قرى الضيف لابن أبي الدنيا

ابن أبي الدنيا

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه

1 - وَأَخْبَرَنَا أَيْضًا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ بُلْبَانَ قَالَا: أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ بَهَاءُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ زَادَ ابْنُ بُلْبَانَ فَقاَلَ: وَأَبُو طَاهِرٍ خَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ خَلِيلٍ الْجَوْسَقِيُّ، وَقَالَ الْحَجَّارُ: أَخْبَرَنَا عَالِيًا خَلِيلٌ الْجَوْسَقِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْجِيلِيُّ إِجَازَةً مِنْهُمَا بِسَمَاعِ الثَّلَاثَةِ مِنْ فَخْرِ النِّسَاءِ شُهْدَةَ بِنْتِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ الْآبُرِيِّ الْكَاتِبَةِ بِسَمَاعِهَا مِنْ أَبِي الْفَوَارِسِ طَرَّادِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّيْنِيِّ النَّقِيبِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ. . . أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْمُعَدِّلُ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مَعًا: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَوْزِيُّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حَدَّثَنَا الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ سُفْيَانَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا الْقُرَشِيُّ، -[17]- حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْأَشْرَسِ بْنِ مَيْمُونٍ،. . . لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ»

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزة الضيف يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام،

2 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَةُ الضَّيْفِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ»

جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، لا يحل لأحد أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه، قيل: وكيف

3 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ» ، قِيلَ: وَكَيْفَ يُؤْثِمُهُ؟ قَالَ: «يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ يَقْرِيهِ»

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه

4 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ»

أول من ضيف الضيف إبراهيم عليه السلام

5 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ §أَوَّلَ مَنْ ضَيَّفَ الضَّيْفَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ»

إبراهيم أول من أضاف الضيف

6 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: كَانَ §إِبْرَاهِيمُ أَوَّلَ مَنْ أَضَافَ الضَّيْفَ

إبراهيم عليه السلام يكنى أبا الضيفان وكان لقصره أربعة أبواب قال أبو أسامة: فزادني معلى بن

7 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كَانَ §إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُكَنَّى أَبَا الضِّيفَانِ وَكَانَ لِقَصْرِهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: فَزَادَنِي مُعَلَّى بْنُ خَالِدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لِكَيْلَا يَفُوتَهُ، يَعْنِي أَحَدًا

ضيف إبراهيم المكرمين} [الذاريات: 24] قال: خدمته إياهم، خدمهم بنفسه

8 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،: -[19]- {§ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات: 24] قَالَ: خِدْمَتُهُ إِيَّاهُمْ، خَدَمَهُمْ بِنَفْسِهِ

إذا أراد أن يتغدى خرج ميلا أو ميلين يلتمس من يتغدى معه

9 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ §إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَغَدَّى خَرَجَ مِيلًا أَوْ مِيلَيْنِ يَلْتَمِسُ مَنْ يَتَغَدَّى مَعَهُ

ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} [الحشر: 9] قال: نزلت في رجل من الأنصار أرسل النبي

10 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {§وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] قَالَ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مَعَهُ ضَيْفًا مِنْ أَضْيَافِهِ، فَأَتَى بِهِ مَنْزِلَهُ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ضَيْفٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ مَا أَمْسَى عِنْدَنَا إِلَّا قُرْصٌ، فَذَلِكَ الْقُرْصُ لِي أَوْ لَكَ أَوِ لِلضَّيْفِ، أَوْ لِلْخَادِمِ، قَالَ: أَثْرِدِي هَذَا الْقُرْصَ، وَآدِمِيهِ بِسَمْنٍ ثُمَّ قَرِّبِيهِ، وَأْمُرِي الْخَادِمَ يُطْفِئُ السِّرَاجَ، وَجَعَلَتْ تَتَلَمَّظُ هِيَ وَهُوَ حَتَّى رَأَى الضَّيْفُ -[20]- أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ، وَأَصْبَحَ فَصَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيْنَ صَاحِبُ الضَّيْفِ؟» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَالرَّجُلُ سَاكِتٌ، قَالَ: أَنَا صَاحِبُ الضَّيْفِ، قَالَ: " حَدَّثَنِي جِبْرِيلُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ ضَحِكَ حِينَ قُلْتَ لِخَادِمِكَ: أَطْفِئِ السَّرَّاجَ، وَنَزَلَتْ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] إِلَى قَوْلِهِ: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 8] "

لقد عجب الله عز وجل البارحة منكم ومن ضيفكم وأنزلت فيه الآية {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان

11 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ، أَن رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَبَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ صَائِمًا لَا يَجِدُ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ، وَيُصْبِحُ صَائِمًا، حَتَّى فَطِنَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَالَ لِأَهْلِهِ: إِنِّي أَجِيءُ اللَّيْلَةَ بِضَيْفٍ، فَإِذَا وَضَعْتُمْ طَعَامَكُمْ فَلْيَقُمْ بَعْضُكُمْ إِلَى السِّرَاجِ كَأَنَّهُ يُصْلِحُهُ، فَلْيُطْفِئْهُ ثُمَّ اضْرِبُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى الطَّعَامِ كَأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ، وَأَنْتُمْ لَا تَأْكُلُونَ حَتَّى يَشْبَعَ ضَيْفُنَا، فَفَعَلُوا وَإِنَّمَا كَانَ طَعَامُهُمْ ذَلِكَ خُبْزَةً وَهِيَ قُوتُهُمْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّىَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا ثَابِتُ، §لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْبَارِحَةَ مِنْكُمْ وَمِنْ ضَيْفِكُمْ» وَأُنْزِلَتْ فِيهِ الْآيَةُ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9]

إذا نزل بنا ضيف، لم نأكل حتى يشبع أو حتى يأكل

12 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ الْمُغِيرَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى السَّرَاةِ، فَلَمَّا صَلَّيْتُ الْمَغْرِبَ جَاءُوا يَدْعُونَنِي إِلَى الْعَشَاءِ، وَجَعَلْتُ لَا أَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ، لَيْسَ لِي هَمٌّ إِلَّا الصَّلَاةُ، فَاحْتَمَلُونِي وَقَالُوا: لَا تَلُمْنَا فَإِنَّا §إِذَا نَزَلَ بِنَا ضَيْفٌ، لَمْ نَأْكُلْ حَتَّى يَشْبَعَ أَوْ حَتَّى يَأْكُلَ

سلي الطارق المعتر يا أم خالد ... إذا ما رأيني بين ناري ومجزري أأبذل وجهي إنه أول القرى

13 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ حَلْبَسٍ، يَقُولُ: بَلَغَ مُعَاوِيَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ دَخَلَهُ حَفَفٌ، وَالْحَفَفُ: الشِّدَّةُ وَالْجَهْدُ مِنْ بَذْلِهِ وَإِعْطَائِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِالْقَصْدِ يُرَغِّبُهُ فِيهِ، وَيَنْهَاهُ عَنِ السَّرَفِ وَيَعِيبُهُ عَلَيْهِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ بَيْتَيْنِ مِنْ شِعْرٍ: [البحر الوافر] لَمَالُ الْمَرْءِ يُصْلِحُهُ فَيُغْنِي ... مَفَاقِرَهُ أَعَفُّ مِنَ الْقُنُوعِ يَسُدُّ بِهِ نَوَائِبَ تَعْتَرِيهِ ... مِنَ الْأَيَّامِ كَالنَّهْلِ الشَّرُوعِ قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: [البحر الطويل] §سَلِي الطَّارِقَ الْمُعْتَرَّ يَا أُمَّ خَالِدٍ ... إِذَا مَا رَأَيْنِي بَيْنَ نَارِي وَمِجْزَرِي أَأَبْذُلُ وَجْهِي إِنَّهُ أَوَّلُ الْقِرَى ... وَأَبْذُلُ مَعْرُوفِي لَهُمْ دُونَ مُنْكَرِي وَقَدْ أَشْتَرِي عِرْضِي بِمَالِي وَمَا عَسَى ... أَخُوكَ إِذَا مَا ضَيَّعَ الْعِرْضَ يَشْتَرِي يُؤَدِّي إِلَى اللَّيْلِ فِتْيَانَ مَاجِدٍ كَرِيمٍ ... وَمَالِي سَارِحٌ مَالُ مُقْتَرِي قَالَ: فَأُعْجِبَ مُعَاوِيَةُ بِمَا كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ وَأَمَرَ لَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ عَوْنًا لَهُ عَلَى دَيْنِهِ

إنك يا ابن جعفر نعم الفتى ... ونعم مأوى طارق إذا أتى ورب ضيف طرق الحي سرى ... صادف زادا

14 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرَيْبٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنِي عَمِّي، حَدَّثَنَا خَلَفٌ الْأَحْمَرُ، قَالَ: قَالَ الشَّمَّاخُ بْنُ ضِرَارٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: -[23]- [البحر الرجز] §إِنَّكَ يَا ابْنَ جَعْفَرٍ نِعْمَ الْفَتَى ... وَنِعْمَ مَأْوَى طَارِقٍ إِذَا أَتَى وَرَبُّ ضَيْفٍ طَرَقَ الْحَيَّ سُرًى ... صَادَفَ زَادًا وَحَدِيثًا مَا اشْتَهَى إِنَّ الْحَدِيثَ جَانِبٌ مِنَ الْقِرَى " قَالَ خَلَفٌ: وَمِنَ سُنَّةِ الْأَعْرَابِ إِذَا حَادَثُوا الْغَرِيبَ وَنَهِمُوا إِلَيْهِ وَفَاكَهُوهُ أَيْقَنَ بِالْقِرَى، وَإِذَا أَعْرَضُوا عَنْهُ أَيْقَنَ بِالْحِرْمَانِ، فَمِنْ ثُمَّ قِيلَ: إِنَّ الْحَدِيثَ جَانِبٌ مِنَ الْقِرَى

ابغوني شفرة، فناولناه الشفرة، فوجأ في لبتها، وقال: شأنكم، قال: وأقمنا اليوم الثاني، وإذا

15 - وَزَعَمَ الْعَبَّاسُ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ بُدَيْحٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَنَزَلْنَا إِلَى جَانِبِ خِبَاءٍ مِنْ شَعْرٍ قَالَ: وَإِذَا صَاحِبُ الْخِبَاءِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذَا نَحْنُ بِأَعْرَابِيٍّ قَدْ أَقْبَلَ يَسُوقُ نَاقَةً حَتَّى وَقَفَ عَلَيْنَا ثُمَّ قَالَ: أَيْ قَوْمُ، §ابْغُونِي شَفْرَةً، فَنَاوَلْنَاهُ الشَّفْرَةَ، فَوَجَأَ فِي لَبَّتِهَا، وَقَالَ: شَأْنَكُمْ، قَالَ: وَأَقَمْنَا الْيَوْمَ الثَّانِي، وَإِذَا نَحْنُ بِالشَّيْخِ الْعُذْرِيِّ يَسُوقُ نَاقَةً أُخْرَى فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ أَبْغُونِي شَفْرَةً، قَالَ: فَقُلْنَا: إِنَّ عِنْدَنَا مِنَ اللَّحْمِ مَا تَرَى، قَالَ: فَقَالَ: أَبِحَضْرَتِي تَأْكُلُونَ الْغَابَ؟، نَاوِلُونِي شَفْرَةً، فَنَاوَلْنَاهُ الشَّفْرَةَ فَوَجَأَ فِي لَبَّتِهَا، ثُمَّ قَالَ: شَأْنَكُمْ بِهَا، وَبَقِينَا الْيَوْمَ الثَّالِثَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالْعُذْرِيِّ يَسُوقُ نَاقَةً أُخْرَى حَتَّى -[24]- وَقَفَ عَلَيْنَا، فَقَالْ: أَيْ قَوْمُ، أَبْغُونِي شَفْرَةً، قَالَ: قُلْنَا: إِنَّ مَعَنَا مِنَ اللَّحْمِ مَا تَرَى، فَقَالَ: أَبِحَضْرَتِي تَأْكُلُونَ الْغَابَ؟، إِنِّي لَأَحْسَبُكُمْ قَوْمًا لِئَامًا، نَاوِلُونِي الشَّفْرَةَ، فَنَاوَلْنَاهُ الشَّفْرَةَ فَوَجَأَ فِي لَبَّتِهَا، ثُمَّ قَالَ: شَأْنَكُمْ بِهَا، قَالَ: وَأَخَذْنَا فِي الرَّحِيلِ، فَقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ لِخَازِنِهِ: مَا مَعَكَ؟، قَالَ: رِزْمَةُ ثِيَابٍ، وَأَرْبَعُ مِائَةِ دِينَارٍ، قَالَ: اذْهَبْ بِهَا إِلَى الشَّيْخِ الْعُذْرِيِّ، قَالَ: فَذَهَبَ بِهَا فَإِذَا جَارِيَةٌ فِي الْخِبَاءِ، فَقَالَ: يَا هَذِهِ خُذِي هَدِيَّةَ ابْنِ جَعْفَرٍ، قَالَتْ: إِنَّا قَوْمٌ لَا نَقْبَلُ عَلَى قِرًى أَجْرًا، قَالَ: فَجَاءَ إِلَى ابْنِ جَعْفَرٍ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: عُدْ إِلَيْهَا، فَإِنْ هِيَ قَبِلَتْ، وَإِلَّا فَارْمِ بِهَا عَلَى بَابِ الْخَيْمَةِ، فَعَاوَدَهَا، فَقَالَتِ: اذْهَبْ عَنَّا بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، فَإِنَّا قَوْمٌ لَا نَقْبَلُ عَلَى قِرَانَا أَجْرًا، فَوَاللَّهِ لَئِنْ جَاءَ شَيْخِي فَرَآكَ هَاهُنَا، لَتَلْقَيَنَّ مِنْهُ أَذًى، قَالَ: فَرَمَى بِالرِّزْمَةِ وَالصُّرَّةِ عَلَى بَابِ الْخِبَاءِ، ثُمَّ ارْتَحَلْنَا فَمَا سِرْنَا إِلَّا قَلِيلًا إِذَا نَحْنُ بِشَيْءٍ يَرْفَعُهُ السَّرَابُ مَرَّةً وَيَضَعُهُ أُخْرَى فَلَمَّا دَنَا مِنَّا إِذَا نَحْنُ بِالشَّيْخِ الْعُذْرِيِّ وَمَعَهُ الصُّرَّةُ وَالرِّزْمَةُ، فَرَمَى بِذَلِكَ إِلَيْنَا ثُمَّ وَلَّى مُدْبِرًا، فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ فِي قَفَاهُ هَلْ يَلْتَفِتُ؟ فَهَيْهَاتَ، قَالَ: فَكَانَ ابْنُ جَعْفَرٍ يَقُولُ: مَا غَلَبَنَا بِالسَّخَاءِ إِلَّا الشَّيْخُ الْعُذْرِيُّ

إلي بوأك الله مساكن الأبرار، قال: فأعجب بمنطقها، فتحول إلى باب الخيمة، فألقت له وسادة من

16 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا الْفَيَّاضُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَاجًّا حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ تَقَدَّمَ ثِقْلَهُ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ فَانْتَهَى إِلَى أَعْرَابِيَّةٍ جَالِسَةٍ عَلَى بَابِ -[25]- الْخَيْمَةِ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ يَنْتَظِرُ أَصْحَابَهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَدْ نَزَلَ قَامَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: §إِلَيَّ بَوَّأَكَ اللَّهُ مَسَاكِنَ الْأَبْرَارِ، قَالَ: فَأُعْجِبَ بِمَنْطِقِهَا، فَتَحَوَّلَ إِلَى بَابِ الْخَيْمَةِ، فَأَلْقَتْ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ، فَجَلَسَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ إِلَى عُنَيْزَةٍ لَهَا فِي كُسَرِ الْخَيْمَةِ، فَمَا شَعَرَ حَتَّى قَدَّمَتْ مِنْهَا عُضْوًا فَجَعَلَ يَنْهَسُ، وَأَقْبَلَ أَصْحَابُهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ نَزَلُوا، فَأَتَتْهُمْ بِالَّذِي بَقِيَ عِنْدَهَا مِنَ الْعَنْزِ، فَطَعِمُوا، وَأَخْرَجُوا سُفَرَهُمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: مَا بِنَا إِلَى طَعَامِكُمْ مِنْ حَاجَةٍ سَائِرَ الْيَوْمِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْتَحِلَ دَعَا مَوْلَاهُ الَّذِي كَانَ يَلِي نَفَقَتَهُ، فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ مِنْ نَفَقَتِنَا شَيْءٌ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَكَمْ هِيَ؟، قَالَ: أَلْفُ دِينَارٍ، قَالَ: أَعْطِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ، وَاحْتَبِسْ لِنَفْسِكَ مَا يَبْقَى، قَالَ: فَدَفَعَهُ إِلَيْهَا، فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ، فَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ يُكَلِّمُهَا وَهِيَ تَقُولُ: إِنِّي وَاللَّهِ أَكْرَهُ عَذْلَ بَعْلِي، فَطَلَبَ إِلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى قَبِلَتْ، فَوَدَّعَهَا وَارْتَحَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنِ اسْتَقْبَلَهُ أَعْرَابِيُّ يَسُوقُ إِبِلًا لَهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا أُرَاهُ إِلَّا الْمَحْذُورَ، فَلَوِ انْطَلَقَ بَعْضُكُمْ فَعَلِمَ لَنَا عِلْمَهُ ثُمَّ لَحِقَنَا، فَانْطَلَقَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ رَاجِعًا مُتَنَكِّرًا حَتَّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنْهُ، فَلَمَّا أَبْصَرْتِ الْمَرْأَةُ الْأَعْرَابِيَّ مُقْبِلًا قَامَتْ إِلَيْهِ تَغْدَاهُ، وَتَقُولُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي: [البحر الطويل] تَوَسَّمْتُهُ لَمَّا رَأَيْتُ مَهَابَةً ... عَلَيْهِ فَقُلْتُ الْمَرْءُ مِنْ آلِ هَاشِمِ وَإِلَّا فَمِنْ آلِ الْمُرَارِ فَإِنَّهُمْ ... مُلُوكُ مُلُوكٍ مِنْ مُلُوكٍ أَعَاظِمِ فَقُمْتُ إِلَى عَنْزٍ بَقِيَّةِ أَعْنُزٍ ... فَأَذْبَحُهَا فِعْلَ امْرِئٍ غَيْرِ نَادِمِ فَعَوَّضَنِي عَنْهَا غِنَايَ وَلَمْ تَكُنْ ... تُسَاوِي لَحْمُ الْعَنْزِ خَمْسَ دَرَاهِمِ بِخَمْسٍ مِئِينَ مِنْ دَنَانِيرَ عُوِّضَتْ ... مِنَ الْعَنْزِ مَا جَادَتْ بِهِ كَفُّ آدَمِ -[26]- فَأَظْهَرَتْ لَهُ الدَّنَانِيرَ وَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ: بِئْسَ لَعَمْرُ اللَّهِ مَعْقِلُ الْأَضْيَافِ أَنْتِ، أَبِعْتِ مَعْرُوفَكِ بِمَا أَرَى مِنَ الْأَحْجَارِ؟، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنِّي قَدْ كَرِهْتُ ذَلِكَ وَخِفْتُ الْعَذْلَ، فَقَالَ: يَا هَذِهِ لَمْ تخافِي الْعَارَ، وَخِفْتِ عَذْلَكِ؟، كَيْفَ أَخَذَ الرَّاكِبُ؟، فَأَشَارَتْ لَهُ إِلَى الطَّرِيقِ، قَالَ: وَهَذَا بِعَيْنِ الرَّجُلِ الَّذِي أَرْسَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ: أَسْرِجِي لِي فَرَسِي، قَالَتْ: تَصْنَعُ مَاذَا؟ قَالَ: أَلْحَقُ الْقَوْمَ فَإِنْ سَلَّمُوا إِلَيَّ مَعْرُوفِي، وَإِلَّا حَارَبْتُهُمْ، قَالَتْ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَفْعَلَ فَتَسُوءَهُمْ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا ضَرْبًا وَقَالَ: رَكَنْتِ إِلَى إمْحَاقَ الْمَعْرُوفِ، قَالَ: وَرَكِبَ فَرَسَهُ وَأَخَذَ رُمْحَهُ فَجَعَلَ الرَّجُلُ صَاحِبُ عَبْدِ اللَّهِ يَسِيرُ مَعَهُ وَيَقُولُ: مَا أَرَاكَ تُدْرِكُ الْقَوْمَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُمْ وَلَوْ بَلَغُوا كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَهٍ، قَالَ: عَلَى رِسْلِكَ أَدْرِكِ الْقَوْمَ، وَأَخْبِرْهُمْ خَبَرَكَ، فَتَقَدَّمَ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَانَتْ حَذِرَةً مِنَ الْمَشْئُومِ، قَالَ: وَرَهَقَهُمْ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ جَعْفَرٍ، وَأَخْبَرَهُ بِحُسْنِ صَنِيعِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ ذَلِكَ بِتَمَامِهِ، فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ وَسَأَلَهُ فَيَأْبَى، فَأَبَى الْأَعْرَابِيُّ إِلَّا رَدَّهَا، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ ذَلِكَ قَالَ: لِنَنْظُرْ مَا عِنْدَهُ، مَا نُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْنَا شَيْءٌ قَدْ أَمْضَيْنَاهُ، قَالَ: فَقَامَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، فَتَنَحَّى، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَرَكِبَ فَرَسَهُ وَأَخْرَجَ قَوْسَهُ وَنَبْلَهُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ؟، فَقَالَ: اسْتَخَرْتُ فِيهِمَا رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي مُحَارَبَتِكُمْ، قَالَ: فَعَلَامَ عَزَمَ لَكَ مِنْ ذَلِكَ؟، قَالَ: عَزَمَ لِي عَلَيْهِ رُشْدًا أَنْ تَرْتَجِعُوا أَحْجَارَكُمْ وَتُسْلِمُوا لَنَا مَعْرُوفَنَا قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: نَفْعَلُ، فَأَمَرَ بِالدَّنَانِيرِ فَقُبِضَتْ، فَوَلَّى الْأَعْرَابِيُّ مُنْصَرِفًا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَّا نُزَوِّدُكَ طَعَامًا؟، قَالَ: الْحَيُّ قَرِيبٌ، فَهَلْ مِنْ -[27]- حَاجَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَا هِيَ؟، قَالَ: الْمَرْأَةُ تُخْبِرُهَا بِسُوءِ فِعْلِكَ بِنَا، فَاسْتَضْحَكَ الْأَعْرَابِيُّ وَوَلَّى مُنْصَرِفًا، فَقَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَحَدَّثَهُ حَدِيثَ الْأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ يَزِيدُ: مَا سَمِعْتُ بِأَعْجَبَ مِنْ هَذَا

فجاء بناقة، فضرب عرقوبيها، ثم قال: دونكم، فانحروها، قال: فنحرناها فأصبنا من أطيابها، فلما

17 - أَخْبَرَنِي أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ: تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ فِي حَالِ رَجُلٍ رَأَيْتُهُ، أَقْبَلْنَا مِنَ الشَّامِ فَإِذَا نَحْنُ بِخِبَاءٍ، فَقُلْنَا: لَوْ نَزَلْنَا هَاهُنَا، فَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْخِبَاءِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ رَجُلٌ بِذَوْدٍ لَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَتْ: قَوْمٌ نَزَلُوا بِكَ، §فَجَاءَ بِنَاقَةٍ، فَضَرَبَ عُرْقُوبَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: دُونَكُمْ، فَانْحَرُوهَا، قَالَ: فَنَحَرْنَاهَا فَأَصَبْنَا مِنْ أَطْيَابِهَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ بِأُخْرَى، فَضَرَبَ عُرْقُوبَيْهَا، وَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ، انْحَرُوهَا، قَالَ: فَنَحَرْنَاهَا، فَقُلْنَا: اللَّحْمُ عِنْدَنَا كَمَا هُوَ، قَالَ: إِنَّا لَا نُطْعِمُ أَضْيَافَنَا الْغَابَ، قَالَ: فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ إِنْ أَقَمْنَا عِنْدَهُ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ بَعِيرٌ، فَارْتَحِلُوا بِنَا، وَقُلْتُ لِقَيِّمِي: اجْمَعْ مَا عِنْدَكَ، قَالَ: لَيْسَ إِلَّا أَرْبَعُ مِائَةِ دِرْهَمٍ، قُلْتُ: هَاتِهَا وَهَاتِ كِسْوَتِي، فَجَمَعْنَاهَا، فَقُلْتُ: بَادِرُوهُ، فَدَفَعْنَاهُ إِلَى امْرَأَتِهِ ثُمَّ سِرْنَا، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ رَأَيْنَا شَخْصًا، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟، قَالُوا: لَا نَدْرِي، فَدَنَا فَإِذَا رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ يَجُدُّ رُمْحَهُ، فَإِذَا صَاحِبُنَا، فَقُلْتُ: وَاسَوْأَتَاهُ، اسْتَقَلَّ وَاللَّهِ مَا أَعْطَيْنَاهُ، قَالَ: فَدَنَا فَقَالَ: دُونَكُمْ، مَتَاعَكُمْ فَخُذُوهُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، وَلَقَدْ جَمَعْنَا مَا كَانَ عِنْدَنَا، قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَمْ أَذْهَبْ حَيْثُ تَذْهَبُونَ فَخُذُوهُ، قُلْنَا: فَلَا نَأْخُذُهُ، قَالَ: وَاللَّهِ لَأَمِيلَنَّ عَلَيْكُمْ بِرُمْحِي مَا بَقِيَ مِنْكُمْ رَجُلٌ أَوْ تَأْخُذُوهُ، قَالَ: فَأَخَذْنَاهُ -[28]- فَوَلَّى وَقَالَ: إِنَّا قَوْمٌ لَا نَبِيعُ الْقِرَى

كان قيس بن سعد يستدين ويطعمهم، فقال أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما: إن تركنا هذا الفتى

18 - وَأَخْبَرَنِي أَبُو زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: §كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ يَسْتَدِينُ وَيُطْعِمُهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنْ تَرَكْنَا هَذَا الْفَتَى أَهْلَكَ مَالَ أَبِيهِ، فَمَشَيْنَا فِي النَّاسِ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِأَصْحَابِهِ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ خَلْفَهُ فَقَالَ: مَنْ يَعْذِرُنِي مِنِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ وَابْنِ الْخَطَّابِ، يُبَخِّلَانِ عَلَيَّ ابْنِي؟

إنه في بيت جود يعني في غزوة الخبط

19 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْأَسْلَمِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: أَقْبَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَالَ لِقَيْسِ بْنُ سَعْدٍ: عَزَّمْتُ عَلَيْكَ أَلَّا تَنْحَرَ، فَلَمَّا نَحَرَ وَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِنَّهُ فِي بَيْتِ جُودٍ» يَعْنِي فِي غَزْوَةِ الْخَبَطِ

إذا أمسوا انطلق الرجل بالرجل، والرجل بالرجلين، والرجل بالخمسة، فأما سعد بن عبادة فإنه كان

20 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: -[29]- كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ §إِذَا أَمْسَوُا انْطَلَقَ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ، وَالرَّجُلُ بِالرَّجُلَيْنِ، وَالرَّجُلُ بِالْخَمْسَةِ، فَأَمَّا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَإِنَّهُ كَانَ يَنْطَلِقُ بِثَمَانِينَ كُلَّ لَيْلَةٍ "

اللهم ارزقني مالا أستعين به على فعالي، فإنه لا يصلح الفعال إلا المال

21 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ جَفْنَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ، تَدُورُ مَعَهُ أَيْنَمَا دَارَ مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ قَالَ: «§اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي مَالًا أَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى فِعَالِي، فَإِنَّهُ لَا يُصْلِحُ الْفِعَالَ إِلَّا الْمَالُ»

من أحب شحما ولحما فليأت سعد بن عبادة، ثم أدركت ابنه بمثل ذلك يدعو به

22 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَهُوَ عَلَى أُطُمِهِ وَهُوَ يُنَادِي: §مَنْ أَحَبَّ شَحْمًا وَلَحْمًا فَلْيَأْتِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، ثُمَّ أَدْرَكْتُ ابْنَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ يَدْعُو بِهِ "

من أراد الشحم واللحم فليأت دار دليم، فمات دليم فنادى منادي عبادة مثل ذلك، ثم مات عبادة

23 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَرَّ بِي ابْنُ عُمَرَ عَلَى هَذِهِ الْأُطُمِ يُخْبِرُ ابْنَ سَعْدٍ، قَالَ: يَا نَافِعُ هَذَا أُطُمُ دُلَيْمٌ -[30]- جَدُّهُ، وَكَانَ مُنَادِيهِ يُنَادِي يَوْمًا فِي كُلِّ حَوْلٍ: §مَنْ أَرَادَ الشَّحْمَ وَاللَّحْمَ فَلْيَأْتِ دَارَ دُلَيْمٍ، فَمَاتَ دُلَيْمٌ فَنَادَى مُنَادِي عُبَادَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَاتَ عُبَادَةُ فَنَادَى مُنَادِي سَعْدٍ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَدْ رَأَيْتُ قَيْسَ بْنَ عُبَادَةَ وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ "

لأهدينها إلى الكعبة فكان يهديها

24 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُظَفَّرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، أَنَّ دُلَيْمًا، كَانَ يُهْدِي إِلَى مَنَاةَ، يَعْنِي صَنَمًا، كُلَّ عَامٍ عَشْرَ بَدَنَاتٍ ثُمَّ كَانَ عُبَادَةُ يُهْدِيهَا، ثُمَّ كَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَلَمَّا كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ: §لَأُهْدِيَنَّهَا إِلَى الْكَعْبَةِ فَكَانَ يُهْدِيهَا "

كل العرب أجود مني، ثم أنشأ يحدث قال: نزلت على غلام من العرب يتيم ذات ليلة، وكانت له مائة

25 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِحَاتِمٍ: هَلِ فِي الْعَرَبِ أَجْوَدُ مِنْكَ؟، قَالَ: §كُلُّ الْعَرَبِ أَجْوَدُ مِنِّي، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ قَالَ: نَزَلْتُ عَلَى غُلَامٍ مِنَ الْعَرَبِ يَتِيمٍ ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ مِائَةٌ مِنَ الْغَنَمِ، فَذَبَحَ لِي مِنْهَا شَاةً، وَأَتَانِي بِهَا فَلَمَّا قَرَّبَ إِلَيَّ دِمَاغَهَا، قُلْتُ: مَا أَطْيَبَ هَذَا الدِّمَاغَ، قَالَ: فَذَهَبَ فَلَمْ يَزَلْ يَأْتِينِي مِنْهُ، حَتَّى قُلْتُ: قَدِ اكْتَفَيْتُ، قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْنَا فَإِذَا هُوَ قَدْ ذَبَحَ الْمِائَةَ شَاةٍ، وَأَبْقَى لَا شَيْءَ لَهُ، قَالَ الرَّجُلُ: فَقُلْتُ لَهُ: مَا صَنَعْتَ بِهِ؟، قَالَ: وَمَتَى أَبْلُغُ شُكْرَهُ وَلَوْ صَنَعْتُ بِهِ كُلَّ شَيْءٍ؟، قَالَ: عَلَى ذَاكَ، قَالَ: أَعْطَيْتُهُ مِائَةَ نَاقَةٍ مِنْ خِيَارِ إِبِلِي

العرب تضيف أحسن ما يكون من الضيافة، فنبحه كلب، فقصد نحوه، حتى انتهى إلى الكلب، فخرج الكلب

26 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، -[31]- حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ رَجُلًا ضَلَّ فَعَوَى لِتَنْبَحَهُ الْكِلَابُ، كَانَتِ §الْعَرَبُ تُضَيِّفُ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الضِّيَافَةِ، فَنَبَحَهُ كَلْبٌ، فَقَصَدَ نَحْوَهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْكَلْبِ، فَخَرَجَ الْكَلْبُ يَسْعَى بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي بِهِ مَوْلَاهُ، فَإِذَا شَيْخٌ بِفِنَائِهِ، يَنْتَظِرُ مَا يَجِيءُ بِهِ الْكَلْبُ، فَلَمَّا رَآهُ رَحَّبَ بِهِ، وَأَوْقَدَ نَارًا وَذَبَحَ لَهُ، فَأَكَلَ ثُمَّ حَلَبَ لَهُ فَشَرِبَ، فَلَمَّا شَبِعَ وَرَوِيَ وَدَّ فِي مَنَامٍ فَعَمَدَ إِلَى كِسَاءٍ لَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ، وَقَعَدَ الشَّيْخُ يُوقِدُ، فَخَرَجَتِ ابْنَةٌ لِلشَّيْخِ كَالشَّمْسِ فَرَفَعَ الضَّيْفُ رَأْسَهُ فَرَآهَا فَقَالَ الشَّيْخُ: نَمْ، قَالَ: النَّوْمُ لَا يَأْخُذُنِي مَا دُمْتَ قَاعِدًا فَقَامَ الشَّيْخُ وَأَطْفَأَ النَّارَ، فَلَمَّا غَطَّ، قَامَ الضَّيْفُ إِلَى الْجَارِيَةِ فَأَخَذَ بِقَدَمِهَا، قَالَتْ: يَا أَبَتِ، قَالَ: لَبَّيْكِ، فَقَامَ فَرَأَى الْكَلْبَ رَابِضًا وَالْبُهْمَ عَلَى حَالِهَا، وَقَالَتِ: الْكَلْبُ، وَرَجَعَ الضَّيْفُ إِلَى مَضْجَعِهِ، فَدَخَلَ الشَّيْخُ وَقَالَ: نَامِي لَا بَأْسَ عَلَيْكِ، فَنَامَتْ وَعَاوَدَ الشَّيْخُ النَّوْمَ، فَقَالَ الضَّيْفُ: فَزِعَتْ، وَلَوْ عَلِمَتْ لَمْ تَصِحْ، فَعَادَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِقَدَمِهَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَتِ، قَالَ: لَبَّيْكِ، قَالَتِ: الْبُهْمُ، فَصَنَعَ مِثْلَ صُنْعِهِ الْأَوَّلِ، وَصَنَعَ الضَّيْفُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ الضَّيْفُ فِي نَفْسِهِ: فَزِعَتْ وَأَنَا وَاللَّهِ مِوَاقِعُهَا عَلَى مَا خُيِّلَتْ، فَقَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِقَدَمِهَا فَقَالَتْ: يَا أَبَتِ، قَالَ: لَبَّيْكِ، مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتِ: الضَّيْفُ، فَقَعَدَ الشَّيْخُ، وَرَجَعَ الضَّيْفُ إِلَى مَضْجَعِهِ، فَنَكَّسَ الشَّيْخُ طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّةُ، أَمَا تَحْمَدِينَ رَبَّكِ إِذَا بَاتَ ضَيْفُكِ شَبْعَانَ رَيَّانَ دَفْآنَ لَا هِمَّةَ لَهُ إِلَّا لِلْبَاهِ فَبَاتَ يَحْرُسُهَا حَتَّى أَصْبَحَ فَفَارَقَهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ إِلَيْهِ شَيْءٌ "

لقد مكثت سنة ما أنام بليل حتى أصبح، ولا رأيت نارا رفعت بليل إلا ظننت أن نفسي ستخرج، أذكر

27 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْأَسْلَمِيِّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِمُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ: مَا بَلَغَ مِنْ جَزَعِكَ عَلَى أَخِيكَ؟، قَالَ: §لَقَدْ مَكَثْتُ سَنَةً مَا أَنَامُ بِلَيْلٍ حَتَّى أُصْبِحُ، وَلَا رَأَيْتُ نَارًا رُفِعَتْ بِلَيْلٍ إِلَّا ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسِي سَتَخْرُجُ، أْذُكُرُ بِهَا نَارَ أَخِي أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالنَّارِ فَتُوقَدُ حَتَّى يُصْبِحَ مُنَحَافَةَ أَنْ يَبِيتَ ضَيْفٌ قَرِيبًا مِنْهُ، فَمَتَى يَرَ النَّارَ يَأْوِ إِلَى الرَّجُلِ، وَهُوَ بِالضَّيْفِ يَأْتِي مُتَهَجِّدًا أَسَوَّ مِنَ الْقَوْمِ يَقْدَمُ عَلَيْهِمُ الْقَادِمُ لَهُمْ مِنَ السَّفَرِ الْبَعِيدِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَكْرِمْ بِهِ "

أتعب الناس آبي اللحم الغفاري حيث يقول: [البحر الطويل] لقد علمت عرسي قتيلة أنني ... طويل

28 - حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُمَرَ أَبِي سَلَمَةَ الْغِفَارِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: §أَتْعَبُ النَّاسِ آبِي اللَّحْمِ الْغِفَارِيُّ حَيْثُ يَقُولُ: [البحر الطويل] لَقَدْ عَلِمَتْ عِرْسِي قُتَيْلَةُ أَنَّنِي ... طَوِيلٌ سَنَا نَارِي بَعِيدٌ خُمُودُهَا أُدَاخِلُ بِبَيْتِي بِالْفَلَاةِ فَلَمْ أَجِدْ ... سِوَى مُثْبِتِ الْأَوْتَادِ شَبَّ وَقُودُهَا إِذَا لَمْ تَجِدْ إِلَّا الْكَرِيمَةَ لِلْقِرَى ... فَرِدْ نَفْسَهَا إِنَّ الْمَنَايَا تُرِيدُهَا " قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: وَزَعَمَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: أَيُّ أَبْيَاتِ الْعَرَبِ أَكْرَمُ؟ -[33]- فَأَنْشَدَ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتُمْ شَيْئًا، أَكْرَمُ أَبْيَاتِ الْعَرَبِ هَذِهِ

وكلما رفعت صحفة وضعت على دكان في الدار حتى فرغوا فتح الباب، فأدخل من كان من مسكين وغيره،

29 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرَيْبٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنِي عَمِّي، حَدَّثَنِي صَقرُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: كَانَتْ مَائِدَةُ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ عَشْرَةَ قَفِيزًا بِمَا يُصْلِحُهَا مِنَ اللَّحْمِ وَالْحَلْوَى وَغَيْرِ ذَلِكَ، «§وَكُلَّمَا رُفِعَتْ صَحْفَةٌ وُضِعَتْ عَلَى دُكَّانٍ فِي الدَّارِ حَتَّى فَرَغُوا فَتَحَ الْبَابَ، فَأُدْخِلَ مَنْ كَانَ مِنْ مِسْكِينٍ وَغَيْرِهِ، فَأَكَلُوا، وَلَا يُرْفَعُ مِنْهُ شَيْءٌ»

فما يقوم أحد من عنده إلا وهو كظيظ

30 - وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَاهَانَ، مَوْلَى الْكُرَيْزَيْنِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْأَعْلَى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَغَدَّى وَاجْتَمَعَ مَنْ يُرِيدُ مِنْ أَصْحَابِهِ دَعَا بِالْغَدَاءِ فَقَالَ: كُلُوا، وَتَشَاغَلَ هُوَ، وَاسْتَلْقَى وَنَظَرَ إِلَى السَّقْفِ حَتَّى يُقَارِبَ فَرَاغَهُمْ، ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَقُولُ: أَعِدْ عَلَيَّ، فَيَسْتَقْبِلُونَ الْأَكْلَ، §فَمَا يَقُومُ أَحَدٌ مِنْ عِنْدِهِ إِلَّا وَهُوَ كَظِيظٌ "

إذا أمعن القوم حسر عن ذراعيه وخوى تخوية الظليم واستأنف الأمر استئنافا قال محمد: قال أبي:

31 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ: حَدَّثَنِي بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ السُّلَمِيُّ، قَالَ: قَالَ بِلَالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ لِلْجَارُودِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ الْهُذَلِيِّ: أَتَانِي صَدِيقُكَ الْيَوْمَ، يَعْنِي عَبْدَ الْأَعْلَى، قَالَ: نَعَمْ، فَتَصْنَعُونَ مَاذَا؟ قَالَ: نَأْتِيهِ وَهُوَ مُتَصَبِّحٌ فَإِذَا أَذِنَ لَنَا فَإِنْ حَدَّثْنَاهُ أَحْسَنَ الِاسْتِمَاعَ وَإِنْ سَكَتْنَا -[34]- سَاقَطَنَا أَحْسَنَ الْحَدِيثِ، فَإِذَا كَانَ غَدَاؤُهُ مَثُلَ خَبَّازُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اخْبِزْ لِلْقَوْمِ مَا عِنْدَكَ، فَقَالَ بِلَالٌ: وَمَا يُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ قَالَ: يُرِيدُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ لِمَا يُشْتَهَى، فَإِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ وَقَدْ عَهِدَ إِلَى كِنَانَةِ نَبَاتِهِ إِلَّا تَلَطَّفْنَهُ لُطْفًا إِلَى حِينِ تُوضَعُ مَائِدَتُهُ فَيُعْذَرُ، حَتَّى §إِذَا أَمْعَنَ الْقَوْمُ حَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ وَخَوَى تَخْوِيَةَ الظَّلِيمِ وَاسْتَأْنَفَ الْأَمْرَ اسْتِئْنَافًا قَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ أَبِي: كَانَ يَقُولُ: يَا أَبَا الزَّرْقَاءِ خُبْزَنَا، يَا أَبَا الزَّرْقَاءِ خُبْزًا، قَالَ: وَأَبُو الزَّرْقَاءِ خَبَّازُهُ

رهقتك الجمعة؟، قال: قميصي يجف، قلت: وما لك إلا قميص واحد؟، قال يزيد: ما له إلا قميص،

32 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ مِنَ السَّلَفِ جَالِسٍ عَلَى بَابِ دَارِهِ وَصَرْحَةُ دَارِهِ مَمْلُوءَةٌ مَوَائِدَ عَلَيْهَا النَّاسُ يَتَغَدَّوْنَ، فَقُلْتُ لَهُ: §رَهَقَتْكَ الْجُمُعَةُ؟، قَالَ: قَمِيصِي يَجِفُّ، قُلْتُ: وَمَا لَكَ إِلَّا قَمِيصٌ وَاحِدٌ؟، قَالَ يَزِيدُ: مَا لَهُ إِلَّا قَمِيصٌ، وَصَرْحَةُ دَارِهِ مَمْلُوءَةٌ مَوَائِدَ

أمر أبو قفاص بمساكين الحي فنصبت لهم الموائد، فأجلسوا عليها، وقام أبو قفاص وولده عليهم حتى

33 - وَدَفَعَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ كِتَابَهُ فِيهِ بِخَطِّهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْخَلَّالِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ الْهَدَادِيُّ، عَنْ صَالِحٍ الدَّهَّانِ، قَالَ: دَعَانَا أَبُو قُفَاصٍ الْيَحْمَدِيُّ وَمَعَنَا جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، فَلَمَّا وُضِعَتِ الْمَوَائِدُ، قَالَ جَابِرٌ: يَا أَبَا قُفَاصٍ، قَدْ عَظُمَتْ عِنْدَكَ النِّعْمَةُ فَاسْتَقْبَلْ بِشُكْرٍ، قَالَ: فَلَمَّا -[35]- فَرَغْنَا مِنَ الْغَدَاءِ، §أَمَرَ أَبُو قُفَاصٍ بِمَسَاكِينِ الْحَيِّ فَنُصِبَتْ لَهُمُ الْمَوَائِدُ، فَأُجْلِسُوا عَلَيْهَا، وَقَامَ أَبُو قُفَاصٍ وَوَلَدُهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى فَرَغُوا فَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا قُفَاصٍ فِيمَا أَنْعَمَ عَلَيْكَ وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَعَلَكَ إِلَى فِيمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ "

يجلس بفناء داره وينصب مائدته، فلا يجوز أحد إلا أجلسه معه

34 - وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا دُرُسْتُ الْقَزَّازُ، قَالَ: كَانَ أَبُو قُفَاصٍ الْيَحْمَدِيُّ §يَجْلِسُ بِفِنَاءِ دَارِهِ وَيَنْصِبُ مَائِدَتَهُ، فَلَا يَجُوزُ أَحَدٌ إِلَّا أَجْلَسَهُ مَعَهُ "

ما ساد منا إلا سخي على الطعام

35 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، يَقُولُ «§مَا سَادَ مِنَّا إِلَّا سَخِيٌّ عَلَى الطَّعَامِ»

إنى لأطعم كل يوم ستة وثلاثين ألفا من الأعراب من تمر وسويق

36 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ نُوحٍ مَوْلًى لِأُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدًا الْقَسْرِيَّ، عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ «§إِنَّى لَأُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ سِتَّةَ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا مِنَ الْأَعْرَابِ مِنْ تَمْرٍ وَسَوِيقٍ»

فقام إلى فرسه فوجأ بحربته في لبته، ثم قدح زنده وأورى ناره، ثم جاء بمدية فكشط عن جلده ثم

37 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيِّ، عَنْ مِلْحَانِ بْنِ عَرَكِيِّ بْنِ حَلْبَسٍ الطَّائِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَكَانَ أَخَا عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ لِأُمِّهِ قَالَ: -[36]- قِيلَ لِلنَّوَارِ امْرَأَةِ حَاتِمٍ: حَدِّثِينَا عَنْ حَاتِمٍ، قَالَتْ: " كُلُّ أَمْرِهِ كَانَ عَجَبًا، أَصَابَتْنَا سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ، فَاقْشَعَرَّتْ لَهَا الْأَرْضُ وَاغْبَرَّتْ لَهَا السَّمَاءُ وَخَنَتِ الْمَرَاضِعُ عَلَى أَوْلَادِهَا، وَرَاحَتِ الْإِبِلُ جَدْبَاءَ حَدَابِيرَ مَا تَبِضُّ بِقَطْرَةٍ، وَجَلَفَ الْمَالُ، فَإِنَّا فِي لَيْلَةِ صَنْبَرَةٍ، بَعِيدَةٍ مَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ إِذْ تَضَاغَىَ الْأَصْبِيَةُ بِي مِنَ الْجُوعِ، عَبْدُ اللَّهِ وَعَدِيُّ وَسُفَانَةُ، فَوَاللَّهِ إِنْ وَجَدْنَا شَيْئًا نُعَلِّلُهُمْ بِهِ، فَقَامَ إِلَى أَحَدِ الصَّبِيَّيْنِ فَحَمَلَهُ، وَقُمْتُ إِلَى الصِّبْيَةِ فَعَلَّلْتُهَا، فَوَاللَّهِ إِنْ سَكَتَا إِلَّا بَعْدَ هَدْأَةٍ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ عُدْنَا إِلَى الصَّبِيِّ الْآخَرِ فَعَلَّلْنَاهُ حَتَّى سَكَتَ وَمَا كَادَ، ثُمَّ افْتَرَشْنَا قَطِيفَةً لَنَا شَامِيَّةً ذَاتَ خَمْلٍ، فَأَضْجَعْنَا الصِّبْيَانَ عَلَيْهَا، وَنِمْتُ أَنَا وَهُوَ فِي حُجْرَةٍ، وَالصِّبْيَانُ بَيْنَنَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ يُعَلِّلُنِي لِأَنَامَ، وَعَرَفْتُ مَا يُرِيدُ، فَتَنَاوَمْتُ لَهُ، فَقَالَ: مَا لَكِ؟ أَنِمْتِ؟، فَسَكَتُّ، فَقَالَ: مَا أُرَاهَا إِلَّا قَدْ نَامَتْ، وَمَا بِي مِنْ نَوْمٍ، فَلَمَّا ادْلَهَمَّ اللَّيْلُ، وَتَهَوَّرَتِ النُّجُومُ وَهَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ وَسَكَنَتِ الرِّجْلُ، إِذْ جَانِبُ الْبَيْتِ قَدْ رُفِعَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَوَلَّى حَتَّى إِذَا قُلْتُ: قَدْ أَسْحَرْنَا أَوْ كِدْنَا عَادَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَتْ: جَارَتُكَ فُلَانَةُ يَا أَبَا عَدِيٍّ، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى أَحَدٍ مِعْوَلًا غَيْرَكَ، أَتَيْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَصْبِيَةٍ يَتَعَاوَوْنَ عُوَاءَ الذَّئْبِ مِنَ الْجُوعِ، قَالَ: أَعْجِلِيهِمْ عَلَيَّ، قَالَتِ النَّوَارُ: فَوَثَبْتُ فَقُلْتُ: مَاذَا صَنَعْتَ؟، فَوَاللَّهِ لَقَدْ تَضَاغَا أَصْبِيَتُكَ فَمَا وَجَدْتَ مَا تُعَلِّلُهُمْ بِهِ، فَكَيْفَ بِهَذِهِ وَبِوَلَدِهَا؟، فَقَالَ: اسْكُتِي، فَوَاللَّهِ لَأُشْبِعَنَّكِ وَإِيَّاهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَأَقْبَلَتْ تَحْمِلُ اثْنَيْنِ وَيَمْشِي جَنْبَتَيْهَا أَرْبَعَةٌ كَأَنَّمَا نَعَامَةٌ حَوْلَهَا رِئَالُهَا، §فَقَامَ إِلَى فَرَسِهِ فَوَجَأَ بِحَرْبَتِهِ فِي لَبَّتِهِ، ثُمَّ قَدَحَ زَنْدَهُ -[37]- وَأَوْرَى نَارَهُ، ثُمَّ جَاءَ بِمُدْيَةٍ فَكَشَطَ عَنْ جِلْدِهِ ثُمَّ دَفَعَ الْمُدْيَةَ إِلَى الْمَرْأَةِ، فَقَالَ: دُونَكِ، ثُمَّ قَالَ: دُونَكُمْ، ثُمَّ قَالَ: ابْعَثِي صِبْيَانَكِ، فَبَعَثَتْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: سُوءَةٌ، تَأْكُلُونَ شَيْئًا دُونَ أَهْلِ الصِّرْمِ، فَجَعَلَ يَطُوفُ فِيهِمْ حَتَّى هَبُّوا، وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ وَالْتَفَعَ بَيْتُهُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ نَاحِيَةً يَنْظُرُ إِلَيْنَا، لَا وَاللَّهِ مَا ذَاقَ مُزْعَةً وَإِنَّهُ لَأَحْوَجُهُمْ إِلَيْهِ، وَأَصْبَحْنَا وَمَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُ، إِلَّا عَظْمٌ أَوْ حَافِرٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: الصِّرْمُ الْأَبْيَاتُ الْعَشْرُ أَوْ نَحْوُهَا يُنْزِلُونَ فِي جَانِبٍ "

إذا نزل بك ضيف فلا تكلف له ما لا تطيق، وأطعمه من إطعام أهلك، والقه بوجه طلق، فإنك إن تكلف

38 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ، قَالَ: قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ «§إِذَا نَزَلَ بِكَ ضَيْفٌ فَلَا تَكَلَّفْ لَهُ مَا لَا تُطِيقُ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ إِطْعَامِ أَهْلِكَ، وَالْقَهُ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، فَإِنَّكَ إِنْ تَكَلَّفْ لَهُ مَا لَا تُطِيقُ، أَوْشَكَ أَنْ تَلْقَاهُ بِوَجْهٍ يَكْرَهُهُ»

عوى آيسا شبه الجنون وما به ... جنون ولكن كيد أمر يحاوله فأثقبت ناري ثم أبرزت ضوءها ...

39 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ، أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الطَّائِيُّ لِحَاتِمٍ: [البحر الطويل] §عَوَى آيِسًا شِبْهَ الْجُنُونِ وَمَا بِهِ ... جُنُونٌ وَلَكِنْ كَيْدُ أَمْرٍ يُحَاوِلُهُ فَأَثْقَبْتُ نَارِي ثُمَّ أَبْرَزْتُ ضَوْءَهَا ... وَأَخْرَجْتُ كَلْبِي وَهْوَ فِي الْبَيْتِ دَاخِلُهُ فَلَمَّا رَآنِي كَبَّرَ اللَّهَ وَحْدَهُ ... وَبَشَّرَ جَوْفًا كَانَ حَمَا بِلَابِلُهُ فَقُلْتُ لَهُ أَهْلًا وَسَهْلًا وَمَرْحَبًا ... رُشِدْتَ وَلَمْ أَقْعُدْ إِلَيْهِ أُسَائِلُهُ فَقُمْتُ إِلَى الْبَرْكِ الْهِجَانِ أُعِدُّهَا ... لِوَجْبَةِ حَقِّ نَازِلٍ أَنَا فَاعِلُهُ فَجَالَ قَلِيلًا وَاتَّقَانِي بِخَيْرِهِ ... سَنَامًا وَأَمْلَاهُ مِنَ السَّبَى كَاهِلُهُ فَأَطْعَمْتُهُ مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا ... شِوَاءً وَخَيْرَ الْخَيْرِ مَا كَانَ عَاجِلَهُ "

ضاف حاتما رجل في سنة فلم يقدر له على شيء فطلب من بني عمه قراه فلم يقدر على شيء، وله ناقة

40 - حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو لُحَيْمٍ الْكِلَابِيُّ " §ضَافَ حَاتِمًا رَجُلٌ فِي سَنَةٍ فَلَمْ يَقْدِرْ لَهُ عَلَى شَيْءٍ فَطَلَبَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ قِرَاهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ، وَلَهُ نَاقَةٌ يُسَافِرُ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا: أَقْعِي فَعَقَرَهَا، فَأَطْعَمَ أَضْيَافَهُ قَسِيمَهَا وَبَعَثَ إِلَى عِيَالِهِ قَسِيمَهَا الْأَخَرَ، وَقَالَ حَاتِمٌ: [البحر البسيط] وَلَا أُزَرِّفُ ضَيْفِي إِذْ تَأَوَّبَنِي ... وَلَا أُدَانِي لَهُ مَا لَيْسَ بِالدَّانِي لَهُ الْمُوَاسَاةُ عِنْدِي إِذْ تَأَوَّبَنِي ... وَكُلُّ زَادٍ وَإِنْ أَبْقَيْتُهُ فَانِي "

ومستفتح باب الصدا يستنبهه ... فتاه وجوف الليل مضطرب الكسر رفعت له نارا ثقوبا زنادها ...

41 - أَنْشَدَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ مِنْ وَلَدِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ: [البحر الطويل] §وَمُسْتَفْتِحٍ بَابَ الصَّدَا يَسْتَنْبِهُهُ ... فَتَاهُ وَجَوْفُ اللَّيْلِ مُضْطَرِبُ الْكِسَرِ رَفَعْتُ لَهُ نَارًا ثَقُوبًا زِنَادُهَا ... تُلِيحُ إِلَى السَّارِي هَلُمَّ إِلَى قِدْرِي -[39]- فَلَمَّا أَتَى وَالْبُؤْسُ رَادِفُ رَحْلِهِ ... تَلَقَّيْتُهُ مِنِّي بِوَجْهِ امْرِئٍ بِشْرِ وَقُلْتُ لَهُ أَهْلًا كَأْهِلٍ فَلَمْ يَجُزْ ... بِكَ اللَّيْلُ إِلَّا لِلْجَمِيلِ مِنَ الْأَمْرِ فَكَادَتْ تَطِيُرُ الشَّوْكُ عِرْفَانَ صَوْتِهِ ... وَلَمْ تُمْسِ إِلَّا وَهْيَ خَائِفَةُ الْعَقْرِ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: هَذِهِ الْأَبْيَاتُ لِأَبِي شِبْلٍ الْحَارِثِيِّ

ومجتنب أهل الثرى يبتغي القرى ... أتانا وخرق دوننا متنازح أتانا وقد بلته شهباء حرجف ...

42 - وَأَنْشَدَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُمَوِيُّ لِبَعْضِ الْعَرَبِ: [البحر الطويل] §وَمُجْتَنِبٍ أَهْلِ الثَّرَى يَبْتَغِي الْقِرَى ... أَتَانَا وَخِرْقٌ دُونَنَا مُتَنَازِحُ أَتَانَا وَقَدْ بَلَّتْهُ شَهْبَاءُ حَرْجَفٍ ... وَقَطْرٌ فَأَمْسَى وَهْوَ فِي الرَّحْلِ جَانِحُ فَقُلْتُ لِأَهْلِي مَا بِغَامُ مَطِيَّةٍ ... وَحَرْشٌ أَضَافَتْهُ إِلَيْنَا النَّوَابِحُ فَقَالُوا دَخِيلٌ طَارِقٌ طَرَحَتْ بِهِ ... إِلَيْكَ اللَّيَالِي وَالْخُطُوبُ الطَّوَارِحُ فَقُمْتُ وَلَمْ أَطْرِفْ مَكَانِي وَلَمْ يَقُمْ ... مَعَ النَّفْسِ عَلَّاتُ الْبَخِيلِ الشَّحَائِحُ وَنَادَيْتُ شِبْلًا فَاسْتَجَابَ وَرُبَّمَا ... جَشَمْنَا قِرَى عَشْرٍ لِمَنْ لَا يُصَافِحُ فَقَامَ أَبُو ضَيْفٍ كَرِيمٍ كَأَنَّهُ ... وَقَدْ جَدَّ مِنْ فَرْطِ الْفُكَاهَةِ مَازِحُ إِلَى جِذْمِ مَالٍ قَدْ نَهَكْنَ سَوَائِمَهُ ... وَأَعْرَاضُنَا فِيهِ بَوَاقٍ صَحَائِحُ جَعَلْنَاهُ دُونَ الذَّمِّ حَتَّى كَأَنَّهُ ... إِذَا عَدَّ مَالَ الْمُكْثِرِينَ الْمَنَائِحُ لَنَا حَمْدُ أَرْبَابِ الْمِئِينَ وَلَا يُرَى ... لَدَى أَهْلِنَا مَالٌ مَعَ اللَّيْلِ رَائِحُ

ومستنبح يبغي المبيت ودونه ... من الليل سجفا ظلمة وكسورها رفعت له ناري فلما اهتدى بها ...

43 - وَأَنْشَدَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ: [البحر الطويل] " §وَمُسْتَنْبِحٍ يَبْغِي الْمَبِيتَ وَدُونَهُ ... مِنَ اللَّيْلِ سُجُفَا ظُلْمَةٍ وَكُسُورُهَا رُفِعَتْ لَهُ نَارِي فَلَمَّا اهْتَدَى بِهَا ... زَجَرْتُ كِلَابِي أَنْ يَهِرَّ عَقُورُهَا -[40]- فَبَاتَ وَلَمْ يَسْرِي مِنَ اللَّيْلِ عَقِبُهُ ... بِلَيْلَةِ صِدْقٍ غَابَ عَنْهَا شُرُورُهَا

ومستنبح بعد الهدوء دعوته ... وقد حان من ساري السماء طروق تألق في عين من المزن وادق ... له

44 - وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: أَضَافَ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ طَارِقًا فَنَحَرَ لَهُ، فَقَالَ: [البحر الطويل] §وَمُسْتَنْبِحٍ بَعْدَ الْهُدُوءِ دَعْوَتُهُ ... وَقَدْ حَانَ مِنْ سَارِي السَّمَاءِ طُرُوقُ تَأَلَّقَ فِي عَيْنٍ مِنَ الْمُزْنِ وَادِقٍ ... لَهُ هَيْدَبٌ جَمُّ السِّجَالِ دَفُوقُ فَقُلْتُ لَهُ أَهْلًا وَسَهْلًا وَمَرْحَبًا ... فَهَذَا مَبِيتٌ صَالِحٌ وَصَدَيقُ أَضَفْتُ فَلَمْ أُفْحِشْ عَلَيْهِ وَلَمْ أَقُلْ ... لِأَحْرِمَهُ: إِنَّ الْفِنَاءَ يَضِيقُ لَعَمْرُكَ مَا ضَاقَتْ بِلَادٌ بِأَهْلِهَا ... وَلَكِنَّ أَخْلَاقَ الرِّجَالِ تَضِيقُ "

لأنحرن كل يوم جزورين

45 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَقْظَانِ، حَدَّثَنِي جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، " أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ، كَانَ يَنْحَرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ جَزُورًا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: تَنْحَرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ جَزُورًا؟، قَالَ: وَكَثِيرٌ ذَاكَ يَا أَخِي، وَاللَّهِ §لَأَنْحَرَنَّ كُلَّ يَوْمٍ جَزُورَيْنِ "

للخير أسرع إلى البيت الذي يطعم فيه من الشفرة إلى سنام البعير

46 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَلْخَيْرُ أَسْرَعُ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي يُطْعَمُ فِيهِ مِنَ الشَّفْرَةِ إِلَى سَنَامِ الْبَعِيرِ»

إن الله عز وجل يحب أهل البيت الخصب

47 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، رَضِيَ اللَّهُ -[41]- تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَهْلَ الْبَيْتِ الْخِصْبِ»

إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده في مأكله ومشربه

48 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ فِي مَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ»

أحب الطعام إلى الله عز وجل ما كثرت عليه الأيدي

49 - وَحَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: «§أَحَبُّ الطَّعَامِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا كَثُرَتْ عَلَيْهِ الْأَيْدِي»

إذا جمع أربعا فقد كمل كل شيء من شأنه، إذا كان أوله حلالا، وذكر اسم الله عليه حين يوضع،

50 - حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: «§إِذَا جَمَعَ أَرْبَعًا فَقَدْ كَمُلَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ، إِذَا كَانَ أَوَّلُهُ حَلَالًا، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ حِينَ يُوضَعُ، وَكَثُرَتْ عَلَيْهِ الْأَيْدِي، وَحُمِدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ حِينَ يُفْرَغُ مِنْهُ»

من السنة أن يمشي الرجل مع ضيفه إلى باب الدار

51 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُرْوَةَ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ» §مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ مَعَ ضَيْفِهِ إِلَى بَابِ الدَّارِ "

أطعت الله وعصيت الشيطان

52 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ضَيْفٌ فَأَبْطَأَ عَنْ أَهْلِهِ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ قَالَ: عَشَّيْتُمْ ضَيْفِي؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُ عَشَاءَكُمُ اللَّيْلَةَ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: إِذًا وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ، قَالَ الضَّيْفُ: إِذًا وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَيْضًا، قَالَ: يَبِيتُ ضَيْفِي بِغَيْرِ طَعَامٍ؟ فَقَالَ: قَدِّمُوا طَعَامَكُمْ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا مَعَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: «§أَطَعْتَ اللَّهَ وَعَصَيْتَ الشَّيْطَانَ»

الضيافة ثلاثة أيام، فما زاد فهو صدقة، وعلى الضيف أن يتحول بعد ثلاثة

53 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَعَلَى الضَّيْفِ أَنْ يَتَحَوَّلَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ»

ليلة الضيف حق على كل مسلم، فإن أصبح بفنائه فهو عليه دين، فإن شاء اقتضى وإن شاء

54 - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَهُوَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ شَاءَ اقْتَضَى وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ»

كفى بالمرء شرا أن يتسخط ما قرب إليه

55 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي طَالِبٍ الْقَاصِّ، -[44]- عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§كَفَى بِالْمَرْءِ شَرًّا أَنْ يَتَسَخَّطَ مَا قُرِّبَ إِلَيْهِ»

هلاك بالرجل يدخل عليه الرجل من إخوانه فيحتقر ما في بيته أن يقدمه، وهلاك بالقوم أن يحقروا

56 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْوُصَّافِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ جَابِرٌ: «§هَلَاكٌ بِالرَّجُلِ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ مِنْ إِخْوَانِهِ فَيَحْتَقِرُ مَا فِي بَيْتِهِ أَنْ يُقَدِّمَهُ، وَهَلَاكٌ بِالْقَوْمِ أَنْ يَحْقِرُوا مَا قُدِّمَ إِلَيْهِمْ»

فقدم إلينا مرقا وليس فيه لحم

57 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: «رُبَّمَا دَخَلْنَا عَلَى الْحَسَنِ، §فَقَدَّمَ إِلَيْنَا مَرَقًا وَلَيْسَ فِيهِ لَحْمٌ»

فقدم إلينا إحدى عشرة بسرة حمراء، وقال: هذا الجهد من أخيكم والله

58 - حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: -[45]- دَخَلْنَا عَلَى كَهْمَسٍ الْعَابِدِ، §فَقَدَّمَ إِلَيْنَا إِحْدَى عَشْرَةَ بُسْرَةً حَمْرَاءَ، وَقَالَ: «هَذَا الْجَهْدُ مِنْ أَخِيكُمْ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ»

ثلاث ليس فيهن انتظار: الجنازة إذا وجدت من يحملها، والأيم إذا أصابت لها كفؤا، والضيف إذا

59 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: " §ثَلَاثٌ لَيْسَ فِيهِنَّ انْتِظَارٌ: الْجَنَازَةُ إِذَا وَجَدَتْ مَنْ يَحْمِلُهَا، وَالْأَيِّمُ إِذَا أَصَابَتْ لَهَا كُفُؤًا، وَالضَّيْفُ إِذَا نَزَلَ لَمْ يُنْتَظَرْ بِهِ كُلْفَةً "

إنما تقاطع الناس بالتكلف

60 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ جُنَادٍ، سَمِعْتُ الْمُفَضَّلَ، وَصِيَّ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ يَقُولُ: «§إِنَّمَا تَقَاطَعَ النَّاسُ بِالتَّكَلُّفِ»

إذا أتاك ضيف فلا تنتظر به ما ليس عندك، وتمنعه ما عندك، قدم إليه ما حضر، وانتظر به ما بعد

61 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجُنَيْدِ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ أَبُو غِيَاثٍ الضُّبَعِيُّ، سَمِعْتُ بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّ، يَقُولُ: -[46]- «§إِذَا أَتَاكَ ضَيْفٌ فَلَا تَنْتَظِرْ بِهِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ، وَتَمْنَعْهُ مَا عِنْدَكَ، قَدِّمْ إِلَيْهِ مَا حَضَرَ، وَانْتَظِرْ بِهِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا تُرِيدُ مِنْ إِكْرَامِهِ»

ليس شيء أضر بالضيف من أن يكون رب البيت شبعان

62 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْفُرْسِ: «§لَيْسَ شَيْءٌ أَضَرَّ بِالضَّيْفِ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْبَيْتِ شَبْعَانَ»

أخرج السلة من تحت السرير، فيخرجها فإذا فيها رطب، فيقول: إنما ادخرته

63 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا فَضَالَةُ الشَّحَّامُ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ إِخْوَانُهُ أَتَاهُمْ بِمَا يَكُونُ عِنْدَهُ، وَلَرُبَّمَا قَالَ لِبَعْضِهِمْ: " §أَخْرِجِ السَّلَّةَ مِنْ تَحْتِ السَّرِيرِ، فَيُخْرِجُهَا فَإِذَا فِيهَا رُطَبٌ، فَيَقُولُ: إِنَّمَا ادَّخَرْتُهُ لَكُمْ "

تناول السلة من تحت السرير، فأتناولها وفيها خبيص، فيقول: إني لست آكله، ولكني أصنعه

64 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: كُنَّا نَأْتِي خَيْثَمَةَ فَيَقُولُ: " §تَنَاوَلِ السَّلَّةَ مِنْ تَحْتِ السَّرِيرِ، فَأَتَنَاوَلُهَا وَفِيهَا -[47]- خَبِيصٌ، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ آكُلُهُ، وَلَكِنِّي أَصْنَعُهُ لَكُمْ "

سأطعمكم شيئا لا أراه في بيوتكم، فجاء بشهدة فكان يقطع بالسكين ويلقمنا

65 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا أُتْحِفُكُمْ؟ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ فِي بَيْتِهِ خُبْزٌ وَلَحْمٌ، وَلَكِنْ §سَأُطْعِمُكُمْ شَيْئًا لَا أَرَاهُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَجَاءَ بِشَهْدَةٍ فَكَانَ يَقْطَعُ بِالسِّكِّينِ وَيُلْقِمُنَا "

إن زكاة الرجل في داره أن يجعل فيها بيتا للضيافة

66 - أَخْبَرَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَقُولُ: «§إِنَّ زَكَاةَ الرَّجُلِ فِي دَارِهِ أَنْ يَجْعَلَ فِيهَا بَيْتًا لِلضِّيَافَةِ»

هكذا اصنعوا بالقراء

67 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا دَعَا أَصْحَابَهُ قَامَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: «§هَكَذَا اصْنَعُوا بِالْقُرَّاءِ»

§1/1