبة طويلة تشد في وسط السفينة يمد عليها الشراع. (2) «النور السافر» (ص 39)، و «تاريخ الشحر» (ص 18). (3) «الفضل المزيد» (ص 231)، و «النور السافر» (ص 39)، و «تاريخ الشحر» (ص 18)، و «شذرات الذهب» (10/ 5). (4) «الفضل المزيد» (ص 231). (5) «الفضل المزيد» (ص 234).

السنة الثالثة بعد تسع مائة

وفيها: أخذ بنو الجعد حصن الطياش، وهو فوق حصن الشريف على بني واقد، فخرج بسبب ذلك علي بن شجاع بن عمر العنسي من زبيد، فحط على الحصن المذكور، فصالحوه، وبذلوا له الرهائن، فأخذها منهم، وارتفع عنهم (1). وفي ربيع الأول: أخذ الظافر حصن المصنعة من جهة صنعاء وسائر ما هنالك قهرا، وكان أهله قد خالفوا ونقضوا العهود (2). وفي جمادى الأولى: وصل الشريف عبد الله بن علي بن سفيان من الأبواب السلطانية إلى زبيد متوليا للجهات الشامية ومعه مائتا فارس وألف راجل (3). وفي رمضان: جهز الظافر طائفة من العسكر على الأخدور، وأمر على العسكر علي بن شجاع العنسي وعلي بن محمد النظاري، فقتلوا جماعة من الأخدور ونهبوهم، وكان الأخدور يقطعون الطريق فيما بين تعز وعدن (4). وفي الشهر المذكور: قيد الظافر عالم الإسماعيلية سليمان بن حسن بتعز، وأودعه دار الأدب؛ لتحدثه بما لا يعنيه من المغيبات والمستقبلات، وأمر بإحضار كتبه وبإتلافها، ولله الحمد، ثم أطلقه في شوال، وعفا عنه (5). *** السنة الثالثة بعد تسع مائة في أول المحرم منها: أغزى الظافر جيشا على الأخدور لفساد حصل منهم، فقتل منهم فوق الثلاثين (6). وفي المحرم منها: توفي صاحب الحجاز وأميرها الشريف محمد بن بركات خارجا من مكة بوادي الأبيار، وحمل إلى مكة، ودفن بتربته بالمعلاة. وفيه أيضا: توفي شيخنا الوالد عبد الله بن أحمد بامخرمة رحمه الله تعالى.

(1) «الفضل المزيد» (ص 234). (2) «الفضل المزيد» (ص 234). (3) «الفضل المزيد» (ص 234). (4) «الفضل المزيد» (ص 236). (5) «الفضل المزيد» (ص 236)، و «النور السافر» (ص 47)، و «تاريخ الشحر» (ص 24)، و «شذرات الذهب» (10/ 20). (6) «الفضل المزيد» (ص 237).

السنة الرابعة بعد تسع مائة

وفي آخر جمادى الأولى: توجه الظافر إلى بلاد يافع لذنوب كثيرة سلفت منهم، منها إيواؤهم لخاله عبد الله بن عامر، فسار إليهم في جيوش عظيمة في سابع جمادى الآخرة، فلما تراءى الجمعان .. انهزمت يافع هزيمة منكرة، واستولى الظافر على حصونهم جميعا في أقرب مدة، ولم يكن منهم أمر متعب مع كثرتهم واتساع بلادهم ودعاويهم العراض، وكان استفتاح بلدهم من أسهل الفتوح، فدخلوا عليه، وأذم عليهم، وسار جماعة منهم تحت ركابه (1). وفي تاسع عشر الشهر: لزم الشيخ عبد الباقي بن محمد بن طاهر وقيّد، وأودع دار الأدب (2). وفي الشهر المذكور: قدم الشجاع عمر بن محرم العنسي من البلاد الشامية إلى زبيد بعد مقادمته الرغدة وما حولها، وقبض خراج خور بني عتيبة والخبنتا وما هنالك (3). وفي شوال منها: توفي شيخنا العالم الصالح جمال الدين محمد بن أحمد بافضل نفع الله به. وفي شهر القعدة: توفي شيخنا الشريف حسين بن الصديق الأهدل بعدن. وفيه أو في الشهر الذي بعده: توفي الشريف يوسف بن عمر البزاز رحمه الله. *** السنة الرابعة بعد تسع مائة في أولها: أغار الأمير علي بن عمر العنسي من زبيد على الزعليين إلى باب الهيجة، وحط بموضع يعرف بالقناوص، فهجم الزعليون عشاء محطته، فانهزم الدولة إلى قرية الضحي، وانتهب الزعليون المحطة بما فيها، وأخذوا محمل الأمير وكاتبه، ولم يقتلوا أحدا عن قصد، بل كان صائحهم يصيح: ألا لا يقتل أحد من الناس، ثم طلبوا الصلح بعد ذلك، وردّ ما أخذوا، وسلموا شيئا من الخيل والمال (4). وفي أول السنة أيضا: تأخّر المطر عن إبّانه واشتد الأمر، فأمر قاضي زبيد يومئذ وهو

(1) «الفضل المزيد» (ص 240)، و «اللطائف السنية» (ص 192)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 154). (2) «الفضل المزيد» (ص 241)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 155). (3) «الفضل المزيد» (ص 241). (4) «الفضل المزيد» (ص 243).

السنة الخامسة

الإمام محمد بن عبد السلام الناشري الناس بصيام ثلاثة أيام، ثم خرج بهم في الرابع صائمين بذلة وتخشع، وصلّى بهم الفقيه شهاب الدين أحمد بن الطاهر بن جعمان قاضي حيس، وخطب بهم، وكان يوما مشهودا، فحصل الفرج العظيم قبل الاستسقاء وبعده (1). وفي شهر ربيع الأول منها: أغار الشريف محمد بن علي الوشلي على الأمير علي بن محمد البعداني عند حصن هداد، وحط بعساكره على طريق الأمير وعساكره، وضيق عليهم غاية، فاجتمع من عسكر الأمير نحو ألف، وأخذوا طريقا يعرفونها حتى هجموا محطة الوشلي، وصدق الأمير فيمن معه الحملة، فانهزم الوشلي، وأخذ مراكيبه وآلاته، ولم ينج إلا بنفسه، وقتل من أصحابه جماعة (2). وفي ربيع الثاني: تسلّم الظافر حصونا كثيرة من بلاد أصاب، منها نعمان وغيره، وأعطى أصحابها مالا جزيلا، وأنعم عليهم (3). وفي شعبان منها: تسلم الظافر حصون هداد وسائر ما هنالك (4). *** السنة الخامسة في أول شهر صفر منها: أصبح ولد ابن مخارش صاحب الجوف مقتولا في مخيم السلطان برداع العرش، ولم يعلم قاتله، فتعب الملك الظافر من ذلك، وفحص عن قاتله فلم يعلم به (5). وفي أواخر شهر صفر: بلغ السلطان أن قاتل ابن مخارش من بني عبد، فتجهز لغزوهم، فلما علموا بذلك .. لجئوا إلى اليهودي الناقض للعهد الذي ببيحان، وكان مخالفا على السلطان، ناقضا للعهد، ناكثا للأيمان، يطعن في دين الإسلام، ويركب الخيل بالسرج المزوّقة بالذهب، ويتطاول على المسلمين، وتبعه خلق كثير من اليهود خصوصا من تهود منهم بعد إسلامه، فتجهز الظافر إلى بيحان في عساكر عظيمة من جهات المقرانة فما فوقها، وقدم عسكره إلى بيحان قوما بعد قوم موهما أن لا غرض له سوى

(1) «الفضل المزيد» (ص 244)، و «تاريخ الشحر» (ص 37). (2) «الفضل المزيد» (ص 246). (3) «الفضل المزيد» (ص 247). (4) «الفضل المزيد» (ص 247). (5) «الفضل المزيد» (ص 250)، و «تاريخ الشحر» (ص 40).

الصيد، فتقدم الأمير علي بن محمد البعداني في جماعة من الأمراء والمتقدمين أرسالا أرسالا إلى أن وصلوا بيحان من الربع الذي هو غير مسكون، ثم تبعهم السلطان موهما أن غرضه الصيد، فما زال يقطع البلاد حتى بلغ بيحان، فدخلها، فلما علم اليهودي .. تنحى هو ومن معه إلى المكان الذي هو غير مسكون، فلقيتهم العساكر التي تقدمت إلى ذلك المكان، فانضم الجمعان، وقبض اليهودي الملعون ومن معه وما معه من [أمواله وأولاده ودوابه] (1) وسائر آلاته، وقبض بنو عبد، ولزم قاتل ابن مخارش في جمع عظيم من قومه، وأسر اليهودي، ثم توجه الظافر إلى بلد بني شريف، فأخذ حصونها، وأدوا له الطاعة، ثم عاد إلى رداع (2). وفي عشرين شوال: قبض الشيخ عبد الله بن عامر بن طاهر خال الملك الظافر بعد أن قبض عبده بتعز، فأخبر العبد الملك الظافر بأشياء عن الشيخ محمد بن عبد الملك، وعن بعض خواص خدم الظافر وغيرهم، وحاولوا الخديعة والمكر بالسلطان، فانعكست عليهم آمالهم، وكان رأس الفتنة-على ما ذكروا-عمار بن المعلى شيخ المخلاف عند السلطان أكثر المتهمين في ذلك، وكان قبض الشيخ عبد الله بن عامر بقرية وادي مكسب من أعمال الحجرية بقرب يفرس، والقابض له قوم ضعفاء من رعية تلك الجهة، ولم يعرفه إلا حداد كان عندهم من أهل جحاف، فأحاطوا به في بيت، ثم استنجدوا بصاحب الحجرية، فقبضه، وأرسل إلى الظافر بتعز يعلمه بذلك، فأمره بالقدوم به إلى تعز، فلما وصل الأجيناد، وتحققه السلطان .. أرسل له بقميص وعمامة ورداء، فلبسها، وأركب على بغل بسرج، ثم دخل به إلى دار الوعد، فتصافحا وتسالما، وأقعده السلطان عنده بالروشن، ثم طلعا بعد ذلك إلى دار القسطال، ثم قيّد تلك الليلة، وقعد بمقصورة في الدار مكرما منعما (3). وفي ذي القعدة: تصدق السلطان على الرعية [بحط البواقي] (4) من سنة ثلاث وتسعين فما بعدها، وأبطل الزيادات المحدثة، وأمر عماله في سائر أقطار مملكته بالرفق بالرعايا والعدل والإنصاف، وتصدق بصدقات جزيلة، وفعل معروفا كثيرا (5).

(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «الفضل المزيد» (ص 251). (2) «الفضل المزيد» (ص 250)، و «تاريخ الشحر» (ص 40)، و «اللطائف السنية» (ص 192). (3) «الفضل المزيد» (ص 254). (4) بياض في الأصول، والاستدراك من «الفضل المزيد» (ص 256). (5) «الفضل المزيد» (ص 256).

السنة السادسة

وفي أثناء الشهر: جعل الشيخ محمد بن عبد الملك بعد أن قيّد في دار الأدب بحصن تعز، وطلع بخاله الشيخ عبد الله بن عامر إلى رداع العرش صحبة أخيه الشيخ عبد الملك بن داود والأمير علي بن محمد البعداني (1). وفي آخر السنة: نزل ريحان الظافري إلى زبيد؛ لتنفيذ الصدقة التي تصدق بها السلطان لأهل زبيد على يده، ولقبض الأموال السلطانية (2). *** السنة السادسة في المحرم منها (3): دخل الظافر مدينة عدن، وهي آخر دخلة دخلها، ولم يدخلها بعد ذلك فيما أظن (4)، وأرسل طوائف من جنده على مقدمهم الشريف عبد الله بن علي بن سفيان إلى أهل دثينة، فأسر منهم نحو مائة فيهم كبيرهم جواس، وقتل سبعة، وضيق على أهل دثينة حتى أدوا الطاعة، وأرسل بالأسراء ورءوس القتلى إلى السلطان بعدن صحبة عمر الجبني، وقدّم التجار والنواخذ (5) إلى السلطان الهدايا النفيسة على عادة البلد، فأثابهم وأجازهم الجوائز السنية، وجهز الموسم، وتصدق بصدقة جليلة عمت أهل البلد، ثم خرج إلى لحج وأقام بها أياما، فبلغه بلحج موت قاضي زبيد الإمام محمد بن عبد السلام الناشري، فاستدعى بشيخنا القاضي شهاب الدين أحمد بن عمر المزجد من عدن، وولاه قضاء زبيد، واستدعى القاضي عبد العليم بن شيخنا محمد بن حسين القماط من تعز، وجعله قاضيا بعدن بدل المزجد، وفصل القاضي حسن بن شيخنا القاضي أحمد بن عمر المزجد من قضاء لحج، وجعله قاضيا بتعز بدل القاضي عبد العليم، وولّى قضاء لحج الفقيه شهاب الدين أحمد بن عبد الله با حسين الدوعني، ثم عزم إلى بلده المقرانة، فدخلها آخر صفر (6). وفي ربيع الأول: فصل بني العنسي عن ولاية زبيد، وولّى الأمير علي بن شجاع مدينة

(1) «الفضل المزيد» (ص 257). (2) «الفضل المزيد» (ص 257). (3) في «الفضل المزيد» (ص 258): (صفر). (4) سيذكر المصنف رحمه الله تعالى في حوادث السنة التاسعة: أن الظافر دخلها أيضا في تلك السنة، انظر (6/ 559). (5) النواخذ-جمع ناخوذة-: مالك السفينة أو المسئول عنها. (6) «الفضل المزيد» (ص 258)، و «تاريخ الشحر» (ص 44).

جبلة، وولّى ابنه عمر بن علي بن شجاع إمرة عدن، وولّى عمر الجبني إمرة زبيد، وجعل عبده ريحان الظافري قابضا وناظرا بزبيد (1). وفي رجب: وقع بزبيد مرض عام، ومات منه خلائق لا يحصون، واشتد ذلك في شعبان ورمضان، فكان يموت بزبيد كل يوم نحو ستين وأكثر (2). وفي نصف شعبان: أخذ الظافر حصن دثينة وسائر ما هنالك قهرا بعد أن حط عليهم بنفسه ثلاثة أشهر ورماهم بالمنجنيقات وضيق عليهم أشد الضيق، فطلبوا الذمة، وبذلوا ما بأيديهم، فقبل منهم، وارتفع عنهم إلى بلده المقرانة، وانحسم بذلك مادة الخلاف، وأمنت الطرق (3). وفي آخر ذي القعدة منها: كانت وقعة الشريف هزاع مع أخيه بركات بالحجاز، انكسر فيها الشريف بركات وهزم هزيمة شنيعة، واستولى الركب المصري على خزائنه وأمواله ونسائه، وأصل ذلك أن الملك العادل طومانباي صاحب مصر لما تملك مصر بعد الأشرف جنبلاط .. ارتاب من أمير من أمراء جنبلاط يقال له: قانصوه المحمدي، ويعرف بالبرح، فنفاه إلى الحجاز مهانا، فلما وصل إلى مكة .. لم يلتفت إليه أحد من أكابرها لا الشريف بركات ولا القاضي؛ مراعاة للسلطان طومانباي، فلما فقد طومانباي من مصر، وتولى بعده الأشرف قانصوه الغوري ليلة عيد الفطر سنة ست وتسع مائة .. أرسل لقانصوه البرح إلى مكة، وجعله نائبا، فلما وصلته الكتب بذلك .. جاءه الشريف بركات والقاضي أبو السعود للسلام عليه فلم يأذن لهما؛ لما في نفسه منهما من عدم الاحتفال به قبل ذلك، وكان الشريف هزاع بن محمد بن بركات يومئذ بمكة، فعامله قانصوه البرح على أن يجعل له ولاية مكة ويخلع أخاه بركات منها، فأمره بالخروج إلى ينبع، وأرسل لأمير الحاج المصري أن يواجه هزاعا، ويطلق عليه المراسيم السلطانية، ويلبسه الخلعة السلطانية، ففعل ذلك، فلبس الخلع التي جيء بها لبركات، وألبس أخاه الجازاني الخلعة التي كان يلبسها أخوه بركات، وتوجه مع الركب المصري إلى مكة ومعه أشراف ينبع بنو إبراهيم في نحو مائة فارس، فلما علم بركات بذلك .. خرج في عسكره إلى وادي مرّ، فالتقى الجمعان هنالك، فتقاتلا، فانكسر الشريف هزاع مرات، وقتل من أصحابه نحو الثلاثين، ونهبت أطراف

(1) «الفضل المزيد» (ص 259). (2) «الفضل المزيد» (ص 261)، و «النور السافر» (ص 75)، و «تاريخ الشحر» (ص 45). (3) «الفضل المزيد» (ص 261)، و «تاريخ الشحر» (ص 45).

السنة السابعة

القافلة، فلما رأى الركب ذلك .. حملوا مع هزاع حملة رجل واحد، فهزم بركات، وقتل ولده أبو القاسم في جماعة من العسكر، واستولوا على محطة بركات بما فيها من الأموال والنساء، وانتهبت حرمه، وعزم الشريف بركات إلى جدّه فنهبها نهبا فاحشا، ودخل هزاع مكة صحبة الركب المصري، واضطربت أحوال الناس، وكثر الخوف والنهب في الطرقات، ورجع حجاج البحر من الطريق، وكان الحج ضعيفا، ولم يحج الشريف بركات، فلما انقضى الحج .. عرف هزاع أنه لا طاقة له بمقاومة أخيه بركات، فتخوف منه الهجوم عليه، فتوجّه صحبة الركب الشامي إلى ينبع وتبعه الشريف بركات، فحماه الركب الشامي منه، فرجع بركات إلى مكة واستقر بها، وأمنت الناس والطرقات (1). *** السنة السابعة في ربيع الأول: أخذ عسكر الظافر ومقدمهم الفقيه محمد النظاري حصن أكمة الجود، ثم حط النظاري على القداسي المفسد وكان في حصن قدس، تحصن به ومعه جماعة يخيفون السبل، فقتل القداسي المذكور في خمسة من أصحابه، وأسر منهم أربعون، فأمنت البلاد، وانقطع الفساد (2). وفي جمادى الأولى: التقى الشريفان بركات وهزاع ابنا محمد بن بركات بموضع يقال له: طرف البرقاء انكسر فيها الشريف بركات كسرة شنيعة، وقتل أخوه أبو دعلج، ومن الأشراف بني نميّ سبعة نفر، وانهزم بركات حتى بلغ سبخة الغراب، ووصل هزاع إلى ظاهر جدّة ونادى بالأمان للناس، وقرر أحوالهم، وأرسل أخاه الجازاني إلى مكة ليقرر أحوال أهلها، ولم يأمن بادرته فلحق بعساكره، ولم تسر العرب وأشراف ينبع مع هزاع حتى وعدهم بنهب مكة ثلاثة أيام إن هم ظفروا بها، فلما ظفروا بها .. لم يسهل عليه نهبها، فلم يزل بمن معه من العرب حتى رضوا منه بمال في قبيل النهب، فأخذ من التجار ذلك المال بطيبة خواطرهم، وسلمه إلى العرب حتى تركوا النهب (3). وفي آخر جمادى الأخرى: جهّز الملك الظافر إلى ذمار في جمع عظيم من العساكر،

(1) «الفضل المزيد» (ص 261)، و «تاريخ الشحر» (ص 47). (2) «الفضل المزيد» (ص 266). (3) «الفضل المزيد» (ص 267)، و «تاريخ الشحر» (ص 48).

السنة الثامنة

فقدّم العساكر، ثم لحقها في رجب، فأقام بذمار أياما، وجرد العساكر إلى جمعة الخزع، فأخذها قهرا بعد أن قتل من أهلها جماعة وقبضت حصونهم، ثم توجه إلى صنعاء في التاسع والعشرين من شهر رجب، فحط عليها ثاني شعبان (1). وفي خامس عشر رجب: توفي الشريف هزاع بن محمد بن بركات بمكة رحمه الله، وتولى مكة بعده أخوه جازاني بمساعدة من القاضي أبي السعود بن إبراهيم بن ظهيرة وتدبيره، وكان ذلك سبب تدميره. وفي شوال: توفي الشيخ عبد الله بن عامر بدار الأدب من رداع العرش والظافر محاصر لصنعاء، وكتب أهل صنعاء إلى البهّال، وبذلوا له أشياء، منها حصن ذي مرمر-فيما يقال- على أن ينصرهم بالعساكر، فأجمعت الزيدية على نصرة أهل صنعاء، وخالفت على الظافر، فوصلوا في جموع لا تحصى، فتقدم إليهم الأمير محمد بن علي البعداني في طائفة من العسكر، ووقعت بينهم وقعة نال منهم ونالوا منه، ثم انهزم عسكر الأمير، فجمع الظافر المحاط كلها، وجعلها محطة واحدة، وانقطعت الطرق إلى محطة السلطان بشيء من الزاد والأقوات، فعزم الظافر على الرجوع وعند الزيدية أنه قد صار في قبضتهم؛ لتوفرهم وكثرتهم وانقطاع المواد من السلطان ومن معه، ولكن الله سلم، إنه عليم بذات الصدور (2). *** السنة الثامنة في سابع شهر المحرم منها: سار الملك الظافر من تحت صنعاء، ونقض المحطة بعد أن جمع عسكره وآلاته وأحرق ما ثقل عليه حمله من الخيم وغيرها، فلحقته جموع الزيدية، فحملت العساكر الظافرية حملة واحدة، فانهزمت الزيدية، وتعقب الظافر في خاصته على المتخلفين من العسكر حتى سار بسير آخرهم، ودخل ذمار سالما، وكانت مدة هذه المحطة الأولى خمسة أشهر (3).

(1) «الفضل المزيد» (ص 268)، و «اللطائف السنية» (ص 193). (2) «الفضل المزيد» (ص 271)، و «اللطائف السنية» (ص 193). (3) «الفضل المزيد» (ص 272).

وفي هذه السنة: ظهرت مراكب الفرنج في البحر بطريق الهند وهرموز وتلك النواحي، وأخذوا نحو سبعة مراكب، وقتلوا أهلها، وأسروا بعضهم (1). وفي شعبان: كانت وقعة بين الشريف بركات وأخيه جازاني بن محمد بالمنحنى شرقي مكة انكسر فيها الشريف بركات كسرة شنيعة، وقتل أعيان أمرائه، وأبان عن نجدة وشهامة وقوة نفس، حتى قال بعض بني إبراهيم الذين يقاتلونه في تلك الوقعة: لو في عسكره اثنان مثله .. ما قربنا مكة، والفضل ما شهدت به الأعداء، وفي أثناء المعركة انقطع حزام فرس الشريف بركات، فنزل عنه ليشد حزامه، فحملت عليه الفرسان من كل جهة، فكان يذودهم عن نفسه بسيفه، فلم يقدر أحد منهم يقرب إليه حتى شد حزام فرسه وعلا على ظهره، فانقطع طمعهم عنه، ونجا بنفسه في جمع قليل، وخرج الجازاني من مكة، وعاد بركات إليها (2). وفي شعبان: توفي محمد بن الناصر صاحب صنعاء. وفي ذي القعدة: هجم الشريف الجازاني مكة على أخيه بركات، فخرج إليه بركات ومعه أهل مكة والترك الذين بها، فقاتلوا الجازاني، وبذل أهل مكة جهدهم مع بركات، فقتل من أهل مكة جمع عظيم، وصوّب غالبهم، ونهبت مكة نهبا ذريعا، وفرّ بركات طريق اليمن حتى استقر بمكانه الأول (3). وفي الشهر المذكور: قدم أمير الركب المصري بالحاج في جند عظيم، فتغيب عنه الجازاني، وواجهه الشريف بركات، فخلع عليه وعلى أخيه شرف الدين قايتباي وابن عم أبيه العنقاء بن حسن، فلما دخلوا مكة .. استدعاهم إلى مدرسة السلطان قايتباي، فأمسكهم وقيدهم وزنجرهم (4)، وساروا معه إلى عرفات على تلك الحال، ثم توجه بهم بعد الحج إلى مصر (5). ***

(1) «الفضل المزيد» (ص 275)، و «تاريخ الشحر» (ص 59). (2) «الفضل المزيد» (ص 275)، و «تاريخ الشحر» (ص 57). (3) «الفضل المزيد» (ص 276)، و «تاريخ الشحر» (ص 58). (4) الزنجير: السلسة، كلمة فارسية، وبينون منها فعلا فيقولون: زنجره فتزنجر؛ أي: قيّده فتقيّد. والعامة تقول: جنزير. (5) «الفضل المزيد» (ص 277)، و «تاريخ الشحر» (ص 58).

السنة التاسعة

السنة التاسعة في أولها: نزل السلطان الملك الظافر إلى عدن، فجهّز على الطوالق الذين كانوا يخيفون الطريق إلى عدن، وقتل منهم جماعة، وهي آخر نزلة نزلها إلى عدن (1). وفي شهر صفر: كان ظهور إبراهيم الخواص من بني الأكسع أحد فقراء المشرع، وتبعه جماعة من الفرس كانوا يعتقدونه ويزعمون أنه يخبرهم ببعض المغيبات فيصدق فيها، ثم إنه كثر الكلام عليه ممن بينه وبينه وحشة، فتخوف من الدولة، فانتقل إلى مكان العبيد العامريين، وهو مكان وعر، وأطاعه من هنالك من أهل الجبال ومن المفسدين (2). وفي ربيع الآخر: وصل من الجبل إلى زبيد جيش عظيم بسبب الخروج للخواص، فخرج العسكر ومقدمهم ريحان الظافري أمير زبيد وابن حتروش، فوقع بينهم وبينه قتال عظيم، وثبت فيه ريحان ثبوتا عظيما كانت سلامة الناس ببركته، ثم توجه لحربه الفقيه محمد النظاري وعمر الجبني في عساكر عظيمة، فحصروه مدة، ثم أصلح العبيد ومن كان مع الخواص من الفرس وغيرهم، وامتنع هو، وتحصن في حصن جحوان، وقام معه بنو القحرى (3). وفي رجب: قتل الشريف جازاني بن محمد بن بركات بمكة. وفي آخر السنة المذكورة: خرج الشريف محمد بن بركات بن محمد من مصر هاربا بمواطأة من الدويدار في ثلاثة أو أربعة من أصحابه، فكان من دلائل سعادته أن وجد خصمه بطاحا في الطريق على راحلة عليها خرج فيه أوراق ومال إلى أمراء مصر وأعيانها بأنهم يحسّنون للسلطان تقرير حميضة على ولاية مكة واعتقال الشريف بركات عنده، فقتل بطاحا، واستولى على ما معه، وجمع جمعا كثيرا من الشرق وبني لام وغيرهم، ووصل بهم إلى مكة يوم التروية، ومنع الناس من الصعود إلى عرفات حتى صالحه أمراء الحج على أربعة آلاف أشرفي يسلمونها له، وتمكن الناس من الوقوف، ففعل، ووقف مع الناس

(1) «الفضل المزيد» (ص 278)، و «تاريخ الشحر» (ص 63)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 158). (2) «الفضل المزيد» (ص 278)، و «تاريخ الشحر» (ص 63). (3) «الفضل المزيد» (ص 279)، و «تاريخ الشحر» (ص 63).

السنة العاشرة بعد تسع مائة

بعرفة ومزدلفة ومنى، ونهب أصحابه قافلة جاءت من جدة على باب مكة معظمها لأهل زبيد ولا قوة إلا بالله (1). *** السنة العاشرة بعد تسع مائة فيها: استعادت الدولة حصن الضامر بعد استيلاء أهله عليه (2). وفي شهر صفر: تحرك الظافر للعود إلى حصار صنعاء، فنزل بعض ولاته إلى تهامة، فجمع منها جمعا من العرب، وتوجهت فرسان العرب؛ من الزعليين والصميين والمناسكة والرقاة واللاميين والكعبيين والقحرة والمعازبة والقرشيين إلى الأبواب السلطانية، فتوجه السلطان إلى صنعاء في الشهر المذكور، فأقام برداع العرش أياما، ثم تقدم إلى ذمار، ثم إلى صنعاء، فحط عليها في الثاني والعشرين من الشهر في جموع كثيرة وآلات خطيرة، فلازم حصارهم إلى أن افتتحها بالأمان في شهر شوال كما سيأتي (3). وفي شعبان منها: وصل جمع من بني إبراهيم معهم الشريف حميضة بن محمد بن بركات والقائد ملحم، فدخلوا جدة قاصدين نهب محمد بن يوسف القاري وكان يحيى بن سبيع قد كتب إلى القاري يعلمه بقصدهم فيه، فشحن جميع ما معه في البحر، فلما دخلوا جدة .. لم يحصلوا على مقصودهم، فتوجهوا إلى مكة وبها الشريف قايتباي بن محمد بن بركات، فخرج الشريف قايتباي عن مكة، وواجه الترك المقيمون بها بني إبراهيم، وقرروا أحوالهم، وأنزلوهم في بيوت الأشراف، ثم ثاروا عليهم بعد ثلاثة أيام، فقتلوا في بني إبراهيم نيفا وثلاثين، وانهزم باقيهم إلى جدة، فنهبوها (4). وفي ثامن وعشرين رمضان: كانت الوقعة المشهورة بين الملك الظافر وبين الشريف محمد بن الحسين البهّال صاحب صعدة بموضع يقال له: قفل على نحو ثلاثة أميال من صنعاء، انهزم فيها البهّال وعسكره هزيمة ما سمع بمثلها، وأسر فيها إمام الزيدية محمد بن علي الوشلي رئيس أهل البدعة ومؤسس الفتنة، وقتل معهم جمع كثير، وأخذت خيولهم

(1) «الفضل المزيد» (ص 283)، و «تاريخ الشحر» (ص 65). (2) «الفضل المزيد» (ص 284). (3) «الفضل المزيد» (ص 284)، و «تاريخ الشحر» (ص 66). (4) «الفضل المزيد» (ص 285)، و «تاريخ الشحر» (ص 67).

السنة الحادية عشرة

وآلاتهم، واستولى السلطان على مخيم البهّال وما احتوى عليه من السلاح والأموال، وكان السلطان عند توجهه لمحاربة البهّال ترك أخاه الشيخ عبد الملك على المحطة ومعه جمع من الجند، فلما شبت الحرب بين السلطان والبهّال .. خرج أهل صنعاء قاصدين المحطة ليشغلوا خاطر السلطان عما هو فيه، فانهزم أهل صنعاء، وقتل منهم ثلاثة نفر، ولما تحقق أهل صنعاء هزيمة البهّال وقبض إمامهم الوشلي .. أرسلوا إلى السلطان يطلبون الذمة، ويسلمون إليه البلد، فأذم عليهم، وخرج إليه أحمد بن الناصر وعبد الله بن مطهر ثاني يوم الوقعة، فأكرمهما، ثم سألاه الذمة لمحمد بن عيسى شارب، فأذم عليه، ثم خرج إليه، ثم تسلم الظافر البلد بجميع ما فيها، وأذعن كافة أهل صنعاء بالسمع والطاعة، وسلموا أنفسهم لأهل السنة والجماعة، ثم دخلها السلطان سابع شوال، وأقام بها أشهرا قرر أحوالها (1). وفيها: توفي الفقيه أحمد بن عبد الله بلعس، والفقيه أحمد بن سالم با نقيب. *** السنة الحادية عشرة في ثامن المحرم منها: خرج الظافر من صنعاء إلى ذمار، واستخلف بصنعاء الفقيه محمد النظاري، فضبطها وأحسن تدبيرها، وتقدم الظافر إلى ذمار بجميع بني أسد وسائر المأسورين مع نسائهم وأولادهم، وأمر أحمد بن الناصر بإنزال جميع ما معه من أولاده وحشمه وأمواله وذخائره إلى مدينة تعز، وسكناها مجللا محترما (2). وفيها: توفي الشريف أبو الغارات أحمد بن دريب صاحب جازان. *** السنة الثانية عشرة في شهر المحرم: تسلم السلطان حصن نعمان أصاب على يد الفقيه علي بن محمد النظاري والفقيه محمد بن يحيى الجهمي المعروف بصاحب المصباح بعد طول المحطة عليه، ورتب فيه من يثق به (3).

(1) «الفضل المزيد» (ص 287)، و «النور السافر» (ص 88)، و «تاريخ الشحر» (ص 67). (2) «الفضل المزيد» (ص 289). (3) «الفضل المزيد» (ص 294).

السنة الثالثة عشرة

وفي جمادى الأخرى: أخذ السلطان حصن صيرة من بلاد شرعب على يد الفقيه علي بن محمد النظاري (1). وفي الشهر المذكور: قدم المهدي بن أحمد بن دريب رسولا من أخيه العزيز صاحب جازان بهدية إلى السلطان (2). وفي شعبان: فصل ريحان عن ولاية زبيد بالشريف عبد الله بن علي بن سفيان (3). وفيه أو في رمضان: قبض السلطان حصن ذي مرمر (4). وفي هذه السنة: قويت شوكة الفرنج، وحصل على المسلمين منهم ضرر عظيم في ناحية الهند وهرموز أهلكهم الله (5). *** السنة الثالثة عشرة فيها: وصل حسين الكردي أمير صاحب مصر من جدة في ثلاثة أغربة وثلاث برشات قاصدا الهند، ولم يعلم أحد قصده حتى مرّ بباب المندب، فلما وصل عدن .. استأذن أميرها مرجان الظافري في الدخول إلى حقّات، فأذن له، فدخل حقّات متأدبا، وأضافه الأمير مرجان بضيافة عظيمة، وأذن له في شحنة ما يحتاج إليه من ماء وحطب وغير ذلك، وقصده من أهل عدن [جماعة] منهم محمد باجعيدان مترفدين، فلم يخيب قصدهم، ونزل جماعة من أصحابه إلى البلد يقضون حوائجهم، ونادى [ ... ] (6) في البلد بأن الناس في أمان الله وأمان السلطان قانصوه الغوري، فنقم على ذلك الأمير مرجان حيث مكنهم من هذا النداء، ثم توجه بجيشه إلى الديو لقتال الإفرنج الذين ظهروا في البحر وقطعوا طرق المسلمين (7). وفي هذه السنة: استولت الفرنج على هرموز، وآمنوا من بها من المسلمين من التجار

(1) «الفضل المزيد» (ص 296). (2) «الفضل المزيد» (ص 296). (3) «الفضل المزيد» (ص 298). (4) «الفضل المزيد» (ص 300). (5) «الفضل المزيد» (ص 300)، و «تاريخ الشحر» (ص 79). (6) موضع كلمة غير مقروءة. (7) «الفضل المزيد» (ص 305).

السنة الرابعة عشرة

وغيرهم، وبنوا بها حصنا، وشرطوا على صاحبها قطعة معلومة في كل سنة من المعشّر والمغاص وغير ذلك (1). وفي ذي الحجة: أخذ الشيخ عبد الملك بن عبد الوهاب حصون أصاب قهرا بعد أن قتل من أهلها جمعا كثيرا، حاربهم في بعض الأيام إلى أن غربت الشمس، وأمسى تحت الحصن، فلما أظلم الليل .. هرب أهلها بأولادهم ونسائهم، فلما أصبح الشيخ عبد الملك .. طلع الحصن، فلم يجد به أحدا، ونادى لمن رجع بالأمان، ورتب فيه من يثق به، ثم توجه إلى أخيه السلطان (2). *** السنة الرابعة عشرة في أولها: توجه السلطان من ذمار إلى صنعاء ليتفقد تلك الجهات ويجدد العهد بها، فأقام بها مدة، وحصر أبا ريحان بن شارب في حصن ذي مرمر مدة طويلة حتى أخذ الحصن، وقبض على أبي ريحان، وأخذ حصن النصر (3) والعروس والظبة والرقبة. وفي ربيع الثاني: نزل إبراهيم الخواص من الهيجا في جمع كثير من العبيد وبني القحرى في محمل على جمل، وتقدم إلى بيت ابن عجيل، وزار قبر الفقيه أحمد بن موسى، وقرأ عند الضريح المبارك مقدمة من القرآن، ثم رجع إلى مكانه، وتعرض له جماعة من الدولة، فقتل منهم فئة (4). وفي شوال: توفي الشيخ أبو بكر بن عبد الله العيدروس باعلوي بعدن. *** السنة الخامسة عشرة في رجب منها: مات محمد بن حسين البهال صاحب صعدة. وفيها: وقع حريق عظيم بعدن لم يعهد مثله، ابتدأ من قرب تربة الشريف أبي بكر، وأخذ في جهة الشرق إلى مسجد مسعود كبير محمد ومظلة باشكيل الكبيرة، وفي جهة القبلة

(1) «الفضل المزيد» (ص 306)، و «تاريخ الشحر» (ص 82). (2) «الفضل المزيد» (ص 307). (3) في «الفضل المزيد» (ص 308): (الفصين). (4) «الفضل المزيد» (ص 309).

السنة السادسة عشرة

إلى جهة الشيخ جوهر، ثم إلى مسجد ابن حيس وحافة المقادشة، ثم رجع شرقا إلى سوق الجريد، وذلك أنه صادف شمالا قوية. ثم بعد ذلك بأيام حصل بعدن مطر عظيم امتلأت منه السبل وغيرها (1). وفي هذه السنة: تغورت مراكب السلطان على [أثر] خروجها من الهند، ولم يسلم منها إلا مركب واحد (2). وفي ذي الحجة: رجع حجاج اليمن من الواديين، وذلك أنه بلغ الشريف بركات أنهم في العام الذي قبله دخلوا إلى مكة من ناحية البر بمعشر كثير لم يطلع عليه نوابه، فمنع الناس من الوصول إلى مكة من ناحية البر، فرجعوا من المكان المذكور ولم يكن بينهم وبين مكة إلا أيام يسيرة (3). *** السنة السادسة عشرة فيها: قبض السلطان حصون ابن مناع ومعاقله المنيعة، وهي: الظاهرة والطاحن وتنعم والجميمة (4) والمصنعة، وهرب سليمان المتاعي في الجبال، ونزل من كان معه من الزيديين، واستجاروا بتربة الشريف القديمي (5). *** السنة السابعة عشرة في جمادى: افتتح السلطان جهات مغارب صنعاء على يد الأمير علي بن محمد البعداني، وتوغل فيها حتى أشرف على مأرب، وتسلم حصون أهل المغارب، وتسلم حصن ثلا، وحصون الشيخ، وكوكبان بعد أمور عظيمة وجهد شديد (6).

(1) «تاريخ الشحر» (ص 90). (2) «الفضل المزيد» (ص 318)، و «اللطائف السنية» (ص 197). (3) «الفضل المزيد» (ص 319)، و «تاريخ الشحر» (ص 89). (4) في «الفضل المزيد» (ص 326): (الحميم). (5) «الفضل المزيد» (ص 326). (6) «الفضل المزيد» (ص 331)، و «اللطائف السنية» (ص 197).

السنة الثامنة عشرة

وفي شعبان: غدر بنو الشكاعي بالرّتبة الذين في حصن الشريف، فقتلوا النقيب، واستقروا (1). وفي رمضان: خرج الشريف عبد الله بن سفيان من زبيد، وحط على حصن الشريف المأخوذ، ثم لحقه عبد الوهاب بن محرم العنسي في جمع كثير، فلم يزالوا حاطّين عليه إلى أوائل سنة ثمان عشرة، ولم ينالوا منه شيئا (2). *** السنة الثامنة عشرة في ثالث وعشرين صفر: قدم السلطان من بلده إلى تعز وصحبته ولداه الشيخ عبد الوهاب والشيخ أحمد، وصنوه الشيخ عبد الملك، وجمع من بني طاهر، فأقام بها إلى آخر شهر ربيع الأول، ثم توجه من تعز إلى زبيد، فأقام بحيس أياما خرج إليه فيها شيخنا القاضي شهاب الدين أحمد بن عمر المزجد من زبيد، وواجهه بحيس، ولم يخرج أحد من أعيان زبيد لملاقاة السلطان إلى حيس غيره، ثم دخل زبيد رابع شهر ربيع الآخر بعد أن طالت غيبته عنها (3). وفي يوم قدومه: حصل بزبيد ونواحيها مطر عظيم، واستمر مدة طويلة، وبسبب كثرة المطر تلفت الثمار في سائر البلاد. وفي آخر الشهر المذكور: توفي الشريف عبد الله بن علي بن سفيان ببيت الفقيه ابن عجيل، وكان قد مرض في محطته على حصن الشريف، فحمل من المحطة إلى بيت الفقيه ابن عجيل. وفي ربيع الأول: قبض الأمير علي بن محمد البعداني كوكبان (4). وفي جمادى الأولى: تسلم السلطان حصن الشريف، وسأل أهله بنو الشكاعي الذمة من السلطان على يد الفقيه الصالح عمر بن محمد بن جعمان، فكتب لهم السلطان الأمان،

(1) «الفضل المزيد» (ص 333). (2) «الفضل المزيد» (ص 335). (3) «الفضل المزيد» (ص 337). (4) «الفضل المزيد» (ص 337).

السنة التاسعة عشرة

فوصلوه إلى زبيد، فعفا عنهم وأكرمهم، ورتب في الحصن من يثق به (1). وفي شهر رجب: كثرت الأمراض بزبيد، وحصل بها موت كثير، كان يبلغ في بعض الأيام إلى نحو السبعين وأكثر (2). وفي آخر شعبان: أمر السلطان بمباشرة المساجد بزبيد، وأن يقبض شطر الغلة لعمارة المساجد (3). وفي ثامن ذي الحجة: قدم الشيخ أحمد بن السلطان عامر بن عبد الوهاب إلى زبيد، ودخلها في أبهة عظيمة (4). وفيها: توفي قاضي عدن أحمد بن أبي بكر بن عمران بعدن. *** السنة التاسعة عشرة في يوم الخميس سادس عشر المحرم منها: رأى أهل أبين جملة مراكب قاصدين إلى عدن، فاستنكروا كثرتها واجتماعها، وغلب على ظنهم أنه الفرنجي قاصدا إلى عدن، فأرسلوا بحريا، فوصل إلى عدن على نحو نصف الليل، فصاح على أهل الحصون بأن معه أوراقا في أمر مهم، فنزل إليه من قبض منه الأوراق وأتى بها إلى الأمير مرجان الظافري، فانزعج الأمير وأهل البلد لذلك، وكان بالبندر جملة مراكب عاد فيها غالب شحنتها، فالتمسوا من الأمير أن ينجلوا ما فيها في الليل (5)، فمنعهم من ذلك على ظن أنه سيحمي البندر منهم، فلما كان صبح الجمعة سابع عشر الشهر .. أصبحت أشرعتهم مندّخة على البلد وهم في ثمانية عشر خشبة ما بين برشة وغراب، وأراد الأمير مبادأتهم بالقتال، فخذله عن ذلك جماعة ممن يعرف حالهم وقتالهم، فمنع الناس من التعرض لهم والرمي إليهم بمدفع أو غيره، وكان في ذلك الخيرة، فحطوا فوق البندر، وتقدم غراب منهم إلى البندر خائفين من أن يكون في المراكب من هو مستعد لقتالهم، فتجسس خلال المراكب وتأملها واحدا واحدا، فلم يجد بها أحدا، فأشار إليهم بالتقدم، فقدموا، وحطوا في البندر، ورموا إلى

(1) «الفضل المزيد» (ص 339). (2) «الفضل المزيد» (ص 341)، و «النور السافر» (ص 148)، و «تاريخ الشحر» (ص 101). (3) «الفضل المزيد» (ص 342). (4) «الفضل المزيد» (ص 343). (5) ينجلوا: يظهروا، من نجل ينجل كنصر، ونجل الشيء: أظهره.

البلد بالجليلات والبنادق، وأرسل إليهم الأمير رسولا معه كباش وفاكهة على سبيل الضيافة، فردوا ذلك، وزعموا أنهم ما جاءوا إلا لأخذ البلد، فإن تسلموها طوعا، وإلا .. أخذناها قهرا، وذكروا أنهم نازلون صبح السبت للحرب، ثم تقدم غراب منهم إلى قريب السيف (1)، فأخذ جميع ما كان على الساحل من الزعائم والسنابيق، ولم يتعرض لهم أحد بشيء، فنهموا في البلد وطمعوا فيها، وأقام الأمير المدافع على الدرب، فلما كان صبح السبت .. نزلوا مستعدين للقتال في الزعائم والسنابيق التي كانوا أخذوها من الساحل، ونزلوا بسلالم، فنصبوها على الدرب من شرقية جهة شرشرة والشيخ الصعان، وصعدوا في السلالم، ونزل جماعة منهم إلى البلد، وصعد جماعة منهم على الجبل الذي عليه حصن الخضراء، فاجتمع جماعة من المسلمين، فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم من الجبل، وكان الأمير قد هم بترك قتالهم وأن يلزم دار السعادة، فأشار عليه ابن ماقرس وابن [ ... ] (2) المهري بأن دار السعادة لا تحجبه إذا أخذت البلد، وأن يخرج لقتالهم؛ فإن نصره الله عليهم .. نال بذلك عزا عند الله وعند السلطان، وإن تكن الأخرى .. فاز بالشهادة، ومات كريما، فركب فرسه، وخرج في جماعة قليلة من أصحابه، فلم يزل يتلاحق الناس في الطريق، فوصل إليهم في جمع ولم يكن في البلد فارس إلا هو، فقاتلهم، وقاتل معه أهل البلد، فنالوا من المسلمين، ثم كانت الدائرة عليهم، فهزموا هزيمة منكرة، واستمروا راجعين من حيث دخلوا، وقاتل الناس من فوق الجبل، واستولى المسلمون على الدرب، وقاتلوهم في الدرب، فلما رأوا الغلبة .. رموا بأنفسهم إلى السلالم، ومن لم يمكنه الوصول إلى السلم .. رمى بنفسه من رأس الدرب إلى الساحل وهم مثقلون بالحديد، وبقي جماعة منهم محصورين في الباشورة، فأمر الأمير بأن يؤتى بقصب وتحرق الباشورة، فلما سمعوا منه ذلك .. خرجوا من الباشورة، وألقوا أنفسهم منها إلى الساحل، وركب من سلم منهم في السنابيق راجعين إلى مراكبهم، فرموا من البندر بمدفع أصاب بعض [ ... ] (3) نحو العشرين، وقتل منهم خلق كثير. وأخبرني الفقيه عبد الله بن حسين القلهاني أنه شاهد من مقاتيل الإفرنج تسعة؛ أربعة داخل البلد، وخمسة على الساحل خارج البلد، فلما تحقّقوا أن لا قدرة لهم على البلد ..

(1) السّيف: ساحل البحر. (2) بياض في الأصول. (3) بياض في الأصول.

اشتغلوا بتحريق المراكب التي بالبندر، واستولوا على الدار التي بالبندر، وأخذوا ما فيها من المدافع، وأقاموا بالبندر أياما، ثم عزموا إلى جهة الشام، فمروا بباب المندب، ثم المخا، ثم البقعة والمتينة، ثم الحديدة، ولم يتعرضوا للنزول في شيء من هذه البنادر؛ إذ كان أهلها وعساكر السلطان مستعدين لهم، ثم دخلوا جزيرة كمران أوائل صفر، فنهبوها، وحاولوا دخول الجزيرة، فلم يقدروا، فأقاموا بجزيرة كمران من أوائل صفر إلى نصف جمادى الأولى والناس تأكل بعضها بعضا من الغيظ يريدون من السلطان المصروف والإذن في قتالهم، فلم يساعد على ذلك، فكان ذلك سبب تجرؤ المصريين عليه، حتى قصدوه إلى بلده، وأخرجوه منها ومن مملكته، ثم عزم من كمران، ودخل إلى عدن منهم ستة عشر مركبا، ومركبان منهم قصدا زيلع، وأحرقوا الخشب الذي ببندر زيلع، ثم لحقوا بأصحابهم إلى عدن، وكان لأصحابهم بقدومهم من زيلع فرحة عظيمة نشروا فيها أعلامهم، وضربوا مدافعهم، وكانوا قبل وصول أصحابهم من زيلع يحاربون أهل عدن، ولم يقعوا على طائل لتحصين البلد، فلما وصل أصحابهم من زيلع .. جرءوهم على النزول للقتال وتحريق المراكب المتروكة بالساحل، فنزلوا ليلا في السنابيق، ففطن بهم أهل البلد وكان الساحل مشحونا من العساكر البحرية عساكر المراكب وغيرها، فثاروا عليهم، وهزموهم، وقتلوا جماعة منهم، وجرحوا آخرين، فلما انقطع رجاؤهم من المدينة، وتحققوا أن حزب الشيطان لا يقاوم حزب الرحمن .. رحلوا عن البلد مذمومين مدحورين، أبعدهم الله تعالى وخذلهم (1). وفي شهر صفر: تمالأ جماعة من أهل صنعاء على قتل أميرهم علي بن محمد البعداني غدرا وعدوانا، ففضحهم الله، وأطلع الأمير على ما أضمروه، وأظفره الله بهم، فنكل جماعة منهم، وسلمه الله تعالى (2). وفي آخر ربيع الآخر: توجه السلطان إلى تعز بعد أن أقام بزبيد سنة وأياما وكان قد غاب عنها ثمان عشرة سنة، واستخلف بزبيد الفقيه محمد النظاري أميرا، والقاضي أبو القاسم الموزعي مستوفيا، وقلده أموال الرعية، وأقام السلطان بتعز إلى خامس شهر الحجة، وتوجه إلى جهات المقرانة ونواحيها، وولّى ولده عبد الوهاب أمر مدينة تعز، وجعل إليه

(1) «الفضل المزيد» (ص 344)، و «تاريخ الشحر» (ص 102). (2) «الفضل المزيد» (ص 346).

السنة الموفية عشرين بعد تسع مائة

أيضا أمور الناس من أمر تهامة وتعز ونواحيهما، فضبط البلاد، وأحسن سياستها (1). *** السنة الموفية عشرين بعد تسع مائة فيها: مات النقيب ريحان الصلاحي الظافري بزبيد، والفقيه محمد بن الصديق الصائغ، والأمير علي بن شجاع العنسي برداع العرش، والشريف عبد الرحمن بن علي بن سفيان بصنعاء. وفيها: توجه السلطان من بلده المقرانة إلى جهات صنعاء، فدخلها أول شهر رمضان، وقدم عليه بصنعاء أشراف صعدة، وبذلوا تسليم مدينة صعدة والتمكين منها، فأكرمهم وأنعم عليهم، وسير معهم طائفة من الجند لقبض مدينة صعدة، فغدر بهم ابن البهّال، وظهر عليهم في كمين من أهل صعدة في الطريق، فثبت جند السلطان وقاوموهم، وبلغ الخبر إلى السلطان، فبعث إليهم الأمير علي بن محمد البعداني في جيش فلاحقوهم، فولّوا مدبرين، ورجع الأمير علي بالعساكر إلى صنعاء سالمين، فكان ذلك سببا لتغيّر خاطر السلطان على أشراف صعدة وعدم الثقة بالأشراف، وموجبا لطول إقامته بصنعاء (2). وفي مدة إقامته بصنعاء: قدم عليه قاصد من سلطان مصر الملك الأشرف قانصوه الغوري بهدايا نفيسة، فأكرم نزله، وأحسن جائزته، كذا في «تاريخ الديبع» (3). فإن كان مراده قدوم الطواشي مختص .. فهو وهم؛ فإن قدومه كان في سنة سبع عشرة أو سنة ثمان عشرة، وإن كان مراده قدوم علي خالص ثانيا بعد رجوعه هو والطواشي مختص إلى مصر .. فيمكن، والله سبحانه أعلم. وفي مدة إقامة السلطان بصنعاء: هرب حيدرة بن مسعود الهيثمي من صنعاء إلى دثينة، وأرسل إلى ولده مجرب بوادي لحج أن يتبعه إلى دثينة، فهرب من لحج إليها أيضا، ووثبا على حصن دثينة، وأخرجا رتبة السلطان منه، واستوليا عليه، وذلك أول وهن دخل في الدولة (4).

(1) «الفضل المزيد» (ص 348). (2) «الفضل المزيد» (ص 351)، و «تاريخ الشحر» (ص 104). (3) «الفضل المزيد» (ص 352)، و «تاريخ الشحر» (ص 105). (4) «تاريخ الشحر» (ص 105).

وفيها: طلب شيخ الطوالق شوايا زيادة مائتي دينار على عادته في المرتب، فأبى ناظر عدن يومئذ الفقيه أبو بكر الشماع أن يسلمها دون مراجعة السلطان، فراجعوه، فعاد جوابه: لا يسلم إليهم درهم زائد على العادة، فلما يئسوا من مطلوبهم .. غاروا على معالي وادي لحج، فنهبوا السبرح (1) الذي هنالك، وتقدموا به إلى موضع يسمى: حرف كادية، فغار وراءهم أمير لحج يومئذ وسن الظافري في عسكر لحج والعرب، وطردهم وراءهم طردا شديدا لئلا يفوتوه، فلما قرب منهم .. أشار عليه بعض أصحابه بأن الخيل والناس تعابا من شدة الطرد، والمصلحة أن تنزل بالناس يتغدون ويحسكون الخيل، ثم تحمل عليهم، فأبى دون أن يحمل عليهم على حالته تلك، فتقدم قبل الناس، وحمل عليهم وحده قبل أن يتلاحق الناس، فأحاطوا به وقتلوه في جماعة من أصحابه، فانهزم العسكر راجعين إلى لحج، ومات أكثرهم في الطريق عطشا، وقتل بعضهم، فلما علم الأمير مرجان الظافري بذلك وهو بعدن .. خرج إلى لحج؛ شدادة وتسكينا للفتنة. وفي شعبان منها: توجه الشيخ عبد الوهاب بن السلطان عامر بن عبد الوهاب من تعز إلى جهات جبلة وإب ونواحيهما لافتقاد الحصون والمرتبين بها، فأقام بإب أياما، وضبط الأمور، ثم رجع إلى تعز، فدخلها في آخر شهر رمضان، وعيد بها عيد الفطر (2). وفي هذه السنة: حج ولد سلطان الديار المصرية قانصوه الغوري بأمه زوجة السلطان، ففعلا في الحرمين برا كبيرا وخيرا كثيرا، وصحبهما في رجوعهما إلى مصر الشريف صاحب الحجاز بركات بن محمد، وواجه السلطان، فأكرمه إكراما عظيما، ورده إلى بلده متوليا أمورها على عادته ليس لأحد معه كلام (3). وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

(1) في (م): (الشرح). (2) «الفضل المزيد» (ص 352). (3) «الفضل المزيد» (ص 353)، و «تاريخ الشحر» (ص 105).

العشرون الثانية من المائة تمام الألف

العشرون الثانية من المائة تمام الألف السنة الحادية والعشرون بعد تسع مائة في آخر صفر منها: قدم الفقيه عبد الحق النظاري من الأبواب السلطانية إلى زبيد باستدعاء والده، وكان والده قد تمرض بزبيد وطال مرضه بها، فلما قدم عليه ولده المذكور .. استنابه بزبيد، وطلع الفقيه محمد النظاري إلى بلده إب، ولم يزل بها إلى أن توفي في تاسع وعشرين جمادى الأولى (1). وفي يوم وفاته: قدم الشيخ عبد الوهاب بن السلطان عامر من تعز إلى زبيد (2). وفي آخر شهر صفر (3): أغار الزيديون على قرية الضّحي في نحو ستة آلاف (4) راجل ومائة فارس وبها يومئذ الأمير عيسى بن علي الحجري من جهة الدولة في عسكر قليل، فقاتلهم، ونصره الله عليهم، فانهزموا هزيمة عظيمة، وقتل منهم أكثر من خمس مائة إنسان (5). وفي ثاني جمادى الأخرى: توجه الشيخ عبد الوهاب بن عامر من زبيد إلى الجهات الشامية وصحبه الفقيه علي بن محمد النظاري والشرف الموزعي، وأقام بقرية الضّحي، وبنى بها دارا، وهم بالهجوم على قرية بيت الفقيه ابن حشيبر، فدخل عليه الشريف القديمي وجماعة من الفقهاء والمشايخ، وتكفلوا بأداء الخيل والصلح، فقبل منهم، فأدوا أكثر الخيل، ثم نقضوا الصلح ونكثوا الأيمان، فأمر الأمير عيسى بن علي الحجري بمتابعتهم حيث كانوا، فلم يزل يتابعهم حتى ظفر بهم، وقدم بهم على الشيخ عبد الوهاب إلى قرية

(1) في مصادر الحادثة: (الثاني والعشرين من جمادى الأولى). (2) «الفضل المزيد» (ص 355)، و «تاريخ الشحر» (ص 108)، و «النور السافر» (ص 154)، و «شذرات الذهب» (10/ 146)، و «المدارس الإسلامية» (ص 349). (3) كذا في «تاريخ الشحر» (ص 108)، وفي «الفضل المزيد» (ص 355): (يوم الخميس الثاني والعشرين من جمادى الأولى). (4) كذا في «تاريخ الشحر» (ص 108)، وفي «الفضل المزيد» (ص 356): (سبعة آلاف راجل). (5) «الفضل المزيد» (ص 355)، و «تاريخ الشحر» (ص 108).

الضّحي، وأمر الشيخ عبد الوهاب الفقيه علي النظاري بالتقدم إلى جهات مور وأعمالها لقبض خراج البلاد ومتابعة أهل الفساد، ثم مرض الشيخ عبد الوهاب بقرية الضّحي، فاستدعى الفقيه علي النظاري، فقدم عليه من مور بعد أن دوخ العرب، فلما قدم عليه .. انتقل الشيخ عبد الوهاب مسرعا إلى قرية سامر، ثم إلى زبيد (1). وفي منتصف شعبان: توفي الشيخ الصالح الفقيه محمد المقبول-المشهور بصاحب القصب (2) -ابن الفقيه أحمد بن موسى بن أبي بكر صاحب الخال الزيلعي رحمه الله بقرية اللّحيّة (3). وفي يوم الأربعاء سابع شهر القعدة: وصل الجهاز المصري إلى جزيرة كمران، ولم يعلم بهم الشيخ عامر إلا وهم بجازان، فأرسلوا قاصدا من جازان إلى الشيخ يعلمونه بوصولهم وأن غرضهم جهاد الفرنجي، ويريدون المساعدة والمعونة من السلطان بالزواد والدراهم، فانزعج السلطان لذلك، وأعرض عن جواب القاصد، فلما وصلوا إلى كمران .. أرسلوا بهدايا إلى السلطان وإلى ولده عبد الوهاب بزبيد وهم يطلبون من السلطان المساعدة فيما هم بصدده من الجهاد بزعمهم، فيقال: إن السلطان أراد مساعدتهم بالمال والزاد بعد أن أشار عليه الأمير علي بن محمد البعداني أن يتكفى شرهم بذلك، ويحمل البعداني من عنده الزاد من الحنطة والزبيب مساعدة للسلطان، فأشار عمر الجبرتي على السلطان بترك ذلك وألا يظهر لهم الذل، وأنهم لا يسوون شيئا، وحدّهم البحر لا يتجاوزونه، فتبع السلطان مشورة الجبرتي، وأعرض عن القاصد وعن الإرسال إليهم بشيء، وكتب إلى ولده عبد الوهاب يأمره بتحييز الطعام لا يشحن في البحر إلى جهة الحجاز، وأمره بأخذ حذره منهم وألا يخرج من زبيد، وبنى المصريون بكمران حصارا عظيما وجبّانة، وصلّوا بها عيد الأضحى (4). وفي آخر القعدة: توجه السلطان عامر من صنعاء إلى ذمار، ومنها إلى رداع العرش، وعيد هنالك عيد الأضحى، وأمر في ذلك بفك خاليه: الشيخ محمد والشيخ إبراهيم ابني

(1) «الفضل المزيد» (ص 356). (2) كذا في «تاريخ الشحر» (ص 108)، وفي «الفضل المزيد» (ص 358): (صاحب القضيب). (3) «الفضل المزيد» (ص 358)، و «تاريخ الشحر» (ص 108). (4) «الفضل المزيد» (ص 358)، و «تاريخ الشحر» (ص 108)، و «اللطائف السنية» (ص 198).

السنة الثانية والعشرون

عامر بن طاهر، وابن عم أبيه الشيخ عبد الباقي بن محمد بن طاهر، ورضي عنهم، وأنعم عليهم (1). وفي منتصف الحجة: خربت قرية الحديدة، وهرب أهلها منها، وذلك أنه لما حيّزت السفن عن الوصول بالطعام إلى كمران .. ضاق المصريون من ذلك، فأرسلوا جماعة في غرابين أو ثلاثة يمتارون لهم الطعام من الحديدة، فأرسل أهل الحديدة إلى الشيخ عبد الوهاب بن عامر بزبيد يعلمونه بذلك، فأمدهم بخيل ورجل، فلما قدموا الحديدة .. طلبوا من أهلها سبرة أنفسهم وخيلهم، فامتنعوا من ذلك، وخرجوا من الحديدة مظهرين الخوف من المصريين، وما سببه إلا مطالبتهم بسبرة الخيل والجند، فلما علم المصريون- وكانوا ببندر الحديدة-خلوّها من أهلها .. سألوا: أين توجهوا؟ فأخبروا بالجهة التي نزلوها خارج القرية، فرموا إلى تلك الجهة مدفعا فيه حجر عظيم، فوقع قريبا من الدولة، ولم يغير على أحد منهم، فزادهم ذلك رعبا وخوفا منهم، ثم دخل المصريون الحديدة، فلم يجدوا بها أحدا، فأخذوا دروف بيوتها والأخشاب التي وجدوها بالساحل، وشحنوها في أغربتهم، وتوجهوا إلى كمران (2). وفي آخر شهر الحجة: طلع الفقيه عبد الحق بن محمد النظاري من زبيد إلى الجبل لجمع العساكر السلطانية (3). *** السنة الثانية والعشرون في منتصف شهر صفر: قدم عبد الحق بن محمد النظاري من الجبل إلى زبيد بجمع عظيم أكثرهم من المشايخ أصحاب الرباطات والضعفاء الذين لا غنى منهم، وفسح لجماعة منهم سلموا مالا، وبقي الضعفاء الذين لا يقدرون على مال ولا يعرفون القتال حتى خرجوا إلى الشام (4) مع الشيخ عبد الوهاب بن داود كما سيأتي (5)، وكان الفقيه أبو بكر بن المقبول الزيلعي صاحب اللّحيّة مساعدا للمصريين بماله ونفسه ودينه، ووصلوه بخلع وصلات من

(1) «الفضل المزيد» (ص 358)، و «تاريخ الشحر» (ص 107). (2) «الفضل المزيد» (ص 359)، و «تاريخ الشحر» (ص 107)، و «اللطائف السنية» (ص 200). (3) «الفضل المزيد» (ص 359)، و «تاريخ الشحر» (ص 108). (4) المقصود بالشام أو الجهات الشامية: شمال اليمن. (5) انظر (6/ 576).

صاحب مصر، وأمروه أن يخطب في اللّحيّة لسلطان مصر، ففعل، فلما علم أبو بكر بن المقبول بإخراب المصريين لبندر الحديدة .. طلع من اللّحيّة إلى كمران وقال للمصريين: نحن نفتح لكم طريق البر من بندر اللّحيّة، ونعينكم على ما أحببتم، فأرسلوا معه إلى اللّحيّة بغراب فيه مائة مملوك، فتقدم بهم إلى جهة مور وبها يومئذ الأمير محمد بن سليمان بن جياش السنبلي أميرا من قبل السلطان، فخرج إليهم الأمير محمد المذكور بمن معه من العسكر، فرماهم المصريون بأقواس البندق ولم يكن معهودا باليمن، فقتل الأمير محمد بن سليمان في جماعة من أصحابه، واستولى المصريون على مور، فعزم جماعة من الزيديين إلى الأمير حسين بجزيرة كمران، وبايعوه، وطلبوا منه أن يرسل معهم مائتي مملوك، وتكفلوا له بجوامكهم وأداء خراج البلاد إليه، فأرسل معهم مائتي مملوك، فقصدوا بهم قرية الضّحي وبها جمع من عسكر السلطان، فلما التقى الجمعان .. انكسر عسكر السلطان، وقتل منهم جماعة بالبندق، ونهب الجند المصريون والزيديون قرية الضّحي وأحرقوها، وخربت، وانتقل مرتبها من الدولة إلى الغانمية، ولما بلغ السلطان وهو ببلده المقرانة ما جرى بتهامة .. أرسل أخاه الشيخ عبد الملك بن عبد الوهاب لكشف الأمور، فقدم الشيخ عبد الملك إلى زبيد حادي عشر ربيع الأول، ثم تقدم منها إلى الجهات الشامية حتى بلغ المرجف (1)، فلما علم الأمير حسين بوصول الشيخ عبد الملك إلى المرجف .. سار من جزيرة كمران إلى بيت الفقيه ابن حشيبر ومعه من الجند نحو ألف مقاتل [غالبهم من الروم وعسكر] (2) [سلطان الروم سليم شاه بن عثمان، أرسلهم عسكرا بندقيا وسائر العساكر، وتعاقبه بالذات وحاصر المصر ثلاثة أشهر، وفتح سهلا وقتل .. وفر صاحب مصر إلى مملكة الصعيد وتجمع العرب والجراكسة قرب مقابل بعض عسكر العثماني في جانب جرجة وفر ثانيا وتعاقب العثماني وأخذ وقتل وقطع رأس السلطان وتولّى برقوق واليا وقتل قانصوه الغوري ... ] (3) الفرنج الذين بالهند، ولم يعلم صاحب الروم بما انطوى عليه صاحب مصر وأميره حسين من طلب الاستيلاء على اليمن، فلما استقر الشيخ عبد الملك بالمرجف .. قدم الشريف عزّ الدين بن أحمد بن دريب أخو العزيز صاحب جازان في جمع من الترك والروم والمعازبة، فلما التقى الجمعان .. كانت بينهما وقعة عظيمة قاتل فيها الشيخ

(1) في «الفضل المزيد» (ص 361): (المزحف) في هذا الموضع وفيما بعده من المواضع. (2) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 112). (3) ما بين المعقوفين زيادة من (ت)، وهو كلام غير مفهوم، وفي باقي الأصول بياض.

عبد الملك فارسا وراجلا، وأبان عن شجاعة عظيمة ونفس كريمة، وقتل جماعة من الترك، ومات تحت الشيخ عبد الملك يومئذ ثلاثة أفراس، وقتل من جند السلطان جماعة من الشجعان، وكان يوما عظيما. وسمعت الشريف أحمد بن الصديق الأهدل يقول: سمعت الشيخ عبد الملك بن عبد الوهاب يقول: قاتلت يوم المرجف وعلي درع ومن تحته مشمع، فكانت البنادق والجليلات تصيبني فتخرق الدرع، وإذا بلغت إلى المشمع .. طفئت من الشمع، فلما انقضى القتال، ونزعت الدرع .. أخرجت المشمع ونفضته، فتناثر منه ثمانية عشر ما بين بندقة وجليلة. انتهى وأقام الشيخ عبد الملك بالجبيل بعد الوقعة ثلاثة أيام، ورأى من جنده تخاذلا، فاستمر راجعا إلى زبيد، فدخلها عاشر جمادى الأولى ومعه رءوس القتلى، ووصل العلم إلى عدن من طريق البحر من المخا بانكسار المصريين وهزيمتهم، فنوروا الحصون، ولبسوا الخان ودار صلاح، وأظهروا الفرح والانشراح، ثم وصل العلم إلى عدن بأخذ المصريين لزبيد، وعاد اللباس لم ينزع من الدار، ونجم النفاق من العرب، ومالوا إلى الأمير حسين، وحرضوه على اللحاق بالشيخ عبد الملك إلى زبيد ووعدوه بالمناصرة، فجعل يعدهم ويمنيهم إلى أن تحقق منهم قاطبة، فسار بهم إلى زبيد برا وبحرا في عسكر عظيم، وكان هو في عسكر البر وسلمان في عسكر البحر، فلما وصل حسين إلى بيت الفقيه ابن عجيل .. دخل عليه جماعة من المعازبة، فقربهم وآنسهم واستحلفهم، وسار بهم إلى قرية المرة، ثم إلى القرشية، ثم إلى التّحيتا، ثم إلى نخل وادي زبيد، وأقام هو وعسكره هنالك ثلاثة أيام ينتظرون عسكرا يصلهم من قبل سلمان من البحر من طريق المتينة، فلما وصل إليهم عسكر سلمان .. تقدم الأمير حسين بالجميع صبح الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى، فوصلوا إلى زبيد ضحى ذلك اليوم والمدينة مغلقة، فنزلوا خارج باب النخل في عساكرهم؛ من الترك والتركمان والمعازبة والشاميين (1) ومن انضاف إليهم من العرب من أهل جازان والزيديين والمعازبة (2) والقرشيين ومن والاهم وفي صحبتهم الشريف عزّ الدين بن أحمد بن دريب والفقيه أبو بكر بن المقبول الزيلعي، فخرج إليهم الشيخ عبد الملك وابن أخيه الشيخ

(1) المقصود بالشاميين: سكان الشمال اليمني. (2) في هامش (ت): (تكرر ذكر المعازبة، إلا أن يكون الأول المغاربة بالمعجمة والراء، فليحقق! )، لم يتبين لنا الصواب، ولعل المقصود بالمغاربة سكان غرب اليمن.

عبد الوهاب في عسكرهما إلى خارج باب النخل، فلما التقى الجمعان .. قاتل الشيخ عبد الملك وابن أخيه عبد الوهاب قتالا عظيما لم يسبقا إلى مثله، أبانا فيه عن شجاعة زائدة، فتكاثرت عليهم جند المصريين، وتخاذل بهم عسكرهم، فانكسروا، ودخلوا المدينة بعد أن أصيب الشيخ عبد الوهاب ببندقة أثرت فيه تأثيرا عظيما، فدخل المدينة قبل عمه إلى الدار الكبيرة، فلما استقر فيه .. لحقه عمه، ووقف له بباب الدار، وصاح به، فركب فرسه وخرج إلى عمه، فجعله عمه بين يديه، وسار به إلى باب الشبارق وقد اصطف له جموع المصريين وفرسان العرب ليمسكوه هنالك، [فشق الجموع] (1) بابن أخيه، وخلص به منهم بعد أن قتل منهم جموعا لا تحصى وأبان عن شجاعة عظيمة وقلب حاضر، ثم توجه بمن بقي معه من عسكره إلى تعز من صبح ذلك اليوم وفي صحبته الفقيه علي بن محمد النظاري والشرف الموزعي المستوفي الذي كان سببا لهذه الفتنة بسوء الرأي والتدبير، [وهلاك] (2) للصغير والكبير. وبعد خروج الشيخ عبد الملك وابن أخيه من زبيد دخلها عسكر الأمير حسين قهرا، فنهبوا البلد نهبا عظيما، وسفكوا الدم، وانتهكوا المحارم، وارتكبوا العظائم، وأحرقت المدينة، وحصل على أهلها من الفضيحة وهتك الحجاب ما لم يكن لأحد في حساب، ولم تصلّ الجمعة في ذلك اليوم بزبيد، ودخلها الحسين بعد عصر الجمعة، فلما استقر بالدار الكبيرة .. صاح للناس بالأمان، وأمر العسكر بالكف عن النهب، فلم يمتثلوا لأمره ولا أصغوا لكلامه، فأقاموا ينهبون المدينة ثلاثة أيام، وسكنوا البيوت، وأخرجوا أهلها منها، واستولوا على ما فيها من الخبايا والدفائن، وقتلوا جمعا من أهلها، منهم: الشريف أحمد بن عبد القادر البزاز، وعمر بن عبد اللطيف شماع، والفقيه عبد الرحمن بن محمد مفضل الواسطي وغيرهم، وسبوا النساء والصبيان، ثم صادر الأمير حسين تجار زبيد والمتسببين، وضربهم، وجعل في أعناقهم الزناجير، وأمسك قاضي الشريعة شيخنا القاضي شهاب الدين أحمد بن عمر المزجد، وأمر بطرح الزنجير في عنقه ظنا منه أن عنده مالية كقضاة مصر، فلما تحقق فقره وحاله .. عذره وخلع عليه، وانتدب رجلان من أهل مصر كانا قد تديرا زبيد في أيام بني طاهر يعرف أحدهما بالجميل والثاني دوفان (3)، فتقربا

(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 114). (2) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 115). (3) كذا في الأصول، وفي «الفضل المزيد» (ص 364): (والثاني بدوعان) في هذا الموضع وفيما سيأتي من المواضع.

إلى حسين بالنميمة على [الناس] (1)، فقربهما وآنسهما، وسمع كلامهما، وأرسل للفقيه الصالح شرف الدين إسماعيل بن إبراهيم جعمان إلى بيت الفقيه ابن عجيل، فقدم عليه مترسما، فطالبه بمال قيل: كان عنده مودعا للشريف عبد الله بن علي بن سفيان، ولا أصل لذلك، فأنكر ذلك، فأمر بحبسه وضربه حتى مات في الحبس بعد ثلاثة أيام من الضرب، وأمر بمصادرة أهل زبيد على يد الجميل ودوفان، فكتبوا بأسماء أهل البيوت، وصودروا بأكثر من عشرة آلاف أشرفي، كل هذا بعد النهب والحريق، ثم إن العسكر طالبوا حسينا بمال كان وعدهم على أخذ زبيد، فلم يعطهم، فركبوا عليه مدافعهم، وزعموا أن عنده مالا في البحر يعطيهم إياه، فاستناب بزبيد مملوكا لسلطان مصر يقال له: برسباي، وعضده بالشريف عزّ الدين بن أحمد بن دريب، وخرج حسين من زبيد، وركب السفينة من المتينة، وصاح برسباي للناس بالأمان، وركب في الموكب مزفوفا ومعه عزّ الدين، وطيف بهما في المدينة، وتوجه حسين وسلمان بمن بقي معهما من العساكر إلى بندر زيلع، فأمدوهما بالبر والسمن والكباش والدراهم وغير ذلك، وعزما من زيلع إلى بندر عدن، وكان الموسم على ظهر سفر، فرأى أهل عدن مراكب المصريين عشية [ ........ ] (2) فصرت المراكب من البندر إلى جهة الهند ولم يكن ثمّ ريح مساعدة، فأصبحت خشب المصريين فوق البندر، فلما رأى سلمان مراكب الموسم ضاربة (3) .. قدّم حسينا في جل الخشب والعساكر إلى بندر عدن لمحاربة أهل عدن، وتقدم سلمان في غرابين أو ثلاثة إلى المراكب الضاربة فلحقها، فأخذ الهاشميّ مركب السلطان (4) ولم يغير على أحد ممن له فيه مال، بل أنزل الناخوذة والكرّاني إلى عنده، وأطلع في الهاشميّ ناسا من قبله ليقبضوا في الهند ما كان في المركب من مال السلطان لا غير، وطرد مركبا لشخص من البانيان يسمى: رامه، فجدح به صاحبه على ساحل أبين، فتغير المركب، ومات ما فيه، وسلم الركبة، فدخلوا عدن من طريق البر، فلما وصل حسين بالخشب إلى البندر .. رمى إلى البلد بجملة مدافع كبار، ورموه أهل البلد (5)، فلم يؤثر فيهم ولم يؤثروا فيه، ومكث في البندر يومين، ثم نزل بعساكره

(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «الفضل المزيد» (ص 364). (2) بياض في الأصول. (3) في (ل) و «تاريخ الشحر» (ص 115): (صارية) في هذا الموضع وفيما بعده. (4) الهاشمي: اسم مركب السلطان. (5) هذا على لغة: أكلوني البراغيث.

لمحاربة البلد إلى الممشى الذي جعلوه الدولة متصلا (1) بجبل صيرة، فخرج إليه عسكر البلد، فحصل منهم قتال عظيم قتل فيه جمع من المصريين، وانهزم حسين راجعا إلى مراكبه، ونورت الحصون، وأصبح حسين راحلا عن البندر بخشبه، فصادف رجوع سلمان ومن معه، فلامهم على ارتفاعهم عن البندر، وقصدوا جميعا البندر وكان الرتبة الذين بحصن صيرة قد [ ...... ] (2) مرادهم [ ..... ] (3) فطلبوا من الأمير مرجان أن يمدهم بالزاد والرجال، فلما رأى الأمير ارتفاع حسين من البندر .. تهاون في إمدادهم، فحسب أن رأوا المراكب ضاربة من البندر نزل الرتبة الذين كانوا بصيرة جميعهم إلى البلد، فلما رآهم سلمان .. طلع إلى صيرة في جمع من أصحابه، واستولى على حصن صيرة، ونصب بها علمه، [وظن الناس] (4) أنه بأخذه صيرة بسيفه استولى على البلد، فسقط ما في أيديهم، وفشلوا، وكان الهارب [ناسا من البلد] (5) فرمى سلمان من صيرة بجملة مدافع [ولم تؤثر] (6) في البلد لاستعلائها، فكانت المدافع تقع في أطراف البلد مما يلي شمسان ونحوها، فلما رأى أهل البلد أن أخذه لصيرة لم يؤثر في البلد .. قويت قلوبهم وتراجعوا، وبذل الأمير مرجان المال للعسكر، فاستقوت هممهم، واستعدوا لمحاربة المصريين، فلما لم يظفر سلمان من البلد بطائل .. نزل من صيرة، وركب مدافعه على الممشى المتقدم ذكره ليضرب السور من قريب، ورمى إلى السور بمدافع عظيمة، فحتف من السور جانبا كبيرا، فلما كان الليل .. سدّ أهل البلد ما انهدم من السور بقطع الفوّة، وجعلوا عليها من ناحية الساحل مزاهي الكبنى ملئت بالخيش، وكان حجر المدفع يثقب الخيشة ويمرق منها إلى الفوّة، فينشب فيها، فلما رأى سلمان أن ذلك لا يجديه شيئا .. استعد للقتال، فنزل بعساكره سحر ليلة الأربعاء قبل الفجر بساعة فلكية أو أكثر في [ .... ] (7) من شعبان، فرموا إلى البلد بالنبل والجليلات والمدافع الكبار والبنادق، وعلا بعضهم السور، فنصب به العلم، فتقدم إليه بعض عسكر البلد، فقتل صاحب العلم، ورمى بالعلم، فلما اتضح الفجر .. خرج

(1) هذا على لغة: أكلوني البراغيث. (2) بياض في الأصول. (3) بياض في الأصول. (4) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 116). (5) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 117). (6) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 117). (7) بياض في الأصول.

عسكر البلد لقتالهم، فلم تزل الحرب بينهم مستقيمة إلى نحو ربع النهار، ثم رجع سلمان إلى مراكبه منهزما، وقتل جماعة من أهل البلد بالنبل والبندق، وكان السلطان لما علم بوصول المصريين إلى بندر عدن .. أرسل أخاه الشيخ عبد الملك شدادة لأهل عدن، وكان جماعة من البدو قد أغاروا على الرعارع لينهبوها، فلما وصلوها .. بلغهم الخبر أن الشيخ عبد الملك بمعالي الوادي، فاستمروا راجعين، فتعرض لهم جماعة من العبيد الذين مع الشيخ عبد الملك، فقتل البدو عبدا من عبيد الدولة، وأمر الشيخ عبد الملك بالكف عن قتال البدو، ثم دخل لحج، ثم رحل عنها إلى عدن، فأصبح يوم الخميس ثاني الوقعة بالتلاج، فنصب خيامه ثمّ، وأقام فيه طول نهاره، فلما رأى المصريون كثرة الخيام .. سألوا عن ذلك وكان لهم جواسيس وعيون، فأخبروا بوصول الشيخ عبد الملك وقد لقوا منه اللقاء بوقعة المرجف، فأيسوا من البلد، ودخل الشيخ عبد الملك إلى عدن مع الغروب ليلة الجمعة، وأراد دخول دار السعادة من الباب الكبير من ناحية الميدان، فأشار عليه الأمير وجماعة بدخوله من باب السر خشية أن يرمي المصريون بالبنادق والمدافع، فدخلها من باب السر، وصلّى الجمعة بعدن، فلما تحققوا دخول الشيخ عبد الملك .. شالوا جميع ما كان لهم بصيرة من المدافع وغيرها إلى المراكب، وأصبحوا يوم السبت مرتفعين عن البندر راجعين من حيث جاءوا، فصادفوا مركب التركي وصل من جدة يريد الهند وقصده الدخول إلى حقّات لإنزال ركبه وحمل فيه إلى عدن، فمنعوه من دخول عدن، ولم يغيروا عليه حالا، فعزم إلى الهند بمن معه، وتوجّه المصريون إلى جهة الشام وكانوا مقلين من الماء، فدخلوا رباك يستقون وفيها عسكر العقارب وغيرهم، فقاتلوهم وحصروهم في حضيرة يقال: إنه كان سلمان في الحضيرة محصورا، فرمى المصريون بندقا أصاب بعض العرب، فانجفلت العرب، فخرج المصريون من الحضيرة إلى مراكبهم، واختلف سلمان وحسين، وقصد سلمان زيلع، فشحن منها البر وسار إلى جدة، وقصد حسين باب المندب، ثم المخا، ثم المتينة، ثم كمران، وتوجه منها إلى جدة، وصام الشيخ عبد الملك رمضان بعدن، وعيد بها عيد الفطر (1). وفي ليلة الخامس والعشرين من رمضان: وقع بعدن مطر عظيم امتلأ منه الصهاريج جميعها، وأمر الشيخ عبد الملك بعمارة ما تخرب من سور عدن، فعمر عمارة قوية، وكان

(1) «الفضل المزيد» (ص 361)، و «تاريخ الشحر» (ص 111).

غرضه أن يعمر السور كله على ذلك النمط، فلم يساعد على ذلك لكثرة المصروف، ثم خرج الشيخ عبد الملك من عدن إلى لحج، فعيد بها عيد النحر. وأما برسباي .. فإنه لما استقر بزبيد .. قرر أحوال الناس، وأظهر حسن السياسة والتدبير، ومشى بالناس مشيا حسنا، وأقام بزبيد إلى أثناء شهر شعبان، وأمر بنصب خيامه خارج باب الشبارق، فنصبت، وأقام في الجبانة ثلاثة أيام يجمع العساكر، ثم سار بهم إلى حيس-يقال: كان غرضه المسير إلى عدن طريق البر ليحصرها برا؛ مساعدة لأصحابه في حصرها بحرا-فلما بلغ حيس .. بلغه أن حسينا بالمخا قد رجع من عدن، فرجع إلى المخا، واجتمع بحسين بها، ثم سار برسباي إلى موزع، فانتهبها، وكان جماعة قد أودعوا أموالهم في بيت الشيخ عبد الله بن سلامة، فنهبها بعد أن كان قد آمن الشيخ على نفسه وماله [إثر صلح بينه وبين برسباي، ولكن نقض برسباي العهد] (1)، ثم قتل مقدم الغجر الذي معه، فلما قتله .. خاف على نفسه، فرجع إلى زبيد، فدخلها في أثناء شهر رمضان. وأما السلطان .. فإنه لما بلغه أخذ زبيد وموت ولده وهو يومئذ بالمقرانة .. خرج منها إلى مدينة إبّ، فدخلها في أوائل شهر رجب، وأقام بها إلى أثناء شعبان، وتوجه منها إلى زبيد، وعرج عن دخول تعز، وأقام بخدر (2) أياما، ثم تقدم إلى القورن (3)، فصام هنالك شهر رمضان، وعيد عيد الفطر، ثم توجه إلى زبيد، فلما تحقق المصريون ذلك .. أرسلوا إليه رسلا صحبة شيخنا القاضي أحمد بن عمر المزجّد يطلبون الصلح على أن يسلّموا البلد وما بأيديهم من الخيل والسلاح ويعطيهم مالا عينوه في قبيل ذلك، ويخرجون بما معهم ما عدا الخيل والسلاح، فاجتمعوا بالسلطان، وسمعوا كلامه وميله إلى الصلح، فطابت أنفسهم، فأشار بعض خواص السلطان عليه بعدم قبول ذلك، وأوقع في قلب السلطان أن ذلك مكيدة منهم، فأعرض عن الرسل، وردهم خائبين، وأمسك القاضي عنده ليقضي الله أمرا كان مفعولا. ثم سار السلطان بعساكره إلى قرية التريبة، فحط من غربيّها، وخرج إليه المصريون يوم الأربعاء تاسع شهر شوال، فكانت بينهم وقعة عظيمة قتل جماعة منهم، ورجعوا إلى زبيد، فأمسوا بها ليلة الخميس متأهبين لمعاودة القتال، وأمسى أصحاب السلطان ما بين جريح

(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «الفضل المزيد» (ص 368) بتصرف. (2) كذا في الأصول، وفي «الفضل المزيد» (ص 368): (وأقام بحذرار). (3) كذا في الأصول، وفي «الفضل المزيد» (ص 368): (إلى القويرين).

السنة الثالثة والعشرون

ومن الجوع طريح، وكان صحبة السلطان جملة أحمال زبيب ودقيق، فأشار بعض أصحابه أن يعطي الجند منه القوت ليتقوّوا به على معاودة الحرب، فلم يفعل، ثم خرج المصريون صبح الخميس ثاني الوقعة، فكانت بينه وبينهم وقعة أشد من الأولى، وقاتل في اليومين المذكورين بنفسه وولده أحمد، وولد خاله الشيخ محمد بن أحمد بن عامر، وخواص عبيده كفرحان وغيره، ولم يثبت معه سواهم، وأبلوا بلاء عظيما، وأبانوا عن شجاعة لم يعهد مثلها، ثم تخاذل بهم باقي العسكر، فانكسروا في آخر ذلك اليوم والسلطان حينئذ في المعركة، فلما رأى أن جنده منهزمين .. رجع إلى المحطة ليحميها، فوجد العسكر المصري قد هجمها ونهبوا جميع ما فيها من الأموال والذخائر السلطانية، فجمع باقي عسكره، ورجع من حيث جاء، ولم يلحقه أحد من المصريين لاشتغالهم بالغنائم، وسار السلطان إلى تعز، فدخلها سادس عشر شوال، وأقام بها إلى أن طلع إليه المصريون في أوائل السنة الآتية، ورجع المصريون إلى زبيد، فدخلوها ليلة الجمعة حادي عشر شوال ظافرين غانمين، وصاح برسباي بالأمان للناس عامة ولمن خرج إلى محطة السلطان من أهل زبيد وغيرهم، وقرر أحوالهم، ولم يغير على أحد منهم. وكان شيخنا القاضي شهاب الدين أحمد بن عمر المزجّد ارتاب من الوقفة عند الشيخ وعدم رجوعه مع الرسل، فلما انقضت الوقعة .. عزم إلى وصاب، فأرسل له برسباي بالأمان، فرجع إلى زبيد (1). *** السنة الثالثة والعشرون كان السلطان قد عرف من عسكره عدم النصيحة، فاستخدم جماعة من مهرة وأجزل عطيتهم، فتغير عليه خاطر بقية العسكر حيث آثر المهرة عليهم وما المهرة فيهم إلا كالرقمة في ذراع الحمار، فكانوا يتخاذلون. وخرج برسباي بالعسكر من زبيد إلى تعز وبها السلطان حينئذ، فوصلوا تعز صبح الجمعة سادس عشر صفر، فلما شاهدهم عسكر السلطان .. انهزم كل قبيلة منهم إلى بلدها، ولم يبق مع السلطان إلا المهرة وخاصة عبيده، فأرادوا القتال، فمنعهم، وولى عنهم إلى جهة

(1) «الفضل المزيد» (ص 367)، و «تاريخ الشحر» (ص 117).

إبّ من غير قتال ولا حرب، فدخلوا المصريون (1) تعز، فصادروا التجار، وفعلوا بها وبأهلها أعظم مما فعلوا بزبيد وأهلها، وأقاموا بتعز إلى الجمعة الثانية، وواجههم الفقيه عبد الله بن المقرئ يوسف، وواجههم أيضا الفقيه أبو بكر بن محمد الصائغ، وخطب لهم خطبة نال فيها من السلطان، ثم عزموا من تعز في يوم الجمعة ثالث عشر صفر إلى جهة المقرانة بعد أن جعل برسباي بتعز الأمير أقباي مقدما بتعز، وأضاف إليه أمورها، وكان السلطان عند ما خرج من تعز أقام بإبّ أياما، فلما علم بتوجه المصريين إلى المقرانة .. توجه إليها، فدخلها قبلهم بليلة، دخلها عشية الخميس، فحمل نساءه وما خف حمله من الذخائر والأموال، وأحرق بعض ما لم يقدر على حمله، وفتح الخزائن، وأمر بأن تحمل كل واحدة ما قدر عليه، فلما كان صبح الجمعة .. أصبح المصريون تحت المقرانة ولم يتجاسروا على دخولها حتى أخبروا أنها خلية عن السلطان وجنده، فدخلوها، واستولوا عليها، ونهبوا ما وجدوه في الديار من الذخائر والأموال، وكانت جملة مستكثرة، وظفر برسباي بجماعة كانت عندهم ودائع للسلطان، فأخذها منهم. ودخل عليه جماعة من آل عمار، فبايعوه، وسألوه المسير معهم ليمكنوه من بلادهم، فسار معهم في جمع كثير من شجعان أصحابه، فلما توسطوا بهم في بلادهم .. ثاروا عليهم من كل مكان، فقتلوا الأمير برسباي وأصحابه عن آخرهم، ولم ينج منهم إلا المخبر عنهم، فلما بلغ الخبر إلى من بقي من المصريين في المقرانة .. ضاق بهم الحال، وتغيرت منهم الأحوال، ثم أجمع رأيهم على تولية رجل منهم يعرف بالإسكندر، وكان شجاعا ظلوما، فبايعوه، وأمّروه عليهم، فلما تم له الدست .. ظفر بالفقيه عمر الجبرتي وكان من خواص السلطان، فتهددوه، فدلهم على مال عظيم للسلطان كان ختم عليه في جدار يقال: إنه يبلغ خمسة لكوك ذهب قديم، فأخذه منه، وقسمه في العسكر. سمعت الأمير مرجان الظافري يقول: العجب من علم الفقيه الجبرتي بذلك؛ فإنه لم يحضر على تطيين ذلك المال سوى الشيخ وأنا والمعمار وعبد صغير كان يناول المعمار الطين، وقد مات المعمار والوصيف! قال: ويشبه أن السلطان أخبر به عمر الجبرتي في بعض انشراحاته).انتهى ثم سار الإسكندر من المقرانة بعساكره إلى جهة صنعاء، فلحقه عسكر السلطان بموضع

(1) هذا على لغة: أكلوني البراغيث.

يقال له: غفرة، فكانت بينهما وقعة قتل فيها من الأتراك وجموعهم وأشراف جازان ومن معهم جمع عظيم، وحصرهم عسكر السلطان من كل جانب، وكاد يحاط بهم، فبذلوا مالا جزيلا لعبد النبي بن سعيد حتى أرخى له قليلا من جانبه، فنفروا منه إلى جهة رداع، واستولوا عليها من غير قتال بمساعدة الأمير بها يومئذ، ثم تقدموا إلى صنعاء. وأما السلطان .. فإنه لما خرج من المقرانة .. توجه إلى الخلقة، فتبعه طائفة من المصريين، فهرب من الخلقة إلى قرب بلد يافع بموضع يقال له: الوسايا، وألقى الله الرعب في قلبه منهم، حتى بلغني أنه رأى فارسا واحدا من أصحابه، فظنه من الترك أو أنه يطرد هاربا منهم، فهرب من ذلك الرجل، وطلب من يافع بعض حصونهم يكنّ نفسه فيه وحرمه، فلم يساعدوه، وقاسى من الذل والجوع والهوان هو وأهله ما لم يقاسه إنسان، فسبحان المذل بعد العزة، والمقل بعد الكثرة! ولما بلغه ما حصل على المصريين في الغفرة .. استفزه الفزع، وطمع في الظفر بهم، فسار من الخلقة ودخل المقرانة، وترك بها ابنه أحمد، وخرج مسرعا يقافي الجند والعسكر ملاحقا للمصريين إلى صنعاء ومعه أخوه الشيخ عبد الملك، وابنه أبو بكر، وابن أخيه عامر بن عبد الملك، وبلغني أن أخاه الشيخ عبد الملك عذله عن ملاحقة المصريين إلى صنعاء وقال له: أنت تعرف عداوة الزيدية، فنقع بين عدوين المصري والزيدي، فلم يصغ إلى كلامه، ونسبه إلى الجبن والذل منهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا، فسار إلى أن وصل قريبا من صنعاء بحيث يراها والمصريون حينئذ محاصرون لها ولأهلها ولم يقدروا منها على شيء، فلما علم الجند المصري بوصول السلطان .. قصدوه قبل أن تحطّ الأحمال، فكانت بينهم وبين العسكر السلطاني وقعة قتل فيها أخو السلطان الشيخ عبد الملك بن عبد الوهاب؛ أصابته جليلة في وجهه وعاده لم يلبس للقتال، فسقط ميتا، وقتل معه أكثر عبيده وعساكره، وذلك ليلة الخميس رابع وعشرين ربيع الأول، فلما رأى السلطان ذلك .. عدل إلى جهة جبل نقم بعد أن أخذه شبه الوله لفقد أخيه، فلاحقه الجند المصري وحصروه بالجبل، فبات به، ثم انحدر منه صبح يوم الجمعة ثاني قتل أخيه متوجها إلى حصن ذمرمر ليتحصن به، فأدركه الجند المصريون في الطريق يمشي وقد زحف وعجز عن المسير، فلم يعرفوه، وقتلوه، ثم تحققوا أنه السلطان، فأخذوا رأسه ورأس أخيه، فتقدموا بالرأسين وبابنه أبي بكر وابن أخيه الشيخ عامر بن عبد الملك أسيرين، وأرسلوا بالرأسين إلى صنعاء صحبة الشهاب الجبرتي ليخبر الأمير البعداني أمير صنعاء بذلك، فلما تحقق الأمير البعداني

ذلك .. بكى، وسأل الذمة ليسلم إليهم البلد، فأعطوه ذمة، وفتح لهم البلد، فلما دخلوها واستقروا بها .. مالوا على أهل المدينة، فقتلوا منهم جمعا كثيرا ينيفون على الخمس مائة أكثرهم من آل عمار الذين قتلوا برسباي ببلدهم، وتم لهم الدست، فأقاموا بصنعاء نحو شهرين، وأخذوا منها أموالا جليلة من النهب ومصادرة التجار وغير ذلك، واستصفوا أموال الأمير علي بن محمد البعداني وكانت أموالا عظيمة، ولما عزموا على التوجه من صنعاء .. خنقوا الأمير علي بن محمد البعداني، وتركوا منهم جماعة بصنعاء، وساروا إلى زبيد على طريق يخار (1)، فلقيتهم جملة جموع بني حبيش ومن والاهم إلى الطريق، فكانت بينهم هنالك وقعة عظيمة نصر فيها بنو حبيش عليهم، فنهبوا الأموال، وقتلوا الأبطال، واستنقذوا الشيخ عامر بن عبد الملك بن عبد الوهاب منهم، وأخذوا عليهم جميع ما أخذوه من المقرانة وصنعاء، وكان وقر ثمانية آلاف جمل من الذخائر والجواهر والذهب والفضة والمصاغ والقماش والنفائس والعدد وغير ذلك، وانهزموا في كل جهة، وتفرقوا شذر مذر، ودخل الأمير الإسكندر والشريف عزّ الدين إلى زبيد ليلا ليلة التاسع والعشرين من جمادى الآخرة منهزمين مسلوبين ومعهم ولد السلطان أبو بكر بن عامر بن عبد الوهاب أسيرا، وقد كانوا أسروه وأسروا ابن عمه الشيخ عامر بن عبد الملك بن عبد الوهاب بعد قتل أبويهما كما تقدم تحت صنعاء (2) تغمدهما الله برحمته الواسعة، وغفر لهما مغفرة لخير الدارين جامعة، وقابلهما برضوانه، وأحلهما أعلى رتبة في جنانه: [من الطويل] أخلائي ضاع الدين من بعد عامر … وبعد أخيه أعدل الناس في الناس فمذ فقدا والله والله إننا … من الأمن والسلوان في غاية الياس (3) هذا آخر ما شوهد مما لخصه الفقيه العلامة المحدث وجيه الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد بن عمر الديبع الشيباني المحدث بزبيد فسح الله في مدته. وفي هذه السنة: وصل الفرنج من الهند إلى بندر عدن في ثلاثين خشبة ما بين برشة وغراب مظهرين السّعدة لأهل عدن على المصريين، ولم يغيروا شيئا في البندر ولا غيره، ونزل منهم جماعة إلى الساحل، وواجههم الأمير مرجان بالساحل، وقدم لهم الضيافة العظيمة إلى مراكبهم، وطلبوا ربابين تسير بهم إلى جدة، فدفع إليهم الأمير جماعة ربابين

(1) كذا في الأصول، وفي «الفضل المزيد» (ص 371): (على طريق نقيل يخار). (2) انظر (6/ 583). (3) «الفضل المزيد» (ص 369)، و «تاريخ الشحر» (ص 124)، و «اللطائف السنية» (ص 205).

من أهل الشام بالكره من الربابين لذلك بعد أن أخيفوا وتجوّروا، فلم يعذرهم الأمير في ذلك؛ كفاية لشر الفرنج، فمكثوا في البندر أياما، ثم ساروا إلى جدة، فأرسوا ببندرها وبها الأمير سلمان في جمع من الترك وغيرهم، وكانوا قد علموا بمسيرهم إلى جدة، فاستعدوا لقتالهم، فلم ينزل أحد من الفرنج إلى ساحل جدة، بل قصدهم الأمير سلمان إلى البندر في غراب أو غرابين، فلما قرب منهم .. رماهم بالمدافع، فأتلف عليهم من مراكبهم مركبين أو ثلاثة، ثم إن المدافعي طرح في الباروت شيئا حتى تغير المدفع وأحرقت النار بعض الغراب الذي فيه سلمان، ويقال: إن المدافعي كان نصرانيا يخدم مع الأمير سلمان، فأحصن على أهل دينه بذلك، فقتل الأمير سلمان المدافعي في الحال، ورجع إلى ساحل جدة بما بقي من الغراب سالما، واستمر الفرنج راجعين عن بندر جدة إلى العين، فتبعهم الأمير سلمان أو بعض أصحابه في غراب إلى قرب اللّحيّة، فاستنقذوا من الفرنج غرابا به جماعة من الفرنج، فعزموا بهم إلى جدة، ثم تقدموا بهم إلى السلطان صاحب الروم، فوصل الفرنج إلى بندر عدن، وأقاموا فيه أياما، وأعطاهم ما يحتاجون إليه من الماء وغيره، واستنقذ منهم بعض الأسارى، ثم رجعوا إلى هرموز، وخيبهم الله وخذلهم (1). وفي هذه السنة: كتب الأمير مرجان على لسان السلطان عامر بن عبد الوهاب موهما أن عاده في الحياة (2) إلى السلطان سليم شاه كتابا إنشاء الأديب الفقيه محمد بن عمر بحرق يتضمن الشكوى من حسين وسلمان وجندهما وما تعلق باليمن من الفساد من سفك الدماء ونهب الأموال وغير ذلك، ويتضمن أيضا الاعتذار من فعله مع الفرنج من المسالمة ودفع الربابين إليهم، وأخذ عليه خطوط جماعة من أعيان البلد من الفقهاء والتجار وغيرهم، وأرسل بذلك صحبة قاصدين وهما: الشيخ [ .... ] (3) الشاذلي و [ .... ] (4) الفائشي، وكتب صحبتهما كتابا إلى صاحب الحجاز الشريف بركات بن محمد، وجعل نظرهما إليه بوجههما كيفما ترجح له برا وبحرا، وأرسل معهما بهدية عظيمة إلى السلطان، وبهدية أيضا إلى الشريف بركات، فتوجّها إلى الحجاز طريق البحر وحجا، ثم عزما على نظر الشريف إلى مصر، ثم منها إلى الروم، فأوصلا الكتاب إلى السلطان، وقبل الهدية، وأكرمهما،

(1) «تاريخ الشحر» (ص 133). (2) كذا في الأصول، والمعنى: أنه لا يزال على قيد الحياة (لهجة يمنية). (3) بياض في الأصول. (4) بياض في الأصول.

وأثاب على الهدية، وأجزل صلتهما، ومات الفائشي بالروم، ووصل الشاذلي بثواب الهدية إلى سواكن، وركب في البحر إلى اليمن، فخرج عليه جماعة من دهلك، فأخذوا جميع ما معه من الهدية وغيرها، ويقال: كان ذلك منهم بتهوين من الترك الذين بزبيد. وأما الشيخ عبد الملك .. فقد قدمنا: أنه عيّد عيد النحر من سنة اثنتين وعشرين بلحج، وهنأه الفقيه الأديب محمد بن عمر بحرق بالعيد بقصيدة معظمة (1). وفي آخر المحرم: خرج إلى عرب كانوا يقطعون الطريق إلى عدن، فتحصنوا منه في الجبال ولم يظفر بهم، فرجع إلى لحج، فدخلها ثامن أو تاسع صفر. ويوم دخوله: بلغه خبر تعز وأن الترك استولوا عليها، فأقام بلحج أياما قلائل بلغه فيها أن الترك استولوا على المقرانة وما فيها، فترك الخلي في جملة من أهل الجبل بلحج، ويقال: إنه أرسل للبدو الهياثم وغيرهم أن يصلوا إلى لحج وليحفظوها من الترك، وتوجه طالبا أخاه السلطان، وسلك جبل جحاف، فأودع ما كان معه من سلاح وغيره ببعض ربطها، واجتمع بأخيه قرب الخلقة، وخرج معه إلى صنعاء، وقتل تحتها كما تقدم (2). ولما عزم الشيخ عبد الملك من لحج .. قدمها البدو في جمع عظيم مقدّمهم مجرب بن حيدرة بن مسعود، فلما صاروا في معالي الوادي .. أرسلوا إلى الدولة الذين بالرعارع أنا ما وصلنا إلا بإشارة من الشيخ عبد الملك، فقدكم (3) تهيئون لنا الغداء، ولما علم الخلي بوصولهم .. دخل بما معه من الخيل والعسكر إلى عدن وأخلى الرعارع، فدخلها البدو، فنهبوها نهبا قبيحا، وهتكوا أحوال الناس، وسبوا النساء والأطفال، وفعلوا الفعائل القبيحة، ونهبوا بنا أبّة العليا والسفلى وسائر قرى لحج، وقصدوا نحو حوطة سفيان وكان غالب الناس قد نقلوا ما يعز عليهم إليها، فأخذوا منها أموالا جزيلة؛ من طعام ومصاغ وغير ذلك، وقصدوا حوطة الشيخ بلحفار فخرج إليهم المشارقة، فدافعوهم منها، ثم إن الشيخ عبد الجبار بن أحمد بلحفار صالحهم من نهبها على مال بذله لهم من نفسه ومن أهل الحوطة، ثم سعى بينهم وبين الأمير بالصلح على أن يعطيهم الأمير مالا جزيلا، ويؤمنوا الناس بالوادي، ففعل ذلك الأمير، فكفوا أيديهم عن النهب، واقتسموا قرى لحج، فأقام مجرب شيخ الهيا ثم ببنا أبّة العليا، وأقام أحمد بن نسر شيخ آل أيوب بالرعارع هو ومن معه،

(1) انظر (6/ 580). (2) انظر (6/ 583). (3) المعنى: فقد تهيئون. (لهجة يمنية).

وأقام عمر بن شوايا كبير الطوالق بالحمراء هو ومن معه من الطوالق، فكفوا عن النهب، ولكن كانت أيديهم باسطة يأخذون ما شاءوا، وما أهل لحج معهم إلا بمنزلة أهل الذمة في الذلة والهوان، وخربت لحج، وانتقل غالب أهلها إلى حوطة الشيخ بلحفار، وقليل منهم إلى الوهط، واحترموا الوهط للشريف عمر بن علي باعلوي، وانقطعت الطرق، وغلا الطعام بعدن، وكان الشيخ عبد السلام بن معوضة الحمادي أميرا بعدن من قبل السلطان عامر بن عبد الوهاب، لكن الأمر والنهي والحل والربط بعدن للأمير مرجان، وكان الشيخ عبد السلام مؤازرا للأمير في هذه الفتن في مدافعة الفرنج والمصريين، وله في ذلك تأثير عظيم، فلما احتوى الترك على تعز .. خاف الشيخ عبد السلام على بلده أن يستولي عليها أعداؤه من العرب أو توصّل الترك إليها، فطلب من الأمير الخروج إلى بلده، فلم يساعده، ويقال: إنه كان معه الفسح من الشيخ عبد الملك، فلما رأى تفاقم الأمر واتساعه وعدم مساعدة الأمير له على الفسح .. استمال جماعة من مرتبي الحصون ونقباء الجبل الذين بعدن، واستعدوا للخروج سرا، ومدافعة من دافعهم عن ذلك، فخرج الشيخ عبد السلام وأهله ومن معه من أهل بلده ليلة الجمعة [ .... ] (1) من درب حوشب، وتبعه جماعة من أهل اليمن، فسلك الشيخ عبد السلام إلى سيلة العقارب، وسلك غيره من أهل اليمن طريق الرعارع وبنا أبّة، فمن سلك طريق الرعارع وبنا أبّة .. سلم، وتوجه إلى بلده، وأما الشيخ عبد السلام وأصحابه .. فإن الأمير أرسل إلى شيخ العقارب بالسيلة صلاح العقربي يخبره بما اتفق من الشيخ عبد السلام، ويحرض عليه ألا يفوته، وأنه إن ظفر به .. فليرده إلى عدن طوعا كان أو كرها، وأنه ما ظفر به معه من نقد وغيره .. فهو له، وما قصدنا إلا ردّه إلى عدن برأسه، وأرسل به مع مكتّب، فوصل إليها وقد قدم الشيخ عبد السلام رحله من السيلة إلى جهة بلده، فتبعه صلاح في العقارب، وسألوه الرجوع طوعا فأبى، فلما رأى الجدّ منهم .. ناوشهم القتال، فقاتلوه وظفروا به، واستولوا على جميع ما معه، وردوه إلى السيلة هو ومن معه من إخوانه، وبقية عسكره تفرقوا عنه، ودخلوا به إلى عدن من طريق البحر-فيما أظن-على حالة غير صالحة، فلام الناس الأمير على ذلك، ثم رسم عليه في الدار. ***

(1) بياض في الأصول.

السنة الرابعة والعشرون

السنة الرابعة والعشرون قد ذكرنا تاريخ قتل السلطان عامر بن عبد الوهاب في السنة التي قبلها (1)، وكان ابنه أحمد إذ ذاك بالمقرانة نافذ الأمر والنهي فيها، وكان الأمير مرجان يمضي أوامر الشيخ أحمد ونواهيه بعدن وأعمالها أيضا، والخطبة مع ذلك بعدن للشيخ عامر إلى أول جمعة من سنة أربع وعشرين، فأمر الأمير خطيب عدن بأن يخطب للشيخ أحمد بن عامر بن عبد الوهاب، فخطب له جمعة أو جمعتين، ثم وصل العلم بوفاته، وتولى الشيخ عامر بن عبد الملك بن داود باتفاق أهل الحل والعقد عليه بالمقرانة، كالنقيب عبد النبي، والفقيه علي النظاري وغيرهم، ووافقهم الأمير مرجان بعدن، فخطب له بها، وأمضى بها خطوطه وأوامره، وكان كريما [ .... ] (2) الجند والناس، وأقبلت عليه قبائل العرب وأهل اليمن، وبلغني أنه خطب له باليمن، كإبّ وجبلة (3). وفي هذه السنة: اشتد الغلاء في عدن، فبلغ زبدي الذرة سبعة وعشرين دينارا، والأرز أكثر من ذلك. وفيها: توفي قاضي عدن القاضي عفيف الدين عبد الله بن عبد العليم القماط، ودفن بتربة سيدي الشيخ جوهر نفع الله به، آمين (4). وفيها-أو في التي قبلها-: توفي قاضي لحج عبد الله بن محمد الصائغ بالسائلة، ولم يحضر دفنه إلا اليسير: أربعة نفر أو خمسة؛ لاشتغال الناس بأمورهم وخوفهم من البدو أن يتخطفوهم (5). وفي آخر السنة: نزل السعر قليلا، فبلغ الزبدي بعشرين دينارا وأقل؛ لوصول الطعام من دهلك. ***

(1) انظر (6/ 583). (2) بياض في الأصول. (3) «ذيل الفضل المزيد» (ص 375)، و «تاريخ الشحر» (ص 135). (4) «تاريخ الشحر» (ص 135). (5) «تاريخ الشحر» (ص 136).

السنة الخامسة والعشرون

السنة الخامسة والعشرون فيها: وصلت مراكب الهند شاحنة طعاما، فرخص السعر بعدن، وبلغ الزبدي ستة دنانير. وفيها-أو في التي قبلها-: جهز الشيخ عامر بن عبد الملك جيشا كثيفا مقدمهم الشيخ عبد الملك بن محمد بن عبد الملك بن داود إلى رداع لمحاربة الشيخ أحمد بن محمد بن عامر بن طاهر، فالتقى الجمعان، وانهزم عسكر الشيخ أحمد بن محمد، ونجا هو بنفسه، وتحصن بحصن رداع، ونهبت العسكر رداع، وقطعوا ثمارها؛ من العنب وغيره، ورجعوا إلى المقرانة، ثم إن الشيخ أحمد بن محمد بن عامر اصطلح هو والشيخ عامر بن عبد الملك، ودخل في طاعة الشيخ عامر، ووصل إلى المقرانة، فأكرمه الشيخ عامر بن عبد الملك (1). وفي آخر رمضان: توفي الشيخ عامر بن عبد الملك فجأة، وذلك أنه صلّى العشاء والتراويح، وسمر مع خواصه، منهم الشريف عبد الرحمن بن حسين بن عبد الله بن أبي بكر باعلوي، ثم خرج السمار من عنده، ونام، فأصبح ميتا، فأسف عليه الجند كثيرا لكرمه، واتهم الشريف عبد الرحمن المذكور بأنه سمّه، فوثب شخص من الجند بندقاني يعرف بالحسيني فقتل الشريف عبد الرحمن المذكور. ثم اتفق الجند بالمقرانة على تولية الشيخ أحمد بن محمد بن عامر، فبايعه النقيب عبد النبي، والفقيه علي النظاري، وبقية الجند والعسكر والعبيد، واتفقت الكلمة عليه. ولما بلغ الخبر الأمير مرجان بعدن .. لم تطب نفسه بمبايعته، ولام صهره عبد النبي على إقدامه على ذلك ولم يمكنه في الظاهر إلا موافقة الجماعة، فأمر خطيب عدن بأن يخطب للشيخ أحمد بن محمد المذكور، ونفذ خطوطه وأوامره. ولما بويع الشيخ أحمد بن محمد المذكور بالمقرانة، وبايعه العبيد والعسكر .. ارتاب منه الشيخ عبد الملك بن محمد بن عبد الملك لما قد سلف منه من نهب رداع، وكان إذ ذاك بجبن، فخرج منها مستخفيا حتى وصل لحج ليس معه إلا غلامين أو ثلاثة من أصحابه، واستجار بالأمير مرجان من الشيخ أحمد بن محمد، فأجاره وحماه، وكتب إلى الشيخ أحمد بن محمد بذلك، فأمضى جواره (2).

(1) «تاريخ الشحر» (ص 137). (2) «تاريخ الشحر» (ص 137).

السنة السادسة والعشرون

وفيها: استفسح النقيب عبد النبي من الشيخ أحمد بن محمد أن ينزل إلى عدن بعائلته، فأذن له، فنزل بعائلته جميعهم وبما عز عليه من النقد والذخائر إلى عدن، واستفسح الفقيه علي النظاري من الشيخ أحمد بن محمد أن يعزم إلى بلده إبّ، فأذن له، فخرج إليها، فلام الأمير مرجان الشيخ أحمد بن محمد على فسحه للنظاري، وأذن للشيخ عبد السلام الحمادي في رجوعه إلى بلده، فوقع في نفس الأمير من ذلك. *** السنة السادسة والعشرون فيها: تجهز الشيخ أحمد بن محمد لحرب المتغلبين على تعز برأي الأمير مرجان، وأمده الأمير من عدن بالعسكر والعدة التامة، وخرج من عدن النقيب عبد النبي ومعه الهياثم ومقدمهم مجرب بن حيدرة بن مسعود، وآل أيوب ومقدمهم أحمد بن نسر، واجتمعوا بالشيخ أحمد بن محمد بحياز، وساروا جميعا إلى تعز، وخرج إليهم الترك الذين بتعز، فالتقى الجمعان بموضع قرب تعز، وحصل بينهما معركة عظيمة جاد فيها الشيخ أحمد بن محمد وأحمد بن نسر، وأبانا عن شجاعة وبسالة عظيمة، وكان النقيب عبد النبي ظاهره مع الشيخ أحمد بن محمد وباطنه بخلاف ذلك، فلما رأى النصر والظفر .. لزم يده ويد جماعته عن القتل، واستمال كبير الهياثم مجرب حتى وافقه على ترك القتال، فحمل عليهم الترك، فانهزم النقيب ومجرب وجماعتهما، فوقعت الهزيمة في بقية العسكر، ولما رأى الشيخ أحمد بن محمد ذلك .. لف أطرافه، واستمر راجعا من حيث جاء، وكان الأمير مرجان وكافة قبائل اليمن منتظرين أخذ الشيخ أحمد بن محمد لتعز، فإن أخذها .. انقادوا له وتبعوه، فلما انهزم من تعز .. تفرقت قبائل اليمن عن الانقياد له ومتابعته، وتغير عليه باطن الأمير، فكان لا يمضي من أوامره وخطوطه إلا ما شاء منها (1). وفيها: مات النقيب عبد النبي بعدن. وفيها: وصل حسين بك إلى البقعة في خمسة أو ستة أغربة، ونزل إلى زبيد، فعلم بوصول الفرنج إلى العارة، فرجع بعسكره إلى [ .... ] (2)، ورجع بهم إلى جدة ليعلمهم بوصول الفرنج.

(1) «تاريخ الشحر» (ص 146). (2) بياض في الأصول.

وفيها: وصل الفرنج في نيف وعشرين خشبة ما بين غارب وغليون وبرشة، وفيها برشة كبيرة جدا فيها غالب أموالهم وزادهم ومدافعهم، وكان غرضهم الوصول إلى بندر عدن، فغلط معلمهم، ووقع مندخه على العارة والريح أزيب (1) لم يمكنهم معه الرجوع إلى عدن، وعربت (2) عليهم البرشة الكبيرة، فحملوا ما خف منها إلى بقية الخشب، وتركوها وتوجهوا بزعمهم إلى جدة، فلما وصلوا العارة، وذلك في أول جمادى الأولى .. كتب الشيخ محمد بن إسماعيل السروري إلى الأمير مرجان يعلمه بوصول الفرنج، فاستعد الأمير لهم، ورتب العسكر على مراتبهم في الدروب وغيرها، فبعد يومين وصل العلم بأنهم ساروا إلى جهة الشام. ولما رأى الشيخ أحمد من الأمير عدم تنفيذ أوامره وخطوطه .. نزل من الجبل على نية إلى عدن ليكشف عن حقيقة الأمر؛ إن يكن سلطانا حقيقة .. أدخلوه، وإن يكن غير ذلك .. عرفه، فوصل إلى صهيب وصحبته أحمد بن نسر الأيوبي في جمع من آل أيوب وغيرهم، وعلم الأمير بذلك، فتعب أشد التعب، ولما وصل الشيخ أحمد إلى صهيب .. أرسل الشيخ عبد القادر بن محمد العمودي إلى الأمير يستعطف خاطر الأمير ويعلمه أن أهل الجبل لم ينقادوا له وقالوا: لا نعرف أنك لنا سلطان حتى يدخلوك عدن، وإنما غرضه ألا يدخل عدن ويقيم بها أياما، ثم يخرج إلى الجبال على رأي الأمير ليتحقق أهل الجبل أن الأمير منه ظاهرا وباطنا، فوصل الشيخ العمودي إلى عدن بالرسالة صبح الجمعة، فحجبه الأمير، ولم يمكنه الاجتماع بالأمير قبل صلاة الجمعة، فلما خرج الأمير إلى الجامع .. أمر الخطيب بالخطبة للشيخ عبد الملك بن محمد بن عبد الملك بن داود، فخطب له، واجتمع الشيخ عبد القادر العمودي بالأمير بعد الصلاة، فبلغ الرسالة، وأطلق عليه أوراق الشيخ أحمد بن محمد، فقال له الأمير: الجواب ما قد سمعته بالجامع من الخطيب، وأخرجه من البلد في الحال، وأرسل إلى أحمد بن نسر شيخ آل أيوب بمال جزيل ووعده بوعد جميل على أن يتخلى من الشيخ أحمد بن محمد، وكذلك أرسل الأمير إلى الدّويداريّة والعبيد الذين مع الشيخ أحمد بن محمد بمال على أن يتخلوا منه، فاتفق أن الشيخ أحمد بن محمد خرج من محطته لبعض أغراضه، فأظهر العسكر المهاوشة والمقاتلة بينهم البين،

(1) أزيب: شديدة. (2) عربت: غلبت (لهجة يمنية).

فرجع الشيخ أحمد ليصلح أمرهم، فلم يصل إلى المحطة إلا وقد نهب آل أيوب مخيمه وأخذوا جميع ما فيه، وانفلت بقية العسكر، وربما هموا فيه بالشر، فسلمه الله منهم، فاستمر راجعا إلى حياز بعد أن تحقق عزل الأمير له، وكان عزل الأمير له من غير سبب ولا موجب لذلك سوى مجرد الهوى، لا جرم لاقى غبّ ما صنع، فسلبه الله عزّه سريعا، فسبحان من لا يزول ملكه، ولا يبيد سلطانه! وأما الفرنج .. فإنهم توجهوا إلى نحو جدة، فلما كانوا بالقرب منها .. علموا أن بجدة عسكرا كثيفا من الترك والأروام والمعازبة وغيرهم، فداخلهم الفشل والخذلان، فدبروا إلى دهلك، وأقاموا بها إلى أن رد الشمال، ثم رجعوا من حيث جاءوا، فوصلوا إلى بندر عدن في شهر رجب مظهرين المسالمة، فأمدهم الأمير مرجان بالماء والزواد، واستفك من أيديهم بعض الأسارى، ثم عزموا إلى هرموز (1). وفيها: خرج الأمير مرجان من عدن إلى التلاج وصحبته الشريف عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس بن أبي بكر باعلوي، وهلال عتيق الشريف أبي بكر بن عبد الله العيدروس باعلوي وهو القائم بتربته، وقدم الشيخ عبد الملك بن محمد من لحج إلى التلاج، فاجتمع بالأمير ومن معه، فبايعه الأمير، وحلف له، وأمره بالتقدم إلى الجبل ومقابلة ابن عمه الشيخ أحمد بن محمد، فإذا صفي الجبل .. نزل إلى لحج، ثم دخل عدن، ثم رجع الأمير وجماعة إلى عدن، ورجع الشيخ عبد الملك، كان ذلك جميعه في سنة ست وعشرين (2). وفيها-أعني سنة ست وعشرين-: عزم الشيخ عبد الملك بن محمد إلى الجبل، وجهز معه الأمير ابن بنته عبد الله بن عبد النبي ومعه جل العسكر وبيده المال ومصروف العسكر وكساؤهم ومزائديهم، فكان يتصرف في ذلك على من شاء كيف شاء من غير مراجعة الشيخ عبد الملك، فكان يرحل الناس برحيله، وينزلون بنزوله، والشيخ معه تبع، فأقاموا في الجبل إلى أوائل السنة الآتية (3). ***

(1) «تاريخ الشحر» (ص 149). (2) «تاريخ الشحر» (ص 148). (3) «تاريخ الشحر» (ص 148).

السنة السابعة والعشرون

السنة السابعة والعشرون فيها: توفي الفقيه أبو بكر بن يحيى الشماع. وفيها: خرج الأمير مرجان إلى لحج لحفظ مغلهما عن امتداد أيدي العرب إليه. وفيها: نزل الشيخ عبد الملك والنقيب عبد الله بن عبد النبي من الجبل إلى حياز، فلما استقر عبد الله بن عبد النبي بحياز .. نزل إلى لحج مبادرة على أن يقيم الشيخ والجند بحياز لسلاّك طريقها، فحسب أن نزل عبد الله بن عبد النبي نزل بنزوله جميع الجند والعسكر، وبقي الشيخ عبد الملك وحده ليس معه إلا خاصته وجماعة، فتبعهم في النزول إلى لحج، وعلم الأمير بنزول ابن عبد النبي ولم يعلم بنزول الشيخ عبد الملك وقد هو (1) بطرف الوادي، فخرج للقائه، ولام حفيده عبد الله بن عبد النبي على ما فعله مع الشيخ عبد الملك، فمكث الأمير بلحج أياما، ثم دخل أوائل ربيع الأول، ولازمه الشيخ عبد الملك في الدخول معه، فاعتذر بأنه ما هو داخل إلا لتمهيد الضيافة، ووعد الشيخ بالدخول إلى عدن عن قريب، وصار الشيخ يطالبه ويكاتبه في إنجاز الوعد بالدخول، وأن ما غرضه بالدخول إلا أن يقيم بها أياما قلائل ثم يخرج إلى الجبل؛ فإن قبائل الجبل لا تنقاد له دون أن يدخل عدن ويخرج منها، فيتحققوا أنه سلطانها، وبقي الأمير يماطله ويساجله في ذلك. وفي نصف ربيع الأول: رأى المرتّبون بحصون عدن سوادا في الصادة، فتخيل لهم أن الشيخ عبد الملك وصل بجند ليدخل عدن قهرا، فأعلموا الأمير بذلك فانزعج، واضطرب حال الجند وأهل البلد، فأرسل الأمير من يثق به من جنده إلى باب البر ليمنعوه من دخول الشيخ منه إلى عدن، وأرسل طائفة من العسكر من حيث جاء، فوصلوا إلى الصادة ولم يجدوا بها أحدا. وأكثر الشيخ عبد الملك من الكتب إلى الأمير وإلى الفقيه عفيف الدين عبد الله بن شيخنا محمد بن أحمد فضل في استنجاز الوعد بالدخول، وتلطف في ذلك حتى تقرر عند الأمير أنه ما عسى أن يكون حد عمله إن أدخله؛ فإن الحصون بيد الأمير، والعسكر على رأسه، والمال تحت يده، فرأى أن يدخله ليقيم بعدن أياما، ثم يجهزه راجعا إلى الجبل، فأذن له

(1) كذا في الأصول، والمعنى: وهو بطرف الوادي (لهجة يمنية).

بالدخول، فدخلها يوم [ .... ] (1) أواخر ربيع الأول، وخرج الأمير إلى الباب لملاقاته، فنزلا جميعا إلى دار السعادة وقد هيأ بها ضيافة عظيمة حضر فيها غالب أعيان البلد والجند، وأسكنه في بيت من بيوت دار السعادة السفلى البحرية، فكان لا يدخل على الشيخ أحد من الناس إلا بعلم الأمير، وربما أنه يدخل معه أحد من أصحاب الأمير في الظاهر كالمستأذن له على الشيخ، وفي الباطن متجسسا لما يصدر منه مع الشيخ، فضاق حال الشيخ من ذلك، ولم يزل يتلطف بالأمير حتى أذن له بالانتقال إلى دار الزيبق وهو مظهر الانقياد لأمر الأمير واتباع رأيه وأنه متى أمره بالخروج من البلد .. خرج، وما يريد من الأمير إلا أن يجهزه بما لا بد منه من مؤن سفره وأهبة طريقه، ويحضر كل يوم عند الأمير على الغداء والعشاء، وعند بروز الأمير يأتي إليه من طريق الممشى. هذا، وفي الباطن يجتمع بجمع من العسكر وكبراءهم ويختلي بهم، ويستميلهم في القيام معه ونصرته، ويعدهم ويمنيهم، فكل منهم يقول: لا يمكننا إظهار القيام معك إلا إن كان معك يافع؛ لأنهم كانوا أكثر أهل البلد عدة وعددا، فلم يزل يستميل ويخيل لكبار يافع ويعدهم ويمنيهم حتى مالوا معه وحلف لهم وحلفوا له، وربما كان الواسطة بينهم وبينه في ذلك الشريف علي بن سعيد الحسيني؛ فإنه شمر في القيام مع الشيخ تشميرا كاد أن يكون فيه هلاكه لولا حماية الله له ببركة سلفه. فلما توثق من يافع ومن عبيد اللوى والحبالية وغيرهم-ما خلا العبيد-بما طابت به نفسه وربما استحس الأمير بشيء من ذلك .. لازمه في الخروج من عدن، فاعتذر بأن ما عنده شيء من المال ولا الجند، ولا يمكنه الطلوع إلى الجبل إلا بجند كثيف ومال جزيل، ومراده أنه إذا أعطاه ذلك .. استعان به على محاربة الأمير، ولم يمكنه الأمير من شيء مما ذكر، وهم عبد الله بن عبد النبي وغيره من أصحاب الأمير بلزم الشيخ أو بقتله في الجامع، فأدخلوا الحسيني الكردي المقصورة ليفتك بالشيخ لزما أو قتلا، الله أعلم بما في صدورهم، ويقال: كان ذلك من غير علم الأمير؛ فإن الأمير منذ دخل الشيخ عدن لم يصل الجمعة البتة، والظاهر أنه كان به مرض [ .... ] (2) عن الناس، فجاء من حذّر الشيخ، فلم يصل الجمعة في ذلك اليوم. وفي يوم الاثنين: أظهر الشيخ المنابذة والمخالفة للأمير، وأطبقت معه تابعة البلد

(1) بياض في الأصول. (2) بياض في الأصول، ولعل النقص كلمة: (فاحتجب).

بأسرها تجارها وغيرهم، وأسعده بعض تجارها بمال جزيل على سبيل القرضة، وقام معه عبيد اللوى بأسرهم وغالب أهل الجبل، ورتب العسكر، وهم بالهجوم على دار صلاح للاستيلاء على ما فيها، فأرسل إليها طائفة من العسكر، فوجدوا الأمير قد شحنها بالرّجل في مجالسها وطيارمها يرمون من قصدها بالحجارة والمدافع، فمنعوها بذلك، وقتل واحد أردبيا (1) من أصحاب الشيخ. وفي ذلك اليوم: قتل الحسيني البندقاني، قتله أصحاب الشيخ، فتعب الأمير لذلك (2). وقصد جماعة من يافع دار الناصري وبها عبد الله بن عبد النبي وقد استعد فيها بالعسكر، فكانوا يرمون من قصدها بالحجر والبندق، فقتلوا جماعة من يافع نحو خمسة أو ستة، وحموها (3). ***

(1) هذه الكلمة غير واضحة في الأصول. (2) «تاريخ الشحر» (ص 153). (3) «تاريخ الشحر» (ص 153).

قال في الأم المنسوخ منها: (ههنا انتهى ما وجدناه من هذا «التاريخ» بخط المصنف رحمه الله ونفع به مسودة، واخترمته المنية قبل أن يبيضه، فبيضناه بحسب الطاقة والإمكان، والحمد لله أولا وآخرا، وباطنا وظاهرا) انتهى ما وجدته. واتفق الفراغ من زبره يوم الثلاثاء تاسع شهر ربيع الآخر أحد شهور السنة الأولى بعد الألف من هجرته عليه أفضل الصلاة والسلام بخط أفقر عباد الله وأحوجهم إليه يحيى بن أحمد بن علي الصعدي الشافعي عفا الله عنه وعن والديه وعن جميع المسلمين، آمين. برسم سيدنا ومولانا العالم العلام، الحبر الفهام، أوحد قضاة الأنام، خويدم شريعة سيد الأنام، جمال الدين الواثق بالله الخالق الباري، الأفندي محمد بن محمد البخاري، فسح الله في مدته، وبلغه من خير الدارين غاية أمنيّته، وأصلح أحواله، وختم بالصالحات أعماله، آمين، آمين، آمين. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ***

أهم مصادر ومراجع التحقيق

أهمّ مصادر ومراجع التّحقيق (1) - الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير، للإمام الحافظ الحسين بن إبراهيم الجورقاني (ت 543 هـ‍)، تحقيق الدكتور عبد الرحمن الفريوائي، ط 4، (2002 م)، دار الصميعي، السعودية. -الأحاديث المختارة أو المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في «صحيحيهما»، للإمام الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (ت 643 هـ‍)، تحقيق الدكتور عبد الملك عبد الله دهيش، ط 4، (2001 هـ‍)، دار خضر، لبنان. -الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان المسمى: «المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع من غير وجود قطع في سندها ولا ثبوت جرح في ناقليها»، للإمام الحافظ علي بن بلبان الفارسي المصري (ت 739 هـ‍)، تحقيق شعيب الأرنؤوط، ط 3، (1997 م)، مؤسسة الرسالة، لبنان. -إحياء علوم الدين وبذيله المغني عن حمل الأسفار في الأسفار للعراقي (ت 806 هـ‍)، لحجة الإسلام محمد بن محمد بن محمد الغزالي (ت 505 هـ‍)، بدون تحقيق، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. -أخبار القضاة، للإمام القاضي محمد بن خلف بن حيان الملقب بوكيع (ت 306 هـ‍)، عالم الكتب، بيروت. -أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، للإمام أبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي (ت 250 هـ‍)، تحقيق الدكتور علي عمر، ط 1، (2004 م)، مكتبة الثقافة الدينية، مصر.

(1) اعتمدنا في فهرسة المصادر على التالي: اسم الكتاب، اسم المؤلف وتاريخ وفاته، اسم المحقق، رقم الطبعة، تاريخ طبع الكتاب، اسم الدار الناشرة ومقرها.

-إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت، للعلامة الفقيه الألمعي عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف (ت 1350 هـ‍)، تحقيق محمد أبو بكر عبد الله با ذئب ومحمد مصطفى الخطيب، ط 1، (2005 م)، دار المنهاج، السعودية. -الأدب المفرد، لإمام الدنيا الحافظ محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري (ت 256 هـ‍)، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ط 4، (1997 م)، نسخة مصورة لدى دار البشائر الإسلامية عن طبعة المكتبة السلفية، لبنان. -أدوار التاريخ الحضرمي، تأليف العلامة السيد محمد بن أحمد الشاطري (ت 1421 هـ‍)، عالم المعرفة، السعودية. -الإرشاد في معرفة علماء الحديث، للإمام الحافظ الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي القزويني (ت 446 هـ‍)، تحقيق الدكتور محمد سعيد عمر إدريس، ط 1، (1989 م)، مكتبة الرشد، السعودية. -الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، للعلامة أبي العباس أحمد بن خالد الناصري (ت 1315 هـ‍)، تحقيق جعفر الناصري ومحمد الناصري، (1997 م)، دار الكتاب، المغرب. -الاستيعاب في معرفة الأصحاب، للإمام الحافظ يوسف بن عبد الله النمري المعروف بابن عبد البر (ت 463 هـ‍)، تحقيق عادل مرشد، ط 1، (2002 م)، دار الأعلام، الأردن. -أسد الغابة في معرفة الصحابة، للعلامة علي بن محمد الشيباني المعروف بابن الأثير (ت 630 هـ‍)، تحقيق محمد إبراهيم البناء ومحمد أحمد عاشور ومحمود عبد الوهاب فايد، ط 1، (1970 م)، دار الشعب، مصر. -الإشارة إلى سيرة المصطفى صلّى الله عليه وسلم وتاريخ من بعده من الخلفا، للإمام الحافظ مغلطاي بن قليج بن عبد الله البكجري الحكري (ت 762 هـ‍)، تحقيق محمد نظام الدين الفتيح، ط 1، (1996 م)، دار القلم، سورية. -الإصابة في تمييز الصحابة، للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار الكتاب العربي، لبنان.

-أعلام النساء، للعلامة عمر رضا كحالة (ت 1987 م)، بدون تحقيق، مؤسسة الرسالة، لبنان. -الإعلام بوفيات الأعلام، للإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ‍)، تحقيق رياض عبد الحميد مراد وعبد الجبار زكار، ط 1، (1991 م)، دار الفكر المعاصر، لبنان. -الأعلام، للأديب خير الدين الزركلي (ت 1976 م)، ط 12، (1997 م)، دار العلم للملايين، لبنان. -أعيان العصر وأعوان النصر، للعلامة المؤرخ الأديب صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (ت 764 هـ‍)، تحقيق الدكتور علي أبو زيد والدكتور نبيل أبو عمشة والدكتور محمد موعد والدكتور محمود سالم محمد، دار الفكر، سورية. -الأغاني، لإمام الأدب علي بن الحسين المعروف بأبي الفرج الأصبهاني (ت 356 هـ‍)، تحقيق لجنة من الأدباء، ط 1، (1983 م)، الدار التونسية للنشر، تونس. -الإكمال، للعلامة علي بن هبة الله المعروف بابن ماكولا (ت 475 هـ‍)، ط 1، (1990 م)، طبعة مصورة لدى دار الكتب العلمية، لبنان. -إنباء الغمر بأنباء العمر، للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، تحقيق الدكتور حسن حبشي، وزارة الأوقاف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مصر. -الأنساب، للإمام الحافظ عبد الكريم بن محمد السمعاني (ت 562 هـ‍)، تقديم وتعليق عبد الله عمر البارودي، ط 1، (1998 م)، دار الفكر، لبنان. -إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، إسماعيل باشا بن محمد أمين الباباني أصلا والبغدادي مولدا، بدون تحقيق، بدون تاريخ، دار الكتب العلمية، لبنان. -البحر الزخار المعروف بمسند البزار، للإمام الحافظ أحمد بن عمرو البزار (ت 292 هـ‍)، تحقيق الدكتور محفوظ الرحمن زين الله، ط 1، (1988 م)، مكتبة العلوم والحكم، السعودية.

-البدء والتاريخ، للعلامة المطهر بن طاهر المقدسي، بدون تحقيق، بدون تاريخ، مكتبة الثقافة الدينية، مصر. -البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، للإمام العلامة محمد بن علي بن محمد الشوكاني (ت 1250 هـ‍)، تحقيق الدكتور حسين بن عبد الله العمري، دار الفكر، سورية. -البرقة المشيقة، للعلامة الإمام الشيخ علي بن أبي بكر السقاف (ت 895 هـ‍)، بدون تحقيق، مصر. -بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس، للإمام الضبي أحمد بن يحيى بن أحمد بن عميرة (ت 599 هـ‍)، بدون تحقيق، ط 1، (1967 م)، دار الكتاب العربي. -بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، للإمام الحافظ عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 هـ‍)، محمد أبو الفضل إبراهيم، بدون تاريخ، المكتبة العصرية، لبنان. -بهجة الزمن في تاريخ اليمن، للأديب المنشئ عبد الباقي بن عبد المجيد اليماني (ت 743 هـ‍)، تحقيق عبد الله محمد الحبشي ومحمد أحمد السّنباني، ط 1، (1988 م)، دار الحكمة اليمانية، اليمن. -بهجة المحافل وبغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير والشمائل، للعلامة الشيخ يحيى بن أبي بكر العامري (ت 893 هـ‍)، بدون تحقيق، ط 1، (1330 هـ‍)، طبعة مصورة عن نشرة المطبعة الجمالية لدى دار صادر، لبنان. -تاج التراجم، للحافظ الإمام قاسم بن قطلوبغا الحنفي السودوني (ت 879 هـ‍)، تحقيق محمد خير رمضان يوسف، ط 1، (1992 م)، دار القلم، سورية. -تاج العروس من جواهر القاموس، للإمام السيد محمد مرتضى الزبيدي (ت 1205 هـ‍)، تحقيق عبد الستار أحمد فراج وجماعة من أئمة التحقيق، وزارة الإرشاد والأنباء، الكويت. -تاريخ ابن الوردي، للإمام زين الدين عمر بن مظفر (ت 749 هـ‍)، بدون تحقيق، ط 2، (1969 م)، المطبعة الحيدرية، العراق.

-تاريخ ابن خلدون المسمى: «ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر»، للإمام عبد الرحمن بن خلدون (ت 808 هـ‍)، عني به الأستاذ خليل شحادة، (2001 م)، دار الفكر، لبنان. -تاريخ ابن يونس المصري، للعلامة عبد الرحمن بن أحمد بن يونس المصري (ت 347 هـ‍)، تحقيق الدكتور عبد الفتاح فتحي عبد الفتاح، ط 1، (2000 م)، دار الكتب العلمية، لبنان. -تاريخ أربل، لشرف الدين أبي البركات المبارك بن أحمد اللخمي الإربلي (ت 637 هـ‍)، تحقيق سامي بن السيد خماس الصقار، (1980 م)، دار الرشيد للنشر، العراق. -تاريخ أصبهان المعروف بذكر أخبار أصبهان، للإمام الحافظ أحمد بن عبد الله المعروف بأبي نعيم الأصبهاني (ت 430 هـ‍)، تحقيق سيد كسروي حسن، ط 1، (1990)، دار الكتب العلمية، لبنان. -تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، للإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ‍)، تحقيق الدكتور عمر بن عبد السلام تدمري، ط 1، (1987 م)، دار الكتاب العربي، لبنان. -التاريخ الأوسط، لإمام الدنيا الحافظ محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري (ت 256 هـ‍)، تحقيق محمد بن إبراهيم اللحيدان، دار الصميعي، السعودية. -تاريخ الخلفاء، للإمام الحافظ عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 هـ‍)، تحقيق إبراهيم صالح، ط 2، (2003 م)، دار صادر، لبنان. -تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس صلّى الله عليه وسلم، للقاضي المؤرخ حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري (ت 966 هـ‍)، تصحيح الشيخ مصطفى محمد، ط 1، (1283 هـ‍)، المطبعة الوهبية، مصر. -تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر، للعلامة محمد بن عمر الطيب بافقيه، تحقيق عبد الله محمد الحبشي، ط 1، (1999 م)، مكتبة الإرشاد، اليمن.

-تاريخ الطبري المسمى: «تاريخ الأمم والملوك»، للإمام العلامة محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ‍)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، بدون تاريخ، طبعة مصورة بدون ناشر، لبنان. -التاريخ الكبير، لإمام الدنيا الحافظ محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري (ت 256 هـ‍)، عني به السيد هاشم الندوي، دار الفكر، لبنان. -تاريخ بغداد، للإمام الحافظ أحمد بن علي المعروف بالخطيب البغدادي (ت 463 هـ‍)، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، ط 1، (1997 م)، دار الكتب العلمية، لبنان. -تاريخ ثغر عدن، للإمام القاضي عبد الله الطيب بامخرمة (ت 947 هـ‍)، تحقيق أوسكار لوفكرين، ط 2، بدون تاريخ، مكتبة مدبولي، مصر. -تاريخ حضرموت المسمى: «العدة المفيدة الجامعة لتواريخ قديمة وحديثة»، الشيخ سالم بن محمد بن حميد الكندي (ت 1310 هـ‍)، تحقيق عبد الله محمد الحبشي، ط 1، (1991 م)، مكتبة الإرشاد، اليمن. -تاريخ حضرموت المعروف بتاريخ شنبل، للمؤرخ أحمد بن عبد الله شنبل (ت 920 هـ‍)، تحقيق عبد الله محمد الحبشي. -تاريخ حضرموت، صالح الحامد (ت 1387 هـ‍)، ط 2، (2003 م)، مكتبة الإرشاد، اليمن. -تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها، للإمام الحافظ علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر (ت 571 هـ‍)، تحقيق محب الدين عمر بن غرامة العمروي، ط 1، (1995 م)، دار الفكر، لبنان. -تبصير المنتبه بتحرير المشتبه، للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، تحقيق علي محمد البجاوي، ط 1، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى المكتبة العلمية، لبنان. -التبيين في أنساب القرشيين، للعلامة عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة (ت 620 هـ‍)، تحقيق محمد نايف الدليمي، ط 2، (1988 م)، عالم الكتب، لبنان.

-تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، للإمام الحافظ علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر (ت 571 هـ‍)، عني به حسام الدين القدسي، ط 4، (1991 م)، دار الكتاب العربي، لبنان. -تحفة الزمن في تاريخ سادات اليمن، للعلامة الحسين بن عبد الله الأهدل اليمني (ت 855 هـ‍)، تحقيق عبد الله محمد الحبشي، ط 1، (2004 م)، المجمع الثقافي، الإمارات العربية. -تحفة الزمن في تاريخ سادات اليمن، للعلامة الحسين بن عبد الله الأهدل اليمني (ت 855 هـ‍)، تحقيق عبد الله محمد الحبشي، ط 1، (2004 م)، المجمع الثقافي، الإمارات العربية. -التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة، للإمام الحافظ شمس الدين السخاوي (ت 902 هـ‍)، عني بطبعه أسعد طرابزوني الحسيني، (1979 م)، السعودية. -تحفة المحتاج بشرح المنهاج ومعها حواشي الشرواني وابن قاسم العبادي، للإمام العلامة أحمد بن محمد ابن حجر الهيتمي (ت 974 هـ‍) والشيخ عبد الحميد الشرواني (ت 1301 هـ‍) والشيخ أحمد بن قاسم العبادي (ت 992 هـ‍)، ط 1، (1315 هـ‍)، طبعة مصورة لدى دار صادر، لبنان. -تذكرة الحفاظ، الحافظ محمد بن طاهر القيسراني (ت 507 هـ‍)، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط 1، (1994 م)، دار الصميعي، السعودية. -تذكرة الحفاظ، للإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ‍)، تصحيح عبد الرحمن بن يحيى المعلمي، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان. -التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة، للإمام الحافظ محمد بن أحمد القرطبي (ت 671 هـ‍)، تحقيق الدكتور الصادق محمد إبراهيم، ط 1، (1425 هـ‍)، مكتبة دار المنهاج، السعودية. -الترياق الشافي المسمى: «ترياق أسقام القلوب الواف في ذكر حكايات السادة الأشراف»، مخطوط.

-تفسير البغوي المسمى: «معالم التنزيل»، للإمام الحافظ الحسين بن مسعود البغوي (ت 516 هـ‍)، تحقيق خالد عبد الرحمن العك ومروان سوار، ط 1، (1986 م)، دار المعرفة، لبنان. -تفسير الطبري المسمى: «جامع البيان عن تأويل آي القرآن»، للإمام العلامة محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ‍)، عني به مكتب التحقيق والإعداد العلمي في دار الأعلام ودار ابن حزم، ط 1، (2002 م)، لبنان والأردن. -تفسير القرآن العظيم، للإمام الحافظ إسماعيل بن عمر الدمشقي المعروف بابن كثير (ت 774 هـ‍)، تصحيح مجموعة من العلماء، (1969 م)، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. -تقريب التهذيب، للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، تحقيق الشيخ محمد عوامة، ط 4، (1992 م)، دار الرشيد، سورية. -تكملة الإكمال، الحافظ محمد بن عبد الغني البغدادي المعروف بابن نقطة (ت 629 هـ‍)، تحقيق الدكتور عبد القيوم عبد رب النبي، ط 1، (1987 م)، جامعة أم القرى، السعودية. -التكملة لوفيات النقلة، للإمام الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (ت 656 هـ‍)، تحقيق الدكتور بشار عواد معروف، ط 2، (1981 م)، مؤسسة الرسالة، لبنان. -تلخيص الحبير المسمى: «التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز»، للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، عني به الدكتور محمد الثاني ابن عمر بن موسى، ط 1، (2007 م)، دار أضواء السلف، السعودية. -تهذيب الأسماء واللغات، للإمام الحافظ يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ‍)، ط 1، بدون تاريخ، طبعة مصورة عن الطبعة المنيرية لدى دار الكتب العلمية، لبنان. -تهذيب التهذيب، للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، عني به إبراهيم الزيبق وعادل المرشد، ط 1، (1996 م)، مؤسسة الرسالة، لبنان. -تهذيب الكمال في أسماء الرجال، للإمام الحافظ يوسف بن عبد الرحمن المزّي (ت 742 هـ‍)، تحقيق الدكتور بشار عواد معروف، ط 1، (1980 م)، مؤسسة الرسالة، لبنان.

-توضيح المشتبه، للإمام الحافظ محمد بن عبد الله المعروف بابن ناصر الدين (ت 842 هـ‍)، تحقيق محمد نعيم العرقسوسي، ط 2، (1993 م)، مؤسسة الرسالة، لبنان. -الثقات، للإمام الحافظ محمد بن حبّان البستي (ت 354 هـ‍)، علق عليه إبراهيم شمس الدين وتركي فرحان المصطفى، ط 1، (1998 م)، دار الكتب العلمية، لبنان. -جامع كرامات الأولياء، للإمام العلامة يوسف بن إسماعيل النبهاني (ت 1350 هـ‍)، تحقيق إبراهيم عطوة عوض، المكتبة الشعبية، لبنان. -الجهاد، للإمام الحافظ أحمد بن عمرو المعروف بابن أبي عاصم (ت 287 هـ‍)، تحقيق مساعد سليمان الراشد الحميد، مكتبة العلوم والحكم، السعودية. -الجواهر المضية في طبقات الحنفية، محيي الدين أبي محمد عبد القادر بن محمد بن نصر الله بن سالم بن أبي الوفاء القرشي الحنفي (ت 775 هـ‍)، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو، ط 2، (1993 م)، هجر للطباعة والنشر، مصر. -جواهر تاريخ الأحقاف، للعلامة محمد بن علي بن عوض با حنان، عني به حسن جاد حسن، مكتبة النهضة الحديثة، مصر. -الجوهر الشفاف، للعلامة عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الخطيب الأنصاري، بدون تحقيق، مخطوط. -الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية، للعلامة حميد الشهيد بن أحمد المحلي (ت 652 هـ‍)، تحقيق المرتضى بن زيد المحطوري الحسني، ط 1، (2002 م)، مكتبة بدر، اليمن. -حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، للإمام الحافظ عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 هـ‍)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، (1998 م)، دار الفكر العربي، مصر. -حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، للإمام الحافظ أحمد بن عبد الله المعروف بأبي نعيم الأصبهاني (ت 430 هـ‍)، ط 5، (1987 م)، دار الريان للتراث ودار الكتاب العربي، مصر ولبنان.

-خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، للعلامة الإمام عبد القادر بن عمر البغدادي (ت 1093 هـ‍)، تحقيق عبد السلام هارون، ط 2، بدون تاريخ، مكتبة الخانجي، مصر. -الدارس في تاريخ المدارس، لمحيي الدين عبد القادر بن محمد النعيمي الدمشقي (ت 927 هـ‍)، تحقيق جعفر الحسني، (1988 م)، مكتبة الثقافة الدينية، مصر. -الدر المنثور في التفسير بالمأثور، للإمام الحافظ عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 هـ‍)، (2002 م)، دار الفكر، لبنان. -الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، عني به هاشم وأحمد الله ومحمد طه الندوي، طبعة مصورة عن نشرة دائرة المعارف بحيدرآباد الدّكّن، لبنان. -دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة صلّى الله عليه وسلم، للإمام الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 هـ‍)، تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي، ط 1، (1988 م)، دار الريان، مصر. -دلائل النبوة، للإمام الحافظ أحمد بن عبد الله المعروف بأبي نعيم الأصبهاني (ت 340 هـ‍)، عني به عبد البر عباس ومحمد رواس قلعة جي، ط 1، (1970 م)، دار ابن كثير، سورية. -الدليل الشافي على المنهل الصافي، للعلامة المؤرخ البحّاثة يوسف بن تغري بردي (ت 874 هـ‍)، تحقيق فهيم محمد شلتوت، مطبعة دار الكتب المصرية، مصر. -دول الإسلام، للإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ‍)، تحقيق حسن إسماعيل مروة، ط 1، (1999 م)، دار صادر، لبنان. -الدولة الرسولية في اليمن، دراسة في أوضاعها السياسية والحضارية، تأليف محمد بن يحيى الفيفي، بدون تحقيق، الدار العربية للدراسات، لبنان. -الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، للإمام الفقيه برهان الدين ابن فرحون إبراهيم بن علي بن محمد (ت 799 هـ‍)، تحقيق الدكتور علي عمر، ط 1، (2003 م)، مكتبة الثقافة الدينية، مصر.

-ديوان ابن الفارض، لسلطان العاشقين عمر بن علي الحموي المعروف بابن الفارض (ت 632 هـ‍)، بدون تحقيق، دار صادر، لبنان. -ديوان ابن مطروح، للشاعر الأديب يحيى بن عيسى المعروف بابن مطروح (ت 649 هـ‍)، تحقيق الدكتور حسين نصار، دار الوثائق القومية، مصر. -ديوان ابن هاني الأندلسي، للشاعر الأديب محمد بن هاني الأزدي الأندلسي (ت 362 هـ‍)، عني به لجنة الدار، دار صادر، لبنان. -ديوان الإمام الشافعي وحكمه وكلماته السائرة، لإمام الدنيا محمد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ‍)، جمع وضبط يوسف علي بديوي، مكتبة دار الفجر، سورية. -ديوان الفرزدق، للشاعر النبيل همّام بن غالب بن صعصعة المعروف بالفرزدق (ت 110 هـ‍)، عني به مجيد طراد، دار الكتاب العربي، لبنان. -ديوان المتنبي بشرح أبي البقاء العكبري المسمى: «التبيان في شرح الديوان»، للشاعر المفلق أحمد بن الحسين المعروف بأبي الطيب المتنبي، تحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي، (1971) شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر. -ديوان النابغة الجعدي، للشاعر المفلق الصحابي قيس بن عبد الله بن عدس المعروف بالنابغة رضي الله عنه (ت نحو 50 هـ‍)، جمعه الدكتور واضح الصمد، دار صادر، لبنان. -ديوان جميل بثينة، للشاعر جميل بن عبد الله بن معمر، دار صادر، لبنان. -ديوان عمر بن أبي ربيعة، للشاعر الرقيق عمر بن عبد الله أبي ربيعة (ت 93 هـ‍)، عني به الدكتور فايز محمد، دار الكتاب العربي، لبنان. -ديوان كثير عزة، للشاعر كثير بن عبد الرحمن بن الأسود (ت 105 هـ‍)، شرحه عدنان زكي درويش، دار صادر، لبنان. -ديوان لبيد بن ربيعة بشرح الطوسي، للشاعر الفارس الصحابي لبيد بن ربيعة بن مالك رضي الله عنه (ت 41 هـ‍)، تحقيق الدكتور حنا نصر الحتي، دار الكتاب العربي، لبنان.

-ذيل التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد، للإمام محمد بن أحمد الحسني المكي المعروف بأبي الطيب التقي الفاسي (ت 832 هـ‍)، تحقيق محمد صالح بن عبد العزيز المراد، ط 1، (1990 هـ‍)، جامعة أم القرى، السعودية. -الذيل على العبر في خبر من عبر، للإمام الحافظ أحمد بن عبد الرحيم المعروف بأبي زرعة العراقي (ت 826 هـ‍)، تحقيق صالح مهدي عباس، مؤسسة الرسالة، لبنان. -ذيل مرآة الزمان، للعلامة المؤرخ موسى بن محمد اليونيني (ت 726 هـ‍)، عني به وزارة التحقيقات الحكمية الهندية، طبعة مصورة عن نشرة وزارة المعارف بحيدرآباد الدّكّن لدى دار الكتاب الإسلامي، مصر. -الروض الأغن في معرفة المؤلفين باليمن ومصنفاتهم في كل فن، للعلامة عبد الملك بن أحمد بن قاسم حميد الدين، بدون تاريخ. -الروض الأنف في شرح سيرة ابن هشام، للإمام الحافظ عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي (ت 581 هـ‍)، بعناية عمر عبد السلام السلامي، ط 1، (2000 م)، دار إحياء التراث العربي، لبنان. -الروض الأنيق في فضل الصديق رضي الله عنه، للإمام الحافظ عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 هـ‍)، تحقيق عامر حيدر، مؤسسة نادر، لبنان. -روض الرياحين في حكايات الصالحين المسمى: «نزهة العيون النواظر وتحفة القلوب الحواضر في حكايات الصالحين والأولياء والأكابر»، وبذيله عمدة التحقيق في بشائر آل الصديق للعلامة الفقيه إبراهيم العبيدي (ت 1091 هـ‍)، للإمام المؤرخ عبد الله بن أسعد اليافعي (ت 768 هـ‍)، بعناية الشيخ أحمد سعد علي، طبعة مصورة عن نشرة المطبعة الميمنية لدى مؤسسة عماد الدين، قبرص. -روضة الأخبار ونزهة الأسمار في حوادث اليمن الكبار والحصون والأمصار، للعلامة إدريس بن الأنف القرمطي (ت 872 هـ‍)، تحقيق محمد علي الأكوع، الهيئة العامة اليمنية للكتاب، اليمن. -روضة الطالبين وعمدة المفتين، للإمام الحافظ يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ‍)، إشراف زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، لبنان.

-الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، للإمام الحافظ عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي المعروف بأبي شامة (ت 665 هـ‍)، تحقيق إبراهيم الزيبق، ط 1، (1997 م)، مؤسسة الرسالة، السعودية. -الرياض المستطابة في جملة من روى في الصحيحين من الصحابة، للعلامة يحيى بن أبي بكر العامري اليمني، عني به عمر الديراوي أبو حجلة، ط 3، (1983 م)، مكتبة المعارف، لبنان. -رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية وزهادهم ونساكهم وسير من أخبارهم وفضائلهم وأوصافهم، للإمام المؤرخ عبد الله بن محمد المالكي (ت 438 هـ‍)، تحقيق بشير البكوش، ط 1، (1983 م)، دار الغرب الإسلامي، لبنان. -زاد المعاد في هدي خير العباد، للإمام الحافظ محمد بن أبي بكر الزرعي المعروف بابن قيم الجوزية (ت 751 هـ‍)، بعناية الشيخ حسن محمد المسعودي، ط 3، (1973 م)، طبعة مصورة لدى دار الفكر للطباعة والنشر، لبنان. -الزهد، للإمام الحافظ هناد بن السري الكوفي (ت 243 هـ‍)، عني به عبد الرحمن الغريوائي، ط 1، (1406 هـ‍)، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي، الكويت. -السلوك في طبقات العلماء والملوك، القاضي محمد بن يوسف بن يعقوب الجندي السكسكي الكندي (ت 732 هـ‍)، تحقيق محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي، ط 1، (1993 م)، مكتبة الإرشاد، اليمن. -السلوك لمعرفة دول الملوك، للعلامة المؤرخ أحمد علي المقريزي (ت 845 هـ‍)، تحقيق محمد مصطفى زيادة، (1956 م)، مصر. -السنا الباهر بتكميل النور السافر في أخبار القرن العاشر، للعلامة السيد محمد الشبلي، مخطوط. -سنا البرق الشامي، اختصار الفتح بن علي البنداري، تحقيق الدكتورة فتحية النبراوي، مكتبة الخانجي، مصر. -سنن ابن ماجه، للإمام الحافظ محمد بن يزيد القزويني (ت 275 هـ‍)، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ط 1، (1954 م)، دار إحياء الكتب العربية لصاحبها عيسى البابي الحلبي، مصر.

-سنن أبي داود وبهامشه معالم السنن للخطابي، للإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275 هـ‍)، تحقيق عزت عبيد الدعاس وعادل السيد، ط 1، (1997 م)، دار ابن حزم، لبنان. -سنن الترمذي المسمى: «الجامع الصحيح»، للإمام الحافظ محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 279 هـ‍)، تحقيق أحمد شاكر ومحمد فؤاد عبد الباقي وإبراهيم عطوة، ط 1، (1938 م)، طبعة مصورة لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان. -سنن الدارقطني وبذيله التعليق المغني على الدارقطني، للإمام الحافظ علي بن عمر الدارقطني (ت 385 هـ‍)، عني به عبد الله هاشم يماني، ط 1، (1966 م)، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. -السنن الكبرى وبذيله الجوهر النقي لابن التركماني، للإمام الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 هـ‍)، بعناية السيد هاشم الندوي، ط 1، (1356 هـ‍)، طبعة مصورة عن دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدّكّن لدى دار المعرفة، لبنان. -السنن الكبرى، للإمام الحافظ أحمد بن شعيب النسائي (ت 303 هـ‍)، تحقيق حسن عبد المنعم شلبي، ط 1، (2001 هـ‍)، مؤسسة الرسالة، لبنان. -سنن النسائي (المجتبى) ومعه زهر الربى على المجتبى للإمام السيوطي، وبذيله حاشية الإمام السندي، للإمام الحافظ أحمد بن شعيب النسائي (ت 303 هـ‍)، ط 1، (1312 هـ‍)، نسخة مصورة لدى دار الكتاب العربي عن طبعة المطبعة الميمنية، لبنان. -سير أعلام النبلاء، للإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ‍)، إشراف شعيب الأرنؤوط، ط 11، (1996 م)، مؤسسة الرسالة، لبنان. -السيرة الحلبية المسمى: «إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون صلّى الله عليه وآله وسلم» وبهامشه السيرة النبوية والآثار المحمدية للشريف زيني دحلان (ت 1304 هـ‍)، للإمام المحقق علي بن إبراهيم الحلبي (ت 1044 هـ‍)، بدون تحقيق، ط 1، (1320 هـ‍)، طبعة مصورة عن نشرة محمد أفندي مصطفى لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان.

-السيرة الشامية المسماة: «سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صلّى الله عليه وسلم»، للإمام المحدث محمد بن يوسف الصالحي (ت 942 هـ‍)، تحقيق مجموعة من المحققين بإشراف الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم، ط 1، (1997 م)، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مصر. -السيرة النبوية، للإمام عبد الملك بن هشام الحميري (ت 218 هـ‍)، تحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار ابن كثير، سورية. -شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، للعلامة محمد بن محمد مخلوف (ت 1360 هـ‍)، تحقيق الدكتور علي عمر، ط 1، (2007 م)، مكتبة الثقافة الدينية، مصر. -شذرات الذهب في أخبار من ذهب، للإمام الفقيه عبد الحي بن أحمد المعروف بابن العماد (ت 1089 م)، تحقيق محمود الأرنؤوط، ط 1، (1986 م)، دار ابن كثير، سورية. -شرح ديوان الحماسة، للإمام العلامة يحيى بن علي الشيباني المعروف بابن الخطيب التبريزي (ت 502 هـ‍)، بدون تحقيق، طبعة مصورة عن نشرة بولاق لدى عالم الكتب، لبنان. -شرح صحيح مسلم المسمى: «المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج»، للإمام الحافظ يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ‍)، بدون تحقيق، (1349 هـ‍)، طبعة مصورة لدى مكتبة الغزالي، سورية. -شرح معاني الآثار، للإمام الحافظ أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (ت 321 هـ‍)، تحقيق محمد سيد جاد الحق، ط 1، (1968 م)، مطبعة الأنوار المحمدية، مصر. -شرح مقامات الحريري ويليه رسالة مشتملة على انتقاد ابن الخشاب، للأديب الكبير القاسم بن علي بن محمد الحريري (ت 516 هـ‍)، بدون تحقيق، طبعة مصورة لدى دار الفكر، لبنان. -الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلّى الله عليه وسلم، للإمام القاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت 544 هـ‍)، تحقيق عبده علي كوشك، ط 1، (2000 م)، مكتبة الغزالي ودار الفيحاء، سورية.

-شمس الظهيرة، للعلامة عبد الرحمن بن محمد بن حسين المشهور (ت 1320 هـ‍)، تحقيق السيد محمد ضياء شهاب، عالم المعرفة، السعودية. -الصحاح المسمى: «تاج اللغة وصحاح العربية»، للعلامة الإمام إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (ت 398 هـ‍)، ط 1، (1999 م)، دار إحياء التراث العربي، لبنان. -صحيح ابن خزيمة المسمى: «مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم»، للإمام الحافظ محمد بن إسحاق بن خزيمة (ت 311 هـ‍)، تحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، ط 3، (2003 م)، المكتب الإسلامي، لبنان. -صحيح البخاري المسمى: «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وسننه وأيامه» (الطبعة السلطانية العثمانية)، لإمام الدنيا الحافظ محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري (ت 256 هـ‍)، عني به الدكتور محمد زهير بن ناصر الناصر، ط 1، (1422 هـ‍)، دار طوق النجاة، لبنان. -صحيح مسلم المسمى: «الجامع الصحيح»، للإمام الحافظ مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت 261 هـ‍)، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ط 1، (1954 م)، دار إحياء الكتب العربية لصاحبها عيسى البابي الحلبي، مصر. -الصرح الممرد والفخر المؤبد لآباء سيدنا محمد صلّى الله عليه وآله وسلم، للعلامة الشريف عمر بن علوي بن أبي بكر الكاف (ت 1412 هـ‍)، بدون تحقيق، دار الحاوي، لبنان. -صفة الصفوة، للإمام الحافظ عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي (ت 597 هـ‍)، فهرسه عبد السلام هارون، ط 2، (1992 م)، مؤسسة الكتب الثقافية، لبنان. -الصلة، للمؤرخ البحّاثة خلف بن عبد الملك المعروف بابن بشكوال (ت 578 هـ‍)، بدون تاريخ، الدار المصرية للتأليف والترجمة، مصر. -الضعفاء، للإمام الشيخ محمد بن عمرو العقيلي (ت 322 هـ‍)، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، دار الصميعي، السعودية.

-الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، للإمام الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902 هـ‍)، ط 1، (1992 م)، طبعة مصورة لدى دار الجيل، لبنان. -طبقات الأولياء، للإمام الحافظ عمر بن علي المعروف بابن الملقن (ت 804 هـ‍)، تحقيق نور الدين شريبه، ط 1، (1973 م)، مكتبة الخانجي، مصر. -طبقات الخواص أهل الصدق والإخلاص، للإمام العلامة أحمد بن أحمد الشّرجي الزّبيدي (ت 893 هـ‍)، بعناية عبد الله محمد الحبشي، ط 1، (1992 م)، الدار اليمنية، اليمن. -طبقات الزيدية الكبرى المسمى: «بلوغ المراد إلى معرفة الإسناد» القسم الثالث، للعلامة السيد إبراهيم بن القاسم بن الإمام المؤيد بالله (ت 1152 هـ‍)، تحقيق عبد السلام بن عباس الوجيه، ط 1، (2001 م)، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، الأردن. -طبقات الشافعية الكبرى، للإمام القاضي عبد الوهاب بن علي المعروف بتاج الدين السبكي (ت 771 هـ‍)، تحقيق عبد الفتاح الحلو ومحمود محمد الطناحي، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار إحياء الكتب العربية، مصر. -طبقات الشعراء، بن المعتز، بدون تحقيق. -طبقات الصوفية، لإمام الصوفية وصاحب تاريخها محمد بن الحسين السلمي (ت 412 هـ‍)، تحقيق نور الدين شريبه، ط 2، (1986 م)، دار الكتاب النفيس، سورية. -طبقات الفقهاء الشافعية، للإمام الحافظ عثمان بن عبد الرحمن الشّهرزوري المعروف بابن الصلاح (ت 643 هـ‍)، تحقيق محيي الدين علي نجيب، ط 1، (1992 م)، دار البشائر الإسلامية، لبنان. -طبقات الفقهاء الشافعين، ابن كثير الدمشقي (ت 774 هـ‍)، تحقيق أنور الباز، ط 1، (2004 م)، دار الوفاء، مصر. -الطبقات الكبير، للإمام الحافظ المؤرخ محمد بن سعد بن منيع البصري (ت 230 هـ‍)، تحقيق الدكتور علي محمد عمر، ط 1، (201 م)، مكتبة الخانجي، مصر.

-طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها، للإمام أبي الشيخ عبد الله بن محمد ابن حيان، (ت 369 هـ‍)، تحقيق عبد الغفور عبد الحق حسين البلوشي، ط 2، (1992 م)، مؤسسة الرسالة، بيروت. -طبقات صلحاء اليمن-تاريخ البريهي، للعلامة عبد الوهاب بن عبد الرحمن البريهي السكسكي اليمني (ت 904 هـ‍)، تحقيق عبد الله محمد الحبشي، مكتبة الإرشاد، اليمن. -طبقات فحول الشعراء، للعلامة محمد بن سلام الجمحي (ت 231 هـ‍)، تحقيق محمود محمد شاكر، بدون تاريخ، دار المدني، السعودية. -طبقات فقهاء اليمن، للعلامة عمر بن علي بن سمرة الجعدي (ت 586 هـ‍)، تحقيق فؤاد سيد، بدون تاريخ، دار القلم، لبنان. -الطبقات، للعلامة خليفة بن خياط (ت 240 هـ‍)، تحقيق الدكتور سهيل زكار، (1993 م)، دار الفكر، لبنان. -طراز أعلام الزمن في طبقات أعيان اليمن، للمؤرخ علي بن الحسن ابن وهاس الخزرجي، (ت 812 هـ‍) بدون تحقيق، بدون تاريخ. -العبر في خبر من غبر، للإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ‍)، تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد، ط 2، (1984 م)، سلسلة التراث العربي عن وزارة الإعلام، الكويت. -العزيز شرح الوجيز، للإمام عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي (ت 623 هـ‍)، تحقيق علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، لبنان. -العسجد المسبوك والجوهر المحكوك في طبقات الخلفاء والملوك، عماد الدين إسماعيل بن العباس بن علي (الملك الأشرف الغساني)، (ت 803 هـ‍) تحقيق شاكر محمود عبد المنعم، (1975 م)، دار التراث الإسلامي، لبنان ودار البيان، بغداد. -العطايا السنية والمواهب الهنية في المناقب اليمنية، للملك الأفضل العباس بن علي الرسولي (ت 778 هـ‍)، تحقيق عبد الواحد عبد الله الخامري.

-العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، للحافظ المؤرخ محمد بن أحمد بن علي المعروف بالتقي الفاسي (ت 832 هـ‍)، تحقيق محمد حامد الفقي، ط 1، (1958 م)، مطبعة السنة المحمدية، مصر. -العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية، الشيخ علي بن الحسن الخزرجي، عني به محمد بسيوني عسل، (1911 م)، طبعة مصورة عن طبعة مطبعة الهلال، مصر. -العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، للإمام الحافظ عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي (ت 597 هـ‍)، تحقيق خليل الميس، لبنان. -عوارف المعارف، الشيخ عمر بن محمد السهروردي البغدادي (ت 632 هـ‍)، تحقيق الدكتور عبد الحليم محمود-الدكتور محمود بن الشريف، دار المعارف، مصر. -عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، للعلامة محمد بن محمد بن محمد المعروف بابن سيد الناس (ت 734 هـ‍)، ط 3، (1982 م)، دار الآفاق الجديدة، لبنان. -عيون الأخبار، للإمام القاضي عبد الله بن مسلم المعروف بابن قتيبة الدّينوري (ت 276 هـ‍)، تحقيق ثلة من أهل العلم، دار الكتب المصرية، مصر. -عيون الأنباء في طبقات الأطباء، لموفق الدين أحمد بن القاسم بن أبي أصيبعة، (ت 668 هـ‍) بدون تحقيق، ط 3، (1981 م)، دار الثقافة، لبنان. -غربال الزمان في وفيات الأعيان، للعلامة يحيى بن أبي بكر العامري الحرضي اليماني (ت 893 هـ‍)، تحقيق محمد ناجي زعبي العمر، (1985)، دار الخير، سورية. -غرر البهاء الضوي ودرر الجمال البديع البهي في ذكر الأئمة الأمجاد من بني الشيخ بصري وبني الشيخ جديد وبني الشيخ علوي، للإمام العارف بالله المحدث محمد بن علي بن علوي خرد الحسيني (ت 960 هـ‍)، عني به حفيد المؤلف عبد القادر جيلاني الخرد، ط 1، (2007 م)، نشره محققه، اليمن. -فتح الباري بشرح صحيح البخاري، للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى مكتبة الغزالي، سورية.

-الفرج بعد الشدة، للإمام القاضي المحسّن بن علي التنوخي (ت 384 هـ‍)، تحقيق عبود الشالجي، بدون تاريخ، دار صادر، لبنان. -الفردوس بمأثور الخطاب، للإمام الحافظ شيرويه بن شهردار الديلمي (ت 509 هـ‍)، تحقيق السعيد بن بسيوني زغلول، ط 1، (1986 م)، دار الكتب العلمية، لبنان. -الفضل المزيد على بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد، للعلامة عبد الرحمن بن الديبع الشيباني (930 هـ‍)، تحقيق الدكتور يوسف شلحد، (1983 م)، مركز الدراسات والبحوث اليمني-دار العودة، اليمن-لبنان. -فوات الوفيات والذيل عليها، للعلامة المؤرخ الأديب محمد بن شاكر الكتبي (ت 764 هـ‍)، تحقيق الدكتور إحسان عباس، ط 1، بدون تاريخ، دار صادر، لبنان. -فيض القدير شرح الجامع الصغير، للإمام العلامة محمد عبد الرءوف بن علي المناوي (ت 1031 هـ‍)، بدون تحقيق، ط 1، (1357 هـ‍)، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. -القاموس المحيط، للإمام الحافظ محمد بن يعقوب الفيروزابادي (ت 817 هـ‍)، ط 1، (1991 م)، دار إحياء التراث العربي، لبنان. -الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، للإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ‍)، تحقيق محمد عوامة وأحمد محمد نمر الخطيب، ط 1، (1992 م)، دار القبلة، مؤسسة علوم القرآن، السعودية. -الكامل في التاريخ، للإمام المؤرخ علي بن محمد بن محمد المعروف بابن الأثير (ت 630 هـ‍)، حققه الدكتور عمر عبد السلام تدمري، ط 2، (1999 م)، دار الكتاب العربي، لبنان. -الكامل في ضعفاء الرجال، للإمام الحافظ عبد الله بن عدي الجرجاني (ت 365 هـ‍)، تحقيق الدكتور سهيل زكار ويحيى مختار غزاوي، ط 3، (1988 م)، دار الفكر، لبنان. -الكامل، لإمام العربية محمد بن يزيد بن عبد الأكبر المبرّد (ت 285 هـ‍)، تحقيق الدكتور محمد أحمد الدالي، ط 1، (1997 م)، مؤسسة الرسالة، لبنان.

-السمط الغالي الثمن في أخبار الملوك من الغز باليمن، للأمير بدر الدين محمد بن حاتم بن أحمد بن عمران بن الفضل اليامي الهمذاني، تحقيق ركس سمث. -كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، للعلامة المحدث إسماعيل بن محمد العجلوني (ت 1162 هـ‍)، بدون تحقيق، ط 3، (1351 هـ‍)، طبعة مصورة لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان. -اللباب في تهذيب الأنساب، للعلامة علي بن محمد بن محمد الشيباني المعروف بابن الأثير الجزري (ت 630 هـ‍)، ط 3، (1994 م)، دار صادر، لبنان. -لسان الميزان، للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، عني به الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، ط 1، (2002 م)، دار البشائر الإسلامية، لبنان. -اللطائف السنية في أخبار الممالك اليمنية، للعلامة المؤرخ محمد بن إسماعيل الكبسي (ت 1308 هـ‍)، تحقيق خالد الأذرعي، مكتبة الجيل الجديد، اليمن. -مآثر الإنافة في معالم الخلافة، للعلامة أحمد بن عبد الله القلقشندي (ت 821 هـ‍)، تحقيق عبد الستار أحمد فراج، مطبعة حكومة الكويت، الكويت. -المجروحين من المحدثين، للإمام الحافظ محمد بن حبّان البستي (ت 354 هـ‍)، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط 1، (2000 م)، دار الصميعي، السعودية. -مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للإمام الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807 هـ‍)، بدون تحقيق، (1986 م)، طبعة مصورة لدى مكتبة المعارف، لبنان. -مجموع بلدان اليمن وقبائلها، للعلامة المؤرخ محمد بن أحمد الحجري (ت 1397 هـ‍)، تحقيق إسماعيل الأكوع، مكتبة الإرشاد، اليمن. -المجموع شرح المهذب، للإمام الحافظ يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ‍)، تحقيق الدكتور محمود مطرجي، ط 1، (1996 م)، دار الفكر، لبنان. -المدارس الإسلامية في اليمن، القاضي إسماعيل بن علي الأكوع، ط 2، (1986 م)، مكتبة الجيل الجديد، اليمن.

-مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان، للإمام المؤرخ عبد الله بن أسعد اليافعي (ت 768 هـ‍)، ط 1، (1337 هـ‍)، طبعة مصورة عن نشرة دائرة المعارف بحيدرآباد الدّكّن لدى دار الكتاب الإسلامي، مصر. -مروج الذهب ومعادن الجوهر، للعلامة المؤرخ علي بن الحسين بن علي المسعودي (ت 346 هـ‍)، تصحيح شارك بلا، ط 1، (1422 هـ‍)، انتشارات الشريف الرضي، إيران. -المستدرك على الصحيحين وبذيله تلخيص المستدرك للحافظ الذهبي، للإمام الحافظ محمد بن عبد الله بن حمدويه النيسابوري المعروف بالحاكم (ت 405 هـ‍)، بدون تحقيق، ط 1، (1335 هـ‍)، نسخة مصورة لدى دار المعرفة عن طبعة دائرة المعارف النظامية في الهند بحيدرآباد الدّكّن، لبنان. -مسند أبي داود الطيالسي، للإمام الحافظ سليمان بن داود بن الجارود المعروف بأبي داود الطيالسي (ت 204 هـ‍)، ط 1، (1321 هـ‍)، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. -مسند أبي يعلى الموصلي، للإمام الحافظ أحمد بن علي بن المثنى المعروف بأبي يعلى الموصلي (ت 307 هـ‍)، تحقيق حسين سليم أسد الداراني، ط 2، (1989 م)، دار المأمون للتراث ودار الثقافة العربية، سورية. -مسند الإمام أحمد ابن حنبل، للإمام الحافظ أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت 241 هـ‍)، تحقيق مجموعة من العلماء بإشراف شعيب الأرنؤوط، ط 1، (1995 هـ‍)، مؤسسة الرسالة، لبنان. -مسند الدارمي المعروف بسنن الدارمي، للإمام الحافظ عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (ت 255 هـ‍)، تحقيق حسين سليم أسد الداراني، ط 1، (2000 م)، دار المغني، السعودية. -مسند الربيع، للإمام الربيع بن حبيب بن عمرو الفراهيدي الإباضي، عني به محمد إدريس عاشور، دار الحكمة، سلطنة عمان.

-مسند الشهاب المسمى: «شهاب الأخبار في الحكم والأمثال والآداب»، للإمام القاضي محمد بن سلامة القضاعي (ت 454 هـ‍)، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط 1، (1985 م)، مؤسسة الرسالة، لبنان. -المسند، للإمام الحافظ الهيثم بن كليب الشاشي (ت 335 هـ‍)، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله، ط 1، (1410 هـ‍)، مكتبة العلوم والحكم، السعودية. -مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار، للإمام الحافظ محمد بن حبّان البستي (ت 354 هـ‍)، تحقيق مرزوق علي إبراهيم، دار الوفاء، مصر. -المشرع الروي في مناقب السادة الكرام آل أبي علوي، للعلامة السيد محمد بن أبي بكر الشّلّي باعلوي (ت 1093 هـ‍)، بدون تحقيق، طبع على نفقة من يعلمه الله ويراه، مصر. -مصادر الفكر الإسلامي في اليمن، السيد عبد الله محمد الحبشي الحضرمي، ط 1، (2004 م)، المجمع الثقافي، الإمارات العربية المتحدة. -المصنف ومعه الجامع للإمام معمر الأزدي، للإمام الحافظ عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 211 هـ‍)، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، ط 2، (1983 م)، المجلس العلمي بالتعاون مع المكتب الإسلامي، لبنان. -المعارف، للإمام القاضي عبد الله بن مسلم المعروف بابن قتيبة الدّينوري (ت 276 هـ‍)، تحقيق ثروت عكاشة، ط 1، (1960 م)، طبعة مصورة عن نشرة دار الكتب بمصر لدى دار الشريف الرضي، إيران. -معجم الأدباء المسمى: «إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب»، للإمام الأديب ياقوت بن عبد الله الحموي (ت 626 هـ‍)، قدم له الدكتور عمر فاروق الطباع، ط 1، (1999 م)، مؤسسة المعارف، لبنان. -المعجم الأوسط، للإمام الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 هـ‍)، تحقيق الدكتور محمود الطحان، ط 1، (1985 م)، مكتبة المعارف، السعودية. -معجم البلدان، للإمام الأديب ياقوت بن عبد الله الحموي (ت 626 هـ‍)، عني به المستشرق وستنفيلد، ط 2، (1995 م)، دار صادر، لبنان.

-معجم السّفر، للإمام الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي (ت 576 هـ‍)، تحقيق عبد الله عمر البارودي، ط 1، (1993 م)، دار الفكر، لبنان. -معجم الشعراء، للأديب أبي عبيد الله محمد بن عمران بن موسى، د. فاروق اسليم، بدون تاريخ. -معجم الشيوخ، للإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ‍)، تحقيق الدكتور محمد الحبيب الهيلة، مكتبة الصديق، السعودية. -المعجم الصغير ومعه غنية الألمعي للعظيم آبادي، للإمام الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 هـ‍)، ط 1، (1983 م)، طبعة مصورة لدى دار الكتب العلمية، لبنان. -المعجم الكبير ومعه الأحاديث الطوال، للإمام الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 هـ‍)، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط 2، بدون تاريخ، دار إحياء التراث العربي، لبنان. -معجم المؤلفين، للأستاذ المؤرخ عمر رضا كحالة (ت 1408 هـ‍)، ط 1، (1993 م)، مؤسسة الرسالة، لبنان. -معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، للعلامة عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي (ت 487 هـ‍)، تحقيق مصطفى السقا، مكتبة الخانجي، مصر. -معرفة الصحابة، للإمام الحافظ أحمد بن عبد الله المعروف بأبي نعيم الأصبهاني (ت 430 هـ‍)، تحقيق عادل يوسف العزازي، دار الوطن، السعودية. -معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار، للإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ‍)، تحقيق الدكتور طيار آلتي قولاج، ط 1، (1995 م)، مركز البحوث الإسلامية، تركية. -المعمرون والوصايا، للعلامة سهل بن عثمان السجستاني (ت 250 هـ‍)، تحقيق عبد المنعم عامر، دار إحياء الكتب العربية لصاحبها عيسى البابي الحلبي، مصر. -المغازي، للقاضي المؤرخ محمد بن عمر الواقدي (ت 207 هـ‍)، تحقيق الدكتور مارسدن جونس، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى مؤسسة الأعظمي للمطبوعات، لبنان.

-المغني، للإمام عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي (ت 620 هـ‍)، تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو، ط 1، (1986 م)، هجر للطباعة، مصر. -مغيث الخلق في ترجيح القول الحق، لإمام الحرمين عبد الملك الجويني (ت 478 هـ‍)، بدون تحقيق، الطبعة المصرية، مصر. -المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، للإمام الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902 هـ‍)، عني به عبد الله محمد الصديق الغماري وعبد الوهاب عبد اللطيف، ط 2، (1991 م)، مكتبة الخانجي، مصر. -المقفى الكبير، لمؤرخ الديار المصرية أحمد بن علي بن عبد القادر المعروف بتقي الدين المقريزي (ت 845 هـ‍)، تحقيق محمد اليعلاوي، ط 1، (1991 م)، دار الغرب الإسلامي، لبنان. -مناقب الإمام الشافعي، للإمام الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 هـ‍)، تحقيق أحمد صقر، ط 1، بدون تاريخ، دار التراث، مصر. -المنتظم في تواريخ الملوك والأمم، للإمام الحافظ عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي (ت 597 هـ‍)، تحقيق الدكتور سهيل زكار، ط 1، (1995 م)، دار الفكر، لبنان. -المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي، للعلامة المؤرخ البحّاثة يوسف بن تغري بردي (ت 874 هـ‍)، تحقيق الدكتور محمد محمد أمين ورفاقه، ط 1، (1984 م)، الهيئة العامة للكتاب، مصر. -المهذب، للإمام إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (ت 476 هـ‍)، (1977)، طبعة مصورة لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان. -مواهب القدوس في مناقب العيدروس، للإمام العلامة القاضي محمد بن عمر الحضرمي المعروف ببحرق (ت 930 هـ‍)، بدون تحقيق، مخطوط.

-المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، للإمام العلامة أحمد بن محمد بن أبي بكر القسطلاني (ت 923 هـ‍)، تحقيق صالح أحمد الشامي، ط 1، (1991 م)، المكتب الإسلامي، لبنان. -الموطأ، لإمام المدينة مالك بن أنس بن مالك بن نافع الأصبحي (ت 179 هـ‍)، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ط 1، بدون تاريخ، دار إحياء الكتب العربية لصاحبها عيسى البابي الحلبي، مصر. -ميزان الاعتدال في نقد الرجال، للإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ‍)، تحقيق علي محمد البجاوي، ط 1، (1963 م)، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. -النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، للعلامة المؤرخ البحّاثة يوسف بن تغري بردي (ت 874 هـ‍)، تحقيق مجموعة من الباحثين، ط 1، (1963 م)، دار الكتب المصرية، مصر. -النسب، للإمام القاسم بن سلام (ت 224 هـ‍)، تحقيق مريم محمد خير الدرع، ط 1، (1989 م)، دار الفكر، لبنان. -النسبة إلى المواضع والبلدان، للعلامة المؤرخ عبد الله الطيب بامخرمة الحميري (ت 947 هـ‍)، ط 1، (2004 م)، مركز الوثائق والبحوث، الإمارات العربية المتحدة. -نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للحافظ المؤرخ الأديب أحمد بن محمد بن يحيى المعروف بالمقّري (ت 1041 هـ‍)، تحقيق الدكتور إحسان عباس، ط 1، (1988 م)، دار صادر، لبنان. -النهاية في غريب الحديث والأثر، للإمام الحافظ اللغوي المبارك بن محمد المعروف بابن الأثير (ت 606 هـ‍)، تحقيق محمود الطناحي وطاهر الزاوي، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان. -النور السافر عن أخبار القرن العاشر، للعلامة السيد عبد القادر بن شيخ العيدروس (ت 1038 هـ‍)، تحقيق الدكتور أحمد حالو ومحمود الأرنؤوط وأكرم البوشي، ط 1، (2001 م)، دار صادر، لبنان.

-هجر العلم ومعاقله في اليمن، القاضي إسماعيل بن علي الأكوع، ط 1، (1995 م)، دار الفكر، سورية. -هدية العارفين أسماء المؤلفين وأثار المصنفين من كشف الظنون، لعالم الكتب البحاثة إسماعيل باشا بن محمد أمين بن مير سليم البغدادي (ت 1339 هـ‍)، ط 1، (1364 هـ‍)، طبعة مصورة لدى دار الكتب العلمية، لبنان. -الوافي بالوفيات، للعلامة المؤرخ الأديب صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (ت 764 هـ‍)، تحقيق مجموعة من المحققين، ط 2، (1991 م)، دار فرانز شتاينر، ألمانيا. -وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، للعلامة المؤرخ علي بن عبد الله المعروف بالسيد السّمهودي (ت 911 هـ‍)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ط 4، (1984 م)، طبعة مصورة لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان. -وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، للإمام المؤرخ أحمد بن محمد ابن خلكان (ت 681 هـ‍)، تحقيق الدكتور إحسان عباس، ط 1، (1968 م)، دار صادر، لبنان. -يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر، للعلامة اللغوي عبد الملك بن محمد المعروف بأبي منصور الثعالبي (ت 429 هـ‍)، تحقيق الدكتور مفيد محمد قميحة، دار الكتب العلمية، لبنان. ***

§1/1