قاعدة تتضمن ذكر ملابس النبي وسلاحه ودوابه - القرمانية - جواب فتيا في لبس النبي

ابن تيمية

قاعدة تتضمّن ذكر مَلاَبِس النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم وَسِلاَحه ودَوَابّه القَرْمَانِيَّة جَوَابُ فُتيَا فِي لِبْس النَّبي صلّى الله عليه وسلّم تأليف شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية المتوفى سنة 728 هـ رحمه الله تعالى تحقيق وتعليق أبي محمد أشرف بن عبد المقصود أضواء السلف

مقدمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل الله ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فهذا سفر جديد ومؤلف نفيس ينشر لأول مرة، للعلامة القرآني والمجاهد الرباني، شيخ الإسلام والمسلمين أبي العباس أحمد بن تيمية رحمه الله، نقدمه للمسلمين في وقت قل فيه الاهتداء بهديه صلى الله عليه وسلم والتخلق بأخلاقه والاقتباس من نوره، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب: 21] . فما أحوجنا في هذه الأيام إلى معرفة سيرته صلى الله عليه وسلم العطرة في جميع شئون الحياة من طعام وشراب ولباس وغير ذلك مما يهم المسلم. والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمتع الأحاديث لا سيما إن كان من عارف بخبايا السنة النبوية كابن تيمية. والذي يقرأ هذه الفتيا الجميلة يستطيع القول بأن شيخ الإسلام ابن

تحقيق نسبة الكتاب للمؤلف

تيمية لو أتيح له أن يصنف كتابا في سيرته صلى الله عليه وسلم لكان تصنيفا بديعا فريدا من أجمع وأصح ما ألف في السيرة النبوية. ولعل هذا ما جعل العلامة ابن القيم يلخص جل كلماتها في بداية كتابه العظيم (زاد المعاد) ويزيد عليها، ويسير بعد ذلك على منوال الطريقة التي انتهجها شيخه في الكلام على سيرته وهديه صلى الله عليه وسلم. وهذه القاعد اللطيفة في ذكر ملابس النبي صلى الله عليه وسلم وسلاحه ودوابه مع وجازتها جمعت الكثير من أصول المسائل الفقهية التي يحتاج إليها في باب اللباس والأطعمة الذي ضاع بين الإفراط والتفريط. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلوا واشربوا وتصدقوا في غير مخيلة ولا سرف فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عباده " (1) . وأما تحقيق نسبة الكتاب للمؤلف: فقد كتب في حياة المصنف رحمه الله؛ فالذي يقرأ صفحة العنوان للمخطوطة يتأكد من ذلك حيث كتب الناسخ ما يلي: "جواب فتيا في لبس النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ الإمام العالم العامل تقي الدين أبي العباس أحمد ابن تيمية الحراني أمتع الله المسلمين ببقائه".

_ (1) الحديث بهذا اللفظ: رواه أحمد (2/182) والحاكم (4/150) من حديث عبد الله بن عمرو بإسناد حسن.

وصف النسخة

* وقد ذكر هذه القاعدة تلميذه العلامة ابن عبد الهادي رحمه الله بعنوان: "قاعد تتضمن ذكر ملابس النبي صلى الله عليه وسلم وسلاحه ودوابه وهي القرمانية (1) " (2) . وقد جمعت بين هذه التسمية وما جاء بعنوان المخطوط. * كما أن من يطالعها يجد فيها طريقة ونفس شيخ الإسلام، وكذا تلخيص تلميذه ابن القيم يؤكد لنا ذلك. وقد صرح بنقله لبعض عبارات عند ذكر (المنطقة) فقال: "وقال شيخ الإسلام: لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم شد على وسطه منطقة" (3) . وصف النسخة: فقد اعتمدت على نسخة وحيدة، تقع ضمن (مجموع) يضم عدة مصنفات، وهو مقتنيات (مكتبة شهيد علي) الملحقة بـ (السليمانية) بتركيا وهي تحت رقم (2742) .

_ (1) العقود الدرية ص (49) . (2) ولعل تسميتها بالقرمانية نسبة إلى بلد السائل (قرمان) بفتح أوله ثم السكون، اسم موضع كما قال ابن دردير. راجع (معجم البلدان) (4/330) ومعجم ما استعجم (3/1066) وهذا هو الحال في معظم تسميات مصنفات شيخ الاسلام الأخرى مثل (الواسطية) نسبة لواسط و (الحموية) نسبة لحماه و (التدمرية) نسبة لتدمر، وغير ذلك. (3) زاد المعاد (1/131) وراجع: فقرة رقم (129) .

عملنا في التحقيق

وتقع هذه النسخة في 12 ورقة، من هذا المجموع تمثل الورقات من (53و) إلى (64ظ) وكل صفحة بها 15 سطرا. وهي مكتوبة بخط نسخ جميل ومشكول، وقليلة الأخطاء وبآخرها ما يفيد أنها قوبلت، ولا يعرف ناسخها. وأما عملنا في التحقيق: * فقد اتخذت هذه النسخة أصلا. * كما قمت بضبط فقرات الكتاب كلها، ونسقت عباراتها ورقمت فقراتها برقم مسلسل ووضعت لها عناوين جانبية. * كما قمت بعزو الآيات ووضع العزو بجوار الآيات، وخرجت الأحاديث والآثار وبينت مرتبتها من حيث القبول والرد. * كما وضعت بعض التعليقات المهمة وأكثرها من كلام شيخ الإسلام من كتبه الأخرى، وبعض المصادر من كتب الفقه. * كما صنعت له فهارس للآيات والأحاديث والآثار والموضوعات. والله تعالى أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه، وأن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى إنه سميع مجيب. الإسماعيلية في 11محرم 1422هـ أبو محمد أشرف بن عبد المقصود غفر الله له

النص المحقق لكتاب "القرمانية"

قاعدة تتضمن ذكر مَلاَبِس النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَسِلاَحه ودَوَابّه القَرْمَانِيَّة جَوَابُ فُتيَا فِي لِبْس النَّبي صلى الله عليه وسلم تأليف شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية المتوفى سنة 728 هـ رحمه الله تعالى تحقيق وتعليق أبي محمد أشرف بن عبد المقصود

نص الأسئلة المقدمة للمصنف

بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر يا كريم نص الأسئلة المقدمة للمصنف ما يقول أئمة الدين علماء المسلمين في رجلين تكلما في: * لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ * وفي آلته؟ وفي آلة حَرْبِه مثل الحياصة (1) التي تحزم في الوسط والسيف والتركاش وهي الكنانة والقوس والنّشاب (2) والحمال والبغال والخيل والغنم؟

_ (1) الحياصة: اسم لما يسميه الناس المنطقة، والمنطق بكسر ما شددت به وسطك، والنطاق والمنطق واحد (المصباح المنير) (نطق) . (2) والكنانة: ويقال لها: الجعبة، وهي بكسر الكاف، وهي ظرف السهام، وتكون تارة من جلد، وتارة من خشب. (صبح الأعشى (2/1580)) . وأما: (القوس) : فالقسي على ضربين: أحدهما: العربية، وهي التي من خشب فقط، ثم إن كانت من عود واحد قيل لها (قضيب) وإن كانت من فلقين قيل لها (فلق) . الثاني: الفارسية، وهي التي تركب من أجزاء من الخشب والقرن والعقب والغراء. ولأجزائها أسماء يخص كل جزء منها اسم، فموضع إمساك الرامي من القوس يسمى: المقبص، ومجرى السهم فوق قبض الرامي يسمى: كبد القوس، وما يعطف من القوس يسمى: سية القوس، وما فوق المقبض من القول وهو ما على يمين الرامي يسمى: رأس القوس، وأما أسفله وهو على يسار الرامي يسمى: رجل القوس. (صبح الأعشى) (2/150.) . وأما: (النشاب) : النشاب: النبل واحدته نشابة. =

* وملابسه من القماش مثل الجوشن والخف والمهماز (1) وغيره من آلة الحرب هل كان يتخذ ذلك؟ * وهَل كان يجمع من ذلك شيئا كثيرًا؟ * وفي لباسة أصحابه أيضا؟ * ومَا يُبَاحُ ويحرم من ذلك؛ من الذهب والفضة والحرير؟

_ = والناشب ذو النشاب ومنه سمي الرجل ناشبا والناشبة قوم يرمون بالنشاب. والنشاب: السهام وقوم نشابة يرمون بالنشاب. (لسان العرب) (نشب) . (1) (الجوشن) : اسم الحديد الذي يلبس من السلاح. والجوشن: الدرع، وقيل الجوشن من السلاح: زرد يلبسه الصدر. (لسان العرب) (جشن) (المهماز) :المهمزة، وهي عصا في رأسها حديدة ينخس فيها الحمار. والمهامز: مقارن النخاسين التي يهمزون بها الدواب لتسرع، واحدتها: مهمزة وهي المقرعة والمهمزة والمهماز: حديدة تكون في مؤخر خف الرائض. وسيأتي الكلام عليها ص57. (لسان العرب) (همز) .

ما كان يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم من أسلحة للحرب

الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم الحمد لله رب العالمين ما كان يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم من أسلحة للحرب 1- كان النبي صلى الله عليه وسلم يَتَّخِذ: (1) "السَّيف". (2) و"الرُّمح". (3) و"القَوس". (4) و"الكنانة"؛ التي هي الجُعْبَة للنّشاب وهي من جُلُود. ما كان يلبسه النبي صلى الله عليه وسلم في الحرب 2- وكان يَلْبس على رَأْسِهِ: - "البيضة" (1) ؛ التي هي الخوذة. - و"المغْفَر" (2) .

_ (1) (البيضة) : البيضة وهي آلة من حديد توضع على الرأس لوقاية الضرب ونحوه وليس فيه ما يرسل على القفا والآذان وربما كان ذلك من زرد. (صبح الأعشى) (2/150) . (2) (المغفر) : بكسر الميم وهو كالبيضة إلا أن فيه أطرافا مسدوله على قفا الابس وأذنيه وربما جعل منها وقاية لأنفه أيضا، وقد تكون من زرد أيضا. (صبح الأعشى) (2/150) .

ما كان يلبسه النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع اللباس

3- وعلى بَدَنِهِ: "الدِّرع" التي يقال لها السّردية والزّردية (1) . ما كان يلبسه النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع اللباس 4- ويلبس: (1) "القميص". (2) و"الجُبَّة" (2) . (3) و"الفروج" (3) الذي هو نحو القباء، والفرجية. 5- ولَبِسَ: "القباء" أيضًا. 6- ولَبِسَ في السَّفَر: "جُبَّة" (4) ضَيِّقة الكُمَّين. 7- ولَبِسَ: "الإِزَار" و"الرِّداء". 8- واشترى: "رِجْل سَرَاوِيل" (5) .

_ (1) (الدرع) : هو جبة من الزرد المنسوج يلبسها المقاتل لوقاية السيوف والسهام وهي تذكر وتؤنث (صبح الأعشى) (2/151) . (الزرد) : حلق المغفر، والدرع الزردة حلقة الدرع والسرد ثقبها، والجمع زرود. والزرد مثل السرد، وهو تداخل حلق الدرع بعضها في بعض. (لسان العرب) (زرد) . (2) (الجبة) : ضرب من مقطعات الثياب تلبس، وجمعها جبب وجباب. والجبة: من أسماء الدرع، وجبة الرمح: ما دخل فيه من السهام. (لسان العرب) (جبب) . (3) (الفروج) : بفتح الباء: القباء، وقيل: الفروج قباء فيه شق من خلفه. (لسان العرب) (الفرج) . (4) ، (5) يأتي تخريج ذلك ص (40) .

ما كان يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم من دواب للركوب وغيره

9- وكانوا يلبسون: "السَّراويلات" أيضًا بإذنه. 10- وكان يَلْبَس: "الخُفَّين"، ويَمْسَح عليهما (1) . 11- ويَلْبَس: "النِّعال" التي تُسَمَّى: التَّواسم (2) . ما كان يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم من دواب للركوب وغيره 12- وكان يَرْكَب: (1) "الخيل". (2) و"الإبل". (3) و"الحمير". 13- وركب: (4) "البغلة" أيضًا. صفة ركوبه صلى الله عليه وسلم للدواب 14- وكان يركب: "الفَرَس": - تارةً عَرِيًّا (3) . - وتارة مُسَرّجًا، ويطرده.

_ (1) يأتي تخرج ذلك ص (38) . (2) مفردها: "تاسومة". وراجع: "زاد المعاد" (1/139) . (3) البخاري (2866) . واللفظ له ومسلم (2307) . (48) عن أنس رضي الله عنه: استقبله النبي صلى الله عليه وسلم على فرس عري ما عليه سرج في عنقه سيف. =

ما كان يملكه النبي من دواب وسلاح في حياته وبعد مماته

15- وكان: - يُرْدف خَلْفَه. - وتارة: يُرْدِف خَلْفَهُ وقُدَّامه؛ فيكونون ثلاثة على دابة (1) . ما كان يملكه النبي من دواب وسلاح في حياته وبعد مماته 16- وكان يتخذ: "الغَنَم" أيضًا. 17- وكان له: "الرَّقِيق" أيضًا. 18- ولم يكن يجتمع في مُلْكِه في الوَقت الواحد من هذه الأُمُور شيء كَثِير. 19- بل لمَّا مَات لم يكن عِنْدَهُ من ذلك إلا شيء يَسِير؛ خَلَّفَ دِرْعَه؛ وكانت مَرْهُونة عند يهودي على ثلاثين وَسَقًا من شعيرٍ ابتاعها لأَهْلِهِ.

_ = فائدة: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "العري: بضم المهملة وسكون الراء، أي: ليس عليه سرج ولا أداة ولا يقال في الآدميين إنما يقال عريان، قاله ابن فارس: قال وهي من النوادر.. وفيه: ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التواضع والفروسية البالغة، فإن الركوب المذكور لا يفعله إلا من أحكم الرموب وأدمن على الفروسية وفيه تعليق السيف في العنق إذا احتاج إلى ذلك حيث يكون أعون له. وفي الحديث ما يشير إلى أنه ينبغي للفارس أن يتعاهد الفروسية ويروض طباعه عليها، لألا يفجأه شدة فيكون قد استعد لها" (فتح الباري) (6/70) . (1) راجع: "زاد المعاد" (1/159) وللحافظ ابن منده جزء فيمن أردفهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مطبوع وقد أوردهم وزاد عليهم الصالحي في "سبل الهدي والرشاد" (7/606-617) .

الأحاديث الواردة في ذلك

الأحاديث الواردة في ذلك 20- وفي "صحيح البخاري" (1) عن عمرو بن الحارث -ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخي جويرية بنت الحارث- قال: "ما تَرَكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارًا ولا درهمًا، ولا عبدًا ولا أمةً، ولا شيئًا إلا بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضًا جعلها صدقةً". 21- وفي "صحيح مسلم" (2) عن عائشة قالت: "ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارًا ولا درهمًا، ولا شاة ولا بعيرًا، ولا أوصى بشيء". 22- وعن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات ودرعه رهنٌ عند يهودي بثلاثين. وروي: "بعشرين صاعًا من شعير؛ أخذه لأهله". رواه أهل السنن، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح" (3) .

_ (1) البخاري (4461) . (2) مسلم (1635) (18) . (3) الترمذي (1214) وعنده: "بعشرين صاعا من طعام"، والنسائي (7/303) وابن ماجة (2439) وأحمد (1/236،361) والدارمي (2585) . وعندهم: "بثلاثين صاعا من شعير". وهو بهذا اللفظ أيضا: عند البخاري (4467) من حديث عائشة رضي الله عنها.

ما في الأحاديث من فوائد

23- وفي الصحيحين (1) عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعامًا إلى أجل، ورهنه درعًا له من حديد. 24- وكذلك في البخاري (2) عن أنس بن مالك: قد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه بشعير. ما في الأحاديث من فوائد 25- فهذه الأحاديث تبين: أنه حين الموت لم يكن عنده خيل ولا إبل ولا غنم ولا رقيق وإنما ترك البغلة والسلاح وبعض السلاح مرهون. 26- ولكن ملك هذه الأمور في أوقات متفرقة. 27- والمعروف: أنه كان يكون عنده الواحد من ذلك، فيكون له فرس واحد، وناقة واحدة. 28- ولم يملك من "البغال" إلا بغلة واحدة، أهداها له بعض الملوك، ولم تكن البغال مشهورة بأرض العرب. بل لما أهديت له البغلة، قيل له: ألا ننزي الخيل على الحمر؟

_ (1) البخاري (2068) ومسلم (1603) (126) . (2) البخاري (2508) .

فقال: "إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون" (1) . 29- وكذلك: آلات السلاح كـ: "السيف" و"الرمح" و"القوس". لم يذكر عنه أنه كان يقتني لنفسه أكثر من واحد. 30- وأما "الغنم": فقد روي (2) : أنه اقتنى مائة شاة؛ وقال: "إن لنا مائة شاة، لا نريد أن تزيد، فكلما ولّد الراعي بهمة ذبحنا مكانها أخرى".

_ (1) أحمد (766، 785، 1359) ، وأبو داود (2565) ، والنسائي () 6/2241 وابن حبان (4682) والبيهقي (10/22) . وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند." "الذين لا يعلمون": قال الطحاوي رحمه الله: "أي أنهم يتركون بذلك لإنتاج ما في ارتباطه الأجر، وينتجون ما لا أجر في ارتباطه". "شرح معاني الآثار" (3/271) . (2) رواه أحمد (4/33،211) ، وأبو داود (1472) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (166) والحاكم (4/123) وابن حبان (3/332) والبيهقي (7/303) . وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (130،131) "بهمة": قال الخطابي رحمه الله: "البهمة ولد الشاة أول ما يولد، يقال للذكر والأنثى: بهمة". "معالم السنن" (1/105) .

آلات الحرب في القرآن الكريم

آلات الحرب في القرآن الكريم 31- وقد ذكر الله تعالى: آلات الحرب في كتابه: السيف 32- فقال في "السيف": {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (الأنفال: من الآية12) . 33- وقال: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} (محمد: من الآية4) . وهذا الضرب للأعناق وبنان الأصابع هو بـ"السيف". القوس والنشاب 34- وقال في "القوس والنشاب": {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} (الأنفال: من الآية60) . 35- وفي "صحيح مسلم" (1) عن عقبة بن عامر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ وهو على المنبر: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} (الأنفال: من الآية60) . ثم قال: "ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي".

_ (1) مسلم (1918) (167) . وللحافظ أبي يعقوب القراب رحمه الله (ت429هـ) جزء في "فضائل الرمي في سبيل الله" وهو مطبوع.

الرماح

36- وفي "صحيح مسلم" (1) عنه أيضًا أنه قال: "ارموا واركبوا وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا، ومن تعلم الرمي ثم نسيه فليس منا". وفي رواية: "فهي نعمة جحدها" (2) . الرماح 37- وكذلك "الرماح": قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} (المائدة: من الآية94) . وقد فسرت بالرماح المتصلة باليد. وفسرت بالنشاب أيضًا. الدرع 38- وكذلك "الدرع": 39- قال تعالى في قصة داود: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} (الأنبياء: من الآية80) .

_ (1) الذي في مسلم عنه (1919) (169) هي الجملة الأخيرة بلفظ: "من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو قد عصى". وأكمل اللفظ الذي ذكره المصنف فهو عند أحمد (4/144، 146، 148) وأبي داود (2513) والترمذي (1637) وقال: "حديث حسن صحيح" وابن ماجة (2811) والدارمي (2405) والطيالسي (1007) . (2) الطبراني في "المعجم الصغير" (543) وفي الأوسط (4177) بلفظ: "فهي نعمة كفرها".

40- وقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً, يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ، وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} (سبأ: 9، 10) . فكان الحديد بيده بمنزلة العجين. والسابغات: هي الدروع الكاملة التي تكون لها أيدي وأفخاذ. 41- وقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ، كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} (النحل:81) .

آلات الحرب في السنة المطهرة

آلات الحرب في السنة المطهرة 42- وقد جاء ذكر هذه الأمور في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم مفرقًا: السيف 43- فأما "السيف": 44- ففي "الصحيحين" (1) عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأشجع الناس، وأجود الناس. ولقد فزع أهل المدينة فزعًا ذات ليلة، فخرجوا نحو الصوت. فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق الناس إلى الصوت، وقد استبرأ الخبر، وهو يقول: "لم تراعوا، لم تراعوا". ثم قال: "إن وجدناه لبحرًا" أو قال: "إنه لبحر". 45- وعن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنفّل سيفه "ذا الفقار" يوم بدر. رواه الإمام أحمد، وابن ماجه والترمذي، وقال: "حديث حسن" (2) .

_ (1) البخاري (6033) ومسلم (2307) (48) . "لم تراعوا": أي روعًا مستقرًّا أو روعًا يضركم. "وجدناه بحرًا": أي واسع الجري. "شرح النووي لمسلم" (15/67، 68) . (2) رواه أحمد (1/271) والترمذي (1561) ، وقال: "حديث حسن غريب"، وابن ماجه (2808) ، وصححه الحاكم (2/141، 3/42) .

أشياء لا أصل لها بين الناس

أشياء لا أصل لها بين الناس 46- وأما ما يذكره بعض الناس: - أن "ذا الفقار" (1) كان سيفًا منزلاً من السماء! - وأنه كان لـ"علي"، وكان يطول إذا قاتل به! فكل هذا كذب باتفاق أهل المعرفة بهذه الأمور. 47- وكذلك: ما يذكره بعض الناس من أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم سبعة أسياف؛ لا أصل له (2) .

_ (1) قال المصنف رحمه الله: "وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد قال: رأيت في سيفي ذي الفقار فَلاًّ فأوّلته فلا يكون فيكم، ورأيت أني مردف كبشا، فأولته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة فأولتها المدينة ورأيت بقرا تذبح فبقر والله خير. فكان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا الكذب المذكور في ذي الفقار من جنس كذب بعض الجهال أنه كان له سيف يمتد إذا ضرب به كذا وكذا دراعا وهذا مما يعلم العلماء أنه لم يكن قط لا سيف علي ولا غيره، ولو كان سيفه يمتد لمده يوم قاتل معاوية" "منهاج السنة النبوية" (8/103) . (2) ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له تسعة أسياف فقال: "كان له تسعة أسياف: "مأثور"، وهو أول سيف ملكه ورثه من أبيه و"العضب" و"ذو الفقار" بكسر الفاء وفتح الفاء وكان لا يكاد يفارقه، وكانت قائمته وقبيعته وحلقته وذؤابته وبكراته ونعله من فضة، و"القلعي"، و"البتار"، و"الحتف" و"الرسوب"، و"المخذم" و"القضيب"" "زاد المعاد" (1/130) . وكذا عده تسعا: ابن جماعة في "مختصر السيرة". ونفله عنه التلمساني في "تخريج الدلالات السمعية" (409) . وكذا عدها تسعا: الحافظ العراقي رحمه الله في ألفيته للسيرة (268- بشرح المناوي) . وعدها الصالحي أحد عشرة سيفا "سبل الهدى والرشاد" (7/581-584) .

الرمح

الرمح 48- وأما "الرمح" (1) : 49- فقال البخاري في "صحيحه" (2) : ويذكر عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "جعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري". 50-[و] رواه الإمام أحمد (3) ، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله تبارك وتعالى وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل "رمحي"، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم". 51- وروى أبو داود بعضه (4) .

_ (1) ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له خمسة أرماح "زاد المعاد" (1/131) وكذا عدها خمسا: ابن جماعة في "مختصر السيرة". ونقلها عنه التلمساني في "تخريج الدلالات السمعية" (415) . وأيضا: الحافظ العراقي رحمه الله في ألفيته للسيرة (267 - بشرح المناوي) . والصالحي في "سبل الهدى والرشاد" (7/585) . (2) البخاري (6/98 - الجهاد والسير - الفتح) باب ما قيل في الرماح. (3) رواه أحمد (2/50، 92) وابن أبي شيبة في المصنف (5/313، 12/351) بإسناد جيد، كما قال المصنف في "اقتضاء الصراط" ص (82) وحسن إسناده الحافظ في "الفتح" (6/98) ، وللحافظ ابن رجب شرح مفرد لهذا الحديث بعنوان "الحكم الجديرة بالإذاعة من قول النبي صلى الله عليه وسلم بعثت بالسيف بين يدي الساعة". وما بين المعكوفتين زيادة ليستقيم بها السياق. (4) أبو داود (4031) .

حديث جامع في أسماء آلاته

حديث جامع في أسماء آلاته 52- وقد روى الطبراني في "معجمه" (1) حديثًا جامعًا في: أسماء آلاته؛ عن ابن عباس قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سيف قائمته من فضة، وقبيعته من فضة وكان يسمى: "ذا الفقار". وكان له قوس يسمى: "السداد". وكانت له كنانة تسمى: "الجمع". وكانت له درع موشحة بالنحاس تسمى: "ذات الفضول". وكانت له حربة تسمى: "النبعاء" (2) . وكان له مجن (أ) يسمى: "الدَّقَن" (ب) .

_ (1) "المعجم الكبير" (11/111) برقم (11208) . وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/272) : "وفيه علي بن عروة متروك"، قال ابن حبان في "المجروحين" (2/107) : "شيخ يروي عن ابن المنكدر روى عنه العراقيون، كان ممن يضع الحديث على قلته" ثم أورد له هذا الحديث. وقد حكم بوضعه أيضا ابن الجوزي كما في "ميزان الإعتدال" (5/176) . وراجع: الكلام على أسماء دوابه وسلاحه في: "سبل الهدى والرشاد" (7/581-675) و"تهذيب الأسماء" للنووي (1/60) . (2) "النبع": شجر ينبت في قلة الجبل تتخذ منه القسي والسهام. "النبات" للأصمعي (36) . ------- (أ) هكذا في الأصل كما في الطبراني وجاءت في "زاد المعاد": "محجن". (ب) في الطبراني "الذقن" وفي "مجمع الزوائد": "الدفن".

وكان له ترس أبيض يسمى: "الموجز". وكان له فرس أدهم يسمى: "السكب". وكان له سرج يسمى: "الداج" (أ) . وكانت له بغلة شهباء يقال لها: "دُلْدُل". وكانت له ناقة تسمى: "القَصْوَاء". وكان له حمار يسمى: "يعفُور". وكان له بساط يسمى: "الكر" (ب) . وكانت له عَنَزَة (1) تسمى: "النمر" (ج) . وكانت له ركوة تسمى: "الصادر". وكانت له مرآة تسمى: "المرآة". وكان له مقراض يسمى: "الجامع". وكان له قضيب شوحط (2) يسمى: "المشوق".

_ (1) العنزة: مثل نصف الرمح أو أكبر شيئا، وفيها سنان مثل سنان الرمح، والعكازة قريب منها. "النهاية" لابن الأثير (3/308) . (2) قال المبرد: "النبع وشوحط والشريان في الشجر التي تعمل منه القسي، شجرة واحدة وتختلف أسماؤها باختلاف أماكنها" راجع: "تخريج الدلالات" ص (418) . ------- (أ) في مجمع الزوائد "الداح". (ب) في الأصل: "الكرد" وما أثبته من الطبراني والمجمع، وفي الزاد: "الكن"!! (ج) في الزاد: القمرة.

الدرع

الدرع 53- وفي "صحيح البخاري" (1) عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وهو في قُبَّةٍ: "اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تُعْبَدْ بعد اليوم". فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك يا رسول الله، فقد ألححت على ربك، وهو في "الدِّرْعِ". فخرج وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} (القمر:45، 46) . 54- وروى "أهل السنن" (2) : أن النبي صلى الله عليه وسلم ظاهَرَ يوم أحد بين دِرْعَين. 55- وفي "الصحيحين" (3) عن سهل بن سعد (أ) أنه سئل عن جرح النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد؟ فقال: جرح وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسرت رَبَاعِيَتُهُ، وهُشِمَتْ "الْبَيْضَةُ" على رأسه.

_ (1) البخاري (2915) . (2) أحمد (3/449) وأبو داود (2590) والنسائي في الكبرى (8583) والبيهقي (9/46) وأبو يعلى (660) والطبراني في الكبير (6669) من حديث السائب بن يزيد. "ظاهر يوم أحد بين درعين": أي لبس أحدهما فوق الآخر، والتظاهر بمعنى التعاون والتساعد" "عون المعبود" (7/253) وذكر ابن القيم "في الزاد" (1/130) أنه صلى الله عليه وسلم كان له سبعة أدرع. (3) البخاري (2911) ومسلم (1790) (101) . = ------- (أ) في الأصل: "أسعد" والتصويب من الصحيحين.

المغفر

فكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسل الدم، وكان علي يَسْكُب عليها بالمِجَنِّ. فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة حصير، فأحرقته حتى صار رمادًا، ثم ألصقته بالجرح فاستمسك الدم. أخرجاه في "الصحيحين". المغفر 56- وعن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه "المِغْفَرُ". فلما نزعه، جاء رجل فقال: ابن خَطَلٍ متعلّق بأستار الكعبة؟! فقال: "اقتلوه". أخرجاه في "الصحيحين" (1) . القميص 57- وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القَمِيصُ". رواه أهل السنن، وقال الترمذي: "حديث حسن" (2) .

_ = "وكسرت رباعيته": هي بتخفيف الياء، وهي السن التي تلي الثنية من كل جانب وللإنسان أربع رباعيات، وفي هذا وقوع الأسقام والابتلاء بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لينالوا جزيل الأجر ولتعرف أممهم وغيرهم ما أصابهم ويتأسوا بهم.. "يسكب عليها بالمجن": أي يصب عليها بالترس، وهو بكسر الميم. "شرح النووي لمسلم" (12/148) . (1) البخاري (1846) ومسلم (1357) (450) . (2) رواه أحمد (6/317) وأبو داود (4025) والترمذي (1762، 1763، 1764) وابن ماجه (3575) والحاكم (4/192) وصححه الألباني في مختصر الشمائل (46) .

القباء

58- وروى أهل السنن (1) أيضا عن أسماء بنت يزيد قالت: كان يَدُ كُمِّ قَمِيص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ. قال الترمذي: "حديث حسن". القباء 59- وفي "الصحيحين" (2) وغيرهما عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أنه قال: قَسَمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم "أَقْبِيَةً"، ولم يعط مخرمة شيئًا. قال مخرمة: يا بني انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت معه. قال: ادخل فادعه لي. قال: فدعوته، فخرج إليه وعليه "قَبَاءٌ" منها. فقال: خَبَأْت هذا لك. قال: فنظر إليه. قال: رضي مخرمة.

_ (1) أبو داود (4027) والترمذي (1765) وفي "الشمائل" (57) والنسائي في الكبرى (9666) وقال: "حديث حسن غريب"، وضعفه الألباني في "ضعيف الترمذي" (295) . (2) البخاري (2599) ومسلم (1058) (129) . قوله: "رضي مخرمة": قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قال ابن التين: يحتمل أن يكون من قول مخرمة. قلت (أي ابن حجر) : وهو المتبادر للذهن" "فتح الباري " (5/223) .

الإزار والرداء والقميص

الإزار والرداء والقميص 60- وذكر: "الإزار والرداء" له في أحاديث كثيرة مشهورة. وكذلك ذكر "القميص" (1) . 61- مثل ما في "الصحيحين" (2) عن جابر بن عبد الله قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أُبَيِّ، بعد ما أدخل قبره، فأمر به فأخرج ووضع على ركبتيه، ونفث عليه من ريقه وألبسه "قميصه". والله أعلم. 62- وفيهما (3) عن عبد الله بن عمر قال: لما توفي عبد الله بن أبي؛ جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أعطني "قميصك" أكفنه فيه، وصل عليه، واستغفر له. فأعطاه "قميصه" وقال: إذا فرغت فآذنا. فلما فرغ آذنه به، فجاء ليصلي عليه. فجذبه عمر فقال: أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين؟ فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً

_ (1) راجع: "سبل الهدى والرشاد" (7/463-164، 476-482) . (2) البخاري (5795) ومسلم (2774) (3) . (3) البخاري (1269) ومسلم (2400) (25) .

الجبة الضيقة الكمين

فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (أ) (التوبة: من الآية80) . فنزلت: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (التوبة: من الآية84) ، فترك الصلاة عليهم. الجبة الضيقة الكمين 63- وأما "الجُبَّةُ الضَّيِّقَة الكُمَّين": 64- ففي "الصحيحين" (2) عن المغيرة بن شعبة قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في سفر، فقال أمعك ماء؟ قلت: نعم. فنزل عن راحلته فمشى حتى توارى عني في سواد الليل. ثم جاء، فأفرغت عليه الإداوة، فغسل وجهه ويديه وعليه جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ فلم يستطع أن يخرج ذراعيه منها. وفي رواية (3) : جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ - فذهب يخرج يديه من كميه فكانا ضيقين، فأخرج يديه من أسفل الجبة، فغسل ذراعيه ثم مسح برأسه، ثم أهويت لأنزع خُفَّيْهِ. فقال: "دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين" فمسح عليهما.

_ (1) البخاري (5799) ومسلم (274) (79) . (2) مسلم (274) (77) . ------- (أ) تكررت في الأصل جملة {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} .

الفروج

الفروج 65- وأما "الفروج": ففي "الصحيحين" (1) عن عقبة بن عامر أنه قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فَرُّوجُ حَرِيرٍ، فلبسه ثم صلى فيه. ثم انصرف فنزعه نزعًا شديدًا كالكاره له. ثم قال: "لا ينبغي هذا للمتقين". وإنما نزعه لكونه حريرًا. قال البخاري: "الفروج هو القباء" (2) . ويقال: هو الذي له شقّ من خلفه. السراويل 66- وأما "السراويل" وغيره: ففي "الصحيحين" (3) عن ابن عمر قال: سئل رسول الله: ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال: "لا يلبس القميص، ولا العمائم، ولا البرانس، ولا السراويلات، ولا الخفاف".

_ (1) البخاري (375) ومسلم (2075) (23) . (2) البخاري: كتاب اللباس (10/269 - الفتح) : باب القباء وفروج الحرير وهو القباء، ويقال هو الذي له شق من خلفه. (3) البخاري (1543) ومسلم (1177) (2) .

الأفضل في لبس القميص والرداء

67- وفي "سنن أبي داود" (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى رِجْلَ سراويل وزّان يزن بالأجر، فقال: "زِنْ وأَرْجِحْ". قال: "خير الناس أحسنهم قضاء". وفي لفظ: أنه اشترى سراويل. الأفضل في لبس القميص والرداء 68- وقد قال العلماء: الأفضل أن يلبس: مع "القميص": "السراويل". ومع "الرداء" الذي يكون على المنكبين: يلبس "الإزار". لأن: "السراويل" تبدي حجم الأعضاء. و"القميص" يستر ذلك، ولا يستره "الرداء".

_ (1) رواه أحمد (18620) وأبو داود (3336) والترمذي (1305) والنسائي (4592، 4593) وابن ماجه (2220، 2221) وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح وأهل العلم يستحبون الرجحان في الوزن". وقد صححه الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (10/272) . ونقل عن ابن القيم رحمه الله قوله: "اشترى صلى الله عليه وسلم السراويل، والظاهر أنه إنما اشتراه ليلبسه" ثم قال: "وروي في حديث أنه لبس السراويل، وكانوا يلبسونه في زمانه وبإذنه" اهـ. وراجع: "زاد المعاد" (1/139) .

هديه صلى الله عليه وسلم في اللباس وغالب ما كان يلبسه

هديه صلى الله عليه وسلم في اللباس وغالب ما كان يلبسه 69- وكان أغلب ما يلبسه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما ينسج من القطن. وربما لبسوا ما ينسج من الصوف وغيره (1) . 70- كما روى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناد صحيح (2) ، عن جليس لأيوب (أ) قال: دخل الصلت بن راشد على محمد بن سيرين وعليه جبة صوف وإزار صوف وعمامة صوف فاشمأز منه محمد (ب) وقال: "أظن أن أقوامًا يلبسون الصوف يقولون قد لبسه عيسى بن مريم، وقد حدثني من لا أتهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لبس الكتان والقطن واليمنية وسنة نبينا أحق أن تتبع". ذم الغلو في باب اللباس والأكل 71- ومقصود ابن سيرين بهذا: أن أقواما يرون أن لبس الصوف دائمًا أفضل من غيره فيتحرون ذلك؛ تزهدًا أو تعبدًا. كما أن أقوامًا يرون أن ترك أكل اللحم وغيره من الطيبات دائمًا

_ (1) نقل هذه الفقرة وما بعدها ابن القيم "زاد المعاد" (1/143) . وعن ابن القيم: الشوكاني في "نيل الأوطار" (2/110) . (2) "أخلاق النبي وآدابه" ص (123) وفي رواية لابن المبارك في الزهد (64 - زوائد نعيم بن حماد) قال: نا حماد بن زيد قا حدثني رجل أن الصلت دخل على ابن سيرين فذكره. ------- (أ) في الأصل: "جليس بن أيوب" وفي "زاد المعاد" ونقله عنه في "نيل الأوطار": جابر بن أيوب!! وما أثبته من أخلاق النبي. (ب) في الأصل: "محمد بن "!!

أفضل من غيره فيتحرّون ذلك. ويحرّمون على أنفسهم طيبات ما أحل الله لهم، حتى يروا التبتل أفضل من التأهل ونحو ذلك. وهذا خطأ وضلال!! بل يجب أن يعلم: أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد. 72- كما ثبت في الصحيح (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة بهذا فيقول: "إن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة". 73- وفي مثل هؤلاء أنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} (المائدة:78، 88) . 74- وفي "الصحيحين" عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها.

_ (1) مسلم (867) (43) .

فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟! فقال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا. وقال الآخر: أنا أصوم الدهر أبدًا. وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أنتم الذين (أ) قلتم كذا وكذا، أما والله إني أخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". رواه البخاري (1) ، وهذا لفظه. 75- ومسلم أيضا (2) ، ولفظه: عن أنس: أن نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر؟ فقال بعضهم: لا أتزوج النساء. وقال بعضهم: لا آكل اللحم.

_ (1) البخاري (5063) . (2) مسلم (1401) (5) . ------- (أ) في الأصل: "الذي" والتصويب من الصحيحين وهو الموافق للسياق.

تعريف الراغب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم

وقال بعضهم: لا أنام على فراش. فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". 76- وفي "الصحيحين" (1) عن سعد بن أبي وقاص قال: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا. تعريف الراغب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم 77- والراغب عن سنته: هو الذي يعدل عنها إل غيرها تفضيلاً لذلك الغير عليها؛ ولهذا تبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم. 78- كما قال: "من غشنا فليس منا، ومن حمل علينا السلاح فليس منا" (2) . 79- وأما إذا لم يرغب عنها بل فعل المفضول مع كونه مُفَضِّلاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم باعتقاده ومحبته، فهذا لا يأثم إلا أن يترك واجبًا أو يفعل محرمًا.

_ (1) البخاري (5074) مسلم (1402) (6) . (2) مسلم (101) (164) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، مع تقديم الجملة الثانية على الأولى. وهو بهذا اللفظ الذي ذكره المصنف في "مسند الشهاب" برقم (352) ، وقد جاءت كل جملة منه في روايات كثيرة.

80- وقد ثبت عنه في الصحيح (1) أنه قال: "أفضل القيام قيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وأفضل الصيام صيام داود كان يصوم يومًا ويفطر يومًا". 81- وكذلك ثبت عنه في الصحيح (2) أنه نهى عبد الله بن عمرو (أ) عن سرد الصيام والمداومة على قيام الليل كله، وأخبره أن أفضل الصوم وأعدله صيام يوم وفطر يوم. 82- فيجب أن يعلم: أن هذا أفضل مما فعله كثير من السلف والخلف بصلاة الصبح بوضوء العشاء الآخرة كذا كذا سَنة، ومن صيام الدهر حتى لا يفطروا إلا الأيام الخمسة، ومن التبتل ونحو ذلك (3) .

_ (1) البخاري (1131) ومسلم (1159) (189) . (2) البخاري (1131) ومسلم (1159) (186) . (3) فائدة: قال الحافظ الذهبي رحمه الله: في ترجمة أبي بكر بن عياش رحمه الله: "وقد روي من وجوه متعددة أن أبا بكر بن عياش مكث نحوًا من أربعين سنة يختم القرآن في كل يوم وليلة مرة، وهذه عبادة يُخْضَعُ لها، ولكن متابعة السنة أولى فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عبد الله بن عمرو أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، وقال عليه السلام: لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث" "سير أعلام النبلاء" (8/503) وقال في ترجمة الإمام وكيع بن الجراح رحمه الله: "وعن يحيى بن أكثم قال: صحبت وكيعًا في الحضر والسفر وكان يصوم الدهر ويختم القرآن كل ليلة. = ------- (أ) في الأصل: "عبد الله بن عمر" والتصويب من مصادر التخريج.

ذم ثوب الشهرة

83- وإن كان كثير من فقهائنا وعبّادنا يرون هذا أفضل من غيره فهذا غلط منهم! 84- والصواب: أن أفضل الطريق طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم التي سنّها وأمر بها ورغّب فيها وأمر بها، والتي داوم عليها. 85- وكان هديه في اللباس: أن يلبس ما تيسّر من اللباس من قطن أو صوف أو غيرهما (1) . 86- فالذي رغب عما أباحه الله من لباس القطن والكتان وغيرهما تزهدًا أو تعبدًا آثم، نظير الذين يمتنعون عن لباس الصوف ونحوه ولا يلبسون إلا أعلى الثياب ترفّهًا وتكبرًا كلاهما مذموم. ذم ثوب الشهرة 87- ولهذا قال بعض السلف: "كانوا يكرهون الشهرتين من الثياب: العالي والمنخفض" (2) .

_ = قلت: هذه عبادة يُخْضَعُ لها ولكنها من مثل إمام من الأئمة الأثرية مفضولة فقد صح: نهيه عليه السلام عن صوم الدهر، وصح أنه نهى أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، والدين يسر ومتابعة السنة أولى فرضي الله عن وكيع وأين مثل وكيع". "سير أعلام النبلاء" (9/142، 143) . (1) راجع: "زاد المعاد" (1/142، 143) حيث نقل ابن القيم معظم هذه الفقرات. (2) فمن ذلك: ما رواه ابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول" (64) ، وفي "إصلاح المال" (400) عن سفيان الثوري قال: "كانوا يكرهون الشهرتين: الثياب الجياد التي يشتهر فيها ويرفع الناس إليه فيها أبصارهم، والثياب الرديئة التي يحتقر فيها ويستذل دينه". وراجع أيضا: "تلبيس إبليس" (238) .

ذم ثوب الخيلاء

88- وقد روى أبو داود والنسائي وابن ماجه (1) عن ابن عمر يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لبس ثوب شُهْرَةٍ؛ ألبسه الله يوم القيامة ثوبًا مثله". 89- وفي رواية: "ثوب مذلّة ثم تلتهب فيه النار" (2) . ذم ثوب الخيلاء 90- وهذا لأنه قصد به الاختيال والفخر؛ فعاقبه الله بنقيض ذلك فأذله كما يعاقب الذي يطيل ثوبه خيلاء بأن خسف به الأرض ونحو ذلك كما فعل بـ"قارون". 91- وفي "الصحيحين" (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يجر إزاره خيلاء خسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة". 92- وفي "الصحيحين" (4) عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جر ثوبه خيلاء؛ لم ينظر الله إليه يوم القيامة".

_ (1) أبو داود (4029) واللفظ له، وابن ماجه (3606) وأحمد (2/92و139) والنسائي في الكبرى (9560) بلفظ "ثوب مذلة". (2) ابن ماجه (3607) . وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (3/201) . (3) البخاري (5452) ومسلم (2088) (49) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يمشي قد أعجبته جمته وبرداه إذ خسف به الأرض فهو يتجلجل في الأرض حتى تقوم الساعة". واللفظ المذكور: عند البخاري (3297) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (4) البخاري (3656) ومسلم (2085) (44) .

الإسبال في الإزار

الإسبال في الإزار 93- وقد روى أبو داود والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإسبال في القميص والإزار والعمامة، من جر منها شيئًا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" (1) . 94- وروى أبو داود (2) عن ابن عمر قال: ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في القميص فهو في الإزار. حكم لبس الدني والرفيع من الثياب 95- وكذلك لبس الدني من الثياب مكروه، ولبسه تواضعًا محمود كما أن لبس الرفيع تكبرًا مذموم، ولبسه إظهارًا لنعمة الله وتجمُّلاً محمود. 96- ففي "صحيح مسلم" (3) عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة خردل من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال خردل من إيمان". قال رجل: يا رسول الله إني أحب أن يكون ثوبي حسنًا ونعلي حسنًا أفمن الكبر ذلك؟

_ (1) أبو داود (4094) والنسائي في الكبرى (5/491) برقم (9720) وفي المجتبى (8/208) برقم (5334) وابن ماجه (3576) . (2) أبو داود (4095) وأحمد (2/137) والبيهقي (2/244) . (3) مسلم (91) (147) .

الشعر

فقال: "لا. إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس". 97- وقد ذكرنا الحديث الصحيح الذي في "البخاري" (1) وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس في السفر "جبة" من صوف. 98- وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال: قال أبي: يا بني لو رأيتنا ونحن مع نبينا وقد أصابتنا السماء؛ حسبت أن ريحنا ريح الضأن. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي (2) وقال: "صحيح". الشعر 99- وكذلك "الشَّعَر": 100- فعن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم [ذات غداة] ، وعليه مِرْطٌ مُرَحَّلٌ من شَعَرٍ أَسْوَدَ. رواه مسلم وغيره (3) .

_ (1) راجع ما تقدم ص (8) . (2) رواه أبو دود (4033) وابن ماجه (3562) والترمذي (2479) وأحمد (4/407، 419) وصححه ابن حبان (1235) والحاكم (4/208) . وقال الترمذي: "ومعنى هذا الحديث: أنه كان ثيابهم الصوف، فإذا أصابهم مطر يجيء من ثيابهم ريح". (3) مسلم (2081) وأحمد (24767) وما بين المعقوفتين زيادة منهما.

أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم

101- وفي "الصحيحين" (1) عن أبي بردة قال: دخلت على عائشة؛ فأخرجت إلينا إزارًا غليظًا مما يصنع باليمن، وكساء من التي يسمونها الْمُلَبَّدَةَ (أ) . فأقسمتْ بالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين. أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم 102- لكن كان المنسوج من القطن ونحوه أحب إليه من الصوف. 103- كما أخرجاه في "الصحيحين" (3) عن قتادة قال: قلنا لأنس: أي اللباس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أعجب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: الحِبَرَةُ. 104- و"الحِبَرَة" (4) : بُرُود اليمن؛ فإن غالب لباسهم كان من

_ (1) البخاري (5818) ومسلم (2080) (34) . "ملبدًا": أي ثخنٌ وسطه وصفقٌ حتى صار يشبه اللُّبَد، ويقال هنا المرقع. "فتح الباري" (6/214) . (2) البخاري (5812) ومسلم (2079) (32) . (3) "الحبرة": "قال الجوهري: الحبرة بوزن عنبة برد يمان. وقال الهروي: موشّية مخطّطة. وقال الداودي: لونها أخضر لأنها لباس أهل الجنة. كذا قال. وقال ابن بطال: هي من برود اليمن تصنع من قطن وكانت أشرف الثياب عندهم. وقال القرطبي: سميت حبرة لأنها تحبِّر أي تزين والتحبير: التزيين والتحسين" "فتح الباري" (10/277) . ------- (أ) في الأصل: "المبلدة" والتصويب من مصادر التخريج.

نسج اليمن؛ لأنها قريبة منهم، وربما لبسوا ما يجلب من الشام ومصر؛ كالقَبَاطِيّ (1) المنسوجة من الكتان التي ينسجها القِبْط. 105- وقد روي ذلك في "السنن" (2) .

_ (1) "القباطي": ثياب بيض تصنع بمصر، واحدها قُبطيّة وقِبطيّة بضم القاف وكسرها. "الإملاء المختصر في شرح غريب السير" (3/33) . وقال في" عون المعبود" (11/174) : "القباطي": بفتح القاف وموحدة وكسر طاء مهملة وتحتية مشددة جمع قُبْطِيَّة، وهي على ما في "النهاية": ثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء كأنه منسوب إلى القبط، وهم أهل مصر، وضم القاف من تغيير النسب، وهذا في الثياب، فأما في الناس فقِبْطِيّ بالكسر وفي "المصباح": والقُبطي ثوب من كتان رقيق يعمل بمصر نسبة إلى القبط". (2) أبو داود (4060) ، والترمذي (1787) ، والنسائي في "الكبرى" (9646) وفي "المجتبى" (8/203) برقم (5315) ، وأحمد (3/134، 184، 251، 291) . وقال الترمذي: "حسن صحيح غريب".

هديه صلى الله عليه وسلم في الطعام وما كان يأكله

هديه صلى الله عليه وسلم في الطعام وما كان يأكله 106- وكذلك: كانت سيرته في الطعام: لا يرد موجودًا ولا يتكلف مفقودًا. 107- فما قرِّب إليه شيء من الطيبات إلا أكله إلا أن تعافه نفسه. 108- وما عاب طعامًا قط؛ إن اشتهاه أكله وإلا تركه. 109- كما ترك الضب؛ لأنه لم يكن قد اعتاد أكله ولم يحرّمه على الناس بل أُكِلَ على مائدته، وقال: "ليس بحرام ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه" (1) . 110- وكان: يحب: الحلواء والعسل. - ويأكل: القثاء بالرّطب. - ويأكل: لحم الدجاج وغيره. 111- وكان أحيانًا: - يربط على بطنه الحجر من الجوع. - ويُرى الهلال فالهلال فالهلال، [و] (أ) لا يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار (2) .

_ (1) البخاري (5400) ومسلم (1945) (43) عن ابن عباس عن خالد بن الوليد. (2) راجع: "زاد المعاد" (1/147، 148) حيث نقل هذا الفصل بكامله. ------- (أ) ما بين المعقوفتين زيادة من "زاد المعاد" يستقيم بها السياق.

هديه صلى الله عليه وسلم في لبس العمامة

هديه صلى الله عليه وسلم في لبس العمامة 112- وكان أيضًا صلى الله عليه وسلم يلبس "العمامة" على "القلنسوة" (1) وكذلك أصحابه؛ وكانوا مع ذلك يركبون الخيل، ويطردونها ويقاتلون في سبيل الله (2) ؛ ولهذا كانوا يديرون العمائم تحت أذقانهم، ويسمى ذلك "التلحّي". معنى الاقتعاط 113- وفي "غريب أبي عبيد" (3) : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتلحي ونهى عن الاقتعاط. وفسر أبو عبيد "الاقتعاط" عن أبي نعيم: ولا يدير عمامته تحت ذقنه. 114- وقد روي عن غير واحد من الصحابة والتابعين كراهة هذه العمة (4) . 115- وكان أهل الشام لمحاربتهم للعدو ومقاتلتهم إياه محافظين

_ (1) راجع: "زاد المعاد" (1/135) . (2) راجع: "المصنف لابن أبي شيبة" (5/181) و"مسند ابن الجعد" (1/448) و"المعجم الكبير" (4/104) . (3) "غريب الحديث" لأبي عبيد (3/120) : وقال أبو عبيد: "أصل هذا في لبس العمائم وذلك أن العمامة يقال لها المقعطة، فإذا لاثها المعتم على الرأس ولم يجعلها تحت حنكه قيل اقتعطها فهو المنهي عنه، فإذا أدارها تحت الحنك قيل تلحاها تلحيا وهو المأمور به". وراجع أيضًا: "غريب الحديث" لابن الجوزي (2/256) ، و"النهاية" لابن الأثير (4/88، 243) و"الفائق" للزمخشري (3/310) . (4) راجع: "الجامع" لمعمر بن راشد (11/80) ، و"شعب الإيمان" (5/176) و"أحكام أهل الذمة" (3/1280) .

تفسير التلحي

على هذه السنة؛ كما ذكر ذلك الإمام أحمد وغيره. تفسير التلحي 116- و"التَّلَحي": ليس هو التَّلَثُّم على الفَم والأنف، فإن ذلك مَكْرُوه في الصلاة؛ ولكن "التلحي": أن يشد العمامة ويربطها على الحنك؛ بحيث تثبت العمامة على الرأس وهي نظير الكلاليب والخيوط التي تتخذها الأجناد في زماننا لشد عمائمهم على رؤسهم. المسح على العمامة 117- وقد استفاضت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه: مسح على عمامته، ورخص في المسح على العمامة" (1) . 118- حتى قال عمر بن الخطاب: "من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله" (2) .

_ (1) قال المصنف رحمه الله: "المسح على العمامة: إجماع الصحابة؛ ذكره أبو إسحاق والترمذي عن أبي بكر وعمر، وقال أبو إسحاق الشالنجي: روي المسح على العمامة عن ثمانية من الصحابة وهم: أبو بكر وعمر وعلي وسعد بن أبي وقاص وأبو موسى الأشعري وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن عوف وأبو الدرداء" "شرح العمدة" (1/263) . (2) عزاه المصنف في "شرح العمدة" (1/263) للخلال ثم قال: "ولو كان المسح على العمامة وجوده كعدمه في حصول الإجزاء به وأن الفرض إنما هو مسح بعض الرأس لم يكن في حكاية هذا عن الصحابة فائدة، ولكان الواجب أن يقال مذهبهم جواز مسح بعض الرأس ثم لم يذكروا مسح بعض الرأس أصلاً فكيف ينسب إليهم ما لم يقولوه ولاستحال قول عمر: "من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله"، فإن المخالف يقول: إنما طهره مسح بعض الرأس" اهـ. وقد أو رده في "كنز العمال" (26999) بلفظ: "من لم يطهره المسح على الخمار فلا طهره الله" وعزاه لعباس الرافعي في "جزئه".

من السنة إرخاء الذؤابة بين الكتفين

119- فظن طائفة/ من العلماء أن ذلك كان مع مسح الناصية، ولكن قد جاءت الأحاديث الصحيحة بمسح العمامة بلا ناصية. 120- وقال طائفة منهم الإمام أحمد: إن ذلك في العمائم التي على السنة، وهي العمائم التي تدار تحت الذقن؛ لأنها السنة؛ ولأنه يشق خلعها (1) . 121- وفي ذات الذؤابة بلا تلحي خلاف (2) . 122- وقال طائفة منهم إسحاق بن راهويه: إن ذلك في العمائم مطلقًا. من السنة إرخاء الذؤابة بين الكتفين 123- وإرخاء الذؤابة بين الكتفين معروف في السنة (3) .

_ (1) راجع: "شرح العمدة" لابن تيمية (1/267-272) و"الإنصاف" للمرداوي (1/185، 186) . (2) قال ابن قدامة رحمه الله: "وإن كانت ذات ذؤابة ولم تكن محنكة ففي المسح عليها وجهان: أحدهما: جوازه؛ لأنه لا تشبه عمائم أهل الذمة، إذ ليس من عادتهم الذؤابة، والثاني: لا يجوز؛ لأنها داخلة في عموم النهي ولا يشق نزعها" "المغني" (1/381) . (3) فائدة: قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "كان شيخنا أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه في الجنة يذكر في سبب الذؤابة شيئًا بديعًا وهو أن النبي إنما اتخذها صبيحة المنام الذي رآه في المدينة لما رأى رب العزة تبارك وتعالى فقال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري. فوضع يده بين كتفي فعلمت ما بين السماء والأرض.. الحديث، وهو في الترمذي، وسئل عنه البخاري؟ فقال: صحيح. قال: فمن تلك الحال أرخى الذؤابة بين كتفيه، وهذا من العلم الذي تنكره ألسنة الجهال وقلوبهم، ولم أر هذه الفائدة في إثبات الذؤابة لغيره". "زاد المعاد" (1/136، 137) .

لبسه صلى الله عليه وسلم في كل موطن ما يناسبه

124- كما روى مسلم في "صحيحه" وأهل السنن الأربعة (1) عن عمرو بن حريث قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء، قد أرخى طرفها بين كتفيه. 125- ورووا أيضًا عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح مكة وعليه عمامة سوداء (2) . لبسه صلى الله عليه وسلم في كل موطن ما يناسبه 126- ولم يذكر في هذا الحديث ذؤابة، وذلك أنه يوم الفتح كان قد دخل وعليه أُهْبة القتال و"المغفر" على رأسه (3) . فلبس في كل موطن ما يناسبه (4) . شد الوسط 127- وأما "شَدّ الوَسَط": فقد كان من الصحابة من يشد وسطه بطرف عمامته. ومنهم من كان يقاتل بلا شد وسط. 128- وقد جاء ذكر "المِنْطَقة" في آثار.

_ (1) مسلم (1359) (453) وأبو داود (4077) والنسائي (8/211) والترمذي في الشمائل (115، 116) وابن ماجه (3587) . وراجع: "غذاء الألباب" للسفاريني (2/253) . (2) مسلم (1358) (451) وأبو داود (4076) والنسائي (5/201، 8/211) والترمذي (1735) وابن ماجه (2822، 3585) . (3) تقدم تخريجه ص (35) . (4) نقل هذه الفقرة وما قبلها ابن القيم في "زاد المعاد" (1/135، 136) .

المهاميز

129- و"المِنْطَقة": هي الحياصة (1) ، ولكن لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشد وسطه بمنطقة. المهاميز 130- وأما "المهاميز" (2) : فما كانوا يحتاجون إليها؛ فإن الخيل العربية مع الراكب الخبير بالركوب لا يحتاج مهماز. 131- ولهذا لم ينقل في الحديث / أنهم كانوا يركبون بمهاميز، وإنما اتخذها من اتخذها للحاجة إليها. الأكمام الواسعة والضيقة 132- وكذلك أيضًا: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتخذون الأكمام الطوال ولا الواسعة سعة كبيرة. 133- بل قد تقدم أن كُم قميص النبي صلى الله عليه وسلم كان إلى الرسغ، وهذه الزيادة سَرَف (3) . 134- وأيضًا: فالمقاتل لا يتمكن من القتال بذلك. 125- وبعض الناس يقول: إنما اتخذها بعض المنتمين إلى

_ (1) تقدم تعريفها ص (17) . (2) تقدم تعريفها ص (17) . (3) قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "وأما هذه الأكمام الواسعة الطوال التي هي كالأخراج، فلم يلبسها هو ولا أحد من الصحابة البتة، وهي مخالفة لسنته، وفي جوازها نظر؛ فإنها من جنس الخيلاء" "زاد المعاد" (1/140) .

إطالة الذؤابة من الإسبال المنهي عنه

العلم؛ لأجل حَمْلِ الكتب فيها. 136- وما يروى عن بعض الأئمة: أن أحد كميه كان واسعًا والأخر ضيقًا فهو كذب. إطالة الذؤابة من الإسبال المنهي عنه 137- وكذلك إطالة الذؤابة كثيرًا هو من الإسبال المنهي عنه. 138- واعتياد لبس الطيالسة (1) على العمائم لا أصل له في السنة؛ ولم يكن من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة. 139- بل قد ثبت في "صحيح مسلم" (2) عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال أنه يخرج معه سبعون ألف مُطَيْلَس من يهود أَصْبَهان. الطيالسة من شعار اليهود 140- وكذلك جاء في غير هذا الحديث أن الطيالسة من شِعار اليهود (3) . 141- ولهذا كره من كره لبسها؛ لما رواه أبو داود وغيره (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من تشبه بقوم فهو منهم".

_ (1) قال السفاريني: "والمراد بالطيلسان الطيلسان المقوّر كما صححه علماؤنا" "غذاء الألباب" (2/256) . (2) مسلم (2944) (124) . (3) راجع: في حكم لبس الطيالسة: "غذاء الألباب" للسفاريني (2/256) وقارن بـ"سبل الهدى والرشاد" (7/455-462) . (4) تقدم تخريجه ص (31) .

التقنع للحاجة

142- وفي الترمذي (1) أنه قال: "ليس منا من تشبه بغيرنا". التقنع للحاجة 143- وأما "التَّقَنُّع": الذي جاء ذكره في حديث الهجرة (2) : أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى أبي بكر متقنعًا بالهاجرة، فذاك فعله صلى الله عليه وسلم تلك الساعة ليختفي بذلك. ففَعَله للحاجة، ولم تكن عادته "التقنع". 144- وليس "التقنع" هو "التطيلس" بل "التقنع" لغير حاجة ينهى عنه الرجال؛ لأنه تشبه بالنساء. 145- وقد ثبت في الصحاح (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه أنه: لعن الرجال المتشبهين بالنساء، ولعن النساء المتشبهات بالرجال.

_ (1) الترمذي (2696) والطبراني في الأوسط (7376) وإسناده ضعيف إلا أن له شواهد تقويه وراجع "الصحيحة" للألباني (2194) . (2) البخاري (3906) . (3) أحمد (1/330، 339) والبخاري (5885) وأبو داود (4097) والترمذي (2784) وقال: "حسن صحيح" وابن ماجه (1904) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

الحلية بالذهب والفضة ولبس الحرير

فصل وأما الحلية بالذهب والفضة ولبس الحرير الحلية بالذهب والفضة ولبس الحرير 146- ففي "الصحيحين" (1) عن حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صِحافِها؛ فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة". 147- وفي "الصحيحين" (2) عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذي يشرب في إناء الفضة إنما يُجَرْجِرُ في بطنه نار جهنم". أمرنا بسبع ونهينا عن سبع 148- وفي "الصحيحين" (3) عن البراء بن عازب قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ، ونهانا عن سبع: أمرنا بـ: - بعيادة المريض. - وإتباع الجنازة.

_ (1) البخاري (5426) ومسلم (2067) (4) . (2) البخاري (5634) ومسلم (2065) (1) . "يجرجر": بضم التحتانية وفتح الجيم وسكون الراء ثم جيم مكسورة ثم راء، من الجرجرة، وهو صوت يردّده البعير في حنجرته إذا هاج نحو صوت اللجام في فك الفرس. "فتح الباري" (10/97) . (3) البخاري (1239) ومسلم (2066) (3) .

- وتشميت العاطس. - وإبرار القسم أو المُقْسِم. - ونصر المظلوم. - وإجابة الداعي. - وإفشاء السلام. ونهانا عن: - خواتيم أو تَخَتُّمٍ بالذهب. - وعن شرب بالفضة. - وعن المَيَاثِرِ. - وعن القَسِّيِّ (1) . - وعن لبس: الحرير، والإستبرق، والديباج. 149- وفي "الصحيحين" (2) عن عمر بن الخطاب قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم / يقول: "لا تلبسوا الحرير فإنه من يلبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة".

_ (1) "القسي": ثياب منسوجة من كتان وإبريسيم مضلعة كانت تجيء مصر من قرية تسمى القس، فنسبت إليها. "جامع الأصول" لابن الأثير (6/529) . (2) البخاري (5834) ومسلم (2069) (11) .

150- وعن حذيفة بن اليمان قال: نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه. رواه البخاري (1) . 151- وعن علي عليه السلام قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جُلوسٍ على المياثر. و"المَيَاثِرُ": شيء كانت تجعله النساء لبعولتهن على الرحل كالقطائف الأُرْجُوَانِ. رواه مسلم (2) . 152- وعن علي بن أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرًا فجعله في يمينه وأخذ ذهبًا فجعله في شماله، ثم قال: "إن هذين حرام على ذكور أمتي". رواه أبو داود والنسائي وغيرهما (3) . 153- وعن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُحِلَّ الذهب والحرير لإناث أمتي وحُرِّمَ على ذكورها". رواه النسائي والترمذي، وقال: "حديث حسن صحيح" (4) .

_ (1) البخاري (5837) . (2) مسلم (2078) (64) . (3) أبو داود (4057) ، والنسائي (8/160) ، وابن ماجة (3595) ، وأحمد (1/96، 115) وصححه ابن حبان (5434) . (4) النسائي (8/160، 190) والترمذي (1720) وراجع "الإرواء " (277) .

ما رخص في لبسه من الحرير

154- وقد ثبت في الصحيح (1) عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع. ما رخص في لبسه من الحرير 155- فلهذا رخّص العلماء في مقدار أربع أصابع مضمومة كالسجاف ولبنة الجيب والعلم والأزرار والخيوط ونحوهما. 156- وثبت أيضا في الصحيح (2) أنه أرخص للزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف لبس الحرير من حَكَّة كانت بهما. 157- فلهذا رخّصوا في أصح القولين لبسه للحاجة كالتداوي به ونحو ذلك، وثبت عن جماعة من الصحابة. 158- وروي مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرخصة في لبس الخَزّ وهو صوف ينسج بالحرير (3) .

_ (1) مسلم (2069) (15) . (2) البخاري (2919) ومسلم (2076) (24) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. (3) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: واحتج أيضًا من أجاز لبس المختلط بحديث ابن عباس: إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير، فأما العلم من الحرير وسدى الثوب فلا بأس به. أخرجه الطبراني بسند حسن. هكذا، وأصله عند أبي داود. وأخرجه الحاكم بسند صحيح بلفظ: إنما نهى عن المصمت إذا كان حريرًا. وللطبراني من طريق ثالث: نهى عن مصمت الحرير فأما ما كان سُداه من قطن أو كتّان فلا بأس به. واستدل ابن العربي للجواز أيضًا بأن: النهي عن الحرير حقيقة في الخالص، والإذن في القطن =

حكم ما نسج في الحرير

حكم ما نسج في الحرير 159- فلهذا قال العلماء: إذا نُسِجَ في الحرير غيره، وكان ذلك الغير أظهر وأكثر جاز، وإن كان الحرير أقل وأظهر ففيه نزاع بين العلماء. 160- وتنازع العلماء في لبس الحرير حين القتال؟ ومن رخّص به احتج بأن عمر بن الخطاب أذن في ذلك. قالوا: ولأنه في حال الحرب يحب الله الاختيال.

_ = ونحوه صريح، فإذا خلطا بحيث لا يسمى حريرًا بحيث لا يتناوله الاسم ولا تشمله علة التحريم خرج عن الممنوع فجاز. وقد ثبت لبس الخز عن جماعة من الصحابة وغيرهم، قال أبو داود: لبسه عشرون نفسًا من الصحابة وأكثر، وأورده ابن أبي شيبة عن جمع منهم وعن طائفة من التابعين بأسانيد جياد. وأعلى ما ورد في ذلك ما أخرجه أبو داود والنسائي من طريق عبد الله بن سعد الدشتكي عن أبيه قال: رأيت رجلاً على بغلة وعليه عمامة خز سوداء وهو يقول: كسانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عمار ابن أبي عمار قال: أتت مروان بن الحكم مطارف خز فكساها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. والأصح في تفسير الخز: أنه ثياب سُداها من حرير ولحمتها من غيره. وقيل: تنسج مخلوطة من حرير وصوف أو نحوه. وقيل: أصله اسم دابة يقال لها الخز؛ سمي الثوب المتخذ من وبره خزًّا لنعومته، ثم أطلق على ما يخلط بالحرير لنعومة الحرير. وعلى هذا: فلا يصح الاستدلال بلبسه على جواز لبس ما يخالطه الحرير ما لم يتحقق أن الخز الذي لبسه السلف كان من المخلوط بالحرير. والله أعلم. وأجاز الحنفية والحنابلة: لبس الخز ما لم يكن فيه شهرة، وعن مالك: الكراهة" اهـ. "فتح الباري" (10/294، 259) .

161- كما في "سنن أبي داود" (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن من الخُيَلاء ما يحبها الله، ومن الخيلاء ما يبغضها الله. فأما الخيلاء التي يحبها الله: فاختيال الرجل نفسه في الحرب والصدقة. وأما الخيلاء التي يبغضها الله: فالخيلاء في الفخر والبغي". 162- واختال أبو دُجانَة يوم أُحُد بين الصَّفَّيْن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها لَمَشْيَة يبغضها الله إلا في هذا المقام" (2) .

_ (1) أبو داود (2659) والنسائي (5/79) وأحمد (5/445) وصححه ابن حبان (295) (4762) وابن خزيمة (2478) عن جابر بن عتيك. وفي الباب عن عقبة بن عامر: رواه أحمد (4/154) وصححه الحاكم (1/579) . (2) الطبراني في الكبير (7/104) برقم (6508) .

ما يباح من حلية الذهب والفضة

وأما "الحِلْيَة" ما يباح من حلية الذهب والفضة 163- فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اتخذ خاتمًا من فضة (1) . 164- وعن عرفجة بن أسعد أنه قُطِعَ أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفًا من وَرِق، فأنتن عليه، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفًا من ذهب (2) . 165- وعن أنس بن مالك قال: كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة (3) . رواهما أبو داود والنسائي والترمذي، وقال عن كل منهما: "حديث حسن".

_ (1) البخاري (5877) ومسلم (2092) عن أنس بن مالك رضي الله عنه. (2) أبو داود (4232) والنسائي في المجتبى (8/164) وفي الكبرى (9463) والترمذي (1771) وأحمد (5/23) وصححه ابن حبان (5462) . وراجع: شرح معاني الآثار (4/2588) . (3) أبو داود (2583) ، والنسائي في الكبرى (9815) ، وفي المجتبى (8/219) والترمذي (1691) وإسناده صحيح كما قال الألباني في "مختصر الشمائل" (63) . وراجع "الإرواء" (822) . فائدة: في مواضع الحلية من السيف: "قائمة السيف: مقبضه، وقبيعة السيف: بفتح القاف ما على رأس أعلى القائم، والشاربان: طرفا حديدة في أسفل القائم معترضة تقع -إذا أغمد السيف- على فم الغمد، والنصل: حديدة يلبسها طرف الغمد. والبكرات التي في طرف السيف". راجع "الدلالات السمعية" (413) .

166- وفي السنن (1) أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الذهب إلا مُقَطَّعًا. 167- وعن أنس بن مالك أن قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة. رواه البخاري هكذا (2) . 168- ثم رواه عن عاصم قال: رأيت قدح النبي صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك، وكان قد انصدع فَسَلْسَلَهُ بفضة (3) . فقيل: إن الذي سلسله أنس بن مالك. 169- فلهذه الآثار قال العلماء: - يباح من الذهب ما تدعوا إليه الضرورة كاتخاذ أنف منه. - ويباح خاتم الفضة. - وتباح حلية السيف بالفضة.

_ (1) أبو داود (4239) والنسائي في الكبرى (9461) وفي المجتبى (8/161، 163) من وأحمد (4/92، 98) من حديث معاوية رضي الله عنه. قال المصنف رحمه الله: "ذكر القاضي في اللباس قال في رواية صالح وعبد الله وأبي طالب وأبي الحارث واللفظ له: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الذهب إلا مقطعًا. قال: الشيء اليسير كشد أسنانه وما كان مثله مما لا يتزين به الرجل، فأما الخاتم ونحوه فلا، وذلك لأنه قد دل ذلك على أن القطع من الذهب وهو اليسير منه مباح مطلقًا لكن لا بد أن يكون لحاجة؛ لأنه قد دلت النصوص على تحريم خاتم الذهب ونحوه" "شرح العمدة" (2/3029 - الصلاة) . (2) البخاري (3109) . (3) البخاري (5638) .

حلية المنطقة بفضة والخوذة

وأما حِلْية المِنْطَقة بالفضة والخوذة والجوشن والخودة والران (1) حلية المنطقة بفضة والخوذة 170- ونحو ذلك من لباس الحرب: ففيه قولان للعلماء بخلاف لباس الخيل كالسرج واللِّجام. 171- وكذلك تنازعوا في "حلية الذهب": فقيل: لا يباح منه شيء. وقيل: يباح كسير الذهب مطلقًا. وقيل: يباح في السلاح. وقيل: في السيف خاصة. 172- وهذه الأقوال الأربعة في مذهب أحمد وغيره (2) . 173- وفي الترمذي (3) حديث غريب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في سيفه ذهب وفضة.

_ (1) "الران": "قال الجوهري: شيء يلبس تحت الخف معروف ولم أره ولا الخوذة في كلام العرب". "المطلع على أبواب المقنع" للبعلي (136) . (2) راجع: "شرح العمدة" (2/307-312) و"مجموع الفتاوى" (2/87، 88) . (3) رواه الترمذي (1683) عن هود بن عبد الله بن سعد عن جده قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة، وضعفه بقوله: "حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، وقد تكلم يحيى القطان في عثمان بن سعيد الكاتب وضعفه من قبل حفظه، وضعفه الألباني في "مختصر الشمائل" ص (64) .

174- وكذلك عثمان بن حنيف أحد أجلاء الصحابة كان في سيفه مِسْمار من ذهب (1) . 175- ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الذهب إلا مقطعًا (2) يدل على جواز ذلك؛ فلذلك جوّزه كثير من العلماء كأحمد في الأرجح عنه وغيره (3) . والله سبحانه أعلم. تمت بحمد الله وعونه ومنه وكرمه والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله. * * * *

_ (1) أخرجه ابن أبي شيبة (8/287) . (2) تقدم تخريجه ص (67) . (3) قال المصنف رحمه الله: "قال الآمدي: فأما استعمال الذهب في سلاحه كالمسمار في السيف والسبائك فيه وقبيعة السيف ونعله فيجوز، وهذا أبين في كلام أحمد، قال في رواية الأثرم وإبراهيم بن الحارث: في الفص يخاف أن يسقط يجعل فيه مسمار من ذهب، قال: إنما رخص في الأسنان يعني وما كان للضرورة، قيل له: قد كان في سيف عثمان بن حنيف مسمار من ذهب، قال: ذاك الآن سيف، وذلك لأن المقصود من السلاح قتال العدو وإرهابه، فجاز أن يحلى بما يفيد إرهاب العدو، وخيلاء المسلم تكميلاً لهذا المقصود، ولذلك جاز لبس الحرير حين القتال.." "شرح العمدة" (2/311-312) .

§1/1